Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 213

‫الجمهـورية الجـزائرية الـديمقراطية الشعبيـة‬

‫وزارة التعليـم العـالي والبحـث العلـمي‬


‫جــامعة العــربي بـن مهيـدي – أم البـواقي –‬
‫كليـة العلوم اإلقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسييـر‬
‫‪............................‬‬

‫رسالة مقدمة إلستكمال متطلبات نيل شهادة الماجستير نظام مدرسة الدكتوراه في العلوم اإلقتصادية‬
‫تخصص‪ :‬التمويل الدولي والمؤسسات المالية وال َنقدية‬
‫َ‬

‫بعنوان‪:‬‬

‫دور الـــدولة فــي ظــل العــولمة‬


‫‪ -‬دراسة حـالة الجـزائر‪-‬‬
‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬
‫عبد الباقي روابح‬ ‫زهيـر حمبـلي‬

‫لـــجنة المنـــاقشة‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة قسنطينة‬ ‫أستاذ محاضر‬ ‫د‪ .‬السبتي فوزي‬


‫مقررا‬ ‫جامعة قسنطينة‬ ‫أستاذ محاضر‬ ‫د‪ .‬روابح عبد الباقي‬
‫عضوا‬ ‫جامعة أم البواقي‬ ‫أستاذ محاضر‬ ‫د‪ .‬زرقين عبود‬
‫عضوا‬ ‫جامعة قسنطينة‬ ‫أستاذ محاضر‬ ‫د‪ .‬يحيوش حسين‬

‫السنة الجامعية‪0200/0202 :‬‬


‫المق َدمـة‬

‫أهمية‌الموضوع‪:‬‬
‫أ‪َ -‬‬
‫تقوم الدولة وعلى مر العصور وباختـالف النظم االقتصادية بـدور هام وكبير في حياة األفراد والجماعـات‪ ،‬حيث‬
‫أنها تشكل في الوقت الحالي الشكل األساسي البارز‪ ،‬إال أن كثي ار من الشك والجدل يدور حول مدى احتمال‬
‫استمرارها بالشكل الراهن‪ ،‬خاصة وأن هناك بعض األوضاع والعوامل والظواهر االجتماعية واألسباب السياسية‬
‫واالقتصادية التي تدعو نحو هدم كيان الدولة كتنظيم سياسي فعال‪ ،‬وقد تؤدي إلى تقليص دورها إلى أدنى مستوى في‬
‫كثير من مناطق العالم‪ ،‬أو قد تعمل‪ -‬على العكس من ذلك‪ -‬على اختفاء بعض هذه الدول وظهور دول أخرى جديدة‬
‫تقوم على أساس الشعور بعدم االنتماء إلى أمة واحدة كما حدث نتيجة لتفكك االتحاد السوفيتي‪ ،‬أو كما حدث أيضا‬
‫في يوغوسالفيا كمحصلة لصراع الكيانات العرقية والدينية المتناحرة‪.‬‬

‫ومع ذلك فالرأي السائد أن ظهور مثل هذه الدول الجديدة هو أمر طارئ ومؤقت إلشباع بعض النزعات‬
‫والعواطف الوطنية‪ ،‬وأن هذا الوضع سوف يختفي في المستقبل غير البعيد ألنه ال يتناسب مع المتطلبات الجديدة‬
‫التي تفرضها "اتجاهات العولمة" والتي تدفع اآلن بعض الدول المستقلة ذات السيادة إلى اندماج بعضها مع البعض‬
‫اآلخر لتكوين كيانات سياسية واقتصادية كبرى متكاملة تقوم على أسس ومبادئ قد ال تتفق مع المفاهيم التقليدية التي‬
‫كانت ترتكز عليها كل دولة من تلك الدول‪ ،‬مثل مفهومي الوطنية والسيادة وغيرهما‪.‬‬

‫لقد تباينت اآلراء حول دور الدولة في زمن العولمة حيث يقود ذلك اتجاهان‪:‬‬

‫‪ -‬أولهما ينظر إلى العولمة كعامل ايجابي‪ ،‬بينما يدعو االتجاه اآلخر إلى تصور مخالف‪ .‬فأنصار العولمة‬
‫يروجون القول بأن الليبرالية الجديدة التي تحملها العولمة ليست ضد الدولة ولكنها مخطط إيجابي لتحمل الدولة مجددا‬
‫مسؤوليتها في حفظ األمن والحق على اعتبار أن الدولة الليبرالية ال تتحقق بمجرد التعاقب الشخصي على السلطة‬
‫إنما بشكل أساس بتغير األنماط السياسية انطالقا من مبدأين‪ :‬األمن االقتصادي وحرية االختيار‪.‬‬

‫‪ -‬أما االتجاه الثاني فيدعو إلى تصور مخالف‪ ،‬إلى كون أن الدولة الليبرالية تتنصل اآلن من دولة‬
‫الخدمات‪ ،‬وأن العولمة كالخوصصة فكرة نافذة تولد االعتقاد على أنها األداة الفعالة والقوية لتصفية مكتسبات دولة‬
‫الخدمة االجتماعية‪.‬‬

‫فدور الدولة في النشاط االقتصادي مر بعدة مراحل وفق مختلف المتغيرات والظروف‪ ،‬وأصبحت العولمة المحدد‬
‫األساسي لهذا الدور‪ ،‬ويبقى موضوع دور الدولة محل بحث ودراسات‪ ،‬تتحكم فيه مختلف االتجاهات الفكرية‬
‫والمتغيرات الجديدة‪.‬‬

‫‌‬
‫ب‬
‫المق َدمـة‬

‫ب‪‌-‬اإلشكالية‪‌:‬‬

‫في ظل العولمة والتحوالت الجذرية التي يعرفها االقتصاد العالمي والتي لها األثر الكبير على دور الدولة في‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬فإن التساؤل الموالي يطفو إلى السطح‪:‬‬

‫ما هـو دور الدولــة فــي ظــل العــولـمة ؟‪.‬‬

‫من خالل التساؤل السابق تبرز التساؤالت الفرعية التالية التي تسمح بتوضيح أكثر للتساؤل الرئيسي‪:‬‬

‫‪ -‬ما هو دور الدولة في النظريات االقتصادية؟‪.‬‬

‫‪ -‬ما هو مفهوم العولمة االقتصادية وما هي خصائصها األساسية وما مدى تأثيرها على دور الدولة ؟‪.‬‬

‫‪ -‬ما هو أثر العولمة على دور الدولة في الجزائر؟‪.‬‬

‫ت‪‌-‬الفرضيات‪‌:‬‬

‫‪ -‬زيادة تدخل الدولة في النشاط االقتصادي ومحاولة تكييفه وترشيده حسب المستجدات والمتغيرات الحاصلة‬
‫إلحداث تنمية اقتصادية وتحسين مختلف القطاعات والمجاالت‪.‬‬

‫‪ -‬تقلص دور الدولة في النشاط االقتصادي ومحاولة االندماج في االقتصاد العالمي الذي تحكمه آليات‬
‫العولمة‪ ،‬والتي لها األثر الكبير على دور الدولة في النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة الدولة التوفيق وتحقيق التوازن في دورها‪ ،‬وذلك من خالل التركيز على قطاعات ذات أثر كبير على‬
‫التوازن االقتصادي‪ ،‬دون إهمال قطاعات تمتاز بالمرونة وذات فعالية كبيرة‪.‬‬

‫ث‪-‬أسباب‌اختيار‌الموضوع‪‌:‬‬

‫كما أشرنا سابقا فإن التغير في دور الدولة مر بعدة مراحل وعقبات‪ ،‬ففي التسعينيات اتجهت الجزائر نحو‬
‫خصخصة المشروعات العامة‪ ،‬واعطاء المزيد من الحرية للمشروعات الخاصة‪ ،‬وتقلص وسائل الرقابة عليها في‬
‫محاولة إلعطاء دفعة لالقتصاد الجزائري‪ ،‬وكذا تطبيقا لبرام صندوق النقد الدولي اإلصالحية من أجل االندماج في‬
‫االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫وما أحدثته األزمة المالية األخيرة‪ ،‬أي أزمة الرهونات العقارية من تغير جديد في الفكر االقتصادي حول دور‬
‫الدولة‪ ،‬حيث ظهر من خالل تأميم لشركات خاصة بما فيها وحدات القطاع المصرفي‪ ،‬وهذا لتجنب إفالسها‬
‫وانهيارها‪ ،‬وكذلك تقديم الدعم المالي‪ ،‬كالذي تم منحه للشركة الصناعية "بوينغ األمريكية" للطيران والخدماتية "أليطاليا‬

‫‌ج‬
‫المق َدمـة‬

‫اإليطالية"‪ ،‬مع استخدام السياسات النقدية والمالية للحيلولة دون انهيار النظام النقدي الدولي واعادة التوازن‬
‫لالقتصادي العالمي‪.‬‬

‫هاته التغيرات التي برزت كعامل أساسي في االقتصاد العالمي‪ ،‬دعت إلى إظهار وتبيان المكان والموضع‬
‫االقتصادي لدور الدولة‪ ،‬وموقف هاته األخيرة من المتغيرات االقتصادية العالمية‪ ،‬وكذلك موقفها من دعاة اقتصاد‬
‫السوق الحر بشكل شبه مطلق‪.‬‬

‫إن هاته التغيرات التي أصابت دور الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬وما فرضته العولمة من حتميات على مختلف‬
‫اقتصاديات الدول‪ ،‬باإلضافة إلى ما أحدثته األزمة المالية األخيرة من تغير في دور الدولة في النشاط االقتصادي في‬
‫محاولة منها إلعادة التوازن واالستقرار والتأقلم مع المتغيرات العالمية‪ ،‬أدت إلى اختيار هذا الموضوع باإلضافة إلى‬
‫محاولة إلظهار موقع ودور الدولة الجزائرية في النشاط االقتصادي في ظل العولمة‪.‬‬

‫ج‪‌-‬أهداف‌البحث‪‌‌:‬‬

‫من خالل هذا البحث‪ ،‬تم تحديد مجموعة من األهداف تمثلت في‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد واعطاء مفهوم أوسع حول ماهية الدولة وكذلك تبيان سمـاتها والخصائص التي تتميز بها‪.‬‬

‫‪ -‬توضيح مفهوم العولمة وما أفرزته من تغيرات وحتميات وربطها باالقتصاد الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬إظهـار الدور الذي أصبحت تلعبه الجزائر فـي ظـل العـولـمة‪.‬‬

‫ح‪‌-‬منهج‌البحث‪‌‌:‬‬

‫يعتبر موضوع دور الدولة من أهم المواضيع المطروحة‪ ،‬خاصة في ظل المتغيرات االقتصادية‪ ،‬ولتحديد العالقة‬
‫الموجودة بين هذا الدور والعولمة ومدى األثر الذي تفرضه العولمة على الدولة ودورها في النشاط االقتصادي‪ ،‬فقد تم‬
‫تبني "المنه الوصفي التحليلي" الذي من خالله يتم وصف الظواهر والعمل على تحليلها‪.‬‬

‫كما أن التطرق لموضوع دور الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬واستعراض مختلف التغيرات التي تسمح ببناء‬
‫موضوع متكامل‪ ،‬يدفعنا إلى تبني "المنه التاريخي"‪ ،‬الذي يحدد لنا مختلف المراحل والسياسات المتبنية من طرف‬
‫الدولة إلحداث توازن في االقتصاد على المستوى الكلي والجزئي‪ ،‬وموقف الجزائر من هاته السياسات‪ ،‬مع االستعانة‬
‫ببعض المقوالت واألفكار التي من شأنها أن تخدم الموضوع قيد البحث الذي له عالقة باالقتصاد والسياسة وكذلك‬
‫المجتمع‪ ،‬ومدى الوعي الذي يكت نف العناصر الفاعلة والمؤثرة في دور الدولة في الحياة االقتصادية بمختلف‬
‫مستوياتها‪.‬‬

‫‌د‬
‫المق َدمـة‬

‫التاريخي يسمح بتحديد فهما معمقا للعمليات التي يتم بموجبها اختيار هاته السياسات أو تلك مع‬ ‫والمنه‬
‫تنفيذها‪.‬‬

‫ومن أجل إسقاط دور الدولة في النشـاط االقتصـادي على الجـزائر‪ ،‬يمكن االستعانة بـ"المنه اإلحصائي"‪ ،‬الذي‬
‫من خالله يمكن توضيح دور الدولة بشكل أكثر فعالية‪ ،‬كما أن هذا النوع من المواضيع يتطلب استعمال بعض‬
‫اإلحصائيات لالستدالل والتوضيح‪.‬‬

‫وباعتبار أن الجزائر يظهر فيها دور الدولة بشكل واضح‪ ،‬خاصة في ظل التغيرات الجديدة‪ ،‬فقد تم تبني "منه‬
‫دراسة حالة" الذي يزيد موضوع قيد الدراسة مصداقية وأكثر دعما‪.‬‬

‫خ‪‌-‬خطة‌البحث‪‌‌:‬‬

‫بغرض اإلحاطة بكل جوانب الد ارسة تم تقسيم البحث إلى الفصول والمباحث التالية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬الفصل األول‪ :‬خصص لتسليط الضوء على اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل بعض المفاهيم العامة للدولة‪ ،‬مع التطرق إلى مختلف النظريات الخاصة بالفكر االقتصادي من فكر إسالمي‬
‫واشتراكي وكذلك الفكر الليبرالي والتي صاحبت مختلف التغيرات والتطورات‪.‬‬

‫ب‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬جاء إلظهار أثر العولمة على دور الدولة‪ ،‬حيث من خالله تم تحديد مفهوما للعولمة‪ ،‬وما‬
‫قدمته هاته األخيرة من تداعيات وتغيرات من خالل آلياتها ومؤسساتها‪ ،‬وذلك في محاولة لربط هاته الظاهرة بدور‬
‫الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬وتحديد العالقة بينهما عموما‪ ،‬وكذلك مدى أثر األزمات االقتصادية على هذا الدور‬
‫خاصة األزمة المالية الراهنة‪.‬‬

‫ج‪ -‬الفصل الثالث‪‌ :‬من خالله تم إبراز أثر العولمة على دور الدولة في النشاط االقتصادي في الجزائر‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل تحديد المالمح األساسية لالقتصاد الجزائري‪ ،‬مع إظهار مكانة هذا الدور في النشاط االقتصادي على المستويين‬
‫الجزئي والكلي‪ ،‬ومدى أثر األزمة المالية الراهنة على الدور االقتصادي للدولة الجزائرية‪.‬‬

‫‌‬
‫ه‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫إن الحديث عن دور الدولة االقتصادي هو حديث عن ترشيد وتحسين أدائها االقتصادي‪ ،‬واذا كان وجود الدولة‬ ‫َ‬
‫فإن التعـ َرف على ال َشكل األمثل لـدورها االقتصادي هو شرط للتَنمية ونجاحها‪ ،‬كما‬
‫ضروريا الستمرار حياة المجتمع‪َ ،‬‬
‫القوية ضرورة ال غنى عنها‪.‬‬
‫أن الدولة َ‬
‫َ‬

‫االقتصادية‪ ،‬وليس‬
‫َ‬ ‫أن أحـد أهم الموضوعـات المثيرة للجدل في الفكر االقتصـادي هو حجم دور الدولة فـي الحياة‬
‫كما َ‬
‫كل‬
‫العامة في َ‬
‫االقتصادية على ضرورة حضور الدولة في الحياة َ‬
‫َ‬ ‫دور الدولة‪ ،‬ال بل يكاد يكون هناك إجماع في األدبيات‬
‫االقتصادية ودفع عجلة‬
‫َ‬ ‫النشاطات‬
‫المذاهب الفكرَية‪ ،‬ولكن الخالف يكمن في حجم التدخل "الحكومي" الالزم إلحياء َ‬
‫االقتصادية والَتي هي محط خالف بين المدارس االقتصادية‪ ،‬فدور الدولة اختلف من فكر إلى آخر وحسب‬
‫َ‬ ‫التَنمية‬
‫السائدة‪ ،‬ويبقى محل بحث وتجدد باستمرار‪ ،‬وهذا الفصل يستعرض اإلطار النظـري لدور الدولة في‬
‫الظروف والعوامل َ‬
‫النشاط االقتصادي من خـالل إظهار بعض المفاهيم والمضامين المتعلقة بالدولة‪ ،‬وكذلك دور الدولة في مختلف‬‫َ‬
‫المدارس الفكرية واالتجاهات المعاصرة لهذا الدور‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم ومضمون الدولة‪.‬‬

‫تعتبر الدولة أهم مؤسسة تسهر على تسيير المجتمع وتدبير شؤونه‪ ،‬وهي بذلك أشمل تنظيم يعكس مجموعة أفراد‬
‫المجتمع‪ ،‬ويتجلى هذا التنظيم في عدد من المؤسسات اإلدارية والقانونية والسياسية واالقتصادية التي تتطابق مع‬
‫أن وجود الدولة نابع من قصور المجتمع عن تسيير شؤونه في غياب هذه المؤسسة التي‬ ‫متطلبات المجتمع‪ ،‬كما َ‬
‫تحفظ وجوده وتضمن استم ارريته‪.‬‬

‫لكن بالرغم من هذه األهمية التي تشغلها مسألة الدولة‪ ،‬يبقى تعريف الدولة غامضا‪ ،‬وهذا الغموض مصدره‬
‫األدوار المعقدة التي تلعبها الدولة والتناقضات الواضحة التي ترافقها‪ ،‬والمبحث التالي يوضح بعض التعاريف للدولة‬
‫وكل ما يتعلق بها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية الدولة‪.‬‬

‫قبل البداية في مضمون كلمة الدولة من أركان وعناصر وغير ذلك سيتم عرض أوالا أصل هذه الكلمة والتعريفات‬
‫التي جاء بها بعض الفالسفة والمفاهيم المتعلقة بها‪.‬‬

‫‪ -1‬أصل كلمة دولة‪:‬‬

‫إن كلمة دولة عندما كانت تذكر في القديم كانت تعني أو تدل على وجود مجتمع فيه طائفة تحكم وأخرى تطيع‪،‬‬
‫َ‬
‫والدولة جاءت أو تشكلت عبر الزمان من خالل وجود مساحة من األرض هذه األرض يتوفر بها أسباب العيش‪ ،‬من‬
‫مـاء وغذاء ومرعى وطقس جيد‪ ،‬فتقوم هـذه األرض المتوفر بها أسبـاب العيش بجذب السكان إليها‪ ،‬والسكان عندما‬
‫يحضرون إليها يكون عددهم قليل جدا فيتزاوجوا وينجبوا جيال جديدا وعددا جديدا‪ ،‬وفي هذا الحال ينتقل هذا العدد‬
‫القليل من أسره قليلة العدد يحكمها األب إلى عشيرة يوجد بها عدد من األفراد يحكمها شيخ العشيرة‪ ،‬فتستمر عملية‬
‫زيادة عدد األفراد بأشكال مختلفة وينتج عن ذلك قرية ثم تتحول هذه القرية إلى قرى ثم تتحول هذه القرى إلى مدينة ثم‬
‫إلى مدن ومن ثم ومع زيادة عدد المدن تتشكل الدولة التي تحكمها سلطة معينة وهي عبارة عن عدد من أبناء‬
‫الشعب)‪.(1‬‬

‫"والدولة دوما هي مفهوم نظري‪ ،‬ولذا فإ َنه ال يمكن قيامها بأي صفة ملموسة أو مادية إال حين تعبر عن نفسها‬
‫بأنها موجودة‪ ،‬وهي كالشركة القانونية‪ ،‬كيان قانوني")‪.(2‬‬
‫من خالل الحكومة والدولة الموجودة فقط‪ ،‬أل َن الشعب يؤمن َ‬

‫‪ -2‬تعريف الدولة‪:‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم شيحا‪ ،‬الوجيز في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،0222 ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -2‬محمد المجذوب‪ ،‬القانون الدستوري والنظام السياسي في لبنان‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،0220 ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪3‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫لقد تناول تعريف الدولة مجموعة من الفالسفة يمكن أن نستعرض بعض ا منها‪:‬‬

‫بأنها "مجموعة من األفراد تستقر على‬ ‫عرف الدولة َ‬ ‫‪ -‬الفقيه الفرنسي كاري دي مالبيرج ‪َ carre de mailbag‬‬
‫إقليم معين تحت تنظيم خاص‪ ،‬يعطي جماعة معينة فيه سلطة عليها تتمتع باألمر واإلكراه")‪.(1‬‬

‫بأنها "مؤسسه سياسية يرتبط بها األفراد من خالل‬


‫عرف الدولة َ‬
‫‪ -‬الفقيه الفرنسي بارتلي ‪ bartheley‬حيث َ‬
‫تنظيمات متطورة")‪.(2‬‬

‫بأنها "جمـاعة من األفـراد تقطن على وجه الـدوام واالستقرار‪ ،‬إقليم ا‬


‫يعرف الدولة َ‬
‫‪ -‬األستاذ الدكتور محسن خليل َ‬
‫جغرافي ا معين ا‪ ،‬وتخضع في تنظيم شؤونها لسلطة سياسية‪ ،‬تستقل في أساسها عن أشخاص من يمارسها")‪.(3‬‬

‫بأنها "مجموعة متجانسة من األفراد تعيش على وجه الدوام في إقليم‬


‫يعرف الدولة َ‬
‫‪ -‬األستاذ الدكتور كمال العالي َ‬
‫معين‪ ،‬وتخضع لسلطة عامة منظمة")‪.(4‬‬

‫بأنها "إتحاد يحفظ داخل مجتمع محدد إقليميا مختلف الظروف الخارجية‬ ‫يعرف الدولة َ‬
‫‪ -‬ماكيفر ‪َ mcypher‬‬
‫العامة للنظام االجتماعي وذلك للعمل من خالل قانون يعلن حكومة مخولة بسلطة قهرية لتحقيق هذه الغاية")‪.(5‬‬

‫‪ -‬الدكتور بطرس غالي والدكتور خيري عيسى في المدخل في علم السياسة‪" :‬مجموعة من األفراد يقيمون بصفة‬
‫دائمة في إقليم معين‪ ،‬تسيطر عليهم هيئة منظمة‪ ،‬استقر الناس على تسميتها الحكومة")‪ .(6‬ويحدد المؤلفان ثالثة‬
‫عناصر البد منها لكيان الدولة هي‪ :‬مجموعة األفراد‪ ،‬اإلقليم‪ ،‬الحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬أ َما ديفو ‪ defoe‬يعرف الدولة "مجموعـة من األفراد مستقرة في إقليم محدد تخضع لسلطة صاحبة السيادة‪،‬‬
‫مكلفة أن تحقق صالح المجموعة‪ ،‬ملتزمة في ذلك مبادئ القانون")‪ .(7‬وهو بذلك يحدد أربعة أركان لقيام الدولة هي‪:‬‬
‫مجموعة من األف ارد‪ ،‬اإلقليم‪ ،‬السلطة‪ ،‬السيادة‪.‬‬

‫‪ -‬رينه جان دولوي‪ ،‬القانون الدولي‪" :‬سلطة النظام الحكومي تمارسها حكومات قوية على العديد من السكان‬
‫أن الدولة تتـألف من ثالثة عناصر‪ :‬السكان‪ ،‬اإلقليم‪،‬‬
‫الموزعين في مناطق واسعة أو صغيرة" ‪ .‬لـذلك فهو يعتبر َ‬
‫)‪(8‬‬

‫الحكومة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬مفهوم الدولة‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء– بيروت‪ ،‬ط ‪ ،0220 ،28‬ص ‪.78‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬الحكم واإلدارة ‪ ،‬منشورات جامعة القدس ‪ ،0222 ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا العروي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -5‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬الوجيز في النظم السياسية‪ ،‬دار الثقافة للنشر‪ ،‬بدون مكان النشر‪ ،7111 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -6‬عبد هللا العروي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -8‬عبد هللا العروي‪ ،‬مفهوم الدولة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬الدكتور نظام بركات والدكتور عثمان الرواف والدكتور محمد الحلوة‪ ،‬مبادئ علم السياسة‪" :‬كيان سياسي‬
‫وقانوني منظم يتمثل في مجموعة من األفراد الذين يقيمون على أرض محددة ويخضعون لتنظيم سياسي وقانوني‬
‫واجتماعي معين تفرضه سلطة عليـا تتمتع بحق استخدام القوة")‪ .(1‬ويحدد المؤلفون أربعة عناصر أساسية للدولة هي‪:‬‬
‫الشعب (األمة)‪ ،‬اإلقليم (الوطن)‪ ،‬الحكومة‪ ،‬السيادة‪.‬‬

‫‪ -‬علي صادق‪ ،‬القانون الدولي العام‪" :‬الدولة هي مجموعة من األفراد يقيمون بصفة دائمة في إقليم معين‬
‫وتسيطر عليهم هيئة حاكمة ذات سيادة ")‪.(2‬‬

‫‪ -3‬أصل نشأة الدولة‪:‬‬

‫هناك العديد من المذاهب والنظريات لتفسير وبيان نشأة الدولة‪:‬‬

‫‪ -1.3‬نظرية العقد‪:‬‬

‫أن الدولة مصدرها األول القوة والصراع بين الجماعات البدائية‪ ،‬حيث َأنها لم تجد صدى واسعا‬‫النظرية ترى َ‬‫هذه َ‬
‫لدى الفقه العالمي أل َن االختالف بين الحاكم والمحكومين مصدره القوة والغلبة‪.‬‬

‫فالدولة في الوقت الحاضر ال تقوم فقط على فكرة االختالف السياسي وا َنما تلعب السلطة دو ار هاما باعتبارها‬
‫أن عنصر القوة هام للدولة‬‫العنصر الرئيسي للتنظيم السياسي الحديث‪ ،‬وما الحاكم إال ممارس لهذه السلطة فقط‪ ،‬كما َ‬
‫من اجل الوحدة واألمن‪ ،‬وبدونها تصبح الدولة فريسة للعوامل الهدامة)‪.(3‬‬

‫‪ -2.3‬نظرية تطور األسرة‪:‬‬

‫هذه النظرية ترجع أصل الدولة إلى األسرة وأسـاس سلطة الحاكم إلى السلطة األبوية المتمثلة في رب األسرة‪ ،‬وقد‬
‫لعدة انتقادات نذكر منها)‪:(4‬‬
‫تعرضت هذه النظرية َ‬

‫أن الدولة لم تكن الخلية االجتماعية األولى‪.‬‬


‫‪ -‬اثبت علماء االجتماع َ‬

‫‪ -‬ومن أهم االنتقادات اعتبار األسرة اللبنة األساسية لنشأة الدولة‪.‬‬

‫‪ -3.3‬النظريات العقدية‪:‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬الوجيز في النظم السياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬السياسة‪ :‬نظريات ومفاهيم ‪ ،‬منشورات جامعة القدس‪ .0222 ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪5‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫ظهرت فكرة العقد كأساس لنشأة الدولة منذ فترة زمنية بعيدة‪ ،‬استخدمها الكثير من المفكرين في تأييد أو محاربة‬
‫السلطان المطلق للحاكم‪ ،‬فهذه النظريات ترجع إلى القرن السادس عشر‪ ،‬والتي ساهم في صياغتها وابراز مضمونها‬
‫كل من هوبز ولوك وروسو)‪.(1‬‬

‫فعلماء هذه النظرية ارجعوا نشأة الدولة إلى فكرة العقد وأ َن األفراد انتقلوا من الحياة البدائية التي كانوا يعيشونها‬
‫إلى حياة الجماعة المنظمة بموجب العقد‪.‬‬

‫‪ -1.3.3‬هوبز (من أنصار الحكم المطلق)‪:‬‬

‫إن الفترة التي عاش فيها هوبز وما رافقتها من اضطرابات في كل من إنجلت ار وفرنسا كان لها بالغ األثر على‬
‫َ‬
‫فكره الذي عبر عنه بتأييده المطلق للحاكم‪.‬‬

‫فكانت اغلب كتاباته تمثل الدفاع عن الملك وحقه في الحكم ضد أنصار سيادة البرلمان‪ ،‬حيث قام بإبراز حق‬
‫الملك المطلق في الحكم من خالل طبيعة العقد الذي ابرم بين األفراد للتخلص مما رتبته الطبعة اإلنسانية والفطرية‬
‫لألفراد قبل إبرام العقد‪ ،‬من خالل هذا العقد يتنازل الفرد عن حرياته وحقوقه الطبيعية للسلطة التي أقامها أي ا كانت‬
‫مساوئها واستبدادياتها‪ ،‬أل َن السلطة وفي وجهة نظره مهما بلغت من السوء فلن تصل إلى حالة الحياة الطبيعية التي‬
‫إن وضع أي قيد على الحاكم‪ ،‬أو ترتيب أي التزام عليه يجعل العقد االجتماعي قاص ار عن تحقيق‬
‫كانوا يعيشونها‪ ،‬بل َ‬
‫الغرض منه)‪.(2‬‬

‫وهكذا يتمتع الحاكم على األفراد بسلطة مطلقة‪ ،‬وال يحق لألفراد مخالفة هذا الحاكم مهما استبد أو تعسف‪.‬‬

‫‪ -2.3.3‬جون لوك (من أنصار الحكم المقيد)‪:‬‬

‫إذا كان لوك يتفق مع هوبز في تأسيس المجتمع السياسي على العقد االجتماعي الذي ابرم بين األفراد لينتقلوا‬
‫من الحياة البدائية إلى حياة الجماعة‪ ،‬إالَ أ َنه يختلف معه في وصف الحياة الفطرية والنتائج التي توصل إليها‪.‬‬

‫الحياة الفطرية ا لطبيعية لألفراد كما يصفها لوك فهي تنصح بالخير والسعادة والحرية والمساواة‪ ،‬تحكمها القوانين‬
‫أن استم ارره ليس مؤكدا وهذا بسبب ما يمكن أن يتعرض‬ ‫الطبيعية وبالرغم من وجود كل هذه المميزات لدى الفرد إالَ َ‬
‫الحرية المملوءة بالمخاوف واألخطار الدائمة واالنضمام إلى‬
‫له من اعتداءات اآلخرين ‪ ،‬وهذا ما يدفع اإلنسان إلى َ‬
‫)‪(3‬‬

‫مجتمع ما مع اآلخرين من اجل المحافظة المتبادلة على أرواحهم وحرياتهم وأمالكهم‪.‬‬

‫كما أ َن العقد الذي ابرم بين األفراد وبين الحاكم إلقامة السلطة ال يمنح الحاكم السلطة المطلقة وا َنما يمنحه سلطة‬
‫مقيدة بما يكفل تمتع األفراد بحقوقهم الباقية والتي لم يتنازلوا عنها‪ ،‬والحاكم في نظرية لوك طرف في العقد كالفرد‪ ،‬وما‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬مفهوم الحرية‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء– بيروت‪ ،‬ط ‪ ،0220 ،28‬ص ‪.00‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪.05 ،‬‬
‫‪6‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أن شروط العقد قد فرضت على الحـاكم الكثير من االلتزامـات فهو مقيد وملتـزم بتنفيذ الشروط‪ ،‬واإلجازة لألفراد‬‫دام َ‬
‫مقاومته وفسخ العقد)‪.(1‬‬

‫‪ -3.3.3‬جان جاك روسو‪:‬‬

‫إن نظرة روسو تدعو األفراد للسعي والبحث عن وسيلة يستعيدون بها مختلف المزايا‪ ،‬حيث يتفق األفراد فيما‬ ‫َ‬
‫بينهم على إبرام عقد اجتماعي‪ ،‬هذا العقد يقوم األفراد من خالله بالتنازل عن كافة حقوقهم الطبيعية لمجموعة من‬
‫الحريات‬
‫األفراد الذي تمثلهم في النهاية اإلرادة العامة‪ ،‬هذا التنازل ال يفقد األفراد حقوقهم وحرياتهم أل َن الحقوق و َ‬
‫المدنية استبدلت بتلك الطبيعية المتنازل عنها لإلرادة العامة)‪.(2‬‬

‫أن الحكومة ال تقوم على أساس تعاقد بينها وبين المواطنين‪ ،‬وا َنما هي هيئة من المواطنين مكلفة من قبل‬
‫كما َ‬
‫صاحب السيادة بمباشرة السلطات الذي له أن يستردها وأن يمنحها إلى أشخاص آخرين‪.‬‬

‫أن النظرية العقدية تعرضت لمجموعة من االنتقادات نذكر منها)‪:(3‬‬


‫كما َ‬

‫‪ -‬الخيالية‪ :‬أل َن التاريخ ال يعطينا مثال واحدا واقعيا بأ َن جماعة من الجماعات قد نشأت بواسطة العقد‪.‬‬

‫‪ -‬غير صحية من الناحية القانونية‪.‬‬

‫أن اإلنسان كان في عزلة قبل نشأة الجماعة وهذا قول غير‬
‫‪ -‬غير صحيحة من الناحية االجتماعية‪ :‬تفترض َ‬
‫صحيح أل َن اإلنسان كائن اجتماعي‪.‬‬

‫‪ -4.3.3‬نظرية التطور التاريخي‪:‬‬

‫إن هذه النظرية تمتاز عن أخواتها من النظريات َأنها ال ترجع أصل نشأة الدولة إلى عامل محدد بذاته وا َنما إلى‬‫َ‬
‫أن هذه العوامل اجتمعت مع بعضها‬ ‫عوامل متعددة منها (القوة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬الدين‪ ،‬والفكر … الخ)‪ ،‬هذه النظرية تقول َ‬
‫البعض وشكلت تجمع لألفراد وأدت إلى ظهور فئة من األفراد استطاعت أن تفرض سيطرتها على باقي الجماعة‬
‫(ظهور هيئة عليا حاكمة)‪ ،‬وأنصار هذه النظرية‪ :‬العميد ديجي وبارتلمي ومودو)‪.(4‬‬

‫باإلضافة إلى النظريات العقدية السابقة يمكن أن نحدد كذلك نظرة ماركس ألصل نشأة الدولة فهو يرى‪:‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬السياسة‪ :‬نظريات ومفاهيم ‪ ،‬مرجع سابق‪.07 ،‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا العروي‪ ،‬مفهوم الحرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -4‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪7‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أن أصل نشأة الدولة لم يكن على اعتبارات حتمية بقدر ما كان على اعتبار حدث تاريخي‪ ،‬وهذا جاء نتيجة‬
‫َ‬
‫النقسام الجماعات إلى طبقات متصارعة واحتكار البعض منها ملكية اإلنتاج‪ ،‬والتي استطاعت بواسطتها استغالل‬
‫سائر الطبقات في المجتمع)‪.(1‬‬

‫فالدولة عند ماركس ال تعدو أن تكون ظاهرة قانونية تمثَل انعكاسا لتكوين الطبقات وسيطرة إحداها على المجتمع‬
‫الذي تحكمه هذه الدولة)‪.(2‬‬

‫أن ظهور الدولة عند ماركس مرتبط بالصراع بين الطبقات‪ ،‬الذي يمثل في النهاية سيطرة طبقة‪.‬‬
‫كما َ‬

‫السلطة وال َنظام‪:‬‬


‫‪ -4‬الفرق بين مفهوم الدولة‪ ،‬الحكومة‪َ ،‬‬

‫فمفهوم الدولة هي الجماعة المنظمة سياسي ا وقانوني ا والتي يقيم أفرادها إقامة مستقرة على إقليم محدد ويخضعون‬
‫لسلطة عليا تمارس السيادة)‪.(3‬‬

‫والحكومة هي األداة التي تمارس مظاهر السلطة داخل نطاق الدولة وتفرض سيادتها على األفراد واإلقليم)‪.(4‬‬

‫ويتم التصنيف بين الحكومات على النحو التالي)‪:(5‬‬

‫‪ -‬الناحية العددية‪ :‬يتم التمييز بين حكومة الفرد وحكومة األقلية وحكومة األكثرية‪.‬‬

‫قسمت الحكومات إلى حكومات قانونية تتقيد بالقانون وتعمل على تحقيق‬ ‫‪ -‬الناحية المعيارية (الجوهرية)‪َ :‬‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬وحكومات استبدادية ال تتقيد بالقانون وتعمل على تحقيق مصالحها الخاصة‪.‬‬

‫ملكية وحكومات جمهورية‪.‬‬


‫‪ -‬أما من حيث الشكل فقد صنفت الحكومات إلى حكومات َ‬

‫يجب التنويه إلى أن كل التصنيفات العامة الموجودة ال تعطينا صورة واضحة لكل أنواع الحكومات القائمة في‬
‫العالم‪ ،‬وأن أفضل تصنيف هو الذي يحوي على أنواع تماثل في عددها لعدد الحكومات الموجودة في العالم‪.‬‬

‫والسلطة هي الحق الشرعي في التصرف واصدار األوامر في الدولة‪ ،‬وهي ظاهرة اجتماعية وجدت قبل وجود‬
‫الدولة بفترة طويلة‪ ،‬فهي ليست خاصة بالدولة وحدها بل تمارس كافة أنواع المؤسسات الحكومية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية والسياسية)‪.(6‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -2‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم شيحا‪ ،‬الوجيز في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -4‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -5‬إبراهيم شيحا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -6‬إبراهيم شيحا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪8‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أما النظام السياسي فهو نموذج الحكم الذي يحدد شكل الحكومة وطريقة انتقال السلطة وممارستها ووظائفها)‪.(1‬‬

‫أن مفهوم الدولة والحكومة مفهومين يستخدمـان بالتناوب كمترادفات في كثير مـن األحيان‪ ،‬فمفهوم الدولة‬
‫رغـم َ‬
‫أن الدولة كيان شامل يتضمن جميع مؤسسات المجال العام وكل أعضاء المجتمع‬ ‫أكثر اتساعا من الحكومة‪ ،‬حيث َ‬
‫أن الحكومة هي الوسيلة أو اآللية التي‬
‫أن الحكومة ليست إال جزءا من الدولة‪ ،‬أي َ‬ ‫بوصفهم مواطنين‪ ،‬وهو ما يعني َ‬
‫أن الدولة كيان أكثر ديمومة مقارنة بالحكومة المؤقتة‬
‫تؤدي من خاللها الدولة سلطتها وهي بمثابة عقل الدولة‪ ،‬إالَ َ‬
‫النظام‬
‫بطبيعتها‪ :‬حيث يفترض أن تتعاقب الحكومات‪ ،‬وقد يتعرض نظام الحكم للتغيير أو التعديل‪ ،‬مع استمرار َ‬
‫أن السلطة التي تمارسها الدولة هي سلطة مجردة "غير‬
‫األوسع واألكثر استق ار ار ودوام ا الذي تمثله الدولة‪ ،‬كما َ‬
‫أن األسلوب البيروقراطي في اختيار موظفي هيئات الدولة وتدريبهم يفترض عادة أن يجعلهم‬ ‫مشخصة"‪ :‬بمعنى َ‬ ‫َ‬
‫محايدين سياسيا تحصينا لهم من التقلبات األيديولوجية الناجمة عن تغير الحكومات‪ ،‬وثمة فارق آخر وهو تعبير‬
‫الدولة (نظريا على األقل) عن الصالح العام‪ ،‬بينما تعكس الحكومة تفضيالت حزبية وأيديولوجية معينة ترتبط بشاغلي‬
‫مناصب السلطة في وقت معين)‪.(2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أركان الدولة (عناصر الدولة)‪.‬‬

‫يوجد خالف بين الدراسات واألبحاث على عناصر الدولة األساسية فمعظمهم يركز على ستة عناصر أو أركان‬
‫للدولة وهي)‪:(3‬‬

‫‪ -‬السكان‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقليم‪.‬‬

‫‪ -‬الحكومة‪.‬‬

‫‪ -‬السيادة‪.‬‬

‫‪ -‬االستقالل‪.‬‬

‫‪ -‬االعتراف الدولي‪.‬‬

‫والبعض االخر ذهب بتحديد ثالثة أركان أساسية ألي دولة وهي)‪:(4‬‬

‫‪ -‬الجماعة البشرية (الشعب)‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم شيحا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.45‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -4‬محمد المجذوب‪ ،‬القانون الدستوري والنظام السياسي في لبنان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪9‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬اإلقليم‪.‬‬

‫‪ -‬السلطة السياسية‪.‬‬

‫أن الثالثة تشمل‬


‫أن عناصر الدولة أو أركانها هي ستة منها ثالثة تنوب عن الباقيات حيث َ‬
‫والرأي الغالب َ‬
‫الباقي‪ ،‬سوف يتم توضيح ذلك من خالل مايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬السكان (الشعب)‪:‬‬

‫إن وجود الشعب في الدولة يعد ركن ا أساسي ا ال غنى عنه لقيام َأيه دولة‪ ،‬فال يعقل وجود دولة بدون شعب أل َن‬
‫َ‬
‫الشعب هو الذي أنشئ الدولة‪ ،‬وال يشترط حد أدنى لهذا الشعب كشرط لقيام الدولة‪ ،‬فهناك دول تضم مئات الماليين‬
‫من السكان ودول أخرى ال يتجاوز تعدادها عن المليون فال شرط لقيام الدولة وجود عدد معين من السكان ولكن يجب‬
‫أن يكون هناك عدد كاف من األشخاص من أجل تنظيم العالقة بين الحاكم والمحكوم في إطارها الذي يتجاوز إطار‬
‫العائلة أو القبيلة)‪.(1‬‬

‫كما يقسم السكان في أي دولة إلى ثالثة أقسام رئيسية وهم)‪:(2‬‬

‫‪ -‬المواطنون‪ :‬وهم أفراد أو الجماعة داخل الدولة التي لها جميع الحقوق والواجبات ويمنحون والئهم التام‬
‫للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬المقيمون‪ :‬وهم األشخاص الذين يقيمون في الدولة لسبب من األسباب‪ ،‬دون أن تكون لهم جميع حقوق‬
‫المواطنين وخاصة التصويت‪.‬‬

‫‪ -‬األجانب‪ :‬وهم رعايا الدول األخرى‪ ،‬وتكون إقامتهم لفترة محددة تتجدد دوريا إن تطلب األمر ذلك‪ ،‬فإ َن أقاموا‬
‫لغايات العمل عليهم الحصول على إذن خاص‪.‬‬

‫‪ -2‬األرض (اإلقليم)‪:‬‬

‫ثاني شرط أساسي العتبار كيان ما دولة‪ ،‬هو وجود مساحة محددة من األرض لها حدود مميزة تفصلها عن‬
‫الدول األخرى المجاورة‪ ،‬ويتضمن مفهوم األرض أيضا اليابسة نفسها فقط‪ ،‬والهواء فوقها والمياه التي تغمرها وتحدها‬

‫‪ -1‬محمد المجذوب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪ -2‬محمد المجذوب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫إلى مسافة اثنتي عشر ميال من سواحلها والبحيرات والجبال والمصادر الطبيعية والطقس‪ ،‬وحسب القانون الدولي‪ ،‬فإ َن‬
‫للدولة المستقلة نفس الوضع الشرعي بغض النظر عن مساحتها أو عدد سكانها)‪.(1‬‬

‫‪ -1.2‬عناصر اإلقليم‪:‬‬

‫إن عناصر اإلقليم في المفهوم الحديث للدولة الحديث تتمثل في)‪:(2‬‬


‫َ‬

‫‪ -‬رقعة من اليابسة‪ ،‬وال يشترط القانون الدولي في هذه الرقعة مساحة معينة‪ ،‬فال يوجد في القانون الدولي حد‬
‫أدنى مطلوب توافره في هذا الشأن‪ ،‬فقد تكون هذه الرقعة كبيرة جدا كما هو الحال في إقليم االتحاد السوفييتي‬
‫والواليات المتحدة األمريكية والصين‪ ،‬وقد تكون رقعة اإلقليم صغيرة جدا بحيث ال تتجاوز بضعة كيلومترات كما هو‬
‫الحال في إمارة موناكو وسان مارينو واندروه والبحرين‪ ،‬إالَ أ َنه من الناحية الواقعية فإ َن اتساع رقعة اليابسة تمنح‬
‫الدولة قوة وفعالية من مختلف النواحي لكن ضيق هذه الرقعة ال يؤثر في وجودها وتمتعها بالشخصية القانونية‬
‫الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬ليس شرط ا أن تكون رقعة اإلقليم متصلة األجزاء‪ ،‬فقد يكون إقليم الدولة منفصالا األجزاء كما هو الحال في‬
‫إندونيسيا والفلبين‪ ،‬إذ يتكون اإلقليم من مجموعة جزر متناثرة‪ ،‬كما أ َنه قد يقع إقليم الدولة في قارات مختلفة كما هو‬
‫الحال بالنسبة لتركيا‪.‬‬

‫أن القبائل‬
‫‪ -‬الثبات‪ ،‬بمعنى أ َن شعب الدولة يقيم فوق أرضها من اجل الحياة الدائمة المستقرة وينبني على ذلك َ‬
‫الرحل الذين يستقرون على أراضي الدولة بصورة مؤقتة ثم ينزحون عنها‪ ،‬ال يصدق عليهم وصف الدولة‪ ،‬وذلك لعدم‬
‫استق اررهم في إقليم معين على الدوام‪.‬‬

‫‪ -‬التحديد‪ ،‬بمعنى أن يكون اإلقليم محصو ار ضمن حدود واضحة المعالم‪ ،‬ويتحدد ذلك بمدى سريان سيادة‬
‫الدولة أو اختصاصها‪ ،‬وعليه فال عبرة للنظرية التي تبنتها روسيا السوفييتية في دستورها األول في العام ‪7100‬م‬
‫المتموج‪ ،‬وال عبرة كذلك بالمذهب النازي الذي‬
‫َ‬ ‫وأغفلها دستورها الصادر في العام ‪7109‬م والمعروفة بنظرية اإلقليم‬
‫السماح للدولة بالتوسع في حدودها على حساب الدول‬ ‫كان يتبنى نظرية المجال الحيوي التي كانت تنطلق من َ‬
‫المجاورة إليجاد مجال حيوي يتناسب مع قوة شعب تلك الدولة وحيويته‪ ،‬للحصول على حاجاته الضرورية‪.‬‬

‫‪ -2.2‬أنواع األقاليم)‪:(3‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬العرب والفكر التاريخي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،7117 ،25‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -2‬محمد المجذوب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا العروي‪ ،‬العرب والفكر التاريخي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬اإلقليم األرضي‪ :‬وهو عبارة عن مساحة يابسة الدولة واألنهار‪ ،‬وقد يحدد هذا اإلقليم بعدة طرق منها‬
‫الصناعية والطبيعية …… الخ ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقليم المائي‪ :‬وهو حق الدولة في البحار واألنهر الملتصقة بها‪ ،‬وقد تم تحديد هذا اإلقليم من خالل طرق‬
‫عدة منها أقصى مسافة لقذيفة مدفع من الشاطئ‪ ،‬والبعض حددها بخمسة أميال ولكن التحديد السائد والمتبع‬
‫في اغلب دول العالم هو اثني عشر ميالا بحريا‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقليم الجوي‪ :‬يقصد باإلقليم الجوي الفضاء الجوي‪ ،‬الذي يعلو اإلقليم األرضي والبحري‪ ،‬واقليم الفضاء‬
‫الجوي حدد عند انتهاء حدود الدولة األرضية‪ ،‬ولم يحدد ارتفاع للفضاء الجوي‪.‬‬

‫‪ -3‬السلطة السياسية‪:‬‬

‫إن الدولة ال يمكن أن تنشأ بتوافر مجموعة من األفراد واقليم يعيشون به‪ ،‬وا َنما يجب أن يكون على هذا اإلقليم‬
‫َ‬
‫سلطة سياسية ليخضع األفراد لق اررات هذه السلطة‪ ،‬والسلطة الحاكمة ال يكفي مجرد وجودها في الدولة للقول بوجود‬
‫الدولة‪ ،‬بل يجب أن تحصل هذه السلطة على اعتراف األفراد وقبولهم‪ ،‬وهذا ال يعني أيضا أن تكون هذه السلطة بدون‬
‫قوة‪ ،‬فالسلطة وان كانت إرضاء لألفراد إالَ َأنها يجب أن تستند إلى القوة‪ ،‬أل َن ممارسة السلطة تتم عبر القوة)‪.(1‬‬

‫فضعف السلطة يعني فناء الدولة ويعطي القوة المنافسة القدرة على الظهور وفرض وجودها على اإلقليم‪.‬‬

‫‪ -‬التميز بين صاحب السلطة وبين من يمارسها‪ :‬في القديم كانت هناك فترة سادت فيها ما سميت بشخصية‬
‫تربط السلطة السياسية بفكرة الحاكم‪ ،‬إالَ َأنه ومع تقدم الجماعات بدأت هذه الفكرة‬
‫السلطة وهذه الفترة جاءت نتيجة ا‬
‫المجردة عن شخصية‬‫َ‬ ‫(االرتباط بين السلطة السياسية والحاكم) باالنهيار‪ ،‬وظهرت فكرة جديدة وهي فكرة السلطة‬
‫الحاكم ونتج عن هذه الفكرة الفصل بين السلطة والممارس وهو الحاكم)‪.(2‬‬

‫بأنها أصلية أي َأنها ال تنبع من سلطات أخرى‪ ،‬وا َنما‬


‫‪ -‬مميزات السلطة‪ :‬تمتاز السلطة السياسية في أي دولة َ‬
‫بأنها سلطة ذات اختصاص عام‬ ‫السلطات األخرى هي التي تنبع منها‪ ،‬وا َن السلطة السياسية داخل الدولة تمتاز أيضا َ‬
‫أي أ َنها تشمل جميع جوانب الحياة داخل الدولة‪ ،‬بعكس السلطات األخرى‪ ،‬التي تهتم بتنظيم جانب معين من حياة‬
‫أما األمة ال يوجد‬
‫األمة‪ ،‬فالدولة يجب لقيامها وجود سلطة َ‬
‫بأنها تميز الدولة عن َ‬
‫األشخاص‪ ،‬وتمتاز السلطة أيضا َ‬
‫لقيامها سلطة سياسية)‪.(3‬‬

‫‪ -4‬االستقالل‪:‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم شيحا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.90‬‬


‫‪ -2‬إبراهيم شيحا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم شيحا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫من الشروط األسـاسية للدولة هو أن تكون مستقلة عن سيطرة الـدول األخرى‪ ،‬وغير مرتبطة بحكم فدرالي‪ ،‬ومع‬
‫أن المحميات قد يكون لها سكان وأرض وحكومة وسيادة‪ ،‬إالَ أ َنه ال يمكن اعتبارها دوالا أل َنها غير مستقلة)‪.(1‬‬
‫َ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص الدولة‪.‬‬

‫إذا توفرت للدولة هذه األركان ‪ ،‬نشأ لها الوجود والكيان القانوني وثبتت لها الشخصية القانونيـة‪ ،‬وعلـى هـذا النحـو‬
‫السيادة‪.‬‬
‫الشخصية المعنوية و َ‬
‫َ‬ ‫تحدد خصائص الدولة في عنصرين‪:‬‬

‫‪ -1‬الشخصية المعنوية‪:‬‬

‫بأنه قادر على اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‪.‬‬


‫الشخص المعنوي هو شخص قانوني يمتاز على اآلدميين َ‬

‫ويترتب على اال عتراف للدولة بالشخصية القانونية إضافة إلى القدرة على التمتع بالحقوق وتحمل االلتزامات‬
‫الفصل بين السلطة ومن يمارسها (الحاكم))‪.(2‬‬

‫إن االعتراف بالشخصية المعنوية للدولة يعني وحدة الدولة واستقالليتها وهذا ال يعني االستقاللية فقط عن األفراد‬
‫َ‬
‫المحكومين بل االستقاللية أيضا عن الحكام وبالتالي زوال فكرة شخصية الدولة وظهور السلطة المجردة النظامية‪.‬‬

‫إن التطور في األنظمة السياسية وما يصاحب هذا التطور من تغيير في القائمين على السلطة ال يغير من وحدة‬
‫النهاية استمرارها وبقائها ككائن مستقل)‪.(3‬‬
‫تفسر في َ‬
‫شخصية الدولة ‪ ،‬التي َ‬

‫ومن نتائج الشخصية المعنوية للدولة نذكر)‪:(4‬‬

‫‪ -‬تعتبر الدولة وحدة قانونية مستقلة ومتميزة عن األفراد المكونين لها‪.‬‬

‫إن المعاهدات واالتفاقيات التي أبرمتها الدولة‪ ،‬تبقى نافذة مهما تغير شكل الدولة أو نظام الحكم فيها‪.‬‬
‫‪َ -‬‬

‫تعدل هذه‬
‫‪ -‬تبقى التشريعات سارية في حالة تغيير شكل الدولة أو نظام الحكم فيها أو القائمين عليها ما لم َ‬
‫التشريعات أو تلغى‪.‬‬

‫أي تغيير يلحق بشكل الدولة‪.‬‬


‫النظر عن َ‬
‫إن االلتزامات المالية تبقى نافذة بغض َ‬
‫‪َ -‬‬

‫‪ -‬حقوق الدولة والتزاماتها تبقى قائمة ببقاء الدولة بغض النظر عن أي تغيير يلحق بشكل الدولة‪.‬‬

‫‪ -2‬السيادة‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.00‬‬


‫‪ -2‬طارق لحاج‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،7111 ،‬ص ‪.027‬‬
‫‪ -3‬طارق لحاج‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.027‬‬
‫‪ -4‬طارق لحاج‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.020‬‬
‫‪13‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫إن تمتع الدولة بالسيادة يعني أن تكون لها الكلمة العليا التي ال يعلوها سلطة أو هيئة أخرى‪ ،‬وهذا يجعلها تسمو‬
‫َ‬
‫على الجميع وتفرض نفسها عليهم باعتبارها سلطة آمرة عليا‪ ،‬لذلك فسيادة الدولة تعني وببساطة َأنها منبع السلطات‬
‫ميز الدولة عن غيرها من الجماعات السياسية األخرى)‪.(1‬‬
‫األخرى‪ ،‬فالسيادة أصلية ومرتبطة بالدولة وت َ‬

‫والسيادة وحدة واحدة ال تتج أز مهما تعددت السلطات العامة أل َن هذه السلطات ال تتقاسم السيادة وا َنما تتقاسم‬
‫االختصاص‪.‬‬

‫‪ -1.2‬مظاهر السيادة)‪:(2‬‬

‫‪ -‬المظهر الداخلي‪ :‬وهو أن تبسط السلطة السياسية سلطاتها على إقليم الدولة‪ ،‬بحيث تكون هي السلطة اآلمرة‬
‫التي تتمتع بالقرار النهائي‪.‬‬

‫‪ -‬المظهر الخارجي‪ :‬يعني استقاللية الدولة وعدم خضوعها لدولة أخرى (السيادة بالمظهر الخارجي مرتبطة‬
‫باالستقالل)‪.‬‬

‫‪ -2.2‬مصدر السيادة وصاحبها‪:‬‬

‫أهم النظريات التي قيلت في بيان صاحب السيادة‪:‬‬

‫‪ -1.2.2‬النظرية الثيوقراطية‪:‬‬

‫أن الحكم والقرار األول واألخير هلل وحده‪ ،‬وقد اختلفت التفاسير‬
‫أن السيادة هلل وحده‪ ،‬أي َ‬
‫ترجع هذه النظرية إلى َ‬
‫للنظرية الثيوقراطية فقسمت إلى ثالث صور‪:‬‬

‫‪ -1.1.2.2‬نظرية الطبيعة اإللهية للحاكم‪:‬‬

‫أن اهلل موجود على األرض يعيش وسط البشر ويحكمهم‪ ،‬ويجب على األفراد تقديس الحاكم‬ ‫هذه النظرية تقول َ‬
‫وعدم إبداء أي اعتراض (هذه النظرية كانت سائدة في المماليك الفرعونية واإلمبراطوريات القديمة))‪.(3‬‬

‫‪ -2.1.2.2‬نظرية الحق اإللهي المباشر)‪:(4‬‬

‫أن االختيار بعيدا عن إرادة األفراد وأ َنه أمر إلهي‬


‫أن الحاكم يختار وبشكل مباشر من اهلل )أي َ‬
‫هذه النظرية تقول َ‬
‫خارج عن إرادتهم( وتمتاز بـ‪:‬‬

‫‪ -1‬طارق لحاج‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.027‬‬


‫‪ -2‬طارق لحاج‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.027‬‬
‫‪ -3‬وجدي حسين‪ ،‬المالية الحكومية واالقتصاد العام‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،7177 ،‬ص ‪.507‬‬
‫‪ -4‬محمود حسين الوادي‪ -‬زكرياء أحمد عزام‪ ،‬المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،0222 ،‬‬
‫ص ‪.770‬‬
‫‪14‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬الحكام يستمدون سلطانهم من اهلل مباشرة‪.‬‬

‫‪ -‬ال يجوز لألفراد مسألة الحاكم عن أي شيء‪.‬‬

‫(تبنت الكنيسة هذه النظرية فترة صراعها مع السلطة‪ ،‬كما استخدمها بعض ملوك أوروبا لتدعيم سلطانهم على‬
‫الشعب)‪.‬‬

‫‪ -3.1.2.2‬نظرية الحق اإللهي غير المباشر‪:‬‬

‫الحاكم من البشر لكن في هذه النظرية يقوم اهلل باختيار الحاكم بطريقة غير مباشرة‪ ،‬حيث يقوم مجموعة من‬
‫مخيرة في اختيار الحاكم أي مسيرة من اهلل)‪.(1‬‬
‫مسيرة ال َ‬
‫األفراد باختيار الحاكم وتكون هذه المجموعة َ‬

‫وهناك بعض االنتقادات التي وجهت للنظرية الثيوقراطية نذكر منها)‪:(2‬‬

‫‪ -‬نظرية مصطنعة فقط لخدمة مصالح معينة‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية لتبرير استبداد السلطة‪.‬‬

‫‪ -‬بعض الفقه نادى بعدم تسميتها بالنظرية الدينية على أساس َأنها ال تستند في جوهرها إلى الدين‪.‬‬

‫‪ -2.2.2‬نظرية سيادة األمة‪:‬‬

‫بعض العلماء أخذ يقرب مفهوم سيادة األمة إلى مفهوم الديمق ارطية واعتبرهما تعبيران عن فكرة واحدة ولكن من‬
‫ناحيتين‪.‬‬

‫أما مبدأ سيادة األمة‪ ،‬فهو عبارة عن التعبير القانوني‪.‬‬


‫أن الديمقراطية هي تعبير عن الشكل السياسي َ‬
‫حيث َ‬

‫أول ما ظهرت فكرة السيادة ظهرت على لسان القانونيين الذين كانوا يدافعون عن سلطات الملك في فرنسا ضد‬
‫أن الملك يتمتع بالسيادة الكاملة في ممتلكاته‪ ،‬وأ َن السلطة العليا ال ينافسه عليها أحد في‬
‫البابا واإلمبراطور‪ ،‬مؤكدين َ‬
‫الدولة)‪.(3‬‬

‫ولكنها انتقلت‬
‫ومع قيام الثورة الفرنسية بقيت فكرة سيادة األمة قائمة بما لها من صفة اإلطالق والسمو واألصلة‪َ ،‬‬
‫من الملك إلى األمة‪ ،‬لتصبح بذلك إرادة األمة هي السلطة العليا إن لم تنافس‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود حسين الوادي‪ -‬زكرياء أحمد عزام‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.770‬‬
‫‪ -2‬وجدي حسين‪ ،‬المالية الحكومية واالقتصاد العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.504‬‬
‫‪ -3‬وجدي حسين‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.507‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أن الصفة اآلمرة العليا هي الدولة‪ ،‬أي ال ترجع إلى فرد أو أفراد معينين بل إلى وحدة‬
‫إن مبدأ سيادة األمة يعني َ‬
‫َ‬
‫مجردة ترمز إلى جميع األفراد أي الوحدة التي تمثل المجموع بأفراده وهيئاته و َأنها باإلضافة إلى ذلك مستقلة تماما‬
‫عدة نتائج)‪:(1‬‬
‫عن األفراد الذين تمثلهم وترمز إليهم‪ ،‬كما ترتب على مبدأ سيادة األمة َ‬

‫‪ -‬االنتخاب وظيفة وليس حقا‪.‬‬

‫‪ -‬النائب ممثل لألمة‪.‬‬

‫‪ -‬القانون تعبير عن إرادة األمة‪.‬‬

‫الموجه لمبدأ سيادة األمة فتمثل في‪:‬‬


‫َ‬ ‫النقد‬
‫أما َ‬
‫َ‬

‫‪ -‬مبدأ سيادة األمة يؤدي باالعتراف لألمة بالشخصية المعنوية‪ ،‬وبالتالي إلى قيام شخصين معنويين يتشاركان‬
‫على إقليم واحد وهما الدولة واألمة‪.‬‬

‫‪ -‬ال توجد حاجة في الوقت الحاضر لألخذ بنظرية سيادة األمة‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدي مبدأ سيادة األمة إلى السيادة المطلقة وهذا يؤدي إلى االستبداد‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ سيادة األمة ال يمثَل نظاما معين ا‪.‬‬

‫‪ -3.2.2‬نظرية سيادة الشعب‪:‬‬

‫التطور الذي لحق بالمذهب الفردي‪ ،‬واالنتقادات التي وجهت إلى مبدأ سيادة األمة هي األسباب الكافية لظهور‬
‫أصوات تنادي في التمثيل النسبي الحقيقي للشعب منظو ار إليه في حقيقته وتكوينه‪ ،‬ال بوصفة المجرد كوحدة متجانسة‬
‫مستقلة عن األفراد المكونين له)‪.(2‬‬

‫أن السيادة للجماعة بوصفها مكونه من عدد من األفراد‪ ،‬ال على أساس َأنها وحدة‬
‫تقوم نظرية سيادة الشعب على َ‬
‫مستقلة عن األفراد المكونين لها‪.‬‬

‫وطبقا لنظرية سيادة الشعب تكون السيادة لكل فرد في الجماعة‪ ،‬حيث أ َنها تنظر إلى األفراد ذاتهم وتجعل السيادة‬
‫شركة بينهم ومن ثم تنقسم وتتج أز)‪.(3‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أنواع الدول‪.‬‬

‫‪ -1‬وجدي حسين‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.507‬‬


‫‪ -2‬محمود حسين الوادي‪ -‬زكرياء أحمد عزام‪ ،‬المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫‪ -3‬محمود حسين الوادي‪ -‬زكرياء أحمد عزام‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫‪16‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫إن فقهاء القانون والسياسة اتبعوا مناهج متعددة في تقسيم الدول وذلك تبعا لطبيعة اختصاصاتهم واهتماماتهم‬
‫والزاوية التي ينظرون منها إلى الدولة‪ ،‬واذا كان القانون ركز في دراسته ألنواع الدول على مقدار ما تتمتع به الدول‬
‫من سيادة حيث قسمها إلى دول كاملة السيادة‪ ،‬وأخرى ناقصة السيادة‪ ،‬فإ َن فقه القانون الدستوري والنظام السياسي قد‬
‫اهتم بتقسيم الدولة من حيث شكلها إلى دولة بسيطة (موحدة) ودولة اتحادية‪.‬‬

‫‪ -1‬الدولة البسيطة‪:‬‬

‫هي التي تنفرد بإدارة شؤونها الداخلية والخارجية سلطة واحدة (فرنسا ‪ ،‬األردن ‪ ،‬لبنان …)‪ ،‬فالسيادة في مثل هذه‬
‫الدول غير مجزأة تمارسها سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة كما هو مبين في دستورها الواحد الذي يطبق على‬
‫أن وحدة الدولة تتجسد من خالل)‪:(1‬‬
‫كافة أنحاء إقليم الدولة‪ ،‬كما َ‬

‫‪ -‬السلطة ‪ :‬تتولى الوظائف العامة في الدولة وهي سلطة واحدة لها دستور واحد ينظمها‪:‬‬

‫الوظيفة التشريعية المتمثلة في وضع القوانين (سلطة تشريعية واحدة)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫سلطة تنفيذية واحدة يخضع لها كافة الشعب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫سلطة قضائية واحدة يلتجأ إليها كافة الشعب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬من حيث الجماعة‪ :‬أفراد الدولة هم وحدة واحدة يتساوون في معامالتهم بغض النظر عما يوجد بينهم من‬
‫فوارق واختالفات‪.‬‬

‫‪ -‬من حيث اإلقليم‪ :‬اإلقليم وحدة واحدة في جميع أجزائه ويخضع لقوانين واحدة دون تمييز إالَ ما تقرره بعض‬
‫القوانين المحلية في المسائل اإلدارية فقط‪.‬‬

‫وتبقى الدولة الموحدة بسيطة إذا بقيت تتصف بما َبيناه في النواحي الثالث السابقة بغض النظر عن طبيعة نظام‬
‫الحكم فيها فقد تكون (ملكية كاألردن والسعودية‪ ،‬أو جمهورية كمصر ولبنان‪ ،‬وقد تكون مطلقة دكتاتورية أو مقيدة‬
‫ديمقراطية))‪.(2‬‬

‫‪ -2‬الدولة المركبة‪:‬‬

‫وزع سلطات الحكم فيها‬


‫وتتألف الدولة المركبة من دولتين‪ ،‬أو مجموعة دول اتحدت لتحقيق أهداف مشتركة‪ ،‬فتت َ‬
‫على الدول المكونة لها تبعا لطبيعة ونوع االتحاد الذي يربط بينها‪.‬‬

‫وتنقسم الدولة المركبة إلى)‪:(1‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬التحديث والديمقراطية (حوار)‪ ،‬مجلة آفاق‪ ،‬العدد ‪ ،7110 ،5 – 0‬ص ‪.792‬‬
‫‪ -2‬عبد هللا العروي‪ ،‬التحديث والديمقراطية (حوار)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.792‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -1.2‬اال تحاد الشخصي‪:‬‬

‫وهو عبارة عن اتحاد بين دولتين أو أكثر تحت عرش واحد‪ ،‬لكن تحتفظ كل دولة بسيادتها الكاملة وتنظيمها‬
‫الداخلي المستقل وبالتالي فمظاهر االتحاد هنا ال تتجسد إالَ في شخص الدولة فقط (فرئيس الدولة هو المظهر الوحيد‬
‫المميز لالتحاد الشخصي‪ ،‬األمر الذي يجعله اتحادا عرضيا ومؤقتا يزول وينتهي بمجرد زوال رئيس الدولة( )‪.(2‬‬
‫و َ‬

‫الدول المشتركة في االتحاد الشخصي تبقى متمتعة بكامل سيادتها الداخلية والخارجية‪ ،‬ويترتب على ذلك)‪:(3‬‬

‫‪ -‬احتفاظ كل دولة بشخصيتها الدولية وانفرادها برسم سياستها الخارجية‪.‬‬

‫‪ -‬تعد الحرب بين دول االتحاد الشخصي حربا دولية‪.‬‬

‫إن التصرفات التي تقوم بها أحد دول االتحاد الشخصي َإنما تنصرف نتائجها إلى هذه الدولة فقط وليس إلى‬
‫‪َ -‬‬
‫االتحاد‪.‬‬

‫‪ -‬يعتبر رعايا كل دولة أجنبيا على الدولة األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬ال يلزم في االتحاد تشابه نظم الحكم للدول المكونة له‪.‬‬

‫‪ -2.2‬االتحاد الحقيقي (الفعلي)‪:‬‬

‫يقوم بين دولتين أو أكثر‪ ،‬وتخضع كل الدول فيه إلى رئيس واحد مع اندماجها بشخصية دولة واحدة‪ ،‬تمارس‬
‫الشؤون الخارجية‪ ،‬وتبقى كل دولة في االتحاد محتفظة بدستورها وأنظمتها الداخلية)‪.(4‬‬

‫ويترتب على االندماج في االتحاد الحقيقي (فقدان الدولة لشخصيتها الخارجية))‪:(5‬‬

‫‪ -‬توحيد السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي‪.‬‬

‫‪ -‬تعتبر الحرب التي تقوم بين الدول األعضاء حربا أهلية‪.‬‬

‫‪ -‬أمثلة (االتحاد الذي قام بين السويد والنرويج)‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.797‬‬


‫‪ -2‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.797‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.797‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ -5‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪18‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3.2‬االتحاد االستقاللي الكونفدرالي‪:‬‬

‫ينشأ من اتفاق دولتين أو أكثر في معاهدة دولية على تكوين االتحاد أو االنضمام إليه مع احتفاظ كل دولة‬
‫أن صك االتحاد أو المعاهدة واالتفاقية هي األساس في االتحاد‬
‫باستقاللها الخارجي وسيادتها الداخلية‪ ،‬كما َ‬
‫االستقاللي‪ ،‬حيث يقوم االتحاد الكونفدرالي على تكوين مجلس يتكون من مندوبين عن االتحاد وهذا المجلس ال‬
‫تضمنها الصك‪ ،‬وال تعتبر الهيئة التي تمثل الدول في االتحاد دولة فوق الدول األعضاء‪،‬‬
‫َ‬ ‫يختص إالَ بالمسـائل التي‬
‫وا َنما مجرد مؤتمر سياسي‪ ،‬وفي هذا االتحاد تبقى كل دولة متمتعة بسيادتها الداخلية ومحتفظة بشخصيتها الدولية‬
‫ورعايا كل دولة من االتحاد يبقون محتفظون بجنسيتهم الخاصة‪ ،‬وتعتبر العالقة بين الدول مجرد ارتباط تعاهدي‪،‬‬
‫أن حق االنفصال عن االتحاد ممنوح للدول األعضاء‪ ،‬وتقرره حسب ما تراه مناسبا ومتماشيا مع مصالحها‬‫حيث َ‬
‫الوطنية)‪.(1‬‬

‫‪ -4.2‬اإل تحاد المركزي‪:‬‬

‫ولكنه في الواقع دولة مركبة تتكون من عدد من الدول أو الدويالت اتحدت‬


‫اإلتحاد المركزي ليس اتفاقا بين دول‪َ ،‬‬
‫مع ا‪ ،‬ونشأت دولة واحدة)‪.(2‬‬

‫ينشأ االتحاد المركزي عادة بطريقتين)‪:(3‬‬

‫‪ -‬تجمع رضائي أو إجباري لدول كانت مستقلة‪.‬‬

‫‪ -‬تقسيم مقصود ألجزاء متعددة من دولة سابقة‪ ،‬كانت بسيطة وموحدة‪.‬‬

‫عدة مظاهر‪:‬‬
‫ولإلتحاد المركزي (الكونفدرالي) َ‬

‫‪ -1.4.2‬من الناحية الداخلية)‪:(4‬‬

‫‪ -‬تتكون دولة االتحاد من عدد من الدويالت هذه الدويالت تتنازل عن جزء من سيادتها للدولة االتحادية‪.‬‬

‫‪ -‬للدولة االتحادية حكومة يطلق عليها الحكومة االتحادية‪.‬‬

‫‪ -‬لكل والية أو دولة سلطاتها الثالثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) التي ال تخالف السلطات الثالثة العامة‬
‫لإلتحاد (هذا ما يسمى ازدواجية السلطات)‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬تأصيل علوم المجتمع‪ ،‬المقارنة والتأويل‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬سلسلة الدروس‬
‫االفتتاحية‪ ،‬مراكش‪ ،0220 ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -2‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -4‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪19‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬يوجد رئيس واحد لالتحاد‪.‬‬

‫‪ -‬الشعب داخل االتحاد يحمل جنسية واحدة‪.‬‬

‫‪ -2.4.2‬من الناحية الخارجية)‪:(1‬‬

‫‪ -‬تتولى الدولة االتحادية إعالن الحرب‪ ،‬وعقد الصلح‪ ،‬وابرام المعاهدات‪ ،‬واألشراف على القوات المسلحة‬
‫لإلتحاد‪.‬‬

‫‪ -‬للدولة االتحادية وحدها حق التمثيل الدبلوماسي‪ ،‬واالنضمام إلى المنظمات الدولية‪.‬‬

‫وأهم مزايا نظام االتحاد المركزي الفدرالي‪:‬‬

‫‪ -‬نظام االتحاد المركزي قادر على توحيد دول ذات نظم متغايرة ومتباينة في دولة واحدة قوية‪.‬‬

‫‪ -‬يعمل على التوفيق بين مزايا الدولة الموحدة ومزايا الدولة المركبة‪.‬‬

‫أن عيوب االتحاد المركزي‪:‬‬


‫كما َ‬

‫‪ -‬ازدواجية السلطات العامة يؤدي إلى نفقات مالية كبيرة‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدي هذا النظام إلى تشتيت الوحدة الوطنية‪.‬‬

‫‪ -‬تعدد السلطات واختالف التشريعات كثي ار ما يسبب منازعات ومشاكل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور الدولة في الحضارات القديمة والعصور الوسطى‪.‬‬

‫ابتداء بالحضارات القديمة والعصور الوسطى التي مهَدت الطريق للمراحل‬


‫ا‬ ‫بعدة مراحل‪،‬‬
‫مر َ‬‫إن دور الدولة َ‬‫َ‬
‫المتغيرات المصاحبة‪،‬‬
‫القادمة‪ ،‬فكان دور الدولة في الفكر االقتصادي متباين ا خالل مختلف المراحل‪ ،‬نتيجة الظروف و َ‬
‫فنجده في أحضان الفلسفة في الفكر اإلغريقي وكذلك في أحضان الفكر الالهوتي في العصور الوسطى األوروبية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحضارات القديمة‪.‬‬

‫الروماني‪ ،‬الذي برز من خالل الحياة‬


‫تمثَل دور الدولة في الحضارات القديمة من خالل الفكر اليوناني و َ‬
‫االقتصادية ومختلف العادات والتقاليد التي كانت سائدة آنذاك‪.‬‬

‫‪ -1‬دور الدولة في الفكر اليوناني‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا العروي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.27‬‬


‫‪21‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫إن دور الدولة في الفكر اليوناني كان من خالل الفكر االقتصادي للمفكرين اليونانيين أرسطو وأفالطون‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ -1.1‬أرسطو‪:‬‬

‫خصية‪ ،‬ورأى َأنه من الممكن تحقيق‬


‫الدوافع ال َش َ‬
‫إن أرسطو ) ‪ 384-000‬ق‪.‬م ( رفض فكرة إلغاء البواعث و َ‬ ‫َ‬
‫أن البواعث ال َشخصية هي من أقوى البواعث وقد تكون من أهم‬ ‫العامة‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫الفردية والمصلحة‬
‫َ‬ ‫التَوافق في المصالح‬
‫أن فكرة التوفيق‬
‫الخاصة‪ ،‬ونالحظ َ‬
‫َ‬ ‫الملكية‬
‫العامة‪ ،‬وقد عارض أرسطو فكرة إلغاء األسرة و َ‬
‫َ‬ ‫األسس لتحقيق المصلحة‬
‫العامة تعتبر البذرة األولى لألفكار التَي سادت بعد ذلك –وخصوصا مع آدم‬
‫َ‬ ‫الفردية وبين المصلحة‬
‫َ‬ ‫بين المصالح‬
‫العامة)‪.(1‬‬
‫الخاصة والمصلحة َ‬
‫َ‬ ‫الخفية‪ -‬لتحقيق االنسجام بين المصالح‬
‫َ‬ ‫سميث في اليد‬

‫يتمثل هدف الدولة الرئيسي حسب أرسطو في ترقية مواطنيها وبالتالي فواجبها األساسي هو التعليم الذي من شأنه‬
‫تحويل األفراد إلى مواطنين صالحين من خالل رفع مستواهم الثقافي والخلقي وتعليمهم العادات الحسنة‪ ،‬كما قام‬
‫عدة قواعد نذكر منها‪:‬‬
‫بوضع َ‬

‫‪ -‬ميز بين الدولة ( جموع المواطنين ) والحكومة ( من يتولون إصدار األوامر )‪.‬‬

‫ياسية‪.‬‬
‫الس َ‬‫‪ -‬الدستور هو المنظم لجميع وظائف الدولة االقتصادية و َ‬

‫‪ -‬قسم السلطات إلى ثالث سلطات رئيسية (تشريعية وتنفيذية وقضائية)‪ ،‬كما نادى بفصل السلطات‪.‬‬

‫وقام أرسطو بتصنيف الحكومة إلى مجموعة من الحكومات مستندا إلى معيارين أحدهما كمي واآلخر كيفي‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫حسب المعيار الكمي قسم الحكومات إلي حكومات فرد وحكومات قلة وحكومات كثرة‪ ،‬ثم وضع ثالثة معايير‬
‫كيفية للحكم على الحكومات من حيث صالحها وتتمثل في االلتزام بالقانون وتحقيق العدالة واستهداف الصالح‬
‫العام‪ ،‬وطبقا لهذه المعايير صنف الحكومات‪.‬‬

‫فبالنسبة لحكومة الفرد إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة‪ ،‬واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة‬
‫وتعرف بالملكية‪ ،‬أما إذا لم تلتزم بالقوانين‪ ،‬وشاع الظلم في ظل حكمها‪ ،‬واستهدفت مصالح شخصية تكون حكومة‬
‫فاسدة وتعرف بحكومة الطغيان (أو االستبداد)‪.‬‬

‫وبالنسبة لحكومات القلة إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة‪ ،‬واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة‬
‫وتعرف باألرستقراطية‪ ،‬أما إذا لم تلتزم بالقوانين‪ ،‬وشاع الظلم في ظل حكمها‪ ،‬واستهدفت مصالح شخصية تكون‬
‫حكومة فاسدة وتعرف بحكومة األوليجارشية‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬دليل ال َرجل العادي إلى تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬دار الشَروق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،7114 ،‬ص ‪.02-71‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أما حكومات الكثرة إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة‪ ،‬واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة وتعرف‬
‫وَ‬
‫أم ا إذا لم تلتزم بالقوانين‪ ،‬وشاع الظلم في ظل حكمها‪ ،‬واستهدفت مصالح شخصية‬
‫بالديمقراطية (أو الجمهورية)‪َ ،‬‬
‫تكون حكومة فاسدة وتعرف بالديماجوجية (الغوغائية أو الفوضوية)‪.‬‬

‫وأمثل أشكال الحكومات عند أرسطو هي الحكومة الدستورية القائمة على سيادة القانون فهي أفضل من الحكومة‬
‫المطلقة حتى لو قام عليها الفالسفة)‪.(1‬‬

‫سلطة الحاكم الدستوري تخلق عالقة بين الحاكم والمحكوم أسمى من عالقة السيد والعبد‪ ،‬ونادى بإشراك جميع‬
‫أن‬
‫المشرعين‪ ،‬ويرى َ‬
‫َ‬ ‫ألن الحكمة الجماعية للشعب أفضـل من حكمة أعقـل وأفضل‬
‫المواطنين في إصـدار القوانين َ‬
‫ألنه العقل المجرد عن الهوى‪.‬‬
‫القانون يتسم بالموضوعية َ‬

‫أن هذه الحكومة الدستورية تتميز بما يلي)‪:(2‬‬


‫كما َ‬

‫‪ -‬استهداف الصالح العام وليس صالحا فئويا‪.‬‬

‫‪ -‬قامت لهدف أخالقي وهو االرتقاء بمواطنيها‪.‬‬

‫‪ -‬تعتمد على القانون (المستمد من عادات وأعراف الجماعة) ال على أوامر تحكمية‪.‬‬

‫‪ -‬تحفظ كرامة األفراد وتستند إلى قناعتهم ال إجبارهم‪.‬‬

‫‪ -2.1‬أفالطون‪:‬‬

‫الفلسفية‪ ،‬وبوجه خاص في كتاب‬


‫َ‬ ‫فقد تناول أفالطون )‪ 427-058‬ق‪.‬م( بعض المشاكل االقتصادية في كتاباته‬
‫ادية‪،‬‬
‫السياسية( ترجع إلى اعتبارات اقتصـ َ‬
‫َ‬ ‫المدنية‬
‫أن نشأة الدولة ) َ‬ ‫"الجمهورَية" وكتاب "القوانين"‪ .‬ويرى أفـالطون َ‬
‫سياسية حتَى يمكن إشباع هذه الحاجات‪ ،‬وقد جعل‬
‫َ‬ ‫متعددة‪ ،‬والب َـد من اجتماع األفراد في جماعة‬
‫َ‬ ‫فحاجات اإلنسان‬
‫أفالطون للدولة حجم ا أمثل‪ ،‬بحيث يمكن تحقيق إشباع الحاجات على أحسن وجه‪ ،‬كما يمكن إدارتها إدارة رشيدة‪.‬‬

‫مثالية قائمة على تقسيم العمل واالختصاصات والمزايا بين طبقات المجتمع )وان‬
‫ودعا أفالطون إلى إقامة مدينة َ‬
‫اقعية(‪ .‬فالحكم‬
‫المثالية في كتـابه "القوانين" وأخذ بنظرة أكثر و َ‬
‫َ‬ ‫النظرة‬
‫كان أفالطون نفسه قـد عدل فيما بعد عن هذه َ‬
‫النبالء‬
‫خاصة‪ ،‬ويدخل في طائفة الح َكام أيضا َ‬
‫َ‬ ‫يجب أن يترك لطبقة الفالسفة والحكماء‪ ،‬وهؤالء يخضعون لتربية‬
‫اعيين‬
‫الزر َ‬‫اليدويين و َ‬
‫َ‬ ‫العمال‬
‫فتتضمن َ‬
‫َ‬ ‫أما طبقة المحكومين‪،‬‬
‫النبيل والمحاربون لشجاعتهم‪َ ،‬‬
‫النبالء لنسلهم َ‬
‫والمحاربون‪َ :‬‬
‫الص َناع‪.‬‬
‫و َ‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬دليل ال َرجل العادي إلى تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪22‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫الرغبة في‬‫بالنسبة للطَبقة الحاكمة حتَى تتوفَر لديهم َ‬


‫الميراث واألسرة َ‬
‫الخاصة و َ‬
‫َ‬ ‫الملكية‬
‫َ‬ ‫ويدعو أفالطون إلى إلغاء‬
‫الرغبة في توريث األوالد‪،‬‬‫الفردية و َ‬
‫َ‬ ‫كية‬
‫ألن من أسباب انحراف البشر حب المل َ‬‫العامة‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫االستمرار في أداء الخدمة‬
‫ألنهم يهدفون في نشاطهم إلى‬
‫بالنسبة للمزارعين والحر َفيين‪َ ،‬‬
‫الفردية َ‬
‫َ‬ ‫الملكية‬
‫َ‬ ‫أهمية وجود‬
‫َ‬ ‫ولكنه رأى على العكس‬
‫َ‬
‫الصالح العام‪.‬‬
‫الخاصة‪ ،‬وذلك بعكس طبقة الح َكام التَي تهدف فقط إلى تحقيق َ‬
‫َ‬ ‫الربح ومصالحهم‬
‫تحقيق َ‬

‫الرق عند أفالطون عنصر دائم في الحضارة اإلنسانية ال يمكن االستغناء عنه‪ ،‬وأفضل العبيد عنده هم األجانب‬
‫وَ‬
‫فإن أشهر ما عرف على أفالطون في ميدان الفكر االقتصادي كان تحبيذه‬ ‫المستولى عليهم في الحروب‪ ،‬وبوجه عام َ‬
‫بالنسبة لطبقة الح َكام في مدينته المثَالية)‪.(1‬‬
‫يوعية َ‬
‫لفكرة ال َش َ‬

‫الرومان‪:‬‬
‫‪ -2‬دور الدولة عند َ‬

‫أن الرومان لم يقدموا فك ار اقتصاديا يستحق الذكر إال َأنهم قد أثروا في الفكر االقتصادي الالحق‬
‫الرغم من َ‬
‫على َ‬
‫من خالل تنظيماتهم القانونية‪ ،‬ومن خالل التكوين العقلي الذي طبعت به دراسة القانون الروماني عقول الباحثين في‬
‫االقتصاد‪ ،‬ومن األفكار الخاصة التي أثر بها القانون الروماني في الفكر االقتصادي فكرة "القانون الطبيعي" التي‬
‫احتلت مكانة بارزة في الفكر االقتصادي منذ القرن ‪ 77‬وحتى أوائل القرن ‪ ،02‬كذلك يعتبر القانون الروماني بما‬
‫تضمنه من أفكار (حق كل شخص أن يعقد ما يشاء من العقود والصفة المطلقة للملكية الفردية) أحد مصادر المذهب‬
‫الفردي الذي يقوم عليه النظام الرأسمالي)‪.(2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة في العصور الوسطى )سان توماس األكويني(‪.‬‬

‫كان سقوط اإلمبراطورية الرومانية في الغرب والشرق‪ ،‬واإلمبراطورية الفارسية بداية مرحلة العصور الوسطى التي‬
‫شهدت الفكر اإلقطاعي‪.‬‬

‫وتتلخص أهم معالم الفكر االقتصادي نتـاج هذه المرحلة في فكر المدرسين الـذي ازدهر في جـامعات أوروبا‪ ،‬وهي‬
‫جامعات كانت تقوم أساسا على تدريس الالهوت بقصد تكوين رجال الدين‪ ،‬وعلى األخص فكر سان توماس األكويني‬
‫تكمل في‬
‫ويتمثل جوهر فكر المدرسين في محاولة التوفيق بين الدين والفلسفة أي بين اإليمان والعقل‪ ،‬وهي محاولة َ‬
‫الواقع الصورة التي بدأها العصر القديم واستمرت في الفكر اإلسالمي طوال القرن التاسع وتقوم على استخدام المنهج‬
‫االستنباطي في إظهار "دور الدولة" وذلك من خالل "معالجة أوضاع المجتمع اإلقطاعي")‪.(3‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.54‬‬


‫‪2‬‬
‫صحافة والطباعة والنَشر‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪ -‬عرفان الحسني‪ ،‬الدولة و االقتصاد بين االنفصام وال َريادة‪ ،‬جريدة الخليج االقتصادي‪ ،‬دار الخليج لل َ‬
‫‪.0227/28/02‬‬
‫‪ -3‬جوزيف شترار‪ ،‬األصول الوسيطة للدولة الحديثة‪ ،‬ترجمة محمد عيتاني‪ ،‬دار التنوير‪ ،‬ط‪ ،7170 ،7‬ص ‪.12‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثالث‪ :‬دور الدولة في ال َنظام االقتصادي اإلسالمي واالشتراكي‪.‬‬

‫النظام االقتصادي اإلسالمي واالشتراكي قبل التطرق لدور الدولة في الفكر‬ ‫إن التطرق لدور الدولة في َ‬ ‫َ‬
‫االقتصادي الليبرالي‪ ،‬ما هو إالَ مراعاةا للجانب المنهجي وللحفاظ على التركيبة البنيوية لهذا الفصل‪.‬‬

‫أن موضوع الدولة ليس جديدا على الفكر االقتصادي‪ ،‬فقد اختلف هذا الدور بمر العصور‪ ،‬نتيجة لمختلف‬
‫كم َ‬
‫التغيرات التي صاحبت تطور المجتمعات‪ ،‬فجاءت النظريات االقتصادية لتنظم وتعطي الحلول لمختلف األزمات‬
‫االقتصادية وتضفي قواعد وأسس جديدة تتماشى واألوضاع السائدة‪ ،‬والمبحث اآلتي يظهر دور الدولة من الناحية‬
‫النظام االقتصادي اإلسالمي واالشتراكي‪.‬‬
‫النظرية والعملية في َ‬

‫المطلب األول‪ :‬دور الدولة في ال َنظام االقتصادي اإلسالمي‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫الدولة من وجهة نظر الفكر اإلسالمي لها دور مراقب‪ ،‬وموجه‪ ،‬ومسؤوليته تستدعيه أحيان ا إلى درجة التدخل في‬
‫أن تدخل الدولة في الحياة االقتصادية يعتبر من المبادئ المهمة في‬
‫السوق لتعديل ميزان العرض والطلب‪ ،‬كما َ‬
‫االقتصاد اإلسالمي التي تمنحه القوة والقدرة على االستيعاب والشمول‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلطار ال َنظري لدور الدولة في ال َنظام االقتصادي اإلسالمي‪:‬‬

‫لم يكن اإلسالم مجرد عقيدة دينية‪ ،‬إذ أ َنه يمثل نظـام حياة متكامل جاء ليغير حـالة البشرية ولينظم كل شيء‬
‫فيها‪ ،‬فهذا الدين يخلو من أي قصور نظري لمعالجة الجوانب االقتصادية التي هي من الجوانب األساسية في الحياة‬
‫أن عشرات اآليات وآالف األحاديث إلى جانب أكثر من نصف الفقه والتشريع اإلسالمي تناولت‬ ‫االجتماعية‪ ،‬إذ َ‬
‫المعامالت االقتصادية والتجارية والزراعية والصناعية في أحكام البيع والشراء واإلمارة والربا والمزارعة والمساقات‬
‫والشركات واالحتكار وصالت الناس بعضهم ببعض‪.‬‬

‫إن ما يدعو إلى االهتمام بالفكر االقتصادي اإلسالمي ليس تعصبا‪ ،‬بل إ َن الفكر االقتصادي العالمي هو وحده‬
‫َ‬
‫أن هذا الفكر يمثل حلقة مهمة فيه‪ ،‬وا َن عدم االهتمام وانكار هذا‬
‫مترابط الحلقات من حيث التواصل المعرفي‪ ،‬إذ َ‬
‫الفكر يمثل انقطاع ا في تاريخ البشرية وفقدان حلقة مهمة من حلقات الوصل العرفية والفكرية‪ ،‬والذي كان منهالا‬
‫ومنبع ا للكثير من األفكار على مستوى العالم في العصر الحديث‪.‬‬

‫فالدين اإلسالمي يحتوي على مبادئ إسالمية تشمل كل جوانب الحياة اإلنسـانية وليس الجـوانب المادية فقط‪،‬‬
‫ولقد وضع اإلسالم إ طا ار من المبادئ العامة التي يمكن أن يسترشد بها المسلمون في حياتهم اليومية فقد جاء في‬
‫سورة األنعام ( ُقل تَ َعالَوا أَت ُل َما َح َّرَم َرُّب ُكم َعلَي ُكم أَالَّ تُش ِرُكوا بِ ِه َشيئ ا َوبِال َوالِ َدي ِن إِح َسان ا َوالَ تَقتُلُوا أَوالَ َد ُكم ِّمن إمالَق‬
‫ق َذلِ ُكم َوصَّا ُكم‬‫النف َس الَّتِي َح َّرَم اللهُ إِالَّ بِال َح ِّ‬‫ش َما ظَهَ َر ِمنهَا َو َما َبطَ َن َوالَ تَقتُلُوا َّ‬ ‫اح َ‬ ‫َّنحن َنرُزقُ ُكم وِايَّاهم والَ تَقربوا الفَو ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َُ‬ ‫ُ‬
‫ان بِال ِقس ِط الَ‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِه لَعلَّ ُكم تَع ِقلُون{‪ }747‬والَ تَقربوا م َ ِ ِ َّ َّ ِ ِ‬
‫ال ال َيتيم إِال بِالتي ه َي أَح َس ُن َحتَّى َيبلُ َغ أَ ُش َّدهُ َوأَوفُوا ال َكي َل َوالم َيز َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُن َكلِّ ُ‬
‫ون{‪. ) }740‬‬ ‫ان َذا قُرَبى َوبِ َعهد الله أَوفُوا َذل ُكم َوصَّا ُكم بِه لَ َعل ُكم تَ َذ َّك ُر َ‬ ‫ف َنفسا إِال ُوس َعهَا َوِا َذا ُقلتُم فَاعدلُوا َولَو َك َ‬
‫(‪)1‬‬

‫إذ تضمنت هذه اآلية مجموعة من المبادئ وهي ‪:‬‬

‫النهي من اإلشراك باهلل‪.‬‬ ‫‪)7‬‬

‫اإلحسان إلى الوالدين‪.‬‬ ‫‪)0‬‬

‫النهي عن قتل األوالد‪.‬‬ ‫‪)0‬‬

‫النهي عن التقرب من الفواحش‪.‬‬ ‫‪)5‬‬

‫النهي عن قتل النفس إال بالحق‪.‬‬ ‫‪)4‬‬

‫‪ -1‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة األنعام‪ ،‬اآلية ‪.740-747‬‬


‫‪25‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫المحافظة على مال اليتيم وتنميته وتثميره‪.‬‬ ‫‪)9‬‬

‫أيفاء الكيل والميزان‪.‬‬ ‫‪)8‬‬

‫العدل في األقوال واألفعال واألحكام‪.‬‬ ‫‪)7‬‬

‫الوفاء بالعهد‪.‬‬ ‫‪)1‬‬

‫إتباع الصراط المستقيم‪.‬‬ ‫‪)72‬‬

‫أن محاولة التوصل‬


‫أن هذه الوصايا تشكل األسس األخالقية للسلوك القديم في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬كما َ‬‫الشك َ‬
‫إلى نسيج نظري يشتمل على المبادئ االقتصادية التي يمكن االرتكاز عليها لتوجيه النشاط االقتصادي الفردي من‬
‫منظور إسالمي يتطلب االسترشاد بالمبادئ العشرة السابقة مع فهم متعمق للفقه اإلسالمي باإلضافة إلى معرفة‬
‫الفلسفات االقتصادية المختلفة التي تحكم سير المجتمعات المعاصرة‪.‬‬

‫إ َن الخوض في غمار الفكر االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬يعد سبيال ليس من السهولة ارتياده‪ ،‬سيما وأ َن الفكر‬
‫االقتصادي اإلسالمي يمتاز بخصوصية فريدة أل َنه جزء من كل‪ ،‬يتم ارتكازه على الدين اإلسالمي الذي يتسم‬
‫بالشمول والتكامل ويهدف إلى المزج بين القيم المادية والقيم الروحية‪ ،‬التي جاءت في القرآن الكريم والذي يعد‬
‫أن لكل نظام اقتصادي قوانينه الخاصة التي تولد في ضوء‬
‫المصدر األساسي للشريعة اإلسالمية‪ .‬ومن المؤكد َ‬
‫فلسفته‪.‬‬

‫أوالا‪ :‬القوانين األساسية للنظام االقتصادي اإلسالمي‪:‬‬

‫أن الفكر الحق في‬‫يسجل كنقطة افتراق بين النظم االقتصادية الوضعية (الرأسمالية واالشتراكية) هو َ‬
‫مايمكن أن َ‬
‫التطبيق في حين جاء الفكر االقتصادي اإلسالمي سابق ا على وقائعه‪ ،‬ومن جانب آخر فإ َن القوانين الحاكمة للنظام‬
‫االقتصادي لبد أن تشتمل على جانبي اإلنتاج والتوزيع وتنظيم العالقات االجتماعية بين األفراد خالل عملية اإلنتاج‬
‫بناءا على األساس القانوني لعالقات اإلنتاج في المجتمع‪.‬‬

‫وهناك قانونان أساسيان في االقتصاد اإلسالمي هما(‪:)1‬‬

‫األول‪ :‬قانون التسخير‪:‬‬

‫أن مهمة الخلق هي عبادة اهلل‪،‬‬


‫يشكل قانون التسخير مرك از محوري ا في الفكر االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬إذ َ‬
‫ولكي يعبدوا لبد من بيئة مادية تشمل (المأكل والملبس والمسكن) وهي أساسيات الحياة المادية وتمثل الحد‬

‫‪ -1‬عبد هللا عبد الغني‪ ،‬المشكلة االقتصادية في اإلسالم‪ ،‬المكتب الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بال تاريخ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫األدنى لمستوى المعيشة الالزم توفيره لإلنسان‪ ،‬خصوص ا على حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال(‪،)1‬‬
‫ويلزم المجتمع في توفيره حفظ األشياء الخمسة التي يعد النظام االقتصادي اإلسالمي مسؤولية تحقيقها هي‬
‫المسؤولية األولى للقائمين على المجتمع‪.‬‬

‫أن بإمكان‬ ‫ولقد سخر اهلل الكون كله من أرض وسماء وأنهار وبحار لخدمة اإلنسان‪ ،‬وهذا التسخير يعني َ‬
‫اإلنسان اإلفادة من هذه المخلوقات‪ ،‬فسبحانه وتعإلى يقول في محكم كتابه الكريم { َو ُه َو الَِّذي َس َّخ َر ال َبح َر‬
‫ي ِفي ال َبح ِر بِأَم ِرِه َو َس َّخ َر لَ ُك ُم‬ ‫ِ‬
‫ونهَا } { َو َس َّخ َر لَ ُك ُم ال ُفل َك لتَج ِر َ‬
‫(‪)2‬‬
‫لِتَأ ُكلُوا ِمنهُ لَحم ا طَ ِري ا َوتَستَخ ِرُجوا ِمنهُ ِحل َيةا تَل َب ُس َ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وم ُم َس َّخ َرات بِأَم ِرِه إِ َّن في َذل َك َآل َيات لقَوم َيعقلُ َ‬
‫ون‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫األَنهَ َار } { َو َسخ َر لَ ُك ُم اللي َل َوالَّنهَ َار َوالشم َس َوالقَ َم َر َوالُّن ُج ُ‬
‫َن اللَّهَ ُيولِ ُج‬ ‫ور}(‪{)5‬أَلَم تََر أ َّ‬ ‫اكبِهَا َو ُكلُوا ِمن ِّرزِق ِه َوِالَي ِه ُّ‬
‫الن ُش ُ‬
‫}(‪{)4‬هو الَِّذي جع َل لَ ُكم األَرض َذلُوالا فَام ُشوا ِفي م َن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬
‫َن اللهَ بِ َما تَع َملُ َ‬
‫الشمس والقَمر ُكل يج ِري إلى أَجل ُّمس ًّمى وأ َّ َّ‬ ‫النهار ِفي اللَّي ِل و َس َّخر َّ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّي َل ِفي َّ‬
‫ون‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫النهَ ِار َوُيول ُج َّ َ َ‬
‫اط َنةا َو ِم َن‬ ‫اهرةا وب ِ‬ ‫ض وأَسبغَ علَي ُكم نِعمه َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن اللَّه س َّخر لَ ُكم َّما ِفي الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ َ ََ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َّم َاوات َو َما في األَر ِ َ َ َ‬ ‫َخبير} {أَلَم تََروا أ َّ َ َ َ‬
‫(‪)6‬‬
‫َ‬
‫اس َمن ُي َج ِاد ُل ِفي اللَّ ِه بِ َغي ِر ِعلم َوَال ُه ادى َوَال ِكتَاب ُّمنِير}(‪.)7‬‬ ‫الن ِ‬‫َّ‬

‫الثاني‪ :‬قانون االستخالف‪:‬‬

‫مكمالا للقانون األول والذي يتناول موضـوعا من أهم الموضوعات وأخطرها‪ ،‬والذي‬
‫يعد هذا القانون قـانونا َ‬
‫يمثل نقطة االرتكاز في النظم االقتصادية المختلفة‪ ،‬أال وهي الملكية والتي تمثل نقطة الخالف مابين النظم‬
‫المعاصرة فضالا عن َأنها تعد محو ار أساسيا لتطورات نظم اإلنتاج على مر التاريخ‪.‬‬

‫أن الدين اإلسالمي قد‬


‫أن األديان السماوية تقترب بهذا القدر أو ذاك من هذا الجانب‪ ،‬إال َ‬
‫وبالرغم من َ‬
‫أن‬
‫أن اهلل سبحانه وتعالى قد استخلف اإلنسان في األرض‪ ،‬إال َ‬‫أحكم موضوع الملكية في إطار شرعي‪ ،‬إذ َ‬
‫هذا االستخالف ليس مطلقا بل محددا في ظل سلوكه ضمن إطار القواعد التي تحددها الشريعة اإلسالمية‬
‫والدولة اإلسالمية والخليفة واإلمام‪ ،‬وهناك آيات قرآنية كثيرة دلت على موضوع االستخالف نورد منها‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد فاروق النبهان‪ ،‬شرعية تدخل الدولة في الشؤون االقتصادية في نظر اإلسالم‪ ،‬ندوة االقتصاد اإلسالمي في معهد البحوث‬
‫والدراسات العربية‪ ،‬بغداد‪ ،7170 ،‬ص ‪.084‬‬
‫‪ -2‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.75‬‬
‫‪ -3‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة إبراهيم‪ ،‬اآلية ‪.00‬‬
‫‪ -4‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.70‬‬
‫‪ -5‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة الملك‪ ،‬اآلية ‪.74‬‬
‫‪ -6‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة لقمان‪ ،‬اآلية ‪.01‬‬
‫‪ -7‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة لقمان‪ ،‬اآلية ‪.02‬‬
‫‪27‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬
‫(‪)3‬‬
‫ال اللَّ ِه الَِّذي آتَا ُكم }(‪{)2‬اللَّهُ ال َغنِ ُّي َوأَنتُُم الفُقَ َراء}‬
‫وهم ِّمن َّم ِ‬ ‫ِ ِ (‪)1‬‬
‫ين فيه} { َوآتُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{ َوأَنفقُوا م َّما َج َعلَ ُكم ُّمستَخلَف َ‬
‫ف َربِّي قَوم ا‬ ‫ت بِ ِه إِلَي ُكم َوَيستَخلِ ُ‬ ‫{ َواذ ُك ُروا إِذ َج َعلَ ُكم ُخلَفَاء ِمن َبعِد قَوِم ُنوح} {فَِإن تَ َولَّوا فَقَد أَبلَغتُ ُكم َّما أُرِسل ُ‬
‫(‪)4‬‬

‫ونهُ َشيئا إِ َّن َربِّي َعلَ َى ُك ِّل َشيء َح ِفيظ}(‪َ {)5‬واذ ُك ُروا إِذ َج َعلَ ُكم ُخلَفَاء ِمن َبعِد َعاد َوَب َّوأَ ُكم ِفي‬ ‫ض ُّر َ‬
‫َغي َرُكم َوالَ تَ ُ‬
‫ال بيوتا فَاذ ُكروا آالء الل ِه والَ تَعثَوا ِفي األَر ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض تَتَّ ِخ ُذ ِ‬
‫ين }(‪.)6‬‬ ‫ض ُمفسد َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ون ال ِج َب َ ُ ُ‬ ‫ون من ُسهُولِهَا قُ ُ‬
‫صو ار َوتَنحتُ َ‬ ‫َ‬ ‫األَر ِ‬

‫}(‪.)6‬‬

‫إن قانون االستخالف نظَم العالقات االقتصادية واالجتماعية في اإلسالم‪ ،‬دون أن يسمح في حالة‬
‫َ‬
‫االلتزام بمبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬من ظهور الصراعات المجتمعية‪.‬‬

‫وفي اإلسالم ال نستطيع فصل جانب عن جانب‪ ،‬أي ال نستطيع فصل جانب العبادات عن جانب‬
‫المعامالت أو عن جانب األخالقيات‪ ،‬ولذلك ال يجوز ألحد أن ينقص الشؤون السياسية والسلطات من‬
‫تكاليف شرع اهلل وال أن يعزلها عن عبادته‪ ،‬فااللتزام بشرعة اهلل يعني أن نتعبد اهلل في كل ما نعمله في‬
‫الصالة وفي الزكاة والحج وفي السياسة واالقتصاد والثقافة واالجتماع وفي الحرب والسلم‪.‬‬

‫الرساالت والشرائع السابقة عليه بما يتضمنه من اتساق‬


‫إ َن اإلسالم كشريعة ومنهاج يختلف عن غيره من َ‬
‫ولكنه دين يؤسس للسياسة فيضع لها من‬ ‫العالقات والمعامالت بين الناس‪ ،‬فاإلسالم دين وليس سياسة َ‬
‫يمكنها من إقامة المجتمع السياسي على أسس وقواعد تحقق له الوحدة‬
‫المبادئ واألحكام والقيم والمعايير ما َ‬
‫والقوة والعزة والمنعة‪ ،‬وتقيم األخوة والعدل والمساواة بين الناس(‪.)7‬‬

‫يميز الدولة اإلسالمية هو فاعليتها في إقامة العدالة وحماية األفراد والمجتمع وتأمين التوازن‬‫إ َن ما َ‬
‫والكفاية‪ ،‬فمن وظائف الدولة هو توفير العدل وتأمين الكفاية لجميع الناس(‪.)8‬‬

‫والدولة في نظر اإلسالم (هي السلطة المنبثقة عن إرادة األمة والمعبرة عن ضميرها والمدافعة عن‬
‫حقوقها ومصالحها بصدق وأمانه)(‪ ،)9‬هذه السلطة التي أوكلت إليها هذه المهام الجسيمة مطالبة بااللتزام بما‬
‫كلفت من مهام وأهم ذلك هو حماية الحكم الشرعي والسهر على منفذيه لكي يكونوا في موضع احترام‪ ،‬وال‬

‫‪ -1‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة الحديد‪ ،‬اآلية ‪.8‬‬


‫‪ -2‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.00‬‬
‫‪ -3‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة محمد‪ ،‬اآلية ‪.07‬‬
‫‪ -4‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬
‫‪ -5‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة هود‪ ،‬اآلية ‪.48‬‬
‫‪ -6‬المصحف الشريف‪ ،‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.85‬‬
‫‪ -7‬سالم القمودي‪ ،‬اإلسالم والدولة‪ ،‬عرض ‪ :‬إبراهيم غرايبه‪ ،‬جريدة الصباح‪ ،‬العدد ‪ 859‬في ‪ ،0229/7/78‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -8‬حسين علي قاسم االسدي‪ ،‬مبدأ الوسط في المذهب االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة‬
‫بغداد‪ ،7117 ،‬ص ‪.780‬‬
‫‪ -9‬حسين علي قاسم االسدي‪ ،‬نفس المرجع‪.780 ،‬‬
‫‪28‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫يمكن للحكم أن يكـون في موضع احترام المجتمع ما لم تكون هنالك سلطة تسهر على تنفيذه‪ ،‬وتحاسب من‬
‫يخالف ذلك(‪.)1‬‬

‫ومن ذلك يتضح لنا "الدور التدخلي للدولة في نظر اإلسالم"‪ ،‬إذ ال يمكن للدولة أن تنفذ ما أنيط بها من‬
‫مسؤوليات ما لم تكون السلطة مخولة بالتدخل إلجبار الفرد على االمتثال ألحكام النص الشرعي بشكل يجعل‬
‫ذلك النص موضع احترام كل مواطن‪.‬‬

‫ثاني ا‪ :‬مجاالت تدخل الدولة‪:‬‬

‫إ َن الدولة اإلسالمية تتدخل من خالل المجاالت اآلتية(‪:)2‬‬

‫المجال األول‪ :‬مجال التطبيق‪:‬‬

‫يكون شروع الدولة بالتدخل في النشاط االقتصادي لضمان تطبيق أحكام اإلسالم المتصلة بالحياة‬
‫االقتصادية لألفراد‪ ،‬كأن تحول دون تعامل الناس بالربا أو ممارسة االحتكار أو بتطبيق األحكام المتعلقة‬
‫بالضمان االجتماعي والتوازن العام في الحياة االقتصادية وفق ا لمبادئ الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫المجال الثاني‪ :‬مجال التشريع‪:‬‬

‫أن النصوص وكما يقول العلماء متناهية‬


‫مشرع سواه‪ ،‬إالَ َ‬
‫المشرع هو اهلل سبحانه وتعالى وال َ‬
‫َ‬ ‫إ َن‬
‫واألحداث غير متناهية‪ ،‬ولذلك فلبد من معالجة األحداث غير المتناهية على ضوء النصوص المتناهية‬
‫واستنباط األحكام الخاصة بها وهذه هي مهمة المجتهد من العلماء‪.‬‬

‫ثالث ا‪ :‬حدود تدخل الدولة‪:‬‬

‫إ َن درجة تدخل الدولة تضيق وتتسع تبعا لمستوى السلوك الفردي السائد في المجتمع‪ ،‬إضافة إلى الظروف‬
‫االستثنائية التي قد يتعرض لها المجتمع وتهدد كيانه‪ ،‬وقد رفض "ابن خلدون" تدخل الدولة بما يؤثر على‬
‫األسعار سواء بمزاولة التجارة أو بغرض المكوس والجبـاية والتمتـع بمزايا خاصة في مجال التسويق‪ ،‬فهو يدعو‬
‫إلى تحقيق السوق التنافسية الكاملة‪ ،‬وهذه الدعوة هي إحياء لدعوة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) بإيجاد‬
‫الجو المالئم لعمل السوق بحرية في تحديد األسعار لضمان مصلحة البائع والمشتري(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬حسين علي قاسم االسدي‪ ،‬نفس المرجع‪.780 ،‬‬


‫‪ -2‬حسين علي قاسم االسدي‪ ،‬نفس المرجع‪.785 ،‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا عبد الغني‪ ،‬المشكلة االقتصادية في اإلسالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.700‬‬
‫‪29‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫لذا فإ َن حجم التدخل يرتبط بحجم الحاجة‪ ،‬وفي إطار تصحيح المعادلة االجتماعية‪ ،‬فإذا تجاوز هذا التدخل‬
‫حاجة المجتمع فإ َن هذا التجاوز ال يتفق مع الشريعة‪ ،‬واذا ارتبط التدخل بظلم كان ذلك الظلم مخالا باألهداف‬
‫التي أجازت فكرة التدخل من األساس‪ .‬وبذلك يصبح التدخل مطلبا من مطالب المجتمع ومعب ار عن رفض ذلك‬
‫المجتمع للظلم المؤدي إلى االنحراف عن مبادئ الشريعة اإلسالمية(‪.)1‬‬

‫شخص ابن خلدون اآلثار السلبية لتدخل الدولة باالتي(‪:)2‬‬


‫وقد َ‬

‫‪ -‬إ َن تجـارة السلطان مضره بالرعـايا لعدم التكافؤ في مقدرتهم التمويلية وأل َن السلطة قد يساء استخدامها‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى اإلضرار بالتَجار ويتسبب في خسارتهم‪.‬‬

‫‪ -‬إ َن الدولة التي تعرض نفسها كبديل للقطاع الخاص تتسبب في إحباط النشاط الفردي‪.‬‬

‫‪ -‬إ َن السياسة السعرية قد تسبب إساءة تخصيص الموارد‪ ،‬أل َن األسعار تعكس تكاليف اإلنتاج‪ ،‬وتدخل الدولة‬
‫تحكمية يسئ إلى المنتجين ويتسبب في خسارتهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫بأسعار‬

‫رابع ا‪ :‬أهداف تدخل الدولة في الشؤون االقتصادية‪:‬‬

‫الدولة في نظر اإلسالم ال تمارس مسؤولياتها في تقييد الحريات إال عندما تتوفر لها مبررات ذلك التدخل‬
‫والمبررات التي يعترف بها اإلسالم‪ ،‬التي تنطلق من منطلق المصلحة االجتماعية‪ ،‬إذ يسهم هذا التدخل في توفير‬
‫األمن والعدل والتوازن في المجتمع‪ ،‬وهذا التدخل ال يمكن أن يكون مرفوضا من المجتمع لسالمة منطلقه ووضوح‬
‫أهدافه‪ ،‬التي يمكن تحديدها باآلتي(‪:)3‬‬

‫‪ -‬تحقيق التوازن االجتماعي‪:‬‬

‫أن التوازن االجتماعي يعد مطلب ا اجتماعيا وأخالقيا‪ ،‬وذلك أل َن االختالل في التوازن يؤدي إلى إضعاف‬
‫إذ َ‬
‫تماسك المجتمع‪ ،‬وايجاد ثغرات تسهم في انهياره ولكي يكون المجتمع نسيجا متماسكا يجب أن يتحقق التوازن فيه‬
‫بين مختلف القوى بحيث يشعر الجميع بالطمأنينة‪ .‬فالتشريع اإلسالمي قد حرص على تحقيق التوازن‪ ،‬فالزكاة‬
‫تستهدف فتح قناة لألموال بين األغنياء والفقراء عن طريق دفع جزء من أموال األغنياء إلى الفقراء بطريقة متجددة‪،‬‬
‫حرم اإلسالم جميع الطرق االستثمارية التي‬ ‫بحيث تضعف حدة التفاوت بين األغنياء والفقراء‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فقد َ‬
‫تسهم في تنمية الثروة بطريقة تتنافى مع المصلحة االجتماعية‪ ،‬فجاء تحريم الربا واالحتكار واالستغالل‪ ،‬أل َن هذه‬

‫‪ -1‬سالم القمودي‪ ،‬اإلسالم والدولة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪ -2‬سالم القمودي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -3‬حسين علي قاسم االسدي‪ ،‬مبدأ الوسط في المذهب االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.775‬‬
‫‪31‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫األساليب تعمق حدة التفاوت الطبقي‪ ،‬لذا فإ َن التدخل الحكومي الذي يريد تحقيق التوازن االجتماعي هو المباح‬
‫والمطلوب اجتماعيا‪.‬‬

‫‪ -‬حماية االقتصاد الوطني‪:‬‬

‫يجب على الدولة أن تضع القوانين التي تضمن حماية االقتصاد الوطني سواء كانت متعلقة بحماية اإلنتاج‬
‫الوطني وتشجيعه أو حماية العملة المتداولة‪.‬‬

‫‪ -‬منع استغالل األقوياء للضعفاء‪:‬‬

‫من األمور التي تحتَم تدخل الدولة هو حماية الضعيف عندما تصبح مصالحه معرضة لالستغالل‪ ،‬وبما تملكه‬
‫أهمها القانون إذ يجب على‬
‫التدخلية المتعددة‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫من سلطة تفويضية يجب عليها أن تحمي المظلوم وعبر وسائلها‬
‫الدولة أن تضع القوانين التي تضمن العدالة االجتماعية‪ ،‬سواء في األجور واألسعار واألرباح أو في الضرائب أو‬
‫الواجبات المفروضة على أصحاب األموال‪.‬‬

‫‪ -‬الضمان االجتماعي‪:‬‬

‫فرض اإلسالم على الدولة حماية أفراد المجتمع اإلسالمي من الفقر والعوز‪ ،‬فهي ضامنة لمعيشة أفراد المجتمع‬
‫بصورة كاملة‪ ،‬فهي تهيئ له فرصة العمل في النشاط االقتصادي المثمر ليعيش على أساس عمله وجهده‪ ،‬واذا كان‬
‫الفرد عاج از عن العمل وكسب المعيشة بنفسه‪ ،‬أو كانت الدولة في ظرف استثنائي ال يمكن لها أن توفَر له فرصة‬
‫العمل‪ ،‬هنا تقوم الدولة بتطبيق مبدأ الضمان عن طريق تهيئة المال الكافي لسد حاجات الفرد وتوفير حد خاص من‬
‫المعيشة له يدعى بحد الكفاية‪ ،‬والذي يمثل المستوى المعيشي السائد في المجتمع(‪.)1‬‬

‫فالحاكم ليس فقط هو المسئول عن الفقراء‪ ،‬بل هو كاألب على رؤوسهم يسمع حاجاتهم بكل تأن‪ ،‬ويسارع‬
‫إلى تلبيتها‪ ،‬لذا فإ َن إنسانية النظام االقتصادي اإلسالمي تمثل حالة الرقي والرفعة لهذا النظام‪ ،‬والتي يتفرد بها عن‬
‫باقي األنظمة االقتصادية األخرى‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلطار العملي من خالل التدخل غير المباشر والمباشر للدولة‪:‬‬

‫من المبادئ األساسية التي يقوم عليها االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مبدأ التوجيه اإلداري للنشاط االقتصادي‪ ،‬وهذا المبدأ‬
‫مؤسس في أصوله على نظرية التوازن االجتماعي التي يعتمدها اإلسالم أسلوبا وهدفا لتحقيق العدالة االجتماعية‪،‬‬
‫وتوجهه إلرادة الدولة بوصفها الممثل الشرعي للمجتمع‪،‬‬
‫َ‬ ‫وبمقتضى هذا النظر يخضع النشاط االقتصادي في حركته‬
‫أن هذا الخضوع مقيد بتحقيق الغاية الكبرى التي يستهدفها اإلسالم وهي العدالة االجتماعية من خالل فكرة‬
‫غير َ‬
‫التوازن االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -1‬حسين علي قاسم االسدي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.774‬‬


‫‪31‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أن كل األساليب والوسائل التي‬


‫إ َن العدالة االجتماعية هي الغاية الكبرى التي يسعى اإلسالم إلى تحقيقها‪ ،‬كما َ‬
‫من شأنها إدراك هذه الغاية تعتبر من قبيل إدراك المصلحة العامة التي يجب على ولي األمر أو من يمثله العمل‬
‫على تحقيقها وقد منحت الشريعة اإلسالمية لولي األمر سلطات تقديرية واسعة لتمكينه من إدراك العدالة االجتماعية‬
‫المشرع‪ ،‬وتنقسم هذه السلطات إلى نوعين)‪:(1‬‬
‫َ‬ ‫على الوجه الذي رسمه‬

‫‪ -‬سلطات غير مباشرة تنظيمية ورقابية‪ ،‬تبيح لولي األمر التدخل في الحياة االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬سلطات مباشرة إنتاجية وتوجيهية ترمي إلى القيام بمهام اإلنتاج في بعض الفروع اإلنتاجية‪ ،‬وتوجيه اإلنتاج‬
‫في فروع إنتاجية أخرى بالصورة التي تتفق ومصلحة المجتمع‪.‬‬

‫‪ -1.2‬التدخل غير المباشر للدولة)‪:(2‬‬

‫مظاهر التدخل غير المباشر عديدة ومتنوعة‪ ،‬منها ما هو تنظيمي ورقابي ومن ذلك ما يلي‪:‬‬

‫تدخل الدولة لتنظيم العمل ومراقبة ومنع الوسطاء الذين يستمدون كسبهم من جهل الجمهور لثمن السلعة فيحققون‬
‫أرباحا غير مبررة من فروق األسعار‪ ،‬ويبدو تدخل الدولة أيضا في منع االحتكار وتسعيرة السلع التي تقوم حاجة‬
‫جمهور الناس عليها‪ ،‬وقد تقتضي المصلحة العامة إزالة ملكية عقار أو منقول أو إكراه صاحبه على تقديمه‬
‫لالستثمار‪.‬‬

‫وأجهزة التدخل في هذه الميادين التنظيمية والرقابية هي والية الحسبة‪ ،‬ولها موظفون يتولون أمرها في كل قطر‬
‫إسالمي وكذلك القضاء الذي له حق التدخل في العديد من الميادين السابقة وفي حدود اختصاصه‪.‬‬

‫أن‬
‫أن النوع الثاني من التدخل غير المباشر تبدو أهم مظاهره في السياسة المالية للدولة اإلسالمية‪ ،‬والحق َ‬
‫كما َ‬
‫مالية الدولة اإلسالمية احتلت موضعا رئيسيا من االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وظلت إلى زمن بعيد محركا لهذا االقتصاد‬
‫ومصد ار لقوته‪ .‬فقد شرع اإلسالم في تنظيم مالية الدولة أسس ا ومبادئ تجاوزت أحدث النظم الوضعية في الجباية‬
‫واإلنفاق إذ اعتمد مبدأ تعدد الضريبة‪ ،‬ففرض الزكاة كضريبة مستقلة تتناول األموال جميعا النقدية منها والعينية‬
‫كما فرض الخـراج كضريبة على األرض الزراعية والعشـور كضريبة غير مباشرة على الصادرات والواردات‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة إلى اإلنفاق فقد وضعت الشريعة اإلسالمية سياسة إنفاقية هادفة اتسمت بالمرونة والعدالة وم َكنت من خالل‬
‫الممارسات في تطوير المجتمع المسلم واالرتقاء به)‪.(3‬‬

‫فمالية الدولة في االقتصاد اإلسالمي سوف تتناول زاويتين رئيستين‪ :‬زاوية اإليرادات وزاوية اإلنفاق‪:‬‬

‫اإلسالمية‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ -1.1.2‬إيرادات الدولة‬

‫‪ -1‬د‪ .‬سعيد سعد مرطان‪ ،‬مدخل للفكر االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،7179 ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -2‬محمود بن إبراهيم الخطيب‪ ،‬النظام االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬مكتبة الحرمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرياض‪ ،7171 ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -3‬محمود بن إبراهيم الخطيب‪ ،‬النظام االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫لعل أهم ما يمتاز به الفكر اإلسالمي المالي هو االستقاء المباشر من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فقد تضمنت أحكاما‬
‫عامة آمرة تتصل بتنظيم إيرادات الدولة ونفقاتها على نحو ال تعرفه المجتمعات من قبل ونصت منذ البداية على‬
‫فرض ضريبة مباشرة على الدخل وهي الزكاة يلتزم كل مسلم امتلك قد ار محددا من الدخل المالي بأدائها كما نصت‬
‫على الجزية التي يؤديها غير المسلم في مقابل ما تبذله الدولة المسلمة لحمايته وأيضا في نظير إعفائه من أداء‬
‫الزكاة والخدمة العسكرية‪ ،‬وفي نظير حماية الدولة اإلسالمية للبلد الذي يعيش فيه‪ ،‬أما الخراج فقد فرضته الشريعة‬
‫اإلسالمية كضريبة عقارية على األرض الزراعية في األقاليم التي فتحها المسلمون‪.‬‬

‫وفي مجال الضرائب غير المباشرة هناك العشور التي تفرض على الواردات إلى البالد اإلسالمية‪ ،‬والى جانب‬
‫هذه األنواع المختلفة من الضرائب نصت الشريعة اإلسالمية على بعض مصادر اإليرادات العامة األخرى كخمس‬
‫الغنائم وما يعثر عليه من الركاز والمعادن وتـركة من ال وارث لـه ومال اللقطة والمال الذي ال مالك له‪ ،‬وأخي ار كل ما‬
‫أتفق عليه المسلمون‪ ،‬ويجيز الفقه اإلسالمي لألمام أن يفرض من الضرائب الدائمة أو المؤقتة ما تدعو إليه الحاجة‬
‫وتستقيم به أحوال المسلمين)‪.(1‬‬

‫اإلسالمية‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ -2.1.2‬نفقات الدولة‬

‫أن هذه األهمية وهذا التنوع‬


‫تشير الفرائض المالية المتعددة للدولة إلى أهمية موارد الدولة اإلسالمية وتنوعها‪ ،‬كما َ‬
‫يرتبط بالمهام الكبرى التي ألقاها التشريع اإلسالمي على عاتق الدولة في العديد من الميادين‪ ،‬وقد استلزمت هذه‬
‫المهام نفقات كبيرة لتحقيقها‪ ،‬والهدف الذي يرمي اإلسالم إلى إدراكه من هذه النفقات هو تحقيق العدالة التوزيعية‬
‫بوجه خاص والعدالة االجتماعية بوجه عام‪ ،‬ومن هنا استهدفت السياسة المالية للدولة التأثير على اإلنتاج والتأثير‬
‫على التوزيع من خالل سياسة إنفاقية هادفة‪.‬‬

‫فالدولة ال تقتصر وظيفتها على القيام فقط باألعباء التقليدية كإقامة العدل والسهر على األمن الداخلي وتهيئة‬
‫الحماية ضد االعتداء الخارجي كما كان الشأن في الدول الغربية إلى مطلع القرن العشرين‪ ،‬بل تتعدى مسؤولياتها كل‬
‫هذه األعباء لتشمل أعباء جديدة‪ ،‬إذ تقوم بعدد من الوظائف االقتصادية المباشرة وغير المباشرة‪ ،‬وكذلك النفقات‬
‫االجتماعية والتعليمية والصحية والضمان االجتماعي)‪.(2‬‬

‫‪ -2.2‬التدخل المباشر للدولة‪:‬‬

‫قبل أن نحدد المجاالت التي يجوز للدولة التدخل فيها نقول متى تتدخل الدولة اإلسالمية في النشاط االقتصادي‬
‫وما هي حدود ذلك التدخل ؟‪.‬‬

‫تتدخل الدولة في النشاط االقتصادي في عدة حاالت)‪:(3‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد القادر عفر‪ ،‬النظام االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬دار المجمع العالي‪ ،‬جدَة‪ ،7171 ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ -2‬محمود بن إبراهيم الخطيب‪ ،‬من مبادئ االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،7171 ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬شوقي أحمد دنيا‪ ،‬النظرية االقتصادية في منظور إسالمي‪ ،‬مكتبة الخريجي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرياض‪ ،7171 ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪33‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫يقصرون فيه أو معرضون عنه‪،‬‬


‫أن األفراد عـاجزين عن القيام بالنشاط االقتصادي أو َ‬‫‪ -‬تدخل الدولة إذا ثبت َ‬
‫كمد السكك الحديدية أو إقامة الصناعات الثقيلة‪ ،‬وكل ما تتعلق به حاجة الناس من الصناعات والمهن‪ ،‬كما‬
‫أ َن للدولة عند الضرورة حق إجبار من يحسن ذلك إن امتنع عن القيام به‪.‬‬

‫‪ -‬إذا انحرف النشاط االقتصادي عن األصول الشرعية أو أضر بالصالح العام للمجتمع كإنتاج الخمور واقامة‬
‫المؤسسات والبنوك الربوية‪.‬‬

‫‪ -‬إذا أرادت الدولة أن تحقق قد ار من التنمية االقتصادية لرفع مستوى المعيشة والرفاه العام ألفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬في الحاالت االستثنائية كالحروب والمجاعات‪.‬‬

‫من هنا نرى تدخل الدولة له بعد اقتصادي‪ ،‬فالتدخل ليس مصادرة أو منافسة األفراد‪ ،‬وا َنما من أجل المصالح‬
‫العامة دون مساس بحقوق األفراد الشرعية‪ ،‬إالَ إذا تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة الجماعة وحتى يكون تدخل‬
‫الدولة مشروعا فقد وضع ال َشرع الضمانات الكافية التي تكفل عدم تجاوز التدخل ألهدافه المشروعة‪ ،‬ومن أهم هذه‬
‫األمة‪ ،‬وعدالة الحكم‪ ،‬وخضوع الدولة ألحكام‬
‫الضمانات‪ :‬شرعية الحاكم وهي عقد البيعة الذي يبرم بين الحاكم و َ‬
‫الشريعة اإلسالمية خضوعا مطلقا ال استثناء فيه)‪.(1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة في ال َنظام االشتراكي‪.‬‬

‫أن دور الدولة يكون من خالل تحقيق العدالة والمساواة بين األفراد في المجتمع‬
‫النظام االشتراكي َ‬
‫يرى أنصار َ‬
‫المبنية عـلى استغالل اإلنسان لإلنسـان‪ ،‬فتدخل الدولة يشمـل جميع الميادين االجتماعية‪،‬‬
‫َ‬ ‫والقضـاء على الطبقية‬
‫الثقافية واالقتصادية ويتم من خالل الملكية الجماعية لوسائل اإلنتاج واالعتماد على أسلوب التخطيط والتوزيع العادل‬
‫للدخل الوطني‪ ،‬فالدولة في المذهب االشتراكي هي دولة متدخلة لها وظيفة أساسية هي تحقيق العدالة والمساواة بين‬
‫األفراد‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلطار ال َنظري لدور الدولة في ال َنظام االشتراكي‪:‬‬

‫ولكنها مع ذلك تمثل نظام ا قائم ا بذاته له أسسه‬


‫تعد االشتراكية حركة اجتماعية موجهة ضد النظام الرأسمالي‪َ ،‬‬
‫السمة الغالبة فيه هي الملكية العامة لوسائل اإلنتاج‪ ،‬مع دور أساسي للدولة والباعث هو المصلحة‬
‫النظرية والفلسفية و َ‬
‫العامة وليس المصلحة الذاتية‪.‬‬

‫أن الدولة لم تكن موجودة منذ األزل‪ ،‬فهناك مجتمعات تدبرت أمرها‪ ،‬دون أن يكون لها َأية‬
‫ويذهب ماركس إلى َ‬
‫فكرة عن شيء اسمه دولة أو سلطة الدولة‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عدنان خالد التركماني‪ ،‬المذهب االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬مكتبة السوادي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،7112 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪34‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫إ َن المجتمعات البدائية بتنظيمها األسري بكل ما فيها من بساطة ال يوجد فيها جند وال شرطة بدون نبالء أو والَة‬
‫وال قضاة لم تعرف السجون والمعتقالت‪ ،‬كل شيء يجري في مساره المنتظم‪ ،‬الخصومات والمشاجرات كلها تحسم من‬
‫قبل الجماعة (األسرة أو العشيرة وليست فيها فقراء أو محتاجون فالجميع متساوون وال مكان بعد للعبيد)(‪.)1‬‬

‫وعندما بلغ التطور االقتصادي إلى درجة اقترنت بانقسام المجتمع إلى طبقات‪ ،‬أصبحت الدولة بحكم هذا االنقسام‬
‫أمر الزم ا وهذه التطورات التي نشأت داخل المجتمع األسري القديم‪َ ،‬أدت في النهاية إلى سقوطه‪.‬‬
‫اا‬

‫ولتجاوز الطبقية في المجتمع‪ ،‬استلزم وجود قوة من المجتمع‪ ،‬وفي هذا الصدد يذكر ماركس (إ َن العنف ميزة كل‬
‫مجتمع قديم‪...‬إ َن العنف هو ذاته قوة اقتصادية)(‪.)2‬‬

‫الدولة إ ذن من وجهة نظر ماركس ولدت وسط المنازعات الطبقية‪ ،‬دولة الطبقة األكثر قدرة‪ ،‬دولة الطبقة المسيطرة‬
‫اقتصاديا‪ ،‬والتي تصبح بفعل ذلك مسيطرة سياسيا وتحصل بذلك على وسائل جديدة للقهر واستثمار الطبقة‬
‫المضطهدة‪ ،‬فالدولة القديمة كانت دولة مالكي العبيد ألجل قهر العبيد‪ ،‬والدولة الوسيطة (اإلقطاعية) أداة النبالء لقهر‬
‫بالسخرة‪ ،‬ومثلها الدولة الحديثة ذات الصفة التمثيلية هي أداة استثمار العمل المأجور من‬
‫الفالحين واألقنان والعاملين َ‬
‫قبل رأس المال‪ ،‬ويجـري ترتيب الحقوق الممنـوحة للمواطنين وفق مستويات مختلفة وحسب الثروة‪ ،‬وهكذا كانت الدولة‬
‫كمنظمة للطبقة المالكة ضد الطبقة غير المالكة‪ ،‬أي أ َنها باألحرى نتاج المجتمع عند درجة معينة من تطوره(‪.)3‬‬
‫فالدولة جهاز إكراه في يد طبقة لقهر طبقة أخرى‪ ،‬وهو في النظام الرأسمالي أداة بيد البرجوازية تكره به طبقة‬
‫البروليتاريا بغض النظر عن شكل الحكم القائم سواء في ظل جمهورية ديمقراطية أم في ظل نظام ملكي(‪.)4‬‬

‫إ َن نبذ الماركسية للدولة وبناء تصور فلسفي بشأنها في ظل المجتمع االشتراكي يأتي من الرفض الكامل للدولة‬
‫باعتبارها في أحسن األحوال ش ار موروث ا البد من إزالته‪ ،‬لذا يرد التساؤل‪ ،‬ما هو مضمون وشكل التحول الذي سيصيب‬
‫الدولة على صعيد الممارسة الفعلية؟‪.‬‬

‫بأنه في ظل سيطرة المجتمع الواعي وتنظيمه لالقتصاد والمجتمع فإ َن‬


‫تتلخص الرؤية الماركسية في هذا الجانب‪َ ،‬‬
‫البناء الطبقي سيذوب وتذوب الدولة باعتبارها جهاز قمع في مجتمع قائم على االستغالل‪ ،‬وهنا تحل دكتاتورية‬
‫البروليتاريا محل حكومة األشخاص إلدارة اإلنتاج والمجتمع‪ ،‬وتضع حدا لكل الفوارق الطبقية والعداء الطبقي ومن ثم‬
‫تضع حدا للدولة‪ ،‬وأجهزتها األخرى التي ال يمارس أفرادها مهمة أخرى غير سلطة القمع من جيش وشرطة وموظفين‬
‫وبيروقراطيتها المتطفلة على المجتمع والمتعالية عليه‪.‬‬

‫‪ -1‬فردريك انجلز‪ ،‬نصوص مختارة‪ ،‬ترجمة وصفي ابني‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة السورية‪ ،‬دمشق‪ ،7180 ،‬ص ‪.027‬‬
‫‪ -2‬كارل ماركس‪ ،‬رأس المال‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد عيتاني‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،7177 ،‬ص ‪.771‬‬
‫‪ -3‬ولتر ستيس‪ ،‬فلسفة هيجل‪ ،‬ترجمة إمام عبد الغني‪ ،‬دار التنوير‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ ،7170 ،‬ص ‪.700‬‬
‫‪ -4‬لينين‪ ،‬الدولة في الماركسية‪ ،‬ترجمة فخري لبيب‪ ،‬دار الثقافة الجديدة‪ ،‬القاهرة‪ ،7175 ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫لذا فإ َن الخطوة األولى للثورة العالمية‪ ،‬هي وضع الطبقة العاملة موضع الطبقة الحاكمة وتكون كل وسائل اإلنتاج‬
‫في يد دولة البروليتاريا المنظمة كطبقة حاكمة(‪.)1‬‬

‫أن البروليتـاريا تستولي عـلى السلطة وتخلق المجتمع الالطبقي مستخـدمةا الدولة في صراعها‪ ،‬إلخضاع‬
‫وهـذا يعني َ‬
‫خصومها بالقوة(‪)2‬وهي ال تستخدمها لغاية الحصول على الحرَية‪ ،‬أل َنه طالما يصبح الحديث عن الحرية ممكن‪ ،‬فإ َن‬
‫الدولـة ستختفي‪ ،‬لذلك فهي تبرز في المرحلة األولى من االشـتراكية في المجاالت اآلتية(‪:)3‬‬

‫إ َنها مؤسسة مؤقتة وهي ضرورية في صراع الطريقة العاملة‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪ -‬هنالك حاجة للدولة ال من اجل الحرية بل من اجل قمع الخصوم‪.‬‬

‫ج‪ -‬إ َنها يمكن أن تتحلل من تلقاء نفسها‪.‬‬

‫لذا فإ َن مرحلة اضمحالل الدولة سوف يتم تدريجيا عبر مرحلة الطور األول للشيوعية‪ ،‬من خالل اكتمال‬
‫الديمقراطية شيئا فشيئا بتدريب الشعب على إدارة نفسه بنفسه‪ ،‬بحيث يستغني عن جهاز القمع‪ ،‬وبمقدار ما تتعمق‬
‫الديمقراطية فإ َن الدولة تتجه نحو االضمحالل وخالل هذه المرحلة يصبح العمل الضرورة األولى للحياة‪ ،‬ويرافقه تطور‬
‫للقوى المنتجة وتتعمق ظاهرة التخصص‪ ،‬عند ذلك تزول فوضى اإلنتاج االجتماعي ومعها تزول سلطة الدولة‬
‫السياسية ويصبح الناس في أخر األمر أسياد كيانهم االجتماعي وأسياد أنفسهم‪.‬‬

‫ووفقا للتحليل الماركسي كان لبد أن تحصل الثورة االشتراكية في أكثر البلدان الرأسمالية تقدما تحت تأثير‬
‫التعقيدات في األساس االقتصادي‪ ،‬لكن الذي حصل هو خالف ما توقعه ماركس‪ ،‬فروسيا والبلدان االشتراكية األخرى‬
‫بلدان زراعية وقيام االشتراكية فيها جاء بسبب اإلرادة السياسية وليس العتبار األساس االقتصادي(‪.)4‬‬

‫بأن الدولة باستطاعتها بما تمتلك من وسائل أن‬


‫وتقوم فلسفة التخطيط االقتصادي االشت اركي على أساس اإليمان َ‬
‫تمارس دو ار هام ا في معدل النمو االقتصادي واتجاهات التنمية االقتصادية في البالد‪ ،‬أي هو العمل الذي تقوم به‬
‫الدولة من خالل السعي إلى حصر كافة الموارد المادية والبشرية واستخدامها بشكل كفء من اجل تحقيق األهداف‬
‫المرسومة(‪.)5‬‬

‫أما أسلوب اإلنتاج في النظام االشتراكي فيقوم على عنصرين أساسيين هما ‪:‬‬

‫أ‪ -‬قوى اإلنتـاج ‪.Forces of Production‬‬

‫‪ -1‬لينين‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫‪ -2‬جوزيف شومبيتر‪ ،‬عشرة اقتصاديين عظام‪ ،‬ترجمة راشد البراوي‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬ط‪ ،7197 ،7‬ص ‪.722‬‬
‫‪ -3‬ماركس – انجلز‪ ،‬في االستعمار‪ ،‬دار التقدم‪ ،‬موسكو‪ ،7187 ،‬ص ‪.740‬‬
‫‪ -4‬عبد الجبار أحمد عبيد السبهاني‪ ،‬الوجيز في الفكر االقتصادي الوضعي واإلسالمي‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬ط‪ ،7‬عمان‪ ،‬األردن‪،0222 ،‬‬
‫ص ‪.724‬‬
‫‪ -5‬جمال داود سلمان وطاهر فاضل حسون‪ ،‬التخطيط االقتصادي‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬الموصل‪ ،7171 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪ -‬عالقات اإلنتاج ‪.Relation of Production‬‬

‫وا َن تطور أسلوب اإلنتاج يتم ابتدءا بتغير وتطور قوى اإلنتاج‪ ،‬وكل درجة من درجات تطور قوى اإلنتاج يجب‬
‫أن يقابلها بالضرورة درجة معينة من درجات نمو عالقات اإلنتاج‪.‬‬

‫أن االشتراكية كنظام فلسفي ال تزال قائمة‪ ،‬كما‬


‫ومع انهيار التجربة االشتراكية في االتحـاد السوفيتي السـابق‪ ،‬إالَ َ‬
‫أن هنالك دول ال تزال متمسكة بالنهج االشتراكي في فلسفتها االقتصادية‪ ،‬فالتجارب واألنظمة تنهار لكن الفلسفات‬ ‫َ‬
‫باقية‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلطار العملي من خالل التخطيط واإلعداد للمستقبل‪:‬‬

‫ثم وجب اإلعداد والترتيب من‬


‫مسؤولية اإلنسان الكبرى ومن َ‬
‫َ‬ ‫أهمية كبيرة‪ ،‬وتمثَل‬
‫تعتبر صناعة المستقبل ذات َ‬
‫للنظم االشتراكية‪ ،‬والَتي أسندت نظامها إلى فكرة التخطيط المركزي‪ ،‬هذا في‬
‫أجله‪ ،‬كما حدث هناك فشل وانهيار َ‬
‫النمو‪ ،‬فكيف يمكن اإلعداد للمستقبل إذا كانت نظم التخطيط‬
‫السوق ورغم مشاكلها في َ‬‫استمرت فيه نظم َ‬
‫َ‬ ‫الوقت الذي‬
‫المركزي قد أثبتت فشلها‪ ،‬وهل هناك من وسيلة لإلعداد والترتيب للمستقبل بغير التخطيط؟‪.‬‬

‫فإن وسائل وأساليب هذا اإلعداد أو التخطيط يمكن‬


‫أن اإلعداد للمستقبل هو نوع من التخطيط ومع ذلك َ‬
‫ال شك َ‬
‫بالمرة بل قد يمثل عقبة أو عثرة في‬
‫أن تختلف‪ ،‬وقد يصلح بعضها للغرض المنشود‪ ،‬في حين قد ال يكون صالحا َ‬
‫التقدم‪.‬‬
‫سبيل َ‬

‫يخية وقد أثبت هذا المفهوم فشله‪ ،‬وقد ارتبط تعبير‬


‫محددا في ضوء التَجارب التار َ‬
‫اكتسب لفظ "التخطيط" مفهوما َ‬
‫محددتين‪ ،‬إحداهما في ظل المذهب االشتراكي في ألمانيا خالل الفترة بين الحربين‬‫التخطيط بتجربتين تاريخيتين َ‬
‫األولى والثانية‪ ،‬والتَجربة األخرى في الدول االشتراكية سواء في اإلتَحاد السوفيتي منذ ‪ ،7101‬أو في أوروبا ال َشرقية‬
‫بعد الحرب العالمية الثَانية‪ ،‬ومن خالل هاتين التجربتين‪ ،‬فقد تعبير "التخطيط المركزي" بريقه وارتبط في األذهان‬
‫تم‬
‫الحرية الفردية وانهيار الكفاية وفقدان اإلبداع وشيوع الفساد‪ ،‬وذلك رغم ما َ‬
‫بتسليط أجهزة أو الحزب والقضاء على َ‬
‫تم تحقيقه من إنجازات في مجاالت التَعليم والخدمات‬ ‫فإن ما َ‬‫من صناعات ضخمة واستثمارات هائلة‪ ،‬كذلك َ‬
‫النهاية فقد وجد المواطن نفسه في‬
‫تضحيات وأعباء‪ ،‬وفي َ‬
‫َ‬ ‫تحملته األجيال المتعاقبة من‬
‫االجتماعية ال يكاد يوازي ما َ‬
‫أن‬
‫فاهية م َمن هو في دول أخرى ال تأخذ بنظام التخطيط المركزي‪ ،‬وسوف نرى َ‬
‫ظروف معيشية أو في مستوى أقل ر َ‬
‫مما هي بتوجيهه التخطيطي أو المستقبلي)‪.(1‬‬
‫مشاكل التخطيط المركزي َإنما ترتبط بطبيعته المركزَية أكثر َ‬

‫فال يرجع فشل نظم التخطيط المركزي إلى َأنها حاولت اإلعداد والترتيب للمستقبل‪ ،‬بقدر ما يرجع إلى أ َنها كانت‬
‫التطور‪ ،‬بحيث أصبح التخطيط‬‫َ‬ ‫ي اًا استند إلى أفكار وفروض غير صحيحة عن طبيعة المجتمع وشكل‬ ‫أسلوبا مركز َ‬
‫التطور وتفجي ار للقدرات‪ ،‬فقد كان تبديدا لتلك‬
‫َ‬ ‫قيدا على المستقبل وسجنا له‪ ،‬وبدل أن يصبح التخطيط إطالقا لقوى‬

‫‪ -1‬طالب عبد صالح‪ ،‬دور الدولة االقتصادي مع التَركيـز على التَجـربة المصرية ) ‪ ،( 7115 – 7140‬أطروحـة دكتوراه غيـر‬
‫منشـورة‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬كليَة اإلدارة واالقتصاد‪ ،7117 ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪37‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫شمولية وجدت في التخطيط المركزي تدعيما‬


‫َ‬ ‫سياسية‬
‫َ‬ ‫القوى‪ ،‬واهدا ار لهذه القدرات‪ ،‬وقد ساعدت ذلك وارتبطت به نظم‬
‫لمركزها أكثر منه وسيلة لإلعداد للمستقبل والترتيب له)‪.(1‬‬

‫صحتها‪ ،‬نظرتها إلى طبيعة المعلومات‬


‫ومن أهم الفروض والَتي كانت وراء التخطيط المركزي والتي ثبت عدم َ‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬
‫التطور االجتماعي من َ‬
‫َ‬ ‫ناحية‪ ،‬وفهمها لقوى‬
‫وراء الق اررات االقتصادية من َ‬

‫وصحة المعلومات‬
‫َ‬ ‫فإنه من الطَبيعي أن تتوقَف سالمة القرار االقتصادي على حجم‬
‫فأما من حيث المعلومات‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫مما قد‬
‫المتوفَرة لدى متخذ القرار‪ ،‬وكان االعتقاد َأنه تتوفَر لدى المخطط المركزي قاعدة بيانات أكثر دقَة وشموال َ‬
‫أن المعلومات التي‬
‫أن هذا الفرض غير صحيح‪ ،‬و َ‬ ‫المشرع‪ ،‬وبالَتالي تصبح ق ارراته أكثر رشدا‪ ،‬وقد ثبت َ‬
‫َ‬ ‫يتوفَر للفرد أو‬
‫توضع تحت نظر المخطط المركزي تكون عادة أقل دقَة وكثي ار ما تكون غير صحيحة و َأنها دائما أكثر تكلفة‪ ،‬فمتَخذ‬
‫فإنه يكتفي عادة‬
‫تقدم له كل التفصيالت ولذلك َ‬ ‫القرار المركزي يكون عادة سلطة مركزية عليا وبالَتالي ال يمكن أن َ‬
‫إجمالية أو متوسطات إحصائية‪ ،‬وعند االنتقال من البيانات التفصيلية إلى المتوسطات أو البيانات‬
‫َ‬ ‫بمعلومات‬
‫عمليات‬
‫َ‬ ‫فإننا نفقد جزءا كبي ار من صحة البيانات ودقَتها‪ ،‬وكم من فكرة َبراقة أو مشروع حيوي سقط في‬
‫اإلجمالية َ‬
‫السلطة‬
‫تجميع البيانات أو اختصارها أو استخالص المتوسطات وبالَتالي لم تتح له أصال فرصة العرض على َ‬
‫المركزَية)‪.(2‬‬

‫فإن تجميع البيانات وحصرها وتنسيقها ثم‬ ‫وكلَما أوغلنا في المركزَية والتصعيد كلَما ابتعدنا عن الحقائق‪ ،‬وكذا َ‬
‫عملية طويلة ومعقَدة تستغرق أوقاتا ليست قصيرة وبالَتالي كثي ار ما تفقد‬
‫َ‬ ‫اختصارها واستخالص مؤ َشرات موجزة عنها‬
‫سالمتها وحداثتها نتيجة التغيير المستمر في األوضاع‪.‬‬

‫فإنه من غير المستغرب أن تصبح العديد من هذه البيانات بالية وقديمة تجاوزتها األحداث عندما توضع‬
‫وبالتَالي َ‬
‫أن الذي يقوم بتجميع هذه البيانات وتصويبها وتحديثها موظفا عام ال‬ ‫أمام المخطط المركزي‪ ،‬فإذا أضفنا إلى ذلك َ‬
‫فإنه‬
‫صحة البيانات وال يتوفَـر لديه دافع على االجتهاد للكشف عما استج َـد‪ ،‬ولذلك َ‬
‫تحركه بواعـث ذاتية للتحقَق مـن َ‬
‫النقص‬‫للزيادة أو َ‬
‫كثي ار ما يعمد إلى مجرد تسجيل ما يرد إليه من بيانات أو أرقاما أو قد تضاف إليه معدال أو نسبة َ‬
‫ذاتية البيان أو المعلومة‪ ،‬فتضيع‬
‫بشكل ميكانيكي‪ ،‬وقد تكون التعريفات أو التقسيمات اإلحصائية غير مناسبة إلبراز َ‬
‫أهميتها نتيجة لألسلوب اإلداري في تجميع البيانات‪.‬‬
‫الجدوة منها وال تظهر َ‬

‫فإنه كثي ار ما كانت البيانات المتاحة أمام المخطَط المركزي بعيدة عن الواقع‪ ،‬إن لم تكون غير صحيحة‬
‫وهكذا َ‬
‫ومحرفة للمعطيات الصحيحة)‪.(3‬‬
‫َ‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.87‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Frederic Teulon, Le rôle de L'état Dans L'économie, Seuil, Paris, 1997, p 58.‬‬
‫‪ -3‬طالب عبد صالح‪ ،‬دور الدولة االقتصادي مع التَركيز على التَجربة المصرية ) ‪ ،( 7115 – 7140‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫عملية تجميع البيانات وتبويبها واختصارها تتطلَب أعدادا هائلة من اإلدارات والموظَفين ال تلبث أن‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫وأخي ار َ‬
‫توسعا في أجهزة‬
‫تنعكس في تكلفة باهظة على المجتمع‪ ،‬ولذلك لم يكن غريبا أن عرفت معظم دول التخطيط المركزي َ‬
‫تحسنا ملموسا في سالمة الخطط‪.‬‬
‫التخطيط دون أن يصاحب ذلك َ‬

‫أن استمرار نمو العاملين وأجهزتهم في تحضير البيانات‬


‫ططين السوفييت في التسعينيات َ‬ ‫وقد الحظ أحد المخ َ‬
‫الالَزمة قد يستغرق معظم العمالة في نهاية القرن‪ ،‬وبذلك نجد أن الفرض األول الذي قام عليه التخطيط المركزي وهو‬
‫التقدم وتعقَد‬
‫وتصورات المخطط فرض ال يتحقَق في الواقع‪ ،‬وكلَما زاد َ‬
‫َ‬ ‫صحة وشمول البيانات الَتي تعتمد عليها ق اررات‬
‫َ‬
‫السلع وتنوعها‪ ،‬كلَما زادت الصعوبة في توفير البيانات‬
‫وتطور أساليب اإلنتاج وأشكال َ‬ ‫َ‬ ‫المجتمع وازداد تنوع‬
‫بكل التفاصيل‪،‬‬
‫السليمة والمناسبة أمام المخطَط المركزي‪ ،‬إذا روعي حدود قدرته اإلنسانية على اإلحاطة َ‬
‫والمعلومات َ‬
‫األول واألساسي لإلعداد للمستقبل والمتعلَق بالمعلومات‪ ،‬وهو المعرفة‬
‫وهكذا افتقد التخطيط المركزي العنصر َ‬
‫الصحيحة لظروف الواقع واحتماالت وامكانات التغيير‪.‬‬

‫فإن اخطر ما أصاب أسلوب التخطيط المركزي َإنما يرجع إلى ما يستند إليه‬
‫واذا تركنا قضية المعلومات جانبا‪َ ،‬‬
‫التطور االجتماعي‪.‬‬
‫َ‬ ‫من نظرة خاصة للمجتمعات البشرَية وما ينطوي عليه ذلك من تجاهل لطبيعة‬

‫أن المخطط يقوم بوضع تصور‬‫فالتخطيط المركزي يقوم في أساسه على نوع من الهندسة االجتماعية‪ ،‬بمعنى َ‬
‫مبدئي ‪ Blue Print‬لما ينبغي أن تكون عليه األهداف النهائية للمجتمع‪ ،‬بما توفَر لديه من بيانات ومعلومات عن‬
‫طط أن يفرض هذا التصور على المجتمع بما أتيح له من عناصر سيطرة على‬
‫اإلمكانيات المتاحة‪ ،‬ويحاول المخ َ‬
‫مسبق لديه‪.‬‬
‫االقتصاد‪ ،‬تماما كما يفعل المهندس عندما يقوم بتصميم آلة وفقا لتصور َ‬

‫وهكذا يكاد يعامل المخطَط المجتمع كما لو كان كيانا ميكانيكيا متجاهال ما يتمتَع به هذا المجتمع من إمكانات‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬وباإلضافة إلى ما في هذا‬
‫أي تصور من َ‬ ‫ناحية‪ ،‬وردود الفعل الَتي قد تؤدي إلى فشل َ‬
‫للتطور من َ‬‫َ‬ ‫ذاتية‬
‫تصورات تأخذ في االعتبار كل اإلمكانات والطاقة‬
‫َ‬ ‫طط المركزي لوضع‬ ‫المفهوم من إدعاء بالثَقة في قدرات المخ َ‬
‫يؤدي على‬‫ناحية‪ ،‬فضال عن َأنه قد َ‬
‫فإنه يحرم المجتمع من قدراته والَتي قد تفتح آفاقا غير متوقعة من َ‬ ‫المتاحة‪َ ،‬‬
‫تصوراته المبدئية من ناحية أخرى‪ ،‬وال يقتصر‬
‫َ‬ ‫العكس إلى ظهور ردود أفعال وأنماط جديدة غير متوقَعة قد تفشل‬
‫األمر على المبالغة في الثَقة من قدرة وحكمة القائمين على التخطيط المركزي‪ ،‬بل َإنه كثي ار ما يتجاهل الطَبيعة‬
‫العامة‪ ،‬في حين َأنهم في كثير من األحوال يعملون لصالحهم‬ ‫َ‬ ‫بأنهم يمثلون المصلحة‬
‫البشرَية للموظَفين اعتقادا َ‬
‫الخاص ومزاياهم المباشرة‪.‬‬

‫طة وهي تعرف عادة قد ار من االستقرار والجمود‪ ،‬تحول دون التعديل المستمر والتلقائي عند قيام‬ ‫فإن الخ َ‬
‫وأخي ار َ‬
‫يتجنب احتماالت الفقد والضياع‬
‫َ‬ ‫بأن التخطيط المركزي وهو ينظَم المستقبل‬‫ظروف غير متوقعة‪ ،‬وكثي ار ما قيل َ‬
‫بالضبط يعجز نظام التخطيط المركزي في توفير وسيلة للمرونة والمقدرة على التالؤم‪،‬‬
‫َ‬ ‫والخطأ‪ ،‬والحقيقة َأنه هنا‬
‫ترددا أو ترف ا‪ ،‬بل‬
‫فتجاهل "التجربة والخطأ" ليست ميزة في التخطيط بقدر ما هي عيب فيه‪ ،‬التَجربة والخطأ ليست َ‬

‫‪39‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫النظر فـي ضوء‬


‫هي األسلوب المناسب ورَبما الوحيد الذي يسمح بالتَعديل المستمر في األنشطة والتوجيهات واعادة َ‬
‫فإنه قد حرم نفسه‬
‫المتغيرة‪ ،‬وعنـدما تجاهل التخطيط المـركزي استخدام مؤ َشرات "التجربة والخطأ" َ‬
‫المتجددة و َ‬
‫َ‬ ‫الظروف‬
‫من القدرة على التالؤم والتَعديل‪ ،‬وبالَتالي الوقوع في الجمود)‪.(1‬‬

‫أن التخطيط المركزي لم يكن دائما إعدادا للمستقبل بقدر ما هو حصر له في إطار محدود من‬‫وهكذا نجد َ‬
‫محددة وهي لحظة إعداد الخطَة‪،‬‬
‫السلطة المركزَية في ضوء ما أتيح لهم من بيانات في لحظة َ‬
‫تصورات القائمين على َ‬
‫َ‬
‫فإن فشل التخطيط المركزي في اإلعداد للمستقبل ال‬ ‫وهذا ليس انفتاحا على المستقبل بقدر ما هو رهن له‪ ،‬ومع ذلك َ‬
‫النظر إلى المستقبل واإلعداد والتدبير له‪ ،‬وهو أمر يتطلب جهود األفراد والدولة‬
‫مبر ار لتجاهل ضرورة َ‬
‫ينبغي أن يكون َ‬
‫أن نظاما متوازنـا مع تواجد الوعـي والقدرة مـن الدولة يمكن أن يحقق الكثير‪ ،‬األمر الذي يتطلب مناقشة‬
‫معا ويبدوا َ‬
‫السوق معا"‪.‬‬
‫لـ"دورة الدولة و َ‬

‫المبحث الرابع‪ :‬دور الدولة في الفكر الليبرالي‪.‬‬


‫إن التحول في النظام اإلقطاعي وتحقيق الثورة الصناعية َأدت بالحاجة إلى المواد الخام واألسـواق وحريـة انتقـال‬
‫َ‬
‫البضائع ورؤوس األموال‪ ،‬وكان ذلك كله يسـتدعي تـوفر الحريـة الفرديـة فـي تلـك المرحلـة التـي اتسـمت بصـعود الطبقـة‬
‫الوسطى‪ ،‬وكانت الحـاجة إلى حرية االمتالك والربح بعيدا عن أي تدخل من أية سلطة‪ ،‬واذا كان من الضروري وجـود‬
‫سلطة فلتكن في أضيق الحدود‪ ،‬وهكـذا بـدأت األفكـار الليبراليـة‪ ،‬وقـد تضـافرت الظـروف االجتماعيـة والتاريخيـة لظهـور‬
‫تل ـك الفلســفة القائمــة علــى أســاس االحت ـرام المطلــق لــذات اإلنســان وتحري ـره مــن كــل تــدخل مــن خارجــه‪ ،‬وقــد اســتندت‬
‫الليبراليــة فــي ذلــك إلــى أ َن مصــلحة المجتمــع ككــل تتحقــق حتم ـ ا مــن خــالل عمــل كــل فــرد فيــه علــى تحقيــق مصــلحته‬
‫مر بها دور الدولة في الفكر الليبرالي‪.‬‬ ‫الخاصة‪ ،‬والمبحث التالي يوضح مختلف المراحل التي َ‬

‫المطلب األول‪ :‬مفاهيم عامة عن الليبرالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Frederic Teulon, Le rôle de L'état Dans L'économie,Op.Cit, p 60.‬‬
‫‪41‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫الحرية‪،‬‬
‫إن اسمها مشتق في الواقع من معنى َ‬ ‫الحرية والديمقراطية‪ ،‬بل َ‬
‫هناك ارتباط شديد بين اللَيبرالية وفكرة َ‬
‫للحرية اتضحت معالمه بوجه خاص ابتداء من‬ ‫فإن اللَيبرالية بمفهومها المستقر تسند إلى مفهوم خاص َ‬ ‫ومع ذلك َ‬
‫الديمقراطية قديما‪ ،‬ويجد جذوره في الفكر اليوناني والممارسات‬
‫الحرية و َ‬
‫القرن السابع عشر‪ ،‬فإذا كان الحديث عن َ‬
‫النهضة‪،‬‬
‫ثم في العديد من المدن التَجارية في إيطاليا في العصور الوسطى وعصر َ‬ ‫الديمقراطية في المدن اليونانية َ‬
‫َ‬
‫فإن هذه الممارسات ال تمثَل الفكر الليبرالي كما استقر معناه ومفهومه من خالل المشاركات الفكرَية آلباء الفكر‬
‫َ‬
‫بالدرجة األولى‬
‫ولكنه َ‬
‫الحرية‪َ ،‬‬
‫اللَيبرالي منذ القرن السابع عشر‪ ،‬وخاصة جون لوك فالفكر اللَيبرالي ليس فقط دعوة إلى َ‬
‫تدخل أو إزعاج‪.‬‬
‫حريته دون َ‬
‫دعوى إلى الفردية‪ ،‬واحترام مجال خاص يتمتَع الفرد فيه باستقالله و َ‬

‫العلمية‪ ،‬نجد َأنه تراوح بين مفهومين‬


‫َ‬ ‫السياسي والممارسات‬
‫الحرية كما ساد في الفكر َ‬ ‫واذا نظرنا إلى مفهوم َ‬
‫السياسية والثَاني هو االعتراف بمجال خاص لألفراد ال‬
‫أساسيين‪ :‬األول هو الحق في المشاركة في اتَخاذ الق اررات َ‬
‫للحرية)‪.(1‬‬
‫الحرية بالمعنى القديم وبين المفهوم الحديث َ‬
‫التدخل فيه‪ ،‬وهذه هي التفرقة بين َ‬
‫َ‬ ‫التعدي عليه أو‬
‫يجوز َ‬

‫الحريـات القديمة والحديثة" (‪ )7771‬هذه التفرقة بشكل واضـح‪،‬‬


‫وقد أوضح بنجامين كونستانت في كتابـه " َ‬
‫فالحرية بالمعنى الحديث هي االعتراف للفرد بمجال خاص يتمتع فيه باالستقالل وال يخضع فيه لغير القانون‪ ،‬في‬ ‫َ‬
‫السائد في المدن اليونانية ثم في المدن اإليطالية‪ -‬تشير إلى الحق في المشاركة في‬
‫الحرية بالمعنى القديم ‪َ -‬‬
‫أن َ‬‫حين َ‬
‫امة" ‪،‬‬
‫السيادة في المسائل الع َ‬
‫فإن الفرد‪ ،‬وهو يتمتع بالمشاركة في َ‬
‫السياسية ووفقا لهذا المفهوم القديم‪َ " :‬‬
‫اتَخاذ الق اررات َ‬
‫فإنه يكاد يكون عبدا وال يعرف أي استقالل في أموره الخاصة" وعلى العكس‪" :‬ال يكاد يتمتَع‬ ‫هكذا يرى كونستانت‪َ " :‬‬
‫فإنه غالبا ما يكون بقصد التخلَي عنها لنوابه‬
‫العامة َ‬
‫َ‬ ‫العامة"‪ ،‬و َأنه حين يشارك في المسائل‬
‫َ‬ ‫بأية سيادة في المسائل‬
‫َ‬
‫وممثَليه‪.‬‬

‫وخاصة في كتابه " الديمقراطية في أمريكا " (‪7704‬م) محذ ار من‬


‫َ‬ ‫ومن نفس المنطلق جاء أليكس دوتوكوفيل‪،‬‬
‫الفردية‪ ،‬فما لم يتم االعتراف بحقوق خاصة لألفراد ال يجوز‬
‫َ‬ ‫الحريات‬
‫الديمقراطية على َ‬
‫خطورة سطوة واستبداد األغلبية َ‬
‫الحرية يمكن أن يتحقَق مع االستبداد والحكم الديكتاتوري‪ ،‬كما يمكن أن يحدث‬
‫فإن الخطر على َ‬ ‫التعرض لها‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫الديمقراطيات ال َشعبية‪.‬‬
‫استبدادا آخر مع َ‬

‫فإنما‬
‫واذا كان الفكر اللَيبرالي يبدأ مـن ضرورة االعتراف بالفـرد وبمجال خاص له يستقبل فيه قدراته اإلبداعيـة‪َ ،‬‬
‫أن للمجتمعات‬‫يرجع ذلك إلى موقف عام من الفرد والجماعة‪ ،‬فالفكر اللَيبرالي يرفض األفكار الموروثة والَتي ترى َ‬
‫أن هذا الفرد‬
‫أن الفرد هو اللَبنة األولى‪ ،‬وهو األساس في المجتمعات‪ ،‬و َ‬ ‫غايات محتومة –غيبية أو غير غيبية‪ -‬و َ‬
‫تغير الظروف ومدى ما يحقَقه‬‫متغيرة دوما مع َ‬
‫خاصة َ‬‫َ‬ ‫السعي المستمر وراء غايات وأهداف‬
‫يسعى إلى تحقيق ذاته و َ‬
‫الدافعة للمجتمع‪ ،‬وهو بفعله وفعل أقرانه يجر المجتمع من ورائه‬
‫القوة َ‬
‫من إنجازات أو يصادفه من إخفاقات‪ ،‬فالفرد هو َ‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬دور الدولة في االقتصاد‪ ،‬دار الشَروق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،7117 ،‬ص ‪.777-772‬‬
‫‪41‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أن للمجتمع غايات وأهداف نهائية يستخدم فيها الفرد‬‫الجماعية‪ ،‬حيث ترى َ‬
‫َ‬ ‫للتغيير‪ .‬واألمر على العكس في المذاهب‬
‫الجماعية)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫النهائية في هذه المذاهب‬
‫كوسيلة‪ ،‬فالمجتمع وليس الفرد هو الحقيقة األولى و َ‬

‫النماذج على تخلي الدولة عن‬ ‫تتبناها الدول ترى َأنها األنسب للتنمية حيث تنطوي تلك َ‬
‫أن اللَيبرالية الَتي َ‬
‫كما َ‬
‫الناحية األمنية والتعاقدية‪ -‬القانونية واالقتصادية‬
‫وظائفها االجتماعية واالقتصادية وتركز على توفير مناخ مالئم من َ‬
‫أن في ذلك آثا ار سلبية على المجتمعات)‪.(2‬‬
‫فقط‪ ،‬وال ريب َ‬

‫المؤسس الحقيقي للمذهب اللَيبرالي في دفاعه عن الملكية الدستورية بعد الثَورة‬


‫َ‬ ‫ومع ذلك يظل جون لوك هو‬
‫اإلنجليزية‪ ،‬وقد بدأت –عند لوك‪ -‬تظهر بشكل واضح فكرة الحقوق الطَبيعية لألفراد والتي يستمدونها من القانون‬
‫الوضعية‪ ،‬وهذا القانون الطَبيعي يفرض نفسه على الجميع‪ ،‬فمنه يستمد األفراد مباشرة‬
‫َ‬ ‫السابق على القوانين‬
‫الطَبيعي َ‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬ومن‬‫المشرع بقيود دستورية ال يستطيع مجاوزتها من َ‬
‫َ‬ ‫يقيد‬
‫ناحية‪ ،‬فضال عن َأنه َ‬
‫حقوقهم األساسية من َ‬
‫بأنها استجابة لرأي ومشاركة األفراد‪ ،‬وا َنما في خضوعه لقيود ال يمكن‬
‫تتميز فقد َ‬
‫الديمقراطية عند لوك ال َ‬‫فإن َ‬
‫هنا َ‬
‫حريات األفراد وحقوقهم األساسية ولو باسم األغلبية‪ ،‬فالعقد االجتماعي عند لوك ليس تنازال من‬
‫المساس بها من َ‬
‫الديمقراطية‬
‫للسلطات‪ ،‬بقدر ما هو اتفاق بين الجميع في إطار القانون الطَبيعي‪ ،‬وهذه هي فكرة َ‬
‫السيادة َ‬
‫األفراد عن َ‬
‫الدستورية‪.‬‬
‫َ‬

‫الخاصة‪،‬‬
‫َ‬ ‫الملكية‬
‫الفردية و َ‬
‫َ‬ ‫الحرية‬
‫ويؤ َكد لوك – يصبح فيما بعد أحد أسس اللَيبراليـة– على وجـود عالقة بين َ‬
‫الملكية وال تترَكز في يد واحـدة –ولو كانت يد‬
‫َ‬ ‫تتوزع‬
‫تدخل‪ ،‬يتطلب أن َ‬
‫فاالعتراف بمجال خاص يستقل الفرد به دون َ‬
‫الملكية الخاصة شرطا لحرَية األفراد وهكذا نجد لدى لوك مبدأين‬
‫َ‬ ‫الملكية ومن هنا تصبح‬
‫َ‬ ‫فالحرية تتطلَب تنوع‬
‫َ‬ ‫الدولة‪-‬‬
‫ناحية وفكرة اقتصاد‬
‫استمرت معها إلى وقتنا المعاصر‪ ،‬أال وهما فكرة القانون من َ‬
‫َ‬ ‫أساسيين من مبادئ اللَيبرالية والَتي‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬
‫صة من َ‬ ‫الملكية الخا َ‬
‫َ‬ ‫السوق القائم على‬
‫َ‬

‫السابع‬
‫واذا كانت هذه اللَيبرالية قد وجدت تلك الجذور من خالل كتابات الفالسفة والمف َكرين وخاصة منذ القرن َ‬
‫فإنها وجدت أهم تطبيقاتها في إنجلت ار خالل القرن التَاسع عشر‬
‫عشر في إنجلت ار ‪-‬والى حد ما في الواليات المتَحدة‪َ -‬‬
‫العالمية األولى‬
‫َ‬ ‫بأن الفترة منذ نهاية الحروب النابليونية (‪ )7774‬وحتَى قيام الحرب‬
‫ويمكن بصفة تقريبية القول َ‬
‫السلطة بين حزب األحرار وحزب‬ ‫خاصة في إنجلترا‪ ،‬وكان تداول َ‬
‫(‪ )7175‬هي أبرز فترات الحكم اللَيبرالي و َ‬
‫السياسية حتَى نهاية الحرب‬
‫وظل حزب األح ارر مؤثَ ار في الحياة َ‬
‫َ‬ ‫المحافظين تعبي ار عن سيطرة األفكار اللَيبرالية‬
‫تقدم حزب العمل وبعدها احتل هذا الحزب دور األحرار في مناوأة المحافظين في تولَي مقاليد‬ ‫العالمية األولى وبداية َ‬
‫َ‬
‫الحكم‪.‬‬

‫أن العصر ال َذهبي للفكر اللَيبرالي في التطبيق خالل القرن التَاسع عشر قد اصطحب‬
‫ومن المفيد اإلشارة هنا إلى َ‬
‫للنشاط‬
‫الرأسمالي‪ ،‬وقد صاحب هذا االزدهار َ‬
‫النظام َ‬
‫الصناعية في إنجلترا‪ ،‬و هو ما عرف باسم َ‬ ‫بازدهار ونمو الثَورة َ‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬دور الدولة في االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫‪ -2‬عرفان الحسني‪ ،‬الدولة و االقتصاد بين االنفصام وال َريادة‪ ،‬مرجع سابق‪.0227/28/02 ،‬‬
‫‪42‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫النشاط‪ ،‬فصدرت القوانين المنظَمة للعمل سواء من حيث‬


‫تدخل الدولة في ضبط ذلك َ‬‫الصناعي بداية َ‬
‫االقتصادي َ‬
‫التدخل دائما بضغط من‬
‫َ‬ ‫تم هذا‬
‫الصحة‪ ،‬وقد َ‬‫النساء أو مراعاة األمان و َ‬
‫وضع الضوابط على تشغيل األحداث و َ‬
‫أن ما يعرف باسم "دعه يعمل‪ ،‬دعه يمر" ‪LAISSEZ PASSER, LAISSEZ‬‬ ‫اللَيبراليين‪ ،‬األمر الذي يؤ َكد َ‬
‫فالنظـم اللَيبرالية اعترفت دومـا بدور مهـم للدولة‪ ،‬ولكن مع ضرورة‬
‫‪ FAIRE‬لم يكن أبدا من تعاليم الفكر اللَيبرالي‪َ ،‬‬
‫وحرياتهم فهذا أمر ال يتعارض مع مبدأ الدولة)‪.(1‬‬
‫االحترام الكامل لحقوق األفراد َ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة في الفكر االقتصادي السابق على التقليديين‪.‬‬

‫نقصد بالفكر االقتصادي السابق للتقليديين كل من الفكر التجاري والطبيعي‪ ،‬أين يظهر فيهما دور الدولة جلي ا‪.‬‬

‫‪ -1‬دور الدولة في الفكر التَجاري ‪: Mercantilism‬‬

‫أدى تراجع سلطة الكنيسة واإلقطاع إلى أن يمأل الفراغ من قبل الدولة المطلقة المدعومة من الطبقة البرجوازية‬
‫الصاعدة‪ ،‬ويتشكل حلف ا قوي ا ضد الكنيسة واإلقطاع‪ ،‬فالدولة ال ترغب في أن تنازعها قوة أخرى على السلطة المركزية‬
‫وهي بحاجة إلى الرأسمالية التجارية لتمويل جهازها البيروقراطي المتنامي‪ ،‬وبالمقابل كانت الرأسمالية التجارية بأمس‬
‫الحاجة للدولة القومية لحمايتها في صراعاتها مع اإلقطاعية في الداخل ومنافسة المغامرين في دول أوروبا في الخارج‪.‬‬

‫وفي أواخر القرن الخامس عشر أخذت الدول القومية غرب أوربا بالظهور‪ ،‬فيما شكلت معاهدة "وستفاليا" عام‬
‫‪ 7957‬في فرنسا إق ار ار على نشوء الدولة الحديثة وهذه الدول ( فرنسا‪ ،‬اسبانيا‪ ،‬هولندا وغيرها ) أصبحت وحدات‬
‫أن سلطاتهم كانت محصورة في نطاق ضيق‬ ‫سياسية مستقلة ذات سلطة مركزية قوية‪ ،‬وكان لها ملوك حقيقيون‪ ،‬إالَ َ‬
‫أن النبالء اإلقطاعيين كانوا ينافسونهم في السلطة‪ ،‬فإ َن التفاف الطبقة‬
‫ولم تمتد إلى سائر أنحاء بلدانهم أو ممالكهم‪ ،‬إذ َ‬
‫تمنت أن تعرف األمن أو أن تحكم بصورة جيدة‪،‬‬ ‫التجارية والمستفيدة من األوضاع‪ ،‬بجانب رغبة الطبقات الفقيرة التي َ‬
‫جعل هؤالء مستعدين للتعاون مع الحكومة وقبول سلطة الملك بحماسة لم تعط القرون السابقة مثاالا لها)‪ .(2‬أي أ َن‬
‫الدولة كانت ( وليدة مصالح تجارية متصارعة هدفها المشترك الوحيد أن تكون لها دولة قوية شريطة أن يكون‬
‫باستطاعتها تسخير هذه الدولة لمنفعتها وحدها)(‪.)3‬‬

‫وبسبب نفوذ التجار في الدولة فقد كان هناك إيمان قوي بدور الدولة وبتدخلها في االقتصاد‪ ،‬وكانت قوة الدولة بما‬
‫تمتلكه من معادن (ذهب وفضة)‪ ،‬وقد كـان صراع الدول التجارية‪ ،‬ألجل تحقيق فائض في الميـزان التجاري‪ ،‬أي‬
‫تصدر أكثر مما تستورد‪.‬‬

‫وقد كان للدولة في هذه المرحلة جذور راسخة في الدفاع واالستعمار‪ ،‬فقد شهدت هذه المرحلة اكبر عملية غزو‬
‫استعماري قامت بها الرأسمالية التجارية للبلدان األخرى‪ ،‬إذ قامت بعملية نهـب منظمة للمستعمـرات التي احتلتها‪،‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.779‬‬


‫‪ -2‬جوزيف شترار‪ ،‬األصول الوسيطة للدولة الحديثة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -3‬جوزيف شترار‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪43‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫وقامت بنقل ثروات ضخمة سواء كانت كنوز ثمينة أو ذهب أو فضة‪ ،‬وجرى إبادة العديد من السكان في المستعمرات‬
‫اعتمادا على عنف منظم‪.‬‬

‫ويعبر وليام هاويت عن هذه الوحشية (أن ما اقترفته ما يسمى بالعروق المسيحية من همجية وقسوة كبيرة في‬
‫جميع مناطق العالم حيال جميع الشعوب التي أمكن لها أن تستعبدها‪ ،‬يتجاوز جميع الفضائح التي ارتكبت في أي‬
‫هذا هو الثمن الذي‬ ‫عهد تاريخي كان من قبل أي عرق كان‪ ،‬مهما بلغ من الوحشية والجهل ومن القسوة والعنف)‬
‫(‪)1‬‬

‫دفعته الدول التي استعمرت ألجل مراكمة رأس المال في البلدان الرأسمالية المتقدمة‪.‬‬

‫‪ -2‬دور الدولة في الفكر الطبيعي ‪:Physiocrats‬‬

‫ظهور المدرسة الطبيعية "فيزيوقراط" في فرنسا بزعامة فرنسوا كيناي والتي أكدت على ضرورة عدم تدخل الدولة‬
‫إلصالح النظام االقتصادي‪ ،‬وذهبت إلى َأنه ليس من الطبيعي أن تتدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬بل يجب‬
‫على الدولة أن تلتزم بالقوانين الطبيعية‪ ،‬وحددت مهمة الدولة في الكشف عن هذه القوانين الطبيعية التي يرى فيها الـ‬
‫"فيزيوقرط" َأنها أشياء موجودة يمكن أن نكتشفها بالعلم والمعرفة‪ ،‬ويمكن أن نستفيد بها كغيرها من القوانين األخرى‬
‫التي تتعلق بالنواحي الفيزيائية‪ ،‬كما أ َن مهمة الدولة بعد الكشف عن هذه القوانين هي إصدار التشريعـات التي تكون‬
‫ترجمة لهذه القوانين‪ ،‬وحصرت وظيفة الدولة في حفظ األمن وتحقيق العدالة وتوفير التعليم‪ ،‬هذه وظيفة الدولة في‬
‫نظر الـ "فيزيوقراط" حتى تسير سي ار سليما وتؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬أي يجب أن تكون مهمة الدولة‬
‫محصورة في الكشف عن القوانين الطبيعية وأن تطبق هذه القوانين الطبيعية في التشريعات وتحافظ على األمن‬
‫وتحقق العدالة‪ ،‬وتقوم بتوفير التعليم بما يحقق المصلحة العامة تأكيدا للفلسفة الرأسمالية بطبيعة الحال)‪.(2‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور الدولة في الفكر االقتصادي التقليدي )الكالسيك(‪.‬‬

‫كان الفكر الكالسيكي يمثل انعكاسا على ما كان سائدا من نظريات وأفكار‪ ،‬التي أصبحت غير مسايره للتطور‬
‫أسمالية‪ ،‬ولم تعد تمثل الواقع الذي آلت إليه تلك المجتمعات‪ ،‬لذا فإ َن جذور الفكر‬
‫الذي ط أر على المجتمعات الر َ‬
‫أسمالية الصناعية وظهور‬
‫الكالسيكي نشأت في أحشاء المرحلة التجارية‪ ،‬وكانت بريطانيا أرض ا خصبة لظهور الر َ‬
‫الفكر الكالسيكي‪ ،‬فإلغاء نظام القنانة أو القن المبكر وتحول الملكيات الصغيرة إلى ملكيات كبيرة َإبان حركة التسييج‬
‫أسمالية‪ ،‬إضافة إلى تراكم رؤوس األموال‬
‫التي شهدتها بريطانيا‪ ،‬وتحول العالقات اإلنتاجية الزراعية إلى عالقات ر َ‬
‫أسمالية الصناعية ومهدت‬
‫بسبب الغزو االستعماري لبعض البلدان‪ ،‬من العوامل األساسية التي ساعدت على ظهور الر َ‬
‫السبيل لحدوث الثورة الصناعية‪ .‬إذ كان للتوسع في السوق الداخلية والسيطرة على األسواق العالمية اثر في تعاظم‬
‫الطلب على اإلنتاج الصناعي في بريطانيا‪ ،‬مما كان حاف از لحصول حركة كبيرة في االختراعات تسببت في تغيير‬
‫أساليب اإلنتاج‪ ،‬وزيادة كبيرة في معدل الطاقة اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ -1‬ماركس – انجلز‪ ،‬في االستعمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.791‬‬


‫‪ -2‬جوزيف شترار‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أسمالية الصاعدة بزمام األمور‪ ،‬واتجهت قوانين االقتصـاد الرأسمالي نحو االستقرار‪،‬‬
‫وبعد أن أمسكت الطبقة الر َ‬
‫سيما وأ َن الهدف هو الحصول على أ كبر ربح ممكن‪ ،‬كان البد من تحجيم دور الدولة الذي يحول دون تحقيق ذلك‬‫َ‬
‫الهدف‪ ،‬بمعنى جعل دور الدولة يقتصر على توفر اإلطار المؤسسي الذي يساعد على تنفيذ النشاط االقتصادي‬
‫الخاص لألفراد بالشكل الذي يرغبون فيه‪ ،‬فضالا عن عملية توزيع الفائض االقتصادي(‪.)1‬‬

‫أن درجة التدخل‬


‫لذا فإ َن اإلطار السياسي للدولة يبقى أم ار البد منه لكل مرحلة من مراحل التطور الرأسمالي‪ ،‬إال َ‬
‫ترسخت‬
‫بأن آلية السوق قد َ‬
‫وآلياته تبقى مرتبطة بما يتطلبه واقع اإلنتاج الرأسمالي‪ ،‬لذا فإ َن الدولة ستنسحب إذا ظهر َ‬
‫في االقتصاد وبدأت تعمل بشكل تلقائي‪.‬‬

‫والتجربة البريطانية خير دليل على ذلك‪ ،‬فعندما كانت الطبقة الرأسمالية في المرحلة التجارية ضعيفة‪ ،‬قامت الدولة‬
‫بالتدخل وبقوة ولتنقذ الطبقة الرأسمالية من الوهن الذي كانت تشكو منه‪ ،‬وبعد أن أمسكت هذه الطبقة بزمام األمور في‬
‫أن الدولة تؤدي دو ار متعاظم‬
‫مرحلة الرأسمالية الصناعية‪ ،‬أخذت الدولة تنسحب من النشاط االقتصادي‪ ،‬مما يؤكد على َ‬
‫األهمية كلَما كانت الرأسمالية أكثر ضعف ا‪.‬‬

‫وخالل مرحلة الرأسمالية الصناعية أصبح النشاط الصناعي من اختصاص األفراد وليس من اختصاص الدولة‪،‬‬
‫وكانت مهمة الدولة مقتصرة على حفظ األمن الداخلي والدفاع عن الوطن ضد االعتداء الخارجي وهكذا تميزت‬
‫الرأسمالية الصناعية بسياسة الحرية الصناعية‪ ،‬وقد ترتب على هذا التطور في وظيفة الدولة من الناحية االقتصادية‬
‫انعكاس خطير من الناحية السياسية‪ ،‬فالدولة جردت من وظائفها االقتصادية(‪.)2‬‬

‫وقد صاغ آدم سميث ‪ Adam Smith‬الواجبات التي يمكن للدولة أن تقوم بها باالتي(‪:)3‬‬

‫‪ -‬الدفاع ضد العدوان والغزو الخارجي‪.‬‬

‫‪ -‬إقامة العدل بين أفراد المجتمع ومنع اعتداء بعضهم على البعض األخر‪.‬‬

‫‪ -‬القيام باألعمال التي ال يرغب الرأس مال الخاص القيام بها على الرغم من ضرورتها للمجتمع وذلك أل َنها ال‬
‫تعود بالربح المناسب‪.‬‬

‫لذا فحماية البلد من العدوان الخارجي وتحقيق العدل بين أبناء المجتمع والتعليم والحد األدنى من المشاريع العامة‬
‫مثل الطرق والجسور والقنوات‪ ،‬هذه هي الخدمات التي يمكن للدولة القيام بها‪ ،‬وفيما عدا ذلك فإ َن اليد الخفية هي أشد‬
‫فعالية من تدخل الدولة‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ -1‬عبد علي كاظم المعموري‪ ،‬تاريخ االفكار االقتصادية‪ ،‬ج‪ ،7‬الميناء للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪ ،0229 ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ -2‬لبيب شقير‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬دار الحكمة للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪ ،7179 ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬عدنان عباس علي‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬ج‪ ،7‬مطبعة عصام‪ ،‬بغداد‪ ،7181 ،‬ص ‪.709-704‬‬
‫‪45‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫وقد أبدى سميث معارضته لسياسة العجز في الموازنة‪ ،‬وذلك لما يؤدي إليه االقتراض من حجب لالدخار عن‬
‫أن الحكومة حينما تلجأ إلى فرض الضرائب لغرض‬‫القطاع الخاص‪ ،‬وتوجيهه إلى االستهالك الحكومي‪ ،‬كما كان يرى َ‬
‫سداد الديون‪ ،‬فإ َنها بذلك تعمل على تحويل الثروة من دافعي الضرائب إلى حاملي السندات‪ ،‬والذين سيعملون بدورهم‬
‫على توجيهها نحو األنفاق االستهالكي(‪.)1‬‬

‫لذا فإ َن الكالسيك آمنوا بحيادية السياسة المالية وأ َكدوا على مبدأ توازن الموازنة‪ ،‬ونادوا بضرورة حصر النفقات‬
‫واإليرادات العامة مع ا في أضيق الحدود‪.‬‬

‫كمــا يعتبــر جــون لــوك (‪7825‬م) أبــرز فالســفة الليبراليــة الكالســيكية‪ ،‬ونظريتــه تتعلــق بالليبراليــة السياســية‪ ،‬وتنطلــق‬
‫نظريته من فكرة العقد االجتماعي في تصوره لوجود الدولة‪ ،‬وهذا في حد ذاتـه هـدم لنظريـة الحـق اإللهـي التـي تتزعمهـا‬
‫الكنيسة‪.‬‬

‫بأن السلطة أو الحكومة مقيدة بقبول األفراد لها ولذلك يمكـن‬


‫وقد تميز لوك عن غيره من فالسفة العقد االجتماعي َ‬
‫حسب السلطة الثقة فيها‪.‬‬

‫والقت تلك المبادئ األولى انتعاشا واقباال شديدا في النصف الثاني من القرن العشـرين‪ ،‬وكـان تأثيرهـا ملحوظـا مـرة‬
‫أخــرى فــي المملكــة المتحــدة والواليــات المتحــدة حيــث توجــد صــحوة معاص ـرة لليبراليــة الكالســيكية تحــت اســم الليبراليــة‬
‫الكالس ــيكية الجدي ــدة أو الليبرالي ــة الجدي ــدة التـ ـي ظه ــرت ك ــرد فع ــل للت ــدخل المت ازي ــد للحكوم ــة ف ــي الش ــؤون االقتص ــادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬خاصة في الفترة ما بعد الحرب والتي تجلت في اليمين الجديد)‪.(2‬‬

‫وتأثرت الليبرالية الكالسيكية في القرن التاسع عشر بنظريات كبرى حول الطبيعة اإلنسانية قـام بوضـعها أصـحاب‬
‫الفكــر النفعــي أمثــال جيرمــي بنثــام وجــيمس ميــل‪ ،‬أيــن اعتبــر بنثــام فكـرة الحقــوق "هـراء"‪ ،‬وســمى الحقــوق الطبيعــة "هـراء‬
‫أن الفـرد يتحـرك بـدافع مصـالحه الذاتيـة التـي تعـرف‬
‫بأنه أكثر عملية وموضـوعية‪ ،‬إالَ َ‬ ‫على ركائز" واستبدلها بما يؤمن َ‬
‫أن النـاس يحسـبون قـدر اللـذة واأللـم الصـادر مـن كـل‬
‫بالرغبة في اللذة والسـعادة وتجنـب األلـم‪ ،‬فيـرى بنثـام وكـذلك ميـل َ‬
‫أن السـعادة واأللـم‬
‫فعل وموقف‪ ،‬فبالتالي يختـارون مـا يبشـر بـأكبر قـدر مـن اللـذة والسـعادة‪ ،‬ويـؤمن المفكـرون النفعيـون َ‬
‫المدة وهكذا‪ ،‬فاإلنسان في رأيهم يتحرى أكبر قدر ممكن من النفـع‬ ‫يمكن قياسهم بالمنفعة‪ ،‬آخذين في االعتبار الكثافة و َ‬
‫بالسعي وراء أكبر قدر من اللذة والسعادة وأقل قدر ممكن من األلم)‪.(3‬‬

‫ومن الناحية األخالقية يمكن النظر إلى المنفعة لمعرفة "صحة" اتجاه السياسات والمؤسسات فـي توفيرهـا للسـعادة‪،‬‬
‫تماما كالفرد في قدرته على حساب أكبر قدر من السعادة الصادرة مـن الفعـل‪ ،‬حيـث يمكـن االسـتعانة بمبـدأ "أكبـر قـدر‬
‫مــن الســعادة ألكبــر عــدد" فــي السياســات لصــالح المجتمــع ككــل‪ .‬وفــي أوائــل القــرن ‪ 71‬فــي بريطانيــا اجتمــع حــول بنثــام‬

‫‪ -1‬منذر عبد القادر الشيخلي‪ ،‬عجز الموازنات الحكومية واتجاهات السياسة المالية في الوطن العربي ‪ ،7178-7184‬رسالة ماجستير‬
‫مقدمة إلى كلية اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،7177 ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -2‬عدنان عباس علي‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.740‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم كبه‪ ،‬دراسات في تاريخ االقتصاد والفكر االقتصادي‪ ،‬ج‪ ،7‬مطبعة العاني‪ ،‬ط‪ ،0‬بغداد‪ ،7180 ،‬ص ‪.790‬‬
‫‪46‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫مجموع ــة م ــن المفكـ ـرين المتشـ ـددين فلس ــفيا وعرضـ ـوا علي ــه مجموع ــة كبيـ ـرة م ــن اإلص ــالحات االجتماعي ــة والسياس ــية‬
‫والقانونية‪ ،‬وكلَها ترتكز على فكرة المنفعة العامة‪.‬‬

‫فقد كان للنفعية أثر بالغ في الليبرالية وخاصة َأنها تطرح فلسفة أخالقية تفسر كيف ولماذا يسلك الفرد علـى النحـو‬
‫الذي هو عليه‪ ،‬وكذلك تبنت األجيال الالحقة من الليبراليين التصور النفعـي لإلنسـان علـى َأنـه مخلـوق عقالنـي يسـعى‬
‫وراء مصالحه الشخصية‪ ،‬وهي فكرة محورية وراء فكر الليبرالية الجديدة أيضا‪.‬‬

‫فيستطيع كل فرد في نظـرهم تحديـد أفضـل مصـالحه الخاصـة دون غيـره‪ ،‬فـال يمكـن لغيـره ‪-‬الدولـة مـثال‪ -‬أن تفعـل‬
‫ذلك له‪ .‬وحسب بنثام الناس تتحـرك في إطار اللذة أو السعادة التي يتمتعون بها وبالطريقة التـي يخت ـارونها‪ ،‬فـال ألح ـد‬
‫سواهم يمكن أن يحكم عـلى نوع أو درجة سعـادتهم‪ ،‬فإذا كان كل فرد هـو الحكـم الوحيــد لمـا سيسـعده‪ ،‬فـالفرد وحـده هـو‬
‫القادر على تحديد ما هو صحيح أخالقيا‪.‬‬

‫وقــد أبــرز آدم ســميث (‪7812‬م) الليبرالي ــة االقتصــادية وهــي الحري ــة المطلقــة فــي الم ــال دون تقييــد أو تــدخل م ــن‬
‫الدولة)‪.(1‬‬

‫وقد تكونت الديمقراطيـة وال أرسـمالية مـن خـالل هـذه الليبراليـة‪ ،‬فهـي روح المـذهبين وأسـاس تكوينهـا‪ ،‬وهـي مسـتوحاة‬
‫من الثورة الفرنسية من خالل الحرية االقتصادية‪.‬‬

‫يدرس في علم االقتصاد‪ ،‬فقـد اقتـبس سـميث أفكـاره عـن الطبيعـة‬


‫ويعتبر كتاب "ثروة األمم" آلدم سميث أول كتاب َ‬
‫اإل نسانية بشكل ملحوظ من االفتراضات الليبرالية والعقالنية‪ ،‬وكان له إسهامه المؤثر فـي الجـدل حـول الـدور المرغـوب‬
‫فيه للحكومة بداخل المجتمع المدني‪ .‬ومثل جوانب أخرى من الليبرالية األولى كان أول ظهور علم االقتصـاد السياسـي‬
‫الكالسيكي في بريطانيا‪ ،‬حيث كان التحمس الشديد ألفكار ومبادئ هذا العلم التي تبنتها أيضا الواليات المتحدة)‪.(2‬‬

‫كتب آدم سميث كتابه فـي وقـت فرضـت فيـه الحكومـة قيـودا صـارمة علـى النشـاط االقتصـادي‪ ،‬فكانـت الماركنتليـة‬
‫النظــام االقتصــادي المســيطر فــي الق ـرنين ‪ 79‬و‪ 78‬حيــث تــدخلت الحكومــات فــي الحيــاة االقتصــادية مــن أجــل تشــجيع‬
‫ـأن االقتصـاد يكـون فـي أوج نشـاطه مـع عـدم تـدخل الحكومـة‪ ،‬ففـي‬
‫التصدير والحد من االسـتيراد‪ .‬وجـاء سـميث ليقـول ب َ‬
‫رأيه االقتصاد هو السوق أو سلسلة من األسواق المتعلقة بعضها البعض‪ ،‬وتعمل السوق حسب رغبات وق اررات األفـراد‬
‫األحرار‪ ،‬وا َن الحـرية في السوق هي حـرية االختيـار‪ :‬مق ـدرة المنـتج علـى اختيـار السـلعة التـي يصـنعها‪ ،‬ومقـدرة العم ـال‬
‫عـلى اختيار أصحاب األعمال‪ ،‬ومقدرة المستهلك على اختيار السلع والخدمات للشراء‪ ،‬فالعالقات في هـذه السـوق بـين‬
‫صاحب العمل والموظفين‪ ،‬وبين البائعين والمستهلكين عالقات تطوعية أو عقدية)‪.(3‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم كبه‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.790‬‬


‫‪ -2‬إبراهيم كبه‪ ،‬دراسات في تاريخ االقتصاد والفكر االقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.790‬‬
‫‪ -3‬كافلين رالي‪ ،‬الغرب والعالم‪ :‬تاريخ الحضارات من خالل موضوعات‪ ،‬ترجمة عبد الوهاب المسيري وهدى عبد السميع‪ ،‬عالم‬
‫المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،7174 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪47‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫ويفتــرض االقتصــاديون الكالســيكيون أن األفـراد يســعون وراء تحقيــق مصــالحهم الشخصــية ماديــا بــدافع الرغبــة فــي‬
‫التمتــع باللــذة أو الســعادة‪ ،‬وذلــك عــن طريــق تكــوين واســتهالك الثــروة‪ .‬وتقــوم النظريــة االقتصــادية لحــد كبيــر علــى فكـرة‬
‫"الرجل االقتصادي"‪ ،‬وهي أن اإلنسان يسعى إلى أكبر قدر من المنفعة وذلك بالكسب المادي‪.‬‬

‫وقــد اســتخدم االقتصــاديون فــي الم ارحــل الالحقــة فك ـرة "اليــد الخفيــة" لشــرح كيــف أن المشــكالت االقتصــادية ‪-‬مثــل‬
‫البطالــة والتضــخم والعجــز فــي ميـزان المــدفوعات‪ -‬يمكــن القضــاء عليهــا مــن خــالل آليــات الســوق‪ ،‬فمــثال تــأتي البطالــة‬
‫نتيجــة زيــادة عــدد المــؤهلين للعمــل عــن الوظــائف المتاحــة أي عــرض العمــال يزيــد عــن الطلــب عليهــا‪ ،‬فــتخفَض قــوى‬
‫السوق من سعر العمالة أي أجورهم‪ ،‬فمع انخفاض األجور يمكن لصاحب العمل تعيين عدد أكبر من العمال وبالتالي‬
‫تقل البطالة‪ ،‬لذلك تكون قوى السوق قادرة على القضـاء علـى البطالـة بـدون تـدخل الحكومـة شـريطة أن يكـون مسـتوى‬
‫األجور مرنا مثل األسعار األخرى‪ ،‬وتؤدي السوق الحرة إلـى كفايـة اقتصـادية‪ ،‬فمـن أجـل الـربح ال بـد أن تكـون التكلفـة‬
‫منخفضة فاإلسراف وعدم الكفاءة ال سبيل لهم في العمل اإلنتاجي‪ ،‬ففـي نفـس الوقـت تمـنح المنافسـة إمكانيـة الحصـول‬
‫علــى أربــاح مبــالغ فيهــا‪ ،‬إذا كانــت األربــاح عاليــة بشــكل غي ـر عــادي فــي مجــال معــين‪ ،‬فــذلك سيشــجع المنتجــين علــى‬
‫دخول ذلك المجال‪ ،‬فبالتالي سيزيد الناتج وينخفض مستوى األسعار واألربـاح‪ ،‬وتنجـذب المـوارد االقتصـادية نحـو أكثـر‬
‫ألنهــا‬
‫االســتخدامات ربحــا أي نحــو مجــال اإلنتــاج المتنــامي والمزدهــر ولــيس غيــر ذلــك‪ ،‬وتعمــل الســوق بشــكل إيجــابي‪َ ،‬‬
‫دائمــا تســعى لتحقيــق رغبــات المســتهلك‪ ،‬فالمســتهلك هــو المســيطر علــى زمــام األمــور‪ ،‬ولكــي تحــافظ المؤسســات علــى‬
‫ربحهـا العـالي لبـد أن تعــرف جيـدا وتـوفي حاجـات ورغبــات المسـتهلك‪ ،‬وبـذلك وبشـكل طبيعــي تتحـرك قـوى السـوق نحــو‬
‫تغير في طلب المستهلك)‪.(1‬‬
‫رفع كفاءة وقوة االقتصاد الذي يستجيب ذاتيا ألي َ‬

‫‪.‬‬

‫رَبما لم يعرف القرن العشرين اقتصاديا في شهرة االقتصادي اإلنجليزي جون مينارد كينز‪ ،‬فكما كان كتاب "ثورة‬
‫تحول‬
‫العامة" ‪ 7109‬نقطة َ‬
‫النظرية َ‬ ‫تحول في تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬فقد جاء كتاب كينز " َ‬
‫األمم" لـ آدم سميث نقطة َ‬
‫أهمية‪ ،‬ليس فقط من حيث التأثير على الفكر االقتصادي وا َنما بوجه خاص من حيث تأثيرها على‬
‫أخرى قد ال تقل َ‬
‫الحكومية لفترة ما بعد الحرب‪.‬‬
‫َ‬ ‫السياسات‬
‫َ‬

‫فإن وجود‬
‫أن االقتصاد غير قادر –دائما‪ -‬على تحقيق التوازن عند مستوى العمالة الكاملة وبذلك َ‬‫لقد أ َكد كينز َ‬
‫فإن‬
‫الفعـال‪ ،‬ولذلك َ‬
‫أن ذلك يرجع إلى اعتبـارات اقتصادية تعـود إلى نقـص الطلب الفعلي أو َ‬
‫بطـالة أمر غير مستغرب و َ‬
‫بتدخل الدولة وزيادة اإلنفاق – بتحقيق نوع من العجز المنظَم في الميزانية– بقصد زيادة الطلب‬
‫عالج البطالة يكون َ‬
‫الصناعية‬
‫للسياسات االقتصادية لمعظم الدول َ‬ ‫والوصول إلى مستوى العمالة الكاملة‪ ،‬وكانت نظرَية كينز هي المبرر َ‬
‫االقتصادية في الدول‬
‫َ‬ ‫لتدخل الدولة في الحياة‬
‫النظري َ‬
‫العالمية الثَانية فضال عن َأنها وضعت األساس َ‬
‫َ‬ ‫لما بعد الحرب‬
‫يعوض‬
‫الرفاهية‪ ،‬وينظر كينز إلى الحكومة على َأنها العامل الكبير الذي َ‬
‫أسمالية ولظهور ما يعرف باقتصاديات َ‬
‫الر َ‬ ‫َ‬

‫‪ -1‬كافلين رالي‪ ،‬الغرب والعالم‪ :‬تاريخ الحضارات من خالل موضوعات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪48‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫العالمية الثَانية‬
‫َ‬ ‫الخاصة)‪ ،(1‬وقبل نهاية الحرب‬
‫َ‬ ‫أسمالية‬
‫الر َ‬ ‫تميز َ‬
‫السيطرة عليها والَتي َ‬
‫مظاهر الفوضى التي ال يمكن َ‬
‫للنظام الدولي االقتصادي لما بعد الحرب وما ترتب عليه من‬ ‫شارك‪ -‬كينز ممثال للحكومة البريطانية‪ -‬في اإلعداد َ‬
‫الدولي‪.‬‬
‫النقد الدولي والبنك َ‬
‫إنشاء صندوق َ‬

‫النقد الدولي الذي أراد له أن يكون نوعا من البنك المركزي‬


‫لم تلق أفكار كينز قبوال في صدد مفهوم صندوق َ‬
‫العالمي الذي يصدر نقودا دولية (البانكور) بل غلبت عليـه األفكار األمريكية فـي ذلك –والَتي كان يمثلها هوايت‪-‬‬
‫والذي رأى أن يكون الصندوق مجرد وسيط يعتمد على رأس مال مدفوع من الدول األعضاء دون أن تكون له َأية قدرة‬
‫النقود‪.‬‬
‫على خلق َ‬

‫لقد هزت األزمات الدورية المتعاقبة كيان النظام الرأسمالي وأربكت مفاهيمه وخصوص ا بعد تعرضه ألزمة الكساد‬
‫وكأنها حاملة لالزمة‪ ،‬إذ وضعت هذه األزمة الشك في آلية السوق بعد أن‬ ‫الكبير ‪ 7100-7101‬وبدت الرأسمالية َ‬
‫فعالة أمام األزمة التي شلت أركان النظام الرأسمالي وأدخلته في‬
‫تمسك بها آدم سميث غير َ‬
‫أصبحت آلية السوق التي َ‬
‫مما دفع كينز الدولة لتتدخل في النشاط االقتصادي‪ ،‬وتعيد الحياة إليه بواسطة سياسة األنفاق العام)‪.(2‬‬
‫الركود‪َ ،‬‬
‫َ‬

‫وقد بلغ انتقاد الفكر الكالسيكي ذروته على يد كينز في كتابه النظرية العامة الصادر عام ‪ 7109‬والذي وجه فيه‬
‫اهتمامه بالدرجة األسـاس إلى نقض فكرة اتجـاه االقتصـاد تلقائي ا نحو التوازن عنـد مستوى االستخدام التام‪ ،‬فلم تعد عنده‬
‫األسعار واألجور مرنه واستبعد وجود المنافسة الكاملة بعد أن أصبحت االحتكارات ونقابات العمال والعوامل الفكرية‬
‫والسياسية والتوقعات ذات تأثير فاعل في توجيه النشاط االقتصادي(‪ )3‬ولم يكن كينز متمردا على النظام الرأسمالي بل‬
‫يفضل الرأسمالية على غيرها من األنظمة‪.‬‬
‫أراد إصالح هذا النظام وتنقيته من العيوب‪ ،‬التي أصابته فهو َ‬

‫فلم يكن أمام كينز إالَ طريق ا واحدا (وهو تدخل الدولة لرفع مستوى األنفاق االستثماري‪ ،‬أي قيام الحكومة‬
‫باالقتراض واألنفاق من أجل األغراض العامة‪ ،‬أي العجز العمدي‪ ،‬فهذا وحده ممكن أن يؤدي إلى كسر توازن العمالة‬
‫الناقصة‪ ،‬وكان ذلك تأكيدا قويا لحكمة ما كان يجري عمله بالفعل تحت ضغط الظروف)(‪ )4‬لذا فإ َن كينز قام بنقل‬
‫التحليل االقتصادي من المستوى الجزئي إلى المستوى الكلي‪ ،‬إذ البد للفكر أن يكون مساي ار ومتماشيا مع الواقع‪.‬‬

‫إ َن النظرية الكينزية قامت بمعالجة األزمة ووفرت ثالثين سنة من االزدهار واالستقرار النسبي القتصاديات‬
‫المنظومة الرأسمالية‪ ،‬فالكينزية هي فكر األزمة الذي جاء معب ار عن حاجـة الرأسمـالية ومتماشي ا مع أسسها العامة‪،‬‬

‫‪ -1‬أ‪ .‬د‪ .‬نبيل جعفر عبد الرضا ‪ ،‬دور الدولة في الفكر االقتصادي‪ ،‬جريدة المدى‪ ،‬الحدث االقتصادي‪ ،‬مؤسسة المدى للنَشر‪ ،0221 ،‬بدون‬
‫رقم صفحة‪.‬‬
‫‪ -2‬أ‪ .‬د‪ .‬نبيل جعفر عبد الرضا‪ ،‬دور الدولة في الفكر االقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬بدون رقم صفحة‪.‬‬
‫‪ -3‬منذر عبد القادر الشيخلي‪ ،‬عجز الموازنات الحكومية واتجاهات السياسة المالية في الوطن العربي ‪ ،7178-7184‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.78‬‬
‫‪ -4‬جوزيف شترار‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.770‬‬
‫‪49‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫طالما أنها تنطوي على األزمات (بحسب التعبير الكينزي) لهذا فهي معالجة قصيرة اآلجل في نمط اإلنتاج الرأسمالي‬
‫نحو البطالة اإلجبارية‪ ،‬بسبب فقدان القدرة الذاتية على التوازن التلقائي ما بين اإلنتاج واالستهالك(‪.)1‬‬

‫‪.‬‬

‫متغيرات وظروف جديدة كـان لها األثر الكبير على الفكر االقتصـادي المتعلق بـ"دور الدولة"‪،‬‬
‫َ‬ ‫عرف العـالم‬
‫سية وكـذلك مدرسة االختيار العام‪ ،‬ليصبح "دور‬‫المؤس َ‬
‫فظهرت مـدارس جديدة تنادي بفكـر جـديد كالمدرسة النقدية و َ‬
‫العالمية الجديدة والتي تسمى العولمة‪.‬‬
‫َ‬ ‫الدولة" فيما بعد رهان مختلف المتغيرات‬

‫المتغيرات الجديدة على الفكر الكينزي‪:‬‬


‫َ‬ ‫‪ -1‬أثر‬

‫السهل حصر المتغيرات الجديدة للفكر االقتصادي‪ ،‬واذا نظرنا إلى تقسيم التحليل االقتصادي إلى‬
‫ليس من َ‬
‫أن‬
‫فإننا نالحظ َ‬
‫الدخل القومي‪َ ،‬‬ ‫اقتصاد جزئي يتناول سلوك المستهلك والمنتج واقتصاد كلي يتناول بصفة عامة َ‬
‫االقتصاد ال يزال يسير على نفس األسس التي ورثناها مع النيوكالسيك وخاصة ألفريد مارشال‪ .‬حقا هناك مزيد من‬
‫تطور‬
‫الرياضي وتوفَر قدرة اكبر على القياس واختبار الفروض مع َ‬ ‫تقدم االقتصاد َ‬
‫االنضباط في العرض وخاصة مع َ‬
‫وخاصة مع أرو ودوبريه وهان‪،‬‬
‫َ‬ ‫االقتصاد والقياس واإلحصاء‪ ،‬كما عرفت نظريات التوازن ال َشامل مزيدا من الوضوح‬
‫وخاصة ألفريد‬
‫َ‬ ‫كل ذلك لم نخرج عن التقاليد الَتي أرساها االقتصاديون األوائل في نهاية القرن التَاسع عشر‬
‫ولكننا في َ‬
‫َ‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬
‫ناحية و ليون فالراس من َ‬ ‫مارشال من َ‬

‫النظري السائد مازال يعتمد على اإلطار‬


‫أن اإلطار َ‬
‫وليس األمر كذلك تماما في صدد االقتصاد الكلَي‪ ،‬فرغم َ‬
‫النظرية الكينزَية‬
‫الكنزي‪ ،‬فقد أظهرت التَجربة لما بعد الحرب ظواهر جديدة ال تتَفق مع المنطق الكنزي‪ ،‬فقد جاءت َ‬
‫العكسية وهي‬
‫َ‬ ‫أن المشكلة‬
‫لمواجهة مشكلة البطالة والَتي كانت تعزوها إلى نقص الطلب الفعلي ‪ ،‬وكان االعتقاد َ‬
‫)‪(2‬‬

‫التضخم َإنما هي عكس مشكلة البطالة وبالتَالي تحتاج إلى عالج مضاد وذلك بتخفيض الطلب الفعلي واإلنفاق العام‪،‬‬
‫َ‬
‫الركود‬
‫التضخم فيما عرف باسم َ‬ ‫َ‬ ‫على َأنه لم يلبث أن عرف العالم منذ السبعينيات ظاهرة اجتماع البطالة مع‬
‫التضخمي ‪. stagflation‬‬
‫َ‬

‫العالمية الثَانية قضايا جديدة بدأت تشغل بال العالم‪ ،‬فقضية التنمية‬
‫َ‬ ‫السطح بعد الحرب‬
‫كذلك ظهرت على َ‬
‫االقتصادية لدول العالم بدأت تفرض نفسها كإحدى القضايا األساسية في االقتصاد‪ ،‬وفي نفس الوقت أظهر االقتصاد‬

‫‪ -1‬عبد علي كاظم المعموري‪ ،‬العولمة‪ :‬محاولة الرأسمالية للتكيف مع أزمتها‪ ،‬دراسات اقتصادية‪ ،‬بيت الحكمة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬السنة الثانية‪،‬‬
‫‪ ،0222‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -2‬مح َمد دويدار‪ ،‬مبادئ االقتصاد السيَاسي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة التونى‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،7110 ،‬ص ‪.097‬‬
‫‪51‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫العالمي لما بعد الحرب مدى الترابط والتداخل في العالقات الدولية مما دعا إلى ما يعرف باسم عولمة االقتصاد‬
‫أهمية‬
‫المالية والبورصات وتحرير التَجارة َ‬
‫َ‬ ‫الصرف واألسواق‬
‫‪ globalisation‬ومن هنا احتلت قضايا أسعار ونظم َ‬
‫ظمة‬‫الدولي وأخي ار من َ‬
‫النقد َ‬
‫الدولي وصندوق َ‬
‫ولية‪ :‬البنك َ‬
‫الد َ‬
‫المالية َ‬
‫َ‬ ‫المؤسسات‬
‫َ‬ ‫بالغة‪ ،‬وقد صاحب ذلك زيادة دور‬
‫ومتنوعة‪ ،‬ولم‬
‫َ‬ ‫مهمة‬
‫تقدم فقد توفَر للدراسات االقتصادية قاعدة بيانات ومعلومات َ‬
‫العالمية‪ ،‬وباإلضافة إلى ما َ‬
‫َ‬ ‫التَجارة‬
‫يقتصر أثر زيادة المعلومات حول الحياة االقتصادية على تطوير أساليب البحث العلمي‪ ،‬بل َإنها كادت تؤثَر على‬
‫االقتصادية – مستثمرين‬
‫َ‬ ‫االقتصادية‪ ،‬ولذلك فقد بدأت العديد من الوحدات‬
‫َ‬ ‫السلوك االقتصادي لمختلف الوحدات‬
‫َ‬
‫المالية‪ -‬في تحديد سلوكها ليس فقط على أساس ما هو قائم بل أيضا في ضوء ما يتوقَع أن‬
‫َ‬ ‫ومضاربين في األسواق‬
‫التنبؤات المتوقَعة‬
‫السياسات و َ‬
‫الرشيدة ‪" Rational Expectation‬لوكاس" ترى أن َ‬ ‫يحدث‪ ،‬وها هي مدرسة التوقَعات َ‬
‫السياسات المتوقَعة‪ ،‬فإذا كانت الحكومة ستأخذ بسياسة لتقييد االئتمان‬
‫تحدث أثرها فورا‪ ،‬فاألفراد يأخذون في حسابهم َ‬
‫يتصرفون على أساس ارتفاع تكلفة االقتراض‪ ،‬وهكذا كثي ار ما‬
‫َ‬ ‫فإن المستثمرين‬
‫للتضخم‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ورفع تكلفة االقتراض محاربةا‬
‫فإن‬
‫السوق قد توقعتها مسبقا وأخذتها في اعتبارها بالفعل‪ ،‬ووفقا لهذه المدرسة َ‬
‫ألن َ‬‫الحكومية نظ ار َ‬
‫َ‬ ‫السياسات‬
‫تفشل َ‬
‫فعالة إالَ بالقدر الذي تفاجئ به األفراد وتأتي على غير توقَعاتهم‪.‬‬
‫الحكومية" ال تكون َ‬
‫َ‬ ‫السياسات‬
‫" َ‬

‫‪ -2‬المدرسة ال َنقدية ‪:monteratist‬‬

‫النقدية‬
‫جلية هو هجوم المدرسة َ‬
‫لعل أشهرها وأكثرها َ‬
‫تعرضت أفكار كينز لعديد من االنتقادات واالعتراضات‪َ ،‬‬
‫لقد َ‬
‫أن كينز الذي هاجم‬
‫السخرية َ‬
‫‪( monteratist‬مدرسة شيكاغو) وعلى رأسها ميلتون فريدمان‪ ،‬وقد يكون من دواعي َ‬
‫يتعرض بدوره لنفس‬ ‫العينية َ‬
‫َ‬ ‫االقتصادية‬
‫َ‬ ‫النقود باعتبارها مجرد ستار يحجب العالقات‬
‫ألنهم نظروا إلى َ‬
‫التقليديين َ‬
‫االقتصادية عند تركيزه على‬
‫َ‬ ‫السياسة‬
‫النقود في التأثير على َ‬
‫االعتراض من مدرسة شيكاغو بمقولة َأنه أهمل دور َ‬
‫النقديين هي َأنه‬
‫المالية لمواجهة ظروف الكساد واالنتعاش في االقتصاد‪ ،‬ونقطة الخالف بين كينز و َ‬
‫َ‬ ‫السياسة‬
‫أهمية َ‬
‫َ‬
‫العامة (اإلنفاق‬
‫الية َ‬‫النشاط االقتصادي هي استخدام الم َ‬
‫التدخل لضمان استقرار َ‬
‫َ‬ ‫أن وسيلة الدولة في‬
‫يرى –أي كينز‪َ -‬‬
‫الكمية تجد أنصارها منذ نهاية‬
‫َ‬ ‫النظرية‬
‫النقود‪ ،‬وقد بدأت َ‬
‫مية َ‬
‫النقديين هي التح َكم في ك َ‬
‫والضرائب)‪ ،‬في حيـن َأنها عند َ‬
‫االقتصادية في‬
‫َ‬ ‫للسياسات‬
‫تصادية في السبعينيات وأصبح أهم مؤ َشر َ‬
‫َ‬ ‫السياسات االق‬
‫الستينيات وفرضت نفسها على َ‬
‫لكمية‬
‫متعددة َ‬
‫النقود المتداولة‪ ،‬وفي هذا الوقت بدأ الحديث عن تعريفات َ‬
‫النظر إلى حجم َ‬‫الصناعية هي َ‬
‫معظم الدول َ‬
‫النقديين يرجع إلى مدى استقرار سرعة تداول‬
‫ولعل جوهر الخالف بين كينز و َ‬ ‫التوسع في التعريف‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫النقود بحسب مدى‬
‫َ‬
‫مستقرة‪،‬‬
‫َ‬ ‫مستقرة في حين َأنها عند فريدمان تتمتَع باالستقرار‪ ،‬فإذا كانت سرعة التداول‬
‫َ‬ ‫النقود‪ ،‬فهي عند كينز غير‬
‫َ‬
‫أما في الحالة‬
‫النقود سيقابلها زيادة في اإلنفاق وبالتَالي في األسعار‪َ .‬‬‫كل زيادة في عرض َ‬‫أن َ‬‫فرَبما معنى ذلك َ‬
‫الزيادة ستبتلع في االكتناز‪ ،‬ويرى‬
‫ألن هذه َ‬
‫النقود وال ينعكس ذلك على زيادة اإلنفاق نظ ار َ‬
‫العكسية فقد يزيد عرض َ‬
‫َ‬
‫فإن زيادات اإلنفاق تؤدي إلى زيادات متتابعة‬
‫الدخل يتمتَع باالستقرار ولذلك َ‬
‫أن االستهالك كنسبة من َ‬
‫كينز بالمقابل َ‬
‫فإن العبرة في مواجهة الكساد هي زيادة اإلنفاق وليس‬
‫في االستهالك وهو ما يعرف بمضاعف االستثمار‪ ،‬وبذلك َ‬
‫النقود)‪.(1‬‬
‫بزيادة عرض َ‬

‫‪ -1‬ن َجار أحمد منير‪ ،‬دور التَحدَيات االقتصاديَة في القرن ‪ ،07‬ندوة لوزارة الماليَة‪ ،‬الكويت‪.0225/27/77 ،‬‬
‫‪51‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫بأنهم يمثلون تناقضا أساسيا مع الفكر‬


‫فإنه يصعب القول َ‬
‫النقديين‪َ ،‬‬
‫و َأي ا ما كان األمر حول ما أثارته مدرسة َ‬
‫عدل الكنزيون موقفهم بعض الشيء بإعطاء‬‫الكينزي‪ ،‬والحقيقة َأنه بعد تجاوز مرحلة المواجهة انتهى األمر إلى أن َ‬
‫بأن‬
‫النقديين َ‬
‫النقود‪ ،‬ذلك في الوقت الذي اعترف فيه العديد من َ‬
‫لتغيرات عرض َ‬ ‫السياسة االقتصادية َ‬‫دور أكبر في َ‬
‫المدة القصيرة‪،‬‬
‫لتغيرات حادة في َ‬
‫َ‬ ‫فإنها قد تخضع‬
‫المدة الطويلة َ‬
‫النقود وان كانت مستقرة بشكل عام في َ‬
‫سرعة تداول َ‬
‫النقود‪.‬‬
‫بكمية َ‬
‫كما اعترفوا أيضا بصعوبة االتَفاق على المقصود َ‬

‫تغيرات أسعار‬
‫النقدية إلى التأثير في األوضاع االقتصادية من خالل َ‬
‫السلطات َ‬
‫ومنذ منتصف الثمانينيات عادت َ‬
‫النقود المكانة التي عرفتها في السبعينيات)‪.(1‬‬
‫لكمية عرض َ‬
‫الفائدة ولم يعد َ‬
‫‪3‬‬

‫سية‪ ،‬فقد اتجه الفكر‬


‫المؤس َ‬
‫َ‬ ‫إن التفكير الكينزي واجه اعتراضات أخرى من جانب آخر‪ ،‬وهو ما يعرف بالمدرسة‬ ‫َ‬
‫النظر عن الظروف‬ ‫المجردة والَتي تصدق بصرف َ‬
‫َ‬ ‫االقتصادي منذ التقليديين إلى البحث عن القوانين االقتصادية‬
‫يخية األلمانية منذ‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬وقد خرجت المدرسة التَار َ‬
‫االجتماعية الَتي يتم فيها َ‬
‫َ‬ ‫يخية واألوضاع‬
‫الت ًَار َ‬
‫َ‬
‫أن القوانين‬
‫المؤسسات االجتماعية السائدة‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫النظر إلى‬
‫السياق ورأت َأنه ال يمكن تجاوز َ‬
‫القرن التَاسع عشر عن هذا َ‬
‫االقتصادية نسبية وليست مطلقة‪ ،‬وجاء ماركس منتقدا االقتصاد البورجوازي على هذا األساس‪ ،‬كما يمكن أن ننسب‬
‫َ‬
‫لهذا االتجاه ماكس فيبر في ألمانيا فضال عن فبلن في الواليات المتَحدة األمريكية في نهاية القرن الماضي‪ ،‬ولع َل‬
‫المؤيدين لهذا االتجاه في الستينيات هو جالبرث‪.‬‬
‫َ‬ ‫أشهر األمريكيين‬

‫أن المشكلة الرئيسية لالقتصاد هي قضايا تكوين األثمان وتنظيم‬


‫واذا كان التَيار الرئيسي للفكر االقتصادي يرى َ‬
‫السيطرة‬
‫توجه إلى التنظيمات القائمة وشكل َ‬
‫أن العناية يجب أن َ‬ ‫المؤسسي يرى َ‬
‫َ‬ ‫فإن االقتصاد‬
‫األسواق وتوزيع الموارد‪َ ،‬‬
‫بالتطورات‬
‫َ‬ ‫السيطرة راجعة إلى اعتبارات َفنية أو قانونية)‪ ،(2‬ومن هنا يأتي االهتمام‬
‫على االقتصاد سواء كانت هذه َ‬
‫عامة والتنظيم القانوني واالجتماعي‪.‬‬
‫الملكية والحقوق بصفة َ‬
‫َ‬ ‫التكنولوجية ونظم‬
‫َ‬

‫فإن "دور الحكومة‬


‫المؤسسية‪ ،‬وبالتَالي َ‬
‫َ‬ ‫االقتصادية اهتماما خاصا لدى مفكري المدرسة‬
‫َ‬ ‫السيطرة‬
‫وقد وجدت فكرة َ‬
‫مسمى‬
‫االقتصادي" كان دائما محوريا في دراسات هذه المدرسة‪ ،‬وقد عاد هذا الموضوع في األدبيات الحديثة تحت َ‬
‫جديد ألساليب الحكم ‪.Governance‬‬

‫متميزتين‪ :‬في المرحلة األولى كانت المدرسة‬


‫َ‬ ‫مرت عبر مرحلتين‬‫المؤسسية قد َ‬
‫َ‬ ‫بأن المدرسة‬
‫ويمكن القول َ‬
‫المؤسسات‬
‫َ‬ ‫السوق واألسعار وا َنما‬
‫السائد‪ ،‬فمحور االهتمام ليس َ‬
‫المؤسسية تمثَل معارضة ونقدا للفكر االقتصادي َ‬
‫َ‬
‫المؤسسية بدأت تستخدم أدوات التحليل االقتصادي‬
‫َ‬ ‫بأن المدرسة‬
‫تميزت َ‬ ‫أما المرحلة الثانية فقد َ‬
‫تطورها‪َ ،‬‬
‫وأشكال َ‬
‫األساسية للتحليل‬
‫َ‬ ‫المؤسسية الجديدة ال تستبعد األدوات‬
‫َ‬ ‫المؤسسات االجتماعية‪ ،‬فالمدرسة‬
‫َ‬ ‫لدراسة مختلف جوانب‬

‫نجار أحمد منير‪ ،‬الخصخصة بين التقليديَة والعالميَة المعاصرة وأثرها على مشاريع األعمال‪ ،‬مجلَة الكويت االقتصاديَة‪ ،‬بحث مقبول‬
‫‪َ -‬‬
‫‪1‬‬

‫النَشر‪،‬الكويت‪.0220 ،‬‬
‫‪ -2‬جون توملينسون‪ ،‬العولمة والثقافة‪ ،‬ترجمة‪ :‬إيهاب عبد ال َرحيم محمد‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،045‬الكويت‪ ،0227 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪52‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫الرشيد وتعظيم العائد أو تخفيض التكلفة‬


‫السلوك َ‬
‫مقدمتها الموازنة بين العائد والتكلفة واختيار َ‬
‫االقتصادي وفي َ‬
‫تعممها لتفسير‬
‫السوق واألسعار بل َ‬‫االقتصادية على َ‬
‫َ‬ ‫واألعباء‪ ،‬والجديد هو َأنها ال تقتصر استخدام هذه األدوات‬
‫المسؤولية‪،‬‬
‫َ‬ ‫الملكية واحترام حقـوق الجوار‪ ،‬وأحكام القضاء في‬
‫َ‬ ‫العديد من الظواهر االجتماعية األخرى مثل حقوق‬
‫العامة‪ ،‬فهذه الظواهر االجتماعية تجد تفسيرها في‬
‫َ‬ ‫السلطة‬
‫وتفسير الجريمة‪ ،‬والتمييز العنصري بل وتفسير نشاط َ‬
‫التحليل االقتصادي الذي يعتمد على فكرة العائد والتَكلفة‪.‬‬

‫السياسات‬
‫المؤسسية الجديدة لم يعد يقتصر على مناقشة َ‬
‫َ‬ ‫فإن اهتمام المدرسة‬
‫االقتصادية َ‬
‫َ‬ ‫السياسات‬‫وفي صدد َ‬
‫العامة للضرائب واإلنفاق واالئتمان واالستثمار بل تخطاها إلى قضايا أساليب الحكم واإلدارة‪ ،‬فإذا كانت دعوة‬
‫َ‬
‫السائد هو ضرورة "إصالح نظام األسعار" ‪،get the prices right‬‬
‫اإلصـالح االقتصادي مع التفكير االقتصادي َ‬
‫المؤسسات المناسبة" ‪ get the institutions right‬وهنا‬
‫المؤسسية تصبح ضرورة البحث عن " َ‬
‫َ‬ ‫فإنها مع المدرسة‬
‫َ‬
‫الدستوري)‪.(1‬‬
‫السياسي و َ‬
‫تأتي الدعوة إلى الخصخصة بل والى اإلصالح َ‬
‫‪public choice‬‬ ‫‪4‬‬

‫إن الحديث عن األفكار اللَيبرالية الجديدة وتحديد "دور الدولة" يدفعنا باإلشارة إلى أفكار مدرسة االختيار العام‬
‫َ‬
‫السياسة سواء من‬‫السائد في التحليل هو الفصل بين االقتصاد و َ‬ ‫أن َ‬‫‪ public choice‬وعلى رأسها بوكنان‪ ،‬حيث َ‬
‫الدراسة وأدوات التحليل‪ ،‬فاالقتصاد يهتم بعالقات التبادل بين األفراد في حين‬
‫حيث موضوعهما أو من حيث منهج َ‬
‫أن‬
‫بالسلطة‪ ،‬في حين يغلب عـلى األولى اعتبارات المصلحة ال َذاتية والمنافع ال َشخصية‪ ،‬فاألصل َ‬
‫السياسة َ‬
‫تهتم َ‬
‫السياسة كنوع‬
‫العامة والنفع العام‪ ،‬وقد جاءت مدرسة االختيار العام بفكرة معاملة َ‬
‫َ‬ ‫السلطة تستخدم من أجل المصلحة‬‫َ‬
‫منزهين عن البحث‬
‫السياسة واإلدارة ليسوا دائما َ‬
‫وتطبق نفس المنطق عليها‪ ،‬فرجال َ‬‫َ‬ ‫النشاط الجاري أو االقتصادي‬
‫من َ‬
‫فإن ذلك شأن أي فرد)‪.(2‬‬
‫العامة َ‬
‫يخصون في تصرفاتهم لبواعث المصلحة َ‬
‫َ‬ ‫الخاصة‪ ،‬بل َإنهم كثي ار ما‬
‫َ‬ ‫عن مصالحهم‬

‫‪ -5‬الفكر االقتصادي لدور الدولة في ظل العولمة‪:‬‬

‫العالمية الثَانية لم يقتصر األمر على إعادة اعمار أوروبا واليابان واستمرار‬
‫َ‬ ‫خالل ربع قرن منذ نهاية الحرب‬
‫النامية استقاللها وعرفت في معظمها معدالت‬‫الصناعية‪ ،‬بل أيضا اكتسبت الدول َ‬ ‫النمو االقتصادي واستقرار األسواق َ‬
‫َ‬
‫النمو االقتصادي‪ ،‬وهي الفترة الَتي ازدهرت فيها نظريات التنمية االقتصادية‪ ،‬وقد عرفت هذه الفترة أسماء‬
‫معقولة من َ‬
‫مثال آرثر لويس وميردل ونركسه وهرشمان وبول ستربتن‪ ،‬وقد ثار في ذلك الوقت جدل كبير حول نمط التنمية‬
‫المتوازنة والذي دعا إليه نركسه ونمط التنمية غير المتوازنة والذي اشتهر به هرشمان‪ ،‬وقد ترددت نظريات التنمية بين‬
‫وخاصة في أمريكا الالتينية وأفكار‬
‫َ‬ ‫اتجاهات عديدة‪ ،‬وكان التركيز في الفترة األولى على نقص رؤوس األموال‬
‫تصادية كما عرضتها نظرَيات "المركز واألطراف" لـ إيمانويل وفرانك وسمير أمين وانتهي األمر في نهاية‬
‫َ‬ ‫السيطرة االق‬
‫َ‬

‫‪ -1‬أحمد أبو زيد‪ ،‬المعرفة وصناعة المستقبل‪ ،‬سلسلة كتاب العربي‪ ،‬الكويت‪ ،‬جانفي ‪ ،0224‬ص‪.08-09‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- V. P. Ardant, Institutions Politiques et Droit Constitutionnel, 12 Edition, L.G.D.J,Paris 2000, p18.‬‬
‫‪53‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫سياستهم في‬
‫َ‬ ‫الدولي في ضرورة لتطبيق‬
‫النقد َ‬
‫الدولي وصندوق َ‬
‫الثمانينيات والتسعينيات إلى التعامل مع البنك َ‬
‫اإلصالح االقتصادي)‪.(1‬‬

‫وبعد أن عجزت كل أدوات النظام الرأسمالي في حل أزمة التضخم الركودي‪ ،‬بدأت الدعوات إلى ما يعرف‬
‫بالعولمة والتي قد تم تكريسها بشكل واضح خالل العقود الثالث األخيرة من القرن العشرين‪ ،‬وال يمكن أيجاد وتفسير‬
‫لهذا التزامن بين الظاهرتين أي العولمة والتضخم الركودي إالَ من خالل الربط بين طبيعة األزمة وظهور العولمة‪،‬‬
‫بمعنى أ َنه ألجل أنجاح سياسة التوجه نحو الخارج لحل األزمة كان البد من ظهور وسيادة المرحلة الجديدة المسماة‬
‫بالعولمة‪ ،‬وكان الدور الكبير يقع على عاتق الشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬والتي أخذت تكتسح العالم وراء جني األرباح‪،‬‬
‫ولتقوم بأخذ الفائض االقتصادي من البلدان المحيطة ونقله إلى بلدان المركز‪ ،‬وبالتزامن مع هذه الظاهرة هنالك دعوات‬
‫لتقليص دور الدولة في النشاط االقتصادي في كل الدول والبد من تركه آللية السوق‪ .‬وفي ظل هيمنة الرأسمالية‬
‫أن الدولة أخذت تمارس دور‬
‫العالمية على مقدرات كل الشعوب بدت الدولة راعية للشركات متعددة الجنسية‪ ،‬ويظهر َ‬
‫المنظَم لهذه الشركات التي سيطرت على روابط االقتصاد العالمي خالل القرن الحادي والعشرين)‪.(2‬‬

‫وقد تمكنت هذه الشركات من السيطرة على الق اررات السياسية في مراكز المنظومة الرأسمالية‪ ،‬إذ أصبح بإمكانها‬
‫أن تأتي بالسياسيين الذين يقومون بخدمة مصالحها‪ ،‬لذا فهي تمتلك القوة االقتصادية إلى جانب القوة السياسية‪.‬‬

‫وهناك مبررات لتقليص دور الدولة في ظل العولمة يمكن أجمالها بمجموعة من العوامل الخارجية والداخلية‬
‫المتداخلة والمترابطة فيما بينها(‪:)3‬‬

‫‪ -‬اندماج العالم اقتصادي ا وتوحد األسواق في ظل ثورة االتصاالت والمعلومات التي جعلت من العالم قرية كونية‬
‫تالشت فيها المسافات والحدود‪.‬‬

‫‪ -‬هيمنة الشركات المتعددة الجنسية على االقتصاد العالمي مما جعل الحكومات غير قادرة على التحكم‬
‫باقتصادها وأصولها‪.‬‬

‫‪ -‬ظهور مؤسسات دولية اقتصادية ومالية تؤثر تأثي ار فاعالا في قدرة الدولة بالتحكم بسياساتها وق ارراتها‬
‫االقتصادية‪ ،‬مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية‪.‬‬

‫‪ -‬ظهور مؤسسات مالية ورأسمال عائم في الوقت نفسه له القدرة على سرعة الحراك واالنتقال من مكان إلى‬
‫آخر للحصول على الربح السريع والمضاربة‪ ،‬ويمتلك القدرة على تحدي وسائل الدولة االنضباطية‪.‬‬

‫‪ -‬انهيار احتكار الدولة للمعلومات وسيادة ثورة المعلومات جعلت المعلومات متاحة للجميع‪.‬‬

‫‪ -1‬هانس بيترمارتين وهارالد شومان‪ ،‬فخ العولمة‪ :‬ترجمة عدنان عباس علي‪ ،‬مراجعة وتقديم رمزي زكي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪،014‬‬
‫الكويت‪ ،0220 ،‬ص ‪.770‬‬
‫‪ -2‬هانس بيترمارتين وهارالد شومان‪ ،‬فخ العولمة‪ :‬ترجمة عدنان عباس علي‪ ،‬مراجعة وتقديم رمزي زكي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫‪ -3‬عدنان عباس علي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.797‬‬
‫‪54‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬لم تعد الدولة هي الفاعل الوحيد في االقتصاد وأصبحت الق اررات االقتصادية تتأثر بالشركات والنقابات‬
‫ووسائل اإلعالم والصحة ومؤسسات المجتمع المدني‪.‬‬

‫‪ -‬ظهور التكتالت اإلقليمية‪ ،‬ونقل جزء من وظائف الدولة إلى القيادة الهيكلية لهذه التكتالت‪.‬‬

‫‪ -‬انضمام الغالبية العظمى من الدول إلى المنظمات الدولية وقبولها بقواعد وشروط هذه المنظمات‪.‬‬

‫‪ -‬تدويل عملية اإلنتاج واقامة منشآت تعتمد على التكامل الرأسي وتتكون من وحدات موزعة على أنحاء العالم‬
‫يتفرد كل منها بإنتاج جزء من عملية اإلنتاج وحلول وفورات النوع بدل وفورات الحجم‪.‬‬

‫‪ -‬سيادة االستثمار األجنبي المباشر والذي فرض تعديالا إضافيا على سيادة الدولة وقيد من حريتها في التصرف‬
‫بإدارتها المالية والتغذية‪ ،‬وباتت تتكيف ومصالح ذلك االستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة مدة الصراعات اإلقليمية في العديد من البلدان والتي قلصت من هيمنة الدولة سياديا على أقاليمها‪.‬‬

‫‪ -‬تراجع مصداقية النخب الحاكمة في المحافظة على المال العام‪ ،‬وقدرتها الواسعة على تدوير الثروة القومية‪.‬‬

‫‪ -‬عجز الدولة في تسريع معدالت التنمية واتساع الفجوة بين البلدان النامية والبلدان المتقدمة‪.‬‬

‫‪ -‬ظهور العديد من المشكالت التي يتعذر حلها على الصعيد المحلي مما يتطلب حلول دولية جماعية‬
‫كالمحافظة على البيئة وأسلحة الدمار الشامل والمديونية الخارجية‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي تتعالى فيه الدعوات إلى ضرورة تقليص دور الدولة‪ ،‬في ظل العولمة يالحظ أ َنه في البلدان‬
‫الرأسمالية المتقدمة‪ ،‬الزالت الحكومات الوطنية متواجدة لحماية مصالحها الوطنية ومصالح مؤسساتها االقتصادية‬
‫والزالت الشركات المتعددة الجنسية ذات طابع قومي وليست شركات عولمة‪ ،‬وا َن الروابط بين هذه الشركات وحكومات‬
‫موطنها األصلي الزالت قوية وتعبر عن المصالح المشتركة للطرفين(‪ ،)1‬وهي محطة اهتمام حكوماتها من حيث‬
‫الحماية ألسـواقها وأسرارها التكنولوجية واحتكارها لهـا‪ ،‬وهي تطبق تعليمات حكوماتها في اغلب األحيان‪ ،‬فهذه‬
‫الشركات الزالت جذورها مرتبطة بالدولة األم وهي تحتاج إلى الدولة في العديد من المجاالت‪ ،‬إذ أ َن هناك تصورات‬
‫مبالغ فيها عن ذوبان الدولة في ظل العولمة إذ كان دور الدولة على الدوام ينصب على توفير الشروط الالزمة لنشاط‬
‫رأس المال في المجاالت المفيدة لتطورها االقتصادي أو لما يلبي مصالحها الوطنية‪.‬‬

‫لذا فإ َن الرأسمالية ومنذ نشوئها لم تستغني عن الدولة ووظائفها وهي غير مرشحة لالستغناء عنها في ظل‬
‫العولمة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد علي كاظم المعموري‪ ،‬تاريخ االفكار االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪55‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫والعولمة المراد لها التحقق‪ ،‬تطرح أيديولوجية الحدود غير المرئية ترسمها الشركات العالمية قصد الهيمنة على‬
‫االقتصاد واألذواق واألفكار والسلوك‪ ،‬وهي في ذلك تحاول التأثير على المستهلك على المستوى العالمي‪ ،‬كما تحاول‬
‫تعظيم االستهالك في األطراف‪ ،‬مثلما هو في المراكز من خالل نشر نمط الحياة الغريبة في إطار دمج األطراف في‬
‫أن هذا الفهم يمثل إعادة هيكلة‬
‫السوق العالمية والحياة الرأسمالية في جوانبها االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬أي َ‬
‫المتعددة الجنسية وبما يعظَم التوسع الرأسمالي(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫أوضاع العالم على وفق رغبة الشركات‬

‫بأن الذي يحصل اآلن من دعوات حول إضعاف أو انحالل الدولة في ظل العولمة أو‬‫ويرى صادق جالل العظم َ‬
‫أن الذي يحصل هو دفع الدولة ووظائفها إلى‬
‫المتعددة الجنسية محلَها‪ ،‬هو ليس كما يروج له‪ ،‬إذ َ‬
‫َ‬ ‫حلول الشركات‬
‫تركيب أعلى مع ما يترتب على ذلك من ضرورة إجراء تعديالت في الوظائف االقتصادية والسياسية واالجتماعية‬
‫والعسكرية لها بغية تقديم خدمة أفضل لعمليات اإلنتاج واعادة اإلنتاج والتراكم الرأسمالي‪ ،‬وا َن دورها اإلقليمي يبقى‬
‫مهما وحاسما في حماية ورعاية واحتضان االستثمار وتوفير البيئة المالئمة لتحقيق أهدافه(‪.)2‬‬

‫إ َن ما حل من تغييرات على أداء الدولة ووظائفها يفسر على َأنها أصبحت سلطة وليس منتج‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫فما زالت الدولة هي التي تحدد شروط ممارسة النشاط االقتصادي‪ ،‬من خالل سياساتها الماليـة والنقدية والزالت تضع‬
‫الضوابط التي من دونها يصعب على السـوق القيام بدورها(‪ ،)3‬لذا فإ َن الذي يحصل للدولة في ظل العولمة ال يمثل‬
‫زواالا لدورها بل يمثل إعادة صياغة لسلطة الدولة وايجاد وسائل جديدة للتدخل متماشية مع حالة التطور التي يشهدها‬
‫االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫‪ -1‬جالل صادق العظم‪ ،‬ما العولمة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،7‬دمشق‪ ،7112 ،‬ص ‪.775‬‬
‫‪ -2‬جالل صادق العظم‪ ،‬ما العولمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- W. Wallace, Foreign policy and Nation identity in the United Kingdom, International. Affairs, VOL‬‬
‫‪67, 1991, P66.‬‬
‫‪56‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫خالصة‪:‬‬

‫إ َن موضوعات الدولة ليست جديدة على الفكر االقتصادي‪ ،‬فمنذ أن دخلت البشرية مرحلة العبودية‪ ،‬ومنذ أن بدأ‬
‫أبناء الجنس الواحد يتوزعون بين حاكم ومحكوم ظهرت الدولة‪ ،‬وكما أ َكد العديد من المفكرين َأنها نتاج طبقي وهي‬
‫تعبير عن وضع المجتمع في مرحلة تطوره‪ ،‬وفي مرحلة من مراحل تطور المجتمعات تج َذرت وظائف الدولة‬
‫النظام‬
‫وواجباتها‪ ،‬وعلى مر التاريخ كانت حامية للطبقات العليا‪ ،‬فدور الدولة في النشاط االقتصادي الخاص ب َ‬
‫اإلسالمي‪ ،‬يضيق ويتسع وفق ا للسلوك السائد في المجتمع‪ ،‬وأ َن حجم التدخل يتم في ظل حاجة المجتمع بحيث يشعر‬
‫الجميع بالطمأنينة‪.‬‬

‫بأن الدولة باستطاعتها أن تمارس دو ار ًُ مهما في التنمية االقتصادية على ضوء ما‬
‫أن النظام االشتراكي يرى َ‬
‫كما َ‬
‫تمتلكه من وسائل إنتاج‪ ،‬وباعتماد أسلوب التخطيط المركزي من أجل ضمان تحقيق الرفاهية العامة ألبناء المجتمع‪.‬‬

‫ودور الدولة كان أكثر فاعلية بعد تعرض النظام الرأسمالي إلى هزات اقتصادية‪ ،‬عجزت كل أجهزة هذا النظام في‬
‫مواجهتها‪ ،‬وبدت كل نظرياته الفكرية ال تجد نفع ا أمام هذه الهزات‪ ،‬وفي هذه الحالة قام كينز بوضع نظرية جديدة‬
‫لتدخل الدولة في الميدان االقتصـادي‪ ،‬واستطاع أن ينقذ الرأسمالية من أزمة الركود التي سقطت فيها‪ ،‬وليقدم عالج ا‬
‫للرأسمالية هي بأمس الحاجة إليه‪.‬‬

‫أن الرأسمالية عرضة لألزمات فقد دخلت في مطلع عقد السبعينيات من القرن الماضي في أزمة جديدة‬
‫وبما َ‬
‫تعرف بأزمة التضخم الركودي ‪ Stagflation‬وقد وقع جزء من اللوم على تدخل الدولة‪ ،‬وفي ظل شيوع األفكار‬
‫الليبرالية الجديدة المرتكزة على فلسفة المدرسة النقودية (الفريدمانية) والتي تهدف إلى تقليل الدور االقتصادي للدولة‬
‫بأن مشكالت الرأسمالية تأتي من تدخل الدولة‪.‬‬
‫وافساح المجال للقطاع الخاص وفق رؤية ترى َ‬

‫وفي الوقت الذي تتعالى فيه الدعوات إلى ضرورة تقليص دور الدولة في ظل العولمة‪ ،‬يالحظ أ َنه في البلدان‬
‫الرأسمالية المتقدمة الزالت الحكومات الوطنية متواجدة لحماية مصالحها الوطنية ومصالح مؤسساتها االقتصادية‬
‫المتعددة الجنسية ذات طابع قومي وليست شركات عولمة وأ َن الروابط بين هذه الشركات وحكوماتها‬
‫َ‬ ‫والزالت الشركات‬
‫وتعبر عن المصالح المشتركة للطرفين‪ ،‬فالرأسمالية ومنذ نشوئها لم تستغن عن الدولة ووظائفها وهي غير‬
‫الزالت قوية َ‬
‫مرشحة لالستغناء عنها في ظل العولمة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫اإلطار النظري لدور الدولة في النشاط االقتصادي‬ ‫الفصل األول‬

‫النشاط االقتصادي وما صاحبها من مفاهيم وأفكار جديدة نتيجة‬‫وتعتبر مختلف التغيرات في دور الدولة في َ‬
‫الراهنة‪ ،‬والتي سيتم إبرازها وربطها بالتغير في‬
‫المتغيرات َ‬
‫طبيعية لتطور األوضاع االقتصادية ودخول آليات تتماشى و َ‬
‫دور الدولة وذلك في الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫تعد العولمة واحد من التيارات الفكرية المعاصرة التي انطوت على مضامين ومفاهيم جديدة‪ ،‬تهدف من خاللها‬
‫تغير واقع دورها االقتصادي‪ ،‬االجتماعي‪ ،‬السياسي والثقافي‪ ،‬وكذا فهي ترقى ألن‬
‫إلى توحيد العالم انطالقا من َ‬
‫بأنها تعبر عن واقع سياسي وايديولوجي جديد يعمل على تحقيق أهدافه من خالل وسائل متباينة في مدى‬
‫توصف َ‬
‫مشروعيتها وتأثيرها‪ ،‬ومدى قبولها من المعنيين بها‪.‬‬

‫المؤسسات االقتصادية الدولية مثل "البنك‬


‫َ‬ ‫أسست‬
‫فالعولمة في األساس ظهرت كظاهرة اقتصادية‪ ،‬وفي ظلَها َ‬
‫النقد الدولي"‪ ،‬وأخذت تعقد االتفاقيات فيما بينها على أساس مبدأ حرية التجارة مثل "اتفاقية توحيد‬
‫الدولي وصندوق َ‬
‫التعريفة الجمركية (الجات)" التي نتجت عنها "منظمة التجارة العالمية"‪ ،‬كما عقدت المنتديات للتباحث في مبادئ‬
‫أن اقتصاد الدول الغربية مرتبط باقتصاد بقية دول العالم فقد جذبت الدول الغربية كثي اًر‬
‫حرية التجارة العالمية‪ ،‬وبما َ‬
‫المؤسسات االقتصادية الدولية وحثتها على‬
‫َ‬ ‫بسياسات‬
‫من دول العالم للدخول في هذه االتفاقيات والمنتديات والعمل َ‬
‫أن دول العالم ترى في الدول الغربية المثل االقتصادي األعـلى‬
‫السوق‪ ،‬وبما َ‬
‫سن القوانين التي تسهل حرية اقتصاد َ‬
‫تغير‬
‫الذي تطمح في الـوصول إلى مستواه فقد شرعت في عمل كل ما تظـن َأنه يوصلها إلى ذلك المستوى‪ ،‬وبذلك َ‬
‫"دور الدولة" وفق متطلبات العولمة وتأثيراتها ومختلف آلياتها التي كان لها التأثير األكبر على "دور الدولة"‪ ،‬وخاصة‬
‫سياسات االستقرار االقتصادي والتصحيح الهيكلي لصندوق النقَد الدولي وبرامج اإلنشاء والتعمير للبنك‬‫من خالل َ‬
‫الدولي‪ ،‬وكذلك ما أفرزته العولمة من أزمات إقتصادية وضعت "دور الدولة" واقتصاديات الدول والمبادئ المبنية عليها‬
‫موضع شك وريبة‪.‬‬

‫النظرية‬
‫على وفق هذا التصوير جاء هذا الفصل الذي يستعرض المظاهر االقتصادية األساسية والمعطيات َ‬
‫والعملية للعولمة‪ ،‬بعد أن يستكمل تأطي اًر مفهومياً للظاهرة‪ ،‬لينتهي إلى تبيان العالقة بين ظاهرتي الدولة والعولمة‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫المبحث األول‪ :‬مفاهيم عامة حول العولمة‪.‬‬

‫إن تعدد وتشعب المجاالت التي ترتكز عليها ظاهرة العولمة جعلت منها مجاالً خصبا للنقاش تباينت فيه اآلراء‬
‫َ‬
‫فإن تشخيص هذه الظاهرة‪ ،‬وتحديد ماهيتها‪ ،‬ليس باألمر اليسير‪ ،‬كل يصفها حسب المكان‬ ‫ووجهات النظر‪ ،‬وعليه َ‬
‫ثم‬
‫الذي يضع عليه يديه‪ ،‬غير َأننا سوف نحـاول تسليط الضوء على هذه الظاهـرة من خالل اإلحاطة بمفهومها أوالً َ‬
‫تطورها التاريخي وأخي اًر أهم مظاهرها‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬ماهية العولمة‪.‬‬

‫استحوذت ظاهرة العولمة على اهتمام مختلف األوساط األكاديمية والسياسية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬ومن ذلك‬
‫بأن الذين عنوا بدراسة هذه الظاهرة لم يلتقوا على اصطالح موحد يمكن أن يؤطر أبعادها لفظاً وتعريفاً‪ .‬فمن‬
‫نالحظ َ‬
‫أن االختالف قائم حول المصطلح األنسب إطالقه على هذه الظاهرة ناجم عن أمرين‪،‬‬ ‫حيث المدلول اللغوي يظهر َ‬
‫األول هو‪ :‬اختالف الترجمة للكلمة اإلنجليزية ‪ ،GLOBALIZATION‬إذ يرى البعض َأنه مشتق من كلمة‬
‫‪ GLOBAL‬بمعنى الكرة‪ ،‬والتي يقصد بها الكرة األرضية‪ ،‬الكوكب الذي نعيش فيه‪ .‬ويشتق من فعل )كوكب( الذي‬
‫يعني‪ :‬جمع أحجار ووضع بعضها على البعض اآلخر في شكل محدد‪ ،‬وبذلك يصبح االصطالح األكثر قبوال في‬
‫وصف الظاهرة هو الكوكبة(‪.)1‬‬

‫في حين يؤكد البعض على أ َن المصطلح األنسب إطالقه على هذه الظاهرة هو )العولمة( فالمفردة على وزن‬
‫)فوعلة( وهي تدل على تحويل الشيء إلى وضعية أخرى مثل )قولبة( من قولب أي وضع الشيء في قالب‪ ،‬وعليه‬
‫فالعولمة هي وضع الشيء على مستوى العالم‪ ،‬وبالتالي فهي التي تقابل كلمة ‪ GLOBALIZATION‬التي تعني‬
‫الكونية أو ال َشمولية من كلمة ‪ GLOBAL‬والذي – حسب هذا الرأي‪ -‬تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل‪.‬‬

‫أن البعض أسماها‬


‫األمر الثاني‪ ،‬فهو تباين رؤى الباحثين حول أبعاد هذه الظاهرة‪ ،‬وفي هذا الصدد نجد َ‬ ‫أما‬
‫َ‬
‫انطالقا من تشخيص حالة البناء المقصودة‪ ،‬وأطلق عليها آخرون اسم الكوكبة تبعا لما تهدف إليه من خلق‬ ‫عالمية‬
‫ال َ‬
‫عوالم جديدة متعددة‪ ،‬ومتجانسة إلى حد التناقض في حين ارتأى آخرون أن يطلقوا عليها اسم التدويل‪ ،‬انطالقا من‬
‫رمزها األول ومفتاح البداية العملياتي لها بالشركات متعددة الجنسيات واتفاقات منظمة التجارة العالمية(‪.)2‬‬

‫العالمية ‪ universalism‬يعبر عن االرتقاء بالخصوصية إلى المستوى العالمي‪ ،‬في حين تنصرف‬
‫َ‬ ‫إن اصطالح‬
‫َ‬
‫العالمية تفتح على ما هو عالمي وكوني‪ ،‬أما اصطالح الكوكبة فهو‬
‫َ‬ ‫الظاهرة موضوعة البحث إلى احتواء العالم‪ ،‬و‬

‫‪ -1‬إسماعيل صبري عبد هللا‪ ،‬الكوكبة‪ :‬الرأسمالية العالمية مرحلة ما بعد اإلمبريالية‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،7991 ،222‬ص‪.50‬‬
‫‪ -2‬محمد الرميجي‪ ،‬العولمة وفخاخها‪ :‬حتى ال تتحول الرأسمالية إلى حيوان شره‪ ،‬مجلة العربي‪ ،‬العدد ‪ ،484‬مارس ‪ ،7999‬ص ‪.78‬‬
‫‪06‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫ينصرف إلى البعد الجغرافي للظاهرة‪ ،‬ويضفي عليها شيئا من الجمود‪ ،‬فهو ال يؤشر عمليات التغيير المستمرة‬
‫والحاصلة على مستوى العالم ككل‪ ،‬وال يوحي بالمشاركة اإلنسانية في عملية التغيير المقصودة‪َ .‬إنه يمكن أن نطلق‬
‫أن العالم عالمان ‪-‬من وجهة‬
‫تسمية الكوكب على المريخ من دون أن تكون هناك إمكانية تسمية (عالم المريخ) ذلك َ‬
‫نظر اللغة‪ -‬األول ما حواه بطن الفلك‪ ،‬والثاني هو اإلنسان(‪ ،)1‬في حين يوحي اصطالح التدويل إلى عكس ما‬
‫تتضمنه الظاهرة من تقاطع مع مفهوم الدولة الذي يتأثر بما تحدثه الظاهرة‪ ،‬األمر الذي سيجري بحثه الحقا‪ ،‬فالتدويل‬
‫أن الظاهرة موضوعة‬‫ينصرف إلى احتواء الدول من غير أن ينفي خصوصياتها أو يمس جوهرها وشكلها في حين َ‬
‫البحث تتضمن انحصا ار للسيادة واختراقا للحدود الوطنية‪ ،‬ولذا فالتدويل اصطالحا ال يعكس جوهر هذه الظاهرة‪.‬‬

‫أن‬
‫بأن اختيار االصطالح األنسب ليس باألمر اليسير‪ ،‬إال َأنه يبدوا َ‬
‫وبناءا على ما تقدم‪ ،‬وعلى الرغم من التسليم َ‬
‫استخدام مصطلح العولمة أكثر مالئمة في التعبير عن فحوى هذه الظاهرة‪ ،‬إذ يوحي بمشاركة الناس في انتشار‬
‫الظاهرة‪ ،‬كما يوحي أكثر من غيره بالحركة‪ ،‬وعمليات التغيير المستمرة والحاصلة على مستوى العالم‪ ،‬فهو يحمل في‬
‫الراهنة‪.‬‬
‫العالمية َ‬
‫َ‬ ‫التغيرات‬
‫طياته بعدين‪ ،‬األول‪ :‬مكاني ليشمل العالم برمته‪ ،‬والثاني‪ :‬زماني ليشير إلى مختلف َ‬

‫إن اصطالح العولمة يمكن أن يجمع بين وصف الظاهرة وتحديد بعض من مبادئها‪ ،‬فهو يعبر عن اتساع وعمق‬ ‫َ‬
‫عالمية متكاملة‪ ،‬وكذلك تحرير األسواق الوطنية‬
‫َ‬ ‫التدفقات الدولية في مجال التجارة والمال والمعلومات في سوق‬
‫الحرة للتجارة والمال والمعلومات سيكون ذا مردود إيجابي مادامت‬
‫بأن التدفقات َ‬
‫والعالمية انطالقا من االعتقاد القائل َ‬
‫العولمة مسألة حتمية‪.‬‬

‫أما من حيث التعريف فقد حاول كل من اهتم بهذه الظاهرة أن يعطي تعريفا لها أو توضيحا ينسجم مع فهمه لها‪.‬‬
‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫لقد دخلت العولمة ‪ GLOBALIZATION‬إطار الفكر السياسي كمفهوم جديد في كتابات مارشال ماك لوهن‬
‫‪ MARSHALL McLUHAN‬وزبيغينو بريجنسكي(‪ Zbigniew Brezizinski )3‬اللذان يصوران هذه الظاهرة‬
‫التكنولوجية أو كما‬
‫َ‬ ‫لمية و‬
‫على َأنها عالم تتقارب أجزاءه لتغدوا كقرية عالم َية ‪ Global Village‬بفضل الثورة الع َ‬
‫يسميها بريجنسكي (العصر التكنتروني‪ (Technetronic Eva‬فال تخرج العولمة عن كونها نتاجا لحركة التقدم‬
‫التكنولوجي‪ ،‬وثورة اإلتصاالت وظهور العقول اإللكترونية‪ ،‬كمتغيرات بدأت تبرز في الفترة التي أعقبت الحرب‬
‫أن العولمة ما هي إال زيادة درجة االرتباط المتبادل بين‬
‫فإن أغلب الكتابات الغربية تؤكد َ‬
‫العالمية الثانية‪ ،‬لذا َ‬
‫َ‬
‫المجتمعات اإلنسانية من خالل عمليات انتقال السلع ورؤوس األموال وتقنيات اإلنتاج واألشخاص والمعلومات‪.‬‬

‫أن العولمة‬‫ويرى البعض ضرورة التمييز بين العولمة والنظام االقتصادي الدولي‪ ،‬إذ يشير محمد األطرش إلى َ‬
‫هي اندمـاج أسواق العـالم في حقول التجـارة واالستثمارات المباشرة وانتقال األموال والقـوى العاملة والثقافات‪ ،‬والتقنية‪،‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬الجزء ‪ ،72‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،7911 ،‬ص ‪.025‬‬
‫‪2- M.H.Mcluhan , Understanding Media: The Extensions of Man, McGraw. Hill, New York, 1964,‬‬
‫‪p119.‬‬
‫‪ -3‬ربيغينو بريجنسكاي‪ ،‬بين عنصرين‪ :‬أمريكا والعصر التكنتروني‪ ،‬ترجمة محجوب عمر‪ ،‬دار الطليعة بيروت‪ ،7985 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪06‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫العالمية‪ ،‬مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية‬


‫َ‬ ‫أسمالية حرية األسواق وخضوع العالم لقوى السوق‬
‫ضمن إطار من ر َ‬
‫أن العنصر األساسي في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية الضخمة‬ ‫والى االنحصار الكبير في سيادة الدولة‪ ،‬و َ‬
‫أما اإلقتصاد الدولي فهو بالدرجة األساس يركز على عالقات إقتصادية بين دول ذات سيادة‪،‬‬ ‫متخطية القوميات ‪َ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وقد تكون هذه العالقات منفتحة جدا في حقول التجارة واالستثمارات المباشرة وغير المباشرة‪ ،‬ولكن يبقى للدول دور‬
‫كبير في إدارتها وادارة إقتصادها‪.‬‬

‫في حين يؤكد عديد من الكتاب على ضرورة فهم العولمة على َأنها أمركة العالم ‪ ،Americanism‬حيث تختفي‬
‫وهارلد شومان‪،‬‬
‫ا‬ ‫الحدود الفاصلة بين المفهومين‪ ،‬فهما مترادفان يعبران عن الشيء نفسه‪ ،‬إذ يذهب هانس بيتر مارتين‬
‫أن العولمة في سوق المال – والى حد ما – أمركة العالم(‪ ،)2‬فاألمركة ليست أسطورة بل حقيقة ملموسة تعيشها‬ ‫إلى َ‬
‫أوروبا وتحتج عليها وتعتبرها خط ار إستراتيجيا يهدد إستقاللها االقتصادي والسياسي وهويتها القومية‪ ،‬وقد تكون مقاومة‬
‫فرنسا لها في مفاوضات الجات ودفاعها عما يعرف باسم (االستشفاء الثقافي) اسطع دليل على وجودها وعلى‬
‫فإن السيطرة الثقافية الغربية تنطوي على عالقة أخرى من‬‫مخاطرها‪ ،‬وفي عرض توضيح لمفهوم العولمة الثقافية‪َ ،‬‬
‫السيطرة تجعل ثقافات غربية عديدة في موقع تبعي لثقافة أقوى‪ ،‬تتمدد أحكامها على امتداد سائر العالم‪ ،‬هذه السيطرة‬
‫يمكن التعبير عنها بعبارة األمركة‪ ،‬والعولمة هي االسم الحركي لها‪.‬‬

‫أن العمل على تعميم‬


‫على المعنى ذاته فالعولمة في المجال السياسي منظو ار إليها من زاوية الجيوبولتيك‪ ،‬على َ‬
‫نمط حضاري يخص بلدا بعينه‪ ،‬هو الواليات المتحدة على بلدان العالم أجمع‪ ،‬وهي ليست مجرد آلية من آليات‬
‫أن العولمة‬
‫التطور التلقائي للنظام الرأسمالي بل هي أيضا وبالدرجة األولى دعوة إلى تبني نموذج معين ‪ ،‬وهذا يعني َ‬
‫(‪)3‬‬

‫فإنها تنطوي على بعد إيديولوجي‬


‫إلى جانب كونها مظه ار أساسيا من مظاهر التطور الحضاري الذي يشهده عصرنا َ‬
‫يتمثل في إرادة الهيمنة على العالم وأمركته‪.‬‬

‫بأنها النتيجة الحتمية التساع‬


‫من المناسب اإلشارة إلى أن عولمة األسواق ‪َ Globalization of Markets‬‬
‫مجال التعامالت الدولية حتى أصبحت االقتصاديات الوطنية أكثر اعتمادا على األسواق الخارجية‪ ،‬فاألمر الذي‬
‫عدت السيادة مق َيدة بمجموعة‬
‫يفرض قيودا عديدة أهمها تلك المفروضة على السيادة الوطنية – كمسألة سياسية‪ -‬ف َ‬
‫متشابكة من االلتزامات السياسية أي االقتصادية للتجارة التابعة لحجم رأس مال الخاص المتدفق‪.‬‬

‫بأنها وصول نمط اإلنتاج الرأسمالي والسوق والتجارة إلى‬


‫كما يمكن إعطاء تعريف شامل للعولمة وجامعاً لها‪َ ،‬‬
‫أن ظاهرة العولمة التي نشهدها هي بداية عولمة اإلنتاج والرأسمال‬
‫عالمية دائرة اإلنتاج واعادة اإلنتاج ذاتها‪ ،‬أي َ‬
‫اإلنتاجي وقوى اإلنتاج الرأسمالية‪ ،‬وبالتالي عالقات اإلنتاج الرأسمالية أيضا ونشرها في كل مكان مناسب ومالئم‬

‫‪ -1‬محمد األطرش‪ ،‬العرب والعولمة‪ :‬ما العمل؟‪ ،‬مجلة المستقبل العربي العدد ‪ ،7998 ،229‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -2‬هانس بيتر مارتن وهارالد شومان‪ ،‬فخ العولمة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪،7998 ،‬‬
‫ص‪.740‬‬
‫‪ -3‬محمد عابد الجابري‪ ،‬العولمة والحرية الثقافية‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،7998 ،228‬ص ‪.71‬‬
‫‪06‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫خارج مجتمعات المركز األصلي ودوله‪ ،‬والعولمة بهذا المعنى هي رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت‬
‫رسملته على مستوى سطح النمط ومظاهره‪ ،‬فهي إذاً حقبة التحول الرأسمالي العميق لإلنسانية في ظل هيمنة دول‬
‫المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها‪ ،‬وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ)‪.(1‬‬

‫بأن العولمة ظاهرة مركبة وان كانت ذات بعد اقتصادي بالدرجة األولى‪ ،‬يراد بها‬
‫تقدم يمكننا القول َ‬
‫ومن كل ما َ‬
‫تحقيق التشابك على المستوى الدولي وتحقيق االندماج والتكامل عن طريق التأثير في سيادة الدولة على حدودها‬
‫وتذويب األخيرة أمام الشركات متعددة الجنسيات التي تؤلف العنصر الفاعل في اإلقتصاد‪ ،‬كما يتم تحقيق التشابك‬
‫المالية الدولية وانفتاح‬
‫َ‬ ‫واالندماج والتكامل عن طريق خلق عالقات دولية قائمة على تحرير التجارة والمعامالت‬
‫العالمية‪ ،‬مع تبني استراتيجيات ذات أبعاد عالمية تعتمد على التطورات العلمية‬
‫َ‬ ‫األسواق الوطنية وربطها بالسوق‬
‫التكنولوجية في مجاالت االتصال والمعلومات والعقول اإللكترونية‪ ،‬وكافة الممكنات الناتجة عن الثورة العلمية‬
‫َ‬ ‫و‬
‫والتكنولوجية‪ ،‬وأخي ار فالعولمة تبرز كحقبة من التحول الحضاري من حضارات متباينة نحو حضارات محـددة القسمات‬
‫هي الحضـارة االستهالكية‪ ،‬بغية الـوصول إلى اختـراق مجتمعات واقتصاديات العالم الثالث‪ ،‬والوصول كذلك إلى نمط‬
‫استهالك رأسمالي قائم على إشاعة الثقافة االستهالكية الغربية بل األمريكية حص اًر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التطور التاريخي للعولمة‪.‬‬

‫أن أغلب اآلراء‬


‫إن البحث في تاريخ العولمة يتيح لنا معرفة العمق التاريخي لهذه الظاهرة‪ ،‬وبادئ ذي بدء‪ ،‬نجد َ‬
‫َ‬
‫تتفق على هذه الظاهرة وان كانت حديثة اصطالحا‪ ،‬إالَ َأنهـا أو عـلى األقل في بعض من مضامينها قديمة‪ ،‬فالتاريخ‬
‫االقتصادي ينبئ تماثالت ما بين ما يطلق عليه حاليا العولمة وبين الحوادث االقتصادية المهمة قبل الحرب العالمية‬
‫األولى‪ ،‬لقد ازدهرت صالت اإلقتصاد الدولي مع تدفق االستثمارات من العالم الجديد إلى العالم القديم‪ ،‬وادعى‬
‫أن النشاط اإلنساني المترابط يضرب بجذوره عبر القرون المختلفة‪ ،‬وا َن امتداده عبرها قد اتسعت ما بين‬
‫البعض َ‬
‫كأنها في مكان‬
‫أن الشكل الحالي للعولمة قد اتسم بتشتت اإلنتاج ما بين بلدان عديدة تبدوا َ‬
‫البلدان المختلفة‪ ،‬غير َ‬
‫واحد ترتبط معا في الزمن الحقيقي(‪.)2‬‬

‫أن العولمة ظاهرة ارتبطت أصال بنشوء الرأسمالية الصناعية‪ ،‬وا َنما اتخذت أشكالها وأنماطها بحسب درجة‬ ‫كما َ‬
‫أن التغيرات التي طرأت على هذا النظام الذي تبلورت توجيهاته واتضحت‬ ‫تطور الرأسمالية الصناعية العالمية‪ ،‬و َ‬
‫خطوطه ومالمحه الرئيسية مع بداية التسعينيات تتمثل أساسا في انهيار نظام برتون وودز‪ ،‬عولمة النشاط اإلنتاجي‪،‬‬
‫عولمة النشاط المالي واندماج األسواق‪ ،‬تغيير مراكز القوى المالية وتغيير هيكل اإلقتصاد العالمي وسياسات التنمية‪،‬‬
‫أن ما يشهده اإلقتصاد العالمي من موجات متزايدة باتجاه عولمة االقتصادات الوطنية‪ ،‬في مجاالت التجارة‬
‫كما َ‬

‫‪ -1‬محمد عابد الجابري‪ ،‬العولمة والحرية الثقافية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪2- kofia Annan, Patnerships for Global Community, Annual Report on The Work for Organization, New‬‬
‫‪York:U.N, 1998, P 52.‬‬
‫‪06‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫والمال واالستخدام المت ازيد للتقنية وتغيير مواقع اإلنتاج‪ ،‬إنما هو ناجم عن الثورة المتصاعدة في تقنيات اإلتصاالت‬
‫وتزايد االتجاه نحو تحرير االقتصادات‪ ،‬بينما كانت العولمة في القرن التاسع عشر تتضح معالمها في التدفقات‬
‫فإن ما يميز القرن‬
‫الهامشية للسلع ورؤوس األموال وانتقال األشخاص بين الحدود في ظل رقابة محدودة‪ ،‬عليه َ‬
‫أن العولمة فيه كانت غير خاضعة لتشريع قانوني أو موافقة حكومية وبالتالي تختلف في إطارها‬
‫المذكور هو َ‬
‫المؤسسي عن ذلك الذي تشهده العولمة المعاصرة‪.‬‬

‫فإن ظاهرة العولمة ارتبطت بظاهرة الدول القومية الموحدة‪،‬‬


‫وفي صياغة متكاملة لنشوء وتطور ظاهرة العولمة‪َ ،‬‬
‫وبالتالي اعتبار نقطة البـداية هي ظهـور الدول القومية كلحظة فاصلة في تاريخ المجتمعات المعاصرة‪ ،‬وبهذا الصدد‬
‫فإن ظهـور المجتمع القومي منذ منتصف القـرن الثامن عشر يمثل بنية تـاريخية فريدة‪ ،‬والدول القومية المتجانسة في‬
‫َ‬
‫أن شيوع المجتمعات القومية في‬ ‫ثقافة مواطنها وخضوعهم إلرادتها تمثل تشكيال محدودا لنمط محدد من الحياة‪ ،‬و َ‬
‫أن نشر فكرة المجتمع القومي – من جهة ثانية‪ -‬شرط ضروري‬ ‫القرن العشرين هو فعل من أفعال العولمة‪ ،‬كما َ‬
‫لتعجيل العولمة التي ظهرت منذ قرن من الزمن‪ ،‬وتنحصر مكونات العولمة في‪ :‬المجتمعات القومية‪ ،‬األفراد‪،‬‬
‫اإلنسانية(‪.)1‬‬

‫وتنقسم مراحل نشوء وتطور العولمة إلى خمس مراحل هي‪:‬‬

‫‪ -‬المرحلة الجنينية (‪ :)6566-6666‬التي شهدت نمو المجتمعات القومية في أوروبا واضعاف القيود التي‬
‫كانت سائدة في القرون الوسطى‪ ،‬وعمق األفكار الخاصة بالفرد وباإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة النشوء(‪ :)6756-6566‬وهي تلك المرحلة التي حدث فيها تحول حاد في فكرة الدولة الموحدة‬
‫وتبلورت أثناء هذه المرحلة المفاهيم الخاصة بالعالقات الدولية‪ ،‬وباألفراد كمواطنين لهم أوضـاع مقننة في الدولة‪،‬‬
‫ونشأ مفهوم أكثر تحديدا لإلنسانية‪ ،‬وازدادت إلى حد كبير االتفاقات الدولية والمؤسسات المتعلقة بتنظيم العالقات‬
‫واالتصاالت بين الدول‪ ،‬وبدأت مشكلة قبول المجتمعات غير األوروبية في المجتمع الدولي‪ ،‬وبدأ االهتمام بتزايد في‬
‫العالمية‪.‬‬
‫َ‬ ‫موضوعي القومية و‬

‫‪ -‬مرحلة االنطالق (‪ :)6266-6756‬والتي ظهرت فيها مفاهيم كونية مثل "حظ التطور الصحيح" و"المجتمع‬
‫القومي المقبول" وتلك المفاهيم المتعلقة بالهوية القومية والفردية‪ ،‬وتم إدماج العديد من المجتمعات غير األوروبية في‬
‫المجتمع الدولي‪ ،‬وبدأت عملية الصياغة الدولية لألفكار الخاصة باإلنسانية ومحاولة تطبيقها‪ ،‬وهنا حدث تطور كبير‬
‫في األشكال الكونية لالتصال‪.‬‬

‫‪ -1‬روالند روبرتسون‪ ،‬تخطيط الوضع الكوني‪ ،‬نقال عن السيد يسين‪ ،‬في مفهوم العولمة‪ ،‬مجلة المستقبل العربي العدد ‪،7998 ،228‬‬
‫ص‪.77-9‬‬
‫‪06‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -‬الصراع من أجل الهيمنة (‪ :)6206-6266‬حيث حدثت الخالفات والحروب الفكرية حول المصطلحات‬
‫الناشئة بعملية العولمة التي بدأت في مرحلة االنطالق‪ ،‬ونشأت صراعات كونية حول صور الحياة وأشكالها المختلفة‪،‬‬
‫وتم التركيز على الموضوعات اإلنسانية وبرز دور األمم المتحدة في هذه المرحلة‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة عدم اليقين (‪ -6206‬؟)‪ :‬وهي المرحلة التي تم فيها إدماج العالم الثالث وتعمقت القيم ما بعد‬
‫المادية‪ ،‬وانتهت فيها الحرب الباردة‪ ،‬وازدادت المؤسسات العالمية والحركات العالمية وتعددت االعتبارات الخاصة‬
‫بالجنس والساللة وظهرت حركة الحقوق المدنية وأصبح النظام الدولي أكثر سيولة‪ ،‬وازداد االهتمام في هذه المرحلة‬
‫بالمجتمع المدني العالمي‪ ،‬والمواطنة العالمية‪ ،‬وتم تدعيم نظام اإلعالم العالمي ‪.‬‬

‫البين في النموذج أعاله يالحظ عليه التجريد الواضح إلى حد التطرف‪ ،‬وربطه تاريخ‬
‫وعلى الرغم من التكامل َ‬
‫بأن العولمة هي نتاج التطور الرأسمالي األوروبي األمر الذي‬
‫العالم واإلنسانية بالتاريخ األوروبي وحتى إذا ما سلمنا َ‬
‫بأن المفاهيم اإلنسانية واألفراد والثقافة هي محض اكتشافات‬
‫فإنه يصعب التسليم َ‬
‫ينطوي على قدر كبير من الصحة‪َ ،‬‬
‫يدعي‬
‫أن روالند روبرتسون ينطلق من رؤية متمركزة حول الذات المركزية األوروبية‪ ،‬ومن جانب آخر َ‬
‫أوروبية‪ ،‬ويبدوا َ‬
‫النموذج إدماج العا لم الثالث في المجتمع العالمي من دون أن يبين ماهية الدمج هل هي ثقافية أم اجتماعية أم‬
‫إقتصادية أم سياسية؟ بعضها أو كلها؟‪ ،‬بل هي كلها التي تعبر عن مقولتا االستعمار واإلمبريالية‪ ،‬األمر الذي جعل‬
‫أن هذا النموذج يهمل حقيقة الصراع بين العالم الثالث والبلدان‬
‫كتب التاريخ الحديث تتناوله‪ ،‬وأخي ار يمكن القول َ‬
‫فإنه ال يمكن االعتماد على نموذج روبرتسون كنموذج عالمي‪ ،‬أما إذا‬
‫الرأسمالية من أجل فك تبعية األولى للثانية ولذا َ‬
‫أن االعتماد عليه يبدوا أم ار ممكنا‪ً.‬‬
‫فإنه يبدو في غاية التكامل و َ‬
‫نظرنا إليه كنموذج غربي َ‬

‫أن العولمة وان شاعت لفظا في العقد األخير من‬ ‫ومن بين الذين تناولوا تاريخية العولمة جالل أمين الذي يعتقد َ‬
‫القرن العشرين‪ ،‬فهي ظاهرة قديمة‪ ،‬فإذا ما نظرنا إلى عناصرها كازدياد العالقات المتبادلة بين األمم‪ ،‬أو تأثر األمم‬
‫فإن هذه العناصر تعود لخمسة قرون خلت وحص ار منذ االكتشافات الجغرافية(‪ ،)1‬كما َأننا إذا فهمنا الظاهرة‬
‫ببعضها َ‬
‫على أنها التضاؤل السريع في المسافات الفاصلة بين المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬سواء فيما يتعلق بانتقال السلع أو‬
‫وكأنها تعادل في القدم نشأة الحضارة(‪ ،)2‬لكن االختالف‬
‫فإنها تبدو َ‬
‫األشخاص أو رؤوس األموال‪ ،‬أو األفكار والقيم‪َ ،‬‬
‫في الحداثة بحسب تعبير جالل أمين‪ ،‬هو رد الفعل اإلنساني إزاء هذه الظاهرة‪ ،‬والذي يتباين مع عصر آلخر‪ ،‬في‬
‫مدى ودرجة االستجابة بقبولها ورفضها‪ ،‬وعليه فالوعي بالظاهرة هو اآلخر قديم‪.‬‬

‫والعولمة تتشكل من االحتكاك بالمجتمعات الغربية بفعل االستعمار أو التجارة أو غيرها‪ ،‬فهي )أوربة( خالل فترة‬
‫معينة ثم تحولت إلى عملية )أمركة( منذ خمسين سنة‪ ،‬والعولمة المعاصرة تكتسب خصائص جعلتها تختلف عما‬

‫‪ -1‬جالل أمين‪ ،‬العولمة والدولة‪ ،‬مجلة المستقبل العربي ‪ ،7998 ،228‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -2‬جالل أمين‪ ،‬العولمة والتنمية البشرية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،7999 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪00‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫عدة طرأت‬
‫سبقها من األشكال األخرى للعولمة من حيث إرتباطها بتقنيات االتصال والتجارة‪ ،‬إضافة إلى متغيرات َ‬
‫على هذه الظاهرة في الثالثين سنة األخيرة‪ ،‬والتي من أبرزها(‪:)1‬‬

‫‪ -‬اجتياح تيار العولمة للعديد من المناطق التي كانت سابقا مغلقة أمامها مثل الصين وأوروبا الشرقية‪.‬‬

‫‪ -‬التوسع كماً ونوعاً في انتقال السلع والخدمات التي يجري تبادلها وحجم واتجاه رؤوس األموال التي يجري‬
‫استثمارها‪.‬‬

‫‪ -‬التحول باتجاه تبادل المعلومات واألفكار كنمط جديد للعالقات الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات في انتقال السلع ورؤوس األموال والمعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬تغيير مركز الدولة إزاء هذا النمط الجديد من العالقات االقتصادية الدولية‪.‬‬

‫أمر جديدا سيما إذا نظرنا إليها من زاوية‬


‫أن ظاهرة العولمة في مضامينها ليست ا‬ ‫وبناءا على ما تقدم يبدوا جليا َ‬
‫العالقات االقتصادية الدولية عبر االتفاقات التجارية والمعامالت التجارية والمالية وما يرافقها من التحالفات السياسية‬
‫أن األهمية‬
‫والعسكرية‪ ،‬والتي كثي ار ما تصاحب مثل هذه العالقات إن لم يكن الممهد لعقدها في تلك األوقات‪ ،‬غير َ‬
‫تسير‬
‫النسبية لهذه الظاهرة بدأت تبرز وبشكل واضح مع بداية العقود الثالثة الماضية نتيجة قوة الدفع التي أصبحت َ‬
‫عمليات الترابط واالعتماد المتبادل والتي سهلتها ثورة اإلتصاالت وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬التي اختزلت األوقات‬
‫عالمية‪ ،‬وعن اقتصاد عالمي وغدت العولمة‬
‫َ‬ ‫وسهلت عملية الحصول على المعرفة‪ ،‬فأصبح الكل يتحدث عن قرية‬
‫أن النظام الدولي يتعاقب‬
‫)عالم بال حدود تنظمه بدرجة رئيسية قوى السوق(‪ ،‬فهي إذاً امتداد لما سبقها حيث نالحظ َ‬
‫أن أنظمته ومخططاته وأساسياته عبر القرون تنطلق وال تتراجع‪ ،‬فهيمنة االستعمار خالل القرن التاسع‬
‫وال يتشابه‪ ،‬و َ‬
‫عشر كانت استعمارية عسكرية‪ ،‬واتسمت في القرن العشرين بكونها إمبريالية سياسية‪ ،‬ومن المحتمل أن تغدو في‬
‫فإن هدفها النهائي يكمن أساسا في الجانب االقتصادي‬
‫متعددة َ‬
‫ألن للعولمة مفاهيم ودالالت َ‬
‫القرن القادم "إقتصادية"‪ .‬و َ‬
‫الذي تقوم فيه العولمة االقتصادية على مفهوم السوق بإلغاء القيود على تحركات رؤوس األموال والبضائع والتقنيات‪،‬‬
‫وهذا الشكل الذي تتناوله دراستنا‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى مفاهيم أخرى للعولمة منها العولمة السياسية والتي ترتكز إلى‬
‫األحادية وزيادة التبعية السياسية وتدمير اإلرادة السياسية واالستقاللية في القرار السياسي‪ ،‬وكذلك العولمة الثقافية‬
‫الشمولية ‪ Totalitarianism‬بل يمكن القول بوجود عولمات كثيرة أخرى غير المذكورة أعاله)‪.(2‬‬
‫َ‬ ‫المستندة إلى مفهوم‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬مظاهر العولمة‪.‬‬

‫‪ -1‬جالل أمين‪ ،‬العولمة والدولة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.24-20‬‬


‫‪ -2‬جالل أمين‪ ،‬العولمة والدولة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪05‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫فإن ذلك‬
‫بحرية عبـر الحدود‪َ ،‬‬
‫إذا كانت العولمة في مضمونها العـام تعني انسيـاب التجارة ورأس المـال والمعلومات َ‬
‫أن جميع البلدان المتقدمة والنامية ستقع تحت ضغط شديد لتضمن الوصول إلى األسواق‬ ‫ينتج عنه بدون أدنى شك َ‬
‫األجنبية‪ ،‬وتجذب االستثمار المنتج وتحصل على التقنيات العالية بغية االستفادة من الزيادة المتوقعة في اإلنتاج‬
‫العالمي‪ ،‬وفرص العمل والتقدم التكنولوجي‪ ،‬ويصبح القول بوجود ثالثة عوامل وراء عولمة اإلقتصاد العالمي وهي‪:‬‬

‫‪ -‬الزيادة الكبيرة في قيمة التجارة الدولية خالل األربعين سنة األخيرة‪ ،‬بحيث وصلت إلى )‪ 0666‬مليار دوالر(‬
‫أن نسبتها إلى الناتج المحلي اإلجمالي‬
‫عام ‪ 1999‬الذي يعادل ‪ 14‬ضعفاً ما كانت عليه التجارة عام ‪ ،1996‬كما َ‬
‫تضاعفت من ‪ %7‬عام ‪ 1996‬إلى ‪ %19‬عام ‪ 1974‬إلى ‪ %..29‬خالل العقدين األخيرين‪ ،‬وهذه الزيادات بال ريب‬
‫تعكس استم اررية التحرر التجاري العالمي‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة تدفق االستثمارات إلى جميع أنحاء العالم الذي سهلته الشركات متعددة الجنسية والتي أخذت توسع‬
‫نشاطها بإنشاء فروع لها في دول كثيرة‪ ،‬وتتسابق الدول اآلن لجذب هذه االستثمارات التي وصلت إلى ‪ 22.‬ترليون‬
‫دوالر عام ‪ 1990‬وتغطي هذه االستثمارات مجاالت واسعة من النشاطات االقتصادية التجارية والخدماتية على حد‬
‫أن دول العالم الثالث بدأت تنال قسماً ال‬
‫أن القسط األكبر من االستثمارات يبقى في الدول المتقدمة‪ ،‬إالَ َ‬
‫سواء‪ ،‬ومع َ‬
‫بأس به في السنوات األخيرة‪.‬‬

‫‪ -‬ثورة اإلتصاالت والمعلومات وانتشارها عالمياً‪ ،‬األمر الذي يقود إلى جعل التطور بال حدود رغم وجود‬
‫وكأن العالم مرتبط بشبكة‬
‫الحدود السياسية‪ ،‬وأصبحت القوة الكامنة في هذا التطور تنبع من إمكانية اختزال الوقت فبدا َ‬
‫على درجة عالية من الكثافة(‪.)1‬‬

‫ومن أبرز المجاالت التي تجري عولمتها في الوقت الحاضر هي ‪:‬‬

‫‪ -6‬عولمة التجارة‪ ،‬تحرير التجارة ‪:Trade Globalization, Trade Liberalization‬‬

‫إن الجانب األكثر إثارة في تطورات ما بعد الحرب العالمية الثانية هو الطابع الكوني المتزايد لالقتصاد العالمي‬
‫َ‬
‫في مجاالت التجارة والتدفقات المالية والهجرة‪ ،‬فهناك زيادة مستمرة في معدالت )التجارة الخارجية‪/‬الناتج القومي‬
‫اإلجمال( في كل االقتصادات تقريبا‪ ،‬بحيث بات متوسط النمو في التجارة الدولية يتجاوز متوسط النمو في الناتج‬
‫العالمي‪ ،‬م َما يعني زيادة في متوسط معامل (التجارة‪/‬الناتج) على الرغم من بطء نمو التجارة الدولية في الثمانينيات‬
‫الراهن َأنها تنحصر في جانبين أساسيين‪ ،‬األول‪:‬‬‫)انظر الجدول )‪ .((12.‬إ َن أهم ما يميز التجارة الدولية في الوقت َ‬
‫هو التغير الحاسم في مكوناتها الذي يمكن عده أحد المالمح المميزة للقرن العشرين‪ ،‬األمر الذي يعود إلى نتائج الثورة‬
‫العلمية والتكنولوجية التي أتاحت إمكانية تحقيق أنماط جديدة من االستهالك ذات أبعاد عالمية وبالتالي زيادة االستيراد‬

‫‪1‬‬
‫‪- Renato Ruggiero, Whither The Trade System Next, The Uruguay Round and Beyond, Essay in Honor‬‬
‫‪of Arthur Dankel, Springer-Veriag, Berlin-Heidelberg, 1998.‬‬
‫‪07‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫عمقت هذه الثورة التخصص والتركيز خصوصا في الدول الصناعية المتقدمة‪ ،‬فالمستوى العالمي‬ ‫والتصدير‪ ،‬ولقد َ‬
‫لالستثمارات الرأسمالية في البلدان الصناعية والهياكل اإلنتاجية الضخمة المقامة في بعض بلدان العالم الثالث‪،‬‬
‫وازدياد الحاجة إلى إستراد الطاقة في أغلب البلدان‪ ،‬وتصنيع الزراعة في البلدان المتقدمة‪ ،‬واتساع الحدود الجغرافية‬
‫والمجتمعية للطلب على السلع المعمرة‪ ،‬والتوسع في إنتاج أنواع جديدة من المنتجات األولية‪ ،‬واإلقبال على إنتاج سلع‬
‫معدة للتصدير في بلدان منخفضة األجور ومرتفعة إنتاجية العمل مع تشجيع األسواق المحلية‪ ،‬والسعي بحثاً‬
‫صناعية َ‬
‫عدها من ثمار الثورة العلمية والتكنولوجية ونتاج طبيعي من نتائج "التدويل"‪،‬‬
‫عن أسواق خارجية‪ ،‬كلها أمور يمكن َ‬
‫غيرت طبيعة السلع والخدمات التي تشكل موضوع التجارة‪ ،‬فحكمت بشكل‬ ‫بأن هذه الثورة َ‬
‫األمر الذي يدفعنا إلى القول َ‬
‫حاسم مدخالت ومخرجات النظام االقتصادي وهو األمر الحاسم في مجال التجارة(‪.)1‬‬

‫جدول رقم )‪(6.6‬‬

‫التغيرات في قيمة الصادرات والواردات )‪(6667-6227‬‬


‫الوحدة‪ :‬النسبة المئوية للتغير السنوي‪.‬‬
‫‪6667‬‬ ‫‪6660‬‬ ‫‪6666‬‬ ‫‪6666‬‬ ‫‪6666‬‬ ‫‪6227‬‬
‫قيمة الصادرات )الدوالر(‬
‫‪0.2‬‬ ‫‪74.0‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪70.0‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫العالم‬
‫‪1.8‬‬ ‫‪70.0‬‬ ‫‪72.0‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫البلدان المتقدمة‬
‫‪1.2‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪77.2‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ -‬أميركا الشمالية‬
‫‪1.7‬‬ ‫‪75.8‬‬ ‫‪70.1‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪ -‬أوروبا الغربية‬
‫‪1.0‬‬ ‫‪74.0‬‬ ‫‪9.2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪2.00-‬‬ ‫‪ -‬اليابان‬
‫‪4.1‬‬ ‫‪72.7‬‬ ‫‪75.2‬‬ ‫‪8.1‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫بلدان العالم الثالث‬
‫‪1.1‬‬ ‫‪70.4‬‬ ‫‪74.0‬‬ ‫‪75.2‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪0.20‬‬ ‫‪ -‬أميركا الالتينية والكاريبي‬
‫‪0.1‬‬ ‫‪79.1‬‬ ‫‪75.0‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪2.10-‬‬ ‫‪ -‬إفريقيا‬
‫‪9.2‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪70.1‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.10-‬‬ ‫‪ -‬غرب آسيا‬
‫‪75.2‬‬ ‫‪20.1‬‬ ‫‪72.1‬‬ ‫‪75.4‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2.10-‬‬ ‫‪ -‬شرق وجنوب آسيا‬
‫‪70.7‬‬ ‫‪00.7‬‬ ‫‪78.2‬‬ ‫‪74.1‬‬ ‫‪8.0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ -‬الصين‬
‫قيمة الواردات )الدوالر(‬
‫‪0.2‬‬ ‫‪70.0‬‬ ‫‪70.0‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫العالم‬
‫‪1.0‬‬ ‫‪70.1‬‬ ‫‪70.4‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪0.0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫البلدان المتقدمة‬
‫‪1.0‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪70.1‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ -‬أميركا الشمالية‬
‫‪0.7‬‬ ‫‪70.2‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪0.0‬‬ ‫‪2.10‬‬ ‫‪ -‬أوروبا الغربية‬
‫‪8‬‬ ‫‪74.7‬‬ ‫‪70.9‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪2.0-‬‬ ‫‪ -‬اليابان‬
‫‪1.2‬‬ ‫‪72.0‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪7.10‬‬ ‫بلدان العالم الثالث‬
‫‪9.7‬‬ ‫‪78.1‬‬ ‫‪78.1‬‬ ‫‪9.1‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪ -‬أميركا الالتينية والكاريبي‬
‫‪4.0‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪ -‬إفريقيا‬

‫‪ -1‬نوزاد عبد الرحمن محمد الهيتي‪ ،‬الثــورة العلمية والتكنولوجيـة وانعكـاساتها على اإلتقتصـاد العــربي‪ ،‬أطـروحة دكتوراه غير‬
‫منشورة‪ ،‬جامعة بغدادا‪ ،‬كلية اإلدارة واالتقتصاد‪ ،7990 ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪02‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪1.2‬‬ ‫‪75.0‬‬ ‫‪75.7‬‬ ‫‪9.0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪7.20‬‬ ‫‪ -‬غرب آسيا‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الطالب باالعتماد على‪:‬‬

‫ليث عبد الحسن جواد‪ ،‬المضامين االجتماعية للعولمة‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬العدد الرابع‪ ،2558 ،‬ص ‪.41‬‬
‫شفيق الطاهر‪ ،‬العولمة واحتماالت المستقبل‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬العدد األول‪ ،2558 ،‬ص ‪.77‬‬

‫ميز التجارة العالمية هو اإلجراءات الكبيرة في مجال تحرير التجارة‪ ،‬سواء تلك‬ ‫أما الجانب الثاني الذي َ‬
‫الممتدة في التعريفات الجمركية عمال بسياسات تحرير التبادل ورفع القيود االستيرادية واالنفتاح‬
‫التخفيضات المثيرة و َ‬
‫على الخارج في بلدان م ثل كوريا الجنوبية وتايوان بعد تخليها عن سياسات التنمية ذات التوجه الداخلي التي كانت‬
‫تسعى إلحالل الواردات أو عن طريق تلك اإلجراءات الناتجة عن اتفاقات التجارة متعددة األطراف والتي توجت بجولة‬
‫أورغواي وانشاء منظمة التجارة العلمية‪.‬‬

‫أن دول العالم الثالث بحاجة إلى‬


‫وعلى الرغم من َأننا لسنا بصدد تقييم عولمة التجارة‪ ،‬إال أ َنه يمكن اإلشارة إلى َ‬
‫أن هذه الدول عليها التوجه إلى استغالل مواردها وتنويع هياكلها‬ ‫خلق ‪ Creation‬التجارة وليس تحريرها‪ ،‬ذلك َ‬
‫اإلنتاجية كي تتمكن من أن تتبادل السلع مع غيرها‪ ،‬إن تحرير التجارة سيضيف صعوبات إقتصادية جديدة تتحملها‬
‫اقتصاديات العالم الثالث سواء عن طريق ارتفاع تكاليف التنمية أو عن طريق زيادة حجم الواردات من المنتجات‬
‫الصناعية‪ ،‬وارتفاع قيمة الواردات الغذائية التي سترتفع أسعارها العالمية وهذا ما سوف يقودها حتماً إلى ظهور‬
‫عجوزات واضحة في موازين المدفوعات‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن تحرير التجارة يخفض التعريفات الجمركية ويؤدي إلى‬
‫فقدان اإلقتصاد موارد مالية مهمة بالنسبة لمعظم دول العالم الثالث التي تعتمد عليها في مجاالت تمويل اإلنفاق‬
‫المميز لبلدان العالم الثالث في عالقاتها االقتصادية‪،‬‬
‫َ‬ ‫إن التبعية إذا ما كانت هي الطابع‬
‫الجاري ومشروعات التنمية‪َ ،‬‬
‫فإن التبعية التجارية وتدهور معدالت التبادل التجاري في ظل العولمة سوف تبقى مستمرة وعميقة‪ ،‬ففي ظل عولمة‬ ‫َ‬
‫التجارة ستتحول بلدان العالم الثالث إلى هوامش إنتاجية وتسويقية وستضعف مكانتها في قسمة العمل الدولية‪ ،‬هذا‬
‫المتقدمة مقابل التخلَف التكنولوجي لبلدان العالم الثالث‪.‬‬
‫َ‬ ‫الضعف يجد دليله في التطور التكنولوجي للبلدان‬

‫‪ -6‬عولمة رأس المال ‪:globalization capital‬‬

‫إن تصدير رأس المال له تاريخ طويل فهو نتاج لعمليات البلدان الرأسمالية المتقدمة عبر العالم‪ ،‬وللمؤسسات‬
‫َ‬
‫فإن رأس المال ليس نتاجا لفائض رأس المال‬ ‫االقتصادية التي انبثقت خالل نضج الرأسمالية كنظام عالمي‪ ،‬كذلك َ‬
‫أما الدعامة األساسية‬
‫بحد ذاته‪ ،‬فمتى ما وجدت األسواق المالية المتطورة أمكن استغاللها من خالل طرق عديدة‪َ ،‬‬
‫لألسواق المالية فهي الشبكة الدولية من التجارة واالستثمار التي تولدت عن استجابة الدول الصناعية المتقدمة‬
‫لحاجتها إلى العمل في األسواق العالمية(‪ ،)1‬ومع استقاللية حركة أرس المال عن حركة السلع والخدمات نشأ اقتصاد‬

‫‪ -1‬هاي ماجدوف‪ ،‬اإلمبريالية من عصر االستعمار حتى اليوم‪ ،‬مؤسسة األبحاث العربية‪ ،‬بيروت‪ ،7987 ،‬ص ‪.720‬‬
‫‪56‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫مستقل يمكن تسميته اقتصاد االئتمان والديون‪ ،‬وأخذت تدفقات رأس المال الدولي تتخذ شكلين أساسيين هما‪ :‬رأس‬
‫المال اإلنتاجي بإقامة وحدات إنتاجية وشراء أصول رأسمالية‪ ،‬ورأس المال االئتماني في صورة قروض وتسهيالت‬
‫ائتمانية‪.‬‬

‫‪ -6.6‬رأس المال االستثماري‪:‬‬

‫أن لتدفقات رأس المال االستثماري دو اًر مهما في عولمة‬


‫مع االتجاه المتزايد نحو عولمة الحياة االقتصادية نجد َ‬
‫االستثمار وتصبح االستثمارات األجنبية المباشرة ‪ Investment Direct Foreign‬األداة األهم من أدوات توسيع‬
‫االستثمار‪ ،‬وايجاد الضمانات ضد المخاطر التكنولوجية والتجارية وهذه االستثمارات حتى الستينيات كانت تت ازيد‬
‫بفضل تدفقات رأس المال الجديد‪ ،‬غير َأنه منذ منتصف الستينيات أخذت الصورة تختلف إذ أصبح يعاد استثمار‬
‫األرباح محلياً وأصبح اهتمام الدول الرأسمالية الكبرى منصباً على توسيع رأس المال المحلي والغاء القيود على رأس‬
‫المال األجنبي الجديد‪ ،‬وتراجعت بالمقابل التدفقات الجديدة لرأس المال مع انخفاض العائد على المشروعات مقارنة‬
‫بمعدالت الفائدة في األسواق المالية‪.‬‬

‫أن نصف التدفقات من رأس المال االستثماري صارت تتم ما بين البلدان الصناعية نفسها‪ ،‬وصارت الواليات‬
‫كما َ‬
‫المتحدة هي المصدر األكبر لرأس المال على شكل استثمارات مباشرة والتي بلغت في أوروبا ‪ 027‬مليار دوالر عـام‬
‫ثم صـارت ‪ .429‬مليـار دوالر عام ‪ ،1996‬ووصلت إلى ‪9920‬‬
‫‪ 1906‬بعـد أن كـانت ‪ 127‬مليار دوالر عام ‪َ ،1996‬‬
‫مليار دوالر عام ‪.)1(1996‬‬

‫وفي أوائل التسعينيات ظهرت توجهات لمعظم دول العالم لوضع سياسات تؤثر في تدفق االستثمارات األجنبية‬
‫إلى دولهم‪ ،‬وذلك ضمن إستراتيجيات لجذب االستثمار المباشر على الرغم من ظهور هذا النوع من االستثمار في فترة‬
‫المدة )‪ (1997-199.‬وأصبحت حوالي ‪199‬‬
‫سابقة‪ ،‬فبينما كانت تقدر هذه االستثمارات بحوالي ‪ .7‬مليار دوالر في َ‬
‫أن هذه الزيادة تتمركز في عشر إلى خمسة عشر بلداً معظمها من الدول‬
‫مليار دوالر عام ‪ ،199.‬والمالحظ َ‬
‫المتقدمة‪ ،‬وتقدر تدفقات االستثمار األجنبي المباشر إلى بلدان العالم الثالث حوالي ‪ 169‬مليار دوالر عام ‪ 1990‬بعد‬
‫أن كانت في ‪ 1999‬حوالي ‪ 9929‬مليار دوالر‪ ،‬بينما لم تتجاوز في العام ‪ 1996‬الـ‪ .4‬مليار دوالر‪ ،‬وهكذا تشكل هذه‬
‫التدفقات أكبر عنصر من عناصر التدفقات المالية الصافية إلى العالم الثالث وتتسم هذه التدفقات بشدة التركيز‪،‬‬
‫فثالثة أرباع إجمالي التدفقات تقريباً تذهب إلى أكبر عشر بلدان مستفيدة‪ ،‬غالبيتها في آسيا وأمريكا الجنوبية(‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬فؤاد مرسي‪ ،‬الرأسمالية تجدد نفسها‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت ‪ ،7995‬ص ‪.722‬‬
‫‪ - 2‬األمم المتحدة‪ ،‬المجلس االتقتصادي واالجتماعي‪ ،‬دراسة الحالة االجتماعية واالتقتصادية لعام ‪.7998‬‬
‫‪56‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫لذا أصبح من الضروري االعتماد على مبدأ كفاءة اإلنتاج‪ ،‬والذي يتطلب بدوره االستثمار في مصانع جديدة‬
‫تعمل بها طواقم إدارية وفنية وعمالية ذات مهارة متميزة‪ ،‬وباستخدام تقنيات متقدمة وبخاصة في مجاالت اإلتصاالت‬
‫والمواصالت‪ ،‬وهكذا أصبحت العالقة بين االستثمار والتجارة عالقة ترابط وتكامل بعد أن كان ينظر إليها على َأنها‬
‫عالقة بدائل‪.‬‬

‫‪ -6.6‬رأس المال االئتماني‪:‬‬

‫شهدت الحقبة النفطية (‪ )1996-1972‬تصاعداً مذهالً في حجم القروض واالعتمادات التي منحتها مجموعة‬
‫المصارف الدولية الخاصة بالمقارنة مع االئتمان الصادر عن المنظمات الدولية والحكومية‪ ،‬فلقد زاد حجم اإلقراض‬
‫الدولي من ‪ 1.‬مليار دوالر عام ‪ 197.‬إلى ‪ 1.6‬مليار دوالر عام ‪ ،1996‬وقد سجل رقماً قياسياً عام ‪ 1997‬إذ‬
‫في صور سندات متوسطة األجل إضافة إلى القروض‬ ‫أعدت للمقترضين غير المقيمين ‪ 12.‬تريليون دوالر‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫المصرفية‪ ،‬ويرجع شيوع اصطالح العولمة في سوق األوراق المالية في العقود الثالثة األخيرة إلى تلك اإلجراءات‬
‫الضخمة التي اتبعتها الدول الصناعية المتقدمة لتحرير حركات رؤوس األموال من القيود المفروضة عليها‪ ،‬والدور‬
‫الكبير الذي لعبته الثورة المعلوماتية‪ ،‬األمر الذي جعل األسواق المالية أكثر ترابطاً وأقدر على إيجاد الفرص‬
‫أن العولمة التي‬
‫االستثمارية المتنوعة والجذابة أمام الراغبين في االستثمار في أرجاء المعمورة‪ ،‬يضاف إلى ذلك َ‬
‫شهدتها هذه األسواق فتحت الباب على مصراعيه أمام البنوك التجارية الشاملة والمتخصصة العالمية لتجد الفرص‬
‫المناسبة لتوظيف أموالها التي تراكمت خالل المدة ‪ 1996-1974‬نتيجة لتراكم الفوائض "البترو دوالرية" والتطور‬
‫الذي شهدته أسواق العمالت األوروبية ‪ ،Currency Euro Markets‬يضاف إلى ذلك النجاح الذي حققته البنوك‬
‫المركزية في البلدان الصناعية المتقدمة في السيطرة على الظاهرة التضخمية خالل الثمانينيات واتباع سياسات مرنة‬
‫ألسعار الفائدة مكنتها من تخفيض معدالت الفائدة‪ ،‬األمر الذي ساهم بدوره في زيادة الطلب على األوراق المالية ذات‬
‫أسعار الفائدة الثابتة (السندات الدولية)‪ .‬ولقد احدث هذا التطور رواجا كبي ار في مجال االستثمارات المالية الدولية‪،‬‬
‫وهي السبيل أمام حركة رؤوس األموال لالنتقال ما بين هذه األسواق طبقا لمعدالت الفائدة على السندات الجديدة وهي‬
‫الوسيلة الوحيدة التي كانت قد تالشت بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬كما وقد ساهمت سياسات تخفيض وازالة القيود بين‬
‫األسواق المالية في ظهور المناخ المناسب الذي في ظله نمت وازدهرت ظاهرة العولمة)‪ ،(2‬ويوضح الجدول (‪)...‬‬
‫تدفقات رأس المال الخاص إلى بلدان العالم الثالث مقارنة بالتمويل الرسمي للتنمية الذي أخذ بالتضاؤل‪.‬‬

‫‪ - 1‬فؤاد مرسي‪ ،‬الرأسمالية تجدد نفسها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.722‬‬


‫‪ -2‬البنك الدولي‪ ،‬التمويل العالمي للتنمية ‪ ،2558‬واشنطن العاصمة ‪ ،2558‬ص ‪.50‬‬
‫‪56‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫جدول رقم )‪(6.6‬‬

‫إجمالي صافي تدفقات الموارد إلى بلدان العالم الثالث )‪(6667-6666‬‬

‫الوحدة‪ 6666 :‬مليار دوالر‪.‬‬


‫‪6667‬‬ ‫‪6665‬‬ ‫‪6660‬‬ ‫‪6666‬‬ ‫‪6666‬‬ ‫‪6666‬‬ ‫‪6666‬‬
‫‪000.2‬‬ ‫‪090.2‬‬ ‫‪085.7‬‬ ‫‪012.0‬‬ ‫‪004.7‬‬ ‫‪027.0‬‬ ‫‪257.0‬‬ ‫االستثمار األجنبي المباشر‬
‫‪715.2‬‬ ‫‪782.0‬‬ ‫‪711.1‬‬ ‫‪710.0‬‬ ‫‪712.2‬‬ ‫‪701.7‬‬ ‫‪740.9‬‬ ‫تدفقات الحوافظ المالية‬
‫‪98.8‬‬ ‫‪702.0‬‬ ‫‪772.0‬‬ ‫‪757.2‬‬ ‫‪98.0‬‬ ‫‪90.8‬‬ ‫‪97.8‬‬ ‫المصارف التجارية‬
‫‪47.0‬‬ ‫‪44.7‬‬ ‫‪40.0‬‬ ‫‪48.2‬‬ ‫‪44.0‬‬ ‫‪41.0‬‬ ‫‪04.0‬‬ ‫تدفقات أخرى‬
‫‪18.2‬‬ ‫‪14.0‬‬ ‫‪10.1‬‬ ‫‪81.9‬‬ ‫‪95.2‬‬ ‫‪90.9‬‬ ‫‪81.1‬‬ ‫التمويل الرسمي للتنمية‬

‫المصدر‪ :‬البنك الدولي‪ ،‬التمويل العالمي للتنمية ‪ ،2558‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬

‫أن التطورات التي شهدها اإلقتصاد العالمي في نهاية هذا القرن‪ ،‬وهي صعود ما يسمى‬ ‫وتجدر اإلشارة أخي اًر إلى َ‬
‫باالقتصاد الرمزي‪ ،‬وهو االقتصاد غير المرتبط باإلنتاج والذي نما نمواً مطلقا وازداد وزنه في االقتصاد الرأسمالي‬
‫فأصبح يتوسع شيئا فشيئا‪ ،‬فقد حدث انفصال متزايد ما بين رأس المال المنتج ورأس المال النقدي‪ ،‬أي ما بين‬
‫إن‬
‫اإلقتصاد اإلنتـاجي واالقتصاد الرمزي القائم على المضاربة المالية في أسواق األسهم والسندات والعمالت‪َ ،‬‬
‫الرأسمالية العالمية تشهد في الوقت الحاضر إفراطا في تراكم رأس المال بالمقارنة مع رأس المال اإلنتاجي‪ ،‬وهو تطور‬
‫خطير أصبحت فيه أسواق األوراق المالية هي المرآة التي ترى الرأسمالية فيها وجهها كل صباح(‪ ،)1‬وكلَما أوغلت‬
‫الرأسمالية في النمو ازداد الطابع الرمزي‪ ،‬وصارت المضاربة المالية نشاطاً أساسياً لرأس المال‪ ،‬وطغى االقتصاد‬
‫المالي على اإلقتصاد الحقيقي وأصبحت حركة رأس المال وأسعار الصرف وأسعار الفائدة ال تعبر عن حركة التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬بل على العكس باتت مستقلة عنها‪ ،‬حيث بلغ حجم رأس المال غير المرتبط بالتجارة والعمل المنتج أربعين‬
‫ضعفا(‪ ،)2‬وبهذا الصدد تشير اإلحصاءات إلى َأن ه وفي الوقت الذي ال تتعدى فيه أرصدة البنوك المركزية عن ‪766‬‬
‫أي ما يعادل قيمة الناتج المحلي لبلد‬
‫فإن رقم أعمال البورصات الدولية يتجاوز ‪ 1666‬مليار دوالر يومياً َ‬
‫مليار دوالر‪َ ،‬‬

‫‪ -1‬فؤاد مرسي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.720‬‬


‫‪ -2‬محمد النوري‪ ،‬المخاطر الجديدة لالتقتصاد الرمزي‪ ،‬مجلة اإلنسان‪ ،‬العدد ‪ ،7990 ،70‬ص ‪.77‬‬
‫‪56‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫المالية بين دول مجموعة العشرين ‪ G20‬فاقت أربعين ضعفا قيمة المبادالت‬
‫َ‬ ‫بأكمله مثل فرنسا‪ ،‬كما أ َن التدفقات‬
‫التجارية بين نفس البلدان‪ ،‬وهذا ما يؤكد عمق التحوالت التي طرأت على هيكل االقتصاد الدولي والذي أصبح فيه‬
‫االستثمار اإلنتاجي غير مغر مقارنة بما توفره أسواق األسهم والسندات‪.‬‬

‫‪ -6‬عولمة الخدمات ‪:Globalization Services‬‬

‫تعتبر الخدمات مجاال جديدا للعولمة‪ ،‬فصناعة الخدمات تهيئ خدماتها لألنشطة االقتصادية المرتبطة فيما بينها‬
‫والمتباعدة جغرافيا‪ ،‬وهكذا تلعب دو اًر أساسياً في تزايد االرتباط المتبادل بين األسواق وأنشطة اإلنتاج عبر الحدود‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أ َن العديد من الخدمات التي كانت تعتبر منذ سنوات غير قابلة لالتجار أصبحت اآلن محال للتَجارة‬
‫النشطة‪ ،‬ويضم قطاع الخدمات مجموعة واسعة من األنشطة االقتصادية في قطاع العمال (األنشطة المهنية والتقنية)‪،‬‬
‫قطاع النقل‪ ،‬اإلتصاالت‪ ،‬البناء‪ ،‬التوزيع‪ ،‬التعليم‪ ،‬البيئة‪ ،‬السياحة إضافة إلى الخدمات المالية وخدمات البنوك‬
‫أن العامل الرئيسي في توسيع نطاق الخدمات هو التقدم الكبير في مجال تقنية‬ ‫والتأمين وغير ذلك‪ ،‬والمالحظ َ‬
‫المعلومات التي أدت إلى زيادة التعامل بالخدمات دولياً‪ ،‬وهو الذي أدى إلى توسيع حدود القدرات التجارية في مجال‬
‫أن التقدم التكنولوجي يزيد من تخفيض نفقات اإلتصاالت فمن المتوقع استمرار التوسع في مجال‬
‫الخدمات ‪ ،‬وبما َ‬
‫(‪)1‬‬

‫تجارة الخدمات‪.‬‬

‫أن من بين أبرز نتائج جولة "أورغواي" في إطار االتفاقية العامة للتجارة والتعرفة الجمركية‬
‫ومما هو جدير بالذكر َ‬
‫َ‬
‫‪ GATT‬هو إدماج تجارة الخدمات ضمن التجارة الدولية‪ ،‬واخضاعها لوالية الجات‪ ،‬وقواعدها العامة مع إضافة‬
‫قواعد عامة لتجارة الخدمات نظ ار لطبيعتها المميزة بإعتبارها سلعاً غير منظورة ‪ Invisible‬ومن ثم ال تنطبق عليها‬
‫العديد من قواعد تجارة السلع‪ ،‬وقد تم تضمين نتائج مفاوضات الجولة في تجارة الخدمات في االتفاقية العامة لتجارة‬
‫الخدمات والتي جاءت تماثل اتفاقية الجات األصلية في شموليتها‪ ،‬ولتعكس مصالح ورغبات الدول المتقدمة التي‬
‫تتمتع بقدرات تنافسية كبيرة في مجال صناعة الخدمات نتيجة الرتفاع المدخل التكنولوجي في إنتاجها مقارنة مع‬
‫منتجات دول العالم الثالث‪ ،‬وتنمو هذه الميزة مع مستوى التطور التكنولوجي الذي يشهد هو اآلخر تسارعا في نموه‪،‬‬
‫أن البلدان الرأسمالية المتقدمة بذلت جهدا مكثَفا ومارست ضغوطا متواصلة من أجل إنجاز االتفاقية العامة‬
‫ولهذا نجد َ‬
‫لتجارة الخدمات‪ ،‬بل َإنها ربطت قبولها بنتائج جولة "أورغواي" في مجال تجارة السلع بموافقة دول العالم الثالث على‬
‫هذه االتفاقية‪.‬‬

‫ولقد تم التوصل في نهـاية الجولة إلى تحديد مفهوم الخـدمة المتمثل بخدمـات االتصال‪ ،‬التحويالت الجارية‪،‬‬
‫السياحة‪ ،‬األنشطة المصرفية‪ ،‬التأمين‪ ،‬خدمات التشييد والبناء‪ ،‬خدمات النقل والخدمات االجتماعية‪ ،‬كذلك اتفقت‬
‫األطراف المتعاقدة على العمل على تحرير تجارة الخدمات التي تبلغ نسبتها حوالي ‪ %.0‬من حجم التجارة العالمية‬

‫‪ -1‬كارلوس أ‪ ،‬بريموبر جا‪ ،‬تدويل الخدمات وتأثيره على البلدان النامية‪ ،‬مجلة التمويل والتنمية‪ ،‬العدد (‪ ،7991 ،)7‬ص ‪.04‬‬
‫‪56‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫المدة (‪-199.‬‬
‫أن هذا القطاع يشهد نموا متزايد‪ ،‬إذ بلغ معدل نموه السنوي خالل َ‬
‫عام ‪ . 1992‬ومن الجدير بالذكر َ‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ %929 )199.‬مقارنة مع ‪ %721‬للتجارة السلعية‪ ،‬كما ارتفعت مساحة الخدمات في التجارة العالمية من ‪%1727‬‬
‫عام ‪ 199.‬إلى ‪ %.121‬عام ‪.)2(199.‬‬

‫عد مفهوما جديدا‬


‫ومما ينبغي تأكيده أ َن االتفاق الذي أبرمته ‪ GATS‬كان شامال للتجارة في الخدمات‪ ،‬بحيث َ‬
‫في سوق الخدمات وتسعى التدابير المتخذة لفتح سوق الخدمات في إطار ‪ GATS‬إلى تحرير تجارة الخدمات عن‬
‫طريق تخفيف اللـوائح التي تؤثر في أساليب توفيرها‪ :‬التجارة عبر الحدود‪ ،‬االستهالك الخارجي‪ ،‬الوجود التجاري‪،‬‬
‫ووجود أشخاص طبيعيين بوصفهم جهات توفر الخدمات‪ .‬وقد حددت االتفاقية قيام كل بلد وكجزء من التزاماته بتحديد‬
‫موعـد دخوله السوق إثر المفاوضات الثنائية المتعددة األطراف التي تجري بشأن تجارة الخدمات‪ ،‬وقد حضي قطاع‬
‫السياحة بأكبر عدد من الدول التي أعلنت التزامها ببنود االتفاق فيه‪ .‬أنظر الشكل البياني رقم )‪. (12.‬‬

‫الشكل البياني رقم )‪(6.6‬‬

‫خدمات بتقديم محددة التزامات‬


‫‪140‬‬

‫‪120‬‬
‫التزاماتها أعلنت التي عددالبلدان‬

‫‪100‬‬

‫‪80‬‬

‫‪60‬‬

‫‪40‬‬

‫‪20‬‬

‫‪0‬‬
‫قطاع األعمال‬ ‫اتصاالت‬ ‫بناء‬ ‫توزيع‬ ‫تعليم‬ ‫بيئة‬ ‫مالية‬ ‫صحة‬ ‫سياحة‬ ‫ترفيه‬ ‫نقل‬ ‫أخرى‬

‫الخدمات‬

‫المصدر‪ :‬إعداد الطالب باالعتماد على‪:‬‬


‫ليث عبد الحسن جواد‪ ،‬المضامين االجتماعية للعولمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫شفيق الطاهر‪ ،‬العولمة واحتماالت المستقبل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪ -1‬كارلوس أ‪ ،‬بريموبر جا‪ ،‬تدويل الخدمات وتأثيره على البلدان النامية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ -2‬رائد نزار السامرائي‪ ،‬تحرير التجارة الدولية وأثره على تجـارة السلع الـزراعية فـي الوطن العـربي‪ ،‬أطـروحة دكتـوراه غير‬
‫منشورة‪ ،‬الجامعة المستنصرية‪ ،‬كلية اإلدارة واالتقتصاد‪ ،7998 ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪56‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -6‬عولمة المعلومات واألفكار‪:‬‬

‫تعني العولمة فيما تعنيه زيادة معدالت انتقال المعلومات واألفكار وأنماط السلوك اإلنساني والقيم‪ ،...‬وزيادة‬
‫انفتاح المجتمعات بعضها على البعض اآلخر‪ ،‬وتعني أيضا زيادة االتصال والتأثر واالنتقال ما بين كل العناصر‬
‫القابلة لالنتقال)‪.(1‬‬

‫وتقوم العولمة بتعزيز وترسيخ القبول الطوعي لقناعات الغرب وتصوراته الثقافية واأليديولوجية‪ ،‬مستعينا بالشركات‬
‫متعددة الجنسيات‪ ،‬وبمؤسسات اإلعالم الدولية ووكاالت األنباء العالمية‪ ،‬من أجل نشر ما يبدو ثقافة‬
‫العولمة ‪ Culture Globalization‬وتعميم النموذج الرأسمالي وجعل الهوية الثقافية الغربية هي هوية كل الشعوب‪.‬‬

‫وقد يتعدى األمر القول بأ َن العولمة الثقافية هي االنتقال من حقبة‪ ،‬ومن ظاهرة الثقافات الوطنية والقومية إلى‬
‫ثقافة عليا جديدة هي الثقافة العالمية ‪ Universal‬أو الكونية)‪.(2‬‬

‫وحقيقة القول هو انه ليس هناك ثقافة عولمة بل هناك اختراق ثقافي يهدف إلى إلغاء الصراع األيديولوجي‪ ،‬أو‬
‫الحلول محله‪ ،‬ويستهدف العقل والنفس ووسيلتهما في التعامل مع العـالم‪ ،‬ونعني به اإلدراك الذي تتم السيطرة عليه ‪-‬‬
‫في ظل العولمة الثقافية– عن طريق إخضاع النفوس أي تعطيل فاعلية العقل وتكييف المنطق والتشويش على نظام‬
‫القيم وتوجيه الخيال‪ ،‬وتنميط الذوق وقولبة السلوك‪ ،‬والهدف هو تكريس نوع معين من السلوك اإلنساني لنوع معين من‬
‫المعارف والسلع والبضائع التي تشكل في مجموعها ما يمكن أن تسميه (ثقافة االختراق التي تتولى عملية تسطيع‬
‫الوعي واختراق الهوية الثقافية لألفراد والقوميات واألمم‪ ،‬ثقافة جديدة تضع الذوق االستهالكي والرأي السياسي وتشييد‬
‫رؤية خاصة لإلنسان والمجتمع والتاريخ)(‪.)3‬‬

‫أن مجتمـع الفردية الكونيـة وثقافته الجماهيريـة –االستهالكية ‪-Culture Mass‬‬


‫إن ما يمكن استخالصه هـو َ‬
‫َ‬
‫يمثل مرحلة جديدة في تطور الرأسمالية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية واتخذت بعدا جديدا مع تصاعد‬
‫الشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬وما أفرزته الثورة العلمية والتكنولوجية‪ ،‬وتوسع النظام الثقافي للرأسمالية وأدواته المعرفية‬
‫همية في هذه العملية ومن وجهة نظر‬
‫ليشمل الكرة األرضية‪ ،‬وتؤدي وسائل اإلعالم وانتشار المعلومات دو ار بالغ األ َ‬
‫العالم الثالث يتخذ هذا التوسع للنظام الثقافي للرأسمالية شكل الغزو الثقافي‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد عابد الجابري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪ -2‬محمد عابد الجابري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ -3‬محمد عابد الجابري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪50‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫الدولية في ظل العولمة‪.‬‬
‫َ‬ ‫مؤسسات االقتصادية‬
‫سياسات ال َ‬
‫المبحث الثاني‪َ :‬‬
‫الدولية‬
‫َ‬ ‫مؤسسات االقتصادية‬
‫إن أهم ما يميز اقتصاد القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين هو تغلغل ال َ‬
‫َ‬
‫وتنامي قدرتها على توجيه االقتصاديات القومية‪ ،‬وترجيح ميزان القوى لصالح هذه المؤسسات وما تملكه من وسائل‬
‫للقيام بترتيبات غير عادية‪ ،‬ملقيةً اللَوم على الحكومات والبنوك المركزية بسلوك سياسات تتنافى وقيم التنافس الحر‪،‬‬
‫و‪/‬أو بانتهاج طرق تتضارب مع متطلبات العولمة من ليبرالية وخصخصة‪ ،...‬بل نجد المؤسسات االقتصادية الدولية‬
‫تهتم بقضايا غير إقتصادية من قبيل التمثيل السياسي وحقوق اإلنسان‪ ،...‬وذلك لتمرير وتنفيذ إجراءات قد ال تتماشى‬
‫ومصالح األقطار المنفذة فيها السياسات التي تطلع تلك المؤسسات بتخطيطها وتنفيذها‪.‬‬

‫إن المؤسسات الدولية وجدت مكانتها في ظل العولمة‪ ،‬فتوظفها الدول الرأسمالية لغرض الرقابة على العالقات‬
‫َ‬
‫المؤسسات‬
‫َ‬ ‫بين العالم المتقدم والعالم الثالث واخضاعها لمنطق الرأسمالية‪ ،‬ومن خالل هذا المبحث سنتعرض ألهم‬
‫سياساتها المنتهجة‪.‬‬
‫االقتصادية الدولية ومختلف َ‬

‫الدولية‪.‬‬
‫َ‬ ‫المطلب األول‪ :‬المؤسسات االقتصادية‬

‫يتناول هذا المطلب مناقشة البنية المؤسسية للعولمة‪ ،‬والتي تتوزع ما بين مؤسسات مالية منفَذة وداعمة كالبنك‬
‫الدولي وصندوق النقد الدولي‪ ،‬أو مؤسسات مصلحية دافعة كمجموعة الدول السبع الصناعية وكذلك الشركات متعددة‬
‫الجنسيات‪ ،‬أو مؤسسات قانونية منظمة كمنظمة التجارة العالمية‪.‬‬

‫مؤسستا بريتون وودز ‪:Brotton Woods Faundations‬‬


‫‪َ -6‬‬

‫قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية وتحديدا في تموز ‪ 1944‬اجتمع ممثلوا ‪ 44‬دولة في مدينة بريتون وودز‬
‫في ‪ New Hampstire‬بالواليات المتحدة األمريكية في مؤتمر دولي تمخض عنه تأسيس صندوق النقد الدولي‬

‫‪55‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ (FMI) IMF‬والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير ‪ IBRD‬وقد جاء ذلك انعكاسا للظروف والمتغيرات التي طرأت على‬
‫النظام الدولي الذي شكلته إف ارزات فترة ما بعد الكساد العظيم وأجواء الحرب العالمية الثانية وقد تمثلت هذه المتغيرات‬
‫في‪ :‬فوضى النظام الدولي التي سادت ما بين الحربين‪ ،‬القيود التي فرضت على المدفوعات الخارجية والتجارة الدولية‪،‬‬
‫حرب التخفيضات التي نشبت بين عمالت الدول وما نجم عنه من ركود في حركة التجارة ورؤوس األموال وتعقَد‬
‫عالقات المديونية(‪ .)1‬ولذلك برزت الحاجة إلى إقامة مؤسسات دولية لدعم التنمية وتفادي المشكالت المالية والنقدية‬
‫والتجارية والمساعدة في اعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية‪.‬‬

‫إن النظام المقترح لمؤسستي بريتون وودز في الواقع يعكس قوة وهيمنة اإلقتصاد األميركي على هذا النظام الذي‬
‫َ‬
‫رأت فيه نظاما يضمن العمل على إلغاء القيود على المدفوعات الخارجية‪ ،‬والتوصل إلى نظام متعدد األطراف‬
‫للمدفوعات‪ ،‬وليس نظاما لتوفير السيولة الدولية فحسب‪ ،‬فعكست اتفاقية التأسيس االستثمار الذكي لموقع القوة الذي‬
‫تمتَعت به الواليات المتحدة كي تفرض مشروعها الذي تقدم به هاري هوايت بدال من مشروع جون مينارد كينز الذي‬
‫كان يعبر عن المصالح األوروبية‪ ،‬أ َما دول العالم الثالث‪ ،‬فحاضرها كان غائبا وغائبها كان عبارة عن مستعمرات‪،‬‬
‫فإن نظام بريتون وودز أبداً لم يكن يعبر عن مشاكل هذه الدول‪ ،‬إذ لم يضع ضمن أهدافه قضايا التنمية‪،‬‬ ‫ولهذا َ‬
‫والمدفوعات الدولية لهذه المجموعة من الدول وال مساعداتها في تسوية حقوقها لدى دائنيها المستعمرين آنذاك‪.‬‬

‫إن مسؤولية البنك الدولي قد انحصرت في تمويل التنمية االقتصادية وقد قدم أولى قروضه في أواخر األربعينيات‬
‫أما صندوق النقد الدولي فقد‬
‫لغرض تمويل عملية إعادة تعمير االقتصاديات التي خربتها الحرب في أوروبا الغربية‪َ ،‬‬
‫كان هدفه مختلفا عن ذلك‪ ،‬إذ أنشئ كمؤسسة تعاونية طوعية تجذب إلى عضويتها تلك الدول المستعدة بروح‬
‫أن ما بين هاتين‬
‫المصلحة الذاتية‪ ،‬للتعهد بنبذ الممارسات الضارة بالصالح االقتصادي لسائر الدول األعضاء‪ ،‬غير َ‬
‫المؤسستين كان وما يزال هناك تعاون وثيق‪ ،‬تعمق في ظل التركيز عمليات اإلصالح االقتصادي بما أدى إلى تقارب‬
‫كبير في جهود البنك والصندوق معاً(‪.)2‬‬

‫وفي عام ‪ 1999‬ابتدع الصندوق ما يسمى بفروض التكيف الهيكلي التي تستهدف تكييف اقتصاد البلد المدين‬
‫طبقا لحاجات ورؤى الجهات الدائنة أمال في استرداد الديون وادماج البلدان المدينة في اإلقتصاد الرأسمالي العالمي(‪،)3‬‬
‫وتحت إشراف الصندوق دشنت بلدان أوروبا الغربية عمليات تحرير اقتصاداتها‪ ،‬فقد حررت في ظله كل من فرنسا‬
‫وايطاليا أسواق النقد والمال عام ‪ ،1996‬كما مثل صندوق النقد الدولي الوسيلة المثلى لتنفيذ التحرير في باقي دول‬
‫العالم‪.‬‬

‫‪ -1‬رمزي زكي‪ ،‬التاريخ النقدي للتخلف‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،7981 ،‬ص ‪.748‬‬
‫‪ -2‬مجلة الدراسات المالية والمصرفية‪ ،‬صندوق النقد الدولي والبنك العالمي‪ ،‬العدد ‪ ،7994 ،0‬ص ‪.28-21‬‬
‫‪ -3‬رمزي زكي‪ ،‬اإلتقتصاد العربي تحت الحصار‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،7989 ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪57‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫إن صندوق النقد الدولي يعتبر اليوم‪ ،‬ومن دون منازع أقوى مؤسسة دولية في العالم(‪ ،)1‬فهو يقف في مكان‬ ‫َ‬
‫الصدارة بين المؤسسات االقتصادية الدولية ويعود النمو الكبير في قوة الصندوق إلى‪:‬‬

‫‪ -‬ضخامة مـوارد الصندوق التي تقدر بحوالي ‪ .66‬مليار دوالر عام ‪ 1994‬تتآتى مـن اكتتابات الحصص‪،‬‬
‫ومن رسوم العضوية التي يدفعها األعضاء ‪ 192‬في الصندوق‪.‬‬

‫‪ -‬قيام الصندوق بأداء وظيفته بدقة وفعالية مذهلة وتوليه حماية المصالح المالية للدول الرأسمالية‪ ،‬وخصوصا‬
‫حماية ديون المصارف االحتكارية بما يتناسب مع رغبات هذه الدول والمصارف‪ ،‬األمر الذي دفع باتجاه تقوية‬
‫أجهزته ودعم موارده وجعله أغنى الهيئات الدولية على اإلطالق‪.‬‬

‫وتأسيساً على الدور الحيوي الذي يقوم به البنك والصندوق الدوليان كمؤسستين من المؤسسات االقتصادية‬
‫أن بدايات ظهور العولمة يتزامن مع تأسيسهما‪ ،‬فقد عملت هاتان المؤسستان على دعم كل‬ ‫الدولية‪ ،‬ويعتقد البعض َ‬
‫التوجهات التي من شأنها عولمة اإلقتصاد‪ ،‬فالبنك الدولي عندما يؤَيد هذه التوجهات يتنبأ بالرخاء االقتصادي في‬ ‫َ‬
‫المستقبل للبلدان المتقدمة وبلدان العالم الثالث معاً‪ ،‬كما ارتفع حجم التجارة العالمية وزيادة معدالت النمو االقتصادي‬
‫العالمي خالل المدة ‪ .669-1999‬بنسبة ‪ %222‬سنويا‪ ،‬أما الصندوق فجاء في تقريره لعام ‪ 1999‬التأييد الكامل‬
‫ألنها تمثل انتصا ار لبلدان الرأسمالية التي سعت إلى تحويل الجات إلى منظمة دولية على‬
‫لنتائج جولة "أورغواي" َ‬
‫غرار مؤسستي بريتون وودز(‪.)2‬‬

‫وازاء التطورات الجديدة في ظل العولمة والمفهوم غير الدقيق للنظام العالمي الجديد الذي نشأ عقب الحرب‬
‫العالمية الثانية‪ ،‬وفي ضوء تفاقم أزمة المديونية العالمية وتهميش مفهوم التنمية بدأت الدول الصناعية تتنصل من‬
‫التزاماتها تجاه دول العالم الثالث باسم العولمة‪ ،‬وعلى دول العالم الثالث أن تشق طريقها نحو التنمية‪ ،‬ويقتصر دور‬
‫الدول الصناعية حينئذ بمساعدة دول العالم الثالث للحاق بالسوق العالمية من خالل ترتيبات بين األطراف المعنية‪،‬‬
‫هذا الشرط تمارسه المؤسستان الدوليتان اللتان تملكان التأثير األكبر في الصعيد العالمي‪ ،‬واللتان ظلتا مخلصتين‬
‫لفلسفتهما منذ البداية نظ ار للسيطرة الكاملة عليها من قبل الدول الرأسمالية‪ ،‬فهي التي تصمم وتنفذ برامج اإلصالح‬
‫فإن الدور المتصاعد لصندوق‬ ‫االقتصادي وسياسات التثبيت والتكييف الهيكلي في دول العالم الثالث وبهذا الصدد َ‬
‫وكأنها ممثل أميركي فوق الـدول‪ ،‬تأشي ار لهيمنة الواليات‬
‫النقد الدولي من شأنه أن يبرز هذه المؤسسة المالية العالمية َ‬
‫المتحدة على هاتين المؤسستين‪.‬‬

‫فإن‬
‫ومع تعاظم دور مؤسستي بريتون وودز التي صارت توجه النظام العالمي بشقيه النقدي واالستثماري‪َ ،‬‬
‫تطلَعات إدارة النشاط التجاري استكماال لما سبق أصبحت تتجه نحو ضرورة قيام مؤسسة دولية قادرة على إنجاح‬
‫جولة "أورغواي" واقرار منظمة التجارة العالمية لتحل محل الجات ولتصبح جزءا جديدا من اإلطار المؤسسي للعولمة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- World Bank: Global Ecomonic Prospects and The Developing Countries, 1995, p 124.‬‬
‫‪ -2‬برهان محمد نوري‪ ،‬التطورات االتقتصادية الدولية المعاصرة‪ ،‬مطبعة اليرموك‪ ،‬بغداد‪ ،7999 ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪52‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -6‬مجموعة السبع ‪:Group of seven‬‬

‫مؤسسات االقتصادية‪ ،‬ورغم محدودية أعضائها والذي‬


‫تقف مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى بين أهم ال َ‬
‫فإنها تضم أقوى االقتصاديات في العالم‪ ،‬لقد عقدت هذه‬
‫توسع فيما بعد ليشمل في سنة ‪ 2559‬عشرين عضوا‪َ ،‬‬
‫المجموعة ما بين أولى قممها في عام ‪ 7910‬في ‪ Rambouillet‬بفرنسا‪ ،‬وآخرها ‪-‬المجموعة العشرين‪ -‬في‬
‫‪ 2559‬بلندن بانجلترا‪ ،‬استهدفت فيها مناقشة القضايا النقدية‪ ،‬واستغالل الفرص الناشئة والحلول المطروحة للتحديات‬
‫التي تواجهها هذه الدول‪ ،‬فضال عن بعض المشكالت العالمية االقتصادية والسياسية‪.‬‬

‫أقر المجتمعون )‪+G7‬روسيا( ضرورة دعم منظمة التجارة العالمية والنظام التجاري المنفتح‬ ‫وفي بيان كولون َ‬
‫ودعا البيان كافة الدول إلى مقاومة الضغوط الحمائية‪ ،‬وفتح أسواقها بشكل واسع‪ ،‬وااللتحاق بمنظمة التجارة العالمية‬
‫التقيد بمبادئها‪ ،‬كما شدد البيان على ضرورة اتخاذ خطوات لتطوير البنى التحتية االجتماعية والمؤسسية التي يمكنها‬
‫و َ‬
‫أن تعطي للعولمة وجها إنسانيا‪.‬‬

‫أهمية هذه المؤسسة في دعم العولمة‪ ،‬فإلى جانب ضخامة اقتصادياتها‪ ،‬وكبر حجم تجارتها‬
‫وجاء في هذا البيان َ‬
‫فإنها تهيمن على بقية المؤسسات االقتصادية الدولية كصندوق‬
‫الخارجية‪ ،‬وبالتالي عظم تأثيرها في االقتصاد العالمي‪َ ،‬‬
‫النقد الدولي الذي يتألف مجلسه التنفيذي )وهو المجلس الذي يتولى إدارة الصندوق( من ‪ 27‬عضوا منهم الخمسة‬
‫الكبـار‪ :‬الواليات المتحـدة‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬اليابان‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬واثنين من أكبر الدول الممولة‪ ،‬والى جانب الصندوق‬
‫تحتفظ المجموعة بكلمة الفصل في البنك الدولي ومؤسساته‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة لمنظمة التجارة العالمية‪ ،‬كما تمتلك‬
‫هذه الـدول الشركات متعددة الجنسيات التي هي غالبا ما تكون أميركية أو بريطانية أو يابانية‪ ،‬وقبل هذا وذاك تتفق‬
‫هذه الدول في مصالحها إزاء دول العالم الثالث‪ ،‬لذا تجدها ال تتوانى عن استخدام قدرتها التساومية السياسية‬
‫واالقتصادية بل والعسكرية أحيانا في تطويع سياسات دول العالم الثالث إلجبارها على السير في ذات الطريق الذي‬
‫يخدم مصالحها)‪.(1‬‬

‫سياسات هذه المجموعة مع بلدان النمور اآلسيوية فلقد واجهت مجموعة ‪ G7‬النجاحات‬ ‫وخير دليل على ذلك َ‬
‫االقتصادية لهذه البلدان بسلسلة من الترتيبات بقصد تقليل حجم استيراداتها من السلع اآلسيوية التي حققت فوائض‬
‫أن المنافسة اآلتية من‬
‫تجارية مهمة‪ ،‬كان هذا واضحا في قمة نيويورك ‪ 7980‬عندما ركزت األنظار على اعتبار َ‬
‫الشرق اآلسيوية غير مشروعة عبر إغراق األسواق األميركية والغربية ببضائع ذات أسعار منخفضة‪ ،‬وانتهت القمة‬
‫بوجوب رفع قيمة بعض العمالت اآلسيوية )الكورية الجنوبية‪ ،‬التايلندية( مع وضع المزيد من قيود على استيراد‬
‫المنتجات اآلسيوية‪ ،‬وكانت نتائج هذه السياسات وغيرها في صورة أزمة النمور في أواخر التسعينيات‪.‬‬

‫‪ -1‬سالم توفيق النجفي‪ ،‬الفقر وسياسات التكيف الهيكلي في االتقتصادات الزراعية العربية‪ :‬النظرية والتجارب‪ ،‬مجلة دراسات إتقتصادية‪،‬‬
‫بيت الحكمة‪ ،‬العدد ‪ ،7‬ربيع ‪ ،7999‬ص ‪.72‬‬
‫‪76‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫وكذلك تعمل الـ‪ G7‬من خالل لقاءاتها الدورية بتنسيق ضمني يقربها من مفاهيم مصطلح احتكار القلة من أجل‬
‫توجيه األسعار‪ ،‬وهي تسعى في نهاية القرن العشرين إلى إعادة تنظيم االقتصاد العالمي من خالل جملة من متغيرات‬
‫التصحيح والتكييف الهيكلي بالنسبة لالقتصاديات غير الرأسمالية في العالم الثالث‪ ،‬بحيث يقرب االقتصاديات النامية‬
‫من النموذج التنافسي النيوكالسيكي حتى تتسع جغرافية األسواق وكثافتها السكانية التي يمكن من خالل هذا النموذج‬
‫أن تمتد إليها تأثيرات احتكار القلة لرأسمالية الدول السبع الكبرى(‪.)1‬‬

‫‪ -6‬الشركات المتعددة الجنسيات‪:‬‬

‫تعتبر الشركات متعددة الجنسيات اليوم القوة المحركة للنظام االقتصادي الرأسمالي العالمي‪ ،‬وهي ظاهرة‬
‫اقتصادية مهمة وبخاصة في مجال العالقات الدولية فهي إحدى القوى األساسية المؤثرة في صنع األحداث والتحوالت‬
‫االقتصادية واالجتماعية بل والسياسية في العالم المعاصر‪ ،‬لقد أضحت هذه الشركات تتحكم بموارد اقتصادية هائلة‬
‫وتهيمن مباشرة على أهم النشاطات والمؤسسات االقتصادية في العالم‪ ،‬وخلق تعاظم نفوذها نوعا جديدا من االندماج‬
‫بين الوحدات االقتصادية اإلنتاجية والمؤسسات المالية والمصرفية على الصعيد العالمي‪ .‬أنظر الجدول )‪.(0.2‬‬

‫جدول رقم )‪(6.6‬‬


‫قوة الدول والشركات عام ‪) 6665‬مليار دوالر أمريكي(‬
‫*‪ GDP‬و )إجمالي المبيعات(‬ ‫البلد أو الشركة‬
‫‪214.1‬‬ ‫إندونيسيا‬
‫‪218.1‬‬ ‫جنرال موتورز‬
‫‪249.8‬‬ ‫تركيا‬
‫‪741.7‬‬ ‫الدانمارك‬
‫‪201.7‬‬ ‫فورد‬
‫‪220.0‬‬ ‫جنوب إفريقيا‬
‫‪222.2‬‬ ‫تويوتا‬
‫‪225.7‬‬ ‫اكسون‬
‫‪279.1‬‬ ‫رويالداتش ‪ /‬شل‬
‫‪279.1‬‬ ‫النرويج‬
‫‪785.8‬‬ ‫بولندا‬
‫‪782.1‬‬ ‫البرتغال‬
‫‪742‬‬ ‫‪IBM‬‬

‫‪ -1‬سالم توفيق النجفي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.70‬‬


‫‪76‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪728.2‬‬ ‫ماليزيا‬
‫‪778‬‬ ‫فنزويال‬
‫‪759.2‬‬ ‫باكستان‬
‫‪98.1‬‬ ‫يونيليفر‬
‫‪94.8‬‬ ‫نستله‬
‫‪94.1‬‬ ‫سوني‬
‫‪81.9‬‬ ‫مصر‬
‫‪14.8‬‬ ‫نيجيريا‬
‫‪7142.4‬‬ ‫الشركات الخمس الكبرى‬
‫‪745.0‬‬ ‫أتقل البلدان نموا‬
‫‪905.0‬‬ ‫جنوب آسيا‬
‫‪401.1‬‬ ‫إفريقيا جنوب الصحراء‬

‫المصدر‪ :‬تقرير التنمية البشرية لعام ‪ ،2551‬ص ‪.92‬‬


‫* إجمالي الناتج المحلي )‪.Gross Domestic Product :(GDP‬‬

‫وتغيرات في هيكل‬
‫ويمكن تحليل تفوق الشركات متعددة الجنسيات بما أحدثته الثورة العلمية التكنولوجية من نتائج َ‬
‫الصناعة والنمط الدولي لتقسيم العمل‪ ،‬أضف إلى ذلك حالة االستقرار التي شهدها العالم بما هيأ إمكانية االزدهار‬
‫للشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬فضال عن نتائج الثورة المالية‪ ،‬وتوفر المؤسسات المالية الدولية الداعمة لالقتصاد‬
‫بحرية ولعلَى األهم هو تقلص حجم المخاطر التي كانت الشركات تتعـرض‬
‫العالمي بما يم َكن الشركات من الحركة َ‬
‫لهـا في السـابق كأخطـار نزع الملكية ‪ Expropriation‬والمصـادرة ‪ Confiscation‬والتـأميـم ‪،Nationalization‬‬
‫وأخطار عدم القابلية للتحويل ‪ Inconvertibity‬وأخطار الحروب)‪.(1‬‬

‫ولعل األمر الذي يكتسب أهميته الخاصة هو الضغط الذي تمارسه الشركات متعددة الجنسيات لتأسيس ترتيبات‬
‫عالمية تأخذ بمبدأ الحرية التجارية‪ ،‬وكانت الشركات العمالقة هي قلب جماعات الضغط من أجل الليبرالية في هذه‬
‫حرية التجارة نوعا من االختيار‬
‫الترتيبات ويعتبر تبني الدول الصناعية المتقدمة وبخاصة الواليات المتحدة لمبدأ َ‬
‫السياسي لمصلحة شركاتها متعددة الجنسيات‪ ،‬و يفسر البعض ظاهرة الخصخصة أو التحول إلى القطاع الخاص‪،‬‬
‫وتقليل دور الدولة في الدول الرأسمالية المتقدمة من خالل ظاهرة الترَكز المتزايد في الشركات متعددة الجنسيات‬
‫أوجها في‬
‫وكاستجابة واضحة ألهم آلية تحكم الرأسمالية‪ ،‬وبخاصة الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية حتى بلغت َ‬
‫نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وما إن اكتسبت تلك الشركات القوة المطلوبة بدأت تستغني عن بعض األمور‬

‫‪ -1‬جالل أمين‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪76‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫التي ستؤديها الدولة القومية وأصبحت صيحة الوطنية من األمور التي عفا عنها الزمن وغدت المصالح العليا‬
‫أوروبية‪ ،‬أطلسية‪ ،‬أو ببساطة المصالح العامة‪.‬‬

‫العالمية‪:‬‬
‫َ‬ ‫‪ -6‬جوالت الجات وتأسيس منظمة التَجارة‬

‫اتجهت العديد من الدول نحو صياغة اتفاقية عامة للتعريفات الجمركية والتجارة ‪ GATT‬في عام ‪ 1947‬تهدف‬
‫من خاللها إلى تشجيع قيام تجارة دولية حرة وعادلة بين أعضائها‪ ،‬وتعتبر الجات أهم منظمة دولية إلى جانب‬
‫مؤسستي بريتون وودز‪ ،‬غير َأنها تختلف عنهما من حيث المركز القانوني‪ ،‬إذ َأنها لم تكن سوى مجموعة من المبادئ‬
‫واإلجراءات‪ ،‬قصد منها أن تكون إطا ار تنظيميا للمعامالت التجارية الدولية‪ ،‬فليس لها صالحيات أو وسائل للمعاقبة‬
‫يمكن اللجوء إليها واستخدامها‪ ،‬وبالتالي فهي لم تكن سوى منبر للمناقشات‪ ،‬يمكن من خاللها الحوار والوصول إلى‬
‫اتفاق حول الحد التدريجي من التفرقة والحواجز األخرى أمام التجارة‪ ،‬لذا يطلق عليها البعض تسمية اإلتقافية العامة‬
‫للكالم والكالم‪ ،‬لكن مع ذلك هناك العديد من المبادئ التي ينبغي على الدول األعضاء االلتزام بها‪ ،‬وأبرز هذه‬
‫المبادئ‪:‬‬

‫بالرعاية‪:‬‬
‫األولى َ‬
‫‪ -‬مبدأ الدولة ْ‬

‫أو مبدأ عدم التمييز الذي تلتزم به الدول‪ ،‬وتمنح على أساسه بعضها بعضا تخفيضات متبادلة في التعريفات‬
‫الجمركية ال تقل عن التخفيضات الممنوحة ألي عضو آخر‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ المعاملة الوطنية‪:‬‬

‫والذي بموجبه تتساوى منتجات الدول األعضاء في المعاملة وعدم فرض َأية شروط تمييزية لصالح المنتوج‬
‫المحلي على حساب المنتوج األجنبي‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ عدم اللجوء إلى قيود تعريفية‪:‬‬

‫والذي ينصرف إلى فرض رسوم جمركية بدال من القيود الكمية كوسيلة لحماية اإلنتاج الوطني من المنافسة‬
‫األجنبية‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية اللجوء إلى إجراءات وقائية في حاالت الطوارئ‪:‬‬

‫فإن الجات تعمل باإلضافة إلى وضع المبادئ التي يتعين على‬
‫ولتوفير المناخ المالئم لتحقيق تلك المبادئ َ‬
‫األعضاء مراعاتها‪ ،‬والعمل على الموازنة بين التزامات وحقوق هذه األطراف على توفير إمكانية التفاوض بين‬
‫األطراف المتعاقدة بشأن تحرير التجارة)‪.(1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- John Sloman and Mark Sutclift, Economics for Business, Prentice Hall Europe, 1998, P 402.‬‬
‫‪76‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫ولقد عقدت في إطار الجات منذ تأسيسها وحتى جولة "أورغواي" سبع جوالت من المباحث التجارية متعددة‬
‫األطراف وذلك كما يوضحه الجدول (‪.)42.‬‬

‫الجدول رقم )‪ :(6.6‬جوالت الجات ونتائجها‪.‬‬

‫النتائج‬ ‫الجولة ووقتها‬


‫تم فيها والدة الجات بتوتقيع ‪ 20‬دولة في ‪ 7941/75/05‬في تقصر األمم بجنيف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جولة جنيف‬
‫تركزت المباحثات على تخفيض التعريفة وااللتزام بعدم زيادة الموجود منها أصال‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪Geneva Round‬‬
‫في عام ‪ 7948‬باشرت الجات أعمالها وعقد االجتماع األول ألعضائها في هافانا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫غطت االتفاتقية خمس التجارة العالمية‪ ،‬وبلغت تقيمة التجارة ‪ 75‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪7941‬‬

‫‪ ‬انضمت عشر دول جديدة بعد أن ظهرت لها الفرض التي تتاح من خالل تحرير التجارة‪ ،‬وبخاصة‬ ‫جولة أنسي "فرنسا"‬
‫بعد استقرار األوضاع بعد الحرب‪.‬‬ ‫‪Annecy Round‬‬
‫‪ ‬جرى االتفاق على تخفيضات للتعريفة الجمركية شملت ‪ 0555‬سلعة‪.‬‬ ‫‪7949‬‬

‫انضمت ألمانيا إلى جانب ثالث دول أخرى‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫جولة توركواي‬
‫غطت اإلتفاتقية ‪ %85‬من التجارة العالمية‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫"انجلترا"‬
‫تبادل األعضاء ‪ 8155‬امتياز تجاري‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪Torguay Round‬‬
‫‪ %20‬تخفيض جمركي عما كانت عليه عام ‪.7948‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪7907-7905‬‬

‫‪76‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫جولة جنيف‬
‫‪ ‬تم إتقرار تخفيضات للتعريفة الجمركية بمقدمة ‪ 7.0‬ترليون دوالر باألسعار الحالية‪.‬‬
‫‪Genève Round‬‬
‫‪ ‬بلغت تقيمة التجارة ‪ 2.0‬مليار دوالر‪.‬‬
‫‪7901-7900‬‬
‫‪ ‬سميت ديلون نسبة إلى (دوغالس ديلون) نائب السكرتير العام األميركي الذي اتقترح عقد هذه‬
‫المفاوضات‪.‬‬
‫‪ ‬شارك فيها عدد كبير من الدول بلغ ‪ 12‬دولة‪.‬‬ ‫جولة ديلون‬
‫‪ ‬تضمنت المباحثات مع اإلتحاد األوروبي لتحقيق إعادة تنظيم التعريفات‪ ،‬وتضمنت إتقرار إعفاءات‬ ‫‪Delon Round‬‬
‫للمجموعات االتقتصادية اإلتقليمية‪.‬‬ ‫‪7912-7915‬‬
‫‪ ‬شهدت تحقيق المزيد من التخفيضات شملت ‪ 4555‬سلعة‪.‬‬
‫‪ ‬بلغت تقيمة التجارة ‪ 4.9‬مليار دوالر‪.‬‬

‫جرى فيها تخفيض عدد من التعريفات الجمركية الصناعية إلى النصف بإتقرار ‪ 05‬دولة‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫جولة كيندي‬
‫االتفاق على تدابير مكافحة اإلغراق ‪.Anti-Dump‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪Kenedy Round‬‬
‫‪ %00‬تخفيض للتعريفات على ما يزيد على ‪ 1555‬سلعة‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪7911 -7914‬‬
‫بلغت تقيمة التجارة ‪ 45‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬شاركت فيها ‪ 752‬دولة‪.‬‬


‫‪ % 08 ‬معدل التخفيضات على المنتجات الزراعية‪.‬‬
‫‪ % 04 ‬تخفيض جمركي على البضائع الصناعية‪.‬‬
‫‪ ‬تم بحث مدى كفاءة اإلجراءات الوتقائية و تقييد اإلعانات و الحواجز التقنية‪ ،‬و إجراءات مكافحة‬ ‫جولة طوكيو‬
‫اإلغراق‪.‬‬ ‫‪Tokyo Round‬‬
‫‪ ‬وضع أسس تقانونية ثابتة ضمن الجات بالنسبة لتجارة دول العالم الثالث‪.‬‬ ‫‪.7919 -7910‬‬
‫‪ ‬اتفاق للحد من القيود غير التعريفية‪.‬‬
‫‪ ‬منح امتيازات تعريفية‪ ،‬وغير تعريفية للمنتجات االستوائية‪.‬‬
‫‪ ‬تخفيض متوسط التعريفة على السلع المصنعة في األسواق السبع الكبرى من ‪ % 1‬إلى ‪.% 4,7‬‬

‫د‪ .‬محسن أحمد الخضيري‪ ،‬العولمة "مقدمة في فكر واتقتصاد وإدارة عصر الالدولة"‪ ،‬مجموع النيل العربية للنشر‪ ،2555 ،‬ص ‪.21‬‬ ‫المصدر‪:‬‬

‫أما جولة أورغواي ‪ Uruguay Round‬فقد بدأت بمبادرة من الواليات المتحدة وذلك بعد اجتماع على المستوى‬
‫وتم التوقيع على‬
‫الوزاري لألطراف المتعاقدة في الجات‪ ،‬في أيلول ‪ 1970‬في مدينة ‪ Punta Del Este‬باألورغواي َ‬
‫الصيغة النهائية في ‪ 19‬نيسان ‪ 1994‬في مراكش من قبل ‪ 111‬دولة(‪.)1‬‬

‫استغرقت هذه الجولة سبع سنوات تمخضت عنها والدة اتفاقية الجات الجديدة التي تبشر بمولد النظام التجاري‬
‫العالمي الجديد وسياساته واستراتيجياته(‪ .)2‬ورغم النجاح الذي حققته الجات من خالل توفيرها –في البداية‪ -‬آلية‬
‫أن عملية تخفيض التعريفة ال‬‫مناسبة للبدء في عملية تحرير التجارة لكن مع مضى الوقت أصبح واضحا ألعضائها َ‬
‫يكفي لتحرير التجارة بعد أن ازدادت أهمية االختراعات والتطورات التكنولوجية والمعلوماتية في عملية التجارة والتي‬

‫‪1‬‬
‫‪- John Sloman and Mark Sutclift, Economics for Business, op cit, P 403.‬‬
‫‪ -2‬عادل أبو سنية‪ ،‬جولة األورغواي (‪ ،)7990-7981‬مجلة الدراسات المالية والمصرفية العد ‪ ،7991 ،0‬ص ‪.01‬‬
‫‪76‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫أصبحت الجات قاصرة على التعامل معها‪ ،‬ولذا استهدفت جولة أورغواي إدخال مفاهيم جديدة في التجارة تتعلق‬
‫بالخدمات واالستثمار وحقوق الملكية الفكرية ووضع القواعد واآلليات للتعامل في مجاالت تسوية المنازعات التي تنشأ‬
‫بين دول األعضاء في منظمة التجارة‪ ،‬ولحماية اإلنتاج الوطني من خطر زيادة المستوردات وعمليات اإلغراق‪،‬‬
‫ومعالجة مشاكل ميزان المدفوعات‪ ،‬فمنحت منظمة التجارة العالمية أعضائها آليات واستثناءات للتعامل مع هذه‬
‫األخطار‪ ،‬فكانت المنظمة بمثابة الوريث للجات‪ ،‬التي احتويت في األولى‪ ،‬فأصبحت منظمة التجارة العالمية تمتلك‬
‫مما كانت تفعله سابقتها‪.‬‬
‫قوى إضافية‪ ،‬تؤهلها ألن تؤدي دورها بفاعلية أكبر َ‬

‫إن مفاوضات جولة أورغواي قد تركزت على أربعة محاور رئيسية هي ‪:‬‬
‫َ‬

‫‪ -6.6‬تحسين فرص الوصول إلى األسواق‪:‬‬

‫والذي يعني التفاوض بشأن تسهيل عمليات التبادل التجاري بين الدول األعضاء في الجات‪ ،‬فيما يتعلق ببعض‬
‫السلع والخدمات من خالل إلغاء أو تخفيض القيود التجارية‪ ،‬وتحرير تجارة المنسوجات والمالبس وبالفعل استطاعت‬
‫الجولة تخفيض التعريفة بأكثر من الثلث‪.‬‬

‫‪ -6.6‬توسيع نطاق الجات‪:‬‬

‫إذاً تطرقت المنظمة إلى موضوعات جديدة تتعلق بالتجارة الدولية من أبرزها‪:‬‬

‫‪ -6.6.6‬تجارة الخدمات‪ :‬واعتبر هذا الجانب سمة مميزة لجولة أورغواي فألول مرة في تاريخ الجات تدخل‬
‫الخدمات إلى جانب السلع في عملية تحرير التبادل التجاري‪ ،‬ولهذا أضيفت إلى جانب االتفاقية األصلية الخاصة‬
‫بالسلع ‪ GATT‬اتفاقية جديدة هي‪ :‬االتفاقية العامة للتجارة في الخدمات ‪GATS: General Agreement on‬‬
‫‪.Trade in Services‬‬

‫‪ -6.6.6‬إجراءات االستثمار المتعلقة بالتجارة‪ :‬والتي تضمنت مبدأين هما مبدأ للمعاملة الوطنية حيث نصت‬
‫عليه المادة الثانية‪ ،‬وبموجبه يمنح المستثمر األجانب المعاملة المنوحة للمستثمر الوطني‪ ،‬ومبدأ الشفافية الذي نصت‬
‫عليه المادة الخامسة من االتفاق الذي يقضي بااللت ازم باإلعالن عن تزايد االستثمارات المتصلة بالتجارة بحيث تكون‬
‫معروفة للدول األعضاء في الجات‪.‬‬

‫‪ -6.6.6‬حقوق الملكية الفكرية‪ :Intellectual Property Hights :‬والتي شملت قواعد جديدة لحماية هذه‬
‫مدة سريانها‪ ،‬والزام الدول‬
‫الحقوق ضمن اتفاقيات إنشاء منظمة التجارة العالمية‪ ،‬هدفها توسيع نطاق الحماية‪ ،‬وزيادة َ‬
‫الموقعة على االتفاقية تضمين تشريعاتها الوطنية القواعد الجديدة للحماية وفرض عقوباتها على الخارجين عليها‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫وتشمل حقوق الملكية الفكرية طبقاً لبنود االتفاق‪ ،‬براءات االختراع ‪ Patents‬ومختلف أنواع العالقات التجارية‬
‫‪ ،Trade Marks‬والنماذج الطباعية‪ ،‬والدوائر المتكاملة وحق النشر والتأليف ‪ Copy Rights‬والحقوق المتعلقة بها‪،‬‬
‫السرية‪.‬‬
‫والتصاميم الصناعية والمؤشرات الجغرافية‪ ،‬وحماية المعلومات َ‬

‫‪ -6.6‬تعزيز آليات الجات)‪:(1‬‬

‫سعت األطراف المتعاقدة في جولة أورغواي إلى تحديث بعض القواعد المتعلقة بالموضوعات التالية‪:‬‬

‫‪ -6.6.6‬مكافحة اإلغراق‪ :‬وألجله نص االتفاق على‪:‬‬

‫‪ -‬وضع مخصصات أو حدود متعلقة باإلغراق الحدي وهذا الحد هو أقل من ‪ ،%6.‬و تحديد حجم إغراق‬
‫الواردات بنسبة أقل من ‪.%62‬‬

‫‪ -‬فرض رسوم لمكافحة االغراق بمدة ال تزيد عن ‪ 69‬سنوات‪.‬‬

‫‪ -6.6.6‬الوقاية‪:‬‬

‫و هي اإلجراءات التي يمكن للدولة استخدامها لحماية صناعة أو سلعة معينة من منافسة الواردات إذا كانت تلك‬
‫المنافسة تسبب ضر ار جسيما للسلعة الوطنية من خالل تعديل التزام البلد كليا أو جزئيا فيما يتعلق بالتعريفات على‬
‫المنتج بغض النظر عن مصدره‪.‬‬

‫‪ -6.6.6‬االتفاق حول قواعد منشأ السلع‪ :‬وتم التوصل في هذا الشأن إلى‪:‬‬

‫‪ -‬وجوب تطبيق األنظمة الخاصة ببلد المنشأ بطريقة منسقة ومعقولة مع نشر هذه التعديالت على أنظمة بلد‬
‫المنشأ خالل الفترة االنتقالية )ثالث سنوات( قبل شهرين من تنفيذها‪.‬‬

‫‪ -‬البث في طلبات المستوردين والمصدرين فيما يتعلق ببلد المنشأ خالل )‪ (19‬يوما من تقديم الطلب‪.‬‬

‫‪ -6.6.6‬الدعم واإلجراءات المضادة‪ :‬إذ تم االتفاق على تحديد أنواع الدعم المقدم وكمايلي‪:‬‬

‫‪ -‬الدعم المحضور‪ :‬الذي يقدم بصورة قانونية أم فعلية للقيام بالتصدير أو ترجيح كفة السلعة الوطنية على‬
‫حساب السلعة األجنبية‪.‬‬

‫‪ -‬الدعم المشروع‪ :‬مثل الدعم العمومي غير المرتبط بسلعة أو صناعة‪.‬‬

‫‪ -1‬تمام علي الغول‪ ،‬منظمة التجارة العالمية وعولمة اإلتقتصاد‪ ،‬مجلة الدبلوماسي األردني‪ ،‬العدد ‪ ،7998 ،2‬ص ‪.75‬‬
‫‪75‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -6.6‬األوجه المؤسسية والقانونية‪:‬‬

‫وهو المحور األكثر أهمية والذي يتمثل بإنشاء منظمة التجارة العالمية ‪ WTO‬التي يمكن عدها عالمة مميزة‬
‫للتعامل مع ظاهرة العولمة‪ ،‬وذلك لألسباب اآلتية‪:‬‬

‫إن منظمة التجارة العالمية هي مؤسسة تمتلك الصالحية والقدرة على إدارة جوانب متعددة من االقتصاد‬‫‪َ -‬‬
‫العالمي‪.‬‬

‫إن المنظمة لديها العديد من اآلليات المناسبة للتعامل مع عولمة االقتصاد والتي يترتب عليها التخلي عن‬‫‪َ -‬‬
‫جزء من السيادة الوطنية لصالح التكامل مع االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫‪ -‬يمكن للمنظمة إدارة التجارة الدولية‪ ،‬بأشكالها المختلفة بين الدول األعضاء في المنظومة الدولية ضمن قواعد‬
‫معروفة وشفافية تهدف إلى حماية حقوق الجميع (‪.)1‬‬

‫فإنها‬
‫الراغبة باالنضمام تأديتها َ‬
‫أما أهم متطلبات االنضمام إلى منظمة التجارة العالمية والتي يجب على الدولة َ‬
‫َ‬
‫تتلخص في‪:‬‬

‫الراغبة باالنضمام بحرية وبأقل قيود‪.‬‬


‫‪ -‬السماح بنفاذ الواردات من السلع والخدمات إلى سوق الدولة َ‬

‫‪ -‬أن تتعهد الدولة بخفض نسبة التعريفة الجمركية‪ ،‬وأن تتعهد بأن ال ترفعها مستقبالً إال بعد التفاوض مع الدول‬
‫األعضاء‪ ،‬والتعهد بااللتزام بسقوف تثبيت تعريفاتها الجمركية بشفافية‪.‬‬

‫‪ -‬اختيار القطاعات الخدمية التي تود الدولة االلتزام بفتحها وعادة ما يكون االلتزام في حدود ما تسمح به‬
‫القوانين الوطنية من حرية االستثمار والنقل والتملك لألجانب‪.‬‬

‫بالرعاية في حالة وجود اتفاقية ثنائية تعطي امتيازات‬


‫‪ -‬يمكن للدولة أن تطلب استثناءات من مبدأ الدولة األولى َ‬
‫في مجال االستثمار والعمل في الخدمات لرعاية بعض الدول‪.‬‬

‫في حين تستفيد الدول األعضاء في المنظمة من المنافع اآلتية(‪:)2‬‬

‫‪ -‬التزام أعضاء المنظمة بتطبيق قواعد السلوك التجاري عند التعامل مع الدولة العضو في كافة المجاالت التي‬
‫أن االلتزامات العامة الواردة في االتفاقات هي نفسها حقوق لباقي األعضاء‪.‬‬
‫تشملها االتفاقيات‪ ،‬أي َ‬

‫‪ -1‬تمام علي الغول‪ ،‬منظمة التجارة العالمية وعولمة اإلتقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -2‬تمام علي الغول‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪77‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -‬حق نفاذ السلع والخدمات الوطنية إلى أسواق الدول األخرى‪ ،‬وذلك وفقا لحدود التثبيت الجمركي الوارد في‬
‫جداول األعضاء‪.‬‬

‫‪ -‬تكفل عضوية المنظمة االطالع على السياسات التجارية للدول األعضاء‪ ،‬وما تتضمنه من إجراءات من‬
‫شأنها التأثير على النفاذ إلى األسواق ومدى اتسامها مع االتفاقات الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام جهاز تسوية المنازعات في مجال اتفاقات التجارة الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬ضمان المشاركة في المفاوضات المستقبلية بما يحقق الدفاع عن المصالح التجارية للبلد‪.‬‬

‫إضافة إلى ما تقدم تضمن نصوص االتفاقية في ظل الجات‪ ،‬ومنظمة التجارة العالمية مجموعة من الحقوق‬
‫القانونية بموجب نصوص ومواد االتفاقية المذكورة‪ ،‬تنحصر بالحق في استخدام القيود الكمية لحماية ميزان المدفوعات‬
‫أو دفع عملية التصنيع من أجل التنمية‪ ،‬والحق في الحماية ضد المنافسة غير العادلة والذي يعتبر اإلغراق أهم‬
‫إضافية ضد اإلغراق ‪Inti-Dumping Duties‬‬ ‫َ‬ ‫صورها‪ ،‬ومنحت البلد المستورد حق فرض الضريبة الجمركية‬
‫معـادلةً لهامش االغراق‪ ،‬والحق في الحماية ضد المنافسة الضارة ولو لـم تكن غير عادلة‪ ،‬الشرط الوقائي وأخي ار الحق‬
‫في المساواة في المعاملة (‪.)1‬‬

‫وأخي ار قدرت أمانة الجات المكاسب السكونية ‪-‬التي تحدثها األسعار المنخفضة لالستيراد والناتجة عن رفع أو‬
‫تخفيف الحواجز التجارية‪ -‬من عولمة "أورغواي" بحوالي ‪ 784‬مليـار دوالر عندما تؤخذ بالحسبان اآلثار الحركية ‪-‬‬
‫للتكاليف المنخفضة والمتولدة عن تكيف التكنولوجيا الجديدة وخلق صناعات جديدة– عن التجارة (‪.)2‬‬

‫السياسات االقتصادية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪َ :‬‬
‫أن من أبرزها‬
‫استكماال لما سبق‪ ،‬نجد لزاما علينا تتبع بعض العناصر المميزة للعولمة‪ ،‬فك ار وتطبيقا‪ ،‬والتي نرى َ‬
‫هو اإليمان بأيديولوجيا معينة‪ ،‬على اعتبـار َأنها األفق في حل المشـاكل االقتصادية التي يعاني منها العالم‪ ،‬ويربط‬
‫هذا اإليمان بقبول تطبيق برامج معينة‪ ،‬وسياسات بذاتها تطبيقا عاجال‪ ،‬فكان على االقتصاديات المعولمة متقدمة أو‬
‫نامية أن تقوم بإصالحات هيكلية على المستوى المحلي‪ ،‬مستندة في أساسها إلى خلفيات اإليمان باإليديولوجيات‬
‫وداعمة للبرامج‪ ،‬لتستكمل بذلك عملية تهيئة البيئة االقتصادية للدخول في عالم أخذت عناصره تعولم في مجموعة من‬
‫األفكار والتي ال تبدو حديثة كل الحداثة‪.‬‬

‫التكيف االقتصادي‪:‬‬
‫‪ -6‬سياسات َ‬

‫‪ -1‬سعيد النجار‪ ،‬الحقوق األساسية للبلدان النامية في ظل الجات ومنظمة التجارة العالمية‪ ،‬األمم المتحدة‪ ،‬منشورات األسكوا‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫‪.7999‬‬
‫‪ -2‬اإلتحاد العام غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية‪ ،‬في ظل دعم النظام التجاري‪ :‬تقمة كولون لمجموعة الثماني تدعو إلى تخفيف‬
‫ديون الدول الفقيرة‪ ،‬مجلة العمران العربي‪ ،‬العدد ‪ ،7999 ،45‬ص ‪.29‬‬
‫‪72‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫ينصرف مفهوم التكيف االقتصادي إلى تعديل مسار اإلقتصاد بما يضمن تجنب اآلثار السلبية لالقتصاد الدولي‬
‫على اإلقتصاد الوطني‪ ،‬واالستفادة من اإليجابيات التي قد توفرها العالقات االقتصادية الدولية ضمن أطر معينة‪.‬‬

‫وتتضمن عملية التكيف االقتصادي جوانب متعددة تدخل في ضمنها عمليات التصحيح الهيكلي‪ ،‬كتعديل الهيكل‬
‫التنظيمي للقطاع العام‪ ،‬والقضاء على التشوهات السعرية‪ ،‬واعطاء اهتمام أكبر للزراعة‪ ،‬ومعالجة فجوة الموارد المالية‬
‫المحلية سواء من خالل االستثمار األجنبي أو االقتراض‪ ،‬كما يدخل ضمن السياسات المالية‪ ،‬كتقليل نسبة عجز‬
‫الموازنة العامة إلى الناتج المحلي‪ ،‬وتخفيض الدعم‪ ،‬إضافة إلى السياسات النقدية واالئتمانية‪ ،‬التي تحكم كمية النقود‪،‬‬
‫وتضبط حجم االستثمار‪ ،‬وبالتالي تضمن بنية مستقرة للنمو االقتصادي‪ ،‬وكذلك تتضمن عملية التكيف سياسات‬
‫الصرف والتي من خاللها يتم تدعيم الجوانب السالفة الذكر‪.‬‬

‫بأنه )رد فعل إيجابي‪ ،‬لتوجيه اإلقتصاد الوطني‪ ،‬وفقا ألهداف مرسومة‬
‫وعليه يمكن تعريف التكيف االقتصادي َ‬
‫سلفـا أو أهـداف مستجدة‪ ،‬لتجنب اآلثـار السلبية لالقتصـاد الدولي‪ ،‬ويتضمن رد الفعـل هـذا أهدافا اقتصادية‪،‬‬
‫واجتماعية وسياسية(‪ ،‬وهو بذلك يعزز من عملية التنمية اإلقتصادية‪ ،‬وال يكون بديال عنها‪ ،‬إذ َأنه يستهدف بإجراءاته‬
‫السابقة إزالة االختالالت الداخلية والخارجية وتحقيق االستقرار االقتصادي واجراءات التكيف تتضمن بشكل عام‬
‫نوعين من اإلجراءات هما)‪:(1‬‬

‫‪ -6.6‬التكيف الذاتي‪:‬‬

‫ويقصد به تلك اإلجراءات التي تتخذها الدولة لتكيف إقتصادها الوطني بمعزل عن "تدخل صندوق النقد الدولي‬
‫التكيفات المناسبة التي تتطلَبها ظروفها اإلقتصادية‪ ،‬وبما يتطابق مع وجهة‬
‫َ‬ ‫والبنك الدولي"‪ ،‬إذ تقوم الدولة بإجراء‬
‫أن حزم التكيف قد اختلف من بلد آلخر‪ ،‬إال َأنه على العموم يمكن التمييز بين ثالثة مستويات‬ ‫نظرها ولذلك يالحظ َ‬
‫من تلك الحزم التي تتخذها الدول وهي)‪: (2‬‬

‫‪ -‬إجراءات التكيف التي اتخذتها بعض الدول المصدرة للنفط‪ ،‬والتي كانت تهدف من ورائها مواجهة تدهور‬
‫أسعار النفط‪ ،‬وتنويع اقتصادياتها‪.‬‬

‫‪ -‬إجراءات التكيف التي اتخذتها بعض البلدان الصغيرة ذات الطابع الرأسمالي مثل السويد‪ ،‬هولندا وسويسرا‪،‬‬
‫فهذه البلدان لكونها تتسم بضيق األسواق النسبي وانخفاض عدد السكان‪ ،‬والتخصص في إنتاج منتجات‬
‫محددة نسبيا‪ ،‬قد اتجهت نحو إجراءات التكيف الذاتي التي تمكنها من االستفادة من الميزة النسبية التي‬
‫تمتلكها وتطويعها لحاجة السوق‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد األفندي‪ ،‬سياسات االستقرار االتقتصادي بين الطموحات النظرية وإشكاليات التطبيق‪ ،‬مجلة التجارة السنة ‪ ،8‬العدد ‪،7990 ،2‬‬
‫ص ‪.22‬‬
‫‪ -2‬محمد األفندي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪26‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -‬إجراءات التكيف التي اتخذتها البلدان الرأسمالية‪ ،‬والتي اتسمت في استخدام واسع ألدوات السياسة المالية‬
‫والنقدية‪ ،‬وتقليص لـ"دور الدولة"‪ ،‬وكـذلك بتدخل واضح للبنك الـدولي‪ ،‬وهذه اإلجراءات‪ ،‬على أية حال‪ ،‬تتناغم‬
‫مع معطيات العولمة‪ ،‬وتسير معها جنبا إلى جنب‪.‬‬

‫الدولية‪:‬‬
‫َ‬ ‫قدية‬
‫المالية وال َن َ‬
‫َ‬ ‫المؤسسات‬
‫َ‬ ‫التكيف في ظل‬
‫‪َ -6.6‬‬

‫ونعني به تلك اإلجراءات التي يوصي بها "صندوق النقد الدولي والبنك الدولي"‪ ،‬والتي يرمي من خاللها تحقيق‬
‫التصحيح االقتصادي في البلدان التي تأخذ بها‪ ،‬ومع عقد الثمانينيات‪ ،‬وانتشار حاالت عدم االستقرار االقتصادي‬
‫للعديد من دول العالم الثالث الناجمة عن زيادة أعباء خدمة الدين العام‪ ،‬وانخفاض أسعار المواد األولية‪ ،‬وتزايد انعدام‬
‫التوازن الداخلي والخارجي‪ ،‬فاألمر كان قد برز في صورة أزمة مالية وسياسية‪ ،‬وعندها تم تبني برامـج التكيف‬
‫االقتصـادي‪ ،‬في معظم دول أمريكـا الالتينية وافريقيـا (شمال إفريقيا‪ ،‬وجنوب الصحراء)‪ ،‬وجنوب شرق آسيا‪ ،‬والشرق‬
‫األوسط‪ ،‬وبالتعاون مع "صندوق النقد الدولي والبنك الدولي"‪ ،‬وتتضمن حزمة التكيف التي يوصي بها "خبراء‬
‫المؤسستين الدوليتين" ما يلي(‪:)1‬‬

‫‪ -6.6.6‬تقييد الطلب الكلي‪:‬‬

‫وتشمل مجموعة اإلجراءات التي تستهدف فرض القيود على الطلب المحلي أمال في القضاء على فائض الطلب‬
‫المسبب لعجز الموازنة العامة وهذه اإلجراءات تتضمن‪:‬‬

‫‪ -‬تخفيض االئتمان أو القروض المقدمة للقطاع العام والقطاع الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬تخفيض اإلنفاق على القطاع العام وبخاصة تلك المؤسسات التي تمنى بخسائر بحيث تعتبر هذه المؤسسات‬
‫إلى حد ما مسئولة عن إختالالت الموازنة‪.‬‬

‫‪ -‬التخفيض المباشر لعجز الموازنة‪.‬‬

‫‪ -6.6.6‬سياسات التحول‪:‬‬

‫أي السياسات التي تشمل على تحول في التعامل مع متغيرات إقتصادية معينة‪ ،‬وتبني توصيات "الصندوق‬
‫جدي بشأنها وتشمل‪:‬‬
‫والبنك" بشكل َ‬

‫‪ - 1‬محمد األفندي‪ ،‬سياسات االستقرار االتقتصادي بين الطموحات النظرية وإشكاليات التطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪26‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫أ‪ -‬تحرير أسعار كافة السلع وبالذات أسعار منتجات القطاع العام‪ ،‬والسماح لقوى السوق َ‬
‫الحرة في تحديد هذه‬
‫األسعار وبصفة خاصة رفع أسعار الماء والكهرباء والهاتف والمنتجات النفطية‪ ،‬باإلضافة إلى إلغاء الدعم المالي‬
‫أن هذه‬
‫على السلع األساسية‪ ،‬والهدف من هذا التحرير هو إزالة التشوهات الحاصلة في (السعر‪/‬الكلفة)‪ ،‬وذلك َ‬
‫تمت إزالة هذه التشوهات أمكن تحقيق استخدام أفضل للموارد فضالً‬ ‫األسعار ال تعكس كلف اإلنتاج الحقيقية‪ ،‬واذا ما َ‬
‫عن تشجيع المنتجين على التـوسع في االستثمار واإلنتاج الناجم عن توازن األسعار عند المستوى الطبيعي‪ ،‬باإلضافة‬
‫فإن ارتفاع أسعار هذه السلع من شأنه أن يقلص الطلب واإلنفاق فتقل الضغوط التضخمية‪ ،‬وتنخفض‬ ‫إلى ذلك َ‬
‫الموارد المخصصة الستيراد سلع كهذه‪ ،‬كما ينبغي أن نستذكر تأثير الدعم على الموازنة العامة وميزان المدفوعات‬
‫معاً‪.‬‬

‫أن أسعار الصرف الخاصة بالعمالت‬ ‫ب‪ -‬تخفيض سعر الصرف‪ :‬إذ يؤكد خبراء صندوق النقد الدولي على َ‬
‫الوطنية ال تعكس المستوى الحقيقي لقيمة هذه العمالت لذا يجب تخفيض قيمة العملة إلى المستوى الواقعي والمالئم‬
‫لقـوى العرض والطلب في السوق‪ ،‬وهـذا من شأنه أن يـؤدي إلى تخفيض العجـز عـن طريق تقليص اإلنفاق‪ ،‬وتحويله‬
‫من السلع المحلية إلى سلع التجارة كما يؤدي تخفيض العملة إلى زيادة قدرة الدولة في الحصول على النقد األجنبي‬
‫عبر‪ :‬زيادة الصادرات‪ ،‬تقليل الواردات ‪ ،‬اتجاه الموارد إلى االستثمار في قطاع الصادرات‪.‬‬

‫أن هذا التخفيض من شأنه أن يحقق تخصيصا أفضل‬ ‫وحجة خبراء الصندوق بشأن تخفيض سعر الصرف هو َ‬
‫للموارد باتجاه تقرير االدخار والنمو‪ ،‬ومن ثم تقليل أو تقليص العجز المالي بشكل عام‪ ،‬وهكذا يوفر الحل لمشكلة‬
‫التمويل التي تعاني منها أغلبية دول العالم الثالث‪.‬‬

‫ج‪ -‬تقييد األجور والرواتب والعالوات للعمال والموظفين في الحكومة والقطاع العام‪.‬‬

‫‪ -6.6.6‬إدارة العرض‪ :‬وتشمل على)‪:(1‬‬

‫أ‪ -‬إصالحات هيكلية قطاعية تستهدف إعطاء اهتمام أكبر بالزراعة وتشجيع االستثمار األجنبي والقيام بأهم‬
‫خطوة وهي الخصخصة‪ ،‬واعطاء دور أكبر للقطاع الخاص‪ ،‬وهذه اإلجراءات جزء من مطالب الصندوق للدولة‬
‫بالكف عن الولوج في المجاالت االستثمارية التي يمكن للقطاع الخاص وخاصة األجنبي أن يقوم بها كالصناعة‬
‫التحويلية‪ ،‬وأن ينحصر دور االستثمار فقط في المجاالت المتعلقة ببناء واستكمال البنى األساسية‪ ،‬ويشير أحد خبراء‬
‫أن مصدر االستياء من الملكية العامة (القطاع العام) ليس إيديولوجيا‪ ،‬ولكن هناك شكوك فيما يخص‬
‫الصندوق إلى َ‬
‫أن التحول إلى القطاع الخاص أصبح جزءا رئيسيا من سياسة‬ ‫إذا كانت منافع الملكية العامة توازي تكلفتها‪ ،‬إذ َ‬
‫واستراتيجية الصندوق والبنك الدوليين عند تعاملها مع دول العالم الثالث في مجاالت التمويل وتقديم القروض‪ ،‬وقد‬
‫خصص البنك الدولي لمثل هذه الوظيفة قروض التكيف الهيكلي والتكيف القطاعي‪ ،‬باإلضافة إلى استحداث دائرة‬

‫‪ -1‬سالم توفيق النجفي‪ ،‬الفقر وسياسات التكيف الهيكلي في االتقتصادات الزراعية العربية‪ :‬النظرية والتجارب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪26‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫سميث بـ‪ :‬إدارة القطاع العام وتنمية القطاع الخاص‪ ،‬ووظيفتها إعداد البرامج الموجهة إلى الخصخصة‪ ،‬وتحديد‬
‫المشروعات الواجب نقلها إلى القطاع الخاص وتحديد المستثمرين المحتملين‪.‬‬

‫ب‪ -‬إصالحات مالية‪ ،‬إذ يدعو الصندوق إلى تطبيق هذه اإلصالحات بتبني سياسات مالية انكماشية لتخفيض‬
‫فائض الطلب وتشتمل على‪ :‬تنظيم القطاع الضريبي‪ ،‬وزيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة‪.‬‬

‫ج‪ -‬وتتضمن شروط الصندوق بندا مهما هو ضرورة تحرير التجارة من كافة السياسات التقييدية‪ ،‬كالكمية أو‬
‫النوعية‪ ،‬والغاء احتكار التجارة الخارجية‪ ،‬واالكتفاء بالرسوم الجمركية والغاء الرقابة على الصرف والسماح بدخول‬
‫كل ما يمكن تقديمه من حوافز ودعم لالستثمارات‬ ‫وخروج النقد األجنبي والغاء اتفاقيات التجارة والدفع الثنائية‪ ،‬وتقديم َ‬
‫األجنبية الخاصة‪ ،‬وبهذا نجدها تتطابق تماما مع بنود الجات واتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية وال تتقاطع معها‪.‬‬

‫أن سياسات التكيف االقتصـادي تبرز إلى جانب الخصخصة كآلية من آليات العولمة‪،‬‬‫وأخي ار ينبغي لنـا القول َ‬
‫بحيث تش َكل أساسها العملي‪ ،‬على أساس َأنها ‪:‬‬

‫أ‪ -‬األسس النظرية لعمليات التكيف االقتصادي في نظرية ميزان المدفوعات‪ ،‬التي بلغت ذروة نضجها مع كتابات‬
‫جيمس ميد ‪ ،J.Meed‬تستند إلى الفكـر النقـدي‪ ،‬ومنذ نهاية السبعينيات أخذ صندوق النقد الدولي يميل إلى المنهج‬
‫‪‬‬
‫النقدي‪ ،‬وأخذ يبتعد عن فهم اقتصاد السوق من جهة الخصوصيات الثالثة لمنهج االستيعاب ‪ :‬فخ السيولة‪ ،‬عدم‬
‫استجابة االستثمار لسعر الفائدة‪ ،‬وعدم مرونة األسعار واألجور نحو األسفل‪ .‬مبتعدا عن األسلوب التقليدي المستند‬
‫إلى أفكار المدرسة الكينزية الذي يفترض ثبات أسعار الفائدة وأسعار الصرف‪ ،‬وحالة التوظيف الجزئي‪ ،‬فيحصل‬
‫التوازن وفق المعادلة اآلتية‪:‬‬

‫‪S+M+T = Ip+X+G‬‬

‫االدخار‪ +‬الواردات‪ +‬الضرائب = االستثمار اإلجمالي المحلي الخاص‪ +‬الصادرات‪ +‬اإلنفاق الحكومي‪.‬‬

‫أن الدخل عبارة عن كمية‬ ‫ووفقا لمنهجية الصندوق ينظر إلى الدخل القومي على َأنه دالة للكتلة النقدية حيث َ‬
‫ثابتة مضروبة في الكتلة النقدية ‪ F(M1)=Y‬لتقرر عالقة مباشرة وطردية بين الدخل القومي والكتلة النقدية‪ ،‬حيث‬
‫أن االرتفاع في الدخل القومي في حالة عدم وجود تحويالت رؤوس أموال وواردات‪ ،‬يمكن التعبير عن التغير في‬‫َ‬
‫الكتلة النقدية كما يأتي ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪M1= B+X-M‬‬

‫* ينصرف هذا المفهوم إلى تفسير اختالل ميزان المدفوعات ومسار التصحيح بعوامل الدخل واإلنفاق‪.‬‬
‫‪ -1‬جميل طاهر‪ ،‬االختالالت الهيكلية في المسار االتقتصادي في األتقطار العربية وسياسات صندوق النقد الدولي‪ ،‬مجلة آفاق اتقتصادية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،7991 ،18-11‬ص‪.21-79‬‬
‫‪26‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫)‪ (M‬الواردات‬ ‫)‪ (X‬الصادرات‬ ‫)‪ (B‬التغير في حجم القروض‬

‫تم فرضها من قبل الصندوق والبنك الدوليين‬ ‫ب‪ -‬إ َن قضية تحرير التجارة تشكل ركنا مهما في الفكر النقدي‪ ،‬وقد َ‬
‫من خالل هذه البرامج مع بداية تطبيقها‪ ،‬وهي بطبيعة الحال جزء من شروط أو أركان العولمة اإلقتصادية‪.‬‬

‫الحرة أكثر فاعلية في تحقيق االستقرار‬ ‫ج‪ -‬دعوة الصندوق إلى تبني اقتصاد السوق على اعتبار َ‬
‫أن آليات السوق َ‬
‫على مستوى اإلقتصاد الكلي‪ ،‬من خالل‪ :‬تحجيم القطاع العام‪ ،‬تحرير األسعار‪ ،‬تحرير التجارة‪ ،‬ونشر هذه العناصر‬
‫وتعميقها في بلدان العالم الثالث بخاصة‪ ،‬يعني فيما يعنيه نشر وتوسيع العالقات الرأسمالية وفرضها على هذه‬
‫البلدان‪.‬‬

‫د‪ -‬مراحل التصحيح والتحول الليبرالي في سياق التكيف االقتصادي‪ ،‬إذ يفترض دعاة هذه البرامج َأنها تتطلب‬
‫نوعا من التدرج وكما يلي)‪:(1‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة ما قبل اإلصالح يتجاوز فيها معدل التضخم المحلي مستواه العالمي ويشكل عجز‬
‫الموازنة نسبة عالية من اإلنفاق‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬بدء عمليات اإلصالح والتحرير في سياق تكيف ميزان المدفوعات والسيطرة على عجز الموازنة‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة إزالة التعرفة السعرية والقيود الكمية على التجارة‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬سياسات صرف فعالة وجديدة على أساس الربط المشترك لجعل سعر الصرف منسجما مع‬
‫مستوى تعادل القوة الشرائية فتنخفض قيمة العملة المحلية وينسجم مستوى التضخم المحلي مع معدل التضخم‬
‫العالمي‪.‬‬

‫المرحلة الخامسة‪ :‬استقرار أسعار الصرف ويوصي بإزالة القيود على حركة رأس المال بعد إزالتها عن التجارة في‬
‫المرحلة السابقة‪.‬‬

‫المرحلة السادسة‪ :‬اإلقتصاد المفتوح واألسعار التنافسية بحيث يتم االنتقال كليا إلى اقتصاد السوق الحر‪.‬‬

‫أن أطروحات التكيف االقتصادي تتماشى مع نظرية اقتصاديات العرض‪ ،‬فهي تستهدف‬ ‫ه‪ -‬كما يمكن القول َ‬
‫بالدرجة األساس التركيز على جوانب العرض‪ ،‬مع اهتمامها بتقييد الطلب كشرط أولي يمكن من خالله تخفيض جانب‬
‫من الضغوط على العرض في المدى القصير حتى يتمكن اإلقتصاد المعدل هيكليا من استيعاب نمط التعديالت‬
‫والوصول به إلى تحقيق التوازن لمقابلة الطلب المتوقع في المستقبل‪.‬‬

‫‪ -1‬جميل طاهر‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪26‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬
‫‪:‬‬
‫‪ -6‬سياسات الخصخصة‬

‫مع ثمانينيات القرن العشرين أصبحت الخصخصة أحد أكثر المصطلحات ترددا‪ ،‬وقد طرحت مضامين عديدة‬
‫ومتنوعة لهذا المفهوم من قبل باحثين‪ ،‬فقد نظر إليها البعض على أساس َأنها عملية "تقليل دور الدولة"‪ ،‬أو "زيادة‬
‫دور القطاع الخاص" في إدارة وامتالك المشروعات العامة في حين قصد بها البعض إدارة المؤسسة على أساس‬
‫تجاري من خالل نقل ملكيتها جزئيا للقطاع الخاص‪ ،‬أو تأجير خدمات إدارة محترفة تضطلع بمهمة تسيير المؤسسة‬
‫على طريق معينة(‪ ،)1‬وهناك من ينظر إلى الخصخصة على َأنها تنشيط وتنمية دور القطاعين العام والخاص أو قد‬
‫يراد بها إنتاج أو تقديم الخدمات العامة كالتعليم والصحة والنقل عن طريق المشروع الخاص‪.‬‬

‫وعلى َأية حال‪ ،‬تعتبر الخصخصة عملية شاملة تتضمن سلسلة من الفعاليات واألنشطة المتداخلة والمتكاملة‬
‫بعضها مع البعض اآلخر من خالل تحويل ملكية المؤسسات العامة كليا أو جزئيا إلى القطاع الخاص أو األفراد‬
‫العاملين فيها ومن خالل تطوير السياسات واألدوات الحكومية وترشيد استخدامها وخلق البيئة المناسبة للعمل واألداء‬
‫بكفاءة على مستوى اإلقتصاد الوطني أو على مستوى الوحدات‪ ،‬وعليه فالخصخصة تشمل أربعة محاور هي‪:‬‬

‫‪ -‬خصخصة التمويل‪ :‬أي تبعية الموارد المالية الخاصة وتوجيهها لتمويل المشروعات العامة‪.‬‬

‫‪ -‬خصخصة اإلنتاج‪ :‬عن طريق التأجير أو تسليم إدارة المشروعات العامة للقطاع الخاص بموجب عقود إدارة‪.‬‬

‫‪ -‬خصخصة الملكية‪ :‬إلغاء الملكية العامة للمشروعات‪.‬‬

‫‪ -‬التحرير االقتصادي‪ :‬من خالل إزالة القيود القانونية واإلدارية المعرقلة لعمل وفعاليات السوق والمنافسة‬
‫وآلياتها‪.‬‬

‫أن العالج‬
‫مع تفاقم أزمة الركود التضخمي التي واجهت البلدان الرأسمالية بدا للحكومات في البلدان الرأسمالية َ‬
‫في العودة إلى الرأسمالية بصورتها الخالصة والتي ال تنطوي على عيوب خطيرة – حسب رأي فريدمان ومشجعيه‪-‬‬
‫وترك النشاط االقتصادي آلليات السوق الحرة‪ ،‬بادرت الحكومة البريطانية بتبني برنامج واسع للخصخصة وتبعتها‬
‫أن الخصخصة يمكنها أن تؤدي إلى)‪:(2‬‬
‫حكومات في بلدان رأسمالية أخرى‪ ،‬ويرى المؤيدين لهذا التحول َ‬

‫‪ -6.6‬توليد إيراد إضافي للخزانة العامة ‪:Generation of Revenue for The Treasury‬‬

‫‪‬‬
‫ظهر اصطالح الخصخصة ألول مرة في كتابات عالم اإلدارة األميركي بيتر دراكر عام ‪ ،7918‬إال أن ما أكسب الخصخصة أهميتها‬
‫ولفت األنظار إليها هو تبني الحكومة البريطانية عام ‪ 7919‬هذه السياسة‪ ،‬فقامت بأكبر عملية خصخصة معروفة لحد اآلن‪.‬‬
‫‪ -1‬عوض محمد ربيع‪ ،‬إتجاهات التحول للقطاع الخاص ومتطلبات إتقامة سوق لألوراق المالية في اليمن‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية اإلدارة‬
‫واالتقتصاد‪ ،‬جامعة الكوفة‪،7998 ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -2‬عوض محمد ربيع‪ ،‬نجاحات التحول للقطاع الخاص ومتطلبات إتقامة سوق لألوراق المالية في اليمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪26‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫وهذه الحجة واضحة تماما‪ ،‬فعملية الخصخصة توفر مدخال إضافيا للحكومة ناتج عن بيع جزء من حقوقها‬
‫أن الحكـومة البريطـانية قد حققت من خالل بيع الموجودات العامة للمدة ‪-7919‬‬‫للقطاع الخاص‪ ،‬وجـدير بالـذكر َ‬
‫‪ 7994‬حوالي ‪ 00.2‬مليار جنيه إسترليني)‪.(1‬‬

‫‪ -6.6‬تشجيع الرأسمالية ‪:Promotion of Capitalism‬‬

‫هذه الحجة أول من أطلقتها رئيسة وزراء بريطانيا تاتشر‪ ،‬والتي اقترحت فيها أن تصبح بريطانيا دولة الملكيات‬
‫الخاصة (الحقيقية والمالية) وتشجيع ملكية المشاركة الديمقراطية ‪ Share-Owing Democracy‬ليصبح المواطنون‬
‫فاعلين ‪ Active Citizens‬في تقدم البالد ‪ .Enterprise culture‬وبالفعل فقد حققت الخصخصة في بريطانيا‬
‫إمكانية جمع مدخرات كثيرة من الطبقات الوسطى البريطانية التي حصلت في المتوسط على نصف األسهم‬
‫المطروحة)‪.(2‬‬

‫‪ -6.6‬تقليل قوة االتحادات التجارية‪:‬‬

‫إ َن قوة الخصخصة تبرز من خالل قيام الدولة أو تشجيعها على تقليل االتَحادات التجارية‪ ،‬وهذا إلنجاح‬
‫المحلية منها‪ ،‬مع عدم إرغامها على التبادل التجاري في إطار‬
‫َ‬ ‫الخصخصة وعدم خلق لها منافسة على الخصوص‬
‫أن دور الدولة يبرز هنا في محاولة خلق جو مناسب للخصخصة يتماشى مع‬
‫االتفاقات واالتحادات التجارية‪ ،‬أي َ‬
‫االقتصاد المحلي والدولي)‪.(3‬‬

‫‪ -6.6‬تقليل التدخل الحكومي في الصناعة‪:‬‬

‫إن الدعوة إلى الخصخصة في البلدان المتقدمة تجد تفسيرها بعاملين أساسيين األول‪ :‬هو التطور البنيوي في‬
‫َ‬
‫هيكل اإلقتصاد الرأسمالي‪ ،‬وتنامي دور الشركات متعددة الجنسيات فجاءت الخصخصة دعما التجاهات ترَكز‬
‫الشركات متعددة الجنسيات في إطار اقتصادي يتميز بوفرة المدخرات‪ ،‬وسعة األسواق المالية‪ ،‬وضخامة المؤسسات‬
‫المصرفية ووجود أطراف تؤيد عملية التحول فضال عن الحساسية المعروفة لدى الشركات من الدولة القومية ودورها‪،‬‬
‫فكان ولبد في عصر الشركات متعددة الجنسيات أن يتراجع حجم ومدى "تدخل الدولة" لصالح تقدم الشركات متعددة‬
‫الجنسيات‪ ،‬يضاف إلى ذلك ما توفره الثورة العلمية والتكنولوجية من إمكانيات تحقيق الكفاءة اإلقتصادية التي كانت‬
‫متغيرة في ظل "سيطرة الدولة"‪ ،‬أما العامل الثاني فهو عامل إيديولوجي إذ أفرزت حركة التطور الفكري التيار الليبرالي‬
‫الذي سبقت اإلشارة إليه فظهرت كتابات حول "جدوى الدولة" وما تعنيه من بيروقراطية‪ ،‬فتجلت تلك النظرة للدولة التي‬
‫شكلت خلفية فكرية ازدهرت فيها أفكار الخصخصة بحيث باتت مقبولة‪ .‬وعلى ما يبدوا أ َن الصراع العقائدي ما يزال‬

‫‪ -1‬عوض محمد ربيع‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ -2‬عوض محمد ربيع‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -3‬عوض محمد ربيع‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪20‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫يحرك موضوع القطاع العام والخاص والدعوة إلى التحول إذ ينطلق من عقيدة ذات اتصال وثيق بالتطور االجتماعي‬
‫أن الخصخصة كانت نقلة نوعية جديدة في‬
‫واالقتصادي والفكري الذي وصلت إليه اإلنسانية‪ ،‬حتى اعتبر البعض َ‬
‫الصراع ضد الماركسية)‪.(1‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬العوامل المحددة لدور الدولة في ظل العولمة‪.‬‬

‫تناولنا فيما سبق مفهومي الدولة والعولمة كالً على حدى بهدف تحديد مالمح كال المفهومين وفهم المتضمنات‬
‫المفهومية لهما‪ ،‬واستكماال لما سبق سوف نكرس هذا المبحث لبيان العالقة بين دور الدولة والعولمة‪ ،‬فالسؤال‬

‫‪ -1‬عوض محمد ربيع‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪25‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫األساسي الذي يثـار في هذا الصدد عن العـالقة بين المفهومين‪ ،‬هـل هما متفقان سائ ارن معا؟‪ ،‬أم هما متقاطعان‪،‬‬
‫أن السؤال المثار عن دور الدولة‬
‫يتعارضان مع بعضهما؟‪ ،‬وان كان كذلك فما هي نقاط التعارض؟‪ ،‬ومن الواضح َ‬
‫والعولمة منفصل فيما يتعلق بكل من نمط الدولة الرأسمالية ونمط الدولة في العالم الثالث‪ ،‬إذ ينبغي طرح السؤال فيما‬
‫يخص كال النمطين‪ ،‬وهو األمر الذي يجد دليله في التباين واالختالف بين نمطي الدولة‪ ،‬وحتى إن اشتركت بعض‬
‫الحجج التي نقيمها من قبيل نشاط الشركات متعددة الجنسيات والسيادة‪ ،‬ومع ذلك فإننا سنحاول التطرق إلى ذلك من‬
‫خالل هذا المبحث‪.‬‬

‫السيادة في ظل العولمة‪.‬‬
‫المطلب األول‪َ :‬‬
‫يرتبط مفهوم الدولة بمفهوم السيادة ‪ Sovereignty‬التي تعني القدرة الكاملة على فرض حماية الدولة على‬
‫أن الدولة‬
‫أرضها والقدرة على وضع الق اررات األساسية الملزمة للجميع‪ ،‬ويكاد يتفق الباحثون في العالقات الدولية على َ‬
‫ألنها تتمتع بالسيادة‪ ،‬فال سلطة تعلو عليها ما لم تكن قد قبلتها بإرادتها‪،‬‬
‫هي الالعب الرئيسي في العالقات الدولية‪َ ،‬‬
‫أن الدولة أصبحت ال تتمتع بالسيادة المطلقة كما كانت في السابق‪ ،‬بل‬
‫فإن وجهة النظر السائدة اآلن هي َ‬
‫ومع هذا َ‬
‫أصبح التنظيم الدولي يحد بشكل كبير من حريتها التي كانت مطلقة في الماضي‪ ،‬وبالتالي أضحى مفهوم السيادة‬
‫مثار جدل وخالف كبيرين‪.‬‬

‫ويمكن القول أ َن فكرة السيادة تواجه تحديات هامة تعود إلى ظهور التجمعات اإلقليمية والحاجة إلى تبني منهج‬
‫مشترك في معالجة القضايا العالمية‪ ،‬وما أفرزته الثورة العلمية والتكنولوجية وبخاصة ثورة اإلتصاالت والمعلومات‪،‬‬
‫ونشاط الشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬وظهور المنظمات الدولية والشبكة الواسعة من االتفاقات وغيرها من العناصر‬
‫التي تشكل شبكة االرتباط المتبادل اآلخذة في االنتشار مع تصاعد صيحات العولمة)‪.(1‬‬

‫إن‬
‫إ َن طبيعة السيادة وأهميتها لبد وأن تتغيـر وان ظل مفهوم السيطرة على اإلقليم واحد من أهم عناصر السيادة‪َ .‬‬
‫ثورة المعلومات تجعل تأكيد السيطرة اإلقليمية أصعب في حاالت معينة‪ ،‬وأقل صلة بالموضوع في حاالت أخرى‪ ،‬فلم‬
‫تعد الحدود تحول دون انتقال المعلومات بما أدى إلى تغيير مفهوم السيادة‪ ،‬بل قاد تحطم الحدود أمام المعلومات إلى‬
‫تخرب سيادة الدول‪ ،‬وبدا تسارع التطور التكنولوجي أسرع‬
‫توحيد سوق المعلومات فتعاظمت قوة الشركات التي ال تنفك َ‬
‫من تطور اإلجراء األمني الذي تتخذه الدولة لصيانة سيادتها‪ ،‬ولهذا ته َكم البعض عما أسماوه بأفول السيادة‪.‬‬

‫يتعرض للمنافسة‬
‫إذا ما نظرنا من زاوية الدور الذي تلعبه الدولة ذات السيادة في العالقات الدولية لوجدنا دورها َ‬
‫من قبل قوى أخرى مؤثرة أضحت تسمى بالوحدات الدولية الجديدة‪ ،‬كالمؤسسات الدولية والشركات متعددة الجنسيات‬
‫والحركات الدينية وما شابه‪ ،‬وهذه المؤسسات الدولية لم تصل بعد إلى إلغاء الدولة فهي إال اآلن مجرد مؤسسات‬

‫‪ -1‬عبد الخالق عبد هللا‪ ،‬العالم المعاصر والصراعات الدولية‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪ ،7989‬ص ‪.05‬‬
‫‪27‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫تابعة للنظام الدولي المطلوب من الرأسمالية العالمية‪ ،‬وال تمتلك قوة فوق الدول التي تكونها‪ ،‬ومع ذلك فقد أصبحت‬
‫بأن الدولة لم تعد القوة الوحيدة التي تحتكر القرار‬
‫هذه المؤسسات قوة ذات تأثير متزايد في العالم بحيث يمكن القول َ‬
‫في العالقات الدولية كما كانت تفعل خالل القرون األربعة الماضية(‪.)1‬‬

‫لحدة المنافسة ما بين الوحدات المكونة للعالم من الدول والمنظمات اإلقليمية والدولية والحكومية وغير‬
‫وتبعا َ‬
‫أن الدولة ذات السيادة في سبيلها إلى االنخراط في‬‫الحكومية والشركات متعددة الجنسيات وغيرها‪ ،‬يعتقد البعض َ‬
‫وحدات أكبر‪ ،‬أو إلى التآكل في وحدات أصغر‪ ،‬وبما يؤدي إلى إلغاء وظائفها التقليدية تدريجياً‪ ،‬ولكن يبقى هذا‬
‫االعتقاد ألثر اتجاه التكامل أو التشتت في مدى قدرة الدول ذات السيادة في أداء وظائفها‪ ،‬فالرأي األول يدعم قدرتها‬
‫أما الرأي الثاني فهو وان انطوى على تفكيك الدول إلى‬
‫على أداء وظائفها من خالل دعم قدرتها بقدرات غيرها‪َ ،‬‬
‫وحدات أصغر أقل قوة وقدرة‪ ،‬فهو في النهاية يكرس فكرة الدولة ووجودها أي أساسها القومي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة والشركات متعددة الجنسيات‪.‬‬

‫يتزامن تزايد عدد المنظمات الدولية مع تزايد عد الشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬والتي تحولت إلى قوة رئيسية وفاعلة‬
‫على الساحة الدولية فأصبحت حاكمة ومتحكمة في مجاالت التطور االقتصادي واالجتماعي والسياسي وتعود أهمية‬
‫هذه الشركات إلى كونها مؤسسات تمتلك مدخالت تنظيمية ومادية وتقنية وأيديولوجية تؤهلها إلدارة العالم المعاصر‬
‫كوحدة واحدة ومترابطة تمهد تدريجيا إللغاء دور الدولة السياسي‪ ،‬فالشركات قائمة على فكرة تحويل العالم إلى سوق‬
‫واحدة وتدويل المجتمع اإلنساني‪ ،‬والتخطيط المركزي لإلنتاج واالستهالك العالمي‪ ،‬فهدفها النهائي السيطرة على‬
‫النشاط االقتصادي وتحويله إلى نشاط عالمي يتعدى حدود الدول‪ ،‬ومركزه في إدارات الشركات وكذلك تحويل مدراء‬
‫هذه الشركات إلى أول فئة اجتماعية تتمكن من إدارة العالم كنظام مركزي موحد(‪.)2‬‬

‫إ َن ازدهار الشركات متعددة الجنسيات سار بخطى متفاوتة وبفعل ظروف االقتصادين المحلي والدولي‪ ،‬والقوة‬
‫التنظيمية للشركات الكبرى‪ ،‬لكن االتجاه األوضح كان نحو توسيع السيطرة على اإلنتاج والتسويق على نطاق عالمي‪،‬‬
‫بأن نشاط الشركات متعددة الجنسيات يؤدي إلى إقامة نظام إمبريالي عن طريق نظام‬
‫بحيث دفع ذلك إلى القول َ‬
‫مركزي إلصدار الق اررات‪ ،‬وخلق تقسيم للعمل بين األمم يناظر تقسيم العمل الموجود بين مستويات مختلفة من‬
‫الجماعات داخل المجتمع الواحد‪ ،‬فتبلورت فكرة مفادها وجود نسق سياسي عالمي جديد يحمي الرأسمالية العالمية‪،‬‬
‫ولقد صاحب ظهور الشركات متعددة الجنسيات واتساع نشاطها على مستوى العالم‪ ،‬صاحب ذلك ظهور سوق عالمي‬
‫أيضا‪ ،‬وخلق طبقة رأسمالية عالمية لديها وعي عالمي تستمده من األساس الذي تسيطر عليه على مستوى العالم‪ ،‬كما‬
‫أن روابط قوية تظهر بين رأس المال هنا وهناك من اجل إقامة بناء فوقي للنظام العالمي‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ -1‬عبد الخالق عبد هللا‪ ،‬العالم المعاصر والصراعات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪ -2‬عبد الخالق عبد هللا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.02-07‬‬
‫‪22‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫إن أبرز ظواهر النظام المنشود هي محاولة إسقاط نظام غربي من القيم والمعايير واألنماط الثقافية والسياسية‬ ‫َ‬
‫واالجتماعية واالقتصادية على العالم تمهيدا لعولمته‪ ،‬ويعتقد البعض َأنه إذا ما تم اعتبار العالم وحدة إقتصادية واحدة‬
‫فإن مركزها سيتكون من مجموعة من المناطق المتقدمة التي تسيطر على عملية تراكم رأس المال باختالف مستويات‬ ‫َ‬
‫تطورها االقتصادي ‪ ،‬فتتكامل الصورة التي يتخذها النظام العالمي المعولم على وفق الهيئة التي يوضحها الشكل رقم‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪.)7.2‬‬

‫شكل رقم (‪ :)6.6‬النظام االقتصادي في ظل العولمة‪ :‬دول‪ ،‬مؤسسات‪ ،‬مواقع‪.‬‬

‫النرويج‬ ‫سويسرا‬

‫ألمانيا‬ ‫فرنسا‬ ‫السويد‬


‫الدانمرك‬

‫الواليات‬
‫كندا‬ ‫المتحدة‬ ‫اليابان‬
‫إيطاليا‬

‫األمريكية‬

‫بريطانيا‬ ‫هولندا‬

‫البرتغال‬ ‫بلجيكا‬

‫▲ اإلمبرياليات الفرعية البرازيل والمكسيك‪ ،‬وهي عبارة عن دول رأسمالية متخلفة تربطها بإمبرياليات المركز‬
‫عالتقات وثيقة‪.‬‬
‫● الدول الصناعية الجديد‪.‬‬
‫○ دول العالم الثالث‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬هذا الشكل أصال لبول سويزي‪ ،‬وأضفنا إليه القنوات التي توضح مؤسسات اإلتقتصاد في ظل العولمة كما‬
‫أضفنا الدول الصناعية الجديدة‪.‬‬

‫‪ -1‬أسامة عبد الرحمان‪ ،‬تنمية التخلف وإدارة التنمية‪ :‬إدارة التنمية في الوطن العربي والنظام العالمي الجديد‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت ‪ ،7991‬ص ‪.707‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ Keneci Ohmae‬في كتابه (نهاية الدولة القومية وبزوغ االقتصاديات‬ ‫ويذهب المفكر كينشي أوهماي‬
‫(‪)1‬‬

‫أن قدرة هذه الشركات‬ ‫بأن الشركات لها إمكانية التأثير في سيادة الدول مقيما برهانه على أساس َ‬
‫اإلقليمية) إلى القول َ‬
‫وحجمها‪ ،‬قياسا بحجم اإلقتصـاد الذي تعمل وتؤثر فيه‪ ،‬فالـدولة حسب اوهماي لم تعد سوى قوى قزمية‪ ،‬بل ربما َإنها‬
‫عادت إلى أصلها الذي بدأت به في المرحلة التجارية‪ ،‬وبدت الدولة في ظل العولمة تعوزها الكفاءة بعد أن ظهرت‬
‫مظاهر التحلل فيها من الناحية اإلقتصادية تحت وطأة مهاجمتها بمجموعة من المتغيرات كالمواجهة بديناميكيات‬
‫المصلحة الفردية‪ ،‬ثورة المعلومات‪ ،‬الخيارات االستهالكية‪ ،‬تجليات رأس المال‪ ،‬تزايد المطالب الشعبية‪ ،‬وتقييدها‬
‫باألمور السياسية‪ ،‬كل هذه المتغيرات جعلت الدولة أقل استجابة للتحديات الجديدة‪ ،‬فلم تعد الدول كوحدات سياسية‬
‫أن الدولة ال تزال‬
‫يفرض المنطق بقائها كوحدات مرسومة على خريطة حديثة للنشاط االقتصادي وعلى الرغم من َ‬
‫أن قدرتها في وضع المجريات العالمية في مقدمة‬
‫"العبا" على الساحة الدولية (من وجهة نظر العالقات الدولية) إال َ‬
‫الق اررات التي تتخذها قد تضاءلت‪.‬‬

‫أن القضية األساسية بالنسبة للدولة القومية كانت وال تزال قضية السيادة الوطنية‪ ،‬وحماية‬
‫ويذهب أوهماي إلى َ‬
‫فإن المناطق اإلقتصادية‬
‫األرض والموارد والوظائف والصناعات والثقافة واأليديولوجيا‪ ،‬وبالنسبة لعالم بال حدود َ‬
‫إن‬
‫مناطقية ‪ Regional State‬تعتبـر محـدودة الحجم جغرافياً‪ ،‬إالَ َأنها ضخمة اقتصادياً‪َ .‬‬
‫‪‬‬
‫َ‬ ‫يسميها دوالً‬
‫الطبيعية التي َ‬
‫فإنه راجع إلى الصدفة التاريخية‪ ،‬فالدولة إذ‬
‫المناطقية قد تقع أو ال تقع داخل حدود دولة معينة‪ ،‬وان كان َ‬
‫َ‬ ‫هذه الدول‬
‫تواجه ضعفا في قدرتها على التحكم في اإلقتصاد بالشكل الذي يضيف عليها هامش الخيار االقتصادي الذي بات‬
‫مناطقية موجودة داخل الدول األصلية أو مؤسسات دولية خارجها‪ ،‬بحيث باتت‬
‫َ‬ ‫يفرضه أناس أو شركات أو دول‬
‫إن الشركات المسئولة عن إنتاج السلع والخدمات تفتقر إلى الهوية‬
‫الدولة محض خيال يفتقد كثي ار صور الماضي‪َ .‬‬
‫لحرية قومية لم تكن موجودة إالَ في ظل العولمة‪.‬‬
‫إن النشاط االقتصادي بات كله يحمل هوية َ‬
‫القومية‪ ،‬بل َ‬

‫فإن الدولة الرأسمالية ال تزال تمتلك من الوسائل ما تمكنها من التأثير في النشاط‬


‫ومهما يكن من أمر‪َ ،‬‬
‫أن عالقة الشركات بالدولة‬
‫المناطقية كما يسميها أوهماي –على حد سواء‪ -‬كما َ‬
‫َ‬ ‫االقتصادي للشركات والدول‬
‫الرأسمالية ليست عالقة عدائية كما يدعي البعض‪ ،‬وبهذا الصدد يشير روبرت ب‪ .‬كارسون ‪ Karson.B.R‬إلى َأنه‬
‫في عالم يزداد فيه تدويل األسواق وتتكاثر فيه الشركات متعددة الجنسيات تبدو السياسات اإلقتصادية غير فعالة في‬
‫مواجهة الشركات األجنبية التي تحتكر األسواق المحلية في الواليات المتحدة‪ ،‬لهذا ارتأى صانعوا السياسة األميركية‬
‫أن يتوقفوا عن سيـاسات مكافحة االحتكار التي تضع الشركات األميركية العمالقة في موقف غير مالئم‪ .‬ففي إطار‬
‫بأن صحة اقتصاد الواليات المتحدة تعتمد والى حد ما على الصحة اإلقتصادية للشركات متعددة‬
‫النظرة القائلة َ‬
‫أن ازدهار الدولة يعتمد على ازدهار إقتصادها من دون أن يعني ذلك تناقضا بين المصلحة‬
‫الجنسيات‪ ،‬وطالما َ‬
‫‪1‬‬
‫‪- Kenici Ohmae: The end of Nation-State: The Rise of Regional Economies, The Eree Press, New‬‬
‫‪York , 1995.‬‬
‫‪‬‬
‫هذه الوحـدات أو الدول المناطقية مثـل شمال إيطـاليا‪ ،‬الرين األعلى‪ ،‬سـان دييغو‪ ،‬تايوان‪ ،‬هونغ كونك‪ ،‬جنـوب الصين‪ ،‬وادي‬
‫السليكون‪ ،‬خليج كاليفورنيا‪ ،‬سنغافورة‪ ،‬جنوا‪ ،‬جنوب ماليزيا‪ ،‬جزر ريو األندونيسية‪ ،‬مثلث البحوث في كوريا‪ ،‬طوكيو‪... ،‬الخ‪.‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫القومية ومصلحة الشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬فاألخيرة هي خط الدفاع األول في مواجهة الشركات األجنبية العمالقة‬
‫في المنافسة الدولية‪ ،‬إذاً فالعالقة بين الدولة الرأسمالية المتقدمة وشركاتها متعددة الجنسية عالقة حميمة تدعمها‬
‫اعتبارات عديدة أهمها(‪:)1‬‬

‫‪ -‬حاجة الشركات إلى استقرار اجتماعي وسياسي في البلد الذي تعمل فيه‪.‬‬

‫أن جميع الشركات تقريبـا في الواقع مؤسسات تنشط على نطـاق عالمي‪ ،‬نطاق الرأسمالية لنظام عالمي‪،‬‬ ‫‪َ -‬‬
‫فالشركات والرأسمالية معا تعتمد على وجود الدولة القومية التي يمكن أن تلعب دو ار فاعال ومعب ار عن‬
‫المصالح المشتركة لجميع الشركات‪ ،‬وضمان بقاء الرأسمالية كنظام‪.‬‬

‫‪ -‬كلما ازداد صراع الشركات متعددة الجنسيات فيما بينها من أجل السيطرة على السوق تزداد حاجتها لالعتماد‬
‫على الدعم من جانب الدولة‪ ،‬فـ"الدعم المالي والتدخل الحكومي" ضروريان لدعم الشركات المحلية التي‬
‫تهددها الشركات األقوى واألكبر‪.‬‬

‫أما الدولة في العالم الثالث بسماتها وخصائصها وفقدانها اآلليات المناسبة والالزمة لتفعيل دورها جعلها تفتقر إلى‬
‫أن الدولة في العالم‬
‫الحس الذي به تمارس الدولة المتقدمة صيانة البناء الرأسمالي‪ ،‬وتشير بعض األطروحات إلى َ‬
‫أن الدولة في العالم‬
‫الثالث سوف تنهار وتختفي‪ ،‬فيشير في هذا الصدد مولر وبارنيت ‪ Barnet and Muller‬إلى َ‬
‫الثالث في طريقها إلى االنهيار‪ ،‬رغم والدتها القريبة‪ ،‬تحت وطأة تصاعد قوة الدولة اإلمبريالية والقوة السياسية‬
‫والعسكرية الغاشمة‪ ،‬وتحت سطوة الشركات متعددة الجنسيات التي تمثل أداة اإلمبريالية لالعتداء على السيادة وتدمير‬
‫الدولة في العالم الثالث(‪.)2‬‬

‫إ َن ميزان القوى اإلقتصادية بين الدولة في العالم الثالث والشركات متعددة الجنسية في صالح األخيرة‪ ،‬وهي مقولة‬
‫ليست جديدة‪ ،‬فطبقا للمداخل التقليدية لتصوير طبيعة توازن القوى التي تحكم العالقة بين الدولة والشركات متعددة‬
‫أن هذه المداخل تذهب إلى القول برجحان قوة الشركات متعددة الجنسيات من حيث الموارد‬ ‫الجنسية‪ ،‬نجد َ‬
‫أن الدولة أقوى بحكم حق مزاولة السيادة المطلقة وسلطة التشريع والرقابة واصدار‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬في مقابل حقيقة َ‬
‫الق اررات‪ ،‬أي الموارد السياسية للقوة عامة‪ ،‬كما يذهب البعض إلى القول بعدم جدوى هذا المدخل‪ ،‬ويقترحون نموذجا‬
‫آخر معتمدين فيه على مقولة ميزان القوى نفسها الذي يتحدد عندهم بأربعة متغيرات وهي‪:‬‬

‫‪ -‬قدرة الدولة على توجيه سلوك الشركات والصناعة‪.‬‬

‫‪ -‬تكلفة تكرار وتجاهل ما يقدمه االستثمار األجنبي‪.‬‬

‫‪ -1‬أسامة عبد الرحمان‪ ،‬تنمية التخلف وإدارة التنمية‪ :‬إدارة التنمية في الوطن العربي والنظام العالمي الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.702‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ronald E.Muller and Richard J Barnet, global Reach: The Power of The National Corporation, Simon‬‬
‫‪and Schuster, new York, 1974.‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -‬قدرة الدولة المضيفة على مقاومة التوترات السياسية الدولية الناشئة عن منازعات االستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬درجة عدم مناعة أصول وعوائد الشركة إزاء معاملة غير مواتية‪.‬‬

‫وعلى أساس هذه المتغيرات يتم التمييز بين أربع مراحل أساسية هي عصر قوة المستثمر أو الشركات متعددة‬
‫الجنسيات ويمتد حتى الستينيات‪ ،‬وعصر نجاح وقوة البالد المضيفة نتيجة تجمعها معا (كبلدان أوبيك) وأخي ار تحول‬
‫ميزان القوى من جديد لصالح الشركات متعددة الجنسية التي تتأتى نتيجة تصاعد قدرة الشركات على فرض عقوبات‬
‫إقتصادية على بالد بعينها‪ ،‬وبناء أحالف فوق قومية بين مختلف الشركات لمنع تسويق أو تمويل المشروعـات التي‬
‫تتعرض للتأميم والمصـادرة‪ ،‬وبفضل الثورة العلمية والتكنولوجيـة توفرت إستراتيجية جديدة‪ ،‬ومكنت من استحداث تجارة‬
‫التكنولوجيا على نطاق واسع‪.‬‬

‫ولعل أبرز المتغيرات المضافة لقوة الشركات هي نجاحها في إقرار اتفاقية االستثمار الدولية‪ ،‬وقبل هذا أو ذاك‬
‫يؤمنه صندوق النقد الدولي من ضمانات لنشاطها‪ ،‬أو تلك األطر المستحدثة في ظل منظمة التجارة‬ ‫تمتعها بما َ‬
‫العالمية واتفاقية أورغواي‪ ،‬فأصبـح ميزان القوى الحالي بيـن الدولة في العالم الثالث بما تمتلكه من وسائل )وسياسات‬
‫مالية ونقدية وحقوق السيادة الذاتية( وبين الشركات متعددة الجنسيات راجحاً لصالح األخيرة‪ ،‬وليس مصادفة أن‬
‫يتزامن عصر تحول ميزان القوى لصالح المستثمر مع تصاعد صيحات العولمة‪ ،‬فثمة عالقة بين األمرين واال كيف‬
‫لنا أن نفسر ذلك؟‪.‬‬

‫إن الشركات متعددة الجنسيات تهدد الكيانات القومية وبخاصة الكيانات األضعف غير ذات التاريخ السياسي‬
‫َ‬
‫والثقافي العميق الجذور‪ ،‬ومنذ أن افتضح دور الشركة ‪ T.T.I‬في إسقاط حكومة شيلي عام ‪ 7917‬تزايد القلق من‬
‫التدخل السياسي المباشر لهذه الشركات في الشؤون الداخلية‪ ،‬ولم يعد التركيز على مشكالت التدخل الظاهر والمستتر‬
‫في إسقاط أو إنجاح هذه الحكومة أو تلك(‪ ،)1‬فما يمكن أن تهدده هذه الشركات في داخل كل دولة ليس قمتها وا َنما‬
‫التهديد يكمن في مجاالت عمل السياسة اإلقتصادية‪ ،‬فشعارات الخصخصة والليبرالية والسوق الواحدة ورفع القيود‬
‫الجمركية كلها مرتكزات نظرية لتبرير نظام اقتصادي تكون الشركات فيه العباً وحكماً في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪ -1‬رسالن شرف الدين‪ ،‬موتقع الدولة الوطنية في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬مجلة بحوث عربية‪ ،‬العدد ‪ ،4-0‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،7998‬ص ‪.50‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫الدولية‪.‬‬
‫َ‬ ‫االقتصادية‬
‫َ‬ ‫المؤسسات‬
‫المطلب الثالث‪ :‬دور الدولة في العالم الثالث و َ‬
‫إن تلك الوصفات التي يصفها خبراء ومستشارو صندوق النقد الدولي لدول العالم الثالث والمبنية أساسا – كما‬ ‫َ‬
‫أوضحنا سابقا‪ -‬على النهج النيوكالسيكي والتي تعتمد على‪:‬‬

‫‪ -‬استبعاد الدولة من الساحة اإلقتصادية وحصر مهمتها على تنفيذ اإلصالح االقتصادي مستعينة بقدرتها‬
‫الذاتية كجهاز يحتكر استخدام العنف في المجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬ربط الهياكل اإلقتصادية المحليـة بالسـوق العالمية عن طريق حـزمة مـن اإلجـ ارءات تخص العملة‪ ،‬والحواجز‬
‫الجمركية‪ ،‬وحركة رؤوس األموال‪ ،‬والرقابة الحكومية‪.‬‬

‫فهي في هذا المجال تخضع هذه اإلجراءات إلى إعادة ترتيب "دور الدولة السياسي" من مؤسسة حامية لمكاسب‬
‫المجتمع المدني إلى جهاز منفذ لمتطلبات عالمية تترجم اقتصاديا بتعدي المصالح الوطنية‪ ،‬وفسح المجال للشركات‬
‫متعددة الجنسيات بما يسهل عملها وحركتها(‪.)1‬‬

‫أما منظمة التجارة العالمية فهي تواجه تحديا أساسيا عندما تريد التعامل مع مسائل خاصة‪ ،‬مثل حقوق العمال‬ ‫َ‬
‫ألن المنظمة‬
‫وحماية البيئة وقيود االستثمار األجنبي وقواعد االحتكار والمنافسة‪ ،‬كلها مسائل مثيرة للجدل السياسي َ‬
‫داخلية‪ ،‬وال يمكن إيجاد الحلول لها بسهولة ويكمن اإلشكال األساسي‬
‫تدخل في ال َسياسة ال َ‬
‫تواجه ما تعتبره الحكومات َ‬
‫التعديات على السيادة الوطنية‬
‫بالنسبة للمنظمة في محاولتها الموازنة بين التدخل في السياسات الداخلية وبين تفادي َ‬
‫للدول(‪.)2‬‬

‫أن مجموعة الدول السبع فقد طرحها البعض كإحدى المؤسسات المرشحة ألخذ "وظيفة الدولة" فهي وكما‬ ‫كما َ‬
‫أن هذه المؤسسة وان شكلت كتلة إقليمية ضخمة‬
‫أشرنا ال تعد إال تكريسا لمفهوم الدولة في وحدات أكبر وأقوى‪ ،‬كما َ‬
‫تحت قيادة مؤسسة جديدة هي مؤتمرات الدول السبع ‪ G7‬فهي خاضعة لصياغات تناسب ميزان القوى داخلها لصالح‬
‫الواليات المتحدة ‪ ،‬وهذه المؤسسة ال يمكنها أن تكون بأي حال من األحوال بنية فوقية (إطار سياسي وقانوني وثقافي)‬
‫يحظى بالشعبية المناسبة لتحقيق المساعي الحقيقية للنظام الدولي الجديد الذي يستهدف حماية رأس المال المسيطر‬
‫على العالم‪.‬‬

‫أن المنظمات العالمية وبخاصة األمم المتحدة وهيئاتها هي بداية‬ ‫فإنه قد يشار إلى َ‬
‫ومادمنا ذكرنا البناء الفوقي َ‬
‫أن السلسلة الطويـلة من المؤتمـرات التي نظمتها األمم المتحدة‪ ،‬اتخذت‬
‫لتكويـن مثل هذه البنية‪ ،‬بـل قد يشار أيضا إلى َ‬
‫فيها السياسات الوطنية أبعادا دولية متزايدة التأثير بحيث أخذ يتبلور فيما يمكن أن يكون تنسيقا حكوميا على المستوى‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ronald E.Muller and Richard J Barnet, global Reach: The Power of The National Corporation, op‬‬
‫‪cit,1974.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ronald E.Muller and Richard J Barnet, op cit, 1974.‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫العالمي‪ ،‬وفي دراسة أعدتها األمم المتحدة ‪ 7990‬قدمت برنامجا موضحا للسبل التي يمكن من خاللها تحقيق إدارة‬
‫شمولية مثلى للعالم ‪ ،Governance Global‬وكان جوهر هذا البرنامج قائما على إصالح مجلس األمن الدولي‬
‫التابع لألمم المتحدة‪ ،‬وخلق مجلس األمن االقتصادي كمؤسسة تكمل عمل مجلس األمن الدولي‪ ،‬إضافة إلى جعل‬
‫منظمة األمم المتحدة أكثر ديمقراطية وأكثر قدرة على أخذ زمام المبادرة على المستوى العالمي(‪.)1‬‬

‫أن تدبير المصلحة العامة العالمية قد‬


‫ولكن مثل هذا التقنين الدولي يصطدم بحواجز يتعذر تجاوزها بل يبدوا َ‬
‫تتوفر بصورة أكثر نجاعة ليس في ظل حكومة عالمية بل بمجرد إتفاق بشأن جملة مناسبة من أنظمة االستقرار‬
‫السياسي التي تكون عادلة بنظر الجميع والوصول إلى تطبيقها ولكن الفكرة في ذاتها تبدو براقة حد اإلبهار رغم َأنها‬
‫‪‬‬
‫أن البعض يتصور َأنها ممكنة التطبيق ‪.‬‬
‫تواجه مشاكل مع الواقعية رغم َ‬

‫أن وظائفها قد تقلصت بواسطة اتجاهات "العولمة‬ ‫الرغم من "استقاللية الدولة" إالَ َ‬
‫وخالصة القول َأنه ب َ‬
‫ومؤسساتها"‪ ،‬كما َأنه لم يظهر حتى اآلن بديل مناسب يحل عن الدولة ويكون بمثابة الوحدة األساسية في العالقات‬
‫الدولية مثلما هي الدولة في التعامل مع المتغيرات العالمية‪ ،‬فالدولة هي التجسيد الحقيقي والهدف األسمى لفكرة‬
‫االنتماء القومي بأشكاله المختلفة ولعل أبرز مكونين للدولة (الهوية والشرعية) وهما مفقودان على صعيد ما فوق‬
‫الدولة أو الصعيد العالمي‪ ،‬وما ازلت الدولة قادرة –بصرف النظر عن الحسابات اإلقتصادية التقليدية– على عرقلة‬
‫التفاعالت الحاصلة عبرها على الصعيد العالمي‪.‬‬

‫والنمط المقترح "للدولة في ظل العولمة" هو نمط "الدولية االنفتاحية" وهو نمط جديد من الدولة يقوم على فكرتين‬
‫أساسيتين‪ ،‬األولى‪ :‬إلغاء القيود مع السوق العالمية‪ ،‬وهذه السياسة تتعارض مع مبدأ الحماية الذاتية التي كانت أحد‬
‫أهم شروط نجاح اقتصاد التخطيط‪ ،‬أما الفكرة الثانية فهي‪ :‬تحرير الدولة من االلتزامات االجتماعية والوطنية سواء‬
‫تلك المتعلقة بمفهوم العدالة االجتماعية أو تلك المتعلقة بمفهوم التنمية المستقلة وقضية فك االرتباط(‪.)2‬‬

‫إن هذا النمط يستهدف إذاً تحرير العالقات اإلقتصادية والتجارية‪ ،‬أو باألحرى رفع أو تخفيف القيود القانونية‬
‫َ‬
‫واألخالقية واالجتماعية عن مالكي رأس المال المحليين واألجانب في سبيل دفعهم إلى المشاركة في االستثمار وتنظيم‬
‫الفوائد اإلقتصادية وتحقيق االندماج "الوهمي" في السوق العالمية‪.‬‬

‫ويختلف هذا النمط من الدولة عن نمط الدولة الرخوة ‪ ،state soft‬الذي يشير إلى استعداد معظم حكومات دول‬
‫العالم الثالث للفساد‪ ،‬وتجاهل حكم القانون‪ ،‬وتغيب مصالح أفرادها الخاصة على المصلحة العامة‪ ،‬أما نمط الدولة‬
‫االنفتاحية فهو يعيد بلورة برنامج الدولة السياسي على أساس توفير الشروط المثلى لخلق نمط من التنمية اإلقتصادية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ronald E.Muller and Richard J Barnet, op cit, 1974.‬‬
‫‪‬‬
‫يؤكد المدير العام لصندوق النقد الدولي ميشيل كامديسو‪ ،‬بأنه على تقادة العالم أن يتقبلوا فكرة الحكومة العالمية تقبل أن يتوتقعوا تقيام‬
‫المؤسسات الدولية وتكريس الوتقت الالزم لممارسة سلطاتها على المستوى الدولي‪.‬‬
‫‪ -2‬رسالن شرف الدين‪ ،‬موتقع الدولة الوطنية في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫أن اإلخفاق في تحقيق المشروع التنموي المعتمد على حماية األسواق الداخلية وبناء اقتصاد مستقل (نسبيا)‬
‫إذ َ‬
‫ألنها‬
‫وتحقيـق تنمية مستقلة (بمعنى التمركز على الذات) التي تقتضي قد ار من التضحية مـن جانب المستهلكين‪َ ،‬‬
‫تتصل بفرض قيود ثقيلة على االستيراد لتوفير الحماية الجمركية المناسبة للسلع المحلية وعلى تداول العمالت‬
‫رسخ االعتقاد بأمثلية وأفضلية النموذج المناقض‬
‫األجنبية وقيود مالية أخرى على التحويالت األجنبية‪ ،‬هذا اإلخفاق َ‬
‫أي المعتمد على ربط اإلقتصاد الوطني باالقتصاد العالمي‪ ،‬والشركات متعددة الجنسيات واالستثمارات األجنبية ورفع‬
‫القيود السابقة‪.‬‬

‫بأنها سوف تعيد الحيوية في‬‫إن جوهر االنفتاحية يعني باألساس إطالق قوى السوق أكثر ما يمكن إيمانا َ‬ ‫َ‬
‫بالحرية بالمعنى السياسي أو األخالقي‪ ،‬واالنفتاحية بعكس ما تشير‬
‫َ‬ ‫النشاطات اإلقتصادية المتراجعة‪ ،‬وليس له عالقة‬
‫إليه الدعاية الخارجية‪ ،‬قد ترافق منذ البداية بتشديد قبضة الدولة على الحياة السياسية واالجتماعية‪ ،‬وتوسيع دائرة‬
‫ممارستها للعنف االقتصادي (تمي از عن الصيغ المعروفة من العنف)‪.‬‬

‫ونمط الدولة االنفتـاحية يختلف عن نمط الدولة الوطنية التي تطمـح إلى تحقيق هيمنتها عـلى شروط التراكم‪ ،‬بل‬
‫أن نمو اإلقتصاد بالمقاييس الكمية هو المحرك األساسي للتقدم‪ ،‬وا َن هذا النمو يحتاج إلى ضمان حرية‬
‫هي تؤمن َ‬
‫واسعة ألصحاب رؤوس األموال من كل الجنسيات‪ ،‬كما قد يحتاج إلى تقييد كامل لحركة القوى االجتماعية التي تهدد‬
‫أصحاب المصالح ورؤوس األموال‪ ،‬والنتيجة هي وضع الدولة في خدمة أصحاب هذه المصالح والغاء أي وسيلة‬
‫للحفاظ على التوازن العام‪ ،‬وتتمثَل مهمة الدولة االنفتاحية في تسليم المجتمع واالقتصاد للقوى الرأسمالية العالمية(‪.)1‬‬

‫أن ما نعيشه اليوم في ظل العولمة‪ ،‬هو بداية تاريخية النحطاط الدولة وفسادها‬‫وأخي ار ينبغي أن نشير إلى َ‬
‫الشامل واالنتقال لنمط جديد من الدولة‪.‬‬

‫لكنه كان ثمرة لتبدل الظروف العالمية‬


‫إن إخفاق الدولة لم يكن ثمرة تخبط السياسات الداخلية أو فسادها فحسب‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫بالنمو والتقدم‪.‬‬

‫‪ -1‬رسالن شرف الدين‪ ،‬نقس المرجع‪ ،‬ص ‪.54‬‬


‫‪660‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫المبحث الرابع‪ :‬دور الدولة في ظل األزمات المالية‪.‬‬

‫النشاط االقتصادي‪ ،‬فالدولة‬


‫تعتبر األزمات المـالية من بين الظواهر االقتصـادية األكثر تأثيـ اًر على دور الدولة في َ‬
‫كبير من أجل إعادة التوازنات االقتصادية وازالة مختلف االختالالت واعادة ضبط ا َلنشاط االقتصادي‪،‬‬ ‫اً‬ ‫دور‬
‫تلعب اً‬
‫العملية‬
‫َ‬ ‫تجنبها باإلضافة إلى بعض الحاالت‬
‫وسياسات َ‬
‫وإلظهار هذا الدور سيتم عرض بعض أسباب األزمات المالية َ‬
‫الراهنة‪.‬‬
‫وكذلك دور الدولة في ظل األزمة المالية َ‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب األزمات المالية‬

‫ال يمكن إرجاع األزمات المالية إلى سبب واحد أو سببين‪ ،‬فهناك جملة من األسباب تتضافر في آن واحد‬
‫إلحداث أزمة مالية‪ ،‬ويمكن تلخيص أهم هذه األسباب فيما يلي‬

‫‪ -‬عدم استقرار االقتصاد الكلي)‪:(1‬‬

‫إن أحد أهم مصادر األزمات الخارجية هو التقلبات في شروط التبادل التجاري‪ ،‬فعندما تنخفض شروط التجارة‬
‫خصوصا خدمة‬
‫ً‬ ‫يصعب على عمالء البنوك المشتغلين بنشاطات ذات العالقة بالتصدير واالستيراد الوفاء بالتزاماتهم‬
‫من الدول النامية التي حدث بها أزمة مالية‪ ،‬شهدت‬ ‫الديون‪ ،‬وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن حوالي‬
‫ئيسيا‬
‫سببا ر ً‬
‫قبل حدوث األزمة وشكل انخفاض شروط التجارة ً‬ ‫انخفاضا في شروط التبادل التجاري بحوالي‬
‫لألزمة المالية في حالة كل من فنزويال واأليكوادور‪ ،‬حيث االعتماد الكبير على صادرات النفط الخام مع صغر حجم‬
‫االقتصاد وقلة تنوعه‬

‫وتعتبر التقلبـات في أسعـار الفائدة العالمية أحد المصادر الخارجية المسببة لألزمات المالية في الدول النامية‪،‬‬
‫عالميا ال تؤثر فقط على تكلفة االقتراض بل األهم من ذلك أنها تؤثر على تدفقات‬
‫ً‬ ‫فالتغيرات الكبيرة في أسعار الفائدة‬
‫االستثمار األجنبي المباشر إلى الدول النامية ودرجة جاذبيتها‬

‫من تدفقات رؤوس األموال من والى الدول النامية خالل حقبة التسعينات‪ ،‬كان‬ ‫‪-‬‬ ‫ويقدر أ َن ما بين‬
‫َ‬
‫عالميا‬
‫ً‬ ‫سببها المباشر التقلبات في أسعار الفائدة‬

‫كما تعتبر التقلبات في أسعار الصرف الحقيقية المصدر الثالث من مصادر االضطرابات على مستوى االقتصاد‬
‫مباشر أو غير مباشر لحدوث العديد من األزمات المالية‪ ،‬وأكدت دراسات مختلفة على هذه‬
‫ًا‬ ‫سببا‬
‫الكلي والتي كانت ً‬
‫دولة نامية في أمريكا الجنوبية قد عانت من اضطرابات في أسعار الصرف الحقيقية بمعدل‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وأظهرت أن‬
‫أعلى من أي إقليم في العالم بما في ذلك دول جنوب شرق آسيا‪ ،‬وذكرت الدراسة أ َن وقوع األزمات المالية حدث‬

‫‪ -1‬محمد لخضر بن حسين‪ ،‬األزمات االتقتصادية‪ ،‬فعلها ووظائفها في البلدان الرأسمالية المتطورة والبلدان النامية‪ ،‬ترجمة أحمين شفير‪،‬‬
‫المعهد الوطني للثقافة العمالية وبحوث العمل‪ ،‬الجزائر‪ ،7990 ،‬ص ‪.14 -10‬‬
‫‪665‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫ارتفاع حاد في أسعار الصرف الحقيقية كأحد آثار ارتفاع األرباح في قطاع التجارة الخارجية أو ارتفاع أسعار الفائدة‬
‫المحلية)‪. (1‬‬

‫حاسما في مقدرة القطاع المصرفي‬


‫ً‬ ‫عنصر‬
‫ًا‬ ‫أما في الجانب المحلي‪ ،‬فهناك التقلبات في معدل التضخم التي تعتبر‬
‫وخصوصا منح االئتمان وتوفير السيولة‪ ،‬وقد اعتبر الركود االقتصادي الناتج عن‬
‫ً‬ ‫على القيام بدور الوساطة المالية‬
‫مباشر لحدوث األزمات المالية في العديد من دول أمريكا الجنوبية ودول العالم النامي‪،‬‬
‫ًا‬ ‫سببا‬
‫ارتفاع مستويات األسعار ً‬
‫لبية أخرى على مستويات النمو في الناتج المحلي اإلجمالي والتي كان لها دور هام في التهيئة‬‫آثار س َ‬
‫كما أن هناك ًا‬
‫لحدوث األزمات المالية)‪. (2‬‬

‫‪ -‬اضطرابات القطاع المالي‬

‫شكل التوسع في منح االئتمان وتدفقات كبيرة لرؤوس األموال من الخارج وانهيار أسواق األوراق المالية القاسم‬
‫المشترك الذي سبق حدوث األزمات المالية في حالة دول جنوب شرق آسيا‪ ،‬فلقد شهد القطاع المالي في تلك الدول‬
‫توسعا كبي اًر‪ ،‬تواكب مع االنفتاح االقتصادي والتجاري والتحرر المالي غير‬
‫ً‬ ‫خالل حقبة الثمانينيات والتسعينيات‬
‫الوقائي وغير الحذر بعد سنوات من االنغالق وسياسات الكبت المالي بما في ذلك ضغط االقتراض وصغر حجم‬
‫ودور القطاع المالي في االقتصاد‪ ،‬فلقد عانت تلك الدول من عدم التهيئة الكافية للقطاع المالي وضعف واضح في‬
‫األطر المؤسسية والقانونية والتنظيمية‬

‫فمن ناحية‪ ،‬أدى التوسع في منح االئتمان إلى حدوث ظاهرة تركز االئتمان سواء في نوع معين من القروض‬
‫مثل القروض االستهالكية أو العقارية كما في حالة األزمة المالية في كوريا الجنوبية أو لقطاع واحد كالقطاع‬
‫الحكومي أو الصناعي أو التجاري كما حدث في حالة األزمة المالية في تايالند‪ .‬ومن األمور التقليدية في جميع‬
‫األزمات المالية التي شهدتها الدول النامية‪ ،‬حصول انتعاش كبير في منح القروض‪ ،‬ولم تقتصر هذه الظاهرة على‬
‫أيضا الدول الصناعية مثل فنلندا والنرويج والسويد واليابان والواليات المتحدة)‪.(3‬‬
‫الدول النامية فحسب بل شملت ً‬

‫كما كانت انتكاسة سوق األوراق المالية هي القاسم المشترك في العديد من األزمات المصرفية في الدول النامية‪،‬‬
‫وكانت االنتكـاسة أكبر في الدول النـامية مقـارنة بالدول الصناعية خـالل حقبة الثمانينيات والتسعينيات‪ ،‬ودلت دراسة‬
‫إ َن من الدالالت الظاهرة والقوية التي تسبق حدوث األزمات المالية انهيار سوق األوراق المالية‬ ‫‪Mishkin‬‬
‫بصورة متكررة كما حدث في فنزويال في بداية التسعينيات)‪.(4‬‬

‫‪ -1‬منير إبراهيم هندي‪،‬األوراق المالية و أسواق رأس المال‪ ،‬توزيع منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،7991 ،‬ص ‪. 150- 152‬‬
‫‪ -2‬الصافي وليد أحمد‪ ،‬سوق األوراق المالية ودورها في التنمية االتقتصادية‪ ،‬رسالة ماجستير علوم اتقتصادية‪ ،‬معهد العلوم االتقتصادية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،7991 ،‬ص ‪.700 – 704‬‬
‫‪ -3‬دونالد ماشيسون‪ ،‬األزمات المالية في األسواق الناشئة‪ ،‬مجلة التمويل والتنمية‪ ،FMI ،‬المجلد ‪ ،36‬العدد‪ ،3‬جوان ‪ ،1999‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -4‬محمد لخضر بن حسين‪ ،‬األزمات االتقتصادية‪ ،‬فعلها ووظائفها في البلدان الرأسمالية المتطورة والبلدان النامية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪667‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ - ..‬تحرر مالي غير وقائي‪:‬‬

‫إن التحرير المتسارع غير الحذر وغير الوقائي للسوق المالي بعد فترة كبيرة من االنغالق والتقييد قد يؤدي إلى‬
‫َ‬
‫حدوث األزمات المالية‪ ،‬فمثال ًًعند تحرير أسعار الفائدة فإن المصارف المحلية تفقد الحماية التي كانت تتمتع بها‬
‫فإن تجارب الدول النامية دلت على اضطرابات في أسعار الفائدة المحلية بعد‬‫وعموما‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫في ظل تقييد أسعار الفائدة‪.‬‬
‫خصوصا خالل المرحلة االنتقالية‬
‫ً‬ ‫انتهاج أسلوب التحرر المالي‬

‫خصوصا‬
‫ً‬ ‫أيضا مع التوسع في منح االئتمان والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة المحلية‬
‫ويترافق ذلك ً‬
‫فإن التحرر‬
‫في القروض العقـارية أو القـروض المخصصة لالستثمار في سوق األوراق المالية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪َ ،‬‬
‫المالي يؤدي إلى استحداث مخاطر ائتمانية جديدة للمصارف والقطاع المالي قد ال يستطيع العاملون في المصارف‬
‫تقييمها والتعامل معها بحذر ووقاية‪ ،‬كما أ َن التحرر المالي يعني دخول مصارف أخرى إلى السوق المالي مما يزيد‬
‫الضغوط التنافسية على المصارف المحلية ال سيما في أنشطة ائتمانية غير مهيأة لها وقبول أنواع جديدة من‬
‫فإن المصارف قد ال‬‫المخاطر قد ال يتحملها المصرف‪ ،‬وبدون اإلعداد والتهيئة الرقابية الالزمة قبل التحرر المالي َ‬
‫تتوفر لهـا الموارد أو الخبـرات الالزمة للتعامل مع هذه النشاطات والمخاطر الجديدة‪ .‬ومن األزمات المالية التي ساهم‬
‫التحرر المالي غير الوقائي وغير الحذر في حدوثها‪ ،‬نذكر األزمات المالية فـي الب ارزيل وتشيلي واندونيسيا والمكسيك‬
‫وفنزويال وبعض الـدول اإلسكندنافية وكذلك الواليات المتحدة‪ ،‬فقد أظهرت الدراسات َأنه من بين عينة من ‪ 25‬أزمة‬
‫مالية كانت ‪ 18‬منها قد حدثت في غضون السنوات الخمسة األولى من عملية التحرر المالي والتي اتخذت مظاهر‬
‫مثل ارتفاع أسعار الفائدة المحلية الحقيقية وارتفاع في قيمة المضاعف المالي وهي جميعها عالمات دالة على حدوث‬
‫األزمات المالية)‪.(1‬‬

‫‪ - ..‬تدخل الحكومة في تخصيص االئتمان‬

‫من المظاهر المشتركة لألزمات المالية في العديد من الدول النامية كان الدور الكبير للدولة في العمليات‬
‫خصوصا في عملية تخصيص القروض االئتمانية‪ ،‬وفي كثير من األحيان كانت الحكومة تقوم بتوزيع‬ ‫ً‬ ‫المصرفية‬
‫الموارد المالية المتاحة على قطاعات اقتصادية أو أقاليم جغرافية بعينها في إطار خطة لتنمية تلك األقاليم والقطاعات‬
‫أو لخدمة أغراض أخرى قد تكون سياسية بالدرجة األولى وليست اقتصادية)‪.(2‬‬

‫وفي الدول العربية‪ ،‬ال يزال القطاع المصرفي في كثير منها مملو ًكا للدولة بما يتبع ذلك من مشاكل من حيث‬
‫انخفاض اإلنتاجية وقلة الكفاءة والحافـز على اإلبداع‪ ،‬وفـي أحيان كثيرة يعـاني القطـاع المصرفي من احتكار الحكومة‬

‫‪ -1‬منير إبراهيم هندي‪ ،‬األوراق المالية وأسواق رأس المال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.159-158‬‬
‫‪ -2‬محمد لخضر بن حسين‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪662‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫لنشاطاته‪ ،‬وقد أدى هذا الوضع إلى حصول األفراد ذوي النفوذ واالتصاالت الواسعة مع الحكومة على القروض‬
‫واالئتمان دون األخذ في االعتبار سالمة المشروع االستثماري أو القدرة المالية للمقترض‪.‬‬

‫‪ - ..‬ضعف النظام المحاسبي والرقابي والتنظيمي)‪:(1‬‬

‫تعاني معظم الدول التي تعرضت ألزمات مالية من الضعف في النظام واإلجراءات المحاسبية المتبعة ودرجة‬
‫خصوصا فيما يتعلق بالديون المعدومة ونسبتها في محفظة المصرف االئتمانية‪ ،‬كما تعاني‬
‫ً‬ ‫اإلفصاح عن المعلومات‬
‫المقدمة‬
‫من ضعف النظام القانوني المساند للعمليات المصرفية وعدم االلتزام بالقانون الخاص بالحد األقصى للقروض َ‬
‫لمقترض واحد ونسبتها من رأس مال المصرف‪ ،‬وتظهر الدراسات المتعلقة بالدول التي تعرضت ألزمات مالية َأنه في‬
‫مباشر في حدوث األزمة‪ ،‬حيث يؤدي‬
‫ًا‬ ‫سببا‬
‫أكثر من ‪ 28‬دولة تعرضت منها‪ ،‬كان نقص الرقابة المصرفية الفعالة ً‬
‫نقص الرقابة إلى التقييم غير الدقيق وغير الكافي للمخاطر االئتمانية وتركيز المخاطر في مجال واحد كالتوسع في‬
‫منح القروض العقارية واالستهالكية‪ ،‬كما حدث في األزمة الكورية)‪.(2‬‬

‫دائما بعد حدوث األزمة‪ ،‬كما يظهر أ َن‬


‫أن التنظيم والرقابة يأتيان ً‬‫يظهر التتبع التاريخي لألزمات المالية َ‬
‫السلطات النقدية في الدول النامية التي تعرضت لألزمات المالية‪ ،‬لم تنجح في التنبؤ بحدوث األزمات أو الوقاية من‬
‫حدوثها‪ ،‬حيث قامت بعد حدوث األزمات بوضع وتعديل التشريعات المنظمة والمانعة من تكرار حدوثها‪ ،‬مثال‬
‫أيضا التراجع عن تلك اإلجراءات التنظيمية بمجرد‬
‫األرجنتين وتشيلي والب ارزيل ودول جنوب شرق آسيا‪ ،‬والمالحظ ً‬
‫زوال حدة األزمة مما أدى إلى تكرار األزمات وبالتالي عدم وجود وقاية حقيقية‪ ،‬وفي معظم األحوال فقد تمت معالجة‬
‫الجوانب الفنية المسببة لألزمة وتجاهل الجانب الهيكلي والتنظيمي‪ ،‬وبالتالي تصبح المحافظة على مقدار التحسن في‬
‫العمليات المصرفية صعبة االستمرار والدوام)‪.(3‬‬

‫سياسات سعر الصرف‬


‫‪ -‬عدم التحكم في َ‬

‫يالحظ أن الدول التي انتهجت سياسة سعر الصرف الثابت كانت أكثر عرضة للصدمات الخارجية‪ ،‬ففي ظل‬
‫مثل هذا النظام يصعب على السلطات النقدية أن تقوم بدور مصرف المالذ األخير لالقتراض بالعمالت األجنبية‬
‫أن ذلك يعني فقدان السلطات النقدية الحتياطاتها من النقد األجنبي وحدوث أزمة العملة‪ ،‬مثال حالة المكسيك‬
‫حيث َ‬
‫واألرجنتين‪ ،‬وقد تمخض عن أزمة العملة ظهور العجز في ميزان المدفوعات ومن ثم نقص في عرض النقود وارتفاع‬
‫أسعار الفائدة المحلية مما يزيد من الضغوط وتفاقم حدة األزمة المالية على القطاع المصرفي)‪.(4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Aglietta M, Macroéconomie financière - Tome 2 - Crises financières et régulation monétaire, La‬‬
‫‪Découverte, 1995-2005, p 31.‬‬
‫‪ -2‬دونالد ماشيسون‪ ،‬األزمات المالية في األسواق الناشئة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -3‬عرفات تقي الحسني‪ ،‬التمويل الدولي‪ ،‬دار مجدالوي للنشر عمان‪ ،‬األردن‪ ،1999 ،‬ص ‪.255‬‬
‫‪ -4‬دونالد ماشيسون‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫فور إلى تخفيض قيمة العملة‬


‫فإن حدوث أزمة العملة سوف يؤدي ًا‬
‫وعند انتهاج سياسة سعر الصرف المرن‪َ ،‬‬
‫وزيادة في األسعار المحلية‪ ،‬فتنخفض قيمة أصول وخصوم المصارف وفق متطلبات األمان المصرفي)‪.(1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سياسات تجنب األزمات المصرفية‪.‬‬

‫تطرح في األدبيات االقتصادية والتجارب العملية جملة من السياسات الهادفة إلى تقليل احتمال حدوث األزمات‬
‫المالية منها)‪:(2‬‬

‫خصوصا تلك التي تكون تحت‬


‫ً‬ ‫‪ -‬العمل على تقليل االضطرابات والمخاطر التي يتعرض لها الجهاز المصرفي‬
‫التحكم الداخلي للدولة وذلك عن طريق استخدام أسلوب التنويع وشراء تأمين ضد تلك المخاطر واالحتفاظ بجزء أكبر‬
‫اما بأهدافها‬
‫من االحتياطيات المالية لمواجهة مثل تلك التقلبات‪ ،‬واستخدام سياسات مالية ونقدية متأنية وأكثر التز ً‬

‫‪ -‬االستعداد والتحضير الكافي لحاالت االنتكاس في األسواق المالية والرواج المتزايد في منح االئتمان المصرفي‬
‫وتوسع الدور المالي للقطاع الخاص‪ ،‬وذلك عن طريق استخدام السياسات المالية والنقدية التي تستطيع أن تتعامل مع‬
‫تلك المشاكل من جهة وتصميم نظام رقابة مصرفي يقوم بتعديل وتقليل درجة التقلبات وتركيز المخاطرة في منح‬
‫االئتمان من جهة أخرى‬

‫خصوصا في األسواق‬
‫ً‬ ‫‪ -‬التقليل من حاالت عدم المالئمة وذلك من خالل آلية لتنظيم العمليات المصرفية و‬
‫الناشئة‪ ،‬وقد يكون ذلك عن طريق فرض احتياطي قانوني عالي خالل الفترات العادية (استخدام أدوات السياسة‬
‫النقدية غير المباشرة ويمكن تقليله في حاالت احتياج المصرف للسيولة في حاالت األزمات‪ ،‬واالستعداد أيضا‬
‫لمواجهة األزمات من خالل االحتفاظ باحتياطات كافية من النقد األجنبي‬

‫‪ -‬االستعداد الجيد والتهيئة الكاملة قبل تحرير السوق المالي استخـدام األدوات غير المبـاشرة للسياسة النقدية‪،‬‬
‫تعميق السوق المالي‪ ،‬زيادة الرقابة المصرفية واتباع المعايير الدولية كمعيار لجنة بازل لكفاية رأس المال(‪ ،‬كما‬
‫المؤسسية والتنظيمية للقطاع المصرفي‬
‫يفترض العمل على تطوير وتعديل األطر القانونية و َ‬

‫‪ -‬تقليص دور الدولة في القطاع المصرفي والتقليل من القروض الموجهة من الحكومة مع إعادة هيكلة القطاع‪،‬‬
‫وقد يكون السبيل لذلك هو الحث والتحفيز على تقليص دور الدولة من خالل برنامج لخصخصة القطاع المصرفي‬

‫‪ -‬تقوية وتدعيم النظام المحاسبي والقانوني وزيادة الشفافية واإلفصاح عن نسبة الديون المعدومة من جملة أصول‬
‫المصرف والقطاع المصرفي والمالي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Prager JC Et Villeroy de Galhau F, 1es leçons sur la politique économique, Seuil, 2003, Chapitre 17,‬‬
‫‪p181.‬‬
‫‪ -2‬فريد النجار‪ ،‬البورصات و الهندسة المالية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،7999 – 7998 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -‬تحسين نظام الحوافز لمالك المصارف واداراتها العليا بما يخدم ويعزز نشاطات المصارف بحيث يتحمل كل‬
‫طرف نتائج ق ارراته على سالمة أصول وأعمال المصرف‬

‫‪ -‬منع وعزل آثار سياسة سعر الصرف المعمول بها من التأثير السلبي على أعمال المصرف أو التهديد بإحداث‬
‫أزمة في القطاع المصرفي‬

‫‪ -‬إعطاء استقاللية أكبر للمصارف المركزية‪ ،‬بمعنى منع التدخل الحكومي عند قيام المصرف المركزي بأداء‬
‫وظيفته األساسية وهي تنفيذ السياسة النقدية بحيث تقوم تلك األخيرة على أساس اقتصادي وال تتدخل أغراض السياسة‬
‫المالية فيها‬

‫‪ -‬زيادة التنافس في السوق المالي وذلك عن طريق فتح المجال لمصارف جديدة سواء محلية أو أجنبية والحد من‬
‫انتشار احتكار القلة‬

‫‪ -‬رفع الحد األقصى لرأس المال المدفوع والمصرح به حتى تستطيع المصارف تلبية التزاماتها الحاضرة‬
‫والمستقبلية في عالم تتسم فيه عمليات انتقال رؤوس األموال بسرعة فائقة‬

‫‪ -‬الرقابة الوقائية واستخدام طرق أفضل من مراقبة وتتبع أعمال المصارف التجارية من منظور السالمة واألمن‬
‫لألصول المصرفية وزيادة المقدرة على التنبؤ بالكوارث واألزمات المصرفية قبل حدوثها‪ ،‬وبالتالي الحد من آثارها‬
‫السلبية على الجهاز المصرفي حتى تستطيع السلطات النقدية الوقاية منها ومنع انتقالها إلى بنوك أخرى وهذه الطرق‬
‫تتضمن)‪:(1‬‬

‫‪ ‬الكفاية الرأسمالية‪ :‬تطبيق نسب الكفاية الرأسمالية بما يتفق مع اتفاقية لجنة بازل‬

‫في األردن‪،‬‬ ‫‪ ‬نسبة السيولة‪ :‬تطبيق نسبة السيولة اإلجبارية ( مثـال ذلك ‪ %.6‬في مصر والسعودية‪26 ،‬‬
‫‪ %06‬في المغرب)‪.‬‬

‫‪ ‬التحفظ على القروض الرديئة‪ :‬وذلك بتصنيف القروض حسب جودتها وفرض احتياطي أكبر على القروض‬
‫العالية المخاطر‬

‫‪ ‬سياسة توزيع األرباح‪ :‬تدخل السلطات النقدية في هذه العملية مما يضمن سالمة أصول المصرف وأعماله‬
‫وفي نفس الوقت يحفظ حقوق المساهمين‬

‫‪ ‬زيادة الشفافية واإلفصاح عن كافة المعلومات‬

‫‪ -1‬فريد النجار‪ ،‬البورصات و الهندسة المالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ ‬تعيين مدققي حسابات خارجيين‬

‫‪ ‬منع حدوث ظاهرة التركيز االئتماني‪ :‬وضع حد أعلى لمقدار القروض والتسهيالت االئتمانية التي يمنحها‬
‫المصرف لمقترض واحد‬

‫‪ ‬إنشاء مكتب مركزي للمخاطر‬

‫‪ ‬استحداث نظام تأمين الودائع‪ :‬على غرار النظام المتبع في الواليات المتحدة وكندا وبريطانيا وذلك بتأمين حد‬
‫أعلى على الودائع (مثال في كندا ‪ 10‬آالف دوالر كحد أعلى على حساب الوديعة)‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حـاالت عمليـة‪.‬‬

‫السريع وغير المراقب في جميع الجوانب خاصة‬


‫تعتبر األزمات االقتصادية نتيجة حتمية للعولمة والتطور الكبير و َ‬
‫النشاط االقتصادي وأشكال تدخلها‪ ،‬هادفة بذلك إلى التكيف‬
‫تغير في دور الدولة في َ‬
‫مما رافق ذلك اً‬ ‫التكنولوجية منها‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫مع األزمات وتجنبها وايجاد مكانة لها في دائرة العولمة ومحاولة التأقلم مع مختلف المفاهيم‪ ،‬ولتوضيح ذلك سيتم‬
‫عرض حالتين عمليتين هما على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬حالة المكسيك‬

‫وهي أزمة‬ ‫تعتبر المكسيك من بين الدول التي تأثَرت بشكل كبير من مختلف األزمات وخاصة أزمة‬
‫مما أثَر على دور الدولة بشكل ملحوظ في‬
‫جداً‪َ ،‬‬
‫عولمة مالية الناتجة عن التطور الكبير في األسواق المالية والسريع َ‬
‫محاولة منها إلعادة التوازن للسوق المالي بصفة خاصة واالقتصاد بصفة عامة ويظهر دور الدولة في حالة المكسيك‬
‫من خالل)‪:(1‬‬

‫‪ -‬أدت سياسات اإلصالح االقتصادي التي طبقت خالل الفترة ‪ 1992-1999‬إلى انخفاض كبير في معدل‬
‫التضخم وتحسن ملحوظ في الموازنة العامة وميزان المدفوعات‪ ،‬وقد ساهمت سياسة سعر الصرف المتبعة في تلك‬
‫الفترة بدرجة كبيرة في تخفيض معدل التضخم‪ ،‬فبعد أن تم تثبيت سعر صرف البيسو مقابل الدوالر بين ديسمبر ‪1987‬‬
‫يجيا نظام سعر الصرف إلى نظام تميز بتحرك البيسو في نطاق محدد من ‪ % 61‬في‬
‫وجانفي ‪ ،1989‬تغير تدر ً‬
‫في آخر ‪.1993‬‬ ‫نوفمبر ‪ 1991‬إلى‬

‫افيا لمنع ارتفاع قيمة البيسو الحقيقية التي ارتفعت بحوالي ‪29‬‬
‫‪ -‬لكن انخفـاض القيمة االسمية للعملة لم يكن كـ ً‬
‫‪ %‬بين جانفي ‪ 1990‬وديسمبر ‪ 1993‬كنتيجة للتحسن االقتصادي‪ ،‬وفي نفس الوقت‪ ،‬ارتفع العجز في ميزان‬

‫‪1‬‬
‫‪- Calvo, Guillermo, Morris Goldstein and Eduard Hochreiter, “Private Capital Flows to Emerging‬‬
‫‪Markets After the Mexican Crisis”, Institute for International Economics, Washington, 1996, p 123.‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫من الناتج المحلي اإلجمالي‬ ‫المدفوعات‪ ،‬وكان مصدره الرئيسي العجز في الميزان الجاري‪ ،‬من حوالي‬
‫أن الزيادة في التدفقات‬
‫في ‪ 1990‬إلى ‪ 020‬في ‪ 1993‬ورغم هذا العجز الخارجي المتنامي في الميزان التجاري إال َ‬
‫مليار دوالر مع‬ ‫الرأسمالية إلى المكسيك أدت إلى ارتفاع كبير في احتياطي النقد األجنبي الذي وصل إلى‬
‫نهاية ‪ 1993‬ولقد لجأت السلطات النقدية المكسيكية إلى سياسة تعقيم التدفقات الرأسمالية وذلك بإصدار أذون خزانة‬
‫قصيرة المدى بالبيسو‬

‫خصوصا بعد أن وافق الكونجرس األمريكي‬


‫ً‬ ‫‪ -‬استمرت التدفقات الرأسمالية خالل الربع األول من عام ‪،1994‬‬
‫الحرة ألمريكا الشمالية (النافتا) ونتيجة لذلك‪ ،‬تقلص الفرق بين أسعار الفائدة‬
‫في نوفمبر ‪1993‬على اتفاقية التجارة َ‬
‫على أذون الخزانة المكسيكية وأسعار الفائدة على شهادات اإليداع األمريكية‪ ،‬وصاحب ذلك توسع في منح االئتمان‬
‫مـن قبل القطاع المـالي بشكـل كبير بين مـارس وجوان ‪ ،1994‬من ‪ 15.7‬إلى ‪ 33.5‬مليار بيسو‪ ،‬وعوضت الزيادة في‬
‫االئتمان نسبة كبيرة من االنخفاض في السيولة الناتج عن االنخفاض في صافي األصول األجنبية لدى البنك المركزي‬
‫بينما ارتفع االئتمان المقدم من القطاع المصرفي‬ ‫المكسيكي‪ ،‬ففي خالل عام ‪ 1994‬ارتفع عرض النقود بنسبة‬
‫للقطاع الخاص بحوالي ‪32‬‬

‫‪ -‬تسببت عدة عوامل من أهمها الزيادة الكبيرة في االئتمان المحلي والزيادة المطردة في النفقات العامة وبعض‬
‫االضطرابات السياسية وحوادث الشغب‪ ،‬في ظهور ضغوط على البيسو خالل الربع الثاني من ‪ 1994‬فانخفض‬
‫االحتيـاطي األجنبي بين مـارس وجوان من ‪ 26.8‬إلى ‪ 16.9‬مليـار دوالر‪ .‬ولمواجهة خـروج رؤوس األموال‪ ،‬رفعت‬
‫السلطات النقدية أسعار الفائدة وسمحت للبيسو أن ينخفض إلى الحد األقصى المحدد في ذلك الوقت وهو حوالي‬
‫أيضا استبدلت السلطات النقدية نسبة كبيرة من أذون الخزانة‬
‫ً‬ ‫مقابل الدوالر‪ ،‬وخالل النصف األول من‬
‫قصيرة المدى بالعملة المحلية بأخرى بالدوالر حيث وصلت نسبة هذه األخيرة التي كان يحملها القطاع الخاص إلى‬
‫من مجموع النوعين في شهر جويلية‬

‫‪ -‬تزامن التدهور المستمر في الحساب الجاري واالضطرابات السياسية التي شهدتها المكسيك في بداية ديسمبر‬
‫مما أدى إلى خروج رؤوس األموال بأحجام كبيرة‪ ،‬وفي منتصف‬ ‫‪ 1994‬مع الضغوط المتزايدة على البيسو‪َ ،‬‬
‫ديسمبر ‪ 1994‬انخفض االحتياطي األجنبي إلى ‪ 10‬مليار دوالر وزاد الفرق بين أسعار الفائدة على أذون الخزانة‬
‫بالعملة المحلية وأسعار الفائدة على أذون الخزانة بالدوالر‪ ،‬مما كان يشير بوضوح إلى توقعات انخفاض قيمة البيسو‬
‫في المستقبل القريب‬
‫)‪(1‬‬

‫وأعلنت نيتها للدفاع‬


‫وسعت السلطات النقدية نطاق تذبذب سعر الصرف إلى ‪15.3‬‬ ‫‪ -‬في ‪ 20‬ديسمبر ‪َ 1994‬‬
‫لكنها لم تتمكن من الحفاظ على قيمة العملة عند ذلك المستوى حيث تسببت‬
‫عن البيسو عند ‪ 64‬بيسو للدوالر‪َ ،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Calvo, Guillermo, Morris Goldstein and Eduard Hochreiter, “Private Capital Flows to Emerging‬‬
‫‪Markets After the Mexican Crisis”, op cit, p 124.‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫مخاوف المستثمرين في زيادة الضغوط على سعر الصرف ويوم ‪ 22‬ديسمبر ‪ 1994‬تبنت المكسيك نظام سعر‬
‫الصرف المرن‬

‫من قيمته‪ ،‬كما ارتفعت أسعار الفائدة على‬ ‫‪ -‬بين ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1994‬و‪ 3‬جانفي ‪ 1995‬فقد البيسو حوالي ‪30‬‬
‫في األسبوع الثاني من جانفي ‪.1999‬‬ ‫أذون الخزانة قصيرة المدى بالعملة المحلية إلى معدل سنوي يساوي‬

‫‪ -‬حالة تايالندا‬

‫كبير في إحداث األزمة والتي كان لها األثر الكبير‬


‫دور اً‬
‫ونفس الشيء بالنسبة لتايالندا فقد لعبت العولمة المالية اً‬
‫الرشيد استطاعت هذه الدول الخروج باقتصادياتها إلى بر‬
‫على دول جنوب شرق آسيا ومن خالل "تدخل الدولة" َ‬
‫قوة اقتصادياتها وتسييرها لمختلف األزمات ويظهر ذلك من خالل‪:‬‬
‫األمان وبرهنت على مدى َ‬

‫‪ -‬تم في بداية ‪ 1984‬ربط العملة المحلية "البات" بسلة من عمالت أهم الشركاء التجاريين لتايالند‪ ،‬وكان الدوالر‬
‫ابتداء‬
‫ً‬ ‫العملة الرئيسية في هذه السلة‪ ،‬وقد شهدت تايالند زيادة ملحوظة في التدفقات الرأسمالية إلى الجهاز المصرفي‬
‫من ‪ ،1988‬واستجابة لإلصالحات االقتصادية التي قامت بها الحكومة خالل تلك الفترة والتحسن في األداء‬
‫ألن معدل التضخم في تايالند في بداية التسعينات كان أعلى من معـدل التضخم‬‫ونظر َ‬
‫ًا‬ ‫االقتصادي الذي نجم عنها‪،‬‬
‫ونظر ألهمية الدوالر‬
‫ًا‬ ‫في اقتصاديـات أهم شركائها التجـاريين‪ ،‬فقد ارتفع سعر الصرف الحقيقي "للبات" بدرجة كبيرة‪،‬‬
‫في سلة العمالت التي كان يتحدد على أساسها سعر صرف "البات"‪ ،‬فقد أثرت التقلبات في سعر صرف الدوالر‬
‫مقابل الين والعمالت األوروبية على سعر الصرف الحقيقي "البات"‬

‫ابتداء من منتصف ‪ 1995‬إلى ارتفاع سعر الصرف الحقي في "البات" الذي تسبب بدوره‬
‫ً‬ ‫‪ -‬أدى ارتفاع الدوالر‬
‫من الناتج المحلي اإلجمالي في‬ ‫في تدهور الحساب الجاري وميزان المدفوعات حيث وصل العجز فيه إلى‬
‫‪ 1996‬ومع نهاية ‪ 1996‬وبداية ‪ ،1997‬زادت مخاوف العمالء في السوق من تردي األوضاع االقتصادية في تايالند‬
‫حيث)‪. (1‬‬

‫‪ ‬انخفضت الصادرات بدرجة كبيرة‬

‫في ‪.1996‬‬ ‫في ‪ 1995‬إلى‬ ‫‪ ‬انخفض معدل النمو الحقيقي من‬

‫‪ ‬حدث تحول في الميزة النسبية في بعض القطاعات لصالح دول أخرى في جنوب شرق آسيا‬

‫‪ -1‬أندريا بيكويز‪ ،‬اآلثار اإلجتماعية ألزمة شرق آسيا‪ ،‬مجلة التمويل والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ،7999 ،54‬ص ‪.44‬‬
‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫من صافي التدفقات الرأسمالية الخاصة إلى تايالند بين ‪ 1990‬و ‪ 1996‬كانت على شكل قروض‬ ‫‪‬‬
‫قصيرة المدى‪ ،‬ولقد تحول التفاؤل األولي حول االقتصاد التايالندي الناتج عن المستوى العالي لالستثمارات‬
‫أن نسبة كبيرة من هذه االستثمارات كانت تتميز بالمخاطرة وتتوجه نحو نشاطات‬
‫إلى مخاوف عندما اتضح َ‬
‫ذات اإلنتاجية المنخفضة ‪‬‬

‫‪ -‬بدأ يظهر كذلك ضعف اإلطار التنظيمي والرقابي والقانوني للنظام المصرفي فزادت نسبة القروض وتركيزها‬
‫في القطاع العقاري واالستهالكي‪ ،‬وقد تجاوز معدل النمو السنوي لالئتمان المحلي للقطاع الخاص بين ‪1993‬‬
‫و ‪ 1996‬بحوالي ‪ ، %.6‬كما تضاعفت نسبة إجمالي االئتمان إلى الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وزادت المخاوف من‬
‫تعرض الجهاز المصرفي والمالي لدرجة كبيرة من المخاطرة بسبب االعتماد على االقتراض قصير المدى بالعمالت‬
‫األجنبية واإلقراض بالعملة المحلية‪ ،‬ونتج عن هذه الطريقة في اإلدارة المصرفية عدم التالؤم والمطابقة في العمليات‬
‫المصرفية بالنسبة لفترات االستحقاق والعمالت األجنبية‬

‫‪ -‬تزايدت ضغوط المضاربة على "البات" مع نهاية ‪ 1996‬واستمرت هذه الضغوط التي أدت إلى انخفاض سريع‬
‫في االحتياطي األجنبي حتى يوم ‪ 2‬جويلية ‪ ،1997‬عندما أعلنت السلطات النقدية التايالندية عن التحول إلى نظام‬
‫أن‬
‫سعر الصرف المـرن‪ ،‬وطلبت مسـاعدة من صندوق النقد الدولي‪ ،‬خـالل األشهر التي أعقبت تعويم "البات"‪ ،‬ظهر َ‬
‫متوقعا‪ ،‬وقد تأثرت العملة من هذه األوضاع‪،‬‬
‫ً‬ ‫المشاكل المالية التي كانت تواجهها المؤسسات المالية أسوأ مما كان‬
‫فبين نهاية ‪ 1996‬وسبتمبر ‪ 1997‬انخفض "البات" مقابل الدوالر بنسبة ‪ % 4.‬وأدى هذا االنخفاض إلى تفاقم أعباء‬
‫الديون الخارجية لكل من المؤسسات العامة والمؤسسات الخاصة المالية وغير المالية التي اقترضت بدرجة كبيرة‬
‫بالعمالت األجنبية‬

‫‪ -‬بدأ البنك المركزي في تطبيق سياسة نقدية انكماشية متشددة ورفع أسعار الفائدة‪ ،‬ولكن لم يتم ذلك إال بعد أن‬
‫انهار سعر العملة المحلية‪ ،‬وكان توقيت هذا التوجه في السياسة النقدية غير مناسب حيث ازداد الوضع المالي‬
‫للشركات الخاصة المحلية سوءاً‪ ،‬كما أدى االنكماش في االئتمان إلى انخفاض الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وارتفاع نسبة‬
‫اإلفالس بين الشركات الخاصة باإلضافة إلى ارتفاع نسبة القروض المعدومة‪.‬‬

‫الراهنة‪.‬‬
‫المالية َ‬
‫َ‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬دور الدولة في ظل األزمة‬

‫أن‬
‫الحرة قادرة على ضبط نفسها‪ ،‬إالَ َ‬
‫أن األسواق َ‬‫لقد كان التفكير االقتصادي السائد خالل العقود الثالثة الماضية َ‬
‫أمنت هذه األزمة الفرصة لكثير‬
‫األزمة المالية الحالية قد أفقدت الثقة لدى الكثيرين من قادة العالم المتقدم أنفسهم‪ ،‬وقد َ‬
‫بأن العالم يشهد نهاية الرأسمالية المتحررة‪،‬‬
‫من قادة العالم ومفكريه فرصة التعبير عن أرائهم التي انصبت فحواها َ‬
‫المالية إلى الدرجة التي وصفها أستاذ االقتصاد في جامعة هارفرد‬
‫َ‬ ‫وأخذت األصوات تتعالى بالنقد الشديد للرأسمالية‬
‫الدكتور كنيثر زغوف بأ َن االقتصاد الذي شهدته الواليـات المتحدة األمريكية باقتصـاد رعاة البقر‪ ،‬وقال البد من إعادة‬

‫‪660‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫النظر بسياسات النظام الرأسمالي المستقبلية‪ ،‬كما دعا الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى ضرورة "قيام نظام مالي دولي‬
‫جديد"‪ ،‬وأكد خبراء اقتصاديون إلى أن آلية السوق وحدها غير قادرة على االستجابة لكل المتغيرات الحال َية والبد من‬
‫وتوجيهية)‪.(1‬‬
‫َ‬ ‫وجود سياسات رقابية‬

‫النظام الرأسمالي واستم ارره‪،‬‬


‫السؤال الذي يطرحه معظم المفكرين والمتابعين هل نحن أمام أزمة تعصف بوجود َ‬
‫وية في النظام الرأسمـالي تتطلب إعادة هيكلة النظام بأسره‪ ،‬لتدخل إليه إجراءات رقابية أكثر‬
‫بمعنى هـل هي أزمة بني َ‬
‫من اإلجراءات التي دعا إليها كينز في العشرينيات‪ ،‬أم هي أزمة مالية تتعلق بأزمة القروض العقارية التي سرعان ما‬
‫يتم احتواؤها والحد من تداعياتها؟‪.‬‬

‫‪ -6‬طبيعـة األزمة‪:‬‬

‫من المعروف أن تاريخ الرأسمالية حافل باألزمات المالية وحاالت االنهيارات الكبيرة‪ ،‬واألزمة الحالية بدأت يوم‬
‫االثنين ‪ 70‬سبتمبر‪ ،‬كعادة األزمات السابقة للنظام الرأسمالي التي معظمها حدثت يوم اإلثنين‪ ،‬عندما انخفض مؤشر‬
‫داو جونز بـ (‪ )118‬نقطة مشكال نسبة انخفاض بلغت ‪ .%1.9‬ورغم أ َن هذه النسبة لم تكن كبيرة قياسا بأزمة يوم‬
‫أن تداعيات األزمة المذكورة قد فاقت أزمة عام ‪ ،7981‬وهذا‬‫االثنين من العام ‪ 7981‬والتي بلغت نحو ‪ % 2228‬إال َ‬
‫ما يعكس تراجع الثقة بالنظام الرأسمالي)‪.(2‬‬

‫كما أ َن األساليب الجديدة في التعامل مع القروض العقارية أو ما يسمى بتأمين القروض جعل من األزمة لها‬
‫هـزات ارتـدادية شملت معظم المـؤسسات المالية الكبيرة في الواليـات المتحدة األمريكية‪ ،‬كما كان لـ"العولمة" وشمولها‬
‫للعالم أجمع بعد انتهاء القطبية الثنائية دور في أن يكون التداعي شامال وسريعا لدول العالم أجمع‪ ،‬بعد أن اقتنعت‬
‫معظم دول العالم باختالف أنظمتها السياسية بضرورة العمل بآليات السوق الحر لتحقيق نموها االقتصادي مما ربطها‬
‫بشكل مباشر باالستثمارات الخارجية لكبريات الشركات العالمية‪.‬‬

‫فأزمة عام ‪ 7981‬ورغم ارتفاع نسبة الخسارة إال أ َنها لم تشمل بتداعياتها جميع االقتصاديات العالمية‪ ،‬حيث‬
‫نجحت اإلجراءات المعتمدة لتطويق تأثيراتها بحيث لم يستمر الركود إالَ ‪ 58‬ثماني أشهر‪ ،‬بعد أن كانت حاالت‬
‫الركود تطول في األزمات السابقة لتصل إلى أكثر من ‪ 22‬شهرا‪ ،‬فهل تنجح اإلجراءات في الحد من أزمة ‪2558‬‬
‫السريعة تشير إلى أ َن األزمة‬
‫أن كل المعطيات لألزمة وتداعياتها َ‬
‫مدة ممكنة؟ ‪ .‬إالَ َ‬
‫)‪(3‬‬
‫لتطويق حالة الركود بأقصر َ‬

‫‪ -1‬ماجد محمد الفرا‪ ،‬األزمة المالية واالتقتصادية األمريكية وتبعاتها‪ ،‬من على الموتقع االلكتروني ‪:‬‬
‫‪ ،www.iugaza.edu.ps/emp/emp_folders/530/financial_crises_in_US.doc‬أطلع عليه بتاريخ ‪ 2559/58/20 :‬على‬
‫الساعة ‪.25:20‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Revue d’économie financière,Crise financière : analyses et propositions,N° Hors-série, Paris, 2008,‬‬
‫‪p23.‬‬
‫‪ -3‬داليا أبو الغيط عبد المعبود‪ ،‬األزمة المالية العالمية وأثرها على العالم العربي‪ ،‬من على الموتقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪ ،www.patways.cu.eg/ news/uf/18067-3325-winter-2009-report.doc‬أطلع عليه بتاريخ‪ 2559/57/75 :‬على الساعة‪:‬‬
‫‪.71:50‬‬
‫‪665‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫سيكون لها تأثير كبير وواسع وقد يستمر لسنوات طويلة وهذا ما يقلق قادة العالم بأسره بعد أن لم تستطع كل‬
‫"التدخالت الحكومية" بشراء معظم الشركات التي تعرضت لخسارة من إنقاذ الوضع وأ َن التراجع في أسواق المال‬
‫الدولية مستمر)‪. ... (1‬‬

‫‪ -6‬أسبــاب األزمـة‪:‬‬

‫النظرية إلى الفكرة التي ابتدعها مجموعة من المصرفيين قبل عقدين من الزمن والمتمثلة‬
‫تعود األزمة في أسبابها َ‬
‫باللجوء إلى نوع من التأمين لتحميل طرف ثالث المسؤولية في حالة عجز المقترض عن السداد مقابل أن يحصل ذلك‬
‫الطرف دفعات منتظمة على غرار أقساط التأمين‪ ،‬وأطلق على هذه الفكرة (مقايضة الديون التي يعجز أصحابها عن‬
‫السداد)‪ .‬وتعتبر خطوات متحررة جدا دون أن يرافقها َأية إجراءات رقابة أو توجيه‪ ،‬وفي غضون سنوات قليلة أصبحت‬
‫تشجعت البنوك على التوسع في إقراضهـا إلى درجة اإلفـراط‪ ،‬بحيث‬
‫هذه العمليات أكثر األدوات المالية رواجاً‪ ،‬بحيث َ‬
‫وصلت ديونها إلى نسب قيـاسية بلغت ‪ 00‬إلى ‪ 57‬من احتياطيـاتها المالية‪ ،‬وكانت هذه األساليب مخيفة ألصحاب‬
‫رؤوس األموال أنفسهم‪ ،‬إذ أطلق عليها الملياردير األمريكي براون بيفت بأسلحة الدمار الشامل المالية‪ ،‬ولم يدرك‬
‫بأنهم يخلقون نظاما متوحشا سرعان ما يصعب السيطرة عليه‪ ،‬وهذا ما حدث في يوم االثنين ‪70‬‬
‫هؤالء المصرفيون َ‬
‫سبتمبر بانخفاض مؤشر داو جونز بـ ‪ 118‬نقطة‪ ،‬وسارعت الحكومة األمريكية باتخاذ إجراءاتها التي رفضها‬
‫الكونكرس بادئ األمر بسبب ضخامة المبالغ لمطلوبة للسيطرة على االنهيار والبالغة نحو ‪ 155‬مليار دوالر‪ ،‬وكانت‬
‫شركة "أيه أي جي" أولى الشركات التي أعلنت عن عجزها عن سداد ‪ 74‬مليار دوالر تمثل قروض قد ضمنتها‬
‫للبنوك االستثمارية‪ ،‬وهذا ما زاد األزمة تفاقما كون العديد من المؤسسات كانت مرتبطة ببعضها من خالل صفقات‬
‫مقايضة الديون‪ ،‬حيث أ َن الشركة المذكورة كانت قد ضمنت ديون كبيرة لصالح بنك "ليمان براذرز"‪ ،‬فعندما انهارت‬
‫بالرهونات العقارية تعين على شركة "أيه أي جي" اإليفاء بتلك الديون دفعة واحدة‪ ،‬مما‬
‫األوراق المالية المدعومة َ‬
‫أن الشركة المذكورة تشكل جزء هام من مؤشر داو جونز‬ ‫تسبب في عدم قدرتها على تحمل الخسائر الكبيرة‪ ،‬وبما َ‬
‫الصناعي‪ ،‬فعليه تسببت خسارة شركة "أيه أي جي" تفاقم األزمة لتشمل كافة الشركات المالية‪ ،‬ثم انسحب التأثير على‬
‫بقية الشركات)‪.(2‬‬

‫‪ -1‬فريد زكرياء‪ ،‬وجهة نظر حول عصر بلونبيرغ‪ ،‬مجلة ‪ ،NEWS WEEK‬دار النشر غيرر موجرودة‪ ،‬البلرد غيرر موجرود‪ 74 ،‬أكتروبر‬
‫‪ ،2558‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -2‬نورة عبدالرحمن اليوسف‪ ،‬أسباب األزمة المالية العالمية‪ ،‬من على الموتقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪ ،http://www.alaswaq.net/views/2008/10/12/18895.html‬أطلع عليه بتاريخ‪ 2559/57/50 :‬على الساعة‪.27:40 :‬‬
‫‪667‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫‪ -6‬تداعيــات األزمـة‪:‬‬

‫أن‬
‫لألزمة تداعياتها على جميع دول العالم‪ ،‬وهذا ما نشاهده يوميا في تراجع جميع أسواق المال العالمية‪ ،‬و َ‬
‫تداعيات األزمة لم تعد تقتصر على القطاع المالي‪ ،‬بل أخذت تشمل بقية القطاعات وفي مقدمتها قطاع النفط الذي‬
‫فإن األزمة ستقود إلى حالة من الركود االقتصادي يصعب التكهن بمدته‬‫تراجعت أسعاره إلى أقل من النصف‪ ،‬وعليه َ‬
‫أن أكثر التداعيات ستكون على مستقبل الثقة‬
‫إذا لم تتمكن اإلجراءات من إيقاف التدهور الكبير في األسواق المالية‪ ،‬و َ‬
‫باالقتصاد األمريكي‪ ،‬مما سيفقد الواليات المتحدة شرعيتها في النفوذ والهيمنة االقتصادية‪ ،‬وأ َن هذه التداعيات ستكون‬
‫ذات تأثير على الدول العربية السيما الدول النفطية‪ ،‬التي سيكون لها تأثير سلبي ليس فقط على أسواق المال فيها‪،‬‬
‫وا َنما على تدني عوائدها النفطية وعلى مستقبل أموالها المستثمرة في الشركات الغربية)‪.(1‬‬

‫أن تداعيات األزمة ال تنحصر فقط في الجانب االقتصادي‪ ،‬وا َنما سينعكس على المفاهيم األساسية للنظام‬
‫كما َ‬
‫بأن "الضرائب المنخفضة‬ ‫الرأسمالي المتحرر التي أطلقها الرئيس األمريكي ريغان بداية الثمانينيات والتي تتلخص َ‬
‫والقيـود الخفيفة والحكومة الصغيرة ستحفَز النمو االقتصادي"‪ ،‬وقـد ساد االعتقـاد في وقتهـا بنجاح هذه األفكار‪ ،‬وحدث‬
‫نمو اقتصادي رغم العجز الكبير في الموازنة الفدرالية األمريكية بسبب انخفاض الضرائب مقابل حجم اإلنفاق‪ ،‬إال أ َن‬
‫التغلب على هذا العجز الكبير وتحقيق نمو جاء بسبب أ َن العالم كان مستعدا القتناء الدوالرات األمريكية إلى حد‬
‫كبير‪ ،‬مما أتاح للحكومة األمريكية أن تتمتع بعجز ونمو في آن واحد وهذا ال يحدث ألي بلد من بلدان العالم‬
‫الثالث)‪.(2‬‬

‫أن السيطرة على تداعيات األزمة هو البد من اتخاذ‬ ‫أن األزمة األخيرة قد أثبتت عدم صحة هذه األفكار‪ ،‬و َ‬
‫إال َ‬
‫تدخلية" من قبـل الحكومة األمريكية والحكومات األخرى‪ ،‬ورصـدت المبالغ الكبيرة من األموال العامة –أموال‬
‫إجراءات " َ‬
‫دافعي الضرائب‪ -‬إلنقاذ المؤسسات المالية‪ ،‬رغم االعتراضات من كثير من المفكرين والمحلَلين على هذه اإلجراءات‬
‫النظام‬
‫التي سميت بعملية "خصخصة األرباح وتعميم الخسائر" ‪ ،...‬وعليه ولدت األزمة قناعةً عند معظم مفكري َ‬
‫فعالة وقادرة على التعامل مع األزمة‬
‫وقوية وليس كبيرة‪ ،‬أي حكومات َ‬
‫ذكية َ‬
‫الرأسمالي بأ َن العالم يحتاج حكومات َ‬
‫وتحييد تداعياتها قدر اإلمكان)‪.(3‬‬

‫‪ -1‬فرنسيس فوياما‪ ،‬انهيار االتقتصاد االمريكي‪ ،‬مجلة ‪ ،NEWS WEEK‬بدون دار نشر‪ ،‬بدون بلد‪ 74 ،‬أكتوبر ‪ ،2558‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -2‬مريم محمد‪ ،‬األزمة المالية وآثارها االتقتصادية على العالم‪ ،‬من على الموتقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪،http://news.maktoob.com/article/2114594/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-‬‬
‫تاريخ النشر‪ 2558/75/59 :‬على الساعة‪.70:00 :‬‬
‫‪ -3‬رنا فروهار‪ ،‬بداية عصر جديد من الرأسمالية العالمية‪ ،‬مجلة ‪ ،NEWS WEEK‬بدون دار نشر‪ ،‬بدون بلد‪ 74 ،‬أكتوبر ‪،2558‬‬
‫ص‪.20‬‬
‫‪662‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫خالصة‪:‬‬

‫أن النظام االقتصادي اليوم ما هو إال نتيجة طبيعية لتطور نظام األمس‪ ،‬حيث كان له‬
‫يتضح من هذا الفصل َ‬
‫تغير دور الدولة على مـر مختلف المـراحل‪ ،‬هـذه المراحل أصبح يطلق عليها مصطلح العولمة‪ ،‬التي‬
‫األثر الكبير في َ‬
‫المؤسسة للعولمة كان لها األثر الكبير على دور الدولة‪ ،‬بداية مع األزمة‬
‫َ‬ ‫عدة آليات وحتميات‪ ،‬فالمرحلة‬
‫أفرزت َ‬
‫االقتصادية قبل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬أين تجلى هذا الدور بشكل واضح من خالل محاولة الدولة إعادة التوازن‬
‫أن نتائج مؤتمر بروتن وودز من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي‬
‫لالقتصاد خاصة من خالل أفكار كينز‪ ،‬كما َ‬
‫واالتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة (الجات)‪ ،‬منحت السيطرة االقتصادية خاصة من ناحية األفكار والمفاهيم‬
‫النشاط االقتصادي للدول المتقدمة‪ ،‬وتجلت العالقة بينها وبين الدول النامية في محاولة‬
‫المتعلقة بدور الدولة في َ‬
‫فرض نظام اقتصادي عالمي حسب مصالح الدول المتقدمة‪.‬‬

‫ومنه أصبح االقتصـاد يشهد تعالي موجات إبعاد الدولة أو في حقيقة األمـر الدعوة إلى تغييـر وظائف الدولة‪،‬‬
‫حيث َأنه منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وبداية التسعينيات منه‪ ،‬اعتبرت الدولة السبب الرئيس في جميع‬
‫االختالالت التي تعاني منها الدول وخاصة في الدول النامية‪.‬‬

‫وفي ظل العولمة وما أفرزته من متغيرات البيئة الدولية وظهور الليبرالية االقتصادية الجديدة‪ ،‬ظهر اتجاه يدعو‬
‫إلى إبعاد وتقليص دور الدولة باعتبارها أساس كل االختالالت التي تعاني منها الدول‪ ،‬وقد أدى ذلك إلى تحوالت في‬
‫مفاهيم ومدركات الليبرالية نفسها فبعد أن كانت الليبرالية في الثالثينيات من القرن العشرين تقوم على مرجعية سياسية‬
‫وتركز على ريادة الدولة‪ ،‬أصبحت الليبرالية الجديدة تقوم على مرجعية اقتصادية وتركز على إبعاد الدولة وتقليص‬
‫دورها في النشاط االقتصادي‪ ،‬وهنا نرَكز على طروحات المدرسة الكينزية التي كانت تدعو إلى تعظيم دور الدولة‬

‫‪666‬‬
‫أثر العولمة على دور الدولة في النشاط‬ ‫الفصل الثاني‬
‫اإلقتصادي‬

‫وسيطرتها على مقاليد األمور االقتصادية والسياسية الخاصة باألزمة االقتصادية التي اجتاحت العالم في ثالثينيات‬
‫القرن الماضي‪ ،‬لذا كان التأكيد على ما يسمى بالليبرالية السياسية التي تقوم على دور الدولة بالدرجة األساس‪ ،‬إالَ أ َنه‬
‫التغيرات في البيئة الدولية وخاصة على الصعيد االقتصادي بدأت طروحات اقتصاد السوق وثقافة السوق‬ ‫في ظل َ‬
‫تبرز بشكل جديد وتؤكد على تبني فكر ليبرالي جديد قائم على مرجعية اقتصادية وليست سياسية وتعتمد على القطاع‬
‫الخاص وليس على الدولة وهذا ما تحاول المؤسسات االقتصادية الدولية تعميمه في جميع أنحاء العالم وضرورة تبني‬
‫الرهونات العقارية‪،‬‬
‫الراهنة من أزامات إقتصادية كأزمة َ‬
‫المتغيرات العالمية َ‬
‫َ‬ ‫فكر وثقافة اقتصاد السوق‪ ،‬إالَ َأنه مع‬
‫تغيرت المفاهيم من جديد‪ ،‬وأصبحت هناك دعوة كبيرة إلعادة دور الدولة وذلك ما الحظناه على الصعيد العالمي‪،‬‬ ‫َ‬
‫حيث لعبت الدولة دور كبير في محاولة منها إلعادة التوازن لالقتصاد العالمي واعادة النظر في النظام النقدي الدولي‬
‫األساسية لالقتصاد الدولي‪.‬‬
‫َ‬ ‫الذي يعتبر الركيزة‬

‫‪666‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫إن التطرق لدور الدولة في الفكر االقتصادي ومختلف المدارس االقتصادية ومدى التغير الذي أحاط بهذا الدور‬
‫في ظل مختلف التغيرات التي صاحبت العولمة‪ ،‬يدفعنا إلى إظهار وابراز هذا الدور في دولة من دول العالم الثالث‬
‫وهي الجزائر حيث يظهر فيها دور الدولة جليا خاصة في ظل العولمة وما أفرزته من حتميات والعوامل المصاحبة‬
‫لهذه الظاهرة‪ ،‬فقد عرفت نهاية القرن العشرين تغيرات هامة في الواقع االقتصادي واالجتماعي السائد في أغلب الدول‬
‫ذات االقتصاد المركزي المخطط ومنها الجزائر‪ ،‬وينحصر هدف تلك التحوالت التي يتناقش في شأنها أغلب المحللين‬
‫الحر‬
‫االقتصاديين والسياسيين واالجتماعيين حول إرادة االنتقال من النظام االقتصاد االشتراكي نحو نظام االقتصاد ّ‬
‫ضمن مسعى مواصلة جهود التنمية الوطنية‪.‬‬

‫الحر بالنسبة لتلك الدول ليس فقط بتحوالت جذرية في‬‫في هذا اإلطار يترجم الوصول إلى نظام االقتصاد ّ‬
‫الميدان االجتماعي والسياسي بل أيضا في الميدان االقتصادي‪ ،‬حيث يتميز الميدان االجتماعي بتغير أنماط المعيشة‬
‫والذهنيات‪ ،‬كما نجد الديمقراطية في المجال السياسي وكل من تشجيع الفردانية‪ ،‬حب االبتكار والتقدم في المجال‬
‫الثقافي‪ ،‬أمـا التحوالت في الميدان االقتصادي فنجـدها تخص على سبيل المثـال كل من قطاعي الجباية والبنوك‪،‬‬
‫إعادة الهيكلة وخوصصة المؤسسات العمومية‪ ،‬ترقية وتطوير القطاع الخاص وتحرير مجاالت النشاط االقتصادي‬
‫"المحتكرة من طرف الدولة"‪ ،‬باإلضافة إلى فتح االقتصاد واالندماج في السوق العالمية من خالل االنضمام إلى‬
‫مختلف التكتالت والتجمعات الجهوية والدولية‪.‬‬

‫في الحقيقة تعتبر التجربة الجزائرية مسار متواصل من "محاولة الدولة" تطبيق اإلصالحات االقتصادية المستمرة‬
‫إلى يومنا‪ ،‬والتي تهدف إلى التخلص من "احتكار الدولة" كنمط لتنظيم االقتصاد وتعويضها بمختلف المكانيزمات‬
‫والوسائل الضرورية لسير اقتصاد السوق الحر‪.‬‬

‫ودور الدولة في الجزائر مر بعدة مراحل مواكبة لمختلف التغيرات العالمية التي عرفتها نهاية القرن العشرين‬
‫وبداية القرن الواحد والعشرين‪ ،‬وإلبراز هذا الدور تم التطرق إلى دور الدولة الجزائرية في عملية التنمية من خالل‬
‫المخططات لفترة ‪ 7696/7691‬في مبحث أول‪ ،‬وكذلك اإلصالحات االقتصادية واالنتقال إلى اقتصاد السوق في‬
‫مبحث ثاني‪ ،‬باإلضافة إلى دور الدولة الجزائرية في األلفية الثالثة كمبحث ثالث‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫األول‪ :‬دور الدولة الجزائرية في عملية التَنمية من خالل المخططات‬


‫المبحث َ‬
‫(‪.)7696-7691‬‬

‫عرفت الجزائر خالل الفترة (‪" )96-91‬تدخل كبير للدولة"‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل ثالث مخططات تنموية متبوعة‬
‫بسنتين انتقاليتين ‪ 16/19‬بين فترتين متمايزتين من التخطيط‪ ،‬باإلضافة إلى مخططين تنمويين هما المخطط الخماسي‬
‫األول والثاني‪ ،‬حيث هدفت المخططات التنموية إلى إدخال تغييرات جذرية على الهيكل االقتصادي ومعالجة بعض‬
‫االختالالت الموجودة فيه‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المخطط الثالثي (‪.)96-91‬‬

‫لم يكـن خطة اقتصاديـة بأتـم معنى الكلمة‪ ،‬ألنـه يفتقـر إلى شروط التخطيط (كالشمول‪ ،‬تحديد األهداف‪،‬‬
‫الدقة‪ )...،‬كما أنها لم تحدد مؤشرات قيمية وال كمية بل جاءت على شكل مشروع استثماري قطاعي إجمالي‪ ،‬بعض‬
‫المشاريع منها تعود إلى مشروع قسنطينة ومشاريع أخرى جديدة عهد إنجازها إلى مكاتب دراسات أجنبية‪ ،‬األدوات‬
‫والتقنيات التي استعملت فيه كانت ذات طابع عملي ميداني بناء على احتياجات مختلف القطاعات االقتصادية‪.‬‬

‫كان الهدف منه تحضير الوسائل المادية والبشرية والهياكل االقتصادية واالجتماعية واإلدارية للتكيف مع سياسة‬
‫التخطيط المركزي الجديدة التي تم تبنيها‪ ،‬ورسم لبعض االتجاهات في إطار إستراتيجية التنمية المتبناة في الجزائر‬
‫للسنوات السبع التالية(‪.) 1‬‬

‫وقد تم تحقيقه بصورة مرضية‪ ،‬فمن أصل حجم استثماري قدره ‪ 77.197‬مليون دج استهلك منها ‪ 6719‬مليون‬
‫دج‪ ،‬أي بمعدل إنجاز قدره ‪.% 91‬‬

‫حسب الخبير السوفيتي ببروفيسكي ‪" Bobrowsky‬أن البرنامج كان واقعيا وقد أعطى هذا المخطط األولوية‬
‫لالستثمارات في الصناعات الثقيلة خصوصا صناعة المحروقات‪ ،‬الصناعات البتروكمياوية‪ ،‬صناعة الحديد والصلب‪،‬‬
‫الصناعات الميكانيكية‪ ،‬والتي استحوذت على نسبة تفوق ‪ % 94‬من مجموع االستثمارات الكلية خالل فترة‬
‫المخطط"(‪ ،)2‬فالعديد من الوحـدات الصناعية أنشأت في هذه الفترة‪ ،‬كمركبات المحركات والج اررات بقسنطينة‪ ،‬اآلالت‬
‫الزراعية بسيدي بلعباس‪ ،‬الصناعة الثقيلة بأرزيو وعنابة‪ ،...‬في حين كان نصيب الزراعة ‪ %71‬في المرتبة الثانية‬
‫ولكن بفارق كبير مع الصناعة‪ ،‬وهذا ما يفسر التدهور المستمر لإلنتاج الزراعي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Marc Raffinot et Pierre Jacquemont, le capitalisme de l’état algérien, Paris, 1977, p 92.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Marc Raffinot et Pierre Jacquemont, op cit, p 97.‬‬
‫‪122‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المخطط الرباعي األول (‪.)17-17‬‬

‫حدد هذا المخطط اتجاهات التخطيط الجزائري الموجه نحو الصناعات الثقيلة والمحروقات‪ ،‬فقد أحدثت السلطات‬
‫المركزية في هذا المخطط إصالحات عميقة على شكل التمويل القديم‪ ،‬حيث أجبرت المؤسسات العمومية على فتح‬
‫حسابين‪ :‬أحدهما لالستغالل واآلخر لالستثمار‪ ،‬وكان يتم تمـويل نفقات االستغالل بقروض قصيرة األجل‪ ،‬بينما نفقات‬
‫االستثمار فيتم تمويلها بقروض متوسطة وطويلة األجل من طرف البنوك التجارية أو الخزينة العمومية باإلضافة إلى‬
‫القروض الخارجية)‪.(1‬‬

‫إن أهم ما ميز هذه اإلصالحات هو أنها منعت المؤسسات العمومية من االحتفاظ بالتدفقات الصافية إلعادة‬
‫تشكيل رأسمالها وقيامها بعملية التمويل الذاتي‪ ،‬وذلك بهدف مراقبة مواردها المالية‪ ،‬وقد اتسم هذا المخطط‬
‫بالخصائص التالية)‪:(2‬‬

‫‪ -‬يعتبر المخطط الرباعي األول (‪ )17-11‬أول خطة اقتصادية شاملة في الجزائر وبداية فعلية للتخطيط على‬
‫النمط االشتراكي‪ ،‬فالجماعات المحلية‪ ،‬الشركات العمومية والو ازرات الوصية بالتنسيق مع كتابة الدولة‬
‫للتخطيط يتم ضبط المشاريع االستثمارية وتحدد و ازرة المالية معــدل االستثمار‪ ،‬وتعتمد عادة معايير في‬
‫اختــيار المشاريع مثل القيمـة المضافـة‪ ،‬الشغل‪ ،‬التوازن الجهوي‪ ،‬بينما تستبعد المردودية المالية ألنها في نظر‬
‫المخطط تمثل معيا ار برجوازيا‪.‬‬

‫‪ -‬كان حجم االستثمارات اإلجمالية تقريبا ثالث مرات حجم استثمارات الخطة الثالثية‪ ،‬باإلضافة على أنها‬
‫اعتمدت على التمويل الذاتي بالدرجة األولى‪.‬‬

‫‪ -‬خطة طموحة جدا نظ ار لتحديد معدل نمو سنوي مرتفع يقدر بـ ‪.% 16‬‬

‫أما األهداف العامة لهذه الخطة فهي‪:‬‬

‫‪ -‬حددت هذه الخطة كهدف معدل نمو سنوي يقدر بـ ‪ % 16‬من الناتج الداخلي الخام‪.‬‬

‫‪ -‬تعميم االستقالل االقتصادي عن طريق تدعيم وانشاء الصناعة‪ ،‬تنويع التعامل مع الخارج والتخلص من‬
‫االعتماد على فرنسا واالعتماد على المصادر المحلية في التموين والتمويل بصورة أساسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mohamed Liassine, « les stratégies de développement de l’Algérie », in revue : informations et‬‬
‫‪Commentaires, N0 124, paris, 2001, p 24.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mohamed Liassine, op cit, p 25.‬‬
‫‪123‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬خلق عالقات إنتاج جديدة وذلك بتدعيم دور القطاع العام في جميع المجاالت واحتكار النشاطات الرئيسية‬
‫باإلضافة على فرض رقابة جمركية على التجارة الخارجية وتوجيه االستهالك الداخلي بما يخدم التنمية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المخطط الرباعي الثاني (‪.)11-17‬‬

‫هو عبارة عن استمرار للمخطط السابق وتميز بالخصائص التالية‪:‬‬

‫‪ -‬يبقى التصنيع في هذه الخطة أحد العوامل الرئيسية في عملية التنمية االقتصادية‪ ،‬حيث استحوذت الصناعة‬
‫والطاقة على نسبة ‪ %97‬من مجموع االستثمارات‪.‬‬

‫‪ -‬لضمان السير الحسن لتنفيذ المشاريع تم تحديد األولويات في التنفيذ خاصة المشاريع المستقبلية‪ ،‬لذلك قسمت‬
‫المشاريع على نوعين‪ :‬من الضرورة األولى والتي يجب البداية في تنفيذها‪ ،‬ومشاريع من الضرورة الثانية‬
‫يمكن تأجيل الشروع في تنفيذها‪.‬‬

‫‪ -‬أهتم المخطط الرباعي الثاني بالجانب االجتماعي أكثر من سابقيه (الثالثي والرباعي األول) من حيث توفير‬
‫مناصب الشغل وزيادة فرصه‪ ،‬إجبارية التعليم‪ ،‬مجانية العالج‪. ...،‬‬

‫‪ -‬زيادة مبلغ االستثمارات بشكل كبير نتيجة ارتفاع أسعار النفط باعتبار أن المصدر الرئيسي لتراكم رأس المال‬
‫هو قطاع المحروقات‪ ،‬حيث تكثف إنتاج النفط بشكل واسع منتقال من ‪ 1129‬مليون طن سنة ‪ 7697‬إلى ‪97‬‬
‫مليون طن سنة ‪ ،7616‬وانتقل إنتاج الغاز الطبيعي من ‪ 711.111‬طن إلى ‪ 71‬مليون طن ما بين (‪-97‬‬
‫‪ ،)16‬كما تطورت االستثمارات العمومية في كثير من القطاعات والفروع‪ ،‬إذ ارتفع معدل االستثمار الخام من‬
‫متوسط ‪ %74‬سنة ‪ 7611‬إلى ‪ % 99‬من الناتج الداخلي الخام ما بين (‪.) 1( )16-19‬‬

‫أما أهداف الخطة فهي(‪:) 2‬‬

‫‪ -‬تحقيق معدل نمو للناتج الداخلي الخام بحوالي ‪ %99‬أي بمعدل سنوي يبلغ ‪ %7724‬وهو أعلى من المعدل‬
‫السابق للخطة السابقة‪.‬‬

‫‪ -‬المساهمة بشكل أوسع في إيجاد المزيد من فرص العمل‪ ،‬لذا تم تخطيط إنجاز وحدات توفر مناصب عمل‬
‫تزيد عن ‪ 711.111‬منصب عمل سنويا‪.‬‬

‫‪ -‬برمجـة إنجاز حوالي ‪ 411‬وحدة صنـاعية في هـذه الفترة بهدف إحـالل الـواردات (صنـاعة النسيج‪ ،‬الصناعات‬
‫الكهربائية وااللكترونية‪.(1))...‬‬

‫‪ -1‬أحمد هني‪ ،‬اقتصاد الجزائر المستقلة‪ ،‬الجزائر‪ :‬د‪2‬م‪2‬ج‪ ،7667 ،‬ص ‪211‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Marc Raffinot et Pierre Jacquemont, le capitalisme de l’état algérien, op cit, p 771.‬‬
‫‪124‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫لعل الجدول التالي يلخص المخططات الثالث السابقة من حيث الفترات‪ ،‬األهداف الرئيسية والوسائل وحجم‬
‫االستثمار المقرر‪.‬‬

‫جدول رقم (‪)7.7‬‬

‫حجم االستثمارات وأولويات المخططات التنموية (‪)11-91‬‬

‫حجم االستثمار‬
‫األهداف الرئيسية و الوسائل‬ ‫الفترة‬ ‫المخطط‬
‫المخطط(مليار دج)‬

‫استثمارات موجهة للجهات المحرومة ويندرج‬


‫‪621‬‬ ‫(‪)96 -91‬‬ ‫الثالثي‬
‫في إطار الكفاح ضد التفاوت الجهوي‬

‫انطالق برنامـ ـ ــج التصنيـ ــع وسن التخطيط‬ ‫الرباعي‬


‫‪7921‬‬ ‫(‪)17-11‬‬
‫بإنشاء كتابة الدولة للتخطيط‬ ‫األول‬

‫‪ -‬تثمين الموارد الطبيعية‪.‬‬


‫‪71129‬‬ ‫‪ -‬تكثيف النسيج الصناعي‪.‬‬ ‫(‪)11-19‬‬
‫الرباعي‬
‫‪ -‬دمج قطاعات االقتصاد‪.‬‬
‫الثاني‬
‫‪ -‬إتقان تقنيات التخطيط‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد اآلجال‪.‬‬

‫‪source: A.Benachenhou, l’expérience algérienne de planification et de développement (1962-1982),‬‬


‫‪op cit, p 48.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- A.Benachenhou, l’expérience algérienne de planification et de développement (1962-1982), Algérie:‬‬
‫‪opu, 1982, p 15.‬‬
‫‪125‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫المطلب الرابع‪ :‬المخطط الخماسي األول )‪.(08-08‬‬

‫من خالل المخطط الخماسي األول أرادت الجزائر إحداث تغييرات وتجنب األخطاء السابقة‪ ،‬فحددت مجموعة من‬
‫األهداف وقامت بتوزيع االستثمارات وذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪ -7‬األهداف المعلنة للمخطط‪:‬‬

‫إن المحاور الكبرى للمخطط الخماسي األول ترسم سبل السياسة االقتصادية واالجتماعية التي تكفل تنظيم استخدام‬
‫المناهج والوسائل والبرامج في المدى المتوسط والبعيد للتنمية االشتراكية في إطار توجيهات الميثاق الوطني بهدف )‪: (1‬‬

‫‪ -‬توسيع وتنوع اإلنتاج الوطني وتكييفه مع تطور االحتياجات العامة وهذا إلقامة وتنمية نشاطات اقتصادية‬
‫متكاملة‪.‬‬

‫‪ -‬بناء سوق وطنية داخلية نشطة وقادرة على تعزيز االستغالل االقتصادي بصورة دائمة بهدف القضاء على‬
‫التوترات الناشئة عن المرحلة السابقة‪.‬‬

‫‪ -‬التقليل من القيود االقتصادية التي تعرقل حيوية التطور االقتصادي‪ ،‬ومنه ال يمكن لالستقالل االقتصادي أن‬
‫يتقوى إال بشرط التحكم في التجهيزات المستوردة بأسعار مرتفعة بالنسبة لالقتصاد وجعلها مالئمة لتطوير الطلب‬
‫الداخلي وتنويعه‪.‬‬

‫‪ -2‬توزيع االستثمارات‪:‬‬

‫إن اإلستراتيجية التنموية التي وضعت لعشرية ‪ 7696/7691‬جعلت المحور الهام لعملية االستثمار فيما يتعلق‬
‫باإلعداد للمستقبل‪ ،‬وذلك ببعث البرامج اإلنمائية الكبرى وتنمية الفالحة واعادة تكوين الموارد الطاقوية وتعزيز الهياكل‬
‫القاعدية األساسية‪ ،‬باإلضافة إلى األعمال المستعجلة الرامية إلى التقليل من التوتر االقتصادي واالجتماعي)‪.(2‬‬

‫ويمكن توضيح توزيع االستثمارات على مختلف القطاعات عبر المخطط الخماسي األول من خالل الجدول الموالي‪:‬‬

‫‪ -1‬التقرير العام للمخطط الخماسي األول ‪ ،0891/0891‬وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية‪ ،‬ص ‪.5-0‬‬
‫‪ -2‬التقرير العام للمخطط الخماسي األول ‪ ،7699/7691‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫‪126‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫جدول رقم )‪(2.7‬‬

‫توزيع االستثمارات للمخطط الخماسي األول )‪(97-97‬‬

‫الوحدة‪ :‬مليار دج‪.‬‬


‫رخصة اإلنفاق‬ ‫برامج االستثمار‬ ‫البرامج‬
‫ما بعد‬ ‫‪97/97‬‬ ‫المجموع‬ ‫البرامج الجديدة‬ ‫البرامج القديمة‬ ‫القطاعات‬
‫‪57.2‬‬ ‫‪155.5‬‬ ‫‪211.7‬‬ ‫‪132.2‬‬ ‫‪79.5‬‬ ‫الصناعة‬
‫‪17.7‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪77.7‬‬ ‫‪49.3‬‬ ‫‪28.4‬‬ ‫منها‪- :‬المحروقات‬
‫‪12.3‬‬ ‫‪47.7‬‬ ‫‪59.4‬‬ ‫‪41.6‬‬ ‫‪17.8‬‬ ‫الفالحة‬
‫‪0.8‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫منها‪- :‬الغابات‬
‫‪3.9‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪23.9‬‬ ‫‪13.9‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪-‬الفالحة‬
‫‪7‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪19.1‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫‪-‬الري‬
‫‪0.6‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫الصيد البحري‬
‫‪2.8‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪15.8‬‬ ‫‪13.4‬‬ ‫‪129‬‬ ‫النقل‬
‫الهياكل القاعدية‬
‫‪18.2‬‬ ‫‪37.9‬‬ ‫‪56.1‬‬ ‫‪36.2‬‬ ‫‪7626‬‬ ‫االقتصادية‬
‫‪7124‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪92.5‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪7924‬‬ ‫السكن‬
‫الهياكل القاعدية‬
‫‪16.3‬‬ ‫‪14.3‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫‪921‬‬ ‫االجتماعية‬
‫‪129‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪729‬‬ ‫منها‪ - :‬الصحة‬
‫‪721‬‬ ‫‪9.6‬‬ ‫‪13.3‬‬ ‫‪01.8‬‬ ‫‪129‬‬ ‫‪-‬التجهيزات الجماعية‬
‫‪5‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪21.6‬‬ ‫‪729‬‬ ‫مؤسسات االنجاز‬
‫‪4626‬‬ ‫‪400.6‬‬ ‫‪560.5‬‬ ‫‪363.6‬‬ ‫‪196.9‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬التقرير العام للمخطط الخماسي األول ‪ ،0891/0891‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬

‫يتضح من الجدول أن المخطط الخماسي األول قد تضمن برنامجين من االستثمارات‪ ،‬األول يتعلق بمجمل الباقي‬
‫تنفيذه في الفترة السابقة‪ ،‬وتقدر ب ‪ 79.5‬مليار دج من أصل مجموع االستثمارات الباقية ‪ 196.9‬مليار دج‪ ،‬أي بنسبة‬
‫‪ %91271‬وبنسبة ‪ %79279‬من مجموع االستثمار المسطر‪ ،‬لذا ينبغي أن يفحص من جديد في عدة مشاريع والذي قد‬
‫يؤدي إلى تأجيل أو حذف البعض منها‪ ،‬مما يؤدي إلى تحسين نطاق عمل المخطط‪ ،‬والى فعالية األعمال الجديدة‪.‬‬

‫أما البرنامج الجديد الذي تضمنه المخطط‪ ،‬أي االستثمارات المخصصة للفترة فقد بلغت حصة الصناعة ‪%132.2‬‬
‫مليار دج من إجمالي االستثمارات الجديدة المقدرة بـ ‪ 363.6‬مليار دج‪ ،‬أي بنسبة‪ 36.35‬بلغت فيها نسبة حصة‬

‫‪127‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫المحروقات ‪ 49.3‬مليار دج‪ ،‬وهذا يدل على أن السياسة الجديدة التنموية أخذت في توجيه االستثمارات نحو الصناعات‬
‫األخرى‪ ،‬عوضا عن ما كانت عليه في الفترة السابقة‪ ،‬فإنها )المحروقات ( تأخذ حصة األسد من البرنامج المسطر‪.‬‬

‫نالحظ كذلك من الجدول )‪ (127‬أن المخطط أعطى اهتماما للقطاعات األخرى مثل الفالحة والسكن والهياكل‬
‫القاعدية االقتصادية والتربية والتكوين‪ ،‬إال أن الصناعة الزالت تحتل الصدارة في عملية االستثمار‪ ،‬حيث استحوذت على‬
‫قيمة ‪ 211.7‬مليار دج من إجمالي ‪ 560.5‬مليار دج أي بنسبة ‪ %38‬من مجموع االستثمارات‪ ،‬وهذا يدل على أن‬
‫االهتمام الزال مرك از على القطاع الصناعي وتفضيله على بقية القطاعات األخرى‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬المخطط الخماسي الثاني )‪.(96-98‬‬

‫نفس الشيء بالنسبة للمخطط الخماسي الثاني وذلك من خالل توزيع االستثمارات وتحديد مجموعة من األهداف‪.‬‬

‫‪ -7‬األهداف العامة للمخطط‪:‬‬

‫يشكل المخطط الخماسي الثاني مرحلة هامة في مسيرة التنمية االقتصادية االجتماعية للبالد‪ ،‬حيث يسعى إلى بلوغ‬
‫غايتين‪:‬‬

‫تنظيم مختلف األنشطة التنموية مع مراعاة القيود الخاصة بالمرحلة الراهنة والوسـائل التي يمكن تعبئتها من جهة‪،‬‬
‫وادراجه في منظور تنموي طويل األجل من جهة أخرى‪ ،‬خاصة أن صورة جزائر التسعينيات تتوقف على ما أنجزه هـذا‬
‫المخطط‪ ،‬وهـذا األخير نفسه يعتمد على إنجـازات المخطط السـابق‪ ،‬ويهدف هذا المخطط إجمـاال إلى مايلي)‪:( 1‬‬

‫‪ -‬تلبية الحاجيات األساسية للسكان المتزايد عددها بوتيرة ‪ %71‬سنويا مع مواصلة النمو بالنسبة لإلنتاج‬
‫واالستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬تدعيم المكتسبات المعتبرة المحققة في مختلف المجاالت خاصة على صعيد تنظيم االقتصاد والفعالية في تسيير‬
‫المؤسسات والالمركزية لألنشطة والمسؤوليات‪.‬‬

‫‪ -‬تخفيض التكاليف وآجال إنجاز االستثمار في جميع القطاعات والتحديد الصارم والحتمي للجوء إلى الطاقات‬
‫الخارجية العاملة في حقل اإلنجاز والخدمات والمراقبة الدائمة لشروط تعبئة القروض الخارجية‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين فعالية جهاز اإلنتاج والتنمية المكثفة لكافة الطاقات البشرية والمادية المتوفرة والتوزيع التدريجي واألكثر‬
‫اتزانا ألعباء التنمية بين الدولة واألعوان االقتصاديين‪.‬‬

‫‪ -1‬التقرير العام للمخطط الخماسي الثاني ‪ ،7696/7694‬وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية‪ ،‬ص ‪29-4‬‬
‫‪128‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫لتحقيق هذه األهداف العامة يفرض في إطار التخطيط تصوار مع وضع اآلليات المالئمة وتفضيل األدوات ذات‬
‫الطابع االقتصادي‪ ،‬واال حدث انحـراف في التوازنات وظهـرت إختالالت السيما في مجـال التوازنـات الخارجية‪ ،‬واحترام‬
‫تسلسل األولويات ألعمال التنمية‪.‬‬

‫‪ -2‬توزيع االستثمارات‪:‬‬

‫يقتضي برنامج االستثمارات المعتمد بسير محكم لالستثمار في شتى مراحله‪ ،‬قصد القيام في إطار المخططات‬
‫السنوية بالتعديالت الالزمة‪ ،‬حسب تطور األوضاع االقتصادية الدولية والتوسيع الحقيقي للموارد الخارجية‪ ،‬والتطور‬
‫الذي سيتم في مجال إنتاجية الجهاز اإلنتاجي وفعاليته‪ ،‬كما يزداد هذا األمر من النفقات أهمية نظ ار لضيق مجال التدخل‬
‫خالل الفترة ‪ 7696/7694‬بحيث أن نسبة ‪ %44‬ستخصص إلنهاء البرامج الجاري إنجازها)‪.( 1‬‬

‫ويمكن توضيح توزيع االستثمارات على مختلف القطاعات عبر المخطط الخماسي الثاني من خالل الجدول الموالي‪:‬‬

‫جدول رقم )‪(7.7‬‬


‫توزيع االستثمارات للمخطط الخماسي الثاني )‪(96-98‬‬
‫الوحدة ‪ :‬مليار دج‪.‬‬
‫هيكلة‬ ‫المصاريف‬ ‫تكاليف البرنامج‬ ‫البرامج‬
‫المصاريف‬ ‫المتراكمة‬ ‫المجموع‬ ‫البرامج‬ ‫برامج التجهي ازت إلى‬
‫‪%‬‬ ‫‪96/98‬‬ ‫الجديدة‬ ‫غاية ‪7697‬‬ ‫القطاعات‬

‫‪14.4‬‬ ‫‪79.00‬‬ ‫‪115.42‬‬ ‫‪81.08‬‬ ‫‪79279‬‬ ‫الفالحة و الري‬


‫‪31.6‬‬ ‫‪174.20‬‬ ‫‪251.60‬‬ ‫‪198.70‬‬ ‫‪41261‬‬ ‫الصناعة‬
‫‪7.2‬‬ ‫‪39.80‬‬ ‫‪41.50‬‬ ‫‪26.50‬‬ ‫‪74211‬‬ ‫منها‪ :‬المحروقات‬
‫‪3.5‬‬ ‫‪19.00‬‬ ‫‪33.20‬‬ ‫‪25.00‬‬ ‫‪19211‬‬ ‫وسائل اإلنتاج‬
‫‪2.70‬‬ ‫‪15.00‬‬ ‫‪21.52‬‬ ‫‪15.41‬‬ ‫‪19297‬‬ ‫وسائل النقل‬
‫‪2.90‬‬ ‫‪15.85‬‬ ‫‪25.10‬‬ ‫‪11.36‬‬ ‫‪77294‬‬ ‫التخزين و التوزيع‬
‫‪1.4‬‬ ‫‪08.00‬‬ ‫‪14.00‬‬ ‫‪06.65‬‬ ‫‪11274‬‬ ‫البريد و المواصالت‬
‫‪8.3‬‬ ‫‪45.50‬‬ ‫‪62.96‬‬ ‫‪27.76‬‬ ‫‪74211‬‬ ‫المنشآت االقتصادية األساسية‬
‫‪27.2‬‬ ‫‪149.45‬‬ ‫‪246.33‬‬ ‫‪130.28‬‬ ‫‪779214‬‬ ‫المنشآت االجتماعية األساسية‬
‫‪8.0‬‬ ‫‪44.00‬‬ ‫‪58.34‬‬ ‫‪25.67‬‬ ‫‪71291‬‬ ‫التجهيزات الجماعية‬
‫‪100‬‬ ‫‪550.00‬‬ ‫‪828.38‬‬ ‫‪521.38‬‬ ‫‪719211‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر‪ :‬التقرير العام للمخطط الخماسي الثاني‪ ،0898/0895‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪ -1‬التقرير العام للمخطط الخماسي الثاني ‪ ،7696/7694‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪279‬‬


‫‪129‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫يتضح من الجدول )‪ (727‬أن البرامج الجاري إنجازها إلى غاية ‪ 1984‬ستعبئ خالل فترة المخطط حجما هاما من‬
‫النفقات تبلغ ‪ 306.77‬مليار دج باألسعار الثابتة أي حوالي ‪ %44‬من النفقات اإلجمالية للمخطط)‪.(1‬‬

‫يتوزع الحجم اإلجمالي للنفقات االستثمارية خالل الفترة ‪ 7696/7694‬إلى غاية ‪ %4929‬بالنسبة للقطاعات‬
‫المنتجة‪ ،‬والى غاية ‪ % 48.4‬بالنسبة للمنشآت األساسية االقتصادية واالجتماعية والتجهيزات الجماعية‪.‬‬

‫إن الحصة المالية البالغة ‪ 79‬مليار دج الممنوحة لقطاع الفالحة تمثل ‪ %15‬تقريبا من النفقات اإلجمالية‪ ،‬وهذا‬
‫تعبي ار على األهمية الموجهة خالل فترة المخطط لقطاع الفالحة‪.‬‬

‫أما القطاع الصنـاعي فخصصت له حصة بلغت ‪ 174.20‬مليار دج أي ‪ %31.70‬من النفقات اإلجمالية المقررة‪،‬‬
‫في حين أن ثقله في النفقات اإلجمالية يبقى كبي ار سواء بالنسبة للتقديرات أو االنجاز‪.‬‬

‫إن الحصة الممنوحة للصناعة باستثناء المحروقات تعبر عن األولوية الممنوحة لتوسيع قدرة اندماج االقتصاد وتلبية‬
‫الحاجيات بواسطة اإلنتاج الوطني‪.‬‬

‫‪ -1‬التقرير العام للمخطط الخماسي الثاني‪ ،0898/0895‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪130‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلصالحات االقتصادية واالنتقال إلى اقتصاد السو ‪.‬‬

‫في ظـل هذه الظروف القاسية التي مر بها االقتصـاد الجزائري برزت الحـاجة الماسة إلى سياسة تصحيحية‪،‬‬
‫فاعتمدت الجزائر سياسة تصحيحية ذاتية وعملت على تحرير اآللة االقتصادية من قبضة اإلدارة البيروقراطية واالنتقال‬
‫من االقتصاد المخطط إلى االقتصاد الحر أي اقتصاد السوق‪ ،‬وفي نفس الوقت عملت الجزائر على التقارب وخلق جو‬
‫من التعاون مع المؤسسات المالية الدولية )صندوق النقد الدولي والبنك العالمي( بهدف دفع عجلة اإلصالحات المتخذة‬
‫واعادة التوازن الداخلي والخارجي وتحسين األداء لالقتصاد الكلي‪ ،‬خاصة من خالل اتفاقيات االستعداد االئتماني‬
‫والتدابير العملية لبرنامج التصحيح الهيكلي )ماي‪/7664‬ماي ‪.(7669‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االنتقال إلى اقتصاد السو ‪.‬‬

‫لقد واجهت الدولة الجزائرية صعوبات اقتصادية واجتماعية كبيرة فرضت عليها إدخال تغييرات واصالحات عميقة‬
‫تسمح بالقضاء على المشاكل المطروحة‪ ،‬كما أظهر انخفاض عائدات الجزائر من العملة الصعبة عيب أسلوب التنمية‬
‫المتبع فإقامة الهياكل وبناء المصانع ال يكفي لوحده إذا لم تكن هناك فعالية اقتصادية تؤكد على االستخدام الحسن‬
‫لعناصر اإلنتاج والمحافظة عليها‪ ،‬فالبد من اتخاذ إجراءات وأدوات تسمح باالنتقال إلى أسلوب التنمية المكثف الذي‬
‫يعني االستخدام األمثل للموارد المتاحة‪ ،‬وذلك يتطلب المركزية في األعمال والسلطات من أجل تحرير المبادرات‬
‫وتسريع النشاط‪ ،‬فانتقلت الجزائر إلى مرحلة جديدة تسمى بـ"اقتصاد السوق"‪.‬‬

‫‪ -7‬ماهية االنتقال إلى اقتصاد السو ) ‪:( 1‬‬

‫إن عملية المرور من اقتصاد مخطط )اقتصاد اشتراكي( إلى اقتصاد يعتمد مكانيزمات السوق )اقتصاد السوق(‬
‫يطلق على هذه العملية مرحلة االنتقال‪.‬‬

‫أما االنتقال إلى اقتصاد السوق يمثل عملية اقتصادية اجتماعية تتعهد من خاللها "الدولة" أن تتبنى اقتصاد السوق‬
‫كنظام لها‪ ،‬ولقد ظهرت عملية االنتقال إلى اقتصاد السوق مع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينات من القرن الماضي في‬
‫بلدان أوروبا الشرقية‪ ،‬بولندا ‪ ،1989‬المجر وبلغاريا ‪ ،1990‬ألبانيا ‪.1991‬‬

‫أما الجزائر فإن نية الدخول إلى اقتصاد السوق كانت ظاهرة بوضوح كبير في بيان السياسة العامة للحكومة في‬
‫ديسمبر ‪ 1990‬أمام المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬وفي رسالة النية والمذكرة اللتين وجهتهما الحكومة )و ازرة االقتصاد‬
‫والمالية( في ‪ 21‬أوت ‪ 1990‬وتتمثل خصوصية االنتقال إلى اقتصاد السوق في نقطتين أساسيتين هما‪:‬‬

‫‪ -1‬دراوسي مسعود‪ ،‬السياسات المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي‪ ،‬حالة الجزائر ‪ ،1119-7661‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1119/1111‬ص ‪2791-799‬‬
‫‪131‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬االنفصال عن نظام اقتصادي أثبت فشله وعدم فاعليته ليس في الجزائر فقط بل في دول العالم‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق هذا االنفصال في محيط سياسي متعدد أي ناتج عن انتخابات ديمقراطية متعددة‪.‬‬

‫وهكذا عملية االنتقال إلى اقتصاد السوق تتطلب دقة وفعالية الخيارات االقتصادية باإلضافة إلى إمكانياتها السياسية‬
‫ووعي وتفهم وتأقلم المواطنين مع النظام الجديد‪.‬‬

‫إن تطبيق نظام اقتصاد السوق ليس باألمر السهل‪ ،‬وليس من نوع العمليات التي يجري إنجازها بعجالة‪ ،‬ولهذا عادة‬
‫ما تقف أمام تطبيقه صعوبات كبيرة‪ ،‬منها ما هي اقتصادية ومنها ما هي اجتماعية ألن المعروف عن اقتصاد السوق أنه‬
‫حرية تحرك ثالث عناصر إنتاج هي)‪:(1‬‬

‫‪ -‬العمل كقوة منتجة تتمثل في األشخاص الطالبين للعمل‪.‬‬

‫‪ -‬عناصر اإلنتاج كالموارد المادية الطبيعية أو االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬رأس المال كتيار مالي لتمويل عملية اإلنتاج‪.‬‬

‫غير أن الصعوبة التي يصطدم بها هذا النظام الجديد في البلدان التي كانت تعتمد النظام االشتراكي هي خضوع تلك‬
‫الحرية لقيود "التوجيه المركزي"‪ ،‬من حيت توزيع عناصر اإلنتاج بين مختلف االستخدامات أو من حيث توزيع الناتج‬
‫الصافي بينها كمداخيل األشخاص‪.‬‬

‫ولهذا نقل تسيير االقتصاد من نظام "موجه" إلى نظام "حر" البد من إحداث تغييرات كبيرة في العالقات اإلنتاجية‬
‫القائمة مع تطلب وقت للتكيف مع العالقات اإلنتاجية الجديدة بهدف إنجاز عملية االنتقال بأقل تكاليف ممكنة‪.‬‬

‫وأخي ار يمكن القول أن عملية االنتقال تتمثل في التحول من نظام اقتصادي مركزي )موجه( إلى نظام يستند إلى‬
‫السوق )حر( من خالل قواعد تسيير السوق‪ ،‬وتسهيل الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج أي االعتماد على سياسة‬
‫اقتصادية كلية من النوع الليبرالي‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلجراءات المتخذة في إطار االنتقال إلى اقتصاد السو ‪:‬‬

‫اعتمدت الجزائر ابتداء من سنة ‪ 1988‬برنامجا تصحيحيا بغية تحقيق الالمركزية تدريجيا في عملية صنع القرار‬
‫وتطوير آليات السوق‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى إزالة االختالالت التي تعاني منها مالية الدولة والناتجة عن الفترة‬
‫السابقة في ظل النظام االشتراكي الموجه‪ ،‬ويتمثل هذا البرنامج في مجموعة من اإلجراءات والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬دراوسي مسعود‪ ،‬السياسات المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي‪ ،‬حالة الجزائر ‪ ،1119-7661‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2796‬‬
‫‪132‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -7.2‬إصالح القطاعين الزراعي والصناعي‪:‬‬

‫)‪1‬‬
‫لقد اتخذ أول إجراء على القطاع الزراعي وذلك بعد أن قامت الحكومة في عام ‪ 1987‬بتقسيم حوالي ‪ 3500‬مزرعة‬
‫(حكومية كبيرة إلى تعاونيات خاصة صغيرة ومزارع فردية تتمتع بحقوق استغالل طويلة األجل‪ ،‬أما في المجال الصناعي‬
‫"منحت الدولة" جميع المؤسسات العامة الوطنية تقريبا استقالال من الجهتين القانونية والتشغيلية في عام ‪ ،7699‬وجاء‬
‫بعد ذلك قرار برنامج سنة ‪ 1990‬لشطب كمية ضخمة من الديون المعدومة والمستحقة على المؤسسات العامة‪ ،‬تلك‬
‫الديون التي تراكمت على مدى سنوات سادت فيها الضوابط الحكومية المباشرة‪.‬‬

‫‪ -2.2‬إصالح نظام األسعار‪:‬‬

‫يرتكز نظام األسعار الجديد على نظامين لألسعار هما‪ :‬نظام األسعار المقننة ونظام األسعار الحرة‪.‬‬

‫‪ -7.2.2‬نظام األسعار المقننة‪ :‬تستطيع "الدولة" عن طريق هذا النظام أن "تتدخل" مباشرة في الحياة االقتصادية‬
‫وذلك بهدف تحقيق أهداف السياسة االقتصادية االجتماعية‪ ،‬وبمعنى آخر أن األسعار الخاضعة لهذا النظام تعتبر‬
‫كوسيلة "لتدخل الدولة"‪ ،‬ويتم تنظيم هذا النوع من األسعار عبر طريقتين‪:‬‬

‫‪ -‬يتم اإلعالن عن أسعار المنتجات المضمونة مسبقا أي ضمان سعر أدنى للمنتجين عند إنتاج السلع والخدمات‬
‫التي يتطلب إنتاجها بصفة خاصة بهدف الحماية أو التحفيز‪ ،‬أي أن هذا النوع من األسعار المقننة الهدف منه تشجيع‬
‫وتطوير المنتجات األولية ضمن المخططات االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬يتم تحديد الحد األعلى لألسعار على مستوى اإلنتاج وعلى مستوى التوزيع‪ ،‬يطبق هذا النوع من األسعار على‬
‫السلع والخدمات التي تخولها "الدولة أولوية اقتصادية واجتماعية خاصة" بهدف حماية بعض النشاطات االقتصادية أو‬
‫الفئات االجتماعية وبالتالي الحد األعلى لألسعار يعتبر) ‪:( 2‬‬

‫‪ ‬وسيلة لتدخل الدولة في النشاط االقتصادي لتجسيد السياسة االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ ‬وسيلة تدخل الدولة في االقتصاد لتأطير وتطور األسعار عندما يتطلب ذلك بشروط السوق‪.‬‬

‫‪ ‬وسيلة تسمح بتجنب تجاوز أقصى سعر مرخص به‪.‬‬

‫‪ -2.2.2‬نظام األسعار الحرة‪ :‬ويقصد به حرية األسعار وتطبق على المنتجات التي لها أولوية اقتصادية أو‬
‫اجتماعية ويهدف هذا التنظيم من األسعار إلى تمكين مكانيزمات السوق من تنظيم أسعار السلع والخدمات عن طريق‬
‫نظام العرض والطلب باإلضافة إلى تنظيم السوق الوطنية والوصول إلى تكامل حقيقي بين المخطط والسوق‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬الجزائر بين األزمة االقتصادية والسياسية‪ ،‬مطبعة دحلب‪ ،‬الجزائر‪ ،7667 ،‬ص ‪2141‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Youcef Deboub, Le nouveau mécanisme économique en algerie, OPU, 1993, p 99.‬‬
‫‪133‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -7.2‬انسحاب الخزينة من دائرة التمويل‪:‬‬

‫منذ صدور قانون النقد والقرض ‪ 71/61‬تغيرت العالقة بين الخزينة العمومية والبنك المركزي‪ ،‬أين أصبحت عالقة‬
‫تعاقدية‪ ،‬لقد جاء في المادة ‪ 78‬من نفس القانون أن قيمة التسبيقات المقدمة للخزينة من طرف البنك المركزي هي نسبة‬
‫ال تتعدى ‪ %71‬من اإليرادات العادية للموازنة التي تعود للسنة المالية الفارطة‪ ،‬والهدف من هذا اإلجراء هو وضع حد‬
‫) (‬
‫للجوء الخزينة للبنك المركزي بهدف تمويل النفقات العامة‪ ،‬هذا ما يؤكد تراجع الخزينة العمومية عن التمويل االستثماري‬
‫‪.1‬‬

‫فانسحاب الخزينة من دائرة التمويل ال يعني اعتزالها تماما عن تمويل استثمارات القطاع المنتج‪ ،‬حيث "تتدخل من‬
‫حين آلخر" لتدعيم المشاريع ذات األولوية )تشجيع الصادرات خارج المحروقات مثال( وذلك عن طريق تقديم إعانات‬
‫مالية لتسييرها أو تجهيزها كما قد تعفى من بعض الرسوم‪ ،‬أو حصولها على قروض بمعدالت فائدة منخفضة‪.‬‬

‫‪ -7.2‬التدرج نحو إلغاء الدعم)‪:(2‬‬

‫يقصد بالدعم المالي تلك النفقات التي تقع على "عاتق الدولة" بهدف إعادة توزيع الدخل بين أفراد المجتمع‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق توفير السلع والمنتجات بأسعار اقل من تكاليف إنتاجها أو شراءها إذا كانت مستوردة‪.‬‬

‫إن قضية تحرير األسعار من "طرف الدولة" آثار صعوبات اجتماعية متمثلة في "تخلي الدولة" عن سياسة الدعم‬
‫المالي ألسعار المواد ذات االستهالك الواسع‪ ،‬وقد أحدثت قضية التخلي عن الدعم سخط شعبي وما يتولد عنه من‬
‫عوارض خطيرة على االستقرار االجتماعي والسياسي للدولة ألن التخلي عن دعم أسعار المواد الضرورية وذات األولوية‬
‫االجتماعية يؤثر كثي ار على مستوى استهالك الشرائح ذات الدخول المنخفضة والمحدودة‪.‬‬

‫لقد أحست الحكومة فعال بضرورة وضع سياسة اجتماعية جديدة لألسعار وتكون بداية الطريق نحو اإلصالح‬
‫االقتصادي و"أظهرت الحكومة" هذا اإلصالح بالحجم التالي‪:‬‬

‫‪ -‬سياسة الدعم القائمة‪ ،‬غير فعالة من ناحية إعادة توزيع الدخل ألن الطبقة الغنية تستفيد هي األخرى من هذا‬
‫الدعم‪.‬‬

‫‪ -‬المهربون يستغلون فرصة انخفاض أسعار بيع المواد المدعمة لتهريبها عبر الحدود مما يؤثر على االقتصاد‬
‫الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬دعم السلع يشجع على اإلسراف في استعمالها وهذا استنزاف لموارد الدولة‪.‬‬

‫‪ -1‬قانون ‪ 71/61‬المؤرخ في ‪ 7661/19/79‬المتعلق بالنقد والقرض‪2‬‬


‫‪ -2‬دراوسي مسعود‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2717‬‬
‫‪134‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬الدعم يؤثر على مكانيزمات السوق )العرض والطلب(‪.‬‬

‫‪ -‬يترتب عن دعم السلع خسارة شركات القطاع العام لكونها تبيع منتجاتها بأسعار أقل من تكاليفها الحقيقية‪.‬‬

‫ولهذا ألغت الحكومة فعال ابتداء من النصف الثاني من سنة ‪ 1992‬دعم أسعار السلع االستهالكية عدى ثالثة منها‬
‫الخبز‪ ،‬الحليب والدقيق‪.‬‬

‫‪ -8.2‬التطهير المالي للمؤسسات‪:‬‬

‫يعتبر مبدأ استقاللية المؤسسات العمومية أداة رئيسية من أجل رفع مردوديتها االقتصادية والمالية والتخلص من‬
‫الوصاية المباشرة لإلدارات المركزية‪ ،‬وحتى تتمكن المؤسسات من أن تنتقل إلى االستقاللية الحقيقية يجب أن تمر‬
‫بتطهير مالي ألغلبية هذه المؤسسات‪ ،‬التي تعاني من عجز مالي هيكلي في خزينتها مما يؤثر على فعاليتها ونظام‬
‫تسييرها‪ ،‬لهذا كانت سياسة التطهير المالي الحل الوحيد من أجل تسوية المشاكل المالية الناتجة عن المديونية الكبيرة‬
‫لهذه المؤسسات اتجاه الخزينة العمومية والبنوك التجارية‪.‬‬

‫وتهدف سياسة التطهير المالي إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما)‪:(1‬‬

‫‪ -‬تصحيح وتفادي كل العيوب الناجمة عن نظام التسيير السابق الذي أثبت فشله‪.‬‬

‫‪ -‬تجميع المديونية بهدف التقليل من ثقلها على الحياة اليومية للمؤسسة مع محاولة إحالل الديون الطويلة عن‬
‫طريق سياسة الكشوفات المصرفية ألن تطهير وضعية المؤسسات والبنوك يخلق بينها جو من التعاون في شكل‬
‫جديد‪.‬‬

‫ولبلوغ الهدف من سياسة التطهير المالي اتخذت عدة إجراءات نذكر منها)‪:(2‬‬

‫‪ -‬تكييف سياسات التمويل مع طبيعة النشاطات والبرامج االستثمارية قصد تنويع مصادر التمويل‪.‬‬

‫‪ -‬إقامة مخطط وطني للقرض مع ضرورة إعادة النظر في القروض البنكية وطرق التسديد الجديدة )تسهيل التمويل‬
‫الذاتي(‪.‬‬

‫‪ -‬تحويل جزء من ديـون المؤسسات االقتصادية باتجاه الخزينة العمومية في شكل قروض نهائية وغير مسددة‪ ،‬مع‬
‫إمكانية تحويل الديون القصيرة إلى ديون متوسطة وطويلة األجل‪.‬‬

‫‪ -1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 14/67‬المؤرخ في ‪27667/17/79‬‬


‫‪ -2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 191/61‬المؤرخ في ‪27661/77/19‬‬
‫‪135‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫‪ -7‬مراحل االنتقال إلى اقتصاد السو )‪:(1‬‬

‫مما سبق يمكن تحديد ثالثة مراحل لالنتقال من نظام اقتصادي موجه )اشتراكي( إلى نظام اقتصادي يستند إلى‬
‫مكانيزمات العرض والطلب )اقتصاد السوق( وهي‪:‬‬

‫‪ -‬المرحلة األولى‪ :‬يتم فيها تحرير األسعار‪ ،‬فتح األسواق وتحرير االقتصاد‪ ،‬وتعتبر أصعب مرحلة نظ ار لما تحدثه‬
‫من أخطار‪.‬‬

‫‪ -‬المرحلة الثانية‪ :‬وهي مرحلة االستقرار وذلك عن طريق قواعد واجراءات اقتصادية‪ ،‬وهنا تكمن قوة الدولة في‬
‫التحكم وتحقيق التحوالت االقتصادية واالجتماعية بسالسة‪.‬‬

‫‪ -‬المرحلة الثالثة‪ :‬تتمثل في تحديد النموذج االقتصادي الليبرالي الذي يتخذ كنظام اقتصادي جديد للبالد‪ ،‬كما‬
‫يمكن أن يحدد في هذه المرحلة مستوى التنمية المراد الوصول إليه بعد هذه المرحلة األخيرة‪.‬‬

‫غير أن المنافع المحتملة لعملية التحول واإلصالح هذه لم تحقق في مجملها لعدم دمج مختلف التدابير في إطار‬
‫شامل‪ ،‬ولغياب بعض الخطوات الرئيسية التي ال غنى عنها إلنشاء اقتصاد سوق يتسم بالفعالية‪ ،‬فعلى سبيل المثال لم‬
‫يتضمن إصالح القطاع الزراعي منح عقود الملكية‪ ،‬مما أعاق قدرة المزارعين من القطاع الخاص على تدابير اإلئتمانات‬
‫التجارية)‪.(2‬‬

‫كذلك المؤسسات العامة فقد ظل وضعها المالي صعب بسبب ارتفاع تكلفة تسريح العاملين‪ ،‬فقد أدى ذلك إلى تراكم‬
‫الخسائر التي أمكن مع ذلك تمويلها بقروض من البنوك التجارية‪.‬‬

‫من هذا الوضع الصعب القتصاد الجزائر‪" ،‬انطلقت الدولة" في اتخاذ تدابير وسياسات حازمة وأكثر واقعية مع‬
‫مراعاة هدف االنتقال إلى اقتصاد السوق‪ ،‬ولهذا شرعت الحكومة في تصميم برنامجين اقتصاديين وكالهما يندرجان في‬
‫اإلصالح االقتصادي‪:‬‬

‫يتمثل األول في برنامج االستقرار االقتصادي األول مع صندوق النقد الدولي وهو برنامج قصير األجل‬
‫)‪ ،(7664/7669‬أما الثاني يتمثل في برنامج التصحيح الهيكلي ) ‪ ، (7669/7664‬وهذا ما سنحاول التطرق إليه فيما‬
‫تبقى من هذا الفصل‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬الجزائر بين األزمة االقتصادية والسياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2146‬‬
‫‪ -2‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2146‬‬
‫‪136‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اتفاقيات االستعداد االئتماني‪.‬‬

‫ابتداء من سنة ‪ 1987‬دخلت الجزائر في محادثات مع المؤسسات المالية الدولية )صندوق النقد الدولي والبنك‬
‫العالمي( من أجل الحصول على تمويالت تسمح لها بتغطية جزء من احتياجات التمويل الخارجية‪ ،‬وهكذا مع بداية سنة‬
‫‪1988‬تشكل أول فوج للتفاوض مع البنك العالمي حول برنامج التصحيح يتمثل في اإلصالح بالتدرج وكان ذلك بسرية‬
‫تامة‪ ،‬باإلضافة إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي‪.‬‬

‫وقد بدأت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في فيفري ‪ 1989‬في سرية تامة‪ ،‬والمبادرة كانت من البداية إلى‬
‫النهاية في يد الحكومة الجزائرية‪ ،‬وانتهت في أفريل من نفس السنة‪ ،‬وقد نتج عن هذه المفاوضات االتفاقيات التالية‪:‬‬

‫‪ -7‬اتفا االستعداد االئتماني األولى ‪:( 1 )7696‬‬

‫أمضت الجزائر أول اتفاق مع صندوق النقد الدولي في ‪ 7696/14/71‬تحصلت بموجبه على قرض تقدر قيمته بـ‬
‫‪300‬مليون دوالر في إطار ما يسمى ببرنامج التثبيت أو االستقرار ويعتمد صندوق النقد الدولي هذا النوع من البرامج‬
‫لمساعدة الدول على تحقيق االستقرار االقتصادي في المدى القصير لمعالجة عجز ميزان المدفوعات وذلك باستعادة‬
‫التوازنات االقتصادية الكلية عن طريق تخفيض الطلب الكلي فهي"تهدف إلى تخفيض حجم االستهالك المحلي والعمل‬
‫على تحريك قوى السوق في اتجاه تعزيز اإلنتاج المحلي"‪.‬‬

‫كانت مدة هذا االتفاق سنة واحدة تلتزم خاللها الجزائر بالشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬صرامة أكثر للسياسة النقدية‪.‬‬

‫‪ -‬القضاء على عجز الميزانية‪.‬‬

‫‪ -‬مواصلة تخفيض قيمة الدينار‪.‬‬

‫‪ -‬إدخال المرونة على نظام األسعار‪.‬‬

‫‪ -1‬بوزيد حميد‪ ،‬النظام الضريبي الجزائري وتحديات اإلصالح في الفترة ‪ ،1119/7661‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر‪،1119 ،‬‬
‫ص‪2711‬‬
‫‪137‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫وبتدقيقنا في العناصر السابقة‪ ،‬فإن اغلبها يمس الجانب المالي النقدي‪ ،‬ويعود هذا إلى طبيعة صندوق النقد الدولي‬
‫باعتباره مؤسسة مالية ويبين لنا األدوات األساسية التي يعتمدها في إجراء أي إصالح اقتصادي حيث تكون السياسة‬
‫المالية والنقدية هي محور كل إصالح ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا فهي تبين لنا األسس الحقيقية التي يحاول صندوق النقد الدولي إرسائها والتي تصب كلها في خانة‬
‫نظام اقتصاد السوق‪ ،‬فمن خالل الشروط السابقة كانت الجزائر مدعوة إلى التحكم الصارم في عرض النقود‪ ،‬أي في حجم‬
‫الكتلة النقدية والتي تعتبر مصد ار لفائض الطلب الذي يرتبط مباشرة باألسعار وسياسة الميزانية‪ ،‬وكذا معدل الصرف‪.‬‬

‫أما بالنسبة لعجز الموازنة فالقضاء عليه يكون من خالل تخفيض النفقات العامة ومحاولة الرفع من مستوى‬
‫اإليرادات‪ ،‬وهو شرط يكرس تقليص "دور الدولة في النشاط االقتصادي" من خالل تقشفها في مجاالت اإلنفاق المختلفة‬
‫لتمارس بذلك "دور المنظم للنشاط االقتصادي" فقط‪.‬‬

‫إلى جانب هذا‪ ،‬فإن تخفيض قيمة الدينار وتحرير األسعار يعني فتح المجال لقوى العرض والطلب في سوق‬
‫الصرف وسوق السلع لتحديد قيمة العملة والسلع والخدمات‪ ،‬وقد اتخذت الحكومة الجزائرية لاللتزام بهذه الشروط عدة‬
‫تدابير عن طريق التحكم في حجم الكتلة النقدية نظ ار لفائض السيولة الذي كان يعاني منه االقتصاد الوطني إلى جانب‬
‫التخفيض من اإلنفاق الحكومي وكذلك الواردات لمحاولة معالجة عجز ميزان المدفوعات‪ ،‬كما واصل الدينار انخفاضه‬
‫ليرتفع من ‪ 8.032‬دينار مقابل الدوالر إلى ‪ 10.95‬دينار مقابل الدوالر الواحد‪ ،‬وأدخل نوع من المرونة على األسعار‬
‫المحلية التي كانت حتى سنة ‪ 1989‬أسعار إدارية)‪.(1‬‬

‫واستجابة لشروط صندوق النقد الدولي‪ ،‬أصبح من الضروري إحداث تغيير على مستوى المنظومة التشريعية‬
‫لتتماشى والتوجهات الجديدة لسياسة اإلصالح االقتصادي المتبعة‪ ،‬وبدأت هذه التغييرات بإصدار القانون رقم ‪71/96‬‬
‫المؤرخ في ‪ 7696/11/14‬المتعلق باألسعار‪ ،‬والذي يمكن اعتباره خطوة أولية في سبيل إرسـاء قواعد نظام السوق‪،‬‬
‫وذلك نتيجة تحريره الجزئي لألسعار وتبنيه لمقاييس حساب تكاليف اإلنتاج وحالة العرض والطلب في المنافسة‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫إضافة لهذا‪ ،‬وإلصالح النظام المالي والبنكي‪ ،‬تم إصدار القانون ‪ 71/61‬المؤرخ في ‪ 7661/19/79‬والمتعلق‬
‫بالنقد والقرض‪ ،‬والذي بموجبه أصبح البنك المركزي يسمى بنك الجزائر ومؤسسة مستقلة عن الدولة مكلفة بوضع ومتابعة‬

‫‪ -1‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2197‬‬


‫‪138‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫السياسة النقدية ومراقبة النظام المصرفي‪ ،‬وتم من خالل هذا القانون الفصل في "التدخل الموجود بين الخزينة والبنك‬
‫المركزي" وأصبحت الدولة مجبرة على "التخلي عن التمويل المباشر للمؤسسات العمومية عن طريق الخزينة"‪.‬‬

‫كما أن هذا القانون حمل في طياته قواعد جديدة لحركة رؤوس األموال مع الخارج وتواجد المؤسسات المالية‬
‫واالقتصادية األجنبية في الجزائر‪ ،‬وذلك كوسيلة لتشجيع االستثمار األجنبي الذي يمكن أن يساعد على خلق ديناميكية‬
‫جديدة في االقتصاد‪ ،‬والمشاركة في التنمية‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬لقد أقر قانون النقد والقرض ‪ 71/61‬بضمان إمكانية إعادة تحويل رؤوس األموال والنتائج‬
‫والمداخيل والفوائد‪ ،‬وذلك بناءا على االتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجزائر والتي تلتزم باحترامها‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫فإن مجلس النقد والقرض يعتبر الهيئة المخولة قانونا بإصدار تراخيص على االستثمار في القطاع المالي واالقتصادي‬
‫واعتماد االستثمار األجنبي في الجزائر‪ ،‬وتم بذلك تصريح السلطات بموجب هذا القانون للسماح بإنشاء البنوك الخاصة‪،‬‬
‫كما تم إلغاء التخصيص في التعامل مع البنوك التجارية بالنسبة للمؤسسات العمومية‪ ،‬وأصبحت لها الحرية في التعامل‬
‫مع أي بنك)‪.(1‬‬

‫كما تمثلت التدابير الضريبية المعتمدة في هذا البرنامج أساسا في‪:‬‬

‫‪ -‬إمكانية ترحيل خسائر الخمس سنوات األخيرة‪ ،‬كتحفيز للمؤسسات لالستثمار واإلنعاش‪ ،‬السيما منها الحديثة‬
‫النشأة التي تزداد نفقاتها في بداية النشاط‪.‬‬

‫‪ -‬تخفيض معدل الضريبة التي تصيب األشخاص المعنويين من ‪ %44‬إلى ‪ %91‬سنة ‪.7667‬‬

‫‪ -‬إقرار نظام االهتالك المتناقص الذي يسمح للمؤسسات من خصم مخصصات اهتالك مرتفعة في السنة األولى‪.‬‬

‫‪ -‬إعفاء الشركات والمؤسسات العمومية المحلية ذات الطابع التجاري والصناعي من الضريبة على األرباح لمدة‬
‫ثالث سنوات‪ ،‬ابتداء من دخولها حيز االستغالل‪ ،‬مع تمديد هذه الفترة إلى خمس سنوات في المناطق المراد‬
‫ترقيتها‪.‬‬

‫‪ -2‬اتفا االستعداد االئتماني الثاني ‪:(2)7667‬‬

‫لجأت الجزائر مرة ثانية إلى صندوق النقد الدولي من أجل تعميق اإلصالحات في المجال االقتصادي‪ ،‬وتم إبرام‬
‫اتفاق ثاني بتاريخ ‪ 7667/19/17‬مدته عشرة أشهر‪ ،‬وقد تضمنت رسالة النية األهداف العامة التي أبدت السلطات‬

‫‪ -1‬قانون ‪ 71/61‬المؤرخ في ‪ 7661/19/79‬المتعلق بالنقد والقرض‪2‬‬


‫‪ -2‬بوزيدة حميد‪ ،‬النظام الضريبي الجزائري وتحديات االصالح في الفترة ‪ ،1119/7661‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2771‬‬
‫‪139‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫الجزائرية الرغبة في تحقيقها‪ ،‬والتي من شـأنها تفعيل االقتصـاد الجزائري حسب قـواعد السوق في إطـار متسق‪ ،‬وتتمحور‬
‫هذه األهداف في‪:‬‬

‫‪ -‬تقليص "دور الدولة في الحياة االقتصادية"‪ ،‬والعمل على ترقية نمو المؤسسات العمومية والخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬ترشيد االستهالك واالدخار‪ ،‬والغاء االختالالت والتشوهات الناجمة عن الضبط اإلداري ألسعار السلع والخدمات‬
‫وسعر الصرف‪.‬‬

‫تحصل الجزائر بموجبه على قرض قيمته ‪ 350‬مليون دوالر‪ ،‬وتضمن هذا االتفاق مجموعة من الشروط‪:‬‬

‫‪ -‬تحرير التجارة الخارجية تحري ار تاما‪.‬‬

‫‪ -‬تقليص الدعم الموجه للمواد األساسية‪.‬‬

‫‪ -‬تخفيض قيمة العملة الوطنية‪.‬‬

‫‪ -‬رفع معدالت الفائدة‪.‬‬

‫‪ -‬تخفيض الفائض في الميزانية قصد توجيهه لتمويل التطهير المالي للمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬التحكم في التضخم عن طريق تثبيت األجور‪ ،‬وتخفيض النفقات العامة‪.‬‬

‫‪ -‬خوصصة المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تحرير األسعار‪.‬‬

‫‪ -‬إصالح النظام الضريبي والجمركي‪.‬‬

‫تشير شروط هذا االتفاق إلى تعديلها لإلصالحات المالية والنقدية مثلما كان في االتفاق األول‪ ،‬ليشمل إصالح‬
‫التجارة الخارجية‪ ،‬وكذا المؤسسات العمومية عن طريق الخوصصة‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يرمي إلى تحقيق الحرية‬
‫االقتصادية‪ ،‬و"تقليص دور الدولة" تدريجيا عن طريق تحرير التجارة الخارجية وأسعار السلع والخدمات وأسعار الصرف‪،‬‬
‫وكذا أسعار الفائدة باعتبارها أسس النظام االقتصادي الحر‪ ،‬إلى جانب الحد من "تدخل الدولة" عن طريق تخفيض‬
‫النفقات ورفع الدعم عن السلع األساسية)‪.(1‬‬

‫‪ -1‬شبايكي سعدان‪ ،‬معوقات الخوصصة في الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واالنسانية لجامعة باتنة‪ ،‬العدد ‪ ،1119 ،74‬ص ‪2741‬‬
‫‪140‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫ووفق شروط صندوق النقد الدولي‪ ،‬اتخذت الجزائر مجموعة من التدابير االقتصادية والمالية‪ ،‬ففي المجال النقدي‬
‫تمت اإلجراءات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تحرير أسعار الفائدة الدائنة والمدينة في حدود ال تتجاوز ‪.%11‬‬

‫‪ -‬ارتفاع نسبة إعادة الخصم من ‪ %11‬وهو المستوى الذي عرفته سنة ‪ 1989‬إلى ‪ %71‬سنة‪ 7667‬ثم ‪%7724‬‬
‫سنة ‪.7661‬‬

‫‪ -‬إنشاء سوق ما بين البنوك‪.‬‬

‫وفي الجـانب المـالي فقد انتهجت سياسة تقشفية صـارمة للنفقات العامة للدولة بهدف التخفيف من حدة التضخم‪،‬‬
‫وتقليص"عجز الميزانية العامة للدولة"‪.‬‬

‫كما تم مواصلة عملية انزالق الدينار حتى سبتمبر ‪ ،1991‬ليتم بعد ذلك تخفيض قيمته بنسبة ‪ %41‬حيث انتقل‬
‫سعر صرف الدوالر بالدينار من ‪ 9‬دينار لكل دوالر سنة ‪ 1990‬إلى ‪ 18.5‬دينار لكل دوالر سنة ‪ ،7661‬وبالنسبة لنظام‬
‫األسعار فقد تم تحريرها أكثر حيث عرفت أسعار بعض السلع األساسية ارتفاعا محسوسا‪ ،‬كأسعار النقل والمنتجات‬
‫الطاقوية نتيجة رفع الدعم عنها‪ ،‬وتم ذلك مع نهاية جوان ‪ 1992‬حيث تم رفع الدعم عن ‪ 18‬منتوجا أساسيا‪ ،‬ولم يبق‬
‫يخضع لهذه العملية إال أربع منتجات أساسية‪.‬‬

‫ولمواجهة االنعكاسات السلبية على االستقرار االجتماعي وحماية الفقراء من نتائج تصحيح األسعار الجبرية للمواد‬
‫الغذائية‪ ،‬نتيجة ارتفاع األسعار فقد طبقت الدولة نهاية ‪ 1991‬نظام شبكة اجتماعية عن طريق تقديم عالوات نقدية‬
‫لعديمي الدخل ولذوي الدخل المحدود‪ ،‬حيث أنه بحلول سنة ‪ 1993‬أصبح هذا النظام يغطي أكثر من ‪ %91‬من عدد‬
‫السكـان وبلغت تكلفته حوالي ‪ %11‬من الناتج المحلي اإلجمالي سنة ‪.(1)7661‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬وبهدف الحصول على إيرادات إضافية لمواجهة العجز والتخفيف من عبئ المديونية وتفادي مشكل‬
‫إعادة الجدولة‪ ،‬عمدت الدولة إلى تعديل قانون المحروقات رقم ‪ 79/99‬المؤرخ في ‪ 7699/19/76‬عن طريق القانون‬
‫رقم ‪ 17/67‬المؤرخ في ‪ 7667/71/19‬والذي يسمح من خالله للشركات األجنبية باستغالل باطن األرض بمشاركة‬
‫سوناطراك بنسبة ‪ %74‬وذلك في سبيل رفع اإلنتاج خاصة بعد إقدام الشركات األجنبية التي تملك تكنولوجيا عالية إلى‬
‫جانب قدراتها المالية على االستثمار‪ ،‬وذلك نظ ار لما تحتاجه عمليات البحث والتنقيب من مبالغ استثمارية ضخمة تفتقر‬
‫إليها الجزائر آنذاك‪.‬‬

‫‪ -1‬كريم النشاشيبي وآخرون‪ ،‬الجزائر تحقيق االستقرار والتحول إلى اقتصاد السوق‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪ ،7669 ،‬ص ‪291‬‬
‫‪141‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫أما فيما يتعلق بالمؤسسات االقتصادية العمومية‪ ،‬والتزاما بشروط صندوق النقد الدولي من خالل االتفاق والمتعلقة‬
‫بالخوصصة‪ ،‬فقد تمت مراجعة وتعديل القانون التجاري الجزائري بالمصادقة على المرسوم التشريعي ‪،7669/19/14‬‬
‫والذي أصبحت بموجبه المؤسسات االقتصادية العمومية "قابلة لإلفالس" كباقي الشركات الخاصة بعد أن كانت ال‬
‫تخضع لهذه العملية كونها تمثل "سيادة الدولة"‪ ،‬فالمؤسسات العمومية التي يثبت توقفها عن دفع ديونها يمكن أن تتعرض‬
‫لعملية التصفية في حالة مطالبة دائنيها بذلك‪ ،‬ويعتبر هذا المرسوم خطوة أولية لتسهيل عملية الخوصصة‪ ،‬وذلك بإزالة‬
‫الغطاء القانوني الذي كان يحميها من اإلفالس‪.‬‬

‫كما نشير أنه تم إصدار مرسوم تشريعي آخر رقم ‪ 71/67‬بتاريخ ‪ 7667/14/17‬والمتعلق بسوق القيم المنقولة‪،‬‬
‫وكان الهدف منه إحداث مكانيزمات جديدة لتمويل وتقييم االستثمارات في إطار سوق مالي يتم فيه تداول األوراق المالية‪،‬‬
‫وذلك لتسهيل عملية الخوصصة‪ ،‬وتكون بذلك هذه السوق المالية مصد ار جديدا لتمويل االستثمارات‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬ولتسريع اإلصالحات االقتصادية واحداث ديناميكية جديدة في االقتصاد عن طريق تشجيع‬
‫االستثمار الخاص األجنبي والمحلي‪ ،‬فقد تم إصدار المرسوم التشريعي رقم ‪ 71/67‬المؤرخ في ‪ 7667/71/14‬والمتعلق‬
‫باالستثمار والذي تضمن تنظيمات جديدة خاصة باالستثمار‪ ،‬وكذا مختلف التحفيزات الجبائية المتعلقة به‪.‬‬

‫‪ -7‬اتفا االستعداد االئتماني الثالث أفريل ‪:(1) 1994‬‬

‫شهد االقتصاد الجزائري مع نهاية ‪ 1993‬وبداية ‪ 1994‬أزمة مالية داخلية وخارجية‪ ،‬وعـدم المقدرة على الدفع‪ ،‬وثقل‬
‫عبئ خدمة الدين كنتيجة النخفاض أسعار البترول‪ ،‬مما دفع بالسلطات الجزائرية إلى صياغة برنامج شامل للتصحيح‬
‫حضي بمسـاعدة صندوق النقـد الدولي‪ ،‬وترتب على ذلك اللجوء إلى "إعادة جدولة الديون الخارجية" مع االلتـزام بتنفيذ‬
‫بـرنامج استقرار في إطار استعداد ائتماني مدته سنة ابتداء من أفريل ‪ 7669‬إلى مارس ‪.7664‬‬

‫وقد عقد اجتماع بين السلطات الجزائرية والدول الرئيسية الدائنة )اليابان‪ ،‬فرنسا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬الواليات‬
‫المتحدة األمريكية ( برئاسة نادي باريس إلعادة جدولة الديون الخارجية المقدرة بـ‪ 17‬مليار دوالر‪ ،‬واعادة ترتيب آجال‬
‫السداد على مدى ستة عشر عاما منها فترة سماح من الدفع مدتها أربع سنوات مع إعادة جدولة خمسة ماليير دوالر‬
‫كمرحلة أولى من الدين الرسمي‪.‬‬

‫ويرمي اإلصالح القائم منذ ‪ 1994‬إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية‪:‬‬

‫‪ -‬دفع معدل النمو االقتصادي بغية استيعاب الزيادة في اليد العاملة وخفض البطالة تدريجيا‪.‬‬

‫‪ -‬اإلسراع في تحقيق التقارب بين معدالت التضخم السائدة في الجزائر مع المعدالت السائدة في الدول الصناعية‪.‬‬

‫‪ -1‬بوزيدة حميد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪142‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬خفض التكاليف االنتقالية للتصحيح الهيكلي على القطاعات السكانية األكثر تضر ار‪.‬‬

‫‪ -‬استعادة قوة ميزان المدفوعات مع تحقيق مستويات مالئمة من احتياطات النقد األجنبي‪.‬‬

‫سمح توفير هذه المبالغ من التمويل الخارجي‪ ،‬بإحداث زيادة في معدل االستيعاب خالل السنة األولى من البرنامج‪،‬‬
‫وهذا ما دل عليه التحول في ميزان الحساب الجاري من فائض نسبته ‪ %76‬من الناتج المحلي اإلجمالي عام ‪،7667‬‬
‫إلى عجز نسبته ‪ %927‬من الناتج المحلي اإلجمالي عام ‪.(1) 7669‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التدابير العملية لبرنامج التصحيح الهيكلي )ماي ‪/7668‬ماي ‪.(7669‬‬

‫بعد سلسلة االتفاقات االئتمانية التي وقعتها الجزائر مع صندوق النقد الدولي وتطبيقها‪ ،‬وقعت الجزائر مع هذا‬
‫األخير على برنامجا للتصحيح الهيكلي يمتد على ثالث سنوات من ماي ‪ 1995‬إلى ماي ‪ ،1998‬وهذا العنصر يوضح‬
‫"تقلص دور الدولة بنسبة كبيرة في النشاط االقتصادي" ودخول الجزائر مرحلة تمهد لأللفية الثالثة والخاضعة "لعولمة‬
‫كبيرة" ومختلف عواملها وتأثيراتها‪.‬‬

‫وقبل التعرض بالتحليل لهذه التدابير يجب التذكير أن هذه األخيرة أصبحت جزء ال يتج أز من الثقافة العامة لشرائح‬
‫واسعة من مجتمعات البلدان المتخلفة بسبب آثارها االجتماعية السلبية‪.‬‬

‫واذا كان خبراء صندوق النقد الدولي يقرون بقسوة هذه اإلجراءات اجتماعيا فإنهم يعتبرونها بمثابة جرعة الدواء المرة‬
‫التي تسبق شفاء المريض‪ ،‬أي أن هذه اإلجراءات ضرورية وحتمية على اعتبار أن هذه البلدان ال يمكن لها أن تعيش‬
‫فوق طاقتها االستيعابية وأن أي تأخر في مباشرة التصحيحات في وقتها المناسب سيجر حتما البلد إلى إجراء تصحيحات‬
‫مستقبال بأكثر تكلفة "اقتصاديا‪ ،‬اجتماعيا وسياسيا")‪.(2‬‬

‫إن مجموعة التدابير المكونة لبرنامج التصحيح الهيكلي يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -7‬سياسة الموازنة‪:‬‬

‫بما أن خبراء صندوق النقد الدولي يفسرون أزمة البلدان المتخلفة بأنها نتيجة لإلفراط في الطلب الكلي كما سبق‬
‫التذكير بذلك بسبب السياسات التوسعية المتبعة فإن سياسات الموازنة العامة في إطار برنامج التصحيح تهدف إلى‬
‫التقليص أو القضاء على العجز لخفض معدالت التضخم إلى مستويات مماثلة لتلك الموجودة في البلدان المتطورة وعلى‬

‫‪ -1‬بوزيدة حميد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.035‬‬


‫‪ -2‬دحماني رشيد‪ ،‬دور البنك الدولي في تمويل التنمية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،7669 ،‬ص ‪214‬‬
‫‪143‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫هذا األساس ولتحقيق ذلك المبتغى‪ ،‬فإن البلد المتخلف مطالب بتطبيق جملة من التدابير يمكن تصنيفها إلى محورين‬
‫رئيسيين)‪:(1‬‬

‫‪ -7.7‬الضغط على النفقات العامة‪:‬‬

‫وتتم هذه العملية من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬تخفيض اإلنفاق العام االستهالكي واالستثماري‪.‬‬

‫‪ -‬رفع الدعم عن السلع ذات االستهالك الواسع‪.‬‬

‫‪ -‬رفع الدعم عن منتجات الطاقة )الوقود( الكهرباء وذلك بهدف ترشيد االستهالك‪.‬‬

‫‪ -‬تقليص المساعدات الموجهة إلى مؤسسات القطاع العام‪.‬‬

‫‪ -‬تجميد الرواتب واألجور والحد من التوظيف في القطاع العمومي‪.‬‬

‫‪ -2.7‬زيادة اإليرادات العامة‪:‬‬

‫وذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬رفع أسعار سلع وخدمات القطاع العام‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة اإليرادات الضريبية من خالل توسيع الوعاء الضريبي ليشمل أطرافا أخرى من جهة‬
‫ومكافحة التهرب الضريبي مع اإلبقاء على معدالت ضريبية منخفضة ويتم ذلك من خالل‬
‫إجراء إصالحات ضريبية شاملة‪.‬‬

‫‪ -‬خوصصة مؤسسات القطاع العام‪.‬‬

‫وتكون عادة هذه التدابير مدعومة بتدابير نقدية صارمة تهدف إلى الحد من كل توسع نقدي يمكن أن ينجز عنه‬
‫عودة التضخم النقدي‪.‬‬

‫‪ -2‬السياسة النقدية‪:‬‬

‫مجموعة التدابير النقدية يمكن اختصارها في النقاط التالية)‪:(2‬‬

‫‪ -1‬دحماني رشيد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪219‬‬


‫‪ -2‬دحماني رشيد‪ ،‬دور البنك الدولي في تمويل التنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫‪144‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬الحد من نمو الكتلة النقدية‪.‬‬

‫‪ -‬وضع حدود قصوى لالئتمان المصرفي المسموح به للحكومة وللقطاع العام‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة سعر الفائدة الدائنة والمدينة للحد من القروض المصرفية للقطاع العام من جهة‬
‫وتشجيع االدخار من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪ -‬إنشاء سوق للنقد األجنبي فيما بين البنوك والوسطاء المعتمدين‪.‬‬

‫‪ -7‬سياسة التجارة الخارجية وميزان المدفوعات‪:‬‬

‫جملة هذه التدابير تهدف عموما لتقوية ميزان المدفوعات وتحرير المعامالت الخارجية ويمكن عرض هذه األخيرة‬
‫بصورة عامة بشكل موجز كما يلي)‪:(1‬‬

‫‪ -‬تخفيض سعر العملة الوطنية وذلك لتقليص الواردات التي تصبح قيمتها أكبر بالعملة المحلية وتشجيع الصادرات‬
‫التي تكتسب قدرة تنافسية بفعل هذا اإلجراء حيث تصبح قيمتها بالعملة األجنبية أقل‪.‬‬

‫‪ -‬تحرير المعامالت األجنبية من كل العوائق اإلدارية والضريبية‪.‬‬

‫‪ -‬إلغاء األساليب التميزية سواء بين القطاع العام والقطاع الخاص أو بين المستثمرين المحليين والمستثمرين‬
‫األجانب‪.‬‬

‫‪ -‬منح المستثمرين مزايا ضريبية وجمركية‪.‬‬

‫‪ -‬إعطاء الضمانات الكافية للمستثمرين األجانب وحرية تحويل أرباحهم‪.‬‬

‫إذا كانت تلك هي مجموعة التدابير المكونة لوصفة العالج القتصاديات البلدان المتخلفة التي تعاني من إختالالت‬
‫داخلية وخارجية كبيرة‪ .‬فما هي نتائج هذه الوصفة بالنسبة لالقتصاد الجزائري لعالج أزمته الخانقة التي مر به؟‪.‬‬

‫‪ -1‬دحماني رشيد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪299‬‬


‫‪145‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬دور الدولة الجزائرية في األلفية الثالثة‪.‬‬

‫إن الحركية الجديدة التي ستقوم الحكومة "بإضفائها على عالقاتها االقتصادية الخارجية" تتوقف على حد سواء على‬
‫الوسـائل المادية والمالية التي يمكن حشدها على الصعيد الوطني وعلى وسائل شركائها االقتصاديين والتجاريين‪ ،‬كما أن‬
‫حشد االستثمار األجنبي وكذا الوطني هو‪ ،‬من هذا المنطلق‪ ،‬معيار جد حساس الستم اررية تطورها االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬ولمواكبة مختلف التطورات االقتصادية والمتغيرات العالمية في األلفية الثالثة قامت الجزائر بإتباع‬
‫برنامجا لإلنعاش االقتصادي ‪ 1119/1117‬وبرنامجا لدعم النمو ‪ 1116/1114‬باإلضافة إلى السعي إلى تأهيل‬
‫االقتصاد الجزائري لالندماج في االقتصاد العالمي ومواجهته لمختلف األزمات االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬برنامج اإلنعاش االقتصادي )‪.(2777/2777‬‬

‫إن برنامج اإلنعاش االقتصادي يمتد على فترة‪ 1119/1117‬ويتمحور حول األنشطة الموجهة لدعم المؤسسات‬
‫واألنشطة اإلنتـاجية الفالحية وأخـرى‪ ،‬كما خصصت لتعـزيز المصلحة العامة في ميدان الري‪ ،‬النقل والمنشـآت‪ ،‬تحسين‬
‫المستوى المعيشي‪ ،‬التنمية المحلية ولتنمية الموارد البشرية‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫وتطبيقا لبرنامج الحكومة‪ ،‬فإنه يدفع باألنشطة االقتصادية عبر كافة التراب الوطني وعلى وجه الخصوص في‬
‫المناطق األكثر حرمانا‪ ،‬كما ترمي تلك األنشطة إلى خلق مناصب الشغل وتحسين القدرة الشرائية للمواطن الجزائري‪،‬‬
‫فهي تندرج في إطار مكافحة الفقر‪ .‬كما ترمي إلى التقليص من عدم التوازن الداخلي وما بين الجهات)‪.(1‬‬

‫‪ -7‬نظرة عن االقتصاد الجزائري قبل البرنامج‪:‬‬

‫إن رسم التصور التنموي لالقتصاد الجزائري في ظروف اقتصادية تتميز بسرعة التغيير‪ ،‬ينطلق من وصول برنامج‬
‫التعديل الهيكلي إلى تحقيق أهدافه فيما يخص التوازنات الكلية لالقتصاد الوطني‪ ،‬وكذلك تحقيق أهدافه فيما يخص‬
‫اإلنعاش واعادة بعث عملية النمو من جديد‪.‬‬

‫ولقد مكن التعديل من إعادة التوازن لميزانية الدولة في سنة ‪ ،1995‬وحقق فائض في سنة ‪ ، 1996‬كما تم تقدير‬
‫معدال سنويا للنمو يساوي ‪ %19‬مع توقع معدل متوسط للنمو يساوي ‪ %14‬في الفترة ما بين ‪ 1997‬و‪ ،2000‬حيث‬
‫دلت التوقعات على تحقيق فائض في الميزان التجاري انطالقا من سنة ‪ 1998‬وهو ما كان سيسمح بمعالجة الديون‬
‫بمساعدة نمو الناتج المحلي الخام‪ ،‬ولكن انخفاض أسعار البترول في تلك الفترة حال دون ذلك‪ ،‬ومكن العمل ببرنامج‬
‫التثبيت من امتصاص إختالالت االقتصاد الوطني‪ ،‬حيث تم وضع حد للركود االقتصادي من خالل توقيف نسبة تراجع‬
‫الناتج المحلي الخام عند )‪ ،(0.9-‬ومن أجل تدعيم االستقرار النقدي وتحفيز عملية النمو‪ ،‬انتهجت الجزائر سياسة‬
‫صارمة وضعت من خاللها برنامجا تعديلي للمدى المتوسط مسند باتفاق التسهيل الموسع لتدعيم النمو االقتصادي بقوة‪.‬‬

‫ولقد انعكس النمو االقتصادي الجزائري في هذه الفترة من خالل)‪:(2‬‬

‫‪ -‬زيادة معتبرة في حجم القيمة المضافة التي حققها القطاع الفالحي سنة ‪ 1994‬والتي قدرت بحوالي ‪ %74‬مقابل‬
‫نسبة ‪ % 929‬للمحروقات‪ ،‬ونسبة ‪ % 121‬لقطاع البناء واألشغال العمومية والخدمات‪ ،‬مع تراجع حاد للقطاع‬
‫الصناعي )‪.(% 729-‬‬

‫‪ -‬انخفاض العجز في خزينة الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬تراجع معدل توسع الكتلة النقدية إلى ‪ %7124‬مقابل توقع قدر بـ ‪ %79‬سن ‪.1994‬‬

‫‪ -‬مواصلة تعديل صرف الدينار سنة ‪ 1995‬وفق آليات التثبيت المنتهجة من طرف بنك الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬تحسن مستوى التنافس الخارجي لالقتصاد الوطني من خالل تحفيز الصادرات واستحداث آليات تأمين مالئمة‬
‫لقروض التصدير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Services du chef du gouvernement , Le plan de la relance économique 2001-2004, les composantes du‬‬
‫‪programme, p 04.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Services du chef du gouvernement , Le plan de la relance économique 2001-2004, op cit, p 05.‬‬
‫‪147‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬تحسين الحماية االجتماعية وتنظيم السوق‪.‬‬

‫‪ -‬تنمية محيط محفز للقطاع الخاص وهو ما نص عليه قانون االستثمار لسنة ‪.1993‬‬

‫‪ -‬إصالح النظام الضريبي والجمركي بما يتوافق مع تحفيز النشاط االقتصادي‪ ،‬وكذلك جذب االستثمارات‬
‫األجنبية‪.‬‬

‫‪ -‬تدعيم برنامج الخوصصة والتطهير المالي للمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -2‬برنامج اإلنعاش االقتصادي )‪:(2777/2777‬‬

‫من خالل هذا البرنامج تم تسطير مجموعة من األهداف يمكن تلخيصها فيما يلي)‪:(1‬‬

‫‪ -‬اختتام العمليات التي هي في طور االنجاز‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة االعتبار للبنى التحتية وصيانتها‪.‬‬

‫‪ -‬مستوى نضج المشاريع‪.‬‬

‫‪ -‬توفير الوسائل وقدرات اإلنجاز‪ ،‬والسيما الوطنية منها‪.‬‬

‫‪ -‬العمليات الجديدة المستجيبة ألهداف البرنامج‪ ،‬يجب االنطالق فيها مباشرة‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد نستعرض محتوى البرنامج على مختلف القطاعات وذلك في الفروع التالية‪:‬‬

‫‪ -7.2‬دعم النشاطات اإلنتاجية‪ :‬وذلك من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪ -7.7.2‬الفالحة‪:‬‬

‫يندرج هذا البرنامج في إطار المخطط الوطني للتنمية الفالحية‪ ،‬ويتمحور حول البرامج )‪ (PNDA‬المرتبطة بـ)‪:(2‬‬

‫‪ -‬تكثيف اإلنتاج الفالحي شاملة المواد الواسعة االستهالك وترقية الصادرات من المنتجات الفالحية‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة تحويل أنظمة اإلنتاج للتكفل أحسن بظاهرة الجفاف في إطار إجراء خاص‪.‬‬

‫‪ -‬حماية األحواض المنحدرة والمصبات وتوسيع مناصب الشغل الريفي‪.‬‬

‫‪ -1‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر‪ ،‬رســلة مــاجستير‪ ،‬العلوم االقتصادية فرع التخطيط‪ ،‬جامعة الجزائر‪،1119 ،‬‬
‫ص ‪2719‬‬
‫‪ -2‬عالوي لعالوي وآخرون‪ ،‬استقاللية المؤسسة العمومية االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص ‪276‬‬
‫‪148‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬حماية األنظمة البيئية الرعوية وتحسين العرض العلفي‪.‬‬

‫‪ -‬مكافحة الفقر والتهميش‪ ،‬السيما عن طريق مشاريع تجريبية للتنمية الجماعية ومعالجة ديون الفالحين‪.‬‬

‫وقد قدرت تكلفة هذا البرنامج بـ ‪ 65‬مليار دج‪.‬‬

‫‪ -2.7.2‬الصيد والموارد المائية)‪:(1‬‬

‫بالرغم من طاقاته‪ ،‬فإن هذا القطاع ال يحض بالعناية المستحقة له‪ ،‬نظ ار لطول الساحل الجزائري‪ ،‬يمكن القول أن‬
‫الصيد مصدر ثروة لم يستغل بكفاية‪.‬‬

‫إن البرنامج يتضمن أساسا في أول وهلة ) البناء‪ ،‬التصليح والصيانة البحرية‪... ،‬إلخ ( وآخر )التكييف‪ ،‬التقييم‪،‬‬
‫التبريد‪ ،‬النقل‪... ،‬إلخ ( لألنشطة اإلنتاجية‪.‬‬

‫إن إنجاز هذا البرنامج يتطلب إجراءات تأسيسية وهيكلية مرفقة يجب التكفل بها في إطار قانون المالية ‪1117‬‬
‫وبواسطة آليات أخرى مناسبة‪.‬‬

‫ويتعلق األمر هنا على وجه الخصوص بـ)‪:(2‬‬

‫‪ -‬تخصيص الموارد للصندوق الوطني المساعد في الصيد التقليدي والصيد البحري )‪ (FNAPAA‬الوسيلة‬
‫المفضلة لتشغيل وتنفيذ البرنامج‪.‬‬

‫‪ -‬إنشاء مؤسسة للقرض من أجل الصيد وتربية المائيات‪ ،‬بفتح فرع لدى صندوق التعاون الفالحي )‪، (CNMA‬‬
‫الذي يتمتع بشبكة للصناديق على مستوى مراكز الصيد وتربية المائيات‪.‬‬

‫‪ -‬إدخال إجراءات جبائية‪ ،‬شبه جبائية وجمركية رامية إلى دعم نشاط المتعاملين‪.‬‬

‫‪ -‬معالجة ديون المهنيين المتعاقدين من طرف المستفيدين من مشاريع ‪ FIDA‬و‪ 121) CEE‬مليار دج(‪.‬‬

‫المبلغ اإلجمالي لتمويل هذا البرنامج يقدر بـ ‪ 9.5‬مليار دج‪.‬‬

‫‪ -2.2‬التنمية المحلية والبشرية‪ :‬ويتم ذلك من خالل ما يلي)‪:(3‬‬

‫‪ -1‬عالوي لعالوي وآخرون‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪211‬‬


‫‪ -2‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2797‬‬
‫‪ -3‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2799‬‬
‫‪149‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -7.2.2‬التنمية المحلية‪:‬‬

‫‪ -‬إن البرنامج المقترح والمقدر بـ ‪ 113‬مليار دج‪ ،‬يحدد "نشاط الدولة ودور الدولة" في التكفل باالنشغاالت المحلية‬
‫على عدد مستويات‪" ،‬التدخل" فيما يخص التحسين النوعي والمستدام لإلطار المعيشي للمواطنين‪.‬‬

‫‪ -‬إن البرنامج يتضمن انجاز مخططات بلدية )‪ (PCD‬موجهة أغلبها لتشجيع التنمية والتوزيع التوازني للتجهيزات‬
‫واألنشطة على كافة التراب الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬إن المشاريع المرتبطة بالطرق )طرق بلدية ووالئية(‪ ،‬الماء )‪ AEP‬تطهير( والمحيط‪ ،‬وكذلك الخاصة بإنجاز‬
‫البنى التحتية لالتصال تشجع كلها على استقرار ورجوع السكان‪ ،‬السيما منها المناطق التي مسها اإلرهاب‪.‬‬

‫معبر عنها بمشاريع رامية إلى تنمية مستدامة على صعيد المجموعات‬
‫ا‬ ‫‪ -‬يستجيب هذا البرنامج لحاجات ملموسة‪،‬‬
‫اإلقليمية‪.‬‬

‫‪ -2.2.2‬التشغيل والحماية االجتماعية‪:‬‬

‫إن البرنامج المقترح بالنسبة لهذه الفترة في ميدان الشغل والحماية االجتماعية يتطلب غالف مالي يقدر بـ ‪ 16‬مليار‬
‫دج‪.‬‬

‫فهو يخص برامج األشغال ذات الكثافة العالية لليد العاملة والمتعلقة بالواليات )‪ (TUP-HUMO‬المحرومة‪.‬‬

‫إن هذه البرامج من شأنها أن تسمح بعرض إضافي لـ ‪ 70.000‬منصب شغل دائم بالنسبة لتلك الفترة لتكلفة قدرها ‪11‬‬
‫ماليير دج‪ ،‬أمـا عن النشـاط االجتماعي‪ ،‬يتعلق األمـر بنشاطات التضامن اتجـاه السكان األكثر ضعفا )‪ 13‬ماليير دج(‪،‬‬
‫إعادة االعتبار للمؤسسات المتخصصة )‪ 13‬ماليير دج(‪ ،‬واكتساب ‪ 500‬حافلة نقل مدرسي للبلديات المحرومة )‪0.7‬‬
‫مليار دج ( وأخي ار )‪ 13‬ماليير دج ( ترمي إلى تأطير سوق العمل)‪.(1‬‬

‫‪ -7.2‬تعزيز الخدمات العامة وتحسين اإلطار المعيشي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Abd el Hamid Brahimi, L’économie algérienne, OPU, Alger, 2004, p 412.‬‬
‫‪150‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫في إطار األشغال الكبرى للتجهيز والتهيئة العمرانية قدر الغالف المالي بـ ‪ 210.5‬مليار دج‪ .‬هذا البرنامج يتشكل‬
‫من ثالثة جوانب‪ :‬التجهيز الهيكلي للعمران‪ ،‬إعادة إحياء الفضاءات الريفية في الجبال‪ ،‬الهضاب العليا والواحات والسكن‬
‫والعمران‪.‬‬

‫‪ -7.7.2‬التجهيزات الهيكلية للعمران‪:‬‬

‫تهدف إلى تحسين إطار معيشة سكان المراكز الحضارية الكبرى حيث يتمركز الفقر‪ ،‬وتم تقدير هذا البرنامج بـ‬
‫‪ 79126‬مليار دج تتوزع على الشكل التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم )‪(7.7‬‬

‫توزيع التجهيزات الهيكلية للعمران‬

‫التخصيص‬ ‫المجاالت‬
‫‪ 31.3‬مليار دج‬ ‫البنى التحتية للموارد المائية‬

‫‪ 54.6‬مليار دج‬ ‫البنى التحتية للسكك الحديدية‬

‫‪ 45.3‬مليار دج‬ ‫األشغال العمومية‬


‫المصدر‪ :‬حبارك سمير‪ ،‬تطور المديونية الخارجية للدول الناميَة حالة الجزائر‬
‫‪ ،2002/7661‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2003 ،‬ص ‪2797‬‬

‫باإلضافة إلى تأمين الموانئ والمطارات والطرق‪ ،‬ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز األمن عبر نقاط دخول الموانئ‬
‫والمطارات والطرق بواسطة وسائل الكشف والمراقبة قصد حماية االقتصاد الوطني من الغش والمساس به حيث قدرت‬
‫تكلفته بـ ‪ 1.7‬مليار دج)‪. (1‬‬

‫وكذلك االتصاالت مثل مشروع الحظيرة التكنولوجية للمدينة الجديدة سيدي عبد اهلل‪ ،‬تكلفة هذا المشروع تقدر بـ‪10‬‬
‫مليار دج‪.‬‬

‫‪ -2.7.2‬إحياء الفضاءات الريفية بالجبال‪ ،‬الهضاب العليا والواحات‪:‬‬

‫إن هذا البرنامج ينص على حماية الفضاءات الساحلية على طول الخط الساحلي والمحافظة على مستوى مناطق‬
‫الهضاب العليا والجنوب‪ ،‬واعطاء نفس جديد لألحياء المحرومة على مستوى المراكز الحضرية‪ ،‬وسمح هذا البرنامج‬

‫‪ -1‬حبارك سمير‪ ،‬تطور المديونية الخارجية للدول الناميَة حالة الجزائر ‪ ،1111/7661‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2794‬‬
‫‪151‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫بتحسين ملحوظ في حياة السكان المعنيين وسيكون السبب في خلق مناصب الشغل‪ ،‬هذا البرنامج يتوزع على الشكل‬
‫التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم )‪(8.7‬‬

‫توزيع برنامج الفضاءات الريفية‬

‫التخصيص‬ ‫المجاالت‬
‫‪ 6.1‬مليار دج‬ ‫المحيط‬

‫‪ 16.8‬مليار دج‬ ‫الطاقة‬

‫‪ 35.6‬مليار دج‬ ‫الفالحة )حماية األحواض المنحدرة(‬

‫المصدر‪ :‬حبارك سمير‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2799‬‬

‫‪ -7.2‬تنمية الموارد البشرية‪:‬‬

‫تقدر تكلفة البرنامج بـ ‪ 90.3‬مليار دج‪ ،‬تم اختيار المشاريع وفقا النعكاسها المباشر على حاجيات السكان‪ ،‬وكذا‬
‫لتقييم اإلمكانيات والقدرات الموجودة )منشآت الصحة والتربية(‪ ،‬كما احتفظ بالبرامج التي تقدر اإلمكانيات العلمية والتقنية‬
‫والتي تقلص من ضغط تدفق الطلبة عند الدخول الجامعي)‪.(1‬‬

‫يتوزع هذا البرنامج على الشكل التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم )‪(9.7‬‬

‫البشرية‬
‫َ‬ ‫تنمية الموارد‬
‫توزيع برنامج َ‬

‫التخصيص‬ ‫المجاالت‬
‫‪ 27‬مليار دج‬ ‫التربية الوطنية‬

‫‪ 9.5‬مليار دج‬ ‫التكوين المهني‬

‫‪ -1‬أخلف محمد‪ ،‬االستثمار األجنبي المباشر في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬علوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1114 ،‬ص ‪244‬‬
‫‪152‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ 18.9‬مليار دج‬ ‫التعليم العالي‬

‫‪ 12.38‬مليار دج‬ ‫البحث العلمي‬

‫‪ 14.7‬مليار دج‬ ‫الصحة والسكان‬

‫‪ 4‬مليار دج‬ ‫الشباب والرياضة‬

‫‪ 2.3‬مليار دج‬ ‫الثقافة واالتصال‬

‫المصدر‪ :‬أخلف محمد‪ ،‬االستثمـار األجنبـي المبــاشر‬


‫فـي الجــزائر‪ ،‬مرجـع ســـابق‪ ،‬ص ‪244‬‬

‫إن تطبيق برنامج اإلنعاش االقتصادي يتطلب تجنيد موارد هامة‪ ،‬ومن أجل إنجازه وبأقل تكلفة والحصول على نتائج‬
‫مرضية‪ ،‬وجب تطبيق مجموعة من التعديالت المؤسسية والهيكلية التي سوف تسمح بإنشاء محيط يسهل تطبيق قوى‬
‫السوق بصفة فعالة‪ ،‬وفي هذا اإلطار تم اتخاذ مجموعة من التدابير الجبائية واألحكام المالية والتي يمكن تلخيصها في‬
‫الجدول التالي)‪:(1‬‬

‫الجدول رقم )‪(1.7‬‬

‫السياسات المصاحبة لبرنامج اإلنعاش االقتصادي )‪(2777/2777‬‬

‫الوحدة‪ :‬مليار دج‪.‬‬

‫المجموع‬ ‫‪2777‬‬ ‫‪2777‬‬ ‫‪2772‬‬ ‫‪2777‬‬ ‫القطاعـــات‬


‫‪11‬‬ ‫‪629‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪121‬‬ ‫عصـرنة إدارة الضـرائـب‬
‫‪1124‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪424‬‬ ‫صنـدو المساهمـة و الشراكـة‬

‫‪ -1‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2767‬‬


‫‪153‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪1‬‬ ‫‪129‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪129‬‬ ‫‪127‬‬ ‫تهيئــة المناطــ الصناعيــة‬
‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪127‬‬ ‫صنـدو ترقية المنافسة الصناعية‬
‫‪1219‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1214‬‬ ‫‪1217‬‬ ‫نموذج التنبؤ على المدى المتوسط و الطويـل‬
‫‪99249‬‬ ‫‪7421‬‬ ‫‪7721‬‬ ‫‪77274‬‬ ‫‪9277‬‬ ‫المجمــــــوع‬

‫‪source : Abd el Hamid Brahimi, L’économie algérienne, op cit, p 420.‬‬

‫يتبين لنا من الجدول أعاله‪ ،‬من أجل الوصول إلى األهداف المسطرة في البرنامج‪ ،‬ثمة عدة تغييرات وجب التطرق‬
‫إليها لجعل المحيط االقتصادي يتالءم مع االقتصاد العالمي‪ ،‬من أجل ذلك قامت الحكومة بتبني مجموعة من السياسات‬
‫المصاحبة لبرنامج دعم اإلنعاش االقتصادي أي تخصيص موارد مالية ترمي إلى تشجيع االستثمار وتحسين عمل‬
‫المؤسسة واإلسراع في إجراءات الشراكة وفتح رأس المال‪ ،‬باإلضافة إلى التحضير لالنضمام للمنظمة العالمية للتجارة‬
‫والشراكة مع اإلتحاد األوروبي)‪.(1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬برنامج دعم النمو االقتصادي) ‪.(2) (2776/2778‬‬

‫تميزت السنوات ‪ 1119/1117‬بإنعاش مكثف للتنمية االقتصادية رافق استعادة األمن عبر ربوع الجزائر وتجسد هذا‬
‫اإلنعاش من خالل نتائج عديدة هامة نذكر منها على الخصوص ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬استثمار إجمالي بحوالي ‪ 46‬مليار دوالر)أي ‪ 3.700‬مليار دج(‪ ،‬منها حوالي ‪ 30‬مليار دج )أي ‪ 2.350‬مليار‬
‫دج ( من اإلنفاق العمومي‪.‬‬

‫‪ -‬نمو مستمر يساوي في المتوسط ‪ % 729‬طوال السنوات الخمس ) بنسبة ‪ %929‬في سنة ‪.(2003‬‬

‫‪ -‬تراجع في البطالة من أكثر ‪ %16‬إلى ‪.%19‬‬

‫‪ -‬انجاز اآلالف من المنشات القاعدية وكذلك بناء وتسليم ‪ 700.000‬مسكن‪.‬‬

‫لقد شكلت االنتخابات الرئاسية في ‪ 08‬أفريل ‪ 2004‬منعطفا حاسما في مسار التقويم الوطني الذي عكفت الجزائر‬
‫على انتهاجه‪ ،‬حيث سجل التزام السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمواصلة وتكثيف المسار المتمثل في إعادة‬
‫بناء االقتصاد الوطني‪ ،‬وزيادة على ذلك فقد تم تأكيد هذا االلتزام بالتعليمة الرئاسية التي وجهتها الحكومة فور تنصيبها‬
‫من اجل تحضير برنامج تكميلي لدعم النمو‪.‬‬

‫‪ -1‬حبارك سمير‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2799‬‬


‫‪ -2‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬سياسة تمويل التنمية وتنظيمها في الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪2791‬‬
‫‪154‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫وفي هذه األثناء تعتزم الحكومة "مواصلة مجهود إنعاش النمو وتكثيفه في جميع قطاعات النشاط"‪ ،‬وستعمل كذلك‬
‫في "مرافقة أداة اإلنتاج الوطني" الموجودة في تحولها الحتمي لتكون مستعدة لالنفتاح على "االقتصاد العالمي"‪.‬‬

‫وفي ظل استم اررية مسار اإلنعاش االقتصادي الجاري‪ ،‬تعتزم الحكومة تكييف مقاربتها قصد)‪:(1‬‬

‫‪ -‬استكمال اإلطار التحفيزي لالستثمار عن طريق إصدار نصوص تنظيمية من شأنها أن تتمم قانون االستثمار‬
‫وتطوير التدابير الكفيلة بتسهيل االستثمار الخاص الوطني أو األجنبي‪.‬‬

‫‪ -‬مواصلة تكييف األداة االقتصادية والمالية الوطنية مع االنفتاح العالمي سواء تعلق األمر بتأهيل أداة اإلنتاج أو‬
‫باإلصالح المالي والمصرفي‪.‬‬

‫‪ -‬انتهاج سياسة ترقية الشراكة والخوصصة مع الحرص الشديد على تعزيز القدرات الوطنية في مجال خلق الثروات‬
‫ومناصب الشغل وترقية التنافسية‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز مهمة ضبط ومراقبة الدولة قصد محاربة الغش والمضاربة والمنافسة غير المشروعة التي تخل بقواعد‬
‫المنافسة والسوق على حساب المؤسسات الوطنية المنتجة‪.‬‬

‫‪ -7‬اإلصالح في المجال االقتصادي‪:‬‬

‫إن االصالح في المجال االقتصادي ذو أهمية كبيرة في برنامج دعم النمو‪ ،‬حيث ينبني على مجموعة من‬
‫الركائز تتلخص فيما يلي)‪:(2‬‬

‫‪ -7.7‬تحسين إطار االستثمار‪ :‬الذي بدوره يرتكز على عدة عناصر‪:‬‬

‫‪ -7.7.7‬ترقية االستثمار وضبطه‪:‬‬

‫إن المراجعة التشريعية والتنظيمية التي سبق إج ارؤها أو الواجب استكمالها في إطار التحضير للشراكة الفعلية مع‬
‫االتحاد األوروبي واالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وكذا قانون االستثمار الذي تم مراجعته‪ ،‬توفر إطا ار قانونيا‬
‫مالئما لترقيم االستثمار‪.‬‬

‫وتعتزم "الحكومة العمل على مضاعفة فعالية الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار )‪ ،(ANDI‬ولجان مساعدة مشاريع‬
‫االستثمارات وتحديد موقعها )‪ ،"(CALPI‬وستعرف هذه اآلليات االنطالق الفعلي لـ"الشباك الواحد" لصالح المستثمر‪،‬‬
‫كما ستتطور في آن واحد دور هذه اآلليات في مجال االستثمار والتوجيه لصالح المستثمرين الجزائريين‪.‬‬

‫‪ -1‬دليل الجزائر االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬المؤسسة الوطنية للنشر واإلشهار‪ ،2006 ،‬ص ‪246‬‬
‫‪ -2‬دليل الجزائر االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫‪155‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫كما سـ "تسهر" الحكومة على تحسين مستوى جهودها ومواصلتها لجلب االستثمار األجنبي‪.‬‬

‫‪ -2.7.7‬تسوية مسألة العقار‪:‬‬

‫فيما يخص العقار الصناعي الذي غالبا ما يشار إليه على أنه عائق أمام ترقية االستثمار‪ ،‬فقد سبق وأن كان محل‬
‫إصالح لتسيير المناطق الصناعية ومناطق النشاط وهو اإلصالح الذي سوف يتم استكماله على المدى القصير‪.‬‬

‫إن هذا اإلصالح يسمح بتثمين المناطق الموجودة‪ ،‬وتطوير مناطق جديدة‪ ،‬وجمع الخدمات الضرورية للمستثمر في‬
‫هذه الفضاءات واتاحة هذه الممتلكات في ظل الشفافية‪ ،‬كما سيتكفل هذا اإلصالح بفائض العقار العمومي على مستوى‬
‫المؤسسات العمومية وسيتم إصالحه وتثمينه‪.‬‬

‫وستعمل "الحكومة" أيضا على استكمال عملية مسح األراضي على المستوى الوطني‪ ،‬واستكمال مخططات التهيئة‬
‫والتعمير عبر الوطن‪ ،‬وكذا العمل على احترام التشريع المتعلق بتهيئة اإلقليم‪ ،‬وذلك بغية مضاعفة العرض في مجال‬
‫أراضي البناء لفائدة االستثمار في ميادين الترقية العقارية والسياحة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للعقار الفالحي‪ ،‬فإن "الحكومة" تقترح ضمن هذا البرنامج تشريعا يؤسس لنظام االمتياز الذي سيضبط‬
‫بكيفية واضحة حقوق مانح وصاحب االمتياز وواجبات كل منهما‪ ،‬إن اللجوء إلى منح االمتياز بالنسبة لألراضي الفالحية‬
‫التابعة ألمالك الدولة سيسمح بإقامة صلة متينة بين األرض ومستغلها‪ ،‬وسيفضي إلى حماية هذه الثروة الوطنية من‬
‫تحويلها عن طابعها األصلي‪ ،‬وسيسهل للفالح في نهاية المطاف عملية الحصول على القرض الضروري لتنمية النشاط‬
‫الفالحي)‪.(1‬‬

‫وستعكف "الحكومة" بالموازاة مع ذلك‪ ،‬على تسهيل عملية تسهيل سندات الملكية في إطار القانون‪ ،‬إلى مالك‬
‫األراضي الفالحية الخاصة المنتقلة عن طريق الوراثة‪ ،‬مع استبعاد إضفاء الطابع القانوني على وضعيات األمر الواقع‬
‫فيما يخص الحيازات غير القانونية لألراضي التابعة للدولة‪ ،‬كما ستفتح الدولة في ظل التشاور ورشة التشريع المخصص‬
‫لألراضي الرعوية)‪.(2‬‬

‫‪ -2.7‬مكافحة االقتصاد غير الرسمي‪:‬‬

‫‪ -1‬دليل الجزائر االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬المؤسسة الوطنية للنشر واإلشهار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪299‬‬
‫‪ -2‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2766‬‬
‫‪156‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫إن تطوير االستثمار يتطلب احترام جميع المتعاملين قواعد الشفافية والمقاييس والقوانين‪ ،‬غير أنه ينبغي أن نالحظ‬
‫أن ظهور اقتصاد السوق في بالدنا مؤخ ار صاحبه ظواهر طفيلية وضارة فعقدت الحكومة العزم على محاربتها)‪.(1‬‬

‫وتعتزم "الحكومة" دعم مكافحة االقتصاد غير الرسمي الذي صار مصدر ريع مرده إلى الغش‪ ،‬يعرقل تطوير‬
‫االستثمار ويعرض المؤسسات العمومية والخاصة التي تمارس نشاطها في ظل احترام القانون للخطر‪.‬‬

‫‪ -7.7‬عصرنة المنظومة المالية)‪:(2‬‬

‫إن عصرنة المنظومة المالية ورشة مفتوحة ينبغي استكمالها في الوقت الحاضر على ضوء الظروف االقتصادية‬
‫الكلية المالئمة أكثر‪ ،‬وفي سياق المسار الشامل لإلصالحات الذي يتحكم في نجاحها‪.‬‬

‫وستحقق الحكومة األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ -‬استكمال عصرنة أدوات وأنظمة الدفع الجارية حاليا‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين إدارة البنوك والمؤسسات العمومية للتأمين بما في ذلك الترقية النشيطة للشراكة‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز سوق رؤوس األموال وضبطها الفعال‪ ،‬سواء تعلق األمر بالفروع أو المنتجات‪ ،‬من أجل حشد مكثف‬
‫للموارد الداخلية لتطوير االستثمار‪ ،‬وتسيير نشيط أكثر لألصول المالية‪.‬‬

‫‪ -‬التطوير المؤسساتي للقطاع المالي السيما من خالل إقامة صندوق ضمان القروض لفائدة المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة‪ ،‬وصناديق االستثمارات األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬التطوير المنظم للموارد البشرية في القطاع المالي سواء تعلق األمر بالبرامج أو بالمؤسسات‪ ،‬السيما من أجل‬
‫التحكم في المهن الجديدة‪.‬‬

‫‪ -‬وأخيرا‪ ،‬إنعاش البورصة وتطويرها‪.‬‬

‫‪ -2‬النهوض بتنمية مستمرة ومنصفة عبر أنحاء البالد) ‪:( 1‬‬

‫‪ -1‬هدير عبد القادر‪ ،‬واقع السياحة في الجزائر وآفاق تطويرها‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1119 ،‬ص ‪2111‬‬
‫‪ -2‬هدير عبد القادر‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2111‬‬
‫‪157‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫إن النهوض بتنمية مستمرة أو مستدامة ومنصفة يتطلب مجهودات كبيرة وجبارة على جميع المستويات‪:‬‬

‫‪ -7.2‬تثمين الثروات الوطنية وتطويرها‪ :‬من خالل مختلف القطاعات الحساسة التالية‪:‬‬

‫‪ -7.7.2‬قطاع الطاقة والمناجم‪:‬‬

‫ستقوم"الحكومة" باستكمال الترتيبات التشريعيـة والتنظيمية والمؤسساتية من أجل جلب االستثمار الخاص الوطني‪،‬‬
‫والمزيد من االستثمارات األجنبية المباشرة أو االستثمارات في شكل شراكة في قطاعات المحروقات والطاقة والمناجم بما‬
‫في ذلك األنشطة مثل تلك الواقعة في المراحل الالحقة إلنتاج المحروقات وأنشطة إنتاج الطاقات المتجددة‪.‬‬

‫إضافة إلى هذا ستعمل "الحكومة" على تكييف وعصرنة المنشآت األساسية المينائية المعدة لتصدير المحروقات‬
‫لتتماشى مع تطور اإلنتاج‪ .‬وستعمل كذلك على ضبط تسعيرة الكهرباء والغاز‪ ،‬السيما بالنسبة إلى المناطق والفئات‬
‫المحرومة‪ ،‬وكـذلك احتياجـات النمو والتنمية فـي ميدان االستثمـار وفـي القطاعات االقتصـادية مثل الصناعة‪ ،‬الفالحة‪،‬‬
‫السياحة والمؤسسة الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬

‫وستواصل كذلك وبشكل ملموس تشجيع إيصال الغاز وغاز البروبان المميع والطاقات المتجددة وجعله في مستوى‬
‫هام عبر البالد‪.‬‬

‫كما أنه سيتم تطوير سياسة في مجـال تحقيق هوامش الربـح في المنتجات النفطية قصد ترقية االستثمار الوطني‪،‬‬
‫وأخي ار ستسهر الحكومة على إزالة االحتكارات الفعلية تدريجيا وعلى إيجاد أدوات لضبط أنشطة االحتكار‪.‬‬

‫‪ -2.7.2‬الفالحة )‪: (2‬‬

‫إن هذا الميدان الذي يمثل مكمن معتب ار للنمو والتشغيل عرف تقدما معتب ار خالل السنوات األخيرة بفضل المخطط‬
‫الوطني للتنمية الفالحية وبفضل الموارد المالية الكبرى التي خصصتها لها "الدولة"‪ ،‬تحققت حاالت تقدم كبيرة في مجال‬
‫اإلنتاج الفالحي واستصالح األراضي واستحداث مناصب العمل‪.‬‬

‫وكما سبق اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬فإن "الحكومة" تعتزم تزويد الفالحة بتشريع مالئم لتنميتها‪ ،‬وهكذا ستضل تقدم دعمها‬
‫المالي لهذا القطاع مع السهر أكثر فأكثر على استعمال محفز كرصد القروض المصرفية‪.‬‬

‫وستوجه اإلعانة والحوافز العمومية لتنمية الفالحة أيضا نحو ما يلي)‪:(3‬‬

‫‪ -1‬هدير عبد القادر‪ ،‬واقع السياحة في الجزائر وآفاق تطويرها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2117‬‬
‫‪ -2‬البرنامج التكميلي لدعم النمو فترة ‪ ،1116/1114‬الجزائر‪ ،‬أفريل ‪21114‬‬
‫‪ -3‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬سياسة تمويل التنمية وتنظيمها في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪2741‬‬
‫‪158‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬تحسين نتائج االستثمارات من خالل هيكلة الفروع وتعميم التكوين واإلرشاد‪.‬‬

‫‪ -‬تنمية تربية المواشي والدواجن وتنويعها السيما في الهضاب العليا والمناطق الجبلية‪ ،‬مع السهر على حماية‬
‫التراث الجيني‪.‬‬

‫‪ -‬الدعم االنتقائي واالنتقالي لعمليات تحول النشاط واعادة توجيه القدرات الفالحية‪.‬‬

‫‪ -‬تحسين محيط المستثمرات بواسطة تنمية المؤسسات الصغيرة للخدمات وصناعة التبريد‪ ،‬وتشجيع التكامل بين‬
‫المنتجين والصناعة الغذائية الفالحية‪ ،‬وترقية منظمات الضبط المهني والمشترك بين المهن‪ ،‬وتعزيز طاقات‬
‫غرف الفالحة ودورها‪.‬‬

‫‪ -‬ترقية الصادرات الفالحية السيما المنتجات المحلية والفالحة الحيوية )البيولوجية( وحمايتها عن طريق الترتيب‪،‬‬
‫التصديق والتنويع‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز استحداث مناصب العمل في قطاع الفالحة من خالل دعم اندماج الشباب ذوي الشهادات وكذا اإلدماج‬
‫الفعلي للتشغيل الفالحي ضمن ترتيب الحماية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير وسائل مكافحة اآلفات الزراعية بما فيها الجراد والطفيليات والوقاية منها‪ ،‬بما في ذلك رد االعتبار إلى‬
‫وسائل العمل الجوي‪.‬‬

‫وسيرافق إنعاش الفالحة أيضا بمواصلة بذل الجهود في مجال التنمية الريفية‪ ،‬السيما من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬دعدم النشاطات المدرة للمداخيل والمستحدثة لمناصب العمل‪ ،‬واإلنتاج المساهم في تحسين األمن الغذائي‬
‫للعائالت‪.‬‬

‫‪ -‬مواكبة التنمية بالحصول على وسائل التقنية وعلى قروض‪.‬‬

‫‪ -‬برامج تسيير وتنمية الغابات والسهوب التي تستحدث مناصب الشغل وتحافظ على الوسط الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز عملية حصول سكان األرياف على الخدمات األساسية ) الماء‪ ،‬الكهرباء والغاز ( وكذا مواصلة برامج‬
‫اإلسكان الريفي‪.‬‬

‫‪ -7.7.2‬في ميدان السياحة والصناعة التقليدية والصيد البحري‪:‬‬


‫‪159‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫تشكل السياحة عنص ار من عناصر القوة يجب على الجزائر أن ترفع من خاللها مستوى إيراداتها الخارجية ومضاعفة‬
‫قدراتها في استحـداث مناصب الشغل‪ ،‬مع مـا لهذا النشاط خصوصـا من تأثيـر في قطاع الخدمات كله‪ ،‬ستسهر‬
‫"الحكومة" على ما يأتي)‪:(1‬‬

‫‪ -‬تثمين المنشآت األساسية العمومية الموجودة عن طريق الشراكة وعقود التسيير والخوصصة‪ ،‬لتحسين جودة‬
‫الخدمات وادراج الحظيرة الفندقية الجزائرية ضمن الشبكات الدولية للسياحة‪.‬‬

‫‪ -‬تشجيع االستثمار في الفندقة من أجل تأهيل القدرات والمواقع والمسالك السياحية الوطنية على مستوى الشواطئ‬
‫والصحراء والحمامات المعدنية‪ ،‬الذي سيدعم بواسطة التصديق على المؤسسات وتصنيفها‪.‬‬

‫‪ -‬ترقية وتأطير وكاالت األسفار والترقية السياحية اللذان يكونان مصحوبين بمساهمة عمومية في ترقية المنتوج‬
‫السياحي الوطني في الخارج‪ ،‬عن طريق المعارض والعروض وغيرها من التظاهرات الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬حث الجماعات المحلية على تثمين عناصر القوة لديها‪ ،‬التاريخية منها والثقافية والحرفية وغيرها عن طريق‬
‫التظاهرات المالئمة‪.‬‬

‫وعلى مستوى منـاطق جنوب البالد‪ ،‬فإن ترقية السيـاحة وتشجيعهـا سوف يندرجـان ضمن البرامج التنموية‪ ،‬وتحقيق‬
‫مردودية المنشآت األساسية المنجزة وتحسين الموارد والتشغيل لفائدة السكان‪.‬‬

‫إن تنمية الصناعات التقليدية التي تشمل العديد من آليات التأطير والدعم‪ ،‬سيكون عامال ضروريا لمصاحبة‬
‫االنطالق الفعلي للنشاط السياحي في اتجاه الزبائن الجزائريين واألجانب‪ ،‬وستتم مواصلة برنامج العمل الممتد إلى غاية‬
‫‪2010‬من أجل تطوير الصناعة التقليدية وستساهم الحكومة في دعمها بما في ذلك عن طريق اآلليات المختلفة‬
‫لالستثمارات المصغرة)‪.(2‬‬

‫أما ميـدان الصيد البحري‪ ،‬فلقد ظل منذ سنوات موضوع سياسة هيكلية وتنموية حقيقية أعطت نتائج أولى مشجعة‪،‬‬
‫وستواصل "الحكومة" انتهاج هذه السياسة وتعزيزها بواسطة) ‪: ( 3‬‬

‫‪ -‬عمل رسم خرائط بتحديد الموارد‪.‬‬

‫‪ -‬دعم تكوين الشباب على مهنة الصيد البحري بالموازاة مع تأطير هذه المهنة‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز شبكة الموانئ ومالجئ الصيد البحري‪.‬‬

‫‪ -1‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬مرجع سابق‪2‬‬


‫‪ -2‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2797‬‬
‫‪ -3‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬
‫‪160‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬تشجيع االستثمار في ميدان دعم الصيد البحري‪ ،‬منذ بداية هذا النشاط إلى نهايته‪.‬‬

‫‪ -‬مواصلة دعم رصد القروض الستحداث األنشطة في ميدان الصيد البحري لفائدة المتعاملين االقتصاديين‬
‫والشباب على الخصوص‪.‬‬

‫‪ -7.7.2‬االتصاالت والتكنولوجيات الجديدة‪:‬‬

‫سوف تهتم "الحكومة" بهذا الميدان بشكل خاص‪ ،‬وفي هذا الصدد فإنها ستسهر على)‪:(1‬‬

‫‪ -‬استكمال عملية فتح المنافسة في مختلف مقاطع سوق االتصاالت السلكية والالسلكية والبريد‪ ،‬والتشجيع على‬
‫تطوير دخول شبكة االنترنت ذات المنسوب العالي‪.‬‬

‫‪ -‬استكمال إعادة صياغة اإلطار القانوني من أجل تطوير التجارة االلكترونية والخدمات الحكومية عبر الخط‪.‬‬

‫‪ -‬الشروع في فتح رأسمال شركة "اتصاالت الجزائر" لشريك استراتيجي لتحسين مردوديتها واعادة تموقعها كرائد‬
‫في السوق‪.‬‬

‫‪ -‬اإلسراع في وتيرة عصرنة البريد عن طريق رد االعتبار لشبكته وتوسيعها وادخال اإلعالم اآللي في عملياته‪.‬‬

‫‪ -‬مواصلة عصرنة الخدمات البريدية والمالية البريدية‪.‬‬

‫‪ -‬الحفاظ على الخدمة الشاملة وتطويرها لتمكين سكان األرياف والمناطق البعيدة عن المراكز الحضرية من‬
‫الوصول إليها‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬تحسين مردودية النشاط في قطاع المواصالت السلكية والالسلكية والبريد بواسطة التدابير المالئمة من‬
‫أجل جذب المزيد من االستثمارات والسماح بذلك تحسين الخدمات المقدمة‪.‬‬

‫وزيادة على ذلك‪ ،‬فإن الحكومة وهي تواصل تنفيذ إستراتيجيتها في قطـاع البريد وتكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪،‬‬
‫ستعمل على تحديد وانجاز مخطط عمل سريع وحقيقي لتطوير واستعمال تكنولوجيا اإلعالم واالتصال قصد تشييد‬
‫مجتمع جزائري لإلعالم‪.‬‬

‫‪ -1‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2117‬‬


‫‪161‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫ولتكريسها ستشمل ضمن مكوناتها) ‪:( 1‬‬

‫‪ -‬حفز االبتكار واإلبداع بفضل توفير المحيط المناسب‪ ،‬السيما بإنجاز الحظيرة التكنولوجية بسيدي عبد اهلل‪.‬‬

‫‪ -‬عصرنة وتكييف برامج التكـوين على هذه التكنولوجيات الجـديدة بتنويع الدروس المقننة في مجال االنترنت‪،‬‬
‫التسيير واإلدارة‪ ،‬وذلك على الخصوص بتكثيف شبكة األكاديميات المتخصصة في تكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال‪.‬‬

‫‪ -2.2‬رفع التحدي في مجال الموارد المائية‪:‬‬

‫إن الموارد المائية تشكل بسبب أهميتها االقتصادية واالجتماعية وبحكم ندرتها أيضا‪ ،‬مسألة ينبغي للبالد أن ترصد‬
‫لها من باب األولوية الوطنية‪ ،‬وسائلها الخاصة وكذلك دعم الشراكة والتعاون الخارجيين وستسعى "الحكومة" على تطوير‬
‫مسعى استراتيجي يتمحور حول ما يلي)‪:(2‬‬

‫‪ -‬حشد المورد واسترجاعه وانتاجه‪.‬‬

‫‪ -‬التسيير والتوزيع الرشيدين لهذا المورد‪.‬‬

‫‪ -‬مواجهة الكوارث المتصلة بالعامل المائي والوقاية منها‪.‬‬

‫‪ -7.2.2‬حشد الموارد المائية‪ ،‬استرجاعها وانتاجها‪ :‬ولتحقيق ذلك يجب القيام بـ)‪:(3‬‬

‫‪ -7.7.2.2‬بناء السدود‪:‬‬

‫عمال على تفادي تبديد الموارد المائية‪ ،‬فإن األولوية المطلقة سوف تولى إلنهاء البرنامج الكبير للسدود وانجازات‬
‫التحويل الجارية‪ ،‬غير أنه قد يمكن برمجة بناء سدود جديدة على ضوء اإلمكانيات قصد تدارك العجز الكبير‪.‬‬

‫ومن ضمن العمليات الجارية سنذكر على الخصوص االنجازات المتصلة بسد بني هارون والمشاريع الكبرى‬
‫للتحويالت انطـالقا من سد تاقصبت نحو العاصمة وانطالقـا من سد الشلف نحو وهران مرو ار بمستغـانم وأرزيو‪ ،‬وعلى‬
‫هامش هذه األولويات سوف يتم تحضير دراسات فيما يخص انجازات جديدة‪ ،‬طوال التقليص من البرنامج الجاري‪ ،‬ومنها‬
‫إنجاز تحويل المياه من عين صالح نحو تامنراست‪ ،‬كما ستسهر الحكومة على صيانة السدود الموجودة وحمايتها السيما‬
‫بواسطة تشجير المواقع‪.‬‬

‫‪ -1‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬


‫‪ -2‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحمان تومي‪ ،‬واقع وأفاق االستثمار األجنبي المباشر من خالل اإلصالحات االقتصادية في الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،1111 ،‬ص ‪294‬‬
‫‪162‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫‪ -2.7.2.2‬برنامج حفر اآلبار‪:‬‬

‫سوف يتم تطويـر برنامج حفر اآلبار بمقدار ‪ 20.000‬متر خطي كل سنة‪ ،‬ما يقابل ‪ 80‬مليون متر مكعب سنويا‪،‬‬
‫وذلك في آن واحد مع صيانة اآلبار الموجودة‪.‬‬

‫‪ -7.7.2.2‬المحاجز المائية‪:‬‬

‫ستعكف "الحكومة" من أجل سد حاجات الري الفالحي على تأهيل أكثر من ‪ 200‬محجز مائي قيد االستغالل وانجاز‬
‫قرابة ‪ 300‬وحدة جديدة‪ ،‬بوتيرة استكمال الدراسات الضرورية وتوفير اإلعتمادات بالنسبة إلى مجموع برنامج الماء‪.‬‬

‫‪ -7.7.2.2‬استرجاع المياه المستعملة‪:‬‬

‫سيتم مباشرة برنامج وطني ضمن هذا النشاط سينصب على انجاز ‪ 33‬محطة تصفية وكذا صيانة وتأهيل المحطات‬
‫الموجودة‪ ،‬وستخصص المياه المسترجعة من باب األولوية كحاجات الصناعة وستتواصل عملية بناء شبكة جمع المياه‬
‫المستعملة حول برنامج عمل يشمل مجموع ‪ 2500‬كم‪.‬‬

‫‪ -8.7.2.2‬تحلية مياه البحر‪:‬‬

‫يوجد برنامج هام قيد التحضير إلنجاز محطات كبرى لتحلية مياه البحر عن طريق اللجوء إلى منح االمتياز في‬
‫إطار المؤسسات المختلطة بالشراكة مع قطاع الطاقة الذي يساهم برؤوس أموال‪ ،‬و"ستدرس الحكومة" إمكانية مشاركة‬
‫الخزينة في رأسمال الشركات المختلطة إلنجاز وتسيير هذه المحطات قصد تقليص التكلفة النهائية لتحلية المياه) ‪. ( 1‬‬

‫‪ -2.2.2‬تسيير الموارد المائية وتوزيعها بشكل عقالني‪:‬‬

‫وضمن هذا اإلطار سوف يتم تطوير شبكات المياه وتوزيعها في إطار الشراكة مع متعاملين أجانب لهم شهرة‬
‫عالمية‪ ،‬وسوف يتم استكمال المفاوضات الجارية بخصوص منح امتياز توزيع المياه عبر العاصمة‪ ،‬كما ستتبع هذه‬
‫العملية األولى تدريجيا بعمليات مماثلة بالنسبة إلى المدن الكبرى األخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬


‫‪163‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫وستعمل "الحكومة" أيضا على صيانة شبكـات توزيع المياه عبر البالد قصد تجنب التسربات والغش في استغاللها‪،‬‬
‫ويتعين على الوكالة الوطنية المختصة في هذا المجال دعم وسائلها ومناهجها قصد استئصال تسرب المياه عبر‬
‫الشبكات واسترجاع ديونها‪ ،‬ولهذا الغرض فإنه يجب تشجيع اللجوء إلى الشراكة في مجال التسيير ودعم أصحاب‬
‫االمتياز المحليين على أساس دفاتر شروط تضمن خدمة عمومية ذات جودة عالية في هذا المجال‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫سوف يتم تطوير سلسلة من الب ارمج لتشجيع المستهلكين على اقتصاد المياه)‪.(1‬‬

‫وفي الميدان الفالحي‪ ،‬سوف يتم تطوير الري حسب وتيرة نمو هذا المورد‪ ،‬وسوف تتواصل عملية رد االعتبار‬
‫للمساحات المسقية وتوسيعها إلى جانب تأهيل قدرات التسيير للهيئات المكلفة بهذه المساحات‪ ،‬كما "ستشجع الدولة"‬
‫تطوير الري بفضل اتخاذ إجراءات تحفيزية واللجوء إلى تقنيات التقطير االقتصادية)‪.(2‬‬

‫‪ -7.2.2‬الوقاية من الكوارث المرتبطة بالمياه وامتصاصها‪:‬‬

‫ستواصل "الحكومة" أعمال انجاز المنشآت لحماية المناطق السكانية من الفيضانات‪ ،‬كما ستعكف على انجاز أشغال‬
‫امتصاص آثار صعود المياه في واليتي ورقلة والوادي‪ ،‬وسيتم التكفل بهذا الملف بشكل استعجالي بحشد المخصصات‬
‫المالية الضرورية وبإشراك المتعاملين األكفاء في هذا المجال ومتابعة عملية التنفيذ‪ ،‬كما أنه سيتم تحسين تسيير‬
‫وتكررها)‪.(3‬‬
‫مساحات الري لهذه المنطقة ومتابعته قصد تجنب انتشار ظاهرة صعود المياه ا‬

‫‪ -7.2‬سياسة تهيئة اإلقليم‪:‬‬

‫إن سياسة تهيئة اإلقليم من شأنها أن توفر على المدى المتوسط تصور التنمية الوطنية واطا ار توجيهيا لألعمال‬
‫الواجب إنجازها‪ ،‬ومن شأنها أن توجه جهد التنمية نحو تحقيق انسجام وتوازن بين المناطق والقضاء على الالمساواة‬
‫المتفاقمة‪.‬‬

‫إن إستراتيجية تهيئة اإلقليم هذه سبق أن كانت محل دراسة إستشرافية تمتد حتى أفق ‪ 2020‬حيث تتوفر لها أدوات‬
‫اإلسناد من خالل صندوقين‪ ،‬أحدهما مخصص لجنوب البالد والثاني لمناطق الهضاب العليا‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يجب أن تعزز سياسة البنى التحتية الكبرى واألشغال الكبرى قصد تحسين الظروف المعيشية‬
‫والنشاط االقتصادي لهذه المناطق)‪.(4‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان تومي‪ ،‬واقع وأفاق االستثمار األجنبي المباشر من خالل اإلصالحات االقتصادية في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪247‬‬
‫‪ -2‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬
‫‪ -3‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬
‫‪ -4‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬
‫‪164‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫‪ -7.7.2‬البنى التحتية الخاصة بالطر )‪:(1‬‬

‫فضال على المشروع الضخم الخاص بالطريق السريع شرق‪/‬غرب‪ ،‬فإن حافظة الدراسات واالنجازات تتضمن ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الطريق العرضي للهضاب العليا‪.‬‬

‫‪ -‬الطريق العرضي الثاني للجزائر العاصمة‪.‬‬

‫‪ -‬استكمال الطريق العابر للصحراء‪.‬‬

‫‪ -‬تهيئة الطرق الساحلية‪.‬‬

‫‪ -‬بناء منشآت التخفيف من ازدحام المدن الكبيرة‪.‬‬

‫‪ -‬وضع برنامج هام ومتواصل لصيانة شبكة الطرق الموجودة‪.‬‬

‫ومن هنا يتعين السهر على التحكم في تكاليف اإلنجاز وتمديد البرمجة حسب أهمية الموارد المرصودة إلنجاز هذه‬
‫الورشات‪.‬‬

‫‪ -2.7.2‬البنى التحتية للمطارات‪:‬‬

‫العمليات الكبرى الواجب التقدم في إنجازها واستكمالها هي)‪:(2‬‬

‫‪ -‬مواصلة إنجاز المطار الجديد لمدينة الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬توسيع قدرات استيعاب مطارات وهران‪ ،‬عنابة‪ ،‬سطيف وبرج باجي مختار وكذا إنجاز مطاري الشلف والبيض‪.‬‬

‫‪ -‬تحويل مطار حاسي مسعود إلى خارج المنطقة البترولية‪.‬‬

‫وسوف تتم مواصلة عملية تحديث األسطول الجوي الوطني وتحسين تسييره من خالل ترقية الشراكة مع متعاملين لهم‬
‫شهرة عالمية)‪.(3‬‬

‫‪ -1‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬


‫‪ -2‬هدير عبد القادر‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2171‬‬
‫‪ -3‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬
‫‪165‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫‪ -7.7.2‬البنى التحتية البحرية‪:‬‬

‫في مجال صيانة الموانئ وتوسيعها سيشمل البرنامج على )‪: (1‬‬

‫‪ -‬صيانة الهياكل القاعدية وتطويرها‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير الموانئ النفطية وتطويرها‪.‬‬

‫‪ -‬إنجاز مرفأ ثاني للحاويات في ميناء الجزائر‪ ،‬وتوسيع الموانئ الموجودة‪.‬‬

‫‪ -7.7.2‬البنى التحتية الخاصة بالسكك الحديدية‪:‬‬

‫من المشاريع الهامة التي يجب إنجازها ما يلي)‪:(2‬‬

‫‪ -‬إنجاز خط يربط رجم دموش بالمشرية‪.‬‬

‫‪ -‬تمديد الخط العرضي للهضاب العليا‪.‬‬

‫‪ -‬الخط الحلقي جنوب حاسي مسعود‪/‬الجلفة‪.‬‬

‫‪ -‬تحديث شبكة السكك الحديدية للعاصمة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تأهيل االقتصاد الجزائري لالندماج في االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫كما رأينا سابقا فإن نتائج اإلصالحات التي طبقتها الجزائر منذ سنة ‪ 1988‬كانت محدودة ومكلفة اجتماعيا‪ ،‬فلو أن‬
‫مكنت هذه اإلصالحات الجزائر من تحقيق بعض التوازنات على مستوى االقتصاد الكلي‪ ،‬فإنها لم تتم بعد على صعيد‬
‫النمو واالستثمار بالشكل الكافي‪ ،‬حيث أنها لم تؤدي إلى تحسين القدرة التنافسية لالقتصاد الوطني‪ ،‬ومن ثمة كانت هذه‬
‫اإلجراءات محدودة على قدرة االقتصاد الجزائري على التكيف مع محيطه العالمي‪.‬‬

‫لذلك فإن المسألة هنا هي مسألة إدراك طبيعة الوسائل الكفيلة اقتصاديا بمواجهة فعالة لهذه التحديات‪ ،‬وذلك‬
‫بصياغة البدائل الفعالة‪ ،‬واعداد اإلستراتيجية التي من شأنها تحفيز وتأهيل االقتصاد الجزائري أن يندمج في االقتصاد‬
‫الدولي وفق المستجدات األخيرة )من أثار العولمة ونتائجها( بأحسن كيفية‪.‬‬

‫‪ -1‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬


‫‪ -2‬البرنامج التكميلي لدعم النمو لفترة ‪ ،1116/1114‬نفس المرجع‪2‬‬
‫‪166‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫وفي هذا اإلطار نقدم مجموعة من التصورات واالقتراحات التي برأينا "تمكن الجزائر" من ذلك‪.‬‬

‫‪ -7‬جذب االستثمار األجنبي واالهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪:‬‬

‫إن من بين الوسائل الكفيلة بإدماج االقتصاد الجزائري في االقتصاد العالمي االستثمار األجنبي الذي يتطلب‬
‫توفير المناخ الالزم له وتأهيل االقتصاد الجزائري لمواكبة متطلبات المنافسة من خالل االهتمام بالمؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة التي تعتبر الركيزة األساسية القتصاد السوق)‪.(1‬‬

‫‪ -7.7‬جذب االستثمارات األجنبية‪:‬‬

‫جذب االستثمـارات األجنبية‪ ،‬ومحاولة إرجاع االستثمارات العربية واألجنبية والجزائرية الموجـودة بالخارج‪ ،‬وذلك‬
‫بالعمل على تهيئة بيئة استثمارية مستقرة وثابتة‪ ،‬منها تبسيط اإلجراءات اإلدارية وتحديد لجنة أو وكالة واحدة لتوجيه‬
‫إلى جانب تطوير التشريعات‬ ‫وتقييم هذه االستثمارات‪ ،‬وبالتالي الرد الموضوعي السريع على أصحاب الملفات‬
‫) ‪( 2‬‬

‫والقوانين المنظمة لعمليات االستثمار األجنبي‪ ،‬وازالة القيود أمامها محاولين قدر اإلمكان أن تتجه مشروعات هذا‬
‫االستثمار إلى المجاالت األكثر أهمية في االقتصاد)‪. (3‬‬

‫ويعتبر األمر رقم ‪ 17/17‬الصادر ‪ 11‬أوت ‪ 1117‬والمتعلق بتطوير االستثمار في الجزائر كخطوة في االتجاه‬
‫الصحيح ونحو زيادة فرص الجزائر في استقطاب االستثمار األجنبي ويجـب أن تتلوها خطوات أخرى في هذا المجال)‪. (4‬‬

‫‪ -2.7‬االهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪:‬‬

‫تشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لما لهذه المؤسسات من أهمية في عملية التنمية االقتصادية‬
‫وامتصاص البطالة إلى جانب قيام هذه المؤسسات بإعادة تأهيل وتنمية مواردها البشرية لمواكبة متطلبات التكنولوجيا‬
‫الحديثة‪ ،‬الشرط األساسي لتطور هذه المؤسسات وتطور االقتصاد الجزائري ) ‪.( 5‬‬

‫‪ -2‬إصالح الهياكل والقطاعات االقتصادية‪:‬‬

‫وكذلك لالندماج في االقتصاد العالمي لبد من إصالحات كبيرة على مستوى الهياكل والقطاعات االقتصادية‬
‫المختلفة والتي تعتبر نقطة حساسة جدا يجب أخذها بمحمل الجدية والفعالية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان تومي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪214‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمان تومي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫‪ -3‬أخلف محمد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2771‬‬
‫‪ -4‬محمد يوسفي‪ ،‬بدون عنوان‪ ،‬مجلة اإلدارة‪ ،‬المجلد ‪ 71‬العدد ‪ ،1111 ،71‬ص ‪217‬‬
‫‪ -5‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2797‬‬
‫‪167‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬

‫‪ -7.2‬إعادة االعتبار لقطاع السياحة‪:‬‬

‫إن للسياحة غايات من الممكن إدراكها بسهولة‪ ،‬فهي القطاع األكثر جذبا لالستثمارات األجنبية المباشرة‪ ،‬وهي‬
‫القطاع الذي يمكن أن يسهم في تطوير القطاعات األخرى‪ ،‬ولذا نرى أن السياحة في بعض الدول تحتل مكانة مرموقة‬
‫من بين القطاعات األخرى في االقتصاد انطالقا مما تدره من النقد األجنبي‪ ،‬وفي الحقيقة إنه كما أريد أن تكون للسياحة‬
‫مكانتها الالئقة بها في الجزائر‪ ،‬فإن الطريق المؤدية إليها ال تزال في بدايتها‪ ،‬ومع ذلك فالوصول إلى الهدف ليس‬
‫مستحيال إذا تكاثفت الجهود واستمرت‪ ،‬ومن هذا المنطلق نرى من الضروري تقديم بعض الضوابط الواجب تبنيها إلرساء‬
‫ثقافة سياحية فعالة‪ ،‬منها)‪:(1‬‬

‫‪ -‬تسخير وسائل اإلعالم للتعريف بالكنوز السياحية المتنوعة التي تزخر بها بالدنا‪.‬‬

‫‪ -‬وضع إستراتيجيات سياحية ترتكز على المنطق وتنبثق من واقع الجزائر وتنفتح على الثقافات السياحية في العالم‬
‫تأخذ أحسنها وتترك أسوأها‪.‬‬

‫‪ -‬إنشاء معاهد متخصصة في السياحة تعمل على إرساء ثقافة سياحية لدى القائمين على المرافق السياحية‬
‫المختلفة كل في موقعه ولدى المواطنين بواسطة اإلشهار للتمكن من استم اررية الجهود وتجسيد األهداف بتكلفة‬
‫أقل وربح أكبر‪.‬‬

‫‪ -‬صياغة نموذج لكل منطقة من المناطق السياحية‪ ،‬بحيث ينفرد كل نموذج عن اآلخر بما يتالءم وطبيعة كل‬
‫منطقة وما تزخر به من إمكانيات سياحية‪.‬‬

‫‪ -‬إتقان اللغات األجنبية األكثر رواجا في العالم كاللغة اإلنجليزية من طرف المرشدين إلمكانية التحاور والتفاهم‬
‫وتجنب الحرج الذي قد ينجر عن استعمال لغة ال يفهمها السائح‪.‬‬

‫‪ -‬وجوب التحلي باللياقة األدبية في التعامل مع السياح‪ ،‬محليين كانوا أم أجانب‪ ،‬وال يمكن أن يحدث ذلك إال‬
‫باالختيار الدقيق ألشخاص اعتمادا على معايير موضوعية‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد الصدق في الكلمة والتفاني في العمل والحفاظ على األمانة والرزانة في التعامل‪.‬‬

‫‪ -2.2‬إعادة االعتبار لقطاع الفالحة‪:‬‬

‫‪ -1‬هدير عبد القادر‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2171‬‬


‫‪168‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫يجب إعادة االعتبار لقطاع الفالحة من خالل سياسة استثمارية جريئة‪ ،‬وذلك بإنشاء السدود الشيء الذي يساعد‬
‫على تنشيط مختلف المنتجات الزراعية خاصة الحبوب‪ ،‬إلى جانب تشجيع البحث الزراعي وزيادة الدعم المقدم لهذا‬
‫القطاع‪ ،‬حيث أن الجزائر ال تقدم سوى ‪ %14‬من الدعم إلى الزراعة‪ ،‬في حين أن المنظمة العالمية للتجارة تسمح بدعم‬
‫أقصى قدره ‪ ،%71‬وأن بعض الدول أعضاء فيها تطبق نسب تجاوزت بكثير هذا المستوى‪ ،‬وصلت في بعض الحاالت‬
‫‪.(1) %41‬‬

‫‪ -7.2‬إصالح المنظومة البنكية‪:‬‬

‫إصالح المنظومة البنكية‪ ،‬وذلك بابتعادها عن التسيير اإلداري واتباعها األدوات وقواعد التسيير البنكي المتعارف‬
‫عليها دوليا‪ ،‬فال يعقل أن يبقى ‪ 2800‬ملف طلب قروض مشاريع في البنك الوطني الجزائري معلقة بسبب أن دراسة هذه‬
‫الملفات يستغرق أكثر من سنة )‪. (2‬‬

‫إن الحل األمثل لتطوير النظام المصرفي الجزائري هو بخصخصة البنوك العمومية التي تعرف بالخدمة الرديئة‬
‫لغياب المنافسة‪ ،‬فكما هو الحال اليوم نرى التردد الواضح من طرف الحكومة الحالية في فتح رأسمال بنك القرض الشعبي‬
‫الجزائري رغم أن هذا الحل هو األمثل لتطوير القطاع والذي المناص منه‪.‬‬

‫‪ -7.2‬دعم بعض الصناعات‪:‬‬

‫تقديم الدعم إلى بعض الصناعات‪ ،‬حيث أن ترتيبات النظام الجديد للتجارة‪ ،‬تسمح بتقديم أنواع عديدة من الدعم‬
‫لبعض الصناعات‪ ،‬خاصة الدعم المقدم لبرامج البحث والتطوير‪ ،‬حيث ال تتجاوز نسبة نفقات البحث والتطوير في‬
‫الجزائر إلى الناتج الوطني اإلجمالي ‪ %127‬وهي نسبة ضعيفة جدا‪ ،‬لذلك يجب تشجيع مشاريع البحث والتطوير‬
‫أدرج المكاتب أو رفوف مكتبات الجامعات‪ ،‬بل البد أن تلقى طريقها إلى‬
‫واالبتكار‪ ،‬وأن ال تبقى هذه المشاريع في ا‬
‫التطبيق‪ ،‬وذلك بتوطيد العالقة بين الجامعات ومراكز البحث والمؤسسات واإلدارة االقتصادية‪ ،‬الشيء الذي يمكننا من‬
‫التحكم واستعمال التكنولوجيا الحديثة) ‪.( 3‬‬

‫‪ -8.2‬تنشيط بورصة الجزائر‪:‬‬

‫وذلك بنهج سياسة إعالمية ناجحة ووضع برامج إعالمية كاملة للترويج عن مجاالت وأدوات االستثمار في الجزائر‪،‬‬
‫وتوفير المعلومات المالية واإلحصائية الالزمة للمستثمرين‪ ،‬إضافة إلى استعمال بورصة الجزائر كوسيلة لخوصصة‬

‫‪ -1‬سعيد بركات‪ ،‬الجزائر آفاق ‪ 1171‬التنمية والديمقراطية‪ ،‬دار النشر غير موجود‪ ،‬الجزائر‪ ،1117 ،‬ص ‪279‬‬
‫‪ -2‬سعيد بركات‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪279‬‬
‫‪ -3‬موزاي بالل‪ ،‬االستثمار والتنمية االقتصادية تجربة الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،1117 ،‬ص ‪2741‬‬
‫‪169‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫المؤسسات العمومية واالستعانة بالخبرات والتجارب األجنبية وتوفير الكادر المؤهل لتسييرها وتطوير التشريعات والقوانين‬
‫المديرة لهذه البورصة لتتالءم مع التطورات العالمية في هذا المجال)‪. (1‬‬

‫‪ -7‬انضمام الجزائر للتكتالت االقتصادية وتعزيز مكانتها عالميا‪:‬‬

‫من بين األمور المطروحة في الوقت الراهن والتي تظهر درجة االندماج في االقتصاد العالمي االنضمام‬
‫للتكتالت االقتصادية‪ ،‬التي تعطي لالقتصاد قوة في مواجهة مختلف العوامل االقتصادية الخارجية خاصة جانب‬
‫المنافسة العالمية لمختلف االقتصاديات‪.‬‬

‫‪ -7.7‬انضمام الجزائر للتكتالت االقتصادية العالمية‪:‬‬

‫يجب أن يكون قرار االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة الوشيك مبنيا على ما نخسره أو ما نجنيه في حالة‬
‫االنضمام أو عدمه‪ ،‬وأن ال يكون ذلك تحت تأثير ضغط كبار المضاربين‪ ،‬وأن توظف لصالحها النصوص المعتمدة‬
‫حديثا من قبل المنظمة‪ ،‬مثل إجراءات اإلنقاذ برسم المادة ‪ 19‬لحماية القطاعات الحساسة والضعيفة‪ ،‬وتدابير الدعم‬
‫والتعويض واجراءات مكافحة اإلغراق برسم المادة الرابعة)‪. (2‬‬

‫وبما أن بعض التحديات التي يفرضها النظام الجديد للتجارة الدولية ذات بعد إقليمي‪ ،‬فإن مواجهتها تفرض أن تكون‬
‫السياسة االقتصـادية ذات بعد إقليمي‪ ،‬وذلك بإنشاء التكتالت االقتصادية والتجـارية الجهوية كاالتحاد المغاربي‪ ،‬اتحاد‬
‫الدول العربية‪ ،‬الشيء الذي يمكن هذه الدول من زيادة التجارة فيما بينها‪ ،‬وخلق التكامل االقتصادي بينها بشروط‬
‫تفضيلية ال تتوفر في ظل انضمام كل بلد على انفراد إلى المنظمة العالمية للتجارة) ‪.( 3‬‬

‫‪ -2.7‬تعزيز مكانة الجزائر ومصالحها على الساحة الدولية )‪:(4‬‬

‫جاء قرار انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة في واقع األمر كنتيجة حتمية إلجراء سابق يتمثل في التزام‬
‫الجزائر بتطبيق برنامج التعديل الهيكلي‪ ،‬والذي ينص بصريح العبارة على توظيف بعض اآلليات التي تؤثر على عنصر‬
‫العرض خصوصا )كالتعديل الجبائي‪ ،‬الخوصصة‪ ،‬تشيع االستثمارات‪ ،‬تحرير األسعار والمبادالت التجارية من والى‬

‫‪ -1‬موزاي بالل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2741‬‬


‫‪ -2‬عمروش رضا‪ ،‬االقتصاد الجزائري في ظل العولمة‪ :‬واقع وتحديات‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬علوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪،1119 ،‬‬
‫ص‪296‬‬
‫‪ -3‬عمروش رضا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪214‬‬
‫‪ -4‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪2119‬‬
‫‪170‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫األسواق الجزائرية(‪ ،‬فـ"السلطة الجزائرية" تراهن على تحقيق اإلصالح االقتصادي بشقيه الكلي والجزئي انطالقا من‬
‫برنامج التعديل الهيكلي‪.‬‬

‫والذي يتزامن مع سنة ‪ ،1998‬وهذا يعني انتقال االقتصاد الجزائري إلى جانب االقتصاديات التي تعتمد على آليات‬
‫السوق وتحقيق األهداف التالية)‪:(1‬‬

‫‪ -‬تحرير المبادالت التجارية‪.‬‬

‫‪ -‬قابلية العملة الوطنية للتحويل‪.‬‬

‫‪ -‬االستمرار في خوصصة المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬ترشيد النفقات العمومية‪.‬‬

‫باستثناء التوازنات االقتصادية الكبرى المتمثلة في تحرير المبادالت التجارية وتحرير األسعار ورفع الدعم عن مواد‬
‫االستهالك والشروع في خوصصة المؤسسة العامة التي كانت محور التنمية في العهود السابقة‪ ،‬فإن المحللين‬
‫االقتصاديين الوطنيين والدوليين يجمعون على أن التوازنات االقتصادية الجزائية وعلى مستوى الجهاز اإلنتاجي تبقى‬
‫عالقة وبدون تسوية‪.‬‬

‫فتحرير المبادالت التجارية في غياب أو ندرة المنتوج الجزائري وما يعانيه من مصاعب على المستويين الكمي‬
‫والنوعي‪ ،‬نجم عنه تدفقات سلعية أجنبية غزيرة إلى األسواق الوطنية والتي تحمل عالمات تجارية متنوعة‪.‬‬

‫إن هذا التحرر التجاري غير المتكافئ برزت آثاره السلبية على المدى القصير بحيث أصبحت السلع األجنبية بديال‬
‫منافسا للمنتجات الوطنية‪ ،‬وال نندهش إذا قلنا أن كثي ار من المؤسسات اإلنتاجية العمومية والمتخصصة في النسيج‬
‫وتحويل المواد الكيماوية وغيرها تعرضت إلى هزات عنيفة أودت بها في النهاية إلى الحل والتصفية أو إلى الخوصصة‪.‬‬

‫إن انفتاح السوق الجزائرية على الشركات األجنبية قد يؤدي إلى إشراك المؤسسات الجزائرية في امتحان صعب‬
‫وبدون تحضير تكون نتيجته في النهاية)‪:(2‬‬

‫‪ -1‬عمروش رضا‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪219‬‬


‫‪ -2‬عمروش رضا‪ ،‬االقتصاد الجزائري في ظل العولمة‪ :‬واقع وتحديات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪211‬‬
‫‪171‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬إلزام المؤسسة اإلنتاجية الج ازئرية على طرح وبيع منتجاتها في األسواق العالمية تحت عالمة منتوج جزائري‪ ،‬لكن‬
‫الواقع الذي تعيشه هذه المؤسسات بمختلف أشكالها صغيرة‪ ،‬متوسطة‪ ،‬كبيرة‪ ،‬خاصة أو عامة ال يسمح بتحقيق‬
‫هذه األهداف الطموحة جدا‪.‬‬

‫مما سبق يتبين لنا أن الجهاز اإلنتاجي لالقتصاد الجزائري وبمختلف مكوناته يفتقد إلى الكفاءة التنافسية أو التنافسية‬
‫الدولية التي تؤهله ألن ينافس ويكتسب في األسواق المحلية والدولية‪.‬‬

‫إن هذه العوامل ساهمت في إنعاش اقتصاديات الدول المتقدمة ومكنتها في المحافظة على تفوقها اإلنتاجي والتوزيعي‬
‫وعملت على تطوير قدراتها التنافسية على المستوى الدولي‪.‬‬

‫إن هذا التحفظ ال يعني البتة الرجوع إلى السياسة االقتصادية التقليدية والتي تكرس "سياسة الحماية وغلق األسواق‬
‫واحتكار السلطات العمومية للتجارة الخارجية"‪ ،‬بل إنه من الضروري توفير الحد األدنى من الشروط والظروف التي تمكن‬
‫االقتصاد الوطني من اإلقالع ودفع بقوة جهازي اإلنتاج والتوزيع ألن يقوما بما هو مناط بهما‪.‬‬

‫فمن أجل تفعيل المؤسسة اإلنتاجية في "النشاط االقتصادي الوطني وتحضيرها لأللفية الثالثة" لمواجهة التحديات‬
‫والضغوطات الناجمة عن قرار الجزائر باالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة يقتضي بالضرورة توافر جملة من‬
‫العوامل)‪:(1‬‬

‫‪ -‬تشكيل وتوسيع البنية التحتية التي تساعد على األداء اإلنتاجي المتميز للمؤسسة وتساعد على رفع الكفاءة‬
‫اإلنتاجية لها )مطارات‪ ،‬طريق سريعة‪ ،‬موانئ‪ ،‬ورش إنتاج قطع غيار‪.(... ،‬‬

‫‪ -‬استحداث مكاتب متخصصة في التنشيط الوظيفي للمؤسسات والتي تستخدم احدث تقنيات التسيير المطبقة على‬
‫المستوى العالمي‪.‬‬

‫‪ -‬ربط المؤسسة بالمكاتب والمخابر التقنية المتخصصة في األبحاث الصناعية والتي تقوم بتسويق نتائج أبحاثها‬
‫للمؤسسات اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪ -‬مكافأة وتشجيع المؤسسات الرائدة والمتفوقة في مجالي اإلنتاج والتوزيع‪.‬‬

‫‪ -‬تشجيع انجاز النشاطات اإلنتاجية وفقا لما اتفق عليه باالنجاز بالباطن والتي تقوم بها مؤسسات متخصصة‬
‫تتميز بالكفاءة والخبرة في األداء‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد بركات‪ ،‬الجزائر آفاق ‪ 1171‬التنمية والديمقراطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪249‬‬
‫‪172‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬إلزام المؤسسات بعقود الكفاءة والتي تجبر المؤسسات العامة ألن ترقي نشاطاتها اإلنتاجية والتوزيعية وفقا لما‬
‫يتالءم وتحقيق أهدافها بفاعلية كبيرة‪.‬‬

‫‪ -‬إلزام عقود الشراكة في اإلطار اإلقليمي والجهوي والقاري الستفادة من الكفاءة والتجربة والتخصص الذي يميز‬
‫نشاط وتسيير هذه المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -‬تشجيع االستثمارات األجنبية المباشرة لما لها من أهمية في توطين التكنولوجيا وخلق فرص عمل وتلبية‬
‫االحتياجات االستهالكية واإلنتاجية‪.‬‬

‫إن هذه اإلجراءات ال يمكن تحقيقها إال في إطار إستراتيجية "حمائية انتقائية" تستفيد منها المنتجات الوطنية لفترة‬
‫زمنية محدودة تتمكن من خاللها المؤسسة من اكتساب المناعة الكافية لتجاوز عقبات المنافسة األجنبية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أزمة ‪ 2779‬والدور االقتصادي الجديد للجزائر‪.‬‬

‫انعكست تداعيات األزمة المالية العالمية على اقتصاديات الدول‪ ،‬وتأثرت منها الدول العربية على اعتبار أنها جزء‬
‫من منظومة االقتصاد العالمي وتربطها عالقات اقتصادية‪ ،‬ومن المؤكد أن درجة تأثرها يختلف بين الدول العربية على‬
‫حسب درجة إرتباطها واندماجها في اإلقتصاد العالمي‪ ،‬والجزائر كغيرها من الدول ليست بمنأى من تداعيات األزمة على‬
‫األنظمة والسياسات اإلقتصادية والمصرفية‪ ،...‬وتأثرها بشكل مباشر أو غير مباشر في المدى الطويل أو القصير‪ ،‬مما‬
‫سيؤثر على دورها في النشاط االقتصادي واإلجراءات المتخذة لمواجهة والتحوط من تداعيات األزمة‪ ،‬فيتجلى "الدور‬
‫الجديد للدولة" في التدابير الوقائية لتجنب أثار األزمة المالية العالمية على االقتصاد الجزائري‪.‬‬

‫‪ -7‬آثار األزمة المالية العالمية على اإلقتصاد الجزائري‪:‬‬

‫مما ال شك فيه أن االقتصاد الجزائري كغيره من االقتصاديات العالمية سوف يتـأثر باألزمة االقتصادية العالمية‪،‬‬
‫وان كان بنسبة أقل مقارنة بالدول األخرى وذلك لألسباب التالية)‪:(1‬‬

‫‪ -‬عدم وجود سوق مالية بالمعنى الفعلي في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬عدم وجود ارتباطات مصرفية للبنوك الجزائرية مع البنوك العالمية بالشكل الذي يؤثر عليها‪.‬‬

‫‪ -1‬حفيظ صواليلي‪ ،‬البترول ساهم في ارتفاع مداخيل الجزائر‪ ،‬يومية الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،5496‬الصادرة في ‪ 10‬ديسمبر‪ ،2008‬ص ‪214‬‬
‫لمزيد من اإلطالع راجع الموقع اإللكترون‪www.Elkhabar.com :‬‬
‫‪173‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫‪ -‬انغالق االقتصاد الجزائري بشكل نسبي على االقتصاد العالمي‪ ،‬ذالك أن اإلنتاج الجزائري ال يعتمد على‬
‫التصدير باستثناء المحروقات وذلك ما يجعله في مأمن من أي كساد قد يصيب االقتصاد العالمي والكثير من‬
‫الدول التي تعتمد على الصادرات قد تتأثر بالركود والكساد في الدول المستهلكة لمنتجاتها‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد الحكومة الجزائرية على موازنة بسعر مرجعي يقل كثي ار عن أسعار السوق وهذا ما يجنبها أي انعكاسات‬
‫في حالة انخفاض أسعار البترول‪.‬‬

‫وباعتبار أن الجزائر من الدول العربية المصدرة للبترول والذي ساهم في ارتفاع المداخيل خالل النصف األول من‬
‫سنة ‪ 2008‬حسب تقرير البنك العالمي الذي أشار إلى أن الجزائر حققت نسبة نمو هذه السنة بـ ‪ %4,9‬مقابل‪%3,1‬‬
‫سنة ‪ 2007‬وقدرت نسبة النمو خارج المحروقات بـ ‪ %6‬وهي نتاج النفقات العمومية في قطاعات مثل البناء والخدمات‬
‫المتعلقة بالبنى التحتية والهياكل القاعدية‪ ،‬وأشار تقرير البنك العالمي أن الجزائر تتمتع بوضع مالي مريح إذ قدر‬
‫احتياطي الصرف نهاية سبتمبر من سنة ‪ 2007‬بـ ‪ 130‬مليار دوالر بزيادة قيمتها ‪ 30‬مليار دوالر مقارنة بنهاية ‪،1111‬‬
‫إال أن تراجع األسعار بدأ يشكل بالنسبة للدول النفطية عامل ضغط مستمر وهو ما يتوقع حسبه إلى أن سنة ‪ 1116‬هي‬
‫آخر سنة لمخطط دعم النمو االقتصادي الذي جند له أكثر من ‪ 150‬إلى ‪ 160‬مليار دوالر ستنتهي بنسبة نمو متواضعة‬
‫تقدر بـ ‪ ،%3,8‬ومع تراجع أسعار البترول إلى أقل من ‪ 50‬دوالر للبرميل واستمرار تدني األسعار وعزوف الرأسمال‬
‫األجنبي على االستثمار في الجزائر فمن المتوقع أن تتأثر المشاريع الخاصة بالهياكل القاعدية والبنى التحتية التي تمول‬
‫من قبل الدولة تدريجيا فضال عن تأثر المداخيل الجبائية أيضا وهو ما من شأنه أن يؤثر على االقتصاد الجزائري)‪.(1‬‬

‫وعن تأثيرات األزمة المالية على القطاع المصرفي فتشير التقارير االقتصادية بأن الجزائر في منأى من تداعياتها‬
‫نظ ار لعدم مخاطرتها في مجال التوظيف المالي‪ ،‬فضال عن عدم ارتباط بنوك الجزائر بشبكات وتعامالت خارجية رغم‬
‫الخسائر المسجلة في أصول البنوك الكبرى والمقدرة من قبل بنك التسوية العالمية بـ ‪ 650‬مليار دوالر وأكثر من ‪7911‬‬
‫مليار دوالر حسب صندوق النقد الدولي‪ ،‬وكنتيجة للتسيير الحذر الحتياطات الصرف الجزائرية مع غياب أي استثمار‬
‫في أصول ذات مخاطر‪ ،‬وتفادي خسائر في رأس مال محافظ األصول‪ ،‬ذلك ساهم في تحقيق نسبة مردودية مقدرة بـ‬
‫‪%4,6‬عام ‪ 2007‬موازاة مع تخفيض قيمة المديونية الخارجية التي بلغت نهاية نوفمبر ‪ 2008‬ما قيمته ‪ 3,9‬مليار‬
‫دوالر‪ ،‬وأشار محافظ بنك الجزائر إلى أنه تم تقليص التزامات البنوك اتجاه الخارج التي تمثل أقل من ‪ %17‬من مواردها‬
‫وتم التركيز على التمويل المحلي بالدينار الجزائري بالنظر لتسجيل فوائض في االدخار تقدر بنسبة ‪ %4121‬في ‪2007‬‬
‫و‪ %55‬في ‪ 2006‬و‪ %41‬في ‪ ،2005‬وقد بلغت قيمة صندوق ضبط الموارد في نهاية نوفمبر ‪ 2008‬نسبة ‪ %91‬من‬
‫الناتج الوطني الخام وهو عامل يساهم في امتصاص الصدمات الخارجية الناتجة عن األزمة‪ ،‬إضافة إلى أن فائض‬
‫السيولة النقدية في البنوك الجزائرية قدر بـ ‪ 4192‬مليار دينار أي ما يعادل ‪ 58,14‬مليار دوالر يكفي لتمويل االقتصاد‬
‫وتغطية كافة النفقات لمدة تتجاوز السنتين‪ ،‬وتعتبر توظيفات الجزائر المالية من احتياطاتها والمقدرة بحوالي ‪ 11‬مليار‬

‫‪ -1‬حفيظ صواليلي‪ ،‬البترول ساهم في ارتفاع مداخيل الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪214‬‬
‫‪174‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫دوالر بنسب متواضعة تصل ‪ %74‬على شكل سندات خزينة أمريكية بنسبة ‪ ،%729‬وتوظيفات لدى البنوك من الدرجة‬
‫األولى بعيدة عن المخاطرة)‪.(1‬‬

‫ورغم اآلثار غير المباشرة لألزمة العالمية‪ ،‬إال أنه قد انعكست إيجابا على بعض الجوانب في االقتصاد الجزائري‬
‫وتمثلت في النقاط التالية)‪:(2‬‬

‫‪ -‬انخفاض أسعار العديد من السلع في السوق العالمية‪ :‬فكما يؤدي نمو االقتصاد العالمي إلى زيادة أسعار السلع‬
‫فركوده يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع في السوق العالمية‪ ،‬وباعتبار الجزائر بلد مستورد للسلع فاألزمة نافعة‬
‫لالقتصاد على األمد القريب‪.‬‬

‫‪ -‬انخفاض تكاليف مواد اإلنتاج قد يخلق دينامكية في االقتصاد‪ ،‬ومثال انهيار أسعار الحديد ساعدت قطاع العقار‬
‫في الجزائر على النهوض بعد تعثره إثر ارتفاع أسعاره في السوق العالمية‪.‬‬

‫‪ -‬اختالل التوازنات المالية الكبرى إن استمرت أسعار المحروقات في االنهيار‪.‬‬

‫‪ -‬الركود االقتصادي سيؤدي إلى إفالس الكثير من الشركات والمؤسسات عبر العالم‪ ،‬وبقاء بعض الشركات‬
‫الكبرى يؤدي إلى احتكار السوق العالمية وبالتالي رفع األسعار مجددا‪.‬‬

‫‪ -‬األزمة االقتصادية قد تحد من االستثمارات الخارجية‪.‬‬

‫‪ -‬تراجع التحويالت المالية بشكل ملحوظ‪.‬‬

‫‪ -2‬التدابير الوقائية لتجنب آثار األزمة المالية العالمية على اإلقتصاد الجزائري‪:‬‬

‫بالرغم من أن الجزائر لم تتأثر باألزمة المالية بشكل مباشر إال أنها قد تتأثر بالركود االقتصادي ويمكن أن تبرز‬
‫بعض االختالالت في عام ‪ 2009‬رغم احتاللها المرتبة العاشرة حاليا باحتياطي صرف عالمي قدره ‪ 140‬مليار دوالر‬
‫أي بعد ألمانيا بـ ‪ 150‬مليار دوالر‪ ،‬وقبل فرنسا بـ ‪ 125‬مليار دوالر‪ ،‬لذلك فإنه من األجدر إنشاء "صندوق سيادي"‬
‫مكلف بتطوير‪-‬بالشراكة مع القطاع الخاص‪ -‬قواعد تنمية اقتصادية متوازنة‪ ،‬يكون مدعما بمجلس مراقبة يتكون من‬
‫مجموعة من الخبراء واالقتصاديين‪ ،‬ويعرف الصندوق السيادي على أنه "عبارة عن صندوق للتوظيف المالي يكون ملكا‬
‫للدولة ويسير االدخار المحلي ليتم استثماره في توظيفات متعددة من أسهم وسندات"‪ ،‬ويتواجد ‪ 40‬صندوقا سياديا أهمها‬
‫سلطة أبو ظبي لالستثمار الذي أنشأ في ‪ 1976‬بقيمة ‪ 943‬مليار دوالر‪ ،‬والصندوق الحكومي الشامل للمعاشات‬

‫‪ -1‬حفيظ صواليلي‪ ،‬فوائض السيولة لدى البنوك تجاوزت ‪ 33,5‬مليار دوالر‪ ،‬يومية الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،5506‬الصادرة في ‪ 11‬ديسمبر‪،2008‬‬
‫ص ‪214‬‬
‫‪ -2‬حفيظ صواليلي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪214‬‬
‫‪175‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫النرويجي المؤسس في ‪ ،1990‬وهيئة االستثمار الصيني المؤسس في ‪ ،1111‬ويتطلب إنشاء صناديق سيادية ضرورة‬
‫االلتزام بـ)‪:(1‬‬

‫‪ -‬التسيير الفعال والحكم الراشد‪.‬‬

‫‪ -‬تسيير المعارف البشرية من خالل تقييم المعرفة‪ ،‬والتخصص المالي الهندسي‪ ،‬والتسيير اإلستراتيجي‪.‬‬

‫‪ -‬مراعاة المنافسة الدولية في هذا المجال‪.‬‬

‫فإنشاء صندوق سيادي في الفترة الراهنة سيجعل الجزائر تستفيد من الفرص السانحة خاصة مع تدني قيمة األسهم‬
‫في البورصات العالمية‪ ،‬ونقص السيولة الذي يمنع المستثمرين على االستثمار في السوق المالي‪ ،‬وهو ما يمكن‬
‫االستفادة منه عن طريق قوة الجذب في سوق األسهم من خالل التركيز على النقاط التالية)‪:(2‬‬

‫‪ -‬نسب األرباح الموزعة لألمريكيين هي أعلى من نسب سندات الخزينة األمريكية‪.‬‬

‫‪ -‬تخفيض نسبة تداوالت الصناديق المغلقة األمريكية واليابانية واألوروبية بـ‪ 14‬من قيمتها‪.‬‬

‫‪ -‬انهيار البورصات العالمية قد سجل قيمة سوقية معادلة للقيمة المحاسبية مما يعتبر فرصة استثمارية‪.‬‬

‫‪ -‬نسبة نمو أغلبية المؤسسات المقيدة في البورصة تجاوزت السعر مقابل نسبة الفائدة‪.‬‬

‫‪ -‬نصف تداوالت األسهم األمريكية واألوروبية واليابانية تتم بسعر مقابل نسب فائدة أقل من عشرة‪.‬‬

‫‪ -‬تخفيض نسب الفوائد إلى مستوى يقترب من الصفر من طرف البنك الفدرالي األمريكي‪ ،‬والبنك المركزي‬
‫األوروبي يجعل سوق األسهم أكثر استقطابا لدى المستثمرين في السوق المالي‪.‬‬

‫‪ -‬اقتراب أسعار الفائدة إلى الصفر يدعم فكرة تحويل سوق السندات إلى سوق أسهم‪.‬‬

‫‪ -‬كافة المعلومات السلبية المرتبطة بسوق البورصة تم إدراجها في التسعيرة الحالية لألسهم‪.‬‬

‫‪ -1‬حفيظ صواليلي‪ ،‬الصناديق السيادية تثير الجدل في الجزائر‪ ،‬يومية الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،5505‬الصادرة في ‪ 21‬ديسمبر ‪ ،1119‬ص ‪214‬‬
‫‪ -2‬حفيظ صواليلي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪214‬‬
‫‪176‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫من العرض السابق من األهمية أن ننوه إلى أن تبني الجزائر لفكرة إنشاء صناديق سيادية ترتكز نحو االستثمار‬
‫المالي وتقوم على الشفافية من شأنه أن يعزز من إصالحاتها المصرفية والتسيير اإلداري لالقتصاد خاصة وأن توظيفاتها‬
‫تدنت ويجب توخي الحذر‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫لقيت مرحلة االنتقال من االقتصاد االشتراكي إلى اقتصاد السوق منذ أكثر من عشرية في الجزائر صعوبات‬
‫عديدة خاصة ذات طابع اقتصادي وايديولوجي‪.‬‬

‫فقـد اعتمد نظـام االقتصاد االشتراكي على ملكية الدولة لوسائـل اإلنتاج واحتكـارها للق اررات االقتصادية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى اتخاذ مبدأ التخطيط اإللزامي وتسيير االقتصاد على أساس تعليمات يصدرها المخطط المركزي لتنفّذ من قبل‬
‫الو ازرات القطاعية التي تشرف بدورها على المؤسسات االقتصادية‪.‬‬

‫أن نموذج اقتصاد السوق المرتقب الوصول إليه نجده يؤسس على عدد من القواعد منها‪ :‬تحرير النشاطات‬ ‫غير ّ‬
‫االقتصادية‪ ،‬وكذلك التمتع بحرية المبادرة‪ ،‬الشراء‪ ،‬البيع وحتى االستهالك‪.‬‬

‫في هذا اإلطار‪ ،‬تأخذ هذه الدراسة العلمية بعدا ممي از بالنظر إلى الرهانات التي تطرحها مساهمة اقتصاد السوق‬
‫سيما خالل المرحلة االنتقالية التي تعيشها الجزائر‪.‬‬
‫في تطوير القطاع الخاص ال ّ‬

‫‪177‬‬
‫دور ال َدولة الجزائرية في النَشاط‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االقتصادي‬
‫أما الرهان األول الذي تم التوصل إليه من خالل الدراسة فهو يتعلق "بدور الدولة أثناء المرحلة االنتقالية"‪ ،‬إذ‬
‫تجد هذه األخيرة نفسها مدعوة إلى "االنسحاب" من المجال االقتصادي‪ ،‬لكن في نفس الوقت هي مطالبة بحماية إنتاج‬
‫المؤسسات الخاصة الوطنية التي تمتاز بمحدودية قدراتها التنافسية بالمقارنة مع المنتجات التي تغزوا السوق الوطنية‬
‫بعد تحرير التجارة الخارجية‪.‬‬

‫وبالتالي على "الدولة اإلطالع بدور معقد وحساس"‪ ،‬بما أنها ستكون في آن واحد "حكم ومتدخل" على مستوى‬
‫المجال االقتصادي طول الفترة االنتقالية‪.‬‬

‫ونعتقد أن األولوية تكمن في جمع و توجيه كل "جهود الدولة من أجل تشجيع أكثر للقطاع الخاص"‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل تكثيف اإلجراءات التحفيزية المشجعة إلنشاء المؤسسات الخاصة‪ ،‬باإلضافة إلى العمل على احترام مبدئي‬
‫المساواة والشفافية عند التعامل مع المتعاملين الخواص بخصوص طلب القروض من البنوك أو إيداع الملفات إلنشاء‬
‫مؤسسات جديدة‪.‬‬

‫فالدور الذي لعبته "الدولة الجزائرية في النشاط االقتصادي"‪ ،‬يعتبر دور كبير من أجل دفع التنمية وفق‬
‫المتغيرات العالمية والتي أفرزتها العولمة‪ ،‬ومحاولة منها كذلك جعل االقتصاد الجزائري اقتصاد يعمل وفق المقاييس‬
‫الدولية‪ ،‬ويتأقلم مع مختلف المستجدات العالمية‪ ،‬فهي إلى يومنا هذا تسعى وتبذل الجهد الكبير لضم االقتصاد‬
‫الجزائري لالقتصاد العالمي رغم العراقيل والصعوبات وضعف المبادرة والقرار خاصة من الناحية السياسية‪ ،‬إال أن‬
‫الرهانات مازالت مطروحة‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫الخ ـاتمة‬

‫ارتبطت التحوالت في دور الدولة االقتصادي في الدول المتقدمة بالتحوالت في الوقائع االقتصادية وتحديدا‬
‫بظروف الدورة االقتصادية من ناحية والتحوالت في الفكر االقتصادي‪ ،‬من ناحية ثانية‪ ،‬فبدأت الدولة محايدة أو‬
‫تقليدية ثم تحولت إلى فاعلة وأقل حيادية‪ ،‬ثم عادت ثانية لتمارس دو اًر أقل فاعلية وأكثر حيادية‪.‬‬

‫فأثناء فترات االزدهار واالنتعاش االقتصادي تبنت الدول المتقدمة الفكر االقتصادي الليبرالي الذي يدعو إلى‬
‫تقليص دور الدولة االقتصادي وبخاصة في مجاالت اإلنتاج والتجارة‪ ،‬وحصرها في األنشطة التقليدية كاألمن والدفاع‪،‬‬
‫وجاء هذا التوجه كجزء من الدفاع عن الحرية االقتصادية والمنافسة الكاملة التي تتطلب إنهاء كافة أشكال التدخل‬
‫الحكومي والممارسات االحتكارية التي كانت قائمة في مرحلة الرأسمالية التجارية‪ ،‬حيث لم يكن وارد عند الكالسيك‬
‫حدوث األزمات االقتصادية‪ ،‬فالسوق كانت فاعلة أو ساخنة جدا ‪ ،Over heated‬وكانت كفيلة بتصحيح أية‬
‫إختالالت أو أوضاع خاطئة‪ ،‬ولكن استفحال األزمات ومظاهر البطالة والركود بعد الثالثينيات قد أثبت بطالن دعاوى‬
‫لدور‬
‫الكالسيك‪ ،‬وفتحت المجال لبروز الفكر الكينزي الذي دعا إلى خروج الدولة عن حيادها التقليدي وطالب بتبنيها اً‬
‫إنمائي يمتد إلى جميع النواحي االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ثم تم التراجع عن هذه التوجه في بداية عقد السبعينيات من‬
‫القرن العشرين بعد ظهور صدمات العرض التي أعقبت أزمة أسعار النفط‪ ،‬ودخول االقتصاد الرأسمالي في حالة من‬
‫الركود الطويل األجل‪ ،‬فعادت الهيبة من جديد إلى األفكار الليبرالية‪ ،‬وهيمنت أفكار مدرسة اقتصاديات العرض بقيادة‬
‫فريدمان‪ ،‬الذي دعا إلى الخصخصة وابتعاد الدولة عن النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫في مقابل ذلك نجد أن التاريخ االقتصادي للدول النامية‪ ،‬يشير إلى أن حكومات الدول النامية أخذت اتجاها‬
‫مغاي ار فبدأت فاعلة ثم تحولت نحو دور أقل فاعلية وأكثر حيادية‪ ،‬فبلغ التوجه نحو توسيع القطاع العام ذروته في‬
‫بداية الستينيات من القرن العشرين‪ ،‬ثم تراخى تدريجياً لينحصر في بداية الثمانينات كنتيجة الشتداد زخم الخصخصة‪،‬‬
‫مع تزايد دور الشركات المتعددة الجنسية وأتساع نطاق العولمة‪.‬‬

‫من خالل هذه الدراسة توصلنا إلى مجموعة من النتائج نستعرضها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬واجهت حكومات الدول النامية مهمة تحقيق التنمية بعد االستقالل السياسي‪ ،‬وبسبب حداثة تجـربتها التنموية‪،‬‬
‫وغياب المناهج واألفكار االقتصادية المستمدة من البيئة المحلية اندفعت نحو تبني الخيارات التي تطرحها نماذج‬
‫النمو االقتصادي الغربية‪ ،‬وأتت خياراتها في معظم األحيان كرد فعل على الضغوط السياسية واالقتصادية الخارجية‬
‫أكثر مما أتت كرد فعل على ضغوط البيئة االقتصادية الداخلية‪ ،‬فأخذت هذه الدول تحاكي السياسات االقتصادية‬
‫المطبقة في الدول المتقدمة‪.‬‬

‫‪ -‬يجب االستفادة من تجارب الدول األخرى‪ ،‬على أن تعتمد تلك االستفادة على دراسة متأنية لتاريخ الدول‬
‫المتقدمة‪ ،‬وتحديداً على المراحل التي سعت فيها تلك الدول للخروج من التخلف وتهيئة شروط االنطالق نحو التنمية‪،‬‬
‫التي تكشف عن وجود دور حيوي للدولة في تحقيق التقدم االقتصادي‪ ،‬وحماية االقتصاد الوطني ودعم الطبقة‬
‫الرأسمالية‪ ،‬ومساعدتها في عملية تجميع الفائض االقتصادي وتوجيهه إلحداث التراكم الرأسمالي الالزم لعملية التنمية‪.‬‬
‫‪871‬‬
‫الخ ـاتمة‬

‫‪ -‬وبناءا على تلك التطورات يمكن القول بأن الدولة تلعب دو اًر أكبر في عملية النمو كلما كان االقتصاد أكثر‬
‫تخلفاً‪ ،‬كما أن التخلف المتزايد أو الدخول المتأخرة من عملية النمو االقتصادي الحديث سيمارس ضغوطاً كبيرة تدفع‬
‫بوحدات القطاع الخاص التي تدخل متأخرة إلى السوق إلى االعتماد بشكل متزايد على سلطة الدولة لمساعدتها على‬
‫اللحاق بالوحدات األكثر تقدماً‪.‬‬

‫‪ -‬وعلى هذا المنوال فإن حاجة االقتصاد إلى التدخل المكثف للدولة يتعلق بالعوامل آالتية‪:‬‬

‫‪ ‬كلما كان مدى األهداف التي تسعى التنمية االقتصادية إلى تحقيقها واسعاً‪ ،‬من الناحية الكمية‬
‫والنوعية‪.‬‬

‫‪ ‬كلما قصر األفق الزمني الذي تحتاجه عملية تحقيق األهداف‪.‬‬

‫‪ ‬كلما زادت ندرة الموارد والوسائل المتاحة لتحقيق هذه األهداف‪.‬‬

‫‪ ‬كلما زادت العوائق غير االقتصادية أمام عملية التغيير االقتصادي والتصنيع‪ ،‬والناتجة عن ضعف‬
‫مرونة أو جمود البنيان االجتماعي والثقافي والمؤسسي‪ ،‬ألن هذه العوامل ستنعكس بدورها على الترتيبات‬
‫التعاقدية والقانونية‪ ،‬ودرجة التحضر وخصائصه‪ ،‬ودرجة الحراك االجتماعي‪ ،‬وطبيعة البناء الطبقي‪،‬‬
‫وتركيبة القوى السياسية وحجم المشاركة الشعبية في صياغة وتنفيذ الق اررات التنموية‪ ،‬ونظام القيم السائد‪،‬‬
‫ومدى نقدية عمليات التبادل‪ ،‬ومدى تفاعل تلك العوامل مع بعضها البعض‪.‬‬

‫‪ ‬كلما زادت درجة التخلف النسبي لالقتصاد ‪.‬‬

‫‪ -‬كما أن هناك ارتباط قوي بين مستوى التنمية االقتصادية وبين الفرص المتاحة للقطاع الخاص‪ ،‬وهذا لممارسة‬
‫االختيار والمبادرة الفردية‪ ،‬إال أنه يؤكد من ناحية أخرى على أهمية دور القيود الداخلية وخاصة قيود "التقنية‬
‫والموارد"‪ ،‬التي ال تترك مجاالً واسعاً الختيار الشكل المؤسسي المالئم لعملية التنمية االقتصادية في الدول النامية‪.‬‬

‫‪ -‬ويمكن القول كذلك أن عملية االختيار تجري بصورة تلقائية في االقتصاديات التي يسيطر فيها القطاع الخاص‬
‫ونظام السوق‪ ،‬أما في االقتصاديات التي يسيطر فيها القطاع العام ونظام التخطيط المركزي فإن عملية االختيار‬
‫وآليات التصرف بالموارد اإلنتاجية والسياسات االقتصادية تكون في الغالب دالة لتوجهات النظام السياسي‪ ،‬أكثر من‬
‫كونها دالة في المتغيرات االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬وهناك خمسة أصناف من التدخل الحكومي في المجال االقتصادي وهي‪:‬‬

‫‪871‬‬
‫الخ ـاتمة‬

‫التدخل الحكومي لتوفير رأس المال االجتماعي‪ ،‬بما في ذلك الحفاظ على القانون والنظام في‬ ‫‪‬‬
‫المجتمع‪ ،‬تحديد االلتزامات القانونية والتعاقدية وتنفيذها‪ ،‬تقديم التسهيالت التعليمية والصحية‪ ،‬والقيام‬
‫بالوظائف العسكرية والدفاعية‪ .‬وكلها يجري تجهيزها عادة من قبل وكاالت حكومية‪.‬‬

‫توفيـر البنية االرتكـازية االقتصادية‪ ،‬مثـل المصارف المركزيـة والتسهيالت النقدية والمالية‪ ،‬والطرق‬ ‫‪‬‬
‫العامة والمرافق العامة األخرى كالماء والكهرباء ووسائل المواصالت واالتصاالت وبخاصة شبكات سكك‬
‫الحديد‪.‬‬

‫تطبيق الرقابة المباشرة وغير مباشرة من خالل إجراءات متنوعة مثل التعريفة الجمركية والضرائب‬ ‫‪‬‬
‫والدعم وتقنين السلع واالئتمان والرقابة على األسعار‪.‬‬

‫إقامة بعض المشروعات الحكومية‪ ،‬التي تتراوح بين إدارة بعض الصناعات أو بعض المشروعات‬ ‫‪‬‬
‫العامة في صناعات مختلفة‪ ،‬أو الملكية العامة لبعض أو كل وسائل اإلنتاج‪.‬‬

‫التخطيط المركزي الذي قد يشتمل على تركز كامل أو جزئي في عملية صنع القرار االقتصادي في‬ ‫‪‬‬
‫مجلس تخطيط قومي مركزي‪.‬‬

‫وان كل من الصنف األول والثاني للتدخل الحكومي يمثالن الحد األدنى من وظائف الحكومة‪ ،‬ويمثالن النمط‬
‫السائد في معظم الدول الصناعية المتقدمة‪ ،‬أما الصنف األخير وهو أسلوب التخطيط المركزي الشامل‪ ،‬فيمثل الحد‬
‫األعلى للوظائف الحكومية‪.‬‬

‫‪ -‬وبصورة عامة‪ ،‬كلما زادت شمولية وسرعة ما توفره الحكومة من الحد األدنى من وظائفها‪ ،‬قل الضغط أو‬
‫الحاجة إلى قيامها بوظائفها في حدها األعلى‪ .‬فربما يكون االعتماد على الحد األعلى من الوظائف الحكومية دليالً‬
‫على فشل الحكومة في توفير الحد األدنى من وظائفها في الماضي والحاضر‪ .‬ويتحدد النمط األمثل لتدخل الدولة في‬
‫النشاط االقتصادي في "إطار األهداف التي تسعى إلى رفع مستويات التنمية االقتصادية والبشرية على أن يصاحب‬
‫ذلك توسيعاً لنطاق ممارسة االختيار والمبادرة الفردية"‪.‬‬

‫ويمكن الخروج ببعض النتائج الخاصة بدور الدولة في الجزائر والذي مر بعدة مراحل في ظل متغيرات كثيرة‬
‫أثرت وألزمت الجزائر التموكب معها‪:‬‬

‫‪ -‬لقيت مرحلة االنتقال من االقتصاد االشتراكي إلى اقتصاد السوق في الجزائر صعوبات عديدة خاصة ذات طابع‬
‫اقتصادي و إيديولوجي‪.‬‬

‫‪811‬‬
‫الخ ـاتمة‬

‫‪ -‬فقد اعتمد نظـام االقتصاد االشتراكي على ملكية الدولة لوسـائل اإلنتـاج واحتكـارها للق اررات االقتصادية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى اتخاذ مبدأ التخطيط اإللزامي وتسيير االقتصاد على أساس تعليمات يصدرها المخطط المركزي لتنفّذ‬
‫من قبل الو ازرات القطاعية التي تشرف بدورها على المؤسسات االقتصادية‪.‬‬

‫أن نموذج اقتصاد السوق المرتقب الوصول إليه نجده يؤسس على عدد من القواعد منها‪ :‬تحرير النشاطات‬ ‫‪ -‬غير ّ‬
‫االقتصادية‪ ،‬وكذلك التمتع بحرية المبادرة‪ ،‬الشراء‪ ،‬البيع وحتى االستهالك‪.‬‬

‫‪ -‬في هذا اإلطار‪ ،‬تأخذ هذه الدراسة العلمية بعدا ممي از بالنظر إلى الرهانات التي تطرحها مساهمة اقتصاد السوق‬
‫سيما خالل المرحلة االنتقالية التي تعيشها الج ازئر‪:‬‬
‫في تطوير القطاع الخاص ال ّ‬

‫‪ ‬أما الرهان األول الذي تم التوصل إليه من خالل الدراسة فهو يتعلق "بدور الدولة أثناء المرحلة‬
‫االنتقالية"‪ ،‬إذ تجد هذه األخيرة نفسها مدعوة إلى "االنسحاب" من المجال االقتصادي‪ ،‬لكن في نفس الوقت‬
‫هي مطالبة بحماية إنتاج المؤسسات الخاصة الوطنية التي تمتاز بمحدودية قدراتها التنافسية بالمقارنة مع‬
‫المنتجات التي تغزو السوق الوطنية بعد تحرير التجارة الخارجية‪.‬‬

‫‪ ‬يتعلق الرهان الثاني بالمؤسسة والمقاول الخاص‪ ،‬حيث إذا كانت المؤسسات الخاصة تستفيد من التحرير‬
‫الفعلي على مستوى فروع النشاطات االقتصادية التي كانت إلى وقت قريب في حوزة المؤسسات العمومية‬
‫فيجب بعث استثمارات جديدة‪.‬‬

‫فهي تعاني من تقلص حصتها على مستوى بعض فروع النشاط االقتصادي التي كانت تسيطر عليها حتى وقت‬
‫قريب قبل دخول المنافسة غير الشرعية للمنتجات القادمة من الخارج‪.‬‬

‫‪ -‬كما تبين أن نجاح العالقة بين اقتصاد السوق والقطاع الخاص يبقى مرهونا في الجزائر بالدور الذي يقع على‬
‫عاتق ثالث متدخلين رئيسين ممثلين في كل من "الدولة" و"المؤسسات الخاصة الوطنية"‪ ،‬باإلضافة إلى "الهيئات‬
‫الدولية والمؤسسات األجنبية" خالل المرحلة االنتقالية‪.‬‬

‫دور كبير من أجل إحداث قفزة تنموية وفق‬


‫‪ -‬إن الدور الذي لعبته الدولة الجزائرية في النشاط االقتصادي‪ ،‬يعتبر اً‬
‫المتغيرات العالمية والتي أفرزتها العولمة‪ ،‬ومحاولة منها جعل االقتصاد الجزائري اقتصاد يعمل وفق المقاييس الدولية‪،‬‬
‫ويتأقلم مع مختلف المستجدات العالمية‪ ،‬فهي إلى يومنا هذا تسعى وتبذل الجهد الكبير لضم االقتصاد الجزائري‬
‫لالقتصاد العالمي رغم العراقيل والصعوبات وضعف المبادرة والقرار خاصة من الناحية السياسية‪ ،‬إال أن الرهانات‬
‫مازالت مطروحة‪.‬‬

‫‪818‬‬
‫الخ ـاتمة‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫‪ -‬إن أطروحة ضرورة عدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي إالّ في أضيق الحدود‪ ،‬وترك األمور لقوى السوق‬
‫بوصفها كفيلة بحلها قد أثبتت فشلها في "جميع الدول التي تبنت هذا الفكر" بدءاً بالمتقدمة منها‪ ،‬بل كانت السبب‬
‫وراء العشرات من األزمات التي ال تزال تتعرض إليها هذه الدول والعالم أجمع حتى اللحظة‪ ،‬ومن الصعوبة بمكان‬
‫حصر األدلة على ذلك لكثرتها‪ ،‬ولكننا نكتفي باإلشارة إلى أحدثها‪ ،‬وهي أزمة الرهن العقاري عالي المخاطر في‬
‫الواليات المتحدة في ‪ 0228‬والتي ألقت بظاللها القاتمة على االقتصاد األمريكي والكثير من دول العالم‪.‬‬

‫‪ -‬إن ظاهرة العولمة االقتصادية والتكامل اإلقليمي الذي يعد أبرز إرهاصات النظام االقتصادي العالمي قيد‬
‫التشكل أصبح ينطوي على مفهوم جديد "للدولة" ال يقتصر على توفير فرص العمل لألفراد وتشريع القوانين‬
‫االقتصادية فحسب‪ ،‬بل لبد من ابتكار السياسات واالستراتيجيات الكفيلة بمجارات التحديات التي تفرضها العولمة في‬
‫كافة المجاالت واقتناء الفرص التي تنطوي عليها‪ ،‬وقد يشمل ذلك فضالً عن إعادة هيكلة القوانين والنظم والرقابة‬
‫واألمن‪ ،‬توقيع االتفاقيات اإلقليمية والدولية‪ ،‬وتوفير المجـال للقطاع الخاص لالستفـادة من هذه الفـرص‪ ،‬ولكن مقابل‬
‫ذلك البد للدولة في العمل على كيفية تجنب االختراقات التي يمكن أن تحدثها التجارة واالستثمار العالمي عبر الحدود‬
‫مثل غسيل األموال‪ ،‬بما في ذلك تجنب األزمات المالية واالقتصادية الخارجية التي تنتقل إلى الداخل أو التلطيف من‬
‫آثارها‪.‬‬

‫‪ -‬إن الليبرالية الجديدة التي نقلتها دول المنطقة عن النماذج الغربية وتسهر على تبنيها دون هوادة تعكس‬
‫بالضرورة غياب الرؤية المستقلة لهذه الدول بشأن النموذج األنسب للتنمية ودور القطاع العام في االقتصاد تبعاً‬
‫للخصوصيات االجتماعية واالقتصادية والثقافية المحلية‪ ،‬فلبد لها من إيجاد النموذج األنسب الذي يتماشى ومختلف‬
‫خصائصها‪.‬‬

‫‪ -‬كما أن المعادلة األساسية تتمثل في إقامة شراكات حقيقية واستراتيجية مع القطاع الخاص بغية التوصل إلى‬
‫الق اررات والسياسات الرشيدة واعادة تخصيص الموارد االقتصادية بالقدر والكيفية التي تضمن رفع معدالت النمو‬
‫االقتصادي وتحقيق الرفاه االجتماعي لألغلبية الساحقة من أفراد المجتمع‪.‬‬

‫أما التوصيات الخاصة بالجزائر فيمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يجب على الدولة الجزائرية إعطاء األولوية لجمع وتوجيه كل "جهود الدولة من أجل تشجيع أكثر للقطاع‬
‫الخاص"‪ ،‬وذلك من خالل تكثيف اإلجراءات التحفيزية المشجعة إلنشاء المؤسسات الخاصة‪ ،‬باإلضافة إلى العمل‬
‫على احترام مبدئي المساواة والشفافية عند التعامل مع المتعاملين الخواص بخصوص طلب القروض من البنوك أو‬
‫إيداع الملفات إلنشاء مؤسسات جديدة‪.‬‬

‫‪811‬‬
‫الخ ـاتمة‬

‫‪ -‬وفي هذا الصدد من المهم أن "تساهم الدولة" أكثر في تشجيع‪ ،‬تحفيز وتطوير المؤسسات الخاصة الوطنية بدال‬
‫من حصر نشاطاتها في التسرع بإدراج مكانيزمات عمل اقتصاد السوق‪ ،‬لذلك نعتقد أن على المؤسسات الخاصة‬
‫اإلسراع في القيام بتأهيل شامل لنشاطاتها تبدأ بطرق التسيير المنتهجة في المؤسسة مرو ار بالتكنولوجية المستعملة‬
‫أثناء العملية اإلنتاجية حتى تعزز حظوظها لكسب تحدي المنافسة‪.‬‬

‫‪ -‬فقد يساهم االنفتاح على الخارج بالتعجيل في تحرير السوق الداخلية‪ ،‬باإلضافة إلى إتمام اإلصالحات‬
‫التشريعية‪ ،‬المؤسساتية والتنظيمية التي تعمل على حسن سير اقتصاد السوق‪ ،‬كما أنه من المتوقع أن تستفيد‬
‫المؤسسات الخاصة من إعانات مادية‪ ،‬مالية وتكوينية تقدمها مختلف الهيئات الدولية في إطار برامج التأهيل‪ ،‬لكن‬
‫من شأن التخفيض من الضرائب الجمركية الحد من دعم اإلنتاج الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬وانطالقا مما سبق تظهر ضرورة إعداد إستراتيجية شاملة من طرف الدولة تهدف إلى بعث عجلة النمو بشكل‬
‫دائم ومرتفع‪ ،‬آخذة بعين االعتبار جميع الرهانات التي سبق وأن أشرنا إليها‪ ،‬باإلضافة إلى اآلثار الناجمة عن تطبيق‬
‫مختلف اإلصالحات االقتصادية على مستوى كل الميادين والقطاعات االقتصادية منها واالجتماعية كذلك‪.‬‬

‫آفاق الدراسة‪:‬‬

‫إن موضوع دور الدولة في ظل العولمة واسع ومتجدد مع تطور مختلف المتغيرات العالمية‪ ،‬لذا يصعب حصره‬
‫ويبقى باب دراسته مفتوحا لمن أراد‪ ،‬وعليه يمكن طرح بعض المواضيع كآفاق للدراسة‪:‬‬

‫‪ -‬دور الدولة في ظل األزمات والحل الثالث‪.‬‬

‫‪ -‬العولمة وأثرها على اقتصاديات الدول النامية ‪.‬‬

‫‪ -‬اقتصاد السوق في ظل المؤسسات المالية الدولية وأثره على دور الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬الوظائف الجديدة للدولة في ظل اقتصاد السوق‪.‬‬

‫‪ -‬االصالح االقتصادي والتحول إلى اقتصاد السوق في الدول العربية‪.‬‬

‫‪811‬‬
‫المراج ــع‬

‫المــراجـع‬
‫‪ .I‬المصحف الشريف‪:‬‬
‫‪ -01‬سورة إبراهيم‪.‬‬

‫‪ -02‬سورة األعراف‪.‬‬

‫‪ -03‬سورة األنعام‪.‬‬

‫‪ -04‬سورة الحديد‪.‬‬

‫‪ -05‬سورة محمد‪.‬‬

‫‪ -06‬سورة الملك‪.‬‬

‫‪ -07‬سورة النحل‪.‬‬

‫‪ -08‬سورة النور‪.‬‬

‫‪ -09‬سورة لقمان‪.‬‬

‫‪ -10‬سورة هود‪.‬‬

‫‪ .II‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .5‬باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ -01‬إبراهيم شيحا‪ ،‬الوجيز في النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪0222. ،‬‬

‫‪ -02‬إبراهيم كبه‪ ،‬دراسات في تاريخ االقتصاد والفكر االقتصادي‪ ،‬ج‪ ،1‬مطبعة العاني‪ ،‬ط‪ ،0‬بغداد‪1791. ،‬‬

‫‪ -03‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬الجزء ‪ ،10‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1711. ،‬‬

‫‪ -04‬أحمد هني‪ ،‬اقتصاد الجزائر المستقلة‪ ،‬الجزائر‪ :‬د‪.‬م‪.‬ج‪.1771 ،‬‬

‫‪ -05‬برهان محمد نوري‪ ،‬التطورات االقتصادية الدولية المعاصرة‪ ،‬مطبعة اليرموك‪ ،‬بغداد‪1777. ،‬‬

‫‪ -06‬جالل صادق العظم‪ ،‬ما العولمة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪.1772 ،‬‬

‫‪ -07‬جمال داود سلمان وطاهر فاضل حسون‪ ،‬التخطيط االقتصادي‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬الموصل‪1797. ،‬‬

‫‪ -08‬جوزيف شترار‪ ،‬األصول الوسيطة للدولة الحديثة‪ ،‬ترجمة محمد عيتاني‪ ،‬دار التنوير‪ ،‬ط‪1790. ،1‬‬

‫‪581‬‬
‫المراج ــع‬

‫‪ -09‬جوزيف شومبيتر‪ ،‬عشرة اقتصاديين عظام‪ ،‬ترجمة راشد البراوي‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬ط‪.1719 ،1‬‬

‫الرجل العادي إلى تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬دار ال َشروق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪.1771 ،‬‬
‫‪ -10‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬دليل َ‬
‫‪ -11‬د‪ .‬حازم الببالوي‪ ،‬دور الدولة في االقتصاد‪ ،‬دار ال َشروق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪1779. ،‬‬

‫‪ -12‬ربيغيـنو بريجنسكـاي‪ ،‬بين عنصرين‪ :‬أمريكا والعصر التكنتروني‪ ،‬ترجمة محجوب عمر‪ ،‬دار الطليعة بيروت‪،‬‬
‫‪.1792‬‬

‫‪ -13‬سعيد بركات‪ ،‬الجزائر آفاق ‪ 0212‬التنمية والديمقراطية‪ ،‬دار النشر غير موجود‪ ،‬الجزائر‪.0221 ،‬‬

‫‪ -14‬د‪ .‬سعيد سعد مرطان‪ ،‬مدخل للفكر االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪1791. ،‬‬

‫‪ -15‬د‪ .‬شوقي أحمد دنيا‪ ،‬النظرية االقتصادية في منظور إسالمي‪ ،‬مكتبة الخريجي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرياض‪.1797 ،‬‬

‫‪ -16‬طارق لحاج‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1777. ،‬‬

‫‪ -17‬عبد الجبار أحمد عبيد السبهاني‪ ،‬الوجيز في الفكر االقتصادي الوضعي واإلسالمي‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪0222. ،‬‬

‫‪ -18‬عبد علي كاظم المعموري‪ ،‬تاريخ االفكار االقتصادية‪ ،‬ج‪ ،1‬الميناء للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪0221. ،‬‬

‫‪ -19‬عبد اهلل عبد الغني‪ ،‬المشكلة االقتصادية في اإلسالم‪ ،‬المكتب الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بال تاريخ‪.‬‬

‫‪ -20‬عبد اهلل العروي‪ ،‬العرب والفكر التاريخي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬بيروت‪ ،‬ط ‪.1779 ،20‬‬

‫‪ -21‬عبد اهلل العروي‪ ،‬مفهوم الحرية‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء– بيروت‪ ،‬ط ‪0220. ،29‬‬

‫‪ -22‬عبد اهلل العروي‪ ،‬مفهوم الدولة‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء– بيروت‪ ،‬ط ‪.0220 ،29‬‬

‫‪ -23‬د‪ .‬عدنان خالد التركماني‪ ،‬المذهب االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬مكتبة السوادي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪1772. ،‬‬

‫‪ -24‬عدنان عباس علي‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬ج‪ ،1‬مطبعة عصام‪ ،‬بغداد‪1797. ،‬‬

‫‪ -25‬عرفات تقي الحسني‪ ،‬التمويل الدولي‪ ،‬دار مجدالوي للنشر عمان‪ ،‬األردن‪.1999 ،‬‬

‫‪ -26‬عالوي لعالوي وآخرون‪ ،‬استقاللية المؤسسة العمومية االقتصادية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬

‫‪ -27‬فردريك انجلز‪ ،‬نصوص مختارة‪ ،‬ترجمة وصفي ابني‪ ،‬منشورات و ازرة الثقافة السورية‪ ،‬دمشق‪.1790 ،‬‬

‫‪ -28‬فريد النجار‪ ،‬البورصات و الهندسة المالية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة للنشر‪ ،‬القاهرة‪.1777 – 1779 ،‬‬

‫‪ -29‬كارل ماركس‪ ،‬رأس المال‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد عيتاني‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬بيروت‪1799. ،‬‬

‫‪ -30‬لبيب شقير‪ ،‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ ،‬دار الحكمة للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪.1791 ،‬‬
‫‪581‬‬
‫المراج ــع‬

‫‪ -31‬لينين‪ ،‬الدولة في الماركسية‪ ،‬ترجمة فخري لبيب‪ ،‬دار الثقافة الجديدة‪ ،‬القاهرة‪.1790 ،‬‬

‫‪ -32‬ماركس – انجلز‪ ،‬في االستعمار‪ ،‬دار التقدم‪ ،‬موسكو‪.1791 ،‬‬

‫‪ -33‬د‪ .‬محسن أحمد الخضيري‪ ،‬العولمة "مقدمة في فكر واقتصاد وادارة عصر الالدولة"‪ ،‬مجموع النيل العربية للنشر‪،‬‬
‫‪.0222‬‬

‫‪ -34‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬الجزائر بين األزمة االقتصادية والسياسية‪ ،‬مطبعة دحلب‪ ،‬الجزائر‪.1771 ،‬‬

‫‪ -35‬محمد بلقاسم حسن بهلول‪ ،‬سياسة تمويل التنمية وتنظيمها في الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2006‬‬

‫‪ -36‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬الحكم واإلدارة ‪ ،‬منشورات جامعة القدس ‪0222. ،‬‬

‫‪ -37‬د‪ .‬محمد الدجاني‪ -‬د‪ .‬منذر الدجاني‪ ،‬السياسة‪ :‬نظريات ومفاهيم ‪ ،‬منشورات جامعة القدس‪.0222 ،‬‬

‫السياسي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة التونى‪ ،‬اإلسكندرية‪1771. ،‬‬


‫محمد دويدار‪ ،‬مبادئ االقتصاد َ‬
‫‪َ -38‬‬
‫جدة‪.1797 ،‬‬
‫‪ -39‬د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد القادر عفر‪ ،‬النظام االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬دار المجمع العالي‪َ ،‬‬
‫‪ -40‬محمد المجذوب‪ ،‬القانون الدستوري والنظام السياسي في لبنان‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪0220. ،‬‬

‫‪ -41‬محمود بن إبراهيم الخطيب‪ ،‬من مبادئ االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض‪1797. ،‬‬

‫‪ -42‬محمود بن إبراهيم الخطيب‪ ،‬النظام االقتصادي في اإلسالم‪ ،‬مكتبة الحرمين‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرياض‪1797. ،‬‬

‫‪ -43‬محمود حسين الوادي‪ -‬زكرياء أحمد عزام‪ ،‬المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم‪ ،‬دار الميسرة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪0222. ،‬‬

‫‪ -44‬منير إبراهيم هندي‪،‬األوراق المالية و أسواق رأس المال‪ ،‬توزيع منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1779 ،‬‬

‫‪ -45‬د‪ .‬نعمان أحمد الخطيب‪ ،‬الوجيز في النظم السياسية‪ ،‬دار الثقافة للنشر‪ ،‬بدون مكان النشر‪.1777 ،‬‬

‫‪ -46‬وجدي حسين‪ ،‬المالية الحكومية واالقتصاد العام‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.1799 ،‬‬

‫‪ -47‬ولتر ستيس‪ ،‬فلسفة هيجل‪ ،‬ترجمة إمام عبد الغني‪ ،‬دار التنوير‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪.1791 ،‬‬

‫‪ .2‬باللَغة األجنبية‪:‬‬

‫‪581‬‬
‫المراج ــع‬
01- Abd el Hamid Brahimi, L’économie algérienne, OPU, Alger, 2004.
02- A.Benachenhou, l’expérience algérienne de planification et de développement (1962-
1982), Algérie: opu, 1982.
03- Aglietta M, Macroéconomie financière - Tome 2 - Crises financières et régulation
monétaire, La Découverte, 1995-2005.
04- Frederic Teulon, Le rôle de L'état Dans L'économie, Seuil, Paris, 1997.
05- John Sloman and Mark Sutclift, Economics for Business, Prentice Hall Europe, 1998.
06- Marc Raffinot et Pierre Jacquemont, le capitalisme de l’état algérien, Paris, 1977.
07- Prager JC Et Villeroy de Galhau F, 1es leçons sur la politique économique, Seuil, 2003,
Chapitre 17.
08- Renato Ruggiero, Whither The Trade System Next, The Uruguay Round and Beyond,
Essay in Honor of Arthur Dankel, Springer-Veriag, Berlin-Heidelberg, 1998.
09- V. P. Ardant, Institutions Politiques et Droit Constitutionnel, 12 Edition, L.G.D.J,Paris
2000.
10- Youcef Deboub, Le nouveau mécanisme économique en algerie, OPU, 1993.

:‫ المقاالت واألبحاث‬،‫ الملتقيات‬،‫ المؤتمرات‬،‫المجالت‬.III


:‫ باللغة العربية‬.5

‫ قمة كولون لمجموعة الثماني‬:‫ في ظل دعم النظام التجاري‬،‫ اإلتحاد العام غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية‬-01
.1777 ،02 ‫ العدد‬،‫ مجلة العمران العربي‬،‫تدعو إلى تخفيف ديون الدول الفقيرة‬

0221. ‫ جانفي‬،‫ الكويت‬،‫ سلسلة كتاب العربي‬،‫ المعرفة وصناعة المستقبل‬،‫ أحمد أبو زيد‬-02

‫ مركز‬،‫ إدارة التنمية في الوطن العربي والنظام العالمي الجديد‬:‫ تنمية التخلف وادارة التنمية‬،‫ أسامة عبد الرحمان‬-03
.1779 ‫ بيروت‬،‫دراسات الوحدة العربية‬

‫ العدد‬،‫ مجلة المستقبل العربي‬،‫ الرأسمالية العالمية مرحلة ما بعد اإلمبريالية‬:‫ الكوكبة‬،‫ إسماعيل صبري عبد اهلل‬-04
1779. ،000

.1779 ‫ دراسة الحالة االجتماعية واالقتصادية لعام‬،‫ المجلس االقتصادي واالجتماعي‬،‫ األمم المتحدة‬-05

1777. ،20 ‫ العدد‬،‫ مجلة التمويل والتنمية‬،‫ اآلثار اإلجتماعية ألزمة شرق آسيا‬،‫ أندريا بيكويز‬-06

.0221 ‫ أفريل‬،‫ الجزائر‬،0227/0221 ‫ البرنامج التكميلي لدعم النمو فترة‬-07

.0229 ‫ واشنطن العاصمة‬،0229 ‫ التمويل العالمي للتنمية‬،‫ البنك الدولي‬-08

588
‫المراج ــع‬

‫‪ -09‬تقرير التنمية البشرية لعام ‪.0229‬‬

‫‪ -10‬التقرير العام للمخطط الخماسي األول ‪ ،1790/1792‬و ازرة التخطيط والتهيئة العمرانية‪.‬‬

‫‪ -11‬التقرير العام للمخطط الخماسي الثاني ‪ ،1797/1791‬و ازرة التخطيط والتهيئة العمرانية‪.‬‬

‫‪ -12‬تمام علي الغول‪ ،‬منظمة التجارة العالمية وعولمة اإلقتصاد‪ ،‬مجلة الدبلوماسي األردني‪ ،‬العدد ‪1779. ،0‬‬

‫‪ -13‬جالل أمين‪ ،‬العولمة والتنمية البشرية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪1777. ،‬‬

‫‪ -14‬جالل أمين‪ ،‬العولمة والدولة‪ ،‬مجلة المستقبل العربي ‪1779. ،009‬‬

‫‪ -15‬جميل طاهر‪ ،‬االختـالالت الهيكلية في المسار االقتصـادي في األقطار العربية وسياسـات صندوق النقد الدولي‪،‬‬
‫مجلة آفاق اقتصادية‪ ،‬العدد ‪1771. ،19-19‬‬

‫الرحيم محمد‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،110‬الكويت‪.0229 ،‬‬


‫‪ -16‬جون توملينسون‪ ،‬العولمة والثقافة‪ ،‬ترجمة‪ :‬إيهاب عبد َ‬
‫‪ -17‬حفيظ صواليلي‪ ،‬البتـرول سـاهم في ارتفـاع مداخيل الجـزائر‪ ،‬يومية الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،5496‬الصـادرة فـي ‪10‬‬
‫ديسمبر‪ .2008‬لمزيد من اإلطالع راجع الموقع اإللكترون‪www.Elkhabar.com :‬‬

‫‪ -18‬حفيظ صواليلي‪ ،‬الصناديق السيادية تثير الجدل في الجزائر‪ ،‬يومية الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،5505‬الصادرة في ‪ 21‬ديسمبر‬
‫‪.0229‬‬

‫‪ -19‬حفيظ صواليلي‪ ،‬فوائض السيولة لدى البنوك تجاوزت ‪ 33,5‬مليار دوالر‪ ،‬يومية الخبر‪ ،‬العدد ‪ ،5506‬الصادرة في ‪00‬‬
‫ديسمبر‪.2008‬‬

‫‪ -20‬دليل الجزائر االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬المؤسسة الوطنية للنشر و اإلشهار‪.2006 ،‬‬

‫‪ -21‬دونالد ماشيسون‪ ،‬األزمات المالية في األسواق الناشئة‪ ،‬مجلة التمويل والتنمية‪ ،FMI ،‬المجلد ‪ ،36‬العدد‪ ،3‬جوان‬
‫‪.1999‬‬

‫‪ -22‬رسالن شرف الدين‪ ،‬موقع الدولة الوطنية في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬مجلة بحوث عربية‪ ،‬العدد ‪ ،0-1‬دار‬
‫الطليعة‪ ،‬بيروت‪.1779 ،‬‬

‫‪ -23‬رمزي زكي‪ ،‬اإلقتصاد العربي تحت الحصار‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪.1797 ،‬‬

‫‪ -24‬رمزي زكي‪ ،‬التاريخ النقدي للتخلف‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪.1799‬‬

‫‪ -25‬رنا فروهار‪ ،‬بداية عصر جديد من الرأسمالية العالمية‪ ،‬مجلة ‪ ،NEWS WEEK‬بدون دار نشر‪ ،‬بدون بلد‪10 ،‬‬
‫أكتوبر ‪.0229‬‬

‫‪581‬‬
‫المراج ــع‬

‫‪ -26‬روالند روبرتسون ‪ ،‬تخطيط الوضع الكوني‪ ،‬نقال عن السيد يسين‪ ،‬في مفهوم العولمة‪ ،‬مجلة المستقبل العربي العدد‬
‫‪.1779 ،009‬‬

‫‪ -27‬سالم توفيق النجفي‪ ،‬الفقر وسياسات التكيف الهيكلي في االقتصادات الزراعية العربية‪ :‬النظرية والتجارب‪ ،‬مجلة‬
‫دراسات إقتصادية‪ ،‬بيت الحكمة‪ ،‬العدد ‪ ،1‬ربيع ‪.1777‬‬

‫‪ -28‬سالم القمودي‪ ،‬اإلسالم والدولة‪ ،‬عرض ‪ :‬إبراهيم غرايبه‪ ،‬جريدة الصباح‪ ،‬العدد ‪ 901‬في ‪0221./1/19‬‬

‫‪ -29‬سعيد النجار‪ ،‬الحقوق األساسية للبلدان النامية في ظل الجات ومنظمة التجارة العالمية‪ ،‬األمم المتحدة‪ ،‬منشورات‬
‫األسكوا‪ ،‬نيويورك‪1777. ،‬‬

‫‪ -30‬شبايكي سعدان‪ ،‬معـوقات الخوصصة فـي الجزائر‪ ،‬مجلة العلوم االجتماعية واإلنسانية لجامعة باتنة‪ ،‬العدد ‪،11‬‬
‫‪.0221‬‬

‫‪ -31‬شفيق الطاهر‪ ،‬العولمة واحتماالت المستقبل‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬العدد األول‪.0229 ،‬‬

‫‪ -32‬عادل أبو سنية‪ ،‬جولة األورغواي (‪ ،)1771-1791‬مجلة الدراسات المالية والمصرفية العد ‪1771. ،1‬‬

‫‪ -33‬عبد الخالق عبد اهلل‪ ،‬العالم المعاصر والصراعات الدولية‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون‬
‫واآلداب‪ ،‬الكويت‪.1797 ،‬‬

‫‪ -34‬عبد علي كاظم المعموري‪ ،‬العـولمة‪ :‬محـاولة الرأسمـالية للتكيف مع أزمتها‪ ،‬دراسات اقتصادية‪ ،‬بيت الحكمة‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ،‬السنة الثانية‪.0222 ،‬‬

‫‪ -35‬عبد اهلل العروي‪ ،‬تأصيل علوم المجتمع‪ ،‬المقارنة والتأويل‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫سلسلة الدروس االفتتاحية‪ ،‬مراكش‪.0220 ،‬‬

‫‪ -36‬عبد اهلل العروي‪ ،‬التحديث والديمقراطية (حوار)‪ ،‬مجلة آفاق‪ ،‬العدد ‪.1770 ،0 – 1‬‬

‫للصحافة والطباعة‬
‫الريادة‪ ،‬جريدة الخليج االقتصادي‪ ،‬دار الخليج َ‬
‫‪ -37‬عرفان الحسني‪ ،‬الدولة و االقتصاد بين االنفصام و َ‬
‫النشر‪ ،‬الكويت‪.0229/29/12 ،‬‬ ‫وَ‬
‫‪ -38‬فرنسيس فوياما‪ ،‬انهيار االقتصاد االمريكي‪ ،‬مجلة ‪ ،NEWS WEEK‬بدون دار نشر‪ ،‬بدون بلد‪ 10 ،‬أكتوبر‬
‫‪.0229‬‬

‫‪ -39‬فريد زكرياء‪ ،‬وجهة نظر حول عصر بلونبيرغ‪ ،‬مجلة ‪ ،NEWS WEEK‬دار النشر غير موجودة‪ ،‬البلد غير‬
‫موجود‪ 10 ،‬أكتوبر ‪.0229‬‬

‫‪ -40‬فؤاد مرسي‪ ،‬الرأسمالية تجدد نفسها‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت ‪1772.‬‬

‫‪ -41‬قانون ‪ 12/72‬المؤرخ في ‪ 1772/20/10‬المتعلق بالنقد والقرض‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫المراج ــع‬

‫‪ -42‬كارلوس أ‪ ،‬بريموبر جا‪ ،‬تدويل الخدمات وتأثيره على البلدان النامية‪ ،‬مجلة التمويل والتنمية‪ ،‬العدد (‪1771. ،)1‬‬

‫‪ -43‬كافلين رالي‪ ،‬الغرب والعالم‪ :‬تاريخ الحضارات من خالل موضوعات‪ ،‬ترجمة عبد الوهاب المسيري وهدى عبد‬
‫السميع‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪1791. ،‬‬

‫‪ -44‬كريم النشاشيبي وآخرون‪ ،‬الجزائر تحقيق االستقرار والتحول إلى اقتصاد السوق‪ ،‬صندوق النقد الدولي‪.1779 ،‬‬

‫‪ -45‬ليث عبد الحسن جواد‪ ،‬المضامين االجتماعية للعولمة‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬العدد الرابع‪.0229 ،‬‬

‫‪ -46‬مجلة الدراسات المالية والمصرفية‪ ،‬صندوق النقد الدولي والبنك العالمي‪ ،‬العدد ‪.1770 ،1‬‬

‫‪ -47‬محمد األطرش‪ ،‬العرب والعولمة‪ :‬ما العمل؟‪ ،‬مجلة المستقبل العربي العدد ‪1779. ،007‬‬

‫‪ -48‬محمد األفندي‪ ،‬سياسات االستقرار االقتصادي بين الطموحات النظرية واشكاليات التطبيق‪ ،‬مجلة التجارة السنة ‪،9‬‬
‫العدد ‪1771. ،0‬‬

‫‪ -49‬محمد الرميجي‪ ،‬العولمة وفخاخها‪ :‬حتى ال تتحول الرأسمالية إلى حيوان شره‪ ،‬مجلة العربي‪ ،‬العدد ‪ ،090‬مارس‬
‫‪1777.‬‬

‫‪ -50‬محمد عابد الجابري‪ ،‬العولمة والحرية الثقافية‪ ،‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪.1779 ،009‬‬

‫‪ -51‬محمد فاروق النبهان‪ ،‬شرعية تدخل الدولة في الشؤون االقتصادية في نظر اإلسالم‪ ،‬ندوة االقتصاد اإلسالمي في‬
‫معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬بغداد‪.1791 ،‬‬

‫‪ -52‬محمد لخضر بن حسين‪ ،‬األزمـات االقتصـادية‪ ،‬فعلها ووظائفها في البلدان الرأسمالية المتطورة والبلدان النامية‪،‬‬
‫ترجمة أحمين شفير‪ ،‬المعهد الوطني للثقافة العمالية وبحوث العمل‪ ،‬الجزائر‪.1771 ،‬‬

‫‪ -53‬محمد النوري‪ ،‬المخاطر الجديدة لالقتصاد الرمزي‪ ،‬مجلة اإلنسان‪ ،‬العدد ‪1771. ،11‬‬

‫‪ -54‬محمد يوسفي‪ ،‬بدون عنوان‪ ،‬مجلة اإلدارة‪ ،‬المجلد ‪ 10‬العدد ‪0220. ،10‬‬

‫‪ -55‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 91/71‬المؤرخ في ‪1771./21/11‬‬

‫‪ -56‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 019/70‬المؤرخ في ‪.1770/11/29‬‬

‫‪ -57‬أ‪ .‬د‪ .‬نبيل جعفر عبد الرضا ‪ ،‬دور الدولة في الفكر االقتصادي‪ ،‬جريدة المدى‪ ،‬الحدث االقتصادي‪ ،‬مؤسسة المدى‬
‫للنشر‪.0227 ،‬‬
‫َ‬
‫العالمية المعاصرة وأثرها على مشاريع األعمال‪ ،‬مجلَة الكويت‬
‫َ‬ ‫التقليدية و‬
‫َ‬ ‫نجار أحمد منير‪ ،‬الخصخصة بين‬
‫‪َ -58‬‬
‫النشر‪،‬الكويت‪.0221 ،‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬بحث مقبول َ‬
‫َ‬
‫المالية‪ ،‬الكويت‪.0220/21/19 ،‬‬
‫َ‬ ‫االقتصادية في القرن ‪ ،01‬ندوة لو ازرة‬
‫َ‬ ‫حديات‬
‫نجار أحمد منير‪ ،‬دور التَ َ‬
‫‪َ -59‬‬

‫‪515‬‬
‫المراج ــع‬

،‫ المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‬،‫ سلسلة عالم المعرفة‬،‫ فـخ العـولمة‬،‫ هانس بيتر مارتن وهارالد شومان‬-60
1779. ،‫الكويت‬

‫ عالم‬،‫ مراجعة وتقديم رمزي زكي‬،‫ ترجمة عدنان عباس علي‬:‫ فخ العولمة‬،‫ هانس بيتر مارتين وهارالد شومان‬-61
.0221 ،‫ الكويت‬،071 ‫ العدد‬،‫المعرفة‬

.1791 ،‫ بيروت‬،‫ مؤسسة األبحاث العربية‬،‫ اإلمبريالية من عصر االستعمار حتى اليوم‬،‫ هاي ماجدوف‬-62

:‫ باللَغة األجنبية‬.2
01- Calvo, Guillermo, Morris Goldstein and Eduard Hochreiter, “Private Capital Flows to
Emerging Markets After the Mexican Crisis”, Institute for International Economics,
Washington, 1996.
02- Kenici Ohmae: The end of Nation-State: The Rise of Regional Economies, The Eree
Press, New York , 1995.
03- kofia Annan, Patnerships for Global Community, Annual Report on The Work for
Organization, New York:U.N, 1998.
04- M.H.Mcluhan, Understanding Media: The Extensions of Man, McGraw. Hill, New
York, 1964.
05- Mohamed Liassine, « les stratégies de développement de l’Algérie », in revue:
informations et Commentaires, N0 124, paris, 2001.
06- Revue d’économie financière,Crise financière : analyses et propositions,N° Hors-série,
Paris, 2008.
07- Ronald E.Muller and Richard J Barnet, global Reach: The Power of The National
Corporation, Simon and Schuster, New York, 1974.
08- Services du chef du gouvernement, Le plan de la relance économique 2001-2004, les
composantes du programme.
09- World Bank: Global Ecomonic Prospects and The Developing Countries, 1995.
10- W. Wallace, Foreign policy and Nation identity in the United Kingdom, International.
Affairs, VOL 67, 1991.

:‫ الرسائل واألطروحات‬،‫المذكرات‬.IV
.0221 ،‫ جامعة الجزائر‬،‫ علوم التسيير‬،‫ رسالة ماجستير‬،‫ االستثمار األجنبي المباشر في الجزائر‬،‫ أخلف محمد‬-01

512
‫المراج ــع‬

‫‪ -02‬بوزيد حميد‪ ،‬النظام الضريبي الجزائري وتحديات اإلصالح في الفترة ‪ ،0220/1770‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪.0221 ،‬‬

‫النامية حالة الجزائر ‪ ،2002/1772‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬


‫َ‬ ‫‪ -03‬حبارك سمير‪ ،‬تطور المديونية الخارجية للدول‬
‫الجزائر‪.2003 ،‬‬

‫‪ -04‬حسين علي قاسم االسدي‪ ،‬مبدأ الوسط في المذهب االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية اإلدارة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬جامعة بغداد‪1779. ،‬‬

‫‪ -05‬دحماني رشيد‪ ،‬دور البنك الدولي في تمويل التنمية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪1771. ،‬‬

‫‪ -06‬دراوسي مسعود‪ ،‬السياسات المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي‪ ،‬حالة الجزائر ‪ ،0220-1772‬أطروحة‬
‫دكتوراه‪ ،‬الجزائر‪.0229/0229 ،‬‬

‫‪ -07‬رائد نزار السامرائي‪ ،‬تحـرير التجـارة الدوليـة وأثـره على تجـارة السلع الـزراعية فـي الوطن العـربي‪ ،‬أطـروحة دكتـوراه‬
‫غير منشورة‪ ،‬الجامعة المستنصرية‪ ،‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪.1779 ،‬‬

‫‪ -08‬الصافي وليد أحمد‪ ،‬سوق األوراق المالية ودورها في التنمية االقتصادية‪ ،‬رسالة ماجستير علوم اقتصادية‪ ،‬معهد‬
‫العلوم االقتصادية‪ ،‬الجزائر‪.1779 ،‬‬

‫‪ -09‬زرنوح ياسمينة‪ ،‬إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر‪ ،‬رســلة مــاجستير‪ ،‬العلوم االقتصادية فرع التخطيط‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪.0221 ،‬‬

‫‪ -10‬طالب عبد صالح‪ ،‬دور الدولة االقتصادي مع التَركيز على التَجربة المصرية ) ‪ ،( 1770 – 1710‬أطروحة‬
‫كلية اإلدارة واالقتصاد‪1779. ،‬‬
‫دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة بغداد‪َ ،‬‬
‫‪ -11‬عبد الرحمان تومي‪ ،‬واقع وأفـاق االستثمـار األجنبي المبـاشر من خالل اإلصالحـات االقتصادية في الجزائر‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪0229. ،‬‬

‫‪ -10‬عمروش رضا‪ ،‬االقتصاد الجزائري في ظل العولمة‪ :‬واقع وتحديات‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬علوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪.0220‬‬

‫‪ -11‬عوض محمد ربيع‪ ،‬إتَجاهات التحول للقطاع الخاص ومتطلبات إقامة سوق لألوراق المالية في اليمن‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة الكوفة‪.1779 ،‬‬

‫‪ -10‬منذر عبد القادر الشيخلي‪ ،‬عجـز الموازنات الحكومية واتجـاهات السيـاسة المـالية في الوطن العربي ‪،1799-1791‬‬
‫رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة بغداد‪.1799 ،‬‬

‫‪ -11‬موزاي بالل‪ ،‬االستثمار والتنمية االقتصادية تجربة الجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.0221 ،‬‬

‫‪511‬‬
‫المراج ــع‬

‫‪ -11‬نـوزاد عبد الـرحمن محمد الهيتي‪ ،‬الث ـورة العلمية والتكنولوجيـة وانعكـاساتها على اإلقتصـاد الع ـربي‪ ،‬أطـروحة دكتوراه‬
‫غير منشورة‪ ،‬جامعة بغدادا‪ ،‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪.1771 ،‬‬

‫‪ -19‬هدير عبد القادر‪ ،‬واقع السياحة في الجزائر وآفاق تطويرها‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.0221 ،‬‬

‫‪.V‬بحوث من مواقع األنترنت‪:‬‬


‫‪ -01‬داليا أبو الغيط عبد المعبود‪ ،‬األزمة المالية العالمية وأثرها على العالم العربي‪ ،‬من على الموقع االلكتروني‪:‬‬

‫‪ ،www.patways.cu.eg/ news/uf/18067-3325-winter-2009-report.doc‬أطلع عليه بتاريخ‪:‬‬


‫‪ 0227/21/12‬على الساعة‪.19:21 :‬‬

‫‪ -02‬ماجد محمد الفرا‪ ،‬األزمة المالية واالقتصادية األمريكية وتبعاتها‪ ،‬من على الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪ ،www.iugaza.edu.ps/emp/emp_folders/530/financial_crises_in_US.doc‬أطلع عليه بتاريخ‪:‬‬
‫‪ 0227/29/01‬على الساعة ‪.02:01‬‬

‫‪ -03‬مريم محمد‪ ،‬األزمة المالية وآثارها االقتصادية على العالم‪ ،‬من على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://news.maktoob.com/article/2114594/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85‬‬
‫‪ ،%D8%A9-‬تاريخ النشر‪ 0229/12/27 :‬على الساعة‪.11:11 :‬‬

‫‪ -04‬نورة عبدالرحمن اليوسف‪ ،‬أسباب األزمة المالية العالمية‪ ،‬من على الموقع االلكتروني‪:‬‬

‫‪ ،http://www.alaswaq.net/views/2008/10/12/18895.html‬أطلع عليه بتاريخ‪ 0227/21/21 :‬على الساعة‪:‬‬


‫‪.01:01‬‬

‫‪511‬‬
‫قـــائمة الجـــداول‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الجدول‬ ‫رقم الجدول‬

‫‪69‬‬ ‫التغيرات في قيمة الصادرات والواردات )‪(2001-1991‬‬ ‫)‪(1.2‬‬

‫‪73‬‬ ‫إجمالي صافي تدفقات الموارد إلى بلدان العالم الثالث )‪(2001-2002‬‬ ‫)‪(2.2‬‬

‫‪81‬‬ ‫قوة الدول والشركات عام ‪2002‬‬ ‫)‪(3.2‬‬

‫‪84‬‬ ‫جوالت الجات ونتائجها‬ ‫)‪(4.2‬‬

‫‪125‬‬ ‫حجم االستثمارات وأولويات المخططات التنموية (‪)1922-1992‬‬ ‫)‪(1.3‬‬

‫‪122‬‬ ‫توزيع االستثمارات للمخطط الخماسي األول )‪(1914-1910‬‬ ‫)‪(2.3‬‬

‫‪129‬‬ ‫توزيع االستثمارات للمخطط الخماسي الثاني )‪(1919-1911‬‬ ‫)‪(3.3‬‬

‫‪110‬‬ ‫توزيع التجهيزات الهيكلية للعمران‬ ‫)‪(4.3‬‬

‫‪111‬‬ ‫الريفية‬
‫توزيع برنامج الفضاءات َ‬
‫)‪(1.3‬‬

‫‪112‬‬ ‫توزيع برنامج تنمية الموارد البشرية‬ ‫)‪(9.3‬‬

‫‪113‬‬ ‫السياسات المصاحبة لبرنامج اإلنعاش االقتصادي )‪(2004-2001‬‬


‫َ‬ ‫)‪(2.3‬‬

‫‪X‬‬
‫قـــائمة األشكال البيانية‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫رقم الشكل‬

‫‪21‬‬ ‫التزامات محددة بتقديم خدمات‬ ‫)‪(1.2‬‬

‫قائمة األشكال‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫رقم الشكل‬

‫‪99‬‬ ‫النظام االقتصادي المعولم‪ :‬دول‪ ،‬مؤسسات‪ ،‬مواقع‬ ‫)‪(1.2‬‬

‫‪XI‬‬
‫قائمة اإلختصارات والرموز‬

‫الداللة‬ ‫اإلختصارات‪ /‬الرموز‬

‫مجموعة السبع‬ ‫‪G7‬‬

‫إجمالي الناتج المحلي‬ ‫‪GDP‬‬

‫المنظمة االقتصادية للتعاون والتنمية‬ ‫‪O.E.C.D‬‬

‫المعهد الدولي للتنمية االقتصادية‬ ‫‪IDEM‬‬

‫مجموع النقود القانونية والورقية المتداولة‬ ‫‪M1‬‬

‫‪XII‬‬
‫رقم‬
‫الصفحة‬ ‫فهــرس المحتويــــات‬
‫اإلهداء‬
‫التشكرات‬
‫‪I‬‬ ‫فهرس المحتويات‪.......................................................................................‬‬
‫‪X‬‬ ‫قائمة الجداول‪...........................................................................................‬‬
‫‪XI‬‬ ‫قائمة األشكال البيانية واألشكال‪.........................................................................‬‬
‫‪XII‬‬ ‫قائمة االختصارات والرموز‪............................................................................‬‬
‫أ‬ ‫المقدمة‪.................................................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬اإلطار ال َنظري لدور الدولة في ال َنشاط االقتصادي‪........................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫تمهيد‪.................................................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مفهوم ومضمون الدولة‪..............................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬ماهية الدولة‪........................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -1‬أصل كلمة دولة‪............................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -2‬تعريف الدولة‪..............................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -3‬أصل نشأة الدولة‪...........................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -1.3‬نظرية العقد‪...........................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -2.3‬نظرية تطور األسرة‪..................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -3.3‬النظريات العقدية‪......................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -1.3.3‬هوبز (من أنصار الحكم المطلق)‪................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -2.3.3‬جون لوك (من أنصار الحكم المقيد)‪.............................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -3.3.3‬جان جاك روسو‪................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ -3.3.3‬نظرية التطور التاريخي‪.........................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫النظام‪..........................................‬‬
‫السلطة و َ‬
‫‪ -3‬الفرق بين مفهوم الدولة‪ ،‬الحكومة‪َ ،‬‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أركان الدولة (عناصر الدولة)‪......................................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -1‬السكان (الشعب)‪............................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬األرض (اإلقليم)‪............................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.2‬عناصر اإلقليم‪........................................................................‬‬

‫‪I‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2‬أنواع األقاليم‪..........................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3‬السلطة السياسية‪............................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3‬االستقالل‪.................................................................................. .‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص الدولة‪...................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1‬الشخصية المعنوية‪..........................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬السيادة‪.....................................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.2‬مظاهر السيادة‪........................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2‬مصدر السيادة وصاحبها‪..............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.2.2‬النظرية الثيوقراطية‪.............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.1.2.2‬نظرية الطبيعة اإللهية للحاكم‪..............................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.1.2.2‬نظرية الحق اإللهي المباشر‪................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.1.2.2‬نظرية الحق اإللهي غير المباشر‪...........................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2.2‬نظرية سيادة األمة‪..............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.2.2‬نظرية سيادة الشعب‪.............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب ال اربع‪ :‬أنواع الدول‪........................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1‬الدولة البسيطة‪..............................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬الدولة المركبة‪..............................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.2‬االتحاد الشخصي‪......................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2‬االتحاد الحقيقي (الفعلي)‪...............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.2‬االتحاد االستقاللي الكونفدرالي‪.........................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.2‬اإلتحاد المركزي‪......................................................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -1.3.2‬من الناحية الداخلية‪..............................................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -2.3.2‬من الناحية الخارجية‪............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬دور الدولة في الحضارات القديمة والعصور الوسطى‪................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الحضارات القديمة‪.................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1‬دور الدولة في الفكر اليوناني‪...............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.1‬أرسطو‪...............................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.1‬أفالطون‪..............................................................................‬‬
‫‪II‬‬
‫‪00‬‬ ‫الرومان‪....................................................................‬‬
‫‪ -2‬دور الدولة عند َ‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة في العصور الوسطى )سان توماس األكويني(‪...........................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬دور الدولة في ال َنظام االقتصادي اإلسالمي واالشتراكي‪..............................‬‬
‫‪00‬‬ ‫النظام االقتصادي اإلسالمي‪.........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور الدولة في َ‬
‫‪00‬‬ ‫النظام االقتصادي اإلسالمي‪.................................‬‬
‫النظري لدور الدولة في َ‬
‫‪ -1‬اإلطار َ‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬اإلطار العملي من خالل التدخل غير المباشر والمباشر للدولة‪...............................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.2‬التدخل غير المباشر للدولة‪............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫اإلسالمية‪........................................................‬‬
‫َ‬ ‫‪ -1.1.2‬إيرادات الدولة‬
‫‪00‬‬ ‫اإلسالمية‪..........................................................‬‬
‫َ‬ ‫‪ -2.1.2‬نفقات الدولة‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2‬التدخل المباشر للدولة‪.................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫النظام االشتراكي‪...................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة في َ‬
‫‪00‬‬ ‫النظام االشتراكي‪...........................................‬‬
‫النظري لدور الدولة في َ‬
‫‪ -1‬اإلطار َ‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬اإلطار العملي من خالل التخطيط واإلعداد للمستقبل‪.........................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬دور الدولة في الفكر الليبرالي‪.......................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفاهيم عامة عن الليبرالية‪..........................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة في الفكر االقتصادي السابق على التقليديين‪..............................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1‬دور الدولة في الفكر التَجاري ‪.............................................Mercantilism‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬دور الدولة في الفكر الطبيعي ‪...............................................Physiocrats‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬دور الدولة في الفكر االقتصادي التقليدي )الكالسيك(‪...............................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬دور الدولة في الفكر الكينزي‪......................................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬االتجاهات المعاصرة لدور الدولة في الفكر االقتصادي‪............................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المتغيرات الجديدة على الفكر الكينزي‪...................................................‬‬
‫َ‬ ‫‪ -1‬أثر‬
‫‪00‬‬ ‫النقدية ‪..............................................................monteratist‬‬
‫‪ -2‬المدرسة َ‬
‫‪00‬‬ ‫سية‪..........................................................................‬‬
‫المؤس َ‬
‫َ‬ ‫‪ -3‬المدرسة‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3‬مدرسة االختيار العام ‪....................................................public choice‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -5‬الفكر االقتصادي لدور الدولة في ظل العولمة‪...............................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫خالصة‪.............................................................................................. .‬‬

‫‪III‬‬
‫‪00‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬أثر العولمة على دور الدولة في ال َنشاط االقتصادي‪......................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫تمهيد‪................................................................................................ .‬‬
‫‪00‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مفاهيم عامة حول العولمة‪...........................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬ماهية العولمة‪.....................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التطور التاريخي للعولمة‪...........................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬مظاهر العولمة‪...................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1‬عولمة التجارة‪ ،‬تحرير التجارة ‪........Trade Globalization, Trade Liberalization‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -2‬عولمة رأس المال ‪...............................................globalization capital‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.2‬رأس المال االستثماري‪................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2‬رأس المال االئتماني‪..................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3‬عولمة الخدمات ‪...............................................Globalization Services‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3‬عولمة المعلومات واألفكار‪..................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫الدولية في ظل العولمة‪..............................‬‬
‫َ‬ ‫المؤسسات االقتصادية‬
‫َ‬ ‫سياسات‬
‫المبحث الثاني‪َ :‬‬
‫‪00‬‬ ‫الدولية‪.......................................................‬‬
‫َ‬ ‫المطلب األول‪ :‬المؤسسات االقتصادية‬
‫‪00‬‬ ‫مؤسستا بريتون وودز ‪..................................Brotton Woods Faundations‬‬
‫‪َ -1‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬مجموعة السبع ‪.........................................................Group of seven‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -3‬الشركات المتعددة الجنسيات‪................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫العالمية‪..............................................‬‬
‫َ‬ ‫‪ -3‬جوالت الجات وتأسيس منظمة التَجارة‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.3‬تحسين فرص الوصول إلى األسواق‪...................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.3‬توسيع نطاق الجات‪...................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1....‬تجارة الخدمات‪.................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2.3‬إجراءات االستثمار المتعلقة بالتجارة‪.............................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.2.3‬حقوق الملكية الفكرية‪......................Intellectual Property Hights :‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.3‬تعزيز آليات الجات‪....................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.3.3‬مكافحة اإلغراق‪................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.3.3‬الوقاية‪..........................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.3.3‬االتفاق حول قواعد منشأ السلع‪..................................................‬‬

‫‪IV‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.3.3‬الدعم واإلجراءات المضادة‪.....................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.3‬األوجه المؤسسية والقانونية‪............................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫السياسات االقتصادية‪...............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪َ :‬‬
‫‪00‬‬ ‫التكيف االقتصادي‪.................................................................‬‬
‫‪ -1‬سياسات َ‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1.1‬التكيف الذاتي‪.........................................................................‬‬
‫‪01‬‬ ‫الدولية‪......................................‬‬
‫َ‬ ‫قدية‬
‫الن َ‬
‫المالية و َ‬
‫َ‬ ‫المؤسسات‬
‫َ‬ ‫التكيف في ظل‬
‫‪َ -2.1‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ -1.2.1‬تقييد الطلب الكلي‪.............................................................. .‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2.1‬سياسات التحول‪.................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.2.1‬إدارة العرض‪...................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2‬سياسات الخصخصة‪........................................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -1..‬توليد إيراد إضافي للخزانة العامة ‪..Generation of Revenue for The Treasury‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -2.2‬تشجيع الرأسمالية ‪.....................................Promotion of Capitalism‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.2‬تقليل قوة االتحادات التجارية‪..........................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫‪ -3.2‬تقليل التدخل الحكومي في الصناعة‪....................................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬العوامل المحددة لدور الدولة في ظل العولمة‪........................................‬‬
‫‪00‬‬ ‫السيادة في ظل العولمة‪.............................................................‬‬
‫المطلب األول‪َ :‬‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬دور الدولة والشركات متعددة الجنسيات‪............................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫الدولية‪.........................‬‬
‫َ‬ ‫قتصادية‬
‫َ‬ ‫المؤسسات اال‬
‫المطلب الثالث‪ :‬دور الدولة في العالم الثالث و َ‬
‫‪010‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬دور الدولة في ظل األزمات المالية‪..................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أسباب األزمات المالية‪.............................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫‪ -1‬عدم استقرار االقتصاد الكلي‪................................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫‪ -2‬اضطرابات القطاع المالي‪...................................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫‪ -1.2‬تحرر مالي غير وقائي‪................................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫‪ -2.2‬تدخل الحكومة في تخصيص االئتمان‪..................................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫‪ -3.2‬ضعف النظام المحاسبي والرقابي والتنظيمي‪...........................................‬‬
‫‪010‬‬ ‫سياسات سعر الصرف‪......................................................‬‬
‫‪ -3‬عدم التحكم في َ‬
‫‪001‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬سياسات تجنب األزمات المصرفية‪..................................................‬‬

‫‪V‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬حاالت عملية‪......................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬حالة المكسيك‪..............................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬حالة تايالندا‪................................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫الراهنة‪...........................................‬‬
‫المالية َ‬
‫َ‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬دور الدولة في ظل األزمة‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬طبيعة األزمة‪...............................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬أسباب األزمة‪..............................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3‬تداعيات األزمة‪.............................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫خالصة‪...............................................................................................‬‬
‫‪001‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬دور الدولة الجزائرية في ال َنشاط االقتصادي‪.............................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫تمهيد‪.................................................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫األول‪ :‬دور الدولة الجزائرية في عملية التَنمية من خالل المخططات (‪...........)0000-0000‬‬
‫المبحث َ‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المخطط الثالثي)‪..........................................................(76-76‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المخطط الرباعي األول )‪.................................................(63-67‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬المخطط الرباعي الثاني )‪.................................................(66-63‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬المخطط الخماسي األول )‪.................................................(83-87‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬األهداف المعلنة للمخطط‪....................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬توزيع االستثمارات‪.........................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬المخطط الخماسي الثاني )‪...............................................(86-85‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬األهداف العامة للمخطط‪.....................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬توزيع االستثمارات‪.........................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬اإلصالحات االقتصادية واالنتقال إلى اقتصاد السوق‪..................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬االنتقال إلى اقتصاد السوق‪..........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬ماهية االنتقال إلى اقتصاد السوق‪............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬اإلجراءات المتخذة في إطار االنتقال إلى اقتصاد السوق‪.......................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.2‬إصالح القطاعين الزراعي والصناعي‪..................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.2‬إصالح نظام األسعار‪..................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.2.2‬نظام األسعار المقننة‪.............................................................‬‬

‫‪VI‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.2.2‬نظام األسعار الحرة‪.............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.2‬انسحاب الخزينة من دائرة التمويل‪......................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.2‬التدرج نحو إلغاء الدعم‪................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -5.2‬التطهير المالي للمؤسسات‪..............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3‬مراحل االنتقال إلى اقتصاد السوق‪...........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اتفاقيات االستعداد االئتماني‪.........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬اتفاق االستعداد االئتماني األولى ‪......................................................1686‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬اتفاق االستعداد االئتماني الثاني ‪.......................................................1661‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3‬اتفاق االستعداد االئتماني الثالث أفريل ‪................................................1994‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التدابير العملية لبرنامج التصحيح الهيكلي )ماي ‪/1665‬ماي ‪.................(1668‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬سياسة الموازنة‪.............................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.1‬الضغط على النفقات العامة‪.............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.1‬زيادة اإليرادات العامة‪.................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬السياسة النقدية ‪.............................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3‬سياسة التجارة الخارجية وميزان المدفوعات‪.................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬دور الدولة الجزائرية في األلفية الثالثة‪..............................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬برنامج اإلنعاش االقتصادي )‪.........................................(2773/2771‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬نظرة عن االقتصاد الجزائري قبل البرنامج‪...................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬برنامج اإلنعاش االقتصادي )‪.................................................(2773/2771‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.2‬دعم النشاطات اإلنتاجية‪................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.1.2‬الفالحة‪.........................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.1.2‬الصيد والموارد المائية‪..........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.2‬التنمية المحلية والبشرية‪................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.2.2‬التنمية المحلية‪...................................................................‬‬
‫‪001‬‬ ‫‪ -2.2.2‬التشغيل والحماية االجتماعية‪.....................................................‬‬
‫‪001‬‬ ‫‪ -3.2‬تعزيز الخدمات العامة وتحسين اإلطار المعيشي‪........................................‬‬
‫‪001‬‬ ‫‪ -1.3.2‬التجهيزات الهيكلية للعمران‪......................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.3.2‬إحياء الفضاءات الريفية بالجبال‪ ،‬الهضاب العليا والواحات‪........................‬‬
‫‪VII‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.2‬تنمية الموارد البشرية‪..................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬برنامج دعم النمو االقتصادي) ‪.......................................(2776/2775‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬اإلصالح في المجال االقتصادي‪.............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.1‬تحسين إطار االستثمار‪.................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.1.1‬ترقية االستثمار وضبطه‪.........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.1.1‬تسوية مسألة العقار‪..............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.1‬مكافحة االقتصاد غير الرسمي‪........................................................ .‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.1‬عصرنة المنظومة المالية‪..............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬النهوض بتنمية مستمرة ومنصفة عبر أنحاء البالد‪............................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.2‬تثمين الثروات الوطنية وتطويرها‪......................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.1.2‬قطاع الطاقة والمناجم‪...........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.1.2‬الفالحة‪.........................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.1.2‬في ميدان السياحة والصناعة التقليدية والصيد البحري‪.............................‬‬
‫‪001‬‬ ‫‪ -3.1.2‬االتصاالت والتكنولوجيات الجديدة‪...............................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.2‬رفع التحدي في مجال الموارد المائية‪...................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.2.2‬حشد الموارد المائية‪ ،‬استرجاعها وانتاجها‪........................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.1.2.2‬بناء السدود‪................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.1.2.2‬برنامج حفر اآلبار‪.........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.1.2.2‬المحاجز المائية‪............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.1.2.2‬استرجاع المياه المستعملة‪..................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -5.1.2.2‬تحلية مياه البحر‪...........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.2.2‬تسيير الموارد المائية وتوزيعها بشكل عقالني‪....................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.2.2‬الوقاية من الكوارث المرتبطة بالمياه وامتصاصها‪................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.2‬سياسة تهيئة اإلقليم‪....................................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1.3.2‬البنى التحتية الخاصة بالطرق‪....................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2.3.2‬البنى التحتية للمطارات‪..........................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.3.2‬البنى التحتية البحرية‪............................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3.3.2‬البنى التحتية الخاصة بالسكك الحديدية‪............................................‬‬
‫‪VIII‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬تأهيل االقتصاد الجزائري لالندماج في االقتصاد العالمي‪.............................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬جذب االستثمار األجنبي واالهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪...........................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬إصالح الهياكل والقطاعات االقتصادية‪.......................................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -3‬انضمام الجزائر للتكتالت االقتصادية وتعزيز مكانتها عالميا‪..................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أزمة ‪ 2778‬والدور االقتصادي الجديد للجزائر‪.....................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -1‬آثار األزمة المالية العالمية على اإلقتصاد الجزائري‪..........................................‬‬
‫‪000‬‬ ‫‪ -2‬التدابير الوقائية لتجنب آثار األزمة المالية العالمية على اإلقتصاد الجزائري‪....................‬‬
‫‪000‬‬ ‫خالصة‪.............................................................................................. .‬‬
‫‪000‬‬ ‫الخاتمة‪............................................................................................. ....‬‬
‫‪000‬‬ ‫المراجع‪................................................................................................‬‬
‫الملخص‬
‫َ‬

‫‪IX‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫َ‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬وذلك في ظل مجموعة‬
‫يتمحور هدف الرسالة حول تبيان الدور الذي تلعبه الدولة في َ‬
‫التغيرات‪ ،‬والحال الذي أصبح عليه هذا الدور ومدى أثر العولمة على مجموعة من المعطيات التي ساهمت‬
‫من َ‬
‫في فرض قواعد جديدة على اقتصاديات كل الدول بما فيها دول العالم الثالث‪.‬‬

‫كما ارتبطت التحوالت في دور الدولة االقتصـادي في الدول المتقدمة بالتحـوالت في الوقائع االقتصادية‪،‬‬
‫وتحديدا بظروف الدورة االقتصادية من ناحية والتحوالت في الفكر االقتصادي‪ ،‬من نـاحية أخرى‪ ،‬فبدأت الدولة‬
‫محايدة أو تقليدية ثم تحولت إلى فاعلة وأقل حيادية‪ ،‬ثم عادت مرة أخرى لتمارس دو اًر أقل فاعلية وأكثر حيادية‪.‬‬

‫أن حكومات هذه الدول أخذت اتجاها‬ ‫أن التاريخ االقتصادي للدول النامية‪ ،‬يشير إلى َ‬
‫في مقابل ذلك نجد َ‬
‫مغاي ار فبدأت فاعلة ثم تحولت نحو دور أقل فاعلية وأكثر حيادية‪ ،‬فبلغ التوجه نحو توسيع القطاع العام ذروته‬
‫في بداية الستينيات من القرن العشرين‪ ،‬ثم تراخى تدريجياً لينحصر في بداية الثمانينيات كنتيجة الشتداد زخم‬
‫الخصخصة‪ ،‬مع تزايد دور الشركات المتعددة الجنسية واتساع نطاق العولمة‪.‬‬

‫بأن الدولة تلعب دو اًر أكبر في عملية النمو كلَما كان االقتصاد أكثر‬
‫وبناءاً على تلك التطورات يمكن القول َ‬
‫تخلفاً‪.‬‬

‫المتغيرات العالمية والتي أفرزتها العولمة‪ ،‬فقد لعبت الدولة الجزائرية دو ار‬
‫َ‬ ‫ومن أجل إحداث قفزة تنموية وفق‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬محاولةً منها جعل االقتصاد الجزائري اقتصادا يعمل وفق المقاييس الدولية‪ ،‬ويتأقلم‬ ‫كبي ار في َ‬
‫مع مختلف المستجدات العالمية‪ ،‬فرغم العراقيل والصعوبات وضعف المبادرة والقرار خاصة من الناحية‬
‫أن‬
‫السياسية‪ ،‬فهي إلى يومنا هذا تسعى وتبذل الجهد الكبير لضم االقتصاد الجزائري لالقتصاد العالمي‪ ،‬إالَ َ‬
‫الرهانات مازالت مطروحة‪.‬‬
‫َ‬

‫المتعددة الجنسية‪،‬‬
‫َ‬ ‫الكلمات المفتاحية‪ :‬العولمة‪ ،‬الدورة االقتصادية‪ ،‬الفكر االقتصادي‪ ،‬الخصخصة‪ ،‬الشركات‬
‫المقاييس الدولية‪.‬‬
Résumé :

Le but de cette thèse est la présentation du rôle d’état dans l'activité économique sous un
ensemble de changements aussi bien que montrer la nouvelle situation de ce rôle. De plus, la thèse
montre l'influence de la globalisation sur un ensemble de données qui a contribué à imposer des
règles récentes sur l'économie de tous les états y compris les troisièmes mondiaux.

Les changements dans le rôle économique de l'état dans les pays développés sont en relation
avec les changements dans les événements économiques. Plus précisément, ces changements sont
en relation avec la session économique d'une part et avec les changements de la pensée
économique de l'autre part. L'état était neutre ou traditionnel, puis il a changé pour être efficace et
moins neutre, et plus tard l'état devient encore moins effectif et plus neutre.

Par contraste, l'histoire économique des états en voie de développement montre que leurs
gouvernements sont allés une direction différente parce qu'ils ont commencé comme efficace, puis
changé pour avoir le rôle moins effectif et plus neutre, l’extension du secteur publique prend leur
apogée dans les années soixante, qui a commencé à être étroit dans les années quatre-vingts comme
un résultat de l'étendue de la privatisation et l'augmentation du rôle des sociétés multi-nationalité et
l'expansion de l'étendue de la globalisation.

Selon les développements précédents nous pouvons dire que plus que l'économie est sous
développé, plus que le rôle de l'état dans la maturité serait majeur.

Pour faire un saut dans le développement qui va avec les changements internationaux qui ont
été causés par la globalisation, l'état Algérien a joué un grand rôle dans l'activité économique. Il a
essayé de faire l'économie d'Algérie un économie qui travaille avec les normes internationaux aussi
bien que l'adapter aux nouvelles situations mondiales différentes. Malgré les obstacles, les
difficultés et la faiblesse de l'initiation et la décision surtout dans le côté politique, l'état algérien
concentre ces efforts d'assembler l'économie algérienne avec l’économie internationale, mais les
paris sont encore discutés.

Mots clés : globalisation, session économique, pensée économique, privatisation, sociétés


multi-nationalité, normes internationaux.
Abstract:

This dissertation aims at emphasising the state’s role in the economic activity in the light of a
set of changes as well as showing the new situation of this role. In addition, the thesis shows the
globalisation’s influence on a set of data which has contributed to imposing recent rules on all
states’ economy including the third world ones.

The changes in the state’s economic role in developed states are related to the changes in the
economic incidents. These relations are with the circumstances of the economic session on the one
hand and with the changes in the economic thought on the other hand. The state was neutral or
traditional, and then changed to be effective and less neutral, and later on the state becomes again
less efficient and more neutral.

In contrast, the economic history of the developing states shows that their governments went a
different direction because they started as effective, then changed to have less efficient and more
neutral role. The sixties were the climax of expanding or enlarging the public sector which began to
be narrow gradually in the eighties as a result of the spread of privatisation and the increase of the
role of the multiple nationality companies and the expansion of the scope of globalisation.

Depending on the former developments we can say that the more the economy is undeveloped,
the more the role of the state in development increases.

In order to make a jump in development which goes with the international changes that were
caused by globalisation, the Algerian state played a great role in the economic activity. The latter
attempted to make the Algeria economy works with the international criteria as well as adapting it
to the different new situations. Despite the obstacles and difficulties, the weakness of initiation and
decision especially from the political side, the Algerian state endeavours and exerts its best efforts
to gather the Algerian economy with the international one till today but bets are still debated.

Key words: Globalisation, economic session, economic thought, privatisation, multi-nationality


companies, international criteria.

You might also like