Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫املحاضرة السابعة‪ :‬تابع‬

‫مستويات التحليل الثالث‪:‬‬

‫‪ .3‬الفـ ـ ــرد‪.‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫ال يقتصر التحليل املؤسساتي على دراسة املجاميع الجماعية وتراصفاتها التركيبية فقط؛‬
‫فتموقعها هنا قد يغفل من التحليل بعد أساسيا للمؤسسة االجتماعية‪ ،‬أال وهو االنتماء إلى الحقل‬
‫الفردي (‪ .)le champ individuel‬تشكل املؤسسة االجتماعية واألفراد واقعين متالزمين غير قابلين‬
‫للفصل أحدهما عن اآلخر ومتحدين رمزيا‪ :‬كما يوضح لنا رونار ‪ ،Renard‬أنه إذا كانت املؤسسات‬
‫االجتماعية غير قادرة على الوجود دون املشاركة الفاعلة لألفراد الذين يشكلونها وينشطونها‬
‫(يصنعون حيويتها)‪ ،‬فإن األفراد ال يستطيعون العيش خارج إطار املؤسسات االجتماعية التي‬
‫تشكل هيكل الحياة االجتماعية‪ .‬هناك في نفس الوقت‪ ،‬وجود لألفراد داخل األشكال املمأسسة‬
‫(املمارسات املؤسساتية)‪ ،‬وهناك وجود للمؤسسات االجتماعية في قلب النفسية البشرية لألفراد‪.‬‬

‫عندما نطبق التحليل املؤسساتي على مستوى األفراد نستهدف إيجاد الجذور‪ ،‬والكشف عن‬
‫طرائق وأشكال اندماجهم في النظام االجتماعي‪ .‬يمكن أن يبدأ هذا الكشف من الرجوع إلى مؤسسة‬
‫اجتماعية معينة‪ :‬أي أن نحاول إظهار نوع العالقة مع املؤسسة االجتماعية ودرجة استبطان‬
‫(استيعاب) اإلكراهات املؤسساتية‪ .‬ولكن يمكن كذلك الذهاب أبعد من ذلك عندما نحاول األخذ‬
‫في الحسبان أفقية االنتماءات‪ :‬أي أننا نحاول من خالل عمل دؤوب أن نعيد تشكيل الخريطة‬
‫الخاصة للهويات وااللتزامات املؤسساتية‪ ،‬بتحديد مبادئ الترابط وتحديد نقاط العطب املحتملة‪.‬‬
‫يمكن لهذا العمل أن يتم باالستعانة فيه بعدة تقنيات ممكنة‪ :‬كالتحليل النفس ي‪ ،‬التحليل النفس ي‬
‫االجتماعي‪ ،‬التحليل االجتماعي‪ ،‬أو حتى تحليل الفصام النفس ي‪1‬؛ والتي تكشف لنا أن تقاطع‬

‫عبها‬
‫الت يمر ر‬
‫يج لألقاليم وإعادة تشكيل األقاليم التصورية ي‬
‫النفس" هو "التفكيك التدر ر ي‬
‫ي‬ ‫‪ 1‬الهدف األول "لتحليل الفصام‬
‫الفاعل خالل تاريخه الفردي"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫املؤسسات في املجتمع الكلي يتوافق تجانسيا مع تشابك املؤسسات االجتماعية على مستوى‬
‫األفراد‪.‬‬

‫أ‪ .‬عالقة الفرد مع املؤسسة االجتماعية‪.‬‬

‫• تنتج عالقة الفرد مع املؤسسة االجتماعية من وراء عوامل معقدة يرتبط بعضها‬
‫بشخصية الفرد والتعلمات املؤسساتية الذي حدثت معه‪ ،‬ويرتبط البعض اآلخر بمالمح‬
‫املؤسسة وبتقنيات التطبيع املستخدمة من طرفها‪.‬‬
‫• ليس الفاعلون املنتمون إلى املؤسسة االجتماعية عجينة رطبة حيث تترسخ بصمة‬
‫املؤسسة كما هي بشكلها األصلي‪ :‬فلكل واحد منهم شخصيته الخاصة التي تشكلت على مدى‬
‫التجارب املؤسساتية‪ ،2‬والتي تهيكلت ً‬
‫بناء على االنتماءات املؤسساتية املوازية؛ ويرتبط‬
‫السلوك تجاه املؤسسة بشكل ضيق بطبيعة ذلك املاض ي وذلك املعاش املؤسساتي‪ .‬فكل‬
‫مؤسسة كما أسلفنا تتعامل مع زبائن متراتبين مسبقا ويستجيبون في قبولهم للضوابط التي‬
‫تفرضها معايير املؤسسة بشكل غير متساو‪.‬‬
‫• من جهة أخرى‪ ،‬ال يمكن أبدا تشبيه املؤسسات االجتماعية بعضها ببعض‪ ،‬فتواجدها في‬
‫أقاليم متمايزة وحيازتها على مواقع متفاوتة في املنظومة املؤسساتية يجعلها تحظى بوسائل‬
‫فعل (تأثير) مختلفة‪.‬‬
‫• يفسر التوفيق بين كل هذه العوامل كيف أن عمل التطبيع املؤسساتي يمكن أن يؤدي إلى‬
‫أصناف عديدة ممكنة للعالقات بين املؤسسات االجتماعية ومواطنيها أو رعاياها‪:‬‬

‫‪ )1‬أوال العالقة مع املؤسسة االجتماعية هي االسم اآلخر للعالقة مع القانون (‪:3)la Loi‬‬
‫املؤسسات االجتماعية هي في األساس أدوات تطبيع تحاول قدر اإلمكان‪ ،‬في حدود نطاق‬
‫تأثيرها‪ ،‬أن تحصل على أصناف معينة من السلوكات‪ .‬إذ تحدد كل مؤسسة اجتماعية‬

‫‪ 2‬يتواجد هذا التنوع منذ بداية التنشئة االجتماعية يف إطار المؤسسات األولية كاألرسة‪ :‬دون الحديث عن اختالفات الباث‬
‫الداخل عند قدوم أعضاء‬
‫ي‬ ‫يتغب توازنها‬
‫غب متشابهة‪ ،‬تبعا لكونها تجري يف خاليا خاصة ر‬
‫ه يف الواقع ر‬
‫اث‪ ،‬فالتجارب األرسية ي‬
‫الور ي‬
‫جدد‪.‬‬
‫ممعب ( ‪un‬‬ ‫قانوث‪،‬‬ ‫ه متخيالت تأسست عل اخباع وتكرار خطاب‬ ‫‪3‬‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫بالنسبة لـ ‪ P. Legendre‬المؤسسات االجتماعية ي‬
‫‪) Pouvoirs, op.cit., p 12،«Le malentendu»( .)discours juridique normalisant‬‬
‫‪2‬‬
‫ملواطنيها الواجبات (‪ )les obligations‬التي ينبغي عليهم احترامها والقواعد التي يجب عليهم‬
‫اتباعها‪.‬‬
‫‪ )2‬ينتج عن هذا تعارض ّبين‪ ،‬ثنائي بين ما هو مطابق (‪ )conforme‬وما هو متعارض مع‬
‫املعايير املؤسساتية‪ ،‬وبالنتيجة بين من يخضعون ومن يعصون املعايير‪ :‬حيث ينثني (يمتثل)‬
‫األوائل بمحض إرادتهم لألوامر وللقانون ويلجؤون تحت حمايته وأمانه؛ أما اآلخرون‬
‫العصاة ‪-‬الخارجون عن املعايير أو املنحرفون‪ -‬فيبتعدون عن الطريق املستقيم خارقين‬
‫املمنوعات‪ ،‬ويتموقعون بهذا خارج الحدود التي حددتها املؤسسة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ )3‬يجب إذن على السلطان في املؤسسة االجتماعية أن ينكب عليهم من أجل تذكيرهم‬
‫بالنظام وجذبهم إذا اقتض ى األمر بالقوة تحت تأثير أو وطأة قوانين أو معايير النظام‬
‫املمأسس (‪ .)l’ordre institué‬لكن تجب اإلشارة إلى أن حجم التأثير املطبق على الرعايا‬
‫يتوقف على ظروف وكيفية تكوين وتبليغ (‪ )formulation‬املعايير املؤسساتية‪.‬‬

‫‪ )1‬يمكن للمؤسسة االجتماعية أن تتصرف بسلبية عنما تكتفي بتحديد حقل املسموح‬
‫وحقل املمنوعات التي تستوجب عقوبات ثقيلة‪" :‬إذا كانت املؤسسات االجتماعية ترسم‬
‫حدود الدائرة التي بداخلها يحدث التجريد األولي‪ ،‬فهي تترك مواطنيها أحرارا في تصرفاتهم‬
‫طاملا كانت تجري داخل هذه الدائرة‪ :‬العالقة مع املعايير هنا ليست تطابقا بل توافقا‪.‬‬

‫• يوجد هذا التطبيع السلبي من خالل املنع والتحريم املوجود أصال في قاعدة أي تنظيم‬
‫اجتماعي‪ :‬ال تستطيع أي مؤسسة اجتماعية أو مجتمع أن يضمن بقاءه دون أن يفرض كبت‬
‫النزوات الغريزية‪.‬‬
‫• أكبر عمل تقوم به املؤسسة االجتماعية هو تقليص (كبح) الرغبة‪ ،‬أو على األقل اقصاء‬
‫بعض أنواع املمارسة أو االستثمار من طرف الفاعلين‪.‬‬
‫• تلعب املؤسسة االجتماعية أوال وقبل كل ش يء دور جهاز رقابة (‪ )censure‬وقمع لألنا األعلى‬
‫اليقظ الذي يعطي لنفسه الحق في الحرمان من إشباع بعض الرغبات وأن يدفع الفاعلين‬
‫إلى التخلي عنها بشكل طوعي وعفوي‪ :‬هذا البتر أو اإلخصاء (‪- )imputation et castration‬‬
‫الضروري حسب فرويد ‪ Freud‬من أجل نمو الحضارة‪ -‬ال يجب أن ُينظر إليه أو ُي َحس‬

‫‪3‬‬
‫ّ‬
‫كذلك (أي أنه بتر وإخصاء)‪ ،‬وإال أدى ذلك إلى تسهيل عودة املكبوت الحقا؛ ولكن يجب‬
‫تقبل ذلك بل واملطالبة به من طرف الفاعلين‪.‬‬
‫• تحريف الرغبة عن هدفها األصلي وغير الشرعي‪ ،‬يجعلها تتجه نحو االنصياع للقانون وأن‬
‫تستثمر في التماهي مع املؤسسة االجتماعية‪ ،‬التي تصبح من هذا املنظور ليس فقط‬
‫موضوعا للخشية وإنما موضوعا للحب‪.‬‬

‫‪ )2‬في مقابل نموذج التطبيع هذا‪ ،‬املبني على املمنوعات والثني أو الصد‪ ،‬يحاول نموذج آخر‬
‫أن يحل محله (تطبيع إيجابي)‪ ،‬يتميز بتأثير مؤسساتي مختلف تماما‪ ،‬ينبني على رقابة كاملة‬
‫على السلوكات‪.‬‬

‫• تتميز املعايير املؤسساتية بإيجابية جديدة‪ :‬فهلي ال تملي على الفاعلين املنتمين إليها ما هو‬
‫ممنوع‪ ،‬بل تملي عليهم ما هو مطلوب منهم ُوم ِلزم لهم‪ ،‬حتى يكون الفاعل في وضعية سوية‬
‫تجاه املؤسسة االجتماعية ويتجنب غضبها عليه‪ ،‬ال يكفيه فقط االمتناع عن ارتكاب‬
‫محرماتها‪ ،‬بل يجب عليه كذلك أن يتبنى مواقف وممارسات‪ ،‬ويقوم باألفعال التي تفرضها‬
‫املؤسسة االجتماعية‪ :‬العالقة مع املعايير ليست فقط توافقا بل تطابقا تاما للسلوكات مع‬
‫املعايير‪.‬‬
‫• هذا الفرض يجعل املؤسسة االجتماعية تنغمس دائما أكثر فأكثر في أعماق حميمية‬
‫مواطنيها‪ :‬من جهة يجب أن تكون املراقبة مستمرة‪ ،‬وتمارس من أجل الحصول على سلوكات‬
‫متطابقة؛ من جهة أخرى‪ ،‬يجب أن تكون شبكة املعايير أكثر كثافة ودقة حتى تكون‬
‫مستعدة للتصدي ألي طارئ محتمل‪.‬‬
‫ّ‬
‫• يدفع منطق اإليجابية في هذا النموذج املؤسسة االجتماعية إلى أال تترك شيئا يخص‬
‫ُ‬
‫مواطنيها يفلت منها (من مراقبتها ورقابتها)‪ ،‬بحيث ت َن ْم ِذج طرق التفكير والفهم واإلحساس‬
‫والفعل‪ :‬الهدف هنا هو ضمان انخراط كامل في املؤسسة االجتماعية بالقضاء نهائيا على كل‬
‫إمكانيات االبتعاد أو االنسحاب من رقابة املؤسسة االجتماعية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫• تستهدف املؤسسة االجتماعية من خالل االستحواذ على جسد ورغبات الفاعلين ترويض‬
‫الجسد الذي يعتبر أول حلقات إرساء تقنية السلطة هذه بتعبير ميشيل فوكو‪ ،4‬الذي‬
‫أوضح كيف تم اكتشاف الجسد كموضوع وهدف للسلطة في العهد الكالسيكي‪ :‬سوف‬
‫ينحت الجسد في تفاصيله من طرف املؤسسات االجتماعية التي تمارس عليه ضغطا‬
‫(إكراها) مستمرا‪ .‬وهي كذلك فعل "التشريح السياس ي" (‪ )anatomie politique‬التي ظهرت‬
‫مع التخصصات التي كانت تبحث عن صنع أجساد خاضعة‪ ،‬منصاعة مطواعة من خالل‬
‫الرقابة الدقيقة على كل حركاتها وأفعالها وبتسييج الزمن‪ ،‬والفضاء والحركة‪.‬‬
‫• في نفس الوقت يتم توجيه الرغبة (‪ )Le désir‬إلى أنماط اإلشباع املناسبة والضرورية والتي‬
‫تتحول وظيفية اجتماعيا‪ :‬ال يتم فقط قمعها (الرغبة) ولكن تقنينها وتوجيهها إلى بعض‬
‫املواضيع التي يمكن أن تستثمر فيها من أجل أن تتحقق‪.‬‬
‫• ال تفرض املؤسسة االجتماعية في هذا النموذج الكبت ولكنها تفرض اإلشباع‬
‫(اإلرضاء ‪ )assouvissement‬في األشكال وبالطرائق التي حددتها مسبقا‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪Michel Foucault, Surveiller et punir. Naissance de la prison, Gallimard, 1975.‬‬


‫‪5‬‬
‫املحاضرة الثامنة‪ :‬تابع‬

‫‪ .I‬مستويات التحليل الثالث‪:‬‬

‫‪ .3‬الفرد‪.‬‬

‫ب‪ .‬الفرد واملؤسسات االجتماعية‪ :‬عالقات الجذب والطرد‪.‬‬

‫يتراوح الفرد أمام املؤسسة االجتماعية بين حركتين متعارضتين‪ :‬الجاذبة واملنفرة (الطاردة)‪.‬‬

‫• فمن جهة أولى‪ ،‬املؤسسة االجتماعية هي رمز الحماية واألمن واألمان‪ ،‬فهي تخمد القلق‬
‫عندما تتكفل بمواطنيها‪ ،‬وتدمج أقدارهم العارضة واملؤقتة والهاربة في إطار مشروع جماعي‬
‫دائم ومستديم يعطيهم معنى ووجودا واستمرارية‪...‬‬
‫• من جهة ثانية هي أداة (فاعل) تفرض تضغط وتقمع وتكبت‪ ،‬وهي بهذا تنتج القلق عندما‬
‫تمارس الرقابة (القمعية) وتهدد وتنشر الخوف (الخشية)‪.‬‬
‫• التراوح أو البين‪-‬بين (‪ )l’ambivalence‬إذن موجود في قلب العالقة مع املؤسسات‬
‫االجتماعية‪ ،‬وهو يتجسد في سلم مواقف يعكس درجة قوية لتقبل الضوابط املؤسساتية‪.‬‬
‫• في أدنى املستويات تتواجد سلوكات رفض املؤسسة االجتماعية وخرق املعايير‬
‫املؤسساتية‪ :‬حيث يفصح تجاوز الحدود التي وضعتها املؤسسة االجتماعية‪ ،‬والقفز على‬
‫املمنوعات واحتقار األوامر عن رفض النظام املؤسساتي ونفي قيمه ّ‬
‫املؤسسة التي يتأسس‬
‫ِ‬
‫عليها‪.‬‬
‫• إذا كان الرفض طوعيا ومنتظما للضوابط املؤسساتية فإنه يعتبر عرضا من أعراض‬
‫االنحراف يستوجب معالجة خاصة مناسبة‪ :‬عندما ينزلق الفاعل املنحرف (املعتبر كذلك)‬
‫خارج إقليم املؤسسة االجتماعية التي ينتمي إليها‪ ،‬فإنه يدخل في في اختصاص مؤسسة‬
‫اجتماعية أخرى تستخدم معه وسائل تطبيع أكثر تطورا أو أكثرة صرامة وحدة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫• ولكن خرق املعايير ليس في الغالب سوى جزئيا وعارضا أو مناسباتيا‪ :‬وهو بهذا ال يعبر عن‬
‫رفض بل عن جهل بسيط بأهمية القواعد املؤسساتية‪ :‬فعدم التوافق ال يصحبه دائما عدم‬
‫االعتقاد (اإليمان)‪.‬‬
‫• ُينظر إلى الفرق بين السلوك املمارس والسلوك املطلوب على أنه خطأ (خطيئة أحيانا)‬
‫ويحفز شعورا مؤملا بالذنب‪ ،‬ويكفي الضغط املؤسساتي إلعادة بناء النظام املخروق مؤقتا‪.‬‬
‫• دون الوصول إلى االنحراف يمكن أن يبحث الفاعلون عن طرق التحايل على املؤسسة‬
‫بتحويرها عن أهدافها وتشويه معناها املبدئي‪ .‬ال ينتج عن هذا التحريف (‪ )perversion‬على‬
‫عكس التخريب (‪ ،)subversion‬الرفض أو االحتجاج على الضوابط املؤسساتية‪:‬‬
‫فالسلطان املؤسساتي مقبول ومعترف به رسميا‪ ،‬وتطبق املعايير املؤسساتية بحذافيرها‪.‬‬
‫• ولكن هذه الطاعة هنا ربما ليست سوى واجهة خالصة (مزيفة أو نفاق اجتماعي)‪ ،‬تقص ي‬
‫اإليمان العميق بفضائل املؤسسة االجتماعية‪ ،‬وتحجب تلك الرغبة في استغاللها‬
‫واستعمالها للصالح الخاص‪ :‬أي أن األمر يتعلق بتملك الفرد للمؤسسة االجتماعية دون أن‬
‫يكون ملكا لها‪.‬‬
‫• يمكن بهذا أن تفرغ املؤسسة االجتماعية من محتواها لتتحول إلى قوقعة فارغة ال‬
‫تستطيع أن تفرض قانونها على مواطنيها‪ ،‬بل تخدم إستراتيجياتهم املتنافسة (املتعارضة‬
‫األهداف)‪.‬‬
‫• تعتبر هذه السلوكات املنحرفة أو املارقة استثناءات‪ ،‬فاملؤسسة االجتماعية تحصل‬
‫عموما على انصياع كبير من قبل مواطنيها‪ .‬يمكن أن يكون هذا االنصياع سلبيا‬
‫(‪ :)passif‬فالخضوع يعبر عن استسالم جبري أمام السلطان املؤسساتي املنظور إليه‬
‫كش يء حتمي صعب التجاوز‪.‬‬
‫• عند العجز عن التملص منها وخوفا من الوقوع تحت وطأة عقوباتها‪ ،‬ينحني الفاعلون‬
‫لها مع تقليص إسهاماتها إلى الحد األدنى‪ .‬بتواجدنا ضمن حقل اختصاص املؤسسة‬
‫االجتماعية نخضع لسلطانها دون أن يكون هناك انخراط فعلي؛ وتبقى العالقة مع‬
‫املؤسسة االجتماعية مبنية على التباعد والسطحية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ال يقنع هذا القبول السلبي املؤسسة االجتماعية وال تكتفي به ألنها تطلب أكثر من‬ ‫•‬
‫جمهور غير متبلور وجسد هالمي يصعب تحريكه وجعله ديناميكيا‪ ،‬فتضطر إلى‬
‫إنفاق جهد أكبر بالضغط املتواصل على الرعايا من أجل دفعهم إلى التحرك والفعل‪.‬‬
‫ما تتمناه املؤسسة االجتماعية هو أن يتحرك املواطنون من تلقاء أنفسهم‪ .‬تفترض‬ ‫•‬
‫ّ‬
‫هذه املعادلة أن يستبطن الفاعلون املعايير املؤسساتية‪ ،‬ولهذا يجب الحرص على أال‬
‫تبقى املعايير بعيدة وخارجية عن األفراد‪ ،‬بل يجب أن ترسم في نفسية األفراد‪.‬‬
‫بهذا الشكل تتحول الضغوطات واإلكراهات إلى شكلها الالمرئي‪ ،‬صعبة التمييز وغير‬ ‫•‬
‫متوقعة ألنها تدخل في قلوب الفاعلين وتستطيع العمل بشكل دائم ومستمر وبطريقة‬
‫آلية تماما‪ .‬فكل فرد سوف يتكفل بقمع ذاته‪ ،‬ويكبح غرائزه‪ ،‬ويتبنى السلوك املنتظر‬
‫من طرف املؤسسة‪.‬‬
‫وسعت املؤسسة االجتماعية من عمق تأثيرها على‬ ‫يصبح هذا االستبطان سهال كلما َّ‬ ‫•‬
‫األفراد‪ .‬يحدث هنا االستحواذ والتملك من طرف املؤسسة االجتماعية ( ‪prise de‬‬
‫‪ :)possession institutionnelle‬حيث تتسرب املؤسسة االجتماعية في قلب ذاتية كل‬
‫فرد‪ ،‬وتغرس جهازا جزيئيا للمراقبة والرقابة الذاتية يضمن ديمومتها‪.‬‬
‫• هناك استدماج (‪ )introjection‬واسقاط داخلي لصورة املؤسسة االجتماعية التي‬
‫يتم دمجها كجهاز رقابة وقمع في األنا األعلى‪ ،‬حيث تعمل بهذا على تدعيم واسناد‬
‫صورة األب‪ :‬ويتم الحفاظ على رابط التبعية الطفلية ونقلها من األب إلى املؤسسة‬
‫االجتماعية؛ حيث تحتل املؤسسة االجتماعية املكانة الرمزية لألب وتركز على نفسها‬
‫كل املواقف العاطفية الخاصة باملؤسسة األبوية‪.‬‬
‫• يمكن للمؤسسة االجتماعية أن تلعب دور األب القاس ي الذي يعاقب على خرق‬
‫أوامره‪ ،‬كما يمكنها أن تلعب دور األب الطيب الذي يكافئ على الطاعة؛ فتمزج بهذا بين‬
‫أحاسيس الخوف والخشية وأحاسيس االمتنان املحاطة دائما بهالة من الحب‪.‬‬
‫• تمر العالقة مع املؤسسة االجتماعية كما العالقة مع األب عبر تحويل االحساس‬
‫البدائي املعادي إلى ارتباط إيجابي يحمل كل مواصفات التماهي (‪.)identification‬‬

‫‪8‬‬
‫• عندما ينصهر الفاعلون في قالب املؤسسة االجتماعية يجعلون من أقدارهم متصلة‬
‫غير منفصلة بقدر املؤسسة االجتماعية‪ .‬يطمح كل فرد إلى بناء هويته داخل هذا‬
‫الكائن الجماعي‪ ،‬لكي يضمن ديمومته الخاصة ويحصل على مزايا الخلود‪.‬‬
‫• يأتي مباشرة بعد حركة استدماج املؤسسة االجتماعية حركة االسقاط النفس ي داخل‬
‫املؤسسة االجتماعية‪ .‬تكون صيرورة التماهي قوية لدى أعوان املؤسسة االجتماعية‬
‫الذين يسقطون على أنفسهم قوة وسطوة املؤسسة االجتماعية التي يمثلونها‪ ،‬والتي‬
‫يظهر من خاللها بعد أساس ي آخر للعالقة مع املؤسسة االجتماعية‪ ،‬أال وهو البعد‬
‫الشهواني (‪.)la dimension libidinale‬‬
‫• فكما أوضح فرويد ‪ ،S. Freud‬ال يمكن للمؤسسة االجتماعية أن يبقى وتستمر دون‬
‫أن تتكلم "لغة الشهوة"‪ ،‬دون أن تأسر الفاعلين عاطفيا باستعمال أداة الخيال‬
‫الجنس ي (‪ ،)le levier du fantasme‬حيث يفسر هذا البعد صعوبة االفالت من تأثير‬
‫وسطوة املؤسسة االجتماعية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫املحاضرة التاسعة‪ :‬تابع‬

‫‪ .II‬مستويات التحليل الثالث‪:‬‬

‫‪ .3‬الفرد‪.‬‬

‫تعدد االنتماءات‪.‬‬ ‫ج‪.‬‬

‫• ينتج تعدد االنتماء املؤسساتي عن تقسيم الفضاء االجتماعي إلى مؤسسات اجتماعية‬
‫منفصلة ونواتية‪ .‬ليس الفرد مواطنا أو عضوا في مؤسسة اجتماعية واحدة‪ ،‬فهو يخضع‬
‫ملجموعة من الترتيبات التي تراقب مختلف جوانب وجوده‪ .‬في مقابل تسييج النسق‬
‫االجتماعي يوجد كذلك تسييج للجسد الفردي ‪-‬كمساحة كتابة تلتصق بها وترسم عليها‬
‫مختلف أجزاء املؤسسات االجتماعية‪ .‬فكل فرد يتميز بشبكة كثيفة من االنتماءات‬
‫واالرتباطات املؤسساتية التي تشكل إقليمه الشخص ي‪.‬‬
‫• تتشكل هذه الشبكة بشكل فاعل وكامن في نفس الوقت‪ :‬فعند تنقلهم داخل الفضاء‬
‫االجتماعي وخالل تطورهم الشخص ي يمر األفراد من اختصاص مؤسسة اجتماعية إلى‬
‫اختصاص مؤسسة اجتماعية أخرى‪.‬‬
‫• دون أن يكون تنقلهم هذا حرا (أو عشوائيا)‪ ،‬فإنه مقنن وموجه ومحدد بعناية‪ :‬فبعض‬
‫املمرات إجبارية ال يمكن االفالت منها (األسرة‪ ،‬املدرسة‪.)...‬‬
‫• يجب أن يتم تفكيك هذه الشبكة على مخطط متزامن ومتتالي‪ :‬يجب أن نكشف عن‬
‫جينيالوجيتها (‪ )généalogie‬بإعادة بناء مراحل تشكلها بتعيين األماكن املؤسساتية التي تم‬
‫العبور منها ‪-‬التي تركت آثارا راسخة؛ كما يجب أن نرسم خريطة املؤسسات االجتماعية‬
‫بعناصرها املكونة لها مع تحديد نقاط التالقي وأنظمة الترابط بينها‪.‬‬
‫• لن نكتفي بهذا التحليل‪ ،‬ألن عالقة الفرد بمختلف املؤسسات االجتماعية التي يتعامل‬
‫معها مختلفة ومتباينة؛ وليس هناك انسجام تام بين املؤسسات االجتماعية‪ ،‬ألن التعلمات‬
‫املتعلمة في مؤسسة اجتماعية معينة تخلق دون شك بعض االستعدادات وتؤثر من خالل‬
‫خاصية النفاذية على التعامل مع مؤسسات اجتماعية أخرى‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫• الحقل الفردي كما الحقل االجتماعي هما مجموع تترابط وتتراكب أجزاؤه؛ وبهذا تكون‬
‫السلوكات تجاه املؤسسات االجتماعية متضامنة بشكل ما‪ :‬فلكل فرد صنف من ردود‬
‫األفعال تجاه السلطان املؤسساتي‪ ،‬بحسب معاشه املؤسساتي الشخص ي ‪-‬حتى ولو أن رد‬
‫الفعل هذا يصبح خاصا تبعا للتجارب امللموسة‪.‬‬
‫• هناك إذن أنماط مهيمنة أو سائدة (االنحراف‪ ،‬الطاعة والخضوع‪ ،‬االنخراط) تميز عالقة‬
‫الفرد مع املؤسسات االجتماعية‪.‬‬
‫• توجد عالقة مع املنظومة املؤسساتية في كليتها‪ ،‬وهذه العالقة هي التي تحدد العالقات‬
‫الفردية املنفردة (‪.)les rapports singuliers‬‬
‫• لكن هذا االنسجام نسبيا‪ ،‬هناك تغيرات من مؤسسة اجتماعية إلى أخرى‪ ،‬والقبول العام‬
‫ُ ْ‬
‫للنظام امل َمأ َسس ال يقص ي تفاوت واختالف درجات االنخراط التي تتوقف على مكانة‬
‫الفاعل كعون (‪ )agent‬التي تسهل التماهي‪ ،‬أو مكانته كزبون (‪ )client‬التي تتكافؤ مع ابتعاد‬
‫أكبر‪.‬‬
‫• ولكن حتى في حالة الوضعية كزبون‪ ،‬يمكن للضوابط املؤسساتية أن تستبطن أحيانا بقوة‬
‫(مثال في األسرة والتدين)‪ ،‬وأحيانا أخرى يتم َت ُّ‬
‫حضم ُل عبئها بسلبية (مثال في مؤسسة العمل‬
‫أو في الخدمة العسكرية)‪.‬‬
‫• نفس الش يء يحدث مع االنحراف الذي يعتبر نتاجا حتميا ومتجددا لصيرورة تطبيع‬
‫يشتغل على نمط "االدماج‪/‬االقصاء" ( ‪processus de normalisation qui fonctionne‬‬
‫‪)par inclusion/exclusion‬؛ حيث ال يأخذ ما هو َس ِو ّي (عادي) معناه إال بالتضاد مع ما‬
‫هو غير َس ِو ّي (غير عادي)‪ ،‬وال يمكن تأكيد ما هو مألوف إال بظهور ما هو مغاير‪.‬‬
‫• تظهر صورة املنحرف كضرورة تضمن انسجام النسق املؤسساتي الكلي؛ فكل مؤسسة‬
‫اجتماعية تزيح إلى الهامش بعض الفئات من زبائنها الذين لم تستطع تطبيعهم والتحكم‬
‫فيهم‪.‬‬
‫• في نفس الوقت ليس هذا االنحراف سوى جزئيا ومؤقتا‪ ،‬فسرعان ما يتم التكفل بالفئات‬
‫الهامشية‪ ،‬حيث تسترجع وتعالج من طرف مؤسسة اجتماعية أخرى من أجل ضمان دمجها‬

‫‪11‬‬
‫في النظام االجتماعي‪ .‬وهكذا تتم معالجة االنحراف من خالل تمريره من مؤسسة إلى أخرى‪،‬‬
‫حيث يسهم تنوع وتعدد املنظومة املؤسساتية في حصر انتشاره والتقليص من تأثيره‪.‬‬
‫• يتم تعويض االنحراف الجزئي بالخضوع أو التماهي مع مؤسسات اجتماعية أخرى‪ .‬ولكن‬
‫قد يحدث أن تتعطل ميكانزمات التصحيح الذاتي؛ إذ يتجه االنحراف إلى التوسيع من‬
‫دائرته والتنوع في أشكاله دون التمكن من تصحيحه بطريقة مناسبة‪.‬‬
‫• عندما تستنفذ كل الوسائل املؤسساتية في عالج املنحرفين‪ ،‬يتم استبعادهم من املجتمع‬
‫ويحبسون في مؤسسات مكلفة بعزلهم وإعادة تربيتهم من خالل اإلكراه (‪،)la contrainte‬‬
‫فيدخلون في اختصاص السجن أو مستشفى األمراض العقلية‪ ،‬تبعا ملا إذا كان تصرفهم‬
‫غير املتطابق مصنفا ضمن االضطرابات النفسية‪.‬‬
‫• يختفي هنا تعدد الروابط املؤسساتية الذي بات غير ذي نفع تاركا مكانه النتماء واحد‬
‫مفروض بالقوة؛ حيث يجري التطبيع في إطار مؤسسة اجتماعية خاصة ذات نمط قهري‪.‬‬
‫• ال تستخدم فضاءات العزل هذه إال في الحاالت القصوى (امليؤوس منها) كآخر حل؛ حيث‬
‫يتجه اإلجراء نحو اإلفراج عنهم مع مزاوجة ميكانزمات رقابة وادماج أكثر مرونة مع اللعب‬
‫على عدة مستويات مؤسساتية‪.‬‬
‫• يأتي هذا النمط من التأثير املؤسساتي في إطار جماعة انتماء واحدة بإيضاءات جديدة‬
‫حول ظاهرة التعدد املؤسساتي‪ ،‬فمن أول نظرة‪ ،‬يبدو أن كمال واتقان التسييج املؤسساتي‬
‫يتيح الحصول على رقابة مرتفعة على السلوكات ويقلص مخاطر االنحراف‪ :‬فإحاطة الفرد‬
‫بشبكة كثيفة ومتماسكة من املؤسسات االجتماعية ال تتيح له االفالت من التأثير‬
‫ُ ْ‬
‫االجتماعي‪ ،‬وتجعله مرتبطا مع النظام امل َمأ َسس ببعض الخيوط أو األلياف‪.‬‬
‫• في الواقع‪ ،‬لهذه الكثافة والتنوع بعض اآلثار املبهمة وذات الوجهين‪ .‬فعلى الرغم من تظافر‬
‫جهود املؤسسات االجتماعية فإن ذلك ال يضمن أبدا ضبطا كامال لألفراد؛ حيث يظهر في‬
‫مناطق تمفصل األشكال املمأسسة ممارسات مبتدعة وسلوكات منحرفة‪.‬‬
‫• تتحرك في الفجوات التي تفصل العناصر الصلدة واملتصلبة للنظام املمأسس تدفقات‬
‫ُ ّ‬
‫قوضه‪ ،‬وتجعله يضطرب ويتآكل‪ .‬تبحث املؤسسات االجتماعية على تثبيت وتحديد‬
‫جزيئية ت ِ‬

‫‪12‬‬
‫أقاليم التدفق الهامشية هذه من أجل القضاء عليها أو تقليص حجم تأثيرها‪ .‬ولكن هذه‬
‫األخيرة تفلت منها من خالل الهروب وتغيير املكان لتظهر في مواطن ونقاط تمفصل أخرى‪.‬‬
‫• ال يتوصل العمل املثبط للمؤسسات الذي يبحث من خالل التدريب العملي عن الصمت‬
‫والسكون أبدا إلى كسر الديناميكية الحيوية وخنق القدرات الخالقة لألفراد‪.‬‬
‫• من جهة أخرى‪ ،‬يتسبب التعقيد املتزايد للجهاز املؤسساتي في العديد من سوء الفهم وعدم‬
‫التوافق والفوارق والتشوهات التي يستطيع األفراد اللعب عليها من أجل اكتساب هامش‬
‫معين من االستقاللية أو فضاء من الحرية‪.‬‬
‫• بهذا يصبح تنوع املؤسسات االجتماعية التي تراقب األفراد عامل تحرير أكثر من أي ش يء‬
‫آخر‪ .‬فبالعكس‪ ،‬يضع نظام تراص الوحدات هذا‪ ،‬املؤسسات املكلفة بحراسة االنحراف في‬
‫وضعية تبعية‪ ،‬على الرغم من أنها َّتدعي الرقابة على األفراد في جميع أبعادهم‪.‬‬
‫• إذا كانت كل مؤسسة شمولية بالتعريف ألنها تستهدف احتالل كل الفضاء االجتماعي‪،‬‬
‫فإنه يبدو أن التعدد املؤسساتي هو الوحيد الكفيل بالحد من طموح كل واحدة منها في‬
‫السيطرة الكاملة‪.‬‬
‫• يبين لنا هذا االستنتاج أن النظام املؤسساتي ال ُي َس ِّي ُج الحقل االجتماعي والحقل الفردي‬
‫سوى سطحيا‪ ،‬وأنه ال يتمكن أبدا من التوقيف النهائي لسير التدفقات الكثيفة بين األشكال‬
‫َُ‬ ‫املُ َم َ‬
‫أسسة والقوى املؤ ِ ّسسة‪ ،‬فهناك عالقات تبادل دائمة وجدلية‪.‬‬
‫• يتيح أخذ هذا الجانب في االعتبار دفع التحليل إلى األمام مع إستدماج وتجاوز مستويات‬
‫التحليل السابقة‪.‬‬

‫‪13‬‬

You might also like