‫المحور الثاني‪ :‬المشاكل التي يثيرها التلوث العابر للحدود(‪.

)5‬‬
‫لقد تناولنا في هذا المحور المسؤولية الدولية عن أضرار التلوث العابر للحدود باعتبارها محل‬
‫مختلف المنازعات التي تنشأ بين الدول‪ ،‬وستناول في هذه المحاضرة آخر عنصر مرتبط بهذه المسؤولية‬
‫ويثير مشاكل وهو ما يترتب عن هذه األخيرة من آثار‪.‬‬
‫خامسا‪:‬اآلثار المترتبة عن المسؤولية الدولية عن أضرار التلوث العابر للحدود‪.‬‬
‫يترتب عن توافر شروط المسؤولية الدولية المترتبة عن أضرار التلوث البيئي العابر للحدود‬

‫نتيجتين مهمتين التزام وقائي يتمثل في منع الضرر أو تقليله‪ ،‬والتزام عالجي متعلق بإصالح الضرر‪،‬‬

‫وهذا ما سنفصل فيه فيما يلي‪:‬‬

‫‪-/1‬االلتزام بمنع الضرر أو تقليله وعدم تكراره‪:‬‬

‫يكون االلتزام بمنع التلوث البيئي من خالل التزام الدولة المسؤولة عن النشاط الضار بوقف‬
‫الضرر أو تقليله لمنع تعاظم آثاره‪ ،‬إلى جانب عدم تك ارره‪ ،‬فبالنسبة لوقف النشاط قد يكون غير مشروع‬
‫أو مشروع والذي يعتبر إجراء وقائي بالنسبة للمستقبل وليس محوا للضرر الحاصل بسبب هذا النشاط‪.‬‬
‫ولقد نص على هذا االلتزام المواثيق الدولية وكذا القضاء الدولي‪.‬‬
‫‪-/2‬اإللتزام بإصالح الضرر‪ :‬يكون بالتعويض عن األضرار البيئية‪ ،‬وعليه سنعرف أوال التعويض ثم نبين‬
‫صور التعويض عن الضرر البيئي فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪-/‬تعريف التعويض‪:‬‬
‫يعرف التعويض بشكل عام بأنه وسيلة إلصالح الضرر‪ ،‬وليس المحو التام والفعلي للضرر الذي‬
‫وقع‪ ،‬كما يعرف بأنه جبر الضرر الذي لحق المصاب‪.‬‬
‫ب‪-/‬صور التعويض عن األضرار البيئية‪ :‬هناك صورتين نبينهما فيما يلي‪:‬‬
‫ب‪-/1‬التعويض العيني(إعادة الحال إلى ما كان عليه)‪:‬‬

‫سنقوم بتعريفه ثم تبيين صوره فيما يلي‪:‬‬

‫ب‪-/1-1‬تعريف التعويض العيني‪:‬‬

‫يقصد به رد أو إعادة الحال إلى ماكان عليه أو عودة األوضاع لما سبق وكأنه لم يقع ضرر ما‬

‫ويعتبر أفضل صور التعويض للدول طالما كان ممكنا‪ ،‬ألنه يزيل كل أثر للسلوك أو الفعل الضار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ويكمن الهدف من الحكم بإعادة الحال إلى ما كان عليه كتعويض عيني هو وضع المكان الذي‬

‫أصابه التلوث في الحالة التي كان عليها قبل صدور الفعل المنشئ للتلوث‪ ،‬أو في حالة تكون أقرب لها‬

‫بقدر اإلمكان‪.‬‬

‫ب‪-/2-1‬أشكال التعويض العيني‪:‬‬

‫يتخذ إعادة الحال إلى مكان عليه شكلين‪:‬‬

‫الشكل األول‪:‬االصالح وترميم الوسط البيئي الذي أصابه التلوث‪.‬‬

‫الشكل الثاني‪:‬إعادة انشاء شروط معيشية مناسبة لالماكن التي يهددها الخطر‪.‬‬

‫ب‪-/2‬التعويض المالي‪:‬‬

‫هو مبلغ من المال تلزم الدولة المسؤولة بدفعه إلى الدولة أو الدول المتضررة يكفي لتغطية كافة‬

‫االضرار المباشرة وغير المباشرة التي تسببت في احداثها االنشطة الملوثة للبيئة‪.‬‬

‫و يعتبر التعويض المالي من أكثر أشكال إصالح الضرر شيوعا في دعاوى المسؤولية عموما‪.‬‬

‫ب‪-/3‬التعويض المعنوي(الترضية)‪:‬‬

‫ترمي الترضية عادة إلى معالجة الضرر المعنوي الذي لحق اعتبار الدولة‪ ،‬لذلك فإن محلها دائما‬

‫شيء غير مادي ‪ ،‬وانزال العقوبات الداخلية‪ ،‬ويتم تقرير هذا التعويض المعنوي إال في الحالة التي ال‬

‫يترتب عن الفعل المنشئ للمسؤولية الدولية أية أضرار تمس المصالح المالية أو االقتصادية للدولة التي‬

‫لحق بها الضرر البيئي ‪.‬‬

‫ج‪ -/‬تقدير التعويض عن الضرر البيئي‪ :‬برز نظامين لتقدير التعويض عن الضرر البيئي نبينهما فيما‬

‫يلي‪:‬‬

‫ج‪-/1‬التقدير الموحد للضرر البيئي‪ :‬يقوم على أساس تكاليف االحالل للثروة الطبيعية التي تلوثت أو‬

‫أتلفت ومن أجل تقدير الثروات الطبيعية تقدي ار نقديا وجدت في هذا الشأن عدة نظريات‪.‬‬

‫‪2‬‬
 ‫ج‪-2‬التقدير الجزافي للضرر البيئي‪:‬‬

‫يقوم على أساس إعداد جداول قانونية تحدد قيمة مشتركة للعناصر الطبيعية‪،‬والتي يتم حسابها‬

‫وفق معطيات علمية يقوم بها متخصصون في مجال البيئة‪ ،‬ويتم تقدير الضرر البيئي وفقا لهذه الطريقة‬

‫باحتساب قيمة العناصر والثروات التي لها قيمة البضائع التجارية‪.‬‬

‫لقد لقيت كال الطريقتين العديد من االنتقاذات وصعوبات في التنفيذ ‪ ،‬مما أدى إلى اللجوء إلى‬

‫حلول بديلة أهمها نظام المسؤولية المحدودة ونظام التقدير ‪.‬‬

‫د‪-/‬ضمانات الوفاء بالتعويض‪:‬‬

‫معظم األنظمة الحديثة في الوقت الحالي تتطلب وجود ضمان مالي لضمان تعويض األضرار‬

‫البيئية والمتمثل في‪:‬‬

‫‪-‬نظام التأمين‪ :‬يكون خاصة في االنشطة الخطرة التي غالبا ما تتسبب نشاطاته في وقوع أضرار بيئية‬

‫ويأخذ صورتين فقد يكون في صورة عقد تأمين أو وجود صناديق تعويضات بحيث يتم االعتماد على هذه‬

‫األخيرة في الحاالت التي يفشل فيها كل من التأمين والمسؤولية عن تعويض المتضرر من أضرار التلوث‬

‫البيئي‪ ،‬ولقد تبنت العديد من االتفاقيات الدولية واإلقليمية نظام صناديق التعويضات‪.‬‬

‫‪3‬‬