الضمانات التي اقرها المؤسس الدستوري لحماية الحقوق و الحريات

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫الضمانات التي اقرها المؤسس الدستوري لحماية الحقوق و الحريات‬

‫مقدمة‬

‫إن موضوع الحقوق والحريات يعت بر من أك ثر المواض يع أهمي ة في الق انون‪ ،‬وق د ب رزت أهميت ه أك ثر بتط ور الحي اة في‬
‫مختلف المجاالت وعلى إثره نادت إعالنات دولية كثيرة ودساتير الدول بالحقوق والحريات العامة ودعت إلى كفالة حمايته ا‬
‫من خالل مبدأ المساواة‪ ،‬هذا المبدأ الذي يعتبر أصل الحقوق األخرى‪.‬‬

‫ولما كان القانون وليد المجتمع‪ ،‬يتطور وينمو بتطوره ونموه‪ ،‬ف إن ه ذه الحق وق والحري ات تتط ور مجاالته ا وتتغ ير أبع اد‬
‫العالقة بين أطرافها سواء تمثلت في الدولة أو األفراد‪ ،‬له ذا ف إن الحق وق والحري ات ال يمكن له ا أن تق وم إال في ظ ل دول ة‬
‫قانونية تكفل هذه الحقوق وتحترمها وتحميها‪.‬‬

‫ولقد سعى القانون الدولي إلى االعتراف بهذه الحقوق والحريات واإلقرار بوجوده ا ح تى يك ون له ا بع د ع المي‪ ،‬لكن دون‬
‫تنظيم أي ضمانات[‪ ]1‬تكفل التمتع بها أو وضعها موضع التنفيذ‪ ،‬وهذا نظرا لقص ور الق انون ال دولي في الج انب اإلل زامي‬
‫لقواعده‪ ،‬وعدم وجود سلطة عليا تعلو الدول يمكنها أن تفرض على من يتجاوز قواعد القانون الدولي جزاء‪.‬‬

‫وعلى خالف ذلك فإن الدول اعترفت بهذه الحقوق وتضمنت في اعترافها إقرارا بضمانات له ذه الحق وق والحري ات العام ة‬
‫وتنظيم آليات تكفل إنفاذها‪ ،‬من بينها الحماية الدستورية للحقوق والحريات التي ال تق ف عن د ح د النص عليه ا في الدس تور‪،‬‬
‫وإنما تتعدها إلى التنظيم ورقابة دستورية تضمن التزام المشرع بهذه النصوص‪ ،‬وتوق ع ج زاء على من يخالفه ا‪ .‬وه ذا بن اء‬
‫على أن العنصر الجوهري في القاعدة القانونية الداخلية ( الوطنية) هو تمتعها بوصف اإلل زام‪ ،‬ذل ك اإلل زام ال ذي يتعين أن‬
‫تكفله سلطة عامة تملك التدخل بالقوة إذا لزم األمر‪ ،‬ورغم وجود تلك الضمانات الهامة ضمن النظام القانوني الداخلي لل دول‬
‫إال انه قد تقع ظروف استثنائية مؤقتة قد يكون لها تأثير على الضمانات الدستورية المقررة لحماية وكفالة الحقوق والحريات‬
‫العامة داخل الدولة ‪.‬‬

‫مما تقدم ذكره‪ ،‬كان لزاما علينا أن نتعرف على هذه الضمانات الدس تورية ال تي اقره ا المؤس س الدس توري لحماي ة حق وق‬
‫اإلنسان والمواطن‪ ،‬من خالل هذا المق ال‪ ،‬وتبي ان م ا م دى ت أثر ه ذه الض مانات ب الظروف االس تثنائية ال تي نص ت عليه ا‬
‫الدساتير ومكنت السلطة التنفيذية من سلطات تتخذ لمواجهة الظرف االستثنائي والتي قد تصل إلى حد تعطيل التمتع بالحقوق‬
‫والحريات ليحل محله المنع والتقييد‪ ،‬وهذا من خالل دراسة القانون الجزائري‪.‬‬

‫وقد عولج هذا الموضوع[‪ ]2‬في ثالث مباحث جاءت كاألتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ضمانة التنصيص على الحقوق والحريات العامة في الدستور‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ضمانة اختصاص السلطة التشريعية في تنظيم الحقوق والحريات العامة‬

‫المبحث الثالث‪ :‬ضمانة الرقابة على أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية‬


‫المبحث األول‪ :‬ضمانة التنصيص على الحقوق والحريات العامة في الدستور‬

‫تتض من معظم الدس اتير الحديث ة أحكام ا تخص الحق وق والحري ات األساس ية للم واطن ال تي يتعين على‬
‫الحكام احترامها وتشكل هذه األحكام جوهر الفلسفة السياسية للنظام‪.‬‬
‫بعض الدساتير تتضمن هذه األحكام في الديباجة أو ضمن إعالن للحقوق أو في كليهما مع ا‪ ،‬م ع إمكاني ة‬
‫تخصيص فصل خاص لها‪.‬‬
‫لق د ظه رت إعالن ات الحق وق ألول م ره في الدس اتير المكتوب ة عن د نهاي ة الق رن ‪ ،18‬ومن أولى ه ذه‬
‫اإلعالن ات‪ ،‬إعالن الحق وق الص ادر في الوالي ات المتح دة األمريكي ة ع ام ‪ .1780‬لكن أش هرها إعالن‬
‫الحقوق اإلنسان والمواطن عام ‪ 1789‬الذي تم إدراجه في مقدمة الدستور الفرنسي األول لعام ‪.1791‬‬
‫ولكن هل إن مجرد وجود هذه النصوص في صلب الدستور يعد بحد ذاته ضمانة للحقوق والحريات؟‬
‫المطلب األول‪ :‬مبدأ سمو الدستور‬
‫في الدول الديمقراطية التي تقوم على السيادة الشعبية واحترام الحقوق وحريات األفراد‪ ،‬يجب أن تخض ع‬
‫الدولة بسلطاتها وهيئاتها وحكامها لسيادة القانون‪ ،‬تماما مثلما يخضع ل ه األف راد وهيئاته ا الخاص ة‪ ،‬ولن‬
‫يتحق ق ه ذا إال بوج ود دس تور وخض وعها ل ه من حيث تك وين الس لطات العام ة واالل تزام بمباش رة‬
‫االختصاصات التي نص عليها وعدم الخروج عليه‪ ،‬وأن يبين هذه الحقوق والحريات العامة‪.‬‬
‫إن سيادة الدستور مبدأ مسلم به في األنظمة الديمقراطية سواء كانت ملكية أو جمهورية أة غيره ا‪ .‬وعل ة‬
‫ذلك‪ ،‬أن الدستور يضع القواعد والمبادئ العليا‪ ،‬التي تنظم سلطات الدولة وتضمن حري ات األف راد‪ ،‬ومن‬
‫ثم يجب أن تعلو أحكام الدستور على قرارات الس لطة التنفيذي ة وليس ه ذا فق ط ب ل يجب أن تعل و أحك ام‬
‫الدستور أيضا على القوانين التي تقرها السلطة التشريعية‪ ،‬ألنه مهما كانت هذه الس لطة ممثل ة الش عب أو‬
‫األمة وتعبر بالتالي عن إرادة المواطنين الذين انتخب وا أعض اء البرلم ان‪ ،‬إال أن ه ذه الس لطة التش ريعية‬
‫تبقى مجرد سلطة منشأة تجد أساس وجودها وصالحياتها في نصوص الدستور األعلى ال ذي أسس ها[‪،]3‬‬
‫حيث أن البرلم ان كس لطة تش ريعية تض ع الق وانين العادي ة‪ ،‬يس تمد س لطته وش رعيته واختصاص ه من‬
‫الدستور‪ ،‬وكذلك السلطة التنفيذية التي تصدر المراسيم واللوائح واإلجراءات الفردية‪ ،‬تس تمد اختصاص ها‬
‫وش رعيتها من الدس تور‪ ،‬وأيض ا الس لطة القض ائية وأس اس ش رعية األحك ام ال تي تص درها مص درها‬
‫نصوص الدستور‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القيمة الدستورية للحقوق والحريات‬
‫نصت معظم الدساتير الحديثة على جملة من الحقوق المكرسة لحرية التفكير والتعب ير والتنق ل والمس اواة‬
‫بين المواطنين‪ .‬وحول طبيعتها اعتبر البعض إن هذه اإلعالنات تعبر عن مبدأ فلسفي أكثر مم ا تع بر عن‬
‫قواع د قانوني ة‪ ،‬وبالت الي ليس لتل ك اإلعالن ات ق وة قانوني ة‪ .‬بينم ا ي رى البعض األخ ر‪ ،‬عن ح ق‪ ،‬أن‬
‫إلعالنات الحقوق القيمة القانونية كنص قانوني وتكتس ي أيض ا نفس مرتب ة القواع د الدس تورية‪ ،‬وال دليل‬
‫على ذلك الضمانات التي تحيط الحقوق والحريات الواردة في اإلعالنات من خالل اآللي ات ال تي يض عها‬
‫المشرع لحماية الحقوق والحريات الدستورية ومن خالل الدور األساسي الذي تلعبه المج الس الدس تورية‬
‫في مجال حماية الحريات ‪.‬‬
‫من نت ائج س مو الدس تور من الناحي ة الموض وعية أن القيم ة الدس تورية ال ترتب ط فق ط بوثيق ة الدس تور‬
‫المكتوب‪ ،‬أي أن هذه الصفة ليست قاصرة على قواعده وحدها‪ ،‬بل تنسحب تل ك القيم ة الدس تورية أيض ا‬
‫على عدد من القواعد التي قد ال يتضمنها صلب الدس تور المكت وب مث ل الحق وق والحري ات العام ة‪ ،‬في‬
‫الجزائر وضع دستور ‪ 1996‬عددا من الحريات التي نص عليها إال أنه لم يكتب أو يشير إلى أن الحقوق‬
‫التي لم تذكر في القانون هي مص انة أيض ا بالقيم ة الدس تورية‪ ،‬تنص الم واد (‪ )31‬إلى (‪ )68‬على ع دد‬
‫كبير من حقوق المواطنين على الدولة وواجباتهم تجاهه ا‪ .‬وأب رز ه ذه الحق وق والواجب ات ح ق المعتق د‬
‫والرأي والتعبير واالجتماع والخصوصية‪ ،‬وال تفتيش أو توقيف إال بأمر قضائي وافتراض ال براءة ح تى‬
‫تثبت اإلدانة‪ ،‬الحق في محاكمة عادلة وفي التعويض العادل في حال إساءة تطبيق أحكام العدال ة‪ ،‬والح ق‬
‫في التأسيس األحزاب السياسية‪ ،‬وح ق التص ويت والترش ح في االنتخاب ات‪ ،‬والح ق في الملكي ة الخاص ة‬
‫والتعليم والعمل واالنتظام في النقابات‪ ،‬واألحزاب في حدود القانون جميعها مكفول ة دس توريا‪ ،‬ويف ترض‬
‫بالمواطنين احترام القانون ورموز الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫إن تمتع الحقوق والحريات العامة بالص فة الدس تورية يجعله ا محمي ة بم وجب مب دأ س مو الدس تور‪ ،‬ه ذا‬
‫األخير ال ينتج أثره القانوني ما لم تنظم وسائل تكفل احترامه‪ ،‬أي بتنظيم الرقابة على دس تورية الق وانين‪.‬‬
‫وال يمكن تنظيم هذه الرقاب ة م ا لم يتحق ق للدس تور الس مو الش كلي بج انب الس مو الموض وعي‪ .‬ويقص د‬
‫بالسمو الشكلي خضوع تعديل النصوص الدستورية إلج راءات خاص ة تختل ف عن تل ك المتعلق ة بتع ديل‬
‫القوانين العادية‪،‬وهذه اإلج راءات تك ون أش د ص عوبة وأك ثر تعقي دًا من تل ك المتبع ة في تع ديل الق انون‬
‫العادي‪.‬وهو م ا س ارت علي ه الجزائ ر وذل ك بتض مين الدس تور إج راءات تعديل ه‪ ،‬اس تنادا إلى الم واد (‬
‫‪ )174،175‬من الدستور الجزائري لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدس توري‪ .‬وبع د تص ديق‬
‫البرلم ان بمجلس يه على التع ديل المق ترح ويع رض على االس تفتاء الش عبي خالل ‪ 50‬يوم ا من ت اريخ‬
‫التصديق‪ .‬أما الطريق الثاني البديل فيتمث ل في موافق ة المجلس الدس توري على التع ديل المق ترح ومن ثم‬
‫تصديق ثالثة أرب اع مجلس ي البرلم ان علي ه قب ل أن يص دره رئيس الجمهوري ة‪ .‬وال يج وز أن يمس أي‬
‫تعديل دس توري النظ ام الجمه وري لدول ة الجزائ ر‪ ،‬أو نظ ام التعددي ة الحزبي ة‪ ،‬أو دين الدول ة أو لغته ا‬
‫الرسمية[‪ ،]4‬أو الحقوق والحريات األساسية وهذا ما حددت ه الم ادة [‪ ،178]5‬ال تي تعت بر ض مانة هام ة‬
‫للحقوق والحريات في مواجهة كافة السلطات حتى تلك المخول لها حق تعديل الدستور‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أثر الظروف االستثنائية على الدستور‬
‫ق د يع ترض اس تقرار الدول ة ظروف ا اس تثنائية‪ .‬وحماي ة له ذا الكي ان تم التنص يص على ه ذه الظ روف‬
‫وتنظيمها دستوريا تتجلى هذه الحاالت في حالتي الط وارئ والحص ار والحال ة االس تثنائية وأخ يرا حال ة‬
‫الحرب‪ .‬السؤال الذي نطرحه هو هل لتلك الظروف تأثير على الدستور أي هل يمكن تعديله دون اللج وء‬
‫إلى اإلجراءات المخصصة له في الحالة العادية وهل يمكن أن يصل إلى حد عدم العمل بالدستور؟ فحال ة‬
‫الضرورة تجيز للدولة أو إلحدى هيئاتها‪ ،‬وغالبًا ما تكون الهيئة التنفيذية (رئيس الدولة أو الحكوم ة)‪ ،‬أن‬
‫تعلق كل أو بعض نصوص الدستور‪.‬‬
‫يذهب معظم الفقهاء إلى أن تصرفات السلطة التنفيذية المخالفة إلحكام الدستور سواء في الظروف العادية‬
‫أو االس تثنائية تك ون غ ير مش روعة‪ ،‬الن الظ روف االس تثنائية وان ك انت توس ع من س لطات الس لطة‬
‫التنفيذي ة إال أنه ا يجب أن تظ ل تل ك التوس عة في نط اق وب احترام أحك ام الدس تور فكم ا قي ل ف ان مب دأ‬
‫المشروعية ال يوقف أبدا ” ‪le régime de légalité n’a jamais été suspendu chez‬‬
‫]‪ nous “[6‬فسيادة أحكام الدستور يجب أن تراعى سواء في الظروف العادية أو غير العادية“[‪]7‬‬
‫بالنس بة لح التي الط وارئ و الحص ار‪ ،‬نج د أن الدس تور الجزائ ري ق د نص على أن يتم تنظيم ه اتين‬
‫الحالتين بموجب ق انون عض وي وب الرجوع إلى نص الم ادة ‪ 123‬في فقرته ا األخ يرة تنص على ان ه ”‬
‫يخضع القانون العضوي لمراقبة مطابقة النص مع الدستور من طرف المجلس الدستوري قب ل ص دوره”‬
‫وعليه ال يمكن أن يتضمن نصا مخالفا للدستور كأن يحرم ممارسة حرية من الحريات مثال‪.‬‬
‫بالنسبة للحالة االستثنائية‪ ،‬في الجزائ ر‪ ،‬نص ت الم ادة ‪ 93‬من دس تور ‪“ 1996‬يق رر رئيس الجمهوري ة‬
‫الحالة االستثنائية إذا كانت البالد مهددة بخطر داهم يوشك أن يص يب مؤسس اتها الدس تورية أو اس تقاللها‬
‫أو سالمة ترابها‪.‬‬
‫وال يتخذ مثل هذا اإلجراء إال بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة والمجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء‪.‬‬
‫تخول الحالة االستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ اإلجراءات االستثنائية ال تي تس توجبها المحافظ ة على‬
‫استقالل األمة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية‪.‬‬
‫ويجتمع البرلمان وجوبا‪.‬‬
‫تنتهي الحالة االستثنائية‪ ،‬حسب األشكال واإلجراءات السالفة الذكر التي أوجبت إعالنها”‪.‬‬
‫نالحظ أن المشرع الدستوري أوجب ش روط بغي ة تقيي د س لطات رئيس الجمهوري ة تفادي ا لم ا ق د ينج ر‬
‫انعكاسا بفعل ما يتمتع به من سلطات واسعة وكذا إمكانية اتخاذه اإلجراءات االستثنائية ‪ ،‬وذل ك ب ان اق ر‬
‫وجوب اخ ذ رأي المجلس الدس توري ‪،‬رغم أن ه ذه االستش ارة إلزامي ة من حيث طلبه ا دس توريا إال أن‬
‫األخذ بنتيجتها يبقى اختياريا‪.‬‬
‫وعن إمكانية تعديل أو وقف العمل بالدستور جزئيا أو كليا فقد نصت المادة ‪ 124‬من الدستور الجزائ ري‬
‫على أن لرئيس الجمهورية حق التشريع بأوامر في حالتين‪:‬‬
‫– حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين دورتي البرلمان‬
‫– حالة إقراره للحالة االستثنائية المنصوص عليها في المادة ‪93‬‬
‫ما يمكننا استخالصه ووفقا لما ذهب إليه األستاذ بن طيفور بأنه يمكن لرئيس الجمهورية تع ديل الدس تور‬
‫بواسطة األوامر التشريعية[‪ ]8‬بعد اخذ رأي المجلس الدستوري إال أن ه ذا التع ديل باإلمك ان أن يتم على‬
‫أال يمس المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحق وق اإلنس ان والم واطن وحرياتهم ا‪ ،‬وال يمس‬
‫أيضا التوازنات األساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية[‪]9‬‬
‫وبالنسبة لحالة الحرب‪ ،‬بالرجوع إلى المواد الدستورية التي تضمنتها الدساتير الجزائرية في متنها السيما‬
‫ما تضمنه دس تور ‪ 1996‬بداي ة من نص الم ادة ‪ 95‬إذا وق ع ع دوان فعلي على البالد أو يوش ك أن يق ع‬
‫حسبما نصت عليه الترتيبات المالئمة لميثاق األمم المتحدة‪ ،‬يعلن رئيس الجمهورية الحرب ‪ ،‬بعد اجتم اع‬
‫مجلس الوزراء واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن واستشارة رئيس المجلس الش عبي الوط ني ورئيس‬
‫مجلس األمة‪.‬‬
‫يجتمع البرلمان وجوبا‪.‬‬
‫ويوجه رئيس الجمهورية خطابا لألمة يعلمها بذلك”‬
‫والمادة ‪ 96‬التي تنص على ” يوقف العمل بالدستور مدة حال ة الح رب ويت ولى رئيس الجمهوري ة جمي ع‬
‫السلطات…”‬
‫نجد أن المشرع الدستوري الجزائري اعترف لرئيس الجمهوري ة الح ق في إعالن التعبئ ة العام ة وحال ة‬
‫الحرب باعتبارهما من حاالت الظروف الغير العادية التي قد تعيشها الدولة فعليا‪.‬‬
‫كما أن في حالة الحرب يتمتع رئيس الجمهورية بصالحيات وسلطات واسعة حيث يوقف العمل بالدستور‬
‫مدة سريانها وتحويل جميع السلطات لرئيس الجمهورية من اجل اتخ اذ ك ل اإلج راءات االس تثنائية ال تي‬
‫تستوجبها للمحافظة على استقالل األمة والمؤسسات الدستورية‪ ،‬وكذا باعتبار انه في حالة الح رب تح ول‬
‫وظائف السلطات المدنية إلى السلطات العسكرية فانه حتما ستمس الحري ات العام ة وتص اب عن طري ق‬
‫تعطيلها كحرية االجتماع‪ ،‬حرية الصحافة‪ ،‬وحرية تك وين الجمعي ات… ‪ ،‬إلى غ ير ذل ك من اإلج راءات‬
‫التي تضيق الخناق على األشخاص وتحد من الحريات العامة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ضمانة االختصاص التشريعي بتنظيم الحقوق والحريات العامة‬
‫إن تنظيم أي مسألة من المسائل القانونية قد تختص به السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية‪ ،‬من بين ه ذه‬
‫المسائل ما يتعلق بتنظيم الحقوق والحريات العامة فلمن يؤول حق تنظيمها ؟‬
‫المطلب األول‪ :‬السلطة المختصة بتنظيم الحقوق والحريات العامة‬
‫عهدت معظم الدساتير الدول للسلطة التشريعية مسألة تنظيم الحقوق والحريات و ذلك لالعتبارات اآلتية‪:‬‬
‫إن الوجود الواقعي للحريات وكفالة ممارستها يتح دد في نط اق التش ريعات العادي ة‪ ،‬فالمش رع ه و ال ذي‬
‫يقوم بتنظيم الحريات العامة‪ ،‬وه ذا التنظيم ال ذي يت واله المش رع ه و ال ذي يق دم للحري ة إمك ان الوج ود‬
‫الواقعي ومن خالله تصبح الحرية موجودة وقائمة‪.‬‬
‫واستنادا إلى هذا نجد بعض فقهاء القانون يذهبون إلى القول إن الحريات ال توجد إال حيثما يوجد التشريع‬
‫المنظم لها‪ ،‬وهذا ما عبر عنه الفقيه الفرنسي اسمان بقوله‪« :‬انه ال يكفي أصال أن يكفل الدستور ممارس ة‬
‫حرية ما لكي توجد هذه الحرية ب ل الب د أن يوج د تنظيم له ا بواس طة التش ريع‪ ،‬وم ادام ه ذا التش ريع لم‬
‫يصدر فان النص الدستوري ال يمثل سوى وعد دستوري غير قابل للتطبيق»‪.‬‬
‫والواقع إن أهمية التنظيم التشريعي في مجال الحري ات العام ة تع زى إلى جمل ة من االعتب ارات العملي ة‬
‫جعلت من التشريع خير وسيلة لحماية الحرية‪ ،‬وتتمثل هذه االعتبارات في ناحية أولى فيما تمر به عملي ة‬
‫إصدار القانون من مراحل متعددة وما يحوط بها من إجراءات شكلية وما يصاحبها من مناقشات واسعة‪.‬‬
‫كما تمثل من ناحية أخرى فيما يتصف به التشريع من عمومية تضفي عليه طابع ا غ ير ذاتي ينتفي معه ا‬
‫كل احتمال للتعسف ما دام التشريع ال يواجه حاالت معينة بذاتها وال أف رادا معي نين ب ذواتهم وإنم ا يق رر‬
‫قواعد موضوعية توضع مقدما‪ ،‬وتطبق على الحاالت واألشخاص كافة الذين تتوافر فيهم شروط تطبيقها‪.‬‬
‫وتتأكد أهمية هذه الضمانة بصورة جلية إذا أخذنا في االعتب ار أن تط بيق القواع د التش ريعية وخصوص ا‬
‫في المسائل الجنائية ال يكون إال بأثر فوري على الوقائع الالحقة لتاريخ صدوره‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ تدرج القوانين‬
‫يعتبر مبدأ تدرج القوانين ركن ه ام في بن اء الدول ة القانوني ة‪ .‬ذل ك أن ه ال يمكن تص ور النظ ام الق انوني‬
‫للدولة القانونية بدون هذا التدرج الذي يظهر في سمو بعض القواعد القانونية على بعض‪ ،‬وتبعية بعض ها‬
‫للبعض اآلخر‪ ..‬فالقواعد القانونية ليست في مرتب ة متس اوية من حيث الق وة والقيم ة‪ ،‬ففي قمته ا القواع د‬
‫الدستورية‪ ،‬ثم تتلوها التشريعات العادية‪ ،‬ثم اللوائح الصادرة من السلطات اإلداري ة‪ ..‬وهك ذا يس تمر ه ذا‬
‫التدرج حتى يصل إلى القاعدة الفردية‪ ،‬أي القرار الفردي الصادر من سلطة إدارية دنيا‪.‬‬
‫وهذا التدرج يستلزم بالضرورة خضوع القاعدة األدنى للقاعدة األسمى‪ ،‬شكًال وموضوًع ا‪ ،‬فأما خضوعها‬
‫شكًال فبصدورها من السلطة التي حددتها القاعدة األسمى وبإتباع اإلجراءات التي بينتها‪ ،‬وأم ا خض وعها‬
‫موضوًع ا فذلك بأن تكون متفقة في مضمونها مع مضمون القاعدة األعلى‪.‬‬
‫إن التدرج بين القواعد القانونية يؤدي إلى وجوب تقيد القاعدة القانونية ال دنيا بالقاع دة العلي ا‪ ،‬إذ ال يص ح‬
‫أن تتعارض قاعدة قانونية دنيا مع أخرى تعلوها في مرتبة التدرج‪ ،‬حتى ال يحدث خلل في انس جام البن اء‬
‫القانوني للدولة‪.‬‬
‫وفقا لمبدأ تدرج القوانين ينبغي أن ال تكون التنظيمات واللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذي ة‪ ،‬مخالف ا في‬
‫أحكامها لتشريع يعلوه درجة وإال فقدت شرعيتها‪.‬‬
‫ولقد سبقت اإلشارة أن مبدأ سمو الدستور يقتضي إلغ اء ك ل نص مخ الف في مض مونه لقواع د الدس تور‬
‫سواء صيغ في شكل معاهدة أو قانون أو نص تنظيمي‪ .‬ويج د ه ذا الت درج في ه رم النص وص القانوني ة‬
‫أساسه انه اقر ض مانا لحق وق وحري ات األف راد وإال فم ا الفائ دة أن تع ترف القاع دة الدس تورية بح ق أو‬
‫حرية‪ ،‬لتسلب فيما بعد بموجب قاعدة من التشريع العادي أو الفرعي‪ .‬لذا وجب إلغائها لمخالفتها الدستور‪.‬‬
‫وتطبيقا لنفس الفكرة ينبغي إلغاء كل تنظيم أو الئحة ال يالئم الق انون الص ادر عن الس لطة التش ريعية في‬
‫مضمونه وصلب قواعده‪ ،‬وهذا ما اصطلح على تسميته في الفقه بشرعية الل وائح‪ .‬ومب دأ ت درج الق وانين‬
‫يضفي علي الدولة وصف الدول ة القانوني ة ‪ ،‬وذل ك بتميزه ا عن الدول ة البوليس ية ال تي ال تتقي د الس لطة‬
‫اإلدارية فيها بقيود فهي تملك اتخاذ ما تراه من إجراءات وتدابير في مواجهة األفراد دون أن تري نفس ها‬
‫ملزمه بالخضوع للقانون وفي تقرير مبدأ المش روعية كفال ة المحافظ ة علي حري ات األف راد المحك ومين‬
‫وحمايتهم في مواجهة الدولة التي تتمتع السلطة العامة فيها بقوه قهرية ‪ ،‬قد تنحرف إذا لم تخضع للقوانين‬
‫فتهدر حقوق األفراد وتقضي علي حرياتهم العامة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أثر الظروف االستثنائية على التشريع‬
‫إن قيام الظروف االستثنائية ال يمكن أن تحكمه قواعد المشروعية العادية سواء في نص وص الدس تور أو‬
‫في نص وص الق انون‪ .‬ألن ه ذا ب الطبع يخ رج عن ني ة وقص د المش رع الدس توري والمش رع الع ادي‪.‬‬
‫فمضمون القواعد الدستورية والعادية في الظروف العادية يجب أن يختلف عنها في الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫فسلطات الدولة ال بد أن تتسع‪ ،‬وتضطر الدولة بال شك إلى تقييد الحريات واتخاذ إجراءات قد يكون منه ا‬
‫وقف العمل ببعض القوانين العادية بل ببعض نصوص الدستور التي تطبق في األحوال العادية‪.‬‬
‫خول الدستور لرئيس الجمهورية حق في التشريع بأوامر في ظل الحالة االستثنائية وذل ك بم وجب الم ادة‬
‫‪124‬من الدس تور الجزائ ري في فقرته ا األخ يرة وال تي ج اء فيه ا ” يمكن رئيس الجمهوري ة أن يش رع‬
‫بأوامر في الحالة االستثنائية المذكورة في المادة ‪ 93‬من الدستور‪.‬‬
‫تتخذ األوامر في مجلس الوزراء‪”.‬‬
‫إذا يحق لرئيس الجمهورية أن يشرع بموجب أوامر خالل الحالة االستثنائية وهو م ا يجعلن ا نتس اءل عن‬
‫نطاق ذلك االختصاص و هو ما أجاب عنه الدكتور بن طيفور من خالل تفحصه ألراء الفقهاء الفرنس يين‬
‫والدستور الفرنسي وكذا الدستور الجزائري‪ ،‬وقد خلص إلى أنه تفاديا للتصادم والتع ارض بين الس لطتين‬
‫التشريعية والتنفيذية في ظل الظرف االستثنائي الذي يس تدعي االس تعجال يت وجب إعط اء الح ق ل رئيس‬
‫الجمهورية في تعديل وإلغاء ما يسنه البرلمان والعكس ال إذ ال يحق للبرلمان القيام بالعمل ذات ه اتج اه م ا‬
‫يسنه رئيس الجمهورية‪ .‬فالمؤسس الدستوري الفرنسي في المادة ‪ 16‬من ه وال تي ص يغت بطريق ة تس مح‬
‫للرئيس باتخاذ إجراءات على أن يكون الغرض منها ه و ض مان ع ودة الس لطات العام ة في اق رب وقت‬
‫ممكن للقيام بمهامها‪]10[ .‬‬
‫نخلص إلى انه في ظل الحالة االستثنائية لم يعد لضمانة االختصاص التشريعي للبرلم ان في مج ال تنظيم‬
‫الحق وق والحري ات العام ة لن يع ود له ا أي وج ود عن دما يص بح رئيس الجمهوري ة مش رعا خالل ه ذا‬
‫الظرف‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ضمانة الرقابة على أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية‬
‫إن سمو الدستور وهو أعلى مرتبة من س ائر الق وانين واألنظم ة كم ا ان ه الن اظم لنش اط س ائر الس لطات‬
‫يستوجب أن تتقيد بأحكامه كافة السلطات وخاصة تلك التي تتعلق بالحقوق والحريات العام ة‪ ،‬وان تك ون‬
‫جميع القواعد القانونية غير متعارضة مع النصوص الدس تورية فكي ف الس بيل إلى ض مان اح ترام س مو‬
‫الدستور؟‬
‫المطلب األول‪ :‬الرقابة على دستورية القوانين‬
‫من الواضح أن هذا التفوق وقدسية الدستور‪ ،‬يفقدان معناها إذا أمكن للسلطة التشريعية أن تخالف أحكام ه‬
‫بدون رادع‪ ،‬البد إذا من وجود رقابة من جهة مختصة‪.‬‬
‫تبنت الجزائر الرقابة السياسية حيث تتوالها لجنة أو هيئة ينش ؤها دس تور الدول ة بنص ص ريح‪ ،‬ويك ون‬
‫اختيار أعضائها من جانب سلطات سياسية وتكون رقابتها س ابقة على ص دور الق انون[‪ ،]11‬ه ذه الهيئ ة‬
‫سميت في الدستور الجزائري بالمجلس الدستوري سابقا و المحكمة الدستورية حاليا ‪.‬‬
‫إن االختصاص الرئيسي أو األكثر أهمي ة للمجلس الدس توري ه و رقابت ه على دس تورية الق وانين‪ ،‬وهي‬
‫رقابة سابقة على إصدار القانون ولكن بعد إقرارها من مجلسي البرلم ان‪ ،‬فهي ليس ت رقاب ة الحق ة على‬
‫إصدار القانون وتطبيقه‪.‬‬
‫أسندت الرقابة على دستورية القوانين إلى المجلس الدس توري حيث نص ت الم ادة ‪ 165‬على ان ه َيفِص ل‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬باإلضافـة إلى االختصاصات التي خولتها إي اه ص راحة أحك ام أخ رى في الدس تور‪،‬‬
‫في دستورية المعاهدات والق وانين‪ ،‬والتنظيم ات‪ ،‬إم ا ب رأي قب ل أن تص بح واجب ة التنفي ذ‪ ،‬أو بق رار في‬
‫الحالة العكسية‪.‬‬
‫يبدي المجلس الدستوري‪ ،‬بعد أن ُيخِط ره رئيس الجمهورية‪ ،‬رأيه وجوبا في دستورية الق وانين العض وية‬
‫بعد أن يصادق عليها البرلمان‪.‬‬
‫كما َيفِص ل المجلس الدس توري في مطابق ة النظ ام ال داخلي لك ل من غرف تي البرلم ان للدس تور‪ ،‬حس ب‬
‫اإلجراءات المذكورة في الفقرة السابقة‪.‬‬
‫يتضح من نص المادة أن المؤسس الدستوري الجزائري اخذ بالرقابة الس ابقة والالحق ة ‪ ،‬وبأخ ذه الرقاب ة‬
‫الالحقة يكون قد كفل للحقوق والحريات ضمانة هامة رغم أن الدستور الجزائري قد قصره حق اإلخطار‬
‫على رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الش عبي الوط ني ومجلس األم ة الم ادة ‪ 166‬من الدس تور‪]12[.‬‬
‫ولم يوضح إمكاني ة اللج وء إلي ه من المواط نين أو مؤسس ات مختص ة معين إنم ا اهتم ب ذكر أنه ا تعطي‬
‫بخصوص قانون ما قبل أن يصبح قابل للنفاذ( رقابة سابقة) أو بقرار في الحالة العكسية (رقابة الحقة)‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة القضائية‬
‫ال يكفي وجود النصوص الدستورية والقانوني ة لحماي ة الحري ات العام ة‪ ،‬وإنم ا يجب أن تتقي د الس لطتان‬
‫التشريعية والتنفيذية في كل تصرفاتها بالنصوص الدستورية أوال وبالتشريعية ثانيا‪ ،‬وهذا م ا يطل ق علي ه‬
‫مبدأ سيادة القانون أو مب دأ المش روعية‪ .‬غ ير أن خض وع الس لطة للق انون والدس تور ال يك ون خض وعا‬
‫حقيقيا ما لم يقترن بوجود رقابة قضائية تك ون مهمته ا إلغ اء أو ع دم تط بيق الق وانين المخالف ة للدس تور‬
‫وإلغاء القرارات المخالف ة للق انون‪ .‬ل ذلك تع د الرقاب ة القض ائية من أق وى الض مانات ال تي تق دمها النظم‬
‫المعاصرة لحماية الحقوق والحريات وتحقيق مبدأ سيادة القانون‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أن مبدأ المشروعية وسيادة الق انون ه و العالم ة المم يزة للدول ة القانوني ة وه و الض مانة‬
‫األساسية للحقوق والحريات العامة ‪ ,‬والقاضي اإلداري هو مفتاح االلتزام بس يادة الق انون وتحقي ق س يادة‬
‫القانون بمعناها الواسع الذي يتجاوز مجرد احترام القانون ‪ ,‬بل يمتد إلى مض مون الق انون ذات ه من حيث‬
‫وجوب حمايته لحقوق اإلنسان ‪ ,‬فإذا عجز القانون عن توف ير ه ذه الحماي ة لم يع د ج ديرًا ب ان تك ون ل ه‬
‫السيادة‪.‬‬
‫تسهر السلطة التنفيذي ة على حماي ة النظ ام الع ام بم ا له ا من س لطة ض بطية‪ ،‬وهي به ذا ق د تس رف في‬
‫اس تعمال س لطاتها بمخالف ة الق انون والدس تور وق د يمس ه ذا االنح راف الحق وق والحري ات العام ة‬
‫المنص وص عليه ا في الدس تور والمنظم ة بم وجب الق وانين الص ادرة عن الس لطة التش ريعية‪ ،‬ولحماي ة‬
‫المجال التشريعي ضد تعدي الحكومة بما لها من سلطة الئحية على المجاالت المخصصة للقانون خاص ة‬
‫في ما يتعلق بالحقوق والحريات العامة‪.‬‬
‫في الجزائر‪ ،‬إذا كان قد عهد للمجلس الدستوري أمر مراقبة دس تورية المعاه دات والق وانين والتنظيم ات‬
‫فان السؤال يطرح لمن يعود حق إلغاء اللوائح في حالة مخالفته ا لنص ق انوني يعلوه ا وفق ا لمب دأ ت درج‬
‫القوانين؟‬
‫يمارس مهمة الرقابة على مطابقة اللوائح للق انون الس لطة القض ائية وه ذا أم ر دأبت على إتباع ه غالبي ة‬
‫النظم المعاصرة من بينها الجزائر التي لجئت إلى تخصيص قضاء إداري مستقل عهد له س لطة ممارس ة‬
‫الرقابة على اللوائح وإلغائها بدعوى اإللغاء إذا كان فيها مخالفة لتشريع عادي ‪ ،‬حيث نصت الم ادة ‪152‬‬
‫‪ ” :‬تمثل المحكمة العليا الهيئة المقومة ألعمال المجالس القضائية والمحاكم‪.‬‬
‫يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية اإلدارية‪.‬تضمن المحكمة العليا ومجلس الدول ة‬
‫توحيد االجتهاد القضائي في جميع أنحاء البالد ويسهران على احترام القانون‪.‬‬
‫تؤسس محكمة تنازع تتولى الفصل في حاالت تنازع االختصاص بين المحكمة العليا ومجلس الدولة‪”.‬‬
‫فالقض اء يمث ل الح ارس الط بيعي لحق وق وحري ات األف راد‪ ،‬إذ ال يكفي مج رد إعالن مب ادئ الحري ات‬
‫وتنظيمها دستوريا وتشريعيا‪ ،‬وإنما يتعين فضال عن ذلك أن يملك أص حابها الوس ائل الكفيل ة باحترامه ا‪،‬‬
‫وخير وسيلة تضمن احترام حقوق وحريات األفراد هو القضاء‪ ،‬حيث يمكن إلغاء القرارات اإلدارية ال تي‬
‫تكون مخالفة للقانون أو تعسفا في استعمال السلطة( االنحراف بالسلطة)‬
‫أو قيام مس ؤولية اإلدارة عن اإلض رار فتل زم ب التعويض (دع وى التع ويض) وفي ه ذا ض مان للحق وق‬
‫والحريات الفردية وتجسيد لمبدأ المشروعية‬
‫[‪ ]1‬يعرف الضمان لغة بأنه الكفالة وااللتزام وضمن الشيء ( بكسر الميم) أي كفل به ‪،‬والمضمن هو م ا‬
‫ال يتم معناه إال بالذي يليه – راجع المعجم الوجيز‪ ،‬ص ‪ .383‬و مختار الصحاح‪ ،‬ص ‪.384‬‬
‫[‪ ]2‬هذا المقال تمت معالجته اعتمادا على ما قدمه لن ا األس تاذ الفاض ل ال دكتور نص ر ال دين بن طيف ور‬
‫خالل السنة النظرية لمرحلة الماجستير‬
‫وكذا اعتمدت على رسالته‬
‫– نصر ال دين بن طيف ور‪ ،‬الس لطات االس تثنائية ل رئيس الجمهوري ة الجزائ ري والض مانات الدس تورية‬
‫للحقوق والحريات العامة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة سيدي بلعباس‪.2003-2002 ،‬‬
‫[‪ 3‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬الوجيز في القانون الدس توري والنظم السياس ية‪ ،‬دار المطبوع ات الجامعي ة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬ص ‪ .170‬وتنظر أيضا؛‬
‫[‪ ]4‬على الرغم من تناول الدستور مجموعة من م ا يمكن تس ميته بالمحرم ات ب إجراءات التع ديل إال أن‬
‫التع ديل الدس توري الجزائ ري في ‪ 10‬افري ل ‪ 2002‬ادمج اللغ ة األمازيغي ة كلغ ة وطني ة في الم ادة ‪3‬‬
‫مكرر‪ ،‬فان هذا التعديل جاء حفاظا على وحدتها السياسية‪.‬‬
‫[‪ ]5‬المادة ‪ : 178‬ال يمكن أي تعديل دستوري أن يمس‪:‬‬
‫– الطابع الجمهوري للدولـة‪،‬‬
‫– النظام الديمقراطي القائم على التعدديـة الحزبـيـة‪،‬‬
‫– اإلسالم باعتباره دين الدولـة‪،‬‬
‫– العربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسميـة‬
‫– الحريات األساسية وحقوق اإلنسان والمواطن‪،‬‬
‫– سالمة التراب الوطني ووحدتـه‪،‬‬
‫– العلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية‪.‬‬
‫[‪Adhémar Esmein, Eléments de droit constitutionnel français et : ]7‬‬
‫‪comparé ,3éme édition, 1927, T.3, page 980‬‬
‫[‪Carré de Malberg, contribution a la théorie générale de l’état, , page ]8‬‬
‫‪610‬‬
‫[‪ ]9‬راجع نصر الدين بن طيفور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪105‬‬
‫[‪ ]10‬المادة ‪ : 176‬إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دس توري ال يمس البت ة المب ادئ‬
‫العام ة ال تي تحكم المجتم ع الجزائ ري‪ ،‬وحق وق اإلنس ان والم واطن وحرياتهم ا‪ ،‬وال يمس ب أي كيفي ة‬
‫التوازنات األساسية للسلطات والمؤسس ات الدس تورية‪ ،‬وعل ل رأي ه‪ ،‬أمكن رئيس الجمهوري ة أن يص در‬
‫القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على االستفتاء الشعبي‪ ،‬متى أحرز ثالثة‬
‫أرباع (‪ )3/4‬أصوات أعضاء غرفتي البرلمان‪.‬‬
‫[‪ ]11‬للتوضيح اكثر راجع‪ ،‬نصر الدين بن طيفور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪116-109‬‬
‫[‪ ]12‬هنري روسيون‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬ترجمة محمد وطف ه‪ ،‬المؤسس ة الجامعي ة للدراس ات والنش ر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪14‬‬

You might also like