Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 165

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة ‪ 08‬ماي ‪ 1945‬قالمة‬

‫كلية اآلداب واللغات األجنبية‬

‫قسم اللغة العربية وآدابها‬

‫التخصص‪ :‬صوتيات وعلوم اللسان‬ ‫الشعبة‪ :‬لغة وأدب عربي‬

‫الصوت والداللة في شعر مفدي زكرياء‬

‫( اإللياذة نموذجا)‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الصوتيات وعلوم السان‬

‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬

‫بوزيد ساسي هادف‬ ‫سعيداني مريم‬

‫السنة الجامعية‪2016 /2015 :‬‬


‫تشكر‬
‫الحمد هلل الذي افتتح كتابه بالحمد فقال ‪":‬الحمد هلل رب العالمين"‬

‫الحمد هلل والشكر له على انه أسرى خطانا وأنار سبيلنا ويسر لنا إتمام هذا العمل المتواضع‬

‫وبكل ممنونية واعتراف دائم بالجميل‪ ،‬نتقدم أوال وقبل كل شيء بشكرنا الخالص إلى‬

‫الدكتور الفاضل‬

‫*بوزيد ساسي هادف*‬

‫الذي تكرم باإلشراف على هذا البحث وعلى اإلرشادات والنصائح التي أنارت لنا الطريق و‬

‫يسرت لنا الصعاب‪ ،‬فنشكره جزيل الشكر ونسأل العلي القدير أن يجعل ذلك في‬

‫ميزان حسناته وأن يجزيه الجزاء األوفى‪.‬‬

‫كما ال يفوتنا أن نتقدم إلى كل األساتذة الذين علمونا مبادئ العلم واألخالق ‪.‬‬

‫كما نتقدم بالشكر الجزيل إلى من قدم لنا يد المساعدة ومهما كانت درجة ونوعية المساعدة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫إهداء‬
‫إلى من سهر من أجلى الليالي والى من ال أستطيع رد مثقال ذرة‬

‫من حنانهم وحبهم و عطفهم وفضلهم علي أبي وأمي أطال اهلل في‬

‫عمرهما‪.‬‬

‫إلى إخوتي نصر الدين و خير الدين واشراف حفظهم اهلل‪.‬‬

‫إلى صديقات دربي إلهام حبيبة مفيدة والى كل من ساعدني ولو‬

‫بكلمة طيبة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫فهرس المحــتويات‬

‫‪25‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫مدخل‪ :‬مفدي زكرياء حياته أعماله إلياذته‬

‫أوال‪ :‬التعريف بالشاعر‪8 - 6 ...............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬قصته مع السجون‪9 – 8 ............................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬جهاده‪12 – 10 ........................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬أشعار مفدي‪15 -12 .................................................‬‬

‫خامسا‪ :‬أهم آثاره‪17 - 15 ..................................................‬‬

‫سادسا‪ :‬إلياذة الجزائر‪20 - 17 ..............................................‬‬

‫سابعا‪ :‬موضوعات اإللياذة‪20 .........................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تحديد المفاهيم والمصطلحات‬

‫‪26‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الصوت‪31 - 22 ..............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أقسام األصوات اللغوية‪31 ......................................‬‬

‫‪ -1‬األصوات القطعية‪37 – 32 ........................................... .‬‬

‫‪ -2‬األصوات فوق القطعية‪44 - 37 ......................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬مخارج األصوات‪51 - 44 ...........................................‬‬

‫رابعا‪ :‬صفات األصوات‪52 – 51 ...........................................‬‬

‫‪ -1‬الصفات العامة‪60 – 53 .............................................‬‬

‫‪ -2‬الصفات الخاصة‪67 - 61 ...........................................‬‬

‫خامسا‪ :‬مفهوم الداللة‪71 - 68 ..........................................‬‬

‫سادسا‪ :‬تعريف الداللة الصوتية‪74 - 72 ................................‬‬

‫سابعا‪ :‬الصوت والداللة‪75 - 74 .........................................‬‬

‫‪ -1‬عند اليونان والهنود‪77 – 75 ......................................‬‬

‫‪ -2‬الصوت والداللة في الدراسات العربية‪83 – 77 .......................‬‬

‫‪ -3‬الصوت والداللة عند العرب والغرب المحدثين‪88 - 84...............‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصوت والداللة في اإللياذة‬

‫أوال‪ :‬داللة الصوامت‪95 – 91 ...........................................‬‬

‫‪ -1‬األصوات الشديدة والرخوة‪101 – 96 .................................‬‬

‫‪ -2‬األصوات المائعة‪108 – 102 .........................................‬‬

‫‪ -3‬القلقلة‪110 -108 ..................................................‬‬

‫‪ -4‬التفشي‪112 - 110 .................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬داللة الصوائت‪129 - 112 ........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬داللة المقاطع الصوتية‪141 - 129 .................................‬‬

‫رابعا‪ :‬داللة التنغيم‪144 - 141 .........................................‬‬

‫خامسا‪ :‬داللة النبر‪148 - 144 ........................................‬‬

‫خاتمة‪151 – 150 .....................................................‬‬

‫قائمة المصادر و المراجع‪164 - 153 .................................‬‬

‫‪28‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫لقد شغلت اللغة اهتمام الكثير من المفكرين منذ أمد بعيد؛ وذلك ألن عليها مدار حياة‬

‫مجتمعاتهم الفكرية واالجتماعية و بها قوام فهم كتبهم المقدسة‪ ،‬كما أنها تعد من أهم‬

‫خصائص اإلنسان التي تميزه عن غيره من الكائنات الحية‪ ،‬وتجعل له مكانة مهمة وقابلية‬

‫للتطور والرقي والتقدم في الحضارة والعمران‪ ،‬هذه اللغة في الواقع التي من أهم غاياتها تأمين‬

‫االتصال والتواصل ليست إال عالقة بين صورة لفظية (صوت) وصورة مفهومية (معنى)‪.‬‬

‫ولهذا حاول الكثير من المفكرين والعلماء تبيين طبيعة هذه العالقة التي أثارت جدال كبي ار‬

‫في األوساط اللغوية واختلف فيها أشد االختالف‪ ،‬لذلك جاءت هذه الدراسة المعنونة بـ‬

‫"الصوت والداللة في شعر مفدي زكرياء – اإللياذة نموذجا" دراسة نظرية تطبيقية لتوضح‬

‫آراء العلماء قدماء ومحدثين حول هذه القضية وتكشف عن مدى قدرة الصوت على أداء‬

‫دور داللي في القصيدة رغم تعدد موضوعاتها‪.‬‬

‫ويعود سبب اختيار هذا الموضوع إلى‪:‬‬

‫‪ -‬اإلعجاب بشخصية مفدي زكرياء القوية وعزيمته ودوره الفعال الذي أداه في الثورة سياسيا‬

‫وأدبيا خاصة بشعره‪.‬‬

‫‪ -‬احتواء المدونة على األصوات التي تخدم موضوع البحث‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬الرغبة في جعل تاريخ الجزائر حيا دائما في أذهان أبنائها‪ ،‬ذلك ألن اإللياذة بمثابة صورة‬

‫حية لتجارب معيشة‪.‬‬

‫‪ -‬الجدل المثار حول طبيعة العالقة بين الصوت والداللة‪.‬‬

‫أما المنهج الذي سارت عليه الدراسة فهو المنهج التكاملي و خاصة المنهج الوصفي‬

‫التحليلي واإلحصائي فأما األول فقد استعنت به لوصف الظواهر الصوتية وتحليلها للوقوف‬

‫على دالالتها‪ ،‬وأما الثاني فقد اعتمدت عليه لتحديد نسبة تردد األصوات في القصيدة‪.‬‬

‫وقد تنوعت الدراسات السابقة التي تطرقت إلى هذا الموضوع فمن بينها‪:‬‬

‫‪ -‬دراسة إبراهيم مصطفى إبراهيم رجب بعنوان‪" :‬البنية الصوتية وداللتها في شعر عبد‬

‫الناصر صالح" بالجامعة اإلسالمية في غزة‪.‬‬

‫‪ -‬أروى خالد مصطفى عجولي بعنوان‪" :‬النظام الصوتي في سيفيات المتنبي وكافورياته"‬

‫بجامعة النجاح الوطنية في نابلس‪.‬‬

‫‪ -‬عادل محلو بعنوان‪" :‬الصوت والداللة في شعر الصعاليك" بجامعة باتنة‪.‬‬

‫وبناءا على ذلك فقد احتوت خطة دراستنا على‪:‬‬

‫‪ -‬مقدمة كانت بمثابة نافذة رئيسية للدخول إلى البحث‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬أما المدخل فكان للتعريف بالشاعر من حيث حياته أعماله وأشعاره‪ ،‬واإللياذة من حيث‬

‫تعريفها وموضوعاتها‪.‬‬

‫‪ -‬أما الفصل األول وهو الفصل النظري فخصص لتحديد مفهوم الصوت وأقسام األصوات‬

‫وصفاتها ومخارجها‪ ،‬ومفهوم الداللة والداللة الصوتية باإلضافة إلى العالقة بين الصوت‬

‫والداللة‪.‬‬

‫‪ -‬أما الفصل الثاني وهو الفصل التطبيقي فقد تناولت فيه نوعين من األصوات ‪:‬‬

‫‪ -‬األصوات القطعية وتحتوى على‪ :‬الصوائت والصوامت‪.‬‬

‫‪ -‬األصوات فوق القطعية وتحتوي على‪ :‬المقطع ‪،‬النبر‪ ،‬التنغيم‪.‬‬

‫‪ -‬أما الخاتمة فقد احتوت على أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة‪.‬‬

‫وقد تنوعت مصادر هذا البحث ومراجعه وتوزعت حسب مواضيع ورودها وكانت أهمها‬

‫كتاب الخصائص البن جني‪ ،‬والكتاب لسيبويه‪ ،‬باإلضافة إلى كتاب أصوات اللغة العربية‬

‫بين الفصحى واللهجات لرمضان عبد التواب‪ ،‬وكتاب دالالت الظاهرة الصوتية في القرآن‬

‫الكريم لخالد قاسم ابن الدومي‪ ،‬وكتاب داللة األلفاظ إلبراهيم أنيس‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫ومن هنا فإن أي دراسة ال تخلو من الصعوبات مهما كان نوعها‪ ،‬وقد واجهتنا جملة من‬

‫الصعوبات من بينها‪:‬‬

‫‪ -‬قلة المصادر والمراجع المستقلة الخاصة بالداللة الصوتية‪.‬‬

‫‪ -‬صعوبة دراسة النبر والتنغيم‪.‬‬

‫‪ -‬تزامن تقرير التربص مع مذكرة التخرج‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫مـــدخـــــــل‬

‫أوال‪ :‬التعريف بالشاعر‬

‫شاعر مثّل مرحلة من مراحل الجزائر ووضع نفسه في قلبها‪ ،‬وكأنه كان يحقق استجابة‬

‫حقيقية لتحديات واقع الجزائر آنذاك وفي أحلك فترة من فترات تاريخه السياسي‪ ،‬شاعر نظ ار‬

‫لجهوده الكبيرة في مجاالت الفكر واألدب والنضال الوطني‪" ،‬منحه الملك محمد الخامس في‬

‫عام ‪ 1961‬وسام الكفاءة الفكرية من الدرجة األولى‪ ،‬ومنحه الرئيس التونسي الحبيب‬

‫بورقيبة وسام االستقالل ووسام االستحقاق الثقافي‪ ،‬ومنحه الرئيس الجزائري الشاذلي بن‬

‫جديد في عام ‪ 1984‬بعد رحيله وسام المقاومة‪ ،‬ومنحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة‬

‫وسام األثير في ‪ ،1"1999/07/04‬إنه شاعر الثورة والمغرب العربي الكبير والعروبة إنه‬

‫مفدي زكرياء‪.‬‬

‫‪1‬فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة‪ :‬أمجادنا تتكلم وقصائد أخرى‪ ،‬تحقيق مصطفى ابن بكير محمودة‪،‬‬
‫مؤسسة مفدي زكرياء‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دط‪ ،2003 ،‬ص‪.3‬‬

‫‪33‬‬
‫"مفدي زكرياء" زكرياء بن سليمان بن يحي بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى من مواليد‬

‫يوم الجمعة ‪ 12‬جمادى األولى ‪ 1326‬الموافق لـ ‪ 12‬حزيران ‪ 1908‬في بني يزقن بوالية‬

‫غرداية‪ ،‬لقبه زميل دراسته "سليمان بوجناح" بـ مفدي فأصبح لقبه األدبي الذي اشتهر به‪.‬‬

‫تلقى تعليمه األولي في بلدته‪ ،‬ثم التحق بالبعثة الميزابية بتونس وأتيح له خالل مقامه في‬

‫البلد الشقيق اإلغتراف من نبع اللغة والثقافة العربية‪ ،‬واستيعاب تراثها الشعري واإلطالع على‬

‫قصائد شعراء مدرسة األحياء وكذا المدرسة الرومنسية فكان لذلك أثره في إثراء موهبته‬

‫واتباعه المنهج الفني الذي قامت عليه المدرسة األولى بصفة خاصة‪ ،‬كما يبدو جليا في‬

‫شعره‪ ،‬فواصل دراسته هناك وبدأ يكتب الشعر ونشر أول قصيدة له إلى الريفيين في جريدة‬

‫لسان الشعب التونسية بتاريخ ‪ 1925/05/06‬ثم نشرت في جريدة الصواب التونسية‬

‫فجريدتي اللواء واألخبار المصريتين بعد ذلك‪.‬‬

‫كما أتيح له متابعة الصحف العربية الوافدة من مصر إلى تونس وماحفلت به صفحاتها‬

‫من مقاالت بأقالم رواد النهضة واإلصالح والتحرير‪ ،‬وانعكس هذا بدوره على الموضوعات‬

‫واألفكار والمشاعر التي عبر عنها "مفدي زكرياء"‪ ،‬فبعد عودته من تونس المنكوبة‬

‫باالستعمار لم يتردد في اللحاق بركب حركة اإلصالح واالستقالل‪ ،1‬رافق الحركة السياسية‬

‫الوطنية مناضال بقلمه ولسانه‪ ،‬فكان شاعر الحرية والنضال والدعوة إلى التضحية والفداء‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬اللهب المقدس‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2‬الجزائر‪ ،1983 ،‬ص‪.68‬‬

‫‪34‬‬
‫وقد واكب مفدي الحركة الوطنية في شعره على مستوى المغرب العربي‪ ،‬واعتقل وسجن عدة‬

‫مرات‪ ،‬وبعد االستقالل أمضى حياته في التنقل بين أقطار المغرب العربي‪ ،‬وكان مستقره‬

‫المغرب وبخاصة في سنوات حياته األخيرة‪.1‬‬

‫وظل طول حياته ينادي بوحدة المغرب العربي‪ ،‬يدعو ويلح في الدعوة‪ ،‬وكانت القضية‬

‫تشغل كل تفكيره‪ ،‬يرددها منذ إعالنه سنة ‪ 1934‬عن عقيدة التوحيد في مؤتمر إتحاد طالب‬

‫شمال إفريقيا بتونس‪ ،‬وارتبط اسمه بالمغرب العربي منذ ذلك التاريخ وهذا ما ذهب إليه‬

‫إبراهيم لونيسي في مقال جاء فيه‪" :‬ظل ينتقل بين بلدان المغرب العربي داعيا إلى تحقيق‬

‫الوحدة إلى آخر يوم من حياته‪ ،‬فليس من الغريب إذن أن تكون رحلته األخيرة وهو يغادر‬

‫هذه الدنيا تجسيدا لهذه الرحالت الكثيرة‪ ،‬حيث غادر الدار البيضاء إلى تونس ليلفظ أنفاسه‬

‫األخيرة"‪ ،‬وتستقبل الجزائر جثمانه ويدفن في مسقط رأسه "بني يزقن"‪ ،‬توفي في تونس يوم‬

‫األربعاء ‪ 02‬رمضان ‪ 1597‬الموافق لـ ‪ 17‬أغسطس ‪.21977‬‬

‫ثانيا‪ :‬قصته مع السجون‬

‫كلفته المواقف الثابتة والرافضة لالحتالل مضايقة الفرنسيين‪ ،‬فوقفوا له بالمرصاد‬

‫أدخلوه السجون مرات عديدة قضى فيها أكثر من سبع سنوات‪ ،‬استهلها بثالث في األولى‬

‫(‪ )1939 -1937‬وختمها كذلك بثالث في األخيرة‪ ،‬وحرب التحرير القائمة (‪-1956‬‬

‫‪1‬مؤسسة مفدي زكرياء‪ :‬تنظم الملتقى الدولي لألبعاد الدينية والفلسفية والتربوية آلثار مفدي زكرياء‪ ،‬المطبعة العربية‪،‬‬
‫غرداية‪ ،‬أيام ‪ 11‬و‪ 12‬ماي ‪ ،2005‬ص‪.34‬‬
‫‪2‬محمد عيسى وموسى‪ :‬كلمات مفدي زكرياء في ذاكرة الصحافة‪ ،‬مؤسسة مفدي‪ ،‬دط‪ ،2003 ،‬ص‪.16‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ .) 1959‬وقد شاهد بأم عينيه إعدام الشهيد أحمد زبانة وكيف أن هذا البطل تقدم إلى‬

‫المقصلة بشجاعة متحديا الجبروت االستعماري‪ ،‬وتعجب جالدو االستعمار من هذا الرجل‬

‫الذي لم يطلب شيئا من الجالد قبل إعدامه‪ ،‬إال صالة ركعتين هلل قبل صعود روحه الطاهرة‬

‫إلى جنات الخلد ونظم "مفدي زكرياء" في الشهيد أحمد زبانة قصيدة منها قوله‪:‬‬

‫واصلبوني فلست أخشى حديد‬ ‫أشنقوني فلست أخشى حباال‬

‫وال تلتئم فلست حقودا‬ ‫وأمتثل ساف ار محياك جالدي‬

‫أنا راض إن عاش شعبي سعيدا‬ ‫وأقضي يا موت من أنت قاض‬

‫ولكن حياة السجون كانت عنده فترة عطاء فكري ابتعد فيها عن صخب التجارة‪،‬‬

‫ومضايقات الزبائن‪ ،‬وخال فيها إلى نفسه والى تأمالته فكتب العديد من المقاالت السياسية‬

‫والرسائل اإلخوانية األدبية‪ ،‬والقصائد الحماسية واألناشيد‪.‬‬

‫وتعرض مفدي في ا لسجن ألشد أنواع العذاب كتعذيبه بالتسليط المستمر لألضواء‬

‫الكاشفة على عينيه ليال ونها ار ألكثر من ثالث سنوات‪ ،‬وعندما خرج سنة ‪ 1959‬هربته‬

‫الثورة إلى المغرب األقصى ليعالج في الخارج وواصل الجهاد بالكلمة فتحول إلى سفير‬

‫عرف بقضية الشعب ويكسبها الدعم‬


‫وي ّ‬
‫الجزائر في العواصم العالمية يسمع صوتها عاليا ُ‬

‫‪36‬‬
‫المادي والمعنوي‪ ،‬فزار الكثير من البلدان العربية والتقى بكبار األدباء‪ ،‬ولحنت قصائده من‬

‫قبل كبار الملحنين‪ ،‬ولم تخل جريدة من أحاديث عن صوت الثورة وشاعرها مفدي زكرياء‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬جهاده‬

‫هذا الشاعر العظيم جاهد بلسانه فكان صادق متمثال في ذلك حديث رسول اهلل "صلعم"‬

‫"جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم"‪.‬‬

‫فكان مفدي زكرياء عامال بحديث الرسول"صلعم"‪ ،‬فتغنى بانتماء الجزائر إلى اإلسالم‬

‫والعروبة فتحت رايتهما تصدت كتائب جيش التحرير للمستعمر مستلهمة مبادئها وأهدافها من‬

‫األصول اإلسالمية وروح الشريعة فاعلة من الجهاد في سبيل إعادة البالد إلى نهج العروبة‬

‫واإلسالم مبدأ مقدس آمن به رجالها إيمانا ال يتزعزع‪ ،‬ومن ثمة كان للدين اإلسالمي الحنيف‬

‫الباع الطويل في شحذ الهمم والتفاف الشعب حول قادة الفاتح من نوفمبر بعد أن مهد‬

‫العلماء واألحرار الجزائريون للثورة بنشر العقيدة وبث الوعي بمقاصدها‪.‬‬

‫‪1‬محمد عيسى وموسى‪ :‬كلمات مفدي زكرياء في ذاكرة الصحافة‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫‪37‬‬
‫إن "مفدي زكرياء" كان يؤمن بثورة القلم ويعتقد بقولها فهو في بعض الحوارات مع‬

‫البرامج اإلذاعية التي كانت تسجل له إذاعة الرباط‪ ،‬نجده يتحدث عن انطالق الثورة الثقافية‬

‫كام تداد طبيعي لعمق الثورة (ثورة نوفمبر) الخالدة‪ ،‬وعن التراث العربي الزاخر فهكذا كان‬

‫يؤمن "مفدي زكرياء" بثورته‪ ،‬وفي إحدى مقاالت الشاعر الكبير "فاروق شوشة"‬

‫بجريدة األهرام المصرية‪ ،‬تحدث عن شاعرنا باعتباره رمز االرتفاع عن قيد العرق أو الجنس‬

‫إلى سماء النزعة الوطنية والقومية واإلسالمية‪ ،‬متفتحا عن أفق إنساني رحب وقيم سامية‬

‫للخير والحق والجمال‪.1‬‬

‫ومن النواحي التي نلمس فيها ما ذكرناه اللوعة التي يتكلم بها عن القضية المركزية‬

‫للعرب والمسلمين أال وهي القضية الفلسطينية‪ ،‬وقد ركز مفدي على طرد االستعمار الفرنسي‬

‫واصالح األمة بتغيير الفرد‪ ،‬ولتحقيق ذلك أسس جريدة "الحياة" عام ‪ 1933‬وكتب بقوله‬

‫عنها‪" :‬إن شعارها اإلخالص في العمل الديني والشعبي لصالح الوطن‪ ،‬رائدها الصدق‬

‫ودعامتها التفكير الحر والعلم الصحيح‪ ،‬حزبها الحق‪ ،‬ومبدأها الصراحة"‪ ،‬وكانت هذه هي‬

‫مبادئ عمله طيلة حياته‪.‬‬

‫حارب مفدي زكرياء الجهل بكل أنواعه ودعا إلى العلم ووقف بالمرصاد للمتزمتين‬

‫فيحرمون كل جديد ويعتبرونه بدعة‪ ،‬فبجهلهم وتزمتهم‬


‫ّ‬ ‫والجامدين الذين يستترون بالدين‬

‫وجمودهم يعرقلون األمة عقود عن السير نحو التطور والتقدم وقد وصل هؤالء إلى حد القول‬

‫‪1‬مؤسسة مفدي زكرياء‪ :‬تنظم الملتقى الدولي لألبعاد الدينية والفلسفية والتربوية آلثار مفدي زكرياء‪ ،‬ص‪.35‬‬

‫‪38‬‬
‫أن الصحافة والجرائد حرام‪ ،‬ألنها بدعة اخترعها الكفار‪ ،‬فغضب "مفدي" من هذا البهتان‬

‫وكتب قصيدة عام ‪ 1927‬يقول فيها‪:‬‬

‫فاستوى الحي عندها بالجهاد‬ ‫ورؤوسا قد عشش الجهل فيها‬

‫حرموها بموثقات شداد‪.1‬‬ ‫أصبحت مهنة الصحافة كف ار‬

‫رابعا‪ :‬أشعار مفدي‬

‫إن المتأمل أو الدارس لشعر "مفدي زكرياء" ال يمكنه أن يفصل بين عنصرين‬

‫متالزمين هما‪ :‬الشعر كفن للقول من جانب والثورة والنضال والقضايا الوطنية من جانب‬

‫آخر‪ ،‬فتواترت عنده مصطلحات الثورة والنضال والمقاومة والتحمت بالنسيج الشعري‪ ،‬فشكلت‬

‫ظاهرة فريدة أكدها جل الدارسين‪ ،‬مصدرها شدة إيمانه بالثورة وقوة عزيمته وثبات مواقفه‪،‬‬

‫وفي مقدور كل متتبع لشعره أن يكتشف فيه تسجيال وفيا لنبضات شعبه‪ ،‬ردد موسيقاه بأمانة‬

‫عبرت عن المعاناة والحرمان والظلم‪ ،‬وتظهر الصلة قوية بين األوضاع التي عاشها الشاعر‬

‫وبين اإلبداع والمبالغة في التعبير مع براعة فائقة في التشبيه والتصوير‪.‬‬

‫‪1‬مؤسسة مفدي زكرياء‪ :‬تنظم الملتقى الدولي لألبعاد الدينية والفلسفية والتربوية آلثار مفدي زكرياء‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫‪39‬‬
‫أظهرت الدراسة التحليلية ألفكار الشاعر‪ ،‬قوة إيمانه بعدالة مطالب شعبه تبناها وأمعن‬

‫في تصويرها‪ ،‬حتى امتزجت بذاته وأصبحت جزء منه وفي هذا المعنى جاءت عبارة عالوة‬

‫عبد الحميد‪ ،‬ساير الشاعر ثورته من بذرتها إلى ثمارها فهي كل شيء عنده حتى إنها علة‬

‫إيمانه المطلق باهلل‪.‬‬

‫فآمنت بالرحمن في الثورة الكبرى‬ ‫فكم كنت يا رحمن في الشك غرق‬

‫ومذ قلتها يا رب جنبني الكف ار‪.1‬‬ ‫وكم كنت بين الكاف والنون حائ ار‬

‫كان ينادي بالعزة والكرامة في الحياة‪ ،‬أو الخلود بالشهادة‪ ،‬فال مكانة عنده لمزلة وسطى‪،‬‬

‫تعرض لكثير من المعاناة بسبب التصلب في مواقفه‪ ،‬وبسبب ما يضمره في ق اررة نفسه من‬

‫ضغينة للمستعمر‪ ،‬ينادي بالمواجهة وعدم المهادفة‪ ،‬ويدعو صراحة إلى أخذ الحق بالقوة‪ ،‬قوة‬

‫العمل في الميدان بالسالح‪ ،‬تواكبه قوة القول شع ار ونثرا‪.‬‬

‫وفي هذا السياق ينشد ساخ ار من الموقف المتمرد لألمم المتحدة في الثورة الجزائرية سنة‬

‫‪ 1959‬والثورة على أشدها فيقول‪:‬‬

‫هاذى التي أسست في صالح البشر‬ ‫أكذوبة العصر أم سخرية القدر‬

‫أمر الضعاف به في كف مقتدر‬ ‫وما لهم نسبوا للعدل مجتمعا‬

‫حق الشعوب لنصاب ومحتكر‬ ‫سوق يباع ويشترى في معابرها‬

‫‪1‬فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة‪ :‬أمجاد تتكلم وقصائد أخرى‪ ،‬ص ص‪.9،10‬‬

‫‪40‬‬
‫‪1‬‬
‫في محفل الموت ال في عقد مؤتمر‬ ‫مصيرنا بالدم الغالي تقرره‬

‫وينطبق قوله على الحاضر‪ ،‬وكأنه يساهر الوضع وتنبأ قبل أربعين سنة خلت بما‬

‫أصبحت عليه األمم المتحدة اليوم‪ ،‬وتظهر الصلة قوية في أمرين لدى الشاعر‪ :‬ظاهرة‬

‫التمرد‪ ،‬وطبيعته الثائرة وانعكاس ذلك المضمون في أشعاره التي عبرت بشدة عن التحدي‬

‫والرفض لينتهي به األمر في كل مرة إلى االبتهاج كلما ضمه سجن أو أصابه مكروه من‬

‫طرف المستعمر فينشرح صدره ويرضى بنصيبه إذ يقول في ذلك‪:‬‬

‫يا سجن بابك أو شدت به الحلق‬ ‫سيان عندي مفتوح ومنغلق‬

‫أم خازن النار يكويني فاصطفق‬ ‫أم السياط بها الجالد يلهبني‬

‫من يحدق البحر ال يحدق به الغرق‬ ‫يا سجن ما أنت؟ ال أغشاك تعرفني‬

‫على صياصيك ال هم وال قلق‬ ‫أنام ملء عيوني غبطة ورضى‬

‫إن هذا الحب والوفاء الذي عرف به الشاعر لوطنه بلغ به حد التضحية بكل نفيس‪،‬‬

‫والصبر على مكاره زنزنات السجون‪ ،‬بل حد االستخفاف بالتعذيب‪ ،‬وتظهر صلة الشاعر‬

‫بالسجون واضحة‪ ،‬ألفها وأصبح خبي ار في شؤونها‪ ،‬ينام داخلها ملء جفونه مطمئنا راضيا‬

‫بنصيبه‪ ،‬وقد فتح عينه وهو شاب على مظاهر الظلم‪ ،‬والحرمان واإلهانة‪ ،‬وكان ذلك عامال‬

‫‪1‬المرجع نفسه‪ :‬ص‪.10‬‬

‫‪41‬‬
‫من عوامل ثورته وتمرده واعالنه العصيان‪ ،‬فأصبح مصيره التشرد والمعاناة من األلم‬

‫الجسمي والنفسي‪ ،‬انتهى به األمر إلى قبول ما أصابه‪ ،‬أمعن في التصوير ذلك في شعره‪،‬‬

‫فتجمعت في ه لوحات تحمل تلك البصمات رسمتها ريشة فنان عكست العمق في اإلحساس‬

‫والصدق في التعبير يقف المرء حائ ار أمامها‪ ،‬ويعجب من قدرة شاعر ال يجود الزمن كثي ار‬

‫يمثله‪.1‬‬

‫إن علينا واجب اإلسهام في إيصال رسالته‪ ،‬وابقاء الشعلة منيرة تضيء الدرب لألجيال‪،‬‬

‫تزودهم بالثقة في نفوسهم وتبعد عنهم الحيرة والقلق من مصيرهم‪ ،‬وقد نطق شعره بكل ما‬

‫يرمز إلى وحدة الفكر واالنتماء والمشاعر ال يعبأ بمن يتذكر له أو يقيم الحواجز في طريقه‬

‫بل زاد ذلك في قوة إيمانه‪ ،‬وابداعه الشعري توجه بالنشيد الوطني حين طلب من الشهيد‬

‫"عبان رمضان" في يوم صائفة ‪ 1955‬وقال لمخاطبه‪ ":‬الموعد غدا وفي اليوم التالي كان‬

‫قسما" بشموخه جاه از أعجب به الشهيد "عبان رمضان" ورفاقه وقالوا‪" :‬هذا النشيد الوطني‬

‫والذي لحنه الموسيقار المصري "محمد فوزي" ليصبح النشيد الوطني الرسمي"‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أهم آثاره‬

‫له الدواوين المطبوعة منها اللهب المقدس صدر سنة ‪ ،1961‬تحت ظالل الزيتون‬

‫‪ ،1966‬من وحي األطلس ‪ ،1976‬إلياذة الجزائر ‪ ،1972‬له دواوين شعرية كثيرة غير ما‬

‫نشره في دواوينه المتفرقة في الصحافة الجزائرية والتونسية والمغربية وبقي أمر جمعها في‬

‫‪1‬فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة‪ :‬أمجاد تتكلم وقصائد أخرى‪ ،‬ص ص‪.10،11‬‬

‫‪42‬‬
‫دواوين حلما يراوده‪ ،‬ولم يستطع تحقيقه رغم إعالنه عن هذه الدواوين في أحاديثه وتراجمه‬

‫الشخصية أهازيج الزحف المقدس‪ ،‬أغاني الشعب الجزائري الثائر في لغة الشعب "انطالقة"‪:‬‬

‫ديوان الحركة السياسية في الجزائر ‪" 1954 -1935‬الخافق المعذب"‪.1‬‬

‫أما في النثر فكتاباته كثيرة ومتفرقة في صحافة المغرب العربي‪ ،‬لم تجمع بعد‪ ،‬وله كتب‬

‫ذكرها في أحاديثه الصحفية‪ ،‬لكنها لم تر النور إلى تاريخ اليوم‪ ،‬من ذلك "أضواء على واد‬

‫ميزاب"‪"،‬الكتاب األبيض"‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية في الجزائر‪ ،‬مسرحية "الثورة الكبرى"‪،‬‬

‫األدب العربي في الجزائر عبر التاريخ‪ ،‬باالشتراك مع "الهادي العبيد" وغيرها‪.2‬‬

‫أما أهم ما يميز شعره فهو صدق التعبير وجزالة اللفظ وهو يتفوق في شعره الوطني تفوقا‬

‫واضحا‪ ،‬هو صاحب النشيد الوطني واألناشيد للطلبة والعمال ونشيد جيش التحرير الوطني‬

‫وغيرها‪ ،‬كما أنه صاحب نشيد مؤتمر المصير بتونس ونشيد اإلتحاد النسائي التونسي‪.‬‬

‫ولقد اعتمد مفدي زكرياء في كتابة دواوينه هذه على‪:‬‬

‫‪ -‬القرآن الكريم‪ :‬وهو الكتاب المقدس عند جميع المسلمين‪ ،‬وقد كان شاعرنا مداوما على‬

‫قراءته فحفظ جزءا منه‪ ،‬ويظهر اعتماده عليه في لغته الشعرية وتصويره البديع‪ ،‬ومن أمثلة‬

‫ذلك قصيدة الذبيح الصاعد‪:‬‬

‫‪ 1‬أنظر فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة‪ :‬أمجاد تتكلم وقصائد أخرى‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪2‬أنظر المرجع نفسه‪ :‬ص‪.3‬‬

‫‪43‬‬
‫يتهادى نشوان‪ ،‬يتلو النشيدا‬ ‫قام يختال كالمسيح وئيدا‬

‫‪1‬‬
‫فل‪ ،‬يستقبل الصباح الجديد‬ ‫باسم الثغر كالمالئكة وكالطـ‬

‫‪ -‬األدب العربي‪ :‬شع ار ونث ار ومن ذلك قوله‪:‬‬

‫كتبت‪ ،‬فكان بيانها‪ ،‬اإلبهام‬ ‫السيف‪ ،‬أصدق لهجة من أحرف‬

‫فهو هنا تأثر بقصيدة "أبي تمام"‪" :‬السيف أصدق أنباء من الكتب"‪.‬‬

‫‪ -‬التاريخ‪:‬‬

‫استفاد مفدي من التاريخ وخاصة التاريخ اإلسالمي وأهم عمل يمثل ذلك "اإللياذة" التي‬

‫تستعرض تاريخ الجزائر وأهم أحداثه‪.2‬‬

‫سادسا‪ :‬إلياذة الجزائر‬

‫تعتبر اإللياذة لوحة فنية باهرة تمثل جزائر اليوم واألمس والغد بتاريخها وجبالها‬

‫وصحرائها الشاسعة‪ ،‬وبشهامة أبطالها‪ ،‬كما أنها تمثل لألجيال تاريخ بالدهم مجموعا في‬

‫أبيات شعرية تمثل براعة صاحبها وتمثل واقع الجزائر وما عاشه شعبها بأفراده وعمرانه‪.‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬تحت ظالل الزيتون‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص‪.7‬‬
‫‪2‬إلياس مستاري‪" :‬مصادر التراث في شعر مفدي زكرياء"‪ ،‬مجلة المخبر أبحاث في اللغة واألدب الجزائري‪ ،‬ع‪،2013 ،9‬‬
‫بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪ 154‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫إنها ملحمة شعرية فريدة من نوعها فهي لم تكن تروي أساطير وال معجزات حدثت في‬

‫عصور غابرة بل كانت تروي مآثر الجزائر‪ ،‬وتاريخها وتصور الوقائع‪ ،‬فجمعت بين معالم‬

‫جمال الوطن‪ ،‬وكيف تغنى اهلل في إبداع نعمه وخلقه‪ ،‬والتاريخ الذي صنعه الشهداء واألبطال‬

‫الذين دفعوا أنفسهم وما لديهم فداءا للوطن ومن أجل حياة مجيدة وشريفة يقول صالح روبي‪:‬‬

‫"إلياذة الجزائر تختلف عن إلياذة هوميروس وتتميز عنها بتفاعلها مع الواقع بعيدا عن‬

‫األساطير وبأنها تعتمد على محورين أساسيين (الجمال‪ ،‬الجالل) جمال الجزائر وجالل‬

‫الجزائر بعيدا عن تكلف الصور وركاكة التعبير وضعف التصوير"‪ ،1‬فاإللياذة إذن تقوم على‬

‫أساسين هما‪ :‬الجالل والجمال في الجزائر‪.‬‬

‫وقد ظهرت فكرة تأليف اإللياذة في الملتقى الخامس للفكر اإلسالمي ‪1391‬ه‪-‬‬

‫‪1971‬م في وهران حيث قرر أنه سوف ينعقد الملتقى السادس وسوف يكون بالعاصمة‬

‫بمناسبة استرجاع االستقالل وكان محور هذا الملتقى هو التركيز على التاريخ وتصفيته من‬

‫كل الشوائب وكتابته من جديد‪ ،‬واالستفادة من تجاربه في بناء حاضرنا ومستقبلنا في الجزائر‬

‫والمغرب الكبير‪ ،‬والعالم اإلسالمي األوسع‪ ،‬فجاء طلب وزير الشؤون الدينية "مولود قاسم"‬

‫الذي طلب من مفدي زكريا شاعر الثورة والنضال أن يضع نشيدا جديدا يضم كل األناشيد‪،‬‬

‫فكانت اإللياذة‪ 2‬ويقول في ذلك مولود قاسم‪" :‬طلبنا من مفدي المناضل وشاعر الكفاح‬

‫الثوري صاحب األناشيد الوطنية أن يضع لنا نشيدا جديدا يجمعها كلها ويشمل فيه وبه‬

‫‪1‬محمد عيسى وموسى‪ :‬كلمات مفدي زكرياء في ذاكرة الصحافة‪ ،‬ص‪.75‬‬


‫‪2‬أنظر مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1987 ،‬ص‪.9‬‬

‫‪45‬‬
‫تاريخ الجزائر من أقدم عصورها حتى اليوم مرك از على مقاومتنا لمختلف اإلحتالالت‬

‫األجنبية وعلى العهود الحضارية الزاهرة وحاضرنا ومستقبلنا في كفاحنا واستعادة جميع‬

‫ثرواتنا ومقوماتنا وشخصيتنا وحصانتنا وبناء مجد جديد ألمتنا"‪ ،1‬فموضوع اإللياذة هو‬

‫الجزائر بعمرانها ومعالمها وهي ترجمة للمسيرة الشاقة في طريق المقاومة إنها تصوير لتاريخ‬

‫الجزائر القديم والحديث‪ ،‬فمفدي زكريا يؤكد بأن دوافع نظمه لإللياذة نابع من إحساسه‬

‫الصادق وصميم إيمانه بأمته وبأمجادها‪ ،‬فهو عاش كل هذه األحاسيس بكل كيانه وروحه‬

‫وألنها من واقعه الخاص الذي عايشه بكل جوارحه وخوالجه النفسية‪.‬‬

‫وأود أن أشير إلى أن اإللياذة حضيت بالتفاتة خاصة من طرف الصحافة‪ ،‬أشاد بها معظم‬

‫الذين كتبوا عن الشاعر‪ ،‬ألنهم وجدوا فيها تمجيدا بالجزائر‪ ،‬خلدت تاريخها‪ ،‬وصورت‬

‫معالمها‪ ،‬وأشادت بكل جميل فيها توقف مطوال أمام سحر الطبيعة في شمالها وسهولها‬

‫وجنوبها رأى فيها البعض حصيلة الكفاح والنضال توجت المسيرة الشاقة في طريق المقاومة‬

‫بالكلمة القوية‪ ،‬إنها عصارة تجربة بلغت قمة العطاء‪ ،‬إنها ملحمة كتبت بالدم‪ -‬والدم هو‬

‫الضريبة التي دفعها الشاعر وكل الجزائر من أجل كتابة هذه اإللياذة التي تعتبر نتيجة لحرية‬

‫التواصل وابالغ التاريخ‪ ،‬إنها أحسن سجل لتاريخ الجزائر حتى اليوم إنها أروعه وأسهله حفظا‬

‫وأكثره أث ار في النفوس‪.2‬‬

‫‪1‬يحي الشيخ صالح‪ :‬شعر الثورة عند مفدي زكرياء‪ ،‬مؤسسة مفدي زكرياء‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫‪2‬مؤسسة مفدي زكرياء‪ :‬تنظم الملتقى الدولي لألبعاد الدينية والفلسفية والتربوية آلثار مفدي زكرياء‪ ،‬ص ص‪.11،12‬‬

‫‪46‬‬
‫سابعا‪ :‬موضوعات إلياذة الجزائر‬

‫تضم اإللياذة ألف بيت وبيت‪ ،‬تنقسم إلى مواضيع جزئية محددة وهي‪:‬‬

‫‪ -‬طبيعة الجزائر وعمرانها (‪ 19‬مقطعا)‪.‬‬

‫‪ -‬تاريخ الجزائر القديم منذ ما قبل الميالد إلى بداية اإلحتالل الفرنسي (‪ 15‬مقطعا)‪.‬‬

‫‪ -‬مقاومة المستعمر من االحتالل إلى سنة ‪.1954‬‬

‫‪ -‬الثورة المسلحة ‪.1962 – 1954‬‬

‫‪ -‬ثورة البناء والتشييد واسترجاع الشخصية واالستقالل‪.‬‬

‫ولكن المتمعن في نص اإللياذة يدرك أن المواضيع تتداخل‪ ،‬ألن الشاعر يرى التاريخ كوحدة‬

‫ال تتجزأ‪ ،‬وهو تواصل وامتداد‪.1‬‬

‫‪1‬محمد عيسى وموسى‪ :‬كلمات مفدي زكرياء في ذاكرة الصحافة‪ ،‬ص‪.80‬‬

‫‪47‬‬
48
‫أوال‪ :‬تعريف الصوت‬

‫أولى علماء العربية قديما وحديثا عناية كبيرة باللغة التي هي نظام من الرموز الصوتية‬

‫حيث يعرفها ابن جني بقوله‪" :‬أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"‪ ،1‬فناقشوا واعتنوا بكل‬

‫القضايا التي تتعلق بها ومن بينها الصوت نظ ار الكتشافهم ماله من أهمية في فهم النظام‬

‫اللغوي والوقوف عند أس ارره‪ ،‬وازدادت العناية به لما الحظوا صلته بكل فروع الدراسات‬

‫اللغوية‪ :‬نحوية كانت أو صرفية أو داللية‪ ،‬فتعدد العلماء الذين شاركوا في إقامة صرحه‬

‫وتوطيد بنيانه ومن بين نتائج العناية به تعدد تعريفات الصوت قديمة وحديثة‪.‬‬

‫‪ -1‬لغة‪:‬‬

‫تعدد تعريف الصوت في المعاجم اللغوية‪ ،‬ولكن لم نجد تعريفا للصوت لغة في المعاجم‬

‫المتخصصة في علم األصوات‪.‬‬

‫يعرفه ابن منظور في "لسانه"‪ :‬الصوت‪ :‬الجرس‪ ،‬معروف مذكر‬

‫‪ 1‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.33‬‬

‫‪49‬‬
‫فأما ابن كثير الطائي فقال‪:‬‬

‫سائل بني أسد‪ :‬ما هذه الصوت؟‬ ‫مطيته‬


‫الراكب المزجي ّ‬
‫يا ّأيها ّ‬

‫فإنما أنثه‪ ،‬ألنه أراد به الضوضاء والجلبة‪ ،‬على معنى الصيحة أو اإلستغاثة‪.1‬‬

‫سيده‪:‬‬
‫قال ابن ّ‬

‫هذا قبيح من الضرورة ‪،‬أعني تأنيث المذكر‪ ،‬ألنه خروج عن أصل إلى فرع‪ ،‬وانما المستجاز‬

‫من ذلك رد التأنيث إلى التذكير‪ ،‬ألن التذكير هو األصل‪ ،‬بداللة أن الشيء مذكر‪ ،‬وهو يقع‬

‫فعلم لهذا عموم التذكير وأنه هو األصل الذي ينكر؛ ونظير هذا في‬
‫على المذكر والمؤنث ُ‬

‫الشذوذ‪ ،‬قوله وهو من أبيات الكتاب‪:‬‬

‫كفى األيتام فقد أبى اليتيم‪.‬‬ ‫إذا بعض السنين تعرقتنا‬

‫قال‪ :‬وهذا أسهل من تأنيث الصوت‪ ،‬ألنه بعض السنين سنة‪ ،‬وهي مؤنثة‪ ،‬وهي من لفظ‬

‫السنين‪ ،‬وليس الصوت بعض اإلستغاثة‪ ،‬وال من لفظها‪ ،‬والجمع أصوات‪.2‬‬

‫صات صوتا فأصات وصوت به‪ :‬كله نادى‪ .‬ويقال‪ :‬صوت يصوت‪،‬‬
‫يصوت وي َ‬
‫وقد صات ُ‬

‫صوت بإنسان فدعاه‪.‬‬


‫مصوت‪ ،‬وذلك إذا ّ‬
‫ّ‬ ‫تصويتا‪ ،‬فهو‬

‫ويقال‪ :‬صات‪ ،‬يصوت صوتا فهو صائت‪ ،‬معناه صائح‪.‬‬

‫‪1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪ ،2‬مادة (ص و ت)‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ :‬ج‪ ،2‬ص‪.57‬‬

‫‪50‬‬
‫أما ابن السكيت فيقول‪" :‬الصوت صوت اإلنسان وغيره والصائت الصائح"‪ ،‬وكذلك ابن بزرج‬

‫قال‪ " :‬أصات الرجل بالرجل إذا أشهره بأمر ال يشتهيه وانصات الزمان به إنصياتا‪ ،‬إذا‬

‫اشتهر"‪.‬‬

‫الدف يريد به إعالن النكاح وذهاب الصوت والذكر به في‬


‫وفي الحديث الصوت و ّ‬

‫الناس‪.‬‬

‫ويقال له صوت وصيت أي ذكر‪ ،‬والدف الذي يطبل به‪ ،‬ويفتح ويضم في الحديث‪ :‬أنهم‬

‫كانوا يكرهون الصوت عند القتال هو أن ينادي بعضهم بعضا‪ ،‬أو يفعل أحدهم فعل له أثر‬

‫ويعرف بنفسه عن طريق الفخر والعجب‪.1‬‬


‫ويصيح ّ‬

‫أما معجم القاموس المحيط فيعرفه بـ‪:‬‬

‫الصوت‪ :‬صات يصوت ويصات‪ ،‬نادى‪ ،‬كأصوات وصوت ورجل صات‪ :‬صيت‪ ،‬والصيت‪،‬‬

‫بالكسر‪ :‬الذكر الحسن‪ ،‬كالصات والصوت والصيته‪ ،‬والمطرقة‪ ،‬والصائح والصيقل‪،‬‬

‫والمصوات المصوت‪ ،‬وانصات أجاب وأقبل‪ ،‬وذهب في ثوار‪.2‬‬

‫‪1‬ابن منظور ‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.57‬‬


‫‪2‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬تحقيق أنس محمد الشامي و زكريا جابر أحمد‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪،2008 ،‬‬
‫ج‪ ،1‬مادة(ص و ت)‪ ،‬ص‪.955‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -2‬اصطالحا‪:‬‬

‫أحاط علماؤنا العرب القدماء والمحدثون بتعريف الصوت كل بحسب اإلمكانيات‬

‫المتوفرة له‪ ،‬لذلك نجد التعريفات قد تباينت بينهم‪ ،‬فكانت الدراسات الحديثة أكثر تطو ار من‬

‫القديمة‪ ،‬وهذا راجع لتلك الوسائل المستعملة‪.‬‬

‫ومن أهم الرواد القدماء الذين تحدثوا عن الصوت وعرفوه الجاحظ(‪255‬ت)‪ ،‬الذي يرى أن‬

‫الصوت هو الجوهر والحروف هي تلك الهيئة التي يأخذها الصوت لتأليف الكالم ويعرفه‬

‫بقوله‪" :‬الصوت آلة اللفظ‪ ،‬والجوهر الذي يقوم به التقطيع وبه يوجد التأليف‪ ،‬ولن تكون‬

‫حركات اللسان لفظا وال كالما موزونا وال منثورا‪ ،‬إال بظهور الصوت"‪.1‬‬

‫إن الصوت عند الجاحظ حسب هذا التعريف هو اآللة التي تنتج اللفظ واآللة داللة على‬

‫طريقة الحركة واصدار الصوت‪ ،‬فقوام اللفظة الصوت‪ ،‬وهي تتألف من مجموعة من المقاطع‬

‫وكل مقطع يتألف من مجموعة حروف‪ ،‬وهذه الحروف عبارة عن أصوات تشكل مجتمعة‬

‫كلمة تلفظ بالفم‪ ،‬وتنطق باللسان وسائر األعضاء المكونة للجهاز النطقي‪.‬‬

‫"والتقطيع والتأليف هما العمليتان اللتان ينتج من خاللهما اللفظ‪ ،‬ويعني بذلك تقطيع‬

‫األصوات إلى مقاطع وتأليفها بضمها إلى بعضها لتنسج األلفاظ والتراكيب"‪.2‬‬

‫‪1‬الجاحظ‪ :‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقيق عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1998 ،7‬ج‪ ،1‬ص‪.69‬‬
‫‪2‬محاوي كريمة ولحسن كرومي وآخرون‪" :‬األلفاظ جمالية لغوية وقداسية وقرآنية"‪ ،‬مجلة جيل الدراسات األدبية والفكرية‪،‬‬
‫ع‪ ،2‬مارس ‪ ،2014‬ص‪.147‬‬

‫‪52‬‬
‫ومن الذين عرفوا الصوت أيضا واهتموا به ابن جني(‪ 392‬ت)‪ ،‬حيث تحدث عن الصوت‬

‫اللغوي الذي يصدر عن اإلنسان فيقول‪" :‬اعلم أن الصوت عرض يخرج مع النفس مستطيال‬

‫متصال‪ ،‬حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته‬

‫فيسمى المقطع أينما عرض له حرفا وتختلف أجراس الحروف بحسب اختالف مقاطعها"‪.1‬‬

‫نستخلص من تعريف ابن جني هذا أنه يتحدث عن كيفية خروج الهواء‪ ،‬وكيفية تشكل‬

‫الحرف‪ ،‬كما نبه إلى مخارج الحروف وأن أجراسها (أي تلك القوة الصوتية) تختلف بحسب‬

‫اختالف أماكن اتصال أعضاء النطق أي أماكن إعاقة الهواء في أثناء النطق‪.‬‬

‫أما فيما يخص المقطع الذي ذكره فيفهم منه أن المقطع عنده داللتان "مكان خروج‬

‫الصوت‪ ،‬واألخرى الصوت نفسه"‪ ،2‬ومفهومه للمقطع هذا مفهوم خاص‪ ،‬ال يتصل بمفهوم‬

‫المقطع الصوتي في الدرس الصوتي الحديث‪.‬‬

‫وتعريف ابن جني هذا يختلف عن تعريف الجاحظ‪ ،‬فابن جني تحدث عن كيفية تشكل‬

‫الحروف ومخارجها أما الجاحظ فقد تحدث عن الصوت المؤلف للفظ وكيفية تأليف الكالم‪.‬‬

‫‪1‬ابن جني‪ :‬سر صناعة األعراب‪ ،‬تحقيق حسن هنداوي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1993 ،2‬ج‪ ،1‬ص‪.6‬‬
‫‪2‬عبد العزيز الصايغ‪ :‬المصطلح الصوتي في الدراسات العربية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،2007 ،2‬ص‪.52‬‬

‫‪53‬‬
‫وممن تحدث عن الصوت وأمعن النظر في حدوثه ابن سينا (‪ 428‬ت) الذي عنايته‬

‫بالطب والتشريح وسائر العلوم الطبيعية قادته إلى إدراك ما للصوت من أهمية فوضع تعريفا‬

‫دقيقا له فقال‪" :‬الصوت سببه القريب تموج الهواء دفعة بسرعة وبقوة من أي سبب كان‪...‬‬

‫إن الصوت قد يحدث من مقابل القرع وهو القلع"‪.1‬‬

‫إن المتأمل لتعريف ابن سينا يجد أنه قد دقق النظر في حدوث الصوت وال سيما أنه‬

‫انطلق من منطلق تشريحي‪ ،‬ويظهر هذا التدقيق في عبارة تموج الهواء وهي تشير إلى طبيعة‬

‫الصوت الموجبة والى أن حركة الصوت إنما هي جزئيات الهواء التي تندفع بقوة محددة‬

‫ترتبط بقوة تأثير العامل الذي يحدث هذه الموجة‪ ،‬وهذا الصوت قد يحدث بسبب وهو إما‬

‫القرع اصطدام شيئين كأن تضرب صخرة أو خشبة بشيء فيحدث الصوت‪ ،‬أو القلع كأن‬

‫نقلع أحد شقي خشبة عن اآلخر‪ ،2‬ويقول في ذلك ابن سينا‪" :‬إنه ليس يحدث ‪ -‬يعني‬

‫الصوت ‪ -‬إال قلع أو قرع مثل قرع صخرة أو خشبة فيحدث صوت"‪.3‬‬

‫من خالل كل هذا نجد أن ابن سينا يتفق مع ابن جني في وصفه للصوت فهو يحدث‬

‫حين خروج الهواء من الرئتين ال حين دخوله‪ ،‬أي مع عملية الزفير المعروفة‪ ،‬ويختلف معه‬

‫في أنه لم يحدد مفهوم الصوت كما فعل ابن جني بل وصفه فقط‪ ،‬وهذه أهم تعريفات‬

‫الصوت لدى العرب القدماء‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن سينا‪ :‬رسالة أسباب حدوث الحروف‪ ،‬تحقيق محمد حسان الطيان و يحي مير علم‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪ ،1983‬ص ص‪.56،57‬‬
‫‪2‬إبراهيم خليل‪" :‬صوتيات ابن سينا"‪ ،‬دراسات العلوم اإلنسانية واإلجتماعية‪ ،‬ع‪ ،3‬األردن‪ ،2005 ،‬ص‪.543‬‬
‫‪3‬رشيد عبد الرحمن العبيدي‪ :‬معجم الصوتيات‪ ،‬مكتبة مروان العطية‪ ،‬العراق‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.137‬‬

‫‪54‬‬
‫أما علماؤنا المحدثون الذين أتيحت لهم اإلمكانيات الحديثة للوصول إلى تعريف دقيق‬

‫للصوت فيعرفونه على أنه‪" :‬األثر السمعي المقصود الهادف الصادر عن أعضاء نطق‬

‫اإلنسان"‪ ،1‬ومن الذين عرفوه على أنه أثر سمعي كمال بشر حيث يقول‪" :‬الصوت اللغوي‬

‫أثر سمعي يصدر طواعية واختيا ار عن تلك األعضاء المسماة تجاوزا أعضاء النطق"‪،2‬‬

‫ويتطلب الصوت اللغوي وضع أعضاء النطق في أوضاع معينة محددة‪ ،‬أو تحريك هذه‬

‫األعضاء بطريقة معينة محددة أيضا‪.‬‬

‫نستخلص من هذا التعريف أن الصوت أثر مسموع تدركه األذن البشرية‪ ،‬وهو يصدر عن‬

‫اإلنسان بإرادته‪ ،‬وهذا الصوت له ذبذبات متغيرة بحسب تغير أعضاء النطق التي تتخذ‬

‫أوضاعا معينة إلصدار هذا الصوت الذي يمكن أن نعتبره لغويا‪ ،‬وأعضاء النطق هذه ليس‬

‫وظيفتها النطق فقط بل لها وظائف أخرى إلى جانب هذه الوظيفة وهي التنفس واألكل‪...‬إلخ‪.‬‬

‫والصوت اللغوي يحدث "عندما يستعد اإل نسان للكالم العادي‪ ،‬فيستنشق الهواء‪،‬‬

‫فيمتلئ به صدره قليال‪ ،‬واذا أخذ في التكلم فإن عضالت البطن تتقلص قبل النطق بأول‬

‫مقطع صوتي‪ ،‬ثم تتقلص عضالت القفص الصدري بحركات سريعة تدفع الهواء إلى أعلى‬

‫عبر األعضاء المنتجة لألصوات‪ ،‬وتواصل عضالت النطق تقلصها في حركة بطيئة‬

‫مضبوظة إلى أن ينتهي اإلنسان من الجملة األولى"‪ ،3‬وهذا الوصف لحدوث الصوت‬

‫‪ 1‬رمضان عبد التواب‪ :‬أصوات اللغة العربية بين الفصحى واللهجات‪ ،‬مكتبة بستان المعرفة‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص‪.33‬‬
‫‪2‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪ ،2000 ،‬ص‪.119‬‬
‫‪3‬أحمد مختار عمر‪ :‬دراسة الصوت اللغوي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط ‪ ،1997،‬ص‪.111‬‬

‫‪55‬‬
‫اللغوي هو وصف للعملية الفيسيولوجية التي تحدث في جهاز النطق وذلك بتضافر أعضاء‬

‫النطق عند اإلنسان إلنتاجه‪ ،‬إذن فعملية إنتاج الصوت تحتاج إلى‪:‬‬

‫‪ -‬أعضاء النطق التي تسهم في حدوث الصوت‪.‬‬

‫‪ -‬الوسط الذي ينتقل فيه الصوت‪.‬‬

‫‪ -‬األذن(أعضاء السمع) العضو الذي يستقبل الصوت‪.‬‬

‫ولم يخرج خليل عطية عما ذهب إليه كمال بشر في تعريفه للصوت فيقول‪" :‬الصوت‬

‫اللغوي الذي تؤلف مادته علم األصوات فإنه‪ :‬األثر السمعي الذي يصدر طواعية عن تلك‬

‫األعضاء التي يطلق عليها اسم جهاز النطق"‪ ،1‬إذن فالصوت هو تلك المسموعات التي‬

‫تصدر عن الجهاز النطقي لإلنسان وذلك من الحنجرة واهتزاز أوتارها الصوتية مرو ار بالفم أو‬

‫األنف أو كالهما إلى الخارج‪.‬‬

‫ونستنتج من تعريف خليل عطية أن الصوت له جوانب وهي‪:‬‬

‫جانب خاص بأعضاء النطق وأوضاعها وحركاتها وهو الجانب العضوي وجانب خاص بتلك‬

‫اآلثار التي تنتشر في الهواء في صورة ذبذبات وهو الجانب الفيزيائي‪ ،‬وجانب خاص‬

‫بأعضاء السمع وهو الجانب السمعي‪.‬‬

‫‪1‬خليل إبراهيم العطية‪ :‬في البحث الصوتي عند العرب‪ ،‬دار الجاحظ‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،‬دط‪ ،1983 ،‬ص‪.6‬‬

‫‪56‬‬
‫ونجد إبراهيم أنيس يعرف الصوت بأنه‪" :‬ظاهرة طبيعية تدرك أثرها دون أن تدرك‬

‫كنهها‪ ،‬وقد أثبت علماء الصوت بتجارب ال يتطرق إليها الشك أن كل صوت مسموع‬

‫يستلزم جسم يهتز‪ ،‬على أن تلك الهزات ال تدرك بالعين في بعض الحاالت"‪ ،1‬إذن فالصوت‬

‫ظاهرة فيزيائية‪ ،‬وهذه الظاهرة موجودة في الطبيعة وهي تستلزم وجود جسم يهتز‪ ،‬وهذا‬

‫اإلهتزاز ال يمكن أن تراه العين في حاالت‪.‬‬

‫أما تمام حسان فالصوت عنده‪" :‬عملية حركية يقوم بها الجهاز النطقي وتصحبها آثار‬

‫سمعية معينة تأتي من تحريك الهواء فيما بين مصدر إرسال الصوت وهو الجهاز النطقي‪،‬‬

‫ومركز استقباله وهو األذن"‪.2‬‬

‫هذا يعني أن المتكلم حين يتكلم نالحظ أنه يقوم بحركات بفكه وشفتيه ولسانه‪ ،‬ونالحظ‬

‫كذلك أن أث ار سمعيا ينتقل في الهواء وهو مرتبط بهذه الحركات التي في فم المتكلم ليصل‬

‫إلى أذن السامع‪ ،‬إذن فالصوت إلنتاجه يتطلب مصدر إنتاج وارسال و استقبال‪ ،‬ومن شروط‬

‫حدوث هذا الصوت اللغوي توفر عنصر اإلعتراض فال صوت دون اعتراض ونقصد‬

‫باالعتراض اعتراض مجرى الهواء الخارج من الرئتين من طرف عضوين من أعضاء‬

‫الجهاز الصوتي‪ ،‬ونقصد بهما عضو ثابت وعضو متحرك‪ ،‬وهذا في أي نقطة من نقاط‬

‫الجهاز الصوتي‪ ،‬وأين يتم اإلعتراض يخرج الصوت وينسب إلى ذلك المخرج أي ينسب إلى‬

‫الحلق أو الشفتين‪.‬‬

‫‪1‬إبراهيم أنيس‪ :‬األصوات الغوية‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪2‬تمام حسان‪ :‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬دط ‪ ،1994 ،‬ص‪.66‬‬

‫‪57‬‬
‫وهذه أهم تعريفات الصوت عند العلماء المحدثين الذين إتفقوا على أن الصوت له ثالث‬

‫جوانب جانب عضوي وجانب فيزيائي وجانب سمعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أقسام األصوات اللغوية‬

‫قسم الباحثون القدماء والمحدثون األصوات اللغوية إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ -‬األصوات الصائتة‪ :‬ويقابلها عند القدماء األصوات الذائبة‪.‬‬

‫‪ -‬األصوات الصامتة‪ :‬ويقابلها األصوات الجامدة وأي صوت كالمي ينتمي إلى قسم من‬

‫القسمين المعروفين بالصوامت والصوائت‪.1‬‬

‫وقد كان االتفاق بين علماء األصوات على هذا التقسيم ناتج عن "دراسة طبيعة‬

‫األصوات وصفاتها‪ ،‬ونتيجة أوضاع األوتار الصوتية‪ ،‬وكيفية مرور الهواء من الحلق إلى‬

‫الفم واألنف ذلك أن الهواء المندفع مع الزفير من الرئتين قد ال يصطدم بأي حاجز أو عائق‪،‬‬

‫وقد يصطدم بعوائق عدة‪.2‬‬

‫‪1‬محمود السعران‪ :‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط ‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.148‬‬
‫‪2‬عصام نور الدين‪ :‬علم األصوات اللغوية ‪ -‬الفونيتيكا‪ -‬دار الفكر اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص‪.195‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -1‬األصوات القطعية‪:‬‬

‫أ‪ -‬الصوائت‪:‬‬

‫أصوات مجهورة تخرج من دون أن يعترضها حاجز يسد مجرى النطق أو يضيقه‪ ،‬لذلك‬

‫اعتمد نطقها على اهتزاز الوترين الصوتيين الذي يولد الجهر‪ ،1‬وذكر دانيال جونز الصوائت‬

‫معرفا فقال‪" :‬أصوات مجهورة يخرج الهواء عند النطق بها على شكل مستمر من البلعوم‬

‫والفم‪ ،‬دون أن يتعرض لتدخل األعضاء الصوتية تدخال يمنع خروجه‪ ،‬أو يسبب فيه‬

‫احتكاكا مسموعا"‪.2‬‬

‫هذا يعني أن األصوات الصائتة مجهورة وليست مهموسة وتخرج دون وجود عائق يعيقها أو‬

‫يمنعها من الخروج‪.‬‬

‫والمصوات في العربية ستة‪" :‬منها ثالثة مصوتات طويلة‪ ،‬اصطلح على تسميتها بـ (حروف‬

‫المد واللين) وثالثة مصوتات قصيرة اصطلحوا على تسميتها بـ (الحركات) وال فرق بين‬

‫النوعين إال في الكمية أو الزمن"‪ ،3‬ويقول في ذلك ابن جني محددا عدد الصوائت‪" :‬في‬

‫العربية ستة أصوات يتشابه كل إثنين منها تشابها كبي ار بحيث لو مطلنا الصوت بإحداهما‬

‫‪ 1‬علي حسن مزبان‪ :‬علم األصوات بين القدماء والمحدثين‪ ،‬دار شموع الثقافة‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.72‬‬
‫‪ 2‬غالب فاضل المطلبي‪ :‬في األصوات اللغوية دراسة في أصوات المد العربية‪ ،‬و ازرة الثقافة واإلعالم‪ ،‬العراق‪ ،‬دط ‪،1984 ،‬‬
‫ص‪.24‬‬
‫‪3‬محمد يحي سالم الجبوري‪ :‬مفهوم القوة والضعف في أصوات العربية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،2006 ،1‬‬
‫ص‪.93‬‬

‫‪59‬‬
‫لكان اآلخر ولو قصرناه باآلخر لكان األول‪ ،‬وهي الفتحة واأللف‪ ،‬والكسرة والياء‪ ،‬والضمة‬

‫والواو‪ ،‬وقد أطلق على األولى حركات وعلى الثانية حروف"‪ ،1‬من هذا القول نستنتج أن‬

‫الحركات هي‪ :‬الفتحة والضمة والكسرة والحروف هي‪ :‬األلف والواو والياء‪ ،‬والفتحة يقابلها‬

‫األلف والضمة يقابلها الواو‪ ،‬والياء تقابلها الكسرة‪.‬‬

‫وهذه الحركات تتميز بمجموعة من المميزات أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬أ نها عند النطق أو أثناء النطق بها يكون ممر الهواء مفتوحا وتنعدم أنواع االعتراضات أو‬

‫العقبات من طريق تيار الهواء وينشأ عن انعدام االعتراضات أن ينعدم وجود أي احتكاك‬

‫يصاحب النطق‪.2‬‬

‫‪ -‬كما أنها تتميز بالجهر‪ ،‬فالحركات أصوات مجهورة يتذبذب عند النطق بها أي عند‬

‫صدورها الوتران الصوتيان‪ ،‬لذلك فهي تسمع من مسافة عندها قد تخفى األصوات الصامتة‬

‫أو يخطأ في تمييزها‪.3‬‬

‫‪ 1‬حسام سعيد النعيمي‪ :‬الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني‪ ،‬دار الرشيد‪ ،‬الجمهورية العراقية‪ ،‬دط‪ ،1980 ،‬ص‪.193‬‬
‫‪2‬سعد عبد العزيز مصلوح‪ :‬دراسة السمع والكالم‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪ ،2000 ،‬ص‪.163‬‬
‫‪3‬إبراهيم أنيس‪ :‬األصوات اللغوية‪ ،‬ص‪.64‬‬

‫‪60‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك تعد أصوات العلة أكثر شيوعا في اللغة وأي انحراف في طريقة‬

‫أدائها يبعد المتكلم عن الطريقة المألوفة في نطقها‪ ،1‬كما أنه من النادرة أن تجد صامتا ال‬

‫تتبعه حركة ألن الصامت بدون حركة يصعب نطقه بدرجة واضحة والحركة هي التي تجعل‬

‫الصامت يصوت‪.2‬‬

‫ب‪ -‬األصوات الصامتة‪:‬‬

‫وهي األصوات الناتجة أثناء النطق‪ ،‬عن اصطدام الهواء بعائق من العوائق‪ ،‬وتتحدد‬

‫طبيعتها حسب مخرج الصوت‪ ،‬ودرجة انفتاح اآللة المصوتة أو إقفالها‪ ،‬واألحداث التي ترافق‬

‫اجتياز الصوت لهذه العوائق‪.3‬‬

‫فاألصوات الصامتة إذن تحدث في أثناء النطق بها اعتراض أو عائق في مجرى‬

‫الهواء‪ ،‬سواء كان االعتراض كامال كما في نطق أصوات الدال والطاء والتاء أو كان‬

‫االعتراض جزئيا من شأنه أن يسمح بمرور الهواء ولكن بصورة ينتج عنها احتكاك مسموع‪.4‬‬

‫‪1‬مناف مهدي محمد‪ :‬علم األصوات اللغوي‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص‪.92‬‬
‫‪2‬محمد محمد داود‪ :‬الصوائت والمعنى في العربية‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط ‪ ،2001 ،‬ص‪.16‬‬
‫‪3‬عصام نور الدين‪ :‬علم األصوات اللغوية‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪4‬هادي نهر‪ :‬علم األصوات النطقي دراسة وصفية تطبيقية‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2011 ،1‬ص‪.32‬‬

‫‪61‬‬
‫وفي كل حاالت النطق بالصوامت يحدث هذا االعتراض ولو لوقت قصير جدا ثم يزول‪،‬‬

‫وتختلف الصوامت من ناحية النقطة التي يتم فيها االعتراض أي النقطة التي يصدر فيها‬

‫الصوت‪ ،1‬واألصوات الصامتة تسعة وعشرون حرفا كما ذكرها سيبويه‪ ،‬وصار ما ذكره‬

‫أساسا استند عليه معظم علماء العربية ولم يشذ منهم إال أبا العباس المبرد‪.2‬‬

‫ويقول في ذلك ابن جني‪" :‬اعلم أن أصول أحرف المعجم عند الكافة تسعة وعشرون‬

‫حرفا‪ ،‬فأولها األلف‪ ،‬وآخرها الباء‪ ،‬على المشهور من ترتيب المعجم‪ ،‬إال أبا العباس فإنه‬

‫يعدها ثمانية وعشرين حرفا‪ ،‬ويجعل أولها الباء"‪.3‬‬

‫فحسب هذا القول هناك اتفاق على أن األصوات الصامتة تسعة وعشرون حرفا‪ ،‬وهذه‬

‫والحروف تشترط وجود عائق يعترض مجرى الهواء المندفع من الرئتين خالل الحلق والفم ‪-‬‬

‫بدرجة ما‪ -‬إلنتاجها‪.4‬‬

‫‪1‬محمود فهمي حجازي‪ :‬مدخل إلى علم اللغة‪ ،‬دار قباء‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪2‬غانم قدوري الحمد‪ :‬الدراسات الصوتية عند علماء التجويد‪ ،‬دار عمار‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،2007 ،2‬ص‪.147‬‬
‫‪3‬ابن جني‪ :‬سر صناعة األعراب‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪4‬محمد محمد داود‪ :‬الصوائت والمعنى في العربية‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫‪62‬‬
‫وتتميز هذه األصوات بطريقة إنتاجها فالصوت ينتج أساسا من اندفاع هواء الرئتين‪،‬‬

‫بضغط من الحجاب الحاجز فيمر الهواء في طريقه بالحنجرة والفم إلى الخارج‪ ،‬وهو يسمى‬

‫بعملية الزفير‪.1‬‬

‫وتتميز كذلك بأن المجرى معها إما أن يغلق تماما‪ ،‬أو يضيق إلى الدرجة التي يسمع له‬

‫فيها نوع من الحفيف‪ ،‬كذاك الذي نسمعه أثناء نطق الحاء‪ ،2‬كما أنها تتميز بارتباط المعنى‬

‫الرئيسي للكلمة بها‪.3‬‬

‫وتتميز كذلك بأن األوتار الصوتية معها قد تهتز وقد ال تهتز‪ ،‬بحكم أن منها المجهور‬

‫والمهموس فليست كل األصوات الصامتة مجهورة‪ ،‬وليست كلها ذات نسبة واحدة من‬

‫الوضوح السمعي فالمهموسة أقل وضوحا من المجهورة‪.‬‬

‫من خالل هذا نصل إلى أن الفرق بين الصوامت والصوائت يتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الصوائت ال يعترضها أي عارض بينما الصامتة العكس‪.‬‬

‫‪ -‬الصوائت نسبة الوضوح السمعي فيها أعلى من نسبة الوضوح في الصوامت‪.‬‬

‫‪ -‬أما من حيث الوظيفة فالصوامت يرتبط معنى الكلمة بها في حين الصوائت تعبر عن‬

‫تحوير المعنى وتعديله‪.‬‬

‫‪1‬عبد الصبور شاهين‪ :‬المنهج الصوتي للبنية العربية رؤية جديدة في الصرف العربي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط ‪،‬‬
‫‪ ،1980‬ص‪.26‬‬
‫‪2‬عبد الفتاح عبد العليم البركاوي‪ :‬مقدمة في أصوات اللغة العربية وفن األداء القرآني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2002 ،2‬ص‪.65‬‬
‫محمد محمد داود‪ :‬الصوائت والمعنى في العربية‪ ،‬ص‪.17‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪63‬‬
‫ومن خالل عرضنا ألنواع األصوات نجد أن هناك نوعا ثالثا من األصوات يعرف‬

‫بأشباه الصوائت وهي أيضا تسمى بأشباه الصوامت أو الصوامت الضعيفة وهما الياء والواو‪،‬‬

‫وهذان الصوتان من جهة النطق يقتربان من المصوتات ولكنهما في السياق يسلكان مسلك‬

‫الصوامت‪ ،1‬وسميت هذه األصوات بأشباه الصوامت ألنها تمتلك خاصية تبادل المواقع مع‬

‫الصوامت‪.2‬‬

‫وهذه األصوات هي‪:‬تلك التي تبدأ أعضاء النطق بها من منطقة حركة من الحركات (أي تبدأ‬

‫عند نطقها كحركة من الحركات) ولكنها تنتقل من هذا الموضع بسرعة ملحوظة إلى موضع‬

‫حركة أخرى وألجل هذه الطبيعة االنزالقية أو االنتقالية عدت هذه األصوات كأشباه صوائت‪.3‬‬

‫‪ -2‬األصوات فوق القطعية‪:‬‬

‫أ‪ -‬المقطع‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪ :‬قطعه كمنعه‪ ،‬قطعا ومقطعا وتِ ِقطَّ ًعا‪ ،‬بكسرتين مشددة الطاء‪ :‬أبانه‪ ،‬والنهر‪،‬‬

‫قطعا وقُطُوعا عبره أو شقّه‪.4‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫‪1‬محمد يحي سالم الجبوري‪ :‬مفهوم القوة والضعف في أصوات العربية‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪2‬عبد القادر عبد الجليل‪ :‬علم الصرف الصوتي‪ ،‬سلسلة الدراسات اللغوية‪ ،‬دط‪ ،1998 ،‬ص‪.94‬‬
‫‪3‬مناف مهدي محمد‪ :‬علم األصوات اللغوي‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪4‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة (ق ط ع)‪ ،‬ص‪.1339‬‬

‫‪64‬‬
‫" إذا كانت األصوات‪ ...‬هي العناصر البسيطة التي تتكون منها الكلمة العربية‪ ،‬فإن‬

‫بين الصوت المفرد والكلمة المركبة من عدة أصوات‪ ،‬مرحلة بسيطة‪ ،‬هي مرحلة‬

‫المقطع"‪.1‬‬

‫ويعرف المقطع بأنه‪" :‬قمة اإلسماع غالبا ما تكون صوت علة‪ ،‬مضافا إليها أصوات‬

‫أخرى عادة – ولكن ليس حتما‪ -‬تسبق القمة‪ ،‬أو تلحقها‪ ،‬أو تسبقها وتلحقها"‪،2‬‬

‫ويعرفه إبراهيم أنيس بأنه "عبارة عن حركة قصيرة أو طويلة مكتنفة بصوت أو أكثر من‬

‫األصوات الساكنة"‪.3‬‬

‫إذن المقطع يتكون من حركة قصيرة (ضمة أو فتحة أو كسرة) وحركة طويلة (الواو أو‬

‫الياء أو األلف) وصامت أي أنه إما يتكون من صامت وحركة قصيرة أو صامت وحركة‬

‫طويلة‪ ،‬وتشتمل اللغة العربية على خمسة مقاطع وهي‪:‬‬

‫‪ ‬مقطع قصير‪ :‬وال يكون إال مفتوحا‪ ،‬ويتألف من (صامت ‪ +‬صائت) مثل‪( :‬ك)‬

‫في كتب‪.‬‬

‫‪ ‬مقطع متوسط مفتوح‪ :‬ويتألف من ( صامت ‪ +‬صائت طويل) مثل‪( :‬كا) في‬

‫كاتب‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الصبور شاهين‪ :‬المنهج الصوتي للبنية العربية‪ ،‬رؤية جديدة في الصرف العربي ‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪2‬ماريو باي‪ :‬أسس علم اللغة‪ ،‬ترجمة أحمد مختار عمر‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1997، 8‬ص‪96‬‬
‫‪3‬فوزي الشايب‪ :‬أثر القوانين الصوتية في بناء الكلمة‪ ،‬عالم الكتاب الحديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.99‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ ‬مقطع متوسط مغلق‪ :‬ويتألف من (صامت ‪ +‬صائت قصير‪ +‬صامت) مثل‪:‬‬

‫(تب) في كاتب‪.‬‬

‫‪ ‬مقطع طويل مغلق بصامت‪ :‬ويتألف من (صامت ‪ +‬صائت طويل ‪ +‬صامت)‬

‫مثل‪ :‬عام ويكون في الوقف أو في وسط الكالم‪.‬‬

‫‪ ‬مقطع طويل مغلق بصامتين‪ :‬ويتألف من (صامت ‪ +‬صائت قصير‪ +‬صامتان)‬

‫مثل‪( :‬نهر) وال يكون إال في الوقف‪.‬‬

‫وهناك مقطع سادس أضافه بعض الباحثين وهو‪:‬‬

‫‪ ‬مقطع زائد الطول‪ :‬ويتألف من (صامت ‪ +‬صائت طويل ‪ +‬صامتان) مثل‪( :‬سار)‬

‫وهو ال يكون إال في الوقف‪.1‬‬

‫واألنواع الثالثة األولى من المقاطع هي الشائعة‪ ،‬واألكثر استعماال في الكالم العربي‪.‬‬

‫ب‪ -‬التنغيم‪:‬‬

‫‪1‬عبد العزيز الصايغ‪ :‬المصطلح الصوتي‪ ،‬ص ص‪.279 ،278‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫طرب فيه‪ ،‬وفي‬


‫نغم‪ -‬نغما تكلم بكالم خفي ويقال سكت فما نغم بحرف وفي الغناء‪ّ :‬‬

‫الشراب‪ :‬شرب منه قليال‪ ،‬ناغمه حادثه نغما‪ ،‬تنغم‪ :‬نغم‪ ،‬النغمة‪ :‬جرس الكلمة وحسن‬

‫الصوت في القراءة وغيرها‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫يعد التنغيم عنص ار مهما من عناصر السياق من دونه يظل البحث عن داللة التراكيب‬

‫اللغوية المنطوقة متأرجحا غير واضح‪ ،‬وهو كذلك "من مصطلحات الدرس اللساني الحديث‬

‫الذي يشير إلى التغيرات في الدرجات الصوتية التي تحدث في صوت المتكلم أثناء الحديث‬

‫المتواصل وهو ناتج طبيعي عن تذبذب األوتار الصوتية"‪ ،2‬والتنغيم من خصائص اللغة‬

‫المنطوقة فهو يقتصر على التراكيب المسموعة ال المكتوبة وال تخلو منه لغة من لغات‬

‫البشر‪.‬‬

‫مصطلح التنغيم يقابله في اللغة األجنبية ‪ L’intonation‬وهو "رفع الصوت وخفضه في‬

‫أثناء الكالم‪ ،‬للداللة على المعاني المختلفة للجملة الواحدة‪ ،‬كنطقنا لجملة مثل‪" :‬ال يا شيخ"‬

‫‪1‬مجمع اللغة العربية‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬ط‪ ،2004 ،4‬مادة (ن غ م)‪،‬‬
‫ص‪.937‬‬
‫‪2‬مزاحم مطر حسين‪" :‬أثر التنغيم في توجيه األغراض البالغية لعلم المعاني‪ -‬اإلستفهام نموذجا‪ ،" -‬مجلة القادسية في‬
‫اآلداب والعلوم التربوية‪ ،‬ع‪ ،3،4‬مج‪ ،2007 ،6‬ص‪.39‬‬

‫‪67‬‬
‫للداللة على النفي أو التهكم أو االستفهام‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وهو الذي يفرق بين الجمل‬

‫االستفهامية والخبرية‪ ،‬في مثل‪" :‬شفت أخوك"‪ 1‬والذي يالحظ على هذا التعريف أنه ال‬

‫يحصر وجود التنغيم ضمن اللغة العربية فحسب بل يتعداه إلى العامية‪.‬‬

‫ويستخدم التنغيم في الداللة على معان إضافية في غالبية األحيان كالتأكيد والتعجب‬

‫واالنفعال والدهشة وغيرها وقد مثل أحمد مختار عمر لذلك باألمثلة التالية‪:‬‬

‫ال‪ :‬إذا نطقت بنغمة هابطة تكون الجملة تقريرية بمعنى ال أوافق‪ ،‬وتدل على دهشة أو‬

‫استنكار إذا نطقت بنغمة صاعدة‪ ،‬أما إذا نطقت بنغمة مسطحة فهي توكيدية‪.‬‬

‫‪ -‬والجملة العامية‪ :‬نجح محمد؟ كاستفهام تختلف عنها في حالة التقرير‪ :‬نجح محمد‪.‬‬

‫‪ -‬وفي قولنا‪ :‬ماذا تق أر شوقي؟ ففي الحالة األولى تحمل الجملة النداء بمعنى قولنا ماذا تق أر‬

‫يا شوقي؟ (محذوفة) أما في الحالة الثانية‪ :‬ماذا تقرأ؟ شوقي؟ فهي استفهام عن الشاعر‬

‫شوقي‪.2‬‬

‫ومما ينبغي اإلشارة إليه هنا هو التفريق بين النغمة والتنغيم‪ ،‬فالنغمة تقوم فيها درجات‬

‫الصوت المختلفة بدورها المميز على مستوى الكلمة ولذا تسمى تونات الكلمة‬

‫‪1‬رمضان عبد التواب‪ :‬المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪2‬انظر أحمد مختار عمر‪ :‬دراسة الصوت اللغوي‪ ،‬ص ص‪.366،367‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ ، Word tones‬أما التنغيم‪ :‬تقوم فيه درجات الصوت المختلفة بدورها المميز على مستوى‬

‫الجملة أو العبارة أو مجموعة الكلمات‪.1‬‬

‫ج‪ -‬النبر‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫نبر‪ :‬نبرت الشيء أنبره نبرا‪ :‬رفعته‪ ،‬ومنه سمي المنبر‪ ،‬ونبرة المغني‪ :‬رفع صوته عن‬

‫خفض‪ ،‬ونبر الغالم‪ :‬ترعرع‪ ،‬والنبرة الهمزة‪.2‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫النبر من بين الظواهر الصوتية المهمة في لغتنا العربية كونه يفسر المعاني ويوضحها‬

‫ويكشف عن حقائق داللية أرادها المتكلم في آدائه‪ ،‬وهذه الظاهرة يعرفها إبراهيم أنيس بقوله‪:‬‬

‫"نشاط في جميع أعضاء النطق في وقت واحد"‪ ،3‬في حين يقول عنه كمال بشر‪" :‬ومعنى‬

‫هذا أن المقاطع تتفاوت فيما بينها قوة وضعفا‪ ،‬فالصوت أو المقطع المنبور‪ ،‬ينطق ببذل‬

‫طاقة أكثر نسبيا ويتطلب من أعضاء النطق مجهودا أشد‪ ،‬الحظ الفرق مثال في – قوة‬

‫‪1‬أحمد مختار عمر‪ :‬دراسة الصوت اللغوي ‪ ،‬ص‪.225‬‬


‫‪2‬الجوهري‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة (ن ب ر)‪ ،‬ص‪.1111‬‬
‫‪3‬إبراهيم أنيس‪ :‬األصوات اللغوية‪ ،‬ص‪.97‬‬

‫‪69‬‬
‫النطق وضعفه بين المقطع األول في (ضرب) والمقطعين األخيرين في (ض‪ /‬ر‪ /‬ب) تجد‬

‫(ض) ينطق بارتكاز أكبر من زميله في الكلمة نفسها"‪.1‬‬

‫فالنبر إذا علو في بعض المقاطع من الكلمة مقارنة مع مقاطع أخرى ويكون مصحوبا‬

‫أحيانا بارتفاع في درجة الصوت‪.‬‬

‫وينقسم النبر من حيث الوضوح والبروز إلى‪:‬‬

‫‪ -‬نبر أعلى‪ :‬ويستعمل عادة ليدل على الصيغ المؤكدة‪.‬‬

‫‪ -‬نبر عالي أو رئيس‪ :‬يظهر على مقطع أو أكثر من الكلمات الطويلة أو المركبة‪.2‬‬

‫ولهذا النبر قواعد يخضع لها وهي‪:‬‬

‫‪ -‬إذا توالت عدة مقاطع مفتوحة يكون األول منها منبورا‪ ،‬ففي كلمة كتب نجد ثالثة مقاطع‬

‫من النوع األول‪ ،‬أولها منبور‪.‬‬

‫‪ -‬إذا تضمنت الكلمة مقطعا طويال واحدا‪ ،‬يكون النبر على هذا المقطع الطويل مثل‪ :‬كتاب‬

‫يقع النبر على المقطع الثاني‪.‬‬

‫‪1‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬ص ص‪.512،513‬‬


‫‪2‬انظر أبو السعود أحمد الفخراني‪ :‬دراسات في علم األصوات‪ ،‬ص ص‪.233،234‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ -‬إذا تكونت الكلمة من مقطعين طويلين‪ ،‬يكون النبر على أولهما‪ ،‬ففي كلمة كاتب نجد‬

‫مقطعين أولهما مفتوح والثاني مغلق‪ ،‬والنبر على المقطع األول‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬مخارج األصوات‬

‫‪ -1‬المخرج لغة‪:‬‬

‫خرج خروجا ومخرجا‪ ،‬والمخرج أيضا‪ :‬موضعه‪.2‬‬

‫‪ -2‬المخرج اصطالحا‪:‬‬

‫محل خروج الحرف‪-‬أي ظهوره‪ -‬أي ظهوره الذي ينقطع عنده صوت النطق به فيتميز‬

‫به عن غيره‪ ،3‬وهو أيضا نقطة معينة في المجرى وعندها يتكون الصوت وعندها يحصل‬

‫للمجرى انسداد أو تضييق أو اتساع حسب طبيعة الصوت وصفته‪.4‬‬

‫‪1‬محمود فهمي حجازي‪ :‬مدخل إلى علم اللغة‪ ،‬ص ص‪.81،82‬‬


‫‪2‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مادة (خ ر ج)‪ ،‬ص‪.450‬‬
‫‪3‬عبد الفتاح السيد عجيمي المرصفي‪ :‬هداية القاري إلى تجويد كالم الباري‪ ،‬مكتبة طيبة‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ ،2‬دت‪،‬‬
‫ص‪.61‬‬
‫‪ 4‬سلمان بن سالم بن رجاء السحيمي‪ :‬إبدال الحروف في اللهجات العربية‪ ،‬مكتبة الغرباء‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،1995‬ص‪.95‬‬

‫‪71‬‬
‫وقد اختلف علماؤنا القدماء والمحدثون في تسميات المخرج فالخليل ذكر المخرج كما‬

‫ذكر المبدأ والمدرج حيث يقول‪..." :‬أربعة أحرف جوف وهي‪ :‬الواو والياء واأللف اللينة‪،‬‬

‫والهمزة وسميت جوفا ألنها تخرج من الجوف فال تقع في مدرج من مدارج اللسان‪ ،‬وال‬

‫مدرج من مدارج الحلق‪ ،1"...‬ويقول في المبدأ‪" :‬فالعين والحاء والخاء والغين حلقية ألن‬

‫مبدأها من الحلق‪.2"...‬‬

‫وأطلق عليه ابن سينا المحبس‪ 3‬باإلضافة إلى مصطلح المقطع الذي استخدم ابن جني‪،4‬‬

‫كما أورد ابن دريد لفظ المجرى‪ ،5‬أما سيبويه فقد استخدم المخرج‪ ،‬ورغم التسميات الكثيرة‬

‫لمصطلح المخرج إال أنه هو المتفق عليه حديثا فكل العلماء الذين أتو بعد الخليل وسيبويه‬

‫استعملوا هذا المصطلح‪.6‬‬

‫وهذه التسميات في عمومها تدل على الموضع الذي يكون فيه صدور الحرف في جهاز‬

‫النطق‪.‬‬

‫‪1‬الفراهيدي‪ :‬كتاب العين‪ ،‬تحقيق مهدي المخزومي و إبراهيم السمرائي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.57‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ :‬ص‪.58‬‬
‫‪3‬ابن سينا‪ :‬أسباب حدوث الحروف‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫‪4‬علي حسن مزبان‪ :‬علم األصوات بين القدماء والمحدثين‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪5‬ابن جني‪ :‬سر صناعة األعراب‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪6‬عبد العزيز الصايغ‪ :‬المصطلح الصوتي‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫‪72‬‬
‫وأما بالنسبة لتحديد المخرج فيبين الطريقة المهدوي بقوله‪" :‬فإذا أردت معرفة حقيقة‬

‫المخرج من الفم وغيره‪ ،‬فإنما تنطق بالحرف ساكنا وتدخل عليه همزة الوصل‪ ،‬فتقول‪:‬ان‪،‬‬

‫ام‪ ،‬فيظهر لك مخرج الحرف من الفم وغيره وكذلك تعتبر سائر الحروف"‪ ،1‬ومن هذا القول‬

‫نصل إلى أنه إذا أردنا معرفة مخرج الحرف نأتي بهمزة وصل قبله وننطق بالحرف ساكنا‪.‬‬

‫وفيما يخص عدد المخارج فقد اختلف القدماء والمحدثون في عدد مخارج األصوات‬

‫العربية وهذا االختالف مرده إلى الدقة التي يتسم بها كل عالم عن غيره في تحديد مخرج‬

‫الصوت‪ ،‬فهي عند الخليل سبعة عشرة مخرجا جاعال من ضمنها الجوف‪ ،2‬وسيبويه ذكر‬

‫أنها ستة عشرة مخرجا في قوله‪" :‬للحروف العربية ستة عشرة مخرجا"‪ ،3‬وحذف منها مخرج‬

‫الجوف الذي ذكر عند الخليل‪ ،‬وكذلك ذكر في كتاب النشر أن قطرب والجرمي ذكر أربعة‬

‫عشرة مخرجا للحروف على اعتبار أن حرف الالم والنون والراء لها مخرج واحد‪.4‬‬

‫أما علماء األصوات المحدثون فقد خالفوا القدماء في عدد المخارج‪ ،‬حيث يقول الدكتور‬

‫رمضان عبد التواب‪" :‬وبيننا وبين قدامى اللغويين من العرب‪ ،‬خالف في عدد المخارج‬

‫‪1‬عبد البديع النيرباني‪ :‬الجوانب الصوتية في كتب االحتجاج في القراءات‪ ،‬دار الغوثاني للدراسات القرآنية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫ط‪ ،1،2006‬ص‪.53‬‬
‫‪ 2‬ابن الجزري‪ :‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬تحقيق علي محمد الضباع‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.198‬‬
‫‪ 3‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬تحقيق عبد السالم هارون‪ ،‬مكتبة الخانجي بالقاهرة‪ ،‬دار الرفاعي بالرياض‪ ،‬ط‪ ،1982 ،2‬ج‪، 4‬‬
‫ص‪.433‬‬
‫‪4‬ابن الجزري‪ :‬النشر في القراءات العشر‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.198‬‬

‫‪73‬‬
‫لألصوات العربية"‪ ،1‬فمنهم من عدها تسعة مخارج‪ ،‬ومنهم من جعلها عشرة ورأى آخرون أنها‬

‫أحد عشرة‪ ،‬ومنهم من جعلها ستة عشرة مخرجا‪.2‬‬

‫إال أن هذا الخالف ليس واقعا بين المحدثين والقدماء فقط‪ ،‬بل إنه موجود حتى بين‬

‫المحدثين أنفسهم‪ ،‬وربما يرجع هذا الخالف إلى بعض التطورات التي حدثت لبعض‬

‫األصوات والتي أدت إلى تغيير في نطقها كما هو الحال في صوت الضاد‪ ،‬كما يرجع كذلك‬

‫إلى الوسائل واإلمكانيات التي استعملها كل واحد حتى يتمكن من تحديد مخرج الصوت‪،‬‬

‫فالقدماء اعتمدوا الذوق والحس اللغوي الدقيق أما المحدثون فوسيلتهم األجهزة الصوتية‬

‫واآلالت المتطورة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بتحديد ترتيب مخارج األصوات فقد سلك هؤالء العلماء وجهتان‪:‬‬

‫‪ -‬البدء بأقصى موضع من آلة النطق يمكن أن يخرج منه صوت لغوي‪ ،‬وهو أقصى الحلق‬

‫(الحنجرة) ثم االنتقال إلى الموضع الذي يليه باتجاه الخارج‪ ،‬فيكون األول المخارج في‬

‫الحنجرة وآخرها في الشفتين وهذا هو الذي سار عليه جمهور المتقدمين‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون أول المخارج في الشفتين‪ ،‬وآخرها في أقصى الحلق‪ ،‬وهو الذي أخذ به بعض‬

‫المحدثين‪.3‬‬

‫‪ 1‬رمضان عبد التواب‪ :‬المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1997 ،3‬ص‪.30‬‬
‫‪2‬حيدر فخري ميران وعلي جواد كاظم‪" :‬مخارج األصوات الصامتة عند غانم قدوري الحمد في ضوء الدراسات القديمة‬
‫والحديثة"‪ ،‬مجلة مركز بابل‪ ،‬ع‪ ،1‬حزيران ‪ ،2012‬ص‪.37‬‬
‫‪3‬غانم قدوري الحمد‪ :‬علم التجويد دراسة صوتية ميسرة‪ ،‬دار عمار‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص ص‪.51،52‬‬

‫‪74‬‬
‫وسوف أكتفي بذكر واحد من القدماء وآخر من المحدثين لكي أبين ترتيب المخارج‪.‬‬

‫‪ -‬عند ابن جني‪:‬‬

‫قسم ابن جني األصوات العربية من حيث المخرج إلى ستة عشرة مخرجا وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬من أسفل الحلق وأقصاه‪:‬الهمزة واأللف والهاء‪.‬‬

‫‪ -2‬وسط الحلق‪:‬العين والحاء‪.‬‬

‫‪ -3‬مما فوق مخرج العين مع أول الفم‪:‬العين والخاء‪.‬‬

‫‪ -4‬ومما فوق ذلك من أقصى اللسان‪:‬القاف‪.‬‬

‫‪ -5‬من أسفل من ذلك وأدنى إلى مقدم الفم‪:‬مخرج الكاف‪.‬‬

‫‪ -6‬ومن وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك األعلى مخرج الجيم والشين والياء‪.‬‬

‫‪ -7‬ومن أول حافة اللسان وما يليها مخرج الضاد‪.‬‬

‫‪ -8‬ومن حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرف اللسان من بينها وبين ما يليها من الحنك‬

‫األعلى مما فوق الضاحك والناب والرباعية والثنية مخرج‪:‬الالم‪.‬‬

‫‪ -9‬ومن طرف اللسان بينه وبين ما فوق الثنايا مخرج النون‪.‬‬

‫‪ -10‬ومن مخرج النون غير أنه أدخل في ظهر اللسان قليال النحرافه إلى الالم مخرج الراء‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -11‬ومما بين طرف اللسان وأصول الثنايا مخرج الطاء والدال والتاء‪.‬‬

‫‪ -12‬ومما بين الثنايا وطرف اللسان مخرج الضاد والسين والزاي‪.‬‬

‫‪ -13‬مما بين اللسان وأطراف الثنايا‪:‬الطاء والدال والتاء‪.‬‬

‫‪ -14‬ومن باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا‪:‬مخرج الفاء‪.‬‬

‫‪ -15‬وما بين الشفتين مخرج‪:‬الباء والميم والواو‪.‬‬

‫‪ -16‬ومن الخياشيم‪:‬مخرج النون الخفيفة ويقال الخفية أي الساكنة‪.‬‬

‫‪ -‬عند المحدثين‪ :‬كمال بشر‬

‫وأما مخارج األصوات عنده فقد قسمها إلى إحدى عشرة مخرجا وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬شفوية‪ :‬الباء والميم‪.‬‬

‫‪ -2‬أسنانية شفوية وهي‪ :‬الفاء‪.‬‬

‫‪ -3‬أسنانية أو أصوات مابين أسنانية وهي‪ :‬الثاء والذال والطاء‪.‬‬

‫‪ -4‬لثوية وهي‪ :‬الراء والزاي والسين والصاد‪.‬‬

‫‪ -5‬أسنانية لثوية وهي‪ :‬التاء والدال والضاد والطاء والالم والنون‪.‬‬

‫‪ -6‬لثوية حنكية وهي‪ :‬الجيم والشين‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -7‬وسط الحنك وهي‪ :‬الياء‪.‬‬

‫‪ -8‬أقصى الحنك وهي‪ :‬الخاء والعين والكاف والواو‪.‬‬

‫‪ -9‬لهوية وهي‪ :‬القاف‪.‬‬

‫‪ -10‬حلقية وهي‪ :‬الحاء والعين‪.‬‬

‫‪ -11‬حنجرية وهي‪ :‬الهمزة والهاء‪.‬‬

‫من خالل عرضنا لمخارج األصوات العربية القديمة والحديثة يبدو أنه هناك اختالف‪ ،‬وهذا‬

‫االختالف يؤدي إلى االختالف في تعيين خروج أصوات ما‪.‬‬

‫وينحصر هذا الخالف بين ابن جني وكمال بشر فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الواو‪ :‬عند ابن جني مخرجها الشفتين أما عند كمال بشر مخرجها أقصى الحنك‪.‬‬

‫‪ -2‬الصاد والزاي والسين‪ :‬مخرجها عند ابن جني طرف اللسان والثنايا‪ ،‬أما مخرجها عند‬

‫كمال بشر فهي من طرف اللسان واللثة العليا‪.‬‬

‫‪ -3‬الضاد‪ :‬عند ابن جني مخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من األضراس أما عند‬

‫كمال بشر فهي من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا ومقدم اللثة‪.‬‬

‫‪ -4‬العين والخاء‪ :‬مخرجها من الحلق عند ابن جني‪ ،‬أما كمال بشر من أقصى الحنك‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ -5‬الهاء والهمزة واأللف‪ :‬ابن جني عنده من أقصى الحلق‪ ،‬أما مخرج الهمزة والهاء فهي‬

‫عند كمال بشر مخرجها من الحنجرة‪.‬‬

‫إذن فاألصوات التي اختلفوا فيها هي‪ :‬الواو‪ ،‬الصاد‪ ،‬السين‪ ،‬الزاي‪ ،‬الضاد‪ ،‬العين‪ ،‬الخاء‪،‬‬

‫الهمزة‪ ،‬الهاء‪ ،‬األلف‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬صفات األصوات‬

‫‪ -1‬الصفة لغة‪ :‬الحلية والنعت‪.1‬‬

‫‪ -2‬الصفة اصطالحا‪:‬‬

‫الصفات جمع صفة وهي كيفية حدوث الصوت أي الكيفية التي يخرج بها الصوت إلى‬

‫الوجود من العدم‪ ،2‬وهي أيضا كيفية تعرض للحرف عند النطق به كجريان النفس في‬

‫الحروف المهموسة وعدم جريانه في الحروف المجهورة‪ ،3‬أما ابن الجزري فقد ربط الصفة‬

‫بالمخرج لمن أراد أن يتقن علم التجويد عمليا حيث قال‪" :‬أول ما يجب على مريد إتقان‬

‫القرآن تصحيح إخراج كل حرف من مخرجه المختص به تصحيحا يمتاز به عن مقاربه‬

‫وتوفية كل حرف صفته المعروفة به توفية تخرجه عن مجانسه يعمل لسانه وفمه‬

‫بالرياض ة في ذلك إعماال يصير ذلك له طبعا وسليقة‪ ،‬فكل حرف شارك غيره في صفاته‬

‫‪1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،9‬مادة (و ص ف)‪ ،‬ص‪.356‬‬


‫‪2‬خولة طالب اإلبراهيمي‪ :‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬دار القصبة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2006 ،2‬ص‪.54‬‬
‫‪3‬عبد الفتاح السيد عجيمي‪ :‬هداية القارئ إلى تجويد كالم الباري‪ ،‬ص‪.77‬‬

‫‪78‬‬
‫فإنه ال يمتاز عن مشاركه إال بالصفات‪ ،‬وكل حرف شارك غيره في صفاته فإنه ال يمتاز‬

‫عنه إال بالمخرج"‪.1‬‬

‫وبعد تحديدنا لمفهوم الصفة نشير إلى أنه كان لعلمائنا القدماء دور وفضل كبير‬

‫اليمكن إنكاره في تحديد الصفات ووصفها وصفا دقيقا وواضحا رغم قلة اإلمكانيات والوسائل‬

‫العلمية‪ ،‬لكن بعد التطور السريع الذي شهده العلم استطاع علماؤنا المحدثون أن يحددوا‬

‫صفات األصوات بصورة أدق من وصف القدماء لها‪.‬‬

‫ورغم هذا التحديد الدقيق إال أن هناك اختالف في عدد الصفات بين العلماء فهي عند‬

‫البعض أربعة وأربعون‪ ،‬وعند البعض اآلخر أربعة وثالثون في حين جعلها آخرون أربع‬

‫عشرة صفة‪ ،2‬غير أن جمهور القراء يعدها سبعة عشرة صفة وهو الذي اختاره الجمهور‪،‬‬

‫وهذه الصفات هي نوعان صفات خاصة وصفات عامة وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬الصفات العامة‪:‬‬

‫أ‪ -‬الجهر‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫‪1‬ابن الجزري‪ :‬النشر في القراءات العشر‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.214‬‬


‫‪2‬عبد الفتاح السيد عجيمي‪ :‬هداية القارئ إلى تجويد كالم الباري‪ ،‬ص‪.78‬‬

‫‪79‬‬
‫جهر بالقول إذا رفع به صوته‪ ،‬فهو جهير‪ ،‬وأجهر فهو مجهر‪ ،‬إذا عرف بشدة الصوت‬

‫وجهر الشيء‪:‬علن وبدا‪ ،‬وجهر بكالمه ودعائه وصالته وقراءته يجهر جه ار وجها ار وأجهر‬

‫بقراءته لغة‪ ،‬وأجهر جهو ار أعلن به وأظهره‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫اهتزاز األوتار الصوتية عند مرور الهواء بها أثناء النطق بالصوت وهي الصوامت‪:‬‬

‫الميم‪ ،‬والباء والواو‪ ،‬الذال‪ ،‬الطاء‪ ،‬الدال‪ ،‬الضاد‪ ،‬الزاي‪ ،‬الالم‪ ،‬الراء‪ ،‬النون‪ ،‬الجيم‪ ،‬الياء‪،‬‬

‫الغين‪ ،‬العين والصوائت القصيرة والطويلة‪.2‬‬

‫ب‪ -‬الهمس‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪ :‬الكالم الخفي ال يكاد يفهم‪.3‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫حرف أضعف االعتماد في موضعه حتى جرى النفس‪ ،‬ولو أردت ذلك في المجهور لم‬

‫تقدر‪.1‬‬

‫‪1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،4‬مادة (ج ه ر)‪ ،‬ص‪.150‬‬


‫‪2‬حازم علي كمال الدين‪ :‬دراسة في علم األصوات‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1999 ،1‬ص‪.36‬‬
‫‪3‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،6‬مادة(ه م س)‪ ،‬ص‪.250‬‬

‫‪80‬‬
‫ويفهم من ذلك أن معيار القدماء في تمييز المجهور من المهموس هو منع النفس مع‬

‫إشباع االعتماد وقوته على موضع الحرف المجهور وجريان النفس وضعف االعتماد في‬

‫الحرف المهموس وحروف الهمس هي‪ :‬الهاء‪ ،‬الحاء‪ ،‬الخاء‪ ،‬والكاف‪ ،‬والشين‪ ،‬والسين‪،‬‬

‫والتاء‪ ،‬والصاد والثاء والفاء‪ ،‬وهي عشرة أحرف‪.‬‬

‫ولكن هنا البد من اإلشارة إلى أن هناك اختالفا بين القدماء والمحدثين في عدد‬

‫األصوات المجهورة والمهموسة‪ ،‬فالمجهورة عند القدماء تسعة عشرة حرفا‪ ،‬في حين المهموسة‬

‫عشرة أحرف وكان السبب في ذلك اختالف معيارهما‪.2‬‬

‫ج‪ -‬الرخوة‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫‪1‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.434‬‬


‫‪2‬محمد يحي سالم الجبوري‪ :‬مفهوم القوة والضعف في أصوات العربية‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫‪81‬‬
‫رخا شيء رخو ورخو‪ ،‬بكسر الراء وفتحها‪ ،‬أي هش‪ ،‬ورخى الشيء يرخى‪ ،‬ورخو أيضا‬

‫يرخو‪ ،‬إذا صار رخوا وفرس رخوة أي سهلة مسترسلة‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫وهي التي ينغلق الممر انغالقا جزئيا معها (غير تام)‪ ،‬حيث يكتفي بتضييقه وتعويق‬

‫مرور الهواء‪ ،‬فينشأ من جراء ذلك احتكاك ذلك الهواء بهذه األعضاء المضيقة أو المعوقة‪،‬‬

‫فيسمع هذا االحتكاك في صورة أصوات احتكاكية وهي األصوات الرخوة‪ :‬الثاء‪ ،‬الحاء‪،‬‬

‫الخاء‪ ،‬الذال‪ ،‬الزاي‪ ،‬الشين‪ ،‬الصاد‪ ،‬الظاء‪ ،‬العين‪ ،‬الغين‪ ،‬الفاء‪ ،‬الهاء‪ ،‬الواو‪ ،‬الياء‪.2‬‬

‫د‪ -‬الشديدة‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫‪ 1‬الجوهري‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬راجعه محمد محمد تامر وآخرون‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪،2009 ،‬‬
‫مج‪ ،1‬مادة(ر خ ا)‪ ،‬ص‪.434‬‬
‫‪2‬أبو السعود أحمد الفخراني‪ :‬دراسات في علم الصوتيات‪ ،‬مكتبة المتنبي‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص‪.140‬‬

‫‪82‬‬
‫الشدة الصالبة وهي نقيض اللين‪ ،‬تكون في الجواهر واألغراض‪ ،‬والجمع شدد‪ ،‬شيء‬

‫شديد بين الشدة‪ ،‬وشيء شديد مشتد قوي‪ ،‬فالشدة المجاعة والشدائد الهزائر‪ ،‬الشدة صعوبة‬

‫الزمن‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫هو أن يحبس الهواء الخارج من الرئتين حبسا تاما في موضع من المواضع‪ ،‬وينجم‬

‫عن هذا الحبس أو الوقف أن يضغط الهواء ثم يطلق سراح المجرى الهوائي فجأة‪ ،‬فيندفع‬

‫الهواء محدثا صوتا انفجاريا‪ ،2‬ويعرفه سيبويه قائال‪" :‬ومن الحروف الشديدة وهو الذي يمنع‬

‫الصوت أن يجري فيه"‪ ،3‬والحروف الشديدة هي‪ :‬الهمزة‪ ،‬الجيم‪ ،‬الدال والكاف‪ ،‬والقاف والطاء‬

‫والباء‪ ،‬والتاء‪ ،‬والضاد المصرية‪.‬‬

‫ه‪ -‬اإلطباق‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫‪1‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة(ش د)‪ ،‬ص‪.991‬‬


‫‪2‬عبد العزيز الصايغ‪ :‬المصطلح الصوتي‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪3‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ص‪.434‬‬

‫‪83‬‬
‫وطبقه تطبيقا فانطبق وأطبقه‬
‫جاء في المحيط‪ :‬غطاء كل شيء‪ ،‬ج‪ :‬أطباق وأطبقه‪ّ ،‬‬

‫فتطبق‪ ،‬والطبق أيضا من كل شيء‪ :‬ما ساواه‪ ،‬وقد طابقه مطابقة وطباقا‪ ،‬ووجه األرض‪،‬‬

‫والذي يؤكل عليه والقرن من الزمان‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫أن يرفع المتلفظ بهذه الحروف لسانه‪ ،‬ينطبق بها الحنك األعلى فينحصر الصوت بين‬

‫اللسان والحنك وهي أربعة‪ :‬الصاد والضاد والطاء والظاء‪.2‬‬

‫و‪ -‬االنفتاح‪:‬‬

‫وهو انفتاح اللسان وانفصاله عن الحلق إلخراج الهواء عند النطق بالصوت‪ ،‬وأصواته‬

‫‪.‬‬
‫كل األصوات العربية ماعدا أصوات اإلطباق‬

‫وفي اللغة‪ :‬االنفتاح ضد االنغالق‪ ،‬جاء في اللسان‪ :‬الفتح نقيض اإلغالق‪ ،‬وباب فتح أي‬

‫واسع مفتح‪ ،‬وفي حديث أبي الدرداء‪ :‬من يأتي بابا مغلقا يجد إلى جانبه بابا فتحا‪ ،‬أي‬

‫واسعا‪.‬‬

‫ي‪ -‬اإلستعالء‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫‪1‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة (ط ب ق )‪ ،‬ص‪.991‬‬


‫‪2‬ابن سنان الخفاجي‪ :‬سر الفصاحة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1،1982‬ص‪31‬‬

‫‪84‬‬
‫علو الشيء‪ ،‬مثلثة‪ ،‬وعالوته‪ ،‬بالضم‪ ،‬وعاليته‪ :‬أرفعه‪ ،‬عال علوا‪ ،‬فهو علي‪ ،‬وعلى‪،‬‬

‫كرضي‪ ،‬وتعلّى‪ ،‬وعاله‪ ،‬و‪ -‬به‪ ،‬واستعاله‪ ،‬وأعلواله وأعاله وعاله وعااله و‪ -‬به‪ :‬صعده‪،‬‬

‫وكسماء‪ ،‬الرفعة واسم وعال النهار‪ ،‬ارتفع‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫وهو أن يتصعد اللسان في الحنك األعلى‪ ،‬والمستعلية سبعة‪ :‬الخاء‪ ،‬والغين‪ ،‬والقاف‪،‬‬

‫والضاد‪ ،‬والطاء‪ ،‬والصاد‪ ،‬والظاء‪ ،‬يجمعها قولهم‪ :‬ضغط قط خص‪.2‬‬

‫ز‪ -‬اإلستفال‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫السفل والسفول والسفالة‪ ،‬بضمهن والسفل والسفلة‪ ،‬بكسرهما والسفال‪ ،‬بالفتح نقيض العلو‬

‫والعلو والعالوة والعلو والعلوة والعالء‪.3‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫‪1‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة(ع ل ى)‪ ،‬ص‪.1138‬‬


‫‪2‬عبد البديع النيرباني‪ :‬الجوانب الصوتية في كتب اإلحتجاج في القراءات‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪3‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة(س ف ل)‪ ،‬ص‪.779‬‬

‫‪85‬‬
‫انحطاط اللسان عند خروج الحرف من الحنك إلى قاع الفم وحروفه هي إثنان وعشرون‬

‫حرفا ماعدا الحروف المستعلية‪.1‬‬

‫ر‪ -‬التفخيم‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫فخم‪ :‬فخم الرجل بالضم فخامة‪ ،‬أي‪ :‬ضخم ورجل فخم أي عظيم القدر‪ ،‬والتفخيم‪:‬‬

‫التعظيم‪ ،‬وتفخيم الحرف‪ :‬خالف إمالته‪.2‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫ارتفاع مؤخر اللسان إلى أعلى قليال في اتجاه الطبق اللين وتحركه إلى الخلف قليال في‬

‫اتجاه الحائط الخلفي للحلق‪ ،‬ولذلك يسميه بعضهم اإلطباق بالنظر إلى الحركة العليا للسان‪،‬‬

‫ويسميه بعضهم التحليق بالنظر إلى الحركة الخلفية للسان‪ 3‬وهي‪ :‬الصاد‪ ،‬الضاد‪ ،‬الطاء‪،‬‬

‫الظاء‪ ،‬الالم‪ ،‬الراء واأللف‪.‬‬

‫ع‪ -‬الترقيق‪:‬‬

‫‪1‬علي حسن مزبان‪ :‬علم األصوات بين القدماء والمحدثين‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫‪2‬الجوهري‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة (ف خ م) ‪ ،‬ص‪.875‬‬
‫‪3‬أحمد مختار عمر‪ :‬دراسة الصوت اللغوي‪ ،‬ص‪.326‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫الرقيق نقيض الغليظ والثخين وقد رق الشيء يرق رقة وأرقه‪ ،‬ورققه وترقيق الكالم‬

‫تحسينه‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫هي الصوائت التي يرتفع فيها مقدم اللسان في اتجاه الغار‪ ،‬ويطلق على ظاهرة الترقيق‬

‫هذه مصطلح التغرير واألصوات المرققة هي األصوات غير المفخمة‪ ،‬والتفخيم ضد الترقيق‬

‫ويضم باقي األصوات عدا المفخمة كليا والمفخمة جزئيا‪.2‬‬

‫‪ -2‬الصفات الخاصة‪:‬‬

‫‪1‬الجوهري‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة(ر ق ق)‪ ،‬ص‪.460‬‬
‫‪2‬أروى خالد مصطفى عجولي‪ :‬النظام الصوتي وداللته في سيفيات المتنبي وكافورياته‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪،‬‬
‫قسم الدراسات العليا اللغة العربية وآدابها‪ ،‬جامعة النجاح‪ ،‬نابلس‪ ،‬طرابلس‪ ،2014 ،‬ص‪.32‬‬

‫‪87‬‬
‫أ‪ -‬القلقلة‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫جاء في اللسان‪ :‬قلقل الشيء وقلقاال وقلقاال فتقلقل وُقلقاال عن كراع وهي نادرة‪ ،‬حركه‬

‫فتحرك واضطرب‪ ،‬فإذا كسرته فهو مصدر واذا فتحته فهو اسم‪...‬والقلقلة‪ :‬شدة‬

‫الصياح‪...‬والقلقلة والتقلقل‪ :‬قلة الثبوت في المكان‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫هي تحريك اللسان واضطرابه عند النطق بالحرف الساكن حتى يسمع نبرة "وهي حركة‬

‫قصيرة جدا تشبه الكسرة"‪ ،2‬وهي خمسة حروف تجمع بين الشدة والجهر‪ :‬الباء‪ ،‬الدال‪،‬‬

‫الطاء‪ ،‬الجيم‪ ،‬القاف‪ ،3‬وسميت بالقلقلة ألنها يصحبها ضغط اللسان في مخرجها في الوقف‬

‫مع شدة الصوت المتصعد من الصدر‪ ،‬وهذا الضغط التام يمنع خروج ذلك الصوت‪،‬‬

‫فإذا أردت بيانها للمخاطب احتجت إلى قلقلة اللسان وتحريكه عن موضعه حتى يخرج‬

‫صوتها فيسمع‪.4‬‬

‫ب‪ -‬الصفير‪:‬‬

‫‪1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،11‬مادة (ق ل ق ل)‪ ،‬ص‪.566‬‬


‫‪2‬سلمان بن سالم بن رجاء السحيمي‪ :‬إبدال الحروف في اللهجات العربية‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪3‬مصطفى حركات‪ :‬الصوتيات والفونولوجيا‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص‪.107‬‬
‫‪4‬اإلسترباد ي‪ :‬شرح شافية ابن الحاجب‪ ،‬تحقيق محمد نور الحسن وآخرون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫دط‪،1982،‬ج‪ ،3‬ص‪.263‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫الصفير من الصوت بالدواب إذا سقيت‪ ،‬صفّر‪ ،‬يصفّر‪ ،‬صفيرا‪ ،‬وصفّر بالحمار وصفر‪:‬‬

‫دعاه إلى الماء‪ ...‬وقولهم ما في الدار صافر أي أحد يصفر‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫هو آلية الرخاوة نفسها‪ ،‬إال أن درجة االنفتاح معها أضيق وهذا يؤدي إلى ارتفاع صوت‬

‫الحفيف الحادث من االحتكاك حتى يغدو صوتا يشبه الصفير الحاد‪ ،‬واألصوات العربية‬

‫الحادثة بهذه اآللية هي أصوات السين والزاي والصاد‪.2‬‬

‫ج‪ -‬اللين‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫اللين ضد الخشونة‪ ،‬يقال في فعل الشيء ألن الشيء يلين لينا وليانا وتلين‪ ،‬وشيء‬

‫وتلين له تملق‪ ،‬والليان‪ :‬نعمة‬


‫ولين‪ :‬مخفف منه‪ ،‬والجمع أليناء‪ ...،‬وأالنه صيره لينا‪ّ ،...‬‬
‫لين ّ‬

‫العيش‪.1‬‬

‫‪1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،4‬مادة (صفر)‪ ،‬ص‪.464‬‬


‫‪2‬محمد األنطاكي‪ :‬المحيط في أصوات العربية ونحوها وصرفها‪ ،‬دار الشرق العربي‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪ ، 3‬دت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.16‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫هينا مرسال وصوتاه‪ :‬الواو والياء الساكنتان‪.2‬‬


‫هو إجراء الصوت بال غنت وال كلفة ّ‬

‫د‪ -‬الغنة‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫غن‪،‬‬
‫غن‪ّ ،‬ي ّ‬
‫جريان الكالم في اللهاة‪ ،‬واستعملها يزيد بن األعور في تصويت الحجارة ّ‬

‫بالفتح‪ ،‬فهو أغن‪ ،‬والوادي‪ :‬كثر شجره‪ ،‬و‪ -‬النخل أدرك‪ ،‬كأغن فيهما‪ ،‬وظبي أغن‪ ،‬يخرج‬

‫صوته من خياشيمه‪.3‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫صوت يخرج من الخيشوم‪ ،4‬وحرفا الغنة النون والميم‪ ،‬وانما تخرج من تجويف األنف‬

‫بسبب انخفاض الحنك اللين في أثناء نطقها فيسد المجرى في الفم مما يضطر النفس من‬

‫األنف‪.5‬‬

‫‪1‬غازي طليمات‪ :‬في علم اللغة‪ ،‬ص‪.133‬‬


‫‪2‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،13‬مادة(ل ي ن)‪ ،‬ص‪.394‬‬
‫‪3‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة(غ ّن)‪ ،‬ص‪.1207‬‬
‫‪4‬غانم قدوري‪ :‬الدراسات الصوتية عند علماء التجويد‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫‪5‬محمد يحي سالم الجبوري‪ :‬مفهوم القوة والضعف في أصوات العربية‪ ،‬ص‪.86‬‬

‫‪90‬‬
‫ه‪ -‬االنحراف‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫غيره وصرفه عن‬


‫حرف القلم‪ :‬قطعه محرفا‪ ،‬و‪ -‬الكالم‪ّ :‬‬
‫حرف الشيء‪ :‬أماله‪ ،‬يقال‪ّ :‬‬
‫ّ‬

‫معانيه‪ ،‬وفي التنزيل العزيز‪" :‬يحرفون الكلم عن مواضعه"‪ (،‬الحرف)‪ :‬مال‪ ،‬ويقال‪ :‬انحرف‬

‫مزاجه‪ :‬مال عن االعتدال‪.1‬‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫وهو انحراف مخرج الهواء مع جانب اللسان وينطق على صوت واحد وهو الالم‪ ،2‬وهو‬

‫حرف شديد جرى فيه الصوت النحراف اللسان مع الصوت‪ ،‬ولم يعترض على الصوت‬

‫كاعتراض الشديد وهو الالم‪.1‬‬

‫‪1‬مجمع اللغة العربية‪ :‬المعجم الوسيط ‪ ،‬ص‪.167‬‬


‫‪2‬منصور بن محمد الغامدي‪ :‬الصوتيات العربية‪ ،‬مكتبة التوبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.92‬‬

‫‪91‬‬
‫و‪ -‬التفشي‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫فشوا‪ ،‬أي‪ :‬ذاع‪ ،‬وأفشاه غيره وتفشي الشيء‪ ،‬أي‪ :‬اتّسع‪.2‬‬


‫فشا‪ :‬فشا الخبر يفشو ّ‬

‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫هو انتشار النفس في الفم عند النطق بالشين وحروفه هي‪ :‬الشين فقط‪.3‬‬

‫ي‪ -‬التكرير‪:‬‬

‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫ومكر‪ ،‬بكسر الميم‪،‬‬


‫ّ‬ ‫كرار‬
‫كر وكرو ار وتك اررا‪ :‬عطف‪ ،‬و‪ -‬عنه‪ :‬رجع‪ ،‬فهو ّ‬
‫كر عليه ّا‬
‫ّ‬

‫وتكرة‪ ،‬كتحلة‪ ،‬وكزكزه‪ :‬أعاده مرة بعد أخرى‪.1‬‬


‫وكرره تكري ار وتك ار ار ّ‬
‫ّ‬

‫‪1‬حسني عبد الجليل يوسف‪ :‬التمثيل الصوتي للمعاني( دراسة نظرية وتطبيقية في الشعر الجاهلي)‪ ،‬الدار الثقافية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ط‪ ،1998 ،1‬ص‪.19‬‬
‫‪2‬الجوهري‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة(ف ش ا)‪ ،‬ص‪.889‬‬
‫‪3‬صبحي الصالح‪ :‬دراسات في فقه اللغة‪ ،‬دار العلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪ ،2009،‬ص‪.283‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬اصطالحا‪:‬‬

‫هي حروف يعرقل فيها سير الهواء بواسطة انسدادات متكررة للحاجز الذي قد يكون‬

‫الشفتان أو اللسان‪ ،‬عندما يكون المخرج من حافة اللسان فإن هذا الحرف المكرر هو‪:‬‬

‫الراء‪.2‬‬

‫ويعرفه سيبويه بقوله‪" :‬حرف شديد يجري فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى الالم‪،‬‬

‫كالرخوة‪ ،‬ولو لم يكرر لم يجري الصوت فيه وهو الراء"‪.3‬‬


‫فتتجافى‪ ،‬للصوت ّ‬

‫ر‪ -‬الجانبية"الحافية"‪:‬‬

‫أصوات يتم إنتاجها بإغالق المسرب األمامي لتيار الهواء‪ ،‬وفتح مسرب بديل على‬

‫جانبي اللسان‪ ،‬ويظل تيار الهواء مستم ار في السريان دون توقف‪ ،‬األمر الذي ال يجوز معه‬

‫اعتبار هذه األصوات وقفية‪ ،‬ويظل الطريق األمامي مغلقا مدة نطق الصوت وهو الالم‪.1‬‬

‫‪1‬الفيروز أبادي‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة(ك ّر)‪ ،‬ص‪.1406‬‬


‫‪2‬مصطفى حركات‪ :‬الصوتيات والفونولوجيا‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪3‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.435‬‬

‫‪93‬‬
‫خامسا‪ :‬مفهوم الداللة‬

‫يعد علم الداللة من أهم العلوم التي جذبت انتباه الدارسين في السنوات األخيرة أكثر‬

‫من أي فرع آخر من فروع الدراسات اللغوية‪ ،‬ولم يعد في حاجة إلى من يدافع عنه أو يبرز‬

‫االهتمام به‪ ،‬فقد صار غاية العلوم جميعها لغوية كانت أم غير لغوية ولذلك مدت األيدي‬

‫إلى دراسته من مختلف الجهات‪ ،‬هذه الدراسات جعلته يأخذ منحى استقالليا مما أكسبه‬

‫‪1‬سمير شريف إستيتية‪ :‬األصوات اللغوية رؤية عضوية‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.153‬‬

‫‪94‬‬
‫اتساعا وتداخال في أرجائه‪ ،‬فكانت عالقته مع المستويات اللغوية األخرى واسعة منفتحة‬

‫ومتطورة‪ ،‬هذا التطور الذي اكتسابه كان سبب التفات العلماء إليه واحاطتهم بكل أجزاءه ليس‬

‫لغويين فقط بل مناطق وفالسفة‪ ،‬ومن بين ما اهتموا به تحديد مفهوم الداللة‪.‬‬

‫‪ -1‬لغة‪:‬‬

‫الدليل‪ :‬الدال‪ ،‬وقد دلّه على الطريق يدله داللة وداللة‪ :‬ودلولة‬
‫الدليل‪ :‬ما يستدل به و ّ‬
‫دلل‪ّ :‬‬

‫وأنشده أبو عبيدة ‪ :‬إني امرؤ بالطرق ذو دالالت‪.‬‬

‫والدليل‪ :‬الدليل‪ ،‬والدال‪ :‬الغنج والشكل‪ ،‬وقد دلت المرأة تدل بالكسر‪ ،‬وتدللت‪ ،‬وهي حسنة‬

‫الدل والداللة‪ ،‬ويقال أدل فأمل‪ ،‬واالسم الدالة‪ ،....‬وقال أبو عبيد الدل قريب المعنى من‬

‫الهدي‪ ،‬وهما من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل وغير ذلك‪.1‬‬

‫‪ -2‬اصطالحا‪:‬‬

‫تعددت التسميات والمصطلحات التي أطلقت على مصطلح علم الداللة فهو‪ :‬علم‬

‫الد َاللَة وعلم الداللة وبعضهم يطلق عليه تسمية علم المعنى والبعض اآلخر يشتقه من‬
‫َ‬

‫التسمية األجنبية سيمانتيك(‪ ،)semantics‬وبذلك تعددت التعريفات لهذا المصطلح‪.‬‬

‫‪1‬الجوهري‪ :‬تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬مج‪ ،1‬مادة (د ل ل)‪ ،‬ص‪.382‬‬

‫‪95‬‬
‫أما الكلمة األجنبية(‪ )semantique‬فهي مشتقة من الكلمة اليونانية(‪ ")semaino‬دل‬

‫على"‪ ،‬والمتولدة هي األخرى من الكلمة(‪ )semo‬أو العالمة هي باألساس الصفة المنسوبة‬

‫إلى الكلمة األصل(‪ )sens‬أو المعنى‪.1‬‬

‫وأما المصطلح العربي علم الداللة فهو يعد فرع من فروع علم اللغة‪ ،‬وهو يعرف عادة بأنه‬

‫"دراسة المعنى"‪ ،2‬فعلم الداللة هو العلم الذي يتناول المعنى بالشرح والتفسير والدراسة ويعرفه‬

‫فرانك بالمر بقوله‪" :‬علم الداللة مفهوم عام يختص بالمعنى ويمتد إلى كل مستوى لغوي له‬

‫عالقة بالداللة"‪ ،3‬إذن فهو جماع الدراسات صوتية كانت أو نحوية أو معجمية وكل دراسة‬

‫البد أن تسعى للوقوف على الداللة‪.‬‬

‫ويعرفها السيد الشريف الجرجاني بقوله‪" :‬كون الشيء بحالة‪ ،‬يلزم من العلم به‪ ،‬العلم‬

‫بشيء آخر‪ ،‬والشيء األول هو الدال والثاني هو المدلول"‪.4‬‬

‫ولتوضيح تعريف الجرجاني نقدم المثال اآلتي‪ :‬صفرة الوجه دالة على الخوف‪ ،‬فلو حصل‬

‫العلم بصفرة وجه شخص يلزم من ذلك حصول العلم بخوفه‪ ،‬لذلك فالداللة لحصولها تتطلب‬

‫داال ومدلوال‪.‬‬

‫‪1‬فتح اهلل أحمد سليمان‪ :‬مدخل إلى علم الداللة‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1991 ،1‬ص‪.7‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪3‬سامي عوض وهند عكرمة‪" :‬الوظيفة الداللية في ضوء مناهج اللسانيات"‪ ،‬مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية‪،‬‬
‫ع‪ ،2006 ،1‬ص‪.158‬‬
‫‪ 4‬فايز الداية‪ :‬علم الداللة العربي بين النظرية والتطبيق دراسة تاريخية‪ ،‬تأصيلية‪ ،‬نقدية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1996 ،2‬‬
‫ص‪.8‬‬

‫‪96‬‬
‫وهي عند اللغويين والناطقة‪" :‬ما اتصلت باللفظ إذ تمثل في منظورهم كون اللفظ بحيث‬

‫متى أطلق أو تخيل فهم منه معناه للعلم بوضعه"‪.1‬‬

‫إذن فالداللة عند الجرجاني وعندهم تتحقق من توفر عنصرين أحدهما الدال‪ ،‬والثاني‬

‫المدلول‪ ،‬مثل الطّرق على الباب‪ ،‬فإنه دال على وجود شخص وهو( المدلول)‪ ،‬وهذه الصفة‬

‫التي حصلت للطّرق تسمى ( داللة)‪.‬‬

‫فالداللة إذن تقوم على العالقة بين الدال والمدلول من جهة وبينهما وبين المتلقي من جهة‬

‫أخرى‪ ،‬فعلمه بالدال يستدعي انتقال ذهنه إلدراك المدلول‪.‬‬

‫ويذهب دي سوسير اللساني اللغوي نفس المذهب حيث تقوم عنده الدالة على العالقة بين‬

‫الدال والمدلول فيعرفها بقوله‪" :‬عبارة عن العالقة التي تربط الدال بالمدلول داخل العالمة‬

‫اللسانية"‪ ،2‬فهو يرى بأن الداللة ال تخرج بين الصوت والفكر‪ ،‬أو قل بين الدال والمدلول وقد‬

‫ألفت بينهما وحدة عضوية هي وحدة ( الفكر‪ -‬الصوت)‪ ،‬فال وجود للدال دون مدلول‪،‬‬

‫فأحدهما بدون اآلخر ال يمكن تصوره وال تحققه‪.‬‬

‫وأود أن أشير إلى أن مصطلح الداللة حديث وأول من وضعه العالم الفرنسي اللغوي بلاير‬

‫في سنة ‪ ،1897‬وقد أسماه السيمانتيك‪.‬‬

‫‪1‬خديجة غنيشل‪" :‬الداللة بين المفهوم واشكالية فهم النص"‪ ،‬مجلة األثير‪ ،‬ع‪ ،17‬جانفي ‪ ،2013‬ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪2‬نور الهدى لوشن‪ :‬علم الداللة (دراسة وتطبيق)‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬األ ازريطة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دط ‪ ،2006 ،‬ص‪.27‬‬

‫‪97‬‬
‫سادسا‪ :‬تعريف الداللة الصوتية‬

‫إن اللغة وسيلة للتواصل تعين أصحابها على الكشف عن أغراضهم‪ ،‬ووسيلة اللغة في‬

‫ذلك هي األصوات‪ ،‬ولهذه األصوات فائدة كبرى وتأثي ار بالغ األهمية في تحديد المعنى‪ ،‬فمثال‬

‫رفض إذا استبدلنا صوتا من أصواتها وليكن ض بالهاء فتصبح الكلمة رفه فإن المعنى هنا‬

‫يتغير وهذا التغيير قد يكون كليا وقد يكون جزئيا‪.1‬‬

‫إلى جانب تأثير الصوت في المعنى‪ ،‬فإن النطق السليم والصحيح لهذه األصوات يساعد‬

‫في الوصول إلى المعنى المقصود دون غموض‪ ،‬ولذلك شغل البحث في الداللة الصوتية أي‬

‫‪1‬انظر صالح سليم عبد القادر الفاخري‪ :‬الداللة الصوتية في اللغة العربية‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪،‬‬
‫ص‪.48‬‬

‫‪98‬‬
‫الصوت والمعنى جانبا واسعا من اهتمام علماء اللغة‪ ،‬ويقصد بهذه الداللة الصوتية ما تؤديه‬

‫األصوات اللغوية المكونة لبنية الكلمة من دور في إظهار المعنى‪ ،‬وذلك في نطاق تأليف‬

‫مجموعة أصوات الكلمة التي قد ترمز إلى معنى معجمي‪ ،‬كما قد تتحقق الداللة الصوتية من‬

‫مجموع تألف أصوات البنية اللغوية وطريقة أدائها الصوتي‪ ،‬ومظاهر هذا األداء وهذا ما‬

‫يعرف بالعناصر الصوتية الثانوية التي تصاحب الكلمة المفردة‪.1‬‬

‫وبناءا على ذلك فإن الداللة الصوتية تتحقق من خالل العناصر الصوتية الرئيسية‬

‫والعناصر الصوتية الثانوية أما العناصر الصوتية الرئيسية فهي‪ :‬الصوائت والصوامت‬

‫وأنصاف الحركات‪ ،‬والثانوية‪ :‬النبر والتنغيم‪ ...‬وغيرها‪.‬‬

‫ويعرفها إبراهيم أنيس‪" :‬الداللة الصوتية بقوله‪":‬هي الداللة التي تستمد من طبيعة‬

‫األصوات نغمها وجرسها"‪ ،2‬فتوحي بوقع موسيقي خاص‪ ،‬يستنبط من تألف الحروف‪،‬‬

‫وتشاكلها في البنية اللغوية‪ ،‬والفضل في فهم السامع يرجع إلى إيثار صوت على آخر‪ ،‬أو‬

‫مجموعة من األصوات على أخرى في الكالم المنطوق‪ ،3‬وهذا يعني أن األصوات تؤدي‬

‫دو ار كبي ار في فهم داللة الكلمة‪.‬‬

‫‪1‬محمود عكاشة‪ :‬التحليل اللغوي في ضوء علم الداللة‪ ،‬دراسة في الداللة الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية‪ ،‬دار النشر‬
‫للجامعات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص ص‪.17،18‬‬
‫‪2‬إبراهيم أنيس‪ :‬داللة األلفاظ‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪ ،1986 ،1‬ص‪64‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ :‬ص‪.47‬‬

‫‪99‬‬
‫إن مصطلح الداللة الصوتية هذا يطلق على جانب محدد من الجوانب التي تعكس‬

‫العالقة بين أصوات الكلمة العربية ومعانيها حيث يتجلى أثر مساهمة الصوت في المعنى‬

‫بما له من خصائص تميزه عن غيره في السمع‪.1‬‬

‫بمعنى أن الداللة الصوتية تطلق على العالقة الموجودة بين اللفظ‪ :‬وهو ما يخرج من الفم‬

‫في صورة أصوات الكلمات ورموز له بأشكال كتابية للداللة على منطوق له معين‪ ،2‬والمعنى‬

‫الذي هو التصور الحاصل في الذهن‪.‬‬

‫وه ذا النوع من الداللة عرفه ابن جني وهو يطلق عليه مصطلح الداللة اللفظية وهي عنده‬

‫أقوى الدالالت حيث يقول‪" :‬اعلم أن كل واحد من هذه الدالئل معتد مراعى مؤثر‪ ،‬إال أنها‬

‫في القوة والضعف على ثالث مراتب فأقواهن اللفظية"‪.3‬‬

‫من خالل هذا القول يعتبر ابن جني أن كل نوع من أنواع الداللة مؤثر إال أن الداللة‬

‫الصوتية أقواهن‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬الصوت والداللة‬

‫‪1‬محمد األمين خويلد‪ ":‬ماهية الداللة الصوتية"‪ ،‬األثير مجلة اآلداب واللغات‪ ،‬ع‪ ،2‬ماي ‪ ،2003‬ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.183‬‬
‫‪2‬محمود عكاشة‪ :‬الداللة اللفظية‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪ ،2002 ،‬ص‪.19‬‬
‫‪3‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.134‬‬

‫‪100‬‬
‫تعد مسألة اللفظ والمعنى من القضايا التي أثارت الجدل وشغلت االهتمام وأرقت عددا‬

‫كبي ار من العلماء‪ ،‬وذلك نظ ار ألهميتها وارتباطها بكثير من العلوم والمجاالت‪ ،‬حيث أنها تعد‬

‫قضية أساسية مشترك في العلوم والدراسات العربية التي تتصل باللغة‪ ،‬فقد هيمنت على‬

‫تفكير اللغويين والنجاة وشغلت الفقهاء والمتكلمين‪ ،‬واستثارت باهتمام البالغيين والمشتغلين‬

‫بالنقد‪ ،‬نقد الشعر‪ ،‬والنثر دع عنك المفسرين والشراح الذين تشكل العالقة بين اللفظ والمعنى‬

‫موضوع اهتمامهم العلني الصريح‪.1‬‬

‫لم يكن االهتمام بهذه الثنائية محصو ار في المجال اللغوي فحسب بل كل المجاالت درست‬

‫وتناولت كل ما يخصها من هذه القضية‪ ،‬وسوف يتم فيما سيأتي عرض آراء العلماء والجدل‬

‫الذي دار حول هذه القضية‪.‬‬

‫‪ -1‬عند اليونان والهنود‪:‬‬

‫إن المتأمل للدراسات الحديثة يجد أن الفالسفة اليونان والهنود اللغويين تعرضوا من‬

‫قديم الزمان في بحوثهم ومناقشاتهم إلى الكثير من القضايا من بينها قضية اللفظ‬

‫والمعنى‪ ،‬التي أثارت بينهم جدال واختلفوا فيها بحيث انقسموا إلى قسمين فريق قال بأن‬

‫العالقة بين اللفظ (الصوت) ومدلوله (معناه) عالقة طبيعية وأولهم هرقليطس الذي ذهب‬

‫‪1‬مليكة سعدي‪" :‬الداللة وجدل اللفظ والمعنى"‪ ،‬عود الند‪ ،‬ع‪ 7 ،61‬يوليو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪2‬‬

‫‪101‬‬
‫إلى أن‪" :‬المناسبة بين اللفظ ومدلوله ضرورية‪ ،‬وأن األسماء بأصواتها تستطيع أن‬

‫ترسم جواهر األشياء‪ ،‬وأن تنطق بماهيتها بأعيانها"‪.1‬‬

‫إذن العالقة بين الدال والمدلول تتحكم فيها الضرورة فهي عالقة مادية تحاكي فيها‬

‫الكلمات أصوات طبيعية بحيث يكفي سماع الكلمة لمعرفة داللتها‪.‬‬

‫أما أفالطون فهو يرى أن الصلة بين األصوات ومدلولتها صلة طبيعية ذاتية‪ ،‬أي أنها‬

‫تثير في الذهن مباشرة مدلوالتها المتخصصة لها‪ ،‬وعندما لم يستطع إثبات هذه الصلة في‬

‫بعض األلفاظ لجأ إلى افتراض أن الصلة الطبيعية كانت واضحة سهلة التفسير في بدء‬

‫نشأتها‪ ،‬ثم تطورت األلفاظ ولم يعد من اليسير أن نتبين بوضوح تلك الصلة‪ ،‬أو نجد لها‬

‫تعليل أو تفسير‪.2‬‬

‫أما الفريق الثاني فهو القائل بأن الصلة بين اللفظ ومدلوله صلة أو عالقة عرفية فهي‪:‬‬

‫"ال تعدوا أن تكون اصطالحية اجتمع الناس وتواضعوا عليها"‪ ،3‬وهو أرسطو حيث يدعو‬

‫إلى تحطيم فكرة االرتباط الطبيعي بين االسم والمسمى‪.4‬‬

‫‪1‬صالح سليم عبد القادر الفاخري‪ :‬الداللة الصوتية في اللغة العربية‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪2‬مصطفى مندور‪ :‬اللغة بين العقل والفكر‪ ،‬منشأة معارف باإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬دط ‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪3‬انظر خالد قاسم بني الدومي‪ :‬دالالت الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم‪ ،‬عالم الكتاب الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬دت‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪4‬مصطفى مندور‪ :‬اللغة بين العقل والفكر‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫‪102‬‬
‫كما أوضح آراءه عن اللغة وظواهرها في مقاالت تحت عنوان"الشعر والخطابة" وبين‬

‫فيها عرفية اللفظ ومعناه أو مدلوله‪ ،1‬إذن أرسطو يرى أن العالقة بين اللفظ ومعناه هي‬

‫عالقة ناتجة عن اتفاق وتراض بين البشر‪.‬‬

‫وهناك من اتخذ موقفا توفيقيا في هذه القضية وهو سقراط الذي حاول أن يوفق بين من‬

‫قالوا بالعالقة االصطالحية العرفية‪ ،‬ومن قالوا بالعالقة الطبيعية‪ ،‬وذهب إلى أن الخوض في‬

‫هذه المسألة فيه مشقة وأن هناك نوعا من األسماء تدل وتشهد على أنها لم تتم اعتباطا‪ ،‬وأن‬

‫لها أصال من الطبيعة‪.2‬‬

‫أما بالنسبة للهنود فهم أيضا اهتموا بالعديد من القضايا ذات الصلة بالداللة وذلك‬

‫للمحافظة على كتابهم المقدس"الفيدا"‪ ،‬فهم يعدون من أوائل اللغويين الذين فكروا في‬

‫شؤون لغتهم وقاموا بدراستها للمحافظة على هذا الكتاب ومن بين ما اهتموا به قضية‬

‫اللفظ والمعنى‪ ،‬التي تعددت حولها اآلراء بين رافض لفكرة التباين بين اللفظ والمعنى‪،‬‬

‫وبين قائل بالعالقة الطبيعية الفطرية‪ ،‬ومنهم من قال بوجود عالقة بين اللفظ والمعنى‬

‫شبيهة بالعالقة اللزومية بين النار والدخان‪.3‬‬

‫‪1‬إبراهيم أنيس‪ :‬داللة األلفاظ‪ ،‬ص‪.63‬‬


‫‪2‬خالد قاسم بني الدومي‪ :‬دالالت الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪3‬أحمد مختار عمر‪ :‬علم الداللة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1985 ،1‬ص‪.19‬‬

‫‪103‬‬
‫ورغم هذه المحاوالت الجادة التي قام بها الفالسفة اليونان واللغويين الهنود إال أنهم لم‬

‫يتوصلوا إلى حل حاسم في هذه القضية‪ ،‬بل وصلت ثناياها لعلمائنا العرب الذين لم‬

‫يتوانوا عن بذل جهدهم في البحث فيها‪.‬‬

‫‪ -2‬الصوت والداللة في الدراسات العربية‪:‬‬

‫وصلت قضية العالقة بين اللفظ والمعنى إلى العلماء العرب بعد أن كان قد سبقهم إليها‬

‫"اليونان والهنود"‪ ،‬فبذلوا هم أيضا جهدهم في البحث والمحاولة قصد إيجاد حل لهذه المسألة‪،‬‬

‫فكان الخليل هو أول من تحدث في هذه القضية‪ ،‬وقد انتصر للعالقة الطبيعية التي تربط‬

‫اللفظ بمدلوله‪ ،‬وحاول إثباتها ويظهر ذلك من خالل قوله‪" :‬كأنهم (العرب) توهموا في صوت‬

‫صر‪ ،‬وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا صرصر"‪.1‬‬


‫الجندب استطالة ومدا فقالوا‪ّ :‬‬

‫وفي هذا القول يوضح لنا الخليل أن الكلمة لها صلة طبيعية بمدلولها‪ ،‬أي أنه هناك‬

‫صلة بين صوت الجندب والفعل صر الذي هو دال عليه‪ ،‬فكلمة "صر" صورة لفظية لصوت‬

‫البازي المتقطع‪ ،2‬أما صرصر فقد جاء مضاعفا بسبب تشابه صوت البازي وصوت الجندب‬

‫مع وجود اختالف في الكيفية‪ ،3‬ويبدو من خالل هذا المثال أن الخليل أدرك من خالل حسه‬

‫فقط العالقة بين الصوت وداللته وهو ما يعرف بالداللة الصوتية‪.‬‬

‫‪1‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.505‬‬


‫‪2‬خالد قاسم بني الدومي‪ :‬دالالت الظاهرة الصوتية‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪3‬حسين الفي وداود غطاشة‪ :‬علم الداللة والمعجم العربي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪ ،‬دط‪ ،1989 ،‬ص‪.22‬‬

‫‪104‬‬
‫وقد ذهب كذلك سيبويه إلى نفس ما ذهب إليه الخليل فيما يتعلق بوجود مناسبة طبيعية‬

‫بين األصوات وداللتها‪ ،‬فهو لم يتوقف عند حد إثبات وجود مناسبة طبيعية بين الصوت‬

‫ومدلوله فحسب‪ ،‬وانما بين بنية الكلمة اللغوية وداللتها‪ ،‬فقال‪" :‬ومن المصادر التي جاءت‬

‫على مثال واحد حين تقاربت المعاني‪:‬النزوان‪ ،‬والنقزان‪ ،‬وانما هدف األشياء في زعزعة‬

‫البدن‪ ،‬واهتزازه في ارتفاع"‪.1‬‬

‫فهو هنا يؤكد أن صيغة "فعالن" تدل على زعزعة وتحرك واضطراب ومثل هذا الغليان‬

‫ألنه زعزعة وتحرك‪ ،‬ومثله الغثيان ألنه تجيش نفسه وتثور‪ ،‬ورأى أنهم قد جاؤوا بـ "الفعالن"‬

‫في أشياء تقاربت‪ ،‬ومن ذلك الطوفان والدوران‪ ،‬والجوالن‪ ،‬وشبهوا هذا بحيث كان تقلبا‬

‫وتصرفا بالغليان والغثيان‪ ،‬ألن الغليان أيضا تقلب ما في القدر وتصرفه‪ ،‬هذا يعني أن‬

‫سيبويه أيضا قد تنبه إلى الداللة الصوتية‪ ،‬فهو يرى أن المصادر التي على وزن فعالن‪ ،‬تدل‬

‫أصواتها على معانيها وهذا ينطبق على كل مصدر جاء على هذا الوزن‪.‬‬

‫ويوافق ابن جني الخليل وسيبويه فيما ذهبا إليه حيث يرى هو اآلخر أن المصادر التي‬

‫تأتي على وزن فعالن تكون لالضطراب والحركة نحو‪ :‬ثو ارن وغليان‪.‬‬

‫وابن جني يعد رائد الدراسات الصوتية الداللية‪ ،‬وهو من أكثر اللغويين تحمسا إلثبات‬

‫العالقة الطبيعية بين اللفظ وداللته‪ ،‬ويبدو ذلك واضحا في كتابه الخصائص حيث عقد فيه‬

‫فصوال أربعة إلثبات تلك الصلة‪.‬‬

‫‪1‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.14‬‬

‫‪105‬‬
‫ففي الباب األول الذي سماه "تالقي المعاني على اختالف األصول والمباني" نجده يرى‬

‫بأن لالسم الواحد معان متعددة‪ ،‬وهذه المعاني توصلنا إلى معان أخرى‪ ،‬وهذا الباب يعتبره‬

‫ابن جني كثير النفع وقوي الداللة ويضرب لذلك مثال بكلمتي "الصوار من فعال وكلمة‬

‫المسك من فعل‪ ،‬فالمسك يالقي معناه معنى الصوار‪ ،‬والصوار يجذب حاسة من يشمه وكذا‬

‫المسك وان كانا من أصلين مختلفين‪.1‬‬

‫أما في الباب الثاني الذي أسماه"االشتقاق األكبر" أشار إلى أنه مهما كانت حروف‬

‫الكلمة مختلفة فإنها ترتد إلى معنى واحد عام ومشترك من حيث الترتيب‪ ،‬وان شذ منها واحد‬

‫فإنه يرد إلى المعنى األصل بسهولة ولطف ومن ذلك "تقليب (س م ل)‪(،‬م س ل)‪(،‬م ل‬

‫س) (ل م س)‪(،‬ل س م)‪ ،‬والمعنى جامع لها المشتمل على اإلصحاب والمالينة‪ ،‬ومنها‬

‫الثوب(السمل) وهو الخلق ‪ ،‬وذلك ألنه ليس عليه من الوبر والزئبر ما على الحديد‪ ،‬فاليد‬

‫إذا مرت عليه للّمس لم يستوقفها عنه حدة المنسج‪ ،‬وال خشنة الملمس‪ ،‬والسمل‪:‬الماء‬

‫وجمة المرتكض‪.2"...‬‬
‫القليل‪ ،‬كأنه شيء قد أخلق وضعف عن قوة المضطرب‪ّ ،‬‬

‫وما زال ابن جني يواصل ضرب األمثلة ليؤكد على العالقة الطبيعية بين اللفظ ومعناه في‬

‫بقية أبوابه فهاهو في باب"تصاقب األلفاظ لتصاقب المعاني"‪ ،‬يربط بين الصوت ومعناه‬

‫معتمد على تماثل األصوات في صفاتها أو تقارب مخارجها الذي يؤدي إلى اتفاق المعنى أو‬

‫تقاربه‪ ،‬وقد يقع التصاقب في صوت واحد أو صوتين أو ثالثة أصوات‪.‬‬

‫‪1‬انظر ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ص ص‪.117،118‬‬


‫‪2‬المرجع نفسه‪ :‬ص‪.137‬‬

‫‪106‬‬
‫ومن تصاقب صوت واحد قوله تعالى‪" :‬ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم‬

‫أزا"‪ ،1‬أي تزعجهم وتقلقهم‪ ،‬فهذا في معنى تهزهم هزا‪"،‬والهمزة أخت الهاء‪ ،‬فتقارب اللفظان‬

‫لتقارب المعنيين وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة ألنها أقوى من الهاء واألز أعظم من‬

‫الهز‪ ،‬ألنك قد تهز ماال بال له كالجذع‪ ،‬وساق الشجرة ونحو ذلك"‪.2‬‬

‫أما في الصوتين فيقول‪" :‬وقد تقع المضارعة في األصل الواحد بالحرفين نحو قولهم‪:‬‬

‫" السحيل والصهيل‪ ،‬ذلك من(س ح ل)‪ ،‬وهذا من(ص ه ل) والصاد أخت السين‪ ،‬كما أن‬

‫الهاء أخت الحاء"‪.3‬‬

‫وقالوا‪" :‬جلف وجرم وجرم‪ ،‬فهذا للقشر وهذا التقطع‪ ،‬وهما متقاربان معنى‪ ،‬متقاربان‬

‫لفظا‪ ،‬ألن ذلك من(ج ل ف)‪ ،‬وهذا من(ج ر م)"‪.4‬‬

‫في كل ما تقدم من أمثلة نجد ابن جني يتحدث عن األخوة الصوتية‪ ،‬أما في باب‬

‫"أمساس األلفاظ أشباه المعاني"‪ ،‬فإنه استشهد بعدد من األمثلة التي تبين الصلة التي تربط‬

‫بين الصوت والمعنى أو تلك المناسبة بين األلفاظ ومعانيها ومن األمثلة خضم وقضم‪،‬‬

‫فخضم تدل على المأكول الرطب وقضم على الصالبة واليبس ويقول في ذلك ابن جني‪:‬‬

‫"‪...‬ومن ذلك قولهم خضم وقضم فالخضم ألكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما‬

‫‪1‬سورة مريم‪ :‬آية ‪.83‬‬


‫‪2‬هادي نهر‪ :‬علم الداللة التطبيقي في التراث العربي‪ ،‬تقديم علي الحمد‪ ،‬دار األمل‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.197‬‬
‫‪3‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.149‬‬
‫‪4‬المرجع نفسه‪ :‬الصفحة نفسها‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫من المأكول الرطب‪ ،‬والقضم للصلب اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها وفي الخير قد‬

‫يدرك الخضم بالقضم أي يدرك الرخاء بالشدة واللين بالشطف"‪ ،1‬وهكذا تتضح القيمة‬

‫التعبيرية للصوت المستوحات من خصائص الصوت نفسه‪ ،‬فالقاف صوت لهوي شديد‬

‫ومهموس والخاء صوت رخو طبقي مهموس أيضا‪ ،‬فالشدة والرخاوة هنا هما اللتان حددتا‬

‫المعنى‪ ،‬فقد جعل ابن جني القاف لشدتها ألكل الصلب والخاء لرخاوتها لألكل الرطب‪.‬‬

‫فهو هنا حاول ربط األصوات اللينة مع المعاني اللينة‪ ،‬واألصوات القوية مع المعاني‬

‫القوية‪.‬‬

‫ومن ذلك قولهم كذلك في نضح‪ ،‬ونضخ "قولهم النضخ للماء ونحوه والنضخ أقوى من‬

‫النضح‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‪" :‬فيهما عينان نضاختان"‪ ،‬وجعلوا الحاء لرقتها للماء‬

‫الضعيف‪ ،‬والخاء لغلظتها لما هو أقوى منه"‪ ،2‬وكذلك قوله في صعد وسعد قولهم‪" :‬صعد‬

‫وسعد فجعلوا الصاد ألنها أقوى لما فيها من أثر مشاهد يرى‪ ،‬وهو الصعود في الحبل‬

‫والحائط‪ ،‬ونحو ذلك وجعلوا السين لضعفها لما ال يظهر وال يشاهد حسا‪ ،‬إال أنه مع ذلك‬

‫فيه صعود الجد ال صعود الجسم‪ ،‬أال تراهم يقولون هو سعيد الجد وهو عالي الجد‪ ،‬وقد‬

‫‪1‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.157‬‬


‫‪2‬المرجع نفسه‪ :‬ج‪ ،2‬ص‪.158‬‬

‫‪108‬‬
‫ارتفع أمره‪ ،‬وعال ق دره‪ ،‬فجعلوا الصاد لقوتها مع ما يشاهد من األفعال المعالجة المتجشمة‪،‬‬

‫وجعلوا السين لضعفها‪ ،‬فيما تعرفه النفس وان لم تراه العين"‪.1‬‬

‫ونستخلص مما سبق أن ابن جني كان متفردا في البحث والتقصي واثبات الصلة الطبيعية‬

‫بين األصوات وبين معانيها ولم يكتفي بربط الحروف بداللتها بل جعل لترتيب الحرف في‬

‫الكلمة داللة لم يسبقه إليها أحد حتى أصبح ما قدمه بمثابة أساس ينطلق منه من جاء بعده‪.‬‬

‫وبعد ابن جني بقرون جاء سلمان الصيمري وهو من المعتزلة وذهب هو اآلخر إلى القول‬

‫بالمناسبة الطبيعية بين اللفظ ومدلوله وكان من أشد المتعصبين لهذه الفكرة‪ ،‬ويرى أنه لوال‬

‫هذا الربط وهذه المناسبة " لكان تخصيص االسم المعني بالمسمى المعين ترجيحا من غير‬

‫مرجح"‪ ،‬وقد دافع أنصاره عن هذا المذهب وأكدوا معرفته بمناسبة األلفاظ لمعانيها‪ ،‬واحتجوا‬

‫على ذلك بأنه "سئل ما مسمى إذغاغ وهو بالفارسية الحجر‪ ،‬فقال‪ :‬أجد فيه يبسا شديدا‬

‫وأراه الحجر"‪ ،2‬فعباد يرى أن األلفاظ لم تأت اعتباطا وانما جاءت بما ينم عن المعاني‬

‫المرادفة لها‪ ،‬فهو يرى المناسبة بين األلفاظ والمعاني ذاتية موجبة‪.‬‬

‫‪ -3‬الصوت والداللة عند العرب والغرب المحدثين‪:‬‬

‫‪1‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.161‬‬


‫‪2‬السيوطي‪ :‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬شرحه محمد أحمد جاد المولى بك وآخرون‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫دط‪ ،1986 ،‬ج‪ ،1‬ص‪.47‬‬

‫‪109‬‬
‫مثلما عرفت العالقة بين الصوت والمعنى اهتماما كبي ار من طرف اليونان والهنود‬

‫والقدماء من العرب‪ ،‬كذلك حظيت هذه العالقة بنصيب أكبر من البحث واالهتمام من‬

‫المحدثين العرب وغير العرب‪ ،‬وقد انقسموا هم أيضا بين قائل بالعالقة الطبيعية ورافض‬

‫لذلك وقائل بالعالقة االصطالحية‪.‬‬

‫ومن القائلين بالعالقة الطبيعية نجد أحمد فارس الشدياق‪ ،‬فقد تأثر بأفكار ابن جني‬

‫وانطلق منها‪ ،‬حيث عالج العالقة بين الحرف والمعنى الذي يرمز له وتبنى فكرة أن كل‬

‫صوت يختص بمعنى من المعاني دون غيره ونبه على المعاني التي يوحي بها كل حرف‬

‫فمن خصائص الحاء مثال "السعة والسفح والسماحة‪...‬ومن خصائص حرف الدال اللين‬

‫والنعومة والغضاضة نحو البرخدات والفرهد واألملود والقشدة‪.1"...‬‬

‫وممن شاطر الشدياق رأيه عبد اهلل العاليلي الذي ذهب هو اآلخر إلى إبراز معاني‬

‫أصوات اللغة العربية ودالالتها بل كان يغالي في ذلك‪ ،‬فقدم أمثلة تبرز تلك القيمة للصوت‬

‫وداللته في األلفاظ وأثر هذا الصوت في تقوية المعنى واضعافه‪ ،‬فوجد أن "الهمزة تدل على‬

‫الجوفية‪ ،‬والباء تدل على بلوغ المعنى في الشيء بلوغا تاما‪ ،‬والتاء على اإلضطراب في‬

‫الطبيعة‪...،‬والتاء على التعلق بالشيء تعلقا له عالمته الظاهرة سواءا في الحس أو في‬

‫‪1‬خالد قاسم بن الدومي‪ :‬دالالت الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫‪110‬‬
‫المعنى ‪ ،...‬والجيم يدل على العظم المطلق‪ ،‬والدال يدل على التصلب‪ ،‬وعلى التغير‬

‫المتوزع‪ ،...‬والميم يدل كمال المعنى في الشيء"‪.1‬‬

‫وكذلك كان جورجي زيدان أحد أولئك الذين آمنوا وأيدوا فكرة العالقة الطبيعية بين‬

‫الصوت ومدلوله‪ ،‬وتابعه في ذلك العقاد أيضا‪ ،‬حيث يرى أن داللة األصوات تتنوع تبعا‬

‫لموقعها من الكلمة وتوصل إلى أن هناك حروفا ترتبط وداللة الكلمات ولكنها ال تتساوى في‬

‫هذه الداللة‪.‬‬

‫ويضرب مثال لتنوع داللة األصوات تبعا لموقعها من الكلمة‪ ،‬فيرى "أن الحاء من‬

‫األصوات التي تصور معنى السعة بلفظها ووقعها في السمع‪ ،‬ولكن على حسب موضعها‬

‫من الكلمة‪ ،‬ومصاحبة ذلك الموضع للداللة الصوتية‪ ،‬وليست داللتها هذه مصاحبة للفظها‬

‫حين كانت في أوائل الكلمات أو أوساطها‪ ،‬فالحكاية الصوتية واضحة في الداللة على‬

‫السعة حين يلفظ الفم بكلمات االرتياع‪ ،‬والسماح والفالح والنجاح‪ ...،‬وما جرى مجراها في‬

‫داللة نطقه‪ ،‬وال يمتنع مع هذا أن تكون الحاء المنفردة حرفا سهال قليل الحاجة إلى‬

‫الضغط في مخارج الصوت‪ ،‬ولكن ال يجوز أن يكون البدء بها مقصودا به عند وضع‬

‫الكلمات األولى‪.2"...‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل العاليلي‪ :‬مقدمة لدرس لغة العرب وكيف نضع المعجم الجديد‪ ،‬المطبعة العصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪،2003 ،‬‬
‫ص‪.210‬‬
‫‪2‬عباس محمود العقاد‪ :‬أشتات مجتمعات في اللغة واألدب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،6‬دت‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫‪111‬‬
‫ووصل العقاد بعد عدد من المالحظات على بعض الظواهر الصوتية إلى أنه يوجد‬

‫ارتباط بين األصوات وداللة الكلمات‪ ،‬لكن األصوات ال تتساوى في هذه الداللة‪ ،‬فقد تختلف‬

‫باختالف قوتها وبروزها في الحكاية‪ ،‬كما يرى أن العبرة بموقع الصوت في الكلمة ال بمجرد‬

‫دخوله في تركيبها‪.‬‬

‫أما المعارضون لهذه الفكرة نجد إبراهيم أنيس الذي يرى أن أفكار الصلة بين األصوات‬

‫ومدلوالتها أقرب إلى فهم الطبيعة اللغوية‪ ،‬إذ يجرد الظواهر اللغوية من كل غموض وأن‬

‫األلفاظ رموز على دالالت يصلح أن يتخذ كل منها لتعبر عن أي معنى من المعاني‪ ،‬وساق‬

‫لذلك كلمة شجرة‪ ،‬إذ لم يجد فيها ما يدل عليها من فروع وأوراق وغيرها‪ ،‬ولذلك يمكن أن‬

‫تسمى بأي لفظ آخر يصطلح عليه الناس‪.1‬‬

‫وهناك من يرى أن إبراهيم أنيس وقف موقفا وسطا في هذه القضية حيث يرى أنه ليس‬

‫بالضرورة أن تكون كل الحروف دالة على المعاني فهناك أصوات لها عالقة بمدلوالتها‬

‫وأخرى ال تعبر بالضرورة عن مدلوالتها‪.2‬‬

‫وكذلك ذهب محمود فهمي حجازي إلى أنه ال توجد أية قيمة ذاتية طبيعية تحملها‬

‫األصوات اللغوية من شأنها أن تربط بمدلولها الخارجي "فليس هناك أية عالقة بين كلمة‬

‫حصان ومكونات جسم الحصان‪ ،‬والعالقة كامنة عند الجماعة اإلنسانية التي اصطلحت‬

‫‪1‬إبراهيم أنيس‪ :‬داللة األلفاظ‪ ،‬ص‪.72‬‬


‫انظر صالح سليم عبد القادر الفاخري‪ :‬الداللة الصوتية في اللغة العربية‪ ،‬ص‪59‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪112‬‬
‫على استخدام هذه الكلمة اسما لذلك الحيوان"‪ ،1‬وقال إنه‪" :‬لو كان هناك عالقة بين اللفظ‬

‫والمدلول‪ ،‬فإنها ال تتجاوز كونها اصطالحية عرفية"‪.2‬‬

‫هذا يعني أن محمود فهمي حجازي يؤمن بالعالقة االصطالحية تلك التي يتعارف الناس‬

‫عليها ويتواضعوا على تسميتها‪ ،‬وهذه بعض آراء العلماء العرب المؤيدين والرافضين‪.‬‬

‫أما الغرب فلم تلق العالقة بين األلفاظ ومعانيها أو األصوات ومعانيها االهتمام والدراسة‬

‫إال في القرن ‪ 19‬حيث بدأت على يد همبلت حيث يرى "أن اللغات بوجه عام تؤثر التعبير‬

‫عن األشياء بوساطة ألفاظ أثرها في اآلذان يشبه أثر تلك األشياء في األذهان"‪.3‬‬

‫وأما جسبرسن فكان هو اآلخر ممن ينتصرون ألصحاب المناسبة بين األلفاظ‬

‫وداللتها‪ ،‬غير أنه حذر من المغاالة فيها‪ ،‬إذ يرى أن هذه الظاهرة ال تكاد تطرد في لغة من‬

‫اللغات‪ ،4‬غير أن هناك من عارض هذه الصلة الطبيعية بين األلفاظ والداللة وعلى رأسهم‬

‫فردينان دي سوسير وهو يعد من أشهر المعارضين ألصحاب الصلة بين األلفاظ والدالالت‬

‫إذ يراها ال تخضع لمنطق أو نظام مطرد‪ ،‬ومع اعترافه بتلك الصلة في األلفاظ التي تعد‬

‫‪1‬محمود فهمي حجازي‪ :‬مدخل إلى علم اللغة‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪2‬المرجع نفسه‪ :‬ص‪.11‬‬
‫‪3‬إبراهيم أنيس‪ :‬داللة األلفاظ‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪4‬خالد قاسم بن الدومي‪ :‬دالالت الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪113‬‬
‫بمثابة الصدى ألصوات الطبيعة‪ ،‬يقرر أنها من القلة في اللغات بحيث ال يصح أن نتخذ‬

‫منها أساسا لظاهرة لغوية مطردة أو شبيهة بالمطردة‪.1‬‬

‫ومن الذين سلموا بآراء (دي سوسير) تسليما كامال سابير الذي يقول‪" :‬إن الكلمات التي‬

‫تبدو تقليدا للطبيعة ليست بأي معنى من المعاني أصواتا طبيعية ينتجها اإلنسان بصورة‬

‫عزيزية أو تلقائية إنها من خلق العقل اإلنساني ومن تخيله‪ ،‬كأي شيء آخر في اللغة"‪.2‬‬

‫إن سابير يرى أن الكلمات ليس لها عالقة بالطبيعة بل هي من صنع اإلنسان فهو الذي‬

‫يصطلح عليها التسميات ويتواضع عليها‪.‬‬

‫نستخلص من كل ما سبق أن العلماء سواء كانوا عربا أو غربا‪ ،‬قدامى أو محدثين على‬

‫رأيين أو وجهتين‪:‬‬

‫‪ -‬القائل بالعالقة الطبيعية‬

‫‪ -‬القائل بالعالقة االصطالحية‪.‬‬

‫‪1‬إبراهيم أنيس‪ :‬داللة األلفاظ‪ ،‬ص‪.71‬‬


‫‪2‬خالد قاسم بن الدومي‪ :‬دالالت الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم‪ ،‬ص ص‪.54،55‬‬

‫‪114‬‬
‫بعد أن تناولنا الجانب النظري كان البد لنا من تعزيزه بالجانب التطبيقي‪ ،‬والذي تكمن‬
‫أهميته في الكشف عن الدور الذي تلعبه األصوات في المعنى اللغوي للنص الشعري أو‬
‫باألحرى الدور الذي تلعبه في صنع هذا النص ومدى العالقة بين األصوات واللفظ‪ ،‬ولقد‬
‫اخترنا شعر مفدي زكريا وعلى الخصوص اإللياذة ألنها جمعت تقريبا جميع األناشيد التي‬
‫كتبها مفدي‪ ،‬وألنها تضم تاريخ الجزائر وواقعها وتعبر عن كل ما عاشه الشعب والبالد من‬
‫معاناة وألم‪ ،‬وألنها تظهر حب مفدي لبالده واعجابه بها‪ ،‬فقد نظم ما يقارب تسعة عشر‬
‫مقطعا في وصف طبيعة الجزائر وعمرانها والمقاطع األخرى موزعة بين تاريخ الجزائر قبل‬
‫االحتالل‪ ،‬والثورة المسلحة واالستقالل‪.‬‬

‫إنها قصيدة تداخلت فيه الموضوعات‪ ،‬أو إن صح القول إنها مجموعة قصائد في قصيدة‬
‫واحدة‪ ،‬ونظ ار لهذا التنوع في الموضوعات كان البد لنا أن نتتبع األصوات ودالالتها لكي‬
‫نرى هل استطاع مفدي زكرياء أن يصيغ قصيدة متكاملة صوتيا ومحققة للتناغم الذي يلفت‬
‫االنتباه‪ ،‬واالنعكاس الداللي الواسع رغم هذا التعدد في الموضوعات‪.‬‬

‫لكي نقوم بهذا التتبع الصوتي والداللي يجب أن نحلل القصيدة‪ ،‬وذلك عن طريق إحصاء‬
‫األصوات وربطها بداللتها‪ ،‬ولنبدأ بالصوامت ثم الصوائت‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫أوال‪ :‬داللة الصوامت‬

‫إذا كانت الصوائت التي تمثل روح الصوامت قد أدت دو ار بالغ األهمية في إبراز قدرة‬
‫الشاعر على إظهار المعنى‪ ،‬فليس عجيبا على الصوامت التي تمثل الهيكل العظمي لهذه‬
‫الروح أن تكون هي األخرى قادرة على حمل المعنى واب ارزه‪ ،‬ويتم ذلك من خالل التركيز على‬
‫األصوات بعينها وعلى مالمحها الخاصة بها‪ ،‬ويرتبط بهذه الخصائص والصفات جمال‬
‫األصوات وموسيقاها وقدرتها على إيصال المعنى‪ ،‬وتظهر بشكل كثيف في الشعر‪ ،‬هذا‬
‫المجال الذي "يمثل حقال خصبا يوظف فيه الشاعر أصوات اللغة ودالالتها بما تحمله من‬
‫معان متعددة‪ ،‬بما تمتلكه من مساحات صوتية فضال عن تلك التنوعات الموسيقية‬
‫وتشكيلها الصوتي"‪.1‬‬

‫وسوف نقوم بتتبع هذه األصوات في نماذج من أشهر ملحمة مثلت تاريخ الجزائر‪ ،‬وعبرت‬
‫عن مشاعر صادقة وعن عاطفة جياشة لصاحبها الذي هز الكثير من الشعراء والكتاب بهذه‬
‫المشاعر الصادقة‪ ،‬ونبدأ بتتبع األصوات المجهورة والمهموسة أوال‪.‬‬

‫يقول مفدي زكرياء‪:‬‬

‫ويا من حملت السالم لقلبي‬ ‫جزائر يالحكاية حبي‬

‫ويا من أشعت الضياء بدربي‬ ‫يا من سكبت الجمال بروحي‬

‫وما إن عرفت الطريق لربي‬ ‫فلوال جمالك ماصح ديني‬

‫لما كنت أومن إال بشعبي‬ ‫ولوال العقيدة تغمر قلبي‬

‫‪1‬حسين مجيد رستم ‪" :‬الداللة الصوتية في نونية ابن زيدون مقاربة في ضوء منهج النقد الصوتي"‪ ،‬مجلة كلية التربية‪ ،‬ع‪،2‬‬
‫مج‪ ،2010 ،2‬بغداد‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫واما سمعت نداك ألبي‬ ‫واذا ذكرتك شع كياني‬

‫غرامك فوق ظنوني ولبي‬ ‫ومهما بعدت ومهما قربت‬

‫مقدسة من وشاج وصلب‬ ‫ففي كل درب لنا لحمة‬

‫مرنحة من غوايات صب‬ ‫وفي كل حي لنا صبوة‬

‫مجنحة من سالم وحرب‬ ‫وفي كل شبر لنا قصة‬

‫فآمن بي‪ ،‬وبها‪ ،‬المتنبي‪.1‬‬ ‫تنبأت فيها بإلياذتي‬

‫إن المتأمل لهذه المقطوعة يجد أن مفدي يركز على عالقته بالجزائر وهي عالقة قوية‬
‫تنم عن حب الشاعر وتعلقه الكبير بوطنه‪ ،‬فهو يقول عنها بأنها حكاية عن حبه وأنها هي‬
‫حاملة الس الم لقلبه‪ ،‬وساكنة الجمال بروحه ومشعة الضياء بدربه‪ ،‬كما يؤكد بأنه كلما نادته‬
‫وكانت في حاجة إليه أجابها مهما تعد عنها فإن حبها في قلبه حاضر مهما كانت المسافة‬
‫بعيدة‪ ،‬فهي مصدر إلهامه بكل ما عاشه فيها من قصص الحرب والسالم والجمال فكانت‬
‫النتيجة تنبؤه بإلياذته‪.‬‬

‫فليس بالعجيب على شاعر تتملكه هذه النزعة الوطنية أن يجهر بحبه لوطنه‪ ،‬هذا الجهر‬
‫يدفعه إلى اختيار أصوات قوية مناسبة لذلك‪ ،‬ومن هذه األصوات التي برع الشاعر في تلوين‬
‫نصه بها نجد األصوات المجهورة حيث أكثر الشاعر منها في مقطوعته وهي ملمح يكسب‬
‫الصوت ظهو ار في النطق‪ ،‬ووضوحا في السمع وذلك راجع إلى اهتزاز الوترين الصوتيين‬
‫أثناء إنتاجها‪.‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪117‬‬
‫ومن األصوات المجهورة األكثر حضو ار نجد حرف الالم بتكرار (‪ 31‬مرة) وصوت األلف‬
‫بـ (‪ 26‬مرة) والميم بـ (‪ 25‬مرة) والنون بـ (‪ 20‬مرة) فهذه الحروف (الالم‪ ،‬الميم‪ ،‬النون‪،‬‬
‫األلف) تعد من بين الحروف األكثر سهولة وسالسة في النطق‪ ،‬فهذا الوضوح وهذه السالسة‬
‫تحقق لفتا النتباه المتلقي لكونهما عنصرين رئيسيين‪ ،‬من عناصر الموسيقى اللغوية الجذابة‪.‬‬

‫الشاعر استخدم في هذه المقطوعة هذا النوع من األصوات الذي يعرف بأشباه الصوائت‬
‫والتي تجمع بين الشدة والرخاوة قصد لفت انتباه المتلقي وذلك لوضوحها في السمع أو ربما‬
‫ألغراض إيحائية تخدم المعنى كما سوف نبين‪:‬‬

‫فالالم هذا الصوت الصامت والمجهور الجانبي الذي يتكون باعتماد "طرف اللسان على‬
‫أصول األسنان العليا مع اللثة بحيث توجد عقبة في وسط الفم تمنع مرور الهواء منه‪،‬‬
‫ولكن مع ت رك منفذ لهذا الهواء من جانبي الفم أو من أحدهما‪ ،‬وتتذبذب األوتار الصوتية‬
‫عند نطقها"‪.1‬‬

‫يتميز بالوضوح السمعي والقوة ويوحي بالثبات وااللتصاق لذلك وظفه مفدي في مقطوعته‬
‫بهذا الحضور القوي‪ ،‬فمفدي ثابت على حب بالده‪ ،‬ملتصق بها‪ ،‬معترف بفضلها في إخراج‬
‫إلياذته‪.‬‬

‫ويلي هذا الحرف في الترتيب حرف األلف بتك ارره له (‪ 26‬مرة) فاأللف تعبر عن امتداد‬
‫حب مفدي زكرياء لبالده مهما طال به الزمان وبعد به المكان‪ ،‬وهذا الحرف هو حرف هوائي‬
‫جوفي فهذه الميزة تمنح الشاعر الحرية في إخراج الصوت طليقا وواضحا دون عقبة‪.‬‬

‫ثم تليه صوت الميم التي تكررت (‪ 25‬مرة) وهي توصف بأنها صوت صامت أنفي شفوي‬
‫متوسط مجهور‪" ،‬ويحصل هذا الحرف بانطباق الشفتين على بعضهما بعض في ضمة‬

‫‪1‬رمضان عبد اهلل‪ :‬أصوات اللغة العربية بين الفصحى واللهجات‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪118‬‬
‫متأنية وانفتاحهما عند خروج النفس‪ ،‬ولذلك فإن هذا الصوت يوحي بذات األحاسيس‬
‫اللمسية التي تعانيها الشفتان لدى انطباقهما على بعضهما بعضا من الليونة والمرونة‬
‫والتماسك مع شيء من الحرارة"‪ ،1‬هذه الح اررة تعبر عن تلك العالقة الطردية بين الدين‬
‫وقدسية األرض‪ ،‬التي هي في حقيقة األمر من األمور التي طرقها شعراء الدعوة بشيء من‬
‫الفتور‪ ،‬وهي هنا ساخنة سخونة الحدث‪ ،‬ذلك أن جمال األرض هو الذي أوصل الشاعر إلى‬
‫معرفة حقيقة اهلل في أسرار خلقه‪.‬‬

‫والى جانب تكرار صوت الميم نجد صوت النون(‪ 20‬مرة) وهو حرف مجهور من حروف‬
‫الغنة ألن هناك غنة تخرج من الخنشوم عند النطق بها فهذه الصفة جعلته من الحروف‬
‫القوية ذلك ألن "الغنة من عالمات قوة الحرف"‪ 2‬لما فيها من تردد موسيقي‪.‬‬

‫أما بالنسبة لبقية الحروف المجهورة فحضورها قليل‪ ،‬إال أنها ساهمت في إضفاء جو‬
‫موسيقي مميز زاد من جمالية التشكيل الصوتي للمقطوعة‪.‬‬

‫أما فيما يخص األصوات المهموسة فقد كان عناك تنوع في استعمال هذه النوعية من‬
‫حيث التكرار والتردد‪ ،‬حيث بلغ إجمال تكرارها(‪ 59‬مرة) منها (‪ 20‬مرة) لصوت التاء وهو‬
‫صوت أسناني لثوي مهموس وقد استخدمه مفدي ليضفي شيئا من وضوح المعنى يليه‬
‫صوت الكاف بـ (‪ 9‬مرات) والحاء أيضا (‪ 9‬مرات) ثم الفاء (‪ 8‬مرات) والهاء والخاء والسين‬
‫لكل واحد منها تكرار (‪ 5‬مرات) وفي المقابل لم يستخدم صوت الثاء في المقطوعة ومن‬
‫األمثلة التي نعزز بها حضور األصوات المهموسة في اإللياذة قوله‪:‬‬

‫ضحايا المذابح في يوم نحس‬ ‫ولم ننس في أربعين وخمسين‬

‫وقمنا نصفق في غير عرس‬ ‫طربنا مع الحلفاء اغت ار ار‬

‫‪1‬حسن عباس‪ :‬خصائص الحروف العربية ومعانيها‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‪ ،‬دمشق‪ ،‬دط‪ ،1998 ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ 2‬أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي‪ :‬الرعاية لتجويد وتحقيق لفظ التالوة‪ ،‬تحقيق أحمد حسن فرحات‪ ،‬دار عامر‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪ ،1996 ،3‬ص‪.131‬‬

‫‪119‬‬
‫ودرسا لقادتنا أي درس‬ ‫فكانوا مع العذر عونا علينا‬

‫‪1‬‬
‫وقالمة للشعب‪ ،‬دقات جرس‬ ‫وكانت مجازرهم بسطيف‬

‫اجتمعت في هذه المقطوعة األصوات المهموسة (الحاء‪ ،‬الهاء‪ ،‬الشين‪ ،‬السين‪ ،‬الفاء‪،‬‬
‫الكاف‪ ،‬التاء‪ ،‬الصاد‪ ،‬الخاء) ما عدا حرف الثاء‪ ،‬لتجسد لنا حالة الشعب الجزائري بعد أن‬
‫دافع عن كرامة فرنسا في حربها ضد األلمان منتظرين تلك الوعود التي منحتها فرنسا لهم‬
‫والمتمثلة في منحهم االستقالل في مقابل الدفاع عنها فخرجوا يطالبون فرنسا الوفاء بوعدها‬
‫محتفلين بذلك إال أنهم تلقوا منها الرصاص فكانت المجزرة‪ ،‬فهذه األصوات المهموسة عبرت‬
‫عن خيبة األمل والحزن واألسى‪.‬‬

‫وعليه فإن تخير الشاعر لهذه األصوات في هذا الموقف النفسي الذي يمثل خيبة األمل‬
‫قد حقق نوعا من االنسجام الصوتي والمعنوي‪ ،‬وقرب للمتلقي حال هذا الشعب وكأنه يراه بأم‬
‫عينه وهنا تكمن براعة التصوير‪.‬‬

‫‪ -1‬األصوات الشديدة والرخوة‪:‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪120‬‬
‫تعد هذه الصوامت من بين عدد كبير من األصوات األخرى التي ساهمت في إثراء‬
‫القصيدة والتأثير في معناها وذلك بما يملكه كل حرف من خصائص مميزة له عن غيره‪،‬‬
‫وهذه األصوات كما عرفنا سابقا أي الشديدة يحدث في أثناء النطق بها اعتراض قوي‬
‫بحبس الهواء‪ ،‬ثم يتم االنفراج بعد ذلك إال أن ما يجدر التنويه أو اإلشارة إليه هنا أن‬
‫األصوات الشديدة تعرف باالنفجارية وتسمى "الوقفات" وتنتج بأن "ينحبس مجرى الهواء‬
‫الخارج من الرئتين حبسا تاما في موضع من المواضع وينتج عن هذا الحبس أو‬
‫الوقف أن يضغط الهواء ثم يطلق سراح المجرى الهوائي فجأة‪ ،‬فيندفع الهواء محدثا‬
‫‪1‬‬
‫صوتا إنفجاريا فهذه األصوات باعتبار الحبس أو الوقف يمكن تسميتها بالوقفيات"‬
‫"‪ " stop‬ولكنها باعتبار االنفجار تسمى األصوات االنفجارية‪ ،‬أما األصوات الرخوة عند‬
‫القدامى تقابل مصطلحا حديثا يسمى باألصوات االحتكاكية‪.‬‬

‫ويظهر هذا النوع من األصوات في قول الشاعر‪:‬‬

‫أعيش بأحالمها الزرق ده ار‬ ‫وفي باب واديك أعمق ذكرى‬

‫ص‪ ،‬فأوقد قلبي وشعبي جم ار‬ ‫بها ذاب قلبي‪ ،‬كذوب الرصا‬

‫هما ألهماني‪ ،‬فأبدعت شع ار‬ ‫وثورة قلبي‪ :‬كثورة شعبي‬

‫إذا القلب لم ينتفض للجمـ ـ ــال‪ ،‬ولم يبل في الحب حلوا وم ار‬

‫فال تثقن به في النضـ ـ ـ ــال وال تعتمد في المهمات صخ ار‬

‫ق‪ ،‬ومن لم يهم ليس يكتم س ار‬ ‫وال يكتم السر إال المشو‬

‫ب‪ ،‬ومن صدق العهد‪ ،‬أحرز نص ار‬ ‫وحرب القلوب كحرب الشعو‬

‫فكنت بحبي وشعبي ب ار‬ ‫وعلمني الحب‪ ،‬حب الفدآ‬

‫‪1‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬ص‪.247‬‬

‫‪121‬‬
‫ويشهد لي فيه وادي قري ـ ـ ــش سلوا قلبه‪ ،‬فهو مني أدرى‬

‫‪1‬‬
‫صالتي – مع الليل‪ -‬س ار وجه ار‬ ‫وديري الذي كنت أتلو به‬

‫في هذه المقطوعة نالحظ أن األصوات الشديدة هي األكثر سيطرت من أول بيت إلى‬
‫آخر بيت‪ ،‬حيث بلغ عدد تكرارها إجماال(‪ 87‬مرة) إال أن أكثرها حضو ار والتي احتلت المرتبة‬
‫األولى في هذه المقطوعة صوت الباء الذي بلغ عدد تك ارره (‪ 26‬مرة) وهو "صوت يتم نطقه‬
‫بضم الشفتين واقفال ما بين الحلق والتجويف األنفي برفع الطبق على حين توجد ذبذبة‬
‫في األوتار الصوتية حيث يمر الهواء أوال بالحنجرة فيتحرك الوتران الصوتيان ثم يتخذ‬
‫الهواء مجراه بالحلق والفم حتى ينحبس عند الشفتين المنطبقتين انطباقا تاما‪ ،‬فإذا‬
‫انفجرت الشفتان فجأة نسمع صوت الباء"‪ ،2‬فهذا الصوت يوصف بأنه مجهور ومن‬
‫الحروف الشفوية‪.‬‬

‫إن هذا الصوت ينتشر في المقطوعة بأكملها فال تق أر بيتا من أبياتها إال وتجد هذا الحرف‬
‫حاض ار فيه‪ ،‬وربما ذلك بغرض تعزيز حضور األصوات الشديدة من جهة واللينة من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬فهو صوت بسيط متعدد الوظائف والخصائص الصوتية بعضها إيمائي تمثيلي‬
‫وبعضها اآلخر إيحائي‪.‬‬

‫حيث تكرر (‪ 26‬مرة) منها ما كان في أول الكلمة مثل‪ :‬باب‪ ،‬ومنها ما جاء في وسطها‬
‫مثل‪ :‬شعبي‪ ،‬قلبي‪ ،‬ومنها ما جاء في آخرها مثل‪ :‬حب‪ ،‬فعبر هذا الحرف عن االتساع‬
‫والضخامة بما يحاكي واقع انفتاح الفم على مداه عند خروج صوته من بين الشفتين‪.‬‬

‫وربما حرص الشاعر على عدم تغيبه في القصيدة لما فيه من صفات القوة والحدة‪ ،‬هذه‬
‫الصفات جاءت مناسبة لتعبر عن حالة ذوبان قلب مفدي وقوتها التي تشبه قوة الرصاص‪،‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.25‬‬


‫‪2‬رمضان عبد اهلل‪ :‬أصوات اللغة العربية بين الفصحى واللهجات‪ ،‬ص‪.126‬‬

‫‪122‬‬
‫والتي أدت إلى إشعال وايقاد قلبه‪ ،‬ويلي صوت الباء صوت التاء في المرتبة الثانية حيث‬
‫تكرر (‪ 14‬مرة) ويتصف هذا الصوت "بأنه صوت شديد مهموس مرقق"‪ ،1‬ويتشكل مخرجه‬
‫بأن "يوقف مجرى الهواء وقفا تاما وذلك بأن يلتقي طرف اللسان بأصول الثنايا العليا‪،‬‬
‫ويرفع الحنك فال يمر الهواء"‪.2‬‬

‫ويليه في المرتبة الثالثة صوت القاف حيث تكرر (‪ 12‬مرة) ويخرج هذا الحرف "من‬
‫المخرج األول من مخارج الفم مما يلي الحلق‪ ،‬من أقصى اللسان وما فوقه من الحنك‪،‬‬
‫والقاف حرف متمكن قوي ألنه من الحروف المجهورة الشديدة المستعلية‪ ،‬ومن حروف‬
‫القلقلة"‪ ،3‬ونظ ار لما يملكه هذا الحرف من صفات القوة وعمق المخرج فقد أتى به الشاعر‬
‫في مثل كلمات (قلب‪ ،‬صدق‪ ،‬أوقد)‪.‬‬

‫أما بقية األصوات الشديدة فقد تكررت بنسب قليلة مقارنة مع الباء والتاء‪ ،‬فالدال تكرر‬
‫(‪ 11‬مرة)‪ ،‬والجيم (‪ 3‬مرات)‪ ،‬والكاف (‪ 10‬مرات)‪ ،‬والهمزة (‪ 11‬مرة)‪ ،‬أما الطاء فلم يكن‬
‫حاض ار في هذه المقطوعة‪.‬‬

‫رغم هذا التفاوت في حضور األصوات الشديدة إال أنها أحدثت انسجاما وتفاعال مع‬
‫بعضها البعض محدثتا جرسية ونغمية معينة نحسها من خالل المعاني‪ ،‬وهذا راجع إلى‬
‫حسن انتقاء واختيار الشاعر ألصوات المقطوعة والتي جاءت مالئمة ومناسبة للمعاني‬
‫المقصود إيصالها إلى المتلقي والتي يستشعر من خاللها تلك الحالة التي كان عليها قلب‬
‫مفدي زكرياء من ثورة واشتعال وحب‪.‬‬

‫ومما يدعم حضور هذه األصوات الشديدة‪ ،‬وخاصة حضور الطاء قول مفدي‪:‬‬

‫‪1‬حسن عباس‪ :‬خصائص الحروف العربية ومعانيها ‪ ،‬ص‪.55‬‬


‫‪2‬محمود السعران‪ :‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬ص‪.154‬‬
‫‪3‬أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي‪ :‬الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التالوة‪ ،‬ص‪.171‬‬

‫‪123‬‬
‫وخط معالمها في السويقة*‬ ‫وبلكور للمجد شق طريقه‬

‫وكان يحاسبها بالدقيقة‬ ‫وعجل أقدار يوم الخالص‬

‫وما عاد يجهل ماسو الحقيقة‬ ‫فأيقن ماسو وكان تغابى‬

‫فبدد أحالم مايو الصفيقة‬ ‫وعاجل ساالن صحو السكارى‬

‫فغص‪ ،‬وما اسطاع يبلع ريقه‬ ‫وسوستال بالرعب طار شعاعا‬

‫ة‪ ،‬غريق يشد بذيل غريقه‬ ‫ورجت حواجزهم** بالغال‬

‫ت‪ ،‬وهيهات تجدي دموع العشيقة‬ ‫تشيعهم أدمع العاشقا‬

‫ان‪ ،‬غواه السراب‪ ،‬فضل طريقه‬ ‫ويضحك فوروم من حيو‬

‫ضمائرهم في المزاد‪ ،‬رقيقه‬ ‫ومن خائرين كأعجاز نخل‬

‫‪1‬‬
‫ر والقصبة الحاملين الوثيقة‬ ‫وحسب الجزائر‪ ،‬أبطال بلكو‬

‫تمازجت في هذه األبيات األصوات الشديدة حيث تكررت اجماال (‪ 75‬مرة) منها (‪ 5‬مرات)‬
‫للهمزة‪ ،‬و (‪ 6‬مرات) للجيم والكاف والطاء‪ ،‬و (‪ 9‬مرات) للتاء‪ ،‬و (‪ 11‬مرة) للدال‪ ،‬و (‪14‬‬
‫مرة) للباء‪ ،‬و (‪ 18‬مرة) للقاف‪.‬‬

‫هذه األصوات مجتمعة خلقت نوعا من االنسجام الصوتي‪ ،‬هذا االنسجام صور لنا من‬
‫خالله الشاعر أبطال بلكور الذين شقوا طريقهم نحو االنتصار‪ ،‬وعجلوا ببطوالتهم ليوم‬

‫*السويقة‪ :‬سويقة العقيبة منحدر الفدائيين أبطال حي بلكور‪ ،‬انظر مفدي زكرياء‪ ،‬اإللياذة‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫**لما أحس غالوة االستعمار بمحاوالت التفاوض مع حكومة الجنرال ديغول تمردوا على حكومتهم وحاولوا االنفصال‬
‫وأقاموا الحواجز في أكبر شوارع العاصمة ضد القوات الموالية لديغول‪ ،‬انظر المرجع نفسه والصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪124‬‬
‫الخالص من االستعمار ونيل الحرية‪ ،‬وخير مثال على انسجام هذه األصوات الشديدة من‬
‫المقطوعة السابقة البيت األول الذي يقول فيه مفدي‪:‬‬

‫وخط معالمها في السويقه‬ ‫وبلكور للمجد شق طريقه‬

‫حيث تكرر صوت الطاء (‪2‬مرات) والذي وظفه مفدي مجتمعا مع قوة القاف الذي تكرر‬
‫في البيت (‪ 3‬مرات) في (شق‪ ،‬طريقه‪ ،‬سويقه)‪ ،‬والطاء في (خط‪ ،‬طريقه) هذه الصوامت إلى‬
‫جانب الصوامت الشديدة األخرى (الباء‪ ،‬الجيم‪ ،‬الكاف) ليصوروا لنا تصوي ار حسيا صوت‬
‫الشق‪ ،‬فانسجمت األصوات مع المعاني مثيرة الداللة المنشودة والمطلوبة‪ ،‬أما عن تألف‬
‫األصوات الرخوة (اإلحتكاكية) أذكر هذه األبيات‪:‬‬

‫ومنك استمد الصباح السنا‬ ‫جزائر أنت عروس الدنا‬

‫وان شغلونا بطيب المنى‬ ‫وأنت الجنان الذي وعدوا‬

‫ح‪ ،‬وأنت الطماح‪ ،‬وأنت الهنا‬ ‫وأنت الحنان والسما‬

‫وأنت السمو‪ ،‬وأنت الضميـ ــر الصريح الذي لم يخن عهدنا‬

‫ومنك استمد البناة البق ـ ـ ــاء‪ ،‬فكان الخلود أساس البنا‬

‫وألهمت انسان هذا الزم ـ ـ ــان‪ ،‬فكان بأخالقنا مومنا‬

‫وعلمت آدم حب أخ ـ ـيـ ــه‪ ،‬عساه يسير على هدينا‬

‫صنعت البطوالت من صلب شعب‪ ،‬سخي الدماء فرعت الدنا‬

‫ذبيح فلم ينصهر مثلنا‬ ‫وعبدت درب النجاح لشعب‬

‫‪125‬‬
‫‪1‬‬
‫ومن لم يوحد شتات الصفـ ــوف‪ ،‬يعجل به حمقه للفنا‬

‫إن القارئ والدارس لهذه األبيات يالحظ أن مفدي زكرياء قد استخدم األصوات الرخوة‬
‫والتي تكررت اجماال (‪ 72‬مرة) منها السين والعين بتكرار بلغ (‪ 11‬مرة) ثم الحاء (‪10‬‬
‫مرات) والهاء (‪ 9‬مرات) والفاء (‪ 8‬مرات) وهي أكثر تكرار من بقية األصوات األخرى الرخوة‬
‫التي تكررت بنسب ضئيلة‪.‬‬

‫ونفسر سبب توظيفه لهذا النوع من األصوات بأنه أوضح من ناحية السمع‪ ،‬وذلك نتيجة‬
‫طبيعية لحرية مرور الهواء عند نطق هذه األصوات جميعها‪ ،‬باإلضافة إلى تلك الصفات‬
‫الخاصة التي تمتلكها هذه األصوات الرخوة والتي بفضلها صورت لنا المعاني تصوي ار حسيا‪،‬‬
‫وأضفت عليها جرسا موسيقيا موحيا ومؤثرا‪ ،‬فانظر إلى جمال هذه األصوات في البيت‬
‫الثالث من المقطوعة السابقة‪:‬‬

‫ح‪ ،‬وأنت الطماح‪ ،‬وأنت الهنا‬ ‫وأنت الحنان‪ ،‬وأنت السما‬

‫حيث اجتمعت فيه ثالثة أصوات في بيت واحد الحاء بترددها (‪ 3‬مرات)‪ ،‬وكل من السين‬
‫والهاء مرة واحدة‪ ،‬فكانت الحاء بح اررتها وعاطفتها واتساعها والهاء برخاوتها ورقتها والسين‬
‫بهمسها تصور لنا تصوي ار حسيا صفات الجزائر محدثة نوعا من االرتخاء صوتيا ودالليا‪.‬‬

‫‪ -2‬األصوات المائعة‪:‬‬

‫األصوات المائعة وهي الالم والميم والنون والراء‪ ،‬تمثل هذه األصوات حلقة وسطى بين‬
‫الصوامت والصوائت ذلك ألنها "أصوات صامتة وظيفيا‪ ،‬أي‪ :‬من حيث موقعها ودورها في‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪126‬‬
‫بنية الكلمة‪ ،‬شأنها في ذلك شأن سائر األصوات الصامتة كالباء والتاء والثاء إلخ‪،‬‬
‫ولكنها– في الوقت نفسه‪ -‬تفصح عن شبه ما بالحركات من حيث النطق واآلداء الفعلي"‪.1‬‬

‫وقد صنفت هذه األصوات في مجموعات خاصة‪:‬‬

‫أ‪ -‬األصوات المكررة‪ :‬ونجد في هذه الزمرة من الصوامت صوت الراء في قول مفدي‬

‫زكرياء‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ويا روعة الصانع القادر‬ ‫جزائر‪ ،‬يا بدعة الفاطر‬

‫حيث تكرر هذا الصوت الذي من صفاته "أنه صوت متوسط بين الشدة والرخاوة‬
‫ومجهور"‪ ،3‬وسمي تكراري "ألنه يتكرر عل اللسان عند النطق به‪ ،‬كأن طرف اللسان يرتعد‬
‫به‪ ،‬وأظهر ما يكون إذا كانت الراء مشددة"‪ ،4‬تكرر أربع مرات في الكلمات (فاطر‪ ،‬جزائر‪،‬‬
‫روعة‪ ،‬القادر) أما في بقية أبيات القصيدة فقد تكرر (‪ 22‬مرة)‪ ،‬وهذه الكلمات كلها تصور‬
‫لنا عظمة الخالق فهي مرتبطة بمعجزة اهلل في صنعه‪ ،‬ومما يدعم حضور هذا الصوت قول‬
‫مفدي زكرياء في مقطع آخر من مقاطع اإللياذة‪:‬‬

‫وتذهل عن وجهه في الجزائر؟‬ ‫أفي رؤية اهلل فكرك حائر‬

‫م كأن مجاذيفه قلب شاعر‬ ‫سل البحر والزورق المستها‬

‫منار على حورها يتآمر‬ ‫وسل قبة الحور نم بها‬

‫لحيدر مثل الحظوظ البواكر‬ ‫سل الورد‪ ،‬يحمل أنفاسها‬

‫‪1‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬ص‪.345‬‬


‫‪2‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪3‬إبراهيم أنيس‪ :‬األصوات اللغوية‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪4‬أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي‪ :‬الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التالوة‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫‪127‬‬
‫رفائيل يخفي انسالل الجآذر‬ ‫وأبيار تزهو بقديسها‬

‫على صلوات العذاري السواحر‬ ‫تباركه أم افريقيا‬

‫فتضحك منه العيون الفواتر‬ ‫ويحتار بلكور في أمرها‬

‫ونهر المجرة نشوان ساهر‬ ‫وفي القصبة امتد ليل السهاري‬

‫مآذن تجلو عيون البصائر‬ ‫وفي ساحة الشهداء تعالى‬

‫‪1‬‬
‫وفي كل بيت‪ :‬نشيد الجزائر‬ ‫وفي كل حي‪ ،‬غوالي المنى‬

‫في البيت األول من هذه المقطوعة تردد صوت الراء (‪ 4‬مرات) في كلمات مثل (رؤية‪،‬‬
‫فكرك‪ ،‬حائر)‪ ،‬وهي متصلة اتصاال وثيقا بمعنى الحيرة في التفكير والرؤية‪.‬‬

‫أما في المقطوعة ككل فقد تردد (‪ 31‬مرة)‪ ،‬إال أن ما يلفت النظر هو مجيء الراء حرف‬
‫روي في آخر كل بيت من أبيات القصيدة هذا الصوت القوي الشديد الذي من صفاته التكرار‬
‫كان له تأثير فعال في أبيات القصيدة إلى جانب مؤانسته ألصوات أخرى قوية مثل‪ :‬الهمزة‬
‫والعين والهاء‪ ،‬والتي أعطت تعبي ار قويا تجسيدا حيا لعظمة الخالق وتصوي ار واضحا إلبداعه‪.‬‬

‫هذا الصوت التكراري استطاع أن يجمع بين القيمة الموسيقية اإليقاعية‪ ،‬والقيمة الداللية عند‬
‫تك ارره ولعل هذا هو المبتغى‪.‬‬

‫ب‪ -‬الصوامت المنحرفة‪:‬‬

‫أصوات تتكون عندما "يمر الهواء بمجراه دون انحباس أو احتكاك من أي نوع‪ ،‬ألن‬
‫مجراه خال من العقبات أو المعيقات فيحدث صوتا متوسطا أو واسع االنفتاح كما في الواو‬
‫والياء الشبيهين باألصوات الصامتة‪ ،‬ويحدث أيضا حين يتجنب الهواء في مجراه المرور‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪128‬‬
‫بنقطة الحبس أو التضييق كما في الالم"‪ ،1‬ومن خصائص هذا الصوت أنه صوت جانبي‬
‫لثوي متوسط بين الشدة والرخاوة مجهور‪ ،‬وقد ورد هذا الصوت المنحرف في المقطوعة التالية‬
‫(‪ 35‬مرة) يقول مفدي‪:‬‬

‫ومعبد حبي‪ ،‬وحلم فؤادي‬ ‫فيا أيها الناس‪ ...‬هذي بالدي‬

‫ومبناه‪ ...‬في ملتي‪ ،‬واعتقادي‬ ‫وايمان قلبي‪ ،‬وخالص ديني‬

‫بالدي‪ ،‬أحبك‪ ،‬فوق الظن ـ ـ ــون‪ ،‬وأشدو بحبك‪ ،‬في كل نادي‬

‫عشقت ألجلك كل جمي ـ ـ ــل وهمت ألجلك‪ ،‬في كل وادي‪...‬‬

‫ومن هام فيك‪ ،‬أحب الجم ـ ـ ــال وان المه الغشم‪ ،‬قال‪ :‬بالدي‬

‫‪2‬‬
‫ألجل بالدي‪ ،‬عصرت النج ــوم‪ ،‬واترعت كأسي‪ ،‬وصنعت الشوادي‬

‫استحوذ الالم في هذه المقطوعة على األبيات كلها من أولها إلى آخرها‪ ،‬وقد جاء هذا‬
‫الصوت مناسبا للمعاني حيث نجد أن من بين صفاته أنه يدل على‪" :‬التماسك وااللتصاق"‪،3‬‬
‫وذلك يظهر في اعتبار مفدي للجزائر جزء ال يتجزء كالجسد الواحد فشرقها وشمالها وجنوبها‬
‫وغربها كل شيء فيها جميل وله ميزته الخاصة وسحره الجذاب‪ ،‬ومفدي في كل مرة يربط‬
‫بين حبه ووطنه من خالل جمال الجزائر وكأنها هي التي أهدته هذا الشعور الرقيق الذي‬
‫يكاد يداعب النسمات الخفيفة المنبعثة من قمم الجبال والحدائق الغناء‪.‬‬

‫ومن صفة االلتصاق والتماسك إلى صفة أخرى متأصلة في الالم وهي اإلنحرافية وهذه‬
‫الصفة تجسدها األبيات التالية‪:‬‬

‫‪1‬عبد القادر عبد الجليل‪ :‬علم الصرف الصوتي‪ ،‬ص‪.155‬‬


‫‪2‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪3‬حسن عباس‪ :‬خصائص الحروف العربية ومعانيها‪ ،‬ص‪.80‬‬

‫‪129‬‬
‫يدللن بالعار بين القبيله‬ ‫ومنهن كالعنز بادي الرذيله‬

‫ت‪ ،‬يثرن فضول النفوس الدخيله‬ ‫يشمرن ذيال عن العو ار‬

‫ي كخابط ليل أضاع دليله‬ ‫ويسلكن غير الطريق السو‬

‫وفوق الطريق‪ ،‬وتحت الطريـ ــق‪ ،‬يهمن كسكران ضل سبيله‬

‫ن القيامة قامت لوأد الفضيله‬ ‫خنافس‪ ،‬يكشفن ساقا كأ‬

‫ل‪ ،‬كأحالمهن القصار الطويله‬ ‫جال بيبهن القصار الطوا‬

‫بصائرهن كأبصار هـ ـ ــن‪ ،‬مرنحة‪ ،‬خاسئات كليله‬

‫بواسر‪ ،‬ممتقعات‪ ،‬عليله‬ ‫وأخالقهن‪ ،‬كوجوههن‬

‫فكل القطاعات يكفي بديله‬ ‫وأجسادهن قطاع غيار‬

‫‪1‬‬
‫فلم ال تجف الطباع األصيله‬ ‫إذا جف ماء الحياء بأنثى‬

‫تردد صوت الالم في هذه المقطوعة (‪ 45‬مرة) حيث أضفى على األبيات ايقاعا متمي از‬
‫ذلك ألنه ينتمي إلى األصوات المائعة التي تتميز بوضوحها السمعي وسهولة نطقها‪ ،‬فجاء‬
‫ناقال للمعنى المراد بكل براعة حيث جسد لنا صورة البنات المنحرفات الالتي قلدن المجتمع‬
‫الغربي وشبههن بالمعز‪.‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.106‬‬

‫‪130‬‬
‫ومما يوضح صفة اإلنحرافية كلمات مثل (الماعز‪ ،‬الرذيلة‪ ،‬السكران)‪ ،‬فالماعز والسكران‬
‫من عادتهما أن يمشيا في طريق منحرف غير مستقيم والذي يتبع الرذيلة كذلك‪.‬‬

‫ج‪ -‬الصوامت األنفية‪:‬‬

‫هذه الصوامت األنفية "تتكون من طريق إنحباس الهواء حبسا تاما في موضع من‬
‫الفم‪ ،‬ولكن يخفض الحنك اللين‪ ،‬فيتمكن الهواء من النفاذ عن طريق األنف"‪ ،1‬وهذا ما‬
‫يعرف باألنفية وهذا النوع من الصوامت تردد في المقطوعة اآلتية‪:‬‬

‫وكنا األلى يطعمون الطعاما‬ ‫وجاعت فرنسا‪ ...‬فكنا كراما‬

‫وكم تبطر الصدقات اللئاما‬ ‫فأبطرهم قمحنا الذهبي‬

‫وباعت فرنسا ضمير اليه ـ ــود‪ ،‬فباع ضمير اليهود الذماما‬

‫وما كان بوخريص إال طعاما‬ ‫وما كان بوشناق إال ابن آوى‬

‫فتار بها الشعب يغلي انتقاما‬ ‫وخرب شارل المريض فرنسا‬

‫وضاق الفرنسيس بالعاطلي ــن‪ ،‬وما ذاق شارل المريض المناما‬

‫فأطلق هذي القموح سهاما‬ ‫وأوحى له قمحنا غزونا‬

‫وخان المسيح وأعزى السواما‬ ‫وصب النفايات في أرضنا‬

‫كما يستبيح اللصوص الحراما‬ ‫ومروحة الداي لم تكن إال‬

‫‪2‬‬
‫وان طال ليل‪ ...‬أق ار النظاما‬ ‫أبوتان‪ ...‬هل سيدي فرج‬

‫‪1‬محمود السعران‪ :‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬ص‪.168‬‬


‫‪2‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪131‬‬
‫تكرر صوت النون في هذه األبيات (‪20‬مرة) أما الميم الذي يوصف بأنه صوت أنفي‬
‫من أصوات الغنة باإلضافة إلى‪ :‬الخاصية اإلستم اررية التي يمكن للمتكلم إطالتها‪ ،‬والوضوح‬
‫السمعي الذي يوصل المعنى واضحا للمتكلم تردد (‪ 26‬مرة) وهو المسيطر على األبيات فقد‬
‫استعان به مفدي ليصل صوته واضحا معب ار عن استغالل الفرنسيين للجزائر واألعمال‬
‫التخريبية التي قام بها شارل المريض في أرض الجزائر وطول فترتها وفترة استغالل ثروات‬
‫الجزائر‪ ،‬ومما زاد في قوة هذا الحرف ووضوحه اتصاله باأللف التي تعد صائتا قويا‬
‫وواضحا‪ ،‬وعالوة على كل هذا فقد استخدمه مفدي كحرف روي ليحقق نوعا من اإلنسجام‬
‫والجمال والموسيقى في نهاية األبيات‪.‬‬

‫ومما يدعم حضور صوت النون الذي يعد من األصوات األنفية أيضا والمجهورة‪،‬‬
‫المتوسطة بين الشدة والرخاوة قول مفدي في مقطوعة أخرى من مقاطع اإللياذة‪:‬‬

‫أينسى مغامرة الحيوان؟‬ ‫إذا الشعر خلد أسد الرهان‬

‫أينس البغال؟ أينسى الحمي ـ ــر‪ ،‬وهل ببطوالتها يستهان؟‬

‫سالم على البغل‪ ،‬يعلو الجب ـ ــال ثقيال‪ ،‬فيكبره الثقالن‬

‫وعاش الحمار يقل الس ـ ــالح‪ ،‬ويغشى المعامع ثبت الجنان‬

‫‪1‬‬
‫فيخلع بالرعب‪ ،‬قلب الجبان‬ ‫وبارك فأرا‪ ...‬يوزع نا ار‬

‫حيث تردد هذا الصوت (‪ 20‬مرة) وهو صوت أنفي مجهور يتم نطقه "بجعل طرف‬
‫اللسان متصال باللثة مع خفض النطق ليفتح المجرى األنفي‪ ،‬واحداث ذبذبة في األوتار‬

‫‪1‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.81‬‬

‫‪132‬‬
‫الصوتية‪ ،‬ومعنى األنفية في هذا الصوت أن جزء الهواء الخارج من الرئتين يمر في‬
‫التجويف األنفي محدثا في مروره نوعا من الحفيف"‪.1‬‬

‫وظفه مفدي زكرياء حتى يساعده في إخراج أكبر كمية من النفس ألنه في موقف الفخر‬
‫واالعتزاز واالعتراف بفضل الحيوان على الشعب الجزائري‪ ،‬حيث كانوا يستعملون البغال‬
‫إليصال السالح إلى الثوار‪ ،‬أما الفئران فقد كانوا يطلونها بالبنزين ويشعلون النار فيها لحرق‬
‫ودعم صوت النون األلف‬
‫المزارع فتتلف المحاصيل وتشعل الرعب في قلوب المستعمرين‪ّ ،‬‬
‫اللينة بوضوح سمعه وقوته‪.‬‬

‫‪ -3‬القلقلة‪:‬‬

‫إن هذه الحروف تجمع بين الشدة والجهر كما ذكرنا سابقا وهي "مصطلح يقابل عند‬

‫المحدثين ما يسمى‪ :‬باالنفجارية"‪ ،2‬وقد ترددت هذه األصوات المجموعة في كلمة قطب جد‬

‫في هذه األبيات التي يقول مفدي فيها‪:‬‬

‫ونبع الندى‪ ،‬والهدى والصالح‬ ‫فيا آل مقران أسد الكفاح‬

‫د‪ ،‬فعبدتموا نهجه بالسالح‬ ‫نهدتم‪ ،‬تشقّون درب الخلو‬

‫وأعلنها في الذرى والبطاح‬ ‫وحداد في السوق ألقى عصاه‬

‫كمثل عصاي‪ ...‬سألقي الفرن ــيس في البحر‪ ،‬أركلهم بالرماح‬

‫بسوفالت رمز الفدآ والكفاح‬ ‫سالم لمقران يمضي شهيدا‬

‫‪1‬رمضان عبد اهلل‪ :‬أصوات اللغة العربية بين الفصحى واللهجات‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪2‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬ص‪.393‬‬

‫‪133‬‬
‫وما كبل القيد فيه الطماح‬ ‫والبن الثمانين يغدو أسي ار‬

‫شال بركانه باألماني الفساح‬ ‫ومرحى لمالك يطغى بشر‬

‫جي بوذريس شيخا وريف الجناح‬ ‫وعاشت مناصر راحت تنا‬

‫عمامة يدني حظوظ النجاح‬ ‫فردد رجع صداه أبو‬

‫‪1‬‬
‫يذود على الشرف المستباح‬ ‫وهقار تزهو بآمودها‬

‫لقد تواترت (‪ 52‬مرة) حيث احتل صوت الباء المرتبة األولى بـ (‪ 19‬مرة) والدال المرتبة‬

‫الثانية بـ (‪ 17‬مرة) وهو صامت انفجاري شديد يتصف بالقلقلة‪ 2‬ويقول عنه العاليلي "إنه‬

‫للتصلب والتغير المتوزع وهو يوحي بالصالبة والقساوة وكأنه من حجر الصوان"‪ ،3‬يليه‬

‫صوت القاف بـ (‪ 7‬مرات) والجيم بترددها (‪ 5‬مرات) والطاء بـ (‪ 4‬مرات) هذه النوعية من‬

‫األصوات التي تجمع بين الشدة والجهر‪ ،‬نقلت لنا التجربة الشعرية التي أراد الشاعر أن‬

‫يوصلها إلى المتلقي من صورتها اللغوية اللفظية إلى صورتها الشعورية الفكرية‪ ،‬هذا المتلقي‬

‫الذي يلمس حالة الشاعر مفدي زكرياء وهو يفتخر بحماسة آل مقران مشيدا بهم من حيث‬

‫الهمة والقوة والشجاعة والنسب‪.‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.59‬‬


‫‪2‬رابح بن خوية‪ :‬في البنية الصوتية واإليقاعية‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪3‬حسن عباس‪ :‬خصائص الحروف العربية ومعانيها‪ ،‬ص‪.67‬‬

‫‪134‬‬
‫وما زاد في قوة الداللة اجتماع هذه األصوات في كلمات تدل على القوة والصالبة‬

‫(تشقون‪ ،‬يطغى‪ ،‬بركان) وتدل على التفجر لدى الذات المبدعة‪.‬‬

‫وقد ساهمت هذه النوعية في تصوير األحداث والوقائع التي أراد الشاعر أن يوصلها‬

‫ويبلغها‪.‬‬

‫‪ -4‬التفشي‪:‬‬

‫وهذه الصفة خاصة بصوت الشين ويظهر هذا الصوت في قول مفدي‪:‬‬

‫تعاف انحالل النفوس الذليله‬ ‫طبائعنا‪ ،‬صالحات جليله‬

‫ل وأحالسه‪ ،‬والشعور الطويله‬ ‫وتأبى رجولتنا اإلبتذا‬

‫خنافيس هيبي‪ ،‬يشيع الرذيله‬ ‫تخنث هذا الزمان ودبت‬

‫دالال وغنجا‪ ،‬وذبح فضيله‬ ‫ونافس آدم حواءه‬

‫وجرت ذيول الطواويس ه ــذى السراويل‪ ،‬وهي القصار الطويله‬

‫ولوال النهود‪ ،‬لما كنت تفـ ــرق‪ ،‬بين جميل وجميـ ــله‬

‫وشاع الشذوذ‪ ،‬وذاع الحش ـ ــيش‪ ،‬وأصبح للموبقات وسيله‬

‫فلم تجد في صرفها أي حيله‬ ‫وتقرف آنافنا القاذورات‬

‫‪135‬‬
‫وأرض الجزائر أرض الفحـ ــول فأين الشهامة؟؟ أين الرجوله؟؟‬

‫‪1‬‬
‫ومن لم يصن حرمات البـ ــالد‪ ،‬ويذر النفايات‪ ...‬قد خان جيال‬

‫تردد صوت الشين في هذه المقطوعة (‪ 7‬مرات) في الكلمات التالية (الشعور‪ ،‬يشيع‪،‬‬

‫شاع‪ ،‬شذوذ‪ ،‬حشيش‪ ،‬الشهامة) وهذا الصوت صوت رخو مهموس‪" ،‬عند النطق به يلتقى‬

‫طرف اللسان أي مقدمه بمؤخر اللثة و مقدم الحنك األعلى‪ ،‬بحيث يكون هناك منفذ ضيق‬

‫لمرور الهواء‪ ،‬ولكن هذا المنفذ أوسع من المنفذ الموجود في حال صوت كالسين مثال‪،‬‬

‫وفي هذه الحالة يكون كل الجزء األساسي من جسم اللسان مرفوعا نحو الحنك وال تتذبذب‬

‫األوتار الصوتية عند النطق به"‪ ،2‬ويقول العاليلي عن هذا الصوت "إنه للتفشي بغير‬

‫نظام"‪ 3‬ولكي نوضح داللة هذه الصفة على المعنى نورد البيت التالي‪:‬‬

‫وشاع الشذوذ وذاع الحشـ ـ ـ ــيش‪ ،‬وأصبح للموبقات وسيله‬

‫صوت الشين هنا تكرر أربع مرات‪ ،‬فانظر مثال إلى كلمة شاع‪ ،‬هذه الكلمة تدل على‬

‫االنتشار والشيوع والتفشي بين الناس‪ ،‬فجاءت الداللة هنا مناسبة للصوت خاصة وأن هذا‬

‫وقرب المعنى‬
‫الصوت قد اتصل بصوت العين الحلقية العميقة مما عمق اإلحساس باالنتشار ّ‬

‫وأضفى نغمة ايقاعية مميزة‪.‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.90‬‬


‫‪2‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫‪3‬حسن عباس‪ :‬خصائص الحروف العربية ومعانيها‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪136‬‬
‫هذا االستعمال يدل على براعة الشاعر في اختيار األصوات المناسبة للموقف المناسب‬

‫األمر الذي ساهم في إثبات االنسجام بين الصوت والمعنى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬داللة الصوائت‬

‫تعد الصوائت الجسر الذي يربط الصوامت في السلسلة الكالمية‪ ،‬وهي التي تحدد الكثير‬

‫من المعاني في اللغة فبالحركات (سواء كانت قصيرة أو طويلة) واختالفها تفهم المعاني‪،‬‬

‫ونلمس دور هذه الحركات في اإللياذة التي تغلب عليها مشاعر متعددة من حزن وأسى‬

‫وغضب وحب‪ ،‬فهذه المشاعر تحتاج أصوات قوية تعبر عنها وهي الصوائت التي تخلق‬

‫نوعا من الوضوح السمعي واالمتداد في النص ذلك ألنها تصدر طليقة من الفم دون أن‬

‫يعترضها عارض‪ ،‬ونجد هذه الصوائت التي تملك القدرة على إبراز وايضاح قدرة الشاعر‬

‫على التعبير وايصال المعنى في قول مفدي‪:‬‬

‫ويا حجة اهلل في الكائنات‬ ‫ج ازئر‪ ،‬يا مطلع المعجزات‬

‫ويا وجهه الضاحك القسمات‬ ‫ويا بسمة الرب في أرضه‬

‫د تموج بها الصور الحالمات‬ ‫ويا لوحه في سجل الخلو‬

‫معاني السمو بروع الحياة‬ ‫ويا قصة بث فيها الوجود‬

‫بنار ونور جهاد األبات‬ ‫ويا صفحة خط فيها البقاء‬

‫‪137‬‬
‫وتلهمها القيم الخالدات‬ ‫ويا للبطوالت تغزو الدنا‬

‫فهاجت بأعماقنا الذكريات‬ ‫وأسطورة رددتها القرون‬

‫فتاهت بها القمم الشامخات‬ ‫ويا تربة تاه فيها الجالل‬

‫فهمنا بأسرارها الفاتنات‬ ‫وألقى النهاية فيها الجمال‬

‫‪1‬‬
‫فأهوى على قدميها الطغاة‬ ‫وأهوى على قدميها الزمان‬

‫في هذا المقطع الذي يبلغ العشرة أبيات يقدم مفدي لنا الجزائر كما يقدم األبطال‪،‬‬

‫فاألبطال يحققون النصر في ساحة المعركة‪ ،‬أما الجزائر البطل فبما وهبها التاريخ من‬

‫صفات جعلت الزمان يهوي على قدميه ويحدث انقالبا في موازين الزمن فهاهو الشاعر‬

‫يتغزل بجمال الجزائر بحديث ساحر يوجهه إليها معددا خصالها وسماتها‪ ،‬التي حققت لها‬

‫الخلود‪ ،‬مازج بين خلود جمالها الطبيعي‪ ،‬وخلود جمالها الجهادي‪ ،‬ونضال أبنائها وبطوالتهم‬

‫فكل هذا الحب وهذا التعريف بالجزائر وبطوالت أبنائها كان البد له من توظيف الصوائت‬

‫التي تتسم بوضوحها السمعي وكمها الصوتي الهائل لكي تعبر عن حبه لبالده وارادته في أن‬

‫يصل صوته إلى كل مكان‪ ،‬فجاءت الصوائت في هذه األبيات العشرة حاضرة بقوة‪ ،‬حيث‬

‫كررها الشاعر(‪ 68‬مرة) إال أن أكثرها ترددا هو األلف حيث كان حاض ار تقريبا في كل بيت‬

‫من أبيات المقطوعة‪ ،‬وقد عبر هذا الصوت الذي يوصف باللين واالتساع عن تلك التأوهات‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪138‬‬
‫المنبعثة من صدر مهموم ليمتد هذا الصوت إلى أقصى مدى ممكن من االندفاع واالنتشار‬

‫حتى يصل إلى المتلقي‪ ،‬ذلك ألن األلف صوت هوائي يخرج من غير قيد وال ضغط لذلك‬

‫كان مناسبا أكثر لسمو مفدي سموا فريدا من نوعه ببالده‪.‬‬

‫أما فيما يخص صوت (الياء والواو) فقد تكر ار (‪ 7‬مرات) فقط والسبب في ذلك هو أن‬

‫األلف أوسع وألين ألن "الحلق والفم معه منفتحين غير معترضين على الصوت بضغط أو‬

‫حصر"‪ ،1‬وذلك هو سبب تك ارره أكثر من الياء والواو‪ ،‬ويعود مفدي زكرياء مرة أخرى ليوظف‬

‫أصوات المد عموما واأللف الطويلة خصوصا مما جعل قراءة هذه المقطوعة سلسة‬

‫أن مزج الكالم بالصوائت يأتي "في أغلب األحيان مجانسا‬


‫واالستماع إليها حسنا وجميال‪ ،‬إذ ّ‬

‫للفكرة‪ ،‬واإلحساس الممتزج بالفكرة؛ ليعطيها جانبا في التصوير بقوة التداعي"‪.2‬‬

‫ومما هو معروف في خصائص الصوائت الطويلة أن لها قيمة تعبيرية خاصة بها‪،‬‬

‫وخاصة األلف الذي يعرف بوضوحه السمعي وقوة استطالته‪ ،‬ويظهر هذا النوع من الصوائت‬

‫في قول مفدي زكرياء وهو يتحدث عن "باينام" وجمال مناخها الجبلي‪:‬‬

‫كأنا اغتصبنا لهامان صرحا‬ ‫ضحا‬


‫عرجنا‪ ،‬ننافح باينام* ً‬

‫ت حديث النجوم‪ ،‬فتبدع شرحا‬ ‫نسائل أشجاره الفارعا‬

‫‪1‬غالب فاضل المطلبي‪ :‬في األصوات اللغوية (دراسة في أصوات المد العربية)‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪2‬عز الدين علي السيد‪ :‬التكرير بين المثير والتأثير‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1986 ،1‬ص‪.67‬‬
‫*باينام‪ :‬غابة وهي أجمل مناخ جبلي في صدر عاصمة الجزائر يوحي بالعظمة والشموخ‪ ،‬انظر مفدي زكرياء‪ ،‬إلياذة‬
‫الجزائر‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪139‬‬
‫فيغمرنا ملتقى الفكر نصحا‬ ‫ويلتف ساق بساق‪ ،‬فنصبو‬

‫بباريس‪ ،‬يبني لفيتنام صلحا‬ ‫كأن عمالق باينام جمع‬

‫فأغرق باينام حسنا وأوحى‬ ‫كأن اإلله الجميل تجلى‬

‫دالال‪ ،‬فيطلع في الليل صبحا‬ ‫يتيه به النجم* بين النجوم‬

‫وسر الهوى ماثل ليس يمحى‬ ‫تموج مع الشمس أس ارره‬

‫ويسفح دمعا‪ ،‬فيغمر سفحا‬ ‫فكم بات يبكي به موجع‬

‫فاتخذ باينام في الصب جرحا‬ ‫وكم من جريح الفؤاد اشتكى‬

‫‪1‬‬
‫بأنسام باينام فازداد لفحا‬ ‫وكم من صريع الغواني‪ ،‬تداوى‬

‫إن المتأمل لهذه األبيات يجد أصوات المد مفرقة فيها على أبعاد دقيقة التصويت ظاهرة‬

‫التناسب مع تدفق وجدان الشاعر في فخره وحماسته وهواه‪.‬‬

‫وقد تكررت أصوات المد وخاصة األلف في المقطوعة (‪ 51‬مرة) حيث مكنت الشاعر من‬

‫مد صوته واطالته افتخا ار بعظمة باينام وأشجارها الفارعات ومناخ غابتها التي احتضنت‬

‫دموع الموجوعين وجريحي الفؤاد والعاشقين الذين لطالما زاروا هذه الغابة كي يتداووا بنسماتها‬

‫التي تزيد القلوب لفحا وعشقا‪.‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫*جناس بين النجم وهو النبات الذي ال تساق له‪ ،‬وبين النجوم انظر مفدي زكرياء‪ ،‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪140‬‬
‫ومما يلفت اإلنتباه في هذه المقطوعة هي المدود التي ظفرت بها نهاية كل بيت من أبيات‬

‫القصيدة سواء في الصدر أو في العجز فتارة تنتهي (بألف ممدودة وتارة بألف مقصورة)‪.‬‬

‫إال أن الجدير بالذكر أن الشاعر لم يكرر هذه األصوات جزافا‪ ،‬بل جاء بها لدالالت‬

‫استدعتها مشاعره الصادقة وأحاسيسه الناطقة فخ ار بجمال باينام‪.‬‬

‫أما صوتي المد (الواو والياء) فقد كان حضورهما قليل حيث عبر بهما الشاعر عن حالة‬

‫الحزن والخيبة واأللم التي يشعر بها جريحي الفؤاد والعاشقين وصريعي الغواني‪.‬‬

‫وهاهو الشاعر يستخدم صوت المد باأللف مرة أخرى في مقطوعة أخرى والتي يقول فيها‪:‬‬

‫د‪ ،‬أما انفك رم از ألجاللنا‬ ‫وجامع كتشاوة المستعا‬

‫فيستنجدون بأسالفنا‬ ‫يناجيه في النيل أزهرنا‬

‫أنال قريقوار** من بأسنا‬ ‫دبورمون هل دام حقد الصليب*‬

‫‪141‬‬
‫وحط القساوس من شأننا‬ ‫وهل فت فيليب*** في عزمنا‬

‫يداه‪ ،‬استهان بإص اررنا؟‬ ‫وهل نابليون**** ومن وسمته‬

‫وهل ال فيجري وطول الس ــنيــن استطاعا المروق بأطفالنا؟‬

‫‪1‬‬
‫فقد عاد يهفو ألكبادنا‬ ‫ومهما يقيمون فيه احتفاال‬

‫يرسم لنا مفدي زكرياء صورة الجوامع التي حولها االحتالل إلى كنائس يقيمون فيها‬

‫أعيادهم‪ ،‬وكيف حاول تحويل أبناء الجزائر اليتامى إلى مسيحيين‪.‬‬

‫فجاء صوت األلف الممدودة التي بلغ عدد تكرارها (‪ 31‬مرة) معبرة عن إحساس مفدي‬

‫زكرياء وألمه النفسي لما حل بجامع (كتشاوة) والجوامع األخرى في الجزائر‪ ،‬كما عبر لنا‬

‫صوت المد عن صمود الجزائريين واصرارهم‪ ،‬هذه المدود الكثيرة التي ظفرت بها هذه‬

‫المقطوعة تهز النفس من الداخل‪ ،‬إنها أنفاس داخل كلمات تهب األبيات حياة وصدقا ومما‬

‫يزيد في قوتها هو صوت النون الذي جاء حرف روي وهو "صوت يتميز بقوته اإلسماعية‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫*تقرير تحويل جامع كتشاوة إلى كنيسة في الخامس من يوليو سنة ‪.1830‬‬
‫**فريقوار‪ :‬البابا الذي بارك هذا التحول بصفة رسمية‪.‬‬
‫***فيليب‪ :‬الملك الذي عين القساوسة وأهدى الكنيسة كل ما تحتاج إليه وأصدر مرسوما بذلك‪.‬‬
‫****نابليون الثالث‪ :‬رئيس فرنسا‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫العالية‪ ،‬وغنته الموسيقية"‪ ،1‬التي عبرت بصدق عن مشاعر نابعة من أعماق قلب أعياه‬

‫حب الوطن والغيرة عليه‪.‬‬

‫وينتقل بنا الشاعر من وصف جمال الجزائر وطبيعتها إلى وصف أبطالها الذين بذلوا‬

‫أرواحهم وأموالهم في سبيل تحريرها ويقول مفدي زكرياء واصفا بطال من أبطالها وهو األمير‬

‫عبد القادر‪.‬‬

‫وكان النضال طويال عسي ار‬ ‫أيا عبد القادر‪ ...‬كنت القدي ار‬

‫وناجاك رب‪ ،‬فكان النصي ار‬ ‫شرعت الجهاد‪ ،‬فلباك شعب‬

‫فكنت األمير الخبير الخطي ار‬ ‫ونظمت جيشا وسست بالدا‬

‫وأيقضت في الخانعين الضمي ار‬ ‫وألهبت في القابعين الحنايا‬

‫وجرعت بيجو العذاب المري ار‬ ‫وحملت ماريان ماال تطيق‬

‫وتجري السرايا‪ ،‬وتبنى المصي ار‬ ‫ثمان وعشرا‪ ...‬تخوض المنايا‬

‫‪2‬‬
‫وما خست‪ ،‬مذ خطفوك أسي ار‬ ‫وعبدت للشعب درب الفدا‬

‫يتحدث مفدي في هذه المقطوعة عن كفاءة األمير عبد القادر وأنه يستحق أن يبايع أميرا‪،‬‬

‫كذلك يشير هنا إلى الخديعة التي استعملتها فرنسا كعادتها عندما تفشل في المواجهة‪.‬‬

‫‪1‬عبد القادر عبد الجليل‪ :‬علم الصرف الصوتي‪ ،‬ص‪.87‬‬


‫‪2‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫‪143‬‬
‫إن المتأمل لهذه القصيدة يجد أن صوت األلف المد الطويل قد تكرر في األبيات (‪35‬‬

‫مرة) فكان هو المسيطر‪ ،‬ولم يتكرر صوتي (الواو والياء) إال بنسبة متوسطة مقارنة باأللف‬

‫الياء بـ (‪ 18‬مرة) والواو (‪ 7‬مرات)‪ ،‬وذلك لشدة اتساعه من الياء والواو‪.‬‬

‫ويقول سيبويه في األلف معرف‪" :‬حرف اتسع لهواء الصوت مخرجه أشد من اتساع‬

‫مخرج الياء والواو‪ ،‬ألنك قد تضم شفتيك في الواو وترفع في الياء لسانك قبل الحنك‪ ،‬وهي‬

‫األلف"‪.1‬‬

‫والسبب الذي جعل مفدي يوظف هذا الصوت شدة اتساعه وامتداده وقدرته على إضفاء‬

‫القوة والوضوح السمعي على القصيدة‪ ،‬ولم يستخدم صائتا ضعيفا ألنه كان بصدد الحديث‬

‫عن موقف يحتم عليه اسماع صوته وهو اإلشادة بقوة األمير وشجاعته في الحرب ضد‬

‫المستعمر‪ ،‬واستحقاقه للقب األمير‪.‬‬

‫والالفت للنظر هو اقتران األلف بصوت صامت آخر وهو الراء هذا الصوت المجهور‬

‫والتكراري الذي زاد في عمق صوت األلف ووضوحه‪ ،‬وذلك بما يملكه من القوة اإلسماعية‬

‫التي هي صفة في األصوات المجهورة‪.‬‬

‫ويلي صوت األلف الياء حيث ترددت (‪ 18‬مرة) وهي أقل وضوحا منه لتعبر بضيقها عن‬

‫المعاناة التي عاشها األمير عبد القادر وعن الخدعة التي حاكتها فرنسا ضده وأوقعته في‬

‫األسر‪.‬‬

‫‪1‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ص‪.435،436‬‬

‫‪144‬‬
‫ثم تالهما صوت الواو بـ (‪ 7‬مرات) وهو أضيق الحركات وأصعبها في النطق ‪ ،‬ما‬

‫نالحظه أن الشاعر قد تدرج في ذكر الصوائت من المتسعة إلى األضيق إلى األشد ضيقا‪،‬‬

‫ويعود مفدي مرة أخرى لوصف منطقة من مناطق الجزائر أال وهي قالمة حيث يقول‪:‬‬

‫يهدهد معسول أحالمها‬ ‫وقالمة تزهو بحمامها‬

‫ويشكو مواجع آالمها‬ ‫يشيع البخار تباريحها‬

‫فيمسخ صناع آثامها‬ ‫ويرجف بركانها ساخطا‬

‫ويمضي الزمان‪ ،‬ويأتي الزم ــان‪ ،‬فيضحك من ذقن أصنامها‬

‫فيالك أسطورة لم يـ ـ ـ ــزل نسير على هدي إلهامها‬

‫أجل الـ ـ ــخي ــال‪ ،‬وأحيا نفوسا بأوهامها‬


‫ويالخيال‪ّ ،‬‬

‫ويا تربة أغرقت في الدم ـ ــاء هواتك حرمة أرحامها‬

‫ويا بلدة عصفت باللئ ـ ـ ــام وحمق فرنسا وحكامها‬

‫ري وكان عدوا إلسالمها‬ ‫ولفت ش اررتها آشيا‬

‫‪1‬‬
‫وفار بتنورها كار بنـ ـ ــال فأصبح كاربون حمامها‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫‪145‬‬
‫فهذه األبيات يوظف مفدي زكرياء صوت المد األلف إال أنه مقرون بصوت الهاء هذا‬

‫الصوت الحنجري المهموس‪ 1‬الذي يخرج من أعماق الجهاز الصوتي استخدمه مع األلف‬

‫ليزيد من قوته وعمقه حتى يستطيع أن يوصل ما يمكن في النفس من ألم وشقاء وأوجاع‬

‫نفسه‪ ،‬فاجتماعهما عكس لنا نفسية الشاعر الكئيبة كما عكس صورة الفزع واأللم‪.‬‬

‫صوت األلف سيطر على األبيات من أولها إلى آخرها حيث تردد (‪ 49‬مرة) وسبب هذا‬

‫التردد وكثرة الدوران في األبيات ربما راجع إلى وضوح الصوائت والى قدرتها على إيصال ما‬

‫في نفس الشاعر من أحاسيس واشباع رغبته في إفراغها‪.‬‬

‫ولكن ما يلفت النظر تكرر األلف اللينة في كل شطر من أشطر المقطوعة وخاصة في‬

‫نهاية كل بيت‪ ،‬أما صوتي الواو والياء فقد ترددا بـ (‪ 6‬مرات) لكل منها‪ ،‬وهي نسبة أقل من‬

‫نسبة تردد األلف وهذا راجع إلى شدة وضوحه ومما يعزز حضور هذه الطائفة من الصوائت‬

‫قول مفدي‪:‬‬

‫وخرب أخالقه وتداعى‬


‫ّ‬ ‫تفسخ هذا الشباب وماعا‬

‫فويل الجزائر والمسـ ـل ــمين‪ ،‬إذا دنس النشء هذي الطباعا‬

‫بليد أضاع الضمير فضاعا‬ ‫وكيف يسوس البالد غبي‬

‫إذا استخلف الشعب فيها الضياعا؟‬ ‫ومن يطمئن ألقدار شعب‬

‫‪1‬رمضان عبد اهلل‪ :‬أصوات اللغة العربية بين الفصحى واللهجات‪ ،‬ص‪.74‬‬

‫‪146‬‬
‫وتقويم أخالقه‪ ،‬ما استطاعا؟؟‬ ‫وكيف يقوم بنيانه‬

‫وقد ساوموه عليها فباعا؟‬ ‫وكيف يصون األصالة نشء‬

‫وقد طمس الرجس فيه الشعاعا‬ ‫وكيف ينير الطريق شباب‬

‫السل شاعا؟‬
‫وفي قلبه مرض ّ‬ ‫وكيف يداوي المريض صحيحا‬

‫وكيف يصارع موج الحي ــاة‪ ،‬وما اسطاع في أصغريه الصراعا؟‬

‫‪1‬‬
‫فإن تهملوه‪...‬الوداع‪ ...‬الوداعا‬ ‫هو الخطر الجارف المستطير‬

‫ترددت الصوائت في هذه المقطوعة بنسب متفاوتة األلف (‪ 38‬مرة) والذي ينتج عندما‬

‫"يرفع اإلنسان لسانه ويسحبه إلى األسفل قدر المستطاع ويسحبه إلى الخلف قدر اإلمكان‬

‫ويبسط شفتيه من غير تدوير"‪ ،2‬وأما الياء فترددت (‪ 23‬مرة) وتنتج "عندما يرفع اإلنسان‬

‫يضيق المجرى‬
‫لسانه إلى األعلى قدر المستطاع‪ ،‬ويدفعه إلى األمام قدر اإلمكان دون أن ّ‬

‫الهوائي بحيث ال يسبب إحداث حفيف ما ويبسط شفتيه في الوقت نفسه فإنه يصدر صوت‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.97‬‬


‫‪2‬أحمد محمد قدور‪ :‬مبادئ اللسانيات‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،2008 ،3‬ص‪.33‬‬

‫‪147‬‬
‫الياء"‪ ،1‬أما الواو فقد تردد (‪ 7‬مرات) هذا التنوع في المدود قد عبر عن حالة الضيق والقلق‬

‫التي تنتاب مفدي حول الشباب الذين فسدت أخالقهم‪ ،‬وحذر من إهمالهم ألن إهمالهم يؤدي‬

‫إلى ضياع البالد فهم المستقبل‪.‬‬

‫وكثرة المدود راجع إلى خاصية االمتداد هذه الخاصية التي تمنح الصوت مسافة أطول‬

‫من حيث االنطالق لتتجاوب معها المشاعر واألحاسيس التي يريد الشاعر أن يوصلها إلى‬

‫المتلقي‪ ،‬وتطرب لها النفس ويتذوقها القلب ويقول عز الدين السيد عن المدود "إن المدود في‬

‫الكالم لها صلة نفسية في راحة القلب بمد النفس‪ ،‬وراحة األذن‪ ،‬بطيب النغم"‪.2‬‬

‫هذه المدود التي عبرت عن تأوهات الشاعر وضيقه بما آل إليه الشباب قد جعلت الفكر‬

‫يحلق في فضاء هذه األبيات ويتأمل حسن تصوير الشاعر لحال الشباب كأننا نعيش هذه‬

‫الحالة معه لصدق تعبيره‪.‬‬

‫باإلضافة إلى وجود الحركات الطويلة في القصيدة واحتاللها مساحة واسعة‪ ،‬فقد احتلت‬

‫كذلك الصوائت القصيرة (الفتحة والضمة والكسرة) نفس المساحة فهي ال تقل أهمية عن‬

‫الحركات الطويلة في تح ديد الداللة وتمييز معاني الكلمات ومن صور تواجد هذه الحركات‬

‫قول مفدي زكرياء‪:‬‬

‫الي ِق َينا‬ ‫الذي ب َ ِ‬


‫ث ف َينا َ‬ ‫َ‬
‫ت ِ‬ ‫أَلَ ْس َ‬ ‫ك ِف َينا‬
‫ُنوفَ ْمَب ُر َج َّل َج َاللُ َ‬

‫‪1‬المرجع نفسه‪ :‬الصفحة نفسها‪.‬‬


‫‪2‬عز الدين علي السيد‪ :‬بين المثير والتأثير‪ ،‬ص‪.62‬‬

‫‪148‬‬
‫وق الس َِّف َينا‬ ‫َولِ َّلن ْ‬
‫ص ِر ُر ْحَنا َن ُس ُ‬ ‫َسَب ْحَنا َعلَى لُ َج ٍج ِم ْن ِد َم َانا‬

‫ص ْلبَِنا الثَّائِ ِر َينا‬ ‫ِ‬


‫صَنعُ م ْن ُ‬
‫َوَن ْ‬ ‫ور‬
‫ون ًا‬ ‫َوثُْرَنا ُنفَ ِّج ُر َن ًا‬
‫ار ُ‬

‫العالَ ِم َينا‬
‫فَتُْل ِه ُم ثَْوَرتَُنا َ‬ ‫َوُن ْل ِه ُم ثَْوَرتََنا ُم ْبتَ َغ َانا‬

‫فََن ْس َخ ُر بِالظُّْلِم َوالظَّالِ ِم َينا‬ ‫َوتَ ْس َخ ُر َج ْب َهتَُنا بِ َ‬


‫البالََيا‬

‫لِ َش ْع ٍب أ ََر َاد‪ ...‬فَأ ْ‬


‫َعلَى ا ْل َجبِ َينا‬ ‫اسةُ طَ ْو ًعا َو َك ْرًها‬
‫َوتَ ْع ُنوا السَِّي َ‬

‫الم ْستَبِ َينا‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َج َم ْعَنا لِ َح ْر ِب َ‬


‫الخالَ ِ‬
‫َسلَ ْكَنا به الم ْنهَ َج ُ‬ ‫ص َشتَاتًا‬

‫َل ُكَّنا سم ِ‬
‫اس َرةً ُم ْج ِرِم َينا‬ ‫ولَوَال إِ ْلتِحام الصُّفُ ِ‬
‫وف َوقَ َانا‬
‫ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ‬

‫ط ِوي – َك َما قَ ْد طَ َوْيَنا‪ -‬السِّنِ َينا‬


‫َوتَ ْ‬ ‫ين‪ ...‬تَ ْقفُو ُخطَ َانا‬ ‫َفلَ ْي َ ِ ِ‬
‫ت فلَ ْسط َ‬

‫‪1‬‬
‫ار بِهَا َوَي ِم َينا‪...‬‬
‫تَ ِمي ُل َي َس ًا‬ ‫س تَهتَم‪ ...‬الَ بِا ْل َكر ِ‬
‫اسي‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫وبِا ْلقُ ْد ِ‬
‫َ‬

‫من خالل استقراء أبيات المقطوعة نجد أن الحركة القصيرة الفتحة قد ترددت في هذه‬

‫األبيات (‪ 114‬مرة ) واحتلت المرتبة األولى وهي حركة يتم إنتاجها بأن "يكون اللسان‬

‫مستويا في قاع الفم‪ ،‬مع انحراف قليل في أقصاه نحو أقصى الحنك‪ ،‬ومرور الهواء دون‬

‫أن يعترضه عائق واهتزاز األوتار الصوتية"‪ ،2‬ومن خصائصها الوضوح السمعي‪ ،‬االتساع‪،‬‬

‫والجهر‪ ،‬فهي بهذه الصفات تفسح المجال أمامه لكي يعبر بطالقة عن اعت اززه بأول نوفمبر‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.70‬‬


‫‪2‬حازم كمال الدين‪ :‬دراسات في علم األصوات‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪149‬‬
‫هذا الشهر المعجزة شهر البطوالت واالنتصارات الذي أوقد مشاعر مفدي وهز كيانه دون‬

‫وجود ما يعيقه أو يقف حائال أمام اإلفصاح عن هذه العواطف الصادقة‪.‬‬

‫وتلي الفتحة الكسرة بترددها (‪ 47‬مرة) وهي من أصوات العلة الضيقة‪.1‬‬

‫وتنتج عن طريق "ارتفاع مقدمة اللسان نحو وسط الحنك األعلى بحيث يكون الفراغ بينهما‬

‫كافيا لمرور الهواء دون أن يحدث في مروره بهذا الموضع أي نوع من االحتكاك مع‬

‫اهتزاز األوتار الصوتية"‪،2‬‬

‫وهي بانفراج الشفتين فيها تحمل األمل والفجر الجديد الذي جاء به شهر نوفمبر‪ ،‬وبأماميتها‬

‫واهتزاز األوتار الصوتية معها تمثل تقدم الشعب الجزائري إلى األمام ونهوضه فزعا وثورة‬

‫لرفع الظلم عنه‪.‬‬

‫‪1‬رمضان عبد التواب‪ :‬المدخل إلى علم اللغة‪ ،‬ص‪.94‬‬


‫‪2‬حازم كمال الدين‪ :‬دراسة في علم األصوات‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪150‬‬
‫ويلي الكسرة صوت الضمة التي بلغ عدد تكرارها (‪ 35‬مرة) وهي التي تنتج عن طربق‬

‫"ارتفاع أقصى اللسان نحو سقف الحنك ارتفاعا يؤدي إلى احتكاك الهواء بهذا الموضع"‪،1‬‬

‫هذا االرتفاع الذي في الضمة جاء مناسبا الفتخار مفدي بأول نوفمبر هذا الشهر العظيم‪.‬‬

‫نالحظ أن مفدي قد نوع في استعمال الحركات القصيرة إال أن الفتحة كانت هي الغالبة‬

‫على هذه المقطوعة وهذا راجع إلى وضوحها السمعي‪ ،‬أما الترتيب الذي وردت عليه‬

‫الصوائت فتحة ثم كسرة وضمة يرتبط بالجهد المبذول فالفتحة أوسع وأخف من الضمة‬

‫والكسرة معا‪ ،‬كما أن الكسرة أخف من الضمة‪ ،2‬ومن األبيات التي تدعم حضور الصوائت‬

‫القصيرة قول مفدي زكرياء‪:‬‬

‫ِّدتِي فَ ِ‬
‫اط َمه‬ ‫ت‪َ ،‬سي َ‬
‫ُبطُوالَ ُ‬ ‫الع ِارَمةُ‬
‫َوتَ ْذ ُك ُر ثَ ْوَرتَُنا َ‬

‫ف ب ِاريس والع ِ‬
‫اص َمه‬ ‫َ‬ ‫فَتَ ْر ِج ُ َ َ‬ ‫ُيفَ ِّج ُر ُب ْرَك ُانهَا ُج ْر ُج َار‬

‫الدائِ َمه‬
‫استَهُ َ‬ ‫َّ‬
‫فَ َزكى قَ َد َ‬
‫اسم أ ِ‬
‫ُمهَا ذ ْك َرهُ‬
‫َّ ِ‬
‫َو َخل َد َب َ َ‬

‫تُفَ ِدي قَراراتِ ِه الح ِ‬


‫اس َمه‬ ‫اء َبنِي َراتِ ٍن‬ ‫وفَاض ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ت د َم ُ‬ ‫َ َ‬

‫ض ِت التَوا ُك َل يا فَ ِ‬
‫اط َمه‬ ‫وك لِتَآ ْكالَّ‬
‫َنسومر م ْذ َنسب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َرفَ ْ‬ ‫ُ َ ُ ُ َُ‬

‫الفَئ ِة الظَالِ َمه‬


‫ف بِ ِ‬ ‫ج‪ ،‬وتَع ِ‬
‫ص ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫يب الثُّلُو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوأَْلهَ ْبت َن ًارا‪ ،‬تُذ ُ‬

‫‪1‬المرجع نفسه‪ :‬الصفحة نفسها‪.‬‬


‫‪2‬انظر سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.167‬‬

‫‪151‬‬
‫السائِ َمه‬
‫ْج ُر َ‬
‫تَُباعُ َوتُ ْستَأ َ‬ ‫بِ ُج ْن ٍد‪ُ ،‬يَباعُ َوُي ْشتََرى َك َما‬

‫وُدس ِت علَى أ َْن ِف ِه الر ِ‬


‫اغ َمه‬ ‫ون‪ِ ،‬في ِك ْب ِرِه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َوأ َْرَع ْفت َرْان ُد َ‬

‫اه ُم اآلَثِ َمة‬


‫ت َن َو َاي ُ‬
‫فَ َخ َاب ْ‬ ‫ال ِت َخ ًّدا‬
‫صع َّْر ِت لِ ْل ِجنِ َر َ‬
‫َو َ‬

‫‪1‬‬
‫اد َها لَ ْم تََز ْل قَائِ َمه؟‬
‫َوأ َْم َج ُ‬ ‫اء َها؟‬ ‫ِ‬
‫الج َزائ ُر َح َّو َ‬
‫أَتَْن َسى َ‬

‫من خالل استقراء األبيات نجد أن صوت الفتحة قد تردد (‪ 107‬مرات) يليه صوت الضمة‬

‫بـ (‪ 40‬مرة) ثم الكسرة بـ (‪ 39‬مرة)‪ ،‬ونالحظ هنا تفوق الفتحة على باقي الحركات وذلك‬

‫لكون هذه الحركة المتسعة تنتج بحد أقصى من اإلستم اررية واإلسماع وبحد أدنى من التوتر‬

‫واإلحتكاك‪ ،2‬فهي مناسبة للتعبير عن صورة فاطمة نسومر والدور البطولي الذي قامت به‬

‫هذه المرأة العظيمة‪ ،‬وأما الضمة فقد تكررت أكثر من األبيات السابقة وذلك لما تحمله‬

‫الضمة لتكتل مؤخر ا للسان‪ ،‬وارتفاعه إلى أقصى درجة ممكنة نحو مؤخر اللسان‪ ،‬وارتفاعه‬

‫إلى أقصى درجة ممكنة نحو مؤخر الحنك األعلى من غير أن يحدث هذا االرتفاع انسدادا‬

‫للنفس أو تعويقا له‪ ،3‬للداللة على صالبة قوة فاطمة نسومر وثباتها في محاربة المستعمر‪.‬‬

‫وأما الكسرة في هذه األبيات فقد جاءت في المرتبة الثالثة على عكس األبيات السابقة‬

‫لتعبر عن ثقل الهزيمة التي ألحقتها فاطمة نسومر بفرنسا وجنراالتها؛ لثقلها في النطق ويقول‬

‫مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.57‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬ماريو باي‪ :‬أسس علم اللغة‪ ،‬ترجمة أحمد مختار عمر‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1997 ،8‬ص‪.78‬‬
‫‪3‬محمد األنطاكي‪ :‬المحيط في أصوات العربية ونحوها وصرفها‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.36‬‬

‫‪152‬‬
‫الفراء‪" :‬إنما تستثقل الكسرة ألن لمخرجها مؤونة على اللسان ونمال أحد الشدقين‬
‫في ذلك ّ‬

‫إلى الكسرة فترى ذلك ثقال"‪.1‬‬

‫من خالل ما تقدم نالحظ أن الفتحة الطويلة بنوعيها (القصيرة والطويلة) كانت هي‬

‫المسيطرة في جميع المقاطع التي قمنا بتحليلها وسبب ذلك هو طول هذه الحركة واتساع‬

‫مخرجها وخروج الهواء ممتدا حتى ينفذ‪ ،2‬مما أعطى الحرية للشاعر حتى يعبر عن المعاني‬

‫والمشاعر الكامنة في نفسه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬داللة المقاطع الصوتية‬

‫إن للمقطع أهمية كبيرة في النص األدبي ويظهر هذا في ما يقدمه للنص من خدمات‬

‫مهمة في تشكيله كما أنه يمنح لألديب تلك الخصوصية التي يتميز بها عن غيره من خالل‬

‫توظيفه ألشكال معينة منه في بنية النص اإلبداعي تكون كفيلة بنقل الحالة الشعورية لألديب‬

‫وايصالها إلى المتلقي‪.3‬‬

‫إن البراعة في استغالل هذا النوع من الوسائل اللغوية تشكل مظه ار صوتيا يمكن رصده‬

‫وتحديد أثره في تغير المعنى‪ ،‬ولكن قبل تحديد المقاطع وأثرها الصوتي في المعنى البد أن‬

‫نشير إلى تعريف المقطع والذي اختلف في تحديد تعريفه الكثير من اللغويين وعلماء‬

‫‪ 1‬الفراء‪ :‬أبي زكريا يحي بن زياد‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار وأحمد يوسف نجاتي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪ ،1983‬ج‪ ،2‬ص‪.13‬‬
‫‪2‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ 3‬انظر رابح بن خوية‪ :‬في البنية الصوتية واإليقاعية‪ ،‬عالم الكتاب الحديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2012 ،1‬ص‪.79‬‬

‫‪153‬‬
‫اللسانيات وذلك راجع إلى االختالف في وجهات النظر ومن بين التعريفات التي وضعت له‬

‫أنه "عبارة عن الوحدة األساسية التي تتركب منها اللغة وأن الوحدات (الصوامت والحركات)‬

‫ال تؤدي وظائفها إال من خاللها"‪.1‬‬

‫إذن فالمقطع حسب هذا التعريف وحدة أساسية وال يمكن للحروف والحركات أن تقوم بأي‬

‫وظيفة دونه‪.‬‬

‫ولما كان وحدة أساسية كان البد لنا أن نقف عنده في قصيدة مفدي زكرياء (اإللياذة) ونرى‬

‫إذا كانت الخصائص الصوتية لهذه المقاطع تناسبت مع المعاني‪ ،‬ولنقف عند قول مفدي‬

‫زكرياء‪:‬‬

‫ومنك استمد الصباح السنا‬ ‫جزائر أنت عروس الدنا‬

‫وان شغلونا بطيب المنى‬ ‫وأنت الجنان الذي وعدوا‬

‫ح وأنت الطماح وأنت الهنا‬ ‫وأنت الحنان وأنت السما‬

‫وأنت السمو‪ ،‬وأنت الضم ــير الصريح الذي لم يخن عهدنا‬

‫فكان الخلود أساس البنا‬ ‫ومنك استمد البناة البقاء‬

‫البيت الشعري‪:‬‬

‫‪1‬حامد بن أحمد بن سعد الشنبري‪ :‬النظام الصوتي للغة العربية دراسة وصفية تطبيقية‪ ،‬مركز اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.200‬‬

‫‪154‬‬
‫ومنك استمد الصباح السنا‬ ‫جزائر أنت عروس الدنا‬

‫التحليل المقطعي‪:‬‬

‫ت‬ ‫أنـ‬ ‫ر‬ ‫ئـ‬ ‫از‬ ‫ج‬

‫صح صحح صح صح صحص صح‬

‫نا‬ ‫د‬ ‫سد‬ ‫رو‬ ‫عـ‬

‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫د ص‬ ‫مد‬ ‫ت‬ ‫سـ‬ ‫ك‬ ‫منـ‬ ‫و‬

‫صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫نا‬ ‫سـ‬ ‫ح سـ‬ ‫با‬ ‫ص‬

‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫‪155‬‬
‫البيت الشعري‪:‬‬

‫ح وأنت الطماح وأنت الهنا‬ ‫وأنت الحنان وأنت السما‬

‫التحليل المقطعي‪:‬‬

‫ن‬ ‫نا‬ ‫ح‬ ‫ت لـ‬ ‫أ نـ‬ ‫و‬

‫صح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫ح‬ ‫ما‬ ‫سـ‬ ‫ت سـ‬ ‫أ نـ‬ ‫و‬

‫صحح صحح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫ح‬ ‫ما‬ ‫ط‬ ‫ت‬ ‫أ نـ ـ‬ ‫و‬

‫صحح صح‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫نا‬ ‫ه‬ ‫ت لـ‬ ‫أ نـ‬ ‫و‬

‫‪156‬‬
‫صحص صح صحح‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫البيت الشعري‪:‬‬

‫الصريح الذي لم يخن عهدنا‬ ‫وأنت السمو‪ ،‬وأنت الضمير‬

‫و‬ ‫مو‬ ‫سـ‬ ‫ت سـ‬ ‫أ نـ ـ‬ ‫و‬

‫صح‬ ‫صحص صح صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫ر صـ‬ ‫مي ـ‬ ‫ض‬ ‫ت ضـ‬ ‫أ نـ ـ‬ ‫و‬

‫صحص‬ ‫صحص صح صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫ذي‬ ‫لـ‬ ‫ح لـ‬ ‫ر يـ‬ ‫صـ‬

‫صحص صح صحح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫نا‬ ‫د‬ ‫عهـ‬ ‫خن‬ ‫يـ‬ ‫لم‬

‫صح صحح‬ ‫صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬ ‫صحص‬

‫‪157‬‬
‫البيت الشعري‪:‬‬

‫وان شغلونا بطيب المنى‬ ‫أنت الجنان‪ ،‬الذي وعدوا‬

‫التحليل المقطعي‪:‬‬

‫ن لـ‬ ‫نا‬ ‫جـ‬ ‫تـلـ‬ ‫أ نـ‬

‫صحص صح صحح صحص‬ ‫صحص‬

‫د وا‬ ‫عـ‬ ‫و‬ ‫ذي‬ ‫لـ‬

‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫نا‬ ‫لو‬ ‫غـ‬ ‫ش‬ ‫إن‬ ‫و‬

‫صحح صحح‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫نى‬ ‫مـ‬ ‫ب لـ‬ ‫طي ـ‬ ‫بـ‬

‫‪158‬‬
‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫البيت الشعري‪:‬‬

‫فكان الخلود أساس البنا‬ ‫ومنك استمد البناة البقاء‬

‫التحليل المقطعي‪:‬‬

‫مـ د‬ ‫ت‬ ‫ك سـ‬ ‫من ـ‬ ‫و‬

‫صحص‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫ة لـ‬ ‫نا‬ ‫بـ‬ ‫د لـ‬

‫صحص‬ ‫صحص صح صحح‬

‫خ‬ ‫ن لـ‬ ‫كا‬ ‫فـ‬ ‫ء‬ ‫قا‬ ‫بـ‬

‫صح‬ ‫صحص صح صح صحح صحص‬ ‫صح‬

‫‪159‬‬
‫نا‬ ‫بـ‬ ‫س لـ ـ‬ ‫سا‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫لو‬

‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صح صح صحح صحص‬ ‫صحح‬

‫من خالل التحليل المقطعي لهذه األبيات يبدو لنا أن المقطع القصير المفتوح هو األكثر‬

‫انتشارا‪ ،‬حيث يعد أكثر األنواع وجودا في أي نص شعري غالبا‪ ،‬وذلك أن كل صامت متبوع‬

‫بصائت قصير هو التعبير االعتيادي عند أي جماعة لغوية‪ ،‬وعند المبدعين‪ ،‬وقد جاء هذا‬

‫النوع من المقاطع متواتر بـ (‪ 49‬مرة) والسبب في ذلك وضوحه السمعي؛ ألن مفدي يريد أن‬

‫يشيد بالجزائر التي علمت األمم العربية بجهاد شعبها وكفاحه وصبره وانتصاره على‬

‫االستعمار وخاصة شعب فلسطين‪ ،‬لذلك استخدمه حتى يوصل صوته واضحا إلى كل‬

‫العالم‪.‬‬

‫وأما المقطع المتوسط المفتوح (ص ح ح) فقد تواتر (‪ 25‬مرة)‪ ،‬ويعد هذا النوع من‬

‫المقاطع القوية لكونه يتكون من صامت متبوع بحركة طويلة‪ ،‬وهذا النوع يستغرق نطقه‬

‫بحركته الطويلة زمنا طويال من الذي يستغرقه المقطع القصير والمقطع المتوسط المغلق؛‬

‫مما جعله يتوافق مع حاالت الوصل والمد المتتابعة في المقطوعة‪ ،‬وهذه الحالة ترتبط‬

‫بالوضعية النفسية للشاعر‪ ،‬فهذه المقاطع العتمادها على الحركات الطويلة تعكس لنا البركان‬

‫المتأجج والمنبعث من الشاعر‪ ،‬وقد سيطر هذا النوع على نهاية األبيات فقد جاءت كلها من‬

‫النوع (ص ح ح)‪ ،‬مما أعطى القصيدة وضوحا وقوة موسيقية تتناسب وحالة الشاعر‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫أما المقاطع المتوسطة المغلقة فقد كان لها النصيب األكبر من التواتر فقد ترددت(‪ 35‬مرة)‬

‫أكثر من المتوسطة المفتوحة فقد جاءت معبرة عن العاطفة الجامحة التي يود مفدي أن‬

‫يبرزها بغية التأثير في المتلقي‪.‬‬

‫من هنا يتضح لنا أن الشاعر قد وظف المقاطع الصوتية توظيفا جماليا يتناسب واألفكار‬

‫المعبر عنها فجاءت المقاطع القصيرة ثم المفتوحة المتوسطة وأحيانا أخرى المقاطع القصيرة‬

‫المفتوحة ثم المقاطع المتوسطة المغلقة ثم المفتوحة إال أن الغالب على هذه األبيات هو‬

‫بدايتها بمقطع قصير مفتوح ونهايتها بمقطع مفتوح متوسط‪.‬‬

‫ومما يعزز حضور المقاطع الصوتية قول مفدي زكرياء في أبيات أخرى من اإللياذة‪:‬‬

‫حبه‪ -‬بالنفور‬
‫فالذ –على ّ‬ ‫وأجلى الشباب غالء المهور‬

‫وريتا على زينب والزهور‬ ‫وفضل ماري على مريم‬

‫وأفلت من ظلمات القبور‬ ‫وطار مع الريح من وكره‬

‫البيت الشعري‪:‬‬

‫فالذ – على حبه – بالنفور‬ ‫وأجلى الشباب غالء المهور‬

‫التحليل المقطعي‪:‬‬

‫ب‬ ‫با‬ ‫لى ش ـ‬ ‫أ جـ‬ ‫و‬

‫‪161‬‬
‫صح‬ ‫صح‬ ‫صححص‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫هور‬ ‫مـ ـ‬ ‫ء لـ‬ ‫ال‬ ‫غـ‬

‫صححص‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫لى‬ ‫عـ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫فـ‬

‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫فور‬ ‫نـ‬ ‫با‬ ‫هي‬ ‫بـ‬ ‫حـب ـ‬

‫صححص‬ ‫صح‬ ‫صحح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬

‫البيت الشعري‪:‬‬

‫وريتا على زينب والزهور‬ ‫وفضل ماري على مريم‬

‫التحليل المقطعي‪:‬‬

‫ري‬ ‫ما‬ ‫ل‬ ‫ضـ‬ ‫فض ـ‬ ‫و‬

‫صحح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫‪162‬‬
‫مـ ــن‬ ‫يـ ـ‬ ‫م ــر‬ ‫لى‬ ‫عـ‬

‫صحص‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫لى‬ ‫عـ‬ ‫تا‬ ‫ر يـ‬ ‫و‬

‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صحح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫هور‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫بن‬ ‫نـ‬ ‫ز يـ‬

‫صححص‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صح‬ ‫صحص‬

‫البيت الشعري‪:‬‬

‫وأفلت من ظلمات القبور‬ ‫وطار مع الريح من وكره‬

‫التحليل المقطعي‪:‬‬

‫ح‬ ‫ر يـ‬ ‫عر‬ ‫مـ‬ ‫ر‬ ‫طا‬ ‫و‬

‫صح‬ ‫صحح‬ ‫صحص‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحح‬ ‫صح‬

‫‪163‬‬
‫هي‬ ‫ر‬ ‫وك ـ‬ ‫من‬

‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحص‬

‫من‬ ‫ت‬ ‫لـ‬ ‫أف‬ ‫و‬

‫صحص‬ ‫صح‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صح‬

‫بور‬ ‫قـ‬ ‫ت لـ‬ ‫ما‬ ‫لـ‬ ‫ظ‬

‫صححص‬ ‫صح‬ ‫صحص‬ ‫صحح‬ ‫صح‬ ‫صح‬

‫من خالل هذا التحليل المقطعي يبدو لنا أن المقطع القصير المفتوح أكثر توات ار في هذه‬

‫األبيات حيث تردد (‪ 31‬مرة)‪ ،‬إلى جانب المقطع المتوسط المفتوح الذي تواتر (‪ 14‬مرة)‪ ،‬ثم‬

‫تأتي المقاطع المتعلقة التي تواترت إجماال (‪ 18‬مرة)‪ ،‬للمقطع المتوسط المغلق (‪ 13‬مرة)‬

‫والطويل المغلق (‪ 5‬مرات) ولم يكن للمقاطع األخرى أي حضور‪ ،‬فقد اقتصر توظيف‬

‫الشاعر في هذه األبيات على النوعين المفتوح والمغلق‪.‬‬

‫النوع األول منها القصير المفتوح (ص ح) اعتمده الشاعر في بدايات هذه األبيات وفي‬

‫وسطها وذلك لسهولته وعذوبته ووضوحه السمعي فالشاعر يهجو الشباب الجزائري الذي‬

‫‪164‬‬
‫تزوج من األجنبيات ويريد أن يصل صوته واضحا إلى الشعب حتى يتساعدوا على عالج‬

‫هذا المرض االجتماعي الخطير‪.‬‬

‫كما نالحظ غلبة المقطع المتوسط المفتوح (ص ح ح) على المغلق وهو المتداد النفس‬

‫معه‪ ،‬يوحي بالشكوى من غالء المهور وتزوج الشباب من الفرنسيات‪ ،‬ومن شأن المقاطع‬

‫المتوسطة المغلقة أن تشعر كلما انقطع النفس مع نطق كل منها‪ ،‬بشدة ضيق الشاعر مما‬

‫سيؤول إليه حال الشباب بسبب الغالء في تحديد المهر‪.‬‬

‫أما نهاية أبيات القصيدة فقد جاءت على المقطع الطويل المغلق من نوع (ص ح ح ص)‪،‬‬

‫وهذا النوع المغرق في الطول قد استوفى الحاالت النفسية والفكرية للشاعر‪ ،‬وخطورة الموقف‬

‫وتأزمه على الشعب كافة وعلى الشباب خاصة‪.‬‬

‫لقد وظف الشاعر المقاطع الصوتية توظيفا جماليا برزت فيه المقاطع القصيرة والمغلقة‪،‬‬

‫فالمقاطع المفتوحة ثم المغرقة في الطول‪ ،‬وتنوعت وتوزعت تبعا للسياقات المختلفة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬داللة التنغيم‬

‫يعد التنغيم ظاهرة صوتية تشترك فيها معظم اللغات لكونها تؤثر في تغيير الداللة دون أن‬

‫تتغير المفردات واليك بعض األمثلة من القصيدة التي توضح دور هذه الظاهرة في التأثير‬

‫على الداللة‪.‬‬

‫يقول مفدي زكرياء‪:‬‬

‫‪165‬‬
‫‪1‬‬
‫ألست الذي بث فينا اليقينا؟‬ ‫نوفمبر جل جاللك فينا‬

‫يبدو البيت للوهلة األولى بهذا القدر استفهاميا بناءا على القرينة اللفظية وهي أداة االستفهام‬

‫(الهمزة)‪ ،‬إذا نظرنا إليها مكتوبة‪ ،‬أما إذا نظرنا إليها وهي منطوقة نجدها ليست استفهاما‬

‫حقيقيا ودليل ذلك نطقها بطريقة تنغيمية تناسب األنماط التنغيمية للجمل التقريرية‪ ،‬وهذا يدل‬

‫على أنها تقريرية ذلك أن المنحنى التنغيمي للتقرير يبدأ بنغمة صاعدة تتبعها نغمة هابطة‪.‬‬

‫ومن أمثلة التنغيم كذلك‪:‬‬

‫ويسفح دمعا فيغمر سفحا‬ ‫فكم بات يبكي به موجع‬

‫‪2‬‬
‫فأثخن باينام في الصب جرحا‬ ‫وكم من جريح الفؤاد اشتكى‬

‫استهل الشاعر البيت بأداة االستفهام (كم) والتي يستفهم بها عادة عن عدد مبهم يراد‬

‫تعيينه‪ ،‬والغرض في هذا البيت هو االستفهام‪ ،‬فالشاعر هنا قصد تنبيه الحس وتحفيزه لمعرفة‬

‫عدد الباكين وعدد الجرحى وصريعي الغواني المبهم‪.‬‬

‫أنهى الشا عر هنا صدر البيتين بنغمة هابطة‪ ،‬وانتهى العجز في كال البيتين بنغمة‬

‫صاعدة‪ ،‬والعنصر الصوتي الذي كشف عن المعنى األصلي للبيت هو التنغيم‪.‬‬

‫والغرض نفسه أراده الشاعر في قوله‪:‬‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.70‬‬


‫‪2‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫‪166‬‬
‫وحطا القساوس من شأننا‬ ‫وهل فت فليب في عزمنا؟‬

‫‪1‬‬
‫يداه‪ ،‬استهان بإص اررنا؟‬ ‫وهل نابليون ومن وسمته‬

‫استهل الشاعر هذه األبيات بأداة االستفهام (هل) التي اجتمع فيها صوتي الهاء والالم‪،‬‬

‫فالهاء حرف عميق يصدر من الحلق يحمل داللة التعبير عن آهات النفس‪ ،‬والالم الذي‬

‫ذابت فيه الهاء‪ ،‬عبر عن تساؤالت الشاعر التي تنتظر األجوبة فناسب هذا االستفهام ايقاع‬

‫المقطوعة محدثا في ذلك تنغيما ايجابيا صاعدا والدليل على ذلك انهاء الشطر األول من‬

‫البيتين بنغمة هابطة والشطر الثاني بنغمة صاعدة‪.‬‬

‫ويقول في ذلك تمام حسان‪ ..." :‬أما االستفهام المبدوء بهل والهمزة‪ ،‬وفي المجموعة‬

‫الكالمية التي لم يتم بها المعنى‪ ،‬فالنغمة النهائية صاعدة‪.2"...‬‬

‫إذن فمالحظة الجانب الصوتي الذي يؤثر على المعنى ضرورية جدا حتى نحدد معنى‬

‫الكالم‪.‬‬

‫ومن صور التنغيم أيضا قول مفدي زكرياء‪:‬‬

‫بليد أضاع الضمير فضاع؟؟‬ ‫وكيف يسوس البالد غبي؟‬

‫وتقويم أخالقه‪ ،‬ما استطاع؟؟‬ ‫وكيف يقوم بنيانه‬

‫‪1‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.91‬‬


‫‪2‬تمام حسان‪ :‬مناهج البحث اللغوي‪ ،‬ص‪.168‬‬

‫‪167‬‬
‫‪1‬‬
‫وقد ساوموه عليها فباع؟‬ ‫وكيف يصون األصالة نشء‬

‫استهل الشاعر أبياته بأداة االستفهام (كيف) ليخلق النغمة الموسيقية األساسية التي تسيطر‬

‫على جو األبيات النغمي‪ ،‬والتنغيم في هذه المقطوعة جاء ليؤكد االستفهام حيث يقول تمام‬

‫حسان في ذلك "‪ ...‬ويستعمل أيضا في تأكيد االستفهام بكيف وأنى‪ ،2"...‬وهو يتناسب‬

‫والمد اإليجابي الهابط‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬داللة النبر‬

‫من الوسائل الصوتية الناجحة والتي تستخدم للتمييز بين المعاني والتفريق بينها تبعا‬

‫الختالف مواقفه على الكلمات النبر ويظهر هذا النوع في اإللياذة في المقطوعة التالية‪:‬‬

‫الستَّار علَى أَْل ِ‬


‫ف َش ْه ِر‬ ‫وأَْلقَى ِ‬ ‫تَأ ََّذ ّن َرُّب َك لَْيلَةَ قَ ْد ِر‬
‫َ َ‬ ‫َ‬

‫ك أ َْم ِري‬
‫ب أ َْم ُر َ‬
‫الر ُ‬
‫َوقَا َل لَهُ َّ‬ ‫ك َربِي‬
‫ب أ َْم ُر َ‬ ‫وقَا َل لَهُ َّ‬
‫الش ْع ُ‬ ‫َ‬

‫اجتََر ْح ِت ِم ْن ِخ َد ٍ‬
‫اع َو َم ْك ِر‬ ‫بِ َما ْ‬ ‫وز‬
‫الع ُج ُ‬ ‫ِ‬
‫اص ف َرْن َسا َ‬
‫ص ُ‬
‫ِ‬
‫ان الق َ‬
‫َوَد َ‬

‫‪3‬‬
‫ات ِح ْب ِر‬
‫الي َراعُ ُخ َارفَ َ‬
‫اف َ‬‫فَ َع َ‬ ‫ص ِ‬
‫اص ُي َد ِّوي‬ ‫الر َ‬
‫ت َّ‬‫ص ْو ُ‬
‫َولَ ْعلَ َع َ‬

‫‪1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.97‬‬


‫‪2‬تمام حسان‪ :‬مناهج البحث اللغوي‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫‪3‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬ص‪.69‬‬

‫‪168‬‬
‫بالنظر إلى هذه المقطوعة نجد أن النبر جاء على النحو التالي‪:‬‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح (ذ)‬ ‫تَأ ََّذ َن‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح (ب)‬ ‫َرُّب َ‬


‫ك‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح‬

‫(ل)‬
‫وقع النبر على المقطع ص ح َ‬ ‫لَْيلَةَ‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (قد)‬ ‫قَ ْد ِري‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (أر)‬ ‫َوأَْلقَى‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (تا)‬ ‫ِ‬


‫الستَّ َار‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (على)‬ ‫َعلَى‪ :‬ص ح ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص( َش ْهـ)‬ ‫َش ْه ِري‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (قا)‬ ‫َوقَا َل‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح‬

‫‪169‬‬
‫ب‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح وقع النبر على المقطع ص ح ص‬
‫لَهُ َش ْع ُ‬

‫( َش ْعــ)‬

‫(ر)‬
‫وقع النبر على المقطع ص ح ُ‬ ‫ك‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح‬
‫أ َْم ُر َ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح (ر)‬ ‫َربِي‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (قا)‬ ‫َوقَا َل‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح (ر)‬ ‫ب‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح‬


‫لَهُ َّر ُ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح (ر)‬ ‫ك‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح‬


‫أ َْم ُر َ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (أمــ)‬ ‫أ َْم ِري‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (دا)‬ ‫ان ْلـ‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح ص‬
‫َوَد َ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (ص)‬ ‫اص‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح‬ ‫ِ‬
‫ص ُ‬‫ق َ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (رن)‬ ‫ِف َرْن َسا ْلـ‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح ص‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (جو)‬ ‫وز‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح‬


‫َع ُج ُ‬

‫بِ َما ْجـتََر َح ْ‬


‫ت‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح ص ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح ص‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (بــ)‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (من)‪.‬‬ ‫ِم ْن‪ :‬ص ح ص‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (دا)‪.‬‬ ‫ِخ َد ً‬


‫اع‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح ص‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (مكــ)‪.‬‬ ‫َو َم ْك ِري‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح (لــ)‪.‬‬ ‫َولَ ْعلَ َع‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ‪ .‬ص ح‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (صو)‪.‬‬ ‫ت ْلـ‪ :‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ص‬


‫ص ْو ُ‬
‫َ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (صا)‪.‬‬ ‫اص‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح‬


‫ص ُ‬‫َر َ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ص (دو)‪.‬‬ ‫ُي َّد ِوي‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ح‬

‫اف ْلـ‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح ص وقع النبر على المقطع ص ح ح (عا)‪.‬‬
‫فَ َع َ‬

‫وقع النبر على المقطع ص ح ح (را)‪.‬‬ ‫َي َراعُ‪ :‬ص ح ‪ .‬ص ح ح ‪ .‬ص ح‬

‫يتضح من التحليل السابق أن النبر قد وقع على ثالثة أنواع من المقاطع‪ ،‬وهي المقطع‬

‫القصير المفتوح (ص ح) والمقطع المتوسط المفتوح (ص ح ح) والمتوسط المغلق (ص ح‬

‫ص)‪ ،‬فأما القصير فقد تردد (‪ 6‬مرات) وأما المتوسط المفتوح فقد تردد (‪ 10‬مرات) وأما‬

‫المتوسط المغلق فقد تردد (‪ 12‬مرة)‪ ،‬وهذا يعني أن النبر قد وقع في األغلب على المقطع‬

‫المتوسط المغلق ثم المفتوح أكثر من المقطع القصير‪ ،‬ولعل سبب وقوع النبر على المقطع‬

‫المغلق ثم المفتوح أن الشاعر أراد أن يبين انغالق السبيل أمام الجزائريين الذين كانوا‬

‫‪171‬‬
‫يفضلون الجهاد بالقلم ال بالسالح‪ ،‬غير أن فرنسا لم تترك أي سبيل أمام الجزائريين إال أن‬

‫يحملوا السالح فجاء الفرج بأن انفجرت الثورة في الليلة التي أطلق عليها مفدي اسم ليلة‬

‫القدر التي ألقى فيها الستار على كل ما فات‪ ،‬وهذه الليلة هي ليلة الفاتح من نوفمبر ليلة‬

‫الحرية واالستقالل لذلك جاء النبر على هذا النوع من المقاطع قويا‪.‬‬

‫من خالل هذه األبيات يتضح أن مفدي قد استطاع أن يوظف النبر في التعبير عن‬

‫الدالالت التي تحملها المقطوعة‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫في ختام هذه الدراسة البد من استخالص جملة من النتائج الهامة التي أسفر عنها‬

‫البحث وأبرز هذه النتائج هي‪:‬‬

‫‪ -‬لقد استطاعت هذه الدراسة أن تقدم مثاال تطبيقيا على وجود مناسبة بين الصوت ومدلوله‪.‬‬

‫‪ -‬استطاعت أن تبين أن مفدي قد وفق رغم تعدد موضوعات اإللياذة في اختيار األصوات‬

‫المناسبة لكل معنى حسب كل موضوع إذ ارتبطت األصوات بالمواقف االنفعالية الناتجة عن‬

‫التجربة التي عاشها الشاعر‪.‬‬

‫‪ -‬غلبت األصوات المجهورة على األصوات المهموسة و ذلك لتتوافق مع رغبة الشاعر‬

‫في اإلفصاح عن معاناة الشعب الجزائري وعن شجاعته و بطولته ضد االستعمار إضافة‬

‫إلى رغبته في اإلشاد بجمال بالده وعشقه لها ‪.‬‬

‫‪ -‬سيطرت األصوات االنفجارية على االحتكاكية في األبيات المدروسة من اإللياذة فقد كانت‬

‫األصوات االنفجارية التي تنتج بحبس الهواء حبسا كامال ثم انفجاره تجسد عاطفة الشاعر و‬

‫شدة انفعاله وغضبه كما جسدت قوة الشعب الجزائري و شجاعته وحاالت الضعف والخيبة‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ -‬سيطرت األصوات المائعة الالم‪ ،‬الميم و النون و الراء على األبيات المدروسة وذلك لما‬

‫تتميز به هذه الزمرة من وضوح في السمع والخفة‪.‬‬

‫‪ -‬سيطرت الصوائت القصيرة وخاصة الفتحة تلتها الكسرة أحيانا‪ ،‬والضمة أحيانا أخرى وذلك‬

‫حسب الغرض حيث أسهمت خصائص هذه األصوات في التعبير عن أحاسيس الشاعر‪.‬‬

‫‪ -‬وظف الشاعر الصوائت الطويلة خاصة األلف لما فيها من امتداد واتساع ووضوح لكي‬

‫تعبر عن عمق وصدق مشاعر مفدي سوءا في حاالت الحزن أو الفرح أو الغضب‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ -‬سيطرت المقاطع القصيرة على بقية المقاطع في األبيات المدروسة‪.‬‬

‫‪ -‬أدى التنغيم دو ار بالغ األهمية في تحديد الداللة وابراز المعنى حيث عبر عن االنفعاالت و‬

‫المشاعر وميز بين داللة االستفهام و التعجب و التقرير‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ -‬توصل البحث إلى الدور الذي لعبه النبر في إبراز الداللة التي تحملها القصيدة‪ ،‬حيث‬

‫وقع أكثر على المقاطع المغلقة ليدل على حاالت انغالق السبيل أمام الجزائريين‪.‬‬

‫‪ -‬توصي الباحثة بضرورة االهتمام بالظواهر الصوتية الثانوية كالنبر والتنغيم والمماثلة‬

‫وغيرها خاصة في الشعر‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫القرآن الكريم‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬

‫‪ -1‬إبراهيم أنيس‪ :‬األصوات اللغوية‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪ -2‬إبراهيم أنيس‪ :‬داللة األلفاظ‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪.1986 ،1‬‬

‫‪ -3‬أحمد محمد قدور‪ :‬مبادئ اللسانيات‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪.2008 ،3‬‬

‫‪ -4‬أحمد مختار عمر‪ :‬دراسة الصوت اللغوي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.1997 ،‬‬

‫‪ -5‬أحمد مختار عمر‪ :‬علم الداللة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1985 ،1‬‬

‫‪175‬‬
‫‪ -6‬اإلستربادي (رضي الدين محمد بن الحسن النحوي)‪ ،‬شرح شافية ابن الحاجب‪ ،‬تحقيق‬

‫محمد نور الحسن وآخرون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪.1982 ،‬‬

‫‪ -7‬عبد البديع النيرباني‪ :‬الجوانب الصوتية في كتب االحتجاج للقراءات‪ ،‬دار الغوثاني‬

‫للدراسات القرآنية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬

‫‪ -8‬تمام حسا ن‪ :‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬دط‪،‬‬

‫‪.1994‬‬

‫‪ -9‬تمام حسان‪ :‬مناهج البحث في اللغة‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬دط‪.1990 ،‬‬

‫‪ -10‬جازم كمال الدين‪ :‬دراسات في علم األصوات‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬

‫‪ -11‬ابن الجزري (الحافظ أبي الخير)‪ :‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬تحقيق علي محمد‬

‫الضباع ومحمد بن محمد الدمشقي‪ ،‬داال الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪ -12‬ابن جني (أبو الفتح عثمان)‪ :‬الخصائص‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬دار الكتب‬

‫المصرية‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪ -13‬ابن جني (أبو الفتح عثمان)‪ :‬سر صناعة اإلعراب‪ ،‬تحقيق حسن هنداوي‪ ،‬دار القلم‪،‬‬

‫دمشق‪ ،‬ط‪.1993 ،2‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ -14‬حامد بن أحمد بن سعد الشنبري‪ :‬النظام الصوتي للغة العربية دراسة وصفية تطبيقية‪،‬‬

‫مركز اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2004 ،‬‬

‫‪ -15‬حسام سعيد النعيمي‪ :‬الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني‪ ،‬دار الرشيد‪،‬‬

‫الجمهورية العراقية‪ ،‬دط‪.1980 ،‬‬

‫‪ -16‬حسن عباس‪ :‬خصائص الحروف العربية ومعانيها‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‪ ،‬دمشق‪،‬‬

‫دط‪.1998 ،‬‬

‫‪ -17‬حسين عبد الجليل يوسف‪ :‬التمثيل الصوتي للمعاني (دراسة نظرية وتطبيقية في الشعر‬

‫الجاهلي)‪ ،‬الدار الثقافية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬

‫‪ -18‬حسين الفي وداود غطاشة‪ :‬علم الداللة والمعجم العربي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪ ،‬دط‪،‬‬

‫‪.1989‬‬

‫‪ -19‬خالد قاسم بني الدومي‪ :‬دالالت الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم‪ ،‬عالم الكتاب‬

‫الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬دت‪.‬‬

‫‪ -20‬خليل ابراهيم العطية‪ :‬في البحث الصوتي عند العرب‪ ،‬دار الجاحظ‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪،‬‬

‫دط‪.1983 ،‬‬

‫‪ -21‬رابح بن خوية‪ :‬في البنية الصوتية واإليقاعية‪ ،‬عالم الكتاب الحديث‪ ،‬اربد‪ ،‬األردن‪،‬‬

‫ط‪.2012 ،1‬‬

‫‪177‬‬
‫‪ -22‬رمضان عبد التواب‪ :‬أصوات اللغة العربية بين الفصحى واللهجات‪ ،‬مكتبة بستان‬

‫المعرفة‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬

‫‪ -23‬رمضان عبد التواب‪ :‬المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي‪ ،‬مكتبة الخانجي‪،‬‬

‫القاهرة‪ ،‬ط‪.1997 ،3‬‬

‫‪ -24‬أبو السعود أحمد الفخراني‪ :‬دراسات في علم الصوتيات‪ ،‬مكتبة المتنبي‪ ،‬السعودية‪،‬‬

‫ط‪.2005 ،1‬‬

‫‪ -25‬سعيد عبد العزيز مصلوح‪ :‬دراسة السمع والكالم‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2000 ،‬‬

‫‪ -26‬سلمان بن سالم بن رجاء السحيمي‪ :‬إبدال الحروف في اللهجات العربية‪ ،‬مكتبة‬

‫الغرباء‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪.1995 ،1‬‬

‫‪ -27‬سمير شريف إستيتية‪ :‬األصوات اللغوية رؤية عضوية‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪.2003‬‬

‫‪ -28‬ابن سنان الخفاجي (أبو محمد عبد اهلل بن محمد بن سعد)‪ :‬سر الفصاحة‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1982 ،1‬‬

‫‪ -29‬ابن سينا (أبو علي الحسين بن عبد اهلل)‪ :‬رسالة أسباب حدوث الحروف‪ ،‬تحقيق محمد‬

‫حسان الطيان ويحي مير علم‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬دط‪.1983 ،‬‬

‫‪178‬‬
‫‪_ 30‬السيوطي (عبد الرحمن جالل الدين )‪ :‬المزهرفي علوم اللغة وأنواعها شرحه وضبطه‬

‫محمد جاد المولى بك وآخرون‪،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط‪. 1986 ،‬‬

‫‪ -31‬صالح سليم عبد القادر الفاخري‪ :‬الداللة الصوتية في اللغة العربية‪ ،‬المكتب العربي‬

‫الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪ -32‬عبد الصبور شاهين‪ :‬البنية العربية رؤية جديدة في الصرف العربي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬دط‪.1980 ،‬‬

‫‪ -33‬عباس محمود العقاد‪ :‬أشتات مجتمعات في اللغة واألدب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،6‬‬

‫دت‪.‬‬

‫‪ -34‬عز الدين علي السيد‪ :‬التكرير بين المثير والتأثير‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪.1986‬‬

‫‪ -35‬فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة‪ :‬أمجادنا تتكلم وقصائد أخرى‪،‬‬

‫تحقيق مصطفى ابن بكير حمودة‪ ،‬مؤسسة مفدي زكرياء‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دط‪.2003 ،‬‬

‫‪179‬‬
‫‪ -36‬عبد العزيز الصايغ‪ :‬المصطلح الصوتي في الدراسات العربية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪،‬‬

‫ط‪.2007 ،1‬‬

‫‪ -37‬عصام نور الدين‪ :‬علم األصوات اللغوية الفونيتيكا‪ ،‬دار الفكر الليساني‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪.1996‬‬

‫‪ -38‬علي حسن مزبان‪ :‬علم األصوات بين القدماء والمحدثين‪ ،‬دار شموع الثقافية‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪.2003‬‬

‫‪ -39‬غازي مختار طليمات‪ :‬في علم اللغة‪ ،‬دار طالس‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪.2000 ،2‬‬

‫‪ -40‬غالب فاضل المطلبي‪ :‬في األصوات اللغوية دراسة في أصوات المد العربية‪ ،‬و ازرة‬

‫الثقافة واإلعالم‪ ،‬العراق‪ ،‬دط‪.1984 ،‬‬

‫‪ -41‬غانم قدوري الحمد‪ :‬علم التجويد دراسة صوتية ميسرة‪ ،‬دار عثمان‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬

‫ط‪.2005 ،1‬‬

‫‪ -42‬فايز الداية‪ :‬علم الداللة العربي بين النظرية والتطبيق دراسة تاريخية تأصيلية نقدية‪،‬‬

‫دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪.1962 ،2‬‬

‫‪ -43‬عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي‪ :‬هداية القارئ إلى تجويد كالم الباري‪ ،‬مكتبة طيبة‪،‬‬

‫المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ ،2‬دت‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ -44‬عبد الفتاح عبد العليم البركاوي‪ :‬مقدمة في أصوات اللغة العربية وفن اآلداء‪ ،‬الفزاني‪،‬‬

‫القاهرة‪ ،‬ط‪.2002 ،2‬‬

‫‪ -45‬فتح اهلل أحمد سليمان‪ :‬مدخل إلى علم الداللة‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1991 ،1‬‬

‫‪ -46‬الفراء (أبو زكريا يحي بن زياد)‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار وأحمد‬

‫يوسف نجاتي‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1983 ،3‬‬

‫‪ -47‬الفراهيدي (أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد)‪ :‬كتاب العين‪ ،‬تحقيق مهدي المخزومي‬

‫وابراهيم السمرائي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪ -48‬فوزي الشايب‪ :‬أثر القوانين الصوتية في بناء الكلمة‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬اربد‪،‬‬

‫األردن‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬

‫‪ -49‬عبد القادر عبد الجليل‪ :‬علم الصرف الصوتي‪ ،‬سلسلة الدراسات اللغوية‪ ،‬دط‪.1998 ،‬‬

‫‪ -50‬كمال بشر‪ :‬علم األصوات‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2000 ،‬‬

‫‪ -51‬عبد اهلل العاليلي‪ :‬مقدمة لدرس لغة العرب وكيف نضع المعجم الجديد‪ ،‬المطبعة‬

‫العصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2003 ،‬‬

‫‪ -52‬ماريو باي‪ :‬أسس علم اللغة‪ ،‬ترجمة أحمد مختار‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1997 ،8‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -53‬محمد األنطاكي‪ :‬المحيط في دار األصوات العربية ونحوها وصرفها‪ ،‬دار الشرق‬

‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،3‬دت‪.‬‬

‫‪ -54‬محمد محمد داود‪ :‬الصوائت والمعنى في العربية‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2001 ،‬‬

‫‪ -55‬محمد عيسى وموسى‪ :‬كلمات مفدي زكرياء في ذاكرة الصحافة‪ ،‬مؤسسة مفدي‪ ،‬دط‪،‬‬

‫‪.2003‬‬

‫‪ -56‬أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي‪ :‬الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التالوة‪،‬‬

‫تحقيق أحمد حسن فرحات‪ ،‬دار عامر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.1996 ،3‬‬

‫‪ -57‬محمد يحي سالم الجبوري‪ :‬مفهوم القوة والضعف في أصوات العربية‪ ،‬دار الكتب‬

‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬

‫‪ -58‬محمود السعران‪ :‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪.1996‬‬

‫‪ -59‬محمود عكاشة‪ :‬التحليل اللغوي في ضوء علم الداللة دراسة في الداللة الصوتية‬

‫والصرفية والنحوية والمعجمية‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬

‫‪ -60‬محمود عكاشة‪ :‬الداللة اللفظية‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2002 ،‬‬

‫‪ -61‬محمود فهمي حجازي‪ :‬مدخل إلى علم اللغة‪ ،‬دار قباء‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ -62‬مصطفى حركات‪ :‬الصوتيات والفونولوجيا‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪.1998‬‬

‫‪ -63‬مصطفى مندور‪ :‬اللغة بين العقل والفكر‪ ،‬منشأة معارف باإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪،‬‬

‫دت‪.‬‬

‫‪ -64‬مناف مهدي محمد‪ :‬علم األصوات اللغوي‪ ،‬عالم الكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪.1998‬‬

‫‪ -65‬منصور بن محمد الغامدي‪ :‬الصوتيات العربية‪ ،‬مكتبة التوبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬

‫‪ -66‬نور الهدى لوشن‪ :‬علم الداللة دراسة وتطبيق‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬األ ازريطة‪،‬‬

‫اإلسكندرية‪ ،‬دط‪.2006 ،‬‬

‫‪ -67‬هادي نهر‪ :‬علم األصوات النطقي دراسة وصفية تطبيقية‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬اربد‪،‬‬

‫األردن‪ ،‬ط‪.2011 ،1‬‬

‫‪ -68‬هادي نهر‪ :‬علم الداللة التطبيقي في التراث العربي‪ ،‬تقديم علي الحمد‪ ،‬دار األمل‪،‬‬

‫األردن‪ ،‬ط‪.2007 ،1‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدواوين‬

‫‪183‬‬
‫‪ -1‬مفدي زكرياء‪ :‬إلياذة الجزائر‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪.1987 ،‬‬

‫‪ -2‬مفدي زكرياء‪ :‬تحت ظالل الزيتون‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬

‫‪ -3‬مفدي زكرياء‪ :‬اللهب المقدس‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪.1983 ،2‬‬

‫ثالثا‪ :‬القواميس والمعاجم‬

‫‪ -1‬الجوهري (أبو نصر إسماعيل بن حماد)‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬راجعه‬

‫واعتنى به محمد محمد تامر وآخرون‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2009 ،‬‬

‫‪ -2‬رشيد عبد الرحمن العبيدي‪ :‬معجم الصوتيات‪ ،‬مكتبة مروان العطية‪ ،‬جمهورية العراق‪،‬‬

‫ط‪.2007 ،1‬‬

‫‪ -3‬الفيروز أبادي (مجد الدين محمد بن يعقوب)‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬راجعه واعتنى به أنس‬

‫محمد الشامي وزكريا جابر أحمد‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.2008 ،‬‬

‫‪ -4‬مجمع اللغة العربية‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط‪.2004 ،4‬‬

‫‪ -5‬ابن منظور (أبي الفضل جمال الدين محمد مكرم اإلفريقي المصري)‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار‬

‫صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1967 ،6‬‬

‫رابعا‪ :‬المجالت‬

‫‪184‬‬
‫‪ -1‬إبراهيم خليل‪" :‬صوتيات ابن سينا" دراسات العلوم اإلنسانية واإلجتماعية‪ ،‬ع‪،2005 ،3‬‬

‫األردن‪.‬‬

‫‪ -2‬إلياس مستاري‪" :‬مصادر التراث في شعر مفدي زكرياء"‪ ،‬مجلة المخبر أبحاث في اللغة‬

‫واألدب الجزائري‪ ،‬ع‪ ،2013 ،9‬بسكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ -3‬حسين مجيد رستم‪" :‬الداللة الصوتية في نونية ابن زيدون مقاربة في ضوء منهج النقد‬

‫الصوتي"‪ ،‬مجلة كلية التربية‪ ،‬ع‪ ،2‬مج‪ ،2010 ،2‬بغداد‪.‬‬

‫‪ -4‬حيدر فخري ميران وعلي جواد كاظم‪" :‬مخارج األصوات الصامتة عند غانم قدوري‬

‫الحمد في ضوء الدراسات القديمة والحديثة"‪ ،‬مجلة مركز بابل‪ ،‬ع‪ ،1‬حزيران ‪.2012‬‬

‫‪ -5‬خديجة غنيشل‪" :‬الداللة بين المفهوم واشكالية فهم النص"‪ ،‬مجلة األثير‪ ،‬ع‪ ،17‬جانفي‬

‫‪ ،2013‬ورقلة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ -6‬سامي عوض وهند عكرمة‪" :‬الوظيفة الداللية في ضوء المناهج اللسانية الحديثة"‪ ،‬مجلة‬

‫جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية‪ ،‬ع‪.2006 ،1‬‬

‫‪ -7‬كريمة محاوي وآخرون‪" :‬األلفاظ جمالية لغوية وقداسية قرآنية"‪ ،‬مجلة جيل الدراسات‬

‫األدبية والفكرية‪ ،‬ع‪ ،2‬مارس ‪.2014‬‬

‫‪185‬‬
‫‪ -8‬محمد األمين خويلد‪" :‬ماهية الداللة الصوتية"‪ ،‬األثير مجلة اآلداب واللغات‪ ،‬ع‪ ،2‬ماي‬

‫‪ ،2003‬ورقلة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫‪ -9‬مزاحم مطر حسين‪" :‬أثر التنغيم في توجيه األغراض البالغية لعلم المعاني اإلستفهام‬

‫نموذجا"‪ ،‬مجلة القادسية في اآلداب والعلوم التربوية‪ ،‬ع‪ 3‬و‪ ،4‬مج‪.2007 ،6‬‬

‫‪ -10‬مليكة سعدي‪" :‬الداللة وجدل اللفظ والمعنى"‪ ،‬عود الند‪ ،‬ع‪ 7 ،61‬يوليو‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الرسائل الجامعية‬

‫‪ -1‬أروى خالد مصطفى عجولي‪" :‬النظام الصوتي وداللته في سيفيات المتنبي وكافورياته"‪،‬‬

‫رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة‬

‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪.2014 ،‬‬

‫‪186‬‬

You might also like