الأرضية التوجيهية vf

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 6

‫األرضية التوجيهية‬

‫ان السياق الوطني والدولي وما يتسم به من تعقيد بالغ يتطلب منا ايقاظ وعينا التاريخي النقدي لمسار الحركة النسائية‬
‫وسياقاتها‪ ،‬وتمحيص مكامن قوة مكتسباتها والوقوف عند حدودها‪،‬خاصة في عالقتها مع التحوالت المتسارعة‬
‫لمجتمعنا المغربي في تفاعله الدائم مع التحديات التي تطرحها عليه مقتضيات التنمية االقتصادية‪ ،‬والتقدم‬
‫االجتماعي‪،‬والثقافي ‪.‬‬

‫وبناء على هذا الوعي التاريخي بنضالنا النسائي الديموقراطي تتأسس مضامين هذه األرضية التوجيهية التي تعبر على‬
‫تصورنا العام لقضية المراة المغربية‪ ،‬والشتغالنا ضمن الدينامية النسائية‪ ،‬تجعل منطلقها فهم واستيعاب تاريخ‬
‫نضاالت اجيال من النساء المغربيات‪ ،‬والوقوف عند اهم قضاياها‪،‬وتوجهاتها ‪ ،‬من جهة‪ ،‬وقراءة وفهم السياق الحالي‬
‫برهاناته وتحدياته‪ ،‬واسئلته الجديدة‪ ،‬من جهة اخرى‪ ،‬من اجل التحديد الدقيق للمنطلقات واالولويات‪ ،‬لرسم طريق‬
‫نضاالت نساء منظمة االصالة والمعاصرًة وطنيا وجهويا‬

‫قراءة في المسار التدريجي للمسالة النسائية‬

‫اتخذ الحراك النسائي منذ نشاته عدة اشكال وواجهات حسب الشروط التاريخية والفكرية التي املتها‬
‫طبيعة المرحلة الخاصة به‪ ،‬فبصم في مرحلة النشاة وما بعدها على حضور قوي ودال في عمق النضال السياسي‪،‬‬
‫واالجتماعي‪ ،‬من خالل معاركه على مختلف الواجهات‪.‬‬

‫فاذا كانت القضية النسائية قد عرفت تحوالت في بعض الثوابت المؤسسة للثقافة السائدة والمسيطرة‪ ،‬فقد اتضح وبكل‬
‫دقة انها لن تتبلور ديموقراطيا دون التركيز على خصوصياتها‪ ،‬ووضعها في اطارها الحقوقي الديموقراطي المتميز‪،‬‬
‫لتخدم العدالة االجتماعية المنشودة‪ ،‬النه على الرغم من اهمية الدينامية النسائية الحزبية‪ ،‬ومنذ السبعينات‪،‬غير انها لم‬
‫تالمس جوهر القضية‪،‬ولم تستطع فرض خصوصيتها‪ ،‬وظل التعامل معها كقضايا فرعية للمشاكل االجتماعية‪،‬وجزء‬
‫من التاثيث للمشهد الحزبي‪ ،‬وهو ما لم يعزز مكانتها داخل دواليب المؤسسات الحزبية التي ظلت رهينة سطوة العقلية‬
‫الذكورية ‪.‬‬

‫ولقد ادى هذا الوضع الى بروز وعي نسائي بضرورة استقالل انشطتها ‪-‬من اجل فرض حقوقها المدنيًة‪ ،‬والسياسية ‪-‬‬
‫عن االنشطة الحزبية‪ ،‬فبصمت على تحول في هواجسها من خالل مطالب ومطامح واجندات خاصة‪ ،‬ودقيقة‪ ،‬وتبنت‬
‫في إسماع صوتها في المجاالت العامًة أشكال أخرى باليات ومنهجيات متعددة‪ ،‬وواجهات للنضال كحركة نسوية ‪،‬‬
‫بأبعاد سياسية وحقوقية توازي بين التحسيس‪،‬وفرض الخصوصية على ارض الواقع‪ ،‬من خالل العمل الميداني‬
‫وسياسة القرب من هموم النساء في المكان والزمان‪ ،‬وبين الفعل النضالي المطلبي الذي تجاوز اشكال االحتجاج الى‬
‫ممارسة الضغط الصالح القوانين‪ ،‬ومحاربة العنف‪ ،‬بل تعداها الى تشكيل دينامية اقتراحية منتظمة في تنسيقيات‪،‬‬
‫استطاعت من خالل ممارستها الضغط و التاثير على القرارات السياسية وفي محطات عديدة ‪.‬‬
‫ولقد كان لهذا المسار التدريجي نتائج مهمة ال يمكن باي شكل نكرانها‪ ،‬أو القفز عليها في محطة تجديد هياكل منظمة‬
‫نساء حزب االصالة والمعاصرة‪ ،‬فتمكنت هذه الجهود النضالية من قطف ثمارها ‪.‬‬
‫ومع نهاية القرن العشرين‪ ،‬بلغ زخم الحركة النسائية المغربية ذروته‪ ،‬وانتهى النقاش العمومي إلى حالة من التقاطب‬
‫الحاد داخل المجتمع المغربي بين التيار الحداثي‪ ،‬بقيادة الحركة النسائية‪ ،‬واألحزاب الوطنية‪ ،‬وبين التيار المحافظ‪،‬‬
‫وهو التقاطب الذي بلغ ذروته مع كل من مسيرة الرباط ومسيرة الدار البيضاء في العام ‪ ،2000‬ما استدعى التدخل‬
‫الملكي من خالل االحتكام اليه‪ ،‬فهدأت حدة التقاطب‪ ،‬غير أن الكفاح النسائي سيدخل مرحلة جديدة‪.‬‬

‫إن ثقة الحراك النسائي في التحكيم الملكي‪ ،‬والتي سرعان ما أصبحت نوعا من التفويض المثمر‪ ،‬قد دشنت منعطفا‬
‫جديدا في تاريخ الحركة النسائية المغربية‪ ،‬والتي تشكلت بؤرتها األساسية داخل اليسار‪ ،‬لكي تتجه هذه المرة إلى‬
‫التركيز على األدوار التثقيفية‪ ،‬االقتراحية‪ ،‬والتنموية‪ ،‬بدل االقتصار على ثقافة االحتجاج التي استنفذت كل إمكانياتها‪،‬‬
‫ولم يعد باإلمكان التعويل عليها بعد أن أصبحت إرادة الدولة منفتحة على المشروع الحداثي‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق بحقوق‬
‫المرأة‪.‬‬

‫جاء قانون األسرة الجديد عام ‪ 2004‬ليبدو بادئ األمر مثل ثورة هادئة‪ ،‬لكنه سرعان ما كشف عن تواضع سقفه أمام‬
‫السقف الذي رسمه دستور ‪.2011‬‬

‫كما ان ما سمي ب" الربيع العربي "التي حمل شعارات الحرية والكرامة والعدالة‪ ،‬سرعان ما تحولت نسائمه إلى‬
‫تهديد سافر لحقوق المرأة في كل المجتمعات التي شملتها الثورات‪ .‬ونستحضر الوضع المأساوي الذي عانت منه المرأة‬
‫في مناطق نفوذ الجماعات االرهابية‪ ،‬ليتاكد بما ال يدع مجاال للشك بأن المرأة هي الضحية األولى ليس فقط النهيار‬
‫األمن‪ ،‬وهذا معلوم على الدوام‪ ،‬بل أيضا النهيار الحداثة‪ ،‬أو على األقل الهامش الحداثي الذي وفرته دول ما بعد‬
‫االستقالل‪ .‬وتبعا لذللك ينبغي أن تكون المرأة في طليعة معركة االنتقال الحداثي‪.‬‬

‫لقد شكل وصول الحزب المحافظ إلى رئاسة الحكومة عقب دستور ‪ ،2011‬لحظة فارقة في حياة الحركة النسائية‪ ،‬فلقد‬
‫شجعت االجواء العامة السائدة‪ ،‬على االلتفاف علًى بعض المكتسبات القانونية للمرأة‪ ،‬لكنه في المقابل انكشفت ثغرات‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬

‫فلئن كان نص قانون األسرة الحالي قد غلب عليه التأويل المحافظ في األخير‪ ،‬بفعل ثغرات في الصياغة وتعثرات في‬
‫السياق‪ ،‬إال أن الواقع شهد تطورا متسارعا لفائدة المرأة‪ ،‬وذلك بفعل الجهود الحكيمة للدولة من أعلى مستوياتها‪ .‬فرغم‬
‫مخاطر النكوص تزامنا مع السياق اإلقليمي والدولي‪ ،‬فقد دفعت إلى تغيير كبير في منطق التعاطي معها درءا للتصادم‬
‫والفوضى‪ ،‬إال أن األيادي الحكيمة واصلت سياسة فتح األبواب أمام النساء قصد ولوج كل المجاالت‪ ،‬التي ظلت حكًرا‬
‫على الرجال‪ ،‬فصار مألوفا للمواطنين رؤية شرطيات يضبطن حركة المرور‪ ،‬وقائدات يضبطن األسواق الشعبية‪،‬‬
‫وفقيهات يفتين في قضايا الدين‪ .‬وهذا كله كفيل بالمساهمة في تغيير العقليات‪.‬‬

‫من نافل القول إن غلبة الخطاب العقالني على الخطاب الشعبوي داخل خط الكفاح النسائي‪ ،‬قد خّيب ظّن النكوصيين ‪،‬‬
‫والذين توقعوا أن تواصل الحركة النسائية تجذير خطابها‪ ،‬وهو ما لم يحدث بأي حال من األحوال‪ ،‬بل صارت الحركة‬
‫النسائية المغربية نحو مزيد من النضج العقالني‪ ،‬بكل مكوناتها‪ ،‬بما فيها المكونات المنحدرة من اليسار الجذري‪ .‬مما‬
‫نعتبره مكسبا أساسيا وجب البناء عليه‪.‬‬
‫على أن هناك مكسب ثان‪ ،‬ذلك أن الخطاب النسائي سرعان ما تعلم من "حكمة التحكيم الملكي" بأن أسلوب العمل‬
‫عامل جوهري في المساعدة على تحقيق الهدف‪ ،‬حتى وإن بدا الهدف أحيانا كأنه صادم لثقافة المجتمع‪ .‬بل إننا كقوى‬
‫حداثية توافقية ندرك جيدا بأن جوهر معركة الحداثة هو األسلوب الذي تدار به المعارك‪ ،‬فال يكفي أن تكون القضية‬
‫عادلة‪.‬‬

‫األسلوب العقالني هو أحد الخصائص األساسية التي ميزت الحركة النسائية المغربية عن مثيالتها في المنطقة‪ .‬ذلك‬
‫انها فضلت أن تخترق المواضيع الدقيقًة‪ ،‬عبر المحور األقل صدمة‪ ،‬واألكثر فعالية‪ ،‬بفضل نضجها وحكمتها‪ ،‬فقد‬
‫اختارت أن تفكك البنى التقليدية عبر المحاور األقل صالبة‪ ،‬وهو المطلوب في كل معارك الحداثة‪ ،‬وهو عين الحكمة‬
‫والفاعلية والتبصر‪ .‬يصدق ذلك على معارك الحركة النسائية أيضا‪ ،‬بما فيها المعارك التي قد تبدو محرجة للموروث‬
‫الفقهي‪٠‬‬

‫•‬ ‫قضية المراة ‪ :‬تعاقد اجتماعي بمرجعية االصالة والمعاصرة‬


‫تعتبر منظمة نساء األصالة والمعاصرة تنظيما موازيا لحزب االصالة والمعاصرة‪،‬والجزء المؤنث من ديناميته‪ ،‬وألن‬
‫المسالة النسائية تحظى بمركزية كبيرة في قلب اهتماماته‪ ،‬يوليها عناية قصوى‪ ،‬فإننا نعتبر إطارنا محاط منذ التأسيس‬
‫بالشروط االيجابية‪ ،‬ومستنبت في التربة الخصبة التي وفرها الحزب داخله من خالل الحرص الشديد على تقاسم‬
‫االدوار ‪ ،‬والمواقع والمسؤوليات بين مناضليه ومناضالته‪ ،‬حرص نابع من قناعته بانه احدى اهم قضاياه قناعة‪،‬‬
‫وممارسة‪ ،‬عكسته حجم مشاركة نساءه في المحطة االنتخابية االولى ‪ 2009‬التي رفع فيها السقف الى ‪٪ 25‬؜بدل كوطا‬
‫‪٪ 12‬؜ ‪ ،‬كما حرص على تمثيل النساء في هياكله بالقدر الذي يفوق بكثير ما ينص عليه قانون االحزاب ‪.‬‬

‫وكموقف قوي وواضح معبر عن ارادة الحزب في الدفع‬


‫بالنساء الى الواجهة‪ ،‬كاولوية االولويات‪ ،‬فقد اقدم الحزب في سابقة من نوعها الى تقديم الئحتين انتخابيتين نسائيتين‬
‫بنسبة مئة في المئة‪ ،‬إضافة إلى ست لوائح محلية تترأسهن نساء خالل استحقاقات ‪ ،2016‬مؤكدا بذلك انسجامه الفعلي‬
‫مع خطاباته‪ ،‬وشعاراته‪ ،‬ورغبته في بعث رسائل بليغة بضرورة إنصاف المراة المغربية جراء ما تعرضت له من‬
‫استغالل مركب قبل وبعد االستقالل‪.‬‬

‫كما وأن اصراره على إسناد موقع تسير الشان المحلي لمناضالته‪ ،‬وفي وقت جد مبكر ‪ ، 2009‬إلشارة قوية وواضحة‬
‫على إصراره بالدفع بالنساء الى الواجهة السياسة ‪ ،‬وهذه بعض من مواقف الحزب العديدة والدالة على التعاطي‬
‫بايجابية‪ ،‬وبالتزام تام مع المسألة النسائية‪ ،‬و اعتبارها إحدى اولوياته الملحة‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه الشروط‪ ،‬وبغية تأصيل رؤية واضحة تمكننا من اعادة صياغة مشروعنا‪ ،‬وامتالك وسائل عمل‬
‫وادوات تنظيمية كفيلة باحداث التغيير‪ ،‬والتاثير واالمتداد ‪ ،‬فقد تسقفت منظمة نساء االصالة والمعاصرة بمرجعيات‬
‫الحزب‪ ،‬وتوجهاته‪ ،‬ومرتكزاته الفكرية ‪ ،‬وبمشروعه المجتمعي والحضاري‪ ،‬وبالثوابت الوطنيه‪ ،‬لقناعتها الراسخة‬
‫بحتمية اعتناق فكر يمتح من معين االصالة بنفس القدر من االنفتاح على المعاصرة دون اغراق فيهما‪.‬‬
‫ومع اننا نعي صعوبة هذا الملغم‪ ،‬وأبعاده وتحدياته‪،‬فإننا مقتنعات بانه السبيل الحقيقي‪ ،‬والطريق االقصر نحو تحقيق‬
‫اهدافنا ‪ ،‬واستنبات مشروعنا بكثير من المرونة‪ ،‬والسالسة‪ ،‬وبكثير من القبول‪ ،‬واالقتناع‪ ،‬في دوائر المناصرة‪،‬‬
‫وتوطين فعلها في مختلف تراب جهاتنا‪.‬‬

‫ووعيا منا باالشكاالت البنيوية المحيطة بهذه المسالة‪ ،‬وبدقة اسئلة المرحلة‪ ،‬وبالتحديات والرهانات‪ ،‬فإننا مؤمنات‬
‫بضرورًة اعتناق مبدء عدم التشدد‪ ،‬ونبذ التعصب للراي فكرا وممارسة‪ ،‬في ظل الظروف الدقيقة للمسألة النسائية‪،‬‬
‫وسلك الحوار واالنصات‪ ،‬واالقناع ‪ ،‬واالقتناع‪ ،‬واالنفتاح المتزن نهجا‪ ،‬واسلوبا‪ ،‬لتثبيت دعائم المشروع ونضاالته‬
‫في أبعادها االنسانية والمجتمعية ‪.‬‬
‫ونتوسل في ذلك‪ ،‬بمخزون ذكاءنا الجماعي النسائي الحزبي لنحت تجربة تبحث عن جذورها‪ ،‬غير منفصلة عن‬
‫واقعها بل مشاركة‪ ،‬ومتواصلة‪ ،‬فنحن ال نريدها مغرقة في االنغالق على الذات ‪ ،‬رافضة لآلخر بذريعًة الخوف على‬
‫استمرار الهوية‪ ،‬بل نريدها متشبثة باألسس‪ ،‬وفي نفس الوقت ‪ ،‬معانقة وحاضنة لحاضرها‪ ،‬ومتطلعة لمستقبلها ‪.‬‬
‫كما نطمح الى معاصرة متحاورة مع ماضيها تقرؤ الواقع في جذوره‪ ،‬وتقدم حلول جذرية للقضايا االساسية الحقيقية‪،‬‬
‫والمؤثرة‬
‫نريد طرح قضيتنا االساسية‪ ،‬قضية نساءنا واوضاعها من منظور هذه الثنائية‪ ،‬على الرغم من وعينا بصعوبة المسالة‪،‬‬
‫اال ان ايماننا بارادتنا‪ ،‬وعزيمتنا‪ ،‬وبقدر من ذكاءنا الجماعي‪ ،‬وبتجاربنا‪ ،‬يجعلنا نستمر في المشي شقا لمعالم الطريق ‪،‬‬
‫وبإصرار شديد نحو اهدافنا من خالل التزام خًّط فكري بين البينين‪ ،‬ندافع من خالله عن قضايا المرأة بحمولة قيمية‬
‫وهوياتية منطلقها األساس‪ ،‬عالمية اإلسالم و قيمه الحضارية‪ ،‬مع االنفتاح على المنظومة الكونية بقدر ما فيها من خير‬
‫لإلنسانية‪ ،‬واألسرة‪ ،‬والمرأة‪.‬‬

‫وتبقى مسالة تفكيك معادالت الكوني المحلي‪،‬والتمسك بالثوابت دون تحجر‪ ،‬واالبداع والتجديد‪ ،‬دون مساس باالسس‪،‬‬
‫رهان الرهانات وتحدي التحديات ‪٠‬‬
‫ومن اجل ذلًك‪ ،‬ستنخرط مناضالت منظمة االصالة والمعاصرًة في كل النقاشات العمومية حول مختلف القضايا‬
‫الراهنة للنساء‪ ،‬من خالل خط تفكيرها الدامج بين األصالة والمعاصرة‪ ،‬لقناعتها بان تجديد وعي النساء مع الحرص‬
‫على االرتباط الوثيق بهويتهن‪ ،‬كفيل بجعلهن قادرات بكل ثقة ومسؤوليًة‪ ،‬على طرق كل أبواب التمكين األخرى ‪،‬‬
‫سواء اقتصادية‪ ،‬أو سياسية‪ ،‬أو اجتماعية‪.‬‬

‫•‬ ‫المسألة النسائية وخيار الديموقراطية االجتماعية‬

‫إننا نسعى في مؤتمرنا هذا من اجل اعادة هيكلة منظمتنا وفق رؤية تجعل منها حركًة تشكل الحليف االستراتيجي‬
‫لقضايا النساء‪ ،‬والمدعم لهن استنادا الى مرجعيات حزبنا‪،‬وركائزه ‪ ،‬ومشروعه المجتمعي‪ ،‬ودينامية تساير وضعية‪،‬‬
‫وآفاق‪ ،‬وتطلعات المراة المغربية في كل مراحل عمرها‪ ،‬وفي كل مواقعها‪ ،‬ومواضعها؛ في القرى‪ ،‬والحواضر ‪،‬‬
‫والجبل‪ ،‬أو في المهجر ‪.‬‬

‫فرغم ما حققته الحركات النسائية من مكاسب ثقيلة‪ ،‬فإننا ال زلنا نصطدم بواقع ما زال فيه ما يربو عن ‪٪56‬؜ من نساء‬
‫يعانين من استغالل‪ ،‬واضطهاد‪ ،‬وخاصة على مستوى االجتماعي‪ ،‬بالرغم مما تحققه من انتاج في هذا المجال‪،‬‬
‫وعلى مستوى التعليم والتمدرس‪ ،‬نجد ان نسبة االمية عند المراة بالمغرب مرتفعة بشكل كبير وخاصة في اوساط‬
‫المراة القروية‪ ،‬والفتاة والتي تنقطع عن الدراسة بسبب الفقر‪ ،‬وبسبب العقليات المسيطرة‪ ،‬وينضاف اليه الجانب‬
‫المتعلق بالبنية التحتية‪ ،‬وبالتوزيع غير الرشيد للمدارس‪ ،‬وواقع توزيع المنشات العمومية في المجال القروي‪ ،‬االمر‬
‫الذي يصبح فيه البعد خطرا يهدد سالمة الفتاة‪ ،‬خاصة أمام تنامي ضاهرة االعتداء الجنسي‪ ،‬وانتشار استهالك‬
‫المخدرات ‪ ،‬وهذا ما يعني أننا إزاء تحدي كبير فيما يخص تشجيع التمدرس‪ ،‬والقضاء على االمية في صفوف النساء‪،‬‬
‫اما التعليم الجامعي فالوصول اليه من فتيات القرى والجبال امر غير يسير‪.‬‬
‫على المستوى االقتصادي‪ ،‬واالجتماعي ال زالت المراًة والطفل‪ ،‬الحلقة االضعف واالكثر تحمال للفقر والهشاشة‪ ،‬على‬
‫الرغم من االرتفاع المسجل في اليد العاملة النسوية في القطاعات المختلفة؛الصناعية‪ ،‬والفالحية‪.‬‬
‫ورغم ما تبذله الدولة‪ ،‬وهيآت المجتمع المدني‪ ،‬في مجال المشاريع الصغرى‪ ،‬والعمل التعاوني‪ ،‬وتشجيع االنتاج‬
‫المحلي‪ ،‬والمقاوالت الصغرى‪ ،‬اال ان هذا المجهود يظل محدود التاثير في مواجهة الظروف الصعبة‪ ،‬واالزمة‬
‫االقتصاديًة‪.‬‬
‫في الجانب الصحي‪ ،‬تعتبر المراة هي التي تتحمل التبعات خاصة في مراحل الحمل واالنجاب في القرى والبوادي‬
‫لغياب البنيات الصحية‪ ،‬والموارد البشرية الطبية ‪.‬‬

‫وأمام هذا الوضع‪ ،‬فان منظور منظمة نساء االصالة والمعاصرًة للمسألة االجتماعية‪ ،‬يتغذى من المرجعية الحزبية‬
‫للديموقراطية االجتماعية‪ ،‬كخيار من أجل سياسة اجتماعية تغييرية ‪ ،‬مهيكلة حول إعادة التوزيع‪ ،‬والحماية واإلنتاج‪،‬‬
‫وإعادة اإلنتاج‪ .‬كمنظور يستهدف حماية المواطن من تقلبات السوق االجتماعية‪ ،‬ويستهدف العمل على حل األسباب‬
‫البنيوية للفقر‪ ،‬وتمكين المواطنين من الولوج والتمتع الفعلي بحقوقهم االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية ‪.‬‬

‫فالسوق من منظورنا ليس فقط لتوزيع العمل كعامل إنتاج ثابت‪ ،‬وإنما هو مكان التمتع الفعلي بالحقوق المدنية‬
‫واالجتماعية‪ .‬وهذا هو عمق مفهوم العمل الالئق‪.‬‬

‫إن منظور الديمقراطية االجتماعية للمسألة هو سعي لتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬والنمو النوعي‪ .‬قائم على حماية‬
‫اجتماعية‪ ،‬وقائية‪ ،‬إزاء تقلبات السن والسوق‪،‬ومن االستغالل والتمييز‪ ،‬والمخاطر األساسية في الحياة‪.‬‬
‫كما ان تحريك آليات الديمقراطية السياسية امر اساسي ألن التوعية السياسية الجدية تساعد المواطنات والمواطنين على‬
‫الوعي بمصالحهم االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وتعمل على إشراكهم في العمل السياسي لتحريك الطاقات الكامنة فيهم‪،‬‬
‫من أجل مجتمع أكثر عدالة‪ ،‬وتماسكا ‪ ،‬وتضامنا‪.‬‬
‫‪ ٠‬مشروع خارطة طريق لتنظيم نسائي متجدد‬

‫اننا نالحظ محدودية بعض التنظيمات النسائية الحزبية في مسايرة المد التطوري في الحركة النسائية‪ ،‬النها ظلت‬
‫تغازل حركات التغيير المجتمعي دون ان تالمسها في عمقها ‪ ،‬ولم يكن لها بعد استراتيجي مؤسس على ثقافة االمتداد‬
‫الجماهيري‪ ،‬والتواصل مع العقليات الممانعة‪ ،‬ومن هنا ضعف محاورتها للثقافة السائدة ‪.‬‬
‫وعليه فاننا نسعى ان نجعل هذا الشرط من بين النقط الوهاجة التي نضعها امامنا في ميدان االشتغال السياسي‪ ،‬الن‬
‫طموح التحديث ال يتحقق بدون ان تواكبه ارادة سياسية‬
‫عمومية لمأسسة الحًقوق النسائية‪ ،‬فكان يتعين علينا ايجاد استراتيجية ناجعة تنبني على احترام الخصوصية في القضية‬
‫النسائية‪ ،‬الشيء الذي يمكننا من حماية مكتسباتنا القانونية‪ ،‬وفرض احترام الحقوق االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية ‪،‬‬
‫والسياسية للنساء‪ ،‬دون عزلها عن مشروع االصالح المجتمعي‪ ،‬لوقف كل ممانعة للتغيير والتحديث الديموقراطي‪،‬‬
‫والتراجع عن المكتسبات‪،‬وهذا لن يتم دون ايجاد اليات االنغراس‪ ،‬والتجذر داخل اوساطنا االجتماعية بكل شرائحها‪،‬‬
‫ومكوناتها سواء اكانت امازيغية‪ ،‬او حسانية او عربية او يهودية او افريقية‪ .‬كما لن يتم دون البحث عن االمكانات‬
‫المتاحة لتغيير العقليات العقيمة‪ ،‬ونشر قيم المساواًة‪ ،‬وتعميق الوعي بحقوق النساء في كل مضارب حياتنا اليومية‪ ،‬في‬
‫القرى‪ ،‬والجبال‪ ،‬والمدن‪ ،‬وداخل الموسسات التعليمية التي نطمح ان تكون فضاء حقيقيا لترسيخ قيم المواطنة اوال‪،‬‬
‫والتربية على حقوق االنسان‪ ،‬وبوضع خطط لتغيير اوضاع النساء بمقاربة شمولية تشاركية تدمج كل الفاعلين‬
‫االقتصاديين‪ ،‬واالجتماعيين‪ ،‬والثقافيين‪ ،‬وموسسات الدولًة‪ ،‬والمجتمع المدني في هذا الورش الحي‪ ،‬وال ننسى في هذا‬
‫المضمار‪ ،‬التاهيل بالتكوين والتمكين الذاتيين لبناء كفايات نسائية مبدعة وخالقة‪ ،‬تلج مراكز القرار داخل مجالها‬
‫الحزبي اوال‪ ،‬ومجاالت القرار السياسي‪ ،‬وامتالك السلطة التي تمكنها من تسييج وحماية وتطوير مكتسباتها‪،‬‬
‫نتطلع الى ان نجعل من تنظيمنا كيانا نسائيا ديموقراطيا حداثيا ‪ ،‬ال تجمعا نسائيا نخبويا‪ ،‬محدود التاثير في الزمان‬
‫والمكان‪ ،‬ضيق التاثير في طبيعًة الهدف‪ ،‬والمسعى التحرري الشامل في بعده المسيج بالمساواة وقيم التسامح ‪،‬‬
‫واالنسانية ‪ ،‬ولن يتحقق هذا الشرط ‪-‬في تقديرنا ‪-‬اال في بيئة ثقافية ديموقراطية‪ ،‬ضمن منظور اقتصادي‪ ،‬واجتماعي‪،‬‬
‫وثقافي‪ ،‬يرتبط بنضالنا داخل الحزب بكل اجهزته وتنظيماته‪.‬‬
‫ان النظال من اجل فرض واقع افضل للمراة المغربية في نظرنا‪ ،‬هو في حد ذاته توجه بنيوي لتحسين وضعية االسرة‬
‫المغربية‪ ،‬لهذا ينبغي ان نجعله واقعا يوميا نعيشه‪ ،‬ونطوره بابعاده السياسية‪ ،‬والفكرية‪ ،‬والتنظيمية‪ ،‬اذ بهذا نحقق‬
‫احترامنا‪ ،‬وتفعيلنا لمبادئنا ومرجعياتنا الحزبية ‪.‬‬
‫فامام ما نعيشه اليوم على صعيد العربي والدولي منتحوالت ونزوع نحو التغيير ثم تنامي مد التيار المحافظ يحتم علينا‬
‫مراجعة حساباتنا حول قضية المراة بل طرح قضاياها بشكل جريء وواضح‪ ،‬الن رهاننا ال ينحصر في الدفاع عن‬
‫هذا‪ ،‬بل يفتح واجهة اخرى تكمن في العمل الموحد ‪ ،‬لتفجير طاقاتها االبداعية الدفينة في كل المجاالت ‪ ،‬وبهذا نكون‬
‫نؤسس لفرز وخلق كوادر نسائية مناضلة مستقلة متميزة‪ ،‬اي خلق المراة النموذج الرائدة ‪ ،‬التي توثر وتشارك في‬
‫صنع القرارات الكبرى ‪.‬‬

‫ونخلص الى ان ان بالدنا ال زالت في طور استيعاب اسسس وميكانيزمات النظام الديموقراطي‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق‬
‫بتدبير الشان العام‪ ،‬واشراك المجتمع بكل مكوناته ‪ ،‬ما يفرض على االعالم بتنوعه‪ ،‬وجمعيات المجتمع المدني‪،‬‬
‫والمؤسسات التعليمية ‪ ،‬واالحزاب ‪ ،‬والمؤسسات الدينية التجند لهذا المطلب‪ ،‬لبث قيم جديدة داخل المجتمع ‪ ،‬وتغيير‬
‫الثقافة التقليدية السائدة ‪ ،‬وتعزيز تمكين المراة من الوصول الى مراكز القيادة المسوولة ‪ ،‬وتجاوز التعامل مع المراة‬
‫كقضية نظرية يتم استحضارها ظرفيا في المحطات االنتاخابية ‪.‬‬
‫كما ال ننسى امام كل هذه االوضاع‪ ،‬استحضار المعاناة الكبيرة وغير االنسانية التي تعيشها شقيقاتنا في مخيمات الذل ‪،‬‬
‫والعار بتندوفت ‪.‬‬
‫ان تجديد هياكل هذه البنية من البنى المكونة لحزبنا تجعلنا امام رهانات كبيرة تنفتح على سوال التجديد‪ ،‬وكيفية تحقيق‬
‫مبتغانا للوصول الى الهدف السامي والنبيل‪ ،‬المتمثل في مغرب الكرامة والمواطنة وحقوق االنسان‪.‬‬
‫وهذا يترجم اليات االشتغال التي ستتبناها لتنفيذ مشاريعنا المجتمعية‪ ،‬بشكل تشاركي مع من يسير بجانبنا او يقاربنا في‬
‫مرجعيتنا الحزبية‪ ،‬وطموحنا نحو بناء مجتمع حداثي ديموقراطي ‪.‬‬
‫يتوجب علينا أن نواصل الطريق نحو المساواة الكاملة بين الجنسين في كل القوانين‪،‬ومناحي الحياة‪ ،‬بنفس أكبر‪ ،‬وأن‬
‫نبدأ من المكاسب والتراكمات المتحققة‪ ،‬سواء في مستوى المواقف واألفكار‪ ،‬أو مستوى النصوص واالجتهادات‬
‫الفقهية‪ ،‬أو مستوى التنظيمات والتنظيمات الموازية‪ .‬كما يتوجب علينا أن نستفيد من كل التعثرات والثغرات السابقة‪،‬‬
‫والتي أبقت على الحراك النسائي في إطار نخبوي صرف‪ ،‬رغم أنه يمثل إحدى األدوات األساسية لتحديث المجتمع‪.‬‬

You might also like