Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 41

‫ت في صوم يوم السبت‬ ‫القو ُ‬

‫ل الثب ُ‬
‫الحمد لله وحده والصلةا والسلم على من لنابي‬
‫بعده وآله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫فهذه هي الطبعة الثاناية من كتابنا )) القول‬
‫الثبت في صوم يوم السبت (( بعد أن نافذت ناسخ‬
‫الطبعة الولى ‪ ،‬ولقي قبول ً لدى الكثير ولله‬
‫الحمد والمنة ‪.‬‬
‫وقد رأينا إعادةا طبعة وأضفنا إليه بعض الزيادات‬
‫والفتاوى ‪.‬‬
‫ناسأل الله تعالى التوفيق والسداد ‪ ،‬إناه سميع‬
‫مجيب ‪...‬‬
‫وصلى الله عليه نابينا محمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫محمد الحمود النجدي‬
‫‪ 1420 / 6 / 11‬هـ‬

‫الحديث الوارد في المنع‬


‫من صيام يوم السبت‬
‫عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ )) :‬ل تصوموا يوم‬
‫السبت إل فيما افترض عليكم ‪ ،‬فإن لم يجد‬
‫أحدكم إل لحاء عنبة أو عود شجرةا فليمضغه (( ‪.‬‬
‫تخريجه ‪:‬‬
‫أخرجه أحمد في مسنده ) ‪ 368 / 6‬ـ ‪، 369‬‬
‫‪ (( 495‬وأبو داود ) ‪ ( 2421‬والترمذي ) ‪ 744‬ـ‬
‫شاكر (( والنسائي في )) سننه الكبرى (( ) ‪/ 2‬‬
‫‪ ( 143‬وابن ماجة ) ‪ ( 19 / 2‬وأبو بكر بن الثأرم‬
‫في )) نااسخ الحديث ومنسوخة (( الجزء الثالث‬
‫)) ق ‪ / 1‬أ (( والطحاوي في )) شرح معاناي الثأار‬
‫(( ) ‪ ( 80 / 2‬وابن خزيمة )) ‪ (( 2164‬وابن حبان‬
‫)) ‪ 940‬ـ موارد (( وابن شاهين في )) نااسخ‬
‫الحديث (( ) ‪ ( 398‬والحاكم ) ‪( 435 / 1‬‬
‫والبيهقي ) ‪ ( 302 / 4‬والبغوي ) ‪. ( 361 / 6‬‬
‫كلهم عن ثأور بن يزيد عن خالد بن معدان عن‬
‫عبد الله بن ُبسر به ‪.‬‬
‫قال الترمذي ‪ :‬حديث حسن ‪.‬‬
‫وقال الحاكم ‪ :‬صحيح على شرط البخاري ‪،‬‬
‫وأقره الذهبي ‪.‬‬
‫وصححه ابن خزيمة وابن حبان ‪.‬‬
‫وهو كما قالوا ‪ ،‬وقد أعل بالختلفا في سنده‬
‫ولكنها علة ل تقدح في صح الحديث ‪.‬‬
‫واناظر طرقه ‪ :‬في السنن الكبرى للنسائي ))‬
‫‪ 143 / 2‬ـ ‪ (( 145‬وتلخيص الحبير للحافظ ابن‬
‫حجر )) ‪ (( 216 / 2‬والرواء ) ‪ (( 960‬للشيخ‬
‫اللباناي حفظه الله ‪.‬‬
‫أقوال أهل الحديث والفقهاء في فقه الحديث‬
‫‪ 1‬ـ قول المام أحمد بن حنبل‬
‫قال الثأرم ‪ :‬قال أبو عبد الله ‪ :‬أما صيام يوم‬
‫السبت ينفرد به فقد جاء فيه حديث الصماء ‪،‬‬
‫وكان يحيى بن سعيد يتقيه ‪ ،‬أي يحدثأني به‬
‫وسمعته من أبي عاصم والمكروه إفراده فإن‬
‫صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرةا‬
‫وجويرية وإن وافق صوما ً لناسان لم يكره لما‬
‫قدمناه ‪.‬‬
‫المغني ) ‪ 98 / 3‬ـ ‪ ، ( 99‬الشرح الكبير ) ‪/ 3‬‬
‫‪( 108‬‬
‫)‪ (2‬قول الثأرم ) وهو أبو بكر أحمد بن محمد‬
‫ابن هانائ (‬
‫قال أبو بكر الثأرم في كتابه )) نااسخ الحديث‬
‫ومنسوخه (( الجزء الثالث الورقة ) ‪ /1‬أ ـ‬
‫مخطوط (‬
‫باب صوم السبت‬
‫روى ثأور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد‬
‫الله ابن بسر عن أخته الصماء أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ )) :‬ل تصوموا يوم السبت‬
‫إل فيما افترض عليكم (( ‪.‬‬
‫فجاء هذا الحديث ثأم خالفته الحاديث كلها ‪.‬‬
‫فمن ذلك حديث علي وأبي هريرةا وجندب أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم المحرم ‪.‬‬
‫ففي المحرم السبت ‪ ،‬وليس فيما افترض ‪.‬‬
‫)‪ (1‬وقد ذكر ابن قدامه قول المام أحمد هذا‬
‫بعد قوله ‪ )) :‬فصل (( قال أصحابنا يكره إفرادُ‬
‫يوم السبت بالصوم لما روي عبد الله بن بسر ‪::‬‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫ومن ذلك حديث أم سلمة وعائشة وأسامة بن‬
‫زيد وأبي ثأعلبة وابن عمر )) أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم كان يصوم شعبان (( ‪.‬‬
‫وحديث ‪ ( 2)..‬وجابر وأبي هريرةا أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ )) :‬من صام رمضان واتبعه‬
‫ستا ً فكأناما صام الدهر (( ‪.‬‬
‫وقد يكون فيها السبت ‪.‬‬
‫ومن ذلك الحاديث الكثيرةا عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أمر بصوم شعبان )‪(3‬‬
‫وفيه السبت ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ قول الترمذي في سننه ) ‪ 111 / 3‬ـ شاكر ( ‪:‬‬
‫ومعنى الكراهية في هذا ‪ :‬أن يخص الرجل يوم‬
‫السبت بصيام لن اليهود ُتعظم يوم السبت ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ قول أبي داود ‪:‬‬
‫بوب أبو داود عليه ) ‪ ( 805 / 2‬باب النهي أن‬
‫يخص يوم السبت بصوم ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ قول النسائي ‪:‬‬
‫)) أحمد بن شعيب ((‬
‫بوب في سننه الكبرى )) ‪ : (( 145 / 2‬الرخصة‬
‫في صيام يوم السبت ‪.‬‬
‫ثأم روى بسنده عن جنادةا الزدي أناهم ‪ :‬دخلوا‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثأماناية‬
‫نافر وهو ثأامنهم فقرب إليهم رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم طعاما ً يوم جمعة ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫)) كلوا (( قالوا ‪ :‬صيام ‪ ،‬قال ‪ )) :‬صمتم‬
‫أمس ؟ (( قالوا ‪ :‬ل ‪ ،‬قال )) فصائمون غدا ً ؟ ((‬
‫قالوا ‪ :‬ل ‪ ،‬قال )) فأفطروا (( ] عزاه الحافظ‬
‫ابن حجر في الصابة ) ‪ ( 256 / 1‬إلى أحمد‬
‫البغوي ‪ ،‬وصححه ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ قول الطحاوي ‪:‬‬
‫قال الطحاوي بعد أن روى حديث عبد الله بن‬
‫بسر السابق ‪ :‬فذهب قوم إلى هذا الحديث‬
‫فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا ً ‪.‬‬
‫وخالفهم في ذلك آخرون ‪ ،‬فلم يروا بصومه‬
‫باسا ً ‪.‬‬
‫وكان من الحجة عليهم في ذلك ‪ :‬أناه قد جاء‬
‫الحديث عن رسول الله صلى عليه وسلم أناه‬
‫ناهى عن صوم يوم الجمعة إل أن يصام قبله‬
‫يوم ‪ ،‬أو بعده يوم ‪ .‬وقد ذكرناا ذلك بأسانايد فيما‬
‫تقدم من كتابنا هذا فاليوم الذي بعده هو يوم‬
‫السبت‬
‫ففي هذه الثأار المروية في هذا إباحة صوم‬
‫السبت تطوعا ً ‪ ،‬وهي أشهر وأظهر في أيدي‬
‫العلماء ‪ ،‬من هذا الحديث الشاذ الذي خالفها ‪.‬‬
‫وقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم في‬
‫صوم عاشوراء وحض عليه ولم يقل ‪ :‬إن كان‬
‫يوم السبت فل تصوموه‬
‫ففي ذلك دليل على دخول كل اليام فيه ‪.‬‬
‫وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫)) أحب الصيام إلى الله عز وجل ‪ ،‬صيام داود‬
‫عليه السلم ‪ ،‬كان يصوم يوما ً ويفطر يوما ً ((‬
‫الحديث في الصحيحين عن ابن عمرو رضي الله‬
‫عنهما ‪.‬‬
‫)‪ (2‬طمس بالمخطوطة بمقدار كلمتين أو ثلثا ‪ ،‬ولعله‬
‫حديث أبي أيوب وثوبان كما ذكره في موضع آخر من‬
‫المخطوط ‪.‬‬
‫)‪ (3‬إنما ثبت في الحاديث الصحيحة كثرة صومه في‬
‫شعبان أما المر بصيامه فلم يصح عنه فيما أعلم ‪.‬‬
‫ففي ذلك أيضا ً التسوية بين يوم السبت وبين‬
‫سائر اليام‬
‫وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ً‬
‫بصيام أيام البيض ‪ ،‬وروى عنه في ذلك ما‬
‫حدثأنا ‪ ..‬عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال لرجل أمره بصيام ثألثا عشرةا وأربع‬
‫عشرةا وخمس عشرةا ‪ ] .‬رواه أحمد والترمذي‬
‫والنسائي وابن ماجة ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ :‬حديث‬
‫حسن ‪.‬‬
‫وعن عبد الملك بن قتادةا بن ملحان القيسي عن‬
‫أبيه قال ‪ )) :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يأمرناا أن ناصوم ليالي البيض ‪ :‬ثألثا عشر‬
‫وأربع عشرةا وخمس عشرةا وقال ‪ :‬هي كهيأةا‬
‫الدهر (( ] ورواه أيو داود والنسائي وسنده‬
‫حسن [‬
‫وقد يدخل السبت في هذه ‪ ،‬كما يدخل فيها‬
‫غيره من سائر اليام ‪.‬‬
‫ففيها أيضا ً إباحة صوم يوم السبت تطوعا ا هـ‬
‫] شرح معاناي الثأار ) ‪ 80 / 2‬ـ ‪ [ 81‬اختصار‬
‫يسير ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ قول ابن خزيمة‬
‫وقال ابن خزيمة في صحيحة ) ‪ : ( 316 / 3‬باب‬
‫النهي عن صوم يوم السبت تطوعا ً إذا أفرد‬
‫بالصوم بذكر خبر مجمل غير مفسر بلفظ عام‬
‫مراده خاص ‪ ،‬وأحسب أن النهي عن صيامه ‪ ،‬إذ‬
‫اليهود ُتعظمه وقد اتخذته عيدا ً بدل الجمعة ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬باب ذكر الدليل على أن النهي عن‬
‫صوم يوم السبت تطوعا ً إذا أفرد بصوم ‪ ،‬ل إذا‬
‫صام صائم يوما ً قبله أو يوم بعده ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في النهي عن صوم يوم الجمعة إل أن يصام‬
‫قبله أو بعده يوما ً دللة على أناه قد أباح يوم‬
‫السبت إذا صام قبله يوم الجمعة أو بعده يوما ً ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬باب الرخصة في يوم السبت إذا صام‬
‫يوم الحد بعده ‪ :‬ثأم ذكر حديث كريب مولى ابن‬
‫عباس ‪ :‬أن ابن عباس ونااسا ً من أصحاب كان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوناي إلى أم‬
‫سلمة أسألها اليام كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أكثر لها صياما ً ‪ ،‬قالت ‪ :‬يوم السبت‬
‫والحد ‪ ،‬فرجعت إليهم فأخبرتهم وكأناهم أناكروا‬
‫ذلك ‪ ،‬فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا ‪ :‬إناا بعثنا‬
‫إليك هذا في كذا وكذا وذكر أناك قلت كذا وكذا ‪،‬‬
‫فقالت صدق ‪ ،‬إن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أكثر ماكان يصوم من اليام يوم السبت‬
‫والحد ‪ ،‬كان يقول ‪:‬إناهما يوما عيد للمشركين ‪،‬‬
‫وأناا أريد أن أخالفهم (( )‪(4‬‬
‫‪ 4‬ـ إسناده حسن ‪ ،‬وأخرجه عن ابن خزيمة ابن‬
‫حبان في صحيحة ) ‪ 941‬ـ زوائد ( وأخرجه أحمد‬
‫) ‪ 323 / 6‬ـ ‪ ( 324‬والنسائي في الكبرى ) ‪/ 2‬‬
‫‪ ( 146‬وابن شاهين في نااسخ الحديث ) ‪( 399‬‬
‫والحاكم ) ‪ ( 436 / 1‬وعنه البيهقي ) ‪( 303 / 4‬‬
‫والطبراناي في الكبير ـ كما في المجمع ) ‪/ 3‬‬
‫‪ ( 198‬ولم أجده في المطبوع ـ كلهم عن عبد‬
‫الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن‬
‫كريب به ‪.‬صححه الحاكم ‪ ،‬ووافقه الذهبي !‬
‫وإناما هو حسن ‪ ،‬فإن عبد الله بن محمد بن عمر‬
‫قال فيه ابن المديني ‪ :‬هو وسط وقال ابن‬
‫سعد ‪ :‬كان قليل الحديث ‪ ،‬وذكره ابن حبان في‬
‫الثقات ‪ ،‬وقال الحافظ ابن حجر ‪ :‬مقبول !‬
‫وقال الذهبي في الكاشف ‪ :‬ثأقة !‬
‫واناما هو حسن الحديث ‪ ،‬كما تدل عليه عبارةا‬
‫ابن المديني ‪.‬‬
‫وأبوه محمد بن عمر بن علي أبو عبد الله‬
‫الهاشمي وهو ابن عم زين العابدين علي بن‬
‫الحسين وكان يشبه بجده المام علي بن ابي‬
‫طالب رضي الله عنه ‪.‬‬
‫قال ابن سعد ‪ :‬وكان قليل الحديث ‪ ،‬وذكره ابن‬
‫حبان في الثقات ‪.‬‬
‫وقال الذهبي في الميزان ) ‪ : ( 668 / 3‬ما‬
‫علمت به بأسا ً ول رأيت لهم فيه كلما ً ‪ ،‬وقد‬
‫روى له أصحاب السنن الربعة فما استنكر له‬
‫حديث ‪ .‬وقال الحافظ ‪ :‬مقبول !واختلف فيه ابن‬
‫القطان فمرةا ضعفه ومرةا قال ‪ :‬فأرى حديثه‬
‫حسنا ً ) يعني حديثنا هذا ( ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ قول ابن حبان ‪:‬‬
‫قال ابن حبا في صحيحه )) ‪ : (( 250 / 5‬فصل‬
‫في صوم يوم السبت ‪ )) :‬ذكُر الزجر عن صوم‬
‫يوم السبت مفردا ً (( ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق ‪ ،‬ثأم‬
‫عقبه بقوله ‪ )) :‬ذكر العلة التي من أجلها ناهي‬
‫عن صيام يوم السبت مع البيان بأناه إذا قرن‬
‫بيوم آخر جاز صومه (( ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث أم سلمة السابق ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ قول ابن شاهين ) عمر بن أحمد (‬
‫ذكر ابن شاهين في كتابه ‪ )) :‬نااسخ الحديث‬
‫ومنسوخة (( حديث ابن بسر ثأم ذكر حديث أم‬
‫سلمة ثأم قال ‪ )) :‬وليس هذا الحديث بخلفا‬
‫الول ‪ ،‬لن ذلك الحديث ناهى عن صوم يوم‬
‫السبت مفردا ً وهذا مقرون بالحد ((‬
‫‪ 10‬ـ قول البيهقي ‪:‬‬
‫قال البيهقي في سننه الكبرى ) ‪: ( 302 / 4‬‬
‫)) باب ما ورد من النهي عن تخصيص يوم‬
‫السبت بالصوم (( ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ )) :‬وقد مضى في حديث جويرية بنت‬
‫الحارثا رضي الله عنها في الباب قبله مادل‬
‫على جواز صوم يوم السبت ‪ ،‬وكأناه أراد بالنهي‬
‫تخصيصه بالصوم على طريق التعظيم له ‪ ،‬والله‬
‫اعلم (( ‪.‬‬
‫ثأم استدل بحديث أم سلمة رضي الله عنها ‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ قول البغوي‬
‫)) الحسين بن مسعود الفراء (( ‪:‬‬
‫قال في شرح السنة )) ‪: (( 361 / 6‬‬
‫)) باب كراهية صوم يوم السبت وحده (( ‪.‬‬
‫ثأم ساق حديث عبد الله بن بسر ‪.‬‬
‫وعقبه بقوله ‪ )) :‬ومعنى الكراهية في تخصيص‬
‫يوم السبت بالصوم أناه يوم تعظمه اليهود (( ‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ قول الحافظ المنذري‬
‫) عبد العظيم بن عبد القوي ( ‪:‬‬
‫قال المنذري في كتابه )) الترغيب والترهيب من‬
‫الحديث الشريف (( ) ‪ ( 128 / 2‬بعد أن ذكر‬
‫حديث ابن بسر ‪ )) :‬وهذا النهي إناما هو عن‬
‫إفراده بالصوم لما تقدم من حديث أبي هريرةا ‪:‬‬
‫)) ل يصوم أحدكم يوم الجمعة إل أن يصوم يوما ً‬
‫قبله أو بعده (( فجاز إذا ً صومه (( ‪.‬ثأم ذكر حديث‬
‫أم سلمة رضي الله عنها ‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ قول المناوي ‪:‬‬
‫)) محمد عبد الرؤوفا المناوي (( ‪:‬‬
‫قال في شرحه للحديث )) ل تصوموا يوم السبت‬
‫إلفي فريضة ‪ )) : (( ..‬وهذا النهي للتنزيه ل‬
‫للتحريم ‪ ،‬والمعنى فيه ‪ :‬إفراده كما في‬
‫الجمعة ‪ ،‬بديل حديث )) صيام يوم السبت ل لك‬
‫ول عليك (( وهذا شأن المباح ‪ ،‬والدليل على أن‬
‫المراد إفراده بالصوم حديث عائشة )) إناه كان‬
‫يقوم شعبان كله (( وقوله )) إل في فريضة ((‬
‫يحتمل أن يراد ما فرض بأصل الشرع كرمضان ل‬
‫بالتزام كنذر ويحتمل العموم (( ] فيض القدير‬
‫‪. [ 408 / 6‬‬
‫‪ 14‬ـ قول ابن القيم‬
‫) أبو بكر محمد بن عبد الله (‬
‫وقال ابن القيم في تهذيب سنن ابي داود ) ‪/ 3‬‬
‫‪ 297‬ـ ‪: ( 301‬‬
‫وقد اشكل هذا الحديث على الناس قديما ً وحديثا ً‬
‫فقال ابو بكر الثأرم سمعت أبا عبدا لله يسأل‬
‫عن صيام يوم السبت ‪ ) ..‬فذكر ناحو الكلم الذي‬
‫سقناه في أول البحث عن المام أحمد والثأرم (‬
‫‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬واحتج الثأرم بما ذكر في النصوص‬
‫المتواترةا على صوم يوم السبت ‪ ،‬يعني أن يقال‬
‫‪ :‬يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما‬
‫إذا صامه مع غيره وحديث النهي على صومه‬
‫وحده ‪ ،‬وعلى هذا تتفق النصوص ‪.‬‬
‫وهذه طريقة جيدةا ‪ ،‬لول أن قوله في الحديث ))‬
‫ل تصوموا يوم السبت إل فيما افترض عليكم ((‬
‫دليل على المنع من صومه في غير الفرض‬
‫مفردا ً أو مضافا ‪ ،‬لن الستثناء دليل التناول ‪،‬‬
‫وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور‬
‫صومه ‪ ،‬إل بصورةا الفرض ‪ ،‬ولوكان إناما يتناول‬
‫صورةا الفراد ‪ ،‬لقال ‪ :‬ل تصوموا يوم السبت إل‬
‫أن تصوموا يوما ً قبله أويوما ً بعده ‪ ،‬كما قال في‬
‫الجمعة فلما خص الصورةا المأذون في صومها‬
‫بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها ‪.‬‬
‫وقد ثأبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من‬
‫الحاديث وغيرها ‪ ،‬كقوله في يوم الجمعة )) إل‬
‫أن تصوموا يوما ً قبله ‪ ،‬أويوما ً بعده (( فدل على‬
‫أن الحديث غير محفوظ ‪ ،‬وأناه شاذ ‪ .‬وقد قال‬
‫أبو داود ‪ :‬قال مالك هذا كذب ‪ ،‬وذكر بإسناده‬
‫عن الزهري ‪ :‬أناه كان إذا ذكر له النهي عن صيام‬
‫يوم السبت ‪ ،‬يقول ‪ :‬هذا حديث حمصي ‪ ،‬وعن‬
‫الوزاعي قال ‪ :‬مازلت كاتما ًَ له حتى رأيته اناتشر‬
‫‪ ،‬يعني حديث ابن بسر هذا ]سنن أبي داود ) ‪/ 2‬‬
‫‪ 806‬ـ ‪. [ ( 807‬‬
‫وقالت طائفة ‪ ،‬منهم أبو داود ‪ :‬هذا حديث‬
‫منسوخ ] المصدر السابق [ ‪.‬‬
‫وقالت طائفة ‪ ،‬وهم أكثر أصحاب أحمد ‪ :‬محكم‬
‫وأخذوا به في كراهية إفراده بالصوم ‪ ،‬وأخذوا‬
‫بسائر الحاديث في صومه مع ما يليه ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وجواب أحمد يدل على هذا التفصيل ‪،‬‬
‫فإناه سئل في رواية الثأرم عنه ؟ فأجاب‬
‫بالحديث ‪ ،‬وقاعدةا مذهبه ‪ :‬أناه أذا سئل عن حكم‬
‫فأجاب فيه بنص يدل على أن جوابه بالنص دليل‬
‫على أناه قائل به ‪ ،‬لناه ذكره في معرض الجواب‬
‫فهو متضمن للجواب والستدلل معا ً ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وأما ما ذكره عن يحيى بن سعيد ‪ :‬فإناما‬
‫هو بيان لما وقع من الشبهة في الحديث ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وإسناده صحيح ‪ ،‬ورواته غير مجروحين‬
‫ولمتهمين ‪ ،‬وذلك يوجب العمل به ‪ ،‬وسائر‬
‫الحاديث ليس فيها ما يعارضه ‪ ،‬لناها تدل على‬
‫صومه مضافا ً ‪ ،‬فيحمل النهي على صومه مفردا ً‬
‫كما ثأبت في يوم الجمعة ‪.‬‬
‫وناظير هذا الحكم أيضا ً ‪ :‬كراهية إفراد رجب‬
‫بالصوم وعدم كراهيته موصول ً بما قبله أو بعده‬
‫)‪. (5‬‬
‫وناظيره أيضا ً ‪ :‬ما حمل المام أحمد عليه حديث‬
‫العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرةا‬
‫في النهي عن الصوم بعد اناتصافا شعبان ‪ :‬أناه‬
‫النهي عن ابتداء الصوم فيه ‪ ،‬وأما صومه مع ما‬
‫قبله من ناصفه الول ‪ ،‬فليكره ‪.‬‬
‫)‪ (5‬لم يصح في فضل صيام شهر رجب شيء من‬
‫الحديث ‪ .‬وللحافظ ابن حجر رسالة باسم )) تبيين العجب‬
‫بما ورد في فضل رجب (( ذكر فيها ما ورد في فضله من‬
‫الحاديث الضعيفة والموضوعة ‪.‬‬
‫قالوا وقد جاء هذا مصرحا ً به في صوم يوم‬
‫السبت ففي مسند المام أحمد من حديث ابن‬
‫لهيعة ‪ :‬حدثأنا موسى بن وردان عن عبيد العرج‬
‫حدثأتني جدتي يعني الصماء )‪ 0‬أناها دخلت على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت ‪،‬‬
‫وهو يتغدى ‪ ،‬فقال ‪ :‬تعالي تغدي فقالت ‪ :‬إناي‬
‫صائمة ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬أصمت أمس ؟ قالت ‪ :‬ل‬
‫قال ‪ :‬كلي فأن صيام يوم السبت للك ‪ ،‬ول‬
‫عليك (( وهذا ـ وإن كان في إسناده من ل يحتج‬
‫به إذا انافرد لكن يدل عليه ما تقدم من الحاديث‬
‫)‪(6‬‬
‫وعلى هذا ‪ :‬فيكون معنى قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم )) ل تصوموا يوم السبت (( أي ل تقصدوا‬
‫صومه بعينه إل في الفرض فإن الرجل يقصد‬
‫صومه بعينه ‪ ،‬بحيث لو لم يجب عليه إل صوم‬
‫يوم السبت ‪ ،‬كمن أسلم ولم يبق من الشهر إل‬
‫يوم السبت ‪ ،‬فإناه يصومه وحده ‪.‬وأيضا ً فقصده‬
‫بعينه في الفرض ل يكره ‪ ،‬بخلفا قصده بعينه‬
‫في النفل ‪ ،‬فإناه يكره ول تزول الكراهة إل بضم‬
‫غيره إليه ‪ ،‬أو موافقته عادةا ‪ ،‬فالمزيل للكراهة‬
‫في الفرض مجرد كوناه فرضا ً ‪ ،‬ل المقارناة بينه‬
‫وبين غيره وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم‬
‫غيره إليه أو موافقته عادةا ‪ ،‬وناحو ذلك ‪.‬قالوا ‪:‬‬
‫وأما قولكم ‪ :‬إن الستثناء دليل التناول ـ إلى‬
‫آخره ـ فلريب أن الستثناء أخرج صورةا الفرض‬
‫من عموم النهي ‪،‬فصورةا القتران بما قبله‬
‫أوبما بعده أخرجت بالدليل الذي تقدم ‪ ،‬فكل‬
‫الصورتين مخرج ‪ :‬أما الفرض ‪ :‬فبالمخرج‬
‫المتصل ‪ ،‬وأما صومه مضافأ فبالمخرج المنفصل‬
‫‪ ،‬فبقيت صورةا الفراد ‪ ،‬واللفظ متناول لها ‪،‬‬
‫ول مخرج لها من عمومه ‪ ،‬فيتعين حمله عليها)‬
‫‪ (7‬ثأم اناتقل ابن القيم للكلم على سبب كراهية‬
‫صومه منفردا ً فقال ‪:‬ثأم اختلف هؤلء في تعليل‬
‫الكراهة ‪ ،‬فعللها ابن عقيل ‪ :‬بأناه يوم يمسك فيه‬
‫اليهود ‪ ،‬ويخصوناه بالمساك ‪ ،‬وهو ترك العمل‬
‫فيه ‪ ،‬والصائم في مظنة ترك العمل ‪ ،‬فيصير‬
‫صومه تشبها بهم ‪ ،‬وهذه العلة منتفية في‬
‫الحد ‪.‬وليقال ‪ :‬فهذه العلة موجودةا إذا صامه‬
‫مع غيره ومع هذا فإناه ل يكره ‪ ،‬لناه إذا صامه مع‬
‫غيره لم يكن قاصدا ً تخصيصه المقتضى للتشبه ‪،‬‬
‫وشاهده ‪ :‬استحباب صوم يوم قبل عاشوراء‬
‫وبعده إليه ‪ ،‬لتنتفي صورةا الموافقة ‪.‬وعلله‬
‫طائفة أخرى ‪ :‬بأناه يوم عيد لهل الكتاب‬
‫يعظموناه ‪ ،‬فقصده بالصوم دون غيره يكون‬
‫تعظيما ً له فكره ذلك ‪ ،‬كما كره إفراد يوم‬
‫عاشوراء بالتعظيم ‪ ،‬لما عظمه أهل الكتاب ‪،‬‬
‫وإفراد رجب أيضا ً لما عظمه المشركون ‪ ،‬وهذا‬
‫التعليل قد تعارض بيوم الحد ‪ ،‬فإناه يوم عيد‬
‫للنصارى ‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫)) اليوم لنا ‪ ،‬وغدا ً لليهود ‪ ،‬وبعد غد للنصارى ((‬
‫ومع ذلك فليكره صومه ‪.‬وأيضا ً فإذا كان يوم‬
‫عيد ‪ ،‬فقد يقال ‪ :‬مخالفتهم فيه يكون بالصوم ل‬
‫بالفطر ‪ ،‬فالصوم فيه تحقيق للمخالفة ويدل‬
‫على ذلك ‪ :‬ما رواه المام أحمد والنسائي‬
‫وغيرهما من حديث كريب مولى ابن عباس قال‬
‫)) أرسلني ابن عباس ونااس من اصحاب النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أسألها ‪ :‬أي‬
‫اليام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها‬
‫صياما ً ؟ فقالت ‪ :‬كان يصوم السبت ويوم الحد‬
‫أكثر ما يصوم من اليام ‪ ،‬ويقول إناهما يوما عيد‬
‫للمشركين ‪ ،‬فأناا أحب أن أخالفهم (( وصححه‬
‫بعض الحفاظ ‪ ،‬فهذا ناص في استحباب صوم يوم‬
‫عيدهم لجل مخالفتهم ‪ ،‬فكيف ناعلل كراهة‬
‫صومه بكوناه عيدا ً لهم ؟وفي جامع الترمذي عن‬
‫عائشة قالت ‪ )) :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يصوم من الشهر السبت والحد ‪ ،‬والثأنين‬
‫‪ ،‬ومن الشهر الخر الثلثأاء والربعاء ‪،‬‬
‫والخميس (( قال الترمذي ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وقد‬
‫روى ابن مهدي هذا الحديث عن سفيان ‪ ،‬ولم‬
‫يرفعه وهذان الحديثان ليسا بحجة على من كره‬
‫إفراد السبت بصوم ‪.‬‬
‫)‪ (6‬وهذا الكلم متين ‪ ،‬تجتمع به ‪ ،‬الدلة وهو‬
‫اختيار ابن القيم كما يدل عليه السياق وصرح به‬
‫في الزاد ) ‪ 79 /2‬ـ ‪. ( 80‬‬
‫)‪ (7‬سنن الترمذي )‪ ( 746‬وقال الحافظ في‬
‫الفتح ) ‪ : ( 227 / 4‬وروي موقوفا ً وهو أشبه ‪.‬‬
‫وقال وكأن الغرض به أن يستوعب غالب أيام‬
‫السبوع بالصيام وقال القاري ‪ :‬مراعاةا للعدالة‬
‫بين اليام فلناها أيام الله تعالى ‪ ،‬ول ينبغي‬
‫هجران بعضها لناتفاعنا بكلها وقال الطيبي ‪:‬‬
‫وقد ذكر الجمعة في الحديث السابق ) وهو ‪:‬‬
‫حديث ابن مسعود وقلما كان يفطر يوم الجمعة‬
‫فكان يستوفي أيام السبوع بالصيام وقال ابن‬
‫الملك اراد عليه الصلةا والسلم أن يبين سنة‬
‫صوم جميع السبوع وإناما لم يصم صلى الله‬
‫عليه وسلم الستة المتوالية كيل يشق على المة‬
‫القتداء به رحمة لهم وشفقة عليهم ‪ .‬قلت وهذا‬
‫كله متوقف على صحة الحديث ‪ ،‬وفيه ناظر كما‬
‫سبق ‪.‬‬
‫وعلله طائفة ‪ :‬بأناهم يتركون العمل فيه ‪،‬‬
‫والصوم مظنة ذلك ‪ ،‬فإناه إذا ضم إليه الحد زال‬
‫الفراد المكروه وحصلت المخالفة بصوم يوم‬
‫فطرهم ‪ ،‬وزال عنها صورةا التعظيم المكروه‬
‫بعدم التخصيص المؤذن بالتعظيم ‪ ،‬فاتفقت‬
‫بحمد الله الحاديث ‪ ،‬وزال عنها الضطراب‬
‫والختلفا ‪ ،‬وتبين تصديق بعضها بعضا ً ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬فما تقولون في صوم يوم النيروز‬
‫والمهرجان وناحوهما من أعياد المشركين ؟‬
‫قيل ‪ :‬قد كرهه كثير من العلماء ‪ ،‬واكثر أصحاب‬
‫أحمد على الكراهة ‪ ،‬قال أحمد ‪ ،‬في رواية ابنه‬
‫عبد الله ‪ :‬حدثأنا وكيع عن سفيان عن رجل عن‬
‫أناس والحسن ‪ :‬أناهما كرها صوم يوم النيروز‬
‫والمهرجان ‪ ،‬قال عبد الله ‪ :‬قال أبي ‪ :‬الرجل ‪:‬‬
‫أبان بن أبي عياش ‪.‬‬
‫فلما أجاب أحمد بهذا الجواب لمن سأله عن‬
‫صيام هذين اليومين ‪ ،‬دل ذلك ذلك على أناه‬
‫اختاره ‪ ،‬وهذه إحدى الطريقتين لصحابه في‬
‫مثل ذلك ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬ل يكون هذا اختيارا ً له ‪ ،‬ول ينسب إليه‬
‫القول الذي حكاه ‪ ،‬وأكثر الصحاب على‬
‫الكراهة ‪ ،‬وعللوا ذلك بأناهما يومان يعظمهما‬
‫الكفار ‪ ،‬فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما‬
‫موافقة لهم في تعظيمهما ‪ ،‬فكره كيوم‬
‫السبت ‪ ،‬قال صاحب المغني ‪ :‬وعلى قياس هذا ‪:‬‬
‫كل عيد الكفار ‪ ،‬أو يوم يفردوناه بالتعظيم ‪.‬‬
‫قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية ‪ ،‬قدس الله‬
‫روحه ‪ :‬وقد يقال ‪ :‬يكره صوم يوم النيروز‬
‫والمهرجان وناحوهما من اليام التي لتعرفا‬
‫بحساب العرب ‪ ،‬بخلفا ما جاء في الحديث من‬
‫يوم السبت والحد ‪ ،‬لناه إذا قصد صوم مثل هذه‬
‫اليام العجمية‬
‫أو الجاهلية ‪ ،‬كان ذريعة إلى إقامة شعار هذه‬
‫اليام وإحياء أمرها ‪ ،‬وإظهار حالها بخلفا‬
‫السبت والحد ‪ ،‬فإناهما من حساب المسلمين ‪،‬‬
‫فليس في صومهما مفسدةا ‪ ،‬فيكون استحباب‬
‫صوم أعيادهم المعروفة بالحساب العربي‬
‫السلمي ‪ ،‬مع كراهة العياد المعروفة بالحساب‬
‫الجاهلي العجمي ‪ ،‬توفيقا ً بين الثأار ‪ ،‬والله اعلم‬
‫اناتهى ‪.‬‬
‫ـ قول أبي داود في ناسخ الحديث‬
‫) حديث عبد الله بن بسر ( ‪:‬‬
‫قال أبو داود في سننه ) ‪ ( 806 / 2‬بعد روايته‬
‫لهذا الحديث ‪ :‬وهذا الحديث منسوخ ا هـ ‪.‬‬
‫لم يذكر ذلك أحد ممن ألف في الناسخ‬
‫والمنسوخ كأبي بكر محمد بن موسى الحازمي‬
‫في كتابه )) العتبار في الناسخ والمنسوخ من‬
‫الثأار (( وأبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين‬
‫في كتابه )) نااسخ الحديث ومنسوخة (( وأبي‬
‫إسحاق برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري‬
‫المتوفى سنة ‪732‬هـ في كتابه )) رسوخ الحبار‬
‫في منسوخ الخبار (( ‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في )) تلخيص الحبير (( )‬
‫‪ : ( 216 / 2‬وادعي أبو داود أن هذا منسوخ‬
‫) يعني حديث ابن بسر ( وليتبين وجه النسخ‬
‫فيه ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يمكن أن يكون أخذه من كوناه‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل‬
‫الكتاب في أول المر ‪ ،‬ثأم في آخر أمره قال ‪:‬‬
‫خالفوهم ‪ ،‬فالنهي عين صوم يوم السبت يوافق‬
‫الحالة الولى ‪ ،‬وصيامه إياه يوافق الحالة‬
‫الثاناية ‪.‬‬
‫وهذه صورةا النسخ ‪ ،‬والله اعلم ا هـ ‪.‬‬
‫] من فتاوى العلماء المعاصرين [ ‪:‬‬
‫ـ سئل فضيلة الشخ الفقيه ‪ /‬عبد العزيز ابن باز‬
‫ة واسعة ‪:‬‬
‫رحمه الله رحم ً‬
‫سؤال ‪ :‬ماهي اليام التي يكره فيها الصيام ؟‬
‫الجواب ‪ :‬اليام التي ينهى عن الصيام فيها يوم‬
‫الجمعة حيث ل يجوز أن يصوم يوم الجمعة مفردا ً‬
‫يتطوع بذلك لن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫ناهى عن ذلك وهكذا ل يفرد يوم السبت تطوعا ً‬
‫ولكن إذا صام الجمعة ومعها السبت أو معها‬
‫الخميس فلبأس كما جاءت بذلك الحاديث عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ينهى‬
‫عن صوم يوم عيد الفطر وذلك محرم ‪ ،‬وكذلك‬
‫يوم عيد النحر وأيام التشريق كلها ل تصام لن‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ناهى عن ذلك إل‬
‫أن أيام التشريق قد جاء ما يدل على جواز‬
‫صومها عن هدي التمتع والقران خاصة لمن ل‬
‫يستطع العدي لما ثأبت في البخاري عن عائشة‬
‫رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما قال ‪:‬‬
‫)) لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إل لمن‬
‫لم يجد الهدي (( أما كوناها تصام تطوعا ً أو‬
‫لسباب أخرى فل يجوز كيوم العيد وهكذا يوم‬
‫الثلثأين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلل فإناه‬
‫يوم شك ل يجوز صومه في أصح قولي العلماء‬
‫سواء كان صحوا ً أو غيما للحاديث الصحيحة‬
‫الدالة على النهي عن ذلك والله ولي التوفيق‬
‫] فتاوى إسلمية ) ‪ ( 168 / 2‬جمع محمد المسند‬
‫‪.‬‬
‫ـ وسئل فضيلة الشيخ ‪ /‬محمد بن صالح العثيمين‬
‫حفظه الله تعالى عن هذه المسألة ‪ ،‬فقال‬
‫السائل ‪:‬‬
‫سؤال ‪ :‬قال صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬ل‬
‫تصوموا يوم السبت إل فيما افترض عليكم ‪ ،‬فإن‬
‫لم يجد أحدكم إل لحاء عنب أوعود شجر‬
‫فليمضغها (( رواه الخمسة ‪.‬‬
‫وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬كان أكثر ما يصوم من‬
‫اليام يوم السبت ويوم الحد ‪ ،‬وكان يقول ‪:‬‬
‫إناهما يوما عيد للمشركين ‪ ،‬وأناا أريد أن أخالفهم‬
‫(( أخرجه النسائي ‪.‬‬
‫أفيدوناا عن معنى هذين الحديثين جزاكم الله‬
‫خيرا ً ؟‬
‫الجواب ‪ :‬الحديث الول هو عن صيام يوم السبت‬
‫اختلف العلماء في تصحيحه فمنهم من صححه ‪،‬‬
‫ومنهم من ضعفه ‪ ،‬والذين صححوه قال‬
‫بعضهم ‪ :‬إناه منسوخ وقال بعضهم ‪ :‬إن النهي‬
‫عن إفراده فقط ‪ ،‬فأما لو صامه هو ويوم الحد‬
‫فلناهي في ذلك ‪ ،‬وعلى هذا فل يعارض الحديث‬
‫الثاناي ‪ ،‬الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كان أكثر ما يصوم هو يوم السبت والحد ‪.‬‬
‫وعلى كل حال فإن أهل العلم اختلفوا في صوم‬
‫يوم السبت ‪ ،‬فمهم من قال ‪ :‬إناه ليس بمكروه‬
‫وأطلق ‪ ،‬ومنهم من فصل فقال ‪ :‬إن أفرد فهو‬
‫مكروه ‪ ،‬وإن جمع مع يوم الحد الذي بعده ‪ ،‬أو‬
‫يوم الجمعة الذي قبله فلكراهة في ذلك وهذا‬
‫هو القرب ‪ ،‬والله اعلم ‪ ] .‬فتاوى منار السلم )‬
‫‪ 365 / 2‬ـ ‪. ( 366‬‬
‫خلصة البحث‬
‫‪ 1‬ـ يتضح مما سبق من أقوال أهل العلم‬
‫والفقهاء أن صيام السبت مفردا ً منهي عنه بنص‬
‫حديث عبد الله بن بسر ‪ ،‬وهو حديث صحيح ‪ ،‬وقد‬
‫أعل بما ل يقدح في صحته ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وأما صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم‬
‫بعده فلشيء فيه ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وكذا صيامه إن وافق صوما ً يصومه الناسان‬
‫كمثل من يصوم يوما ً ويفطر يوما ً ‪ ،‬فوافق‬
‫صيامه السبت ‪ ،‬أو وافق يوم السبت عرفة أو‬
‫عاشوراء وناحو ذلك مما تقدم بياناه بالتفصيل ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن العلة في المنع من إفراد السبت بالصيام‬
‫تعظيم هذا اليوم وهو يوم يعظمه اليهود ‪ ،‬وهذا‬
‫العلة تزول بصيام يوم قبله أو بعده ‪.‬‬
‫هذا آخر ماتم جمعه وتيسر ناظمه في هذا البحث‬
‫المختصر ‪..‬‬
‫والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى‬
‫الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين ‪.‬‬

‫ت في صوم يوم السبت‬ ‫القو ُ‬


‫ل الثب ُ‬
‫الحمد لله وحده والصلةا والسلم على من لنابي‬
‫بعده وآله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫فهذه هي الطبعة الثاناية من كتابنا )) القول‬
‫الثبت في صوم يوم السبت (( بعد أن نافذت ناسخ‬
‫الطبعة الولى ‪ ،‬ولقي قبول ً لدى الكثير ولله‬
‫الحمد والمنة ‪.‬‬
‫وقد رأينا إعادةا طبعة وأضفنا إليه بعض الزيادات‬
‫والفتاوى ‪.‬‬
‫ناسأل الله تعالى التوفيق والسداد ‪ ،‬إناه سميع‬
‫مجيب ‪...‬‬
‫وصلى الله عليه نابينا محمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫محمد الحمود النجدي‬
‫‪ 1420 / 6 / 11‬هـ‬

‫الحديث الوارد في المنع‬


‫من صيام يوم السبت‪،‬‬
‫عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ )) :‬ل تصوموا يوم‬
‫السبت إل فيما افترض عليكم ‪ ،‬فإن لم يجد‬
‫أحدكم إل لحاء عنبة أو عود شجرةا فليمضغه (( ‪.‬‬
‫تخريجه ‪:‬‬
‫أخرجه أحمد في مسنده ) ‪ 368 / 6‬ـ ‪، 369‬‬
‫‪ (( 495‬وأبو داود ) ‪ ( 2421‬والترمذي ) ‪ 744‬ـ‬
‫شاكر (( والنسائي في )) سننه الكبرى (( ) ‪/ 2‬‬
‫‪ ( 143‬وابن ماجة ) ‪ ( 19 / 2‬وأبو بكر بن الثأرم‬
‫في )) نااسخ الحديث ومنسوخة (( الجزء الثالث‬
‫)) ق ‪ / 1‬أ (( والطحاوي في )) شرح معاناي الثأار‬
‫(( ) ‪ ( 80 / 2‬وابن خزيمة )) ‪ (( 2164‬وابن حبان‬
‫)) ‪ 940‬ـ موارد (( وابن شاهين في )) نااسخ‬
‫الحديث (( ) ‪ ( 398‬والحاكم ) ‪( 435 / 1‬‬
‫والبيهقي ) ‪ ( 302 / 4‬والبغوي ) ‪. ( 361 / 6‬‬
‫كلهم عن ثأور بن يزيد عن خالد بن معدان عن‬
‫عبد الله بن ُبسر به ‪.‬‬
‫قال الترمذي ‪ :‬حديث حسن ‪.‬‬
‫وقال الحاكم ‪ :‬صحيح على شرط البخاري ‪،‬‬
‫وأقره الذهبي ‪.‬‬
‫وصححه ابن خزيمة وابن حبان ‪.‬‬
‫وهو كما قالوا ‪ ،‬وقد أعل بالختلفا في سنده‬
‫ولكنها علة ل تقدح في صح الحديث ‪.‬‬
‫واناظر طرقه ‪ :‬في السنن الكبرى للنسائي ))‬
‫‪ 143 / 2‬ـ ‪ (( 145‬وتلخيص الحبير للحافظ ابن‬
‫حجر )) ‪ (( 216 / 2‬والرواء ) ‪ (( 960‬للشيخ‬
‫اللباناي حفظه الله ‪.‬‬
‫أقوال أهل الحديث والفقهاء في فقه الحديث‬
‫‪ 1‬ـ قول المام أحمد بن حنبل‬
‫قال الثأرم ‪ :‬قال أبو عبد الله ‪ :‬أما صيام يوم‬
‫السبت ينفرد به فقد جاء فيه حديث الصماء ‪،‬‬
‫وكان يحيى بن سعيد يتقيه ‪ ،‬أي يحدثأني به‬
‫وسمعته من أبي عاصم والمكروه إفراده فإن‬
‫صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرةا‬
‫وجويرية وإن وافق صوما ً لناسان لم يكره لما‬
‫قدمناه ‪.‬‬
‫المغني ) ‪ 98 / 3‬ـ ‪ ، ( 99‬الشرح الكبير ) ‪/ 3‬‬
‫‪( 108‬‬
‫)‪ (2‬قول الثأرم ) وهو أبو بكر أحمد بن محمد‬
‫ابن هانائ (‬
‫قال أبو بكر الثأرم في كتابه )) نااسخ الحديث‬
‫ومنسوخه (( الجزء الثالث الورقة ) ‪ /1‬أ ـ‬
‫مخطوط (‬
‫باب صوم السبت‬
‫روى ثأور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد‬
‫الله ابن بسر عن أخته الصماء أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ )) :‬ل تصوموا يوم السبت‬
‫إل فيما افترض عليكم (( ‪.‬‬
‫فجاء هذا الحديث ثأم خالفته الحاديث كلها ‪.‬‬
‫فمن ذلك حديث علي وأبي هريرةا وجندب أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم المحرم ‪.‬‬
‫ففي المحرم السبت ‪ ،‬وليس فيما افترض ‪.‬‬
‫)‪ (1‬وقد ذكر ابن قدامه قول المام أحمد هذا‬
‫بعد قوله ‪ )) :‬فصل (( قال أصحابنا يكره إفرادُ‬
‫يوم السبت بالصوم لما روي عبد الله بن بسر ‪::‬‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫ومن ذلك حديث أم سلمة وعائشة وأسامة بن‬
‫زيد وأبي ثأعلبة وابن عمر )) أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم كان يصوم شعبان (( ‪.‬‬
‫وحديث ‪ ( 2)..‬وجابر وأبي هريرةا أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ )) :‬من صام رمضان واتبعه‬
‫ستا ً فكأناما صام الدهر (( ‪.‬‬
‫وقد يكون فيها السبت ‪.‬‬
‫ومن ذلك الحاديث الكثيرةا عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أمر بصوم شعبان )‪(3‬‬
‫وفيه السبت ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ قول الترمذي في سننه ) ‪ 111 / 3‬ـ شاكر ( ‪:‬‬
‫ومعنى الكراهية في هذا ‪ :‬أن يخص الرجل يوم‬
‫السبت بصيام لن اليهود ُتعظم يوم السبت ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ قول أبي داود ‪:‬‬
‫بوب أبو داود عليه ) ‪ ( 805 / 2‬باب النهي أن‬
‫يخص يوم السبت بصوم ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ قول النسائي ‪:‬‬
‫)) أحمد بن شعيب ((‬
‫بوب في سننه الكبرى )) ‪ : (( 145 / 2‬الرخصة‬
‫في صيام يوم السبت ‪.‬‬
‫ثأم روى بسنده عن جنادةا الزدي أناهم ‪ :‬دخلوا‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثأماناية‬
‫نافر وهو ثأامنهم فقرب إليهم رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم طعاما ً يوم جمعة ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫)) كلوا (( قالوا ‪ :‬صيام ‪ ،‬قال ‪ )) :‬صمتم‬
‫أمس ؟ (( قالوا ‪ :‬ل ‪ ،‬قال )) فصائمون غدا ً ؟ ((‬
‫قالوا ‪ :‬ل ‪ ،‬قال )) فأفطروا (( ] عزاه الحافظ‬
‫ابن حجر في الصابة ) ‪ ( 256 / 1‬إلى أحمد‬
‫البغوي ‪ ،‬وصححه ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ قول الطحاوي ‪:‬‬
‫قال الطحاوي بعد أن روى حديث عبد الله بن‬
‫بسر السابق ‪ :‬فذهب قوم إلى هذا الحديث‬
‫فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا ً ‪.‬‬
‫وخالفهم في ذلك آخرون ‪ ،‬فلم يروا بصومه‬
‫باسا ً ‪.‬‬
‫وكان من الحجة عليهم في ذلك ‪ :‬أناه قد جاء‬
‫الحديث عن رسول الله صلى عليه وسلم أناه‬
‫ناهى عن صوم يوم الجمعة إل أن يصام قبله‬
‫يوم ‪ ،‬أو بعده يوم ‪ .‬وقد ذكرناا ذلك بأسانايد فيما‬
‫تقدم من كتابنا هذا فاليوم الذي بعده هو يوم‬
‫السبت‬
‫ففي هذه الثأار المروية في هذا إباحة صوم‬
‫السبت تطوعا ً ‪ ،‬وهي أشهر وأظهر في أيدي‬
‫العلماء ‪ ،‬من هذا الحديث الشاذ الذي خالفها ‪.‬‬
‫وقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم في‬
‫صوم عاشوراء وحض عليه ولم يقل ‪ :‬إن كان‬
‫يوم السبت فل تصوموه‬
‫ففي ذلك دليل على دخول كل اليام فيه ‪.‬‬
‫وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫)) أحب الصيام إلى الله عز وجل ‪ ،‬صيام داود‬
‫عليه السلم ‪ ،‬كان يصوم يوما ً ويفطر يوما ً ((‬
‫الحديث في الصحيحين عن ابن عمرو رضي الله‬
‫عنهما ‪.‬‬
‫)‪ (2‬طمس بالمخطوطة بمقدار كلمتين أو ثألثا ‪،‬‬
‫ولعله حديث أبي أيوب وثأوبان كما ذكره في‬
‫موضع آخر من المخطوط ‪.‬‬
‫)‪ (3‬إناما ثأبت في الحاديث الصحيحة كثرةا صومه‬
‫في شعبان أما المر بصيامه فلم يصح عنه فيما‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫ففي ذلك أيضا ً التسوية بين يوم السبت وبين‬
‫سائر اليام‬
‫وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ً‬
‫بصيام أيام البيض ‪ ،‬وروى عنه في ذلك ما‬
‫حدثأنا ‪ ..‬عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال لرجل أمره بصيام ثألثا عشرةا وأربع‬
‫عشرةا وخمس عشرةا ‪ ] .‬رواه أحمد والترمذي‬
‫والنسائي وابن ماجة ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ :‬حديث‬
‫حسن ‪.‬‬
‫وعن عبد الملك بن قتادةا بن ملحان القيسي عن‬
‫أبيه قال ‪ )) :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يأمرناا أن ناصوم ليالي البيض ‪ :‬ثألثا عشر‬
‫وأربع عشرةا وخمس عشرةا وقال ‪ :‬هي كهيأةا‬
‫الدهر (( ] ورواه أيو داود والنسائي وسنده‬
‫حسن [‬
‫وقد يدخل السبت في هذه ‪ ،‬كما يدخل فيها‬
‫غيره من سائر اليام ‪.‬‬
‫ففيها أيضا ً إباحة صوم يوم السبت تطوعا ا هـ‬
‫] شرح معاناي الثأار ) ‪ 80 / 2‬ـ ‪ [ 81‬اختصار‬
‫يسير ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ قول ابن خزيمة‬
‫وقال ابن خزيمة في صحيحة ) ‪ : ( 316 / 3‬باب‬
‫النهي عن صوم يوم السبت تطوعا ً إذا أفرد‬
‫بالصوم بذكر خبر مجمل غير مفسر بلفظ عام‬
‫مراده خاص ‪ ،‬وأحسب أن النهي عن صيامه ‪ ،‬إذ‬
‫اليهود ُتعظمه وقد اتخذته عيدا ً بدل الجمعة ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬باب ذكر الدليل على أن النهي عن‬
‫صوم يوم السبت تطوعا ً إذا أفرد بصوم ‪ ،‬ل إذا‬
‫صام صائم يوما ً قبله أو يوم بعده ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في النهي عن صوم يوم الجمعة إل أن يصام‬
‫قبله أو بعده يوما ً دللة على أناه قد أباح يوم‬
‫السبت إذا صام قبله يوم الجمعة أو بعده يوما ً ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬باب الرخصة في يوم السبت إذا صام‬
‫يوم الحد بعده ‪ :‬ثأم ذكر حديث كريب مولى ابن‬
‫عباس ‪ :‬أن ابن عباس ونااسا ً من أصحاب كان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوناي إلى أم‬
‫سلمة أسألها اليام كان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أكثر لها صياما ً ‪ ،‬قالت ‪ :‬يوم السبت‬
‫والحد ‪ ،‬فرجعت إليهم فأخبرتهم وكأناهم أناكروا‬
‫ذلك ‪ ،‬فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا ‪ :‬إناا بعثنا‬
‫إليك هذا في كذا وكذا وذكر أناك قلت كذا وكذا ‪،‬‬
‫فقالت صدق ‪ ،‬إن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أكثر ماكان يصوم من اليام يوم السبت‬
‫والحد ‪ ،‬كان يقول ‪:‬إناهما يوما عيد للمشركين ‪،‬‬
‫وأناا أريد أن أخالفهم (( )‪(4‬‬

‫‪ 4‬ـ إسناده حسن ‪ ،‬وأخرجه عن ابن خزيمة ابن‬


‫حبان في صحيحة ) ‪ 941‬ـ زوائد ( وأخرجه أحمد‬
‫) ‪ 323 / 6‬ـ ‪ ( 324‬والنسائي في الكبرى ) ‪/ 2‬‬
‫‪ ( 146‬وابن شاهين في نااسخ الحديث ) ‪( 399‬‬
‫والحاكم ) ‪ ( 436 / 1‬وعنه البيهقي ) ‪( 303 / 4‬‬
‫والطبراناي في الكبير ـ كما في المجمع ) ‪/ 3‬‬
‫‪ ( 198‬ولم أجده في المطبوع ـ كلهم عن عبد‬
‫الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن‬
‫كريب به ‪.‬صححه الحاكم ‪ ،‬ووافقه الذهبي !‬
‫وإناما هو حسن ‪ ،‬فإن عبد الله بن محمد بن عمر‬
‫قال فيه ابن المديني ‪ :‬هو وسط وقال ابن‬
‫سعد ‪ :‬كان قليل الحديث ‪ ،‬وذكره ابن حبان في‬
‫الثقات ‪ ،‬وقال الحافظ ابن حجر ‪ :‬مقبول !‬
‫وقال الذهبي في الكاشف ‪ :‬ثأقة !‬
‫واناما هو حسن الحديث ‪ ،‬كما تدل عليه عبارةا‬
‫ابن المديني ‪.‬‬
‫وأبوه محمد بن عمر بن علي أبو عبد الله‬
‫الهاشمي وهو ابن عم زين العابدين علي بن‬
‫الحسين وكان يشبه بجده المام علي بن ابي‬
‫طالب رضي الله عنه ‪.‬‬
‫قال ابن سعد ‪ :‬وكان قليل الحديث ‪ ،‬وذكره ابن‬
‫حبان في الثقات ‪.‬‬
‫وقال الذهبي في الميزان ) ‪ : ( 668 / 3‬ما‬
‫علمت به بأسا ً ول رأيت لهم فيه كلما ً ‪ ،‬وقد‬
‫روى له أصحاب السنن الربعة فما استنكر له‬
‫حديث ‪ .‬وقال الحافظ ‪ :‬مقبول !واختلف فيه ابن‬
‫القطان فمرةا ضعفه ومرةا قال ‪ :‬فأرى حديثه‬
‫حسنا ً ) يعني حديثنا هذا ( ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ قول ابن حبان ‪:‬‬
‫قال ابن حبا في صحيحه )) ‪ : (( 250 / 5‬فصل‬
‫في صوم يوم السبت ‪ )) :‬ذكُر الزجر عن صوم‬
‫يوم السبت مفردا ً (( ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق ‪ ،‬ثأم‬
‫عقبه بقوله ‪ )) :‬ذكر العلة التي من أجلها ناهي‬
‫عن صيام يوم السبت مع البيان بأناه إذا قرن‬
‫بيوم آخر جاز صومه (( ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث أم سلمة السابق ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ قول ابن شاهين ) عمر بن أحمد (‬
‫ذكر ابن شاهين في كتابه ‪ )) :‬نااسخ الحديث‬
‫ومنسوخة (( حديث ابن بسر ثأم ذكر حديث أم‬
‫سلمة ثأم قال ‪ )) :‬وليس هذا الحديث بخلفا‬
‫الول ‪ ،‬لن ذلك الحديث ناهى عن صوم يوم‬
‫السبت مفردا ً وهذا مقرون بالحد ((‬
‫‪ 10‬ـ قول البيهقي ‪:‬‬
‫قال البيهقي في سننه الكبرى ) ‪: ( 302 / 4‬‬
‫)) باب ما ورد من النهي عن تخصيص يوم‬
‫السبت بالصوم (( ‪.‬‬
‫ثأم ذكر حديث عبد الله بن بسر السابق ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ )) :‬وقد مضى في حديث جويرية بنت‬
‫الحارثا رضي الله عنها في الباب قبله مادل‬
‫على جواز صوم يوم السبت ‪ ،‬وكأناه أراد بالنهي‬
‫تخصيصه بالصوم على طريق التعظيم له ‪ ،‬والله‬
‫اعلم (( ‪.‬‬
‫ثأم استدل بحديث أم سلمة رضي الله عنها ‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ قول البغوي‬
‫)) الحسين بن مسعود الفراء (( ‪:‬‬
‫قال في شرح السنة )) ‪: (( 361 / 6‬‬
‫)) باب كراهية صوم يوم السبت وحده (( ‪.‬‬
‫ثأم ساق حديث عبد الله بن بسر ‪.‬‬
‫وعقبه بقوله ‪ )) :‬ومعنى الكراهية في تخصيص‬
‫يوم السبت بالصوم أناه يوم تعظمه اليهود (( ‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ قول الحافظ المنذري‬
‫) عبد العظيم بن عبد القوي ( ‪:‬‬
‫قال المنذري في كتابه )) الترغيب والترهيب من‬
‫الحديث الشريف (( ) ‪ ( 128 / 2‬بعد أن ذكر‬
‫حديث ابن بسر ‪ )) :‬وهذا النهي إناما هو عن‬
‫إفراده بالصوم لما تقدم من حديث أبي هريرةا ‪:‬‬
‫)) ل يصوم أحدكم يوم الجمعة إل أن يصوم يوما ً‬
‫قبله أو بعده (( فجاز إذا ً صومه (( ‪.‬ثأم ذكر حديث‬
‫أم سلمة رضي الله عنها ‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ قول المناوي ‪:‬‬
‫)) محمد عبد الرؤوفا المناوي (( ‪:‬‬
‫قال في شرحه للحديث )) ل تصوموا يوم السبت‬
‫إلفي فريضة ‪ )) : (( ..‬وهذا النهي للتنزيه ل‬
‫للتحريم ‪ ،‬والمعنى فيه ‪ :‬إفراده كما في‬
‫الجمعة ‪ ،‬بديل حديث )) صيام يوم السبت ل لك‬
‫ول عليك (( وهذا شأن المباح ‪ ،‬والدليل على أن‬
‫المراد إفراده بالصوم حديث عائشة )) إناه كان‬
‫يقوم شعبان كله (( وقوله )) إل في فريضة ((‬
‫يحتمل أن يراد ما فرض بأصل الشرع كرمضان ل‬
‫بالتزام كنذر ويحتمل العموم (( ] فيض القدير‬
‫‪. [ 408 / 6‬‬
‫‪ 14‬ـ قول ابن القيم‬
‫) أبو بكر محمد بن عبد الله (‬
‫وقال ابن القيم في تهذيب سنن ابي داود ) ‪/ 3‬‬
‫‪ 297‬ـ ‪: ( 301‬‬
‫وقد اشكل هذا الحديث على الناس قديما ً وحديثا ً‬
‫فقال ابو بكر الثأرم سمعت أبا عبدا لله يسأل‬
‫عن صيام يوم السبت ‪ ) ..‬فذكر ناحو الكلم الذي‬
‫سقناه في أول البحث عن المام أحمد والثأرم (‬
‫‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬واحتج الثأرم بما ذكر في النصوص‬
‫المتواترةا على صوم يوم السبت ‪ ،‬يعني أن يقال‬
‫‪ :‬يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما‬
‫إذا صامه مع غيره وحديث النهي على صومه‬
‫وحده ‪ ،‬وعلى هذا تتفق النصوص ‪.‬‬
‫وهذه طريقة جيدةا ‪ ،‬لول أن قوله في الحديث ))‬
‫ل تصوموا يوم السبت إل فيما افترض عليكم ((‬
‫دليل على المنع من صومه في غير الفرض‬
‫مفردا ً أو مضافا ‪ ،‬لن الستثناء دليل التناول ‪،‬‬
‫وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور‬
‫صومه ‪ ،‬إل بصورةا الفرض ‪ ،‬ولوكان إناما يتناول‬
‫صورةا الفراد ‪ ،‬لقال ‪ :‬ل تصوموا يوم السبت إل‬
‫أن تصوموا يوما ً قبله أويوما ً بعده ‪ ،‬كما قال في‬
‫الجمعة فلما خص الصورةا المأذون في صومها‬
‫بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها ‪.‬‬
‫وقد ثأبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من‬
‫الحاديث وغيرها ‪ ،‬كقوله في يوم الجمعة )) إل‬
‫أن تصوموا يوما ً قبله ‪ ،‬أويوما ً بعده (( فدل على‬
‫أن الحديث غير محفوظ ‪ ،‬وأناه شاذ ‪ .‬وقد قال‬
‫أبو داود ‪ :‬قال مالك هذا كذب ‪ ،‬وذكر بإسناده‬
‫عن الزهري ‪ :‬أناه كان إذا ذكر له النهي عن صيام‬
‫يوم السبت ‪ ،‬يقول ‪ :‬هذا حديث حمصي ‪ ،‬وعن‬
‫الوزاعي قال ‪ :‬مازلت كاتما ًَ له حتى رأيته اناتشر‬
‫‪ ،‬يعني حديث ابن بسر هذا ]سنن أبي داود ) ‪/ 2‬‬
‫‪ 806‬ـ ‪. [ ( 807‬‬
‫وقالت طائفة ‪ ،‬منهم أبو داود ‪ :‬هذا حديث‬
‫منسوخ ] المصدر السابق [ ‪.‬‬
‫وقالت طائفة ‪ ،‬وهم أكثر أصحاب أحمد ‪ :‬محكم‬
‫وأخذوا به في كراهية إفراده بالصوم ‪ ،‬وأخذوا‬
‫بسائر الحاديث في صومه مع ما يليه ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وجواب أحمد يدل على هذا التفصيل ‪،‬‬
‫فإناه سئل في رواية الثأرم عنه ؟ فأجاب‬
‫بالحديث ‪ ،‬وقاعدةا مذهبه ‪ :‬أناه أذا سئل عن حكم‬
‫فأجاب فيه بنص يدل على أن جوابه بالنص دليل‬
‫على أناه قائل به ‪ ،‬لناه ذكره في معرض الجواب‬
‫فهو متضمن للجواب والستدلل معا ً ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وأما ما ذكره عن يحيى بن سعيد ‪ :‬فإناما‬
‫هو بيان لما وقع من الشبهة في الحديث ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬وإسناده صحيح ‪ ،‬ورواته غير مجروحين‬
‫ولمتهمين ‪ ،‬وذلك يوجب العمل به ‪ ،‬وسائر‬
‫الحاديث ليس فيها ما يعارضه ‪ ،‬لناها تدل على‬
‫صومه مضافا ً ‪ ،‬فيحمل النهي على صومه مفردا ً‬
‫كما ثأبت في يوم الجمعة ‪.‬‬
‫وناظير هذا الحكم أيضا ً ‪ :‬كراهية إفراد رجب‬
‫بالصوم وعدم كراهيته موصول ً بما قبله أو بعده‬
‫)‪. (5‬‬
‫وناظيره أيضا ً ‪ :‬ما حمل المام أحمد عليه حديث‬
‫العلء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرةا‬
‫في النهي عن الصوم بعد اناتصافا شعبان ‪ :‬أناه‬
‫النهي عن ابتداء الصوم فيه ‪ ،‬وأما صومه مع ما‬
‫قبله من ناصفه الول ‪ ،‬فليكره ‪.‬‬
‫)‪ (5‬لم يصح في فضل صيام شهر رجب شيء‬
‫من الحديث ‪ .‬وللحافظ ابن حجر رسالة باسم‬
‫)) تبيين العجب بما ورد في فضل رجب (( ذكر‬
‫فيها ما ورد في فضله من الحاديث الضعيفة‬
‫والموضوعة ‪.‬‬
‫قالوا وقد جاء هذا مصرحا ً به في صوم يوم‬
‫السبت ففي مسند المام أحمد من حديث ابن‬
‫لهيعة ‪ :‬حدثأنا موسى بن وردان عن عبيد العرج‬
‫حدثأتني جدتي يعني الصماء )‪ 0‬أناها دخلت على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت ‪،‬‬
‫وهو يتغدى ‪ ،‬فقال ‪ :‬تعالي تغدي فقالت ‪ :‬إناي‬
‫صائمة ‪ ،‬فقال لها ‪ :‬أصمت أمس ؟ قالت ‪ :‬ل‬
‫قال ‪ :‬كلي فأن صيام يوم السبت للك ‪ ،‬ول‬
‫عليك (( وهذا ـ وإن كان في إسناده من ل يحتج‬
‫به إذا انافرد لكن يدل عليه ما تقدم من الحاديث‬
‫)‪(6‬‬
‫وعلى هذا ‪ :‬فيكون معنى قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم )) ل تصوموا يوم السبت (( أي ل تقصدوا‬
‫صومه بعينه إل في الفرض فإن الرجل يقصد‬
‫صومه بعينه ‪ ،‬بحيث لو لم يجب عليه إل صوم‬
‫يوم السبت ‪ ،‬كمن أسلم ولم يبق من الشهر إل‬
‫يوم السبت ‪ ،‬فإناه يصومه وحده ‪.‬وأيضا ً فقصده‬
‫بعينه في الفرض ل يكره ‪ ،‬بخلفا قصده بعينه‬
‫في النفل ‪ ،‬فإناه يكره ول تزول الكراهة إل بضم‬
‫غيره إليه ‪ ،‬أو موافقته عادةا ‪ ،‬فالمزيل للكراهة‬
‫في الفرض مجرد كوناه فرضا ً ‪ ،‬ل المقارناة بينه‬
‫وبين غيره وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم‬
‫غيره إليه أو موافقته عادةا ‪ ،‬وناحو ذلك ‪.‬قالوا ‪:‬‬
‫وأما قولكم ‪ :‬إن الستثناء دليل التناول ـ إلى‬
‫آخره ـ فلريب أن الستثناء أخرج صورةا الفرض‬
‫من عموم النهي ‪،‬فصورةا القتران بما قبله‬
‫أوبما بعده أخرجت بالدليل الذي تقدم ‪ ،‬فكل‬
‫الصورتين مخرج ‪ :‬أما الفرض ‪ :‬فبالمخرج‬
‫المتصل ‪ ،‬وأما صومه مضافأ فبالمخرج المنفصل‬
‫‪ ،‬فبقيت صورةا الفراد ‪ ،‬واللفظ متناول لها ‪،‬‬
‫ول مخرج لها من عمومه ‪ ،‬فيتعين حمله عليها)‬
‫‪ (7‬ثأم اناتقل ابن القيم للكلم على سبب كراهية‬
‫صومه منفردا ً فقال ‪:‬ثأم اختلف هؤلء في تعليل‬
‫الكراهة ‪ ،‬فعللها ابن عقيل ‪ :‬بأناه يوم يمسك فيه‬
‫اليهود ‪ ،‬ويخصوناه بالمساك ‪ ،‬وهو ترك العمل‬
‫فيه ‪ ،‬والصائم في مظنة ترك العمل ‪ ،‬فيصير‬
‫صومه تشبها بهم ‪ ،‬وهذه العلة منتفية في‬
‫الحد ‪.‬وليقال ‪ :‬فهذه العلة موجودةا إذا صامه‬
‫مع غيره ومع هذا فإناه ل يكره ‪ ،‬لناه إذا صامه مع‬
‫غيره لم يكن قاصدا ً تخصيصه المقتضى للتشبه ‪،‬‬
‫وشاهده ‪ :‬استحباب صوم يوم قبل عاشوراء‬
‫وبعده إليه ‪ ،‬لتنتفي صورةا الموافقة ‪.‬وعلله‬
‫طائفة أخرى ‪ :‬بأناه يوم عيد لهل الكتاب‬
‫يعظموناه ‪ ،‬فقصده بالصوم دون غيره يكون‬
‫تعظيما ً له فكره ذلك ‪ ،‬كما كره إفراد يوم‬
‫عاشوراء بالتعظيم ‪ ،‬لما عظمه أهل الكتاب ‪،‬‬
‫وإفراد رجب أيضا ً لما عظمه المشركون ‪ ،‬وهذا‬
‫التعليل قد تعارض بيوم الحد ‪ ،‬فإناه يوم عيد‬
‫للنصارى ‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫)) اليوم لنا ‪ ،‬وغدا ً لليهود ‪ ،‬وبعد غد للنصارى ((‬
‫ومع ذلك فليكره صومه ‪.‬وأيضا ً فإذا كان يوم‬
‫عيد ‪ ،‬فقد يقال ‪ :‬مخالفتهم فيه يكون بالصوم ل‬
‫بالفطر ‪ ،‬فالصوم فيه تحقيق للمخالفة ويدل‬
‫على ذلك ‪ :‬ما رواه المام أحمد والنسائي‬
‫وغيرهما من حديث كريب مولى ابن عباس قال‬
‫)) أرسلني ابن عباس ونااس من اصحاب النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أسألها ‪ :‬أي‬
‫اليام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها‬
‫صياما ً ؟ فقالت ‪ :‬كان يصوم السبت ويوم الحد‬
‫أكثر ما يصوم من اليام ‪ ،‬ويقول إناهما يوما عيد‬
‫للمشركين ‪ ،‬فأناا أحب أن أخالفهم (( وصححه‬
‫بعض الحفاظ ‪ ،‬فهذا ناص في استحباب صوم يوم‬
‫عيدهم لجل مخالفتهم ‪ ،‬فكيف ناعلل كراهة‬
‫صومه بكوناه عيدا ً لهم ؟وفي جامع الترمذي عن‬
‫عائشة قالت ‪ )) :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يصوم من الشهر السبت والحد ‪ ،‬والثأنين‬
‫‪ ،‬ومن الشهر الخر الثلثأاء والربعاء ‪،‬‬
‫والخميس (( قال الترمذي ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وقد‬
‫روى ابن مهدي هذا الحديث عن سفيان ‪ ،‬ولم‬
‫يرفعه وهذان الحديثان ليسا بحجة على من كره‬
‫إفراد السبت بصوم ‪.‬‬
‫)‪ (6‬وهذا الكلم متين ‪ ،‬تجتمع به ‪ ،‬الدلة وهو‬
‫اختيار ابن القيم كما يدل عليه السياق وصرح به‬
‫في الزاد ) ‪ 79 /2‬ـ ‪. ( 80‬‬
‫)‪ (7‬سنن الترمذي )‪ ( 746‬وقال الحافظ في‬
‫الفتح ) ‪ : ( 227 / 4‬وروي موقوفا ً وهو أشبه ‪.‬‬
‫وقال وكأن الغرض به أن يستوعب غالب أيام‬
‫السبوع بالصيام وقال القاري ‪ :‬مراعاةا للعدالة‬
‫بين اليام فلناها أيام الله تعالى ‪ ،‬ول ينبغي‬
‫هجران بعضها لناتفاعنا بكلها وقال الطيبي ‪:‬‬
‫وقد ذكر الجمعة في الحديث السابق ) وهو ‪:‬‬
‫حديث ابن مسعود وقلما كان يفطر يوم الجمعة‬
‫فكان يستوفي أيام السبوع بالصيام وقال ابن‬
‫الملك اراد عليه الصلةا والسلم أن يبين سنة‬
‫صوم جميع السبوع وإناما لم يصم صلى الله‬
‫عليه وسلم الستة المتوالية كيل يشق على المة‬
‫القتداء به رحمة لهم وشفقة عليهم ‪ .‬قلت وهذا‬
‫كله متوقف على صحة الحديث ‪ ،‬وفيه ناظر كما‬
‫سبق ‪.‬‬
‫وعلله طائفة ‪ :‬بأناهم يتركون العمل فيه ‪،‬‬
‫والصوم مظنة ذلك ‪ ،‬فإناه إذا ضم إليه الحد زال‬
‫الفراد المكروه وحصلت المخالفة بصوم يوم‬
‫فطرهم ‪ ،‬وزال عنها صورةا التعظيم المكروه‬
‫بعدم التخصيص المؤذن بالتعظيم ‪ ،‬فاتفقت‬
‫بحمد الله الحاديث ‪ ،‬وزال عنها الضطراب‬
‫والختلفا ‪ ،‬وتبين تصديق بعضها بعضا ً ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬فما تقولون في صوم يوم النيروز‬
‫والمهرجان وناحوهما من أعياد المشركين ؟‬
‫قيل ‪ :‬قد كرهه كثير من العلماء ‪ ،‬واكثر أصحاب‬
‫أحمد على الكراهة ‪ ،‬قال أحمد ‪ ،‬في رواية ابنه‬
‫عبد الله ‪ :‬حدثأنا وكيع عن سفيان عن رجل عن‬
‫أناس والحسن ‪ :‬أناهما كرها صوم يوم النيروز‬
‫والمهرجان ‪ ،‬قال عبد الله ‪ :‬قال أبي ‪ :‬الرجل ‪:‬‬
‫أبان بن أبي عياش ‪.‬‬
‫فلما أجاب أحمد بهذا الجواب لمن سأله عن‬
‫صيام هذين اليومين ‪ ،‬دل ذلك ذلك على أناه‬
‫اختاره ‪ ،‬وهذه إحدى الطريقتين لصحابه في‬
‫مثل ذلك ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬ل يكون هذا اختيارا ً له ‪ ،‬ول ينسب إليه‬
‫القول الذي حكاه ‪ ،‬وأكثر الصحاب على‬
‫الكراهة ‪ ،‬وعللوا ذلك بأناهما يومان يعظمهما‬
‫الكفار ‪ ،‬فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما‬
‫موافقة لهم في تعظيمهما ‪ ،‬فكره كيوم‬
‫السبت ‪ ،‬قال صاحب المغني ‪ :‬وعلى قياس هذا ‪:‬‬
‫كل عيد الكفار ‪ ،‬أو يوم يفردوناه بالتعظيم ‪.‬‬
‫قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية ‪ ،‬قدس الله‬
‫روحه ‪ :‬وقد يقال ‪ :‬يكره صوم يوم النيروز‬
‫والمهرجان وناحوهما من اليام التي لتعرفا‬
‫بحساب العرب ‪ ،‬بخلفا ما جاء في الحديث من‬
‫يوم السبت والحد ‪ ،‬لناه إذا قصد صوم مثل هذه‬
‫اليام العجمية‬
‫أو الجاهلية ‪ ،‬كان ذريعة إلى إقامة شعار هذه‬
‫اليام وإحياء أمرها ‪ ،‬وإظهار حالها بخلفا‬
‫السبت والحد ‪ ،‬فإناهما من حساب المسلمين ‪،‬‬
‫فليس في صومهما مفسدةا ‪ ،‬فيكون استحباب‬
‫صوم أعيادهم المعروفة بالحساب العربي‬
‫السلمي ‪ ،‬مع كراهة العياد المعروفة بالحساب‬
‫الجاهلي العجمي ‪ ،‬توفيقا ً بين الثأار ‪ ،‬والله اعلم‬
‫اناتهى ‪.‬‬
‫ـ قول أبي داود في ناسخ الحديث‬
‫) حديث عبد الله بن بسر ( ‪:‬‬
‫قال أبو داود في سننه ) ‪ ( 806 / 2‬بعد روايته‬
‫لهذا الحديث ‪ :‬وهذا الحديث منسوخ ا هـ ‪.‬‬
‫لم يذكر ذلك أحد ممن ألف في الناسخ‬
‫والمنسوخ كأبي بكر محمد بن موسى الحازمي‬
‫في كتابه )) العتبار في الناسخ والمنسوخ من‬
‫الثأار (( وأبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين‬
‫في كتابه )) نااسخ الحديث ومنسوخة (( وأبي‬
‫إسحاق برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري‬
‫المتوفى سنة ‪732‬هـ في كتابه )) رسوخ الحبار‬
‫في منسوخ الخبار (( ‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في )) تلخيص الحبير (( )‬
‫‪ : ( 216 / 2‬وادعي أبو داود أن هذا منسوخ‬
‫) يعني حديث ابن بسر ( وليتبين وجه النسخ‬
‫فيه ‪.‬‬
‫ثأم قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يمكن أن يكون أخذه من كوناه‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل‬
‫الكتاب في أول المر ‪ ،‬ثأم في آخر أمره قال ‪:‬‬
‫خالفوهم ‪ ،‬فالنهي عين صوم يوم السبت يوافق‬
‫الحالة الولى ‪ ،‬وصيامه إياه يوافق الحالة‬
‫الثاناية ‪.‬‬
‫وهذه صورةا النسخ ‪ ،‬والله اعلم ا هـ ‪.‬‬
‫] من فتاوى العلماء المعاصرين [ ‪:‬‬
‫ـ سئل فضيلة الشخ الفقيه ‪ /‬عبد العزيز ابن باز‬
‫ة واسعة ‪:‬‬
‫رحمه الله رحم ً‬
‫سؤال ‪ :‬ماهي اليام التي يكره فيها الصيام ؟‬
‫الجواب ‪ :‬اليام التي ينهى عن الصيام فيها يوم‬
‫الجمعة حيث ل يجوز أن يصوم يوم الجمعة مفردا ً‬
‫يتطوع بذلك لن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫ناهى عن ذلك وهكذا ل يفرد يوم السبت تطوعا ً‬
‫ولكن إذا صام الجمعة ومعها السبت أو معها‬
‫الخميس فلبأس كما جاءت بذلك الحاديث عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ينهى‬
‫عن صوم يوم عيد الفطر وذلك محرم ‪ ،‬وكذلك‬
‫يوم عيد النحر وأيام التشريق كلها ل تصام لن‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ناهى عن ذلك إل‬
‫أن أيام التشريق قد جاء ما يدل على جواز‬
‫صومها عن هدي التمتع والقران خاصة لمن ل‬
‫يستطع العدي لما ثأبت في البخاري عن عائشة‬
‫رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما قال ‪:‬‬
‫)) لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إل لمن‬
‫لم يجد الهدي (( أما كوناها تصام تطوعا ً أو‬
‫لسباب أخرى فل يجوز كيوم العيد وهكذا يوم‬
‫الثلثأين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلل فإناه‬
‫يوم شك ل يجوز صومه في أصح قولي العلماء‬
‫سواء كان صحوا ً أو غيما للحاديث الصحيحة‬
‫الدالة على النهي عن ذلك والله ولي التوفيق‬
‫] فتاوى إسلمية ) ‪ ( 168 / 2‬جمع محمد المسند‬
‫‪.‬‬
‫ـ وسئل فضيلة الشيخ ‪ /‬محمد بن صالح العثيمين‬
‫حفظه الله تعالى عن هذه المسألة ‪ ،‬فقال‬
‫السائل ‪:‬‬
‫سؤال ‪ :‬قال صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬ل‬
‫تصوموا يوم السبت إل فيما افترض عليكم ‪ ،‬فإن‬
‫لم يجد أحدكم إل لحاء عنب أوعود شجر‬
‫فليمضغها (( رواه الخمسة ‪.‬‬
‫وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬كان أكثر ما يصوم من‬
‫اليام يوم السبت ويوم الحد ‪ ،‬وكان يقول ‪:‬‬
‫إناهما يوما عيد للمشركين ‪ ،‬وأناا أريد أن أخالفهم‬
‫(( أخرجه النسائي ‪.‬‬
‫أفيدوناا عن معنى هذين الحديثين جزاكم الله‬
‫خيرا ً ؟‬
‫الجواب ‪ :‬الحديث الول هو عن صيام يوم السبت‬
‫اختلف العلماء في تصحيحه فمنهم من صححه ‪،‬‬
‫ومنهم من ضعفه ‪ ،‬والذين صححوه قال‬
‫بعضهم ‪ :‬إناه منسوخ وقال بعضهم ‪ :‬إن النهي‬
‫عن إفراده فقط ‪ ،‬فأما لو صامه هو ويوم الحد‬
‫فلناهي في ذلك ‪ ،‬وعلى هذا فل يعارض الحديث‬
‫الثاناي ‪ ،‬الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كان أكثر ما يصوم هو يوم السبت والحد ‪.‬‬
‫وعلى كل حال فإن أهل العلم اختلفوا في صوم‬
‫يوم السبت ‪ ،‬فمهم من قال ‪ :‬إناه ليس بمكروه‬
‫وأطلق ‪ ،‬ومنهم من فصل فقال ‪ :‬إن أفرد فهو‬
‫مكروه ‪ ،‬وإن جمع مع يوم الحد الذي بعده ‪ ،‬أو‬
‫يوم الجمعة الذي قبله فلكراهة في ذلك وهذا‬
‫هو القرب ‪ ،‬والله اعلم ‪ ] .‬فتاوى منار السلم )‬
‫‪ 365 / 2‬ـ ‪. ( 366‬‬
‫خلصة البحث‬
‫‪ 1‬ـ يتضح مما سبق من أقوال أهل العلم‬
‫والفقهاء أن صيام السبت مفردا ً منهي عنه بنص‬
‫حديث عبد الله بن بسر ‪ ،‬وهو حديث صحيح ‪ ،‬وقد‬
‫أعل بما ل يقدح في صحته ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وأما صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم‬
‫بعده فلشيء فيه ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وكذا صيامه إن وافق صوما ً يصومه الناسان‬
‫كمثل من يصوم يوما ً ويفطر يوما ً ‪ ،‬فوافق‬
‫صيامه السبت ‪ ،‬أو وافق يوم السبت عرفة أو‬
‫عاشوراء وناحو ذلك مما تقدم بياناه بالتفصيل ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن العلة في المنع من إفراد السبت بالصيام‬
‫تعظيم هذا اليوم وهو يوم يعظمه اليهود ‪ ،‬وهذا‬
‫العلة تزول بصيام يوم قبله أو بعده ‪.‬‬
‫هذا آخر ماتم جمعه وتيسر ناظمه في هذا البحث‬
‫المختصر ‪..‬‬
‫والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى‬
‫الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬

You might also like