Professional Documents
Culture Documents
Kelamtarh 1
Kelamtarh 1
التعريف األول:
يعرف الجرجاني علم الكالم بأنه( :علم يبحث في ذات هللا تعالى وصفاته وأحوال
الممكنات من المبدإ والمعاد على قانون اإلسالم)
األول :أن من أهم المباحث في علم الكالم ما يتعلق بأحوال الخلق من المبدأ والمعاد ،وأن هذا
واقع على قانون اإلسالم ،الذي يقضي بأن المتفرد بالخلق هو هللا وحده ال شريك له.
الثاني :أن المقصود ب"قانون اإلسالم" هو أن علم الكالم يعتمد في أساسه على النقل (القرآن
والسنة) ،إذ بقدر ما يعطي المتكلم مساحة للعقل في االستدالل وتقديم فإنه يعطي نفس المكانة
ينظر انطالقا من عقله المجرد وال يقبل تقييده
للنقل ،وهذا هو الفرق بين الفيلسوف الذي ِّ
بالشرع ،وبين المتكلم الذي يعمل العقل ويعتد بالشرع.
التعريف الثاني:
يعرف بعض المتأخرين علم الكالم تعريفا قريبا من التعريف السابق ولكنه أشمل وأكثر
وضوحاً ،وهو أن علم الكالم" :علم يبحث في ذات هللا وصفاته ،ومسائل النبوة والرسالة،
وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون اإلسالم"
التعريف األول:
المشهور من تعريفات علم الكالم باعتبار غايته هو أنه (استخدام األدلة القطعية إلثبات
العقائد الدينية ودفع الشبه عنها)
التعريف الثاني:
ُعرف البيضاوي األشعري علم الكالم باعتبار غايته بأنه (علم يقتدر معه على إثبات
ي ِّ
العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها)
التعريف الثالث:
يرى ابن خلدون أن علم الكالم هو (علم يتض ّمن الحجاج عن العقائد اإليمانيّة ،باألدلّة
العقليّة ،والر ّد على المبتدعة المنحرفين في االعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنّة)
يُفهم من هذه التعريفات التي تعرف علم الكالم باعتبار غايته أن علم الكالم هو استخدام
األدلة والبراهين للرد على اعتراضات أهل الشبه بإيراد األدلة العقلية والنقلية من القرآن
والسنة ،لهذا السبب هو عل ٌم يعطي مساحة كبيرة للتفكير والجدال.
لهذا هناك فرق في الطبيعة المنهجية بين علم الكالم وعلم التوحيد والعقيدة ،حيث
يعطي علم الكالم مساحة واسعة للنقاش والجدل ،بينما ال وجود للجدل والنقاش في مجال
العقيدة والتوحيد الذي يُنظر فيه إلى اآلية والحديث نظرة تسليم وإيمان مطلق دون جدل أو
نقاش.
ويأتي تعريف الدكتور حسن الشافعي جمعا ً لما تقدم ،ولكن في صيغة أقل تعقيدا فقال:
(علم الكالم هو العلم الذي يبحث في األحكام الشرعية االعتقادية التي تتعلق باإللهيات أو
النبوات أو السمعيات من أجل البرهنة عليها ودفع الشبه عنها).
أوال :موضوع علم الكالم عند المتقدمين قبل اإلمام الغزالي هو ما يتعلق بذات هللا تعالى،
وصفاته ،وأفعاله ،ألنه منذ تاريخ نشأة علم الكالم كان المتكلمون مشغولين بمواضيع
اإللهيات ،لهذا كان الموضوع األساسي لعلم الكالم هو ذات وصفات الباري تعالى.
ثانيا :بعد انتشار كتب الفلسفة المترجمة بين المسلمين تحول موضوع علم الكالم إلى
مسألة "الوجود" ،وقد اعتبر الغزالي أن البحث الفلسفي في مطلق الوجود يختلف عن بحث
الوجود عند المتكلمين الذي يعتمدون على قانون اإلسالم.
ثالثا :توسع موضوع علم الكالم في مرحلة المتأخرين بعد الغزالي ،وتداخلت مباحثه مع
المباحث الفسلفي ة بشكل كامل ،واستخدم المتكلمون المنطق وأدواته ،لذلك دخلت مواضيع
جديدة في علم الكالم ،مثل كل ما يتعلق بـ"العالم الخارجي" من حيث الوجود والعالقة بأصول
وأسس الدين.
تجدر اإلشارة إلى أنه منذ نشأة علم الكالم إلى اليوم بقيت أسسه وقواعده هي ذاتها لم
تتغير ،ألنها مسائل متعلقة بثوابت الدين وأصول العقيدة ،لكن التراكم التاريخي ،واختالف
الثقافات في العصور المختلفة بين مدارس التفكير أدَّى إلى بعض التغيير وورود أسئلة جديدة
بحكم تغير الزمان والمكان.
وعلى تعبير اإلمام الغزالي ،غاية علم الكالم هي :إيجاد العالم المسلم القادر على بيان
أحكام اإلسالم االعتقادية وأصوله الفكرية بالبرهنة عليها وتمييزها عما يغايرها من عقائد
وأصول ورد الشبه عنها.
يرى متأخرو المتلكمين أن علم الكالم هو أشرف العلوم ،واستندوا في هذا الرأي على ما يلي:
-أوال :سعة مواضيع هذا العلم ،وكون أغلب مواضيعه تتعلق بذات هللا وصفاته وأفعاله
حاز الشرف بذلك ،وال شك أن العلوم تشرف وتشرف بحسب مباحثها ومواضيعها.
-ثانيا :وألن األدلة المستخدمة في هذا العلم جمعت بين األدلة العقلية السليمة ،واآليات
واألحاديث الصحيحة ،لذلك نال أهميته من هذا الجمع بين طرفي العقل والنقل.
-ثالثا :علم الكالم له اسم خاص تميز به ،أال وهو "علم الحقيقة" .ذلك أن أساس البحث
فيه متعلق بأصول اإليمان وتلك ثابتة ال تتغير منذ أول األنبياء إلى يومنا هذا ،بينما
نجد تغيرا في كثير من العلوم األخرى نظرا لتغير األحوال واألزمان.
-خامسا :موقع علم الكالم من اإليمان كموقع المنطق من الفلسفة ،فكما تعطي قواعد
المنطق الفيلسوف ملكة االستدالل والتأثير ،يعطي علم الكالم الباحثين في قضايا الدين
ملكة علمية ال يعطيها غيره.
-سادسا :وألن كل العلوم تستند في الحقيقة على علم الكالم ،إذ ال يُتصور وجود أي علم
آخر قبله ،ألنه يدور حول كل ما يتعلق بالخلق ،والعلم ،وإرسال الرسل ،وإنزال الكتب
وغير ذلك من األمور التي إذا لم تثبت ال يمكن أصال وجود علم آخر كالتفسير والحديث
والفقه واألخالق وغير ذلك.
منهج علم الكالم
يقوم المنهج الكالمي على الجمع بين العقل والشرع .يتميز عن البحث الفلسفي المجرد
بأنه وإن كان يستند إلى األدلة العقلية فإن نتيجة هذه األدلة ال بد أن يكون لها شاهد يشهد
لصحتها من الشرع ،أو كما قالوا" :إنه يقوم على العقل اعتمادا وعلى الشرع اعتداداً"
من خالل النظر في التعريفات السابقة ،وبناء على التقسيم المعروف للعلوم ،فإن ما كان يعرف
قديما بعلوم المقاصد ينتظم في مجموعة خماسية على النحو اآلتي :ما يتعلق بمصدر الحكم
الشرعي وهو قسمان:
-علوم القرآن
-علوم الحديث
-علم الكالم
-علم الفقه
فإن كان حكما ً اعتقاديا د ُِّون في علم الكالم ،وإن كان حكما ً عمليا ً فيدرج في الفقه.
-القسم الخامس هو أصول الفقه ،وهو يدرس القواعد التي تحكم استنباط األحكام – أيا
كانت طبيعتها – من مصادرها المعتبرة شرعا.
وبناء على هذا فعلم الكالم هو العلم الذي يدرس األحكام االعتقادية الشرعية المستمدة من
الكتاب والسنة ،وهو قسيم الفقه في مجال النظر الديني وإن كان يعلوه مرتبة كما ورد في
تعريف اإلمام ابي حنيفة أقدم تعريفات هذا العلم
تسميته ب"علم الكالم"
ظهرت في التاريخ اإلسالمي عدة ُ تسميات للعلم الذي يبحث أصول اإليمان واألحكام المتعلقة
بذلك ،هذه األسماء إجماال هي( :الفقه األكبر ،علم الكالم ،علم أصول الدين ،علم العقائد ،علم
التوحيد والصفات ،علم التوحيد ،علم النظر واالستدالل) وتفصيلها كما يلي:
-1الفقه األكبر
أقدم األسماء التي عرف بها هذا العلم هو "الفقه األكبر" ،وصاحب هذه التسمية هو اإلمام أبو
حنيفة ،وجعل الفقه األكبر هو "معرفة النفس ما لها وما عليها" ،في تلك الفترة كان الفقه منه
ما يتعلق باالعتقاد ،ومنه ما يتعلق باألحكام العملية ،ومنه ما يتعلق باألخالق ،لذلك س َّمى ما
تعلق منه باألحكام االعتقادية بـ "الفقه األكبر" ألنه اشرف وأكبر ،وس َّمى أيضا الرسالة التي
كتبها أصول اإليمان بهذا االسم.
-2علم الكالم
وهو أشهر أسمائه إلى يومنا هذا وقد ظهر معاصرا لالسم السابق ،إذ يُروى عن اإلمام
مالك (179هـ) واإلمام الشافعي (204هـ) حديث عن الكالم والمتكلمين.
وهناك اختالف في األسباب التي كانت سببا في هذه التمسية ،نذكر منها:
-أن سبب تمسية هذا العلم بـ "علم الكالم" هو أن المتكلمين استخدموا كثيرا كلمة "الكالم"
في كتبهم وكانوا عندما يبدأون الكالم على أي موضوع من المواضيع يكتبون هذه
الكلمة ،من ذلك مثال "الكالم في اإلرادة" و"الكالم في األرزاق" وغير ذلك من
المواضيع.
-أن أول موضوع بحث في هذا العلم كان مسألة "كالم هللا" وهل هو مخلوق أم غير
مخلوق ،وهي حادثة معروفة في التاريخ اإلسالمي تعرف بـ"محنة خ ْل ِّ
ق القرآن".
-أن علم الكالم يعطي مساحة كبيرة للمناظرة والجدل ،لذلك تحتاج هذه المواضيع إلى
كثير من الكالم والقول ،لهذا السبب سموه بعلم الكالم.
-3علم أصول الدين
ومعناه البحث في األحكام الشرعية المتعلقة بأصول الدين ،واألصل في اللغة ما يبنى
عليه الشيء ،ونقلت بعد ذلك في العرف إلى معان عديدة منها :الدليل ،فيقال أصل هذا المسألة
القرآن أي دليلها ،ولها معان عديدة أخرى.
وهذه التسمية قديمة وهي تعتمد على تقسيم األحكام الشرعية إلى فروع وأصول ،ولما
كانت األمور المتعلقة بذات هللا وصفاته وأفعاله ،وأحوال الممكنات وما بعد الموت ،هي
سمي هذا العلم باسم "أصول الدين" وأقدم استخدام لهذه
"األحكام األصلية" المتعلقة باإليمان ُ
التسمية عند أبي الحسن األشعري الذي س َّمى كتابه " اإلبانة في أصول الديانة" أي أصول
الدين ،وعبد القاهر البغدادي األشعري (429هـ) في كتابه "أصول الدين" وأبو اليسر محمد
س ِّميت في العصر
البزدوي الماتريدي (493هـ) سمى كتابه بذات االسم "أصول الدين" و ُ
الحديث الكلياتُ التي تدرس علم العقائد باسم "كليات أصول الدين".
-4علم العقائد
وي عني العلم الذي يبحث المعتقدات الدينية ،وأصلها من فعل "عقد" ،و"عقيدة" جمعها
"عقائد" وهي تسمية قديمة درج المتقدمون من العلماء على استخدامها ،والمراد بها هو ما
يجب على اإلنسان معرفته من أصول اإليمان ،وقواعد الدين واألحكام المتعلقة بذلك ،وكان
المتقدمون يكتبون موجزا عن مسائل العقيدة ويسموه "عقيدة" كما نسبت "العقيدة الطحاوية"
إلى الطحاوي (331هـ) مثال.
وانطالقا من المعنى الخاص لـ "العقيدة" الذي يعني معرفة أسس وقواعد اإليمان دون
الخوض والنقاش ،فرق بعض العلماء بين "علم العقيدة" و"علم الكالم" ،ذلك أن العقيدة علم
يبحث ما هو "واجب الوجود" في حين أن "علم الكالم" يبحث واجب الوجود وممكن الوجود،
وتطرأ عليه مباحث وأفكار بحسب التطور المعرفي.
-5علم التوحيد والصفات
يد ُّل هذا المصطلح (التوحيد) في ظاهر معناه على أن هللا واحد في ذاته وصفاته وأفعاله،
وأنه وحده هو المعبود ال غيره ،وتنزيهه عن كل مسا ٍو أو شبيه (ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير).
يستخدم مصطلح "التوحيد" أحيانا مماثال للمقصود ب"علم الكالم" ،وأحيانا يختلف عنه،
ذلك أن "التوحيد" يعني البحث في أصول الدين انطالقا من األدلة النقلية من القرآن والحديث
على طريقة السلف ،بينما يقدم "علم الكالم" إلى جانب األدلة النقلية من القرآن والسنة أدلة
عقلية ،ويعطي مساحة واسعة للنظر والجدل خاصة فيما يتعلق باإللهيات.
وهذه التسمية قديمة وردت عند اإلمام النسفي ،وقد عللها بقوله "لما أن ذلك – يقصد
مباحث الصفات – أشهر مباحثه وأشرف مقاصده"
-6علم التوحيد
وقد شاع هذه االسم حديثا فألف محمد عبده "رسالة التوحيد" والقاسمي "دالئل التوحيد"
والشيخ حسن والي "كتاب التوحيد" وغيرهم ،ومعناه أن توحيد هللا تعالى هو أشهر مباحثه
وأشرف أجزائه ،لذلك سموه بهذه االسم.
أعطى المتكلمون وخاصة في مباحث اإللهيات مساحة للنظر واستخدام العقل استدالال
واعتمادا ،لذلك أطلق بعض الذين يحبون استخدام العقل والتفكير في مثل هذه المواضيع "علم
النظر واالستدالل" على علم الكالم.
والتسمية األقرب واألكثر ارتباطا بالعلوم الشرعية األخرى هي "الفقه األكبر" إذ لها
أصل قرآني عريق ،وألنها توضح مكانة هذا العلم بين العلوم ووظيفته األساسية ،وتتيح له
التوسع ليشمل األصول الفكرية للدين اإلسالمي سواء كانت مما يلزم اعتقاده أو يرتبط بالعقيدة
أصوال ومبادئ عامة تصور موقف اإلسالم من الكون والحياة واإلنسان.