Professional Documents
Culture Documents
- (1)
- (1)
الرشد والشيخوخة
منشورات جامعــــــــــة تشــــــــــــرين
كليـــــــــــــة التــــــــــــربية
1439-1438ه
2018-2017م
فهرس المحتويات
6
الفصل التاسع189 .........................................................................................................
نظريات مرحلة الشيخوخة وخصائصها 189 .....................................................................
-1نظريات مرحلة الشيخوخة 189 .................................... ................................
1-1النظرية الفسيولوجية 189 .................................... ................................
التطورية 190 ........................................ ................................
ّ 2-1النظرية
3-1النظرية البيولوجية 191 ...................................... ................................
4-1النظرية التسلسلية 191 ....................................... ................................
-2خصائص مرحلة الشيخوخة 194 .................................. ................................
1-2الخصائص الجسمية لدى كبار السن 195 ................... ................................
2-2الخصائص االجتماعية لدى كبار السن 203 ................. ................................
3-2الخصائص النفسية لدى كبار السن 205 ..................... ................................
4-2الخصائص العقلية المعرفية لدى كبار السن 206 ........... ................................
الفصل العاشر 215 ........................................................................................................
مشكالت مرحلة الشيخوخة 215 ....................................................................................
تمهيد 215 .............................. ................................ ................................
-1تعرض كبار السن لسوء المعاملة 215 ........................ ................................
-2المشكالت الوظيفية لدى كبار السن 217 ...................... ................................
-3المشكالت االجتماعية لدى كبار السن 218 .................... ................................
-4المشكالت النفسية والعقلية لدى كبار السن 221 .............. ................................
الفصل الحادي عشر 247 .................................................................................................
الصحة النفسية والتوافق لدى المسنين 247 ......................................................................
أوالا -الصحة النفسية لدى المسنين 247 .............................. ................................
-1مفهوم الصحة النفسية 248 .................................... ................................
-2الصحة النفسية لدى المسنين 249 ............................. ................................
ثانيا ا -التوافق لدى المسنين 252 ....................................... ................................
-1مفهوم التوافق النفسي 253 .................................... ................................
-2أبعاد التوافق النفسي 255 ...................................... ................................
الفصل الثاني عشر 261 ..................................................................................................
احتياجات كبار السن ورعايتهم 261 ...............................................................................
-1احتياجات كبار السن 261 .......................................... ................................
1-1االحتياجات المعيشية 261 .................................... ................................
7
2-1االحتياجات الطبية 262 ....................................... ................................
3-1االحتياجات االجتماعية 262 .................................. ................................
4-1االحتياجات النفسية 263 ...................................... ................................
-2اهتمامات المسنين 270 ............ ................................ ................................
-3رعاية المسنين 271 ................ ................................ ................................
الفصل الثالث عشر 283 ..................................................................................................
التقاعد ونظرياته283 .................................................................................................
التطور التاريخي للتقاعد 283 ...................................... ................................
ّ -1
-2عوامل نشوء نظام التقاعد 285 ................................... ................................
-3مفهوم التقاعد 286 ................. ................................ ................................
-4أنماط االستجابة للتقاعد 288 ...................................... ................................
-5تحديد سن التقاعد 290 ............. ................................ ................................
-6مراحل عملية التقاعد 290 ......................................... ................................
-7النظريات المفسرة للتقاعد 293 .................................... ................................
قائمة المصطلحات العلمية 301 .........................................................................................
قائمة المراجع 309 ........................................................................................................
ملحق المقاييس واالختبارات 329 ......................................................................................
8
المقدمة
النمو االنساني موضوعاً مشتركاً بين ع ّدة علوم ،كعلم النفس ،وعلم
يش ّكل ّ
االجتماع ،واألنثروبولوجيا ،وعلم الوراثة ،والبيولوجيا ،وعلم الطب ...وغيرها ،إالّ
بتميزه في
خاصةً ،يقف بين هذه العلوم ّ
ّ عامةً ،وعلم نفس النمو،
أ ّن علم النفسّ ،
تناول ظاهرة النمو اإلنساني.
يهتم األخير ،علم نفس النمو ،بالدراسة العلمية للمراحل النمائية لإلنسان
إذ ّ
(مرحلة الرضاعة ،والطفولة ،والمراهقة ،والرشد ،والشيخوخة) ،ويحدد من خاللها
معايير النمو في كل مرحلة من هذه المراحل .ويهدف هذا العلم إلى دراسة النشاط
تطوره ،ونضجه ،والمدى الزمني لهذا النضج.
النفسي لإلنسان ،في ّ
لقد ظهر علم نفس النمو في أواخر القرن التاسع عشر ،وكان اهتمامه في ذلك
استمر على هذا النحو لعقود طويلة ،إذ
الحين مرك اًز على فترات عمرية خاصة ،و ّ
كانت االهتمامات المبكرة له مقتصرة على دراسة نمو األطفال.
إالّ ّأنه ،وبعد الحرب العالمية األولى ،بدأت البحوث والدراسات النفسية حول
مرحلة المراهقة في الظهور ،وخالل فترة ما بين الحربين العالميتين ،ظهرت بعض
الدراسات النفسية حول مرحلة الرشد المبكر ،إالّ ّأنها لم تتناول النمو في هذه
المرحلة بالمعنى المألوف ،بل رّكزت على قضايا معينة مثل الذكاء وسمات
شخصية لدى الراشدين.
ّ ال
ومنذ الحرب العالمية الثانية ازداد االهتمام التدريجي بمرحلة الرشد ،وخصوصاً
مع زيادة االهتمام بحركة تعليم الكبار والتعليم المستمر.
أما االهتمام بالمسنين فلم يظهر بشكل واضح ،إالا منذ مطلع الستينيات من
ّ
القرن العشرين ،والسبب في ذلك يعود إلى الزيادة السريعة في عددهم ونسبتهم في
العامة ،وما يتطلب ذلك من دراسة لمشكالتهم وقضاياهم،
ّ اإلحصاءات السكانية
وتحديد أشكال الخدمات والرعاية التي يجب أن توفر لهم.
9
وهذا المقرر" ،علم نفس النمو (الرشد والشيخوخة)" ،الذي أضعه بين يدي
الطلبة الجامعيين ،ما هو إالّ محاولة متواضعة لتقديم دليل علمي واضح ومبسط،
يعرفهم -من خالل التركيز على تطور جوانب النمو المختلفة في مرحلتي الرشد
ّ
ويمدهم بالمعرفة النظرية واألسس العامة للنمو
والشيخوخة -بأسس النمو اإلنسانيّ ،
في مرحلة الرشد المبكر ،والمتوسط ،والمتأخر.
المهمة حول الدوافع وراء سلوك
ّ وكذلك يزود الطلبة الجامعيين بالمعلومات
األفراد والمشكالت التي تواجههم ،وكيفية مواجهتهم لها خالل المراحل العمرية
المختلفة التي يمرون بها.
موجه – في األصل -لطلبة كلية التربية /قسم اإلرشاد النفسي إن هذا المقرر ّ
ّ
في جامعة تشرين ،بهدف تأمين االحتياجات األكاديمية والتدريسية الالزمة لهم ،لما
تفرضه حاجات ومتطلبات دراستهم الجامعية من معرفة والمام بالجوانب الرئيسة
عامةً ،األمر الذي قد يساعدهم في ممارسة أدوارهم اإلرشادية
للنمو اإلنساني ّ
وفعال.
والتوجيهية -الحقاً في مجال عملهم -بشكل ناجح ّ
المؤلف
10
الفصل األول
11
-1مفهوم علم نفس النمو
سماه "علم
تعددت آراء علماء النفس في تسمية "علم نفس النمو" ،فبعضهم ّ
النفس التطوري" وآخرون أطلقوا عليه "علم النفس التكويني" ،و"علم النفس االرتقائي"
وبعضهم اآلخر أطلق عليه اسم "علم النفس التنموي".
فإنها تدور جميعها حول مظاهر النمو
وعلى أية حال ،مهما تغيرت المسميات ّ
بما تشمله من زيادة وتغير في األعضاء ووظائفها.
ويعد "علم نفس النمو" ،من العلوم متعددة الجوانب ،إذ يدرس مظاهر نمو
ّ
الفرد؛ الجسمية ،والعقلية ،واالجتماعية ،والوجدانية عبر مراحل عمرية متتابعة؛
المرحلة الجنينية ،ومرحلة الرضاعة ،والطفولة ،والمراهقة ،الرشد المبكر ،ومرحلة
منتصف العمر ،والشيخوخة .كما تستند دراسات علم نفس النمو ،على نتائج
الدراسات والبحوث العلمية القائمة على المالحظة والتجارب العلمية.
يهتم
بأنه "فرعاً من فروع علم النفس النظرية ،الذي ّعرف "علم نفس النمو"ّ ، وي ّ
بدراسة التغيرات التي تط أر على سلوك اإلنسان ،ودراسة الظاهرة السلوكية في بعدها
الزمني" (أي تأثير الزمن في الظاهرة السلوكية).
يهتم بدراسة سلوك
واذا كان "علم النفس العام" ّ ،general psychology
اإلنسان من جوانبه المختلفة ،دراسة علمية ،تم ّكن من فهم السلوك ،1وضبطه،2
والتنبؤ به ،3والتخطيط له ،ا
فإن "علم نفس النمو" يدرس كافّة جوانب النمو التي تط أر
على اإلنسان خالل مراحل حياته ،منذ تكوين البويضة المخصبة داخل رحم األم
نمو اإلنسان في جميع جوانبه الجسمية ،والعقلية،
وحتى لحظة الوفاة .أي يدرس ّ
فهم السلوك اإلنساني :ويعني تحديد مسببات الظواهر النفسية وعالقاتها. 1
التنبؤ بالسلوك اإلنساني :ويعني معرفة مدى ارتباط السلوك بالظواهر األخرى ،وهذا يساعدنا في معرفة 3
متى يحدث السلوك وقبل أن يحدث فعالً (سمارة وآخرون ،د.ت ،ص.)10
12
واالجتماعية ،والوجدانية ،والنفسية ،وكل ما يؤثر في تلك األبعاد بشكل إيجابي أو
سلبي (كفافي ،1997 ،ص5؛ سمارة وآخرون ،د.ت ،ص.)10
1-2مفهوم النمو
يمر اإلنسان منذ لحظة اإلخصاب وحتى مرحلة الشيخوخة ،بمراحل عمرية
ّ
متعددة ،تصاحبها تغيرات مستمرة؛ يتعرض فيها للعديد من التطورات الخاصة
بالنواحي التكوينية والوظيفية للنمو.
و"النمو" ،growthبمعناه العام ،يشمل كافة التغيرات الجسمية والفيزيولوجية
والعقلية واالنفعالية واالجتماعية والنفسية ،أما بمعناه الخاص ،فيشمل النمو كل
التغيرات الجسمية كالطول ،والوزن ،والحجم نتيجة للتفاعالت البيوكيميائية التي
تحدث في الجسم.
بأنه" :سلسلة متتابعة
النمو ّ
ّ اتّفقت جميع المدارس النفسية على تعريف
ومتماسكة من التغيرات التي تحدث للفرد ،وتهدف إلى غاية واحدة محددة ،هي
اكتمال النضج ،ومدى استم ارره وبدء انحداره".
يتطور
ّ وبهذا المعنى ا
فإن "النمو" ال يحدث فجأة ،وال بشكل عشوائي ،بل
بانتظام ،خطوة سابقة تليها خطوة أخرى.
ومعنى النمو في علم النفس ،ال يختلف تقريباً عن معناه في اللغة ،فإذا كان
النمو في اللغة هو الزيادة في الحجم ،وما يترتب عليها من تغيرات في نواح أخرى،
ا
فإن "النمو" في علم النفس هو ،مصطلح بيولوجي يختص بالزيادة الملحوظة التي
تط أر على حجم الفرد في فترة من الزمن ،وما يلحقها من تغيرات أخرى منذ بدء
ويمر بطور الطفولة ،والمراهقة ،والرشد،
ّ تكوينه في رحم األم ،إلى أن يولد
13
والشيخوخة ،والى أن تنتهي حياته (كفافي ،1997 ،ص 22؛ عوض،1999 ،
ص12؛ السيد ،2001 ،ص 5؛ كماش.)2011 ،
ويصف الفيلسوف اإلنكليزي "جون لوك" 1704 -1632( John Lockeم)،
"عملية النمو" بأنها عملية مرنة ،تعتمد بالدرجة األولى على التعلم ،وبالتالي ا
فإن ما
يصدر عن الفرد من تصرفات ،وكل ما يتسم به من خصائص وصفات ،ما هو إالا
نتاج الخبرة.
في حين يرى الفيلسوف الفرنسي "جان جاك روسو" Jean-Jacques
أن "النمو" ،عملية طبيعية ال تعتمد على تأثير1778 -1712( Rousseauم)ّ ،
المحيط ،بقدر ما تعتمد على الخصائص الوراثية التي يرثها الطفل من والديه.
"بأنه عملية متصلة في غاية التعقيد،
ويعرف "أبو نجيلة" (2001م)" ،النمو"ّ ،
ّ
تتضمن التفاعل بين كائن عضوي بيولوجي وبين بيئته المادية واالجتماعية
والنفسية".
وتشتمل عملية النمو اإلنساني ،على عدة مجاالت متكاملة في ترابطها لتكوين
شخصية الفرد ،وهذه المجاالت هي:
ّ
النمو الجسمي
يشمل النمو الجسمي ،physical developmentأو ما يسمى بالنمو
الهيكلي ،كافة التغيرات البيولوجية التي تط أر على الجسم (المخ ،والحواس
العضوية ،والعظام ،والعضالت ...وغيرها) نتيجة التقدم في العمر ،لكنه ال يشمل
التغيرات في الجسم نتيجة الحوادث أو األمراض.
ويتعلق النمو الجسمي بالمظاهر الخارجية والتغيرات الجسمية من الناحية
الكمية؛ كالزيادة في حجم األعضاء واألجهزة الجسدية ،والزيادة في طول القامة
والوزن ،وتغيرات الوجه ...وغيرها .وكذلك يتعلق بالتعقيد والتركيب وكافة التغيرات
الكمي.
الكيفية المصاحبة للتطور ّ
14
النمو االجتماعي
في مقابل النمو الجسمي نجد هناك نمواً وظيفياً يقود الفرد نحو التكيف
عرف
والتوافق االجتماعي ،وهو النمو االجتماعي ،social developmentالذي ي ّ
بأنه "سمات الفرد بما يتفق مع األنماط االجتماعية السائدة" .وهو أيضاً "النمو الذي
ّ
يط أر على التفاعل االجتماعي للفرد ،وأدواره االجتماعية التي يحصل عن طريقها
على رضا المجتمع واستحسانه".
النمو العقلي
يتمثّل النمو العقلي ،intelligential developmentفي نمو قدرات الفرد
بدءاً من األفعال الذهنية القائمة على ما تأتي به الحواس مباشرة والتفكير المادي
المصاحب للواقع كما هو ،وانتهاء إلى التفكير المجرد والرمزية المتمثلة في استخدام
اللغة ،والتحصيل واكتساب المهارات ...وغيرها.
النمو النفسي
يقصد بالنمو النفسي " ،psychological developmentسلسلة متتابعة
ويمر اإلنسان
ومتماسكة من التغيرات المستمرة تهدف جميعها إلـى اكتمـال النضج"ّ .
بهذه السلسلة من التغيرات إلى أن يصل إلى ذروة النضج ثم يأخذ في االنحدار بعـد
ذلك حتى تنتهي حياته (الغصين ،2008 ،ص 11؛ علوان ،2003 ،ص.)26
كما يسعى النمو النفسي إلى تحقيق هدفين أساسيين هما :هو وصف سلوك
اإلنسان من جهة ،ودراسة أسباب التغيرات التي تط أر على هذا السلوك خالل
مراحل حياته من جهة أخرى .https://www.tawjihnet.net
15
النمو االنفعالي
1
ألنه أحد األسس
مهم في عملية النمو الشاملة المتكاملةّ ،
إن االنفعال ركن ّ
ّ
الشخصية السوية .يشمل النمو االنفعالي emotional
ّ التي تعمل في بناء
،developmentنمو جميع الحاالت الوجدانية بصورها المختلفة والمتناقضة
كالحب والحقد واألمل والخيبة والفرح والحزن ...الخ.
2-2مفهوم النضج
"النضج"
"النمو" مع مصطلح ّ
هناك بعض الخلط في استخدام مصطلح ّ
،maturationإذ يستخدم المصطلحان بنفس المعنى ،ولكن هذا األمر ليس دقيقاً،
النمو كونه يمثل زيادة في الحجم والوزن
تعرفنا على ّ ا
ألن هناك اختالف بينهما ،فقد ّ
والطول ،ونمو األنسجة واألعضاء الداخلية.
"النضج" ،فهو "مجموعة من العمليات الوظيفية الداخلية التي تعمل
أما مفهوم ّ
ّ
وفق نظام زمني معين ،تؤدي إلى توفير القدرة على القيام بنشاطات ووظائف
معينة ،وذلك بعيداً عن أي مؤثرات أخرى خارجية كالخبرة والمران أو التدريب.
النضج على شكل نمو عضوي يؤثر مباشرةً في وظائف أعضاء
ويحدث ّ
الجسم ،وهو ما يمكن إرجاعه إلى تأثير العوامل الوراثية ،كما هو الحال – على
سبيل المثال -في النضج الجنسي وقدرة اإلنسان على اإلنجاب ذك اًر كان أم أنثى
(كماش ،2011 ،؛ شعبان وتيم ،1999 ،ص 7؛ عبد الخالق.)1990 ،
االنفعال :emotionهو تغير مفاجئ يشمل الفرد نفسياً وجسمياً ويؤثر فيه ككل؛ في سلوكه الخارجي 1
وفي شعوره ،كما يصاحب بكثير من التغيرات الفيزيولوجية مثل سرعة ضربات القلب وزيادة معدل التنفس،
واضطراب النفس وازدياد ضغط الدم ،وزيادة درجة ح اررة اليدين والوجه ...الخ.
ويعرف أيضاً بأنه "حالة داخلية تتصف بجوانب معرفية خاصة واحساسات وردود أفعال فيزيولوجية،
وسلوك تعبيري معين ،وهي تنزع للظهور فجأة ،ويصعب التحكم بها" (شعبان وتيم ،1999 ،ص.)8-7
16
الفرق بين النمو والنضج
يمر بها اإلنسان
أ -يد ّل النمو على أنه تتابع لمراحل معينة من التغيرات التي ّ
في نظام واتساق ،يستهدف الوصول إلى مستوى النضج.
يتبع خطاً واحداً ،وال
النضج على النمو العضوي ،وهو ال ّ ب -بينما يد ّل ّ
يحدث بنفس النسبة لدى جميع األفراد ،ويؤثر في أنماط النمو المختلفة ،سواء
السلوكية منها أم الجسمية.
أن هناك أنماطاً سلوكية عديدة تنمو من خالل ويشير علماء النفس إلى ّ
بالحد األدنى بخبرة التعلّم ،ويستدل
ّ النضخ ،مثل القدرة على المشي ،فهي تتأثر
على ذلك بنتائج دراسات أجريت على أطفال "الهوبي" بالهند ،إذ نجد األمهات قد
اعتدن على ربط أطفالهن على ألواح خشبية ه اززة ،وحملهن على ظهورهن ،ويظ ّل
أطفال هذه القبائل مثبتون بهذه األلواح أغلب الوقت خالل الثالثة أشهر األولى من
حياتهم.
أن هؤالء األطفال ال يستطيعواوتشير نتائج دراسة "موسين" (1973م) ،إلى ّ
تحريك أرجلهم عندما يحملون على ظهور أمهاتهم ،وبالتالي ال يكون لديهم خبرة في
استعمال العضالت المطلوبة للمشي ،إالّ ّأنهم عندما ينتزعون من تلك األلواح
فإنهم يمشون في نفس عمر األطفال اآلخرين تقريباً.
الخشبية اله اززة ّ
3-2مفهوم التطور
و"التطور"
ّ "النمو"
أن هناك تداخالً بين مصطلحي ّ يشير "واطسن" إلى ّ
،developmentو ّأنهما يستخدمان أحياناً بنفس المعنى ،كمصطلحين مترادفين.
أن مصطلح "التطور" هو األشمل أن بعض الباحثين يفرق بينهما ،على أساس ّ إالً ّ
أن النمو والنضج هما نتاج لمفهوم التطور (كفافي،
األعم ،األمر الذي يد ّل على ّ
و ّ
،1997ص 22؛ علوان ،2003 ،ص 33؛ األشول ،2008 ،ص.)54
17
بأنه" :مجموعة من العمليات التي تؤدي إلى حدوث تغير في "التطور" ّ
ّ ويعرف
ّ
أن هذا ال يعني ا
أن جميع التغيرات التي تط أر على الكائن الحي بشكل مستمر" .إالّ ّ
اإلنسان ترجع إلى عوامل التطور وحدها.
ويمكن تمييز التغيرات التي تحدث بفعل التطور عن التطورات األخرى ،من
خالل مالحظة أن التغيرات التي تحدث بفعل التطور تكون مستمرة ومتصلة وال
يمكن إرجاعها إلى الوراء إلى ما كانت عليه سابقاً قبل حدوث التغير ،سواء كانت
تلك النتائج جزئية أم كلية ،سلوكية أم ذات عالقة بوظائف األعضاء.
فعلى سبيل المثال :ا
إن تعلم الطفل المشي مرتبط بالنمو الجسمي والعصبي
والعقلي ،وال يمكن إرجاع اإلنسان إلى مستوى أدنى مما وصل إليه من مرحلة
المشي واعادة أجهزته الحيوية الداخلية إلى الحالة التي كانت عليها قبل المشي.
1
وفي ضوء ما سبق ،نتوصل إلى أن التطور هو "مجموعة من التغيرات الكمية
والكيفية ،2التي تبدو غالباً في شكل بنائي ووظيفي جديد امتداداً للبنى والوظائف
السابقة .وهو كذلك "تغير في قدرات اإلنسان خالل الزمن نتيجة تفاعل كل من
النضج والعوامل البيئية" .ويعني ذلك أن الفروق الجوهرية بين مفهوم "النمو"
و"التطور" تكمن في نوع التغيرات التي تط أر على الكائن الحي.
ومن األمثلة – أيضاً -التي توضح الفرق بين "النمو" و"التطور" ،هو التغير
كمي مع
الذي يط أر على الذاكرة أو اللغة مع تقدم العمر .فالذاكرة يحدث لها تغير ّ
إن عدد األشياء التي يستطيع الطفل تذكرها يزداد مع العمر.
التقدم في العمر ،إذ ّ
ّ
التغيرات الكمية للتطور :هي تلك التغيرات التي تشير إلى الخصائص الواضحة للمظاهر المختلفة لنمو 1
والتطور لإلنسان خالل فترة الحياة التي يمكن قياسها كيفياً (كماش ،2011 ،ص.)23
18
فيمكن لطفل يبلغ من العمر أربع سنوات ،أن يتذكر قائمة مكونة من أربع
كلمات ،بينما يمكن لطفل عمره سبع سنوات ،أن يتذكر قائمة تتكون من سبع
كلمات .وهذا التغير في سعة الذاكرة ،يمكن أن يفسر على أنه تغير كمي.
في حين يرى بعض الدارسين ا
أن التغير الذي يط أر على الذاكرة يمكن أن
يكون كيفياً ،إذ يستخدم طفل السابعة استراتيجيات خاصة في التذكر (كالتنظيم،
والتبويب ،والتسميع الذاتي ...وغيرها) ،وهي استراتيجيات غير متاحة لطفل في
الرابعة من العمر.
كمياً مع التقدم في
كذلك الحال بالنسبة للغة ،إذ تزداد محصلة الطفل اللغوية ّ
العمر ،إضافةً إلى حدوث تغيرات كيفية على السلوك اللغوي للطفل ،الذي يبدأ في
شكل مناغاة ثم تتحول إلى النطق بكلمة واحدة ،ثم النطق بكلمتين ،ثم النطق بجملة
بسيطة ثم معقدة ...وهكذا.
إن اإلنسان يتعرض طوال حياته لكال النوعين من وعموماً يمكن القولّ :
أن كالًّ من النمو التطور
التغير ،فهو ينمو ويتطور في آن واحد .ويعني ذلكّ ،
يتشابهان في أنهما يكشفان عن مظاهر التغير في السلوك (علوان،2003 ،
ص 33؛ كماش ،2011 ،ص.)23-22
4-2مفهوم التعلم
19
ويعرف "التعلم" بأنه" :عملية تغير شبه دائم في السلوك ،ينشأ نتيجة الخبرة
والممارسة واالحتكاك بالبيئة الخارجية ،واكتساب الفرد ألساليب سلوكية جديدة
تساعده على التكيف مع البيئة".
أن التعلم عملية إرادية تحدث بتأثير الرغبة
ويتميز التعلم عن النضج ،في ّ
أما النضج فيحدث بصورة تلقائية في أي وقت دون إرادة من الفرد.
وارادة الفردّ ،
وقد أجريت العديد من الدراسات والبحوث العلمية حول العالقة بين التعلم
والنضج ،وأ ّكدت نتائجها وجود عالقة إيجابية بين التقدم في مستوى النضج وبين
التعلم .فالفرد ال يستطيع أن يتعلم مهارة معينة إالّ بعد الوصول إلى مستوى مناسب
من النضج.
فإن التعلّم والنضج يؤثران معاً في عملية النمو اإلنساني ،فال
إضافةً إلى ذلكّ ،
يحدث النمو من دون النضج ،وال يحدث من دون التعلم (كماش ،2011 ،ص-16
17؛ منصور وآخرون.)2003 ،
20
1-3أهمية دراسة علم نفس النمو من الناحية النظرية
-تفيد في زيادة القدرة على توجيه األطفال والمراهقين والراشدين وكبار السن،
والتحكم بالعوامل المؤثرة في النمو.
-يسعى الباحثون في علم نفس النمو إلى الوصول إلى ما يسمى بمعايير
النمو 1developmental normsكمعرفة العالقة بين طول الفرد وعمره الزمني،
والعالقة بين وزنه وطوله.
وبذلك يستطيع الباحث أن يقيس مظاهر النمو المختلفة بمقاييس علمية
صحيحة ،تساعد من الناحية التربوية والنفسية في الكشف عن شذوذ النمو وانحرافه
معايير النمو :Developmental Normsمتوسطات أعمار األفراد الذين يستطيعون القيام بمهارة 1
معينة في وقت معين ،وتشمل معايير النمو جميع مظاهر النمو الجسمية والحركية والعقلية ...الخ
(علوان ،2003 ،ص.)24
21
عن المعيار العادي ،والكشف عن النمو العادي المتوسط ،والنمو البطيء المتأخر،
والنمو السريع.
فالتعرف إلى مظاهر النمو المختلفة يفيد في فهم العمليات المعرفية والعقلية
ّ
(التفكير ،والتذكر ،والتخيل ،واإلدراك ...الخ)؛ ومراحل نموها من الطفولة إلى
الرشد ثم الشيخوخة (السيد ،2001 ،ص 3؛ رضوان.)2009 ،
-تساعد الوالدين في مراقبة نمو األطفال وتوجيهه قبل الوالدة وبعده ،وتمكنهم
من وتعديل األنماط السلوكية غير المرغوب ،وتحقيق التغيرات اإليجابية فيها.
-تفيد في تفسير كثير من ظواهر النمو والتعرف على أسباب حدوثها حتى
يمكن التحكم فيها ،فمثالً معرفة أن نمو الطفل ال يبدأ منذ الوالدة بل يبدأ منذ لحظة
اإلخصاب ،تفيد األم كثي اًر في االهتمام بصحتها في أثناء فترة الحمل ،إذ تحرص
على االبتعاد عن أي مصدر للقلق والتوتر والضغط النفسي ،والعناية بنوع الغذاء
الذي تتناوله ،وذلك لكي تضمن لطفلها نمواً جسمياً وعقلياً سليماً بعد الوالدة،
وتجعله بمأمن من حدوث أي تشوهات خلقية يمكن أن تحدث له فيما بعد.
-تتيح للوالدين معرفة خصائص األطفال والمراهقين ،ومعرفة الفروق في
معدالت النمو لديهم ،األمر الذي يساعدهم في عملية التنشئة االجتماعية.
22
5-3أهمية دراسة علم نفس النمو عند المربين
-تؤدي دراسة علم نفس النمو إلى فهم النمو العقلي ،ونمو الذكاء ،والقدرة
على التحصيل في العملية التربوية ،إذ يوصل هذا الفهم إلـى أفضل طرائق التربية
والتعليم التي تناسب المرحلة ومستوى النضج.
-كما تساعد في معرفة خصائص األطفال والمراهقين ،والعوامل التي تؤثر
في نموهم وأساليب سلوكهم ،وسبل توافقهم في الحيـاة ،وكذلك فـي بنـاء طرائق
التدريس واعداد الوسائل المساعدة في العملية التربوية ،وتصميم المناهج التعليمية
وتنمي شخصياتهم (السيد2001 ،؛ همام 1984 ،؛
التي تالئم النمو العقلي لألفراد ّ
أبو جعفر ،2014 ،ص.)18
23
-4عالقة علم نفس النمو بالعلوم األخرى
يؤثر علم نفس النمو ،ويتأثر بالعديد من نتائج العلوم المختلفة كاألنثروبولوجيا
1
،Anthropologyوعلم الحياة ،Biologyوعلم االجتماع (علم اإلنسان)
،Sociologyوالتربية وعلم النفس التربوي Education and Educational
،Psychologyوالطب ،Medicineوعلم النفس ... Psychologyالخ:
تثير البحوث في مجال علم اإلنسان مشكالت كثيرة على جانب كبير من
األهمية ،وهي كيف يتم نقل عناصر اإلطار الحضاري لثقافة ما من فرد إلى آخر،
أو من اآلباء إلى األبناء (مثالً) خالل عملية التنشئة االجتماعية أو ما يعرف
اصطالحياً بالتطبيع االجتماعي.
وقد أوضحت الدراسات األنثروبولوجية دور المؤثرات الثقافية في نمو
الشخصية ،وأ ّن الشيء األساسي الذي يمكن تعلّمه من الدراسات األنثروبولوجية،
هو كيفية تأثير الثقافة على الشخصية اإلنسانية وأثرها –أيضاً -على القيم
واالتجاهات وأنماط التربية األسرية.
2
Margaret كما كان إلسهامات األنثروبولوجيين؛ أمثال "مرجريت ميد"
1901-1978( Meadم) ،و"روث بينيدكت" -1887( Ruth Benedict
األنثروبولوجيا (علم اإلنسان) :Anthropologyهي علم دراسة اإلنسان طبيعياً ،واجتماعياً، 1
وحضارياً .ويتكون المصطلح من مقطعين في اللغة اليونانية هما Anthropos :ويعني "إنسان" ،وLogy
ويعني "علم" ،ويعني المقطعان معاً (علم اإلنسان) .األنثروبولوجيا هي –أيضاً -المعرفة المنظمة عن
اإلنسان (سليم ،1981 ،ص.)54
مرجريت ميد 1901-1978 ) Margaret Meadم) :هي واحدة من أكثر علماء األنثروبولوجيا 2
الثقافية شهرة في الواليات المتحدة األمريكية لما لها من تأثير امتد إلى أوربا وبلدان أخرى .ساهمت في
توسيع مجال األنثروبولوجيا بدراستها القيمة عن العالقة بين الثقافة والشخصية .أهم مؤلفاتها "البلوغ في
24
كبير في إغناء علم نفس النمو بالعديد من المالحظات العلمية
اً دور
1924م) ،اً
حول المراهقة وأثر الثقافة في تشكيل الشخصية اإلنسانية.
لقد أمدت البحوث البيولوجية دراسات علم نفس النمو بالعديد من اإلسهامات
في مجال الوراثة ،وتأثيرها في مرحلة ما قبل الوالدة ،ودور العوامل الوراثية في
التكوين الخلقي ودور الجينات في جملة الخصائص الوراثية لألجنة ،وفي هذا
الصدد يجب أال يغفل دور علم الوراثة بإسهاماته في مجال علم نفس النمو.
إن المحور الرئيس لعلم االجتماع هو ،دراسة الظواهر االجتماعية والعالقات
ّ
االجتماعية ،ويركز علماء االجتماع اهتمامهم على أهمية المواقف االجتماعية التي
أهمية القوى االجتماعية المؤثرة على سلوك
ّ من خاللها يتبلور السلوك ،ويؤ ّكدون
األفراد مثل األسرة وجماعة األصدقاء والمدرسة والعالقات بين الزوج والزوجة
واألوالد داخل األسرة.
ا
إن علم نفس النمو قد استفاد كثي اًر من البحوث الطبية وخاصة فيما يتعلق
بالحمل والعوامل التي تؤثر فيه ،كالغدد وتأثيرها البيوكيميائي على النمو اإلنساني،
وتأثير العقاقير المختلفة على نمو األجنة واكتشاف العقاقير ذات التأثير السلبي في
مرحلة ما قبل الوالدة (مثل دواء الثاليدوميد )Thalidomideالذي أحدث العديد من
التشوهات في اآلالف من األطفال نتيجة لتناول أمهاتهم في أثناء فترة الحمل مثل
ساموا (1928م) ،و"الجنس والمزاج في ثالثة مجتمعات بدائية" (1935م) ،و"الذكر واألنثى" ،و"التنشئة
االجتماعية في غينيا الجديدة" و"االستم اررية في التطور الثقافي" (1964م) (الموسوعة العربية).
25
هذه األدوية المهدئة .كما أمدت الدراسات الطبية علم نفس النمو بالعديد من
المالحظات والحقائق العلمية المتعلقة بدور التغذية ،والنوم ،وبعض األمور الطبية
األخرى (عويضة ،1996 ،ص.)23
26
ا
إن أكثر الفروع التطبيقية في علم النفس التي يمكن االمتداد إليها بقوانين
تم الباحث بدراسة السلوك المرضي
ونظريات النمو هي علم النفس اإلكلينيكي؛ إذ يه ّ
أو غير السوي لألفراد.
يهتم
وتمثل إعاقات النمو أحد الفروع الحديثة في علم النفس اإلكلينيكي ،إذ ّ
الباحث بكيفية االستفادة من المبادئ والقوانين والنظريات الخاصة بعلم نفس النمو
لتطبيقها في المجال اإلكلينيكي الخاص بفحص وعالج الحاالت الخاصة بإعاقة
النمو عند الفرد.
ويعتمد فحص وعالج األفراد الذين يعانون من إعاقات في النمو -في المقام
األول -على دراسة النمو وارتقاء السلوك السوي عند الفرد .فمثالً دراسة حاالت
اإلعاقة الحركية (مثل مرض الشلل الدماغي) تتطلب معرفة وافية بمكونات الجهاز
الحركي والعصبي والقوانين التي تحكم نمو النشاط الحركي.
اختلف علماء النفس في تقسيم دورة حياة اإلنسان إلى مراحل أو أطوار ،ومن
أبرز تلك التقسيمات نستعرض تقسيم "دودح" و"أبو حطب":
أوالً :أطوار اإلنسان من وجهة نظر "دودح"
يرى "دودح" أن اإلنسان يمر خالل دورة حياته بثمانية أطوار ،هي:
-1الطفولة :childhoodتمتد من الوالدة حتى قرابة ( )13سنة.
-2البلوغ الجنسي :pubertyتمتد من نهاية الطفولة حتى قرابة ( )20سنة.
-3بلوغ األشد :young adulthoodتمتد بين ( )35-20سنة.
-4وسط الرشد :young middle adultتمتد بين ( )45 – 35سنة.
-5انعطاف الشباب :تمتد بين ( )65-45سنة.
27
-6بداية الشيخوخة :تبدأ هذه المرحلة من سن ( )65سنة.
-7الشيخوخة :agingتمتد بين ( )80-70سنة.
-8الشيخوخة المتأخرة :old ageوهي تبدأ بعد ( )80سنة (الدسوقي ،د.ت
؛ علوان.)2003 ،
ثانياً :أطوار اإلنسان من وجهة نظر "أبو حطب"
أشار "أبو حطب" إلى وجود ثالث مراحل لنمو اإلنسان ،وسماها "باألعمار
الثالث لإلنسان" ،وهذه األعمار هي:
-العمر األول (منذ لحظة الوالدة – )21سنة :وهو مرحلة الضعف األول،
التي تبدأ بتكوين الجنين في الرحم ،وتنتهي بدخول اإلنسان سن الرشد ،وهي مرحلة
تتسم بالضعف بحسب الوصف القرآني لها "اهلل الذي خلقكم من ضعف".
إالّ أنه ضعف التحول إلى القوة؛ فهو ضعف الطفولة والصبا ،وبدايات الشباب
المبكر ،ولهذا نالحظ على هذه المرحلة تحسناً مضطرداً يوماً بعد يوم؛ تحقيقاً لهذه
الغاية .هذا وينقسم العمر األول لإلنسان إلى قسمين؛ هما :الطفولة ،والمراهقة.
-العمر الثاني ( )60-21سنة :هو مرحلة القوة ،ويذكر "أبو حطب" في هذا
األشد هو بلوغ القوة واكتمال الرشد .وينقسم العمر الثاني لإلنسان
ّ الصدد أن بلوغ
األشد ( )60-40سنة.
ّ إلى قسمين؛ هما :بلوغ السعي ( )40-21سنة ،وبلوغ
-العمر الثالث ( 60سنة وما فوق) :وهو مرحلة الضعف الثاني ،ويشمل
مرحلتين أساسيتين؛ هما :الشيخوخة ،وأرذل العمر.
28
2-5أزمة 1النمو اإلنساني
األزمة :Crisisليس بالضرورة أن تشير األزمة إلى موقف أو حدث صادم ضاغط ،بل تشير إلى ردة 1
أن شخصية اإلنسان تظ ّلألماني) معروف بنظريته في مراحل التطور النفسي واالجتماعي لإلنسان ،ويرى ّ
تنمو وتتطور طوال حياته من الوالدة حتى الموت ،مؤ ّكداً دور البيئة والثقافة والمجتمع والتاريخ في عملية
وتطور الشخصية ،أكثر من دور العوامل البيولوجية.
ّ النمو
29
طور "أريكسون" مفهوماً خاصاً أسماه "أزمة ّ وبناء على نموذجه،
ّ
قسم دورة نمو اإلنسان -من منظور األزمات التي
النمو" ،development crisisو ّ
يمر بها خالل حياته -إلى ثماني مراحل متتابعة ،ترتبط كل مرحلة منها بحقبةّ
أن كل مرحلة تتضمن مجموعة من األزمات التي ينبغي للفرد
عمرية معينة .واعتقد ّ
أن هذه األزمات موروثة على شكل استعداد (قابلية) ،ولكن ظهورهاالتوافق معها ،و ّ
في مراحل النمو المختلفة ،يتوقف على كيفية مواجهة الفرد لضغوط البيئة.
بمعنى آخر ،يطلق "أريكسون" مصطلح (األزمات) على التحديات البيئية التي
إما بأسلوب متوافق مع
تواجه الفرد خالل مراحل نموه ،وقد يتم ح ّل هذه األزماتّ ،
البيئة وضغوطها ،أو بأسلوب غير متوافق معها .وكل عملية مواجهة مع البيئة هي
مخير بين
أزمة ،تتطلب من الفرد بعض التغيير في سلوكه لمواجهتها ،ولهذا فهو ّ
طريقتين حل األزمات:
.1الطريقة اإليجابية (تتميز بالتوافق الجيد مع البيئة).
.2الطريقة السلبية (تتميز بسوء التوافق مع البيئة) (عشوي.)2008 ،
"أريك أريكسون"
31
،and doubtوهذا يتوقف إلى حد كبير على نمط األساليب التربوية والتنشئة
االجتماعية.
فاألساليب الوالدية المتوازنة بين التسامح والحزم تعزز نمو االستقاللية
أما الرعاية الزائدة والحماية والتدليل الزائد ...
واالعتماد على الذات لدى الطفلّ .
شعور
اً وغيرها ،كلّها أساليب تحرم الطفل من الشعور باالستقاللية وتنمى لديه
باالتكالية على اآلخرين.
" -3المبادرة مقابل الشعور بالذنب"
وهي تمثل أزمة النمو النفسي االجتماعي الثالثة ،وتقابل مرحلة الطفولة المبكرة
( )5-3سنوات تقريباً .ويقصد بالمبادرة " ،initiativeاالستجابات اإليجابية للفرد
نحو التحديات الخارجية والشعور بالمسؤولية دون التعرض للصراعات والشعور
بالذنب" .guiltوتتخذ المبادرة أشكال الحركة في أثناء أداء األنشطة المختلفة،
يميز بين
وينمو هنا الضمير الخلقي ،إذ يستطيع الطفل -إلى حد كبير -أن ّ
شر .وفي هذه المرحلة يتذبذب الطفل ما بين
الصواب ،والخطأ ،وبين الخير وال ّ
إما المبادرة ،وا ّما الشعور بالذنب ،وكل ذلك يتوقف على استجابات الوالدين
طرفين؛ ّ
مع تصرفات الطفل في هذا السن .فعندما يتم تشجيعه على األنشطة الحركية،
وممارسة األلعاب الرياضية ،واكتشاف البيئة من حوله ،وعدم السخرية من نشاطاته
أما عكس
وأدائه ...الخ ،ك ّل ذلك من شأنه أن ينمي روح المبادرة عند الطفلّ ،
ذلك ،فينمى لديه الشعور المستمر بالذنب الذي يالزمه طيلة حياته.
" -4اإلنجاز مقابل الشعور بالنقص"
وهي تمثل أزمة النمو النفسي االجتماعي في مرحلة الطفولة المتوسطة
والمتأخرة ،وهي مرحلة اتخاذ الق اررات ،إذ تمثّل مرحلة دخول الحياة وتعلّم المهارات
الالزمة ليصبح مؤهالً وكفوءاً في عالقاته الشخصية ،وتتميز بتفتح قدرات الطفل
العقلية والتصورية المختلفة بشكل كبير.
32
يهتم الطفل في هذه المرحلة بالكيفية التي تصنع بها األشياء ،والوظيفة التي
إذ ّ
تؤديها ،لذلك يغلب عليها الشعور بالعمل والمثابرة في اإلنجازات التعليمية والمهارات
األخرى .واذا ما عجز الطفل عن التفاعل مع بيئته ،وأخفق في إنجاز المهام
فإن ذلك يولد لديه الشعور بالنقص
الموكلة إليه ،واسته أز من قدراته وكفّت إبداعاتهّ ،
والدونية .inferiority
" -5أزمة الهوية مقابل اضطراب الدور"
وهي تمثّل أزمة النمو خالل مرحلة المراهقة ،وتظهر فيها حاجة الفرد إلى تبني
إيديولوجيات وأدوار مناسبة توفر له القبول االجتماعي.
وقد احتلّت هذه المرحلة اهتماماً خاصاً من قبل "أريسكون" ،إذ قدم فيها فكرة
أن تشكل الهوية يبدأ مع بداية الحياة،
تش ّكل الهوية عند الفرد .وتجدر اإلشارة إلى ّ
إذ يغلب اإلحساس بالجسم على المرحلتين األولى والثانية ،في حين يغلب االهتمام
بالنماذج االجتماعية على المرحلتين الثالثة والرابعة ،وفي المراهقة – التي تمثل
الفترة الحرجة والحقيقية لظهور أزمة الهوية - identity crisisيش ّكل الجانب
همه األساسي
البدني واالجتماعي معاً أزمة الهوية لدى المراهق .فالمراهق ّ
بأنه أصبح كبي اًر ولم يعد طفالً ،فإذا حصل على ذلك االعتراف
االعتراف بهويته ّ
فإنه يساعد على اجتياز اإلحساس بالهوية بسالم ،واذا
من الوسط الذي يعيش فيه ّ
فإنه سيحاول اللجوء إلى أساليب العنف النتزاع
بأنه ال يزال يعامل كالطفل ّ
شعر ّ
هويته ،وقد تالزمه تلك األساليب طيلة حياته.
" -6اإلحساس باأللفة مقابل العزلة"
وهي تمثل أزمة النمو النفسي االجتماعي في مرحلة الرشد المبكر ،و"األلفة"
،intimacyتعني -من وجهة نظر "أريكسون" – "قدرة الراشد على البقاء قريباً
ومحبوباً من اآلخرين ،وبناء الثقة واأللفة االجتماعية مع الجنس اآلخر تمهيداً
الختيار شريك الحياة ،إذ يحتاج الراشد في هذه المرحلة لتأكيد ذاته أكثر ،وال سيما
33
دوره الجنسي ،ويحتاج إلثبات هويته عن طريق شريك الحياة ،وهذا ما يتجسد في
الرغبة في االستقاللية والزواج وتكوين األسرة .ليس هذا فقط ،فاأللفة تعني أيضاً
القدرة على اختيار المهنة المناسبة والقدرة على التنسيق بين العمل واإلنتاج من
جهة ،وتحقيق المتعة من جهة أخرى.
وبهذا المعنى ا
فإن األلفة والحميمية تتسع لتشمل اآلخرين كاألصدقاء وزمالء
العمل .وهنا يشير "أريكسون" إلى مقولة "سيغموند فرويد" Sigmund Freud
(1939-1856م)" ،إ ان أفضل ما يمكن أن يفعله الراشد هو أن يحب ويعمل to
."love and workفإذا لم تشبع هذه الجهود بالزواج أو اختيار العمل المناسب،
ّأدى ذلك إلى أزمة اإلحساس باإلنعزال في مجاالت الحب والعمل كافّةً.
و"العزلة" ،isolationهي التي ت ّكون الشعور باالغتراب ،وفقدان الثقة بالنفس،
وتع ّذر التواصل واقامة عالقات جيدة مع اآلخرين ،أو حتى إقامة عالقة حب مع
الجنس اآلخر ،وبالتالي يظهر الشعور بالشك والدونية والعجز والخوف من فقدان
الهوية (الغامدي ،2010 ،ص.)36-35
والعزلة المفرطة هي ،سوء تكيف ،يطلق عليها مصطلح "العزل" ،exclusion
الذي يقصد به" :ميل الفرد إلى الحرمان والعزلة بالنفس ومع األصدقاء والمجتمع،
وتنمية الكراهية تعويضاً عن الشعور بهذه العزلة".
واأللفة والمودة المفرطة في هذه المرحلة هي ،سوء تكيف ،يطلق عليها
يعرف ب ّأنه" :ميل الفرد إلى المودة
"التشوش" ،promiscuityالذي ّ
ّ مصطلح
والبساطة الكاملة والسطحية مع اآلخرين".
واذا اجتاز الراشد هذه المرحلة بنجاح فسوف تنمو لديه خاصية "الحب" والقدرة
على اإلخالص المتبادل ،والحب ال يعني الحب في الزواج فقط بل الحب بين
األصدقاء والجيران ورفاق العمل.
34
" -7اإلنتاجية مقابل الركود"
وهي تمثّل أزمة النمو خالل مرحلة الرشد المتوسط ،إذ يواجه الفرد فيها
مسؤوليات جديدة تتعلق بتربية األبناء واعدادها للحياة ،والمساهمة في توفير حياة
أفضل لهم ،من خالل المساهمة الفاعلة في اإلنتاج االجتماعي عامةً .وتنسجم هذه
المسؤوليات الجديدة مع حاجة الراشد إلى الشعور بالنفع وأن هناك من يحتاجهم.
ويرتبط ح ّل أزمة اإلنتاجية بح ّل األزمات السابقة ،وتش ّكل أعلى درجة من
التماسك ،وأيضاً توفر الظروف االجتماعية المناسبة والداعمة الستم اررية فاعلية
الفرد كعضو مساهم في الحياة االجتماعية ،إذ يؤدي ذلك إلى اإلحساس بالمسؤولية
تجاه األجيال الجديدة.
وعلى العكس من ذلك ،ا
فإن عدم توفر الشروط السابقة يمكن أن يسبب
اضطراباً في نمو الشخصية ،وهذا قد يأخذ صورة تبدو إيجابية للوهلة األولى تتمثل
في شكل المبالغة في اإلنتاجية إلى درجة تعكس توجهاً غير تكيفي يتمثل في
أي المبالغة بالمشاركة غير الفعالة في "المبالغة في الجهد" ّ ،overextension
إسهامات غير حقيقية والعقالنية في محاولة لتأكيد الذات ،إذ يسيطر النزوع لإلنتاج
على الفرد بدرجة ال تترك مساحة للراحة واالستجمام أو االستمتاع بالحياة .ومع
ذلك فإنها تنعكس بشكل سلبي على مستوى اإلنتاجية نفسها ،إذ يمكن أن يقوم
بالعديد من األشياء دون أن ينتج بشكل جيد في أي منها.
إالا ا
أن األسوأ من ذلك هو سيطرة القطب السلبي ممثالً في "الركود" وهذا
الركود قد يأتي عن طريق تشتت طاقات الفرد في مواضيع كثيرة ومتنوعة ،أو قد
يكون نتيجة االنهماك الذاتي ،self-absorptionالذي قد يتخذ صيغة الرفض
الذي يتمثل بإنتاجية قليلة جداً مقابل ركود عال جداً مع غياب المشاركة
االجتماعية .هذه المرحلة هي مرحلة أزمات منتصف الحياة midlife crisis
(ناصر ،2003 ،ص.)36-35
35
"-8اإلحساس بالتكامل مقابل اليأس"
وهي تمثل األزمة األخيرة في نموذج "أريكسون" ،وتقابل مرحلة الشيخوخة .إذ
يجلس الفرد ليراجع نفسه عما مضى ويتأكد من مساهمته في بناء الجيل الجديد،
وتتميز هذه المرحلة بطريقتين لمواجهة أزمة النمو :األولى ،الطريقة السوية :وتعني
يتقبل ماضيه بكل خبراته (الناجحة والفاشلة) ،أي أن يدرك قيمة إنجازاته ا
أن الفرد ّ
الناجحة والدروس المستفادة من األخطاء ،وهذه هي (الحكمة) ،مصدر عطاء
المسن في هذه المرحلة ،وهنا يتولد اإلحساس بالتكامل .integrity
أما الطريقة الثانية ،فهي الطريقة غير السوية :وتتميز بالشعور واليأس
ّ
بأن الزمن المتبقي ال يكفي لتعويض ما
واإلحباط بسبب ضياع الفرص واإلحساس ّ
فات ،أو بسبب ارتكاب أخطاء ال يمكن إصالحها ،فيدرك المسن ضعف قيمة
إنجازاته السابقة ،ويشعر بضآلة قيمة حياته وخلوها من المعنى ،لذا يعاني اليأس
واالكتئاب (سليمان وفوزي ،د.ت ؛ عشوي.)2008 ،
36
الفصل الثاني
38
معينة ،تحت شروط مضبوطة بدقة ،لكي يتحقق من كيفية حدوث الحالة ،ويحدد
أسباب حدوثها (منصور وآخرون ،2003 ،ص.)461
والتجربة بهذا المعنى ،هي ظروف مصطنعة تقارب الظروف الطبيعية ،وهي
تحتاج في ذلك الى ثالثة أمور هي:
1ـ الضبط :وهو التحكم بالعوامل التي يحتمل أن تؤثر في الظاهرة السلوكية
تحكماً تتيح له معرفة آثار كل منهما على انفراد.
2ـ العزل :وهو استخالص العوامل المطلوب دراستها واعطائها الفرصة في أن
تعمل عملها في الظاهرة المطلوب دراستها.
3ـ القياس :وهو العمليات اإلحصائية التي يستعين بها الباحث تمكنه من
وصف النتائج وصفاً رقمياً واضحاً.
مزايا المنهج التجريبي
يعد المنهج التجريبي ضرورياً في علم نفس النمو ،لما يتميز به من مجموعة
ّ
من الخصائص ،لعلانا نذكر من أهمها:
.1يتصف المنهج التجريبي بالموضوعية ،فهو أقرب المناهج إلى الصدق
والموضوعية.
.2يستطيع الباحث الذي يتبع المنهج التجريبي السيطرة على العوامل المختلفة
التي تؤثر في الظاهرة السلوكية موضوع الدراسة ،فيغير من الشروط التي تحدث
فيها ،بدالً من تقبله لها كما وقعت أو حدثت ،مما يسهل عليه الدراسة ويجعله أقدر
على تفهم العالقات بينها وأثرها على الظاهرة (سليم ،2002 ،ص.)30
.3يتيح المنهج التجريبي استخدام األجهزة الخاصة بالقياس التي تتميز بالدقة
الشديدة ،مما يسمح بالتحديد الكمي للظاهرة وامكانية معالجتها طبقاً للوسائل
اإلحصائية المالئمة.
39
.4يستطيع الباحث تهيئة ظروف الظاهرة التي يدرسها ،بدالً من االنتظار
والبحث كما هو الحال في "المالحظة" حتى تقع الظاهرة ويقوم بدراستها وبحثها
(األشول2008 ،؛ اسماعيل.)1995 ،
وإلجراء الدراسة التجريبية يلزم الباحث مجموعتين :المجوعة التجريبية
،experiment groupوالمجموعة الضابطة :control group
المجموعة التجريبية هي المجموعة التي يتعرض أفرادها للمتغير المستقل
والمجموعة الضابطة التي يناظر أفرادها أفراد المجموعة التجريبية ال يتعرضون
للمتغير المستقل.
قد يكون من المفيد في هذا المجال أن نذكر -على سبيل المثال-بعض
الدراسات التجريبية لمزيد من التوضيح حول هذا المنهج:
الدراسة التجريبية األولى ،إذا أردنا أن ندرس أثر دخول الطفل إلى رياض
األطفال على تحصيله في المدرسة ،نأخذ في هذه الحالة مجموعتين من األطفال،
األولى ممن سبق لهم أن درسوا في رياض األطفال ،والثانية من األطفال الذين لم
تتح لهم مثل هذه الفرصة.
وللسيطرة على العوامل التي يفترض ّأنها تؤثر في التحصيل الدراسي الب اد أن
يكون األطفال من عمر واحد ،وحاالت صحية طبيعية ومتقاربة ،ويفضل أن يقوم
معلم واحد من معلمي الصف بتدريس المجموعتين ،إضافةً الى تشابه الكتب
وطرائق التدريس والمعاملة ،بينما يترك عامل واحد هو دخول الطفل إلى الروضة
ح اًر يعمل عمله في ظهور نتائج تحصيل األطفال ،فاذا كانت النتائج متشابهة فهذا
أما في حالة
يعني أن دخول الطفل إلى الروضة ال يؤثر في مستقبله التحصيليّ ،
اختالف النتائج لصالح المجموعة التي دخلت الروضة ،فهذا يعني أن حياة الطفل
في الروضة تعطي آثا اًر إيجابية على تحصيله المدرسي في المستقبل .وفي هذه
التجربة يطلق على التحصيل المدرسي اسم (المتغير التابع) أ ّما دخول الطفل إلى
40
الروضة فهو المتغير المستقل .ويطلق على المجموعة التي التحق أطفالها
أما المجموعة التي لم يدخل أطفالها إلى
بالروضة اسم (المجموعة التجريبية)ّ ،
الروضة فيطلق عليها اسم (المجموعة الضابطة).
الدراسة التجريبية الثانية ،الهدف منها هو ،معرفة أثر الضوضاء في الفهم
والتحصيل الدراسي لدى الطلبة.
لقد تم اختيار مجموعتين من األفراد لغرض هذه الدراسة ،المجموعة األولى،
وتسمى بالمجموعة التجريبية ،وفيها تم إعطاء المحاضرة بوجود ضوضاء عالية
أما المجموعة الثانية ،وتسمى بالمجموعة الضابطة ،فهي التي وشديدة جداًّ .
عامةً.
أعطيت المحاضرة نفسها ،ولكن ضمن جو يسوده الهدوء التام والراحة ّ
نالحظ ،في هذه الدراسةّ ،أنه تم إدخال المتغير المستقل (الضوضاء) على
المجموعة التجريبية ،أ اما المجموعة الضابطة فتركت دون ذلك ،ثم في نهاية التجربة
(أي بعد االنتهاء من شرح المحاضرة) أجري "اختبار تحصيلي" لمعرفة الفرق بين
فأي فرق يظهر بينهما يعزى سببه إلى أثر المتغير المستقل.
المجموعتينّ ،
أن معظم إجابات المجموعة وبعد طرح نفس األسئلة على المجموعتين ،تبين ّ
(التجريبية) كانت خاطئة ،بينما إجابات المجموعة (الضابطة) كانت صحيحة.
ويمكن أن نستنج عن طريق هذا المنهج التجريبي ،ا
أن الضوضاء بالفعل تؤثر في
الفهم لدى األفراد.
أن العالقة بين الضوضاء والفهم هي عالقة عكسية ،أي إّنه كلّما زادت كما ّ
وتحسن مستوى
ّ درجة الضوضاء ق ال الفهم ،وكلّما انخفضت الضوضاء ،زاد الفهم
التحصيل الدراسي للفرد .والمخطط ( )1يوضح الطريقة التجريبية لهذه الدراسة:
41
المخطط ( :)1مخطط الطريقة التجريبية لمعرفة تأثير الضوضاء في التحصيل الدراسي
42
-2المنهج الوصفي
إن المتتبع لتطور العلوم يستطيع أن يلمس األهمية التي احتلها "المنهجّ
الوصفي" في هذا التطور ،ويرجع ذلك إلى مالئمته لدراسة الظـواهر االجتماعية
والنفسية ،ألن هذا المنهج يصف الظواهر وصفاً موضـوعياً مـن خالل البيانات التي
يحصل عليها باستخدام أدوات وتقنيـات البحـث العلمي.
وقد ارتبطت نشأة هذا المـنهج بالمـسوح االجتماعيـة ،وبالد ارسـات المبكرة في
فرنسا ،وانكلترا ،وكـذلك بالد ارسـات األنثروبولوجيـة فـي الواليات المتحدة األمريكية .إذ
يقوم "المنهج الوصفي" على جمع الحقـائق والمعلومـات ومقارنتها ،وتحليلها وتفسيرها
للوصول إلى تعميمات مقبولـة.
بأنه "د ارسـة الظاهرة وتحليلها وتفسيرها من خـالل تحديـد خصائـصها
ويعرف ّ
ّ
وأبعادهـا وتوصيف العالقات بينها ،بهدف الوصول إلى وصف علمي متكامـل لها"
(جيدير ،د.ت ،ص.)100
وفي ميدان علم النفس ،يتناول هذا المنهج ،الظواهر النفسية كحاالت الخوف،
والغضب ،والقلق ،واالنطوائية ،والتوتر ...الخ ،كما يتناول التاريخ التطوري لبعض
ظواهر النمو اإلنساني ،كالنمو اللغوي واالجتماعي والجسمي ،والنفسي ...وغيرها.
ويشتمل على عدد من المناهج الفرعية واألساليب المـساعدة ،كأن يعتمد مثالً على
دراسة الحالة أو الدراسات الميدانية أو التاريخية أو المسوح االجتماعية.
وهنا نعرض لطريقتين أساسيتين في المنهج الوصفي ،هما :الطريقة الطولية
التتبعية ،developmental methodوالطريقة المستعرضة cross sectional
:method
43
1-2الطريقة الطولية
في الطريقة الطولية ،يتتبع الباحث النمو النفسي من كافة مظاهره لفرد أو
جماعة من األفراد على طول فترة زمنية معينة .وتقوم هذه الطريقة أكثر ما تقوم
على المالحظة وتستغرق أعواماً طويلة حتى يمكن الحصول على معلومات ذات
قيمة ،وقد يمتد طول الفترة الزمنية التي يتتبع فيها الباحث نفس الفرد إلى عشر
إن هذه الطريقة ضرورية ومفيدة في الدراساتسنوات أو أكثر في غالب األحيانّ .
التي يراد منها توضيح نمط النمو وتأثير البيئة على النمو (همام.)1984 ،
ومن أشهر الدراسات الطولية دراسة "تيرمان" الذي تتبع النمو العقلي وكذلك
التغيرات والتطورات التي تط أر على ذكاء الطفل عاماً بعد عام ،والكشف عن
العالقة بين الموهبة وسمات الشخصية.
أجرى "تيرمان" دراسته على مجموعة من األطفال الموهوبين (أو العباقرة من
حيث مستوى ذكائهم) لمدة تقرب من ( )30سنة ،متتبعاً فيها نموهم الجسمي
والعقلي واالجتماعي ،وذلك من مرحلة رياض األطفال حتى مرحلة الدراسات العليا
(زهران ،1986 ،ص 32؛ المليجي ،2001 ،ص.)38
وبينت النتائج أن األطفال الموهوبين يميلون إلى أن يكونوا أكثر طوالً وأكثر
وزناً ،وأكثر نشاطاً ،وأقدر تحصيالً ،وأقل شكوى من الصداع ...وذلك بالقياس
لألطفال المتوسطين في الذكاء.
1
ومن الدراسات الطولية المشهورة كذلك دراسة عالم النفس األمريكي "جيزل"
(1961-1880م) ،في العيادة النفسية ،فقد تتبع "جيزيل" شه اًر بشهر مئة رضيع
واستطاع الوصول إلى "مستويات نمو" للسلوك في مختلف األعمار.
جيزل :له الفضل في تحديد خصائص النمو وأنماطه ،ويحذر من عدم التعميم ،وضرورة مراعات 1
الفروق الفردية بين االطفال ،ألن كل طفل ينمو طبقاً لنمطه الفريد الخاص به بشكل يختلف عن النمط
44
أن عملية إمساك الطفل بقطعة صغيرة من السكر تمر بمراحل
مثال ذلك ،وجد ّ
تتعاقب لدى معظم األطفال في نفس السن وبنفس الترتيب ،مما يدل على ا
أن
النشاط الحركي يتطور طبقاً لنموذج واحد مضطرد (المليجي ،2001 ،ص 38؛
علوان .)2003 ،وكانت نتائج بحوثه مفيدة في ابتكار جداول نمائية أطلق عليها
جداول "جيزل النمائية" ،Gesell development schedulesالتي استخدمت
مع األطفال بين عمر أربعة أسابيع وست سنوات من العمر.
2-2الطريقة المستعرضة
في الطريقة المستعرضة ،يدرس الباحث مظاهر النمو المختلفة على مجموعة
من األفراد في مرحلة معينة ،ويطبق عليهم وسائل للحصول على المعلومات
والبيانات الخاصة بمظاهر النمو في هذه المرحلة ،بحيث يحصل على الصفات
العامة التي تميز النمو في تلك السن ،ويوضح كيفية اختالفها عن الم ارحل العمرية
األخرى .وتعتمد الطريقة المستعرضة على االختبارات والمقاييس والطرائق الحديثة
للقياس النفسي ،وأخذ عينات أخرى من األفراد في سنوات أخرى ويستخدم معها
نفس الطريقة.
ويمكن أن يتم هذا في وقت واحد ،أي تدرس مظاهر النمو في جماعة ممثلة
في سن معينة ولتكن سن السادسة ،وجماعة أخرى في سن السابعة وجماعة ثالثة
في سن الثامنة ...وهكذا .ولهذا توصف هذه الطريقة بأنها مستعرضة ،ألنها
تنصب على قطاع مستعرض من النمو.
مثال على ذلك :لو أردنا لدراسة النمو في الذكاء نأخذ مثالً مجموعة من
األطفال مكونة من عشرين طفالً في عمر سنة ،ونأخذ عشرين طفالً في عمر
العام .ويعد أول من ابتكر ظروفاً منهجية لدراسة النمو كطريقة التصوير والتسجيل ،إذ استغل التصوير
الفوتوغرافي والتصوير السينمائي والتسجيل الصوتي وغيرها للتبع نمو الطفل.
45
سنتين ،وهكذا في ثالث ،وأربع سنوات حتى السن المطلوبة ،ثم ندرس مستوى
نمو الذكاء ،في كل مجموعة ومعدل االنجاز عندهم ،وعندئذ إذا ظهر اختالف
وكان له داللة إحصائية ،فإنه يعود إلى اختالف في العمر والنضج.
مثال آخر :إذا أردنا دراسة نمو عظم اليد فإننا نختار مجموعات من األفراد
تتألف كل منها من عشرة أطفال في أعمار مختلفة هي :سنتان ،وأربع ،وست،
وثمان ،وعشر ،واثنتا عشرة سنة ،ثم نأخذ متوسطات أطوال العظام ومهاراتها في
األداء ،وبعد ذلك نقارن بين تلك المتوسطات.
لقد بدأت الطريقة المستعرضة سنة (1859م) ،من خالل بحث نشره العالم
األلماني "كوسمول" عن األطفال حديثي الوالدة ،وكذلك من خالل دراسة قام بها
"جيزل" سنة (1919م) ،حول معرفة خواص الطفل النفسية خالل السنوات الخمس
األولى من حياته.
ومن الذين استخدموا هذه الطريقة –أيضاً -العالم السويسري "جان بياجه"
1980-1896( Jean Piagetم) ،الذي درس نمو اللغة عند األطفال في
األعمار الزمنية المختلفة ،وأيضاً استخدمها في دراسته لبعض الصفات العقلية
لألعمار الزمنية المتعاقبة (مثل نمو المفهوم العددي والمفهوم المكاني عند
األطفال).
وواقع األمر أن الطريقة الطولية والطريقة المستعرضة طريقتان متكاملتان
يفضل أن يستعان بهما في دراسة الموضوع الواحد (زهران ،1986 ،ص.)32
ويمكننا توضيح الفرق بين الطريقتين من خالل الجدول اآلتي:
46
الفرق بين الطريقة الطولية والمستعرضة
-1الفرق من حيث المزايا
الطريقة المستعرضة الطريقة الطولية
-يمكن أن يقوم بها باحث واحد. -تتميز بدقة المعلومات.
تهتم بالفروق داخل المجموعة العمرية -توفر الكثير من الوقت ،الجهد،
ّ -
نفسها عبر الزمن ،وتحسب هذه الفروق -تعد طريقة اقتصادية (توفر الكثير من
المال). على أنها حقيقية.
-تعطي نتائج سريعة.
-2الفرق من حيث العيوب
الطريقة المستعرضة الطريقة الطولية
-تعطي تمثيالً تقريبياً لعمليات النمو. -تستغرق وقتاً طويالً وجهداً كبي اًر.
-ال تراعي الفروق الفردية داخل كل -تعد طريقة غير اقتصادية.
-يتم فيها فقدان بعض الحاالت (بسبب مجموعة عمرية.
-ال تهتم بالتغيرات االجتماعية والثقافية السفر ،أو المرض ،أو الموت ،أو عدم
مع التقدم في العمر. الرغبة في المتابعة.)...
47
-3المنهج اإلكلينيكي
علم النفس اإلكلينيكي ،clinical psychologyهو فرع من فروع علم النفس
التطبيقي ،يختص بالمعرفة والممارسة النفسية المستخدمة في مساعدة الفرد الذي
يعاني من اضطراب ما في الشخصية يبدو في سلوكه وتفكيره ،حتى ينجح في
تحقيق توافق أفضل واكتساب قدرة أعلى في التعبير عن ذاتهّ .إنه يشمل التدريب
والممارسة الفعلية في التشخيص والعالج ،ويهدف إلى ازدياد المعرفة النفسية.
يستخدم المنهج اإلكلينيكي ،clinical methodفي دراسة وتشخيص السلوك
الفردي ،وخصوصاً عندما يبدو النمو وقد انحرف عن الخط الطبيعي كما حدده
علماء النمو النفسي.
ولقد أوحى بهذا المنهج ما أفصحت عنه كشوف "فرويد" التحليلية من أهمية
خبرات الطفولة في خلق مشكالت سلوكية قد تعطل عملية النمو الطبيعي في
السلوك اإلنساني.
وغالباً ما تستعمل هذه الطريقة بصورة فردية ،إالا أانه يمكن الحصول على
حقائق عديدة تصلح الستنباط قواعد عامة لتطور السلوك وديناميات هذا التطور.
ولقد استعملت هذه الطريقة من قبل العديد من العلماء مثل "ويتمر" Witmer
و"كالين" ( Clineاسماعيل ،1995 ،ص 49؛ المليجي.)2001 ،
وقد بدأ المنهج اإلكلينيكي – في األصل -كمنهج عالجي يهدف إلى الوقوف
على العوامل أو القوى التي تقف وراء السلوك غير السوي فقط ،ووضع خطة
وعالج لهذا االنحراف .ولكن يستخدم هذا المنهج اآلن في دراسة الحاالت السوية
بهدف زيادة الفهم لديناميات السلوك والعوامل والقوى المؤثرة فيه ،ولمعرفة كيف
ينمو ويتطور .ومن أكثر األساليب العيادية الشائعة في المنهج اإلكلينيكي هي
دراسة الحالة ،case studyوالمقابلة :interview
48
1-3دراسة الحالة
عد دراسة الحالة ذات قيمة للمختص النفسي اإلكلينيكي ،والطبيب النفسي،
ت ّ
أكد الباحثون ّأنه ال يمكن فهم
وخبراء التوجيه واإلرشاد النفسي ...وغيرهم .ولقد ّ
سلوك الفرد فهماً كامالً دون المعرفة التامة بالتاريخ الماضي للفرد .وتتضمن هذه
المعرفة معلومات عن األسرة ،والمكانة االجتماعية واالقتصادية ،والتعليم ،والحالة
الجسمية ،والمزاجية للفرد.
المتعمق والمفصل لحالة فردية أو
ّ ويمكن لدراسة الحالة أن تشمل الفحص
أي وحدة اجتماعية أخرى كالمجتمع أو الثقافة .ويقوم الباحث بجمع
ألسرة واحدة أو ّ
كل أنواع البيانات (النفسية ،والفيزيولوجية ،والبيئية ،والسيرة الذاتية) عن الحالة
المدروسة .فمثالً ،عند دراسة حالة شخص مدمن على المخدرات ،يقوم الباحث
باإلطالع على كل جوانب أنشطته وصفاته وتفاصيل حياته وتاريخه ،والقاء الضوء
على تجاربه وخلفيته الثقافية والبيئية ،من أجل تكوين فكرة واضحة وكافية عن
أفكاره الشخصية ودوافعه.
clinical ويطلق على دراسة الحالة مصطلح المالحظة اإلكلينيكية
،observationوذلك عندما تتم في المستشفيات أو مؤسسات الصحة النفسية أو
الطبية (دويدار1999 ،؛ قنديلجي1999 ،؛ أبو النيل.)1985 ،
ويستخدم الباحث ،في دراسة الحالة ،كافّة أساليب جمع المادة العلمية،
كالمالحظة المتعمقة ،1والمقاييس واالختبارات ،واألدوات اإلسقاطية ،والمقابلة،
والوثاق والسجالت المكتوبة ...وغيرها .كما يستقصي الباحث تاريخ حياة الفرد،
مر بها ،بل وعليه
ويقف على الظروف التي أحاطت بتعلمه والخبرات السابقة التي ّ
يحتاج الباحث إلى تواجده وبقاءه مع الحالة المعنية بالبحث ،ألوقات كافية، إذ المالحظة المتعمقة: 1
وبحسب ما تفتضيه ظروف البحث ،ومن ثم تسجيل مالحظاته بشكل منظم (قنديلجي،1999 ،
ص.)115
49
أن يعرف شيئاً عن التاريخ العائلي للحالة موضوع الدراسة ،ونوعية األمراض التي
أصيب بها في طفولته أو التي أصيب بها والديه وأقربائه ( ...كفافي،1997 ،
Hermann ص .)69وقد استخدم عالم النفس األلماني "هيرمان إبنغهاوس"
1909-1850( Ebbinghausم) ،هذا األسلوب بنجاح في دراساته المختلفة عن
الذاكرة والحفظ والنسيان ،كما استخدمه "بياجه" لمالحظة االستدالل (االستنتاج)،
وح ّل المشكالت لدى األطفاله خالل مرحلة الطفولة.
مزايا وعيوب دراسة الحالة
مزايا دراسة الحالة :يمكن تحديد مزايا وفوائد دراسة الحالة بالنقاط اآلتية:
.1تقدم دراسة شاملة ومتعمقة للحالة المطلوب دراستها.
.2تساعد الفرد موضوع الدراسة على فهم نفسه وقدراته وامكاناته.
.3تفيد في عملية التنبؤ ،ألنهما تشمل جوانب النمو المختلفة.
.4تيسر فهماً شامالً وتاماً لحالة الفرد موضوع الدراسة.
عيوب دراسة الحالة :هناك بعض االنتقادات في هذه الطريقة ،نوجزها باآلتي:
إن الحالة التي يتم اختيراها كعينة للدراسة ال تمثل المجتمع كلّه أو
ّ .1
الحاالت األخرى بكاملها ،وعل هذا األساس فقد التكون التعميمات لتلك العينة
والحالة صحيحة أو صادقة.
تعد هذه الطريقة عملية بشكل كامل ،إذا ما أدخلنا عنصر الذاتية
.2قد ال ّ
والحكم الشخصي فيها ،أو كان باألساس موجوداً في اختيار الحالة ،أو في تجميع
البيانات الالزمة لهذه الد ارسة وتحليلها وتفسيرها.
فإن ذلك
.3تقوم هذه الطريقة على دراسة حالة مفردة أو حاالت قليلة ،وعليه ّ
قد يكلف وقتاً وجهداً.
.4تدخل عامل النسيان ألحداث الماضي ،وبالتالي يؤثر في صدق الحالة.
فمهما تكن قوة الذاكرة لدى الفرد الذي تتم دراسته ،فإن تذكره لما مر به من خبرات
50
سوف يتسم بالنقص ،وستوجد فجوات فيما يعرفه عن ماضيه .ولهذا سيلجأ الفرد
إلى ملء هذه الفجوات من خياله الخاص.
فمثالً ،قد يذكر أحدهم ّإنه كان يعاقب بشدة عندما كان طفالً ،ولكن
المالحظين يؤ ّكدون ّأنه لم يكن يعاقب بهذه الصورة في الماضي .أي إ ّن الفرد لم
لكنه كان يعكس اتجاهات الطفل نحو المعاملة التي كانت
يكن صادقاً وموضوعياًّ ،
توجه له (أبو النيل ،1985 ،ص 194؛ قنديلجي ،1999 ،ص.)113
2-3المقابلة
تعد المقابلة أحد األساليب األخرى المستخدمة في دراسة السلوك .وهي موقف
ّ
يحصل فيه تفاعل بين فردين ،هما الطبيب النفسي والمريض في حالة المقابالت
التشخيصية ،diagnostic interviewوفيها يتم تبادل المعلومات واآلراء،
وتستهدف تحفيز المريض على الحديث بصورة تلقائية صريحة وصادقة.
بأنها "محادثة موجهة يقوم بها فرد مع فرد آخر
ويعرفها "إنجلش" ّ ،English
ّ
أو أفراد آخرين ،بهدف استثارة أنواع معينة من المعلومات ،واالستعانة بها على
التوجيه والتشخيص والعالج" (سعد عمر ،2009 ،ص.)93
وتبرز أهمية المقابلة ،كونها تتيح الفرصة للباحث للتعرف إلى جوانب ال يمكن
لالختبارات أن تصل إليها أو تغطيها (كطريقة الفرد في الحديث ،ومدى لباقته،
والمظهر العام ،وعيوب النطق والكالم لديه ،والعيوب الجسمية ...وغيرها) .كما
حر عن شعوره أو عواطفه وانفعاالته وآ ارئه
تتيح الفرصة للمفحوص للتعبير بشكل ّ
وأفكاره ودوافع سلوكه ،وهذا ماال يستطيع الباحث الوصول إليه إالّ من خالل
تمد الباحث بالكثير من المعلومات القيمة في تفسير فإن المقابلة ّ
المقابلة .إذاًّ ،
النمو ،وتفيد في إظهار الفروق الفردية ،فضالً عن كونها أداةً للتعبير ،والتوعية،
والتفاعل الديناميكي (حسن ،د.ت ،ص 21؛ العيسوس ،د.ت ،ص.)172
51
أنواع المقابلة
يمكن تصنيف المقابلة وفق أسس ومعايير مختلفة منها:
أوالً -المقابلة من حيث وظيفتها
أ .المقابلة التوجيهية أو اإلرشادية :وتهدف إلى الحصول على معلومات عن
المفحوص تمهيداً لتقديم النصح ،أو مساعدته على اكتشاف قدراته ،واتخاذ القرار
المناسب فيما يتعلق بدراسته المستقبلية أو اختيار مهنة مناسبة ،أو إيجاد الحلول
للمشكالت التي تعترضه.
ب .المقابلة العالجية :وتهدف إلى مساعدة المفحوص على فهم نفسه بشكل
أفضل ،والبدء في تنفيذ العالج وفق خطة موضوعية .وتهدف إلى تحسين الحالة
االنفعالية للمفحوص.
ثانياً -المقابلة من حيث طبيعة األسئلة
أ .المقابلة المقننة :وتحتوي على أسئلة موضوعة سلفاً وبشك دقيق ومحددة
اإلجابة ،ويطلب من المفحوص أن يختار واحداً من اإلجابات المحددة .ويشبه هذا
النوع من المقابلة االستبيان المقيد من حيث طبيعة اإلجابة المحددة وسهولة التحليل
اإلحصائي للبيانات التي يتم الحصول عليها.
ب .المقابلة غير المقننة (الحرة) :وهي المقابلة التي تطرح فيها أسئلة غير
وتتصف بالمرونة والحرية ألنها تتيح للمفحوص التعبير عن نفسه
ّ محددة اإلجابة،
بصورة تلقائية ،وهي أشبه باالستبيان المفتوح.
ومن الصعوبات التي تنتج عن هذا النوع من المقابلة كثرة البيانات والمعلومات
التي يكون التحليل اإلحصائي لها من األمور العسيرة .ويكثر استخدام هذا النوع من
سيما المواقف السريرية ،إذ تتيح للباحثالمقابالت في المجاالت النفسية وال ّ
الحصول على معلومات عميقة عن االتجاهات والدوافع والميول.
52
جـ .المقابلة الموجهة :وهي تدور حول خبرة معينة أو موقف معين يفترض
يعبر المفحوص عن إحساسه ودوافع
الباحث أن المفحوص قد تعرض له .وفيها ّ
سلوكه من خالل توجيه معين من الباحث (سعد عمر ،2009 ،ص.)95
وتكاد تكون المقابلة ،األداة األولى في دراسة الحالة ،إذ يمكن أن يستخدم
الباحث أية أداة أو ال يستخدمها ،وذلك تبعاً لطبيعة المشكالت التي يدرسها عند
الحالة ،لكن ال يمكن أن يستغني عن "المقابلة" ،ألن دراسة الحالة عادة ال تتم بدون
المقابلة .والمقابلة تكون دائماً موجهة نحو أغراض معينة (محددة بأهداف واضحة)،
وال تترك للمصادفة العشوائية توجيه الحديث فيها.
فإن لهذه
عيوب المقابلة :ومع كل المزايا التي تتحقق باستخدام المقابلةّ ،
الطريقة عيوب ،نذكر منها:
-يعتمد نجاح المقابلة إلى حد كبير على رغبة المفحوص في التعاون
واعطاء ،معلومات موثوقة ودقيقة عنه.
-يصعب مقابلة عدد كبير نسبياً من األفراد ألن مقابلة الفرد الواحد تستغرق
وقتاً طويال من الباحث.
-تتأثر بحرص المفحوص على نفسه ،وبرغبته بأن يظهر بمظهر إيجابي،
يرضي الفرد الذي يجري المقابلة معه.
-يصعب تقدير االستجابات واخضاعها إلى تحليالت كمية.
-إنها طويلة وتحتاج إلى أفراد متدربين وجيدين في المران ،ويكونون على
وعي تام بحقائق السلوك اإلنساني (اسماعيل ،1995 ،ص.)50
53
مثال عن مقابلة أجراها بياجه على األطفال
وفيما يلي مثال لمقابلة أجراها "بياجه" ضمن المنهج اإلكلينيكي الذي كان
يتبعه في دراسة نمو الحكم الخلقي عند األطفال .وهذا الجزء المقتبس نموذج من
مقابلة أجراها عام (1948م) ،على أطفال تتراوح أعمارهم بين ( )7-5سنوات:
الفاحص :هل تعرف ما هو الكذب؟
الطفل :نعم ،هو أن تقول شيء غير الحقيقة.
الفاحص :هل 5=2+2تع ّد كذباً؟
الطفل :نعم إنها كذب.
الفاحص :لماذا؟
الطفل :ألنها ليست صحيحة.
الفاحص :هل الطفل الذي قال 5=2+2يعرف إنها ليست صحيحة؟ أم أنه
ارتكب خطأ؟
الطفل :لقد ارتكب خطأ.
الفاحص :إذا كان قد ارتكب خطأ فهل قال كذباً أم ال؟
الطفل :لقد قال كذباً.
الفاحص :هل هو ولد شقي أم ال؟
الطفل :ليس جداً.
الفاحص :هل رأيت هذا السيد (يشير الفاحص إلى أحد الطلبة الدارسين)؟
الطفل :نعم.
الفاحص :كم تظنه يبلغ من العمر؟
الطفل :ثالثون عاماً.
الفاحص :أظنه ثمانية وعشرون فقط (قال الطالب أن عمره ستة وثالثون
عاماً) .هل تظن أننا كذبنا نحن اإلثنين؟
54
الطفل :نعم لقد كذبنا نحن اإلثنين.
الفاحص :نحن أشقياء إذاً.
الطفل :ليس أشقياء جداً.
الفاحص :من هو الشقي؟ أنا أم أنت؟ أم أننا متساوون تماماً؟
الطفل :بل أنت األشقى ألن الفرق عندك أكبر.
الفاحص :هل هي كذبة؟ أم أننا فقط ارتكبنا خطأ؟
الطفل :لقد ارتكبنا خطأ.
الفاحص :هل هي كذب أيضاً أم ال؟
الطفل :إنها كذب أيضاً (كفافي ،1997 ،ص.)69
"جان بياجه"
55
-4المالحظة
"المالحظة" ،observationهي عملية المشاهدة أو مراقبة السلوك ،يقوم بها
الباحث العلمي معتمداً على إدراكاته وحواسه في جمع المعطيات والمعلومات أو
البيانات عن ظاهرة معينة ينوي دراستها عند الفرد.
وتتمثل أهمية المالحظة في العلم في ّأنها تنتج أهم عناصره وهي مادته الخام؛
أي المعطيات ،وال بد لهذه المعطيات التي يجمعها الباحث بالمالحظة أن تتسم
بالموضوعية ،والموضوعوعية في جوهرها هي اتفاق المالحظين في تسجيالتهم
لبياناتهم وتقديراتهم وأحكامهم اتفاقا مستقالً (غباري ؛ أبو شعيرة ،2015 ،ص.)34
العلمية على ّأنها" :وسيلة أساسية
ّ يعرف "سترانغ" و"موريس" المالحظة
وضرورية ومصدر للحصول على معلومات عن الفرد موضع الدراسة".
وتستخدم طريقة المالحظة عادة لتلك المظاهر من السلوك التي ال تسهل
دراستها بالوسائل األخرى ،وهي تؤدي دو اًر أساسياً في الحصول على معلومات عن
السلوك االجتماعي في المواقف الطبيعية ومواقف الحياة اليومية كالتفاعل
االجتماعي في لعب األطفال ،أو سلوك المرضى ،والطلبة في أثناء قيامهم بنشاط
يتطلب قياسه ،أو مالحظة ردود فعل األفراد في أثناء مشاهدتهم لمسرحية أو عرض
تلفازي أو معرض فني ،إضافةً إلى مالحظة وقياس الكثير من النشاط اإلنساني
واالجتماعي وبحسب مطلب الدراسة.
وتعتمد طريقة المالحظة على قابلية الباحث وقدرته على البحث واالنتظار
فترات مناسبة وتسجيل المعلومات بشكل منتظم ومقنن واالفادة منها.
ألنها ال
بأنها أفضل وسائل جمع المعلومات عن السلوك؛ ّ
وهي توصفّ ،
تتطلب وسيطاً كاالختبارات والمقاييس.
وهناك عدة وسائل يمكن أن تستخدم في المالحظة ،ويمكن للباحث أن يستخدم
أكثر من أداة لجمع المعلومات ،ومن أهم هذه الوسائل :ساللم أو مقاييس التقدير،
56
والسجالت القصصية ،ومقاييس العالقات االجتماعية (السوسيومترية) ،وبطاقات
المالحظة واستمارات البحث .ويتوقف نجاح المالحظة على عدة شروط ،لعل من
أهمها نذكر:
-االنتباه :أي التهيؤ الذهني الذي يقوم به الفرد لكي يشعر بالمثيرات المحيطة.
-الشعور بالمثيرات :ويكون إما على هيئة أشكال أو أصوات أو صور أو غير
ذلك ،أو باستخدام بعض األدوات المبتكرة (مكبرات الصوت مثالً).
-اإلدراك :أي تفسير الشعور في ضوء الخبرة السابقة ،والعمليات الفكرية (سعد
عمر ،2009 ،ص.)101
أنواع المالحظة
أن هناك نوعين للمالحظة ،هما:
يرى الباحثون ّ
أوالً -المالحظة المنظمة (المقصودة)
وهي "المالحظة العلمية المضبوطة التي تهدف إلى تحقيق هدف محدد،
وتجري وفق خطة مسبقة".
ولتسهيل عملية المالحظة ،يستخدم الباحث وسائل معينة كآالت التصوير
الفوتوغرافي ،ومسجالت الصوت ،والغرف الزجاجية التي تكون مصممة بحيث
تسمح للمالحظين رؤية األفراد ومالحظتهم دون أن ينتبه أحد منهم إلى ذلك.
وقد استخدم "بياجه" هذه الطريقة ،كما أن "جيزل" استعان بالتصوير لرصد
أهمية المالحظة المنظمة،
حركات األطفال في حياتهم الطبيعية .وعلى الرغم من ّ
أهمها: ا
ودقّة العمل بموجبها ،إالّ ّأنها ال تخلو من بعض المآخذ ،لعل ّ
.1قد تفوت على المالحظ فرصة تسجيل بعض المواقف والتصرفات نتيجة
انشغاله بالمالحظة والمتابعة.
.2قد يسقط الراشدون اتجاهاتهم وانفعاالتهم على المفحوص.
.3قد ينسى المالحظ الذي يسجل مالحظاته بعض األمور.
57
ألن المالحظ يقوم بتسجيل ظواهر تحدث في .4انخفاض درجة الدقة نظ اًر ّ
المعيش ويصعب إخضاعها للتجربة واالختبار. الواقع َ
.5ال يمكن استخدام أدوات مقننة على درجة عالية من الدقة والثبات.
ومن أجل تحسين المالحظة يشترط أن تتوفر في الباحث الذي يقوم
بالمالحظة الكفاية والخبرة في العمل ،وأن يتسم بالموضوعية والدقة ،ويفضل أن
يقوم بالمالحظة أكثر من شخص ،حتى إذا غفل أحد عن أمر ،ال يغفله اآلخر،
ويكتفى -في حالة تعداد المالحظين -بالمعلومات التي تكون موضع اتفاق بينهم
(قطامي وبرهوم 1989 ،؛ زيتون ،2004 ،ص.)90
ثانياً -المالحظة البسيطة (العابرة)
وهي "صورة مبسطة من المشاهدة التي يقوم الباحث فيها بمالحظة األحداث
كما تحدث تلقائياً وفي ظروفها الطبيعية دون إخضاعها للضبط العلمي ،أي دون
قصد أو تخطيط مسبق لها ،أو استخدام أدوات للتسجيل أو التصوير" .ويفيد هذا
النوع من المالحظة في الدراسات االستطالعية التي تهدف إلى جمع البيانات
األولية عن األحداث تمهيداً لدراستها (مستقبالً) دراسة معمقة ومضبوطة.
وال شك أّننا نقوم جميعاً بمثل هذه المالحظة في البيت وفي المدرسة وفي
الشارع ...الخ .وعلى الرغم من عدم دقّة هذا النوع من المالحظة ،إالا أنها قد
تكون نقطة انطالق لبحوث وتجارب دقيقة ومتكاملة .ومن سلبيات هذه المالحظة:
.1عدم توفر الدقة في المعلومات ،وذلك لعدم التخطيط المسبق لها ،وعدم استعداد
من يقوم بها للتسجيل ،مما يعرض كثي اًر من المعلومات للنسيان.
تحيز الباحث ،وخصوصاً إذا كان الفرد الذي تتم مالحظته من أقاربه أو أبنائه.
ّ .2
.3تفتقر إلى الثبات ،ألنها تعتمد على حواس الباحث التي تختلف من فرد آلخر
(سمارة وآخرون ،د.ت ،ص 23؛ قطامي وبرهوم ،1989 ،ص.)28
58
الفصل الثالث
59
( )3النمو عملية مستمرة ومتدرجة
النمو عملية مستمرة منذ لحظة التكوين حتى نهاية الحياة .وما حدث للفرد من
تغيرات في جوانبه العضوية والعقلية المختلفة ال تتوقف طوال حياته ،وله تأثير
واضح في نموه وتطوره الالحق .إذ يغلب على هذه التغيرات طابع البناء في
المراحل األولى من العمر ،وطابع الهدم في المراحل األخيرة منه.
والنمو بهذا المعنى سلسلة من الحلقات يؤدي اكتساب حلقة منها إلى ظهور
أن الطفل يمر بالتطوراتالحلقة التالية .فإذا أخذنا النمو الحركي مثالً فإننا نجد ّ
اآلتية :القدرة على رفع الرأس ثم الجلوس فالحبو فالوقوف فالمشي والقفز والتسلق،
والبد أن تتم هذه العمليات بنفس الترتيب ،فال يمكن أن يمشي الطفل قبل أن يقف،
وال يمكن أن يجري ويقفز قبل أن يتعلم المشي .وهنا يمكننا التمييز بين نوعين من
النمو :نمو الطفل ،ونمو الراشد :إذ إ ّن نمو الطفل يتميز بزيادة الطول والوزن
والحجم ،في حين يشمل نمو الراشد زيادة في الوزن والحجم دون الطول.
ولهذا فإنه من النادر أن يزيد حجم الطفل بصورة كبيرة ،بينما الراشد يزيد
حجمه بصورة كبيرة وخصوصاً حجم البطن .وهذا يشير إلى كثرة عمليات البناء
لدى الطفل ،وكثرة عمليات الهدم لدى الراشد (سمارة وآخرون ،د.ت ،ص35؛
غباري ؛ أبو شعيرة ،2015 ،ص.)20
( )4سرعة النمو ليست ثابتة
إن سرعة النمو ليست ثابتة خالل المراحل العمرية المتتابعة وانما تختلف من
ّ
مرحلة إلى أخرى ،وا ّن أسرع مراحل النمو هي مرحلة الحمل إذ ينمو الجنين خالل
تسعة أشهر حوالى ( 50سم) في الطول ،وحوالى ثالثة كيلو غرامات في الوزن .ثم
يليها مرحلة المهد ،وتتبعها مرحلة الطفولة ثم مرحلة المراهقة .ويثبت النمو خالل
مرحلة الرشد والشباب ،بينما تتناقص القدرات خالل مرحلة الشيخوخة والهرم.
60
-2العوامل المؤثرة في النمو اإل نساني
يتأثر النمو اإلنساني بعدة عوامل تسهم – إلى حد كبير -في إبراز سماته
الشخصية .ويقسم العلماء العوامل المؤثرة في النمو اإلنساني إلى قسمين رئيسين،
هما :العوامل األساسية ،والعوامل الثانوية.
1-2العوامل األساسية
أ -الوراثة :يقصد بالوراثة " ،heredityكل ما ينتقل إلى الفرد من والديه
وأجداده وساللته بيولوجياً وبواسطة المورثات (كالسمات العقلية والبدنية)".
فالعوامل الوراثية ،تمثّل ك ّل العوامل الداخلية التي كانت موجودة عند بدء
الحياة أو عند اإلخصاب .وتع ّد عامالً مهماً يؤثر في النمو من حيث ،مظاهره،
وزيادته أو نقصانه ،ونضجه أو قصوره .وتوضح دراسات الوراثة أن اإلمكانيات
الكامنة -وليس السمات أو الخصائص -هي التي تورث.
وهكذا ،يتوقف معدل النمو على وراثة خصائص النوع ،وتنتقل العوامل الوراثية
إلى الفرد من والديه وأجداده وساللته التي ينحدر منها.
وهناك أيضاً ما يسمى بـ (الوراثة االجتماعية) ،social heredityوهي غير
بيولوجية ،ويقصد بها" :انتقال العادات واألفكار عن طريق االحتكاك الحضاري".
ب -البيئة :تتعدد وتتنوع البيئات التي يتم النمو فيها :أولى هذه البيئات البيئة
الرحمية ،ثم تليها البيئة األسرية ،والبيئة االجتماعية بخصائصها الثقافية والحضارية
واالقتصادية ،وأخي اًر البيئة الطبيعية والجغرافية (سليم ،2002 ،ص 19؛ القصاص،
د.ت ،ص.)20-18
إن البيئة االجتماعية التي يعيش فيها الفرد تشكله اجتماعياً ،وتحوله إلى
ّ
شخصية اجتماعية متميزة .كذلك فإن الطبقة االجتماعية والخلفية االجتماعية
واالقتصادية والتربوية للفرد ،وتوجيهه النفسي والفرص المتاحة أمامه ،تؤثر في
61
عملية النمو .ومن أكثر العوامل المؤثرة هنا التعليم والوسط الثقافي واألخالقي،
والدين ومستوى الذكاء ،وسن الزواج واستق ارره وعدد األطفال ...الخ.
كما ا
أن هناك تداخالً في نمط الحياة في األسر التي تقع في النطاق الحدي
أن الفروق تتضح كلما تدرجنا صعوداً وهبوطاً على
بين طبقة اجتماعية وأخرى .إالّ ّ
سلم الطبقات االجتماعية.
ويكتسب الفرد أنماطاً ونماذج سلوكه ،وسمات شخصيته نتيجة للتفاعل
االجتماعي مع غيره من الناس ،ومن خالل عملية التنشئة والتطبيع االجتماعي.
وخالل سنوات حياته األولى تكون األسرة هي أبرز عوامل التأثير االجتماعي .وبعد
ذلك يأتي دور الصحبة والرفاق في المدرسة والمجتمع الكبير .وكذلك تؤثر وسائل
اإلعالم ودور العبادة والنمط الثقافي الذي ينمو الفرد في إطاره.
وكذلك فإن البيئة الحضارية تسهم في عملية النمو االجتماعي للفرد ،والدليل
على ذلك اختالف األدوار االجتماعية لكل من الجنسين في البيئات والثقافات
أما البيئة الجغرافية ،فهي تؤثر بما تفرضه من ظروف طبيعية واقتصادية المختلفةّ .
وبشرية في النمو .فإذا ما نظرنا إلى السالالت واألجناس البشرية المختلفة ،فإننا
نجد فروقاً تعود -إلى حد كبير -إلى االختالفات في البيئة الجغرافية.
أن كالًّ من العوامل الوراثية والبيئية تؤثر في
جـ -الوراثة والبيئة :وهذا يعني ا
ظاهرة النمو وفي سلوك اإلنسان وشخصيته عامة .ولكن هذه العوامل وراثية كانت
أم بيئية ،تعمل معاً ،وتتفاعل ،وتتعاون في تحديد صفات الفرد وفي تباين نموه
ومستوى نضجه وأنماط سلوكه ،ومدى توافقه أو شذوذه .انظر الشكل (.)3
حتى ليصعب في بعض الحاالت أن نحدد تأثير كل منها ونميزه عن تأثير
اآلخر ،ألنه إذا كانت للوراثة تغيرات كيميائية حيوية فإنها تحدث في وسط معين،
وهذا الوسط محسوب من عوامل البيئة ،أي إ ّن البيئة يمكن أن تؤثر في العملية
الوراثية ذاتها (كفافي ،1997 ،ص 42؛ زهران ،1986 ،ص.)29-28
62
الشكل ( :)3الوراثة والبيئة والسلوك
د -التكوين العضوي (الغدي) :وهو الشكل الذي تتخذه وظائف بعض
1
(الغدة األعضاء الداخلية وخصوصاً "الغدد الصماء" endocrine gland
النخامية ،والغدة الدرقية ،والغدة الصنوبرية ،والغدة الكظرية ...وغيرها) التي تفرز
الهرمونات (مثل هرمون النمو ،)2وتلعب الغدد واف ارزاتها (الهرمونات) دو اًر كبي اًر في
تنظيم نمو الفرد ووظائف جسمه ،وتؤثر في مظاهر حياته المختلفة ،والغدد نوعان:
1الغدد الصماء :Endocrine Glandوتعرّف بأنها "التركيب الذي ال يصب إفرازه عبر قنوات ،بل يفرزه
مباشرة في تيار الدم ليمارس تأثيراً تنظيميا ً على تركيب آخر في موقع آخر من الجسم"
هرمون النمو :Growth Hormoneيتكون هذا الهرمون في النصف األمامي من الغدة النخامية. 2
ويتأثر النمو بأي نقص أو زيادة تصيب هذا الهرمون في الدم .فإن حدث هذا النقص قبل البلوغ فإنه
يسبب وقف نمو العظام لدى الطفل ،ويصبح بذلك قزماً ويؤدي إلى السمنة المفرطة .أما إذا حدثت زيادة
63
-غدد قنوية :وهي التي تطلق إف ارزاتها في قنوات في المواضع التي تستعمل فيها،
مثل :الغدد اللعابية والغدد الدهنية ،والغدد الدمعية ...الخ.
-غدد صماء :وقد سميت (بالغدد الصماء أو الغدد عديمة القنوات) ،لعدم وجود
قنوات بها ،وهذه الغدد ال تصب إف ارزاتها عبر قنوات ،بل تفرزها مباشرة في الدم،
لتحكم وظائف الجسم ،وهي في عملها تؤثر إحداها في األخرى.
ويتألف جهاز الغدد الصماء من مجموعة من الغدد هي" :الغدة الدرقية
،thyroid glandوالغدة نظير الدرقية (جارات الدرقية) ،parathyroid gland
والغدة النخامية ،pituitary glandوالغدة الكظرية ،adrenal glandوالغدة
الثيموسية ( thymus glandسليم ،2002 ،ص 20؛ السيد ،2001 ،ص.)17
أهم الوظائف التي تقوم بها هذه الغدد هي؛ تحديد شكل الجسم وأبعاده ،تنظيم
و ّ
عملية التغذية ،وتنظيم النشاط العقلي ،وتحديد السلوك االجتماعي ،وتحديد االتزان
االنفعالي).
هــ -التغذية :وهي من العوامل األساسية لنمو اإلنسان ومن أشدها تأثي اًر في
يعد الغذاء من المصادر األساسية للطاقة ويعمل على
صحته الجسمية والعقلية .إذ ّ
توليد الطاقة الضرورية للجسم وبناء أنسجته وتزويده بما يحتاج من عناصر أساسية
تساعد على نموه بصورة متزنة.
أن عدم توافر مكوناته الرئيسة ّيضعف من ومما يؤ ّكد أهميته في النمو هو ّ
إمكانيات النمو ،ويقلّل من مقاومة األمراض .نظ اًر لما للتغذية الجيدة من أهمية فإنه
ينبغي أن تنال االهتمام الالزم من قبل أفراد األسرة وذلك بمعرفة المواد التي يجب
أن تحتوي عليها الوجبات الغذائية (عوض ،1999 ،ص 21؛ الزيد.)1996 ،
في نسبة هذا الهرمون في الدم قبل البلوغ فإنها تؤدي إلى استمرار النمو حتى يصبح الطفل عمالقاً ،ولهذا
يسمى المرض بالسم "مرض العملقة" (عوض ،1999 ،ص.)38
64
2-2العوامل الثانوية
أ -أعمار الوالدين :تتأثر حياة الفرد بأعمار والديه ،فاألطفال الذين يولدون
من زوجين شابين يختلفون عن األطفال الذين يولدون من زوجين جاو از مرحلة
الشباب إلى الشيخوخة.
أن حياة الفرد تتأثر بالعمر لوالديه من حيث طول فترة
ويشير "بوجات" إلى ّ
"إن األطفال الذين يولدون من زوجين في ريعان الشباب يعيشون عمره فيقولّ :
أطول من الذين يولدون من زوجين يقتربان من مرحلة الشيخوخة" .وبذلك فاحتمال
زيادة مدى حياة األبناء تق ّل تبعاً لزيادة الترتيب الميالدي للطفل.
أي إ ّن مدى حياة الطفل األول أكبر من مدى حياة الطفل األخير .وقد دلّت
أن نسبة األطفال الذكور تق ّل تبعاً لزيادة أعمار الوالدين ،وبذلك
البحوث أيضاً على ّ
أن
تزداد نسبة األطفال اإلناث تبعاً اتناقص نسبة الذكور ،وتؤ ّكد هذه البحوث أيضاً ّ
نسبة األطفال المشوهين تزداد تبعاً لزيادة عمر األم ،وخصوصاً بعد سن الـ 45
سنة.
ب -الحالة الصحية لألم والطفل :تؤثر األمراض والحوادث التي تتعرض لها
إن إصابة األم باألمراض (مرض
األم في أثناء فترة الحمل على حالة جنينها ،إذ ّ
المالريا على سبيل المثال) يؤثّر في األذن الداخلية للجنين مما يسبب له صمماً
كلياً أو جزئياً الذي بدوره يؤثّر في النمو اللغوي لديه.
تشوه في جمجمة الجنين مما يتسبب في إعاقةأن الوالدة العسرة تؤدي إلى ّ
كما ّ
النمو العقلي لديه ،يضاف إلى ذلك أثر الوالدة التي تتم قبل موعدها الطبيعي في
زيادة نسبة الوفيات بين األطفال فضالً عن أثرها في مستوى الصحة العامة.
65
فإن إصابته بمرض (الهيموفيليا) ،1تتسبب في استمرار نزيف الدم
أ ّما الطّفلّ ،
إن هذا المرض يمنع تجمد الدم مما يضعف بنية الطفل إذا ما حدث له ،إذ ّ
فإن الطفل المصاب بهذا المرض يظ ّل قلقاً وتنتابه
ويوصله إلى مرحلة الخطورةّ ،
االضطرابات ،ويعيش في عزلة وذلك نتيجة الرغبة في المحافظة عليه من التعرض
لإلصابة وهذا ما يؤخر نضج الطفل ويقلل من نسبة تفاعله االجتماعي.
جـ -االنفعاالت الحادة :تؤثر االنفعاالت التي تنتاب الطفل في سرعة نموه
ونضجه الطبيعي .فاالنفعاالت -السيما المستمرة منها والحادة -تكون عامالً
أساسياً في انهيار النضج العقلي واالنحراف به إلى األمراض النفسية .وقد دلّت
أن االنفعاالت القوية
معظم البحوث التي أجريت في ألمانيا على أطفال يتامىّ ،
الحادة تؤخر سرعة نمو هؤالء األطفال بشكل واضح.
إن للهواء النقي وكذلك أشعة الشمس د -أشعة الشمس والهواء النقيّ :
(األشعة فوق البنفسجية بشكل خاص) أثرها الفعال في سرعة النمو اإلنساني .وعلى
البد من أن تتخلل
ضوء ذلك تجدر توعية األسرة بأهمية إيجاد المناخ الصحي إذ ّ
أشعة الشمس حجرات المنزل ألهميتها في إبادة الميكروبات وتنشيط جسم اإلنسان
وتقوية مناعته ضد األمراض (الزيد1996 ،؛ غباري وأبو شعيرة.)2015 ،
1الهيموفيليا :Hemophiliaالهيموفيليا مرض او اضطراب دموي موروث ،مرتبط بالجنس ،بمعنى أنه
يحمل على الكروموزوم الجنسي Xويحمله جين متنحي وهو ال يظهر إال في الرجال .ويتصف هذا المرض
بنقص عامل التخثر في الدم (سمارة وآخرون ،د.ت ،ص.)61
66
-3اتجاه النمو اإلنساني
1-3االتجاه الطولي
يتجه نمو الفرد في تطوره العضوي والوظيفي اتجاهاً طولياً من الرأس إلى
القدمين .لذا فإن تكوين وظائف األجزاء العليا من الجسم يسبق تكوين األجزاء
المهمة في حياة الفرد تنمو وتتقدم
ّ فإن األجهزة الرئيسة
الوسطى والسفلى منه .وهكذا ّ
قبل األجهزة األقل أهمية.
فعلى سبيل المثال ،يتم تكوين األجزاء العليا من جسم الجنين قبل أن يتم
تكوين األجزاء السفلى ،فتظهر براعم الذراعين قبل أن تظهر براعم الساقين ،ويبلغ
طول رأس الجنين نصف طول الجسم كله ،في الشهر الثاني من الحمل ،ثم تتغير
هذه النسبة وتتراجع مع تغير مراحل النمو حتى تبلغ نسبتها العادية عند الرشد
واكتمال النضج.
كما يستطيع الطفل أن يتحكم في حركات رأسه قبل أن يستطيع التحكم في
حركات يديه وقدميه ،فهو في األيام األولى من حياته يرفع رأسه عندما يرقد مستوياً
على بطنه ،ثم يتطور به النمو ليرفع رأسه وصدره معاً .وهو حينما يحبو يجيد
استخدام يديه في تعلم تلك المهارة ،ثم يتطور فيمشي حينما يجيد استخدام رجليه.
2-3االتجاه المستعرض
يتجه النمو في تطوره العضوي والوظيفي اتجاهاً مستعرضاً أفقياً من الجذع
إلى األطراف الخارجية (أي من المحور الرئيس للجسم) ،ولذا يسبق تكوين وظائف
األجزاء الوسطى من الجسم األجزاء البعيدة عند األطراف .أي إ ّن النمو المتعلق
بأجهزة التنفس والهضم يسبق النمو الخاص باألطراف كالذراعين والساقين؛
فالسيطرة الحركية تندرج من الذراع إلى اليد إلى األصابع (سليم ،2002 ،ص.)16
فالطفل (على سبيل المثال) ،يمسك األشياء المختلفة ويلتقطها براحة يده قبل أن
يصبح قاد اًر على التقاطها بأصابعه وحدها .انظر الشكل (:)4
67
الشكل ( :)4االتجاه الطولي والمستعرض للنمو (السيد ،2001 ،ص.)50
68
-4طبيعة تغيرات النمو اإلنساني
تنقسم تغيرات النمو إلى نوعين ،تغيرات كمية وتغيرات نوعية ،والكثير من
التغيرات تكون كمية ونوعية معاً.
-1التغير الكمي
ويقصد به النمو التكويني ،الذي يشمل دراسة النمو الجسمي من حيث صفات
الجسم الخاصة كالطول والوزن والحجم ،وكذلك النمو الفيسيولوجي من حيث نمو
أجهزة الجسم المختلفة ،ودراسة النمو الحسي ...وهكذا في مراحل النمو المختلفة.
أي ّإنه يشمل التغيرات التي تط أر على الفرد ،التي تعتمد أساساً على الزيادة
ّ
والنقصان في الشكل ،والتكوين ،إذ إ ّن الفرد ينمو ككل في مظهره الخارجي العام،
وينمو داخلياً تبعاً لنمو أعضائه المختلفة.
وبمعنى آخر ،يتناول "النمو العضوي" خصائص المظهر الخارجي للفرد الذي
يؤثر في األعضاء الداخلية المختلفة (سليم ،2002 ،ص 13؛ رضوان.)2009 ،
-2التغير النوعي
ويقصد به النمو الوظيفي ،ويعرف "النمو الوظيفي" بأنه" :تغير إيجابي،
وتطور نوعي في السلوك والعمليات المعرفية واالنفعالية التي تحدث للفرد ويمر بها
خالل دورة حياته".
ويشمل النمو الوظيفي دراسة نمو الوظائف النفسية ،والجسمية ،والعقلية ،والنمو
االنفعالي ،والنمو االجتماعي ،والتغيرات الوظيفية في قدرات الفرد العقلية ،وتكييف
أجهزة الجسم ألدوار وظيفية معينة لتساير تطور حياته في مراحل نموه المختلفة
(على سبيل المثال) يتغير مفهوم الصداقة كلّما تقدم اإلنسان في العمر (الشيباني،
،2000ص 16؛ عوض ،1999 ،ص.)13
69
-5أنماط التغيرات في النمو اإلنساني
بأنه ما يط أر على الفرد من تغيرات خالل مروره بفترات زمنية
عرفنا النمو ّ
لقد ّ
متعاقبة ،ولكن ليست كل هذه التغيرات من نفس النوع ،كما أنها ال تؤثر في عملية
النمو بنفس الطريقة ،لذا فإن قياس النمو يكون عن طريق قياس هذه التغيرات.
ويمكن تقسيم التغيرات التي تحدث للنمو إلى ست مجموعات أساسية هي:
-1التغيرات في الحجم
يتضح هذا النمو من خالل التغيرات في النمو الجسمي خاصة ،ويشمل
التغير في حجم األعضاء أو كم الوحدات ،إذ يزيد حجم الجسم ككل ،وحجم كل
عضو على حدة.
ينطبق هذا على األعضاء الخارجية الظاهرة للجسم ،كما ينطبق على
األعضاء والمكونات الداخلية المختلفة مثل :القلب والمعدة والرئتين ...وغيرها ،إذ
تكبر ويزداد حجمها لكي تحقق الحاجات المتزايدة في الجسم.
كذلك يظهر هذا النوع من التغير في زيادة عدد الوحدات في بعض الجوانب
مثل عدد الخطوات التي يستطيع الطفل أن يمشيها قبل أن يقع على األرض عند
تعلمه المشي ،وعدد الكلمات الصحيحة التي ينطقها عند تعلمه الكالم ،أو عدد
المسائل الحسابية التي ينجح في حلها عند تعلمه إحدى قواعد الحساب ،أو التغير
في مـدة االنتبـاه وعـدد األشياء التي يمكن أن ينتبه إليها ،وال سيما الزمن المستغرق
بين حدوث المثير وظهور االستجابة.
70
-2التغيرات في النسب
أن التغير في النمو ال يتم بنسب ثابتة في كل األعضاء ،بل يحدث
وهذا يعني ّ
إن أجزاءاً في الجسم مثالً تنمو بنسبة أكبر من أجزاء أخرى.
تغير في النسب ،أي ّ
فالنسب الموجودة بين أعضاء الجسم عند الوالدة ال تبقى كما هي مع النمو.
واذا عمدنا إلى المقارنة بين جسم الرضيع والطفل والراشد ،نرى التباين غير
يتعداه إلى النسب بين األعضاء المختلفة.
مقتصر على الحجم وحده ،بل ّ
إذ يولد الطفل ويكون حجم رأسه يساوي ضعف الحجم النسبي لرأس الراشد ا
(إن
ولكنه عند الراشد ال يزيد عن
حجم رأس الطفل الوليد يقارب ربع طول جسمهّ ،
الثمن ،بينما حجم رأس الجنين ،فتبلغ نسبته إلى جسمه بما يقرب من الثلث).
كما ا
أن ساقيه تماثل ثالثة أرباع الطول النسبي في الرجل (كفافي،1997 ،
ص .)25انظر الشكل (:)5
الشكل ( :)5نسب أعضاء جسم الطفل إلى نسب أعضاء الراشد (زهران)1986 ،
71
أضف إلى ذلك ،فإن ذراعي الطفل الوليد تكون أطول بكثير بالنسبة إلى
أن النمو ليس مجرد ازدياد في الحجم الكلي ،بل هوحجمه ،ويتضح من ذلك ّ
ازدياد متفاوت في أجزاء الجسم المختلفة .انظر الشكل (.)6
ا
إن التغير في النسب ،مستمر ال يتوقف ،حتى في الشيخوخة فمثالً ،تصبح
نسبة األنف إلى الوجه الضامر أكثر مما كانت عليه وهو في مرحلة الشباب.
وهو ال يقتصر على النمو الجسمي وحده ،بل يشمل الجوانب األخرى للنمو،
(النمو العقلي) ،كالتغير في نسبة البكاء ،التي تق ّل بـشكل واضح عند المراهقين عما
كانت عليه في مرحلة الطفولة.
كذلك تقل نسبة المخاوف عنـد الطفـل فـي المرحلة المتأخرة عنها في المرحلة
المبكرة .ويشكل الخيال -الذي يرتبط بالواقع ارتباطاً ضئيالً ،-نسبة كبيرة من الحياة
لكنه مع نمو الطفل ينخفض تدريجياً في مرحلة
العقلية في مرحلة الطفولة المبكـرةّ ،
الطفولة المتأخرة.
72
ويحدث تغير كذلك في ميول الطفل واهتماماته؛ ففي البداية تكون هذه الميول
متمركزة حول ذاته وألعابه ،ثم ينتقل هذا الميل واالهتمام بالتدريج إلى األطفال
اآلخرين والى األنشطة التي تقوم بها جماعات األطفال المحيطين به.
وفي مرحلة المراهقة تتركز االهتمامات حول الجنس اآلخر والمالبس والسعي
للحصول على تقدير جماعات األقران (كماش ،2011 ،ص 27؛ رضوان،
،2009ص.)16
-3التغيرات من حيث اختفاء خصائص قديمة
أهمية ،التي تأخذ في االختفاء تدريجياً كلّما
من بين المعالم الجسمية األكثر ّ
نما الطفل ،الغدة الثيموسية التي تعرف غالباً "بغدة الطفولة" وموضعها في الصدر،
والغدة الصنوبرية وموضعها أسفل الدماغ.
كما يتوقف إفراز هرمون النمو ،بالتدريج بعد السادسة عشر من العمر.
وتختفي معظم أشكال الحركات الطفولية كالزحف والتسلق والصراخ وسلوك
االلتـصاق باألم ،وكذلك خاصية االتكال على اآلخرين ...وغيرها (كماش،
،2011ص.)28
-4التغيرات من حيث ظهور خصائص جديدة
تظهر الصفات الجديدة للسلوك على طول مراحل النمو ،مثل المشي والكالم
وتناول الطعام .وتظهر أعراض النمو الجنسي األولية والثانوية ...ويمكن القول:
إ ّن اختفاء صفات قديمة وظهور صفات جديدة يشكالن المظهر الكيفـي للتغير.
-5التغيرات في معدل النمو
لكل مظهر من مظاهر النمو سرعته الخاصة به ،ويختلف معدل النمو من
مظهر إلى آخر .وال تنمو أجزاء الجسم وال الوظائف العقلية بسرعة واحدة.
لقد حدد العلماء مرحلتين أساسيتين يكون النمو الجسمي أسرع من غيره ،وهما:
أ .المرحلة الجنينية.
73
ب .بداية مرحلة المراهقة.
فالجمجمة مثالً تنمو بأقصى سرعة في مرحلة ما قبل الوالدة ثم تهدأ هذه
السرعة بعد الوالدة .والمخ يصل تقريباً إلى الحجم النهائي الناضج بين سن ()8-6
سنوات ،بينما تظل أعضاء التناسل تنمو ببطء طول فترة الطفولة ،ثم تسرع فتصل
إلى الحجم النهائي الناضج في مرحلة المراهقة.
أن كل مظهر من مظاهر النمو يسير بسرعة تختلف عن سرعة نمو وبما ّ
المظاهر األخرى نسبياً ،وجب اتخاذ مقاييس مختلفة لهذه المظاهر .فنحن نفرق بين
العمر العقلي والعمر االنفعالي ،والعمر االجتماعي ،والعمر التشريحي.
وهكذا يبدو الحال وكأن طاقة النمو تركز على مظاهره العديدة في مراحل
النمو المتتالية .فمثالً في بداية مرحلة المراهقة تنصرف طاقة النمو إلى مظاهره
الجسمية والفيسيولوجية على حساب النمو العقلي والتحصيلي.
لذلك يرى بعض الدارسين ّأنه ينبغي عمل حساب هذا المبدأ في التدريس
فتخفض ساعات العمل وفق الواجبات المدرسية نسبياً في هذه الفترة (زهران،
،1986ص 51؛ كفافي ،1997 ،ص.)27
74
الفصل الرابع
مرحلة الرشد
تمهيد
هناك اهتمام من قبل مختلف فروع الدراسات اإلنسانية والعلوم االجتماعية،
بدراسة مرحلة الرشد ،adulthoodإذ أصبحت دراسة هذه المرحلة تحظى بالعناية
في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء ،على الرغم من اختالف اإلطار
الذي يعالج قضايا الراشدين ،وتنوع المشكالت بتنوع السياق االجتماعي والسياسي
واالقتصادي الذي تدرس منه الظواهر المتصلة بالراشدين ،وكذلك تباين األدوار
يعد أم اًر مهماً ،خصوصاً
االجتماعية .فدراسة الراشدين ،واالهتمام بموضوع الرشد ّ
أن شريحة الراشدين تشكل الغالبية العظمى من أعضاء المجتمع البشري.ّ
كما ّأنهم األساس الذي يبنى عليه التقدم في كافة مجاالت الحياة ،كونهم أكثر
ار على العمل
فئات المجتمع العمرية حيوية ،وقدرة ،ونشاطاً متجدداً ،واصر اً
محرك بنائه في جميع المجاالت ،ألنهم ثروة ّ والعطاء ،فهم في كل مجتمع
تعد هذه الفئة من أكثر الشرائح االجتماعية اندماجاً
باإلمكانات والقدرات .لذلك ّ
وتفاعالً مع تغيرات المجتمع ،األمر الذي يجعلها أكثر قدرة على مواجهة مشكالت
المستقبل ،والمشاركة بأقصى الطاقات من أجل تحقيق أهداف المجتمع.
التكيف مع
ّ عما يتصف به الراشدون من "مرونة" ،تساعدهم في هذا فضالً ّ
المواقف التي تواجههم ،وتكون دعامة قوية يعتمد عليها المجتمع في رسم سياسات
استثمار جهود الشباب ،وتوظيف طاقاتهم من أجل التنمية والبناء وتحقيق النفع
العام والخاص.
75
-1الرشد -سيرورة اجتماعية ثقافية
احت ّل الراشد خالل الحضارات واألجيال المتعاقبة موضعاً ثابتاً؛ ففي السابق
كان الفرد يحت ّل الموقع الذي تحدده له أسرته أو مكانته االجتماعية ،فكان أبناء
الطبقة العاملة من المراهقين –مثالً -يلتحقون بالعمل ،وكانت أعباء العمل ال
تجعلهم يشعرون بأزمات المراهقة والبلوغ ،ولكن عند الزواج وتحمل المسؤوليات
العديدة كانت تبدأ الصعوبات.
عد الفرد راشداً ا
إن بلوغ مرحلة الرشد تحدده سيرورة اجتماعية-ثقافية ،ويختلف ّ
بحسب الثقافات والمجتمعات؛ إذ تميل معظم المجتمعات إلى تحديد بداية مرحلة
الرشد ونهايتها وفقاً لعدد من المعايير.
وقد تلجأ كما كان األمر كذلك في المجتمعات التقليدية والبدائية إلى طقوس
اجتماعية معينة يتعين على اإلنسان المرور خاللها واتقانها ،وامتالك القواعد
االجتماعية كي يكتسب المكانة االجتماعية التي يتمتع بها الراشدون .أي يصل
تكرس نموه البيولوجي الذي يعد
الفرد إلى سن الرشد من خالل طقوس متعددةّ ،
شرطاً ضرورياً للرشد ،ولكنه غير كاف.
وكانت األعراف والتقاليد السائدة في تلك المجتمعات تجعله يتحمل المسؤوليات
التي تقع على عاتق الراشد .فبلوغ اإلناث مرحلة الرشد -بالنسبة لهذه المجتمعات -
أما بالنسبة للذكور ،فيعني الزواج واإلنجاب وااللتحاق
يعني الزواج واإلنجابّ ،
بمهنة معينة ،وتحقيق االستقاللية االقتصادية.
وكلما ازدادت المجتمعات تعقيداً وتركيباً وتبايناً ،نتيجة للتطورات التي شهدتها
النظم االقتصادية والثورة الصناعية واإلدارية ،أصبحت عملية تحديد بداية مرحلة
الرشد إحدى مظاهر التطور االجتماعي ،وعامالً رئيساً من عوامل تنمية الثقافة
وتغير المجتمع ككل (الساعاتي ،2003 ،ص 16؛ سليم ،2002 ،ص.)447
76
-2بدايات االهتمام بعلم نفس الراشدين
أن بداية االهتمام بدراسة النمو اإلنساني ترجع إلى جذور الفكر
على الرغم من ّ
أن علم نفس النمو انشغل ألكثر من قرن بعلم نفس اإلنساني ،وعلى الرغم من ّ
الطفولة ،إالً ا
أن االهتمام بعلم نفس الراشدين قد تزايد بشكل ملحوظ بعد الحرب
العالمية الثانية.
ومن خالل بعض البحوث الطولية التي أجريت على األطفال وتتبعت عينات
منهم لعقود من الزمان ،تم تسليط االهتمام على علم نفس الراشدين ،ومن أشهر هذه
البحوث الطولية دراسة "لويس تيرمان" 1956-1877( Lewis Termanم)،
التي أجراها في جامعة ستانفورد بالواليات المتحدة األمريكية على ( )1500طفل
متفوق عقليًّا ،ظلّوا موضع الدراسة الطولية حتى بلغوا السبعينيات من عمرهم.
استم ار ك ّل منها
َ كما أجريت ثالث دراسات منفصلة في جامعة كاليفورنيا،
ألكثر من نصف قرن ،وهكذا وجد الباحثون أنفسهم يبحثون في علم نفس الراشدين،
األصلي كان متمرك اًز حول علم نفس
ّ أن اهتمامهم المبدئي و
على الرغم من ّ
األطفال .كما ظهرت دراسات متفرقة حول علم نفس الراشدين ،وخصوصاً لمواجهة
1
army متطلبات الحرب العالمية األولى ،وكان ظهور اختبار ألفا الحربي للذكاء
،alpha testفي أثناء الحرب العالمية األولى فرصة مالئمة الستطالع التغيرات
التي تط أر على ذكاء الراشدين خاصةً ،كما ّأدى إلى ظهور أحد اختبارات الذكاء
الشهيرة والمالئمة لهذه الفئة العمرية ،وهو اختبار (وكسلر) للراشدين ،الذي يتكون
اختبار ألفا الحربي للذكاء :Army Alpha Testتطلبت الحرب العالمية األولى فرز وتصنيف مئات 1
اآلالف من المجندين في الجيش في وقت قصير .لذلك تم سنة (1917م) ،إعداد أول اختبار جماعي
لفحص مستوى الذكاء عند األفراد وال سيما الراشدين ،وهو اختبار لفظي.
ونظ اًر ألن بعض المجندين في ذلك الوقت لم يكن مستواهم في القراءة جيداً ،فقد تم إعداد اختبار جماعي
آخر مناسب لألميين ويسمى اختبار بيتا الحربي ،Army Beta Testوهو اختبار غير لفظي
(المسعودي.)2010 ،
77
من أحد عشر اختبا اًر ،ستة منها لفظية ،والخمسة األخرى عملية .وقد هيأ ظهور
اختبارات ذكاء الراشدين الفرصة إلجراء بحوث مختلفة حول العالقة بين المستوى
التعليمي والمستوى االقتصادي واالجتماعي وبين نمو وتدهور الذكاء عبر مراحل
الحياة ،ثم امتدت االهتمامات إلى المهارات الحركية للراشدين.
وتقدمت البحوث خالل الحرب العالمية الثانية ،وساهم فيها ،بشكل كبير،
ّ
مركز بحوث (نافيليد) بجامعة كمبردج البريطانية ،كما كانت دراسة نمو الراشدين
موضع اهتمام وحدة بحوث خاصة بجامعة ستانفورد منذ عام (1928م) ،إذ درست
مشكالت العاملين الذين يعانون من مشكالت صعوبة الحصول على أعمال مناسبة
في مجال الصناعة .إضافةً إلى ذلك ،تشكلت لجنة من علماء االجتماع
واألنثروبولوجيا وعلم النفس في جامعة شيكاغو؛ وكانت مهمتها األساسية دراسة
يعد ما نشره "أريكسون" سنة (1950م) ،في نظريته
خصائص النمو اإلنساني .كما ّ
نمو الشخصية اإلنسانية ،عالمة بارزة في هذا الميدان.
الشاملة حول ّ
وفي ألمانيا ،بدأ االهتمام بد ارسة نمو الراشدين في العشرينيات من القرن
العشرين ،وفي مطلع الثالثينات بدأت "شارلوت بوهلر" ،Charlotte Buhler
بدراسة األطفال والمراهقين ،من خالل السير الذاتية التي جمعت عام ،1930
وطورت طريقة لتحليل هذه السير الذاتية ،بغرض الكشف عن التقدم المنتظم
لمراحل الحياة .ثم بعد ذلك وسعت نطاق دراستها لتشمل الراشدين ،مشيرة أيضاً إلى
النمو عبر مراحل الحياة كافة .وقد شهدت السنوات الماضية اهتماماً
أهمية دراسة ّ
ملحوظاً بدراسة علم نفس الراشدين ،مع زيادة الحركة التي تسمى بتعليم الكبار
والتربية المستمرة ،ويوجد في الوقت الحاضر عدد كبير من مراكز البحوث والتدريب
المهم في مختلف الجامعات والمنظمات الدولية ،وبخاصة ّ في هذا الميدان
(اليونسكو) ،التي أنشأت عدة مراكز إقليمية لتعليم الراشدين ،ومنها المركز الدولي
للتعليم الوظيفي للكبار في مصر (صادق ،وأبو حطب.)360-358 ،1995 ،
78
-3مفهوم مرحلة الرشد
إن "مرحلة الرشد" هي مرحلة القوة والشدة ،ويكون فيها الفرد مؤهالً لإلنتاج،
ّ
وتحمل المسؤولية ،فهي تمثل مرحلة جديدة في حياة الفرد ،حيث االنتقال من
الطفولة والتبعية إلى االستقاللية وتحمل المسؤولية .تبدأ هذه المرحلة مع بداية العقد
الثالث من عمر اإلنسان (أي بعد سن الحادية والعشرين) ،وتنتهي مع نهاية
تعد أطول مراحل النمو اإلنساني ،مع أنها تختلف باختالف
الستينات .وهي ّ
المجتمعات والثقافات ،كما تتسم بالتعقد والتغير ،ولها خصائصها المتميزة في جميع
جوانب النمو المختلفة.
وعموماً ،تتمثل مرحلة الرشد في تلك الفترة العمرية التي تكون فيها الشخصية
قد اكتملت ،والمهارات واالنفعاالت قد نضجت ،وفيها أيضاً يبدأ الفرد بتكوين
االلتزامات الجادة في الحياة ،كما يبدأ بتكوين أسرة خاصة به ،كما أنه يأخذ موقعه،
فإن مرحلة الرشد هي مرحلة النضج واكتمال نمو ومركزه في المجال المهني .لذلك ّ
شخصية الفرد ،ويتم خاللها استكمال التعليم الرسمي واالنتهاء من الدراسة ،والبدء
في االنخراط المهني والدخول ميدان العمل والبدء بمسؤولياته ،وكذلك اختيار شريك
الحياة ،وتكوين األسرة وادارتها واإلشراف على توجيهها ورعايتها.
والمهمة الرئيسة للفرد في هذه المرحلة هي ،توجيه نشاطه لتحقيق ذاته
وطموحاته وأحالمه في أن يكون مهندساً ،أو فناناً ،أو طبيباً ،أو صاحب مهنة ...
الخ .وكيفما كانت تلك الرؤية فإنها تصبح أساساً يحدد له خياراته وق ارراته
عدة عوامل تؤثر في تأخر بداية هذه المرحلة أو
الضرورية لنموه وتطوره .وهناك ّ
نهايتها ،كالشيخوخة المبكرة ،والسن القانونية للتقاعد ،والمستوى التعليمي والثقافي،
والمستوى االقتصادي ...الخ .فالتدهور الصحي المبكر قد يفقد الفرد عمله ودوره
االقتصادي واالجتماعي ،ويع ّد في عداد فئة المسنين الذين لم يعودوا يمثلّوا أدوار
الراشدين (أبو الخير ،2001 ،ورد في بهية ولطيفة 2011 ،؛ األشول.)2008 ،
79
-4معايير تحديد مرحلة الرشد
لقد أشار علماء النفس إلى وجود عدة مؤشرات ومعايير رئيسة ،يمكن من
خاللها االستدالل على نمو شخصية الفرد وبلوغه مرحلة الرشد ،وبالتالي الحكم
على أنه أصبح راشداً؛ ولع ال أهم هذه المعايير:
1-4المعيار الجنسي
2-4معيار العمر
أن اإلنسان يصل إلى سن الرشد عند بلوغه سن تتفق معظم الثقافات على ّ
قانونياً بأنه إذا بلغه الفرد ،يكون قد استق ال
ّ الحادية والعشرين ،وهو العمر الذي يحدد
وتحمل مسؤولية ق ارراته.
ّ بتصرفاته،
80
3-4المعيار االجتماعي
ويقصد به أن الفرد قادر على شغل مكانته في المجتمع والقيام بمسئولياته فيه.
وبالتالي يشير هذا المحك إلى طبيعة المكانة االجتماعية للفرد وطبيعة األدوار
االجتماعية التي يؤديها في محيطه االجتماعي.
أن
وتتميز هذه المرحلة بالدينامية ويعود ذلك لسببين؛ األول :ويرجع إلى ّ
مرحلة الرشد هي الفترة الواقعة بين مرحلتي "اإلعداد" و"القيام بدور فعال" في بناء
أما السبب الثاني :فيعود لدينامية هذه المرحلة التي ترجع إلى طبيعة
المجتمعّ ،
التكوين البيولوجي والفسيولوجي والوضع االجتماعي للفرد.
4-4المعيار النفسي
ا
إن المحك االجتماعي للرشد الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة هو محك
أن هناك ًّ
محكاً نفسياً يعتمد على الخبرات الذاتية للفرد ،يضاف إليه موضوعيّ ،إال ّ
ّ
ويجعله جزءاً من البنية األساسية لشخصية الفرد ،ويشير علماء النفس المعاصرون
إلى بضعة دالالت توجه هذا المؤشر النفسي ،تشمل ما يلي:
أ -العمر المدرك
اشدا .وادراك الفرد لذاته
ويقصد به العمر الذي يشعر فيه الفرد ّأنه أصبح ر ً
يعكس كثي اًر من الجوانب المختلفة كالنضج ،والدور االجتماعي ،والتوافق النفسي
االجتماعي ...وغيرها.
ولع ال ذلك ّيفسر لماذا يتصرف بعض الشباب وكأنهم راشدين ،وهم ال يزالون
ربما في طور الطفولة ،بينما نجد آخرين في منتصف العشرينات من العمر أو
أواخرها ،ومع ذلك يعانون من صراع بين حاجاتهم ورغباتهم التي تبدو طفولية،
وبين شخصية الراشد التي يصبون إليها.
81
ب -االستقاللية
تعد االستقاللية المؤشر النفسي الرئيس لمرحلة الرشد ،إذ يشعر الفرد ّأنه
ّ
مسؤول عن نفسه ،ويتخذ ق ارراته دون الحاجة المستمرة إلى دعم اآلخرين،
خاصةً -إلى تلك الق اررات
وخصوصاً ممن هم أكبر سناً .ويتجه استقالل الرشد ّ -
التي تتصل بحياة الراشد الشخصية ،سواء كانت هذه الق اررات تافهة وعديمة المعنى
يتدخل اآلخرون في هذه الشؤون،
مهمة وذات قيمة ،وكذلك عدم الرغبة في أن ّ أم ّ
والقدرة على تح امل المسؤوليات والعواقب المترتبة عليها.
إن هذا المؤشر هو جزء من شخصية الراشد ،وهو وحده الذي يحدد ما إذا كان ّ
اتكالياً ويشعر بالرغبة في االعتماد على اآلخرين ،أم أنه أصبح مستقالً بق ارراته.
وهنا تجدر اإلشارة إلى ا
أن استقاللية الرشد ،ال تعني التفرد واألنانية؛ فالراشد قد
يطلب النصيحة والمشورة من اآلخرين ويلجأ إلى مناقشتهم وتبادل األفكار والرأي
معهم ،لكنه في النهاية هو من يتخذ القرار فيما يتصل بشؤونه.
جـ -الرغبة المستمرة في التعلم
المهمة لمرحلة الرشد؛ الرغبة المستمرة في التعلم،
ّ من المؤشرات النفسية
وخصوصاً التعلم الذاتي self-education 1الذي يتفق في جوهره مع محك
استقالل الرشد (صادق وأبو حطب.)1995 ،
التعلم الذاتي :Self-Educationهو األسلوب الذي يقوم فيه الفرد نفسه بالمواقف التعليمية المختلفة 1
الكتساب المعلومات والمهارات المختلفة ،إذ ينتقل محور االهتمام من المعلم إلى المتعلم ،فالمتعلم هو
الذي يقرر متى وأين ينتهي ،وأي الوسائل والبدائل يختار ،ومن ثم يصبح هو ا لمسؤول عن تعلمه وعن
صناعة تقدمه الثقافي والمعرفي ،وعن النتائج والق اررات التي يتخذها (زيتون والعبد اهلل ،2008 ،ص،29
ورد في حسامو والعبد اهلل ،2012 ،ص.)17
82
-5مكونات الشخصية لدى الراشد
تتكون شخصية الراشد من مجموعة من المكونات المتفاعلة ،التي يسود بينها
نمط من التوازن الذي يعكس مالمح هذه الشخصية ،ولعل أهم هذه المكونات:
1-5المكون البيولوجي
2-5المكون االجتماعي
يتم إنجازها بوسائل عديدة كاألسرة ،والمدرسة ،ومؤسسة العمل أو المهنة .وعادةً
يضم هذا العنصر الخبرات التي يكونها الفرد نتيجة التعامل مع العالم الخارجيّ
الذي يشكل عنص اًر اجتماعياً إلى جانب العنصر البيولوجي والنفسي.
3-5المكون النفسي
هو العنصر الثالث ويضم مجموعة الخبرات التي يكونها الفرد نتيجة التعامل
مع العالم الخارجي إلى جانب اتجاهاته حول هذا العالم ،وتتكون هذه االتجاهات
والخبرات لديه نتيجة التفاعل بينه وبين العالم الخارجي.
83
4-5المكون الثقافي
وهو يشكل الم ّكون الرابع في بناء الشخصية الشابة ،ويتم استيعاب هذا البعد
في بناء الشخصية الشابة من خالل مؤسسات التنشئة االجتماعية ،إذ يلعب هذا
البعد دوره في ضبط سلوك الفرد في السياق االجتماعي.
واذا كانت هذه العناصر األربعة هي التي ت ّكون بناء الشخصية الراشدة ،فإن
طبيعة التفاعل بينها ،وحجم المشاركة التي يؤديها كل عنصر بالنظر إلى العناصر
األخرى ،هو الذي يحدد طبيعة الشخصية الناتجة.
فغلبة العنصر البيولوجي – على سبيل المثال -من حيث فاعليته على
العناصر األخرى يعني أن الشخصية لم تصل إلى طور االكتمال بعد ،أو هي لم
تصل إلى مرحلة النضج ،بينما تؤدي غلبة العنصر االجتماعي أو الثقافي إلى
درجة عالية من استقرار الشخصية التي تعيش مرحلة الرشد المتأخر والشيخوخة،
بينما يعني التوازن بين هذه المكونات أن الشخصية تعيش مرحلة الرشد الحقيقية.
84
-6الدور االجتماعي للراشدين
يشير الدور االجتماعي ،social roleإلى "ما يقوم به الفرد في مجتمعه أو
بأنه الدور الذي يلعبه الفرد في
في جماعته التي هو عضو فيها" .ويعرفه "رويترز" ّ
موقف اجتماعي معين.
وتمثّل األدوار االجتماعية للراشدين ،أهمية كبيرة للمجتمع الذي يكون مسؤوالً
-إلى حد بعيد -عن دعم هذه األدوار .إذ تتنوع األدوار االجتماعية للراشدين
وتعد مسالة تدريبهم على اكتساب األدوار بالغة الصعوبة ،إذ يفسر
ومسؤولياتهمّ ،
بعض الباحثين هذه الصعوبة بازدياد أعداد الشباب بالنظر إلى معدل السكان في
وتعد األسرة من أهم النظم االجتماعية المؤثرة في اكتساب الراشدين ألدوارهم
العالمّ .
االجتماعية.
أن تأثير األسرة أخذ في التالشي -بعد أن حلتوعلى الرغم مما يقال من ّ
فإن األسرة ستظل الخلية األولى التي تلعب الدور
محلها مؤسسات تربوية أخرىّ -
الحاسم في تكوين أهم مقومات الشخصية ،أالا وهو الضمير اإلنساني.
لقد تغير بناء األسرة العربية عما كان عليه قديماً ،وتغيرت أيضاً وظائفها،
وانعكس ذلك بالطبع على طبيعة العالقات بين أفرادها ،إذ لم يعد الدور التقليدي
لألب (صاحب السلطة) هو الدور نفسه السائد اآلن .تلك السلطة التي حل محلها
التوجيه القائم على التفاهم واإلقناع.
مهماً خالل مرحلة الطفولة المبكرة ،فإنها تلعب
واذا كانت األسرة تلعب دو اًر ّ
الدور نفسه خالل مرحلة المراهقة والرشد ،ومن ثم يذهب كثير من الدارسين إلى أنه
يجب توجيه اآلباء أنفسهم على نحو يمكنهم من أداء أدوارهم خالل هذه المرحلة
التي تحتاج إلى مهارات خاصة يتعين أن تتوافر عندهم.
وثمة عامل آخر يؤثر في اكتساب الراشدين ألدوارهم االجتماعية ،ويؤثر تأثي اًر
بالغاً في التكوين النفسي لهم ،وهو العالقات االجتماعية ،إذ تلعب دو اًر رئيساً في
85
عملية التدريب االجتماعي ،وهنا تتضح أهمية جماعات األقران ،ورفاق العمل،
والجماعات الترفيهية ،والمجتمع عامةً ،في تشكيل اتجاهات الراشدين وقيمهم
وسلوكياتهم.
إن هذه العوامل ،تتكامل وظيفياً في أداء دورها من أجل تنمية شخصية ّ
الراشدين ،وبقدر ما يستند هذا التكامل إلى أسس علمية ،بقدر ما تنجح تلك العوامل
في أداء دورها نحو إكساب الراشدين أدوا اًر اجتماعية فعالة (الساعاتي.)2003 ،
العصاب :اضطراب وظيفي في الشخصية ،نفسي المنشأ ،يجعل حياة الفرد أقل سعادة ،وتؤدي به إلى 1
سوء التوافق النفسي ،فهو ال يحدث إال بتوافر درجة مرتفعة من الضغوط الشديدة نتيجة لحوادث الحياة
ومشكالتها .يميل األفراد ذوو الدرجات المرتفعة في العصابية إلى أن تكون استجاباتهم االنفعالية مبالغاً
فيها ،ولديهم صعوبة في العودة إلى الحالة السوية بعد مرورهم بالخبرات االنفعالية ،وتتكرر لديهم الشكوى
من اضطرابات بدنية من نوع بسيط كالصداع ،واضطراب الهضم ،واألرق ،وآالم الظهر ...وغيرها.
86
الفصل الخامس
الذهان :اضطراب عقلي خطير ،يؤدي بصاحبه إلى تعطيل إدراكه وذاكرته وعجزه عن رعاية نفسه، 1
ويوصف الفرد الذي تكون لديه درجة مرتفعة من الذهانية ،بأنه عدواني ،وسلوكه مضاد للمجتمع،
ومتمركز حول الذات ،وال يتأثر بالعواطف الشخصية ،ومتبلد ،وغير مكترث باآلخرين ..الخ (عبد الخالق،
،2000ص.)27-22
87
-1خصائص الرشد المبكر
أهم ما يميز هذا الطور ،سعي الراشد للوصول إلى تحديد "معنى" واضح لع ّل ّ
لحياته ،وتحقيق "مكاناً" في المجتمع .فبعد أن يكون قد تجاوز المشكالت األساسية
فإنه يكون مع مطلع الرشد قد أحرز -ولو الخاصة بالهوية في طور المراهقةّ ،
بشكل مؤقت – حالًّ لمشكلة تحديد ذاته ،ثم يبدأ في االنشغال بتوسيع نطاق هذا
المفهوم في المجتمع ،ويبدأ بالبحث عن وسائل جديدة يعبر بها عن ذاته ،وال سيما
في مواقف العالقات اإلنسانية واالجتماعية.
وكثير من األفراد في هذا الطور يكون لديهم شغف بالتعرف على أصدقاء
جدد ،وااللتحاق بالجماعات التطوعية ،والحصول على عضوية عدد كبير من
المؤسسات االجتماعية .ولهذا يتسم الراشد الصغير بالحركة والتغير اللذين يتم
التعبير عنهما بكثير من األساليب والوسائل.
88
فإنه في مرحلة الرشد المبكر يتحول كل ذلك إلى شكل من أشكال االستقرار والثبات
(رضا ،2002 ،ص.)51
فمع قيام ال ارشد بدور العائل ،يجبره هذا الدور على أن يتّبع نمطاً ثابتاً من
السلوك في مجاالت الحياة ،وأي محاولة لتغيير هذا النمط في مرحلة وسط العمر
الحقاً تكون صعبة ،بل قد تؤدي لالضطراب االنفعالي ،وفي الظروف العادية فإن
معظم الراشدين ال يحتاجون لمثل هذا التغيير ،إنهم حينئذ -حالما يصلون إلى
النضج -فهم يتزوجون وينخرطون في عمل يظلون يؤدونه معظم حياتهم ،بل حتى
أنهم يستقرون في المنطقة التي يعيشون فيها فترة شبه دائمة.
( جـ ) الرشد المبكر هو طور اتخاذ الق اررات المهمة
إن أي قرار يتخذه الراشد في هذه المرحلة له تأثير كبير على مسار حياته،
ّ
ولهذا فقد يجد نفسه في موقف (الالّ قرار) يحاول فيه اختبار الحلول المختلفة
للمشكلة الواحدة حتى يصل إلى أفضل الحلول ،وهذا في حد ذاته مصدر للتوتر،
بل وللصراع ،ولهذا نجد الفرد في هذا الطور مواجهاً بمشكالت توافق أكثر بكثير
مما واجهه من قبلّ ،إال أنه عند منتصف الثالثينات يكون قد ح ال معظم المشكالت
على نحو كاف بحيث يتناقص التوتر االنفعالي ،ويح ّل محله االستقرار االنفعالي
مع نهاية هذه المرحلة عند حوالي سن األربعين (صادق ،وأبو حطب.)1995 ،
( د ) الرشد المبكر هو طور الحل المستقل للمشكالت
ففيه يواجه الفرد مشكالت عديدة جديدة ،تختلف في جوهرها عن تلك التي
كان يواجهها في مراحل عمره السابقة ،وهو مطالب بمواجهة هذه المشكالت وحده.
89
2-1خصائص الرشد المبكر عند "وايت"
اقترح "وايت" 1975) Whiteم) ،خمسة مظاهر نمائية شائعة في هذا الطور:
-استقرار الذات :ويتسم استق ارر الذات في هذا الطور بأنه أقل تأث اًر
المهني" ،فإن
ّ بالخبرات ،ونتيجة لاللتزام الكبير باألدوار االجتماعية "وخاصة الدور
الراشد يكون أكثر استق ار اًر واتساقاً ووضوحاً في نمو شعوره بذاته ،ولهذا يحدث ما
يسميه "وايت" بـ "استقرار الذات".
-النجاح في العالقات الشخصية :وهذا يعني أن الراشد يكون أق ّل تأث اًر
برغباته ،ونزعاته ،وخياالته الخاصة في عالقاته الشخصية ،إذا ما قورن بالمراهق،
وهذا يسمح له بتنمية عالقات ناجحة مع اآلخرين .وحالما يصل الراشد إلى نظرة
مستقرة نحو ذاته يكون أق ّل قلقاً على نحو يجعل من السهل عليه تقبل اآلخرين،
وتكوين عالقات شخصية سليمة معهم.
-تعميق الميول واالهتمامات :إذ ينشغل الراشد انشغاالً أكبر بمجاالت
خاصة من الميول واالهتمامات ،ويظهر التزاماً حقيقياً بميوله ،سواء أكانت في
المجال األكاديمي أم المهني ،أم في مجال الهوايات والعالقات الشخصية.
-زيادة إنسانية القيم :عادةً يظهر الراشدون في هذه المرحلة وعياً متزايداً
بالمعنى اإلنساني للقيم ،وبالوظيفة التي تؤديها في المجتمع ،فاألخالق عندهم ليست
مجرد قواعد جامدة أو مطلقة ،وانما ينظر إليها في ضوء أكثر شخصية وانسانية،
استناداً إلى خبرات الحياة ،والنظام القيمي للمجتمع عامةً.
-توسيع نطاق الرعاية :يتسع اهتمام الراشد باآلخرين خالل فترة الرشد
المبكر ،ويتزايد التعاطف مع اآلخرين ،وال يقتصر ذلك على األفراد الذين يعرفهم أو
عامةً ،ويشمل ذلك أفراداً قد ال يعرفهم الراشد
يمتد إلى األفراد ّ
يتعامل معهم؛ وانما ّ
شخصياً ،وال سيما الذين ينتمون إلى الفئات األق ّل حظاً في المجتمع؛ كالفقراء
ّ
والمرضى والمقهورين .http://psycho.sudanforums.net
90
-2مظاهر الرشد المبكر
اقترح "وايت" (1975م) ،خمسة مظاهر نمائية في طور الرشد المبكر ،هي:
أ -استقرار الذات أو هوية األنا :يقصد بهوية األنا ،ego identityالمشاهر
التي يكونها الفرد حول نفسه.
أقل تأث اًر برغباته ونزعاته
ب -تحرير العالقات الشخصية :يكون الراشد ّ
وخياالته الخاصة في عالقاته الشخصية إذا قورن بالمراهق .وهذه الحرية تسمح له
بتنمية عالقات تتفق مع الخصائص والحاجات التي يتسم بها اآلخرون.
جـ -تعميق الميول واالهتمامات :خالل هذا الطور ينشغل الراشد الصغير
انشغاال أكبر بمجاالت خاصة من الميول واالهتمامات .والراشدون في ذلك عكس
األطفال والمراهقين الذين تكون اندماجهم في هذه المجاالت قصيرة األمد .فالراشد
المبكر يظهر التزاما حقيقيا بميوله سواء أكانت في المجال األكاديمي أم المهني ،أم
في مجال الهواية أم في نطاق العالقات الشخصية.
د -توسيع نطاق الرعاية :يتزايد خالل فترة الرشد المبكر اتجاه الراشد نحو
التعاطف مع اآلخرين ،وال يقتصر ذلك على االفراد الذين يعرفهم أو يتعامل معهم
وانما يشمل ذلك أفراداً قد ال يعرفهم الراشد شخصياً كالمحتاجين والفقراء مثالً.
91
-3نظريات النمو في مرحلة الرشد المبكر
تمثّل مرحلة الرشد ،وفق نظرية التحليل النفسي ،المرحلة التناسلية في النمو،
أن المودة بين الناس هي أساس الرغبة
ومرحلة النضج الحقيقي .وأشار "فرويد" إلى ّ
أن الطفل يتحول من أنانية الطفولة إلى شخص راشد، الجنسية .وترى نظريته ّ
وواقعي واجتماعي ،لديه ميول جنسية غيرية تدفعه للزواج وتكوين األسرة ورعاية
األطفال فيها ،وتستمر هذه المرحلة حتى الفترة األخيرة من نمو الشخصية ،إذ تتميز
باكتمال نمو الدوافع الجنسية ،وتنضج وتتجه نحو الجنس اآلخر (بهية ولطيفة،
،2011ص 19؛ ناصر.)2003 ،
2-3نظرية "فاليانت"
92
3-3نظريات النمو الخلقي
93
أوالً -االتجاه السلوكي
يرى أصحاب هذا االتجاه أن النمو الخلقي يخضع لقوانين التعلم مثل أي
سلوك آخر (التقليد ،والتعزيز ،والثواب والعقاب ،واالنطفاء والتمييز) .ويؤكد "سكنر"
أهمية تأثير األحداث البيئية على السلوك الخلقي ،فهو يرى أن السلوك الخلقي
يتشكل من خالل التنشئة االجتماعية ،فمن خالل سلسلة من اإلجراءات يبدأ الفرد
برؤية أنماط معينة من السلوك ويقوم بتطوير أنماط سلوكه الخلقي ليتناسب وهذه
اإلجراءات ،وأن قدرة الفرد على اكتساب هذه األنماط تتأثر بقدرته على التفكير
وتنظيمه الذاتي وكذلك على التعزيز المصاحب ،ومن خالل التعزيز اإليجابي
تتطور سلوكيات خلقية مرغوب فيها.
وقد حدد "سيزر" و"ماكوبي" و"ليفين" ثالثة معايير للنمو الخلقي هي:
أ .مقاومة اإلغراء :وتتضح حين يعزف الفرد عن اإلقدام نحو مثير يجذبه
لكونه ال أخالقي من وجهة نظر ثقافته.
ب .التعلم الذاتي :فالفرد يتعلم المبادئ والقواعد األخالقية من خالل تفاعله مع
األفراد المحيطين به ومن خالل مالحظته لألنماط السلوكية واللفظية لهم.
جـ .الشعور بالذنب في حالة الخروج عن القواعد والقيام بعمل خاطئ.
ثانياً -االتجاه المعرفي
يرى أصحاب النظرية المعرفية أن النمو الخلقي هو جزء من عملية النضج العقلي
والمعرفي ضمن إطار الخبرة العامة ،وأن هذا النضج مرتبط بسلسلة من متدرجة
من المراحل تسير طردياً مع مراحل النمو المعرفي والعقلي للفرد.
فالسلوك الخلقي حسب رأي المعرفيين هو أحد نواحي التكيف الذكائي مع البيئة
ذكاء،
االجتماعية ،فالشخص األذكى يسلك بشكل أخالقي أكثر من الشخص االقل ً
لقدرة األول على استيعاب قوانين البيئة االجتماعية وقدرته على تكييف أبنيته
المعرفية لتتناسب مع قوانين البيئة االجتماعية المحيطة ،ويشير النمو الخلقي إلى
94
منظومة فكرية تختلف في كل مرحلة عن سابقتها من حيث كمية الخبرات والمعارف
التي تحويها ،ومن حيث البنية الفكرية التي تنتظم فيها تلك المعارف والخبرات،
وتتكون هذه البنية عبر عمليات التنشئة االجتماعية التي يمر بها الفرد في أثناء
مراحل نموه.
وفيما يلي عرض للنظريات المعرفية وتفسيرها للنمو الخلقي متمثلة بنظريات كل كن
كولبيرغ وجليجان:
)1نظرية "كولبرج" في النمو الخلقي
أن
يرى "لورنس كولبرج" 1987-1926( Lawrence Kohlbergم)ّ ،
المستويات العالية من النمو الخلقي تتطلب إحراز مستوى معين من النمو المعرفي،
وتتطلب أيضاً أنواعاً معينة من الخبرات الشخصية للفرد .فدخول الفرد بيئة العمل
مثالً يعرضه لبدائل انفعالية وخيارات وجدانية وقيم متصارعة وادراك جديد للذات.
وحينئذ قد يستجيب للمواقف التي تتطلب حكماً أخالقية بنوع من التقدير
النسبي ،فما هو صواب ليس إالّ مسألة نسبية ويعتمد ذلك على خصائص الفرد
وحاجاته وظروفه.
ولقد ط ّـور "كولبيرج" (1973م) ،نظريته في نمو التفكير الخلقي معتمداً بشكل
cognitive أساسي على فكر ونظرية "بياجيه" 1في النمو المعرفي
خاصةً.
ّ عامةً ،والنمو األخالقي
ّ ،development
نظرية بياجه :كان "بياجه" يرى أن النمو الخلقي ،هو نتيجة لعملية نشطة تتضمن تطور المعرفة، 1
وتتزامن مع تعرض الفرد لخبرات اجتماعية جديدة .ويتضمن النمو الخلقي برأيه مظهرين هما :احترام الفرد
للمعايير االجتماعية ،واحساسه بالعدالة .ويرى أن الشعور األخالقي ال يولد مع الطفل ،بل إنه يتشكل
نتيجة امتصاص الطفل للمعايير األخالقية واالجتماعية وتكيفه معها .وتركز منهجه في البحث في
المشكالت المتعلقة باألذى الواقع والنية المقصودة .وكان دائماً يقدم مثال شخصين ،أحدهما :يحدث قليالً
من األذى بنية سيئة ،واآلخر :يحدث كثي اًر من األذى مع حسن نيته (شريبه ،2016 ،ص.)192
95
إذ يمثل النمو المعرفي من وجهة نظر "كولبيرج" شرطاً ضرورياً غير كاف
أهمية التفاعل بين العوامل البيولوجية والعوامل
ّ لنمو التفكير األخالقي ،ويؤ ّكد
االجتماعية.
كما قـّ ّسم "كـولبرج" مستويات نمو التفكير األخالقي إلى ثالثة مستويات يشتمل
كل منها على مرحلتين.
إذ تغطي هذه المراحل معظم المراحل العمرية المختلفة لإلنسان ،ويؤدي التقدم
في العمر إلـى تغيـر كيفـي أو نـوعي ،change qualitativeفي التفكير
األخالقي .ويق ّل تمركز الفرد حول ذاته كلّما وصل إلى مرحلة متقدمة مـن العمر،
مما يجعل تفكيره أكثر واقعية منطقية (العمري ،2000 ،ص 12؛ الغامدي،
،2000ص.)650
من الجدير ذكره ،أن "كولبيرغ" لم يخضع في دراساته سوى الذكور ،وهذا يثير
تساؤالً حول فيما إذا كان النمو الخلقي عند اإلناث يسير بنفس المراحل التي
تحدثت عنها نظرية "كولبيرغ" ،مع اإلشارة إلى أن هذه من المآخذ على نظرية
كولبيرغ واتهامها بالتحيز .فقد وجد كل من "وولكر" و"جليجان" فروقاً بين الذكور
واإلناث في أحكامهم الخلقية.
وفي حين أ ّكد "كولبيرغ" أنه ليس للوالدين دور كبير في التطور الخلقي ،نجد
باحثين آخرين يؤكدون أن للمستوى التربوي للوالدين أثر في تطور أحكام األبناء
وبخاصة عندما يستخدم اآلباء أسلوب الحوار والمناقشة وحرية التعبير مع األبناء،
إذ يتيحون لهم فرصاً أفضل لتطوير أحكامهم األخالقية.
96
مستويات الحكم األخالقي التي حددها "كولبرج"
.1مرحلة أخالقيات ما قبل العرف
وهي تتضمن ربط األحكام األخالقية بقواعد السلطة الخارجية ،والتوجه بحسب
العقاب والطاعة ،أي اتباع القانون لتجنب العقاب ولللحصول على الثواب.
.2مرحلة أخالقيات العرف والقانون
يتضمن هذا المستوى أغلب المراهقين ونسبة كبيرة من الراشدين في أي
مجتمع ،وفيه ينظر إلى توقعات عائلة الفرد ،أو مجتمعه ،لكونها ذات قيمة في حد
ذاتها تتطلب الحفاظ عليها ،والتمسك بها .ويتحدد معنى الصواب في أن يسلك الفرد
حسبما يتوقع اآلخرون المهمون في حياته منه أو بحسب ما يتوقع اآلخرون
عامةً .ويشمل هذا المستوى
المهمون في حياته منه ،أو بحسب ما يتوقعه الناس ّ
مرحلتين:
-المرحلة األولى ،مرحلة المسايرة االجتماعية :في هذه المرحلة تعتمد األحكام
األخالقية على ما يتوقعه اآلخرون من الفرد وبالتـالي يـصدر الحكـم األخالقي
المساير للجماعة ،ويكون الفرد هنا وجهة نظر فردية في عالقته مع اآلخرين نتيجة
لقدراته علـى التعرف على الشعور المتبادل والقدرة على فهم شعور اآلخرين ،ومن
ثم يتبنى الق اررات األخالقية على أساس فعل ما هو مقبول من وجهة نظر اآلخرين،
أي إ ّن الحكم الخلقي قائم على التوقعـات الشخـصية المتبادلة.
ومثال األحكام األخالقية في هذه المرحلة استجابة الفرد على نفس األزمة
بقوله "ال يجب عليـه أن يسرق الدواء بصرف النظر عن حالة زوجته ألن ذلك
خطأ .تصور أن كل فرد عمل ذلك مـاذا سـيحدث للمجتمع ،بطبيعة الحال سوف
ينهار المجتمع وسوف نعيش في غابة " أو االستجابة التالية " يجب أن يسرق
الدواء ثم يدفع قيمته في وقت الحق مثال (العمري ،2001 ،ص.)14
97
-المرحلة الثانية ،وتسمى مرحلة الضمير :يصل الفرد في هذه المرحلة إلى
درجة عالية من النمو األخالقي ،تمكنه من فهم النظام االجتماعي ،مما يعني
استشعاره لواجباته تجاه المجتمع والنظام االجتماعي ،ولهذا يؤدي الفرد واجباته
بشكل جيد ،متجاهالً العالقات الشخصية والتوقعات التي تع ّد أساساً ضرورياً للحكم
األخالقي في المرحلة السابقة.
ويستند هذا التطور إلى تطوره المعرفي الذي يسمح له باالعتقاد بأن الطريق
الصحيح أو االلتزام األخالقي يحدث بااللتزام بالقانون ،على أساس ّأنه يحمي
المجتمع من السقوط ،وأنه يمثل مرجعاً لحل أي مشكلة من وجهـة نظـره ،وعلى هذا
األساس فاألفعال القانونية أفعال أخالقية.
ومن األمثلة على هذا النوع من الحكم إجابة المفحوص عن كل بند من بنود
اختبار الحكم األخالقي بقوله "يجب أال يسرق ،ولو أن كل شخص سرق لتهدم
المجتمـع ،أو االستجابة التالية يجب أن يسرق ألنه لو ترك زوجته المريضة تموت
دون أن يفعل شيئاً فقد يسأل قانونياً (الغامدي1998 ،؛ نقالً عن الرافعي ،د.ت).
.3مرحلة أخالقيات ما بعد العرف والتقاليد
أن أخالقيات ما بعد العرف االجتماعي ال تظهر إالّ في ويشير "كولبيرج" إلى ّ
مرحلة الرشد ،إذ يكون األفراد قد حققوا قد اًر من الحرية في تحديد اختياراتهم.
بمعنى أنه بينما ينمو الوعي المعرفي بالمبادئ في مرحلة المراهقة ،فإن االلتزام
ألننا في أثناء
والتعهد باستخدامها أخالقياً عادةً ينمو فقط في مرحلة الرشد ،وذلك ّ
هذه الفترة ،عادةً نجد الراشدون يتميزون بأداء التزامات وتعهدات جادة نحو أنفسهم
ونحو اآلخرين ونحو المثل واأليديولوجيات.
ويمكن أن تحقق قلة من األفراد هذا المستوى ،وفيه تظهر محاولة واضحة
لتحديد واتباع القيم والمبادئ األخالقية ،واإلنسانية ،بصرف النظر عن مدى
ارتباطها بالقانون والعرف االجتماعي.
98
يتكون هذا المستوى من مرحلتين هما:
-المرحلة األولى ،مرحلة العقد االجتماعي والحقوق الفردية :إذ يتوجه الفرد
نحو االلتزام بمبادئ أخالقية يختارها :السبب األول للسلوك الخلقي في هذه المرحلة
اعتقاد الفرد في صحة المبادئ األخالقية العامة ،وهذا االعتقاد يقوم على االستدالل
والتعقل .والسبب الثاني هو اإلحساس بااللتزام الشخصي نحو هذه المبادئ.
-المرحلة الثانية ،مرحلة المبادئ العالمية اإلنسانية :إذ إ ّن عدداً قليالً جداً من
عدها مرحلة افتراضية األفراد يمكنهم تحقيق هذه المرحلة ،مما دفع "كولبرج" إلى ّ
ترتبط فقط بمبادئ بعض النماذج النادرة ،إذ ترتبط أحكام الفرد األخالقية بمبادئ
أخالقية ذات طبيعة مجردة ذاتية االختيار وعامة .مما يعني النظر إلى العدالة
والمساواة في حقوق اإلنسان ،واحترام كرامته ،بوصفها مبادئ إنسانية عامة تعني
احترام حقوق اإلنسان ،واإلنسانية من دون اهتمام بأي مؤثرات أخرى (كمال ،د.ت،
ص.)419-416
)2نظرية "جليجان" في النمو الخلقي
لقد هاجمت "كارول جليجان" ،Gilliganنظرية "كولبيرغ" واتهمته بالتحيز
أن التوجه األخالقي لدى اإلناث يختلف عنه لدى الذكور.
الجنسي واهماله لحقيقة ّ
وأظهرت -من خالل مقابالت أجرتها مع نساء يواجهن مشكالت أخالقية
أن اإلناث يطورن أخالقية العناية ،إذ يرتكز حكمهن األخالقي على قضايا
حقيقة ّ -
الرعاية الموجهة نحو اآلخرين والمحافظة على العالقات معهم ،بينما يطور الذكور
أخالقية العدالة ،إذ يرتكز حكمهم األخالقي على استخدام القوانين والمبادئ
االخالقية ،األمر الذي يشير إلى وجود اختالف في طرائق التفكير األخالقي بين
الجنسين .وقد طرحت "جليجان" ثالث مراحل للنمو الخلقي عند اإلناث:
.1مرحلة المصلحة الشخصية :وتستند الق اررات األخالقية في هذه المرحلة إلى
أسس أنانية تماماً وهي مشابهة تماماً لمرحلة أخالقيات ماقبل العرف لدى كولبيرغ.
99
.2مرحلة التضحية بالذات :تتمركز هذه المرحلة حول االهتمام باآلخرين
والتضحية بالحاجات والرغبات الذاتية من أجل مساعدة اآلخرين ،إذ يحتل االهتمام
باآلخرين منزلة أعلى من اهتمام المرأة بذاتها.
.3مرحلة التكامل بين االهتمام بالذات واالهتمام باألخرين :فالمرأة التي تصل إلى
هذا المستوى تكون قادرة على التوفيق وتحقيق التوازن بين حاجاتها وحاجات
اآلخرين (الشوارب والخوالدة.)2007 ،
1-4النمو الجسمي
100
تظهر حدة السمع تناقصاً تدريجياً خالل نفس الفترة .إضافةً إلى ذلك ،فإن الوزن
الكلي للمخ يتم اكتماله خالل الرشد المبكر.
وعادةً تكون القدرة على اإلنجاب (وخصوصاً عند اإلناث) في ذروتها في أثناء
مرحلة الرشد المبكر ،فمن الناحية البيولوجية نجد أن أفضل عمر زمني لحدوث
الحمل عادةً يكون في العشرينيات من العمر ،إذ تصل األعضاء واألجهزة
الفيزيولوجية عند الحمل إلى أفضل نمو وتآزر ها خالل هذا الطور من النمو دون
سواه .فالمرأة خالل الرشد المبكر تكون أكثر قدرة على إنتاج البويضات المخصبة،
أن دورتها الهرمونية المرتبطة بالتناسل تكون أكثر انتظاماً ،وتكون بيئة الرحم
كما ّ
والحوض أكثر مالءمة للحمل وأكثر يس اًر في الوالدة.
ورغم ا
أن كثي اًر من النساء يحملن بصورة مريحة في آواخر سن الثالثين وأوائل
101
أن الراشدين المبكرين يكونون أيضاً عرضةً لالضطرابات التي ترتبط كما ّ
باإلجهاد النفسي ،ومن ذلك :التوتر الزائد ،واالكتئاب ،وقرح المعدة والسمنة ...
وغيرها .ولع ّل هذه الحقائق تؤ ّكد أهمية برامج الطب الوقائي التي يجب أن تقدم
لهؤالء لكي تمنع استفحال هذه المخاطر فيما بعد (األشول 2008 ،؛ السيد،
،1997ص.)349
في هذه المرحلة العمرية يصل تطور النمو العقلي المعرفي للراشد إلى ذروته،
أي إلى ما يسمى بـ "البلورة" ،و"االستقرار" ،وتأخذ هاتين الحالتين المظاهر اآلتية:
-التفكير المنظم في االحتماالت المختلفة :إذ يستطيع الراشد أن يقارن بين
الحلول المطروحة ويختار األنسب من بينها.
-التفكير في البدائل والفروض :في المرحلة السابقة (المراهقة) كان المراهق
يتوقف عن التفكير في الحلول عندما يصل إلى أول حل للمشكلة ،ولكن الراشد هنا
بإمكانه أن يحتفظ بالحل األول ليحصل على الحل الثاني أو الثالث ...
-نسبية التفكير :يتسم تفكير الراشدين في هذا الطور بالنسبية ،فمن المالحظ
أنه مع تقدم الشباب في دراستهم الجامعية او في مجال حياتهم المهنية تتناقص في
تفكيرهم خاصية (المطلق) وتتزايد خاصية (النسبي).
وهو بذلك يختلف عن تفكير المراهق الذي يميل إلى أن يكاد يكون مطلقاً.
قبال لوجود أنساق معرفية متعارضة .وينشأ ذلك جز ّئياً من اتساع
فالراشد أكثر ت ً
الوسط االجتماعي للراشد ،الذي يشمل وجهات نظر مختلفة ،وأدوا اًر اجتماعية
عديدة.
-تقبل التناقضات المعرفية :يدرك الراشدون أن التناقض هو خاصية من
خصائص الواقع ،وال يحتاج األمر إلى حل الصراعات والتناقضات المعرفية لكي
102
يحقق الراشد توافقه وتكيفه مع البيئة المحيطة به ،وانما قد يتحقق هذا التكيف بتقبل
هذه التناقضات ،بل إن تفكير الراشدين ال يقبل هذه التناقضات في عالم الواقع
فحسب ،واّنما قد يسعى إليها ،ويعتمد عليها للوصول إلى حلول جديدة للمشكالت،
من خالل النشاط اإلبداعي (التفكير من خالل إيجاد المشكالت).
-تكامل التفكير :يسعى الراشدون في تفكيرهم إلى إحداث التكامل والتآزر بين
أنساق متعددة ،أو التركيب بين جوانب المعرفة المتناقضة للوصول إلى تكوين جديد
أكثر شموالً واتساعاً يسميه بعض الباحثين ما بعد األنساق.
البناء ،إذ يشكل الطابع النقدي أو التقييمي الخاصية
-القدرة على النقد ّ
األساسية لشخصية الراشدين في هذه المرحلة.
-القدرة على التخطيط واتخاذ الق اررات.
-القدرة على التركيز والتفكير المنطقي.
-التوازن بين العقل والعاطفة ،إذ يغلب على سلوك الراشد العقالنية والثبات
االنفعالي.
-إيجاد المشكالت :problem-findingويتمثل ذلك في قدرة الراشد على
توليد أسئلة جديدة ومرتبطة حول العالم يحيط به .وعلى ذلك فإن الراشد هنا يطرح
مشكالت جديدة بدالً من التنبه إلى المشكالت القائمة .كما يكتشف طرائقاً جديدة
في النظر إلى المسائل المألوفة من أجل الوصول إلى حلول جديدة وممكنة
(صادق ،وأبو حطب ،1995 ،ص 372؛ رضا ،2002 ،ص.)139
103
3-4النمو االجتماعي
تتميز مرحلة الرشد المبكر باالعتماد على الذات ،والكفاية واإلنجاز ،واالتزان
ّ
النسبي في العالقات االجتماعية سواء مع األهل أم األصدقاء أم أفراد المجتمع.
مهم في تكوين شخصية الراشد من خالل انتقاله
ويكون للتنشئة االجتماعية دور ّ
السوي من مرحلة المراهقة إلى الرشد.
فهذه المرحلة هي فترة النضج االجتماعي ،الذي يتم بالتوازي مع باقي جوانب
أي اضطراب في أي من هذه الجوانب
الشخصية الجسمية والعقلية واالنفعالية ،وا ّن ّ
سوف يؤثر في نمو الجانب االجتماعي للراشد.
مظاهر النضج االجتماعي في مرحلة الرشد المبكر
ويتضمن النضج االجتماعي في مرحلة الرشد المبكر المظاهر اآلتية:
تحمل مسؤولية االختيار :تع ّد مسؤولية االختيار من أهم خصائص النموأّ -
االجتماعي في مرحلة الرشد المبكر ،فهي تواجه بضرورة القيام باختيارات تتعلق
باالضطالع بمسؤوليات عديدة .فمطلوب من الراشد اختيار المهنة المناسبة
وممارستها لتحقيق االستقرار والتوافق المهني ،والرضا عن العمل.
ومطلوب منه –أيضاً -اختيار شريك الحياة والعيش معه وتأسيس أسرة جديدة،
وتحقيق االستقرار والتوافق األسري ،مع ما يترتب على ذلك من إنجاز مسؤوليات
عديدة ،وايجاد الروابط التي تتفق مع الحياة الجديدة .وقد تواجه تلك المسؤولية
بثالث صعوبات ،في اآلتي:
الصعوبة األولى ،تتمثل في مدى تأهيل الراشد للقيام بأي من جوانب
المسؤولية في مختلف المجاالت االجتماعية.
الصعوبة الثانية ،تتعلق بمدى مالئمة الظروف االجتماعية المحيطة والقائمة
إلنجاز مسؤولية محددة.،
104
الصعوبة الثالثة ،وهي تنشأ نتيجة اتجاهات المجتمع نحو فرض مسؤوليات
محددة من الراشد دونما إتاحة فرصة لالختيار ،أو حتى إتاحة فرصة التفاعل مع
االختيار المفروض ،وهو ما يمكن أن نسميه "وصية االختيار".
تقبل الوالدين وكبار السن ،ومعاملتهم المعاملة الطيبة والحسنة ،والتوافق
بّ -
مع أسلوب ونمط حياتهم.
ج -تحقيق مستوى اقتصادي مناسب ومستقر ،مع القدرة على المحافظة عليه.
د -االهتمام بالتنظيم الجماعي أو االنتماء إلى الجماعات والمنظمات التي
تقوم باألعمال أو الخيرية أو االجتماعية أو الوطنية ،وتحقيق االندماج في
المجتمع ،واقامة عالقات اجتماعية ناجحة مع اآلخرين ،يسودها الفهم واالحترام
المتبادل ،وتكون أكثر عمقاً وثباتاً مما كانت عليه في المرحلة العمرية السابقة.
1
social وتحمل المسؤولية االجتماعية
ّ ه -ممارسة الحقوق المدنية
،responsibilityوالمسؤولية الوطنية .national responsibilityوتعرف
بالمسؤولية االجتماعية بأنها شعور الفرد بااللتزام والمسؤولية عما يقوم به من
أفعال ،وتعرف أيضاً بأنها استعداد مكتسب لدى الفرد يدفعه للمشاركة مع اآلخرين
أما
في أي عمل يقومون به ،والمساهمة في ح ّل المشكالت التي يتعرضون لهاّ .
المسؤولية الوطنية فهي الوالء المطلق للوطن واالعتزاز به ،واحترام رموزه ،والفخر
في االنتماء إليه والعمل على تقدمه ،والدفاع عن سيادته وكرامته (أبو جعفر،
2014؛ القيسي.)1998 ،
بين االتجاه األخالقي واالتجاه القانوني ،فاالتجاه األخالقي يركز على المعنى األخالقي للمسؤولية
بعدها الت ازم ذاتي من الفرد نحو المجتمع ،أما االتجاه القانوني فهو يفهم المسؤولية االجتماعية
االجتماعية ّ
على أنها مسائلة من قبل المجتمع وما فيه من قوانين وأعراف وتقاليد ،وتتكون المسؤولية االجتماعية من
ثالثة عناصر ،هي :االهتمام ،والفهم ،والمشاركة (سالم ،د.ت ،ص.)10
105
4-4النمو الوجداني
106
-تأجيل إشباع الحاجات
يتصف الراشد الصغير بالقدرة على تأجيل واستبدال إشباع الحاجات النفسية،
كما تكون لديه القدرة على اختيار الوقت المناسب لهذا اإلشباع (أبو جعفر،
،2014ص.)147
-التعاطف
إذ يخرج الفرد من دائرة االهتمام بذاته ،إلى االهتمام باآلخرين من حوله.
وتعرف "المشاركة الوجدانية" بأنها" :القدرة على تحديد مواقف اآلخرين وفهم
ّ
ومشاعرهم وعواطفهم".
عرف "روجرز" المشاركة الوجدانية بأنها" :القدرة على إدراك التكوينوقد ّ
الداخلي لآلخرين فيما يخص الناحية الشعورية والمعنوية".
وبذلك تعني المشاركة الوجدانية "عملية عاطفية معرفية ،وقدرة على اإلحساس
باهتمامات اآلخرين ،والنظر لألشياء من وجهة نظر اآلخرين".
-تمايز االنفعاالت
يسير التكوين االنفعالي للراشد نحو التمايز التام في االنفعاالت ،فيكون السلوك
االنفعالي متعلقاً بكل ظرف على حدة دون خلط بين المواقف المختلفة.
-الضبط االنفعالي
إذ يميل الراشد إلى التحكم في شدة انفعاالته وعواطفه ،ويصبح أكثر سيطرة
عليها ،ويستطيع أن يعبر عنها دون تهور أو اندفاعية ،إذ يصبح قاد اًر على التغلب
على كثير من الحاالت التي تدفعه إلى الغضب أو الخوف ،ويتعلم كيف يكون
حريصاً في إظهار انفعاالته ومراعياً شعور اآلخرين.
-الثبات النسبي
يدخل الراشد هذه المرحلة ولديه نوع من الثبات االنفعالي النسبي ،بعيداً عن
التقلب في العواطف.
107
-الواقعية
إذ يتعامل الراشد مع عواطفه بنوع من التفكير العقالني ،فيصبح أكـثـر واقعية
في حياته العاطفية ،وفي ردود أفعاله تجاه المواقف المختلفة.
-االتزان اال نفعالي
يسير التكوين االنفعالي (العاطفي) للراشدين في هذه المرحلة نحو االتزان
والثبات (خياط ،د.ت ؛ رضا ،2002 ،ص.)121
5-4النمو المهني
المهنة :تعرف المهنة بأنها أدوار اجتماعية تميز أنشطة الفرد داخل النسق االجتماعي ،ونشاط نوعي 1
يرتبط بسوق العمل بهدف إشباع الحاجات األساسية للفرد ،وتحديد وضعة االجتماعي (خطايبة،2009 ،
ص.)193
2دافعية اإلنجاز :Achievement Motivationيعرف "ماكليالند" دافعية اإلنجاز بأنها استعداد ثابت
نسبياً في الشخصية يحدد مدى سعي الفرد للوصول إلى النجاح ،وتحقيق هدف معين في ضوء مستوى
محدد من االمتياز والتفوق ،أو ببساطة هي الرغبة في النجاح .ويعرفها "أتكنسون" ( )1964بأنها ذلك
المركب الثالثي من قوة الدافع ،ومدى احتمالية نجاح الفرد ،والباعث ذاته بما يمثله من قيمة له (خليفة,
,2000ص.)91
108
وعند الراشد تؤثر قوة دافع اإلنجاز في طريقته في تفسير خبراته المهنية
وتوجهها ،ولهذا نجد بعض الراشدين من النساء ومن الرجال من ذوي اإلنجاز
العالي يصلون إلى مواقع القيادة والسلطة في مجاالت عملهم بالمقارنة بأقرانهم من
ذوي اإلنجاز المنخفض.
ومن العوامل التي تعدل سلوك اإلنجاز سيطرة دافع آخر قد يكون أحياناً
"الحاجة إلى االنتماء" ،affiliationلدى الراشدين ،وهو دافع يوجه اإلنسان نحو
يسر مع الناس اآلخرين.
تكوين عالقات إنسانية أكثر اً
ب -العمل مصدر لشعور الفرد بقيمته :وبالتالي فإنه وثيق الصلة بتقديره لذاته
وتحديد هويته ،ويكشف ذلك عن األثر النفسي والسلبي للبطالة على شخصية
الراشدين ،ويتوقف تقدير الراشدين العاملين لذواتهم على تفسير ٍّ
كل منهم لخبرة
العمل ،ومن ذلك أسلوب الفرد في عزو أسباب النجاح والفشل المهني ٍّ
لكل منهما.
ف إذا كان الراشد يعزو أسباب نجاحه إلى عوامل داخلية مستقرة فيه من ناحية،
وأسباب فشله إلى عوامل خارجية غير مستقرة "مؤقتة أو عارضة" ،فإنه يكون أكثر
تقدير لذاته ،كما يكون لديه شعور قوي بالكفاية الشخصية.
ًا
دير للذات
شعور أكبر بالقيمة ،وتق اً
اً ومن ناحية أخرى فإن العمل قد يحقق
،1self-esteemبسبب الترتيب الهرمي للمهن من ناحية ،ومبالغة المجتمع في
تقدير بعضها على حساب بعضها اآلخر ،من ناحية أخرى.
جـ -العمل له أهميته االجتماعية للفرد :فهو مصدر للمكانة االجتماعية ،فمن
خالل العمل يقدم الراشد إلى اآلخرين شيئاً له قيمة ،ويحصل على تعزيز اآلخرين،
كما أن العمل يهيئ للراشد فرصاً كثيرة للمشاركة االجتماعية والتفاعل االجتماعي،
تقدير الذات :Self-esteemهو قدرة الفرد على تحديد مدى جدارته باالحترام ويعكس مدى ثقته في 1
111
مراحل النمو المهني عند "سوبر"
.1بلورة الميول المهنية
وتمتد بين ( )18-14سنة ،أي خالل فترة المراهقة ،إذ تتبلور األفكار والميول
أو يتبلور التفضيل المهني للفرد حول عمل مناسب ،وفي هذا الوقت من المحتمل
أن يتعرض الفرد لمجاالت مهنية معينة من خالل وسائل اإلعالم أو التعليم
المدرسي أو األصدقاء أو األقارب ،وخالل ذلك يقارن الفرد بين مختلف المجاالت
المهنية وقدراته ومهاراته وميوله وخصائص شخصيته وغيرها .كما يطور الفرد في
هذه المرحلة مفهوم الذات المهني الذي يساعده على ق اررات مهنية مناسبة ويحدد
أهدافه المهنية من خالل الوعي بقدراته وميوله وقيمه.
.2تحديد الميول المهنية
وتمتد بين ( )21-18سنة ،أي خالل مرحلة بلوغ السعي أو الشباب ،وينتقل
فيها الفرد من الخيار المهني العام المؤقت وغير المحدد إلى الخيار المهني المحدد.
ويتخذ الخطوات الضرورية لتنفيذ وتحقيق القرار المهني المناسب.
كما تتضمن هذه المرحلة بعض التفضيل المهني وبداية التدريب على مهنة
وغالبا ما يشمل ذلك تربية نوعية؛ كتلك التي توفرها مراكز التدريب المهني
ً معينة،
لطالب ما بعد المرحلة الثانوية ،أو برامج الكليات المهنية كالطب والهندسة
والزراعة والتربية.
.3تنفيذ الق اررات المهنية
ويتم بين ( )24-21سنة ،وفيها يكون الراشد قد أنهى تعلّمه وتدربه المهني،
ارت المهنية بصورة جيدة.
ودخل إلى ميدان العمل ،وأصبح قاد اًر على تنفيذ القر ا
تغير جوهرياً
إذ تتم ممارسة التدريب الذي تلقاه المرء عمليًّا ،وت َعد هذه الخطوة اً
في إدراك الذات لدى بعض األفراد؛ فمع القيام بدور "العامل" يبدأ كثيرون ممن في
هذا السن في إدراك أنفسهم كراشدين ألول مرة.
112
.4الثبات في المهنة
وتمتد بين ( )35-25سنة ،وهنا يتمثل النمو المهني في زيادة استقرار الراشد
وثباته في مجال مهنته ،ويبدأ في تنمية مكانته المهنية من خالل الترقي فيها،
ويستثمر مواهبه بطريقة مناسبة للق اررات المهنية التي اتخذت سابقاً.
.5التقدم في المهنة
وتمتد من 30سنة وما فوق ،وبالتالي فهي تمتد في أكبر مدى زمني في دورة
الحياة المهنية للفرد ،وفيها يتم تدعيم المركز المهني وتقدمه ،إذ يستمر الفرد في
مهنته ،ويصل إلى قمة كفاءته ،ويؤسس مهاراته وأقدميته الوظيفية بحيث يحقق
مرك اًز مهنياً مريحاً لنفسه ،وكذلك يحرز مستوى رفيعاً من القيادة أو السلطة.
(ثانياً) نظرية "ليفنسون"
أما النموذج الذي اقترحه "ليفنسون" ،حول النمو المهني للراشد ،فقد ظهر ألول
ّ
تحديدا من نموذج "سوبر" ،إضافةً إلى ّأنه يركز على
ً مرة عام (1977م) ،وهو أقل
وجود فترات متعددة يظهر فيها ما يسميه "إعادة التقويم".
وفي رأيه أنه من العبث القول إ ّن الفرد منذ نهاية مراهقته يختار مهنة معينة
اختيار نهائيًّا ،ويستقر فيها ،ويستمر يؤديها طوال حياته بعد ذلك.
ًا
ويتلخص نموذج "ليفنسون" في أنه مع الرشد المبكر يدخل المرء مرحلة يحاول
مهني معين يتفق مع ميوله وشعوره بهويته،
ٍّ فيها االستقرار على مهنة أو على اتجاه
وفي هذا يستطلع االحتماالت المختلفة في عالم العمل ،وفي ذات الوقت يحاول
المقابلة بين ما يجده وبين إحساسه بإمكاناته هو ،وتكون مهمته تكوين بنية لحياته
تربط بين عالم العمل من ناحية ،وادراكه لذاته من ناحية أخرى ،وهذه هي مرحلة
يمر األفراد بفترة انتقالية،
االختيارات المؤقتة .وخالل الفترة ( )32- 28سنة ،قد ّ
أي :أزمة "إعادة التقويم"؛ فقد يكتشف في اختياره السابق ّأنه تجاهل بعض مكونات
ذاته ،وهذه الجوانب من الذات تظهر حينئذ ،ويكون عليه التعامل معها ،كأن
113
يكتشف الطبيب (على سبيل المثال) أنه أديب فيتحول إلى العمل الصحفي،
وبالطبع فإن بعض الناس قد يجدون أن المطابقة بين ما يقومون به من عمل وبين
هويتهم مالئمة ،وبالتالي يلتزمون بعملهم على نحو ٍّ
أشد .وفي األغلب يستقر الراشد
في مهنته مع بداية الثالثينات من العمر ،فهو عندئذ يكون على درجة من االلتزام
العميق بمسئوليات العمل واألسرة ،ويكون عليه تصميم الخطط واألهداف طويلة
المدى لحياته وتنفيذها .وعلى الرغم من ّأنه يشعر باالستقاللية في عمله ،إالّ ّأنه
يكون عرضة لكثير من القيود التي تفرضها قواعد العمل وأصول المهنة ،وقد يدفعه
ذلك إلى االنتقال إلى المرحلة التالية ،وهي مرحلة تحقيق الذات المهنية.
ابتداء من أواخر الثالثينات ،وحتى أوائل
ً وتحدث مرحلة تحقيق الذات المهنية
األربعينات من العمر ،وحينئذ يظهر الفرد الحاجة إلى تدعيم المجتمع له في دوره
المهني ،وهذه المرحلة تنتهي بأزمة أخرى ،وهي أزمة التحول في وسط العمر عند
حوالي سنة ( )45-40سنة (صادق ،وأبو حطب ،1995 ،ص.)413-412
(ثالثاً) نظرية "بارسونز"
قدم "بارسونز" في كتابه (اختيار الوظيفة) ،نظريته عن النمو المهني والتوجيه
ّ
أن عملية اختيار الراشد للمهنة تعتمد على فهم الراشد لنفسه
أكد ّ
المهني ،و ّ
وطموحاته واتجاهاته وقدراته من جهة ،وعلى تعرفه على متطلبات وظروف النجاح
في المهنة التي يتجه إليها وفرص الترقي فيها وما تتضمنه من مميزات ومحددات
أكد "بارسونز" ضرورة االهتمام بخدمات التوجيه المهني
من جهة أخرى .كما ّ
واسنادها إلى األسس العلمية الكفيلة بنجاحها ،وذلك نظ اًر ألهميتها التربوية والمهنية
واالقتصادية واالجتماعية لكي تلبي مطالب ظاهرة التنوع والتوسع في المهن
والحرف وفرص العمل وفروع التعليم بما يتناسب وامكانات كل فرد وميوله ورغباته
واستعداداته على أساس تأكيد حرية اختيار المهنة الذي يلبي حاجة المجتمع من
القوى العاملة فيه (خملة ،2014 ،ص.)23
114
االختيار المهني في مرحلة الرشد المبكر
تحت ّل مسألة "االختيار المهني" ،vocational choiceمحور االهتمام في
جميع الخدمات النفسية التي تقدم لألفراد في مرحلة الرشد المبكر ،وهي من أهم
القضايا التي تهم الفرد في الحاضر والمستقبل ،لما تحمله من تأثيرات إيجابية أو
سلبية في حياته.
تمثّل عملية اختيار الراشد لمهنة المستقبل عامالً مهماً في النجاح والتفوق؛
لذلك فإن عملية االختيار من أهم الق اررات التي يتخذها الراشد في حياته ،فهي قرار
مصيري وحاسم ،يحدد مستقبل الراشد ويرسم له معالم النجاح أو الفشل.
فاالختيار المهني المناسب يحيل الشباب إلى طاقات خالقة ومنتجة ،كما
يحقق كثـي اًر مـن المنـافع االقتصـادية واالجتماعية والنفسية.
فمن الناحية االقتصادية يـؤدي اختيار الفرد للمهنة المناسبة لـه إلى زيادة
كفايته واحتمال ترقيته وزيادة أجره وارتفاع مستواه .وكـذلك عـدم اضـط ارره إلى تغيـير
عمله بعد أن يكون قد قضى فيه وقتاً طويالً.
أثر إيجابياً في حالة الفرد النفسية ،ويجعله
أن لالختيار المهني الصحيح اًكما ّ
متوافقاً مع ذاته ومجتمعه ،ويـتحلى بقـدر مـن المرونـة من خالل استجاباته للمؤثرات
المهنية المختلفة باستجابات مالئمة.
أن االختيـار المهنـي المناسـب يـؤدي إلى تحسـين
ويؤ ّكـد "الخطيـب" (1995م)ّ ،
العالقات اإلنسانية في المجاالت المختلفةً نظ اًر لممارسة الفرد للعمل الذي يناسبه
فيساعده عـلى زيادة ثقته بنفسه ورفع معنوياته ورضاه وسعادته فيسهل تعامله مع
أما االختيار المهني الخاطئ فقد يؤدي إلى سوء توافق الفـرد وعـدم قـدرته
اآلخرينّ .
عـلى مسـايرة المجتمع بما فيه من معايير وأعراف وتقاليد ،والخروج على هذه
العادات والتقاليد والصدام معها.
115
بد من إرشاد الراشد وتوجيهه الختيار المجال المهني الدقيق الذي يتالءم
وال ّ
وقدراته وميوله واستعداداته؛ ألن االختيار المهني الذي ينشأ تلبية عن رغبات طارئة
لألفراد ،أو لنصائح عارضة من صديق أو قريب ،أو الذي ينشأ تلبية لرغبات
األسرة ،يؤدي إلى فشل في أغلب األحيان أو إلى اضطراب ،وعدم استقرار في
العمل.
وتلعب واألسرة دو اًر كبي اًر في االختيار المهني ألبنائها الراشدين ،وذلك من
خالل عملية التطبيع االجتماعي التي تمارسها على أفرادها منذ طفولتهم ،إذ يتأثر
الراشدون بتوقعات الوالدين لهم بالنسبة للمستقبل ،وبخاصة حياتهم المهنية ،وبالطبع
فإن ذلك قد يؤدي إلى سوء االختيار ،وال سيما إذا لم تتوافر لدى الفرد المتطلبات
ّ
النفسية للمهنة التي اختارها ،وخصوصاً القدرات واالستعدادات وسمات الشخصية
الالزمة للنجاح فيها.
لذلك يحظى موضوع "االختيار المهني والميول المهنية باهتمام واسع من قبل
علماء النفس من أصحاب نظرية الشخصية المهتمين باالختيار المهني ،وال سيما
عند الراشدين الصغار (هزايمه واسماعيل ،2014 ،ص 230؛ الصويط.)2008 ،
أن األفراد مختلفون في كثير من السمات والخصائص وقد أشار "سوبر" إلى ّ
الشخصية ،وكذلك في الميول واالتجاهات والقدرات واالستعدادات ،وكل فرد قد
يصلح للعمل في عدد من المهن على أساس ما لديه من هذه الخواص ،وكل مهنة
تتطلب نموذجاً محدداً من القدرات واالستعدادات والميول وسمات الشخصية
(خطايبة ،2009 ،ص.)194
ويرى "سوبر" أن األفراد يميلون إلى اختيار المهـن التـي يستطيعون من خاللها
تحقيق مفهومهم عن ذاتهم ،والتعبير عن أنفسهم ،أو نتيجة مـا يتمتـعون بـه من
سمات في شخصياتهم.
116
أما "جون هوالند" ،John Hollandفيفترض أن اختيار اإلنسان المهنة ّ
يكون نتاج الوراثة ويمكن تصنيف األفراد على مقدار تشابه سماتهم الشخصية إلى
عدة أنماط ،كما أنه يمكن تصنيف البيئات التي يعيشون فيها إلى عدة أصناف
على أساس تشابه هذه البيئات مع بعضها وأن هذه المزاوجة بين أنماط الشخصية
مع أنـماط البيئة التي تشبهها تؤدي إلى االستقرار المهنـي والتحصيل واإلنجـاز
واإلبـداع .وقد اقترح "هوالند" ست بيئات مهنية ،تقابلها ستة أنماط مهنية للشخصية،
أن كل بيئة مهنية ،يلتحق بها أفراد تكون شخصياتهم شبيهة بشخصيات
وأوضح ّ
تلك البيئة .كما افترض بأنهم سوف يكونون سعداء ومنتجين في البيئة المناسبة
لنمط شخصياتهم ،وغير سعداء وغير منتجين في البيئة المهنية التي ال تناسب نمط
شخصياتهم .وبناء على افتراضاته قسم "هوالند" بيئات العمل المهنية إلى:
-1البيئة المهنية االجتماعية
ويقابلها أصحاب التوجه االجتماعي ،وهم أفراد يظهرون اهتماماً كبي اًر
باآلخرين ،ويحتاجون إلى أن يهتم بهم اآلخرون أيضاً ،ويتصفون بامتالكهم مهارات
لفظية واجتماعية ،ومهارات وحل المشكالت من خالل إدراك شعور اآلخرين،
وتفضيلهم للتعليم والخدمات واإلرشادات االجتماعية .وهم ينجحون في األعمال
ذات الطابع االجتماعي؛ مثل الخدمة االجتماعية والنشاط الديني والطب والتدريس
والعالج النفسي والسلك الدبلوماسي والنشاط الرياضي.
-2البيئة المهنية الفنية
ويقابلها أصحاب التوجه الفني ،وهؤالء هم أكثر قدرة من غيرهم على التعبير
العاطفي ،ويظهرون الحاجة للتعبير الفردي ،ويفضلون التعامل مع مشكالت البيئة
من خالل الحاجة التي تظهر في صورة تعبير ذاتي ،ويفضلون العالقات غير
المباشرة مع اآلخرين ،وهم ينجحون في المهن الفنية والجمالية كالفنون التشكيلية،
والموسيقى ،والرقص ،والمسرح ،والسينما ،والشعر ،والقصة ،والرواية.
117
-3البيئة المهنية التقليدية
ويقابلها البيئة الملتزمة ،يتسم أصحاب هذه البيئة بالمسايرة ،وااللتزام والتقيد
بالقوانين والقواعد واألنظمة ،ولديهم طابع عملي محافظ ودقيق ،ويرغبون في العمل
مع أصحاب السلطة والنفوذ ،لكن تعوزهم التلقائية والمرونة واألصالة (قدرات
اإلبداع) ،كما ّأنهم يتّصفون بالقدرة على ضبط النفس ،والميل إلى الروتين في
حياتهم ،وهم أكثر نجاحاً في األعمال االقتصادية واإلدارية؛ كالمحاسبة،
والسكرتارية.
-4البيئة المهنية الواقعية
يتسم األفراد ضمن هذه البيئة بالعدوانية ،ولديهم ميل نحو النشاطات التي
تتطلب تناسقاً حركياً وقوة ومهارة جسمية ،وتعوزهم المهارات اللغوية واالجتماعية،
ألنهم يتجنبون المواقف التي تتطلب مهارات لفظية وذات عالقة مع اآلخرين،
ويفضلون ح ّل المشكالت العملية المحسوسة على المشكالت المجردة ،وهذا النمط
عادةً ينجح في المهن الميكانيكية والتكنولوجية.
-5البيئة المهنية المستكشفة
ويقابلها أصحاب التوجه العقلي ،ويتصف األفراد ضمن هذه البيئة بتفضيل
التفكير في حل المشكالت والميل للتنظيم ،إذ تشغلهم األفكار كثي اًر ،وال يهتمون
بتنفيذها أو تطبيقها ،وهم يشعرون بالحاجة إلى الفهم ،كما يستمتعون بالعمل الذي
يتطلب المهام الغامضة ،لكنهم يتجنبون التفاعل االجتماعي وتكوين العالقات
االجتماعية ،وهذا النمط من الشخصية ينجح في األعمال العلمية.
-6البيئة المهنية المغامرة
بأنهم اجتماعيون ،ويمتلكون المهارات
يتصف األفراد ضمن هذه البيئة ّ
اللغوية ،والقدرات العالية على اإلقناع ،ولديهم سمات السيطرة والمغامرة ،ويميلون
إلى األعمال الخطرة وغير العادية ،كما يهتمون بالقوة والمركز االجتماعي.
118
ّإنهم أكثر نجاحاً في أعمال القيادة اإلدارية ،وقطاع األعمال والبيع واإلعالم،
والسياحة والعالقات العامة .كـما أشار "هوالند" إلى وجود العديد من العناصر
مهماً في اختياره وق ارره المهني ،مثل الطبقة االجتماعـية
خارج قدرة الفرد تلعب دو ارً ّ
التـي ينتمـي إليهـا ،وتـأثير األسرة مـن حيث الدخـل وطموح الوالدين وكذلك دور
األخوة واألخـوات والبيئـة والمجتمـع المحـلي.
119
أن األحـداث الواقعـة
كـما يمكـن أن يكـون للمصادفة دور ،إذ أشار "باندو ار" إلى ّ
بالمصادفة تلعـب دو ارً مه ّـماً في تكوين حياة الفرد المهنية.
يعد من أكثر
ولع ّل السياق الثقافي واالجتماعي الذي يتم فيه اختيار المهنة؛ ّ
العوامل المؤثرة في اختيار الراشد لمهنته ،فالق اررات المهنية ال يتخذها الراشدون
بمعزل عن المحيط ،واّنما يوجد دائماً تفاعل بين الراشد والبيئة الثقافية واالجتماعية
المحيطة به ،مثل ضغوط الوالدين قبل استقالل الراشد وتكوين أسرة خاصة به ،أو
ضغوط األسرة الجديدة ،التي قد تحدد الت ازماته إزاءها الكثير من نشاطه المهني،
أضف إلى ذلك ،ضغوط المجتمع والثقافة العامة التي تؤثر في االتجاهات المهنية
لألفراد .http://psycho.sudanforums.net
أن الراشد ال يختار مهنته نتيجة لعامل واحد ،بـل نتيجـة تفاعـل
إضافةً إلى ّ
عدة عوامل تؤثر في هذا االختيار .وقد يكون بعض هذه العوامـل ذاتيـي يتصل
بشخصية الراشد وتكوينه النفسي الفطري أو المكتسب ،وبعضها اآلخر خارجيـ
يتصـل بالبيئـة االجتماعي والثقافية وامكانية االلتحـاق بـالمهن المختلفـة.
120
-5أزمات الرشد المبكر
إن مرحلة الرشد المبكر – على الرغم من االستقرار النسبي في خصائص ّ
شخصية الفرد فيها -إالّ ّأنها ال تخلو من األزمات التي يستطيع الراشد تجاوزها من
خالل خبراته التي يكتسبها خالل المراحل السابقة للنمو والتي تساعده على تحقيق
التوافق ومواجهة الصعوبات المستقبلية ،وخصوصاً صعوبات مرحلة الشيخوخة.
فمرحلة الرشد المبكر تمر بعدة أزمات ،تظهر خاللها األحداث المهمة في الحياة
وسنتناول هنا أزمة األمومة واألبوة ،وأزمة الوالدية المرافقة ،وأزمة الهوية:
إن األمومة واألبوة تعطي الفرد حقوقاً ،وتلقي عليه في الوقت نفسه واجبات
ّ
جديدة ،وقد استخدم "راكامييه" مفهوم "األمومة" ليدل على مجموعة من الظواهر
العاطفية المتعلقة بالحمل واألمومة ،إذ تنظر المرأة إلى الطفل كجزء منها ،وعليها
حمايته وتأمين استقالليته.
إن هذا الموقف من قبل األم يفترض التغيير في التمركز النرجسي ،لذلك ّ
يصبح الطفل بالنسبة لألم أكثر أهمية من ذاتها.
أما األب فعليه تحديد موقفه تجاه للطفل ،إذ يقوم دوره على تمثيل الدور ّ
االجتماعي المتعلق بالممنوعات والقوانين االجتماعية ،ولكن هذه الوظيفة ال تعني
أن يلجأ األب إلى دور مختلف كلياً عن دور األم ،إذ باستطاعته تقديم رعاية
مشابهة للرعاية التي تقدمها األم للطفل ،من دون التخلي عن المهام المطلوبة منه
في المستوى االجتماعي.
121
2-5أزمة الوالدية
مفهوم أزمة الوالدية أدخلها "مارسلي" "وبراكونييه" ،وتعني كيفية تعامل الوالدين
مع أبنائهم الراشدين ،ويؤ ّكد أنصار التحليل النفسي ّأنه ينبغي تعديل العالقة القائمة
بين األبناء واآلباء (من عالقة والدين -طفل) إلى (عالقة والدين -راشد) ،مع
احتفاظها ببعدها األبوي ،وباالختالف بين األجيال.
من هنا يجب أن يمتنع الوالدان عن إسقاط رغباتهما على األبناء وهم
يواجهون مظاهر النمو المختلفة لديهم ،هذه األزمة الوالدية لها مظاهر متعددة مثل
شعور العجز والشعور بعدم التفهم من قبل االبن ،أو عدم القدرة على التواصل معه
(بهية ولطيفة ،2011 ،ص.)21-20
3-5أزمة الهوية
الهوية هي" ،التعبير االجتماعي والثقافي لعملية انتماء الفرد لذاته" .وهي حاجة
أن أول ما يميز اإلنسان عن الحيوان هو نمط احتياجاته، إنسانية ضرورية ،ذلك ّ
وأهم هذه االحتياجات الحاجة إلـى تحديد الهوية ،إذ يبدأ الفرد خالل الرشد المبكر
بتعزيز هويته وتحديدها (بلغيث ،د.ت ،ص.)352
عمال فردياً ينجح فيه الشاب أو يفشل,
فإن طرائق تحديد الهوية ليس ً وبالطبع ّ
إنه في الواقع مهمة معقدة؛ فأنماط تحديد الهوية تختلف بين األفراد ,نتيجةً لتأثيرات
عوامل عديدة ،مثل طبيعة العالقة بين الشاب ووالديه ،ومعدل التغير االجتماعي
في المجتمع ،وتباين الثقافات -كما يشير "موسن وآخرون" Mussen et al
مثال تركز على نمو الهوية من خالل الفردية
(1984م) -فالثقافة األمريكية ً
الكاملة ،بينما تركز الثقافة الصينية واليابانية على تكوين الهوية من خالل العالقات
الوثيقة باآلخرين ,ومن خالل عضوية الفرد في نظام اجتماعي ثابت.
122
أن جوهر نمو هوية الفرد هو الحاجة إلى
وفي جميع الحاالت ،علينا أن ندرك ّ
أن يدرك نفسه على أنه متوافق في سلوكه ،ومتميز عن غيره .وفي المجتمعات
البدائية البسيطة ،حيث هناك عدد محدود من أدوار الراشدين ،وتغير اجتماعي
محدود ،يصبح تكوين الهوية مهمة سهلة يمكن الوصول إليها بسرعة.
أما في المجتمع الصناعي المركب والسريع التغير الذي يوفر للشباب بدائل ّ
كثيرة ألدوار الرشد ،تكون عملية تكوين الهوية أكثر صعوبة ،وتستغرق وقتاً أطول.
وداخل المجتمع الواحد قد تكون الهوية سوية أو منحرفة؛ فالشاب قد يبحث
عن األدوار الشخصية واالجتماعية والمهنية التي يتوقعها المجتمع ويوافق عليها ،أو
قد يبحث عن أدوار على درجة كبيرة من الخصوصية ،يوصف بعضها بأنه غير
عادي ،وبعض هذه األدوار الخاصة قد يكون إيجابيًّا ،وبعضها قد يكون سلبيًّا
ومدمرا؛ كدور مدمن المخدرات أو المجرم.
ً
وتعد أزمة الهوية من أهم جوانب أزمات بداية مرحلة الرشد ،وأطلق "أريكسون"
ّ
تسمية أزمة الهوية ،identity crisisأو تشـوش الهويـة identity confusion
على "عجز الراشد عن تقبل الدور الذي يطـالبه المجتمـع القيام به ،وعجزه عن
االستمرار والتواصل بين ذاته والقيم السـائدة في المجتمع ،األمر الذي ينتج عنه
تدني مفهوم الذات لديه".
إن أزمة الهوية تشعر من يواجهها بالوحدة واالغتراب ،alienation 1األمر ّ
الذي يدفع بالفرد -أحياناً -لإلنجراف وراء الهوية السلبية التي تعارض ما يريده
واإلنتحار واإلدمان، كاإلنحراف، المجتمع،
.http://psycho.sudanforums.net
الشعور باالغتراب :Alienationهو رفض عميق لقيم المجتمع ،وانعزال عن اآلخرين ،مع سيادة 1
الشعور بالوحدة وفقدان الجذور وعدم إدراك لمعنى الحياة وهدفها ووجهتها ،واالغتراب بهذا المعنى
خطير ،وربما يقود صاحبه إلى االنحراف أو اإلدمان أو
ًا اضطراب نفسي قد يكون
االنتحارhttp://psycho.sudanforums.net
123
أن أزمات الهوية تؤثر في نوعية التعاطف مع
وتشير الدراسات النفسية إلى ّ
أن الراشدين الذين حصلوا على درجات
الجنس اآلخر ،ففي إحدى الدراسات تبين َ
عالية في مقياس هوية األنا ،ego identityقد سجلوا درجات عالية في شعور
التعاطف مع الجنس اآلخر ،إذ كانوا قادرين على مشاركة أقرانهم من الجنس اآلخر
في نواحي القلق والتعبير عن الغضب إضافةً إلى الشعور بالعاطفة تجاه بعضهم
أن الراشدين الذين حصلوا على درجات منخفضة على مقياس هوية اآلخر ،كما ّ
األنا ،فقد أشاروا إلى أنهم قد حاولوا تكوين بدائل لعالقات األلفة والمودة بعالقات
كاذبة وزائفة.
يميل الفرد في سن الرشد المبكر إلى رفض األفكار التقليدية الثابتة المرتبطة
باالستقرار ،فقد يقرر مثالً -بناء على تحليالته الذاتية -أن نظام العمل الذي
يستمر من الساعة التاسعة إلى الثانية أو الثالثة ،غير مناسب له ،وأن الحياة الريفية
وثمة حاجة أيضاً تنشأ لدى الرشد في
أو المشروعات الخاصة ذات فائدة وقيمة لهّ ،
بناء على خبراته الذاتية
تكوين التزامات نحو األيديولوجية األخالقية أو الدينيةً ،
بناء على خبرات والديه ...الخ (األشول 2008 ،؛ بلغيث ،د.ت).
وليس ً
ا
إن حل أزمة الهوية هو مؤشر نفسي على بلوغ الرشد .وقد اعتقد "مارشيا"
أن ح ال أزمة الهوية في مرحلة الرشد المبكر أكثر تعقيداً مما
1980( Marciaم)ّ ،
وصفه "أريكسون".
وفي هذا الصدد اقترح "مارشيا" عاملين لهما الدور الحاسم في وجود أزمة
الهوية للراشدين :أولهما :وجود أزمة شخصية لدى الراشد في مجال معين مثل
المهنة أو الدين أو السياسة ،وثانيهما :وجود درجة من االلتزام الشخصي لدى
124
صنف "مارشيا" طرائق ح ّل أزمة
الراشد بالمسائل الخالفية في هذه المجاالت .لقد ّ
الهوية إلى أربع فئات رئيسة أسماها "مكانات الهوية" وهذه الفئات هي:
identity إحراز الهوية ،identity achievementورهن الهوية
،foreclosureوتأجيل الهوية ،identity moratoriumوخلط الهوية
:identity diffusion
-1إحراز الهوية
أصحاب هذه المكانة من الراشدين هم أولئك الذين تعرضوا ألزمات شخصية
في واحد أو أكثر من مجاالت الحياة االجتماعية؛ كالمهنة ،أو الزواج ،أو الدين،
شخصي فيه التزام بموقف معين ،قد يتفق أو
ٍّ السياسة ...إلخ ،وتوصلوا إلى قرار
مثال) ووجهات نظرهم ،وهؤالء
المهمين (الوالدين ً
ّ يختلف مع رغبات اآلخرين
يتسمون بتقدير عال للذات ،واستقالل نفسي ،واستدالل خلقي من مستوى رفيع،
وقلق منخفض.
-2رهن الهوية
وأصحاب هذه المكانة هم عكس الفئة السابقة ألنهم ال يتعرضون ألزمات
شخصية ،ولكن مع ذلك يكون لديهم أسلوب حياة واضح وق اررات قيمية محددة،
المهمين وآرائهم "الوالدين أو القادة أو
ّ وهؤالء في العادة يستسلمون لرغبات اآلخرين
إما بسبب الضغوط االنفعالية أو االقتصادية ،أو الخوف من الرفض ،أو غيرهم"ّ ،
الشعور بعدم الكفاية ،أو نقص القدرة ،ويتسم هؤالء بدرجة عالية من الجمود
والتصلب والخضوع للسلطة.
كما ا
أن أسلوبهم في التعامل مع اآلخرين فيه درجة عالية من التسلط ،وهم
أكثر تقليدية في االستدالل الخلقي ،ويعوزهم االستبصار بأنفسهم ،ومن هنا جاء
وصفهم بأنهم "رهنوا "هويتهم لدى اآلخرين ،كما يرهن المحتاج بعض ما يملك لدى
125
شخص قادر على السداد ،وحين يأتي ذلك الوقت قد يغير بعض "التزاماته" السابقة،
فيغير عمله أو تفشل حياته الزوجية.
-3تأجيل الهوية
اضحا على االلتزام ،ومع
دليال و ً
وهذه الفئة تشمل أولئك الذين ال يظهرون ً
ذلك فهم غير قادرين على اتخاذ ق اررات حول حياتهم بسبب ما يتعرضون له من
أزمات شخصية في عدد من المجاالت االجتماعية ،وهم يكافحون للوصول إلى
درجة من اإلدراك الواضح لهويتهم.
هم يشبهون فئة إحراز الهويةّ ،إال ّأنهم -بسبب عدم التزامهم بموقف محدد-
رضا
وكثير من المسايرة لآلخرين ،كما أنهم أقل ً
اً يظهرون درجة عالية من القلق
استعدادا لتغيير تعليمهم أو مهنتهم ،وقد تنهار حياتهم األسرية
ً بإنجازهم ،وأكثر
ألتفه األسباب.
-4خلط الهوية
وأصحاب هذه المكانة يتفقون مع من هم في الفئة السابقة في أنهم ليس لديهم
التزام برأي واضح أو موقف محدد إزاء القضايا الخالفية في الحياة االجتماعيةّ ،إال
أنهم يختلفون عنهم في أنهم ال يعانون من أزمات شخصية في مجاالت هوية
معا ،وفي وقت واحد ،ولهذا فهم أقل
الحياة ،فهم فئة (الالّ التزام) و(الالّ أزمة) ً
ارت حاسمة ومواقف واضحة في مسائل الحياةالفئات قدرةً على الوصول إلى قر ا
أن درجاتهم تكون منخفضة في
تقدير ألنفسهم ،كما ّ
اً المختلفة ،وهم أقل الناس
االستقاللية النفسية واأللفة باآلخرين.
أضف إلى ذلك ،إ ان مستوى القلق لديهم أعلى من الجميع ،ولهذا فهم ال
يزالون بهذه الخصائص جميعاً في طور ما قبل الرشد النفسي ،حتى ولو وصلوا إلى
العمر القانوني له (. (http://psycho.sudanforums.net
126
-6تأجيل الرشد المبكر
يقصد بتأجيل الرشد " ،moratoriumتأخر الوصول إلى مرحلة الرشد ،مع
بقاء بعض مظاهر المراهقة مالزمة للفرد ،وهو مرض اجتماعي ناتج عن الثورة
الصناعية ،وتعقد الحياة في المدينة" .وهناك عاملين يؤثران في تأخر بداية الرشد:
-العامل األول :ازدياد اعتمادية الفرد على اآلخرين وعدم استقالليته.
-العامل الثاني :تأخر التخرج من الجامعة الذي يطيل فترة التعلم ويؤجل
انخراط الفرد في ميدان العمل ،ويطيل فترة اعتماد الشاب على أسرته ويؤخر من
استقالليته عنها ،األمر الذي يؤجل االستقاللية االقتصادية ،وبالتالي يؤدي إلى
تأجيل الزواج وتكوين األسرة .وهذان العامالن إن وجدا (االستقاللية االقتصادية،
وتكوين األسرة) يكون الفرد قد دخل مرحلة الرشد .انظر المخطط (.)2
127
ولذلك نستطيع أن نلخص أهم مظهرين لمشكالت الرشد والشباب في :البطالة
االقتصادية ،والبطالة الجنسية.
وتوجد سمتان لمرحلة الرشد المبكر ،األولى :هي المدى الواسع من الخيارات
والبدائل المتاحة من أساليب الحياة واألدوار االجتماعية ،بسبب النمو التكنولوجي
واالجتماعي ،والثانية :هي زيادة مسؤوليته الشخصية عن اختياره ،دون تدخل
مباشر من األسرة أو من تقاليد المجتمع؛ وازكاء روح صراع األجيال ،وهذا يؤدي
إلى إطالة فترة االختيار ،واتخاذ القرار بسبب عدم اكتمال وسائله النفسية والعقلية
والمادية ،مما يؤدي إلى تأجيل الرشد.
واذا طالت هذه الفترة أكثر مما يجب ،بسبب ظروف اجتماعية (عدم المقدرة
على العمل والزواج) ،أو ظروف اقتصادية (عدم وجود عمل والمغاالة في مطالب
إما إلى العزلة واالغتراب ،أو إلى العنف والتطرف
الزواج) ،فإن ذلك قد يؤدي ّ
أحياناً (رضا ،2002 ،ص.)40
128
الفصل السادس
تمهيد
تتقارب مصطلحات الرشد المتوسط ،middle adulthoodوالعمر األوسط،
والحياة الوسطى من حيث االستخدام اللغوي والتعبيري ،إذ إ ان "األوسط" من الناحية
اللغوية يأتي قبل وبعد أشياء معينة ،وبالتالي ا
فإن األفراد ذوي األعمار المتوسطة
ليسوا بصغار وال بكبار السن .وتمثّل مرحلة الرشد المتوسط ،الفترة بين ()60–40
عاماً ،وتع ّد فترة انخفاض النشاط الجسمي ،واتساع دائرة تحمل المسؤوليات.
أن اإلناث يملن إلى إدراك مرحلة وقد أظهرت البحوث والدراسات العديدة ّ
منتصف العمر ،في إطار ما يحدث من ظروف وتغيرات داخل األسرة ،بينما يدرك
المركز
الرجال منتصف العمر من خالل ما يحصل من تغيرات في مجال عملهم و ا
االجتماعية أو االقتصادية التي قد يحققونها (أبو أسعد ؛ الختاتنة.)2011 ،
أن مرحلة "الرشد المتوسط" تتميز بنوع من الثبات واالستقرار،
يرى الباحثون ّ
وتقبل الحياة ،والرغبة في تكوين عالقات اجتماعية ،والحاجة للعاطفة من الشريك،
ّ
كذلك يظهر فيها الشعور بضيق الوقت المتبقي في الحياة ،فيقوم الراشد بإعادة
تقويم وتعديل ألهدافه في الحياة.
129
-1نظريات النمو في مرحلة الرشد المتوسط
أوالً :نظريات النمو البيولوجي
يفسر العلماء التقدم في العمر بيولوجياً من خالل اتجاهين رئيسين ،هما:
ّ
أ .النظريات الجينية
أن التقدم في العمر هو نتاج النظـام الجينـي لخاليـا اإلنسان ،وهو
وهي ترى ّ
الذي يسبب تأخ اًر وضعفاً وتراجعاً في العمليات الجسمية والمعرفية مع تقدم العمر.
ومن أهم هذه النظريات نذكر:
-1نظرية الوراثة :ترى هذه النظرية أن العامل الوراثي للجنس البشري هو
الذي يحدد مدى طول حياة اإلنسان.
-2نظرية الخلية :وهي تربط عملية التقدم في العمر بمحدودية قدرة الخاليا
على التجدد مع التقدم في العمر حتى تصل إلى مرحلة التوقف عن التجدد.
-3نظرية الخطأ :وهي تفسر التقدم في العمر بسبب وجود أخطاء متراكمة
في إنتاج حمض (الريبونوكلييك) مما يؤثر في عملية إنتاج األنزيمات والبروتينات،
ويؤثر في مادة الحمض النووي ) ،)DNAويتلف وظائف الخاليا ،ويؤدي للوفاة.
ب .النظريات غير الجينية
أن التقدم في العمر يعود لألمراض وعوامل الحياة المختلفة ،وتؤ ّكد
وهي ترى ّ
أن تراكم أثر التلوث البيئي في دورة الحياة له دور كبير في تدهور القدرات المعرفية
ّ
والجسدية .ومن أهم هذه النظريات نظرية عدم االتزان النفسي التي تفسر التقدم في
العمر وفقدان الحيوية والنشاط في الجسم بسبب عدم التوازن النفسي للفرد.
130
ثانياً :نظريات النمو الجسمي
يصل النمو الجسمي لإلنسان إلى ذروة في مرحلة الرشد المبكرة ،ثم يبدأ
باالنحدار بصورة تدريجية في العقد الرابع من الحياة.
فعلى سبيل المثال ،يبدأ الطول في التناقص بصورة ضئيلة بين الخامسة
واألربعين والخمسين ،ويفقد الجلد بعضاً من مرونته ،مما ينتج عنه تجاعيد في
الوجه ،وارتخاء في أجزاء أخرى من الجسم ،وتق ّل تدريجياً القدرة على أداء مجهود
أما الجزء الوحيد الذي يستمر في النمو فهو الوجه والرأس ،ويستمر
جسمي شاقّ ،
ذلك إلى آخر العمر.
بأنهم أصبحوا أقل قدرة
ويشعر األفراد في منتصف العمر – وبصورة تدريجيةّ -
على مواجهة الضغوط الجسمية الشديدة ،كما يجدون صعوبة في مقاومة التغيرات
الجوية ،فال يستطيعوا – مثالً -تحمل البرد أو الحر ،وتزداد شكواهم من التقلصات
المعوية ،وتشيع األمراض السيكوسوماتية.psychosomatic 1
وبتقدم العمر – أيضاً -يحدث انخفاض ملحوظ في القدرة على التنفس ويشعر
أما القلب فيعمل
الفرد باإلجهاد السريع ،لمجرد ممارسته الجري أو صعود الدرجّ ،
بصورة أكبر إالً أنه بفعالية أقل.
النفس ،والثاني somaوتعني الجسد .ويدل على وجود عوامل نفسية وراء االضطرابات الجسدية .فهي
أمراض يكون سببها العمليات الذهنية بدالً من كونها ذات أسباب فسيولوجية "جسمية" .وتضم
االضطرابات النفسية الجسدية قائمة طويلة من األمراض التي تصيب وظائف أجهزة الجسم المختلفة ،من
أمثلتها ضغط الدم ،وأمراض القلب ،والسكر ،وبعض أمراض الجهاز الهضمي ،واألمراض الجلدية،
والصداع النصفي ،واألكزيما ،والقرحة ،والقولون العصبي ...إلخ.
ويهتم بذلك تخصص طبي هو "الطب النفسي الجسمي" ،وفي حالة إجراء فحص طبي ،ال يظهر لهذه
األمراض أي أسباب جسمية أو عضوية ،أو في حال حدوث مرض ناتج عن حالة عاطفية أو مزاجية
مثل :الغضب والقلق والكبت والشعور بالذنب ،في هذه الحالة ،تعد مثل هذه الحاالت أمراضاً نفسية
جسمية (الشربيني ،2001 ،ص 294؛ . https://ar.wikipedia.org
131
وتبدأ حالة االنتكاس التي تتضمن زيادة في الوزن ،وتظهر مشاكل السمنة
وتصلب الشرايين في أواخر مرحلة الرشد المتوسط.
إضافةً إلى ذلك ،تحدث تغيرات في الجهاز العصبي تؤثر بصورة خفيفة على
السلوك واإلدراك والذكاء ،إذ يق ّل وزن المخ بعد سن العشرين تدريجياً ،ثم بسرعة
أكبر في أواخر العمر.
وعلى الرغم من أنه يحدث تدهور تدريجي من قمة النضج -التي وصل
أن الفرد ال يجد ارتداداً فجائياً من
إليها الفرد في العشرينيات من عمره ،-إالّ ّ
إن كالًّ من عمليتي الهدم والبناء تحدث كذلك ،فمثالً الخاليا
النضج إلى التقهقر ،إذ ّ
العصبية ال تتضاعف بعد السنة األولى من الوالدة ،وبالتالي يتناقص عددها
تدريجياً.
إالا أانه بسبب الزيادة الهائلة في تلك الخاليا عادةً يكون هذا التناقص غير ملحوظ،
ويشبه ذلك التناقص الذي يحدث في طول جسم اإلنسان ،الذي يحدث بصورة ال
تكاد تالحظ في السنوات المتأخرة من الحياة .وتحدث أمراض الشرايين في سنوات
العمر الوسطى بصورة تدريجية أكثر مما تحدث بصورة فجائية (أبو أسعد ؛
الختاتنة ،2011 ،ص.)369-368
132
ثالثاً :نظريات النمو االجتماعي
تسير التغيرات االجتماعية في مرحلة الرشد المتوسط وفق جوانب عدةّ ،منها
(ع َزب ،celibateأو متزوج ،marriedأو
ما يرتبط بحالة الفرد االجتماعية كونه َ
أرمل ،widowerأو مطلق :)divorced
وبة إلى
-1الحالة االجتماعية في حالة العزوبة :لقد صنف "شتاين" فئة العز َ
أربعة أشكال ،هي:
أ .العزوبة االختيارية المؤقتة
تتضمن هذه الفئة البالغين الذين لم يسبق لهم الزواج وال يبحثون عن االرتباط
في وقتهم الراهن ،وكذلك األفراد الذين يؤجلون مشروع الزواج ليس لرفض فكرة
الزواج ،وانما ألسباب مؤقتة ،كما تشمل –أيضاً-األفراد األرامل والمطلقين الذين
يريدون الزواج ولكن بعد أن يتجاوزوا فترة زمنية معينة ،كذلك تتضمن الكبار في
السن الذين ال يبحثون عن الزواج ولكن إن التقوا بالشخص المناسب يتم الزواج.
ب .العزوبة االختيارية الدائمة
تتضمن األفراد الذين لم يسبق لهم الزواج ويرفضون فكرة الزواج مرة أخرى.
جـ .العزوبة غير االختيارية المؤقتة
وتضم مرحلة البلوغ المبكرة ،ومن لم يسبق لهم الزواج ،واألرامل والمطلقين
الذين يبحثون عن شريك لالرتباط به.
د .العزوبة غير االختيارية الدائمة
وتشمل األفراد الذين لم يسبق لهم الزواج والمطلقين واألرامل الـذين يريدون
الزواج ولكن لم يجدوا الشريك المناسب وأصبح لديهم تقبل لوضع العزوبة ،كما
تتضمن األفراد غير األسوياء عقلياً أو بدنياً .ولحالة العزوبة إيجابيات وسلبيات كما
أشار لها "فيليب رايس" (2002م):
133
سلبيات حياة العزوبة إيجابيات حياة العزوبة
-1الوحدة وقلة المشاركة. -1الحرية في التحكم في الحياة.
-2صعوبة الحياة االقتصادية. -2فرصة أكبر لنمو الذات.
-3الشعور بعدم االنتماء خاصة في -3فرصة أكبر لتغيير المهنة واتساع
المناسبات االجتماعية. الخبرة.
-4عدم اإلنجاب. -4فرصة أكبر للقاء أفراد مختلفين
-5رفض المجتمع لحياة العزوبة مما وبناء صداقات متعددة.
يسبب كثير من المشاكل االجتماعية. -5االستقاللية االقتصادية والكفاية
الذاتية.
134
يعد الطالق ،divorceفي مرحلة
-3الحالة االجتماعية في حالة الطالقّ :
ألنه يحدث عادةً بعد مرور سنوات على
وتقبالًّ ،
أواسط العمر أكثر صعوبة ّ
االرتباط.
إن تجربة وفاة أحد الزوجين في -4الحالة االجتماعية في حالة األرملّ :
مرحلة أواسط العمر هي من أشد الخبرات تأثي اًر ،فالذي يبقى على قيد الحياة منهم
يعاني الكثير من األزمات النفسية والجسدية واالقتصادية واالجتماعية ،وللتغلب
على هذه المصاعب يجب أن يبحث الفرد عن األلفة في العالقات وغالباً ،ما تكون
المرأة أقدر من الرجل في مواجهة األزمة.
كما يشير "سبارك باول" 2003( Spark Paulم) ،ألهمية مفهوم الذات في
عملية النمو االجتماعي في مرحلة الرشد المتوسط ،ودوره في عملية التفاعل
أن تقييم الذات ،self-presentationيعمل على التحكم في
االجتماعي ،إذ يرى ّ
أن للذات عدة تصورات مرتبطة بمفهوم مخططاستجابات اآلخرين نحو الفرد ،و ّ
الذات ،self-schemaوهو البناء المعرفي للذات ،الذي يتكون من الخبرات
أهم
السابقة التي توجه وتنظم المعلومات المرتبطة بالذات (مبارك .)2003 ،ومن ّ
نظريات النمو االجتماعي في مرحلة الرشد المتوسط ،نظرية الرضا الزواجي لـ "بور"
،Burrونظرية فصول الحياة seasons of lifeلـ "ليفنسون" :levinson
أوالً -نظرية الرضا الزواجي لـ "بور"
أن السعادة الزوجية تكون في أعلى درجاتها في السنوات
يشير "بور" إلى ّ
األولى من الزواج ،ثم تهبط إلى أدنى درجاتها في السنوات الوسطى ،ثم تبدأ
أن السعادة الزوجية تبدأ بالهبوط بعد
بالصعود ثانية في السنوات الالحقة .ويرى ّ
والدة األطفال وفي أثناء سنوات نموهم ،ثم تبدأ بالتحسن عندما يكبرون ويبدؤون
بمغادرة المنزل (عسكر ،2009 ،ص .)18-17انظر الشكل ( )8يوضح أنموذج
منحني للرضا الزواجي كما تصوره "بور":
135
الشكل ( )8يوضح أنموذج "بور" للرضا الزواجي (عسكر ،2009 ،ص.)18
136
-2خصائص الرشد المتوسط
تلخص "هيرلوك" الخصائص العامة لمرحلة الرشد المتوسط في عدة نقاط
يمكن إيجازها على الشكل اآلتي:
تعد مرحلة الرشد المتوسط – بعد مرحلة الشيخوخة – أكثر مراحل النمو
أّ -
إفزاعاً لإلنسان .ويرجع هذا إلى ما يشيع عـن هذه المرحلة من أفكار سلبية ،وصور
نمطية غير مالئمة ،كنقصان الحيوية والنشاط الجـسمي والجنـسي ،وفقدان القدرة
على اإلنجاب ...الخ.
تعد مرحلة الرشد المتوسط ،فترة تخلي الفرد عن الخصائص الجسمية
بّ -
والسلوكية للرشد المبكر ،وبدء الدخول في مرحلة جديدة تظهر فيها خصائص
جسمية وسلوكية جديدة.
ومع هذه التغيرات يبدأ الراشد في تعلم أنماط سـلوكية ،ولعـب أدوار اجتماعية
مختلفة ،تتناسب مع خصائص هذه المرحلة العمرية.
تكيف مع التغيرات واألدوار المختلفة،
جـ -تتطلب مرحلة الرشد المتوسط إعادة ّ
ومن ذلك التكيف ،االقتراب من مرحلة التقاعد من العمل مثالً ،أو وفاة شريك
الحياة ،أو خلو البيت من األبناء بسبب الزواج أو السفر ...الخ.
تعد مرحلة الرشد المتوسط فترة اإلنجاز ،ففيها يصل اإلنسان إلى قمة
دّ -
األداء ،ويكون قد حصل قد اًر كافيـاً مـن الخبـرة ،والعالقات اإلنسانية ،مما يهيئ له
القدرة على الحكم الصحيح والتقييم الجيد للعالقات االجتماعية المختلفة (صادق،
وأبو حطب ،1995 ،ص.)503-501
137
-3نماذج النمو في مرحلة الرشد المتوسط
فسر تغيرات النمو في مرحلة الرشد المتوسط وفق نموذجين رئيسين هما:
ت ّ
األزمة المعيارية ،normative crisis modelزمن األحداث timing of event
:model
أن النمو في مرحلة أواسط العمر ،يرتبط بتوقيت ظهور يؤ ّكد "نيوغارتن" ّ
أن النمو قائم على نوعية استجابة الفرد تجاه
أحداث معينة في حياة الفرد .ويؤ ّكد ّ
األحداث المتوقعة ،normative influencesوغير المتوقعة no-normative
،influenceالتي يتعرض لها في أوقات معينة .فاألحداث المتوقعة ،تسبب القليل
من المشاكل ،إذ يكون لـدى الفـرد الوقت لالستعداد للحدث ،مما يجعل عملية
االنتقال للمرحلة أكثر سـهولة .بينما األحداث غير المتوقعة ،فهي األكثر ضغطاً
علـى الفـرد كالطالق أو الفصل من العمل ،إذ ال وقت لالستعداد للتحول ،وهذه
األحداث تعمل على تحوالت حرجة في الحياة.
138
-4أزمة منتصف العمر
إن نظرة الفرد السليمة إلى الواقع ،وعدم تهويله لألمور أو تحجيمه لها ،كلّها
ّ
عوامل مهمة تساعده في تحقيق السالم الداخلي مع النفس ،والسالم مع اآلخرين.
أن األزمات النفسية والصدمات االنفعالية أو أي اضطراب
ويؤ ّكد علماء النفس ّ
في عالقة الفرد مع اآلخرين ،من السهل أن تدفعه إلى الشعور بالضيق والتوتر
تعد ضغوطاً حياتية تؤثر في االتزان النفسي للفرد.
والقلق ،وهي في ذاتها ّ
فإن الفرد في مرحلة الرشد المتوسط ،حينما يتعرض لمثل هذه وعليه ّ
األزمات ،فإنه قد يستطيع مواجهتها بشكل إيجابي وفعاّل ،وقد ال يستطيع ،وهنا يقع
في أزمة منتصف العمر ،midlife crisisالتي تختلف في شدة تأثيرها من الفرد
آلخر ،وتختلف كذلك األمر باختالف الظروف ،والبيئة ،والطباع ...الخ.
ويرى عالم التحليل النفسي "جاكوز" 1965( Jaquesم)- ،وهو أول من
أن
صاغ مصطلح أزمة منتصف العمر من خالل تجاربه الشخصية على الفنانينّ -
1
أن
يمر بها الفرد ،مشي اًر إلى ّ
التطورية التي ّ
ّ أزمة منتصف العمر هي من األزمات
األفراد في منتصف العمر يواجهون مرحلة أزمة تتأثر بإدراكهم لنضجهم ،وللتغير
في إدراك اإلطار الزمني والعمري لحياتهم منذ الوالدة إلى الوقت المتبقي لهم
ليعيشوه .وهي تحدث استجابة لشعور الفرد بتهديد الموت أو بقرب الموت المحتوم
).)Shek, 1996, pp. 109
ويطلق على هذه األزمة أيضاً ،تسميات أخرى مثل :تحوالت وسط العمر
،midlife transitionوأزمة النضج ،crisis of maturationإالا ا
أن االستخدام
ألول هو األكثر شيوعاً (المفدى ،1995 ،ص 521؛ عسكر ،2009 ،ص.)5
ا ّ
األزمات التطورية :هي األزمات التي تكون جزءاً من دورة حياة الفرد التي يمكن التنبؤ بها (الكعبي، 1
140
1-4أعراض أزمة منتصف العمر
141
2-4االختالف في معاناة أزمة منتصف العمر
إن هناك عدة متغيرات ترتبط بأزمة منتصف العمر منها ،الحضارة ،فقد
ّ
أن بعض الحضارات ربما تكون أكثر حساسية لهذه
أشارت بعض الدراسات إلى ّ
أن
الظاهرة مقارنة بحضارات أخرى .فهناك (على سبيل المثال) أدلة تشير إلى ّ
األفراد في الحضارة اليابانية والهندية يعانون من أزمة منتصف العمر ،بينما تشيع
في الحضارات الغربية.
عدت أزمة منتصف العمر سابقاً
ومن التغيرات األخرى هو متغير النوع ،فقد ّ
على أنها أزمة أنثوية ،بسبب ارتباطها بسن اليأس أو انقطاع الحيض لدى النساء،
أن األـطباء أشاروا إلى وجود تغيرات طبية الباثولوجية لدى الرجال مشابهة لتلك
إالّ ّ
التي تالحظ لدى النساء ،وظهر ما يسمى بسن اليأس لدى الذكور ،مما دفع
الباحثين لدراسة هذه الظاهرة لدى الجنسين معاً.
أن الذكور واإلناث يختلفون في معاناتهم
وفي هذا الصدد يشير الباحثون إلى ّ
من أزمة منتصف العمر ،فهم يخبرون هذه األزمة بأسلوب مختلف كمياً وكيفياً في
آن واحد ،وذلك بسبب العوامل االجتماعية ،وظروف التنشئة االجتماعية ،واختالف
الدور االجتماعي ...فالعوامل التي تشكل شخصية الرجل تختلف عن تلك العوامل
التي تشكل شخصية المرأة (حافظ ،د.ت ،ص ،40-35الكعبي ،د.ت ،ص.)8-7
فبينما يعطي الرجل وزناً عالياً للعمل والمهنة التي يزاولها ،ومدى التوفيق الذي
يحالفه والطموحات والتوجهات التي يسعى إليها ،تعطي المرأة أهمية بالغة للشعور
والعاطفة واالستقرار األسري .لذا يمثل الخوف من الفشل بعد تحقيق النجاح،
والطموحات المهنية واالجتماعية ،وصراعات العمل أحد مالمح أزمة منتصف
العمر لدى الرجل.
أن أزمة الرجل تمون مرتكزة على التقويم للماضي ،بينما تتسم أزمة المرأة
كما ّ
بالتركيز على المستقبل والقلق من الموت.
142
أن أزمة منتصف العمر تبدو لدى اإلناث أكثر
كم أشارت بعض الدراسات إلى ّ
وهن يظهرن مستويات أعلى من االهتمام بمنتصف صعوبة وشدة من الذكورّ ،
العمر ومشكالت الشيخوخة مقارنة بالرجال.
وتمتاز أيضاً بمدى أكبر من ردود األفعال والحاجة إلى اآلخرين ،إذ تتفاعل
العوامل البيولوجية والنفسية واالجتماعية في تجسيد مالمح أزمة منتصف العمر
لدى المرأة ،فالتغير البيولوجي ،على سبيل المثال( ،حدوث بعض التغيرات
الهرمونية وانقطاع الطمث ،وبالتالي توقف الخصوبة) يشكل أزمة لدى المرأة،
مصحوبة باالكتئاب في بعض الحاالت.
أن التغيرات البيولوجية وحدها ال تكفي لحدوث
ولكن أوضحت دراسات كثيرة ّ
أن توقف
أزمة منتصف العمر لدى المرأة ،إذ تؤ ّكد إحدى الدراسات األمريكية ّ
الطمث ال يشكل أزمة حقيقية إالا عند حوالى ( )%4من النساء ،على ّأنه من
المتوقع أن تكون نسبة الشعور باالكتئاب وبأزمة منتصف العمر عالية في
المجتمعات التي يكون فيها لإلنجاب والتناسل قيمة كبيرة.
ومن جوانب أزمة منتصف العمر لدى المرأة –أيضاً -التغير االجتماعي وما
يتضمنه من أشكال التواصل والعالقات وأهمية الدور االجتماعي الذي تقوم به.
فضالَ عن أن هناك عدة عوامل تلعب دو اًر في التسريع بالدخول في هذه
األزمة عند كال الجنسين ،كالمخاوف الصحية ،والعالقات الزوجية غير المستقرة،
والتخلي عن القيم والمبادئ التي يؤمن بها الفرد ،أو فقدان شريك الحياة ،أو نتيجة
الخالفات مع األبناء ،أو بسبب ذهاب األبناء الذين بلغوا سن الرشد للعيش بعيداً
عن الوالدين ،أو بسبب المشكالت النفسية التي تتزايد في هذه السن ،خصوصاً فيما
يتعلق بأعراض االكتئاب والقلق والعزلة االجتماعية (سليم ،2002 ،ص-453
454؛ حافظ ،د.ت ،ص.)33
143
فلقد أوضحت عدة دراسات نفسية أن نسبة القلق ما بين سن ( )64 – 55سنة
تتزايد لتصل ضعف نسبة القلق في الفترة ما بين ( )34 – 25سنة.
ويبدو أن من أسباب زيادة القلق في هذه السن اإلحساس الزائد بالمسؤولية
واالستقاللية ،فضالً عن الضغوط التي تتراكم فيما يتعلق بالعمل واألسرة
والطموحات الشخصية ،واإلحباطات الناجمة عن تحقيق الذات.
أن أزمة النمو الرئيسة في مرحلة الرشد المتوسط تتمثل في
ويعتقد "أريكسون" ّ
خاصيتين ،هما :االمتداد االجتماعي ،الذي يعنى بتعميق المشاركة المجتمعية
وتكافؤ الفرص ،والتقوقع على الذات.
وتقارن "لوشان" Loshaanبين موقف المرأة والرجل في منتصف العمر ،إذ
أن المرأة أكثر قبوالً لهذه المرحلة ،كونها أكثر مرونة في التحدث والتعبير عن
ترى ّ
شعورها واإلفصاح عنها (عسكر.)2009 ،
144
تفترض نظرية "إدارة الذات" في منتصف العمر ،وجود ست قدرات إلدارة
الذات ،وهذه القدرات جميعها مترابطة ومتكاملة مع بعضها البعض ،وفيما يلي
عرض مختصر لهذه القدرات:
القدرة على ضمان الوظيفية المتعددة المصادر :ونعني بها القدرة على اكتساب
النشاطات ،والمحافظة عليها وتعزيزها بما يخدم الفرد في حياته ،وتحقيق مستوى
عال من الصحة النفسية.
المحافظة على التنوع في المصادر :كالوقت ،والجهد ،والطاقة ،وتكامل
الشخصية في أثناء التعامل مع األفراد ،وكذلك القدرة على تحقيق األهداف
الموضوعة من قبل الفرد سواء كانت إيجابية أم سلبية.
القدرة على المبادرة في كل أمور الحياة :أي قدرة الفرد في منتصف عمره على
تحفيز ذاته لتحقيق أهدافه واالستفادة من خبراته والتعاون مع اآلخرين وخدمتهم.
المحافظة على اإلطار اإليجابي للعقل :أي المحافظة على تعزيز المنظور
اإليجابي فيما يخص المستقبل لحياة الراشد في منتصف العمر بدالً من التركيز
على األهداف السلبية وخسارتها.
القدرة على الفاعلية :أي قدرة الفرد في منتصف عمره على أن يكون فعاالً فيما
يخص إدارة ذاته ،وخدمة مجتمعه ،وحصوله على حياة اجتماعية هادئة في ظل
تحقيق طموحاته والتغلب على مصاعب الحياة التي تعترضه.
القدرة على استثمار الموارد والسلوك اإليجابي :وهذا بدوره يؤدي إلى خدمة
المجتمع في جميع مستوياته ،ويحقق المنفعة االجتماعية (شاكر ،2016 ،ص156
؛ الهذلي ،2010 ،ص.)23
145
4-4نظريات أزمة منتصف العمر
بنية الحياة :life structureيقصد بـ (بنية الحياة) ،مجموعة المبادئ والقيم واالهتمامات لدى الفرد، 1
وتظهر األزمة عندما يشعر الفرد بقوة داخلية تقوده إلى تعديل أو تغيير هذه البنية جذرياً (المفدى،
،1995ص.)525
146
أن قمته في حدود األربعين، ا
وهذا التغير قد يستمر لثالث أو أربع سنوات ،إال ّ
أن أزمة منتصف العمر ال يمكن أن تحدث قبل سن ()38 وبالتالي يرى "ليفنسون" ّ
فإن عملية التغير تكون
أما عندما يصل الفرد إلى سن (ّ )45وليس بعد سن (ّ .)43
انتهت وتظهر بنية جديدة لحياة الفرد هي التي تشكل سلوكه (المفدى.)1995 ،
ثانياً -نظرية "كارل يونغ"
قدم العالم "كارل يونغ" 1961-1875( Carl Jungم) ،واحدة من المحاوالت
ّ
أن الهدف األساسي في مرحلة
المبكرة لتفسير ظاهرة أمة منتصف العمر ،وقد ذكر ّ
وسط العمر هو مواجهة الموت.
أن منتصف العمر هو مفتاح النزعة الفردية وقد ّادعت نظرية "يونغ" ّ
،individuationوهو عملية تحقيق الذات والوعي بالذات.
أن أزمة منتصف العمر هي جزء طبيعي من عملية النموويشير "يونغ" إلى ّ
والنضج .فاألفراد ال يحبون الوصول إلى مرحلة الشيخوخة بل ويقاومونها ،وفي
األربعينيات من أعمارهم يمرون بمرحلة مثير من الشك بالذات كنتيجة لرؤية
سنوات شبابهم الماضية وقرب وصولهم إلى نهاية أعمارهم.
وقد تثار األزمة أحياناً بالتحوالت التي يمر بها الفرد في مثل هذه السنوات مثل
موت أحد الوالدين ،أو البطالة ،أو إدراك ضغوط العمل ،أو قد تتولد لدى الفرد
رغبة بعمل تغيرات كبيرة في نواح جوهرية من الحياة مثل المهنة والحياة الزوجية
والمظهر البدني (الكعبي ،د.ت ،ص.)14
147
5-4تجاوز أزمة منتصف العمر
لقد حدد "توماي" ،أربعة واجبات رئيسة في مرحلة الرشد المتوسط تساعد الفرد
على تجاوز أزمة منتصف العمر ،وهي:
أ -تحقيق النجاح المهني :ليس من أجل المال فقط ،بل من أجل تحقيق الذات
واالحترام الشخصي.
ب -نجاح الحياة الزوجية :ال شك أن العالقات الزوجية الصحيحة واألطفال
من العوامل التي تترك إحساساً بالنجاح والرضا في هذه المرحلة.
إن من مطالب النمو في مرحلة منتصف العمر التوفيقج -التوافق مع الواقعّ :
بين األفكار واألهداف المرسومة ،وبين الواقع.
د -التغلب على رتابة الحياة :وقد يتم ذلك بنجاح إذا تمكن الفرد من العثور
على مصادر جديدة تسمح له بالتغيير والحرية دون أن تهدد إحساسه باألمن
النفسي واالقتصادي (سليم ،2002 ،ص453؛ بهية ولطيفة.)2011 ،
148
الفصل السابع
149
-1نظريات النمو المعرفي في مرحلة الرشد المتوسط
أهم نظريات النمو المعرفي في مرحلة الرشد المتوسط ،التي سيتم تناولها
من ّ
في هذا الفصل :نظرية (الذكاء السائل liquid intelligenceوالذكاء المتبلور
)crystallized intelligenceلـ "كاتل" ،ونظرية (الذاكرة طويلة المدى) ،ونظرية
"شايي".
"كاتل" هو صاحب نظرية الذكاء السائل والذكاء المتبلور ،ويرى أانه مع التقدم
في العمر وفي مرحلة الرشد المتوسط ينمو ويتطور الذكاء المتبلور ،بينما يتناقص
الذكاء السائل أو المنطق السائل.
ويقصد "بالذكاء السائل"" :القدرة على التفكير المنطقي والمجرد وحل
المشكالت ،بمعزل علة المعرفة المكتسبة ،فهو القدرة على تحليل المشكالت وتحديد
أنماطها والعالقات التي تستند إليها واستقرائها باستخدام المنطق.
بينما يقصد "بالذكاء المتبلور"" :القدرة على استخدام المهارات اللغوية
والمعلومات المتراكمة والمعرفة والخبرة ،وهو ال يعتمد على الوصول للمعلومات من
الذاكرة طويلة المدى .الذكاء المتبلور هو حصيلة اإلنجاز الفكري على مدى الحياة
من المفردات والمعارف العامة" .https://ar.wikipedia.org
تشير هذه النظرية إلى وجود ثالثة أنواع للذاكرة طويلة المدى ،وهي( :الذاكرة
اإلجرائية الخاصة بالمهارات العملية ،وذاكرة داللة األلفاظ ،والذاكرة العرضية
الخاصة بتخزين حدث معين في وقت ما ومكان ما) .إذ يتمكن األفراد في مرحلة
الرشد المتوسط من تفعيل الذاكرتين األولى والثانية (الذاكرة اإلجرائية وذاكرة داللة
األلفاظ) بفاعلية ،بينما الذاكرة العرضية بفاعلية أقل.
150
أن القدرة
وحول القدرة اإلبداعية في مرحلة الرشد المتوسط ،أثبتت الدراسات ّ
أن
اإلبداعية ترتبط بنوعية المجال الذي يتم فيه اإلبداع .وتشير نتائج هذه الدراسة ّ
ذروة اإلبداع في مرحلة الرشد المتوسط تكون في الفنون ،والعلوم اإلنسانية.
3-1نموذج "شايي"
151
إن األفراد الذين يتجنبون التفكير في الحاضر والماضي، البعد األولّ :
وينظرون للمستقبل على أنه تحقيق لآلمال والطموحات ،هؤالء عندما يدركون أن
حتمية الموت هي المستقبل ،سوف يصابون باالكتئاب.
إن األفراد الذين يشعرون بالذنب واإلحباط والقلق ،تكون
البعد الثانيّ :
مراجعتهم لحياتهم سلبية.
البعد الثالث :أما األفراد النرجسيين( 1الذين تتسم شخصياتهم بالغرور والتعالي
فإن
والتكبر على اآلخرين) ،فيمثل الموت لهم تهديداً ال يمكن التغلب عليه ،لذلك ّ
مراجعتهم للحياة تنتج اإلحباط الشديد (مبارك.)2003 ،
النرجسية :Narcissisticتعني حب النفس ،وهي اضطراب في الشخصية ،إذ تتميز بالغرور، 1
ولكن بعض الدراسات الطولية تعطينا نظرة أكثر تفاؤلية ،ففي دراسة أجراها
"أونز" على عينة من األفراد في سن ( )18سنة ،مطبقاً عليهم اختبا اًر للدخول إلى
الجامعة ،وبعد ( )28عاماً أجرى "أونز" عليهم نفس االختبار ،فتبين أن نتائج
األفراد في سن ( )50كانت أفضل مما حصلوا عليه في سن ( )18سنة ،مع
االحتفاظ باإلنجاز نفسه في سن ( ،)61ولكن مع تراجع بسيط في مادة
أن السرعة تتناقص مع التقدم في العمر ،ولكن ليس الرياضيات .ومن المعروف ّ
أن الراشدين يتفوقون في االختبارات التي تتطلب التفكير.
القوة الذهنية ،مما يعني ّ
وال يوجد صعوبات أمام تعلم الراشدين سوى في حالة إصابة الجهاز العصبي
باألمراض ،والدليل على ذلك التأهيل والتدريب المستمر الذي يخضع له الراشد من
أجل التكيف مع متطلبات التقدم االقتصادي والتكنولوجي (سليم.)2002 ،
153
ثانياً -النمو االنفعالي في مرحلة الرشد المتوسط
يرتبط النمو االنفعالي في مرحلة الرشد المتوسط بمدى شعور الفرد باألمن
واالستقرار العاطفي ،وكذلك بالقدرة على التعاطف مع اآلخرين واإلحساس بهم،
واقامة العالقات االجتماعية ،وبالتالي االستمتاع بالحياة والرضا عنها.
بأنه "عدم وجود العواطف السلبية المفرطة
ويمكن تعريف "األمن العاطفي" ّ
كالقلق والشك والخوف ...التي تشكل عائقاً أمام الفرد لكي يعيش حياته بشكل
عادي وطبيعي".
أما "االستقرار العاطفي" :فيقصد به "الثبات العاطفي ،وعدم تذبذب العاطفة
ّ
أما "القدرة على التعاطف مع باآلخرين" فيقصد بها" ،قدرة
وتغيرها بشكل مستمر"ّ .
الفرد على الشعور بالحب أو الكراهية ،وهي تتشكل من خالل االرتباطات وتبادل
يمر بها الفرد خالل مراحل حياته".
العواطف التي ّ
ويرتبط االستمتاع بالحياة في هذه المرحلة بإحساس الفرد ،وظروف حياته
ونظرته للمستقبل ،كما يرتبط بالوضع االجتماعي واالقتصادي والعالقات األسرية
ونمط الحياة ...الخ.
ويستجيب الراشد النفعاالته المختلفة بواسطة :تعبيرات الوجه ،واإليماءات،
واألفعال .وتقاس االنفعاالت ،باستخدام االختبارات أو المقابالت الشخصية (شعبان
؛ تيم.)1999 ،
154
-1نموذج "سترنبرج" في النمو االنفعالي
فسر عالم النفس األمريكي "روبرت سترنبرج" ،Robert Sternbergالنمو ي ّ
ب ،وأطلق عليها
االنفعالي في مرحلة الرشد ،من خالل نظريته التي ابتكرها عن الح ّ
الحب triangular
ّ الحب ،the dimensions of loveأو نظرية مثلث
ّ اسم أبعاد
.theory of love
1-1عناصر الحب
ب ،وفقاً لهذه النظرية ،من ثالثة عناصر رئيسة ،إذ إ ّن كل عنصر
يتكون الح ّ
منها يظهر جانباً مختلفاً من الحب ،وهذه العناصر هي:
أ -الشغف/العشق passion
وهو يمثّل الشعور الرومانسي القوي ،والشعور بالرغبة واالنجذاب الجنسي ،إذ
يشمل تلك األشكال من اإلثارة التي تؤدي إلى العشق في عالقة الحب.
ب -الحميمية/الرغبة intimacy
وهي تشير إلى شعور الدفء والقرب واأللفة في عالقة الحب ،وكذلك تشمل
االعتياد والتشابه في األفكار أو المبادئ أو المزاج العام أو الهدف من الحياة أو
األنشطة ...وغيرها.
جـ -االلتزام/القرار decision/commitment
يشير االلتزام/القرار -على المدى القصير -القرار الذي يتخذه الفرد بأن
أما على المدى الطويل ،فهو يشير إلى الحفاظيحب ويبقى مع الطرف اآلخرّ ،
على العالقة ،والى اإلنجازات المخطط لها مسبقاً التي تكون قد تحققت مع الفرد
اآلخر.
155
2-1أنواع العالقات في الحب
157
.2يزداد القلق وتكثر األوهام لدى الراشد في مرحلة أواسط العمر ،وذلك خوفاً
عامةً.
على فقدان العمل والتقاعد ،وكذلك خوفاً على صحة الجسم ّ
.3يكون التعبير االنفعالي في مرحلة أواسط العمر أسرع ،وأق ال هدوءاً عما هو
عليه في مرحلة الرشد المبكر.
.4يزداد الشعور بالضيق من االنتقادات التي قد يوجهها األفراد اآلخرين نحو
الراشدين في مرحلة الرشد المتوسط.
.5تزداد القدرة على إخفاء مظاهر الغضب عند الراشدين في مرحلة وسط
العمر أكثر ممن هم في مرحلة الرشد المبكر (السيد ،1997 ،ص 442؛
/https://ar.wikipedia.org/wiki
158
الفصل الثامن
مرحلة الشيخوخة
تمهيد
يعد "علم نفس الكبار" ،geropsychologyوالجوانب النفسية المصاحبة
ّ
المهمة التي استرعت -في السنوات األخيرة -
ّ للتقدم في العمر ،من الموضوعات
انتباه العلماء والباحثين في ميدان العلوم النفسية.
فمع بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر ،ظهر البحث العلمي
المنهجي والمنظم في مجال "علم نفس الكبار" ،وكذلك "علم الشيخوخة"
.1gerontology
توسع االهتمام بدراسة الشيخوخة مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين،
و ّ
تعد امتداداً
هذه المرحلة التي ال تق ّل أهمية عن بقية مراحل العمر األخرى ،ألنها ّ
لكنها مرحلة عمرية متميزة بخصائصها ،ومتفردة بمشكالتها ،تتشعب
طبيعياً لهاّ ،
بها معاناة المسنين بدنياً وأسرياً واجتماعياً وتتدنى قدراتهم األساسية في العمل
ومقاومة األمراض ،فهذه المرحلة تتضمن متغيرات نفسية جديرة بالبحث والدراسة.
وتتميز مرحلة الشيخوخة بمجموعة من المظاهر والتغيرات العضوية ،والحيوية
والوظيفية ،والنفسية ،واالجتماعية؛ من شأنها أن تحدث تغاي اًر في البناء الشخصي
عند المسنين ،كونها تؤثر في وظائفهم النفسية والعقلية واالجتماعية.
فإذا كانت الطفولة ،هي مرحلة تطور في المظاهر البيولوجية والنفسية
فإن الشيخوخة هي مرحلة تدهور وضعف وانحدار مستمر في القدرات واالجتماعيةّ ،
الوظيفية والبدنية والعقلية .واذا كانت المراهقة والشباب مرحلة نمو العاطفة والنضج،
1علم الشيخوخة :Gerontologyيهتم علم الشيخوخة بالدراسة العلمية للشيخوخة ،الموضوع الذي تناوله
الباحثون بالتركيز على تدهور وفقدان العمليات والوظائف المرتبطة بالتقدم في العمر )شاذلي.)2001 ،
159
فإن التقدم في العمر ،هو وقت عدم االستقرار النفسي نسبياً ،والنظرة السلبية للذات،
والشعور بالنقص ،وقلاة الكفاية ،واالنسحاب االجتماعي واالنطواء على الذات،
وخفض الدافعية ...الخ .وما كان يقبله الفرد في طفولته شبابه ،قد ينبذه في
شيخوخته ،وما كان يستهويه ويجذبه من مدركات حسية في صغره ،قد يتخلى عنه
إن هذه التغيرات تؤثر بصورة مباشرة على وتيرة ونوعية الحياة اليومية
في كبرهّ .
للمسن واألسرة التي يعيش فيها.
بأنها ليست مجرد عملية بيولوجية،
ويصف بعض المختصين الشيخوخةّ ،
تظهر أثارها في التغيرات الفسيولوجية للفرد حين يصل إلى مرحلة متقدمة من
العمر ،وانما كذلك هي ظاهرة اجتماعية ،تتمثّل في موقف المجتمع من الفرد،
حينما يصل إلى مرحلة ما من مراحل التقدم في العمر.
أن "الشيخوخة" ،هي أمر مبرمج ،وذلك لعالقتها بالحمض
توصل العلماء إلى ّ
و ّ
النووي ) ،)DNAإذ توصلوا إلى اكتشاف العالقة بين شيخوخة الخاليا ،وتناقص
طول الصبغيات الخلوية (الكروموزومات) مع التقدم في العمر.
أن الصبغيات تتناقص في طولها ،وتفقد جزءاً من المادة الوراثية
واتضح ّ
الموجودة على طرفي الصبغي ،ويتم ذلك بشكل مبرمج ومنتظم خالل عملية
تضاعف المادة الوراثية التي تسبق انقسام الخلية ،فينقص الصبغي من طوله ما
يعادل ( )100-50جزئ من طرفيه في كل مرة يتضاعف فيها الحمض النووي أو
المادة الوراثية.
أن الخاليا مع تقدم العمر ،ونتيجة لعملية التقصير في الحمض
ومن المعتقد ّ
سمى "بالموت المبرمج للخلية" (خليفة فضالي،
النووي ،تشيخ وتموت ،وهذا ما ي ّ
1997؛ عالء الدين ،1999 ،ص.)2
160
-1دراسة مرحلة الشيخوخة
لقد شغلت ظاهرة التقدم في العمر ،فكر اإلنسان منذ زمن بعيد ،إذ كان
أن حياته ال نهاية لها ،إذا لم تتدخل فيها عوامل خارجيةاإلنسان البدائي يعتقد ّ
(الحوادث مثالً) ،فتضع حداً لها.
وتزخر األساطير واآلداب العالمية بالكثير من اللوحات األدبية التي تصور
الشيخوخة بكل آالمها وعجزها وما تثيره في نفوس أصحابها من م اررة وشعور
بالعزلة.
ومن أمثلة اآلداب العالمية التي تعرضت لموضوع الشيخوخة ،تلك الصورة
والمعاناة اإلنسانية التي عرضتها الكاتبة الفرنسية "سيمون دى بوفوار" Simon de
1986-1908( Beouviorم) ،في كتابها الشيخوخة ،وتضمنت بعض اإلشارات
العميقة عند اقترابها من سن الشيخوخة ،وتناولت مشكالت الشيخوخة وموقف
المجتمع غير العادل حيال الكهولة ،وكيف أن اإلنسان -نتيجة للشيخوخة -يكون
مهمالً ،وال دور له سوى انتظار الموت (خليفة فضالي ،1997 ،ص.)3
وكذلك نجد "وليم شكسبير" 1616-1564( William Shakespeareم)،
يجمع ماال يقل عن ( )132كتاباً من كتب التراث ويحلل ما جاء فيها من تصورات
الناس عن فئة المسنين ،وانتهى من تحليله إلى وصف مرحلة الشيخوخة بأنها
مرحلة الطفولة الثانية ،second childhoodالتي تهن فيها العظام ،ويخبو فيها
العقل (شاذلى ،2001 ،ص.)8
بأن
وفي العصور القديمة ،في بابل وآشور ومصر ،كان االعتقاد سائداً ّ
الشيخوخة والموت هي أمر ال مفر منه ،فكان القدماء المصريون يفخرون بطول
العمر وبالتماسك األسري ،ويكنّون المحبة واالحترام والتقدير للمسنين من اآلباء
161
واألجداد ،وكان االتجاه السائد نحوهم من جانب أفراد األسرة واألقارب مبنياً على
الحب واإلخالص ،وبخاصة إذا ما كان كبير السن له حياة مشرفة ويتصف
بالحكمة.
وتع ّد اتجاهات اإلغريق نحو المسنين مشتقة في جزء منها من قدماء
أن
المصريين .وقد اعتقد "جالينوس" (200 -130م) ،الطبيب والكاتب اليونانيّ ،
التقدم في العمر شيء يتوسط ما بين المرض والصحة ،وأن الوقاية ،وليس العالج،
هي المنهج الطبي للتعامل مع كبر السن ،وقد جذب االنتباه إلى أهمية التمرينات
الرياضية والتغذية والنوم والنشاط المستمر لكبار السن.
أن "هيبوقراط" 377-460( Hippocratesق.م) ،وهو أشهر األطباء
كما ّ
األقدمين ،بحث في أمراض الشيخوخة ،وقدم إسهامات عظيمة في فهم الظروف
الصحية في مرحلة التقدم في العمر .فقدم أوصافاً ألنواع األغذية المالئمة
للمسنين ،ونصح باالعتدال في الغذاء ،وأوصى كذلك األمر بالتمرينات البدنية
بهدف التعمير ،ووصف عدداً من أمراض الشيخوخة ،إذ تضمنت سجالته أمراضاً
وقدم أنواعاً من العالج
مثل فقد السمع ،والتهاب المفاصل ،واألرق ،والمياه الزرقاءّ ،
لهذه األمراض.
وتوصل "هيبوقراط" إلى العديد من االستنتاجات ،ومنها أن المسن ال يجب أن
يتوقف عن العمل ،ألنه يعطيه إحساساً بقيمته ،وبأن المجتمع ما زال في حاجة
إليه ،األمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على صحته الجسمية والنفسية معاً (معمرية
؛ خزار ،2009 ،ص 75؛ رزيقة ،2012 ،ص)38
ويشير "أفالطون" 427-347( Platoق.م) ،إلى بعض مظاهر التقدم في
العمر ،التي من بينها ثبات خصائص موجودة منذ المراحل المبكرة ،كما أشار إلى
أن اإلنسان المتوافق في الحياة يستطيع أن يواجه مشكالت كبر السن بشكل
ّ
162
معقول ،في حين أن اإلنسان الذي ينقصه هذا االستعداد سوف ال يحقق توافقاً في
كبره مثلما واجهه في سنوات عمره المبكرة.
أما "أرسطو" 322 -384( Aristotleق.م) ،فتختلف وجهة نظره عن وجهة
نظر سلفه "أفالطون" ذات االتجاه اإليجابي نسبياً نحو التقدم في العمر ،فهو يلصق
خصائص سلبية بالمسنين ،وكان أسلوبه يقوم على أساس مقارنة قدرات الشباب
بقدرات المسنين .ومع هذا فإن وجهة نظر "أرسطو" عن التقدم في العمر لم تكن
أن اإلنسان عندما يكون في حالة صحية ومالية سلبية بالمطلق ،إذ يشير إلى ّ
جيدة ،فإنه يمكنه أن يتمتع بحياته عندما تح ّل به الشيخوخة تدريجياً (شاذلى،
،2001ص.)5
ويعد المشرع الروماني المشهور "شيشرون" 106-34( Ciceronق.م)،
ّ
الذي عاش في القرن األول قبل ميالد المسيح ،أول من اهتم بالخصائص السلوكية
للمسنين واألعمال المناسبة لهم .وقد أدرك أنه من الممكن مقاومة التقدم في العمر
من خالل ممارسة الرياضة ،والغذاء السليم ،وتدريب النشاط الذهني والعقلي ،إذ
كان تركيز "شيشرون" على النشاط الذهني والمران في مراحل العمر المتقدمة ،يمثل
وجهة نظر حديثة في ذلك المجال.
والمسلمون فطنوا -منذ أكثر من ألف عام -إلى أهمية دراسة أسباب التقدم
في العمر وأمراض الشيخوخة ،إذ نجد كتاب (المعمرون والوصايا) لـ "أبو حاتم
السجستاني" 1سنة (846م).
اهتم بها "حنين بن اسحق" فسماها (طب المشيخة) ،وأطلق عليها "أبو
كما ّ
بكر الرازي"923-864( Al-Razi 1م) ،و"ابن سينا"-980( Avicenna 2
1037م) ،اسم (تدبير المشايخ).
أبو حاتم السجستاني (862- 776م) ،مقرئ نحوي لغوي عاش في البصرة (الغباني.)1989 ، 1
163
ويعتقد أن أول كتاب نشر باإلنكليزية عن الشيخوخة كان قد صدر عام
(1724م) ،وهو بعنوان (الرعاية الطبية لكبار السن) لمؤلفه "فلوير" Floyer
(1734-1649م).
كما صدر أول كتاب أمريكي عن الشيخوخة في نفس العام تحت عنوان
(وصف حالة الجسم والعقل في مرحلة الشيخوخة) لمؤلفه "راش" الذي اهتم
باألمراض العقلية للمسنين.
ومنذ العام (1860م) ،بدأ االهتمام بمراحل الشيخوخة ،عندما نشر "فلورنس"
كتابه حول الشيخوخة البشرية وتوزيعها السكاني على سطح الكرة األرضية ،وقسم
الشيخوخة إلى مرحلتين متمايزتين ،تبدأ األولى من سن ( )70سنة ،وتبدأ الثانية
من سن ( )85سنة.
تطور االهتمام بعد ذلك إلى دراسة المشكالت االجتماعية التي تصاحب
ثم ّ
حياة المسنين ،وقد تناول ذلك "بوث" Boothسنة (1894م) ،في كتابه (المسنون
في إنغالند وويلز).
اهتم
ويعد كتاب "هول" ( Hallالشيخوخة :النصف اآلخر من الحياة) ،الذي ّ
بسن التقاعد ،البداية الحقيقية للدراسات البيولوجية النفسية الخاصة بالكبار .وكان
لهذا االتجاه أثره على األوربيين فنشأت حلقات الدراسة الخاصة بعلم نفس الكبار
ابتداء من عام (1933م) (فضالي ،1997 ،ص 4-3؛ شاذلى.)2001 ،
ً
أبو بكر الرازي 923-864( al -Raziم) ،هو عالم وطبيب فارسي ،وصفته "زجريد هونكه" في 1
كتابها شمس اهلل تسطع على الغرب "أعظم أطباء اإلنسانية على اإلطالق" ،إذ ألّف كتاب (الحاوي في
حتى عام 925م الطب) ،الذي كان يضم كل المعارف الطبية منذ أيام اإلغريق
https://ar.wikipedia.org
ابن سينا 1037-980( Avicennaم) ،هو من أشهر العلماء واألطباء المسلمين ،ولقد قام بكتابة 2
الكثير من الكتب قد تجاوزت ما يقارب 200كتاباً .وكان أشهر كتاب يحمل عنوان (القانون في الطب)،
هذا وقد أطلق عليه الغرب لقب (أمير األطباء) ./http://mawdoo3.com
164
كما كان للنشاط المبكر في مجال علم النفس الذي قام به "ماكي" أثر كبير في
يعد أيضاً من األعمال
دراسة الشيخوخة ،إذ استفاد من دراسته "كاودري" ،وهو ّ
المبكرة للتعريف بالنواحي البيولوجية والطبية للشيخوخة.
وقد استخدم ألول مرة مصطلح "علم الشيخوخة" ،للداللة على الدراسات العلمية
لكنه لم يقدم تعريفاً لمرحلة لشيخوخة ،بل قدم تعبي اًر مالئماً إذ
لظاهرة الشيخوخةّ .
تمر بسلسلة من التغيرات التي تتميز بالنمو
أن كل الكائنات الحية تقريباً ّ
قال" :بما ّ
فإن الشيخوخة تمثل مشكلة بيولوجية رئيسة".
والتطور والنضج وأخي اًر الشيخوخةّ ،
وتبع ذلك دراسة مشكالت التكيف والتوافق االجتماعي للمسنين ،التي قامت
بها لجنة من الجمعية األمريكية للعلوم االجتماعية سنة (1943م) ،ونشرت نتائج
بحوث هذه اللجنة في كتاب لـ "بوالك" ،Pollakحول التوافق االجتماعي للمسنين
(السباسيسي ،1983 ،ص.)3
ويشير "وارنر شايي" 1970( W. Schaieم) ،وهو أحد علماء النفس
أن كثي اًر علماء النفس يهتمون باألطفال ،وليس
البارزين في علم نفس النمو ،إلى ّ
بقضايا النمو اإلنساني .فمعظم الدراسات والمؤلفات التي تناولت علم نفس النمو ،ال
تتعدى االهتمام بمرحلتي الطفولة والمراهقة.
إالا ّأنه بعد الحرب العالمية الثانية بدأ االهتمام بمراحل النمو ما بعد المراهقة،
فتطور البحث إلى وجهته النفسية
ّ وبدأت الدراسات حول الشيخوخة تزيد بسرعة
الصحيحة ،وذلك عندما بدأت جامعة (كمبردج) بدراسة مظاهر التغير في األداء
اإلنساني من الرشد إلى سن ( )80سنة ،وذلك في الفترة بين (1956 - 1946م).
كما حظيت الشيخوخة في النصف الثاني من القرن العشرين ،باهتمام واضح
من قبل الباحثين والمفكرين ،وتجلّى ذلك في زيادة عدد المقاالت والمجالت العلمية
والمهنية التي تعالج موضوع الشيخوخة ،وكانت أول دورية تصدر في الواليات
165
المتحدة عام (1945م) ،هي "مجلة علم الشيخوخة" journal of gerontology
عن جمعية الشيوخ في الواليات المتحدة األمريكية.
وفي أوربا صدرت مجلة عن المسنين عام (1956م) ،ثم أنشئت مجالت
دورية عنهم .وتوالى إجراء البحوث واصدار الكتب عن مرحلة الشيخوخة ،مثل
كتاب (الشيخوخة والسلوك) لـ "بوتواينك" (1973م) ،وكتاب (الشيخوخة في
الثمانينات :قضايا نفسية) لـ "بون" (1980م).
كما نشأت الحاجة إلى "علم الشيخوخة االجتماعي" ،social gerontology
أن األساليب والنظريات البيولوجية لم تعد كافية وحدها
انطالقاً من مسلمة مؤداهاّ ،
لفهم طبيعة وخصائص هذه المرحلة .فاألمر بحاجة إلى تكوين أساس علمي منظم
ترتكز عليه الدراسات االجتماعية والنفسية لظاهرة التقدم في العمر (خليفة فضالي،
،1997ص 3؛ معمرية ؛ خزار ،2009 ،ص.)76
بمراجعة الدراسات التي أجريت في نطاق علم نفس النمو ،نجد أن دراسة
مرحلة الطفولة والمراهقة والرشد ،لها عمر يناهز المئة سنة ،بينما دراسة مرحلة
الشيخوخة فقد بدأت بشكل بطيء في بداية الخمسينات من القرن العشرين ،التي
بدأها "أوين" (1953م) ،بدراسة حول القدرات العقلية لدى المسنين ،ثم قام "دوبلت
وواالس" بتقنين مقياس "وكسلر" للذكاء على كبار السن سنة (1955م) ،وبعدها بدأ
تقنين المقاييس النفسية على المسنين واستخراج معاييرها ودالالتها اإلكلينيكية ،كما
في دراسة "ريتان" التي طبق فيها اختبار توصيل الدوائر ،trail aking testعلى
يعد هذا
عينات من كبار السن ،للكشف عن وجود تلف عضوي في المخ .إذ ّ
االختبار أحد االختبارات المستخدمة في مجال تحديد اإلصابة العضوية بالمخ من
يعد مؤش اًر جيداً للقدرة العقلية العامة.
خالل العديد من الوظائف التي يقيسها ،كما ّ
166
وتطورت هذه الدراسات بسرعة كبيرة ،إذ أصبح من الصعب أن نجد كتاباً في
علم نفس النمو يخلو من فصل عن علم نفس المسنين .كما تناول "سيمون"
األعراض العصابية وسوء تناول العقاقير ،والجريمة ،واضطرابات الشخصية
واضطرابات المخ العضوية عند كبار السن ،بينما تناول "ستباك" مشكلة االكتئاب
وزيادته مع االنتحار عند المسنين .كذلك تناول "توماي" بناء الشخصية ومتغيراتها
ودور هذه المتغيرات في الحصول على توافق المسنين.
وفي عام (1980م) ،نشر "واغ وآخرون" مقالة حول الذاكرة لدى كبار السن.
وهكذا أصبحت مرحلة الشيخوخة ،مرحلة أساسية من مراحل النمو التي يهتم
بدراستها علم نفس النمو ،غير أن المنهج الوصفي كان غالباً على هذه الدراسات،
فقد اكتفت بوصف الظاهرة وما يط أر عليها من تطور مع تقدم العمر الزمني ،بغض
النظر عن الشروط األخرى المسؤولة عن تطور هذه الظاهرة.
ومن هذه الدراسات ما ركز على وصف التدهور في قدرات وسلوكيات كبير
السن ،مثل انخفاض منحى القدرة اإلبداعية بدءاً من سن ( )40-35سنة وبشكل
مستمر مع تقدم العمر ،كذلك يرتفع مستوى معدل االكتئاب واالنتحار مع زيادة
التصلب وصعوبة تعديل االتجاه ،كل هذا يرتفع مع زيادة العمر الزمني .كما
ينخفض النشاط عامة عند المسنين وبشكل تدريجي كما أوضح ذلك "هافيجرست".
وهناك ما أسماه بعض الباحثين "بعصاب الشيخوخة" ،وما يصاحبه من
ضجر ،وملل ،وعادةّ تظهر أعراض يطلق عليها "ذهان الشيخوخة" كتدهور القدرات
العقلية ،والوظائف الوجدانية (كما في البكاء وتقلب االنفعاالت) ،واالنحرافات
السلوكية (كاالغتصاب) ،وتزداد هذه األعراض مع زيادة تصلب الشرايين ،والشعور
الزائد بالذنب والميل إلى الجريمة ...وغيرها (الشيخ.)1993 ،
167
-2الشيخوخة السكانية
يمثّل االهتمام بقضايا المسنين مؤش اًر لتقدم األمم ،وهذا االهتمام ليس وليد
المصادفة ،واّنما يرجع للعديد من العوامل ،منها أن هذه الفئة أصبحت ذات تأثير
على التركيب السكاني للمجتمعات ،إذ تد ّل جميع المؤشرات اإلحصائية على تزايد
أعداد السكان من كبار السن بشكل مستمر في كل من الدول المتقدمة والنامية،
وذلك ألسباب مختلفة ،منها انخفاض المواليد وانخفاض نسبة الوفيات على المستوى
العالمي ،وتقدم وسائل المعيشة الحديثة ،وارتفاع مستوى الخدمات الصحية والطبية،
واالهتمام بالصحة العامة في جميع نواحيها الوقائية والعالجية ،وكذلك التطور في
مجال الطب والصيدلة لمواجهة األمراض المميتة ،وارتفاع درجة الوعي الصحي
لدى شعوب العالم ...الخ.
إذ يشهد القرن الحادي والعشرين ظاهرة "الشيخوخة السكانية" population
تعد ظاهرة عالمية ،يتعذر
،agingأو ثورة الشيخوخة ،aging revolutionالتي ّ
تجنبها ،فهي ظاهرة تؤثر في المجتمع وتعمل على تغييره وفق مستويات عديدة
وطرائق معقدة.
بأنها" :زيادة في نسبة كبار السن في العالم
ويمكن تعريف الشيخوخة السكانية ّ
بسبب نقص اإلخصاب ومعدالت اإلنجاب ،وزيادة متوسطات األعمار من حوالى
( )46سنة إلى حوالى ( )68سنة".
ومنذ عام (1956م)ّ ،بين علماء السكان في األمم المتحدة الصلة بين
استم اررية انخفاض معدل المواليد وشيخوخة المجتمعات ،وكانت فرنسا الرائدة في
ألنها كانت أول دولة انخفض فيها معدل المواليد منذ نهاية القرن
هذا المجالّ ،
الثامن عشر.
ومن الممكن أن يكون هناك زيادة في عدد كبار السن في مجتمع ما بدون أن
تكون هناك شيخوخة به ،وذلك إذا كان المجموع الكلي للسكان في هذا المجتمع
168
يتزايد بسرعة أكبر من الزيادة في نسبة كبار السن .مثال الصين التي تع ّد من
الدول في مقتبل العمر على الرغم من وجود ( )50- 40مليون مسناً فيها (بالت،
د.ت ،ص 44؛ مرسي ،2006 ،ص 19؛ تشان.)2012 ،
أن
وقد أشار مؤتمر األمم المتحدة الذي عقد عام (1982م) ،في فيينا ،إلى ّ
العالم سيشهد تضاعفاً في أعداد المسنين خالل األربعين عاماً القادمة ،وسوف
يؤدي ذلك إلى مشكلة االنفجار السكاني في سن الشيخوخة.
كما أنه توجد عالقة بين تشيخ السكان ،والتنمية االجتماعية واالقتصادية
للمجتمع ،إذ تحدث ظاهرة "الشيخوخة السكانية" بوتيرة أسرع وأكبر في البلدان
المتقدمة منها في البلدان النامية والمنخفضة الدخل ،وذلك بسبب التقدم العلمي
والتقني وتحسين الرعاية االجتماعية والصحية والنفسية ،والتقدم في عالج األمراض
في هذه المجتمعات خالل النصف األخير من القرن العشرين.
تطور البلدان يتجاوز عدد أكبر من الناس مخاطر الوالدة والطفولة،فمع ّ
ويسجل انخفاض في مستوى الخصوبة ،ويبدأ الناس في التعمير لمدة أطول .واذا لم
ّ
تتكيف المجتمعات بطرائق تعزز صحة المسنين وتزيد من مشاركتهم في المجتمع،
فإن هذا التحول الديموغرافي (التغير في البناء العمري للسكان) ،قد يعوق
اإلنجازات االجتماعية االقتصادية المستقبلية.
ومن هذا المنطق تعد قضية المسنين هي قضية تهم كل المجتمعات الغنية أو
الفقيرة ،لما لها من تأثير في التنمية الشاملة.
تشيخ السكان مشكالت
وترى "تشان" ( ،2012صّ ،)6أنه عندما تطرح ظاهرة ّ
تشيخ
فإنها في الوقت ذاته تخلق الكثير من الفرص ،إذ يطرح ّ
أمام المجتمعّ ،
السكان مشكالت بزيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية الحادة والرعاية
يتسبب في إجهاد نظم المعاشات والضمان االجتماعي وزيادةالصحيةّ األولية ،مما ّ
الطلب على الرعاية الطويلة األجل والرعاية االجتماعية.
169
يقدمون أيضاً إسهامات كبيرة في إطار أسرهم ومن خالل
ولكن المسنين ّ
التطوع والمشاركة بنشاط في القوى العاملة ،وهم يمثّلون مورداً اجتماعياً واقتصادياً
مهماً ،فزيادة متوسط العمر المرجو تعني زيادة ذلك المورد.
ّ
أن تعزيز الصحة والسلوكيات الصحية
وتشير "تشان" ضمن السياق ذاته ،إلى ّ
في مرحلة الشيخوخة من األمور األساسية لالستجابة لمقتضيات تشيخ السكان على
الصعيد العالمي.
فتدني صحة المسنين وانتشار الصور النمطية والسلبية الخاصة بهم ،والعقبات
تعد من العوامل التي تتسبب
التي تعترض سبيل مشاركتهم في الحياة االجتماعيةّ ،
جميعها في تهميش دور المسنين وتقويض إسهاماتهم في المجتمع ،وزيادة التكاليف
المرتبطة بالشيخوخة.
فإن االستثمار في الصحة ،يخفف من عبء المرض ،ويساعد على تجنب لذا ّ
التهميش ،ويعود على المجتمع بفوائد أكبر ،وذلك من خالل الحفاظ على استقاللية
أن تدني الصحة في مرحلة الشيخوخة ،ال يش ّكل عبئاً على
المسنين وانتاجيتهم .كما ّ
األفراد المعنيين فحسب ،بل كذلك على أسرهم والمجتمع ككل.
وكلّما زاد فقر أسرة المسن أو المكان الذي يعيش فيه ،زاد األثر المحتمل،
أن المسن (الذي كان يمثّل سابقاً مورداً من موارد
فيمكن أن يعني فقدان الصحة ّ
األسرة) لم يعد قاد اًر على المشاركة فيها و ّأنه بات ،بدالً من ذلك ،يتطلب دعماً
كبي اًر.
وتمثّل األمراض غير السارية أهم المشكالت الصحية التي تواجه المسنون.
ويفوق أثر تلك األمراض في المسنين الذين يعيشون في البلدان المنخفضة
والمتوسطة الدخل ،بضعفين إلى ثالثة أضعاف أثرها على المسنين الذين يعيشون
في البلدان المرتفعة الدخل.
170
ا
إن المجتمعات العربية تسير في طريق الشيخوخة السكانية بخطوات سريعة،
1
فتية
وسوف تتحول في النصف األول من القرن الحادي والعشرين من مجتمعات ّ
2
،old populationإذ تشير مسنة
ّ young populationإلى مجتمعات
أن نسبة صغار السن آخذة في التناقص ،ونسبة كبار السن
إحصائيات السكان إلى ً
آخذة في التزايد.
فإن نسبة أعداد المسنين
وبحسب إحصاءات األمم المتحدة للعام (1977م)ّ ،
في المجتمع العراقي كانت تشكل أعلى نسبة من المسنين في الدول العربية ،إذ
وصلت نسبتهم إلى ( )%5,5من إجمالي السكان (كيطان وكاظم 2009 ،؛
مرسي ،2006 ،ص.)20
المجتمعات فتية :young Populationفيها تكون نسبة صغار السن (دون 15سنة) فيها أكبر من 1
2006أ ،ص.)20
171
-3مفهوم الشيخوخة والتقدم في العمر
1-3مفهوم الشيخوخة
172
المعنى االصطالحي للشيخوخة
قدم العلماء والباحثون تعريفات متنوعة للشيخوخة ،1geriatricفاستخدمها
لقد ّ
بعضهم كمصطلح مرادف لـ (كبر السن) ،elderأو (التقدم في العمر) .agingإذ
إن العالقة بين مصطلح (الشيخوخة) و(التقدم في العمر) عالقة وثيقة ،ومن
ّ
الصعب الفصل بينهما ،األمر الذي جعل بعض الباحثين يستخدمون مصطلح
(الشيخوخة) و(التقدم في العمر) بمعنى واحد ،ويطلقون على مرحلة (التقدم في
العمر) اسم مرحلة (الشيخوخة) .geriatric stage
يعرف "يونغ" 1959( Youngم) ،الشيخوخة بأنها" :فترة االنحدار الجسمي
والعقلي ،واإلعاقة االجتماعية والثبات في السلوك" (السباسيسي ،1983 ،ص 4؛
مرسي ،2006 ،ص.)30
بأنها "تشير إلى
أما "بيرين" ،و"رينر" Birren & Rennerيعرفان الشيخوخةّ ،
"التغيرات المنتظمة التي تحدث في الكائنات العضوية الناضجة وراثياً التي تعيش
في ظ ّل الظروف البيئية الممثلة وذلك مع تقدمهم في العمر الزمني".
ويعرفها "الدسوقي" ب ّأنها" :حالة متدرجة من التدهور تصيب كافة األجهزة
ّ
واألعضاء والخاليا ،فتضعف قدرتها على التكيف والحفاظ على التوازن عند
ويمر بها كل كائن حي عند الهرم وفقاً لمدى عمره الزمني"
التعرض للضغوطّ ،
(عوض ،1999 ،ص 171-170؛ الشقيرات والنوايسة ،2002 ،ص 83؛ علي،
،2012ص.)80
الشيخوخة :Geriatricتختلف مصطلحات وصف الشيخوخة حتى في الوثائق الدولية وتشمل كبار 1
السن ،والمسنين ،واألكبر سنا ،وفئة العمر الثالثة ،كما يطلق على األفراد بعمر 80عام فأكثر فئة العمر
الرابعة .واستخدمت األمم المتحدة تعبير كبار السن في قراري الجمعية العامة 5/47و 98/48وهو
عدت كبار السن ممن
وبشمل األفراد بعمر 60فأكثر ،أما إدارة اإلحصاءات التابعة لالتحاد األوربي فقد ّ
بلغوا 65سنة أو أكثر )البير.)4 ،2009 ،
173
2-3مفهوم التقدم في العمر
يمثل مفهوم "التقدم في العمر سلسلة محددة من األحداث التي تشغل جزءاً من
حياة اإلنسان بعد مرحلة اكتمال النضج .وقد اختلف هذا المفهوم عند العديد من
الدارسين ويرجع ذلك إلى عدة أسباب رئيسة ،نذكر منها:
-يمثّل مفهوم التقدم في العمر أحد المفاهيم النفسية التي ما زالت غير
مستقرة وتم تناولها من قبل بعض الدارسين النفسيين واالجتماعيين ال سيما بطريقة
تجريبية ،إذ ال يزال مفهوم التطور في العلوم البيولوجية واالجتماعية ،فيما يتعلق
بتحديد أدق عن التقدم في العمر ،يحتاج إلى المزيد من اإليضاح والتدقيق.
-يتأثر التقدم في العمر بمؤثرات مختلفة ويكون نتيجة تفاعل هذه المؤثرات
فيما بينها ،األمر الذي يؤدي إلى اختالف في تحديد مفهوم التقدم في العمر.
-يرتبط التقدم في العمر بالعمر الزمني وان كان ال يتطابق معه؛ لذلك ليس
من الضروري تضمين كل ما يتصل بالعمر الزمني عند تناول مفهوم التقدم في
العمر .اختلف مفهوم "التقدم في العمر" باختالف زوايا االهتمام الخاصة به من
بأنه" :نمط متراكم من الضغوط البيئية واالجتماعية
قبل الباحثين ،إذ يعرفه "بيرين"ّ ،
التي تؤثر في إمكانات وقدرات وطاقات الفرد".
أن التقدم في العمر" يمثل حصيلة التغيرات البيولوجية
كما تشير "فلورين" إلى ّ
والنفسية واالجتماعية التي تحدث في مرحلة الرشد ،وهي ليست سريعة الحدوث بل
تمتد بامتداد الفترة التي تلي مرحلة النضج".
أن مفهوم التقدم في العمر ،يتحدد من خالل تقسيم العمر إلى ويرى "لو"ّ ،
مراحل أساسية :مرحلة النشوء والطفولة المبكرة ،ومرحلة اللعب ،ومرحلة المدرسة،
والمراهقة ،وسن الرشد ،والشيخوخة .ويهدف هذا التقسيم إلى محاولة تبين المالمح
النفسية واالجتماعية للمراحل العمرية .ويرجع مفهوم "التقدم في العمر" إلى التطور
الطبيعي للوظائف البيولوجية والنفسية واالجتماعية بعد نقطة محددة من الوصول
174
إلى أقصى درجة من النمو .وغالباً ما تهدف بحوث المسنين إلى اكتساب الفهم
والتنبؤ والتحكم للمتغيرات الجينية والبيئية والصحية ،وأسلوب الحياة التي تؤثر في
عمليات التقدم في العمر ،بحيث يمكن للفرد أن يحيا ويتمتع بنوعية حياة جيدة
ألقصى عدد من السنين.
-4مراحل الشيخوخة
تنقسم الشيخوخة عموماً إلى ثالثة مراحل فرعية ،نلخصها في اآلتي:
أ -الشيخوخة المبكرة
وتمتد بين ( )74– 65سنة ،ويسمى كبير السن في هذه المرحلة "ال َكهل"،
فالكثيرون من كبار السن في هذه المرحلة يكونون بصحة جيدة ،وقادرون على
العمل والعطاء ،وال يحتاجون إلى مساعدة اآلخرين.
ب -الشيخوخة المتوسطة
وهي تمتد بين ( )84- 75سنة ،ويسمى كبير السن في هذه المرحلة "المسن
الكبير" ،وهي مرحلة الضعف وترك العمل ،والحاجة إلى المساعدة في الرعاية
الصحية.
جـ -الشيخوخة المتأخرة
فهي تبدأ من ( )85سنة فأكثر ،ويسمى كبير السن فيها "المسن الهَرم" أو
"المسن المعمر" .وهي مرحلة الضعف الشديد ،ومالزمة الفراش ،واالعتماد على
اآلخرين في كل شيء والحاجة إلى التمريض ودخول المستشفيات ( ...مرسي،
،2006ص 29-28؛ فال ،د.ت ،ص.)8
175
-5معايير تحديد مرحلة الشيخوخة
لقد اختلفت وتعددت اآل ارء حول الوقت الذي تبدأ فيه مرحلة الشيخوخة،
فأعراضها سواء كانت صحية أم عقلية أم نفسية قد تبدأ في أي مرحلة من مراحل
العمر ،مما ش ّكل ذلك االختالف صعوبةً في تحديد هذه المرحلة وتناولها تجريبياً،
وبالتالي تنوعت المعايير المستخدمة لتحديد سن الشيخوخة ،وال يوجد اتفاق واحد
أهم المعايير التي تحدد سن
من قبل جميع المهتمين حول معيار محدد ،ولع ّل ّ
الشيخوخة هي:
عد العمر الزمني ،chronological ageمعيا اًر لتحديد
.1العمر الزمني :ي ّ
الشيخوخة الزمنية ،وقد اعتمدت األمم المتحدة هذا المعيار الزمني لتمكين الدول
من التحرك نحو التعامل مع قضايا كبر السن بإيجابية وواقعية ،ونظام متقن
تستطيع بموجبه وضع االستراتيجيات والخطط.
مما حدا بدول العالم إلى تحديد كبر السن بالمعيار الزمني ،واعتمدت على
الهياكل الوظيفية التي حددت فئات كبار السن بين فئات العمر في المجتمع .إذ إ ّن
األمم المتحدة -خالل المؤتمر العالمي حول الكبار world assembly on
،agingالذي عقدته في فيينا عام (1982م) -حددت سن ( )60سنة كحد أدنى
أن تحديد بداية مرحلة الشيخوخةتبدأ به هذه المرحلة العمرية .ومما ال شك فيه ّ
بسنة معينة قد يختلف من مجتمع آلخر .كما أن تحديد عمر التقاعد واإلحالة على
المعاش التقاعدي يتفاوت من فئة مهنية إلى أخرى.
إن االعتماد على العمر الزمني وحده في تحديد مفهوم الشيخوخة هو معيارَ
غير دقيق ،فهو معيار واحد وليس وحيد للحكم على تسمية الكبار في السن ،ولكنه
يعد مسناً ،ولك ّن في
معيار صادق ونسبي .ففي القرن ( )20كان من يبلغ الخمسين ّ
يعد مسناً إالا عند بلوغه سن الثمانين أو أكثر (ناصر،
بداية القرن ( )21ال ّ
،1995ص 15؛ القصابي 2013 ،؛ العبادي ،2000 ،ص.)41
176
.2العمر الوظيفي :يسود حالياً استخدام مفهوم "العمر الوظيفي" ،كمعيار
لمستوى القدرات .إذ قد يكون أحدهم في األربعين من عمره في حالة جسمية
وصحية مماثلة لمن هو في الثالثين ،أو قد يتساوى معدل إنتاجيته في العمل بمن
هو في العشرين من عمره .في هذه الحالة ،نستطيع القول إ ّن عمره الوظيفي يتراوح
بين ( )30-25سنة وليس ( )40سنة.
.3العمر البيولوجي :يستخدم العمر البيولوجي أو الحيوي ،في تحديد بداية
الشيخوخة العضوية .وهو مقياس وصفي يقوم على أساس المعطيات البيولوجية
لكل مراحل عمر اإلنسان ،ويتحدد من خالل ظهور تلف أو مرض أو اضطراب
ناجم عن شيخوخة في الخاليا أو األنسجة ،أو بسبب قصور عمليات كيميائية
وحيوية ،مثل معدل عمليات األيض األساسية( 1االستقالب األساسي) metabolic
،basal rateومعدل نشاط الغدد الصم ،وتغير قوة دفع الدم ،والتغيرات العصبية،
وتغير السعة الهوائية للرئتين (ناصر ،1995 ،ص.)42
يبدأ التقدم في العمر من الناحية البيولوجية عندما يصل الفرد إلى سن
الخامسة والعشرين حيث ذروة النضج الجسمي ،وبعدها يبدأ بالتراجع ،وتبدأ
التغيرات النمائية في االتجاه نحو التناقص ،إذ تبدأ األجهزة العضوية organ
،systemsفي فقدان ( )%1من قدرتها على األداء كل سنة.
فاإلمكانيات الحيوية تتضاءل بصورة أكبر مما يحدث مع اإلمكانيات النفسية
واالجتماعية ،وتبدأ في االنحدار تدريجياً.
معدل األيض األساسي :Basal Metabolic Rateهو كمية الطاقة التي يستخدمها الجسم عندما 1
معدل الطاقة التي يحتاجها الجسم للحفاظ على عمل األعضاء وابقاء
يكون في حالة راحة تامة ،وهو ّ
بعدة عوامل مثل:
معدل األيض األساسي ّ
اإلنسان على قيد الحياة بدون أي مجهود إضافي .يتأثر ّ
الجنس ،والسن ،والطول والوزن (أهم العوامل) ،كما تلعب نسبة الدهون في الجسم والنظام الغذائي
معدل األيض األساسيhttp://ar.wikihow.com .
دور في ّ
والتدريبات الرياضية ًا
177
أن األمراض الجسمية ال تظهر
وعلى الرغم من هذا االنحدار البيولوجي ،إالّ ّ
ألن جميع األجهزة العضوية تحتوي
ارتفاعاً سريعاً في االنتشار حتى سن السبعينّ ،
على إمكانات احتياطية هائلة .large reverse capacities
.4العمر المدرك :ويقصد به "العمر الذي يدركه الفرد عن ذاته" وهو عادة أق ّل من
أن ما
العمر الزمني بعشرة إلى خمسة عشر عاماً ،إذ أظهرت كثير من الدراساتّ ،
يدركه األفراد عن أعمارهم هو أكثر تأثي اًر في سلوكهم من أعمارهم الزمنية الفعلية.
من جهة أخرى ،لجأ بعضهم اآلخر إلى تحديد مرحلة الشيخوخة من خالل
مجموعة الصفات والتغيرات التي تبدو على الفرد الذي يقع ضمن هذه المرحلة.
ولكن هذه الصفات لم يتفق عليها بشكل نهائي ،بل ترك أمر تحديد طبيعتها مرهوناً
بمجموعة من العوامل االجتماعية واالقتصادية والصحية التي تميز بيئة الفرد.
وهناك من حاول أن يعرف الشيخوخة بأنها "مرحلة نهاية الحياة" أو المرحلة
األخيرة في الحياة ،دون أن يحدد الحدود التي تبدأ بها أو تنتهي إليها (أبو أسعد
والختاتنة ،2014 ،ص 376؛ ناصر ،1995 ،ص.)16
.5العمر النفسي :يتضمن العمر النفسي المهارات التكيفية ،ومهارات حل
المشكالت والذكاء ،التي تنعكس في سلوك الفرد في المواقف الحياتية المختلفة.
بأنه" :مقياس وصفي يقوم على مجموعة من الخصائص النفسية والتغيرات يعرف ّ
و ّ
في سلوك الفرد ،وعواطفه ،وأفكاره ،ويقيس االضطرابات النفسية والعقلية ،ويستخدم
في تحديد الشيخوخة النفسية".
ويصل النضج النفسي ،psychological maturationذروته في سن
الخامسة والثالثين ،كما يقاس بالقدرة على التعلم والذكاء واألداء اإلبداعي والمهاري.
ويتراجع التقدم النفسي في السن بمعدالت أبطأ مقارنة بالتقدم البيولوجي في السن،
compensatory ألن األفراد يتعلمون ويكتسبون قدرات وامكانات تعويضية
ّ
.abilities
178
.6العمر االجتماعي :وهو مدى قوة عالقة الفرد باآلخرين ومدى توافقه
االجتماعي ،وقد عرفه "بيرين" من زاوية النشاطات التي يقوم بها الفرد بحسب القيم
والمعايير االجتماعية المتوقعة ،وكذلك استجابة لمطالب النمو المختلفة
ويبلغ النضج االجتماعي ،social maturationذروته في سن الخامسة
والخمسين ،مقاساً بالدخل الشهري وعدد األدوار االجتماعية المهمة ،والتقدم
والترقيات في الوظائف .ويستطيع األفراد بصورة عادية أن يحتفظوا بأدوار اجتماعية
في سنيهم السبعينية والثمانينية (عالء الدين ؛ كفافي ،2006 ،ص 31؛ منصور،
،1989ص ،229معمرية ؛ خزار2009 ،؛ القصابي 2013 ،؛ ناصر.)1995 ،
1-6تصنيف "ليفينسون"
أن مرحلة
يبين "ليفينسون" من خالل تقسيمه لدورة الحياة إلى مراحل متتاليةّ ،
ّ
الشيخوخة تبدأ في سن ( )60وما فوق.
اهتم -بالدرجة األولى -بدراسة البنية الحياتية للفرد ،life structureالتي
وقد ّ
يقصد بها" :نمط الحياة الذي يتبعه الفرد في كل مرحلة من مراحل حياته ،ويشمل
ذلك األدوار المختلفة التي يقوم بها" .وهذه البنية الحياتية قابلة للمراجعة والتبديل
إلى أن تتصف في نهاية المطاف باالستقرار.
كما رّكز "ليفينسون" على أهمية تحقيق مطالب كل مرحلة من المراحل الحياتية
بنجاح ،وذلك قبل االنتقال إلى المرحلة التي تليها ،كشرط من شروط كبر السن
الناجح .successful aging
179
2-6تصنيف "هافيجرست"
3-6تصنيف "بروملي"
اشتمل تصنيف "بروملي" على أربعة مستويات لتحديد مرحلة الشيخوخة وفق
العمر الزمني ،وهي:
-فترة ما قبل التقاعد
وهي تمتد من ( )65-55سنة ،وفيها تتزايد السرعة التي يحدث بها العديد من
التغيرات الحادة ،مع انخفاض في القدرات العقلية الوظيفية ،وتزايد في معدل حدوث
األمراض واالضطرابات الوجدانية.
-فترة التقاعد
وتبدأ هذه المرحلة من ( )75-65سنة ،وتتسم بتحول سريع في األوضاع
االجتماعية واالقتصادية والتكوين النفسي للفرد ،حيث االنفصال عن الدور المهني،
وشؤون المجتمع ،وهذا يؤدي بدوره إلى سلسلة من التغيرات في النشاطات اليومية
180
واالتصاالت االجتماعية ومستويات المعيشة ،كما تؤدي اآلثار المتزايدة للتقدم في
السن إلى ت ازيد احتماالت المرض وفك االرتباط من العديد من االهتمامات
االجتماعية.
-فترة التقدم في العمر
وتمتد من ( )70سنة فأكثر ،وتتصف بالضعف الجسمي والعقلي ،واعتماد
المسن على اآلخرين وقصور في قدرته على التعامل مع شؤون الحياة اليومية.
-فترة النهاية والعجز التام (المرض النهائي والوفاة)
وهي تمتد حتى ( )110سنة فأكثر ،وينظر إلى هذه المرحلة بشكل سلبي
لكونها جزءاً من الموت ،فهي مرحلة النهاية والعجز التام ،وانهيار الوظائف
الفيزيولوجية الالزمة للحفاظ على الحياة (القصابي ،2013 ،ص 16؛ رزيقة،
،2012ص.)36
صنف "كمال آغا" المسنين من حيث العمر الزمني على النحو اآلتي:
لقد ّ
أ .الكهل :وهو من كان في سن ( )70-60سنة ،وال يزال يساهم في مجاالت
الحياة المختلفة بحيوية ونشاط.
ب .الشيخ :وهو كل من كان في سن ( )80-70سنة ،وضعفت مساهمته في
مجاالت الحياة ،وهو غالبا ما يلزم بيته.
جـ .الهَرم :وهو من كان في سن ( )80سنة فأكثر ،وغالباً ما يرتد في فراشه.
عمر :وهو من بلغ ( )100سنة فأكثر (البربري ،د.ت ،ص 22؛ د .الم ّ
رزيقة ،2012 ،ص.)37
181
-7أهمية دراسة مرحلة الشيخوخة
تعد مرحلة الشيخوخة بالغة األهمية ،لما يظهر فيها من صعوبات في التوافق
ّ
لمتغيرات الحياة ،وكذلك تدهور في الوظائف الجسمية والفسيولوجية والنفسية.
وال شك أن للوراثة والبيئة دور في سرعة الشيخوخة أو بطئها ،كما يلعب
إما مرحلة سعيدة أو
أسلوب حياة الفرد دو اًر بار اًز في حدوث الشيخوخة ويجعلها ً
مرحلة اكتئاب وخوف من الموت.
إن االهتمام بدراسة مرحلة الشيخوخة يعكس الدوافع االقتصادية لتقليل تكاليف
ّ
إعالتهم من ناحية ،وتوفير سبل الراحة لهم ،وعالجهم من ناحية أخرى .انطالقاً من
ذلك فإن لدراسة كبار السن أهدافاً وفوائد متعددة ،فتأتي أهميتها في عدة جوانب،
لع ّل أهمها:
-1تطويع التقنية لمساعدة المسنين والعجزة في العناية بأنفسهم وشعورهم
باالستقاللية الذاتية ،وتخفيف وطأة شعورهم السلبي عند اتكالهم على غيرهم،
فاألطراف الصناعية والباب اآللي وأجهزة التحكم عن بعد ،والكرسي اآللي ،واألجهزة
الطبية الشخصية لقياس ضغط الدم ونسبة السكر وأجهزة ،اإلنذار المبكر ...كل
ذلك ساهم في اعتماد المسنين والعجزة والمعاقين على أنفسهم مما يزيد من راحتهم
واحساسهم بالسعادة.
-2خالل سنوات الصحة والشباب نعتقد بأن الشيخوخة تحدث لآلخرين فقط،
إلى أن تظهر عالماتها علينا متمثلة في بياض الشعر وقصور الحواس واالنحدار
نحو الضعف ،عندئذ نتحقق بأن الشيخوخة ليست آتية فحسب بل لقد وصلت فعالً.
ودراستنا لخصائص الشيخوخة الجسمية العقلية االجتماعية واالنفعالية يساعدنا على
التوافق معها وتقبلها كمرحلة عمرية ال فرار منها ،مما قد يخفف من حدة وطأتها
والتعامل معها كحقيقة واقعية.
182
إن دراسة المسنين تساعدنا في االستفادة من حكمتهم وخبرتهم الطويلة في
ّ -3
الحياة (أبو جعفر ،2014 ،ص 154-153؛ عوض ،1999 ،ص.)171-170
-4يمكن من خالل إجراء الدراسات والبحوث في مجال المسنين ،الوقوف
على مشكالتهم ،وحاجاتهم األساسية ،واتجاهاتهم ،وقيمهم ،واعداد البرامج والخدمات
أن
اإلرشادية المالئمة لهم .وفي هذا السياق ،أشارت "هاريس" (1985م) ،إلى ّ
بعدهم فئة بحاجة إلى
السنوات القادمة سوف تشهد تغيرات كبيرة في حياة المسنين ّ
أن لهذه التغيرات تأثير كبير في اهتماماتهم واحتياجاتهم
اهتمام ورعاية خاصة ،كما ّ
وادراكهم للمجتمع واتجاهاتهم نحوهم.
-5تأتي أهمية دراسة المسنين أيضاً عبر ثقافات وحضارات مختلفة ،من أجل
بناء تصور يساعد في يفسر ظاهرة التقدم في العمر عبر هذه الحضارات.
إن انتشار ظاهرة الشيخوخة السكانية بشكل واضح ،يتبعه الكثير من ّ -6
المشكالت الصحية والنفسية واالجتماعية التي ترتبط بمرحلة التقدم في العمر
(الشربيني ،2006 ،ص 6؛ خليفة فضالي ،1997 ،ص.)9
-7نتيجة التزايد النسبي في عدد المسنين في كثير من المجتمعات ،ظهرت
بعض اآلثار السلبية ،كتضاعف المشكالت الطبية والنفسية مما يترتب عليه تحمل
المجتمع لمزيد من األعباء االقتصادية نتيجة رعاية المسنين ،وفقدان القوة اإلنتاجية
في المجتمع.
إذ تع ّد هذه الشريحة فئة استهالكية غير منتجة ،فازدادت معدالت اإلعالة
وانخفضت المدخرات ،األمر الذي نجم عنه زيادة االهتمام بدراسة هذه الشريحة،
للتخفيف من تكلفة إعالتها ومحاولة إدخالها ضمن الفئات اإلنتاجية ،وخصوصاً
أولئك الذين شغلوا مواقع مهمة ويتمتعون بتجارب نادرة في ميادين اختصاصاتهم.
ا
إن إبعاد هؤالء عن المشاركة في عملية اإلنتاج ،من شأنه أن يقلل من فاعلية
التنمية ،ويحد من طاقات المجتمع اإلنتاجية (شاذلى ،2001 ،ص.)20
183
-8الفروق الفردية في الشيخوخة
ا
إن حدوث الشيخوخة ومعدالت اإلسراع في ظهور أعراضها تختلف من فرد
إلى آخر ،بسبب وجود فروق فردية في االستعداد للتشيخ ،فقد يشيخ بعض الناس
في سن مبكرة ،وتظهر عليهم عالمات الشيخوخة قبل مرحلة "كبر السن" ،فيترهل
الجلد ،وتظهر التجاعيد ،وتتساقط األسنان ،ويضعف الجسم ،ويشيب الشعر قبل
سن الخامسة والخمسين من العمر ،في حين يكبر آخرون ويصلون إلى مرحلة كبر
السن بصحة جيدة ،وكأنهم في سن الشباب.
وقد يحدث الضعف في القدرات ،والتدهور في الوظائف عند بعض المسنين
بشكل أسرع مما يحدث عند غيرهم ،فيكون المسن في مرحلة "الشيخوخة المبكرة"
ضعيفاً ال يقدر على العناية بنفسه ،بينما يكون غيره في مرحلة "الشيخوخة
الوسطى" بصحة جيدة ،ويتحمل مسؤولياته ويقوم بتلبية حاجاته ومتطلباته دون
الحاجة إلى مساعدة اآلخرين.
وقد ترجع الفروق الفردية في ظهور الشيخوخة ومعدالت التشيخ إلى عوامل
بيئية ووراثية ،تحدد استعدادات كل فرد للشيخوخة ،وعلى هذا فتؤثر الشيخوخة في
فإن كبار السن ال يواجهون نفس
األفراد المختلفين بطرائق مختلفة ،لذلك ّ
المشكالت ،وال يستجيبون للنوع الواحد من المشكالت بنفس الطريقة .وحين يصل
اإلنسان إلى مرحلة الشيخوخة تظهر لديه تغيرات فيسيولوجية ،واجتماعية ،ونفسية،
وعقلية ،تختلف في مضمونها من فرد إلى آخر.
ويمكننا تلخيص أهم عوامل ظهور الشيخوخة المبكرة في األمور اآلتية:
-1وجود استعداد وراثي في التكوين الجسمي وجينات وراثية للتقدم في العمر
المبكر :فتظهر مظاهر الشيخوخة في سن مبكرة.
184
-2ضعف الصحة العامة في مراحل الطفولة والرشد :فاألفراد الذين يعانون
من ضعف في البنية ،واعتالل الصحة واألمراض في طفولتهم وشبابهم يزداد
استعدادهم للتقدم في العمر واإلسراع في الشيخوخة.
-3وجود عادات سيئة في مرحلة الشباب :مثل اإلدمان على التدخين وشرب
الخمر ،وتناول المنبهات بكثرة كالقهوة والشاي.
-4وجود عادات سيئة في التغذية ،والحرمان من التغذية الجيدة في مراحل
الطفولة والشباب :فاألفراد الذين يفرطون في تناول األطعمة التي تؤدي إلى السمنة
وأمراض السكر وضغط الدم وتصلب الشرايين ،واألفراد الذين يعانون من سوء
التغذية وفقر الدم ،تزداد قابليتهم واستعدادهم للتقدم في العمر والتعجيل في
الشيخوخة أكثر من غيرهم.
-5اإلجهاد الجسمي المستمر والضغوط النفسية الكثيرة في العمل واألسرة:
فاإلنسان الذي ي َحمل نفسه فوق طاقتها في العمل أو الدراسة يستهلك طاقاته
الجسمية والنفسية سريعاً ،ويتعرض للشيخوخة المبكرة.
-6أسلوب الحياة الخاطئ في مرحلة الشباب :مثل عدم تنظيم الوقت ،والسهر
الطويل ،واإلسراف في استخدام األدوية ،وادمان التدخين والمنبهات ...وغيرها).
-7الظروف االجتماعية واالقتصادية السيئة :فمعدالت الشيخوخة المبكرة في
المجتمعات النامية أعلى منها في المجتمعات المتقدمة ،وفي المناطق المتخلفة
أعلى منها في المناطق المتحضرة ،وعند الفقراء أعلى منها عند األغنياء ،وذلك
بسبب نقص الرعاية الصحية ،وسوء التغذية ،وانعدام الوعي الصحي في التنمية
والوقاية والعالج ،مما يؤدي إلى اعتالل الصحة واإلصابة باألمراض التي تسرع
بالشباب إلى الشيخوخة (مرسي ،2006 ،ص.)35-34
185
-9المفاهيم الخاطئة حول مرحلة الشيخوخة
هناك العديد من المفاهيم واألفكار الخاطئة التي يشيع استخدامها حول مرحلة
الشيخوخة ويقبلها الغالبية العظمى من األفراد ،بما في ذلك المسنين أنفسهم ،مثل:
إن فكرة أن األفراد
-عندما يصبح األفراد مسنين يصبحون أكثر تشابهاّ :
يصبحون أكثر تشابهاً بتقدمهم في السن قد تكون أكثر المزاعم -التي يفرضها
المجتمع على أفراده من المسنين -انتشا اًر .فعلى الرغم من استعداد الفرد لالعتراف
186
عدد جرائم االنتحار يقترفها أفراد في عمر 65فما فوق ،واستناداً إلى هذه
اإلحصاءات ال يمكننا أن ننظر إلى هذه المرحلة بأنها مرحلة سكون وهدوء.
إن أساس هذه الفكرة
إن معظم المسنين غير منتجين وتنقصهم االبتكاريةّ : ً -
هو ميل المجتمع إلى ربط اإلنتاجية واالبتكارية بالوظيفية ،فإن لم يكتسب الفرد ماالً
فإنه ينظر إليه على أنه ليس منتجاً ويفقد االبتكارية في هذا المجتمع ،وفي محاولة
لتبديد هذه الخرافة فإنه يجب علينا أن ننظر إلى عدد األفراد ممن لهم مساهمات
ابتكارية منتجة في المجتمع ،بينما هم في السبعينات والثمانينات أو التسعينات من
أعمارهم.
إن إسهامات األفراد أمثال" :سيجموند فريد" ،و"بابلو بيكاسو" ،1و"آنا إليانور
ّ
4 3 2
روزفلت" ،وبرتراند راسيل ،وأرثر روبنشتاين ...فقد كانت بمثابة أمثلة لالبتكار
واإلنتاجية في مرحلة الشيخوخة ،وعلى العكس من هؤالء الذين تميزوا باالبتكار،
هناك من يبدأ في اكتشاف قدراته الخاصة ومواهبه وألول مرة في مرحلة الشيخوخة.
وهناك العديد من األفراد الذين لهم الحرية الضرورية الستكشاف وممارسة
مختلف أشكال المشروعات المبتكرة وذلك في أثناء مرحلة الشيخوخة (الرشد
المتأخر) ،وهنا تظهر اهتمامات جديدة ،وقد نرى األنشطة والمساهمات المنتجة
المثمرة للمسنين في مجاالت عدة كالمجال الفني ،السياسي ،التعليمي ،والمجال
الديني.
بابلو بيكاسو 1973-1881( Pablo Picassoم) :رسام ونحات وفنان تشكيلي اسباني. 1
آنا إليانور روزفلت 1962-1884( Anna Eleanor Rooseveltم) :زعيمة سياسية أمريكية. 2
برتراند راسيل 1970-1872( Bertrand Russellم) :فيلسوف وعالم منطق ورياضي ومؤرخ وناقد 3
اجتماعي بريطاني.
آرثر روبنشتاين 1982-1887( Arthur Rubinsteinم) :يعد واحداً من أعظم عازفي البيانو 4
الكالسيكيين ،البولنديين.
187
أن نسبة األفراد الذين
-المسنون غريبو األطوار :لقد أظهرت نتائج البحوث ّ
وحدة الطباع ،وانحرافّ وصلوا إلى مرحلة الشيخوخة والذين اتّصفوا بالغرابة،
المزاج ،ال تختلف كثي اًر عن نسبة مثل هؤالء الذين يمكن أن تضمهم أية مجموعة
عمرية أخرى .ويبرر ذلك نتيجة لتعرض كبار السن لضغوط ومشكالت أكثر مما
يتعرض له األصغر سناً.
والتعرض لمثل هذه الضغوط قد يخلق أفراداً يصبحون سلبيين اجتماعياً عند
وصولهم إلى مرحلة الرشد أو الرشد المتأخر .ومع ذلك فال يبدو أن هذا صحيح
بصورة مطلقة.
ينمون طرائقاً أساليب معينة للتفاعل االجتماعي
أن معظم األفراد َ
ومن الواضح ّ
فإن أساليب
ولالتصال بالبيئة وللتعامل مع اآلخرين ،وما أن تنمو مثل هذه الطرائق ّ
االستجابات المميزة هذه تميل إلى الثبات واالستمرار خالل مرحلة الشيخوخة ،ويميل
االتساق االجتماعي أو التكيف للظروف إلى االستمرار والسيادة بغض النظر عن
تقدم العمر.
عد الفروق في الميول والتوجهات
-المسنون هم أكثر تديناً :من الخطأ ّ
الدينية نتاجاً للتقدم في العمر ،فاألجيال األكبر ال تصبح أكثر تديناً باقترابها من
الشيخوخة .وعند مقارنة هذه األجيال باألجيال األصغر سناً ،فإننا نجد أن مجتمع
المسنين كانوا أكثر تديناً في شبابهم ،وكانت لهم ممارسات دينية أكثر ،وأنهم قد
تكون عبر سنوات عمرهم السابقة.
استمروا على نفس النحو المتدين الذي ّ
وعلى أساس المعلومات المستخلصة من الدراسات الطولية فقد وجد "بالزر" أنه
ليست ثمة مؤشرات لزيادة االهتمام أو االنشغال بالدين كدالة على الشيخوخة
(معمرية ؛ حزار ،2009 ،ص 74؛ األشول.)2008 ،
188
الفصل التاسع
1-1النظرية الفسيولوجية
يؤ ّكد أصحاب هذه النظرية أثر الشيخوخة في الجسم كلّه ،وليس في التغيرات
التي تط أر على الخاليا والناتجة عن فشل أجهزة الجسم في أداء وظيفتها ،وهو ما
يحدث مع التقدم في العمر .وتبرز هذه النظرية في ثالثة اتجاهات:
االتجاه األول :وهو يع ّد الجسم اإلنساني كاآللة معرضة للعطب والخلل نتيجة
االستعمال ،إذ إّنه بعد مقدار معين من النشاط والعمل ،وبعد انقضاء فترة زمنية
بد لآللة أن تتوقف عن العمل ،حتى مع حسن الرعاية والصيانة ،وهذا
معينة ،ال ّ
يعني أن أنسجة الجسم وأعضائه تستهلك نتيجة لعملها طوال فترة الحياة ،وأن
استهالكها هذا أمر طبيعي .يمكن أن نطلق على هذا االتجاه (نظرية استهالك
األعضاء واألنسجة) (.)Kahn, 1980, pp.230
189
االتجاه الثاني :يركز هذا االتجاه على ا
أن الميكانزيمات الحيوية تتدهور مع
التقدم في العمر ،وبالتالي يعاني المسنون أكثر من األصغر سناً ،في الحفاظ على
التوازن الفسيولوجي داخل الجسم ،وحين يصبح تحقيق ذلك التوازن مستحيالً فإن
ذلك معناه الموت.
االتجاه الثالث :اقترح هذه االتجاه "ويلفورد" عام (1969م) ،ويركز على فقدان
يعد مسؤوالً ولو بدرجة جزئية عن
الجسم لمناعته ،فالخلل في جهاز مناعة الجسم ّ
الشيخوخة ،إذ يصبح الجسم أكثر عرضة ألثر الفيروسات والبكتريا والفطريات ،كما
يزداد تعرض الخاليا لظهور األورام الخبيثة ،وقد يتحول نظام المناعة إلى جهاز
يدمر خاليا الجسم نفسها وهذا ما يسمى "بالمناعة المستقلة".
وهذا االتجاه ال يفسر حدوث الشيخوخة العادية بقدر ما يفسر حدوث األمراض
في تلك المرحلة من العمر.
2-1النظرية التطورية
فإن أصحاب هذه التطورية ،developmental theoryا ّ وفيما يتعلق بالنظرية
النظرية يفسرون الشيخوخة في ضوء السياق التطوري لمراحل حياة الفرد المختلفة.
عبر الشيخوخة عن التقاطع والتداخل بين أساليب التفكير والسلوك التي
إذ ت ّ
كان الفرد يتبعها في مراحل حياته السابقة ،وبين المحددات التي تمنع الفرد من
استخدام تلك األساليب في مرحلة الشيخوخة.
إذ تؤ ّكد ا
أن الفرد خالل مراحل حياته المختلفة ينمي ويطور مجموعة من
النماذج والعادات واألنشطة وأساليب أداء السلوك ،ويستمر في الحفاظ عليها
واستخدامها حتى يتقدم به العمر ،وبالتالي فإنه ال يولد من جديد عندما يصل إلى
سن الستين أو الخامسة والستين ،ولكنه يستمر في أداء أشكال السلوك واألنشطة
والعادات التي طورها عبر مراحل عمره السابقة .ويتم ذلك في ضوء حدود ومعايير
190
معينة تضعها مرحلة الشيخوخة نفسها ،وهي بذلك كأي مرحلة عمرية أخرى لها
محدداتها ومعاييرها (أبو حطب وأمال صادق ،1995 ،ورد في عبد الرحمن
وآخرون 2011 ،؛.)Kahn 1980, pp.230
3-1النظرية البيولوجية
ويطلق على هذه النظرية أيضاً ،اسم (نظرية تنظيم سرعة البناء والهدم) .إذ
أن الشيخوخة هي المرحلة البيولوجية النهائية في حياة أي كائن
يرى أصحابها ّ
عضوي .إذ تحدث عمليات هدم وتحلل تؤدي بهذا الكائن العضوي إلى التدهور
على نحو أسرع ،وبشكل ال يسمح لميكانيزمات البناء بالعمل .وهذا التدهور يؤدي
إلى نقص القدرة على التكيف وبالتالي يؤدي إلى ضعف المقاومة والبقاء.
4-1النظرية التسلسلية
Antonnucci an صاحب هذه النظرية" :أنطونوتشي" ،و"أكيياما"
،Akiyamaوتعتمد نظريتهما على منظور بنائي اجتماعي شامل ،بالمقارنة مع
النظرية االنتقائية التي تجعل محورها المنظور الضيق للحاجات .وتقترح هذه
أن (الدائرة االجتماعية) المحورية لدى كبير السن تبقى كما هي (ال تتغير النظرية ّ
كماً أو نوعاً) ،بينما تفتقد الدائرتين؛ (دائرة العمل) ،و(دائرة المجتمع الخارجي) في
الغالب الدعم الذي كان يوفره الزمالء .ولكن هؤالء يتم تعويضهم باألصدقاء الجدد
من رفاق النشاطات الترويحية الجديدة ،وكذلك عن طريق تجديد الصداقات القديمة
من خارج دائرة العمل .وعلى الرغم من ّأنه قد تط أر تغيرات كمية على مصادر
الدعم االجتماعي ،لدى المسنين ،إالّ ّأنه من غير المتوقع حدوث تدهور نوعي في
أن المتقاعدين ال يدركون
العالقات االجتماعية ،وهذا ما جعل "أنطونوتشي" يؤ ّكد ّ
جراء التقاعد (ناصر ،1995 ،ص.)20 أي تغير في شعورهم بالسعادة ّ
ّ
191
5-1النظرية االنتقائية
صاحب هذه النظرية "كارتنسن" ،Cartensenوتعتمد نظريته على منظور
ضيق للحاجات الفردية ،وتركز على الدافعية الفردية لدى كبار السن ،وتعزو إلى
هذه الدافعية التدهور الناتج من النشاط االجتماعي ،وفي تقلص حجم الشبكة
أن ذلك ال يؤدي ،إلى تأثر الصالت العاطفية لدى كبار السن. االجتماعية ،إالّ ّ
وتتبع هذه النظرية نموذجاً تطورياً (اقتصادياً–انفعالياً) للتقدم في العمر ،إذ
تنظر إلى تغيرات الدعم االجتماعي كعمليات وظيفية تكيفية يتم من خاللها تعديل
هذه الوظائف كلما تقدم المرء في العمر.
193
وقـد يحدث أن تنخفض معدالت الخصوبة لتشابه معدالت الوفيات ،عندئذ
صفر أو قد تقـ ّل معـدالت الخصوبة عن معدالت الوفــاة ويصبح
اً يصبح معدل النمو
معدل النمو الطبيعي سالباً.
أن الدول الصناعية المتقدمة
وبتطبيق تلك النظرية على دول العالم ،نجد ّ
تعيش اآلن المرحلة الثالثة حيث معدالت الخصوبة والوفيات والنمو الطبيعي
أما دول العالم الثالث فمازال معظمها يعيش المرحلة الثانية حيث
منخفضةّ .
الخصوبة المرتفعة مع انخفاض معدالت الوفاة (نور الدين ،2015 ،ص.)66-65
194
مر معنا في فصل سابق)
واستجابتهم لها ،ويعزى ذلك إلى عدة عوامل (كما ا
كالعوامل الوراثية ،وبعض الظروف الخاصة مثل التغذية ،وممارسة الرياضة،
وتوفير الظروف الصحية المناسبة ،والشروط البيئية المحيطة .ويمكن عرض
خصائص مرحلة الشيخوخة بشكل تفصيلي فيما يأتي:
195
.2ضعف عضلة القلب.
.3انتفاخ الرئتين ،وقلة كفاءتهما.
.4ضعف في وظائف الكلى والكبد.
.5التهاب المفاصل المزمن.
.6خشونة المفاصل والشعور باأللم مع كل حركة بها.
.7هشاشة العظام ،والشعور بآالم عامة في الجسم.
.8تآكل الغضاريف في مفاصل الجسم ،ومن أهمها غضاريف العمود الفقري.
.9ارتفاع ضغط الدم (ابراهيم ،2012 ،ص 238؛ العبيدي.)2012 ،
ثانياً -ضعف الجهاز الحسي :ربما تكون التغيرات في األعضاء الحسية أكثر
خطورة لدى كبار السن ،فمن خالل األحاسيس تستلم المعلومات وتقدم االستجابات
التي تحكم تفاعالتنا مع اآلخرين والبيئة.
فالنقصان في البصر والسمع واللمس أو في األلم أو في اإلحساس والتذوق أو
في الشم والتوازن يؤثر في نوعية التفاعالت .وعموماً ينخفض أداء الخاليا الحسية
بشكل تدريجي ،وتتناقص كفاءة الحواس الخمس ،فيحدث نقصان في البصر
،visionوالسمع ،hearingواللمس touchأو في اإلحساس اللّمسي (األلم
والح اررة والبرودة والضغط) ،أو في التذوق tasteوالشم ،وهذا بدوره يؤثر في نوعية
تفاعل كبار السن مع اآلخرين ومع البيئة المحيطة بهم ( Selley et al, 2007,
pp.273؛ حمزة ،2016 ،ص:)56
-التغيرات في البصر :ا
إن التغيرات في البصر تكون بصورة أولية على شكل
ضعف في الرؤية وادراك الضوء ،وضعف في القدرة على مطابقة األلوان ،والتركيز
على األشكال القريبة أو البعيدة ،وهذه التغيرات تتأثر بالتبادالت في تركيب العين
وفقدان المرونة في عضالتها ،وحين تصل هذه التغيرات إلى مستوى يعوق
196
الوظائف ،يمكن مساعدة كبار السن من خالل استخدام النظارات الطبية للقراءة
والمسافات.
من جهة أخرى ،تتضمن التغيرات المرتبطة بالعمر ،فقدان عضالت الوجه
لمرونتها حول العين وفقدان للشحوم حول كرة العين ،األمر الذي ينتج عنه سقوط
في جفن العين مما يؤثر في مظهر الوجه.
إن قيام المسن بفحص شامل من قبل طبيب مختص باألمراض العينية أمر ّ
مهم جداً ،ألنه يعطي نتائج جيدة في تحسين نوعية اإلبصار وكشف الزرق (المياه
ّ
2 1
الزرقاء) glaucomaوالساد (الماء األبيض) ، cataractوبالتالي تحسين نوعية
الحياة عنده والتقليل من معدل السقوط لديه.
-التغيرات في السمع :إن أكثر من ثلث المسنين الذين تجاوزوا سن الخامسة
والستين ،وحوالى نصف المسنين الذين تجاو از سن الخامسة والثمانين يعانون من
نقص في السمع .ومع تناقص كفاءة حاسة السمع تزداد الحساسية لألصوات الحادة
وغالباً ما يصاحب تدهور حاسة السمع ،تدهور مماثل بجهاز حفظ التوازن
باألذنين ،إضافةً إلى العزلة االجتماعية واالكتئاب.
من الطرائق السهلة لتحري نقص أو فقدان السمع عند المسنين ،هي تقييم مدى
سماع الصوت المهموس الذي يمتلك حساسية تتراوح بين .%100-70
المياه الزرقاء أو الغلوكوما :Glaucomaهو مرض يصيب العين عند التقدم في العمر بسبب تلف 1
العصب البصري في العين مما ينتج عنه ارتفاع ضغط العين ومشكالت في الرؤية واإلجهاد العيني.
الزرق هو السبب الرئيس للعمى لدى كبار السن ويمكن منع اإلصابة بالعمى بسبب الزرق لو بدأ العالج
مبك ار بما فيه الكفاية.
الماء األبيض :Cataractوهو مرض يصيب العين عند كبار السن ،ولكنه ليس بخطورة الماء 2
198
-التغيرات في الصوت :يضعف الصوت تبعاً لزيادة العمر ،ويفقد جزءاً كبي اًر
من ح اررته ،ويصبح مرتعشاً متقطعاً ،ويرتبط هذا التغير بمخارج الحروف التي
تعتمد في جوهرها على التكوين السليم لجوف الفم (العبيدي ،2012 ،ص.)56
-التغيرات في حاسة التذوق :مع التقدم في العمر تضعف براعم التذوق
المنتشرة على طرفي وجانبي اللسان ،ويقل إحساس الكبار بالمادة السكرية .والجدول
( )1يوضح هذه التغيرات وتراجع الجهاز الحسي عند المسنين:
199
ثالثاً -تغير المظهر الخارجي :مع تقدم اإلنسان في العمر تقل نسبة الماء في
الجلد ويؤدي ذلك إلى زيادة التجاعيد وتتغير مالمح الوجه ،كما يحدث نقص في
بروتين (األلستين) ،وهذا النقصان يحول دون رجوع األنسجة لوضعها الطبيعي بعد
الشد ،إذ تتقلص الغدد الجلدية التي تفرز العرق وتتناقص الطبقة الدهنية تحت
ّ
الجلد ،وتبدأ مرونة األنسجة بالتدهور ،فتنخفض سماكة الجلد الخارجي مع الزمن
إلى ما يقل عن سماكته في سن الشباب ،ويصبح الجلد الداخلي أكثر سماكة،
وبالتالي يفقد الجلد نضارته وليونته ويضمر ،ويصبح جافاً مترهالً وكثير التجاعيد.
كما يترافق ذلك مع ظهور بقع داكنة في أماكن كثيرة من الجلد ،بسبب نزيف
شعري رفيع نتيجة لضعف جدران الشعيرات الدموية في هذا الجزء من الجسم.
ومن المظاهر األخرى لتغير المظهر الخارجي ،االنحناءات في الظهر التي
انحناء،
ً تزداد مع التقدم في العمر إذ يبرز الرأس لألمام وتزداد الفقرات الصدرية
ويختفي االنحناء األمامي للفقرات القطنية لذا يصبح العمود الفقري مثل الحرف
( .)Cاألمر الذي يؤدي إلى نقص في الطول ،إذ تشير الدراسات إلى أن طول
المسن بعد سن الستين ،ينقص بمعدل ( 5-3سم) عنه في سن الشباب.
أن متوسط طول الرجال في تبين ّ
وفي دراسة أجريت على ( )3000مسنّ ،
أما
سن الستين هو (170سم) ،ونقص إلى (165سم) بعد سن الخامسة والثمانينّ ،
النساء فكان متوسط الطول (158سم) ثم أصبح (150سم) في الخامسة والثمانين
(فتاوي ،1987 ،ص.)20
وتحدث لدى المسن تغيرات في اليدين والقدمين ،إذ ترتعش اليدين ويميل لونها
إلى األزرق ،وتتورم القدمان بسبب اختزان السوائل بهما كأحد مضاعفات الدوالي
بالساقين التي تنتشر بين كبار السن بنسبة تتراوح بين (.)%50-30
ومع تقدم العمر أيضاً ينطفئ بريق العينين ،وتزداد معدالت سقوط الشعر،
وينتشر الشيب في معظم الرأس ،وتتساقط األسنان.
200
دور مهماً في مظهر الجلد الخارجي لدى كبار السن،
هناك عدة عوامل تلعب اً
وفي مقدمتها تأتي الصحة العامة والتعرض ألشعة الشمس ،إلى جانب العوامل
أما تحول لون الشعر من األسود إلى األبيض ،فسببه يعود إلى فقدان مادة
الوراثيةّ .
الميالنين في بصيلة الشعر.
رابعاً -نقص كثافة العظام :مما يجعل حركة كبير السن بطيئة ،وقد تضمر
عضالته ويعجز عن الحركة أو قد يمشي بصعوبة .ا
إن قلةّ الحركة هذه عند المسن
تؤدي إلى نقص المرونة ،وتعيق الحركة في منطقة الرقبة والجذع والحوض.
ومع التقدم في العمر ،تق ّل –كذلك األمر -كثافة غضاريف المفاصل وتتآكل،
األمر الذي يسبب أوجاعاً وآالماً في أثناء الحركة.
أن حاجة كبار السن إلى ساعات
خامساً -اضطراب النوم :وعلى الرغم من ّ
نوم أق ّل من األطفال والراشدين ،إالّ أنه يبدو ،ا
أن اضطراب النوم ،يشكل مشكلة
عامة لديهم؛ فاألغلبية من المسنين يعانون من اضطرابات في النوم.
أن مدة
أن كبار السن يقضون وقتاً طويالً في الفراش ،إالَ ّ
وعلى الرغم من ّ
النوم الفعلي تق ّل لديهم بشكل ملحوظ ،وتتقلص ساعات االستغراق بالنوم ،فالنوم ال
يكون عميقاً ،وانما يصبح متقطعاً ويكثر االستيقاظ فيه ليالً ،مما يجعل كبار السن
أكثر عرضة للتعب واإلجهاد ،وتشتت االنتباه وعدم القدرة على التركيز الجيد
(مرسي ،2006 ،ص 42؛ البير ،2009 ،ص.)14
أهم أسباب اضطراب النوم عند المسنين ،القلق واالكتئاب ،والشعور ومن ّ
ب األلم نتيجة لألمراض المختلفة ،أو عدم االرتياح في مكان ال يألفه .ولعالج األرق
واضطراب النوم عند المسنين يجب أن نبدأ أوالً ببعض اإلشارات البسيطة ،مثل
االعتياد على االستيقاظ المبكر صباحاً ،وتجنب شرب الشاي والقهوة ،خصوصاً في
مساء،
ً المساء أو بعض الظهر ،وبدالً من ذلك ،تناول كوب من الحليب الدافئ
ومحاولة تأخير الذهاب إلى الفراش.
201
سادساً -تناقص كفاءة المخ والجهاز العصبي :يأخذ عدد خاليا الدماغ
بالتناقص انطالقاً من سن العشرين وتزيد سرعته لدى المسنين وتصبح حركة الدورة
الدموية متباطئة على مستوى الدماغ.
أن حجم ووزن الدماغ ينخفض مع تقدم اإلنسان في العمر ،نتيجة لفقدان كما ّ
بعض الخاليا العصبية في نصفي كرة المخ وموتها ،فتقوم الخاليا العصبية المتبقية
بأداء المهام التي كانت تقوم بها تلك الخاليا الميتة ،األمر الذي يؤدي إلى يتدهور
الدماغ والجهاز العصبي المركزي بصورة سريعة .واذا ما أثرت هذه التغيرات على
أما إذا حدثت الدماغ تأثي اًر تدريجياً ا
فإن هذه الحالة تسمى (بانحالل الشيخوخة)ّ .
هذه التغيرات بصورة فجائية وكانت نوعية فإننا نكون أمام حالة تسمى (تصلب
أن عدم االنسياق إلى هذه
ش اريين القشرة الدماغية وانسدادها) .وتجدر اإلشارة ،إلى ّ
الخصائص ،أي االعتقاد بأن المسنين جميعهم صحتهم سيئة أو أنهم مرضى،
ولكنهم إلى ٍّ
حد ما يتمتعون فهناك كثير منهم تظهر عليهم عالمات الشيخوخة ّ
بصحة جيدة ،حتى بعد سن الثمانين.
سابعاً -نقص كفاءة الجهاز الهضمي :لقد أشارت الدراسات التي أجريت
حول تأثير الشيخوخة على أعضاء الجهاز الهضمي إلى:
.1انخفاض ملحوظ في كمية إفراز اللعاب وقدرته الهضمية إلى ما يتراوح بين
( )%30-10عن معدلها الطبيعي.
.2انخفاض ملحوظ في إفراز المعدة من أنزيمات الهضم إلى ( )%60من الحالة
الطبيعية عند الشباب.
.3إفراز البنكرياس يقل لدى كبار السن ،وهذا يقلل بال شك المقدرة على الهضم.
.4قصور في مقدرة األمعاء الدقيقة على امتصاص المواد الغذائية بنسبة تتراوح
بين ( )%65-50عن المعدل الطبيعي (فتاوي 1987 ،؛ مرسي.)،2006 ،
202
2-2الخصائص االجتماعية لدى كبار السن
ا
إن التغيرات الفسيوولوجية والنفسية الحاصلة في مرحلة الشيخوخة تسبب
تغيرات في الجوانب االجتماعية والسلوك االجتماعي لدى المسن .إذ تشير العديد
أن المهارات النمائية لكبار السن
وتطور الشخصية إلى ّّ من نظريات التوافق النفسي
تشمل التوافق مع االنحدار في الطاقة الفيزيولوجية والصحية لديهم.
وتشمل التأثيرات االجتماعية المصاحبة لمرحلة الشيخوخة ،التي تنعكس على
نفسية كبار السن ،تغي اًر في :العالقات االجتماعية ،إذ يشترك كبار السن في العديد
من الخصائص االجتماعية يمكن توضيحها فيما يلي:
أ -ضعف العالقات االجتماعية القائمة بين المسن واآلخرين
تعد العالقات االجتماعية الناجحة مع اآلخرين ،مظه اًر من مظاهر الصحة
ّ
النفسية لدى الفرد ،ولكن مع كبار السن تتقلص العالقات االجتماعية إلى حد كبير،
وتضعف العالقة باآلخرين بالتدريج ،ثم يزداد هذا االنكماش ،فتضعف العالقات
القائمة بينه وبين األصدقاء والرفاق ،حتى تصبح حدود دائرة نشاطه االجتماعي
على العالقات األسرية الضيقة (األبناء واألحفاد) .كما يزداد اهتمامهم بنفسهم
وبذلك يصبح كبير السن أنانياً ،ونرجسياً في حياته (سليم ،2002 ،ص.)500
أن العالقات
ويؤكد "شاذلى" ( ،2001ص ،)16ضمن هذا السياقّ ،
االجتماعية للمسنين تقتصر على أصدقائهم القدامى مما يبعث في نفوسهم الملل
والسأم .كما يؤدي انقطاع المسن عن عمله ،بسبب التقاعد ،إلى معاناته من وقت
الفراغ ،واإلهمال وعدم االكتراث بما يحيط به من أحداث وظواهر.
ب -الشعور بالوحدة االجتماعية أو "الفراغ االجتماعي"
وذلك نتيجة لتفرق األصدقاء ،أو موت بعضهم ،وتزداد هذه الحالة بسبب
المرض أو فقد شريك الحياة ،أو زواج األبناء وانشغالهم في حياتهم وأعمالهم
وأسرهم.
203
وتعاني النساء من الشعور بالوحدة االجتماعية وعدم األهمية أكثر من الرجال،
بهن حتى يتجاوزن مدى حياة الرجال ،وبذلك يصبح عددوذلك المتداد العمر ّ
النساء المسنات أكبر من عدد الرجال المسنين.
جـ -ضعف المرونة االجتماعية
ي ّكون الفرد خالل مراحل حياته ،عادات وأنماط سلوكية فردية واجتماعية ،وهذه
العادات واألنماط تزداد رسوخاً وثباتاً كلّما تقدم العمر ،حتى تصبح جزءاً أساسياً ال
يتج أز من مقومات شخصيته الفردية والمتمايزة.
التعصب لدى المسن ومعارضته لكل تغيير
ّ وهذا سبب من أسباب زيادة
اجتماعي ،إذ يتميز بالعناد ،والجمود ،وصالبة الرأي ،فيتعصب آلرائه ولماضيه
الذي يمثّل له مرحلة القوة ،والمكانة االجتماعية ،والحيوية ،وايجابية العمل ...الخ
أن اإلنسان الذي تجاوز عمره الخامسة والخمسين ،يكون قد اعتاد علىكما ّ
القيام بأنشطة وأعمال روتينية معينة ،ويكون من الصعب عليه أن يغيرها ويستبدلها
بأنشطة جديدة ،لذا فهو يميل إلى االستمرارية في نوعية سلوكياته وأنماطها (عبد
السالم ،2006 ،ص 36؛ السباسيسي ،1983 ،ص.)14
د -تقلص أو انعدام االهتمامات الترويحية لكبار السن
وخصوصاً ما يحتاج فيها إلى جهد ذهني أو بدني ،ولذلك فإن أغلب المسنين
يهتمون بالنواحي الدينية.
هـ -تزداد االتجاهات النفسية االجتماعية رسوخاً
ففي مرحلة الشيخوخة تصبح االتجاهات أكثر مقاومة للتغير ،وال سيما تلك
التي تدور حول الموضوعات السياسية والنظم االجتماعية السائدة.
204
3-2الخصائص النفسية لدى كبار السن
تؤثّر عملية الشيخوخة في الحياة االنفعالية والنفسية والسلوكية لكبار السن،
فالزيادة في الشعور بالوحدة وعدم األهمية الناتجة عن فقدان الدور االجتماعي
والبعد عن المجتمع ،تقود إلى عدم الثبات االنفعالي والقلق لديهم.
أن التغيرات النفسية للشيخوخة ال تنفصل
ويؤ ّكد فضالى ( ،1997صّ ،)27
عن التغيرات االجتماعية ،بل هي على عالقة وثيقة وترتبط بعضها ببعض.
فالتوافق – على سبيل المثال -يتضمن الجانبين ،النفسي واالجتماعي معاً.
بأنها" :حالة من
وقد ظهر هذا واضحاً في تعريف للشيخوخة من الناحية النفسية ّ
االضمحالل تصيب إمكانات التوافق النفسي واالجتماعي للفرد ،فتق ّل قدرته على
استغالل إمكاناته الجسمية والعقلية والنفسية في مواجهة ضغوط الحياة لدرجة ال
يمكن معها تحقيق قدر مناسب من اإلشباع لحاجاته المختلفة".
ويرى "شاذلى" ( ،)2001ا
أن تدهور القدرات الجسمية والعقلية المعرفية ،يؤثر
بشكل كبير في عملية التوافق النفسي االجتماعي لدى المسنين ،وما ينجم عنهم من
ردود أفعال تتراوح بين الشفقة والسخرية؛ مما يثير لديهم شعو اًر باأللم النفسي.
هم التغيرات والخصائص النفسية عند المسنين فيما يلي:
وتتمثل أ ّ
-ظهور مشكالت الصحة النفسية :التي تتمثل في ضعف الثقة بالنفس،
والحساسية الزائدة ،والمعاناة من نوبات البكاء أحياناً ،والقلق ،والخوف.
الحس ،والتمركز
ّ -الخمول وبالدة الحس :إذ تتميز انفعاالتهم بالخمول وبالدة
حول الذات ،وكذلك ضعف القدرة على التحكم فيها وضبطها.
-انتشار األمراض النفسية :ومن أكثر األمراض النفسية شيوعاً ذهان الشيخوخة،
وخلل الذاكرة ،والنسيان ،واألمراض السيكوسوماتية (األمراض النفسية الجسمية).
عرف "النكوص" ،regressionعند كبار السن ،بأنه عودة المسن -النكوص :ي ّ
إلى أساليب طفولية من السلوك والتفكير واالنفعال حين تعترضه مشكلة ما.
205
و"النكوص" عموماً هو" ،مصطلح في علم التحليل النفسي ،يلجأ فيه الفرد إلى
الرجوع أو التقهقر إلى مرحلة سابقة من مراحل العمر ،وممارسة السلوك الذي كان
يمارسه في تلك المرحلة العمرية ،ألن هذا السلوك كان يحقق له النجاح في تلك
الفترة ،إذ كان بمثابة سلوك مريح وممتع يشعره باألمان".
" -صراع األجيال" :صراع األجيال ،conflict of generationsهو مصطلح
يستخدم لوصف االختالفات بين األفراد من جيل الشباب وكبار السن ،وال سيما بين
األطفال وجيل آبائهم.
شاع المصطلح ألول مرة في البلدان الغربية خالل الستينات ،ووصف الفروق
الثقافية بين الشباب وآبائهم .https://ar.wikipedia.org
206
إالّ ّأنه -في بعض األحيان -قد تزداد مهارات كبار السن بتقدم الزمن ،وتزداد
قدراتهم اإلبداعية ،مع حاجاتهم إلى فرص جديدة للتعلم تكون ذات صلة بالخبرات
الماضية (عبد السالم ،2006 ،ص 26؛ السباسيسي ،1983 ،ص.)14
يعد خيال كبار السن قوياً وال يتصف بالضعف ،بل عل العكس يزداد
ّ -
النشاط التخيلي لديهم اعتماداً على الماضي وخبراته ،وفي نفس الوقت بإمكانهم
تركيب صو اًر خيالية متعددة .وهنا يمكن أن نتساءل :إذا كان خيال المسنين بهذه
الصورة ،فلماذا نرى أن إنتاجهم وابداعهم ليس بنفس الكم وبنفس الجودة التي كانت
متوفرة لهم قبل الدخول في مرحلة الشيخوخة؟
وفي الواقع ،إن ذلك ال يتعلق بضعف الخيال ،وانما يتعلق بضعف البنية
الهمة ،والشعور باليأس والقنوط ،وعدم
والعوامل الوجدانية ،كانخفاض النشاط و ّ
تشجيع المحيطين بهم ،أو عدم قدرتهم على الوقوف على آراء اآلخرين بسبب
انقطاعهم عنهم (فتاوي ،1987 ،ص.)34
-يتسم التفكير بالنسبية :فكبار السن هم أكثر تقبالً لوجود أنساق معرفية
متناقضة ومتعارضة ،ويسعى تفكيرهم إلى إحداث التكامل والتركيب بين جوانب
المعرفة المتناقضة ،للوصول إلى تكوين جديد أكثر شموالً .كما تلعب العوامل
الثقافية دورها في تحديد تفكير المسن ،ولع ّل أهمها:
(أ) درجة التقدم الثقافي في المجتمع.
تعرض لها كبير السن في مراحل عمره المختلفة. (ب) منظومة التعليم التي ّ
(ج) نمط القدرات العقلية التي يهتم بها هذا التعليم ويركز عليها.
(د) أهمية الرصيد المعرفي الذي يتراكم من خبرات التعلم مدى الحياة.
-يتسم الذكاء بالتدهور :وخصوصاً بعد سن الستين .ولقد رسم علماء النفس
صور التدهور الذي يط أر على القدرة المعرفية ،واعتمدوا على تحليل نتائج عالمات
اختبار الذكاء التي تظهر نمط التدهور.
207
الرسم البياني ( :)1العالقة بين درجات الذكاء والعمر على مقياس
ويوضح الرسم البياني ( )1تغير األداء على اختبارات الذكاء ،إذ يشير إلى
انحدار وتباطؤ في الذكاء مع التقدم في العمر.
-صعوبة في ح ّل المشكالت :غالباً ما تتسم مرحلة التقدم في العمر باإلعاقات
المعرفية ،cognitive deficitsفالمسنون يجدون صعوبة في عملية حل
المشكالت ،وتكوين المفاهيم.
208
-هبوط في إتمام المهام واكمالها :يحدث هبوط عام في القدرة على النجاح في
إتمام المهمات التي تتطلب السرعة ،والمهمات التي تعتمد على األداء (مثل تركيب
المكعبات).
-قلّة المرونة البصرية-الحركية :يواجه كبار السن صعوبات في المهمات التي
تتطلب الربط أو التنسيق ما بين الفعاليات البصرية والحركية ،أو ما يعرف بالمرونة
البصرية-الحركية ،visual-motor flexibilityوتتضمن تحويل المعلومات
البصرية إلى استجابات حركية جديدة.
-تراجع في عملية التذكر :وفيما يتعلق بقدرات كبار السن في النشاط العقلي
المتمثل في عملية "التذكر" ،memoryفإنها تقل مع التقدم في العمر ،إذ إ ّن
ألنظمة التخزين في الذاكرة نوعان ،هما :التذكر قصير األمد short-term
،memoryوالتذكر طويل األمد .long-term memory
يتضمن التذكر قصير األمد ،أحداثاً ووقائع حديثة ،أو معلومات جديدة
استعملت في فترة قصيرة من الزمن .وهذا النوع من التذكر ينحدر عند كبار السن،
ويتأثر بالشيخوخة أكثر من التذكر طويل األمد ،وعلى هذا فإن كبار السن يجدون
صعوبة في تخزين واسترجاع معلومات مكتسبة جديدة.
أما التذكر طويل األمد ،فهو يتضمن المعرفة والخبرات المتراكمة خالل امتداد
ّ
الحياة ،وال يتأثر بشكل كبير مع التقدم في العمر ،إالا إذا تعرض المسن للمرض.
إن أكثر القدرات انحدا اًر في مرحلة الشيخوخة،
-هبوط في القدرة على االستداللّ :
هي القدرة االستداللية (االستنتاجية) ،وذلك لحاجتها إلى العمليات العقلية العليا ،إذ
أن القدرة االستداللية تظ ّل في نموها حتى يصل الفرد إلى
أ ّكدت دراسة "سبيكمان" ّ
عمر ( )50سنة ،ثم تبدأ بعد ذلك باالنحدار (السباسيسي ،1983 ،ص 14؛ عبد
السالم ،2006 ،ص .)28ويبين الرسم البياني ( )2معدل انحدار هذه القدرات مع
العمر الزمني.
209
الرسم البياني ( :)2يبين معدل انحدار أهم القدرات العقلية األولية تبعاً لزيادة العمر
أما القدرة العددية فال تتأثر كثي اًر بزيادة العمر الزمني،
-القدرة العددية واللفظيةّ :
أن قدرات كبار السن تحتفظ بحيوتها وكذلك القدرة اللفظية ،إذ تشير الدراسات إلى ّ
فيما يختص باستخدام اللغة والمعلومات العامة ،ويمكن تفسير ذلك إلى الدافع
والتدريب واعتماد الفرد في حياته على األرقام واأللفاظ.
-صعوبة عملية اإلدراك :من أهم العوامل التي تؤثر في عملية اإلدراك عند كبار
السن ،ضعف الحواس ،فتزداد صعوبة عملية اإلدراك وتكثر به األخطاء ،ولذلك
تتطلب وقتاً أطول عما كانت تتطلبه وهم في مرحلة الرشد (فتاوي ،1987 ،ص32
؛ عبد السالم ،2006 ،ص.)28-27
210
العوامل المؤثرة في الخصائص العقلية المعرفية
مهمة تؤثر بشكل كبير في الوظائف المعرفية عند المسنين
هنالك ثالثة عوامل ّ
وهي تتمثل في؛ التعليم ،educationوالصحة ،healthوالعمل .work
أوالً -التعليم
تشير معظم األدلة والمعطيات إلى أن األجيال التي أثبتت نجاحها في القرن
الماضي هي التي كانت أفضل في تعليمها .فكبار السن الناجحين في حياتهم هم
في الغالب من الذين تلقوا التعليم الجامعي عندما كانوا شباباً ،بالمقارنة مع آبائهم
أن الخبرات التعليمية ترتبط إيجابياً مع
وأجدادهم ،وتشير معظم الدراسات إلى ّ
الدرجات المرتفعة على مقاييس الذكاء ومهام معالجة المعلومات.
وقد يسعى كبار السن من أجل الحصول على التعليم لعدة أسباب منها:
-1لتحقيق فهم أفضل عن طبيعة مرحلة الشيخوخة وخصائصها.
-2لتعلم المزيد بخصوص التغيرات االجتماعية والتقنية التي يمكن أن تحدث
تغيرات مفاجئة في حياتهم.
-3الكتشاف المعرفة وتعلم المهارات ذات الصلة المباشرة بتعاملهم مع
المتطلبات االجتماعية والمهنية في حياتهم الالحقة.
-4لمعرفتهم بأنهم يحتاجون إلى معرفة أكثر وأفضل من أجل البقاء في
مهنتهم ومواجهة التحديات والمنافسات المستقبلية.
أما
ألن العديد منهم اختاروا مهناً وأعماالً عندما كانوا مراهقين أو راشدينّ ،
ّ -5
عندما أصبحوا مسنين فإن معظمهم مهنهم قد اندثرت ولم تعد موجودة بسبب
طرت على جميع مفاصل الحياة ،لذلك فإن التعليم يمكنهم
التغيرات التقنية التي أ
من اكتشاف وتطوير ذواتهم بما يسمح لهم بملء الفراغ والفجوات في معرفتهم
ويمكنهم من التكيف األفضل لحياة التقاعد بعد العمل.
211
ثانياً -الصحة
تشير العديد من الدراسات إلى أن كل أجهزة الجسم البيولوجية والفيسيولوجية
تتأثر بالتقدم في العمر ويبدأ اإلنسان في اإلصابة باألمراض التقليدية الخاصة بتقدم
العمر .فأمراض القلب والشرايين والسكر وارتفاع ضغط الدم يعرفها كثير ممن دخلوا
سن ( )60سنة.
وأوضحت الدراسات أن األجيال األكثر نجاحاً ،هي التي تمتلك صحة أفضل
في المراحل المتقدمة من العمر ،ويكون لديها قدرة على التعامل مع األمراض التي
تتطور الحقاً (ارتفاع ضغط
ّ قد يصابون بها بشكل أفضل ،التي من المحتمل أن
إن مثل هذه األمراض ،تكون تأـثيراتها السلبية كبيرة على األداء العقلي للفرد
الدم)ّ ،
وخصوصاً "األداء اإلدراكي".
إذ ّبينت إحدى الدراسات ،ارتباط ارتفاع ضغط الدم بانخفاض األداء على
مقياس "وكسلر" للذكاء لدى عينة من األفراد بعمر ( )60سنة ،وفي دراسة أخرى،
ارتبطت الصحة والنشاط الجسدي إيجابياً مع األداء المعرفي لدى المسنين.
ثالثاً -العمل
أن األجيال التي أثبتت نجاحها في الحياة هي من يمتلك عدة ّ
أكدت دراسات ّ
خبرات عمل تشتمل على الجهد الموجه معرفياً .فأجدادنا وآبائهم كانوا أكثر اعتماداً
على جهدهم اليدوي بالمقارنة مع آبائنا الذين امتهنوا مهناً ذات جهد معرفي.
إذ ّإنه عندما استبدل المجتمع الصناعي بمجتمع معلوماتي ،امتلكت األجيال
الجديدة خبرات أكثر في المهن التي تتطلب توظيف معرفي كبير.
فزيادة التركيز على معالجة المعلومات في المهن من شأنه أن يزيد من
احتمالية رفع القدرات العقلية المختلفة للعاملين فيها (العبيدي ،2012 ،ص73؛
حافظ ،د.ت ،ص.)17-16
212
5-2الخصائص االنفعالية لدى كبار السن
تميل انفعاالت كبار السن إلى تلخيص السلوك االنفعالي لمراحل الحياة كلّها
في مرحلة واحدة ،فهي مزيج من انفعاالت الحياة من طفولتها إلى شيخوختها ،وقد
يحدد نوعها ،وظهور بعضها واختفاء بعضها اآلخر ،مدى تكيف الفرد مع نفسه
أهم انفعاالت الطفولة التي تعود
وبيئته ،ومدى تقبله لآلخرين .وباإلمكان تلخيص ّ
إلى الظهور مرة أخرى في الشيخوخة ،في النواحي اآلتية:
-1انفعاالت المسنين ذاتية المركز ،تدور حول أنفسهم أكثر مما تدور حول
غيرهم ،وتؤدي هذه الذاتية إلى نمط من السلوك األناني الذي قد ال يتفق في مظهره
العام وما يتوقعه األحفاد من سلوك األجداد.
-2ال يتحكم كبار السن تحكماً صحيحاً في انفعاالتهم المختلفة ،شأنهم في
ذلك شأن األطفال الذين يعجزون عن ضبط عواطفهم ،وعندما يغضب المسنون
فإنهم غالباً ما يثورون كاألطفال.
-3يقف المسنون أحياناً من البيئة المحيطة بهم موقفاً سلبياً ،ال ينفعلون لها
أو معها ،وكأنهم بذلك يعبرون عن الهوة الكبيرة التي تفصلهم عن األجيال األخرى
التي تضطرب بها الحياة من حولهم.
-4تتصف انفعاالت كبار السن بالخمول والبالدة ،وقد يرجع هذا الشعور
والسلبية إلى عدم إدراك المسنين للمسؤولية التي تواجه من يحيطون به.
-5يخطئ كبار السن في إدراكهم للموقف المحيط بهم ،لذلك تظهر انفعاالتهم
بشكل ال يتناسب ومقومات الموقف الذي أثار في نفوسهم هذا االنفعال.
بأنهم مظلومون في حال لم يتقبل اآلخرون مواقفهم،
-6يشعر كبار السن ّ
ويؤدي بهم ذلك الشعور إلى اإلحساس العميق بالفشل.
وتتشابه انفعاالت المسنين مع انفعاالت المراهقين في النواحي اآلتية:
213
(أ) المسنون مترددون في كثير من انفعاالتهم ،شأنهم شأن المراهقين قبل أن
يصل يهم نموهم االنفعالي إلى النضج الذي تتطلبه طبيعة نموهم ومطالب حياتهم.
(ب) تتميز انفعاالت الشيخوخة في بعض نواحيها بصور مختلفة من االندفاع
العاطفي الذي به تتميز انفعاالت المراهقة.
(ج) وكما يحاول المراهق أن يفرض شخصيته ليؤكد ذاته كي يتخلص من
خضوع الطفولة ،كذلك يحاول كبير السن أن يفرض شخصيته في سيطرة غريبة
إلبعاد الظن أنه بدأ يضعف ويهرم (سليم ،2002 ،ص.(510
اآلثار النفسية للتغيرات التي تط أر على المسنين
إن جميع التغيرات التي تحدث لدى كبير السن في جوانب شخصيته ،تؤثر فيً
حالته النفسية ،وذلك نتيجة لتداخل جوانب النمو العضوي والوظيفي .إذ تؤ ّكد
دراسات الصحة النفسية ،أ ّن األمراض النفسية ذات المنشأ العضوي "األمراض
الذهانية" ،تع ّد من األمراض النفسية الشديدة ،وتكون فرص الشفاء منها قليلة ،وفي
ذات الوقت ،حدد األطباء أمراضاً عضوية كثيرة منها ضغط الدم ،ومرض السكر،
وآالم المعدة ،والسكتة القلبية ،والشلل الهستيري ،وتصلب الشرايين ،وبعض
األمراض الجلدية ،كل هذه األمراض قد يصاب بها الفرد نتيجة ألسباب نفسية،
إضافة إلى أنها قد تنشأ ألسباب عضوية.
إن تدهور الصحة البدنية العامة لدى المسن ،وت ازيـد المرض ،وفقدان العمل
ّ
كل ذلك يؤدي بالمسن إلى أنماط سلوكية انفعالية واجتماعية غير سوية ،كالخوف
من المجهول والقلق الدائم والصراع بين القديم والحديث والتوتر والحساسية
االنفعالية ،وعدم الثقة باآلخرين ،والشك في نواياهم.
إن كل هذه األنماط السلوكية تحدث نتيجة للتغيرات البدنية والعقلية التي تحدث
ّ
لكبير السن التي يصنفها علماء النفس وأطباء الصحة النفسية ضمن االنحرافات
السلوكية أو األمراض النفسية (أبو جعفر ،2014 ،ص.)160-159
214
الفصل العاشر
تمهيد
سن عند فقدانه اإلحساس بقيمته ومكانته وتقديره من قبل أفراد
تبدأ معاناة الم ّ
أسرته ومجتمعه .وتتخصص هذه المعاناة في مشكالت مختلفة تأخذ أشكاالً عدة،
فمنها ما هو شخصي يتعلق بذات المسن ،ومنها ما هو اجتماعي ونفسي تتعلق
بظروفه المتغيرة كعضو في أسرة وجماعة ومجتمع .ويمكنن إيجاز أنواع المشكالت
المرتبطة بالتقدم في العمر كاآلتي:
215
أشكال اإلساءة الموجهة ضد كبار السن
من المتفق عليه أن العنف ضد المسنين يمكن أن يكون بارتكاب عمل إجرامي
ضدهم ،أو بإغفالهم وتركهم واهمالهم ،ويمكن أن يكون ذلك مقصوداً أو غير
مقصود ،وقد يكون انهاكاً ذا طبيعة بدنية ،كما يمكن أن يكون نفسياً ،أو أن يشتمل
على اإلساءة المالية ،أو أي شكل من أشكال اإلساءة بالتعامل المادي.
أ .سوء المعاملة الجسدية (االنتهاك الجسدي) :وهي استعمال العنف ضد كبير
السن والضرر الذي يلحق به من الناحية البدنية ،كضربه أو تقييد حركته ومنعه من
مغادرة المنزل مثالً.
ب .سوء المعاملة النفسية (االنتهاك النفسي) :ويشمل اإلهانة والتأفف والتجريح
اللفظي أو توجيه الشتائم أو الصياح في وجوههم ،وكذلك تعرضهم للتهديد والسخرية
واأللقاب المهينة ،والمبالغة في لومهم ،وارتفاع نبرة الصوت ،واإلهمال العاطفي.
ويعد هذا الشكل من سوء المعاملة (العنف النفسي) خطي اًر جداً لما له من أضرار
نفسية ،مما يشعر المسن بالدونية وعدم االهتمام.
جـ .سوء المعاملة المادية (االستغالل واالبتزاز) :كالسيطرة على أموالهم
وممتلكاتهم ،وتجريدهم منها واجبارهم للتنازل عن أمالكهم باستخدام القوة ،وكذلك
حرمانهم من التصرف في مدخراتهم ،وهم في حالة ضعف ال يملكون القوة للدفاع
عما لديهم ضد من يستغلهم.
د .سوء االستخدام الطبي :مثل حرمانه من العالج أو األدوية الضرورية
لصحته ،وحرمانه ،على سبيل المثال ،من وسائل التحسين السمعي والبصري.
ه .اإلهمال وعدم العناية بنظافتهم ،ومنع الطعام والشراب عنهم (ابراهيم،
،2008ص 56؛ الشربيني ،1997 ،ص.)157-156
216
-2المشكالت الوظيفية لدى كبار السن
تؤثر المشكالت الوظيفية ،functional problemsعلى أنشطة الحياة
اليومية األساسية ،activities of daily livingمثل االستحمام ،وارتداء المالبس،
وتناول الطعام ،والتزين ...الخ ،وعلى أنشطة الحياة الوسيلية instrumental
،activities of daily livingكالتسوق والتنقل من مكان آلخر ،وركوب وسائل
النقل ،وقيادة السيارة ،وادارة األمور المالية واستعمال الهاتف ،والترويح.
وعادةً تبدأ هذه المشكالت الوظيفية بفقدان القوة وخسارة المعدالت الطبيعية
للحركة ،وبارتفاع معدل الشعور باأللم.
وتعد هذه األعراض من أكثر الخصائص انطباقاً وارتباطاً بالتغيرات الوظيفية
ّ
ويعد العمل بوصفه نشاطاً وظيفياً أكثر عرضة بصورة خاصة
بالتقدم في العمرّ .
آلثار التقدم في العمر.
فإن العديد من
ألن العمل يحت ّل مكانة عالية ويمثّل قيمة بالغة في حياة الفردّ ،
و ّ
كبار السن المصابين باألمراض واإلعاقات يشعرون بالتعب واأللم والضعف.
أن كبار السن غالباً ما يتخلون عن أنشطة
وتشير كثير من الدراسات إلى ّ
الترويح التي كانوا يمارسونها ،كما أنهم يلجؤون للحصول على خدمات مساعدة
أكثر في األنشطة الحياتية الوسيلية.
إضافةً إلى ّأنهم يحاولون الحصول على فترات راحة أطول ،وذلك من أجل
االحتفاظ بقوتهم وامكانياتهم لمواجهة أمورهم بصورة طبيعية (عالء الدين ؛ كفافي،
،2006ص.)35-34
217
-3المشكالت االجتماعية لدى كبار السن
يعاني اإلنسان –عموماً -من الحرمان االجتماعي ،عندما يفقد القدرة على
حرية التواصل االجتماعي ،والمسن يع ّد من أكثر فئات المجتمع تعرضاً للحرمان
االجتماعي ،وذلك نظ اًر لقلة موارده المالية وضعف قواه الجسدية.
حدة المشكالت االجتماعية شعور المسن بالعزلة عن حياة المجتمع،
ويزيد من ّ
واحساسه بعدم النفع ،ويبدأ هذا الشعور بالحرمان االجتماعي من العالقات العائلية
يحد من
التي تشكل جزءاً كبي اًر من نشاطه واهتماماته اليومية ،مما يقيد تحركات و ّ
عالقاته الشخصية بأفراد المجتمع.
وترجع أسباب حدوث المشكالت االجتماعية إلى عدة أسباب ،لع ال أهمها:
-1صعوبة تكيف الفرد في مواجهة متطلبات المتغيرات االجتماعية.
-2عدم مسايرة النظم االجتماعية مع تطورات المجتمع الحديث.
-3التغير االجتماعي.
-4تقلص العالقات االجتماعية إلى حد كبير واقتصارها فقط على األصدقاء
القدامى والمقربين منهم ،وبالتالي حدوث النقص في التفاعل االجتماعي.
انطالقاً من ذلك ،تلخص المشكالت االجتماعية للمسنين في أربعة مظاهر:
أ -صراع القيم بين األجيال وأثره على توازن العالقات األسرية.
ب -الفشل في التوافق االجتماعي.
ج -ضعف القيادة داخل األسرة.
د -االغتراب عن المجتمع :وذلك نتيجة لعدم استجابة المجتمع الحتياجات
المهمة المتعلقة
ّ المسنين ،وعدم توفير الفرص لهم لالشتراك في اتخاذ الق اررات
بإشباع متطلباتهم ،فينشأ ما يسمى باغتراب المسنين عن المجتمع (صباح،2010 ،
ص 456؛ القصابي.)2013 ،
218
ونتيجة الغتراب المسنين عن المجتمع ،تتأثر أدوارهم ومكانتهم ومهاراتهم
االجتماعية على النحو اآلتي:
أوالً -تأثر الدور االجتماعي
يرى "بارسونز" أن حقيقة الوجود االجتماعي تكمن في مستوى الدور
والمكانة التي يحتلها الفرد .إذ إ ّن القرابة ،kinshipواالنتماء ،belonging
1
تعد من أهم الركائز التي يعتمد عليها بناء
والنسق القيمي ّ ، value system
األدوار داخل األسرة .فهي ال ترتبط ،أو يجب أالا ترتبط بالمصلحة النفعية
interestوالفائدة المادية ،بل بالواجبات االجتماعية وعالقة الدم والثقافة.
إالا ا
أن فقدان الدور االجتماعي ،2social roleوالمكانة يعد من التغيرات
الرئيسة التي تحدث في مرحلة الشيخوخة ويكون لها تأثير قوي على الحالة
النفسية لدى المسنين (ابراهيم ،2008 ،ص 55؛ الخطيب.)2008 ،
ثانياً -فقدان المكانة االجتماعية
تعتمد المكانة االجتماعية للفرد في أي جماعة على دوره القيادي فيها،
ويعتمد هذا الدور على ما يقوم به الفرد من خدمات للجماعة التي ينتمي إليها.
وتتأثر المكانة االجتماعية للفرد في جميع مراحل حياته بالمعايير القائمة
والقيم السائدة في المجتمع الذي يعيش في إطاره.
نسق القيم :Value Systemهو مجموعة من القيم والمعايير والمبادئ يتمسك بها المجتمع ،وتنظم 1
مجموعة الواجبات وااللتزامات التي نتوقع أداءها من األفراد مقابل الحقوق والمزايا التي يتمتع بها نتيجة
لشغله موقع اجتماعي معين تجاه أفراد آخرين يشغلون مواقع أخرى من البنية االجتماعية (البربري ،د.ت،
ص.)24
219
وكذلك ينخفض تقديره لقيمة الذات ويظل بال أهداف وال طموحات ،ويفكر
في نفسه بأنه ال قيمة له في المجتمع الذي يعيش فيه .ويفقد المسنون مراكزهم
في العالقات العائلية ويق ّل تأثيرهم على األسرة.
يعد سمةً من سمات التقدم في
فانسحاب المسنون وانقطاعهم عن المجتمع ّ
العمر ،ويؤدي هذا االنسحاب إلى محدودية االتصال بالمجتمع وتدهور
المشاركات االجتماعية ،وقد يرجع ذلك إلى نظرة المجتمع واتجاهاته إلى
االختالط االجتماعي بالمشاركة مع أفراده المسنين.
ويأخذ االنسحاب لدى المسنين شكلين :الشكل األول :يكون بإرادة المسن،
فقد ينسحب حين يشعر أن بعض النشاطات االجتماعية لم تعد تلبي احتياجاته،
فيجد نفسه منعزالً عما يدور حوله .الشكل الثاني :يكون بغير إرادة المسن،
(بسبب التقاعد مثالً) ،إذ يضطر أن يبتعد عن زمالئه بالعمل الذين اعتاد
رؤيتهم دائماً ،أو انتقال أحد الجيران أو األصدقاء المقربين لديه إلى مكان آخر،
أو موت أحدهم أو زواج األبناء وبقائه وحيداً ،أو بسبب عجز المسن وصعوبة
تنقله مما يؤدي لبقائه وحيداً (القصابي2013 ،؛ سواكر وابراهيم.)2015 ،
ثالثاً -تدهور المهارات االجتماعية
تعد المهارات االجتماعية ،أحد العوامل المهمة في تفاعل الفرد مع
ّ
اآلخرين ،والقدرة على االستمرار في هذا التفاعل ،الذي يعتمد نجاحه على
مهارات اللفظية والجسدية للفرد ،ويعد افتقاده لمهارة التفاعل االجتماعي social
،interactionالناجحة مع اآلخرين ،أحد العوامل المؤدية إلى انسحاب الفرد
وشعوره بالعزلة واالستبعاد االجتماعي ،والعجز وعدم التقبل.
220
-4المشكالت النفسية والعقلية لدى كبار السن
تمثل المشكالت النفسية الغالبية العظمى من مشاكل المسنين ،إذ تتفاعل
األسباب الجسمية والعقلية واالقتصادية وتؤثر في حياة كبار السن .وهناك نوعين
من المشكالت النفسية لدى كبار السن ،وهي:
النوع األول :وينتج عن اضطراب فسيولوجي وبيولوجي ،مثل ضمور الخاليا
ونقص في القدرات العقلية أو ضعف في الذاكرة.
النوع الثاني :وينتج عن اضطراب نفسي واجتماعية "سيكوسوماتي" ،ويحدث
نتيجة التغير المفاجئ لكبار السن بعد اإلحالة على التقاعد واإلحساس بالفراغ
الكبير ،وبدء العزلة تدريجياً عن المجتمع (صباح ،2010 ،ص 458؛ مصطفى،
د.ت ،ص.)10
ويرى "الجوير" ( ،)2004ا
أن أهم المشكالت النفسية لدى كبار السن يمكن
إجمالها بما يأتي:
-مشكالت التكيف مع الواقع االجتماعي الجديد ،وعدم القدرة على تحقيق
التوافق المطلوب.
-الالمباالة من جانب المسنين تجاه ما يضطرب حولهم من مشكالت
اجتماعية وسياسية واقتصادية.
-الشك والريبة في اآلخرين.
-الحساسية الزائدة.
-احتمال ظهور األمراض العصابية والذهانية في سن الشيخوخة مثل (القلق،
واالكتئاب ،واألمراض النفسية والجسمية والمخاوف وذهان الشيخوخة ...وغيرها).
-النكوص ،كاإلسراف في العناية بالمظهر الخارجي وتقليد الشباب.
-الشعور بالذنب.
-توهم المرض.
221
-الوسواس القهري.
-احتدام الصراع بينهم وبين األبناء أو األحفاد ،وذلك لتباين األمزجة بين
األبناء وكبار السن ،فكبار السن مثالً ال يتسمون بالمرونة المزاجية ،بل يكون
مزاجهم تبلور على نحو مستقر ال يمكن تغييره.
-أيضاً من المشكالت التي يمكن أن تواجه كبار السن الدخول إلى مؤسسات
إن وضع
الرعاية الخاصة بكبار السن وما يرافقه من تأثيرات سلبية في نفسيته ،إذ ّ
كبار السن في مؤسسات الرعاية قد يكون في ذاته صدمة شديدة لصورتهم عن
أن دخول المسن إلى مؤسسة الرعاية يولّد حالة اكتئاب وضغط نفسي ،حينذاتهم ،و ّ
يطالب بالتكيف مع نمط حياة يختلف بصورة كبيرة عما ألفه سابقاً.
أن المشكالت النفسية تعود لألسباب اآلتية:
ويرى "فهمي" (1999م)ّ ،
إن نقص الحيوية عامة ،يسبب اضطرابات نفسية مع اضطرابات سلوكية، ّ -
إما باالنعزال أو االكتئاب أو بالعدوانية على اآلخرين.
-كبر األبناء واستقاللهم المادي والمعيشي ،واحساس المسن بأنهم لم يعودوا
يحتاجون له ،وخصوصاً إذا شغلت الحياة هؤالء األبناء عن االهتمام والرعاية.
إن فقدان األقرباء واألصدقاء بالوفاة ،يزيد من عزلة كبار السن (القصابي،
ّ -
،2013ص 26؛ ريشان & مغامس ،2017 ،ص.)785
كما ا
أن من صور المشكالت العقلية واالضطرابات النفسية التي يتعرض لها
كبار السن ،اضطرابات الشخصية ،واالضطرابات العاطفية (االكتئاب والحزن
الشديد) ،واالضطرابات العضوية (ألزهايمر) ...وغيرها من المشكالت التي
سنطرق إليها بشكل مفصل فيما يلي:
222
أوالً -خرف الشيخوخة
يزداد انتشار خرف الشيخوخة (الدمنشيا) ،dementiaبشكل يتناسب طرداً
مع تقدم العمر بعد سن الستين ،ويقدر أن حوالى ( )%50-30من المسنين الذين
بلغوا سن الخامسة والثمانين مصابون بدرجة من هذا الخلل أو االضطراب.
إن خرف الشيخوخة هو" ،مصطلح عام يستخدم لوصف مجموعة من ّ
األعراض التي تظهر نتيجة نقص في القدرات العقلية وتدهور في الذاكرة وصعوبة
التفكير والتخطيط ،واضطرابات في القدرة على اتخاذ الق اررات والمهارات الحركية،
وغيرها من وظائف الدماغ العليا".
والخرف (العته) ،هو من أكثر األمراض العصبية شيوعاً في مرحلة
عبر عن حالة مرضية ،وعادةً يكون مزمناً ،وينتج عن أمراضالشيخوخة ،إذ ي ّ
تصيب أنسجة المخ وتؤدي إلى تدهور الوظائف المعرفية (الدسوقي ،د.ت ،ص19
؛ Choices, 2011؛ أبو حامد ،2009 ،ص.)10
ومن أعراض هذا المرض عجز في التعلم ،وعدم القدرة على ح ّل المشكالت،
وانحدار في فعالية االنتباه والوعي بكافة أشكاله ،وفقدان تدريجي للذاكرة ،يفقد معه
المسن القدرة على القيام بأبسط المهام اليومية الضرورية ،فعلى سبيل المثال ال
يستطيع المسن تنظيف أسنانه .ويعتقد أن لهذه األعراض ارتباطاً باضطرابات
الدماغ ،brain disordersوباألمراض ذات العالقة بوجود عجز في وظائف
القشرة الدماغية (الشقيرات والنوايسة ،2002 ،ص 85؛ فرغلي ،2015 ،ص.)12
أعده عالم النفس
يعد اختبار (رسم الساعة) ،clock drawing testالذي ّ
ّ
المصري "عبد القوي" ،من الناحية الشكلية اختبا اًر بسيطاً أو مهمة سهلة ،إالّ ّأنه
الحر للساعة ،مع وضع
ألن الرسم ّتحري بوادر الخرفّ ،اختبار تشخيصي يفيد في ّ
التوقيت عليها ،يشير إلى العديد من الوظائف المعرفية التي تتوزع على أكثر من
منطقة في المخ ،ومن هذه الوظائف:
223
-الذاكرة لالحتفاظ بهذه التعليمات لفترة زمنية معينة.
-القدرة على تشكيل بصري مكاني للساعة.
-مهارات اللغة المسموعة لفهم التعليمات.
-مهارات لغوية لرسم األرقام.
فإن قصور القدرة البصرية
-الوظائف التنفيذية للتخطيط والتنظيم .وعموماًّ ،
فإن البحوث الحديثة تركز
التركيبية يكون مبك اًر في حاالت الخرف ،ونتيجة لذلك ّ
على اختبار رسم الساعة كأداة لقياس هذه الوظيفة لدى المسن (عبد القوي ،د.ت).
وصف اختبار رسم الساعة :تتضمن تعليمات االختبار أن يقدم الفاحص ورقة
بيضاء للمفحوص في حجم ( 28×21سم) ويطلب منه أن يرسم ساعة بكل
األرقام ،على أن تشير العقارب إلى أوقات محددة يقوم الفاحص بتحديدها.
وتصحيح الدرجات يتتم كما يلي:
أن الدائرة والعقارب موضوعة بشكل صحيح
-1الدرجة بين ( ،)10-6تعني ّ
مع بعض االضطراب في وضع العقارب ،على النحو اآلتي:
الوصف الكيفي الدرجة
يكون رسم العقارب ،واألرقام ،والدائرة ،صحيحاً. 10
يوجد بعض األخطاء في وضع العقارب على األرقام ،ويكون العقربان 9
متساويان في الطول.
وجود أخطاء أكثر وضوحاً في وضع العقارب على األرقام ،مع صحة طول 8
العقارب ،ولكن ليسا في منتصف الساعة وانما إلى أعلى.
وجود أخطاء واضحة في وضع العقارب مع حذف بعض األرقام أو تكرارها. 7
عدم استخدام جيد لعقارب الساعة (مثل عرض األرقام أو وضع دائرة على 6
األرقام إشارة إلى وضع العقرب ،أو توصيل األرقام ( 10و ،11أو11و.)2
224
أن رسم العقارب مضطرب بشكل كبير على
-2الدرجة بين ( :)5-1وتعني ّ
النحو اآلتي:
الوصف الكيفي الدرجة
أعداد مزدحمة في جانب واحد من الساعة ،وقلب األرقام ،وتكرارها. 5
غياب الشكل الظاهري للساعة ،األرقام داخل دائرة ،اضطراب وضع 4
العقارب.
األرقام وواجهة الساعة ليستا على اتصال (الدائرة في جانب واألرقام 3
خارجها مثالً).
تمثيل غامض للساعة. 2
عدم االستجابة على اإلطالق ،أو رسم ال يمت للموضوع بصلة. 1
عندما يفشل المسن في هذا االختبار البسيط ،يكون من المطلوب إجراء تقييم
لإلدراك الحقاً بإجراء فحص مصغر للحالة العقلية واالختبار النفسي العصبي
أما إذا استطاع قاد اًر على رسم الساعة ووضع التوقيت المطلوب عليها
للمسنّ .
بشكل صحيح يكون احتمال إصابته بالخرف مستبعداً.
وهناك العديد من أنواع خرف الشيخوخة ،و ّأياً كان نوعها فإنها تؤدي بالنهاية
إلى تدهور مستمر في القدرات العقلية ،وأكثر أنواع الخرف شيوعاً وقسوة هو مرض
ألزهايمر ،Alzheimer diseaseالذي يشكل ( )%70-60من الحاالت
المعروفة ،فهو يسبب تدهو اًر تدريجياً ينتهي بالوفاة ( Choices, 2011؛ الدسوقي،
د.ت ،ص 19؛ فرغلي ،2015 ،ص.)12
225
مرض ألزهايمر
يسمى "مرض ألزهايمر" أيضاً "عته الشيخوخة" ،وهو واحد من أمراض تقدم
السن ويحدث بنسبة ( ) %5فوق سن ( ) 60سنة ،وتزيد احتماالت اإلصابة به
إلى ( )%20فوق سن ( ) 80سنة .يسبب تدهو اًر سريعاً في الحالة العقلية
والسلوكية ووظائف الجهاز العصبي ،ويتم عالج الحاالت باستخدام األدوية ووسائل
الرعاية والتأهيل المختلفة.
بأنه" :مرض دماغي ،يصيب عادة كبار السن ،وهو يختلف
عرف "ألزهايمر" ّ
وي ا
عن حالة ضعف الذاكرة المعتادة في الشيخوخة" ،إذ يصفه الطبيب األلماني "ألويس
ألزهايمر" 1915-1864( Alois Alzheimerم) ،1بأنه "تدهور عقلي وسلوكي
عام ،وليس فقط تدهور في النسيان واضطراب في الذاكرة" .ومرض "ألزهايمر" يشبه
إلى ٍّ
حد كبير حاالت التخلف العقلي في األطفال ،إذ إ ّن القوى العقلية تق ّل عموماً
عن المتوقع في مثل هذا السن ،فيفقد اإلنسان تدريجياً قدراته العقلية ،األمر الذي
يؤثر في نشاطاته اليومية.
بأنه المسبب الرابع للوفاة لدى
صنف مرض "ألزهايمر" – في الوقت الحاليّ -
ي ّ
المسنين في الدول المتقدمة ،بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
وأوضحت اإلحصاءات سنة (2013م) ،ا
أن عدد المصابين بمرض "ألزهايمر"
في العالم يبلغ ( ) 44مليون ،وتقدر هذه اإلحصاءات ارتفاع العدد إلى ( ) 66
مليون بحلول عام (2030م) (الرابطة العمانية للزهايمر ،2014 ،ص 1؛
الشربيني ،2006 ،ص.)7
"ألويس ألزهايمر" 1915-1864( Alois Alzheimerم) :وصف ألول مرة عام ( 1906م)، 1
التغيرات التشريحية المرضية (دراسة مقاطع من النسيج الدماغي بواسطة المجهر) عند مريضة مصابة
بالعته أو الخرف ،وتبلغ من العمر( ) 51سنة وذلك بعدما أخذ خزعة من دماغها عند الوفاة.
226
أليوس ألزهايمر (1915-1864م)
229
-2صعوبة في إتمام األعمال المألوفة
ويقصد بها تلك األمور المعتادة في الحياة اليومية ،كتحضير الطعام ،وتشغيل
األدوات الكهربائية ،واستعمال الهاتف أو تدبير أمور المنزل ،والعناية الشخصية
وارتداء المالبس ،أو إجراء المعامالت الرسمية ...الخ.
-3مشاكل في التفكير المجرد
قد يجد مريض ألزهايمر صعوبة غير عادية في تنفيذ مهام عقلية معقدة ،كأن
يجد صعوبة في التخطيط وح ّل المشاكل التي تواجهه ،وصعوبات في إدارته للمال
واألعمال ،ويكون اتخاذه للقرار بطيئاً وخاطئاً.
-4مشاكل اللغة والتواصل
قد يجد مريض ألزهايمر صعوبة في المتابعة أو المشاركة في حوار أو نقاش
قا ئم ،فيتوقف عن الكالم فجأة في وسط المحادثة ،أو يكرر نفس الجملة ،ويصعب
عليه تذكر أو إيجاد الكلمات المناسبة -وال سيما أسماء األشياء -فيستبدلها بكلمات
أخرى خاطئة غير مفهومة ،أو قد يسمي األشياء بغير مسمياتها (كأن يطلق على
"الساعة" اسم "منبه يد" مثالً) ،أو قد ال يجد أية كلمات على اإلطالق ،وقد تصل
الحالة إلى مرحلة يندر فيها جداً تواصل الفرد من خالل اللغة.
-5فقدان األشياء الشخصية واتهام اآلخرين بأخذها
يقوم المسن بوضع أغراضه الشخصية في مكان ما ،ثم ينسى موضعها
ويفقدها ،وقد يتهم أفراد أسرته أو عمالة منزله بأخذها ،وربما يخاصمهم أو يظن
أنهم يتآمرون ضده.
-6التغيرات في الشخصية
تتغير شخصيات مرضى ألزهايمر بسرعة فقد يصبحون مشوشين كثي اًر ،أو
خائفين يصرون على بقاء أحد أفراد األسرة معهم طوال الوقت ،أو حذرين من
اآلخرين ،أو يصبحوا منغلقين على أنفسهم.
230
-7االنسحاب من العمل واأل نشطة االجتماعية
يصبح مريض ألزهايمر أحياناً غير مبال فيفضل االنعزال عن الناس ،وترك
العمل ،فيجلس أمام التلفاز لساعات طويلة وينام لوقت أطول من المعتاد.
-8التغيرات في المزاج والسلوك
قد يظهر المصاب بمرض ألزهايمر تقلبات سريعة في المزاج ،من الهدوء إلى
البكاء إلى الغضب ،بدون أي سبب ظاهر (الرابطة العمانية للزهايمر،2014 ،
ص 6-3؛ أبو حامد ،2009 ،ص.)17
مراحل تطور مرض ألزهايمر
يتطور ألزهايمر على ثالث مراحل ،وهي متواصلة ،أي ال ينتقل المرض من
ّ
مرحلة ألخرى بشكل مفاجئ ،بل بشكل تدريجي وبطيء خالل عدة سنوات:
المرحلة األولى (مرض ألزهايمر الخفيف)
وهي المرحلة المبكرة للمرض ،إذ تق ّل حيوية المريض وعفويته ،ويبدأ المرض
تدريجياً بتغيرات صغيرة جداً في قدرات الفرد وسلوكه ،وكثي اًر ما تعزى مثل هذه
العالمات بالخطأ إلى الضغوط أو فقدان شخص عزيز أو إلى عملية الشيخوخة
الطبيعية لدى كبار السن ،وكثي اًر ما ال نالحظ احتمال كون هذه األعراض بداية
الخرف ،إالّ عندما نتأمل في الماضي ونقارن قدرات الفرد الحالية بالسابقة.
يع ّد فقدان الذاكرة لألحداث والتفاصيل األخيرة من األعراض األولى الشائعة،
وقد يبدو على المريض إعادة نفس الكالم وفقدان الرغبة في تجريب أشياء جديدة،
وفقدان سلسلة األفكار فيما يقال ،كما يرافق ذلك تقلب في المزاج وحالة من
الالمباالة لما يحدث ،ويتهرب المريض من كل شيء جديد ،ويفضل األشياء
المألوفة لديه ،ويصيبه تخلط ذهني وتراجع في القدرة على اتخاذ الق اررات .ويمكن
أن تستغرق هذه المرحلة الخفيفة من المرض من سنتين إلى أربع سنوات تقريباً.
المرحلة الثانية (مرض ألزهايمر المعتدل)
231
يستطيع المريض في هذه المرحلة إنجاز بعض المهام البسيطة ،ولكن مع
تطور المرض وظهور تغيرات أكثر وضوحاً ،يحتاج المريض إلى المزيد من الدعم ّ
لمساعدته على تدبير المهام األكثر تعقيداً في حياته اليومية.
ويحتمل أن يصبح أكثر نسياناً – وال سيما األسماء – وقد يكرر أحياناً نفس
السؤال أو العبارة عدة مرات ،بسبب تدهور الذاكرة قصيرة المدى ،كما قد يفشل
أيضاً في التعرف على األفراد .ويصبح بعض المرضى في هذه المرحلة سريعي
االنزعاج أو الغضب أو العدوانية؛ ربما بسبب شعورهم باإلحباط أو قد يفقدون ثقتهم
بالنفس .كما أنه قد يعرض نفسه واآلخرين للخطر بسبب النسيان (كأن ينسى عدم
إقفال الغاز في الموقد بعد االنتهاء من الطبخ) .وتزداد مصاعب المريض عند
استخدام وسائط النقل العامة ،وينسى غالباً دفع ثمن البطاقة .وغالباً ما يستمر
المرض في هذه المرحلة لمدة تتراوح بين السنتين إلى عشر سنوات.
المرحلة الثالثة (مرض ألزهايمر الشديد)
وهي المرحلة النهائية واألخيرة ،وفيها يحتاج مريض ألزهايمر إلى المزيد من
كلياً على اآلخرين .وقد يصبح فقدان الذاكرة
العناية ،وتدريجياً يصبح معتمداً ّ
واضحاً جداً ،فال يتمكن المريض من التعرف على األشياء أو البيئة المحيطة أو
حتى على أقرب المقربين إليه ،إالّ أنه ربما تكون هناك ومضات فجائية يتعرف فيها
على اآلخرين .وتشمل األعراض األخرى صعوبة في األكل وأحياناً البلع ،ويصاب
عادة بإنتان رئوي بشكل متكرر بسبب دخول أجزاء من الطعام والشراب إلى الطرق
التنفسية عند األكل ،إضافة إلى نقص كبير في الوزن ،مع تحوله إلى طريح الفراش
وفقدان القدرة على التحكم في المثانة وأحياناً في األمعاء .ومن الممكن أن المرحلة
الحادة تستمر من ( )3-1سنوات أو أكثر (فريق الطب النفسي للمسنين 2014 ،؛
بو عالوي 2008 ،؛ أبو حامد.)2009 ،
232
تشخيص وعالج مرض ألزهايمر
يعتمد تشخيص المرض على التأريخ المرضي من خالل السؤال عن التطور
الزمني لألعراض ومدى تأثيرها على حياة المريض.
كما يعتمد على االختبارات النفسية العصبية ،والتحاليل المخبرية واألشعة التي
تساعد على استبعاد األمراض واالضطرابات المشابهة .والتشخيص المبكر مهم
جداً ،إالّ أنه في حاالت كثيرة يتأخر التشخيص وذلك بسبب عدم التفريق بين
أعراض المرض وبعض الصعوبات اإلدراكية التي تحدث بسبب التقدم في العمر
(الرابطة العمانية للزهايمر.)2014 ،
إن التداخالت الدوائية وغير الدوائية المتاحة حاليا تخفف من تدهور األعراض
ّ
أن خدمات المساندة والدعم بإمكانها جعل الحياة
لدى مريض ألزهايمر ،إضافةً إلى ّ
أفضل لماليين الناس الذين يتعايشون مع مرض ألزهايمر.
وهناك ثمة تصاعد متزايد في الجهود العالمية الحالية إليجاد طرائق أفضل في
معالجة المرض والحد من تطوره .ويمكن أن يساعد العالج على إبطاء تطور
ألن ضمور الخاليا العصبية في المخ
ألزهايمر ،ولكن ال يمكن الشفاء من المرضّ ،
يؤدي إلى تقلصه وفقدان مظهره المتجعد.
233
ثانياً -اكتئاب الشيخوخة
يعد "االكتئاب" ،depressionمن المشكالت النفسية التي تواجه األفراد
ّ
بشكل كبير في البيئات المختلفة ،ويحظى بأهمية كبيرة في الدراسات التي تجري
بشكل واسع ،سواء في تشخيصه أم منع اإلصابة به أم معالجته ،أم بناء األدوات
والمقاييس التي تكشف عنه.
ويستخدم مصطلح االكتئاب على نطاق واسع في اللغة اإلنكليزية واللغات
األجنبية األخرى للتعبير عن االكتئاب النفسي ،وعن بعض المعاني األخرى في
المناسبات المختلفة ...ففي علم االقتصاد يدل هذا المصطلح على الكساد
واالنكماش في المعامالت المالية ،وفي علم األرصاد الجوية هو تعبير عن حالة
الطقس ،ويعني حدوث منخفض جوي ،وفي علم وظائف األعضاء هو تعبير عن
تناقص في وظائف بعض األجهزة الحيوية.
أما في الطب النفسي فإن االكتئاب هو" ،حالة مزاجية ذات أعراض خاصة
ّ
تظهر على شكل اضطرابات عقلية ،يمكن تشخيصها باختبارات االكتئاب".
في حين أن الدليل التشخيصي لالضطرابات العقلية ،يميز بين نوعين من
االكتئاب هما :االكتئاب األساسي ،major depressionوعسر المزاج
.dysthymia
يعرف على " ّأنه نوبة اكتئابية تـستمر علـى األقل
فاالكتئاب األساسيّ ،
أسبوعين ،وتتضمن على األقل خمسة أعراض من األعراض اآلتيـة :المـزاج
المتردي ،فقدان االهتمام والبهجة في معظم األنشطة ،نقص الوزن أو زيادته،
النفسي الحركي ،اإلجهاد ،فقدان الطّاقة ،ال ّشعور بعدم
النـوم ،التّهيج ّ
اضطرابات ّ
األهمية ،فقدان القدرة على التركيز ،والتفكير بالموت".
فيعرف على ّأنه "اضطراب مزمن للمزاج يـستمر لمـدة سنتين
أما عسر المزاجّ ،
ّ
على األقل شرط أال يصل إلى مرحلة االكتئاب الرئيس ،ويظهر على المريض
234
النوم،
عرضـين من األعراض التالية :فقدان ال ّشهية أو الزيادة فيها ،اضطرابات ّ
االنخفـاض فـي الطّاقـة واإلجهاد ،انخفاض في درجات مفهوم الذات ،فقدان التّركيز،
الصعوبة في اتخاذ القرار ،وال ّشعور بفقدان األمل.
وعموماً يمثّل االكتئاب حالة انفعالية يشعر فيها الفرد بالحزن ،وفقدان السعادة
واالنسحاب االجتماعي وفقدان األمن واإلحساس بعدم القيمة وفقدن األمل في
المستقبل ،هذا إضافةً إلى عدم القدرة على اإلنجاز ،وزيادة الحساسية االنفعالية
والشعور بالوحدة النفسية ،1والشعور بالذنب نحو الذات واآلخرين (الجندي،2008 ،
ص 174؛ الشربيني.)2004 ،
الشعور بالوحدة النفسية :Feeling of lonelinessهو "شعور الفرد بالنبذ والعزلة والرفض 1
واحساسه بعدم كفاءته إلى جانب شعوره بعدم الثقة بالنفس وعدم تقدير اآلخرين آلرائه ،وانعدام القدرة لديه
على االرتباط العاطفي االجتماعي" (حدواس ،2013 ،ص.)20
235
تعريف اكتئاب الشيخوخة
اكتئاب الشيخوخة هو االكتئاب الذي تظهر أعراضه ألول مرة بعد عمر
الستين فـأكثر ،وال تختلـف أعراضه في الجوهر عن أعراض االكتئاب الذي يصيب
ولكن االختالف يكمن في التغيرات المرتبطة بمرحلـة الـشيخوخة
ّ غير المسنين،
).(American Psychiatric Association, 2000
فإن الشيخوخة
أن االكتئاب يحدث في مختلف مراحل العمرّ ، وعلى الرغم من ّ
وما يحدث فيها من تغيرات جسدية ونفسية تكون سبباً في زيادة احتماالت اإلصابة
باالكتئاب.
أن نسبة اإلصابة باكتئاب الشيخوخة تتراوح بين
إذ تشير بعض الدراسات إلى ّ
( )%36-7بين المسنين الذين تزيد أعمارهم عن ( )65سنة في حين تصل هذه
النسبة إلى ( )%40بين المسنين الذين يعانون من أمراض مزمنة ،وتصل إلى
( )%50بين الذين يعانون من مرض ألزهايمر Alzheimer's diseaseأو
باركنسون ( Parkinson's diseaseالجندي 2008 ،؛ الشربيني،2004 ،
ص 212؛ الشربيني ،2015 ،ص.)104
236
أسباب اكتئاب الشيخوخة
لكن االكتئاب
أن االكتئاب جزء طبيعي من التقدم في العمرّ ،هناك من يعتقد ّ
ليس محتّماً مع كبر السن ،وهناك عدة أسباب وراء االكتئاب في الشيخوخة ،أهمها:
-1المرض الجسدي والضعف :قد يحدث االكتئاب مع تراكم األمراض
والعلل ،وأكثرها شيوعاً في هذه المرحلة ،داء ألزهايمر ،مرض باركنسون ،ومرض
أن هناك بعض األدوية التي تسبب االكتئاب أو تجعل
القلب والسرطان .إضافةً إلى ّ
كبار السن أكثر عرضة لالكتئاب (أبو العزايم ،2016 ،ص.)16
-2الملل :يصيب الملل كبار السن بسبب ما آل إليه وضعهم وحالتهم
الصحية واالجتماعية ،وهم دائماً يشكون من األمراض التي أصابتهم ويتحدثون
عنها طويالً ،وهذا من شأنه أن يبعث على الملل في صغار السن الذين ال يحبون
االستماع إلى هذه األحاديث.
أن الملل الذي يعاني منه المسنون من نمط حياتهم يدفعهم إلى االحتجاج
كما ّ
على كل شيء من حولهم .ويكون للفراغ الذي يحدث عقب التقاعد من العمل أسوأ
األثر في الحالة النفسية لكبار السن ،فالتقاعد يؤدي إلى نقص الدخل المادي
واالعتماد على اآلخرين في أداء الكثير من متطلبات الحياة ،وفقدان العالقات
االجتماعية مع األهل واألقارب نتيجة انشغالهم عن كبار السن.
إن مجال العالقات االجتماعية
-3العزلة االجتماعية والبعد عن المجتمعّ :
لدى كبار السن ينحصر ،ويعاني المسنون من انخفاض الناس من حولهم ،مما
يجعلهم يعيشون في وحدة وعزلة اجتماعية ،وبعد عن المجتمع ،إذ تضيق دائرة
عالقاتهم ،فيتقوقعون على ذاتهم ويشعرون بعدم األهمية .ومثل هذا الشعور ينعكس
على النواحي الجسمية ،فيؤدي إلى فقدان الشهية ،واألرق عند النوم.
237
وتعتقد "سميث" أن األفراد غالباً ما يقولون إّنهم مكتئبون إذا كانوا يعانون من
أمراض جسمية ،بينما العكس هو الصحيح ،وهو أن الفرد يكون مريضاً جسمياً ألنه
مكتئب.
-4فقدان شريك الحياة :وقد يزيد األمر سوءاً حين يفقد المسن شريك حياته
أو عزي اًز لديه ،إضافة إلى ما يجول بخاطر المسنين من شعور بأنه لم يعد مرغوباً
في وجودهم بعد أن أدوا وظيفتهم في الحياة ولم يعد لديهم ما يفعلونه ،إضافةً إلى
فكرة الموت وانتظار النهاية التي تسيطر على بعضهم وتحول دون استمتاعهم
بالحياة ،كل ما تقدم أو بعضه يكون سبباً كافياً لحدوث االكتئاب لدى كبار السن.
-5التبلد :والمسن الذي يعاني من االكتئاب تبدو عليه عالمات التبلد
،dullnessواالنسحاب من الحياة ،وفقدان االهتمام بكل ما حوله من نشاطات
اعتيادية ،والحزن اإلحباط والقلق دون سبب واضح ،والشك في اآلخرين ويضطرب
النوم لديه فيصيبه األرق ،وقد تسيطر عليه أفكار إصابته بمرض عضال ،وقد يعبر
عن شعور بالندم على أمور بسيطة حدثت في شبابه أو لم تحدث أصالً.
االستدالل على االكتئاب
إما على
للتأكد من وجود االكتئاب النفسي لدى كبار السن يتم االعتمادّ ،
المالحظات اإلكلينيكية من قبل الطبيب النفسي ،أو على أسلوب القياس النفسي
الذي يع ّد من التطبيقات الحديثة لتحديد حاالت االكتئاب.
ويتضمن القياس النفسي لالكتئاب تطبيق اختبارات ومقاييس موضوعية يتم
إخضاعها لخطوات كثيرة قبل أن يتم استخدامها لتحقق درجة عالية من الصدق
والثبات ،أي إّنها قادرة بالفعل على قياس وجود االكتئاب وتحديد شدته وأعراضه،
كما أنها تعطي معلومات عند تطبيقها حول أعراض االكتئاب.
وهناك عدد كبير من هذه االختبارات والمقاييس ،بعضها يقوم الطبيب أو
الباحث النفسي بتوجيه األسئلة إلى المسن وتسجيل استجابته لها ،ويعضها اآلخر
238
تطبق بواسطة المسن نفسه بأن يطلب منه اإلجابة عن مجموع من األسئلة ،تتم
صياغتها بطريقة معينة .ثم توضع الدرجات أو المالحظات وتفسر فيما بعد ،إذ يتم
استنتاج شدة االكتئاب وطبيعته لدى المسن.
ومن مقاييس االكتئاب يوجد ما تم تصميمه للتأكد من وجود االكتئاب ،ومنها
ما يدل على شدة ودرجة االكتئاب ،وفي بعض المقاييس يمكن االستدالل على
خصائص معينة من جوانب الشخصية ،وهناك ما يعرف باالختبارات اإلسقاطية
،Projective Testsومنها ما يعتمد على تحليل الكتابة العفوية (السباسيسي،
1983؛ الشربيني ،2004 ،ص.)149
أهم
أعده "جيروم يسفاج" سنة (1983م) ،من ّ ويعد اختبار الشيخوخة الذي ّ
ّ
عدة وتم
االختبارات التي تستخدم للكشف عن اكتئاب المسنين .إذ تناوته داسات ّ
تقنينه في بيئات مختلفة ،وخصوصاً ،وال سيما ،الصورة المختصرة من االختبار
والمونة من ( )15بنداً .انظر الملحق رقم (.)5
239
-5المشكالت الصحية لدى كبار السن
إن أغلب األمراض التي تصيب كبار السن قد تصيب مرحلة عمرية أخرى، ّ
إالّ ّأنها تمثل أكثر خط اًر على المسن ،وذلك لضعف مقاومة جسمه وتأثره السريع
بالمرض .وقد يكون سبب المشكالت الصحية وراثياً ،أو بيئياً ،أو التقدم في العمر.
واألمراض المزمنة تكون عادةً األمراض األكثر خطورة في األعمار المتأخرة،
بسبب صعوبة تشخيصها التعامل معها ،وقد تكون غير قابلة للشفاء .يرى بعض
الباحثين أنه يمكن إيجاز أمراض الشيخوخة ،geriatric diseasesواألوضاع
الصحية المعيقة ألداء الوظائف بدرجة أو بأخرى ،في اآلتي:
أمراض القلب واألوعية الدموية
تعد أمراض القلب heart diseasesواألوعية الدموية ،blood vessels
ّ
السبب األول الذي يتصدر قائمة األسباب المؤدية لوفاة كبار السن .وتتضمن
أمراض القلب حاالت ضعف القلب وقصوره ،heart failureوالسكتة القلبية
،heart attackوأمراض الشرايين القلبية ،heart arteriesالتي يمكن أن تؤدي
بالقلب للخفقان بصورة غير منتظمة وتعيق بالتالي الدورة الدموية.
فالقلب يتعرض في أثناء الحياة لمجهود كبير وبالتالي يصبح عند التقدم في
العمر أكثر األعضاء تعرضاً للضمور ،كما تقل قدرة القلب على الضخ ،فيتبع ذلك
انخفاض في كمية الدم الحامل لألكسجين ،التي تصل إلى أعضاء الجسم المختلفة.
إضافةً إلى أغشية األوعية الدموية يصيبها الضمور ،وكثي اًر ما تتراكم على
األغشية الداخلية لهذه األوعية طبقة من رواسب شحمية ،تؤدي إلى تصلب
الشرايين.
أن أمراض تسببها أمراض السكري ،وضغط الدم العالي ،والتدخين، كما ّ
والنظام الغذائي غير المناسب ،واالفتقار إلى التمارين الرياضية ،كما يمكن أن
تكون ورائية المنشأ (عالء الدين ؛ كفافي ،2006 ،ص 28؛ األشول.)2008 ،
240
ارتفاع ضغط الدم
ومن أعراض ارتفاع ضغط الدم ،high blood pressureالتي يشعر بها
المصاب ،طنين في األذنين ،وثقل في الرأس ،وسرعة في اإلثارة ،والصداع والدوخة
عند انحناء الجسم لألسفل ...الخ.
ويتزايد االهتمام بهذه الحالة المرضية بسبب ارتباطها بأمراض القلب
والصدمات ،وتدل المعطيات عن مدى تطور ارتفاع ضغط الدم ،على أن حدوثه
يرتبط بعملية كبر السن ،وان كان أمر ارتفاع ضغط الدم يقتصر على المسنين
بحيث يمكن َعده من األمراض المالزمة للشيخوخة.
وقد أظهرت العلوم الطبية والطب النفسي أن ارتفاع ضغط الدم يرتبط بمدى
أن اإلنسان كلّما
قدرة الفرد على مواجهة التهديدات واألزمات والصعوبات .والواقع ّ
تقدم به العمر ،انخفضت – وبشكل ملحوظ -قدراته على تحمل الضغوط الجسمية
والبيئية (فتاوي ،1987 ،ص.)41
تصلب الشرايين
تصلب الشرايين ،arteosclerosis 1أو شيخوخة شرايين الجسم ،إذ يظهر
تصلب الشرايين بدرجات متفاوتة عند كبار السن تقريباً ،كما يظهر في بعض
عده مرضاً
الحاالت المرضية عند الشباب ،وان كان هناك جدل بين األطباء حول ّ
عده مرضاً حقيقياً وليس عرضاً من أعراضها (فتاوي،
مالزماً للشيخوخة ،أو ّ
،1987ص.)42
في تصلب الشرايين يتضخم جدار الشريان ويزداد سمك الغشاء المبطن
للشرايين ،وبالتالي تضيق سعته ويقل توارد الدم فيه ويحدث قصور في شرايين
تصلب الشرايين :Arteosclerosisعمر اإلنسان بعمر شرايينه ،إنها مقولة صحيحة ،فإذا لم يحدث 1
تصلب في الشرايين في إنسان بلغ الثمانين عاماً ،فال يعاني أعراض شيخوخة .واذا حدث تصلب
بالشرايين في إنسان بلغ سن األربعين ،فهو يعاني أعراض الشيخوخة ومتاعبها (ابراهيم،2012 ،
ص.)234
241
القلب أو شرايين المخ أو أي أعضاء أخرى .وغالباً ما يحدث تخثر في الدم على
الجدران الداخلية للشريان ،وبذلك تحدث جلطات بالمخ أو جلطات بالقلب .وهناك
عدة أسباب وأساليب حياتية خاطئة تهيئ لإلصابة بشيخوخة الشرايين ،نذكر أهمها:
-ارتفاع ضغط الدم.
-ارتفاع نسبة الدهون في الدم.
-مرض السكر.
-الضغوط النفسية المستمرة.
-اإلجهاد في العمل دون راحة.
-شرب الخمر والكحوليات.
مرض السكري
يعد السكري ،diabetesمن األمراض التي يمكن لإلنسان أن يعايشه عم اًر
طويالً ويسيطر عليه في أغلب األحيان ،إذا استطاع التحكم باألطعمة ونوعيتها
ونسبة احتوائها على مادة السكر والنشويات المختلفة.
ا
إن من أهم التغيرات التي تحدث عند الشيخوخة هي اختالل استجابة
البنكرياس إلفراز األنسولين عند زيادة نسبة السكر في الدم ،وكذلك اختالل التمثيل
الغذائي السكري الذي يعتمد على األنسولين عند زيادة نسبة السكر في الدم ،وكذلك
اختالل التمثيل الغذائي السكري الذي يعتمد أيضاً على األنسولين.
ويعد أسلوب الحياة والتغذية والسمنة وبعض العوامل البيئية واالستعداد الوراثي
أهم أسباب هذا المرض.
إن مرض السكري من النمط الثاني ،diabetes type twoوالمعروف أيضاً
ّ
بـ (سكري الكبار) ،يخفض من عمل جهاز المناعة .immune systemوقد يرفع
من احتمالية اإلصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب والمشكالت الصحية األخرى
المرتبطة بالدورة الدموية.
242
وغالباً ما يعاني كبار السن المصابون بالسكري من تأخر شفاء الجروح
وااللتهابات الرئوية الحادة (عالء الدين ؛ كفافي ،2006 ،ص.)30-29
وتتمثل أعرض مرض السكري في الشهية المتزايدة ،والتبول المتزايد ،وفقدان
الوزن ،وعطش زائد وشفاء بطيء للجروح.
ويمكن أن يؤدي إلى أعراض أخرى كالتهاب العين وفقدان البصر والتهاب
الكلى ،والحاق ضرر باألعصاب وخطر على الشرايين القلبية الدماغية (حمزة،
،2016ص.)65
هشاشة العظام
تعني هشاشة العظام osteoporosisأو (نقص صالبة الهيكل العظمي)
إن أكثر العظام عرضة
هبوطاً في كثافة العظام ،مما يجعلها ضعيفة سهلة الكسرّ .
للكسور هي عظام :الرسغ ،والفخذ ،والظهر.
إن هشاشة العظام تصيب النساء أكثر من الرجال ،وتسمى "المرض ّ
الصامت"؛ ا
ألن أعراضها ليست مؤلمة ،فال يعرف المسن بأنه مصاب بهشاشة
العظام إالا في مراحل متأخرة من المرض عندما يشعر بألم في الظهر ،أو تقوس
عموده الفقري ،ونقص طوله ،أو عندما يفاجأ بكسر في عظامه مثل عظمة الفخذ،
أو كسر في العمود الفقري.
وقد تقدم طب العظام وأصبح من الممكن تشخيص هشاشة العظام باستخدام
جهاز قياس كثافة العظم DEXAالذي ساعد على التدخل المبكر في العالج
والوقاية من مضاعفاتها.
وتنتج هشاشة العظام عن عوامل وراثية وبيئية ،منها اختالل الهرمونات في
الجسم ،وتشيخ العظام ،وسوء التغذية في مرحلتي الطفولة والشباب ،ونقص
الكالسيوم وفيتامين (د) ،وقلة الحركة (خليل ،2003 ،ورد في مرسي.)2006 ،
243
التهاب المفاصل (الروماتيزم)
التهاب المفاصل ،arthritisهو مرض يتسم بتصلب وجمود المفصل ،يجعل
الحركة محدودة وصعبة ،وهو مرض شائع عند كبار السن.
يوجد عدة أنواع من التهاب المفاصل كالنقرس أو آالم بأصابع القدم ،ولكل
نوع سبب معين وعالج خاص به ،ولكن معظم الحاالت يحتوي عالجها على
االسبرين ،واستعمال طرائق التدفئة المختلفة (فالّ ،د.ت ،ص 47؛ ابراهيم،
إن التمرين المنتظم (مثل المشي الخفيف) يقوي العضالت حول المفاصل
ّ .)2012
ويقلل األلم ويزيد من مرونة المفاصل.
مرض باركنسون
ا
إن مرض باركنسون ،هو أحد أشهر أمراض الجهاز العصبي وأكثرها شيوعاً
(اعتالل عصبي) .يعود اسم المرض إلى عالم الطبيعة البريطاني "جيمس
دون األعراض النمطية للمرض في بداية القرن التاسع عشر.
باركنسون" ،الذي ّ
وهو يصيب %1من السكان البالغين ( )65سنة ،وتشير بعض التقديرات
أن فرداً واحداً من أصل ( )300فرداً يصاب بهذا المرض .ينتشر بشكل خاص بين ّ
الرجال ،وقد يكون للهرمونات النسائية دور وقائي من هذا المرض .ويتميز بفقدان
تدريجي للخاليا العصبية المسؤولة عن الحركة ،ويسبب تهديماً كامالً لخاليا
المنطقة الدماغية المعروفة بالمادة السوداء ،إذ تنتج خاليا هذه المنطقة ناقالً
عصبياً يسمى (الدوبامين ،)dopamineوهو المسؤول عن الربط بين الخاليا
العصبية في الدماغ .وقد تبين أن مرض باركنسون مرتبط بنقص إفراز الدوبامين
وتدهور منطقة المادة السوداء .ولكن هناك أيضاً عوامل بيئية مسببة لهذا المرض،
إذ ع اد التلوث البيئي مساهماً أساسياً في انتشار مرض باركنسون .وال تظهر
األعراض المميزة للمرض إالّ بعد فقدان %50من الخاليا العصبية ،وبالتالي يبدأ
مرض باركنسون قبل 5إلى 10سنوات من ظهور األعراض الطبية.
244
أعراض مرض باركنسون
أن هناك مجموعة من األعراض الرئيسة والثانوية لمرض يشير الباحثون إلى ّ
باركنسون ،ولع ّل من أهم أعراضه الرئيسة والمبكرة:
.1رجفة وارتعاش ال إرادي :وهو العرض المبكر األكثر شيوعاً لمرض باركنسون.
ويظهر االرتعاش عادة عندما يكون الفرد ساكناً في حالة راحة ،ويختفي عندما
يحاول المريض التقاط شيء ما ،ويختفي هذا االرتعاش عادة في أثناء النوم.
.2تعثر في الحركة (بطء وصعوبة في الحركة) :ويشعر الفرد بالتعب بشكل
سريع ،إضافةً إلى المشي غير المتوازن.
التصلب :يواجه المصابون بالمرض حالة من التصلب ،وال سيما األطراف
كالذراعين والساقين .وقد يسبب هذا التصلب مشاكل عند ارتداء المالبس .ويترافق
األلم في بعض األحيان مع حالة التصلب هذه .وكثي اًر ما يلجأ مرضى باركنسون
إلى الطبيب يشكون من "كتف متجمد أو متيبس" ،ويعود سبب ذلك إلى تصلب
أما األعراض الثانوية التي يعاني منها المصابون بهذا
العضالت المحيطة بالكتفّ .
المرض ،فهي التعرق الشديد ،والتشنجات والشعور بألم ،وانخفاض الضغط
الشرياني ،والحاجة المتكررة للتبول ،إضافةً إلى القلق واالكتئاب.
عالج مرض باركنسون
ال يوجد عالج لهذا المرض ،ولكن ثمة العديد من األدوية التي تساعد على
التخفيف من التخفيف من أعراض المرض ،وخاصة األعراض الحركية ،إذ
تستهدف األدوية المستعملة ضد مرض باركنسون تصويب األعراض واستعادة
عدة أنواع من األدوية وهي تعمل بطرائق مختلفة
التركيز العادي للدوبامين .وهناك ّ
لكي تعوض نقص الدوبامين (شابيرا ،2014 ،ص 13؛ وحيدة ،د.ت ،ص.)128
245
-6مشكالت أخرى يتعرض لها كبار السن
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في قدرة المسن على االتزان واالعتدال في
الحركة ،كالضعف في األذن الداخلية أو النخاع الشوكي الذي يتأثر غالباً عند تقدم
السن ،فيؤدي إلى سقوط مستمر ،على خالف صغار السن الذين يتداركون األمر
بالسرعة الالزمة فيتغاضون حوادث السقوط والوقوع (فالّ ،د.ت ،ص.)40
كما تشكل بعض األمراض التي يعاني منها كبار السن إعاقات جسمية تزيد
من احتماالت تعرضهم لخطر لحوادث السقوط ،مثل :اضطرابات التوازن في
الجسم ،وفشل في الرؤية ،وبطء االستجابة االنعكاسية ،وتراجع القدرات الحسية التي
قد ترافق التقدم في العمر ،ودوار الرأس.
وقد تؤدي حوادث السقوط البسيطة إلى حدوث (متالزمة ما بعد السقوط)،
التي تتضمن فقدان االستقاللية وزيادة االعتماد على اآلخرين ،وعدم القدرة على
الحركة ،والشعو باالكتئاب ،وقد تؤدي إلى الوفاة في بعض األحيان .إذ تحت ّل
حوادث السقوط المرتبة الخامسة في أسباب الوفيات عند المسنين ،وتصيب ما بين
%35-28من المسنين فوق سن الخامسة والستين كل عام ،وترتفع هذه النسبة
إلى حوالى %42-32لمن يزيدون عن السبعين من العمر.
وتحدث %70من حوادث السقوط داخل المنزل ،وتحدث %10من حاالت
السقوط في أثناء نزول الدرج ،وقد يتسبب األثاث داخل المنزل في حدوث معظم
حاالت الرضوض والكسور عند المسنين ،وأحياناً قد ال يحسن المسن استخدام
بعض األدوات المساعدة على الحركة وحفظ التوازن كالعصا والعكاز والكرسي
المتحرك ،مما قد يعرضه أيضاً إلى مخاطر السقوط والكسور .ومن المؤكد أن
مستوى اإلضاءة بالمنزل من أكثر العوامل تأثي اًر في زيادة معدل حدوث اإلصابات
والحوادث عند المسنين (عالء الدين وكفافي ،2006 ،ص 30؛ الحلواجي2013 ،
؛ منظمة الصحة العالمية.)2012 ،
246
الفصل الحادي عشر
248
النفسي للفرد وتوافقه في التعامل مع اآلخرين ،واإلحساس اإليجابي بالسعادة
والكفاية والنشاط.
وهكذا يمكن أن نخلص إلى القول إ ّن الصحة النفسية السليمة هي" ،مجموع
الشروط الالزم توافرها حتى يتم التكيف بين الفرد ونفسه ،وكذلك بينه وبين أفراد
المجتمع ،تكيفاً يؤدي إلى أقصى ما يمكن من الكفاية وله ولغيره من األفراد
اآلخرين" .يؤ ّكد هذا التعريف عالقة الفرد بالبيئة ،ويؤكد ضرورة إيقاظ الطاقات
والقدرات العقلية للفرد ،واستغاللها إلى أقصى حد يؤدي إلى سعادته وسعادة غيره
(أحمد ،2003 ،ص 17؛ كتلو ؛ العرجا ،2016 ،ص.)176
249
خطيرة أيضاً ،وأحياناً طويلة األمد ،بما في ذلك االكتئاب والقلق (منظمة الصحة
العالمية .)http://www.who.int
لذا فهم بحاجة ماسة إلى الرعاية والعناية بصحتهم النفسية ،من أجل توفير
حياة هادئة مطمئنة ،وفعالة لهم ،ومساعدتهم في التخلص مما قد يصيبهم من
مشكالت أو اضطرابات أو أمراض نفسية.
إن الصحة النفسية السليمة في مرحلة الشيخوخة تحتاج إلى التوافق مع التقاليد
ّ
والعادات السائدة المتجددة والخاصة باألجيال المختلفة .وتحتاج الصحة النفسية إلى
التوافق مع األجيال األخرى حتى يحقق المسن لنفسه المتطلبات الضرورية للحياة
الهادئة (كتلو ؛ العرجا ،2016 ،ص 176؛ اسماعيل.)2001 ،
ويؤ ّكد العلماء والباحثون ،وكذلك العاملون في مجال الصحة النفسية أهميّة
الدور الذي تقوم به الصحة النفسية السليمة في حياة المسن ،ويركزون على أهمية
العناية بصحتهم النفسية ،نظ اًر لما لها من أهمية كبير في جعلهم أكثر قدرة على
مزاولة نشاطاتهم وأعمالهم المعتادة بكل حيوية ودافعية.
المسن بالصحة النفسية عليه التركيز على ضرورة توفير بعدين
ّ ولكي يتمتّع
متكاملين ،ال غنى ألحدهما عن اآلخر :التوافق النفسي ،والتوافق االجتماعي معاً
(الشرقاوي ،2004 ،ص.)12
250
-3تعزيز الصحة النفسية لدى المسنين
ينطوي التعزيز الصحي الخاص بالصحة النفسية للمسنين على إيجاد ظروف
معيشية وبيئات تدعم الرفاهية ،تسمح لألفراد أن يبدؤوا بأنماط حياة صحية
ومتكاملة.
ويعتمد تعزيز الصحة النفسية – إلى حد كبير – على استراتيجيات تضمن
للمسنين الموارد الالزمة لتلبية احتياجاتهم األساسية؛ مثل:
-توفير األمن والحرية.
-توفير مكان إقامة الئق.
-تقديم الدعم االجتماعي للمسنين وللقائمين على رعايتهم.
-إعداد برامج تنمية مجتمعية
-إعداد برامج صحية واجتماعية تستهدف الفئات سريعة التأثر؛ مثل أولئك
الذين يعيشون لوحدهم ،وسكان المناطق الريفية ،أو الذين يعانون من أمراض
نفسية أو بدنية مزمنة (منظمة الصحة العالمية .)http://www.who.int
251
ثانياً -التوافق لدى المسنين
إن أول استخدام لمفهوم التوافق ،adjustmentكان في علم األحياء ،وذلك
ّ
التكيف ،adaptationالذي يعني قدرة الكائن الحي على التواؤم مع
ّ مصطلح
الظروف البيئية .فعندما تحدث في البيئة تغيرات مفاجئة ،يقوم الكائن الحي
بمواجهتها بتغيرات بيئية التشكيل ،وذلك هو المفهوم البيولوجي الذي يعبر عنه غالباً
بالمصطلح (تكيف) ،ثم استعار علماء النفس هذا المفهوم البيولوجي واستخدموه في
المجال النفسي االجتماعي تحت مصطلح )التوافق).
وهكذا يفرق بين التكيف والتوافق ،إذ يستخدم لفظ التكيف للداللة على التكيف
البيولوجي أو الفسيولوجي للفرد ،أما لفظ التوافق فيستخدم للداللة على التكيف
النفسي واالجتماعي للفرد بوجه عام.
أن مفهوم التوافق أعم من التكيف،وفقاً لذلك أشار "السيد" (1980م) ،إلى ّ
فإذا كان التكيف يشمل النواحي الفيسيولوجية ،فإن التوافق يشمل النواحي النفسية
االجتماعية (عبد الرحيم ،2007 ،ص 33؛ دخان ،1997 ،ص.)13
من جهة أخرى ،هناك خلط أيضاً بين مفهوم التوافق وهذه المفاهيم (المسايرة
،conformityوالتالؤم ،)accommodationإالّ أن ك ّل منها يختلف عن
فرق "عبد الحميد" (1987م) ،بين
اآلخر بحسب المجال الذي تستخدم فيه ،وقد ّ
هذه المفاهيم:
-1التالؤم :هو مصطلح اجتماعي ،يستخدم لكونه عملية اجتماعية
وظيفتها تقليل الصراع بين الجماعات.
-2المسايرة :وهو أيضاً مصطلح اجتماعي ،ويعني االمتثال للمعايير
والتوقعات الشائعة في الجماعة.
252
ويعد (التوافق العام) أي النفسي االجتماعي من أبرز مظاهر الصحة النفسية،
ّ
إذ يندرج الفرد في خانة الصحة أو المرض ،تبعاً لتوافقه أو عدم توافقه .ويرى
أن تحقيق التوافق العام يشترط وجود ثالثة عناصر هي:
"كوبى" و"لينير" ّ
-1وعي الفرد بذاته من خالل معرفة جوانب القوة والضعف.
-2زيادة الوعي باآلخرين وحاجاتهم ورغباتهم واحترام آرائهم.
-3زيادة الوعي بمشاكل اآلخرين ودرجاتها وأهميتها (سعيد ،2008 ،ص67
؛ صيام ،2010 ،ص.)30
253
فالفرد المتوافق توافقاً حسناً هو الذي ينجح في تحقيق التوازن في كل األمور،
فالجانح الذي يسرق الطعام ومعه المال الذي يمكنه من شرائه ،هو فرد سيء
التوافق ،بينما إذا اشتراه كان حسن التوافق.
ويرى "مخيمر" أن مصطلح "التوافق" مرادف لمصطلحي؛ "السوية" ،و"الصحة
أن الفرد المتوافق هو الذي ينعم بالصحة النفسية ،إذ يتضمن التوافق
النفسية" ،و ّ
خفض التوتر الذي تستثيره الحاجات.
أما "سوء التوافق" فإنه يحدث عندما تتعارض أهداف الفرد مع متطلبات ّ
فإن
المجتمع ،أو عندما يراد تحقيقها بطريقة ال يوافق عليها المجتمع ،وعلى هذا ّ
كثي اًر من جوانب سوء التوافق ال تحقق اإلشباع بطريقة كلية أو جزئية ،وبالتالي ال
تشبع الحاجات بشكل مرضي (سعيد ،2008 ،ص 68؛ عبد الرحيم.)2007 ،
بأنه:
وقد أشار "الدسوقي" (1993م) ،إلى التوافق النفسي ّ
-توازن ثابت بين الفرد وما يحيط به ،فال يكون ثمة تغيير ال يثير استجابة،
وال يتبقى حاجة غير مشبعة ،بل جميع وظائف استم اررية الفرد تتقدم بشكل سوي.
-حالة العالقة المنسجمة مع البيئة التي يكون فيها الفرد قاد اًر على تحصيل
اإلشباع لمعظم حاجاته وكفاية مواجهة متطلباته الجسمية منها واالجتماعية.
-عملية إحداث التغيرات المطلوبة في نفس الفرد أو في بيئته.
وعلى الرغم من تعدد تعريفات التوافق ،إالّ ّأنه يمكن حصرها في ثالثة
اتجاهات رئيسة :اال تجاه األول :يرى أن التوافق عملية فردية تبدأ وتنتهي بالفرد.
االتجاه الثاني :يرى أن التوافق عملية اجتماعية تقوم على االنصياع للمجتمع
بصرف النظر عن رضا الفرد عن هذا االنصياع .االتجاه الثالث :وهو اتجاه
تكاملي يوفق بين ما هو فردي وما هو اجتماعي (شاذلي ،2001 ،ص 27؛ عبد
الرحيم ،2007 ،ص.)36
254
-2أبعاد التوافق النفسي
إن أبعاد التوافق مرتبط بعضها مع بعض ،ومتداخلة بشكل يصعب الفصل ّ
بينها ،فالتوافق االجتماعي ،والتوافق الشخصي ،والتوافق المهني ،والتوافق األسري
...وغيرها) جميعاً أبعاد للتوافق العام ويمكن أن نستدل عليه من خاللها:
التوافق االجتماعي :يتضمن التوافق االجتماعي ،social adjustmentقدرة
الفرد على التفاعل االجتماعي وبناء عالقات اجتماعية ناجحة وسليمة مع اآلخرين،
والشعور بالسعادة مع من يتعامل معهم في بيئته ،دون الشعور بالحاجة إلى
السيطرة أو العدوانية على اآلخرين.
وكذلك القدرة على االلتزام بأخالقيات المجتمع ،وتحقيق االتزان االجتماعي
ضمن المعايير والقواعد االجتماعية واألساليب الثقافية واإليديولوجية السائدة،
والعمل لخير الجماعة ،مما يؤدي إلى تحقيق الصحة االجتماعية (سعيد،2008 ،
ص65؛ عبد الرحيم ،2007 ،ص.)38
بناء على ذلك ،فإن الفرد المتوافق اجتماعياً ،يتصف بشخصية متكاملة قادرة
ً
على التنسيق بين حاجاته وسلوكه الهادف ،وتفاعله مع بيئته ،وانسجامه مع معايير
مجتمعه ،وتمتعه بنمو غير متطرف في انفعاالته ،دون التخلي عن استقالليته.
التوافق الشخصي :يشمل التوافق الشخصي ،personal adjustment
السعادة مع النفس والثقة بها والشعور بقيمتها ،واشباع الدوافع والحاجات الداخلية
األولية (الفطرية ،والعضوية ،والفيسيولوجية) والحاجات الثانوية المكتسبة.
كما يتضمن الشعور بالحرية في التخطيط لألهداف ،والسعي لتحقيقها ،وتوجيه
السلوك ومواجهة المشكالت الشخصية وحلها ،وتغيير الظروف البيئية والتواق
لمطالب النمو المختلفة بما يحقق األمن النفسي للفرد.
255
أن الصحة الجسمية تؤثر تأثي اًر كبي اًر على سلوك
التوافق الصحي :ويقصد بهّ ،
أما "الزاروس"
الفرد ،وكلّما قلت المشكالت الصحية لدى الفرد ،ازداد بالتالي توافقهّ .
،Lazarusفيحدد أبعاد التوافق من وجهة نظره كاآلتي:
-1الراحة النفسية :يرى "الزاروس" ا
أن الفرد غير الصحيح نفسياً ،ال يمكن أن
يحقق توافقاً نفسياً ،ويذكر من أمثلة ذلك عدم االرتياح في حاالت االكتئاب والقلق
المزمن.
-2الكفاية في العمل :يرى "الزاروس" ا
أن الفرد يعجز عن استغالل استعداداته
ومهاراته بسبب سوء توافقه ،لذلك تقل كفايته اإلنتاجية ويقل مستواه الدراسي إن كان
طالباً.
أن الفرد
-3األعراض الجسمية :ويقصد بذلك أن عدم التوافق يكون مؤداه ّ
يعاني من إصابة عضوية أو مرض جسمي ...وما إلى ذلك.
إن يستطيع الفرد أن يحقق التقبل االجتماعي عن
-4التقبل االجتماعي :أي ّ
طريق سلوكه الذي يسلكه وتقره الجماعة التي يعيش معها ويرضي عنه المجتمع
الذي ينتمي إليه.
التوافق االقتصادي :إ ّن التغير المفاجئ في اإلمكانات االقتصادية يحدث
ألن االنخفاض يتطلب من
اضطراباً في أساليب توافق الشخصية مع المجتمع ،ذلك ّ
الفرد تكوين عادات ورغبات جديدة ،كما أن من طبيعة الحاجات المكتسبة أن
األفراد ال يستطيعون النكوص إلى طريق العيش التي تعد أكثر بدائية من تلك التي
يعيشون على مستواها دون أن يعانوا شعو اًر بالحرمان.
ويلعب حد اإلشباع دو اًر بالغ األهمية في تحديد شعور الفرد بالرضا ،فإذا غلب
على الفرد بالرضا ،يكون حد إشباع الحاجات مرتفعاً ،ولهذا يتحقق التوافق
االقتصادي الذي يتمثل بالشعور بالرضا (صيام ،2010 ،ص 32؛ نسيمة،
،2014ص.)128
256
إن كبر السن عملية مستمرة تتطلب توافقاً مستم اًر .فالتوافق
التوافق النفسيّ :
مع التقدم في العمر يشير إلى ردود فعل الفرد تجاه تداخل التغيرات البيولوجية
تعد جزءاً من التقدم في العمر.
واالجتماعية والنفسية التي ّ
وبهذا يمكن تعريف توافق المسنين بأنه" ،الرضا من الناحية االنفعالية عن
الذات" ،وهذا الرضا على المستوى االنفعالي يتبدى في المجال االجتماعي في
قادر على المشاركة في مظاهر الحياة
استقاللية تبعد بالفرد عن التبعية ،وتجعله اً
االجتماعية المختلفة وأيضاً إقامة عالقات اجتماعية ناجحة (صيام 2010 ،؛ عبد
الرحيم ،2007 ،ص.)40-39
257
-القدرة على مواجهة إحباطات الحياة اليومية :إذ تختلف قدرة كبار السن
تحمل الصعوبات العادية التي تواجههم في الحياة ،فهناك من ينزعج انزعاجاً
على ّ
شديداً ألي تغير غير متوقع في مجرى األمور ،وهناك بعض األفراد لديهم صالبة
قوية إزاء متاعب الحياة وأحداثها اليومية.
إن الفرد الذي يتسم بالتوافق النفسي ينبغي أن تكون
-اتساع أفق الحياةّ :
لديه رؤية مستقبلية لشكل عالقاته وتفاعالته مع اآلخرين .واالستمتاع بالحياة
والتجاوب معها يتطلب العناية بأنواع متعددة من المهارات والمعارف ،فالنمو
المتكامل يقتضي االهتمام بجميع الجوانب ،وليس االهتمام بجانب واحد فقط.
-االتزان االنفعالي :يقصد "باالتزان االنفعالي" ،emotional stabilityقدرة
الفرد على السيطرة على انفعاالته المختلفة والتعبير عنها بحسب ما تتطلب
الظروف وبشكل يتناسب مع المواقف التي تستدعي هذه االنفعاالت".
ويلعب "االتزان االنفعالي" دو اًر في الحكم على مدى تمتع المسن بالتوافق
النفسي أو عدم التوافق ،إذ إ ان االنفعاالت هي المحرك األساس للسلوك ،فإذا كانت
االنفعاالت تتسم بعدم النضج من حيث ومالءمتها للمواقف والظروف الخارجية،
فإن السلوك سوف ينتابه االضطراب وعدم االتزان االنفعالي.
أن ثبات االستجابة في المواقف المتشابهة هو عالمة التوافق النفسيكما ّ
واالستقرار االنفعالي ،ذلك أن تباين االنفعاالت يدل بشكل واضح على االضطرابات
االنفعالية (الشرقاوي ،2004 ،ص 24؛ أحمد ،2003 ،ص.)22
-إشباع الحاجات :يحتاج الفرد إلى إشباع حاجاته األساسية الضرورية
اعتماداً على فطرته وحاجته إلى إشباع مطالبها ،فالفرد تحركه دوافع وحاجات ،منها
حاجات فيسيولوجية مترتبة على طبيعة تكوين الجسم ،ومنها حاجات نفسية
أن الفرد
اجتماعية (مثل الحاجة إلى الحب والتقدير االجتماعي) تنشأ على أساس ّ
عضو في الجماعات المختلفة ،وتنشأ بسبب طول مدة طفولة اإلنسان وطريقة
258
تطبيعه اجتماعياً .واشباع هذه الحاجات لدى اإلنسان شرط أساسي من شروط
حصوله على التكيف الذي يحقق له االستقرار النفسي.
-تحمل المسؤولية :ال شك أن إحساس الفرد بالمسؤولية ،وقدرته على اتخاذ
الق اررات من شأنها أن تسهم في إكسابه مقومات التوافق والصحة النفسية .وذلك ألن
الفرد عندما يتحمل مسؤولية أعماله فإنه يكون حريصاً على إتقان ما يسند إليه من
واجبات ،األمر الذي يشعره بالرضا عن نفسه ،ويجلب له رضا اآلخرين (عبد
الرحيم ،2007 ،ص 42-40؛ اسماعيل ،2001 ،ص.)128
259
ويظهر سلوكاً انسحابياً عن طريق إحياء الماضي ،ويستغرق في الخيال عن
انجازات مستقبلية أو تحليل الذات ،وفي بعض الظروف قد يتوصل من هذه
األنشطة غير المتوافقة إلى السلوك التوافقي ،أما إذا لم يحدث ذلك ،فإن ضغط
الواقع لدى الفرد قد يزداد فيولد سوء التوافق.
:4سوء التوافق مع الموقف الجديد :ويمكن تعريفه بأنه "نوع من السلوك
الذي ال يلبي الحاجات الفردية واالجتماعية للفرد ،حتى وان كانت تقلل من ضغوط
الواقع".
ومن أمثلة سوء التوافق في الشيخوخة :توهم المرض ،إدمان الخمر وردود الفعل
العاطفية العنيفة من قلق وانزعاج وخوف ...الخ.
:5إعادة التوافق :كثير من المسنين يصلون إلى مرحلة إعادة التوافق دون
فإن إعادة التوافق تتخلله إحدى
المرور بفترة سوء التوافق .وفي كلتا الحالتينّ ،
عمليتين ،هما :إعادة توجيه االتجاهات ،أو تكييف األنشطة.
-إعادة توجيه االتجاهات :وهي الشرط األساسي السابق إلعادة التوافق .فعندما
يتقبل المسن (مثالً) حقيقة انحدار قواه الجسمية ،فإ ّن األمر يصبح بسيطاً نسبياً
أمامه ليتحول من هواية ما إلى هواية أخرى.
-تكيف األنشطة :يتضمن معظم حاالت إعادة التوافق في الشيخوخة تغي اًر في
االتجاهات ،وتكيف األنشطة ،فالمزارع (مثالً) في المرحلة األخيرة من عمره (بغض
النظر عن العمل في األرض في نطاق واسع) يكتفي بأشغال الحدائق (فتاوي،
،1987ص.)60-59
260
الفصل الثاني عشر
1-1االحتياجات المعيشية
-توفير الدخل الكافي :لما كانت غالبية المسنين ،هم فئة توقفت عن العمل
فإن أول ما يواجهونه من مشكالت ،هو الحاجة إلى مصادر واإلنتاج والكسبّ ،
كافية للدخل؛ ليواجهوا بها احتياجاتهم المعيشية.
-تحقيق احتياجات صغار المسنين :ونعني بـ (صغار المسنين) الذين لم
تتجاوز أعمارهم ( )65سنة ،وأحيلوا إلى التقاعد ،أو توقفوا عن العمل لعوامل
مختلفة ،على الرغم من تمتّعهم بالقدرات واإلمكانات للعمل واألداء االجتماعي.
أهم احتياجات هذه الفئة ،هو ربط المسنين بالحياة العملية ،واستثمار ولع ّل ّ
خبراتهم الماضية لنقلها إلى األجيال التالية.
-تحقيق االستقاللية والهوية الذاتية.
-إشباع الحاجات الجسمية.
261
2-1االحتياجات الطبية
يحتاج كبير السن الذي يشكو من تدهور حالته الصحية ،إلى توفير مصادر
للخدمات الطبية مثل المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية ،وتوفير خدمات
صحية منزلية.
يذهب "جرين" ،إلى القول ،إ ّن أمراض الشيخوخة ما زالت أمراضاً فرديةً ترتبط
أن كبر السن في حد مسن على حدة ،مثله في ذلك مثل اآلخرين ،إالّ ا بحالة كل ٍّ
ذاته ال يصاحبه أمراض معينة يمكن التصدي لها.
واالتفاق يكاد يجمع على حقيقة ارتباط التقدم في العمر بمظاهر ضعف واضح
في كفاءة بعض أجهزة الجسم الحيوية ،مما يؤدي في الغالب إلى اإلصابة بأمراض
معينة .فالمسألة هنا ليست مرضاً خاصاً بالمسنين ،ولكنها مسألة تهيؤ الجسم
لإلصابة بأمراض معينة إذا ما ضعفت بعض أجهزة الجسم الحيوية ،نتيجة لعامل
السن أو عوامل أخرى ،ومن ثم فهي وان كانت قضية عامة لدى لكافة المسنين ،إالّ
ّأنها في الوقت نفسه ،قضية خاصة بحالة كل مسن ،ومدى تأثر أعضاء جسمه
الحيوية خالل تاريخه الحياتي الطويل .وترجع خصائص الخدمة الطبية إلى
األولوية التي تعطى للمسن في المجتمع ،والى خصائص المنظومة العامة للخدمة
الطبية للمجتمع عامةً ،والى خصوصية صحة المسن.
3-1االحتياجات االجتماعية
على الرغم من تركيز الجهود المعاصرة حول االحتياجات الطبية للمسنين،
وارتباط تلك الجهود بكافة أشكال السياسات االجتماعية في غالبية دول العالم ،إالّ
أن االحتياجات االجتماعية لم تلق القدر نفسه من االهتمام ،على الرغم من أهميتها
ّ
أهم االحتياجات االجتماعية هي: ا
وارتباطها الوثيق بكافّة مشكالت المسنين .ولعل ّ
-دفء الحياة األسرية.
262
-الحاجة إلى الوجود في جماعة ،وتدعيم العالقات االجتماعية بين المسنين
والمحيطين بهم.
-تدعيم األدوار االجتماعية التي ترتبط بالمكانة والقدوة والمثل العليا.
-االحتفاظ بالمكانة االجتماعية للمسن والحاجة إلى التوافق مع الظروف الجديدة.
-الحاجة إلشراك المسنين في برامج التنمية واالستفادة من خبراتهم في مجاالت
تخصصاتهم مع إمكانية إعادة تدريبهم مرة أخرى لتناسب قدراتهم العقلية والجسمية.
-الحاجة إلى التكافل االجتماعي بين المسنين.
-الحاجة إلى ربط جيل الشباب بجيل كبار السن.
4-1االحتياجات النفسية
إن من أهم أهداف رعاية المسن النفسية إشباع الحاجات النفسية ،وخصوصاً ّ
الحاجة إلى الشعور بالثقة بالنفس ،واألمن والشعور باالنتماء واحترام الذات ،واثبات
الهوية ،واالستقرار العاطفي.
وتتمثل االحتياجات النفسية للمسن في الحاجة إلى إعداده نفسياً لمرحلة الكبر،
وذلك عن طريق إعداد برامج تدريبية قبل سن التقاعد واالستفادة من إمكانياته
والخبرات التي لديه ،إضافةً إلى الحاجة إلى تقريب الفجوة بين األجيال (األجداد –
اآلباء – األحفاد) ،والحاجة إلى إدخال العالقات األسرية وحقوق المسن ضمن
البرامج التعليمية التي تدرس في مختلف المراحل العمرية ،والحاجة إلى التحرر من
كل الضغوط النفسية ،واشباع الجانب الوجداني له ،فهو محتاج دائماً إلى أن يحب
ويحب ،وأن يعترف به ،ويشعر أنه ذو قيمة ونفع للجماعة (الشال 2012 ،؛ عبد
السالم ،2006 ،ص 33؛ الخطيب2008 ،؛ سواكر وابراهيم.)2015 ،
وعلى الرغم من ندرة البحوث والدراسات العلمية ،التي تناولت الحاجات النفسية
للمسنين ،إالا ا
أن الدراسات المحدودة التي أجريت ،أوضحت مجموعة من السمات
263
النفسية المرتبطة بكبر السن والشيخوخة ،وال سيما عند بداية التقاعد وما بعدها.
ومن أهم هذه السمات نذكر:
-ظهور بدايات الخوف القلق ،نظ اًر لما يتعرض له المسنون من تغير في كثير
من الوظائف العقلية.
-أعراض متباينة للمظاهر البارانوية ،كالشك والوسوسة وسيطرة األفكار الملحة
والعظمة المفتعلة.
-الخوف من الموت والنهاية المرتبط بالعزلة.
-حاالت متباينة من التقلب المزاجي.
-العناد والتغني بالماضي ونقد الحاضر.
-اإلحساس المسيطر بافتقاد القيمة.
-الشعور الدائم بعدم القدرة على التكيف مع اآلخرين.
-شيوع أشكال مختلفة من األمراض الجسمية-النفسية.
كما حدد "أريكسون" السمة النفسية الغالبة في الشيخوخة ،أنها خليط بين شعور
اليأس وشعور الخوف من الموت ،قد يغلب أحدهما على اآلخر ،ليصيب المسن
حالة من االكتئاب والعزلة .ومن أجل تلبية االحتياجات النفسية للمسن توصي
منظمة الصحة العالمية باآلتي:
-تدريب المهنيين الصحيين على رعاية المسنين.
-توقي ومعالجة األمراض المزمنة المرتبطة بالتقدم في العمر ،بما في ذلك
االضطرابات النفسية والعصبية.
-وضع سياسات مستدامة للرعاية طويلة األمد.
-تطوير خدمات وأوضاع مالئمة للمسنين.
264
5-1االحتياجات الترفيهية
يحتاج المسنون للترويح وشغل وقت الفراغ وال سيما أن وقت فراغهم طويل:
مفهوم الترويح
إن مصطلح "الترويح" مشتق من األصل الالتيني ،Recreationوبتحليل هذا
ّ
المصطلح ،نجد أنه م ّكون من مقطعين ،المقطع األول ) )Reويعني إعادة،
والمقطع الثاني ) (Creationويعني التجديد واالنتعاش كنتائج Outcomes
لممارسة أوجه النشاط.
يعد الترويح مظه اًر من مظاهر النشاط اإلنساني ،ويلعب دو اًر رئيساً في تحقيق
ّ
التوازن بين العمل والراحة ،وهو يمثل أحد األنشطة التربوية واالجتماعية الذي يقبله
المجتمع ويخضع لعاداته وتقاليده ،ولنوع الثقافة والمعتقدات السائدة فيه.
يؤدي إلى
وهو يد ّل على "النشاط اإلنساني الذي يتم اختياره بدافع شخصي ،و ّ
تجديد حيوية الفرد ليكون قاد اًر على ممارسة عمله وأداء نشاطاته المختلفة".
يعرفه "ماكلين" و"بيترسون" و"كارسلون" بأنه "نشاط اجتماعي منظم ،وحالة
بأنه
وجدانية ،وأسلوب الستعادة حيوية وقوى الفرد للعمل" .بينما يعرفه "رومني" ّ
نشاط واحساس وردة فعل منطقي ،وأنه أسلوب وطريقة لتفهم الحياة.
خصائص الترويح
-الترويح نشاط بناء ،وذلك يعني أن الترويح يعد نشاطاً هادفاً فهو يساهم في
تنمية وتطوير الشخصية من خالل المشاركة في ممارسة األنشطة المختلفة.
-الترويح اختياري ،إذ يختار الفرد نشاطه وفقاً لرغبته ودوافعه ،وذلك ال يعني
إغفال التوجيه التربوي نحو إرشاد الفرد لممارسة نوع من النشاط يتفق مع ميوله
واستعداداته ومستوى نضجه.
-الترويح حالة سارة ،أي ّإنه يجلب السرور والسعادة إلى نفوس الممارسين
ألنشطته نتيجة للتعبير عن الذات.
265
-يتم الترويح في وقت الفراغ الذي يتحرر فيه الفرد من قيود العمل أو من أية
ارتباطات أو واجبات أو التزامات أخرى.
-يحقق الترويح التوازن النفسي ،ألن المشاركة في األنشطة الترويحية تؤدي إلى
االسترخاء والرضا النفسي ،مما يحقق للفرد التوازن النفسي (النادي،2007 ،
ص 14-13؛ البراوي ،2001 ،ص.)9
فالمسنون بحاجة شديدة إلى وسائل الترفيه والترويح ،واالشتراك في الرحالت
الجماعية واألنشطة الرياضية ،لشغل أوقات الفراغ لديهم .إذ يرى "درويش" أن هناك
عالقة وثيقة بين الفراغ والترويح ،فكلّما زاد وقت الفراغ ،زادت الحاجة إلى الترويح،
لذلك اهتمت الدول المتقدمة بالترويح ،إلدراكها بأنه يعد أفضل استثمار لوقت
الفراغ.
االحتياجات الترويحية لدى كبار السن
تتمثل احتياجات المسنين الترويحية في اآلتي:
أ -الرغبة في المنافسة إلثبات الذات.
ب -الحاجة إلى الترويح مع القدامى من األصدقاء.
جـ -الحاجة إلى التنقل والرحالت.
د -بعض األلعاب الداخلية indoor-gamesوالهوايات االجتماعية والثقافية.
ه -الحاجة إلى توفير البدائل الترويحية ،وخصوصاً في حاالت العجز
الصحي أو الفقد لرفيق العمر ،كتوفير األنشطة المناسبة للمعاقين حركياً.
أنشطة الترويح
يمكن تقسيم أشكال أنشطة الترويح ،من خالل ما يلي:
-نوع النشاط الممارس :ألعاب ،أنشطة ثقافية ،أنشطة رياضية.
-طبيعة ونوع المشتركين :ذكور -إناث – أطفال – شباب – كبار سن.
-مكان ممارسة النشاط :أنشطة تتم في أماكن مغلقة ،أنشطة تتم في الخالء.
266
-حالة الجو :أنشطة صيفية ،أنشطة شتوية.
-أنشطة غير مكلفة :كالمشي والتمرينات البدنية.
-شكل التنظيم :أنشطة منظمة ،مناشط غير منظمة.
-طبيعة المشاركة (إيجابية أو سلبية) :وذلك فقاً لمستويات المشاركة.
-حجم اإلنفاق المادي :أنشطة تحتاج إلى حجم إنفاق عالي ،كالغولف،
والفروسية مثالً( ،النادي ،2007 ،ص 15؛ الخطيب ،2008 ،ص.)92
ومما ال شك فيه أن فئة كبار السن تعيش حياةً يمثل وقت الفراغ جزءًا كبي اًر
فيها ،وهذا الوقت يتطلب استثماره بصورة إيجابية إلشباع اتجاهات وميول ورغبات
واحتياجات كبار السن ،التي يمكن إشباعها عن طريق ممارسة األنشطة الترويحية.
يعد حصيلة للتربية
أن االستخدام الواعي لوقت الفراغ ،إنما ّ ويؤ ّكد "راسيل" ّ
أن اختيار أساليب استثمار أوقات الفراغ تعبر عن
والحضارة ،كما يؤ ّكد "جالسر" ّ
القدرة في التعبير عن الذات ،ولذا فإن وقت الفراغ قد أصبح في الوقت الحاضر
يرتبط بحرية استخدام الفرد له بطرائق متعددة.
وقد اتّفق كل من "ماكلين" و"بيترسون" أنه يوجد أربعة تصنيفات لوقت الفراغ:
أ -وقت الفراغ بمثابة التأمل.
ب -وقت الفراغ بمثابة النشاط.
ج -وقت الفراغ بمثابة وقت حر.
د -النظرة الشمولية لوقت الفراغ.
قسم المشاركة في وقت الفراغ إلى ستة مستويات هي:
أما "ناش" فقد ّ
ّ
-1المشاركة الخالقة.
-2المشاركة اإليجابية.
-3المشاركة العاطفية.
-4المشاركة السلبية :التسلية والمتعة وقتل الوقت
267
-5المشاركة في أنشطة تؤدي إلى أذى النفس.
-6المشاركة في أنشطة تؤدي إلى أذى المجتمع.
أن المستويات األربعة األولى (أي المشاركة الخالّقة ،والمشاركة
ويرى "ناش" ّ
تعد األكثر فائدة ،وان كانت
اإليجابية ،والمشاركة العاطفية ،والمشاركة السلبية)ّ ،
المشاركة السلبية أق ّل أهمية من المستويات الثالثة التي تسبقها.
ألنهما ال
بينما المستويين اآلخرين ال يندرجان ضمن أنشطة الترويح ،وذلك ّ
الفعالة (النادي ،2007 ،ص.)10-8يتصفان باألنشطة الهادفة و ّ
والشكل ( )10يوضح مستويات المشاركة في وقت الفراغ كما حددها "ناش":
268
رابعاً -أهمية الترويح لكبار السن
world leisure and لقد وضعت "الرابطة العالمية للفراغ والترويح"
،recreation associationميثاقاً يؤ ّكد ا
أن الترويح يعمل على إثراء حياة
اإلنسان من خالل األنشطة الترفيهية المتنوعة ،التي تسهم في توفير احتياجات
اإلنسان التي تتطلبها ظروف الحياة .لذا ال بد من ضرورة العمل على تكوين
اتجاهات وعادات ترويحية ورياضية لضمان ممارسة كبار السن لهذه األنشطة.
إن إشباع حاجات المسنين (التي سبق ذكرها) ،عملية ضرورية جداً ،وأي
ّ
نقص في إشباعها سيؤدي إلى ظهور مشكالت كثيرة ومتنوعة ستؤثر على
الم حيطين بالمسن بشكل كبير ،وذلك لما لهذه المشكالت من تأثير كبير على
المسن ،إذ يؤدي إلى تدهور أحواله واضطراب حالته النفسية والجسمية والعقلية
واالجتماعية (حسينات وجبالي ،2010 ،ص 340؛ عبد السالم .)2006 ،انطالقاً
فإن أهم اآلثار اإليجابية المصاحبة للعمليـة الترويحيـة تتلخص في اآلتي:
من ذلك ّ
.1إشباع الحاجات االجتماعية :ويتم ذلك من خالل تكوين وتوطيد
الصداقات ،مما يتيح فرص التعارف والتقارب وتنمية القيم المرغوبة كالتعاون
وخدمة اآلخرين ،وأيضاً الشعور باالنتماء والوالء للجماعة ،وتنمية القدرة على
االنسجام والتكيف أو التفاهم مع اآلخرين واحترام آرائهم (عبد السالم،2006 ،
ص 62؛ السدحان.)1998 ،
.2إشباع الحاجات العلمية والعقلية للفرد :ويتم ذلك مـن خـالل األنشطة
اإلبداعية ،إذ تؤدي البرامج الترويحية اإلبداعية في الغالب إلى المساعدة على
تجديد النشاط الذهني والقدرة على اتخاذ القرار ،وتنمية القدرات العقلية والذكاء
والتفاعل اإليجابي مع المواقف المختلفة ،وبخاصة إذا تصاحب مع تلك الممارسة
الرغبة واإلقبال من الفرد.
269
.3إشباع الحاجات النفسية :تساعد األنشطة الترويحية على التكيف
واالستقرار النفسي والرضا الذاتي ،واإلقالل من التوتر النفسي ودرجة القلق وحدة
االكتئاب ،وتنمية الصحة االنفعالية لكبير السن واعادة توازنه النفسي ،والتخلص من
الضغوط النفسية الحياتية ،مما يؤدي إلى تحقيق التكيف النفسي السليم.
.4إشباع الحاجات الجسمية :ويتم ذلك من خالل ممارسة الرياضة البدنية.
.5إشباع الميول والدوافع المرتبطة بالهوايات واللعب.
.6التحرر من الضغوط والتوتر العصبي المصاحب للحياة العصرية.
-2اهتمامات المسنين
أن اهتمامات كبار السن تشمل الجوانب التالية:
لقد أشارت "هيرلوك" إلى ّ
أ .االهتمامات الشخصية :أهمها ما يتعلق بالذات والجسم والمظهر والشكل
العام ويصبح المسن متمرك از حول ذاته ،وأكثر اهتماماً بنفسه وأق ّل اهتماماً
باآلخرين.
ب .االهتمامات الترفيهية :وهي تشمل القراءة ومشاهدة التليفزيون والرحالت
وزيارة األصدقاء.
جـ .االهتمامات االجتماعية :إذ يعاني المسن الشعور بالفراغ والعزلة والوحدة
النفسية وتناقص األدوار االجتماعية.
د .االهتمامات الدينية :إذ يصبح الفرد أكثر تسامحاً وأق ال تعصباً للجوانب
الدينية كذلك تتسم مرحلة الشيخوخة بأن المسنين يكونون أكثر ترددا على دور
العبادة (علي ،2012 ،ص 89؛ البراوي ،2001 ،ص.)12-11
270
-3رعاية المسنين
يحتاج األفراد في مرحلة الشيخوخة إلى رعاية واهتمام ،وتختلف المجتمعات
في تعاملها مع هذه الفئة العمرية ،ففي المجتمعات التقليدية يشغل كبار السن فيها
مكانة عالية ،على عكس المجتمعات الحديثة التي تنخفض بها مكانة كبار السن.
ولذا أصبح مجال رعاية المسنين من المجاالت الرئيسة في المجتمعات
المعاصرة ،إذ اهتمت برعاية تلك الفئة من خالل وضع القوانين التي تنظم أشكال
تمتد لتشمل جميع
رعايتهم ،إذ ال تقتصر هذه الرعاية على المادية فحسب ،بل ّ
نواحي الرعاية الصحية واالقتصادية والترويحية بما يوفر السعادة ويرفع الروح
المعنوية لديهم.
والرعاية المتكاملة للمسنين واجب تمليه القيم الدينية واألخالقية ،وأمر فرضه
االعتراف بما قدموه للمجتمع من خدمات ،وتعبير عن بعض ما ساهموا به في
خدمة بالدهم خالل سنوات عملهم وعطائهم.
وكثير من كبار السن يفقدون قدرتهم على العيش بصورة مستقلة ،بسبب
محدودية الحركة ،أو األلم المزمن ،أو الضعف ،أو غير ذلك من المشاكل النفسية
ألن المسن
أو البدنية ،ويحتاجون إلى شكل من أشكال الرعاية طويلة األجل .ونظ اًر ّ
يكون عاج اًز عن إعالة نفسه ،فهو في أمس حاجة إلى الرعاية والحماية وتلبية
االحتياجات المختلفة في ظ ّل تلك المشكالت والضغوط التي يتعرض لها (الطيطي
؛ جبر ،د.ت ؛ النادي2007 ،؛ تفاحة.)2009 ،
271
1-3االهتمام العالمي برعاية المسنين
يحتاج اإلنسان إلى رعاية خاصة في مرحلتي الطفولة والشيخوخة ،واذا كانت
مرحلة الطفولة قد حظيت باهتمام واضح على المستوى القومي والدولي منذ مئات
أن مرحلة الشيخوخة لم تحظ بنفس القدر من االهتمام ا
السنين في العالم المتقدم ،إال ّ
وخاصة في البلدان النامية.
لقد أصبحت أعداد المسنين تتزايد بسرعة واستم اررية بين سكان العالم ،والزيادة
في أعدادهم ال ب اد أن يكون لها آثار عميقة على المجتمع ،وعلى األسرة،
والسياسات االجتماعية والخدمات ،والمهن اإلنسانية التي تتعامل مع المسنين،
فسوف تؤدي هذه الزيادة إلى انعكاسات على التنمية االجتماعية واالقتصادية مما
يحتم االهتمام بقضية الرعاية المتكاملة للمسنين.
فكلّما ارتفعت نسبة المسنين ،تعددت االحتياجات وظهرت المشكالت المتعلقة
بكيفية تلبيتها ،األمر الذي يجعل رعاية المسنين (بجوانبها الصحية والنفسية
واالجتماعية واالقتصادية) قضية ملحة من قضايا العصر الحديث.
لقد تمثل االهتمام العالمي بقضايا رعاية المسنين ،في ا
أن هيئة األمم المتحدة
خطت خطة جادة عندما قررت الدعوة إلى تجمع عالمي في عام (1982م) ،بهدف
دراسة الشيخوخة وكبار السن ،ووضع برنامج عمل لضمان األمان االجتماعي
واالقتصادي لهذه الفئة ،واتاحة الفرصة ألفرادها للمشاركة في التنمية االقتصادية
واالجتماعية لبالدهم.
إن إدراك األمم المتحدة للحاجة الملحة لتوحيد وتقييم أمثل الطرائق لتقديم
ّ
الرعاية المناسبة لكبار السن على أساس التجارب التي تراكمت في مختلف البلدان؛
هو ما حدا بها إلى تنظيم هذا االجتماع العالمي ،بهدف التوصل إلى إقرار
توصيات أو سياسات لتحسين الرعاية التي يجب أن تقدمها الدول لهذه الفئة
(قناوي ،1987 ،ص 95-94؛ العجالن ،2011 ،ص.)2
272
عدت هيئة األمم المتحدة عام (1999م) ،عاماً دولياً لكبار السن ،كما
هذا وقد ّ
أن "منظمة الصحة العالمية" The World Health Organizationجعلت هذه
القضية موضوعها ليوم الصحة العالمي.
كما أ اكد تقرير األمم المتحدة ضرورة توفير الحماية للمسنين ،وضرورة العمل
على توفير أشكال رفاهيتهم ،من خالل مالحظة العالقة بين السالمة الجسمية
والنفسية واالجتماعية والبيئية ،وهذا األمر يتطلب تعاوناً واسعاً بين الدولة والمجتمع،
وأسر المسنين ،والمسنين أنفسهم.
حدثت تغيرات في معظم المجتمعات أدت إلى خلق ظروف صعبة ،أثرت سلباً
على رعاية المسنين .فبينما كان الناس في السابق يتفرغون لخدمة المسن ،يكاد
التفرغ يكون اليوم مستحيالً بسبب تغير أنماط الحياة ومشاكل المسنين.
وقد تضطر الظروف بعضهم لاللتجاء إلى دور الرعاية الخاصة للمسنين ،لذا
ينبغي أن تعد تلك األماكن بطريقة علمية مدروسة ،وأال تتعامل بمفهوم أنها منزل
للسكن والطعام والنوم ،إنما هو مجتمع مثمر في نشاطات وعطاءات كل بحسب
قدرته.
273
-3موضوع الصحة :أ ّكد المؤتمر ضرورة االهتمام بالخدمات الوقائية بدالً من
الخدمات العالجية ،إذ إ ان الخدمات الوقائية إذا ما بدأت في سن مبكرة ،تستطيع أن
تهيئ الناس لمشكالت الشيخوخة ،ولحياة أصح وأفضل.
-4قضية المرأة المتقدمة في السن :وقد أ ّكد المؤتمر أ ّن موضوع الشيخوخة
تعد أكبر منها للرجال،
ذو أهمية خاصة للنساء .فقضية المرأة المتقدمة في السن ّ
ويجب تناولها في خطة رعاية الشيخوخة في جميع البلدان ...ذلك أن المسنات
يعانين من المشكالت االقتصادية الشديدة وخصوصاً في الدول النامية.
-5التربية :أ ّكد المؤتمر ضرورة مساعدة المسنين من خالل إعدادهم لهذه
المرحلة العمرية ،لكي يستطيعوا المشاركة في الدخل والقيام باألنشطة حتى يصبحوا
أكثر اعتماداً على أنفسهم وأن يكونوا مكتفين ذاتياً ،ويكون ذلك بتدريب المسنين
على المهارات المختلفة (قناوي ،1987 ،ص 98-94؛ كتلو ؛ العرجا.)2016 ،
2-3جوانب رعاية المسنين
أوالً -الرعاية األسرية
يقصد بالرعاية األسرية family careلكبار السن" ،الوسائل التي تعتمدها
األسرة بكافة أفرادها للقيام بخدمات الرعاية النفسية والصحية واالجتماعية
واالقتصادية تجاه المسنين من أفرادها التي تضمن للمسن البقاء في كنف األسرة"
(حسني الرباط ،2003 ،نقالً عن سالم والصفتي ،د.ت).
فاألسرة هي النظام األمثل ،والمكان األكثر تأثي اًر في التخفيف من أعباء وآثار
الشيخوخة ،ولها دور مهم في إشباع احتياجات كبار السن المختلفة ،ومساعدتهم
على زيادة فرص تكيفهم في المجتمع مع األقارب والجيران واألصدقاء وزمالء
العمل السابقين ،بل واألصدقاء الجدد الذين يدخلون حياتهم بعد بلوغهم سن المعاش
التقاعدي.
274
ومن أدوارها أيضاً تدريبهم وتوجيه سلوكهم وانفعاالتهم وتصرفاتهم بما يساهم
في زيادة فرص تشكيل شخصياتهم التشكيل الجديد المتوافق مع متطلبات الحياة،
وبما يساهم بالفعل في إشباع حاجاتهم ،وتحقيق توافقهم الذاتي واالجتماعي.
أن األسرة توفر خدمات الرعاية الطويلة وقد أ ّكدت نتائج العديد من الدراسات ّ
المدى وتع ّد المكان الطبيعي الذي يجد فيه الفرد الشعور باألمن والطمأنينة واالنتماء
يقدمه أفرادها يفوق
أن ما ّ والتقبل واالحترام ،بغض النظر عن عمره وقوته وضعفه ،و ّ
في تأثيره النفسي والمعنوي كل ما تقدمه الدولة من المساعدة المادية.
إن المسن بحاجة ألن يعيش داخل أسرة متماسكة ومتوافقة تتوالهم بالتقبل
ّ
والرعاية .وطالما يعيش المسن في أسرة طبيعية يكون في وضع أفضل من وجوده
في مركز رعاية المسنين ،إذ يفتقر فيه إلى اإلشباع العاطفي والعالقات االجتماعية
الدافئة والدعم النفسي أيضاً (معمرية ؛ حزار ،2009 ،ص.)75
إن أغلب المسنين يفضلون العيش مستقلين ،مع المشاركة في حياة األسرة، ّ
وهو ما أكدته أغلب الدراسات في هذا الشأن ،ونتيجة لذلك يزداد أثر األجداد في
أعضاء األسرة الصغيرة ،وتزداد هذه العالقة وثوقاً في المجتمعات الريفية أكثر ،إذ
يقتصر نمط الحياة القائم على نظام األسر الممتدة ،فتزداد الصلة بين األجيال
والتفاعل الشديد بينهم معظم الوقت ،وهو ما ال يتوافر في المجتمعات الحضرية
والصناعية.
أن الطفل الذي يقضي بعض الوقت في تعامل وتؤ ّكد بعض الدراسات الحديثة ّ
مباشر مع المسنين ،تتحول اتجاهاته من السلبية إلى اإليجابية نحوهم ،وحديثاً يزداد
الجد والجدة في تربية األحفاد في فترة ما قبل المدرسة؛ نتيجة
اعتماد األسرة على ّ
أن معيشة المسن مع
الرتفاع تكلفة دور الحضانة ،وازدياد خروج المرأة للعمل .كما ّ
أبنائه توفر له مقومات عدة ،مثل:
-االحتفاظ بالمكانة االجتماعية بين األبناء،
275
-الدفء العائلي والحنان واإلحساس باألمن ،وبقاء عالقات المودة مع األبناء.
-فرص التفاعل الطبيعي مع األبناء ،والزوج ،واألقارب ،والمعارف واألصدقاء.
-تحقيق االنطالق والتعبير الحر عن الذات لدى المسنين.
-تكوين عالقات متعددة وقوية داخل األسرة وخارجها.
-تحقيق المكانة االجتماعية واحترام الذات.
-االرتباط بالمجتمع.
أن رعاية المسن داخل األسرة هي إحدى الوظائف التي ينبغي
ويرى "الرباط"ّ ،
أن تضطلع بها األسرة ،إضافةً إلى وظائفها األخرى ،على الرغم من الظروف
والمتغيرات التي طرأت على أوضاع األسرة النووية ،وذلك لفهمها ألساليب التعامل
معهم ،وأن يكون أفراد االسرة هم المسؤولون عن العناية بهم ،خصوصاً فيما يتعلق
بالرعاية اليومية كالملبس والمأكل والنظافة ...الخ.
وقد أظهرت العديد من الدراسات زيادة عدد المسنين الذين يعجزون عن مزاولة
األنشطة اليومية ،ويحتاجون إلى اآلخرين لالستحمام والطهي والتنظيف واإلسعاف.
قدر أعضاء األسرة عنصر الخبرة والحكمة عند
ويؤ ّكد "الرباط" أيضاً ّأنه يجب أن ي ّ
كبار السن وذلك بإشراكهم بالق اررات المصيرية لألسرة من منطلق المسؤولية
االجتماعية وتقديم المساعدة والعون لهم.
ويؤ ّكد "خليفة" ّأنه ينبغي على األسرة أن تعمل تحسين نوعية حياة المسنين لكي
يحيوا حياة مستقلّة داخل أسرهم ومجتمعهم ،دون الشعور بالعزلة والوحدة ،وكذلك
توفير الجو األسري حتى ال يشعر المسن ّأنه عبء على األسرة وغير مرغوب فيه
(سالم والصفتي ،د.ت ؛ عبد اللطيف 1999 ،؛ الطيطي ؛ جبر ،د.ت).
276
ثانياً -الرعاية االجتماعية
تشير الرعاية االجتماعية ،social careعموماً ،إلى "مجموعة األنشطة
المنتظمة التي تمارسها مؤسسات وهيئات أهلية أو حكومية تسعى من أجل توفير
الحمية والوقاية والحد من آثار المشكالت االجتماعية والعمل على عالجها".
وبالمقابل هناك رعاية اجتماعية غير رسمية تقدمها األسرة واألصدقاء والجيران
التي تكون غير منظمة عن طريق مؤسسة تطوعية أو قانونية أو حكومية وال يلتقي
القائم بهذه الرعاية من أعضاء األسرة أو غيرهم ،أي مكافأة مادية عن القيام بهذه
الرعاية (رزيقة ،2012 ،ص 57؛ فتوح ،1992 ،نقالً عن سالم والصفتي ،د.ت).
أشار "ريد" إلى أن الرعاية االجتماعية غالباً ما تحدد على أنها أنشطة منظمة
وتدخالت مهنية تقترح سياسات وبرامج كاستجابة للمشكالت االجتماعية التي يتم
التعرف عليها أو لتحسين أحوال المعرضين للخطر ،كما أنها تهتم بالتنظيم
المناسب للعالقات بين الجميع.
وهناك أنواع كثيرة من الرعاية االجتماعية المقدمة للمسنين ،وهي تختلف من
بلد آلخر تبعاً الختالف العادات والتقاليد الموجودة فيها .وفيما يلي أهم أوجه رعاية
المسن اجتماعياً:
-1توفير الملبس المناسب ،والمسكن المالئم بشروط ميسرة.
-2تيسير الحصول على الغذاء الكافي.
-3وعلى المجتمع أن يهيئ لكبار السن مشاركة طيبة في مجتمعهم ،ويوفر
لهم الجو المناسب ليقوموا بممارسة بعض األعمال التطوعية التي تخدمهم وتخدم
مجتمعهم ،ليكونوا قدوة لآلخرين ومثاالً يحتذى بهم.
-4ضرورة إنشاء جمعيات أصدقاء كبار السن تعنى بشئونهم ،وسوف تكون
بمثابة اعتراف من الدولة بأهمية هذه المرحلة ،وبضرورة قيامها برعاية الواقعين في
277
نطاقها وأن تتضمن هذه الجمعيات جميع الرعاية الضرورية لكبار السن اجتماعيا
ونفسيا وصحيا واقتصادياً.
-5ضرورة إيجاد المؤسسات العامة التي يستطيع فيها كبار السن أن يشبعوا
حاجاتهم البدنية ،ويتمتعوا فيها بملء ساعات الفراغ ،وأن يواصلوا تعليمهم،
ويحصلوا فيها على ضرورياتهم.
ثالثاً -الرعاية الطبية
وهي تهدف إلى تحسين وضع المسنين والوقاية من أمراض الشيخوخة ومن
تدهور الحالة الصحية ،والعناية بأنواع التغذية المقدمة لهم بحسب اإلرشادات
الطبية ،واالهتمام بالنظافة الشخصية وبرامج التوعية الصحية ،وعالج الحاالت
المرضية ،واجراء الفحوصات الطبية ،وتقديم األدوية ...الخ.
تعد الحالة الصحية للمسنين من الموضوعات التي تم االهتمام بها من قبل
ّ
األطباء والجمعيات العلمية وجمعيات رعاية المسنين على مختلف المجتمعات ،لما
لهذه الشريحة من المجتمع من حق الرعاية واالهتمام.
وتشير البحوث المتخصصة إلى ا
أن أعداد المسنين يتزايد مما يترتب عليه
الزيادة في المطالب التي تتعلق بالرعاية الصحية واالجتماعية لهم.
ونظ اًر للضعف الذي يصيب المسنين ،فإنهم يصابون بكثير من األمراض
المزمنة ،إذا ما قورنوا بغيرهم في مختلف األعمار األخرى .وعادة يكونون عرضة
لنوع أو أكثر منها ،مما يستلزم وجود رعاية طبية مستمرة لهم (معمرية ؛ خزار،
،2009ص 76؛ العجالن ،2011 ،ص.)8
278
رابعاً -الرعاية النفسية
مهم في حياة المسنين ،وجعلهم يعيشون بتفاؤل ورضا عنإن للمجتمع دور ّ ّ
حياتهم ،ومساعدتهم في التقليل من المشاكل النفسية التي قد يتعرضون لها.
وتتم هذه الرعاية من خالل تقديم الخدمات النفسية المتنوعة وتهدف إلى
المساعدة في التوصل إلى أفضل مستوى من الصحة والتوافق النفسي واالجتماعي،
وكذلك توجيه كبار السن مهنياً واجتماعياً ،لوقايتهم من المشكالت قبل وقوعها أو
لعالج مشكالت قائمة ،يعانون منها.
والخدمات النفسية التي يجب أن تقدم للمسنين يمكن إيجازها كما يلي:
-1اإلرشاد الصحي :ويهدف إلى تزويد كبار السن بالمعارف والمهارات
والعادات الصحية السليمة ،وتقديم المساعدة حول تكيف المسن مع مظاهر
الضعف والوهن عن طريق الفحص الطبي الدوري ،وكشف المشكالت الصحية في
بدايتها وعالج األمراض التي يعاني منها المسن.
-2اإلرشاد النفسي :ويتضمن تهيئة الجو النفسي المناسب للحياة في مرحلة
الشيخوخة والتوافق النفسي السليم مع العادات والتقاليد السائدة والخاصة باألجيال
المختلفة ،وارشاد المسن وتعليمه كيفية حل المشكالت التي تعوق قدراتهم وتوافقهم
النفسي واالجتماعي السليم.
-3اإلرشاد األسري :ويتضمن تصحيح أفكار المسن ،وتقويم سلوكه نحو
الزواج في حالة زواجه ،أو في حالة الترمل أو العنوسة ،وتقديم اإلرشاد األسري
المناسب له.
-4اإلرشاد المهني :وفيه يتم نقل المسن من مرحلة التقاعد عن العمل إلى
مرحلة أخرى يمارس فيها عمالً يشعره بفائدته وقيمته ،ويقضي فيه أوقات فراغه،
وذلك عن طريق كشف ميوله واتجاهاته (زبيري ،2006 ،ص 171-170؛ عبد
السالم ،2006 ،ص.)33
279
3-3أسس ومبادئ رعاية المسنين
من أهم أسس رعاية ومبادئ رعاية كبار السن نستعرض اآلتي:
أوالً -اإلعداد لعملية التقاعد
ويتطلب ذلك تقديم مجموعة من المعلومات والمهارات لمن يصلون إلى مرحلة
العمر المتوسط ،التي تساعدهم على:
-زيادة فرص التوظيف بعد التقاعد.
-اإلحاطة بطرائق الوقاية من األمراض المزمنة واالحتفاظ بصحة جيدة.
-توفير حياة أسرية وعالقات اجتماعية مناسبة.
-تأمين المورد المالي.
-اتباع أساليب معيشة تالئم كبار السن.
-توفير أنواع من النشاط والمهارات تكون بديالً عما كان كبار السن
يمارسونه في شبابهم.
ثانياً -التثقيف
أن هذا التثقيف يختلف باختالف األفراد والمسؤوليات الملقاة
على الرغم من ّ
على عاتقهم ،إالّ أنه يمكن تحديد الحد األدنى من المعارف التي يجب اإللمام
بها لمن يعمل ويتعامل مع هذه الفئة ،ومن هذه المعارف يمكن أن نذكر:
-معرفة الظواهر النفسية والفيسيولوجية لكبار السن.
-إدراك ظروف كبار السن كفئة من فئات المجتمع.
-معرفة الخبرات في العالقات اإلنسانية ،وفي أسباب العمل مع الجماعات.
-التثقيف بمعلومات عن الموارد واإلمكانيات المختلفة التي يمكن أن تستخدم في
مواجهة مشكالت كبار السن في المجتمع.
-إلمام بالنواحي التربوية ،ودورها في مواجهة احتياجات كبار السن.
280
ثالثاً -توعية المجتمع بقضايا الشيخوخة
إن االهتمام بقضايا كبار السن ليست مسؤولية محددة من قبل المهنيين
ّ
والمتخصصين فقط ،بل هي مسؤولية المجتمع ككل ،بجميع فئاته وأعماره ،لذا
يجب تهيئة المجتمع وتوعيته بقضايا الشيخوخة ومشكالت كبار السن ،ويجب
أن يكون المجتمع على وعي تام بحقوق كبار السن في المكانة االجتماعية
واالحترام والتقدير والوفاء.
إ ًن الفكرة السائدة عند الناس بأن كبار السن غير منتجين ،وأنهم يعيشون
على هامش الحياة ،يجب أن تستبدل بصورة أخرى توضح أن المسنين لديهم
أن مشكالتالحكمة والخبرة في الحياة ،وأن المجتمع يعوزهم أيضاً لذلك .كما ّ
كبار السن يمكن مواجهتها مبك اًر في مرحلة أواسط العمر باإلعداد والتأهيل لها.
281
5-3أساليب التعامل مع المسنين
هناك مجموعة من األساليب التي يمكن من خاللها التعامل مع كبار السن،
ولع ّل أهم هذه األساليب تتمثل في:
.1العمل على تنمية شعور المسن بقيمة ذاته ،من خالل توكيل بعض المهام
البسيطة للمسن على أن تكون متناسبة مع قدراته الحركية والذهنية ،مما يجعل له
دور حقيقي في بيئته االجتماعية.
.2إرشاد المسن إلى إمكانية كتابة ذكرياته الشخصية ،كوسيلة لشغل وقت
الفراغ واستعادة الخبرات الجميلة ،وتنشيط القدرات العقلية.
مر بها كبار السن في حياتهم،
.3استعادة الخبرات الماضية السعيدة التي ا
وذلك من خالل عقد جلسات استماع يتشارك فيها كبار السن هذه الخبرات فيما
بينهم.
.4تنشيط القدرات الذهنية لكبار السن ،وذلك من خالل تنظيم جلسات للنقاش
حول القضايا والموضوعات التي تتعلق بالمجتمع ،مما ينشط القدرات العقلية لديهم.
.5إظهار االحترام والتقدير نحو كبار السن ،لتنمية الشعور باألمن واالستقرار
النفسي لديهم.
.6مساعدة كبار السن على المشاركة االجتماعية ،والعمل على تدعيم وتجديد
شبكة العالقات االجتماعية الخاصة بهم ،من خالل التواصل مع أصدقائهم
ومعارفهم بشكل فعال.
.7تدعيم النسق الوجداني للمسن ،من خالل إظهار التعاطف الطبيعي والبعيد
عن الشفقة ،لما له من أثر في نفس المسن .وأن نبتسم في وجهه ،فهذا يشعره بحب
المجتمع له وأنه غير منبوذ أو مكروه في محيطه (مصطفى ،د.ت .ص11؛
الشال 2012 ،؛ عبد السالم ،2006 ،ص.)48
282
الفصل الثالث عشر
التقاعد ونظرياته
283
هذا ويختلف نظام التقاعد بآلياته ومواده من مجتمع إلى آخر نظ اًر لالختالف
في النواحي السياسية واالجتماعية واالقتصادية والدينية والثقافية.
وتحدث بعض التعديالت والتغييرات على هذه األنظمة من وقت إلى آخر
تمر بها المجتمعات.
حتى تتماشى مع التقدم والتطور والتحوالت المختلفة التي ّ
وتتباين سن اإلحالة على التقاعد ،إذ يتراوح سن التقاعد في المجتمعات الغربية بين
( 70-65سنة).
فتعد مصر أقدم الدول في تطبيق نظام التقاعد ،فقد
أما في الدول العربيةّ ،
ّ
صدر عام (1950م) نظام المساعدات العامة الذي نص على توفير معاش شهري
للمسنين غير القادرين على العمل.
أما في سورية ،فقد صدر نظام التأمينات االجتماعية عام (1959م) ،الذي
ّ
ينظم تقاعد الموظفين وعمال القطاع الخاص ،بينما قانون التأمين والمعاشات
لموظفي الدولة ،فقد صدر عام (1961م) ،وهو ينظم أحكام قانون تقاعد الموظفين
الحكوميين ،وسن اإلحالة على المعاش التقاعدي يبلغ ( )65سنة.
وتسعى الدول المتقدمة حالياً لرفع سن التقاعد ألن هذه السن لم تعد تتماشى
مع طبيعة الحياة والتطورات التي يعيشها كبار السن.
284
-2عوامل نشوء نظام التقاعد
مع تطور حركة التصنيع ظهرت الحاجة إلى ظهور نظام للتقاعد لعدة أسباب:
أ -التطور التكنولوجي :لقد واكب التطور التكنولوجي الثورة الصناعية وأدى
إلى تغيير في طبيعة كثير من المهن واألعمال ،وهذا تتطلب حاجة مستمرة للتدريب
لمواجهة هذه التغيرات ،ألن مهارات العمال المتقدمين في السن ومعارفهم ال تكون
مالءمة لذلك التطور.
ب -التعقيد في نظم اإلدارة والبيروقراطية :أدى التعقيد في نظم اإلدارة
الصناعية والحكومية الحديثة وسيطرة الطابع البيروقراطي على كثير منها إلى
سيطرة القواعد والنظم الجامدة التي ترتكز على اإلنتاجية ومصلحة العمل وال تضع
في الحسبان الجوانب اإلنسانية ،فهي وان كانت قد ساهمت في رفع الكفاءة
اإلنتاجية إالّ أنها أغفلت االهتمام باإلنسان.
التطور الصناعي في الدول الغربية إلى فائض
ّ جـ -الفائض في اإلنتاجّ :أدى
في اإلنتاج سواء على مستوى الفرد أم الجماعة مما ساعد على إمكانية توفير
المبالغ الالزمة للصرف على شريحة من السكان بعد انقطاعهم عن العمل.
أن أسباب نشوء نظام التقاعد يعود إلى:
أما "العبيدي" فيرى ّ
ّ
-1التطور االقتصادي والصحي :لقد حقق الغرب تطو اًر في المجال
االقتصادي والصحي ،األمر الذي انعكس على صحة الفرد ودخله ،مما أدى إلى
ارتفاع معدالت كبار السن ،إذ أصبحوا يمثلون أعداداً كبيرة.
أن األعداد الكبيرة نسبياً من كبار
ويشير عالم السكان األمريكي "ريدر" إلى ّ
السن في المجتمعات الصناعية المعاصرة ظاهرة تاريخية لم يكن لها سابق.
ونتيجة للزيادة في مقدار متوسط عمر اإلنسان عبر العصور ،أصبح من
الصعب على المنظمات الرسمية وغير الرسمية التغاضي عن مشكالت كبار السن،
وأصبحت الحاجة ماسة إليجاد نظام يكفل لهذه الشريحة من السكان حياة مالئمة.
285
-2التطور الصناعي :لقد أدى التطور في المجال الصناعي في الدول
الغربية إلى فائض اإلنتاج سواء على المستوى الفردي أم الجماعي؛ وهذا األمر
ساعد كثي اًر في إمكانية توفير الدعم المالي الالزم لدى شريحة من السكان بعد
انقطاعهم عن العمل.
-3نشوء االتحادات العمالية :التي كرست جهودها إلعطاء العمال حقوقهم،
وايجاد الوسائل القانونية التي من شأنها توفير حياة كريمة لهم ،في أثناء خدمتهم
وبعد انتهاءها من العمل المجتمعي.
-4سن قوانين لحماية حقوق العمال :قيام بعض الحكومات العربية بسن
القوانين التي تكفل للعامل حقوقاً تقاعدية واعداد أنظمة لتحقيق هذا الهدف.
-5التصنيع :لقد أدى التصنيع إلى تغيرات جذرية في النظام األسري ،وفي
مقدمتها انحسار نظام األسرة الممتدة ،مما دفع كبار السن إلى االستقاللية واالعتماد
على أنفسهم في تلبية حاجاتهم ،فكان هذا األمر حاف اًز قوياً إلى التفكير في إيجاد
نظام يساعد هذه الفئة من المجتمع على مواجهة متطلبات الحياة المختلفة.
-3مفهوم التقاعد
يشير مصطلح "التقاعد" عموماً إلى انقطاع الفرد عن أداء وظيفته ،وحرمانه
مما كان يتقاضاه من مرتب أو مكافآت مقابل قيامه بمهامه الوظيفية ،وذلك حين
يصل إلى مرحلة عمرية معينة يحددها المجتمع".
1-3مفهوم التقاعد من وجهة نظر عملية
يرى بعض الباحثين أن للتقاعد عن العمل حالتين :أوالً ،أن يكون التقاعد
اختيارياً ،بمحض إرادة العامل ،وعلى أساس من تقديراته وق ارراته .وثانياً ،أن يكون
التقاعد إجبارياً ،إذ يفرض عليه التقاعد ويحال على المعاش التقاعدي في ( 60أو
286
تنص عليه تشريعات العمل المعمول بها في المجتمع؛ )65سنة ،وذلك بحسب ما ّ
وذلك بسبب االعتقاد القائم بأن إنتاجية الفرد تبدأ بالتناقص عند هذه السن.
2-3مفهوم التقاعد من وجهة نظر نفسية
أن مرحلة اإلحالة على التقاعد حساسة في حياة
يشير علماء النفس إلى ّ
المسنين؛ إذ تحدث بعض األزمات واالضطرابات النفسية للمسنين بسبب تركهم
مسؤوليات العمل ،وسحب المجتمع كافة األدوار االجتماعية ،وتخفيض المكانة
والمركز االجتماعي بين األفراد اآلخرين .ويشير "التقاعد" ،وفقاً لوجهة النظر هذه،
إلى" :إبعاد الفرد من نظام العمل في المجتمع لبلوغه سن اإلحالة على المعاش
التقاعدي" .ولع ّل أشهر تعريف للتقاعد هو تعريف "أتشلي" (1976م) ،الذي يرى
أن التقاعد هو" :الحالة التي يكون الفرد فيها مرغماً أو مختا اًر ليعمل أقل من
ّ
ساعات الدوام المعتادة ،ويكون جزء من دخله على األقل من معاش التقاعد اكتسبه
نتيجة سنوات الخدمة".
3-3مفهوم التقاعد من وجهة نظر نمائية
يحدد العلماء عند وصول الفرد إلى سن الستين ،مرحلتين رئيستين ،هما:
مرحلة ما قبل التقاعد ،pre-retirementومرحلة التقاعد :retirement
أ .مرحلة ما قبل التقاعد
تمتد من سن ( 60إلى ،)65وفيها تتزايد السرعة التي يحدث فيها العديد من
التغيرات الحادة؛ مقاساً بذلك بدرجة انخفاض الكفاءة الوظيفية ،ومعدل األمراض
الجسمية ،واالضطرابات الوجدانية.
وتعمل نواحي القصور التي تحدث في القدرات الجسمية والعقلية؛ على تحديد
طبيعة األنشطة التي يمكن للفرد أن يمارسها .ومن المعتاد في هذه المرحلة أن
مهمة في الحياة االجتماعية والمهنية؛ ألن الكثير من
يحتل بعض األفراد أوضاعاً ّ
المهارات التي يمتلكونها هي نتاج لخبرة طويلة.
287
وعند نهاية هذه المرحلة ،نجد ميالً لدى بعضهم نحو االنسحاب من بعض
األنشطة وال سيما االقتصادية.
ب .مرحلة التقاعد
تبدأ في حوالى ( )70-65سنة ،وتتميز بتحول سريع ومهم من حالة منتجة
اقتصادياً إلى حالة غير منتجة ،وغير مستقلة نسبياً .وتتوقف نتائج هذه المرحلة
على عدة عوامل مثل :الجنس ،والظروف االجتماعية واالقتصادية ،والتكوين
النفسي للفرد (سليمان وفوزري ،د.ت ؛ الغامدي ،2001 ،ص 37؛ عبد الحميد،
د.ت ؛ العبد اللطيف ،2010 ،ص.)17
288
مندفعون ،يفتقدون للطموح ،ويفضلون البقاء في المنزل ،ويتميز سلوكهم بالسلبية
واالعتماد على اآلخرين.
جـ -النمط الدفاعي القهري :أصحاب هذا النمط ال يرحبون بالتقاعد وال
يضعون له خطة ،وانما يعملون على الهروب منه باإلسراف في النشاط ،فال يجدون
ذواتهم إالّ من خالل العمل واالجتهاد فيه .ولذلك ما إن يحالوا على التقاعد ،فإنهم
يتبعون أسلوب حياة منظماً مفعماً بالنشاط ،رافضين تماماً أي عروض للراحة أو
االستجمام ،والعمل هنا أشبه بـالدرع الذي يتسلح به المتقاعد الستمرار وجوده في
الحياة.
د -النمط العدائي :ويسمى أصحاب هذا النمط بـ (الغاضب) ،وهؤالء يرفضون
فكرة التقدم في العمر وفكرة التقاعد ،كما ّأنهم يسقطون رغباتهم وأهدافهم على
اآلخرين ،ويرون أن اآلخرين هم السبب في فشلهم لتحقيق أهدافهم في الحياة.
واإلسقاط ميكانيزم دفاعي ،إذ يسقط الفرد رغباته السلبية على اآلخرين ،وكأن
اآلخر هو السبب ،ولذا فإن أصحاب هذا النمط في حال غضب مستمر.
إن أفراد هذا النمط يفتقدون الهوايات واالهتمامات الخاصة ،والموت بالنسبة ّ
لهم ليس حقيقة ينبغي تقبلها واالستعداد لها ،بل هو عدو يجب هزيمته .ويع ّد أفراد
هذا النمط من أسوأ األنماط توافقاً وأقلّها قدرة على تخطي أزمات الشيخوخة.
ه -النمط الكاره للنفس :وهو نمط يتميز باالكتئاب ،ولوم الذات واآلخرين
إن أصحاب هذا النمط يفتشون عن أية أحداث أو على فشلهم في تحقيق أهدافهمّ .
مواقف سيئة في حياتهم ،وغالباً ما يفشلون في مواجهة أزمة التقاعد والتغلب عليها
(سماعنة ،2008 ،ص 27؛ سليم 2012 ،؛ الشريف.)2014 ،
289
-5تحديد سن التقاعد
لقد اختلفت المجتمعات في تحيد سن التقاعد عن العمل ،ومن هنا ظهر ما
يعرف "بالتقاعد الفارق" ،إذ يختلف تحديد سن التقاعد وفق أسس ،لع ّل أهمها:
-1العمر اإلنتاجي في كل مهنة :متى يبلغ اإلنتاج ذروته ،ومتى ينحدر.
-2نوع اإلنتاج في كل مهنة :هل هو كمي ،أو نوعي ،أو هما معاً.
-3متوسط الحياة في كل مهنة :فالتقدم في العمر يؤثر في العمل.
-4األمراض الشائعة في كل مهنة.
-5نسبة عدد المتخصصين إلى عدد األماكن الشاغرة في كل مهنة.
-6رعاية المسن حتى يستمتع بالجزء الباقي من الحياة.
-7مدى إعاقة المسنين لعملية الترقي المهني التي يترقبها الشباب :وبالتالي إفساح
طريق العمل أمام الشباب والكسب والترقي في السلم الوظيفي.
سن التقاعد بحسب تلك األسس من بلد آلخر .وقد قابل
من أجل هذا اختلف ّ
حاد في االتجاه نحو التقاعد المبكر أو
رفع سن التقاعد في بعض الدول ارتفاع ّ
أن ثقافة التقاعد المبكر بدأت تتسع في الواليات
االختياري ،فقد ذكر "أندرسن" ّ
عامةً (الغامدي ،2001 ،ص.)39-38 المتحدة األمريكية والغرب ّ
290
األولى ،بعيدة المدى ،remote phaseإذ ينظر إلى التقاعد على أنه حادثة
بعيدة .والثانية ،قريبة المدى ،near phaseإذ يدرك العاملون أن تقاعدهم بات
قريب الحدوث.
.2مرحلة السعادة :وتسمى هذه المرحلة –أيضاً -بمرحلة شهر العسل
التقاعدي ،وهي بداية التقاعد ،إذ تحدث مباشرةً بعد وقوع الحدث الفعلي للتقاعد،
وتوصف عادة بالسعادة واالستمتاع بوقت الفراغ.
فالمتقاعد يتطلع لعمل أشياء لم يكن لديه وقت كاف إلنجازها من قبل ،وهو
يستطيع اآلن القيام بكل ما كان يتمنى القيام به من رحالت وسفر وزيارات ألماكن
بعيدة ...الخ .وتتطلب هذه المرحلة أن يكون المتقاعد متمتعاً بصحة جيدة وفي
ظروف نفسية واجتماعية مالئمة (عالء الدين ،1999 ،ص 4؛ سماعنة.)2008 ،
.3مرحلة االنسحاب :أو مرحلة خيبة األمل ،وفيها يبدأ المتقاعد بالشعور
باالكتئاب بسبب طبيعة الحياة النمطية وندرة األعمال المطلوب منه القيام بها.
وبعد القيام باألشياء التي كان يتوق ألدائها نجده يبدأ بالشعور بالملل والتعب،
وتفقد النشاطات جاذبيتها األولى ،فيمهد الطريق إلى بدء مرحلة التوجه من جديد
واعادة التكيف.
يطور المتقاعد في هذه المرحلة اتجاهاً أكثر
.4مرحلة التوجه من جديدّ :
واقعية نحو موضوع التقاعد واالستخدام الفعال للوقت واستثماره بشكل أفضل .ويبدأ
في إعادة تقويم األنشطة ويتخذ بعض الق اررات المتعلقة بتحديد ما هو أكثرها
أهمية ،وتضع هذه األولويات المقدمة للمرحلة التي تليها.
ويعتمد نجاح هذه المرحلة ،بالدرجة األولى ،على خبرة المتقاعد في اختيار
بدائل واقعية ،ففيها يبدو المتقاعد على طبيعته ،وعندما يبحث عن المساعدة فإنها
تكون في معظمها من خالل أسرته وأصدقائه المقربين ،وقد تفيد االختيارات
الحقيقية والواقعية في إعادة بناء شكل الحياة خالل مرحلة التقاعد.
291
.5مرحلة االستقرار :االستقرار هنا ال يعني عدم وجود تغير ،واّنما يشير إلى
كيفية تعامل المسن مع التغير .ولكن ما يحصل في هذه المرحلة هو روتين التقاعد
الذي يستمتع به المتقاعد وذلك قد يكون من خالل عمل تطوعي أو زيارات أو
بعض البرامج األخرى التي يتم تطويرها .ويعتمد نجاح هذه المرحلة على ما حققه
يكون مجموعة من البدائل
المتقاعد من اختيارات بديلة وواقعية ،فإذا ما استطاع أن ّ
الواقعية ،فإن ذلك قد يسمح له بأن يتعامل مع الحياة بأسلوب معقول ومريح.
.6مرحلة النهاية :ويحدث هذا عندما يمنع المرض أو العجز المتقاعد عن
العناية بنفسه ،وغالباً ما يحدث بسبب االلتحاق بعمل ما ،وال سيما عندما يتقاعد
الفرد تقاعداً مبك اًر ،فيكون ما زال بصحة جيدة وما زال في سن يمكنه من الحصول
عد هذه المرحلة انتهاء التقاعد بشكل مؤقت.
على عمل آخر ،ولذا يمكن ّ
292
-7النظريات المفسرة للتقاعد
هناك عدة اتجاهات نظرية اهتمت بتفسير التقاعد وما يمكن أن يترتب عليه
من تغير في أدوار المتقاعد ،ويمكن تصنيف هذه النظريات في اآلتي:
1-7نظرية النشاط
من رواد هذه النظرية "هافيجرست" الذي يشير إلى ّ
أن كبار السن لديهم
نفس االحتياجات النفسية واالجتماعية كغيرهم من متوسطي العمر ،و ا
أن تناقص
نشاطهم وتفاعلهم في محيطهمّ ،إنما يعود إلى نظرة المجتمع لهم ،وما يتوقعه منهم
من أدوار مختلفة .ولكن المسنين ،كما يؤ ّكد "هافيجرست" ،يستطــيعون االحتفـاظ
بقدر كبـير مـن األنشطــة الحياتية التي كان يزاولونها خالل مرحلة الرشد.
ويستطيعون إيجاد البدائل ألنشطتهم المفقودة ،وتكوين صداقات جديدة حين يفقدون
صداقاتهم القديمة ،وايجاد اهتمامات بديلـة لهم.
اهتم باألنشطة البديلة التي يكتسبها المسنون وتحقق لهم
أما "ميللر" ،فقد ّ ّ
عد هذه األنشطة مصادر
هدفين :األول ،إيجاد البديل عن العمل المفتقد .والثانيّ ،
جديدة لدخل األسرة (عبد الحميد ،د.ت ،ص 50؛ عالء الدين.)1999 ،
وتستند نظرية النشاط ،activity theoryعلى األبعاد الثالثة اآلتية:
أن الغالبية العظمى من المتقاعدين سيحافظون على مستويات
البعد األولّ :
مستقرة من النشاط.
أن مقدار النشاط أو عدمه يتأثر بمجموعة من العوامل ،مثل
البعد الثانيّ :
نمط الحياة السابق ،واألسس االجتماعية واالقتصادية ...الخ .وهذا يعني أن
التقاعد ليس عملية حتمية أو ضرورية.
البعد الثالث :ال بد من الحفاظ أو تطوير مستويات اجتماعية ومادية وعقلية
إذا ما رغبنا بعملية تقاعد ناجحة.
293
االنتقادات الموجهة لنظرية النشاط
تعاني هذه النظرية من انتقادين أساسيين:
-اعتمادها على االفتراض األساسي الذي مؤداه أن المتقاعدين يحكمون على
سلوكياتهم من منظور منتصف العمر.
-لم تفسر هذه النظرية ماذا يحدث لألفراد وألسباب اقتصادية واجتماعية
ونفسية وصحية وعقلية ...إذا لم يحافظوا على معايير ونشاط منتصف العمر
بغض النظر عن الكيفية التي ينظرون فيها إلى أنفسهم.
2-7نظرية فك االرتباط
قدمها كل من "كمنج" و"هنري"
وتسمى بنظرية االنسحاب ،pulloutوقد ّ
أن هذه النظرية انبثقت من
Cumming & Henryسنة (1961م) ،موضحين ّ
مالحظتهما بأن المسن يصبح أقل اندماجاً في الحياة عما كان عليه وهو في
المرحلة األصغر سناً.
أن األفراد الذين يصلون إلى سن الشيخوخة يبدؤون وترى هذه النظرية ّ
باالنسحاب من السياق االجتماعي ،وتتناقص األنشطة التي كانوا يقومون بها،
بسبب قلة التفاعل مع المجتمع.
فالشيخوخة ،وفقاً لنظرية فك االرتباط ،disengagement theoryهي:
"مرحلة ضعف الروابط االجتماعية ،وعملية تراجع عن النظام االجتماعي الذي
ينتمي إليه كبير السن" ،إذ يبتعد عن بعض فئات من الناس ويبقى قريباً من
آخرين ،ومثل هذا االبتعاد يمكن أن يكون مصاحباً بزيادة النقد لذاته والتمركز
أن من مصلحة المجتمع أن يتخلى عن فئة المتقاعدين
حولها .وترى هذه النظرية ّ
حتى يتاح المجال للجيل األصغر منهم لكي يحلوا مكانهم ،وخصوصاً في المراكز
الحيوية والمهمة في المجتمع.
294
أن التقاعد من مصلحة الفرد أيضاً ،إذ
ومن جهة أخرى ،ترى هذه النظرية ّ
يختار بمحض إرادته التقاعد فينسحب من ممارسة ببعض األدوار االجتماعية التي
ألنه ال يستطيع القيام بها ،ويبدأ
غالباً تبدأ بتشكيل ضغوط اجتماعية عليهّ ،
المتقاعد بالتركيز على دور اجتماعي واحد مهم هو دور المتقاعد ،فيركز على
مصالحه الخاصة واهتماماته الذاتية.
وباختصار فإن هذه النظرية ترى أن تقاعد الفرد من جهة ،وتخلي المجتمع
عنه من جهة أخرى مسألة وظيفية وضرورية للطرفين معاً.
وتعاني النظرية من انتقادات ،لع ّل أهمها يتمثل في النقاط اآلتية:
.1وجود الكثير من المسنين الذين يفترض أن يكونوا متقاعدين ،لكن ما زالوا
يحتلون مواقع حيوية في مجتمعاتهم كرجال القضاء والسلطة التنفيذية.
ًّ .2
إن االفتراض الذي تقوم عليه النظرية ومؤداه أن الناس يرغبون في
االنسحاب ،ال يفسر لنا رغبة الكثيرين الذين يودون االستمرار في العمل وعدم
التخلي عن أدوارهم وأعمالهم.
.3ا
إن هذه النظرية ال تنطبق على األفراد الذين يعملون أعماالً تتصل باألدب
أو الفن أو التدريس الجامعي.
وفي ضوء هذه االنتقادات عدلت "كمنج" من هذه النظرية ،وأشارت إلى أن
الرضا عن الحياة يرتبط بنظرة الفرد نحو مرحلة التقاعد ،وهل يفضل ممارسة
األنشطة بشكل إيجابي ،أم أنه يرغب في العزلة واالنسحاب من المجتمع (سماعنة،
،2008ص 28؛ السباسيسي ،1983 ،ص 6؛ أبو جعفر ،2015 ،ص.)152
ولقد أعاد "ستريب" و"شيندر" تكرار هذه النظرية بعد تعديلها ،إذ أصبحت أكثر
أن
مالئمة لحقائق التقاعد ،واستخدما لذلك مصطلح "االنسحاب التبايني" ،ليؤكدا ّ
فكرة االنسحاب تحدث بنسب مختلفة لدى كبار السن ،كما أن االنسحاب يساعد
المتقاعد على زيادة االرتباط بأوجه الحياة األخرى.
295
وعلى الرغم من االنتقادات السابقة ،إالا ا
أن النظرية تتمتع بنقاط القوة ،ومنها:
.1إنها تصف العمليات االجتماعية التي تحدث نتيجة التقاعد.
.2إنها قابلة للتطبيق على المواقف التي يكون فيها التقاعد إجبارياً ،وهنا
يصبح التقاعد من مصلحة المتقاعد والمجتمع.
أن التقاعد أصبح ضرورة
البد من أن يدرك الفرد ّ
وكذلك يمكن القولّ :إنه ّ
وظيفية له ،بسبب أعباء العمل والسن وما يرتبط بذلك من آثار مختلفة.
مرت بعدة مراحل:
إن نظرية االنسحاب قد ّ
وبناء على ما سبق ،يمكن القول ّ
ّ
عدت االنسحاب مظه اًر ضرورياً بين الفرد والمجتمع ،وهو يبدأ
األولىّ :
أن الرضا عن
باالنسحاب االنفعالي وينتهي بتركيز الطاقة حول الذات .الثانيةّ :
الحياة يرتبط إيجابياً بالنشاط لدى بعض المسنين ويرتبط باالنسحاب لدى بعضهم
اآلخر .الثالثة :أن االنسحاب يساعد المتقاعد على زيادة االرتباط بأوجه الحياة
األخرى.
3-7نظرية االستمرار
يتمثل جوهر نظرية االستمرار ،continuity theoryفي مواصلة أنماط
السلوك في م ارحـل العمــر المتتالية ،وتستند على أن تجارب الفرد فـي مرحلة ما مـن
حياتـه ،تهيئه للدور المطلوب منـه فــي المرحلـة الالحقة .ويفترض أصحاب هذه
أن المتقاعد يستطيع االستمرار في األنشطة الحياتية نفسها التي كان يقوم
النظريةّ ،
بها قبل تقاعده ،وذلك تفادياً الستحداث أدوار اجتماعية جديدة .كما تستند إلى
خصائص سلوك المسنين الذين غالباً ما يميلون إلى المحافظة على نفس النشاط أو
أنماط الحياة التي تعودوا عليها.
ويرى كل من "نيوغارتن" و"أتشلي" (1977م) ،ا
أن المراحل الحياتية المختلفة
يطور الفرد قيماً واتجاهات ومعايير
وبناء على ذلكّ ،
ً تتسم بنوع من االستم اررية،
296
أساسياً من الشخصية ،وبالتالي فإن ردود أفعال
ّ وعادات مستقرة ،إذ تصبح جزءاً
إن هذه النظرية تضع
الفرد نحو التقاعد تكون مقيدة سلفاً بمجموعة من العواملّ .
في الحسبان الخبرات والمواقف الحياتية المختلفة لكبير السن ،إذ يعتمد السلوك لكل
عد من نقاط القوة لهذه النظرية ،إالّ
مرحلة عمرية على الكثير من العوامل ،وهذا ي ّ
أن ما يؤخذ على هذه النظرية هو أن بعض الباحثين يجدون صعوبة في فحص ّ
النظرية وتحليلها ميدانياً (البنوي والوريكات 2007 ،؛ أبو جعفر.)2014 ،
4-7نظرية التوافق
في ضوء تحليل "أتشلي" للعناصر األساسية في النظريات الثالث (النشاط،
واالنسحاب ،واالستمرار) ،أوضح أن التوافق ،يقوم على عنصرين هما:
-التسوية الداخلية :أي إعادة النظر في معايير اتخاذ القرار.
-التفاهم بين األفراد :وينظر إليه كعملية يتم فيها مناقشة الفرد ألهدافه
وطموحاته مع اآلخرين ممن يتعامل معهم ،ويمكن أن يترتب عليها تغيير الفرد
ألهدافه.
وأوضح "أتشلي" ا
أن هناك عالقة قوية بين هذين العنصرين ،مشي اًر إلى أن سلم
األهداف الشخصية يتسم بالتغير من مرحلة عمرية إلى أخرى ،ويتطلب ذلك من
أن التغير في سلم األهداف الشخصية
المتقاعد أن يتكيف مع األدوار الجديدة .كما ّ
يأخذ اتجاهين:
االتجاه األول :أن يكون التدرج إيجابياً ،فيكون الفرد أكثر شعو اًر بالرضا
والنجاح وااللتزام والتفاعل مع اآلخرين.
االتجاه الثاني :أن يترتب على التدرج حدوث تغير سلبي ،خصوصاً لدى
األفراد الذين وصلوا إلى قمة العمل في وظائفهم السابقة ،إذ يصبح التقاعد أم اًر
مهماً لتحقيق أهدافهم
صعباً بالنسبة لهم .كما يع ّد األفراد الماديون الوظيفة شيئاً ّ
297
أن التقاعد -لدى العديد من المتقاعدين -هو إعادة تنظيم
المادية .وأوضح "أتشلي" ّ
لسلم أهدافهم الشخصية ،وذلك في ضوء عمليتين :األولى ،عملية التسوية الداخلية،
حيث إعادة النظر والمراجعة الداخلية لمعايير اتخاذ القرار ومناقشة الفرد ألهدافه
وطموحاته مع اآلخرين .والثانية ،عملية المقارنة بين أهداف الفرد وأهداف
اآلخرين.
5-7نظرية الشخصية
صاحب هذه النظرية "هافيجرست" ،الذي يعارض نظريتي؛ (فك االرتباط)
و(النشاط) ،العتقاده بأنهما يركزان على النشاط لتقدير الرضا عن الحياة ،وانطالقاً
أن التوافق يرتبط بنمط
من ذلك يقترح كبديل عن ذلك نمط الشخصية ،إذ يرى ّ
شخصية المسن وسماته ،وأن كل نمط معين من الشخصية يحتاج إلى نمط معين
من النشاط.
ومن جهة أخرى يرى "هافيجرست" أن التغيرات المصاحبة للتقدم في العمر
هي نتيجة تفاعل بين تغيرات اجتماعية خارجية ،وتغيرات بيولوجية داخلية ،ولذلك
يكون للشخصية المتكاملة أداء أفضل؛ بفضل وجود درجة مرتفعة من القدرات
المعرفية ،والقدرة على التحكم بالذات .ومقابل ذلك يوجد أفراد ذوو شخصيات غير
المتكاملة ،لديهم إعاقات في الوظائف النفسية ،ويفتقدون القدرة على التحكم في
تدهور في شخصياتهم.
اً انفعاالتهم وهناك
أهمية العالقة بين أنماط الشخصية للمسنين ،ومستوى
وقد أكدت هذه النظرية ّ
فاعلية الدور االجتماعي الذي يؤدونه والرضا عن حياتهم.
وركزت على الذين يحاولون لعب دور منتصف العمر ،وذلك من خالل إيجاد
أدوار بديلة لتلك التي فقدوها ،وبذلك يستطيعون الحفاظ على مستوى عال ومرتفع
من النشاط والرضا عن الحياة .وهكذا نالحظ أن هذه النظرية تدعم نظرية النشاط
298
وليس فك االرتباط ،وهي بحاجة إلى اختبارات ميدانية (البنوي والوريكات 2007 ،؛
سماعنة ،2008 ،ص.)31
6-7نظرية النمطية
تنظر هذه النظرية للشيخوخة نظرة نمطية ،stereotypyقائمة على التعميم،
إذ يؤدي األمر إلى معاملة المسنين كأنهم فئة واحدة ،وتحديد سن التقاعد بناء على
ذلك بسن الستين ،أو ما يعادل ذلك.
والمالحظ في الواقع هو عكس هذه النظرة النمطية ،إذ يتباين المسنون في
قدراتهم الجسمية والروحية والعقلية والوجدانية تبايناً كبي اًر ،ونالحظ أيضاً أن كثي اًر
من رجال األعمال ،وأصحاب المهن الحرة الناجحين ،هم من المسنين الذين بلغوا
سن التقاعد الرسمي.
بينما تؤ ّكد النظرة الجديدة (الالنمطية) ،ضرورة اعتماد مبدأ "الفروق الفردية"
في معاملة كبار السن في مجاالت عدة ،وخاصة في إدارة الموارد البشرية ،إذ إ ّن
هناك حاجة ماسة لتوظيف المسننين في كثير من البلدان التي ارتفعت فيها نسبة
الشيخوخة كثي اًر.
وال ينبغي أن يقتصر توظيف المسنين في الوظائف المناسبة لقدراتهم الجسمية
والعقلية والوجدانية على البلدان التي ارتفعت فيها نسبة الشيخوخة ،كما هو الحال
في معظم البلدان المتقدمة صناعياً ،بل ينبغي أن يكون األمر كذلك في دول
أخرى ،تكون فيها حاجة لأليدي العاملة ،وال سيما المتعلمة منها )خليفة ،د.ت،
ص ،37ورد في علي ،2012 ،ص.)95
299
7-7نظرية األزمة
أهمية الدور المهني للفرد داخل
ّ من أصحاب هذه النظرية "بيل" الذي يؤ ّكد
أن التقاعد والشيخوخة يمثالن أزمة ،crisisللمسنين ،الذينالمجتمع ،مشي اًر إلى ّ
يعطون العمل أهمية كبيرة ،ويع ّدونه قيمة في حياتهم.
يعد غاية في األهمية بالنسبة له ،إذ إ ان الدور المهني
فقيام المسن بعمل ماّ ،
يكسبه هويته ،ويم ّكنه من وضع نفسه في عالقات مع اآلخرين ،ويساعده على
التوافق النفسي واالجتماعي ،والشعور بالرضا عن حياته ،أما فقدان المسن لعمله
وتغير أدواره بعد إحالته للتقاعد ،فسوف يشعره بالضيق وعدم االرتياح ،ويؤثر في
نظرته لنفسه ،وفي عالقاته مع أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه ،فضالً عن أثر
ذلك في الرضا عن الحياة عامة.
أن هناك فريق من الباحثين ال يوافق على هذه النظرية المتعلقة بأهمية
إالَ ّ
وعده أهم العوامل المؤثرة في رضا المسن عن حياته ،وانما ينظر
العمل المهنيّ ،
األهم في عدم رضا
إلى اإلحالة على التقاعد على أنها ليست العامل الوحيد و ّ
أن أهمية العمل إنما تتوقف على نوعه ،وعلى أهمية
المسن عن نفسه وعن حياته ،و ّ
العمل للفرد ومدى التزامه به.
فقد أوضحت دراسة كل من "فريدمان" و"هافيجرست" أن العمل في الطبقات
الدنيا ،وخصوصاً العمل اليدوي ،ترجع أهميته إلى ّأنه ي َعد مصدر دخل الفرد،
ولذلك ال يلعب دو اًر كبي اًر في تقدير الفرد لذاته ومفهومه عنها ،فال يشعر العامل
بالضيق واألزمة التي يشعر بها أصحاب المهن اإلدارية والفنية العليا.
نستنتج من ذلك أن تأثير التقاعد يتوقف على عوامل مختلفة مثل :المستوى
االقتصادي واالجتماعي ،والحالة الصحية ،وأهمية العمل للفرد ...الخ.
300
قائمة المصطلحات العلمية
302
المصطلح المصطلح المصطلح المصطلح
باللغة األجنبية باللغة العربية باللغة األجنبية باللغة العربية
Divorce Disorderالطالق االضطراب
Dysthymia Doubtعسر المزاج الشك
E
Early Old Age Early Adulthoodالشيخوخة المبكرة الرشد المبكر
Empathy Elderlyالتعاطف المسن
Environment Empty Loveالبيئة الحب الفارغ
Experimentation Error Theoryالتجريب نظرية الخطأ
Emotional Expression ofاالنفعال التعبير االنفعالي
F
Family Therapy Fallingsالعالج األسري السقوط
Fear Fatuous Loveالخوف الحب األحمق
Flexibility Feelالمرونة الشعور
G
Gerontology Generativelyعلم الشيخوخة اإلنتاجية
Glaucoma Geropsychologyالمياه الزرقاء علم نفس الكبار
Guilt Growthالشعور بالذنب النمو
Generation Generalصراع األجيال علم النفس العام
Conflict Psychology
H
Heart Attack Health Careالسكتة القلبية الرعاية الصحية
Heart Failure Heart Diseasesقصور القلب أمراض القلب
Honeymoon Heredity Theoryالسعادة نظرية الوراثة
I
Imagination Identity Crisisالتخيل أزمة الهوية
303
المصطلح المصطلح المصطلح المصطلح
باللغة األجنبية باللغة العربية باللغة األجنبية باللغة العربية
Immune System Imitationجهاز المناعة المحاكاة
Individual Independenceالفرد االستقاللية
Indoor Individualityمكان مغلق اإلحساس بالتفرد
Infancy Industryمرحلة المهد اإلنجاز
Infatuation Infancy Periodاالفتنان الطفولة المبكرة
Inheritance Inferiorityالوراثة الشعور بالنقص
Inner Solidarity Inner Socialالتماسك الداخلي تماسك اجتماعي
Introspection Instinctاالستبطان الغريزة
Intuitive Introversionالمبادأة (المبادرة) االنطواء
L
Learning Lack of appetiteالتعلم فقدان الشهية
لألكل
Life Review Life Dimensionمراجعة الحياة البعد الحياتي
Linking Life Styleالصلة أسلوب الحياة
Locus of Control Lonelinessمركز الضبط الوحدة النفسية
M
Major Depression Macroاالكتئاب الرئيس الكلي
Marriage Maladjustmentالزواج سوء التوافق
Memory Maturationالذاكرة النضج
Mental Processes Mental Ageالعمليات العقلية العمر العقلي
Methodology Methodالمنهجية منهج-طريقة
Middle Adulthood Microوسط العمر الوسطي
Mistrust Midlife Crisisعدم الثقة أزمة منتصف
العمر
304
المصطلح المصطلح المصطلح المصطلح
باللغة األجنبية باللغة العربية باللغة األجنبية باللغة العربية
Motives Moralالدوافع النمو األخالقي
Development
N
Need Narcissismالحاجة النرجسية
Neurotic Nephritisعصابي التهاب الكلى
Normative No-normativeاألحداث المتوقعة األحداث غير
Influences Influence المتوقعة
Normative Crisis Normsاألزمات المعيارية المعايير
O
Organ Systems Objectiveاألجهزة العضوية موضوعي
Olfaction Observationحاسة الشم المالحظة
Optimism Old Populationالتفاؤل مجتمعات مسنة
Organic Geriatric Old Ageشيخوخة عضوية شيخوخة متأخرة
Outdoor Osteoporosisالخالء هشاشة العظام
Overextension Objectiveالمبالغة في الجهد الموضوعية
P
Perception Pensionاإلدراك الحسي المعاش
Personal Interest Perceptualاالهتمامات اإلطار اإلدراكي
Frameworkالشخصية
Phases of Life Personalityمراحل الحياة الشخصية
Personalityالنظرية الظاهراتية Phenomenological نظرية الشخصية
Theory Theory
Population Aging Plasticالشيخوخة الذكاء البالستيكي
Intellectualالسكانية
305
المصطلح المصطلح المصطلح المصطلح
باللغة األجنبية باللغة العربية باللغة األجنبية باللغة العربية
Prevention Pre-retirementالوقاية ما قبل التقاعد
Psychiatry Psychosomaticالطب النفسي سيكوسوماتي
Protection اختبارات إسقاطية Projective Testsالحماية
Psychological Problems ofالتوافق النفسي مشكالت كبار
Adjustment Aging السن
Psychological Psychologicalالرعاية النفسية العمر النفسي
Care Age
Psychological Psychologicalالبحوث النفسية الشيخوخة النفسية
Research Geriatric
Problem Finding Psychosocialالبحث عن النفسية-
المشكلة االجتماعية
Puberty Psychotherapyالبلوغ الجنسي العالج النفسي
Q-R
Quality of Life Quotientأسلوب الحياة النسبة
Recreational Repressionالترفيه الكبت
Recreation Recent Memoryالترويح الذاكرة القريبة
Regression Reduceالنكوص خفض
Religious Interest Reinforcementاالهتمامات الدينية التعزيز
Qualitative Remoteالتغير النوعي الذاكرة البعيدة
Change Memory
Response Resistanceاالستجابة مقاومة
Role Theory Retirementنظرية الدور التقاعد
Reorientation Recreationalمرحلة التوجه من االهتمامات
Phase Interestجديد الترفيهية
306
المصطلح المصطلح المصطلح المصطلح
باللغة األجنبية باللغة العربية باللغة األجنبية باللغة العربية
Romantic Love Role Confusionحب الرغبة اضطراب الدور
S
Self Concept Samenessمفهوم الذات التماثل
Self- Absorption Senileاإلنهماك الذاتي ذهان الشيخوخة
Psychosis
Seasons of Life Secondنظرية فصول الطفولة الثانية
Theory Childhoodالحياة
Self Presentation Selfتقييم الذات تقبل الذات
Acceptance
Self-Schema Sensationمخطط الذات اإلحساس
Shame Sensesالشعور بالخجل الحواس
Social Care Social Ageرعاية اجتماعية العمر االجتماعي
Social Geriatric Social Contextشيخوخة السياق
اجتماعية االجتماعي
Short-Term Socialالتذكر قصير التقدير
Memory Appreciationاألمد االجتماعي
Social Interaction Subjectiveالتفاعل ذاتي
االجتماعي
Social Needs Stereotypyالحاجات النمطية
االجتماعية
Stability Socializationاالستقرار تطبيع اجتماعي
Subculture Social Supportالثقافة الفرعية الدعم االجتماعي
Social Social Interestعلم الشيخوخة االهتمامات
Gerontology االجتماعي االجتماعية
307
المصطلح المصطلح المصطلح المصطلح
باللغة األجنبية باللغة العربية باللغة األجنبية باللغة العربية
Stereotyping النمطيةStagnation الركود
Social المسؤوليةSocialization أساليب التنشئة
Responsibility االجتماعيةStyles االجتماعية
T
Tension التوترTemperament المزاج
Trait السمةTerminal Phase مرحلة النهاية
Trust الثقةTreat Able قابل للشفاء
The Dimension of أبعاد الحبTiming of Event زمن األحداث
Love
The النظرية التطوريةThe المنحى الدرامي
Developmental Dramaturgical
Theory Approach
The Self تقديم الذاتDefinition of the تعريف الموقف
Presentation Situation
U-V
United Nations منظمة األممUnhealthy Life أسلوب الحياة
Organization المتحدةStyle الخاطئ
Value System النسق القيميValue القيمة
Visual- Motor المرونة
Flexibility الحركية-البصرية
W-Y
Wisdom الحكمة Wage األجر
Young Population مجتمعات فنيةWorld Health منظمة الصحة
Organization العالمية
308
قائمة المراجع
المراجع باللغة العربية
القرآن الكريم.
ابراهيم ،أحمد شوقي ( .)2012موسوعة عالم اإلنسان في ضوء القرآن
والسنة "من منظور علمي بحت"( .ط .)1مصر :دار نهضة مصر للطباعة
والنشر.
ابراهيم ،عبد الستار ( .)2008االضطرابات المزاجية المرتبطة بالتقدم في
العمر .مجلة شبكة العلوم النفسية العربية .العدد ،20ص.63-54
ابن منظور ،محمد بن مكرم ( .)1988لسان العرب .أعاد بناءه كمال
الحوت ،بيروت :عالم الكتب.
أبو أسعد ،أحمد عبد اللطيف ؛ الختاتنة ،سامي محسن ( .)2011علم نفس
النمو .ط( .)1األردن :دار ديبونو للنشر والتوزيع.
أبو أسعد ،أحمد عبد اللطيف ؛ الختاتنة ،سامي محسن ( .)2014مستوى
التكامل النفسي لدى كبار السن وعالقته بسلوكهم الصحي وكفايتهم الذاتية .مجلة
العلوم التربوية والنفسية ،العدد ،4ص.407-373
أبو أسعد ،أحمد ( .)2011دليل المقاييس واالختبارات النفسية والتربوية.
(ط .)2األردن :ديبونو للنشر والتوزيع.
أبو العزايم ،مصطفى ( .)2016اكتئاب كبار السن ..ظاهرة لها حل .مجلة
النفس المطمئنة .العدد ،115ص.17-16
أبو النيل ،محمود السيد ( .)1985علم النفس االجتماعي :دراسات عربية
وعالمية -الجزء األول( .ط .)4بيروت :دار النهضة للطباعة والنشر.
309
أبو جعفر ،محمد عبد اهلل ( .)2014علم نفس النمو .ليبيا :و ازرة التربية
والتعليم.
أبو حامد ،سمير ( .)2009مرض ألزهايمر (النسيان من نعمة إلى نقمة).
دمشق :خطوات للنشر والتوزيع.
أبو ركاب ،اسماعيل ؛ قوته ،سمير ( .)2010المشاكل النفسية واالجتماعية
لدى المسنين في قطاع غزة وعالقتها ببعض المتغيرات .فلسطين :جمعية الوداد
للتأهيل المجتمعي.
أبو طه ،وفاء ( .)2016الصحة النفسية لكبار السن .مقال الكتروني:
.2016/9/6 http://www.alghad.com
أبو ليلة ،علي محمود ( .)2004الشباب والمجتمع أبعاد االتصال واالنفصال.
االسكندرية :المكتبة المصرية للطباعة والنشر والتوزيع.
أحمد ،سهير كامل ( .)2003الصحة النفسية والتوافق( .ط .)2اإلسكندرية:
مركز اإلسكندرية للكتاب.
اسماعيل ،محمد عماد الدين ( .)1995الطفل من الحمل إلى الرشد (الجزء
األول)( .ط .)2الكويت :دار القلم للنشر والتوزيع.
اسماعيل ،نبيه ابراهيم ( .)2001عوامل الصحة النفسية السليمة( .ط.)1
مصر :إيتراك للنشر والتوزيع.
األشول ،عادل عز الدين ( .)2008علم نفس النمو( .ط .)1القاهرة :مكتبة
األنجلو المصرية.
آفاق علمية وتربوية2016/2/8 http://al3loom.com .
بالت ،باول (د.ت) .الشيخوخة وتطور بحوثها( .ترجمة ضحى عبد الغفار
المغازي) .مصر :الدار العالمية للتراث -آسك زاد.
310
البراوي ،أحمد محمد عبد السالم ( .)2001تقويم برامج الترويح بدور وأندية
المسنين بمحافظة القاهرة .القاهرة :جامعة حلوان.
البربري ،مها (د.ت) .الوحدة النفسية وعالقتها ببعض المتغيرات الشخصية
لدى المسنين( .رسالة ماجستير) .جامعة طنطا :كلية اآلداب.
بلغيث ،سلطان (د.ت) .تمظهرات أزمة الهوية لدى الشباب .الجزائر :جامعة
تبسة.
البنوي ،نايف ؛ الوريكات ،عايد ( .)2007التقاعد والصحة :دراسة اجتماعية
في محافظة الكرك .أبحاث اليرموك "سلسلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية"،
المجلد ،23العدد .4ص.1331-1297
بهية ،بدرة ؛ لطيفة ،عبيد ( .)2011التوافق النفسي لدى الراشد المصاب
بإعاقة حركية مكتسبة (دراسة ميدانية في مراكز إعادة التأهيل الحركي والوظيفي
– بسكرة)( .رسالة ماجستير) .الجزائر :جامعة محمد خيضر بسكرة.
بو عالوي ،زين جاسم ( .)2008الدليل لفهم مرض الوهايمر .البحرين :و ازرة
الصحة.
البير ،خولة علي ( .)2009الواقع االجتماعي والصحي للمسنين في العراق
وسبل تطويره .جمهورية العراق :و ازرة التخطيط والتعاون اإلنمائي.
تشان ،مارغريت ( .)2012الصحة الجيدة تضيف حياة إلى السنين ،منظمة
الصحة العالمية.
تفاحة ،جمال السيد ( .)2009الصالبة النفسية والرضا عن الحياة لدى عينة
من المسنين (دراسة مقارنة) .مجلة كلية التربية – جامعة االسكندرية .المجلد،19
العدد( 3أ) .ص.318-269
311
الجبوري ،جمال عبد اهلل ( .)2010أثر برنامج إرشادي بأسلوب العالج
الواقعي لرفع مستوى األحكام الخلقية لدى طالب المرحلة اإلعدادية .بغداد:
جامعة سانت كليمنتس العالمية.
الجرجاوي ،زياد علي (د.ت) .أبعاد الرعاية التربوية للمسنين (رؤية
إسالمية) .غزة :جامعة القدس المفتوحة.
الجندي ،نبيل جبريل ( .)2008الصورة العربية الختبار اكتئاب الشيخوخة:
دراسة عاملية على عينة من المسنين الفلسطينيين ،مجلة جامعة األقصى ،العدد،1
ص.195-173
جيدير ،ماثيو (د.ت) منهجية البحث (دليل الباحث المبتدئ في موضوعات
البحث ورسائل الماجستير والدكتوراه)( .ترجمة ملكة أبيض) .دمشق :و ازرة الثقافة.
حافظ ،أحمد خيري (د.ت) .أزمة منتصف العمر .مصر :دار أخبار اليوم
للنشر
حجازي ،جولتان ؛ أبو غالي ،عطاف ( .)2010مشكالت المسنين
(الشيخوخة) وعالقتها بالصالبة النفسية :دراسة ميدانية على عينة من المسنين
الفلسطينيين في محافظات غزة .مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم اإلنسانية)،
العدد ،1ص.156-109
حدواس ،منال ( .)2013الشعور بالوحدة النفسية وعالقته بالتوافق النفسي
االجتماعي ومستوى تقدير َّ
الذات لدى المراهق الجانح .رسالة ماجستير ،الجزائر:
جامعة مولود معمري.
حسامو ،سهى ؛ العبد اهلل ،فواز ( .)2012أثر التعلم الذاتي في توظيف
مهارات التحاور االلكتروني المتزامن وغير المتزامن لدى طلبة معلم الصف بجامعة
تشرين .المجلة األردنية في العلوم التربوية ،مجلد ،8عدد ،1ص.34-15
312
حسن ،ناجي (د.ت) .مناهج بحث في علم النفس .جامعة 6أكتوبر :كلية
العلوم االجتماعية.
حسينات ،محمد ؛ جبالي ،صفية ( .)2010مشكالت كبار السن (النفسية،
الصحية ،االجتماعية ،االقتصادية) من وجهة نظرهم .مجلة البحوث التربوية
والنفسية ،العدد ،24ص.363-335
الحلواجي ،كاظم ( .)2010العناية الصحية بالمسنين .البحرين :صحيفة
الوسط البحرينية.
الحلواجي ،كاظم ( .)2013بناء األسرة /المسنين /التغيرات البيولوجية
المصاحبة للتقدم في السن .البحرين :وكالة أنباء البحرين.
حمزة ،بركات ( .)2016اآلثار النفسية لألمراض المزمنة في حياة المسنين.
مجلة جيل العلوم النفسية واالجتماعية ،العدد ،20ص.68-53
خطايبة ،يوسف ( .)2009التوجهات المهنية عند الشباب الجامعي :دراسة
ميدانية في األردن .المجلة األردنية للعلوم االجتماعية ،العدد ،2ص.210-191
الخطيب ،جمال ( .)2001نظريات النمو المهني .مقال الكتروني:
.2016/5/26 .http://arabcitycare.com
الخطيب ،موسى ( .)2008كيف تعيش حياتك بعد الستين؟ (ط .)1الجيزة:
دار الفروق لالستثمارات الثقافية.
الخطيب ،صالح ( .)2005الميول المهنية لطالب المرحلة الثانوية بدولة
اإلمارات العربية المتحدة وعالقتها بكل من التحصيل والتخصص الدراسيين .مجلة
اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس .المجلد ،3العدد ،1ص.44-2
خليفة فضالي ،عبد اللطيف محمد ( .)1997دراسات في سيكولوجية
المسنين .القاهرة :دار غريب للطباعة والنشر.
خليفة ،عبد اللطيف ( .)2000الدافعية لإلنجاز .القاهرة :دار غريب.
313
خملة ،نهاد ( .)2014واقع االختيار المهني لخريجي الجامعة الجزائرية-
جامعة محمد خيضر نموذجاً( .رسالة ماجستير) .الجزائر :جامعة محمد خيضر-
بسكرة.
خياط ،وجدان وديع (د.ت) .مراحل الرشد .المملكة العربية السعودية :جامعة
أم القرى.
دخان ،نبيل ( .)1997التوافق النفسي المدرسي وعالقته بالتحصيل الدراسي
لدى طلبة المرحلة اإلعدادية في محافظات قطاع غزة .غزة/فلسطين :الجامعة
اإلسالمية.
الدسوقي ،حسني حمدان (د.ت) .الشيخوخة .مصر :الدار العالمية للتراث-
آسك زاد.
الرابطة العمانية للزهايمر ( .)2014العالمات المبكرة لمرض الزهايمر:
سلسلة التثقيف الصحي ،جامعة السلطان قابوس.
دويدار ،عبد الفتاح محمد ( .)1999مناهج البحث في علم النفس( .ط.)2
مصر :دار المعرفة.
رزيقة ،مريخي ( .)2012الواقع االجتماعي للشيخوخة في المجتمع
الجزائري .جامعة الجزائر :كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية.
رضا ،أكرم ( .)2002شباب بال مشاكل( .ط .)1السعودية :جامعة الملك
فهد.
رضوان ،عبد الكريم ( .)2009علم النمو والتطور .غزة :الجامعة اإلسالمية.
ريشان ،حامد ؛ مغامس ،منتظر عبد اهلل ( .)2017أثر أسلوب القصد
المعاكس في خفض القلق الوجودي لدى عينة من المسنين المقيمين في دور
الدولة .مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية/جامعة بابل.
العدد ،22ص.798-784
314
زبيري ،بتول ( .)2006اإلرشاد النفسي للمسنين (برنامج مقترح) .مجلة أبحاث
البصرة (اإلنسانيات) .المجلد ،30العدد-2ج ،ص.182-166
زهران ،حامد عبد السالم ( .)1986علم نفس النمو (الطفولة والمراهقة).
(ط .)2مصر :دار المعارف.
زيتون ،كمال عبد الحميد ( .)2004منهجية البحث التربوي والنفسي من
المنظور الكمي والكيفي( .ط .)1القاهرة :عالم الكتب للنشر والتوزيع والطباعة.
الزيد ،عبد الرحمن بن عبد اهلل ( .)1996التوجيه اإلسالمي للنمو اإلنساني
عند طالب التعليم العالي( .ط .)27السعودية :الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة.
الزيود ،اسماعيل ( .)2012واقع حياة المسنين في مؤسسات الرعاية
االجتماعية الحكومية والخاصة في عمان :دراسة ميدانية .مجلة جامعة القدس
المفتوحة لألبحاث والدراسات ،العدد ،28ص.291-249
الساعاتي ،سامية حسن ( .)2003الشباب العربي والتغير االجتماعي( .ط.)1
القاهرة :الدار المصرية اللبنانية.
سالم ،ماجدة إمام ؛ الصفتي ،وفاء صالح (د.ت) .رعاية المسنين في األسرة
والمجتمع وعالقتهما عن الرضا عن الحياة .مصر :جامعة حلوان.
السباسيسي ،هيفاء ( .)1983أثر أسلوب الرعاية في مشكالت التكيف
والشخصية عند كبار السن في األردن (رسالة ماجستير) .األردن :الجامعة
األردنية.
السدحان ،عبد اهلل بن ناصر ( .)1998الترويح (دوافعه -ضوابطه-
تطبيقاته في العصر النبوي).
السدحان ،عبد اهلل بن ناصر ( .)2008الشيخوخة وكيفية تعامل اإلسالم مع
متغيراتها.
315
سعد عمر ،سيف الدين ( .)2009الموجز في منهج البحث العلمي في
التربية والعلوم اإلنسانية( .ط .)1دمشق :دار الفكر.
السعودي ،خالد عطية ( .)2012صورة كبار السن في كتب التربية اإلسالمية
في مرحلتي التعليم األساسي والثانوي في األردن :دراسة تحليلية .المجلة األردنية
للعلوم االجتماعية ،المجلد ،5العدد ،2ص.275-249
سعيد ،رياش ( .)2008مشكالت التوافق النفسي االجتماعي للمسنين في
الجزائر( .رسالة دكتوراه) .جامعة الجزائر :كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية.
سالم ،محمد توفيق (د.ت) .المسؤولية االجتماعية لدى طالب كليات التربية
(دراسة ميدانية) .القاهرة :المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية.
سليم ،شاكر مصطفى ( .)1981قاموس األنثروبولوجيا .الكويت :جامعة
الكويت.
سليم ،مريم ( .)2002علم نفس النمو .بيروت :دار النهضة العربية.
سمارة ،عزيز؛ النمر ،عصام ؛ الحسن ،هشام (د.ت) .سيكولوجية الطفولة.
القاهرة :دار الفكر للنشر والتوزيع.
سواكر ،رشيد ؛ ابراهيم ،عيسى تواتي ( .)2015النمو النفسي االجتماعي
وحاجات المسنين في ضوء نظرية أريكسون .مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية.
العدد ،11ص.124-115
السيد ،فؤاد البهي ( .)1997األسس النفسية للنمو .القاهرة :دار الفكر
العربي.
السيد ،فؤاد البهي ( .)2001األسس النفسية للنمو .القاهرة :دار الفكر
العربي.
شابيرا ،توني ( .)2014مرض باركنسون .ترجمة (هال أمان الدين) .الرياض:
دار المؤلف للنشر.
316
شاذلى ،عبد الحميد ( .)2001التوافق النفسي للمسنين .اإلسكندرية :المكتبة
الجامعية.
شاكر ،رقية رافد ( .)2016قدرات إدارة الذات في منتصف العمر وعالقتها
ببعض المتغيرات .مجلة اآلداب ،العدد ،119ص.168-149
الشال ،أحمد ( .)2012دراسة وصفية لبعض المشكالت التي تواجه المسنين
في إحدى قرى محافظة الدقهلية .مجلة العلوم االجتماعية والزراعية واالقتصادية في
جامعة المنصورة ،العدد ،10ص.1491-1477
الشربيني ،لطفي ( .)2001موسوعة شرح المصطلحات النفسية ،إنجليزي-
عربي( .ط .)1بيروت :دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
الشربيني ،لطفي عبد العزيز ( .)1997وداعاً أيتها الشيخوخة .اإلسكندرية:
المكتب العلمي للكومبيوتر والنشر والتوزيع.
الشربيني ،لطفي عبد العزيز ( .)2004االكتئاب .مصر :منشأة المعارف
باإلسكندرية.
الشربيني ،لطفي عبد العزيز ( .)2006مرض ألزهايمر وهموم المسنين.
مصر :منشأة المعارف باإلسكندرية.
الشربيني ،لطفي عبد العزيز ( .)2015وداعاً أيها االكتئاب( .ط .)1دسوق:
دار العلم واإليمان للنشر والتوزيع.
الشرقاوي ،فتحي مصطفى ( .)2004في الصحة النفسية .جامعة عين
شمس :كلية اآلداب.
الشريف ،أحمد ( .)2014أنماط التقاعد والمشكالت التي يواجهها المتقاعد.
مقال الكتروني2017/5/7 http://arabretirees.org .
شريبه ،بشرى ( .)2016علم النفس عبر الحضاري .جامعة تشرين :مديرية
الكتب والمطبوعات.
317
الشقيرات ،محمد عبد الرحمن ؛ النوايس ،سمية جميل ( .)2002اتجاهات
العاملين في القطاع الصحي الحكومي في محافظة الكرك نحو كبار السن وعالقته
ببعض المتغيرات الديموغرافية .مجلة العلوم التربوية والنفسي .العدد ،2ص-81
.124
شعبان ،كاملة الفرخ ؛ تيم ،عبد الجابر ( .)1999النمو االنفعالي عند الطفل.
(ط .)1عمان :دار صفاء للنشر والتوزيع.
الشوارب ،أسيل ؛ الخوالدة ،محمود ( .)2007النمو الخلقي واالجتماعي.
عمان :دار الحامد.
الشيباني ،بدر ابراهيم ( .)2000سيكولوجية النمو (تطور النمو من
اإلخصاب حتى المراهقة)( .ط .)1الكويت :مركز المخطوطات والتراث والوثائق.
الشيخ ،عبد السالم ( .)1993تباين إدراك العالقات بصرياً وبعض متغيرات
الشخصية بتباين العمر الزمني عند المسنين .جامعة طنطا :كلية اآلداب.
صادق ،آمال ؛ أبو حطب ،فؤاد ( .)1995نمو اإلنسان من مرحلة الجنين
إلى مرحلة المسنين( .ط .)4القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية.
صباح ،فرح ( .)2010مشكالت المسنين :دراسة اجتماعية ميدانية في دار
رعاية المسنين في بغداد .مجلة ديالى ،العدد ،47ص.484-444
صبحي ،سيد ( .)2001شبابنا آمالنا -راحة البال والشباب( .ط .)1القاهرة:
الدار المصرية اللبنانية.
الصويط ،فواز بن محمد ( .)2008االختيار المهني وعالقته بالتوافق
النفسي( .رسالة ماجستير) .المملكة العربية السعودية :جامعة أم القرى.
صيام ،صفا عيسى ( .)2010سمات الشخصية وعالقتها بالتوافق النفسي
للمسنين في محافظات غزة .غزة/فلسطين :جامعة األزهر.
318
الطيطي ،محمد عبد اإلله ؛ جبر ،معين عبد الرحمن (د.ت) .مدى رعاية
مؤسسات المجتمع المحلي للمسنين في مخيمات جنوب الضفة الغربية من
وجهة نظر القائمين عليها .فلسطين :جامعة القدس المفتوحة.
عائشة ،بو بكر ( .)2007العالقة بين صراع األدوار والضغط النفسي لدى
الزوجة العاملة( .رسالة ماجستير) .الجزائر :جامعة منتوري قسنطينة.
العبادي ،هيثم حمود ( .)2000تحليل األنماط الحياتية لكبار السن في
األردن (دراسة ميدانية)( .رسالة ماجستير) .الجامعة األردنية :كلية الدراسات
العليا.
عبد الحميد ،محمد نبيل (د.ت) .العالقات األسرية للمسنين وتوافهم النفسي.
جامعة المنصورة :الدار الفنية للنشر والتوزيع.
عبد الخالق ،أحمد محمد ( .)2000استخبارات الشخصية( .ط.)3
اإلسكندرية :دار المعرفة الجامعية.
عبد الخالق ،وفاء محمد كمال ( .)1990بحوث في علم نفس الطفل .مصر:
مركز التنمية البشرية والمعلومات.
عبد الرحمن ،سليمان وفوزي ،إليمان (د.ت) .معنى الحياة وعالقته باالكتئاب
النفسي لدى عينة من المسنين العاملين وغير العاملين .المؤتمر الدولي السادس،
جامعة عين شمس :مركز اإلرشاد النفسي.
عبد الرحمن ،محمود ؛ وهبة ،أحمد ؛ العزب ،أشرف ،عتيبة ،ياسمين
( .)2011دراسة وصفية لمشكالت كبار السن بريف محافظة كفر الشيخ .مجلة
البحوث الزراعية في جامعة المنصورة ،العدد ،8ص.1032-1015
عبد الرحيم ،هويدا عبد النظير ( .)2007التقاعد المبكر ألحد الوالدين
وعالقته ببعض سمات شخصية أبنائهم .جامعة عين شمس :معهد الدراسات العليا
للطفولة.
319
عبد السالم ،محمد أمين ( .)2006بناء مقياس التجاهات كبار السن نحو
الترويح الرياضي( .رسالة دكتوراه) .القاهرة :جامعة حلوان.
العبد اللطيف ،لطيفة عبد العزيز ( .)2010نظام التقاعد السعودي وتعامله
مع المرأة (دراسة وصفية تحليلية مقارنة بأنظمة بعض الدول األخرى) .جامعة
الملك سعود :كلية اآلداب.
عبد اهلل ،عادل ( .)1991اتجاهـات نظريـة فـي سـيكولوجية نمـو الطفـل
والمراهـق،
القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية.
عبد الهادي ،جودت عزت ؛ العزة ،سعيد حسني ( .)2014التوجيه المهني
ونظرياته( .ط .)2األردن :دار للثقافة للنشر والتوزيع.
العبيدي ،هيثم ضياء ( .)2012الوظائف المعرفية لدى كبار السن واألساليب
المتبعة في تحسينها .مجلة أبحاث ميسان ،العدد ،16ص.113-54
العجالن ،عبد الرحمن ( .)2011لو كان عندي عيال ما شفتني هنا (دراسة
أثنوجرافية مطبقة على مجموعة من المسنين بدار الرعاية االجتماعية) .جامعة
الملك سعود :كلية التربية.
العربي ،العربي عطاء اهلل ( .)2016الصحة النفسية للمسنين .موقع مركز
التنمية األسرية االلكتروني.2016/9/6 http://www.osarya.com .
عسكر ،سهيلة عبد الرضا ( .)2009أزمة منتصف العمر لدى المتزوجين.
كلية التربية :الجامعة المستنصرية.
العشري ،فاطمة السيد (د.ت) .عوامل النمو والنضج .جامعة المدينة العالمية:
كلية التربية.
عشوي ،مصطفى ( .)2008علم النفس والشيخوخة .مجلة الثقافة النفسية
المتخصصة .العدد ،74ص.107-91
320
عطية ،نوال ( .)2001علم النفس والتكيف النفسي واالجتماعي .القاهرة:
دار القاهرة للكتاب.
عالء الدين ،جهاد ( .)1999التوافق النفسي للتقاعد لدى كبار السن
المتقاعدين العاملين وغير العاملين من الجنسين( .محاضرة في قسم علم النفس
التربوي بكلية العلوم التربوية) .األردن :الجامعة الهاشمية.
عالء الدين ،جهاد ؛ كفافي ،عالء الدين أحمد ( .)2006موسوعة علم
النفس التأهيلي .مصر -القاهرة :دار الفكر العربي للطبع والنشر.
علوان ،فادية ( .)2003مقدمة في علم النفس اإلرتقائي .القاهرة :مكتبة الدار
العربية للكتاب.
علي ،خديجة حمو ( .)2012عالقة الشعور بالوحدة النفسية باالكتئاب لدى
عينة من المسنين المقيمين بدور العجزة و المقيمين مع ذويهم( .رسالة
ماجستير) .الجزائر :كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية.
عوض ،عباس محمود ( .)1999المدخل إلى علم نفس النمو (الطفولة-
المراهقة -الشيخوخة) .جامعة اإلسكندرية :كلية اآلداب.
عوض ،عباس محمود ( .)1999المدخل إلى علم نفس النمو :الطفولة-
المراهقة-الشيخوخة .األسكندرية :دار المعرفة الجامعية.
عويضة ،كامل محمد محمد ( .)1996علم نفس النمو( .ط .)1بيروت :دار
الكتب العلمية.
العيسوي ،عبد الرحمن ( .)1987سيكولوجية النمو (دراسة في نمو الطفل
والمراهق) .بيروت :دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
العيسوي ،عبد الرحمن (د.ت) .موسوعة كتب علم النفس الحديث :أصول
البحث السيكولوجي .بيروت :دار الراتب الجامعية.
321
الغامدي ،حسين بن عبد الفتاح ( .)2010مقياس لتقييم طبيعة حل أزمات
النمو وفق نظرية أريكسون .الرياض :جامعة نايف العربية للعلوم األمنية.
الغامدي ،حسين عبد الفتاح ( .)2000نمو التفكير األخالقي لدى عينة من
الذكور السعوديين في سن المراهقة والرشد .حولية كلية التربية-جامعة قطر
العدد .16ص.689-645
غباري ،ثائر أحمد ؛ أبو شعيرة ،خالد محمد ( .)2015سيكولوجيا النمو
اإلنساني بين الطفولة والمراهقة( .ط .)1عمان :مكتبة المجتمع العربي للنشر
والتوزيع.
الغباني ،يسرى ( .)1989أبو حاتم السجستاني والدراسات القرآنية( .رسالة
ماجستير) .السعودية :جامعة أم القرى.
الغصين ،سائدة جمال محمد ( .)2008النمو النفسي واالجتماعي لدى طلبة
المرحلة األساسية العليا بغزة وعالقته بقدرتهم على حل المشكالت االجتماعية.
(رسالة ماجستير) .غزة :الجامعة اإلسالمية.
فرغلي ،عالء ( .)2015خرف الشيخوخة .مجلة النفس المطمئنة .العدد،112
ص.14-12
فريق الطب النفسي للمسنين ( .)2014مراحل الزهايمر .سلطنة عمان :جامة
السلطان قابوس.
فالّ ،فاطمة (د.ت) .أعتاب الشيخوخة .القاهرة :مكتبة جزيرة الورد.
القصابي ،هالل بن ناصر ( .)2013المشكالت النفسية واالجتماعية لدى
كبار السن بمحافظة مسقط في ضوء بعض المتغيرات( .رسالة ماجستير) .سلطنة
عمان :جامعة نزوى.
القصاص ،مهدي محمد (د.ت) .مراحل النمو اإلنساني من منظور نفسي
اجتماعي .جامعة المنصورة :كلية اآلداب.
322
قطامي ،نايفة ؛ برهوم ،محمد ( .)1989طرق دراسة الطفل .األردن :دار
الشروق للنشر والتوزيع.
قناوي ،هدى محمد ( .)1987سيكولوجية المسنين .مصر :مركز التنمية
البشرية والمعلومات.
قنديلجي ،عامر ( .)1999البحث العلمي واستخدام مصادر المعلومات.
(ط .)1األردن :دار اليازوري العلمية.
القيم ،حسون جعفر ( .)2014المالحظة العلمية .موقع الكتروني.
2017/7/2 http://www.uobabylon.edu.iq
كتلو ،كامل حسن ؛ الرجا ،ناهد ( .)2016الصحة النفسية لدى المسنين
الفلسطينيين (دراسة ميدانية لواقع الصحة النفسية لدى المسنين الفلسطينيين :في
بيوت المسنين ونوادي المسنين وفي البيوت في محافظة بيت لحم .المجلة األردنية
للعلوم االجتماعية .المجلد ،9العدد ،2ص.198-175
الكعبي ،سهام (د.ت) .أزمة منتصف العمر وعالقتها بالقلق الوجودي لدى
منتسبي الجامعة .مركز البحوث التربوية والنفسية :جامعة بغداد.
كفافي ،عالء الدين ( .)1997علم النفس االرتقائي :سيكولوجية الطفولة
والمراهقة .القاهرة :مؤسسة األصالة.
كماش ،يوسف الزم ( .)2011أسس النمو اإلنساني (التكويني والوظيفي).
(ط .)1عمان :دار دجلة.
كماش ،يوسف الزم ؛ الشاويش ،نايف زهدي ( .)2011التعلم الحركي والنمو
اإلنساني .المملكة األردنية الهاشمية :دار زهران للنشر والتوزيع.
كيطان ،طالب ؛ كاظم ،ثائر ( .)2009مشكالت المسنين في دور الدولة.
مجلة القادسية للعلوم اإلنسانية ،العدد ،3ص.190-165
323
مبارك ،العنود ( .)2003مظاهر النمو في مرحلة أواسط العمر .مقال
http://www.webester.edu/uwoolflm/irbutler.html الكتروني:
.2016/9/24
مجمع اللغة العربية ( .)1989المعجم الوجيز .مصر :مجمع اللغة العربية.
محمد ،ابتسام ؛ سلطان ،خالد ( .)2010النضج االنفعالي وعالقته ببعض
المتغيرات .مجلة جامعة كربالء العلمية ،المجلد ،8العدد ،2ص.115-92
المخظي ،جبران يحيى ( .)2016المشاركة الوجدانية .موقع أطفال الخليج
االلكتروني.2016/9/26 http://www.gulfkids.com :
المفدى ،عمر بن بن الرحمن ( .)1995أزمة منتصف العمر مقاربة عمرية
على عينة من المجتمع السعودي .حولية كلية التربية ،العدد ،12ص548-517
مرسي ،كمال ابراهيم ( .)2006كبار السن ورعايتهم في اإلسالم وعلم
النفس .مصر -القاهرة :دار النشر للجامعات.
المرعب ،منيرة ( .)2010فاعلية برنامج إرشادي متعدد األوجه في تنمية تقدير
الذات والتوافق االجتماعي لدى المسنين المتقاعدين في المجتمع السعودي .مجلة
دراسات تربوية ونفسية ،العدد .69ص.308-257
مصطفى ،أحمد السيد (د.ت) .كبار السن" :دليل حياة" .اإلسكندرية :مديرية
التضامن االجتماعي.
مطاوع ،ابراهيم ( .)2004اعرف نفسك علم النفس للجميع .الدار العالمية.
معمرية ،بشير ؛ خ ازر ،عبد الحميد ( .)2009االضطرابات الجسمية والنفسية
لدى المسنين المقيمين بدار العجزة بمدينة باتنة -الجزائر .مجلة شبكة العلوم
النفسية العربية .العدد ،23ص.83-74
324
مقدادي ،يوسف موسى ( .)2015التفكير الخلقي وعالقته بالوجود النفسي
الممتلئ والسلوك االجتماعي اإليجابي .المجلة األردنية في العلوم التربوية،
مجلد ،11العدد .3ص.284-269
المليجي ،حلمي ( .)2001مناهج البحث في علم النفس( .ط .)1بيروت:
دار النهضة العربية.
منتدى توجيه نت2016/7/3 .https://www.tawjihnet.net .
منتدى علم النفس الصحي.http://psycho.sudanforums.net .
2016/5/14
منصور ،طلعت ؛ الشرقاوي ،أنور ؛ عز الدين ،عادل ؛ أبو عوف ،فاروق
( .)2003أسس علم النفس العام .القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية.
منصور ،عبد المجيد ( .)1989مفهوم الذات عند الكبار .مجلة جامعة الملك
سعود ،العلوم التربوية ( ،)1،2مجلد ،1ص.267-223
منظمة الصحة العالمية ( .)2012الصحة الجيدة تضيف حياة إلى السنين:
موجز عالمي بخصوص يوم الصحة العالمي .2012
مودع ،هاجر ( .)2015نمط االختيار المهني وعالقته بمستوى الطموح
المهني وفق نظرية جون هوالند :دراسة ميدانية على عينة من موظفي عقود
ماقبل التشغيل ومنحة اإلدماج لحاملي الشهادات( .رسالة ماجستير) .الجزائر:
جامعة محمد خيضر -بسكرة.
الموسوعة العربية2016/1/20 .http://www.arab-ency.com .
موسوعة ويكيبيديا الحرة2016/8/5 .https://ar.wikipedia.org .
ميالد ،محمود محمد ( .)2015علم نفس النمو (طفولة – مراهقة -رشد-
شيخوخة) .عمان :دار اإلعصار العلمي للنشر والتوزيع.
325
النادي ،هشام عبد الحميد ( .)2007اهتمامات كبار السن العاملين في مجال
الفن نحو الممارسة اإليجابية الترويحية( .رسالة ماجستير) .القاهرة :جامعة
حلوان.
ناصر ،لميس ( .)1995الضغط النفسي لدى الكبار العاملين والمتقاعدين.
(رسالة ماجستير) .الجامعة األردنية :كلية الدراسات العليا.
نسيمة ،بو معراف ( .)2014تأثيرات النشاط البدني الرياضي في تحقيق
التوافق النفسي االجتماعي للمراهق .الجزائر :جامعة محمد خيضر بسكرة.
النعيم ،عبد اهلل العلي ( .)2001رعاية المسنين بين مسؤوليات المجتمع
ودور األسرة والمؤسسات األهلية والرسمية .القاهرة.
نور الدين ،عيساني ( .)2015ظاهرة شيخوخة السكان في الجزائر وعوامل
تطورها .مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية .العدد ،19ص.72-61
هزايمه ،زيد ؛ اسماعيل ،نور عزيزي ( .)2014تدريس التربية المهنية في
مرحلة التعليم األساسية ودوره في تنمية اتجاهات الطلبة نحو التعليم المهني من
وجهة نظر معلمي التربية المهنية في المملكة األردنية الهاشمية .مجلة جامعة طيبة
للعلوم التربوية ،العدد ،2ص.246-230
الهذلي ،رجوه ( .)2010إدارة الذات وعالقتها باإلبداع اإلداري لدى مديرات
ومساعدات ومعلمات مدارس المرحلة الثانوية بمدينة مكة المكرمة من وجهة
نظرهن( .رسالة ماجستير) .المملكة العربية السعودية :جامعة أم القرى.
همام ،طلعت ( .)1984سين وجيم عن علم النفس التطوري( .ط.)1
األردن :دار عمار.
وحيدة ،سايل (د.ت) .الشيخوخة المرضية والناجحة :تناول خاص باألمراض
وجودة الحياة لدى المسنين .مجلة دراسات نفسية .العدد ،11ص.144-119
326
المراجع باللغة األجنبية
- Anne, Weaver, J. (1997). Critical Thinking: What
Every Student Needs to Survive in A Rapidly Changing
World, Dillon Beach, CA. foundation For Critical Thinking,
New York, Cambridge University.
- Choices (2011). Alzheimers in the news: fear and
dascination. www.nhs.uk. 16/6/ 2016
- Kahn, S., (1980). Human development and growth
personality, New York.
- Santrock, J. W (2004). Life span development. Mcgraw-
Hill, New York.
- Shek, D.T. (1996). Midlife crisis in Chinese men and
women. Journal of Psychology , 130(1), p.109-119
327
328
ملحق المقاييس واالختبارات
الملحق ()1
مقياس النضج االنفعالي
Emotional Maturity Scale
الملحق ()2
مقياس "هوالند" للميول المهنية
Holland’s Scale Career Trends
يتكون مقياس "هوالند" للميول المهنية من ستة مقاييس فرعية ،يقيس كل منها
بيئة من بيئات العمل التي يفضلها الفرد ،كما يقيس أنماط الشخصية المهنية التي
ينتمي إليها .ويحتوي كل مقياس على أربع عشرة فقرة ،هي أسماء ألربع عشرة
مهنة.
يستخدم مقياس "هوالند" لقياس ميول الفرد المهنية ،بغرض توجيهه مهنياً
بحسب هذه الميول ،فإذا أظهر الفرد ميالً عالياً على مقياس من المقاييس الفرعية،
فإنه يوجهه إلى البيئة المهنية التي يد ّل المقياس عليها ليأخذ منها مهنة تناسب
ميوله .وفيما يلي عرض للمهن المختلفة ومن ثم كيفية توزيعها في البيئات المهنية:
331
مرشد في عمليات الصيد البري والبحري 25 ميكانيكي طائرات 1
عالم في األنثروبولوجيا (علم اإلنسان) 26 عالم أرصاد جوية 2
مصمم إعالنات تجارية 27 شاعر 3
مرشد ديني 28 عالم اجتماع 4
منتج تلفزيوني 29 تاجر مضارب (يشتري األشياء على 5
أمل تحقيق ربح سريع في وقت قصير)
مدقق قانوني (يدقق في سجالت 30 محاسب في شركة 6
المحالت التجارية والشركات)
مساح أراضي 31 متخصص باألسماك والحيوانات البرية 7
عالم في علم الحيوان 32 عالم في علم األحياء 8
كاتب مستقل (في أي صحيفة أو مجلة) 33 قائد فرقة موسيقية 9
مدير مدرسة 34 معلم مدرسة 10
مدير فندق 35 مسؤول لجنة المشتريات في مؤسسة 11
كاتب جلسات المحكمة 36 أستاذ في مدرسة تجارية 12
مراقب إنشاء المباني 37 ميكانيكي سيارات 13
عالم في الكيمياء 38 عالم فلك 14
مذيع 39 عازف موسيقى 15
مدير مالعب رياضية 40 خبير في مجال جنوح األحداث 16
مدير تنفيذي (يتخذ الق اررات وينفذها) 41 مسؤول تنفيذي عن ترويج البضائع 17
أمين صندوق في بنك 42 مراجع (مدقق) ميزانية 18
مزارع 43 نجار 19
كاتب أبحاث علمية مستقل 44 فني مختبرات طبية 20
صحفي 45 مؤلف في المجاالت األدبية 21
مختص (اختصاصي) في العالج 46 معالج لمن لديه صعوبات في النطق 22
النفسي
مدير مطعم 47 بيع البضائع 23
مقدر ضرائب 48 سكرتير 24
332
مهندس وسائل نقل 67 فني الكترونيات 49
عالم في علم النبات 68 كاتب مقاالت علمية 50
فنان تشكيلي (نحت ،زخرفة)... 69 رسام 51
مرشد نفسي 70 مدرس علم اجتماع 52
مدير دعاية واعالن 71 منظم احتفاالت 53
مقدر تكاليف 72 مراقب البضائع في محل تجاري 54
ميكانيكي آالت ثقيلة 73 مقلم أشجار 55
باحث في المجاالت العلمية 74 محرر مجلة علمية 56
كاتب روايات 75 مغني في فرقة غنائية 57
مختص طب عقلي ونفسي 76 مدير جمعية خيرية 58
مدير متجر 77 بائع في محل تجاري 59
كاتب رواتب الموظفين 78 مشغل أجهزة كومبيوتر 60
كهربائي 79 سائق حافلة 61
عالم في الفيزياء 80 عالم في الجيولوجيا 62
رسام صور كرتونية متحركة 81 مؤلف ألحان موسيقية 63
مختص في اإلرشاد والتوجيه المهني 82 مدير مخيم للشباب 64
مدير مبيعات 83 بائع أسهم وسندات 65
مدقق حسابات في بنك 84 محلل مالي 66
(ورد في الخطيب ،2005 ،ص)42-41
333
وهنا نعرض لمجموعة المهن مدرجة في قائمة من الرقم ( )1ولغاية الرقم
( ،)84وهذه المهن موزعة المقاييس الفرعية الستة كاآلتي:
334
الملحق ()3
مقياس أزمة منتصف العمر
Midlife Crisis Scale
أعد هذا المقياس "شيك" Shekعام (1996م) ،وهو مقياس متعدد األبعاد
ّ
يتكون من ( )15فقرة تقيم ثالثة أبعاد ألزمة منتصف العمر ،هي:
ذات األرقام -1مشكالت منتصف العمر المتعلقة بالذات :وتمثلها الفقرات
(.)1،5،7،9،10،11،15
-2مشكالت منتصف العمر المرتبطة باآلخرين :وتمثلها الفقرات ذات األرقام
(.)2،3،6،12،13،14
-3مشكالت منتصف العمر المرتبطة بالخوف من الشيخوخة :وتمثلها الفقرات
ذات األرقام (.)4،8
لقد صمم هذا المقياس وفق أسلوب ليكرت في وضع بدائل اإلجابة اآلتية:
علي تماماً.
علي -ال تنطبق ّ
علي -ال تنطبق ّ
علي تماماً -تنطبق ّ
تنطبق ّ
األرقام إذ تمنح األوزان اآلتية ( )1-2-3-4للفقرات ذات
أما الفقرات ذات األرقام ()1،4،6،7،8،11،14
(ّ ،)2،3،5،9،10،12،13،15
فتصحح بإعطاء األوزان (.)4-3-2-1
وتمثل الدرجة العالية في مقياس أزمة منتصف العمر وجود هذه األزمة والعكس
صحيح (الكعبي ،د.ت ،ص.)20-19
335
فقرات مقياس أزمة منتصف العمر
336
الملحق ()4
اختبار رسم الساعة
)Clock Drawing Test (CDT
338
- 11هل تظن أن وجودك على قيد الحياة اآلن شيء رائع؟
حد ما؟
- 12هل تشعر أن وجودك اآلن عديم القيمة إلى ٍّ
- 13هل تشعر أنك تتمتع بالحيوية والنشاط؟
- 14هل تشعر أن حالتك ميؤوس منها؟
- 15هل تعتقد أن معظم األفراد أفضل حاالً منك؟
الملحق ()6
مقياس التوافق النفسي واالجتماعي للمسنين
Psychological Social Adjustment Scale
for Elder
قام بوضع هذا المقياس وتقنينه في البيئة العربية سامية قطان سنة (1982م)،
وهو يقيس كالًّ من التوافق النفسي واالجتماعي لدى المسنين.
ويتكون المقياس من 40عبارة موزعة كاآلتي:
-1التوافق النفسي :يتكون من ( )20عبارة ،وتمثله العبارات الفردية.
-2التوافق االجتماعي :ويتكون أيضاً من ( )20عبارة ،وتمثله العبارات الزوجية.
339
.8هل تعتقد أنك أصبحت تعتمد على اآلخرين أكثر من ذي قبل؟
.9هل تشعر داخلياً بعدم الميل إلى أداء العمل؟
.10هل تعاني كثي ارً من القلق؟
.11هل ال تحفل بمظهرك الخارجي؟
.12هل يضايقك الشعور بأن اآلخرين ال يحتاجون إليك؟
.13هل يصعب عليك اآلن أن تغير من عاداتك؟
.14هل تسوء صحتك عندما تكون وحيداً لفترة طويلة؟
.15هل تشعر أن دورك في الحياة قد انتهى؟
.16هل تشعر بالوحدة وأنت تجلس مع من هم أصغر منك سناً؟
.17هل تشعر بأن مكانتك القديمة قد ضاعت؟
.18هل من الصعب عليك اآلن أن تبدأ صداقات جديدة؟
.19هل تشعر في أعماقك أنك ال تنتمي لمن حولك؟
.20هل يضايقك تدخل اآلخرين في شؤونك مع احتياجك لهم؟
.21هل تعاني من الفراغ؟
.22هل تحرص اآلن على أن تكون صداقاتك مع األفراد من نفس
عمرك؟
.23هل يعتريك اليأس ألهون األسباب؟
.24هل ال تهتم بالعمل على اجتذاب إعجاب الجنس اآلخر؟
.25هل تعتقد أن قدرتك على العمل أقل ممن هم في مثل سنك؟
.26هل تشعر بميل قوي لمعرفة تفاصيل كل موضوع؟
.27هل تعتقد أنه ال يوجد من يحبك ويحتاجك حقاً؟
.28هل تميل إلى عدم االشتراك مع اآلخرين في بعض الرحالت
القصيرة؟
.29هل يصعب عليك تقبل واقعك كما هو؟
.30هل يضايقك أن تقوم بتعليم وتثقيف الصغار من أحفادك
وأقاربك؟
.31هل تحس بمرارة وأنت تشعر بضعفك يزداد مع األيام؟
.32هل تشعر بالضيق من حضور األفراح؟
340
.33هل تشعر أحياناً بشيء من السخط على حياتك الحالية؟
.34هل تتردد في القيام بزيارات لمعارف جديدة؟
.35هل تشعر بالسعادة عندما تحكي عن ذكرياتك الماضية؟
.36هل تفضل البقاء في المنزل على الخروج؟
.37هل تشعر بأنك فقدت الكثير من ثقتك بنفسك؟
.38هل ال تهتم إطالقاً عندما تشعر بأنك غير مرغوب من الجنس
اآلخر؟
.39هل تشعر بأن الحياة ضاعت دون أن تحقق ما كنت تتمنى أن
تحققه؟
.40هل تعتقد أنه من حقك اآلن أن تستريح وتسلي نفسك بما
تستطيع؟
341
342
اللجنة العلمية
التدقيق اللغوي
الدكتورة ابتسام حمدان
343