Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫جامعة غرداية‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬

‫المقياس‪ :‬القانون الدستوري‬ ‫الفرع ‪ :‬السنة األولى حقوق‬


‫الفوج ‪:07‬‬

‫بحث حول السلطة القضائية‬

‫تحت إشراف االستاد ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب ‪:‬‬

‫البرج محمد‬ ‫مهدي لحسن‬

‫السنة الجامعية ‪2021/2020 :‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫في الزمن الغابر لم يكن اإلنسان يتميز بأشياء كثيرة عن الحيوان‪ ،‬سواء في معيشته‬
‫أو في سلوكه االجتماعي‪ ،‬و لم يكن يعرف حدودا لمعنى الحق والعدل‪.‬‬
‫‪-‬بمرور الزمن‪ ،‬شعرت المجتمعات بالحاجة إلى أشخاص تثق بهم‪ ،‬تنصبهم‬
‫حكما في منازعاتها من أجل الفصل فيما يعتبر حقا للفرد‪ ،‬أو القبلية‪ ،‬فأدى إلى‬
‫ظهور نظام قضائي يدعى " بالتحكيم" و هو نظام الذي أخذ به العرب قبل اإلسالم‪.‬‬
‫ظل األمر كذلك مدة طويلة‪ ،‬إلى أن برز نظام الدولة على الشكل الحاضر و‬
‫أصبحت تمارس سلطة وضع قواعد ملزمة‪ ،‬تبين بموجبها الحقوق و الواجبات‪ ،‬و‬
‫تحتكر مهمة الفصل في المنازعات و تخصص له جهازا خاصا من أجهزة الدولة‬
‫المعاصرة‪ ،‬يسمى "بجهاز القضاء أو الجهاز القضائي"‪ .‬أسندت إليه مهمة الفصل‬
‫في المنازعات‪ ،‬و إقامة العدل بين الناس جميعا‪ ،‬بواسطة مجموعة من أشخاص‬
‫تتوافر فيهم شروط الكفاءة و النزاهة و الحياد يسمونهم "القضاة" و أنشأت مجموعة‬
‫من القواعد لتسيير هذا الجهاز يلزم كال من القاضي و المتقاضي بإتباعها سميت‬
‫باإلجراءات‪.‬‬
‫وما يهمنا كثيرا النظام القضائي الذي يدرس الهياكل القضائية التي يتوجه إليها‬
‫األشخاص من أجل النزاع اإلداري أما المنازعات المادية فإننا بصفة كالسيكية نتجه‬
‫إلى التنظيم القضائي كونه مجموعة من الهياكل المادية والبشرية وبمستوياته‬
‫المعروفة بقضاة القانون والموضوع وبالتالي فإنه انطالقا من كونه أصبح هناك‬
‫قضاء متخصصة يفصل في القضايا اإلدارية فإنه يوجد نظامين قضائيين وهو نظام‬
‫القضاء الموحد والقضاء المزدوج‪.‬‬
‫انطالقا مما ذكر فان اإلشكالية التي يمكن طرحها لمعالجة هدا الموضوع هي ‪ :‬ما‬
‫المقصود بالسلطة القضائية ؟‬
‫وفي إجابتي على هده اإلشكالية اتبعت الخطة اآلتية‪:‬‬
‫مقدمة‬
‫المبحث األول‪ :‬السلطة القضائية‬
‫المطلب األول‪ :‬نظام األحادية القضائية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نظام االزدواجية القضائية‬

‫‪2‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مبررات االنتقال إلى االزدواجية القضائية‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬نشأة القضاء المزدوج‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬مهام المؤسسة القضائية‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬تطور مفهوم االزدواجية في الجزائر‬
‫المطلب األول‪ :‬ازدواجية المنازعات و وحدة الهياكل‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬ازدواجية الهياكل و ازدواجية المنازعات‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب تبني نظام االزدواجية القضائية في الجزائر‬
‫خاتمة‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬السلطة القضائية‬
‫المطلب األول ‪ :‬نظام األحادية القضائية‬
‫يعتمد هذا النظام على منح القضاء بكل محاكمه وعلى اختالف درجاتهم الحق في‬
‫النظر والفصل في جميع المنازعات دون األخذ بعين االعتبار من هم أطراف النزاع‬
‫ويعتبر هذا األسلوب هو األصل التنظيم القضائي غير انه اليوم يعرف انتشارا في‬
‫الدول االنجلوسكسونية كانجلترا والواليات المتحدة األمريكية ‪.‬‬
‫ويحكم هذا النظام مبدأ هام هوا إن القاضي يملك سلطات ضخمة في مواجهة اإلدارة‬
‫فهو يستطيع إصدار أوامر بعمل أمر معين أو تعديل قرار معين بمعنى أنه ال يوجد‬
‫في ضل القضاء الموحد محاكم إدارية مستقلة عن المحاكم العادية ‪ .‬فالقضاء العادي‬
‫يختص فالنظر في جميع المنازعات سواء كانت بين األفراد أو بين األفراد واإلدارة‬
‫وسواء أكانت هذه النزاعات مدنية أو تجارية أو إدارية إضافة إلى انه يتم وضع‬
‫قانون واحد تفصل قواعده القانونية في جميع المنازعات سواء كانت عادية أو‬
‫اإلدارة طرفا فيها وبتالي وجود اإلدارة كطرف في النزاع ال يمنحها الحق في‬
‫تطبيق قانون مميز يختلف عن القانون العادي الذي يطبق على منازعات األفراد ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد مر التنظيم القضائي في الجزائر بمجموعة من التحوالت شهدت من خاللها‬
‫تبني للحكومة المستقلة لنظام األحادية القضائية بعد أن حتمتم عليها الظروف‬
‫االستمرار بنظام االزدواجية القضائية الذي كان معمول به قبل االستقالل ‪ ،‬قبل أن‬
‫تجمعه مجموعة من الظروف أيضا إلى العمل بنظام األحادية القضائية ‪ ،‬ثم‬
‫التكريس الدستوري لنظام االزدواجية القضائية إلى غاية أالن ‪ ،‬فبعد االستقالل‬
‫مباشرة توجهت السلطة في البالد إلى توحيد جهات القضاء في نظام قضائي واحد‬
‫ينسجم فيفي الظروف المجتمع الجزائري ‪)1(.‬‬

‫‪ -1‬بوحميدة عطاء هللا ‪ ،‬الوجيز في القضاء اإلداري (تنظيم ‪ ،‬عمل واختصاص) ‪ ،‬ط‪ ، 2‬دار الهومة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2013 ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪4‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نظام ازدواجية القضاء‬
‫ينسب الفقه هذا النظام لفرنسا وهوا يقوم أساس وجود قضاء مستقل يختص بالنظر‬
‫في المنازعات اإلدارية فأن االختصاص ينسب إلى الجهة القضائية بالنضر إلى‬
‫أطراف النزاع أو موضوع النزاع وبمعنى أخر فان النظام المزدوج يفرض وجود‬
‫قضائي إداري ينظر في القضايا التي تكون اإلدارة طرفا في النزاع وتصنف على‬
‫أنها قضايا إدارية و قضاء عادي يفصل في القضايا العادية األخرى وتبعا لذلك فان‬
‫القضاء اإلداري يفصل في المنازعات اإلدارية ويطبق في ذلك قواعد قانونية متميزة‬
‫ومختلفة عن قواعد المطبقة في القضاء العادي كما تؤسس لذالك محاكم خاصة‬
‫ومستقلة تنظر فقط في مثل هذا النوع من المنازعات ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مبررات االنتقال إلى االزدواجية القضاء‬
‫أ)‪-‬السبب التاريخي ‪ :‬ترجع إلى مقولة دولوبالز القانون هو فكرة تاريخية وابتدئ‬
‫المشكل في الثورة التاريخية ومن بين أثاره أنه يعتبر القضاء الذي يفصل في‬
‫نزاعات اإلدارية هو تدخل في اإلدارة مثال في الجزائر أخذ االزدواجية القضائية في‬
‫‪ 1996‬وبالتالي من أسبابها إذا تم إلغاء إداري أو فسخ عقد إداري أو نشاط إداري‬
‫هذا يعد مساس باإلدارة والتي هي سلطة تنفيذية وها يعني أن السلطة القضائية‬
‫تدخلت في السلطة التنفيذية وهذا ما يسمى الفصل ما بين السلطات ويجب أن يكون‬
‫هناك قضاء إداري مستقل عن القضاء العادي وال يجب أن تتدخل السلطة القضائية‬
‫في السلطة التنفيذية ويجب أن يكون هناك قضاء إداري مختلف ومما سبق تستنتج‬
‫أنه انطالق من الثورة الفرنسية ومن أسبابها الفصل بين السلطات فيجب أن يكون‬
‫هناك قضاء إداري مختص ‪.‬‬
‫ب)‪ -‬سبب تقني ‪ :‬القاضي اإلداري الذي يتكون بطريقة خاصة وتحكم في قواعد‬
‫القانون العادي وهو يتعرف على نشاط إداري أكثر من العادي فالقاضي العادي يتبع‬
‫مفاهيم القانون العادي إذا كان القاضي العادي يفصل في القضاء اإلداري فبأي شيء‬
‫يفصل فيه هل بواعد القانون المدني والتجاري فالقاضي العادي ال يعرف المصلحة‬
‫العامة وال يعرف المرفق العام بل يعرف المصلحة الخاصة وال يستطيع القاضي‬
‫العادي أن يحكم بالقانون اإلداري ‪)1( .‬‬

‫‪ -1‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬ج‪ ،1‬األنظمة القضائية المقارنة و المنازعات اإلدارية‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية –بن عكنون‪ -‬الجزائر‪،2005 ،‬ص‪.‬ص ‪.65 66،‬‬

‫مميزاته ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-‬إن تطبيق ازدواج القضاء بالمفهوم الحقيقي و السليم لهذا النظام‪ ،‬يؤدي إلى تجسيد‬
‫و تطبيق مبدأ التخصص و تقسيم العمل في مجال الوظيفة القضائية بصورة منظمة‬
‫و فعالة‪ ،‬فوجود قضاء إداري مستقل و متخصص في إثراء نظرية القانون اإلداري‬
‫و تفسير و تطبيق أحكام و قواعد هذه النظرية على المنازعات اإلدارية تجعل عملية‬
‫أحكام و تطبيق الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة العامة و الدولة أكثر تجسيدا و‬
‫تخصصا و واقعية‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى ضمان و حماية فكرة الدولة القانونية‪ ،‬و‬
‫مبدأ الشرعية و النظام القانوني لحقوق و حريات اإلنسان و المواطن بصورة واقعية‬
‫و فعالة‪.‬‬
‫‪ -‬نظام ازدواج القضاء أدى و يؤدي بواسطة القضاء اإلداري المستقل و‬
‫المتخصص في المنازعات اإلدارية إلى ثراء النظام القانوني في الدولة‪ ،‬بصفة‬
‫عامة‪ ،‬و إثراء العلوم اإلدارية بصورة خاصة و ذلك بفضل مساهمة النظام اإلداري‬
‫الفرنسي األصل تاريخيا عن طريق خلق نظرية القانون اإلداري في مفهومها‬
‫الضيق و الفني بواسطة اجتهادات و حلول القضاء اإلداري‬
‫عام‪)1(.‬‬ ‫‪ -‬وجود ازدواجية قانونية أي وجود قانون خاص وقانون‬

‫‪ -1‬عمار عوابدي‪،‬عملية الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة العامة في النظام جزائري‪ ،‬ج‪ ،1‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪ ،1982‬ص‪.‬ص ‪.68.69،‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬نشأة القضاء المزدوج‬

‫‪6‬‬
‫يعد القضاء المزدوج فرنسيا المنشأ حيث ظهر بموجب قانون ‪24‬أوت ‪1890‬‬
‫قانون المنع والذي منع القضاء العادي أن يفصل في القضايا اإلدارية وبالموازاة‬
‫دخلت مرحلة اإلدارية القاضية وهي مرحلة غير منطقية ألنه بعد الفصل القضايا‬
‫اإلدارية أصبحت اإلدارة تفصل في القضايا اإلدارية ومرحلة أوزير القاضي وهي‬
‫الفصل والمرحلة الثانية وبالتالي انقسمت إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪-1‬مرحلة القضاء المقيد ‪ :‬لما أنشأ مجلس الدولة كان عمله عمل استشاري أي ال‬
‫يفصل في النزاع ويعطي رأيه فقط للوزير القاضي الذي يفصل في النزاع ‪.‬‬
‫‪-2‬مرحة القضاء المفوض ‪ 24/05/1952 :‬المادة ‪ 09‬جعلت من مجلس الدولة‬
‫جهاز قضاء إداري أصبح القضاء في هذه الفترة يفصل في النزاع ولكن كدرجة‬
‫أخيرة ألن ما زالت فترة الوزير القاضي موجودة فلوزير يفصل في القرار ثم يأتي‬
‫مجلس الدولة كدرجة ثانية ثم درجة استئناف نهائية ولكن انتهت مرحلة الوزير‬
‫القاضي وأنشأت المحاكم اإلدارية في ‪ 13/09/1953‬فأصبحت توجد المحاكم‬
‫اإلدارية وجاءت درجة أخرى للمجالس القضائية كدرجة استئناف للمحاكم اإلدارية‬
‫ومجلس الدولة كدرجة نقض ‪.‬‬

‫‪ -1‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪67‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬مهام المؤسسة القضائية‬


‫‪7‬‬
‫إن الوظيفة األساسية للقضاء تتمثل في حل المنازعات التي تثور بين األشخاص‬
‫سواء كانوا عادين أو اعتبارين خواص أم عامين بواسطة قضاء مختصين يتم‬
‫تعيينهم على أساس المسابقات ثم يخضعون لتكوين لمدة معينة ‪ ،‬أو يتم انتخابهم من‬
‫طرف الشعب أو عن طريق القرعة ‪ ،‬أو يتم اختيارهم من طرف تنظيمات معينة ‪.‬‬
‫والمبدأ العام أيضا أن يتم حل النزاعات بناء على القوانين سارية المفعول غير أن‬
‫هناك دول تعتمد على األعراف واالجتهاد القضائي ‪،‬ثم إن وظيفة القضاء ال تتوقف‬
‫عن حل النزاعات بل قد يكون لها اختصاصات أخرى كالنظر في مدى دستورية‬
‫القوانين سواء في المحاكم العادية أو الفدرالية أو الدستورية ‪ ،‬أو قد يكون لها دور‬
‫في السهر على نزاهة العمليات االنتخابية مثلما هو عليه الحل في الجزائر‬
‫كما تضطلع في بعض البلدان على بعض المهام اإلدارية أو شبه اإلدارية على غرار‬
‫تحرير بعض الوثائق كشهادة الجنسية في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيد بوشعير‪،‬القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة ‪،‬ج‪ ، 2‬ط‪ ، 10‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬ص‪34‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تطور مفهوم االزدواجية في الجزائر‬


‫‪8‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ازدواجية المنازعات و وحدة الهياكل‬
‫عند حصول الجزائر على استقاللها استمر تطبيق النظام الفرنسي لفترة قصيرة لمأل‬
‫الفراغ القانوني إال ما خالف السيادة الوطنية‪ ،‬و كان لزاما بعدها إقامة نظام قضائي‬
‫جزائري بحت‪ ،‬و إن اختلف عن النظام الفرنسي من حيث الهيئات‪ ،‬فإنه ظل من‬
‫حيث اإلجراءات و االختصاص شبيها و متأثرا بالنظام الفرنسي‪.‬‬
‫قبل اإلصالح القضائي لسنة ‪ 1965‬سميت تلك المرحلة باالزدواجية على مستوى‬
‫القاعدة و األحادية على مستوى القمة أنشأت محاكم إدارية في األغواط‪ ،‬العاصمة‪،‬‬
‫وهران‪ ،‬قسنطينة‬
‫يقصد بنظام وحدة القضاء أن تختص المحاكم المنتمية إلى جهة قضائية واحدة‬
‫بالفصل في كل المنازعات دون تميز بين المسائل العادية منها و المسائل اإلدارية و‬
‫قد اتجهت السياسة التشريعية في هذه المرحلة إلى إعادة هيكلة النظام القضائي من‬
‫النظام االزدواجية المعمول بها و لو جزئيا إلى نظام وحدة القضاء‪.‬‬
‫لقد شرع في تأسيس النظام القضائي الجزائري في المواد اإلدارية بعد االستقالل‬
‫بموجب األمر رقم ‪ 218-63‬المؤرخ في ‪18/06/1963‬م الذي أعلن أنشأ‬
‫اختصاصات قاضي ابتدائي و قاضي استئناف و نقض في نفس الوقت‪.‬‬
‫و بذلك خطى المشرع الجزائري أول خطوة نحو االستقالل عن نظام القضاء‬
‫المزدوج الذي كان سائدا في الجزائر قبيل االستقالل‪ ،‬و تأكد هذا االستقالل عن‬
‫النظام الفرنسي على مستوى تنظيم الهيئات بصدور نص ثاني‪ ،‬أال و هو األمر رقم‬
‫‪ 287-65‬المؤرخ في ‪16/11/1965‬م المتضمن التنظيم القضائي الذي ألغى‬
‫النظام القضائي السابق بكامله بما فيه من المحاكم اإلدارية و المجالس العمالية و‬
‫المحاكم التجارية و أنشأ ‪ 15‬مجلسا قضائيا و نقل اختصاص المحاكم اإلدارية إلى‬
‫ثالثة غرف جهورية ثم تلته عدة تعديالت أضافت تمزقا جديد‪.‬‬

‫‪ -1‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬ج‪ ،2‬الهيئات و اإلجراءات أمامها‪ ،‬ط‪ ،3‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية بن عنكون‪ -‬الجزائر‪ ،‬ص‪.178 ،‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬ازدواجية الهياكل و ازدواجية المنازعات‬

‫‪9‬‬
‫تم تبني نظام االزدواجية القضائية بموجب المادة ‪ 152‬من دستور ‪1996‬م‪ ،‬األمر‬
‫الذي يجعل صورة التنظيم القضائي في هذه المرحلة تختلف من حيث الهياكل و‬
‫اإلجراءات عن نظام وحدة القضاء‪ ،‬الذي ساد لفترة طويلة و مر ذلك إلى اختالف‬
‫المفاهيم و العناصر المميزة للنظامين و التي أخذت بهياكل الدول التي تبنتها مثل‪:‬‬
‫مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬فرنسا‪ ،‬غير أن اإلطار القانوني للتنظيم اإلداري في الجزائر ينفرد‬
‫من حيث مبادئه األساسية‪ ،‬األمر الذي جعل بعض الدارسين يعتبرون أن التغيير‬
‫الذي مس التنظيم القضائي هو مجرد تغيير هيكلة‪ ،‬و أن التنظيم القضائي الجزائري‬
‫هو بمثابة ازدواجية هيكلية و ليست ازدواجية قضائية‪ ،‬كما أن تبني نظام‬
‫االزدواجية القضائية كان وراءه عدة دوافع و أسباب نظرا ألنه جاء في مرحلة‬
‫اتسمت بتوجهاتها الجديدة األمر الذي استلزم وضع اآلليات الكفيلة بإرساء دعائم‬
‫االزدواجية على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪ -1‬بوحميدة عطاء هللا ‪ ،‬الوجيز في القضاء اإلداري (تنظيم ‪ ،‬عمل واختصاص) ‪،‬مرجع سابق ‪30 ،‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب تبني نظام االزدواجية القضائية في الجزائر‬


‫‪10‬‬
‫هناك عدة أسباب أدت بالمشرع الجزائري إلى تبني نظام االزدواجية القضائية‪:‬‬
‫‪ -‬إن التدخل المكثف للدولة في الحياة العامة و احتكاك المواطنين باإلدارة العامة‪ ،‬قد‬
‫أدى كنتيجة حتمية إلى اتساع دائرة المنازعات اإلدارية يوما بعد يوم‪ ،‬حيث أنه ثبت‬
‫في الواقع أنه و بمجرد اإلعالن عن تنصيب و إنشاء هيكل وساطة الجمهورية و‬
‫تنصيب فروعه على مستوى الواليات حتى بدأ عدد التظلمات المدفوعة أمامه يزداد‬
‫يوميا‪.‬‬
‫حيث صرح السيد وزير العدل أمام مجلس الدولة في جلسة يوم ‪21/03/1998‬م‬
‫بأن مهمة الفصل في تنازع االختصاص بين مختلف الجهات القضائية‪ ،‬قد أسندت‬
‫إلى المحكمة العليا‪ ،‬إال أن الواقع العملي و تزايد النزاعات اإلدارية و تعقيدها نتيجة‬
‫التطور السريع للمجتمع‪ ،‬كل هذا أدى إلى ضرورة إعادة النظر في النظام القضائي‬
‫السائد‪.‬‬
‫‪ -‬لقد اتجهت إرادة المشرع الجزائري و هو يفصل بين القضاء اإلداري و القضاء‬
‫العادي إلى تكريس فكرة التخصص عن طريق تفرع قضاة إداريين‪ ،‬لهم جانب كبير‬
‫من الدراية و الخبرة بطبيعة النزاع اإلداري‪ ،‬خاصة و أن القاضي اإلداري تقع على‬
‫عاتقه مهمة االجتهاد القضائي‪ ،‬و قد اهتم القضاء اإلداري في الكثير من الدول‬
‫بتخصص القضاء‪.‬‬
‫‪ -‬شكلت هجرة القضاة الفرنسيين وعودتهم إلى وطنهم بفرنسا افتقار الجانب‬
‫القضائي إلى قضاة متخصصين في المنازعات اإلدارية‪ ،‬و بالمناسبة عهد مشرعنا‬
‫إلى نهج وحدة القضاء‪ ،‬و اآلن و بعد تجربة أكثر من ثالثة عقود من الزمن على‬
‫مستوى المؤسسة القضائية و بعدما تعززت المؤسسة القضائية بالجانب البشري و‬
‫التحق بها مئات القضاة عاد مشرعنا إلى الفصل مرة أخرى بين جهة القضاء العادي‬
‫و القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪ -1‬بوحميدة عطاء هللا ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪11‬‬
‫الخاتمة‬
‫وفي األخير يمكن القول أن النظام القضائي في الجزائر في الفترة ما بعد‬
‫االستقالل‪ ،‬يالحظ مدى التغيير الذي حدث بين مرحلة و أخرى‪ ،‬سواء ما تعلق‬
‫بهياكل القضاء العادي و اإلداري من جهة‪ ،‬أو ما تعلق باإلجراءات المتبعة و توزيع‬
‫االختصاص من جهة أخرى‪.‬‬
‫فعلى صعيد النظام القضائي تم االنتقال من نظام وحدة القضاء المطبق في البالد منذ‬
‫سنة ‪1965‬م إلى نظام ازدواجية القضاء الذي أقره دستور ‪1996‬م‪ ،‬و اختص هذا‬
‫النظام في طبيعة النظام القضائي إنشاء هيئات قضائية جديدة تالئم طبيعة اإلصالح‬
‫المعلن‪ ،‬فتم إنشاء محاكم إدارية عوضا من الغرف الجهورية التي كانت قائمة‪،‬‬
‫بحيث نالحظ هنا مدى تأثر المشرع الجزائري بالمشرع الفرنسي في تبني هذه‬
‫الهيئات الجديدة لتحل محل الغرف اإلدارية‪ ،‬و تم إنشاء مجلس الدولة و محكمة‬
‫التنازع‪.‬‬
‫نالحظ بأن هذه الهيئات القضائية هي نفسها هيئات النظام القضائي المزدوج بفرنسا‪.‬‬
‫و بذلك تجسد التغيير النوعي على مستوى هياكل التنظيم القضائي‪ ،‬و تكرس الفصل‬
‫رسميا بين أجهزة القضاء العادي و القضاء اإلداري‪.‬‬
‫على الرغم من أن هذه المزايا التي جاء بها دستور ‪ 1996‬إال أن هناك مجموعة‬
‫من اإلشكاالت القانونية كعدم تنصيب المحاكم اإلدارية لحد اآلن ما عدا تنصيبها في‬
‫بعض الواليات فقط‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪ -1‬د‪ .‬بوحميدة عطاء هللا ‪ ،‬الوجيز في القضاء اإلداري (تنظيم ‪ ،‬عمل واختصاص )‬
‫ط‪ ، 2‬دار الهومة للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪. 2013 ،‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬سعيد بوشعير‪،‬القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة ‪،‬ج‪ ، 2‬ط‪، 10‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية ‪.‬‬
‫‪ -3‬د‪.‬عمار عوابدي‪،‬عملية الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة العامة في النظام‬
‫جزائري‪ ،‬ج‪ ،1‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة‪. 1982‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬ج‪ ،2‬الهيئات و‬
‫اإلجراءات أمامها‪ ،‬ط‪ ،3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية بن عنكون‪-‬‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫‪-5‬د‪ .‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة‪ ،‬المنازعات اإلدارية‪ ،‬ج‪ ،1‬األنظمة القضائية‬
‫المقارنة و المنازعات اإلدارية‪ ،‬ط‪ ،4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الساحة المركزية‬
‫–بن عكنون‪ -‬الجزائر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الصفحة‬ ‫الفهرس‬
‫مقدمة‪2.......................................................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬السلطة القضائية ‪4.........................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نظام األحادية القضائية‪4...................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نظام االزدواجية القضائية‪5...............................................................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مبررات االنتقال إلى االزدواجية القضائية ‪5..............................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬نشأة القضاء المزدوج‪7......................................................................................‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬مهام المؤسسة القضائية‪8.................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تطور مفهوم االزدواجية في الجزائر ‪9..................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ازدواجية المنازعات و وحدة الهياكل‪9....................................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬ازدواجية الهياكل و ازدواجية المنازعات‪10 ..............................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب تبني نظام االزدواجية القضائية في الجزائر‪11....................................................‬‬

‫خاتمة‪12........................................................................................................................‬‬

‫قائمة المراجع‪13...............................................................................................................‬‬

‫الفهرس‪14......................................................................................................................‬‬

‫‪14‬‬

You might also like