Professional Documents
Culture Documents
11سلطات ادارية مستقلة
11سلطات ادارية مستقلة
لجنة المناقشة:
2
وحتى یتسنى لهده السلطات أداء مهامها في ضبط هده القطاعات الحساسة ،زودت
بمجموعة من االختصاصات التي كانت عائدة سابقا لإلدارة التقلیدية ،فأصبح لها سلطة اتخاذ
الق اررات وتوقيع العقوبات.
اضطرت السلطة العامة إلصالح المنظومة اإلداریة ،نتيجة لمتحول في التوجه
االقتصادي للدولة من االقتصاد المخطط إلى االقتصاد الرأسمالي ولو بتحفظ ،ومسایرة لهذا
التحول أنشأت هیئات ضبط في ظل اقتصاد السوق من خالل تبني شكل جدید من أشكال
ممارسة السلطة العامة المقتبس من تجارب دول أخرى عن طریق بنية قانونية جدیدة في اإلدارة
العامة في الدولة ،والتي تتمثل في السلطات اإلداریة المستقلة أو كما تسمى أيضا بسلطات
الضبط المستقلة التي منحت لها الدولة مهمة ضبط النشاطات االقتصادية والمالية بدال من
اإلدارة التقلیدية ،وهذا ناتج عن تحول دور الدولة من دولة متدخلة تسیر جميع القطاعات
مباشرة في ظل االقتصاد المخطط إلى دولة ضابطة تتدخل بصفة غیر مباشرة.
لم تكن المؤسسات الجزائریة مؤهلة لتسییر هذا التحول وفق خطوات منطقية مدروسة ونظ ار
لمعطيات التاریخ وبتأثیر من ظاهرة العولمة وبضغط من الشركاء االقتصادیین ،تحت ضغط
الظروف الداخلية لجأ المشرع الجزائري إلى تبني القواعد القانونية الفرنسية ضمن المنظومة
القانونية الوطنية .وهذه القواعد رأسمالية في جوهرها فرضت نفسها على أغلب دول العالم
الثالث التي تسعى للدخول إلى نادي اقتصاد السوق ،وعليه نشهد الیوم ما يشبه نظام إرسال-
استقبال للقواعد القانونية اللیبرالية وما تتطلبه من إجراءات الزمة لوضعها موضع التطبیق.
وتعتبر” السلطات اإلداریة المستقلة” ذات مفهوم جدید طارئ على المنظومة القانونية الجزائریة
يحمل في طياته تناقضات ونقاط مبهمة تتطلب تسليط األضواء علیها ،وال يخلو المصطلح
من إشكاالت قانونية عدیدة .وهي مكلفة بتسویة النزاعات المحتملة بین شركاء السوق إضافة
إلى ضبط النشاط االقتصادي في مختلف قطاعاته ،وقد أراد لها المشرع أن تكون بدیال لجهاز
قضائي بطيء ال یتالءم مع الدیناميكية السریعة لعالم االقتصاد.
أسباب اختيار الموضوع:
إن اختيارنا لهذا الموضوع كان دافعه قلة الدراسات في هدا المجال بالجزائر وانطالقا من
أن تشكیلة هده السلطات وطریق تعیین أعضائها وكدا األسلوب المستعمل في إنشائها يختلف
3
من هیئة ألخرى ،فإن أي دراسة مستوفية لهده السلطات ،يجب أن نتعرض لكل هیئة على
حدي من أجل إيفائها حقها من التأصیل والتحلیل.
أهمية الموضوع:
وتكمن أهمية موضوع سلطات الضبط انه ساهم في بعث حركة واسعة وشاملة في أكبر
البلدان الديمقراطية في العالم والتي يمیل إلى الخروج من سياسة المركزیة الالمركزیة إلى أنماط
جدیدة من توزیع المهام ،خاصة في المجاالت الحساسة كممارسة الحریات العامة والمجال
االقتصادي.
وما یزید من أهمية وفعالية موضوع سلطات الضبط انه يقدم ضمانة قویة للرأي العام
لحياد تدخالت اإلدارة ،كما يسمح بمشاركة واسـعة للمهنیـین في ضبط نشاطه باإلضافة إلى
أنه يضمن فعالية تدخل الدولة في إطار السرعة والتكيف مع تطور االحتياجات واألسواق
واستم ارریة العمل عن طریق مراقبة ومرافقة المعاملین االقتصادیین.
وما یزید من أهمية البحث في هذا المجال ،أن الدراسة امتدت إلى بعض التشریعات
المقارنة والمتشابهة مع التشریع الجزائري وهذا من أجل وضع التشریع ،القضاء ،والفقه
الجزائري على المحك ،قصد مسایرة التطور السائد في العالم.
إشكالية الدراسة:
إن االتجاه الصحيح الذي نعتقد ونستحسن أن تتّجه الدراسة إليه ،هو التركیز على الجانب
الوظيفي لسلطات الضبط ،وعدم الغوص في الجوانب الهيكلية الخاصة بها ،ألن الجانب
الوظيفي هو الذي يقضي بنا إلى بناء قراءة تقیيمية لطبيعة الدور المسنود إلى السلطات اإلداریة
المستقلة ومدى فاعلية ذلك الدور في الواقع ،وهذا كّله من أجل الوصول إلى األسباب التي
تتّحكم في نجاح ذلك الدور أو في فشله.
لهذا نطرح اإلشكالية التالية:
التطور القانوني إلنشاء السلطات اإلدارية المستقلة وانعكاسه على مهامها الوظيفية
ومدى استقالليتها؟
4
طبيعة الدراسة الحالية ستفرض التنویع في مناهج البحث ،وذلك حسب مقتضيات النتائج
المراد الوصول إلیها في كل موضع من المواضع الواردة في هذه الدراسة ،حیث سیتّم توظيف
المنهج التاریخي ،والمنهج الوصفي ،والمنهج المقارن ،والمنهج التحلیلي.
إن ندرة المراجع الخاصة وكذا حداثة الموضوع ،فرضت علینا إتباع المنهجین الوصفي
والتحلیلي اللذان يستندان في المقام األول على دراسة النصوص القانونية المتعلقة بمجال البحث
والتعلیق علیها مع االستعانة أحيانا بالمنهج التاریخي والمقارن ودلك بإرجاع األمور إلى أصولها
قصد فهم موضوع البحث وكشف األسباب واألهداف الكامنة وراء وجود السلطات المستقلة.
5
الفصل األول
اإلطار المف اهيمي للسلطات اإلدارية
المستق لة
6
مقدمة الفصل األول:
ّشكل عقد الخمسینيات من القرن العشرین بداية جدیدة برزت من خالله قطاعات حساسة
في الحياة االجتماعية كقطاع اإلعالم وقطاع اقتصاد الّ سوق ،فكان من الالّزم البحث عن
أسلوب مرن في اتخاذ الق اررات یراعي خصوصية هذه القطاعات.
وألسباب متعلقة بالنظام اإلیدیولوجي والتقني كرفض تدخالت الدولة المباشرة في بعض
المجاالت وبصفة خاصة القطاع االقتصادي ،وعدم تواؤمها والوسائل الكالسيكية للتعبیر عن
السلطة العمومية – ق اررات تنفیذية أكثر سلطویة ،زجر قضائي بدون فعالية -تم التفكیر في
إنشاء أجهزة تعمل على تلیین سلطویة اإلدارة ،اتفق الفقه مؤخ ار على تسمیتها ب "السلطات
اإلداریة المستقلة".
وسنتناول من خالل هذا الفصل مبحثین األول نتحدث فيه عن ماهية السلطات اإلداریة
المستقلة یتضمن مطلبین األول مفهوم السلطات اإلداریة المستقلة والمطلب الثاني نشأة
السلطات اإلداریة المستقلة في الجزائر ،ومن خالل المبحث الثاني المعنون بالمعالجة الدستوریة
للسلطات اإلداریة المستقلة یتضمن مطلبین األول بعنوان انعدام دستوریة السلطات اإلداریة
المستقلة والمطلب الثاني دستوریة السلطات اإلداریة وودود نصوص قانونية تبرر ودودها ثم
خالصة الفصل األول.
7
المبحث األول:
ماهية السلطات اإلدارية المستقلة
سایر المشرع الجزائري نظیره الفرنسي في أنه لم يطلق عبارة السلطات اإلداریة المستقلة
على جميع سلطات الضبط في المجال االقتصادي ،بل اقتصر على بعضها كسلطة البرید
()3
وسلطة ضبط المياه. ()2
سلطة ضبط النقل، ()1
والمواصالت،
غیر أن إطالق المشرع الفرنسي مصطلح "سلطة" على البعض دون اآلخر ،أثار العدید
من التساؤالت تتعلق بالمقصود من مصطلح "سلطة" تحدیدا ولماذا لم يسمیها بالسلطات أو
المنظمات ،فحتى وان لم وصف المشرع الفرنسي منظمة أو هیئة ما بأنها سلطة ،فإنه ینبغي
مع تمتعها بالطابع اإلداري واالستقاللية ()4
من وراء ذلك إخراجها من إطار اإلدارة التقلیدية،
لتأكید أنها ليست كباقي اإلدارات التقلیدية.
وتكاد كل الدول المقدمة تتوفر على هذا النوع من السلطات ،فقد أعطت التشریعات
الفرنسية نفسا قویا لها في مختلف القطاعات ،من ذلك القطاع االقتصادي الذي نجد فيه لجنة
عمليات البورصة ،ومجلس المنافسة.
ولم یتبلور هذا النوع من السلطات في الجزائر إال مع بداية التسعینيات ،حیث أنشأ
المشرع الجزائري المجلس األعلى لإلعالم إذ تنص المادة 56منه ":يحدث مجلس أعلى وهو
سلطة إداریة مستقلة ،وتتمتع بالشخصية المعنویة واالستقالل المالي )5(".فاعتبر المجلس سلطة
يعمر طویال بالنظر
ضبط مستقلة في القطاع السمعي البصري ،غیر أن هذا المجلس لم ّ
للمشاكل التي كان يعيشها اإلعالم بالجزائر ،األمر الذي ترتب عليه حل المجلس عام 1993
بموجب المرسوم الرئاسي رقم 253 -93المؤرخ في 26أكتوبر .1993وفي سنة .1990
لسنة .2000
( _)2القانون رقم 11-02المؤرخ في 24ديسمبر ،2002المتضمن قانون المالية لسنة ،2003ج .ر ،العدد 86لسنة .2002
( _)3القانون رقم 12-05المؤرخ في 4أوت ،2005یتعلق بالمياه ،ج .ر العدد 60لسنة .2005
المقصود باإلدارة التقلیدية مجموع الهیئات الخاضعة لرقابة السلطة التنفیذية التسلسلية أو لوصایتها ،المكلفة بتأمین النشاطات وذلك (_)4
بغرض تحقیق المصلحة العامة مع تزویدها بامتيازات السلطة العامة ،أنظر :قوراري مجدوب ،سلطات الضبط في المجال االقتصادي،
مذكرة ماجستیر في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة أبو بكر بلقاید تلمسان ،2010/2009 ،ص.12
القانون رقم 07-90المؤرخ في 3أفریل ،1990المتضمن قانون المياه ،ج .ر العدد 14لسنة .1990 (_)5
8
الذي بموجبه تم استحداث مجلس النقد والقرض ()1
صدر القانون المتعلق بالقرض والنقد،
مهد نشاط البورصة إلنشاء لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها عام
واللجنة المصرفية ،كما ّ
،1993وفي مجال آخر أنشأ مجلس المنافسة ،الذي يعمل على ترقية المنافسة وحمایتها من
مختلف الممارسات المنافية للمنافسة الحرة.
وفي سنة 2000أعاد المشرع الجزائري النظر في التشریع المتعلق بالبرید واالتصاالت
فأنشأ سلطة الضبط للبرید والمواصالت السلكية والالسلكية ،وغیرها من السلطات اإلداریة
المستقلة التي تتكفل بضبط مجال محدد ،باستثناء مجلس المنافسة الذي تشمل رقابته كافة
القطاعات األخرى حتى وإن كانت مزودة بهیئة الضبط.
المطلب األول:
مفهوم السلطات اإلدارية المستقلة
إن فكرة السلطات اإلداریة المستقلة ،ال يمكن إستعابها وال فهمها بطریقة سهلة ومباشرة
إال بعد تحدید مفهوم هذه السلطات وتوضيح معناها ،ثم تبيان أهم الخصائص واإلختصاصات
التي منحت لهذه األخیرة ،لذا وجب علینا في بادئ األمر التطرق لهذه النقاط فيما یلي:
الفرع األول:
تعريف السلطات اإلدارية المستقلة
تعتبر سلطات الضبط اإلداري المستقلة سلطات من الجیل الثاني ،أنشأها المشرع
الجزائري نقال عن تجارب دول أخرى وهي ظاهرة مرتبطة بسياسة الدولة في توزیع المهام بما
فیها سلطة اتخاذ القرار بین هیئاتها العليا .بالتالي إن هذه السلطات معاونة للحكومة تستعین
بها في انجاز مهام وأعمال دقيقة وفنية متخصصة تحتاج إلى درجة كبیرة من الخبرة والتخصص
()2
في المجاالت محددة قانونية واجتماعية.
إن وضع تعریف للسلطات اإلداریة المستقلة ،والتي خولها المشرع الجزائري صالحيات
جد واسعة كل في مجال تخصصه ،مسألة تستوجب الوقوف عند الكثیر من النقاط أولها
المقصود بعبارة السلطات اإلداریة المستقلة ،والتي تعتبر بمثابة سلطات مكلفة بمهمة ضبط
القانون رقم 07-90المؤرخ في 14أفریل ،1990المتعلق بالنقد والقرض ،ج .ر العدد 16افریل لسنة .1990الملغى بموجب (_)1
االمر رقم 11-03الصادر في 26أوت ،2003یتعلق بانقد والقرض ،ج .ر عدد 52المؤرخة في 27أوت .2003
( _)2عبد هللا حنفي ،السلطات اإلداریة المستقلة ،دراسة مقارنة ،دار النهدة العربية ،القاهرة ،مصر ،2000 ،ص.10
9
النشاط االقتصادي فهي ال تكتفي بالتسییر ،إنما تراقب نشاط معین في المجال االقتصادي
()1
لتحقیق التوازن.
تعرف على أنها'' :هیئات وطنية ذات طابع إداري صرف ،ال تخضع ال للسلطة الرئاسية
وال للوصاية اإلداریة ،فهي عكس اإلدارة التقلیدية تتمتع باالستقاللية العضویة والوظيفية وال
()2
تخضع إال للرقابة القضائية''.
عند انسحاب الدولة الجزائریة من الحقل االقتصادي ،فتحت المجال للعدید من النشاطات
التجاریة واالقتصادية أمام المبادرة الخاصة وأخضعتها لنظام اقتصاد السوق وقانونه ،على أال
تتدخل إال من أجل تأطیر آليات السوق بهدف مراعاة مقتضيات المرفق العام ومصالح المرتفقین
والزبائن ،وكذا المصلحة العمومية للدولة ،وعوضت الق اررات اإلداریة التقلیدية بأدوات الضبط
اإلداري المستحدثة.
فهي سلطات إداریة ألنها تمارس صالحيات الدولة بإسمها ولحمایتها لكنها تقترن
بوظيفتها األخرى األساسية شبه القضائية ،كما أنها مستقلة ألنها ال تدخل ضمن التدرج السلمي
ال تخضع ال الى سلطة وصائية وال الى سلطة رئاسية ،وتمارس سلطاتها بكل حریة لكن هذا
()3
مبدئيا.
السلطات االداریة المستقلة هي هیئات وطنية ال تخضع ال للسلطة الرئاسية وال للسلطة
الوصائية ،تتمتع باستقاللية عضویة ووظيفية سواء عن السلطة التنفیذية أو التشریعية لكنها
()4
تخضع للرقابة القضائية.
بقراءة مصطلح "السلطات اإلداریة المستقلة" یتبادر لذهن القارئ أنه أمام عبارة قانونية
يقصد بها عملية من عمليات إدارة معینة ألن السلطة العامة ليست السلطة اإلداریة فقط التي
( -)1نزلیوي صليحة ،سلطات الضبط المستقلة ،آلية لإلنتقال من الدولة المتدخلة الى الدولة الضابطة ،الملتقى الوطني حول سلطات الضبط
المستقلة في المجال االقتصادي والمالي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرحمان میرة بجاية ،یومي 23/24ماي ،2007،ص.18
) -ركیبة حسام الدین ،الرقابة القضائية على أعمال سلطات الضبط المستقلة ،مذكرة االستكمال متطلبات ماستر أكاديمي ( 2
الحقوق ،2013/2014،ص قسم السياسية، والعلوم الحقوق كلية ورقلة، مرباح قاصدي جامعة إداري، قانوني تخصص
.09
( -)3حسین نوارة ،األبعاد القانونية إلستقاللية سلطات الضبط في المجال اإلقتصادي والمالي ،مداخلة مقدمة في أشغال الملتقى الوطني حول سلطات
الضبط المستقلة في المجال اإلقتصادي والمالي ،من تنظيم جامعة بجاية ،في أيام 24-23ماي ،2007 ،ص .70-68
( -)4عزالدین عيساوي ،المكانة الدستوریة للهیئات اإلداریة المستقلة" " مآل الفصل بین السلطات "مجلة االجتهاد القضائي ،جامعة محمد خيضر،
بسكرة ،الجزائر ،العدد ، 04ص 204
10
يقصد منها سلطة إدارة خاصة ،بینما هنا نكون أمام سلطة عامة تصدر من إدارة عمومية
قصد تحقیق غاية عامة ،واعتبار الم ارفق التي تصدر بمناسبتها تكون دائما مرتبطة مثالً بم
()1
ارفق اقتصادية.
الفرع الثاني:
خصائص السلطات اإلدارية المستقلة في الجزائر
-االستقاللية :إذا كان من الصعب إعطاء تعریف دقیق للسلطات اإلداریة المستقلة فيمكن
على األقل ذكر ما يمیزها عن السلطات اإلداریة التقلیدية ،انطالقا من خاصية االستقاللية
التمتع بالشخصية المعنویة ،باإلضافة إلى التعددية وكذلك تنوع الصالحيات.
تعتبر االستقاللية إحدى أهم الخصائص التي تمیز السلطات اإلداریة ،ذلك أنها الصفة
البارزة في تنمیتها ،كما أنها تمثل المحرك الرئيسي في أداء هذه السلطات لوظائفها.
ویقصد باالستقاللية تحرر السلطات من الخضوع آلية وصاية أو سلطة تسلسلية لجهة ما،
وهذا ال یتعارض مع تبعیتها للدولة ،ألنها تعمل بإسم الدولة ولحسابها ،فهي من سلطات الدولة
ویعني مبدأ استقالل الضابط بأن أجهزة السلطات السياسية والحكومية ال توحي بأي توجيه في
اختيار الق اررات الضابطة ،وفي الجزائر تعد االستقاللية إحدى أهم ممیزات سلطات الضبط كما
)(2
تنص على ذلك صراحة النصوص القانونية المنشأة لها.
وقد أثارت االستقاللية في فرنسا عدة إشكاالت قانونية تتعلق بمدى توافق وجود هذه السلطات
واستقاللیتها مع المادة 61من الدستور التي تنص على أن الحكومة تستعمل اإلدارة ،إال أن
هذه االستقاللية نسبية في بعض المالمح.
التمتع بالشخصية المعنوية :إن المشرع بإصباغه الشخصية المعنویة للسلطات اإلداریة
المستقلة يكون قد أدرك أهمية ذلك ،حیث أنها ضروریة من أجل ممارسة هذه السلطات لوظائفها
تعد استكماال الستقاللیتها.
( -)1بوجادي عمر ،إختصاص القضاء اإلداري الجزائري ،رسالة لنیل درجة الدكتوراه دولة في القانون ،جامعة مولود معمري
تیزي وزو13 ،جویلية .2011 ،ص 24.
( -)2بلیل مونية ،سلطة الضبط البرید والمواصالت السلكية والالسكلية ،مذكرة الماجستیر ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق،2004/2003 ،
ص .23-22
11
ویرى بعض الفقهاء أن السلطات اإلداریة المستقلة ال تتمتع بالشخصية المعنویة ،وهذا
كان حال العدید من السلطات المستقلة في فرنسا ،ولكن الواقع الحالي یبین بین أغلب السلطات
تتمتع بالشخصية المعنویة ألنها تمارس صالحيات ،وتكلف بأدوار مهمة ،وهذه المهام لن
تكتمل بالضرورة إال بوجود الشخصية المعنویة التي یترتب عنها االستقالل اإلداري والمالي،
)(1
وثبوت حق التقاضي.
هذا ال يعني أن كل سلطات الضبط تتمتع بالشخصية المعنویة ،فبالنسبة للنظام الجزائري
مثال تتمتع كل من سلطة ضبط البرید والمواصالت) ،(3ولجنة تنظيم ومراقبة عمليات )(2
البورصة بالشخصية المعنویة ،فيما لم يظهر أي دلیل على تمتع مجلس النقد والقرض بها من
خالل األمر رقم 11-03المؤرخ في أوت 2003المتعلق بالنقد والقرض.
يمكن مالحظة خاصية التعددية في السلطات المستقلة من عدة جوانب:
-1من خالل التنوع الوارد في المجاالت المعنية بالضبط والحماية في فرنسا مثال:
-اللجنة االستشاریة ألسرار الدفاع الوطني.
-لجنة مراقبة األضرار المطاریة ().aéroportnaires Nuisances
من حیث معاییر تحدید السلطات وتصنيفها كسلطات مستقلة.
تعددية مهام الضبط في المجالین االقتصادي والمالي.
تباین األنظمة القانونية التي تخضع لها هذه السلطات.
إن هذا التعدد يعتبره البعض في صالح هذه السلطات ،فتأليفها الجماعي والمنفتح ونمطها
المرن يسهل مقاربة الدولة من المجتمع المدني .ویظهر من خالل هذه الخاصية أن هناك
تطو ار كبی ار في مجال الحقوق المعنية بالحماية ،وأن وجود بعض هذه السلطات في النظام
( -)1أنشأت بموجب القانون رقم 03 -2000المؤرخ في 5أوت 2000المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبرید والمواصالت ،ج.ر عدد
22لسنة .2000
( -)2المرسوم التشریعي رقم 10-93المؤرخ في 23ماي ،1993المتعلق ببورصة القيم المنقولة ،ج.ر عدد 34لسنة ،1993المعدل
والمتم باألمر رقم 10-96المؤرخ في 10ینایر ،1996ج.ر عدد 03لسنة ،1996والقانون رقم 04-03المؤرخ في 17فيفري
،2003ج.ر عدد 11.لسنة .2003
(-)3القانون رقم 10-90المؤرخ في 02ابریل ،1990المتعلق بالنقد والقرض ،ج.ر عدد 16المؤرخة في 18ابریل ،1990الملغى
بموجب األمر رقم 00-10الصادر في 26أوت ،2003یتعلق بالنقد والقرض ،ج.ر عدد 52المؤرخة في 27أوت .2003
12
الفرنسي يعبر عن تطویر تشریعي بالغ ،واهتمام جد بحقوق المواطن واإلنسان ،ویجدر بنا إتباع
هذا النهج لنكمل حماية حقوق اإلنسان في بالدنا.
تنوع الصالحيات:
إن تنوع صالح يات السلطات المستقلة يعتبر جزءا هاما من ذاتیتها ،وصالحياتها تتنوع
من إبداء المالحظات واآلراء والتوصيات التي تتيح لها وهي بعیدة عن أن تجعلها أجهزة
استشاریة ،تحدید توجیهات في المسلك بطریقة مرنة وغیر شكلية بالتأكید ،وممارسة تأثیر حاسم
في الواقع فتساهم بذلك وإنما بطریقة أصلية في إعداد القانون .وهذا یتفق مع ما عهدت به
التشریعات من السماح لهذه السلطات من اقتراح اإلصالحات التشریعية والتنظيمية ،واستنباطها
)(1
من القضايا التي تعالجها.
الفرع الثالث:
االختصاصات الممنوحة للسلطات اإلدارية المستقلة
أن إنشاء هذه السلطات لم يكن اعتباطيا إنما كانت الضرورة الملحة إليجاد مثل هذه
السلطات تستدعي وبطریقة جدية لتأسيس هیئات أو مؤسسات غیر تلك التي توجد في النظام
القانوني والمؤسساتي للدولة قديما.
فالغاية هي تجاوز ما شهده العالم من أزمات اقتصادية متتالية بسبب تأكد فشل الدولة
بدور الدولة المتدخلة كما سبق القول ،وقبل الحدیث عن االختصاصات التي خولت لهذه
السلطات كان البد علینا الحدیث عن األهداف المرجوة من خالل إنشائها أو ما أطلق علیها
بمصطلح "غاية السلطات اإلداریة المستقلة" والتي يمكن إجمالها في ثالث متطلبات وهي:
متطلبات عدم التحیز ،متطلبات االحترافية ومتطلبات الفاعلية ،وذلك بالنظر إلى طبيعة
الحاجيات الخاصة التي تحاول السلطات اإلداریة المستقلة االستجابة لها فهدف عدم التحیز"
" d’impartialité les exigencesيكمن في محاولة استبعاد التسيس المتزاید لإلدارة
اللیبرلية المعتمدة مؤخ اًر وحتى يمكن تحقیق ذلك
الكالسيكية بسبب النظام السياسي المتعدد و ا
كان البد من طلب االحترافية de professionnalisme" " ،بمعنى أن یولى هذه المهمة
( -)1بن زیطة عبد الهادي ،نطاق اختصاص السلطات اإلداریة المستقلة – دراسة حالة -لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة
الضبط البرید والمواصالت السلكية والالسلكية ،أعمال الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال المالي واالقتصادي،
أيام 23و 24ماي ،كلية الحقوق ،جامعة بجاية ،2007 ،ص .169
13
والمتمثلة في ضبط القطاعات الحساسة في الدولة البد أن يكون من طرف أشخاص مؤهلین
وأصحاب علم ودراية بكل هذه القطاعات ،والنتيجة المرادفة لإلحترافية بالتأكید هي "الفاعلية"
" " d’efficacitéحیث أنه مادامت من أهال لالختصاص يستوجب أن تكون بطریقة أسرع
)(1
وذات فعالية أكثر مما إذا كانت من سلطة أخرى ذات اختصاصات متعددة.
حتى ولو كانت هذه السلطات ذات مجاالت مختلفة إال أن الهدف واحد وهو ضبط قطاع
معین وهي تجمع فيما بینها على عدة خصائص واختصاصات مع بعض من االختالف البسيط
إال أن أهم هذه االختصاصات:
السلطة التنظيمية وسلطة إصدار القرار (أوال)
السلطة التحقيقية والسلطة التحكيمية (ثانيا)
سلطة القمع وتوقيع الجزاءات (ثالثا)
أوال :السلطة التنظيمية وسلطة إصدار الق اررات:
إن مسألة الضبط تكون بطبيعة الحال بإصدار ق اررات سواء تنظيمية أو ق اررات فردية ،ومن
وكل )(2
مظاهر السلطة التنظيمية أيضا األنظمة والتوصيات والتعليمات والمقترحات واآلراء،
ما له عالقة في اإلدارة من أجل ممارسة عملية التنظيم.
أ -السلطة التنظيمية:
تتمتع سلطات الضبط في المجال االقتصادي بسلطة سن قواعد عامة ومجردة غیر
موجهة إلى شخص محدد بهذه القواعد تنشأ التزامات على عاتق المتعاملین االقتصادیین كما
تمنح لهم حقوق ونقل االختصاص التنظيمي لهذه السلطات ليس مطلقا ،ففي بعض األحيان
تخضع وجوباً لمصادقة وزیر معین ،فمثالً لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها تخضع
( -)1بوجملین ولید ،سلطات الضبط االقتصادي في القانون الجزائري ،رسالة لنیل شهادة الماجستیر في القانون ،فرع الدولة
والمؤسسات العمومية ،كلية الحقوق والعلوم االداریة ،جامعة الجزائر .2007/2006،ص ص .28-25
( -)2حدري سمیر ،السلطات اإلداریة المستقلة الفاصلة في المواد االقتصادية والمالية ،مذكرة لنیل درجة ماجستیر في القانون،
فرع قانون أعمال ،كلية الحقوق والعلوم التجاریة ،جامعة أحمد بوقرة بومرداس ،د س ،ص ص 100، 107.
14
( المؤرخ في1) 96/102،إلجراء المصادقة من طرف وزیر المالية حسب المرسوم التنفیذي رقم
المتعلق بالبورصة93 /10 من المرسوم رقم32 المتعلق بتطبیق المادة1996مارس11
وتخویل لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها إضافة إلى مجالس أخرى مثل،والقيم المنقولة
مجلس النقد والقرض االختصاص التنظيمي عوض السلطة التنفیذية یثیر إشكالية دستوریة
141 والتي أصبحت المادة1996 من التعدیل الدستوري الجزائر125 بالنظر لنص المادة
التي ال تجیز هذا االختصاص إال للوزیر األول في إطار تنفیذ القوانین،من الدستور الحالي
خاصة إذا علمنا إن أنظمة مجلس النقد والقرض تخضع للمصادقة من طرف الوزیر المكلف
وهذا یدخل في االستقاللية بمظاهرها الوظيفي والعضوي وخاصة في الحدود التي (2)
،بالمالية
.يمكن تصورها في هذا المجال
وفي هذا الصدد تحدث األستاذ زوايمية رشید عن مدى دستوریة السلطة التنظيمية
:للسلطات اإلداریة في فرنسا
En France, la question de la reconnaissance d’un pouvoir réglementaire au
profit des autorités de regulation n’a pas manqué de susciter des discussions
doctrinals, en ce qu’elle conduit à «un émiettement de l’etat (qui) prive le
gouvernement d’une partie de son pouvoir réglementaire». Il reste que la conseil
constitutionnel français est intervenu pour encadrer un tel pouvoir en ces
termes : si les dispositions de l’article 21 de la constitution attribuent au premier
ministre le pouvoir réglementaire, elles « ne font pas obstacle à ce que le
législateur confie à une autorité puplique autre que le premier ministre le soin
de fixer les norms permettant de mettre en œuvre une loi», mais « à la condition
que cette habilitation ne conserne que des measures de portée limitée tant par
leur champ d’application que par leur contenu ». Il s’agit en somme d’un
«pouvoir réglemaentaire spécial et cantonné à la mise en œuvre de la loi , qui
doit respecter non seulement les lois mais aussi les réglements» , ce à quoi il faut
ajouter que doit réglement édictés par ces autorités sont généralement soumis à
homologation ministérielle. (3)
93 /10 من المرسوم رقم32 المتعلق بتطبیق المادة1996 مارس11 المؤرخ في96/ 102، المرسوم التنفیذي رقم-)1(
الصادرة في11، ج ر العدد، المتعلق ببورصة القيم المنقولة1996 ،مارس11 المتعلق بالبورصة والقيم المنقولة المؤرخ في
1996. مارس20 أول ذي القعدة الموافق لـ
45. ص، المرجع السابق، قوراري مجدوب-)2(
)3(
- Zouaimia Rachid, le pouvoir réglementaire des autorités administratives indépendantes en
Algérie , séminaire national : Les Autorités administratives indépendantes en algérie, faculté de
droit et science politique, université de 08 mai 1945 guelma, 13/14 novembre 2012, p 9
15
ب -سلطة إصدار الق اررات:
هو مظهر من مظاهر االستقاللية حیث أن القرار اإلداري هو عمل قانوني صادر من
سلطة إداریة مختصة أي أن الق اررات اإلداریة أعمال من بین أعمال السلطة العامة اإلداریة
وهو يخلق أثار قانوني ًة عن طریق إنشاء مراكز قانونية عامة أو خاصة لم تكن موجودة وقائمة
أو بالتعدیل أو إلغاء حیث إن اإلدارة تقوم بإفصاح عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة
تقتضي القوانین واللوائح حتى تكون نافذة البد أن تكون متوفرة على كل أركان ا
القرر واال كانت
)(1
محل الطعن.
حیث نجد مجلس النقد والقرض یتصرف كصفة سلطة عامة ذات امتيازات عند إصداره
للق اررات اإلداریة التنظيمية والق اررات الفردية ألنها تهدف إلى فرض سيادة القانون وتحقیق
المنفعة العامة ومن بین أهم تلك الق اررات نجد قرار الترخيص االعتماد إضافة إلى األنظمة
وتفویض بعض الصالحيات وتوضيح شروط كل من هذه الق اررات (2)،ویتخذ المجلس ق ارراته
)(3
عن طریق عقد االجتماعات ونظام التصویت المتبعة فيه.
ثانيا :السلطة التحقيقية والسلطة التحكيمية:
بما أن هذه السلطات ظهرت في وسط اقتصادي تحكمه اللیبرالية وحریة التجارة ،هذا
ینتج عنه بطبيعة الحال جملة من النزاعات سواء في مجال الضبط االقتصادي أو مجال
الحریات العامة بین المتعاملین االقتصادیین االجتماعیین فيما بینهم أو بینهم وبین المؤسسات
العمومية التابعة للدولة ،ومادامت هذه السلطات كانت نتيجة األزمات المتتابعة بسبب اختالف
المصالح وتعارضها ،لذا فمن باب أولى تمنح لهذه السلطات نوع من سلطة التحقیق من أجل
جمع المعلومات وتوضيح المسائل محل النزاع لمحاولة إيجاد نوع من التوازن بین هذه المصالح
المتناقضة خاصة في الجانب المالي واالقتصادي ومجال الحریات العامة كأهم المجاالت
الحیویة في الدولة ،وهذا يكمل عمل آخر والمتمثل في التوفیق والتحكيم بین األشخاص المعنویة
( -)1عمار عوابدي ،القانون اإلداري ،الجزء الثاني ،النشاط اإلداري ،الطبعة الثانية ،دیوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ص 93.
( -)2حامد نادية ومسعود حاج أمال ،السلطات اإلداریة المستقلة في المجال المصرفي ،مذكرة تخرج لنیل شهادة الماستر في القانون،
تخصص قانون عام (منازعات إداریة )،كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2013/2014. ،جامعة 08ماي ، 1945 .ص ص.20، 21.
( -)3أعراب أحمد ،السلطات اإلداریة المستقلة في المجال المصرفي ،مذكرة لنیل شهادة الماجستیر في القانون ،فرع قانون األعمال،
كلية الحقوق ،جامعة أمحمد بوقرة بومرداس ، 200/2007. ،ص 36.
16
العامة والخواص وكل األطراف المساهمة في المجال المصرفي ،بطریقة أكثر سرعة وفعالية
من أصحاب االختصاص والحیلولة دون اللجوء إلى الجهات القضائية التي قد تتسم بالتعقید
في اإلجراءات والتكاليف الباهظة ،وكل ذلك من أجل تخفيف العبء على القضاء ،وسنحاول
توضيح كل من هاتین الصالحیتین في ما یلي:
أ -سلطة التحقيق:
أو ما يطلق علیها بسلطة الرقابة والبحث قصد حماية االقتصاد الوطني من جهة وحماية
المستهلك من جهة أخرى ،ولتحقیق هذه الغاية يستلزم األمر رقابة معمقة الحترام القوانین
واألنظمة ،ولقد استقر أغلب الفقه على أن هذه السلطات لها أن تقوم بمراقبة قطاع نشاط
محدد ،وبالتالي تكون على علم بكل ما يجري في ذلك القطاع فيمكنها فتح الملفات اإلداریة
للمؤسسات والخواص إن كان ذلك ضروریا ،وللحصول على أي معلومة تحتاج لها في إطار
التحقيقات االقتصادية التي تؤدیها وذلك دون أن تعترض اإلدارة الطابع السري للوثائق التي
تملكها ،وهناك من یرى أنها أخطر السلطات التي منحت لهذه السلطات وتشمل سلطة االطالع
ع لى الوثائق الرسمية وممارسة الرقابة على أرض الواقع للمراقبة عن كثب ،وهي تختلف من
سلطة إلى أخرى ،وهناك تحقيقات قصریة وهذه األخیرة تتم في إطار البحث عن المخالفات
تمتاز بإمكانية التفتيش والحجز وبطبيعة الحال فإن هذه السلطة تمس بالحریة الفردية
المنصوص علیها في المادة 66من الدستور الفرنسي لذا تدخل المجلس الدستوري الفرنسي
)(1
لوضع الشروط األساسية في حالة اللجوء إلى هذه الوسیلة فهي ال تكون بطریقة عشوائية.
ب -سلطة التحكيم:
بطبيعة الحال إذا ما كانت هناك مصالح متعارضة كانت هناك نزاعات ومادامت هذه
السلطات وجدت من أجل التخفيف منها تفاديا لما هو أعظم إلى المستوى الوطني زودت
بسلطة التحكيم كونها من أصحاب العلم والدراية والخبرة.
-منص ور داود ،اآلليات القانونية لضبط النشاط اإلقتصادي في الجزائر ،أطروحة مقدمة لنیل شهاد الدكتوراه العلوم في الحقوق، ()1
تخصص قانون األعمال ،قسم الحقوق كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد خيضر بسكرة ، 201/2016. ،ص 7.
( - )2ولید بوجملین ،المرجع السابق ،ص .29
( - )3تنص المادة 23من دستور 1963على ما یلي '' :جبهة التحریر الوطني هي حزب الطليعة الواحد في الجزائر ''
( - )4تنص المادة 23من دستور 1996على ما یلي '' :عدم تحیز اإلدارة يضمنه القانون ''.
20
هذه األخیرة عن التسییر المباشر ففي النظام التعددي يسمح بالتداول على السلطة وذلك بتعاقب
()1
الفرق الحكومية ذات البرامج السياسة المختلفة.
ثانيا :المبررات االقتصادیة
مما ال شك فيه أن الدولة في االقتصاد تختلف في النظام االشتراكي عما هو في النظام
الرأسمالي ،كما تختلف اآلثار والنتائج المترتبة عن ذلك في كال النظامین فالتدخالت المتزایدة
للدولة في المجال االقتصادي أدت إلى وقوع أزمات متعددة دفعتها إلى التفكیر في وضع قواعد
جدیدة ذات طابع لیبرالي تختلف عما هو قائم في النظام االشتراكي وعليه سنحاول إيضاح
الجهود التي قامت بها الدولة الجزائریة محاولة منها التخلص من النظام االشتراكي والولوج إلى
نظام اقتصاد السوق.
أ :القضاء على أسس النظام االشتراكي :وذلك عن طريق ما یلي:
- 1إزالة االحتكارات العمومية:
هيمنت الدولة الجزائریة و لفترة معتبرة على النشاط االقتصادي ،و ذلك عن طریق
تطبیق نظام االحتكارات أین كانت المؤسسات العمومية ذات الطابع االقتصادي هي المسيطرة
على النشاط االقتصادي ،فنتج عن هذا الوضع هيمنة القطاع العام االقتصادي مقارنة بالقطاع
الخاص ثم دخلت الجزائر مرحلة اإلصالحات االقتصادية في سبیل إزالة االحتكارات العمومية
بصفة تدریجية وفتح معظم النشاطات التي كانت محفوظة للدولة أمام المبادرة الخاصة حیث
صدر المرسوم 201-88الذي بموجبه تم إلغاء احتكار المؤسسات العامة للنشاط
االقتصادي(،)2غیر أن هذا المرسوم لم یتماشى مع المبادئ التي كان ینص علیها دستور
1976الذي كان یهدف إلى تكریس سيطرة الدولة على مختلف المجاالت االقتصادية ،لذا
كان البد من إزالة هذا الغموض وتهیئة المحيط القانوني وذلك بدخول دستور 1989حیز
التنفیذ و الذي لم ینص على الخيار االشتراكي.)3( .
( - )1أحمد محمد مصطفى نصیر ،دور الدولة إزاء االستثمار وتطوره التاریخي ،الجزء األول دار النهضة العربية ،مصر ،2004.،ص8
( - )2أحمد محمد مصطفى نصیر ،مرجع سابق ،ص.8
-نص هذا القانون في مادته الثانية على حجم االستثمار الوطني الخاص حیث قید مبلغ المشروع المراد إنجازه ومنع الخواص من ()3
-الدیوان الوطني لتوجيه االستثمار الخاص سنة 1985.مجلس النقد والقرض الذي أسندت إليه بموجب المادة 185صالحية إبداء
الرأي بالمصادقة على كل مشروع اقتصادي أجنبي يقام في الجزائر.
( - )1أصبحت تعرف بالوكالة الوطنية لتطویر االستثمار بموجب األمر 01 -03والتي خوّلت لها صالحية تلقي التصریحات باالستثمار
بعد إلغاء شرط االعتماد المسبق.
( - )2المعز هللا صالح أحمد البالع ،الحریة االقتصادية ومبدأ تدخل الدولة ،بحث مقدم للملتقى الدولي األول ،االقتصاد اإلسالمي الواقع
ورهانات المستقبل ،لمعهد العلوم االقتصادية والتجاریة وعلوم التسییر ،الجزائر.
-يستعمل الفقه العربي مصطلح الخصخصة ،للداللة على تحویل الملكية العامة إلى ملكية خاصة ،باستبعاد رأس المال العام، ()3
وبعبارة موجزة فان الخصخصة في هذا المعنى هي جعل القطاع العام خاصا.
انظر :محمد طارق محمود صفر ،دور الشرطة في دعم األمن االقتصادي ،دراسة تحلیلية مقارنة ،دار النهضة العربية ،مصر،2007 .
ص .11
( - )4عجة الجیاللي ،قانون المؤسسات العمومية االقتصادية ،دار الخلدونية ،2006 ،ص . 356
23
يقصد بالخوصصة إزالة الضبط وتقویة المنافسة وتفكيك االحتكارات العمومية واللجوء
إلى نظام االمتياز لتنفیذ مهام المرفق العمومي وكذلك التنازل عن األصول العمومية وتأسيسا
لهذا المفهوم ،تعد الخوصصة أسلوبا إلعادة هيكلة االقتصاد الوطني يقوم على إحداث التوازن
بین القطاع العام والقطاع الخاص مع إحداث توزیع جدید لألدوار بین القطاعین وال یهدف هذا
ولكن إلى جعله أكثر ايجابية من حیث تكریس ()1
التوزیع الجدید إلى منح دور سلبي للدولة
الشفافية على عالقة السوق بالدولة.
ظهرت فكرة الخوصصة ألول مرة في قانون المالية التكمیلي لسنة 1994والذي نص
على إمكانية فتح رأسمال المؤسسة للمساهمین الخواص باإلضافة إلى إمكانية التنازل عن
أصول المؤسسات لفائدة الخواص.
وتجدر ال مالحظة إلى أن خوصصة المؤسسات العمومية االقتصادية الجزائریة لم يكن
خيا ار واردا في القانون التوجیهي للمؤسسات العمومية االقتصادية ،فالتنازل عن أسهم المؤسسة
أو أصولها ال يكون خارج القطاع العام ،بمعنى أن التنازل يكون من مؤسسة عمومية اقتصادية
إلى مؤسسة عمومية ،لذلك ال يمكن فتح الرأسمال إلى الخواص سواء كانوا وطنیین أو أجانب
مع أن الهدف األساسي من استقاللية المؤسسات وفقا ألحكام هذا القانون هو إيجاد سبل لجذب
()2
المشاركة في رأسمال المؤسسة العمومية االقتصادية.
-2فتح مجال التجارة الخارجية أمام المتعاملين االقتصادیين:
إن السياسة االحتكاریة التي انتهجتها الدولة الجزائریة بعد االستقالل -والتي كانت تنطوي
على التحكم الكامل في التجارة الخارجية في مجال االستیراد ،إذ شرعت الجزائر بتأميم كّلي
للتجارة الخارجية حیث یتجلى ذلك في دستور )3( 1976لم تدم طویال أمام تفاقم حجم الدیون
الخارجية وتحت ضغوط صندوق النقد الدولي ،حیث اضطرت إلى تصحيح هيكلي شرعت
بموجبه في تحریر التجارة الخارجية بصفة تدریجية .وقد تم التحریر الفعلي للتجارة الخارجية
بصدور نظام 03-91حیث تنص المادة األولى منه'' :يمكن ألي شخص طبيعي أو معنوي
-األمر رقم 95/06،المؤرخ في 23شعبان 1415الموافق لـ 25ینایر1995،یتعلق بالمنافسة ،ج ر العدد 09،الصادرة في ()1
2014،ص 16.
( -)3راجع القانون رقم 07-90 :المؤرخ في 1990/04/03المتعلق باإلعالم ،مع اإلشارة إلى أن هذا المجلس الذي يعتبر أول سلطة
إداریة مستقلة في الجزائر قد تم حله بموجب القانون رقم 252/93:المؤرخ في.1993/10/26 :
25
-إصدار التنظيمات المرتبطة بمجال النقد.
-تحدید شروط إقامة البنوك والمؤسسات المالية.
()1
-اتخاذ الق اررات الفردية المتعلقة بالترخيص إلنشاء البنوك والمؤسسات المالية
•مجلس المنافسة :یتمتع بالصالحيات التالية:
-القيام بالتحقيقات الالزمة حول شروط تطبیق النصوص التشریعية والتنظيمية ذات الصلة
بالمنافسة.
-اتخاذ إجراءات المتابعة القضائية وإصدار العقوبات اإلداریة.
-تقديم االسـ ــتشـ ــارة المتعلقة بتحضـ ــیر مشـ ــاریع النصـ ــوص القانونية التنظيمية ذات العالقة
بمجال
()2
المنافسة للسلطتین التشریعية والتنفیذية
•المرصد الوطني لحقوق اإلنسان :یتمتع بصالحية بتقویم ومراقبة تطبیق واحترام حقوق
()3
اإلنسان
•لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها :تتمتع بالصالحيات التالية:
-السلطات التنظيمية ،والسلطات اإلداریة الضابطة في المجال اإلداري.
-تنظيم سوق القيم المنقولة و مراقبتها.
-تقديم االقتراحات الض ـ ـ ــروریة للحكومة حول النص ـ ـ ــوص التشـ ـ ـ ـریعية والتنظيمية المرتبطة
()4
بعمليات البورصة
•لجنة ضبط الكهرباء والغاز :تتمتع بالمهام التالية:
-ممارسة االختصاص االستشاري لدى السلطات العمومية فيما یتعلق بتنظيم سوق الكهرباء
والغاز وسیرهما.
-السهر على احترام القوانین والتنظيمات المتعلقة بسوق الكهرباء والغاز وضبطها.
( - )1راجع القانون رقم 07-90 :المؤرخ في 1990/04/14المتعلق بالنقـد والقرض المعدل والمتمم.
( - )2مرسوم تنفیذي رقم 241-11:المؤرخ في ،2011/07/10يحدد تنظيم مجلس المنافسة و سیره.
-راجع المرسوم الرئاسي رقم 77 -92المؤرخ في 1992 /02/22مع اإلشارة إلى أن هذا المرصد قد تم حله بموجب المرسوم ()3
الرئاسي رقم 71-01 :المؤرخ في 2001/03/25وتيم إنشاء اللجنة الوطنية االستشاریة لترقية حقوق اإلنسان.
( - )4مرسوم تشریعي رقم 10-93المؤرخ في 1993 /05/23المعدل والمتمم ،المتعلق ببورصة القيم المنقولة.
26
-تقديم اآلراء المبررة واالقتراحات الواجبة بخصوص القوانین المعمول بها في مجال الكهرباء
والغاز.
-المساهمة في إعداد التنظيمات التطبيقية المنصوص علیها في القانون المنشئ للجنة.
-إبداء الرأي المسبق مع إمكانية رفض تكتل المؤسسات الكهربائية.
-التحقیق في شكاوى وطعون مستخدمي ومتعاملي شبكات الكهرباء والغاز.
-تحدید العقوبات اإلداریة بخصوص عدم احترام القواعد والمعاییر من طرف متعاملي
()1
شبكات الكهرباء والغاز
•سلطة الضبط للبريد والمواصالت :تتمتع باالختصاصات التالية:
-منح تراخيص االستغالل واعتماد تجهیزات البرید والمواصالت السلكية والالسلكية وتحدید
المواصفات والمقایيس الواجب توافرها فیها.
-تقديم االستشارات الالزمة لوزیر البرید والمواصالت فيما یتعلق بتحضیر مشاریع
النصوص التنظيمية المتعلقة بقطاع البرید والمواصالت السلكية والالسلكية.
-إبداء الرأي في القضايا المتعلقة بالبرید والمواصالت السلكية والالسلكية.
-تقديم التوصـيات الضـروریة للسـلطة المختصـة بمنح الرخص قبل منح هذه األخیرة للرخص
أو سحبها أو تجدیدها.
-القيام بالعمليات الرقابية التي تدخل في إطار صالحيات البرید والمواصالت طبقا لدفتر
()2
الشروط المعمول به.
وعلى هذا األساس يمكن القول إن مجاالت اختصاص السلطات االداریة المستقلة تختلف من
سلطة إداریة إلى أخرى بحسب المجال والمهام المنوطة بكل سلطة ،وبالتالي ال يمكن حصر
هذه االختصاصات في جملة محددة من المهام والصالحيات.
( - )1راجع القانون رقم 01/02 :المؤرخ في 2002/02/02المتعلق بالكهرباء وتوزیع الغاز بواسطة القنوات.
( - )2راجع القانون رقم2000 -03 :المؤرخ في 2000/08/05المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبرید والمواصالت السلكية والالسلكية.
27
المبحث الثاني:
المعالجة الدستورية للهيئات اإلدارية المستقلة
إن إنشاء السلطات اإلداریة المستقلة هو إستجابة لمتطلبات جدیدة بخصوص دور الدولة
ومحدودية الهياكل اإلداریة التقلیدية في اإلستجابة لمشاكل المجتمع المعقدة والمتطورة ،ولقد
طرحت عدة تساؤالت واشكاالت من قبل رجال القانون والفقهاء إنصبت معظمها حول مدى
تقبل البنية المؤسساتية للدولة لمثل هذه السلطات المستحدثة1 ،فمنها ما تعلق بمدى مشروعية
أعمالها ومدى دستوریة السلطات الممنوحة لها ،ومع وجود السلطات التقلیدية الكالسيكية الثالثة
المعروفة بالسلطة التنفیذية ،السلطة التشریعية والسلطة القضائية واعتبارها أهم السلطات التي
تقوم علیها أي دولة یتبادر ألذهاننا عدة تساؤالت ،خاصة مع تعدد واختالف المجاالت التي
تختص بها هذه السلطات.
المطلب األول:
الرأي القائل بعدم دستورية إنشاء سلطات إدارية مستقلة
یذهب الكثیر من الشراح إلى أن إنشاء السلطات االداریة المستقلة يضع موضع الشك
النظریة التقلیدية للدولة وذلك من ناحية أن إنشاء هذه السلطات يعد مساسا بالمبدأ
الديمقراطي القاضي بأن جميع سلطات الدولة يجب أن تمارس تحت سلطة ورقابة ممثلي
األمة ،ومن ناحية أن أجهزة الدولة يجب أن تكون منظمة – جميعها -في شكل جهاز
وبذلك اعتبر أنصار هذا االتجاه أن إنشاء سلطات ()1
متكامل يعمل بانسجام في نسق واحد
إداریة مستقلة ال یتوافق وأحكام الدستور ،بل يشكل خرقا ألحكام هذا األخیر ،مستندین في
ذلك إلى جملة من المبررات التي نسوق أهمها فيما یلي:
الفرع األول:
عدم وجود نظرية یمكنها استيعاب فكرة السلطات اإلدارية المستقلة
لقد قام الفقيه CHEVALLIERبدراسة حول رهانات إزالة التنظيم والحظ أن السلطات
االداریة المستقلة تستخلف السلطة التنفیذية في جملة من المهام الحساسة ،ووصل إلى أن
األمر ینطوي على نقل ممركز لممارسة السلطة التنظيمية ،وأن اللجوء إلى هذه السلطات
-1عبد الرحمان عزاوي ،الرخص اإلداریة في التشریع الجزائري ،أطروحة دكتوراه في الحقوق ،جامعة الجزائر ،2007،ص .242
28
يظهر توزیع أو تكسیر السلطة ویكرس تعدد مراكز القرار والمسؤولية ،ثم قام األستاذ
SABOURINبالتساؤل حول وجود نظریة يمكنها استيعاب فكرة السلطات اإلداریة المستقلة
ووصل إلى أنه ال توجد نظریة تستوعبها ،منطلقا من أن الحكومة تمارس سلطة السهر على
حسن سیر اإلدارة العمومية ،تكریسا لمبدأ تبعية اإلدارة العمومية للحكومة بهدف ضمان
حسن سیر المرافق العمومية ووحدة السلطة التنفیذية الذي يجد مبرراته في الديمقراطية
ونظریة السيادة التي تمارس عن طریق االنتخاب ،وعليه ال تكون هناك شرعية إال إذ كانت
هناك تبعية الجهات التنفیذية لألعضاء المنتخبین ،ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان تفسر
اآلرء والنظریات الفقهية ،التي ال یوجد من
هذه التبعية) ،(1وهذه المسؤولية مؤیدة بالعدید من ا
بینها ما يستوعب وجود سلطات إداریة مستقلة عن الحكومة وعن البرلمان ،والواقع أن
اإلدارة التي ال يمكن للحكومة أن ت ارقبها تخالف أحكام الدستور إذ ال يمكن للمشرع الذي
أنشأ السلطات اإلداریة المختصة أن ال يخرق أحكام الدستور بالنظر لنصه على إنشاء
هیئات ال تخضع للرقابة التي ینص علیها هذا الدستور.
الفرع الثاني:
عدم وجود نص عليها دستوريا
ال يعرف الدستور الجزائري السلطات اإلداریة المستقلة ،وال یوجد به ما یتضمن اإلشارة
إلیها ولو بطریقة غیر مباشرة ،بالرغم من أن الدستور ذاته نص على إنشاء بعض السلطات
()3
األخرى ()2على غرار المجلس الدستوري ومجلس المحاسبة والمجلس اإلسالمي األعلى
وذلك بجانب السلطات الثالثة األساسية )السلطة التنفیذية -السلطة التشریعية -السلطة
القضائية(.
( - )1عزالدین عيساوي ،المكانة الدستوریة للهیئات اإلداریة المستقلة" "مآل الفصل بین السلطات" مجلة االجتهاد القضائي ،جامعة محمد
خيضر ،بسكرة ،الجزائر ،العدد ، 04ص .205
( -)2عزالدین عيساوي ،مرجع سابق ،ص.206
( -)3راجع المواد 196 -182من دستور المعدل بالقانون رقم 01-16المؤرخ في 6مارس – 2016.الجریدة الرسمية رقم 14
المؤرخة 7مارس2016 .
29
وعلى هذا األساس كان يمكن أن يشیر الدستور إلى إمكانية إنشاء مثل هذه السلطات لو
كان إنشائها یتوافق وأحكامه ،لكن النص على إنشاء سلطات أخرى غیر السلطات االداریة
المستقلة يستفاد منه عدم دستوریة هذه األخیرة.
الفرع الثالث:
ممارسة التفويض قي الصالحيات
تمارس السلطات االداریة المستقلة العدید من االختصاصات التي تعد من صميم
اختصاص إحدى السلطات الدستوریة الثالثة ومنها:
أوال :ممارسة السلطات االدارية المستقلة لسلطة التنظيم:
إن االختصاص التنظيمي اختصاص أصیل للسلطة التنفیذية( )1لكن بالرغم من ذلك تمتع
السلطات االداریة المستقلة بممارسة الختصاصات التنظيمية وسن قواعد مجردة غیر موجهة
إلى شخص محدد ،وهي القواعد التي تنشئ االلتزامات على المتعاملین في المجال الخاضع
الختصاص هذه السلطات وتمنح لهؤالء المتعاملین في المقابل لعدید من الحقوق ،ورغم
وجود العدید من المبر ارت لمنح هذا االختصاص للهیئات اإلداریة المستقلة بضرورة خضوع
التنظيمات التي تقرها هذه األخیرة لمصادقة السلطة التنفیذية ،وعدم إمكانية قيام السلطة
التنفیذية بسلطة الضبط في المجاالت العائدة للهیئات اإلداریة المستقلة ،إال أن تمتع هذه
األخیرة باختصاص أصیل من اختصاصات السلطة التنفیذية في الوقت الذي لم يخول فيه
الدستور اختصاص التنظيم لغیر السلطة التنفیذية يجعل ممارستها لصالحية التنظيم
تتناقض وأحكام الدستور ،و یبرز هذا التناقض أكثر عندما ال تخضع تنظيمات السلطات
()2
االداریة المستقلة لتصدیق السلطات التنفیذية المختصة.
31
توقيع العقوبات فإنه ینبغي عدم تدخل أي سلطة في اختصاصات سلطة أخرى وبالتالي
يعتبر اختصاص السلطات االداریة المستقلة كما یرى الفقيه walineظاهرة خطیرة جدا ،إذ
تؤدي إلى ظهور وتطور ما يسمى بالقانون الجنائي المستتر الذي يقلص بموجبه دور
()1
القاضي الجنائي
وعلى هذا األساس يعتبر منح السلطات االداریة المستقلة سلطة وضع القواعد
التنظيمية الخاصة بالمجاالت التي تنظمها ،ومنحها اختصاص متابعة تطبیق هذه
التنظيمات والتحقیق بشأنها ،ثم منحها حق توقيع العقوبات على من ال يحترمونها أمر
یتناقض مع مبدأ التخصص في السلطات الذي ال يمكن بموجبه لسلطة واحدة أن تمارس
اختصاص التنظيم وهو أساسا من مهام السلطة التنفیذية ،ثم اختصاص التحقیق والعقاب
وهما من مهام السلطة القضائية ،كما أنه أمر یتناقض مع القاعدة التي تقضي بعدم إمكانية
الشخص في توقيع العقوبات بنفسه حول عدم تطبیق األنظمة التي وضعها والخروقات التي
مست مجاالت عمله ،ألنه ال يمكن للشخص أن یتولى تفسیر أنظمته بنفسه.
المطلب الثاني:
الرأي القائل بدستورية السلطات اإلدارية المستقلة
بخالف الرأي السابق یرى هذا الرأي أن إنشاء السلطات االداریة المستقلة ال یتعارض
المبررت تعتبر في األساس بمثابة
ا مع أحكام الدستور ،ویسوق هذا االتجاه مجموعة من
ردود على االتجاه القائل بعدم دستوریة إنشاء هذه السلطات وفق ما سنوضحه ضمن النقاط
الموالية:
الفرع األول:
عدم وجود نص دستوري یمنع إنشاء السلطات اإلدارية المستقلة
إن الدستور ال ینص على عدم إنشاء السلطات اإلداریة المستقلة ،وفي هذه الحالة
ليس هناك ما يفید تعارض إنشاء هذه السلطات مع نصوص الدستور الذي ال يمنع إنشاءها.
وما يعزز هذا الطرح هو أن المشرع الدستوري ذاته قد حمى نصوص الدستور من أي خرق
-عز الدین عيساوي ،الهیئات الوطنية المستقلة في مواجهة الدستور ،الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال ()1
األمیین شریط ،الوجیز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة ،دیوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ط ، 5ص11 (- )1
33
المتضمن إنشاء المجلس األعلى للصوتيات والمرئيات ،إذ كانت إجابة المجلس الدستوري
تتمحور كما یلي ...« :فبالنظر إلى الصعوبات التقنية المجهولة حول وسائل اإلتصال
السمعية والبصریة ،وكذلك األهداف ذات القيمة الدستوریة كاحترام حقوق المؤلف والحفاظ
على النظام العام وعلى تعددية تيارات التعبیر االجتماعية والثقافية ،وإمكانية المساس بهذه
االعتبا ارت من طرف وسائل االتصال لذا فأنه قد يعهد إلى هیئة إداریة مستقلة مهمة السهر
احترم جميع هذه المبادئ ،وهذه األخیرة في إطار هذا الترخيص يمكنها أن تتمتع
ا على
بسلطة عقابية بدون أن يكون هناك مساس بالمبدأ الدستوري القاضي بالفصل بین
()1
السلطات»...
الفرع الثالث:
عدم التقييد الدستوري بالتقسيم الثالثي للسلطات
إن الدستور ال يضع مبدءا مقیدا لعدد السلطات في الدولة ،وبالتالي فهو ال ینص
على مبدأ ثالثية السلطات وإنما ینص على مبدأ احترام الفصل بین السلطات في الدولة.
إذ یتجه أصحاب مبدأ عدم التقیید الدستوري لمبدأ ثالثية السلطات إلى أنه ال يمكن الحدیث
عن مبدأ ثالثية السلطات ،إذ توجد هیئات )سلطات( منصوص علیها في الدستور دون أن
نجد لها مكانا في النماذج الموجودة ومثالها المجلس األعلى للقضاء ،والمجلس الدستوري.
إذن فالمبدأ الدستوري هو الفصل بین السلطات وليس ثالثية السلطات ،وعلى هذا األساس
فإن مختلف المهام التي تقوم بها السلطات المتعددة– وليس الثالثة -في الدولة يجب أن
()2
تحدد وتفصل دون وجوب توزیعها على ثالثة هیئات.
( - )1عزالدین عيساوي ،المكانة الدستوریة للهیئات اإلداریة المستقلة" مآل الفصل بین السلطات" ،مرجع سابق ،ص .212- 211
( - )2عز الدین عيساوي ،الهیئات الوطنية المستقلة في مواجهة الدستور مرجع سابق.
34
خالصة الفصل
إن استحداث السلطات اإلداریة المستقلة كان مرتبطا بضرورة إيجاد أسلوب جدید لتدخل
الدولة من أجل ضبط بعض المجاالت الحساسة ،وتعد الواليات المتحدة األمریكية والعدید من
الدول األوربية كبریطانيا وفرنسا السباقة في إنشاء ما يعرف بـ" السلطات اإلداریة المستقلة".
أما التجربة الجزائریة في هذا المجال فتتسم بالحداثة ،فلم تعرف هذه السلطات إال مع بداية
التسعینات من القرن الماضي ،وانطالقا من معاناة المواطنین والمتعاملین االقتصادین والمالیین
من البیروقراطية ،وفقدان الثقة في اإلدارة الكالسيكية خاصة مع تمركز القرار وغياب الشفافية،
جزءا من الصالحيات المخولة في األصل للسلطات الثالث
ظهرت هذه السلطات واقتطفت ً
التقلیدية ،وللقيام بالمهام الموكلة لها ،تم تزویدها بعدة خصائص تتالئم مع طبيعتها اإلداریة
وشبه القضائية ویمكن القول أن السلطات اإلداریة المستقلة هي هیئات إداریة دخلت النظام
القانوني المؤسساتي للدولة حدیثًا ،تتولى عملية ضبط وتسییر بعض المجاالت الحساسة نتيجة
فشل اإلدارة التقلیدية في ذلك ،تتمتع بجملة من الخصائص من أجل القيام بمجموعة من
االختصاصات ،وقد تكون في المجال االقتصادي المالي أو في مجال الحریات العامة ،ویعتبر
موضوع السلطات اإلداریة المستقلة محط أنظار العدید من رجال القانون واالقتصاد ،فهي
هیئات هجینة داخل النظام القانوني المؤسساتي في الدولة ،هذا ما أدى إلى إثارة عدة نقاشات
فقهية حول مدى دستوریة هذه السلطات ،وخلص الكالم إلى أنها ليست سلطة رابعة ،وسلطاتها
تفتقد لألساس الدستوري الصریح بغض النظر عن التعدیل الدستوري الجدید لسنة 2016،أین
تمت دسترة الهیئة الوطنية لمكافحة الفساد ،كأهم هیئة لمحاولة التحكم في الوضع ،خاصة مع
انتشار الفساد والمحاباة داخل المجتمع الجزائري من أعلى الهرم اإلداري إلى أسفله وأمام تشعب
هذا الفساد وعجز اإلدارة التقلیدية عن الحد منه ،وفيما يخص تقبل السلطات اإلداریة المستقلة
ضمن النظام اإلداري ،يقودنا للحدیث عن عالقتها مع السلطات الكالسيكية خاصة السلطة
التنفیذية بصفتها ممثلة للهیئة الحاكمة في الدولة ،هذه العالقة التي يمكن وصفها بعالقة التبعية
خصوصا بعد تنازل السلطة التنفیذية عن جزء من صالحیتها األصلية.
35
الفصل الثاني
استق اللية السلطات االدارية المستق لة
في الجزائر
مقدمة الفصل الثاني:
يقصد باالستقاللية من الناحية القانونية عدم خضوع الجهاز لرقابة السلطة الرئاسية وال
لرقابة الوصاية اإلداریة ،وال تخضع لمبدأ التدرج الهرمي الذي تتمیز به اإلدارة والهياكل المكونة
لها ،كما أن السلطات االداریة المستقلة ال تعتبر لجان استشاریة ( ،)1وان كان المشرع قد
اعترف باالستقاللية لبعض السلطات االداریة المستقلة بصورة صریحة )2( ،فإنه في حالة مجلس
النقد والقرض واللجنة المصرفية مثال لم يعترف لها باالستقاللية ،وكذلك مجلس المنافسة في
قانون إنشائه.
-دموش حكيمة ،مدى استقاللية اللجنة المصرفية وظيفيا ،الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال االقتصادي ()1
والمالي ،كلية الحقوق والعلوم االقتصادية ،جامعة عبد الرحمان میرة بجاية ،یومي 23/24ماي 2007،ص .80
-العایب سامية ،السلطات اإلداریة المستقلة ،محاضرات ملقاة على طلبة السنة األولى ماستر ،منازعات إداریة ،قسم ()2
العلوم القانونية واإلداریة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة 08ماي 1945قالمة2015، ،منشورة على الموقع
الخاص بالجامعة ،ص ،.ص.82
37
المبحث األول:
االستقاللية العضوية والوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة
إن استقاللية بعض السلطات االداریة المستقلة األخرى ،نذكر منها لجنة البرید
لجنة تنظيم والمواصالت السلكية والالسلكية بصریح العبارة " :تنشأ سلطة ضبط مستقلة "،
()1
( - )1المادة 10من القانون رقم 2000/03،المؤرخ في 05أوت 2000المتعلق بالبرید والمواصالت ،المرجع السابق ،ص .8
( - )2المادة 20من المرسوم التشریعي رقم 93/10،المؤرخ في 23ماي 1999،المرجع السابق ،ص.6
( - )3دموش حكيمة ،المرجع السابق ،ص .81
-حسین نوارة ،األبعاد القانونية الستقاللية سلطات الضبط في المجال االقتصادية والمالي ،الملتقى الوطني حول سلطات الضبط ()4
المستقلة في المجال االقتصادية والمالي ،كلية الحقوق والعلوم االقتصادية ،جامعة عبد الرحمان میرة بجاية ،یومي 23/24ماي ،2007،
ص.73
38
العضویة للجهاز ،ذلك أنه بالرجوع إلى التركیبة البشریة نجد أنها تتشكل من أعضاء ینتمون
إلى جهات مختلفة ،كما أنهم ذوي الخبرة والدراية في المجالین االقتصادية والمالي ومجال
الحریات العامة وموظفون سامون من أعلى المراتب ،وهذا كله یدعم استقاللیته (التعدد والتنوع)،
()1
وذلك یؤدي إلى شفافية العمل على العكس إذا كانوا كلهم من سلك واحد.
الفرع األول:
مظاهر االستقاللية العضوية للسلطات اإلدارية المستقلة
أمام تشعب األعمال االقتصادية والمالية واتساعها والذي أدى إلى عدم إمكانية جهاز
واحد ببضعة أعضائه التحكم والضبط الفعلي لمهامه ومن ثمة يصبح تابعا لجهات أخرى مما
()2
ینقص من استقاللیته.
كما سبق القول فإن االستقاللية العضویة تتجسد من خالل التركیبة البشریة ومن حیث طریقة
تعیین األعضاء ،إضافة إلى النظام القانوني لألعضاء (العهدة) ،وسنتناوله بالتفصیل فيما
یلي:
أوال :من حيث التركيبة البشرية:
عند الحدیث عن التركیبة البشریة المكونة للهیئات اإلداریة المستقلة ،يجب التطرق إلى
الطابع الجماعي وطابع التنوع لها .فيعتبر تعدد أعضاء السلطات اإلداریة المستقلة واختالف
ومركزهم القانونية مظاهر من مظاهر اإلستقاللية العضویة ،إذ بالرجوع إلى تشكیلة
صفتهم ا
بعض السلطات المستقلة نجدها تتكون من أعضاء يختلف قطاع انتمائهم أو عملهم ،لیتراوح
بین القضاة وأساتذة التعليم العالي والمحاسبي ،ومن ذوي الخبر سواء في المجال االقتصادي
()3
والمالي أو مجال الحریات.
نجد مثال مجلس النقد والقرض في المادة 58من األمر 11/03المتعلق بهذا األخیر
والتي تطرقت إلى تشكیلة المجلس ،یتضح لنا أنها جاءت عامة وغیر واضحة ،حیث تركت
سلطة تقدیریة واسعة لرئيس الجمهوریة عند اختيار األعضاء بناء على معاییر غیر شفافة
– شيخ ناجية ،المركز القانوني للهیئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،ملتقى حول السلطات اإلداریة المستقلة في المجال ()2
اإلقتصادي والمالي ،كلية الحقوق العلوم االقتصادية ،جامعة بجاية ،یومي 23/24ماي ،2007،ص.9
– حدري سمیر ،المرجع السابق ،ص.45 ()3
39
وعلى اعتبارات سياسية ،أو بالمساومات ،هذا فيما يخص التعدد ،أما بالنسبة لمبدأ الحياد،
يقصد به خضوع األحكام الصادرة عن السلطة المستقلة المختصة لمبدأ الحياد ،فهو من
اجرء
العناصر األساسية التي تضمن االستقاللية ،وهو ما يظهر من خالل نظام التنافي و ا
()1
االمتناع.
يمكن القول إن اختالف هؤالء األعضاء المشكلین للسلطات اإلداریة المستقلة في مراكزهم
وصفاتهم ،مظهر یدعم ویضمن االستقاللية ،وبالتالي یؤدي إلى شفافية العمليات ،فإن
وحتى ()2
فرضنا أن كل أعضاء السلطات اإلداریة المستقلة في المجال االقتصادي والمالي،
السلطات ذات االختصاص في مجال الحقوق والحریات ،ینتمون إلى سلك واحد ،فهذا أمر قد
يمس بحيادهم وبالتالي باالستقاللية.
أ -من حيث الطابع الجماعي:
فيما يخص الطابع الجماعي نجد المشرع الجزائري حذا حذو المشرع الفرنسي ،إذ يغلب
الطابع الجماعي لتشكیلة معظم سلطات الضبط ویختلف عدد أعضاء تشكیلة كل هیئة من
سلطة ألخرى لینحصر عدد األعضاء ما بین أربعة 04أعضاء إلى أربعة عشرة 14عضو.
فمثال نجد سلطة تتكون من أربع 04أعضاء مثل لجنة ضبط الكهرباء والغاز وسلطة ضبط
قطاع المياه)3( ،وهناك سلطات فیها خمسة 05أعضاء وأخرى 08أعضاء وأخرى 09أعضاء،..
()4
وهناك من تتكون من 14عضوا ،ویتعلق األمر بسلطة ضبط الصحافة المكتوبة.
غیر أنه نجد هناك سلطة تتكون من عضو واحد وهي سلطة وسيط الجمهوریة التي
تعتبر سلطة إداریة مستقلة أنشأها رئيس الجمهوریة استنادا إلى دستور )5( 1989،وذلك بموجب
– المادة 50من القانون العضوي رقم 12/05،المؤرخ في 12جانفي 2012 ،المرجع السابق ،ص 07. ()4
( – )5المواد 67و 74و 116من دستور الجمهوریة الجزائریة الديموقراطية الشعبية لسنة 1989 ،المؤرخ في 23فيفري ، 1989 ،ص
ص .10-6
40
المرسوم الرئاسي رقم 113/96المتضمن تأسيس وسيط الجمهوریة إال أنها ألغیت بموجب
()1
المرسوم الرئاسي رقم 170/99المتضمن إلغاء هیئة وسيط الجمهوریة.
ب -من حيث الطابع المختلط (التنوع):
فيما يخص الطابع المختلط نجد أن هناك فئة من القضاة ،وفئة الموظفین السامین
والشخصيات المؤهلة ،فئة مهني القطاع ،فئة األساتذة ،فئة السلطات الوطنية وجمعيات
المستهلكین ،وتختلف من سلطة ألخرى.
من هنا يمكن القول أن اختالف األعضاء المشكلین للسلطات اإلداریة المستقلة في مراكزهم
وصفاتهم مظهر یدعم ویضمن االستقاللية ،وبالتالي یؤدي إلى شفافية العمليات.
ثانيا :من حيث طريقة تعيين األعضاء:
يعین األعضاء حسب قدراتهم في المجاالت القانونية ،االقتصادية والمالية من طرف
جهات مختلفة ،تتمثل في كل من رئيس الجمهوریة ،السلطة التنفیذية ومحافظ بنك الجزائر
وممثلین ألجهزة مهنية ،علما أن اختالف جهات االقتراح مظهر یؤثر على درجة االستقاللية،
ألنه لو كانت مهمة اقتراح األعضاء مخولة لجهة واحدة فقط فلن نكون أمام نفس االستقاللية.
ورغم إقتراح األعضاء من طرف جهات مختلفة إال أن سلطة التعیین تعود لسلطة واحدة وهي
()2
السلطة التنفیذية ،وهذا یؤثر على درجة اإلستقاللية أيضا.
ثالثا :من حيث النظام القانوني لألعضاء (العهدة ،نظام التنافي ،إجراء اإلمتناع ،وحقوق
والت أزمات األعضاء):
عند الحدیث عن النظام القانوني لألعضاء يعني بالضرورة الحدیث عن نظام العهدة،
اجرء اإلمتناع ،إضافة إلى تحدید حقوق والتزامات األعضاء ،وسنوضح كل هذا
نظام التنافي و ا
فيما یلي:
– المواد 67و 74و 116من دستور الجمهوریة الجزائریة الديموقراطية الشعبية لسنة 1989 ،المؤرخ في 23فيفري ، 1989 ،ص ()1
ص .10-6
– میهوبي مراد ،السلطات اإلداریة المستقلة في الجزائر ،الملتقى الوطني حول السلطات اإلداریة المستقلة في الجزائر ،كلية الحقوق ()2
( – )1كسال سامية ،مدى شرعية السلطات اإلداریة المستقلة ،الملتقى الوطني حول السلطات اإلداریة المستقلة في الجزائر ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة 08ماي 45قالمة ،یومي 13و 14نوفمبر ،2012،ص. 09
– مزیاني فریدة ،الهیئة الوطنية لمكافحة الفساد ،الملتقى الوطني حول السلطات اإلداریة المستقلة في الجزائر ،كلية الحقوق والعلوم ()2
( – )1نوال لزهر ،المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر ،مذكرة لنیل شهادة الماجستیر في القانون اإلداري ،فرع اإلدارة
العامة واقليمية القانون ،جامعة منتوري قسنطینة ..2011/2012.ص .98
43
()1
واستقاللية ».
وبالمقابل فإن اإللتزامات والواجبات هي األخرى تحافظ على نوع من اإلستقاللية حتى ال
يكون هناك تدخل أو إضطالع على عمل أي سلطة ،وذلك من خالل محافظة األعضاء
والمسؤولین عن السر المهني ،وواجب التحفظ واإلنضباط ،كقواعد ممارسة المهنة المصرفية
تتمثل في القواعد الخاصة بالعمليات البنكية والمحاسبية وقواعد الحذر في التسییر واإلحتياط
()2
اإللزامي إضافة إلى اإللتزام بالواجب المهني.
الفرع الثاني:
حدود اإلستقاللية العضوية للسلطات اإلدارية المستقلة
لقد إعترف المشرع الجزائري وبصفة صریحة بإستقاللية معظم السلطات اإلداریة المستقلة،
إال أن هذه اإلستقاللية كثی ار ما تختفي ویكفي التمعن في بعض النصوص القانونية الصادرة
في هذا الشأن ناهيك عن الواقع العملي الذي یثبت ذلك ،مما يجعل البعض يصف أو يكيف
إستقاللية السلطات اإلداریة المستقلة بالنسبية ،ومنهم من يصفها باإلستقاللية المظهریة أو
النظریة ،واإلفتراضية أو الخيالية...إلخ.
بعد تحلیل أهم أوجه مظاهر اإلستقاللية العضویة ،نجد أن هذه اإلستقاللية لم تكتمل ،إذ
غالبا ما تصطدم بعراقیل توقفها أو تعرقل مسارها ،ویعود ذلك إلى إحتفاظ السلطة التنفیذية
ببعض وسائل التأثیـ ـ ـ ــر ،حیث رغم تنازلها عن بعض صالحياتها في ممارسة الوظيفة الضبطية
لهذه السلطات إال أنها مازالت تمارس الرقابة علیها بطرق مختلفة ومن بین أهم ما يعرقل
اإلستقاللية العضویة:
تمتع السلطة التنفیذية بسلطة التعیین وظروف إنتهاء عضویة الرئيس واألعضاء. •
وكذلك عدم تحدید مدة انتداب الرئيس واألعضاء. •
()3
إضافة إلى غياب إجراء االمتناع. •
– لمادة 129من القانون رقم 02/01،المؤرخ في 05فيفري 2002،المتعلق بالكهرباء والغاز ،ص 20. ()1
– حدري سمیر ،السلطات اإلداریة المستقلة واشكالية اإلستقاللية ،المرجع السابق ،ص.50 ()3
44
المطلب الثاني:
اإلستقاللية الوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة
إن السلطات اإلداریة المستقلة ال تتمتع فقط باإلستقالل العضوي الذي یترجم من خالل
تركیبها والنظام الذي تخضع له ،وانما تتمتع باإلستقالل الوظيفي في ممارسة مهامها فهي ال
تتلقى أيه تعليمات أو توجیهات قبل ممارسة إختصاصاتها ال من الحكومة وال من البرلمان
الذي يكتفي بتحدید إطار تدخلها من خالل النص المنشأ لها.
الفرع االول:
مظاهر اإلستقاللية الوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة
من بین أهم المؤشرات التي تبین إستقاللية السلطات اإلداریة المستقلة في الجانب
الوظيفي المالي واإلداري ،والذي اعترف به المشرع الجزائري بصفة خاصة إلى جانب وضع
الهیئة المستقلة لنظامها الداخلي وكذلك الشخصية المعنویة للسلطة اإلداریة المستقلة ورغم أنه
()1
ليس بعامل حاسم لقياس درجة اإلستقاللية.
أوال :من حيث اإلستقالل المالي:
تتعلق اإلستقاللية المالية للسلطات اإلداریة المستقلة بتمویل شبه كلي بواسطة موارد
ذاتية ،حیث تكون نفقات الضبط مغطاة أساسا بواسطة إقتطاعات من القطاع المعني ،وهو ما
یترجم بإستقاللية المیزانية ،وعموما بإستقاللية تسییر السلطات اإلدریة المستقلة ،كما أنه من
الضروري أن تكون هذه اإلقتطاعات كافية للسماح للسلطات اإلداریة المستقلة بالحصول على
الخبرة اإلقتصادية والتقنية والتي عادة ما تكون مكلفة.
مبدئيا إعترف المشرع الجزائري باإلستقالل المالي لمعظم السلطات اإلداریة المستقلة من
الناحية النظریة ،كما أقر لها الحق في میزانية شاملة تتماشى وحاجياتها ،إضافة إلى ذلك فإن
رؤساء هاته السلطات هم اآلمرون الرئيسیون بالصرف ،وتنطبق هذه األحكام على كل السلطات
اإلداریة المستقلة ما عدا تلك التي تنشط في المجال البنكي ،إذ ال یتمتع كال من مجلس النقد
والقرض واللجنة المصرفية بالشخصية المعنویة واإلستقالل المالي وهما هیئتان تابعتان ماليا
– حدري سمیر ،السلطات اإلداریة المستقلة واشكالية اإلستقاللية ،المرجع السابق ،ص.77 ()1
45
إلى البنك المركزي ،والذي هو مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية المعنویة واإلستقالل المالي،
ومن ثم يمكن القول أن الوسائل المالية لهاتین الهیئتین تخضع كليا لتمویل المیزانية العامة
()1
للدولة ولم یؤهلها المشرع لتحصیل إیرادات مالية خارج هذا اإلطار.
وال تتمتع كل السلطات اإلداریة المستقلة باإلستقالل المالي وخصوصا عملية تمویل
نشاطها ،إذ هناك من السلطات من تمول نفسها بنفسها ،في حین هناك طائفة أخرى تمول
نفسها غیر أنها تكون في بعض األحيان خاضعة لتمویل من میزانية الدولة في حین هناك فئة
()2
ال تستطيع تمویل نشاطها بنفسها مما يجعل میزانیتها تدرج ضمن میزانية الو ازرة المعنية.
ثانيا :من حيث اإلستقالل االداري:
يظهر إستقالل السلطات اإلداریة المستقلة من هذا الجانب نتيجة كون البعض منها هي
التي تقوم بتحدید مهام المستخدمین وتصنيفهم وتحدید رواتبهم ،كما أن تنظيم وتنسیق المصالح
اإلداریة والتقنية يكون تحت سلطة رئيس الهیئة من السلطات المستقلة ،وتطبيقا لهذه األحكام
نذكر على سبیل المثال لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها ،وبالتالي تنص المادة 03من
النظام رقم 2000/03المؤرخ في 28سبتمبر 2000المتضمن تنظيم وسیر المصالح اإلداریة
والتقنية للجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها )3( .على أنه:
«يحدد مهام وصالحيات المصالح اإلداریة والتقنية للجنة بقرار من رئيس اللجنة».
أما المادة 07من نفس النظام فتنص على أن:
()4
«تحدد رواتب المستخدمین وتصنيفهم بقرار من الرئيس بعد إستشارة اللجنة».
وهو األمر بالنسبة لمجلس المنافسة كسلطة إداریة مستقلة ضابطة في مجال المنافسة،
بحیث أن تحدید مهام المستخدمین وتصنيفهم ،وكذا التنسیق والتنشيط للمصالح اإلداریة يكون
– أحسن غربي ،نسبية اإلستقاللية الوظيفية للسلطات اإلداریة المستقلة ،جامعة 20أوت 1955سكيكدة ،مجلة البحوث والدراسات ()2
46
تحت سلطة رئيس المجلس ،وهو ما جاء به المرسوم الرئاسي رقم 96/44والذي يحدد النظام
()1
الداخلي لمجلس المنافسة.
إن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها تتوافر على االستقالل اإلداري باعتبارها
سلطة إداریة مستقلة حیث تتوافر على هيكل إداري مستقل یتكون من:
• أعضاء اللجنة.
• رئيس اللجنة.
• أمانة اللجنة.
• الغرفة التأدیبية والتحكيمية.
نجد كمثال آخر أن رئيس سلطة ضبط السمعي البصري له صالحية التعیین في الوظائف
داخل السلطة بناء على اقتراح من األمین العام ،كما تتوافر سلطة الضبط على مصالح إداریة
وتقنية تحدد تنظيمها وسیرها بموجب أحكام داخلية ،توضع تحت سلطة رئيس سلطة الضبط
وهذا ما یؤكد على االستقالل اإلداري الممنوح لهذه السلطة ،واألمر متشابه بالنسبة لمعظم
السلطات اإلداریة المستقلة في الجزائر.
ثالثا :من حيث الشخصية المعنوية:
إن مفهوم االستقاللية بالمعنى القانوني يعني أن هذه السلطات ال تخضع ألية رقابة
سلمية أو وصائية ،وهذا بغض النظر إن كانت هذه السلطات تتمتع بالشخصية القانونية أم ال
()2
على اعتبار أن هذا العنصر ليس معيا ار حاسما في قياس درجة إستقاللیتها.
إن األساس عند المشرع الجزائري هو منح الشخصية المعنویة للسلطات اإلداریة
المستقلة باستثناء ثالث منها ،عكس نظیره الفرنسي الذي لم يعترف بالشخصية المعنویة إال
()3
في اآلونة األخیرة وللبعض منها.
– نص المادة 4من المرسوم الرئاسي رقم 96/ 44المؤرخ في 17جانفي 1996يحدد النظام الداخلي في مجلس المنافسة یتولى ()1
الرئيس اإلدارة العامة لمصالح مجلس المنافسة وفي حالة حدوث مانع له يخلفه أحد نائبيه ،ویمارس السلطة السلمية على جميع
المستخدمین.
– بوجملین ولید ،المرجع السابق ،ص 98، 99. ()2
– حدري سمیر ،السلطات اإلداریة المستقلة الفاصلة في المواد االقتصادية والمالية ،المرجع السابق ،ص .80 ()3
47
في هذا الصدد یتفق الفقه وخاصة الفرنسي منه انطالقا من تعریف مصطلح السلطات
اإلداریة المستقلة على عدم تمتعها بالشخصية المعنویة ،باإلضافة إلى الفقه ،فإن قاموس
القانون اإلداري هو اآلخر يعرف هاته السلطات على أنها هیئات عمومية ال تتمتع بالشخصية
القانونية:
Les autorités administratives indépendants ce sont des organismes
publics non doté de la personnalité juridique.
على غرار هذا التصور الفرنسي ،لم يخرج المشرع الجزائري عن هذا المبدأ بالنسبة للسلطات
اإلداریة المستقلة التي تم إنشاؤها قبل سنة 2000ویتعلق األمر تباعا بكل من مجلس النقد
والقرض ،اللجنة المصرفية ،لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وكذا بالنسبة لمجلس
المنافسة.
أما انطالقا من سنة 2000ومع إنشاء سلطة ضبط البرید والمواصالت عرف القانون
الجزائري منحى آخر وذلك باعترافه بالشخصية المعنویة لكل السلطات المنشأة انطالقا من هذا
التاریخ إضافة إلى بعض السلطات المنشأة من قبل بمناسبة تعدیل قوانینها المنشئة.
الفرع الثاني:
حدود االستقاللية الوظيفية للسلطات اإلدارية المستقلة
من بین القیود أو الحدود المتعلقة بالجانب الوظيفي للسلطات اإلداریة المستقلة ،نجد
التقریر السنوي الذي تعده الهیئة المعنية وتقوم بإرساله للسلطة التنفیذية أو التشریعية أو لهما
معا ،باإلضافة إلى موافقة الو ازرة المختصة على األنظمة الصادرة عن بعض السلطات
المستقلة ،كما أن هناك بعض السلطات اإلداریة المستقلة خاضعة للسلطة التنفیذية التي تقوم
بوضع نظام داخلي لها أو موافقتها عليه ،باإلضافة إلى أن البعض من السلطات اإلداریة
المستقلة لم يمنحها المشرع الشخصية المعنویة ضف إلى ذلك التبعية المالية للبعض منها.
أوال :تبعية بعض السلطات اإلدارية المستقلة من الناحية المالية:
نالحظ من خالل دراسة النصوص القانونية التي تحكم معظم السلطات اإلداریة المستقلة
في الجزائر أنها أبقت على نوع من التبعية المالية لهذه السلطات ولكن بدرجات متفاوتة ،فنجد
مثال لجنة ضبط الكهرباء والغاز تعد میزانیتها السنویة ،غیر أنها تكون خاضعة لموافقة الوزیر
المكلف بالطاقة كما يمكن أن تستفید من تسبیق مالي من الخزینة العمومية على سبیل
48
االسترجاع مع خضوعها لرقابة الدولة طبقا للمادة 140من قانون إنشائها ،وهذا ما یؤثر سلبا
على إستقاللیتها ویجعلها خاضعة لوزیر الطاقة ،كما تخضع میزانية الوكالتان الوطنیتان في
مجال المحروقات لموافقة الوزیر المكلف المحروقات باإلضافة إلى التسبیق المالي الذي تقدمه
الدولة لهما خالل الستة 06أشهر األولى من تسییر الوكالتین ،ویتم ذلك بموجب اتفاقية بین
()1
الخزینة العمومية والوكالة المعنية طبقا للمادة 15من قانون المحروقات.
فيما يخص مجلس النقد والقرض باعتباره ال یتمتع بالشخصية المعنویة ،فال يستفید من
استقاللية مالية وال من میزانية خاصة ،بحیث أن الوسائل المالية وأعباءه یتكفل بها بنك الجزائر.
()2
وبالنسبة للجنة المصرفية فهي ال تتمتع بمیزانية خاصة بها ،وال إمكانية الحصول على
مداخیل أخرى (كالغرامات المالية )،ولكنها تخضع لمیزانية بنك الجزائر ،وبالتالي يظهر انتقاء
االستقالل المالي للجنة.
باإلضافة إلى لجنة اإلشراف على التأمینات التي ال تتمتع بالشخصية المعنویة واالستقالل
المالي ،حیث تتكفل میزانية الدولة بمصاریف تسییر اللجنة طبقا لنص المادة 27من تعدیل
()3
2006لقانون التأمینات.
ثانيا :التبعية اإلدارية للسلطة التنفيذیة:
تتجلى تبعية السلطات اإلداریة المستقلة للسلطة التنفیذية من الناحية اإلداریة من خالل
تدخل السلطة التنفیذية بوضع النظام الداخلي لبعض السلطات اإلداریة المستقلة ومن خالل
التدخل بإجراء الموافقة أو المصادقة على األنظمة الصادرة عن بعض من هذه السلطات ،كما
تظهر هذه التبعية من خالل عرض هذه األخیرة التقاریر السنویة على السلطة التنفیذية.
ثالثا :عدم تمتع بعض السلطات اإلدارية المستقلة بالشخصية المعنوية:
أضفى المشرع الجزائري الشخصية المعنویة لمعظم السلطات اإلداریة المستقلة ،على
خالف المشرع الفرنسي ،إال انه لم يعترف بها لكل من مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية
– لمادة 27من القانون رقم 06/04،المؤرخ في 12مارس 2006،المتعلق بالتأمینات والتي تتم أحكام األمر 95/07،المؤرخ في ()3
50
المبحث الثاني:
الوظائف والطبيعة القانونية والق اررات للسلطات اإلدارية المستقلة
ینتظر من سلطات الضبط المستقلة أن تؤدي بعض الوظائف األصلية للدولة تبعا
النسحاب األخیرة من میدان اإلقتصاد ،فقد زودها المشرع بأدوات قانونية معتبرة تمكنها من
أداء وظائفها بنجاح ،تتمثل خاصة في جمعها لمهام مختلفة بعضها يعود لإلدارة العامة فيما
بعضها اآلخر يعود للقضاء .وبهذا الصدد يقول أحد الفقهاء ” :إن تجميع عدة وظائف من
قبل سلطات الضبط المستقلة يعطیها الوسائل الشاملة والواقعية التي تمكنها من المراقبة ،وهذا
)(1
التجميع لإلختصاصات يعتبر میزة خاصة بها”.
ومن خالل هذا المبحث سنتطرق إلى مطلبین األول نتحدث فيه عن أهم الوظائف للسلطات
اإلداریة المستقلة والمطلب الثاني نتطرق إلى الطبيعة القانونية للسلطات اإلداریة المستقلة.
المطلب األول:
أهم وظائف السلطات االدارية المستقلة
تجمع السلطات اإلداریة المستقلة وظائف عدیدة بهدف تمكینها من أداء دورها بفعالية،
و ألجل مواكبة دینامكية النشاط اإلقتصادي إعتمادا على مبدأ المنافسة الحرة ،إذ أن ” نجاح
سلطة الضبط في أداء مهامها یتطلب منحها سلطات مختلفة ومتوازیة :مراقبة دائمة ،قدرة
على إجراء التحقيقات ،تكیيف فوري ممكن دائما و إصدار الق اررات الفردية أو الجماعية و
و بما أن هذه السلطات متعددة و مختلفة فإنه يصعب عمليا )(2
حق النطق بالعقوبات”.
استعراض مهامها .لكن يمكن إجماال تقسيمها إلى وظائف عادية “غیر قضائية” (أوال) ،وإلى
وظائف قضائية (ثانيا) ،على أن نتخذ من مجلس المنافسة أنمودجا بإعتباره أهم سلطة إداریة
مستقلة.
أوال :الوظائف العادیة لمجلس المنافسة
( ) 1
)-les pouvoirs de sanction des autorités de régulation : les voies d’une (J F Brisson
juridictionnalisation , WWW.gip-recherche-justice.fr
()2
- FRISON ROCHE (AM); Droit de la régulation, Dalloz, Paris, 2004.p 612.
51
خص المشرع مجلس المنافسة بوظائف مختلفة لتمكینه من أداء مهامه بفعالية ،فالمجلس هو
“هیئة مستقلة مختصة في تحلیل وضبط سیر المنافسة في السوق من أجل حماية النظام العام
ومنه فإن الوظائف العادية لمجلس المنافسة هي تلك المهام الدائمة التي )(1
االقتصادي”.
يمارسها من تلقاء نفسه بهدف ترقية المنافسة وحمایتها بحسب النص المنشأ له ،وهذا یتطلب
فتح على المنافسة مجاالت النشاط االقتصادي التي ما زال يحتكرها متعامل تاریخي ،وفرض
رقابة على السوق وحق التدخل لفرض النظام التنافسي فيه .وبصيغة أخرى معالجة الممارسات
المنافية للمنافسة .ومجلس المنافسة ليس المتدخل الوحید في السوق بل هو حلقة في سلسلة
مترابطة ،لهذا فهو يحتاج إلى التعاون والتشاور مع بقية المتدخلین ،وعليه خصه المشرع
بوظيفة إستشاریة نتعرض لها أوال قبل التفصیل في وظيفة ضبط السوق و مراقبته.
تنص المادة 19من األمر 06.95المتعلق بالمنافسة (الملغى) على اإلستشارة من
قبل السلطة التشریعية فيما يخص إقتراح القوانین ومشاریع القوانین حول كل مسألة ترتبط
بالمنافسة وهي ليست إجباریة إذ عبر عنها المشرع بعبارة “يمكن” .واقتراح القوانین ال يعني
أن لمجلس المنافسة دور تشریعي بل هو من قبل قدرة السلطة التنفیذية على إقتراح مشاریع
القوانین ،وال يفوتنا أن نالحظ أن أغلب القوانین التي تصدرها السلطة التشریعية مصدرها
مشاریع قوانین تقترحها الحكومة .وعليه فال نرى أي دور تشریعي لمجلس المنافسة وإنما تكون
إستشارته من قبل الهیئة التشریعية بصدد طلب الخبرة ،بإعتباره مختصا وله من الدراية في
مجال اختصاصه ما ال تملكه الهیئة التشریعية .كما حددت المادة 19سالفة الذكر األطراف
المعنية باستشارة المجلس وهي الحكومة ،الجماعات المحلية ،المؤسسات اإلقتصادية والمالية،
وقد وردت نفس التدابیر في نص المادة 35من األمر 03.03الحالي مع مالحظة إسقاط
النص الذي يجیز للهیئة التشریعية طلب رأي المجلس.
ومن جهتها تنص المادة 20من األمر 06.95على الحاالت التي تكون فیها إستشارة
مجلس المنافسة وجوبا وهي حول كل مشروع تنظيمي له إرتباط بالمنافسة أو یهدف على
الخصوص إلى :إخضاع ممارسة مهنة أو دخول السوق إلى قیود من ناحية الكم ،وضع رسوم
- ZOUAIMIA (R) ; le conseil de la concurrence et la régulation des marchés en droit algérien,
()1
53
)(1
حسب تدابیر المادة 37من األمر .03.03ومن جهته فإن آخر تعدیل لقانون المنافسة
وسع من نطاق إختصاص المجلس إلى النشاطات الفالحية الصید وتربية المواشي الصناعات
التقلیدية والخدمات والبيع بالجملة … وهذا مهما كانت الجهات الصادرة عنها .وال يفوتنا أن
نشیر إلي مهمة أخرى یتكفل بها المجلس أال و هي توطید عالقات التعاون و التشاور على
الصعید الوطني مع سلطات الضبط األخرى ،وكذلك على الصعید الدولي مع السلطات األجنبية
المختصة في المنافسة وفق ما تنص علية المادة 39وما یلیها و التي تحدد شروط التعاون
الدولي .وعلى العموم فإن هذه هي أهم الوظائف العادية لمجلس المنافسة وهي في مجملها
مهام إداریة تدخل في إطار سلطات الضبط اإلداري المعروفة في أبجديات النشاط اإلداري.
ثانيا :الوظائف الجزائية
نص األمر 06.95في الفصل الثالث المعنون المخالفات والعقوبات على مختلف
المخالفات التي تشكل أساسا للوظيفة الجزائية لمجلس المنافسة وهذا إبتداء من المادة 61إلى
المادة ،94وهي في عمومها نفس المخالفات بإختالف بسيط في العقوبات المنصوص علیها
في األمر 03.03ضمن تدابیر المواد 56إلى 62في الفصل الرابع المعنون العقوبات
المطبقة على الممارسات المقیدة للمنافسة والتجميعات .هذا وتعتبر الوظيفة الجزائية ثورة على
النظم الكالسيكية وبمثابة إختراع قانون جزائي لألعمال ،فهي أخطر وظيفة يمارسها مجلس
المنافسة وهي وظيفة القاضي الجزائي في األصل .فما الذي أعطى هذا الحق لمجلس المنافسة؟
إنتهى اإل جتهاد القضائي المتوج بمجلس الدولة في فرنسا إلى أهمية خلق قواعد
إختصاص لبعض سلطات الضبط اإلقتصادي المستقلة ،و هذا تكریسا لمبدأ اإلقتصاد
الرأسمالي وضرورة نزع الدولة لیدها عن النشاط اإلقتصادي ،فلجأ المشرع الفرنسي إلى توزیع
مختلف النشاطات اإلقتصادية المهمة و كذا مجال حقوق اإلنسان على هیئات إداریة مستقلة
مع منحها تفویضا لصالحيات هامة و مختلفة ورثتها من إمتيازات السلطات العمومية ،یتم
بمقتضاها تجميع هيكل قانوني متناسق يسمح لها بالتحري عن المخالفات من تلقاء نفسها أو
بإخطار من جهات ذات عالقة بقطاع النشاط المعني و التحقیق في الجرائم و المعاقبة علیها
(- )1القانون رقم 05.10المتعلق بالمنافسة الصادر في 15أوث 2010المعدل والمتمم لألمر .03.03
.
54
بإتباع إجراءات معینة مع تقديم الضمانات الالزمة بدون اللجوء إلى جهات أجنبية سواء إداریة
أو قضائية ،و بناءا عليه منح المشرع الفرنسي صالحيات مماثلة لمجلس المنافسة.
ولم یزد المشرع الجزائري شیئا على تبني النصوص الفرنسية ضمن المنظومة القانونية
الوطنية ،ومن هذا المنطلق تقرر لصالح مجلس المنافسة تسليط عقوبات غیر سالبة للحریة
على كل شخص طبيعي أو معنوي يقع تحت طائلة الممارسات المنافية للمنافسة وفق أحكام
المواد 13و 14من أمر 06.95الملغى والمادتین 82و 83منه وبالنسبة لألمر 03.03
فالمواد 58إلى .62وقبل النص على العقوبات فغني عن القول أن كال من األمرین المذكورین
ینصان على الممارسات و األفعال المنافية للمنافسة وهي بمثابة الجرائم المعاقب علیها بموجب
قانون العقوبات .ولما كان أمر ضبط الجریمة اإلقتصادية يشترك فيه عدة أطراف ،فإن تكیيفها
والعقوبة المنجرة عنها هي أمور تختص بها سلطة الضبط المعنية بنوع النشاط وبمجلس
المنافسة الذي يمكن أن يمتد إختصاصه ویتداخل مع بقية السلطات األخرى بحسب طبيعة
موضوعه ،إذ أن مبدأ المنافسة مكرس في كل القطاعات ،ومن هنا يمكننا أن نقارن بین هذا
الدور للمجلس ودور القاضي .ولكن السؤال المهم هو :أال يعتبر منح صالحيات عقابية لمجلس
المنافسة تعديا على دور القاضي الجزائي؟
تصعب اإلجابة على هذا السؤال في ظل التشریع الجزائري ،وهذا نظ ار إلتباع المشرع
الجزائري أسلوب حرق المراحل والقفز على الخطوات المنطقية التي يفترض أن يسلكها القانون
في تطوره ،ألن القانون كغیره من العلوم اإلجتماعية یتأثر بعوامل عدیدة إجتماعية
وسياسية وثقافية ،تلعب هذه العوامل دو ار حاسما في توجيه تطوره وفي صياغة قواعده وتكوین
مؤسساته وأدواته التنفیذية .وهذا خالفا لما يحدث في البیئة الفرنسية مثال أین تلعب المؤسسات
أدوارها المقررة لها كل في مجال إختصاصه ،فیتدخل النواب عند اللزوم والمجلس الدستوري
وكذا مجلس الدولة ،وكل هذا موازاة مع الجدل الفقهي المستمر والذي یؤدي في نهاية األمر
إلى الوصول إلى إجتهادات فقهية وقضائية تجد طریقها إلى التجسید عبر قواعد تشریعية.
وبهذا الصدد تدخل المجلس الدستوري الفرنسي في أكثر من مناسبة لیؤسس لصالح
هیئات الضبط نظاما عقابيا ال یتعارض مع دور القاضي الجزائي وال یتعدى على صالحياته
بقدر ما يكمله ویتعاون معه ،فأكد في قرار له أن المبادئ الدستوریة التي تأسس لإلجراءات
55
الجزائية يجب أن تمتد إلى أي إجراءات أو تدابیر ذات طبيعة جزائية حتى مع إجازة المشرع
لكن مع شروط حصریة هي :أال تكون العقوبات المقررة )(1
لسلطة غیر قضائية النطق بها.
سالبة للحریة ،وال تمنح لها صالحيات جزائية إال في نطاق ضیق بما يسمح لها بأداء دورها
المقرر قانونا .ویجب أن يكون النطق بالعقوبات عبر إجراءات قانونية تضمن حماية الحقوق
)(2
األساسية والحریات المكفولة دستوریا.
وإذا أردنا مقارنة مجلس المنافسة باللجنة البنكية المستحدثة بموجب قانون سنة ،(3) 1990
فإن األخیرة تمتع بإزدواج وظيفي بحیث أنها أثناء قيامها بمهام مراقبة البنوك والمؤسسات
المالية فإنها تقوم بعمل إداري مثل توجيه اإلنذار واتخاذ تدابیر إحت ارزیة ،أما أثناء تطبيقها
للقواعد واإلجراءات التأدیبية فهي تمارس عمال قضائيا ،وقد تبنى المشرع الفرنسي هذا األمر
فاعتبر اللجنة البنكية هیئة قضاء إداري وهذا بمناسبة تطبيقها لتدابیر المادة (.)L.613.21
وعليه فإن مجلس الدولة الفرنسي أخضع اإلجراءات أمامها إلى المبادئ األساسية التي تحكم
السلطات القضائية أي :إحترام حقوق الدفاع ،وحدة وعدم تجزئة القرار.
ومن جهتها فإن سلطة ضبط البرید و اإلتصاالت تتجلى فیها بوضوح صفة اإلزدواجية الوظيفة
من خالل تدابیر القانون المتعلق بها) (4خاصة منه المادة ،13لكن الصفة اإلداریة جالية أكثر
خاصة في جانبها الوظيفي ،مثل النص على منح ترخيصات اإلستغالل والسهر على وجود
منافسة فعلية ،تخطيط وتسییر وتخصيص ومراقبة إستعمال الدبدبات ،المصادقة على عروض
التوصیل البیني و إعداد مخطط وطني للترقيم وغیرها من المهام اإلداریة المكلفة بها ،فإذا
اسثنینا الفقرتین 8و 9من المادة المذكورة أعاله واللتان تخصان الفصل في المنازعات
والتحكيم ،فإن بقية المهام تعتبر إداریة .وتخضع سلطة ضبط البرید واإلتصاالت لرقابة مجلس
الدولة للطعن في ق ارراتها ،وليس للطعن أثر موقف بحسب نص المادة 17من هذا القانون.
()1
- ZOUAIMIA (R) ; les autorités administratives indépendantes et la régulation économique en
Algérie, Houma, Alger, 2005.p80
()2
- ZOUAIMIA (R). p81.
(-)3القانون رقم 10 -90المتعلق بالقرض والنقد المعدل و المتمم الصادر في 14افریل 1990
(-)4القانون رقم 03 -00المحدد للقواعد العامة للبرید و اإلتصاالت الصادر في 05أوت .2000
56
ومما تقدم فإن السلطات اإلداریة المستقلة تتمیز بإزدواج وظيفي ،فهي تمارس عمال إداریا
أثناء أدائها لمهام ضبط السوق والنظر في مشاریع التركیز ،وتؤدي كذلك عمال قضائيا أثناء
ممارستها لسلطاتها التأدیبية ونطقها بالعقوبات المقررة قانونا .وبهذا الصدد يضرب لنا مجموعة
من الفقهاء مثاال يشبه حالة مجلس المنافسة ،أال وهو إنعقاد مجلس ذو صبغة مهنية حسب
ما هو مقرر في برنامجه لدراسة السیر العادي للمهنة فمقرراته تكون إداریة ،أما تناول هذا
المجلس لقضية تأدیبية ألحد منتسبيه فق ارره يعتبر ذو طبيعة قضائية (1).وقریبا من ذلك إعتبر
مجلس الدولة في ق اررین له أن المجلس األعلى للقضاء هو سلطة إداریة مركزیة ،لكن هذا
الرأي ال يصمد في حالة إنعقاد المجلس في جلسة تأدیبية ،ففي هذه الحالة تتوفر فيه كل
الشروط التي تعطيه الصفة القضائية بحیث أن ق ارراته تقبل اإلستئناف ال الطعن بالنقض ،وهذا
ما نص عليه القانون األساسي للقضاة رقم 11.04الصادر في 06سبتمبر ،2004خالفا
لما كان عليه الوضع في ظل القانون األساسي القديم الذي ینص في المادة 99أن الق اررات
)(2
الصادرة عن المجلس األعلى في القضايا التأدیبية ال تقبل أي طریقة من طرق الطعن فیها
المطلب الثاني:
الطبيعة القانونية لق اررات السلطات االدارية المستقلة
إن المیزة األساسية للضبط تتمثل في تجميع عدة وظائف مختلفة بین یدي سلطة الضبط
للسماح لها بالقيام بمهامها المختلفة ،فهي ال تتحرك نحو المستوى األدنى فقط للفصل في
النزاعات بین األعوان االقتصادیین ،لكنها تتحرك أيضا نحو مستوى أعلى نظري للمساهمة في
إيجاد قواعد اللعب بین األعوان والبحث عن التوازنات الضروریة بینهم من أجل تحقیق أهداف
عليا للسياسات العمومية في جانبها اإلقتصادي .وأمام تعدد المهام فإن الق اررات الصادرة عن
هده السلطات تختلف بحسب مجالها والجهة المخاطبة بها ،لذلك فهي تتراوح بین الرأي
والتوجیهات بداية ،ثم اإل نذار وإصدار األوامر وأخی ار الق اررات العقابية .وإذا كان إبداء الرأي
وتوجيه اإلنذار ،الموافقة أو رفض إعطاء الترخيص تعتبر ق اررات ذات صبغة إداریة فإن إصدار
()1
-DUPUIS (G), GUEDON (M.J), CHRETIEN (p) ; Droit administratif, A.colin, 9ème éd, Paris,
2004, p593.
()2
- ZOUAIMIA (R); les autorités indépendantes de régulation dans le secteur financier en
Algérie, Alger ,Houma ,2005, p 77.
57
األوامر والنطق بالعقوبات هي بدون شك ق اررات ذات صبغة قضائية .یترتب عن ممارسة
المهام الجزائية لهذه السلطات أي النطق بالعقوبة المالية أو إصدار األوامر واجبة النفاد كهیئات
قضائية للفصل في المنازعات المعروضة علیها ،إصدارها لق اررات ذات طبيعة قضائية في
فحواها حتى ولو لم تصدر في الصيغة المعروفة «باسم الشعب الجزائري».
– 1إصدار األوامر:
بمقتضي تدابیر المادة 45من األمر 03.03المتعلق بالمنافسة والتي تنص على أن
مجلس المنافسة یتخذ أوامر معللة ترمي إلى وضع حد للممارسات المعاینة المقیدة للمنافسة
عندما تكون العرائض والملفات المرفوعة إليه أو التي یبادر بها من إختصاصه ،وتضيف
المادة أنه يمكن للمجلس أن يقرر عقوبات مالية إما نافدة وإما في اآلجال التي يحددها عند
عدم تطبیق األوامر ،و يمكنه أيضا أن يأمر بنشر ق ارره أو مستخرج منه أو تعليقه أو توزیعه.
فنالحظ أن مثل هدا القرار يأتي في صيغة أمر فهو إلزامي وواجب النفاد ،ویترتب عن عدم
تنفیذه عقوبات مالية ینطق بها المجلس ،فمثل هذا القرار و ال شك ذو طبيعة قضائية و إن
لم يصدر في الصيغة المعروفة ،و يجوز للمجلس عالوة على ذلك نشره أو تعليقه ،و هذا
األمر هو بمثابة عقوبة معنویة إضافية (تكمیلية) .ولما كانت هذه األوامر ليست عقوبات في
حد ذاتها فإن نشرها ضمن النشرة الرسمية للمنافسة التي نص علیها القانون 12.08يمكن أن
یرتب ضر ار ماديا أو معنویا على المؤسسات المعنية بها .وعلى هذا األساس فإن مجلس الدولة
الفرنسي إعتبرها ق اررات ذات قيمة قضائية وأخضعها إلى اختصاصه فيما يخص فحص مدى
أما في الجزائر فإن األوامر الصادرة عن مجلس المنافسة تخضع لرقابة )(1
مشروعیتها.
القاضي العادي مثلها مثل العقوبات المالية.
وبإعتبار مجلس المنافسة مكلف بمهمة المحافظة على النظام العام االقتصادي في
بعده التنافسي ،فيمكنه التأثیر في ق اررات المؤسسات بواسطة سلطته في إصدار األوامر،
ویستطيع أن یتدخل في عمق العقود ویفرض تعدیل البنود المخلة بمبدأ المنافسة الحرة .ومثال
ذلك القرار رقم 01/99الصادر في 23جوان 1999المتضمن أمر إلى مؤسسة ENIE
- Autin (LJ); Le pouvoir d’injonction des autorités administratives indépendantes, JCP, Paris, 1987,
()1
p92.
58
إلنهاء ممارساتها المخالفة ألحكام المادة 7من األمر 06.95المتعلقة بإستغالل وضعية
الهيمنة .ترتب عن هذا األمر لجوء المؤسسة إلى معاودة المفاوضات مع شركائها إلبرام عقود
و عليه فمجلس المنافسة يمكنه الدخول في )(1
جدیدة ال تتنافى مع تدابیر تشریع المنافسة.
صلب ق اررات المؤسسات و لعب دور ضابط حقيقي ،خالفا لدور القاضي الذي ال يملك إال
إلغاء العقد كليا أو جزئيا.
– 2إصدار القرار بالعقوبة المالية:
يصدر مجلس المنافسة عقوبات مالية تطبق مباشرة أو عند عدم تطبیق األوامر التي
يكون قد أصدرها في اآلجال المحددة ،وهذا في حق المؤسسات التي تنتهك القوانین التي تضبط
المنافسة وبالخصوص اإلتفاقات غیر المشروعة ،إستغالل وضعية الهيمنة ،اإلستغالل المفرط
لحالة التبعية والتجميعات الممنوعة .وقد إعتمد المشرع في تحدید قيمة العقوبة على أساس
نسبة مئویة من رقم األعمال المحقق في آخر سنة وهي % 7بمقتضى المادة 61من األمر
03.03قبل أن تصبح %12كحد أقصى تبعا للتعدیل الوارد في المادة 56من قانون
.12.08وفي حالة عدم إمكانية تحدید رقم أعمال للمعني بالغرامة المالية فإن المشرع حدد
الغرامة المالية ب 6مالیین دج كحد أقصى .كما ترك المشرع سلطة تقدیریة واسعة لمجلس
المنافسة لتقدیر الغرامة ،فنص على بعض ظروف تشدید العقوبة مثل مدى خطورة الممارسة
والضرر الذي یلحق باالقتصاد الوطني وقيمة الربح المحقق من طرف المخالف ،وكذلك ظروف
تخفيف العقوبة أو عدم الحكم بها على المؤسسات التي تعترف بالمخالفات المنسوبة إلیها أثناء
التحقیق في القضية وتتعاون وتتعهد بعدم إرتكاب المخالفات المتعلقة بتطبیق أحكام هذا األمر
(المادة 62من األمر .)03.03كما قرر المشرع لصالح المجلس النطق بالغرامة التهدیدية
المقدرة ب 150ألف دج عن كل یوم تأخیر ،إذا لم تنفذ األوامر واإلجراءات المؤقتة الواردة
في المادتین 45و ،46وفقا ألحكام المادة 58من األمر .03.03
– 3العقوبة التكميلية:
وهي كما أشرنا قيام المجلس بنشر الق اررات الصادرة عنه وعن مجلس قضاء الجزائر
وعن المحكمة العليا وعن مجلس الدولة المتعلقة بالمنافسة في النشرة الرسمية للمنافسة .كما
()1
-ZOUAIMIA (R) ; le conseil de la concurrence et la regulation …Op.cit, p 40.
59
يمكن نشر مستخرجات من ق ارراته وكل المعلومات األخرى بواسطة أي وسیلة إعالمية ،وفقا
لنص المادة 23من قانون 12.08المعدلة لنص المادة 49من األمر .03.03وهذا األمر
يمس بالسمعة التجاریة للمؤسسات ویصیبها بأضرار مادية ،وهو ما يعتبر رادعا لها وداعيا
إلحترام أحكام تشریع المنافسة.
60
خالصة الفصل:
تعتبر السلطات اإلداریة المستقلة شكال جدیدا من أشكال ممارسة صالحيات السلطات
العامة من قبل هیئات ذات بنية مجلسية خاصة ومتمیزة وتتمتع بإستقاللية نسبية عن السلطة
التنفیذية .ورغم أن هذه السلطات مقتبسة من التجارب الغربية والفرنسية بالخصوص فقد
أصبحت الیوم جزء ال یتج أز من المنظومة القانونية التي تمارس الدولة من خاللها الوظائف
الجدیدة التي أنيطت بها في إطار التحول نحو اقتصاد السوق .ونظ ار لتشكیلتها المتأتية على
العموم من أعضاء ذوي خبرة وممارسة في عالم المال واالقتصاد ولتمیزها بالتخصص في
مجال محدد بما یؤدي إلى تراكم الخبرة مع الزمن ومن ثم التدخل بسرعة وفعالية كلما كان ذلك
ضروریا من أجل ضبط السوق ومراقبته ،فقد غدت بدیال فعاال إلدارة بیروقراطية وكثیرة
االنشغاالت ونتيجة حتمية للدیناميكية التي تمیز عالم االقتصاد.
ومن جهة أخرى تتمتع السلطات اإلداریة المستقلة ببعض صالحيات القاضي الجزائي
ولها القدرة على معاقبة بعض الممارسات المخلة بمبادئ اقتصاد السوق في نطاق اختصاصها
النوعي ،وقد أصبحت تعتبر مظه ار من مظاهر إقصاء القاضي الجزائي عن الحقل االقتصادي،
نظ ار إلجراءاته البطیئة .وهي وسیلة تضفي على أداء اإلدارة المشروعية والفعالية نتيجة مساهمة
األعوان االقتصادیین في ضبط القطاع الذي يشتغلون فيه بأنفسهم ،وكما يقال فإن أهل مكة
أدرى بشعابها .وعالوة على ذلك تحقق هذه السلطات المرونة في العمل وتضمن بعض التوازن
بین المصلحة العامة للمجتمع والمصلحة الخاصة لألفراد في مسعاهم إلى تحقیق الثروة والنمو
لرأسمالهم ،وبالتالي مواكبة التطورات االقتصادية والمساهمة في تطور البالد.
61
الخاتمة
إن التجربة الجزائریة في هذا المجال ذلك التناقض بین محتوى النصوص القانونية وبین
الممارسات العملية ،إذ أن سلطات الضبط المعتمدة إلى الیوم تنحو إلى التبعية اإلداریة أكثر
مما تنحو إلى االستقاللية .وتملك اإلدارة الكثیر من الوسائل للتأثیر على السلطات اإلداریة
المستقلة سواء في الجانب العضوي أو الجانب الوظيفي مما یبین أن االستقاللية في مفهوم
النظام السياسي غیر مرحب بها برغم النصوص القانونية التي تكرسها .وللتذكیر فإن السلطة
القضائية في الواقع تعاني في حد ذاتها من هيمنة السلطة التنفیذية ویبقى أمر استقاللیتها
نسبي ونظري أكثر مما هو واقعي ونفس المالحظة تصلح اتجاه السلطة التشریعية مما يجعلنا
ننادي بضرورة تكریس المبادئ األساسية لدولة القانون قبل االنتقال إلى مثل هذه التفاصیل.
بالتالي توصلنا للنتائج التالية:
السلطات اإلداریة المستقلة أجهزة تم انشائها كأسلوب جدید لتدخل الدولة في مجال
االقتصاد وكذا مجال الحریات العامة ،وأن منحها لخاصية االستقاللية تأكید على نوع من
المصداقية والشفافية المصطنعة ،وهذا من أجل محاولة استرجاع ثقة الموطنین في اإلدارة
الكالسيكية للدولة.
صعوبة إدماج هذه السلطات ضمن النظام اإلداري والدستوري ،یلم تتضح مكانتها ضمن
الهيكل القانوني والمؤسساتي للدولة ،إذ ال تعتبر صورة من التنظيم اإلداري المركزي وال من
التنظيم اإلداري الالمركزي ،إنما تشكل تنظيم من نوع خاص.
افتقاد هذه السلطات ألساسها الدستوري ،ما أدى إلى الخالف حول مدى دستوریتها
خاصة وأنها تضطلع بصالحيات واسعة وخطیرة ،واألمر الذي یزید من حدة غموض موقف
المؤسس الدستوري حول هذه المسألة رغم تنبهه بالنص على دسترة ''الهیئة الوطنية للوقاية من
الفساد ومكافحته'' في التعدیل الدستوري لسنة .2016
تبعية السلطات اإلداریة المستقلة للسلطة التنفیذية ،بشكل أو بآخر ،ویتضح ذلك من
خالل الحدود والقیود المفروضة على مظاهر اإلستقاللية.
فقدان اآلليات القانونية الفعالة والكفیلة لضمان وتكریس إستقاللية فعلية.
61
الخاتمة:
وأخی ار ومن أجل تفعیل أداء السلطات اإلداریة المستقلة فإننا نقترح:
ضرورة إعداد نصوص قانونية مضبوطة بدقة من طرف المشرع الجزائري فيما یتعلق
بالنظام القانوني للسلطات اإلداریة المستقلة.
الحد من القیود والتضییق من خالل السلطات التنفیذية.
إعادة النظر في طریقة دسترة الهیئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،وذلك بإدراج
فصل خاص بالسلطات اإلداریة في الدستور ومنحها نصوص تحدد كيفية العمل بها ومدى
صالحياتها وعدم التضییق علیها من خالل المؤسسات األخرى.
اعتماد االنتخاب كوسیلة أساسية لنیل العضویة في هذه السلطات على أن تحدد الهیئة
الناخبة من بین الفاعلین المتخصصین في مجال النشاط.
تمارس العضویة لعهدة واحدة غیر قابلة للتجدید .كما نرى ضرورة تدعيم مبادئ االستقاللية
وظيفيا بما يضمن عدم تأثیر السلطة على ق ارراتها وال المقاوالت.
أن تتخذ الق اررات بأغلبية مشروطة قانونا وأن تخضع للطعن القضائي الموحد لدى مجلس
الدولة ال غیر .كما نؤكد على ضرورة ضبط صالحياتها بشكل حصري حتى ال تتداخل فيما
بینها بل تتكامل وتتعاون من أجل هدف أسمى يخدم االقتصاد الوطني ویحفز عملية جلب
االستثمار األجنبي وبالتالي المساهمة في تحریك التنمية بمفهومها الشامل.
62
ق ائمة المصادر والمراجع
-.Iأوال :النصوص التشريعية:
-1الدستور
.1دستور 1989
.2دستور 1996
.3دستور .2016
-2القانون العضوي
.1القانون العضوي رقم 12/05،المؤرخ في 12جانفي. 2012 ،
-3القوانين
القانون رقم 10-90المؤرخ في 02ابریل ،1990المتعلق بالنقد والقرض ،ج.ر عدد .1
16المؤرخة في 18ابریل ،1990الملغى بموجب األمر رقم 00-10الصادر في 26أوت
،2003یتعلق بالنقد والقرض ،ج.ر عدد 52المؤرخة في 27أوت .2003
القانون رقم 07-90المؤرخ في 3أفریل ،1990المتضمن قانون المياه ،ج .ر العدد .2
14لسنة .1990
القانون رقم 10 -90المتعلق بالقرض والنقد المعدل و المتمم الصادر في 14افریل .3
1990
القانون رقم 07-90المؤرخ في 14أفریل ،1990المتعلق بالنقد والقرض ،ج .ر .4
العدد 16افریل لسنة .1990الملغى بموجب االمر رقم 11-03الصادر في 26أوت
،2003یتعلق بالنقد والقرض ،ج .ر عدد 52المؤرخة في 27أوت .2003
القانون رقم 07-90 :المؤرخ في 1990/04/14المتعلق بالنقـد والقرض المعدل .5
والمتمم.
.6القانون رقم 07-90 :المؤرخ في 1990/04/03المتعلق باإلعالم ،مع اإلشارة إلى أن
هذا المجلس الذي يعتبر أول سلطة إداریة مستقلة في الجزائر قد تم حله بموجب القانون رقم:
252/93المؤرخ في.1993/10/26 :
.7القانون رقم 06/04،المؤرخ في 12مارس 2006،المتعلق بالتأمینات والتي تتم أحكام
األمر 95/07،المؤرخ في 25ینایر .1995،
63
.8القانون رقم 03 -2000المؤرخ في 5أوت 2000المحدد للقواعد العامة المتعلقة
بالبرید والمواصالت ،ج.ر عدد 22لسنة .2000
64
.4المرسوم رقم 93 /10المتعلق بالبورصة والقيم المنقولة المؤرخ في 11مارس1996 ،
المتعلق ببورصة القيم المنقولة ،ج ر العدد 11،الصادرة في أول ذي القعدة الموافق لـ
20مارس .1996.
.5مرسوم تنفیذي رقم 241-11:المؤرخ في ،2011/07/10يحدد تنظيم مجلس
المنافسة و سیره.
65
.3عزالدین عيساوي ،المكانة الدستوریة للهیئات اإلداریة المستقلة" "مآل الفصل بین
السلطات" مجلة االجتهاد القضائي ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،الجزائر ،العدد . 04
رابعا :الرسائل الجامعية
-1الدكتو اره:
بوجادي عمر ،إختصاص القضاء اإلداري الجزائري ،رسالة لنیل درجة الدكتوراه دولة .1
في القانون ،جامعة مولود معمري تیزي وزو13 ،جویلية .2011 ،
عبد الرحمان عزاوي ،الرخص اإلداریة في التشریع الجزائري ،أطروحة دكتوراه في .2
الحقوق ،جامعة الجزائر.2007،
منصور داود ،اآلليات القانونية لضبط النشاط اإلقتصادي في الجزائر ،أطروحة مقدمة .3
لنیل شهاد الدكتوراه العلوم في الحقوق ،تخصص قانون األعمال ،قسم الحقوق كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة محمد خيضر بسكرة. 2017/2016. ،
الماجستير -2
أعراب أحمد ،السلطات اإلداریة المستقلة في المجال المصرفي ،مذكرة لنیل شهادة .1
الماجستیر في القانون ،فرع قانون األعمال ،كلية الحقوق ،جامعة أمحمد بوقرة بومرداس،
. 2006/2007.
بلیل مونية ،سلطة الضبط البرید والمواصالت السلكية والالسكلية ،مذكرة الماجستیر، .2
جامعة الجزائر ،كلية الحقوق.2004/2003 ،
بوجملین ولید ،سلطات الضبط االقتصادي في القانون الجزائري ،رسالة لنیل شهادة .3
الماجستیر في القانون ،فرع الدولة والمؤسسات العمومية ،كلية الحقوق والعلوم االداریة ،جامعة
الجزائر.2007/2006.. ،
حدري سمیر ،السلطات اإلداریة المستقلة الفاصلة في المواد االقتصادية والمالية ،مذكرة .4
لنیل درجة ماجستیر في القانون ،فرع قانون أعمال ،كلية الحقوق والعلوم التجاریة ،جامعة أحمد
بوقرة بومرداس ،د س.
66
قوراري مجدوب ،سلطات الضبط في المجال االقتصادي ،مذكرة ماجستیر في القانون .5
العام ،كلية الحقوق ،جامعة أبو بكر بلقاید تلمسان.2010/2009 ،
نوال لزهر ،المركز القانوني للجنة ضبط الكهرباء والغاز في الجزائر ،مذكرة لنیل شهادة .6
الماجستیر في القانون اإلداري ،فرع اإلدارة العامة واقليمية القانون ،جامعة منتوري قسنطینة
.2011/2012.
-3الماستر
حامد نادية ومسعود حاج أمال ،السلطات اإلداریة المستقلة في المجال المصرفي، .1
مذكرة تخرج لنیل شهادة الماستر في القانون ،تخصص قانون عام (منازعات إداریة )،كلية
الحقوق والعلوم السياسية 1945، 2013/2014. ،ماي 08جامعة.
ركیبة حسام الدین ،الرقابة القضائية على أعمال سلطات الضبط المستقلة ،مذكرة .2
االستكمال متطلبات ماستر أكاديمي ،تخصص قانوني إداري ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة،
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق.2013/ 2014، ،
العایب سامية ،السلطات اإلداریة المستقلة ،محاضرات ملقاة على طلبة السنة األولى .3
ماستر ،منازعات إداریة ،قسم العلوم القانونية واإلداریة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
08ماي 1945قالمة.2015، ،
خامسا :الملتقيات
بن زیطة عبد الهادي ،نطاق اختصاص السلطات اإلداریة المستقلة – دراسة حالة- .1
لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وسلطة الضبط البرید والمواصالت السلكية والالسلكية،
أعمال الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال المالي واالقتصادي ،أيام
23و 24ماي ،كلية الحقوق ،جامعة بجاية.2007 ،
.2حسین نوارة ،األبعاد القانونية الستقاللية سلطات الضبط في المجال االقتصادية
والمالي ،الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال االقتصادية والمالي ،كلية
الحقوق والعلوم االقتصادية ،جامعة عبد الرحمان میرة بجاية ،یومي 23/24ماي .2007،
67
.3حسین نوارة ،األبعاد القانونية إلستقاللية سلطات الضبط في المجال اإلقتصادي
والمالي ،مداخلة مقدمة في أشغال الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال
اإلقتصادي والمالي ،من تنظيم جامعة بجاية ،في أيام 24-23ماي. ،2007 ،
.4دموش حكيمة ،مدى استقاللية اللجنة المصرفية وظيفيا ،الملتقى الوطني حول سلطات
الضبط المستقلة في المجال االقتصادي والمالي ،كلية الحقوق والعلوم االقتصادية ،جامعة عبد
الرحمان میرة بجاية ،یومي 23/24ماي .2007،
.5شيخ ناجية ،المركز القانوني للهیئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،ملتقى حول
السلطات اإلداریة المستقلة في المجال اإلقتصادي والمالي ،كلية الحقوق العلوم االقتصادية،
جامعة بجاية ،یومي 23/24ماي.2007،
.6عز الدین عيساوي ،الهیئات الوطنية المستقلة في مواجهة الدستور ،الملتقى الوطني
حول سلطات الضبط المستقلة في المجال االقتصادي والمالي.
.7فتحي وردية ،وقف تنفیذ الق اررات الصادرة عن السلطات االداریة المستقلة ،الملتقى
الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال االقتصادي والمالي ،كلية الحقوق والعلوم
االقتصادية ،جامعة عبد الرحمن میرة ،بجاية ،یومي 23/24ماي .2007،
.8كسال سامية ،مدى شرعية السلطات اإلداریة المستقلة ،الملتقى الوطني حول السلطات
اإلداریة المستقلة في الجزائر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة 08ماي 45قالمة ،یومي
13و 14نوفمبر.2012،
.9مزیاني فریدة ،الهیئة الوطنية لمكافحة الفساد ،الملتقى الوطني حول السلطات اإلداریة
المستقلة في الجزائر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة 08ماي 1945قالمة ،یومي
13/14نوفمبر . 2012،
.10المعز هللا صالح أحمد البالع ،الحریة االقتصادية ومبدأ تدخل الدولة ،بحث مقدم للملتقى
الدولي األول ،االقتصاد اإلسالمي الواقع ورهانات المستقبل ،لمعهد العلوم االقتصادية والتجاریة
وعلوم التسییر ،الجزائر.
68
الملتقى الوطني حول السلطات، السلطات اإلداریة المستقلة في الجزائر، میهوبي مراد.11
یومي،قالمة45 ماي08 جامعة، كلية الحقوق والعلوم السياسية،اإلداریة المستقلة في الجزائر
.2012، نوفمبر13/14
آلية لإلنتقال من الدولة المتدخلة الى الدولة، سلطات الضبط المستقلة، نزلیوي صليحة.12
كلية، الملتقى الوطني حول سلطات الضبط المستقلة في المجال االقتصادي والمالي،الضابطة
.2007،ماي23/24 یومي، جامعة عبد الرحمان میرة بجاية،الحقوق والعلوم السياسية
69
فهرس الموضوعات
فهرس الموضوعات
Résumé:
Les autorités administratives indépendantes sont nées de La défiance envers les administrations
traditionnelles. Elles représentent le fruit d’une quête d’alternatives visant à limiter
l’intervention de l’état dans le secteur économique imposant de nouvelles charges et missions
qui dépassent les compétences d’une administration traditionnelle.
De ce fait, une reconsidération des structures de l’état ainsi de ses missions a été strictement
prise en considération dans le but de déterminer le cadre d’intervention de ces autorités dans
larégulation et le control du marché, ainsi que la protection des droits et libertés publiques selon
les normes d’efficacité assurant la protection du système économique et social, et de l’intérêt
public de l’état face aux difficultés intérieures et crises économiques mondiales.
Cette catégorie d’autorités administratives indépendantes est apparue pour la première fois en
1990, par la création du conseil supérieur de l’information. Se basant sur l’expérience française,
le modèle a été généralisé par la suite pour couvrir d’autres secteurs différents dont le domaine
économique, financier et les libertés publiques
.Cette nouvelle structure a néanmoins posé des problèmes malgré ses atouts ; aussi bien par sa
vocation autoritaire et administrative que par son caractère indépendant qui la place en dehors
de l’autorité présidentielle ou hors de tutelle administrative, elle est donc placée en dehors des
compétences de l’autorité exécutive, et nous avons déduit de cette recherche qu’elle n’est pas
entièrement absolue, de par sa qualité d’autorité ou par son indépendance.
De ce fait et bien qu’elle soit reconnue indépendante, cet aspect d’indépendance reste relatif et
non absolu vu que d’une part, certains éléments concrétisant ce fait ne sont pas complètement
dévolus, et de l’autre part l’intervention de l’état dans un cadre organique ou fonctionnel