Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 307

‫القاضي عياض‬

‫الشفا بتعر يف حقوق المصطفى ‪ -‬وحاشية الشمني‬


‫‪ ٥٤٤‬هـ‬

‫رقم الكتاب في المكتبة الشاملة‪١٧٥٣ :‬‬


‫الطابع الزمني‪٢٠٢٢-٠٢-١٧-٠٧-٠٣-٥٢ :‬‬
‫المكتبة الشاملة رابط الكتاب‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١‬‬
‫المحتو يات‬
‫‪٥‬‬ ‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬
‫كلمة الناشر‪٥ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . :‬‬ ‫‪١.١‬‬
‫ترجمة القاضى عياض ‪٥ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪١.١.١‬‬
‫ترجمة العلامة الشمني صاحب الحاشية ‪٧ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪١.١.٢‬‬

‫‪١٣‬‬ ‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬
‫الباب الأول في ثناء الل ّٰه تعالى عليه وإظهاره عظيم قدره لديه ‪١٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.١‬‬
‫‪١٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الفصل الأول فيما جاء من ذلك مجئ المدح والثناء وتعداد المحاسن ‪. . . . .‬‬ ‫‪٢.١.١‬‬
‫‪١٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الفصل الثاني )في وصفه تعالى له بالشهادة وما يتعلق بها من الثناء والـكرامة(‬ ‫‪٢.١.٢‬‬
‫‪١٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الفصل الثاني في وصفه تعالى له بالشهادة وما يتعلق بها من الثناء والـكرامة ‪. .‬‬ ‫‪٢.١.٣‬‬
‫‪٢٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الفصل الثالث فيما ورد من خطابه إياه مورد الملاطفة والمبرة ‪. . . . . . .‬‬ ‫‪٢.١.٤‬‬
‫‪٢١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الفصل الرابع في قسمه تعالى بعظيم قدره ‪. . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.١.٥‬‬
‫‪٢٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الفصل الخامس في قسمه تعالى جده له لتحقق مكانته عنده ‪. . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.١.٦‬‬
‫الفصل السادس فيما ورد من قوله تعالى في جهته صلى الل ّٰه عليه وسلم مورد الشفقة والإكرام ‪٢٥ . . . . . .‬‬ ‫‪٢.١.٧‬‬
‫الفصل السابع فيما أخبر الل ّٰه تعالى به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشر يف منزلته على الأنبياء وحظوة‬ ‫‪٢.١.٨‬‬
‫رتبته عليهم ‪٢٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫الفصل الثامن في إعلال الل ّٰه تعالى خلقه بصلاته عليه وولايته له ورفعه العذاب بسببه ‪٢٨ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.١.٩‬‬
‫الفصل التاسع فيما تضمنته سورة الفتح من كراماته صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪٢٨ . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.١.١٠‬‬
‫الفصل العاشر فيما أظهره الل ّٰه تعالى في كتابه العزيز من كرامته عليه ومكانته عنده وما خصه به من ذلك‬ ‫‪٢.١.١١‬‬
‫سوى ما انتظم فيما ذكرناه قبل ‪٣٠ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫الباب الثاني في تكميل الل ّٰه تعالى له المحاسن خلقا وخلقا وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيو ية فيه نسقا ‪٣١ . .‬‬ ‫‪٢.٢‬‬
‫)فصل( ‪٣١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١‬‬
‫)فصل( وأما نظافة جسمه وطيب ر يحه وعرقه ونزاهته عن الأقذار وعورات الجسد ‪٣٤ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٢‬‬
‫)فصل( وأما وفور عقله وذكاء لبه وقوة حواسه وفصاحة لسانه واعتدال حركاته وحسن شمائله ‪٣٧ . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٣‬‬
‫)فصل( وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول ‪٣٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٤‬‬
‫)فصل( وأما شرف نسبه وكرم بلده ومنشئه فما لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه ولا بيان مشكل ولا خفى منه ‪٤٤‬‬ ‫‪٢.٢.٥‬‬
‫)فصل( وأما ما تدعو ضرورة الحياة إليه مما فصلناه فعلى ثلاثة أضرب ‪٤٥ . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٦‬‬
‫)فصل( والضرب الثاني ما يتفق التمدح بكثرته والفخر بوفوره كالنكاح والجاه ‪٤٦ . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٧‬‬
‫)فصل( وأما الضرب الثالث فهو ما تختلف الحالات في التمدح ‪٤٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٨‬‬
‫)فصل( وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة والآداب الشر يفة التى اتفق جميع العقلاء على تفضيل‬ ‫‪٢.٢.٩‬‬
‫صاحبها ‪٥١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫)فصل( أما أصل فروعها وعنصر ينابيعها ونقطة دائرتها فالعقل ‪٥٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٠‬‬
‫)فصل( وأما الحلم والاحتمال والعفو مع المقدرة والصبر على ما يكره ‪٥٤ . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١١‬‬
‫)فصل( وأما الجود والـكرم والسخاء والسماحة ‪٥٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٢‬‬
‫)فصل( وأما الشجاعة والنجدة ‪٥٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٣‬‬

‫‪٢‬‬
‫المحتو يات‬

‫)فصل( وأما الحياء والإغضاء ‪٦١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٤‬‬


‫)فصل( وأما حسن عشرته وأدبه وبسط خلقه صلى الل ّٰه عليه وسلم مع أصناف الخلق ‪٦١ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٥‬‬
‫)فصل( وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق ‪٦٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٦‬‬
‫)فصل( وأما خلقه صلى الل ّٰه عليه وسلم في الوفاء وحسن العهد وصلة الرحم ‪٦٥ . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٧‬‬
‫)فصل( وأما تواضعه صلى الل ّٰه عليه وسلم على علو منصبه ورفعة ‪٦٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٨‬‬
‫)فصل( وأما عدله صلى الل ّٰه عليه وسلم وأمانته وعفته وصدق لهجته ‪٦٨ . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.١٩‬‬
‫)فصل( وأما وقاره صلى الل ّٰه عليه وسلم وصمته وتؤدته ومروؤته وحسن هديه ‪٧٠ . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٢٠‬‬
‫‪٧١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( وأما زهده في الدنيا ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٢١‬‬
‫‪٧٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( وأما خوفه ربه وطاعته له وشدة عبادته ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٢٢‬‬
‫‪٧٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٢٣‬‬
‫‪٧٧‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٢٤‬‬
‫‪٨١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله( ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٢.٢٥‬‬
‫الباب الثالث فيما ورد من صحيح الأخبار ومشهورها بعظيم قدره عند ربه ومنزلته وما خصه به في الدارين‬ ‫‪٢.٣‬‬
‫من كرامته صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪٨٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫والتفضيل‪ ،‬وسيادة‬ ‫الفصل الأول فيما ورد من ذكر مكانته عند ربه عز وجل والاصطفاء ورفعة الذكر‬ ‫‪٢.٣.١‬‬
‫‪٨٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫ولد آدم وما خصه به في الدنيا من مزايا الرتب وبركة اسمه الطيب‪. . . . . . . . :‬‬
‫‪٨٧‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫)فصل( في تفضيله بما تضمنته كرامة الإسراء ‪. . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٢‬‬
‫‪٩٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫)فصل( ثم اختلف السلف والعلماء هل كان إسراؤه بروحه أو جسده ‪. . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٣‬‬
‫‪٩٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫)فصل( في إبطال حجج من قال إنها نوم ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٤‬‬
‫)فصل( وأما رؤيته صلى الل ّٰه عليه وسلم لربه جل وعز ‪٩٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٥‬‬
‫)فصل( وأما ما ورد في هذه القصة من مناجاته لل ّٰه تعالى وكلامه معه ‪٩٨ . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٦‬‬
‫)فصل( وأما ما ورد في حديث الإسراء ‪٩٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٧‬‬
‫)فصل( في ذكر تفضيله صلى الل ّٰه عليه وسلم في القيامة بخصوص الـكرامة ‪١٠٠ . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٨‬‬
‫)فصل( في تفضيله بالمحبة والخلة ‪١٠٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.٩‬‬
‫فصل في تفضيله صلى الل ّٰه عليه وسلم بالشفاعة والمقام المحمود ‪١٠٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.١٠‬‬
‫فصل في تفضيله صلى الل ّٰه عليه وسلم في الجنة بالوسيلة والدرجة الرفيعة والـكوثر والفضيلة ‪١٠٨ . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.١١‬‬
‫)فصل( ‪١٠٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.١٢‬‬
‫فصل في أسمائه صلى الل ّٰه عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته ‪١٠٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.١٣‬‬
‫فصل في تشر يف الل ّٰه تعالى بما سماه به من أسمائه الحسنى ووصفه به من صفاته العلى ‪١١٢ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.١٤‬‬
‫)فصل( ‪١١٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٣.١٥‬‬
‫الباب الرابع ففيما أظهره الل ّٰه تعالى على يديه من المعجزات وشرفه به من الخصائص والـكرامات ‪١١٧ . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤‬‬
‫)فصل( اعلم أن الل ّٰه جل اسمه قادر على خلق المعرفة في قلوب عباده ‪١١٨ . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١‬‬
‫)فصل( اعلم أن معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة ‪١١٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢‬‬
‫فصل في إعجاز القرآن ‪١٢٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٣‬‬
‫)فصل( الوجه الثاني من إعجازه صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب ‪١٢٤ . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٤‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣‬‬
‫المحتو يات‬

‫)فصل( الوجه الثالث من الإعجاز ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات ‪١٢٦ . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٥‬‬
‫)فصل( الوجه الرابع ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة ‪١٢٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٦‬‬
‫‪١٢٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( هذه الوجوه الأربعة من إعجازه ‪. . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٧‬‬
‫‪١٢٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( ومنها الروعة التى تلحق قلوب سامعيه ‪. . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٨‬‬
‫‪١٢٩‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( ومن وجوه إعجازه المعدودة كونه آية باقية ‪. . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٩‬‬
‫‪١٢٩‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( وقد عد جماعة من الأئمة ومقلدي الأمة في إعجازه وجوها كثيرة ‪.‬‬ ‫‪٢.٤.١٠‬‬
‫‪١٣١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل انشقاق القمر وحبس الشمس ‪. . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١١‬‬
‫‪١٣٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل في نبع الماء من بين أصابعه وتكثير ببركته ‪. . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١٢‬‬
‫‪١٣٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)فصل( ومما يشبه هذا من معجزاته تفجير الماء ببركته وابتعاثه بمسه ودعوته‬ ‫‪٢.٤.١٣‬‬
‫‪١٣٦‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل ومن معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه ‪. . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١٤‬‬
‫‪١٣٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل )في كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابتها دعوته( ‪. . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١٥‬‬
‫‪١٤٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل في قصة حنين الجذع ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١٦‬‬
‫‪١٤٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل ومثل هذا في سائر الجمادات ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١٧‬‬
‫‪١٤٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل في الآيات في ضروب الحيوانات ‪. . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١٨‬‬
‫فصل في إحياء الموتى وكلامهم )وكلام الصبيان والمراضع وشهادتهم له بالنبوة صلى الل ّٰه عليه وسلم( ‪١٤٦ . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.١٩‬‬
‫فصل في إبراء المرضى وذوى العاهات ‪١٤٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٠‬‬
‫فصل في إجابة دعائه صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪١٥٠ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢١‬‬
‫فصل في كرامته وبركاته وانقلاب الأعيان له فيما لمسه أو باشره صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪١٥٢ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٢‬‬
‫فصل )ومن ذلك ما أطلع عليه من الغيوب وما يكون( ‪١٥٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٣‬‬
‫فصل في عصمة الل ّٰه تعالى له من الناس وكفايته من آذاه ‪١٥٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٤‬‬
‫فصل ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الل ّٰه له من المعارف والعلوم ‪١٦٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٥‬‬
‫فصل ومن خصائصه صلى الل ّٰه عليه وسلم وكراماته وباهرآياته إنباؤه مع الملائكة والجن ‪١٦٤ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٦‬‬
‫فصل ومن دلائل نبوته وعلامات رسالته ما ترادفت به الأخبار عن الرهبان والأحبار ‪١٦٦ . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٧‬‬
‫فصل ومن ذلك ما ظهر من الآيات عند مولده وما حكته أمه ومن حضره من العجائب ‪١٦٧ . . . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٨‬‬
‫فصل قال القاضى أبو الفضل رحمه الل ّٰه قد أتينا في هذا الباب على نكت من معجزاته واضحة ‪١٦٨ . . . . . .‬‬ ‫‪٢.٤.٢٩‬‬

‫‪١٧١‬‬ ‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬
‫الباب الأول في فرض الإيمان به ووجوب طاعته واتباع سنته ‪١٧١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.١‬‬
‫فصل وأما وجوب طاعته ‪١٧٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.١.١‬‬
‫فصل وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهدية ‪١٧٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.١.٢‬‬
‫)فصل( وأما ورد عن السلف والأئمة من اتباع سنته والاقتداء بهديه وسيرته ‪١٧٥ . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.١.٣‬‬
‫فصل ومخالفة أمره وتبديل سنته ضلال وبدعة متوعد من الل ّٰه عليه بالخذلان والعذاق ‪١٧٧ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.١.٤‬‬
‫الباب الثاني في لزوم محبته صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪١٧٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٢‬‬
‫فصل في ثواب محبته صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪١٧٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٢.١‬‬
‫فصل فيما روى عن السلف والأئمة )من محبتهم للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وشوقهم له( ‪١٧٩ . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٢.٢‬‬
‫فصل في علامة محبته صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪١٨٠ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٢.٣‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤‬‬
‫المحتو يات‬

‫فصل في معنى المحبة للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وحقيقتها ‪١٨٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٢.٤‬‬
‫فصل في وجوب مناصفته صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪١٨٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٢.٥‬‬
‫الباب الثالث في تعظيم أمره ووجوب توقيره وبره ‪١٨٥ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٣‬‬
‫فصل في عادة الصحابة في تعظيمه صلى الل ّٰه عليه وسلم وتوقيره وإجلاله ‪١٨٦ . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٣.١‬‬
‫فصل واعلم أن حرمة النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته ‪١٨٧ . . . .‬‬ ‫‪٣.٣.٢‬‬
‫فصل في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وسنته ‪١٨٩ . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٣.٣‬‬
‫فصل ومن توقيره صلى الل ّٰه عليه وسلم وبره بر آله وذريته وأمهات المؤمنين ‪١٩٠ . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٣.٤‬‬
‫فصل ومن توقيره وبره صلى الل ّٰه عليه وسلم توقير أصحابه ‪١٩٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٣.٥‬‬
‫فصل ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه وإكرام مشاهده وأمكنته من مكة والمدينة ومعاهده وما‬ ‫‪٣.٣.٦‬‬
‫لمسه صلى الل ّٰه عليه وسلم أو عرف به ‪١٩٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫الباب الرابع في حكم الصلاة عليه والتسليم وفرض ذلك وفضيلته ‪١٩٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤‬‬
‫فصل اعلم أن الصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فرض على الجملة غير محدد بوقت ‪١٩٦ . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.١‬‬
‫فصل في المواطن التى يستحب فيها الصلاة والسلام على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪١٩٨ . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.٢‬‬
‫فصل في كيفية الصلاة عليه والتسليم ‪٢٠٠ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.٣‬‬
‫فصل في فضيلة الصلاة على النبي والتسليم عليه والدعاء له ‪٢٠٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.٤‬‬
‫فصل في ذم من لم يصل على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وإثمه ‪٢٠٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.٥‬‬
‫فصل في تخصيصه صلى الل ّٰه عليه وسلم بتبليغ صلاة من صلى عليه أو سلم من الأنام ‪٢٠٤ . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.٦‬‬
‫فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وسائر الأنبياء عليهم السلام ‪٢٠٥ . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.٧‬‬
‫فصل في حكم ز يارة قبره صلى الل ّٰه عليه وسلم وفضيلة من زاره سلم عليه وكيف يسلم ويدعو ‪٢٠٧ . . . . . . .‬‬ ‫‪٣.٤.٨‬‬
‫فصل فيما يلزم من دخل مسجد النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من الأدب سوى ما قدمناه وفضله وفضل‬ ‫‪٣.٤.٩‬‬
‫الصلاة فيه وفى مسجد مكة وذكر قبره ومنبره وفصل سكنى المدينة ومكة ‪٢٠٩ . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪٢١٢‬‬ ‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬
‫الباب الأول فيما يختص بالأمور الدينية والكلام في عصمة نبينا عليه الصلاة والسلام وسائر الأنبياء‬ ‫‪٤.١‬‬
‫صلوات الل ّٰه عليهم ‪٢١٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫فصل في حكم عقد قلب النبي صلى الل ّٰه عليبه وسلم من وقت نبوته ‪٢١٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١‬‬
‫فصل وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة ‪٢١٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٢‬‬
‫فصل ‪٢٢٠ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٣‬‬
‫فصل واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من الشيطان ‪٢٢١ . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٤‬‬
‫فصل وأما أقواله صلى الل ّٰه عليه وسلم فقد قامت الدلائل الواضحة بصحة المعجزة على صدقه ‪٢٢٤ . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٥‬‬
‫فصل وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات ‪٢٢٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٦‬‬
‫فصل هذا القول فيما طر يقه البلاغ ‪٢٢٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٧‬‬
‫فصل فإن قلت فما معنى قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم في حديث السهو ‪٢٣٠ . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٨‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥‬‬
‫المحتو يات‬

‫فصل وأما ما يتعلق بالجوارح من الأعمال ‪٢٣٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.٩‬‬


‫فصل وقد اختلف في عصمتهم من المعاصي قبل النبوة ‪٢٣٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١٠‬‬
‫فصل هذا حكم ما تكون المخالفة فيه من الأعمال عن قصد ‪٢٣٥ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١١‬‬
‫فصل في الكلام على الأحاديث المذكور فيها السهو منه صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪٢٣٦ . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١٢‬‬
‫فصل في الرد على من أجاز عليهم الصغائر ‪٢٣٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١٣‬‬
‫فصل فإن قلت فإذا نفيت عنهم صلوات الل ّٰه عليهم الذنوب والمعاصي ‪٢٤٤ . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١٤‬‬
‫فصل قد استبان لك أيها الناظر مما قررناه ‪٢٤٥ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١٥‬‬
‫فصل في القول في عصمة الملائكة ‪٢٤٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.١.١٦‬‬
‫الباب الثاني فيما يخصهم في الأمور الدنيو ية وما يطرأ عليهم من العوارض البشر ية ‪٢٤٨ . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢‬‬
‫فصل فإن قلت فقد جاءت الأخبار الصحيحة أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم سحر ‪٢٤٩ . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.١‬‬
‫فصل هذا حاله في جسمه ‪٢٥٠ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.٢‬‬
‫فصل وأما ما يعتقده في أمور أحكام البشر الجار ية على يديه ‪٢٥١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.٣‬‬
‫فصل وأما أقواله الدنيو ية من أخباره عن أحواله وأحوال غيره ‪٢٥٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.٤‬‬
‫فصل فإن قلت قد تقررت عصمته صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪٢٥٤ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.٥‬‬
‫فصل فإن قيل فما وجه حديثه أيضا ‪٢٥٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.٦‬‬
‫فصل وأما أفعاله صلى الل ّٰه عليه وسلم الدنيو ية ‪٢٥٧ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.٧‬‬
‫فصل فإن قيل فما الحكمة في إجراء الأمراض وشدتها عليه ‪٢٥٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٤.٢.٨‬‬

‫‪٢٦٢‬‬ ‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬
‫الباب الأول في بيان ما هو في حقه صلى الل ّٰه عليه وسلم سب أو نقص من تعر يض أو نص ‪٢٦٤ . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١‬‬
‫فصل في الحجة في إ يجاب قتل من سبه أو عابه صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪٢٦٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.١‬‬
‫فصل فإن قلت فلم لم يقتل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم اليهودي الذى قال له السام عليكم ‪٢٦٨ . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٢‬‬
‫فصل قال القاضى تقدم الكلام في قتل القاصد لسبه والإزراء به ‪٢٧١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٣‬‬
‫فصل الوجه الثالث أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله ‪٢٧١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٤‬‬
‫فصل الوجه الرابع أن يأتي من الكلام بمجمل و يلفظ من القول بمشكل ‪٢٧٢ . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٥‬‬
‫فصل الوجه الخامس أن لا يقصد نقصا ولا يذكر عيبا ‪٢٧٣ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٦‬‬
‫فصل الوجه السادس أن يقول القائل ذلك حاكيا عن غيره ‪٢٧٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٧‬‬
‫فصل الوجه السابع أن يذكر ما يجوز على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪٢٧٧ . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٨‬‬
‫فصل ومما يجب على المتكلم فيما يجوز على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وما لا يجوز ‪٢٧٩ . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.١.٩‬‬
‫الباب الثاني في حكم سابه وشانئه ومتنقصه مؤذبه وعقوبته وذكر استتباته ووراثته ‪٢٧٩ . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٢‬‬
‫فصل إذا قلنا بالاستتابة ‪٢٨١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٢.١‬‬
‫فصل هذا حكم من ثبت عليه ذلك ‪٢٨٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٢.٢‬‬
‫فصل هذا حكم المسلم فأما الذمي ‪٢٨٢ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٢.٣‬‬
‫فصل في ميراث من قتل في سب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وغسله والصلاة عليه ‪٢٨٤ . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٢.٤‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦‬‬
‫المحتو يات‬

‫الباب الثالث في حكم من سب الل ّٰه تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وأزواجه‬ ‫‪٥.٣‬‬
‫‪٢٨٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وصحبه ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬
‫‪٢٨٦‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل وأما من أضاف إلى الل ّٰه تعالى ما لا يليق به ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.١‬‬
‫‪٢٨٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل في تحقيق القول في إكفار المتأولين ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٢‬‬
‫‪٢٩٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فصل في بيان ما هو من المقالات كفر ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٣‬‬
‫فصل هذا حكم المسلم الساب لل ّٰه تعالى وأما الذمي ‪٢٩٥ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٤‬‬
‫فصل هذا حكم من صرح بسبه ‪٢٩٥ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٥‬‬
‫فصل وأما من تكلم من سقط القول وسخف اللفظ ‪٢٩٦ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٦‬‬
‫)فصل( وحكم من سب سائر أنبياء الل ّٰه تعالى وملائكته ‪٢٩٧ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٧‬‬
‫)فصل( واعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف ‪٢٩٨ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٨‬‬
‫)فصل( وسب آل بيته وأزواجه وأصحابه ‪٢٩٩ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪٥.٣.٩‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧‬‬
‫المحتو يات‬

‫عن الكتاب‬
‫الكتاب‪ :‬الشفا بتعر يف حقوق المصطفى ‪ -‬مذيلا بالحاشية المسماة مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء‬
‫المؤلف‪ :‬أبو الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي )المتوفى‪٥٤٤ :‬هـ(‬
‫الحاشية‪ :‬أحمد بن محمد بن محمد الشمنى )المتوفى‪٨٧٣ :‬هـ(‬
‫الناشر‪ :‬دار الفكر الطباعة والنشر والتوز يع‬
‫عام النشر‪ ١٤٠٩ :‬هـ ‪ ١٩٨٨ -‬م‬
‫عدد الأجزاء‪٢ :‬‬
‫]ترقيم الكتاب موافق للمطبوع[‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨‬‬
‫المحتو يات‬

‫عن المؤلف‬
‫القاضي عياض )‪ ٥٤٤ - ٤٧٦‬هـ = ‪ ١١٤٩ - ١٠٨٣‬م(‬
‫عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي‪ ،‬أبو الفضل‪ :‬عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته‪.‬‬
‫كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم ‪ .‬ولي قضاء سبتة‪ ،‬ومولده فيها‪ ،‬ثم قضاء غرناطة‪.‬‬
‫وتوفي بمراكش مسموما‪ ،‬قيل‪ :‬سمه يهودي‪.‬‬
‫من تصانيفه »الشفا بتعر يف حقوق المصطفى ‪ -‬ط« و »الغنية ‪ -‬خ« في ذكر مشيخته‪ ،‬و »ترتيب المدارك وتقريب المسالك في معرفة‬
‫أعلام مذهب الإمام مالك ‪ -‬ط« أربعة أجزاء وخامس للفهارس‪ ،‬و »شرح صحيح مسلم ‪ -‬خ« و »مشارق الأنوار ‪ -‬ط« مجلدان‪ ،‬في‬
‫الحديث‪ ،‬و »الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع ‪ -‬ط« في مصطلح الحديث وكتاب في »التاريخ«‪.‬‬
‫وجمع المقري سيرته وأخباره في كتاب »أزهار الر ياض في أخبار القاضي عياض ‪ -‬ط« ثلاثة مجلدات من أربعة و »الإعلام بحدود‬
‫قواعد الإسلام ‪ -‬ط« و »شرح حديث أم زرع ‪ -‬خ« جزء لطيف‪ ،‬في خزانة الرباط )‪ ١٨٥٧‬كتاني( والظاهر ية بدمشق ‪.‬‬
‫نقلا عن ‪ :‬الأعلام للزركلي‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬
‫‪ ١.١‬كلمة الناشر‪:‬‬
‫ق المُصْ طَفَى‬
‫حق ُو ِ‬
‫يف ُ‬
‫الشفا بتَِعْرِ ِ‬
‫للعلامة القاضي أبي الفضل عياض اليحصبي ‪ ٥٤٤‬هـ‬
‫مذيلا بالحاشية المسماة مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء‬
‫للعلامة أحمد بن محمد بن محمد الشمنى ‪٨٧٣‬‬
‫دار الفكر الطباعة والنشر والتوز يع‬
‫جميع حقوق إعادة الطبع محفوظة‬
‫للناشر ‪ ١٤٠٩‬هـ ‪ ١٩٨٨ -‬م‬
‫دار الفكر بيروت لبنان‬
‫المكاتب‪ :‬البناية المركز ية ‪ -‬هاتف‪- ٢٤٤٧٣٩ :‬‬
‫ص ب‪ ١١ / ٧٠٦١ :‬المطابع والمعمل‪ :‬حارة حر يك ‪ -‬شارع عبد النور ‪-‬‬
‫هاتف‪ (٨٣٧٨٩٨ - ٨٣٨٢٠٢) ٣٩٠٦٦٣ :‬برقيا‪ :‬فكسى‪.‬‬
‫تلـكس‪ ٤١٣٩٢ :‬فكر ‪ ٤١٣٩٢‬عليه‪ L‬الصلاة و السلام ‪FIKR‬‬
‫كلمة الناشر‪:‬‬
‫َب العالمين‪ ،‬والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن اهتدى‬
‫ن الرحيم و َا ْلحم َ ْد لل ّٰه ر ّ‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ب ِس ْ ِم َ‬
‫بهديه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فلما كان نشر العلم فضيلة وكانت السنة الشر يفة من أجل علوم الشر يعة وأرفعها قدرا( وكان على المسلم أن يتخذ من أقوال‬
‫وأفعال رسول الل ّٰه ‪ -‬صلى الل ّٰه عليه وسلم ‪ -‬نورا وضياء ينير له الطر يق لفهم دينه وأحكامه‪ ،‬ومحركا لسلوكه في عاجلته وذخرا لآخرته‪،‬‬
‫فقد اهتمت دار الفكر منذ تأسيسها بطبع كتب السنة المحمدية والحديث الشر يف‪ ،‬مثل‪ :‬صحيح البخاري وشرحه فتح الباري وصحيح‬
‫مسلم وشروحاته وتصنيفاته‪ ،‬والموطأ وكافة كتب الصحاح وشروحا إلى جانب أعظم تفاسير القرآن الـكريم وأنفعها مثل‪ :‬الدر المنثور في‬
‫التفسير بالمأثور ومعالم التنز يل في التفسير والتأو يل للبغوي‪ ،‬والتفسير الـكبير للفخر الرازي‪ ،‬وجامع اليبان عن تأو يل آي القرآن للطبري‬
‫وغير ذلك من أمهات الـكتب في التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه على مختلف المذاهب والتاريخ واللغة وسائر العلوم والفنون‬
‫الاسلامية‪.‬‬
‫ق المُصْ طَفَى في طبعة جديدة ومصححة‬ ‫حق ُو ِ‬
‫يف ُ‬
‫وتقدم اليوم احياء للسنة المحمدية كتاب‪ :‬شفاء القاضي عياض المسمى‪ :‬الشفا بتَِعْرِ ِ‬
‫ومتقنة‪ ،‬واتماما للفائدة أضفنا للكتاب كحاشية له‪.‬‬
‫درة مفيدة هي‪ :‬حاشية العلامة الشمنى المسماة‪ :‬مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء التي لم تطبع قبل الآن‪.‬‬
‫وفيما يلي نبذة يسيرة للتعر يف بمؤلفي الكتاب والحاشية‪:‬‬

‫ترجمة القاضى عياض‬ ‫‪١.١.١‬‬


‫ترجمة القاضى عياض )‪(١‬‬
‫ض بن محمد بن عبد الل ّٰه بن موسى بن عياض اليحصبي‪ ،‬الإمام‬
‫ض بن عمرون بن موسى بن عِيَا ِ‬
‫هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عِيَا ِ‬
‫العلامة‪ ،‬يكنى أبا الفضل‪ ،‬ستى الدار والميلاد‪ :‬أندلسى الأصل‪.‬‬
‫قال ولده محمد‪ :‬كان أجدادنا في القديم بالأندلس‪ ،‬ثم انتقلوا إلى مدينة فاس وكان لهم استقرار بالقيروان لا أدرى قبل حلولهم‬
‫بالأندلس أو بعد ذلك‪.‬‬
‫وانتقل عمرون إلى سبتة بعد سكنى فاس‪.‬‬
‫وَك َان الْق َاض ِي أَ بُو الفضل إمام وقته في الحديث وعلومه‪ ،‬عالما بالتفسير‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫وجميع علومه‪ ،‬فقيها أصوليا عالما بالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم‪ ،‬بصيرا بالأحكام‪ ،‬عاقدا للشروط‪ ،‬بصيرا حافظ لمذهب‬
‫الل ّه تعالى‪ ،‬شاعرا مجيدا و يا نا من علم الأدب‪ ،‬خطيبا بليغا صبورا حليما جميل العشرة‪ ،‬جوادا سمحا كثير الصدقة‪ ،‬دؤوبا‬
‫م َال ِك رَحِم َه َ‬
‫على العمل‪ ،‬صلبا في الحق‪.‬‬
‫ن الْق َاض ِي أَ بِي عبد الل ّٰه محمد بن علي بن حمدين‪ ،‬وأبى الحسين بن‬
‫رحل إلى الأندلس سنة تسع وخمسمائة طالبا العلم‪ ،‬فأخذ بقرطبة ع َ ِ‬
‫ن مُحَم ّدٍ الصدفى وغيره‪،‬‬
‫حسَيْنُ ب ْ ُ‬
‫ن الْق َاض ِي أَ بِي على ُ‬
‫سراج‪ ،‬وَع َن أَ بِي مُحَم ّد بن عتاب وغيرهم وأجاز له أبو علي الغساني‪ ،‬وأخذ بالمشرق ع َ ِ‬
‫الل ّه المازينى‪ :‬كتب إليه يستجيزه‪ ،‬وأجاز له ال َ ّ‬
‫شي ْخ أَ بُو بَك ْر الطرطوشى‪.‬‬ ‫وعنى بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم‪ ،‬وأخذ عن أَ بِي عَب ْد َ‬
‫ومن شيوخه‪.‬‬
‫القاضي أبو الوليد بن رشد‪.‬‬
‫قال صاحب الصلة البشكوالية‪ :‬وأظنه سمع عن أبى زيد‪ ،‬وقد إجتمع له من الشيوخ بين من سمع منه وبين من أجاز له مائة شيخ وذكر‬
‫ولده محمد منهم‪ :‬أَ حْمَد ُ بن بَقِيٍّ ‪ ،‬وأحمد بن محمد بن محمد ابن مكحول‪ ،‬وأبو الطاهر أحمد بن محمد السلفي‪ ،‬والحسن بن محمد بن سكره‪،‬‬

‫والقاضى أبو بكر بن العربي‪ ،‬والحسن بن علي بن طر يف‪ ،‬وخلف ب ْ ِن إ ب ْر َاه ِيم َ ب ْ ِن النحاس‪ ،‬ومحمد بن أحمد بن الحاج القرطبى‪ ،‬وعبد الل ّٰه‬
‫بن محمد الخشنى وغيرهم ممن يطول ذكرهم‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬نقلت هذه الترجمة من كتاب الديباج الذهب في معرفة أعيان علماء المذهب للعلامة برهان الدين ابن فرحون المالـكى‪.‬‬
‫)*(‬
‫قال صاحب الصلة‪ :‬وجمع من الحديث كثيرا وله عناية كبيرة به واهتمام بجمعه وتقييده وهو من أهل التفنن في العلم واليقظة والفهم‪،‬‬
‫وبعد عودته من الأندلس أجله أهل سبتة للناظرة عليه في المدونة وهو ابن ثلاثين سنة أو ينيف عنها‪ ،‬ثم أجلس للشورى ثم ولى قضاء‬
‫بلده مدة طو يلة حمدت سيرته فيها‪ ،‬ثم نقل إلى قضاء غرناطة في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ولم يطل أمره بها‪ ،‬ثم ولى قضاء سبتة‬
‫ثانيا‪.‬‬
‫قال صاحب الصلة‪ :‬وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه بعض ما عنده‪.‬‬
‫قال الخطيب‪ :‬وبنى الز يادة الغربية في الجامع الأعظم وبنى في جانب المينا‬
‫الراتبة الشهيرة وعظم صيته‪.‬‬
‫ولما ظهر أمر الموحدين بادر إلى المسابقة بالدخول في طاعتهم ورحل إلى لقاء أميرهم بمدينة سلا‪ ،‬فأجزل صلته‪ ،‬وأوجب بره‪ ،‬إلى أن‬
‫اضطربت أمور الموحدين عام ثلاثة وأربعين وخمسمائة فتلاشت حاله‪ ،‬ولحق بمراكش مشردا به عن وطنه فكانت بها وفاته‪.‬‬
‫ق المُصْ طَفَى صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫حق ُو ِ‬
‫يف ُ‬
‫وله التصانيف المفيدة البديعة منها كمال المعلم‪ :‬في شرح صحيح مسلم‪ ،‬ومنها كتاب الشفا‪ :‬بتَِعْرِ ِ‬
‫أبدع فيه كل الإبداع‪ ،‬وسلم له أكفاؤه كفاءته فيه ولم ينازعه أحد في الانفراد به ولا أنكروا مزية السبق إليه بل تشوفوا للوقوف عليه‪،‬‬
‫ِيب حديث الموطأ‬
‫وأنصفوا في الاستفادة منه‪ ،‬وحمله الناس عنه‪ ،‬وطارت نسخه شرقا وغربا‪ ،‬وكتاب مشارق الأنوار فِي ت َ ْفسِير ِ غَر ِ‬
‫والبخاري ومسلم وضبط الألفاظ والتنبيه على مواضع الأوهام والتصحيفات وضبط أسماء الرجال وهو كتاب لو كتب بالذهب أو‬
‫وزن بالجوهر لكان قليلا في حقه‪ ،‬وفيه أنشد بعضهم‪ :‬مشارق أنوار تبدت بسبتة * ومن عجب كون المشارق بالغرب وكتاب التنبيهات‬
‫المستنبطة على الـكتب المدونة‪ :‬جمع فيه غرائب من ضبط الألفاظ وتحرير المسائل‪ ،‬وكتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة‬
‫أعلام مذهب مالك وكتاب الإعلام بحدود قواعد الإسلام‪ ،‬وكتاب الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع‪ ،‬وكتاب بغية الرائد لما تضمنه‬
‫حديث أم زرع من الفوائد‪ ،‬وكتاب الغنيمة في شيوخه‪ ،‬وكتاب المعجم في شيوخ ابن سكره‪ ،‬وكتاب نظم البرهان على حجة جزم الأذان‪،‬‬
‫وكتاب مسألة الأهل المشروط بينهم التزاور‪ ،‬ومما لم يكمله‪ :‬المقاصد الحسان فيما يلزم الإنسان‪ ،‬وكتاب العيون الستة في أخبار سبتة‪،‬‬
‫وكتاب غنية الكاتب وبغية الطالب في الصدور‬
‫والترسل‪ ،‬وكتاب الأجوبة المحبرة على الأسئلة المتخيرة‪ ،‬وكتاب أجوبة القرطبيين‪ ،‬وكتاب أجوبته عما نزلت في أيام قضائه من نوازل‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫الأحكام في سفر‪ ،‬وكتاب سر السراة في أدب القضاة‪ ،‬وكتاب خطبه وكان لا يخطب إلا بإنشائه‪ ،‬وله شعر كثير حسن رائق فمنه قوله‪:‬‬
‫يا من تحمل عنى غير مكترث * لـكنه للضنى والسقم أوصى بى‬
‫تركتني مسهام القلب ذا حرق * أخا جوى وتباريح وأوصاب‬
‫أراقب النجم في جنح الدجى سمرا * كأننى راصد للنجم أو صابى‬
‫وله رحمه الل ّٰه تعالى‪:‬‬
‫الل ّٰه يعلم أنى منذ لم أركم * كطائر خانه ريش الجناحين‬
‫ولو قدرت ركبت الريح نحوكم * فإن بعدكم عنى جنى حينى‬
‫وله من أبيات‪:‬‬
‫إن البخيل بلحظه أو لفظه * أو عطفه أو رفقه لبخيل وله في خامات الزرع بينها شقائق النعمان هبت عليها أر ياح‪ :‬انظر إلى الزرع‬
‫وخاماته * تحكى وقد ماست أمام الر ياح كتيبة خضراء مهزومة * شقائق النعمان فيها جراح‬
‫وله غير ذلك‪.‬‬
‫كان مولد القاضى عياض بسبتة في شهر شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة‪ ،‬وتوفى بمراكش في شهر جمادى الأخيرة وقيل فِي ش َ ْهرِ‬
‫رَمَضَانَ سنة أربع وأربعين وخمسمائة‪ ،‬وقيل إنه مات مسموما سمه يهودى‪.‬‬
‫ودفن رحمه الل ّٰه تعالى بباب إيلان داخل المدينة‪.‬‬
‫و )عياض( بكسر العين المهملة وفتح الياء المثناة التحتية وبعد الألف ضاد معجمة و )اليحصبى( بفتح الياء المثناة التحتية وسكون‬
‫الحاء المهملة وضم الصاد المهملة وفتحها وكسرها وبعدها ياء موحدة نسبة إلى يحصب بن مالك قبيلة من حمير‪ ،‬وسبتة مدينة مشهورة‪،‬‬
‫وغرناطة‪ :‬مدينة بالأندلس وهى بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة ثم نون مفتوحة بعدها ألف وبعد الألف طاء مهملة ثم هاء‬
‫و يقال فيها أغرناطة بألف قبل الغين‪.‬‬

‫ترجمة العلامة الشمني صاحب الحاشية‬ ‫‪١.١.٢‬‬

‫ترجمة العلامة الشمني )‪ (١‬صاحب الحاشية‬


‫هو أحمد بن محمد بن محمد حسن بن علي بن يحيى بن محمد التقى السكندرى المولد القاهرى المنشأ الحنفي و يعرف بالشمنى بضم المعجمة‬
‫والميم ثم نون مشددة نسبة لمزرعة ببلاد المغرب أو لقر ية بها ولد في العشر الأخير من رمضان سنة إحدى وثمانمائة واشتغل أولا مالكيا‬
‫ثم تحول حنفيا لـكون البساطى فيما قيل قدم عليه بعض من هو دونه من رفقائه وبرع في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان‬
‫والمنطق والصرف والهندسة والهيئة والحساب وسمع الحديث على جماعة و بحث على شيخنا دروسا من شرح ألفية العراقى ولازمه بعد‬
‫والده فأحسن إليه وساعده في استخلاص مبلغ ممن وثب عليه في بعض وظائف أبيه وزاد إقبالا عليه حين وقع السؤال عن حكمة‬
‫الترقي من الذرة إلى الحبة إلى الشعيرة في حديث ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلق فليخلقوا ذرة الحديث‪.‬‬
‫وأجاب التقى بديهة بأن صنع الأشياء الدقيقة فيه صعبوة والأمر بمعنى التعجيز فناسب التدلى من الأعلى إلى الأدنى فاستحسنه شيخنا‬
‫فزاد في إكرامه والتعر يف بفضيلة وتصدى للإقراء‪ ،‬وصنف حاشية على المغنى لخصها من حاشية الدماميني وزاد عليها أشياء نفيسة سماها‬
‫المنصف من الكلام على مغنى ابن هشام‪ ،‬وتعليقا لطيفا في ضبط ألفاظ الشفاء لخصه من شرح البرهان الحلبي وأتى بتتمات يسيرة فيها‬
‫تحقيقات دقيقة سماه )مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء( وغير ذلك وأقراء في العقليات بدون ملاحظة كراس ولا حاشية وقد اتفق‬
‫دخول اثنين من فضلاء العجم الجمالية فوجداه يقرئ في المطول بدون كراس فجلسا عنده و بحثا معه واستشكلا عليه فلم ينقطع منهما‬
‫بل أفحمهما بحيث امتلأت أعينهما من جلالته وصرحا بعد انفصالهما عنه لبعض أخصائه بأنهما لم يظنا أن في أبناء العرب من ينهض‬
‫فحكاه للشيخ فتبسم وقال بذلك قد أقرأته اثنى عشر مرة بغير مطالعة وكان إماما علامة سنيا متين الديانة ممن ينسب إلى التصوف لم‬
‫يتدنس بما يحط مقداره وقد عم النفع به حتى بقى جل الفضلاء من سائر المذاهب من اهل مصر بل وغيرها من تلامذته‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫من البدر الطالع المنتخب من الضوء اللامع لأهل القرن التاسع‪.‬‬


‫)*(‬
‫واشتدت رغبتهم في الأخذ عنه وتزاحموا عليه وهرعوا صباحا ومساء إليه‪ ،‬وامتدحه من الشعراء‪ :‬الشهاب المنصوري وغيره كل ذلك‬
‫من الشهامة وحسن الشكالة والأبهة وبشاشة الوجه ومحبة الحديث وأهله وقد حضرت كثيرا من دروسه وتقنعه بخلوة في الجمالية يسكنها‬
‫وأمة سوداء لقضاء وطره وغير ذلك وقد استقر به قانباى الجركسى في خطابة تربته ومشيخة الصوفية بها وتحول إليها ولم يكن يحابى‬
‫في الدين أحدا بحيث التمس منه بعض الشبان من ذوى البيوت إذنه له في التدريس بعد أن أهدى إليه شيئا فبادر لرد الهدية وامتنع‬
‫من الإذن وربما كتب فيما لا يرتضيه لقصد جميل ككتابته على كراس من تفسير البقاعي الذى سماه المناسبات فإنه قال لى حين‬
‫عاتبتة على ذلك إنما كتبت لصونه عما رام تمر يغا أن يوقعه به ووالل ّٰه ما طالعته وليس هو عندي في زمرة العلماء ولم تَكُن لَه رغبة في‬
‫الكتابة على الفتوى مع سؤالهم له ولا في حضور عقود المجالس وقد خطبه الشهاب ابن العينى أيام ضخامته للحضور عنده وأح عليه وكان‬
‫قرره متصدرا فيما جده بمدرسة جده فلم يجد بدا من إجابته وجاء العبادي ليجلس فوقه بينه وبين الحنفي فما مكنه الشهاب وحول‬
‫العبادي إلى جهة يمينه‪ ،‬بل خطب لقضاء الحنفية فأبى بعد مجئ كاتب السر إليه وإخباره بأنه إن لم يجب نزل إليه السلطان فصمم‬
‫وقال الاختفاء ممكن فقال له كاتب السر فبماذا تجيب إذا سألك الل ّٰه تعالى عن امتناعك بعد تعينه عليك فقال يفتح الل ّٰه تعالى حينئذ‬
‫بالجواب ولم يزل على وجاهته إلى أن تعلل ومات في ليلة الأحد سابع عشر ذى الحجة سنة اثنين وسبعين وثمانمائة بمنزل سكنه من التربة‬
‫المشار إليها وصلى عليه عند بابها ودفن بها وخلف ذكرين وأنثى من جار ية وألف دينار وحفظت جهاته لولديه رحمه الل ّٰه تعالى وإيانا‪.‬‬
‫ن الرحيم اللهم صلى على محمد وآله وسلم‪.‬‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ب ِس ْ ِم َ‬
‫قال الفقيه القاضي الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى رحمة الل ّٰه عليه‪:‬‬

‫ظاهِرِ ل َا تَخ َُي ّلا وَل َا وَه ْمًا‪ ،‬ال ْبَاطِ ِ‬


‫ن ب ِس ْ ِم‬ ‫ْس د ُونَه ُ مُنْت َهً ى وَل َا وَر َاءَه ُ م َْرم ًى‪ ،‬ال َ ّ‬ ‫ا ْلحم َْد ُ ل َِل ّه ِ المُنْفَرِدِ ب ِاسْمِه ِ الأَ سْم َى‪ ،‬المخُ ْت ّ ِ‬
‫َص ب ِال ْع ِزِ ّ الأَ حْم َى‪ ،‬ال َ ّذ ِي لَي َ‬
‫ن الرحيم أما بعد حمد الل ّٰه على إفضاله‪.‬‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫َ‬
‫وصلواته عَلَى نَب ِي ّه مُحَم ّد وآله‪ ،‬فيقول الفقير إلى الل ّٰه تعالى‪ :‬أحمد بن محمد بن محمد بن حسن الشمنى‪ ،‬ختم الل ّٰه بالسعادة أغماله‪ ،‬وجعل الجنة‬
‫الل ّه َ تَع َالَى عِنْد َ إقرائي للشفاء شيئا من تفسير مفرداته‪ ،‬ونبذا من فتح مغلقاته‪ ،‬وحل مشكلاته‪ ،‬فجمعت ذلك نفعا‬
‫منقلبه ومآله‪ :‬قد يسر َ‬
‫لطالبيه‪ ،‬وإعانة لمحصليه وقارئيه‪ ،‬وسميته‬
‫بمز يل الخفاء عن الفاظ الشفاء‬
‫ومن الل ّٰه أطلب التوفيق‪ ،‬والهداية إلى سواء الطر يق‪.‬‬
‫ْس د ُونَه ُ مُنْت َهً ى( في الصحاح دون نقيض فوق وهو تقصير عن الغاية‪ ،‬و يقال هذا دون‬
‫)قوله المختص( أي المنفرد والممتاز )قوله لَي َ‬
‫ذاك أي أقرب منه انتهى‪.‬‬
‫والمعنى هنا أنه تعالى ليس في جهة وحيز‪ ،‬ولا على مسافة وامتداد لأن كل ذى جهة ومسافة للقرب منه نهاية‪ ،‬وليس للقرب منه‬
‫تعالى نهاية‪ ،‬فليس في جهة‪ ،‬فهو من باب نفى الشئ بنفى لازمه )قوله ولا ورائه مرمى( قال ابن الأثير في النهاية‪ :‬أي ليس بعد الل ّٰه‬
‫لطالب مطلب‪ ،‬فإليه انتهت العقول فليس وراء معرفته والإيمان به غاية تقصد‪.‬‬
‫والمرمى في الأصل‪ :‬الغرض الذى ينتهى إليه سهم الرامى )قوله الظاهر( أي بالدلالة الدالة على وجوده قطعا و يقينا لا تخيلا ووهما‬
‫)قوله الباطن( أي بحقيقته فلا تدرك كنهه العقول‪.‬‬
‫)*(‬
‫تَق َ ُ ّدسًا لا ع ُ ْدم ًا‪ ،‬وسع كل شئ رَحْم َة ً وَع ِل ْمًا‪ ،‬و َأَ سْ ب َ َغ عَلَى أَ وْلِيَائِه ِ نِعَم ًا ع ًُم ّا‪ ،‬و َبَع َثَ ف ِيه ِ ْم رَسُولا م ِنْ أَ نْفُسِه ِ ْم أَ نْفُسِه ِ ْم ع َرَ ب ًا وَعَجَم ًا‪ ،‬و َأَ ْزك َاه ُ ْم‬
‫سم ًا‪،‬‬ ‫ش ّدِه ِ ْم بِه ِ ْم ر َأْ ف َة ً وَرُحْمًا‪ ،‬ز َ َكّاه ُ ر ُوح ًا و َ ِ‬
‫ج ْ‬ ‫مح ْتِدًا وَمَنْم ًى‪ ،‬و َأَ رْجَ حِه ِ ْم عَقْلا وَحِل ْمًا‪ ،‬و َأَ وْفَرِه ِ ْم ع ِل ْمًا و َف َ ْهم ًا‪ ،‬و َأَ ق ْوَاه ُ ْم يَق ِينًا وَع َْزم ًا‪ ،‬و َأَ َ‬
‫َ‬
‫وَح َاشَاه ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫الل ّه ُ لَه ُ فِي مَغْن َ ِم ال َ ّ‬


‫سع َادَة ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ح بِه ِ أَ عْيُنًا عُم ْيًا و َقُلُوب ًا غُلْف ًا وآذ َان ًا ص ًُم ّا‪ ،‬ف َآم َ َ‬
‫ن بِه ِ وَع َ َّزرَه ُ و َنَصَرَه ُ م َنْ َ‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة ً وَح ُكْ مًا‪ ،‬و َفَت َ َ‬ ‫عَي ْبًا وَو َصْ مًا و َآت َاه ُ ِ‬

‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ الشقاء حتما‪،‬‬


‫َف ع َنْ آي َاتِه ِ م َنْ كَت َبَ َ‬ ‫سم ًا‪ ،‬وَك َ َذّبَ بِه ِ و َ َ‬
‫صد َ‬ ‫قَ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله تقدسا( أي تنزها وتعاليا )قوله عما( بضم المهملة وتشديد الميم جمع عميمة أي تامة يقال نخلة عميمة ونخل عم إذا كانت طوالا‬
‫وامرأة عميمة تامة القوام والخلقة )قوله من أنفسهم أنفسهم( الأول بضم الفاء جمع نفس بسكون الفاء‪ ،‬والثانى بفتحها من النفاسة أي‬
‫أعلاهم وأشرفهم )قوله عربا وعجما( العرب بضم المهملة وسكون الراء وبفتحهما جيل من الناس وهم أهل الأمصار‪ ،‬والأعراب‬
‫منهم سكان البادية خاصة والعجم بضم المهملة وسكون الجيم وبفتحهما خلاف العرب )قوله وأزكاهم( أي أطهرهم )قوله محتدا( هو‬
‫بميم مفتوحة فمهملة ساكنة فمثناة فوقية مكسورة فدال مهملة‪ :‬الأصل والطبع كذا في القاموس )قوله ومنمى( هو بميم مفتوحة فنون‬
‫ساكنة مصدر ميمى بمعنى النمو )قوله وأوفرهم( أي أزيدهم )قوله رأفة( هي أشد الرحمة )قوله ورحما( هو بضم الراء فسكون المهملة‬
‫الرحمة قال الل ّٰه تعالى )وأقرب رحما( )قوله وحاشاه عيبا ووصما( يقال حاشيته بمعنى استثنيته والمعنى أنه تعالى استثناه وأخرجه من‬
‫العيب والوصم أي العار )قوله وآتاه( بمد الهمزة أي أعطاه )قوله حكمة وحكما( الحكمة علم الشرائع وقيل كل كلام وافق الحق والحكم‬
‫بضم المهلة القضاء )قوله وعزره( بمهملة مفتوحة فزاى مشددة فراء أي وقره وعظمه )قوله وصدف( بمهلتين مفتوحتين ففاء‪ :‬أي‬
‫أعرض )قوله حتما( أي لازما )*(‬
‫س َل ّم َ تَسْلِيم ًا‪.‬‬
‫س َل ّم َ صَلاة ً تَنْمُو و َتنُْمَى‪ ،‬و َعَلَى آلِه ِ و َصَ ح ْبِه ِ و َ َ‬ ‫خرَة ِ أَ عْم َى( صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ‬ ‫)وَم َنْ ك َانَ فِي هَذِه ِ أَ عْم َى فَه ُو َ فِي الآ ِ‬
‫سه ِ‪ ،‬و َأَ ْوحَشَه ُ ْم من‬
‫ل ق ُ ْد ِ‬ ‫ن ش َ َرّفَهُم ُ َ‬
‫الل ّه ُ بِن ُز ُ ِ‬ ‫َف بأَ وْلِيَائِه ِ ال ْم َُت ّق ِينَ‪ :‬ال َ ّذ ِي َ‬
‫ك بِما لَط َ‬
‫َف لي وَل َ َ‬
‫ك ب ِأَ ن ْوَارِ ال ْيَق ِينِ‪ ،‬و َلَط َ‬ ‫)أَ َمّا بَعْد ُ( أَ شْر َقَ َ‬
‫الل ّه ُ قَلْبِي و َقَل ْب َ َ‬

‫الخليفة ب ُِأن ْ ِسه ِ‪ ،‬و َ َ‬


‫خ َص ّه ُ ْم م ِنْ مَعْرفَتِه ِ‪ ،‬وَمُشَاهَدَة ِ عَجَائ ِِب‬
‫__________‬
‫خرَة ِ لا يرى طر يق النجاة‪ ،‬وقيل‬
‫خرَة ِ أَ عْم َى( أي م َنْ ك َانَ فِي الدنيا لا يبصر رشده ك َانَ فِي الآ ِ‬
‫)قوله وَم َنْ ك َانَ فِي هَذِه ِ أَ عْم َى فَه ُو َ فِي الآ ِ‬
‫أعمى الثاني للتفصيل ولذلك عطف عليه أضل وأمال الأول ولم يمله أبو عمر و يعقوب لأن أفعل التفضيل تمامه بمن فكانت ألفه في‬
‫حكم المتوسطة كما في أعمالهم )قوله تنمو( كذا في غالب النسخ‪.‬‬
‫وفى بعضها تنمى بفتح المثناة الفوقية وكسر الميم )قوله تنمى( بضم المثناة الفوقية وفتح الميم في الصحاح‪ :‬نمى المال وغيره ينمى نماء وربما‪.‬‬
‫قالوا ينمو نموا وأنماه الل ّٰه قال الـكسائي ولم أسمعه بالواو إلا من أخوين من بنى سليم ثم سألت عنه بنى سليم فلم يعرفوه بالواو والمعنى أنها‬
‫تزيد عددا ويزيدها الل ّٰه نوابا‪.‬‬
‫)قوله أما لعد( ذكر النووي في باب الجمعة من شرح مسلم أنه اختلف العلماء في أول من تكلم بأما بعد‪ :‬فقيل داود عليه السلام وقيل‬
‫يعرب بن قحطان وقيل قيس ابن ساعدة وقيل بعض المفسرين أو كثير منهم إنه فصل الخطاب الذى أوتيه داود وقال المحققون فصل‬
‫الخطاب‪ :‬الفصل بين الحق والباطل انتهى‪ ،‬وفي الـكشاف ويدخل فيه يعنى في فصل الخطاب أما بعد فإن المتكلم إذا أراد أن يخرج‬
‫إلى الغرض المسوق إليه فصل بينه وبين ذكر الل ّٰه تعالى بقوله أما بعد انتهى‪.‬‬
‫وفي غريب مالك لدار قطني بسند ضعيف أن يعقوب عليه السلام لما جاءه ملك الموت قال كان من جملة كلامه أما بعد فإنا أهل‬
‫بيت موكل بنا البلاء وهذا يدل على أن أول من تكلم به يعقوب عليه السلام )قوله أشرق( بالمعجمة والقاف أي أضاء )قوله ولطف‬
‫لى( في الصحاح اللطف من الل ّٰه التوفيق والعصمة وفي المجمل‪ :‬اللطف من الل ّٰه الرأفة والرفق )قوله بنزل قدسه( النزل بضم النون والزاى‬
‫الطعام الذى يهيأ للضيف‪.‬‬
‫)*(‬
‫حدًا‪ ،‬و َل َ ْم ي َرَوْا فِي ال َد ّار َي ْ ِن غَيْرَه ُ مُشَاهَدًا‪،‬‬ ‫م َلـَكُوتِه ِ و َآث َارِ ق ُ ْدر َتِه ِ‪ :‬بِمَا م َل َ َأ قُلُو بَه ُ ْم حَبْرَة ً‪ ،‬وَوَل َ ّه َ عُق ُولَه ُ ْم فِي عَظَم َتِه ِ حَيْرَة ً‪ ،‬فَجَع َلُوا ه َم ّه ُ ْم بِه ِ و َا ِ‬
‫ل عَلَيْه ِ يَتَع ََز ّز ُونَ‪ ،‬لَهِجِينَ‬ ‫َالت ّو َ ُكّ ِ‬ ‫فَه ُ ْم بِمُشَاهَدَة ِ جَمَالِه ِ وَج َلَالِه ِ يَتَن َع ّم ُونَ‪ ،‬و َبَيْنَ آثاري ق ُ ْدر َتِه ِ وَعَجَائ ِِب عَظَم َتِه ِ يَتَر َ َدّد ُونَ‪ ،‬و َبالانْقِط ِ‬
‫َاع ِإلَيْه ِ و َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫يف بِق َ ْدرِ ال ْم ُصْ طَفَى عَلَيْه ِ َ‬


‫الصّ لَاة ُ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّعْرِ َ‬ ‫ض َمّ ُ‬ ‫ل فِي مَج ْم ٍ‬
‫ُوع يَت َ َ‬ ‫ك ك ََر ّرْتَ عَل َيّ ال ُ ّ‬
‫سؤَا َ‬ ‫ق قَو ْلِه ِ قل اللهم ث َُم ّ ذَرْه ُ ْم فِي خوضهم يلعبون‪ ،‬ف َِإ َن ّ َ‬
‫بِصَادِ ِ‬
‫ظ ْفرٍ‪،‬‬ ‫ك الْق َ ْدرِ‪ ،‬أ ْو ق َ َص ّر َ فِي حَقّ ِ مَن ْصِ بِه ِ الْجل َِي ِ‬
‫ل قُلَام َة َ ُ‬ ‫ِيم ذَل ِ َ‬ ‫يج ِبُ لَه ُ م ِنْ تَو ْق ِيرٍ و َإك ْرَا ٍم‪ ،‬وَم َا ح ُ ْكم ُ م َنْ ل َ ْم يُو ّ ِ‬
‫َف و َاجِبَ عَظ ِ‬ ‫و َال َ ّ‬
‫سلَام ُ‪ ،‬وَم َا َ‬

‫ك ح ََم ّل ْتَنِي م ِنْ ذَل ِ َ‬


‫ك أمْرًا ِإمْرًا‪،‬‬ ‫الل ّه ُ أَ َن ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫ك م ِنْ مَق َالٍ‪ ،‬و َ ُأبَي ِّن َه ُ بتَِنْز ِي ِ‬
‫ل صُو َ ٍر و َأَ مْثَالٍ‪ ،‬فَاع ْل َ ْم أك ْرَم َ َ‬ ‫ك م َا لأَ سْ لاف ِنَا و َأَ ئ َِم ّت ِنَا فِي ذَل ِ َ‬
‫و َأ ْن أَ جْم َ َع ل َ َ‬
‫ك يَسْتَدْعِ ي ت َ ْقدِير َ‬‫ن الْك َلَام َ فِي ذَل ِ َ‬ ‫و َأَ رْهَقْتَنِي ف ِيم َا نَد َب ْتَنِي ِإلَيْه ِ عُسْر ًا‪ ،‬و َأَ رْقَي ْتَنِي بِمَا كلفتني مر تقى صعبا‪ ،‬ملأ قلى رُعْبًا‪ ،‬ف َِإ َ ّ‬
‫__________‬
‫قوله ملـكوته( الملـكوت فعلوت من الملك )قوله م َل َ َأ قُلُو بَه ُ ْم حَبْرَة ً( الحـبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة السرور‪ ،‬قال الل ّٰه تعالى )فهم‬
‫في روضة يحـبرون( أي ينعمون ويسرون )قوله فِي عَظَم َتِه ِ حَيْرَة ً( الحـيرة بالمهملة والمثناة التحتية والراء‪ :‬مصدر حار يحار )قوله قلامة‬
‫ظفر( القلامة بضم القاف‪ :‬ما سقط من الظفر والعرب تكفى به عن الشئ الحقير‪.‬‬
‫قال أبو البقاء‪ :‬الجمهور على ضم الظاء والفاء من ظفر و يقرأ بإسكان الفاء‪ ،‬و يقرأ بكسر الظاء وإسكان الفاء )قوله أمرا إمرا( الأول‬
‫بفتح الهمزة بمعنى شئ والثانى بكسرها بمعنى شديد وقوله تعالى )لقد جئت شيئا إمرا( أي منكرا و يقال عجبا كذا في الصحاح )قوله‬
‫وأرهقتني( في الصحاح أرهقه عسرا أي كلفه إياه )قوله وأرقيتني( أي أصعدتني‪.‬‬
‫)*(‬
‫يج ِبُ ل ِ َلن ّب ِ ِيّ و َيُض ُ‬
‫َاف ِإلَيْه ِ‪ ،‬أ ْو يَم ْتَن ِـ ُع أَ ْو يَج ُوز ُ عَلَيْه ِ‪ ،‬وَمَعْرِف َة َ‬ ‫ِض وَد َقَائَقَ‪ ،‬م ِنْ عِلْم ِ الْحَق َائِقِ‪ ،‬م َِم ّا َ‬
‫ْف ع َنْ غ َوَام َ‬ ‫ُأصُولٍ‪ ،‬و َ َ‬
‫تحْرِير َ فُصُولٍ‪ ،‬و َال ْـكَش َ‬

‫ص هَذِه ِ ال َد ّرَجَة ِ الْعَل َِي ّة ِ‪ ،‬و َهَه ُنَا مَهَام ِه ُ ف ِي ٌ‬


‫ح تَحَار ُ ف ِيهَا الْقَطَا‪ ،‬و َتَقْص ُر ُ بِهَا الخطا‪،‬‬ ‫خصَائ ِ ِ‬ ‫ل و َالرّسَالَة ِ و ُ‬
‫َالن ّب َُو ّة ِ‪ ،‬و َال ْمَح ََب ّة ِ و َالْخِلَ ّة ِ و َ َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ َ‬
‫والر ّسُو ِ‬ ‫َ‬

‫الل ّه ِ و َت َأْ ييِدٍ‪ ،‬لـَكِن ِ ّي‬


‫ن َ‬ ‫ق مِ َ‬ ‫ِض تَز ِ ُ ّ‬
‫ل بِهَا الْأَ قْد َام ُ إ ْن ل َ ْم تَعْتَمِ ْد عَلَى تَو ْف ِي ٍ‬ ‫سدِيدٍ( وَم َداح ُ‬ ‫ل تَضِ ُ ّ‬
‫ل ف ِيهَا الأَ حْلَام ُ إ ْن ل َ ْم تَه ْتَدِ بِع َلَم ِ عِلْم ٍ و َنَظَرٍ َ‬ ‫مجَاه ِ ُ‬
‫وَ َ‬
‫خصَائ ِصِ ه ِ َال ّتِي ل َ ْم َ‬
‫تج ْتَمِـعْ‬ ‫ن َ‬
‫ِيم‪ ،‬و َبَيَا ِ‬
‫ِيم‪ ،‬وَخ ُلُقِه ِ الْعَظ ِ‬
‫يف ق َ ْدرِه ِ الْجَس ِ‬
‫اب‪ ،‬بتَِعْرِ ِ‬
‫ل وثَو َ ٍ‬
‫اب‪ ،‬م ِنْ نَوَا ٍ‬
‫ل و َالْجَو َ ِ‬ ‫ك فِي هَذ َا ال ُ ّ‬
‫سؤَا ِ‬ ‫جو ْتُه ُ ل ِي وَل َ َ‬
‫لم َِا ر َ َ‬

‫ن ُأوتُوا الْكِتَابَ و َيَزْد َاد َ ال َ ّذ ِي َ‬


‫ن آم َن ُوا إيمانا(‬ ‫ن ال َ ّذ ِي َ‬ ‫ح َ ّقه ِ ال َ ّذ ِي ه ُو َ أرْف َ ُع الْحُق ُو ِ‬
‫ق )لِيَسْتَيْق ِ َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى بِه ِ م ِنْ َ‬
‫مخ ْلُوقٍ‪ ،‬وَم َا يُد َانُ َ‬
‫ل فِي َ‬
‫قَب ْ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله مهامه( جمع مهمه بميمين مفتوحتين بينهما هاء ساكنة وفى آخره هاء وهى المفازة )قوله فيح( بكسر الفاء فالمثناة التحتية الساكنة‬
‫فالمهملة جمع فيحاء بفتح الفاء والمد بمعنى واسعة )قوله القطا( بالقاف والهملة والقصر جمع قطاة‪ :‬طائر يضرب به المثل في الهداية قال‬
‫ابن ظفر القطا يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة أيام وأكثر فيرده فيما بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ثم يرجع فلا‬
‫يخطئ لا صادرا ولا واردا )قوله ومجاهل( بفتح الميم جمع مجهل وهو المفازة لا علامة فيها )قوله تضل( بفتح الأول وكسر الثاني أي‬
‫تضيع )قوله بعلم( بفتحتين العلامة والجبل )قوله ومداحض( جمع مدحض اسم مكان من الدحض وهو الزلق )قوله لما رجوته( بكسر‬
‫الل ّهُ‪ ،‬وقوله لما حدثنا‪ ،‬وكل من اللامات الثلاث متعلق بمحذوف مؤخر‬
‫اللام وتخفيف الميم وكذلك ما عطف عليه من قوله و َلم َِا أَ خَذ َ َ‬
‫أي لهذه الأمور الثلاثة عزمت على ما ذكرت على السؤال فيه فبادرت )قوله الجسيم( يقال جسم الرجل إذا عظم‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه ُ بِق ِرَاءَتِي‬
‫ن أَ حْمَد َ الْفَق ِيه ُ رَحِم َه ُ َ‬ ‫ن ُأوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَي ِّن َُن ّه ُ ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س وَل َا تَكْتُم ُونَه ُ‪ ،‬و َلم َِا ح َ َ ّدثَنَا بِه ِ أَ بُو ال ْوَلِيدِ هِشَام ُ ب ُ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى عَلَى ال َ ّذ ِي َ‬
‫و َلم َِا أَ خَذ َ َ‬
‫النمَّر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أبو محمد بن عبد المؤمن حدثنا أبو بكر محمد بن بَكْر ٍ ح َ َ ّدثَنَا سُلَيْم َانُ ابن‬
‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أبُو ع ُم َر َ َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا الْحُسَيْنُ ب ُ‬
‫عَلَيْه ِ‪ ،‬قَا َ‬

‫ن الْحَكَم ِ ع َنْ عَطَاء ٍ ع َنْ أَ بِي هريرة رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا ح ََم ّاد ٌ أخْبَر َن َا عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬ ‫َث ح َ َ ّدثَنَا م ُوس َى ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬ ‫الأَ شْ ع ِ‬
‫َت سَاف ِرَة ٍ ع َنْ وَجْه ِ الْغ َرَضِ‪ ،‬م ُؤَدِّي ًا م ِنْ‬
‫الل ّه ُ بِل ِج َا ٍم م ِنْ ن َا ٍر يَوْم َ الق ِيَامَة ِ‪ ،‬فَبَادَرْتُ ِإلَى نُك ٍ‬
‫ل ع َنْ عِلْم ٍ فَكَتَم َه ُ أَ ْلجم ََه ُ َ‬
‫الل ّٰه عليه وسلم )م َنْ سُئ ِ َ‬
‫ن و َال ْبَالِ‪ ،‬بِمَا قلَُ ّدَه ُ م ِنْ مَق َالِيدِ الْمِح ْنَة ِ َال ّتِي اب ْتُلِي َ بِهَا‬
‫ل ال ْبَد َ ِ‬
‫شغ ْ ِ‬
‫صدَدِه ِ م ِنْ ُ‬
‫ستُهَا عَلَى اسْ تِعْج َالٍ‪ ،‬لم َِا ال ْمَر ْء ُ ب ِ َ‬ ‫ك الْح َقّ ال ْمُفْتَر َ‬
‫َض‪ ،‬اخْ تَل َ ْ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله النمري( بفتح النون والميم نسبة إنى نمر بفتح النون كسر الميم أي قبيلة‪ ،‬فتحوا ميمه في النسبة كراهية توالى الـكسرات كذا في‬
‫َث( هو الحافظ أبو داود صاحب السنن‬
‫ن الأَ شْ ع ِ‬
‫الصحاح )قوله أبو بكر( هو ابن داسة بمهملتين أحد رواة أبى داود )قوله سُلَيْم َانُ ب ْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫كانت وفاته يوم الجمعة سادس عشر شوال سنة خمس وسبعين ومائتين وكان مولده فيما حكاه أبو بيدة الأجرى سنة ثنتين ومائتين )قوله‬
‫ل ع َنْ علم( المراد علم يلزم ويتعين تعليمه )قوله فبادرت( عطف على‬
‫ن دينار أحد الأعلام )قوله م َنْ سُئ ِ َ‬
‫حدثنا حماد( هو أَ بُو سَلَم َة َ ب ْ ُ‬
‫ما قدرناه آنفا متعلقا للامات الثلاث )قوله والنكت( بضم النون وفتح الكاف وبالمثناة الفوقية جمع نكتة بضم النون وسكون الكاف‬
‫وهي كل نقطة من بياض في سواد وعكسه‪ ،‬ونكت الكلام‪ :‬لطائفه ودقائقه الى تفتقر إلى تفكر ونكت في الأرض )قوله اختلستها(‬
‫الاختلاس بالخاء المعجمة‪ :‬اختطاف الشئ بسرعة )قوله والبال( بالموحدة القلب والحال‪ ،‬والمراد الأول‪.‬‬
‫)*(‬
‫شغْلَه ُ و َه َم ّه ُ ك َُل ّه ُ‪،‬‬
‫ل ُ‬
‫ن خَيْر ًا لَجَع َ َ‬
‫الل ّه ُ ب ِال ِْإنْس َا ِ‬
‫ل‪ ،‬و َلَو ْ أَ ر َاد َ َ‬
‫س ْف ٍ‬
‫ل َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّ ْقوِي ِم ِإلَى أسْ ف َ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ل‪ ،‬و َت َر ُ ُدّ بَعْد َ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ض و َن َ ْف ٍ‬
‫ل فَر ْ ٍ‬
‫ل ع َنْ ك ُ ّ ِ‬
‫َت ت َ ْشغ َ ُ‬
‫فَك َاد ْ‬

‫ل صَالِ ٍح يَسْتَز ِيدُه ُ‪،‬‬


‫َاب الْ جحَ ِِيم‪ ،‬و َلَك َانَ عَلَيْه ِ بِ خ ُو َيْصَتِه ِ‪ ،‬و َاسْ تِنْق َاذِ مُهْجَتِه ِ‪ ،‬و َع َم َ ٍ‬ ‫ْس ث ََم ّ سِو َى نَضْرَة ِ َ‬
‫الن ّع ِِيم أ ْو عَذ ِ‬ ‫ف ِيم َا يُحْمَد ُ غَدًا وَل َا يُذ َ ُمّ َ‬
‫محَلُ ّه ُ‪ ،‬فَلَي َ‬

‫ل جَم ِي َع اسْ تِعْد َادِن َا لم َِع َادِن َا‪ ،‬و َتَو َُف ّرِ دَو َاعِينَا ف ِيم َا ي ُ ْنج ِينَا‬
‫جع َ َ‬
‫ص ْدعَ قُلُوبنَِا‪ ،‬وَغَف َر َ عَظ ِيم َ ذ ُنُوبنَِا‪ ،‬و َ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى َ‬ ‫وَعِلْم ٍ ن َاف ٍ‬
‫ِـع يُف ِيدُه ُ أ ْو يستفيد‪ ،‬ج َبَر َ َ‬
‫يحْظ ِينَا بِمَنِّه ِ وَرَحْمَتِه ِ‪.‬‬
‫و َيُق َرِّبُنَا ِإلَيْه ِ زُلْفَى‪ ،‬و َ ُ‬
‫حصْرَه ُ‬ ‫و َل َم ّا نَو َي ْتُ تقريبه‪ ،‬ودجت تَبْوِيب َه ُ‪ ،‬وَم َه ّدْتُ ت َأْ صِيلَه ُ وَخ ََل ّصْ تُ تَفْصِ يلَه ُ‪ ،‬و َانْتَحَي ْتُ َ‬
‫__________‬
‫شغْلَه ُ و َه َم ّه ُ ك َُل ّه ُ ف ِيم َا يُحْمَد ُ غَدًا وَل َا يُذ َ ُمّ محله( بمعنى فيما يحمد بفعله‬
‫ل ُ‬
‫)قوله سفل( هو بضم المهملة وكسرها وسكون الفاء )قوله لَجَع َ َ‬
‫واجبا كان أو نفلا أو فيما يذم بتركه وهو الواجب وكل من يحمد ويذم مبنى للفاعل وفاعله مستتر فيه عائد على العبد في قوله ولو أراد‬
‫بعبد خيرا والظاهر أن المراد بما يذم محله الحرام‪.‬‬
‫كي َْف يكون شغل العبد الذى يريد به خيرا في الحرام‪ ،‬أجيب بأن الشغل أعم من الشغل بالفعل والشغل بالترك فشغل العبد‬
‫ف َِإ ْن ق ِيلَ‪َ :‬‬
‫الل ّه ُ بِه ِ خَيْر ًا فيما يحمد محله بفعله وشغله فيما يذم محله بتركه )قوله بخوبصة( بضم المعجمة وتشديد الصاد المهملة تصغير خاصة‬
‫الذى يريد َ‬
‫والمراد هنا نفسه أو الأمر الذى يختص به )قوله واستنقاذ( بالقاف والذال المعجمة أي تخليص‪ ،‬والمهجة الروح والدم )قوله و يحظينا(‬
‫بضم المثناة التحتية وسكون المهملة وكسر المعجمة أي يفضلنا )قوله ولما نويت( لما هذه بفتح اللام وتشديد الميم )قوله ودرجت( بفتح‬
‫الدال المهملة وتشديد الراء‪ ،‬وفى الصحاح‪ :‬درجه إلى كذا واستدرجه‪.‬‬
‫أي أدناه منه على التدريج )قوله وانتحيت( بالحاء المهملة بعدها مثناة تحتية بمعنى قصدت‪.‬‬
‫)*(‬
‫تح ْصِ يلَه ُ‪.‬‬
‫وَ َ‬
‫ق المُصْ طَفَى( وَحَصَرْتُ الْك َلَام َ ف ِيه ِ فِي أرْبَعَة ِ أَ قْسَا ٍم‪:‬‬
‫حق ُو ِ‬
‫يف ُ‬
‫شف َا بتَِعْرِ ِ‬
‫تَرْجَم ْت ُه ُ )ب ِال ِّ‬
‫ِيم الْعَل ِ ِيّ الأَ ع ْلَى‪ ،‬لِق َ ْدرِ هَذ َا َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ قَوْل ًا و َفِعْل ًا‬ ‫)الْقِسْم ُ الأَ َ ّولُ( فِي تَعْظ ِ‬
‫و َتَو َ َجّه َ الْك َلَام ُ ف ِيه ِ فِي أرْبَعَة ِ أب ْو َ ٍ‬
‫اب‪:‬‬
‫ال ْبَابُ الأَ َ ّولُ‪ :‬فِي ثَنَائِه ِ تَع َالَى عَلَيْه ِ و َإظْ ه َارِه ِ عَظ ِيم َ ق َ ْدرِه ِ لَدَيْه ِ‪ ،‬و َف ِيه ِ ع َشَرَة ُ فُصُولٍ‪.‬‬

‫سبْع َة ٌ وعشرين ف َصْ ل ًا‪.‬‬ ‫ن خ َلْق ًا وَخ ُلُق ًا وقرانه جميع الفضائل الد ِّين َِي ّة ِ و َال ُد ّن ْيَوِ َي ّة ِ ف ِيه ِ نَسَق ًا‪ ،‬و َفيه ِ َ‬
‫س َ‬ ‫الث ّانِي‪ :‬فِي ت َ ْ‬
‫كم ِيلِه ِ تَع َالَى لَه ُ ال ْم َح َا ِ‬ ‫ال ْبَابُ َ‬
‫الل ّه ُ بِه ِ فِي ال َد ّار َي ْ ِن م ِنْ كرامته‪ ،‬و َف ِيه ِ اث ْنَا‬
‫ِيم ق َ ْدرِه ِ عِنْد َ ربه ومنزلته وَم َا خ ََصّ ه ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ْبَابُ َ‬
‫الث ّال ِثُ ‪ :‬ف ِيم َا وَرَد َ م ِنْ صَ ح ِيح الأخبار ومشهورها بِعَظ ِ‬
‫ع َشَر َ ف َصْ ل ًا‪.‬‬
‫َات‪ ،‬و َف ِيه ِ ثَلاثُونَ ف َصْ ل ًا‪.‬‬
‫ص و َالـْك َرَام ِ‬ ‫ات و َش َ َرّف َه ُ بِه ِ م َ‬
‫ن الْخَصَائ ِ ِ‬ ‫َات و َال ْمُعْجِز َ ِ‬
‫ن الآي ِ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى عَلَى يَد َيْه ِ م ِ َ‬ ‫ال ْبَابُ َ‬
‫الر ّابعُ‪ :‬ف ِيم َا أَ ظْ ه َرَه ُ َ‬
‫الصّ لَاة ُ و َال َ ّ‬
‫سلَام ُ‬ ‫حق ُوقِه ِ عَلَيْه ِ َ‬
‫يج ِبُ عَلَى الْأَ ن َا ِم م ِنْ ُ‬ ‫)الْقِسْم ُ َ‬
‫الث ّانِي( ف ِيم َا َ‬
‫اب‪:‬‬ ‫و َيَتَر َ َت ّبُ الْقَو ْ ُ‬
‫ل ف ِيه ِ فِي أَ رْبَعَة ِ أَ ب ْو َ ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦‬‬
‫مقدمات‬ ‫‪١‬‬

‫ال ْبَابُ الأَ َ ّولُ‪ :‬في فرض الإيمان به ووجوب طاعته و َات ّبِ َ ِ‬
‫اع س َُن ّتِه ِ‪ ،‬و َف ِيه ِ خَمْسَة ُ فَصُولٍ‪.‬‬
‫مح َب ّتِه ِ وَم ُنَاصَ حَتِه ِ‪ ،‬و َف ِيه ِ س َِت ّة ُ فُصُولٍ‪.‬‬ ‫ال ْبَابُ َ‬
‫الث ّانِي‪ :‬فِي لُزُو ِم َ‬
‫ل‬
‫سبْع َة ُ فَصُو ٍ‬
‫ِيم أَ ْمرِه ِ و َلُزُو ِم تَو ْق ِيرِه ِ و َبِرِّه ِ‪ ،‬و َف ِيه ِ َ‬ ‫ال ْبَابُ َ‬
‫الث ّال ِثُ ‪ :‬فِي تَعْظ ِ‬
‫ك و َف َضِ يلَتِه ِ‪ ،‬و َف ِيه ِ ع َشَرَة ُ فُصُولٍ‪.‬‬
‫ض ذَل ِ َ‬
‫الباب الرابع‪ :‬في حكم الصلاة عليه والتسليم و َفَر ْ ِ‬

‫ن ا ْل ُأم ُورِ ال ْب َشَر َِي ّة ِ أ ْن يُض َ‬


‫َاف ِإلَيْه ِ‬ ‫س َل ّم َ وَم َا يَج ُوز ُ عَلَيْه ِ وَم َا يَم ْتَن ِـ ُع و َيَصِ ُحّ م ِ َ‬ ‫ح ّقِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل فِي َ‬ ‫)الْقِسْم ُ َ‬
‫الث ّال ِثُ ( ف ِيم َا يَسْتَحِي ُ‬

‫َات‪ ،‬و َال َد ّل َائ ِ ِ‬


‫ل عَلَى م َا نُورِدُه ُ‬ ‫اب‪ ،‬وَم َا قَبْلَه ُلَه ُ ك َالْق َوَاعِدِ و ََالتمّْه ِيد ِ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى ‪ -‬ه ُو َ س ِ ُرّ الْكِت َ ِ‬
‫اب‪ ،‬و َلُبَابُ ثَم َرَة ِ هَذِه ِ الْأَ ب ْو َ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫و َهَذ َا القِسْم ُ ‪ -‬أَ ك ْرَم َ َ‬
‫يف وَعْدَه ُ‪ ،‬وَعِنْد َ التقصى لموهدته‪ ،‬و َ‬
‫َالت ّفَص ِّي ع َنْ ع ُ ْهد َتِه ِ‪،‬‬ ‫ض هَذ َا َ‬
‫الت ّأْ ل ِ ِ‬ ‫ات‪ ،‬و َه ُو َ الْحا َكِم ُعَلَى م َا بَعْدَه ُ‪ ،‬و َال ْمُنْجِز ُ م ِنْ غ َرَ ِ‬
‫َت البَي ِّن َ ِ‬ ‫ن ُ‬
‫الن ّك ِ‬ ‫ف ِيه ِ م ِ َ‬
‫الن ّب ِ َيّ ح ََقّ ق َ ْدرِه ِ‪ ،‬و َيَتح ََر ّر ُ الْك َلَام ُ ف ِيه ِ‬
‫ل َ‬ ‫ن ب ِال ْيَق ِينِ‪ ،‬و َتَم ْل ُأ أنواره جوانح َ‬
‫ص ْدرِه ِ‪ ،‬و َي َ ْقدُر ُ الْع َاق ِ ُ‬ ‫ص ْدر ُ العَدُوِّ َ‬
‫الل ّع ِينِ‪ ،‬و َيُشْر ِقُ قَل ْبُ ال ْمُؤْم ِ ِ‬ ‫يَشْر َقُ َ‬
‫فِي ب َابَيْنِ‪:‬‬
‫يخ ْت ُ َّص ب ِا ْل ُأم ُورِ الد ِّين َِي ّة ِ و َيَتش ََب ّثُ بِه ِ الْقَو ْ ُ‬
‫ل فِي ال ْع ِصْ مَة ِ و َف ِيه ِ س َِت ّة َ عشر فصلا‪.‬‬ ‫ال ْبَابُ الأَ َ ّولُ‪ :‬ف ِيم َا َ‬
‫__________‬
‫َالت ّفَص ِّي ع َنْ ع ُ ْهد َتِه ِ( كلاهما بالصاد المهملة والأول بالقاف يقال استقصى فلان في المسألة وتقصى بمعنى‬ ‫الت ّقَص ِّي لم َِوْعِد َتِه ِ و َ‬
‫)قوله وَعِنْد َ َ‬
‫والثانى بالفاء يقال تفصى عن كذا أي تخلص عنه )قوله يشرق( بفتح أوله وثالثه يقال شرق صدره بكذا بكسر الراء أي ضاق به‬
‫حسدا )قوله ويشرق( بضم أوله وكسر ثالثه أي يضئ )قوله جوانح صدره( الجوانح جمه جانحة وهى الأضلاع التى تحت الترائب مما يلى‬
‫الصدر كالضلوع مما يلى الظهر‪ ،‬والترائب عظام الصدر ما بين الترقوة إلى السرة‪ ،‬كذا في الصحاح )قوله و يقدر( بفتح أوله وضم ثالثه‪.‬‬
‫)*(‬
‫ض ال ْب َشَر َِي ّة ِ‪ ،‬و َف ِيه ِ ت ِ ْسع َة ُ فُصُولٍ‪.‬‬ ‫الث ّانِي‪ :‬فِي أَ حْ وَالِه ِ ال ُد ّن ْيَوِ َي ّة ِ وَم َا يَج ُوز ُ طُر ُ ّوه ُ عَلَيْه ِ م ِ َ‬
‫ن الْأَ عْرَا ِ‬ ‫ال ْبَابُ َ‬

‫الر ّاب ِـعُ( فِي تَص َ ُرّ ِ‬


‫ف وُجُوه ِ الْأَ حْك َا ِم عَلَى م َنْ تَن َ ّقصَه ُ أَ ْو س ََب ّه ُ‬ ‫)الْقِسْم ُ َ‬
‫س َل ّم َ‪ ،‬و َيَنْقَسِم ُ الْك َلَام ُ ف ِيه ِ فِي ب َابَيْنِ‪:‬‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ص و َف ِيه ِ ع َشَرَة ُ فُصُولٍ‪.‬‬
‫ض أ ْو ن َ ّ ٍ‬
‫ْص م ِنْ تَعْرِ ي ٍ‬
‫ال ْبَابُ الأول‪ :‬في بيان ما هو في حقه سب و َنَق ٌ‬
‫ل‬ ‫الث ّانِي‪ :‬فِي ح ُ ْكم ِ شَانئِِه ِ وَمُؤْذِيه ِ وَمُن ْتَق ِصِ ه ِ وَعُق ُوبَتِه ِ وَذِكْر ِ اسْ ت ِتَابَتِه ِ و َ‬
‫َالصّ لاة ِ عَلَيْه ِ ووِر َاثَتِه ِ‪ ،‬و َف ِيه ِ ع َشَرَة ُ فُصُو ٍ‬ ‫ال ْبَابُ َ‬
‫ل َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ‬ ‫الل ّه َ تَع َالَى و َرسُلَه ُ وَم َلائِكَت َه ُ وَكُتُب َه ُ و َآ َ‬
‫َب َ‬‫جعَل ْنَاه ُ تكْ مِلَة ً لِهَذِه ِ ال ْمَسْأَ لَة ِ وَو ُصْ لَة ً لِل ْبَابَيْنِ َالل ّذَي ْ ِن قَبْلَه ُ فِي ح ُ ْكم ِ م َنْ س َ ّ‬
‫اب ث َال ٍِث َ‬
‫وَخَتَمْنَاه ُ ببِ َ ٍ‬

‫س َل ّم َ و َصَ ح ْب َه ُ‪ ،‬و َاخْ تُصِر َ الْك َلَام ُ ف ِيه ِ فِي خَمْسَة ِ فُصُو ٍ‬
‫ل‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫و َبِتمََامِهَا يَن ْتَجِز ُ الْكِتَابُ ‪ ،‬و َتَت ُِم ّ الْأَ قْسَام ُ و َالْأَ ب ْوَابُ ‪ ،‬و َيَلُو ُ‬
‫ح فِي غ َ ُّرة ِ الإيمان لمعة‬
‫__________‬
‫)قوله وَم َا يَج ُوز ُ طُر ُ ّوه ُ( قال ابن القطاع طرأ على القوم طروا قدم وطرا طروا بلا هنز كذلك )قوله و َ‬
‫َالصّ لاة ِ عَلَيْه ِ ووِر َاثَتِه ِ و َف ِيه ِ ع َشَرَة ُ‬
‫فُصُولٍ( كذا في الأصل وصوابه خمسة فصول لأنا لم نر فيما يأتي إلا خمسة فصول )قوله و َاخْ تُصِر َ الْك َلَام ُ ف ِيه ِ فِي خَمْسَة ِ فُصُولٍ( كذا في‬
‫الإ يمَانِ(‬
‫الأصل وصوابه عشرة فصول لأنه فيما يأتي ذكر عشرة )قوله ينتجز( بالجيم والزاى مطاوع نجزت الحاجة قضيتها )قوله فِي غ َ ُّرة ِ ِ‬
‫الغرة في الأصل بياض في وجه الفرس فوق الدرهم والفرجة في وجه الفرس دون الدرهم ثم استعيرت الغرة للشرف والاشتهار حتى‬
‫صار ذلك عند العرب على الحقيقة و يقال أيضا الأغر للأبيض‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ِض‬
‫صد ُور َ قَو ْ ٍم مُؤْم ِنِينَ و َتَصْ دَع ُ ب ِالْحَقّ ِ و َتُعْر ُ‬ ‫س‪ ،‬و َتُو ِ َّضح ُ ك ُ َ ّ‬
‫ل تَخْم ِينٍ وَح َ ْدسٍ‪ :‬و َت َ ْشفِي ُ‬ ‫خط ِيرَة ٌ‪ ،‬تُز ِيح ُ ك ُ َ ّ‬
‫ل لَب ْ ٍ‬ ‫ج ِم د ُ َرّة ٌ َ‬
‫َاج ال َت ّر َا ِ‬
‫منيرة أو في ت ِ‬
‫ن الْجا َه ِلِينَ‪ ،‬و َب َِالل ّه ِ تَع َالَى ‪ -‬ل َا ِإلَه َ سِوَاه ُ ‪ -‬أَ سْ ت َع ِينُ‪.‬‬
‫عَ ِ‬
‫س َل ّم َ قَوْل ًا و َفِعْل ًا(‬ ‫الن ّب ِ ِيّ ال ْم ُصْ طَفَى صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيم الْعَل ِ ِيّ الأَ ع ْلَى لِق َ ْدرِ َ‬ ‫الْقِسْم ُ الأَ َ ّو ُ‬
‫ل )فِي تَعْظ ِ‬
‫ن الْف َ ْهمِ‪:‬‬ ‫ن ال ْعِلْم ِ‪ ،‬أ ْو خ َ ّ‬
‫ُص ب ِأَ دْنَى لَم ْحَة ٍ م ِ َ‬ ‫س َ ّددَه ُ‪ :‬لاخفاء عَلَى م َنْ م َار ََس َ‬
‫شي ْئًا م ِ َ‬ ‫ل و ََف ّق َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى و َ‬ ‫ل الْفَق ِيه ُ الْق َاض ِي ال ِْإم َام ُ أبُو الْف َضْ ِ‬
‫قَا َ‬

‫ِيم ق َ ْدرِه ِ بِمَا تَكِ ُ ّ‬


‫ل‬ ‫ن وَم َنَاق ِبَ ل َا تَنْضَب ُِط لِزِم َا ٍم‪ :‬و َتَنو يِهِه ِ م ِنْ عَظ ِ‬
‫س َ‬
‫محَا ِ‬ ‫صه ِ إ َي ّاه ُ بِفَضَائ ِ َ‬
‫ل وَ َ‬ ‫س َل ّم َ و ُ‬
‫خصُو ِ‬ ‫الل ّه ِ ق َ ْدر َ نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيم َ‬
‫بتَِعْظ ِ‬
‫عَن ْه ُ الْأَ لْسِن َة ُ و َالْأَ ق ْلَام ُ‪ ،‬فمَِنْهَا م َا ص َ َرّ َ‬
‫ح بِه ِ تَع َالَى في كتاب‪ :‬و َنَب ّه َ بِه ِ عَلَى جليل‬
‫__________‬
‫)قوله خطيرة( بمعجمة مفتوحة بعدها مهملة مكسورة أي ذات خطر وقدر )قوله تزيح( بالزاى والحاء المهملة أي تذهب واللبس‬
‫الاختلاط )قوله تخمين وحدس( التخمين بالمعجمة القول بالحدس والحدس مصدر حدس بفتح الدال المهملة يحدث بكسرها‪ :‬قال‬
‫شيئا برأيه‪.‬‬
‫)القسم الأول( )قوله لمحة( بفتح اللام هي النظرة الخفيفة )قوله لزمام( أي لضابط استعير من زمام النعل وهو ما يشد به شسع النعل‬
‫ِيط ال َ ّذ ِي يشد في البرة بضم الموحدة وفتح الراء الخفيفة وهى حلقة من نحاس تجعل في أنف البعير‬
‫أو استعير من زمام الناقة و َه ُو َ الخ ُ‬
‫أو يشد في الخشاش بكسر الخاء المعجمة وبشينين معجمتين بينهما ألف حلقة من حديد تجعل في أنف البعير‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل و َأَ وْلَى‪.‬‬ ‫َض ال ْع ِبَاد َ عَلَى ال ْتِز َامِه ِ و َتَق َلُ ّد ِ ِإ يجَابِه ِ‪ :‬فَك َانَ ج َ َ ّ‬
‫ل ج َلالُه ُ ه ُو َ ال َ ّذ ِي تَف ََضّ َ‬ ‫نِصَابِه ِ‪ ،‬و َأَ ث ْن َى بِه ِ عَلَيْه ِ م ِنْ أَ خْلَاقِه ِ وَآَد َابِه ِ‪ ،‬وَح َ ّ‬
‫ن‬ ‫ك و َأَ ث ْن َى‪ ،‬ث َُم ّ أَ ث َابَ عَلَيْه ِ الْجَزَاء َ الْأَ وْفَى‪ ،‬فلََه ُ الفضل بدأ وَعَوْد ًا‪ ،‬و َا ْلحم َْد ُ ُأولَى و ُأ ْ‬
‫خر َى‪ ،‬وَمِنْهَا م َا أَ ب ْرَزَه ُ لِلْع َيَا ِ‬ ‫ث َُم ّ َط َهّر َ وَز ََك ّى‪ ،‬ث َُم ّ مَد َ َ‬
‫ح بِذَل ِ َ‬
‫ل الْعَدِيدَة ِ و َت َأْ ييِدِه ِ‬
‫ِب الـْكَر ِيمَة ِ و َالْفَضَائ ِ ِ‬
‫ق ا ْلحمِيدَة ِ و َال ْمَذ َاه ِ‬
‫ن ا ْلجم َِيلَة ِ و َالْأَ خلَا ِ‬
‫س ِ‬
‫تخ ْصِ يصِ ه ِ ب ِال ْم َح َا ِ‬
‫ل و َالْجلََالِ‪ ،‬و َ َ‬
‫كمَا ِ‬
‫م ِنْ خ َلْقِه ِ عَلَى أَ ت َِّم وُجُوه ِ ال ْـ َ‬
‫َات البَي ِّنَة ِ‪َ :‬ال ّتِي شَاهَد َه َا م َنْ عَاصَرَه ُ‪ ،‬وَر َآه َا م َنْ أَ ْدرَك َه ُ‪ ،‬و َعَل ِمَه َا عِلْم َ يَق ِينٍ م َنْ ج َاء َ بَعْدَه ُ‪،‬‬
‫اضحَة ِ و َالـْك َرَام ِ‬
‫ات ال ْبَاه ِرَة ِ و َال ْبَر َاه ِينِ ال ْو َ ِ‬
‫ب ِال ْمُعْجِز َ ِ‬
‫س َل ّم َ كَث ِير ًا * ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحُسَيْنُ ب ْ ُ‬
‫ن مُحَم ّدٍ‬ ‫َت أَ ن ْوَارُه ُ عَلَي ْنَا‪ :‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك ِإلَي ْنَا‪ ،‬و َفَاض ْ‬
‫حق ِيقَة ِ ذَل ِ َ‬
‫حَت َى انْت َهَ ى عِلْم ُ َ‬

‫ن خَي ْر ُونَ‪ ،‬قَالا ح َ َ ّدثَنَا أبُو يَعْلَى ال ْبَغْد َاد ُِيّ ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل‬ ‫ن عَبْدِ الْج َبَ ّارِ و َأبُو الْف َضْ ِ‬
‫ل أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أبُو الْحُسَيْنِ ال ْمُبَارَك ُ ب ْ ُ‬
‫الْحَاف ُِظ ق ِرَاءَة ً م ِن ِ ّي عَلَيْه ِ‪ ،‬قَا َ‬
‫سوْرَة َ الْحَاف ُِظ‪.‬‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أبُو ع ِيس َى ب ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ُوب‪ ،‬قَا َ‬
‫مح ْب ٍ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن أَ حْمَد َ ب ْ ِن َ‬ ‫ج ُّ‬
‫ي‪ ،‬قَا َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أبُو عَل ِ ٍيّ ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬

‫ن مَنْصُورٍ‪،‬‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا ْ‬
‫إسحَاقُ ب ُ‬ ‫قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله نصابه( بكسر أوله أي منصبه )قوله من خلقه( هو بفتح المعجمة وسكون اللام )قوله الباهرة( أي العالية )قوله القاضى الشهيد(‬
‫هو ابن سكرة الأندلسى )قوله أبو يعلى البغدادي( هو المعروف بزوج الحرة )قوله أبو علي السنجي( هو بكسر المهملة وسكون النون‬
‫وبالجيم نسبة إلى سنج مرو )قوله ابن سورة( بفتح المهملة وسكون الواو وفتح الراء الترمذي الضرير صاحب الجامع‪ :‬قيل ولد أكمه‬
‫توفى بترمذ سنة تسع وسبعين ومائتين قاله ابن ماكولا في الإكمان وترمذ بفتح = )*(‬

‫الباب الأول في ثناء الل ّٰه تعالى عليه وإظهاره عظيم قدره لديه‬ ‫‪٢.١‬‬

‫الر ّ َزّاقِ‪.‬‬
‫ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الن ّب ِ َيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم أتى بانبراق لَيْلَة َ ُأسْرِيَ بِه ِ م ُل ْ َ‬
‫جم ًا مُسْرَج ًا‪ ،‬فاسْ ت َصْ ع َبَ عَلَيْه ِ‪،‬‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْهُ‪ :‬أَ ّ‬
‫س رَضِيَ َ‬
‫أَ ن ْب َأن َا مَعْم َر ٌ ع َنْ قَتَادَة َ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ك أحَدٌ أَ ك ْرَم ُ على الل ّٰه منه؟ قال فافرض ع َرَقًا‪.‬‬ ‫ح َمّدٍ ت َ ْفع َ ُ‬
‫ل ه َذا‪ ،‬فَمَا رَكِب َ َ‬ ‫ل لَه ُ جبرئيل‪ :‬أَ بِم ُ َ‬
‫فَق َا َ‬
‫الل ّه ِ تَع َالَى عَلَيْه ِ و َِإظْ ه َارِه ِ عَظ ِيم َ ق َ ْدرِه ِ لَدَيْه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ْبَابُ الأَ َ ّو ُ‬
‫ل فِي ثَنَاء َ‬
‫اع ْل َ ْم أَ َ ّ‬
‫ن فِي كتاب الل ّٰه العزيز آيات كثيرة مفصخة بجميل ذكر‬
‫__________‬
‫= المثناة من فوق وكسر الميم وبكسرهما وبضمهما قاله النووي في التهذيب في الـكنى في أبى جعفر الترمذي )قوله عبد الرزاق( هو‬
‫الحافظ ابن همام بن نافع للصغانى أحد الأعلام )قوله معمر( بفتح الميم وإسكان المهملة وفتح الميم وبالراء )قوله بالبراق( هو دابة فَو ْقَ‬
‫ا ْلحِمَارِ وَد ُونَ البغل‪ :‬وَر َد فِي َ‬
‫الصّ حِيح‪ :‬سمى براقا لسرعته وقيل لشدة صفائه وقيل لـكونه أبيض وقال المصنف لـكونه ذا لونين من قولهم‬
‫شاة برقاء إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود وفى كتاب الاحتفال لابن أبى خالد في أسماء خيل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫أن البراق دون البغل وفوق الحمار ووجهه كوجه الإنسان وجسده كجسد الفرس وقوائمه كقوائم الثور وذنبه كذنب الغزال لا ذكر ولا‬
‫أنثى )قوله فاستصعب عليه( قيل استصعابه لبعد عهده بالأنبياء لطول الفترة بين عيسى ومحمد صلى الل ّٰه عليه وسلم‪.‬‬
‫وقيل لأنه لم يذلل قبل ذلك ولم يركبه أحد والقول الأول مبنى على أن الأنبياء عليهم السلام ركبوه قبل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫والقول الثاني مبنى على أنه لم يركبه أحد قبل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وفى ذلك خلاف وقيل استصعابه تيها وزهوا بركوب النبي صلى‬
‫الل ّٰه عليه وسلم عليه )قوله فارفض( بفاءين بينهما راء ساكنة وبضاد معجمة مشددة أي جرى وسال وفاعله مستتر عائد على البراق‬
‫وعرقا تمييز‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪ ٢.١.١‬الفصل الأول فيما جاء من ذلك مجئ المدح والثناء وتعداد المحاسن‬

‫ك فِي‬
‫ِيم أَ ْمرِه ِ و َتَنْوِ يه ِ ق َ ْدرِه ِ‪ ،‬اعْتَمَدْن َا مِنْهَا عَلَى م َا َظه َر َ مَعْنَاه ُ و َب َانَ فَح ْوَاه ُ‪ ،‬وَجَمَعْنَا ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ و َع َ ّدِ َ‬
‫محَاسِنِه ِ و َتَعْظ ِ‬ ‫ال ْم ُصْ طَفَى صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ع َشَرَة ِ فُصُولٍ‪:‬‬
‫ن‬ ‫َالث ّنَاء ِ و َتَعْد َادِ ال ْم َح َا ِ‬
‫س ِ‬ ‫ك مجئ ال ْمَد ِ‬
‫ْح و َ‬ ‫ل الأَ َ ّولُ( ف ِيم َا ج َاء َ م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫)الْف َصْ ُ‬
‫ل من أنفسكم( الآية‪.‬‬ ‫كقَو ْلِه ِ تَع َالَى )لَق َ ْد ج َاءَك ُ ْم رَسُو ٌ‬
‫َ‬
‫سكُمْ( بِفَت ِْح الْف َاءِ‪.‬‬
‫سمَر ْقَنْد ُِيّ ‪ :‬و َق َرأَ َ بَعْضُه ُ ْم )م ِنْ أَ نْف َ ِ‬
‫ل ال َ ّ‬
‫قَا َ‬
‫س‬ ‫ل م َ َك ّة َ أَ ْو جَم ِي َع َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى ال ْمُؤْم ِنِينَ أَ وِ الْع َر َبَ أَ ْو أَ ه ْ َ‬ ‫ل و ََف ّق َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى‪ :‬أَ ع ْلَم َ َ‬ ‫ل الْفَق ِيه ُ الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬ ‫و َق ِراءَة ُ ا ْلجم ُْه ُورِ ب ِال َض ّ ّ‬
‫مِ‪ ،‬قَا َ‬
‫َاب‪ :‬أَ َن ّه ُ بَع َثَ ف ِيه ِ ْم رَسُولا م ِنْ أَ نْفُسِه ِ ْم يَعْرِف ُونَه ُ و َيَتَح َ ّقق ُونَ مَك َانَه ُ و َيَعْلَم ُونَ ِ‬
‫صدْق َه ُ و َأَ م َانَت َه ُ‬ ‫ن ال ْم ُوَاج َه ُ بِهَذ َا الْخِط ِ‬
‫ن مَ ِ‬
‫ِلاف ال ْمُفَس ِّري َ‬
‫عَلَى اخْ ت ِ‬
‫س َل ّم َ وِل َادَة ٌ أَ ْو ق َرَابَة ٌ‪،‬‬ ‫كو ْنِه ِ مِنْهُمْ‪ ،‬و َأَ َن ّه ُ ل َ ْم تَكُنْ فِي الْع َر َِب قَب ِيلَة ٌ ِإلا و َلَهَا على رسول َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك َ‬
‫الن ّصِ يحَة ِ لَهُمْ‪ :‬لـِ َ‬ ‫ِب و َتَرْ ِ‬
‫فَلَا يَتّهِم ُونَه ُ ب ِال ْـكَذ ِ‬
‫كو ْنِه ِ م ِنْ أَ شْر َفِه ِ ْم و َأَ رْف َعِه ِ ْم و َأَ فْضَلِه ِ ْم عَلَى ق ِرَاءَة ِ الْفَت ِْح هَذِه ِ نِهَايَة ُ‬
‫)إلا ال ْم َو َ َدّة َ في القربى( و َ َ‬ ‫و َه ُو َ عِنْد َ اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س و َغَيْرِه ِ مَعْن َى قَو ْلِه ِ تَع َالَى ِ‬
‫َاف حَم ِيدَة ٍ‪ ،‬و َأث ْن َى عَلَيْه ِ بمحامد كثيرة‪:‬‬
‫صف َه ُ بَعْد ُ ب ِأَ ْوص ٍ‬ ‫ال ْمَد ِ‬
‫ْح‪ ،‬ث َُم ّ و َ َ‬
‫__________‬
‫)الفصل الأول( )قوله السمرقندى( هو الامام الجليل الحنفي أبو الليث المعروف بإمام الهدى‪ :‬تفقه على أبى جعفر الهندوانى وتوفى‬
‫سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ولهم أبو الليث السمرقندي متقدم يلقب بالحافظ وهو الفرق بينهما‪ ،‬ذكره السمعاني‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل‬ ‫ش َ ّدة ِ م َا يُعْنِتُه ُ ْم و َيَض ُ ُرّ بِه ِ ْم فِي دُن ْيَاه ُ ْم و َ ُأ ْ‬
‫خر َاه ُ ْم وَع َ ِّزتِه ِ عَلَيْه ِ وَر َأْ فَتِه ِ وَرَحْمتِه ِ بِمُؤْم ِن ِيهِمْ‪ ،‬قَا َ‬ ‫صه ِ عَلَى هِد َايَتِه ْم وَر ُشْ دِه ِ ْم و َإسْ لَامِه ِ ْم و َ ِ‬
‫ح ْر ِ‬
‫م ِنْ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫بَعْضُه ُ ْم أَ ْعطَاه ُ اسْمَيْنِ م ِنْ أسمائه رؤف رَحِيم ٌ وَمِثْلُه ُ فِي الآيَة ِ ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى قَو ْلُه ُ تَع َالى )لفد م ََنّ َ‬
‫الل ّه ُ عَلَى ال ْمُؤْم ِنِينَ ِإ ْذ بَع َثَ ف ِيه ِ ْم رَسُولا م ِنْ‬

‫خر َى )ه ُو َ ال َ ّذ ِي بَع َثَ فِي ال ُأمّ ِيِّينَ رَسُولا منهم( الآية و َقَو ْلُه ُ تَع َالى )كَمَا أَ ْرسَل ْنَا ف ِيك ُ ْم رَسُولا مِنْكُمْ( الآية‪،‬‬
‫أنفسهم( الآية و َفِي الآيَة ِ ا ْل ُأ ْ‬
‫ْس فِي‬
‫حسَبًا لَي َ‬ ‫س َل ّم َ فِي قوله تعالى )من أنفسكم( قَا َ‬
‫ل نَس َبًا وَصِهْرًا و َ َ‬ ‫وَر ُوي ع َن عَلِيّ بن أبي طالب رضي الل ّٰه عَن ْه ُ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫شي ْئًا م َِم ّا‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم خمسمائة ُأ ٍمّ فَمَا وَجَدْتُ فيهم ِ‬
‫سف َاح ًا وَل َا َ‬ ‫ن الْك َلْب ِ ِيّ كَتَب ْتُ ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫ح ك ُُل ّه َا نِك َا ٌ‬
‫ح قَا َ‬ ‫سف َا ٌ‬
‫آب َائِي م ِنْ لَد ُ ْن آدَم َ ِ‬

‫ل م ِنْ نَبِ ٍ ّي ِإلَى نَبِ ٍ ّي ح ََت ّى‬ ‫الل ّه ُ عَنْهُم َا فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َتَق َُل ّب َ َ‬
‫ك فِي الساجدين( قَا َ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫ك َانَ عَلَيْه ِ الْجا َه َِلي ّة ُ‪ ،‬وَع َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله وشده( هو بالجر والتأنيث عطف على حرصه‪ ،‬وعزته عطف على شدة والضمير لما والجار والمجرور أعنى عليه متعلق بالشدة أو‬
‫بالعزة على طر يق التنازع‪ ،‬والضمير المجرور فيه وفى رأفته وفى رحمته للنبي صلى الل ّٰه عليه وسلم كالضمير في حرصه )قوله يعنتهم( بضم‬
‫أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه مخففا وبضم أوله وفتح ثانيه وكسر ثالثه مشددا‪.‬‬
‫في القاموس‪ :‬أعنته غيره وعنته شدد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه )قوله وحسبا( الحسب ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه )قوله‬
‫سفاح( السفاح بكسر السين المهملة الزنا‪.‬‬
‫)*(‬
‫خ ْدم َتِه ِ‪،‬‬ ‫ك لـِك َ ْي يَعْلَم ُوا أ َ ّنه ُ ْم ل َا يَنَالُونَ َ‬
‫الصّ فْو َ م ِنْ ِ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى عَج ْز َ خ َلْقِه ِ ع َنْ طَاع َتِه ِ فَع ََر ّفَه ُ ْم ذَل ِ َ‬
‫ن مُحَم ّدٍ عَل ِم َ َ‬
‫جعْف َر ُ ب ُ‬ ‫ك نَب ًِي ّا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل َ‬ ‫خر َجْ ت ُ َ‬
‫أَ ْ‬

‫ل طَاع َت َه ُ طَاع َت َه ُ‪،‬‬


‫سف ِير ًا صَادِقًا‪ ،‬وَجَع َ َ‬
‫ق َ‬
‫خرَج َه ُ ِإلَى الْخَل ْ ِ‬ ‫الرأّْ ف َة َ و َ‬
‫َالر ّحْم َة َ‪ ،‬و َأَ ْ‬ ‫مخ ْلُوقًا م ِنْ جلسهم فِي ُ‬
‫الصّ ورَة ِ‪ ،‬أَ ل ْبَسَه ُ م ِنْ نَعْتِه ِ َ‬ ‫فأَ قَام َ بَي ْن َه ُ و َبَيْنَه ُ ْم َ‬
‫ن‬
‫ل أَ بُو بَكْر ٍ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى )وَم َا أَ ْرسَل ْنَاك َ ِإلا رَحْم َة ً لِل ْع َالم َي ِنَ( قَا َ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّهَ( و َقَا َ‬
‫ل فَق َ ْد أَ طَاعَ َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫ل تَع َالَى )م َنْ يُط ِ‬
‫ِـع َ‬ ‫وم َوَافَق َت َه ُ م َوَافَق َت َه ُ فَق َا َ‬
‫صف َاتِه ِ رَحْم َة ً عَلَى الْخَلْقِ‪ ،‬فمن أصابه شئ‬
‫كو ْنُه ُ رَحْم َة ً وَجَم ِي ُع شَمَائِلِه ِ و َ ِ‬ ‫س َل ّم َ بِز ِينَة ِ َ‬
‫الر ّحْمَة ِ فَك َانَ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى مُح َم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫طَاهِرٍ‪ :‬ز َيَ ّ َ‬
‫ل )وَم َا أَ ْرسَل ْنَاك َ ِإلا رَحْم َة ً‬
‫الل ّه َ تَع َالَى يَق ُو ُ‬
‫ن َ‬ ‫ُوب‪ ،‬أَ ل َا ت َر َى أَ َ ّ‬
‫مح ْب ٍ‬
‫ل َ‬
‫ل ف ِيهِم َا ِإلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫الن ّاجِي فِي ال َد ّار َي ْ ِن م ِنْ ك ُ َ ّ‬
‫ل مَك ْر ُوه ٍ و َال ْوَا ِ‬ ‫م َنْ رَحْمَتِه ِ فَه ُو َ َ‬

‫الصّ لَاة ُ و َال َ ّ‬


‫سلَام ُ‬ ‫ل عَلَيْه ِ َ‬
‫س َل ّم َ )حَيَاتِي خَيْر ٌ لـَك ُ ْم وَمَوْتِي خَيْر ٌ لـَكُمْ( وَكَمَا قَا َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫للعالمين( فَك َان َْت حَيَاتُه ُ رَحْم َة ً و َممَاتُه ُ رَحْم َة ً كَمَا قَا َ‬
‫الل ّه ُ رَحْم َة ً ب ُِأ َمّة ٍ قَب ََض نَب َِيّهَا قَبْلَه َا فَجَعَلَه ُ لَهَا ف َرَطًا وَسَلَف ًا( وقَا َ‬
‫ل‬ ‫)إذ َا أر َاد َ َ‬
‫ِ‬
‫__________‬
‫)قوله جعفر بن محمد( هو جعفر الصادق ب ْ ِن مُح َم ّدِ ب ْ ِن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن الْحُسَيْنِ ب ْ ِن علي بن أبى طالب )قوله سفيرا( في الصحاح السفير الرسول‬
‫والمصلح بين الخلق )قوله قال أبو بكر بن طاهر( هو ابن مفوز بن أحمد بن مغور المعافرى الشاطبي )قوله فكان كونه( أي وجود النبي‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم فيكون مصدر كان التامة اسم لكان الناقصة ورحمة خبر لها )قوله شمائله( الشمائل جمع شمال بكسر المعجمة وهو‬
‫الخلق بضم الخاء وسكون اللام )قوله فرطا( بفتح الفاء والراء وهو الذى يتقدم الواردين فيهئ لهم ما يحتاجون إليه‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل‪ ،‬وَرَحَمة ً لِلْك َافِرِ‬
‫ن الْقَت ْ ِ‬
‫ن مِ َ‬
‫ق ب ِالْأَ م َا ِ‬
‫ن رَحْم َة ً ب ِال ْهِد َايَة ِ‪ ،‬وَرَحْم َة ً لِل ْمُنَاف ِ ِ‬ ‫ل ِلج َ ِ‬
‫ميع الْخَلْقِ‪ :‬لِل ْمُؤْم ِ ِ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ )رَحْم َة ً لِلْع َالم َي ِنَ( يَعْنِي لِلْج ّ ِِن و َال ِْإن ِ‬
‫ْس‪ ،‬ق ِي َ‬ ‫ال َ ّ‬

‫ن ا ْل ُأم َ ِم ال ْمُكَذِّبَة ِ‪ ،‬وَحُكِي َ‬


‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‪ :‬ه ُو َ رَحْم َة ٌ لِل ْمُؤْم ِنِينَ و َالْك َافِرِينَ‪ ،‬إ ْذ ع ُوف ُوا م َِم ّا أصَابَ غَيْر َه ُ ْم م ِ َ‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬
‫َاب قَا َ‬
‫بتِ َأْ خِير ِ الْعَذ ِ‬
‫كن ْتُ أَ خْ ش َى الْع َاق ِب َة َ ف َأَ مِن ْتُ لِثَنَاء ِ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ك م ِنْ هَذِه ِ الرحمة شئ( قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪ُ ،‬‬
‫سلَام ُ )ه َلْ أَ صَاب َ َ‬ ‫ل لِ جـِبْر ِي َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أَ َ ّ‬
‫ق فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )فَسَلام ٌ‬ ‫جعْفَرِ ب ِن مُح َم ّدٍ َ‬
‫الصّ ادِ ِ‬ ‫ش مَكِينٍ‪ .‬مُط ٍ‬
‫َاع ث ََم ّ أَ م ِينٍ( وَرُوِيَ ع َنْ َ‬ ‫الل ّه ِ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل عَل َيّ بِقَو ْلِه ِ )ذِي ق َُو ّة ٍ عِنْد َ ذِي الْعَر ْ ِ‬ ‫َ‬
‫)الل ّه ُ نُور ُ السماوات‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل الل ّٰه تَع َالَى َ‬ ‫ل ك َرَامَة ِ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك ِإ َن ّما و َقَع ْ‬
‫َت سَلَامَتُه ُ ْم م ِنْ أَ جْ ِ‬ ‫ي بِ َ‬
‫اب الْيم َِينِ( أَ ْ‬
‫صح َ ِ‬
‫ك م ِنْ أَ ْ‬
‫لَ َ‬

‫ي نُور ُ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ تَع َالَى )م َث َ ُ‬


‫ل نُورِه ِ( أَ ْ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن جُبَيْرٍ‪ :‬ال ْم ُراد ُ ب ُِالن ّورِ َ‬
‫الث ّانِي ه ُنَا‪ :‬مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬ ‫كعْبُ الْأَ حْ بَارِ و َاب ْ ُ‬
‫ل َ‬
‫والأرض( ‪ -‬الآية قَا َ‬
‫ل نور‬
‫ل م َث َ ُ‬
‫َات و َالْأَ ْرضِ‪ ،‬ث ُم َ قَا َ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫سم َاو ِ‬ ‫الل ّهِ‪ :‬ال ْمَعْن َى َ‬
‫الل ّه ُ ه َادِي أَ ه ْ ِ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫لب ُ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل س َ ْه ُ‬ ‫مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله كعب الأحبار( هو كعب بن ماتع ‪ -‬بالمثناة من فوق ‪ -‬ابن هينوع أدرك زمن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ولم يره وأسلم في خلافة‬
‫أبى بكر وقيل في خلافة عمر رضي الل ّٰه عنهما وكان قبل إسلامه على دين اليهود وسكن الين‪ ،‬توفى بحمص سنة اثنين وثلاثين )قوله وقال‬
‫سهل بن عبد الل ّٰه( يعنى التسترى‪ ،‬وتسر قال ابن خلكان‪ :‬بلد من كورة الأهواز و يقول الناس لها )شستر( وبها قبر البراء بن مالك‪،‬‬
‫وقال النووي ‪ -‬هو بمثناتين من فوق الأولى مضمومة والثانية مفتوحة بينهما سين مهملة ‪ -‬مدينة بخوزستان‪.‬‬
‫)‪(*) (١ - ٢‬‬
‫ن‬ ‫َب دُرّ ّ ٌ‬
‫ِي لم َِا ف ِيه ِ م ِ َ‬ ‫أي ك ََأن ّه ُ َ‬
‫كوْك ٌ‬ ‫ص ْدرَه ُ‪ْ :‬‬
‫َالز ّج َاجَة ِ َ‬ ‫صفَتُهَا كَذ َا‪ ،‬و َأَ ر َاد َ ب ِالْمِصْ ب َ ِ‬
‫اح قَل ْب َه ُ‪ ،‬و ُ‬ ‫لاب كَم ِ ْ‬
‫شك َاة ٍ ِ‬ ‫مُحَم ّدٍ إ ْذ ك َانَ مُسْتَوْد َعًا فِي الأَ صْ ِ‬
‫ل ب ِال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ ال ْمُبَارَكَة ِ‪ ،‬و َقَو ْلُهُ‪ :‬يَك َاد ُ‬ ‫الصّ لاة ُ و َال َ ّ‬
‫سلَام ُ‪ ،‬و َضُر ِبَ ال ْمَث َ ُ‬ ‫ي م ِنْ نُورِ إ ب ْر َاه ِيم َ عَلَيْه ِ َ‬ ‫ن و َالْح ِ ْ‬
‫كمَة ِ‪ ،‬يُوقَد ُ م ِنْ شَ ج َرَة ٍ م ُبَارَكَة ٍ‪ :‬أَ ْ‬ ‫ال ِْإ يمَا ِ‬
‫ْت‪ ،‬و َق َد ق ِيل فِي هَذِه الآيَة غَي ْر هَذ َا و ََالل ّه ُ أَ ع ْلَم ُ‪،‬‬ ‫كه َذا َ‬
‫الز ّي ِ‬ ‫ل ك َلامِه ِ َ‬ ‫س َل ّم َ تَبِېنُ ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س قَب ْ َ‬ ‫ي تَك َاد ُ نُب ُ َو ّة ُ مُح َم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ز َيْتُهَا يضئ‪ :‬أَ ْ‬
‫)إ َن ّا‬
‫ل تَع َالَى ِ‬ ‫الل ّه ِ نُور ٌ وَك ِت َ ٌ‬
‫اب م ُبِينٌ( و َقَا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل تَع َالَى )ق َ ْد ج َاءَك ُ ْم م ِ َ‬ ‫ن فِي غَيْر ِ هَذ َا ال ْمَوْض ِ‬
‫ِـع نُور ًا و َسِر َاج ًا م ُن ِير ًا فَق َا َ‬ ‫و َق َ ْد س ََم ّاه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى فِي الْقُر ْآ ِ‬
‫خر ِ ال ُ ّ‬
‫سورَة ِ‪،‬‬ ‫الل ّه ِ ب ِِإذْنِه ِ و َسِر َاج ًا منيرا( وَم ِنْ هَذ َا قَو ْلُه ُ تَع َالَى )أَ ل َ ْم نَشْر َحْ ل َ َ‬
‫ك صدرك( ِإلَى آ ِ‬ ‫أَ ْرسَل ْنَاك َ شَاهِدًا وَم ُبَش ِّر ًا و َنَذِير ًا‪ ،‬وَد َاعِيًا ِإلَى َ‬
‫ل‬
‫ل س َ ْهلٌ‪ :‬بنِ ُورِ الر ِ ّسَالَة ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‪ :‬شَرَح َه ُ بنِ ُورِ ال ِْإسلَا ِم‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫شَرَحَ‪ :‬و ََسّ عَ‪ ،‬و َالمُرَاد ُ ب َ‬
‫ِالصّ ْدرِ ه ُنَا‪ :‬الْق َل ْبُ ‪ ،‬قَا َ‬
‫ك وِ ْزرَك َ‪ ،‬الذى أنقض‬
‫ضعْنَا عَن ْ َ‬
‫اس؟ )وَو َ َ‬ ‫ك ح ََت ّى ل َا يَقْب َ َ‬
‫ل ال ْو َسْ و َ َ‬ ‫ل مَعْنَاه ُ‪ :‬أَ ل َ ْم يُطَهِّر ْ قَل ْب َ َ‬
‫َلأه ُ ح ُكْ مًا وَع ِل ْمًا‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫الْحَسَنُ‪ :‬م َ‬
‫__________‬
‫)قوله كمشكاة( المشكاة الـكوة في الحائط التى ليست بنافذة وقيل المراد بها في الآية القنديل وبالمصباح الفتيلة وقيل المراد بها معلاق‬
‫القنديل وبالمصباح القنديل وقيل المراد بها موضع الفتيلة وبالمصباح الفتيلة الموقودة )قوله تبېن( بفتح المثناة الفوقية وكسر الموحدة أي‬
‫تظهر )قوله وقال الحسن( هو ابن أبى الحسن البصري مات سنة عشر ومائة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن الر ِ ّسَالَة ِ حَت َى بلَ ّغَه َا‪.‬‬
‫ل َظهْرَه ُ م ِ َ‬ ‫ل أَ َي ّا ِم الْجا َه ِل َِي ّة ِ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل أَ ر َاد َ م َا أثْق َ َ‬ ‫ل أَ ر َاد َ ثِق َ َ‬ ‫ل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫ك يَعْنِي قَب ْ َ‬
‫ف م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬
‫ل م َا سَل َ َ‬
‫ظهرك( ‪ :‬ق ِي َ‬
‫ت ال ُذ ّنُوبُ َظهْرَك َ‪.‬‬
‫ك ل َأثْق َل َ ِ‬
‫صمْنَاك َ و َلَوْل َا ذَل ِ َ‬
‫ل عَ َ‬ ‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫حَك َاه ُ ال ْمَاو َ ْرد ُِيّ و َال ُ ّ‬
‫الل ّه ُ مُح َم ّدٌ رَسُو ُ‬
‫ل‬ ‫ل ل َا ِإله َ ِإلا َ‬ ‫ن آدَم َ‪ :‬ب ُِالن ّب َُو ّة ِ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل ِإذ َا ذُكِر ْتُ ذُكِر ْتَ مَع ِي فِي قَو ْ ِ‬ ‫يح ْي َى ب ْ ُ‬
‫ل َ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ ‪) ،‬وَر َفَعْنَا ل َ َ‬
‫ك ذكرك( ‪ :‬قا َ‬ ‫حَك َاه ُ ال َ ّ‬

‫س َل ّم َ عَلَى عَظ ِ‬
‫ِيم نِعَمِه ِ‬ ‫الل ّه ِ ج َ َ ّ‬
‫ل اسْم ُه ُ لِنَب ِيِّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل‪ :‬هَذ َا ت َ ْقرِير ٌ م ِ َ‬
‫ل الْفَق ِيه ُ الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ن و َال ِْإقَامَة ِ‪ ،‬قَا َ‬ ‫الل ّهِ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل فِي الْأَ ذ َا ِ‬ ‫َ‬

‫ل ُأم ُورِ الْجا َه ِل َِي ّة ِ‬ ‫ل الْح ِ ْ‬


‫كمَة ِ وَر َف َ َع عَن ْه ُ ثِق َ َ‬ ‫ن و َال ْهِد َايَة ِ وَو ََسّ ع َه ُ ل ِوَع ِْي ال ْعِلْم ِ وَحَم ْ ِ‬
‫لإ يمَا ِ‬
‫ح قَل ْب َه ُ ل ِ ِ‬
‫ِيف مَنْز ِلَتِه ِ عِنْدَه ُ وَك َرَام َتِه ِ عَلَيْه ِ ب ِأَ ْن شَر َ َ‬
‫لَدَيْه ِ و َشَر ِ‬

‫ل إلَيْه ِ ْم و َتَنْوِيهِه ِ‬
‫س م َا نُز ِّ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َبَغ ّضَه ُ لِسَيْر ِه َا وَم َا ك َان َْت عَلَيْه ِ بِظُه ُورِ دِينِه ِ عَلَى الد ِّي ِن كُلِّه ِ وَح َ َّط عَن ْه ُ ع ُ ْهدَة َ أَ عْبَاء ِ الر ِ ّسَالَة ِ و ُ‬
‫َالن ّب َُو ّة ِ لِتَب ْلِيغِه ِ ل ِ َلن ّا ِ‬
‫ِيب وَل َا‬
‫خط ٌ‬‫ْس َ‬ ‫ل قَتَادَة ُ‪ :‬ر َف َ َع الل ّٰه تعالى ذِك ْرَه ُ فِي ال ُد ّن ْيَا و َالْآ ِ‬
‫خرَة ِ‪ ،‬فَلَي َ‬ ‫ل ر ُت ْبَتِه ِ وَرِفْعَة ِ ذِكْرِه ِ و َق ِرَانِه ِ م َ َع اسْمِه ِ اسْم َه ُ‪ ،‬قَا َ‬
‫ِيم مَك َانِه ِ وَج َلي ِ‬
‫بِعَظ ِ‬
‫الل ّهِ‪ :‬وَرَو َى أبُو سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدر ُِيّ رَضِيَ الل ّٰه عنه أن النبي صلى‬
‫ل َ‬ ‫ل أَ شْهَد ُ أن لا إله إلا الل ّٰه وأن محمدا رَسُو ُ‬
‫م ُت َشَهِّدٌ وَل َا صَاحِبُ صَلَاة ٍ ِإلا يَق ُو ُ‬
‫__________‬
‫)قوله ثقل( هو بكسر المثلثة وفتح القاف ضد الخفة‪ ،‬وبكسر المثلثة وسكون القاف‬
‫واحد الأثقال‪ ،‬وبفتحهما متاع المسافر وحشمه )قوله السلمى( هو بضم المهملة وفتح اللام أبو عبد الرحمن النيسابوري شيخ الصوفية‬
‫وصاحب تار يخهم وطبقاتهم )قوله أعباء الرسالة( جمع عبء بكسر العين المهملة وسكون الموحدة بعدها همزة‪ ،‬في القاموس هو الحمل‬
‫والثقل من أي شئ كان والعدل‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه ُ وَرَسُولُه ُأَ ع ْلَم ُ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫كي َْف ر َفَعْتُ ذِك ْرَك َ؟ قلُ ْتُ ‪َ :‬‬
‫ك يَق ُولُ‪ :‬ت َ ْدرِي َ‬ ‫ن ر َب ِ ّي وَر ََب ّ َ‬
‫ل إ َّ‬ ‫سلَام ُ فَق َا َ‬‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫س َل ّم َ قَالَ‪) :‬أَ ت َانِي ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ك ذِك ْرًا م ِنْ ذِكْر ِي فَم َنْ ذَك َرَك َ ذَك َرَنِي‪.‬‬
‫جعَل ْت ُ َ‬
‫ل أَ يْضًا‪َ :‬‬
‫ن بِذِكْرِك َ مَع ِي‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫جعَل ْتُ تَمَام َ ال ِْإ يمَا ِ‬ ‫ن عَطَاءٍ‪َ :‬‬ ‫ل اب ْ ُ‬
‫ِإذ َا ذُكِر ْتُ ذُكِر ْتَ مَع ِي( قَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ك ِإلَى مَق َا ِم ال َ ّ‬
‫شف َاعَة ِ‪ ،‬وَم ِنْ ذِكْرِه ِ مَع َه َ تَع َالَى‬ ‫الصّ ادِقُ ‪ :‬ل َا ي َ ْذك ُرُك َ أحَدٌ ب ِالر ِ ّسَالَة ِ ِإلا ذَك َرَنِي ب ُ‬
‫ِالر ّبُوب َيِ ّة ِ‪ ،‬و َأشَار َ بَعْضُه ُ ْم فِي ذَل ِ َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ َ‬
‫جعْف َر ُب ُ‬
‫ل َ‬
‫و َقَا َ‬
‫ْف ال ْمُشْرِكَة ِ‪،‬‬ ‫الل ّه َ و َ‬
‫َالر ّسُولَ( ‪) ،‬وآمنوا بالل ّٰه ورسوله( فَجَم َ َع بَيْنَهُم َا ب ِوَاوِ الْعَط ِ‬ ‫ل تَع َالَى )و َأَ طِيع ُوا َ‬
‫أَ ْن ق َرَنَ طَاع َت َه ُ بطَاع َتِه ِ و َاسْم َه ُ ب ِاسْمِه ِ فَق َا َ‬
‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫ح ّقِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَل َا يَج ُوز ُ جَم ْ ُع هَذ َا الْك َلَا ِم فِي غَيْر ِ َ‬
‫النمَّر ُِيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أبُو مُحَم ّدِ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ الْج َيَ ّان ِ ُيّ الْحَاف ُِظ ف ِيم َا أَ ج َاز َنيِه ِ و َق َرأْ َ تُه ُ عَلَى الثِّقَة ِ عَن ْه ُ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ُم َر َ َ‬ ‫خ أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحُسَيْنُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬

‫شعْب َة ُ ع َنْ مَنْصُو ٍر ع َنْ عَبْدِ الل ّٰه ابن‬ ‫طيَالِس ِ ُ ّ‬


‫ي ح َ َ ّدثَنَا ُ‬ ‫سِجْ ز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أبُو ال ْوَلِيدِ ال َ ّ‬
‫ن د َاسَة َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ال ّ‬
‫ن ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ ال ْمُؤْم ِ ِ‬
‫بْ ُ‬
‫ن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‬‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ع َ ِ‬
‫يَس َا ٍر ع َنْ حُذ َيْف َة َ رَضِيَ َ‬
‫__________‬
‫س أَ حْمَد ُ بن محمد بن سهل بن عطاء الآدمى الزاهد البغدادي أحد مشايخ الصوفية )قوله الجيانى( بالجيم‬ ‫َ‬
‫)قوله قال ابن عطاء( هو أَ بُو الْع َب ّا ِ‬
‫المفتوحة والمثناة التحتية المشددة والنون‪ :‬نسبة إلى بلد بالأندلس )قوله السجزى( بكسر المهملة وسكون الجيم‬
‫وكسر الزاى‪.‬‬
‫قال ابن ما كولا هي نسبة إلى سجستان على غير قياس وهو إقليم ذو مدائن بين خراسان والسند وكرمان‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ ِإلَى الأَ د ِ‬
‫َب‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫طاب ِ ُيّ‪ :‬أَ ْر َ‬
‫شد َه ُ ْم صَلَ ّى َ‬ ‫ل الْخ َ ّ‬
‫الل ّه ُ ث َُم ّ شَاء َ فُلَانٌ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ل َا يَق ُول َنّ أَ حَد ُك ُ ْم م َا شَاء َ َ‬
‫الل ّه ُ وَشَاء َ فُلَانٌ‪ ،‬و َلـ َكنْ م َا شَاء َ َ‬
‫ِلاف ال ْوَاوِ َال ّتِي ِ‬
‫هي َ لِلاشْ تِر َاكِ‪ ،‬وَم ِثلُه ُ الْحَدِيثُ‬ ‫ق و َال َت ّر َاخِي بِ خ ِ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى عَلَى مَشِيئَة ِ م َنْ سِوَاه ُ‪ ،‬و َاخْ تَار َه َا ب ِث َُم ّ َال ّتِي ِ‬
‫هي َ ل ِ َلن ّسَ ِ‬ ‫فِي ت َ ْقدِي ِم مَشِيئَة ِ َ‬
‫الل ّه َ وَرَسُولَه ُ فَق َ ْد رشد ومن يعصمها‪ ،‬فقال له النبي صلى الل ّٰه‬ ‫س َل ّم َ فَق َالَ‪ :‬م َنْ يُط ِ‬
‫ِـع َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خطَبَ عِنْد َ َ‬
‫خط ِيبًا َ‬ ‫الآخَر ُ‪ :‬أَ َ ّ‬
‫ن َ‬

‫ن‬
‫ْف الْكِنَايَة ِ لم َِا ف ِيه ِ م َ‬
‫ل أَ بُو سُلَيْم َانَ‪ :‬كَرِه َ مِن ْه ُ ا ْلجم َ ْ َع بَيْنَ الاسْمَيْنِ بِ حَر ِ‬
‫ل ‪ -‬اذْه َْب( قَا َ‬
‫خط ِيبُ الْقَو ْ ِم أَ ن ْتَ ‪ ،‬ق ُ ْم ‪ -‬أَ ْو قَا َ‬ ‫س َل ّم َ )بِئ َ‬
‫ْس َ‬ ‫عليه و َ َ‬
‫سوِ يَة ِ‪ ،‬وَذ َهبَ غَي ْرُه ُ ِإلَى َأن ّه ُ ِإ َن ّمَا كَرِه َ لَه ُ ال ْو ُق ُ َ‬
‫وف عَلَى يَعْصِهِم َا‪.‬‬ ‫َ‬
‫الت ّ ْ‬
‫ف‬
‫وف عَلَى يَعْصِهِم َا‪ ،‬و َقَدِ اخْ تَل َ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح َأن ّه ُ قَالَ‪ :‬وَم َنْ يَعْصِهِم َا فَق َ ْد غ َو َى‪ ،‬و َل َ ْم ي َ ْذكُر ِ الو ُق ُ َ‬ ‫ل أَ بِي سُلَيْم َانَ أَ صَ ُ ح ّ لم َِا رُوِيَ فِي الْحَد ِ‬
‫ِيث َ‬ ‫و َقَو ْ ُ‬
‫الل ّه َ وَم َلائِكَت َه ُ‬
‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫صحَابُ ال ْمَع َانِي فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى ِ‬
‫ال ْمُفَس ِّر ُونَ و َأَ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله الخطابى( بفتح الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة هو حمد بفتح المهملة وسكون الميم بعدها دال مهملة ابن إبراهيم بن خطاب‬
‫الل ّه ِ )صلى‬
‫ل َ‬ ‫خطَبَ عِنْد َ رَسُو ِ‬
‫خط ِيبًا َ‬ ‫الإمام الحافظ البستى والخطابى نسبة إلى جده و يقال إنه من نسل زيد بن الخطاب )قوله أَ َ ّ‬
‫ن َ‬
‫ل أَ بِي سُلَيْم َانَ أصح( قال النووي‪ :‬الصواب أن سبب النهى أن الخطب شأنها‬
‫الل ّٰه عليه وسلم( هو ثابت بن قيس بن شماس )قوله و َقَو ْ ُ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا لتفهم لا كراهة ا ْلجم َ ْ َع بَيْنَ الاسْمَيْنِ بالكتاب‬ ‫الإيضاح واجتناب الرمز و َلِهَذ َا ك َان رَسُول َ‬
‫َب ِإلَيْه ِ م َِم ّا سواهما‪.‬‬
‫الل ّه ُ وَرَسُولُه ُ أَ ح َ ّ‬ ‫لأنه ورد في مواضع منها قَو ْله عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام أَ ْن يَكُونَ َ‬
‫)*(‬
‫الضّ مِير َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى و َالمَلَائِكَة ِ أَ ْم ل َا؟ ف َأَ ج َازَه ُ بَعْضُهُمْ‪ ،‬وَم َن َع َه ُ آخَر ُونَ ل ِعِلَ ّة ِ َ‬
‫الت ّشْر ِيكِ وَخ َُصّ وا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ( ه َلْ يُص َُل ّونَ ر َا ِ‬
‫جع َة ٌ عَلَى َ‬ ‫يُص َُل ّونَ عَلَى َ‬

‫ل‬ ‫الل ّه ِ أَ ْن َ‬
‫جع َ َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ َأن ّه ُ قَالَ‪ :‬م ِنْ ف َضِ يلَت ِ َ‬
‫ك عِنْد َ َ‬ ‫الل ّه َ يُصَل ِّي وم َلَائِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ‪ ،‬و َق َ ْد رُوِيَ ع َ ِ‬
‫ن ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ب َالمَلَائِكَة ِ و َق َ ّدر ُوا الآيَةَ‪ِ :‬إ َ ّ‬

‫تح ُِب ّونَ َ‬


‫الل ّه َ فَا َت ّبِع ُونِي يحببكم الل ّٰه( الآيَتَيْنِ‪،‬‬ ‫كن ْتُم ْ ُ‬
‫الل ّهَ( وقد قال تَع َالَى )قُلْ ِإ ْن ُ‬
‫ل فَق َ ْد أَ طَاعَ َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫ل تَع َالَى( م َنْ يُط ِ‬
‫ِـع َ‬ ‫ك طَاع َت َه ُ فَق َ ْد قَا َ‬
‫طَاع َت َ َ‬
‫الل ّه َ والرسول(‬
‫الل ّه ُ تعالى )ق ُلْ أَ طِيع ُوا َ‬ ‫ت هَذِه ِ الآيَة ُ قَالُوا إ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدًا يُر ِيد ُ أ ْن نتخذه حنابا كما اتخذت النصارى ع ِيس َى‪ ،‬ف َأن ْز َل َ‬ ‫وَرُوِيَ َأن ّه ُ لَم ّا ن َزَل َ ْ‬
‫َاط ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن أَ نْعَمْتَ‬ ‫َاط ال ْمُسْتَق ِيم َ‪ ،‬صِر َ‬ ‫ف المُفَس ِّر ُونَ فِي مَعْن َى قَو ْلِه ِ تَع َالَى فِي ُأ ِمّ الكِت َ ِ‬
‫اب )اهْدِن َا الصِّر َ‬ ‫فَق َرَنَ طَاع َت َه ُ بِطَاع َتِه ِ رَغْمًا لَهُمْ‪ ،‬و َقَدِ اخْ تَل َ َ‬
‫َأصحَابِه ِ‪ ،‬حَك َاه ُ عَنْهُم َا‬ ‫س َل ّم َ وَخِيَار ُ أه ْ ِ‬
‫ل بَي ْتِه ِ و ْ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ال ْبَصْر ُِيّ ‪ :‬الصِّر ُ‬
‫َاط المُسْتَق ِيم ُ ه ُو َ رَسُو ُ‬ ‫عليهم( قفال أَ بُو الْع َالِيَة ِ و َالْحَسَ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ وَصَاحِبَاه ُ أبُو بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ رَضِيَ َ‬


‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‪ ،‬وَح َك َى‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ه ُو َ رَسُو ُ‬ ‫ن ال ْمَاو َ ْرد ُِيّ ‪ ،‬وَح َك َى مَكِ ّيّ ٌ عَنْهُم َا َ‬
‫نح ْوَه ُ و َقَا َ‬ ‫أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫سمَر ْقَنْد ُِيّ مِثْلَه ُ ع َنْ أبِي الْع َالِيَة ِ فِي قَو ْلِه ِ تعالى‬
‫ْث ال َ ّ‬ ‫أَ بُو َ‬
‫الل ّي ِ‬
‫__________‬
‫)قوله حنانا( في الصحاح‪ :‬الحنان الرحمة‪ :‬وقال ابن الأثير‪ :‬الحنان العطف ومنه قول ورقة ابن نوفل حين كان يمر ببلال وهو يعذب‬
‫ل أَ بُو ال ْع َالِيَة ِ( هما اثنان تابعيان من أهل‬
‫لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا )قوله رغما( بفتح الراء وسكون الغين المعجمة أي غيظا )قوله فَق َا َ‬
‫البصرة أحدهما الر ياحي بكسر الراء والآخر البراء بفتح الموحدة وتشديد الراء‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪ ٢.١.٢‬الفصل الثاني )في وصفه تعالى له بالشهادة وما يتعلق بها من الثناء والـكرامة(‬
‫‪ ٢.١.٣‬الفصل الثاني في وصفه تعالى له بالشهادة وما يتعلق بها من الثناء والـكرامة‬

‫صد َقَ و ََالل ّه ِ و َن َ َ‬


‫صحَ‪.‬‬ ‫ل َ‬
‫ن فَق َا َ‬
‫ك الْحَسَ َ‬
‫ل فَبَل َ َغ ذَل ِ َ‬ ‫َاط ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن أَ نْعَمْتَ عليهم( قَا َ‬ ‫)صِر َ‬
‫َاط ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن أنعمت عليهم( عن عبد الرحمان ب ْ ِن ز َيْدٍ‪.‬‬ ‫و َحك َى ال ْمَاو َ ْرد ُِيّ ذَل ِ َ‬
‫ك في ت َ ْفسِير ِ )صِر َ‬

‫س َل ّم َ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل‬ ‫ك بالعروة الوثقى( َأن ّه ُ مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي ع َنْ بَعْضِه ِ ْم فِي ت َ ْفسِير ِ قَو ْلِه ِ تَع َالَى )فَقَدِ اسْ تَمْسَ َ‬ ‫وَح َكى أبو عبد الرحمان ال ُ ّ‬
‫س َل ّم َ‪،‬‬ ‫ح َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ن ِعَم َت ُه ُ بم ُ َ‬ ‫الل ّه ِ لا ُ‬
‫تحْصُوه َا( قَا َ‬ ‫ل فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َِإ ْن تَع ُ ُ ّدوا نعمت َ‬
‫ل س َ ْه ٌ‬ ‫ل شَه َادَة ُ َ‬
‫الت ّوْحِيدِ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ال ِْإسْ لَام ُ‪ ،‬و َق ِي َ‬

‫ق ه ُو َ مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي ج َاء َ ب ِّ‬
‫ِالص ْد ِ‬ ‫ن عَلَى أَ َ ّ‬
‫ك هم المتقون( الآيتين‪ :‬أَ كْ ث َر ُ المُفَس ِّر ِي َ‬ ‫ص َ ّدقَ بِه ِ ُأولَئ ِ َ‬
‫ق وَ َ‬ ‫ل تَع َالَى )و َال َ ّذ ِي ج َاء َ ب ِّ‬
‫ِالص ْد ِ‬ ‫و َقَا َ‬
‫ل أَ بُو بكر‪ ،‬وقيل‬ ‫ل غَي ْر ُه ُ ْم ال َ ّذ ِي َ‬
‫صد َقَ بِه ِ المُؤم ِن ُونَ‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫ِيف‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫صد َقَ ب َِالت ّخْ ف ِ‬
‫ص َ ّدقَ بِه ِ‪ ،‬و َقُرِئ َ َ‬‫ل بَعْضُهُمْ‪ :‬و َه ُو َ ال َ ّذ ِي َ‬
‫س َل ّم َ‪ ،‬قَا َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ و َأَ ْ‬
‫صحَابِه ِ‪.‬‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ِ ت َ ْطم َئ ِ ُ ّن الْق ُلُوبُ ( قال بِم ُ َ‬
‫ح َمّدٍ صَلَ ّى َ‬ ‫مجَاهِدٍ فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )أَ لا بِذِكْر ِ َ‬
‫ن الْأَ ق ْوَالِ‪ ،‬وَع َنْ ُ‬
‫ل غَي ْر ُ هَذ َا م ِ َ‬
‫على‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫الث ّنَاء ِ و َالـْك َرَامَة ِ(‬
‫ن َ‬ ‫الث ّانِي )فِي و َصْ فِه ِ تَع َالَى لَه ُ ب ِال َش ّه َادَة ِ وَم َا يَتَع ََل ّ ُ‬
‫ق بِهَا م ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الْف َصْ ُ‬

‫الن ّب ِ ُيّ ِإ َن ّا أَ ْرسَل ْنَاك َ شَاهِدًا وَم ُبَش ِّر ًا و َنَذِير ًا( الآية‪ ،‬جَم َ َع َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى لَه ُ فِي هَذِه ِ الآيَة ِ ضُر ُوب ًا م ِنْ ر ُت َِب‬ ‫الل ّه ُ تعالى )يا أيها َ‬
‫ل َ‬ ‫قَا َ‬

‫س َل ّم َ‪ ،‬وَم ُبَش ِّر ًا‬ ‫خصَائ ِصِ ه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫هي َ م ِنْ َ‬ ‫ن الْم ِ ْدحَة ِ‪ ،‬فَجَعَلَه َ شَاهِدًا عَلَى ُأ َمّتِه ِ لِن َ ْف ِ‬
‫سه ِ ب ِِإ ب ْلاغِهِم ُ الر ِ ّسَالَة َ‪ ،‬و َ ِ‬ ‫ال ُأث َرَة ِ‪ ،‬وَجُم ْلَة َ أَ ْوص ٍ‬
‫َاف م ِ َ‬
‫ن ع ََت ّ ٍ‬
‫اب‪،‬‬ ‫خ أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬ ‫ل مَعْصِ يَتِه ِ‪ ،‬وَد َاعِيًا ِإلَى تَوْحِيدِه ِ وَعِبَاد َتِه ِ‪ ،‬و َسِر َاج ًا م ُن ِير ًا يُه ْتَد َى بِه ِ لِلْح َقّ ِ * ح َ َ ّدثَنَا ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ل طَاع َتِه ِ‪ ،‬و َنَذِير ًا ل ِأَ ه ْ ِ‬
‫ل ِأَ ه ْ ِ‬
‫ُف‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ ‪،‬‬ ‫الل ّه ِ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن يُوس َ‬ ‫ي‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ز َيْدٍ ال ْمَرْوَز ُِيّ ‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫ن الْق َاب ِس ِ ُ ّ‬
‫ن مُحَم ّدٍ‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم ح َاتِم ُب ْ ُ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا‬
‫ل‬
‫صفَة ِ رَسُو ِ‬
‫ص فَق ُل ْتُ أَ خْبِرْنِي ع َنْ ِ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ َ‬
‫ن عَمْرِو ب ْ ِن ال ْع َا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن سِنَانٍ‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا فلَُيْحٌ‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا ه ِلا ٌ‬
‫ل ع َنْ عَطَاء ب ْ ِن يَس َارٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬لَق ِيتُ عَبْد َ َ‬ ‫مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬

‫الن ّب ِ ُيّ ِإ َن ّا أَ ْرسَل ْنَاك َ شَاهِدًا وَم ُبَش ِّر ًا‬


‫صف َتِه ِ في القرآن‪ :‬يا أيها َ‬
‫ض ِ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬قَالَ‪ :‬أَ ج َلْ ‪ ،‬و ََالل ّه ِ ِإ َن ّه ُ لَمَوْص ٌ‬
‫ُوف فِي َ‬
‫الت ّوْر َاة ِ ببَِعْ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫ح ْرز ًا لِل ُأمّ ِيِّينَ‪ ،‬أَ ن ْتَ عَبْدِي وَرَسُول ِي‪ ،‬س ََم ّي ْت ُ َ‬
‫ك‬ ‫و َنَذِير ًا و َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله الأثرة( بضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما‪ :‬الاستبداد بالشئ والانفراد به‪.‬‬
‫اسم‪ ،‬من استأثر بالشئ‪ :‬استبد به )قوله المدحة( هو بكسر الميم الثنا والذكر الحسن )قوله ابن عتاب( بالمهملة والمثناة المشددة والباء‬
‫الموحدة هو مسند الأندلس في زمانه عبد الرحمن القرطبى الأندلسى )قوله أَ بُو الْق َاس ِ ِم ح َاتِم ُ( هو المعروف بالأطرابلسى )قول القابسى(‬
‫هو الحافظ علي بن محمد بن خلف المعافرى القروى وإنما قيل له القابسى لأن عمه كان يشد عمامته شدة أهل قابس )قوله فليح( بضم‬
‫الفاء وفتح اللام بعدها ياء ساكنة فحاء مهملة‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫هو ابن سليمان العدوى مولاهم )قوله وحرزا( بالمهملة المكسورة فالراء الساكنة فالزاي‪ :‬أي حفظا )قوله للأميين( أي للعرب لأن‬
‫الكتابة عندهم قليلة والأمى من لا يحسن الكتابة‪ ،‬نسبة إلى أمة العرب حين كانوا لا يحسنون الكتابة‪ ،‬أو لأم بمعنى أنه كما ولدته أمه‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه ُ ح ََت ّى يُق ِيم َ بِه ِ الْملَ ِ ّة َ‬ ‫سي ِّئَة ِ ال َ ّ‬
‫سي ِّئ َة َ و َلـَكِنْ يَعْف ُو و َيَغْف ِر ُ‪ ،‬و َلَنْ يَقْبِضَه ُ َ‬ ‫اب فِي الْأَ سْ وَاقِ‪ ،‬وَل َا يَدْف َ ُع ب ِال َ ّ‬
‫َظ و َلا غَلِيظٍ ‪ ،‬و َلا سَ َخ ّ ٍ‬
‫ْس بِف ّ ٍ‬
‫ال ْمُت َوَكِّلَ‪ ،‬لَي َ‬
‫ْب الْأَ حْ بَارِ‪،‬‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن سَلَا ٍم و َ َ‬
‫كع ِ‬ ‫ح بِه ِ أعْيُنًا عُم ْيًا‪ ،‬و َآذ َان ًا ص ًُم ّا‪ ،‬و َقُلُوب ًا غُلْف ًا( وَذُك ِر َ مِثْلُه ُ ع َنْ عَبْدِ َ‬
‫الل ّهُ‪ ،‬و َيَفْت َ َ‬
‫الْعَوْج َاءَ‪ :‬بأَ ْن يَق ُولُوا ل َا ِإلَه َ ِإلا َ‬
‫ق‬ ‫ل‪ ،‬و َأه َبُ لَه ُ ك ُ َ ّ‬
‫ل خ ُل ُ ٍ‬ ‫ل جَم ِي ٍ‬ ‫ل لِلْخَنَا‪ُ ،‬أ َ‬
‫س ّدِدُه ُ لِك ُ ّ ِ‬ ‫ش‪ :‬وَل َا ق َو ّا ٍ‬
‫ق ولا متز يل ب ِالْف ُحْ ِ‬ ‫ن اب ْ ِن ِإ ْسحَاقَ ‪ :‬وَل َا صَ خ ٍ‬
‫ِب فِي الْأَ سْ وَا ِ‬ ‫ض طُر ُقِه ِ ع َ ِ‬
‫و َفِي بَعْ ِ‬
‫شع َارَه ُ‪ ،‬و َ‬
‫َالت ّقْو َى‬ ‫سكِين َة َ لِبَاسَه ُ‪ ،‬و َالب َِر ّ ِ‬
‫ل ال َ ّ‬
‫كَر ِيمٍ‪ ،‬و َأَ جْ ع َ ُ‬
‫ل سِيرَتَه ُ‪ ،‬و َالْح َقّ شَر ِيع َت َه ُ‪ ،‬وال ْهُد َى إم َام َه ُ‪ ،‬و َال ِْإسْ لَام َ‬
‫ُوف خ ُلُق َه ُ‪ ،‬و َالْع َ ْد َ‬
‫َالصدْقَ و َال ْو َفَاء َ طَب ِيَع َت َه ُ‪ ،‬و َالْعَفْو َ و َال ْمَعْر َ‬ ‫ضَم ِيرَه ُ‪ ،‬و َالْح ِ ْ‬
‫كم َة َ مَعْق ُولَه ُ‪ ،‬و ِّ‬
‫الضّ لالَة ِ‪ ،‬و َ ُأعْل ِم َ به‬
‫م َِل ّت َه ُ‪ ،‬و َأَ حْمَد َ اسْم َه ُ‪ُ ،‬أهْدِيَ بِه ِ بَعْد َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ليس بفظ( أي بسئ الخلق )ولا غليظ( أي شديد القول )قوله ولا سخاب( بالسين المهملة والخاء المعجمة المشددة من السخب‬
‫وهى لغة ربيعة في الصخب وهو رفع الصوت )قوله الملة العوجاء( يعنى ملة إبراهيم لأن العرب غيرتها عن استقامتها فصارت كالعوجاء‬
‫)قوله غلفا( بضم المعجمة وسكون اللام جمع أغلف وهو الشئ في غلاف وغشاء بحيث لا يوصل إليه )قوله ابن سلام( بتخفيف اللام‬
‫لا غير هو الأنصاري الخزرجي كان اسمه في الجاهلية حصينا فسماه رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم عبد الل ّٰه )قوله ولا صخب( هو‬
‫بالصاد المهملة والخاء المعجمة المكسورة من الصخب وهو رفع الصوت في السوق في لغة غير ربيعة )قوله للخنا( بفتح المعجمة والقصر‪:‬‬
‫الفحش )قوله إمامه( بكسر الهمزة )قوله أهدى( بفتح الهمزة أي أرشد )قوله وأعلم( بضم الهمزة وتشديد اللام‪.‬‬
‫)*(‬
‫الن ّك ْرَة ِ‪ ،‬و َ ُأكْ ثِر َ بِه ِ بَعْد َ الْقِلَ ّة ِ‪ ،‬و ُأ ْغنِي َ بِه ِ بَعْد َ الْعَيْلَة ِ‪ ،‬و َأَ جْم َ ُع بِه ِ بَعْد َ الْفُر ْقَة ِ‪ ،‬و َ ُأؤَل ّ ُِف بِه ِ بَيْنَ‬ ‫بعد الجهالة‪ ،‬ورفع بِه ِ بَعْد َ ا ْلخم ََالَة ِ‪ ،‬و َ ُأسْم ِ َ‬
‫ي بِه ِ بَعْد َ ُ‬

‫َت ل ِ َلن ّاسِ( ‪.‬‬


‫خرِج ْ‬ ‫مخ ْتَلِفَة ٍ و َأَ ه ْوَاء ٍ م ُتَشَت ِّتَة ٍ و ُأم َ ٍم م ُتَف َرِّقَة ٍ‪ ،‬و َأَ جْ ع ُ‬
‫ل ُأ َمّت َه ُ خَيْر َ ُأ َمّة ٍ ُأ ْ‬ ‫وب ُ‬
‫قُل ُ ٍ‬
‫الت ّوْر َاة ِ‪) :‬عَبْدِي أَ حْمَد ُ ال ْم ُخْ تَار ُ‪ ،‬مَو ْلِدُه ُ بِم َ َك ّة َ‪ ،‬وَمُهَاجَرُه ُ ب ِال ْم َدينَة ِ ‪-‬‬
‫صف َتِه ِ فِي َ‬
‫س َل ّم َ ع َنْ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ِيث آخَر َ‪ :‬أَ خْبَر َن َا رَسُو ُ‬
‫و َفِي حَد ٍ‬

‫الن ّب ِ َيّ الأمي( الآيتين‪ ،‬و َق َ ْد قَا َ‬


‫ل تَع َالَى )فَبِم َا رَحْمَة ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ن يَت ّب ِع ُونَ َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫ل تَع َالَى )ال َ ّذ ِي َ‬ ‫ل َطي ْب َة ُ ‪ُ -‬أ َمّت ُه ُ ا ْلحم َ ّاد ُونَ ل َِل ّه ِ عَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ل ح َالٍ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫أَ ْو قَا َ‬

‫سمَر ْقَنْد ُِيّ ‪:‬‬ ‫الل ّه ِ لِن ْتَ لَهُمْ( الآية‪ ،‬قَا َ‬
‫ل ال َ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مِ َ‬
‫خشِنًا فِي الْقَوْلِ‪ :‬لَتف ََر ّق ُوا‬ ‫س َل ّم َ رَحِيم ًا بالمؤمنين‪ ،‬رئوفا‪ ،‬لين الجانت‪ ،‬و َلَو ْ ك َانَ ف َ ً ّ‬
‫ظا َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى م َِن ّت َه ُ َأن ّه ُ جعل رَسُولَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ذ َك ّر َه ُ ِم َ‬
‫الضّ َح ّاك ُ‪.‬‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى‪ :‬سَمْح ًا‪ ،‬سَهْل ًا‪ ،‬طَلْق ًا‪ ،‬ب ًَر ّا‪ ،‬لَط ِيف ًا‪ :‬هَكَذ َا قَالَه ُ َ‬
‫جعَلَه ُ َ‬
‫حو ْلِه ِ‪ ،‬و َلـَكِنْ َ‬
‫م ِنْ َ‬
‫ل عَلَيْك ُ ْم شَه ِيدًا( قال‬ ‫س و َيَكُونَ َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫الن ّا ِ‬ ‫َ‬ ‫جعَل ْنَاك ُ ْم ُأ َمّة ً و َ َ‬
‫سطًا لِتَكُونُوا شُهَد َاء عَلَى َ‬ ‫ك َ‬
‫ل تَع َالَى )وَكَذَل ِ َ‬
‫و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله بعد الخمالة( في الصحاح‪ :‬الخامل الساقط الذى لا نباهة له وقد خمل يخمل خمولا وفى أفعال ابن القطاع خمل خمولا‪ :‬خفى ذكره‬
‫)قوله وأسمى( بضم الهمزة وتشديد الميم )قوله وأغنى( بضم الهمزة وسكون المعجمة )قوله بعد العيلة هي بفتح المهملة الفقر )قوله سمحا(‬
‫بفتح السين المهملة وسكون الميم أي جوادا )قوله طلقا( بسكون اللام أي منبسط الوجه متهلله‪ ،‬يقال طلق الرجل بالضم فهو طلق‬
‫ن ع ََب ّاس و َاب ْ ُ‬
‫ن عمر وأنس‪.‬‬ ‫)قوله الظحاك( هو ابن مزاحم الهلالي الخراساني يروى عن أبي هريرة و َاب ْ ُ‬
‫)*(‬
‫ل ُأ َمّتِه ِ بِهَذِه ِ الآيَة ِ‪ ،‬وفِي قَو ْلِه ِ فِي الآيَة ِ الْأَ ْ‬
‫خر َى )و َفِي هَذ َا لِيَكُونَ‬ ‫س َل ّم َ و َف َضْ َ‬ ‫ل نَبي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى ف َضْ َ‬ ‫ن الْق َاب ِس ِ ُ ّ‬
‫ي‪ :‬أب َانَ َ‬ ‫أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ل ُأ َمّة ٍ بشهيد( الآية‪ ،‬وقوله تعالى )وسطا(‬
‫جئ ْنَا م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫ك قَو ْلُه ُتَع َالَى )فَكَي َْف ِإذ َا ِ‬
‫ل شَه ِيدًا عَلَيْك ُ ْم و َتَكُونُوا شُهَد َاء َ على الناس( وَكَذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫الر ّسُو ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫لأن ْب ِيَاء ِ‬
‫جعَل ْنَاك ُ ْم ُأ َمّة ً خِيَار ًا عُد ُول ًا لِتَشْهَد ُوا ل ِ َ‬
‫خصّ صْ نَاك ُ ْم و َف ََضّ ل ْنَاك ُ ْم ب ِأَ ْن َ‬
‫ك َ‬‫ي عَد ُول ًا خِيَار ًا‪ ،‬وَمَعْن َى هَذِه ِ الآيَة ِ‪ :‬وكَمَا هَدَي ْنَاك ُ ْم فَكَذَل ِ َ‬
‫أَ ْ‬
‫ل الْأَ ن ْب ِيَاءَ‪ :‬ه َلْ بلَ ّغْتُم ْ؟ فَيَق ُولُونَ‪ :‬نَعَمْ‪،‬‬ ‫ل ج َلَالُه ُ ِإذ َا سَأَ َ‬ ‫الل ّه َ ج َ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ل إ َّ‬ ‫ِالص ْدقِ‪ ،‬ق ِي َ‬
‫ل ب ِّ‬ ‫الر ّسُو ُ‬ ‫سلام ُ عَلَى ُأمَمِه ِ ْم و َيَشْهَد َ لـَكُم ُ َ‬ ‫الصّ لَاة ُ و َال َ ّ‬ ‫عَلَيْهِم ُ َ‬

‫س َل ّم َ و َق ِي َ‬
‫ل م َعن َى‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫لأن ْب ِيَاءِ‪ ،‬و َي ُزَكّ ِيهِم ُ َ‬
‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم َ ل ِ َ‬ ‫ل ُأمَمُهُمْ‪ :‬م َا ج َاءَن َا م ِنْ بَشِيرٍ وَل َا نَذِير ٍ‪ ،‬فَتَشْهَد ُ ُأ َمّة ُ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫فَتَق ُو ُ‬
‫ل م َنْ خ َالَفَكُمْ‪،‬‬ ‫الآيَة ِ‪ِ :‬إ َن ّك ُ ْم حُ َ ج ّة ٌ عَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ل قَتَادَة ُ‬
‫ق عِنْد َ ر َ ّبِهِمْ( قَا َ‬
‫ص ْد ٍ‬ ‫ن آم َن ُوا أَ َ ّ‬
‫ن لَه ُ ْم قَدَم َ ِ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى )و َبَش ِ ّر ِ ال َ ّذ ِي َ‬ ‫س َل ّم َ حُ َ ج ّة ٌ عَلَيْكُمْ‪ ،‬حَك َاه ُ ال َ ّ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َ‬
‫َالر ّسُو ُ‬
‫هي َ م ُصِ يبَتُه ُ ْم بِنَبِيِّهِمْ‪ ،‬وَع َنْ أَ بِي سَع ِيدٍ‬
‫ن أيْضًا‪ِ :‬‬ ‫س َل ّم َ ي َ ْشف َ ُع لَهُمْ‪ ،‬وَع َ ِ‬
‫ن الْحَسَ ِ‬ ‫ق ه ُو َ مُح َم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ص ْد ٍ‬
‫ن أسْ لَم َ‪ :‬قَدَم َ ِ‬
‫ن وَز َيْد ُ ب ُ‬
‫والْحَسَ ُ‬

‫هي َ‬ ‫الل ّه ِ ُ‬
‫الت ّسْتَر ُِيّ ‪ِ :‬‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫ل بْ ُ‬
‫ل س َ ْه ُ‬
‫ق عِنْد َ ر َ ّبِه ِ ْم و َقَا َ‬
‫ص ْد ٍ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬ه ُو َ َ‬
‫شف ِي ُع ِ‬ ‫شف َاع َة ُ نَبِيِّه ِ ْم مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫هي َ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ِ‬
‫ِي رَضِي َ َ‬
‫الْخ ُ ْدر ّ ِ‬
‫سَابِق َة ُ رَحْمَة ٍ أَ ْودَعَه َا فِي مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬

‫الفصل الثالث فيما ورد من خطابه إياه مورد الملاطفة والمبرة‬ ‫‪٢.١.٤‬‬

‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫ل المجَُابُ ‪ :‬مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫شف ِي ُع ال ْمُطَاع ُ‪ ،‬و َال َ ّ‬
‫سائ ِ ُ‬ ‫َالص ّدِيق ِينَ‪ :‬ال َ ّ‬ ‫ن عَل ِ ٍيّ التِّرْمِذ ُِيّ ‪ :‬ه ُو َ ِإم َام ُ َ‬
‫الصّ ادِق ِينَ و ِّ‬ ‫س َل ّم َ و َقَا َ‬
‫ل مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي‬ ‫حَك َاه ُ عَن ْه ُ ال ُ ّ‬
‫خطَابِه ِ ِإ َي ّاه ُ مَوْرِد َ ال ْمُلا َطفَة ِ و َال ْم َبَر ّة ِ‬ ‫ل َ‬
‫الث ّال ِثُ ف ِيم َا وَرَد َ م ِنْ ِ‬ ‫الْف َصْ ُ‬
‫الل ّهُ‪.‬‬
‫الل ّهُ‪ ،‬و َأَ ع َ َّزك َ َ‬
‫ك َ‬ ‫ح ك َلَا ٍم بِمَنْزِلَة ٍ‪ :‬أَ صْ لَح َ َ‬
‫ل هَذ َا اف ْت ِتَا ُ‬ ‫ك لِم َ أَ ذِن ْتَ لهم( قَا َ‬
‫ل أَ بُو مُحَم ّدٍ مَكِ ّ ُيّ ق ِي َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْ َ‬
‫ك قَو ْلُه ُ تَع َالَى )عَف َا َ‬
‫فمَ ِنْ ذَل ِ َ‬

‫ْب لِم َأَ ذِن ْتَ‬


‫ن مَعْنَاه ُ‪ :‬عافاك الل ّٰه با سَل ِيم َالْق َل ِ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ ع َنْ بَعْضِه ِ ْم أَ َ ّ‬ ‫ْب‪ ،‬ح َك َى ال َ ّ‬ ‫يخـْبِرَه ُ ب ِال َذ ّن ِ‬
‫ل أَ ْن ُ‬ ‫الل ّهِ‪ :‬أَ خْبَرَه ُ ب ِالْع َ ْفوِ قَب ْ َ‬
‫ن عَبْدِ َ‬ ‫ل عَوْنُ ب ْ ُ‬ ‫و َقَا َ‬

‫ِيف عَلَيْه ِ أ ْن يَنْش ََقّ قَل ْب ُه ُ م ِنْ هَي ْبَة ِ هَذ َا الْك َلَا ِم‪ ،‬لـَك َِنّ َ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى ب ِرَحْمَتِه ِ‬ ‫س َل ّم َ بِقَو ْلِه ِ‪ :‬لِم َأذنت لهم‪ ،‬لَخ َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل و َلَو ْ بَد َأَ َ‬
‫لَهُمْ‪ ،‬قَا َ‬
‫ِيم‬
‫ِب؟ وفِي هَذ َا م ِنْ عَظ ِ‬ ‫ن الْك َاذ ِ‬ ‫الصّ ادِقُ فِي ع ُ ْذرِه ِ م ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ف ح ََت ّى يَتَبيَ ّنَ ل َ َ‬ ‫ل لَهُ‪ :‬لِم َ أَ ذِن ْتَ لَه ُ ْم ب َِالت ّخ َ ُل ّ ِ‬ ‫ن قَل ْب ُه ُ‪ ،‬ث َُم ّ قَا َ‬ ‫ك َ‬
‫س َ‬ ‫أَ خْبَرَه ُ ب ِال ْع َ ْفوِ ح ََت ّى َ‬

‫ل‬
‫ْب‪ ،‬قَا َ‬ ‫ب‪ ،‬وَم ِنْ ِإك ْرَامِه ِ إ َي ّاه ُ و َبِرِّه ِ بِه ِ ما يَنْقَط ِـ ُع د ُونَ مَعْرِفَة ِ غَايَتِه ِ نيِ َ ُ‬
‫اط الْق َل ِ‬ ‫الل ّه ِ م َا ل َا َ‬
‫يخْفَى عَلَى ذِي ل ُ ٍّ‬ ‫مَنْز ِلَتِه ِ عِنْد َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله محمد بن علي الترمذي( هو الإمام الحافظ الزاهد المؤذن صاحب التصانيف الحكيم الترمذي )قوله عون( هو ابن عبد الل ّٰه بن عتبة‬
‫يخـْبِرَه ُ( بضم المثناة التحتية وسكون‬
‫ل أَ ْن ُ‬
‫بن مسعود الهذلى الـكوفى الزاهد الفقيه يروى عن أبي هريرة وابن عباس وغيرهما )قوله قَب ْ َ‬
‫المعجمة وكسر الموحدة الخفيفة أو بفتح المعجمة وتشديد الموحدة‪،‬‬
‫ب( اللب العقل )قوله نياط القلب( بكسر‬
‫في الصحاح‪ :‬أخبرته وخبرته بمعنى )قوله ولو بدأ( هو مهموز من الابتداء )قوله عَلَى ذِي ل ُ ٍّ‬
‫النون وتخفيف المثناة التحتية‪ :‬عرق يعلق به القلب من الوتين إذا قطع مات صاحبه‪.‬‬
‫)*(‬
‫مخـ َي ّر ًا‪ ،‬فَلَم ّا أَ ذِنَ لَه ُ ْم أَ ع ْلَم َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫س َل ّم َ مُع َات َبٌ بِهَذِه ِ الآيَة ِ‪ ،‬وَح َاشَاه ُ م ِنْ ذَلِكَ‪ ،‬بَلْ ك َانَ ُ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫َاس ِإلَى أَ َ ّ‬
‫ن ِ ْفط ُو َيْه ِ‪ :‬ذ َه َبَ ن ٌ‬
‫ن لَهُمْ‪.‬‬
‫الإ ْذ ِ‬ ‫تَع َالَى َأن ّه ُ لَو ْ ل َ ْم ي َأْ ذ َ ْن لَه ُ ْم لَقَعَد ُوا لِنِف َاقِهِمْ‪ ،‬و ََأن ّه ُ ل َا حَر َ َ‬
‫ج عَلَيْه ِ فِي ِ‬
‫ن فِي قَو ْلِه ِ‬ ‫سل ِ ِم ال ْم ُج َاهِدِ نفسه ارائض ب ِز َما ِم ال َش ّر ِيعَة ِ خ ُلُق َه ُ أ ْن يَت َأ َدّبَ ب ِآد ِ‬
‫َاب الْقُر ْآ ِ‬ ‫يج ِبُ عَلَى الم ُ ْ‬ ‫ل الْفَق ِيه ُ الْق َاض ِي و ََف ّق َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى‪َ :‬‬ ‫قَا َ‬
‫ل‬ ‫َاب الد ِّين َِي ّة ِ و َال ُد ّن ْيَوِ َي ّة ِ‪ ،‬و َل ْيَت َأَ َمّلْ هَذِه ِ المُلا َطف َة َ ال ْعَجِيب َة َ فِي ال ُ ّ‬
‫سؤَا ِ‬ ‫ِف الحقيقة وَر َ ْوضَة ُ الآد ِ‬
‫محَاوَر َاتِه ِ‪ ،‬فَه ُو َ عُن ْصُر ُ ال ْمَع َار ِ‬
‫و َفِعْلِه ِ وَمُع َاطَاتِه ِ و َ ُ‬
‫س ب ِالْع َ ْفوِ‬
‫ل الْع َت َِب‪ ،‬و َآن َ َ‬
‫كي َْف اب ْتَد َأَ ب ِال ِْإك ْرَا ِم قَب ْ َ‬
‫ن الْف َوَائِدِ و َ َ‬
‫ن الجميع ويستشير م َا ف ِيهَا م ِ َ‬
‫ل‪ ،‬ال ْمُسْتَغْنِي ع َ ِ‬
‫َاب‪ :‬ال ْمُن ْع ِ ِم عَلَى الْك ُ ّ ِ‬
‫َب الْأَ رْب ِ‬
‫م ِنْ ر ِّ‬
‫ْب ِإ ْن ك َانَ ث ََم ّ ذَن ْبٌ ‪.‬‬
‫ل ذِكْر ِ ال َذ ّن ِ‬
‫قَب ْ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ن ِإلَيْه ِ ْم‬
‫ك ُ‬
‫ل تَع َالَى )و َلَو ْلا أَ ْن ثَب ّت ْنَاك َ لَق َ ْد كِدْتَ تَرْ َ‬
‫و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله نفطو يه( النحوي الواسطي قال ابن الصلاح أهل العربية يقولونه‪ ،‬ونظائره بواو مفتوحة مفتوح ما قبلها ساكن ما بعدها‪ ،‬ومن‬
‫ينحوها نحو الفارسية يقولها بواو ساكنة مضموم ما قبلها مفتوح ما بعدها وبعدها هاء والتاء خطأ‪ ،‬سمعت الحافظ أبا العلاء يقول‪ :‬أهل‬
‫الحديث لا يحبون و يه أي يقولون نفطو يه مثلا بوابو ساكنة تأدبا من أن يقع في آخر الكلام و يه انتهى )قوله الرائض بزمام الشرعية(‬
‫رضت المهر إذا ذللته وجعلته طوع إرادتك‪ ،‬والزمام هنا مستعار للأحكام أي أحكام الشر يعة )قوله ومحاوراته( هو بالحاء المهملة جمع‬
‫ل( في الصحاح وكل لفظه واحد‬
‫محاورة وهى المجاوبة )قوله هو عنصر( العنصر بضم الصاد المهملة وفتحها‪ :‬الأصل )قوله ال ْمُن ْع ِ ِم عَلَى الْك ُ ّ ِ‬
‫ومعناه‬
‫جمع‪ ،‬فعلى هذا تقول كل حضرت وكل حضروا على اللفظ مرة وعلى المعنى أخرى‪.‬‬
‫وكل وبعض معرفتان ولم يجئ عن العرب بالألف واللام‪ ،‬وهو جائز لأن فيها معنى الإضافة أضيفت أم لم تضف انتهى‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ قَب ْ َ‬
‫ل و ُق ُوعِه ِ‪،‬‬ ‫لات‪ ،‬و َعَات َبَ نَب َِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ الأَ ن ْب ِيَاء صَلَوَاتُ اللهم عَلَيْه ْم بَعْد َ َ‬
‫الز ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْض ال ْمُتَكَل ِّمِينَ‪ :‬عاتل َ‬
‫ل بَع ُ‬
‫شيئا قليلا( قَا َ‬
‫ِيف أ ْن‬
‫ل ذِكْر ِ م َا ع َتَب َه ُ عَلَيْه ِ وَخ َ‬ ‫محَافَظَة ً ل ِشَر َائ ِطِ المحَ َب ّة ِ‪ ،‬و َهَذِه ِ غَايَة ُ ال ْع ِنَايَة ِ‪ ،‬ث َُم ّ انْظُر ْ َ‬
‫كي َْف بَد َأَ بِثَبَاتِه ِ وَسَلَام َتِه ِ قَب ْ َ‬ ‫ش َ ّد انْتِهَاء ً و َ ُ‬
‫ك أَ َ‬
‫لِيَكُونَ بِذَل ِ َ‬
‫ن ِإلَيْه ِ‪.‬‬ ‫ك َ‬
‫يَرْ َ‬
‫ك ال َ ّذ ِي يَق ُولُونَ ف َِإ َ ّنه ُ ْم لا يُكَذِّبُونَكَ( الآية‪.‬‬
‫تخْوِ يفِه ِ ت َأْ م ِين ُه ُ وَك َرَام َت ُه ُ‪ ،‬وَمِثْلُه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )ق َ ْد نَعْلَم ُ ِإ َن ّه ُ لَي َحْ زُن ُ َ‬ ‫فَفِي أَ ث ْنَاء ِ عَت ْبِه ِ ب َر َاءَتُه ُ‪ ،‬و َفِي َط ّ‬
‫ي َ‬

‫جئ ْتَ بِه ِ‪ ،‬فأنزل الل ّٰه تعالى )ف َِإ َ ّنه ُ ْم‬
‫س َل ّم َ‪ :‬إ َن ّا ل َا نُكَذِّبُكَ‪ ،‬و َلـَكِنْ نُكَذِّبُ م َِم ّا ِ‬ ‫ل ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ج ْه ٍ‬
‫ل أَ بُو َ‬ ‫ل عَلِيّ ٌ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْهُ‪ :‬قَا َ‬ ‫قَا َ‬
‫لا يُكَذِّبُونَكَ( الآيَة َ‪.‬‬
‫ل ِإ َ ّنه ُ ْم‬
‫يحْزِنُكَ؟ قَالَ‪ :‬ك َ َذّبَنِي قَوْمِي‪ ،‬فَق َا َ‬ ‫ن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم لما ك َ َذّبَه ُ قَوْم ُهُ‪ :‬حَزِنَ‪ ،‬فجاءه جبرئيل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ فَق َالَ‪ :‬م َا ُ‬ ‫وَرُوِيَ أَ َ ّ‬
‫س َل ّم َ‪ ،‬و َِإلْطَافِه ِ فِي‬ ‫ِيف المأْ َ خَذِ م ِنْ تَسْلِيَتِه ِ تَع َالَى لَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى الآيَة َ‪ ،‬فَفِي هَذِه ِ الآيَة ِ مَنْزَعٌ لَط ُ‬
‫ل َ‬ ‫يَعْلَم ُونَ أَ َن ّ َ‬
‫ك صَادِقٌ ‪ ،‬ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫ل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ الْأَ م ِينَ‪،‬‬ ‫الْقَوْلِ‪ :‬بأَ ْن ق ََر ّر َ عِنْدَه ُ َأن ّه ُ صَادِقٌ عِنْد َهُمْ‪ ،‬و َأ َ ّنه ُ ْم غَي ْر ُ مُكَذِّبِينَ لَه ُ‪ ،‬مُعْتَر ِفُونَ ب ِصِ دْقِه ِ قَوْل ًا و َاعْتِق َاد ًا‪ ،‬و َق َ ْد ك َانُوا يُس َ ُمّونَه ُ قَب ْ َ‬
‫ل‬ ‫ِب‪ ،‬ث َُم ّ َ‬
‫جع َ َ‬ ‫سه ِ ب ِ ِسمَة ِ ال ْـكَذ ِ‬
‫اض ن َ ْف ِ‬ ‫فَد َف َ َع بِهَذ َا َ‬
‫الت ّ ْقرِير ِ ارْتِم َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ما يحزنك( يقال حزنه وأحزنه )قوله منزع( بفتح الميم والزاى وهو ما يرجع إليه الرجل من أمره )قوله وإلطافه( بكسر الهمزة‬
‫مصدر ألطفه بكذا‪ :‬بره به )قوله ارتماص( هو بالراء الساكنة والمثناة المكسورة والضاد المعجمة مصدر ارتمض الرجل من كذا‪ :‬اشتد‬
‫عليه وأقلقه‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪ ٢.١.٥‬الفصل الرابع في قسمه تعالى بعظيم قدره‬

‫ن ال ْوَصْمِ‪ ،‬وَط ََر ّقَه ُ ْم ب ِال ْمُع َانَدَة ِ بتَِكْذ ِ‬


‫ِيب‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫يج ْحَد ُونَ( وَح َاشَاه ُ م ِ َ‬ ‫َات َ‬ ‫ل تَع َالَى )و َلـَك َِنّ ال َ ّ‬
‫ظالِمِينَ ب ِآي ِ‬ ‫ن ظَالِمِينَ فَق َا َ‬
‫حدِي َ‬ ‫ال َذ ّ َمّ لَه ُ ْم بِت َ ْ‬
‫سمِيَتِه ِ ْم ج َا ِ‬
‫كقَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َجَ حَد ُوا بِهَا و َاسْ تَيْق َنَتْهَا أَ نْف ُسُه ُ ْم ظُل ْمًا وعلوا( ث َُم ّ ع َ َّزاه ُ و َآنَس َه ُ‬ ‫حق ِيق َة َ ال ُ ّ‬
‫ظلْم ِ‪ِ ،‬إذِ الْ جحَْد ُ ِإ َن ّمَا يَكُونُ م َِم ّنْ عَل ِم َ الشئ ث َُم ّ أَ ن ْك َرَه ُ َ‬ ‫َات َ‬
‫الْآي ِ‬
‫ك‬
‫يجِد ُون َ َ‬ ‫ك ب َِالت ّخْ ف ِ‬
‫ِيف فمعاه ل َا َ‬ ‫ل م ِنْ قبلك( الآيَة ُ‪ ،‬فَم َنْ ق َرأَ َ ل َا يَكْذِبُون َ َ‬ ‫بِمَا ذَك َرَه ُ ع ََم ّنْ قَبْلَه ُ وَو َعَدَه ُ ب َِالن ّصْر ِ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َلَق َ ْد كُذِّب َْت ر ُ ُ‬
‫س ٌ‬
‫ك‬
‫شدِيدِ فَمَعْنَاه ُ ل َا يَنْسِب ُون َ َ‬ ‫يح ْت َُجّ ونَ عَلَى كَذِب ِ َ‬
‫ك وَل َا يُث ْب ِت ُونَه ُ‪ ،‬وَم َنْ ق َرأَ َ ب َِالت ّ ْ‬ ‫ل ل َا َ‬
‫ِب‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫كسَائ ِ ُيّ‪ :‬ل َا يَق ُولُونَ ِإ َن ّ َ‬
‫ك ك َاذ ٌ‬ ‫ل الْف ََر ّاء ُ و َال ْـ ِ‬
‫ك َاذِب ًا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل ل َا يتعقدون كَذِبَكَ‪.‬‬
‫ِب‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ِإلَى ال ْـكَذ ِ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى خ َاطَبَ جَم ِي َع الأَ ن ْب ِيَاء ِ ب ِأَ سْمَائِهمْ‪ ،‬فَق َالَ‪ :‬ي َا آدَم ُ ي َا نُو ُ‬
‫ح ي َا إ ب ْر َاه ِيم ُ ي َا م ُوس َى ي َا د َاوُد ُ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى بِه ِ أَ َ ّ‬ ‫وَم َِم ّا ذُك ِر َ م ِنْ َ‬
‫خصَائ ِصِ ه ِ و َبِر ِّ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫َب ه ُو َ إلا‪ :‬يا أيها الرسول‪ ،‬يا أيها النبي‪ ،‬ي َا أَ ُ ّيهَا ال ْم َُز ّمّ ِل‪ ،‬ي َا أَ ُ ّيهَا ال ْم ُ َ ّدث ّ ِر ُ‪.‬‬
‫يح ْي َى‪ ،‬و َل َ ْم يُخَاط ْ‬
‫ي َا ع ِيس َى ي َا زَكَر ِ ي ّ ِا ي َا َ‬
‫ِيم ق َ ْدرِه ِ‬ ‫ل َ‬
‫الر ّاب ِـ ُع فِي قَسَمِه ِ تَع َالَى بِعَظ ِ‬ ‫الْف َصْ ُ‬

‫الل ّه ُ تَع َالَى‪ :‬لَعَمْرُك َ ِإ َ ّنه ُ ْم لَفِي َ‬


‫سك ْرَتِه ِ ْم يَعْمَه ُونَ(‬ ‫ل َ‬ ‫قَا َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫الل ّه ِ ج َ َ ّ‬
‫ل ج َلَالُه ُ بِم ُ َ ّدة ِ حَيَاة ِ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬ ‫ن َ‬ ‫الت ّ ْفسِير ِ فِي هَذ َا َأن ّه ُ ق َسَمٌ م ِ َ‬
‫ل َ‬ ‫َات ّف َ َ‬
‫ق أَ ه ْ ُ‬
‫__________‬
‫)قَو ْله من الوصم( أي من العيب )قوله عزاه( بتشديد الزاى‪ :‬أي صبره‪.‬‬
‫)*(‬
‫ك ي َا مُح َم ّد ُ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل وعيشك‪ ،‬وقيل‪ :‬وحياتك‪ ،‬و َهَذِه ِ‬ ‫كثْرَة ِ الاسْ تِعْم َالِ‪ ،‬وَمَعْنَاه ُ‪ :‬و َبَق َائ ُ َ‬ ‫ك َنّهَا فُتِح ْ‬
‫َت لـِ َ‬ ‫ن ال ْعُمُرِ و َلـ َ ِ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َأَ صْ لُه ُ ض َ ُ ّ‬
‫م الْع َيْنِ م ِ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ِيم و َغَايَة ُ الْبِّر ِ و ََالت ّشْر ِ‬
‫ِيف‪.‬‬ ‫نِهَايَة ُ َ‬
‫الت ّعْظ ِ‬
‫ق‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‪ :‬م َا خ َل َ َ‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬
‫قَا َ‬
‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى وَم َا ذَر َأَ وَم َا ب َر َأَ ن َ ْفسًا أَ ك ْرَم َ عَلَيْه ِ م ِنْ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫س َل ّم َ لأَ َن ّه ُ أَ ك ْرَم ُ‬ ‫ِ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى بِ حَيَاة ِ أَ حَدٍ غَيْر َ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه َ تَع َالَى أَ ق ْسَم َ بِ حَيَاة ِ أَ حَدٍ غَيْرَه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل أَ بُو الْجَوْز َاء‪ :‬م َا أَ ق ْسَم َ َ‬ ‫وَم َا سَمِعْتُ َ‬
‫ف ال ْمُفَس ِّر ُونَ فِي مَعْن َى )يس( عَلَى أَ ق ْوَالٍ‪ ،‬فَحـ َك َى أَ بُو مُحَم ّدٍ مَكِ ّيّ ٌ َأن ّه ُ رُوِيَ‬
‫ال ْبَر َِي ّة ِ عِنْدَه ُ‪ ،‬وقال تعالى )يس والقرآن الحكيم( الآي َاتُ ‪ ،‬اخْ تَل َ َ‬

‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي ع َنْ‬ ‫ل ل ِي عِنْد َ ر َب ِ ّي عَشْرَة ُ أَ سْمَاء ٍ ذكر منها منها أن طَه و َيس اسْمَا ِ‬
‫ن لَه ُ‪ ،‬وَح َك َى أَ بُو عَبْدِ الرحمان ال ُ ّ‬ ‫س َل ّم َ َأن ّه ُ قَا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ِ‬
‫س َل ّم َ‪،‬‬ ‫س )يس( ي َا ِإنْس َانُ أر َاد َ مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬وعن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬ ‫مخَاطَب َة ً لِنَب ِيِّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق َأن ّه ُ أر َاد َ ي َا س ََي ّد ُ ُ‬ ‫جعْفَرٍ َ‬
‫الصّ ادِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن اب ْ ِن الحنفية يس ي َا مُحَم ّد ُ‬
‫ل ي َا ِإنْس َانُ‪ ،‬وَع َ ِ‬
‫ل و َق ِي َ‬
‫ل ي َا رَج ُ ُ‬
‫ل مَعْنَاه ُ ي َا مُحَم ّد ُ و َق ِي َ‬ ‫الز ّ َجّا ُ‬
‫ج ق ِي َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى و َقَا َ‬ ‫ِ‬
‫ل ه ُو َ ق َسَمٌ و َه ُو َ م ِنْ أسْمَاء َ‬
‫و َقَا َ‬
‫ْض ب ِأَ لْفَيْ عَا ٍم ي َا مُح َم ّد ُ ِإ َن ّ َ‬
‫ك لمن المرسلين‪،‬‬ ‫ق ال َ ّ‬
‫سم َاء َ و َالأر َ‬ ‫يخ ْل ُ َ‬
‫ل أَ ْن َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى بِه ِ قَب ْ َ‬
‫ْب يس ق َسَمٌ أَ ق ْسَم َ َ‬
‫كع ٍ‬
‫وَع َنْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله أبو الجوزاء( هو بفتح الجيم فواو ساكنة فزاى فهمزة ممدودة‪ :‬أوس بن عبد الل ّٰه الربعي البصري يروى عن عائشة وغيرها‪ ،‬وأما‬
‫أبو الحوراء بالحاء المهملة والراء فراوي حديث القنوت )قوله الزجاج( هو أَ بُو ِإ ْسحَاقَ إ ب ْر َاه ِيم ُالنحوي‪ ،‬إليه ينسب عبد الرحمن الزجاجي‬
‫صاحب الجمل‪.‬‬
‫)*(‬
‫ِيم م َا تَق َ َ ّدم َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّعْظ ِ‬ ‫س َل ّم َ و َصَ َ ح ّ ف ِيه ِ َأن ّه ُ ق َسَمٌ ك َانَ ف ِيه ِ م ِ َ‬ ‫ن المرسلين( ف َِإ ْن ق ُ ّدِر َ َأن ّه ُ م ِنْ أَ سْمَائِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيم ِإ َن ّ َ‬
‫ك لم َ ِ َ‬ ‫ثم قال )والقرآن الْحَك ِ‬

‫الل ّه ُ‬ ‫ْف الْق َس َ ِم الآخَر ِ عَلَيْه ِ و َِإ ْن ك َانَ بِمَعْنى النِّد َاء ِ فَق َ ْد ج َاء َ ق َسَمٌ آخَر ُ بَعْدَه ُ لِت َحْ ق ِي ِ‬
‫ق رِسَالَتِه ِ و َال َش ّه َادَة ِ بِهِد َايَتِه ِ أق ْسَم َ َ‬ ‫و َيُؤَكِّد ُ ف ِيه ِ الْق َسَم َ عَط ُ‬
‫تَع َالَى باسْمِه ِ وَك ِتَابِه ِ َأن ّه ُ لم َ ِ َ‬
‫ن المُرْسِلِينَ ب ِو َحْ يِه ِ ِإلَى عِبَادِه ِ و َعَلَى‬
‫ن أَ ن ْب ِيَائِه ِ ب ِالر ِ ّسَالَة ِ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى لأَ حَدٍ م ِ َ‬ ‫الن ّ َ ّق ُ‬
‫اش‪ :‬ل َ ْم ي ُ ْقس ِ ِم َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الْح َقّ ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل عَ ِ‬
‫ج ف ِيه ِ ولا عُد ُو َ‬
‫ق ل َا ا ْعوِج َا َ‬
‫ي َطرِ ي ٍ‬
‫صِر َاطٍ مُسْتَق ٍِيم م ِنْ ِإ يمَانِه ِ أَ ْ‬

‫فِي ك ِتَابِه ِ إ َلّا لَه ُ‪.‬‬


‫س َل ّم َ )أن َا سيد وَلَد ِ آدَم َ وَل َا فخر( و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َأن ّه ُ ي َا سَيِّد ُ م َا ف ِيه ِ‪ ،‬و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل م ِنْ قَا َ‬
‫وف ِيه ِ م ِنْ تَعْظ ِيمِه ِ و َتَمْجِيدِه ِ عَلَى ت َأْ وِ ي ِ‬
‫ي ُأقْسِم ُ بِه ِ‬ ‫ك مِن ْه ُ حك َاه ُ مَكِ ّيٌّ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل ل َا ز َائِدَة ٌ أَ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫لٌ بِهَذ َا البلد( ق ِي َ‬
‫ل ل َا ُأقْسِم ُ بِه ِ ِإذ َا ل َ ْم تَكُنْ ف ِيه ِ بَعْد َ خُر ُو ِ‬ ‫)لا ُأقْسِم ُ بِهَذ َا ال ْبَلَد ِ و َأَ ن ْتَ ِ‬
‫ح ّ‬

‫ك بِهَذ َا ال ْبَلَد ِ‬ ‫الت ّ ْفسِير َيْنِ‪ ،‬و َال ْم ُرَاد ُ ب ِال ْبَلَد ِ عِنْد َ ه َؤُل َاء ِ م َ َك ّة ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل الواسى أي يحلف ل َ َ‬ ‫لٌ ل َ َ‬
‫ك م َا فَعَل ْتَ ف ِيه ِ عَلَى َ‬ ‫ح ّ‬
‫ل أَ ْو ِ‬
‫و َأَ ن ْتَ بِه ِ ي َا مُحَم ّد ُ ح َلا ٌ‬
‫لٌ بِهَذ َا البلد(‬
‫ح ّ‬
‫َحِح ُه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى ) ِ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫سورَة َ مَك َِي ّة ٌ وَم َا بَعْدَه ُ يُص ّ‬ ‫ل أَ صَ ُ ح ّ لأَ َ ّ‬
‫ك م َي ِّتًا يَعْنِي ال ْمَدِين َة َ و َالْأَ َ ّو ُ‬
‫ك ف ِيه ِ ح ًَي ّا و َبِبَرَكَت ِ َ‬
‫ال َ ّذ ِي ش َ َرّف ْت َه ُ بِمَك َان ِ َ‬
‫حي ْثُ كان‬
‫ن َ‬
‫كو ْنُه ُ أَ م َا ٌ‬ ‫كو ْنِه ِ بِهَا ف َِإ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى بِمَق َامِه ِ ف ِيهَا و َ َ‬ ‫ل اب ْ ِن عَطَاء ٍ فِي ت َ ْفسِير ِ قوله تعالى )و َهَذ َا ال ْبَلَد ِ الأَ م ِينِ( قَا َ‬
‫ل أَ َمّنَهَا َ‬ ‫نح ْوُه ُ قَو ْ ُ‬
‫وَ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫__________‬
‫)قوله قال النقاش( هو أبو بكر محمد بن الحسن بن مُحَم ّد ُ بن زِي َادٍ الموصلي البغدادي المقرى المفسر‪.‬‬
‫)‪(*) (١ - ٣‬‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى ِإشَارَة ٌ ِإلَى مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ي ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫ل أَ ر َاد َ آدَم َ فَه ُو َ عَامّ ٌ وَم َنْ قَا َ‬
‫ل ه ُو َ إ ب ْر َاه ِيم ُ وَم َا وَلَد َ فَه ِ َ‬ ‫ثم قال تعالى )وَو َالِدٍ وَم َا وَلَد َ( م َنْ قَا َ‬

‫ك الْكِتَابُ لا ر َي ْبَ ف ِيه ِ( قال ابن عباس‬ ‫س َل ّم َ فِي مَوْضِع َيْنِ * و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى )الم ذَل ِ َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫سورَة ُ الْق َسَم َ بِه ِ صَلَ ّى َ‬ ‫ض َمّ ُ‬
‫س َل ّم َ فَتَت َ َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى و َاللام ُ‬ ‫الل ّه ِ ُ‬
‫الت ّسْتَر ُِيّ ‪ :‬الْأَ ل ُِف ه ُو َ َ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫ل بْ ُ‬
‫ل س َ ْه ُ‬
‫ك و َقَا َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى بِهَا‪ ،‬وَعَن ْه ُ وَع َنْ غَيْرِه ِ ف ِيهَا غَي ْر ُ ذَل ِ َ‬
‫هذه الحروف أقسام أَ ق ْسَم َ َ‬
‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫الل ّه ُ أَ ن ْز َ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ل مَعْنَاه ُ َ‬
‫ل وَجَع َ َ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ و َل َ ْم يَن ْ ِ‬
‫سب ْه ُ ِإلَى س َ ْه ٍ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫س َل ّم َ‪ ،‬وَح َك َى هَذ َا الْقَو ْ َ‬ ‫جبرئيل و َالْمِيم ُ مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن هَذ َا الْكِتَابَ ح ّ ٌ‬
‫َق ل َا ر َي ْبَ ف ِيه ِ ث َُم ّ‬ ‫ل الْق َسَم َ أَ َ ّ‬
‫يح ْتَمِ ُ‬ ‫ن ل َا ر َي ْبَ ف ِيه ِ‪ ،‬و َعَلَى الوَجْه ِ الأَ َ ّو ِ‬
‫ل َ‬ ‫بِهَذ َا الْقُر ْآ ِ‬

‫ْب حَب ِيب ِه مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ل ابن عطاء في قوله تعالى )ق والقرآن المجيد( أَ ق ْسَم َ بِق ُ َو ّة ِ قَل ِ‬ ‫نح ْو ُ م َا تَق َ َ ّدم َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ن اسْمِه ِ ب ِاسْمِه ِ َ‬ ‫ف ِيه ِ م ِنْ ف َضِ يلَة ِ ق ِرَا ِ‬
‫ِيط‬
‫مح ٌ‬ ‫ل ُ‬‫ل جَب َ ٌ‬ ‫ل ه ُو َ اسْمٌ ل َِل ّه ِ تَع َالَى و َق ِي َ‬‫ن و َق ِي َ‬
‫ل ه ُو َ اسْمٌ لِلْقُر ْآ ِ‬ ‫ل الْخِطَابَ و َالمُشَاهَدَة َ و َل َ ْم يُؤْثِّرْ ذَل ِ َ‬
‫ك ف ِيه ِ ل ِع ُلُو ِّ ح َالِه ِ و َق ِي َ‬ ‫حي ْثُ حَم َ َ‬ ‫س َل ّم َ َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الن ّجْ م ُ قَل ْبُ مُح َم ّدٍ صَلَ ّى‬
‫َالن ّجْ ِم إذا هوى( أنه محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم و َقَالَ‪َ :‬‬
‫ن مُح َم ّدٍ فِي ت َ ْفسِير ِ )و َ‬
‫جعْف َر ُ ب ْ ُ‬
‫ل َ‬
‫ل غَي ْر ُ هَذ َا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ض و َق ِي َ‬
‫ب ِالْأَ ْر ِ‬
‫ن عَطَاء ٍ فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َالْف َجْ رِ و َلَيَا ٍ‬
‫ل عَشْرٍ( الْف َجْ ر ُ مُحَم ّدٌ صَلَ ّى‬ ‫الل ّه ِ و َقَا َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫ل انْقَطَ َع ع َنْ غَيْر ِ َ‬
‫ن الْأَ ن ْوَارِ و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬ه َو َى ان ْشَر َ َ‬
‫ح مِ َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ن مِن ْه ُ تَف ََجّ ر َ ال ِْإ يمَانُ‪.‬‬
‫س َل ّم َ لأَ َ ّ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬

‫الفصل الخامس في قسمه تعالى جده له لتحقق مكانته عنده‬ ‫‪٢.١.٦‬‬

‫ِس فِي قَسَمِه ِ تَع َالَى ج َ ُ ّده ُ لَه ُ لِت َحْ ق ُقّ ِ مَك َانَتِه ِ عِنْدَه ُ‬
‫ل الْخا َم ُ‬
‫الْف َصْ ُ‬
‫س َل ّم َ ق ِيَام َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ك َانَ تَرْك ُ َ‬ ‫ل هَذِه ِ ال ُ ّ‬
‫سورَة ِ فَق ِي َ‬ ‫ل اسْم ُه ُ )و ُ‬
‫َالضّ حَى و ََالل ّي ْ ِ‬
‫ل إذا سجى( السورة‪ ،‬اخْ تُل َِف فِي سَب َِب ن ُز ُو ِ‬ ‫ل ج َّ‬
‫قَا َ‬

‫ت ال ُ ّ‬
‫سورَة ُ‪.‬‬ ‫ل بَلْ تَك ََل ّم َ بِه ِ ال ْمُشْرِكُونَ عِنْد َ فَتْرَة ِ ال ْوَح ِْي فَنَزَل َ ِ‬ ‫ل بِه ِ فَتَك َل ّم َِت امْرَأة ٌ فِي ذَل ِ َ‬
‫ك بِك َلَا ٍم و َق ِي َ‬ ‫ل ل ِع ُ ْذ ٍر ن َز َ َ‬ ‫َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬

‫الل ّه ِ تَع َالَى لَه ُ و َتَنْوِيهه ِ بِه ِ و َتَعظ ِيمِه ِ إ َي ّاه ُ س َِت ّة َ وُجُوه ٍ‪ :‬الأَ َ ّو ُ‬
‫ل الْق َسَم ُ لَه ُ‬ ‫ض َمّن َْت هَذِه ِ ال ُ ّ‬
‫سورَة ُ م ِنْ ك َرَامَة ِ َ‬ ‫ل الْفَق ِيه ُ الْق َاض ِي و ََف ّق َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى‪ :‬ت َ َ‬ ‫قَا َ‬
‫َات المَب َر ّة ِ‪َ ،‬‬
‫الث ّانِي بَيَانُ مَك َانَتِه ِ‬ ‫َب ُ‬
‫الضّ حَى و َهَذ َا م ِنْ أ ْعظَ ِم دَرَج ِ‬ ‫ل إذا سجى( أَ ْ‬
‫ي وَر ِّ‬ ‫ع ََم ّا أَ خْبَرَه ُ بِه ِ م ِنْ ح َالِه ِ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )و ُ‬
‫َالضّ حَى و ََالل ّي ْ ِ‬
‫ن اصْ طَف َاك َ‪َ ،‬‬
‫الث ّال ِثُ قَو ْلُه ُ‬ ‫ك بَعْد َ أَ ِ‬
‫ل م َا أَ ه ْمَل َ َ‬
‫ك و َق ِي َ‬
‫ض َ‬
‫ك وَم َا أَ ب ْغ َ َ‬
‫ي م َا ت َرَك َ َ‬ ‫ك ر َُب ّ َ‬
‫ك وَم َا قَلَى( أَ ْ‬ ‫حظْوَتِه ِ لَدَيْه ِ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )م َا و َ َدّع َ َ‬
‫عِنْدَه ُ و َ ُ‬
‫الل ّه ِ أ ْعظَم ُ م َِم ّا أ ْعطَاك َ م ِنْ ك َرَامَة ِ ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل س َ ْهلٌ‪:‬‬ ‫ك عِنْد َ َ‬
‫ك فِي م َْرجِع ِ َ‬ ‫ن الأولى( قال ابن إسحق أَ ْ‬
‫ي م َال َ َ‬ ‫ك مِ َ‬
‫خرَة ُ خَيْر ٌ ل َ َ‬
‫تَع َالَى )وَلَلآ ِ‬
‫ك‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شف َاعَة ِ و َال ْمَق َا ِم المحَْم ُودِ خَيْر ٌ ل َ َ‬ ‫ي م َا ا َدّخَرْتُ ل َ َ‬
‫ك مِ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله فتكلمت امرأة( روى الحاكم في المستدرك في تفسير سورة الضحى أنها امرأة أبى لهب أم جميل بنت حرب أخت أبى سفيان بن‬
‫حرب واسمها العوراء )قوله وحظوته بالحاء المهملة المضمومة والظاء المعجمة الساكنة من حظيت المرأة عند زوجها‪.‬‬
‫واعلم أن كل اسم على فعلة لامه واو بعدها هاء التأنيس فإنه مثلث الفاء )*(‬

‫ات‬
‫سع َادَة ِ وَشَت َ ِ‬ ‫ك ربك فترضى( و َهَذِه ِ آيَة ٌ ج َامِع َة ٌ ل ِوُجُوه ِ الـْك َرَامَة ِ و َأن ْو َ ِ‬
‫اع ال َ ّ‬ ‫ْف يُعْط ِي َ‬ ‫ك فِي ال ُد ّن ْيَا‪َ ،‬‬
‫الر ّاب ِـ ُع قَو ْلُه ُ تَع َالَى )و َلَسَو َ‬ ‫م َِم ّا أ ْعطَي ْت ُ َ‬
‫ض‬ ‫ْض و َال َ ّ‬
‫شف َاع َة َ‪ ،‬وَرُوِيَ ع َنْ بَعْ ِ‬ ‫ل يُعْط ِيه ِ الْحَو َ‬
‫خرَة ِ و َق ِي َ‬
‫اب فِي الآ ِ‬ ‫ن إسحق يُرْضِيه ِ ب ِالْف ُل ِْج فِي ال ُد ّن ْيَا و َ‬
‫َالث ّو َ ِ‬ ‫ال ِْإنْع َا ِم فِي ال َد ّار َي ْ ِن و َالز ِّي َادَة ِ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل اب ْ ُ‬

‫س َل ّم َ أَ ْن ي َ ْدخ ُ َ‬
‫ل أَ حَدٌ م ِنْ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أ ْرجَى مِنْهَا‪ ،‬وَل َا يَرْض َى رَسُو ُ‬ ‫س َل ّم َ َأن ّه ُ قَالَ‪ :‬لَي َ‬
‫ْس آيَة ٌ فِي الْقُر ْآ ِ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫آ ِ‬

‫اس بِه ِ عَلَى‬


‫الن ّ َ‬ ‫ِس م َا ع َ ّده ُ تَع َالَى عَلَيْه ِ م ِنْ نِعَمِه ِ و َق ََر ّرَه ُ م ِنْ آلائِه ِ ق ِبَلَه ُ فِي بَق َِي ّة ِ ال ُ ّ‬
‫سورَة ِ منه دايته إلى ما هداه له أو هداية َ‬ ‫ُأ َمّتِه ِ َ‬
‫الن ّار َ‪ ،‬الْخا َم ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫جعَلَه ُ في قلبه‬
‫ل لَه ُ ف َأغْنَاه ُ بما آناه أَ ْو بِمَا َ‬ ‫اف َ‬
‫الت ّف َاسِير ِ وَل َا م َا َ‬ ‫اخْ ت ِل َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله بالفلج( هو بضم الفاء وسكون اللام‪ ،‬بعدها جيم‪ :‬الفوز والظفر كالإفلاج )قوله عن بعض آله عليه السلام( هو علي بن أبي‬
‫ل أَ حَدٌ م ِنْ ُأ َمّتِه ِ َ‬
‫الن ّار َ( قيل ظاهر الآية مع هذه‬ ‫س َل ّم َ أَ ْن ي َ ْدخ ُ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫طالب ذكره الثعلبي في تفسيره )قوله وَل َا يَرْض َى رَسُو ُ‬
‫المقدمة يدل على أن أحدا من أمته صلى الل ّٰه عليه وسلم لا يدخل النار‪ ،‬والجواب أنه إنما يدل على ذلك لو كان حصول الإعطاء الموعود‬

‫ل أَ حَدٌ م ِنْ ُأ َمّتِه ِ َ‬


‫الن ّار َ ولم يقم د َلِيل عَلَى ذَل ِك بل جاز أن يكون بعده فإنه مستقبل في القيامة ولو سلم فتلك‬ ‫به في الآية قبل أَ ْن ي َ ْدخ ُ َ‬
‫الدلالة متروكة الظاهر بالأدلة القائمة على أن بعض العصاة من أمته يدخلون النار ثم يخرجون منها لشفاعته صلى الل ّٰه عليه وسلم )قوله‬
‫من آلائه( أي نعمه جمع ألا ‪-‬‬
‫بفتح الهمزة والتنوين ‪ -‬كرحى‪ ،‬وقيل بكسرها وبالتنوين كمعى‪ ،‬وقيل بفتحها‪.‬‬
‫وسكون اللام وبالواو كدلو‪ ،‬وقيل بكسرها وسكون اللام وبالياء كنحى )قوله قبله( بكسر القاف وفتح الموحدة أي عنده‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل ال ْمَعْن َى أَ ل َ ْم َ‬
‫يج ِ ْدك َ‬ ‫ك فآو َاك َ ِإلَيْه ِ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل لَ َ‬ ‫الل ّه ِ و َق ِي َ‬
‫ل يَت ِيم ًا ل َا م ِثَا َ‬ ‫ن الْق َنَاعَة ِ و َال ْغ ِن َى و َيَت ِيم ًا فَحَد َبَ عَلَيْه ِ ع َُم ّه ُ و َآو َاه ُ ِإلَيْه ِ و َق ِي َ‬
‫ل آو َاه ُ ِإلَى َ‬ ‫مِ َ‬
‫ن َ‬
‫الت ّ ْفسِير ِ ل َ ْم يُهْمِل ْه ُ فِي ح َا ِ‬
‫ل صِغَرِه ِ وَعَي ْلَتِه ِ و َيتُْمِه ِ‬ ‫ك يَت ِيم ًا؟ ذ َك ّرَه ُ بِهَذِه ِ الْمن َِنِ و ََأن ّه ُ عَلَى ال ْمَعْلُو ِم م ِ َ‬ ‫ك ضَا ًلّا وأَ غْن َى ب ِ َ‬
‫ك عَائِل ًا وآو َى ب ِ َ‬ ‫فَهَد َى ب ِ َ‬
‫شكْر ِ م َا ش َ َرّف َه ُ بِه ِ بِنَشْرِه ِ و َإشَادَة ِ‬
‫ِس أَ م َرَه ُ ِبإظْ ه َارِ نِعْم َتِه ِ عَلَيْه ِ و َ ُ‬ ‫صه ِ و َاصْ طِف َائِه ِ؟ ال َ ّ‬
‫ساد ُ‬ ‫ل مَعْرِفَتِه ِ بِه ِ وَل َا و َ َدّع َه ُ وَل َا قَلَاه ُ فَكَي َْف بَعْد َ اخْ تِصَا ِ‬
‫و َقَب ْ َ‬
‫َالن ّجْ ِم ِإذ َا‬ ‫َاص لَه ُ عَامّ ٌ ل ِ ُأ َمّتِه ِ * و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى )و َ‬ ‫الت ّح َ ُ ّدثَ بِهَا و َهَذ َا خ ّ ٌ‬
‫شكْر ِ النِّعْمَة ِ َ‬ ‫ِث( ف َِإ َ ّ‬
‫ن م ِنْ ُ‬ ‫ذِكْرِه ِ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َأَ َمّا بنِِعْمَة ِ ر َب ِّ َ‬
‫ك فَح َ ّد ْ‬
‫ل مَعْر ُوفَة ٍ مِنْهَا َ‬
‫الن ّجْ م ُ عَلَى‬ ‫هوى( إلى قوله تعالى )لَق َ ْد ر َأَ ى م ِنْ آيات ربه الـكبرى( اختلف المفسرون في قَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َ‬
‫َالن ّجْ مِ( ب ِأَ قَاوِ ي َ‬
‫س َل ّم َ و َق َ ْد ق ِي َ‬
‫ل فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى‬ ‫ل ه ُو َ قَل ْبُ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ و َقَا َ‬ ‫جعْفَرِ ب ْ ِن مُحَم ّدٍ َأن ّه ُ مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ظَاهِرِه ِ وَمِنْهَا الْقُر ْآنُ وَع َنْ َ‬

‫ض َمّن َْت هَذِه ِ‬ ‫سلَم ِ ُ ّ‬


‫ي‪ ،‬ت َ َ‬ ‫س َل ّم َ حَك َاه ُ ال ُ ّ‬ ‫الن ّجْ م َ ه ُنَا أَ يْضًا مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الث ّاق ِبُ ( إ َ ّ‬
‫الن ّجْ م ُ َ‬
‫طارِقُ َ‬
‫ق وَم َا أَ ْدر َاك َ م َا ال َ ّ‬ ‫سم َاء ِ و َال َ ّ‬
‫طارِ ِ‬ ‫)و َال َ ّ‬
‫ِف د ُونَه ُ الْع َ ُ ّد و َأَ ق ْسَم َ ج َ َ ّ‬
‫ل اسْم ُه ُ على‬ ‫الآي َاتُ م ِنْ فضله وشرفه العد م َا يَق ُ‬
‫__________‬
‫)قوله فحدب( بحاء مهملة مفتوحة فدال مهملة مكسورة فموحدة‪ ،‬في الصحاح حدب عليه و يحدب أي يعطف )قوله عمه( هو أبو طالب‬
‫واسمه عبد مناف على الصحيح وقيل اسمه كنيته )قوله وإشادة ذكره( هو مصدر أشاد بذكره ‪ -‬بالدال ‪ -‬أي رفع من قدره )قوله وشرفه‬
‫العد( بكسر العين المهملة أي الذى لا ينقطع مادته يقال ماء عد أي دائم لا انقطاع له كماء العين والبئر‪.‬‬
‫)*(‬
‫شدِيد ُ الْق ُو َى ث َُم ّ أَ خْبَر َ تَع َالَى ع َنْ‬ ‫الل ّه ِ جبرئيل و َه ُو َ ال َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫حي ٌ يُوحَى أَ ْوصَلَه ُ ِإلَيْه ِ ع َ ِ‬ ‫صدْقِه ِ ف ِيم َا تَلَا َ‬
‫وأن ّه ُ و َ ْ‬ ‫ن ال ْه َو َى و َ ِ‬ ‫هِد َايَة ِ ال ْم ُصْ طَفَى و َتَنْز ِيهِه ِ ع َ ِ‬
‫ل هَذ َا فِي‬ ‫َات ر َب ِه ال ْـكُبْر َى و َق َ ْد ن َب ّه َ عَلَى مِث ْ ِ‬
‫ق بَصَرِه ِ ف ِيم َا ر َأَ ى و ََأن ّه ُ ر َأى م ِنْ آي ِ‬ ‫س ْدرَة ِ المُنْت َهَ ى و َتَصْ دِي ِ‬ ‫قضيلته بِق َِصّ ة ِ ال ِْإسْر َاء ِ و َانْتِهَائِه ِ ِإلَى ِ‬
‫ِيط بِه ِ ال ْع ِبَار َاتُ‬
‫تح ُ‬ ‫ُوت ل َا ُ‬ ‫ُوت وَشَاهَدَه ُ م ِنْ عَجَائ ِِب ال ْمَلـَك ِ‬ ‫ك ا ْلجـَب َر ِ‬ ‫س َل ّم َ م ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫شف َه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل سُورَة ِ ال ِْإسْر َاءِ‪ ،‬و َل َم ّا ك َانَ م َا ك َا َ‬ ‫أ َ ّو ِ‬
‫ل تَع َالَى )ف َأَ ْوحَى ِإلَى عَبْدِه ِ ما أوحى( و َهَذ َا‬ ‫ِيم فَق َا َ‬ ‫ل رَم ََز عَن ْه ُ تَع َالَى ب ِِالإ يمَاء ِ و َالْكِنَايَة ِ ال َد ّال َ ّة ِ عَلَى َ‬ ‫ل سَم َ ِ‬ ‫وَل َا تَسْتَق ِ ُ ّ‬
‫الت ّعْظ ِ‬ ‫اع أدْن َاه ُ العُق ُو ُ‬ ‫ل ب ِحَم ْ ِ‬
‫َات ر َبِّه ِ الـكبرى‬
‫ل لَق َ ْد ر َأَ ى م ِنْ آي ِ‬
‫اب ال ِْإ يجَازِ و َقَا َ‬
‫َالإشَارَة ِ و َه ُو َ عِنْد َه ُ ْم أبْل َ ُغ أَ ب ْو َ ِ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ ْقدِ و َال ْبَلَاغَة ِ ب ِال ْوَح ِْي و ِ‬ ‫ن الْك َلَا ِم يُسَمِّيه ِ أَ ه ْ ُ‬ ‫َ‬
‫الن ّوْع ُ م ِ َ‬
‫ت هَذِه ِ الآي َاتُ‬
‫ل اشتَمَل َ ْ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫َات ال ْـكُبْر َى‪ ،‬قَا َ‬
‫ك الآي ِ‬
‫َت الْأَ حلَام ُ فِي تَعْيِينِ تِل ْ َ‬
‫ل م َا أَ ْوحَى و َت َاه ِ‬
‫َت الأَ فْه َام ُ ع َنْ تَفْصِ ي ِ‬
‫انْ ح َسَر ِ‬
‫ات فِي هَذ َا ال ْمَسْر َى ف َز ََك ّى فُؤَادَه ُ و َلِسَانَه ُ وجوارحه‪ ،‬فقلبه بقوه‬ ‫س َل ّم َ وَعِصْ مَتِهَا م ِ َ‬
‫ن الآف َ ِ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى بِتَزْكِيَة ِ جُم ْلَتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫عَلَى ِإع ْلَا ِم َ‬
‫ل تَع َالَى )فَلا ُأقْسِم ُ‬
‫ن ال ْه َو َى( وبَصَرَه ُ بِقَو ْلِه ِ )م َا ز َاغَ ال ْب َصَر ُ وَم َا َطغ َى * و َقَا َ‬
‫ق عَ ِ‬
‫تَع َالَى )م َا كَذ َبَ الْف ُؤَاد ُ م َا ر َأَ ى( و َلِسَانَه ُ بِقَو ْلِه ِ )وَم َا يَنْط ِ ُ‬
‫ِيم(‬
‫ن رَج ٍ‬
‫شيْطَا ٍ‬
‫ل َ‬ ‫س الْجَوَارِ ال ْـك َُن ّ ِ‬
‫س( ِإلَى قَو ْلِه ِ )وَم َا ه ُو َ بِقَو ْ ِ‬ ‫ب ِالْخ َن ُ ّ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫__________‬
‫)قوله الجـبروت( هو فعلوت من الجـبر وهو القهر كالملـكوت من الملك‪ ،‬والرهبوت من الرهبة‪ ،‬والرحموت من الرحمة )قوله رمز عنه(‬
‫الرمز الإشارة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن ال ْمَنْز ِلَة ِ م ِنْ ر َبِّه ِ‬
‫ك ِ‬
‫ي م ُتَم َ ِّ‬
‫ن ال ْوَح ِْي مَكِينٍ أَ ْ‬ ‫ي كَر ِي ٍم عِنْد َ م ُرسِله ِ ذِي ق َُو ّة ٍ عَلَى تَب ْل ِ ِ‬
‫يغ م َا حُم ِّلَه ُ م ِ َ‬ ‫ل كَر ِي ٍم أَ ْ‬ ‫ل رَسُو ٍ‬‫ي ُأقْسِم ُ ِإ َن ّه ُ لَق َو ُ‬
‫ل َا ُأقْسِم ُ أَ ْ‬
‫ْ‬
‫سم َاء ِ أَ م ِينٍ عَلَى ال ْوَح ِْي‪ ،‬قَا َ‬
‫ل‬ ‫ي فِي ال َ ّ‬ ‫ل عِنْدَه ُ مُط ٍ‬
‫َاع ث ََم ّ أَ ْ‬ ‫ر َف ِ‬
‫ِيع المحَ َ ّ ِ‬
‫ل فَتَرْجِـ ُع‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ل غَي ْرُه ُ ه ُو َ ِ‬ ‫س َل ّم َ فَجَمِي ُع الْأَ ْوص ِ‬
‫َاف بَعْد ُ عَلَى هَذ َا لَه ُ و َقَا َ‬ ‫ل الـْكَر ِيم ُ ه ُنَا مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الر ّسُو ُ‬ ‫عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن ع ِيس َى و َغَي ْرُه ُ‪َ :‬‬
‫ي بِم َُتّه َ ٍم‬
‫ْب بِظَنِينٍ أَ ْ‬
‫ل فِي صُور َتِه ِ وَم َا ه ُو َ عَلَى ال ْغَي ِ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫ل ر َأَ ى ر ََب ّه ُ و َق ِي َ‬
‫ل ر َأَ ى ِ‬ ‫س َل ّم َ ق ِي َ‬ ‫َاف إلَيْه ِ و َلَق َ ْد ر َآه ُ يَعْنِي محمد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الْأَ ْوص ُ‬

‫ل تَع َالَى )ن و َالْق َلَم ِ(‬ ‫س َل ّم َ ب ِاتِّف َا ٍ‬


‫ق * و َقَا َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ب ِال ُد ّع ِاء ِ بِه ِ و َالت َ ْذكِير ِ بِ ح ُ ْ‬
‫كمِه ِ و َب ِعل ْمِه ِ وهَذِه ِ لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬ ‫وَم َنْ ق َرأَ َ ه َا ب َ‬
‫ِالضّ ادِ فَمَعْنَاه ُ م َا ه ُو َ بِبَخي ٍ‬
‫محْسِنًا‬ ‫ِيم قَسَمِه ِ عَلَى تَنْز ِيه ِ المُصْ طَفَى م َِم ّا غ َم َ َ‬
‫صت ْه ُ ال ْـكَف َرة ُ بِه ِ و َتَكْذِيبِه ِ ْم لَه ُ و َآنَس َه ُ و َبَس ََط أَ م َلَه ُبِقَو ْلِه ِ ُ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى بِمَا أَ ق ْسَم َ بِه ِ م ِنْ عَظ ِ‬
‫َات أَ ق ْسَم َ َ‬
‫الآي ِ‬

‫َاب فِي المحَُاوَرَة ِ ث َُم ّ أَ ع ْلَم َه ُ بِمَا لَه ُ عِنْدَه ُ م ِنْ نَع ٍِيم‬ ‫ك بِم َجْ ن ُونٍ( و َهَذِه ِ نِهَايَة ُ ال ْم َب َر ّة ِ فِي المخَُاطَبَة ِ و َأَ ع ْلَى دَرَج ِ‬
‫َات الآد ِ‬ ‫خطَابَه ُ )م َا أَ ن ْتَ بنِِعْمَة ِ ر َب ِّ َ‬
‫ِ‬

‫جر ًا غَيْر َ ممنون ث َُم ّ أَ ث ْن َى عَلَيْه ِ بِمَا م َن َح َه ُ م ِنْ‬


‫ك ل َأَ ْ‬ ‫ل و َِإ َ ّ‬
‫ن لَ َ‬ ‫اب غَيْر ِ مُنْقَط ٍ‬
‫ِـع ل َا ي َأْ خُذُه ُ ع َ ّد ٌ وَل َا يَم ُنّ بِه ِ عَلَيْه ِ فَق َا َ‬ ‫د َا ِئ ٍم و َثَو َ ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله علي بن عيسى( الظاهر أنه الرماني النحوي‪ ،‬توفى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة له تفسير القرآن أخذ الأدب عن أبى دريد وغيره قال‬
‫ابن خلكان يَج ُوز أن يَكُون نسبته إلى الرمان وبيعه وأن يكون إلى قصر الرمان وهو قصر بواسط معروف )قوله غمصته( بفتح المعجمة‬
‫والميم وبعدهما صاد مهملة‪ ،‬قال ابن القطاع‪ :‬غمص الناس احتقارهم والطعن عليهم‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل الطَب ْ ُع‬
‫ل ال ِْإسْ لَام ُ و َق ِي َ‬
‫ل الْقُر ْآنُ و َق ِي َ‬
‫ق عَظ ٍِيم( ق ِي َ‬ ‫ل تَع َالَى )و َِإ َن ّ َ‬
‫ك لَعَلَى خ ُل ُ ٍ‬ ‫ه ِبَاتِه ِ و َهَد َاه ُ ِإلَيْه ِ وأكد ذلك تتميما للتمجيد بحرفى التأكيد فَق َا َ‬

‫ك عَلَى غَيْرِه ِ َ‬
‫لأن ّه ُ جَبَلَه ُ عَلَى‬ ‫ن قَب ْولِه ِ لم َِا أَ سْ د َاه ُ إلَيْه ِ م ِنْ ن ِعَمِه ِ و َف ََضّ لَه ُ بِذ َل ِ َ‬
‫س ِ‬ ‫سط ِ ُ ّ‬
‫ي أَ ث ْن َى عَلَيْه ِ بِ ح ُ ْ‬ ‫ل الوَا ِ‬ ‫ك ه َِم ّة ٌ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّهَ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ْس ل َ َ‬
‫ل لَي َ‬
‫الـْكَر ِيم ُ وقَي َ‬
‫ن الْجَوَادِ ا ْلحم َِيدِ ال َ ّذ ِي يسَ ّر َ لِلْخَيْر ِ و َهَد َى ِإلَيْه ِ‪ ،‬ث َُم ّ أَ ث ْن َى عَلَى فَاع ِلِه ِ وَج َاز َاه ُ عَلَيْه ِ ُ‬
‫سب ْح َانَه ُ‬ ‫س ِ‬
‫ِيف الـْكَر ِي ِم ال ْم ُحْ ِ‬ ‫ق فَسُب ْح َانَ َ‬
‫الل ّط ِ‬ ‫ك الْخُل ُ ِ‬
‫ذَل ِ َ‬
‫َات‬
‫الث ّلَاثَ الْآي ِ‬ ‫س َع ِإفْضَالَه ُ ث َُم ّ سَلاه ُ ع َنْ قَو ْلِه ِ ْم بَعْد َ هَذ َا بِمَا و َعَدَه ُ بِه ِ م ِنْ عِق َابِه ِ ْم و َتَو َ َع ّد َه ُ ْم بِقَو ْلِه ِ )فَسَتُبْص ِر ُ ويبصرون( َ‬ ‫م َا أَ غْم َر َ نَوَالَه ُ و َأَ ْو َ‬
‫س َل ّم َ فَذَك َر َ ب ِضْ َع عَشْرَة َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حه ِ عَلَى ذ َ ِمّ عَدُوِّه ِ وَذِكْر ِ سُوء ِ خ ُلُقِه ِ و َع َ ّد مَع َايبِ َه ُ م ُت َولِّيًا ذَل ِ َ‬
‫ك بِف َضْ لِه ِ وَمُن ْتَصِر ًا لِنَب ِيِّه ِ صَلَ ّى َ‬ ‫َف بَعْد َ م َ ْد ِ‬ ‫ث َُم ّ عَط َ‬
‫شق َائِه ِ‬
‫ق بِتمََا ِم َ‬ ‫ك ب ِال ْوَعِيدِ َ‬
‫الصّ ادِ ِ‬ ‫ِـع ال ْمُكَذِّبِينَ( ِإلَى قَو ْلِه ِ )أَ سَاطِير ُ الأولين( ث َُم ّ خَتَم َ ذَل ِ َ‬ ‫ل ال َذ ّ ِمّ ف ِيه ِ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )فَلا تُط ِ‬ ‫خصَا ِ‬ ‫خَصْ لَة ً م ِنْ ِ‬
‫الل ّه ِ تعالى لم أَ ت ََم ّ م ِنْ نُصْرَتِه ِ لِن َ ْف ِ‬
‫سه ِ وَر َ ُدّه ُ تَع َالَى عَلَى عَد ُ ّوِه ِ أَ بْل َ ُغ م ِنْ رَدِّه ِ‬ ‫سم ُه ُ عَلَى الْخُرْطُو ِم( فَك َان َْت نُصْرَة ُ َ‬
‫وَخ َاتِمَة ِ بَوَارِه ِ بقَو ْلِه ِ تَع َالَى )سَن َ ِ‬
‫مجْدِه ِ‪.‬‬
‫ن َ‬
‫و َأَ ث ْب َتُ فِي دِيوَا ِ‬
‫__________‬
‫)قوله م َا أَ غْم َر َ نَوَالَه ُ( هو بالغين المعجمة أي ما أكثره‪ ،‬والنوال‪ :‬العطاء‪.‬‬
‫)قوله ب ِضْ َع عَشْرَة َ خَصْ لَة ً( البضع في العدد بكسر الموحدة وفتحها من ثلاث إلى تسعة وقيل ما بين الواحد إلى العشرة لأنه قطعة من‬
‫العدد‪ ،‬والخصلة بفتح الخاء المعجمة وسكون الصاد المهملة‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪ ٢.١.٧‬الفصل السادس فيما ورد من قوله تعالى في جهته صلى الل ّٰه عليه وسلم مورد الشفقة والإكرام‬

‫َالإك ْرَا ِم‬ ‫س َل ّم َ مَوْرِد َ ال َ ّ‬


‫شفَقَة ِ و ِ‬ ‫جه َتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِس ف ِيم َا وَرَد َ م ِنْ قَو ْلِه ِ تَع َالَى فِي ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫ساد ُ‬ ‫الْف َصْ ُ‬
‫ل‬
‫ل و َق ِي َ‬ ‫ل ه ُو َ اسْمٌ ل َِل ّه ِ و َق ِي َ‬
‫ل مَعْنَاه ُ ي َا رَج ُ ُ‬ ‫ل طَه َ اسْمٌ م ِنْ أَ سْمَائِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم و َق ِي َ‬ ‫ل تَع َالَى )طه م َا أَ ن ْزَل ْنَا عليك القرآن لتشقى( ق ِي َ‬
‫قَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ي‬
‫ض أَ ِ‬ ‫ن ال ْو َْطء ِ و َال ْهَاء ُ ك ِنَايَة ٌ ع َ ِ‬
‫ن الْأَ ْر ِ‬ ‫ل ه ُو َ أَ م ٌْر م ِ َ‬ ‫سط ِ ُ ّ‬
‫ي أَ ر َاد َ ي َا طَاه ِر ُ ي َا ه َادِي و َق ِي َ‬ ‫ل الوَا ِ‬ ‫ُوف مُق َ َ ّ‬
‫طع َة ٌ لم َِع َانٍ‪ ،‬قَا َ‬ ‫هي َ حُر ٌ‬
‫ل ِ‬
‫ي َا ِإنْس َانُ و َق ِي َ‬
‫حدَة ٍ‬
‫ك ب ِالاعْتِم َادِ عَلَى قَد َ ٍم و َا ِ‬
‫ك وَل َا ٺُت ْع ِْب ن َ ْفسَ َ‬
‫ض بِقَدَمَي ْ َ‬
‫اعْتَمِ ْد عَلَى الْأَ ْر ِ‬

‫ل‪،‬‬ ‫َب و َق ِيَا ِم َ‬


‫الل ّي ْ ِ‬ ‫ن ال َس ّهَرِ و َ‬
‫َالت ّع ِ‬ ‫س َل ّم َ يَتَك ََل ّف َه ُ م ِ َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ت الآيَة ُ ف ِيم َا ك َانَ َ‬
‫ك القرآن لتشقى( ن َزَل َ ِ‬
‫و َه ُو َ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )م َا أَ ن ْزَل ْنَا عَلَي ْ َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ذ َ ٍرّ‬
‫ج ِيّ ِإج َازَة ً وَم ِنْ أَ صْ لِه ِ نَق َل ْتُ قَا َ‬
‫ن الْق َاض ِي أبو ال ْوَلِيدِ ال ْبَا ِ‬
‫حدٍ ع َ ِ‬
‫ن و َغَي ْر ُ و َا ِ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫الل ّه مُح َم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫أَ خْبَر َن َا الْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫الحافظ‬
‫__________‬
‫)قوله من الوطء( هو بفتح الواو وسكون المهملة وبهمزة‪ :‬الاعتماد على القدم )قوله أبو عبد الل ّٰه محمد بن عبد الرحمن( هو الفقيه القاضى‬
‫ابن عبد الرحمن بن على بن سيرين أحد العلماء الصلحاء من رجال الأندلس‪ ،‬صحب القاضى أبا الوليد الباجى واختص به )قوله الباجى(‬
‫هو الإمام صاحب التصانيف أَ بُو ال ْوَلِيدِ سُلَيْم َانُ بن خلف بن سعد ابن أيوب‪ ،‬أصله من مدينة بطليوس وانتقل جده إلى مدينة باجة‬
‫التى بقرب أشبيلية ونسب إليها‪ ،‬وقيل هو من باجة القيروان التى ينسب إليها أبو محمد الباجى الحافظ‪ ،‬مات بالمدينة سنة أربع وسبعين‬
‫وأربعمائة‪.‬‬
‫س‬ ‫الر ّب ِ ِ‬
‫يع ب ْ ِن أَ ن َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫جعْفَرٍ ع َ ِ‬
‫ن الْق َاس ِ ِم ع َنْ أَ بِي َ‬ ‫شاش ِ ُ ّ‬
‫ي حدثنا عبد ابن حُمَيْدٍ ح َ َ ّدثَنَا ه َاشِم ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدٍ ا ْلحم ََو ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا ِإ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ن خُز َ ْي ٍم ال َ ّ‬

‫ْض ي َا مُحَم ّد ُ )م َا أنزلنا‬


‫الل ّه ُ تَع َالَى )طه( يَعْنِي ط َِإ الْأَ ر َ‬
‫ل َ‬ ‫ل وَر َف َ َع ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى ف َأَ ن ْز َ َ‬ ‫س َل ّم َ ِإذ َا صَلَ ّى قَام َ عَلَى رِجْ ٍ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ك َانَ َ‬
‫قَا َ‬
‫س َل ّم َ كَمَا‬ ‫ن ال ْم ُع َام َلَة ِ‪ ،‬و َِإ ْن جَعَل ْنَا طه م ِنْ أَ سْمَائِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫ن ال ِْإك ْرَا ِم و َ ُ‬
‫خف َاء َ بِمَا فِي هَذ َا كُلِّه ِ م ِ َ‬
‫عليك القرآن لتشقى( الآية‪ ،‬وَل َا َ‬

‫ك عَلَى آث َارِه ِ ْم ِإ ْن ل َ ْم يُؤْم ِن ُوا‬ ‫شفَقَة ِ و َال ْم َبَر ّة ِ قَو ْلُه ُتَع َالَى )فَلَع ََل ّ َ‬
‫ك ب َاخِـ ٌع ن َ ْفسَ َ‬ ‫ل هَذ َا م ِنْ نَم َطِ ال َ ّ‬
‫ت قَسَم ًا لحق الفصل بِمَا قَبْلَه ُ‪ ،‬وَمِث ْ ُ‬
‫ل أَ ْو جُعِل َ ْ‬
‫ق ِي َ‬
‫ك أَ َلّا يَكُونُوا مؤمنين( ث َُم ّ‬ ‫ك غَضَبًا أَ ْو غَيْظًا أو جَز َعًا وَمِثْلُه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى أيْضًا )لَع ََل ّ َ‬
‫ك ب َاخِـ ٌع ن َ ْفسَ َ‬ ‫ك لِذَل ِ َ‬
‫ل ن َ ْفسَ َ‬
‫ي قَات ِ ٌ‬
‫سف ًا( أَ ْ‬
‫ِيث أَ َ‬
‫بِهَذ َا الْحَد ِ‬
‫سم َاء ِ آيَة ً فَظ ََل ّ ْ‬
‫ت‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫)إ ْن نَش َأْ نُنَز ِّلْ عَلَيْه ِ ْم م ِ َ‬
‫ل تَع َالَى ِ‬
‫قَا َ‬
‫ق‬ ‫ن ال ْمُشْرِكِينَ( ِإلَى قَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َلَق َ ْد نَعْلَم ُ أَ َن ّ َ‬
‫ك يَضِ ي ُ‬ ‫ِض ع َ ِ‬
‫اب قَو ْلُه ُ تَع َالَى )فَاصْ د َ ْع بِمَا تُؤْم َرُ و َأَ ْعر ْ‬
‫أَ عْنَاقُه ُ ْم لَهَا خ َاضِع ِينَ( * وَم ِنْ هَذ َا ال ْب َ ِ‬

‫ل مَكِ ّيّ ٌ س ََل ّاه ُ تَع َالَى بِمَا ذَك َر َ و َه َو ّنَ عَلَيْه ِ‬
‫ل م ِنْ قَب ْلِكَ( الآيَة َ قَا َ‬
‫س ٍ‬ ‫خر ِ ال ُ ّ‬
‫سورَة ِ و َقَو ْلُه ُ )و َلَقَدِ اسْ تُهْزِئ َ ب ِر ُ ُ‬ ‫ص ْدرُك َ بِمَا يَق ُولُونَ( ِإلَى آ ِ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله الحموى( بفتح المهملة وضم الميم المشددة وكسر الواو و ياء‪ :‬للنسبة إلى جده حمو يه وحموبه بلسان المصامدة عبارة عن محمد‪.‬‬
‫)قوله ابن خزيم( بالمعجمة المضمومة والزاى المفتوحة‪.‬‬
‫)قوله عن الربيع عن أنس( هو بفتح الراء‪ :‬بصرى نزل خراسان يروى عن أنس‪.‬‬
‫)قوله نمط الشفقة( أي نوعها والنمط في الأصل نوع من أنواع البسط ولا يستعمل في غيره في الأكثر إلا مقيدا‪.‬‬
‫)*(‬

‫الفصل السابع فيما أخبر الل ّٰه تعالى به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشر يف منزلته على الأنبياء وحظوة رتبته عليهم‬ ‫‪٢.١.٨‬‬

‫ل هَذِه ِ َ‬
‫الت ّسْلِيَة ِ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )و َِإ ْن يُكَذِّبُوك َ فَق َ ْد كُذِّب َْت‬ ‫ل بِم َنْ قَبْلَه ُ وَم ِث ِ ُ‬ ‫ك يَح ُ ُ ّ‬
‫ل بِه ِ م َا ح َ َ ّ‬ ‫ن ال ْمُشْرِكِينَ و َأَ ع ْلَم َه ُ أَ َ ّ‬
‫ن م َنْ تَمَاد َى عَلَى ذَل ِ َ‬ ‫م َا يلَْق َاه ُ م ِ َ‬

‫الل ّه ُ تَع َالَى بِمَا أَ خْبَر َ بِه ِ‬


‫حر ٌ أو مجنون( ع َ َّزاه ُ َ‬
‫ل ِإلا قَالُوا سَا ِ‬ ‫ك م َا أَ تَى ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن م ِنْ قَبْلِه ِ ْم م ِنْ رَسُو ٍ‬ ‫ل م ِنْ قَب ْلِكَ( وَم ِنْ هَذ َا قَو ْلُه ُ تَع َالَى )كَذَل ِ َ‬
‫س ٌ‬
‫رُ ُ‬

‫ك ث َُم ّ ط ََي ّبَ‬‫ل م َنْ لَقِ َي ذَل ِ َ‬ ‫ْس أ َ ّو َ‬


‫ك َ ّفارِ م َ َك ّة َ و َأَ َن ّه ُ لَي َ‬
‫ك ع َنْ مِ ح ْنَتِه ِ بِمِثْلِه ِ م ِنْ ُ‬ ‫ن ال ُأم َ ِم ال َ ّ‬
‫سالِفَة ِ وَمَق َالَتِهَا لأَ ن ْب ِيَائِه ِ ْم قَبْلَه ُ و َمِ ح ْنَتِه ْم بِه ِ ْم و َ‬
‫َسل ّاه ُ بِذ َل ِ َ‬ ‫عَ ِ‬
‫ي فِي أَ د َاء ِ م َا بلَ ّغْتَ و َإب ِ‬
‫ْلاغ م َا حُم ِّل ْتَ وَمِثْلُه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى‬ ‫ِض عَنْه ُ ْم )فَمَا أَ ن ْتَ بِمَلُو ٍم( أَ ْ‬ ‫ي أَ ْعر ْ‬ ‫ل عنهم( أَ ْ‬ ‫ن َ ْفسَه ُ و َأَ ب َانَ ع ُ ْذرَه ُ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )فَت َو َ َ ّ‬
‫ِ‬
‫آي كَث ِيرَة ٍ م ِنْ هَذ َا ال ْمَعْن َى‪.‬‬ ‫نحْفَظُكَ‪ ،‬س ََل ّاه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى بِهَذ َا فِي ٍ‬ ‫ي اصْ بِرْ عَلَى أَ ذ َاه ُ ْم ف َِإ َن ّ َ‬
‫ك بِ حَي ْثُ ن َر َاك َ و َ َ‬ ‫ك ف َِإ َن ّ َ‬
‫ك بأعيننا( أَ ِ‬ ‫)و َاصْ بِرْ لِ ح ُ ْكم ِ ر َب ِّ َ‬

‫ِيف مَنْزِلَتِه ِ عَلَى الأَ ن ْب ِيَاء ِ و َ َ‬


‫حظْوَة ِ رتبته عَلَيْه ِم‬ ‫ِيم ق َ ْدرِه ِ و َشَر ِ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى بِه ِ فِي ك ِتَابِه ِ الْعَزِيز ِ م ِنْ عَظ ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫ساب ِـ ُع ف ِيم َا أَ خْبَر َ َ‬ ‫الْف َصْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫شاهِدِينَ( قال أبو الحسن القابسى استخص‬ ‫ن ال َ ّ‬ ‫ح ْ‬


‫كمَة ٍ( ِإلَى قَو ْلِه ِ )م ِ َ‬ ‫اب و َ ِ‬ ‫الل ّه ُ م ِيثَاقَ َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ لَمَا آتَي ْتُك ُ ْم م ِنْ ك ِت َ ٍ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى )و َِإ ْذ أَ خَذ َ َ‬
‫ل َ‬ ‫قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله يحل به( في الصحاح حل العذاب يحل بالـكسر أي وجب و يحل بالضم أي نزل‪ ،‬وقرئ )فيحل عليكم غضبى( و َأَ َمّا قَو ْله تَع َالَى‬
‫)أو يحل قريبا( فبالضم أي ينزل‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه ُ الْمِيثَاقَ ب ِال ْوَح ِْي فَل َ ْم‬ ‫ل ل َ ْم يُؤ ْتِه ِ غَيْرَه َ أَ ب َانَه ُ بِه ِ و َه ُو َ ما ذكره فِي هَذِه ِ الآيَة ِ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل المُفَس ِّر ُونَ أَ خَذ َ َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى مُحَم ّدًا صلى الل ّٰه عليه وسقلم بِف َضْ ٍ‬
‫َ‬
‫َث نَب ًِي ّا ِإلا ذَك َر َ لَه ُ مُحَم ّدًا و َنَع َت َه ُ و َأَ خَذ َ عَلَيْه ِ م ِيثَاق َه ُ ِإ ْن أدركه لا يؤمنن بِه ِ و َق ِي َ‬
‫ل أَ ْن يُبَي ِّن َه ُ لِقَوْمِه ِ و َي َأْ خُذ َ م ِيثَاقَه ُ ْم أ ْن يُبَي ِّن ُوه ُ لم َِنْ بَعْد َهُمْ‪،‬‬ ‫يَبْع ْ‬

‫الل ّه ُ‬
‫َث َ‬‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ل َ ْم يَبْع ِ‬ ‫ل عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن أبي طَال ٍِب رَضِيَ َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ن لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫اب ال ْمُع َاصِر ِي َ‬ ‫و َقَو ْلُه ُ ث َُم ّ ج َاءَكُم ُ‪ :‬الْخِطَابُ ل ِأَ ه ْ ِ‬
‫ل الْكِت َ ِ‬

‫ك عَلَى‬ ‫س َل ّم َ لئَ ِ ْن بُع ِثَ و َه ُو َ حَيّ ٌ لَيُؤْم ِن َ ّن بِه ِ و َلَيَن ْصُر َن ّه ُ و َي َأْ خُذ َ َ ّ‬
‫ن الْع َ ْهد َ بِذ َل ِ َ‬ ‫نَب ًِي ّا م ِنْ آدَم َ فَم َنْ بَعْدَه ُ ِإلا أَ خَذ َ عَلَيْه ِ الْع َ ْهد َ فِي مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫قَوْمِه ِ‪.‬‬
‫ك ومن نوح(‬ ‫ن َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ م ِيثَاقَه ُ ْم وَمِن ْ َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى )و َِإ ْذ أَ خَذْن َا م ِ َ‬
‫ل َ‬ ‫ض َمّن َْت ف َضْ لَه ُ م ِنْ غَيْر ِ وَجْه ٍ وحد‪ :‬قَا َ‬
‫آي ت َ َ‬
‫ِي و َقَتَادَة َ فِي ٍ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫س ّد ّ ِ‬ ‫نح ْوُه ُ ع َ ِ‬
‫وَ َ‬
‫حي ْنَا ِإلَى ن ُ ٍ‬
‫وح ‪ِ -‬إلَى قَو ْلِه ِ ‪-‬‬ ‫ك كَمَا أَ ْو َ‬ ‫)إ َن ّا أَ ْو َ‬
‫حي ْنَا ِإلَي ْ َ‬ ‫ل تَع َالَى ِ‬
‫الآيَة ُ و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ولينصرنه و يأخذن( بفتح الذال عطف على ما قبله ونون التوكيد مراده نحو لا تهينن الفقير‪.‬‬
‫)قوله ونحوه عن السدي( هو بضم السين وتشديد الدال المهملتين نسبة إلى السدة وهى الباب وهما اثنان كوفيان تابعي كبير وهو إسمعيل‬
‫بن عبد الرحمن يروى عن ابن عباس وأنس وهو المراد هنا‪ ،‬قال أبو الفتح اليعمرى في السيرة في تحو يل القبلة كان يجلس في المدينة‬
‫في مكان يقال له اللسدة فنسب إليه انتهى‪ ،‬وقال الحافظ عبد الغنى في الـكمال كان يقعد في سدة باب الجامع بالـكوفة فسمى السدى‬
‫انتهى‪ ،‬وفى الصحاح للجوهري والسدة باب الدار تقول رأيته قاعدا بسدة باب داره‪ ،‬وسمى اسمعيل السدى لأنه كان يبيع الحمر وللقانع‬
‫في سدة مسجد الـكوفة‪ ،‬وهى ما يبقى من‬
‫الطاق المسدودة انتهى‪.‬‬
‫وتابعي صغير وهو محمد بن مروان يروى عن هشام بن عروة والأعمش منزول منهم‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل ب ِأَ بِي أَ ن ْتَ و َ ُأمِّي ي َا رَسُو َ‬
‫ل‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل فِي ك َلا ٍم بَك َى بِه ِ َ‬ ‫شهيدا( روي عن عمر بن الخطاب رضي الل ّٰه عَن ْه ُ َأن ّه ُ قَا َ‬
‫ك وَم ِنْ ن ُ ٍ‬
‫وح( الآيَة َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ م ِيثَاقَه ُ ْم وَمِن ْ َ‬ ‫ل )و َِإ ْذ أَ خَذْن َا م ِ َ‬ ‫خر َ الْأَ ن ْب ِيَاء ِ وَذَك َرَك َ فِي أَ َ ّولِه ِ ْم فَق َا َ‬
‫كآ ِ‬ ‫الل ّه ِ أَ ْن بَع َث َ َ‬ ‫الل ّه ِ لَق َ ْد بلَ َ َغ م ِنْ ف َضِ يلَت ِ َ‬
‫ك عِنْد َ َ‬ ‫َ‬
‫الن ّارِ يَو َ ُدّونَ أَ ْن يَكُونُوا أَ طَاع ُوك َ و َه ُ ْم بَيْنَ أَ طْ بَاقِه َا يُع َ َ ّذبُونَ يَق ُولُونَ ي َا‬‫ل َ‬ ‫ن أَ ه ْ َ‬ ‫الل ّه ِ لَق َ ْد بلَ َ َغ م ِنْ ف َضِ يلَت ِ َ‬
‫ك عِنْدَه ُ أَ َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ب ِأَ بِي أَ ن ْتَ و َ ُأمِّي ي َا رَسُو َ‬
‫ك‬‫ْث فلَِذَل ِ َ‬
‫خر َه ُ ْم فِي ال ْبَع ِ‬ ‫ق وآ ِ‬ ‫ل الْأَ ن ْب ِيَاء ِ فِي الْخَل ْ ِ‬
‫كن ْتُ أ َ ّو َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل ُ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل قَتَادَة ُ ِإ َ ّ‬
‫الر ّسُولا‪ :‬قَا َ‬ ‫الل ّه َ و َأَ َطعْنَا َ‬
‫لَي ْتَنَا أَ َطعْنَا َ‬
‫س َل ّم َ لِت َخْ صِ يصِ ه ِ ب ِالذِّكْر ِ قَب ْلَه ُ ْم و َه ُو َ آ ِ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ فِي هَذ َا تَفْضِ ي ُ‬ ‫لنُ ٍ‬
‫خر ُه ُ ْم بَعْثًا‪،‬‬ ‫ل نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫وح و َغَيْرِه ِ قَا َ‬ ‫و َق َ َع ذِك ْرُه ُ مُق َ َ ّدم ًا ه ُنَا قَب ْ َ‬
‫ل‬ ‫ل ف ََضّ ل ْنَا بَعْضَه ُ ْم عَلَى بعض( الآيَة َ قَا َ‬
‫ل أَ ه ْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ك ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫جه ُ ْم م ِنْ َظ ْهرِ آدَم َ ك َال َذ ّرِّ و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى )تِل ْ َ‬ ‫خر َ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى عَلَيْهِم ُ الْمِيثَاقَ ِإ ْذ أَ ْ‬
‫ال ْمَعْن َى أَ خَذ َ َ‬
‫س َل ّم َ لأَ َن ّه ُ بُع ِثَ ِإلَى الْأَ حْمَرِ و َالْأَ سْ وَدِ و َ ُأح َِل ّ ْ‬
‫ت لَه ُ الْغ َنَائِم ُ و َ َظه َر َْت عَلَى يَد َيْه ِ‬ ‫َات مُح َم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫الت ّ ْفسِير ِ أَ ر َاد َ بِقَو ْلِه ِ وَر َف َ َع بَعْضَه ُ ْم دَرَج ٍ‬

‫ل بَعْضُه ُ ْم وَم ِنْ ف َضْ لِه ِ أَ َ ّ‬


‫ن‬ ‫س َل ّم َ مِث ْلَه َا قَا َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ ُأ ْعط ِ َ‬
‫ي ف َضِ يلَة ً أَ ْو ك َرَام َة ً ِإلا و َق َ ْد أعطى محمدا صَلَ ّى َ‬ ‫ْس أَ حَدٌ م ِ َ‬
‫ال ْمُعْجِزَاتُ و َلَي َ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى خ َاطَبَ الأَ ن ْب ِيَاء َ بأسمائهم وخاطبه‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله بُع ِثَ ِإلَى الْأَ حْمَرِ والأسود( أي العرب والعجم لأَ َ ّ‬
‫ن الْغ َال ِبَ عَلَى ألوان العجم الحمرة والبياض وعلى ألوان العرب الأدمة والسمرة‪،‬‬
‫وقيل الجن والإنس‪ ،‬وقيل الأحمر‪ :‬الأبيض مطلقا فإن العرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الفصل الثامن في إعلال الل ّٰه تعالى خلقه بصلاته عليه وولايته له ورفعه العذاب بسببه‬ ‫‪٢.١.٩‬‬

‫ن‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ ع َ ِ‬


‫ن الْك َلْب ِ ِيّ فِي قَو ْلِه ِ تعالى )وإن م ِنْ شِيع َتِه ِ ِلإ ب ْر َاه ِيم َ( أَ َ ّ‬ ‫ل وَح َك َى ال َ ّ‬ ‫ب ُِالن ّب َُو ّة ِ و َالر ِ ّسَالَة ِ فِي كتابه فقال يا أيها النبي و يا أيها َ‬
‫الر ّسُو ُ‬

‫جه ِ‪ ،‬و َأَ ج َازَه ُ الْف ََر ّاء ُ وَحَك َاه ُ عَن ْه ُ مَكِ ّيٌّ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل‬ ‫ي عَلَى دِينِه ِ وَمِنْهَا ِ‬ ‫ي ِإ َ ّ‬
‫ن م ِنْ شِيعَة ِ مُحَم ّدٍ ِلإ ب ْر َاه ِيم َ أَ ْ‬ ‫س َل ّم َ أَ ْ‬ ‫ال ْهَاء َ عَائِدَة ٌ عَلَى مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ح عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ‪.‬‬ ‫ال ْم ُرَاد ُ نُو ٌ‬
‫الل ّه ِ تَع َالَى خ َلْق َه ُ بِصَلاتِه ِ عَلَيْه ِ وَوِلايَتِه ِ لَه ُ وَر َف ْعِه ِ الْعَذ َابَ بسببه‬
‫ل الثامن في إعلال َ‬
‫الْف َصْ ُ‬
‫س َل ّم َ م ِنْ م َ َك ّة َ و َبَقِ َي ف ِيهَا م َنْ بَقِ َي‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫كن ْتَ بِم َ َك ّة َ فَلَم ّا خَر َ َ‬
‫ي م َا ُ‬
‫الل ّه ُ لِيُع َ ّذِبَه ُ ْم و َأَ ن ْتَ ف ِيهِمْ( أَ ْ‬
‫قال الل ّٰه تَع َالَى )وَم َا ك َانَ َ‬
‫الل ّه ُ مُع َ ّذِبَه ُ ْم وهم يستغفرون( وهذا مثل قوله )لَو ْ ت َز ََي ّلُوا لَع َ َ ّذب ْنَا( الآية وقوله تعالى )و َلَو ْلا رِج َا ٌ‬
‫ل مُؤْم ِن ُونَ(‬ ‫ل )وَم َا ك َانَ َ‬
‫ن المُؤْم ِنِينَ ن َز َ َ‬
‫مِ َ‬
‫س َل ّم َ وَدَرْأَ تُه ُ ال ْعَذ َابَ ع َنْ أَ ه ْ ِ‬
‫ل‬ ‫ت )وَم َا لَه ُ ْم أَ َلّا يُع َ ّذِبَهُم ُ الل ّٰه( و َهَذ َا م ِنْ أَ بْيَنِ م َا ي ُ ْظه ِر ُ مَك َانَت َه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الآيَة َ فَل َم ّا ه َاجَر َ المُؤْم ِن ُونَ ن َزَل َ ْ‬
‫الل ّه ُ بِتَسْلِيطِ ال ْمُؤْم ِنِينَ عَلَيْهِم ُ و َغَلَبَتِه ِ ْم إ َي ّاه ُ ْم وَح َ َكّم َ ف ِيه ِ ْم‬
‫ت م َ َك ّة ُ مِنْه ُ ْم ع َ ّذبَهُم ُ َ‬
‫صحَابِه ِ بَعْدَه ُ بَيْنَ أَ ظْ هُرِه ِ ْم فَلَم ّا خ َل َ ْ‬
‫ن أَ ْ‬ ‫كو ْنِه ِ ث َُم ّ َ‬
‫كو ْ ِ‬ ‫م َ َك ّة َ بِس َب َِب َ‬
‫ل آخَر ُ * ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أبو علي رحمه الل ّٰه بقراءتي عَلَيْه ِ قَا َ‬
‫ل‬ ‫سُي ُوفَه ُ ْم و َأَ ْورَثَه ُ ْم أَ رْضَه ُ ْم وَدِي َار َه ُ ْم و َأَ مْوَالَه ُ ْم و َفِي الآيَة ِ أَ يْضًا ت َأْ وِ ي ٌ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا أبو الفضل‬
‫__________‬
‫)قوله منهاجه( المنهاج الطر يق الواضح‪.‬‬
‫)*(‬
‫ْج الْح َُر ّة ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ السنجي حدثنا محمد بن محبوب المروزي حدثنا أَ بُو‬ ‫الصّ يْر َف ِ ُيّ قَالا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو يَعْلَى ب ْ ُ‬
‫ن زَو ِ‬ ‫ابن خيرون وأبو الحسين َ‬

‫ن نمير عن إسمعيل بن إبراهيم‬ ‫ن وَك ٍ‬


‫ِيع ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬ ‫ع ِيس َى الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫سفْيَانُ ب ْ ُ‬
‫ل رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أنزل الل ّٰه علي أمانين لأمتى‪:‬‬ ‫جر ٍ ع َنْ ع ََب ّادِ ب ْ ِن يُوس َ‬
‫ُف ع َنْ أَ بِي بُرْدَة َ ب ْ ِن أَ بِي م ُوس َى ع َنْ أَ بيِه ِ قَالَ‪ :‬قَا َ‬ ‫ابن مُهَا ِ‬
‫نح ْو ٌ مِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )وَم َا‬
‫ضي ْتُ ت َرَكْ تُ ف ِيكُم ُ الاسْ تِغْف َار َ‪ ،‬و َ َ‬
‫الل ّه ُ مُع َ ّذِبَه ُ ْم و َه ُ ْم يَسْتَغْف ِر ُونَ ف َِإذ َا م َ َ‬
‫ما كان الل ّٰه لِيُع َ ّذِبَه ُ ْم و َأَ ن ْتَ ف ِيه ِ ْم وَم َا ك َانَ َ‬
‫صحَابِي‪.‬‬
‫ن ل ِأَ ْ‬ ‫س َل ّم َ أَ ن َا أَ م َا ٌ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫أَ ْرسَل ْنَاك َ ِإلا رَحْم َة ً لِلْع َالم َي ِنَ( قَا َ‬
‫َت س َُن ّت ُه ُ‬ ‫اش وَم َا د َام ْ‬ ‫س َل ّم َ ه ُو َ الْأَ م َانُ الْأَ ْعظَم ُ م َا ع َ َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الر ّسُو ُ‬‫ل بَعْضُه ُ ْم َ‬ ‫ِلاف و َالْف ِتَنِ قَا َ‬‫ن الاخْ ت ِ‬ ‫ل مِ َ‬ ‫ن ال ْبِد َِع و َق ِي َ‬ ‫ل مِ َ‬ ‫ق ِي َ‬
‫ل‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى ف َضْ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى )إن الل ّٰه وملائكته يلون على النبي( الآيَة َ‪ ،‬أَ ب َانَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ف َِإذ َا ُأم ِيت َْت س َُن ّت ُه ُ فَان ْتَظ ِر ُوا ال ْبَلَاء َ و َالْف ِتَنَ و َقَا َ‬‫ب َاق ِي َة ً فَه ُو َ ب َا ٍ‬
‫ْض ال ْع ُلَمَاء ِ‬ ‫ك أَ َ ّ‬ ‫ِالصّ لَاة ِ و ََالت ّسْل ِِيم عَلَيْه ِ و َق َ ْد ح َك َى أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫س َل ّم َ بِصَلَاتِه ِ عَلَيْه ِ ث َُم ّ بِصَلَاة ِ م َلَائِكَتِه ِ و َأَ م َر عِبَادَه ُ ب َ‬
‫ن بَع َ‬ ‫ن ف ُور َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫نَب ِيِّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ي فِي صَلَاة ِ الل ّٰه تعالى على‬ ‫ت ق َُر ّة ُ عَيْنِي فِي َ‬


‫الصّ لَاة ِ عَلَى هَذ َا أَ ْ‬ ‫س َل ّم َ وَجُعِل َ ْ‬ ‫ل قَو ْلَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ت َأَ َ ّو َ‬
‫__________‬
‫ن عَبْدِ الجبار وفى بعض النسخ حسن وليس بحسين‪.‬‬ ‫)قوله وأبو الحسين الصيرفي( هو تصغير حسن وهو ال ْمُبَارَك ُ ب ْ ُ‬
‫)قوله ع َنْ ع ََب ّادِ ب ْ ِن يوسف( قال المزني في أطرافه عبادة بن يوسف و يقال ابن سعيد والصحيح عباد‪.‬‬
‫)قوله ع َنْ أَ بِي بُرْدَة َ ب ْ ِن أَ بِي م ُوس َى( قيل اسمه الحارث وقيل عامر‪ ،‬قال النووي وهو الصحيح المشهور‪.‬‬
‫)*(‬

‫الفصل التاسع فيما تضمنته سورة الفتح من كراماته صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٢.١.١٠‬‬

‫ل يُص َُل ّونَ يُبَارِكُونَ وقد‬ ‫الل ّه ِ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬


‫ل رَحْم َة ٌ و َق ِي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ْمَلَائِكَة ِ وَم َِن ّا لَه ُ د ُعَاء ٌ وَم ِ َ‬ ‫ك ِإلَى يَو ْ ِم الْق ِيَامَة ِ و َ‬
‫َالصّ لَاة ُ م ِ َ‬ ‫وَم َلَائِكَتِه ِ و َأَ ْمرِه ِ ا ْل ُأ َمّة َ بِذَل ِ َ‬
‫ْض ال ْمُتَكَل ِّمِينَ فِي‬ ‫الصّ لَاة ِ و َال ْبَرَكَة ِ وَسَن َ ْذك ُر ُ ح ُ ْكم َ َ‬
‫الصّ لَاة ِ عَلَيْه ِ وَذَك َر َ بَع ُ‬ ‫الصّ لَاة َ عَلَيْه ِ بَيْنَ لَفْظِ َ‬‫س َل ّم َ حِينَ عَل ّم َ َ‬ ‫فرق النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الل ّه ِ لِنَب ِيِّه ِ قَا َ‬


‫ل تَع َالَى‬ ‫كف َايَة ُ َ‬
‫ي ِ‬
‫َاف أَ ْ‬
‫َاف م ِنْ ك ٍ‬ ‫ت َ ْفسَير ِ حروف )كهيعص( أَ َ ّ‬
‫ن الْك َ‬
‫ل )وأيدك بنصره( و َالْع َيْنَ عِصْ م َت ُه ُ لَه ُ قَالَ‪:‬‬
‫ك صِر َاطًا مُسْتَق ِيم ًا( و َال ْيَاء َ ت َأْ ييِدُه ُ قَا َ‬
‫ل )و َيَهْدِي َ َ‬
‫َاف عَبْدَه ُ( و َال ْهَاء َ هَد َايَت ُه ُ لَه ُ قَا َ‬
‫الل ّه ُ بِك ٍ‬
‫ْس َ‬‫)أَ لَي َ‬

‫الل ّه َ ه ُو َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه َ وَم َلائِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ عَلَى النبي( و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى )و َِإ ْن تَظَاه َرَا عَلَيْه ِ ف َِإ َ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫ن الناس( و َ‬
‫َالصّ اد َ صَلَاتُه ُ عَلَيْه ِ قَا َ‬ ‫ك مِ َ‬
‫)و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬

‫ل‬ ‫ل عَليّ ٌ رَضِي َ َ‬


‫الل ّه ُ عَنْه ُ ْم أَ جْم َع ِينَ و َق ِي َ‬ ‫ل أَ بُو بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ و َق ِي َ‬
‫ل المَلَائِك َة ُ و َق ِي َ‬ ‫ي و َل ُِي ّه ُ وَصَالِ ح ُ ال ْمُؤْم ِنِينَ ق ِي َ‬
‫ل الْأَ ن ْب ِيَاء ُ و َق ِي َ‬ ‫مَو ْلاه ُ( الآيَة َ مَوْل َاه ُ أَ ْ‬
‫المؤمنون عَلَى ظَاهِرِه ِ‪.‬‬
‫س َل ّم َ‬ ‫ض َمّنَت ْه ُ سُورَة ُ الْفَت ِْح م ِنْ ك َرَام َاتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬
‫الت ّاسِـ ُع ف ِيم َا ت َ َ‬ ‫الْف َصْ ُ‬
‫َالث ّنَاء ِ عَلَيْه ِ وَكَر ِي ِم مَنْز ِلَتِه ِ‬
‫ض َمّن َْت هَذِه ِ الآي َاتُ م ِنْ ف َضْ لِه ِ و َ‬ ‫الل ّه ِ فَو ْقَ أيديهم( ت َ َ‬ ‫ك فَتْح ًا مبينا( إلى قوله تعالى )يَد ُ َ‬ ‫)إ َن ّا فَت َحْ نَا ل َ َ‬‫الل ّه ُ تَع َالَى ِ‬
‫ل َ‬‫قَا َ‬
‫ن الْقَضَاء ِ ال ْبَيِّنِ بظهور‬ ‫ن الانْتِهَاء ِ ِإلَيْه ِ فَاب ْتَد َأَ ج َ َ ّ‬
‫ل ج َلالَه ُ ب ِِإع ْلَامِه ِ بِمَا قَضَاه ُ لَه ُ م ِ َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى و َنِعْم َتِه ِ لَدَيْه ِ م َا يَقْصُر ُ ال ْو َصْ ُ‬
‫ف عَ ِ‬ ‫عِنْد َ َ‬
‫و َغَلَبَتِه ِ عَلَى عَد ُ ّوِه ِ و َعُلُو ِّ كَل ِمَتِه ِ و َشَر ِيع َتِه ِ و ََأن ّه ُ مَغْف ُور ٌ لَه ُ غَي ْر ُ م ُؤَاخَذٍ بِمَا ك َانَ وَم َا يَكُونُ قَا َ‬
‫ل بَعْضُه ُ ْم أر َاد َ غُفْرَانَ م َا و َق َ َع وَم َا ل َ ْم يَق َعْ أَ ْ‬
‫ي‬

‫ل و َيُت َِم ّ نِعْم َت َه ُ‬ ‫لٌ م ِنْ عِنْدِه ِ ل َا ِإلَه َ غَي ْرُه ُ م َِن ّة ً بعد م َِن ّة ً و َف َضْ ل ًا بَعْد َ ف َضْ ٍ‬
‫ل ث َُم ّ قَا َ‬ ‫الل ّه ُ الْم َنِ ّة َ سببا للمغفرة وَك ُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫ل مَكِ ّيّ ٌ َ‬
‫جع َ َ‬ ‫ك و َقَا َ‬ ‫أَ َن ّ َ‬
‫ك مَغْف ُور ٌ ل َ َ‬
‫ك ف َأَ ع ْلَم َه ُ تَمَا ِم نِعْم َتِه ِ عَلَيْه ِ بِ خُض ِ‬
‫ُوع‬ ‫ل يَرْف َ ُع ذِك ْرَك َ فِي ال ُد ّن ْيَا و َين ْصُرُك َ و َيَغْف ِر ُل َ َ‬ ‫ل بِفَت ِْح م َ َك ّة َ و َالطَائ ِ‬
‫ِف و َق ِي َ‬ ‫ك و َق ِي َ‬ ‫ل بِ خُض ِ‬
‫ُوع م َنْ تَكَ َب ّر َ ل َ َ‬ ‫ك ق ِي َ‬
‫عَلَي ْ َ‬
‫سع َادَة َ و َنَصْرِه ِ َ‬
‫الن ّصْر َ الْعَزِيز َ‬ ‫حبِّهَا لَه ُ وَر َف ِْع ذِكْرِه ِ وَه ِدايَتِه ِ الصِّر َ‬
‫َاط ال ْمُسْتَق ِيم َ ال ْمُب َ ِّلــ َغ الْج َنَ ّة َ و َال َ ّ‬ ‫م ُتَكَبِّر ِي عَد ُ ّوِه ِ لَه ُ و َفَت ِْح أه َ ِ ّم ال ْب ِلادِ عَلَيْه ِ و َأَ َ‬

‫وَم َِن ّتِه ِ عَلَى ُأ َمّتِه ِ‬


‫ك‬ ‫َظيم و َالْع َ ْفوِ عَنْه ُ ْم و َال َ ّ‬
‫ستْر ِ لذُنُو بِه ِ ْم و َه َلا ِ‬ ‫جعَلَه َا فِي قُلُو بِه ِ ْم و َبِش َارَتِه ِ ْم بِمَا لَه ُ ْم عِنْد َ ر َ ّبِه ِ ْم بَعْد ُ و َفَوْزِهِم ُ ال ْع ِ‬ ‫سكِينَة ِ و َال ُ ّ‬
‫طم َأْ نِينَة ِ َال ّتِي َ‬ ‫ال ْمُؤْم ِنِينَ ب ِال َ ّ‬

‫)إ َن ّا أَ ْرسَل ْنَاك َ شَاهِدًا وَم ُبَش ِّر ًا و َنَذِير ًا( الآيَة َف َع َ َ ّد َ‬
‫محَاسِن َه ُ وَخَصائِصَه ُ‬ ‫خرَة ِ و َلَعْنِه ِ ْم و َبُعْدِه ِ ْم م ِنْ رَحْمَتِه ِ وَسُوء ِ مُنْق َلَبِه ِ ْم ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل ِ‬ ‫عَد ُ َ ّوه ِ فِي ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬
‫ل ب ِال ْمَغْف ِرَة ِ وَمُنْذِر ًا عَد ُ َ ّوه ُ ب ِالْعَذ ِ‬
‫َاب‬ ‫ل شَاهِدًا لَه ُ ْم ب َِالت ّوْحِيدِ وَم ُبَش ِّر ًا ل ِ ُأ َمّتِه ِ ب َِالث ّو َ ِ‬
‫اب و َق ِي َ‬ ‫م ِنْ شَه َاد َتِه ِ عَلَى ُأ َمّتِه ِ لِن َ ْف ِ‬
‫سه ِ بِتَبْلِيغِه ِ الر ِ ّسَالَة َ لَه ُ ْم و َق ِي َ‬
‫ل يُبَال ِغ ُونَ فِي تَعْظ ِيمِه ِ‬ ‫يج ُِل ّونَه ُ و َق ِي َ‬
‫ل يَن ْصُر ُونَه ُ و َق ِي َ‬ ‫الل ّه ِ الْحُسْن َى و َيُع َزِ ّر ُوه ُ أَ ْ‬
‫ي ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن بالل ّٰه تم بِه ِ م َنْ سَبَق ْ‬
‫َت لَه ُ م ِ َ‬ ‫لالات لِيُؤْم ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ن َ‬
‫الضّ‬ ‫وقيل مخدرا م ِ َ‬
‫ي يعظمونه وقرأه‬ ‫و َيُو َق ِّر ُوه ُ أَ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله بِ خُض ِ‬
‫ُوع م َنْ تَكَ َب ّر َ لك( الجار والمجرور متعلق بخضوع )قوله وسوء منقلبهم( أي انقلابهم )قوله يعزروه( بمهملة وزاى وراء أي‬
‫يوقروه‪.‬‬
‫)‪(*) (١ - ٤‬‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل )و َيُس َبِّحُوه ُ( فَهَذ َا ر َاج ٌع ِإلَى َ‬ ‫س َل ّم َ ث َُم ّ قَا َ‬ ‫ن هَذ َا فِي حَقّ ِ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ال ْع ِزِ ّ و َالْأَ كْ ث َر ُ و َالْأَ ظْ ه َر ُ أَ َ ّ‬
‫بَعْضُه ُ ْم )و َيُع َزِ ّز ُوه ُ( ب ِز َاءَي ْ ِن م ِ َ‬

‫ن الْفَت ِْح ال ْمُبِينِ و َ ِ‬ ‫س َل ّم َ فِي هَذِه ِ ال ُ ّ‬ ‫ٍ‬


‫هي َ‬ ‫الإج َابَة ِ و َال ْمَغْف ِرَة ِ و َ ِ‬
‫هي َ م ِنْ أَ ع ْلا ِم ِ‬ ‫مخ ْتَلِف َة ٌ م ِ َ‬
‫سورَة ِ نِعَمٌ ُ‬ ‫ن عَطَاء جُم ِـ َع ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫تَع َالَى قَا َ‬

‫ُوب و َتَمَام ُ النِّعْمَة ِ‬


‫ن ال ْع ُي ِ‬
‫هي َ م ِنْ أَ ع ْلَا ِم الْوِل َايَة ِ فَال ْمَغْف ِرَة ُ تَبْرِئَه ٌ م ِ َ‬
‫ص و َال ْهِد َايَة ِ و َ ِ‬ ‫م ِنْ أع ْلَا ِم ال ْمَح ََب ّة ِ و َتَمَا ِم النِّعْمَة ِ و َ ِ‬
‫هي َ م ِنْ أع ْلَا ِم الاخْ تِصَا ِ‬
‫خ‬
‫ن مُحَم ّدٍ م ِنْ تَمَا ِم نِعْم َتِه ِ عَلَيْه ِ أَ ْن جَعَلَه ُ حَب ِيب َه ُ و َأَ ق ْسَم َ بِ حَيَاتِه ِ و َنَس َ َ‬
‫جعْف َر ُ ب ْ ُ‬ ‫هي َ ال َد ّعْوَة ُ ِإلَى ال ْمُشَاهَدَة ِ‪ :‬و َقَا َ‬
‫ل َ‬ ‫ِإ ب ْلَاغ ُ ال َد ّرَجَة ِ الْك َام ِلَة ِ و َال ْهِد َايَة ُ و َ ِ‬

‫ل لَه ُ و َل ِ ُأ َمّتِه ِ‬
‫اج ح ََت ّى م َا ز َاغَ ال ْب َص َر ُ وَم َا َطغ َى و َبَع َث َه ُ ِإلَى الْأَ حْمَرِ و َالْأَ سْ وَدِ و َأَ ح َ َ ّ‬
‫حفَظَه ُ فِي الْمِعْر َ ِ‬
‫ل الأَ ع ْلَى و َ َ‬
‫ج بِه ِ ِإلَى المحَ َ ّ ِ‬
‫بِه ِ شَر َائ ِـ َع غَيْرِه ِ وَع َرَ َ‬
‫الْغ َنَائِم َ وجعله شفعا مُشَ َ ّفع ًا وَسَيِّد َ وَلَد ِ آدَم َ و َق َرَنَ ذِك ْرَه ُ بِذِكْرِه ِ وَرِضَاه ُ بِرِضَاه ُ وَجَعَلَه ُ أحَد َ رُكْ ن َِي َ‬
‫الت ّوْحِيدِ‬

‫الل ّه ِ فَو ْقَ أيديهم( يُر ِيد ُ عِنْد َ ال ْبَيْعَة ِ‬


‫الل ّه َ بِبَي ْعَتِه ِ ْم ِإ َي ّاك َ )يَد ُ َ‬
‫ي ِإ َن ّمَا يُبَاي ِع ُونَ َ‬
‫ن أَ ْ‬ ‫ك ِإ َن ّمَا يُبَاي ِع ُونَ َ‬
‫الل ّهَ( يَعْنِي بَيْع َة َ الر ِّضْ وَا ِ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن يُبَاي ِع ُون َ َ‬ ‫)إ َ ّ‬ ‫ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل ِ‬
‫ن ال ْمُبَاي َ ِع صَلَ ّى‬
‫ِيس فِي الْك َلَا ِم و َتأْ كِيدٌ لِع َ ْقدِ بَي ْعَتِه ْم ِإ َي ّاه ُ وَعِظَ ِم شَأْ ِ‬
‫تج ْن ٌ‬
‫َات و َ َ‬
‫ل ع َ ْقدُه ُ‪ ،‬و َهَذِه ِ اسْ تِع َار ٌ‬ ‫الل ّه ِ و َق ِي َ‬
‫ل ثوابه وقيل م َِن ّت ُه ُ و َق ِي َ‬ ‫ل ق َُو ّة ُ َ‬
‫ق ِي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الل ّه َ رمى( و َِإ ْن ك َانَ الْأَ َ ّو ُ‬


‫ل‬ ‫الل ّه َ قَتَلَه ُ ْم وَم َا رَمَي ْتَ ِإ ْذ رَمَي ْتَ و َلـَك َِنّ َ‬
‫س َل ّم َ و َق َ ْد يَكُونُ م ِنْ هَذ َا قَو ْلُه ُ تَع َالَى )فَل َ ْم تَقْتُلُوه ُ ْم و َلـَك َِنّ َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله تبرئة( بالموحدة بعد المثناة الفوقية وبالراء‪ ،‬أو بالنون بعد المثناة الفوقية وبالزاى‪.‬‬
‫)*(‬

‫الفصل العاشر فيما أظهره الل ّٰه تعالى في كتابه العزيز من كرامته عليه ومكانته عنده وما خصه به من ذلك سوى ما انتظم‬ ‫‪٢.١.١١‬‬
‫فيما ذكرناه قبل‬

‫ق فِعْلِه ِ وَرَمْيِه ِ و َق ُ ْدر َتِه ِ عَلَيْه ِ وَمَشِيئَتِه ِ و َلأَ َن ّه ُ لَي َ‬


‫ْس فِي‬ ‫الل ّه ُ و َه ُو َ خ َال ِ ُ‬ ‫لو َ‬
‫َالر ّا ِمي َ ب ِالْحَق ِيقَة ِ ه ُو َ َ‬ ‫َاب الْحَق ِيقَة ِ ل ِأَ َ ّ‬
‫ن الْق َات ِ َ‬ ‫َاب ال ْم َج َازِ و َهَذ َا فِي ب ِ‬
‫فِي ب ِ‬
‫ل فِي هَذِه ِ‬
‫حق ِيق َة ٌ و َق َ ْد ق ِي َ‬
‫ل المَلَائِكَة ِ لَه ُ ْم َ‬
‫ك قَت ْ ُ‬ ‫ت ح ََت ّى ل َ ْم يَب ْ َ‬
‫ق مِنْه ُ ْم م َنْ ل َ ْم تَم ْْلأ عَي ْنَيْه ِ وَكَذَل ِ َ‬ ‫حي ْثُ وَصَل َ ْ‬ ‫ك َ‬
‫الر ّمْيَة ِ َ‬ ‫ل تِل ْ َ‬
‫ق ُ ْدرَة ِ ال ْب َشَر ِ تَوْصِي ُ‬
‫ي م َا قَتَل ْتُم ُوه ُ ْم وَم َا رميتهم أنت إذا رَمَي ْتَ وُجُوهَه ُ ْم ب ِالْحَصْ بَاء ِ و َال ُت ّر ِ‬
‫َاب‬ ‫الآيَة ِ ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى ِإ َ ّنهَا عَلَى ال ْم َج َازِ الْع َر َب ِ ِيّ وَمُق َابلََة ِ َ‬
‫الل ّفْظِ وَم ُنَاسَبَتِه ِ أَ ْ‬
‫لو َ‬
‫َالر ّامِي ب ِال ْمَعْن َى و َأن ْتَ ب ِالاسْمِ‪.‬‬ ‫الل ّه ِ فَه ُو َ الْق َات ِ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ن مَنْف َعة َ َ‬
‫الر ّم ِْي ك َان َْت م ِنْ فِعْ ِ‬ ‫ي أَ َ ّ‬ ‫الل ّه َ رَم َى قُلُو بَه ُ ْم ب ِالْجَز َِع أَ ْ‬
‫و َلـَك َِنّ َ‬
‫ك سِو َى م َا ان ْتَظَم َ فيما ذكرناه‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى فِي ك ِتَابِه ِ الْعَزِيز ِ م ِنْ ك َرَام َتِه ِ عَلَيْه ِ وَمَك َانَتِه ِ عِنْدَه ُ وَم َا خ ََصّ ه ُ بِه ِ م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ل الْع َاشِر ُ ف ِيم َا أَ ظْ ه َرَه ُ َ‬
‫الْف َصْ ُ‬
‫قبل‪:‬‬
‫َت عَلَيْه ِ الْق َِصّ ة ُ م ِنْ عَظ ِ‬
‫ِيم مَنْز ِلَتِه ِ و َقُر ْبِه ِ وَمُشَاهَد َتِه ِ ما‬ ‫َالن ّجْ مِ‪ ،‬وَم َا انْطَو ْ‬ ‫سب ْح َانَ‪ ،‬و َ‬ ‫الإسْر َاء ِ فِي سُورَة ِ ُ‬ ‫ك م َا ق ََصّ ه ُ تَع َالَى م ِنْ ق َِصّ ة ِ ِ‬ ‫م ِنْ ذَل ِ َ‬

‫كف َر ُوا(‬ ‫ك ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّاسِ( و َقَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َِإ ْذ يَم ْك ُر ُ ب ِ َ‬ ‫ك مِ َ‬
‫س بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫شاهد من العجائب‪ ،‬ومن ذلك عِصْ م َتِه ِ م ِ َ‬
‫الل ّه ُ بِه ِ عَن ْه ُ فِي هَذِه ِ الْق َِصّ ة ِ م ِنْ أَ ذ َاه ُ ْم بَعْد َ تَح َرِّيه ِ ْم لِهُل ْـكِه ِ وَخ ُلُوصِه ِ ْم بحيا في أمر‬
‫الل ّهُ( وَم َا د َف َ َع َ‬
‫)إلا تَن ْصُر ُوه ُ فَق َ ْد نَصَرَه ُ َ‬
‫الآيَة َ و َقَو ْلِه ِ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله لهلـكه( الهلك بضم الهاء وإسكان اللام‪ :‬الاسم من هلك‪.‬‬
‫)*(‬
‫سكِينَة ِ عَلَيْه ِ و َق َِصّ ة ِ سُر َاق َة َ‬
‫ل ال َ ّ‬
‫َات و َن ُز ُو ِ‬
‫ن الآي ِ‬
‫ك مِ َ‬
‫جه ِ عَلَيْهِم ُ وذ ُه ُولِه ِ ْم ع َنْ طَلَبِه ِ في الاغر وَم َا َظه َر َ فِي ذَل ِ َ‬
‫و َالْأَ خْذِ عَلَى أَ بْصَارِه ِ ْم عِنْد َ خُر ُو ِ‬
‫ك و َانْ حَر ْ‪،‬‬
‫ل ل ِر َب ِّ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫)إ َن ّا أَ ْعطَي ْنَاك َ ال ْـ َ‬
‫كو ْث َر َ‪ ،‬ف َ َ‬ ‫سِيَر ِ فِي ق َِصّ ة ِ الْغ َارِ وَحَد ِ‬
‫ِيث ال ْه ِجْ رَة ِ وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى ِ‬ ‫ِيث و َال ّ‬
‫ل الْحَد ِ‬
‫حسْبَم َا ذَك َرَه ُ أَ ه ْ ُ‬
‫ك َ‬
‫ب ْ ِن م َال ِ ِ‬
‫ل ال ْمُعْجِزَاتُ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شف َاع َة ُ و َق ِي َ‬ ‫ل نَه ْر ٌ فِي الْج َنَ ّة ِ و َق ِي َ‬
‫ل الخـبر ال ْـكَث ِير ُ و َق ِي َ‬ ‫حوْضُه ُ و َق ِي َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى بِمَا أَ ْعطَاه ُ‪ ،‬و َال ْـكَو ْث َر ُ َ‬
‫ك ه ُو َ الأَ ب ْت َر ُ( أَ ع ْلَم َه ُ َ‬ ‫ِإ َ ّ‬
‫ن شَانئِ َ َ‬
‫ي عَد ُ َ ّوك َ وَمُب ْغ ِ َ‬
‫ضكَ‪ ،‬و َالْأَ ب ْت َر ُ‬ ‫ك ه ُو َ الأَ ب ْت َر ُ( أَ ْ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن شَانئِ َ َ‬ ‫ل ال ْمَعْرِف َة ُ‪ ،‬ث َُم ّ أَ ج َابَ عنه عدووه وَر َ َدّ عَلَيْه ِ قَو ْلَه ُفَق َا َ‬
‫ل تَع َالَى ِ‬ ‫ل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ُ و َق ِي َ‬ ‫ال ْـكَث ِيرَة ُ و َق ِي َ‬
‫سب ْ ُع المَثَانِي ال ُ ّ‬
‫سوَر ُ‬ ‫ن ال ْمَثَانِي والقرآن العظيم( قيل ال َ ّ‬
‫سبْع ًا م ِ َ‬ ‫ل أَ وِ ال ْمُفْرَد ُ ال ْوَحِيد ُ أَ وِ ال َ ّذ ِي ل َا خَيْر َ ف ِيه ِ و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى )و َلَق َ ْد آتَي ْنَاك َ َ‬ ‫الْحَق ِير ُ ال َذ ّلِي ُ‬

‫ن م ِنْ أَ ْمر ٍ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫سب ْ ُع ال ْمَثَانِي م َا فِي الْقُر ْآ ِ‬ ‫سب ْ ُع ال ْمَثَانِي ُأ ُمّ الْقُر ْآ ِ‬
‫ن و َالْقُر ْآنُ ال ْعَظ ِيم ُ سَائ ِرُه ُ و َق ِي َ‬ ‫ل و َالْقُر ْآنُ الْعَظ ِيم ُ ُأ ُمّ الْقُر ْآنِ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل ال َ ّ‬ ‫ل ا ْل ُأو َ ُ‬
‫ط ِوَا ُ‬
‫ال ّ‬
‫ل‬
‫ْب م َث َ ٍ‬
‫وَنَهْ ٍي و َبُشْر َى و َِإنْذ َا ٍر و َضَر ِ‬
‫__________‬
‫ل الحديث( هو بفتح السين وقد يسكن أي على قدره وعدده )قوله الطوال( بكسر الطاء جمع طو يلة وأما بضم‬ ‫حسْبَم َا ذَك َرَه ُ أَ ه ْ ُ‬
‫)قوله َ‬
‫الطاء فمفرد يقال رجل طوال أي زائد في الطول‪ ،‬واختلف في سابعة هذا الطوال فقيل الأنفال والتوبة لأنهما في حكم سورة واحدة‬
‫ولهذا لم يفصل بينهما بالبسملة وقيل التوبة وقيل يونس )قوله سائره(‬
‫هو بمهملة في أوله وهمزة مكسور ثالثه‪ ،‬قال صاحب الصحاح سائر الناس جميعهم واعترض بأنه انفرد بهذا فلا يقبل منه وأجيب بأنه‬
‫لم ينفرد بل شاركه في نقله التبريزي والجواليقي وغيرهما وفى القاموس السائر الباقي لا الجميع كما توهم جماعات وقد تستعمل له بعد ذكره‬
‫أشياء عن العرب مما استعمل له‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى اسْ تَث ْنَاه َا لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل بَ ِ‬
‫ل رَكْ عَة ٍ و َق ِي َ‬ ‫ل سُم ِّي َْت ُأ ُمّ الْقُر ْآ ِ‬
‫ن م َثَانِي لأَ َ ّنهَا نثى فِي ك ُ ّ ِ‬ ‫ِيم و َق ِي َ‬
‫ن الْعَظ ِ‬
‫و َِإعْد َادِ ن ِع َ ٍم و َآتَي ْنَاك َ نَب َأَ الْقُر ْآ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫سب ْ ُع ال ْمَثَانِي أَ ك ْرَمْنَاك َ بِسَب ِْع ك َرَام ٍ‬


‫َات‪ :‬ال ْهُد َى و ُ‬
‫َالن ّب َُو ّة ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬ ‫س َل ّم َ وَذَخَر َه َا لَه ُ د ُونَ الْأَ ن ْب ِيَاء ِ وسُم ِّ َ‬
‫ي الْقُر ْآنُ م َثَانِي لأَ َ ّ‬
‫ن القصص نثى ف ِيه ِ و َق ِي َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل )وَم َا أَ ْرسَل ْنَاك َ ِإلا ك ََاف ّة ً ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س بشيرا ونذيرا( وقال‬ ‫ك الذكر( الآيَة َ و َقَا َ‬
‫ل )و َأَ ن ْزَل ْنَا ِإلَي ْ َ‬ ‫َالر ّحْمَة ِ و َال َ ّ‬
‫شف َاعَة ِ و َالْوِل َايَة ِ والتعظيم والـكسينة و َقَا َ‬ ‫و َ‬
‫ل‬
‫ل تَع َالَى )وَم َا أَ ْرسَل ْنَا م ِنْ رَسُو ٍ‬
‫خصَائ ِصِ ه ِ و َقَا َ‬
‫الل ّه ُ فَهَذِه ِ م ِنْ َ‬
‫ل الْق َاض ِي رَحِم َه ُ َ‬
‫تعالى )قل يا أيها الناس إني رسول الل ّٰه إليكم جميعا( الآية قَا َ‬
‫س َل ّم َ )بُعِث ْتُ ِإلَى‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق ك ََاف ّة ً كَمَا قَا َ‬
‫س َل ّم َ ِإلَى الْخَل ْ ِ‬ ‫ِإلا بلسنان قَوْمِه ِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ( فَخ َ َص ّه ُ ْم بِقَوْمِه ِ ْم و َبَع َثَ مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ي م َا‬ ‫ل َ‬
‫الت ّ ْفسِير ِ أَ وْلَى ب ِالمُؤْم ِنِينَ م ِنْ أَ نْفُس ِه ْم أَ ْ‬ ‫)الن ّب ِ ُيّ أَ وْلَى ب ِال ْمُؤْم ِنِينَ م ِنْ أَ نْفُسِه ِ ْم و َأَ ْزو َاج ُه ُ ُأ َمّهَاتُهُمْ( قَا َ‬
‫ل أَ ه ْ ُ‬ ‫ل تَع َالَى َ‬
‫الْأَ حْمَرِ و َالْأَ سْ وَدِ( و َقَا َ‬

‫س و َأَ ْزو َاج ُه ُ ُأ َمّهَاتُه ُ ْم أَ ْ‬


‫ي‬ ‫ي َ‬
‫الن ّ ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض عليه كَمَا يَمْض ِي ح ُ ْكم ُ ال َ ّ‬
‫ل ات ّبَِاع ُ أَ ْمرِه ِ أَ وْلَى م ِن ات ّبَِاع ر َأْ ِ‬
‫سيِّدِ عَلَى عَبْدِه ِ و َق ِي َ‬ ‫أَ نْفَذَه ُ ف ِيه ِ ْم م ِنْ أ ْمر ٍ فَه ُو َ م َا ٍ‬

‫أب لَه ُ ْم وَل َا يُقْر َُأ بِه ِ‬


‫ج فِي الْج َنَ ّة ِ و َق َ ْد قُرِئ َ و َه ُو َ ٌ‬
‫خصُوص َِي ّة ً و َل ِأَ نه َُنّ لَه ُ أَ ْزو َا ٌ‬
‫حه َُنّ عَلَيْه ِ ْم بَعْدَه ُ تَكْرِم َة ً لَه ُ و َ ُ‬ ‫ه َُنّ فِي الْحُرْمَة ِ ك َا ْل ُأ َمّه َ ِ‬
‫ات حَرُم َ نِك َا ُ‬
‫ل الل ّٰه تعالى‬
‫َف و َقَا َ‬
‫الآنَ لِمخَُالَف َتِه ِ ال ْم ُصْ ح َ‬
‫__________‬
‫)قوله لأنها ٺثنى( بفتح المثلثة وتشديد النون المفتوحة وبتسكين المثلثة وفتح النون‬
‫ل رَكْ عَة ٍ( أي كل صلاة من باب تسمية الشئ باسم جزئه )قوله لأن القصص هو بكسر القاف جمع قصة وبفتحها الخـبر‬
‫)قوله فِي ك ُ ّ ِ‬
‫)قوله و َق َ ْد قُرِئ َ و َه ُو َ أب لهم( هذه قراءة مجاهد وقيل أبي بن كعب‪.‬‬
‫)*(‬

‫الباب الثاني في تكميل الل ّٰه تعالى له المحاسن خلقا وخلقا وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيو ية فيه نسقا‬ ‫‪٢.٢‬‬

‫سط ِ ُ ّ‬
‫ي ِإلَى أ َ ّنهَا إشارَة ٌ ِإلَى احْ تِم َا ِ‬
‫ل‬ ‫ل و َأَ شَار َ ال ْوَا ِ‬
‫ق لَه ُفِي الْأَ ز َ ِ‬ ‫ل ف َضْ لُه ُالْعَظ ِيم ُب ُِالن ّب َُو ّة ِ و َق ِي َ‬
‫ل بِمَا سَب َ َ‬ ‫ك الكتاب والحكمة( الآيَة َ ق ِي َ‬
‫الل ّه ُ عَلَي ْ َ‬
‫ل َ‬ ‫)و َأَ ن ْز َ َ‬
‫يح ْتَمِلْه َا م ُوس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الر ّ ْؤ يَة ِ َال ّتِي ل َ ْم َ‬
‫ن خ َلْق ًا وَخ ُلُق ًا و َق ِرَانِه ِ جميع الفضائل الدينية و َال ُد ّن ْيَوِ َي ّة ِ ف ِيه ِ نَسَق ًا‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى لَه ُ ال ْم َح َا ِ‬
‫س َ‬ ‫ل َ‬ ‫الث ّانِي فِي ت َ ْ‬
‫كم ِي ِ‬ ‫ال ْبَابُ َ‬
‫ِي دُن ْيَو ّ ٌ‬
‫ِي‬ ‫ل فِي الب َشَر ِ نَو ْعَانِ‪ :‬ضَر ُور ّ ٌ‬
‫كمَا ِ‬
‫ل و َال ْـ َ‬
‫ل ا ْلجم ََا ِ‬
‫خصَا َ‬ ‫ِيم أَ َ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫ل ق َ ْدرِه ِ الْعَظ ِ‬
‫ل جُم َ ِ‬
‫ِث ع َنْ تَفْاصِي ِ‬
‫الن ّب ِ ِيّ الـْكَر ِي ِم ال ْبَاح ِ‬ ‫اع ْل َ ْم أ ُ ّيهَا ال ْمُح ُ ّ‬
‫ِب لِهَذ َا َ‬

‫الل ّه ِ تَع َالَى زُلْفَى‪ ،‬ث َُم ّ ِ‬


‫هي َ عَلَى فَن ّيْنِ أيْضًا مِنْهَا م َا‬ ‫َب دِين ّي ٌ و َه ُو َ م َا يُحْمَد ُ فَاع ِلُه ُ و َيُق ََر ّبُ ِإلَى َ‬
‫ضت ْه ُ الج ِبِلَ ّة ُ و َضَر ُورَة ُ الْحيََاة ِ ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬وَمُكْتَس ٌ‬
‫اق ْت َ َ‬
‫ل م َا كان في حملته‬ ‫ْس لِل ْمَر ْء ِ ف ِيه ِ اخْ ت ِيَار ٌ وَل َا اكْ تِس ٌ‬
‫َاب مِث ْ ُ‬ ‫ل ف َأَ َمّا ال َض ّر ُور ُِيّ ال ْم َحْ ُ‬
‫ض فَمَا لَي َ‬ ‫ج ويَتَد َاخ َ ُ‬
‫ص ل ِأَ حَدِ ال ْو َصْ ف َيْنِ ومِنْهَا م َا يَتمََاز ُ‬
‫يَتَخَل ّ ُ‬
‫َف نَس َبِه ِ وَع َ ِّزة ِ قَوْمِه ِ‬ ‫َصح ّة ِ ف َ ْهمِه ِ و َفَصَاحَة ِ لِسَانِه ِ و َق َُو ّة ِ حواسه وأعظائه و َاعْتِد َا ِ‬
‫ل حَرَك َاتِه ِ و َشَر ِ‬ ‫ل صُور َتِه ِ و َق َُو ّة ِ عَقْلِه ِ و ِ َ‬
‫ل خِلْق َتِه ِ وَجَمَا ِ‬
‫م ِنْ كَمَا ِ‬
‫ضه ِ و َيِلْحَقْ بِه ِ م َا ت َ ْدع ُوه ُ ضَر ُورَة ُ حَيَاتِه ِ ِإلَيْه ِ م ِنْ غِذ َائِه ِ و َنَوْمِه ِ‬
‫وَك َر َ ِم أ ْر ِ‬
‫__________‬
‫)قوله خلقا وخلقا( الأول بفتح المعجمة وسكون اللام والثانى بضمها أو بضم المعجمة وسكون اللام )قوله الجبلة( بكسر الجيم والموحدة‬
‫وتشديد اللام المفتوحة‪ :‬الخلقة‪ ،‬وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى والجبلة الأولين )قوله من غذائه( بكسر المخعجمة وبالذال المعجمة‪ :‬ما يغتذى به من‬
‫الطعام‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل(‬ ‫‪٢.٢.١‬‬

‫ك‬
‫ن عَلَى سُلُو ِ‬
‫الت ّقْو َى وَم َع ُونَة ُ ال ْب َد ِ‬ ‫خرَة ُ ب ِا ْل ُأ ْ‬
‫خرَوِ َي ّة ِ إذ َا قُصِ د َ بِهَا َ‬ ‫ل الآ ِ‬
‫حه ِ وَم َالِه ِ وَج َاهِه ِ‪ ،‬و َق َ ْد تلَْحَقْ هَذِه ِ الْخِصَا ُ‬
‫سكَنِه ِ وَمَنْكَ ِ‬
‫سه ِ وَم َ ْ‬
‫وَم َل ْب َ ِ‬
‫َاب ال َش ّرْع َِي ّة ِ م ِ َ‬
‫ن الد ِّي ِن‬ ‫خرَوِ َي ّة ُ فَسَائ ِر ُ الأخلاق العلمية و َالْآد ِ‬
‫َطرِ يقِه َا وَك َان َْت عَلَى حُد ُودِ ال َض ّر ُورَة ِ و َق َواعِدِ ال َش ّر يعَة ِ‪ ،‬و َأ َمّا المُكْتَسَب َة ُ الْأ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ْت و ُ‬
‫َالت ّؤَدَة ِ و َال ْو َقَارِ و َ‬
‫َالر ّحْمَة ِ‬ ‫شج َاعَة ِ و َالْحيََاء ِ و َالمُرُو َءة ِ و َ‬
‫َالصّ م ِ‬ ‫َالت ّوَاض ُِع و َالْع َ ْفوِ و َال ْع ِ َ ّفة ِ والْجُودِ و َال َ ّ‬ ‫َالصّ بْر ِ والشكر والعدل و ُ‬
‫َالز ّهْدِ و َ‬ ‫و َال ْعِلْم ِ و َالْحِلْم ِ و َ‬
‫َ‬
‫ن الْخُلُقِ‪.‬‬
‫س ُ‬ ‫هي َ َال ّتِي جِمَاعُه َا‪ُ :‬‬
‫ح ْ‬ ‫َب و َال ْمُع َاشَرَة ِ و َأَ خَواتِهَا و َ ِ‬
‫ن الْأَ د ِ‬
‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫و ُ‬
‫سبُهَا و َلـَك َِن ّه ُ ل َا ب ُ َ ّد أ ْن يَكُونَ ف ِيه ِ‬
‫س و َبَعْضُه ُ ْم ل َا نكون ف ِيه ِ فَيَكْت َ ِ‬ ‫ض َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل الْج ِبِلَ ّة ِ لِبَعْ ِ‬
‫ق م َا ه ُو َ فِي الْغَرِيزَة ِ و َأصْ ِ‬
‫و َق َ ْد يَكُونُ م ِنْ هَذِه ِ الْأَ خْلَا ِ‬
‫ك َنّهَا‬ ‫الل ّه ِ و َال َد ّار ُ الآ ِ‬
‫خرَة ُ و َلـ َ ِ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى و َتَكُونُ هَذِه ِ الْأَ خلَاقُ دُن ْيَوِ َي ّة ً إذ َا ل َ ْم ي ُر َ ْد بِهَا وَجْه ُ َ‬ ‫ل الْج ِبِلَ ّة ِ ُ‬
‫شعْب َة ٌ كَمَا سَنُبَي ِّن ُه ُ ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫م ِنْ أصُولِهَا فِي أَ صْ ِ‬
‫سنِهَا و َتَفْضِ يلِه َا‪.‬‬
‫ح ْ‬
‫ِب ُ‬
‫ن اخْ تَلَف ُوا فِي م ُوج ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫سلِيمَة ِ و َِإ ِ‬ ‫اب ال ْعُق ُو ِ‬
‫صح َ ِ‬
‫ق أَ ْ‬
‫ل ب ِاتِّف َا ِ‬
‫ن و َفَضَائ ِ ُ‬
‫س ُ‬ ‫ك َُل ّه َا َ‬
‫محَا ِ‬

‫)ف َصْ لٌ(‬


‫ل عَصْرٍ‬ ‫ن َات ّفَق ْ‬
‫َت لَه ُ فِي ك ُ ّ ِ‬ ‫حدَة ٍ مِنْهَا أَ وِ اث ْنَتَيْنِ ِإ ِ‬ ‫حد َ م َِن ّا يَت َش َ َرّ ُ‬
‫ف ب ِوَا ِ‬ ‫ل م َا ذَكَر ْن َاه ُ وَر َأَ ي ْنَا ال ْوَا ِ‬
‫ل و َالْجلََا ِ‬
‫كمَا ِ‬
‫ل ال ْـ َ‬
‫خصَا ُ‬
‫ل الْق َاض ِي إذ َا ك َان َْت ِ‬
‫قَا َ‬
‫ل أَ ْو ق َُو ّة ٍ أ ْو عِلْم ِ أَ ْو ِ‬
‫حلْم ٍ أو شجاعة‬ ‫ِإ َمّا م ِنْ نَس ٍ‬
‫َب أَ ْو جَمَا ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله جماعها( في الصحاح جماع الشئ بالـكسر جمعه يقال جماع الخبا الأخبية )قوله في الغريزة( بفتح الغين المعجمة وكسر الراء بعدها‬
‫مثناة تحتية فزاى‪ :‬أي الطبيعة )قوله شعبة( بضم الشين المعجمة وسكون العين المهملة‪ :‬أي فرقة وقطعة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل رِمَمٌ‬
‫وب أَ ث َرَة ٌ وَعَظَم َة ٌ و َه ُو َ مُنْذ ُ عُصُو ٍر خَوَا ٍ‬
‫ك فِي الْق ُل ُ ِ‬ ‫ل و َيَتَق ََر ّر َ لَه ُ ب ِال ْو َصْ ِ‬
‫ف بِذ َل ِ َ‬ ‫أَ ْو سَمَاحَة ٍ ح ََت ّى يَعْظُم َ ق َ ْدرُه ُ و َيُضْر َبَ ب ِاسْمِه ِ الْأَ مثَا ُ‬

‫ْب وَل َا حِيلَة ٍ‬


‫كس ٍ‬
‫ل بِ َ‬ ‫ل ِإلَى م َا ل َا ي َأَ خُذُه ُ ع َ ّد ٌ وَل َا يُع َب ّر ُ عَن ْه ُ مَق َا ٌ‬
‫ل وَل َا يُنَا ُ‬ ‫َت ف ِيه ِ ك ُ ُ ّ‬
‫ل هَذِه ِ الْخِصَا ِ‬ ‫ن اجْ تَمَع ْ‬
‫ِيم ق َ ْدرِ م َ ِ‬ ‫ل فَمَا ظ َُن ّ َ‬
‫ك بِعَظ ِ‬ ‫بَوَا ٍ‬

‫شف َاعَة ِ‬ ‫ْب و َال ُد ّنُوِ ّ و َال ْوَح ِْي و َال َ ّ‬ ‫الن ّب َُو ّة ِ و َالر ِ ّسَالَة ِ و َالْخلَ ُ ّة ِ و َال ْمَح ََب ّة ِ و َالاصْ طِف َاء ِ و َال ِْإسْر َاء ِ و ُ‬
‫َالر ّ ْؤ يَة ِ و َالْقُر ِ‬ ‫ل م ِنْ ف َضِ يلَة ِ ُ‬ ‫ِإ َلّا بِتَخ ْصِ ي ِ‬
‫ص ال ْـكَب ِير ِ ال ْمُتَع َا ِ‬
‫َالصّ لَاة ِ ب ِالْأَ ن ْب ِيَاء ِ و َال َش ّه َادَة ِ بَيْنَ‬
‫ْث ِإلَى الْأَ حْمَرِ و َالْأَ سْ وَدِ و َ‬ ‫اج و َال ْبَع ِ‬
‫ق و َالْمِعْر َ ِ‬ ‫الر ّف ِيعَة ِ و َال ْمَق َا ِم ال ْم َحْ م ُودِ و َال ْبُر َا ِ‬‫و َال ْوَسِيلَة ِ و َالْف َضِ يلَة ِ و َال َد ّرَجَة ِ َ‬

‫طاعَة ِ ث َُم ّ و َالْأَ م َانَة ِ و َال ْهِد َايَة ِ وَرَحْمة ٍ للْع َالم َي ِنَ‬ ‫الْأَ ن ْب ِيَاء ِ و َا ْل ُأم َ ِم وَسِيَادَة ِ وَلَد ِ آدَم َ و َل ِوَاء ِ ا ْلحم َْدِ و َال ْبِشَارَة ِ و َالنِّذ َارَة ِ و َال ْمَك َانَة ِ عِنْد َ ذِي ال ْعَر ْ ِ‬
‫ش و َال َ ّ‬

‫الإصْر ِ وَر َف ِْع الذِّكْر ِ وَع َ ِّزة ِ‬ ‫خر َ و َشَر ِ‬ ‫ل و َال ْـكَو ْثَر ِ وَسَم َ ِ‬ ‫و َإ ْعطَاء ِ الر ِّض َى وال ُ ّ‬
‫الصّ ْدرِ وَو َضْ ِع ِ‬
‫ْح َ‬ ‫ل و َِإتمَا ِم النِّعْمَة ِ و َالْع َ ْفوِ ع ََم ّا تَق َ َ ّدم َ وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫اع الْقَو ْ ِ‬ ‫سؤ ْ ِ‬

‫سب ِْع‬‫كمَة ِ وال َ ّ‬ ‫اب و َالْح ِ ْ‬ ‫سكِينَة ِ و َ‬


‫َالت ّأْ ييِدِ ب ِال ْمَلَائِكَة ِ وإيناء الْكِت َ ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬ ‫َ‬
‫الن ّصْر ِ و َن ُز ُو ِ‬
‫__________‬
‫)قوله رمم( الرمم‪ :‬جمع رمة وهى العظام البالية )قوله والوسيلة( هي في الأصل ما يُت َوصّل ب ِه إلى الشئ‪ ،‬قيل هي هنا الشفاعة وقيل‬
‫ِف إلى الحساب‪ ،‬وقيل إعطاؤه لواء الحمد‪،‬‬
‫ن ال ْمَو ْق ِ‬
‫س مِ َ‬ ‫منزلة من منازل الجنة )قوله والمقام المحمود( قيل الشفاعة العظمى في إراحة َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫وقيل إخراجه طائفة م ِن َ‬
‫الن ّار‪ ،‬و َق ِيل أن يكون أقرب من جبر يل )قوله ووضع الإصر( في الصحاح‪ :‬الإصر‪ :‬العهد والذنب والثقل‪،‬‬
‫ل فِي قَو ْلِه ِ عليه السلام ونزلت عليهم‬
‫والأغلال أي المواثيق اللازمة لزوم الغل للعنق )قوله ونزول السكينة هي فعيلة من السكون ق ِي َ‬
‫السكينة وهى الرحمة وقيل الطمأنينة والوقار وقيل ما يسكن به = )*(‬
‫الل ّه ِ تَع َالَى و َال ْمَلَائِكَة ِ و َالْح ُ ْكم ِ بَيْنَ َ‬ ‫ِ‬
‫ل‬
‫الل ّه ُ وَو َضْ ع ال ِْإصْر ِ و َالْأَ غ ْلَا ِ‬ ‫س بِمَا أَ ر َاه ُ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫الل ّه ِ وَصَلَاة ِ َ‬ ‫ِيم و َتَزْكِيَه ِ ا ْل ُأ َمّة ِ وال ُد ّعَاء ِإلَى َ‬
‫ن الْعَظ ِ‬ ‫ال ْمَثَانِي و َالْقُر ْآ ِ‬

‫ق‬‫ل و َان ْ ِشق َا ِ‬ ‫م و َنَب ِْع ال ْمَاء ِ م ِنْ بَيْنَ أَ صَاب ِعِه ِ و َتَكْث ِير ِ الْق َلِي ِ‬ ‫َات و َال ْع ُجْ ِم و َإحْ يَاء ِ ال ْمَو ْتَى و َإسْم َ ِ‬
‫اع ال ُص ّ ِ ّ‬ ‫عَنْه ُ ْم و َالْق َس َ ِم ب ِاسْمِه ِ و َِإج َابَة ِ دَعْوَتِه ِ و َتَكْل ِِيم الجم ََاد ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ِيح الْحَص َى و َإب ْر َاء ِ الآلا ِم و َالع ِصْ مَة ِ م ِ َ‬ ‫ل الْغَم َا ِم و َتَسْب ِ‬ ‫ْب وَظِ ّ ِ‬ ‫اع عَلَى الْغَي ِ‬ ‫ْب و َالاطّ ِل َ ِ‬ ‫َالن ّصْر ِ ب ُ‬
‫ِالر ّع ِ‬ ‫نو َ‬ ‫ْب الْأَ عْيَا ِ‬ ‫س و َقَل ِ‬‫ش ْم ِ‬ ‫الْقَمَرِ وَرَدِّ ال َ ّ‬
‫َات‬
‫ل الـْك َرَامَة ِ وَدَرَج ِ‬ ‫ُضلُه ُبِه ِ ل َا ِإلَه َغَي ْرُه ُ ِإلَى م َا أَ ع َ ّد لَه ُفِي ال َد ّارِ الآ ِ‬
‫خرَة ِ م ِنْ م َنَازِ ِ‬ ‫ك وَمُف ِّ‬
‫ِيط بعلمه إلا ما نحه ذَل ِ َ‬
‫يح ُ‬‫ل وَل َا ُ‬
‫مح ْتَف ِ ٌ‬
‫إلى مالا بحو يه ُ‬
‫كه َا ال ْوَهْم ُ‪.‬‬
‫ل و َيَحَار ُ د ُونَ إدْرا ِ‬
‫ِف د ُونَهَا ال ْعُق ُو ُ‬ ‫س وَم َرَات ِِب ال َ ّ‬
‫سع َادَة ِ و َالْحُسْن َى و َالز ّيادَة ِ التي تَق ُ‬ ‫الْق ُ ْد ِ‬
‫)ف َصْ لٌ(‬
‫مح ًَل ّا و َأَ كْ مَلُه ُ ْم محاسن‬
‫س ق َ ْدر ًا و َأَ ْعظَمُه ُ ْم َ‬ ‫س َل ّم َ أَ ع ْلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫خف َاء َ عَلَى القَط ِْع ب ِا ْلجم ُْلَة ِ َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ ل َا َ‬
‫ك َ‬ ‫ِإ ْن قلُ ْتَ أَ ك ْرَم َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫__________‬
‫= الإنسان‪ ،‬وفى أنوار التنز يل في قوله تعالى )فيه سكينة من ربكم( أي ما تسكنون إليه وهو التوراة وقيل صورة من زبرجد أو ياقوت‬
‫لها رأس وذنب كرأس الهرة وذنبها وجناحان بأن تنزف الياقوت أي تسرع نحو العدو وهم يتبعونه فإذا ثبت ثبتوا وحصل النصر وقيل‬
‫صور الأنبياء من آدم إلى محمد عليه السلام‪ ،‬وقيل التابوت القلب والسكينة ما فيه من العلوم والإخلاص‪ ،‬وإيتائه مصر قلبهم مقر العلم‬
‫بعد إن لَم يَكُن‪ ،‬وفى الـكشاف وَع َنْ عَل ِ ٍيّ رَضِي َ الل ّٰه عنه كان لها وجه كوجه الإنسان وفيها ريح هفافة )قوله الجمادات( جمع جماد وهو‬

‫ما ليس بحيوان‪ ،‬واعجم بضم العين المهملة جمع أعجم وهو من ل َا ي َ ْقدِر ُ عَلَى الكلام أصلا‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ تَفْصِ يل ًا * فَاع ْل َ ْم‬ ‫ش َو ّقَنِي ِإلَى أ ْن أَ ق َِف عَلَيْهَا م ِنْ أَ ْوصَافِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل مَذْه َبًا جَميل ًا َ‬
‫كمَا ِ‬
‫ل ال ْـ َ‬
‫خصَا ِ‬
‫ل ِ‬
‫و َف َضْ ل ًا و َق َ ْد ذ َهَب ْتَ فِي تَف َاصِي ِ‬
‫هي َ غَي ْر ُ مُكْتَسَبَة ٍ و َفِي جِبِلَ ّة ِ الخِلْقَة ِ‬
‫ل َال ّتي ِ‬
‫كمَا ِ‬
‫ل ال ْـ َ‬
‫خصَا ِ‬ ‫ك أَ َن ّ َ‬
‫ك ِإذ َا نَظَر ْتَ ِإلَى ِ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ الـْكَر ِي ِم حُب ِ ّي وَح َُب ّ َ‬
‫َف فِي هَذ َا َ‬
‫ك وَضَاع َ‬ ‫ن َو ّر َ َ‬
‫الل ّه ُ قَلْبِي و َقَل ْب َ َ‬

‫ك بَلْ ق َ ْد بلَ َ َغ بَعْضُه َا مَب ْل َ َغ الْقَط ِْع‪ ،‬أ َمّا‬


‫ِلاف بَيْنَ نَق َلَة ِ الْأَ خبَارِ لِذَل ِ َ‬
‫سنِهَا د ُونَ خ ٍ‬
‫محَا ِ‬
‫ات َ‬ ‫س َل ّم َ ح َائِز ًا ِلجم َِيعِه َا ُ‬
‫مح ِيطًا بِش َت َ ِ‬ ‫وَجَدْتَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ت الْآثار ُ َ‬
‫الصّ حِيح َة ُ‬ ‫سنِهَا فَق َ ْد ج َاء َ ِ‬
‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫الصّ ورَة ُ وجمالها تناسب أَ ْعضَائِه ِ فِي ُ‬
‫س ب ْ ِن م َال ِكٍ و َأَ بِي ه ُر َي ْرَة َ و َالبَر َاء ِ ب ْ ِن عَاز ٍ‬
‫ِب و َعَائِش َة َ ُأ ِمّ ال ْمُؤْم ِنينَ و َاب ْ ِن أَ بِي ه َالَة َ‬ ‫ِيث عَل ِ ٍيّ و َأَ ن َ ِ‬
‫ك م ِنْ حَد ِ‬
‫و َال ْمَشْه ُورَة ُ ال ْـكَث ِيرَة ُ بِذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وأبى هريرة( اسمه عبد الرحمن بن صخر على الأصح وفى اسمه نحو من ثلاثين قولا‪ ،‬فإن قيل هريرة في أبى هريرة العلم غير منصرف‬
‫وليس فيه إلا التأنيث وهو مشروط بكون مدخوله علما وهريرة ليس بعلم وإنما العلم أبو هريرة‪ :‬أجيب بأن الجزء الأخير من العلم‬
‫الإضافى ينزل منزلة كلمة و يجرى عليه أحكام الأعلام فهريرة في أبى هريرة العلم غير منصرف وإن كان في غيره منصرفا )قوله و َاب ْ ِن‬
‫أَ بِي ه َالَة َ( هو هند ولد أم المؤمنين خديجة‪ ،‬قال السهيلي‪ :‬كانت خديجة قبل رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم عند أبى هالة وهو هند بن‬
‫زرارة وكانت قبل أبى هالة عند عتيق بن عائد ولدت له عبد مناف بن عتيق كذا قال ابن أبي خيثمة وقال الزبير ولدت لعتيق جار ية‬
‫سب ْع ِينَ ألفا فشغل‬
‫نح ْو ٌ م ِنْ َ‬
‫اسمها هند‪ ،‬وولدت لأبى هالة ابنا اسمه هند أيضا مات بالطاعون ‪ -‬طاعون البصرة ‪ -‬وقد مات في ذلك اليوم َ‬
‫الناس جنائزهم عن جنازته فلم يوجد من يحملها فصاحت نادبته واهند بن هنداه واربيب رسول الل ّٰه فلم يبق جنازة إلا تركت وحملت‬
‫جنازته على أطراف الأصابع‪ ،‬ذكره الدولابى‪.‬‬
‫ولخديجة من أبى هالة ابنان آخران أحدهما الطاهر والآخر هالة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ِ‬ ‫ِيب و َأَ بِي ال ُ ّ‬ ‫و َأَ بِي جُ حَيْف َة َ وَج َابِر ِ ب ْ ِن سَم ُرَة َ و َ ُأ ِمّ مَعْبَدٍ و َاب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫حز َا ٍم‬ ‫ل و َال ْع َ َ ّداء ب ْ ِن خ َالِدٍ وَخُر َ ْي ِم ب ْ ِن فَات ِكٍ وَحَك ِ‬
‫ِيم ب ْ ِن ِ‬ ‫طفَي ْ ِ‬ ‫ض ب ْ ِن مُعَيْق ٍ‬
‫س وَمُع َرِ ّ ِ‬

‫ج مُد َ َ ّور َ ال ْوَجْه ِ‬‫ج أَ ز ََجّ أَ ق ْن َى أَ فْل َ َ‬


‫ل أهْد َبَ الْأَ شْ ف َارِ أَ بْل َ َ‬
‫ن أدعج أبحل أشْ ك َ َ‬ ‫س َل ّم َ ك َانَ أَ زْه َر َ‬
‫َالل ّو ْ ِ‬ ‫الل ّه ُ عَنْه ُ ْم م ِنْ َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َغَيْرِه ِ ْم رَضِيَ َ‬
‫واسع‬
‫__________‬
‫س َل ّم َ حين‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫)قوله وأبى جحيفة( بضم الجيم وفتح الحاء المهملة )قوله وأم معبد( اسمها عاتكة وهى التى نزل عَلَيْهَا رَسُو ُ‬
‫ِيب( معرض بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد الراء المكسورة‬
‫ض ب ْ ِن مُعَيْق ٍ‬
‫هاجر إلى المدينة )قوله وَمُع َرِ ّ ِ‬
‫وبالضاد المعجمة‪ ،‬ومعيقيب بباء موحدة في آخره كذا بخط الذهبي )قوله وأبى الطفيل( اسمه عامر بن واثلة آخر من مات من الصحابة‬
‫في الدنيا )قوله والعداء( بفتح العين وتشديد الدال المهملتين وبالمد )قوله وخريم بن فاتك( خريم بضم المعجمة ثم براء مفتوحة ثم مثناة‬
‫تحتية ساكنة‪ ،‬وفانك بالفاء والمثناة الفوقية المكسورة والكاف )قوله وحكيم بن حزام( حكيم بفتح المهملة وكسر الكاف وحزام بكسر‬
‫المهملة وبالزاى‪ ،‬ولدا في الـكعبة على الأشهر‪ ،‬وفى مستدرك الحاكم أن على بن أبى طالب ولد أيضا في داخل الـكعبة )قوله أزهر اللون(‬
‫قيل نيره وقيل حسنه ومنه )زهرة الحياة الدنيا( وهو زينتها وهذا كما جاء في الحديث الآخر ليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم والأمهق‪:‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الناصع البياض‪ ،‬والآدم الأسمر )قوله أدعج( الدعج شدة سواد الحدقة )قوله أنجل( بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الجيم أي ذو نجل‬
‫بفتحتين وهو سعة شق العين )قوله أشكل( بفتح الهمزة وسكون المعجمة من الشكلة بضم المعجمة وسكون الكاف وهى حمرة في‬
‫بياض العين كالشهلة في سوادها )قوله أهدب الأشفار( في الصحاح الأهدب الرجل الـكبير أشفار العين وهى حروف الأجفان التى‬
‫ينبت عليها الشعر وهو الهدب )قوله أبلج( بالهمزة المفتوحة والموحدة الساكنة واللام المفتوحة والجيم أي مشرق وفى الصحاح عن أبى‬
‫عبيدة في حديث أم سعيد أبلج الوجه أي مشرقه ولم ترد بلج الحاجب لأنها وصفته بالقرن )قوله أزج( أي مقوس الحاجب مع طول‬
‫وامتداد )قوله أقى( أي محدوب الأنف )قوله أفلج( من الفلج بفتحتين وهو تباعد ما بين الثنايا‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل ر َحْ بَ‬
‫ضد َي ْ ِن و َالذِّر َاعَيْنِ و َالْأَ سَاف ِ ِ‬
‫ل الع َ ُ‬ ‫َالصّ ْدرِ و َاسِـ َع َ‬
‫الصّ ْدرِ عَظ ِيم َالْمنِْكَبَيْنِ ضَ خْم َ ال ْعِظَا ِم عَب ْ َ‬ ‫نو َ‬ ‫َث ال ّلِح ْيَة ِ تَم ْل َ ُأ َ‬
‫ص ْدرَه ُ سَوَاء َ ال ْب َ ْط ِ‬ ‫الْجبَِينِ ك َ ّ‬
‫ك فَل َ ْم يَكُنْ‬
‫ل ال ْبَائ ِ ِن وَل َا الْق َصِ ير ِ ال ْم ُتَرَدِّدِ وَم َ َع ذَل ِ َ‬ ‫ْس ب ِال َ ّ‬
‫طو ِ ي ِ‬ ‫اف أَ ن ْوَر َ ال ْمُتَج ََر ّدِ د َق ِي َ‬
‫ق ال ْمَسْر ُبَة ِ ر َب ْع َة َ الْق َ ّدِ لَي َ‬ ‫ك َ ّفيْنِ و َالْقَدَم َيْنِ سَائ ِ َ‬
‫ل الْأَ طْ ر َ ِ‬ ‫الـ َ‬
‫َب الْغَم َا ِم‪،‬‬
‫ل ح ِّ‬
‫ق وَع َنْ مِث ْ ِ‬
‫ل سَنَا ال ْبَرْ ِ‬
‫حك ًا اف ْتَر ّ ع َنْ مِث ْ ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شعْرِ ِإذ َا اف ْتَر ّ ضَا ِ‬ ‫س َل ّم َ ر َ ِ‬
‫ج َ‬ ‫ل ِإ َلّا طاله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫يُمَاشِيه ِ أحَدٌ يُنْسَبُ إلى ال ُ ّ‬
‫طو ِ‬
‫ن ضَرْبَ ال َ ّلحْمِ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل البَر َاء ُ م َا رأيت‬ ‫ك ال ْبَد َ ِ‬ ‫ْس بِمُطَ َهّ ٍم وَل َا مُك َل ْث َ ٍم م ُتَم َا ِ‬
‫س َ‬ ‫س ع ُنُق ًا لَي َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ج م ِنْ ثَنَاي َاه ُ‪ ،‬أَ حْ سَ َ‬ ‫إذا تكلم رئ ك َُالن ّورِ َ‬
‫يخ ْر ُ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله سواء البطن( السواء بفتح المهملة والمد‪ :‬المستوى )قوله عبل العضدين( العبل بفتح المهملة وسكون الموحدة‪ :‬الضخم )قوله‬
‫ل‬
‫ي َطوِ ي ُ‬
‫اف( أَ ْ‬
‫والأسافل( أي الفخذين والساقين )قوله رحب الـكفين( بفتح الراء وسكون المهملة أي واسعها )قوله سائل الْأَ طْ ر َ ِ‬
‫الأصابع )قوله أنور المتجرد( بالجيم والراء المشددة المتفوحتين أي ما تجرد عند الثياب من البدن )قوله المسربة( بفتح الميم وسكون‬
‫الصّ ْدرِ و َال ُس ّ َرّة ِ )قوله رجل الشعر( بفتح الراء وكسر الجيم وفتحها‪ ،‬في الصحاح‬
‫شعَرِ ال َ ّذ ِي بَيْنَ َ‬
‫خي ُْط ال َ ّ‬
‫المهملة وضم الراء وفتح الموحدة‪َ :‬‬
‫شعر رجل إذ َا لَم يَكُن شديد الجعود ولا سبطا )قوله ِإذ َا اف ْتَر ّ ضَا ِ‬
‫حك ًا( أي إذا بدا أسنانه حالة أنه ضاحك )قوله حب الغمام( هو البرد‬
‫)قوله ليس بمطهم( هو بضم الميم وبالظاء المهملة والهاء المشددة المفتوحتين المنتفخ الوجه وقيل الفاحش السمن )قوله ولا بمكلثم( هو‬
‫بالمثلثة المفتوحة‪ :‬القصير الحنك الدائى الجبهة المستدبر الوجه‪ ،‬أراد أنه كان أسيل الوجه ولم يكن مستديره قاله ابن الأثير )قوله متماسك‬
‫البدن( أي يمسك بعضه بعضا )قوله ضرب اللحم( بفتح الضاد المعجمة وسكون الراء‪ ،‬قال الخليل الضرب من الرجال‪ :‬القليل اللحم‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما نظافة جسمه وطيب ر يحه وعرقه ونزاهته عن الأقذار وعورات الجسد‬ ‫‪٢.٢.٢‬‬

‫ل‬
‫ن م ِنْ رَسُو ِ‬
‫شي ْئًا أَ حْ سَ َ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وقال أبو هريرة رضي الل ّٰه عنه ما ر َأَ ي ْتُ َ‬ ‫م ِنْ ذِي ل َم ِ ّة ٍ فِي حُلَ ّة ٍ حَم ْرَاء َ أَ حْ سَ َ‬
‫ن م ِنْ رَسُو ِ‬

‫ل لَه ُ رَجُلٌ‪ :‬ك َانَ و َجْ ه ُه ُ صَلَ ّى‬


‫ن سَم ُرَة َ و َقَا َ‬ ‫لأل ُأ فِي الْجُدُرِ و َقَا َ‬
‫ل ج َاب ِر ُ ب ْ ُ‬ ‫ك يَت َ ْ‬
‫تجْرِي فِي و َجْ هِه ِ و َِإذ َا ضَ ح ِ َ‬
‫ْس َ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شم َ‬ ‫س َل ّم َ ك َأَ َ ّ‬ ‫اللِّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ مِث ْ َ‬
‫ل‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫س م ِنْ بَع ِيدٍ و َأَ حْلَاه ُ و َأحْ سَن ُه ُ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫صفَت ْه ُ بِه ِ‪ :‬أَ جْم َ ُ‬ ‫ت ُأ ُمّ مَعْبَدٍ فِي بَعْ ِ‬
‫ض م َا و َ َ‬ ‫س و َالْقَمَرِ وَك َانَ مُسْتَدِير ًا و َقَال َ ْ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫ش ْم ِ‬ ‫ل ل َا بَلْ مِث ْ َ‬
‫ْف؟ فَق َا َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سي ِ‬

‫خر ِ و َصْ فِه ِ لَهُ‪ :‬م َنْ ر َآه ُ بِدِيه َة ً ه َابَه ُ‬ ‫ل عَلِيّ ٌ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ فِي آ ِ‬ ‫ن أَ بِي ه َالَة َ يَتَلألأ و َجْ ه ُه ُ تَلألُؤ َ الْقَمَرِ لَيْلَة َ ال ْب َ ْدرِ و َقَا َ‬
‫ِيث اب ْ ُ‬
‫ِيب و َفِي حَد ِ‬
‫م ِنْ قَر ٍ‬
‫س َل ّم َ‪ ،‬و َالْأح َادِيثُ فِي بَسْطِ ِ‬
‫صف َتِه ِ مَشْه ُورَة ٌ كَث ِيرَة ٌ فَلَا‬ ‫ل ن َاعِت ُه ُ ل َ ْم أَ ر َ قَبْلَه ُ وَل َا بَعْدَه ُ مِثْلَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وم َنْ خ َالَطَه ُ مَعْرِف َة ً أَ ح ََب ّه ُ يَق ُو ُ‬
‫ِيث‬
‫ل بِ حد ٍ‬
‫وب وَخَتَمْنَا هَذِه ِ الْفُصُو َ‬ ‫ل ب ِسَرْدِه َا و َقَدِ اخْ ت َصَرْن َا فِي و َصْ فِه ِ نُكَتَ م َا ج َاء َ ف ِيهَا وَجُم ْلَة ً م َِم ّا ف ِيه ِ ِ‬
‫كف َايَة ٌ فِي الْق َصْ دِ ِإلَى ال ْمَطْل ُ ِ‬ ‫نُطَوِ ّ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى‪.‬‬
‫ِف عَلَيْه ِ ه ُنَاك َ ِإ ْن شَاء َ َ‬
‫ك نَق ُ‬ ‫ج ٍ‬
‫َامع لِذَل ِ َ‬
‫ص ل َ ْم‬
‫ك بِ خَصَائ ِ ٍ‬ ‫َات الْجَسَدِ فَك َانَ ق َ ْد خ ََصّ ه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى فِي ذَل ِ َ‬ ‫ن الْأَ قْذ َارِ وَعَوْر ِ‬
‫سمِه ِ وَطِيبُ رِ يحِه ِ وَع َرَقِه ِ و َن َز َاه َت ُه ُ ع َ ِ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا نَظَاف َة ُ ِ‬
‫ج ْ‬
‫ل الْفِطْرَة ِ الْعَشْر ِ وقال‬ ‫خصَا ِ‬ ‫تُوج َ ْد فِي غَيْرِه ِ ث َُم ّ تَم ّمَه َا بنَِظَافَة ِ ال َش ّر ِْع و َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫__________‬
‫)قوله م ِنْ ذِي ل َم ِ ّة ٍ( اللمة بكسر واللام‪ :‬هي شعر الرأس دون الجمة وسميت به لأنها تلم بالمنكبين )قوله فِي حُلَ ّة ٍ حَم ْرَاءَ( الحلة ثوبان غير‬
‫لفيفين إزار ورداء )قوله في الجدر( بضم الجيم والدال‪ :‬جمع جدار وهو الحائط‪(*) ،‬‬
‫الر ّاز ُِيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو‬ ‫س َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْع ََب ّا ِ‬ ‫حدٍ قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ع ُم َر َ قَا َ‬ ‫ن الْع َاص ِي و َغَي ْر ُ و َا ِ‬ ‫الن ّظَافَة ِ * ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫سفْيَانُ ب ْ ُ‬ ‫ن عَلَى َ‬
‫بُنِي َ الد ِّي ُ‬

‫ل م َا شَمَمْتُ‬
‫س قَا َ‬
‫ن سُلَيْم َانَ ع َنْ ث َاب ٍِت ع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا قُتَي ْب َة ُ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫جعْف َر ُ ب ْ ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬
‫سل ِم ٌ قَا َ‬ ‫سفْيَانَ قَا َ‬
‫ن ُ‬ ‫أحْمَد َ الْجلُُود ُِيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬

‫ح خ َ َ ّده ُ‬
‫س َل ّم َ مَسَ َ‬ ‫س َل ّم َ * وَع َنْ ج َابِر ِ ب ْ ِن سَم ُرَة َ َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫شي ْئًا أَ طْ ي َبَ م ِنْ ر ِِيح رَسُو ِ‬ ‫عَن ْبَر ًا ق ُ َّط وَل َا م ِ ْ‬
‫سك ًا وَل َا َ‬
‫ل ف َوَجَدْتُ لِيَدِه ِ بَرْد ًا‬
‫قَا َ‬
‫س‬
‫ض ُع يَدَه ُ عَلَى ر َأْ ِ‬
‫يجِد ُ رِ يحَه َا و َي َ َ‬ ‫ِيب أَ ْم ل َ ْم يَم َس ّه َا يُصَافِح ُ ال ْمُصَافِح َ فَيَظَ ُ ّ‬
‫ل يَوْم َه ُ َ‬ ‫ل غَي ْرُه ُ م َ َس ّه َا بِط ٍ‬ ‫جؤ ْنَة ِ ع َ َ ّ‬
‫طا ٍر قَا َ‬ ‫جه َا م ِنْ ُ‬ ‫وَرِ يحًا ك َأَ َن ّمَا أَ ْ‬
‫خر َ َ‬
‫الل ّه ِ صلى الل ّٰه عليه‬
‫ل َ‬ ‫ن بِر ِيحِه َا و َن َام َ رَسُو ُ‬
‫الصب ْيَا ِ‬ ‫َ‬
‫الصّ ب ِ ِيّ فَيُعْر َُف م ِنْ بَيْنِ ِّ‬
‫__________‬
‫ن عَلَى النظافة( قال الحافظ زين الدين العراقى لم أجده هكذا بل في الضعفاء لابن حبان من حديث عائشة تنظفوا فإن‬ ‫)قوله بُنِي َ الد ِّي ُ‬
‫ن ال ْع َاص ِي( بن‬
‫سفْيَانُ ب ْ ُ‬
‫الإسلام نظيف‪ ،‬وللطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث ابن مسعود‪ :‬النظافة تدعو إلى الإسلام )قوله ُ‬
‫سفْيَانُ بن عيسى الأسدى أبو بحر أصله من بلنسية ثم سكن تلمسان ث ُم ّ رَجَع ِإلَى قرطبة فرأس بها )قوله الجلودى(‬
‫أحمد بن العاصى بن ُ‬
‫هو بضم الجيم بِلَا خِلَاف قَال أبو سعيد السمعائى منسوب إلى الجلود جمع جلد وقال أبو عمرو بن الصلاح إلى سكة الجلود من نيسابور‬
‫جؤ ْنَة ِ‬
‫)قوله ما شممت( هو بكسر الميم في الماضي على الأفصح وفتحها في المضارع‪ ،‬لا بفتحها في الماضي وضمها في المضارع )قوله م ِنْ ُ‬
‫عَ َ ّ‬
‫طارٍ( الجؤنة بضم الجيم وسكون الهمزة وقد تسهل سقط مغشى بجلد يجعل فيه العطار طيبه )قوله فيظل( ظللت أفعل كذا بكسر‬
‫اللام أظل بفتحها‪ ،‬ونقل حركتها إلى الظاء إذا فعلته نهارا وقد تكون ظل بمعنى دام‪.‬‬
‫نج ْعَلُه ُ فِي طِيب ِنَا‬
‫ت َ‬ ‫ك فَق َال َ ْ‬ ‫س َل ّم َ ع َنْ ذَل ِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت ُأ ُمّه ُ بِق َار ُورَة ٍ تَجْم َ ُع ف ِيهَا ع َرَق َه ُ فَسَأَ لَهَا رَسُو ُ‬ ‫س فَعَرِقَ فَجَاء َ ْ‬ ‫س َل ّم َ فِي د َارِ أَ ن َ ٍ‬
‫وَ َ‬

‫ف‬ ‫ِيب وَذَك َر َ ال ْب ُخ َار ُِيّ فِي ت َارِ يخِه ِ ال ْـكَب ِير ِ ع َنْ ج َابِر ٍ ل َ ْم يكن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم يمر في طر يق فَيَت ْب َع ُه ُ أَ حَدٌ ِإ َلّا ع َرَ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫و َه ُو َ م ِنْ أَ طْ ي َِب ال ّ‬

‫س َل ّم َ وَرَو َى ال ْم ُزَن ِ ُيّ و َالْحَر ْب ِ ُيّ ع َنْ ج َابِر ٍ أَ ْرد َفَنِي‬ ‫ِيب صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك ك َان َْت ر َائِ حَت َه ُ بِلَا ط ٍ‬ ‫ن تِل ْ َ‬‫ن ر َاه َو َيْه ِ أَ َ ّ‬
‫أَ َن ّه ُ سَلـَك َه ُ م ِنْ طِيبِه ِ وَذَك َر َِإ ْسحَاقُ ب ْ ُ‬

‫سك ًا و َق َ ْد‬ ‫س َل ّم َ خ َلْف َه ُ فَال ْتَقَمْتُ خ َات َم َ ُ‬


‫الن ّب َُو ّة ِ بِفَمِي فَك َانَ ينم عَل َيّ م ِ ْ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫َت‬
‫َت غَائِطَه ُ و َبَو ْلَه ُ و َفَاح ْ‬
‫ْض فَاب ْتَلَع ْ‬ ‫ط انْش َ َ ّق ِ‬
‫ت الْأَ ر ُ‬ ‫س َل ّم َ َأن ّه ُ ك َانَ ِإذ َا أَ ر َاد َ أَ ْن يَت َغ َ َو ّ َ‬ ‫ْض ال ْمُعْتَنِينَ ب ِأَ خْ بَارِه ِ وَشَمَائلَِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ح َك َى بَع ُ‬
‫ت ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى‬
‫الل ّه عَنْهَا أَ َ ّنهَا قَال َ ْ‬
‫ِي فِي هَذ َا خ َبَر ًا ع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫سعْدٍ ك َات ِبُ ال ْوَاقِد ّ ِ‬ ‫س َل ّم َ و َأَ سْ نَد َ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ك ر َائِ ح َة ٌ طَي ِّب َة ٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫لِذَل ِ َ‬
‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ‬
‫ج مِ َ‬
‫يخ ْر ُ ُ‬
‫ْض تَب ْتَلـِ ـ ُع م َا َ‬ ‫ْت أَ َ ّ‬
‫ن الْأَ ر َ‬ ‫ل ي َا عَائِش َة ُ أَ و َ م َا عَلِم ِ‬
‫ن الْأَ ذ َى فَق َا َ‬
‫شي ْئًا م ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َن ّ َ‬
‫ك ت َأْ تِي الْخلََاء َ فَلَا ن َر َى مِن ْ َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫فَلَا ي ُر َى مِن ْه ُ شئ؟ وهذا‬
‫__________‬
‫)قوله فجاءت أمه( أي أم أنس وهى أم سليم واسمها سهلة وقيل رميلة وقيل أنيسة وقيل بليلة وقيل الرميصا وقيل الغميصا وأم سليم‬
‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى‬
‫هذه وأخنها أم ملحان خالتا النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من جهة الرضاع )قوله بقارورة( إناء من زجاج )قوله ع َنْ ج َابِر ٍ أَ ْرد َفَنِي َ‬
‫س َل ّم َ( ع ُ ْد بعضهم من أردفه النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم على فرس أو غيره فبلغ بهم نيفا وأربعين )قوله فكان ينم( هو بكسر‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫النون يقال نمت الريح إذا جلبت الرائحة‪ ،‬وفى بعض النسخ يثج بالمثلثة المكسورة والجيم أي يسيل‪.‬‬
‫)*(‬
‫اب ال َ ّ‬
‫شافِع ِ ِيّ‬ ‫صح َ ِ‬
‫ض أَ ْ‬ ‫س َل ّم َ و َه ُو َ قَو ْ ُ‬
‫ل بَعْ ِ‬ ‫ل ال ْعِلْم ِ بِطَه َارَة ِ هَذ َي ْ ِن الْحَد َثَيْنِ مِن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ا ْلخـَب َر ُ و َِإ ْن ل َ ْم يَكُنْ مَشْه ُور ًا فَق َ ْد قَا َ‬
‫ل قَوْم ٌ م ِنْ أَ ه ْ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ِيع فِي فُر ِ‬


‫ُوع‬ ‫ق ال ْمَالـِكِ ُيّ فِي ك ِتَابِه ِ ال ْبَد ِ‬
‫ن سَاب ِ ٍ‬ ‫ن ال ْع ُلَمَاء ِ فِي ذَل ِ َ‬
‫ك أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬ ‫الصّ َب ّ ِ‬
‫اغ فِي شَام ِلِه ِ و َق َ ْد ح َك َى الْقَو ْليَْنِ ع َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫حَك َاه ُ ال ِْإم َام ُ أَ بُو نَصْر ِ ب ْ ُ‬
‫شاف ِع َِي ّة ِ وَشَاهِد ُ هَذ َا أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم لم يكن منه شئ يُك ْرَه ُ وَل َا غَي ْر ُ‬ ‫تخْرِيج م َا ل َ ْم يَق َعْ لَه ُ ْم مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِه ِ ْم م ِنْ تَف َارِ ِ‬
‫يع ال َ ّ‬ ‫ال ْمَالـِك َِي ّة ِ و َ َ ِ‬
‫شي ْئًا فَق ُل ْتُ طِب ْتَ‬ ‫س َل ّم َ فَذ َهَب ْتُ أَ نْظ ُر ُ م َا يَكُونُ م ِ َ‬
‫ن ال ْمَي ّ ِِت فَل َ ْم أَ ج َ ْد َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سل ْتُ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ غ َ َ ّ‬
‫طَي ّ ٍِب * وَمِن ْه ُ حَدِيثُ عَل ِ ٍيّ رَضِي َ َ‬

‫الل ّه عليه وسلم بعد موته‬ ‫نج ِ ْد مِثْلَه َا ق ُ ِّط ومثله قال أبو بكر رضي َ‬
‫الل ّه عنه حين قبل النبي صلى َ‬ ‫َت مِن ْه ُ رِيح ٌ طَي ِّب َة ٌ ل َ ْم َ‬
‫سطَع ْ‬ ‫ح ًَي ّا وَم َي ِّتًا قَا َ‬
‫ل وَ َ‬

‫ن دَم َه ُ يَوْم َ ُأحُدٍ وَم َُصّ ه ُ ِإ َي ّاه ُ و َت َ ْسوِ يغ ُه ُ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ك ب ْ ِن سِنَا ٍ‬ ‫* ومنه شُرْبُ م َال ِ ِ‬
‫ل لَه ُ ْم‬
‫س وَو َي ْ ٌ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ك مِ َ‬
‫ل لَ َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ و َي ْ ٌ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن ُ‬
‫الز ّبَيْر ِ دَم َ ِحج َام َتِه ِ فَق َا َ‬ ‫الن ّار ُ‪ ،‬وَمِثْلُه ُشُرْبُ عَبْدِ َ‬ ‫ك لَه ُ و َقَو ْلُه ُلَه ُلَنْ تُصِ يب َه ُ َ‬‫س َل ّم َ ذَل ِ َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ك‬‫مِن ْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وسطعت( أي ارتفعت )قوله قط( هو توكيد لنفى الماضي وفيه لغات فتح القاف وضمها مع تشديد الطاء المضمومة‪ ،‬وفتح القاف‬
‫ك بن سنان( هو أبو سعيد‬
‫وتشديد الطاء المكسورة‪ ،‬وفتح القاف وإسكان الطاء وفتح القاف وكسر الطاء المخففة )قوله ومنه شُرْبُ م َال ِ ِ‬
‫الل ّه ِ ب ْ ِن ُ‬
‫الز ّبَيْر ِ دَم َ حجامته رواه الحاكم والبزاز والبيهقي والطبراني والدارقطني وقد شرب أيضا دمه عليه السلام‬ ‫الخدري وَمِثْلُه ُشُرْبُ عَبْدِ َ‬
‫أبو طيبة واسمه دينار وقيل نافع عاش مائة وأربعين سنة وسالم بن الحجاج فقال له عليه السلام لا تعده فإن الدم كله حرام وسفينة مَو ْلَى‬
‫س َل ّم َ رواه البيهقى وعلى اب ْ ِن أَ بِي طَال ٍِب ذكره الرافعى في الشرح الـكبير قال ابن الملقن ولم أجده في كتب‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ِ‬
‫الحديث‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل ف َ ٍم‬
‫س ِ‬ ‫ج َع بَطْن ِكِ أَ بَد ًا‪ ،‬و َل َ ْم ي َأْ م ُْر و َا ِ‬
‫حدًا مِنْه ُ ْم بِغ َ ْ‬ ‫ل لها لَنْ تَشْتكِي و َ َ‬ ‫و َل َ ْم يُنْكِر ْ عَلَيْه ِ و َق َ ْد رُوِيَ َ‬
‫نح ْو ٌ م ِنْ هَذ َا عَن ْه ُ فِي امْرَأَ ة ٍ شَر ِب َْت بَو ْلَه ُ فَق َا َ‬
‫وَل َا نَهَاه ُ ع َنْ عَوْدَة ٍ‪.‬‬
‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح‪ ،‬و َاسْم ُ هَذِه ِ ال ْمَر ْأَ ة ِ ب َرَك َة ُ و َاخْ تُل َِف فِي‬ ‫ح أَ ل ْزَم َ ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ مسلما و َال ْب ُخ َار ُِيّ ِإ ْ‬
‫خر َاج َه ُ فِي َ‬ ‫وَحَدِيثُ هَذِه ِ ال ْمَر ْأَ ة ِ َال ّتِي شَر ِب َْت بَو ْلَه ُ صَ ح ِي ٌ‬

‫ض ُع‬
‫ن يُو َ‬ ‫س َل ّم َ قَد َ ٌ‬
‫ح م ِنْ عَيْد َا ٍ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬قَال َ ْ‬
‫ت وَك َانَ ل ِرَسُو ِ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫تخْدُم ٌ َ‬ ‫ل ِهي َ ُأ ُمّ أَ يْم َ َ‬
‫ن وَك َان َتَ َ‬ ‫نَسَبِهَا و َق ِي َ‬
‫ت قُم ْتُ و َأَ ن َا ع َ ْطشَانَة ٌ ف َشَر ِ ب ْت ُه ُ و َأَ ن َا ل َا‬
‫ل ب َرَك َة َ عَن ْه ُ فَق َال َ ْ‬
‫شي ْئًا فَسَأَ َ‬ ‫ل ف ِيه ِ لَيْلَة ً ث َُم ّ اف ْتَقَدَه ُ فَل َ ْم َ‬
‫يج ِ ْد ف ِيه ِ َ‬ ‫ل فَبَا َ‬ ‫ن َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬ ‫ل ف ِيه ِ م ِ َ‬
‫تح ْتَ سَر ِيرِه ِ يَب ُو ُ‬
‫َ‬

‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم قد ولد مختونا‬ ‫ن جُر ْ ٍَيج و َغَي ْرُه ُ وَك َانَ َ‬
‫أَ ع ْلَم ُ‪ ،‬رَو َى حَدِيثَهَا اب ْ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله فِي امْرَأَ ة ٍ شَر ِب َْت بوله( هَذِه ِ ال ْمَر ْأَ ة ِ ب َرَك َة ُ حاضنته صلى الل ّٰه عليه وسلم وهى حبشية أعتقها عليه السلام حين تزوج خديجة وزوجها‬
‫عبيد الحبشى فولدت له أيمن‬
‫وكتبت به ثم بعد النبوة تزوجها زيد بن حارثة فأولدها أسامة قال الواقدي كانت أم أيمن عسرة اللسان فكانت إذا دخلت قالت )سلام‬
‫لا عليكم( فرخص لها رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم سلام عليكم والسلام عليكم )قوله وأنا عطشانة( كذا وقع وصوابه عطشى لأنه‬
‫ح م ِنْ عَيْد َانٍ( العيدان بفتح المهملة وسكون المثناة التحتية وبالدال المهملة جمع عيدانة وهى النخلة الطو يلة‬
‫مؤنث عطشان )قوله قَد َ ٌ‬
‫قال الأصمعى إذا صار للنخلة جذع يتناول منه فتلك العظيد‪ ،‬فإذا أنابت الأيدى فهى الجنازة فإذا ارتفعت فهى الرفلة وعند أهل نجد‬
‫مخ ْت ُون ًا( وقيل ختن يوم شق قلبه الملائكة عند ظئره حليمة وقيل ختنه جده يوم سابعه وصنع له مأدبة وسماه محمدا‬
‫عيدانة )قوله ق َ ْد وُلِد َ َ‬
‫وقد ذكر الحاكم في المستدرك ما لفظه‪ :‬وقد تواترت الأخبار أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ولد مسرورا مختونا وتعقبه الذهبي فقال‬
‫ما أعلم صحة ذلك فكيف يكون متواترا؟ وذكر ابن الجوزى عن كعب الأحبار أن ثلاثة عشر من الأنبياء خلقوا مختونين آدم وشيث‬
‫وإدريس ونوح = )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)فصل( وأما وفور عقله وذكاء لبه وقوة حواسه وفصاحة لسانه واعتدال حركاته وحسن شمائله‬ ‫‪٢.٢.٣‬‬

‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ ْقط ُوعَ ال ُس ّ َرّة ِ وَرُوِيَ ع َنْ ُأمِّه ِ آم ِن َة َ أَ َ ّنهَا قَال َ ْ‬
‫ت وَلَدْتُه ُ نَظ ِيف ًا م َا بِه ِ قَذَر ٌ‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رضي الل ّٰه عنها ما رأيت فرج رَسُو ِ‬
‫َت عَي ْنَاه ُ‪ ،‬و َفِي‬ ‫سِلُه ُغَيْرِي ف َِإ َن ّه ُ ل َا ي َر َى أَ حَدٌ عَوْرَتِي ِإ َلّا ُ‬
‫طمِس ْ‬ ‫س َل ّم َ ل َا يُغ َ ّ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ ق ُ َّط‪ ،‬وَع َنْ عَل ِ ٍيّ رَضِي َ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ ْوصَانِي َ‬ ‫وَ َ‬

‫ِيط فَق َام َ فَصَلَ ّى و َل َ ْم يتوظأ قال عكرمة لأَ َن ّه ُ‬


‫س َل ّم َ ن َام َ ح ََت ّى سُم ِـ َع لَه ُ غَط ٌ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رضي الل ّٰه عنهما أنه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫ِيث عِك ْرم َة َ ع َ ِ‬
‫حَد ِ‬
‫س َل ّم َ ك َانَ َ‬
‫محْف ُوظًا‪.‬‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س و َأَ ْذك َاهُمْ‪،‬‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ن شَمَائِلِه ِ فَلَا م ِْر يَة َ َأن ّه ُ ك َانَ أَ ْعق َ َ‬
‫س ُ‬
‫ح ْ‬
‫ل حَرَك َاتِه ِ و َ ُ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا و ُف ُور ُ عَقْلِه ِ وَذَك َاء ُ لُبِّه ِ و َق َُو ّة ُ حَو َ ّ ِ‬
‫اسه ِ و َفَصَاح َة ُلِسَانِه ِ و َاعْتِد َا ُ‬
‫ق وَظَوَاهِرِه ِ ْم وَسِيَاسَة َ العامة والخاصة‬
‫ن الْخَل ْ ِ‬ ‫وَم َنْ ت َأَ َمّ َ‬
‫ل تَدْبِيرَه ُ أَ مْرَ بَوَاطِ ِ‬
‫__________‬
‫ن حبيب الهاشمي هم أربعة‬ ‫س َل ّم َ و َقَا َ‬
‫ل مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫= وسام ولوط و يوسف وموسى وشعيب وسليمان و يحيى وعيسى والنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫عشر‪ :‬آدم وشيث ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب و يوسف وموسى وسليمان وزكر يا وعيسى وحنظلة بن صفوان نبى أصحاب الرأس‬
‫ومحمد صلى الل ّٰه عليه وسلم )قوله وَرُوِيَ ع َنْ ُأمِّه ِ آمنة( توفيت أمه وهو عليه السلام ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة وهى راجعة‬
‫سب ِْع سِنِينَ وقيل‬
‫ن َ‬ ‫من المدينة وكان معها أم أيمن فرجعت به عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ِإلَى مكة ولما مر بالأبواء في عمرة الحديبية زار قبرها وقيل اب ْ ُ‬
‫ابن ثمان سنين وقيل ابن تسع وقيل ابن ثنتى عشرة سنة )قوله غطيط( هو بالعين المعجمة المفتوحة والطاء المهملة المكسورة وبالمثناة‬
‫التحتية الساكنة فالطاء المهملة‪ ،‬صوت يخرج من نفس النائم )قوله فلا مرية( المر ية بكسر الميم وقد تضم‪ :‬الشك وقرئ بهما في قوله‬
‫ك فِي مرية( ‪.‬‬ ‫تعالى )فَلا ت َ ُ‬
‫)‪(*) (١ - ٥‬‬
‫سة ٍ تَق َ َ ّدم ْ‬
‫َت وَل َا مُطَالَعَة ٍ لِل ْ ِـكُت ُِب مِن ْهُ‪:‬‬ ‫ق وَل َا مُمَار َ َ‬ ‫ن ال َش ّر ِْع د ُونَ تعلم َ‬
‫سب ْ ٍ‬ ‫ن ال ْع ِلم ِ و َق ََر ّرَه ُ م ِ َ‬ ‫مع عجب شَمَائِلِه ِ و َبَد ِ‬
‫ِيع سِيَرِه ِ ف َضْ ل ًا ع ََم ّا أَ فَاضَه ُ م ِ َ‬

‫سب ْع ِينَ‬
‫ن م ُنَبِّه ٍ ق َرأْ َ تُ فِي أَ حَدٍ و َ َ‬ ‫ح ُ ّققِه ِ و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل وَه ْبُ ب ْ ُ‬ ‫ج ِإلَى ت َ ْقرِيرِه ِ لِت َ َ‬ ‫ل بَدِيهَة ٍ‪ ،‬و َهَذ َا م َِم ّا ل َا ُ‬
‫يح ْتَا ُ‬ ‫ُوب ف َ ْهمِه ِ ل ِأَ َ ّو ِ‬ ‫ل َ ْم يَم ْتَر ِ فِي ر ُْجح َا ِ‬
‫ن عَقْلِه ِ و َثُق ِ‬

‫الل ّه َ‬
‫ن َ‬ ‫خر َى ف َوَجَدْتُ فِي جَميعِه َا أَ َ ّ‬ ‫س عَقْل ًا وأَ فْضَلُه ُ ْم ر َأْ ي ًا و َفِي رِو َايَة ٍ ُأ ْ‬ ‫س َل ّم َ أَ رْجَ ح ُ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ِتَاب ًا ف َوَجَدْتُ فِي جَم ِيعِه َا أَ َ ّ‬

‫ل ال ُد ّن ْيَا‪،‬‬ ‫س َل ّم َ إل َا كَح َبَ ّة ِ ر َ ْم ٍ‬


‫ل م ِنْ بَيْنِ رِم َا ِ‬ ‫ْب عَقْلِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جن ِ‬ ‫ل فِي َ‬ ‫س م ِنْ بَدْء ِ ال ُد ّن ْيَا ِإلَى انْقِضَائِهَا م ِ َ‬
‫ن الْع َ ْق ِ‬ ‫تَع َالَى ل َ ْم يُعْطِ جَم ِي َع َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫س َل ّم َ ِإذ َا قَام َ فِي َ‬
‫الصّ لَاة ِ ي َر َى م ِنْ خ َلْفِه ِ كَمَا ي َر َى م ِنْ بَيْنِ يَد َيْه ِ و َبِه ِ فُس ِّر َ قوله تعالى )وتقلبك‬ ‫مجَاهِدٌ كان رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫ل ُ‬
‫و َقَا َ‬
‫في الساجدين( و َفِي‬
‫ت زِي َادَة ٌ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا مِثْلُه ُ قَال َ ْ‬ ‫نس فِي َ‬
‫الصّ حِيح َيْنِ‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِي َ َ‬ ‫)إ َن ّي لأَ ر َاك ُ ْم م ِنْ وَر َاء ِ َظ ْهرِي( و َ َ‬
‫نح ْوُه ُ ع َنْ أَ ٍ‬ ‫ال ْم ُو ََطّ أ ِ عَن ْه ُ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ِ‬
‫ز َادَه ُ الل ّٰه‬
‫__________‬
‫)قوله ابن منبه( بضم الميم وفتح النون وتشديد الموحدة‪ :‬ابن سيج بمهملة مفتوحة وقيل مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فجيم‪ :‬تابعي جليل‬
‫مشهور بمعرفة الـكتب الماضية )قوله ي َر َى م ِنْ خ َلْفِه ِ( ذكر مختار بن محمود الحنفي شارح القدورى ومصنف القبية في رسالته الناصر ية أنه‬
‫عليه السلام كان بين كتفيه عينان مثل سم الخياط يبصر منهما ولا تحجبهما الثياب وذكر النووي شرح مسلم في قَو ْله عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام إنى‬

‫والل ّٰه لأبصر م ِنْ وَر َائِي كَمَا ُأبْصِر ُ م ِنْ بَيْنِ يدى‪ ،‬قال العلماء إن الل ّٰه خلق له صلى الل ّٰه عليه وسلم إدراكا في قفاه يبصر به من ورائه وقد‬
‫ن حنبل وجمهور العلماء إن هذه الرؤ ية رؤ ية‬
‫ل أَ حْم َد ب ْ ُ‬
‫انخرقت العادة له صلى الل ّٰه عليه وسلم بأكْ ث َر من هَذ َا‪ ،‬وقال القاضى عياض قَا َ‬
‫عين حقيقة )*(‬
‫خر َى ِإن ِ ّي ل ُأبْص ِر ُ م ِنْ قَف َايَ كَمَا ُأبْصِر ُ م ِنْ بَيْنِ يَد ََيّ‬
‫َات ِإن ِ ّي لأَ نْظ ُر ُ م ِنْ وَر َائِي كَمَا أَ نْظ ُر ُ م ِنْ بَيْنِ يَد ََيّ و َفِي ُأ ْ‬ ‫ِإ َي ّاه َا فِي حُ َ ج ّتِه ِ و َفِي بَعْ ِ‬
‫ض الر ِ ّو َاي ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الضّ و ْءِ‪.‬‬ ‫س َل ّم َ ي َر َى فِي ال ُ ّ‬


‫ظل ْمَة ِ كَمَا ي َر َى فِي َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا ك َانَ َ‬
‫مخْلَدٍ ع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬ ‫وَح َك َى بَق ُِيّ ب ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫س َل ّم َ ال ْمَلَائِك َة َ و َال َ ّ‬
‫شيَاطِينَ‪ ،‬ورفع النجاشي له حتى صلى عليه وبيت المقدس حين وصفه‬ ‫و َالْأَ خْ بَار ُ كَث ِيرَة ٌ صَ ح ِيح َة ٌ فِي رُؤْيَتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫لقريش والـكعبة حين بنى مسجده‪.‬‬
‫ل‬
‫حن ْب َ ٍ‬ ‫الل ّه عليه وسلم أنه كان يرى فِي ال ُث ّر َ َي ّا أَ حَد َ ع َشَر َ نَجْمًا و َهَذِه ِ ك ُُل ّه َا مَح ْم ُولَة ٌ عَلَى ر ُ ْؤ يَة ِ الْع َيْنِ و َه ُو َ قَو ْ ُ‬
‫ل أَ حْمَد َ ب ْ ِن َ‬ ‫وقد حكي عنه صلى َ‬
‫خصَالِه ِ ْم كَمَا أَ خْبَر َن َا أبو محمد‬ ‫اص الْأَ ن ْب ِيَاء ِ و َ ِ‬
‫هي َ م ِنْ خَو َ ّ ِ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫ظوَاهِرِ تُخَالِف ُه ُ وَل َا ِإح َالَة َ فِي ذَل ِ َ‬‫و َغَيْرِه ِ وَذ َه َبَ بَعْضُه ُ ْم ِإلَى رَدِّه َا ِإلَى ال ْعِلْم ِ‪ ،‬و َال َ ّ‬

‫ن ال ْم ُ ْقرِي الْفَر ْغَان ِ ُيّ ح َ َ ّدثَت ْنَا‬


‫ل م ِنْ ك ِتَابِه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫عبد الل ّٰه ابن أَ حْمَد َ الْع َ ْد ُ‬
‫ن مُح َم ّدٍ الْحَسَن ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا مُح َم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن مُح َم ّدِ ب ْ ِن سَع ِيدٍ حدثنا محمد بن أحمد بن‬ ‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬ ‫ُأ ُمّ الْق َاس ِ ِم بِن ْتُ أَ بِي بَكْر ٍ عن أبها ح َ َ ّدثَنَا ال َش ّر ُ‬
‫ِيف أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله النجاشي( بفتح النون وكسرها وفى آخره ياء‪ :‬الصواب تخفيفها‪ ،‬قال الطبري لقب لمن ملك الحبشة وكان اسم هذا الملك أصحمة‬
‫كما في صحيح ال ْب ُخ َارِيّ )قوله أنه كان يرى فِي ال ُث ّر َ َي ّا أَ حَد َ ع َشَر َ نجما( قال السهيلي في كتابه التعر يف والأعلام‪ :‬الثر يا اثنا عشر كوكبا‬
‫وكان صلى الل ّٰه عليه وسلم يراها كلها‪ ،‬جاء ذلك في حديث ثابت من طر يق العباس‪ ،‬وقال القرطبى في كتاب أسماء النبي وصفاته‪ :‬إنها‬
‫لا تزيد على تسعة فيما تذكرونه في كثير من النسخ‪.‬‬
‫)*(‬
‫يح ْي َى ب ْ ِن و َ َث ّ ٍ‬
‫اب ع َنْ أبى هرير رضي الل ّٰه عنه عن النبي‬ ‫ق ح َ َ ّدثَنَا ه َم ّام ٌ ح َ َ ّدثَنَا الْحَسَ ُ‬
‫ن ع َنْ قَتَادَة َ ع َنْ َ‬ ‫مُحَم ّدِ ب ْ ِن سُلَيْم َانَ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن م َْرز ُو ٍ‬
‫ظل ْمَاء ِ مَسِيرَة َ عَشْرَة ِ ف َر َ ِ‬
‫اسخ َ(‬ ‫الل ّيْلَة ِ ال َ ّ‬
‫الصّ ف َا فِي َ‬
‫النمّْلَة َ عَلَى َ‬
‫سلام ُ ك َانَ يُبْصِر ُ َ‬ ‫ل لم ُِوس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫الل ّه ُ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل )لَم ّا تَجلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫اب بَعْد َ ال ِْإسْر َاء ِ و َالْحُظْوَة ِ بِمَا ر َأَ ى م ِنْ آي ِ‬
‫َات ر َبِّه ِ ال ْـكُبْر َى *‬ ‫س َل ّم َ بِمَا ذَكَر ْن َاه ُ م ِنْ هَذ َا ال ْب َ ِ‬ ‫يخ ْت َ َّص نَب ُِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَل َا يَب ْعُد ُ عَلَى هَذ َا أ ْن َ‬
‫شدِيد ًا و َعَاوَدَه ُ ثَلَاثَ‬ ‫ش ُ ّد أَ ه ْ ِ‬
‫ل و َق ْتِه ِ وك َانَ د َعَاه ُ ِإلَى ال ِْإسْ لَا ِم وَصَارَعَ أب َا رُك َانَة َ فِي الْجا َه ِل َِي ّة ِ وك َانَ َ‬ ‫ت الأَ خْ بَار ُ ب َِأن ّه ُ صَرَعَ رُك َانَه َ أَ َ‬
‫و َق َ ْد ج َاء َ ِ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عليه وسلم وقال أبو هريرة رضي الل ّٰه عَن ْه ُ م َا ر َأي ْتُ أَ حَدًا أَ سْرَعَ م ِنْ رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫ل َ‬ ‫ك يَصْر َع ُه ُ رَسُو ُ‬ ‫ات ك ُ ُ ّ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫م َ َّر ٍ‬
‫ْض تُطْو َى لَه ُ‪ِ ،‬إ َن ّا لَن ُجْ هِد ُ أَ نْفُسَنَا و َه ُو َ غَي ْر ُ مكترث‪.‬‬ ‫س َل ّم َ فِي مَشْيِه ِ ك ََأن ّمَا الْأَ ر َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫ن ب ْ ِن أبى جعفر الجعفري أحد‬ ‫ن الْحَسَ ِ‬‫)قوله حدثنا همام( كذا في كثير من النسخ وصوابه هانئ وهو هانئ بن يحيى السلمى أخذ ع َ ِ‬
‫الضعفاء قال الطبراني لم يروه عن قتادة‬
‫إلا الحسن بن أبي جعفر تفرد به هانئ بن يحيى )قوله عشرة فراسخ( في الصحاح الفرسخ فارسي معرب وهو ثلاثة أميال والميل منتهى‬
‫مد البصر عن ابن السكيت انتهى‪ ،‬وقيل الميل أربعة آلاف خطوة والخطوة ثلاثة أقدام بوضع قدم أمام قدم و يلصق به والبريد أربعة‬
‫فراسخ )قوله ب َِأن ّه ُ صَرَعَ رُك َانَه َ( هو بضم الراء وتخفيف الكاف‪ ،‬أسلم يوم الفتح وتوفى بالمدينة سنة أربعين )قوله وَصَارَعَ أب َا رُك َانَة َ( قيل‬
‫إنه صارعه عليه السلام جماعة‪ :‬ركانة وهو أمثلها وأبو ركانة كما ذكر القاضى هنا وأبو جهل ولا يصح وأبو الأسد الجمحى قاله السهيلي‬
‫ويزيد بن ركانة أو ركانة بن يزيد على الشك رواه البيهقى وأبو داود في مراسيله )قوله غير مكترث( أي غير مبال‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول‬ ‫‪٢.٢.٤‬‬

‫سم ًا إذ َا ال ْتَف َتَ ال ْتَف َتَ مَع ًا وإذا مَش ِي مَشِيَ تَق َُل ّع ًا ك َأَ َن ّمَا يَنْح ُ َّط م ِنْ صَب ٍَب‪.‬‬
‫ن ضَ حِك َه ُ ك َانَ تَب َ ُ ّ‬
‫سلَام ُ أَ َ ّ‬
‫صف َتِه ِ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫و َفِي ِ‬
‫ل و َال ْمَوْض ِ‬
‫ِـع ال َ ّذ ِي ل َا يحهل سَلَاسَة َ‬ ‫ض ِ‬
‫ل الْأَ ف ْ َ‬ ‫س َل ّم َ م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ك ب ِال ْم َح َ ّ ِ‬ ‫ل فَق َ ْد ك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا فَصَاح َة ُ اللِّسَا ِ‬
‫ن و َبَلاغ َة ُ الْقَو ْ ِ‬
‫ُص ببَِد َائ ِ‬
‫ِـع الْحِكَم ِ و َعُل ِ ّم َ أَ لْسِن َة َ‬ ‫ف ُأوتِي َ جَوَام ِـ َع الْكَل ِ ِم وَخ َ ّ‬
‫ن و َقِلَ ّة َتَك َُل ّ ٍ‬ ‫َطب ٍْع و َب َر َاع َة َ مَنْز ٍِع و َإيجَاز َ م َ ْقط ٍَع و َنَصَاع َة َ لَفْظٍ وَجَز َالَة َقَو ْ ٍ‬
‫لو َِ‬
‫َصح ّة َ مَع َا ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ن‬ ‫ل ُأ َمّة ٍ مِنْهَا بِلِسَانِهَا و َيُحاوِر ُه َا بِلُغَتِهَا و َيُبَارِيهَا فِي مَنْز َِع بَلَاغَتِهَا ح ََت ّى ك َانَ كَث ِير ٌ م ِنْ أَ ْ‬
‫صحَابِه ِ يَسْأَ لُونَه ُ فِي غَيْر ِ مَوْطِ ٍ‬ ‫ال ْع َر َِب فَك َانَ يُخَاطِبُ ك ُ َ ّ‬
‫ع َنْ شَر ِ‬
‫ْح ك َلَامِه ِ و َت َ ْفسِيِر ِ قَو ْلِه ِ‪.‬‬
‫كك َلَامِه ِ م َ َع ذى المشعار‬
‫نجْدٍ َ‬
‫ل الْ حِجَازِ و َ َ‬
‫ْش و َالْأنْصَارِ و َأَ ه ْ ِ‬
‫ْس ك َلَام ُه ُ م َ َع ق ُر َي ٍ‬
‫ك وَتَح َ ّقق َه ُ و َلَي َ‬ ‫م َنْ ت َأَ َمّ َ‬
‫ل حَدِيث َه ُ وَسِيَرَه ُ عَل ِم َ ذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫ل بِق ُ َو ّة ٍ )قوله من صبب( بفتح المهملة وبالوحدتين الأولى مفتوحة‪ :‬هو الموضع المرتفع )قوله سلاسة(‬ ‫)قوله تقلعا( التقلع ر َف ْ ُع الر ِ ّجْ ِ‬
‫بفتح السين المهملة أي سهولة )قوله وبراعة منزع( البراعة مصدر برع الرجل بضم الراء وفتحها أي فاق أقرائه في العلم وغيره‪،‬‬
‫والمنزع المأخذ )قوله مقطع( أي تمام كلام )قوله ونصاعة( النصاعة بفتح النون والصاد والعين المهملتين بينهما ألف‪ :‬الخلوص )قوله‬
‫وجزالة( بفتح الجيم والزاى خلاف الركانة )قوله جوامع الكلم( هو جمع جامعة )قوله وتحاورها( بالحاء المهملة أي تجاوبها )قوله‬
‫ويباريها( يقال فلان يبارى فلانا أي يعارضه )قوله وسير( بكسر السين المهملة وفتح المثناة التحتية جمع سيرة بسكون المثناة )قوله‬
‫المشعار( بكسر الميم وسكون الشين المعجمة ثم عين مهملة وقيل معجمة بعدها ألف وراء‪ ،‬والهمداني بسكون الميم وبالدال نسبة إلى‬
‫همدان قبيلة من اليمن‪.‬‬
‫)*(‬
‫ك‬
‫حضْرَمَو ْتَ وَم ُلُو ِ‬
‫ل َ‬
‫ِي و َغَيْرِه ِ ْم م ِنْ أَ ق ْيَا ِ‬
‫كنْد ّ ِ‬
‫ل ب ْ ِن حُ جْرٍ ال ْـ ِ‬
‫س وَو َائ ِ ِ‬
‫َث ب ْن قَي ْ ٍ‬
‫ي و َالْأَ شْ ع ِ‬
‫ن ب ْ ِن ح َارِثَة َ ال ْعُلَيْمِ ِ ّ‬ ‫اله َ ْمد َان ِ ِيّ وَطِ ْهف َة َ ال َنّهْد ّ ِ‬
‫ِي‪ ،‬و َقَطَ ِ‬
‫ن‪ ،‬و َانْظُر ْ ك ِتَابَه ُ ِإلَى هَمْد َانَ‪) :‬إ َ ّ‬
‫ن لـَك ُ ْم فرَاعَه َا وَو َه َا َطه َا وَع ََزاز َه َا‪.‬‬ ‫الْيم َ َ ِ‬
‫ت َأْ ك ُلُونَ ع ِلافَه َا‪ ،‬و َتَرْع ُونَ عَف َاءَه َا‪ ،‬لَنَا م ِنْ دِفْئِه ْم وَصِر َامِه ِ ْم م َا س ََل ّم ُوا ب ِالْمِيثَا ِ‬
‫ق و َالْأَ م َانَة ِ‪.‬‬
‫ن َ‬
‫الصّ د َقَة ِ الثّل ْبُ‬ ‫و َلَه ُ ْم م ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وطهفه( بكسر المهملة وسكون الهاء‪ ،‬والنهدى بفتح النون )قوله قطن( بالقاف والمهملة المفتوحتين بعدهما نون‪ ،‬وحارثة بالحاء‬
‫ل‬
‫المهملة والمثلثة‪ ،‬والعليمي بضم العين المهملة وفتح اللام من بنى عليم )قوله من حجر( بضم الحاء المهملة وسكون الجيم )قوله م ِنْ أَ ق ْيَا ِ‬
‫حضْرَمَو ْتَ ( الأقيال بفتح الهمزة وفتح المثناة من تحت ثم ألف ولام‪ :‬جمع قيل بفتح القاف وسكون المثناة‪ ،‬وهو الملك من ملوك‬
‫َ‬
‫حمير‪ ،‬وحضرموت اسم لبلد باليمن ولقبيلة )قوله فراعها( هو بفاء مكسورة وراء وعين مهملة‪ :‬ما علا من الأرض )قوله ووهاطها( بكسر‬
‫الواو بالطاء المهملة جمع وهط بفتح الواو وسكون الهاء وهو المطمئن من الأرض )قوله عزازها( بفتح العين المهملة وبزائين مخففتين‬
‫قال الهروي هو ما اشتد من الأرض وصلب‬
‫وخشن )قوله علافها( بكسر العين المهملة وتخفيف اللام والفاء قال الهروي هو جمع علف يقال علف وعلاف كجمل وجمال )قوله‬
‫عفاءها( بفتح العين المهملة وتخفيف الفاء والمد قال الهروي هو ما ليس فيه ملك )قوله من دفئهم وصرامهم( الدفء بكسر المهملة‬
‫وبالفاء الساكنة وبالهمز‪ ،‬والصرام بكسر المهملة وتخفيف الراء قال الهروي معناه من إبلهم وغنمهم وقيل سماها دفئا لأنها يتخذ من‬
‫أوبارها وأصوافها ما يتدفؤن به )قوله الثلب( بكسر المثلثة وسكون اللام بعدها موحدة قال الهروي هو من الذكور الذى هرم وتكسرت‬
‫أسنانه‪.‬‬
‫)*(‬
‫مخْضِه َا‬
‫محْضِه َا و َ َ‬ ‫)الل ّه ُ َ ّم ب َارِ ْ‬
‫ك لَه ُ ْم فِي َ‬ ‫ح و َقَو ْلُه ُ لِنَهْدٍ‪َ :‬‬ ‫ْش الْحَوار ُِيّ و َعَلَيْهِم ُ ف ِيهَا َ‬
‫الصّ الـِ ـ ُغ و َالْق َارِ ُ‬ ‫ن و َال ْـكَب ُ‬ ‫ِض ال َد ّا ِ‬
‫ج ُ‬ ‫ل و َالْف َار ُ‬ ‫و َ‬
‫َالن ّابُ و َالْف َصي ُ‬
‫محْسِنًا‪،‬‬ ‫الصّ لَاة َ ك َانَ مُسْل ِمًا‪ ،‬وَم َنْ آتَى َ‬
‫الز ّك َاة َ ك َانَ ُ‬ ‫ل و َال ْوَلَد ِ‪ ،‬م َنْ أَ قَام َ َ‬
‫ك لَه ُ ْم فِي ال ْمَا ِ‬ ‫َث ر َاعِيَهَا فِي ال َد ّثْر ِ و َافْجُر ْ لَه ُ َ‬
‫الثمَّد َ و َب َارِ ْ‬ ‫وَمَذْقِه َا و َابْع ْ‬
‫مخ ْل ِصً ا‪ ،‬لـَك ُ ْم ي َا بَنِي نَهْدٍ ودائع‬ ‫وَم َنْ شَهِد َ أَ ْن ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ ك َانَ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله والناب( بالنون والموحدة في آخره‪.‬‬
‫قال الهروي قال أبو بكر هي الناقة الهرمة التى طال نابها وذلك من أمارات هرمها‪ ،‬والفارض الداجن فالفارض بالفاء والراء والضاد‬
‫المعجمة المسن من الإبل‪ ،‬والداجن بالدال المهملة والجيم المكسورة‪ :‬الدابة التى تألف البيت )قوله الحوارى( بحاء مهملة وواو مفتوحتين‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫وراء مكسورة و ياء نسبة‪ ،‬قال ابن الأثير منسوب إلى الحور وهى جلود تتخذ من جلود الضأن وقيل هو ما دبغ من الجلود بغير قرظ‬
‫و َه ُو أَ ح َد م َا جاء على أصله ولم يعل‪ ،‬كتاب‪ ،‬قال الكاشغرى في كتابه مجمع الغريب‪ :‬الحورى المكوى منسوب إلى الحورا وهى كية يقال‬
‫حوره إذا كواه هذا الـكية )قوله الصالغ( بالصاد المهملة واللام المكسورة والغين المعجمة قال ابن الأثير هو من البقر والغنم الذى كمن‬
‫وانتهى سنه في السنة السادسة و يقال بالسين انتهى )قوله والقارح( بالقاف والراء والحاء المهملة قال ابن الأثير‪:‬‬
‫الفرس القارح وفى القاموس‪ :‬القارح من ذوى الحافر بمنزلة البازل من الإبل )قوله لنهد( بفتح النون وسكون الهاء وبالدال المهملة‪:‬‬
‫قبيلة من اليمن )قوله في محضها ومخضها( الأول بالحاء المهملة والضاد المعجمة‪ :‬اللبن الخالص‪ ،‬والثانى بالمعجمتين وهو ما مخض من اللبن‬
‫وأخذ زبده )قوله مذقها( هو بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وبالقاف‪ :‬المزج والخلط والمراد هنا اللبن المخلوط بالماء )قوله في الدثر(‬
‫بفتح الدال المهملة وسكون المثلثة وبالراء‪ :‬المال الـكثير يقع على الواحد والاثنين والجماعة‪ ،‬قاله ابن الأثير )قوله الثمد( بفتح المثلثة والميم‬
‫وبالدال المهملة المال القليل )قوله ودائع الشرك( أي عهوده ومواثيقه أعطيته وديعا أي عهدا وقيل ما كانوا استودعوه )*(‬
‫ن َ‬
‫الصّ لَاة ِ‪ ،‬وَكَت َبَ لَهُمْ‪ ،‬فِي ال ْوَظِيفَة ِ الْفَرِ يضَة َ ولـكم الفارض‬ ‫ح ْد فِي الْحيََاة ِ وَل َا ٺَتَثاق َلْ ع َ ِ‬ ‫ك وَوَضَائ ِـ ُع ال ْمُل ْكِ ‪ ،‬لا نلطط فِي َ‬
‫الز ّك َاة ِ وَل َا تلُ ْ ِ‬ ‫الش ِّرْ ِ‬
‫ِيس‪ ،‬ل َا يُمَن َ ُع سرحكم‬ ‫الر ّكُوبُ و َالْف َل ُو ّ َ‬
‫الضّ ب ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫والقريش وَذ ُو ال ْع ِنَا ِ‬
‫__________‬
‫ل عَلَي ْه قَو ْله‬
‫من أموال الـكفار الذين لم يدخلوا في الإسلام‪ ،‬أراد أنها حلال لهم لأنها مال كافر قدر عليه من غير عهد ولا شرط و َيَد ُ ّ‬
‫في الحديث‪ :‬ما لم يكن عهد )قوله ووضائع( بفتح الواو والضاد المعجمة وفى آخره عين مهملة جمع وضيعة وهى الوضيفة على الملك وما‬
‫يلزم الناس في أموالهم من الصدقة والزكاة يعنى لا يتجاوزها معكم ولا يزيد فيها وقيل معناه لا يأخذ منكم ما كان ملوككم وضعوه عليكم‬
‫بل هو لـكم والأول يناسبه الملك بكسر الميم والثانى بضمها )قوله تلطط( بضم المثناة الفوقية وسكون اللام وكسر الطاء المهملة بعدها‬
‫أخرى يقال لط الغريم وألط إذا منع الحق )قوله ولا تلحد( بضم المثناة الفوقية وسكون اللام وكسر الحاء وبالدال المهملتين قال ابن‬
‫الأثير أي لا يحصل منكم ميل عن الحق ما دمتم أحياء )قوله الفر يضة( قال ابن الأثير‪ :‬الفر يضة المسنة الهرمة يعنى هي لـكم لا يؤخذ‬
‫منكم في الزكاة ويروى عليكم‬
‫في الوظيفة الفر يضة أي في كل نصاب ما فرض فيه انتهى )قوله الفارض( بالفاء وهى المسنة‪ ،‬وفى بعض النسخ بالعين المهملة وهى‬
‫الناقة التى يصيبها كسر أو مرض فتخر‪ ،‬والقريش بالفاء والراء المكسورة والمثناة التحتية الساكنة والشين المعجمة قال الهروي قال‬
‫العتيبى هي التى وضعت حديثا كالنفساء من النساء وقال الأصمعى فرس قريش إذا حمل عليها النتاج لسبع )قوله وذو العنان الركون(‬
‫العنان بكسر العين المهملة سير اللجام قال ابن الأثير يريد الفرس الذلول لأنه يلجم ويركب )قوله والفلو( بفتح الفاء وضم اللام وتشديد‬
‫الواو‪ :‬المهر‪ ،‬قال أبو بريد إذا فتحت الفاء شددت الواو وإذا كسرتها خففت فقلت فهو مثل جرو‪ ،‬والضبيس بفتح الضاد المعجمة‬
‫وكسر الموحدة بعدها مثناة تحتية ثم سين مهملة قال الهروي هو العسر الصعب )قوله سرحكم( بفتح السين المهملة وإسكان الراء وبالحاء‬
‫المهملة أي ماشيتكم‪.‬‬
‫)*(‬
‫الر ّب َاقَ ‪ ،‬م َنْ أَ ق ََر ّ فلََه ُ ال ْو َفَاء ُ ب ِال ْع َ ْهدِ و َالذ ِّ َمّة ِ وَم َنْ أَ بَى ف َعَلَيْه ِ الربوة( *‬ ‫يح ْب َُس د َ ُرّك ُ ْم م َا ل َ ْم تُضْ مِر ُوا َ‬
‫الر ّم َاقَ و َتأْ ك ُلُوا َ‬ ‫ضد ُ طَل ْحُك ُ ْم وَل َا ُ‬
‫وَل َا يُعْ َ‬
‫يب‪،‬‬ ‫ل الْع َبَاه ِلَة ِ و َالْأَ ْور ِ‬
‫َاع ال ْمَشَاب ِ ِ‬ ‫)إلَى الأَ ق ْيَا ِ‬
‫ومن كتابه لوائل ب ْ ِن حُ جْرٍ‪ِ :‬‬
‫__________‬
‫)قوله يعضد( بضم المثناة التحتية وسكون العين المهملة وفتح الضاد المعجمة بعدها دال مهملة أي يقطع‪ ،‬والطلح شجر عظام من شجر‬
‫يح ْب َُس د َ ُرّكُمْ( أي ذوات الدر أراد أن‬
‫العظاه و َأَ َمّا قَو ْله تَع َالَى )وطلح منضود( فقال المفسرون هو شجر الموز وقيل الطلع )قوله وَل َا ُ‬
‫الماشية لا تحشر إلى المصدق وهو الذى يأخذ صدقات الماشية ولا يحبس عن المرعى إلى أن يجتمع ثم بعد لما في ذلك من الإضرار بها‬
‫قاله ابن الأثير )قوله ما لم تضمروا الرماق( بكسر الراء بعدها ميم مخففة فقاف بعد الألف أي النفاق يقال رامقه رماقا وهو أن ينظر‬
‫إليه شزرا نظر العداوة يعنى ما لم تضق قلوبكم عن الحق يقال عيشه رماق أي ضيق وعيش رمق أي يمسك الرمق وهو بقية الروح وآخر‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫النفس قاله ابن الأثير )قوله وتأكلون الرباق( بكسر الراء وبالموحدة وألف فقاف جمع ربق بكسر الراء وهو الحبل فيه عدة عرى يشد‬
‫به البهم‪ ،‬الواحدة من العرى ربقة وفى الحديث خلع ربقة الإسلام من عنقه كذا في الصحاح‪ ،‬قال ابن الأثير شبه ما يلزم الأعناق‬
‫من العهد بالرباق واستعار الأكل لبقض العهد فإن البهيمة إذا أكلت الربق خلصت من الشدة )قوله والذمة( هي بمعنى العهد )قوله‬
‫فعليه الربوة( بكسر الراء وفتحها أي من تقاعد عن أداء الزكاة فعليه الز يادة في الفر يضة الواجبة عقوبة عليه )قوله العباهلة( بفتح‬
‫العين المهملة فالوحدة بعدها ألف فهاء مكسورة فلام‪ ،‬في المصباح عباهلة اليمن ملوكهم الذين أقروا على ملـكهم لا يزولون عنه )قوله‬
‫والأرواع( بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الواو بعدها ألف فعين مهملة قال الهروي هي الحسان الوجوه يقال رائع وأرواع )قوله‬
‫المشابيب( بفتح الميم والشين المعجمة الخفيفة بعدها ألف فموحدة فمثناة تحتية فموحدة قال الهروي أراد الرؤس السادة الزهر الألوان‪،‬‬
‫زاد ابن الأثير‪ :‬واحدهم مشبوب كأنما أوقدت ألوانهم بالنار‪.‬‬
‫)*(‬
‫س ومن زنى مم بِكْر ٍ فَاصْ ق َع ُوه ُ م ِائَة ً‬
‫ُوب ا ْلخم ُ ُ ُ‬
‫سي ِ‬‫الت ّيْعَة ِ شَاة ٌ ل َا مُقَوِ ّرَة ُ الْأل ْيَاطِ وَل َا ضِنَاك َ وأنطوا الشبجة و َفِي ال ُ ّ‬
‫و َف ِيه ِ‪ :‬فِي َ‬
‫__________‬
‫)قوله في التيعة( بكسر المثناة الفوقية فسكون المثناة التحتية فعين مهملة قال الهروي قال أبو عبيدة هي الأربعون من الغنم وقال أبو‬
‫سعيد أدنى ما تجب من الصدقة كالأربعين من الغنم فيها شاة وخمس الإبل فيها شاة وأصله من التيع وهو الفئ يقال أتاع فيه فتاع‬
‫)قوله لا مقورة الألياط( المقورة بضم الميم وفتح القاف وتشديد الواو بعدها راء‪ :‬والألياط بفتح الهمزة وسكون اللام وتخفيف المثناة‬
‫التحتية وفى آخره طاء مهملة قال الهروي يعنى لا مسترخية الجلود لهزالها من الانوار وهو الاسترخاء في الجلود والهزال‪ ،‬والألياط جمع‬
‫ليط وهو الشعر اللائط بالعود يعنى اللازق به )قوله‬
‫ولا ضناك( بكسر المعجمة وبالنون المخففة والكاف‪ ،‬قال الهروي‪ :‬الضناك الـكثير اللحم )قوله وأنطوا( بفتح الهمزة وسكون النون لغة‬
‫يمانية في أعطوا‪ ،‬والثبجة‪ :‬بالمثلثة فالموحدة فالجيم المفتوحات قال الهروي يعنى أعطوا الوسط في الصدقة ولا تعطوا من خيار المال ولا‬
‫من رذالته وحشوه انتهى )قوله وفى السيوب( بالسين المهملة والمثناة التحتية المضمومتين والوحدة بعد الواو قال الهروي قال أبو عبيد‪:‬‬
‫السيوب الركاز ولا أراه أخذ إلا من السيب وهو العطية قال ابن الأثير وقيل السيوب عروق من الذهب والفضة تسيب في المعادن‬
‫أي يتلون فيها و يظهر )قوله مم بكر( قال ابن الأثير لغة أهل اليمن يبدلون لام التعر يف ميما فعلى هذا تكون راء بكر مكسورة من غير‬
‫تنوين لأن أصله )من البكر( فلما أبدل اللام ميما بقيت الحركة بحالها كقولهم بالحرث في بنى الحرث و يكون استعمل البكر موضع‬
‫الأبكار والأشبه أن يكون نكرة منونة وقد أبدلت نون )من( ميما لأن النون الساكنة إذا كان بعدها باء قلبت في اللفظ ميما نحو منبر‬
‫وعنبر فيكون التقدير من زنا من بكر انتهى ملخصا‪.‬‬
‫فإن قيل ما ذكره من الأشبه لا يتأتى في قوله بعد ذلك مم ثيب؟ أجيب بأن القلب في مم ثيب على هذه المناسبة مم بكر لوقوع الباء‬
‫الموحدة بعد النون والعرب كثيرا ما يخرجون الكلام عن الأصل إلى غيره للمناسبة كقولهم ما قدم وحدث بضم الدال من حدث‬
‫لمناسبة قدم والأصل حدث بفتح الدال )قوله فاصقعوه( بهمزة وصل وصاد مهملة وقاف مفتوحة وعين مهملة مضمومة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن حُ جْرٍ‬
‫ل بْ ُ‬
‫سكِر ٍ حَر َام ٌ( وَو َائ ِ ُ‬ ‫الل ّه ِ وَك ُ ُ ّ‬
‫ل مُ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫واستوفضون عَام ًا وَم َنْ ز َنَى مم ثِي ّ ٍِب ف َضَرِّجُوه ُ ب ِالأَ ضَام ِِيم وَل َا تَوْصِيم َ فِي الد ِّي ِن ولا عمه فِي ف َرَائ ِ ِ‬

‫يَتَر ََف ّ ُ‬
‫ل عَلَى الْأَ قَيَالِ‪.‬‬
‫َاظ؟‬ ‫الصّ د َقَة ِ ال ْمَشْه ُورِ لَم ّا ك َانَ ك َلَام ُ ه َؤُل َاء ِ عَلَى هَذ َا الْح َ ّدِ و َبَلاغَتُه ُ ْم عَلَى هَذ َا َ‬
‫النمَّطِ و َأَ كْ ث َر ُ اسْ تِعَم َالِه ِ ْم هَذِه ِ الْأَ لف ُ‬ ‫س فِي َ‬
‫ن هَذ َا م ِنْ ك ِتَابِه ِ ل ِأَ ن َ ٍ‬
‫أي ْ َ‬
‫اس‬ ‫ِث َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ل ِإلَيْه ِ ْم و َلِي ُح َ ّد ِ‬ ‫استَعْم َلَه َا مَعَه ُ ْم لِيُبَيِّن ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س م َا نُز ِّ َ‬
‫هي َ ال ْمُنْط ِي َة ُ‬ ‫ِي‪) :‬ف َِإ َ ّ‬
‫ن ال ْيَد َ ال ْعُل ْيَا ِ‬ ‫ِيث عَط َِي ّة َ ال َ ّ‬
‫سعْد ّ ِ‬ ‫كقَو ْلِه ِ فِي حَد ِ‬
‫بِمَا يَعْلَم ُونَ‪ ،‬و َ َ‬
‫__________‬
‫قال ابن الأثير أي اضربوه وأصل الصقع الضرب على الرأس وقيل الضرب ببطن الـكف )قوله واستوفضون( بهمزة وصل وسين مهملة‬
‫ومثناة فوقية مفتوحة وواو ساكنة وفاء مكسورة وضاد معجمة قال الهروي أي غربوه وانفواه واطردوه وأصله من استوفضت الإبل‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫إذا تفرقت في رعيها )قوله فضرجوه( بالضاد المعجمة المفتوحة والراء المشددة المكسورة والجيم قال الهروي التضريج التدمية وقال ابن‬
‫الأثير ضرجوه بالأضاجيم أي دموه بالضرب )قوله بالأضاميم( بفتح الهمزة وتخفيف الضاد المعجمة وميمين بينهما مثناة من تحت قال‬
‫الهروي يعنى جماهير الحجاز يرد الرجم واحدتهما إضمامة لأن بعضها ضم إلى بعض وكذلك في جماعات الناس الـكتب )قوله ولا توصيم(‬
‫بفتح المثناة الفوقية وسكون الواو وكسر الصاد المهملة قال الهروي يقول لا تفتروا في إقامة الحد ولا تحابوا فيه والوصم الـكسل والتوانى‬
‫)قوله ولا غمة( بضم الغين المعجمة وتشديد الميم قال ابن الأثير لا تستر ولا تخفى فرائصه )قوله يترفل( بتشديد الفاء المفتوحة قال ابن‬
‫الأثير أي يتسود و يترأس استعارة من ترفيل الثوب وهو إسباغه وإسباله )قوله أين هذا من كتابه لأنس( قيل لم يكتب صلى الل ّٰه عليه‬
‫وسلم إلى أنس وإنما أبو بكر هو الذى كتب إليه وأجيب بأن الدارقطني ذكر بإسناد صحيح رواية أنس لهذا الحديث عن النبي صلى الل ّٰه‬
‫عليه وسلم وذكر أبو داود عن ابن عمر أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم كتب كتاب الصدقة ولم يخرجه فعمل به أبو بكر وعمر )قوله فإن اليد‬
‫العليا هي المنطية( في الصحيحين عن )*(‬
‫س َل ّم َ بِلُغ َت ِنَا‪.‬‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل فَك َل ّمَنَا رَسُو ُ‬
‫هي َ ال ْمُنْطَاة ُ قَا َ‬ ‫و َال ْيَد َ ال ُ ّ‬
‫سفْلَى ِ‬
‫هي َ لُغ َة ُ بَنِي عَامِر ٍ و َأَ َمّا ك َلَام ُه ُ‬
‫ي سَلْ ع ََم ّا شِئ ْتَ و َ ِ‬
‫س َل ّم َ )سَلْ عَنْكَ( أَ ْ‬ ‫ُالن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَه َ‬
‫ِي حِينَ سَأَ لَه ُفَق َا َ‬
‫ِيث الْع َامِر ّ ِ‬
‫و َقَو ْلُه ُفِي حَد ِ‬
‫ال ْمُعْتَاد ُ‬
‫َت فِي ألْف َاظِه َا وَمَع َان ِيهَا ال ْـكُت ُبُ ‪ ،‬ومِنْهَا مالا يُوَاز َى‬ ‫اس ف ِيهَا ال َد ّو َاوِي َ‬
‫ن وَجُم ِع ْ‬ ‫ف َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫حكَمِه ِ ال ْم َأْ ثُورَة ِ فَق َ ْد َأل ّ َ‬
‫و َفَصَاحَت ُه ُ ال ْمَعْلُوم َة ُ وَجَوَام ِـ ُع كَل ِمِه ِ و َ ِ‬
‫ك ْقوِلِه ِ‪) :‬ال ْمُسْل ِم ُونَ ٺتكافؤ دماؤهم ويسعى‬
‫فَصَاح َة ً وَل َا يُبَار َى بَلاغ َة ً َ‬
‫__________‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم قال وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة )اليد العليا خير من اليد السفلى(‬ ‫ن رَسُول َ‬ ‫ابن ع ُم َر َ أَ َ ّ‬
‫والعليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة ورواه مالك وأبو داود والنسائي قال أبو داود وقد اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث‬
‫فقال عبد الوارث‪ ،‬اليد العليا المتعففة وقال أكثرهم عن ح ََم ّاد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ز َيْدٍ عن أيوب‪ :‬المنفقة‪ ،‬وقال واقد عن حماد المتعففة قال الخطابى‬
‫رواية المتعففة أشبه وأصح في المعنى لأن ابن عمر ذكر أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ذكر هذا الكلام وهو يذكر الصدقة والتعفف عنها‪،‬‬
‫فعطف الكلام على سببه الذى خرج عليه وعلى ما يطابقه في معناه أولى وقد يتوهم كثير من الناس أن معنى العليا أن يد المعطى مستعلية‬
‫فوق يد الآخذ يجعلونه من علو الشئ إلى فوق وليس ذلك عندي بالوجه وإنما هو من علا المجد والـكرم يريد التعفف عن المسألة والرفع‬
‫عنها انتهى كلامه )قوله الدواوين( هو جمع ديوان بكسر الدال المهملة وقد تفتح فارسي معرب وفى الصحاح أصله دووان فعوض‬
‫عن إحدى الواوين ياء‪ ،‬وسبب تسميته ديوانا وجهان أحدهما أن كسرى اطلع يوما على كتاب ديوانه فرآهم يحسبون مع أنفسهم فقال‬
‫دوانت أي مجانين ثم حذفت التاء لـكثرة الاستعمال والثانى أن الديوان بالفارسية اسم للشياطين فسمى الكتاب باسمهم لحذقهم بالأمور‬
‫ووقوفهم على الجلى والخفى )قوله يوازى( بضم المثناة التحتية وبالراء المفتوحة أي يماثل و يقابل )قوله تكافؤ( أي ٺتكافؤ فحذف إحدى‬
‫التائين والمعنى يتساوى ويتماثل في القصاص والديات‪.‬‬
‫)*(‬
‫اس كأسنان المشط‬ ‫بِذِ َمّتِه ِ ْم أَ دْن َاه ُ ْم و َه ُ ْم يَد ٌ عَلَى م َنْ سِوَاهُمْ( * و َقَو ْله ُ َ‬
‫)الن ّ ُ‬
‫ف قدره والمستشار مؤتمن وهو‬ ‫ك امْرُؤ ٌ ع َرَ َ‬ ‫ك م َا ت َر َى له والناس معادن وما هَل َ َ‬ ‫والمرء م َ َع م َنْ أَ ح َ ّ‬
‫َب ولا خَيْر َ فِي صُ ح ْبَة ِ م َنْ ل َا ي َر َى ل َ َ‬
‫ن أَ ح ََب ّك ُ ْم ِإل َيّ‬
‫جرَك َ م َ َّرتَيْنِ‪ ،‬و َِإ َ ّ‬
‫الل ّه ُ أَ ْ‬
‫ك َ‬ ‫سكَتَ فَسَل ِم َ( * و َقَو ْلُه ُ)أَ سْ لِم ْ تَسْل َ ْم و َأَ سْ لِم ْ يُؤ ْت ِ َ‬ ‫الل ّه ِ عَبْدًا قَا َ‬
‫ل خَيْر ًا فَغَن ِم َأ ْو َ‬ ‫بالخيار م َا ل َ ْم يَتَك ََل ّ ْم ورحم َ‬
‫مجَال َِس يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا الذين ي َأَ لَف ُونَ و َيُؤ ْلَف ُونَ( و َقَو ْلُه ُ)لَعلَ ّه ُ ك َانَ يَتَك ََل ّم ُ بمالا يَعْنيه ِ و َيَبْخ َ ُ‬
‫ل بِمَا ل َا‬ ‫و َأَ ق ْر َبَك ُ ْم م ِن ِ ّي َ‬

‫ق ا ْل ُأ َمّه َ ِ‬
‫ات‬ ‫ل وَمَن ٍْع و َه ِ‬
‫َات وَعُق ُو ِ‬ ‫ل و َِإضَاعَة ِ ال ْمَا ِ‬ ‫كثْرَة ِ ال ُ ّ‬
‫سؤَا ِ‬ ‫الل ّه ِ وجيها ونهيه عن قبل و َقَا َ‬
‫ل وَ َ‬ ‫يُغْن ِيه ِ( و َقَو ْلُه ُ )ذ ُو ال ْو َجْ ه َيْنِ ل َا يَكُونُ عِنْد َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وهم يد( أي جماعة )قوله كأسنان المشط( هو بضم الميم وكسرها وسكون الشين المعجمة )قوله أحاسنكم( جمع حسن )قوله‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الموطؤن( بضم الميم وفتح الواو والطاء المشددة المهملة وبالهمزة المضمومة اسم مفعول من التوطئة والتمهيد )قوله والأكناف( بالنون بعد‬
‫ل وقال( أي ما يتحدث به المتجالسون من‬
‫الكاف الجوانب‪ ،‬أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن من صاحبها ولا يتأذى )قوله نَه ْي ُه ُ ع َنْ ق ِي َ‬
‫قولهم قيل كذا وقال كذا‪ ،‬و يجوز بناؤهما على أنهما فعلان ما ضيان مستتر في كل منهما ضمير‪ ،‬وإعرابهما على إجرائهما مجرى الأسماء‬
‫ولا ضمير فيهما‪ ،‬وقال أبو عبيد هما مصدران يقال قلت قولا وقالا وقيلا وقيل المراد النهى عن كثرة الكلام ابتداء وجوابا‪ ،‬وقيل المراد‬
‫حكاية أقوال الناس والتحدث عما لا يجدى‪ ،‬قال ذلك كله ابن الأثير )قوله وكثرة السؤال( قيل أراد مسألة الناس أموالهم وقيل كثرة‬
‫البحث عن أخبار الناس ومالا يعنى وقيل كثرة سؤال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم عما لم ينزل ولم يؤذن به )قوله وإضاعة المال( هو إنفاقه‬
‫فيما حرم الل ّٰه وقيل ترك القيام عليه وإهماله وقيل دفع مال السفيه إليه )قوله ومتع وهات( أي منع ما عليه إعطاؤه وطلب ما ليس له‬
‫)قوله وعقوق الأمهات( يقال عق والده يعقه عقوقا إذا آداه )*(‬
‫ن وَخَيْر ٌ ال ُأم ُورِ أَ ْوسَا ُ‬
‫طه َا( و َقَو ْلُه ُ)أَ حْ ب ِْب‬ ‫حس َ ٍ‬
‫ق َ‬
‫اس بِ خُل ُ ِ‬ ‫ق َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫حه َا وَخ َال ِ ِ‬
‫سي ِّئ َة َ الْحَسَن َة َ تَم ْ ُ‬ ‫كن ْتَ و َأَ ت ْب ِ ِ‬
‫ـع ال َ ّ‬ ‫حي ْثُم َا ُ‬
‫الل ّه َ َ‬
‫ق َ‬ ‫ات و َقَو ْلُه َ‬
‫ُ)ات ّ ِ‬ ‫وَو َأْ دِ ال ْبَن َ ِ‬

‫)الل ّه ُ َ ّم ِإن ِ ّي أَ سْ أَ ل ُ َ‬
‫ك رَحْم َة ً م ِنْ‬ ‫ض د ُعَائِه ِ َ‬
‫ات يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( و َقَو ْلُه ُ فِي بَعْ ِ‬ ‫ك يَوْم ًا م َا( و َقَو ْلُه ُ)ال ُ ّ‬
‫ظلْم ُ ظُلُم َ ٌ‬ ‫ض َ‬
‫ك هِو ْن ًا م َا ع َس َى أَ ْن يَكُونَ بَغ ِي َ‬
‫حب ِيب َ َ‬
‫ح بِهَا غَائِبِي و َتَرْف َ ُع بِهَا شَاهِدِي و َت ُز َك ِّي بِهَا ع َمَل ِي و َتلُْهِمُنِي بِهَا ر ُشْ دِي و َت َر ُ ُدّ بِهَا‬ ‫عِنْدِك َ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي و َتَجْم َ ُع بِهَا أَ ْمر ِي و َتَل ُ َمّ بِهَا َ‬
‫شعَثِي و َتُصْ ل ِ ُ‬

‫َالن ّصْر َ عَلَى الْأَ عْد َاءِ( ِإلَى م َا رَو َت ْه ُ‬


‫سعَد َاء ِ و َ‬ ‫ل ال ُش ّهَد َاء ِ وعَي َ‬
‫ْش ال ُ ّ‬ ‫ك الْفَوْز َ عِنْد َ الْقَضَاء ِ و َن ُز ُ َ‬ ‫ل سُوء ٍ َ‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ِإن ِ ّي أَ سْ أَ ل ُ َ‬ ‫ُألْفَتِي و َتَعْصِ مُنِي بِهَا م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫َاس بِهَا غَي ْرُه ُ‬
‫ك م َْرتَب َة ً ل َا يُق ُ‬ ‫اف َأن ّه ُ ن َز َ َ‬
‫ل م ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫مخَاطَبَاتِه ِ وَعُه ُودِه ِ م َِم ّا ل َا خِل َ َ‬
‫خطَبِه ِ و َأَ ْدعِي ِتَه ِ و َ ُ‬ ‫ن الْك ََاف ّة ِ م ِنْ مَق َام َاتِه ِ و ُ‬
‫محَاضَر َاتِه ِ و َ ُ‬ ‫الْك ََاف ّة ُ ع َ ِ‬
‫َت م ِنْ كَل ِمَاتِه ِ َال ّتِي ل َ ْم يُسْب َقْ‬
‫سبْق ًا ل َا ي ُ ْقدَر ُ قَدَرُه ُ و َق َ ْد جُمِع ْ‬
‫وحاز ف ِيهَا َ‬
‫__________‬
‫وعصاه وأصله الشق والقطع وإنما خص الأمهات لأن عقوقهن أقبح من عقوق الآباء )قوله ووأد البنات( هو بهمزة ساكنة بعد واو‬
‫مفتوحة دفنهن حيات غيرة وأنقة وتخفيفا لمؤنتهن )قوله هونا ما( أي حبا قليلا‪ ،‬والهون في الأصل السكينة ومصدر هان بمعنى خف‬
‫الل ّه فما معنى التقييد بقوله من عندك؟ وأجيب بأن معناه رحمة لا في مقابلة‬
‫ك رَحْم َة ً م ِنْ عندك( قيل الأشياء كلها من عِن ْد َ‬
‫)قوله أَ سْ أَ ل ُ َ‬
‫عمل عملته )قوله تلم( بفتح المثناة الفوقية وضم اللام‪ ،‬وشعثى بفتح الشين المعجمة والعين المهملة وكسر المثلثة أي تجمع ما تفرق من‬
‫أمرى )قوله نزل الشهداء( النزل بضم النون والزى ما يهيأ للضيف )قوله الكافة عن الكافة( في الصحاح الكافة جمع من الناس‪ ،‬يقال‬
‫لقيتهم كافة أي جميعهم انتهى‪ ،‬وعن سيبوبه إن التعر يف في كافة لا يجوز وإنما استعمل منكرا منصوبا على الحال كقاطبة )قوله سبقا(‬
‫بفتح السين المهملة )*(‬
‫ِيس‪ ،‬ومات‬
‫ي ال ْوَط ُ‬
‫كقَو ْلِه ِ‪ ،‬حَم ِ َ‬
‫ِإلَيْهَا وَل َا قَدَر َ أَ حَدٌ أَ ْن يُفْرَغَ فِي قَالَبِه ِ عَلَيْهَا َ‬
‫ض َمّنِهَا و َيَذْه َبُ بِه ِ الْفِك ْر ُ‬ ‫ِظ ب ِغَيْرِه ِ( فِي أَ خَوَاتِهَا م َا ي ُ ْدرِك ُ َ‬
‫الن ّاظِر ُ الْعَجَبَ في م ُ َ‬ ‫ن م ِنْ جُ حْرٍ م َ َّرتَيْنِ والسعيد م َنْ وُع َ‬
‫حتف أنفه‪ ،‬ل َا يل ُْدَغ ُ ال ْمُؤْم ِ ُ‬

‫ل‬
‫ن ع َرَ ب ِ ٍيّ م ُبِينٍ و َقَا َ‬ ‫ك فَق َالَ‪ ،‬وَم َا يَم ْن َعُنِي و َِإ َن ّمَا ُأنْز ِ َ‬
‫ل الْقُر ْآنُ بِلِسَانِي لِسَا ٍ‬ ‫ح مِن ْ َ‬ ‫صحَابُه ُ م َا ر َأَ ي ْنَا ال َ ّذ ِي ه ُو َ أف ْ َ‬
‫ص ُ‬ ‫حكَمِه َا و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل لَه ُ أَ ْ‬ ‫َاني ِ‬
‫فِي أَ د ِ‬

‫ك صلى الل ّٰه عليه وسلم ق َُو ّة ُ عَارِ َ‬


‫ضة ِ ال ْبَاديَة ِ وَجَز َالَتُهَا‬ ‫ْش و َنَش َأْ تُ فِي بني سعد‪ ،‬فَجُمِـ َع لَه ُبِذ َل ِ َ‬
‫ح الْع َر َِب بَيْد َ أَ ن ِ ّي م ِنْ ق ُر َي ٍ‬
‫ص ُ‬ ‫م َ َّرة ً ُأ ْ‬
‫خر َى( أَ ن َا أَ ف ْ َ‬
‫ِيط ب ِعل ْمِه ِ بَشَر ّ ٌ‬
‫ِي‪.‬‬ ‫يح ُ‬‫حي ُ ال َ ّذ ِي ل َا ُ‬
‫ي الذى مدده ال ْو َ ْ‬ ‫ق ك َلَامِهَا ِإلَى َ‬
‫الت ّأْ ييِدِ ال ِْإله ِ ِ ّ‬ ‫و َنَصَاع َة ُ ألْف َاظِ الْحا َضِرَة ِ وَرَوْن َ ُ‬

‫ت ُأ ُمّ مَعْبَدٍ فِي و َصْ فِه َا لَه ُ‬


‫و َقَال َ ْ‬
‫__________‬
‫وسكون الموحدة مصدر سبق يسبق وبفتحها المال الذى يؤخذ رهنا على المسابقة )قوله في قالبه( بفتح اللام وكسرها والفتح أكثر‬
‫)قوله الوطيس( بواو مفتوحة وطاء مهملة مكسورة ومثناة تحتية ساكنة وسين مهملة اسم لشئ يشبه التنور وقيل الضراب في الحرب‪،‬‬
‫وقيل الوطوس الذى يطس الناس أي يدقهم وقال الأصمعى حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد يطؤها )قوله ومات حتف أنفه(‬
‫كي َْف يَكُونُ هذا من الألفاظ َال ّتِي ل َ ْم يُسْب َقْ بِهَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وسلم وقد قال السموءل من قصيدة‬ ‫ل َ‬
‫أي من غير قتل ولا ضرب ق ِي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫لامية اختارها أبو تمام في حماسته‪.‬‬


‫وما مات منا سيد حتف أنفه * ولا طل منا حيث كان قتيل وأجيب بأن القصيدة المذكورة اختلف في قائلها فقيل السموءل وقيل‬
‫عبد الملك الحارثى وهو إسلامى )قوله بيد( بالموحدة والمثناة التحتية الساكنة والدال المهملة قال ابن مالك وغيره بمعنى غير على حد‬
‫قوله‪.‬‬
‫ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب )*(‬

‫)فصل( وأما شرف نسبه وكرم بلده ومنشئه فما لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه ولا بيان مشكل ولا خفى منه‬ ‫‪٢.٢.٥‬‬

‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫الن ّغَمَة ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫حس َ َ‬
‫ْت َ‬ ‫جه ِير َ َ‬
‫الصّ و ِ‬ ‫ن وَك َانَ َ‬
‫َات نُظ ِ ْم َ‬ ‫ل ل َا نَزْر ٌ وَل َا ه َ ْذر ٌ ك َأَ َ ّ‬
‫ن مَنْطِق َه ُ خَرَز ٌ‬ ‫ق ف َصْ ٌ‬
‫ح ُل ْو ُ ال ْمَنْط ِ ِ‬
‫خفِيٍّ مِن ْه ُ ف َِإ َن ّه ُ ُ‬
‫نخ ْب َة ُ بَنِي ه َاش ِ ٍم وَسُلَالَة ُ‬ ‫ل وَل َا َ‬
‫شك ِ ٍ‬
‫ن مُ ْ‬
‫ل عَلَيْه ِ وَل َا بَيَا ِ‬
‫ج ِإلَى إقَامَة ِ د َلِي ٍ‬
‫يح ْتَا ُ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا شَر ُ‬
‫َف نَس َبِه ِ وَك َرَم ُ بلََدِه ِ وَمَنْشَئِه ِ فَمَا ل َا َ‬

‫الل ّه ِ و َعَلَى عِبَادِه ِ‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا قَاض ِي‬


‫الل ّه ِ على َ‬ ‫ل أَ بيِه ِ و َ ُأمِّه ِ وَم ِنْ أَ ه ْ ِ‬
‫ل مكة من أَ ك ْر َ ِم بِلادِ َ‬ ‫َف الْع َر َِب و َأَ ع ُ َّزه ُ ْم نَف َرًا م ِنْ ق ِب َ ِ‬
‫ْش وَصَم ِيمُه َا و َأَ شْر ُ‬
‫ق ُر َي ٍ‬

‫ن أَ حْمَد َ ح َ َ ّدثَنَا أبو محمد‬


‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ذ َ ٍرّ عَبْد ُ ب ْ ُ‬
‫ف قَا َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيدِ سُلَيْم َانُ ب ْ ُ‬
‫ن خ َل َ ٍ‬ ‫الصّ د َف ِ ُيّ رَحِم َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ قَا َ‬ ‫ن مُح َم ّدٍ َ‬
‫حسَيْنُ ب ْ ُ‬
‫الْقُضَاة ِ ُ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا يَعْق ُوبُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا قُتَي ْب َة ُ ب ْ ُ‬
‫ن سَع ِيدٍ قَا َ‬ ‫ل قَا َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن إسْمَاعِي َ‬ ‫ُف قَا َ‬ ‫السرخسى وأبو إسحق و َأَ بُو ال ْهَي ْث َ ِم قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن يُوس َ‬

‫ِي عن‬
‫ن ع َنْ عَمْرٍو ع َنْ سَع ِيدٍ ال ْمَقْبُر ّ ِ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫بْ ُ‬
‫__________‬
‫وقال ابن هشام في المغنى هي هنا بمعنى من أجل )قوله فصل( بالفاء المفتوحة والصاد الساكنة المهملة )قوله لا نزر( بفتح النون‬
‫وسكون الزاى بعدها راء أي لا قليل‪ ،‬فيدل على عَدَم َ الق ُ ْدرَة ِ عَلَى الكلام )قوله ولا هذر( باسكان الذال المعجمة وبعدها راء مصدر‬
‫هذر إذا كثر كلامه )قوله نخبة( النخبة بضم النون وسكون الخاء المعجمة بعدها موحدة‪ :‬الخيار )قوله حلالة قريش( سلالة الشئ ما‬
‫استل منه )قوله السرخسى( هو الحموى وقد تقدم )قوله وأبو إسحق( هو إبراهيم بن أحمد المستملى )قوله وأبو الهيثم( ه ُو مُحَم ّد بن مكى‬
‫ِي( هو سعيد ابن أبى سعيد‬
‫من زارع )قوله عن عمرو وهو ابن أبى عمرو مولى المطلب يروى عن أنس وعكرمة )قوله ع َنْ سَع ِيدٍ ال ْمَقْبُر ّ ِ‬
‫المقبرى واسم أبى سعيد كيسان وكنية )‪(*) (١ - ٦‬‬
‫ن ال َ ّذ ِي‬
‫ن الْقَر ْ ِ‬ ‫ن بَنِي آدَم َ قَر ْن ًا فَقَر ْن ًا ح ََت ّى ُ‬
‫كن ْتُ م ِ َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )بُعِث ْتُ م ِنْ خَيْر ِ ق ُر ُو ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫كن ْتُ مِن ْه ُ(‬
‫ُ‬
‫تخـ َي ّر َ الْق َبَائ ِ َ‬
‫ل‬ ‫ق فَجَعَلَنِي م ِنْ خَيْرِه ِ ْم م ِنْ خَيْر ِ قَرْنِه ِ ْم ث َُم ّ َ‬
‫ق الْخَل ْ َ‬
‫ل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم )إن الل ّٰه خ َل َ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَالَ‪ :‬قَا َ‬ ‫ن ال ْع ََب ّا ِ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫وَع َ ِ‬
‫تخـ َي ّر َ ال ْبُي ُوتَ فَجَعَلَنِي م ِنْ خَيْر ِ بُي ُوتِه ِ ْم ف َأَ ن َا خَي ْر ُه ُ ْم نفسا وخيرهما بَي ْتًا‪ ،‬وَع َنْ و َاثِلَة َ ب ْ ِن الأَ سْ ق َِع قَالَ‪ :‬قَا َ‬
‫ل رسول‬ ‫فَجَعَلَنِي م ِنْ خَيْر ِ قَب ِيِلَة ٍ ث َُم ّ َ‬
‫ل بَنِي ك ِنَانَة َ و َاصْ طَفَى م ِنْ بَنِي ك ِنَانَة َ قُر َيْش ًا‬
‫ل و َاصْ طَفَى م ِنْ وَلَد ِ ِإسْمَاعِي َ‬
‫الل ّه َ اصْ طَفَى م ِنْ وَلَد ِ ِإ ب ْر َاه ِيم َ ِإسْمَاعِي َ‬
‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )إن َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‬
‫ن اب ْ ِن ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬ ‫ل التِّرْمِذ ُِيّ و َهَذ َا حَدِيثٌ صَ ح ِيحٌ‪ ،‬و َفِي حَد ٍ‬
‫ِيث ع َ ِ‬ ‫ْش بَنِي ه َاش ِ ٍم و َاصْ طَف َانِي م ِنْ بَنِي ه َاشِمٍ( قَا َ‬
‫و َاصْ طَفَى م ِنْ ق ُر َي ٍ‬

‫ل اخْ تَار َ خلْق َه ُ فَاخْ تَار َ مِنْه ُ ْم بَنِي آدَم َ ث َُم ّ اخْ تَار َ بَنِي آدَم َ فاخْ تَار َ مِنْهُم ُ العْر َبَ‬ ‫الل ّه َ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫طبَر ُِيّ أَ َن ّه ُ صلى الل ّٰه عليه وسلم قال ِ‬
‫)إ َ ّ‬ ‫رَو َاه ُ ال َ ّ‬
‫ث َُم ّ اخْ تَار َ ال ْع َر َبَ فَاخْ تَار َ مِنْه ُ ْم ق ُر َيْش ًا ث َُم ّ اخْ تَار َ ق ُر َيْش ًا فَاخْ تَار َ مِنْه ُ ْم بَنِي ه َاش ِ ٍم ث َُم ّ اخْ تَار َ بَنِي ه َاش ِ ٍم فَاخْ تَارنِي مِنْه ُ ْم فَل َ ْم أَ ز َلْ خِيَار ًا م ِنْ خِيَا ٍر‬
‫ن اب ْ ِن‬ ‫ح َبّه ُ ْم وَم َنْ أَ بْغ َ‬
‫َض الْع َر َبَ فَب ِبُغْض ِي أَ بْغ َضَهُمْ( وَع َ ِ‬ ‫أَ ل َا م َنْ أَ ح َ ّ‬
‫َب الْع َر َبَ فَبِحُب ِ ّي أَ َ‬
‫__________‬
‫ن بنى آدم( القرن أهل كل‬
‫سعيد أبو سعيد‪ ،‬روي عن أبي هريرة وعائشة وخلق‪ ،‬وروى عنه الليث ومالك وخلق )قوله م ِنْ خَيْر ِ ق ُر ُو ِ‬
‫زمان وقيل أربعون سنة وقيل ستون وقيل سبعون وقيل ثمانون وقيل مائة وقيل مائة وعشرون )قوله وعن واثلة( بمثلثة مكسورة )ابن‬
‫الأسقع( بسين مهملة وقاف مفتوحة وعين مهملة )قوله رواه الطبري )هو الحافظ محمد بن جرير‪ :‬أحد الأعلام توفى سنة عشر وثلاثمائة‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٤٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)*(‬

‫)فصل( وأما ما تدعو ضرورة الحياة إليه مما فصلناه فعلى ثلاثة أضرب‬ ‫‪٢.٢.٦‬‬

‫ح ال ْمَلَائِك َة ُ‬ ‫ك ُ‬
‫الن ّور ُ و َتُس َب ّ ُ‬ ‫ح ذَل ِ َ‬
‫ق آدَم َ ب ِأَ لْفَيْ عَا ٍم يُس َب ِّ ُ‬
‫يخ ْل ُ َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى قَب ْ َ‬
‫ل أَ ْن َ‬ ‫َي َ‬‫س َل ّم َ ك َان َْت ر َ ْوح ُه ُ نُور ًا بَيْنَ يَد ِ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س أَ َ ّ‬
‫ع ََب ّا ٍ‬

‫ض فِي صُل ْب آدَم َ‬ ‫الل ّه ُ ِإلَى الْأَ ْر ِ‬


‫ل رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )ف َأَ ه ْبَطَنِي َ‬ ‫الن ّور َ فِي صُل ْبِه ِ فَق َا َ‬ ‫ك ُ‬‫الل ّه ُ آدَم َ أَ لْقَى ذَل ِ َ‬
‫ق َ‬ ‫حه ِ فَلَم ّا خ َل َ َ‬
‫بِتَسْب ِي ِ‬
‫جنِي‬ ‫طاه ِرَة ِ ح ََت ّى أَ ْ‬
‫خر َ َ‬ ‫اب الـْكَر ِيمَة ِ و َالْأَ ْرح َام ال َ ّ‬
‫ن الأَ صْ ل َ ِ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى يَنْق ُلُنِي م ِ َ‬ ‫ْب ِإ ب ْر َاه ِيم َ ث َُم ّ ل َ ْم ي َز َ ِ‬ ‫ْب ن ُ ٍ‬
‫ل َ‬ ‫َف بِي فِي صُل ِ‬ ‫وح و َقَذ َ‬ ‫جعَلَنِي فِي صُل ِ‬ ‫وَ َ‬
‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫سف ٍ‬
‫َاح ق ُ َّط‪ ،‬و َيَشْهَد ُ ب ِصِ َح ّة ِ هَذ َا الخـير ِ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س ال ْمَشْه ُور ُ في مديح َ‬
‫شعْر ُ الْع ََب ّا ِ‬ ‫ن أَ بَو ََيّ ل َ ْم يلَ ْتَق ِيَا عَلَى ِ‬
‫مِ َ‬

‫ْب‬
‫كثْرَتِه ِ و َضَر ٌ‬
‫ل فِي َ‬ ‫ل فِي ق َِل ّتِه ِ و َضَر ٌ‬
‫ْب الْف َضْ ُِ‬ ‫ْب الْف َضْ ُ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا م َا ت َ ْدع ُو ضَر ُورَة ُ الْحيََاة ِ إليْه ِ م َِم ّا ف ََصّ ل ْنَاه ُ فَعَلَى ثُلاثَة ِ أَ ضْر ٍ‬
‫ُب‪ :‬ضَر ٌ‬

‫ح‬
‫كمَاء ُ تَتمََاد َ ُ‬
‫ل ال ْع َر َبُ و َالح ُ َ‬ ‫ل عَادَة ً و َشَر ِيع َة ً ك َال ْغِذ َاء ِ و َ‬
‫َالن ّو ْ ِم‪ ،‬و َل َ ْم ت َز َ ِ‬ ‫ل بِق ِ َل ّتِه ِ اتِّف َاقًا و َعَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ل ح َا ٍ‬ ‫كمَا ُ‬ ‫التمّ َُ ّد ُ‬
‫ح و َال ْـ َ‬ ‫ل ف ِيه ِ‪ ،‬ف َأَ َمّا م َا َ‬
‫تخ ْتَل ُِف الْأَ حوَا ُ‬
‫َ‬

‫ِب لم َِضَارِّ ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬


‫خرَة ِ ج َال ٌِب‬ ‫ص و َال َش ّرَه ِ و َغَلَبَة ِ ال َش ّهْوَة ِ‪ ،‬مُسَب ّ ٌ‬
‫ل عَلَى ال َنّه َ ِم و َالْحِر ْ ِ‬ ‫ل و َال ُش ّر ِ‬
‫ْب د َلِي ٌ‬ ‫ك ِ‬
‫كثْرَة َ الْأَ ْ‬ ‫بِق ِ َل ّتِهِم َا و َتَذ ُ ُمّ ب ِكثْرَتِهِم َا لأ َ ّ‬
‫ن َ‬
‫لأدواء‬
‫__________‬
‫َف الورق‪ ،‬وسيأتى تمامه في كلام المصنف إن شاء الل ّٰه‬
‫يخْص ُ‬ ‫ل و َفِي مُسْتَوْد ٍَع َ‬
‫حي ْثُ ُ‬ ‫)قوله شعر العباس( هو‪ :‬م ِنْ قَبْلِه َا طِب ْتَ فِي ال َ ّ‬
‫ظلا ِ‬
‫تعالى )قوله كالغذاء( بكسر الغين وبالذال المعجمتين‪ :‬ما يتغذى به من الطعام والشراب‪ ،‬وأما الغداء بفتح الغين المعجمة وبالدال‬
‫المهملة هو الطعام بعينه وهو خلاف العشاء )قوله النهم بفتح النون والهاء‪ :‬هو إفراط الشهوة في الطعام )قوله والشره( بفتح الشين‬
‫المعجمة والراء‪.‬‬
‫هو غلبة الحرس )قوله مسبب( بكسر الموحدة الأولى‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن‪،‬‬ ‫صف َاء ِ الْخا َطِرِ و َ ِ‬
‫ح َ ّدة ِ الذِّه ْ ِ‬ ‫ِب لل ِِّص َح ّة ِ و َ َ‬
‫س‪ ،‬و َقَم ْ ُع ال َش ّهْوَة ِ مُسَب ّ ٌ‬ ‫ك َ‬
‫الن ّ ْف ِ‬ ‫س و َامْت ِلَاء ِ الدِّم ِ‬
‫َاغ‪ ،‬و َق َِل ّت ُه ُ د َلِي ٌ‬
‫ل عَلَى الْق َنَاعَة ِ وَمِل ْ ُ‬ ‫الْجَسَدِ وَخُثَارَة ِ َ‬
‫الن ّ ْف ِ‬
‫ِيع ال ْع ُ ْمرِ فِي غَيْر ِ نَف ٍْع و َقَسَاوَة ِ‬
‫ل و َعَادَة ِ الْع َجْ زِ و َتَضْ ي ِ‬
‫كس َ ِ‬ ‫ْف‪ ،‬و َعَد َ ِم ال َذ ّك َاء ِ و َالْفِطْنَة ِ مُسَب ّ ٌ‬
‫ِب لِل ْـ َ‬ ‫ل عَلَى الْفُس ُولَة ِ و َ‬
‫َالضّ ع ِ‬ ‫ن كثْرَة َ َ‬
‫الن ّو ْ ِم د َلِي ٌ‬ ‫كَمَا أَ َ ّ‬
‫ْب وَغَفْلَتِه ِ‬
‫الْق َل ِ‬
‫كمَاء ِ ال َ ّ‬
‫سالِف ِينَ و َأَ شْ ع َارِ الْع َر َِب‬ ‫ل م ُت َوَاتِر ًا م ِنْ ك َلَا ِم ا ْل ُأم َ ِم ال ْمُتَق َ ّدِمَة ِ و َالْح ُ َ‬ ‫وَمَو ْتِه ِ‪ ،‬و َال َ ّ‬
‫شاهِد ُ عَلَى هَذ َا م َا يُعْلَم ُ ضَر ُورَة ً و َيُوجَد ُ مُشَاهَدَة ً و َيُنْق َ ُ‬
‫ج ِإلَى الاسْ تِشْه َادِ عَلَيْه ِ و َِإ َن ّمَا ت َرَكْناَ ذِك ْرَه ُ ه ُنَا اخْ تِصَار ًا و َاق ْتِصَار ًا عَلَى اشْ تِهَارِ‬ ‫ف م َِم ّا ل َا ُ‬
‫يح ْتَا ُ‬ ‫ف وَخ َل َ َ‬‫ِيث و َآث َارِ م َنْ سَل َ َ‬
‫ِيح الْحَد ِ‬‫و َأَ خْ بَارِه َا و َصَ ح ِ‬

‫ل‪ ،‬هَذ َا م َا ل َا يُدْف َ ُع م ِنْ سِيرَتِه ِ و َه ُو َ ال َ ّذ ِي أَ م َرَ بِه ِ وَح َ ّ‬


‫َض عَلَيْه ِ ل َا‬ ‫ال ْعِلْم ِ بِه ِ‪ ،‬وكان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ق َ ْد أَ خَذ َ م ِنْ هَذ َي ْ ِن الف ََن ّيْنِ ب ِالْأَ ق َ ّ ِ‬
‫ل الأَ صْ فَه َان ِ ُيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو نُعَي ٍْم الْحَاف ُِظ‬ ‫الصّ د َف ِ ُيّ الْحَاف ُِظ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْف َضْ ِ‬ ‫س ّيم َا ب ِارْتَبَاطِ أحَدِهِمَا ب ِالآخَر ِ‪ :‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ َ‬
‫َِ‬

‫ل ح َ َ ّدثَنَا‬
‫قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله وخثارة النفس( بخاء معجمة وثاء مثلثة مخففة وراء‪ ،‬في الصحاح خثرت نفسه بالفتح أي اختلطت وقوم خثرى الأنفس خثراء‬
‫الأنفس أي مختلطون وقال ابن الأثير في حديث )أصبح رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم خائر النفس( أي ثقيل النفس غير طيب ولا‬
‫نشط )قوله وملك النفس( بكسر الميم )قوله على الفسولة( بضم الفاء والسين المهملة يقال فسل بالضم فسالة وفسولة فهو فسل أي رزل‬
‫)قوله أبو الفضل الأصبهاني( هو ابن حبرون وقد تقدم قال القاضى عياض قَال أَ بُو ع ُبَي ْد‪ :‬إصبهان بكسر الهمزة وقال بعضهم بفتحها‬
‫وأهل خراسان يقولون بالفاء مكان الباء وقال الكاشغرى في كتاب )مجمع الغرائب( كسر الهمزة هو الصحيح بالباء كان أو بالفاء‪ ،‬قال‬
‫المزى‪.‬‬
‫المعروف فتح الهمزة والباء مفتوحة لا غير وقد تبدل بالفاء‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)*(‬
‫ن ج َابِر ٍ ح َ َ ّدثَه ُ عن المقدام‬
‫يح ْي َى ب ْ َ‬ ‫ن صَالِ ٍح أَ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن صَالِ ٍح ح َ َ ّدثَنِي مُع َاوِ يَة ُ ب ْ ُ‬
‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬
‫ل قَا َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫ن س َ ْه ٍ‬ ‫ن أَ حْمَد َ قَا َ‬
‫سُلَيْم َانُ ب ْ ُ‬

‫ن صُل ْب َه ُ‪ ،‬ف َِإ ْن‬


‫ُلات يُق ِ ْم َ‬
‫ن آدَم َ أَ ك ٌ‬ ‫ن آدَم َ وِعَاء ً ش َ ًرّا م ِنْ بَطْنِه ِ‪َ ،‬‬
‫حسْبُ اب ْ ُ‬ ‫َلأ اب ْ ُ‬
‫ل م َا م َ‬
‫ابن معد يكرب أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قَا َ‬
‫ك َانَ‬
‫ك‬ ‫الث ّوْر ُِيّ بِقِلَ ّة ِ ال َ ّ‬
‫طع َا ِم يُمْل َ ُ‬ ‫سفْيَانُ َ‬
‫ل ُ‬
‫ْب قَا َ‬
‫ل و َالشر ِ‬
‫ك ٍ‬
‫كثْرَة ِ الْأ ْ‬ ‫كثْرَة َ َ‬
‫الن ّو ْ ِم من َ‬ ‫سه ِ( ‪ ،‬ولأ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ث لِنَف َ ِ‬
‫ث ل ِشَر َابِه ِ و َثلُ ُ ٌ‬
‫ث لِطَع َامِه ِ و َثلُ ُ ٌ‬
‫محَالَة َ فَثُل ُ ٌ‬
‫ل َا َ‬
‫س َل ّم َ َأن ّه ُ‬ ‫ف‪ :‬ل َا ت َأْ ك ُلُوا كَث ِير ًا فَتَشْر َبُوا كَثيِر ًا فَتَرْقُد ُوا كَث ِير ًا فَت َخْ سَر ُوا كَث ِير ًا‪ ،‬و َقَد َ رُوِيَ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ْض ال َ ّ‬
‫سل َ ِ‬ ‫ل بَع ُ‬
‫ل‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫سَه َر ُ َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ْف َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا‪ :‬ل َ ْم يَم ْتَل ِئْ َ‬
‫جو ُ‬ ‫كثْرَة ِ الْأَ يْدِي( وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫ي َ‬
‫َف )أَ ْ‬
‫ضف ٍ‬
‫طع َا ِم إليْه ِ م َا ك َانَ عَلَى َ‬ ‫ك َانَ أَ ح ُ ّ‬
‫َب ال َ ّ‬

‫َض عَلَى هَذ َا‬


‫سقَوْه ُ شَرِبَ ‪ ،‬وَل َا يُعْتَر ُ‬
‫ل وَم َا َ‬ ‫شَبَع ًا ق ُ َّط‪ ،‬و َأَ َن ّه ُ ك َانَ فِي أه ْلِه ِ ل َا يَسْأَ لُه ُ ْم طع َام ًا وَل َا يَت َش َ َهّاه ُ ِإ ْن أَ طْ عَم ُوه ُ أَ ك َ َ‬
‫ل وَم َا أَ طْ عَم ُوه ُ قَب ْ ُ‬
‫يح ِ ُ ّ‬
‫ل لَه ُ ف َأَ ر َاد َ بَيَانَ س َُن ّتِه ِ‪،‬‬ ‫س َل ّم َ اعْتِق َاد َه ُ ْم أَ َن ّه ُ لا َ‬ ‫ل سَب َبَ سِؤَالِه ِ ظ َُن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيث بَر ِيرَة َ و َقَو ْلِه ِ )أَ ل َ ْم أَ ر َ ال ْبُرْم َة َ ف ِيهَا لَحْمٌ( ِإ ْذ لَع َ َ ّ‬
‫بحَد ِ‬
‫ِإ ْذ رآهم لم يقدموه إليه‬
‫__________‬
‫)قوله أكلات( بضم الهمزة والكاف وفتح اللام جمع أكلة بضم الهمزة وسكون الكاف وهى اللقمة‪ ،‬وأما الأكلة بفتح الهمزة وسكون‬
‫الكاف فالمرة من الأكل )قوله على ضفف( بضاد معجمة وفاء مفتوحتين بعدهما فاء أخرى فسره القاضى بكثرة الأيدى وهو قول‬
‫الخليل وفسره أبو يزيد بالضيق والشدة قال الأسمعي أن تكون الأكلة أكثر من الطعام )قوله بريرة( بفتح الموحدة وكسر الراء الأولى‬
‫هي مولاة عائشة وهى بنت صفوان‪ ،‬كذا نسبها النووي‪ ،‬قال بعضهم قبطية وقال الذهى حبشية‪.‬‬
‫)*(‬
‫ح ْ‬
‫كمَة ِ ل ُ ْقم َانَ‪:‬‬ ‫صد َق َة ٌ و َلَنَا ه ََدي ّة ٌ( و َفِي ِ‬ ‫ص َ ّدقَ عَلَيْهِم ُ ظ ََن ّه ُ و َبيَ ّنَ لَه ُ ْم م َا َ‬
‫جه ِلُوه ُ م ِنْ أ ْمرِه ِ بِقَو ْلِه ِ )ه ُو َ لَهَا َ‬ ‫م َ َع ع ِل ْمِه ِ أَ َ ّنه ُ ْم لا يَسْت َأْ ث ِر ُونَ عَلَيْه ِ بِه ِ ف َ َ‬
‫ل ح ََت ّى‬ ‫ل سُ ح ْن ُونُ‪ :‬ل َا يَصْ ل ُ ُ‬
‫ح ال ْعِلْم ُ لم َِنْ ي َأْ ك ُ ُ‬ ‫ن ال ْع ِبَادَة ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫َت الْأ ْعضَاء ُ ع َ ِ‬
‫كم َة ُ و َق َعَد ِ‬‫َت الح ِ ْ‬ ‫َت الْفِك ْرَة ُ وَخَرِس ِ‬ ‫ي َا بُنِ َ ّي ِإذ َا امْتَل َ َأ ِ‬
‫ت ال ْم َعِدَة ُ ن َام ِ‬
‫س َل ّم َ )أَ َمّا أَ ن َا فَلَا‬ ‫ِيث قَو ْلُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيح الْحَد ِ‬ ‫يَش َبَعَ‪ ،‬و َفِي صَ ح ِ‬

‫َات َال ّتِي يَعْتَمِد ُ ف ِيهَا الْجَال ُِس عَلَى م َا‬


‫ن الْجِلْس ِ‬ ‫شبْهِه ِ م ِنْ تَم َ ُ ّ‬
‫ك ِ‬ ‫س لَه ُ ك َالمُتَر َب ّ ِ‬
‫ِـع و َ ِ‬ ‫لو َ‬
‫َالت ّقَعْدُد ُ فِي الْجلُُو ِ‬ ‫ك ِ‬
‫لأ ْ‬
‫ن لِ َ‬ ‫التمّ َ ُ ّ‬
‫ك ُ‬ ‫ل م َُت ّكِئًا( و َالاتِّك َاء ه ُو َ َ‬
‫آك ُ ُ‬
‫ُ‬
‫وس ال ْمُسْتَو ْفِزِ مُقْع ِيًا‬
‫ل ج ُل ُ َ‬
‫ك ِ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َن ّمَا ك َانَ ج ُلُوسُه ُ ل ِ َ‬
‫لأ ْ‬ ‫والن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل و َيَسْتَكْث ِر ُ مِن ْه ُ‪َ ،‬‬
‫ك َ‬
‫تح ْت َه ُ و َالْجَال ُِس عَلَى هَذِه ِ ال ْهَي ْئَة ِ يَسْتَدْعِ ي الْأ ْ‬
‫َ‬
‫ح ّقِق ِينَ‪.‬‬
‫ِق عِنْد َ ال ْم ُ َ‬ ‫ِيث فِي الاتِّك َاء ِ ال ْمَي ْ َ‬
‫ل عَلَى ش ّ ٍ‬ ‫ْس مَعْن َى الْحَد ِ‬
‫ل الْعَبْد ُ وأجلس كما يجلس الْعَبْد ُ( و َلَي َ‬ ‫)إ َن ّمَا أَ ن َا عَبْدٌ آك ُ ُ‬
‫ل كَمَا ي َأْ ك ُ ُ‬ ‫ل ِ‬
‫و َيَق ُو ُ‬
‫ن عَي ْن َيّ تَنَام َا ِ‬
‫ن‬ ‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم ِ‬ ‫الصّ حِيح َة ُ‪ ،‬ومع ذلك فَق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ك الآث َار ُ َ‬ ‫ك نَوْم ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وسلم كان قليلا شهدت بِذَل ِ َ‬ ‫وَكَذَل ِ َ‬
‫ن الْأَ ْعضَاء ِ‬
‫ق بِه ِ م ِ َ‬ ‫الن ّو ْ ِم ل ِأَ َن ّه ُ عَلَى الْجَان ِِب الأي ْسَر ِ أَ ه ْن َُأ لِه ُدوِّ الْق َل ِ‬
‫ْب وَم َا يَت َع ََل ّ ُ‬ ‫ن اسْ ت ِ ْظه َار ًا عَلَى قِلَ ّة ِ َ‬
‫وَل َا يَنَام ُ قَلْبِي( وَك َانَ نَوْم ُه ُ عَلَى ج َانبِِه ِ الأَ يْم َ ِ‬
‫الباطنة‬
‫__________‬
‫)قوله لقمان( قال الثعلبي في تفسيره كان لقمان مملوكا وكان أهون مملوكي سيده عليه‪ ،‬وَرُوِيَ أَ َن ّه ُ ك َانَ عبدا حبشيا نجارا واسم أبيه أنعم‬
‫وقيل ما ثان وقيل مكشورا )قوله المعدة( بكسر العين المهملة مع فتح الميم وبإسكان العين المهملة مع فتح الميم وكسرها وبكسرهما‬
‫)قوله مقعيا( قال الهروي قال ابن شميل الإقعاء أن يجلس على وركيه وهو الاحتفاز والاستنضار‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( والضرب الثاني ما يتفق التمدح بكثرته والفخر بوفوره كالنكاح والجاه‬ ‫‪٢.٢.٧‬‬

‫ق فأسرع الافافة و َل َ ْم‬ ‫ن تَع ََل ّ َ‬


‫ق الْق َل ْبُ و َقَل ِ َ‬ ‫طوْلَ‪ ،‬و َِإذ َا ن َام َ َ‬
‫الن ّائِم ُعَلَى الأَ يْم َ ِ‬ ‫ل ف ِيه ِ و َال َ ّ‬
‫ك الاسْ تِثْق َا َ‬
‫حِينَئِذٍ لم َِيْلِه َا ِإلَى الْجَان ِِب الأَ ي ْسَر ِ فَيَسْتَدْعِ ي ذَل ِ َ‬
‫يَغْمرْه ُ الاسْ تِغْرَاقُ ‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫كثْرَتِه ِ و َالْف َخْ ر ُ ب ِو ُف ُورِه ِ ك َالنِّك ِ‬


‫َاح و َالْجا َه ِ‪.‬‬ ‫التمّ َُ ّد ُ‬
‫ح بِ َ‬ ‫ق َ‬ ‫)فصل( و َال َض ّرْبُ َ‬
‫الث ّانِي م َا يَت ّف ِ ُ‬
‫ل و َِ‬
‫َصح ّة ُ‬ ‫كمَا ِ‬
‫ل ال ْـ َ‬ ‫ح فَم َُت ّف َ ٌ‬
‫ق ف ِيه ِ شرعا وعادة فإنه د َلِي ُ‬ ‫أَ َمّا النِّك َا ُ‬
‫ل‬ ‫ن ع ََب ّاسٍ‪ :‬أَ ف ْ َ‬
‫ض ُ‬ ‫ح بِه ِ سِيرَة ً م َاضِية ً‪ ،‬و َأَ َمّا فِي ال َش ّر ِْع فَس َُن ّة ٌ م َأْ ثُورَة ٌ‪ ،‬و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫الت ّف َاخُر ُ بِكَثْرَتِه ِ عَادَة ً مَعْر ُوف َة ً و ََالتمّا َد ُ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ال ُذ ّكُورِ َي ّة ِ و َل َ ْم ي َز َ ِ‬

‫س َل ّم َ )تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا ف َِإن ِ ّي م ُبَاه ٍ بِكُم ُ ال ُأمَم َ( وَنَهَ ى ع َ ِ‬


‫ن‬ ‫هَذِه ِ ال ُأ َمّة ِ أَ كْ ث َر ُه َا نِس َاءً‪ ،‬مُشِير ًا إلَيْه ِ صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫س َل ّم و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ل فَل ْيَتَز َ َ ّوجْ ف َِإ َن ّه ُ أَ غ ُ َّض لِل ْب َصَر ِ‬


‫س َل ّم َ بِقَو ْلِه ِ )م َنْ ك َانَ ذ َا َطو ْ ٍ‬ ‫ل م َ َع م َا ف ِيه ِ م ِنْ قَم ِْع ال َش ّهْوَة ِ وَغ ّ ِ‬
‫َض ال ْب َصَر ِ َالل ّذَي ْ ِن نَب ّه َ عَلَيْهِم َا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الت ّب َُت ّ ِ‬
‫َ‬

‫نح ْوه ُ‬ ‫الل ّهِ‪ :‬ق َ ْد حببن ِإلَى س ََي ّدِ ال ْمُرْسَلِينَ ف َ َ‬
‫كي َْف يُزْهَد ُ ف ِيه َِنّ ؟ و َ َ‬ ‫ل ابن عَبْدِ َ‬
‫ل س َ ْه ُ‬ ‫ح فِي ُ‬
‫الز ّهْدِ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ن لِلْفَر ِْج( ح ََت ّى ل َ ْم ي َرَه ُ ال ْع ُلَمَاء ُ م َِم ّا ي َ ْقد َ ُ‬
‫و َأَ حْ ص ُ‬
‫__________‬
‫)قوله لم يغمره( بالغين المعجمة وسكون الراء من غمره الماء إذا علاه )قوله فإنى مباه( الذى في سنن أبى داود والنسائي وابن ماجه‬
‫)فإنى مكاثر بكم الأمم( )قوله عن التبتل( هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح‪ ،‬وامرأة بتول منقطعة عن الرجال‪ ،‬وبه سميت أم‬
‫ع ِيس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ وسميت فاطمة بنت محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم لانقطاعها عن النساء‪ ،‬فضلا ودينا وحسبا وقيل لانقطاعها عن الدنيا‬
‫)قوله م َنْ ك َانَ ذ َا طول( الطول بفتح الطاء المهملة وإسكان الواو‪ :‬الفضل والمقدرة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن‬
‫ك ع َنْ عَل ِ ٍيّ و َالْحَسَ ِ‬ ‫َات و َال َس ّر َارِي كَث ِيرِي النِّك ِ‬
‫َاح‪ ،‬وَحُكِي َ فِي ذَل ِ َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْه ُ ْم كَث ِير ِي َ‬
‫الز ّ ْوج ِ‬ ‫لاب ْ ِن ع ُيَي ْن َة َ‪ ،‬و َق َ ْد ك َانَ ز ُ َه ّاد ُ َ‬
‫الصّ حابَة ِ رَضِيَ َ‬

‫الل ّه َ ع َْز ب ًا‪.‬‬


‫حدٍ أَ ْن يلَْقَى َ‬
‫و َاب ْ ِن ع ُم َر َ و َغَيْرِه ِ ْم غَي ْر ُ شئ‪ ،‬و َق َ ْد كَرِه َ غَي ْر ُ و َا ِ‬
‫كي َْف‬‫حصُور ًا‪ ،‬ف َ َ‬ ‫سلَام ُ ق َ ْد أَ ث ْن َى الل ّٰه تعالى عَلَيْه ِ أَ َن ّه ُ ك َانَ َ‬ ‫ن زَكَر ِ َي ّا عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫يح ْي َى ب ْ ُ‬ ‫ل و َهَذ َا َ‬ ‫ن الفَضَائ ِ ِ‬‫كثْرَتُه ُ م ِ َ‬
‫ح وَ َ‬ ‫كي َْف يَكُونُ النِّك َا ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ف َِإ ْن ق ِي َ‬
‫الل ّه ِ‬ ‫كحَ؟ فَاع ْل َ ْم أَ َ ّ‬
‫ن ثَنَاء َ َ‬ ‫ن النّسَاء ِ و َلَو ْ كان كما قررته لَن َ َ‬ ‫سلَام ُ تَبَت ّل م ِ َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ ب ِالْع َجْ زِ ع ََم ّا تَع ُ ُ ّده ُ ف َضِ يلَة ً و َهَذ َا ع ِيس َى اب ْ ُ‬
‫ن م َْر ي َم َ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫يُثْنِي َ‬
‫ن و َن َ ُ ّقاد ُ ال ْع ُلَمَاء ِ و َقَالُوا هَذِه ِ‬ ‫ل بَعْضُه ُ ْم أَ َن ّه ُ ك َانَ ه َي ُوب ًا أَ ْو ل َا ذَك َر َ لَه ُ بَلْ ق َ ْد أَ ن ْك َر َ هَذ َا ح ُ َ ّذاقُ ال ْمُفَس ِّر ِي َ‬ ‫ْس كَمَا قَا َ‬ ‫حصُور ٌ لَي َ‬ ‫يح ْي َى ب ِأَ َن ّه ُ َ‬
‫تَع َالَى عَلَى َ‬
‫ق ب ِالْأَ ن ْب ِيَاء ِ عَلَيْهِم ُ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ و َِإ َن ّمَا مَعْنَاه ُ أَ َن ّه ُ‬ ‫ْب وَل َا يلَِي ُ‬
‫نَق ِيصَة ٌ وَعَي ٌ‬

‫َت لَه ُ شَهْوَة ٌ فِي النِّسَاءِ‪.‬‬


‫ل لَيْس ْ‬ ‫ن ال َش ّه َو َ ِ‬
‫ات‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫ل م َانِع ًا ن َ ْفسَه ُ م ِ َ‬ ‫ي ل َا ي َأت ِيهَا ك َأَ َن ّه ُ ُ‬
‫حصِر َ عَنْهَا‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫ن ال ُذ ّن ُ ِ‬
‫وب أَ ْ‬ ‫مَعْصُوم ٌ م ِ َ‬
‫كوْنِهَا مَوْجُودَة ً ث َُم ّ قَم ْعُه َا ِإ َمّا بِمُج َاهَدَة ٍ كَع ِيس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ أَ ْو‬ ‫ْص و َِإ َن ّمَا الْف َضْ ُ‬
‫ل فِي َ‬ ‫ن عَدَم َ الق ُ ْدرَة ِ عَلَى النِّك ِ‬
‫َاح نَق ٌ‬ ‫ك م ِنْ هَذ َا أَ َ ّ‬ ‫فَق َ ْد ب َانَ ل َ َ‬
‫الل ّه ِ تَع َالَى كَي َحْ ي َى‬
‫ن َ‬ ‫ب ِكف َايَة ٍ م ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله عزبا( بفتح المهملة والزاى‪ :‬من لا أهل له‪ ،‬كذا في القاموس )قوله يحيى بن زكر يا( هو من ذر ية سليمان بن داود صلوات‬
‫الل ّٰه عليهم أجمعين )قوله أَ َن ّه ُ ك َانَ ه َي ُوب ًا( الهيوب بفتح الهاء وضم المثناة التحتية الذى يهاب الفعل المعروف‪ ،‬في الصحاح وفى الحديث‬
‫)الإيمان هيوب( أي صاحبه يهاب المعاصي )قوله حصور( الحصور الذى يحبس نفسه عما يكون من الرجال مع النساء‪ ،‬وقيل شهوات‬
‫الدنيا كلها )فعول( بمعنى مفعول كما يقال ناقة حلوب‪.‬‬
‫)*(‬
‫هي َ فِي حَقّ ِ م َنْ ُأقْدِر َ عَلَيْهَا وَم ُل ِّـكَه َا و َقَام َ ب ِال ْوَاج ِ‬
‫ِب‬ ‫ات ح ََاطّ ة ً ِإلَى ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬ث َُم ّ ِ‬
‫ن الْأَ وْق َ ِ‬ ‫عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ف َضِ يلَة ٌ ز َائِدَة ٌ لـِكَوْنِهَا مُشْغِلَة ً فِي كَث ِيرٍ م ِ َ‬
‫كثْرَتُه َُنّ ع َنْ عِبَادَة ِ ر َبِّه ِ بَلْ ز َادَه ُ ذَل ِ َ‬
‫ك عِبَادَة ً‬ ‫س َل ّم َ ال َ ّذ ِي ل َ ْم تَشْغَل ْه ُ َ‬ ‫هي َ دَرَج َة ُ نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ف ِيهَا و َل َ ْم ي َ ْشغَل ْه ُ ع َنْ ر ََب ّه ِ دَرَج َة ٌ عَل ْيَاء ُ و َ ِ‬
‫حظ ُوظِ دُن ْيَا غَيْرِه ِ‬
‫حظ ُوظِ دُن ْيَاه ُ ه ُو َ و َِإ ْن ك َان َْت م ِنْ ُ‬ ‫ح أَ َ ّنهَا لَيْس ْ‬
‫َت م ِنْ ُ‬ ‫لِت َحْ صِ ينِه َِنّ و َق ِيَامِه ِ بِ حُق ُوقِه َِنّ و َاكْ تِسَابِه ِ لَه َُنّ وَهِد َايَتِه ِ ِإ َي ّاه َُنّ بَلْ ص َ َرّ َ‬

‫ْس‬ ‫ك لَي َ‬ ‫ِيب اللذين هما من أَ ْمر ِ دُن ْيَا غَيْرِه ِ و َاسْ تِعْم َالَه ُلِذَل ِ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ن النِّسَاء ِ و َال ّ‬ ‫ن ح َُب ّه ُ لم َِا ذُك ِر َ م ِ َ‬ ‫سلَام ُ )حُب ِّبَ ِإل َيّ م ِنْ دُن ْيَاكُمْ( فَد َ َ ّ‬
‫ل أَ َ ّ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫فَق َا َ‬
‫يب و َل ِأَ َن ّه ُ أيْضًا م َِم ّا يَح ُ ُّض عَلَى ا ْلجِم َ ِ‬
‫اع و َيُع ِينُ عَلَيْه ِ و َيُح َرِ ّك ُ أَ سْ بَابَه ُ‪،‬‬ ‫ط ِ‬ ‫خر َتِه ِ‪ ،‬لِلْف َوَائِدِ التي ذَكَر ْن َاه َا فِي ال َت ّزْو ِِيج وَلِلِق َاء ِ ال ْمَلَائِكَة ِ فِي ال َ ّ‬
‫لِدُن ْيَاه ُ بَلْ لآ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ك م َي ّز َ‬ ‫ل غَيْرِه ِ و َقَم ِْع شَهْوَتِه ِ وَك َانَ ح ُُب ّه ُ الْحَق ِيق ُِيّ ال ْم ُخْ ت ُ َّص بِذ َاتِه ِ فِي مُشَاهَدَة ِ ج َب َر ِ‬
‫ُوت مَوْل َاه ُ وَم ُنَاج َاتِه ِ وَلِذَل ِ َ‬ ‫وَك َانَ ح ُُب ّه ُ لِهَاتَيْنِ الْخَصْ لَتَيْنِ ل ِأَ جْ ِ‬
‫بَيْنَ الْح َب ُ ّيْنِ‬
‫كف َايَة ِ فِت ْنَتَه َِنّ وَز َاد َ ف َضِ يلَة ً ب ِالْق ِيَا ِم بِه َِنّ ‪ ،‬وَك َانَ‬
‫يح ْي َى وَع ِيس َى فِي ِ‬ ‫ت ق َُر ّة ُ عَيْنِي فِي َ‬
‫الصّ لَاة ِ( فَق َ ْد سَاو َى َ‬ ‫ل )وَجُعِل َ ْ‬
‫ل بَيْنَ الْحَاليَْنِ فَق َا َ‬
‫ص َ‬
‫و َف َ َ‬

‫ي ال ْـكَث ِير َ مِن ْه ُ و َلِهَذ َا ُأبيِ ِ َ‬


‫ح لَه ُ م ِنْ عَدَدِ الْحَرَائِر ِ م َا ل َ ْم يُب َحْ ل ِغَيْرِه ِ‪ ،‬و َق َ ْد رُوِينَا ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س‬ ‫س َل ّم َ م َِم ّنْ ُأقْدِر َ عَلَى الْق ُ َو ّة ِ فِي هَذ َا و َأ ْعط ِ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َأن ّه ُ صلى الل ّٰه عليه‬
‫__________‬
‫)قوله حاطة( بالحاء والطاء المشددة المهملتين )قوله أقدر( بضم الهمزة وكسر الدال )قوله ولم يشغله( بفتح المثناة التحتية في أوله )قوله‬
‫وقد روينا( قال المزى يقال روينا بفتح الراء والواو وروينا بضم الراء وكسر الواو المشددة‪.‬‬
‫)*(‬
‫س وَك َُن ّا نَتَح َ ّدثُ َأن ّه ُ ُأ ْعط ِ َ‬
‫ي ق َُو ّة َ ثَلَاثِينَ رَج ُلا خ َرّج َه ُ‬ ‫ل و َال َنّهَارِ و َه َُنّ إحْد َى ع َشَرَة ً‪ ،‬قَا َ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬ ‫ن َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬ ‫وسلم كان بدور عَلَى نِس َائِه ِ فِي ال َ ّ‬
‫ساعَة ِ م ِ َ‬

‫ت‬
‫صفْوَانَ ب ْ ِن سُلَي ٍْم‪ ،‬و َقَال َ ْ‬ ‫سلَام ُ ق َُو ّة َ أَ رْبَع ِينَ رَج ُل ًا فِي ا ْلجِم َ ِ‬
‫اع‪ ،‬وَمِثْلُه ُ ع َنْ َ‬ ‫الن ّسَائ ِ ُيّ‪ ،‬وروي نحوه عن أَ بِي ر َاف ٍ‬
‫ِـع‪ ،‬وَع َنْ طاووس ُأ ْعط ِ َ‬
‫ي عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫َ‬

‫س َل ّم َ لَيْلَة ً عَلَى نسائه التسع‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َاف َ‬
‫سَل ْم َى مَو ْلاتُهُ‪ :‬ط َ‬
‫__________‬
‫)قوله و َه َُنّ إحْد َى ع َشَرَة ً( هكذا في صحيح ال ْب ُخ َارِيّ عن أنس وفيه أيضا عنه تسع نسوة وجمع بينهما بأن أزواجه كن تسعا في هذا‬
‫الوقت وسريتاه مار ية ور يحانة على رِو َايَة من روى أن ر يحانة كانت أمة وروى بعضهم أنها كانت زوجة وقال ابن حيان حكى أنس‬
‫هذا الفعل منه في أول قدومه المدينة حيث كانت تحته تسع نسوة ولا نعلم أنه تزوج نساءه كلهن في وقت واحد ولا يستقيم هذا إلا‬
‫في آخر أمره حيث اجتمع عنده تسع نسوة وجاريتان ولا نعلم أنه اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة بالتزويج فإنه تزوج بإحدى عشر‬
‫أولهن خديجة ولم يتزوج عليها حتى ماتت )قوله قال أنس( وكنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين( في الحلية لأبى نعيم عن مجاهد أعطى‬
‫قوة أربعين رجلا كل رجل من رجال أهل الجنة انتهى‪ ،‬وروى الترمذي أن رجال أهل الجنة قوة كل رجل منهم بقوة سبعين رجلا‬
‫وصححه وروى بقوة مائة رجل وقال صحيح غريب )قوله وروى نحوه عن أبى رافع( هو مولى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قيل اسمه‬
‫إبراهيم‬
‫وقيل أسلم وقيل ثابت وقيل هرمز وقيل صالح كان قبطيا‪ ،‬والذى رواه أبو رافع أخرجه الترمذي في الطهارة والنسائي في عشرة النساء‬
‫أنه عليه السلام طاف على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه‪ :‬الحديث )قوله وعن طاووس( هو ابن كيسان اليماني‪ ،‬وقيل اسمه ذكوان‬
‫فلقب بطاووس‪ ،‬قال ابن معين لأنه كان طاووس القراء )قوله صفوان ابن سليم )بضم السين المهملة وفتح اللام إمام جليل )قوله‬
‫سلمى( بفتح السين المهملة بلا خلاف هي خادم رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وقيل مولاة صفية وهى زوج أبى رافع وداية فاطمة‬
‫الزهراء‪.‬‬
‫)*(‬
‫سلَام ُ ل َأَ طُوف ََنّ َ‬
‫الل ّيْلَة َ عَلَى م ِائَة ِ امْرَأَ ة ٍ‬ ‫ل سُلَيْم َانُ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫ل )هَذ َا أَ طْ ي َبُ و َأَ طْ ه َر ُ( ‪ ،‬و َق َ ْد قَا َ‬ ‫ل أَ ْن ي َأْ تِي َ ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى و َقَا َ‬ ‫حدَة ٍ قَب ْ َ‬ ‫وتَطَ َهّر َ م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫ل و َا ِ‬
‫ل وَك َانَ له ثلاثمائة امرأة وثلاثمائة سَر َِي ّة ٍ‪ ،‬وَح َك َى‬
‫ن ع ََب ّاسٍ‪ :‬ك َانَ فِي َظ ْهرِ سُلَيْم َانَ م َاء ُ م ِائَة ِ رَج ُ ٍ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫أَ ْو تِس ٍْع و َتِسْع ِينَ‪ ،‬و َأَ َن ّه ُ فَع َ َ‬
‫ل ذَلِكَ‪ ،‬قَا َ‬

‫ل يَدِه ِ ت ِ ْس ٌع و َتِسْع ُونَ امْرَأَ ة ً وتمت‬ ‫اش وغيره سبعمائة امرأة وثلاثمائة سَر َِي ّة ٍ‪ ،‬و َق َ ْد ك َانَ لِد َاوُد َ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ عَلَى زُهْدِه ِ و َأَ كْلِه ِ م ِنْ ع َم َ ِ‬ ‫الن ّ َ ّق ُ‬
‫َ‬

‫س عَن ْه ُ عَلَيْه ِ‬
‫ِيث أَ ن َ ٍ‬
‫ن هَذ َا أَ خِي لَه ُ ت ِ ْس ٌع و َتِسْع ُونَ نَعْج َة ً( و َفي حَد ِ‬ ‫)إ َ ّ‬‫اب الْعَزِيز ِ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى ِ‬ ‫ك فِي الْكِت َ ِ‬ ‫بزوج أو ر ياء مائة‪ ،‬وقد ن َب ّه َ عَلَى ذَل ِ َ‬
‫ش( * و َأَ َمّا الْجا َه ُ فَم َحْ م ُود ٌ عِنْد َ ال ْعُق َلاء ِ عَادَة ً و َبِق َ ْدرِ ج َاهِه ِ‬ ‫كثْرَة ِ ا ْلجِم َ ِ‬
‫اع و َق َُو ّة ِ الب َ ْط ِ‬ ‫شج َاعَة ِ و َ َ‬‫سخ َاء ِ و َال َ ّ‬ ‫س ب ِأَ ر ٍ‬
‫ْبع‪ :‬بال َ ّ‬ ‫ضل ْتُ عَلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سلَام ُ( ف ُ ِّ‬

‫س‬ ‫ض َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫سلَام ُ )وَجِيهًا فِي ال ُد ّن ْيَا والآخرة( لـَكِنْ آفاتُه ُ كَث ِيرَة ٌ فَه ُو َ مُضِرّ ٌ لِبَعْ ِ‬
‫صفَة ِ ع ِيس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى فِي ِ‬
‫ل َ‬ ‫وب و َق َ ْد قَا َ‬
‫عِظَم ُه ُ فِي الْق ُل ُ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ك ذ َ َمّه ُ م َنْ ذمه‬


‫خرَة ِ‪ :‬فلَِذَل ِ َ‬
‫ل ِعُقْب َى الآ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله سليمان( كان أبوه داود عليه السلام يشاوره في أمور مع صغر سنه‪ ،‬قال أهل التاريخ‪ :‬كان عمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة وملك‬
‫اث عشر سنة وابتدأ بناء بيت المقدس بعد ابتداء ملـكه بأربع سنين يعنى ابتدأ تجديده لأن يعقوب هو الذى بناه‪ ،‬وبهذا‬
‫ن ثَل َ ٍ‬
‫و َه ُو َ اب ْ ُ‬

‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم عن أول‬ ‫ل َ‬ ‫ل سَأَ ل ْتُ رَسُو َ‬
‫‪ -‬أعنى بكون يعقوب هو الذى بناه ‪ -‬يتبين ما في الصحيحين من حديث أبي ذر قَا َ‬
‫مسجد وضع في الأرض قال‬
‫)المسجد الحرام( قلت ثم أي؟ قال )المسجد الأقصى( قلت كم بينهما؟ قال )أربعون عاما( )قوله وثلاثمائة سر ية( في المستدرك للحاكم‬
‫في ترجمة عيسى ابن مريم أن سُلَيْم َانُ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ كان له تسعمائة سر ية )قوله أو ر ياء( بهمزة مضمومة وواو ساكنة وراء مكسورة‬
‫ومثناة تحتية ومدة‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما الضرب الثالث فهو ما تختلف الحالات في التمدح‬ ‫‪٢.٢.٨‬‬

‫وب‬
‫شمَة ِ و َال ْمَك َانَة ِ فِي الْق ُل ُ ِ‬ ‫س َل ّم َ ق َ ْد رُزِقَ م ِ َ‬
‫ن الْح ِ ْ‬ ‫ل وَذ َ ُمّ ال ْع ُلُو ِّ فِي الْأَ ْرضِ‪ ،‬وَك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ض َ ّده ُ وَوَرَد َ فِي ال َش ّر ِْع م َ ْد ُ‬
‫ح ا ْلخم ُُو ِ‬ ‫ح ِ‬
‫وَمَد َ َ‬
‫خفْي َة ً ح ََت ّى ِإذ َا و َا َ‬
‫جهَه ُ ْم أَ ْعظَم ُوا أَ مْرَه ُ‬ ‫سه ِ ُ‬
‫صحَابَه ُ و َيَقْصِ د ُونَ أَ ذ َاه ُ فِي ن َ ْف ِ‬ ‫ل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ عِنْد َ الْجا َه ِل َِي ّة ِ و َبَعْد َه َا و َه ُ ْم يُكَذِّبُونَه ُ و َيُؤْذ ُونَ أَ ْ‬ ‫و َالْعَظَمَة ِ قَب ْ َ‬
‫ضو ْا ح َاجَت َه ُ‪.‬‬
‫و َق َ َ‬
‫ق‬
‫ن الْفَر ْ ِ‬ ‫ك مَعْر ُوف َة ٌ سَي َأْ تِي بَعْضُه َا‪ ،‬و َق َ ْد ك َانَ يَبْه َتُ و َيَفْر َقُ ل ِرُؤْيَتِه ِ م َنْ لم ي َرَه ُ كَمَا رُوِيَ ع َنْ قَيْلَة َ أَ َ ّنهَا لَم ّا ر َأَ ت ْه ُ ُأ ْرعِد ْ‬
‫َت م ِ َ‬ ‫و َأَ خْ بَارُه ُ فِي ذَل ِ َ‬
‫ك ف َِإن ِ ّي لَسْتُ بِمَلِكٍ (‬ ‫ن رَج ُل ًا قَام َ بَيْنَ يَد َيْه ِ ف َُأ ْرعِد َ فَق َا َ‬
‫ل لَه ُ )هَوِ ّ ْن عَلَي ْ َ‬ ‫ِيث أَ بِي مَسْع ُودٍ أَ َ ّ‬ ‫سكِين َة ُ عَلَي ْكِ ال َ ّ‬
‫سكِين َة ُ( ‪ ،‬و َفِي حَد ِ‬ ‫ل )ي َا م ِ ْ‬
‫فَق َا َ‬

‫ِيف مَنْز ِلَتِه ِ ب ِالر ِ ّسَالَة ِ و َِإن َاف َة ُ ر ُت ْبَتِه ِ ب ِالاصْ طِف َاء ِ و َالـْك َرَامَة ِ فِي ال ُد ّن ْيَا ف َأَ م ٌْر ه ُو َ مَب ْل َ ُغ النِّهَايَة ِ‪ ،‬ث َُم ّ ه ُو َ‬
‫الْحَدِيثَ * ف َأَ َمّا عَظ ِيم ُ ق َ ْدرِه ِ * ب ُِالن ّب َُو ّة ِ و َشَر ُ‬
‫خرَة ِ سَيِّد ُ وَلَد ِ آدم‪.‬‬ ‫فِي الآ ِ‬
‫ل نَظَمْنَا هَذ َا الْقِسْم َ ب ِأَ سْرِه ِ‪.‬‬
‫وعلى معنى هَذ َا الْف َصْ ِ‬
‫تخ ْتَل ُِف الحا َل َاتُ فِي التمدح‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا ال َض ّرْبُ َ‬
‫الث ّال ِثُ فَه ُو َ م َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله عند الجاهلية( هي ما قبل مبعثه عليه السلام‪ ،‬سموا بذلك لـكثرة جهالاتهم‪ ،‬كذا قال النووي )قوله يفرق( بفتح المثناة التحتية‬
‫وسكون الفاء وفتح الراء أي يفزع )قوله قيلة( بفتح القاف وسكون المثناة التحتية وهى قيلة بنت محرمة العنبر ية في الشمائل للترمذي‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم أرعدت من الفرق وفى الصحابيات اثنتان‬ ‫أنها رأته عليه السلام وهو قاعد القرفصاء قالت فَلَم ّا ر َأَ ي ْت رَسُول َ‬
‫حدَة ٍ مِنْهُم َا قيلة‪:‬‬ ‫آخرتان ك ُ ُ ّ‬
‫ل و َا ِ‬
‫الأولى قيلة أم بنى أنمار و يقال أخت بنى أنمار والثانية قيلة الخزاعية أم سباع )قوله فأرعد( بضم الهمزة وكسر العين أي أخذته الرعدة‬
‫)قوله وإنافة رتبته( الإنافة بكسر الهمزة مصدر أناف على الشئ أشرف عليه وأنافت الدراهم على المائة زادت )*(‬
‫ضه ِ‬
‫ن أعْرَا ِ‬ ‫صلَه ُبِه ِ ِإلَى ح َاج َاتِه ِ و َتَم َ ُ ّ‬
‫ك َ‬ ‫ظمٌ عِنْد َ ال ْع َا َمّة ِ لاعْتِق َادِه َا تَو َ ُ ّ‬
‫ل فَصَاحِب ُه ُ عَلَى ا ْلجم ُْلَة ِ م ُع َ َ ّ‬
‫كثْرَة ِ ال ْمَا ِ‬
‫ك َ‬
‫ل ل ِأَ جْلِه ِ َ‬ ‫به والتفاخر بسببه و َ‬
‫َالت ّفْضِ ي ِ‬
‫ن اع ْتَر َاه ُ و َأَ َمّلَه ُ و َتَصْر ِيفِه ِ فِي‬
‫ات م َ ِ‬ ‫ل بِهَذِه ِ ُ‬
‫الصّ ورَة ِ وَصَاحِب ُه ُ مُنْفِق ًا لَه ُ فِي مُه َ َمّاتِه ِ وَمُه ِ َمّ ِ‬ ‫سه ِ‪ ،‬فَم َت َى ك َانَ ال ْمَا ُ‬ ‫بِس َبَبِه ِ و َإ َلّا فَلَي َ‬
‫ْس ف َضِ يلَة ً فِي ن َ ْف ِ‬
‫ل ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬و َِإذ َا صَر َف َه ُ فِي وُجُوه ِ البِر ِّ و َأَ نْفَق َه ُ‬
‫وب ك َانَ ف َضِ يلَة ً فِي صَاحِبِه ِ عِنْد َ أَ ه ْ ِ‬
‫ن الْق ُل ُ ِ‬
‫ن و َال ْمَنْز ِلَة َ م ِ َ‬ ‫م َوَاضِعِه ِ مُشْتَر ِي ًا بِه ِ ال ْمَع َالِي َ و َ‬
‫َالث ّنَاء َ الْحَسَ َ‬
‫جهِه ِ وُجُوه َه ُ حَر ِيصً ا‬
‫سك ًا لَه ُغَيْر َ م ُو َ ّ ِ‬
‫ل ح َالٍ‪ ،‬وَم َت َى ك َانَ صَاحِب ُه ُ مُم ْ ِ‬
‫ل بِك ُ ّ ِ‬ ‫الل ّه َ و َال َد ّار َ الآ ِ‬
‫خرَة َ ك َانَ ف َضِ يلَة ً عِنْد َ الْك ُ ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫صد َ بِذَل ِ َ‬
‫ل ا ْلخـَيْر ِ و َق َ َ‬
‫فِي سُب ُ ِ‬
‫كث ْرُه ُ ك َالْعَد َ ِم وَك َانَ مَنْقَصَة ً فِي صَاحِبِه ِ و َل َ ْم يَق َْف بِه ِ عَلَى جُدَدِ ال َ ّ‬
‫سلَامَة ِ بل أوقعه في هوة رذيلة البخل ومذمة النذالة‪،‬‬ ‫عَلَى جَم ْعِه ِ عَاد َ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ضع َه ُ‬ ‫ل بِه ِ ِإلَى غَيْرِه ِ و َتَصْر ِيفه ِ فِي م ُت َص َ َرّفَاتِه ِ‪ ،‬فَجا َم ِعُه ِ إذ َا ل َ ْم ي َ َ‬
‫ضعْه ُ م َوَا ِ‬ ‫سه ِ و ََإن ّمَا ه ُو َ ل ِ َلت ّو َ ُ ّ‬
‫ص ِ‬ ‫ل و َف َضِ يلَتِه ِ عِنْد َ مفضله ليس لِن َ ْف ِ‬ ‫التمّ َُ ّد ُ‬
‫ح ب ِال ْمَا ِ‬ ‫فإذا َ‬
‫ولا وجه وجوهه غير ملئ ب ِالْحَق ِيقَة ِ وَل َا غَن ِ ٍيّ ب ِال ْمَعْن َى وَل َا مُم ْتَد ٍَح‬
‫__________‬
‫)قوله توصله( بفتح أوله وثانيه وتشديد الضاد المهملة المضمومة )قوله من اعتراء يقال عراء هذا الأمر واعتراه أي عشيه )قوله عاد‬
‫كثره( الـكثر بضم الكاف‪ :‬المال الـكثير يقال ماله قل ولا كثر )قوله وكان منقصة( بفتح القاف وكسرها )قوله عَلَى جُدَدِ ال َ ّ‬
‫سلَامَة ِ(‬
‫الجدد بفتح الجيم وبدالين مهملتين أولهما مفتوحة‪ :‬الأرض الصلبة‪ ،‬وفى البيان‪ :‬الجدد المستوى من الأرض )قوله في هوة( الهوة بضم‬
‫الهاء وتشديد الواو المفتوحة‪ :‬الوهدة العميقة )قوله غير ملئ( بالهمزة في آخره‪،‬‬
‫في الصحاح يقال ملؤ الرجل صار مليا أي ثقة فهو غنى ملى بين الملاء والملاءة ممدودان )*(‬
‫ل لَهَا ل َ ْم يُس ََل ّ ْط عَلَيْه ِ‪ ،‬ف َأَ شْ ب َه َ‬
‫ص ِ‬
‫ل ال ْم ُو َ ِّ‬
‫ن ال ْمَا ِ‬
‫ضه ِ‪ ،‬إ ْذ م َا بيَِدِه ِ م ِ َ‬
‫ض م ِنْ أَ غْرَا ِ‬
‫ل ِإلَى غ َرَ ٍ‬ ‫ن ال ْعُق َلَاء ِ بَلْ ه ُو َ فَق ِير ٌ أَ بَد ًا غَي ْر ُ و َا ِ‬
‫ص ٍ‬ ‫عِنْد َ أَ حَدٍ م ِ َ‬

‫ق م َلِيّ ٌ غَنِيّ ٌ بِتَح ْصِ يلِه ِ ف َوَائِد َ ال ْمَا ِ‬


‫ل وإن لم يبق في يده من المال شئ‪.‬‬ ‫ل لَه ُ فَك ََأن ّه ُ لَي َ‬
‫ْس فِي يَدِه ِ منه شئ‪ ،‬و َال ْمُنْف ِ ُ‬ ‫ل غَيْرِه ِ وَل َا م َا َ‬
‫خ َازِنَ م َا ِ‬

‫ح ال ْب ِلَادِ و َ ُأح َِل ّ ْ‬


‫ت لَه ُ ال ْغ َنَائِم ُ و َل َ ْم تُح َ َ ّ‬
‫ل لِنَب ِ ٍيّ قَبْلَه ُ‬ ‫ض وَمَف َاتيِ َ‬ ‫تج ِ ْده ُ ق َ ْد ُأوتِي َ خَز َائ ِ َ‬
‫ن الْأَ ْر ِ‬ ‫الل ّه عليه وسلم وخلقه في المال َ‬
‫فانظر سيرة نبينا صلى َ‬
‫ق وَج ُلِب َْت إليْه ِ م ِنْ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شا ِم و َال ْع ِرَا ِ‬ ‫ك مِ َ‬ ‫س َل ّم َ بِلَاد ُ الْ حِجَازِ و َالْيم َ َ ِ‬
‫ن وَجَم ِي ُع جَز ِيرَة ِ الْع َر َِب وَم َا دابى ذَل ِ َ‬ ‫ح عَلَيْه ِ فِي حَيَاتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َفُت ِ َ‬
‫ك مِن ْه ُ دِرْهَمًا بَلْ‬ ‫ك ِإ َلّا بَعْضُه ُ‪ ،‬و َه َاد َت ْه ُ جَمَاع َة ٌ م ِنْ م ُلُو ِ‬
‫ك الْأَ قَال ِِيم فما استأثر بشئ مِن ْه ُ وَل َا أَ ْمسَ َ‬ ‫يج ْب َى لِل ْمُلُو ِ‬
‫جزْيَتِهَا وصدقاتها م َا ل َا ُ‬
‫أَ خْمَاسِه َا و َ ِ‬

‫ن لي ُأحُدًا ذ َه َبًا يَب ِيتُ عِندِي مِن ْه ُ دِينَار ٌ ِإ َلّا دِينَار ٌ أ ْر ُ‬


‫صدُه ُ لِدَينٍ(‬ ‫ل )م َا يَس ُ ُرّنِي أَ َ ّ‬
‫صَر َف َه ُ مَصَارِف َه ُ و َأَ غْن َى بِه ِ غَيْرَه ُ و َق َو ّى بِه ِ ال ْمُسْل ِمِينَ و َقَا َ‬
‫و َأَ ٺَت ْه ُ د َن َانِير ُ م َ َّرة ً فَقَسَمَه َا وبقيت‬
‫__________‬
‫)قوله وَجَم ِي ُع جَز ِيرَة ِ الْع َر َِب( قال الأصمعى هو ما بين أقصى عدن إلى ر يف العراق في الطول ومن جدة وما والاها إلى أطراف الشام في‬
‫العرض‪ ،‬وقال أبو عبيدة هو ما بين حفر أَ بِي م ُوس َى الْأَ شْ عَرِيّ إلى أقصى اليمن في الطول وما بين رمل سر من رأى إلى منقطع السماوة‬
‫في العرض )قوله من الشأم( بهمزة ساكنة وقد تخفف وتذكر وتؤنث و يقال أيضا شآم بفتح الأول والثانى على وزن فعال والمشهور أن‬
‫حده من العريش إلى الفرات طولا وقيل إلى نابلس ومن جبل طيئ من نحو القبلة إلى نحو الروم وما يسامت ذلك من البلاد‪.‬‬
‫قال ابن عساكر في تار يخه دخول الشام عشرة آلاف عين رأت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )قوله لو أن لى أحد( بضم همزة والمهملة‬
‫جبل معروف بالمدينة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ض نِس َائِه ِ فَل َ ْم ي َأْ خ ُ ْذه ُ نَوْم ٌ ح ََت ّى قَام َ و َقَسَمَه َا و َقَالَ‪) :‬الآنَ اسْ تَر َحْ تُ ( وَم َاتَ وَدِرْع ُه ُ م َْره ُونَة ٌ فِي نَفَقَة ِ عِيَالِه ِ و َاق ْت َصَر َ‬
‫مِنْهَا س َِت ّة ٌ فَد َفَعَه َا لِبَعْ ِ‬

‫كسَاء َ‬ ‫شمْلَة َ و َال ْـ ِ‬ ‫سكَنِه ِ عَلَى م َا ت َ ْدع ُوه ُ ضَر ُور َتُه ُ إليْه ِ وزهد فيما سِوَاه ُ‪ ،‬فَك َانَ يلَ ْب َُس م َا وَجَدَه ُ فَيَل ْب َُس فِي ال ْغ َال ِِب ال َ ّ‬ ‫سه ِ وَم َ ْ‬ ‫م ِنْ نَفَق َتِه ِ وَم َل ْب َ ِ‬
‫ِس و َال َت ّز َيُ ّ ُ‬
‫ن بِهَا‬ ‫يح ْضُرْ‪ ،‬إذِ ال ْمُبَاه َاة ُ فِي ال ْمَلاب ِ‬ ‫يظ و َي َ ْقسِم ُ عَلَى م َنْ حَضَرَه ُ أَ ق ْب ِي َة َ الديباج المخوصة ب ِال َذ ّه ِ‬
‫َب و َيَرْف َ ُع لم َِنْ ل َ ْم َ‬ ‫ن و َال ْبُرْد َ الْغَل ِ َ‬ ‫ش َ‬ ‫الْخ َ ِ‬
‫سق ِطٍ‬
‫ْس مِثْلِه ِ غَي ْر ُ م ُ ْ‬
‫كو ْنُه ُ لُب َ‬
‫سه ِ و َ َ‬
‫جن ْ ِ‬ ‫َالت ّو َُسّ ُ‬
‫ط فِي ِ‬ ‫ْب و َ‬ ‫ات النِّسَاءِ‪ ،‬و َال ْم َحْ م ُود ُ مِنْهَا نَق َاوَة ُ َ‬
‫الث ّو ِ‬ ‫هي َ م ِنْ سِم َ ِ‬ ‫ل ال َش ّر ِ‬
‫َف و َالْجلَالَة ِ و َ ِ‬ ‫خصَا ِ‬
‫َت م ِنْ ِ‬
‫لَيْس ْ‬

‫س ِإ َن ّمَا يَع ُود ُ ِإلَى الف َخْ رِ ب ِ َ‬


‫كثْرَة ِ‬ ‫الن ّا ِ‬ ‫سه ِ م َِم ّا ل َا يُؤَدِّي ِإلَى ال ُش ّهْرَة ِ فِي ال َ ّ‬
‫طر َفَيْنِ و َق َ ْد ذ َ َمّ ال َش ّرْع ُ ذَلِكَ‪ ،‬و َغَايَة ُ الْف َخْ رِ ف ِيه ِ فِي الْع َادَة ِ عِنْد َ َ‬ ‫جن ْ ِ‬
‫لم ُِر ُوءَة ِ ِ‬
‫ل و َتكْث ِير ِ آلاتِه ِ وَخَدَمِه ِ‬
‫سعَة ِ ال ْمَنْز ِ ِ‬
‫ن وَ َ‬
‫ك ِ‬
‫س َ‬ ‫ك َ‬
‫الت ّبَاهِي بِ جَوْدَة ِ ال ْم َ ْ‬ ‫ل وَكَذَل ِ َ‬
‫ال ْمَوْجُودِ وَو ُف ُورِ الْحا َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله ودرعه مرهونة( الدرع بكسر الدال المهملة وسكون الراء‪ :‬الزردية‪ ،‬مؤنثة‪ ،‬والجمع القليل أدرع وأدراع‪ ،‬فإذا كثرت فهى الدروع‬
‫وتصغيرها در يع على غير قياسه لأن قياسه بالهاء‪ ،‬وحكى أَ بُو ع ُبَيْدٍ أَ َ ّ‬
‫ن الدرع يذكر و يؤنث‪ ،‬وأما درع المرأة ‪ -‬وهو قميصها ‪ -‬فمذكر والجمع‬
‫أدراع‪ ،‬وكان له صلى الل ّٰه عليه وسلم سبع أدراع‪ :‬ذات الفضول سميت بذلك لطولها أرسلها إليه سعد بن عبادة حين سار إلى بدر‪ ،‬وفى‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الهدى لابن قيم الجوز ية إنها التى رهنها صلى الل ّٰه عليه وسلم وذات الوشاح وذات الحواشى والسعدية والفضة أصابها من بنى قينقاع‪،‬‬
‫و يقال السعدية كانت درع داود التى لبسها لقتال جالوت البتراء والجونق )قوله المخوصة( بضم الميم فمعجمة مفتوحة فواو مشددة مفتوحة‪:‬‬
‫أي المنسوجة بالذهب كخوص النخل قاله ابن الأثير )قوله نقاوة الثوب( النقاوة ‪ -‬بفتح النون ‪ -‬النظافة‪ ،‬وبضمها‪.‬‬
‫الخيار )قوله وسعة المنزل( بفتح السين المهملة )*(‬

‫)فصل( وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة والآداب الشر يفة التى اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها‬ ‫‪٢.٢.٩‬‬

‫ك زُهْدًا و َتَن َُز ّه ًا فهو ح َائِز ٌ لِف َضِ يلَة ِ ال ْمَال َِي ّة ِ ومالك للفخر بهذا الْخَصْ لَة ِ إ ْن ك َان َْت‬
‫جبِي َ ِإلَيْه ِ م َا ف ِيهَا و َت َرَك َ ذَل ِ َ‬
‫ْض و َ ُ‬
‫ك الْأَ ر َ‬
‫وَم َْركُوب َاتِه ِ‪ ،‬وَم َنْ م َل َ َ‬
‫ف َضِ يلَة ً ز َائِد ٌ عَلَيْهَا فِي الْف َخْ رِ وَمُعْرِقٌ فِي ال ْمَد ِ‬
‫ْح ب ِِإضْر َابِه ِ عَنْهَا وَزُهْدِه ِ فِي فَان ِيهَا و َبَذْلِهَا فِي مَظَا ّنِهَا‪.‬‬
‫ِيم المتصف‬
‫حبِهَا و َتَعْظ ِ‬ ‫ق جَم ِي ُع ال ْعُق َلَاء ِ عَلَى تَفْضِ ي ِ‬
‫ل صَا ِ‬ ‫َاب ال َش ّر ِيفَة ِ َال ّتِي َات ّف َ َ‬
‫ق ا ْلحم َِيدَة ِ و َالآد ِ‬
‫ن الْأَ خْلَا ِ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا الْخِصَا ُ‬
‫ل ال ْمُكْتَسَب َة ُ م ِ َ‬
‫جز َاء ِ‬ ‫َف بَعْضَه َا ب َِأن ّه ُ م ِنْ أَ ْ‬ ‫ق بِهَا وَوَص َ‬ ‫سع َادَة َ ال َد ّائِم َة َ لِل ْمُت َخ ََل ّ ِ‬ ‫حدِ مِنْهَا ف َضْ ل ًا ع ََم ّا فَو ْق َه ُ و َأَ ث ْن َى ال َش ّرْع ُ عَلَى جَم ِيعِه َا و َأَ م َرَ بِهَا وَو َعَد َ ال َ ّ‬ ‫ق ال ْوَا ِ‬ ‫ب ِالْخُل ُ ِ‬
‫ِف أَ طْ رَافِه َا‪ ،‬فَجَمِيعُه َا ق َ ْد‬ ‫حر ِ‬ ‫ل ِإلَى مُن ْ َ‬‫ط ف ِيهَا د ُونَ ال ْمَي ْ ِ‬ ‫َالت ّو َُسّ ُ‬
‫س و َأَ ْوصَافِه َا و َ‬ ‫الن ّ ْف ِ‬‫ل فِي قُو َى َ‬ ‫ق و َه ُو َ الاعْتِد َا ُ‬ ‫ن الْخُل ُ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫هي َ ال ْمُسَ َمّاة ُ بِ ح ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ و َ ِ‬
‫ك لَعَلَى خلق‬ ‫ل تَع َالَى )و َِإ َن ّ َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ بِذَل ِ َ‬
‫ك فَق َا َ‬ ‫ل ِإلَى غَايَتِهَا ح ََت ّى أَ ث ْن َى َ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى الانْتِهَاء ِ فِي كَمَالِهَا و َالاعْتِد َا َ‬ ‫ق نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك َان َْت خ ُل ُ َ‬

‫س َل ّم َ )بُعِث ْتُ ل ِ ُأتَمِّم َ مَك َارِم َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خطِه ِ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ الل ّٰه عنها‪ :‬كان خ ُلُق ُه ُ الْقُر ْآنَ يَرْض َى بِرِضَاه ُ و َي َ ْسخ ُ‬
‫َط بِس َ َ‬ ‫عظيم( قَال َ ْ‬
‫س خ ُلُق ًا‪ ،‬وَع َنْ عَل ِ ِيّ بن‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س َل ّم َ أَ حْ سَ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س ك َانَ رَسُو ُ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬
‫الْأَ خْلَاقِ( ‪ ،‬قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ومعرق بضم الميم وسكون العين المهملة وكسر الراء‪ ،‬في الصحاح أعرق الرجل صار عريقا وهو الذى له عرق في الـكرم )قوله‬
‫بإضرابه( بكسر الهمزة مصدر اضرب أي أعرض )قوله يرضى برضاه( أي يرضى برضاء القرآن ويسخط بسخط القرآن‪ ،‬يعنى أن رضاه‬
‫لم يكن إلا لأوامر الل ّٰه‪ ،‬وسخطه لم يكن إلا لنواهيه‪(*) ،‬‬
‫ضة ٍ‬
‫َاب وَل َا رِي َا َ‬
‫تحْصُلْ لَه ُب ِاكْ تِس ٍ‬ ‫ل خِلْق َتِه ِ و َأ َ ّو ِ‬
‫ل فِطْرَتِه ِ ل َ ْم َ‬ ‫مج ْب ُول ًا عَلَيْهَا فِي أَ صْ ِ‬
‫ح ّقِق ُونَ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ مِثْلُه ُ‪ ،‬وَك َانَ ف ِيم َا ذَك َرَه ُ ال ْم ُ َ‬
‫أَ بِي طَال ٍِب رَضِيَ َ‬
‫خصُوص َِي ّة ٍ ر َ َب ّان َيِ ّة ٍ‪ ،‬و َهَكَذ َا لِسَائِر ِ الْأَ ن ْب ِيَاءِ‪ ،‬وَم َنْ طَال َ َع‬
‫ِإ َلّا بجود إلهى و َ ُ‬
‫َت ف ِيه ِ ْم‬ ‫يح ْي َى وسُلَيْم َانَ و َغَيْرِه ِ ْم عَلَيْهِم ُ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ بَلْ غُرِز ْ‬ ‫ل ع ِيس َى وَم ُوس َى و َ َ‬
‫ِف م ِنْ ح َا ِ‬
‫ك كَمَا عُر َ‬ ‫ح َ ّق َ‬
‫ق ذَل ِ َ‬ ‫سِيَر َه ُ ْم مُنْذ ُ صِبَاه ُ ْم ِإلَى مَبْعَثِه ِ ْم َ‬
‫يح ْي َى ال ْعِلْم َ‬
‫الل ّه ُ َ‬
‫ل ال ْمُفَس ِّر ُونَ‪ :‬أَ ْعطَى َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى )و َآتَي ْنَاه ُ الْح ُ ْكم َ صبيا( قَا َ‬ ‫ل َ‬ ‫كم َة َ فِي الْفِطْرَة ِ قَا َ‬ ‫هَذِه ِ الْأَ خْلَاقُ فِي الْج ِبِلَ ّة ِ و َ ُأودِع ُوا ال ْعِلْم َ و َالح ِ ْ‬
‫ل فِي‬ ‫ل )أل َِل ّع ِب خ ُلِقْتُ ( ؟ و َق ِي َ‬ ‫ُالصب ْيَانُ لِم َ ل َا تلَْع َبُ ؟ فَق َا َ‬ ‫ل لَه ِّ‬ ‫اث فَق َا َ‬
‫ن سَنتَيْنِ أَ ْو ثَل َ ٍ‬ ‫ل مَعْم َرٌ‪ :‬ك َانَ اب ْ ُ‬ ‫ل صِبَاه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى فِي ح َا ِ‬
‫اب َ‬ ‫بِكِت َ ِ‬
‫ص َ ّدق َه ُ و َه ُو َ فِي ب َ ْط ِ‬
‫ن‬ ‫الل ّه ِ وَر َ ْوح ُه ُ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل َ‬ ‫اث سِنِينَ ف َشَهِد َ لَه ُ أَ َن ّه ُ كَل ِم َة ُ َ‬‫ن ثَل َ ٍ‬ ‫ص َ ّدقَ َ‬
‫يح ْي َى ب ِع ِيس َى و َه ُو َ اب ْ ُ‬ ‫الل ّهِ( َ‬ ‫ن َ‬ ‫ص ّدِقًا بِكَل ِمَة ٍ م ِ َ‬‫قَو ْلِه ِ تَع َالَى )م ُ َ‬

‫الل ّه ُ تَع َالَى عَلَى ك َلَا ِم ع ِيس َى ل ُأمِّه ِ عِنْد َ وِل َادَتِهَا‬
‫ص َ‬ ‫تح َِي ّة ً لَه ُ‪ ،‬و َق َ ْد ن َ َ ّ‬
‫جد ُ م َا فِي ب َ ْطنِي يَسْجُد ُ لم َِا فِي بَطْن ِكِ َ‬
‫ل لم َِر ْي َم َِإن ِ ّي أَ ِ‬ ‫ُأمِّه ِ فَك َان َْت ُأ ُمّ َ‬
‫يح ْي َى تَق ُو ُ‬
‫)إن ِ ّي‬
‫ل ِ‬
‫ص عَلَى ك َلَامِه ِ فِي مَهْدِه ِ فَق َا َ‬‫ن ال ْمُنَادِي ع ِيس َى و َن َ َ ّ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫ل م َنْ قَا َ‬
‫تحِتَهَا( و َعَلَى قَو ْ ِ‬ ‫ِإ َي ّاه ُ بِقَو ْلِه ِ لَهَا )ل َا َ‬
‫تح ْزَنِي( عَلَى ق ِرَاءَة ِ م َنْ ق َرأَ َ )م ِنْ َ‬
‫عبد الل ّٰه‬
‫__________‬
‫تحِتَهَا( بفتح الميم والتاء قال البغوي‪ :‬قرأ أبو جعفر ونافع وحمزة والـكسائي‬
‫)قوله في الفطرة( أي الخلقة )قوله عَلَى ق ِرَاءَة ِ م َنْ ق َرأَ َ م ِنْ َ‬
‫وحفص بكسر الميم والتاء‪ ،‬والمعنى نادى جبرئيل مريم من تحتها بأن كانت مريم على أكمة وكان جبر يل تحت الأكمة‪ ،‬وقرأ الاخرون‬
‫بفتح الميم والتاء والمراد جبر يل عِنْد َ اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س والسدى وقتادة والضحاك‪ ،‬وعند مجاهد والحسن‪ :‬المراد عيسى لما خرج من بطن أمه‬
‫)*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫صبِيّ ٌ يلَْع َبُ فِي ق َضِ َي ّة ِ‬


‫آت َانِي َ الْكِتَابَ وجعلني نبيا( وقال تعالى )ففهمناها سُلَيْم َانَ وَك ُلً ّا آتَي ْنَا حكما وعلما( و َق َ ْد ذُك ِر َ م ِنْ ح ُ ْكم ِ سُلَيْم َانَ و َه ُو َ َ‬

‫ك ق َِصّ ة ُ‬ ‫ن ع ُم ُرَه ُ حِينَ ُأوتِي َ ال ْمُل ْ َ‬


‫ك اث ْنَا ع َشَر َ عَام ًا‪ ،‬وَكَذَل ِ َ‬ ‫طبَر ُِيّ ِإ َ ّ‬
‫ل ال َ ّ‬ ‫ال ْمَرْجُومَة ِ و َفِي ق َِصّ ة ِ َ‬
‫الصّ ب ِ ِيّ م َا اق ْتَد َى بِه ِ د َاوُد ُ أَ بُوه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬

‫م ُوس َى م َ َع فِرْعَوْنَ و َأَ خْذَه ُ بِل ِحْ يَتِه ِ و َه ُو َ طِ ْفلٌ‪.‬‬


‫ن عَطَاءٍ‪ :‬اصْ طَف َاه ُ قَب ْ َ‬
‫ل‬ ‫ل اب ْ ُ‬
‫مجَاهِدٌ و َغَي ْرُه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ي هَدَي ْنَاه ُ صَغ ِير ًا‪ ،‬قَالَه ُ ُ‬
‫ل ال ْمُفَس ِّر ُونَ فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )و َلَق َ ْد آتَي ْنَا ِإ ب ْر َاه ِيم َ ر ُشْ دَه ُ م ِنْ قَبْلُ( أَ ْ‬
‫و َقَا َ‬
‫الل ّه ِ أَ ْن يَعْرِف َه ُ بِق َل ْبِه ِ و َي َ ْذك ُرَه ُ بِلِسَانِه ِ فَق َالَ‪ :‬ق َ ْد‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى ِإلَيْه ِ م َلَك ًا ي َأم ُرُه ُ ع َ ِ‬
‫سلَام ُ بَع َثَ َ‬ ‫ِإ بْد َاء ِ خ َلْقِه ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل بَعْضُهُمْ‪ :‬ل َم ّا وُلِد ِ إ ب ْر َاه ِيم ُ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫فَعَل ْتُ و َل َ ْم يَق ُلْ أَ فْع َ ُ‬
‫ل‬
‫__________‬
‫)قوله في قصة ال ْمَرْجُومَة ِ و َفِي ق َِصّ ة ِ الصبى( أما قصة المرجومة فروى أن رجلا راود امرأة في زمن داود عليه السلام فامتنع فأقام‬
‫أربعة شهود زور‪ ،‬وشهدوا بزناها‪ ،‬فهم داود برجمها‪ ،‬فبلغ ذلك سليمان فدعا الشهود متفرقين فاختلفوا‪ ،‬فبلغ ذلك داود فدعاهم متفرقين‬
‫فاختلفوا‪ ،‬فدرأ الحد عنها‪.‬‬
‫وأما قصة الصبى فهى ما روى البخاري وغيره أن امرأتين كبرى وصغرى لكل منهما ابن ذهب الذئب بابن إحداهما فاختصما في الابن‬
‫الآخر إلى داود فقضى به للـكبرى‪ ،‬فلما مر على سليمان فقال شقه بينهما فقالت الصغرى‪ :‬هو ابنها فقضى به للصغرى‪ ،‬قال النووي‪:‬‬
‫يحتمل أن داود قضى به للـكبرى لشبه بينهما أو لأن في شر يعته الترجيح بالـكبرى أو باليد وكان في يدها‪ ،‬وأما سليمان فتوصل بملاطفته‬
‫إلى باطل القضية‪ ،‬ولعله استقرر الـكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى‪ ،‬فحـكم به لها بإقرار صاحبتها لا بمجرد الشفقة‪ ،‬فإن قيل المجتهد‬
‫لا ينقض حكم المجتهد‪ ،‬فالجواب أن سليمان فعل ذلك توسلا إلى إظهار الحق فلما أقرت به الـكبرى عمل بإقرارها‪ ،‬أو ليل في شرعهم‬
‫ما يجوز للمجتهد نقض حكم المجتهد )قوله مع فرعون( هو عدو الل ّٰه الوليد بن مصعب بن الر يان‪ ،‬كان من القبط العماليق‪ ،‬وعمر أكثر‬
‫من أربعمائة سنة )*(‬
‫ن‬ ‫ن اب ْتِلَاء ِإ ْسحَاقَ ب ِال َذ ّ ْ ِ‬
‫بح ك َانَ و َه ُو َ اب ْ ُ‬ ‫ِت عَشْرَة َ سَن َة ً و َِإ َ ّ‬
‫ن س َّ‬ ‫سلَام ُ فِي َ‬
‫الن ّارِ و َمِ ح ْنَت َه ُ ك َان َْت و َه ُو َ اب ْ ُ‬ ‫ن ِإلْق َاء َ ِإ ب ْر َاه ِيم َعَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫ك ر ُشْ دُه ُ‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫فَذ َل ِ َ‬
‫َ‬
‫َب والقمر‬ ‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ ب ِالـْكوْك ِ‬ ‫ن اسْ ت ِ ْدل َا َ‬‫سب ِْع سِنِينَ‪ ،‬و َِإ َ ّ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫ن اب ْتِلَاء َ ِإ ْسحَاقَ بالذبح( في أنوار التنز يل للبيضاوي‪ :‬والأظهر بيا بنى إنى أرى في المنام أنى أذبحك )اسمعيل( لأنه الذى ذهب‬ ‫)قوله و َِإ َ ّ‬
‫به أثر الهجرة أي هجرته مع لوط وسارة إلى الشام‪ ،‬وقيل إلى حران‪ :‬وهى بتشديد الراء ونون في الآخر‪ ،‬وللنسبة إليها حرنى بنون بعد‬
‫الراء الساكنة على غير قياس‪ ،‬كما قالوا منائى في النسبة إلى منان والقياس ما نوى وجرانوى والعامة عليها‪ ،‬وهى في الإقليم الرابع‪ ،‬مدينة‬
‫عظيمة بين الموصل الشام والروم بينها وبين الرها يوم وبين الرقة يومان‪ ،‬قال المفسرون في قوله تعالى )إنى مهاجر إلى ربى( إن التى هاجر‬
‫إلهيا حران‪.‬‬
‫وفى قوله تعالى )ونجيناه ولوطا إلى الأرض التى باركنا فيها للعالمين( هي حران‪ ،‬فتحت في أيام عمر بن الخطاب على يد عياض بن غنم‬
‫صلحا مثل ما صالحه عليه أهل الرها‪ ،‬ولأن البشارة بإسحاق معطوفة على البشارة بهذا الغلام‪ ،‬ولقوله عليه السلام )أنا ابن الذبيحين(‬
‫فأحدهما جده إسمعيل‪ ،‬والآخر أبوه عبد الل ّٰه فداه أبوه بمائة من الإبل ولذلك سنت الدية مائة ولأن ذلك كان بمكة وكان قرنا الـكبش‬
‫معلقين بالـكعبة‪ ،‬احترقا معها في أيام ابن الزبير‪ ،‬ولم يكن اسحاق ثمة‪ ،‬ولأن البشارة بإسحاق كانت مقرونة بولادة يعقوب منه فلا يناسبها‬
‫الأمر بذبحه مراهقا‪.‬‬
‫وفى تفسير القرطبى وهو قول أبى هريرة وأبى الطفيل عامر بن واثلة‪ ،‬وروى عن ابن عمر وابن عباس وسعيد ابن المسيب والشعبى‬
‫و يوسف بن مهران ومجاهد‪ ،‬وقيل المخاطب به إسحاق وهو قول الأكثرين‪ ،‬وممن قال بذلك‪ :‬العباس وعمر وجابر في أربعة آخرين من‬
‫اصحابة وجماعة من التابعين وهو قول أهل الكتابين‪ ،‬قال سعد بن جبير سار بن مسية شهر في غداة واحدة حتى أتى به المنحر بمنى‪ ،‬فلما‬
‫صرف الل ّٰه عنه الذبح سار به مسيرة شهر في غداة واحدة‪.‬‬
‫وفى الهدى لابن قيم الجوز ية‪ :‬واسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين بعدهم‪ ،‬وأما القول بأنه إسحاق‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫فمردود بأكثر من عشرين وجها )*(‬


‫الل ّه ُ تَع َالَى ِإلَى‬
‫ل أَ ْوحَى َ‬
‫ن خَمْسَة َ ع َشَر َ شَهْرًا‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫س ك َانَ و َه ُو َ اب ْ ُ‬ ‫و َال َ ّ‬
‫ش ْم ِ‬
‫ك م َِم ّا ذُك ِر َ م ِنْ‬
‫الل ّه ُ تعالى )وأوحينا ِإلَيْه ِ لَتُنَب ِّئَنّه ُ ْم ب ِأَ ْمرِه ِ ْم هذا( الآيَة َ ِإلَى غَيْر ِ ذَل ِ َ‬
‫ل َ‬ ‫ب يَق ُو ُ‬ ‫صبِيّ ٌ عند ما ه َ َ ّ‬
‫م ِإخْ وَتُه ُ ب ِِإلْق َائِه ِ فِي الْج ُ ِّ‬ ‫ُف و َه ُو َ َ‬
‫يُوس َ‬
‫أَ خْ بَارِهِمْ‪.‬‬
‫ض ر َافِع ًا ر َأْ سَه ُ‬ ‫س َل ّم َ وُلِد ِ حِينَ وُلِد ِ ب َا ِ‬
‫سطًا يَد َيْه ِ ِإلَى الْأَ ْر ِ‬ ‫ن نَب َِي ّنَا مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َت أَ َ ّ‬
‫ْب أَ خْبَر ْ‬
‫سِيَر ِ أكن آم ِن َة َ بِن ْتَ وَه ٍ‬
‫ل ال ّ‬
‫و َق َ ْد ح َك َى أَ ه ْ ُ‬

‫شعْر ُ و َل َ ْم أَ ه ِ ُ ّ‬
‫م بشئ م َِم ّا ك َان َِت الْجا َه َِلي ّة ُ‬ ‫ِض ِإل َيّ ال ِّ‬
‫َت ِإل َيّ الْأَ وْث َانُ و َبُغ ّ َ‬
‫س َل ّم َ )لَم ّا نَش َأْ تُ بُغِّض ْ‬ ‫سم َاءِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل فِي حَدِيثِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِإلَى ال َ ّ‬
‫ِف فِي قُلُو بِه ِ ْم‬
‫َف نَف َح َاتُ الل ّٰه تعالى علهيم و َتُشرِقُ أن ْوَار ُ ال ْمَع َار ِ‬
‫ن الْأَ مْرُ لَه ُ ْم و َتَتَر َاد ُ‬ ‫الل ّه ُ مِنْهُم َا ث َُم ّ ل َ ْم أَ عُدْ( ث َُم ّ يَتمَ َ َ ّ‬
‫ك ُ‬ ‫ت َ ْفعَلُه ُ ِإ َلّا م َ َّرتَيْنِ فَع َ َ‬
‫صمَنِي َ‬
‫ل ال َش ّر ِيفَة ِ النِّهَايَة َ د ُونَ مُمَار َ َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى لَه ُ ْم ُ‬
‫بالن ّب َُو ّة ِ فِي َ‬ ‫ِ‬
‫الل ّه ُ‬
‫ل َ‬ ‫ضة ٍ قَا َ‬
‫سة ٍ وَل َا رِي َا َ‬ ‫ل هَذِه ِ الْخِصَا ِ‬
‫تح ْصِ ي ِ‬ ‫ح ََت ّى يَصِ لُوا ِإلَى الْغ َايَة ِ ويَب ْلُغ ُوا ب ِاصْ طَف َاء َ‬
‫تَع َالَى )و َلَم ّا بلَ َ َغ أشده واستوى آتَي ْنَاه ُ ح ُكْ مًا وَع ِل ْمًا( وقد‬
‫__________‬
‫سلَام أبيض اللون حسن الوجه جعد الشعر ضخم العين مستوى الخلق غليظ الساعدين‬ ‫)قوله إلى يوسف( قال الثعلبي‪ :‬كان يُوسُف عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫والعضدين خميص البطن أقنى الأنف بخده الأيمن خال أسود وبين عينيه‪ ،‬توفى و َه ُو َ ابن م ِائَة ِ وعشرين سنة ودفن بمصر بالنيل ثم حمله‬
‫عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ِإلَى الشام حين خرجت بنو إسرائيل من مصر )قوله الأوثان( بالمثلثة جمع وثن وهو الجثة من أجزاء الأرض أو الخشب‬
‫تعبد‪ ،‬وفى حديث عدى بن حاتم‪ :‬قدمت على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وفى عنقي صليب من ذهب فقال )ألق عنك هذا الوثن( وفى‬
‫الصحاح الوثن‪ :‬الصنم‪.‬‬
‫ن الْأَ مْرُ( عطف على قوله‬ ‫والصنم‪ ،‬واحد الأصنام و يقال إنه معرب )ممن( وهو الوثن )قوله أهم( بفتح الهمزة وضم الهاء )قوله ث َُم ّ يَتمَ َ َ ّ‬
‫ك ُ‬
‫قبل هذا )و َهَكَذ َا لِسَائِر ِ الْأَ ن ْب ِيَاءِ( )*(‬
‫ل‬
‫ق د ُونَ جَم ِيعِه َا و َيُولَد ُ عَلَيْهَا فَيَسْه ُ ُ‬
‫ض هَذِه ِ الْأَ خْلَا ِ‬
‫نجِد ُ غَيْر َه ُ ْم يُطْب َ ُع عَلَى بَعْ ِ‬
‫َ‬
‫ن أَ وِ ال َ ّ‬
‫سم َاحَة ِ‬ ‫ق اللِّسَا ِ‬ ‫ْت أَ وِ ال َش ّه َامَة ِ أَ ْو ِ‬
‫ص ْد ِ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫سم ِ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫ن عَلَى ُ‬
‫الصب ْيَا ِ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى كَمَا نُش َاهِد ُ م ِنْ خ َلْقِه ِ بَع ُ‬
‫ْض ِّ‬ ‫ن َ‬ ‫عَلَيْه ِ اكْ تِسَابُ تَمَامِهَا عِنَايَة ً م ِ َ‬
‫اف هَذ َي ْ ِن‬
‫ل مُن ْحرِفُه َا‪ ،‬و َب ِاخْ ت ِل َ ِ‬
‫ضة ِ و َال ْم ُج َاهَدَة ِ يُسْتَجْلَبُ مَعْد ُومُهَا و َيَعْتدِ ُ‬
‫َاب يَكْ مُل ُ ن َاق ِصُه َا و َب ِالر ِّي َا َ‬
‫ض ّدِه َا‪ ،‬فَبِالاكْ تِس ِ‬
‫نجِد ُ بَعْضُه ُ ْم عَلَى ِ‬
‫وَكَمَا َ‬

‫طبَر ُِيّ‬
‫ق جِبِلَ ّة ٌ أَ ْو مُكْتَسَب َة ٌ؟ وَح َك َى ال َ ّ‬
‫ف ف ِيهَا‪ :‬ه َلْ هَذ َا الْخُل ُ ُ‬ ‫ف ال َ ّ‬
‫سل َ ُ‬ ‫لٌ م ُي َ َس ّر ٌ لم َِا خ ُل ِ َ‬
‫ق لَه ُ‪ ،‬و َلِهَذ َا م َا قَدِ اخْ تَل َ َ‬ ‫اس ف ِيهَا‪ ،‬وَك ُ ّ‬ ‫الْحَاليَْنِ يَتَف َاو َتُ َ‬
‫الن ّ ُ‬
‫ح م َا أ َ ّ‬
‫صل ْنَاه ُ‪.‬‬ ‫ل ه ُو َ‪ ،‬و َ‬
‫َالصّ حِي ُ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن مَسْع ُودٍ و َالْحَسَ ِ‬
‫ن و َبِه ِ قَا َ‬ ‫ن جِبِلَ ّة ٌ وَغَر ِيزَة ٌ فِي الْعَبْدِ‪ ،‬وَحَك َاه ُ ع َنْ عَبْدِ َ‬
‫ق الْحَسَ َ‬ ‫ف أَ َ ّ‬
‫ن الْخُل ُ َ‬ ‫ض ال َ ّ‬
‫سل َ ِ‬ ‫ع َنْ بَعْ ِ‬

‫اب رَضِيَ‬
‫ط ِ‬‫ن الْخ َ ّ‬ ‫ن ِإ َلّا الْخ ِيانَة َ و َال ْـكَذِبَ ( و َقَا َ‬
‫ل ع ُم َر ُ ب ْ ُ‬ ‫ل يُطْب َ ُع عَلَيْهَا المُؤْم ِ ُ‬ ‫ل )ك ُ ُ ّ‬
‫ل الْخ ِلا ِ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سعْدٌ ع َ ِ‬
‫و َق َ ْد رَو َى َ‬

‫حي ْثُ يَش َاءُ‪.‬‬ ‫الل ّه ُ َ‬


‫الل ّه ُ عَن ْه ُ فِي حَدِيثِه ِ‪ :‬والْجُر ْأَ ة ُ و َا ْلجـُبْنُ غ َرَائ ِز ُ يَضَعُهُم َا َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم َ بِهَا‬ ‫ل ا ْلجم َِيلَة ُ ال َش ّر ِيف َة ُ كَث ِيرَة ٌ و َلـَك َِن ّنَا ن َ ْذك ُر ُ ُأصُولَهَا و َنُشِير ُ ِإلَى جَم ِيعِه َا وَنُح َ ّق ِ ُ‬
‫ق و َصْ ف َه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َهَذِه ِ الْأَ خْلَاقُ ال ْم َحْ م ُودَة ُ و َالْخِصَا ُ‬
‫الل ّهُ‪.‬‬
‫ِإ ْن شَاء َ َ‬
‫__________‬
‫ْت( أي الطر يقة وهيئة أهل الخـير )قوله والشهامة( بفتح الشين المعجمة مصدر شهم الرجل بضم الهاء فهو شهم‪:‬‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫سم ِ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫)قوله عَلَى ُ‬
‫أي جلد ذكى الفؤاد )قوله و َلِهَذ َا م َا قَدِ اختلف( هكذا وقع في كثير من النسخ بز يادة )ما( للتأكيد )قوله والجرأة( هي الشجاعة على‬
‫وزن الجرعة و يقال الجرة بفتح الراء وحذف الهمزة )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)فصل( أما أصل فروعها وعنصر ينابيعها ونقطة دائرتها فالعقل‬ ‫‪٢.٢.١٠‬‬

‫جوْدَة ُ‬‫ي وَ َ‬ ‫ل ال َ ّذ ِي مِن ْه ُ يَن ْب ِعثُ ال ْعِلْم ُ و َالمَعْرِف َة ُ و َيَتَف ََر ّع ُ م ِنْ هَذ َا ثُق ُوبُ َ‬
‫الرأّْ ِ‬ ‫ل ف ُر ُوعِه َا وَعُن ْصُر ُ يَنَابيِعَه َا و َن ُ ْقطَة ُ د َائ ِرَتِهَا فَال ْع َ ْق ُ‬‫)فصل( أَ َمّا أَ صْ ُ‬
‫ل‬ ‫سة ِ و َ‬
‫َالت ّدْبِير ِ و َاق ْت ِنَاء ُ الْفَضَائ ِ ِ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫سيَا َ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫مجَاهَدَة ُ ال َش ّهْوَة ِ و َ ُ‬ ‫س وَ ُ‬ ‫الن ّ ْف ِ‬ ‫ِب وَمَصَالِ ِح َ‬ ‫َالن ّظَر ُ لِلْع َوَاق ِ‬‫نو َ‬ ‫صدْقُ ال َ ّ‬
‫ظ ِّ‬ ‫الْفِطْنَة ِ و َال ِْإصَابَة ُ و َ ِ‬
‫ن ال ْعِل ِ ِم الْغ َايَة َ الْق ُصْ و َى َال ّتِي ل َ ْم يَب ْلُغْه َا بَشَر ٌ سِوَاه ُ و َإ ْذ ج َلالَة ُ‬
‫س َل ّم َ و َبُلُوغِه ِ مِن ْه ُ وَم ِ َ‬ ‫ل‪ ،‬و َق َ ْد أَ شَرْن َا ِإلَى مَك َانِه ِ مِن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَتج َُن ّبُ َ‬
‫الر ّذ َائ ِ ِ‬
‫ن شَمَائِلِه ِ و َبَد َائ ِـ َع سِيَرِه ِ‬
‫س َ‬
‫ح ْ‬
‫مجَارِي أَ حْ وَالِه ِ و َاطّ ِرَاد َ سِيَرِه ِ وَطَال َ َع جَوَام ِـ َع ك َلَامِه ِ و َ ُ‬ ‫ك وم َِم ّا تَف ََر ّعَ مِن ْه ُ م ُت َ َ‬
‫ح ّقِق َة ٌ عِنْد َ م َنْ ٺَتَب ّ َع َ‬ ‫محَلِّه ِ م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫َ‬
‫َات الْأن َا ِم‬ ‫كمَاء ِ وَسِيَر ِ ا ْل ُأم َ ِم الْخَالِيَة ِ و َأَ َي ّامِهَا و َضَرْبَ الْأَ مْثَا ِ‬
‫ل وَسِيَاس ِ‬ ‫ل و َال ْـكُت ُِب ال ْم ُنَز ّلَة ِ وَح ُ ْكم َ الْح ُ َ‬
‫َالإنْ ج ِي ِ‬ ‫وَح ُ ْكم َ حَدِيثِه ِ وَع ِل ْمِه ِ بِمَا في َ‬
‫الت ّوْر َاة ِ و ِ‬
‫ن ال ْع ُلُو ِم َال ّتِي َاتّ خَذ َ أَ ه ْلُه َا ك َلام َه ُ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم ف ِيهَا ق ُ ْدوَة ً و َِإشَار َاتِه ِ‬
‫شِيَم َ ا ْلحم َِيدَة َ ِإلَى فُن ُو ِ‬ ‫َاب َ‬
‫الن ّف ِيسَة ِ و َال ّ‬ ‫ل الْآد ِ‬ ‫و َت َ ْقرِير َ ال َش ّر َائ ِ‬
‫ِـع و َت َأْ صِي َ‬
‫سة ٍ وَل َا‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى د ُونَ تَعْل ٍِيم وَل َا مُد َار َ َ‬
‫ك مما سَنُبَي ِّن ُه ُ فِي مُعْجِزَاتِه ِ ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫ض و ََالن ّس ِ‬
‫َب وغَيْر ِ ذَل ِ َ‬ ‫َاب والْف َرَائ ِ ِ‬
‫ِب و َالْحِس ِ‬ ‫حُ َ ج ّة ً ك َال ْع ِبَارَة ِ و َال ّ‬
‫ط ِّ‬

‫مُطَالَعَة ِ كُت ُِب م َنْ تَق َ َ ّدم َ وَل َا الْجلُُو ِ‬


‫س ِإلَى عُلَمَائِه ِ ْم بَلْ نبى أمي‬
‫__________‬
‫)قوله ونقطة دائرتها( أي مركز دائرتها وهى النقطة التى في وسط الدائرة يقوم فيها إحدى عشر قوائم البركار وجميع الخطوط الخارجة‬
‫منها إلى الدائرة متساو ية )قوله وحكم( بكسر الحاء المهملة )قوله كالعبارة( يقال عبرت الرؤ يا أعبرها عبارة )قوله والطب( هو مثلث‬
‫الطاء )*(‬

‫)فصل( وأما الحلم والاحتمال والعفو مع المقدرة والصبر على ما يكره‬ ‫‪٢.٢.١١‬‬

‫ن‬
‫ث ع َنْ ح َالِه ِ ضَر ُورَة ً و َب ِال ْبُرْه َا ِ‬ ‫ص ْدرَه ُ و َأَ ب َانَ أَ مْرَه ُ و َع َل ّم َه ُ و َأَ ق ْرأَ َ ه ُ‪ ،‬يُعْلَم ُ ذَل ِ َ‬
‫ك ب ِال ْمُطَالَعَة ِ و َال ْب َحْ ِ‬ ‫الل ّه ُ َ‬
‫ح َ‬ ‫ك ح ََت ّى شَر َ َ‬
‫لم يعرف بشئ م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫َب‬
‫ْظ ج َام ِـعٌ‪ ،‬و َبِ حَس ِ‬
‫حف ٌ‬
‫ِيط بِه ِ ِ‬
‫يح ُ‬‫حصْر ٌ وَل َا ُ‬
‫ص و َآح َادِ الْقَضَاي َا‪ِ ،‬إ ْذ مَج ْم ُوعُه َا م َا ل َا ي َأخُذُه ُ َ‬
‫ل ب ِسَرْدِ الْأَ قَاصِي ِ‬ ‫الْق َاط ِ‬
‫ِـع عَلَى نُب ُ َو ّتِه ِ نَظَرًا فَلا نُطَوِ ّ ُ‬
‫ِيم‬ ‫س َل ّم َ ِإلَى سَائِر ِ م َا ع َل ّم َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى و َأَ طْ لَع َه ُ عَلَيْه ِ م ِنْ عِلْم ِ م َا يَكُونُ وَم َا ك َانَ وَعَجَائ ِِب ق ُ ْدر َتِه ِ وَعَظ ِ‬ ‫عَقْلِه ِ ك َان َْت مَع َارِف ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ن‬
‫َت الْأَ لْس ُ ُ‬
‫ل فِي ت َ ْقدِير ِ ف َضْ لِه ِ عَلَيْه ِ وَخَرِس ِ‬
‫َت ال ْعُق ُو ُ‬ ‫الل ّه ِ عَلَي ْ َ‬
‫ك عَظ ِيم ًا( ح َار ِ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى )و َع َل ّم َ َ‬
‫ك م َا ل َ ْم تَكُنْ تَعْلَم ُ وَك َانَ ف َضْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م َلـَكُوتِه ِ قَا َ‬
‫ك أَ ْو ينْت َهِ ي إليْه ِ‬
‫ِيط بِذَل ِ َ‬
‫يح ُ‬‫ف ُ‬
‫د ُونَ و َصْ ٍ‬

‫اب‬ ‫ن الْحِلْم َ ح َالَة ُتَو َُق ّرٍ و َثَب َ ٍ‬


‫ات عِنْد َ الْأَ سْ ب َ ِ‬ ‫َاب فَر ْقٌ ف َِإ َ ّ‬ ‫ل و َالْعَفْو ُ م َ َع الم َ ْقدِرَة ِ و َ‬
‫َالصّ ب ْر ُ عَلَى م َا يَكرَه ُ وبَيْنَ هَذِه ِ الْأَ لْق ِ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا الْحِلْم ُ و َالاحْ تِم َا ُ‬

‫الصّ ب ْر ُ وَمَع َان ِيهَا م ُتَق َارِبَة ٌ‪ ،‬و َأَ َمّا ال ْعَفْو ُ فَه ُو َ تَرْك ُ ال ْم ُؤَاخَذَة ِ و َهَذ َا كُل ّه ُ‬
‫َات وَمِث ْلُه َا َ‬
‫س عِنْد َ الآلا ِم و َال ْمُؤْذِي ِ‬ ‫ْس َ‬
‫الن ّ ْف ِ‬ ‫ل حَب ُ‬
‫َات‪ ،‬والاحْ تِم َا َ‬
‫ال ْمُحَرِ ّك ِ‬
‫س َل ّم َ فَق َا َ‬
‫ل تَع َالَى )خُذِ الْعَفْو َ و َأْ م ُْر بالعرف(‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى بِه ِ نَب َِي ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫م َِم ّا أَ َدّبَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله خرست( بكسر الراء )قوله مع المقدرة( بضم الدال وفتحها أي القدرة )قوله جبر يل( قيل جبر يل وميكائيل اسمان أضيفا إلى‬
‫إيل أو إلى إل‪ ،‬وإيل وإل اسمان لل ّٰه تعالى‪ ،‬وجبروميك معناه بالسر يانية عبد‪ ،‬ورده أبو على الفارسى بأن إيل وإل لا يعرفان من أسماء‬
‫الل ّٰه تعالى وبأنه لو كان كذلك لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربية ولكان آخره مجرورا أبدا كعبد الل ّٰه‪ ،‬قال النووي‪ :‬وهذا الذى‬
‫قاله هو الصواب )*(‬
‫ل الْع َالِم َ ث َُم ّ‬
‫ل لَه ُ ح ََت ّى أَ سْ أَ َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ع َنْ ت َأْ وِ يلِه َا فَق َا َ‬ ‫جبْر ِي َ‬
‫ل ِ‬
‫ت عَلَيْه ِ هَذِه ِ الآيَة ُ سَأَ َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم لم ن َزَل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫الآيَة َ‪ ،‬رُوِيَ أَ َ ّ‬
‫ل لَه ُ )و َاصْ بِرْ عَلَى م َا أصابك(‬ ‫ك و َتَعْف ُو ع ََم ّنْ ظَلَم َ َ‬
‫ك و َقَا َ‬ ‫ك و َتُعْط ِي م َنْ حَرَم َ َ‬
‫ل م َنْ قَطَع َ َ‬
‫الل ّه َ ي َأْ م ُرُك َ أَ ْن تَصِ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل ي َا مُح َم ّد ُ ِإ َ ّ‬
‫ذ َه َبَ ف َأَ ت َاه ُ فَق َا َ‬
‫ك لم َِنْ‬ ‫ل تَع َالَى )و َلَم َنْ صَبَر َ وَغَف َر َ ِإ َ ّ‬
‫ن ذَل ِ َ‬ ‫الآية وقال تعالى )فَاصْ بِرْ كَمَا صَبَر َ ُأولُوا العَز ْم م ِن الرسل( و َقَا َ‬
‫ل )و َل ْيَعْف ُوا و َل ْي َصْ فَحُوا( الآيَة َ و َقَا َ‬
‫َت عَن ْه ُ هَفْوَة ٌ و َه ُو َ‬ ‫ل ح َل ٍِيم ق َ ْد عُر ِف َْت مِن ْه ُ زَل َ ّة ٌ و َ ُ‬
‫حفِظ ْ‬ ‫ن كُ َ ّ‬
‫خف َاء َ بِمَا يُؤ ْث َر ُ م ِنْ حِل ْمِه ِ و َاحْ تِم َالِه ِ‪ ،‬و َأ َ ّ‬
‫عزم الأمور( وَل َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٥٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الت ّغْلِب ِ ُيّ‬ ‫الل ّه ِ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬


‫ن عَل ِ ٍيّ َ‬ ‫ل ِإ َلّا حِل ْمًا * ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫َاف الْجا َه ِ ِ‬ ‫كثْرَة ِ الْأَ ذ َى ِإ َلّا َ‬
‫صبْر ًا و َعَلَى ِإسْر ِ‬ ‫س َل ّم َ ل َا يَز ِيد ُ م َ َع َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫يح ْي َى ح َ َ ّدثَنَا م َال ِكٌ‬


‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫يح ْي َى ب ْ ُ‬ ‫ن و َاقِدٍ الْق َاض ِي و َغَي ْرُه ُ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ِيس َى ح َ َ ّدثَنَا ع ُبَيْد ُ َ‬
‫اب ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫ن ع ََت ّ ٍ‬
‫و َغَي ْرُه ُ قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫الل ّه ُ عنها قالت‬
‫َاب ع َنْ ع ُْروَة َ ع َنْ عَائِش َة َ رَضِي َ َ‬
‫ن اب ْ ِن شِه ٍ‬
‫عَ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله أولو العزم( أي الجد والثبات وفى أنوار التنز يل في قوله تَع َالَى )فَاصْ بِرْ كَمَا صَبَر َ ُأولُو ال ْعَز ْ ِم م ِ َ‬
‫ن الرسل( من للتبيين وقيل للتبعيض‪،‬‬
‫وأولو العزم أصحاب الشرائع اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها وصبرا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها‪ ،‬ومشاهيرهم نوح وابراهيم‬
‫وموسى وعيسى‪ ،‬وقيل الصابرون على بلاء الل ّٰه كنوح صبر على أذى قومه وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه‪ ،‬وابراهيم صبر على النار وذبح‬
‫ولده‪ ،‬والذبيح على الذبح‪ ،‬و يعقوب على فقد الولد والبصر‪ ،‬و يوسف على الجب والسجن‪ ،‬وأيوب على الضر‪ ،‬وموسى قال له قومه )إنا‬
‫لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين( وداود بكى على خطيئته أربعين سنة‪ ،‬وعيسى لم يضع لبنة على لبنة انتهى )*(‬
‫س مِن ْه ُ‪ ،‬وَم َا ان ْتَقَم َ‬ ‫س َل ّم َ فِي أَ مْر ي ْ ِن ق ُ َّط ِإ َلّا اخْ تَار َ أَ ي ْسَر َهُمَا م َا ل َ ْم يَكُنْ ِإثْمًا ف َِإ ْن ك َانَ ِإثْمًا ك َانَ أَ بْعَد َ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫)م َا خُيِّر َ رَسُو ُ‬
‫الل ّه ِ تَع َالَى فَيَن ْتَقِم ُ ل َِل ّه ِ بِهَا‪.‬‬ ‫س َل ّم َ لِن َ ْفسَه ِ ِإ َلّا أَ ْن تُنْتَه َ َ‬
‫ك ح ُ ْرم َة ُ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ُ‬
‫ش ً ّقا َ‬
‫شدِيد ًا و َقَالُوا لَو ْ دَعَو ْتَ عَلَيْهِم ُ‬ ‫أصحَابِه ِ َ‬ ‫شج ّ و َجْ ه ُه ُ يَوْم َ ُأحُدٍ ش ََقّ ذَل ِ َ‬
‫ك عَلَى ْ‬ ‫َت ر َب َاعِيَت ُه ُ و َ ُ َ‬ ‫س َل ّم َ لَم ّا ُ‬
‫كسِر ْ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَرُوِيَ أَ َ ّ‬

‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َن ّه ُ قَا َ‬


‫ل فِي بعض‬ ‫م اهْدِ قَوْمِي ف َِإ َ ّنه ُ ْم ل َا يَعْلَم ُونَ( وَرُوِيَ ع َنْ ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫َث لَع ّان ًا و َلـَكِن ِ ّي بُعِث ْتُ د َاعِيًا وَرَحْم َة ً‪َ ،‬‬‫)إن ِ ّي ل َ ْم ُأبْع ْ‬
‫ل ِ‬
‫فَق َا َ‬
‫__________‬
‫ل النووي قال القاضى‪ :‬يحتمل أن‬ ‫ن ِإ َلّا اخْ تَار َ أَ ي ْسَر َهُمَا( قَا َ‬
‫)قوله ما خير بَيْنَ أَ مْرَ ي ْ َ‬
‫يكون تخييره من الل ّٰه فيخيره فيما فيه عقوبتان أو فيما بينه وبين الـكفار من القتال وأخذ الجز ية أو في حق أمته في المجاهدة في العبادة‬
‫والاقتصاد فكان يختار الأيسر في هذا كله‪ ،‬قال وأما قولها‪ :‬ما لم يكن إثما‪ ،‬فيتصور إذا خيره الـكفار أو المنافقون‪ ،‬فأما إذا كان التخيير‬
‫َت ر َب َاعِيَت ُه ُ وشج وجهه( الرباعية السن التى بين الثنية والناب وهى بفتح‬ ‫من الل ّٰه أو من المسلمين فيكون الاستثناء منقطعا )قوله لَم ّا ُ‬
‫كسِر ْ‬
‫الراء وتخفيف الموحدة وكسر العين المهملة وتخفيف المثناة التحتية‪ ،‬وفى سيرة ابن هشام‪ :‬أن عُت ْب َة َ بن أَ بِي وقاص أخو سعد بن أبي‬
‫الل ّه ِ صلى الل ّٰه عليه وسلم يوم أحد فكسر رباعيته اليمنى السفلى وجرح شفته السفلى وأن عبد الل ّٰه بن شهاب الزهري‬
‫ل َ‬ ‫وقاص رَم َى رَسُو ُ‬
‫شجه في وجهه وأن ابن قميئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من المغفر في وجنته‪ ،‬وقد اختلف في إسلام عتبة‪ ،‬والصحيح أنه لم يسلم‪،‬‬
‫قال السهيلي ولم يولد من نسله ولد‪ ،‬فبلغ الحلم إلا وهو أبخر واهم‪ ،‬يعرف ذلك في عقبه‪ ،‬وأما عبد الل ّٰه بن شهاب فأسلم‪ ،‬وهو جد شيخ‬
‫مالك محمد بن مسلم بن عبد الل ّٰه بن شهاب‪ ،‬وقد قيل لابن شهاب شيخ مالك‪ :‬أكان جدك عبد الل ّٰه بن شهاب ممن شهد بدرا؟ فقال‬
‫نعم‪ ،‬ولـكن من ذلك الجانب يعنى مع الـكفار‪ ،‬وأما ابن قميئة واسمه عبد الل ّٰه فنطحه تيس فتردى من شاهق‪ ،‬وفى مستدرك الحاكم‪:‬‬
‫أنه لما فعل عتبة ما فعل جاء حاطب بن = = أبى بلتعة فقال يا رسول الل ّٰه من فعل هذا بك؟ فأشار إلى عتبة‪ ،‬فتبعه حاطب حتى قتله‬
‫وجاء بفرسه إلى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )*(‬

‫ن د َ َي ّار ًا( و َلَو ْ دَعَو ْتَ عَلَي ْنا‬


‫ن الْك َافِرِي َ‬
‫ض مِ َ‬
‫َب لا تَذ َ ْر عَلَى الأَ ْر ِ‬
‫ل )ر ِّ‬ ‫الل ّه ِ لَق َ ْد د َعَا نُو ٌ‬
‫ح عَلَى قَوْمِه ِ فَق َا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك َلَامِه ِ‪ :‬ب ِأَ بِي أَ ن ْتَ و َ ُأمِّي ي َا رَسُو َ‬
‫م ا ْغفِر ْ لِقَوْمِي ف َِإ َ ّنه ُ ْم‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫ل ِإ َلّا خَيْر ًا فَق ُل ْتَ َ‬
‫ك وكسرت رباعيتك فأتبى أَ ْن تَق ُو َ‬ ‫خر ِن َا فَلَق َ ْد وطئ َظهْرُك َ و َ ُأ ْد ِمي َ و َجْ ه ُ َ‬ ‫مِث ْلَه َا لَهَلَكْناَ م ِنْ عِنْدِ آ ِ‬
‫ل م ِنْ جِم َ ِ‬
‫اع‬ ‫الل ّهُ‪ :‬انْظُر ْ م َا فِي هَذ َا الْقَو ْ ِ‬ ‫ل و ََف ّق َه ُ َ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل َا يَعْلَم ُونَ‪ ،‬قَا َ‬
‫ُوت عَنْه ُ ْم ح ََت ّى‬
‫سك ِ‬‫س َل ّم َ عَلَى ال ُ ّ‬ ‫الصّ بْر ِ و َالْحِلْم ِ‪ِ ،‬إ ْذ ل َ ْم يَقْتَصِرْ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س و َغَايَة ِ َ‬ ‫ق وَك َر َ ِم َ‬
‫الن ّ ْف ِ‬ ‫ن الْخُل ُ ِ‬
‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫ن وَ ُ‬
‫َات ال ِْإحْ سَا ِ‬
‫ل وَدَرَج ِ‬
‫الْف َضْ ِ‬
‫َالر ّحْمَة ِ بِقَو ْلِه ِ لِق َومِي‪ ،‬ث َُم ّ اعْتَذَر َ عَنْه ُ ْم‬
‫شفَقَة ِ و َ‬
‫ل ا ْغفِر ْ أَ وِ اهْدِ‪ ،‬ث َُم ّ أَ ظْ ه َر َ سَب َبَ ال َ ّ‬
‫شف َ َع لَه ُ ْم فَق َا َ‬ ‫عَف َا عَنْه ُ ْم ث َُم ّ أشْ ف َ َ‬
‫ق عَلَيْهِم ُ وَرَحِمَه ُ ْم وَد َعَا و َ َ‬
‫الل ّهِ‪ :‬ل َ ْم يَز ِ ْده ُ فِي جَوَابِه ِ أن بيَ ّنَ لَه ُ م َا َ‬
‫جه ِلَه ُ‬ ‫سم َة ٌ م َا ُأرِيد َ بِهَا وَجْه ُ َ‬ ‫ل اعْدِلْ ف َِإ َ ّ‬
‫ن هَذِه ِ ق ِ ْ‬ ‫ل لَه ُ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫ل ف َِإ َ ّنه ُ ْم ل َا يَعْلَم ُونَ‪ ،‬ولما قَا َ‬
‫بِ جَهْلِه ِ ْم فَق َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫خسِرْتُ ِإ ْن ل َ ْم أَ عْدِلْ ( وَنَهَ ى م َنْ أَ ر َاد َ م ِنْ أَ ْ‬


‫صحَابِه ِ قَتْلَه ُ‪،‬‬ ‫ل ِإ ْن ل َ ْم أَ عْدِلْ ؟ ِ‬
‫خب ْتُ و َ َ‬ ‫ك )فَم َنْ يَعْدِ ُ‬
‫ل و َيْ ح َ َ‬ ‫وَوَع ََظ ن َ ْفسَه ُ وَذ َك ّر َه َا بِمَا قَا َ‬
‫ل لَه ُ فَق َا َ‬
‫و َلَم ّا تصدى‬
‫__________‬
‫)قوله ب ِأَ بِي أَ ن ْتَ و َ ُأمِّي( أي بأبى أنت مفدى وبأمى أي بأبى فديتك أنت وبأمى )قوله ولما قَا َ‬
‫ل لَه ُ الرجل اعدل( هو ذو الخو يصرة‬
‫التميمي قتل في الخوارج يوم النهروان و يقال حرقوص‪ ،‬كذا في تجريد الذهبي )قوله خبت وخسرت( بضم التاء الفوقية فيهما‪ ،‬كذا عن‬
‫المزى حال القراءة عليه لأنه معلق بعدم العدل الذى هو معصوم مِن ْه صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم وليلائم قول القاضى وعظ نفسه وذكرها )قوله‬
‫ص َ ّدى لَه ُ غورث( هو بغين معجمة = = مفتوحة وقد تضم‬
‫صحَابِه ِ قَتْلَه ُ( هو خالد بن الوليد‪ ،‬وقيل عمر )قوله و َلَم ّا ت َ َ‬
‫وَنَهَ ى م َنْ أَ ر َاد َ م ِنْ أَ ْ‬
‫فواو ساكنة فراء مفتوحة فثاء مثلثة‪ :‬أسلم وصحب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم بعد ذلك )*(‬
‫ل‬
‫اس قَائِلُونَ فِي غ ََزاة ٍ فَل َ ْم يَن ْتَب ِه رَسُو ُ‬ ‫تح ْتَ شَ ج َرَة ٍ وَحْدَه ُ قَائِل ًا و َ‬
‫َالن ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ مُن ْتَبِذٌ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك بِه ِ وَرَسُو ُ‬
‫ِث لِيَفْت ِ َ‬
‫ن الْحا َر ِ‬
‫لَه ُ غَوْر َثُ ب ْ ُ‬

‫الن ّب ِ ُيّ‬
‫ْف م ِنْ يَدِه ِ‪ :‬ف َأَ خَذَه ُ َ‬‫سي ُ‬ ‫الل ّهُ‪ ،‬فَسَق ََط ال َ ّ‬‫ك م ِن ِ ّي؟ فَق َالَ‪َ :‬‬ ‫ل م َنْ يَم ْن َع ُ َ‬
‫ْف صَل ْتًا فِي يَدِه ِ فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َلّا و َه ُو َ قَائِم ٌ و َال َ ّ‬
‫سي ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫س*‬ ‫جئ ْتُك ُ ْم م ِنْ عِنْد َ خَيْر ِ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫خذٍ‪ ،‬فَتَرَك َه ُ وَعَف َا عَن ْه ُ‪ ،‬فَجَاء َ ِإلَى قَوْمِه ِ فَق َا َ‬ ‫ل كُنْ خَيْر َ آ ِ‬ ‫ك م ِن ِ ّي؟ قَا َ‬ ‫ل م َنْ يَم ْن َع ُ َ‬‫س َل ّم َ و َقَا َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن الْأَ عْص َ ِم‬ ‫ن الر ِ ّو َايَة ِ‪ ،‬و َأَ َن ّه ُ ل َ ْم يُؤَا ِ‬
‫خ ْذ لَب ِيد َ ب ْ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح م ِ َ‬ ‫شاة ِ بَعْد َ اع ْتِر َافِه َا عَلَى َ‬
‫ن الْيَه ُود َِي ّة ِ َال ّتِي س ََم ّت ْه ُ فِي ال َ ّ‬
‫ِيم خ َبَرِه ِ فِي الْع َ ْفوِ عَفْوُه ُ ع َ ِ‬
‫وَم ِنْ عَظ ِ‬
‫ِإ ْذ سَ ح َرَه ُ و َق َ ْد ُأعْل ِم َ بِه ِ و َ ُأو ِ‬
‫حي َ إليه لشرح أَ ْمرِه ِ‪ ،‬وَل َا ع َت َبَ عَلَيْه ِ ف َضْ ل ًا ع َنْ م ُع َاقَبَتِه ِ‬
‫__________‬
‫= مفتوحة وقد تضم فواو ساكنة مفتوحة فثاء مثلثة‪ :‬أسلم وصحب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم بعد ذلك )قوله ليفتك به( الفتك أن يأتي‬
‫الرجل إلى آخر ليقتله وهو غافل )قوله منتبذ( بضم الميم وسكون النون وفتح المثناة الفوقية وكسر الباء الموحدة بعدها ذال معجمة أي‬
‫جالس في ناحية )قوله قائلا( من القيلولة )قوله في غزاة ذات الرقاع )قوله صلتا( بفتح الصاد المهملة وضمها وفى آخره مثناة فوقية‬
‫ن الْيَه ُود َِي ّة ِ َال ّتِي سمته( في مغازى م ُوس َى بن عُقْب َة والدلائل للبيهقي أن اسمها زينب بنت الحارث بن سلام‪ ،‬وقال‬
‫أي مسلولا )قوله ع َ ِ‬
‫ابن قيم الجوز ية هي امرأة سلام بن مشكم‪ ،‬واختلف فيها فروى ابن اسحاق أنه صفح عنها‪ ،‬وروى أبو داود أنه قتلها وصلبها‪ ،‬وجمع بين‬
‫هاتين الروايتين بأنه صفح عنها‪ ،‬فلما مات بشر بن البراء بن معرور من الأكلة التى أكلها مع النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من الشاة قتلها به‬
‫قصاصا‪ ،‬وذلك أن بشرا لم يزل معتلا من تلك الأكلة حتى مات منها بعد حول‪ ،‬و يقال إنه مات في الحال‪.‬‬
‫وفى جامع معمر عن الأزهري أنه قال أسلمت فتركها‪ ،‬قال معمر والناس يقولون قتلها وأنها لم تسلم )قوله لبيد بن الأعصم( جاء التصريح‬
‫بأنه يهودى في الصحيحين وقد هلك = = على يهوديته )*(‬
‫ل بَعْضِه ِ ْم )ل َا‪،‬‬
‫ل لم َِنْ أَ شَار َ بِقَت ْ ِ‬
‫جه َتِه ِ قَوْل ًا و َفِعْل ًا بَلْ قَا َ‬
‫ل عَنْه ُ ْم فِي ِ‬
‫ِيم م َا نُق ِ َ‬
‫ن ال ْمُنَافِق ِينَ ب ِعَظ ِ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ َ‬
‫ن ُأب َ ٍيّ و َأَ شْ بَاه َه ُ م ِ َ‬ ‫ك ل َ ْم يُؤَا ِ‬
‫خ ْذ عَبْد َ َ‬ ‫وَكَذَل ِ َ‬

‫يظ الْحا َشِيَة ِ فَجبََذَه ُ أَ عْرابِيّ ٌ‬ ‫س َل ّم َ و َعَلَيْه ِ بُرْد ٌ غَل ِ ُ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫كن ْتُ م َ َع َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ُ‬
‫س رَضِي َ َ‬‫صحَابَه ُ( وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ل أَ ْ‬ ‫ن مُح َم ّدًا يَقْت ُ ُ‬‫لِئ َل ّا يُتَح َ ّدثُ أَ َ ّ‬
‫َ‬
‫الل ّه ِ ال َ ّذ ِي عِنْدَك َ ف َِإ َن ّ َ‬
‫ك‬ ‫ل َ‬ ‫ل ي َا مُحَم ّد ُ ا ْحم ِلْ ل ِي عَلَى بَع ِير ََيّ هَذ َي ْ ِن م ِنْ م َا ِ‬ ‫صفْحَة ِ عَاتِقِه ِ ث َُم ّ قَا َ‬ ‫شدِيدَة ً ح ََت ّى أ َث ّر ْ‬
‫َت ح َاشِي َة ُ ال ْبُرْدِ فِي َ‬ ‫جبْذَة ً َ‬‫بِرِد َائِه ِ َ‬
‫ك ي َا‬ ‫الل ّه ِ و َأَ ن َا عَبْدُه ُ ‪ -‬ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل و َيُق َاد ُ مِن ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل م َا ُ‬ ‫س َل ّم َ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل )ال ْمَا ُ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل أَ بيِكَ‪ ،‬فَسَكَتَ َ‬
‫ك وَل َا م ِنْ م َا ِ‬ ‫ل َا تَحْم ِ ُ‬
‫ل ل ِي م ِنْ م َال ِ َ‬
‫أَ عْرَاب ِ ُيّ م َا ف َعَل ْتَ‬
‫ل لَه ُ عَلَى بَع ِيرٍ شَع ِير ٌ وعَلَى‬ ‫س َل ّم َ ث َُم ّ أَ م َرَ أَ ْن يُحْم َ َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ح َ‬
‫ض ِ‬ ‫سي ِّئَة ِ ال َ ّ‬
‫سي ِّئ َة َ ف َ َ‬ ‫ك ل َا نكافي ب ِال َ ّ‬ ‫ل )لِم َ؟( قَا َ‬
‫ل لأَ َن ّ َ‬ ‫ل ل َا‪ ،‬قَا َ‬ ‫بِي( قَا َ‬

‫الل ّه ِ صلى الل ّٰه عليه وسلم مُن ْتَصِر ًا م ِنْ مَظْلَمَة ِ ظُل ِمَه َا ق ُ َّط م َا ل َ ْم تَكُنْ ح ُ ْرم َة ً م ِنْ َ‬
‫محَارِ ِم‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا م َا ر َأَ ي ْتُ رَسُو َ‬
‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ َ‬ ‫الآخَر ِ تَم ْر ٌ‪ ،‬قَال َ ْ‬

‫ل‬
‫ك فَق َا َ‬
‫ل هَذ َا أَ ر َاد َ أَ ْن يَقْتُل َ َ‬ ‫الل ّه ِ وَم َا ضَر َبَ خ َادِم ًا وَل َا امْرَأَ ة ً‪ ،‬وجئ ِإلَيْه ِ ب ِرَج ُ ٍ‬
‫ل فَق ِي َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ وَم َا ضَر َبَ بيَِدِه ِ َ‬
‫شي ْئًا ق ُ َّط ِإ ًلَّا أَ ْن يُجَاهِد َ فِي سَب ِي ِ‬ ‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ك ل َ ْم تُس ََل ّ ْط عَل َيّ( وجاءه‬


‫س َل ّم َ )لَنْ ت ُر َاعَ لَنْ ت ُر َاعَ و َلَو ْ أَ رَدْتَ ذَل ِ َ‬
‫لَه ُ النبي صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله عبد الل ّٰه بن أبى( هو عبد الل ّٰه بن أبى ابن سلول بتنوين أبى وكتابة ألف بعدها لأن سلول أم عبد الل ّٰه وزوجة أبى فلو لم يفعل ذلك‬
‫ن ال ْمُنَافِق ِينَ( قال ابن عباس كان المنافقون من الرجال ثلاثمائة ومن النساء مائة‬
‫لنوهم إن سلول أم أبى وليس كذلك )قوله و َأَ شْ بَاه َه ُ م ِ َ‬
‫ن سعنة هو بسين )*(‬
‫وسبعين )قوله لا يكافئ( بهمزة في آخره )قوله لن تراع( أي لا خوف عليك )قوله وَج َاءَه ُ ز َيْد ُ ب ْ ُ‬
‫ل‬ ‫ظ لَه ُ ث َُم ّ قَالَ‪ِ :‬إ َن ّك ُ ْم ي َا بَنِي عَبْدِ ال ْم ُ َ ّ‬
‫طل ِِب م ُ ْط ٌ‬ ‫ل ِإسْ لَامِه ِ يَت َقاضَاه ُ دَي ْنًا عَلَيْه ِ فَجبََذ َ ثَو ْبَه ُ ع َنْ مَنْكِبِه ِ وأخذ بمجامع نيابه و َأَ غ ْل َ َ‬
‫سعْن َة َ قَب ْ َ‬
‫ن َ‬
‫ز َيْد ُ ب ْ ُ‬
‫ك‬ ‫س َل ّم َ بتبسم فقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )وأنا و َه ُو َ ك َُن ّا ِإلَى غَيْر ِ هَذ َا مِن ْ َ‬ ‫َالن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫لو َ‬ ‫فَانْتَه َرَه ُ ع ُم َر ُ و َش َ ّدد َ لَه ُ فِي الْقَو ْ ِ‬
‫ن‬ ‫اث‪ ،‬و َأَ م َرَ ع ُم َر َ يَقْضِ يه ِ م َالَه ُ و َيَز ِيدُه ُ عِشْر ِي َ‬ ‫الت ّق َاض ِي‪ ،‬ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل لَق َ ْد بَقِ َي م ِنْ أَ جْلِه ِ ثَل َ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن الْقَضَاء ِ و َت َأْ م ُرُه ُ بِ ح ُ ْ‬‫س ِ‬ ‫ج ي َا ع ُم َرُ‪ :‬ت َأْ م ُرَنِي بِ ح ُ ْ‬‫أَ حْ و َ ُ‬
‫َات النبوة شئ ِإ َلّا و َق َ ْد ع َرَفْتُهَا فِي وَجْه ِ مُحَم ّدٍ ِإ َلّا اث ْنَتَيْنِ ل َ ْم‬ ‫ل م َا بَقِ َي م ِنْ عَلَام ِ‬ ‫ك أَ َن ّه ُ ك َانَ يَق ُو ُ‬ ‫صَاعًا لم َِا ر َ َ ّوع َه ُ فَك َانَ سَب َبَ ِإسْ لَامِه ِ‪ ،‬وَذَل ِ َ‬

‫ل ِإ َلّا حِل ْمًا‪ ،‬ف َأَ خْبَرْتُه ُ بِهَذ َا ف َوَجَدْتُه ُ كَمَا وُص َ‬
‫ِف‪ ،‬و َالْحَدِيثُ ع َنْ‬ ‫ش َ ّدة ُ الْج َ ْه ِ‬
‫جهْلَه ُ‪ ،‬وَل َا تَز ِيدُه ُ ِ‬ ‫ُأخْبِرْهُمَا‪ :‬يَسْب ِ ُ‬
‫ق حِل ْم ُه ُ َ‬
‫َات َ‬
‫الث ّابتَِة ِ ِإلَى‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح و َال ْمُص ََن ّف ِ‬ ‫ك م َا ذَكر ْن َاه ُ م َِم ّا فِي َ‬ ‫حِل ْمِه ِ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم وصبر وَع َ ْفوِه ِ عِنْد َ ال ْم َ ْقدِرَة ِ أكثر من أن تأتى عَلَيْه ِ‪ ،‬و َ َ‬
‫حسْب ُ َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ ْم وَح َ َكّم َه ُ‬ ‫شد َائِدِ َ‬
‫الصّ عْبَة ِ م َعَه ُ ْم ِإلَى أَ ْن أَ ظْ ف َرَه ُ َ‬ ‫ْش و َأَ ذ َى الْجا َه ِل َِي ّة ِ وَمُصَاب َرَة ِ ال َ ّ‬
‫صبْرِه ِ عَلَى مُق َاسَاة ِ ق ُر َي ٍ‬
‫م َا بلَ َ َغ م ُت َوَاتِر ًا مَب ْل َ َغ ال ْيَق ِينِ م ِنْ َ‬
‫ف ِيه ِ ْم‬
‫__________‬
‫مفتوحة مهملة وعين ساكنة مهملة ونون مفتوحة‪ :‬قال ابن ماكولا في إكماله‪ :‬هو حبر يهودى له ذكر في حديث لعبد الل ّٰه بن سلام وقال‬
‫النووي في تهذيبه‪ :‬هو من أحبار اليهود الذى أسلم وحسن إسلامه وشهد مع رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم مشاهد كثيرة وتوفى فِي‬
‫غ َْزوَة ِ تَب ُوك َ مقبلا إلى المدينة‪ ،‬وأما أسيد بن سعية‪ :‬أسيد بفتح الهمزة وكسر السين المهملة‪ ،‬وسعية والده بفتح السين وسكون العين‬
‫سعْن َة َ بالنون أصح وأسيد بن سعية بالياء أصح )قوله مطل( بضم الميم والطاء‬
‫ن َ‬
‫المهملتين بعدهما مثناة تحتية‪ ،‬قال الذهبي في التجريد ز َيْد ُ ب ْ ُ‬
‫المهملة جمع مطول على وزن فعول بمعنى فاعل كغفور )*(‬
‫خ‬
‫ل بِكُمْ؟ قَالُوا خَيْر ًا‪ ،‬أَ ٌ‬
‫ل )م َا تَق ُولُونَ ِإن ِ ّي فَاع ِ ٌ‬
‫صفَحَ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫خضْر َائِه ِ ْم فَمَا ز َاد َ عَلَى أَ ْن عنا و َ َ‬
‫ل شَأْ فَتِه ِ ْم و َِإب َادَة ِ َ‬ ‫و َه ُ ْم ل َا يَش ُ َ ّ‬
‫كونَ فِي اسْ تِئْصَا ِ‬

‫ن‬
‫س ه َب ََط ثَمَانُونَ رَج ُل ًا م ِ َ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬ ‫ُف‪ :‬لا تثريب عليكم الآيَة َ‪ ،‬اذْه َب ُوا ف َأَ ن ْتُم ُ ال ُ ّ‬
‫طلَق َاءُ( و َقَا َ‬ ‫ل أَ خِي يُوس َ‬
‫ل كَمَا قَا َ‬
‫ل أَ قُو ُ‬ ‫ن أَ ٍ‬
‫خ كَر ِيمٍ‪ ،‬فَق َا َ‬ ‫كَر ِيم ٌ و َاب ْ ُ‬

‫الل ّه ُ تَع َالَى )و َه ُو َ‬


‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ ف َأَ ن ْز َ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ ف َُأ ِ‬
‫خذ ُوا ف َأَ عْتَقَه ُ ْم رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الصّ ب ِْح لِيَقْتُلُوا رَسُو َ‬
‫الت ّن ْع ِِيم صَلَاة َ ُ‬
‫َ‬

‫صحَابَه ُ وَم ََث ّ َ‬


‫ل بِه ِ ْم فَعَف َا عنه‬ ‫ل ع ََم ّه ُ و َأَ ْ‬
‫حز َابَ و َقَت َ َ‬
‫ق ِإلَيْه ِ بَعْد َ أَ ْن جلب إليه الْأَ ْ‬
‫سفْيَانَ و َق َ ْد سِي َ‬
‫ل لأَ بِي ُ‬ ‫ال َ ّذ ِي ك َ ّ‬
‫َف أَ يْدِيَه ُ ْم عَنْكُمْ( الآيَة َ و َقَا َ‬
‫ك و َأَ ك َرَمَكَ(‬ ‫ل ب ِأَ بِي أَ ن ْتَ و َ ُأمِّي م َا أَ حْلَم َ َ‬
‫ك و َأَ ْوصَل َ َ‬ ‫ك أَ ْن تَعْلَم َ أَ ْن ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّهُ؟ فَق َا َ‬ ‫سفْيَانَ أَ ل َ ْم يَئْنِ ل َ َ‬
‫ك ي َا أَ ب َا ُ‬
‫ولا طفه فِي الْقَوْلِ‪) :‬و َيْ ح َ َ‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫وَك َانَ رَسُو ُ‬
‫س غَضَبًا و َأَ سْرَعَه ُ ْم رضى‪ ،‬صلى الل ّٰه عليه وسلم‪.‬‬ ‫س َل ّم َ أَ بْعَد َ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫وغفر من المطل وهى اللى بالدين )قوله شأفتهم( بشين معجمة وهمزة ساكنة وفاء مخففة وتاء فوقية‪ ،‬في الصحاح‪ :‬الشأفة قرحة تخرج‬
‫في أسفل القدم فتكوى فتذهب يقال في المثل استأصل الل ّٰه شأفته أي أذهبه الل ّٰه كما أذهب تلك القرحة بالـكى )قوله خضرائهم( بفتح‬
‫الخاء وإسكان الضاد المعجمتين بعدها راء فهمزة ممدودة أي جماعتهم وأشخاصهم )قوله تثريب( قيل معناه لا تغيير وقيل لا تأنيب وقيل‬
‫لا تبغيض وقيل لا أنا في قبول عذركم )قوله الطلقاء( بضم الطاء المهملة وفتح اللام جمع طليق وهو الأسير إذا أطلق وخلى سبيله )قوله‬
‫من التنعيم( هو من مكة على ثلاثة أميال من جهة المدينة سمى بذلك لأن عن يمينه جبلا يقال له نعيم وعن شماله جبلا يقال له ناعم‬
‫ن ِإ ْسحَاقَ وكان في شوال‬
‫ل اب ْ ُ‬
‫وبه واد يقال له نعمان )قوله الأحزاب( هم أهل الخندق وكانوا ثلاثة عساكر وعدتهم عشرة آلاف‪ ،‬قَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫سنة خمس )قوله ومثل بهم( )*(‬

‫)فصل( وأما الجود والـكرم والسخاء والسماحة‬ ‫‪٢.٢.١٢‬‬

‫س ف ِيم َا‬ ‫ِيب َ‬


‫الن ّ ْف ِ‬ ‫الإنْف َاقَ بِط ِ‬ ‫سم َاح َة ُ وَمَع َان ِيهَا م ُتَق َارِبَة ٌ و َق َ ْد ف ََر ّقَ بَعْضُه ُ ْم بَيْنَهَا بِف ُر ُو ٍ‬
‫ق فَجَع َلُوا الـْك َرَم َ ِ‬ ‫سخ َاء ُ و َال َ ّ‬
‫)فصل( و َأَ َمّا الْجُود ُ و َالـْك َرَم ُ و َال َ ّ‬

‫سة ِ‪،‬‬ ‫ض ُ ّد ال َ ّ‬
‫شك َا َ‬ ‫س و َه ُو َ ِ‬ ‫ح ُ ّقه ُ ال ْمَر ْء ُ عِنْد َ غَيْرِه ِ ب ِ‬
‫ِطيب ن َ ْف ٍ‬ ‫ض ُ ّد َ‬
‫الن ّذ َالَة ِ‪ ،‬والسماحة التجا في ع ََم ّا يَسْت َ ِ‬ ‫خطَرُه ُ و َنَفْع ُه ُ وَس ََم ّوْه ُ أَ يْضًا جُرْأَ ة ً و َه ُو َ ِ‬
‫يَعْظُم ُ َ‬

‫س َل ّم َ ل َا يُوَاز َى فِي هَذِه ِ الْأَ خْلَا ِ‬


‫ق‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ض ُ ّد َ‬
‫الت ّقْت ِيرِ‪ ،‬فَك َانَ صَلَ ّى َ‬ ‫ق وَت َُجن ّبُ اكْ تِس ِ‬
‫َاب مالا يُحْمَد ُ و َه ُو َ الْجُود ُ و َه ُو َ ِ‬ ‫و َال َ ّ‬
‫سخ َاء ُ سُه ُولَة ُال ِْإنْف َا ِ‬
‫صف َه ُ ك ُ ُ ّ‬
‫ل م َنْ ع َرَف َه ُ‪.‬‬ ‫الـْكَر ِيمة ِ وَل َا يُبَار َى بِهَذ َا‪ ،‬و َ َ‬
‫شمِيهَن ِ ُيّ و َأَ بُو‬
‫ج ُيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ذ َ ٍرّ ال ْه َرَو ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْهَي ْث َ ِم ال ْـكُ ْ‬ ‫الصّ د َف ِ ُيّ رَحِم َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيدِ ال ْبَا ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ َ‬

‫الل ّه ِ الْف َر َبْر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬


‫ن كَث ِيرٍ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫خس ِ ُ ّ‬
‫ي وأبو إسحاق البلخى قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬ ‫مُحَم ّدٍ ال َس ّرْ َ‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم عن شئ فَق َا َ‬
‫ل لا‪.‬‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ يَق ُولُ‪ :‬م َا سُئ ِ َ‬
‫ل رَسُو ُ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫ن اب ْ ِن المُنْكَدِرِ سَمِعْتُ ج َاب ِر َ ب ْ َ‬
‫سفْيَانُ ع َ ِ‬
‫ُ‬

‫س َل ّم َ أَ جْ وَد َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‪ :‬ك َانَ َ‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ مِثْلَه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫سعْدٍ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ وسهل ابن َ‬
‫س رَضِيَ َ‬
‫وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س ب ِا ْلخـَيْر ِ و َأَ جْ وَد ُ ما كان في شهر رمضان‬ ‫َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫__________‬
‫يقال مثل يالعبد يمثل كقتل يقتل إذا قطع أطرافه أو أنفه أو أذنه أو مذاكيره‪ ،‬وأما مثل بالتشديد فللمبالغة )قوله خطره( بالخاء المعجمة‬
‫والطاء أي قدره )قوله ضد الشكاسة( هو بفتح الشين المعجمة وتخفيف الكاف وبعدها ألف وسين مهملة‪ ،‬يقال رجل شكس بكسر‬
‫أوله وسكون ثانيه أي صعب الخلق وقوم شكس بضمهما مثل رجل صدق وقوم صدق )قوله لا يوازى( قال ابن الأثير‪ :‬الموازاة‬
‫المقابلة والمواجهة‪ :‬وفى الصحاح آزيته أي حاذيته ولا تقل وازيته )قوله ابن كثير( بفتح )*(‬
‫ج َع ِإلَى قَوْمِه ِ‬
‫ن رَج ُل ًا سَأَ لَه ُ ف َأَ ْعطَاه ُ غ َنَم ًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ ف َر َ َ‬ ‫ن الر ّ ِِيح ال ْمُرْسَلَة ِ‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س أَ َ ّ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ أَ جْ وَد َ ب ِا ْلخـَيْر ِ م ِ َ‬ ‫جبْر ِي ُ‬
‫وَك َانَ ِإذ َا لَق ِي َه ُ ِ‬
‫صفْوَانَ م ِائَة ً ث َُم ّ م ِائَة ً ث َُم ّ م ِائَة ً‪ ،‬و َهَذِه ِ‬ ‫ل‪ ،‬و َأَ ْعطَى َ‬ ‫ن ال ِْإ ب ِ ِ‬‫حدٍ م ِائَة ً م ِ َ‬ ‫يخ ْش َى فَاق َة ً‪ ،‬و َأَ ْعطَى غَيْر َ و َا ِ‬ ‫ن مُحَم ّدًا يُعْط ِي عَطَاء َ م َنْ ل َا َ‬ ‫ل أَ سْ ل ِم ُوا ف َِإ َ ّ‬
‫و َقَا َ‬
‫ل الْك َ َ ّ‬
‫ل و َت َ ْكسِبُ ال ْمَعْد ُوم َ‪.‬‬ ‫ك تَحْم ِ ُ‬ ‫ل‪ِ :‬إ َن ّ َ‬
‫ن نَو ْف َ ٍ‬
‫ل لَه ُ وَر َق َة ُ ب ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ قَب ْ َ‬
‫ل أَ ْن يُبْع َثَ و َق َ ْد قَا َ‬ ‫ك َان َْت خ ُلُق َه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫وَر َ َدّ عَلَى ه َوَازِنَ سباياها‬
‫__________‬
‫ل( بن أسد بن ع َبد‬
‫ن نَو ْف َ ٍ‬ ‫ن ُأم ََي ّة َ )قوله و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل لَه ُ وَر َق َة ُ ب ْ ُ‬ ‫صفْوَانَ ب ْ َ‬ ‫الكاف وكسر المثلثة بعدها مثناة تحتية )قوله أَ َ ّ‬
‫ن رَج ُل ًا سَأَ لَه ُ( هو َ‬
‫ال ْع َُز ّى قال الحافظ زين الدين العراقى‪ :‬ينبغى أن يقال أول من أسلم من الرجال ورقة‪ ،‬لما في الصحيحين من حَد ِ‬
‫ِيث عَائِش َة َ فِي قصة بدء‬
‫الوحى‪ ،‬فإن فيه )أن الوحى ٺتابع في حياة ورقة وإنه آمن به( وقد ذكر ابن منده‪ :‬ورقة في الصحابة واختلف في إسلامه انتهى‪ ،‬ونقل‬
‫الذهبي كلام ابن‬
‫منده ثم قال‪ :‬والأظهر َإن ّه مات قَب ْل الرسالة وبعد نبوة )قوله نحمل الكل( الذى في الصحيحين أن خديجة هي التى قالت ذلك‪ ،‬والكل‬
‫بفتح الكاف وتشديد اللام‪ :‬الشئ الثقيل‪ ،‬والمراد هنا نحو اليتيم والضعيف ومن لا قدرة له )قوله وتكسب المعدوم( بفتح أوله قال ابن‬
‫قرقور‪ :‬هي أكثر الروايات وأصحها ومعناه تكسبه لنفسه وقيل تكسبه غيرك وتعطيه إياه يقال كسبت مالا وكسبته غيرى‪ ،‬لازم ومتعد‪،‬‬
‫وروى بضم أوله ومعناه تكسب غيرك المال المعدوم أي تعطيه فحذف أحد المفعولين‪ ،‬وقيل تعطى الناس مالا يجدونه عند غيرك من‬
‫مكارم الأخلاق وقيل المعدوم الرجل العاجز سماه معدوما لـكونه كالميت‪ ،‬وفى النهاية يقال كسبت مالا وكسبت زيدا وأكسبت زيدا‬
‫مالا أي أعنته على كسبه أو جعلته يكسبه‪ ،‬فإن كان من الأول فتريد خديجة‪ :‬إنك تصل إلى كل معدوم وتناله فلا يتعذر لبعده‬
‫عليك وإن جعلته متعديا إلى اثنين فتريد أنك تعطى الناس الشئ المعدوم عندهم وتوصله إليهم وهذا أولى القولين لأنه أشبه بما قبله في‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫باب التفضل والإنعام إذ لا إنعام في أن يكسب هو لنفسه ما كان معدوما عنده وإنما الإنعام أن يوليه غيره وباب الحظ والسعادة في‬
‫الاكتساب غير باب التفضل والإنعام اه‪.‬‬
‫)قوله ورد على هوازن سباياها( وكانت ستة آلاف من الآدميين‪ ،‬وأما الإبل فكانت نحو أربعة وعشرين ألفا‪ ،‬والغنم كانت فوق أربعين‬
‫ألفا‪ ،‬والورق فأربعة آلاف أوقية من الفضة )*(‬
‫َت عَلَى حَصِ يرٍ ث َُم ّ قَام َ ِإلَيْهَا فَقَسَمَه َا‬ ‫ن ال َذ ّه ِ‬
‫َب م َا ل َ ْم يُط ِقْ حَم ْلَه ُ وَحُم ِ َ‬
‫ل إليه ت ِسع ُونَ أَ ل َْف دِرْه َ ٍم ف َوُضِع ْ‬ ‫آلاف و َأَ ْعطَى الْع ََب ّ َ‬
‫اس م ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫وَك َان َْت س َِت ّة َ‬

‫الل ّه ُ‬
‫ك َ‬ ‫ل لَه ُ ع ُم َر ُ م َا ك ََل ّف َ َ‬ ‫ل م َا عندي شئ ولـكن ابتع عَل َيّ ف َِإذ َا ج َاءَن َا شئ ق َ َ‬
‫ضي ْنَاه ُ فَق َا َ‬ ‫ل فَسَأَ لَه ُ فَق َا َ‬ ‫فَمَا ر َ َدّ سَائِل ًا ح ََت ّى ف َرَغَ مِنْهَا وَج َاءَه ُ رَج ُ ٌ‬
‫ن الأَ نْصَارِ‬
‫ل مِ َ‬
‫ل رَج ُ ٌ‬
‫ك فَق َا َ‬‫س َل ّم َ ذَل ِ َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫مالا ت َ ْقدِر ُ عَلَيْه ِ ف َكَرِه َ َ‬

‫ل بِهَذ َا ُأم ِْرتُ ‪.‬‬ ‫س َل ّم َ وَعُر َ‬


‫ِف ال ْبِشْر ُ فِي و َجْ هِه ِ و َقَا َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ِ أَ نْف ِقْ وَل َا تخ َ‬
‫ْش م ِنْ ذِي العرش ِإق ْلال ًا فَتَب َ َس ّم َ صَلَ ّى َ‬ ‫ل َ‬ ‫ي َا رَسُو َ‬
‫ذَك َرَه ُ التِّرْمِذ ُِيّ ‪.‬‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬
‫ل أتيت النبي صلى َ‬ ‫وَذُك ِر َ ع َنْ مُعَوِ ّذِ ب ْ ِن عَفْرَاء َ قَا َ‬
‫__________‬
‫)قَو ْله ولـكن ابتع( هو بموحدة ثم تاء فوقية )قوله وَذُك ِر َ ع َنْ مُعَوِ ّذِ( قال المزى‪ :‬هذا الحديث روى عن الربيع بنت معوذ بن عفراء‪ ،‬وأما‬
‫معوذ فإنه استشهد يوم بدر‪ ،‬ولم يعرف له رواية‪.‬‬
‫َب وعليه أجر من‬ ‫وقوله وذكر‪ :‬يعنى الترمذي ذكر في كتاب الشمائل عن الربيع بنت معوذ‪ ،‬قالت‪ :‬بعثنى معاذ بن عفراء بِق ِن َ ٍ‬
‫اع م ِنْ رُط ٍ‬
‫قثاء زغب‪ ،‬وكان رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يحب القثاء فأتيته بها وعنده خلية قدمت إليه من البحرين فملأ يدى منها فأعطانيه‪.‬‬
‫س َل ّم َ بِق ِن َ ٍ‬
‫َب وعليه أجر زغب فأعطاني ملء كفه حليا أو قالت ذهبا‪ ،‬والربيع‬ ‫اع م ِنْ رُط ٍ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وفى رواية قالت‪ :‬أَ تَي ْتُ َ‬
‫بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد المثناة التحتية المكسورة ومعوذ بضم الميم وفتح العين المهملة وكسر الواو المشددة‪.‬‬
‫وحكى ابن قرقول فتحها وذال معجمة وعفراء بفتح العين المهملة وسكون الفاء‪ ،‬والمد‪ ،‬والقناع بكسر القاف وتخفيف النون بعدها‬
‫ألف وعين مهملة‪ ،‬وأجر بضم الهمزة وسكون الجيم بعدها راء جمع جرو‪ ،‬وفى الصحاح والجرو والجروة الصغير من القثاء‪ ،‬وفى الحديث‬
‫أتى النبي صلى الل ّٰه ]‪(*) [١ - ٨‬‬

‫)فصل( وأما الشجاعة والنجدة‬ ‫‪٢.٢.١٣‬‬

‫س َل ّم َ بِق ِن َ ٍ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س‪ :‬ك َانَ رَسُو ُ‬ ‫ك ّفِه ِ ح ُل ًِي ّا وَذ َه َبًا‪ ،‬قَا َ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬ ‫ْب يُر ِيد ُ قثاء فأعطاني ملء َ‬ ‫َب يُر ِيد ُ طَبَق ًا و َ ُأ ْ‬
‫جر ٍ زُغ ٍ‬ ‫اع م ِنْ رُط ٍ‬ ‫وَ َ‬
‫شي ْئًا لِغَدٍ‪.‬‬ ‫ل َا ي َ ّد ِ‬
‫خر ُ َ‬

‫و َا ْلخـَب َر ُ بِ ج ُودِه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم كرمه كَث ِير ٌ‪.‬‬
‫ل يَتَق َاضَاه ُ‬ ‫ق فَجَاء َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫ف و َسْ ٍ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ن ِصْ َ‬ ‫س َل ّم َ يَسْأَ لُه ُفَاسْ تَل َ َ‬
‫ف لَه ُ رَسُو ُ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‪ :‬أَ تَى رَج ُ ٌ‬
‫َ‬
‫ل )ن ِصْ ف ُه ُ قَضَاء ٌ و َن ِصْ ف ُه ُ ن َائِلٌ( ‪.‬‬
‫ف َأَ عْطاه ُ و َسْ ق ًا و َقَا َ‬
‫حي ْثُ‬
‫ْت َ‬
‫س عِنْد َ اسْ تِرْسَالِهَا ِإلَى ال ْمَو ِ‬ ‫َالن ّجْدَة ُ ثِق َة ُ َ‬
‫الن ّ ْف ِ‬ ‫ل‪ ،‬و َ‬ ‫شج َاع َة ُ ف َضِ يلَة ُ ق َُو ّة ِ الْغَض ِ‬
‫َب و َانْق ِيَادِه َا لِلْع َ ْق ِ‬ ‫َالن ّجْدَة ُ‪ :‬فَال َ ّ‬
‫شج َاع َة ُ و َ‬
‫)فصل( و َأَ َمّا ال َ ّ‬
‫ل عَن ْه ُ‬ ‫الصّ عْب َة َ و َف ََر ّ ال ْـ ُ‬
‫كمَاة ُ و َالْأَ بْطَا ُ‬ ‫ل ق َ ْد حَضَر َ ال ْم َوَاق َِف َ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي ل َا ُ‬
‫يجْه َ ُ‬ ‫س َل ّم َ مِنْهُم َا ب ِال ْمَك َا ِ‬ ‫ْف‪ ،‬وَك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خو ٍ‬
‫يُحْمَد ُ فِعْلُه َا د ُونَ َ‬

‫جو ْلة ٌ سِوَاه ُ‪.‬‬


‫َت عَن ْه ُ َ‬ ‫حزَحُ‪ ،‬وما شُ جَاعٌ ِإ َلّا و َق َ ْد ُأحْ صِ ي َْت لَه ُ ف ََر ّة ٌ و َ ُ‬
‫حفِظ ْ‬ ‫ل ل َا يُدْب ِر ُ وَل َا يَتَز َ ْ‬
‫ح وَمُقْب ِ ٌ‬
‫غَيْر َ م َ َّرة ٍ و َه ُو َ ث َاب ِتٌ ل َا يَبْر َ ُ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ‬
‫__________‬
‫عليه وسلم بأجر زغب‪ ،‬وكذلك جرو الحنظل والرمان انتهى وقال ابن قرقول أجرا جمع أجر وأجر جمع جرو‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫والزغب بزاى مضمومة وغين معجمة ساكنة وباء موحدة التى عليها زغبها أي شئ يشبه الزغب وهو شعيرات صفر على ريش الفرخ‪،‬‬
‫والقثاء بكسر القاف وضمها فالمثلثة فالمد )قوله نصف وسق( الوسق بكسر الواو وفتحها ستون صاعا )قوله ونصفه نائل( أي عطفا‬
‫)قوله والنجدة( بفتح النون في اللغة الشجاعة وفى الحقيقة م َا ذَك َر َه الْق َاض ِي رحمه الل ّٰه تعالى )قوله الـكماة( بضم الكاف جمع كمى بفتحها‬
‫وكسر الميم وتشديد الياء وهو الشجاع المتكمى في سلاحه أي المستتر فيه كأنه جمع كام كقاض وقضاة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل‬ ‫ُف ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬ ‫ن يُوس َ‬ ‫الْج َيَ ّان ِ ُيّ ف ِيم َا كَت َبَ ل ِي ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي سِر َا ٌ‬
‫ج ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو محمد الأصيلي حدثنا أَ بُو ز َيْدٍ الْفَق ِيه ُ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫س َل ّم َ؟‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ب َ ّشا ٍر ح َ َ ّدثَنَا غُنْدُر ٌ ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫شعْب َة ُ ع َنْ أَ بِي ِإ ْسحَاقَ سَم ِـ َع البَر َاء َ وَسَأَ لَه ُ رَجُلٌ‪ :‬أَ ف َر َ ْرتُم ْ يَوْم َ حُنَيْنٍ ع َنْ رَسُو ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬

‫س َل ّم َ‬ ‫والن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خذٌ بِل ِج َامِهَا َ‬ ‫ل لَق َ ْد ر َأَ ي ْت ُه ُ عَلَى بَغْلَتِه ِ ال ْبَيْضَاء ِ و َأَ بُو ُ‬
‫سفْيَانَ آ ِ‬ ‫س َل ّم َ ل َ ْم يَف َِر ّ ث َُم ّ قَا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل لـَك َِنّ رَسُو َ‬
‫قَا َ‬
‫ن عَبْدِ الم ُ َ ّ‬
‫طل ِْب‪ ،‬قيل فما روى يَوْم َئِذٍ أَ حَدٌ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ ل َا كَذ ْ‬
‫ِب‪ ،‬وَز َاد َ غَي ْرُه ُ‪ :‬أَ ن َا اب ْ ُ‬ ‫يَق ُولُ‪ :‬أَ ن َا َ‬

‫ل فَلَم ّا ال ْتَقَى ال ْمُسْل ِم ُونَ و َال ْـكُ َ ّفار ُ و َلَ ّى‬ ‫ن ال ْع ََب ّا ِ‬
‫س قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ع َنْ بَغْلَتِه ِ‪ ،‬وَذَك َر َ م ُ ْ‬
‫سل ِم ٌ ع َ ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ش َ ّد مِن ْه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل غَي ْرُه ُ ن َز َ َ‬ ‫ك َانَ أَ َ‬

‫ك ُ ّفه َا ِإر َادَة َ أَ ْن ل َا تُسْرِعَ و َأَ بُو ُ‬


‫سفْيَانَ‬ ‫نح ْو َ ال ْـكُ َ ّفارِ و َأَ ن َا آ ِ‬
‫خذٌ بِل ِج َامِهَا أَ ُ‬ ‫س َل ّم َ يُرْك ُ‬
‫ِض بَغْلَت َه ُ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق رَسُو ُ‬
‫ن فَطَف ِ َ‬
‫ال ْمُسْل ِم ُونَ مُدْبِر ِي َ‬
‫خذٌ بركابه‬
‫آ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله جولة( بفتح الجيم وسكون الواو أي نفور وزوال عن الموقف )قوله غندر( بغين معجمة مضمومة ونون ساكنة ودال مهملة بضم‬
‫وبفتح )قوله عَلَى بَغْلَتِه ِ ال ْبَيْضَاءِ( في مسلم أنه عليه السلام كان على بغلته التى أهداها له فروة بن نغائة وفى شرح مسلم أن اسمها الدلدل‬
‫وأن العلماء لا تعرف له بغلة سواها انتهى‪.‬‬
‫وقال المحب الطبري الدلدل أهداها له المقوقس وذكر أنها كبرت وبقيت إلى زمان معاو ية‪ ،‬وفى سيرة مغلطاى‪ :‬كان له صلى الل ّٰه عليه‬
‫وسلم من البغال دلدل وفضة والتى أهداها له ابن العلماء والأبلية وبغلة أهداها له كسرى وأخرى من دومة الجندل وأخرى من عند‬
‫ن عَبْدِ ال ْم ُ َ ّ‬
‫طل ِْب واسمه مغيرة وقيل اسمه كنيته كان رضيع‬ ‫خذٌ بلجامها( هو أبو سفيان بن الحرث ب ْ ُ‬
‫سفْيَانَ آ ِ‬
‫النجاشي انتهى )قوله و َأَ بُو ُ‬
‫ل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ‪ ،‬أسلم يوم الفتح بطر يق مكة بالأبواء‪ ،‬ومات بالمدينة سنة عشرين )*(‬ ‫رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وكان آلف الناس بِه ِ قَب ْ َ‬
‫ل ك َانَ رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ِإذ َا غ َضِ بَ وَل َا يَغْضَبُ ِإ َلّا ل َِل ّه ِ ‪ -‬ل َ ْم يَق ُ ْم ل ِغضَبِه ِ شئ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫ث َُم ّ ن َاد َى ي َا لَل ْمُسْل ِمِينَ ‪ -‬الْحَدِيثَ ‪ -‬و َق ِي َ‬

‫ل عَلِيّ ٌ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ِإ َن ّا ك َُن ّا ِإذ َا حَم ِي‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ع ُم َر َ م َا ر َأَ ي ْتُ أَ ْشج َ َع وَل َا أَ نْ جَد َ وَل َا أَ جْ وَد َ وَل َا أرْض َى م ِنْ رَسُو ِ‬
‫اب ْ ُ‬
‫س َل ّم َ فَمَا يَكُونُ أَ حَدٌ أَ ق ْر َبَ إلى الْعَد ُ ّوِ مِن ْه ُ و َلَق َ ْد ر َأَ ي ْتُنِي يَوْم َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س و َاحْم ََر ّ ِ‬
‫ت الْحَد َقُ اتْقَي ْنَا ب ِرَسُو ِ‬ ‫س و َيُرْو َى اشْ ت َ ّد ال ْب َأْ ُ‬
‫ال ْب َأْ ُ‬
‫س يَوْم َئِذٍ ب َأْ سًا‬ ‫ش ّدِ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س َل ّم َ و َه ُو َ أَ ق ْر َبُنَا إلى العدو كان م ِنْ أَ َ‬ ‫ن نَلُوذ ُ ب َِالن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫نح ْ ُ‬
‫ب َ ْد ٍر و َ َ‬

‫س َل ّم َ أَ حْ سَ َ‬
‫ن‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ ِإذ َا د َن َا ال ْعَد ُ ُ ّو لِقُر ْبِه ِ مِن ْه ُ‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س ك َانَ َ‬ ‫ل ك َانَ ال ُ ّ‬
‫شج َاع ُ ه ُو َ ال َ ّذ ِي يَقْر ُبُ مِن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َق ِي َ‬
‫س َل ّم َ ر َا ِ‬
‫جع ًا‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ْت فَتَل َ ّقاه ُ ْم رَسُو ُ‬ ‫ل َ‬
‫الصّ و ِ‬ ‫َاس قَب ْ َ‬
‫قن ٌ‬‫ل ال ْمَدِينَة ِ لَيْلَة ً فَانْطَل َ َ‬
‫س لَق َ ْد فَزِعَ أَ ه ْ ُ‬ ‫س و َأَ ْشج َ َع َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س و َأَ جْ وَد َ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫حصَيْنٍ‬ ‫ن ُ‬‫ل ِعم ْرَانُ ب ْ ُ‬ ‫ل لَنْ ت ُر َاع ُوا‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ْف فِي ع ُنُقِه ِ و َه ُو َ يَق ُو ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫س لأَ بِي طَل ْح َة َ ع ُْريٌ و َال َ ّ‬ ‫ْت و َقَدِ اسْ تَبْر َأَ ا ْلخـَبَر َ عَلَى ف َر َ ٍ‬ ‫الصّ و ِ‬‫ق َ ْد سَبَقَه ُ ْم ِإلَى َ‬

‫ن مُحَم ّدٌ ل َا نَجَو ْتُ‬


‫ل أَ ي ْ َ‬‫ف يَوْم َ ُأحُدٍ و َه ُو َ يَق ُو ُ‬ ‫ن خ َل َ ِ‬ ‫ل م َنْ يَضْر ِبُ و َلَم ّا ر َآه ُ ُأب َ ُيّ ب ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ كَت ِيب َة ً ِإ َلّا ك َانَ أَ َ ّو َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َا لَقِ َي رَسُو ُ‬
‫س َل ّم َ حِينَ اف ْتَد َى يَوْم َ ب َ ْد ٍر عِنْدِي ف َر ٌَس أَ ع ْلِفُه َا ك ُ َ ّ‬
‫ل يَو ْ ٍم ف َر َقًا من‬ ‫ِإ ْن نَجَا و َق َ ْد كان يقول للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫س لأَ بِي طلحة( هذا الفرس اسمه مندوب جاء ذلك في الصحيح )قوله حين افتدى( بالفاء أي أعطى الجز ية )قوله عندي‬ ‫)قوله عَلَى ف َر َ ٍ‬
‫فرس( جاء فِي بَعْض الروايات أن اسمه العود بفتح العين المهملة وسكون الواو بعدها دال مهملة )قوله فرقا( )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ش َ ّد ُأبَي ٌ عَلَى ف َر َ ِ‬
‫سه ِ عَلَى رَسُو ِ‬ ‫الل ّه ُ فَلَم ّا ر َآه ُ يَوْم َ ُأحُدٍ َ‬ ‫س َل ّم َ أَ ن َا أَ ق ْتُل ُ َ‬
‫ك ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَه ُ َ‬
‫ك عَلَيْهَا فَق َا َ‬
‫ذُرَة ٍ أَ ق ْتُل ُ َ‬

‫الصّ َمّة ِ‬
‫ِث ب ْ ِن َ‬
‫ن الْحا َر ِ‬ ‫ي خ َُل ّوا َطرِ يق َة ُ و َتَنَاو َ َ‬
‫ل الْحَر ْبَة َ م ِ َ‬ ‫س َل ّم َ‪ :‬هَكَذ َا أَ ْ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ال ْمُسْل ِمِينَ فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ فَاع ْتَرَضَه ُ رِج َا ٌ‬
‫ل مِ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ فَطَع َن َه ُ فِي ع ُنُقِه ِ َطعْن َة ً‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫شعْرَاء ِ ع َنْ َظ ْهرِ ال ْب َع ِير ِ ِإذ َا ان ْتَف َ‬
‫َض ث َُم ّ اسْ تَقْبَلَه ُ َ‬ ‫َض بِهَا ان ْتِف َاضَة ً تَطَاي َر ُوا عَن ْه ُ تَطَاي ُر َ ال َ ّ‬
‫فَان ْتَف َ‬
‫ل لَو ْ‬
‫ك فَق َا َ‬
‫س عَلَي ْ َ‬
‫ل قَتَلَنِي مُحَم ّدٌ و َه ُ ْم يَق ُولُونَ ل َا ب َأْ َ‬
‫ْش يَق ُو ُ‬
‫ج َع ِإلَى ق ُر َي ٍ‬
‫ل بَلْ كَسَر َ ضِلَع ًا م ِنْ أَ ضْ لاعِه ِ ف َر َ َ‬
‫سه ِ م ِرَار ًا و َق ِي َ‬‫تَد َأْ د َأَ مِنْهَا ع َنْ ف َر َ ِ‬
‫س لقتلهم‬ ‫ميع َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ك َانَ م َا بِي ب ِج َ ِ‬
‫__________‬
‫بفتح الفاء والراء و يجوز إسكانها قال ابن الأثير في النهاية‪ :‬الفرق بالتحر يك يسع ستة عشر رطلا وهى اثنا عشر مدا أو ثلاثة آصع عند‬
‫أهل الحجار وأما الفرق بالسكون فمائة‬
‫وعشرين رطلا )قوله تطائر الشعراء( بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة بعدها راء وهمزة ممدودة قال صاحب الصحاح والشعراء‬
‫ذبابة يقال هي التى لها إبرة وقال الهروي وفى الحديث تطاير الناس عنه تطاير الشعر عن البعير قال الصبيبى الشعر جمع شعراء وهى ذباب‬
‫حمر يقع على الإبل والحمير فتؤذيهما‪ ،‬وفى النهاية أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم لما أراد قتل أبى ابن خلف تطاير الناس عنه تطاير الشعر عن‬
‫البعير‪ :‬الشعر بضم الشين وسكون العين جمع شعراء وهو ذباب حمروقيل روق يقع على الإبل والحمير فتؤذيهما إيذاء شديدا وقيل هو‬
‫ك ناوله الحر ية فلما أخذها انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنها تطاير الشعر يرى مثل الشعر‬
‫ن م َال ِ ِ‬
‫كعْبُ ب ُ‬
‫ذباب كثير الشعر وفي رواية إن َ‬
‫وقياس واحده شعرور وقيل هي ما تجتمع على دبرة البعير من الذباب فإذا هيجت تطايرت عنها )قوله تدأدأ( بفتح المثناة الفوقية والدال‬
‫المهملة بعدها همزة ساكنة ثم دال أخرى ثم همزة أي تدحرج )قوله ضلعا( بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام وقد تسكن )*(‬

‫)فصل( وأما الحياء والإغضاء‬ ‫‪٢.٢.١٤‬‬

‫ِف في قولهم ِإلَى م َ َك ّة َ‪.‬‬


‫ق عَل َيّ لَق َتَلَنِي فَمَاتَ ب ِسَر َ‬ ‫ك و ََالل ّه ِ لَو ْ ب َ َ‬
‫ص َ‬ ‫ل أَ ن َا أَ ق ْتُل ُ َ‬
‫ْس ق َ ْد قَا َ‬
‫أَ لَي َ‬
‫َ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا الْحيََاء ُ و ِ‬
‫ل م َا يُت َو َق ّ ُع ك َرَاه ِيَت ُه ُ أَ ْو م َا يَكُونُ تَرْك ُه ُ خَيْر ًا م ِنْ فِعْلِه ِ و َال ِْإ ْغضَاء ُ‬
‫ن عِنْد َ فِعْ ِ‬ ‫َالإ ْغضَاءُ‪ :‬فَالْحيََاء ُ رِق َة ٌ تَعْتَر ِي وَجْه َ ال ِْإنْس َا ِ‬
‫)إ َ ّ‬
‫ن‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى ِ‬
‫ل َ‬ ‫َات ِإ ْغضَاء ً قَا َ‬ ‫ن العَوْر ِ‬ ‫س حَيَاء ً و َأَ كْ ثَر َه ُ ْم ع َ ِ‬ ‫ش َ ّد َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س َل ّم َ أَ َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ع ََم ّا يَك ْرَه ُ ال ِْإنْس َانُ بِطَب ِيع َتِه ِ وَك َانَ َ‬ ‫َ‬
‫الت ّغ َاف ُ ُ‬
‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ن‬ ‫اب بِق َرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم ح َاتِم ُ ب ْ ُ‬
‫ن ع ََت ّ ٍ‬
‫الن ّب ِ َيّ فَيَسْت َحْ يِي منكم( الآيَة َ * ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬
‫ذ َلـِك ُ ْم ك َانَ يُؤْذِي َ‬

‫الل ّه ِ أَ خْبَر َن َا ُ‬
‫شعْب َة ُ ع َنْ قَتَادَة َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا عَبْد َانُ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬ ‫الْق َاب ِس ِ ُ ّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ز َيْدٍ المروزي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬
‫ن الْع َ ْذر َاء ِ‬
‫ش َ ّد حَيَاء ً م ِ َ‬
‫س َل ّم َ أَ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ك َانَ رَسُو ُ‬
‫ِي رَضِيَ َ‬ ‫س يُح َ ّدِثُ ع َنْ أَ بِي سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدر ّ ِ‬ ‫الل ّه ِ مَو ْلَى أَ ن َ ٍ‬
‫سَمِعْتُ عَبْد َ َ‬

‫ظاهِرِ ل َا يُش َاف ِه ُ أَ حَدًا بِمَا يَك ْر َه ُه ُ حَيَاء ً‬ ‫ق ال َ ّ‬ ‫س َل ّم َ لَط َ‬


‫ِيف ال ْبَشْرَة ِ ر َق ِي َ‬ ‫شي ْئًا ع َرَف ْنَاه ُ فِي و َجْ هِه ِ وَك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫في خذرها‪ ،‬وَك َانَ ِإذ َا كَرِه َ َ‬
‫س َل ّم َ إذا بلََغ َه ُ ع َنْ أَ حَدٍ ما يَك ْر َه ُه ُ ل َ ْم يَق ُلْ ما بال‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا‪ :‬ك َانَ َ‬
‫س‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫وَك َرَم َ ن َ ْف ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله بسرف( بفتح المهملة وكسر الراء بعدها فاء‪ :‬اسم لموضع على ستة أميال من مكة وقيل سبعة وقيل تسعة )قوله في قفولهم( أي‬
‫رجوعهم‪ :‬قفل يقفل إذا عاد من سفره وقد يقال للسفر قفول في الذهاب والمجئ وأكثر ما يستعمل في الرجوع‪ ،‬كذا في النهاية وقال‬
‫بعضهم إنما قيل للذاهبين قافلة تفاؤلا برجوعهم )قوله العذراء( بالعين المهملة والذال المعجمة والمد‪ :‬البكر‪ ،‬والخذر بالخاء المعجمة والذال‬
‫المعجمة‪ :‬الستر‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما حسن عشرته وأدبه وبسط خلقه صلى الل ّٰه عليه وسلم مع أصناف الخلق‬ ‫‪٢.٢.١٥‬‬

‫ل أَ ق ْوَا ٍم يَصْ ن َع ُونَ أَ ْو يَق ُولُونَ كَذ َا يَنْهَ ى عَن ْه ُ وَل َا يُسَمِّي فَاع ِلَه ُ‪.‬‬
‫ل م َا ب َا ُ‬
‫ل كَذ َا و َلـَكِنْ يَق ُو ُ‬
‫ن يَق ُو ُ‬
‫فُلَا ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل هَذ َا‪ ،‬و َيُرْو َى‬


‫س ُ‬
‫ل لَو ْ قلُ ْتُم ْ لَه ُيَغْ ِ‬ ‫شي ْئًا وَك َانَ ل َا يُوَاجِه ُ أَ حَدًا بِمَا يَك ْرَه ُ فَل َم ّا خَر َ َ‬
‫ج قَا َ‬ ‫صفْرَة ٍ فَل َ ْم يَق ُلْ لَه ُ َ‬ ‫س َأن ّه ُ دَخ َل عَلَيْه ِ رَج ُ ٌ‬
‫ل بِه ِ أَ ث َر ُ ُ‬ ‫وَرُوِيَ أَ ن َ ٌ‬

‫يجْزِي‬ ‫َحشًا وَل َا سَ َخ ّاب ًا فِي الْأَ سْ وَا ِ‬


‫ق وَل َا َ‬ ‫س َل ّم َ فحَ ّاشًا وَل َا م ُتَف ّ ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح‪ :‬ل َ ْم يَكُ ِ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا فِي َ‬
‫ت عَائِش َة ُ رَضِي َ َ‬
‫يَنْزِعُه َا‪ :‬قَال َ ْ‬
‫الل ّه ِ ب ْ ِن عَمْرِو ب ْ ِن ال ْع َاصِ‪ ،‬وَرُوِيَ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّوْر َاة ِ م ِنْ رِو َايَة ِ اب ْ ِن سَلا ٍم وَعَبْدِ َ‬ ‫ل هَذ َا الْك َلَا ِم ع َ ِ‬ ‫سي ِّئَة ِ ال َ ّ‬
‫سي ّئ َة َ و َلـَكِنْ يَعْف ُو و َيَصْ فَحُ‪ ،‬و َق َ ْد حُكِي َ مِث ْ ُ‬ ‫ب ِال َ ّ‬
‫عَن ْه ُ َأن ّه ُ ك َانَ م ِنْ حَيَائِه ِ ل َا يُث ْب ِتُ بَصَرَه ُ فِي وَجْه ِ أَ حَدٍ و َأَ َن ّه ُ ك َانَ يُكَن ِ ّي ع ََم ّا اضْ ط ََر ّه ُ الْك َلَام ُ ِإلَيْه ِ م َِم ّا يَك ْرَه ُ‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رضي الل ّٰه عنها ما‬

‫س َل ّم َ ق ُ َّط‪.‬‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ج رَسُو ِ‬
‫رأيت فَر ْ َ‬
‫ل عَلِيّ ٌ‬ ‫َت بِه ِ الْأَ خْ بَار ُ َ‬
‫الصّ حِيح َة ُ قَا َ‬ ‫حي ْثُ ان ْت َشَر ْ‬
‫ق فَب ِ َ‬ ‫س َل ّم َ م َ َع أَ صْ ن َ ِ‬
‫اف الْخَل ْ ِ‬ ‫ْط خ ُلُقِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن عِشْرَتِه ِ و َأَ د َبِه ِ و َبَس ُ‬
‫س ُ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا ُ‬
‫ح ْ‬
‫س لَه ْج َة ً و َأَ ل ْيَنَه ُ ْم عَر ِيكَة ً و َأَ ك ْرَمَه ُ ْم عِشْرَة ً * ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫ص ْدر ًا و َأَ صْ د َقَ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س َ‬ ‫س َع َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫الصّ لَاة ُ و َال َ ّ‬
‫سلَام ُ‪ :‬ك َانَ أ ْو َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ فِي و َصْ فِه ِ عَلَيْه ِ َ‬
‫رَضِيَ َ‬
‫الن ّ َح ّا ِ‬
‫س حدثنا ابن‬ ‫ن َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُح َم ّدِ ب ْ ُ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ِإ ْسحَاقَ الْح َبَ ّا ُ‬ ‫ف الْأَ نْمَاطِ ُ ّ‬
‫ي ف ِيم َا أَ ج َاز َنيِه ِ و َق َرأْ َ تُه ُ عَلَى غَيْرِه ِ قَا َ‬ ‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن م ُش َ َرّ ٍ‬ ‫أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫الأعرابي‬
‫__________‬
‫)قوله فاحشا ولا متفحشا( قال الهروي وابن الأثير‪ :‬الفاحش الذى في كلامه فحش والمتفحش الذى يتكلف ذلك ويتعمده )قوله‬
‫لهجة( في الصحاح اللهجة‪ :‬اللسان‪ ،‬وقد تحرك‪ ،‬يقال فلان فصيح اللهجة واللهجة )قوله عريكة( أي طبيعة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل‬
‫ن أَ بِي كَث ِيرٍ يَق ُو ُ‬ ‫سل ِ ٍم ح َ َ ّدثَنَا الأَ ْوز َاعِ ُيّ سَمِعْتُ َ‬
‫يح ْي َى ب ْ َ‬ ‫ن ال ْمُث ََن ّى قَالا ح َ َ ّدثَنَا ال ْوَلِيد ُ ب ْ ُ‬
‫ن مُ ْ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا هِشَام ُ ب ْ ُ‬
‫ن م َْرو َانَ و َمُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫س َل ّم َ وَذَك َر َ ق َِصّ ة ً فِي آ ِ‬
‫خر ِه َا فَلَم ّا‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ز َار َن َا رَسُو ُ‬
‫سعْدٍ قَا َ‬
‫س ب ْ ِن َ‬
‫ن ب ْ ِن أَ سْ عَد َ ب ْ ِن زُر َارَة َ ع َنْ قَي ْ ِ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنِي مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل َ‬ ‫اصح َْب رَسُو َ‬
‫ْس ْ‬
‫سعْدٌ ي َا قَي ُ‬ ‫س َل ّم َ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سعْدٌ حِمَار ًا و ََطّ أَ عَلَيْه ِ بِقَط ِيفَة ٍ ف َرَكِبَ رَسُو ُ‬
‫َاف ق ََر ّبَ لَه ُ َ‬
‫أَ ر َاد َ الانْصِر َ‬
‫ل ِإ َمّا أَ ْن تَرْكَبَ و َِإ َمّا أَ ْن تَن ْصَر َ‬
‫ِف فَان ْصَر َف ْتُ‬ ‫س َل ّم َ ا ْرك ْ‬
‫َب ف َأَ بَي ْتُ فَق َا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ل ِي رَسُو ُ‬
‫ْس فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل قَي ٌ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ل‬ ‫َب أَ م َامِي فَصَاحِبُ ال َد ّ َاب ّة ِ أَ وْلَى بِمُق َ َ ّدمِهَا‪ ،‬وَك َانَ رَسُو ُ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يُؤَلِّفُه ُ ْم وَل َا يُن َ ّف ِر ُه ُ ْم و َيُكْرِم ُ كَر ِيم َ ك ُ ّ ِ‬ ‫و َفِي رِو َايَة ٍ ُأ ْ‬
‫خر َى ا ْرك ْ‬
‫صحَابَه ُ و َيُعْط ِي ك ُ َ ّ‬
‫ل ج ُلَسَائِه ِ‬ ‫ِس مِنْه ُ ْم م ِنْ غَيْر ِ أ ْن ي َ ْطوِيَ ع َنْ أَ حَدٍ مِنْه ُ ْم ب ِشْرَه ُ وَل َا خ ُلُق َه ُ‪ ،‬يَتَع َ َهّد ُ أَ ْ‬
‫يحـْتَر ُ‬
‫اس و َ َ‬ ‫يحْذَر ُ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫قَو ْ ٍم و يوليه عليهم و َ َ‬
‫ن أَ حَدًا أَ ك ْرَم ُ عَلَيْه ِ مِن ْه ُ‪ ،‬م َنْ ج َالَسَه ُ أَ ْو قَار َبَه ُ لِ حا َجَة ٍ صَاب َرَه ُ ح ََت ّى يَكُونَ ه ُو َ ال ْمُن ْصَر َ‬
‫ِف عَن ْه ُ وَم َنْ سَأَ لَه ُ ح َاج َة ً ل َ ْم‬ ‫يحْسَبُ ج َلِيس ُه ُ أَ َ ّ‬
‫نَصِ يب َه ُ‪ ،‬ل َا َ‬
‫ن أَ بِي ه َالَة َ‪،‬‬
‫صف َه ُ اب ْ ُ‬‫اس ب َ ْسط ُه ُ وَخ ُلُق ُه ُ فَصَار َ لَه ُ ْم أَ ب ًا وَصَار ُوا عِنْدَه ُ فِي الْحَقّ ِ سَوَاءً‪ ،‬بِهَذ َا و َ َ‬ ‫ل ق َ ْد وَسِـ َع َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ن الْقَو ْ ِ‬ ‫ي َر ُ َدّه ُ ِإ َلّا بِهَا أَ ْو بِمَيْس ُو ٍر م ِ َ‬
‫ق ليَِّنَ‬
‫ل الْخُل ُ ِ‬ ‫ل وَك َانَ د َائِم َ ال ْبِشْر ِ س َ ْه َ‬ ‫قَا َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى )فَبِم َا‬ ‫ل ع ََم ّا ل َا ي َ ْشت َهِ ي وَل َا يُؤ ْي َ ُ‬ ‫اب وَل َا م َ َ ّد ٍ‬
‫ش وَل َا ع ََي ّ ٍ‬
‫َظ ولا غليظ ولا سحاب وَل َا فحَ ّا ٍ‬
‫ل َ‬ ‫س مِن ْه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫اح يَت َغ َاف َ ُ‬ ‫ْس بِف ّ ٍ‬ ‫الْجَان ِِب لَي َ‬
‫رَحْمَة ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن المثنى( بضم الميم وفتح المثلثة بعدها نون مشددة‪.‬‬
‫)*(‬
‫يج ِيبُ م َنْ د َعَاه ُ‬ ‫هي َ أَ حْ سَنُ( الآيَة َ‪ ،‬وَك َانَ ُ‬ ‫ل تَع َالَى )ادْف َعْ ب َِال ّتِي ِ‬ ‫ْب لا نفضوا من حولك( و َقَا َ‬ ‫يظ الْق َل ِ‬
‫ظا غَل ِ َ‬ ‫كن ْتَ ف َ ً ّ‬ ‫الل ّه ِ لِن ْتَ لَه ُ ْم و َلَو ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫مِ َ‬
‫ل ال ْهَد َِي ّة َ و َلَو ْ ك َان َْت كراعا و يكافئ عَلَيْهَا‪.‬‬
‫و َيَقْب َ ُ‬
‫ف ق ُ َّط وَم َا قال لشئ صَنَعْت ُه ُ لِم َ صَنَعْت َه ُ ولا‬
‫ل ل ِي ُأ ّ ٍ‬
‫س َل ّم َ عَشْر َ سِنِينَ فَمَا قَا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ خَدَمْتُ رَسُو َ‬
‫س رَضِيَ َ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬
‫قَا َ‬
‫صحَابِه ِ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ما د َعَاه ُ أَ حَدٌ م ِنْ أَ ْ‬
‫ن خ ُلُق ًا م ِنْ رَسُو ِ‬ ‫لشئ ت َرَكْ ت ُه ُ ل َ ْم ت َرَكْ ت َه ُ‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا م َا ك َانَ أَ حَدٌ أَ حْ سَ َ‬

‫س َل ّم َ ق ُ َّط مُنْذ ُ أَ سْ لَم ْتُ وَل َا ر َآنِي ِإ َلّا تَب َ َس ّم َ وَك َانَ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن عَبْدِ الل ّٰه م َا حَ ج َبَنِي رَسُو ِ‬ ‫ل ل َب ّيْكَ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل جَر ِير ُ ب ْ ُ‬ ‫ل بَي ْتِه ِ ِإ َلّا قَا َ‬
‫وَل َا أَ ه ْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫سكِينِ و َيَعود ُ ال ْمَر ْض َى فِي‬


‫يج ِيبُ دَعْوَة َ الْحُرِ ّ و َال ْعَبْدِ و َالْأَ مَة ِ و َالْم ِ ْ‬
‫يج ْل ِسُه ُ ْم فِي ِحجْرِه ِ و َ ُ‬
‫صب ْيَانَه ُ ْم و َ ُ‬
‫صحَابَه ُ و َيُخَالِطُه ُ ْم و َيُحَادِثُه ُ ْم و َيُد َاعِبُ ِ‬
‫ح أَ ْ‬
‫يُمَازِ ُ‬
‫ل ه ُو َ‬ ‫س َل ّم َ فَيُن َّحِي ر َأْ سَه ُ ح ََت ّى يَكُونَ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س م َا ال ْتَقَم َ أَ حَدٌ ُأذُنَ رَسُو ِ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬
‫ل ع ُ ْذر َ ال ْمُعْتَذِرِ‪ ،‬قَا َ‬
‫أَ ق ْص َى ال ْمَدِينَة ِ و َيَقْب َ ُ‬
‫ال َ ّذ ِي ينحى‬
‫__________‬
‫)قوله و َلَو ْ ك َان َْت ك ُرَاعًا( الـكراع بضم الكاف وتخفيف الراء في الغنم والبقر بمنزلة الوطيف في الفرس والبعير‪ ،‬وهو مستدق الساق‪ ،‬يذكر‬
‫ل ل ِي أف قط( يقال‪ :‬أف له أي قذرا له‬
‫و يؤنث‪ ،‬والجمع أكراع‪ ،‬ثم أكارع )قوله و يكافئ( بهمزة في آخره أي يجازى )قوله فَمَا قَا َ‬
‫وقيل احتقارا له وقيل استقلالا وفيه ست لغات حكاهن الأخفش وهى ضم الهمزة مع ٺثليث الفاء بلا تنوين وضمها مع ٺثلثيث الفاء‬
‫بالتنوين وحكى المصنف وغيره ز يادة على ذلك ضم الهمزة وسكون الفاء وكسر الهمزة وفتح الفاء وأفى وأفه بضم همزتيهما )قوله م َا‬
‫ال ْتَقَم َ أَ حَدٌ أذن النبي( أي ما حدثه أحد عند أذنه‪ ،‬استعار وضع اللقمة في الفم لوضع الفم عند الأذن‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق‬ ‫‪٢.٢.١٦‬‬

‫سلَا ِم و َيَبْد َ ُأ‬


‫س لَه ُ وَك َانَ يَبْد َ ُأ م َنْ لَق ِي َه ُ ب ِال َ ّ‬ ‫ل يَدَه ُ ح ََت ّى يُرْسِلَه َا الآ ِ‬
‫خذ ُ و َل َ ْم ي ُر َ مُق َ ّدِم ًا رُكْ بَتَيْه ِ بَيْنَ يَد َْي ج َلِي ٍ‬ ‫س ُ‬
‫ر َأْ سَه ُ وَم َا أَ خَذ َ أحَدٌ بيَِدِه ِ فَيُرْ ِ‬

‫ل عَلَيْه ِ وَر َُب ّمَا بَس ََط لَه ُ ثَو ْبَه ُ و َيُؤ ْث ِرُه ُ ب ِالْوِسَادَة ِ‬ ‫صحَابَه ُ ب ِال ْمُصَافَحَة ِ ل َ ْم ي ُر َ ق ُ َّط م َا ًدّا رِجْلَيْه ِ بَيْنَ أَ ْ‬
‫صحَابِه ِ ح ََت ّى يُضَي ِّ َ‬
‫ق بِهِم َا عَلَى أَ حَدٍ‪ ،‬يُكْرِم ُ م ِنْ ي َ ْدخ ُ ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫َب أَ سْمَائِه ِ ْم تَكْرِم َة ً لَه ُ ْم وَل َا ي َ ْقطَ ُع عَلَى أَ حَدٍ حَدِيث َه ُ ح ََت ّى يَتَج َو ّز َ‬
‫صحَابَه ُ و َي َ ْدع ُوه ُ ْم ب ِأَ ح ِّ‬
‫س عَلَيْهَا ِإ ْن أَ بَى و يُكَن ِ ّي أَ ْ‬ ‫َال ّتِي َ‬
‫تح ْت َه ُ و َيَعْزِم ُ عَلَيْه ِ فِي الْجلُُو ِ‬
‫خ َ ّف َ‬
‫ف صَلاتَه ُ وَسَأَ لَه ُ ع َنْ ح َاجَتِه ِ ف َِإذ َا‬ ‫فَي َ ْقطَع َه ُ بِن َهْ ٍي أَ ْو ق ِيَا ٍم و َيُرْو َى ب ِانْتِهَاء ٍ أَ ْو ق ِيَا ٍم وَرُوِيَ أَ َن ّه ُ ك َانَ ل َا َ‬
‫يج ْل ُِس ِإلَيْه ِ أَ حَدٌ و َه ُو َ يُصَل ِّي ِإ َلّا َ‬

‫ِث م َا‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬


‫ن الْحا َر ِ‬ ‫ل عَبْد ُ َ‬
‫ُب‪ ،‬و َقَا َ‬
‫يخْط ْ‬
‫ن أَ ْو يَع ِْظ أَ ْو َ‬ ‫س تَب َ ُ ّ‬
‫سم ًا و َأَ طْ يَبَه ْم ن َ ْفسًا م َا ل َ ْم يَنْز ِلْ عَلَيْه ِ قُر ْآ ٌ‬ ‫ف َرَغَ عَاد َ ِإلَى صَلاتِه ِ‪ ،‬وَك َانَ أَ كْ ثَر َ َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫س َل ّم َ ِإذ َا‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س ك َانَ خَدَم ُ ال ْمَدِينَة ِ ي َأْ تُونَ رَسُو َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ر َأَ ي ْتُ أَ حَدًا أَ كْ ثَر َ تَب َ ُ ّ‬
‫سم ًا م ِنْ رَسُو ِ‬

‫الت ّب َُر ّك َ‪.‬‬


‫ك فِي ال ْغَد َاة ِ ال ْبَارِدَة ِ يُر ِيد ُونَ بِه ِ َ‬
‫صَلَ ّى الْغَد َاة َ ب ِآنِيَتِه ِ ْم ف ِيهَا ال ْمَاء ُ فَمَا يؤتى بآنية ِإ َلّا غ َم ََس يَدَه ُ ف ِيهَا وَر َُب ّمَا ك َانَ ذَل ِ َ‬
‫ل‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى ف ِيه ِ )عَز ِيز ٌ عَلَيْه ِ م َا ع َن ِ ُت ّم ْ حَر ٌ‬
‫ِيص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم( و َقَا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق فَق َ ْد قَا َ‬ ‫َالر ّحْم َة ُ ِلجم َ ِ ِ‬
‫يع الْخَل ْ ِ‬ ‫َالرأَّ ْف َة ُ و َ‬
‫شفَق َة ُ و َ‬
‫)فصل( و َأَ َمّا ال َ ّ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى أَ ْعطَاه ُ اسْمَيْنِ م ِنْ أَ سْمَائِه ِ فقال )بالمؤمنين‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم َ أَ َ ّ‬ ‫ل بَعْضُه ُ ْم م ِنْ ف َضْ لِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫تَع َالَى )وَم َا أَ ْرسَل ْنَاك َ ِإلا رَحْم َة ً لِلْع َالم َي ِنَ( قَا َ‬
‫ك ح َ َ ّدثَنَا‬
‫ن ف ُور َ ٍ‬
‫نح ْوَه ُ ال ِْإم َام ُ أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫رؤف رحيم( وَح َك َى َ‬

‫طبَر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ الْغ َافِرِ الْف َارِس ِ ُ ّ‬


‫ي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو أَ حْمَد َ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن مُحَم ّدٍ الْخُشَن ِ ُيّ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا ِإم َام ُ الْحَرَم َيْنِ أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال َ ّ‬ ‫الْفَق ِيه ُ أَ بُو مُحَم ّدٍ عَبْد ُ َ‬

‫الْجلُُود ُِيّ‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى‬
‫ل َ‬ ‫ل غ ََزا رَسُو ُ‬
‫َاب قَا َ‬
‫ن اب ْ ِن شِه ٍ‬
‫س عَ ِ‬
‫ْب أَ ن ْب َأَ ن َا يُون ُ ُ‬
‫ن وَه ٍ‬ ‫اج ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال َ ّ‬
‫طاهِرِ أَ ن ْب َأَ ن َا اب ْ ُ‬ ‫ن الْ حجَ ّ ِ‬ ‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬
‫سل ِم ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا ِإ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ن ُ‬

‫ن‬ ‫الن ّع َ ِم ث َُم ّ م ِائَة ً ث َُم ّ م ِائَة ً قَا َ‬


‫ل اب ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ُأم ََي ّة َ م ِائَة ً م ِ َ‬ ‫س َل ّم َ َ‬
‫صفْوَانَ ب ْ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ غ َْزوَة ً وَذَك َر َ حُنَي ْنًا قَا َ‬
‫ل ف َأَ ْعطَى رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ل يُعْط ِينِي ح ََت ّى ِإ َن ّه ُ لأَ ح ُ ّ‬
‫َب‬ ‫ق ِإل َيّ فَمَا ز َا َ‬ ‫ل و ََالل ّه ِ لَق َ ْد أَ ْعطَانِي م َا أَ ْعطَانِي و َِإ َن ّه ُ ل َأَ بْغ ُ‬
‫َض الْخَل ْ ِ‬ ‫صفْوَانَ قَا َ‬ ‫ِب أَ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫َاب ح َ َ ّدثَنَا سَع ِيد ُ ابن ال ْمُسَي ّ ِ‬
‫شِه ٍ‬
‫ق ِإل َيّ‪.‬‬
‫الْخَل ْ ِ‬
‫ل الْأَ عْرَاب ِ ُيّ ل َا و َلا أَ جْمَل ْتَ ‪ ،‬ف َغ َضِ بَ ال ْمُسْل ِم ُونَ و َقام ُوا ِإلَيْه ِ‬
‫ل أَ حْ سَن ْتُ ِإلَيْكَ‪ ،‬قَا َ‬ ‫شي ْئًا ف َأَ ْعطَاه ُ ث َُم ّ قَا َ‬ ‫ن أَ عْرَاب ًيِ ّا ج َاءَه ُ يَطْلُبُ مِن ْه ُ َ‬
‫وَرُوِيَ أَ َ ّ‬
‫س َل ّم َ وَز َادَه ُ شيئا‬ ‫ل ِإلَيْه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ك ُ ّفوا ث َُم ّ قَام َ وَدَخ َ َ‬
‫ل مَنْز ِلَه ُ و َأ ْر َ‬ ‫ف َأَ شَار َ ِإلَيْه ِ ْم أَ ْن ُ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله الخشنى( بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين )قوله وذكر حنينا بضم الحاء المهملة وفتح النون اسم موضع بين الطائف ومكة ‪ -‬كذا في‬
‫القاموس ‪ -‬وقال صاحب الصحاح‪ :‬يذكر و يؤنث فان قصدت به البلد والموضع ذكرته وصرفته كقوله تعالى )و يوم حنين( وإن قصدت‬
‫به البقعة والبلدة أنثته ولم تصرفه كما قال الشاعر‪ :‬نصروا نبيهم وشدوا أزره * بحنين يوم تواكل الأبطال وفى التعر يف والأعلام‪ :‬حنين‬
‫اسم علم بموضع بأوطاس‪ ،‬سمى بحنين بن قانة بن مهلايل انتهى‪.‬‬
‫وكانت هذه الغزوة في شوال سنة ثمان من الهجرة )قوله ابن المسيب( هو بفتح المثناة التحتية عن العراقيين وهو المشهور‪ ،‬وبكسرها عن‬
‫المدنيېن قال ابن قرقول قال الصيد في وذكر لنا أن سعيدا كان يكره الفتح لياء من اسم أبيه وأما غير والد سعيد فتفتح الياء بلا خلاف‪.‬‬
‫)*(‬
‫س‬
‫ك قلُ ْتَ م َا قلُ ْتَ و َفِي ن َ ْف ِ‬‫س َل ّم َ‪ِ :‬إ َن ّ َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَه ُ َ‬ ‫الل ّه ُ م ِنْ أَ ه ْ ٍ‬
‫ل وَعَشِيرَة ٍ خَيْر ًا‪ ،‬فَق َا َ‬ ‫ث َُم ّ قَالَ‪ :‬أَ حْ سَن ْتُ ِإلَي ْ َ‬
‫ك قَالَ‪ :‬نَع َ ْم فَجَزَاك َ َ‬
‫صد ُورِه ْم عَلَيْكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬نَعَمْ‪.‬‬ ‫ك شئ فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بَيْنَ يَد ََيّ ح ََت ّى يَذْه َبَ م َا فِي ُ‬ ‫صحَابِي م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫أَ ْ‬
‫ل فَزِدْن َاه ُ ف َزَعَم َ أَ َن ّه ُ رَضِيَ أَ كَذَلِكَ؟ قَالَ‪ :‬نَع َ ْم فَجَزَاك َ‬ ‫ن هَذ َا الْأَ عْرَاب ِ َيّ قَا َ‬
‫ل م َا قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َ ّ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫فَل َم ّا ك َانَ الْغَد ُ أَ وِ الْعَش ِ ُ ّ‬
‫ي ج َاء َ فَق َا َ‬
‫ل وَعِشِيرَة ٍ خَيْر ًا‪.‬‬
‫الل ّه ُ م ِنْ أَ ه ْ ٍ‬
‫َ‬
‫اس فَل َ ْم يَز ِيد ُوه َا ِإ َلّا نُف ُور ًا فَنَاد َاه ُ ْم صَا ِ‬
‫حبُهَا‬ ‫َت عَلَيْه ِ فَا َت ّب َعَه َا َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ل لَه ُ ن َاق َة ٌ شَرَد ْ‬
‫ل رَج ُ ٍ‬ ‫س َل ّم َ‪ :‬م َثَل ِي وَم َث َ ُ‬
‫ل هَذ َا م َث َ ُ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫فَق َا َ‬

‫ش َ ّد‬
‫َت و َ َ‬
‫ت و َاسْ تَنَاخ ْ‬ ‫ض ف َر َدّه َا ح ََت ّى ج َاء َ ْ‬ ‫ق بِهَا مِنْك ُ ْم و َأَ ع ْلَم ُ فَت َو َ َجّه َ لَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا ف َأَ خَذ َ لَهَا م ِنْ قُمَا ِم الْأَ ْر ِ‬‫خ َُل ّوا بَيْنِي و َبَيْنَ ن َاقَتِي ف َِإن ِ ّي أَ رْف َ ُ‬
‫س َل ّم َ قَالَ‪ :‬ل َا‬ ‫الن ّار َ( وَرُوِيَ عَن ْه ُ أَ َن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل فَق َتَل ْتُم ُوه ُ دَخ َ َ‬
‫ل م َا قَا َ‬ ‫ل َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫حي ْثُ قَا َ‬ ‫عَلَيْهَا رَحْلَه َا و َاسْ ت َو َى عَلَيْهَا و َِإن ِ ّي لَو ْ ت َرَكْ تُك ُ ْم َ‬

‫س َل ّم َ‬ ‫شفَق َتِه ِ عَلَى ُأ َمّتِه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ج ِإلَيْك ُ ْم و َأَ ن َا سَل ِيم ُ َ‬
‫الصّ ْدرِ( وَم ِنْ َ‬ ‫خر ُ َ‬ ‫شي ْئًا ف َِإن ِ ّي ُأح ُ ّ‬
‫ِب أَ ْن أَ ْ‬ ‫صحَابِي َ‬
‫يُبَل ِّغُنِي أَ حَدٌ مِنْك ُ ْم ع َنْ أَ حَدٍ م ِنْ أَ ْ‬
‫تخْف ِيف ُه ُ و َتَسْه ِيلُه ُ عَلَيْهِمْ‪.‬‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫سلَام ُ‪ :‬لَوْل َا أَ ْن أَ ش َُقّ عَلَى ُأ َمّتِي لأَ م َْرتُه ُ ْم ب ِال ّ‬
‫سِوَا ِ‬ ‫الصّ لَاة ُ و َال َ ّ‬
‫كقَو ْلِه ِ عَلَيْه ِ َ‬
‫مخَاف َة َ أَ ْن تُف َر ََض عَلَيْه ِ ْم َ‬
‫وَك َرَاه َت ُه ُ أَ شْ يَاء َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله م ِنْ قُمَا ِم الْأَ ْرضِ( بضم القاف وتخفيف الميم‪ ،‬في الصحاح‪ :‬القمامة الكناسة والجمع قمام )قوله واستناخت( بنون قبل الألف وخاء‬
‫معجمة بعدها‪ ،‬يقال أنخت الجمل فاستناخ‪ :‬أي أبركته فبرك‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل س ََب ّه ُ و َلَعْن َه ُ لَه ُ ْم‬ ‫كعْبَة ِ لِئ َل ّا ٺَت َع ََن ّتَ ُأ َمّت ُه ُ‪ ،‬وَرَغْبَت ُه ُ ل ِر َبِّه ِ أَ ْن َ‬
‫يجْع َ َ‬ ‫ل ال ْـ َ‬
‫ن الْوِصَالِ‪ ،‬وَك َرَاه َت ُه ُ دُخُو َ‬
‫ل وَنَهْيُه ُ ْم ع َ ِ‬ ‫ل وُضُوء ٍ وَخ َب َر ُ صَلاة ِ َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ َع ك ُ ّ ِ‬
‫ل أَ ُي ّمَا رَج ُ ٍ‬
‫ل سَبَب ْت ُه ُ‬ ‫س َل ّم َ أَ ْن د َعَا ر ََب ّه ُ و َعَاهَدَه ُ فَق َا َ‬ ‫شفَق َتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ج َو ّز ُ فِي صَلاتِه ِ * وَم ِنْ َ‬ ‫رَحْم َة ً بِهِمْ‪ ،‬و َأَ َن ّه ُ ك َانَ ي َ ْسم َ ُع بُك َاء َ‬
‫الصّ ب ِ ِيّ فَيَت َ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ فَق َا َ‬ ‫ك يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ‪ ،‬و َلَم ّا ك َ َذّبَه ُ قَوْم ُه ُ أَ ت َاه ُ ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫ك لَه ُ زَك َاة ً وَرَحْم َة ً وَصَلَاة ً و َطه ُور ًا و َقُربَة ً تُق َرِّبَه ُ بِهَا ِإلَي ْ َ‬
‫أَ ْو لعَن ْت ُه ُ فَاجْ ع َلْ ذَل ِ َ‬
‫ك وَم َا ر َ ُدّوا عَلَي ْ َ‬
‫ك و َق َ ْد‬ ‫ك لَ َ‬
‫ل قَوْم ِ َ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى ق َ ْد سَم ِـ َع قَو ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫لَه ُ ِإ َ ّ‬
‫الن ّب ِ ُيّ‬
‫ل َ‬ ‫ل م ُْرنِي بِمَا شِئ ْتَ إ ْن شِئ ْتَ أَ ْن ُأطْ ب ِ َ‬
‫ق عَلَيْهِم ُ الْأَ خْ شَبَيْنِ قَا َ‬ ‫س َل ّم َ عَلَيْه ِ و َقَا َ‬
‫ل وَ َ‬
‫ك الْج ِبَا ِ‬
‫ل لِت َأْ م ُرَه ُ بِمَا شِئ ْتَ ف ِيه ِ ْم فَنَاد َاه ُ م َل َ ُ‬
‫ك الْج ِبَا ِ‬
‫أَ م َرَ م َل َ َ‬
‫ل عَلَيْه ِ‬‫جبْر ِي َ‬
‫ن ِ‬ ‫ن ال ْمُنْكَدِرِ أَ َ ّ‬ ‫شي ْئًا‪ ،‬وَرَو َى اب ْ ُ‬ ‫الل ّه َ وَحْدَه ُ وَل َا يُشْرِك ُ بِه ِ َ‬ ‫الل ّه ُ م ِنْ أَ صْ لَابِه ِ ْم م َنْ يَعْبُد ُ َ‬ ‫ج َ‬ ‫يخْرِ َ‬ ‫س َل ّم َ بَلْ أَ ْرجُو أَ ْن ُ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه َ أَ ْن يَت ُوبَ‬
‫ل َ‬ ‫خر ُ ع َنْ ُأ َمّتِي لَع َ َ ّ‬ ‫ل ُأؤ َ ِّ‬
‫ك فَق َا َ‬ ‫ل أ ْن تُط ِيع َ َ‬ ‫ْض و َالْج ِبَا َ‬ ‫سم َاء َ و َالْأَ ر َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى أَ م َرَ ال َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم َ إ َ ّ‬ ‫ل ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سلَام ُ قَا َ‬ ‫ال َ ّ‬

‫الل ّه ُ عَن ْه ُ‬
‫ن مَسْع ُودٍ رَضِيَ َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ن ِإ َلّا اخْ تَار َ أَ ي ْسَر َهُمَا‪ ،‬قَا َ‬
‫س َل ّم َ بَيْنَ أَ مْرَ ي ْ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا م َا خُيِّر َ رَسُو ُ‬ ‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ َ‬ ‫عَلَيْهِم ُ‪ ،‬قَال َ ْ‬
‫سآمَة ِ عَلَي ْنَا‪،‬‬ ‫مخَاف َة َ ال َ ّ‬
‫س َل ّم َ يَتَخ َو ّلُنَا ب ِال ْمَوْعِظَة ِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك َانَ رَسُو ُ‬
‫__________‬
‫)قوله الأخشبين( بهمزة مفتوحة وخاء وشين معجمتين‪ :‬جبلا مكة )قوله يتخولنا( بالخاء المعجمة‪ ،‬قال ابن الأثير أي يتعهدنا‪ ،‬وقال ابن‬
‫الصلاح الصواب بالحاء المهملة أي يطلب الحال التى يبسطون فيها للموعظة وكان الأصمعى يرو يه يتخوننا بالنون )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٦٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)فصل( وأما خلقه صلى الل ّٰه عليه وسلم في الوفاء وحسن العهد وصلة الرحم‬ ‫‪٢.٢.١٧‬‬

‫ك ب ِالر ِّفْقِ‪.‬‬ ‫س َل ّم َ‪ :‬عَلَي ْ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫وَع َنْ عَائِش َة َ أَ َ ّنهَا رَكِب َْت بَع ِير ًا و َف ِيه ِ صُع ُوبَة ٌ فَجَعَل ْت ت ُرَدِّدُه ُ فَق َا َ‬
‫ل بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ‬ ‫ن ِإسْمَاعِي َ‬‫ح ِم فَح َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَامِر ٍ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫ن الْع َ ْهدِ وَصِلَة ِ َ‬
‫الر ّ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫س َل ّم َ فِي ال ْو َفَاء ِ و َ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا خلُق ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن الأَ عْرَاب ِ ِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن‬ ‫س ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬ ‫الن ّ َح ّا ِ‬
‫ن َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أبو بكر محمد بن محمد حدثنا أبو إسحق الْح َبَ ّا ُ‬ ‫قَا َ‬
‫ق ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ عبد الل ّٰه عن أَ بِي‬ ‫شق ِي ٍ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن َ‬
‫ل ع َنْ عَبْدِ الـكريم ابن عَبْدِ َ‬ ‫ن َط ْهم َانَ ع َنْ بُد َي ْ ٍ‬ ‫ن ح َ َ ّدثَنَا إ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ن سِنَا ٍ‬ ‫يح ْي َى ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫َ‬
‫ل أَ ْن يُبْع َثَ و َب َ ّقي ْتُ لَه ُ‬‫س َل ّم َ بِبَي ٍْع قَب ْ َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ب َايَعْتُ َ‬ ‫ا ْلحم َْسَاء ِ قَا َ‬
‫شقَقْتَ عَل َيّ أَ ن َا هَه ُنَا مُنْذ ُ ثَل َ ٍ‬
‫اث‬ ‫ل ي َا ف َت َى لَق َ ْد َ‬‫اث فَجِئ ْتُ ف َِإذ َا ه ُو َ فِي مَك َانِه ِ فَق َا َ‬ ‫بَق َِي ّة ً ف َو َعَدْتُه ُ أَ ْن آتيِ َه ُ بِهَا فِي مَك َانِه ِ فَنَسِيتُ ث َُم ّ ذَكَر ْتُ بَعْد َ ثَل َ ٍ‬

‫صدِيق َة ً لِ خَدِيج َة َ ِإ َ ّنهَا ك َان َْت‬


‫ْت فُلَانَة ٍ ف َِإ َ ّنهَا ك َان َْت َ‬ ‫س َل ّم َ ِإذ َا ُأتِي َ بِهَد َِي ّة ٍ قَا َ‬
‫ل اذْه َب ُوا بِهَا ِإلَى بَي ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س ك َانَ َ‬
‫أَ ن ْتَظ ِرُك َ * وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬

‫كن ْتُ أَ سْم َع ُه ُ ي َ ْذك ُر ُه َا و َِإ ْن ك َانَ لَيَذْبَ ح ُ ال َ ّ‬


‫شاه َ‬ ‫ت م َا غ ِْرتُ عَلَى امْرَأة ٍ م َا غ ِْرتُ عَلَى خَدِيج َة َ لم َِا ُ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا قَال َ ْ‬
‫ِب خَدِيج َة َ‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬ ‫تح ُ ّ‬‫ُ‬
‫فَيُهْدِيَهَا‬
‫__________‬
‫والمعجمة أي يتعهدنا )قوله ابن طهمان( بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء )قوله بديل( بضم الموحدة وفتح الدال وتسكين المثناة من‬
‫تحت )قوله الحمساء( بحاء مهملة مفتوحة وميم ساكنة وسين مهملة وهمزة ممدودة‪ ،‬وفى بعض النسخ بالخاء المعجمة والنون وهو تصحيف‪،‬‬
‫وفى بعضها عن أبى الحمساء وأبو الحمساء لا إسلام له ولا روايه )*(‬
‫)إ َ ّنهَا ك َان َْت ت َأْ تِينَا‬
‫ل ِ‬ ‫ل عَنْهَا فَل َم ّا خَرَج ْ‬
‫َت قَا َ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫سؤَا َ‬ ‫ت عَلَيْه ِ امْرَأَ ة ٌ فَه َ َّش لَهَا و َأَ حْ سَ َ‬ ‫ِإلَى خ َلَائِلِه َا و َاسْ ت َأَ ذن َْت عَلَيْه ِ ُأخْ تُهَا فَارْت َا َ‬
‫ح ِإلَيْهَا‪ ،‬وَدَخ َل َ ْ‬
‫ل مِنْهُمْ‪.‬‬
‫ض ُ‬
‫ل ذَوِي ر َ ِحمِه ِ م ِنْ غَيْر ِ أَ ْن يُؤ ْث ِر َه ُ ْم عَلَى م َنْ ه ُو َ أَ ف ْ َ‬
‫ل ك َانَ يَصِ ُ‬
‫صف َه ُ بَعْضُه ُ ْم فَق َا َ‬
‫ن الإيمَانِ( ‪ ،‬وَو َ َ‬
‫ن ال ْع ْهدِ م ِ َ‬
‫س َ‬
‫ح ْ‬ ‫أَ َي ّام َ خَدِيج َة َ و َِإ َ ّ‬
‫ن ُ‬

‫سلَام ُ ب ُِأم َام َة َ‬


‫الصّ لَاة ُ و َال َ ّ‬
‫ن لَه ُ ْم رَحِمًا سَأَ بلُ ّه َا ببَِلالِهَا( * و َق َ ْد صَلَ ّى عَلَيْه ِ َ‬
‫ن لَيْس ُوا ل ِي ب ِأَ وْليَاءَ‪ ،‬غَيْر َ أَ َ ّ‬
‫ل بَنِي فُلَا ٍ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫نآ َ‬ ‫س َل ّم َ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َقَا َ‬

‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ي فَق َام َ َ‬
‫ضعَه َا و َِإذ َا قَام َ حَمَلَه َا‪ ،‬وَع َنْ أَ بِي قَتَادَة َ و َفَد َ و َفْدٌ ل ِ َلن ّج َاش ِ ِ ّ‬
‫اب ْنَة ِ اب ْنَتِه ِ ز َي ْن َبَ يَحْم ِلُه َا عَلَى عَاتِقِه ِ ف َِإذ َا سَ جَد َ و َ َ‬

‫)إ َ ّنه ُ ْم ك َانُوا ل ِأَ ْ‬


‫صحَابنَِا مُكْرِم ِينَ وإنى أحب‬ ‫ل ِ‬
‫ك فَق َا َ‬
‫صحَابُه ُ ن َ ْكف ِي َ‬
‫ل لَه ُ أَ ْ‬
‫يخْدُمُه ُ ْم فَق َا َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله أختها( أي أخت خديجة‪ ،‬وهى هالة بنت خو يلد‪ ،‬ذكرها في الصحابة ابن منده وأبو نعيم وهى أم أبى العاص بن الربيع بتشديد‬
‫الراء المفتوحة وكسر الموحدة )قوله ِإ َ ّ‬
‫ن‬
‫ل بَنِي فلان( قال ابن قرقول المشهور أن آل أبى ليسوا بأوليائى بفتح الهمزة يعنى من أبى قال وبعده بياض في الأصول‪ ،‬كأنهم تركوا‬
‫آ َ‬
‫الاسم تورعا عن الفتنة‪ ،‬وعند ابن السكن أن آل أبى فلان كنى عنه بفلان انتهى‪ ،‬والمراد الحكم بن أبي العاص )قوله بلالها( البلال‬
‫بكسر الموحدة‪ ،‬وقد تفتح قال في الصحاح كل ما يبل به الحلق من الماء واللبن فهو بلال‪ ،‬ومنه قولهم انصحوا الرحم ببلالها‪ ،‬أي‬
‫صلوها بصلتها وندوها‪.‬‬
‫الل ّه‬
‫)قوله بأمامة( هي اب ْنَة ِ اب ْنَتِه ِ ز َي ْن َبَ من أبى العاص بن الربيع‪ ،‬تزوجها علي رضي الل ّٰه عنه بعد موت فاطمة بوصية فَاطِم َة َ رَضِيَ َ‬
‫عنها بذلك‪ ،‬وتزوجها بعد على ال ْم ُغير َة بن نَو ْف َل فماتت عنده‪ ،‬واسم أبى العاص بن الربيع لقيط وأمه هالة بنت خو يلد أخت خديجة‪،‬‬
‫أسر يوم بدر فمن عليه بلا فداء إكراما لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم بسبب زينب‪ ،‬وأسلم قبيل الفتح وحسن إسلامه‪ ،‬وأعاد له رسول‬
‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلمن زينب بنكاح جديد‪ ،‬وقيل بالنكاح الأول‪.‬‬
‫)*(‬
‫ْت عِنْدِي‬
‫ْت أَ قَم ِ‬ ‫شيْم َاء ِ فِي سَبَاي َا ه َوَازِنَ و َتَع ََر ّف َْت لَه ُ بَس ََط لَهَا رِد َاءَه ُ و َقَا َ‬
‫ل لَهَا إ ْن أَ حْ بَب ِ‬ ‫الر ّضَاعَة ِ ال َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫أَ ْن ُأك َاف ِئَهُمْ( * و َلَم ّا جئ ب ُِأخْ تِه ِ م ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ و َأَ ن َا غُلام ٌ ِإ ْذ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ر َأَ ي ْتُ َ‬ ‫ل أَ بُو ال ُ ّ‬
‫طفَي ْ ِ‬ ‫َت قَوْمَهَا فَم َت ّعَه َا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ْت ِإلَى قَوْم ِكِ ‪ ،‬فَاخْ تَار ْ‬ ‫محَب ّب َة ً أَ ْو م ََت ّعْت ُكِ وَر َ َ‬
‫جع ِ‬ ‫م ُك ََر ّم َة ً ُ‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل َ‬ ‫سائ ِِب أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫َت عَلَيْه ِ فَق ُل ْتُ م َنْ هَذِه ِ قَالُوا ُأ ُمّه ُ َال ّتِي أَ ْر َ‬
‫ضعَت ْه ُ‪ ،‬وَع َنْ عَمْرِو ب ْ ِن ال َ ّ‬ ‫ت امْرَأة ٌ ح ََت ّى د َن َْت مِن ْه ُ فَبَس َ‬
‫َط لَهَا رِد َاءَه ُ فَجل ََس ْ‬ ‫أَ ق ْبَل َ ِ‬
‫ْض ثوبه فقعد‬
‫ض َع لَه ُ بَع َ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّضَاعَة ِ ف َو َ َ‬ ‫س َل ّم َ ك َانَ ج َالِسًا يَوْم ًا ف َأَ ق ْب َ َ‬
‫ل أَ بُوه ُ م ِ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫الر ّضَاعَة ِ الشيماء بشين معجمة مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة وميم ومد‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫)قوله أن أكافئهم( بهمزة بعد الفاء )قوله ب ُِأخْ تِه ِ م ِ َ‬
‫قال المحب الطبري‪ ،‬و يقال لها الشماء بغير ياء‪ ،‬أبوها الحرث أبو رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم من الرضاعة‪ ،‬أدرك الإسلام وأسلم‬
‫بمكة‪ ،‬والشيماء كانت تربى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم مع أمها حليمة‪ ،‬أسلمت‪ ،‬وذكرها ابن الأثير في الصحابة واسمها جدامة بالجيم والدال‬
‫المهملة بعدها ألف فميم‪ ،‬وقيل حذافة بالحاء المهملة والذال المعجمة بعدها ألف ففاء‪ ،‬وقيل خذامة بالخاء المعجمة المكسورة والذال‬
‫المعجمة بعدها ألف وميم )قوله أبو الطفيل( بضم الطاء وفتح الفاء واسمه عامر بن واثلة بالمثلثة أدرك النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم صغيرا‬

‫وهو آخر من مات من الصحابة )قوله قَالُوا ُأ ُمّه ُ َال ّتِي أرضعته( في الاستيعاب لابن عبد البر‪ :‬روى زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار‬
‫جاءت حليمة بنت عبد الل ّٰه أم النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من الرضاعة يوم حنين فقام لها وبسط لها رداءه‪ ،‬وفى التجريد للذهبي يجوز‬
‫أن يكون هذه ثويبة ورد بنقل مغلطاى عن ابن سعد أن ثويبة توفيت سنة سبع وبنقل السهيلي أنه عليه الصلاة والسلام لما فتح مكة‬
‫سئل عن ثويبة وعن ابنها مسروخ فأخبر أنهما ماتا‪ ،‬وقال الحافظ الدمياطي لا نعرف لها صحبة ولا إسلاما ثم ذكر حديث بسط الرداء‬
‫وقال هذه أخته الشيماء لا أمها حليمة وفى سيرة مغلطاى وصحح ابن حبان وغيره حديثا دل على إسلامهما )قوله عمرو بن السائب( هو‬
‫ابن السائب بن راشد البصري مولى بنى زهرة‪ ،‬تابعي ذكره الحافظ )*(‬

‫)فصل( وأما تواضعه صلى الل ّٰه عليه وسلم على علو منصبه ورفعة‬ ‫‪٢.٢.١٨‬‬

‫س َل ّم َ ف َأَ جْلَسَه ُ بَيْنَ‬ ‫الر ّضَاعَة ِ فَق َام َ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫َت عَلَيْه ِ‪ ،‬ث َُم ّ أَ ق ْب َ َ‬
‫ل أَ خُوه ُ م ِ َ‬ ‫ت ُأ ُمّه ُ ف َو َ َ‬
‫ض َع لَهَا ش َِقّ ثَو ْبِه ِ م ِنْ ج َانبِِه ِ الآخَر ِ فَجل ََس ْ‬ ‫عَلَيْه ِ ث َُم ّ أَ ق ْبَل َ ْ‬
‫يَد َيْه ِ‪.‬‬
‫ِيث خَدِيج َة َ‬
‫ل ل َا أَ حَد َ‪ ،‬و َفِي حَد ِ‬
‫كسْوَة ٍ‪ ،‬فَلَم ّا م َات َْت سَأَ لَ‪ :‬م َنْ بَقِ َي م ِنْ ق َرَابَتِهَا؟ فَق ِي َ‬
‫ضع َتِه ِ بَصِ لَة ٍ و َ ِ‬
‫وَك َانَ يَب ْع َثُ ِإلَى ثُو َي ْب َة َ مَوْل َاة ِ أَ بِي لَه ٍَب م ُْر ِ‬
‫ل و َت ْكسِبُ ال ْمَعْد ُوم َ و َت َ ْقرِي‬ ‫حم َ و َتَحْم ِ ُ‬
‫ل الْك َ َ ّ‬ ‫ل َ‬
‫الر ّ ِ‬ ‫الل ّه ُ أَ بَد ًا ِإ َن ّ َ‬
‫ك لَت َصِ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫يح ْزُن ُ َ‬ ‫ت لَه ُ صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ‪ :‬أَ ب ْشِرْ فو الل ّٰه ل َا َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا أَ َ ّنهَا قَال َ ْ‬
‫رَضِي َ َ‬
‫َ‬
‫الضّ ي َْف و َتُع ِينُ عَلَى نَوَائ ِِب الْحَقّ ِ‪.‬‬
‫س َل ّم َ عَلَى عُلُو ِّ مَن ْصِ بِه ِ وَرِف ْعَة ِ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا تَوَاضُع ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫ت ُأ ُمّه ُ( من الرضاع‪ ،‬الظاهر أنها حليمة‪.‬‬
‫عبد الغنى المقدسي في إكماله فيمن اسمه عمرو ووهمه المزى‪ ،‬وقال اسمه عمر )قوله ث َُم ّ أَ ق ْبَل َ ْ‬
‫قيل أرضعته صلى الل ّٰه عليه وسلم ثمان نسوة‪ :‬ثويبة وكان لها ابن فرضع يقال له مسروح وحليمة‪.‬‬
‫وخولة بنت المنذر ذكرها أبو الفتح اليعمرى ع َنْ أَ بِي ِإ ْسحَاقَ ‪.‬‬
‫وأم أيمن ذكرها أبو الفتح عن بعضهم والمعروف أنها من الحواضن‪.‬‬
‫وامرأة صعدية غير حليمة ذكرها ابن القيم في الهدى‪ ،‬وثلاث نسوة اسم كل واحدة منهن عاتكة نقله السهيلي ع َنْ بَعْضِه ِ ْم فِي قوله صلى‬
‫الل ّٰه عليه وسلم )إنا ابن العواتك من سليم( )قوله وَك َانَ يَبْع َثُ ِإلَى ثويبة( قال السهيلي‪ :‬كان يبعث إليها من المدينة فلما افتتح مكة سأل‬
‫عنها وعن ابنها مسروح فأخبر أنهما ماتا‪.‬‬
‫ن عَبْدِ ال ْم ُ َ ّ‬
‫طل ِْب بن هاشم‪.‬‬ ‫وثويبة بضم المثلثة وفتح الواو بعدها مثناة تحتية ساكنة فموحدة مولاة لأبى لهب عبد العزى ب ْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله لا يحزنك( قال ابن قرقول في الحاء والزاء لا يحزنك الل ّٰه أبدا كذا رواه معمر عن الزهري‪ ،‬ورواه عنه معقل و يونس من الخزى‬
‫والفضيحة وهو أصوب انتهى‪.‬‬
‫وإذا روى بالحاء المهملة ففى المثناة التحتية الفتح والضم‪ ،‬لأنه يقال حزنه وأحزنه‪ ،‬وإذا روى بالمعجمة فليس فيها إلا الضم )قوله‬
‫وتكسب المعدوم( تقدم بما فيه )قوله وتقري( بفتح المثناة وسكون القاف )‪(*) (١ - ٩‬‬
‫ك أَ َن ّه ُ خُيِّر َ بَيْنَ أَ ْن يَكُونَ نَب ًِي ّا م َلِك ًا أَ ْو نَب ًِي ّا عَبْدًا فاختار أَ ْن يَكُونَ نَب ًِي ّا عَبْدًا‪ ،‬فَق َا َ‬
‫ل‬ ‫حسْب ُ َ‬ ‫ش َ ّد الناس تواضعا وأعدمهم ِ‬
‫كبْر ًا‪ ،‬و َ َ‬ ‫ر ُت ْبَتِه ِ فَك َانَ أَ َ‬
‫ِـع *‬ ‫ل شَاف ٍ‬ ‫ل م َنْ تَنْش َُقّ الْأَ ر ُ‬
‫ْض عَن ْه ُ و َأَ َ ّو ُ‬ ‫ك سَيِّد ُ وَلَد ِ آدَم َ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ و َأَ َ ّو ُ‬ ‫ضعْتَ لَه ُ أَ َن ّ َ‬ ‫الل ّه َ ق َ ْد أَ ْعطَاك َ بِمَا تَوَا َ‬
‫ن َ‬ ‫ل عِنْد َ ذَلِكَ‪ :‬ف َِإ َ ّ‬ ‫لَه ُ ِإسْر َاف ِي ُ‬
‫سب ٍْع وخمسمائة قَالَ‪ :‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ُم َر َ‬ ‫ن الْع َ َو ّادِ الْفَق ِيه ُ رَحِم َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ فِي مَنْز ِلِه ِ بِقُرْطُب َة َ سَن َة َ َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْوَلِيدِ ب ْ ُ‬

‫س‬
‫سعَرٍ ع َنْ أَ بِي الْعَن ْب َ ِ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن نُمَيْرٍ ع َنْ م ِ ْ‬ ‫شي ْب َة َ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬ ‫ن د َاسَة َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫ن أَ بِي َ‬ ‫ن ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ ال ْمُؤْم ِ ِ‬

‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم‬ ‫ل َ‬ ‫ج عَلَي ْنَا رَسُو ُ‬
‫ل خَر َ َ‬ ‫ق ع َنْ أَ بِي غَال ٍِب ع َنْ أَ بِي ُأم َام َة َ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ع َنْ أَ بِي الْعَد ََب ّ ِ‬
‫س ع َنْ أَ بِي م َْرز ُو ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله وأقلهم كبرا( القلة هنا مراد بها النفى‪ ،‬لأنها تستعمل بمعناه‪ ،‬نحو‪ :‬أقل رجل يقول ذلك‪ :‬أي ما رجل يقوله‪ ،‬ولذلك لا يدخل‬
‫نواسخ الابتداء على أقل كما لا يدخل على ما النافية‪ ،‬ومن استعمال القلة بمعنى النفى الحديث الذى رواه النسائي عن عبد الل ّٰه بن أبي‬
‫أوفى كان رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يكثر الذكر و يقل اللغو‪ ،‬قال ابن الأثير في النهاية‪ :‬أي لا يلغو شيئا‪ ،‬وهذه اللفظة قد تستعمل‬
‫في نفى أصل الشئ كقوله تعالى )فقليلا ما يؤمنون( )قوله عن مسعر( بميم مكسورة وسين مهملة ساكنة وعين مهملة مفتوحة )قوله‬
‫س( بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الموحدة وبعدها سين مهملة‪ ،‬اسمه الحرث بن عبيد بن كعب العدوى الـكوفى‬ ‫ع َنْ أَ بِي الْعَن ْب َ ِ‬
‫)قوله العدبس( بفتح العين والذال المهملتين‪ ،‬وتشديد الموحدة‪ ،‬بعدها سين مهملة‪ :‬هو تبيع‪ ،‬بضم المثناة الفوقية‪ ،‬وفتح الموحدة‪ ،‬وسكون‬
‫المثناة التحتية بعدها عين مهملة‪ ،‬ذكره ابن ماكولا في الإكمال‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل الْعَبْد ُ و َأَ جْل ُِس كَمَا‬ ‫)إ َن ّمَا أَ ن َا عَبْدٌ آك ُ ُ‬
‫ل كَمَا ي َأْ ك ُ ُ‬ ‫ل ِ‬
‫ظِم ُ بَعْضُه ُ ْم بَعْضًا( و َقَا َ‬
‫جم ُ يُع َ ّ‬ ‫م ُت َوكّ ِئًا عَلَى ع َصً ا فَقُمْنَا لَه ُ فَق َا َ‬
‫ل )ل َا تَق ُوم ُوا كَمَا تَق ُوم ُ الأَ عَا ِ‬
‫يج ْل ُِس بَيْنَ‬
‫يج ِيبُ دَعْوَة َ ال ْعَبْدِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ يَرْكَبُ ا ْلحِمَار َ و َيُرْد ُ‬
‫ِف خ َلْف َه ُ و َيَع ُود ُ ال ْمَسَاكِينَ و َيُجَال ُِس الْفُق َرَاء َ و َ ُ‬ ‫يج ْل ُِس الْعَبْد ُ( وَك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س‪.‬‬
‫حي ْثُم َا انْت َهَ ى بِه ِ ال ْمَجِل ُِس ج َل َ َ‬
‫مخ ْتَلِطًا بِه ِ ْم َ‬
‫أصحَابِه ِ ُ‬
‫ْ‬
‫ن م َْر ي َم َ ِإ َن ّمَا أَ ن َا‬ ‫س َل ّم َ )ل َا تُطْر ُونِي كَمَا أطْ ر َِت َ‬
‫الن ّصَار َى اب ْ َ‬ ‫ِيث ع ُم َر َ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َفِي حَد ِ‬
‫ك ح َاج َة ً‪ ،‬قَالَ‪ :‬اجْلِس ِي ي َا‬ ‫ت‪ِ :‬إ َ ّ‬
‫ن ل ِي ِإلَي ْ َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن امْرَأَ ة ً ك َانَ فِي عَقْلِه َا شئ ج َاءَت ْه ُ فَق َال َ ْ‬ ‫الل ّه ِ وَرَسُولُه ُ( وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س رَضِي َ َ‬ ‫عَبْدٌ فَق ُولُوا عَبْد ُ َ‬
‫س َل ّم َ ِإلَيْهَا ح ََت ّى ف َرَغ ْ‬
‫َت‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َ‬ ‫َت فَجل َ َ َ‬ ‫ْت أَ جْل ُِس ِإلَي ْكِ ح ََت ّى أقْض ِي ح َاجَت َكِ ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل فَجل ََس ْ‬ ‫ق ال ْمَدِينَة ِ شِئ ِ‬
‫ي طُر ُ ِ‬ ‫ُأ َمّ فُلَا ٍ‬
‫ن فِي أَ ّ ِ‬
‫جتِهَا‪.‬‬
‫م ِنْ ح َا َ‬
‫يف‬
‫ل م ِنْ ل ِ ٍ‬
‫مخْط ُو ٍم بِ حَب ْ ٍ‬ ‫س َل ّم َ يَرْكَبُ ا ْلحِمَار َ و َ ُ‬
‫يج ِيبُ دَعْوَة َ ال ْعَبْدِ وَك َانَ يَوْم َ بَنِي ق ُر َيْظَة َ عَلَى حِمَا ٍر َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س‪ :‬ك َانَ رَسُو ُ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬
‫قَا َ‬

‫َاف‪.‬‬
‫عَلَيْه ِ ِإك ٌ‬
‫َث و َعَلَيْه ِ قَط ِيف َة ٌ م َا تساوى‬ ‫س َل ّم َ عَلَى رَحْ ٍ‬
‫ل ر ٍّ‬ ‫سن ِخَة ِ فَيُجِيبُ قَالَ‪ :‬و َحَ َ ج ّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َالإه َالَة ِ ال َ ّ‬ ‫قَالَ‪ :‬وَك َانَ ي ُ ْدعَى ِإلَى خُبْز ِ ال َ ّ‬
‫شع ِير ِ و ِ‬
‫__________‬
‫ن امْرَأَ ة ً ك َانَ في عقلها شئ( قيل هي أم زفر ماشطة خديجة‬ ‫)قوله لا تطرونى( الإطراء مجاوزة الحد في المدح والـكذب فيه )قوله أَ َ ّ‬
‫بنت خو يلد )قوله عليه إكاف( هو بكسر الهمزة وضمها وبالواو بدلها‪ :‬البرذعة‪ ،‬وقيل ما تشد فوق البرذعة من ورائها )قوله والإهالة‬
‫السنخة( الإهالة بكسر الهمزة وتخفيف الهاء كل ما يؤدم به من الأدهان‪ ،‬والسنخة بفتح السين المهملة وكسر النون بعدها خاء معجمة‬
‫المتغير الرائحة‪ ،‬يقال سنخ وزنخ )قوله وعليه قطيفة( القطيفة الـكساء الذى له خمل )*(‬
‫م اجْ عَل ْه ُ حَ ً ج ّا مَب ْر ُور ًا ل َا رِي َاء َ ف ِيه ِ وَل َا سُمْع َة َ‪.‬‬
‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫أَ رْبَع َة َ دَر َاهِم َ فَق َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫َت عَلَيْه ِ م َ َك ّة ُ وَدَخ َلَه َا بِ جُي ُو ِ‬


‫ش ال ْمُسْل ِمِينَ طَأْ طَأَ عَلَى رَحْلِه ِ ر َأْ سَه ُ‬ ‫ك م ِائَة َ بَد َنَة ٍ و َل َم ّا فُتِح ْ‬
‫ْض و َأَ هْد َى في حجته ذَل ِ َ‬
‫َت عَلَيْه ِ الْأَ ر ُ‬
‫هَذ َا و َق َ ْد فُتِح ْ‬

‫س ‪ -‬ب ْ ِن م ََت ّى ‪ -‬وَل َا تُف ِّ‬


‫َضلُوا بَيْنَ‬ ‫َضلُونِي عَلَى يُون ُ َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم قوله )ل َا تُف ِّ‬ ‫ضع ًا ل َِل ّه ِ تَع َالَى * ومن تَوَاضُع ُه ُ صَلَ ّى َ‬ ‫ح ََت ّى ك َاد َ يَم ُ َّس قَادِم َت َه ُ تَوَا ُ‬

‫ل ل َِل ّذ ِي قَا َ‬
‫ل‬ ‫جب ْتُ ال َد ّاعِ ي َ( و َقَا َ‬
‫ن لأَ َ‬ ‫سِجْ ِ‬‫ُف فِي ال ّ‬‫ك م ِنْ ِإ ب ْر َاه ِيم َ‪ ،‬و َلو ْ لَبِث ْتُ م َا لَب ِثَ يُوس ُ‬ ‫ن أَ ح َُقّ ب ِال َ ّ‬
‫ش ِّ‬ ‫نح ْ ُ‬ ‫الْأَ ن ْب ِيَاء ِ وَل َا ُ‬
‫تخـَي ِّر ُونِي عَلَى م ُوس َى و َ َ‬
‫لَهُ‪ :‬ي َا خَيْر َ ال ْبَر َِي ّة ِ )ذ َاك َ ِإ ب ْر َاه ِيم ُ(‬
‫صف َتِه ِ وبَعْضُه ُ ْم يَز ِيد ُ عَلَى‬
‫ن و َأَ بِي سَع ِيدٍ و َغَيْرِه ِ ْم فِي ِ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى * وَع َنْ عَائِش َة َ و َالْحَسَ ِ‬
‫ِيث بَعْد َ هَذ َا ِإ ْن شَاء َ َ‬
‫وَسَي َأْ تِي الْك َلَام ُ عَلَى هَذِه ِ الأَ ح َاد ِ‬
‫بَعْضٍ‪.‬‬

‫ل ال ْب َع ِيِر َ و يَعْل ُِف‬ ‫يخْدِم ُ ن َ ْفسَه ُ و َيَق ُ ُ ّ‬


‫م البَي ْتَ و َيَعْق ِ ُ‬ ‫ف نَعْلَه ُ و َ َ‬
‫يخ ْصِ ُ‬
‫يح ْل ِبُ شَاتَه ُ و َيَرْق َ ُع ثَو ْبَه ُ و َ َ‬
‫ك َانَ فِي بَي ْتِه ِ فِي مِه ْنَة ِ أه ْلِه ِ يَفْل ِي ثَو ْبَه ُ و َ َ‬
‫__________‬
‫س ب ْ ِن م ََت ّى( قال ابن الأثير متى أمه ولم يشهر نبى بأمه غير عيسى و يونس‪ ،‬فإن قيل ق َد وَر َد فِي الصحيح‪ ،‬ل َا تُف ِّ‬
‫َضلُونِي عَلَى‬ ‫)قوله يُون ُ َ‬
‫س ب ْ ِن م ََت ّى‪ ،‬ونسبه إلى أبيه وهو يقتضى أن متى أبوه أجيب بأن متى مدرج فِي الْحَد ِ‬
‫ِيث م ِنْ كلام الصحابي لبيان يونس بما اشتهر به‪،‬‬ ‫يُون ُ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬ولما كان ذلك موهما أن الصحابي سمع هذه النسبة من النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم دفع الصحابي‬
‫لا من كلام َ‬
‫ذلك بقوله‪ :‬ونسبه إلى أبيه‪ ،‬أي لا كما فعلت أنا من نسبته إلى أمه )قوله فِي مِه ْنَة ِ أه ْلِه ِ( في الصحاح المهنة بالفتح الخدمة‪ ،‬وحكى أبو‬
‫زيد والـكسائي المهنة بالـكسر‪ ،‬وأنكره الأصمعى انتهى‪.‬‬
‫وعن المزى‪ :‬كسر الميم أحسن ليكون على وزن خدمة كما هو بمعناه )قوله يفلى ثوبه( قيل إنه عليه السلام‪ ،‬لم يقع عليه ذباب قط‪ ،‬ولم‬
‫يكن القمل يؤذيه تعظيما له وتكريما )قوله و يخصف نعله( بالخاء المعجمة والصاد المهملة‪ :‬أي يخرزها )قوله و يقم( بضم القاف‪ :‬أي‬
‫كنس )*(‬

‫)فصل( وأما عدله صلى الل ّٰه عليه وسلم وأمانته وعفته وصدق لهجته‬ ‫‪٢.٢.١٩‬‬

‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ِإ ْن ك َان َِت الأَ م َة ُ م ِنْ ِإم َاء ِ أَ ه ْ ِ‬


‫ل المَدِينَة ِ‬ ‫س رَضِيَ َ‬
‫ق * وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫سو ِ‬ ‫ل بَضَاع َت َه ُ م ِ َ‬
‫ن مَعَه َا و َيَحْم ِ ُ‬
‫ج ُ‬
‫ل م َ َع الْخا َدِ ِم و َيَعْ ِ‬
‫َاضح َه ُ و َي َأْ ك ُ ُ‬
‫ن ِ‬
‫ت ح ََت ّى ت َ ْقضِيَ ح َا َ‬
‫جتَهَا‪.‬‬ ‫حي ْثُ شَاء َ ْ‬ ‫س َل ّم َ فَتَنْطَل ِ ُ‬
‫ق بِه ِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫لَت َأْ خُذ ُ بيَِدِ رَسُو ِ‬
‫ل الْقَدِيد َ( وَع َنْ‬ ‫ْش ت َأْ ك ُ ُ‬
‫ن امْرَأَ ة ٍ م ِنْ ق ُر َي ٍ‬ ‫ك ف َِإن ِ ّي لسته بِمَلِكٍ ِإ َن ّمَا أَ ن َا اب ْ ُ‬‫ل لَه ُ )هَوِ ّ ْن عَلَي ْ َ‬‫ل ف َأَ صَابَت ْه ُ م ِنْ هَي ْبَتِه ِ رِعْدَة ٌ فَق َا َ‬‫ل عَلَيْه ِ رَج ُ ٌ‬
‫وَدَخ َ َ‬

‫ْجحْ( وَذَك َر َ الْق َِصّ ة َ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬ ‫ن )زِ ْن و َأَ ر ِ‬ ‫ل لِل ْو َزّا ِ‬‫ل و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ فَاشْ تَر َي سَر َاوِ ي َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سوقَ م َ َع َ‬‫الل ّه ُ عَن ْه ُ دَخ َل ْتُ ال ُ ّ‬
‫أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫ل مِنْكُمْ( ث َُم ّ أَ خَذ َ‬
‫كه َا و َلَسْتُ بِمَلِكٍ ِإ َن ّمَا أَ ن َا رَج ُ ٌ‬
‫جم ُ بِمُلُو ِ‬ ‫س َل ّم َ يُق َبِّلُه َا فَجَذ َبَ يَدَه ُ و َقَا َ‬
‫ل )هَذ َا ت َ ْفعَلُه ُ الأَ عَا ِ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ف َو َث َبَ ِإلَى يَدِ َ‬

‫ل )صاحب الشئ أَ ح َُقّ بِشَي ْئِه ِ أَ ْن يَحْم ِلَه ُ(‬ ‫ال َس ّر َاوِ ي َ‬
‫ل فَذ َهَب ْتُ لأَ ْحم ِلَه ُ فَق َا َ‬
‫س وأعف‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س و َأَ عْد َ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س َل ّم َ آم َ َ‬ ‫صدْقُ لَهْجَتِه ِ‪ ،‬فَك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ و َأَ م َانَت ُه ُ وَعِ َ ّفت ُه ُ و َ ِ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا عَدْلُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫محَا ُدّوه ُ وَعِد َاه ُ وَك َانَ يسمى‬
‫ك ُ‬
‫َف لَه ُ بِذَل ِ َ‬
‫الناس أصدقهم لَه ْج َة ً مُنْذ ُ ك َانَ اع ْتَر َ‬
‫__________‬
‫)قوله ناضحه الناضح بالضاد المعجمة والحاء المهملة‪ :‬الجمل الذى يستقى عليه الماء )قوله سراو يل( قالوا لم يثبت أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫لبس السروايل‪ ،‬ولـكنه اشتراها ولم يلبسها‪ ،‬وفى الهدى لابن قيم الجوز ية أنه لبسها‪.‬‬
‫قالوا وهو سبق قلم‪ ،‬واشتراها عليه السلام بأربعة دراهم‪ ،‬وفى الإحياء أنه اشتراها بثلاثة دراهم )قوله آمن( بمد الهمزة وفتح الميم )قوله‬
‫محادوه( بالحاء والدال المشددة المهملتين‪.‬‬
‫أي‪ :‬مخالفوه‪ ،‬وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )ومن يحادد الل ّٰه ورسوله( )قوله وعداه( بكسر العين المهملة والقصر أي أعداؤه )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الصّ الِ حَة ِ‪.‬‬‫ق َ‬ ‫ن الْأَ خْلَا ِ‬ ‫ن ِإ ْسحَاقَ ك َانَ يُس َ َمّى الأَ م ِينَ بِمَا جَم َ َع َ‬
‫الل ّه ُ ف ِيه ِ م ِ َ‬ ‫ل نُب ُ َو ّتِه ِ‪ :‬الأَ م ِينَ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫قَب ْ َ‬
‫ْش وَتَحَاز َب َْت عِنْد َ بنَِاء ِ ال ْـكَعْبَة ِ ف ِيم َنْ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َلَم ّا اخْ تَلَف ْ‬ ‫ل تَع َالَى )مُط ٍ‬
‫َت ق ُر َي ٌ‬ ‫ن عَلَى أَ َن ّه ُ مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َاع ث ََم ّ أَ م ِينٍ( أَ كْ ث َر ُ ال ْمُفَس ِّر ِي َ‬ ‫و َقَا َ‬
‫ل نُب ُ َو ّتِه ِ فَق َالُوا‪ :‬هَذ َا مُحَم ّدٌ؟ هَذ َا الأَ م ِينُ ق َ ْد رَضِينَا بِه ِ‪.‬‬
‫ك قَب ْ َ‬
‫ل وَذَل ِ َ‬ ‫خ ٌ‬ ‫س َل ّم َ د َا ِ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ْم ف َِإذ َا ب َِالن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خ ٍ‬ ‫ل د َا ِ‬‫ض ُع الْ حجَ َر َ ح َ َكّم ُوا أَ َ ّو َ‬‫يَ َ‬

‫س َل ّم َ فِي الْجا َه ِل َِي ّة ِ قَب ْ َ‬


‫ل ال ِْإسْ لَا ِم‪.‬‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الر ّب ِ ِ‬
‫يع ب ْ ِن خُثَي ٍْم‪ :‬ك َانَ يُتَحَاكَم ُ ِإلَى رَسُو ِ‬ ‫ن َ‬ ‫وَع َ ِ‬

‫الصّ د َف ِ ُيّ الْحَاف ُِظ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل‬ ‫ن فِي الْأَ ْرضِ( ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ َ‬
‫سم َاء َ أَ م ِي ٌ‬ ‫س َل ّم َ )و ََالل ّه ِ ِإن ِ ّي لأَ م ِي ٌ‬
‫ن فِي ال َ ّ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َقَا َ‬

‫ُوب المروزي حدثنا أبو عيسى الحافظ حدثنا أَ بُو‬


‫مح ْب ٍ‬
‫ن َ‬ ‫ج ُّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫ْج الْح َُر ّة ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬ ‫ابن خَي ْر ُونَ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو يَعْلَى ب ْ ُ‬
‫ن زَو ِ‬
‫ل ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى‬
‫ل قَا َ‬
‫ج ْه ٍ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ‪ ،‬أَ َ ّ‬
‫ن أَ ب َا َ‬ ‫ْب ع َنْ عَل ِ ٍيّ رَضِيَ َ‬ ‫سفْيَانَ ع َنْ أَ بِي ِإ ْسحَاقَ ع َنْ ن َاجِي َة َ ب ْ ِن َ‬
‫كع ٍ‬ ‫ك ُر َي ٍْب ح َ َ ّدثَنَا مُع َاوِ يَة ُ ب ْ ُ‬
‫ن هِشَا ٍم ع َنْ ُ‬

‫الل ّه ُ تَع َالَى )ف َِإ َ ّنه ُ ْم لا يكذبونك( الآية وَرَو َى غَي ْرُه ُ‪.‬‬
‫ل َ‬ ‫جئ ْتَ بِه ِ‪ ،‬ف َأَ ن ْز َ َ‬ ‫س َل ّم َ‪ِ :‬إ َن ّا ل َا نُكَذِّب ُ َ‬
‫ك و َلـَكِنْ نُكَذِّبُ بِمَا ِ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ك وَم َا أَ ن ْتَ ف ِينَا بِمُك َ َذّ ٍ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل َا نُكَذِّب ُ َ‬
‫ن شر يق‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن الأَ خْن ََس ب ْ َ‬ ‫و َق ِي َ‬
‫__________‬
‫الر ّب ِ ِ‬
‫يع ب ْ ِن خثيم( الربيع بفتح الراء وكسر الموحدة المخففة‪ ،‬وخثيم‬ ‫ن َ‬ ‫)قوله وتحازبت( بالحاء المهملة والزاى‪ ،‬أي صارت أحزابا )قوله وَع َ ِ‬
‫بضم الخاء المعجمة بعدها مثلثة مفتوحة )قوله أبو كريب( بضم الكاف وفتح الراء )قوله عن ناجية( بالنون والجيم المكسورة والمثناة‬
‫ن شر يق( الأخنس بفتح الهمزة وسكون المعجمة‪ ،‬وشر يق بفتح الشين المعجمة‪ ،‬وكسر الراء بعدها‬ ‫التحتية المخففة )قوله ِإ َ ّ‬
‫ن الأَ خْن ََس ب ْ َ‬
‫تحتية ساكنة فقاف )قوله يوم بدر( كان يوم الجمعة )*(‬
‫ل أَ بُو‬
‫ِب؟ فَق َا َ‬
‫تخـْب ِرُنِي ع َنْ مُحَم ّدٍ صَادِقٌ ه ُو َ أَ ْم ك َاذ ٌ‬
‫ْس ه ُنَا غَيْر ِي و َغَي ْرُك َ ي َ ْسم َ ُع ك َلام َنَا‪ُ ،‬‬
‫ل لَهُ‪ :‬ي َا أَ ب َا الْحَكَم ِ لَي َ‬
‫ل يَوْم َ ب َ ْد ٍر فَق َا َ‬
‫ج ْه ٍ‬
‫لَقِ َي أَ ب َا َ‬

‫ل‪ :‬و ََالل ّه ِ ِإ َ ّ‬


‫ن مُحَم ّدًا لَصَادِقٌ وَم َا كَذ َبَ مُحَم ّدٌ ق ُ َّط‪.‬‬ ‫ج ْه ٍ‬
‫َ‬
‫ْش‪ :‬ق َ ْد‬
‫ِث لِق ُر َي ٍ‬
‫ن الْحا َر ِ‬
‫ل النَض ْر ُ ب ْ ُ‬
‫ل م َا قَالَ؟ قَالَ‪ :‬ل َا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل أَ ْن يَق ُو َ‬
‫ِب قَب ْ َ‬
‫كن ْتُم ْ تَتّهِم ُونَه ُ ب ِال ْـكَذ ِ‬
‫سفْيَانَ فَق َالَ‪ :‬ه َلْ ُ‬
‫ل عَن ْه ُ أَ ب َا ُ‬
‫ل ه ِر َق ْ ُ‬
‫وَسَأَ َ‬
‫ك َانَ مُح َم ّدٌ ف ِيك ُ ْم غُلام ًا حَد َث ًا أَ ْرضَاك ُ ْم ف ِيك ُ ْم و َأَ صْ د َقُك ُ ْم حَدِيثًا و َأَ ْعظَمُك ُ ْم أَ م َانَة ً ح ََت ّى ِإذ َا ر َأَ ي ْتُم ْ فِي صدغيه الشيب وجاءكم بِمَا ج َاءَك ُ ْم بِه ِ‬
‫حر ٌ‪ ،‬ل َا و ََالل ّه ِ م َا ه ُو َ بِس َا ِ‬
‫حر ٍ‪.‬‬ ‫قلُ ْتُم ْ سَا ِ‬

‫َت يَدُه ُ يَد َ امْرَأَ ة ٍ ق ُ َّط ل َا يَمْل ِ ُ‬


‫ك ر َِق ّه َا‪.‬‬ ‫و َفِي الْحَدِيثَ عَن ْهُ‪ :‬م َا لَمَس ْ‬
‫ل ِإ ْن‬
‫ك فَم َنْ يَعْدِ ُ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح )و َيْ ح َ َ‬ ‫ل فِي َ‬
‫س لَه ْج َة ً‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ‪ :‬أَ صْ د َقُ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ِيث عَل ِ ٍيّ فِي و َصْ فِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َفِي حَد ِ‬

‫س َل ّم َ فِي أَ مْرَ ي ْ ِن إلا اختار‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خسِرْتُ ِإ ْن ل َ ْم أعْدِلْ ‪ ،‬قَال َ ْ‬
‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ الل ّٰه عنها‪ :‬ما خُيِّر َ رَسُو ُ‬ ‫ل َ ْم أَ عْدِلْ ؟ ِ‬
‫خب ْتُ و َ َ‬
‫أيسرهما ما لم يكن إثما‬
‫__________‬
‫صبيحة تسع عشرة من رمضان سنة اثنتين من الهجرة )قوله هرقل( بكسر الهاء وفتح الراء‪ ،‬في الصحاح هرقل ملك الروم على وزن‬
‫دمشق‪ ،‬و يقال أيضا هرقل‪ ،‬على وزن خندق انتهى‪ ،‬يعنى أن هرقل علم لملك من الروم مخصوص‪ ،‬وهو ال َ ّذ ِي ك َان فِي زمانه عليه‬
‫السلام‪ ،‬وأما لقب من ملك الروم فقيصر )قوله وقال النضر بن الحارث( النضر بالضاد المعجمة قتل كافرا صبرا بالصفراء بعد أن‬
‫انصرف النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من وقعة بدر‪ ،‬ورثته أخته أو ابنته قتيلة على اختلاف القولين بالأبيات التى أولها‪ :‬يا راكبا إن الأثيل‬
‫مظنة * من صبح خامسة وأنت موفق قال الذهبي لم يذكر ابن الأثير شيئا يدل على إسلامها‪ ،‬وفى الاستيعاب قال الزبير‪ :‬وسمعت بَعْض‬
‫أَ ه ْل ال ْعِل ْم يغمز أبياتها‪ ،‬ويذكر أنها مصنوعة )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ح يَوْم ُ الر ّ ِِيح ل ِ َلن ّو ْ ِم و َيَوْم ُ الْغَي ِْم ل ِ َ‬


‫لصّ يْدِ و َيَوْم ُ ال ْمَطَرِ‬ ‫كسْر َى أَ َي ّام َه ُ فَق َا َ‬
‫ل يَصْ ل ُ ُ‬ ‫س ال ْم ُبَر ِّد ُ‪ :‬ق َس ّم َ ِ‬
‫ل أَ بُو الْع ََب ّا ِ‬
‫س مِن ْه ُ )قَا َ‬ ‫ف َِإ ْن ك َانَ ِإثْمًا ك َانَ أَ بْعَد َ َ‬
‫الن ّا ِ‬

‫س لِلْح َو َ ِ ِ‬
‫ائج‪.‬‬ ‫لِل ُش ّر ِ‬
‫ْب و ََالل ّ ْهوِ و َيَوْم ُ ال َ ّ‬
‫ش ْم ِ‬

‫ن الْحيََاة ِ ال ُد ّن ْيَا وهم عن الآخرة هم غافلون( و َلـَك َِنّ نَب َِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫سة ِ دُن ْيَاه ُ ْم )يَعْلَم ُونَ ظَاه ِرًا م ِ َ‬ ‫ن خ َالَو َيْه ِ م َا كان أَ عْرَفَه ُ ْم بِسِيَا َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬‫قَا َ‬
‫صة ٍ عَلَى الْع َا َمّة ِ‬‫س فَك َانَ يَسْت َع ِينُ ب ِالْخا َ َ ّ‬ ‫سه ِ‪ ،‬ث َُم ّ ج َزّأَ جزأه بينه وبين َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫جز َاءٍ‪ :‬جُزْءًا ل َِل ّه ِ وَجُزْءًا لأَ ه ْلِه ِ وجزءا لِن َ ْف ِ‬ ‫س َل ّم َ ج َزّأَ نَهَارَه ُ ثَلاثَة َ أَ ْ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن‪ :‬ك َانَ‬ ‫ن الْحَسَ ِ‬ ‫الل ّه ُ يَوْم َ الْف َز َِع الْأَ كَبرِ( وَع َ ِ‬
‫ل )أَ بْل ِغ ُوا ح َاج َة َ م َنْ ل َا يَسْتَط ِي ُع ِإ ب ْلاغِ ي ف َِإ َن ّه ُ م َنْ أَ بْل َ َغ ح َاج َة َ م َنْ ل َا يَسْتَط ِي ُع ِإ ب ْلَاغَه َا آم َن َه ُ َ‬ ‫و يَق ُو ُ‬
‫ص ّدِقُ‬
‫ْف أَ حَدٍ وَل َا ي ُ َ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ل َا ي َأْ خُذ ُ أَ حَدًا بِقَر ِ‬
‫رَسُو ُ‬

‫ل الْجا َه ِل َِي ّة ِ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم )ما هممت بشئ م َِم ّا ك َانَ أَ ه ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫طبَر ُِيّ ع َنْ عَل ِ ٍيّ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ع َ ِ‬ ‫جعْفَرٍ ال َ ّ‬
‫أَ حَدًا عَلَى أَ حَدٍ‪ ،‬وَذَك َر َ أَ بُو َ‬
‫ٍ‬
‫الل ّه ُ بَيْنِي و َبَيْنَ م َا ُأرِيد ُ م ِنْ ذَلِكَ‪ ،‬ث َُم ّ م َا هَمَمْتُ بِس ُوء ح ََت ّى أَ ك ْرَمَنِي َ‬
‫الل ّه ُ بِرِسَالَتِه ِ‪ ،‬قَل ْتُ لَيْلَة ًل ِغ ُلَا ٍم ك َانَ‬ ‫ل َ‬ ‫ك يَح ُو ُ‬ ‫يَعْم َلُونَ بِه ِ غَيْر َ م َ َّرتَيْنِ ك ُ ُ ّ‬
‫ل ذَل ِ َ‬
‫ل د َا ٍر م ِنْ م َ َك ّة َ سَمِعْتُ‬
‫جئ ْتُ أَ َ ّو َ‬
‫ك ح ََت ّى ِ‬ ‫ل م َ َك ّة َ ف َأَ سْم ُر َ بِهَا كَمَا ي َ ْسم ُر ُ ال َ ّ‬
‫شبَابُ ‪ ،‬فَخَر َجْ تُ لِذَل ِ َ‬ ‫يَرْعَى مَع ِي‪ :‬لَو ْ أب ْصَرْتَ ل ِي غ َنَمِي ح ََت ّى أَ ْدخ ُ َ‬

‫س‬ ‫ع َْزفًا ب ِال ُد ّف ُ ِ‬


‫وف و َالمَزَام ِير ِ ل ِعُر ْ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله كسرى( بكسر الكاف وفتحها لقب لكل من ملك الفرس )قوله بقرف( بفتح القاف وسكون الراء يقال قرفت الرجل أي‬
‫عبته وهو يقرف بكذا‪ :‬أي يرمى به ويتهم )قوله عزفا( بفتح العين المهملة سكون الزاى‪ ،‬أي لعبا بالمعازف‪ ،‬وهى الدفوف وغيرها مما‬
‫يضرب به‪ ،‬وقيل كل لعب عزف‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما وقاره صلى الل ّٰه عليه وسلم وصمته وتؤدته ومروؤته وحسن هديه‬ ‫‪٢.٢.٢٠‬‬

‫ك‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫شي ْئًا‪ ،‬ث َُم ّ ع َرَانِي م َ َّرة ً ُأ ْ‬
‫خر َى مِث ْ ُ‬ ‫جعْتُ و َل َ ْم أق ْ ِ‬
‫ض َ‬ ‫س ف َر َ َ‬ ‫بَعْضِه ِ ْم فَجل ََسْتُ أَ نْظ ُر ُ‪ ،‬ف َضُر ِبَ عَلَى ُأذُنِي فَنِمْتُ فَمَا أَ يْقَظَنِي ِإ َلّا م ُ َّس ال َ ّ‬
‫ش ْم ِ‬
‫ك بِس ُوءٍ(‬
‫ث َُم ّ ل َ ْم أَ ه ُ َ ّم بَعْد َ ذَل ِ َ‬
‫ن هَدْيِه ِ فح َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْج َيَ ّان ِ ُيّ الْحَاف ُِظ ِإج َازَة ً و َعَار َضْ تُ بِكِتَابِه ِ‬
‫س ُ‬
‫ح ْ‬ ‫س َل ّم َ و َ َ‬
‫صم ْت ُه ُ وتؤدته ومروؤته و َ ُ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا و َقَارُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ن‬
‫ن بْ ُ‬ ‫الل ّه ِ الو َرّاقُ حدثنا اللؤلؤي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫س ال َد ّلائ ِ ُيّ أَ خْبَر َن َا أَ بُو ذ َ ٍرّ ال ْه َرَو ُِيّ أَ خْبَر َن َا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫قَالَ‪ :‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْع ََب ّا ِ‬

‫الن ّب ِ ُيّ‬
‫ن ز َيْدٍ يَق ُولُ‪ :‬ك َانَ َ‬
‫ن ب ْ ِن أَ بِي الز ِّن َادِ ع َنْ ع ُم َر َ ب ْ ِن عبد العزيز ابن وهب سَمِعْتُ خ َارِج َة َ ب ْ َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ ع َنْ عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫سَلَا ٍم ح َ َ ّدثَنَا الْ حجَ ّا ُ‬
‫ج بْ ُ‬
‫شي ْئًا م ِنْ أَ طْ رَافِه ِ‪.‬‬
‫ج َ‬
‫يخْرِ ُ‬
‫سه ِ ل َا يَك َاد ُ ُ‬
‫مج ْل ِ ِ‬
‫س فِي َ‬ ‫س َل ّم َ أَ وْق َر َ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫سه ِ صَلَ ّى‬
‫ك ك َانَ أَ كْ ث َر ُ ج ُلُو ِ‬
‫س احْ ت َب َى بيَِد َيْه ِ وَكَذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ ِإذ َا ج َل َ َ‬
‫س فِي ال ْمَجْل ِ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَرَو َى أَ بُو سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدر ُِيّ ‪ :‬ك َانَ رَسُو ُ‬
‫س َل ّم َ ُ‬
‫مح ْتَب ِيًا‪.‬‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫وَع َنْ ج َابِر ِ ب ْ ِن سَم ُرَة َ‪ :‬أَ َن ّه ُ ت َر ََب ّ َع وَر َُب ّمَا ج َل َ َ‬
‫س القُر ْفُصَاء َ و َه ُو َ‬
‫__________‬
‫)قوله ثم عرانى( بفتح العين المهملة وتخفيف الراء‪ ،‬أي‪ :‬غشيني )قوله لم أهم( ‪.‬‬
‫بضم الهاء )قوله هديه( أي سيرته )قوله الدلائى * بكسر الدال المهملة وتخفيف اللام الممدودة وبعدها همزة و ياء مشددة )قوله عبد‬
‫ْب‬
‫الرحمن( بن سلام بتشديد اللام وهو جد عبد الرحمن‪ ،‬نسب إليه والد عبد الرحمن اسمه محمد )قوله ع َنْ ع ُم َر َ ب ْ ِن عَبْدِ الْعَزِيز ِ( ب ْ ِن و ُهَي ٍ‬

‫ن ز َيْدٍ( ابن ثابت أحد الفقهاء السبعة‪ ،‬يروى عن أبيه و َ ُأسَام َة ُ بن ز َيْدٍ‪ ،‬وهذا الحديث‬
‫الأنصاري‪ ،‬هو مولى ز َي ْد بن ث َابت )قوله خ َارِج َة َ ب ْ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫في مراسيل أبى داود )قوله القرفصاء( بضم القاف والفاء‪ ،‬قال ابن قرقول‪ :‬يمد و يقصر و يقال )*(‬
‫ِيث قَيْلَة َ‪.‬‬
‫فِي حَد ِ‬
‫ل وَل َا تَقْصِ ير َ‪،‬‬ ‫ل‪ ،‬وَك َانَ ضَ ح ِك ُه ُ تَب َ ُ ّ‬
‫سم ًا وَك َلَام ُه ُ ف َصْ ل ًا ل َا فَضُو َ‬ ‫ُوت ل َا يَتَك ََل ّم ُ فِي غير حاجة‪ ،‬تعرض عمن نكلم ب ِغَيْر ِ جَم ِي ٍ‬
‫سك ِ‬‫وَك َانَ كَث ِير َ ال ُ ّ‬

‫الت ّب َ ُس ّم َ تَو ْق ِير ًا لَه ُ و َاق ْتِد َاء ً بِه ِ‪.‬‬


‫صحَابِه ِ عِنْدَه ُ َ‬
‫ك أَ ْ‬
‫وَك َانَ ضَ ح ِ ُ‬
‫حلْم ٍ وَحَيَاء ٍ وَخَيْرٍ و َأَ م َانَة ٍ ل َا تُرْف َ ُع ف ِيه ِ الْأَ صْ واتُ وَل َا تُؤ ْب َ ُ‬
‫ن ف ِيه ِ الْحُرُم ُ‪ِ ،‬إذ َا تَك ََل ّم َ أطرق جلساؤه كأنما على رؤسهم ال َ ّ‬
‫طي ْر ُ‪.‬‬ ‫مج ْل ُِس ِ‬
‫مج ْلِس ُه ُ َ‬
‫َ‬
‫مج ْتَمِع ًا يُعْر َُف فِي مِشْيَتِه ِ أَ َن ّه ُ غَي ْر ُ غَر ِ ٍ‬
‫ض‬ ‫ك ُ ّفؤ ًا و َيَمْش ِي هَو ْن ًا ك َأَ َن ّمَا يَنْح ُ َّط م ِنْ صَب ٍَب‪ :‬و َفِي الْحَد ِ‬
‫ِيث الآخَر ِ‪ِ :‬إذ َا م َش َى م َش َى ُ‬ ‫يخْط ُو ت َ َ‬
‫صف َتِه ِ‪َ :‬‬
‫و َفِي ِ‬
‫ي‬
‫ل أَ ْ‬
‫وَل َا وَك ِ ٍ‬
‫__________‬
‫بكسر القاف والفاء‪ ،‬وقال الفراء إذا ضممت مددت وإذا كسرت قصرت وفي الصحاح وهو أن يجلس الرجل على أليتيه و يلصق‬
‫فخذيه ببطنه و يحتبى بيديه يضعهما على ساقيه كما يحتبى بالثوب تكون يداه مكان الثوب‪ ،‬عن أبى عبيد‪ ،‬وقال أبو المهدى هو أن يجلس‬
‫على ركبتيه متكئا و يلصق بطنه بفخذيه ويتأبط كفيه وهى جلسة الأعراب انتهى )قوله قلية( بفتح القاف وسكون المثناة التحية‪ ،‬هي‬
‫بنت محرمة العدو ية وقيل العنبر ية وهو‬
‫الصحيح )قوله وتؤبن( بمثناة فوقية مضمومة وهمزة ساكنة وموحدة مفتوحة مخففة‪ ،‬وفي الصحاح فلان يؤبن بكذا أي يذكر بقبيح‪ ،‬وفى‬
‫ذكر مجلسه صلى الل ّٰه عليه وسلم لا تؤبن فيه الحرم أي لا يذكر بسوء انتهى )قوله كأنما على رؤوسهم الطير( قال الهروي يعنى ليس فيهم‬
‫طيش ولا خفة‪ ،‬لأن الطير لا يكاد يقع إلى على ساكن )قوله يكفى( قال ابن الأثير‪ :‬يتكفى تكفيا أي تمايل إلى قدام هكذا روى غير‬
‫مهموز والأصل الهمز ويرو يه بعضهم مهموزا لأن مصدر يفعل من الصحيح الفعل‪.‬‬
‫كتقدم تقدما والهمز حرف صحيح‪ ،‬فأما إذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه‪ ،‬نحو يحفى تحفيا فإذا خففت الهمزة التحق بالمعتل وصار‬
‫تكفئا انتهى )قوله من صبب( أي منحدر )قوله غرض( بفتح الغين المعجمة وكسر الراء بعدها ضاد معجمة من الغرض بفتحتين وهو‬
‫الضجر والملالة )قوله ولا وكل( بفتح الواو والكاف‪ ،‬أي‪ :‬عاجز يكل أمره إلى غيره‪ ،‬ويتكل عليه‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما زهده في الدنيا‬ ‫‪٢.٢.٢١‬‬

‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫ْي هَدْيُ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َآلِه ِ و َ َ‬ ‫ن ال ْهَد ِ‬
‫ن أَ حْ سَ َ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن مَسْع ُودٍ‪ِ :‬إ َ ّ‬ ‫ل عَبْد ُ َ‬
‫كسْلَانَ و َقَا َ‬
‫غَي ْر ُ ضَ جِرٍ وَل َا َ‬
‫س َل ّم َ تَرْتيِ ٌ‬
‫ل أَ ْو تَرْسِيلٌ‪.‬‬ ‫الل ّه ِ صلى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َآلِه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‪ :‬ك َانَ فِي ك َلَا ِم رَسُو ِ‬ ‫وَع َنْ ج َابِر ِ ب ْ ِن عَبْدِ َ‬
‫س َل ّم َ يُح َ ّدِثُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫َالت ّف َ ُك ّر ِ‪ :‬قَال َ ْ‬
‫ت عَائِش َةُ‪ :‬ك َانَ رَسُو ُ‬ ‫سكُوتُه ُ عَلَى أَ رْب َ ٍع‪ :‬عَلَى الْحِلْم ِ و َالْحَذَرِ و َ‬
‫َالت ّ ْقدِير ِ و َ‬ ‫ن أَ بِي ه َالَةَ‪ :‬ك َانَ ُ‬
‫ل اب ْ ُ‬
‫قَا َ‬

‫ل )حُب ِّبَ‬‫َالر ّائِ ح َة َ الْحَسَن َة َ و َيَسْتَعْمِلُهُم َا كَث ِير ًا و َيَح ُ ُّض عَلَيْهِم َا و َيَق ُو ُ‬
‫ط ِيبَ و َ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب ال ّ‬ ‫س َل ّم َ ُ‬ ‫حَدِيثًا لَو ْ ع َ ّده ُ الْع َا ُدّ أَ حْ صَاه ُ‪ ،‬وَك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫طع َا ِم و َال َش ّر ِ‬
‫َاب‪،‬‬ ‫ْخ فِي ال َ ّ‬‫الن ّف ِ‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم َ نَه ْي ُه ُ ع َ ِ‬ ‫الصّ لَاة ِ‪ ،‬وَم ِنْ م ُرُوءَتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ت ق َُر ّة ُ عَيْنِي فِي َ‬ ‫ط ِيبُ وَجُعِل َ ْ‬ ‫ِإل َيّ م ِنْ دُن ْيَاكُم ُ النِّسَاء ُ و َال ّ‬
‫ل الْفِطْرَة ِ‪.‬‬ ‫خصَا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ِب و َاسْ تِعْم َا ُ‬ ‫ج ِم و َ‬
‫َالر ّو َاج ِ‬ ‫ك و َِإنْق َاء ُ البَر َا ِ‬ ‫سِوَا ِ‬ ‫ل م َِم ّا يلَ ِي‪ ،‬و َالْأَ مْرُ ب ِال ّ‬
‫ك ِ‬
‫و َالْأَ مْرُ ب ِالْأَ ْ‬

‫)فصل( و َأَ َمّا زُهْدُه ُ فِي ال ُد ّن ْيَا فَق َ ْد تَق َ َ ّدم َ م ِ َ‬


‫ن الْأَ خْ بَارِ أَ ث ْنَاء َ هذه‬
‫__________‬
‫)قوله حبب من دنياكم( في بعض النسخ ز يادة ثلاث وهى ليست في الحديث والحديث في النسائي ومستدرك الحاكم وفى الـكشاف بعد‬
‫ما ذكر الحديث بز يادة كلمة ثلاث وطوى ذكر الثلاث قال التفتازانى )يعنى أنا و َق َُر ّة ُ عَيْنِي فِي الصلاة( كلام مبتدا قصد به الإعراض‬
‫عن ذكر الدنيا وما يجب فيها وليست عطفا على الطيب والنساء كما يسبق إلى الفهم لأنها ليست من الدنيا )قوله وإنقاء البراجم( الإنقاء‬
‫بالنون والقاف التنظيف والبراجم بفتح الموحدة وتخفيف الراء بعدها ألف وجيم مكسورة وميم جمع برجمة بضم الموحدة والجيم وهى‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫مفاصل الأصابع التى بين الأشاجع والرواجب‪ ،‬وهى رؤوس السلاميات من ظهر الـكف إذا قبض القابض كفه نشرت وارتفعت‪،‬‬
‫والرواجب‪ :‬بكسر الجيم وبعدها موحدة جمع راجبة وهى مفاصل الأصابع التى تلى الأنامل‪ ،‬ثم تليها الأشاجع اللاتى تلين الـكف‪،‬‬
‫والسلاميات جمع سلامى وهى عظام الأصابع‪.‬‬
‫)*(‬
‫حه َا ِإلَى أَ ْن تُو ُف ِ ّي َ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫َت إلَيْه ِ بِ حَذ َاف ِيرِه َا و َت َر َاد َف َْت عَلَيْه ِ فُت ُو ُ‬ ‫ك م ِنْ تَق َُل ّلِه ِ مِنْهَا و َِإعْرَا ِ‬
‫ضه ِ ع َنْ زَه ْرَتِهَا‪ ،‬و َق َ ْد سِيق ْ‬ ‫حسْب ُ َ‬
‫سِيرَة ِ م َا ي َ ْكفِي‪ ،‬و َ َ‬
‫ال ّ‬

‫ن ال ْع َاص ِي‬ ‫ل مُحَم ّدٍ ق ُوت ًا( * ح َ َ ّدثَنَا ُ‬


‫سفْيَانُ ب ْ ُ‬ ‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م اجْ ع َلْ رِزْقَ آ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ وَدِرْع ُه ُ م َره ُونَة ٌ عِنْد َ يَه ُود ّ ٌ‬
‫ِي فِي نَفَقَة ِ عِيَالِه ِ و َه ُو َ ي َ ْدع ُو و َيَق ُو ُ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ْ‬
‫الر ّاز ُِيّ قَالَ‪ :‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو أَ حْمَد َ‬
‫س َ‬ ‫ي قَالُوا‪ :‬ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ اب ْ ِن ع ُم َر َ قَالَ‪ :‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْع ََب ّا ِ‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫التمِّيمِ ُ ّ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ الْحَاف ُِظ والْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫و َالْحُسَيْنُ ب ْ ُ‬

‫ش ع َنْ ِإ ب ْر َاه ِيم َ‬ ‫شي ْب َة َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُع َاوِ يَة َ ع َ ِ‬


‫ن الأَ عْم َ ِ‬ ‫اج ح َ َ ّدثَنَا أبو بكر ابن أَ بِي َ‬
‫ن الْ حجَ ّ ِ‬ ‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحُسَيْنِ م ُ ْ‬
‫سل ِم ُ ب ْ ُ‬ ‫الْجلُُود ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن ُ‬
‫س َل ّم َ ثَلاثَة َ أَ َي ّا ٍم تبَِاعًا م ِنْ خُبْزٍ ح ََت ّى م َض َى لِسَب ِيلِه ِ‪ ،‬و َفِي‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت‪ :‬م َا شَب ِـ َع رَسُو ُ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا قَال َ ْ‬
‫ن الأَ سْ وَدِ ع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫عَ ِ‬

‫رو َايَة ٍ ُأ ْ‬
‫خر َى م ِنْ‬

‫س َل ّم َ م ِنْ خُبْز ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ِ‬ ‫يخْط ُر ُببَِالٍ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ٍ ُأ ْ‬
‫خر َى‪ :‬م َا شَب ِـ َع آ ُ‬ ‫الل ّه ُ م َا لا َ‬
‫خُبْز ِ شَع ِيرٍ يَوْم َيْنِ م ُت َوَالِيَيْنِ و َلَو ْ شَاء َ لأ ْعطَاه ُ َ‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا‪ :‬م َا ت َرَك َ رَسُو ُ‬
‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ َ‬ ‫الل ّه َ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل‪ ،‬و َقَال َ ْ‬ ‫بُر ٍّ ح ََت ّى لَقَى َ‬
‫__________‬
‫ل مُحَم ّدٍ قوتا(‬
‫)قوله بحذافيرها( حذافير الشئ أعاليه ونواحيه‪ ،‬و يقال أعطاه الدنيا بحذافيرها أي بأسرها جمع حذفار وحذفور )قوله رِزْقَ آ ِ‬
‫القوت بالضم ما يقوت بدن الإنسان من الطعام )قوله أبو معاو ية( ه ُو مُحَم ّد بن خازم بالمعجمة والزاى الحافظ الضرير أحد الأعلام )قوله‬
‫س بن الأسود بن عمرو ابن ربيعة النخعي الـكوفى الفقيه الإمام )قوله تخصر( بكسر الصاد المهملة‪ ،‬أي‬
‫عن ابراهيم( هو ابن يزيد بن قَي ْ ِ‬
‫يحدث‪ ،‬و يجوز ضمها أي تمر )*(‬
‫س َل ّم َ ِإ َلّا‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ِث م َا ت َرَك َ رَسُو ُ‬ ‫س َل ّم َ دِينَار ًا و َلا دِرْهَمًا وَل َا شَاة ً وَل َا بَع ِير ًا‪ ،‬و َفِي حَد ِ‬
‫ِيث عَمْرِو ب ْ ِن الْحا َر ِ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َف ل ِي‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا و َلَق َ ْد م َاتَ وَم َا فِي بيتى شئ ي َأْ كُل ُه ُ ذ ُو كَبِدٍ ِإ َلّا َ‬
‫شطْر َ شَع ِيرٍ فِي ر ّ ٍ‬ ‫ت عَائِش َة ُ رَضِي َ َ‬
‫صد َق َة ً‪ ،‬قَال َ ْ‬
‫جعَلَه َا َ‬
‫سِلَاح َه ُ و َبَغْلَت َه ُ و َأَ ْرضًا َ‬
‫َب أَ جُوع ُ يَوْم ًا و َأَ شْ ب َ ُع يَوْم ًا ف َأَ َمّا ال ْيَوْم َ ال َ ّذ ِي أَ جُوع ُ ف ِيه ِ ف َأَ تَض َ َرّع ُ‬
‫ل ل ِي بَطْح َاء ُ م َ َك ّة َ ذ َه َبًا فَق ُل ْتُ ل َا ي َا ر ِّ‬ ‫ِض عَل َيّ أَ ْن ُ‬
‫يجْع َ َ‬ ‫)إ َن ّي عُر َ‬
‫ل ل ِي ِ‬
‫و َقَا َ‬

‫ك‬
‫الل ّه َ تَع َالَى ي ُ ْقرِئ ُ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل لَهُ‪ِ :‬إ َ ّ‬
‫ل عَلَيْه ِ فَق َا َ‬
‫ل ن َز َ َ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫ن ِ‬ ‫ك و َأَ ْدع ُوك َ و َأَ َمّا ال ْيَوْم َ ال َ ّذ ِي أَ شْ ب َ ُع ف ِيه ِ ف َأَ حْمَدُك َ و َ ُأثْنِي عَلَيْكَ( و َفِي حَد ٍ‬
‫ِيث آخَر َ أَ َ ّ‬ ‫ِإلَي ْ َ‬

‫ن ال ُد ّن ْيَا د َار ُ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫كن ْتَ ؟( ف َأَ طْ ر َقَ سَاع َة ً ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل )ي َا ِ‬ ‫حي ْثُم َا ُ‬
‫ك َ‬
‫ل ذ َه َبًا و َتَكُونَ م َع َ َ‬
‫ل هَذِه ِ الْج ِبَا َ‬ ‫تح ُ ّ‬
‫ِب أَ ْن أَ جْ ع َ َ‬ ‫ك )أَ ُ‬
‫ل لَ َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سلَام َ و َيَق ُو ُ‬

‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬
‫الث ّاب ِِت‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬ ‫الل ّه ُ ي َا مُح َم ّد ُ ب ِالْقَو ْ ِ‬
‫ك َ‬ ‫ل ث َب ّت َ َ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ل لَه ُ ِ‬
‫ل لَه ُ( فَق َا َ‬ ‫ل لَه ُ ق َ ْد يَجْم َعُه َا م َنْ ل َا ع ْق َ‬
‫ل م َنْ ل َا م َا َ‬ ‫م َنْ ل َا د َار َ لَه ُ وَم َا ُ‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ك رَسُو ُ‬
‫ْف هَل َ َ‬
‫ن ب ْ ِن عَو ٍ‬ ‫التمّ ْر ُ و َال ْمَاء‪ ،‬وَع َنْ عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ُ‬
‫ل مُحَم ّدٍ لن َم َْكُثُ شَهْرًا م َا نَسْتَو ْقِد ُ ن َار ًا ِإ ْن ه ُو َ ِإ َلّا َ‬
‫ت‪ِ :‬إ ْن ك َُن ّا آ َ‬ ‫عَنْهَا قَال َ ْ‬
‫س َل ّم َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن ع ََب ّاسٍ‪ :‬ك َانَ رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ل اب ْ ُ‬
‫نح ْوَه ُ قَا َ‬ ‫شع ِير ِ‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ و َأَ بِي ُأم َام َة َ و َاب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س َ‬ ‫ل بَي ْتِه ِ م ِنْ خُبْز ِ ال َ ّ‬
‫و َل َ ْم يَشْب َعْ ه ُو َ و َأَ ه ْ ُ‬
‫__________‬
‫ِيث عَمْرِو بن الحارث( هو ختن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أخو جوير ية بنت الحارث بن أبى ضرار المصطلقى‬ ‫)قوله و َفِي حَد ِ‬
‫الخزاعى‪ ،‬له ولأبيه صحبة )قوله ِإ َلّا َ‬
‫شطْر َ شَع ِيرٍ( قال الترمذي أي شئ من شعير‪ ،‬وقال ابن الأثير قيل نصف مكوك‪ ،‬وقيل نصف‬
‫وسق‪ ،‬و يقال شطر وشطير‪ ،‬مثل نصف ونصيف انتهى‪ ،‬وتمام الحديث فأكلت منه حتى طال على فكلته ففنى وهو متفق عليه )قوله‬
‫في رف( بالراء المفتوحة والفاء‪ ،‬وفى الصحاح الرف شبه الطاق )قوله وأبى أمامة( هو صدى بن عجلان الباهلى )*(‬
‫ل رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم عَلَى‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَالَ‪ :‬م َا أَ ك َ َ‬
‫س رَضِي َ َ‬
‫يجِد ُونَ عَشَاءً‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫يَب ِيتُ ه ُو َ و َأَ ه ْلُه ُ َ‬
‫الل ّيَالِي َ ال ْمُتَتَابِع َة َ طَاوِي ًا ل َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا‪ِ :‬إ َن ّمَا ك َانَ ف ِرَاشُه ُ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق وَل َا ر َأَ ى شَاة ً سَم ِيطًا ق ُ َّط‪ ،‬وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫ن وَل َا فِي سُك ُُر ّجَة ٍ وَل َا خ ُبِز َ لَه ُ م ُرَ َق ّ ٌ‬ ‫خُوَا ٍ‬
‫س َل ّم َ فِي بَي ْتِه ِ م ِ ْ‬
‫سح ًا نَث ْن ِيه ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫اش رَسُو ِ‬
‫ت‪ :‬ك َانَ ف ِر َ ُ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا قَال َ ْ‬
‫ح ْفصَة َ رَضِيَ َ‬
‫يف‪ ،‬وَع َنْ َ‬ ‫حشْوُه ُ ل ِ ٌ‬ ‫ال َ ّذ ِي يَنَام ُ عَلَيْه ِ أَ دَم ًا َ‬
‫الل ّيْلَة َ صَلَاتِي‬ ‫ل ر ُ ُدّوه ُ بِ حَالِه ِ ف َِإ َ ّ‬
‫ن و َطْ أَ تَه ُ م َنَعَتْنِي َ‬ ‫ك لَه ُفَق َا َ‬ ‫ثِن ْتَيْنِ فينام عليه فَثَنَي ْنَاه ُ لَه ُلَيْلَة ًب ِأَ رْب َ ٍع فَلَم ّا أَ صْ ب َ َ‬
‫ح قَالَ‪ :‬ما فرشتموا ل ِي َ‬
‫الل ّيْلَة َفَذَكَر ْن َا ذَل ِ َ‬
‫ل ب ِشَر يطٍ ح ََت ّى يُؤَث ّ ِر َ فِي َ‬
‫جن ْبِه ِ‪.‬‬ ‫وَك َانَ يَنَام ُ أَ حْ يَان ًا عَلَى سَر ِير ٍ م َْزم ُو ٍ‬

‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم شِبَع ًا ق ُ َّط و َل َ ْم يَب َ ُّث َ‬
‫شكْو َى ِإلَى أَ حَدٍ وَك َان َتَ الْف َاق َة ُ‬ ‫ْف َ‬‫جو ُ‬
‫ت‪ :‬لم يمتلى َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا قَال َ ْ‬
‫وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله على خوان( بكسر الخاء المعجمة وضمها قال ابن قرقول و يقال أيضا إخوان وهى المائدة )قوله وَل َا فِي سُك ُُر ّجَة ٍ( قال ابن قرقول‬
‫هي بضم السين والكاف والراء‪ ،‬وقال ابن مكى صوابه بفتح الراء وهى قصاع صغار يؤكل فيها وليست‬
‫بعربية‪ ،‬ومعنى ذلك أن العجم كانت تستعملها في الـكواميخ وما أشبهها من الجوارشات على الموائد حول الأطعمة للتشهي والهضم‪،‬‬
‫س َل ّم لَم يأكل على هذه الصفة قط‪ ،‬وقال الداودى هي قصعة صغيرة مدهونة )قوله شاة سميطا( في‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فأخبر أن َ‬
‫الصحاح سمطت الجدى‪ :‬أسمطه وأسمطه سمطا‪ ،‬إذا نظفته عن الشعر بالماء الحار لتشو يه فهو سميط ومسموط )قوله مسحا( بكسر الميم‬
‫وسكون السين وبالحاء المهملتين أي بلاسا )قوله مزمول بشر يط( في الصحاح يقال زمل سريره وأزمله إذا زمل شر يطا أو غيره فجعله‬
‫ظهرا له‪ ،‬والشر يط حبط يفتل منخوص )قوله شبعا( بكسر الشين المعجمة وفتح الموحدة نقيض الجوع والشبع‪ ،‬بسكون الموحدة اسم‬
‫ما أشبعك من شئ )قوله ولم يبث( بفتح المثناة التحتية وضم الموحدة بعدها مثلثة‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما خوفه ربه وطاعته له وشدة عبادته‬ ‫‪٢.٢.٢٢‬‬

‫ض‬ ‫ل ر ََب ّه ُ جميع كنور الْأَ ْر ِ‬ ‫وع فَلَا يَم ْن َع ُه ُ صِيَام َ يَوْمِه ِ و َلَو ْ شَاء َ سَأَ َ‬ ‫ن الْج ُ ِ‬ ‫ل لَيْلَتِه ِ م ِ َ‬
‫ل جائعا ليلتوى طُو َ‬ ‫ن ال ْغ ِن َى و َِإ ْن ك َانَ لَيَظَ ُ ّ‬
‫َب إليْه ِ م ِ َ‬ ‫أَ ح َ ّ‬
‫ك الْفِد َاء ُ لَو ْ تَب َل ّغْتَ‬‫ل ن َ ْفس ِي ل َ َ‬ ‫ن الْج ُ ِ‬
‫وع و َأَ قُو ُ‬ ‫ح بيَِدِي عَلَى بَطْنِه ِ م َِم ّا بِه ِ م ِ َ‬ ‫كن ْتُ أَ بْكِي لَه ُ رَحْم َة ً م َِم ّا أر َى بِه ِ و َأَ ْمسَ ُ‬
‫و َثِمَارِه َا وَر َغَد َ عَيْشِه َا و َلَق َ ْد ُ‬
‫ضو ْا عَلَى ح َالِه ِ ْم‬ ‫ش ُ ّد م ِنْ هَذ َا فَم َ َ‬
‫ل صَب َر ُوا عَلَى م َا ه ُو َ أَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫ل )ي َا عَائِش َة ُ مالى وَلِل ُد ّن ْيَا؟ ِإخْ وَانِي م ِنْ ُأول ِي الْعَز ْ ِم م ِ َ‬ ‫ك فَيَق ُو ُ‬ ‫ن ال ُد ّن ْيَا بِمَا يَق ُوت ُ َ‬ ‫مِ َ‬
‫جدُنِي أَ سْ ت َحْ يِي ِإ ْن ت َر ََف ّهْتُ فِي م َع ِيشَتِي أَ ْن يُق َ َص ّر َ بِي غَدًا د ُونَه ُ ْم وَم َا من شئ ه ُو َ أَ ح ُ ّ‬
‫َب‬ ‫ل ثَوَابَه ُ ْم ف َأَ ِ‬
‫جز َ َ‬
‫فَقَدِم ُوا عَلَى ر َ ّبِه ِ ْم ف َأَ ك ْرَم َ م َآبَه ُ ْم و َأَ ْ‬

‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫ت فَمَا أَ قَام َ بَعْد ُ ِإ َلّا شَهْرًا ح ََت ّى تُو ُف ِ ّي َ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ال ُ ّلح ُو ِ‬
‫ق ب ِِإخْ وَانِي و َأَ خ َِل ّائِي‪ ،‬قَال َ ْ‬ ‫ِإل َيّ م ِ َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫ن ع ََت ّ ٍ‬
‫اب ق ِرَاءَة ً م ِن ِ ّي عَلَيْه ِ قَا َ‬ ‫ل فيما حدثا أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬ ‫ش َ ّدة ُ عِبَاد َتِه ِ فَعَلى ق َ ْدرِ ع ِل ْمِه ِ ب ِر ََب ّه ُ وَلِذَل ِ َ‬
‫ك قَا َ‬ ‫خو ْف ُه ُ ر ََب ّه ُ و َطاع َت ُه ُ لَه ُو ِ‬
‫)فصل( و َأَ َمّا َ‬

‫ن الْق َاب ِس ِ ُ ّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ز َيْدٍ‬ ‫أَ بُو الْق َاس ِ ِم الطَرَابلُْس ِ ُ ّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ن اب ْ ِن شهاب عن سعيد بن‬
‫ل عَ ِ‬
‫ْث ع َنْ عُقَي ْ ٍ‬ ‫ن َ‬
‫الل ّي ِ‬ ‫كيْرٍ ع َ ِ‬
‫ن إسماعيل حدثنا يحيى ابن ب ُ َ‬ ‫الل ّه ِ الْف َر َبْر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ال ْمَرْوَز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫المسيب‬
‫__________‬
‫س في تاريخ مصر‪ :‬الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفقيه‬ ‫ن يُون ُ َ‬
‫ل أَ بُو سَع ِيدٍ عبد الرحمن بن أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬ ‫)قوله عن الليث( هو ابن سعد‪ ،‬قَا َ‬
‫يكنى أبا الحارث يقال إنه مولى بنى فهم‪ ،‬ثم لآل خالد بن ناشر بن طاعن الفهمى‪ ،‬ثم م ِنْ بَنِي ك ِنَانَة َ بن عمر بن القيس‪ ،‬وكان اسمه في‬
‫ديوان مصر في موالى بنى كنانة من فهم وأهل بيته يقولون‪ :‬نحن من الفرس من أهل أصبهان‪ ،‬قال ابن يونس وليس لما قالوه من ذلك‬
‫ن بكير يقول سعد والد )*(‬
‫يح ْي َى ب ْ َ‬
‫عندنا صحة وأخرج ابن يونس من طر يق عمرو بن أبى الظاهر بن السرح‪ ،‬قال‪ :‬سَمِعْتُ َ‬
‫حكْتُم ْ قَلِيل ًا و َلَبَكَي ْتُم ْ كَث ِير ًا( ‪ ،‬ز َاد َ في‬
‫ض ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم )لو تعلمون ما أَ ع ْلَم ُ ل َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ك َانَ يَق ُو ُ‬ ‫أَ َ ّ‬
‫ن أَ ب َا ه ُر َي ْرَة َ رَضِي َ َ‬
‫روايتنا‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫__________‬
‫الليث كان من موالى قريش‪ ،‬ثم افترض في بنى فهم فنسب إليهم‪ ،‬وقال يعقوب ابن سفيان في تار يخه قال يحيى بن بكير سمعت شعيب‬
‫بن الليث يقول‪ :‬كان الليث يقول لنا قال لى بعض أهلى إنى ولدت سنة اثنين وتسعين‪ ،‬والذى أوقن أنى ولدت سنة أربع وتسعين‪،‬‬
‫وقال أبو صالح كاتب الليث‪ ،‬سمعت الليث يقول‪ :‬مات عمر بن عبد العزيز ولى سبع سنين‪ ،‬وكانت وفاة عمر سنة إحدى ومائة‪ ،‬وقال‬
‫أبو نعيم في الحلية‪ :‬أدرك الليث نيفا وخمسين رجلا من التابعين وأسند أبو نعيم عن محمد بن رمح قال‪ :‬كان دخل الليث في كل سنة‬
‫ثمانين ألف دينار ما أوجب الل ّٰه عليه قط بزكاة ووصل ابن لهيعة لما احترقت داره بألف دينار وحج فأهدى إليه مالك طبقا فيه رطب‬
‫فرد إليه على الطبق ألف دينار وأخرج أبو نعيم عن لؤلؤ خادم الرشيد قال جرى بين هارون الرشيد وبين بنت عمه زبيدة بنت جعفر‬
‫كلام فقال هارون أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة‪ ،‬ثم ندم فجمع الفقهاء فاختلفوا ثم كتب إلى البلدان فاستحضر علماءها إليه‪،‬‬
‫فلما اجتمعوا جلس‬
‫لهم فسألهم فاختلفوا وبقى شيخ لم يتكلم وكان في آخر المجلس‪ ،‬قال فسأله فقال إذا خلا أمير المؤمنين في مجلسه كلمته فصرفهم فقال‪:‬‬
‫يدنينى أمير المؤمنين فأدناه فقال‪ :‬أتكلم على الأمان فقال نعم‪ ،‬فأمر بإحضار مصحف‪ ،‬فأحضره‪ ،‬فقال‪ :‬تصفحه يا أمير المؤمنين حتى‬
‫تصل إلى سورة الرحمن فاقرأها ففعل‪ ،‬فلما انتهى إلى قوله تعالى‪ :‬ولمن خاف مقام ربه جنتان‪ ،‬قال أمسك يا أمير المؤمنين‪ ،‬قل والل ّٰه‪،‬‬
‫قال فاشتد ذلك على هارون‪ ،‬فقال يا أمير المؤمنين الشرط أملك فقال والل ّٰه حتى فرغا من اليمين‪ ،‬قال‪ :‬قل إنى أخاف مقام ربى فقال‬
‫ذلك‪ ،‬فقال يا أمير المؤمنين هي جنتان‪ ،‬وليس بجنة واحدة‪ ،‬قال فسمعت التصفيق والفرح من وراء الستر‪ ،‬فقال له الرشيد‪ :‬أحسنت‬
‫والل ّٰه‪ ،‬وأمر له بالجوائز والخلع وأمر له بإقطاع ولا ينصرف أحد بمصر إلا بأمره وصرفه مكرما‪ ،‬قال خليفة بن حياط ومحمد بن سعد‬
‫والبخاري وغير واحد‪ ،‬مات الليث سنة خمس وسبعين ومائة زاد ابن سعد يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من شعبان )قوله عن عقيل(‬
‫بضم المهملة وفتح القاف‪ :‬ابن خالد الأيلي )*(‬
‫سم َاء ُ وَح ََقّ لَهَا أَ ْن تَئ ِ َ ّط م َا‬
‫ت ال َ ّ‬
‫)إ َن ّي أرى مالا ت َر َ ْونَ و َأَ سْم َ ُع م َا ل َا ت َ ْسم َع ُونَ أَ َطّ ِ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ِ‬
‫ِذي ر َفَع َه ُ ِإلَى أَ بِي ذر رضي َ‬
‫ع َنْ أَ بِي ع ِيس َى التِّرْم ّ ِ‬
‫حكْتُم ْ قَلِيل ًا و َلَبَكَي ْتُم ْ كَث ِير ًا‪ ،‬وَم َا تلَ َذ ّ ْذتُم ْ ب ِالنِّسَاء ِ‬ ‫جدًا ل َِل ّهِ‪ ،‬و ََالل ّه ِ لَو ْ تَعْلَم ُونَ م َا أَ ع ْلَم ُ ل َ َ‬
‫ض ِ‬ ‫ف ِيهَا مَوْضِـ ُع أَ رْب َ ِع أَ صَاب ِـ َع ِإ َلّا وَم َل َكٌ و َاضِـ ٌع َ‬
‫جبْهَت َه ُ سَا ِ‬
‫ل‬
‫ضد ُ‪ ،‬م ِنْ قَو ْ ِ‬ ‫الل ّهِ( لَوَدِدْتُ أَ ن ِ ّي شَ ج َرة ٌ تُعْ َ‬
‫ضد ُ‪ ،‬رُوِيَ هَذ َا الْك َلَام ُ‪ :‬وَدِدْتُ أَ ن ِ ّي شَ ج َرَة ٌ تُعْ َ‬ ‫تج ْأَ ر ُونَ ِإلَى َ‬
‫َات َ‬ ‫عَلَى الْف ُرُشِ‪ ،‬وَلَخَر َجْ تُم ْ ِإلَى ُ‬
‫الصّ عُد ِ‬
‫َت قَدَم َاه ُ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ٍ‪ :‬ك َانَ يُصَل ِّي ح ََت ّى تَرِم َ‬ ‫سه ِ و َه ُو َ أَ صَ ُ ح ّ و َفِي حَدِيث المُغ ِيرَة ِ‪ :‬صلى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫س َل ّم َ ح ََت ّى ان ْتَفَخ ْ‬ ‫أَ بِي ذ َ ٍرّ ن َ ْف ِ‬
‫شكُور ًا‪.‬‬ ‫ك وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫خر َ؟ قَالَ‪ :‬أَ فَلَا أَ كُونُ عَبْدًا َ‬ ‫ك م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬ ‫ل لَهُ‪ :‬أَ تَك ََل ّ ُ‬
‫ف هَذ َا و َق َ ْد غُف ِر َ ل َ َ‬ ‫قَدَم َاه ُ‪ ،‬فَق ِي َ‬
‫نح ْوَه ُ ع َنْ أَ بِي‬
‫وَ َ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسم دِيَم َة ً‪ ،‬و َأَ ُي ّك ُ ْم يُط ِيقُ‪.‬‬
‫ل رَسُو ِ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا‪ :‬ك َانَ ع َم َ ُ‬
‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ َ‬
‫سَلَم َة َ و َأَ بِي ه ُر َي ْرَة َ و َقَال َ ْ‬

‫كن ْتَ ل َا تَش َاء ُ أَ ْن‬ ‫س و َ ُأ ِمّ سَلَم َة َ و َأَ ن َ ٍ‬


‫س و َقَالَ‪ُ :‬‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫نح ْوَه ُ ع َ ِ‬ ‫ل ل َا ي ُ ْفط ِر ُ و َي ُ ْفط ِر ُ ح ََت ّى نَق ُو َ‬
‫ل ل َا يَصُوم ُ * و َ َ‬ ‫ت‪ :‬ك َانَ يَصُوم ُ ح ََت ّى نَق ُو َ‬
‫و َقَال َ ْ‬
‫ل مُصَلِّيًا ِإ َلّا ر َأَ ي ْت َه ُ مصليا‬ ‫ت َر َاه ُ فِي َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله أطت( بهمزة مفتوحة وطاء مهملة مشددة بعدها مثناة فوقية للتأنيث‪ ،‬قال ابن الأثير‪ :‬الأطيط صوت الأقباب‪ ،‬وأطيط الإبل‪:‬‬
‫ن الملائكة قد أثقلها حتى أطت‪ ،‬وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة وإن لم يكن ثم أطيط‪ ،‬وإنما هو‬
‫أصواتها وحنينها‪ ،‬أي م َا ف ِيهَا م ِ َ‬
‫كلامه للتقريب أريد به تعر يف عظمة الل ّٰه انتهى )قوله إلى الصعدات( أي الطرقات‪ ،‬جمع صعد بضمتين جمع صعيد‪ ،‬كطر يق وطرق‬
‫وطرقات‪ ،‬وقيل جمع صعدة كظلمة وهى فناء الباب وممر الناس بين يديه )قوله تجأرون( الجؤار‪ :‬رفع الصوت )قوله أتكلف( أي‬
‫أٺتكلف فحذف إحدى التاءين )قوله وأم سلمة( اسمها هند على الصحيح‪ ،‬وقيل رملة بنت أبى أمية بن حذيفة‪.‬‬
‫)*(‬
‫وَل َا ن َائِمًا ِإ َلّا ر َأَ ي ْت َه ُ ن َائِمًا‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٧٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ح ال ْبَق َرَة َ‪ ،‬فَلَا يَم ُر ّ‬


‫ضأَ ث َُم ّ قَام َ يُصَل ِّي‪ ،‬فَقُمْتُ مَع َه ُ فَبَد َأَ فَاسْ تَفْت َ َ‬
‫س َل ّم َ فَاسْ تَاك َ ث َُم ّ تَو َ َ ّ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫كن ْتُ م َ َع رَسُو ِ‬
‫ن م َال ِكٍ ‪ُ :‬‬
‫ْف ب ْ ُ‬
‫ل عَو ُ‬
‫و َقَا َ‬

‫ُوت‬
‫ُوت و َال ْمَلـَك ِ‬
‫سب ْح َانَ ذِي ا ْلجـَب َر ِ‬
‫ك َع فَمَكَثَ بِق َ ْدرِ ق ِيَامِه ِ يَق ُولُ‪ُ :‬‬ ‫ب ِآيَة ِ رَحْمَة ٍ ِإ َلّا و َق ََف فَسَأَ لَ‪ ،‬وَل َا يَم ُر ّ ب ِآيَة ِ عَذ ٍ‬
‫َاب ِإ َلّا و َق ََف فَت َع َ َو ّذ َ‪ ،‬ث َُم ّ ر َ َ‬
‫ل ذَلِكَ‪.‬‬ ‫ل ِعم ْرانَ‪ ،‬ث َُم ّ سُورَة ً سُورَة ً‪ ،‬ي َ ْفع َ ُ‬
‫ل مِث ْ َ‬ ‫ك ث َُم ّ ق َرأَ َ آ َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫كبْر ِي َاء ِ و َالْعَظَمَة ِ‪ ،‬ث َُم ّ سَ جَد َ و َقَا َ‬
‫ل مِث ْ َ‬ ‫و َال ْـ ِ‬
‫نح ْو ًا مِن ْه ُ و َقَام َ ح ََت ّى ق َرأَ َ ال ْبَق َرَة َ و َآ َ‬
‫ل ِعم ْرَانَ و َالنِّسَاء َ و َال ْمَائِدَة َ * وَع َنْ‬ ‫س بَيْنَ ال َ ّ‬
‫سجْد َتَيْنِ َ‬ ‫وَع َنْ حُذ َيْف َة َ مِثْلُه ُ و َقَالَ‪ :‬سَ جَد َ َ‬
‫نح ْو ًا م ِنْ ق ِيَامِه ِ‪ ،‬وَج َل َ َ‬
‫ن لَيْلَة ً‪.‬‬ ‫س َل ّم َ ب ِآيَة ٍ م ِ َ‬
‫ن الْقُر ْآ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت‪ :‬قَام َ رَسُو ُ‬
‫عَائِش َة َ قَال َ ْ‬
‫الل ّه ِ ب ْ ِن ال ِّ‬
‫شخِّير ِ‪:‬‬ ‫وَع َنْ عَبْدِ َ‬
‫س َل ّم َ و َه ُو َ يُصَل ِّي و َلِ جَو ْفِه ِ أَ زِيز ٌ ك َأَ زِيز ِ الْمِرْج َ ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫أَ تَي ْتُ رَسُو َ‬
‫َت لَه ُ ر َاح َة ٌ‪.‬‬
‫ن د َائِم َ الْفِك ْرَة ِ لَيْس ْ‬
‫حز َا ِ‬
‫ل الْأَ ْ‬ ‫س َل ّم َ م ُت َوَا ِ‬
‫ص َ‬ ‫ن أَ بِي ه َالَةَ‪ :‬كان رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫ل اب ْ ُ‬
‫قَا َ‬
‫ل‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَالَ‪ :‬سَأَ ل ْتُ رَسُو َ‬ ‫الل ّه َ فِي ال ْيَو ْ ِم م ِائَة َ م َ َّرة ٍ( وَرُوِيَ ) َ‬
‫سب ْع ِينَ م َ َّرة ً( * وَع َنْ عَل ِ ٍيّ رَضِيَ َ‬ ‫س َل ّم َ‪ِ :‬‬
‫)إن ِ ّي ل َأَ سْ تَغْف ِر ُ َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َقَا َ‬

‫ب أَ سَاسِي و َال َ ّ‬
‫شو ْقُ مركبي‬ ‫ل دِينِي و َالْح ُ ُ ّ‬ ‫ل أَ صْ ُ‬ ‫س م َال ِي و َالْع َ ْق ُ‬ ‫س َل ّم َ ع َنْ س َُن ّتِه ِ فَق َا َ‬
‫ل )ال ْمَعْرِف َة ُ ر َأْ ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)إ ْن تُع َ ّذِبْه ُ ْم ف َِإ َ ّنه ُ ْم عِبَادُك َ‪ ،‬و َِإ ْن تَغْفِر ْ لَه ُ ْم ف َِإ َن ّ َ‬
‫ك أَ ن ْتَ الْعَزِيز ُ الحكيم( )قوله ابن الشخير( بكسر‬ ‫)قوله بآية من القرآن ليلة( هي قَو ْلِه تَع َالَى ِ‬
‫الشين والخاء المعجمتين‪ ،‬صحابي نزل البصرة )قوله أزيز( بفتح الهمزة وبعدها زاى فمثناة تحتية ساكنة فزاى‪ :‬أي صوت من البكاء‪،‬‬
‫وقيل أن يجيش جوفه فيغلى بالبكاء كغليان المرجل‪ ،‬بكسر الميم وسكون الراء‪ ،‬وهو القدر‪.‬‬
‫وفى الصحاح الأزيز‪ :‬صوت الرعد وغليان القدر )*(‬

‫)فصل(‬ ‫‪٢.٢.٢٣‬‬

‫حرْفَتِي و َال ْيَق ِينُ ق َُو ّتِي‬ ‫َالصّ ب ْر ُ رِد َائِي و َالر ِ ّضَاء غ َن ِيمَتِي و َالْع َجْ ز ُ فَخْرِي و ُ‬
‫َالز ّهْد ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الل ّه ِ أَ نِيس ِي و َالثِّق َة ُ َ‬
‫كنْز ِي و َالحُزْنُ ر َف ِيقِي و َال ْعِلْم ُ سِلَاحِي و َ‬ ‫وَذِك ْر ُ َ‬
‫ل ُأ َمّتِي‪.‬‬
‫ِيث آخَر َ‪ :‬و َثَم َرَة ُ ف ُؤَادِي فِي ذِكْرِه ِ و َغ َم ِّي ل ِأَ جْ ِ‬ ‫سبِي و َالْجِه َاد ُ خ ُلُقِي و َق َُر ّة ُ عَيْنِي فِي َ‬
‫الصّ لَاة ِ( و َفِي حَد ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫شف ِيع ِي و َال َ ّ‬
‫طاع َة ُ َ‬ ‫َالصدْقُ َ‬
‫و ِّ‬
‫شو ْقِي ِإلَى ر َب ِ ّي ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫وَ َ‬
‫َب‬ ‫َف َ‬
‫الن ّس ِ‬ ‫ق حسن ُ‬
‫الصّ ورَة ِ و َشَر ِ‬ ‫الل ّه ِ عليهم م ِنْ كَمَا ِ‬
‫ل الْخَل ْ ِ‬ ‫ل صَلَوَاتُ َ‬
‫س ِ‬ ‫ِيع الْأَ ن ْب ِيَاء ِ و ُ‬
‫َالر ّ ُ‬ ‫َات جَم ِ‬
‫صف ِ‬ ‫الل ّه ُ و َِإ َي ّاك َ أَ َ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫)فصل( اع ْل َ ْم و ََف ّق َنَا َ‬
‫ل و ََالتمّا َم ُ ال ْب َشَرِي و َالْف َضْ ُ‬
‫ل ا ْلجم َِي ُع لهم صلوات اللهم عَلَيْهِم ُ‬ ‫كمَا ُ‬
‫ل و َال ْـ َ‬
‫كمَا ِ‬ ‫الصف َة ُ ل ِأَ َ ّنهَا ِ‬
‫صف َاتُ ال ْـ َ‬ ‫ن هي هَذِه ِ ِّ‬
‫س ِ‬
‫ق وَجَم ِي ُع ال ْم َح َا ِ‬
‫ن الْخُل ُ ِ‬
‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫وَ ُ‬
‫ل ف ََضّ ل ْنَا بَعْضَه ُ ْم على‬
‫س ُ‬ ‫ك ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى )تِل ْ َ‬
‫ل َ‬ ‫ض قَا َ‬
‫الل ّه ُ بَعْضَه ُ ْم عَلَى بَعْ ٍ‬
‫ل َ‬ ‫َات و َلـَكِنْ ف ََضّ َ‬ ‫َف ُ‬
‫الر ّت َِب وَدَرَج َاتُه ُ ْم أَ رْف َ ُع ال َد ّرَج ِ‬ ‫ِإ ْذ ر ُت ْبَتُه ُ ْم أَ شْر ُ‬
‫ل زُم َرَة ٍ ي َ ْدخ ُلُونَ الْج َنَ ّة َ عَلَى صُورَة ِ الْقَمَرِ لَيْلَة َ‬
‫ن أَ َ ّو َ‬
‫ل )و َلَقَدِ اخْتَرْن َاه ُ ْم عَلَى عِلْم ٍ عَلَى الْع َالم َي ِنَ( وقد قال صلى الل ّٰه عليه وسلم ِإ َ ّ‬ ‫بعض( و َقَا َ‬

‫سم َاء ِ و َفِي حَد ِ‬


‫ِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‬ ‫سلَام ُ طُولُه ُ س ُِت ّونَ ذِر َاعًا فِي ال َ ّ‬‫حدٍ عَلَى صُورَة ِ أَ ب ِيه ِ ْم آدَم َ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫ل و َا ِ‬
‫ق رَج ُ ٍ‬
‫خر َ الْحَدِيثَ عَلَى خ َل ْ ِ‬
‫لآ ِ‬‫ال ْب َ ْدرِ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ر َأَ ي ْتُ م ُوس َى ف َِإذ َا‬
‫__________‬
‫ل‬
‫ق رَج ُ ٍ‬
‫)قوله والرضا غنيمتي( في الصحاح رضيت عنه رضى مقصور مصدر محض والاسم الرضاء ممدود عن الأخفش )قوله عَلَى خ َل ْ ِ‬
‫واحد( روى بضم الخاء وفتحها )*(‬
‫س‬ ‫ن ال ْوَجْه ِ أَ حْم َر ُ ك َأَ َن ّمَا خَر َ َ‬
‫ج م ِنْ دِيمَا ٍ‬ ‫خي ْلَا ِ‬
‫ل ر َبْع َة ٌ كَث ِير ُ َ‬ ‫ل أَ ق ْن َى ك َأَ َن ّه ُ م ِنْ رِج َا ِ‬
‫ل شَن ُوءَة َ وَر َأَ ي ْتُ ع ِيس َى ف َِإذ َا ه ُو َ رَج ُ ٌ‬ ‫ْب رَجْ ٌ‬
‫ل ضَر ٌ‬
‫ه ُو َ رَج ُ ٌ‬

‫ن م َا أَ ن ْتَ ر َاء ٍ م ِنْ ُأ ْد ِم‬


‫صفَة ِ م ُوس َى ك َأَ حْ سَ ِ‬
‫ِيث آخَر َ فِي ِ‬
‫ل فِي حَد ٍ‬
‫ل و َأَ ن َا أَ شْ ب َه ُ وَلَد ِ ِإ ب ْر َاه ِيم َ بِه ِ و َقَا َ‬
‫ْف قَا َ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫سي ِ‬ ‫ن مِث ْ ُ‬ ‫و َفِي حديث آخر م ُب َ َ ّ‬
‫ط ٌ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ِيث أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬عنه صلى‬ ‫ن م َا أَ ن ْتَ ر َاء ٍ م ِنْ ُأ ْد ِم الر ِ ّج َا ِ‬
‫ل * و َفِي حَد ِ‬ ‫صفَة ِ م ُوس َى ك َأَ حْ سَ ِ‬
‫ِيث آخَر َ فِي ِ‬
‫ل * و َفِي حَد ٍ‬
‫الر ِ ّج َا ِ‬

‫كثْرَة ٍ وَم َن َعَة ٍ وَح َك َى التِّرْمِذ ُِيّ ع َنْ قَتَادَة َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى م ِنْ بَعْدِ لُوطٍ نَب ًِي ّا ِإ َلّا فِي ذ ُ ْروَة ٍ م ِنْ قَوْمِه ِ و َيُرْو َى فِي ثَرْوَة ٍ أَ ْ‬
‫ي َ‬ ‫س َل ّم َ م َا بَع َثَ َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ْت وَك َانَ نَب ُِي ّك ُ ْم‬ ‫ن َ‬
‫الصّ و ِ‬ ‫حس َ َ‬
‫ن ال ْوَجْه ِ َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى نَب ًِي ّا ِإ َلّا َ‬
‫حس َ َ‬ ‫س م َا بَع َثَ َ‬ ‫وَرَو َاه ُ ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ م ِنْ حَد ِ‬
‫ِيث قَتَادَة َ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله ضرب( بفتح المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة هو الجسم بين جسمين ليس بناحل ولا مطهم‪.‬‬
‫وقال الخليل هو القليل اللحم )قوله رجل( بفتح الراء وسكون الجيم أي منكسر الشعر قليلا ليس بسيطه ولا بجعده )قوله أقنى( بفتح‬
‫الهمزة وسكون القاف القنا بفتح القاف والقصر طول الأنف ودقة أرنبته‪ ،‬و يقال رجل أقنى‬
‫ل شَن ُوءَة َ( في الصحاح أزد شنوءة حى من اليمن والنسب إليهم شنائى قال ابن السكيت وربما قالوا شنوة‬ ‫وامرأة قنواء )قوله م ِنْ رِج َا ِ‬
‫ن ال ْوَجْه ِ(‬
‫خي ْلَا ِ‬
‫بالتشديد غير مهموز )قوله ربعة( بفتح الراء وسكون الموحدة وفتحها قال ابن قرقول هو الرجل بين رجلين )قوله كَث ِير ُ َ‬
‫الخيلان بكسر المعجمة بعدها مثناة تحتية ساكنة الشامات )قوله من ديماس( قال الهروي‪ :‬هو بفتح الدال وكسرها‪ ،‬وجاء في الحديث‬
‫تفسيره بالحمام وقيل هو السرب وقيل الـكن )قوله مبطن( بضم الميم وفتح الموحدة‪ ،‬قال الهروي المبطن الضامر البطن )قوله م ِنْ ُأ ْد ِم‬
‫الر ِ ّج َالِ( بضم الهمزة وسكون الدال المهملة أي سمر الرجال قال ابن الأثير الأدمة في الإبل البياض مع سواد المقلتين‪ ،‬وفى الناس‬
‫السمرة الشديدة واستدل بعضهم على كون موسى اسمر بقوله تعالى‪) :‬وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء( )*(‬
‫ل‬
‫س ُ‬ ‫ك ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫ك ع َنْ نَس َبِه ِ فَذَكَر ْتَ أَ َن ّه ُ ف ِيك ُ ْم ذ ُو نَس ٍ‬
‫َب وَكَذَل ِ َ‬ ‫ل وَسَأَ ل ْت ُ َ‬ ‫س َل ّم َ * و َفِي حَد ِ‬
‫ِيث ه ِرق ْ َ‬ ‫صو ْت ًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫أحصنهم و َجْ ه ًا و َأَ حسَنَه ُ ْم َ‬

‫يح ْي َى خُذِ الْكِتَابَ بِق ُ َو ّة ٍ( ِإلَى قَو ْلِه ِ‬


‫ل تَع َالَى )ي َا َ‬
‫اب( و َقَا َ‬ ‫ل تَع َالَى فِي ُأي ّوبَ ِ‬
‫)إ َن ّا وَجَدْن َاه ُ صَابِر ًا نِعْم َ الْعَبْد ُ ِإ َن ّه ُ أَ َ ّو ٌ‬ ‫َاب قَوْمِهَا و َقَا َ‬
‫تُبْع َثُ فِي أنْس ِ‬
‫ل عمران( الآيتين‬ ‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َآ َ‬
‫الل ّه َ اصْ طَفَى آدَم َ و َنُوح ًا و َآ َ‬
‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫الصّ الِ حـ ِينَ( و َقَا َ‬ ‫الل ّه َ يُبَش ِّرُك َ بِيَح ْي َى ‪ِ -‬إلَى ‪َ -‬‬
‫ن َ‬‫ل )أَ َ ّ‬
‫)و َيَوْم َ يُبْع َثُ ح ًَي ّا( و َقَا َ‬
‫الل ّه ِ آت َانِي َ‬ ‫)إ َن ّه ُ ك َانَ عَبْدًا َ‬ ‫وقال فِي ن ُ ٍ‬
‫)إن ِ ّي عَبْد ُ َ‬
‫ل ِ‬‫ح ‪ِ -‬إلَى ‪ -‬الصالحـين( و َقَا َ‬ ‫ك بِكَل ِمَة ٍ مِن ْه ُ اسْم ُه ُ ال ْمَسِي ُ‬
‫الل ّه َ يُبَش ِّر ُ ِ‬
‫شكُور ًا( وقال )أن َ‬ ‫وح ِ‬
‫س َل ّم َ‪ :‬ك َانَ م ُوس َى‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن آم َن ُوا لا تَكُونُوا ك َال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آذَوْا م ُوس َى( الآيَة َ قَا َ‬ ‫الْكِتَابَ ‪ِ -‬إلَى ‪ -‬مادمت حيا( وقال )يا أيها ال َ ّذ ِي َ‬
‫رَج ُل ًا حَي ًِي ّا سِت ِّير ًا م َا ي ُر َى م ِنْ جسده شئ اسْ ت ِحْ يَاء ً الْحَدِيثَ و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى عَن ْه ُ )ف َو َه َبَ‬
‫ن اسْ ت َأْ جَرْتَ الْقَو ُِيّ الأَ م ِينُ( و َقَا َ‬
‫ل )فَاصْ بِرْ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن خَيْر َ م َ ِ‬ ‫ل ِ‬
‫ل أمين( و َقَا َ‬
‫)إن ِ ّي لـَك ُ ْم رَسُو ٌ‬
‫ف جَمَاعَة ٍ مِنْه ُ ْم ِ‬
‫ل فِي و َصْ ِ‬
‫ل ِي ر َب ِ ّي ح ُكْ مًا( الآيَة و َقَا َ‬

‫َاف ج ََم ّة ٍ م ِ َ‬
‫ن‬ ‫كَمَا صَب َر ُأولُوا العَز ْم من الرسل( و َقَا َ‬
‫ل )وَو َهَب ْنَا لَه ُ إسحق و َيَعْق ُوبَ ك ُلَ ّا هَدَي ْنَا( ِإلَى قَو ْلِه ِ )فَبِهُد َاهُم ُ اق ْتَدِهْ( ف َو َ َ‬
‫صفَه ُ ْم ب ِأَ وَص ٍ‬

‫َالن ّب َُو ّة ِ وقال )فبشرناه بغلام عليم ‪ -‬إلى ‪ -‬وحليم( و َقَا َ‬


‫ل )و َلَق َ ْد فَتَن ّا قَب ْلَه ُ ْم قَوْم َ فِرْعَوْنَ وَج َاءَه ُ ْم‬ ‫الصّ ل َ ِ‬
‫اح وال ْهُد َى و َالاجْ ت ِبَاء ِ و َالْح ُ ْكم ِ و ُ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله في أيوب( كان أيوب عليه السلام ببلاد حوران ققبره مشهور عندهم‪.‬‬
‫)قوله ستيرا( بكسر المهملة وتشديد المثناة الفوقية أي كثير الستر )*(‬
‫)إ َن ّه ُ ك َانَ صَادِقَ ال ْوَعْدِ( الآيَتَيْنِ و َفِي م ُوس َى‬
‫ل ِ‬
‫ل فِي ِإسْمَاعِي َ‬ ‫الصّ ابِر ِينَ( و َقَا َ‬ ‫ن َ‬‫الل ّه ُ م ِ َ‬
‫جدُنِي ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫ل )سَت َ ِ‬ ‫ل كَر ِيم ٌ ‪ِ -‬إلَى ‪ -‬أمين( و َقَا َ‬ ‫رَسُو ٌ‬
‫ل )و َا ْذكُر ْ عِبَاد َن َا ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َِإ ْسحَاقَ و َيَعْق ُوبَ ُأول ِي الأَ يْدِي و َالأَ بْصَارِ ‪ -‬إلى ‪-‬‬
‫اب( و َقَا َ‬ ‫مخ ْلَصً ا( و َفِي سُلَيْم َانَ )نِعْم َ الْعَبْد ُ ِإ َن ّه ُ أَ َ ّو ٌ‬
‫)إ َن ّه ُ ك َانَ ُ‬
‫ِ‬
‫ض‬
‫ُف )اجْ عَلْنِي عَلَى خَز َائ ِ ِن الأَ ْر ِ‬
‫ل ع َنْ يُوس َ‬
‫ل الخطاب( و َقَا َ‬ ‫شدَدْن َا م ُل ْـك َه ُ و َآتَي ْنَاه ُ الْح ِ ْ‬
‫كم َة َ و َف َصْ َ‬ ‫الأخيار( وفى داود )إنه أواب( ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل )و َ َ‬
‫جدُنِي ِإ ْن شَاء َ الل ّٰه من الصحالين( وقال )ما‬ ‫ْب )سَت َ ِ‬ ‫ل تَع َالَى ع َنْ شَعَي ٍ‬
‫الل ّه ُ صَابِر ًا( و َقَا َ‬
‫جدُنِي ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫ِيظ عليم( و َفِي م ُوس َى )سَت َ ِ‬ ‫حف ٌ‬ ‫ِإن ِ ّي َ‬

‫)إ َ ّنه ُ ْم ك َانُوا يُس َارِع ُونَ‬


‫ل ِ‬
‫ل )و َلُوطًا آتَي ْنَاه ُ حكما وعلما( و َقَا َ‬ ‫ح م َا استطعت( و َقَا َ‬ ‫الإصْ لا َ‬ ‫ُأرِيد ُ أَ ْن ُأخ َالِفَك ُ ْم ِإلَى م َا أَ نْهَاك ُ ْم عَن ْه ُ ِإ ْن ُأرِيد ُ ِإلا ِ‬
‫ن أخْلَاقِه ِ ِم ال َد ّال َ ّة ِ عَلَى كَمَالِه ِ ْم وَج َاء َ م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫س ِ‬
‫محَا ِ‬
‫خصَالِه ِ ْم و َ َ‬ ‫سفْيَانُ ه ُو َ الْحُزْنُ ال َد ّائِم ُفِي ٍ‬
‫آي كَث ِيرَة ٍ ذَك َر َ ف ِيهَا م ِنْ ِ‬ ‫ل ُ‬
‫َات( الآية قَا َ‬
‫فِي ا ْلخـَيْر ِ‬

‫ن يَعْق ُوبَ بن اسحق ب ْ ِن ِإ ب ْر َاه ِيم َ‬


‫ُف ب ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ‪ِ :‬إ َن ّمَا الـْكَر ِيم ُ اب ْ ُ‬
‫ن الـْكَر ِي ِم اب ْ ِن الـْكَر ِي ِم اب ْ ِن الـكريم‪ :‬يُوس ُ‬ ‫كقَو ْلِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيث كَث ِير ٌ َ‬
‫فِي الْأَ ح َاد ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫نَبِ ُ ّي اب ْ ُ‬
‫ن نَبِ ِ ّي اب ْ ِن نَبِ ٍ ّي اب ْ ِن نَبِ ٍ ّي‪.‬‬

‫سم َاء َ‬‫ن ال ْمُل ْكِ ل َا يَرْف َ ُع بَصَرَه ُ ِإلَى ال َ ّ‬


‫ي مِ َ‬ ‫ن سُلَيْم َانَ ك َانَ م َ َع م َا ُأ ْعط ِ َ‬ ‫ك الْأَ ن ْب ِيَاء ُ تَنَام ُ أَ عْيُنُه ُ ْم وَل َا تَنَام ُ قُلُو بُه ُ ْم وَرُوِيَ أَ َ ّ‬
‫س وَكَذَل ِ َ‬
‫ِيث أَ ن َ ٍ‬
‫و َفِي حَد ِ‬

‫ن وَك َان َِت‬ ‫مح َ َج ّة ِ َ‬


‫الز ّاهِدِي َ‬ ‫ن َ‬‫ن و َاب ْ َ‬
‫س ال ْع َابِدِي َ‬ ‫شع ِير ِ و َ ُأو ِ‬
‫حي َ ِإلَيْه ِ ي َا ر َأْ َ‬ ‫ل خُبْز َ ال َ ّ‬‫اس لَذ َائِذ َ الْأَ طْ عِمَة ِ و َي َأْ ك ُ ُ‬ ‫ضع ًا ل َِل ّه ِ تَع َالَى وَك َانَ يُطْعِم ُ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫تَخ َ ُ ّ‬
‫شع ًا و َتَوَا ُ‬
‫الْعَجُوز ُ تَعْتَرِضُه ُ و َه ُو َ عَلَى الر ّ ِِيح فِي جُن ُودِه ِ‬
‫َاف أَ ْن أشْ ب َ َع ف َأَ ن ْسَى الْجَائ ِـ َع‬
‫ل أَ خ ُ‬
‫ض قَا َ‬
‫ُف مالك تَج ُوع ُ و َأن ْتَ عَلَى خَز َائ ِ ِن الْأَ ْر ِ‬
‫ل لِي ُوس َ‬
‫جتِهَا و َيَمْض ِي و َق ِي َ‬
‫ِف فَيَنْظ ُر ُ فِي ح َا َ‬
‫فَي َأْ م ُرُ الر ِّيح َ فَتَق ُ‬
‫ل أَ ْن‬ ‫ج فَيَقْر َُأ الْقُر ْآنَ قَب ْ َ‬ ‫خ ّف َِف عَلَى د َاوُد َ الْقُر ْآنُ فَك َانَ ي َأْ م ُرُ بدابته فَتُسْر َ ُ‬ ‫س َل ّم َ‪ُ :‬‬
‫وَرَو َى أبُو ه ُر َي ْرَة َ رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬عنه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫ل ر ََب ّه ُ أَ ْن يَرْز ُق َه ُ ع َمَل ًا‬
‫َات و َق َ ّدِ ْر فِي ال َس ّرْدِ( وَك َانَ سَأَ َ‬
‫ن اعْم َلْ سَابِغ ٍ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى )و َأَ لَن ّا لَه ُ الْحَدِيد َ أَ ِ‬
‫ل َ‬ ‫ل ِإ َلّا م ِنْ ع َم َ ِ‬
‫ل يَدِه ِ قَا َ‬ ‫ج وَل َا ي َأْ ك ُ ُ‬
‫تُسْر َ َ‬

‫الل ّه ِ صِيَام ُ د َاوُد َ وَك َانَ يَنَام ُ‬


‫الصيَا ِم ِإلَى َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَاة ُ د َاوُد َ و َأَ ح ُ ّ‬
‫َب ِّ‬ ‫َب َ‬
‫الصّ لَاة ِ ِإلَى َ‬ ‫س َل ّم َ أَ ح ُ ّ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل و َقَا َ‬
‫ْت ال ْمَا ِ‬
‫بيَِدِه ِ يعنيه ع َنْ بَي ِ‬
‫َالر ّم َادِ‬‫شع ِير ِ ب ِالْمل ِ ِْح و َ‬
‫ل خُبْز َ ال َ ّ‬‫شع َر َ و َي َأْ ك ُ ُ‬ ‫ِش ال َ ّ‬ ‫وف و يَفتَر ُ‬‫الصّ َ‬ ‫سدُسَه ُ و َيَصُوم ُ يَوْم ًا و َي ُ ْفط ِر ُ يَوْم ًا وَك َانَ يلَ ْب َُس ُ‬‫ل و َيَق ُوم ُ ثلُُث َه ُ و َيَنَام ُ ُ‬ ‫ف َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬ ‫ن ِصْ َ‬
‫ل و َل َ ْم ي َز َلْ ب َاك ِياً حَيَاتَه ُ ك َُل ّه َا‬‫سم َاء ِ حَيَاء ً م ِنْ ر َبِّه ِ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬ ‫حك ًا بَعْد َ الخَط ِيئَة ِ وَل َا شَاخِصً ا ببِ َصَرِه ِ ِإلَى ال َ ّ‬ ‫ج شَر َابَه ُ ب ِال ُد ّم ِ‬
‫ُوع و َل َ ْم ي ُر َ ضَا ِ‬ ‫و َيَمْزِ ُ‬
‫الث ّنَاء َ عَلَيْه ِ‬‫سم َ ُع َ‬ ‫ف سِيرَتَه ُ فَي َ ْ‬ ‫ج م ُتَنَك ِّرًا يَتَع ََر ّ ُ‬ ‫يخ ْر ُ ُ‬‫ل ك َانَ َ‬‫َت ال ُد ّم ُوع ُ فِي خده أخددا و َق ِي َ‬ ‫ل بكى حتى نبته ال ْعُشْبُ م ِنْ دُم ُوعِه ِ وَح ََت ّى َاتّ خَذ ِ‬ ‫و َق ِي َ‬
‫سلَام ُ لَوِ َاتّ خَذْتَ حِمَار ًا قَا َ‬
‫ل أَ ن َا أك ْرَم ُ على الل ّٰه تعالى م ِنْ أَ ْن ي َ ْشغَلَنِي بِح ِمَا ٍر وَك َانَ يلَ ْب َُس‬ ‫ل ل ِع ِيس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫ضع ًا‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫فَيَزْد َاد ُ تَوَا ُ‬
‫ْت أَ يْنمََا أَ ْدرَك َه ُ َ‬
‫الن ّوْم ُ ن َام َ وَك َانَ أحب‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شجَر َ و َل َ ْم يَكُنْ لَه ُ بَي ٌ‬ ‫ال َ ّ‬
‫شع َر َ و َي َأْ ك ُ ُ‬
‫__________‬
‫خ ّف َِف عَلَى د َاوُد َ القرآن( أي الزبور لأنه مقروء )قوله أخدودا( هو في الأصل اسم للشق المستطيل في الأرض‪.‬‬ ‫)قوله ُ‬
‫)*(‬

‫)فصل(‬ ‫‪٢.٢.٢٤‬‬

‫ل‬
‫ل و َقَا َ‬ ‫ن ال ْه ُزَا ِ‬
‫ل فِي بَطْنِه ِ م ِ َ‬ ‫خضْرَة ُ ال ْب َ ْق ِ‬‫ن ك َان َْت ت ُر َى ُ‬ ‫سلَام ُ لَم ّا وَرَد َ م َاء َ مَدْي َ َ‬ ‫ن م ُوس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن و َق ِي َ‬ ‫سكِي ٌ‬‫ل لَه ُ م ِ ْ‬
‫الأَ سَامِي ِإلَيْه ِ أَ ْن يُق َا َ‬
‫سلَام ُ‬ ‫ل ع ِيس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫ن الْعَطَاء ِ ِإلَيْك ُ ْم و َقَا َ‬ ‫ل وَك َانَ أَ ح َ ّ‬
‫َب ِإلَيْه ِ ْم م ِ َ‬ ‫س َل ّم َ لَق َ ْد ك َانَ الْأَ ن ْب ِيَاء ُ قَبْل ِي يُب ْتَلَى أحَد ُه ُ ْم ب ِالْف َ ْقرِ و َالْق َ ْم ِ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫يح ْي َى ال ْعُشْبَ وَك َانَ يَبْكِي‬ ‫مجَاهِدٌ ك َانَ َطع َام ُ َ‬ ‫ل ُ‬‫ل أَ ك ْرَه ُ أ ْن أعود لساني المنطبق بِس ُوء ٍ و َقَا َ‬ ‫ك فَق َا َ‬
‫ل لَه ُفِي ذَل ِ َ‬ ‫لِ خـَنْز ِير ٍ لَق ِي َه ُ )اذْه َْب بِس َلَا ٍم( فَق ِي َ‬

‫ن م ُوس َى عَلَيْه ِ‬ ‫طبَر ُِيّ ع َنْ وَه ٍ‬


‫ْب أَ َ ّ‬ ‫اس وَح َك َى ال َ ّ‬ ‫ش لِئ َل ّا يُخَال َِط َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ل م َ َع ال ْو َحْ ِ‬ ‫الل ّه ِ ح ََت ّى َاتّ خَذ َ ال َد ّ ْم ُع َ‬
‫مج ْر ًى فِي خ َ ّدِه ِ وَك َانَ ي َأْ ك ُ ُ‬ ‫خشْيَة ِ َ‬
‫م ِنْ َ‬

‫ضع ًا ل َِل ّه ِ بِمَا أَ ك ْرَم َه ُ َ‬


‫الل ّه ُ بِه ِ م ِنْ‬ ‫ل فِي نُقْرَة ٍ م ِنْ حَ جَرٍ و َيَك ْرَع ُ ف ِيهَا ِإذ َا أَ ر َاد َ أَ ْن يَشْر َبَ كَمَا تَك ْرَع ُ ال َد ّ َاب ّة ُ تَوَا ُ‬
‫ِيش وَك َانَ ي َأْ ك ُ ُ‬ ‫سلَام ُ ك َانَ يَسْتَظ ِ ُ ّ‬
‫ل بِعَر ٍ‬ ‫ال َ ّ‬

‫ل بِهَا‬
‫ل مَعْر ُوف َة ٌ مَشْه ُورَة ٌ فَلَا نُطَوِ ّ ُ‬
‫شم َائ ِ ِ‬ ‫ن ُ‬
‫الصّ وَرِ و َال َ ّ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫ق وَ ُ‬
‫ل الْأَ خْلَا ِ‬
‫ل وَجَم ِي ِ‬
‫كمَا ِ‬
‫صف َاتُه ُ ْم فِي ال ْـ َ‬
‫سط ُورَة ٌ و َ ِ‬
‫ك َلَامِه ِ و َأَ خْ بَار ُه ُ ْم فِي هَذ َا كَلِّه ِ م َ ْ‬
‫ن م َِم ّا يُخَال ُِف هَذ َا‪.‬‬
‫جه َلَة ِ ال ْم ُؤَرِّخِينَ و َال ْمُف َ َس ّر ِي َ‬
‫ض َ‬
‫تج ِ ْده ُ فِي كُت ُِب بَعْ ِ‬
‫ِت ِإلَى م َا َ‬
‫وَل َا تلَ ْتَف ْ‬
‫صح ّتَهَا لَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل الْعَدِيدَة ِ و َأَ ر َي ْنَاك َ ِ َ‬
‫كمَا ِ‬
‫ل ال ْـ َ‬
‫خصَا ِ‬
‫ل ال ْمَجِيدَة ِ و َ ِ‬
‫ق ا ْلحم َِيدَة ِ و َالْفَضَائ ِ ِ‬
‫الل ّه ُ م ِنْ ذِكْر ِ الْأَ خْلَا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫)فصل( ق َ ْد آتَي ْنَاك َ أَ ك ْرَم َ َ‬
‫س ُع فمجال هذا‬ ‫ن الآث َارِ م َا ف ِيه ِ مَقْن َ ٌع و َالْأَ مْرُ أَ ْو َ‬ ‫س َل ّم َ وَج َلَب ْنَا م ِ َ‬
‫وَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله بعريش( هو ما يستظل به )قوله كَمَا تَك ْرَع ُ ال َد ّ َاب ّة ُ( الـكرع الشرب من الماء بالفم من غير أن يشرب بكف أو إناء وقال ابن دريد‬
‫لا يكون الـكرع إلا إذا خاض الماء بقدميه فشرب منه )قوله مقنع( بفتح الميم وسكون القاف وفتح النون في الصحاح المقنع بالفتح‬
‫العدل من الشهود‪ ،‬و يقال فلان شاهد مقنع أي رضى يقنع به )*(‬
‫خر ٌ ل َا تُكَدِّرُه ُ الد ِّلاء ُ و َلَك ِ َن ّا أَ تَي ْنَا ف ِيه ِ ب ِال ْمَعْر ِ‬
‫ُوف‬ ‫خصَائ ِصِ ه ِ ز َا ِ‬ ‫س َل ّم َ مُم ْت َ ّد يَنْقَط ِـ ُع دون نفاده الأدِ َلّاء ِ و َ َ‬
‫بح ْر ُ عِلْم ِ َ‬ ‫ح ّقِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫اب فِي َ‬
‫ال ْب َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل بِذِكْر ِ‬
‫نخْت ِم َ هَذِه ِ الْفُصُو َ‬
‫ض وَر َأَ ي ْنَا أَ ْن َ‬
‫ض م ِنْ فَي ْ ٍ‬
‫ل وَغ َي ٍ‬ ‫ك بِق ُ َ ّ‬
‫ل م ِنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫ن ال ْمُص ََن ّف ِ‬
‫َات واق ْت َصَرْنا فِي ذَل ِ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح و َال ْمَشْه ُورِ م ِ َ‬ ‫م َِم ّا أَ كْ ث َرُه ُ فِي َ‬
‫ِيف عَلَى غَر ِيبِه ِ‬
‫جه ِ جُم ْلَة ً ك َاف ِي َة ً م ِنْ سِيَرِه ِ و َفَضَائِلِه ِ و َنَصِ لُه ُبتَن ِبيه ٍ لَط ٍ‬
‫ن اب ْ ِن أَ بِي ه َالَة َ ِلجم َ ْعِه ِ م ِنْ شَمَائِلِه ِ و َأَ ْوصَافِه ِ كَث ِير ًا و َِإ ْدم َا ِ‬
‫ن عَ ِ‬
‫ِيث الْحَسَ ِ‬
‫حَد ِ‬

‫ل ح َ َ ّدثَنَا ِ‬
‫الإم َام ُ أَ بُو الْق َاس ِ ِم عَبْد ُ‬ ‫شكِلِه ِ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحُسَيْنُ ب ْ ُ‬
‫ن مُحَم ّدٍ الْحَاف ُِظ رَحِم َه ُ الل ّٰه بقراءتي عليه سنة ثمان وخمسمائة قَا َ‬ ‫وَم ُ ْ‬

‫الل ّه ِ‬
‫خ الْفَق ِيه ُ أَ بُو عَبْدِ َ‬ ‫الن ّيْسَابُور ُِيّ و َال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن الْحَسَ ِ‬
‫ن عَبْدِ َ‬ ‫التمِّيمِ ُ ّ‬
‫ي ف ِيم َا ق َرأْ َ تُ عَلَيْه ِ أَ خْبَر َكُم ُ الْفَق ِيه ُ الْأَ دِيبُ أَ بُو بَكْر ٍ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن طَاهِرٍ َ‬ ‫َ‬
‫جعْفَرٍ ال ْو َخْ ش ِ ُ ّ‬
‫ي قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم على ابن أَ حْمَد َ ب ْ ِن مُحَم ّدِ ب ْ ِن‬ ‫ن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن َ‬ ‫ن ال ْم ُح َمّد ُِيّ و َالْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحَسَ ُ‬
‫ن بْ ُ‬ ‫ن أَ حْمَد َ ب ْ ِن الْحَسَ ِ‬
‫مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬

‫ن الْخُزَاعِ ُيّ أَ خْبَر َن َا أَ بُو سَع ِيدٍ الهيثم بن كليب الشاشى‬


‫الْحَسَ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله نفاده الأدلاء( النفاد بالنون المفتوحة والفاء والدال المهملة‪ ،‬يقال نفد الشئ بالـكسر نفادا فنى والأدلاء بكسر الدال المهملة‬
‫وتشديد اللام جمع أدلة وهى جمع دليل )قوله قل( بضم القاف وتشديد اللام‪ ،‬في الصحاح القل والمقلة مثل الذل والذلة‪ ،‬وفى الحديث‬
‫ض م ِنْ فَيْضٍ( الغيض بالغين والضاد المعجمتين‪ ،‬والفيض بالفاء والضاد المعجمة في الصحاح‪،‬‬
‫الربا وإن كثر فهو إلى قل )قوله وَغ َي ٍ‬
‫و يقال غاض الـكرام‪ ،‬أي قلوا وفاض اللئام أي كثروا‪ ،‬وقولهم أعطاه غيضا من فيض أي قليلا من كثير )قوله الوخشى( بواو مفتوحة‬
‫وخاء ساكنة وشين معجمتين )قوله الشاشى( بمعجمتين )*(‬
‫ن وَك ٍ‬
‫ِيع‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫سفْيانُ ب ْ ُ‬ ‫سوْرَة َ الْحَاف ُِظ قَا َ‬
‫ن ع ِيس َى ب ْ ِن َ‬
‫أَ خْبَر َن َا أَ بُو ع ِيس َى مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ْج خَدِيج َة َ ُأ ِمّ ال ْمُؤْم ِنِينَ‬
‫يم م ِنْ وَلَد ِ أَ بِي ه َالَة َ زَو ِ‬
‫ل م ِنْ بَنِي تَم ِ ٍ‬ ‫ن ال ْعِجْل ِ ُيّ ِإمْلَاء ً م ِنْ ك ِتَابِه ِ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنِي رَج ُ ٌ‬ ‫ن ع ُم َر َ ب ْ ِن عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا جُمَي ْ ُع ب ْ ُ‬

‫ن أَ بِي‬
‫ل سَأَ ل ْتُ خ َال ِي هِنْد َ ب ْ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَا َ‬
‫ن الحسن بن علي اب ْ ِن أَ بِي طَال ٍِب رَضِيَ َ‬ ‫الل ّه ِ ع َ ِ‬
‫ن اب ْ ٍن لأَ بِي ه َالَة َ ع َ ِ‬ ‫الل ّه ُ عَنْهَا يُك ََن ّى أَ ب َا عَبْدِ َ‬
‫رَضِيَ َ‬
‫ل و َأَ ج َاز َ لَنَا‬ ‫شي ِْخ أَ بِي طَاهِرٍ أحمد بن الحسن ابن أحمد بن خذادادا الـْكَر ْ ِ‬
‫ج ِيّ ال ْبَاق َِل ّان ِ ِيّ قَا َ‬ ‫الل ّه ُ و َق َرأْ َ تُ عَلَى ال َ ّ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ رَحِم َه ُ َ‬
‫ه َالَة َ قَا َ‬

‫ن ابن مُحَم ّدِ ب ْ ِن شَاذ َانَ ب ْ ِن‬


‫ن أحمد بن إ ب ْر َاه ِيم َ ب ْ ِن الْحَسَ ِ‬ ‫ل أحمد بن الحسن ابن خَي ْر ُونَ قَال َا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحَسَ ُ‬
‫ن بْ ُ‬ ‫خ الْأَ ج َ ُ ّ‬
‫ل أَ بُو الف َضْ ِ‬ ‫ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬

‫الل ّه ِ ب ْ ِن الْحُسَيْنِ‬
‫جعْفَرِ ب ْ ِن عَبْدِ َ‬
‫ن ب ْ ِن َ‬
‫يح ْي َى ب ْ ِن الْحَسَ ِ‬
‫ن مُحَم ّدِ ب ْ ِن َ‬
‫ن بْ ُ‬
‫ل أَ خْبَر َن َا أَ بُو مُحَم ّدٍ الْحَسَ ُ‬ ‫ْب ب ْ ِن مِه ْرَانَ الْف َارِس ِ ُ ّ‬
‫ي ق ِرَاءَة ً عَلَيْه ِ ف َأَ ق ََر ّ بِه ِ قَا َ‬ ‫حَر ِ‬

‫ُوف ب ِاب ْ ِن أَ خِي طَاهِرٍ الْع َلَو ُِيّ قَا َ‬


‫ل حدثنا‬ ‫ب ْ ِن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن الْحُسَيْنِ ب ْ ِن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن أَ بِي طَال ٍِب ال ْمَعْر ُ‬
‫__________‬
‫)قوله جميع( بضم الجيم وفتح الميم وسكون المثناة التحتية بعدها عين مهملة )قوله خذاداد( الـكرجى خذاداد بخاء فذال معجمتين فألف‬
‫فمهملتين بينهما ألف أو معجمتين بينهما ألف ومعناه بالفارسية عطاء الل ّٰه والـكرجي بالكاف المتفوحة والجيم كذا ضبط في النسخ المعتبرة‬
‫ْظ لِهَذ َا ال َ ّ‬
‫سنَدِ( بالنون أي الإسناد )قوله فخما مفخما(‬ ‫)قوله ابن شاذان( بشين وذال معجمتين )قوله ابن مهران( بكسر الميم )قوله و ََالل ّف ُ‬
‫الفخم بفتح الفاء وسكون الخاء المعجمة العظيم والمفخم بضم الميم وفتح الفاء والخاء المعجمة وتشديدها المعظم )قوله المشذب( بميم‬
‫مضمومة وشين وذال مفتوحتين معجمتين وباء موحدة )*(‬
‫ل ح َ َ ّدثَنِي عَل ِ ُيّ بن جعفر بن محمد بن علي بن‬ ‫جعْفَرِ ب ْ ِن مُحَم ّدِ ب ْ ِن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن الْحُسَيْنِ ب ْ ِن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن أَ بِي طَال ٍِب قَا َ‬ ‫ن مُحَم ّدِ ب ْ ِن ِإ ْسحَاقَ ب ْ ِن َ‬
‫ل بْ ُ‬
‫ِإسْمَاعِي ُ‬
‫الحسين‬
‫ْظ لِهَذ َا ال َ ّ‬
‫سنَدِ سَأَ ل ْتُ‬ ‫ن عَل ِ ٍيّ و ََالل ّف ُ‬
‫ن بْ ُ‬
‫ل الْحَسَ ُ‬ ‫جعْفَرِ ب ْ ِن مُح َم ّدٍ ع َنْ أَ بيِه ِ مُح َم ّدِ ب ْ ِن عَل ِ ٍيّ ع َنْ عَل ِ ِيّ ب ْ ِن الْحُسَيْنِ قَا َ‬
‫ل قَا َ‬ ‫جعْفَرٍ ع َنْ َ‬ ‫عن أخيه م ُوس َى ب ْ ِن َ‬

‫ل ك َانَ‬ ‫شي ْئًا أَ تَع ََل ّ ُ‬


‫ق بِه ِ قَا َ‬ ‫ف ل ِي مِنْهَا َ‬‫صافًا و َأَ ن َا أَ ْرجُو أَ ْن يَصِ َ‬ ‫س َل ّم َ وَك َانَ و َ َ ّ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أَ بِي ه َالَة َ ع َنْ حِل ْيَة ِ رَسُو ِ‬ ‫خ َال ِي هِنْد َ ب ْ َ‬
‫ن ال ْمَر ْب ُ ِ‬
‫ب عَظ ِيم َ ال ْهَامَة ِ‬ ‫ن ال ْمُشَ َ ّذ ِ‬ ‫وع وأنصر م ِ َ‬ ‫لأل ُأ وجهه تلألء الْقَمَرِ لَيْلَة َ ال ْب َ ْدرِ أَ طْ و َ َ‬
‫ل مِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم فَخْم ًا مُف ََخّ م ًا يَت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ُ‬

‫ن و َاسِـ َع الْجبَِينِ أَ ز ََجّ الْحَوَاج ِ‬


‫ِب سَوَاب ِـ َغ‬ ‫شعْرُه ُ شَ حْم َة َ ُأذْنَيْه ِ إذا هو وفره أَ زْه َر َ َ‬
‫الل ّو ْ ِ‬ ‫ن انْف َر َق َْت عَق ِيق َت ُه ُ ف َر َقَ و َِإ َلّا فَلا يحاوز َ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شعَرِ ِإ ِ‬ ‫ج َ‬
‫رَ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫م ك َّ‬
‫َث ال ّلِح ْيَة ِ أَ ْد َع ج َ س َ ْه َ‬
‫ل الْخ َ ّدي ْ ِن ضَلِي َع الفم‬ ‫ن بَيْنَهُم َا ع ِْرقٌ يُدِ ُرّه ُ الْغَضَبُ أَ ق ْن َى ال ْعِر ْنَينِ لَه ُ نُور ٌ يَعْلُوه ُ و َ َ‬
‫يحْسَب ُه ُ م َنْ ل َ ْم يَت َأَ َمّل ْه ُ أَ ش َ َ ّ‬ ‫م ِنْ غَيْر ِ ق َر َ ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله وفر( قال المزى المعروف وفره بز يادة هاء مع تشديد الفاء‪ ،‬وفى الصحاح الوفرة الشعر إلى شحمة الأذن )قوله أزهر اللون( أخرج‬
‫الل ّه عَنْهَا َأن ّه صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم كان أبيض اللون وأخرج أيضا عن علي رضي الل ّٰه عنه أنه كان أبيض مشربا‬
‫أَ بُو ح َاتِم ع َن عَائِش َة رضي َ‬
‫بحمرة وفي حديث أنس رضي الل ّٰه عنه أنه عليه السلام كان أسمر قال المحب الطبري ويرد هذا الأخير ما فِي َ‬
‫الصّ حِيح من حديث أنس‬
‫أنه عليه السلام لم يكن بالأبيض ولا بالآدم )قوله ضليع الفم( الضليع بفتح الضاد الممعجمة وكسر )*(‬
‫ن والصدر مشيخ‬ ‫سك ًا سَوَاء َ ال ْب َ ْط ِ‬ ‫ق ب َادِن ًا م ُتَم َا ِ‬
‫ل الْخَل ْ ِ‬‫صف َاء ِ الْف َِضّ ة ِ مُعْتَدِ َ‬ ‫ق ال ْمَسْر ُبَة ِ ك َأَ نَ ع ُنُق َه ُ جِيد ُ دُمْيَة ٍ فِي َ‬ ‫ن د َق ِي َ‬
‫ج الْأَ سْ نَا ِ‬ ‫أَ شْ ن َبَ مُف ََل ّ َ‬

‫ك‬ ‫ط عَارِيَ َ‬
‫الث ّدْيَيْنِ م َا سِو َى ذَل ِ َ‬ ‫يجْرِي ك َالْخ َ ّ ِ‬ ‫الل ّ َب ّة ِ و َال ُس ّ َرّة ِ بِش َعَرٍ َ‬
‫ل م َا بَيْنَ َ‬
‫ِيس أَ ن ْوَر َ ال ْمُتَج ََر ّدِ مَوْصُو َ‬ ‫َ‬
‫الصّ ْدرِ بَع ِيد َ م َا بَيْنَ ال ْمَنْكِبَيْنِ ضَ خْم َ الـْك َرَاد ِ‬
‫الز ّنْدَي ْ ِن ر َحْ بَ َ‬
‫الر ّاحَة ِ‬ ‫ل َ‬ ‫أشْ ع َر َ الذِّر َاعَيْنِ و َال ْمَنْكِبَيْنِ و َأَ عَال ِي َ‬
‫الصّ ْدرِ َطوِ ي َ‬
‫ح الْقَدَم َيْنِ يَن ْب ُو‬
‫َب خُمْصَانَ الْأَ خْمَصَيْنِ مَسِي َ‬
‫سب َْط ال ْعَص ِ‬
‫اف َ‬
‫راف وَسَائ ِر َ الْأَ طْ ر َ ِ‬
‫ن الْأَ طْ ِ‬
‫ل سَائ ِ َ‬
‫اف أَ ْو قَا َ‬ ‫ك َ ّفيْنِ والْقَدَم َيْنِ سَائ ِ َ‬
‫ل الْأَ طْ ر َ ِ‬ ‫شَثْنَ الـ َ‬
‫__________‬
‫اللام بعدها مثناة تحتية وعين مهملة )قوله المسربة( بفتح الميم وسكون السين المهملة )قوله جيد دمية( الجيد بكسر الجيم وسكون المثناة‬
‫التحتية بعدها دال مهملة العنق والدمية بضم الدال المهملة وسكون الميم بعدها مثناة تحتية الصورة من العاج )قوله مشيح( بضم الميم‬
‫وكسر الشين المعجمة بعدها مثناة تحتية فحاء مهملة )قوله اللبه( بفتح اللام وتشديد الموحدة أي المنحر‪.‬‬
‫والجمع اللبات وكذلك اللبب وهو موضع القلادة من الصدر من كل شئ )قوله الزندين( بفتح الزاى )قوله شئن( بفتح الشين المعجمة‬
‫وسكون المثلثة‪ ،‬قال ابن الأثير شئن الـكفين والقدمين أي يميلان إلى الغلظ والقصر‪ ،‬وقيل هو الذى في أنامله غلط بلا قصر ويحمد‬
‫ذلك في الرجال )قوله سبط العصب( بالعين والصاد المهملتين‪ ،‬كذا في الأصول‪ ،‬قال ابن القطاع الجسم سبط بسكون الباء والشعر‬
‫سبط بكسرها وللفاراني معناه وفى الصحاح العصب والأعصاب أطناب المفاصل وقال ابن الأثير في صفته عليه السلام سبط العصب‬
‫والسبط بسكون الباء وكسرها المتد الذى ليس فيه تعقد ولا نتو‪ ،‬والعصب يريد بها ساعديه وساقيه‪ ،‬وقال الهروي في قصب بالقاف‬
‫والصاد المهملة والباء الموحدة‪ ،‬وفى صفته عليه السلام سبط القصب‪ ،‬قال وكل عظم عريض لوح وكل أجوف فيه مخ قصب وجمعها‬
‫قضب انتهى )قوله خمصان( بضم الخاء المعجمة )قوله مسيح بفتح( )*(‬
‫ك ُ ّفؤ ًا و َيَمْش ِي هَو ْن ًا ذَرِ ي َع الْمِشْيَة ِ ِإذ َا م َش َى ك َأَ َن ّمَا يَنْح ُ َّط م ِنْ صَب ٍَب و َِإذ َا ال ْتَف َتَ ال ْتَف َتَ جَم ِيع ًا خ َاف َ‬
‫ِض‬ ‫ل تَق َُل ّع ًا و َ َ‬
‫يخْط ُو ت َ َ‬ ‫ل ز َا َ‬
‫عَنْهُم َا ال ْمَاء ُ ِإذ َا ز َا َ‬

‫ِف ل ِي مَنْطِق َه ُ‬ ‫صحَابَه ُ و َيَبْد َ ُأ م َنْ لَق ِي َه ُ ب ِال َ ّ‬


‫سلَا ِم قلُ ْتُ ص ْ‬ ‫حظَة ُ يَس ُوقُ أَ ْ‬ ‫سم َاء ِ ج ُ ُ ّ‬
‫ل نَظَرِه ِ المُلَا َ‬ ‫ل م ِنْ نَظَرِه ِ ِإلَى ال َ ّ‬
‫ض أَ طْ و َ ُ‬
‫ْف نظره إلى الأَ ْر ِ‬ ‫ال َ ّ‬
‫طر ِ‬
‫ن د َائِم َ الْفِك ْرَة ِ‬
‫حز َا ِ‬
‫ل الْأَ ْ‬ ‫س َل ّم َ م ُت َوَا ِ‬
‫ص َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ك َانَ رَسُو ُ‬
‫قَا َ‬
‫ل ف ِيه ِ وَل َا‬ ‫ح الكلام و يختمه بأشداقه و َيَتَك ََل ّم ُ بِ ج َوَام ِ‬
‫ِـع الْكَل ِ ِم فضلا ل َا فُضُو َ‬ ‫ُوت يَفْتَت ِ ُ‬
‫سك ِ‬‫ل ال ُ ّ‬
‫َت لَه ُ ر َاح َة ٌ وَل َا يَتَك ََل ّم ُ فِي غَيْر ِ ح َاجَة ٍ َطوِ ي َ‬
‫لَيْس ْ‬

‫ت لا يذم شئيا ل َ ْم يَكُنْ يَذ ُ ُمّ ذَو َاقًا وَل َا يَمْدَح ُه ُ وَل َا يُق َام ُ لِغَضَبِه ِ إذا تعرض‬
‫ْس بالجنا في ولا المهين يعضم النِّعْم َة َ و َِإ ْن د ََق ّ ْ‬
‫تَقْصِ ير َ دَم ِثًا لَي َ‬
‫__________‬
‫صف َتِه ِ‬
‫ن أَ بِي هالة في ِ‬
‫الميم وكسر السين المهملة بعدها مثناة تحتية وحاء مهملة )قوله متواصل الأحزان( قال ابن قيم الجوز ية حديث هِنْد َ ب ْ َ‬
‫سلَام ُ أنه كان متواصل الأحزان لا يثبت وفي أسناد من لا يعرف وكيف يكون متواصل الأحزان‪ ،‬وقد صانه الل ّٰه تعالى عن‬ ‫عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫الحزن في الدنيا وأسبابها ونهاه عن الحزن على الـكفار وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فمن أين يأتيه الحزن بل كان عليه السلام دائم‬
‫البشر ضحوك السن استعاذ من الهم والحزن‪.‬‬
‫والفرق بينهما أن المكروه الذى يرد على القلب إن كان لما يستقبل فهوا لهم‪ ،‬وإن كان لما مضى فهو الحزن‪ :‬وقال أبو العباس بن تيمية‬
‫ن أَ بِي هالة الألم على فوت مطلوب أو حصول مكره‪ ،‬فإن ذلك منهى عنه‪ ،‬ولم يكن من حاله وإنما‬
‫ليس المراد بالحزن‪ ،‬في حديث هِنْد َ ب ْ َ‬
‫المراد به الاهتمام والتيقظ‪ ،‬ولما يستقبله من الأمور )قوله فصلا( بفتح الفاء وسكون الصاد المهملة )قوله دمثا( بفتح الدال المهملة‬
‫وكسر الميم وبالمثلثة من الدماثة وهى سهولة الخلق )قوله ولا المهين( بفتح الميم وضمها قال ابن الأثير‪ ،‬فالضم من الإهانة‪ ،‬أي لا يهين‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫أحدا من الناس والفتح من )*(‬


‫ل بِهَا ف َضَر َبَ‬ ‫ك ّفِه ِ ك ُلِّه َا و َِإذ َا تَع ََجّ بَ قَل ّبَهَا و َِإذ َا تَح َ ّدثَ َات ّ َ‬
‫ص َ‬ ‫للحق بشئ ح ََت ّى يَن ْتَصِر َ لَه ُ و َلا يَغْضَبُ لِن َ ْف ِ‬
‫سه ِ وَل َا يَن ْتَصِر ُ لَهَا ِإذ َا أَ شَار َ أَ شَار َ ب ِ َ‬

‫ل‬
‫َب الْغَم َا ِم قَا َ‬ ‫الت ّب َ ُس ّم ُ و َيَفْت َُر ّ ع َنْ مِث ْ ِ‬
‫ل ح ِّ‬ ‫ح غ َ َّض َطر ْف َه ُ ج ُ ُ ّ‬
‫ل ضَ حِكِه ِ َ‬ ‫ح و َِإذ َا فَرِ َ‬ ‫ض و َأَ شَا َ‬ ‫ب ِإ بْهَامِه ِ الْيم ُ ْن َى ر َاحَت َه ُ ال ْيُسْر َى و َِإذ َا غ َضِ بَ أَ عْرَ َ‬
‫ن الْحُسَيْنِ ب ْ ِن عَل ِ ٍيّ زَم َان ًا ث َُم ّ ح َ َ ّدث ْت ُه ُ ف َوَجَدْتُه ُ ق َ ْد سَبَقَنِي‬
‫ن فَكَت َ ْمتُهَا ع َ ِ‬
‫الْحَسَ ُ‬

‫ل‬
‫ل الْحُسَيْنُ سَأَ ل ْتُ أَ بِي ع َنْ دُخُو ِ‬
‫شي ْئًا قَا َ‬
‫شكْلِه ِ فَل َ ْم يَد َ ْع مِن ْه ُ َ‬
‫سه ِ و َ َ‬
‫مج ْل ِ ِ‬
‫جه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ و َ َ‬
‫مخ ْر َ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ِ‬
‫ل أَ ب َاه ُ ع َنْ م َ ْدخ َ ِ‬
‫ِإلَيْه ِ فَسَأَ َ‬
‫جز َاء ٍ جزءا لل ّٰه‬
‫ك فَك َانَ ِإذ َا أَ و َى ِإلَى مَنْزِله ِ ج َزّأَ دُخُولَه ُ ثَلَاثَة َ أَ ْ‬
‫سه ِ م َأْ ذ ُون ًا لَه ُ فِي ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬
‫ل ك َانَ دُخُولُه ُ لِن َ ْف ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ِ‬
‫شي ْئًا فَك َانَ م ِنْ سِيرَتِه ِ فِي جُزْء ِ‬ ‫صة ِ وَل َا ي َ ّد ِ‬
‫خر ُ عَنْه ُ ْم َ‬ ‫س فَي َر ُ ُدّ ذَل ِ َ‬
‫ك عَلَى ال ْع َا َمّة ِ ب ِالْخا َ َ ّ‬ ‫وجزئا لأهله وجزءا لنفسه ث َُم ّ ج َزّأَ جُزْأَ ه ُ بينه و َبَيْنَ َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫ل بِه ِ ْم‬ ‫سم َت ُه ُ عَلَى ق َ ْدرِ ف َضْ لِه ِ ْم فِي الد ِّي ِن مِنْه ُ ْم ذ ُو الْحا َجَة ِ وَمِنْه ُ ْم ذ ُو الْحا َجَتَيْنِ وَمِنْه ُ ْم ذ ُو الْحَو َ ِ ِ‬
‫ائج فَيَتَشَاغ َ ُ‬ ‫ل ب ِِإذْنِه ِ و َق ِ ْ‬ ‫ال ُأ َمّة ِ ِإ يثَار ُ أَ ه ْ ِ‬
‫ل الْف َضْ ِ‬
‫ويشغلهم فيما‬
‫__________‬
‫المهانة أي الحقارة )قوله وأشاح( بالشين المعجمة والحاء المهملة )قوله ِإذ َا أَ شَار َ أَ شَار َ بكفه كلها( قال ابن الأثير أراد أن إشارته مختلفة‬
‫فما كان منها في ذكر التوحيد والتشهد كان بالمسبحة وحدها وَم َا ك َانَ فِي غير ذلك كان بكفه كلها ليكون بين الإشارتين فرق )قوله‬
‫بفتر( في الصحاح افتر فلان ضاحكا أي أبدى أسنانه )قوله فَي َر ُ ُدّ ذَلِكَ( عَلَى العامة بالخاصة قال ابن الأثير أراد أن العامة كانت لا‬
‫تصل إليه في هذا الوقت فكانت الخاصة تخـبر العامة بما سمعت منه‪ ،‬فكأنه أوصل الفوائد إلى العامة بالخاصة وقيل إن الباء بمعنى عن‬
‫أي يجعل وقت العامة بعد وقت الخاصة وبدلا منهم )*(‬
‫شاهِد ُ م ِنكُم ُ الْغ َائ ِبَ و َأَ بْل ِغ ُونِي ح َاج َة َ م َنْ ل َا يَسْتَط ِي ُع‬ ‫حه ُ ْم و َا ْل ُأ َمّة َ م ِنْ مسألته عنهم وأخبارهم ب ِال َ ّذ ِي يَن ْبَغ ِي لَه ُ ْم و َيق ُو ُ‬
‫ل لِيُب ْ ِّلــ َغ ال َ ّ‬ ‫يُصْ ل ِ ُ‬
‫ل م ِنْ‬ ‫الل ّه ُ قَدَم َيه ِ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ل َا ي ُ ْذك َر ُ عِن ْده ُ ِإ َلّا ذَل ِ َ‬
‫ك وَل َا يَقْب َ ُ‬ ‫ِإ ب ْلَاغِ ي ح َاجَت َه ُ ف َِإ َن ّه ُ م َنْ أَ بْل َ َغ سُلْطَان ًا ح َاج َة َ م َنْ ل َا يَسْتَط ِي ُع ِإ ب ْلاغَه َا ثَب ّتَ َ‬
‫يخ ْرُجُونَ أَ دِل َ ّة ً يَعْنِي فُقَه َاء َ قلُ ْتُ ف َأَ خْبِرْنِي ع َنْ‬ ‫ق وَ َ‬ ‫سفْيَانَ ب ْ ِن وَك ٍ‬
‫ِيع‪ :‬ي َ ْدخ ُلُونَ ر ُ َ ّواد ًا وَل َا يَتَف ََر ّق ُونَ ِإ َلّا ع َنْ ذَو َا ٍ‬ ‫ِيث ُ‬ ‫ل فِي حَد ِ‬ ‫أَ حَدٍ غَيْرَه ُ قَا َ‬
‫يخ ْزُنُ لِسَانَه ُ ِإلا م َِم ّا يُعْن ِيه ِ ْم‬
‫س َل ّم َ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ك َانَ رَسُو ُ‬ ‫كي َْف ك َانَ يَصْ ن َ ُع ف ِيه ِ قَا َ‬ ‫جه ِ َ‬ ‫مخ ْر َ ِ‬
‫َ‬
‫ِس مِنْه ُ ْم من غَيْر ِ أَ ْن ي َ ْطوِي ع َنْ أَ حَدٍ ب ِشْرَه ُ وَخ ُلُق َه ُ و َيَتَف َ َ ّقد ُ‬
‫يحـْتَر ُ‬
‫اس و َ َ‬ ‫ل قَو ْ ٍم و يوليه عليهم و يحذر َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫و َيُؤَلِّفُه ُ ْم وَل َا يُف َرِّقُه ُ ْم يُكْرِم ُ كَر ِيم َ ك ُ ّ ِ‬
‫مخَاف َة َ أَ ْن يَغْف َلُوا‬
‫ل َ‬
‫ِف ل َا يَغْف ُ ُ‬
‫مخ ْتَل ٍ‬
‫ل الْأَ ْمر ِ غَي ْر ُ ُ‬
‫ح و َيُوَه ِّن ُه ُ مُعْتَدِ ُ‬
‫ح الْق َبِي َ‬
‫صوِّبُه ُ و َيُق َب ِّ ُ‬
‫ن و َي ُ َ‬
‫ن الْحَسَ َ‬
‫س ُ‬
‫س و يُح َ ِّ‬ ‫اس ع ََم ّا فِي َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫صحَابَه ُ و َيَسْأَ ُ‬
‫أَ ْ‬

‫س خِيَار ُه ُ ْم و َأَ فْضَلُه ُ ْم عِنْدَه ُ أَ ع َُم ّه ُ ْم نَصِ يح َة ً‬ ‫ن َ‬


‫الن ّا ِ‬ ‫ن الْحَقّ ِ وَل َا يُجَاوِزُه ُ ِإلَى غَيْرِه ِ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن يَلُونَه ُ م ِ َ‬ ‫ل عِندَه ُ ع َتَاد ٌ ل َا يُقَصِّر ُ ع َ ِ‬ ‫أَ ْو يَم َُل ّوا لِك ُ ّ ِ‬
‫ل ح َا ٍ‬
‫س َل ّم َ ل َا‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سه ِ ع ََم ّا ك َانَ يَصْ ن َ ُع ف ِيه ِ فَق َا َ‬
‫ل ك َانَ رَسُو ُ‬ ‫مج ْل ِ ِ‬
‫و َأَ ْعظَمُه ُ ْم عِنْدَه ُ مَنْز ِلَة ً أَ حْ سَنُه ُ ْم مواساة وموازرة فَسَأَ ل ْت ُه ُ ع َنْ َ‬
‫ك‬
‫حي ْثُ يَنْت َهِ ي بِه ِ ال ْمَجْل ُِس و َي َأْ م ُرُ بِذَل ِ َ‬
‫س َ‬
‫ن و َيَنْهَ ى ع َنْ ِإ يطَانِهَا و َِإذ َا انْت َهَ ى ِإلَى قَو ْ ٍم ج َل َ َ‬
‫ك َ‬ ‫يج ْل ُِس وَل َا يَق ُوم ُ ِإ َلّا عَلَى ذِكْرٍ وَل َا يُو َطّ ِ ُ‬
‫ن الْأَ م َا ِ‬ ‫َ‬
‫و يُعْط ِي ك ُ َ ّ‬
‫ل ج ُلَسَائِه ِ نصيبه‬
‫__________‬
‫)قوله يخزن( بسكون الخاء المعجمة وضم الزاى )قوله عتاد( بفتح العين المهملة وتخفيف المثناة الفوقية‪ ،‬وفى آخره دال مهملة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن أَ حَدًا أَ ك ْرَم ُ عَلَيْه ِ مِن ْه ُ م َنْ ج َالَسَه ُ أَ ْو قَاوَم َه ُ لِ حا َجَة ٍ صَاب َرَه ُ ح ََت ّى يَكُونَ ه ُو َ ال ْمُن ْصَر ُ‬
‫ِف عَن ْه ُ م َنْ سَأَ لَه ُ ح َاج َة ً ل َ ْم‬ ‫يحْسَبَ ج َلِيس ُه ُ أَ َ ّ‬
‫ح ََت ّى ل َا َ‬
‫اس ب َ ْسط ُه ُ وَخ ُلُق ُه ُ فَصَار َ لَه ُ ْم أَ ب ًا وَصَار ُوا عِنْدَه ُ فِي الْحَقّ ِ م ُتَق َارِبِينَ م ُتَف َاضِلِينَ ف ِيه ِ ب َِالت ّقْو َى‬ ‫ل ق َ ْد وَسِـ َع َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ي َر ُ َدّه ُ ِإ َلّا بِهَا أَ ْو بِمَيْس ُو ٍر م ِ َ‬
‫ن الْقَو ْ ِ‬

‫ن ف ِيه ِ الْحُرَم ُ‪،‬‬ ‫حلْم ٍ وَحَيَاء ٍ و َ َ‬


‫صبْرٍ و َأَ م َانَة ٍ ل َا تُرْف َ ُع ف ِيه ِ الْأصْ وَاتُ وَل َا تُؤ ْب َ ُ‬ ‫مج ْل ُِس ِ‬
‫مج ْلِس ُه ُ َ‬ ‫و َفِي الر ِ ّو َايَة ِ ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى صَار ُوا عِنْدَه ُ فِي الْحَقّ ِ سَوَاء ً َ‬
‫وَل َا تنشى فَلَتَاتُه ُ و َهَذِه ِ الْكَل ِم َة ُ م ِنْ غَيْر ِ الر ِ ّو َايَتَيْنِ يَتَع َا َطف ُونَ ب َِالت ّقْو َى م ُت َوَاضِع ِينَ يُو َق ِّر ُونَ ف ِيه ِ ال ْـكَب ِير َ و َيَرْحَم ُونَ َ‬
‫الصّ غ ِير َ ويُرْفِد ُونَ ذ َا الْحا َجَة ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الل ّه ِ‬
‫ل َ‬ ‫ل ك َانَ رَسُو ُ‬‫س َل ّم َ فِي ج ُلَسَائِه ِ فَق َا َ‬ ‫و َيَرْحَم ُونَ الْغَرِيبَ ف َسأَ ل ْت ُه ُ ع َنْ سِيرَتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل ع ََم ّا‬ ‫اب وَل َا م َ َ ّد ٍ‬
‫ش وَل َا ع ََي ّ ٍ‬
‫اب وَل َا فحَ ّا ٍ‬‫َظ وَل َا غَلِيظٍ وَل َا سَ َخ ّ ٍ‬ ‫س َل ّم َ د َائِم َال ْبِشْر ِ‪ ،‬س َ ْه َ‬
‫اح يَتَغ َاف َ ُ‬ ‫ْس بِف ّ ٍ‬ ‫ل الْخُلُقِ‪ ،‬ليَِّنَ الْجَان ِِب‪ ،‬لَي َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫اث‪ :‬ك َانَ ل َا يَذ ُ ُمّ أَ حَدًا‪ ،‬وَل َا‬


‫اس م ِنْ ثَل َ ٍ‬ ‫اث‪ :‬الر ِّي َاءِ‪ ،‬و َال ِْإكْثاَرِ‪ ،‬وَم َا ل َا يُعْن ِيه ِ‪ ،‬و َت َرَك َ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫س مِن ْه ُ ق َ ْد ت َرَك َ ن َ ْفسَه ُ م ِنْ ثَل َ ٍ‬
‫ل َا ي َ ْشت َهِ ي وَل َا يُؤ ْي َ ُ‬
‫سكَتَ تَك َل ّم ُوا ل َا يَتَنَازَع ُونَ‬
‫يُعَي ِّرُه ُ وَل َا يَطْلُبُ عَوْر َتَه ُ‪ ،‬وَل َا يَتَك ََل ّم ُ ِإ َلّا ف ِيم َا يَرْجُو ثَوَابَه ُ‪ِ ،‬إذ َا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤسهم الطَي ْر ُ و َِإذ َا َ‬
‫ك م َِم ّا يَضْ حَكُونَ مِن ْه ُ و َيَت َع ََجّ بُ م َِم ّا يَتَع ََجّ ب ُونَ مِن ْه ُ و َيَصْ ب ِر ُ‬
‫عِنْدَه ُ الْحَدِيثَ م َنْ تَك ََل ّم َ عِنْدَه ُ أَ نْصَت ُوا لَه ُ ح ََت ّى يَفْرُغَ‪ ،‬حَدِيثُه ُ ْم حَدِيثُ أَ َ ّولِه ِ ْم يَضْ ح َ ُ‬
‫ِيب‬
‫لِلْغَر ِ‬
‫__________‬
‫)قوله تنثى( بضم المثناة الفوقية وسكون النون بعدها مثلثة أي لا نشاع يقال نثوت الحديث أنثوة نثوا أي أشعته )قوله وترفدت( يقال‬
‫رفده يرفده بكسر الفاء في المستقبل إذ أعطاه وأرفده إرفادا إذا أعانه )*(‬

‫)فصل في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله(‬ ‫‪٢.٢.٢٥‬‬

‫الث ّنَاء َ ِإ َلّا م ِنْ مُك َافِئٍ وَل َا ي َ ْقطَ ُع عَلَى أَ حَدٍ حَدِيث َه ُ ح ََت ّى‬
‫ل ِإذ َا ر َأَ ي ْتُم ْ صَاحِبَ الْحا َجَة ِ يَطْلُبُهَا ف َأَ رْفِد ُوه ُ وَل َا يَطْلُبُ َ‬
‫ق و َيَق ُو ُ‬
‫عَلَى الْجَفْوَة ِ فِي ال ْمَنْط ِ ِ‬
‫س َل ّم َ؟ قَالَ‪:‬‬ ‫سكُوتُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫كي َْف ك َانَ ُ‬ ‫ِيع‪ ،‬وَز َاد َ الآخَر ُ قلُ ْتُ َ‬ ‫سفْيَانَ ب ْ ِن وَك ٍ‬ ‫يَتَج َو ّزَه ُ فَي َ ْقطَع َه ُ ب ِانْتِهَاء ٍ أَ ْو ق ِيَا ٍم‪ ،‬ه ُنَا انْت َهَ ى حَدِيثُ ُ‬

‫س * و َأَ َمّا تَف َ ُك ّرُه ُ فَف ِيم َا‬ ‫َالت ّف َ ُك ّر ِ * ف َأَ َمّا ت َ ْقدِيرُه ُ فَفِي تسو ية النظير و َالاسْ تِم ِ‬
‫َاع بَيْنَ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫سكُوتُه ُ عَلَى أَ رْب َ ٍع‪ :‬عَلَى الْحِلْم ِ‪ ،‬و َالْحَذَرِ‪ ،‬و َ‬
‫َالت ّ ْقدِير ِ‪ ،‬و َ‬ ‫ك َانَ ُ‬
‫ن لِيُقْتَد َى‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم فِي َ‬
‫الصّ بْر ِ فَك َانَ لا يغضبه شئ يسنفزه وجميع لَه ُ فِي الْحَذَرِ أَ رْبَعٌ‪ :‬أَ خْذُه ُ ب ِالْحَسَ ِ‬ ‫يَبْقَى و َيَفْن َى وَجُم ِـ َع لَه ُ الْحِلْم ُ صَلَ ّى َ‬
‫ح ُأ َمّت َه ُ و َالْق ِيَام ُ لَه ُ ْم بِمَا جَم َ َع لَه ُ ْم أَ مْرَ ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬
‫خرَة ِ‪.‬‬ ‫ي بِمَا أصْ ل َ َ‬ ‫ح لِيُنْت َهَ ى عَن ْه ُ و َاجْ تِهَاد ُ َ‬
‫الرأّْ ِ‬ ‫بِه ِ و َتَرك ُه ُ الْق َب ِي َ‬
‫الل ّه ِ وَعَو ْنِه ِ‪.‬‬
‫ف ب ِحَمْدِ َ‬
‫انْت َهَ ى ال ْو َصْ ُ‬
‫ل‬ ‫ْس ب ِال َ ّ‬
‫طو ِ ي ِ‬ ‫ِيث الآخَر ِ لَي َ‬
‫ل قَو ْلِه ِ فِي الْحَد ِ‬
‫ل فِي نَحَافَة ٍ و َه ُو َ مِث ْ ُ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫طو ِ‬ ‫شكِلِه ِ( قَو ْلَه ُالمُشَ َ ّذبُ أَ ِ‬
‫ي ال ْبَائ ِ ُ‬ ‫ِيث وَم ُ ْ‬
‫ِيب هَذ َا الْحَد ِ‬
‫)فصل فِي ت َ ْفسِير ِ غَر ِ‬
‫َات ن َ ْفسِه َا‬
‫ن انفرقته م ِنْ ذ ِ‬
‫س أَ ر َاد َ ِإ ِ‬ ‫شع َر ُ َ‬
‫الرأّْ ِ‬ ‫جعْدٍ‪ ،‬و َالْعَق ِيق َة ُ َ‬ ‫ك َس ّر َ قَلِيل ًا لَي َ‬
‫ْس بِسَب ْطٍ وَل َا َ‬ ‫ل ال َ ّذ ِي ك َأَ َن ّه ُ مُش َ‬
‫ِط فَت َ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫شع َر ُ َ‬
‫الر ّ ِ‬ ‫ال ْمُم َ َغ ّطِ ‪ ،‬و َال َ ّ‬

‫ن وَمِن ْه ُ زَه ْرَة ُ الْحيََاة ِ ال ُد ّن ْيَا أَ ْ‬


‫ي زِينَتُهَا و َهَذ َا كَمَا قال في‬ ‫حس َ ٌ‬
‫ن نَي ِّرُه ُ وقيل أزهر َ‬ ‫كه َا مَعْق ُوصَة ً و َيُرْو َى عَق ِيصَت ُه ُ‪ ،‬و َأَ زْه َر َ َ‬
‫الل ّو ْ ِ‬ ‫ف َر َقَه َا و َِإ َلّا ت َر َ َ‬
‫الحديث‬
‫__________‬
‫)قوله يستفزه( بالفاء والزاى )قوله الممغط( قال الهروي قال أبو زيد يقال أمغط النهار أي امتد‪ ،‬ومغطت الحبل فانمغط وامغط‪ ،‬وقال‬
‫أبو تراب في كتاب الاعتقاب ممغط وممعط بالمعجمة والمهملة انتهى )‪(*) (١ - ١١‬‬
‫َب‬ ‫ض و َالآدَم ُ الأَ سْم َر َ‬
‫ُالل ّوْنِ‪ ،‬وَمِثْلُه ُفِي الحديث الآخر‪ :‬أببض مُشْر ٌ‬ ‫ق وَل َا ب ِالآد َ ِم‪ ،‬والأَ مْهَقُ‪ :‬ه ُو َ َ‬
‫الن ّاصِـ ُع ال ْبَيَا ِ‬ ‫ض الْأَ مْه َ ِ‬
‫ْس ب ِالْأَ بَي ْ ِ‬
‫الآخَر ِ لَي َ‬
‫ْف‪،‬‬
‫ل قَصَبَة ِ الْأَ ن ِ‬ ‫سط ُه ُ‪ ،‬و َالْأَ شَمٌ‪ :‬ال َ ّ‬
‫طو ِ ي ُ‬ ‫ْف ال ْمُر ْتَف ِـ ُع و َ َ‬
‫ل الْأَ ن ِ‬ ‫شعَرِ‪ ،‬و َالأق ْن َى‪ :‬ال َ ّ‬
‫سائ ِ ُ‬ ‫ل الوَاف ِر ُال َ ّ‬
‫طوِ ي ُ‬ ‫ي ف ِيه ِ حُم ْرَة ٌ‪ ،‬و َالْحا َجِبُ الْأَ ز َُجّ ال ْمُق َ َو ّ ُ‬
‫س ال َ ّ‬ ‫أَ ْ‬

‫ِيث ُأ ِمّ مَعْبَدٍ و َصْ ف ُه ُ ب ِالْق َرَنِ‪ ،‬و َالْأَ ْد َع ج ُ‪ :‬ال َ ّ‬


‫شدِيد ُ سَوَادِ الْحَد َقَة ِ‪.‬‬ ‫ض ُ ّده ُ البَل َ ُ‬
‫ج وَو َق َ َع فِي حَد ِ‬ ‫شعَرِ الْحا َجِبَيْنِ‪ ،‬و َ ِ‬
‫ل َ‬
‫و َالْق َرَنُ‪ :‬اتِّصَا ُ‬
‫ق الأسنان وماؤها‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫والضّ لِيعُ‪ :‬الوَاسِـ ُع و َال َ ّ‬
‫شن َبُ ‪ :‬رَوْن َ ُ‬ ‫ل الْع َيْنِ‪ ،‬وأَ ْسج َر ُ الْع َيْنِ‪ ،‬و َه ُو َ ال َ ّذ ِي فِي بَيَاضِه َا حُم ْرَة ٌ‪َ ،‬‬
‫ِيث الآخَر ِ‪ :‬أَ شْ ك َ ُ‬
‫و َفِي الْحَد ِ‬
‫الصّ ْدرِ و َال ُس ّ َرّة ِ‪ ،‬ب َادِ ٌ‬
‫ن ذ ُو‬ ‫شعَرِ ال َ ّذ ِي بَيْنَ َ‬
‫خي ُْط ال َ ّ‬
‫ق ال ْمَسْر ُبَة ِ َ‬ ‫رقتها وتحزيز فيها كما يوجد في أسنان الشباب‪ ،‬والفلج فرق بَيْنَ َ‬
‫الث ّنَاي َا‪ ،‬ود َق ِي ُ‬
‫سكُ‪.‬‬
‫ق يُم ْ ِ‬
‫ل الْخَل ْ ِ‬
‫لَح ْ ٍم وَم ُتَم َاسِكٌ مُعْتَدِ ُ‬
‫ِيث الآخَر ِ ل َ ْم يَكُنْ ب ِال ْمُطَ َهّ ِم وَل َا ب ِال ْمُك َل ْث َ ِم‬
‫ل قَو ْلِه ِ فِي الْحَد ِ‬
‫بَعْضُه ُ بَعْضًا مِث ْ ُ‬

‫ْس بِمُسْتَرْخِي ال َ ّلحْمِ‪.‬‬


‫أي لَي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل و َه ُو َ أَ حَد ُ مَع َانِي‬


‫ن ال ِْإق ْبَا ِ‬ ‫ت هَذِه ِ َ‬
‫الل ّ ْفظَة ُ فَتَكُونُ م ِ َ‬ ‫الصّ ْدرِ إ ْن صَ َح ّ ْ‬
‫ح َ‬ ‫ي مُسْتَوِيهِم َا مُشِي ُ‬ ‫نو َ‬
‫َالصّ ْدرِ أَ ْ‬ ‫و َال ْمُك َل ْثَم ُ الْق َصِ ير ُ ال َذ ّق َ ِ‬
‫ن‪ ،‬وَسَوَاء ُ ال ْب َ ْط ِ‬
‫ْس‬
‫ي لَي َ‬ ‫َ‬
‫والصّ ْدرِ أَ ْ‬ ‫ل سَوَاء ِ ال ْب َ ْط ِ‬
‫ن‬ ‫ن ف ِيه ِ وبه ي َت ّضِ ُ‬
‫ح قَو ْلُه ُ قَب ْ َ‬ ‫ص ْدرِه ِ قَع ٌَس و َه ُو َ تَطَام ُ ٌ‬ ‫ي َأن ّه ُ ك َانَ ب َادِيَ َ‬
‫الصّ ْدرِ و َل َ ْم يَكُنْ فِي َ‬ ‫ح أَ ْ‬
‫أَ شَا َ‬
‫ض كَمَا و َق َ َع فِي الر ِ ّو َايَة ِ ا ْل ُأخَر َى‪ ،‬وَحَك َاه ُ اب ْ ُ‬
‫ن‬ ‫يم بِمَعْن َى عَر ِي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الصّ ْدرِ‪ ،‬وَل َا مفاض البطن‪ ،‬ولمل َ‬
‫س َ‬
‫سِينِ و َفَت ْح الْم ِ ِ‬
‫ْظ مَسِيحُ‪ :‬ب ِال ّ‬
‫الل ّف َ‬ ‫بِمُتَق َاعِ ِ‬
‫ل‬
‫ِيث الآخَر ِ ج َلِي ُ‬
‫ل قَو ْلِه ِ فِي الْحَد ِ‬
‫دُر َيْدٍ والـكراديس رؤس ال ْعِظَا ِم‪ ،‬و َه ُو َ مِث ْ ُ‬
‫ك َ ّفيْنِ و َالْقَدَم َيْنِ لَح ِيمُهُم َا‪ ،‬و َ‬
‫َالز ّنْد َانِ‪ :‬ع َ ْظم َا الذِّر َاعَيْنِ‪،‬‬ ‫مج ْتَم َ ُع الـكنفين وَشَثْنُ ال ْـ َ‬
‫ِب‪ ،‬و َال ْـكَتَد ُ‪ُ :‬‬
‫َاش‪ :‬رؤس ال ْمَنَاك ِ‬
‫ش و َال ْـكَتَدِ و َال ْمُش ُ‬
‫ال ْمُشَا ِ‬
‫ن‬ ‫ل َ‬
‫الل ّام ُ م ِ َ‬ ‫ل و َهُمَا بِمَعْن ًى تُبْد َ ُ‬ ‫ن ب ُِالن ّو ِ‬
‫ن قَا َ‬ ‫ل سَائ ِ ُ‬
‫اف أَ ْو قَا َ‬ ‫ِي أَ َن ّه ُ رُوِيَ سَائ ِ ُ‬
‫ل الْأَ طْ ر َ ِ‬ ‫ن الْأَ ن ْبَار ّ ِ‬ ‫ل الْأَ صَاب ِ‬
‫ِـع‪ ،‬وَذَك َر َاب ْ ُ‬ ‫ي َطوِ ي ُ‬
‫اف أَ ْ‬
‫ل الْأَ طْ ر َ ِ‬
‫وَسَائ ِ ُ‬

‫َت مُف ََصّ لَة ً فِي الْحَد ِ‬


‫ِيث وَر َحْ بُ‬ ‫حه ِ كَمَا و َقَع ْ‬
‫اف ف َِإشَارَة ٌ ِإلَى فَخا َمَة ِ جَوَارِ ِ‬ ‫ت الر ِ ّو َايَة ُ بِهَا و َأَ َمّا عَلَى الر ِ ّو َايَة ِ ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى و َسائ ِر ُ الْأَ طْ ر َ ِ‬ ‫ن إ ْن صَ َح ّ ِ‬ ‫ُ‬
‫الن ّو ِ‬
‫ص الْقَد َ ِم و َه ُو َ ال ْمَوْضِـ ُع ال َ ّذ ِي ل َا تَنَالُه ُ‬
‫ي متجا في أَ خْم َ ِ‬ ‫سعَة ِ الْعَطَاء ِ و َالْجُودِ‪ ،‬وخُمْصَانُ الْأَ خْمَصَيْنِ أَ ْ‬ ‫ل ك ََن ّى بِه ِ ع َنْ َ‬ ‫ي و َاسِعُه َا و َق ِي َ‬ ‫َ‬
‫الر ّاحَة ِ أَ ْ‬
‫ل ف ِيه ِ إذا وطئ‬
‫ِلاف هَذ َا قَا َ‬
‫ِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ خ ُ‬
‫ل يَن ْب ُو عَنْهُم َا ال ْمَاء ُ و َفِي حَد ِ‬
‫ي أَ مْلَسُهُم َا و َلِهَذ َا قَا َ‬
‫ح الْقَدَم َيْنِ أَ ْ‬
‫ْض م ِنْ وَسَطِ الْقَد َ ِم‪ ،‬وَمَسِي ُ‬
‫الْأَ ر ُ‬
‫ي ل َ ْم يَكُنْ لَه ُ أَ خْم َُص و َق ِي َ‬
‫ل‬ ‫ن م َْر ي َم َ أَ ْ‬
‫ح اب ْ ُ‬
‫ح الْقَد َميْنِ وبه قَالُوا سُم ِّي ال ْمَسِي ُ‬
‫ق مَعْن َى قَو ْلِه ِ مَسِي ُ‬
‫ْس لَه ُ أَ خْم َُص و َهَذ َا يُوَاف ِ ُ‬
‫بقدمه وطئ بِك ُلِّه َا لَي َ‬
‫ك ُ ّفؤُ‪ :‬ال ْمَي ْ ُ‬
‫ل ِإلَى سَنَنِ ال ْمَمْش َى و َق َصْ دِه ِ‪ ،‬و َال ْهَوْنُ‪:‬‬ ‫َالت ّ َ‬ ‫َالت ّق َُل ّ ُع ر َف ْ ُع الر ِ ّجْ ِ‬
‫ل بِق ُ َو ّة ٍ‪ ،‬و َ‬ ‫الف قوله شئن الْقَدَم َيْنِ و َ‬
‫ح ل َا لَحْم َ عَلَيْهَم َا و َهَذ َا أَ يْضًا يُخ َ ُ‬
‫مَسِي ٌ‬

‫ل و َيَقْصِ د ُ سَم ْت َه ُ‪.‬‬


‫ِلاف مِشْيَة ِ ال ْم ُخْ تَا ِ‬ ‫ن مَشْي َه ُ ك َانَ يَرْف َ ُع ف ِيه ِ رِجْلَيْه ِ ب ِسُرْعَة ٍ و َيَم َ ُ ّد َ‬
‫خطْوَه ُ خ َ‬ ‫ي أَ َ ّ‬
‫ق و َال ْو َقَار ُ‪ ،‬و َال َذ ّرِ يعُ‪ :‬ال ْوَاسِـ ُع الْخ َ ْطوِ أَ ْ‬
‫الر ِّف ْ ُ‬

‫ح‬
‫سعَة ِ فمَِه ِ‪ ،‬و َالْع َر َبُ تَتمََاد َ ُ‬
‫ي لِ ِ‬
‫يخ ْتِم ُه ُ ب ِأَ شْ د َاقِه ِ أَ ْ‬ ‫ل ك َأَ َن ّمَا يَنْح ُ َّط م ِنْ صَب ٍَب‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ يَفْتَت ِ ُ‬
‫ح الْك َلَام ُ و َ َ‬ ‫ق و َٺَث َُب ّ ٍ‬
‫ت د ُونَ عَجلََة ٍ كَمَا قَا َ‬ ‫ك بِر ِف ْ ٍ‬ ‫وَك ُ ُ ّ‬
‫ل ذَل ِ َ‬

‫صة ِ عَلَى الْع َا َمّة ِ‬


‫ك ب ِالْخا َ َ ّ‬ ‫َب الْغَم َام َ‪ :‬ال ْبَرَد ُ‪ ،‬و َقَو ْلُهُ‪ :‬فَي َر ُ ُدّ ذَل ِ َ‬‫ل و َانْق َب ََض‪ ،‬وَح ُ ّ‬ ‫بِهَذ َا‪ ،‬و َتَذ ُ ُمّ ب ِصِ غَرِ الْفَمِ‪ ،‬و َأَ شَاحَ‪ :‬م َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله والـكتد( قَال أَ بُو عَلِيّ‪ :‬الفتح أفصح‪.‬‬
‫)*(‬
‫صة ِ ث َُم ّ يُبْدِلُهَا فِي جُزْء ٍ آخَر َ ب ِال ْع َا َمّة ِ‪ :‬و َي َ ْدخ ُلُونَ‬ ‫ل مِن ْه ُ لِلْخَا َ ّ‬‫يجْع َ ُ‬‫ل َ‬ ‫ل عَن ْه ُ لِل ْع َا َمّة ِ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ص ُ‬ ‫صة َ إليْه ِ فَت ُو َ َ ّ‬
‫ل الْخا َ َ ّ‬
‫ص ُ‬ ‫ل م ِنْ جُزْء ِ ن َ ْف ِ‬
‫سه ِ م َا يُو َ ِّ‬ ‫ي جَع َ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫مح ْتَاجِينَ إليْه ِ وَطَالِبِينَ لم َِا عِنْدَه ُ وَل َا يَن ْصَر ِف ُونَ ِإ َلّا ع َنْ ذَو َاقٍ‪ ،‬ق ِيلَ‪ :‬ع َنْ عِلْم ٍ يَتَع ََل ّم ُونَهُ‪ :‬و َيُشْب ِه ُ أَ ْن يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِه ِ أَ ْ‬
‫ي فِي الْغ َال ِِب‬ ‫ر ُ َ ّواد ًا أَ ْ‬
‫ي ُ‬
‫ضع ًا مَعْلُوم ًا‪ ،‬و َق َ ْد وَرَد َ‬ ‫ي ل َا ي َ ّتخِذ ُ لم ُِص ََل ّاه ُ مَو ْ ِ‬
‫ن أَ ْ‬
‫ك َ‬ ‫و َالْأَ كْ ثَر ِ‪ ،‬و َالْع َتَاد ُ العدة والشئ الْحا َضِر ُ ال ْمُع َ ُ ّد‪ ،‬و َال ْم ُوَازَرَة ُ ال ْمُع َاو َنَة ُ و َقَو ْلُه ُ ل َا يُو ََطّ ُ‬
‫ن الْأَ م َا ِ‬
‫ي ل َا ي ُ ْذكَرْنَ ف ِيه ِ بِس ُوء ٍ وَل َا‬ ‫ي ح َب ََس ن َ ْفسَه ُ عَلَى م َا يُر ِيِد ُ صَاحِب ُه ُ وَل َا نؤبن ف ِيه ِ الْحُرَم ُ أَ ْ‬ ‫ِيث‪ ،‬وَصَاب َرَه ُ أَ ْ‬ ‫نَه ْي ُه ُ ع َنْ هَذ َا مُف َ َس ّر ًا فِي غَيْر ِ هَذ َا الْحَد ِ‬
‫الصي َ ِ‬
‫اح‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ‬ ‫س َخ ّابُ ‪ :‬ال ْـكَث ِير ُ ِّ‬
‫ن أَ حَدٍ سُتِر َتُ ‪ ،‬و َيُرْفِد ُونَ‪ :‬يُع ِين ُونَ‪ ،‬و َال َ ّ‬ ‫ي ل َا يُتَح َ ّدثُ بِهَا أَ ْ‬
‫ي ل َ ْم تَكُنْ ف ِيه ِ فَل ْت َة ٌ و َِإ ْن ك َان َْت م ِ َ‬ ‫تُن ْث َى فَلَتاتُه ُ أَ ْ‬

‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى‬


‫ن َ‬ ‫سلِمٍ‪ ،‬و َق ِيلَ‪ِ :‬إ َلّا م ِنْ مُك َافِئٍ عَلَى يَدٍ سَبَق ْ‬
‫َت م ِ َ‬ ‫ل ِإ َلّا م ِنْ م ُ ْ‬
‫حه ِ‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫الث ّنَاء َ ِإ َلّا م ِنْ مُك َافِئٍ ‪ ،‬ق ِي َ‬
‫ل مُقْت َصِ دٌ فِي ثَنَائِه ِ وَم َ ْد ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وَل َا يَقْب َ ُ‬

‫ل لَحْمِه َا‪ ،‬و َأَ هْد َبُ الْأَ شْ ف َارِ‪:‬‬


‫ي قَلِي ُ‬
‫ِب أَ ْ‬ ‫س َل ّم َ مَنْه ُ‬
‫ُوس الْعَق ِ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خ ُ ّفه ُ‪ ،‬و َفِي حَد ٍ‬
‫ِيث آخَر َ فِي و َصْ فِه ِ صَلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم َ لَه ُ‪ ،‬و َيَسْتَف ُِز ّه ُ‪ :‬يَسْت َ ِ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ي طو يل شعرها‬ ‫أَ ْ‬
‫__________‬
‫ل َ‬
‫الث ّنَاءَ( بتقديم المثلثة على النون والمد يطلق في الخـير و يقيد في الشر ومنه مروا بجنازة فأثنوا عليها شرا وأما النثا بتقديم‬ ‫)قوله وَل َا يَقْب َ ُ‬
‫النون على المثلثة فمقصور ويستعمل‬
‫في الخـير والشر جميعا )قوله وأهدب الأشفار( أهدب بسكون الهاء وفتح الدال المهملة بعدها موحدة‪ ،‬والأشفار بالشين المعجمة والفاء‬
‫جمع شفر وهو حرف الجفن الذى ينبت عليه الشعر وهو الهدب‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الباب الثالث فيما ورد من صحيح الأخبار ومشهورها بعظيم قدره عند ربه ومنزلته وما خصه به في‬ ‫‪٢.٣‬‬
‫الدارين من كرامته صلى الل ّٰه عليه وسلم‬

‫الفصل الأول فيما ورد من ذكر مكانته عند ربه عز وجل والاصطفاء ورفعة الذكر والتفضيل‪ ،‬وسيادة ولد آدم وما خصه‬ ‫‪٢.٣.١‬‬
‫به في الدنيا من مزايا الرتب وبركة اسمه الطيب‪:‬‬

‫)الباب الثالث( فيما ورد من صحيح الأخبار ومشهورها بعظيم قدره عند ربه ومنزلته وما خ ََصّ ه ُ بِه ِ فِي ال َد ّار َي ْ ِن م ِنْ ك َرَام َتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬
‫س َل ّم َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الل ّهِ‪ ،‬و َأَ ع ْلاه ُ ْم دَرَج َة ً‪ ،‬و َأَ ق ْر َبُه ُ ْم زُلْفَى‪.‬‬
‫س مَنْزِلَة ً عِنْد َ َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ِلاف َأن ّه ُ أَ ك ْرَم ُ ال ْب َشَر ِ‪ ،‬وَسَيِّد ُ وَلَد ِ آدَم َ‪ ،‬و َأْ ف َ َ‬
‫ض ُ‬ ‫* ل َا خ َ‬
‫ج ً ّدا و َق َد اق ْت َصَرْن َا مِنْهَا عَلَى صَ ح ِي ِ‬
‫حه َا وَمُن ْتَشِر ِه َا وَحَصَرْن َا مَع َانِي م َا وَرَد َ مِنْهَا فِي اث ْن َ ْي ع َشَر َ‬ ‫ك كَث ِيرَة ٌ ِ‬ ‫و َاع ْل َ ْم أَ َ ّ‬
‫ن الْأَ ح َادِيثَ ال ْوَارِدَة َ فِي ذَل ِ َ‬
‫ف َصْ ل ًا‬
‫ل‪ ،‬وَسِيَادَة ِ وَلَد ِ آدَم َ وَم َا خ ََصّ ه ُ بِه ِ فِي‬
‫َالت ّفْضِ ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ل و َالاصْ طِف َاء وَرِف ْعَة ِ الذِّكْر ِ و َ‬
‫ل الأَ َ ّولُ( ف ِيم َا وَرَد َ م ِنْ ذِكْر ِ مَك َانَتِه ِ عِنْد َ ر َب ِّه ُ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫)الْف َصْ ِ‬
‫ال ُد ّن ْيَا م ِنْ م ََزاي َا ُ‬
‫الر ّت َِب و َب َرَكَة ِ اسْمِه ِ ال َ ّ‬
‫طي ّ ِِب‪:‬‬
‫خ أَ بُو مُح َم ّدٍ عَبْد ُ الل ّٰه ابن أحمد العدل إذ نا بِل َ ْفظِه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الحسن الْفَر ْغَان ِ ُيّ ح َ َ ّدثَت ْنَا ُأ ُمّ الْق َاس ِ ِم بِن ْتُ أَ بِي بَكْر ٍ ب ْ ِن يَعْق ُوبَ ع َنْ‬ ‫أَ خْبَر َن َا ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬
‫ش ع َنْ ع َبَايَة َ ابن ربعى عن ع ََب ّا ٍ‬
‫س‬ ‫ن الْأَ عْم َ ِ‬ ‫يح ْي َى ا ْلح َِم ّان ِ ِيّ ح َ َ ّدثَنَا قَي ٌ‬
‫ْس ع َ ِ‬ ‫ل ع َنْ َ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬
‫يح ْي َى و َه ُو َ اب ْ ُ‬
‫ل ع َنْ َ‬ ‫أَ ب ِيهَا ح َ َ ّدثَنَا ح َاتِم ٌ و َه ُو َ اب ْ ُ‬
‫ن عَق ِي ٍ‬
‫سم ًا‪.‬‬
‫سم َيْنِ فَجَعَلَنِي م ِنْ خَيْرِه ِ ْم ق ِ ْ‬
‫ق قِ ْ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )أن الل ّٰه تَع َالَى ق َسَم َ الْخَل ْ َ‬
‫ل رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا قَا َ‬
‫رَضِيَ َ‬
‫اب‬
‫صح َ ِ‬
‫اب الْيم َِينِ و َأَ ن َا خَي ْر ُ أَ ْ‬
‫صح َ ِ‬
‫ل ف َأَ ن َا م ِنْ أَ ْ‬
‫شم َا ِ‬
‫صحَابُ ال ِّ‬
‫صحَابُ الْيم َِينِ و َأَ ْ‬
‫ك قَو ْلُه ُ تَع َالَى أَ ْ‬
‫فَذ َل ِ َ‬
‫__________‬
‫يح ْي َى ا ْلح َِم ّان ِ ِيّ( بكسر الحاء المهملة وتشديد الميم بعدها ألف ونون و ياء لنسبة إلى قبيلة )قوله ع َنْ ع َبَايَة َ ب ْ ِن ربعى( عباية بفتح‬ ‫)قوله ع َنْ َ‬
‫العين المهملة وتخفيف الوحدة وربعي‬
‫بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها عين مهملة و ياء مشددة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن‬ ‫سابِق ُونَ ال َ ّ‬
‫سابِق ُونَ ف َأَ ن َا م ِ َ‬ ‫صحَابُ ال ْمَشْئَمَة ِ و َال َ ّ‬
‫صحَابُ ال ْمَيْم َنَة ِ و َأَ ْ‬
‫ك قَو ْلُه ُ تَع َالَى ف َأَ ْ‬
‫سم َيْنِ أَ ث ْلاث ًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْر ِه َا ثلُُثًا وَذَل ِ َ‬
‫ل الْق ِ ْ‬ ‫الْيم َِينِ ث َُم ّ َ‬
‫جع َ َ‬
‫جعَل ْنَاك ُ ْم شعوبا وقبائل( الآيَة َ ف َأَ ن َا أَ تْقَى‬
‫ك قَو ْلُه ُتَع َالَى )و َ َ‬
‫ل فَجَعَلَنِي م ِنْ خَيْر ِه َا قَب ِيلَة ً وَذَل ِ َ‬ ‫سابِق ِينَ و َأَ ن َا خَي ْر ُ ال َ ّ‬
‫سابِق ِينَ ثم جعل الأثلاث قَبَائ ِ َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫س‬ ‫)إ َن ّمَا يُر ِيد ُ َ‬
‫الل ّه ُ لِي ُ ْذه ِبَ عَنْكُم ُ الر ِّجْ َ‬ ‫ك قَو ْلُه ُ تَع َالَى ِ‬
‫ل بُي ُوت ًا فَجَعَلَنِي م ِنْ خَيْر ِه َا بَي ْتًا فَذ َل ِ َ‬
‫ل الْق َبَائ ِ َ‬ ‫الل ّه ِ وَل َا فَخ ْر َ‪ ،‬ث َُم ّ َ‬
‫جع َ َ‬ ‫وَلَد ِ آدَم َ و َأَ ك ْرَمُه ُ ْم عَلَى َ‬
‫الر ّ ِ‬
‫وح والْجَسَدِ( وَع َنْ‬ ‫ل )و َآدَم ُ بَيْنَ ُ‬ ‫ك ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ُ قَا َ‬ ‫الل ّه ِ م َت َى وَجَب َْت ل َ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل قَالُوا ي َا رَسُو َ‬
‫ل البيت( الآية‪ ،‬وَع َنْ أَ بِي سَلَم َة َ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ قَا َ‬
‫أَ ه ْ َ‬
‫ل بَنِي‬
‫ل و َاصْ طَفَى م ِنْ وَلَد ِ ِإسْمَاعِي َ‬
‫الل ّه َ اصْ طَفَى م ِنْ وَلَد ِ ِإ ب ْر َاه ِيم َ ِإسْمَاعِي َ‬
‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم َ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫واثلة ابن الأَ سْ ق َِع قَا َ‬
‫ل قَا َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ )أَ ن َا‬
‫س رَضِيَ َ‬
‫ِيث أَ ن َ ٍ‬
‫ْش بَنِي ه َاش ِ ٍم و َاصْ طَف َانِي م ِنْ بَنِي ه َاشِمٍ( وَم ِنْ حَد ِ‬
‫ك ِنَانَة َ و َاصْ طَفَى م ِنْ بَنِي ك ِنَانَة َ ق ُر َيْش ًا و َاصْ طَفَى م ِنْ ق ُر َي ٍ‬

‫ن و َلا فَخ ْر َ وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ الل ّٰه عَنْهَا عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ِيث اب ْ ِن ع ََب ّاسٍ( أَ ن َا أَ ك ْرَم ُ الأَ َ ّولِينَ و َالآ ِ‬
‫خر ِي َ‬ ‫أَ ك ْرَم ُ وَلَد ِ آدَم َ عَلَى ر َب ِ ّي وَل َا فَخ ْر َ( و َفِي حَد ِ‬
‫ل م ِنْ‬
‫ض َ‬ ‫ب أَ ف ْ َ‬‫ل م ِنْ مُحَم ّدٍ و َل َ ْم أر َ بَنِي أَ ٍ‬ ‫ض وَم َغ َارِ بَهَا فَل َ ْم أر َ رَج ُل ًا أَ ف َ ْ َ‬
‫ض َ‬ ‫ل قَل ّب ْتُ مَشَارِقَ الْأَ ْر ِ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ )أَ ت َانِي ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ح َمّدٍ‬
‫ل بِم ُ َ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫ق لَيْلَة َ ُأسْر ِيَ بِه ِ فَاسْ ت َصْ ع َبَ عَلَيْه ِ فَق َا َ‬
‫ل لَه ُ ِ‬ ‫س َل ّم َ ُأتِي َ ب ِال ْبُر َا ِ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫س رَضِيَ َ‬
‫بَنِي ه َاشِمٍ( وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫الل ّه ِ مِن ْه ُ‪ ،‬فَارْف َ َّض ع َرَقًا‪.‬‬
‫ك أَ حَدٌ أَ ك ْرَم ُ عَلَى َ‬
‫ل هَذ َا؟ فَمَا رَكِب َ َ‬
‫تَفْع َ ُ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫ن اب ْ ُ‬
‫وَع َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫َف بِي فِي َ‬ ‫وح فِي ال َ ّ‬ ‫ْب ن ُ ٍ‬ ‫س َل ّم َ )لَم ّا خ َل َ َ‬


‫الن ّارِ فِي‬ ‫سف ِينَة ِ و َقذ َ‬ ‫جعَلَنِي فِي صُل ِ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫الل ّه ُ آدَم َ أَ ه ْبَطَنِي فِي صُل ْبِه ِ ِإلَى الْأَ ْر ِ‬ ‫ق َ‬ ‫عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َاح ق ُ َّط( و َِإلَى هَذ َا‬‫سف ٍ‬ ‫جنِي بَيْنَ أَ بَو ََيّ ل َ ْم يلَ ْتَق ِيَا عَلَى ِ‬‫خر َ َ‬ ‫طاه ِرَة ِ ح ََت ّى أَ ْ‬ ‫لاب الـْكَر ِيمَة ِ ِإلَى الْأَ ْرح َا ِم ال َ ّ‬
‫ْب إ ب ْر َاه ِيم ُ ث َُم ّ ل َ ْم ي َز َلْ يَنْق ُلُنِي فِي الْأصْ ِ‬ ‫صُل ِ‬
‫َف الورق ث َُم ّ ه َبَطْتَ ال ْب ِلاد َ‬ ‫يخْص ُ‬ ‫حي ْثُ ُ‬ ‫ل و َفِي * مُسْتَوْد ٍَع َ‬ ‫ظلا ِ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ بِقَو ْلِه ِ‪ :‬م ِنْ قَب ْلِه َا طِب ْتَ فِي ال َ ّ‬
‫طل ِْب رَضِيَ َ‬ ‫ن عَبْدِ ال ْم ُ َ ّ‬ ‫اس ب ْ ُ‬ ‫أشَار َ ال ْع ََب ّ ُ‬
‫ح ٍم * إذ َا م َض َى عَالِم ٌ‬ ‫ل م ِنْ صَال ٍِب ِإلَى ر َ ِ‬ ‫سف ِينَ و َق َ ْد * أَ لْجَم َ نَسْر ًا و َأَ ه ْلَه ُ الْغ َر َقُ تُنْق َ ُ‬‫ق بَلْ ن ُ ْطف َة ٌ تَرْكَبُ ال َ ّ‬ ‫ل َا بَشَر ٌ * أَ ن ْتَ وَل َا م ُضْ غ َة ٌ وَل َا ع َل َ ُ‬
‫بَد َا طبق‬
‫__________‬
‫)قوله من قبلها( أي قبل الدنيا‪ ،‬أو قبل النبوة‪ ،‬أو الولادة )قوله ولا مضغة( المضغة قطعة لحم بقدر ما يمضغ في الفم )قوله ولا علق(‬
‫العلق جمع علقة وهى قطعة من دم غليظ )قوله يركب السفين( في الصحاح السفين جمع سفينة فعيلة بمعنى فاعلة كأنها تسفن الماء أي‬
‫تقشه بالقاف والشين المعجمة )قوله نسوا( كان لآدم صلى الل ّٰه عليه وسلم بنون يسمون نسرا وودا وسواعا و يغوث و يعوق‪ ،‬وكانوا عبادا‬
‫فماتوا فحزن أهل عصرهم عليهم‪ ،‬فصور لهم إبليس اللعين أمثالهم من صفر ونحاس ليستأنسوا بهم‪ ،‬فجعلوها في مؤخر المسجد‪ ،‬فلما هلك‬
‫أهل ذلك العصر‪ ،‬قال اللعين لأولادهم هذه آلهة آبائكم فاعبدوهم‪ ،‬ثم إن الطوفان دفنها فأخرجها اللعين للعرب فكانت ود لكلب بدومة‬
‫الجندل وسواع لهذيل بساحل و يغوث لغطيف من مراد و يعوق لهمدان ونسر لذى الكلاع من حمير )قوله من صالب( قال الهروي‬
‫أي من صلب يقال صلب وصلب وصالب ثلاث لغات‪ ،‬وقال ابن الأثير الصالب الصلب وهو قليل الاستعمال )قوله إذا مضى عالم‬
‫بدا طبق( العالم بفتح اللام قال الهروي )*(‬

‫الضيَاء ُ‬ ‫ك ِّ‬ ‫ن فِي ذَل ِ َ‬ ‫ق فَن َحْ ُ‬ ‫ت بنِ ُورِك َ ا ْل ُأف ُ ُ‬


‫ض وَضَاء َ ْ‬
‫ق و َأَ ن ْتَ لَم ّا وُلِدْتَ أَ شْر َق َِت الْأَ ْر ِ‬ ‫تحْتَهَا ُ‬
‫الن ّط ُ ُ‬ ‫ك المهيمن من * خندف عَل ْيَاء َ َ‬ ‫ث َُم ّ احْ ت َو َى بَي ْت ُ َ‬
‫س َل ّم َ أَ بُو ذ َ ٍرّ و َاب ْ ُ‬
‫ن‬ ‫تحـتَرِقُ وَرَو َى عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫هي َ َ‬ ‫ل ي َا سَبَبًا * ل ِع ِصْ مَة ِ َ‬
‫الن ّارِ و َ ِ‬ ‫نخـْتَر ِقُ ي َا بَرْد َ ن َارِ الْخل َِي ِ‬ ‫ل َ‬
‫الر ّشَادِ َ‬ ‫سب ْ ِ‬
‫الن ّورِ * و َ ُ‬ ‫و َفِي ُ‬

‫ْب مَسِيرَة َ‬
‫ِالر ّع ِ‬ ‫الل ّه ِ أَ َن ّه ُ قَا َ‬
‫ل ) ُأ ْعط ِيتُ خَمْسًا ‪ -‬و َفِي بَعْضِه َا س ًِت ّا ‪ -‬ل َ ْم يُعْطَه َُنّ نسى قَبْل ِي‪ :‬نُصِرْتُ ب ُ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س و َأَ بُو ه ُر َي ْرَة َ وَج َاب ِر ُ ب ْ ُ‬ ‫ع ُم َر َ و َاب ْ ُ‬

‫ل لِنَب ِ َيّ قَبْل ِي و َبُعِث ْتُ‬


‫تح ِ َ ّ‬ ‫ل و َ ُأح َِل ّ ْ‬
‫ت ل ِي ال ْغ َنَائِم ُ و َل َ ْم َ‬ ‫ص ِّ‬
‫الصّ لَاة ُ فَل ْي ُ َ‬ ‫ل م ِنْ ُأ َمّتِي أَ ْدر َ َ‬
‫كت ْه ُ َ‬ ‫جدًا وطهورا ف َأَ ُي ّمَا رَج ُ ٍ‬
‫س ِ‬
‫ْض م َ ْ‬
‫ت لِي َ الْأَ ر ُ‬
‫ش َ ْهرٍ وَجُعِل َ ْ‬

‫ْف‬ ‫ِض عَل َيّ ُأ َمّتِي فَل َ ْم َ‬


‫يخ َ‬ ‫ل ل ِي سَلْ تُعْطَه ْ( و َفِي رِو َايَة ٍ ُأ ْ‬
‫خر َى )وَعُر َ‬ ‫ل هَذِه ِ الْكَل ِمَة ِ‪) :‬و َق ِي َ‬ ‫س ك ََاف ّة ً و َ ُأعط ِيتُ ال َ ّ‬
‫شف َاع َة َ( و َفِي رِو َايَة ٍ بَد َ َ‬ ‫الن ّا ِ‬ ‫ِإلَى َ‬
‫ُوع( و َفِي رِو َايَة ٍ بعثت‬ ‫ن ال ْمَت ْب ِ‬ ‫عَل َيّ َ‬
‫الت ّاب ِـ ُع م ِ َ‬
‫__________‬
‫وقال ابن عرفة‪ :‬يقال مضى طبق وجاء طبق أي مضى عالم وجاء عالم ومنه قول العباس إذ َا م َض َى عَالِم ٌ بدا طبق‪ ،‬يقول إذا مضى قرن‬
‫بدا قرن‪ ،‬وقيل للقرن طبق لأنه طبق الأرض )قوله المهيمن( أي الشاهد )قوله خندف( بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وكسر‬
‫الدال المهملة بعدها فاء هو في الأصل مشية كالهرولة ثم سمى به ليلى امرأة الياس بن مصفر )قوله النطق( بضم النون والطاء‪ ،‬قال ابن‬
‫الأثير جمع نطاق‪ ،‬وهى أعراض من جبال بعضها فوق بعض‪ ،‬أي نواح أوساط منها شبهت بالنطق الذى تشد بها أوساط الناس‪ ،‬ضربه‬
‫مثلا له في ارتفاعه وتوسطه في عشيرته‪ ،‬وجعلهم تحته بمنزلة أوساط الجبال انتهى‪ ،‬وفى الصحاح النطاق شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها‬
‫ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة‪ ،‬والأسفل ينجر على الأرض‪ ،‬وليس لها حجزة ونيفق‪ ،‬ولا ساقان والجمع نطق )قوله وأَ ُي ّمَا رَج ُ ٍ‬
‫ل‬

‫ن أمتى بالفاء )قوله وأعطيت الشفاعة( أي العظمى )*(‬ ‫م ِنْ أمتى( كذا في بعض النسخ والمشهور ف َأَ ُي ّمَا رَج ُ ٍ‬
‫ل مِ َ‬

‫ن ا ْل ُأمَمِ‪،‬‬ ‫ِيض و َال ُ ّ‬


‫سود ُ م ِ َ‬ ‫ل ال ْب ُ‬
‫جم ُ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫سودِ‪ ،‬و َا ْلحم ُ ْر ُالْع َ َ‬ ‫ن الْغ َال ِبَ عَلَى أَ ل ْوَانِهِم ُ ا ْل ُأ ْدم َة ُ فَه ُ ْم م ِ َ‬
‫ن ال ُ ّ‬ ‫ل ال ُ ّ‬
‫سود ُ الْع َر َبُ لأَ َ ّ‬ ‫ِإلَى الأَ حْمَرِ و َالْأَ سْ وَدِ( ق ِي َ‬
‫ْب و َ ُأوتِيتُ جَوَام ِـ َع الْكَل ِ ِم و َبَي ْنَا أَ ن َا‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ )نُصِرْتُ ب ُ‬
‫ِالر ّع ِ‬ ‫سود ُ الْج ُِنّ * و َفِي الْحَد ِ‬
‫ِيث الآخَر ِ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬ ‫ْس و َال ُ ّ‬
‫ل الحم ُ ْر ُ ال ِْإن ُ‬
‫و َق ِي َ‬

‫ل صَلَ ّى َ‬ ‫الن ّب ُِي ّونَ( وَع َنْ عُقْب َة َ ب ْ ِن عَامِر ٍ أَ َن ّه ُ قَالَ‪ :‬قَا َ‬
‫خت ِم َ بِي َ‬
‫َت فِي يَد ََيّ ( * و َفِي رِو َايَة ٍ عَن ْه ُ )و َ ُ‬ ‫نائم إذ جئ بِمَف َات ِ ِ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ضع ْ‬ ‫ض ف َو ُ ِ‬
‫يح خَز َائ ِ ِن الْأَ ْر ِ‬

‫ض و َِإ َن ّي و ََالل ّه ِ م َا‬


‫ح خَز َائ ِ ِن الْأَ ْر ِ‬ ‫حوْض ِي الآنَ و َِإ َن ّي ق َ ْد ُأ ْعط ِيتُ مَف َاتيِ َ‬ ‫)إ َن ّي ف َر ٌَط لـَك ُ ْم و َأَ ن َا شَه ِيدٌ عَلَيْك ُ ْم و َِإ َن ّي والل ّٰه لأَ نْظ ُر ُ ِإلَى َ‬
‫س َل ّم َ ِ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٨٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الل ّه ِ صلى الل ّٰه‬


‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫َاف عَلَيْك ُ ْم أن تَنَافَس ُوا ف ِيهَا( وَع َنْ عبد الل ّٰه ابن عَمْرٍو رَضِيَ َ‬
‫َاف عَلَيْك ُ ْم أَ ْن تُشْرِكُوا بَعْدِي و َلـَكِن ِ ّي أَ خ ُ‬
‫أَ خ ُ‬
‫عليه وسلم قال )أنا‬
‫__________‬
‫وله صلى الل ّٰه عليه وسلم شفاعات هذه )أولاها( وهى في الفصل بين أهل الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء عليهم السلام )والثانية(‬
‫في جماعة يدخلون الجنة بغير حساب وهذه والتى قبلها من خصائصه عليه السلام )والثالثة( في أناس استحقوا دخول النار فلا يدخلونها‬
‫)والرابعة( في أناس دخلوا النار فيخرجون منها )والخامسة( في رفع درجات أناس في الجنة‪ ،‬قال النووي‪ :‬و يجوز أن تكون الثالثة‬
‫والخامسة أيضا من خصائصه )والسادسة( تخفيف العذاب عمن استحق الخلود فيها كما في حق أبى طالب )والسابعة( شفاعته لمن‬
‫مات بالمدينة )والثامنة( شفاعته لمن صبر على لأواء المدينة )والتاسعة( شفاعته لفتح باب الجنة كما رواه مسلم )والعاشرة( شفاعته لمن‬
‫زاره صلى الل ّٰه عليه وسلم لما روى ابن خزيمة في صحيحه عن ابن عمر أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال‪ :‬من ز َار َ قَبْر ِي وَجَب َْت له‬

‫شفاعتي )والحادية عشر( شفاعته لمن أجاب المؤذن وصلى عَلَي ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وسلم لما في الصحيحين من قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫شف َاعَتِي )قوله في يدى( بفتح الدال وتشديد الآخر‪.‬‬ ‫ح ََل ّ ْ‬
‫ت لَه ُ َ‬
‫)*(‬
‫َي ال َ ّ‬
‫ساعَة ِ(‬ ‫ن ع ُم َر َ)بُعِث ْتُ بَيْنَ يَد ِ‬
‫ن اب ْ ُ‬
‫ش * وَع َ ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ ا ْل ُأ ِم ّ ُيّ ل َا نَبِ َ ّي بَعْدِي ُأوتِيتُ جَوام ِـ َع الْكَل ِ ِم وَخَوَاتِم َه ُ و َعُل ِّم ْتُ خَز َنَة َ َ‬
‫الن ّارِ وَحَمَلَة َال ْعَر ْ ِ‬ ‫مُحَم ّدٌ َ‬
‫َب َاتّ خَذْتَ ِإ ب ْر َاه ِيم َ خ َلِيل ًا وَك َل ّم ْتَ‬
‫ل ي َا ر ِّ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى سَلْ ي َا مُحَم ّد ُ فَق ُل ْتُ م َا أَ سْ أَ ُ‬
‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )قَا َ‬ ‫ْب أَ َن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَم ِنْ رِو َايَة ِ ابن وَه ٍ‬
‫ك‬
‫ك خَيْر ٌ م ِنْ ذَلِكَ‪ ،‬أَ ْعطَي ْت ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى م َا أَ ْعطَي ْت ُ َ‬
‫ل َ‬ ‫م ُوس َى تَكْلِيم ًا‪ ،‬و َاصْ طَفَي ْتَ نُوح ًا‪ ،‬و َأَ ْعطَي ْتَ سُلَيْم َانَ م ُلْك ًا ل َا يَن ْبَغ ِي لأَ حَدٍ م ِنْ بَعْدِه ِ‪ ،‬فَق َا َ‬

‫ك م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬


‫ك وَم َا‬ ‫ك و َل ِ ُأ َمّت ِ َ‬
‫ك وَغَفَر ْتُ ل َ َ‬ ‫ْض َطه ُور ًا ل َ َ‬ ‫سم َاء ِ و َ َ‬
‫جعَل ْتُ الْأَ ر َ‬ ‫ْف ال َ ّ‬
‫جو ِ‬
‫ك م َ َع اسْم ِي يُنَاد َى بِه ِ فِي َ‬
‫جعَل ْتُ اسْم َ َ‬
‫ال ْـكَو ْث َر َ و َ َ‬
‫ك و َل َ ْم‬
‫شف َاع َت َ َ‬ ‫حفَه َا‪ ،‬وَخ ََب ّأْ تُ ل َ َ‬
‫ك َ‬ ‫جعْلَتُ قُلُوبَ ُأ َمّت ِ َ‬
‫ك مَصَا ِ‬ ‫س مَغْف ُور ًا لَكَ‪ ،‬و َل َ ْم أَ صْ ن َعْ ذَل ِ َ‬
‫ك لأَ حَدٍ قَب ْلَكَ‪ ،‬و َ َ‬ ‫خر َ ف َأَ ن ْتَ تَمْش ِي فِي َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ت َأَ َ ّ‬

‫ل الْج َنَ ّة َ مَع ِي م ِنْ ُأ َمّتِي َ‬


‫سب ْع ُونَ أَ لْف ًا‬ ‫ل ‪ -‬أَ َ ّو ُ‬
‫ل م َنْ ي َ ْدخ ُ ُ‬ ‫ِيث آخَر َ‪ ،‬رَو َاه ُ حُذ َيْف َة ُ )بشَ ّرَنِي ‪ -‬يَعْنِي ر ََب ّه ُ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫أَ خْ ب َأْ ه َا لِنَب ِ ٍيّ غَيْرِك َ( * و َفِي حَد ٍ‬

‫َالر ّعْبَ ي َ ْسع َى بَيْنَ يَد َْي‬ ‫َاب‪ ،‬و َأَ ْعطَانِي أَ ْن ل َا تَج ُوعَ ُأ َمّتِي وَل َا تُغْلَبَ ‪ ،‬و َأَ ْعطَانِي َ‬
‫الن ّصْر َ و َال ْع َِز ّة َ و ُ‬ ‫حس ٌ‬‫ْس عَلَيْهِم ُ ِ‬
‫سب ْع ُونَ أَ لْف ًا لَي َ‬
‫ْف َ‬
‫ل أَ ل ٍ‬
‫م َ َع ك ُ ّ ِ‬

‫ش َ ّدد َ عَلَى م َنْ قَبْلَنَا‪ ،‬و َل َ ْم َ‬


‫يج ْع َلْ عَلَي ْنَا فِي الد ِّي ِن م ِنْ حَر ٍَج( * وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‬ ‫ُأ َمّتِي شَهْرًا‪ ،‬وَط ََي ّبَ ل ِي و َل ِ ُأ َمّتِي ال ْمَغ َانِم َ‪ ،‬و َأَ ح َ َ ّ‬
‫ل لَنَا كَث ِير ًا م َِم ّا َ‬

‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ ِإ َلّا و َق َ ْد أعطى من‬


‫س َل ّم َ )م َا م ِنْ نَبِ ٍ ّي م ِ َ‬ ‫عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وعلمت( بضم المهملة وتشديد اللام المكسورة و يجوز فتح المهملة وتخفيف اللام )*(‬

‫ن عَلَيْه ِ ال ْب َشَر ُ‪ ،‬و َِإ َن ّمَا ك َانَ ال َ ّذ ِي ُأوتِيتُ و َحْ يًا‬


‫َات م َا مِثْلُه ُ آم َ َ‬
‫الآي ِ‬

‫ح ّقِق ِينَ بَق َاء ُ مُعْجِزَتِه ِ م َا بَق ِي َِت ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬وَسَائ ِر ُ مَعْجِز َ ِ‬
‫ات‬ ‫الل ّه ِإل َيّ‪ ،‬فأرجو أن أكون أكثرهم ت َابِع ًا يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( مَعْن َى هَذ َا عِنْد َ ال ْم ُ َ‬ ‫أَ ْوحَى َ‬
‫ن بعد قرن ع َيَان ًا ل َا خ َبَر ًا ِإلَى يَو ْ ِم الْق ِيَامَة ِ‪ ،‬وفيه كلام‬ ‫ِف عَلَيْهَا قَر ْ ٌ‬ ‫الْأَ ن ْب ِيَاء ِ ذ َه َب َْت لِلْح ِينِ و َل َ ْم يُش َاهِدْه َا ِإ َلّا الْحا َضِر ُ لَهَا وَمُعْجِزَة ُ الْقُر ْآ ِ‬
‫ن يَق ُ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ك ُ ُ ّ‬
‫ل نَبِ ٍ ّي أعطى سبعة‬ ‫ات * وَع َنْ عَل ِ ٍيّ رَضِيَ َ‬
‫َاب ال ْمُعْجِز َ ِ‬
‫خر َ ب ِ‬
‫ل ف ِيه ِ‪ ،‬و َف ِيم َا ذُك ِر َف ِيه ِ سِو َى هَذ َا آ ِ‬
‫نخ ْبَت ُه ُ‪ ،‬و َق َ ْد بَسَطْنَا الْقَو ْ َ‬
‫ل هَذ َا ُ‬
‫يَط ُو ُ‬

‫ل صَلَ ّى الل ّٰه‬


‫ن مَسْع ُودٍ و َع ََم ّار ٌ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ي نَب ُِي ّك ُ ْم صلى الل ّٰه عليه وسلم أربعة عشر بحيبا مِنْه ُ ْم أَ بُو بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ و َاب ْ ُ‬ ‫بحباء وَزَر َاء َ ر ُفَق َاء َ م ِنْ ُأ َمّتِه ِ‪ ،‬و ُأ ْعط ِ َ‬

‫ت ل ِي سَاع َة ً م ِنْ نَهَارٍ(‬ ‫ل ل ِأَ حَدٍ بَعْدِي و َِإ َن ّمَا ُأح َِل ّ ْ‬ ‫تح ِ ُ ّ‬
‫ط عَلَيْهَا رَسُولَه ُ و َال ْمُؤْم ِنِينَ‪ ،‬و َِإ َ ّنهَا ل َا َ‬ ‫ل وَس ََل ّ َ‬‫الل ّه َ ق َ ْد ح َب ََس ع َنْ م َ َك ّة َ الف ِي َ‬ ‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫عليه وسلم ِ‬
‫ل فِي طِينَتِه ِ وَعِدَة ُ أَ بِي‬ ‫ن آدَم َ لم ُِن ْجَدِ ٌ‬ ‫الل ّه ِ وَخ َات َم َ‬
‫ُالن ّب ِيِّينَ( و َِإ َ ّ‬ ‫)إ َن ّي عَبْد ُ َ‬
‫ل ِ‬ ‫س َل ّم َ يَق ُو ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ب ْ ِن سَارِ يَة َ سَمِعْتُ رَسُو َ‬ ‫ن ال ْعِر ْب َا ِ‬‫وَع َ ِ‬
‫سم َاء ِ و َعَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء ِ صَلَوَاتُ‬ ‫ل ال َ ّ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى أَ ه ْ ِ‬ ‫ل مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه َ ف ََضّ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬ ‫س قَا َ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬‫ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َبِش َارَة ُ ع ِيس َى اب ْ ِن م َْر ي َم َ( وَع َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫سم َاء ِ )وَم َنْ يَق ُلْ مِنْه ُ ْم ِإن ِ ّي ِإلَه ٌ من دونه( الآية ‪ -‬وقال‬
‫ل ال َ ّ‬
‫ل لأَ ه ْ ِ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى قَا َ‬
‫ن َ‬ ‫سم َاء ِ قَا َ‬
‫ل ِإ َ ّ‬ ‫الل ّه ِ وَسَلام ُه ُ عَلَيْه ِ ْم قَالُوا فَمَا ف َضْ لُه ُعَلَى أَ ه ْ ِ‬
‫ل ال َ ّ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله الفيل( كان اسم هذا الفيل محمودا )قوله لمنجدل( أي ساقط يقال جدله أي رماه بالجدالة‪ ،‬وهى الأرض فانجدل أي سقط‬
‫)قوله وعدة( بكسر العين المهملة وتخفيف الدال المهملة )*(‬
‫الل ّه َ تَع َالَى قَالَ‪) :‬وَم َا أَ ْرسَل ْنَا م ِنْ‬
‫ن َ‬ ‫ك فَتْح ًا مبينا( الآية‪ ،‬قَالُوا‪ :‬فَمَا ف َضْ له ُ عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاءِ؟ قَالَ‪ِ :‬إ َ ّ‬
‫)إ َن ّا فَت َحْ نَا ل َ َ‬
‫س َل ّم َ ِ‬ ‫لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل لِمحُ َمّدٍ )وَم َا أَ ْرسَل ْنَاك َ ِإلا ك ََاف ّة ً ل ِ َلن ّاسِ(‬
‫ل إلا بلسان قومه( الآيَة َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫رَسُو ٍ‬
‫نح ْوُه ُ ع َنْ‬ ‫الل ّه ِ أَ خْبِرْن َا ع َنْ ن َ ْف ِ‬
‫سكَ‪ ،‬و َق َ ْد رُوِيَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ قَالُوا‪ :‬ي َا رَسُو َ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫اب رَسُو ِ‬
‫صح َ ِ‬ ‫وَع َنْ خ َالِد ِ ب ْ ِن مَعْد َانَ أَ َ ّ‬
‫ن نَف َرًا م ِنْ أَ ْ‬
‫الل ّه ُ عَنْه ُ ْم فَق َالَ‪ :‬نَع َ ْم أَ ن َا دَعْوَة ُ أَ بِي إ ب ْر َاه ِيم َ يَعْنِي قَو ْلَهُ‪) :‬ر َ َب ّنَا و َاب ْع ْ‬
‫َث ف ِيه ِ ْم رسولا منهم(‬ ‫ش َ ّدادِ ابن أَ ْوسٍ‪ ،‬و َأَ ن َ ِ‬
‫س ب ْ ِن م َال ِكٍ رَضِي َ َ‬ ‫أَ بِي ذ َ ٍرّ و َ َ‬

‫سعْدِ ب ْ ِن بكير‬
‫ضعْتُ فِي بَنِي َ‬ ‫ض ال َ ّ‬
‫شا ِم‪ ،‬و َاسْ تُرْ ِ‬ ‫ج مِنْهَا نُور ٌ أَ ضَاء َ لَه ُقُصُور ُ بُصْر َى م ِنْ أَ ْر ِ‬ ‫ت ُأمِّي حِينَ حَمَل َ ْ‬
‫ت بِي أَ َن ّه ُ خَر َ َ‬ ‫و َبشَ ّر َ بِي ع ِيس َى ور َأَ ْ‬
‫ل بطت من ذهب مملوة‬
‫ِيث آخَر َ ثَلاثَة ُ رِج َا ٍ‬
‫يض‪ ،‬و َفِي حَد ٍ‬
‫اب ب ِ ٌ‬
‫ن عَلَيْهَم َا ثيِ َ ٌ‬ ‫فَبَي ْنَا أَ ن َا م َ َع أَ ٍ‬
‫خ ل ِي خ َل َْف بُي ُوتنَِا نَرْعَى بَهْم ًا لَنَا ِإ ْذ ج َاءَنِي رَج ُلا ِ‬
‫اق ب َ ْطنِي ث َُم ّ استخرجا‬
‫نحْرِي ِإلَى م َرَ ّ ِ‬
‫ِيث م ِنْ َ‬
‫ل فِي غَيْر ِ هذا الْحَد ِ‬ ‫ثلَْج ًا ف َأَ خَذ َانِي ف َ َ ّ‬
‫شق َا ب َ ْطنِي قَا َ‬
‫__________‬
‫ت بِي( كذا هنا وفى غيره حين وضعتني )قوله‬‫)قوله ابن معدان( بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الدال المهملتين )قوله حِينَ حَمَل َ ْ‬
‫بصرى( بضم الموحدة مدينة حوران‪ ،‬وهى أول مدينة فتحت في الشام‪ ،‬وكان فتحها صلحا )قوله بهما( بفتح الموحدة وسكون الهاء‬
‫جمع بهيمة وهى ولد الضأن ذكرا كان أو أنثى وجمع البهم البهائم و يقال لأولاد المعز سخال )قوله بطست( بالسين المهملة‪ ،‬و يقال أيضا‬
‫طس وطسة وهو الآنية المعروفة‪ ،‬وفى الصحاح الطست الطس في لغة طيئ أبدل من إحدى السينين تاء للاستثقال فإذا جمعت أو‬
‫صغرت رددت السين لأنك فصلت بينهما بألف أو ياء فقلت طساس أو طسيس )قوله مراق بطني( بتخفيف الراء وتشديد القاف أي‬
‫ما سفل من البطن ورق من جلده )*(‬
‫ِيث آخَر َ ث َُم ّ تَنَاو َ َ‬
‫ل أَ حَد ُهُمَا‬ ‫الث ّل ِْج ح ََت ّى أَ نْق َيَاه ُ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل فِي حَد ٍ‬ ‫ك َ‬ ‫سوْد َاء َ فَطَرَح َاه َا ث َُم ّ غَسَلا قَلْبِي و َب َ ْطنِي بِذَل ِ َ‬
‫مِن ْه ُ قَلْبِي فَشَ َ ّقاه ُ فَاسْ تَخَرَج َا مِن ْه ُ عَلَق َة ً َ‬
‫ص ْدرِي‬
‫ق َ‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة ً ث َُم ّ أَ عَادَه ُ مَك َانَه ُ و َأَ م َ َّر الآخَر ُ يَدَه ُ عَلَى م َ ْفرِ ِ‬ ‫شي ْئًا ف َِإذ َا بِ خَات َ ٍم فِي يَدِه ِ م ِنْ نُو ٍر يَحَار ُ َ‬
‫الن ّاظِر ُ د ُونَه ُ فَخَتَم َ بِه ِ قَلْبِي فَامْتَل َ َأ ِإ يمَان ًا و َ ِ‬ ‫َ‬

‫ل أَ حَد ُهُمَا لِصَاحِبِه ِ زِن ْه ُ بِعَشْرَة ٍ م ِنْ ُأ َمّتِه ِ‬


‫ن ث َُم ّ قَا َ‬ ‫ن و َ ُأذ ُن َا ِ‬
‫ن سَم ِع َتَا ِ‬ ‫ن تُبْصِر َا ِ‬
‫شدِيد ٌ ف ِيه ِ عَي ْنَا ِ‬
‫ي َ‬
‫ْب وَكِي ٌع أَ ْ‬
‫ل قَل ٌ‬
‫ل قَا َ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫فَال ْت َأَ م َ و َفِي رِو َايَة ٍ ِإ َ ّ‬
‫ن ِ‬

‫ْف م ِنْ ُأ َمّتِه ِ ف َوَز َنَنِي بِه ِ ْم ف َوَزَنْتُه ُ ْم ث َُم ّ قَالَ‪ :‬دَع ْه ُ عَن ْ َ‬
‫ك‬ ‫ل زِن ْه ُ بِمِائَة ٍ م ِنْ ُأ َمّتِه ِ ف َوَز َنَنِي بهم فوزننهم ث َُم ّ قَالَ‪ :‬زِن ْه ُ ب ِأَ ل ٍ‬
‫ف َوَز َنَنِي بِه ِ ْم ف َر َجَ حْتُهُمْ‪ ،‬ث َُم ّ قَا َ‬

‫ِيث الآخَر ِ ث َُم ّ ض َُم ّونِي ِإلَى ُ‬


‫صد ُورِه ِ ْم و َقَب ّلُوا ر َأْ سِي وَم َا بَيْنَ عَي ْن َيّ ث َُم ّ قَالُوا ي َا حَب ِيبُ ل َ ْم ت ُر َ ْع ِإ َن ّ َ‬
‫ك لَو ْ ت َ ْدرِي‬ ‫فَلَو ْ وَزَن ْت َه ُ ب ُِأ َمّتِه ِ لَوَزَنَهَا قَا َ‬
‫ل فِي الْحَد ِ‬
‫ِيث أَ بِي ذَرٍّ‪:‬‬
‫ل فِي حَد ِ‬
‫ك وَم َلائِكَت َه ُ‪ ،‬قَا َ‬
‫الل ّه َ مَع َ َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ ِإ َ ّ‬
‫ك عَلَى َ‬ ‫ت عَي ْنَاك َ و َفِي بَق َِي ّة ِ هَذ َا الْحَد ِ‬
‫ِيث م ِنْ قَو ْلِه ِ ْم م َا أَ ك ْرَم َ َ‬ ‫ن ا ْلخـَيْر ِ لَق ََر ّ ْ‬
‫ك مِ َ‬
‫م َا ي ُر َاد ُ ب ِ َ‬

‫الل ّه ُ َ ّم‬
‫ل َ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ و َغَي ْر ُهُمَا أَ َ ّ‬
‫ن آدَم َ عِنْد َ مَعْصِ يَتِه ِ قَا َ‬ ‫ْث ال َ ّ‬ ‫ن و ََل ّيَا ع َن ِ ّي فَك َأَ َن ّمَا أَ ر َى الْأَ م َر مُع َايَن َة ً وَح َك َى أَ بُو محمد المكى أبو َ‬
‫الل ّي ِ‬ ‫َ‬ ‫فَمَا ه ُو َ ِإ َلّا أَ َ ّ‬
‫ن ع َرَف ْتَ مُحَم ّدًا‪.‬‬
‫الل ّهُ‪ :‬م ِنْ أَ ي ْ َ‬ ‫خط ِيئَتِي و َيُرْو َى و َتَق ََب ّلْ تَو ْبَتِي فَق َا َ‬
‫ل لَه ُ َ‬ ‫بِ ح َقّ ِ مُحَم ّدٍ ا ْغفِر ْ ل ِي َ‬
‫ن الْج َنَ ّة ِ مَكْت ُوب ًا ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا الل ّٰه محمد‬ ‫ل مَوْض ٍ‬
‫ِـع م ِ َ‬ ‫قَالَ‪ :‬ر َأَ ي ْتُ فِي ك ُ ّ ِ‬
‫__________‬
‫شدِيد ٌ )قوله لم ترع(‬
‫ي َ‬
‫)قوله يحار( بفتح المثناة التحتية والحاء المهملة أي يخـير )قوله مفرق( بفتح الميم وبكسر الراء )قوله وَكِيعٌ( أَ ْ‬
‫بضم المثناة الفوقية وفتح الراء أي لا تفزع‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل قَو ْلِه ِ تَع َالَى )فَتَل َ ّقى‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وَغَف َر َلَه ُ‪ ،‬و َهَذ َا عِنْد َ قَائِلِه ِ ت َأْ و ي ِ ُ‬
‫ك فَتَابَ َ‬ ‫الل ّه ِ و َيُرْو َى مُح َم ّدٌ عَبْدِي وَرَسُول ِي فَع َلِم ْتُ أَ َن ّه ُ أَ ك ْرَم ُ خ َلْق ِ َ‬
‫ك عَلَي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ُ‬
‫ُوب‪ :‬ل َا إله إلا الل ّٰه محمد رسول‬
‫ك ف َِإذ َا ف ِيه ِ مَكْت ٌ‬
‫ش َ‬
‫ل آدَم ُ‪ :‬لَم ّا خ َلَقْتَنِي ر َفَعْتُ ر َأْ سِي ِإلَى ع َْر ِ‬ ‫ات( و َفِي رِو َايَة ٍ ُأ ْ‬
‫خر َى فَق َا َ‬ ‫آدَم ُ م ِنْ ر َبِّه ِ كَل ِم َ ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الن ّب ِيِّيَنَ م ِنْ ذُرِّ َي ّت ِ َ‬


‫ك‬ ‫خر ُ َ‬
‫الل ّه ُ إليه )وعزتئ وَج َلال ِي ِإ َن ّه ُ لآ ِ‬
‫ك ف َأَ ْوحَى َ‬ ‫ْس أَ حَدٌ أَ ْعظَم َ ق َ ْدر ًا عِنْدَك َ م َِم ّنْ َ‬
‫جعَل ْتَ اسْم َه ُ م َ َع اسْم ِ َ‬ ‫الل ّٰه ف َع َلِم ْتُ أَ َن ّه ُ لَي َ‬
‫ك‬
‫و َلَو ْلاه ُ م َا خ َلْق َت ُ َ‬
‫ن ل َِل ّه ِ م َلائِكَة ً س ََي ّاحِينَ عِبَادَتُهَا عَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ل د َا ٍر ف ِيهَا‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫س أَ َن ّه ُ قَا َ‬ ‫قَالَ‪ :‬وَك َانَ آدَم ُ يُك ََن ّى ب ِأَ بِي مُحَم ّدٍ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل ب ِأَ بِي ال ْب َشَر ِ وَرُوِيَ ع َنْ سُر ْ َِيج ب ْ ِن يُون ُ َ‬

‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫ل قَا َ‬ ‫ِـع الْق َاض ِي ع َنْ أَ بِي ا ْلحم َ ْرَاء ِ قَا َ‬ ‫ن قَان ٍ‬ ‫س َل ّم َ وَرَو َى اب ْ ُ‬ ‫أَ حْمَد ُ أَ ْو مُحَم ّدٌ ِإك ْرَام ًا مِنْه ُ ْم لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫س فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى‪:‬‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬ ‫الل ّه ِ أَ َي ّدْتُه ُ ب ِعَل ِ ٍيّ و َفِي َ‬
‫الت ّ ْفسِير ِ ع َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ُوب ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬ ‫ش مَكْت ٌ‬ ‫سم َاء ِ ِإذ َا عَلَى الْعَر ْ ِ‬ ‫لَم ّا ُأسْر ِيَ بِي ِإلَى ال َ ّ‬

‫تح ْت َه ُ كنز لهما( قال‬ ‫)وَك َانَ َ‬


‫__________‬
‫س( بن سريج‪ :‬بضم السين المهملة وفتح الراء‪ ،‬وفي آخره جيم هو أبو الحارث البغدادي أحد أئمة الحديث )قوله‬‫)قوله سُر ْ َِيج ب ْ ِن يُون ُ َ‬
‫ل دار( عبادة بالباء الموحدة مبتدإ خبره كل دار على حذف مضاف‪ ،‬أي حفظ كل دار أو إعانة أهل كل دار )قوله‬ ‫عِبَادَتُهَا عَلَى ك ُ ّ ِ‬
‫ابن قانع( بالقاف والنون المسكورة بعدها عين مهملة هو القاضى عبد الباقي بن مرزوق صاحب معجم الصحابة وكتاب اليوم والليلة‬
‫س َل ّم َ أخرج هَذ َا الْحَدِيث‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫)قوله ع َنْ أَ بِي ا ْلحم َ ْرَاءِ( بفتح المهملة وسكون الميم والمد‪ ،‬اسم لصحابين أحدهما مَو ْلَى رَسُو ِ‬
‫عَن ْه ابن ماجه‪ ،‬والآخر مولى آل عفراء‪ ،‬ولا يعلم له رواية )*(‬

‫كي َْف يَضْ حَكُ! عَجَبًا لم َِنْ ر َأَ ى ال ُد ّن ْيَا و َتَق َُل ّبَهَا‬
‫ن ب َِالن ّارِ َ‬
‫كي َْف يَنْصَبُ ! عَجَبًا لم َِنْ أيْق َ َ‬
‫ن ب ِالْقَدَرِ َ‬
‫ُوب‪) :‬عَجَبًا لم َِنْ أيْق َ َ‬
‫ح م ِنْ ذ َه ٍَب ف ِيه ِ مَكْت ٌ‬
‫لَو ْ ٌ‬

‫َاب الْج َنَ ّة ِ مَكْت ٌ‬


‫ُوب ِإن ِ ّي أَ ن َا‬ ‫الل ّه ُ عَنْهُم َا‪ :‬عَلَى ب ِ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِي َ َ‬ ‫كي َْف ي َ ْطم َئ ِ ُ ّن ِإلَيْهَا! أَ ن َا َ‬
‫الل ّه ُ ل َا ِإلَه َِإ َلّا أَ ن َا مُحَم ّدٌ عَبْدِي وَرَسُول ِي( وَع َ ِ‬ ‫ب ِأَ ه ْلِه ِا َ‬

‫ُوب‪ :‬مُحَم ّدٌ تَق ّ ٌِي م ُصْ لِحٌ‪ ،‬وَسَيِّدٌ أَ م ِينٌ‪ ،‬وَذَك َر َ‬ ‫الل ّه ِ ل َا ُأع َ ّذِبُ م َنْ قَالَهَا‪ ،‬وَذُك ِر َ أَ َن ّه ُ و ُ ِ‬
‫جد َ عَلَى الْ حِجَارَة ِ الْقَدِيمَة ِ مَكْت ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ لا ِإلَه َ ِإلا أَ ن َا مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬
‫َ‬
‫ُوب ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫جن ْبَيْه ِ مَكْت ٌ‬
‫ض بِلادِ خُر َاسَانَ م َولُود ًا وُلِد ِ عَلَى أَ حَدِ َ‬ ‫سمَنْطَار ُِيّ أَ َن ّه ُ شَاهَد َ فِي بَعْ ِ‬
‫ال َ ّ‬
‫ن ببِِلادِ ال ْهِنْدِ وردا‬ ‫الل ّهِ‪ ،‬وَذَك َر َ الأَ خْ بَارِ ُي ّونَ أَ َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫و َعَلَى الآخَر ِ مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬
‫__________‬
‫س ع َنْ كليب بن وائل وكليب نكرة لا يعرف أنه‬ ‫)قوله وذكر الأخبار يون( بالخاء المعجمة قال الذهبي في ميزانه روى قريش بن أَ ن َ ٍ‬
‫رأى بالهند وردا في الوردة مكتوب محمد رسول الل ّٰه وقال ابن العديم في تار يخه في ترجمة الحسين بن أحمد بن الحسين الوراق الخواص‬
‫المصيصى مسندا عنه إلى عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ الل ّٰه الهاشمي الرقى أنه قال دخلت في بلاد الهند إلى بعض قراها فرأيت وردة كبيرة طيبة الرائحة‬
‫الل ّه أَ بُو بَك ْر الصديق عمر الفاروق فشككت في ذلك‪ ،‬وقلت إنه معمول‬ ‫سوداء عليها مكتوب بخط أبيض لا إله إلا الل ّٰه محمد رسول َ‬
‫ل ذَلِكَ‪ ،‬و َفِي البلد منه شئ كثير وأهل تلك القر ية يعبدون الحجارة‪ ،‬ولا يعرفون الل ّٰه‬ ‫فعمدت إلى وردة لم تفتح ففتحتها فكان فيها مِث ْ َ‬
‫ُوخ دخلت بلاد الهند فدخلت مدينة‬ ‫شي ِ‬ ‫ْض ال َ ّ‬
‫ل بَع ُ‬
‫عز وجل انتهى‪ ،‬وقال الشيخ عبد الل ّٰه اليافعي في كتابه المسمى بروض الر ياحين قَا َ‬
‫رأيت فيها شجرة تحمل ثمرا يشبه اللوز له قشران‪ ،‬فإذا كسر خرج منه ورقة خضراء مطو ية مكتوب فيها بالحمرة )لا إله إلا الل ّٰه( كتابة‬
‫جلية وهم يتبركون بها ويستسقون بها إذا منعوا من الغيث‪ ،‬فحدثت بهذا أبا يعقوب الصياد‪ ،‬فقال لى ما أستعظم هذا كنت أصطاد‬
‫على نهر الأبلة‪ ،‬فاصطدت سمكة مكتوب على جنبها الأيمن )لا إله إلا الل ّٰه( وعلى جنبها الأيسر )محمد رسول الل ّٰه( فلما رأيتها قذفتها في‬
‫الماء احتراما لما عليها )*(‬

‫)فصل( في تفضيله بما تضمنته كرامة الإسراء‬ ‫‪٢.٣.٢‬‬

‫الل ّه ِ وَرُوِيَ ع َنْ َ‬


‫جعْفَرِ ب ْ ِن مُحَم ّدٍ ع َنْ أَ بيِه ِ إذ َا ك َانَ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ن َاد َى م ُنَادٍ إ َلّا لِيَق ُ ْم‬ ‫ل َ‬ ‫ض ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬ ‫أَ حْم َر َ مَكْت ُوب ًا عَلَيْه ِ ب ِالْأَ ب ْي ِ‬
‫ن اسْم ُه ُ‪.‬‬
‫مَ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل م َ َك ّة َ‬
‫ْب فِي ج َام ِعِه ِ ع َنْ م َال ِكٍ سَمِعْتُ أَ ه ْ َ‬
‫ن وَه ٍ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬وَرَو َى اب ْ ُ‬
‫ن الْق َاس ِ ِم فِي سَمَاعِه ِ و َاب ْ ُ‬ ‫مُح َم ّدٌ فَل ْي َ ْدخ ُل الْج َنَ ّة َ لـِك َرَامَة ِ اسْمِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ْت ف ِيه ِ اسْم ُ مُحَم ّدٍ إ َلّا نَم َى وُرُزِق ُوا وَرُزِقَ جِير َانُهُمْ‪ ،‬وعنه صلى الل ّٰه عليه وسلم )ماضر أحدكم أن يكون فِي بَي ْتِه ِ مُحَم ّدٌ و َمُحَم ّد َا ِ‬
‫ن‬ ‫يَق ُولُونَ م َا م ِنْ بَي ٍ‬
‫و َثَلاثَة ٌ(‬
‫س َل ّم َ فَاصْ طَف َاه ُ لِن َ ْف ِ‬
‫سه ِ‬ ‫وب ال ْع ِبَادِ فَاخْ تَار َ مِنْهَا قَل ْبَ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى نَظَر َ ِإلَى قُل ُ ِ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن مَسْع ُودٍ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ب ْ ُ‬
‫وَع َنْ عَب ْد َ‬
‫الل ّه ِ و َلا أَ ْن تَن ْ ِ‬
‫كحُوا أَ ْزو َاج َه ُ م ِنْ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ لَم ّا ن َزَل َ ْ‬
‫ت )وَم َا ك َانَ لـَك ُ ْم أَ ْن تُؤْذ ُوا رَسُو َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫اش أَ َ ّ‬
‫الن ّ َ ّق ُ‬
‫فَب َع َث َه ُ بِرِسَالَتِه ِ‪ ،‬وَح َك َى َ‬
‫بعده أبدا( الآية‪.‬‬
‫الل ّه َ تَع َالَى ف ََضّ لَنِي عَلَيْك ُ ْم تَفْضِ يل ًا و َف ََضّ َ‬
‫ل نِس َائِي على نسائكم تَفْضِ يل ًا( الْحَدِيثَ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ِإ َ ّ‬
‫ل ال ِْإ يمَا ِ‬
‫ل )ي َا مَعْشَر َ أَ ه ْ ِ‬
‫خط ِيبًا فَق َا َ‬
‫قَام َ َ‬
‫َات‬
‫س ْدرَة ِ ال ْمُنْت َهَ ى وَم َا ر َأَ ى م ِنْ آي ِ‬ ‫ُوج بِه ِ ِإلَى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض َمّ َن ّتَْه ُ ك َرَام َة ُ ال ِْإسْر َاء ِ م ِ َ‬
‫ن ال ْمُنَاج َاة ِ و ُ‬
‫َالر ّ ْؤ يَة ِ و َِإم َامَة ِ الْأَ ن ْب ِيَاء و َال ْع ُر ِ‬ ‫)فصل( فِي تَفْضِ يلِه ِ بِمَا ت َ َ‬
‫س َل ّم َ ق َِصّ ة ُ ال ِْإسْر َاء ِ وما انطوت عليه من درجات الرفعة ممَا ن َب ّه َ عَلَيْه ِ الْكِتَابُ الْعَزِيز ُ و َشَر َ َ‬
‫حت ْه ُ‬ ‫خصَائ ِصِ ه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ر َب ِّه ُ ال ْـكُبْر َى‪ :‬وَم ِنْ َ‬
‫ن‬‫سب ْح َانَ ال َ ّذ ِي أَ سْر َى بِعَبْدِه ِ لَي ْلا م ِ َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى‪ُ ) :‬‬ ‫ل َ‬ ‫ح الْأَ خَبَارِ قَا َ‬
‫صحَا ُ‬ ‫ِ‬
‫__________‬
‫ن الْق َاسِمِ( هو الفقيه الإمام أبو عبد الل ّٰه عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك روى أنه قال‪ :‬خرجت على مالك اثنى‬ ‫)قوله وَرَو َى اب ْ ُ‬
‫عشرة مرة أنفقت في كل مرة ألف دينار‪(*) ،‬‬
‫ِلاف بَيْنَ ال ْمُسْل ِمِينَ فِي ِ َ‬
‫صح ّة ِ‬ ‫َات ر َبِّه ِ الـكبرى( فَلَا خ َ‬ ‫المسجد الحرام( الآية وقال تعالى )و َ‬
‫َالن ّجْ ِم ِإذ َا ه َو َى( ِإلَى قَو ْلِه ِ )لَق َ ْد ر َأَ ى م ِنْ آي ِ‬
‫س َل ّم َ ف ِيه ِ أَ ح َادِيثُ‬ ‫ص القرآن وجائت بتَِفْصِ يلِه ِ و َشَر ِ‬‫س َل ّم َ ِإ ْذ ه ُو َ ن َ ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫اص نَب ِي ِّنَا مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ْح عَجائبِِه ِ وَخَو َ ّ ِ‬ ‫ال ِْإسْر َاء بِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫يج ِبُ ذِك ْر ُه َا ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ و َالْفَق ِيه ُ أَ بُو َ‬
‫بحْرٍ بِسَم َاعِ ي عَلَيْهِم َا‬ ‫كَث ِيرَة ٌ مُن ْتَشِرَة ٌ ر َأَ ي ْنَا أن نقدم أكمالها و َنُشِير َ ِإلَى زِي َادَة ٍ م ِنْ غَيْرِه ِ َ‬

‫الر ّاز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو أَ حْمَد َ الْجلُُود ُِيّ‬


‫س َ‬ ‫س ال ْع ُ ْذر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْع ََب ّا ِ‬
‫حدٍ م ِنْ شُي ُوخِنَا قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْع ََب ّا ِ‬
‫ي و َغَي ْر ُ و َا ِ‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫التمِّيمِ ُ ّ‬ ‫و َالْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫ن سَلَم َة َ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫ن ف َُر ّو َ‬
‫خ ح َ َ ّدثَنَا ح ََم ّاد ُ ب ْ ُ‬ ‫اج ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫شي ْبَانُ ب ْ ُ‬ ‫سفْيَانَ حدثنا مسلم ابن الْ حجَ ّ ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن ُ‬

‫ل فَو ْقَ‬ ‫س َل ّم َ قَالَ‪ُ ) :‬أتِيتُ ب ِال ْبُر َا ِ‬


‫ق و َه ُو َ د ََاب ّة ٌ أَ ب ْي َُض َطوِ ي ٌ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫ث َاب ِتٌ البُنَان ِ ُيّ ع َنْ أَ ن َ ِ‬
‫س ين م َال ِكٍ رَضِيَ َ‬
‫ط بِهَا الْأَ ن ْب ِيَاء ُ ث َُم ّ دَخ َل ْتُ‬
‫س ف َر َبَطْت ُه ُ ب ِالْحل َْقَة ِ َال ّتِي يَرْب ُ ُ‬
‫كب ْت ُه ُ ح ََت ّى أَ تَي ْتُ بَي ْتَ ال ْم َ ْقدِ ِ‬
‫ل ف َر َ ِ‬
‫ض ُع ح َاف ِرَه ُ عِنْد َ مُنْت َهَ ى َطر ْفِه ِ قَا َ‬
‫ل يَ َ‬
‫ا ْلحِمَارِ وَد ُونَ ال ْبَغْ ِ‬
‫ل جبرئيل‪ :‬اخْتَرْتَ الْفِطْرَة َ ث َُم ّ‬ ‫الل ّبَنَ فَق َا َ‬ ‫جد َ فَص ََل ّي ْتُ ف ِيه ِ رَكْ ع َتَيْنِ ث َُم ّ خَر َجْ تُ فَجَاءنِي جبرئيل ب ِِإن َاء ٍ م ِنْ خَمْرٍ و َِإن َاء ٍ م ِنْ لبََنٍ فَاخْتَرْتُ َ‬ ‫س ِ‬‫ال ْم َ ْ‬
‫َ‬
‫ل وَم َنْ معك‬ ‫ل ق ِي َ‬ ‫جبْر ِي ُ‬‫ل م َنْ أَ ن ْتَ ‪ ،‬قَالَ‪ِ :‬‬ ‫سم َاء ِ فاستفتح جبرئيل فَق ِي َ‬ ‫ج بنَِا ِإلَى ال َ ّ‬
‫عُر ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن فروخ( بفتح الفاء‪ ،‬وتشديد الراء وفى آخره خاء معجمة )قوله البنائى( بضم الموحدة وتخفيف النون )قوله بالحلقة( بإسكان‬
‫اللام وفتحها )قوله اخترت الفطرة( أي الاستقامة )*(‬
‫ج بنَِا‬‫حبَ بِي ودعا لي بخـير ث َُم ّ عُر ِ َ‬ ‫س َل ّم َ ف َر َ َ ّ‬ ‫ح لَنَا ف َِإذ َا أَ ن َا ب ِآدَم َ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫قَالَ‪ :‬مُح َم ّدٌ‪ ،‬ق ِي َ‬
‫ل و َق َ ْد بُع ِثَ ِإلَيْه ِ قَالَ‪ :‬ق َ ْد بُع ِثَ ِإلَيْه ِ‪ ،‬فَف ُت ِ َ‬
‫ل و َق َ ْد بُع ِثَ ِإلَيْه ِ؟ قَالَ‪ :‬ق َ ْد بُع ِثَ ِإلَيْه ِ‬ ‫ل مُح َم ّدٌ ق ِي َ‬ ‫ك قَا َ‬ ‫ل وَم َنْ م َع َ َ‬
‫ل م َنْ أَ ن ْتَ ؟ قال‪ :‬جبرئيل‪ :‬ق ِي َ‬ ‫الث ّانيَِة ِ فاستفتح جبرئيل‪ ،‬فَق ِي َ‬ ‫سم َاء ِ َ‬ ‫ِإلَى ال َ ّ‬
‫سم َاء ِ َ‬
‫الث ّالِثَة ِ‬ ‫ج بنَِا ِإلَى ال َ ّ‬
‫حبَا بِي وَدَع َوَا ل ِي بِ خـَيْرٍ ث َُم ّ عُر ِ َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْهِم َا ف َر َ َ ّ‬
‫يح ْي َى ب ْ ِن زَكَر ِ َي ّا صَلَ ّى َ‬
‫ح لَنَا ف َِإذ َا أَ ن َا ب ِاب ْن َِي الخالة عيسى ابن م َْر ي َم َ و َ َ‬
‫فَف ُت ِ َ‬

‫حبَ بِي وَد َعَا ل ِي بِ خـَيْر ِ ث َُم ّ عُر ِ َ‬


‫ج بنَِا ِإلَى‬ ‫ن ف َر َ َ ّ‬
‫س ِ‬
‫شطْر َالْح ُ ْ‬ ‫س َل ّم َ و َِإذ َا ه ُو َ ق َ ْد ُأ ْعط ِ َ‬
‫ي َ‬ ‫ُف صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ح لَنَا ف َِإذ َا أَ ن َا بيِ ُوس َ‬ ‫ل الْأَ َ ّو ِ‬
‫ل فَف ُت ِ َ‬ ‫فَذَك َر َ مِث ْ َ‬

‫سم َاء ِ الْخا َمِسَة ِ‬


‫ج بنَِا ِإلَى ال َ ّ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى )وَر َفَعْنَاه ُ مَك َان ًا عَل ًِي ّا( ث َُم ّ عُر ِ َ‬
‫ل َ‬ ‫ِيس ف َر َ َ ّ‬
‫حبَ بِي وَد َعَا ل ِي بِ خـَيْرٍ قَا َ‬ ‫سم َاء ِ َ‬
‫الر ّاب ِعَة ِ وَذَك َر َ مِثْلَه ُف َِإذ َا أَ ن َا ب ِِإ ْدر َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سم َاء ِ‬
‫حبَ بِي وَد َعَا ل ِي بخـير ثم عرج بنَِا ِإلَى ال َ ّ‬
‫فَذَك َر َ مِثْلَه ُ ف َِإذ َا أَ ن َا بِهَار ُونَ ف َر َ َ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫سم َاء ِ ال َ ّ‬
‫سابِعَة ِ فَذَك َر َ مِثْلَه ُ ف َِإذ َا أَ ن َا ب ِِإ ب ْر َاه ِيم َ مُسْنِدًا َظهْرَه ُ ِإلَى‬ ‫حب بِي وَد َعَا ل ِي بخـير ثم عرج بنَِا ِإلَى ال َ ّ‬
‫السادسة فذَك َر َ مِثْلَه ُ ف َِإذ َا أَ ن َا بِمُوس َى ف َر َ َ ّ‬
‫سب ْع ُونَ أَ ل َْف م َل َكٍ ل َا يعوذون‬ ‫ْت ال ْمَعْم ُورِ و َِإذ َا ه ُو َ ي َ ْدخُلُه ُ ك ُ َ ّ‬
‫ل يَو ْ ٍم َ‬ ‫ال ْبَي ِ‬
‫__________‬
‫)قوله بعث إليه( وفى بعض روايات الصحيح‪ ،‬أرسل إليه قالوا‪ :‬وظاهره السؤال عن أصل الرسالة‪ ،‬ولا يصح لأن أمر نبوته كان‬
‫مشهورا في الملـكوت لا يكاد يخفى على خزان السماوات وحراسها‪ ،‬فالمراد أرسل إليه للعروج والإسراء‪ ،‬وكان سؤالهم للاستعجاب بما‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ أو الاستبشار بعروجه قال الطبري و يحتمل أن تكون البعثة والرسالة خفيف على السائلين لاشتغالهم بالعبادة )قوله ِإلَى‬ ‫أَ نْعَم َ َ‬
‫سابعة ِ‪ ،‬يقال له الضراح بضم المعجمة وتخفيف )*(‬‫سم َاء ِ ال َ ّ‬
‫ْت ال ْمَعْم ُورِ( عن على أنه قال البيت المعمور فِي ال َ ّ‬
‫ال ْبَي ِ‬
‫ل فَلَم ّا غَشِيهَا م ِنْ أمر الل ّٰه ما غشى تعيرت فَمَا أَ حَدٌ‬
‫ن الْف ِيَلَة ِ و َِإذ َا ثَم َر ُه َا ك َالْق ِلالِ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ِإلَيْه ِ ث َُم ّ ذ َه َبَ بِي ِإلَى ِ‬
‫س ْدرَة ِ ال ْمُنْت َهَ ى و َِإذ َا وَر َقُه َا ك َآذ َا ِ‬
‫ل‬ ‫الل ّه ُ ِإل َيّ م َا أَ ْوحَى فَف َر ََض عَل َيّ خَمْسِينَ صَلاة ً فِي ك ُ ّ ِ‬
‫ل يَو ْ ٍم و َلَيْلَة ٍ فَنَزَل ْتُ ِإلَى م ُوس َى فَق َا َ‬ ‫سنِهَا ف َأَ ْوحَى َ‬ ‫الل ّه ِ يَسْتَط ِي ُع أَ ْن يَنْعَتَهَا م ِنْ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ق َ‬ ‫م ِنْ خ َل ْ ِ‬

‫ك ف َِإن ِ ّي ق َ ْد بَلَو ْتُ بَنِي‬ ‫ن ُأ َمّت َ َ‬


‫ك ل َا يُط ِيق ُونَ ذَل ِ َ‬ ‫ِيف ف َِإ َ ّ‬ ‫ك فَاسْ أَ لْه ُ َ‬
‫الت ّخْ ف َ‬ ‫ل ا ْرجِـعْ ِإلَى ر َب ِّ َ‬ ‫ك عَلَى ُأ َمّت ِ َ‬
‫ك قلُ ْتُ خَمْسِينَ صَلاة ً قَا َ‬ ‫م َا ف َر ََض ر َُب ّ َ‬
‫ل‬ ‫خ ّف ِْف ع َنْ ُأ َمّتِي فَح َ ّط ع َن ِ ّي خَمْسًا ف َر َ َ‬
‫جعْتُ ِإلَى م ُوس َى فَق ُل ْتُ ح َ َّط ع َن ِ ّي خَمْسًا قَا َ‬ ‫َب َ‬
‫جعْتُ ِإلَى ر َب ِ ّي فَق ُل ْتُ ي َا ر ِّ‬
‫ل ف َر َ َ‬
‫ل وَخ َبَرْتُه ُ ْم قَا َ‬
‫إسْر َائيِ َ‬

‫ل ي َا مُحَم ّد ُ ِإ َ ّنه َُنّ‬


‫ل فَل َ ْم أَ ز َلْ أَ ْرجِـ ُع بَيْنَ ر َب ِ ّي تَع َالَى و َبَيْنَ م ُوس َى ح ََت ّى قَا َ‬
‫ِيف قَا َ‬ ‫ك فَاسْ أَ لْه ُ َ‬
‫الت ّخْ ف َ‬ ‫ك فَا ْرجِـعْ ِإلَى ر َب ِّ َ‬ ‫ن ُأ َمّت َ َ‬
‫ك ل َا يُط ِيق ُونَ ذَل ِ َ‬ ‫ِإ َ ّ‬
‫حسَن َة ً ف َِإ َ ّ‬
‫ن عَم ِلَه َا كُت ِب َْت لَه ُ‬ ‫ك خَمْس ُونَ صَلاة ً وَم َنْ ه َ َ ّ‬
‫م بِ حَسَنَة ٍ فَل َ ْم يَعْم َلْه َا كُتَب َْت لَه ُ َ‬ ‫ات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فَتِل ْ َ‬
‫ْس صَلَو َ ٍ‬
‫خَم ُ‬
‫ل فنزلت حتى انتخيت ِإلَى م ُوس َى ف َأَ خْبَرْتُه ُ‬ ‫عَشْر ًا وَم َنْ ه َ َ ّم بِس َي ِّئَة ٍ فَل َ ْم يَعْم َلْه َا ل َ ْم تُكْت َْب َ‬
‫شي ْئًا ف َِإ ْن عَم ِلَه َا كُت ِب َْت سَي ِّئ َة ً و َاحِدة ً قَا َ‬
‫جعْتُ ِإلَى ر َب ِ ّي ح ََت ّى اسْ ت َحْ يَي ْتُ مِن ْه ُ( قَا َ‬
‫ل‬ ‫س َل ّم َ فَق ُل ْتُ ق َ ْد ر َ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ِيف فَق َا َ‬ ‫ك فَاسْ أَ لْه ُ َ‬
‫الت ّخْ ف َ‬ ‫ل ا ْرجِـعْ ِإلَى ر َب ِّ َ‬
‫فَق َا َ‬
‫س م َا شَاء َ و َل َ ْم ي َأْ ِ‬
‫ت أَ حَدٌ عَن ْه ُ بأصوب‬ ‫ج َو ّد َ ث َاب ِتٌ رَحِم َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ هَذ َا الْحَدِيثُ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫الْق َاض ِي و ََف ّق َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ َ‬
‫__________‬
‫الراء وفى آخره حاء مهملة‪ ،‬وقيل في السماء الأولى وقيل في الرابعة وقيل في السادسة )قوله إلى سدرة المنتهى( إن قيل لم اختيرت‬
‫السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الأشجار؟ أجيب بأن شجر السدر يختص بالظل المديد والطعم اللذيذ والرائحة الطيبة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ط ف ِيه ِ غَي ْرُه ُ ع َنْ أنس تخلطا كثير لاسيما م ِنْ رِو َايَة ِ شَر ِيكِ ب ْ ِن أَ بِي نَمِرٍ فَق َ ْد ذَك َر َ فِي أوله مجئ ال ْمَل َكِ لَه ُ وَش ََقّ بَطْنِه ِ وَغَسْلَه ُ‬
‫م ِنْ هَذ َا و َق َ ْد خ ََل ّ َ‬

‫ل أَ ْن يُوحَى ِإلَيْه ِ وَذَك َر َ ق َِصّ ة َ ال ِْإسْر َاء ِ وَل َا خ َ‬


‫ِلاف‬ ‫ك قَب ْ َ‬
‫ل شَر ِيكٌ فِي حَدِيثِه ِ وَذَل ِ َ‬
‫ل ال ْوَح ِْي و َق َ ْد قَا َ‬ ‫بِمَاء ِ زَم َْزم َ و َهَذ َا ِإ َن ّمَا ك َانَ و َه ُو َ َ‬
‫صبِيّ ٌ و َقَب ْ َ‬
‫س م ِنْ رِو َايَة ِ ح ََم ّادِ ب ْ ِن سَلَم َة َ‬
‫ل هَذ َا و َق َ ْد رَو َى ث َاب ِتٌ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ل قَب ْ َ‬ ‫حدٍ ِإ َ ّنهَا ك َان َْت قَب ْ َ‬
‫ل ال ْه ِجْ رَة ِ بِس َنَة ٍ و َق ِي َ‬ ‫أَ َ ّنهَا ك َان َْت بَعْد َ ال ْوَح ِْي و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل غَي ْر ُ و َا ِ‬
‫ِيث ال ِْإسْر َاء ِ كَمَا‬
‫ك الْق َِصّ ة ُ مُفْرَدَة ٌ م ِنْ حَد ِ‬
‫ش َ ّقه ُ قَل ْب َه ُ تِل ْ َ‬ ‫س َل ّم َ و َه ُو َ يلَْع َبُ م َ َع ال ْغ ِل ْمَا ِ‬
‫ن عِنْد َ ظِئْرِه ِ و َ َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ِإلَى َ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫أَ يْضًا مجئ ِ‬

‫س ث َُم ّ‬
‫ْت الم َ ْقدِ ِ‬
‫ل ِإلَى بَي ِ‬ ‫س ْدرَة ِ المُنْت َهَ ى ك َانَ ق َِصّ ة ً و َاحِدة ً و َأَ َن ّه ُ و َ َ‬
‫ص َ‬ ‫س و َِإلى ِ‬
‫ْت ال ْم َ ْقدِ ِ‬ ‫اس فَجَو ّد َ فِي الْق َِصّ تَيْنِ و َفِي أَ َ ّ‬
‫ن ال ِْإسْر َاء َ ِإلَى بَي ِ‬ ‫رَو َاه ُ َ‬
‫الن ّ ُ‬
‫ل ك َانَ أَ بُو ذ َ ٍرّ يُح َ ّدِثُ أَ َ ّ‬
‫ن رسول الل ّٰه ثلى‬ ‫س قَا َ‬
‫َاب ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ن اب ْ ِن شِه ٍ‬
‫س عَ ِ‬
‫ح كل إشكال أو همه غَي ْرُه ُ و َق َ ْد رَو َى يُون ُ ُ‬
‫عرج م ِنْ ه ُنَاك َ ف َأَ ز َا َ‬
‫ح ْ‬
‫كم َة ً و َِإيمَان ًا‬ ‫ص ْدرِي ث َُم ّ غَسَلَه ُ م ِنْ م َاء ِ زَم َْزم َ ث َُم ّ ج َاء َ بطَس ٍ‬
‫ْت م ِنْ ذ َه ٍَب مُم ْتَل ِ ٍئ ِ‬ ‫ج َ‬
‫ل فَف َر َ َ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ل ِ‬
‫ْف بَيْتِي فَنَز َ َ‬
‫سق ُ‬
‫ج َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )فُرِ َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫سم َاء ِ فَذَك َر َ الْق َِصّ ة َ وَرَو َى قَتَادَة ُ‬
‫ج بنَِا ِإلَى ال َ ّ‬
‫ص ْدرِي ث َُم ّ أَ طْ بَق َه ُ ث َُم ّ أَ خَذ َ بيَِدِي فَع َر َ َ‬
‫ف َأَ ف ْرَغَه َا فِي َ‬
‫َات وحَدِيثُ‬ ‫يب الْأَ ن ْب ِيَاء ِ فِي ال َ ّ‬
‫سم َاو ِ‬ ‫َلاف فِي تَرْت ِ ِ‬ ‫ْص وَخ ٌ‬ ‫صع َة َ و َف ِيهَا ت َ ْقدِيم ٌ و َت َأْ خِير ٌ وَزِي َادَة ٌ و َنَق ٌ‬
‫صع ْ َ‬
‫ك ب ْ ِن َ‬‫س ع َنْ م َال ِ ِ‬ ‫الْحَدِيثَ بِمِثْلِه ِ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ِيث الْإسْر َاء ِ‬
‫َت فِي حَد ِ ِ‬ ‫ن و َأَ جْ وَد ُ و َق َ ْد و َقَع ْ‬ ‫س أَ تْق َ ُ‬
‫ث َاب ٍِت ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله عند ظئزه( بكسر الظاء المعجمة وسكون الهمزة‪ :‬المرضعة )*(‬
‫الصّ الِ ِح إ َلّا آدَم َ‬
‫خ َ‬ ‫الصّ الِ ِح و َالْأَ ِ‬
‫ل نَبِ ٍ ّي لَه ُ م َرحَبًا ب َِالن ّب ِ ِيّ َ‬
‫ْ‬ ‫ل ك ُ ِّ‬‫َاب و َف ِيه ِ قَو ْ ُ‬
‫ز يادان ن َ ْذك ُر ُ مِنْهَا نُك َتاً مُف ِيدَة ً فِي غ َرَضِنَا مِنْهَا فِي حَدِيث اب ْ ِن شِه ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س ث َُم ّ‬
‫ِيف الْأَ ق ْلا ِم‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫س ث َُم ّ عُر ِ َ‬
‫ج بي حتى ظهرت بمستوى أَ سْم َ ُع ف ِيه ِ صَر َ‬ ‫الصّ الِ ِح و َف ِيه ِ م ِنْ َطرِ ي ِ‬
‫ق اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬ ‫و َإب ْر َاه ِيم َ فَق َال َا لَه ُ و َالْاب ْ ِن َ‬

‫ك ب ْ ِن صعصعة فلما جاوزته يَعْنِي‬ ‫ل ث َُم ّ ُأ ْدخِل ْتُ الْج َنَ ّة َ و َفِي حَد ِ‬
‫ِيث م َال ِ ِ‬ ‫هي َ قَا َ‬
‫ن ل َا أَ ْدرِي م َا ِ‬ ‫ق بِي ح ََت ّى أَ تَي ْتُ ِ‬
‫س ْدرَة َ ال ْمُنْت َهَ ى فَغَشِيهَا أل ْوَا ٌ‬ ‫انْط ُل ِ َ‬

‫ل م ِنْ ُأ َمّتِي وفي حديث أبي هريرة‬


‫ل م ِنْ ُأ َمّتِه ِ الْج َنَ ّة َ أَ كْ ث َر ُ م َِم ّا ي َ ْدخ ُ ُ‬
‫َب هَذ َا غُلام ٌ بَعَث ْت َه ُ بَعْدِي ي َ ْدخ ُ ُ‬
‫ل ر ِّ‬
‫ك قَا َ‬
‫م ُوس َى بَك َى فَن ُودِيَ م َا يُبْكِي َ‬
‫الن ّارِ فسَل ِ ّ ْم عَلَيْه ِ فَال ْتَف ُ ّ‬
‫َت‬ ‫ل ي َا مُحَم ّد َ هَذ َا م َال ِكٌ خ َازنُ َ‬
‫ل قَائ ِ ٌ‬ ‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ فَحَان َِت َ‬
‫الصّ لَاة ُ ف َأَ مَمْتُه ُ ْم فَق َا َ‬ ‫رضي الل ّٰه عَن ْه ُ و َق َ ْد ر َأَ ي ْتُنِي فِي جَمَاعَة ٍ م ِ َ‬
‫س فنزل‬‫ِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ ث َُم ّ سَار َ ح ََت ّى أَ تَى بَي ْتَ ال ْم َ ْقدِ ِ‬ ‫فَبَد َأَ نِي ب ِال َ ّ‬
‫سلا ِم و َفِي حَد ِ‬
‫__________‬
‫)قوله بمستوى( بالتنوين‪ ،‬أي مكان عال من استوى على ظهر دابته‪ ،‬علا عليها )قوله صر يف الأقلام( بفتح الصاد المهملة وكسر الراء‬
‫َب هَذ َا غلام( قيل لم أطلق موسى عليه السلام على نبينا عليه السلام غلاما‪ ،‬وكان صلى‬
‫ل ر ِّ‬
‫أي حركتها وجر يانها على المخطوط )قوله قَا َ‬
‫الل ّٰه عليه وسلم في سن الـكهولة إذ ذاك‪ ،‬وأجيب بأن الغلام يقال بمعنى المستحكم القوة‪ ،‬ويمكن أن يقال َإن ّمَا قَال ذَل ِك لتقدمه عليه‬
‫بزمان‬
‫طو يل‪ ،‬وموسى اسم أعجمى لا ينصرف للعجمة والتعر يف‪ ،‬قال القرطبى‪ :‬قال بن إسحاق هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن‬
‫ن يَعْق ُوبَ ب ْ ِن إسحاق بن إبراهيم قال السهيلي في التعر يف وموسى بن عمران‪ ،‬وهو بالعبرانية عمر بن قاهث بن عازر ابن لاوى‬
‫لاوى ب ْ ُ‬
‫بن يعقوب وسمى بموسى لأن التابوت الذى كان فيه وجد في ماء وشجر ومو في لغة القبط هو الماء وسى هو السجر‪ ،‬وكان بين موسى‬
‫وإبراهيم عليهما السلام سبعمائة سنة )*(‬
‫الل ّه ِ خ َات َم ُ َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ قَالُوا‬ ‫ل َ‬ ‫ل هَذ َا مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬
‫ك قَا َ‬
‫ل م َنْ هَذ َا مَع َ َ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫ط ف َرَسَه ُ ِإلَى صَ خ ْرَة ٍ فَصَلَ ّى م َ َع ال ْمَلَائِكَة ِ فَلَم ّا قُضِ ي َِت َ‬
‫الصّ لَاة ُ قَالُوا ي َا ِ‬ ‫ف َر َب َ َ‬

‫ح الْأَ ن ْب ِيَاء ِ ف َأَ ث ْن َوا عَلَى ر َ ّبِه ِ ْم وَذَك َر َ ك َلام َ ك ُ ُ ّ‬


‫ل‬ ‫خ و َنِعْم َ الْخل َِيف َة ُ ث َُم ّ لَق ُوا أ ْرو َا َ‬ ‫ل نَع َ ْم قَالُوا ح ََي ّاه ُ الله م ِنْ أَ ٍ‬
‫خ وَخ َلِيفَة ٍ فَنِعْم َ الْأَ ُ‬ ‫ل ِإلَيْه ِ قَا َ‬ ‫و َق َ ْد ُأ ْر ِ‬
‫س َ‬
‫َّ ُ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫ن مُح َم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل و َإ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حدٍ مِنْه ُ ْم و َه ُ ْم إ ب ْر َاه ِيم ُ وم ُوس َى وعيسى ود َاو ُد وسُلَيْم َان ث َُم ّ ذَك َر َ كلام َ‬ ‫و َا ِ‬

‫ل ك ُُل ّـك ُ ْم أث ْن َى عَلَى ر ََب ّه ُ و َأَ ن َا ُأثْنِي عَلَى ر َب ّي ا ْلحم َْد ُ لل ّٰه ال َ ّذ ِي أَ ْرسَلَنِي رَحْم َة ً لِل ْع َالم َي ِنَ وَك ََاف ّة ً ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س بَشِير ًا و َنَذِيِر ًا‬ ‫أث ْن َى عَلَى ر ََب ّه ُ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل فَق َا َ‬

‫ح ل ِي‬ ‫ل ُأ َمّتِي هُم ُ الْأَ َ ّولُونَ و َهُم ُ الآ ِ‬


‫خر ُونَ و َشَر َ َ‬ ‫ل ُأ َمّتِي ُأ َمّة ً و َ َ‬
‫سطًا وَجَع َ َ‬ ‫ل ُأ َمّتِي خَيْر َ ُأ َمّة ٍ و َ َ‬
‫جع َ َ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ل عَل ِ َيّ الْفُر ْقَانَ ف ِيه ِ تِب ْيَانُ ك ُ ّ‬
‫ل شئ و َ‬ ‫و َأَ ن ْز َ َ‬

‫سم َاء َ ال ُد ّن ْيَا‬


‫ج بِه ِ ِإلَى ال َ ّ‬
‫ل إ ب ْر َاه ِيم ُ بِهَذ َا فَضَلـَك ُ ْم مُحَم ّدٌ ث َُم ّ ذَك َر َ َأن ّه ُ عُر ِ َ‬
‫جعَلَنِي فَاتِ حًا وَخ َاتِمًا فَق َا َ‬
‫ض َع ع َن ّي وِ ْزرِي وَر َف َ َع ل ِي ذِك ْري و َ َ‬ ‫ص ْدرِي و َو َ‬ ‫َ‬
‫وَم ِنْ سَمَاء ٍ إلى سَمَاء ٍ َ‬
‫نح ْو َ م َا تَق َ َ ّدم َ‪.‬‬
‫ض فَيُقْب َُض مِنْهَا وإليهخا‬
‫ن الْأَ ْر ِ‬
‫ج بِه ِ م ِ َ‬
‫سة ِ ِإلَيْهَا ينتهى ما يُعْر َ ُ‬ ‫سم َاء َ ال َ ّ‬
‫س اد ِ َ‬ ‫هي َ فِي ال َ ّ‬
‫س ْدرَة ِ ال ْمُنْت َهَ ى و َ ِ‬
‫ن مَسْع ُودٍ و َانْت ُهِ ي َ بي ِإلَى ِ‬
‫و َفِي حَدِيث اب ْ ُ‬
‫اش م ِنْ ذ َه ٍَب و َفِي رِو َايَة ِ أَ بِي هريرة من‬
‫ل ف َر َ ٌ‬
‫س ْدرَة َ م َا يَغْش َى( قَا َ‬ ‫)إ ْذ يَغْش َى ال ِّ‬
‫ل تَع َالَى ِ‬
‫يَنْت َهِ ي م َا يَه ْب ُِط م ِنْ فَو ْقِه َا فَيُقْب َُض مِنْهَا قَا َ‬
‫__________‬
‫ل المصنف وكونها في السابعة هو الأصح وقول الأكثرين والذى‬ ‫سابِعَة ِ‪ ،‬قَا َ‬ ‫سم َاء َ السادسة( وفي بعض الروايات أنها فِي ال َ ّ‬ ‫هي َ فِي ال َ ّ‬‫)قوله و َ ِ‬
‫اش م ِنْ ذ َه ٍَب( الفراش‬
‫سة ِ ومعظمها في السابعة )قوله ف َر َ ٌ‬ ‫سم َاء َ ال َ ّ‬
‫س اد ِ َ‬ ‫يقتضيه تسميتها بالمنتهى قال النووي‪ :‬ويمكن الجمع بأن أصلها فِي ال َ ّ‬
‫بفتح الفاء وتخفيف الراء‪ ،‬وفى آخره شين معجمة‪ :‬الطائر المعروف الذى يلقى نفسه في ضوء السراج )*(‬
‫ج م ِنْ‬
‫يخ ْر ُ ُ‬
‫س ْدرَة ُ ال ْمُنْت َهَ ى َ‬
‫هي َ ال ّ‬
‫ك وَ ِ‬ ‫ل أَ حَدٍ م ِنْ ُأ َمّت ِ َ‬
‫ك خ َلا عَلَى سَبيِل َ‬ ‫س ْدرَة ُ ال ْمُنْت َهَ ى يَنْت َهِ ي ِإلَيْهَا ك ُ ّ‬
‫ل ل ِي هَذِه ِ ال ّ‬
‫س فَق ِي َ‬
‫ن أَ ن َ ٍ‬ ‫الر ّب ِ ِ‬
‫يع ب ْ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫َطرِ ي ٍ‬
‫هي َ شَ ج َرَة ٌ يَسِير ُ َ‬
‫الر ّاكبُ‬ ‫ص َ ّفى و َ ِ‬
‫ل مُ َ‬ ‫ن و َأَ نْهَار ٌ م ِنْ لبََنٍ ل َ ْم يَتَغ َي ّرْ َطعْم ُه ُ و َأَ نْهَار ٌ م ِنْ خَمْرٍ ل َذ ّة ٍ لِل َ ّ‬
‫شارِبِينَ و َأَ نْهَار ٌ م ِنْ عَسَ ٍ‬ ‫أَ صْ لِه َا أَ نْهَار ٌ م ِنْ ماء ٍ غَيْر ِ آ ِ‬
‫س ٍ‬
‫ل تَبَارَك َ‬
‫س ْدرَة َ م َا يَغْش َى( فَق َا َ‬
‫)إ ْذ يَغْش َى ال ِّ‬
‫ل فَه ُو َ قَو ْلِه ِ ِ‬
‫شيَهَا نُور ٌ و َغشِيتهَا ال ْمَلَائِكَة ِ قَا َ‬ ‫ن وَر َق َة ً مِنْهَا مُظ ِلَ ّة ٌ الْخَل ْ ِ‬
‫ق فَغ َ ِ‬ ‫سب ْع ِينَ عَام ًا و َأ َ ّ‬
‫فِي ظلّه َا َ‬
‫ك َاتّ خَذْتَ إ ب ْر َاه ِيم ُ خ َلِيل ًا و َأَ ْعطَي ْت َه ُ م ُلْك ًا عَظ ِيم ًا وَك َل ّم ْتَ م ُوس َى تَكْلِيم ًا و َأَ ْعطَي ْتَ د َاو ُد م ُلْك ًا عَظ ِيم ًا و َأَ لَن ْتَ لَه ُالْحَدِيد َ‬
‫ل َإن ّ َ‬
‫وتَع َالَى لَه ُ سَلْ فَق َا َ‬
‫ح و َأَ ْعطَي ْته ُ م ُلْك ًا ل َا يَن ْبَغ ِي ل ِأَ حَدٍ م ِنْ بَعْدِه ِ‬ ‫و َسَ خر ْتَ لَه ُ الْج ِبَالَ‪ ،‬و َأَ ْعطَي ْتَ سُلَيْم َان م ُلْك ًا عَظ ِيم ًا و َسَ َخ ّر ْتَ لَه ُ الْج َِنّ و َال ِْإن ْس و َال َ ّ‬
‫شيَاطِينَ و َالر ّي َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل لَه ُ ر ََب ّه ُ‬
‫ل فَق َا َ‬
‫ِيم فَل َ ْم يَكُنْ لَه ُ عَلَيْهَم َا سَب ِي ٌ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّج ِ‬ ‫شيْطَا ِ‬ ‫َص و َأَ عَذْتَه ُ و َ ُأ َمّه ُ م ِ َ‬
‫ن ال َ ّ‬ ‫جعَل ْت َه ُ يُبْر ِئ ُ الْأكَم َه َ و َالْأب ْر َ‬
‫ل وَ َ‬ ‫و َع َل ّم ْتَ ع ِيس َى َ‬
‫الت ّوْر َاة َ و َالإنْ ج ِي َ‬

‫جعَل ْتُ ُأ َمّت َ َ‬


‫ك هُم ُ الْأَ َ ّولُونَ و َهُم ُ‬ ‫س ك َاف َة َ و َ َ‬ ‫ك ِإلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ن و َأَ ْرسَل ْت ُ َ‬ ‫الت ّوْر َاة ِ مُحَم ّدٌ حَب ِيبُ َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫ُوب فِي َ‬ ‫تَع َالَى ق َد َاتّ خَذْت ُ َ‬
‫ك خ َلِيل ًا وَحَب ِيبًا فَه ُو َ مَكْت ٌ‬
‫سبْع ًا‬
‫ك َ‬
‫خر َه ُ ْم بَعْثًا وأَ ْعطَي ْت ُ َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّب ِيّينَ خ َلْق ًا وآ ِ‬ ‫ك أ َ ّو َ‬ ‫جعَل ْت ُ َ‬
‫ك عَبْدِي وَرَسُول ِي و َ َ‬ ‫خطْب َة ٌ ح ََت ّى يَشْهَد ُوا َأن ّ َ‬ ‫جعَل ْتُ ُأ َمّت َ َ‬
‫ك ل َا تَج ُوز ُ لَه ُ ْم ُ‬ ‫الآخر ُونَ و َ َ‬
‫من المثانى‬
‫__________‬
‫ن م ِنْ ُأ َمّة ٍ ِإلا خلا ف ِيهَا نذير( أي مضى )قوله‬ ‫)قوله خ َلا عَلَى سَبيِلكَ( هو بفتح الخاء المعجمة واللام بمعنى مضى وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )و َِإ َ ّ‬
‫مظلة( بفتح الميم وكسر الظاء وتشديد اللام )قوله ملكا( بضم الميم )*(‬

‫ك فَاتِ حًا وَخ َاتِمًا و َفِي الرّو َايَة ِ ا ْل ُأ ْ‬


‫خر َى‬ ‫جعَل ْت ُ َ‬ ‫تح ْتَ ع َْرشِي ل َ ْم ُأ ْعطِه َا نَب ًِي ّا قَب ْل َ َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫كنْزٍ َ‬
‫ك خَوات ِيم َ سُورَة ِ ال ْبَق َرَة ِ م ِنْ َ‬ ‫و َل َ ْم أ ْعطِه َا نَب ًِي ّا قَب ْل َ َ‬
‫ك و َأَ ْعطَي ْت ُ َ‬

‫شي ْئًا‬ ‫ات ا ْلخم َ َْس و َ ُأ ْعط ِ َ‬


‫ي خَوَات ِيم َ سُورَة ِ ال ْبَق َرَة ِ وَغُف ِر َ لم َِنْ ل َا يُشْرِك ُ ب ِالل ّٰه َ‬ ‫ي َ‬
‫الصّ لَو َ ِ‬ ‫الل ّه ُ عليه وسلم ثلاث‪ُ :‬أ ْعط ِ َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬‫ل َ‬
‫ي رَسُو ُ‬ ‫ل ُفأ ْعط ِ َ‬ ‫قَا َ‬

‫اح و َفِي حَدِيث شَر ِيكٍ َأن ّه ُ ر َأى‬ ‫ل في صورته له ستمائة جَن َ ٍ‬ ‫جبْر ِي ُ‬
‫ل )م َا كَذ َبَ الْف ُؤَاد ُ م َا رأى( الآيَتَيْنِ ر َأَ ى ِ‬ ‫م ِنْ ُأ َمّتِه ِ ال ْم ُ ْقحِماتُ و َقَا َ‬
‫ل م ُوس َى ل َ ْم أَ ظ َُنّ أ ْن يُرْف َ َع عَل ِ َيّ أَ حَدٌ وَرُوِيَ‬ ‫ك بِمَا ل َا يَعْلَم ُه ُ إ َلّا َ‬
‫الل ّه فَق َا َ‬ ‫ل ث َُم ّ عُلِي َ بِه ِ فَو ْقَ ذَل ِ َ‬
‫الل ّه قَا َ‬
‫ل ك َلام َ َ‬
‫ل بتَِفْضِ ي ِ‬ ‫م ُوس َى فِي ال َ ّ‬
‫سابِعَة ِ قَا َ‬
‫س َل ّم َ )بَي ْنَا‬
‫الل ّه عَن ْه ُ قَالَ‪ :‬قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫س َل ّم َ صَلَ ّى ب ِالْأَ ن ْب ِيَاء ُ بيت ال ْم َ ْقدِ ِ‬
‫س وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫س َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫سلَام ُ ف َوَك َز َ بَيْنَ كَتِف ََيّ فَقُمْتُ ِإلَى شَ ج َرَة ٍ ف ِيهَا مِث ْ ُ‬
‫ل وَك ْر َِي الطائر‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ل ِ‬
‫أَ ن َا قَاعِدٌ ذ َاتَ يَوْم َ ِإ ْذ دَخ َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله المقحمات( بسكون القاف وكسر الحاء المهملة‪ :‬الذنوب العظام التى تقحم أصحابها في النار أي تلقيهم فيها )قوله له ستمائة جناح(‬
‫قال السهيلي في قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم في حق جعفر قد أبدله الل ّٰه بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء ومما ينبغى الوقوف‬
‫عليه في معنى الجناحين أنهما ليسا كما يسبق إلى الوهم مثل جناح الطائر وريشه لأن الصورة الآدمية هي أشرف الصور وأكملها ولـكنها‬
‫ل العلم في أجنحة الملائكة إنها ليست كما يتوهم من‬
‫ل أَ ه ْ ُ‬
‫عبارة عن صفة ملـكية وقوة روحانية أعطيها جعفر كما أعطيها الملائكة و َق َ ْد قَا َ‬
‫أجنحة الطير وإنما هي صفات ملـكية لا تفهم إلا بالمعاينة واحتجوا‬
‫بقوله تعالى )أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع( فكيف بكون كأجنحة الطير ولم ير طائر له ثلاثة أجنحة ولا أربعة فكيف بستمائة جناح‬
‫كما جاء في صفة جبر يل فدل على أنها صفات تنضبط كيفيتها للفكر )قوله وكرى الطائر( بفتح الواو وسكون الكاف وفتح الراء ٺثنية‬
‫وكر وهو العش )*(‬
‫ل ك َأَ َن ّه ُ‬ ‫سم َاء َ و َأَ ن َا ُأقَل ِّبُ َطر ْفِي و َنَظَر ْتُ ِ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫سسْتُ ال َ ّ‬ ‫س َ ّد ِ‬
‫ت الْخَافِق َيْنِ و َلَو ْ شْ ئ ِتُ لَم َ ِ‬ ‫حدَة ٍ و َقَعَدْتُ فِي ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى فَنِمْتُ ح ََت ّى َ‬ ‫فَقَعَد َ فِي و َا ِ‬
‫سم َاء ِ وَر َأَ ي ْتُ ُ‬
‫الن ّور َ الْأَ ْعظَم َ و َل َ ّط د ُونِي َ الْ حِجَابُ و َف َرَج َه ُ ال ُد ّ ُرّ و َال ْيَاق ُوتُ ث َُم ّ أَ ْوحَى‬ ‫ل ع ِل ْمِه ِ ب َِالل ّه ِ عَل َيّ و َفُت ِ َ‬
‫ح ل ِي ب َابُ ال َ ّ‬ ‫ح َل ٌْس لاطِئ ٌ فَع َر َف ْتُ ف َضْ َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى أَ ْن يُعَل ِ ّم َ رَسُولَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حي َ( وَذَك َر َ ال ْب َز ّار ُ ع َنْ عَل ِ ٍيّ بن أبي طالب رضي الل ّٰه عَن ْه ُ ل َم ّا أَ ر َاد َ َ‬
‫الل ّه ُ ِإل َيّ م َا شَاء َ أَ ْن يُو ِ‬
‫َ‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل لَهَا جبر يل اسكني فو الل ّٰه م َا رَكِب َكِ عَبْدٌ أَ ك ْرَم ُ عَلَى َ‬
‫كبُهَا فَاسْ ت َصْ ع َب َْت عَلَيْه ِ فَق َا َ‬ ‫ل بِد ََاب ّة ٍ يُق َا ُ‬
‫ل لَهَا ال ْبُر َاقُ فَذ َه َبَ يَرْ َ‬ ‫جبْر ِي ُ‬
‫الْأَ ذ َانَ ج َاءَه ُ ِ‬
‫ل‬
‫اب فَق َا َ‬
‫ن الْ حِج َ ِ‬
‫ج م َل َكٌ م ِ َ‬
‫ك ِإ ْذ خَر َ َ‬
‫ن تَع َالَى فَبَي ْنَا ه ُو َ كَذَل ِ َ‬ ‫اب ال َ ّذ ِي يلَ ِي َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫كبَهَا ح ََت ّى أَ تَى بِهَا ِإلَى الْ حِج َ ِ‬
‫س َل ّم َ ف َر َ ِ‬ ‫م ِنْ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ك م َا ر َأَ ي ْت ُه ُ مُنْذ ُ خ ُلِقْتُ‬ ‫ق مَك َان ًا و َِإ َ ّ‬
‫ن هَذ َا ال ْمَل َ َ‬ ‫ل و َال َ ّذ ِي بَع َث َ َ‬
‫ك ب ِالْحَقّ ِ ِإن ِ ّي لأَ ق ْر َبُ الْخَل ْ ِ‬ ‫ل م َنْ هَذ َا قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ي َا ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ُ‬
‫صد َقَ عَبْدِي أنا أكبر‬ ‫ل لَه ُ م ِنْ وَر َاء ِ الْ حِج َ ِ‬
‫اب َ‬ ‫الل ّه ُ أَ كْ ب َر ُ فَق ِي َ‬
‫الل ّه ُ أَ كْ ب َر ُ َ‬
‫ك َ‬ ‫ل ال ْمَل َ ُ‬
‫ل سَاعَتِي هَذِه ِ فَق َا َ‬
‫قَب ْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله فنمت( بالفاء والنون المفتوحتين والميم المخففة أي زادت‪ ،‬وفى بعض النسخ‪ ،‬فسمت‪ ،‬بتخفيف الميم أي ارتفعت )قوله الخافقين(‬
‫أي المشرق والمغرب‪ ،‬قال ابن السكيت‪ ،‬لأن الليل والنهار يخفقان فيهما )قوله لمسست( بكسر المهملة الأولى‪ ،‬وحكى أبو عبيد فتحها‪،‬‬
‫وفي بعض النسخ لمست‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله كأنه حلس( بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبعدها سين مهملة وهو كساء يلى ظهر البعير تحت القتب )قوله لاطئ( بهمزة‬
‫في آخره أي لاصق )قوله ولط( بضم اللام وتشديد المهملة أي أرخى )قوله وذكر البزار( بالباء الموحدة والزاى المشددة‪ ،‬وفى آخره راء‬
‫نسبة إلى عمر بزر الكتان )*(‬
‫ل هَذ َا فِي بَق َِي ّة ِ‬ ‫الل ّه ُ ل َا ِإله َ ِإ َلّا أَ ن َا وَذَك َر َ مِث ْ َ‬
‫صد َقَ عَبْدِي أَ ن َا َ‬ ‫اب َ‬ ‫ل لَه ُ م ِنْ وَر َاء ِ الْ حِج َ ِ‬ ‫ك أَ شْهَد ُ أَ ْن ل َا إلَه َ إ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ فَق ِي َ‬ ‫أَ ن َا أَ كْ ب َر ُ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل ال ْمَل َ ُ‬
‫س َل ّم َ فَق َ َ ّدم َه ُ ف َأَ َمّ‬ ‫الصّ لَاة ِ حَ َيّ عَلَى الْف ِ‬
‫ك بيَِدِ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ث َُم ّ أَ خَذ َ ال ْمُل ْ َ‬
‫َلاح و َقَا َ‬ ‫ن ِإ َلّا أَ َن ّه ُ ل َ ْم ي َ ْذكُر ْ جَوَاب ًا ع َنْ قَو ْلِه ِ حَ َيّ عَلَى َ‬ ‫الْأَ ذ َا ِ‬
‫ل‬
‫َف على أَ ه ْ ِ‬ ‫س َل ّم َ ال َش ّر َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جعْفَرٍ محمد بن علي بن الحسين رواية أَ كْ مَل َ َ‬ ‫ل أَ بُو َ‬ ‫ح قَا َ‬‫سم َاء ِ ف ِيه ِ ْم آدَم ُ و َنُو ٌ‬ ‫ل ال َ ّ‬ ‫أَ ه ْ َ‬
‫ق فَهُم ُ ال ْم َحْ جُوبُونَ‬ ‫ق ل َا فِي حَقّ ِ الْخَال ِ ِ‬ ‫اب فَه ُو َ فِي حَقّ ِ ال ْمَخْلُو ِ‬ ‫ِيث م ِنْ ذِكْر ِ الْ حِج َ ِ‬ ‫الل ّه ُ م َا فِي هَذ َا الْحَد ِ‬ ‫ل الْق َاض ِي و ََف ّق َه ُ َ‬‫ض قَا َ‬ ‫ات و َالْأَ ْر ِ‬ ‫سم َو َ ِ‬ ‫ال َ ّ‬

‫س و َلـَكِنْ حُ ج ُب ُه ُ عَلَى أَ بْصَارِ خ َلْقِه ِ و َبصَائِرِه ِ ْم و َِإ ْدر َاك َاتِه ِ ْم بِمَا شَاء َ‬ ‫ِيط بِمُق َ َ ّد ٍر َ‬
‫محْس ُو ٍ‬ ‫تح ُ‬‫يحْجُب ُه ُ إذِ الْ حجُُبُ َإن ّمَا ُ‬
‫ل اسْم ُه ُ م ُن َز ّه ٌ ع ََم ّا َ‬
‫و َال ْبَارِي ج َ َ ّ‬

‫اب‬
‫ن الْ حِج َ ِ‬
‫ج م َل َكٌ م ِ َ‬ ‫كقَو ْلِه ِ تَع َالَى )ك َلَ ّا ِإ َ ّنه ُ ْم ع َنْ ر َ ّبِه ِ ْم يَوْم َئِذٍ لَم َحْ جُوبُونَ( فَقَو ْلُه ُ فِي هَذ َا الْحَد ِ‬
‫ِيث الْ حِجَابُ و َِإ ْذ خَر َ َ‬ ‫كي َْف شَاء َ وَم َت َى شَاء َ َ‬
‫وَ َ‬
‫ن الاطّ ِ‬
‫ِلاع عَلَى م َا د ُونَه ُ م ِنْ سُلْطَانِه ِ وَعَظَم َتِه ِ وَعَجَائ ِِب م َلـَكُوتِه ِ وَج َب َر ُوتِه ِ‬ ‫ل ِإ َن ّه ُ ِحج ٌ‬
‫َاب حُ ج ِبَ بِه ِ م َنْ وَر َاءَه ُ م ِنْ م َلائِكَتِه ِ ع َ ِ‬ ‫يج ِبُ أَ ْن يُق َا َ‬
‫َ‬
‫ل عَلَى أَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫ل سَاعَتِي هَذِه ِ فَد َ َ ّ‬
‫ك م َا ر َأَ ي ْت ُه ُ مُنْذ ُ خ ُلِقْتُ قَب ْ َ‬ ‫ج م ِنْ وَر َائِه ِ ِإ َ ّ‬
‫ن هَذ َا ال ْمَل َ َ‬ ‫ن ال ْمَل َكِ ال َ ّذ ِي خَر َ َ‬
‫ل عَ ِ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫ِيث قوله ِ‬
‫ن الْحَد ِ‬ ‫و َيَد ُ ُ ّ‬
‫ل عَلَيْه ِ م ِ َ‬
‫ل ِإلَيْهَا يَنْت َهِ ي عِلْم ُ ال ْمَلَائِكَة ِ وَعِنْد َه َا‬
‫س ْدرَة ِ ال ْمُنْت َهَ ى قَا َ‬
‫ْب فِي ت َ ْفسِير ِ ِ‬
‫كع ٍ‬
‫ل َ‬ ‫ات و َي َد ُ ّ‬
‫ل عَلَيْه ِ قَو ْ ُ‬ ‫يخ ْت َ َّص ب ِال َذ ّ ِ‬
‫هَذ َا الْ حِجَابَ ل َ ْم َ‬
‫ِيم‬
‫ن أَ ْو أَ مْرًا م َا م ِنْ عَظ ِ‬ ‫ش َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ي يلَ ِي ع َْر َ‬
‫َاف أَ ْ‬
‫ْف ال ْمُض ِ‬
‫ل عَلَى حَذ ِ‬
‫ن فَي ُحْ م َ ُ‬ ‫الل ّه ِ ل َا يُجَاوِز ُه َا ع ِل ْمُه ُ ْم و َأَ َمّا قَو ْلُه ُ ال َ ّذ ِي يلَ ِي َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫يجِد ُونَ أَ مْرَ َ‬
‫َ‬
‫آياته أو‬

‫)فصل( ثم اختلف السلف والعلماء هل كان إسراؤه بروحه أو جسده‬ ‫‪٢.٣.٣‬‬

‫صد َقَ عَبْدِي أَ ن َا أَ كْ ب َر ُ‬ ‫اب َ‬ ‫ل م ِنْ وَر َاء ِ الْ حِج َ ِ‬ ‫ق مَع َارِفِه ِ م َِم ّا ه ُو َ أَ ع ْلَم ُ بِه ِ كَمَا قال تعالى )واسال القر ية( أَ ْ‬
‫ي أَ ه ْلَه َا و َقَو ْلُه ُ فَق ِي َ‬ ‫حق َائ ِ ِ‬‫مبادى َ‬
‫الل ّه ُ ِإلا و َحْ يًا أَ ْو م ِنْ‬
‫ل تَع َالَى )وَم َا ك َانَ لِب َشَرٍ أَ ْن يُكَل ِّم َه ُ َ‬ ‫َاب كَمَا قَا َ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى و َلـَكِنْ م ِنْ وَر َاء ِ ِحج ٍ‬ ‫ن ك َلام َ َ‬ ‫فَظَاه ِرُه ُ أَ َن ّه ُ سَم ِـ َع فِي هَذ َا ال ْمَوْطِ ِ‬
‫ل أَ َن ّه ُ فِي‬ ‫س َل ّم َ ر َأَ ى ر ََب ّه ُ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل فَي َحْ تَمِ ُ‬ ‫ن مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ب ِأَ َ ّ‬
‫ي و َه ُو َ ل َا ي َر َاه ُ حَ ج َبَ بَصَرَه ُ ع َنْ رُؤْيَتِه ِ‪ ،‬ف َِإ ْن صَ َ ح ّ الْقَو ْ ُ‬
‫َاب( أَ ْ‬ ‫وَر َاء ِ ِحج ٍ‬
‫ن بَعْد َ هَذ َا أَ ْو قَبْلَه ُ ر ُف ِـ َع الْ حِجَابُ ع َنْ بَصَرِه ِ ح ََت ّى ر َآه ُ و ََالل ّه ُ أَ ع ْلَم ُ‪.‬‬
‫غَيْر ِ هَذ َا ال ْمَوْطِ ِ‬
‫ِالر ّ ِ‬
‫وح و َأَ َن ّه ُ‬ ‫َالات فَذ َه َب َْت طَائِف َة ٌ ِإلَى أَ َن ّه ُ ِإسْر َاء ب ُ‬‫ٍ‬ ‫لاث مَق‬‫جسَدِه ِ عَلَى ث َ ِ‬ ‫حه ِ أَ ْو َ‬‫ف و َال ْع ُلَمَاء ُ ه َلْ ك َانَ ِإسْر َاؤُه ُ ب ِر ُو ِ‬ ‫سل َ ُ‬‫ف ال َ ّ‬ ‫)فصل( ث َُم ّ اخْ تَل َ َ‬
‫ٌ‬
‫ن‬
‫ن و َالْمشْه ُور ُ عَن ْه ُ خِلاف ُه ُ و َِإلَيْه ِ أَ شَار َ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن الْحَسَ ِ‬
‫حي ٌ و َِإلَى هَذ َا ذ َه َبَ مُع َاوِ يَة ُ وَحُكِي َ ع َ ِ‬ ‫ن رُؤْي َا الْأَ ن ْب ِيَاء ِ ح ّ ٌ‬
‫َق وَو َ ْ‬ ‫رُؤْي َا م َنَا ٍم م َ َع اتِّف َاقِه ِ ْم أَ َ ّ‬

‫ل‬
‫جسَد َ رَسُو ِ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا م َا فَقَدْتُ َ‬ ‫جعَل ْنَا ُ‬
‫الر ّؤْي َا َال ّتِي أَ ر َي ْنَاك َ ِإلا فتنة للناس( وَم َا حَكَو ْا ع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬ ‫ِإ ْسحَاقَ و َحُ َ ج ّتُه ُ ْم قَو ْلُه ُ تَع َالَى )وَم َا َ‬
‫س و َه ُو َ ن َائِم ٌ في المسجد‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم قوله بينا أنا نائم وقوله أَ ن َ ٍ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله على ثلاثة أقوال( قال السهيلي وذهبت طائفة منهم شيخنا الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر إلى تصحيح المحدثين أن الإسراء كان مرتين أحدهما‬
‫في نومه توطئة وتيسيرا عليه كما كان بدء نبوته الرؤ يا الصادقة ليسهل عليه أمر النبوة فإنه أمر عظيم تضعف عنه القوى البشر ية وكذلك‬
‫الإسراء سهله عليه بالرؤ يا‪ ،‬لأن هوله عظيم‪ :‬ورأيت المهلب في شرح البخاري قد حكى هذا القول عن طائفة من العلماء وأنهم قالوا‬
‫كان الإسراء مرتين مرة في نومه ومرة‬
‫في يقظته ببدنه صلى الل ّٰه عليه وسلم انتهى )*(‬
‫ف و َال ْمُسْل ِمِينَ ِإلَى َأن ّه ُ ِإسْر َاء ٌ ب ِالْجَسَدِ و َفِي الي َ ْقظَة ِ‬ ‫جدِ الْحَرَا ِم وَذ َه َبَ مُعْظَم ُ ال َ ّ‬
‫سل َ ِ‬ ‫س ِ‬
‫خر ِه َا فَاسْ تَيْقَظْتُ و َأَ ن َا ب ِال ْم َ ْ‬ ‫الْحَرَا ِم وَذَك َر َالْق َِصّ ة َ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل فِي آ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫َالضّ َح ّا ِ‬
‫ك‬ ‫ِي و َاب ْ ِن مَسْع ُودٍ و َ‬
‫صع َة َ و َأَ بِي ح ََب ّة َ ال ْب َ ْدر ّ ِ‬
‫صع ْ َ‬
‫ك ب ْ ِن َ‬
‫س وَحُذ َيْف َة َ و َع ُم َر َ و َأَ بِي ه ُر َي ْرَة َ وَم َال ِ ِ‬
‫س وَج َابِر ٍ و َأَ ن َ ٍ‬ ‫و َهَذ َا ه ُو َ الْح َُقّ و َه ُو َ قَو ْ ُ‬
‫ل اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫ل‬
‫ل قَو ْ ِ‬ ‫مجَاهِدٍ وَعِك ْرم َة َ و َاب ْ ِن جُر ْ ٍَيج و َه ُو َ د َلِي ُ‬ ‫ق وَ ُ‬‫ن و َإب ْر َاه ِِيم وَمَسْر ُو ٍ‬ ‫َاب و َاب ْ ِن ز َيْدٍ و َالْحَسَ ِ‬‫ِب و َاب ْ ِن شِه ٍ‬
‫وَسَع ِيدِ ب ْ ِن جُبَيْرٍ و َقَتَادَة َ و َاب ْ ِن ال ْمُسَي ّ ِ‬

‫ن‬‫ن الْفُقَه َاء ِ و َال ْم ُح َ ّدِثِينَ و َال ْمُتَكَل ِّمِينَ و َال ْمُفَس ِّر ِي َ‬
‫ن مِ َ‬‫خر ِي َ‬
‫ل أَ كْ ثَر ِ ال ْمُت َأَ ِّ‬
‫ن ال ْمُسْل ِمِينَ و َه ُو َ قَو ْ ُ‬
‫ل وَجَماعَة ٍ عظيمة م ِ َ‬ ‫ن حَنَب ْ ٍ‬ ‫ِي و َاب ْ ُ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫طبَر ّ ِ‬ ‫عَائِش َة َ و َه ُو َ قَو ْ ُ‬
‫ِالر ّ ِ‬
‫وح و َاحْ ت َُجّ وا بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى ) ُ‬
‫سب ْح َانَ ال َ ّذ ِي‬ ‫سم َاء ِ ب ُ‬
‫س و َِإلَى ال َ ّ‬
‫ْت ال ْم َ ْقدِ ِ‬
‫جدِ الْحَرَا ِم ِإلَى بَي ِ‬
‫س ِ‬ ‫ت طَائِف َة ٌ ك َانَ ال ِْإسْر َاء ِ ب ِالْجَسَدِ يَقْظة ً م ِ َ‬
‫ن ال ْم َ ْ‬ ‫و َقَال َ ْ‬

‫ِيم الْق ُ ْدرَة ِ‬ ‫جدِ الأَ ق ْص َى غَايَة َ ال ِْإسْر َاء ِ ال َ ّذ ِي و َق َ َع َ‬


‫الت ّع َُجّ بُ ف ِيه ِ بِعَظ ِ‬ ‫س ِ‬
‫ل ِإلَى الم َ ْ‬
‫جدِ الأقصى( فَجَع َ َ‬
‫س ِ‬
‫جدِ الْحَرَا ِم ِإلَى ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬
‫ن ال ْم َ ْ‬
‫أَ سْر َى بِعَبْدِه ِ لَي ْلا م ِ َ‬

‫ل هَؤْل َاء ِ و َلَو ْ ك َانَ ال ِْإسْر َاء ُ بِ جَسَدِه ِ ِإلَى ز َائِدٍ عَلَى‬
‫س َل ّم َ بِه ِ و َِإظْ ه َارِ الـْك َرَامَة ِ لَه ُ ب ِال ِْإسْر َاء ِ ِإلَيْه ِ قَا َ‬ ‫والتمّ َُ ّد ِ‬
‫الن ّب ِ ِيّ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيف َ‬
‫ح بِتَشْر ِ‬ ‫َ‬

‫س و َغَيْرِه ِ م َا‬
‫ِيث أَ ن َ ٍ‬
‫س أَ ْم ل َا؟ فَفِي حَد ِ‬ ‫ن ه َلْ صَلَ ّى بِبَي ِ‬
‫ْت ال ْم َ ْقدِ ِ‬ ‫جدِ الأَ ق ْص َى لَذَك َرَه ُ فَيَكُونُ أَ بْل َ َغ فِي ال ْمَد ِ‬
‫ْح‪ ،‬ث ُم ّ اخْ تلَف َت هَذِه الْفِر ْقَتَا ِ‬ ‫س ِ‬
‫ال ْم َ ْ‬
‫تَق َ َ ّدم َ م ِنْ صَلاتِه ِ فيه وأنكر‬
‫__________‬
‫)قوله أبو حبة( بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة هو الصحيح وقيل بتشديد النون وقيل بتشديد المثناة التحتية وقد اختلف هل أبو‬
‫حبة الأنصاري وأبو حبة البدرى واحد أو اثنان وهل هما بالموحدة أو بالنون )*(‬
‫الل ّه ُ أَ َن ّه ُ‬
‫ح ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫الل ّه ُ و َالْح َُقّ م ِنْ هَذ َا و َ‬
‫َالصّ حِي ُ‬ ‫ل الْق َاض ِي و ََف ّق َه ُ َ‬ ‫ق ح ََت ّى رَجَع َا قَا َ‬ ‫ل و ََالل ّه ِ م َا ز َال َا ع َنْ َظ ْهرِ ال ْبُر َا ِ‬ ‫ن و َقَا َ‬
‫ن الْيم َا َ ِ‬
‫ك حُذ َيْف َة ُ ب ْ ُ‬ ‫ذَل ِ َ‬

‫ل ِإ َلّا عِنْد َ‬ ‫ظاهِرِ و َالْحَق ِيقَة ِ ِإلَى َ‬


‫الت ّأْ وِ ي ِ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫ل عَ ِ‬ ‫ح الْأَ خْ بَارِ و َالاعْت ِبَار ُ وَل َا يُعْد َ ُ‬ ‫لٌ الآيَة ُ و َصَ ح ِي ُ‬ ‫وح فِي الْق َِصّ ة ِ ك ُلِّه َا و َعَلَيْه ِ تَد ُ ّ‬ ‫َالر ّ ِ‬ ‫ِإسْر َاء ب ِالْجَسَدِ و ُ‬
‫ٌ‬
‫ُوح عَبْدِه ِ و َل َ ْم يَق ُلْ ب ِعَبْدِه ِ و َقَو ْلُه ُتَع َالَى )م َا ز َاغَ ال ْب َصَر ُ‬‫ل ب ِر ِ‬ ‫ل ي َ ْقظَتِه ِ اسْ ت ِح َالَة ٌ ِإ ْذ لَو ْ ك َانَ م َنَام ًا لَق َا َ‬ ‫ْس فِي ال ِْإسْر َاء ِ بِ جَسَدِه ِ وَح َا ِ‬ ‫الاسْ ت ِح َالَة ِ و َلَي َ‬
‫وَم َا طغى( و َلَو ْ ك َانَ م َنَام ًا لَمَا ك َان َْت ف ِيه ِ آيَة ٌ وَل َا مُعْجِزَة ٌ و َلَمَا اسْ تَبْعَدَه ُ ال ْـكُ َ ّفار ُ وَل َا ك َ َذّبُوه ُ ف ِيه ِ وَل َا ارتد به ضعفاء من أسلم وافتتنوا به إذ‬
‫ِيث م ِنْ‬
‫ل ي َ ْقظَتِه ِ ِإلَى م َا ذُك ِر َفِي الْحَد ِ‬ ‫سمِه ِ وَح َا ِ‬ ‫ن خ َبَرَه ُ ِإ َن ّمَا ك َانَ ع َنْ ِ‬
‫ج ْ‬ ‫مثل هذا من المنامات لا ينكر بل لم يكن ذلك منهم إلا وقد عَل ِم ُوا أَ َ ّ‬
‫ق وَخ َبَر ِ الْمِعْرَاج و َاسْ تِفْت َ ِ‬
‫اح‬ ‫ل لَه ُ ب ِالبُر َا ِ‬
‫جبْر ِي َ‬‫سم َاء ِ عَلَى م َا رَو َى غَي ْرُه ُ وذكر مجئ ِ‬ ‫س أَ ْو فِي ال َ ّ‬ ‫س فِي رِو َايَة ِ أَ ن َ ٍ‬ ‫ذِكْر ِ صَلاتِه ِ ب ِالْأَ ن ْب ِيَاء ِ بِبَي ِ‬
‫ْت ال ْم َ ْقدِ ِ‬
‫ِ‬
‫الصّ لَاة ِ وَم ُراجَع َتِه ِ م َ َع م ُوس َى فِي‬ ‫ض َ‬ ‫ل مُحَم ّدٌ و َلِق َائِه ِ الْأَ ن ْب ِيَاء َ ف ِيهَا وَخ َبَرِه ِ ْم مَع َه ُ و َتَرْحِيبِه ِ ْم بِه ِ و َشأْ نِه ِ فِي فَر ْ ِ‬
‫ك فَيَق ُو ُ‬ ‫ل وَم َنْ مَع َ َ‬ ‫سم َاء ِ فَيُق َا ُ‬‫ال َ ّ‬
‫سم َاء ِ ِإلَى قَو ْلِه ِ ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أَ سْم َ ُع ف ِيه ِ‬ ‫ج بِي ِإلَى ال َ ّ‬ ‫ل بيَِدِي ف َع َر َ َ‬ ‫جبْر ِي َ‬ ‫ض هَذِه ِ الْأَ خْ بَارِ‪ :‬ف َأَ خَذ َ يَعْنِي ِ‬ ‫ك و َفِي بَعْ ِ‬ ‫ذَل ِ َ‬

‫هي َ رُؤْي َا عَيْنٍ ر َآه َا صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س ِ‬ ‫ل الْج َنَ ّة َ ورأى فيها ما ذِك ْرَه ُ قَا َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫س ْدرَة ِ المنتهى و َأَ َن ّه ُ دَخ َ َ‬
‫ل ِإلَى ِ‬ ‫ِيف الْأَ ق ْلا ِم و َأَ َن ّه ُ و َ َ‬
‫ص َ‬ ‫صَر َ‬
‫ل فَهَم َزَنِي بِعَق ِبِه ِ فَقُمْتُ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ن ف ِيه ِ بَي ْنَا أَ ن َا ن َائِم ٌ فِي الْ حِجْرِ ج َاءَنِي ِ‬ ‫س َل ّم َ ل َا رُؤْي َا م َنَا ٍم وَع َ ِ‬
‫ن الْحَسَ ِ‬ ‫وَ َ‬
‫جدِ ف َِإذ َا بد ََاب ّة ٍ وَذَك َر َ خ َبَر َ‬
‫س ِ‬
‫َاب ال ْم َ ْ‬
‫ضدِي فَجَر ّنِي ِإلَى ب ِ‬ ‫ل فِي َ‬
‫الث ّالِثَة ِ ف َأَ خَذ َ بِع َ ُ‬ ‫ك ثَلاث ًا‪ ،‬فَق َا َ‬
‫جع ِي‪ ،‬ذَك َر َ ذَل ِ َ‬
‫شي ْئًا ف َعُدْتُ لم َِضْ َ‬
‫فَجل ََسْتُ فَل َ ْم أَ ر َ َ‬
‫البُر َاقِ‪.‬‬
‫خرَة َ و َن َام َ بَي ْنَنَا فَل َم ّا ك َانَ قُبَي ْ َ‬
‫ل الْف َجْ رِ‬ ‫الل ّيْلَة َ صَلَ ّى العِشَاء َ الآ ِ‬
‫ك َ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َلّا و َه ُو َ فِي بَيْتِي تِل ْ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَع َنْ ُأ ِمّ ه َانِئٍ م َا ُأسْر ِيَ ب ِرَسُو ِ‬

‫ْت بِهَذ َا ال ْوَادِي‬ ‫ل ي َا ُأ َمّ هانئ لقد ص ََل ّي ْتُ م َعَكُم ُ ال ْعِشَاء َ الآ ِ‬
‫خرَة َ كَمَا ر َأَ ي ِ‬ ‫ح وَص ََل ّي ْنَا قَا َ‬ ‫س َل ّم َ فَلَم ّا صَلَ ّى ُ‬
‫الصّ ب ْ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫أَ ه ََب ّنَا رَسُو ُ‬
‫ش َ ّدادِ ب ْ ِن‬ ‫ن فِي أَ َن ّه ُ بِ ج ِ ْ‬
‫سمِه ِ‪ ،‬وَع َنْ أَ بِي بَكْر ٍ م ِنْ رِو َايَة ِ َ‬ ‫س فَص ََل ّي ْتُ ف ِيه ِ ث َُم ّ ص ََل ّي ْتُ الْغَد َاة َ مَعَكُم ُ الآنَ كَمَا ت َر َ ْونَ‪ ،‬و َهَذ َا بَي ّ ِ ٌ‬ ‫ث َُم ّ ِ‬
‫جئ ْتُ بَي ْتَ ال ْم َ ْقدِ ِ‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل َ‬ ‫س عَن ْه ُ أَ َن ّه ُ قال للنبي صلى الل ّٰه عليه وسلم لَيْلَة َ ُأسْر ِيَ بِه ِ طَلَب ْت ُ َ‬
‫ك ي َا رَسُو َ‬ ‫أَ ْو ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله في الحجر( بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم‪ ،‬وقال النووي إنه رأى لبعض المصنفين على المهذب أنه يقال أيضا بفتح الحاء كحجر‬
‫ح وصلينا(‬ ‫الاسنان )قوله أم هانئ( بهمزة في آخره )قوله أهبنا( أي أيقظنا يقال هب إذا استيقظ أهبه إذا أيقظه )قوله فَلَم ّا صَلَ ّى ُ‬
‫الصّ ب ْ َ‬
‫قبل إن إسلام أم هانئ كان عام الفتح وهى السنة الثامنة من الهجرة والإسراء قبله بكثير فكيف تقول وصلينا وأيضا كيف يقول صلى‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الصبح والصوات الخمس ل َ ْم تَكُنْ فِي الوقت الذى أخبرت عنه؟ والجواب أن قبل الإسراء كانت صلاتان صلاة قبل طلوع الشمس‬
‫وصلاة قبل غروبها فيصح قولها فَل َم ّا صَلَ ّى ُ‬
‫الصّ بْحَ‪ ،‬هذا على أن المعراج من بيت المقدس وأنه مع الإسراء في ليلة واحدة‪ ،‬وأما على أنه‬
‫من م َ َك ّة َ و َأَ َن ّه ُ لَي َ‬
‫ْس مع الإسراء في ليلة واحدة فقولها صلى الصبح على حقيقته من غير تأو يل لأن الصلوات الخمس كانت ليلة المعراج‬
‫ل ال ْه ِجْ رَة ِ بِس َنَة ٍ‪ ،‬وأما قولها وصلينا‬
‫وهو على هذا القول كان في رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا والإسراء كان في ربيع الأول قَب ْ َ‬
‫فأرادت به وهيأنا له ما يحتاج إليه في الصلاة على تقدير أنها لم تكن بعد آمنت ولم تقل فرض الصبح حتى يقال أن الصلاة لم تكن بعد‬
‫فرضت وإنما فرضت ليلة الإسراء )*(‬

‫)فصل( في إبطال حجج من قال إنها نوم‬ ‫‪٢.٣.٤‬‬

‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ حَمَلِنِي ِإلَى‬ ‫جبْر ِي َ‬ ‫ج ْدك َ ف َأَ ج َابَه ُ أَ َ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫ك فَل َ ْم أَ ِ‬
‫ال ْبَارِح َة َ فِي مَك َان ِ َ‬

‫جدِ ث َُم ّ دَخ َل ْتُ‬ ‫س َل ّم َ )ص ََل ّي ْتُ لَيْلَة َ ُأسْر ِيَ بِي فِي مُق َ َ ّد ِم ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَالَ‪ :‬قَا َ‬
‫جدِ الْأَ ق ْص َى‪ ،‬وَع َنْ ع ُم َر َ رَضِي َ َ‬
‫س ِ‬
‫ال ْم َ ْ‬
‫لاث‪ ،‬وَذَك َر َ الْحَدِيثَ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫الصّ خْ رَة َ ف َِإذ َا بِمَل َكٍ قَا ِئ ٍم مَع َه ُ آنيِ َة ٌ ث َ ٌ‬
‫ْف بَيْتِي و َأَ ن َا بِم َ َك ّة َ فَنَز َ َ‬
‫ل‬ ‫سق ُ‬ ‫س َل ّم َ‪ :‬فُرِ َ‬
‫ج َ‬ ‫ل عَلَى ظَاهِرِه َا‪ ،‬وَع َنْ أَ بِي ذ َ ٍرّ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َهَذِه ِ َ‬
‫الت ّصْر ِ يحَاتُ ظَاه ِرَة ٌ غَي ْر ُ مُسْتَحِيلَة ٍ فَت ُحْ م َ ُ‬
‫ج بِي‪.‬‬ ‫ص ْدرِي ث َُم ّ غَسَلَه ُ بمَاء ِ زَم َْزم َ ِإلَى آ ِ‬
‫خر ِ الْق َِصّ ة ِ ث َُم ّ أَ خَذ َ بيَِدِي فَع َر َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ف َش َر َ‬ ‫جبْر ِي ُ‬
‫ِ‬
‫ْش تَسْأَ لُنِي ع َنْ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ )لَق َ ْد ر َأَ ي ْتُنِي فِي الْ حِجْرِ و َق ُر َي ٌ‬
‫ص ْدرِي( وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬ ‫س ) ُأتِيتُ فَانْطَلَق َوا بِي ِإلَى زَم َْزم َ ف َشُر ِ َ‬
‫ح ع َنْ َ‬ ‫وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬

‫اب‬
‫ط ِ‬‫ن الخ َ ّ‬
‫نح ْوَه ُ ع َنْ ج َابِر ٍ و َق َ ْد رَو َى ع ُم َر ُب ْ ُ‬ ‫مَسْر َايَ فَسَأَ لَتْنِي ع َنْ أَ شْ يَاء َ ل َ ْم ُأث ْبِتْهَا فكُر ِ ب ْتُ كَر ْب ًا م َا كُر ِ ب ْتُ مِثْلَه ُق ُ َّط ف َر َف َع َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ ل ِي أَ نْظ ُر ُِإلَيْه ِ( و َ َ‬
‫جعْتُ ِإلَى خَدِيج َة َ وَم َا تَح َو ّل َ ْ‬
‫ل )ث َُم ّ ر َ َ‬
‫س َل ّم َ َأن ّه ُ قَا َ‬ ‫ِ‬
‫ت ع َنْ ج َانِبِهَا( ‪.‬‬ ‫ِيث ال ِْإسْر َاء عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ فِي حَد ِ‬
‫رَضِيَ َ‬
‫سب ْح َانَ ال َ ّذ ِي‬ ‫جعَل ْنَا ُ‬
‫الر ّؤْي َا التى أريناك( فَسَ َمّاه َا رُؤْي َا قلُ ْنَا قَو ْلُه ُ ) ُ‬ ‫ل ِإ َ ّنهَا نَوْم ٌ احْ ت َُجّ وا بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )وَم َا َ‬
‫ل حُ ج َِج م ِنْ قَا َ‬
‫)فصل( فِي ِإ بْطَا ِ‬

‫ْس فِي الْحلُْم ِ فِت ْن َة ٌ وَل َا يُكَذِّبُ‬ ‫س يُؤ َيِّد ُ أَ َ ّنهَا رُؤْي َا عَيْنٍ و َِإسْر َاء ٌ بِش َخْ ٍ‬
‫ص ِإ ْذ لَي َ‬ ‫الن ّو ْ ِم أَ سْر َى‪ ،‬و َقَو ْلُه ُفِت ْن َة ٌ ل ِ َلن ّا ِ‬ ‫أَ سْر َى بعبده( ي َر ُ ُدّه ُ ل ِأَ َن ّه ُ ل َا يُق َا ُ‬
‫ل فِي َ‬

‫حدَة ٍ فِي أَ قْطَا ٍر م ُتَبَاينَِة ٍ‪ ،‬عَلَى‬


‫ن فِي سَاعَة ٍ و َا ِ‬
‫كو ْ ِ‬
‫ن ال ْـ َ‬
‫ك فِي م َنَامِه ِ م ِ َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ن كُ َ ّ‬
‫ل أَ حَدٍ ي َر َى مِث ْ َ‬ ‫بِه ِ أَ حَدٌ ل ِأَ َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله فكربت( بضم الكاف وكسر الراء من الـكرب بفتح الكاف وهو الغم الذى يأخذ النفس )*(‬
‫ل غَي ْر ُ‬
‫ك و َق ِي َ‬
‫س م ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫س َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ت فِي ق َضِ َي ّة ِ الْحُد َي ْب ِيَة ِ وَم َا و َق َ َع فِي نُف ُو ِ‬
‫ن قَدِ اخْ تَلَف ُوا فِي هَذِه ِ الآيَة ِ فَذ َه َبَ بَعْضُه ُ ْم ِإلَى أَ َ ّنهَا ن َزَل َ ْ‬ ‫أَ َ ّ‬
‫ن ال ْمُفَس ِّر ِي َ‬
‫هَذ َا و َأَ َمّا‬
‫ن و َقَو ْلُه ُ أَ يْضًا و َه ُو َ ن َائِم ٌ و َقَو ْلُه ُ ث َُم ّ اسْ تَيْقَظْتُ فَلَا حُ َ ج ّة َ ف ِيه ِ ِإ ْذ‬ ‫ِيث آخَر َ بَيْنَ َ‬
‫الن ّا ِئ ِم و َال ْي َ ْقظَا ِ‬ ‫قَو ْلُه ُ ْم ِإ َن ّه ُ ق َ ْد س ََم ّاه َا فِي الْحَدِيثَ م َنَام ًا و َقَو ْلُه ُ فِي حَد ٍ‬
‫ل حَم ْلِه ِ و َال ِْإسْر َاء ِ بِه ِ و َه ُو َ ن َائِم ٌ و َلَي َ‬
‫ْس فِي الْحَدِيثَ أَ َن ّه ُ ك َانَ ن َائِمًا فِي الْق َِصّ ة ِ ك ُلِّه َا‬ ‫ل ال ْمَل َكِ ِإلَيْه ِ ك َانَ و َه ُو َ ن َائِم ٌ أَ ْو أَ َ ّو َ‬ ‫ل أَ َ ّ‬
‫ن أول وُصُو َ‬ ‫ق َ ْد يَحتَمِ ُ‬
‫جدِ الْحَرَا ِم‪ ،‬فَلَع َ َ ّ‬
‫ل قَو ْلَه ُاسْ تَيْقَظْتُ بِمَعْن َى أصْ ب َحْ تُ أَ وِ اسْ تَيْق ََظ م ِنْ نَو ْ ٍم آخَر َ بَعْد َ وُصُولِه ِ بَي ْت َه ُ‬ ‫ِإ َلّا م َا يَد ُ ُ ّ‬
‫ل عَلَيْه ِ قَو ْلُه ُ ث َُم ّ اسْ تَيْقَظْتُ و َأَ ن َا فِي ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬

‫جدِ الْحَرَا ِم لم َِا ك َانَ غ َم َرَه ُ م ِنْ عَجَائ ِِب‬ ‫ل لَيْلِه ِ و َِإ َن ّمَا ك َانَ فِي بَعْضِ ه ِ و َق َ ْد يَكُونُ قَو ْلُه ُ اسْ تَيْقَظْتُ و َأَ ن َا فِي ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ن مَسْر َاه ُ ل َ ْم يَكُنْ طُو َ‬ ‫و َيَد ُ ُ ّ‬
‫ل عَلَيْه ِ أَ َ ّ‬
‫َات ر ََب ّه ُ ال ْـكُبْر َى فَل َ ْم يَسْتَف ِقْ و َيَرْجِـعْ‬
‫ض وَخ َام َرَ ب َاطِن َه ُ م ِنْ مُشَاهَدَة ِ ال ْمَلِأ الْأَ ع ْلَى وَم َا ر َأَ ى م ِنْ آي ِ‬ ‫م َا طالع من م َلـَكُوت ال َ ّ‬
‫سم َوَات و َالْأَ ْر ِ‬
‫حق ِيق َة ً عَلَى مُقْت َض َى ل َ ْفظِه ِ و َلـَك َِن ّه ُ ُأسْرِيَ بِ جَسَدِه ِ و َقَل ْب ُه ُ‬
‫جدِ الْحَرَا ِم وَوَجْه ٌ ث َال ٌِث أَ ْن يَكُونَ نَوْم ُه ُ و َاسْ ت ِيق َاظُه ُ َ‬ ‫ل ال ْب َشَر َِي ّة ِ ِإ َلّا و َه ُو َ ب ِال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫إلى ح َا ِ‬

‫ِيض‬
‫ل تَغْم ُ‬
‫نحْوٍ م ِنْ هَذ َا قَا َ‬
‫َات ِإلَى َ‬
‫اب الإشَار ِ‬
‫صح َ ِ‬
‫ْض أَ ْ‬
‫ل بَع ُ‬ ‫ح َاضِر ٌ وَرُؤْي َا الْأَ ن ْب ِيَاء ِ ح ّ ٌ‬
‫َق تَنَام ُ أَ عْيُنُه ُ ْم وَل َا تَنَام ُ قُلُو بُه ُ ْم و َق َ ْد م َا َ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٩٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله الحديبية( بتخفيف المثناة التحتية قبل هاء التأنيث‪ ،‬كذا عن الشافعي وأهل اللغة وبعض المحدثين وقال أكثر المحدثين بتشديدها‬
‫وهى قر ية بالـكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة على نحو مرحلة من مكة )قوله خامر( بالخاء المعجمة‪ :‬أي خالط )*(‬
‫ْت صَلاتِه ِ ب ِالْأَ ن ْب ِيَاء ِ ولعله ك َان َْت لَه ُ فِي هَذ َا الْإسْر َاء ِ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى وَل َا يَصِ ُحّ هَذ َا أَ ْن يَكُونَ فِي و َق ِ‬ ‫عَي ْنَيْه ِ لِئ َل ّا ي َ ْشغَلَه ُ شئ م ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ن َ‬‫َات ع َ ِ‬ ‫ن ال ْم َحْ س ُوس ِ‬
‫ن الاضْ ط ِج ِ‬
‫َاع و َيُقَوِ ّ يه ِ قَو ْلُه ُ فِي رِو َايَة ِ عَبْدِ ب ْ ِن حُمَيْدٍ ع َنْ ه َم ّا ٍم‪ :‬بَي ْنَا‬ ‫َالات * وَوَجْه ٌ ر َاب ِـ ٌع و َه ُو َ أَ ْن يُع َب ّر َ ب َِالن ّو ْ ِم هَه ُنَا ع َنْ هَي ْئَة ِ َ‬
‫الن ّا ِئ ِم م ِ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ح‬

‫ِيم وَر َُب ّمَا قَا َ‬


‫ل فِي الْ حِجْرِ م ُضْ طَجِـ ٌع و َقَو ْلُه ُ فِي الرواية الأخرى بينا‬ ‫أَ ن َا ن َائِم ٌ وَر َُب ّمَا قَا َ‬
‫ل مُضَطجِـ ٌع و َفِي رِو َايَة ِ هُدْبَة َ عَن ْه ُ بَي ْنَا أَ ن َا ن َائِم ٌ فِي الْحَط ِ‬
‫ن وَد ُنُوِ ّ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّو ْ ِم وَذِك ْر ُ شَقّ ِ ال ْب َ ْط ِ‬ ‫َات م ِ َ‬ ‫الن ّائِم غَالِبًا وَذ َه َبَ بَعْضُه ُ ْم ِإلَى أَ َ ّ‬
‫ن هَذِه ِ الز ِّي َاد ِ‬ ‫ن فَيَكُونُ س ََم ّى هَي ْئَت َه ُ ب َِالن ّو ْ ِم لم َِا ك َان َْت هَي ْئ َة ُ َ‬ ‫َ‬
‫الن ّا ِئ ِم و َال ْي َ ْقظَا ِ‬
‫ِيث ِإ َن ّمَا هي من رواية شر يك عن أنس فيه منكرة من روايته إذ شق البطن في الأحاديث الصحيحة‬ ‫ِب ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل ال ْوَاقِع َة ُ فِي هَذ َا الْحَد ِ‬ ‫الر ّ ِّ‬
‫ل فِي الحديث قيل أَ ْن يُب ْع َثَ ‪.‬‬ ‫ل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ و َل ِأَ َن ّه ُ قَا َ‬ ‫س َل ّم َ و َقَب ْ َ‬ ‫صغَرِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫إنما ك َانَ فِي ِ‬
‫َث‪.‬‬‫اع ك َانَ بَعْد َ المَبْع ِ‬ ‫و َالْإسْر َاء ب ِإجْم َ ٍ‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه‬ ‫ن َ‬ ‫ق أَ َن ّه ُ ِإ َن ّمَا رَو َاه ُ ع َنْ غَيْرِه ِ و َأَ َن ّه ُ ل َ ْم ي َ ْسمَعْه ُ م ِ َ‬
‫ن أَ نَس ًا ق َ ْد بيَ ّنَ م ِنْ غَيْر ِ َطرِ ي ٍ‬ ‫س م َ َع أَ َ ّ‬ ‫ن م َا و َق َ َع فِي رِو َايَة ِ أَ ن َ ٍ‬‫فَهَذ َا كُل ّه ُ يُوه ِ ُ‬

‫ل‬
‫ك و َقَا َ‬ ‫صعْصَع َة َ عَلَى ال َ ّ‬
‫ش ِّ‬ ‫سل ِ ٍم لَعلَ ّه ُ ع َنْ م َال ِ ِ‬
‫ك ب ْ ِن َ‬ ‫اب م ُ ْ‬
‫صع َة َ و َفِي ك ِت َ ِ‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬
‫ل م َ َّرة ً عن مالك ابن َ‬
‫صع ْ َ‬ ‫وَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله هو همام( بتشديد الميم وفتح الهاء )قوله هدبة( بضم الهاء وإسكان الدال المهملة بعدها موحدة هو ابن خالد القيسي )قوله إذ شق‬
‫صغَرِه ِ( قال السهيلي‪ :‬كان شق بطنه صلى الل ّٰه عليه وسلم مرتين احداهما في الصغر لإزالة حظ الشيطان والأخرى‬
‫البطن إنما ك َانَ فِي ِ‬
‫لملء قلبه إيمانا وحكمة‪.‬‬
‫)‪(*) (١ - ١٣‬‬
‫ِث بِه ِ ع َنْ مُشَاهَدَة ٍ ل ِأَ َ ّنهَا ل َ ْم تَكُنْ حِينَئِذٍ ز َ ْوج َه ُ وَل َا فِي س ّ ِ‬
‫ِن م َنْ‬ ‫جسَدَه ُ فَع َائِش َة ُ ل َ ْم تُح َ ّد ْ‬ ‫م َ َّرة ً ك َانَ أَ بُو ذ َ ٍرّ يُح َ ّدِثُ و َأَ َمّا قَو ْ ُ‬
‫ل عَائِش َة َ م َا فَقَدْتُ َ‬

‫ِي وَم َنْ و َافَق َه ُ‬ ‫ل ُ‬


‫الز ّهْر ّ ِ‬ ‫ل ال ِْإسْ لَا ِم عَلَى قَو ْ ِ‬ ‫ِلاف فِي ال ِْإسْر َاء ِ م َت َى ك َانَ ف َِإ َ ّ‬
‫ن ال ِْإسْر َاء َ ك َانَ فِي أَ َ ّو ِ‬ ‫يَضْ ب َُط و َلَع َل ّه َا ل َ ْم تَكُنْ وُلِد ْ‬
‫َت بَعْد ُ عَلَى الْخ ِ‬
‫ل ال ْه ِجْ رَة ِ‬
‫ل قَب ْ َ‬
‫ل ال ْه ِجْ رَة ِ و َق ِي َ‬
‫س قَب ْ َ‬
‫ل ك َانَ ال ِْإسْر َاء ُ ِلخم َ ْ ٍ‬
‫نحْوِ ثَمَانيَِة ِ أَ عْوَا ٍم و َق َ ْد ق ِي َ‬
‫ف وَك َان َْت عَائِش َة ُ فِي ال ْه ِجْ رَة ِ بِن ْتَ َ‬ ‫َث بِع َا ٍم و َن ِصْ ٍ‬ ‫بَعْد َ ال ْمَبْع ِ‬
‫ك‬‫َت م ِنْ غ َرَضِنَا ف َِإذ َا ل َ ْم تُش َاه ِ ْد ذَل ِ َ‬ ‫ل لَيْس ْ‬ ‫ك تَط ُو ُ‬ ‫س و َالْ َحجُ ّة ُ لِذَل ِ َ‬‫ب ِع َا ٍم و َالْأَ شْ ب َه ُ أَ َن ّه ُ ِلخم َ ْ ٍ‬

‫ِيث ُأ ِمّ ه َانِئٍ و َغَيْرِه ِ و َأَ يْضًا‬


‫ل خِلاف َه ُ م َِم ّا وقع نضأ فِي حَد ِ‬
‫ك ع َنْ غَيْر ِه َا فَل َ ْم ي ُر َ َّجحْ خ َب َر ُه َا عَلَى خ َبَر ِ غَيْر ِه َا و َغَي ْر ُه َا يَق ُو ُ‬
‫ل أَ َ ّنهَا ح َ َ ّدث َْت بِذَل ِ َ‬
‫عَائِش َة ُ د َ َ ّ‬

‫الل ّه ُ عَنْهَا ب َِالث ّاب ِِت و َالْأَ ح َادِيثُ ا ْل ُأخَر ُ أَ ث ْب َتُ لَسْنَا نَعْنِي حَدِيثَ ُأ ِمّ ه َانِئٍ وَم َا ذُك ِر َْت ف ِيه ِ خَدِيج َة ُ و َأَ يْضًا فَق َ ْد رُوِيَ‬
‫ْس حَدِيثُ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫فَلَي َ‬

‫ح قَو ْلِهَا ِإ َن ّه ُ‬ ‫ل ال َ ّذ ِي يَد ُ ُ ّ‬


‫ل عَلَيْه ِ صَ ح ِي ُ‬ ‫س َل ّم َ ِإلا ب ِال ْمَدِينَة ِ وَك ُ ُ ّ‬
‫ل هَذ َا يُوَه ِّن ُه ُ ب َ ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيث عَائِش َة َ م َا فَقَدْتُ و َل َ ْم ي َ ْدخ ُلْ بِهَا َ‬
‫فِي حَد ِ‬
‫ل تَع َالَى )م َا كَذ َبَ الْف ُؤَاد ُ من رأى(‬ ‫بِ جَسَدِه ِ ِلإنْك َارِه َا أَ ْن تَكُونَ رُؤْي َاه ُ ل ِر َبِّه ِ رُؤْي َا عَيْنٍ و َلَو ْ ك َان َْت عِنْد َه َا م َنَام ًا ل َ ْم تُنْكِرْه ُ ف َِإ ْن ق ِي َ‬
‫ل فَق َ ْد قَا َ‬
‫ل م َا رآه‬
‫جع َ َ‬
‫فَق َ ْد َ‬
‫__________‬
‫)قوله بعد البعث( بعده بعام ونصف‪ ،‬واختلف في الشهر الذى أسرى صلى الل ّٰه عليه وسلم فيه فقيل ربيع الأول‪ ،‬وجزم به النووي في‬
‫فتاو يه‪ ،‬وقيل في ربيع الآخر وجزم به النووي في مسلم تبعا للقاضى أبى الفضل المصنف‪ ،‬وقيل في رجب وجزم به النووي في الروضة‬
‫وقال الواقدي في رمضان‪ ،‬وقال الماوردى في شوال )قوله يوهن( بسكون الواو كسر الهاء المخففة‪ ،‬و يجوز فتح الواو تشديد الهاء )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)فصل( وأما رؤيته صلى الل ّٰه عليه وسلم لربه جل وعز‬ ‫‪٢.٣.٥‬‬

‫َاف الْأَ مْرَ‬ ‫ِس قلُ ْنَا يُق َابِلُه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )م َا ز َاغَ ال ْب َصَر ُ وَم َا َطغ َى( فَق َ ْد أَ ض َ‬ ‫ل عَلَى أَ َن ّه ُ رُؤْي َا نَو ْ ٍم وو َ ْ‬
‫حي ٌ ل َا مُشَاهَدَة ُ عَيْنٍ وَح ّ ٍ‬ ‫ْب و َهَذ َا يَد ُ ُ ّ‬ ‫لِلْق َل ِ‬
‫ل م َا‬ ‫ي ل َ ْم يُوه ِ ِم الْق َل ْبُ الْع َيْنَ غَيْر َ الْحَق ِيقَة ِ بَلْ َ‬
‫صد َقَ رُؤْيَتَهَا و َق ِي َ‬ ‫الت ّ ْفسِير ِ فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )م َا كَذ َبَ الْف ُؤَاد ُ م َا رأى( أَ ْ‬ ‫ل َ‬‫ل أَ ه ْ ُ‬ ‫لِل ْب َصَر ِ و َق َ ْد قَا َ‬
‫أَ ن ْك َر َ قَلَب ُه ُ م َا ر َأَ ت ْه ُ عَي ْن ُه ُ‪.‬‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا * ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحُسَيْنِ سِر َا ُ‬
‫ج‬ ‫ف ف ِيهَا ف َأَ ن ْك َرَت ْه ُ عَائِش َة ُ رَضِيَ َ‬ ‫ف ال َ ّ‬
‫سل َ ُ‬ ‫س َل ّم َ ل ِر َب ِّه ُ ج َ َ ّ‬
‫ل وَع َ َّز فَاخْ تَل َ َ‬ ‫)فصل( و َأَ َمّا رُؤْيَت ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن‬‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنِي أَ بِي و َأَ بُو عَبْدِ َ‬ ‫ابن عَبْدِ ال ْمَلِكِ الْحَاف ُِظ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ قَا َ‬
‫ن قَاس ِ ِم ب ْ ِن ث َاب ٍِت ع َنْ أَ بيِه ِ وَج َ ّدِه ِ قَالا ح َ َ ّدثَنَا‬
‫ِيث ح َ َ ّدثَنَا أبو الفضل الصقيلى ح َ َ ّدثَنَا ث َاب ِتُ ب ْ ُ‬
‫ن م ُغ ٍ‬ ‫اب الْفَق ِيه ُ قَال َا ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي يُون ُ ُ‬
‫س بْ ُ‬ ‫ع ََت ّ ٍ‬

‫الل ّه ُ عَنْهَا ي َا ُأ َمّ ال ْمُؤْم ِنينَ‬ ‫ق أَ َن ّه ُ قَا َ‬


‫ل ل ِع َائِش َة َ رَضِيَ َ‬ ‫ن آدَم َ ح َ َ ّدثَنَا وَكِي ٌع ع َ ِ‬
‫ن اب ْ ِن أَ بِي خ َالِدٍ ع َنْ عَامِر ٍ ع َنْ مَسْر ُو ٍ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن عَل ِ ٍيّ ح َ َ ّدثَنَا مَح ْم ُود ُ ب ْ ُ‬ ‫عَبْد ُ َ‬

‫ن مُح َم ّدًا ر َأَ ى ر ََب ّه ُ فَق َ ْد كَذ َبَ ث َُم ّ‬


‫ك أَ َ ّ‬
‫ك بِه َِنّ فَق َ ْد كَذ َبَ م َنْ ح َ َ ّدث َ َ‬
‫لاث م َنْ ح َ َ ّدث َ َ‬
‫شعْرِي م َِم ّا قلُ ْتُ ث َ ٌ‬
‫ت لَق َ ْد ق َ َّف َ‬
‫ه َلْ ر َأَ ى مُح َم ّدٌ ر ََب ّه ُ فَق َال َ ْ‬
‫ن اب ْ ِن مَسْع ُودٍ وَمِثْلُه ُ ع َنْ أَ بِي‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا و َه ُو َ ال ْمَشْه ُور ُ ع َ ِ‬
‫ل عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫ل جَمَاع َة ٌ بِقَو ْ ِ‬
‫ت )لا ت ُ ْدرِك ُه ُ الأبصار( الآيَة َ وَذَك َر َ الْحَدِيثَ و َقَا َ‬
‫ق َرأَ َ ْ‬
‫ه ُر َي ْرَة َ أَ َن ّه ُ قَا َ‬
‫ل إنما‬
‫__________‬
‫)قوله الصقلى( بفتح الصاد المهملة والقاف‪ ،‬كذا ضبطه ابن خلكان في ترجمة ابن الزلاق الشاعر نسبة إلى صقلية‪ :‬جزيرة من جزائر‬
‫بحر الغرب )قوله عن عامر( هو الصواب لا ما يقع في بعض النسخ وهو عن مجاهد‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل و َاخْ تُل َِف عَن ْه ُ‪.‬‬ ‫جبْر ِي َ‬‫ر َأَ ى ِ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا أَ َن ّه ُ ر َآه ُ بِعَي ْنِه ِ وَرَو َى‬ ‫ن ال ْم ُح َ ّدِثِينَ و َالْفُقَه َاء ِ و َال ْمُتَكَل ِّمِينَ وَع َ ِ‬
‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬ ‫اع رُؤْيَتِه ِ فِي ال ُد ّن ْيَا جَمَاع َة ٌ م ِ َ‬ ‫ل ب ِإنْك َارِ هَذ َا و َامْت ِن َ ِ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫و َقَا َ ِ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا يَسْأَ لُه ُ‬ ‫ل ِإلَى اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫س َ‬
‫ن ع ُم َر َ أَ ْر َ‬ ‫ن ِإ ْسحَاقَ أَ َ ّ‬
‫ن اب ْ َ‬ ‫عَطَاء ٌ عَن ْه ُ أَ َن ّه ُ ر َآه ُ بِق َل ْبِه ِ وَع َنْ أَ بِي الْع َالِية ِ عَن ْه ُ ر َآه ُ بِف ُؤَادِه ِ م َ َّرتَيْنِ وَذَك َر َ اب ْ ُ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى اخْ ت َ َّص م ُوس َى ب ِالْك َلا ِم‬
‫ن َ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫ق و َقَا َ‬ ‫ل نَع َ ْم و َالْأشْه َر ُ عَن ْه ُ أَ َن ّه ُ ر َأَ ى ر ََب ّه ُ بِعَي ْنِه ِ رُوِيَ ذَل ِ َ‬
‫ك عَن ْه ُ م ِنْ طُر ُ ٍ‬ ‫ه َلْ ر َأَ ى مُحَم ّدٌ ر ََب ّه ُ فَق َا َ‬

‫ل ال ْمَاو َ ْرد ُِيّ‬ ‫ِالر ّ ْؤ يَة ِ و َحُ َ ج ّت ُه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )م َا كَذ َبَ الْف ُؤَاد ُ م َا ر َأَ ى أَ فَتُم َار ُونَه ُ عَلَى م َا ي َر َى و َلَق َ ْد ر َآه ُ نَزْلَة ً ُأ ْ‬
‫خر َى( قَا َ‬ ‫و َإب ْر َاه ِيم َ ب ِالْخلَ ُ ّة ِ و َمُحَم ّدًا ب ُ‬

‫س َل ّم َ ف َرَآه ُ مُحَم ّدٌ م َ َّرتَيْنِ وك َل ّم َه ُ م ُوس َى م َ َّرتَيْنِ *‬ ‫الل ّه َ تَع َالَى ق َسَم َ ك َلام َه ُ وَرُؤْيَت َه ُ بَيْنَ م ُوس َى ومُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْهِم َا و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل إ َّ‬
‫ق ِي َ‬

‫ْب فقال‬ ‫ن ع ََب ّاس و َ‬


‫كع ٌ‬ ‫ل اجْ تَم َ َع اب ْ ُ‬
‫ِث قَا َ‬
‫ن الْحا َر ِ‬
‫الل ّه ب ْ ُ‬
‫ْب ورَو َى عَب ْد َ‬ ‫سمْر َقَنْد ُِيّ الْحِك َايَة َ ع َنْ َ‬
‫كع ٍ‬ ‫ْث ال َ ّ‬
‫الل ّي ِ‬ ‫وَح َك َى أَ بُو الْفَت ِْح َ‬
‫الر ّاز ُِيّ و َأَ بُو َ‬

‫الل ّه ق َسَم َ رُؤْيَت َه ُ وَك َلام َه ُ بَيْنَ‬


‫ن َ‬ ‫ل إ َّ‬ ‫ْب ح ََت ّى ج َاو َبَت ْه ُ الْج ِبا ُ‬
‫ل و َقَا َ‬ ‫مرتَيْنِ فَكَ َب ّر َ َ‬
‫كع ٌ‬ ‫َ‬ ‫ل إ َّ‬
‫ن مُحَم ّدًا ق َ ْد ر َأَ ى ر َب ّه ُ َ ّ‬ ‫ن بَن ُو ه َاشِم فَنَق ُو ُ‬ ‫ابن عباس أَ َمّا َ‬
‫نح ْ ُ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم‬ ‫ل ر َأَ ى َ‬ ‫مُحَم ّد وم ُوس َى فَك َل ّم َه ُ م ُوس َى و َرآه ُ مُحَم ّدٌ بِق َل ْبِه ِ وَرَو َى شَر ِيكٌ ع َنْ أَ بِي ذَرّ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ فِي ت َ ْفسِير ِ الآيَة ِ قَا َ‬

‫سمْر َقَنْد ُِيّ عن‬


‫ر ََب ّه ُ * وَح َك َى ال َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله وروى عطاء( هو ابن أبى رباح المكى الفقيه )قوله وَع َنْ أَ بِي الْع َالِية ِ( هو رفيع بن مهران الر ياحي )قوله عبد الل ّٰه بن الحارث( هو‬
‫زوج أخت محمد بن سيرين روى هذا الحديث مرسل )*(‬
‫ل ر َأَ ي ْت ُه ُ بِف ُؤَادِي و َل َ ْم أَ رَه ُ ب ِعَيْنِي وَرَو َى مالك‬ ‫ل ه َلْ ر َأَ ي ْتَ ر ََب ّ َ‬
‫ك قَا َ‬ ‫س َل ّم َ سُئ ِ َ‬
‫س أن النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫ي وَر َب ِ ِ‬
‫يع ب ْ ِن أَ ن َ ٍ‬ ‫ْب الْق ُرَظِ ّ‬
‫كع ٍ‬
‫مُحَم ّد ب ْ ِن َ‬
‫يخ ْتَصِم ُ الملأ الأعلى الحديث * و َحك َى‬ ‫ل ي َا مُحَم ّد ُ ف ِيم َ َ‬
‫ل ر َأَ ي ْتُ ر َب ِ ّي وَذَك َر َ كَل ِم َة ً فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ابن يُخَام ِرَ ع َنْ مُع َاذٍ ع َ ِ‬

‫طلَمَنْكِ ُيّ ع َنْ عِكْرِم َة َ * وَح َك َى بَع ُ‬


‫ْض ال ْمُتَكَل ِّمِينَ هَذ َا ال ْمَذْه َبَ‬ ‫ن ك َانَ يَحل ُِف ب َِالل ّه ِ لَق َ ْد ر َأَ ى مُحَم ّدٌ ر ََب ّه ُ وَحَك َاه ُ أَ بُو ع ُم َر َ ال َ ّ‬ ‫ق أَ َ ّ‬
‫ن الْحَسَ َ‬ ‫الر ّ َزّا ِ‬
‫عَبْد ُ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل َأن ّه ُ‬
‫حن ْب َ ٍ‬ ‫الن ّ َ ّق ُ‬
‫اش ع َنْ أَ حْم َد ب ْ ِن َ‬ ‫ل نَع َ ْم * وَح َك َى َ‬
‫ل أَ ب َا ه ُر َي ْرَة َ ه َلْ ر َأَ ى مُح َم ّدٌ ر ََب ّه ُ فَق َا َ‬ ‫ن ِإ ْسحَاقَ أَ َ ّ‬
‫ن م َْرو َانَ سَأ َ‬ ‫ن اب ْ ِن مَسْع ُودٍ * وَح َك َى اب ْ ُ‬
‫عَ ِ‬
‫ل ر َآه ُ بِق َل ْبِه ِ وج َبُنَ‬
‫حن ْب َ ٍ‬
‫ن َ‬
‫ل أَ حْم َد ب ْ ُ‬
‫ل أَ بُو ع ُم َر َ قَا َ‬ ‫ِيث اب ْ ِن ع ََب ّاس بِعَي ْنِه ِ‪ :‬ر َآه ُ ر َآه ُ ح ََت ّى انْقَطَ َع نَفَس ُه ُ يَعْنِي نَف َ‬
‫َس أَ حْم َد و َقَا َ‬ ‫ل بِ حَد ِ‬
‫ل أَ ن َا أَ قُو ُ‬
‫قَا َ‬

‫ن اب ْ ِن ع ََب ّاس وَعِك ْرم َة َ‬ ‫ل ر َآه ُ وَل َا ل َ ْم ي َرَه ُ و َق َد اخْ تُل َِف فِي ت َأْ وِ ي ِ‬
‫ل الآيَة ِ ع َ ِ‬ ‫ن جُبَي ْر ل َا أَ قُو ُ‬ ‫ل ب ِرُؤْيَتِه ِ فِي ال ُد ّن ْيَا ب ِالْأَ بْصَارِ و َقَا َ‬
‫ل سَع ِيد ُ ب ْ ُ‬ ‫ن الْقَو ْ ِ‬
‫عَ ِ‬
‫ن اب ْ ِن ع ََب ّاس وَعِكْرِم َة َ ر َآه ُ بقلبه وعن‬
‫ن و َاب ْ ِن مَسْع ُودٍ فَحـ ُكى ع َ ِ‬
‫و َالْحَسَ ِ‬
‫__________‬
‫ْب والربيع تابعيان )قوله ابن يخامر( بضم المثناة التحتية وتخفيف الخاء‬ ‫)قوله سئله هل رأيت( هذا الحديث مرسل لأن مُح َم ّد ب ْ ِن َ‬
‫كع ٍ‬
‫ك ب ْ ِن يُخَام ِرَ ع َنْ مُع َاذٍ مبين فِي بَعْض الروايات أنه في النوم )قوله و َحك َى عَبْد ُ‬
‫ِيث م َال ِ ِ‬
‫المعجمة وكسر الميم بعدها راء‪ ،‬قال المزى حَد ِ‬
‫الر ّ َزّاقِ( هو ابن همام بن رافع الحافظ الصغانى صاحب التصانيف‪ ،‬مات سنة إحدى عشرة ومائتين أخرج له الأئمة الستة )قوله‬ ‫َ‬
‫ل أَ بُو ع ُم َر َ الظاهر أنه الطلمنكى المتقدم )*(‬
‫الطلمنكى( بفتح الطاء المهملة واللام والميم والنون والكاف الإمام الحافظ المقرى )قوله و َقَا َ‬
‫ن اب ْ ِن عَطَاء ٍ فِي قوله تعالى )ألم نَشْر َحْ ل َ َ‬
‫ك‬ ‫ن أبيه َأن ّه ُ قَا َ‬
‫ل ر َآه ُ وَع َ ِ‬ ‫ل عَ ِ‬
‫حن ْب َ ٍ‬
‫ن أَ حْم َد ب ْن َ‬
‫الل ّه ب ْ ُ‬
‫ل وَح َك َى عَب ْد َ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫ن و َاب ْ ِن مَسْع ُودٍ ر َأى ِ‬
‫الْحَسَ ِ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ وَجَمَاع َة ٌ م ِنْ‬ ‫ن ِإسْمَاعِيل الْأَ شْ عَرِي رَضِيَ َ‬ ‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬‫ل أَ بُو الْحَسَ ِ‬ ‫ص ْدر َ م ُوس َى لِلْك َلا ِم و َقَا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص ْدرَه ُ ل ِ ُلر ّ ْؤ يَة ِ و َشَر َ َ‬
‫ح َ‬ ‫ل شَر َ َ‬ ‫ص ْدرَك َ( قَا َ‬ ‫َ‬

‫س َل ّم َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ عَلَيْهِم ُ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ فَق َ ْد ُأوتِي مِث ْلَه َا نَب ُِي ّنا صَلَ ّى َ‬ ‫ل آية ٍ ُأوت ِيهَا نَبِ ّي م ِ َ‬
‫ل كُ ّ‬
‫سه ِ و َقَا َ‬‫الل ّه تعالى ببصره وعيسى ر َأ ِ‬ ‫صحَابِه ِ َأن ّه ُ ر َأَ ى َ‬
‫أَ ْ‬
‫لو ِ‬
‫َاضح ٌ و َلـَك َِن ّه ُ ج َائِز ٌ أَ ْن يَكُونَ‪.‬‬ ‫ْس عَلَيْه ِ د َلِي ٌ‬ ‫ل لَي َ‬‫ْض م َشايِ خ ِنَا فِي هَذ َا و َقَا َ‬ ‫الر ّ ْؤ يَة ِ وَو َق ََف بَع ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫ُص م ِنْ بَيْنِه ِ ْم بتَِفْضِ ي ِ‬ ‫وَخ َ ّ‬
‫يح ِيلُه َا و َال َد ّلِي ُ‬
‫ل‬ ‫ل م َا ُ‬ ‫ن رُؤْيَت َه ُ تَع َالَى فِي ال ُد ّن ْيَا ج َائ ِزَة ٌ عَقْل ًا و َلَي َ‬
‫ْس فِي الْع َ ْق ِ‬ ‫الل ّه و َالْح َُقّ ال َ ّذ ِي ل َا امْتِر َاء َ ف ِيه ِ أَ َ ّ‬
‫ل و ََف ّق َه ُ َ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫قَا َ‬
‫الل ّه وما لا يجوز عليه بَلْ ل َ ْم يَسْألْ إ َلّا ج َائِز ًا غَيْر ِ‬
‫ل نَبِ ّي م َا يَج ُوز ُ عَلَى َ‬
‫يجْه َ َ‬
‫ل أ ْن َ‬
‫محَا ٌ‬
‫سلَام ُ لَهَا و َ ُ‬ ‫عَلَى جُوَازِه َا فِي ال ُد ّن ْيَا سُؤَا ُ‬
‫ل م ُوس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫ل‬
‫تح ْتَمِ ُ‬
‫ق وَل َا َ‬
‫ي لَنْ تُط ِي َ‬
‫الل ّه تَع َالَى )لَنْ ت َر َانِي( أَ ْ‬
‫ل لَه ُ َ‬ ‫ْب ال َ ّذ ِي ل َا يَعْلَم ُه ُ إ َلّا م َنْ ع َل ّم َه ُ َ‬
‫الل ّه فَق َا َ‬ ‫ن الْغَي ِ‬
‫ل و َلـَكِنْ و ُقُوع ُه ُ ومشاهداته م ِ َ‬
‫مُسْتَحِي ٍ‬

‫ل رُؤْيَت ُه ُ فِي ال ُد ّن ْيَا بَلْ ف ِيه ِ جَوَاز ُه َا‬ ‫يح ِي ُ‬


‫ْس ف ِيه ِ م َا ُ‬ ‫ل هَذ َا لَي َ‬‫ل وَك ُ ّ‬‫رُؤْيَتِي ث َُم ّ ضَر َبَ لَه ُ م َثَل ًا م َِم ّا ه ُو َ أَ ق ْو َى م ِنْ بِن ْيَة ِ م ُوس َى و َأَ ث ْب َتُ و َه ُو َ الْجبَ َ ُ‬
‫ل عَلَى‬ ‫ن اسْ تَد َ َ ّ‬
‫ل مَوْجُودٍ ف َرُؤْيَت ُه ُ ج َائ ِزة ٌ غَيْر ِ مُسْتَحِيلَة ٍ وَل َا حُ َ ج ّة َ لم ِ َ ِ‬ ‫ل قَاطِـ ٌع عَلَى اسْ ت ِحالَتِهَا وَل َا امْت ِنَاعِه َا إ ْذ ك ُ ّ‬ ‫ْس فِي ال َش ّر ِْع د َلِي ٌ‬ ‫عَلَى ا ْلجم ُْلَة ِ و َلَي َ‬
‫ْس‬
‫يلات فِي الآية وإذ لَي َ‬
‫ِ‬ ‫ِلاف الت ّأْ وِ‬
‫مَن ْعِه َا بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )لا ت ُ ْدرِك ُه ُ الأَ بْصَار ُ( لاخْ ت ِ‬
‫ل ل َا‬ ‫ل بَعْضُه ُ ْم بِهَذِه ِ الآيَة ِ ن َ ْفسِه َا عَلَى جَوَازِ ُ‬
‫الر ّ ْؤ يَة ِ و َعَد َ ِم اسْ ت ِح َالَتِهَا عَلَى ا ْلجم ُْلَة ِ و َق َ ْد ق ِي َ‬ ‫ل فِي ال ُد ّن ْيَا الاسْ ت ِح َالة َ و َق َد اسْ تَد َ َ ّ‬
‫ل م َنْ قَا َ‬
‫يَقْت َض َي قَو ْ ُ‬
‫ل لا ت ُ ْدرِك ُه ُ الأَ بْصَار ُ و ََإن ّمَا ي ُ ْدرِك ُه ُ ال ْمُبْصِر ُونَ‬ ‫ل اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س و َق َ ْد ق ِي َ‬ ‫ِيط بِه ِ و َه ُو َ قَو ْ ُ‬
‫تح ُ‬ ‫ت ُ ْدرِك ُه ُ أَ بْصَار ُ ال ْـكُ َ ّفارِ و َق ِي َ‬
‫ل )لا ت ُ ْدرِك ُه ُ الأَ بْصَار ُ( ل َا ُ‬

‫ك ل َا حُ َ ج ّة َ لَه ُ ْم بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )لن تراني( و َقَو ْلِه ِ )تُب ْتُ ِإلَيْكَ( لما قدمناه‬ ‫يلات ل َا تَقْتَض ِي مَن ْ َع ُ‬
‫الر ّ ْؤ يَة ِ وَل َا اسْ ت ِح َالَتِهَا وَكَذَل ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ل هَذِه ِ الت ّأْ وِ‬
‫وَك ُ ّ‬
‫ْس عَلَى ال ْعُم ُو ِم ولأن من قال معناها لن تراني في الدنيا إنما هو تأو يل وأيضا فليس فيه نص الامتناع وإنما جاءت في حق‬
‫ولأنها لَي َ‬
‫موسى وحيث ٺتطرق التأو يلات ٺتسلط الاحتمالات فليس للقطع إليه سبيل وقوله )تبت إليك( أي م ِنْ سُؤَال ِي م َا ل َ ْم تُق َ ّدِ ْره ُ ل ِي و َق َ ْد‬
‫ف‬
‫سل َ ِ‬ ‫ق أ ْن يَنْظ ُر َ ِإل َيّ فِي ال ُد ّن ْيَا و ََأن ّه ُ م َنْ نَظَر َ ِإل َيّ م َاتَ و َق َ ْد ر َأَ ي ْتُ لِبَعْ ِ‬
‫ض ال َ ّ‬ ‫ْس لِب َشَرٍ أ ْن يُط ِي َ‬ ‫ل أَ بُو بَكْر ٍ ال ْهُذْل ِ ُيّ فِي قَو ْلِه ِ )لَنْ تراني( أَ ْ‬
‫ي لَي َ‬ ‫قَا َ‬

‫ات و َالْف َنَاء ِ فَل َ ْم تَكُنْ‬ ‫ل ال ُد ّن ْيَا وق ُوَاه ُ ْم و َ َ‬


‫كوْنِهَا م ُتَغَيِّرَة ً ع َرضًا لِلآف َ ِ‬ ‫ِيب أَ ه ْ ِ‬
‫ْف تَرْك ِ‬ ‫ن رُؤْيَت َه ُ تَع َالَى فِي ال ُد ّن ْيَا مُم ْتَنِع َة ٌ ل ِ َ‬
‫ضع ِ‬ ‫ن م َا مَعْنَاه ُ أَ َ ّ‬
‫خر ِي َ‬
‫و َال ْمُت َأَ ِّ‬
‫خرَة ِ وَرُكّ ب ُوا تَرْكِيبًا آخَر َ وَرُزِق ُوا ق ُوى ث َابتِ َة ً ب َاق ِي َة ً و َأَ ت ََم ّ أَ ن ْوَار َ أَ بْصَارِه ِ ْم و َقُلُو بِه ِ ْم ق َو ُوا بِهَا‬ ‫لَه ُ ْم ق َُو ّة ٌ عَلَى ُ‬
‫الر ّ ْؤ يَة ِ فَإذ َا ك َانَ فِي الآ ِ‬
‫س رحمه الل ّٰه قال‬ ‫ك ب ْ ِن أَ ن َ ٍ‬‫نح ْو َ هَذ َا لمَال ِ ِ‬ ‫عَلَى ُ‬
‫الر ّ ْؤ يَة ِ و َق َ ْد ر َأَ ي ْتُ َ‬
‫__________‬
‫سل ِم فِي حَدِيث الدجال فاعلموا أنه أعور وأن‬
‫ل الدنيا( قال المزى يؤيده ما في م ُ ْ‬
‫ِيب أَ ه ْ ِ‬
‫ْف تَرْك ِ‬
‫ضع ِ‬ ‫ن رُؤْيَت َه ُ تَع َالَى فِي ال ُد ّن ْيَا مُم ْتَنِع َة ٌ ل ِ َ‬ ‫)قوله أَ َ ّ‬
‫الل ّٰه ليس بأعور‪ ،‬وإن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ْس‬
‫ح و َلَي َ‬
‫ن م َلِي ٌ‬
‫حس َ ٌ‬
‫خرَة ِ ورزقوا أبصار ب َاق ِي َة ً ر ُئي ال ْبَاقِي ب ِال ْبَاقِي و َهَذ َا كلام ٌ َ‬ ‫ل َ ْم ي ُر َ فِي ال ُد ّن ْيَا ل ِأَ َن ّه ُ ب َا ٍ‬
‫ق وَل َا ي ُر َى ال ْبَاقِي ب ِالْف َانِي ف َِإذ َا ك َانَ فِي الآ ِ‬
‫ل أَ عْبَاء ِ ُ‬
‫الر ّ ْؤ يَة ِ ل َ ْم تَم ْتَنعْ‬ ‫الل ّه تَع َالَى م َنْ شَاء َ م ِنْ عِبَادِه ِ وأَ قْدَرَه ُ عَلَى حَم ْ ِ‬ ‫ْف الْق ُ ْدرَة ِ ف َِإذ َا ق َو ّى َ‬ ‫ل عَلَى الاسْ ت ِح َالَة ِ إ َلّا م ِنْ َ‬
‫حي ْثُ ضع ُ‬ ‫ف ِيه ِ د َلِي ٌ‬
‫ك م َا أَ ْدرَك َاه ُ وَر ُ ْؤ يَة ِ‬ ‫كهِم َا بِق ُ َو ّة ٍ ِإلهِيَة ٍ م ُن ِح َاه َا لإ ْدر َا ِ‬
‫س َل ّم َ و َنُف ُوذِ ِإ ْدر َا ِ‬
‫ح َ ّقه ِ و َق َ ْد تَق َ َ ّدم َ م َا ذُك ِر َ فِي ق َُو ّة ِ بَصَر ِ موسى ومحمد صلى الل ّٰه عليهما و َ َ‬
‫فِي َ‬
‫م َا ر َأَ ي َاه ُ والل ّٰه أَ ع ْلَم ُ‪.‬‬
‫ل ر َأَ ى ر ََب ّه ُ‬ ‫ك خ َرّ صَعِق ًا و َأَ َ ّ‬
‫ن الْجبَ َ َ‬ ‫الل ّه فلَِذَل ِ َ‬ ‫ن م ُوس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ر َأَ ى َ‬ ‫و َق َ ْد ذَك َر َ الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر فِي أث ْنَاء ٍ أَ جْ وبَتِه ِ ع َ ِ‬
‫ن الآيتَيْنِ م َا مَعْنَاه ُ أَ َ ّ‬
‫ْف ت َر َانِي( ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل )فَلَم ّا‬ ‫ن اسْ تَق ََر ّ مَك َانَه ُ فَسَو َ‬
‫ل ف َِإ ِ‬
‫ن انْظُر ْ ِإلَى الْجبَ َ ِ‬
‫ك ِ‬
‫ك والل ّٰه أَ ع ْلَم ُ م ِنْ قَو ْلِه ِ )و َلـ َ ِ‬
‫الل ّه لَه ُواسْ تَن ْب ََط ذَل ِ َ‬ ‫فَصَار َ د َ ًكّا ب ِإ ْدر َا ٍ‬
‫ك خ َلَق َه ُ َ‬
‫ل ح ََت ّى‬ ‫ن مُح َم ّدٍ َ‬
‫شغَلَه ُب ِالْجبَ َ ِ‬ ‫جعْف َر ُب ْ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ظه ُورُه ُ لَه ُ ح ََت ّى ر َآه ُ عَلَى هَذ َا الْقَو ْ ِ‬
‫ل و َقَا َ‬ ‫جعَلَه ُ د َ ًكّا وَخ َرّ موسى صعقا( وَتَجَلِّيه ِ لِلْجَب َ ِ‬
‫ل ه ُو َ ُ‬ ‫تَجلَ ّى ر َُب ّه ُ لِلْجَب َ ِ‬
‫ل َ‬

‫ل َأن ّه ُ ر َآه ُ وب ِر ُ ْؤ يَة ِ الجبل له‬


‫ن فِي الْجبَ ِ‬
‫ض ال ْمُفَسّر ِي َ‬
‫ن م ُوس َى ر َآه ُ و َق َ ْد و َق َ َع لِبَعْ ِ‬ ‫ك لَمَاتَ صعقا بلا إفافة و َقَو ْلُه ُ هَذ َا يَد ُ ُ ّ‬
‫ل عَلَى أَ َ ّ‬ ‫تَجلَ ّى و َلَوْل َا ذَل ِ َ‬
‫استدل من قال برؤ ية محمد نبينا‬
‫__________‬
‫)قوله و َق َ ْد ذَك َر َ الْق َاض ِي أبو بكر( يعنى الباقلانى لأن الْق َاض ِي أَ ب َا بَك ْر ابن العربي معاصر للمصنف لأن مولده سنة ثمان وستين وأربعمائة‬
‫ومماته سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة‬
‫ل ر َأَ ى ربه( قال الإمام الرازي في‬ ‫ومولد المصنف سنة ست وسبعين وأربعمائة‪ ،‬ومماته سنة أربع وأربعين وخمسمائة )قوله و َأَ َ ّ‬
‫ن الْجبَ َ َ‬
‫المعلم‪ :‬فخلق الل ّٰه تعالى في الجبل حياة وعقلا وفهما وخلق فيه الرؤ ية فرأى بها‪.‬‬
‫)*(‬
‫ص فِي ال ْم َ ِ‬
‫نع‪.‬‬ ‫َات ن َ ُ ّ‬
‫ْس فِي الآي ِ‬
‫جعَله ُ د َلِيل ًا عَلَى الجَوَازِ وَل َا م ِْر يَة َ فِي الْجَوَازِ ِإ ْذ لَي َ‬
‫لَه ُ إ ْذ َ‬
‫الن ّجْ ِم َ‬
‫والت ّنازع ُ ف ِيهم َا‬ ‫ل ف ِيه ِ عَلَى آيَت َي َ‬ ‫ْس ف ِيه ِ قَاطِـ ٌع أيْضًا وَل َا ن َ ّ ٌ‬
‫ص إذِ المُع َ َو ّ ُ‬ ‫و َأَ َمّا وُجُوبُه ُ لِنَب َِي ّنا صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم والقول بأنه رآه بِعَي ْنِه ِ فَلَي َ‬

‫ك وَحَدِيث اب ْ ِن ع ََب ّاس خ َبَر ٌ ع َ ِ‬


‫ن اعْتِق َادِه ِ ل َ ْم يُسن ْده ُ‬ ‫س َل ّم َ بِذَل ِ َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن وَل َا أَ ث َر َ قَاطِـ ٌع م ُت َواتِر ٌ ع َ ِ‬
‫ك ٌ‬
‫ل لَهُم َا مُم ْ ِ‬
‫م َأثُور ٌ و َالاحْ ت ِما ُ‬

‫ل ل ِ َلت ّاوِ ي ِ‬
‫ل و َه ُو َ‬ ‫ل ب ِاعْتِق َادِ م ُض َمّنِه ِ وَمِثْلُه ُ حَدِيث أَ بِي ذَرّ فِي ت َ ْفسِير ِ الآيَة ِ وَحَدِيث م ُعاذٍ ُ‬
‫مح ْتَمِ ٌ‬ ‫س َل ّم َ فَيَجِبُ الْعَم َ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِإلَى َ‬

‫ْض شُي ُوخِنَا َأن ّه ُ رُوِيَ ‪ :‬نَوْر َان ِ َيّ‬


‫ل ف َرُوِيَ ‪ :‬نُور ٌ أَ ن ِ ّي أَ ر َاه ُ‪ ،‬وَح َك َى بَع ُ‬
‫شك ِ ٌ‬
‫م ُضْ طَرِب الإسْ نَادِ و َال ْمَتْنِ وَحَدِيث أَ بِي ذَرّ الآخر مختلف محتمل م ُ ْ‬
‫ح ر َأي ْتُ نُور ًا فَه ُو َ‬ ‫ن ك َانَ َ‬
‫الصّ حِي ُ‬ ‫صح ّة ِ ُ‬
‫الر ّ ْؤ يَة ِ ف َِإ َ ّ‬ ‫ج ب ِوَاحدٍ مِنْهَا عَلَى ِ َ‬
‫ن الاحْ ت ِج َا ُ‬
‫ك ُ‬
‫ْس يُم ْ ِ‬
‫ل ر َأي ْتُ نُور ًا و َلَي َ‬
‫أر َاه ُ‪ ،‬و َفِي حَدِيثِه ِ الآخَر ِ سَأل ْت ُه ُ فَق َا َ‬
‫َاب‬
‫كي َْف أر َاه ُ م َ َع ِحج ِ‬
‫ي َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى و َِإ َن ّمَا ر َأَ ى نُور ًا م َنَع َه ُ و َحَ ج َب َه ُ ع َنْ ر ُ ْؤ يَة ِ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى و َِإلَى هَذ َا يَرْجِـ ُع قَو ْلُه ُنُور ٌ أنى أره أَ ْ‬ ‫قد أخْبَر َ َأن ّه ُ ل َ ْم ي َر َ َ‬
‫ُ‬
‫الن ّورِ ال ْمُغ َ َش ّي لِل ْب َصَر ِ و َهَذ َا مِث ْ ُ‬
‫ل م َا فِي الْحَدِيثَ الآخَر ِ ِحج َابُه ُ النور وفى‬
‫__________‬
‫)قَو ْلُه ُ نُور ٌ َأن ّي أره( بهمزة مفتوحة ونون مشددة مفتوحة بمعنى كيف‪ :‬قال المازرى الضمير في أراه عائد على الل ّٰه تعالى‪ ،‬ومعنى الكلام‬
‫أن النور منعنى من الرؤ ية كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائى وبينه‪ ،‬وروى نوراني بفتح‬
‫الراء وكسر النون وتشديد الياء و يحتمل أن يكون معناه راجعا إلى ما سبق‪،‬‬
‫وقال المزى هذا تصحيف‪ ،‬والصواب الأول يَد ُ ُ ّ‬
‫ل عَلَيْه ِ‪ ،‬قَو ْلُه ُ رأيت نورا وقوله حجابه النور‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما ما ورد في هذه القصة من مناجاته لل ّٰه تعالى وكلامه معه‬ ‫‪٢.٣.٦‬‬

‫ك ال َ ّذ ِي فِي ال ْب َصَر ِ فِي الْق َل ِ‬


‫ْب‬ ‫الْحَدِيثَ الآخَر ِ ل َ ْم أرَه ُ بِعَيْنِي و َلـَكِنْ ر َأَ ي ْت ُه ُ بِق َلْبِي م َ َّرتَيْنِ و َتلَا )ث َُم ّ د َن َا فتدلى( والل ّٰه تَع َالَى قَادِر ٌ عَلَى خ َل ْ ِ‬
‫ق الإ ْدر َا ِ‬

‫اب اعْتُقِد َ وَوَجَبَ ال ْم َصِ ير ُ إلَيْه ِ إ ْذ ل َا اسْ ت ِح َالَة َ ف ِيه ِ وَل َا م َان ِـ َع ق َ ْطعِيّ ٌ ير ُ ُدّه ُ والل ّٰه‬
‫ن فِي ال ْب َ ِ‬
‫ص بَي ّ ِ ٌ‬
‫كي َْف شَاء َ ل َا إله غَي ْرُه ُ ف َِإ ْن ورد حَدِيث ن َ ّ ٍ‬
‫أَ ْو َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫واب‪.‬‬ ‫ق لِ َ‬
‫لصّ ِ‬ ‫ال ْم ُو َف ِّ ُ‬
‫ض َمّنَت ْه ُ الْأَ ح َادِيثُ‬
‫)فصل( و َأَ َمّا م َا وَرَد َ فِي هَذِه ِ الْق َِصّ ة ِ م ِنْ م ُنَاج َاتِه ِ لل ّٰه تعالى وكلامه معه بِقَو ْلِه ِ )ف َأَ ْوحَى ِإلَى عَبْدِه ِ م َا أوحى( ِإلَى م َا ت َ َ‬
‫جعْفَرِ‬‫شذ ُوذ ًا مِنْه ُ ْم فَذُك ِر َ ع َنْ َ‬ ‫س َل ّم َ إ َلّا ُ‬ ‫ل ِإلَى مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جبْر ِي ُ‬
‫لو ِ‬ ‫جبْر ِي َ‬‫ل ِإلَى ِ‬ ‫الل ّه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫حي َ ه ُو َ َ‬
‫ن ال ْم ُو ِ‬‫ن عَلَى أَ َ ّ‬‫ف َأَ كْ ث َر ُ ال ْمُفَسّر ِي َ‬
‫ن مُحَم ّدًا ك ََل ّم َ ر ََب ّه ُ فِي ال ِْإسْر َاء ِ وَحُكِي َ‬
‫ْض ال ْمُتَكَل ّمِينَ أَ َ ّ‬ ‫ي و َِإلَى هَذ َا ذ َه َبَ بَع ُ‬ ‫سط ِ ّ‬
‫ن ال ْوَا ِ‬ ‫نح ْوَه ُ ع َ ِ‬
‫سطَة ٍ و َ َ‬
‫ل أَ ْوحَى إليْه ِ بلا و َا ِ‬ ‫ق قَا َ‬ ‫ب ْ ِن مُحَم ّدٍ َ‬
‫الصّ ادِ ِ‬
‫ِ‬
‫ن اب ْ ِن ع ََب ّاس فِي ق َِصّ ة ِ ال ِْإسْر َاء عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫اش ع َ ِ‬‫الن ّ َ ّق ُ‬
‫ن اب ْ ِن مَسْع ُودٍ و َاب ْ ِن ع ََب ّاس و َأَ ن ْك َرَه ُ آخَر ُونَ وَذَك َر َ َ‬ ‫كوْه ُ ع َ ِ‬ ‫ِي وَح َ َ‬ ‫ن الْأَ شْ عَر ّ ِ‬ ‫عَ ِ‬
‫ك ي َا مُحَم ّد ُ ا ْدنُ ا ْدنُ‪.‬‬
‫َت الْأَ صْ واتُ ع َن ّي فَسَمِعْتُ ك َلَام َ ر َب ّي و َه ُو َ يَق ُولُ‪ :‬لِيَهْد َأْ رَوْع ُ َ‬
‫ل فَانْقَطَع ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫س َل ّم َ فِي قَو ْلِه ِ د َن َا فَتَد َلَ ّى قَا َ‬
‫ل فَار َقَنِي ِ‬ ‫وَ َ‬
‫الل ّه ُ ِإلا و َحْ يًا أَ ْو م ِنْ وَر َاء ِ ِحج ٍ‬
‫َاب‬ ‫س فِي ال ِْإسْر َاء ِ َ‬
‫نح ْو ٌ مِن ْه ُ و َق َد احت ََجّ وا فِي هَذ َا بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )وَم َا ك َانَ لِب َشَرٍ أَ ْن يُكَل ِّم َه ُ َ‬ ‫و َفِي حَدِيث أَ ن َ ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله ليهدأ( بدال مهملة بعدها همزة‪ ،‬والروع بفتح الراء‪ :‬الفزع )*(‬

‫)فصل( وأما ما ورد في حديث الإسراء‬ ‫‪٢.٣.٧‬‬


‫ل جميع الْأَ ن ْب ِيَاء ِ‬ ‫ل ال ْمَلَائِكَة ِ كَحا َ ِ‬‫َاب كَتَكْل ِِيم م ُوس َى و َب ِإ ْرسَا ِ‬ ‫هي َ ثَلاثَة ُ أَ قْسَا ٍم م ِنْ وَر َاء ِ ِحج ٍ‬ ‫حي َ ب ِِإذْنِه ِ م َا يَش َاءُ( فَق َالُوا ِ‬ ‫ل رَسُولا فَي ُو ِ‬ ‫س َ‬ ‫أَ ْو يُرْ ِ‬

‫حي ُ‬ ‫ل ال ْو َ ْ‬ ‫ِيم صُورِ الْك َلَا ِم إ َلّا ال ْمُشَافَه َة ُ م َ َع ال ْمُشَاهَدَة ِ و َق َ ْد ق ِي َ‬


‫ق م ِنْ ت َ ْقس ِ‬ ‫س َل ّم َ َ‬
‫الث ّال ِثُ قَو ْلُه ُ و َحْ يًا و َل َ ْم يَب ْ َ‬ ‫ل نَب ِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وأكثر أَ حْ وَا ِ‬
‫سطَة ٍ و َق َ ْد ذَك َر َ أَ بُو بَكْر ٍ ال ْبَز ّار ُ ع َنْ عَلِيّ فِي حَدِيث الْإسْر َاء ِ م َا ه ُو َ أَ وْضَ ح ُ فِي سَم َ ِ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫اع َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ْب النبي د ُونَ و َا ِ‬
‫ه ُنَا ه ُو َ م َا يلُْق ِيه ِ فِي قَل ِ‬

‫ل فِي‬
‫صد َقَ عَبْدِي أَ ن َا أَ كْ ب َر ُ أَ ن َا أَ كْ ب َر ُ و َقَا َ‬
‫اب َ‬
‫ل ل ِي م ِنْ و َراء الْ حِج َ ِ‬
‫ك الل ّٰه أكبر الل ّٰه أَ كْ ب َر ُ فَق ِي َ‬
‫ل ال ْمَل َ ُ‬
‫ن الآيَة ِ فَذَك َر َ ف ِيه ِ‪ :‬فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ لِك َلَا ِم َ‬
‫الل ّه م ِ َ‬ ‫وَ َ‬
‫اب مِن ْه ُ‬
‫ن ال ْب َ ِ‬
‫ل مِ َ‬ ‫ل هَذ َي ْ ِن الْحَدِيثَيْنِ فِي الفضل بَعْد َ هَذ َا م َ َع م َا ي ُ ْشبِه ُه ُ و َفِي أ َ ّو ِ‬
‫ل ف َصْ ٍ‬ ‫شك ِ ِ‬
‫ل ذلك و يجئ الْك َلَام ُ فِي م ُ ْ‬
‫ن مِث ْ َ‬
‫ات الْآذ َا ِ‬
‫سَائِر ِ كَل ِم َ ِ‬

‫ِـع عَقْل ًا وَل َا وَرَد َ فِي ال َش ّر ِْع قَاطِـ ٌع يَم ْن َع ُه ُ ف َِإ ْن صَ َ ح ّ فِي‬
‫ن اخْ ت ََصّ ه ُ م ِنْ أن ْب ِيَائِه ِ ج َائِز ٌ غَيْر ِ مُم ْتَن ٍ‬
‫س َل ّم َ وَم ِ ِ‬ ‫الل ّه تَع َالَى لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَك َلام ُ َ‬
‫اب و َأَ َ‬
‫كّدَه ُ ب ِال ْم َصْ دَرِ د َلالَة ً عَلَى الْحَق ِيقَة ِ وَر َف َ َع مَك َانَه ُ‬ ‫ك فِي ال ْكت َ ِ‬
‫ص ذَل ِ َ‬‫حقٌَ مَقْطوعٌ بِه ِ ن َ َ ّ‬
‫ك خ َبَر ٌ اعْتُمِد َ عَلَيْه ِ وَكلام ُه ُ تَع َالَى لم ُِوس َى ك َائ ِ ٌن َ‬
‫ذَل ِ َ‬
‫كي َْف‬ ‫ِيف الْأَ ق ْلا ِم ف َ َ‬ ‫سابعة ِ بسبب ك َلامَه ِ و َرف َ َع مُحَم ّدًا فَو ْقَ هَذ َا كُلّه ِ ح ََت ّى بلَ َغ مُسْت َوى وَسَم ِـ َع صَر َ‬ ‫سم َاء ِ ال َ ّ‬‫عَلَى م َا وَرَد َ فِي الْحَدِيثَ فِي ال َ ّ‬
‫َات‪.‬‬
‫ض دَرَج ٍ‬
‫ل بَعْضُه ُ ْم فَو ْقَ بَعْ ٍ‬
‫جع َ َ‬ ‫حقّ هَذ َا أ ْو يَب ْعُد ُ سَمَاع ُ الْك َلَا ِم؟ فَسُب ْح َانَ منْ خ َ ّ‬
‫َص منْ شَاء َ بِمَا شَاء َ و َ َ‬ ‫ل فِي َ‬
‫يَسْتَحِي ُ‬

‫)فصل( و َأَ َمّا م َا وَرَد َ فِي حَدِيث ال ِْإسْر َاء ِ وَظَاهِرِ الآيَة ِ م ِ َ‬
‫ن ال ُد ّنُو ّ‬
‫ل عَلَيْهَم َا ال َ ّ‬
‫سلَام ُ‬ ‫جبْر ِي َ‬ ‫ن ال ُد ّنُو ّ و َ‬
‫َالت ّد َلّي مُنْقَسِمٌ م َا بَيْنَ مُحَم ّدٍ و َ ِ‬ ‫ن أَ َ ّ‬
‫ْب م ِنْ قَو ْلِه ِ )د َن َا فَتَد َلَ ّى فَك َانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَ ْو أدنى( ف َأكْ ث َر ُ ال ْمُفَسّر ِي َ‬
‫و َالْقُر ِ‬
‫مخ ْت َّص‬
‫أَ ْو ُ‬
‫ل مَعْن َى د َن َا ق َر ُبَ و َتَد َلَ ّى ز َاد َ فِي‬
‫ن ع ََب ّاس ه ُو َ مُح َم ّدٌ د َن َا فَت َدلَ ّى م ِنْ ر َب ّه و َق ِي َ‬ ‫الر ّاز ُِيّ و َقَا َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ْدرَة ِ ال ْمُنْت َهَ ى قَا َ‬
‫ن ال ّ‬
‫ن الآخَر ِ أَ ْو م ِ َ‬
‫ب ِأَ حَدِهِمَا م ِ َ‬
‫كم ُه ُ *‬ ‫ُ‬ ‫الر ّ ُ ّ‬
‫ب د َنا م ِنْ مُحَم ّدٍ فَتَد َلَ ّى إليْه ِ أي أَ مْره ُ وَح ُ ْ‬ ‫ن اب ْن ع ََب ّاس ه ُو َ َ‬
‫ي ق َر ُبَ وَح َك َى مَكّيّ و َال ْمَاو َردِي ع َ ِ‬
‫ل هُمَا بِمَعْن َى و َاحدٍ أَ ْ‬
‫ْب و َق ِي َ‬
‫الْقُر ِ‬
‫س َل ّم َ فَتَد َلَ ّى فَق َر ُبَ مِن ْه ُ ف َأَ ر َاه ُ م َا شَاء َ أَ ن ي ُر يه ُ م ِنْ ق ُ ْدر َتِه ِ وعَظَم َتِه ِ قَا َ‬
‫ل‬ ‫ل د َن َا م ِنْ عَبْدِه ِ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن قَا َ‬
‫ن الْحَسَ ِ‬ ‫الن ّ َ ّق ُ‬
‫اش ع َ ِ‬ ‫وَح َك َى َ‬

‫ل فَار َقَنِي‬ ‫س عَلَيْه ِ ث َُم ّ ر ُف ِـ َع فَد َن َا م ِنْ ر َب ّه قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ليْلَة َ الْمِعْر َ ِ‬


‫اج فَجل َ َ َ‬ ‫الر ّف ْر َُف لِمحُ َمّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خر ٌ تَد َلَ ّى َ‬
‫ن ع ََب ّاس ه ُو َ مُق َ َ ّدم ٌ وَم ُؤ َ ّ‬ ‫ل اب ْ ُ‬
‫و َقَا َ‬
‫س ْدرَة ِ ال ْمُنْت َهَ ى وَد َن َا الْجبَ ّار ُ‬
‫ل ِإلَى ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫ج بي ِ‬ ‫ِيح )ع َرَ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬ ‫س فِي َ‬ ‫ل وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫َت ع ََن ّي الْأَ صْ وَاتُ وَسَمِعْتُ ك َلَام َ ر َب ّي ع َ َّز وَج َ َ ّ‬ ‫ل و َانْقَطَع ْ‬ ‫جبْر ِي ُ‬
‫ِ‬

‫َب ال ْع َِز ّة ِ فَتَد َلَ ّى ح ََت ّى ك َانَ مِن ْه ُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَ ْو أَ دْنَى ف َأَ ْوحَى إليْه ِ بِمَا شَاء َ و َأَ ْوحَى إليْه ِ خَمْسِينَ صَلَاة ً( وَذَك َر َ حَدِيث ال ِْإسْر َاء ِ وَع َنْ محمد بن‬ ‫ر ُّ‬
‫__________‬
‫)قوله قاب قوسين( في الـكشاف أي مقدار قوسين عربيتين والقاب والقيب والقاد والقيد والقيس‪ :‬المقدار والتقدير في الآية فكان‬
‫مسافة قربه مثل قاب قوسين‪ ،‬وفى أنوار التنز يل‪ :‬والمقصود من الآية تمثيل تحقيق استماعه لما يوحى إليه بنفى البعد والملبس )قوله‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الرفرف( في البيان‪ :‬الرفرف البساط( وقيل لما كان من الديباج وقيل الفراش وفى الصحاح الرفرف ثياب خضر يتخذ منها المحابس‪:‬‬
‫الواحدة رفرفة والرفرف أيضا كسر الخبا وجوانب الدرع وما يدلى منه‪ :‬الواحدة رفرفة )*(‬
‫ْب ه ُو َ مُحَم ّدٌ د َن َا م ِنْ ر َب ّه فَك َانَ قَابَ قَوْسَيْنِ‪.‬‬
‫كع ٍ‬
‫َ‬

‫ن مُحَم ّدٍ أدْن َاه ُ ر َُب ّه مِن ْه ُ ح ََت ّى ك َانَ مِن ْه ُ كقاب قوسين‪.‬‬
‫جعْف َر ُ ب ْ ُ‬
‫ل َ‬
‫و َقَا َ‬

‫الل ّه ل َا ح َ َ ّد لَه ُ وَم ِ َ‬


‫ن ال ْع ِبَادِ ب ِالحُد ُودِ‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ و َال ُد ّنُو ّ م ِ َ‬
‫جعْف َر ُ ب ْ ُ‬
‫ل َ‬
‫و َقَا َ‬
‫كي ْفي ّة ُ‬
‫َعت ال ْـ َ‬
‫ل أيْضًا انْقَط ِ‬
‫و َقَا َ‬
‫ن قَل ْبِه ِ ِإلَى م َا أَ دْن َاه ُ‬ ‫ل ع َنْ د ُنُوّه ِ وَد َن َا مُح َم ّدٌ ِإلَى م َا ُأودِعَ قَل ْب ُه ُ م ِ َ‬
‫ن ال ْمَعْرِفَة ِ و َال ِْإ يمَان فَتَد َلَ ّى بِسُكُو ِ‬ ‫جبْر ِي ُ‬ ‫ن ال ُد ّنُو ّ‪ :‬أَ ل َا ت َر َى َ‬
‫كي َْف حُ ج ِبَ ِ‬ ‫عَ ِ‬
‫الل ّه‬
‫الل ّه أَ ْو ِإلَى َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه‪ :‬اع ْلَم أن م َا و َق َ َع م ِنْ ِإضَافَة ِ ال ُد ّنُو ّ والْقُر ِ‬
‫ْب ه ُنَا م ِ َ‬ ‫ل و َف َ ّقه ُ َ‬ ‫ش ُكّ والارْتيَِابُ ؟ قَا َ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬ ‫ل ع َنْ قَل ْبِه ِ ال َ ّ‬
‫وَز َا َ‬

‫س َل ّم َ م ِنْ ر َب ّه‪.‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ْس بِد ُنُو ّ ح َ ّد و َِإ َن ّمَا د ُنُو ّ َ‬
‫ق لَي َ‬ ‫جعْفَرِ ب ْ ِن مُحَم ّدٍ َ‬
‫الصّ ادِ ِ‬ ‫ْب مَد َى بَلْ كَمَا ذَكَر ْن َا ع َنْ َ‬
‫ن وَل َا قُر ِ‬
‫ْس بِد ُنُو ّ مَك َا ٍ‬
‫فَلَي َ‬

‫ْط‬
‫يس و َبَس ٌ‬
‫الل ّه تَع َالَى لَه ُ م َبَر ّة ٌ و َت َأْ ن ِ ٌ‬
‫ن َ‬ ‫ِيف رت ْبَتِه ِ و َإش ْراقُ أَ ن ْوارِ مَعْرِفَتِه ِ وَمُشَاهَدَة ُ أَ سْر َارِ غَي ْبِه ِ و َق ُ ْدر َتِه ِ وَم ِ َ‬
‫و َقُر ْبُه ُ منه إبانة عظيمه مَنْز ِلَته ِ و َتَشْر ُ‬
‫ل ر َ ُب ّنَا ِإلَى سماء ال ُد ّن ْيَا‪.‬‬ ‫ل ف ِيه ِ م َا يُت َأَ َ ّو ُ‬
‫ل فِي قَو ْلِه ِ‪ :‬يَنْز ِ ُ‬ ‫و َِإك ْرام ٌ و َيُت َأ َ ّو ُ‬

‫ن‬
‫سه ِ م ِ َ‬ ‫ل ث َُم ّ مَسَاف َة ً بَلْ ك ُ ّ‬
‫ل م َا د َن َا بنِ َ ْف ِ‬ ‫سه ِ دنا جَع َ َ‬ ‫ل الوَاسِط ُ ّ‬
‫ي منْ تَو َ َه ّم َ َأن ّه ُ بنِ َ ْف ِ‬ ‫ن قَا َ‬
‫ل و َِإحْ سَا ٍ‬
‫ل و َقَب ُو ٍ‬
‫ل و َِإجْمَا ٍ‬
‫ل ِإفْضَا ٍ‬
‫عَلَى أحَدِ ال ْوُجُوه ِ ن ُز ُو َ‬
‫الل ّه تَع َالَى ل َا‬ ‫ل َ‬
‫الضّ مِير َ عَائِد ًا ِإلَى َ‬ ‫حق ِيق َتِه ِ إ ْذ ل َا د ُن َُو ّ للْح َقّ وَل َا بُعْد َ و َقَو ْلُه ُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَ ْو أَ دْنَى فَم َنْ جَع َ َ‬
‫ك َ‬ ‫الْحَقّ تَد َلَ ّى بُعْدًا يَعْن َي ع َنْ د َ ْر ِ‬
‫ل و َإيض ِ‬
‫َاف عَلَى الْحَق ِيقَة ِ م ِنْ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم‬ ‫َاح ال ْمَعْرِفَة ِ و َال ِإشْر ِ‬ ‫ْف ال ْم َح َ ّ ِ‬ ‫ْب و َلُط ِ‬ ‫جبْر ِيل عَلَى هَذ َا ك َانَ عِبَارَة ً ع َنْ نِهَايَة ِ الْقُر ِ‬ ‫ِإلَى ِ‬
‫وعبارة عن إجابة لرغبة وقضاء‬
‫__________‬
‫)قوله مدى( بفتح الميم وتخفيف المهملة والتنوين أي غاية )قوله مبرة( أي برا )*(‬

‫)فصل( في ذكر تفضيله صلى الل ّٰه عليه وسلم في القيامة بخصوص الـكرامة‬ ‫‪٢.٣.٨‬‬

‫ل فِي قَو ْلِه ِ )منْ تَق ََر ّبَ م ِن ّي شبْر ًا تَق ََر ّب ْتُ مِن ْه ُ ذِر َاعًا وَم ِنْ‬
‫ل ف ِيه ِ م َا يُت َأَ َ ّو ُ‬
‫الل ّه لَه ُ و َيُت َأ َ ّو ُ‬
‫ن َ‬ ‫حفّي و َإن َافَة ِ ال ْمَنْز ِلَة ِ و َال ْمَر ْتَبَة ِ م ِ َ‬ ‫ال ْمَطَال ِِب و َإظْ ه َارِ َ‬
‫الت ّ َ‬
‫ل ال ْم َأْ م ُولِ‪.‬‬
‫ن و َتَعْجِي ُ‬
‫ن ب ِال ِإحْ سَا ِ‬
‫ل وإت ْيَا ٌ‬
‫ْب ب ِال ِإج َابَة ِ و َالْق َب ُو ِ‬
‫أت َانِي يَمْش ِي أَ تَيت ُه ُ هَرْوَلَة ً( قُر ٌ‬
‫س َل ّم َ فِي القيامة بخصوص الـكرامة ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل و َأَ بُو الْحُسَيْنِ قَال َا‬ ‫)فصل( فِي ذِكر تفضيله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ْث‬
‫ْب ع َنْ لَي ٍ‬
‫ن حَر ٍ‬ ‫ُوب ح َ َ ّدثَنَا التِّرْمِذ ُِيّ حدثنا الحسين ابن يَز ِيد َ ال ْـكُوف ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ ال َ ّ‬
‫سلا ِم ب ْ ُ‬ ‫مح ْب ٍ‬
‫ن َ‬ ‫ج ُّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬ ‫أَ خْبَر َن َا أَ بُو يَعْلَى ح َ َ ّدثَنَا ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬
‫خط ِيبُه ُ ْم‬ ‫س خُر ُوج ًا ِإذ َا بُع ِث ُوا و َأَ ن َا َ‬ ‫الن ّا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ‪) :‬أَ ن َا أَ َ ّو ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫عن الربيع ابن أنس عن أنس رضي الل ّٰه عنه قال قال رسول َ‬
‫س فِي‬ ‫الر ّب ِ ِ‬
‫يع ب ْن أَ ن َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫خر ٍ ع َ ِ‬‫ِإذ َا و َفَد ُوا و َأَ ن َا م ُبَش ِّر ُه ُ ْم ِإذ َا أَ يِس ُوا‪ ،‬ل ِوَاء ُ ا ْلحم َْدِ بيَِدِي وأنا أكرم ولد آدم على ربي وَل َا فَخ ْر َ( * و َفِي رِو َايَة ِ اب ْن ز ُ ْ‬
‫لَفْظِ هَذ َا الْحَدِيث‬
‫__________‬
‫)قوله التحفى( بالمثناة الفوقية والحاء المهملة المفتوحة والفاء المشددة المكسورة أي المبالغة في الإلطاف والإكرام )قوله وإنافة( بكسر‬
‫ن عَبْدِ الجبار‪ ،‬وفى بعض النسخ الحسن غير مصغر وليس بالحسين‬
‫الهمزة وتخفيف النون أي ز يادة )قوله وأبو الحسين( هو ال ْمُبَارَك ُ ب ْ ُ‬
‫)قوله عن ليث( هو ابن أبى سليم بضم السين وفتح اللام أبو بكر القرشى مولاهم الـكوفى أحد العلماء‪ ،‬يروى عن مجاهد وطبقته )قوله‬
‫ولا فخر( أي قلت ذلك امتثالا بأمر ربى لا افتخارا )قوله ابن زخر( الإفر يقى العابد )*(‬

‫شف ِيعُه ُ ْم إذ َا ح ُبِس ُوا و َأَ ن َا م ُبَشّر ُه ُ ْم إذ َا أبلس ُوا ل ِوَاء ُ‬


‫)أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا و َأَ ن َا قَائِد ُه ُ ْم إذ َا و َفد ُوا و َأَ ن َا خَطيبُه ُ ْم إذ َا أنْصَت ُوا و َأَ ن َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الل ّه عَن ْه ُ )و َ ُأكْ س َى‬


‫ُوف عَل َيّ أَ ل ُْف خ َادِم ك َأ َ ّنه ُ ْم لُؤ ْلُؤ ٌ مَكْن ُونٌ( وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫الـْك َر َ ِم بيَِدِي وأنا أَ ك ْرَم ُ ولد آدم عَلَى ر َب ّي وَل َا فَخ ْر َ و َيَط ُ‬
‫ل رسول‬
‫ل قَا َ‬
‫ك ال ْمَق َام َ غَيْرِي( وَع َنْ أَ بِي سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدرِي قَا َ‬
‫ق يَق ُوم ُ ذَل ِ َ‬
‫ن الْخَلائ ِ ِ‬
‫ْس أَ حَدٌ م ِ َ‬ ‫ل الْجَ ّنة ِ ث َُم ّ أَ ق ُوم ُ ع َنْ يَمِينِ الْعَر ْ ِ‬
‫ش لَي َ‬ ‫حُلَ ّة م ِنْ ح ُل َ ِ‬
‫َدي ل ِوَاء ُ ا ْلحم َْدِ وَل َا فَخ ْر َ وَم َا نَبِيٌ يَوْم َئِذٍ‬
‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )أنا سَيّد ُ ولد ِ آدم َ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ و َبيِ ِ‬
‫ل من تنْشَق عَن ْه ُ الْأَ رْض وَل َا فَخ ْر َ( وَع َنْ أبي هريرة عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم أنا سَيّد ُ ولد ِ آدَم َ يَوْم َ‬
‫تح ْتَ ل ِوَائِي و َأَ ن َا أوّ ُ‬
‫آدَم ُ فَم َنْ سِوَاه ُ إلا َ‬

‫ل ل ِوَاء ِ ا ْلحم َْدِ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ وَل َا‬ ‫ن اب ْن ع ََب ّاس رَضِيَ َ‬
‫الل ّه عَنْهُم َا )أَ ن َا ح َام ِ ُ‬ ‫ل مُشَ َ ّفع( وَع َ ِ‬ ‫ل شَاف ِـع و َأَ َ ّو ُ‬ ‫ل منْ ينْش َُقّ عَن ْه ُ الْقَب ْر ُ و َأَ َ ّو ُ‬ ‫الْق ِيَامَة ِ و َأَ وّ ُ‬
‫ح ل ِي ف َأَ ْدخ ُلُه َا فَي َ ْدخ ُلُه َا مَع ِي فُق َرَاء ُ ال ْمُؤْم ِنينَ وَل َا فَخ ْر َ و َأَ ن َا‬ ‫ق الْجَ ّنة ِ فَيُفْت َ ُ‬‫ل من يُح َرّك ُ ح َل َ َ‬ ‫ِـع وأول مشفع ولا فَخ ْر َ و َأَ ن َا أَ َ ّو ُ‬ ‫ل شَاف ٍ‬ ‫فَخ ْر َ و َأَ ن َا أَ َ ّو ُ‬
‫س‬ ‫س تَبَع ًا( وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫الن ّا ِ‬ ‫س ي َ ْشف َ ُع فِي الْجَ ّنة ِ و َأَ ن َا أَ كْ ث َر ُ َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س )أَ ن َا أَ َ ّو ُ‬ ‫ن وَل َا فَخ ْر َ( وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫أَ ك ْرَم ُ الْأَ َ ّولِينَ و َالآ ِ‬
‫خر ِي َ‬
‫__________‬
‫)قوله أبلسوا( أي يئسوا وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )فإذا هم مبلسون( )قوله حلق الجنة( الحلقة بالتسكين الدروع‪ ،‬وكذلك حلقة الباب وحلقة‬
‫القوم‪ ،‬والجمع‪ :‬الحلق على غير قياس‪ ،‬وقال الأصمعى‪ :‬الجمع حلق مثل بدرة وبدر وقصعة وقصع‪ ،‬وحكى يونس ع َنْ أَ بِي عَمْرٍو بن العلاء‬
‫حلقة في الواحد بالتحر يك والجمع حلق وحلقات )*(‬
‫الل ّه الأ َ ّولِينَ والآخر ِينَ‪.‬‬ ‫س يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ و َت َ ْدر ُونَ لِم َ ذَلِكَ؟ يَجْم َ ُع َ‬ ‫س َل ّم َ )أَ ن َا س ََي ّد ُ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫رضي الل ّٰه عنه قال قال النبي صلى َ‬
‫جر ًا يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ(‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )أَ طْ م َ ُع أَ ْن أَ كُونَ أَ ْعظَم َ الْأَ ن ْب ِيَاء أَ ْ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫( وَذَك َر َ حَدِيث الشفاعة وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫ل ِإ َ ّنهُم َا فِي ُأ َمّتِي يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ‪ :‬أَ َمّا إ ب ْر َاه ِيم ُ فيقول أنت‬
‫ضوْنَ أَ ْن يَكُونَ إ ب ْر َاه ِيم ُ وع ِيس َى ف ِيك ُ ْم يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ؟ ث َُم ّ قَا َ‬
‫و َفِي حَدِيث آخَر َ )أَ م َا تَرْ َ‬

‫ْس بَيْنِي و َبَي ْن َه ُ نَبِ ّي ٌ و َأَ ن َا أَ وْلَى‬ ‫ات ُأ َمّهَاتُه ُ ْم ش ََت ّى و َِإ َ ّ‬
‫ن ع ِيس َى أَ خِي لَي َ‬ ‫دَعْوَتِي وَذ ُ َرّ َي ّتِي فَاجْ عَلْنِي من ُأ َمّت ِ َ‬
‫ك و َأَ َمّا ع ِيس َى فَالْأَ ن ْب ِيَاء ُ ِإخْ وَة ٌ بَن ُو ع َل ّ ٍ‬

‫س َل ّم َ لانفراده فيه بالسودد‬ ‫س يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ه ُو َ سَيّد ُه ُ ْم فِي ال ُد ّن ْيَا و َيَوْم َ الْق ِيَامَة ِ و َلـَكِنْ أَ شَار َ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س بِه ِ( قَو ْلُه ُ أَ ن َا سَيّد ُ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫يجِد ُوا‬
‫ك فَل َ ْم َ‬
‫اس إليْه ِ فِي ذَل ِ َ‬ ‫شف َاعَة ِ د ُونَ غَيْرِه ِ إ ْذ لَجأَ َ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫و َال َ ّ‬
‫ك وَل َا ا َدّعَاه ُ كَمَا قَا َ‬
‫ل‬ ‫اس ِإلَيْه ِ فِي حَوَائِ جِه ِ ْم فَك َانَ حِين ِئذٍ سَيّدًا مُنْف َرد ًا من بَيْنِ ال ْب َشَر ِ ل َ ْم ي ُز َا ِحم ْه ُ أَ حَدٌ فِي ذَل ِ َ‬ ‫سيّد ُ ه ُو َ ال َ ّذ ِي يلَ ْج َُأ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫سِواه ُ و َال َ ّ‬

‫ك فِي ال ُد ّن ْيَا‬
‫َت دَعْو َى ال ْم ُ َ ّدع ِينَ لِذَل ِ َ‬
‫خرَة ِ انْقَطَع ْ‬ ‫ك لَه ُ تَع َالَى فِي ال ُد ّن ْيَا والآ ِ‬
‫خرَة ِ لـَكِنْ فِي الآ ِ‬ ‫ك ال ْيَوْم َ ل َِل ّه ِ ال ْوَا ِ‬
‫حدِ القهار( و َال ْمُل ْ ُ‬ ‫ن ال ْمُل ْ ُ‬
‫تَع َالَى )لم ِ َ ِ‬
‫س فِي ال َ ّ‬
‫شف َاعَة ِ فَك َانَ‬ ‫س َل ّم َ جَم ِي ُع َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ك لَجأَ َ ِإلَى مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَكَذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله بنو علات( العلات بفتح العين المهملة جمع علة وهى الضرة سميت بذلك لأن الرجل تزوجها على أولى كانت قبلها‪ ،‬ثم عل من‬
‫هذه والعلل الشرب الثاني فبنوا العلات أولاد الرجل من نسوة شئ‪ ،‬والمعنى أن الأنبياء متفقون في أصول الشر يعة متباينون في فروعها‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ )آتِي ب َابَ الْجَ ّنة ِ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ‬ ‫س رضي الل ّٰه عنه قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سَيّد َه ُ ْم فِي ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى د ُونَ دَعْو َى وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬

‫الل ّه بن عمرو قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه‬ ‫ح لأحَدٍ قَب ْلَكَ( وَع َنْ عَب ْد َ‬ ‫ك ُأ ْمر ِتُ أَ ْن ل َا أَ ف ْت َ َ‬ ‫ل بِ َ‬
‫ل مُحَم ّدٌ فَيَق ُو ُ‬‫ل الْخا َزِنُ من أن ْتَ ف َأَ قُو ُ‬ ‫ح فَيَق ُو ُ‬ ‫ف َأَ سْ تَفْت ِ ُ‬
‫سم َاء ِ م َنْ‬
‫ن الْمِسْكِ كِيز َانُه ُ كَنُجُو ِم ال َ ّ‬
‫ق وَرِ يح ُه ُ أَ طْ ي َبُ م ِ َ‬
‫ن ال ْوَرِ ِ‬ ‫س َل ّم َ ) َ‬
‫حوْض ِي مَسِيرَة ُ ش َ ْهرٍ وَزَو َاي َاه ُ سَوَاء ٌ وَم َاؤُه ُ أَ ب ْي َُض م ِ َ‬ ‫صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن الْج َنَ ّة ِ * وَع َنْ ثَو ْب َانَ مِثْلُه ُ و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫ن مِ َ‬
‫ل طُولُه ُ م َا بَيْنَ ع ُمَانَ ِإلَى أَ يْلَة َ ي َ ْشخُبُ ف ِيه ِ م ِيز َاب َا ِ‬ ‫شَر ِبَ مِن ْه ُ ل َ ْم ي َ ْظم َأْ أَ بَد ًا( وَع َنْ أَ بِي ذ َ ٍرّ َ‬
‫نح ْوَه ُ و َقَا َ‬
‫ْب كَمَا بَيْنَ المدينة وصنعاء‬
‫أَ حَد ُهُمَا م ِنْ ذ َه ٍَب و َالآخَر ُ من وَرِقٍ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ِ ح َارِثَة َ بن وَه ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله وعن عبد الل ّٰه بن عمرو( بفتح العين وسكون الميم )قوله من الورق( بفتح الواو وكسر الراء وهى الدراهم المضروبة‪ ،‬وكذلك الرقة‬
‫بتعو يض الهاء في آخره عن الواو في أوله )قوله عمان( قال ابن الأثير حديث الحوض من مقامي إلى عمان بفتح العين‬
‫وتشديد الميم مدينة قديمة بالشام من أرض البلقاء فأما بالضم والتخفيف فهو صقع عند البحرين وله ذكر في الحديث وقال السهيلي عمان‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫بضم العين وتخفيف الميم قر ية باليمن سميت بعمان بن سنان م ِنْ وَلَد ِ ِإ ب ْر َاه ِيم َ فيما ذكروا‪ ،‬وأما بفتح العين وتشديد الميم فقر ية بالشام‬
‫قرب دمشق سميت بعمان بن لوط بن هاران كان يسكنها فيما ذكروا وقال المزى يتعين ضم العين والتخفيف لقوله في الحديث الآخر‬
‫أيلة وصنعاء )قوله إلى أيلة( بفتح الهمزة وسكون المثناة التحتية بلدة في طرف الشام على ساحل البحر متوسطة بين المدينة الشر يفة‬
‫وبين دمشق‪ ،‬وبينها وبين مصر نحو ثمان مراحل )قوله يشخب( بضم الخاء المعجمة وفتحها )قوله حارثة( بالحاء المهملة والمثلثة )قوله‬
‫وصنعاء( بفتح الصاد المهملة وسكون النون بعدها عين مهملة وهمزة ممدودة‪ :‬مدينة اليمن العظمى وهى صنعاء اليمن و يقال في النسب‬
‫إليها صنعاني على غير قياس‪ ،‬وأما صنعاء الروم فقر ية في الجانب الغربي من دمشق في ناحية الروم )‪(*) (١ - ١٤‬‬

‫)فصل( في تفضيله بالمحبة والخلة‬ ‫‪٢.٣.٩‬‬

‫ن عمر وعقبة‬
‫ض أيْضًا أَ نَس وَج َاب ِر ُ بن سَم ُرَة َ و َاب ْ ُ‬
‫ل ابن ع ُم َر َ كَمَا بَيْنَ ال ْـكُوفَة ِ و َالْ حجََرِ الْأَ سْ و َد‪ ،‬وَرَو َى حَدِيث الْحَو ْ ِ‬
‫صنْع َاء َ و َقَا َ‬
‫س أيْلَة َ و َ َ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬
‫و َقَا َ‬
‫الل ّه ابن‬
‫ن مَسْع ُودٍ وعبد َ‬
‫ن و َأَ بُو أمام َة َ وَز َيْد ُ بن أَ رْقَم َ و َاب ْ ُ‬ ‫ْب الْخُزَاعِ ُيّ و َال ْمُسْت َورِد ُ و َأَ بُو بَرْزَة َ الْأسْ لم ِ ُ ّ‬
‫ي وَحُذ َيْف َة ُ بن اليم َا َ ِ‬ ‫ابن عَامِر ٍ وَح َارِثَة ُ بن وَه ٍ‬

‫الصّ نَابِ ح ِ ُ ّ‬
‫ي و َأَ بُو ه ُر َي ْرَة َ و َال ْبَر َاء ُ‬
‫الل ّه ُ‬
‫ن ب ُر َيْدَة َ و َأَ بُو سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدرِي وعبد َ‬
‫اب و َاب ْ ُ‬
‫ط ِ‬ ‫سعْدٍ وَسُو َيْد ُ بن جَبَلَة َ و َأَ بُو بَك ْر و َع ُم َر بن الْخ َ ّ‬ ‫ل بن َ‬ ‫ز َيْدٍ و َس َ ْه ُ‬
‫س‪ ،‬و َغَي ْر ُه ُ ْم رَضِيَ الل ّٰه عنهم أجمعين‪.‬‬ ‫خو ْلَة ُ بِن ْتُ قَي ْ ٍ‬
‫َب و َعَائِش َة ُ و َأَ سْمَاء ُ بِن ْتَا أَ بِي بَكْر ٍ و َأَ بُو بَك ْرَة َ و َ َ‬ ‫جنْد ٌ‬ ‫وَ ُ‬
‫الل ّه‪.‬‬
‫ِيب َ‬
‫الصّ حِيح َة ُ واخْ ت ُّص عَلَى أل ْسنَة ِ ال ْمُسْل ِمِينَ بِ حَب ِ‬ ‫ك الآث َار ُ َ‬ ‫)فصل( في تفضيله ب ِال ْمَح ََب ّة ِ و َالْخلَ ُ ّة ِ‪ :‬ج َاء َ ْ‬
‫ت بِذَل ِ َ‬
‫حسَيْنُ‬ ‫ْت أَ حْمَد َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْهَي ْث َ ِم وَح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫ن إ ب ْر َاه ِيم َ الْخَط ِيبُ و َغَي ْرُه ُ ع َنْ كَر ِيم َة َ بِن ِ‬ ‫أَ خْبَر َن َا أَ بُو الْق َاس ِ ِم ب ْ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله والمستورد( بضم الميم وسكون السين المهملة وفتح المثناة الفوقية هو ابن شداد بالشين المعجمة )قوله وأبو برزة( بفتح الموحدة‬
‫وسكون الراء بعدها زاى )قوله وَسُو َيْد ُ بن جَبَلَة َ( سويد بضم السين المهملة وفتح الواو وجبلة بفتح الجيم والباء الموحدة )قوله الصنابحى(‬
‫بضم الصاد المهملة وتخفيف النون وكسر الباء الموحدة والحاء المهملة‪ ،‬قيل صحابي نسب إلى جده اسمه صنابح )قوله جندب( بضم الجيم‬
‫ن‬
‫س( هي الأنصار ية النجار ية زوج حمزة ب ْ ُ‬ ‫وسكون النون وفتح الدال وضمها‪ ،‬هو ابن عبد الل ّٰه بن صعنان البجلى )قوله و َ َ‬
‫خو ْلَة ُ بِن ْتُ قَي ْ ٍ‬
‫عَبْدِ ال ْم ُ َ ّ‬
‫طل ِْب وقيل زوج حمزة خولة بنت تامر وقيل تامر لقب قيس )قوله عن كريمة( قال ابن ماكولا كريمة بفتح الكاف وكسر الراء‬
‫ثم قال وكريمة بنت أحمد بن محمد المروز ية سمعت جامع البخاري من الـكشميهنى‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه ِ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن يوسف حدثنا محمد‬ ‫ن أَ حْمَد َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْهَي ْث َ ِم ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫ابن مُحَم ّدٍ الْحَاف ُِظ سَمَاعًا عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيدِ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ ب ْ ُ‬

‫ن َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صلى الل ّٰه‬ ‫ح ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو َ‬
‫الن ّضْر ِ ع َنْ بُسْر ِ ب ْ ِن سَع ِيدٍ ع َنْ أَ بِي سَع ِيدٍ ع َ ِ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَامِر ٍ ح َ َ ّدثَنَا فلَُي ْ ٌ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬
‫ن ِإسْمَاعِي ُ‬
‫اب ْ ُ‬
‫الل ّه ِ‬ ‫الل ّهِ( وَم ِنْ َطرِ ي ِ‬
‫ق عَبْدِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ِيث آخَر َ )وإ َ ّ‬
‫ن صَاحِبَك ُ ْم خ َلِي ُ‬ ‫خذًا خ َلِيل ًا غَي ْر ر َب ِ ّي َ‬
‫لاتّ خَذْتُ أَ ب َا بَكْر ٍ( و َفِي حَد ٍ‬ ‫كن ْتُ م َُت ّ ِ‬
‫ل )لَو ْ ُ‬
‫عليه وسلم أنه قَا َ‬
‫ج‬ ‫س َل ّم َ يَن ْتَظ ِر ُونَه ُ قَا َ‬
‫ل فَخَر َ َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫اب َ‬‫صح َ ِ‬
‫َاس م ِنْ أَ ْ‬
‫سن ٌ‬‫ل ج َل َ َ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س قَا َ‬ ‫بن مسعود وفد َاتّ خَذ َ َ‬
‫الل ّه َ صَاحَبُك ُ ْم خ َلِيلا‪ ،‬وَع َ ِ‬
‫الل ّه َاتّ خَذ َ إ ب ْر َاه ِيم َ من خ َلْقِه ِ‬
‫ن َ‬ ‫ل بَعْضُه ُ ْم عَجَبًا إ َ ّ‬
‫ح ََت ّى إذ َا د َن َا مِنْه ُ ْم سَمِعَه ُ ْم يَتَذ َاك َر ُونَ فَسَمِـ َع حَدِيثَه ُ ْم فَق َا َ‬
‫ج‬
‫الل ّه‪ ،‬فَخَر َ َ‬
‫ل آخر ُ آدَم ُ اصْ طَف َاه ُ َ‬
‫الل ّه وَر ُوح ُه ُ و َقَا َ‬
‫ل آخر ُ ف َع ِيس َى كَل ِمة ُ َ‬ ‫ل آخر ماذا ب ِأَ عْجَبَ من ك َلَام م ُوس َى ك َل ّم َه ُ َ‬
‫الل ّه تَكْلِيم ًا و َقَا َ‬ ‫خ َلِيل ًا و َقَا َ‬
‫ك وعسيى روح‬
‫الل ّه و َه ُو َ كَذَل ِ َ‬
‫ي َ‬ ‫نج ِ ُ ّ‬ ‫الل ّه تَع َالَى َاتّ خَذ َ إ ب ْر َاه ِيم ُ خ َلِيل ًا و َه ُو َ كَذَل ِ َ‬
‫ك وَم ُوس َى َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل )ق َ ْد سَمِعْتُ ك َلَامَك ُ ْم وَعَجَبَك ُ ْم إ َ ّ‬
‫عَلَيْهِم ُ فَسَ َل ّم َ و َقَا َ‬
‫الل ّه وَل َا فَخ ْر َ‬
‫الل ّه و َه ُو َ كَذَلِكَ‪ ،‬أَ ل َا و َأَ ن َا حَبِيبُ َ‬
‫ك وآدم اصطفاه َ‬
‫الل ّه و َه ُو َ كَذَل ِ َ‬
‫ك وعيسى روح َ‬
‫الل ّه و َه ُو َ كَذَل ِ َ‬
‫ي َ‬ ‫نج ِ ُ ّ‬
‫ك وَم ُوس َى َ‬ ‫الل ّه و َه ُو َ كَذَل ِ َ‬‫َ‬
‫ل ل ِوَاء ِ ا ْلحم َْدِ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ولا فخر‬‫و َأَ ن َا ح َام ِ ُ‬
‫__________‬
‫ن أَ حْمَد َ( من غير إضافة عبد إلى ابن هو أبو ذر الهروي )قوله فريح( بضم الفاء وفتح اللام هو ابن سليمان العدوى المدنى‬ ‫)قوله عَبْد ُ ب ْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله أبو النضر( بالضاد المعجمة هو سالم بن أبي أمية المدنى )قوله عن بسر( بضم الموحدة وسكون السين المهملة‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه لى فيد خلنيها وَمَع ِي فُق َرَاء ُ ال ْمُؤْم ِنينَ وَل َا فَخ ْر َ و َأَ ن َا أَ ك ْرَم ُ‬
‫ح َ‬ ‫ق الْجنة ِ فَيَفْت َ ُ‬
‫ل من يُح َرّك ُ ح َل َ َ‬ ‫ل شَاف ٍ‬
‫ِـع وأول مشفع ولا فَخ ْر َ و َأَ ن َا أَ َ ّو ُ‬ ‫و َأَ ن َا أَ َ ّو ُ‬
‫س َل ّم َ‪ِ :‬إن ِّي َاتّ خَذْت ُ َ‬
‫ك خ َلِيل ًا فَه ُو َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى لِنَب ِيّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ من قَو ْ ِ‬
‫الأولين والآخرين ولا فخر( فِي حَدِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫ل ال ْمُنْقَط ِـ ُع‬
‫ل الْخل َِي ُ‬ ‫الل ّه‪ :‬اخْ تُل َِف فِي ت َ ْفسِير ِ الْخلَ ُ ّة ِ و َأصْ ِ‬
‫ل اشْ تِق َاقِه َا فَق ِي َ‬ ‫ل و ََف ّق َه ُ َ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ن قَا َ‬ ‫ُوب في التوراة اس حَبِيبُ َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫مَكْت ٌ‬
‫ل الْخلَ ُ ّة ِ‬
‫ل بَعْضُه ُ ْم أَ صْ ُ‬ ‫ل ال ْم ُخْ ت ُ َّص و َاخْ تَار َ هَذ َا الْقَو ْ َ‬
‫ل غَي ْر ُ و َاحدٍ و َقَا َ‬ ‫ل الْخل َِي ُ‬
‫ل و َق ِي َ‬
‫محَب ّتِه ِ لَه ُ اخْ ت ِلَا ٌ‬ ‫الل ّه ال َ ّذ ِي لَي َ‬
‫ْس فِي انْقِطَاعِه ِ إليه و َ َ‬ ‫ِإلَى َ‬
‫ل أَ صْ لُه ُ الْفَق ِير ُ‬
‫ل الْخل َِي ُ‬
‫جعْلُه ُ إم َام ًا لم َِنْ بَعْدَه ُ و َق ِي َ‬ ‫الل ّه ل ِأَ َن ّه ُ يُوَال ِي ف ِيه ِ و يُع َادِي ف ِيه ِ وَخُلَ ّة ُ َ‬
‫الل ّه لَه ُ نَصْر ُه و َ َ‬ ‫ي إ ب ْر َاه ِيم ُ خليل َ‬
‫الاسْ ت ِصْ ف َاء ُ وَسُم ّ َ‬
‫ل‬ ‫هي َ الْحا َج َة ُ فَسُمّي بِهَا إ ب ْر َاه ِيم ُل ِأَ َن ّه ُ ق َص َر ح َاجَت َه ُ عَلَى ر ََب ّه ُ و َانْقَطَ َع ِإليْه ِ بهمه ولم يهمه و َل َ ْم َ‬
‫يجْعَل ْه ُقَب ْ َ‬ ‫ن الْخلَ ّة ِ و َ ِ‬
‫ج ال ْمُنْقَط ِـ ُع م َأْ خُوذ ٌ م ِ َ‬
‫ال ْم ُحْ تَا ُ‬
‫ل ألك حاجة؟‬ ‫ق لِيُرْم َى بِه ِ فِي َ‬
‫الن ّارِ فَق َا َ‬ ‫ل و َه ُو َ فِي ال ْمُنْجَن ِي ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫غَي ْره ِ إ ْذ ج َاءَه ُ ِ‬
‫__________‬
‫ُوب فِي التوراة اس( هكذا وقعت هَذِه الل ّ ْفظَة فِي النسخ المعتمدة على هذه الصورة وهى ألف بعدها سين مهملة ثم جرة‪،‬‬ ‫)قوله فَه ُو َ مَكْت ٌ‬
‫وفى بعض النسخ مكتوب بازائها على الطرة ذكر ابن جبير بِ خ َ َ ّ‬
‫طه فِي ك ِتابه أن هذه اللفظة وقعت في طرة )الأم( المبيضة بخط مؤلفه كما‬
‫هي هنا مبهمة فحكيتها كما وقعت )قوله من الحلة بفتح الخاء المعجمة وهى الحاجة )قوله قبل غيره( بكسر القاف وفتح الموحدة )قوله‬
‫و َه ُو َ فِي ال ْمُنْجَن ِيقِ( بفتح الميم والجيم وبكسر الميم ذكرهما أبو عبيد بن سلام في الغريب وفى الصحاح والمنجنيق التى يرمى بها الحجارة معربة‬
‫وأصلها بالفارسية ‪ -‬من جى نيك ‪ -‬أي ما أجودنى‪ ،‬وهى مؤنثة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل الْخلَ ُ ّة ِ ال ْمَح ََب ّة ُ‬
‫ل بَعْضُه ُ ْم أَ صْ ُ‬ ‫َاص بِتَخ َُل ّ ِ‬
‫ل الْأَ سْر َارِ و َقَا َ‬ ‫صف َاء ُ ال ْم َو َ َدّة ِ التي تُوجِبُ الاخْ تِص َ‬
‫ل أَ بُو بَكْر ٍ بن فُوركٍ‪ :‬الْخلَ ُ ّة ُ َ‬ ‫قَالَ‪ :‬أَ َمّا ِإلَي ْ َ‬
‫ك فَلَا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫الل ّه ِ و َأَ ح َِب ّاؤُه ُ‪،‬‬
‫ن أَ ب ْنَاء ُ َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫ت الْيَه ُود ُ و َ‬
‫َالن ّصَار َى َ‬ ‫شف ِيعُ‪ ،‬و َق َ ْد بيَ ّنَ ذَل ِ َ‬
‫ك فِي ك ِتَابِه ِ تَع َالَى بِقَو ْلِه ِ )و َقَال َ ِ‬ ‫َاف وال َت ّرْف ِي ُع َ‬
‫والت ّ ْ‬ ‫َاف و َال ِْإلْط ُ‬
‫وَمَعْنَاه َا ال ِْإسْ ع ُ‬
‫ن البُن َُو ّة ق َ ْد تَكُونُ ف ِيهَا الْعَد َاوَة ُ كَمَا‬
‫ن البُن َُو ّة ِ ل ِأَ َ ّ‬
‫ل هَذ َا و َالْخلَ ُ ّة ُ أق ْو َى م ِ َ‬
‫ُوب أ ْن لا يُؤَاخَذ َ بِذ ُنُوبِه ِ قَا َ‬
‫ق ُلْ فَل ِم َ يُع َ ّذِبُك ُ ْم بِذ ُنُوبِكُمْ( ف َأَ ْوجَبَ لِل ْم َحْ ب ِ‬

‫جك ُ ْم و َأَ وْلادِك ُ ْم عَد ُ ً ّوا لـَك ُ ْم فَاحْذَر ُوهُمْ( الآيَة َ وَل َا يَصِ ُحّ أَ ن تَكُونَ عَد َاوَة ٌ م َ َع خُلَ ّة ٍ ف َِإذ َا ت َ ْسمِي َة ُ إ ب ْر َاه ِيم وِمُحَم ّدٍ‬
‫ن م ِنْ أَ ْزو َا ِ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ل تَع َالَى ِ‬ ‫قَا َ‬
‫ْف حَوَائِ جِهِم َا عَلَيْه ِ و َالانْقِط ِ‬
‫َاع ع ََم ّنْ د ُونَه ُ و َالْإضْر ِ‬
‫اب أَ ْو ل ِزي َادَة ِ‬ ‫ن ال ْوَسَائ ِطِ و َالْأسْ ب َ ِ‬ ‫َاب ع َ ِ‬ ‫سلَام ُ ب ِالْخلَ ُ ّة ِ ِإ َمّا ب ِانْقِطَاعِهِم َا ِإلَى َ‬
‫الل ّه وَو َق ِ‬ ‫عَلَيْهَم َا ال َ ّ‬
‫ن غ ُي ُوبِه ِ وَمَعْرِفَتِه ِ أَ ْو لاسْ ت ِصْ ف َائِه ِ لَهُم َا‬
‫ل بَوَاطِنهم َا من أسرار إلهيته وَمَكْن ُو ِ‬
‫خفَيّ إلطَافِه ِ عِنْد َهُمَا وَم َا خ َال َ َ‬
‫ص مِن ْه ُ تَع َالَى لَهُم َا و َ َ‬
‫الاخْ تِصَا ِ‬
‫و َاسْ ت ِصْ ف َاء ِ قُلُو بِهِم َا ع ََم ّنْ سِواه ُ ح ََت ّى‬
‫كن ْتُ م َُت ّ ِ‬
‫خذًا‬ ‫س َل ّم َ )و َلَو ْ ُ‬ ‫ل من ل َا يَت ّسِـ ُع قَل ْب ُه ُ لِسَواه ُ و َه ُو َ عِنْد َه ُ ْم مَعْن َى قَو ْلِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل بَعْضُه ُ ْم الْخل َِي ُ‬ ‫ل َ ْم يُخَالِلْهُم َا ح ّ‬
‫ُب لِغَيْرِه ِ و َلِهَذ َا قَا َ‬
‫وب أَ ُ ّيهُم َا أَ رْفَعُ‪ :‬دَرَج َة ُ الْخلَ ُ ّة ِ أَ ْو دَرَج َة ُ ال ْمَح ََب ّة ِ؟ فَجَعَلَهُم َا‬ ‫لاتّ خَذْتُ أَ ب َا بَكْر ٍ خ َلِيل ًا( لـكِنْ ُأخ َو ّة ال ِْإسْ لَام واخْ تَل َ َ‬
‫ف ال ْع ُلَمَاء ُ أَ رْب َابُ الْق ُل ُ ِ‬ ‫خ َلِيل ًا َ‬
‫َص إ ب ْر َاه ِيم َ ب ِالْخلَ ُ ّة ِ ومحمدا‬
‫ل إ َلّا حَب ِيبًا لـَك َِن ّه ُ خ َ ّ‬
‫بَعْضُه ُ ْم سَوَاء ً فَلَا يَكُونُ الْحبَِيبُ إ َلّا خ َلِيل ًا وَل َا الْخل َِي ُ‬
‫__________‬
‫)قوله والأسرار( بفتح الهمزة جمع سر )قوله وخفى إلطافه( بالخاء المعجمة أو المهملة والإلطاف بكسر الهمزة مصدر‪ ،‬وبفتحها جمع‬
‫لطف‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل( فَل َ ْم ي َ ّتخ ِ ْذه ُ و َق َ ْد‬
‫كن ْتُ م َُت ّخذًا خ َلِيل ًا غَيْر ِ ر َب ّي ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫س َل ّم َ )لَو ْ ُ‬ ‫ل دَرَج َة ُ الْخلَ ُ ّة ِ أَ رْف َ ُع و َاحْ ت ََجّ بِقَو ْلِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ب ِال ْمَح ََب ّة ِ و َبَعْضُه ُ ْم قَا َ‬

‫ِيب نَب َِي ّنَا أرْف َ ُع من دَرَج َة الْخل َِي ِ‬


‫ل‬ ‫ن الْخلَ ُ ّة ِ ل ِأَ َ ّ‬
‫ن دَرَج َة الْحبَ ِ‬ ‫ل ال ْمَح ََب ّة َ أَ رْف َ َع م ِ َ‬ ‫ق ال ْمَح ََب ّة َ لِف َاطِم َة َ واب ْنَيْهَا و َ ُأسَام َة َ و َغَيْرِه ِ ْم و َأَ كْ ث َر ُه ُ ْم َ‬
‫جع َ َ‬ ‫أطْ ل َ َ‬
‫ق فأَ َمّا‬
‫هي َ دَرَج َة ُ ال ْمَخْلُو ِ‬
‫ق وَ ِ‬ ‫ِب و َلـ َكنْ هَذ َا فِي حَقّ من يَصِ ُحّ ال ْمَي ْ ُ‬
‫ل مِن ْه ُ و َالان ْتِف َاع ُ ب ِال ْو َف ْ ِ‬ ‫ق ال ْمُح َ ّ‬ ‫ل ال ْمَح ََب ّة ِ ال ْمَي ْ ُ‬
‫ل ِإلَى م َا يُوَاف ِ ُ‬ ‫إ ب ْر َاه ِيم َ و َأصْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ْف‬
‫كش ُ‬
‫ْب و َإفَاضَة ُ رَحْمَتِه ِ عَلَيْه ِ و َق ُصْ وَاه َا َ‬
‫اب الْقُر ِ‬ ‫ق فمنزه عن الأعراض فَمَح ََب ّت ُه ُ لِعَبْدِه تَمْكِين ُه ُ من َ‬
‫سع َاد َتِه ِ وَعِصْ م َت ُه ُ و َتَو ْف ِيق ُه ُ وَتَه ْي ِئ َة ُ أَ سْ ب َ ِ‬ ‫الْخَال ِ ُ‬
‫كن ْتُ سَمْع َه ُ ال َ ّذ ِي ي َ ْسم َ ُع بِه ِ و َبَصَرَه ُ ال َ ّذ ِي‬‫ل فِي الْحَدِيثَ )ف َِإذ َا أَ حْ بَب ْت ُه ُ ُ‬ ‫ب ع َنْ قَل ْبِه ِ ح ََت ّى ي َر َاه ُ بِق َل ْبِه ِ و َيَنْظ ُر َ إليْه ِ ببِ َصِ يرَتِه ِ فَيَكُونُ كَمَا قَا َ‬ ‫الْ حجُ ُ ِ‬
‫صف َاء ِ الْق َل ِ‬ ‫ِ‬
‫ْب‬ ‫الل ّه و َ َ‬
‫ض ع َنْ غَيْر ِ َ‬ ‫الل ّه و َال ِْإعْرَا ِ‬ ‫ق بِه ِ( وَل َا يَن ْبَغ ِي أَ ن ي ُ ْفهَم َ من هَذ َا سِو َى التّج َُر ّد لل ّٰه والانْقِطَاع ِإلَى َ‬ ‫يُبْصِر ُ بِه ِ و َلِسَانَه ُ ال َ ّذ ِي يَنْط ِ ُ‬
‫ن‬
‫َط‪ ،‬وَم ِنْ هَذ َا عَب ّر َ بَعْضُه ُ ْم ع َ ِ‬ ‫خطِه ِ ي َ ْسخ ُ‬ ‫الل ّه عَنْهَا ك َانَ خ ُلُق ُه ُ الْقُر ْآنَ بِرِضَاه ُ يَرْض َى و َبِس َ ِ‬
‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ َ‬ ‫َات لل ّٰه كَمَا قَال َ ْ‬ ‫ص الْحَرَك ِ‬ ‫لل ّٰه و َإخْلَا ِ‬
‫الْخلَ ُ ّة ِ بِقَو ْلِه ِ‪:‬‬
‫كن ْتَ الْغَلِيلَا ف َِإذ َا مَز ِية ُ الْخلَ ُ ّة ِ‬ ‫سك ُ ّ‬
‫َت ُ‬ ‫كن ْتَ حَدِيثِي * و َإذ َا م َا َ‬
‫ل خ َلِيل ًا ف َِإذ َا م َا نَطَقْتُ ُ‬ ‫الر ّ ِ‬
‫وح م ِن ّي * و َبذ َا سُم ّي الْخل َِي ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ق َ ْد تَخَل ّل ْتَ مَسْل َ َ‬

‫خصُوص َِي ّة ُ ال ْمَح ََب ّة َ ح َاصِلَة ٌ لِنَب ِي ّنَا مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫وَ ُ‬
‫__________‬
‫)قَو ْله وقصواها( بضم القاف والقصر )قوله كنت الغليلا( في الصحاح الغلة حرارة العطش وكذلك الغليل يقول منه غل الرجل يغل‬
‫غلا فهو مغلول على ما لم يسم فاعله )*(‬

‫ل‬ ‫تح ُِب ّونَ َ‬


‫الل ّهَ( الآيَة َ‪ ،‬حكى أَ ه ْ ُ‬ ‫كن ْتُم ْ ُ‬ ‫ن ا ْل ُأ َمّة ِ و َ َ‬
‫كفَى بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )ق ُلْ ِإ ْن ُ‬ ‫الصّ حِيح َة المنتشرة ال ْمُتَل َ ّقاة ُ ب ِالْق َب ُو ِ‬
‫ل مِ َ‬ ‫ت عَلَيْه ِ الآث َار ُ َ‬
‫س َل ّم َ بِمَا د ََل ّ ْ‬
‫وَ َ‬
‫الل ّه ُ غَيْظًا لَه ُ ْم‬
‫ل َ‬ ‫ل ال ْـكُ َ ّفار ُ َإن ّمَا يُر ِيد ُ مُحَم ّدٌ أ ْن نتخذه حنانا كما اتخذت النصارى عيسى ابن م َْر ي َم َ ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫ت قَا َ‬ ‫الت ّ ْفسِير ِ أَ َ ّ‬
‫ن هَذِه ِ الآيَة َ لَم ّا ن َزَل َ ْ‬ ‫َ‬
‫َالر ّسُولَ( ف َزَادَه ُ شَر َفًا ب ِأَ ْمرِه ِ ِم بِطَاع َتِه ِ و َق َرَنَها بِطَاع َتِه ِ ث َُم ّ تَو َ َع ّد َه ُ ْم عَلَى التو َلّي عَن ْه ُ بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى‬
‫الل ّه َ و َ‬
‫وَرَغْمًا عَلَى مَق َالَتِه ِ ْم هَذِه ِ الآيَة َ )قُلْ أَ طِيع ُوا َ‬
‫ق بَيْنَ ال ْمَح ََب ّة َ و َالْخلَ ُ ّة ِ يَط ُو ُ‬
‫ل‬ ‫ل ال ِْإم َام أَ بُو بَكْر ِ بن ف ُور َك ع َنْ بَعْض ال ْمُتَكَل ّمِينَ ك َلام ًا فِي الْفَر ْ ِ‬
‫الل ّه َ لا يحب الكافرين( * و َق َ ْد نَق َ َ‬
‫ن َ‬ ‫)ف َِإ ْن تَو َل ّو ْا ف َِإ َ ّ‬
‫سطَة ِ من‬
‫ل ب ِال ْوَا ِ‬
‫ل يَصِ ُ‬
‫ك قَو ْلهُم ُ‪ :‬الْخل َِي ُ‬
‫ن ن َ ْذك ُر ُ مِن ْه ُ طَر َفًا يَهْدِي ِإلَى م َا بَعْدَه ُ‪ ،‬فَم ْن ذَل ِ َ‬ ‫ل مَق َا ِم ال ْمَح ََب ّة َ عَلَى الْخلَ ُ ّة ِ و َ َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫جُم ْلَة ُ إشاراته ِإلَى تَفْضِ ي ِ‬
‫ل‬
‫ل الْخل َِي ُ‬
‫ل إليْه ِ بِه ِ من قَو ْلِه ِ )فَك َانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أو أدنى( و َق ِي َ‬
‫ات و َالأَ ْرضِ( و َالْحبَ ِيبُ يَصِ ُ‬ ‫ك نُر ِي ِإ ب ْر َاه ِيم َ م َلـَكُوتَ ال َ ّ‬
‫سم َو َ ِ‬ ‫قَو ْلِه ِ )وَكَذَل ِ َ‬
‫طم َع من قَو ْلِه ِ )و َال َ ّذ ِي أَ طْ م َ ُع أَ ْن يَغْف ِر َ ل ِي خطيئتي و َالْحبَ ِيبُ ال َ ّذ ِي مَغْف ِرَتُه ُ فِي ح َد اليَق ِينِ من قَو ْلِه ِ )لِيَغْف ِر َ‬
‫ال َ ّذ ِي تَكُونُ مَغْف ِرَتُه ُ فِي ح َ ّد ال َ ّ‬
‫الل ّه ُ النبي( فابتديئ‬
‫يخْزِي َ‬
‫ل لَه ُ )يَوْم َ لا ُ‬
‫تخْزِنِي يَوْم َ يُبْع َث ُونَ( و َالْحبَ ِيبُ ق ِي َ‬
‫ل )و َلا ُ‬
‫ل قَا َ‬ ‫الل ّه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬
‫ك وما تأخر( الآيَة َ و َالْخل َِي ُ‬ ‫ك َ‬ ‫لَ َ‬
‫ل‬
‫ب ِالبِشَارَة ِ قَب ْ َ‬
‫خر ِينَ(‬
‫ق فِي الآ ِ‬
‫ص ْد ٍ‬
‫ل )و َاجْ ع َلْ لى لسانه ِ‬
‫ل قَا َ‬
‫الل ّهُ( و َالْخل َِي ُ‬
‫ك َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ َ‬
‫حسْب ُ َ‬ ‫الل ّه َ والحبيب قيل له )يا أيها َ‬
‫سبِي َ َ‬
‫ح ْ‬
‫ل فِي الْمِح ْنَة ِ َ‬
‫ل قَا َ‬
‫ل و َالْخل َِي ُ‬ ‫ال ُ ّ‬
‫سؤا ِ‬

‫ل‬
‫ل قَا َ‬ ‫ك ذِك ْرَك َ( ُأ ْعط ِ َ‬
‫ي بِلَا سُؤَالٍ‪ ،‬و َالْخل َِي ُ‬ ‫والحبيب قيل له )وَر َفَعْنَا ل َ َ‬

‫فصل في تفضيله صلى الل ّٰه عليه وسلم بالشفاعة والمقام المحمود‬ ‫‪٢.٣.١٠‬‬

‫س أهل البيت( و َف ِيم َا ذَكَر ْن َاه ُ تَن ْب ِيه ٌ عَلَى مَقْصِ دِ‬ ‫)إ َن ّمَا يُر ِيد ُ َ‬
‫الل ّه ُ لِي ُ ْذه ِبَ عَنْكُم ُ الر ِّجْ َ‬ ‫ل لَه ُ ِ‬
‫)واجنبني وبى أَ ْن نَعْبُد َ الأَ صْ نَام َ( و َالْحبَِيبُ ق ِي َ‬

‫لٌ يَعْم َ ُ‬
‫ل عَلَى شَاكِلَتِه ِ ف َر َُب ّك ُ ْم أَ ع ْلَم ُ بِم َنْ ه ُو َ أَ هْد َى سبيلا(‬ ‫ل و )ك ُ ّ‬
‫َات و َالْأَ حْ وَا ِ‬
‫ل ال ْمَق َام ِ‬
‫ل من تَفْضِ ي ِ‬
‫اب ال ْمَق َا ِ‬
‫صح َ ِ‬
‫أَ ْ‬
‫خ أَ بُو عَل ِ ٍيّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ك ر َُب ّ َ‬
‫ك مَق َام ًا محمودا( أَ خْبَر َن َا ال َ ّ‬ ‫الل ّه َ تَع َالَى )ع َس َى أَ ْن يَب ْع َث َ َ‬
‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ بالشفاعة والمقام المحمود قَا َ‬ ‫فصل فِي تفضيله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫الل ّه ِ الْق َاض ِي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُح َم ّدٍ الْأَ صِيل ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ز َيْدٍ و َأَ بُو أَ حْمَد َ قَالا ح َ َ ّدثَنَا‬
‫ن عَبْدِ َ‬ ‫سان ِ ُيّ الْج َيَ ّان ِ ُيّ ف ِيم َا كَت َبَ بِه ِ إلى نحطه ح َ َ ّدثَنَا سِر َا ُ‬
‫ج بْ ُ‬ ‫ال ْغ َ َ ّ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ع ُم َر َ يَق ُو ُ‬
‫ل سَمِعْتُ اب ْ َ‬ ‫ن ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الأَ حْ و َ ِ‬
‫ص ع َنْ آدَم َ ب ْ ِن عَل ِ ٍيّ قَا َ‬ ‫ن أَ ب َا ٍ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا ِإسْمَاعِي ُ‬
‫ل بْ ُ‬ ‫ُف ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬ ‫ن يُوس َ‬
‫مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬

‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ل ُأ َمّة ٍ ٺَت ْب َ ُع نَب َِيّهَا يَق ُولُونَ ي َا فُلَانُ اشْ ف َعْ لَنَا ي َا فُلَانُ اشْ ف َعْ لَنَا ح ََت ّى تَنْت َهِ ي َ ال َ ّ‬
‫شف َاع َة ُ ِإلَى َ‬ ‫اس يَصِ ير ُونَ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ جثى ك ُ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫الن ّ َ‬
‫عَلَيْه ِ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٠٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله على شاكلته( أي عادته أو جبلته التى طبع عليها )قوله أبو الأحوص( بالحاء والصاد المهملتين )قوله جثى( بضم الجيم وفتح‬
‫اس يَصِ ير ُونَ يوم القيامة جثى جمع جثوة بالضم وهو‬ ‫ن َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫المثلثة المخففة قال ابن الأثير الجثا جمع جثوة بالضم وهو الشئ المجموع ومنه ِإ َ ّ‬
‫اس يَصِ ير ُونَ يوم القيامة جثى وتروى هذه اللفظة بتشديد المثلثة جمع جاث وهو الذى يجلس على ركبتيه وفى‬ ‫ن َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫الشئ المجموع ومنه ِإ َ ّ‬
‫الصحاح الجثوة والجثوة والجثوة ثلاث‬
‫لغات‪ :‬الحجارة المجموعة وجثى الحرم بالضم وجثى الحرم بالـكسر أيضا ما اجتمع فيه من حجارة الحمام وجثا على ركبتيه يجثو و يجثى جثوا‬
‫وجثيا على فعول فيهما وقوم جثى أيضا مثل جلس جلوسا وقوم جلوس وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )ونذر الظالمين فيها جثيا( وجثيا أيضا بكسر‬
‫الجيم إتباعا لما بعدها من الـكسر )*(‬
‫ك ر َُب ّ َ‬
‫ك‬ ‫س َل ّم َ يَعْنِي قَو ْلَه ُ)ع َس َى أَ ْن يَب ْع َث َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل عَنْهَا رَسُو ُ‬
‫الل ّه ُ ال ْمَق َام َ ال ْم َحْ م ُود َ( وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ سُئ ِ َ‬ ‫س َل ّم َ فَذ َل ِ َ‬
‫ك يَوْم َ يَبْع َث ُه ُ َ‬ ‫وَ َ‬

‫س يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ف َأَ كُونُ أَ ن َا و َ ُأ َمّتِي عَلَى‬ ‫يح ْشَر ُ َ‬


‫الن ّا ِ‬ ‫س َل ّم َ ) ُ‬ ‫ك عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن م َال ِ ِ‬
‫كعْبُ ب ُ‬ ‫مقاما محمودا( فقال هي ال َ ّ‬
‫شف َاع َة ُ * وَرَو َى َ‬
‫الل ّه عَنْهُم َا وَذَك َر َ‬
‫ن ابن ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬
‫ك ال ْمَق َام ُ ال ْم َحْ م ُود ُ( * وَع َ ِ‬ ‫الل ّه أَ ْن أَ قُو َ‬
‫ل فَذ َل ِ َ‬ ‫خضْر َاء َ ث َُم ّ يُؤْذَنُ ل ِي ف َأَ قُو ُ‬
‫ل م َا شَاء َ َ‬ ‫ل و َي َ ْكس ُونِي ر َب ّي حُلَ ّة ً َ‬
‫تَ ّ‬

‫ن ابن مَسْع ُودٍ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫الل ّه ال ْمَق َام َ ال ْم َحْ م ُود َ ال َ ّذ ِي وُعِدَه ُ * وَع َ ِ‬
‫ل فَي َ ْمش ِي ح ََت ّى ي َأْ خُذ َ بِ حَلْقَة ِ الْجنَة ِ فَيَوْم َئِذٍ يَب ْع َث ُه ُ َ‬ ‫حَدِيث ال َ ّ‬
‫شف َاع َة قَا َ‬
‫كعْب و َالْحَسَن‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ه ُو َ ال ْمَق َام ُ‬
‫نح ْوُه ُ ع َنْ َ‬ ‫ش مَق َام ًا ل َا يَق ُوم ُه ُ غَي ْرُه ُ يَغْبِط ُه ُ ف ِيه ِ الْأَ َ ّولُونَ و َالآ ِ‬
‫خر ُونَ‪ ،‬و َ َ‬ ‫س َل ّم َ َأن ّه ُ ق ِيَام ُه ُ ع َنْ يَمِينِ الْعَر ْ ِ‬
‫وَ َ‬
‫ك‬
‫ل ذَل ِ َ‬
‫ل وَم َا ه ُو َ قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ِ‬
‫)إن ِ ّي لَق َائِم ٌ ال ْمَق َام َ ال ْم َحْ م ُود َ ق ِي َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫ال َ ّذ ِي أشْ ف َ ُع ل ِ ُأ َمّتِي ف ِيه ِ * وَع َ ِ‬
‫ن ابن مَسْع ُودٍ قَالَ‪ :‬قَا َ‬
‫س َل ّم َ )خُيِّرْتُ بَيْنَ أَ ْن ي َ ْدخ ُ َ‬
‫ل‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ عَن ْه ُ صَلَ ّى القله عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الل ّه ُ تَبَارَك َ و َتَع َالَى عَلَى كُرْسِيِّه ِ( الْحَدِيثَ * وَع َنْ أَ بِي م ُوس َى رَضِيَ َ‬
‫ل َ‬ ‫يَوْم َ يَنْز ِ ُ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ‬ ‫ك َنّهَا لِل ْمُذْنبِِېنَ الْخ َ ّ‬
‫طائِينَ( * وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬ ‫شف َاع َة َ ل ِأَ َ ّنهَا أَ ع َ ُ ّ‬
‫م أَ تَرْونَهَا لِل ْم َُت ّق ِينَ‪ ،‬و َلـ َ ِ‬ ‫ف ُأ َمّتِي الْج َنَ ّة َ و َبَيْنَ ال َ ّ‬
‫شف َاعَة ِ فَاخْتَرْتُ ال َ ّ‬ ‫ن ِصْ ُ‬
‫ل قلُ ْتَ‬
‫قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله أترونها( بضم المثناة الفوقية وفتح الراء أي أتظنونها )قوله للمتقين( بالمثناة الفوقية جمع متقى وفى بعض النسخ للمتقين‬
‫ك َنّهَا للمذنبېن الخاطئين المتلوثين‪ ،‬وأما إذ َا لَم‬
‫بالنون والقاف قال الحافظ المزى روى ابن عرفة في جزئه هذا الحديث أَ تَرْونَهَا لِل ْم َُت ّق ِينَ و َلـ َ ِ‬
‫يَكُن ذكر المتلوثين فيضبط بالوجهين‪ ،‬والمتلوثين بميم مضمومة ومثناة فوقية مفتوحة ومثلثة مكسورة‪ ،‬ولوث الماء‪ :‬كدره )*(‬

‫ص ّدِقُ لِسَانَه ُ قَل ْب ُه ُ( * وَع َنْ ُأمّ حَب ِيب َة َ قَال َ ْ‬


‫ت‬ ‫مخ ْل ِصً ا ي ُ َ‬ ‫شف َاعَتِي لم َِنْ شَهِد َ أَ ْن ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ ُ‬ ‫ل) َ‬
‫شف َاعَة ِ فَق َا َ‬ ‫الل ّه ِ م َاذ َا وَرَد َ عَلَي ْ َ‬
‫ك فِي ال َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ي َا رَسُو َ‬

‫ق للأمم قَب ْلَه ُ ْم‬


‫الل ّه م َا سَب َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ق لَه ُ ْم م ِ َ‬
‫ض وَسَب َ َ‬
‫ك بَعْضُه ُ ْم دِماء َ بَعْ ٍ‬ ‫س َل ّم َ ) ُأرِيتُ م َا تلَْقَى ُأ َمّتِي من بَعْدِي و َ‬
‫س ْف َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قال رَسُو ُ‬
‫حي ْثُ ي ُ ْسمِعُهُم ُ الد ّاعِ ي و َيَنْفُذ ُهُم ُ‬
‫حدٍ َ‬
‫اس فِي صَع ِيدٍ و َا ِ‬ ‫الل ّه َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ل حُذ َيْف َة ُ يَجْم َ ُع َ‬
‫شف َاع َة ً يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ف ِيه ِ ْم فَفَعَلَ( * و َقَا َ‬
‫الل ّه َ أَ ْن يُؤ ْتِيَنِي َ‬
‫فَسَأَ ل ْتُ َ‬
‫ك‬ ‫ك و َال َش ّ ُرّ لَي َ‬
‫ْس ِإلَي ْ َ‬ ‫ك و َا ْلخـَي ْر ُ فِي يَد َي ْ َ‬
‫سعْد َي ْ َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫ْس إ َلّا ب ِإذْنِه ِ فَيُنَاد َى‪ :‬مُحَم ّد ُ فَيَق ُو ُ‬
‫ل لَب ّي ْ َ‬ ‫سكُون ًا ل َا تَك ََل ّم ُ نَف ٌ‬
‫حف َاة ً ع ُرَاة ً كَمَا خ ُلِق ُوا ُ‬
‫ال ْب َصَر ُ ُ‬
‫ك‬
‫ل فَذ َل ِ َ‬
‫ْت قَا َ‬ ‫ك ر َّ‬
‫َب ال ْبَي ِ‬ ‫سب ْح َان َ َ‬
‫ك إلا إليك تبارك و َتَعالَي ْتَ ُ‬
‫ك ل َا م َل ْج َأَ وَل َا مَن ْج َا مِن ْ َ‬
‫ك و َِإلَي ْ َ‬
‫ك وَل َ َ‬
‫و َال ْمُهْت َدي م َنْ هَدَي ْتَ وَعَبْدُك َ بَيْنَ يَد َي ْ َ‬
‫ن‬ ‫ل الْجَ ّنة ِ الْجَ ّنة َ فَيَبْقَى آ ِ‬
‫خر ُ زُمْرَة ٍ م ِ َ‬ ‫الن ّارِ َ‬
‫الن ّار َ و َأَ ه ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل أَ ه ْ ُ‬ ‫ل ابن ع ََب ّاس رَضِيَ َ‬
‫الل ّه عَنْهُم َا إذ َا دَخ َ َ‬ ‫ال ْمَق َام ُ ال ْم َحْ م ُود ُ ال َ ّذ ِي ذَك َر َ َ‬
‫الل ّهُ( * و َقَا َ‬
‫الن ّارِ ل ِزُمْرَة ِ الْجَ ّنة ِ م َا نَفَعَك ُ ْم إيمَانُك ُ ْم فيدعون ربهم‬
‫ل زُمْرة ُ َ‬
‫َ‬
‫ن َ‬
‫الن ّارِ فَت َقو ُ‬ ‫خر ُ زُمْرَة ٍ م ِ َ‬‫الْج َنَ ّة ِ وآ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله وينفذهم البصر( قال ابن الأثير قال أبو حاتم‪ :‬أصحاب الحديث يرونه بالذال المعجمة‪ ،‬وإنما هو بالمهملة أي يبلغ أولهم وآخرهم‬
‫البصر حتى يراهم كلهم ويستوعبهم‪ ،‬من نفذ الشئ وأنفدته )قوله فينادى( بفتح الدال ومحمد بلا تنو يل على أنه منادى محذوف الأداة‬
‫أو بالتنوين‪ ،‬على أنه قائم مقام الفاعل لينادي )قوله و َال َش ّ ُرّ لَي َ‬
‫ْس ِإلَيْكَ( أي لا يتقرب به إليك أو لا يصعد إليك إنما يصعد إليك الكلم‬
‫الطيب أو لا يضاف‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫إليك أدبا وإن كنت موجدا له بالحقيقة إذ ليس الشر شرا بالنسبة إلى حكمتك فإنك لا توجد شيئا عبثا )قوله لا ملجأ( بهمزة في آخره‬
‫والأجود تخفيفها لتناسب )منجا( فإنه مقصور )*(‬
‫ك‬ ‫شف َاع َة لَه ُ ْم فَك ُل يَعْتَذِر ُ ح ََت ّى يأتو محمد صلى الل ّٰه عليه سلم فَي َ ْ‬
‫شف َ ُع لَه ُ ْم فَذ َل ِ َ‬ ‫ل الْج َنَ ّة ِ فَيَسْأَ لُونَ آدَم َ و َغَيْرَه ُ بَعْدَه ُ فِي ال َ ّ‬ ‫و َيَضِ ُجّ ونَ فَي َ ْ‬
‫سم َعُه ُ ْم أَ ه ْ ُ‬
‫الل ّه لِيَز ِيد َ‬ ‫س َل ّم َ و َقَا َ‬
‫ل ج َاب ِر بن عَب ْد َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مجَاهِدِ وَذَك َرَه ُ عَلِيّ بن الْحُسَي ْن ع َ ِ‬
‫ن بن مَسْع ُودٍ أيضا و َ ُ‬
‫نح ْوَه ُ ع َ ِ‬
‫ال ْمَق َام ُ ال ْم َحْ م ُود ُ‪ ،‬و َ َ‬

‫ن‬
‫ج يَعْنِي م ِ َ‬
‫يخْرِ ُ‬
‫الل ّه بِه ِ م َنْ ُ‬
‫ج َ‬ ‫ل ف َ َإن ّه ُ مَق َام ُ مُحَم ّدٍ ال ْم َحْ م ُود ُ ال َ ّذ ِي ُ‬
‫يخْرِ ُ‬ ‫ل قلُ ْتُ نَع َ ْم قَا َ‬ ‫الْفَق ِير ِ سَمِعْتُ بِمَق َا ِم مُحَم ّدٍ‪ ،‬يَعْنِي ال َ ّذ ِي يَبْع َث ُه ُ َ‬
‫الل ّه ف ِيه ِ قَا َ‬
‫ل فَهَذ َا ال ْمَق َام ُ ال ْم َحْ م ُود ُ ال َ ّذ ِي وُعِدَه ُ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ِ أَ ن َ ٍ‬
‫س و َأَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‬ ‫نح ْوَه ُ و َقَا َ‬
‫س َ‬
‫َاج الْجَه َنّمِيينَ( وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫خر ِ‬ ‫الن ّارِ‪ ،‬وَذَك َر َ حَدِيث ال َ ّ‬
‫شف َاع َة فِي ِإ ْ‬ ‫َ‬

‫ن يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ فَيَه ْت َ ُمّونَ ‪ -‬أَ ْو قَا َ‬


‫ل‬ ‫الل ّه ُ الْأَ َ ّولِينَ و َالآ ِ‬
‫خر ِي َ‬ ‫س َل ّم َ )يَجْم َ ُع َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيث بَعْض قَا َ‬
‫ل حَدِيثُ بَعْضُه ُ ْم فِي حَد ِ‬
‫و َغَيْرِهِمَا دَخ َ َ‬
‫ْس فَيَبْل ُ ُغ‬ ‫اس بَعْضُه ُ ْم فِي بَعْضٍ‪ ،‬وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‪ :‬و َتَدْنُو ال َ ّ‬
‫شم ُ‬ ‫ج َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ق آخَر َ عَن ْه ُ م َا َ‬
‫شفَعْنَا ِإلَى ر َب ّنَِا( وَم ِنْ َطرِ ي ٍ‬
‫فَيُلْهَم ُونَ ‪ -‬فَيَق ُولُونَ لَوِ اسْ ت َ ْ‬
‫ك‬
‫يح ْتَمِلُونَ فَيَق ُولُونَ أَ ل َا تَنْظ ُر ُونَ م َنْ ي َ ْشف َ ُع لـَك ُ ْم فَي َأْ تُونَ آدَم َ فَيَق ُولُونَ ز َاد َ بَعْضُه ُ ْم أَ ن ْتَ آدَم ُ أَ بُو ال ْب َشَر ِ خ َلَق َ َ‬
‫اس من الغم مالا يُط ِيق ُونَ وَل َا َ‬ ‫َ‬
‫الن ّ ُ‬
‫ك ح ََت ّى يُر ِيحَنَا م ِنْ مَك َاننَِا أَ ل َا‬
‫ل شئ اشْ ف َعْ لَنَا عِنْد َ ر َب ِّ َ‬ ‫ك م َلَائِكَت َه ُ و َع َل ّم َ َ‬
‫ك أَ سْمَاء َ ك ُ ّ ِ‬ ‫ك ج ََن ّت َه ُ و َأَ ْسجَد َ ل َ َ‬
‫حه ِ و َأَ سْ كَن َ َ‬
‫ك م ِنْ ر ُو ِ‬
‫خ ف ِي َ‬
‫الل ّه ُ بيَِدِه ِ و َنَف َ َ‬
‫َ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن ر َب ِ ّي غ َضِ بَ ال ْيَوْم َ غَضَبًا ل َ ْم يَغْض ْ‬
‫َب قبله‬ ‫ن ف ِيه ِ فَيَق ُو ُ‬
‫نح ْ ُ‬
‫ت َر َى م َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ليزيد الفقير( هو ابن صهيب‪ :‬كان يشكو فقار ظهره فقيل له الفقير )*(‬
‫ل‬ ‫صي ْتُ ن َ ْفس ِي ن َ ْفس ِي اذْه َب ُوا ِإلَى غَيْرِي اذْهب ُوا ِإلَى ن ُ ٍ‬
‫وح فَي َأْ تُونَ نُوح ًا فَيَق ُولُونَ أَ ن ْتَ أَ َ ّو ُ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ فَع َ َ‬ ‫م ِثلَه ُ وَل َا يَغْضَبُ بَعْدَه ُ مِثْلَه ُ وَنَهَانِي ع َ ِ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن ر َب ِ ّي غ َضِ بَ‬ ‫ك فَيَق ُو ُ‬
‫ن ف ِيه ِ أَ ل َا ت َر َى م َا بلََغ َنَا أَ ل َا ت َ ْشف َ ُع لَنَا ِإلَى ر َب ِّ َ‬
‫نح ْ ُ‬
‫شكُور ًا أَ ل َا ت َر َى م َا َ‬ ‫ض وَس ََم ّاك َ َ‬
‫الل ّه ُ عَبْدًا َ‬ ‫ل الْأَ ْر ِ‬
‫ل ِإلَى أَ ه ْ ِ‬
‫س ِ‬ ‫ُ‬
‫الر ّ ُ‬
‫خط ِيئَت َه ُ َال ّتِي أَ صَابَ سُؤَالَه ُ ر ََب ّه ُ بِغَيْر ِ عِلْم ٍ‬
‫س و َي َ ْذك ُر ُ َ‬ ‫ال ْيَوْم َ غَضَبًا ل َ ْم يغضب قبله مثله وَل َا يَغْضَبُ بَعْدَه ُ مِثْلَه ُ ن َ ْفس ِي ن َ ْفس ِي قَا َ‬
‫ل فِي رِو َايَة ِ أَ ن َ ٍ‬
‫الل ّه ِ فَي َأْ تُونَ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْهُ‪ :‬و َق َ ْد ك َان َْت ل ِي دَعْوَة ٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي اذْه َب ُوا إلى غَيْر ِي اذْه َب ُوا ِإلَى ِإ ب ْر َاه ِيم َ ف َِإ َن ّه ُ خ َلِي ُ‬
‫و َفِي رِو َايَة ِ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِي َ َ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن ر َب ِ ّي ق َ ْد غ َضِ بَ ال ْيَوْم َ غَضَبًا‬ ‫ن ف ِيه ِ فَيَق ُو ُ‬
‫نح ْ ُ‬
‫ك أَ ل َا ت َر َى م َا َ‬
‫ض اشْ ف َعْ لَنَا ِإلَى ر َب ِّ َ‬ ‫الل ّه ِ وَخ َلِيلُه ُ م ِنْ أَ ه ْ ِ‬
‫ل الْأَ ْر ِ‬ ‫ِإ ب ْر َاه ِيم َ فَيَق ُولُونَ أَ ن ْتَ نَبِ ُ ّي َ‬
‫الت ّوْر َاة َ‬ ‫الل ّه ِ و َفِي رِو َايَة ٍ ف َِإ َن ّه ُ عَبْدٌ آت َاه ُ َ‬
‫الل ّه ُ َ‬ ‫ات كَذَبَه َُنّ ن َ ْفس ِي ن َ ْفس ِي لَسْتُ لَهَا و َلـَكِنْ عَلَيْك ُ ْم بِمُوس َى ف َِإ َن ّه ُ ك َل ِيم ُ َ‬
‫فَذَك َر َ مِثْلَه ُ و َي َ ْذك ُر ُ ثَلَاثَ كَل ِم َ ٍ‬
‫ْس ن َ ْفس ِي ن َ ْفس ِي و َلـَكِنْ عَلَيْك ُ ْم ب ِع ِيس َى ف َِإ َن ّه ُ ر ُو ُ‬
‫ح‬ ‫خط ِيئَت َه ُ َال ّتِي أَ صَابَ و َق ْتَلَه َ‬
‫ُالن ّف َ‬ ‫ل لَسْتُ لَهَا و َيَذَك ُر ُ َ‬ ‫نج ًِي ّا قَا َ‬
‫ل فَي َأْ تُونَ م ُوس َى فَيَق ُو ُ‬ ‫وَك َل ّم َه ُ و َق ََر ّبَه ُ َ‬

‫خر َ ف َُأوتَى ف َأَ ق ُو ُ‬


‫ل أَ ن َا لها فأنطلق‬ ‫الل ّه ُ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبَه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫ح َمّدٍ عَبْدٍ غَف َر َ َ‬ ‫الل ّه ِ وَكَل ِمَت ُه ُ فَي َأْ تُونَ ع ِيس َى فَيَق ُو ُ‬
‫ل لَسْتُ لَهَا و َلـَكِنْ عَلَيْك ُ ْم بِم ُ َ‬ ‫َ‬
‫فأستادن على ربى فتؤذن ل ِي ف َِإذ َا ر َأَ ي ْت ُه ُ‬
‫__________‬
‫)قوله عن الشجرة( قيل هي شجرة الـكرم‪ ،‬وقيل السنبلة )قوله بلغنا( بفتح الغين المعجمة قال النووي وضبطه بعض المتأخرين بالفتح‬
‫والإسكان ويدل للأول ألا ترون ما قد بلغكم‪ ،‬ولو كان بالإسكان لقال بلغتم‪.‬‬
‫)*(‬
‫خ ُرّ سَا ِ‬
‫جدًا‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ٍ ف َأَ ق ُوم ُ‬ ‫ش ف َأَ ِ‬
‫تح ْتَ الْعَر ْ ِ‬
‫جدًا و َفِي رِو َايَة ٍ ف َآتِي َ‬
‫و َقَعْتُ سَا ِ‬
‫الث ّنَاء ِ عَلَيْه ِ َ‬
‫شي ْئًا ل َ ْم يَفْتَحْه ُ عَلَى‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬ ‫الل ّه ُ عَل َيّ م ِنْ َ‬
‫محَامِدِه ِ و َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫بَيْنَ يَد َيْه ِ ف َأَ حْمَدُه ُ بِم َح َامِد َ ل َا أَ قْدِر ُ عَلَيْهَا ِإ َلّا أَ َن ّه ُ يلُْهِم ُن ِيهَا َ‬
‫الل ّهُ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ٍ فَيَفْت َ ُ‬

‫َب ُأ َمّتِي‬
‫َب ُأ َمّتِي ي َا ر ِّ‬ ‫ك سَلْ تُعْطَه ْ و َاشْ ف َعْ تُش َ َ ّفعْ ف َأَ رْف َ ُع ر َأْ سِي ف َأَ قُو ُ‬
‫ل ي َا ر ِّ‬ ‫س َ‬
‫ل ي َا مُحَم ّد ُ ارْف َعْ ر َأْ َ‬
‫ل فِي رِو َايَة ِ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ فَيُق َا ُ‬
‫أَ حَدٍ قَبْل ِي‪ ،‬قَا َ‬

‫اب و َل َ ْم‬
‫ن الْأَ ب ْو َ ِ‬
‫ك مِ َ‬
‫س ف ِيم َا سِو َى ذَل ِ َ‬ ‫اب الْج َنَ ّة ِ و َه ُ ْم شُرَك َاء َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن م ِنْ أَ ب ْو َ ِ‬
‫اب الْأَ يْم َ ِ‬
‫ن ال ْب َ ِ‬
‫حسَابَ عَلَيْه ِ م ِ َ‬ ‫ل أَ ْدخِلْ م ِنْ ُأ َمّت ِ َ‬
‫ك م َنْ ل َا ِ‬ ‫فَيَق ُو ُ‬
‫ك واشفع تشفع وسل تُعْطَه ْ‬
‫ك و َق ُلْ ي ُ ْسم َعْ ل َ َ‬
‫س َ‬
‫ل ل ِي ي َا مُحَم ّد ُ ارْف َعْ ر َأْ َ‬ ‫خ ُرّ سَا ِ‬
‫جدًا فَيُق َا ُ‬ ‫ل مَك َانَه ُ ث َُم ّ أَ ِ‬
‫ل و َقَا َ‬
‫س هَذ َا الْف َصْ َ‬
‫ي َ ْذكُر ْ فِي رِو َايَة ِ أَ ن َ ٍ‬

‫ل ث َُم ّ أَ ْرجِـ ُع‬


‫ق ف َأَ فْع َ ُ‬
‫خرِجْه ُ ف َأَ نْطَل ِ ُ‬ ‫ل ح ََب ّة ٍ م ِنْ ب َُر ّة ٍ أَ ْو شَع ِيرَة ٍ م ِنْ ِإ يمَا ٍ‬
‫ن ف َأَ ْ‬ ‫َب ُأ َمّتِي ُأ َمّتِي فَيُق َا ُ‬
‫ل انْطَلِقْ فَم َنْ ك َانَ فِي قَل ْبِه ِ مِثْق َا ُ‬ ‫ل ي َا ر ِّ‬
‫ف َأَ ق ُو ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل م َا تَق َ َ ّدم َ و َقَا َ‬


‫ل ف ِيه ِ‬ ‫ل ث َُم ّ أَ ْرجِـ ُع وَذَك َر َ مِث ْ َ‬
‫ل ف َأَ فْع َ ُ‬ ‫ل ح ََب ّة ٍ م ِنْ خ َ ْرد َ ٍ‬
‫ل قَا َ‬ ‫ل ف ِيه ِ مِثْق َا ُ‬ ‫ل الأَ َ ّو ِ‬
‫ل و َقَا َ‬ ‫ك ال ْم َح َامِدِ وَذَك َر َ مِث ْ َ‬
‫ِإلَى ر َب ِ ّي ف َأَ حْمَدُه ُ بتِلِ ْ َ‬
‫ك واشفع‬
‫ك و َق ُلْ ي ُ ْسم َعْ ل َ َ‬
‫س َ‬
‫ل ل ِي ارْف َعْ ر َأْ َ‬ ‫ل وَذَك َر َ فِي ال ْم ََر ّة ِ َ‬
‫الر ّاب ِعَة ِ فَيُق َا ُ‬ ‫ل ح ََب ّة ٍ م ِنْ خ َ ْرد َ ٍ‬
‫ل ف َأَ فْع َ ُ‬ ‫م َنْ ك َانَ فِي قَل ْبِه ِ أَ دْنَى أدنى أَ دْنَى م ِنْ مِثْق َا ِ‬
‫جبْر ِي َائِي‬
‫كبْر ِي َائِي وَعَظَمَتِي و َ ِ‬
‫ك و َلـَكِنْ وَع َ ِّزتِي و َ ِ‬
‫ك ِإلَي ْ َ‬
‫ْس ذَل ِ َ‬
‫ل لَي َ‬ ‫ل ل َا ِإله َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ قَا َ‬ ‫َب ائْذ َ ْن ل ِي ف ِيم َنْ قَا َ‬
‫ل ي َا ر ِّ‬
‫تشفع وسل تُعْطَه ْ ف َأَ قُو ُ‬

‫الن ّارِ ِإ َلّا‬


‫َب م َا بَقِ َي فِي َ‬
‫ل ي َا ر ِّ‬ ‫الث ّالِثَة ِ أَ وِ َ‬
‫الر ّاب ِعَة ِ ف َأَ قُو ُ‬ ‫ل فَلَا أَ ْدرِي فِي َ‬ ‫ل ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّهُ‪ ،‬وَم ِنْ رِو َايَة ِ قَتَادَة َ عَن ْه ُ قَا َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ م َنْ قَا َ‬ ‫ل ُأ ْ‬
‫خرِج ََنّ م ِ َ‬
‫ي م َنْ وَجَبَ عَلَيْه ِ‬
‫م َنْ ح َبَسَه ُ الْقُر ْآنُ أَ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله فأخر ساجدا( في مسند احمد أن كل سجدة‪ :‬جمعة من جمع الدنيا )*(‬
‫جن ْبَتِي‬
‫ن َ‬
‫حم ُ فَتَق ُوم َا ِ‬ ‫ل فَي َأْ تُونَ مُحَم ّدًا فَيُؤْذَنُ لَه ُ و َت َأْ تِي الْأَ م َانَة ُ و َ‬
‫َالر ّ ِ‬ ‫الْخلُُود ُ * وَع َنْ أَ بِي بَكْر ٍ وَعُقْب َة َ ب ْ ِن عَامِر ٍ و َأَ بِي سَع ِيدٍ وَحُذ َيْف َة َ مِثْلَه ُ قَا َ‬
‫شف َ ُع فَيُضْر َبُ‬
‫الصِّر َاطِ ‪ ،‬وَذَك َر َ فِي رِو َايَة ِ أَ بِي م َال ِكٍ ع َنْ حُذ َيْف َة َ فَي َأْ تُونَ مُحَم ّدًا فَي َ ْ‬

‫سل ِ ّ ْم ح ََت ّى َ‬
‫يج ْتَاز َ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى الصِّر َاطِ يَق ُو ُ‬
‫ل اللهم سلم َ‬ ‫ل و َنَب ُِي ّك ُ ْم صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق ث َُم ّ كالريح والطير شد الر ِ ّج َا ِ‬
‫الصراط فيمرون أ َ ّولُه ُ ْم ك َال ْبَرْ ِ‬
‫س َل ّم َ )يَو َ‬
‫ض ُع‬ ‫س عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫يجـِيز ُ‪ ،‬وَع َ ِ‬ ‫خر ُه ُ ْم جَوَاز ًا الْحَدِيثَ ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ِ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ ف َأَ كُونُ أَ َ ّو َ‬
‫ل م َنْ ُ‬ ‫اس وَذَك َر َ آ ِ‬ ‫َ‬
‫الن ّ ُ‬

‫الل ّه ُ تَبَارَك َ و َتَع َالَى م َا تُر ِيد ُ أَ ْن أَ صْ ن َ َع ب ُِأ َمّت ِ َ‬


‫ك‬ ‫ل َ‬ ‫لل َْأن ْب ِيَاء ِ م َنَاب ِر ُ َ‬
‫يج ْلِس ُونَ عَلَيْهَا و َيَبْقَى مِن ْبَر ِي ل َا أَ جْل ُِس عَلَيْه ِ قَائِمًا بَيْنَ يَد َْي ر َب ِ ّي مُن ْت َصِ بًا فَيَق ُو ُ‬
‫ل أشْ ف َ ُع ح ََت ّى‬
‫ل الْج َنَ ّة َ ب ِر َحمَتِه ِ وَمِنْه ُ ْم م َنْ يدخل الجنة بِشَف َاعَتِي وَل َا أَ ز َا ُ‬
‫حسَابَه ُ ْم فَي ُ ْدعَى بِه ِ ْم فَي ُح َاسب ُونَ فمَِنْه ُ ْم م َنْ ي َ ْدخ ُ ُ‬
‫َب عَج ِّلْ ِ‬
‫ل ي َا ر ِّ‬
‫ف َأَ قُو ُ‬

‫ق‬ ‫ك فِي ُأ َمّت ِ َ‬


‫ك م ِنْ ن ِ ْقمَة ٍ‪ ،‬وَم ِنْ َطرِ ي ِ‬ ‫َب ر َب ِّ َ‬
‫ل ي َا مُحَم ّد ُ م َا ت َرَكْ تَ لِغَض ِ‬ ‫ن خ َازِنَ َ‬
‫الن ّارِ لَيَق ُو ُ‬ ‫ل ق َ ْد ُأم ِر بِه ِ ْم ِإلَى َ‬
‫الن ّارِ ح ََت ّى ِإ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُأ ْعطَى ِ‬
‫صك َاك ًا بِرِج َا ٍ‬

‫س يَوْم َ‬ ‫جم َتِه ِ وَل َا فَخ ْر َ و َأَ ن َا سَيِّد ُ َ‬


‫الن ّا ِ‬ ‫ْض ع َنْ جُم ْ ُ‬
‫ق الْأَ ر ُ‬ ‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قال )أَ ن َا أَ َ ّو ُ‬
‫ل م َنْ تَنْف َل ِ ُ‬ ‫س أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫ِي ع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫زِي َادٍ ُ‬
‫النمّْيَر ّ ِ‬
‫ل مُحَم ّدٌ‪،‬‬ ‫ح لَه ُ الْج َنَ ّة ُ وَل َا فَخ ْر َ ف َآتِي ف َآخُذ ُ بِ حَلَقَة ِ الْج َنَ ّة ِ فَيُق َا ُ‬
‫ل م َنْ هَذ َا؟ ف َأَ قُو ُ‬ ‫الْق ِيَامَة ِ وَل َا فَخ ْر َ و َمع ِي ل ِوَاء ُ ا ْلحم َْدِ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ و َأَ ن َا أَ َ ّو َ‬
‫ل م َنْ تُفْت َ ُ‬
‫خ ُرّ ساجدا( وذكر‬
‫ح لى فيستقبلى الج َبَ ّار ُ تَع َالَى ف َأَ ِ‬
‫فَيُفْت َ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله وشد الرجال( بالجيم هو الصحيح المعروف أي‪ :‬حزمهم )قوله صكاكا( بكسر الصاد المهملة وتخفيف الكاف جمع صك بفتح‬
‫الصاد وتشديد الكاف وهو الكتاب )*(‬
‫ل )لأَ شْ ف َع ََنّ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ل ِأَ كْ ثَر َ م َِم ّا فِي الْأَ ْر ِ‬
‫ض م ِنْ حَ جَرٍ و َشَ جَرٍ(‬ ‫س َل ّم َ يَق ُو ُ‬ ‫نح ْو َ م َا تَق َ َ ّدم َ‪ ،‬وَم ِنْ رِو َايَة ِ ُأنَي ْ ٍ‬
‫س سَمِعْتُ رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫َ‬
‫خر ِه َا م ِنْ حِينِ‬
‫ات ِإلَى آ ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شف َاع َ ِ‬ ‫س َل ّم َ وَمَق َام َه ُ ال ْم َحْ م ُود َ م ِنْ أَ َ ّو ِ‬ ‫شف َاع َت َه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِلاف أَ لْف َاظِ هَذِه ِ الآث َارِ أَ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن اخْ ت ِ‬
‫فَقَدِ اجْ تَم َ َع م ِ ِ‬
‫وف مَب ْلَغ َه ُ‬
‫ْس و َال ْو ُق ُ ُ‬ ‫ق بِهِم ُ الحاجر ويَب ْل ُغ مِنْه ُم الْع َر َقُ و َال َ ّ‬
‫شم ُ‬ ‫اس لِلْحَشْر ِ و َتَضِ ي ُ‬ ‫يج ْتَمِـ ُع َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫اس كَمَا جاء َ فِي الْحَدِيثَ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‬ ‫َاط و َيُحَاسَبُ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ض ُع الصّر ُ‬ ‫ِف ث َُم ّ يُو َ‬
‫ن ال ْمَو ْق ِ‬
‫س مِ َ‬ ‫شف َ ُع حِينئذٍ لإراحَة ِ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫َاب فَي َ ْ‬
‫ل الْحِس ِ‬ ‫ك قَب ْ َ‬ ‫وَذَل ِ َ‬

‫حسَابَ عَلَيْه ِ من ُأ َمّتِه ِ ِإلَى الْجنَة ِ كَمَا تَق َ َ ّدم َ فِي الْحَد ِ‬
‫ِيث ث َُم ّ ي َ ْشف َ ُع ف ِيم َنْ وَجَبَ عَلَيْه ِ‬ ‫ل من ل َا ِ‬ ‫شف َ ُع فِي تَعْجِي ِ‬
‫ن فَي َ ْ‬
‫وَحُذ َيْف َة َ و َهَذ َا الْحَدِيثُ أَ تْق َ ُ‬
‫س َل ّم َ و َفِي‬ ‫ْس هَذ َا ل ِسوَاه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ل َا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ و َلَي َ‬ ‫الصّ حِيح َة ُ ث َُم ّ ف ِيم َنْ قَا َ‬
‫حسْبَم َا تَقْت َضِ يه ِ الْأَ ح َادِيثُ َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّار َ مِنْه ُ ْم َ‬ ‫الْعَذ َابُ وَدَخ َ َ‬
‫ل ال ْعِلْم ِ مَعْناه ُ دَعْوَة ٌ ُأعْل ِم َ أَ َ ّنهَا‬ ‫شف َاع َة ً ل ِ ُأ َمّتِي يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( قَا َ‬
‫ل أَ ه ْ ُ‬ ‫ل نَبِ ٍ ّي دَعْوَة ٌ ي َ ْدع ُو بها واختبأت دَعْوَتِي َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح )لِك ُ ّ ِ‬ ‫الْحَدِيثَ ال ْمُن ْتَشِر ِ َ‬

‫س َل ّم َ مِنْهَا م َا ل َا يُع َ ُ ّد لـَكِنْ ح َالُه ُ ْم‬ ‫ل نَبِ ٍ ّي مِنْه ُ ْم م ِنْ دَعْوَة ٍ مُسْت َج َابَة ٍ و َلنبي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫تُسْت َجابُ لَه ُ ْم و َيُب ْل َ ُغ ف ِيهَا م َْرغ ُو بُه ُ ْم و َِإ َلّا فَك َ ْم لِك ُ ّ ٍ‬

‫ل مُحَم ّد ُ بن زِي َادٍ و َأَ بُو‬ ‫الر ّج َاء ِ و َالْخَو ْف وضُم ِن َْت لَه ُ ْم ِإج َابَة ُ دعوة فيما شاؤه ي َ ْدع ُونَ بِهَا عَلَى يَقينٍ م ِ َ‬
‫ن ال ِْإج َابَة ِ‪ ،‬و َق َ ْد قَا َ‬ ‫عِنْد َ ال ُد ّعَاء ِ بِهَا بَيْنَ َ‬
‫صَالِ ٍح ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ فِي هَذ َا الحديث‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله وَم ِنْ رِو َايَة ِ ُأنَي ْ ٍ‬


‫س( بالتصغير وهو أنصارى روى عنه شهر بن حوشب حديث أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قال لا أشفع ‪ -‬الحديث‬
‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ )*(‬
‫‪ -‬ولم يرو عنه غيره‪ ،‬ذكر ذلك اب ْ ُ‬

‫فصل في تفضيله صلى الل ّٰه عليه وسلم في الجنة بالوسيلة والدرجة الرفيعة والـكوثر والفضيلة‬ ‫‪٢.٣.١١‬‬

‫شف َاع َة ً ل ِ ُأ َمّتِي يَوْم َ اليامة( و َفِي رِو َايَة ِ أَ بِي صَالِ ٍح )لِك ُ ّ ِ‬
‫ل نَبِ ٍ ّي دَعْوَة ٌ‬ ‫ل نَبِ ّي دَعْوَة ٌ د َعَا بِهَا فِي ُأ َمّتِه ِ فاستجيب لَه ُ و َأَ ن َا ُأرِيد ُ أَ ْن ُأؤ َ ِّ‬
‫خر َ دَعْوَتِي َ‬ ‫)لِك ُ ّ‬

‫ل رِو َايَة ِ اب ْ ِن زِي َادٍ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‪ ،‬فَتَكُونُ هَذِه ِ‬


‫س مِث ْ ُ‬
‫نح ْوَه ُ فِي رِو َايَة ِ أَ بِي زُرْع َة َ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫مُسْت َج َابَة ٌ فَت َع َ َج ّل ك ُ ُ ّ‬
‫ل نَبِ ٍ ّي دَعْوَتَه ُ( و َ َ‬

‫ل ل ِ ُأ َمّتِه ِ أَ شْ يَاء َ م ِنْ ُأم ُورِ الد ِّي ِن و َال ُد ّن ْيَا‬


‫س َل ّم َ أَ َن ّه ُ سَأَ َ‬ ‫مخْصُوصَة ً ب ِا ْل ُأ َمّة ِ م َضْ م ُونَة َ ال ِْإج َابَة ِ و َِإ َلّا فَق َ ْد أَ خْبَر َ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ال َد ّعْوَة ُ ال ْم َ ْذكُورَة ُ َ‬

‫ُأ ْعط ِ َ‬
‫ي بَعْضَه َا وَم ُن ِـ َع بَعْضَه َا و َا َدّخَر َ لَه ُ ْم هَذِه ِ ال َد ّعْوَة َ لِيَو ْ ِم الْف َاقَة ِ‬
‫س َل ّم َ كَث ِير ًا‪.‬‬ ‫ن م َا جَز َى نَب ًِي ّا ع َنْ ُأ َمّتِه ِ وَصَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ أَ حْ سَ َ‬ ‫لو َ‬
‫َالر ّغْبَة ِ‪ :‬جَز َاه ُ َ‬ ‫ِيم ال ُ ّ‬
‫سؤَا ِ‬ ‫ن وَعَظ ِ‬
‫وخ َاتِمَة ِ الْمِح َ ِ‬

‫س َل ّم َ فِي الْجنَة ِ بالوسيلة والدرجة الرفيعة والـكوثر والفضيلة ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫الل ّه مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ع ِيس َى‬ ‫فصل فِي تفضيله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ٍ‬ ‫النمَّر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ ال ْمُؤْم ِ ِ‬ ‫سان ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫ن أَ حْمَد َ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْهِم َا قَال َا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال ْغ َ َ ّ‬ ‫التمِّيمِ ُ ّ‬
‫ي و َالْفَق ِيه ُ أَ بُو ال ْوَلِيدِ هِشَام ُ ب ْ ُ‬ ‫َ‬

‫ْب ب ْ ِن عَلْقَم َة َ ع َنْ عَبْدِ‬ ‫حي ْوَة َ وسَع ِيدِ ب ْ ِن أَ بِي أَ ُي ّوبَ ع َنْ َ‬
‫كع ِ‬ ‫ن اب ْ ِن لَهِيع َة َ و َ َ‬
‫ْب ع َ ِ‬ ‫ن سَلَم َة َ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن وَه ٍ‬ ‫التمَّ ّار ُ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫َ‬
‫ل ث َُم ّ‬
‫ل م َا يَق ُو ُ‬
‫)إذ َا سَمِعْتُم ُ ال ْم ُؤَذِّنَ فَق ُولُوا مِث ْ َ‬ ‫س َل ّم َ يَق ُو ُ‬
‫ل ِ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن عَمْرِو ب ْ ِن الْع َا ِ‬
‫ص أَ َن ّه ُ سَم ِـ َع َ‬ ‫ن ب ْ ِن جُبَيْرٍ ع َنْ عَبْدِ َ‬ ‫َ‬
‫الر ّحْم ِ‬
‫ص َُل ّوا‬
‫__________‬
‫)قوله حيوة( بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح الواو )قوله عن كعب ابن علقمة( وفى بعض النسخ عن كعب عن‬
‫علقمة وهو غير صواب‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل(‬ ‫‪٢.٣.١٢‬‬

‫الل ّه ِ و َأَ ْرجُو أَ ْن‬


‫الل ّه َ ل ِي ال ْوَسِيلَة َ ف َِإ َ ّنهَا مَنْزِلَة ٌ فِي الجنة لا تنبغي ِإ َلّا لِعَبْدٍ م ِنْ عِبَادِ َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ عَشْر ًا ث َُم ّ سَلُوا َ‬
‫عَل َيّ ف َِإ َن ّه ُ م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ م َ َّرة ً صَلَ ّى َ‬
‫ِيث آخَر َ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ‪ :‬ال ْوَسِيلَة ُ أَ ع ْلَى دَرَجَة ٍ فِي الْج َنَ ّة ِ * وَع َنْ‬
‫شف َاع َة ُ( * و َفِي حَد ٍ‬ ‫ت عَلَيْه ِ ال َ ّ‬‫الل ّه َ ل ِي ال ْوَسِيلَة َ ح ََل ّ ْ‬
‫ل َ‬ ‫أَ كُونَ أَ ن َا ه ُو َ فَم َنْ سَأَ َ‬

‫ل‬
‫ل م َا هَذ َا قَا َ‬ ‫ض ل ِي نَه ْر ٌ ح ََاف ّتَاه ُ ق ِبَابُ ُ‬
‫الل ّؤ ْلُؤِ قلُ ْتُ لِ جـِبْر ِي َ‬ ‫س َل ّم َ )بَي ْنَا أَ ن َا أَ سِير ُ فِي الْج َنَ ّة ِ ِإ ْذ ع َرَ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬‫ل رَسُو ُ‬ ‫ل قَا َ‬ ‫س قَا َ‬ ‫أَ ن َ ٍ‬

‫مج ْرَاه ُ عَلَى ال ُد ّرِّ‬


‫ل وَ َ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن عَمْرٍو مِثْلَه ُقَا َ‬
‫سك ًا( وَع َنْ عائشة عبد َ‬ ‫ج مِ ْ‬‫ل ث َُم ّ ضَر َبَ بيَِدِه ِ ِإلَى طِينَتِه ِ فَاسْ ت َخْ ر َ َ‬ ‫كو ْث َر ُ ال َ ّذ ِي أَ ْعطَاك َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ قَا َ‬ ‫هَذ َا ال ْـ َ‬

‫ْض تَرِد ُ عَلَيْه ِ ُأ َمّتِي‬ ‫ش ً ّقا عَلَيْه ِ َ‬


‫حو ٌ‬ ‫يجْرِي و َل َ ْم يُش ََقّ َ‬ ‫ن َ‬
‫الث ّل ِْج و َفِي رِو َايَة ٍ عَن ْه ُ ف َِإذ َا ه ُو َ َ‬ ‫ْض م ِ َ‬
‫ل و َأَ بَي ُ‬
‫ن الْعَسَ ِ‬
‫وت وَم َاؤُه ُ أَ حْلَى م ِ َ‬
‫و َال ْيَاق ُ ِ‬
‫ن اب ْ ِن ع ََب ّاس‪.‬‬
‫نح ْوَه ُ ع َ ِ‬
‫ض وَ َ‬
‫وَذَك َر َ حَدِيثَ الْحَو ْ ِ‬
‫ن الخـير ال َ ّذ ِي أعطاه َ‬
‫الل ّه *‬ ‫ل سَع ِيدٍ بن جُبَي ْر والنهر ال َ ّذ ِي فِي الْجَ ّنة ِ م ِ َ‬ ‫كو ْث َر ُ ا ْلخـَي ْر ُ ال َ ّذ ِي أَ ْعطَاه ُ َ‬
‫الل ّه إ ي ّاه ُ و َقَا َ‬ ‫ن ابن ع ََب ّاس أيْضًا قَا َ‬
‫ل ال ْـ َ‬ ‫وَع َ ِ‬
‫ن ابن ع ََب ّاس فِي قَو ْلِه ِ تعالى‬
‫حوْض ِي( وَع َ ِ‬ ‫ن الْج َنَ ّة ِ يَسِي ُ‬
‫ل فِي َ‬ ‫س َل ّم َ ع َنْ ر َب ّه )و َأَ ْعطَانِي الـكَو ْث َر َ نَه َرًا م ِ َ‬ ‫وَع َنْ حُذ َيْف َة َ ف ِيم َا ذَك َر َ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن‬ ‫حه َُنّ * و َفِي رِو َايَة ِ ُأ ْ‬
‫خر َى و َف ِيه ِ م َا يَن ْبَغ ِي لَه ُ م ِ َ‬ ‫ك و َف ِيه ِ م َا يُصْ ل ِ ُ‬ ‫ل أَ ل ُْف قَصْرٍ من لُؤلُؤٍ ت ُر َابُه َُنّ الْم ِ ْ‬
‫س ُ‬ ‫ك ر َُب ّ َ‬
‫ك فَتَرْض َى( قَا َ‬ ‫)ولسوف يُعْط ِي َ‬
‫ْواج و َالْخَد َ ِم‪.‬‬
‫الْأَ ز ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ن و َصَ ح ِيح الْأَ ثَر ِ‬


‫ل الْقُر ْآ ِ‬‫)فصل( ف َِإ ْن قلُ ْتَ إذ َا تَق ََر ّر َ من د َلِي ِ‬
‫__________‬
‫)قوله حلت عليه( بتشديد اللام أي نزلت )قوله حافتاه( بتخفيف الفاء )قوله إلى طينه( بكسر الطاء المهملة وسكون المثناة التحتية‬
‫بعدها نون وهاء للضمير )‪(*) (١ - ١٥‬‬
‫سد ُِيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫كقَو ْلِه ِ ف ِيم َا ح َ َ ّدثَنَاه ُ الْأَ َ‬
‫ل َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّفْضِ ي ِ‬ ‫ل الْأَ ن ْب ِيَاء ِ فَمَا مَعْنى الْأَ ح َاد ِ‬
‫ِيث ال ْوَارِدَة ِ بِنَه ْيِه ِ ع َ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫و َإج ِ‬
‫ْماع ا ْل ُأ َمّة ِ كَونُه ُ أَ ك ْرَم َ ال ْب َشَر ِ و َأَ ف ْ َ‬ ‫ِ‬
‫جعْفَرٍ ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫شعْب َة ُ ع َنْ‬ ‫ن م ُث ََن ّى ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫سل ِم ٌ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬ ‫ي ح َ َ ّدثَنَا الْجلُُود ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫سمَر ْقَنْد ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا الْف َارِس ِ ُ ّ‬
‫ال َ ّ‬
‫ل )م َا يَن ْبَغ ِي‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قَا َ‬ ‫س َل ّم َ يَعْنِي اب ْ َ‬ ‫ن ع َ ِ ّم نَب ِيِّك ُ ْم صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنِي اب ْ ُ‬
‫قَتَادَة َ سَمِعْتُ أَ ب َا الْع َالِيَة ِ يَق ُو ُ‬
‫ل يَعْنِي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )م َا يَن ْبَغ ِي لِعَبْدٍ‬ ‫س ب ْ ِن م ََت ّى( و َفِي غَيْر ِ هَذ َا الطَرِ ي ِ‬
‫ق ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ قَا َ‬ ‫ل أَ ن َا خَيْر ٌ م ِنْ يُون ُ َ‬
‫لِعَبْدٍ أَ ْن يَق ُو َ‬
‫ك‬
‫ل ذَل ِ َ‬
‫ل تَق ُو ُ‬
‫ن الْأَ نْصَارِ و َقَا َ‬ ‫ل و َال َ ّذ ِي اصْ طَفَى م ُوس َى عَلَى ال ْب َشَر ِ فَلَطَم َه ُ رَج ُ ٌ‬
‫ل مِ َ‬ ‫ِي ال َ ّذ ِي قَا َ‬
‫ِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ فِي الْيَه ُود ّ ِ‬
‫‪ -‬الْحَدِيثَ ( و َفِي حَد ِ‬
‫َضلُوا بَيْنَ الْأَ ن ْب ِيَاء ِ و َفِي رِو َايَة ٍ‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬
‫ل ل َا تُف ِّ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫س َل ّم َ بَيْنَ أَ ظْ هُرِن َا فَبَل َ َغ ذَل ِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَرَسُو ُ‬
‫س ب ْ ِن‬ ‫س ب ْ ِن م ََت ّى * وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ من قَا َ‬
‫ل أَ ن َا خَيْر ٌ م ِنْ يُون ُ َ‬ ‫ل م ِنْ يُون ُ َ‬
‫ض ُ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن أَ حَدًا أَ ف ْ َ‬ ‫تخـَي ِّر ُونِي عَلَى م ُوس َى فَذَك َر َ الحديث وفيه وَل َا أَ قُو ُ‬
‫ل َا ُ‬
‫ل ي َا خَيْر َ ال ْبَر َِي ّة ِ فَق َا َ‬
‫ل‬ ‫ل فَق َا َ‬ ‫ن ابن مَسْع ُودٍ ل َا يَق ُول َنّ أَ حَد ُك ُ ْم أَ ن َا خَيْر ٌ م ِنْ يُون ُ َ‬
‫س ب ْ ِن م ََت ّى و َفِي حَدِيثه ِ الآخَر ِ فَجَاءَه ُ رَج ُ ٌ‬ ‫م ََت ّى فَق َ ْد كَذ َبَ * وَع َ ِ‬
‫ل أَ ْن يَعْلَم َ َأن ّه ُ سَيِّد ُ وَلَد ِ آدَم َ فَن َهَ ى‬
‫ل ك َانَ قَب ْ َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّفْضِ ي ِ‬ ‫ات )أَ حَد ُه َا( أَ َ ّ‬
‫ن نَه ْي َه ُ ع َ ِ‬ ‫ن لِل ْع ُلَمَاء ِ فِي هَذِه ِ الْأَ ح َاد ِ‬
‫ِيث ت َأْ وِ يل َ ٍ‬ ‫ذ َاك َ إ ب ْر َاه ِيم ُ‪ ،‬فَاع ْل َ ْم أَ َ ّ‬
‫ل مِن ْه ُ ل َا يَقْتَض ِي تَفْضِ يلَه ُ ه ُو َ‬
‫ض ُ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫ن أَ حَدًا أَ ف ْ َ‬ ‫ك قَو ْلُه ُ ل َا أَ قُو ُ‬ ‫ن م َنْ ف ََضّ َ‬
‫ل بِلَا عِلْم ٍ فَق َ ْد كَذ َبَ وَكَذَل ِ َ‬ ‫ِيف و َأَ َ ّ‬
‫ج ِإلَى تَو ْق ٍ‬
‫يح ْتَا ُ‬
‫ل ِإ ْذ َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّفْضي ِ‬ ‫عَ ِ‬
‫و َِإ َن ّمَا‬

‫ب و َهَذ َا ل َا يَسْلَم ُ‬ ‫الت ّوَاض ُِع و َنَف ِْي َ‬


‫الت ّكَ ُب ّر ِ و َال ْع ُجْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى َطرِ ي ِ‬ ‫الث ّانِي( أَ َن ّه ُ قَالَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل )ال ْوَجْه ُ َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّفْضِ ي ِ‬ ‫ظاهِرِ ك َ ّ‬
‫َف ع َ ِ‬ ‫ه ُو َ فِي ال َ ّ‬

‫س عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ِإ ْذ‬ ‫جهَة ِ يُون ُ َ‬ ‫َض مِن ْه ُ ل َا َِ‬
‫س ّيم َا فِي ِ‬ ‫ل بَيْنَه ُ ْم تضيلا يُؤَدِّي ِإلَى تَن َُ ّق ِ‬
‫ص بَعْضِه ِ ْم أَ وِ الْغ ّ ِ‬ ‫ض )ال ْوَجْه ُ الثالث( أَ َلّا يُف ََضّ َ‬
‫ن الاع ْت ِرا ِ‬
‫مِ َ‬
‫ق ِإلَى الْفُل ْكِ‬
‫)إ ْذ أَ ب َ َ‬
‫ل تَع َالَى عَن ْه ُ ِ‬ ‫َاط م ِنْ ر ُت ْبَتِه ِ َ‬
‫الر ّف ِيعَة ِ ِإ ْذ قَا َ‬ ‫ك غَضَاضَة ٌ و َانْ حِط ٌ‬
‫س م َنْ ل َا يَعْلَم ُ مِن ْه ُ بِذَل ِ َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ بِمَا أَ خْبَر َ لِئَلا يَق َ َع فِي ن َ ْف ِ‬
‫أَ خْبَر َ َ‬
‫ل فِي حَقّ ِ‬ ‫ك )ال ْوَجْه ُ رابع( مَن ْ ُع َ‬
‫الت ّفْضِ ي ِ‬ ‫حط ِيطَت ُه ُ بِذَل ِ َ‬ ‫المشحون ‪ِ -‬إ ْذ ذ َه َبَ مُغ َاضِبًا فَظ ََنّ أَ ْن لَنْ ن َ ْقدِر َ عليه( ف ُر َُب ّمَا يُخَي ّ ُ‬
‫ل لم َِنْ ل َا عِلْم َ عِنْدَه ُ َ‬
‫َات‬
‫ص و َالـْك َرَام ِ‬
‫ل و َالْخُصُو ِ‬
‫ل فِي زِي َادَة ِ الْأَ حْ وَا ِ‬
‫ض ُ‬ ‫ل و َِإ َن ّمَا َ‬
‫الت ّف َا ُ‬ ‫ض ُ‬
‫حدٌ ل َا يَتَف َا َ‬
‫هي َ شئ و َا ِ‬
‫حدٍ ِإ ْذ ِ‬
‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء َ ف ِيهَا عَلَى ح َ ّدٍ و َا ِ‬ ‫ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ و َالر ِ ّسَالَة ِ ف َِإ َ ّ‬

‫ل‬
‫س ِ‬ ‫ن ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫ل وَمِنْه ُ ْم ُأولُو ع َْز ٍم م ِ َ‬
‫س ٌ‬ ‫ل ب ُِأم ُو ٍر ُأخَر َ ز َائِدَة ٍ عَلَيْهَا وَلِذَل ِ َ‬
‫ك مِنْه ُ ْم ر ُ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ل و َِإ َن ّمَا َ‬
‫الت ّف َا ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫َاف و َأَ َمّا ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ُ فِي ن َ ْفسِه َا فَلَا ٺَت َفا َ‬ ‫و ُ‬
‫َالر ّت َِب و َالْأَ لْط ِ‬

‫وَمِنْه ُ ْم من ر ُف ِـ َع مَك َان ًا ع َ ًلي ّا وَمِنْه ُ ْم من ُأوتِي َ الْح ُ ْكم َ صَب ًِي ّا و ُأوِتي َ بَعْضُهُم ُ َ‬
‫الز ّبُور َ‬
‫ك‬ ‫ْض َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ( الآية وقال )تِل ْ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )و َلَق َ ْد ف ََضّ ل ْنَا بَع َ‬
‫ل َ‬ ‫َات قَا َ‬ ‫ات وَمِنْه ُ ْم من ك ََل ّم َ َ‬
‫الل ّه وَر َف َ َع بَعْضُه ُ ْم دَرَج ٍ‬ ‫وبَعْضُهُم ُ البَي ّن َ ِ‬

‫ل أَ ْن تَكُونَ آيَت ُه ُ‬ ‫ل ال ْم ُرَاد ُ لَه ُ ْم ه ُنَا فِي ال ُد ّن ْيَا وَذَل ِ َ‬


‫ك بثَِلاثَة ِ أَ حْ وَا ٍ‬ ‫ل ال ْعِلْم ِ و َ‬
‫َالت ّفْضِ ي ُ‬ ‫ل ف ََضّ ل ْنَا بعضهم على بعض( الآية قال بَعْض أَ ه ْ ُ‬
‫س ُ‬ ‫ُ‬
‫الر ّ ُ‬

‫ل و َأَ ظْ ه َر َ و َف َضْ لُه ُفِي ذ َاتِه ِ ر َاجِـ ٌع ِإلَى م َا خ ََصّ ه ُ َ‬


‫الل ّه بِه ِ من ك َرَام َتِه ِ‬ ‫وَمُعْجِزَاتُه ُ أَ بْه َر َ و َأَ شْه َر َ أَ ْو تَكُونَ ُأ َمّت ُه ُ أَ زْكَى و َأَ كْ ثَر َ أَ ْو يَكُونَ فِي ذ َاتِه ِ أَ ف ْ َ‬
‫ض َ‬
‫صه ِ‬
‫و َاخْ تِصَا ِ‬

‫فصل في أسمائه صلى الل ّٰه عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته‬ ‫‪٢.٣.١٣‬‬

‫ن ُ‬
‫للن ّب َُو ّة ِ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫س َل ّم َ قَا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫صه ِ و َق َ ْد رُوِيَ أَ َ ّ‬
‫َف ولايَتِه ِ و َاخْ تِصَا ِ‬ ‫من ك َلَا ٍم أَ ْو خُلَ ّة أَ ْو ر ُ ْؤ يَة ٍ أَ ْو م َا شَاء َ َ‬
‫الل ّه من أَ لْطَافِه ِ وَتُح ِ‬

‫ح فِي نُب ُ َو ّتِه ِ أَ ْو‬ ‫س َل ّم َ مَوْضِـ َع الْفِت ْنَة ِ من أَ وْه َا ٍم من يَسْب ِ ُ‬


‫ق إليْه ِ بِس َب َبهَا ج َ ْر ٌ‬ ‫الر ّب َ ِع فَحَف َِظ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫خ مِنْهَا تَف َ ُ ّ‬
‫س َ‬ ‫س تَف َ ّ‬
‫س َ‬ ‫أَ ثْق َال ًا و َِإ َ ّ‬
‫ن يُون ُ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ِس‬ ‫س َل ّم َ عَلَى ُأ َمّتِه ِ و َق َ ْد يَت َو َجّه ُ عَلَى هَذ َا ال َت ّرْت ِ ِ‬


‫يب وَجْه ٌ خ َام ٌ‬ ‫شفَق َة ً مِن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن فِي عِصْ م َتِه ِ َ‬
‫ح في اصطفائه وخط فِي ر ُت ْبَتِه ِ وَوَه ْ ٌ‬
‫ق َ ْد ٌ‬
‫ل‬
‫س ل ِأَ جْ ِ‬ ‫ن ال َذ ّك َاء ِ و َال ْع ِصْ مَة ِ و َال َ ّ‬
‫طه َارَة ِ م َا بلَ َ َغ َأن ّه ُ خَيْر ٌ من يُون ُ َ‬ ‫ي ل َا يَظ ُُنّ أَ حَدٌ و َِإ ْن بلَ َ َغ م ِ َ‬
‫سه ِ أَ ْ‬
‫ل ن َ ْف ِ‬
‫جع ًا ِإلَى ال ْقائ ِ ِ‬
‫و َه ُو َ أَ ن يَكُونَ )أَ ن َا( ر َا ِ‬

‫ل وَل َا أَ دْنَى‪ ،‬وَسَنَز ِيد ُ فِي الْقِس ْ ِم َ‬


‫الث ّال ِِث فِي هَذ َا‬ ‫طه ُ عَنْهَا ح ََب ّة َ خ َرد َ ٍ‬
‫ك الْأَ قْد َار َ ل َ ْم تَح ُ َ ّ‬ ‫ل و َأَ ع ْلَى و َِإ َ ّ‬
‫ن تِل ْ َ‬ ‫ن دَرَج َة َ ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ أَ ف ْ َ‬
‫ض ُ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ فَإ َ ّ‬
‫م َا ح َك َى َ‬
‫ق و َه ُو َ ال ْمُسْتَع َانُ ل َا ِإله َ إ َلّا ه ُو َ‪.‬‬ ‫ض و َب ِالل ّٰه َ‬
‫الت ّو ْف ِي ُ‬ ‫سق ََط بِمَا ح َرّرْن َاه ُ ُ‬
‫شبْه َة ُ ال ْمُعْتَرِ ِ‬ ‫ك الْغ َر َُض و َ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى فَق َ ْد ب َانَ ل َ َ‬
‫بَيَان ًا إ ْن شَاء َ َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ُم َر َالْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫س َل ّم َ وَم َا تضمنته من فضيلته ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ِعم ْرَانَ م ُوس َى ب ْ ُ‬
‫ن أَ بِي تلَِيدٍ الْفَق ِيه ُ قَا َ‬ ‫فصل فِي أسمائه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن أَ صْ ب َ َغ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ بن وضاح‬
‫ن نَصْرٍ ح َ َ ّدثَنَا قَاسِم ُ ب ْ ُ‬
‫سَع ِيد ُ ب ْ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله تفسخ الربع( بضم الراء وفتح الموحدة‪ ،‬في الصحاح‪ :‬الربع الفصيل ينتج في الربيع وهو أول النتاج والجمع رباع وأرباع مثل رطب‬
‫ورطاب وأرطاب والأنثى ربعة والجمع ربعات فإذا نتج الفصيل آخر النتاج فهو هبع‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ )ل ِي خَمْسَة ُ أَ سْمَاء ٍ‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬
‫َاب ع َنْ مُحَم ّدِ ب ْ ِن جُبَيْر ِ ب ْ ِن مُطْع ِ ٍم ع َنْ أَ بيِه ِ قَا َ‬ ‫يح ْي َى ح َ َ ّدثَنَا م َال ِكٌ ع َ ِ‬
‫ن اب ْ ِن شِه ٍ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا َ‬

‫اس عَلَى قَدَمِي و َأَ ن َا الْع َاق ِبُ ( و َق َ ْد س ََم ّاه ُ َ‬


‫الل ّه تَع َالَى فِي‬ ‫يح ْشَر ُ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫الل ّه ُ بِي ال ْـكُفْر َ و َأَ ن َا الْحَاشِر ُ ال َ ّذ ِي ُ‬
‫أَ ن َا مُح َم ّدٌ و َأَ ن َا أَ حْمَد ُ و َأَ ن َا ال ْمَاحِي ال َ ّذ ِي يَمْحُو َ‬
‫صفَة ِ‬‫ل م ُبَالَغ َة ً من ِ‬ ‫شكْرِه ِ ف َأَ َمّا اسْم ُه ُ أَ حْمَد ُ ف َأَ فْع َ ُ‬ ‫خصَائ ِصِ ه ِ تَع َالَى لَه ُ أَ ْن ض ََم ّ َ‬
‫ن أَ سْماءَه ُ ثَنَاءَه فَطَو َى أَ ث ْنَاء ذِكْرِه ِ عَظ ِيم َ ُ‬ ‫ك ِتَابِه ِ مُحَم ّدًا و َأَ حْمَد َ فمَ ِنْ َ‬
‫ن‬
‫س حَمْدًا فَه ُو َ أَ حْمَد ُ ال ْم َحْ م ُودِي َ‬ ‫الن ّا ِ‬‫ل من حُمِد َ و َأَ كْ ث َر ُ َ‬ ‫ض ُ‬
‫ل من حَمِد َ و َأَ ف ْ َ‬ ‫كثْرَة ِ ا ْلحم َْدِ فهو صلى الل ّٰه عليه وسلم أَ ج َ ُ ّ‬ ‫ل م ُبالَغ َة ً من َ‬ ‫ا ْلحم َْدِ و َمُحَم ّدٌ مُف َ َع ّ ٌ‬
‫َات ب ِصِ فَة ِ ا ْلحم َْدِ‪ ،‬و َيَبْع َثه ُ ر ََب ّه ُ ه ُنَاك َ مَق َام ًا مَح ْم ُود ًا كَمَا‬ ‫ل ا ْلحم َْدِ و َيَت َش َ َهّر َ في تِل ْ َ‬
‫ك الْع َرَص ِ‬ ‫ن وَمَع َه ُ لواء الحمد يوم القيامة وليتم لَه ُ كَمَا ُ‬
‫و َأَ حْمَد ُ الْحا َمِدِي َ‬

‫ْط غَي ْرُه ُ وَس ََم ّى ُأ َمّت َه ُ‬


‫س َل ّم َ م َا ل َ ْم يُع َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ال ْم َح َامِدِ كَمَا قَا َ‬ ‫و َع َده ُ يَحْمَدُه ُ ف ِيه ِ الأ َ ّولُونَ و َالآخر ُونَ بِشَف َاعِتِه ِ لَه ُ ْم و َيَفْت َ ُ‬
‫ح عَلَيْه ِ ف ِيه ِ م ِ َ‬
‫ل‬ ‫خصَائ ِصِ ه ِ و َبَد َائ ِ‬
‫ِـع آي َاتِه ِ ف َُنّ آخَر ُ ه ُو َ إن َ‬
‫الل ّه ج َ َ ّ‬ ‫ق أَ ْن يُس َ َمّى مُحَم ّدًا و َأَ حْمَد َ ث َُم ّ فِي هَذ َي ْ ِن الاسْمَيْنِ من عَجَائ ِِب َ‬
‫ن فَحَق ِي ٌ‬
‫فِي كُت ُِب أَ ن ْب ِيَائِه ِ ب ِا ْلحم َ ّادِي َ‬
‫ل زَم َانِه ِ أَ َمّا أَ حْمَد ُ ال َ ّذ ِي أَ تَى فِي‬
‫اسْم ُه ُ حَم َى أَ ْن يمسى بِهِم َا أَ حَدٌ قَب ْ َ‬
‫__________‬
‫ن لل ّٰه ألف اسم‪ ،‬وللنبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وسلم‬ ‫)قَو ْلِه ِ ل ِي خَمْسَة ُ أسماء( في الأحوذى شرح الترمذي للقاضى أبي بكر بن العربي ع َنْ بَعْضِه ِ ْم أَ َ ّ‬
‫ألف اسم )قوله والعاقب( في الصحاح‪ :‬وفى الحديث السيد والعاقب‪ ،‬فالعاقب من يخلف السيد بعده وقول النبي‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم أنا العاقب‪ ،‬يعنى آخر الأنبياء‪ ،‬وكل من خلف بعد شئ فهو عاقبه انتهى )قوله أَ ج َ ُ ّ‬
‫ل من حَمِد َ( بفتح الخاء المهملة‬
‫ل من حُمِد َ( بضم المهملة وكسر الميم‪.‬‬
‫ض ُ‬
‫وكسر الميم )قوله و َأَ ف ْ َ‬
‫)*(‬
‫ِيف‬
‫ْس عَلَى ضَع ِ‬
‫ل لَب ٌ‬ ‫الل ّه تَع َالَى بِ ح ِ ْ‬
‫كمَتِه ِ أَ ْن يُس َ َمّى بِه ِ أَ حدٌ غَي ْره وَل َا ي ُ ْدعَى بِه ِ م َ ْدعُو ّ قَبْلَه ُ ح ََت ّى ل َا ي َ ْدخ ُ َ‬ ‫ال ْـكُت ُِب و َبشَ ّر ْ‬
‫َت بِه ِ الْأَ ن ْب ِيَاء ُ فَمَن َع َ‬
‫س َل ّم َ وَم ِيلادِه ِ أَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫ل وُجُودِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن الْع َر َبَ وَل َا غَيْرِه ِ ْم ِإلَى أَ ْن شَاعَ قُبَي ْ َ‬ ‫ك مُحَم ّدٌ أيْضًا ل َ ْم يُس َ ّ‬
‫م بِه ِ أَ حَدٌ م ِ َ‬ ‫ْب أَ ْو شَكٌ وَكَذَل ِ َ‬
‫الْق َل ِ‬
‫ل رِسَالَت َه و َه ُ ْم مُحَم ّد ُ بن‬
‫يج ْع َ ُ‬
‫حي ْثُ َ‬
‫ك رَج َاء َ أَ ْن يَكُونَ أَ ح َده ُ ْم ه ُو َ والل ّٰه أَ ع ْلَم ُ َ‬
‫ن الْع َر َِب أَ ب ْنَاءَه ُ ْم بِذَل ِ َ‬ ‫نَب ًِي ّا يُبْع َثُ اسْم ُه ُ مُحَم ّدٌ فَسَ َمّى قَوْم ٌ قَلِي ٌ‬
‫ل مِ َ‬
‫مجَاش ٍ‬
‫ِـع و َمُحَم ّد ُ بن حُم ْرَانَ الْجُعْف ُِيّ و َمُحَم ّد ُ‬ ‫ي و َمُحَم ّد ُ بن مُسْلَم َة َ الْأَ نْصَارِيّ و َمُحَم ّد ُ بن ب َراء ٍ البكري ومحمد ابن ُ‬
‫سفْيَانُ بن ُ‬ ‫حي ْح َة بن الْج ُ ِ‬
‫لاح الْأَ وْس ِ ُ ّ‬ ‫ُأ َ‬
‫الل ّه ك ُ َ ّ‬
‫ل‬ ‫ن الأ ْزدِ ث َُم ّ حَم َى َ‬
‫ل بَلْ مُح َم ّد ُ بن ال ْي ُحْ مِدِ م ِ َ‬
‫ن تَق ُو ُ‬ ‫ل أَ َ ّول من سُم ّي مُح َم ّدًا مُح َم ّد ُ بن ُ‬
‫سفْيَانَ و َالْيم َ َ ُ‬ ‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي ل َا سَاب َع لَه ُ ْم و َيُق َا ُ‬ ‫بن خُز َاعِ ي ال ُ ّ‬
‫ك أَ حَدًا فِي‬
‫ك ُ‬ ‫من تَس َ َمّى بِه ِ أ ْن ي َ ّدعِ ي ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ أَ ْو ي َ ّدعِيهَا أَ حَدٌ لَه ُ أَ ْو ي َ ْظه َر َ عَلَيْه ِ سَب ٌَب يُش َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن أحيحة( بضم الهمزة وفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية )قوله ابن الجلاح( بضم الجيم وتخفيف اللام‪.‬‬
‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ وأبو موسى في الصحابة‪ ،‬وأما محمد بن البراء فعده أبو موسى أيضا في الصحابة و َمُح َم ّد ُ بن ُ‬
‫سفْيَانُ‬ ‫وفى آخره حاء مهملة‪ ،‬ذكره اب ْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫قال أبو نعيم وأبو موسى مختلف في صحبته ومحمد بن مسلمة شهد بدرا وغيرها‪ ،‬ومات بالمدينة‪ ،‬وفى سيرة مغلطاى وأيضا سمى محمد بن‬
‫عدى بن ربيعة المقرى ومحمد بن عثمان السعدى‪ ،‬قال وأظنهما واحدا‪ ،‬ومحمد الأسيدى ومحمد الغنيمى ومحمد بن عثوارة الليثى ومحمد بن‬
‫حرمان العمرى ومحمد بن خول الهمذانى ومحمد بن يزيد بن ربيعة ومحمد بن‬
‫أسَام َة بن مالك قال وفى محمد بن مسلمة الأنصاري نظر )قوله ابن اليحمد( هذا ليس قال المصنف ل َا سَاب َع لَهُمْ‪ ،‬وقد ضبط ابن ماكولا‬
‫وغيره نظير هذا الاسم وهو سعيد بن محمد بضم الياء وسكون المهملة وكسر الميم‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ و َأَ ن َا ال ْمَاحِي ال َ ّذ ِي يَمْحُو َ‬
‫الل ّه بِي َ ال ْـكُفْر َ‬ ‫س َل ّم َ و َل َ ْم يُنَاز َ ْع ف ِيهِم َا و َأَ َمّا قَو ْله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن لَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سم َتَا ِ‬ ‫أ ْمرِه ِ ح ََت ّى تَح َ ّقق ِ‬
‫َت ال ّ‬
‫ك ُأ َمّتِه ِ أَ ْو يَكُون ال ْم َحْ و ُ عَا ًمّا‬
‫ض وَوُعِد َ أنه يَب ْلُغ ُه ُ مُل ْ ُ‬ ‫مح ْو ُ ال ْـكُ ْفرِ ِإ َمّا من م َ َك ّة َ و َبِلَادِ الْع َر َِب وَم َا زُوِيَ لَه ُ م ِ َ‬
‫ن الْأَ ْر ِ‬ ‫فَفُسّر َ فِي الْحَدِيثَ و َيَكُونُ َ‬
‫ن ات ْبَع َه ُ و َقَو ْلُه ُ و َأَ ن َا‬ ‫ل تَع َالَى )لِي ُ ْظه ِرَه ُ على الدين كله( و َق َ ْد وَرَد َ ت َ ْفسِيرُه ُ فِي الْحَدِيثَ َأن ّه ُ ال َ ّذ ِي ُ‬
‫مح ِي َْت بِه ِ سَي ّئَاتُ م ِ َ‬ ‫بِمَعْن َى ال ُ ّ‬
‫ظه ُورِ و َالْغَلَبة ِ كَمَا قَا َ‬
‫ل )وخاتم النبيين( وسمى عاقبا لأنه عَق َبَ غَيْرِه ِ‬ ‫ْس بَعْدِيَ نَبِ ّي كَمَا قَا َ‬
‫ي لَي َ‬ ‫ي عَلَى زَم َانِي وَع َ ْهدِي أَ ْ‬ ‫اس عَلَى قَدَمِي أَ ْ‬ ‫يح ْشَر ُ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫الْحَاشِر ُ ال َ ّذ ِي ُ‬
‫ل تَع َالَى )لِتَكُونُوا‬
‫س بِمُشَاهَدَتِي كَمَا قَا َ‬ ‫يح ْش َر ُ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ي ُ‬ ‫ل مَعْن َي عَلَى قَدَمِي أَ ْ‬‫ْس بَعْدِيَ نَبِ ّي و َق ِي َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح أما الْع َاق ِبُ ال َ ّذ ِي لَي َ‬ ‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ و َفِي َ‬
‫مِ َ‬
‫ل عَلَى‬
‫ق عِنْد َ ر َ ّبِهِمْ( و َق ِي َ‬
‫ص ْد ٍ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )أَ َ ّ‬
‫ن لَه ُ ْم قَدَم َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ل عَلَى قَدَمِي عَلَى سَابِقَتِي قَا َ‬
‫ل عَلَيْك ُ ْم شَه ِيدًا( و َق ِي َ‬ ‫س و َيَكُونَ َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫شُهَد َاء عَلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫َ‬
‫ل قَدَمِي عَلَى س َُن ّتِي وَمَعْن َي قَو ْلِه ِ )ل ِي خَمْسَة ُ أَ سْمَاءٍ( ق ِي َ‬
‫ل إ َ ّنهَا مَوْجُودَة ٌ فِي ال ْـكُت ُِب‬ ‫يج ْتَمِع ُونَ ِإل َيّ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ و َق ِي َ‬
‫ي َ‬ ‫ي ق ُ َ ّدامِي و َ َ‬
‫حو ْل ِي أَ ْ‬ ‫قَدَمِي أَ ْ‬

‫س َل ّم َ‪ :‬ل ِي ع َشَرَة ُ أَ سْمَاءٍ‪ ،‬وَذَك َر َ مِنْهَا‪ :‬طَه َ و َي َس‪ ،‬حَك َاه ُ مَكّيّ‬ ‫ال ْمُتَق َ ّدمَة ِ وعَنْد َ ُأول ِي ال ْعِلْم ِ م ِ َ‬
‫ن ا ْل ُأم ِم ال َ ّ‬
‫سالِفَة ِ‪ ،‬و َق َ ْد رُوِيَ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫جعْفَرِ بن مُح َم ّدٍ‪ ،‬وَذَك َر َ غَيْر َه‪ ،‬ل ِي‬


‫ي وَ َ‬
‫ن الوَاسِط ّ‬ ‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي عَ ِ‬ ‫ل فِي بَعْض تَف َاسِير ِ طه َإن ّه ُ ي َا طَاه ِر ُ ي َا هادِي‪ ،‬و َفِي يَس ي َا سَيّد ُ‪ ،‬حَك َاه ُ ال ُ ّ‬ ‫و َق َ ْد ق ِي َ‬
‫ل‬
‫ل الرحْمَة ِ وَرَسُو ُ‬ ‫ع َشَرَة ُ أَ سْمَاء ٍ فَذَك َر َ ا ْلخم َْسَة َ التِي فِي الْحَد ِ‬
‫ِيث الأَ َ ّولِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬و َأَ ن َا رَسُو ُ‬

‫ن صَوَابَه ُ ق ُثَم ُ ب َِالث ّاء ِ كَمَا‬


‫ل كَذ َا وَجَدْتُه ُ و َل َ ْم أَ ْروِه ِ و َ ُأر َى أَ َ ّ‬ ‫ح ِم و َأَ ن َا المُقَفّي ق َ ّفي ْتُ َ‬
‫الن ّب ِيّينَ و َأَ ن َا قَي ّم ٌ و َالْقَي ّم ُ الْجا َم ِـ ُع الْك َام ِ ُ‬ ‫ل ال ْمَلا ِ‬ ‫َ‬
‫الر ّاحَة ِ وَرَسُو ُ‬
‫َث لَنَا مُحَم ّدًا مُق ِيم َ ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ بَعْد َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ابْع ْ‬ ‫سلَام ُ َ‬ ‫ن الْحَرِبيّ و َه ُو َ أَ شْ ب َه ُ ب َِالت ّ ْفسِير ِ و َق َ ْد وقع أيْضًا فِي كُت ُِب الْأَ ن ْب ِيَاء ِ قَا َ‬
‫ل د َاو ُد عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫ذَكَر ْن َاه ُ بَعْد ُ ع َ ِ‬
‫سبْع َة ُ أَ سْمَاءٍ‪ :‬مُحَم ّدٌ و َأَ حْمَد ُ و َيَس وَطَه َ و َال ْم ُ َ ّدث ّر ُ و َال ْم َُز ّمّ ُ‬
‫ل‬ ‫س َل ّم َ‪ :‬ل ِي فِي الْقُر ْآ ِ‬
‫ن َ‬ ‫اش عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الن ّ َ ّق ُ‬
‫الْفَتْرَة ِ فَق َ ْد يَكُونُ الْقَي ّم ُبِمَعْنَاه ُ وَرَو َى َ‬
‫ِب وَح َاشِر ٌ وَم ٍ‬
‫َاح‪ ،‬و َفِي حَدِيث أَ بِي م ُوس َى‬ ‫ِت‪ :‬مُحَم ّدٌ و َأَ حْمَد ُ وَخ َاتِم ٌ و َعَاق ٌ‬
‫هي َ س ٌ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ ِ‬
‫الل ّه( و َفِي حَدِيث ع َنْ جبير بن مُطْع ِ ٍم رَضِيَ َ‬
‫وَع َبُد ُ َ‬
‫حمَة ِ( و َيُرْو َى‬ ‫ل )أَ ن َا مُحَم ّدٌ و َأَ حْمَد ُ و َالمُقَفّي و َالْحَاشِر ُ و َنَبِ ّي َ‬
‫الت ّو ْبَة ِ و َنَبِ ّي ال ْمَل ْ َ‬ ‫س َل ّم َ يُسَمّي لَنَا ن َ ْفسَه ُ أَ سْمَاء ً فَيَق ُو ُ‬
‫الْأَ شْ عَرِيّ َأن ّه ُ ك َانَ صَلَ ّى القله عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل الل ّٰه تعالى )وأما‬ ‫َالت ّو ْبَة ِ و َال ْمَرْحَم َة و َ‬
‫َالر ّاحَة ِ فَق َ ْد قَا َ‬ ‫الر ّحْمَة ِ و َ‬
‫ِب و َأَ َمّا نَبِ ّي َ‬
‫الل ّه وَمَعْن َي ال ْمُقَفّي مَعْن َي الْع َاق ِ‬
‫ح إ ْن شَاء َ َ‬
‫ل صَ ح ِي ٌ‬ ‫ال ْمَرْحَم َة و َ‬
‫َالر ّاح َة وَك ُ ّ‬
‫صف َه ُ ب َِأن ّه ُ ي ُزَكّ يه ِ ْم و َيُع َلّمُهُم ُ الْكِتَابَ و َالْح ِ ْ‬
‫كم َة َ ويهديهم إلى صِر َاطٍ مُسْتَق ِيم و َب ِال ْمُؤْم ِنِينَ رؤف رَحِيم ٌ و َق َ ْد‬ ‫أَ ْرسَل ْنَاك َ ِإلا رَحْم َة ً للعالمين( وَكَمَا و َ َ‬

‫ي يَرْحَم بَعْضُه ُ ْم بَعْضًا فَب َعث َه ُ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫صو ْا ب َ‬
‫ِالصّ بْر ِ وتواصر بالمرحمة( أَ ْ‬ ‫صفَة ِ ُأ َمّتِه ِ إ َ ّنهَا ُأ َمّة ٌ م َْرحُوم َة ٌ و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل تَع َالَى ف ِيه ِ ْم )و َتَوَا َ‬ ‫ل فِي ِ‬
‫قَا َ‬
‫ل وأمته أمة مرحومة‬
‫جع َ َ‬‫س َل ّم َ ر َُب ّه ُ تَع َالَى رَحْم َة ً ل ِ ُأ َمّتِه ِ وَرَحْم َة ً لِلْع َالم َي ِنَ وَرَحِيم ًا بِه ِ ْم وَم ُتَرَحّمًا وَمُسْتَغْف ِرًا لَه ُ ْم و َ َ‬
‫وَ َ‬
‫__________‬
‫ل أنت قيم وخلقك قيم( أي مستقيم حسن )قوله‬ ‫)قوله و َأَ ن َا قَي ّم ٌ( و َالْقَي ّم ُ الجامع الكامل‪ ،‬قال ابن الأثير ومنه الحديث أَ ت َانِي م َل َكٌ فَق َا َ‬
‫ونبى الملحمة( هي موضع القتال )*(‬
‫س َل ّم َ ب ِال َت ّر َاحُم و َأَ ث ْنى عَلَيْه ِ فَق َا َ‬
‫ل‬ ‫ِالر ّحْمَة ِ و َأَ م َرَه َا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫صفَه َا ب َ‬
‫وَو َ َ‬
‫سم َاء ِ و َأَ َمّا رِو َايَة ُ نَبِ ّي ال ْمَل ْ َ‬
‫حمَة ِ‬ ‫ض يَرْحَمْك ُ ْم م َنْ فِي ال َ ّ‬
‫ن ا ْرحَم ُوا م َنْ فِي الْأَ ْر ِ‬ ‫الر ّاحِم ُونَ يَرْحَمُهُم ُ َ‬
‫الر ّحْم َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ِب م ِنْ عِبَادِه ِ ُ‬
‫الر ّحَمَاء َ و َقَا َ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫الل ّه ُ‬
‫ن َ‬ ‫إ َّ‬
‫ل حَدِيث أَ بِي م ُوس َى و َف ِيه ِ ونبى َ‬
‫الر ّحْمَة ِ‬ ‫س َل ّم َ و َ ِ‬
‫هي َ صَ ح ِيح َة ٌ وَرَو َى حُذ َيْف َة َ مِث ْ َ‬ ‫ْف صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل و َال َ ّ‬
‫سي ِ‬ ‫ن الْق ِتَا ِ‬
‫فَإشَارَة ٌ ِإلَى م َا بُعثَ بِه ِ م ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل و َالْق َث ُوم ُ‬
‫مج ْتَمِـ ٌع قَا َ‬
‫ي َ‬
‫ل ل ِي أن ْتَ ق ُثَم ٌ أَ ْ‬ ‫س َل ّم َ َأن ّه ُ قَا َ‬
‫ل أَ ت َانِي م َل َكٌ فَق َا َ‬ ‫الت ّو ْبَة ِ ونَبِ ّي ال ْمَلَاحِم وَرَو َى الْحَر ْب ِ ُيّ فِي حَدِيثه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ونَبِ ّي َ‬
‫ن ع ِ َ ّدة ٌ‬
‫س َل ّم َ وَسِمَاتِه ِ فِي الْقُر ْآ ِ‬ ‫ت من أَ لْق َابِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ مَعْلُوم ٌ و َق َ ْد ج َاء َ ْ‬ ‫ل بَي ْتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الْجا َم ِـ ُع لِلْخَيْر ِ و َهَذ َا اسْمٌ ه ُو َ فِي أَ ه ْ ِ‬
‫شاهِدِ و َال َش ّه ِيدِ و َالْحَقّ ال ْمُبِينِ وَخ َات ِم النبيين والرؤف‬ ‫َالن ّذِير ِ والمُبَشّر ِ و َالبَشِير و َال َ ّ‬ ‫كَثي ِرة ٌ سوى م َا ذَكَر ْن َاه ُ ك َُالن ّورِ و َالسّر ِ‬
‫َاج ال ْمُن ِير ِ و َال ْمُن ْذرِ و َ‬

‫َالن ّبِيّ ا ْل ُأمّيّ وَد َاعِ ي‬


‫ِب و َالـْكَر ِي ِم و َ‬ ‫َالن ّجْ ِم َ‬
‫الث ّاق ِ‬ ‫الل ّه وال ْعُرْوَة ِ ال ْوُثْقَى والصّر َاطِ ال ْمُسْتَق ِِيم و َ‬
‫ق وَرَحْمَة ٍ لِلْع َالم َي ِنَ و َنِعْمَة ِ َ‬
‫ِيم و َالْأَ م ِينِ و َق َد ِم الصّ ْد ِ‬ ‫َ‬
‫الر ّح ِ‬
‫ق ا ْل ُأ َمّة ِ جُم ْلة ٌ شَاف ِية ٌ‬‫الل ّه ال ْمُتُق َ ّدمَة ِ وَكُت ُِب أَ ن ْب ِيَائِه ِ و َأَ ح َادِيثَ رَسُولِه ِ و َِإطْ لَا ِ‬ ‫ات ج َلِيلَة ٍ وَجَر َى مِنْهَا فِي كُت ُِب َ‬ ‫َاف كَث ِيرَة ٍ وَسِم َ ٍ‬ ‫الل ّه فِي أَ ْوص ٍ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫نو َ‬
‫َالصّ ادِ ِ‬ ‫ظاهِرِ و َال ْمُهَيْمِ ِ‬‫ِيع ال ْمُشَف ِّع و َال ْم َُت ّقِي و َال ْم ُصْ ل ِِح و َال َ ّ‬
‫شف ِ‬‫َب الْع َالم َي ِنَ و َال َ ّ‬
‫ل ر ِّ‬
‫يب وَرَسُو ِ‬
‫سمِيَتِه ِ ب ِال ْم ُصْ طَفَى و َال ْم ُجْ ت َب َى و َأَ بِي الْق َاس ِ ِم و َالْحبَ ِ ِ‬
‫كَت َ ْ‬
‫ض‬
‫ن وَصَاحِبُ الْحَو ِ‬ ‫الل ّه وَخ َلِيل َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫ح َج ّلِينَ وَحَب ِ‬
‫ِيب َ‬ ‫ق و َال ْهَادِي وَسَيّد ُ وَلَد ِ آدَم َ وَسَيّد ُ ال ْمُرْسَلِينَ و َإم َام ُ ال ْم َُت ّق ِينَ و َقَائِد ُ ال ْغ ُر ّ ال ْم ُ َ‬
‫و َال ْم َصْ د ُو ِ‬
‫ِب ال ْوَسِيلَة ِ و َالْف َضِ يلَة ِ و َالدّرَجَة ِ َ‬
‫الر ّف ِيعَة ِ‬ ‫ال ْمَوْر ُودِ و َال َ ّ‬
‫شف َاعَة ِ و َال ْمَق َا ِم ال ْم َحْ م ُودِ وَصَاح ِ‬
‫ن و َالْخَات ِم و َالعلامَة ِ والبراهان‬ ‫ِب الْ َحجُ ّة ِ و َال ُ ّ‬
‫سلْطَا ِ‬ ‫ِيب وَصَاح ِ‬ ‫ق و َ‬
‫َالن ّاقَة ِ و َالنّج ِ‬ ‫ِب البُر َا ِ‬ ‫اج و َالل ّوَاء ِ و َالْق َضِ ِ‬
‫يب وَر َاك ِ‬ ‫اج والْمِعْر َ ِ‬ ‫ِب َ‬
‫الت ّ ِ‬ ‫وَصَاح ِ‬

‫ح الْحَقّ و َه ُو َ مَعْن َي )البار‬


‫س وَر ُو ُ‬ ‫ح الْقُد ُ ِ‬
‫س وَر ُو ُ‬ ‫ل و َال ْم ُخْ تَار ُ وَمُق ِيم ُال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ و َال ْمُق َ َ ّد ُ‬ ‫ِب ال ْه ِرَاوَة ِ و َ‬
‫َالن ّعْلَيْنِ‪ ،‬وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ فِي ال ْـكُت ُِب ال ْمُت َوَكّ ُ‬ ‫وَصَاح ِ‬
‫قليط‬
‫ّب وطيب وجمطايا‬ ‫ل وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ فِي ال ْـكُت ُِب ال َ ّ‬
‫سالِفَة ِ م َاذ ٌ ماذ ٌ وَمَعْنَاه ُ طَي ٌ‬ ‫ل ثعلب البار قليط ال َ ّذ ِي يُف َر ّقَ بَيْنَ الْحَقّ و َالبَاطِ ِ‬ ‫ل( و َقَا َ‬ ‫فِي ال ِْإنْ ج ِي ِ‬
‫و َالْخا َتِم ُ و َالْحا َتِم ُ‪.‬‬
‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ خ َلْق ًا وخ ُلق ًا‪.‬‬
‫ب فَالْخا َتِم ُ ال َ ّذ ِي خَتَم َ الْأَ ن ْب ِيَاء ُ و َالْحا َتِم ُ أَ حْ سَ ُ‬
‫ل ثَعْل َ ٌ‬
‫كعْبُ الْأَ حْ بَارِ و َقَا َ‬
‫حَك َاه ُ َ‬

‫ن ابن سيرين‬ ‫الت ّوْر َاة ِ ُأحِيد ُ رَو َى ذَل ِ َ‬


‫ك عَ ِ‬ ‫و َيُس َ َمّى ب ِال ُس ّرْ يان َيِ ّة ِ مشقح والمنحمنا و َاسْم ُه ُ أيْضًا فِي َ‬
‫__________‬
‫)قوله وصاحب الهراوة( بكسر الهاء أي العصا قال ابن الأثير لأنه كان يمسك بيده القضيب كثيرا وكان يمشى بالعصا بين يديه وتغرز‬
‫له فيصلى إليها )قوله البار قليط( بالموحدة والألف والراء المكسورة والقاف الساكنة واللام المكسورة والمثناة التحتية الساكنة بعدها‬
‫طاء مهملة قيل معناه الحامد وقيل الحماد وقيل الحمد وأكثر النصارى على أن معناه المخلص )قوله ماذ ماذ( بميم فألف غير مهموزة فذال‬
‫معجمة‪ ،‬وفى طرة بعض النسخ إنه بميم مضمومة وإشمام الهمزة ضمة بين الواو والألف )قوله قال جمطايا( بجيم مفتوحة وميم مشددة‬
‫مفتوحة وطاء مهملة بعدها ألف فمثناة تحتية فألف قال أبو عمرو سألت بعض من أسلم من اليهود عنه فقال معناه يحمى الحرم ويمنع من‬
‫الحرام و يوطئ الحلال )قوله والخاتم والحاتم( الأول بالخاء المعجمة‪ ،‬والثانى بالمهملة )قوله مشقح( ضبط هذا الاسم بضم الميم وفتح‬
‫الشين المعجمة والقاف المشددة‪ ،‬وفى آخره مهملة )قوله والمنحمنا( ضبط بضم الميم وسكون النون وفتح الحاء المهملة وكسر الميم وبعدها‬
‫نون مشددة مفتوحة وألف قال أبو الفتح اليعمرى في سيرته هو محمد صلى الل ّٰه عليه وسلم وكذا قال ابن إسحاق هو بالسر يانية محمد صلى‬
‫الل ّٰه عليه وسلم )قوله أحيد( ضبط بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح المثناة التحتية وكسرها وفى آخره دال مهملة )*(‬

‫فصل في تشر يف الل ّٰه تعالى بما سماه به من أسمائه الحسنى ووصفه به من صفاته العلى‬ ‫‪٢.٣.١٤‬‬

‫ل‬ ‫ك مُف َ َس ّر ًا فِي ال ِْإنْ ج ِي ِ‬


‫ل قَا َ‬ ‫ْف و َق َ َع ذَل ِ َ‬ ‫يب أَ ي ال َ ّ‬
‫سي ِ‬ ‫ِب الْق َضِ ِ‬
‫وَمَعْن َي صَاح ِ‬
‫س َل ّم َ و َه ُو َ الآنَ عِنْد َ‬ ‫ل عَلَى َأن ّه ُ الْق َضِ يبُ ال ْم َ ْمش ُوقُ ال َ ّذ ِي ك َانَ يُمْسِك ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل بِه ِ و َأ َمّت َه ُ كَذَل ِ َ‬
‫ك و َق َ ْد يُحْم َ ُ‬ ‫يب من حَدِيدٍ يُق َات ِ ُ‬
‫مَع َه ُ ق َضِ ٌ‬

‫اس عَن ْه ُ بِعَصَاي‬ ‫الل ّغَة ِ الْعَصَا و َ ُأر َاه َا والل ّٰه أَ ع ْلَم ُ ال ْعَصَا ال ْم َ ْذكُورَة َ فِي حَدِيث الْحَو ْ ِ‬
‫ض أَ ذ ُود ُ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫َهي فِي ُ‬ ‫الْخل َُف َاء ِ و َأَ َمّا ال ْه ِرَاوَة ُ التي وُص َ‬
‫ِف بِهَا ف ِ‬
‫ج فَال ْم ُرَاد ُ بِه ِ ال ْعِم َام َة ُ و َل َ ْم تَكُنْ حِينَئذٍ إ َلّا لِلْع َر َِب و َالْعَم َائِم ُتيجَانُ الْع َر َِب وأوصفاه وألقابه وسمانه فِي ال ْـكُت ُِب كَث ِيرَة ٌ‬ ‫ن * و َأَ َمّا َ‬
‫الت ّا ُ‬ ‫ل الْيم َ َ ِ‬
‫ل ِأَ ه ْ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل لَه ُ‬
‫ل فَق َا َ‬ ‫س َأن ّه ُ لَم ّا وُلِد ِ له إ ب ْر َاه ِيم ُ ج َاءَه ُ ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫الل ّه وَكان َت كُنيت ُه ُ ال ْمَشْه ُورَة ُ أَ ب َا الْق َاس ِ ِم * وَرُوِيَ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫و َف ِيم َا ذَكَر ْن َاه ُ مِنْهَا مُقْن َ ٌع إ ْن شَاء َ َ‬
‫ك ي َا أبا إ ب ْر َاه ِيم َ‪.‬‬
‫سلَام ُ عَلَي ْ َ‬‫ال َ ّ‬
‫حر َى‬ ‫ل و ََف ّق َه ُ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى م َا أَ ْ‬ ‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫صف َاتِه ِ ال ْعُلَى قَا َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى بِمَا س ََم ّاه ُ بِه ِ من أَ سْمَائِه ِ الْحُسْن َى وَو َ َ‬
‫صف َه ُ بِه ِ من ِ‬ ‫فصل فِي تشر يف َ‬
‫ْب م َع ِينِهَا لـَكِنْ‬ ‫اب الأَ َ ّو ِ‬
‫ل لانْ خ ِرَاطِه ِ فِي سلك مضمونها وامتراجه ب ِعَذ ِ‬ ‫ل بِف ُصول ال ْب َ ِ‬
‫هَذ َا الْف َصْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله و َ ُأر َاه َا والل ّٰه أَ ع ْلَم ُ الْعَصَا ال ْم َ ْذكُورَة َ فِي حَدِيث الحوض( قال النووي هذا ضعيف لأن المراد تعر يفه بصفة يراها الناس معه يستدلون‬
‫صدْق ِه و ََأن ّه المبشر به المذكور فِي ال ْـكُت ُِب ال َ ّ‬
‫سالِفَة ِ فلا يصح تفسيره بعصا تكون في الآخرة والصحيح أنه كان يمسك القضيب‬ ‫بها عَلَى َ‬
‫بيده كثيرا وقيل لأنه كان يمشى والعصا بين يديه وتغرز له فيصلى إليها )قوله لأهل اليمن( الذى في صحيح مسلم في المناقب لأهل اليمن‬
‫وهى الجهة التى عن يمين الـكعبة ومعناه أذود الناس لأجل أهل اليمن حتى يتقدموا )*(‬
‫ل ال َ ّذ ِي قَبْلَه ُ ف َرَأي ْنَا أَ َ ّ‬ ‫جو ْهَرِه ِ و َال ْتِق َاطِه ِ إ َلّا عِنْد َ الْخَو ْ ِ‬ ‫الل ّه َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ض فِي الْف َصْ ِ‬ ‫اج َ‬
‫الصّ ْدرِ لِلْهِد َايَة ِإلَى اسْ تِن ْبَاطِه ِ وَل َا أَ ن َار َ الْفِك ْر َ لاسْ ت ِخْ ر َ ِ‬ ‫ل َ ْم يَشْر َح َ‬
‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ ب ِك َرَامَة ٍ خ َلَعَه َا عَلَيْه ِم من أسمائه كتسمية إسحق و َِإسْمَاعِيل بِعَل ِيم وَح َل ِيم‬ ‫َص كَث ِير ًا م ِ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى خ َ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫نُضِ يف َه ُ إلَيْه ِ و َنَجْم َ َع بِه ِ شَم ْلَه ُفَاع ْلم ْ أَ َ ّ‬

‫ق ال ْوَعْدِ كَمَا‬ ‫ُف بِ حَف ِيظٍ عَل ٍِيم و َأَ ُي ّوبَ بِصَابِر ٍ و َِإسْمَاعِيل بِصَادِ ِ‬ ‫يح ْي َى بِبَر ّ وَم ُوس َى ب ِكَر ِي ٍم و َقَوِيّ و َيُوس َ‬ ‫وح بِشَكُورٍ‪ ،‬وَع ِيس َى و َ‬ ‫وإب ْر َاه ِيم بِ حَل ِيم‪ ،‬و َن ُ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫س َل ّم َ ب ِأَ ْن ح ََل ّاه ُ مِنْهَا فِي ك ِتابِه ِ ال ْعَزِيز ِ وعلى أَ لْسِنَة ِ أَ ن ْب ِيَائِه ِ‬ ‫ل نَب َِي ّنَا مُح َم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك الْكِتَابُ الْعَزِيز ُ من م َوَاض ِ‬
‫ِـع ذِكْرِه ِ ْم و َف ََضّ َ‬ ‫ق بِذَل ِ َ‬
‫نَطَ َ‬
‫نج ِ ْد من جَم َ َع مِنْهَا فَو ْقَ اسْمَيْنِ وَل َا من تَف ََر ّغَ ف ِيهَا لِت َأْ ل ِ ِ‬
‫يف ف َصْ لَيْنِ‬ ‫ب ِع ِ َ ّدة ٍ كَث ِيرَة ٍ اجْ ت َم َع لَنَا مِنْهَا جُم ْلَة ٌ بَعْد َ إعْمَا ِ‬
‫ل الْفِكْر ِ و َإحْ ضَارِ الذّكْر ِ ِإ ْذ ل َ ْم َ‬

‫ح َ ّقق َه ُ يُت ُِم ّ النّعْمَة ِ ب ِِإ ب َانَة ِ م َا ل َ ْم يُظهره ُ لَنَا الآنَ و َيَفْت َح‬
‫الل ّه تَع َالَى كَمَا أَ ل ْهَم َ ِإلَى م َا عَل ّم َ مِنْهَا و َ َ‬
‫ل َ‬ ‫نح ْو ثَلَاثِينَ اسْمًا و َلَع َ َ ّ‬ ‫وَح َرّرْن َا مِنْهَا فِي هَذ َا الْف َص ِ‬
‫ل َ‬
‫غلقه‪.‬‬
‫ات وَس ََم ّى َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫طاع َ ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫سه ِ و َل ِأَ عْمَا ِ‬ ‫فَمن أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى ا ْلحم َِيد ُ وَمَعْنَاه ُ ال ْم َحْ م ُود ُ ل ِأَ َن ّه ُ حمد نفسه وَحَمِدَه ُ عِبَادُه ُ و َيَكُونُ أيْضًا بِمَعْن َي الْحا َمِدِ لِن َ ْف ِ‬
‫ج ُّ‬
‫ل من حُمِد َ و َق َ ْد أَ شَار َ‬ ‫ح َمّدٌ بِمَعْن َي مَح ْم ُودٍ وكذا و َق َ َع اسْم ُه ُ فِي ز ُبُر ِ د َاو ُد وأحمد ُ بِمَعْن َي أَ كب َر ُ من حَمِد َ و َأَ ِ‬
‫س َل ّم َ مُحَم ّدًا و َأَ حْمَد َ فَم ُ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫نحْوِ هَذ َا حسان بقوله‪) :‬قوله وموسى بكريم( في سورة الدخان )وقد جاءهم رسول كريم( )قوله بأن حلاه( بفتح الحاء المهملة‬
‫ِإلَى َ‬
‫وتشديد اللام )قوله غلقة( بفتح الغين المعجمة واللام ما ينغلق به )قوله حسان( هو ابن ثابت الأنصاري عاش هو والثلاثة فوقه من‬
‫آبائه كل )*(‬
‫ل‬ ‫ِب وَس ََم ّاه ُ فِي ك ِتَابِه ِ بِذَل ِ َ‬
‫ك فَق َا َ‬ ‫ش مَح ْم ُود ٌ و َهَذ َا مُحَم ّد ُ وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تعالى الرؤف َ‬
‫الر ّحِيم ُ و َهُمَا بِمَعْن َي م ُتَق َار ٍ‬ ‫ن اسْمِه ِ لِيُجِلَ ّه ُ * فَذ ُو الْعَر ْ ِ‬
‫وَش ََقّ لَه ُ م ِ َ‬
‫ك ال ْمُبِينُ أَ ي ال ْبَيّنُ أَ مْرُه ُ و َِإله َِي ّت ُه ُ ب َانَ‬
‫ق أَ مْرُه ُ وَكَذَل ِ َ‬
‫ح ّق ُ‬
‫)بالمؤمنين رؤف رحيم( وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْحَقّ ال ْمُبِينُ وَمَعْن َي الْحَقّ ال ْمَوْجُود ُ و َال ْمُت َ َ‬
‫ل )ح ََت ّى ج َاءَهُم ُ‬ ‫س َل ّم َ بِذ َل ِ َ‬
‫ك فِي ك ِتابِه ِ فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حدٍ و َيَكُونُ بِمَعْن َي ال ْمُبَيّنِ ل ِع ِبَادِه ِ أَ مْر دِينْه ِ ْم وَمَع َاده ِ ْم وَس ََم ّى َ‬
‫َ‬ ‫و َأَ ب َانَ بِمَعْن َي و َا ِ‬

‫الْح َُقّ‬
‫ل م ُبِينٌ( ‪.‬‬
‫وَرَسُو ٌ‬
‫ن وَمَعْنَاه ُ‬
‫ل الْقُر ْآ ِ‬ ‫ل )فَق َ ْد ك َ َذّبُوا ب ِالْحَقّ ِ ل َم ّا ج َاءَهُمْ( ق ِي َ‬
‫ل محمد و َق ِي َ‬ ‫ل )و َق ُلْ ِإن ِ ّي أَ ن َا َ‬
‫الن ّذِير ُ ال ْمُبِينُ( وقال )قد جاءكم الحق من ربكم( و َقَا َ‬ ‫و َقَا َ‬
‫ل تَع َالَى‬
‫الل ّه تَع َالَى م َا بَع َث َه ُ بِه ِ كَمَا قَا َ‬
‫ن َ‬ ‫صدْق ُه ُ و َأَ مْرُه ُ و َه ُو َ بِمَعْن َى الأَ َ ّو ِ‬
‫ل و َال ْمُبَيِّنُ ال ْبَيِّنُ أمْرُه ُ وَرِسَالَت ُه ُ أَ وِ ال ْمُبَيِّنُ ع َ ِ‬ ‫ح َ ّق ُ‬
‫ق ِ‬ ‫ض ُ ّد ال ْبَاطِ ِ‬
‫ل و َال ْمُت َ َ‬ ‫ه ُنَا ِ‬
‫)لِتُبَيِّنَ ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س ما نزل إليهم( ‪.‬‬
‫ض ب ِالْأَ ن ْوَارِ وَم ُنَوّر ُ قُلُوبَ ال ْمُؤْم ِنينَ ب ِال ْهِد َايَة ِ وَس ََم ّاه ُ نُور ًا فَق َا َ‬
‫ل‬ ‫ات و َالْأَ ْر ِ‬
‫سم َو َ ِ‬ ‫ي خالِق ُه ُ أَ ْو م ُنوّر ُ ال َ ّ‬ ‫الن ّور ُ وَمَعْنَاه ُ ذ ُو ُ‬
‫الن ّورِ أَ ْ‬ ‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى ُ‬
‫ُوح أمره‬ ‫ك ل ِوُض ِ‬ ‫ي بِذ َل ِ َ‬
‫ل ف ِيه ِ )و َسِر َاج ًا منيرا( سُم ّ َ‬ ‫ل الْقُر ْآنُ و َقَا َ‬ ‫ل مُحَم ّدٌ و َق ِي َ‬ ‫الل ّه ِ نُور ٌ وَك ِت َ ٌ‬
‫اب م ُبِينٌ( ق ِي َ‬ ‫)ق َ ْد ج َاءَك ُ ْم م ِ َ‬
‫ن َ‬
‫__________‬
‫واحد مائة وعشرين سنة وعاش حسان ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام وقد شاركه في العيش ستين في الجاهلية وستين‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫في الإسلام حكيم بن حزام ولم يذكر ابن الصلاح غيرهما‪ ،‬وزيد عليه حو يطب بن ع َبد ال ْع َُز ّى القرشى‪ ،‬وسعيد بن يربوع القرشى وحمنن‬
‫‪ -‬بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وفتح النون الأولى ‪ -‬بن عوف القرشى أخو عبد الرحمن بن عوف ومخرمة بن نوفل القرشى الزهري‬
‫)قوله وشق له( بفتح الشين المعجمة‪.‬‬
‫)*(‬
‫شاهِد ُ عَلَى عِبَادِه ِ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ وَس ََم ّاه ُ‬ ‫وب المؤمنين والعارفين بما جاء به * وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى ال َش ّه ِيد ُ وَمَعْنَاه ُ ال ْع َالِم ُ و َق ِي َ‬
‫ل ال َ ّ‬ ‫ن نُب َو ّتِه ِ و َتَنْوِير ِ قُل ُ ِ‬
‫و َبَيَا ِ‬
‫ل عليكم شهيدا( و َه ُو َ بِمَعْن َي الأَ َ ّو ِ‬
‫ل * وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الـْكَر ِيم ُ وَمَعْنَاه ُ‬ ‫ل )و َيَكُونَ َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫)إ َن ّا أَ ْرسَل ْنَاك َ شَاهِدًا( و َقَا َ‬
‫ل ِ‬
‫شَه ِيدًا وَشَاهِدًا فَق َا َ‬
‫)إ َن ّه ُ لَقَو ْ ُ‬
‫ل رسول‬ ‫ل الْعَف ُ ُو ّ قيل الْعَل ِ ُيّ و َفِي الْحَد ِ‬
‫ِيث ال ْمَرْوِيّ فِي أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْأَ ك ْرَم ُ وَس ََم ّاه ُ تَع َالَى كَر ِيمًا بِقَو ْلِه ِ ِ‬ ‫ل و َق ِي َ‬
‫ل ال ْمُفْضِ ُ‬
‫ال ْـكَث ِير ُ ا ْلخـَيْر ِ و َق ِي َ‬
‫س َل ّم َ )أَ ن َا أَ ك ْرَم ُ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل و َقَا َ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ل ِ‬
‫ل مُحَم ّدٌ و َق ِي َ‬
‫كريم( ق ِي َ‬
‫س َل ّم َ * وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْع َظيم ُ وَمَعْنَاه ُ الجليل الشأن الذي كل شئ دونه وقال‬ ‫ح ّقه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَلَد ِ آدَم َ( وَم َعانِي الاس ْ ِم صَ ح ِيح َة ٌ فِي َ‬
‫ق عَظ ٍِيم( ووقع في أول سفر من التوراة عن إسماعيل وسيلد عظيما لأمة عظيمة فهو عظيم‬ ‫الل ّه عليه وسلم )و َِإ َن ّ َ‬
‫ك لَعَلَى خ ُل ُ ٍ‬ ‫في النبي صلى َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ل ال ْمُتَكَب ّر ُ وَسُم ّ َ‬
‫ن و َق ِي َ‬ ‫ل ال ْعَل ِ ُيّ الْعَظ ِيم ُ ال َ ّ‬
‫شأْ ِ‬ ‫ل الْق َاه ِر ُ و َق ِي َ‬
‫ح و َق ِي َ‬
‫وعلى خلق عظيم( ومن أسمائه تعالى الجبار ومعناه ال ْم ُصْ ل ِ ُ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫ك وَمَعْنَاه ُ فِي حَقّ َ‬
‫ك مَقْر ُونَة ٌ بِهَي ْبَة ِ يَمِين ِ َ‬
‫ك و َش َرائ ِع َ‬
‫س َ‬ ‫ك ف َِإ َ ّ‬
‫ن ن َام ُو َ‬ ‫اب د َاو ُد بِ َجب ّا ٍر فَق َالَ‪ :‬تَق َلَ ّدْ أ ُ ّيهَا الْج َبَ ّار ُ َ‬
‫سيْف َ َ‬ ‫س َل ّم َ فِي ك ِت َ ِ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ن‬
‫خطَرِه ِ و َنَفَى عَن ْه ُ تَع َالَى فِي الْقُر ْآ ِ‬
‫َظيم َ‬ ‫حه ِ ا ْل ُأ َمّة َ ب ِال ْهِد َايَة َ‬
‫والت ّعْل ِيم أَ ْو لِق َ ْهرِه ِ أَ عْد َاءه ُ أَ ْو ل ِع ُلُو ّ مَنْزِلِتِه ِ عَلَى ال ْب َشَر ِ وَع ِ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َمّا ل ِإصْ لا ِ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫طلـِ ـ ُع يكنه الشئ الْع َالِم ُبِ حَق ِيق َتِه ِ و َق ِي َ‬
‫ل مَعْنَاه ُ‬ ‫ل )وَم َا أَ ن ْتَ عَلَيْه ِ ْم بجبار( ومن أسمائه تعالى الْخبَ ِير ُ وَمَعْنَاه ُ ال ْم ُ َ ّ‬ ‫الت ّكَ ُب ّر ِ التي ل َا تلَِي ُ‬
‫ق بِه ِ فَق َا َ‬ ‫جَبْر َِي ّة َ َ‬
‫ن‬ ‫الل ّه تَع َالَى َ‬
‫)الر ّحْم َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ال ْمُخْب ِر ُ و َقَا َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ والمسؤول الْخبَ ِير ُ ه ُو َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل غَي ْر ُ َ‬ ‫ل الْق َاض ِي بَك ْر ُبن العلاء المأمور ب ِال ُ ّ‬
‫سؤَا ِ‬ ‫فَاسْ أَ لْ بِه ِ خَب ِير ًا( قَا َ‬
‫ل ل ِأَ َن ّه ُ عَالِم ٌ عَلَى غَايَة ٍ م ِ َ‬
‫ن ال ْعِلْم ِ‬ ‫الل ّه تَع َالَى ف َ َ‬
‫الن ّبِيّ خَب ِير ٌ ب ِال ْو َجْ ه َيْنِ ال ْم َ ْذكُوري ْ ِن ق ِي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم والمسؤول ه ُو َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫سائ ِ ُ‬ ‫ل غَي ْرُه ُ ب َ ِ‬
‫و َقَا َ‬

‫مخـْبِر ٌ ل ِ ُأ َمّتِه ِ بِمَا ُأذِنَ لَه ُ فِي ِإع ْلامِه ِ ْم بِه ِ وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْف ََت ّا ُ‬
‫ح وَمَعْنَاه ُ الْحا َكِم ُ بَيْنَ عِبَادِه ِ أَ ْو‬ ‫ِيم مَعْرِفَتِه ِ ُ‬
‫ن ع ِل ْمِه ِ وَعَظ ِ‬
‫الل ّه من مَكْن ُو ِ‬
‫بِمَا أَ ع ْلَم َه ُ َ‬

‫كقَو ْلِه ِ تَع َالَى‬


‫الن ّاصِر ِ َ‬ ‫ق من ُأم ُورِه ِ ْم عَلَيْه ِ ْم أَ ْو يَفْت َ ُ‬
‫ح قُلُو بَه ُ ْم و َبَصَائ ِر َه ُ ْم بِمَعْرِفَة ِ الْحَقّ و َيَكُونُ أيْضًا بِمَعْن َي َ‬ ‫قو َ‬
‫َالر ّحْمَة ِ و َال ْمُنْغ َل ِ ِ‬ ‫اب الر ّ ْز ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫اتح ُ أَ ب ْو َ ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى نَب َِي ّه ُ‬ ‫ل مَعْنَاه ُ مُب ْتَدِئ ٌ الْفَت ِْح و َ‬
‫َالن ّصْر ِ وَس ََم ّى َ‬ ‫ي ِإ ْن تَسْتَنْصِر ُوا فَق َ ْد ج َاءكُم ُ َ‬
‫الن ّصْر ُ و َق ِي َ‬ ‫)إ ْن تَسْتَفْتِحُوا فَق َ ْد ج َاءَكُم ُ الفتح( أَ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الر ّب ِ ِ‬
‫َاتح في حديث الإسراء الطو يل من رِو َايَة ِ َ‬ ‫س َل ّم َ ب ِالْف ِ ِ‬
‫الل ّه‬
‫س ع َنْ أَ بِي العالية و َغَيْرِه ِ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬ ‫يع بن أَ ن َ ٍ‬ ‫مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ فِي ثَنَائِه ِ عَلَى ر َب ِّه ُ و َتَعْدِيدِ م َراتبِه ِ‪ :‬وَر َف َ َع ل ِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك فَاتِ حًا وَخ َاتِمًا و َف ِيه ِ من قول َ‬ ‫جعَل ْت ُ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى و َ َ‬ ‫عَن ْه ُ وفيه من قوله َ‬
‫ذكري وجعلني فاتحا وَخ َاتمًا‪ ،‬فَيَكُونُ الْف ِ‬
‫َاتح َ هنا بمعنى الحاكم أو الفاتح لأبواب الرحمة على أمته والفاتح لِبَصَائِرِه ِ ْم بِمَعْرفَة ِ الْحَقّ و َال ِْإ يمَان‬
‫س َل ّم َ ) ُ‬
‫كن ْتُ أول الأنبياء‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الن ّاصِر َ لِلْح َقّ أَ وِ المبتدى بهداية ا ْل ُأ َمّة ِ أَ وِ ال ْمُب َ ّدي ال ْمُق َ َ ّدم فِي الْأَ ن ْب ِيَاء و َالْخا َتِم لَه ُ ْم كَمَا قَا َ‬
‫ل صَلَ ّى َ‬ ‫ب ِالل ّٰه أَ وِ َ‬
‫في الخلق‬
‫َعث‪.‬‬
‫خر َه ُ ْم فِي ال ْب ِ‬
‫و َآ ِ‬
‫ك نَب َِي ّه ُ نُوح ًا عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ‬ ‫َف بِذَل ِ َ‬
‫ل ال ْمُثْنِي عَلَى ال ْمُط ِيع ِينَ وَوَص َ‬
‫ل و َق ِي َ‬
‫ل الْق َلِي ِ‬ ‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى فِي الْحَدِيثَ ال َ ّ‬
‫شكُور ُ ومعناه المشيب عَلَى الْع َم ِ‬
‫ي مُعْتَر ِفًا بنِ َع َ ِم ر َب ّي‬
‫شكُور ًا أَ ْ‬
‫ل أَ فَلَا أَ كُونُ عَبْدًا َ‬ ‫س َل ّم َ ن َ ْفسَه ُ بِذَل ِ َ‬
‫ك فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َف َ‬ ‫)إ َن ّه ُ ك َانَ عَبْدًا َ‬
‫شكُور ًا( و َق َ ْد وَص َ‬ ‫ل ِ‬
‫فَق َا َ‬
‫ك لِقَو ْلِه ِ )لئَ ِ ْن شَكَرْتُم ْ لأَ زِيد ََن ّكُمْ( ‪.‬‬
‫مجْهِدًا ن َ ْفس ِي فِي الز ّي َادَة ِ من ذَل ِ َ‬ ‫ك م ُثنيًا عَلَيْه ِ ُ‬ ‫عَارِفًا بِق َ ْدرِ ذَل ِ َ‬
‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْعَل ِيم ُ و َالْع ََل ّام ُ و َعَالِم ُ الْغَي ِ‬
‫ْب و َال َش ّه َادَة ِ‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١١٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل )و َيُع َل ِّمُكُم ُ‬ ‫الل ّه ِ عَلَي ْ َ‬


‫ك عظيما( و َقَا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل )و َع َل ّم َ َ‬
‫ك م َا ل َ ْم تَكُنْ تَعْلَم ُ وَك َانَ ف َضْ ُ‬ ‫َخصّ ه ُ بِمَزِ َي ّة ٍ مِن ْه ُ فَق َا َ‬
‫س َل ّم َ ب ِال ْعِلْم ِ و َ‬ ‫َف نَب َِي ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَوَص َ‬
‫لأشْ يَاء ِ قَب ْ َ‬
‫ل وُجُودِه َا و َال ْبَاقِي بَعْد َ فَنَائِهَا‬ ‫ق لِ َ‬ ‫خر ُ وَمَعْنَاهُمَا ال َ ّ‬
‫ساب ِ ُ‬ ‫ل و َالآ ِ‬ ‫الْكِتَابَ و َالْح ِ ْ‬
‫كم َة َ و َيُع َل ِّمُك ُ ْم م َا ل َ ْم تَكُونُوا تَعْلَم ُونَ( وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الأَ َ ّو ُ‬
‫ْث و َف َس ّر َ بِهَذ َا قَو ْلَه ُتَع َالَى )و َِإ ْذ‬
‫خر َه ُ ْم فِي ال ْبَع ِ‬ ‫ل الْأَ ن ْب ِيَاء ِ فِي الْخَل ْ ِ‬
‫ق و َآ ِ‬ ‫كن ْتُ أَ َ ّو َ‬
‫س َل ّم َ ُ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خر ٌ و َقَا َ‬ ‫ْس لَه ُأَ َ ّو ٌ‬
‫ل وَل َا آ ِ‬ ‫تحْق ِيق ُه ُ أَ َن ّه ُ لَي َ‬
‫وَ َ‬
‫ك وَم ِنْ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ م ِيثَاقَه ُ ْم وَمِن ْ َ‬ ‫أَ خَذْن َا م ِ َ‬
‫ن الآخر ُونَ ال َ ّ‬ ‫س َل ّم َ و َق َ ْد أَ شَار َ ِإلَى نحو منه عمر بن الْخ َ ّ‬ ‫ٍ‬
‫سابق ُون( و َقَو ْلُه ُ‬ ‫نح ْ ُ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ) َ‬
‫اب رَضِيَ َ‬ ‫ط ِ‬ ‫نُوح( فَق َ َ ّدم َ مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫خر ُ ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫ل مُشَ َ ّف ِع‪ ،‬و َه ُو َ خ َات َم َ‬
‫ُالن ّب ِيّينَ و َآ ِ‬ ‫ل الجنة أول شَاف ٍ‬
‫ِـع و َأَ َ ّو ُ‬ ‫ل من ي َ ْدخ ُ ُ‬ ‫ْض عَن ْه ُ و َأَ َ ّو ُ‬ ‫ل من تَنْش َُقّ الْأَ ر ُ‬ ‫)أَ ن َا أَ َ ّو ُ‬
‫ل مُحَم ّد‬ ‫ل )ذِي ق َُو ّة ٍ عِنْد َ ذِي الْعَر ْ ِ‬
‫ش مكين( ق ِي َ‬ ‫ك فَق َا َ‬
‫الل ّه تَع َالَى بِذ َل ِ َ‬ ‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْقَو ُِيّ وَذ ُو الْق ُ َو ّة ِ المَتِينُ وَمَعْنَاه ُ الْق َادِر ُ و َق َ ْد و َ َ‬
‫صف َه ُ َ‬
‫جبْر ِيلُ‪.‬‬
‫ل ِ‬
‫و َق ِي َ‬
‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ‬
‫ق * وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى ال ْو َل ِ ُيّ و َال ْمَو ْلى‬
‫ق ال ْم َصْ د ُو ِ‬ ‫س َل ّم َ ب َ‬
‫ِالصّ ادِ ِ‬ ‫ِيث أيْضًا اسْم ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيث ال ْم َأْ ثُورِ وَوَرَد َ فِي الْحَد ِ‬ ‫تَع َالَى َ‬
‫الصّ ادِقُ فِي الْحَد ِ‬
‫)الن ّب ِ ُيّ أَ وْلَى‬
‫الل ّه تَع َالَى َ‬
‫ل َ‬ ‫ن( و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ )أَ ن َا ول ُيّ ك ُ ّ‬
‫ل مُؤْم ِ ٍ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫)إ َن ّمَا و َل ُِي ّكُم ُ َ‬
‫الل ّه ُ ورسوله( و َقَا َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى ِ‬
‫ل َ‬ ‫وَمَعْنَاهُمَا َ‬
‫الن ّاصِر ُ و َق َ ْد قَا َ‬

‫الل ّه تعالى‬
‫َف َ‬‫ح و َق َ ْد وَص َ‬ ‫كن ْتُ مَو ْلاه ُ‪ ،‬فَعَلِيّ ٌ مَو ْلاه ُ‪ ،‬وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْعَف ُ ُو ّ وَمَعْنَاه ُ َ‬
‫الصّ ف ُو ُ‬ ‫س َل ّم َ )من ُ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ب ِال ْمُؤْم ِنِينَ( و َقَا َ‬
‫ل و َق َ ْد سَأَ لَه ُ ع َنْ قَو ْلِه ِ )خُذِ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ل لَه ُ ِ‬
‫ْف عَنْه ُ ْم واصفح( و َقَا َ‬
‫ل )فَاع ُ‬
‫ل )خُذِ الْعَفْو َ( و َقَا َ‬ ‫نو َ‬
‫َالت ّوْر َاة ِ و َأَ م َرَه ُ ب ِالْع َ ْفوِ فَق َا َ‬ ‫بَهَذ َا نَب َِي ّه ُ فِي الْقُر ْآ ِ‬
‫ْس بِف َّظ وَل َا غَلِيظٍ و َلـَكِنْ يَعْف ُو و َيَصْ فَحُ‪.‬‬
‫صف َتِه ِ‪ :‬لَي َ‬
‫ِيث ال ْمَشْه ُورِ فِي ِ‬
‫ل فِي الْحَد ِ‬ ‫ل فِي َ‬
‫الت ّوْر َاة ِ و َال ِْإنْ ج ِي ِ‬ ‫الْعَفْو َ( قال أن تعفوا ع ََم ّنْ ظَلَم َ َ‬
‫ك و َقَا َ‬

‫الل ّه لم َِنْ أر َاد َ من عِبَادِه ِ و َبِمَعْن َي الد ّلالَة ِ و َال ُد ّعَاء ِ قال الل ّٰه تعالى )والل ّٰه يدعوا ِإلَى د َارِ ال َ ّ‬
‫سلا ِم‬ ‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الهادى وهو معنى تَو ْف ِيق َ‬
‫ل فِي تَفسير طه َإن ّه ُ ي َا طَاه ِر ُ ي َا هادي يَعْني َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫ن الميل وقيل من التقديم و َق ِي َ‬ ‫ل الجم َِيع م ِ َ‬
‫و َيَهْدِي م َنْ يَش َاء ُ ِإلَى صراط مستقيم( و َأصْ ُ‬
‫ل ف ِيه ِ )وَد َاعِيًا إلى الل ّٰه بإذنه( فَالل ّٰه تَع َالَى‬
‫ك لَتَهْدِي ِإلَى صِر َاطٍ مُسْتَق ٍِيم( و َقَا َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم وقال تَع َالَى لَه ُ )و َِإ َن ّ َ‬
‫صَلَ ّى َ‬
‫ق عَلَى غَيْرِه ِ تَع َالَى‬ ‫الل ّه َ يَهْدِي م َنْ يَش َاءُ( وبِمَعْن َي الد ِّلالَة ِ يُطْل ِ ُ‬ ‫ك لا تَهْدِي م َنْ أَ حْ بَب ْتَ و َلـَك َِنّ َ‬ ‫)إ َن ّ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى ِ‬
‫ل َ‬ ‫مخ ْت َّص ب ِال ْمَعْن َى الأَ َ ّولِ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ُ‬
‫ص ّدِقُ‬‫ص ّدِقُ قَو ْلُه ُالْح َقّ و َال ْم ُ َ‬‫ص ّدِقُ وَعْدَه ُ عِبَادَه ُ و َال ْم ُ َ‬
‫ح ّقِه ِ تَع َالَى ال ْم ُ َ‬
‫ن فِي َ‬
‫حدٍ فَمَعْن َى ال ْمُؤْم ِ ِ‬
‫ل هُمَا بِمَعْن ًى و َا ِ‬
‫ن ق ِي َ‬‫ن ال ْمُهَيْمِ ُ‬
‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى ال ْمُؤْم ِ ُ‬
‫ل ِعبَادِه ِ )‪(١ - ١٦‬‬
‫ن بِمَعْن َي الأَ م ِينِ‬
‫ل ال ْمُهَيْمِ ُ‬ ‫ن عِبَادَه ُ فِي ال ُد ّن ْيَا من ظُل ْمِه ِ و َال ْمُؤْم ِنينَ فِي الآ ِ‬
‫خرَة ِ من عَذ َابِه ِ و َق ِي َ‬ ‫ل ال ْمُؤْم ِ ُ‬
‫حّد ُ ن َ ْفسَه ُ و َق ِي َ‬
‫ل ال ْم ُو َ ِ‬
‫ال ْمُؤْم ِنينَ وَرُسُلِه ِ و َق ِي َ‬

‫الل ّه ِ تَع َالَى )وَمَعْنَاه ُ مَعْن َى ال ْمُؤْم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ن بِمَعْن َى‬
‫ل ال ْمُهَيْمِ ُ‬
‫ن و َق ِي َ‬ ‫ن قَو ْلَه ُ ْم فِي ال ُد ّعَاء آم ِينَ ِإ َن ّه ُ اسْمٌ من أَ سْمَاء َ‬
‫ل ِإ َ ّ‬
‫ص َغ ّر ٌ مِن ْه ُ فَق ُلِب َِت ال ْهَمْزَة ُ ه َاء ً و َق َ ْد ق ِي َ‬
‫مُ َ‬
‫ٍ‬
‫ل )مُطَاع ث ََم ّ أَ م ِينٍ( وَك َانَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ن و َق َ ْد س ََم ّاه ُ َ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى أَ م ِينًا فَق َا َ‬ ‫ن وَمُؤْم ِ ٌ‬ ‫س َل ّم َ أَ م ِي ٌ‬
‫ن وَمُهَيْمِ ٌ‬ ‫َالن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫شاهِدِ و َالْحَاف ِظِ و َ‬
‫ال َ ّ‬

‫شعْرِه ِ مُهَي ْمنًا فِي قَو ْلِه ِ‪.‬‬


‫اس فِي ِ‬ ‫ل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ و َبَعْد َه َا وَس ََم ّاه ُ الْع ََب ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ يُعْر َُف ب ِالْأَ م ِينِ و َشُه ِر َ بِه ِ قَب ْ َ‬
‫وَ َ‬
‫ل ال ْم ُرَاد ي َا أ ُ ّيهَا ال ْمُهَيْمِنُ‪ ،‬قَالَه ُ الْق ُتَيْب ِ ُيّ و َال ِْإم َام ُ أَ بُو الْق َاس ِ ِم الْقُشَيْر ُِيّ و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫ق ق ِي َ‬ ‫تحْتَهَا ُ‬
‫الن ّط ُ ُ‬ ‫ِف عَل ْيَاء َ َ‬
‫خنْد َ‬
‫ن من * ِ‬ ‫ث َُم ّ احْ ت َو َى بَي ْت ُ َ‬
‫ك ال ْمُهَيْمِ ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫س َل ّم َ )أَ ن َا أَ م َن َة ٌ ل ْ‬
‫ِأصحَابِي( فَهَذ َا بِمَعْن َي ال ْمُؤْم ِ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ص ّدِقُ و َقَا َ‬
‫ي يُ َ‬ ‫ن ب َِالل ّه ِ و َيُؤْم ِ ُ‬
‫ن لِل ْمُؤْم ِنِينَ( أَ ْ‬ ‫تَع َالَى )يُؤْم ِ ُ‬
‫ن ال ُذ ّن ُ ِ‬
‫وب وَمِن ْه ُ‬ ‫س ل ِأَ َن ّه ُ يُتَطَ َهّر ُف ِيه ِ م ِ َ‬
‫ي بَي ْتَ ال ْم َ ْقدِ ِ‬ ‫َث وَسُم ِّ َ‬ ‫ات الْحَد ِ‬ ‫ص ال ْمُطَ َهّر ُ ع َنْ سِم َ ِ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّق َائ ِ ِ‬ ‫وس وَمَعْنَاه ُ ال ْم ُنَز ّه ُ ع َ ِ‬‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْق ُ ُ ّد ُ‬
‫س َل ّم َ ال ْم َ ْقد ُ‬ ‫ِ‬
‫ِس أي‬ ‫س وَو َق َ َع فِي كُت ُِب الْأَ ن ْب ِيَاء فِي أَ سْمَائِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ح الْقُد ُ ِ‬
‫س وَر ُو ُ‬ ‫ال ْوَادِي ال ْمَق َ َ ّد ِ‬
‫__________‬
‫ن قَو ْلَه ُ ْم فِي ال ُد ّعَاء ِ آم ِينَ ِإ َن ّه ُ اسْمٌ من أسماء الل ّٰه تعالى( قال النووي‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫)قوله و َق َ ْد ق ِي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫في التهذيب هذا لا يصح لأنه ليس في أسماء الل ّٰه تعالى اسم مبنى ولا غير معرب وأيضا أسماء الل ّٰه لا ٺثبت إلا بالقرآن أو السنة المتواترة‬
‫وقد عدم الطر يقان )قوله من خندف( بكسر الخاء المعجمة وقد تقدم )*(‬

‫)فصل(‬ ‫‪٢.٣.١٥‬‬

‫ن ال ُذ ّن ُ ِ‬
‫وب و َيُت َن َز ّه ُ ب ِا َت ّبَاعِه ِ عَنْهَا كما قال‬ ‫خر َ( أَ وِ ال َ ّذ ِي يُتَطَ َهّر ُبِه ِ م ِ َ‬
‫ك وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫الل ّه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ن ال ُذ ّن ُ ِ‬
‫وب كما قال تَع َالَى )لِيَغْف ِر َل َ َ‬ ‫ال ْمُطَ َهّر ُ م ِ َ‬
‫َاف ال َد ّنِيئَة ِ‪.‬‬
‫ق ال َذ ّم ِيمَة ِ و َالْأَ ْوص ِ‬ ‫ات ِإلَى النور( أَ ْو يكون مُق َ َ ّدسًا بِمَعْن َي مُطَهّرًا م ِ َ‬
‫ن الْأَ خْلَا ِ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫ظلُم َ ِ‬ ‫تعالى )ويزكيهم( وقال )و يخرجهم م ِ َ‬
‫ل تَع َالَى )وَل َِل ّه ِ ال ْع َِز ّة ُ و َل ِرَسُولِه ِ( أَ ي الامْت ِنَاع ُ وَج َلالَة ُ‬
‫وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى الْعَزِيز ُ وَمَعْنَاه ُ ال ْمُمْتَن ِـ ُع الْغ َال ِبُ أَ و ال َ ّذ ِي ل َا نَظ ِير َ لَه ُأَ و ال ْم ُع ُِز ّ لِغَيْرِه ِ و َقَا َ‬
‫ل )يُبَش ِّر ُه ُ ْم ر َ ُ ّبه ُ ْم ب ِرَحْمَة ٍ منه ورضوان( وقال )أن الل ّٰه يبشرك بيحيى * وبكلمة‬
‫الل ّه تَع َالَى ن َ ْفسَه ُ ب ِال ْبِشَارَة ِ و َالنّذ َارَة ِ فَق َا َ‬
‫َف َ‬‫الْق َ ْدرِ و َق َ ْد وَص َ‬
‫ن‬
‫ْض ال ْمُفَس ِّر ِي َ‬
‫ل مَعْصِ يتَه ِ وَم ِنْ أَ سْمَائِه ِ تَع َالَى ف ِيم َا ذَك َرَه ُ بَع ُ‬ ‫ي م ُب َ َش ّر ًا ل ِأَ ه ْ ِ‬
‫ل طَاع َتِه ِ و َنَذِير ًا ل ِأَ ه ْ ِ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى م ُب َ َش ّر ًا و َنَذِير ًا و َبشِير ًا أَ ْ‬
‫منه( وَس ََم ّاه ُ َ‬
‫ف وَك ََر ّم َ‪.‬‬ ‫طه ويس و َق َ ْد ذَك َر َ بَعْضُه ُ ْم أَ يْضًا أَ َ ّنهُم َا من أسْمَاء ِ مُحَم ّد صلى الل ّٰه تعالى عَلَيْه ِ وعلى آلِه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ و َش َ َرّ َ‬
‫ل و َأَ خْ ت ِم ُ بِهَا هَذ َا الْقِسْم َ و َ ُأزِيح ُ ال ِْإشْ ك َا َ‬
‫ل بها ف ِيم َا‬ ‫)فصل( قال القاضي أبو الفضل وفقه الل ّٰه تَع َالَى و َه َا أَ ن َا أَ ْذك ُر ُ نُكْت َة ً ُأذ َي ِّ ُ‬
‫ل بِهَا هَذ َا الْف َصْ ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى ج َ َ ّ‬
‫ل اسْم ُه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫التمّ ْو يه ِ و َه ُو َ أ ْن يَعْتَقِد َ أَ َ ّ‬
‫الت ّشْب ِيه ِ و َت ُز َحزح ُه ُ ع َنْ شُبَه ِ َ‬
‫سق ِِيم الْف َ ْه ِم تخلصه من مَهَاوِي َ‬
‫ِيف ال ْوَه ْ ِم َ‬ ‫تَق َ َ ّدم َ ع َنْ ك ُ ّ ِ‬
‫ل ضَع ِ‬
‫__________‬
‫)قوله أذيل( بضم الهمزة وفتح الذال المعجمة وتشديد المثناة التحتية المكسورة )قوله وأزيح( بضم الهمزة وكسر الزاى وفى آخره حاء‬
‫مهملة‪ :‬أي أبعد )*(‬
‫ن م َا ج َاء َ م َِم ّا أَ طْ لَق َه ُ ال َش ّرْع ُ عَلَى الْخَال ِ ِ‬
‫ق‬ ‫مخ ْلُوقَاتِه ِ وَل َا يُش ََب ّه ُ بِه ِ و َأ َ ّ‬
‫شي ْئًا من َ‬
‫صف َاتِه ِ ل َا يُشْب ِه ُ َ‬
‫حسْن َى أَ سْمَائِه ِ و َعَلَيّ ِ‬
‫كبْر ِي َائِه ِ وَم َلـَكُوتِه ِ و َ ُ‬
‫فِي عَظَم َتِه ِ و َ ِ‬
‫ك‬ ‫ن ذ َاتَه ُ تَع َالَى ل َا تُشْب ِه ُ ال َذ ّ ِ‬
‫وات كَذَل ِ َ‬ ‫كماِ أَ َ ّ‬
‫ق فَ َ‬
‫َات ال ْمَخْلُو ِ‬
‫صف ِ‬‫ِلاف ِ‬
‫صف َاتُ الْقَدِيم بِ خ ِ‬
‫ق فَلَا تَش َابُه َ بَيْنَهُم َا فِي المَعْن َي الْحَق ِيقِيّ ‪ِ :‬إ ْذ ِ‬
‫و َعَلَى ال ْمَخْلُو ِ‬

‫صف َاتُه ُ ْم ل َا تَنْف َُكّ ع َ ِ‬


‫ن الْأعْرَاض والأغراض و َه ُو َ تَع َالَى م ُن َز ّه ع َنْ ذَل ِ َ‬
‫ك بَلْ ل َ ْم ي َز َلْ ب ِصِ ف َاتِه ِ و َأَ سْمَائِه ِ‬ ‫َات ال ْمَخْلُوق ِينَ ِإ ْذ ِ‬
‫صف ِ‬‫صف َاتُه ُ ل َا تُشْب ِه ُ ِ‬
‫ِ‬
‫َات غَيْر ِ مُشْبهة ٍ لِل َذ ّ ِ‬
‫وات وَل َا‬ ‫ن ال ْع ُلَمَاء و َالْع َارف ِينَ المحققين‪َ :‬‬
‫الت ّوْحِيد ُ إث ْبَاتُ ذ ٍ‬ ‫كفَى فِي هَذ َا قَو ْلُه ُ )ليس كمثله شئ( ولل ّٰه د َ ُرّ من قَا َ‬
‫ل مِ َ‬ ‫وَ َ‬

‫َات وَل َا ك َاسْمِه ِ اسمٌ ولا كفعله‬


‫ْس كَذ َاتِه ِ ذ ٌ‬
‫ل لَي َ‬
‫هي َ م َ ْقصُود ُنا فَق َا َ‬
‫الل ّه بَيَان ًا و َ ِ‬ ‫الن ّكْت َة َ الوَاسِط ُ ّ‬
‫ي رَحِم َه ُ َ‬ ‫َات‪ ،‬وَز َاد َ هَذِه ِ ُ‬
‫ن الصّ ف ِ‬ ‫م ُع َ َ ّ‬
‫طلَة ع َ ِ‬
‫ّات‬
‫ل أ ْن تَكُونَ لِلذ ِ‬ ‫ت ال َذ ّاتُ الْقَدِيم َة ُ أ ْن تَكُونَ لَهَا ِ‬
‫صف َة ٌ حَدِيث َة ٌ كَمَا اسْ ت َح َا َ‬ ‫الل ّفْظِ وَج ََل ّ ِ‬
‫صف َة ٌ إلا من جهَة ِ م ُوافَقَة ِ اللفظ َ‬
‫فعل وَل َا كَصِ ف َتِه ِ ِ‬

‫الل ّه عَنْه ُ ْم و َق َ ْد ف َس ّر َ ال ِْإم َام أَ بُو الْق َاس ِ ِم الْقُشَيْر ُِيّ رَحِم َه ُ َ‬
‫الل ّه قَو ْلَه ُ‬ ‫ل الْحَقّ وال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ و َا ْلجم ََاعَة ِ رَضِي َ َ‬ ‫كل ّه ُ مَذْه َبُ أَ ه ْ ُ‬‫صف َة ٌ ق َديم َة ٌ و َهَذ َا ُ‬ ‫ال ْمُحْدثَة ِ ِ‬
‫كي َْف‬ ‫ل َ‬
‫الت ّوْحِيدِ و َ َ‬ ‫ِـع مَسَائ ِ ِ‬ ‫ل عَلَى جَوام ِ‬ ‫هَذ َا لِيَز ِيدَه ُ بَيَان ًا فَق َالَ‪ :‬هَذِه ِ الْحِك َايَة ُ تَشْتَمِ ُ‬
‫__________‬
‫ن‬‫)قوله وعلى صفاته( بضم العين المهملة وفتح اللام وفى بعض النسخ بفتح العين المهملة وكسر اللام وتشديد المثناة التحتية )قوله ع َ ِ‬
‫الْأعْرَاض والأغراض( كلاهما بالضاد المعجمة وأحدهما بالغين المعجمة والآخر بالمهملة )قوله ولل ّٰه در( في الصحاح الدر اللبن يقال‬
‫في الذم لا در دره أي لا كثر خيره وفى المدح لل ّٰه دره أي علمه )*(‬
‫ل وَل َا‬
‫ص َ‬
‫ح َ‬ ‫ْس أَ ْو د َف ِْع ن َ ْق ٍ‬
‫ص َ‬ ‫ْب ُأن ٍ‬
‫ق و َه ُو َ لِغَيْر ِ ج َل ِ‬
‫ل الْخَل ْ ِ‬
‫هي َ ب ِوُجُودِه َا مُسْتَغْن ِية ٌ وكِيف يُشْب ِه ُ فِعْلُه ُ فِعْ َ‬
‫َات و َ ِ‬
‫تُشْب ِه ُ ذاتُه ُ ذ َاتَ ال ْمُحْد َث ِ‬
‫ل آخر ُ من مَشَايِ خنَا‪ :‬م َا تَو َ َه ّم ْتُم ُوه ُ ب ِأَ وْه َام ِ ِكم ْ‬
‫ج ع َنْ هَذِه ِ ال ْوُجُوه ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ق ل َا يَخ ُر ُ ُ‬
‫ل الْخَل ْ ِ‬
‫جد َ وَل َا بِمُبَاشرَة ٍ وَمُع َالَجَة ٍ َظه َر َ و َفِعْ ُ‬
‫ض وُ ِ‬
‫بِ خ َوَاطِر و َأَ غْرَا ٍ‬

‫ل ال ِْإم َام أَ بُو ال ْمَع َال ِي‪ :‬الْجُو َي ْن ُ ّي‪ :‬م َ ِ‬


‫ن اطْ م َأَ َ ّ‬
‫ن ِإلَى مَوْجُودٍ انت َهَ ى ِإليْه ِ فِك ْرُه ُ فَه ُو َ مُشَب ّه ٌ و َمن‬ ‫َث مِث ْلـُكُمْ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫محْد ٌ‬
‫أَ ْو أَ ْدرَكْ تُم ُوه ُ ب ِعُق ُولـِ ِكم ْ فَه ُو َ ُ‬
‫ن‬ ‫ل ذي ُ‬
‫الن ّو ِ‬ ‫ن قَو ْ َ‬ ‫حق ِيق َتِه ِ فَه ُو َ م َو َحّدٌ‪ ،‬وَم َا أَ حْ سَ َ‬
‫ك َ‬
‫َف ب ِالْع َجْ زِ ع َنْ د َ ْر ِ‬‫ل و َإ ْن قَطَ َع بِمَوْجُودٍ اع ْتَر َ‬ ‫ط ٌ‬ ‫ض فَه ُو َ م ُع ّ‬ ‫ن ِإلَى َ‬
‫الن ّفْي ال ْم َحْ ِ‬ ‫اطْ مأَ َ ّ‬
‫صن ْعِه ِ‬‫صن ْع ُه ُ وَل َا ع ِلَ ّة َ ل ِ ُ‬
‫اج وَع ِلَ ّة ُ كل شئ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الت ّوْحِيدِ أ ْن تَعْلَم أَ َ ّ‬
‫حق ِيق َة ُ َ‬
‫صن ْع ُه ُ لَهَا بِلَا م َِز ٍ‬
‫اج و َ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى فِي الأشْ يَاء بِلَا ع ِل َ ٍ‬
‫ن ق َ ْدرَة َ َ‬ ‫الْمِصْر ِيّ ‪َ :‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ق الفصل الآخَر ُ ت َ ْفسِير ٌ لِقَو ْلِه ِ )ليس كمثله شئ( و َ‬


‫َالث ّانِي ت َ ْفسِير ٌ لِقَو ْلِه ِ )لا‬ ‫مح َ ّق ٌ‬
‫ِيس ُ‬
‫ِيب نَف ٌ‬
‫ك فالل ّٰه بِ خ ِلافِه ِ‪ ،‬و َهَذ َا ك َلَام ٌ عَج ٌ‬
‫صوِ ّر َ فِي وَهْم ِ َ‬
‫وَم َا ت ُ ُ‬
‫ل و َه ُ ْم يُسْأَ لُونَ( و َ‬
‫َالث ّال ِثُ تفسير لِقَو ْلِه ِ )إنما قولنا لشئ إذا أردناه‬ ‫ل ع ََم ّا ي َ ْفع َ ُ‬
‫يُسْأَ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله وَل َا بِ خ َوَاطِر و َأَ غْرَاضٍ( بالغين المعجمة )قوله وقال أبو المعالي الجويني( هو إمام الحرمين عبد الملك النيسابوري جاور مكة والمدينة‬

‫ن الْمِصْر ِيّ ( هو الزاهد العارف‬ ‫أربع سنين فلذا قيل له إمام الحرمين ثم عاد إلى نيسابور‪ ،‬توفى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة )قوله ذي ُ‬
‫الن ّو ِ‬
‫اسمه يونان بن إبراهيم الإخميمى كان أبوه نونيا توفى سنة خمس وأربعين ومائتين )قوله والفصل الآخر( هو قوله وما يصور في وهمك‬
‫صن ْع ُه ُ وَل َا ع ِلَ ّة َ والثالث قوله أن يعلم أن قدر الل ّٰه فِي الأشْ يَاء ِ بِلَا علاج وصنعه بلا مزاج )*(‬
‫والثانى قوله وعلة كل شئ ُ‬

‫الباب الرابع ففيما أظهره الل ّٰه تعالى على يديه من المعجزات وشرفه به من الخصائص والـكرامات‬ ‫‪٢.٤‬‬

‫ل و ََالت ّشْب ِيه ِ بمنه‬ ‫الضّ لالَة ِ و َالْغ َوَايَة ِ م ِن َ‬


‫الت ّعْط ِي ِ‬ ‫َالت ّنْز ِيه ِ وَج ََن ّبَنا طَرَفي َ‬
‫الت ّوْحِيدِ والإثبات و َ‬
‫الل ّه و َإ َي ّاك َ عَلَى َ‬
‫ل لَه ُ كن فيكون( ثَب ّتَنَا َ‬
‫أَ ْن نَق ُو َ‬
‫وَر َ ْحم ِتِه ِ‪.‬‬
‫ن الخصائص والـكرامات‬
‫ن المعجزات وشرفه بِه ِ م ِ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى عَلَى يديه م ِ َ‬
‫اب الرابع ففيما أظهره َ‬
‫ال ْب َ ِ‬
‫س َل ّم َ وَل َا لِطَاعِ ٍ‬
‫ن فِي مُعْجزَاتِه ِ‬ ‫ن ك ِتَابَنَا هَذ َا ل َ ْم نَجَْمعه ُ لم ُِنْكِر ِ نُب ُ َو ّة ِ نَب ِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق أَ َ ّ‬ ‫ل أَ َ ّ‬
‫ن يُح َ ّق َ‬ ‫حسْبُ ال ْمُت َأَ مّ ِ‬
‫ل‪َ :‬‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫قَا َ‬
‫ل من‬ ‫جز ِ و َ‬
‫َالت ّحَدّي وَحْدَه ُ و َفسَاد َ قَو ْ ِ‬ ‫ُوط ال ْمُعْ ِ‬
‫ن ِإلَيْهَا وتذكر شُر َ‬ ‫ل ال ْمُطَاعِ ُ‬‫ص َ‬ ‫حوْزَتِهَا ح ََت ّى ل َا يَت َو َ َ ّ‬ ‫تح ْصِ ينِ َ‬ ‫ب ال ْبَر َاه ِينِ عَلَيْهَا و َ َ‬ ‫ج ِإلَى نَصْ ِ‬ ‫فَن َحْ تَا ُ‬
‫محَب ّتِه ِ ْم لَه ُ ومنماة لأعمالهم وليزدادوا‬‫صدّق ِينَ لنُب َُو ّتِه ِ لِيَكُونَ ت َأكِيدًا فِي َ‬
‫ل م َِل ّتِه ِ ال ْمُلبّينَ لِدَعْوَتِه ِ ال ْم ُ َ‬ ‫خ ال َش ّر َائ ِ‬
‫ِـع وَر َ َدّه ُ‪ ،‬بَلْ أَ َل ّفْنَاه ُ ل ِأَ ه ْ ِ‬ ‫ل ن َ ْس َ‬‫أَ بْطَ َ‬
‫ح َ ّق ِ‬
‫ق‬ ‫ِإ يمَان ًا م َ َع ِإ يمَانِهِمْ‪ ،‬و َن َِي ّتُنَا أ ْن نُث ْب ِتَ في هذا الباب أمهات معجزاته ومشاهير آياته لتدل على عظيم قدره عند ربه وأتينا مِنْهَا ب ِال ْم ُ َ‬
‫ل‬ ‫ْض م َا و َق َ َع فِي مَشَاه ِير ِ كُت ُِب الأئِمّة ِ‪ ،‬و َإذ َا ت َأ َمّ َ‬
‫ل ال ْمُت َأَ مّ ُ‬ ‫ضفْنَا ِإلَيْهَا بَع ُ‬ ‫َالصّ ح ِ‬
‫ِيح ال ِْإسْ نَادِ و َأَ كْ ث َرُه ُ م َِم ّا بلَ َ َغ الْق َ ْط َع أَ ْو ك َاد َ و َأَ َ‬ ‫و َ‬
‫__________‬
‫)قوله حوزتها( بفتح الحاء المهملة وسكون الواو بعدها زاى )قوله والتحدى( يفتح المثناة الفوقية وفتح الحاء وتشديد الدال المهملتين‬
‫هو طلب المعارضة‪.‬‬
‫)*(‬
‫َواب مَق َالِه ِ‬
‫خصَالِه ِ وَشَاه ِد ح َالِه ِ وَص ِ‬ ‫ف م َا ق َ ّدمْنَاه ُ من جَم ِي ِ‬
‫ل أَ ث َره ِ وَحَم ِيدِ سِيَرِه ِ و َب َر َاعَة ِ ع ِل ْمِه ِ وَرَج َاحَة ِ عَقْلِه ِ وَحِل ْمِه ِ وَجُم ْلَة ِ كَمَالِه ِ وَجَم ِيع ِ‬ ‫ال ْمُن ْصِ ُ‬
‫ن التَرْم ِذيّ و َاب ْ ِن قَان ِـع و َغَيْرِهِمَا ب ِأَ سَانيِدِه ِ ْم‬
‫حدٍ فِي إسْ لامِه ِ و َال ِْإ يمَان بِه ِ ف َرَو َي ْنَا ع َ ِ‬
‫كفَى هَذ َا غَيْر َ و َا ِ‬ ‫صح ّة ِ نُب ُ َو ّتِه ِ و َص ْد ِ‬
‫ق دَعْوَتِه ِ و َق َ ْد َ‬ ‫ل َ ْم يَم ْتَر ِ فِي ِ َ‬
‫س َل ّم َ ال ْمَدِين َة َ ِ‬
‫جئ ْت ُه ُ ل ِأَ نْظ ُر َ إليْه ِ فَلَم ّا اسْ تَبَن ْتُ و َجْ ه َه ُ ع َرَف ْتُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل لَم ّا قدم رَسُو ُ‬
‫الل ّه بن سَلَام قَا َ‬ ‫أَ َ ّ‬
‫ن ع َبُد َ َ‬
‫ن خَي ْر ُونَ ع َنْ‬ ‫الصّ يْر َف ُيّ و َأَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل بْ ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحُسَي ْن َ‬ ‫اب‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا بِه ِ الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ رَحِم َه ُ َ‬
‫الل ّه قَا َ‬ ‫ْس ب ِوَجْه ِ ك َ َذّ ٍ‬ ‫أَ َ ّ‬
‫ن و َجْ ه َه ُ لَي َ‬

‫جعْفَرٍ‬ ‫الث ّقَف ُِيّ و َمُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬


‫ن َ‬ ‫اب َ‬‫ن ب َ ّشا ٍر ح َ َ ّدثَنَا ع َبُد ُ ال ْو َ َه ّ ِ‬
‫ِي ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن التَرْمِذ ّ ِ‬
‫ُوب ع َ ِ‬
‫مح ْب ٍ‬
‫ن اب ْ ِن َ‬
‫ي عَ ِ‬
‫ج ِّ‬
‫سن ْ ِ‬
‫ِي ع َنْ أَ بِي عَل ِ ٍيّ ال ِّ‬
‫أَ بِي يَعْلَى ال ْبَغْد َاد ّ ِ‬

‫الل ّه ِ ب ْ ِن سَلا ٍم الْحَدِيثَ ‪ ،‬وَع َنْ أَ بِي رَمْث َة َ‬


‫ْف ب ْ ِن أَ بِي جَم ِيلَة َ الْأَ عْرَاب ِ ِيّ ع َنْ زُر َارَة َ ابن أَ وْفَى ع َنْ ع َبُدِ َ‬
‫ن سَع ِيدٍ ع َنْ عَو ِ‬
‫يح ْي َى ب ْ ُ‬
‫ِي و َ َ‬
‫ن أَ بِي عَد ّ ٍ‬
‫و َاب ْ ُ‬

‫ن ضِ مَاد ًا لَم ّا و َفَد َ عَلَيْه ِ‬ ‫الل ّهِ‪ ،‬وَرَو َى م ُ ْ‬


‫سل ِم ٌ و َغَي ْرُه ُ أَ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ وَمَع ِي اب ْ ٌن ل ِي ف َُأرِيت ُه ُ فَلَم ّا ر َأَ ي ْت ُه ُ قلُ ْتُ هَذ َا نَبِ ُ ّي َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ي‪ :‬أَ تَي ْتُ َ‬ ‫َ‬
‫الت ّيْمِ ِ ّ‬

‫ن ا ْلحم َْد ُ َلل ّه ِ نَحْمَدُه ُ و َنَسْت َع ِين ُه ُ م َنْ يَهْدِه ِ َ‬


‫الل ّه ُ فَلا‬ ‫ل له النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أَ ِ‬
‫فَق َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن أبى جميلة( بالجيم المفتوحة )قوله أبى رمثة( بكسر الراء وسكون الميم بعدها مثلثة‪ ،‬والرمث ضرب من النبات )قوله ضماد(‬
‫بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الميم وفى آخره دال مهملة هو ابن ثعلبة الأزدي أزد شنوءة كان صديقا للنبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قبل‬
‫ن ا ْلحم َْد ُ َلل ّهِ( بفتح الهمزة وكسر النون المخففة لا لتقاء الساكنين‪.‬‬
‫النبوة‪ ،‬أسلم أول الإسلام وكان يتطيب ويرقى و يطلب العلم )قوله أَ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)*(‬
‫ك هَؤْل َاء ِ‬ ‫ل لَه ُ أَ ع ِ ْد عَل َيّ كَل ِمَات ِ َ‬ ‫ك لَه ُ و َأَ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدًا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ قَا َ‬ ‫الل ّه ُ وَحْدَه ُ ل َا شَر ِي َ‬ ‫م ُضِ َ ّ‬
‫ل لَه ُ وَم ِنْ يُضْ لِلْ فَلا ه َادِيَ لَه ُ و َأَ شْهَد ُ أَ ْن لا ِإله َ ِإلا َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫ل لَه ُ طَارِقٌ ف َأخْبَر َ َأن ّه ُ ر َأَ ى َ‬ ‫ل م َِن ّا يُق َا ُ‬ ‫ش َ ّدادٍ ك َانَ رَج ُ ٌ‬‫ن َ‬ ‫ل ج َام ِـ ُع ب ْ ُ‬ ‫َات يَدَك َ ُأب َايِعْكَ( و َقَا َ‬
‫فَلَق َ ْد بلغان قاموسي ال ْب َحْ رِ ه ِ‬
‫ل بِك َ ْم قلُ ْنَا بِكَذ َا وَكَذ َا و َسْ قًَا م ِنْ تَمْرٍ ف َأخَذ َ بِ خِطَامِه ِ وَسَار َ ِإلَى ال ْمَدِينَة ِ فَق ُل ْنَا‬ ‫ل هل معكم شئ تييعونه قلُ ْنَا هَذ َا ال ْب َع ِير ُ قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ب ِال ْمَدِينَة ِ فَق َا َ‬
‫وَ َ‬
‫ت أَ ن َا ضَام ِن َة ٌ‬
‫ل ل َا ن َ ْدرِي م َنْ ه ُو َ وَمَع َنَا ظَع ِين َة ٌ فَق َال َ ْ‬
‫بِعْنَا م ِنْ رَج ُ ٍ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ِ‬
‫ل أَ ن َا رَسُو ُ‬
‫ل بِتمَْرٍ فَق َا َ‬
‫ِيس بِك ُ ْم ف َأَ صْ ب َحْ نَا فَجَاء َ رَج ُ ٌ‬
‫يخ ُ‬‫ل الْقَمَرِ لَيْلَة َال ْب َ ْدرِ ل َا َ‬
‫ل مِث ْ َ‬
‫ن ال ْب َع ِير ِ ر َأَ ي ْتُ وَجْه َ رَج ُ ٍ‬
‫لِثم َ َ ِ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ع ُمَانَ لَم ّا بلََغ َه ُ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫ِإلَيْك ُ ْم ي َأْ م ُرك ُ ْم أ ْن ت َأْ ك ُلُوا م ِنْ هَذ َا َ‬
‫التمّْرِ و َتَكْتَالُوا ح ََت ّى تَسْتَو ْف ُوا فَفَعَل ْنَا‪ ،‬و َفِي خ َبَر ِ الْجل َُنْد َى م َل ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫__________‬
‫)قوله قاموس البحر( بالقاف والميم قال ابن قرقول عند السجزى قاموس البحر وعند العذري قاعوس البحر وذكره الدمشقي قاموس‬
‫البحر وهو الذى يعرفه أهل اللغة ورواه أبو داود قاموس أو قابوس على الشك في الميم والباء قال والمعول من هذا كله على قاموس أو‬
‫قاعوس وقال أبو عبيدة قاموس البحر وسطه وقال أبو الحسين بن سراج‪ :‬قاعوس البحر الصحيح كأنه من القصس وهو دخول الظهر‬
‫وتعمقه أي إن كلماتك بلغت عمقه ولجته الداخلة )قوله هات( بكسر المثناة الفوقية )قوله ظعينة( أي امرأة وأصله الهودج الذى يكون‬
‫فيه المرأة ثم سميت به المرأة قيل ولا يقال للمرأة ظعينة إلا إذا كانت راكبة )قوله لا يخيس( بالخاء المعجمة مضارع خاس أي غدر‪،‬‬
‫و يقال أيضا يخوس )قوله الجلندى( بضم الجيم وفتح اللام وسكون النون بعدها دال مهملة‪ ،‬في الصحاح جلندا بضم الجيم مقصورا اسم‬
‫ملك عمان بضم العين وتخفيف الميم‪ ،‬وفى القاموس وجلندى بضم أوله اسم ملك عمان ووهم الجوهرى فقصره‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( اعلم أن الل ّٰه جل اسمه قادر على خلق المعرفة في قلوب عباده‬ ‫‪٢.٤.١‬‬

‫خذٍ بِه ِ وَل َا ينهى عن‬


‫لآ ِ‬ ‫ل الْجل َُنْد َى و ََالل ّه ِ لَق َ ْد د ََل ّني عَلَى هَذ َا َ‬
‫الن ّبِيّ ا ْل ُأمّيّ َأن ّه ُ ل َا ي َأْ م ُرُ بِ خـَيْرٍ إ َلّا ك َانَ أَ َ ّو َ‬ ‫س َل ّم َ ي َ ْدع ُوه ُ ِإلَى ال ِْإسْ لَام قَا َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ك لَه ُ و ََأن ّه ُ يَغْل ِبُ فَلَا يَبْطَر ُ و َيُغْلَبُ فَلَا يَضْ جَر ُ و َيَفِي ب ِال ْع َ ْهدِ و َي ُ ْنج ِز ُال ْمَوْع ُود َ و َأَ شْهَد ُ َأن ّه ُ نَبِ ّي و َقَا َ‬
‫ل ن َ ْفطَو َيْه ِ في قوله تعالى‬ ‫شئ إ َلّا ك َانَ أَ َ ّو َ‬
‫ل ت َار ٍ‬

‫ل‬ ‫ل يَك َاد ُ مَنْظَرُه ُ يَد ُ ُ ّ‬


‫ل عَلَى نُب ُ َو ّتِه ِ و َإ ْن ل َ ْم يَت ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ يَق ُو ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى لِنَب َِي ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫)يكاد زيتها يضئ و َلَو ْ ل َ ْم تَمْسَسْه ُ نار( هَذ َا مَث ْ ٌ‬
‫ل ضَر َبَه ُ َ‬
‫ن رَو َاح َة َ‬
‫ل اب ْ ُ‬
‫قُر ْآن ًا كَمَا قَا َ‬
‫ن وَم َا‬
‫َالر ّسَالَة ِ و َبَعْدَه ُ فِي مُعْجِزَة ِ الْقُر ْآ ِ‬ ‫ك ب ِا ْلخـَبَر ِ و َق َ ْد آنَ أ ْن ن َأْ خُذ َ فِي ذِكْر ِ ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ و َال ْوَحْي و َ‬ ‫لَو ْ ل َ ْم تَكُنْ ف ِيه ِ آي ٌ‬
‫َات م ُبَي ّن َة ٌ * لَك َانَ مَنْظَرُه ُ يُن ْبِي َ‬
‫ن و َدل َالَة ٍ‪.‬‬
‫ف ِيه ِ م ِنْ بُرْه َا ٍ‬
‫سطَة ٍ‬
‫صف َاتِه ِ وجيمع تَكْلِيف َاتِه ِ اب ْتَد َاء ً د ُونَ و َا ِ‬
‫وب عِبَادِه ِ و َال ْعِلْم ِ بِذ َاتِه ِ و َأسْمَائِه ِ و َ ِ‬
‫ق ال ْمَعْرِفَة ِ فِي قُل ُ ِ‬ ‫الل ّه ج َ َ ّ‬
‫ل اسْم ُه ُ قَادِر ٌ عَلَى خ َل ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫)فصل( اع ْل َ ْم أَ َ ّ‬
‫الل ّه ُ ِإلا و َحْ يًا( وَج َائِز ٌ أ ْن‬ ‫ل َ‬
‫الت ّ ْفسِير ِ فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )وَم َا ك َانَ لِب َشَرٍ أَ ْن يُكَل ِّم َه ُ َ‬ ‫ْض أَ ه ْ ُ‬ ‫لَو ْ شَاء َ كَمَا حُكِي َ ع َنْ س َُن ّتِه ِ فِي بَع ُ‬
‫ْض الأنبياء وذكر بَع ُ‬
‫جنْسِه ِ ْم ك َالْأَ ن ْب ِيَاء ِ‬
‫سطَة ُ ِإ َمّا من غرى ال ْب َشَر ِ ك َال ْمَلَائِكَة ِ م َ َع الْأَ ن ْب ِيَاء ِ أَ ْو من ِ‬
‫ك ال ْوَا ِ‬
‫سطَة ٍ تُبَل ّغُه ُ ْم ك َلَام َه ُ و َتَكُونُ تِل ْ َ‬
‫ك ب ِوَا ِ‬
‫ل ِإلَيْه ِ ْم جَم ِي َع ذَل ِ َ‬
‫ص َ‬
‫يُو ِ‬

‫صدْقِه ِ ْم من مُعْجِزَاتِه ِ ْم وَجَبَ نصديقهم‬ ‫ل بِمَا د َ َ ّ‬


‫ل عَلَى ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ت ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫ل و َإذ َا ج َاز َ هَذ َا و َل َ ْم يَسْتَحِلْ وَج َاء َ ِ‬ ‫م َ َع ا ْل ُأم َ ِم وَل َا م َان ِـع لِهَذ َا من د َلِي ِ‬
‫ل الْع َ ْق ِ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ْمُعْجِز َ م َ َع َ‬
‫الت ّحَدّي م ِ َ‬ ‫فِي جَم ِ‬
‫ِيع م َا أَ تَو ْا بِه ِ ل ِأَ َ ّ‬
‫ض فَم َنْ أر َاد َ‬
‫ن ال ْغ َر ِ‬
‫ج عَ ِ‬
‫ل ف ِيه ِ خ َار ٌ‬ ‫َاف و َ‬
‫َالت ّ ْطوِ ي ُ‬ ‫صدْقِه ِ ف ِيم َا يَق ُولُه ُ و َهَذ َا ك ٍ‬
‫صد َقَ عَب ْدي ف َأَ طِيع ُوه ُ و َاتّبِع ُوه ُ وَشَاهِدٌ عَلَى ِ‬
‫الل ّه َ‬
‫ل َ‬ ‫قَائِم ٌ مَق َام قَو ْ ِ‬

‫ل‬ ‫الن ّ ِبإ و َه ُو َ ا ْلخـَب َر ُ و َق َ ْد ل َا يُهْم َز ُ عَلَى هَذ َا َ‬


‫الت ّأْ وِ ي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ٺ َ ُتب ّع َه ُ وَجَدَه ُ مُسْتَو ْفَى فِي مُص ََن ّف ِ‬
‫َات أَ ئ َِم ّت ِنَا رحمهم الل ّٰه فالنبوة في لعة من همز مأخودة م ِ َ‬

‫مخـْبِر ًا ع ََم ّا بَع َث َه ُ َ‬


‫الل ّه تَع َالَى بِه ِ‬ ‫ل أَ ْو يَكُونُ ُ‬ ‫الل ّه تعالى أَ طْ لَع َه ُ عَلَى غَي ْبِه ِ وأسلمه َأن ّه ُ نَب ُِي ّه ُ فَيَكُونُ نَبِ ّي م ُنَب ّأ ف َع ِي ٌ‬
‫ل بِمَعْن َي مَفْع ُو ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫تَسْه ِيل ًا و َال ْمَعْن َى أَ َ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ض مَعْنَاه ُ أَ َ ّ‬
‫ن لَه ُ رُت ْب َة ً شَر ِيف َة ً‬ ‫ن الْأَ ْر ِ‬ ‫ن ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ و َه ُو َ م َا ارْتَف َ َع م ِ َ‬ ‫ل و يَكُونُ عِنْد َ من ل َ ْم يَه ْمزْه ُ م ِ َ‬
‫ل بِمَعْن َي فَاع ِ ٍ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِ ف َع ِي ٌ‬
‫وَم ُنَب ّئًا بِمَا أَ طْ لَع َه ُ َ‬
‫ل و َل َ ْم ي َأْ ِ‬
‫ت‬ ‫س ُ‬
‫ل فَه ُو َ ال ْمُر ْ َ‬ ‫ن و َأَ َمّا َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫ح َ ّقه ِ مُؤ ْتلَِف َا ِ‬
‫وَمَك َانَة ً نَب ِيه َة ً عِنْد َ مَوْل َاه ُ منيفة قالو صفان فِي َ‬
‫اس أَ ْرسَال ًا‬
‫الن ّ ُ‬ ‫الت ّت َ ِ‬
‫ابع وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ ْم جاء َ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّغَة ِ إ َلّا ن َادِر ًا و َإ ْرسَالُه ُأمْر الله لَه ُب ِالإ ب ِ‬
‫ْلاغ ِإلَى من أَ ْرسَلَه ُإليْه ِ و َاشْ تِق َاقه ُ م ِ َ‬ ‫ل فِي ُ‬
‫ل بِمَعْن َي م ُ ْفع َ ٍ‬
‫ف َع ُو ٌ‬
‫ِ‬ ‫ُ َّ‬

‫ل هُمَا سَوَاء ٌ‬
‫ف ال ْع ُلَمَاء ه َل َ‬
‫الن ّبِيّ والرسول بِمَعْن َي أَ ْو بِمَعْنَيَيْنِ فَق ِي َ‬ ‫ُ‬ ‫الت ّبْلِيغ أَ ْو ُألْز ِ‬
‫ِمت ا ْل ُأ َمّة ُ اتّبَاع َه ُ و َاخْ تَل َ َ‬ ‫إذ َا تَب َع بَعْضُه ُ ْم بَعْضًا فَك َأَ َن ّه ُ ُألْزِم َ تَكر ِير َ َ‬

‫ل وَل َا‬
‫ل مَع ًا‪ ،‬قَا َ‬
‫ل و َلا نبى( فَق َ ْد أَ ث ْب َتَ لَهُم َا ال ِْإ ْرسَا َ‬
‫ك م ِنْ رَسُو ٍ‬ ‫ن ال ِْإن ْبَاء ِ و َه ُو َ ال ِْإع ْلَام ُ و َاسْ تَد َُل ّوا بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )وَم َا أَ ْرسَل ْنَا م ِنْ قَب ْل ِ َ‬
‫و َأَ صْ لُه ُ م ِ َ‬

‫ْب و َال ِْإع ْلَام ُ‬


‫هي َ الإطْ لاع ُ عَلَى الْغَي ِ‬ ‫ن من وَجْه ٍ ِإ ْذ ق َد اجْ تَمَع َا فِي ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ التي ِ‬ ‫ل إ َلّا نَب ًِي ّا و َق ِي َ‬
‫ل هُمَا مُفْتَر ِّقَا ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ ِإ َلّا رَسُول ًا وَل َا َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫يَكُونُ َ‬

‫ل و َه ُو َ الْأَ مْر ب ِال ِْإنْذ َارِ و َال ِْإع ْلَا ِم‬‫جتِهَا و َاف ْتَر َقَا فِي زِ يادَة ِ الر ِ ّسَالَة ِ ل ِ َلر ّسُو ِ‬
‫حوْزِ دَر َ َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫اص ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ أَ و الر ّفْعَة ِ لم َِعْرِفَة ِ ذَل ِ َ‬ ‫بِ خ َو َ ّ‬
‫يغ قَالُوا و َال ْمَعْن َى وَم َا أَ ْرسَل ْنَا من‬ ‫ن تَك ْرَار ُهُمَا فِي الْك َلَام ال ْبَل ِ ِ‬
‫حس ُ َ‬ ‫حدًا لَم ّا َ‬ ‫شي ْئًا و َا ِ‬
‫ق بَيْنَ الاسْمَينِ و َلَو ْ ك َان َا َ‬ ‫ن الآيَة ن َ ْفسِه َا َ‬
‫الت ّ ْفرِ ي ُ‬ ‫كَمَا قلُ ْنَا و َحُ َ ج ّتُه ُ ْم م ِ َ‬

‫ت بِه ِ نَبِ ّي ٌ غَي ْر رَسُو ٍ‬


‫ل‬ ‫ل من ج َاء َ ب ِشَرْع مُب ْت َدإ ٍ وَم َنْ ل َ ْم ي َأْ ِ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫ل ِإلَى أَ حَدٍ و َق َ ْد ذ َه َبَ بَعْضُه ُ ْم ِإلَى أَ َ ّ‬
‫س ٍ‬ ‫ل ِإلَى ُأ َمّة ٍ أَ ْو نَبِ ّي و َلَي َ‬
‫ْس بِمُر ْ َ‬ ‫رَسُو ٍ‬

‫خر ُه ُ ْم‬
‫ل آدَم ُ وآ ِ‬
‫س ِ‬ ‫ل ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫ْس ك ُ ُ ّ‬
‫ل نَبِ ّي رَسُول ًا و َأَ َ ّو ُ‬ ‫ل نَبِ ّي و َلَي َ‬ ‫ل رَسُو ٍ‬ ‫ن كُ َ ّ‬ ‫َالصّ ح ِ‬
‫ِيح و َال َ ّذ ِي عَلَيْه ِ ا ْلجم َ ّاء ُ الْغَف ِير ُ أَ َ ّ‬ ‫اغ و َال ِْإنْذ َارِ و َ‬‫وإن ُأم ِر ب ِالْإ ب ْل َ ِ‬
‫َ ِ‬
‫ن رسل منهم ثلثمائة‬ ‫ْف و َأَ رْبَع َة ٌ وَعِشْر ُونَ أَ ل َْف نَبِ ّي وَذَك َر َأَ َ ّ‬
‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء م ِائَة أَ ل ٍ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ أَ َ ّ‬‫س َل ّم َ و َفِي حَدِيث أَ بِي ذَرّ رَضِيَ َ‬ ‫مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫َات خِلَافًا لِلـْك ََر ّام َِي ّة‬


‫فذ ٍ‬‫ح ّقِق ِينَ ذ َات ًا ل ِ َلن ّب ِ ِيّ وَل َا و َصْ َ‬ ‫ك مَعْن َي ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ و َالرّسَالَة ِ و َلَيْسَتَا عِنْد َ ال ْم ُ َ‬ ‫و َثَلاثَة َ ع َشَر َ أَ َ ّولُه ُ ْم آدَم ُ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ‪ ،‬فَق َ ْد ب َانَ ل َ َ‬

‫ل و َأَ َمّا‬
‫ْس عَلَيْه ِ تَعْوِ ي ٌ‬
‫ل لَي َ‬
‫ل لَه ُ ْم وَتَهْوِ ي ٍ‬
‫فِي ت َ ْطوِ ي ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله الجماء الغفير( في الصحاح قولهم جاؤا جما غفيرا والجماء الغفير وجماء الغفير بالمد في الجماء أي جاؤا بجماعتهم الشر يف والوضيع ولم‬
‫يتخلف أحد منهم وكان فيهم كثرة )قوله الـكرامية( نسبه إلى محمد بن كرام بفتح الكاف وتشديد الراء كذا قيده ابن ماكولا والسمعاني‬
‫وغير واحد وهو الجارى على الألسنة وأنكره محمد بن الهيضم وغيره من الـكرامية وحكى فيه ابن الهيضم وجهين أحدهما التخفيف وفتح‬
‫الكاف وذكر أنه المعروف في ألسنة مشايخهم وزعم أنه بمعنى كريم أو بمعنى كرامة والثانى التخفيف وكسر الكاف على لفظ جمع كريم‬
‫وحكى هذا عن أهل سجستان قال ابن الصلاح ولا يعول على الأول وهو ما رواه السمعاني في الأنساب قال وكان والده يحفظ الـكرم‬
‫فقيل له كرام قال الذهبي وفيما قاله السمعاني نظر فإن كلمة كرام علم على والد محد سواء )*(‬

‫)فصل( اعلم أن معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة‬ ‫‪٢.٤.٢‬‬

‫َات و َحْ يًا تَشْب ِيهًا ب ِال ْوَحْي ِإلَى َ‬


‫الن ّبِيّ‬ ‫ي و َحْ يًا وَسُم ّي َْت أَ ن ْوَاع ُ الْإل ْهَام ِ‬
‫ل سُم ّ َ‬ ‫ال ْوَحْي ف َأَ صْ لُه ُ ال ِْإسْر َاع ُ فَلَم ّا ك َانَ َ‬
‫الن ّبِيّ يَتَل َ ّقى م َا ي َأْ تيِِه ِ من ر َب ّه بِع َج َ ٍ‬

‫ِب و َال َ ّلح ُْظ سُرْع َة ُ إشراتهما وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )ف َأَ ْوحَى ِإلَيْه ِ ْم أَ ْن سَبِّحُوا بُك ْرَة ً وَعَش ًِي ّا(‬ ‫ي الْخ َُ ّط و َحْ يًا ل ِسُرْعَة ِ حَركَة ِ يَدِ ك َاتبِِه وَو َ ْ‬
‫حي ُ الْحا َج ِ‬ ‫وَسُم ّ َ‬
‫ل ال ْوَحْي الس ّ ُرّ وال ِْإخْ ف َاء ُ وَمِن ْه ُ سُم ّي ال ِْإل ْهَام ُ و َحْ يًا وَمِن ْه ُ‬ ‫ل كَت َبَ وَمِن ْه ُ قَو ْلُهُم ُ ال ْوَح َا ال ْوَح َا أي السرعة ال ُس ّرْع َة َ و َق ِي َ‬
‫ل أَ صْ ُ‬ ‫ي أَ ْوم َأ وَرَم ََز و َق ِي َ‬
‫أَ ْ‬
‫حي ْنَا ِإلَى ُأ ِمّ موسى( أي ُألْقِ َي فِي قَلْبِهَا و َق َ ْد‬
‫صد ُورِه ِ ْم وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ )و َأَ ْو َ‬
‫ي يُو َسْ وِسُونَ فِي ُ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شيَاطِينَ لَي ُوحُونَ ِإلَى أَ وْلِيَائِهِمْ( أَ ْ‬ ‫قَو ْلُه ُ تَع َالَى )و َِإ َ ّ‬
‫سطَة ٍ‪.‬‬
‫ي م َا يلُْق ِيه ِ فِي قَل ْبِه ِ د ُونَ و َا ِ‬
‫الل ّه ُ ِإلا و َحْ يًا( أَ ْ‬
‫ك فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )وَم َا ك َانَ لِب َشَرٍ أَ ْن يُكَل ِّم َه ُ َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬
‫ق ِي َ‬
‫ْب ه ُو َ من نَو ِْع‬
‫هي َ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَر ٌ‬
‫ن بِمِثْلِه َا و َ ِ‬
‫ن الْإت ْيَا ِ‬
‫ق عَجَز ُوا ع َ ِ‬ ‫ت بِه ِ الْأَ ن ْب ِيَاء ُ مُعْجِزَة ً ه ُو َ أَ َ ّ‬
‫ن الْخَل ْ َ‬ ‫)فصل( اعلم أَ َ ّ‬
‫ن مَعْن َي ت َ ْسمِيَت ِنَا م َا ج َاء َ ْ‬
‫ل القرآن‬
‫ن بِمِث ْ ِ‬
‫ن الإت ْيَا ِ‬
‫َوت و َتَعْجِيزِه ِ ْم ع َ ِ‬
‫صدْق نَب ِي ّه كَصَرْفِه ِ ْم ع َنْ تَم َن ّي ال ْم ِ‬ ‫ل لل ّٰه د َ َ ّ‬
‫ل عَلَى ِ‬ ‫ق ُ ْدرَة ِ ال ْب َشَر ِ فَعَجَز ُوا عَن ْه ُ فَتَعْجِيز ُه ُ ْم عَن ْه ُ فِعْ ٌ‬
‫__________‬
‫عمل في الـكرم أو لم يعمل‪ ،‬وأقول هذا لا يضر السمعاني لجواز أن يكون صار علما عليه بالغلبة لعمله في الـكرم وهو صبى وهجر ما وضع‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫علما عليه بعيد الولادة وكان ابن كرام سجن بنيسابور ثمانية أعوام لأجل بدعته ثم أخرج فسار إلى بيت المقدس ومات بالشام في صفر‬
‫سنة خمس وخمسين ومائتين )قوله الوحا( بفتح الواو والحاء المهملة في الصحاح والوحا السرعة تمد وتقصر‪ ،‬و يقال الوحا الوحا بمعنى‬
‫البدار )*(‬
‫خر َاج ن َاقَة ٍ من‬ ‫ن بِم ْثِلِه ِ ك َإحْ يَاء ِ ال ْم َوتَى و َقَل ِ‬
‫ْب ال ْعَصَا ح ََي ّة ً و َِإ ْ‬ ‫ج ع َنْ ق ُ ْدرِتِه ْم فَل َ ْم ي َ ْقدِر ُوا عَلَى الإت ْيَا ِ‬ ‫ْب ه ُو َ خ َارِ ٌ‬ ‫نحْوِه ِ و َضَر ٌ‬ ‫عَلَى ر َأْ ي بَعْضِه ِ ْم و َ َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ك عَلَى يَدِ َ‬ ‫الل ّه فَيَكُونُ ذَل ِ َ‬ ‫ن أَ ْن يَفْعَلَه ُ أَ حَدٌ إ َلّا َ‬ ‫ك ُ‬‫ق الْقَمَرِ م َِم ّا ل َا يُم ْ ِ‬ ‫ن الْأَ ص ِ‬
‫َابع و َان ْ ِشق َا ِ‬ ‫صَ خ ْرَة ٍ وَك َلَا ِم شَ ج َرَة ٍ و َنَب ِْع ال ْمَاء ِ م ِ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى وَتَح َ ّدِيِه ِ من يُكَذِّبُه ُ أ ْن ي َأْ تِي َ بِمِثْلِه ِ تَعْجِيز ٌ لَه ُ‪.‬‬
‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ من فِعْ ِ‬
‫وَ َ‬
‫ل‬
‫س ِ‬ ‫الن ّو ْعَيْنَ مَع ًا و َه ُو َ أَ كْ ث َر ُ ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫صدْقِه ِ من هَذ َي ْ ِن َ‬
‫ل نُب ُ َو ّتِه ِ و َب َر َاه ِينَ ِ‬
‫س َل ّم َ وَدَل َائ ِ َ‬ ‫ات التي َظه َر َْت عَلَى يَدِ نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َاع ْل َ ْم أَ َ ّ‬
‫ن ال ْمُعْجِز َ ِ‬
‫يح ْص َى عَدَد ُ مُعْجِزَاتِه ِ‬
‫نُ ل َا ُ‬
‫حدًا مِنْهَا و َه ُو َ الْقُر ْآ ِ‬ ‫ضب ٌْط ف َِإ َ ّ‬
‫ن و َا ِ‬ ‫ِيط بِهَا َ‬
‫يح ُ‬‫كثْرَتِهَا ل َا ُ‬
‫هي َ فِي َ‬
‫مُعْجِزَة ً و َأَ بْه َر ُه ُ ْم آيَة ً و َأَ ظْ ه َر ُه ُ ْم بُرْه َان ًا كَمَا سَنُبَي ِّن ُه ُ و َ ِ‬
‫)إ َن ّا أعطيناك‬ ‫ل ال ْعِلْم ِ و َأَ ق ْص َر ُ ال ُ ّ‬
‫سوَرِ ِ‬ ‫س َل ّم َ ق َ ْد تَح َ ّدى بِس ُورَة ٍ مِن ْه ُ ف َعُجِز َ عَنْهَا‪ ،‬قَا َ‬
‫ل أَ ه ْ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ْف وَل َا أَ لْف َيْنِ وَل َا أَ كْ ثَر َ ل ِأَ َ ّ‬
‫ب ِأَ ل ٍ‬

‫ات ث َُم ّ‬
‫ن ال ْمُعْجِز َ ِ‬ ‫َات مِن ْه ُ بعددها و َق َ ْدرِه َا مُعْجِزَة ٌ ث َُم ّ ف ِيهَا ن َ ْفسِه َا مُعْجِز َ ٌ‬
‫ات عَلَى م َا سَنُف َصّ لُه ُ ف ِيم َا انْطَو َى عَلَيْه ِ م ِ َ‬ ‫الـكوثر( فَك ُ ُ ّ‬
‫ل آيَة ٍ أَ ْو آي ٍ‬
‫ظه ُورِه ِ من‬ ‫ن فَلَا م ِر يَة َ ولا خلاف بمجئ َ‬
‫الن ّبِيّ بِه ِ و َ ُ‬ ‫ل ِإلَي ْنَا متواتر ك َالْقُر ْآ ِ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى ق ِ ْ‬
‫سم َيْنِ قِسْمٌ مِنْهَا عُل ِم َ ق َ ْطع ًا و َنُق ِ َ‬ ‫مُعْجِزاتُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ْ‬
‫حدِين فِي‬ ‫س َل ّم َ فِي ال ُد ّن ْيَا و َِإ َن ّمَا ج َاء َ اع ْتِر ُ‬
‫َاض الْجا َ ِ‬ ‫حدٌ فَه ُو َ كِ َإنْك َارِه ِ وُجُود َ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق ِبَلِه ِ و َاسْ تِدَل َالِه ِ بِ ح َُجّ تِه ِ و َِإ ْن أَ ن ْك َر َهَذ َا مُع َانِد ٌ ج َا ِ‬

‫ْض أَ ئ َِم ّت ِنَا )*(‬


‫ل بَع ُ‬ ‫ض َمّن َه ُ من مُعْ ِ‬
‫جزٍ مَعْلُوم ٌ ضَر ُورَة ً وَوَجْه ُ ِإعْجَازِه ِ مَعْلُوم ٌ ضَر ُورَة ً و َنَظَرًا كَمَا سَنَشْرَح ُه ُ‪ ،‬قَا َ‬ ‫الْ َحجُ ّة ِ بِه ِ فَه ُو َ فِي ن َ ْف ِ‬
‫سه ِ وَجَم ِيع ما ت َ َ‬
‫حدٌ مِنْهَا م ُع ََي ّنًا الْق َ ْط َع‬
‫َات إ ْن لم يبلغا و َا ِ‬ ‫س َل ّم َ آي ٌ‬
‫َات وَخَوارِقُ عَاد ٍ‬ ‫و َيَجَرِي هَذ َا ال ْم َجْ ر َى عَلَى ا ْلجم ُْلَة ِ َأن ّه ُ ق َ ْد جَر َى عَلَى يَد َيْه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫كوْنِهَا‬ ‫َت عَلَى يَد َيْه ِ عَجَائ ِبُ و َِإ َن ّمَا خِل َ ُ‬
‫اف ال ْمُع َانِدِ فِي َ‬ ‫ن وَل َا ك َاف ِر ٌ َأن ّه ُ جَر ْ‬
‫يخ ْتَل ُِف مُؤْم ِ ٌ‬
‫ن مَع َان ِيهَا عَلَى يَدْيه ِ وَل َا َ‬
‫فَيَبْلُغُه َا جَم ِيعُه َا فَلَا م ِْر يَة َ فِي جَر َيا ِ‬
‫ل هَذ َا أيْضًا من نَب ِي ّنَا ضَر ُورَة ً لا نفاق مَع َان ِيهَا‬
‫صد َق ْتَ فَق َ ْد عُل ِم َ و َق ُوع ُ مِث ْ ِ‬
‫ك بِمَثَابَة ِ قَو ْلِه ِ َ‬ ‫الل ّه و َأَ َ ّ‬
‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه و َق َ ْد ق َ ّدمْنَا َ‬
‫كوْنَهَا من ق ِب َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫من ق ِب َ ِ‬
‫حدٍ مِنْه ُ ْم عَلَى ك َر َ ِم هَذ َا و َشَ جَاعَة ِ هَذ َا و َ ِ‬
‫حلْم ِ‬ ‫ل و َا ِ‬
‫ق الْأَ خْ بَارِ ال ْوَارِدَة ِ ع َنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫كَمَا يُعْلَم ُ ضَر ُورَة ً جُود ُ ح َا ِت ٍم و َشَ جَاع َة ُ عَن ْتَرَة َ و َ ِ‬
‫حلْم ُ أحنف لاتِّف َا ِ‬

‫سه ِ ل َا يُوجِبُ ال ْعِلْم َ وَل َا ي ُ ْقطَ ُع بَصِ َحّ تِه ِ و َالْقِسْم ُ الثاني م َا ل َ ْم يَب ْلُغْ مَب ْل َ َغ ال َض ّر ُورَة ِ و َالْقَط ِْع و َه ُو َ عَلَى نَو ْعَيْنِ نَوْعٌ‬ ‫هَذ َا و َِإ ْن ك َانَ ك ُ ُ ّ‬
‫ل خ َبَرٍ بنِ َ ْف ِ‬

‫طع َا ِم و َنَوْعٌ‬ ‫سِيَر ِ و َالْأَ خْ بَارِ كَنَب ِْع ال ْمَاء ِ من بَيْنَ الْأَ ص ِ‬
‫َابع و َتَكِثير ِ ال َ ّ‬ ‫شتَه ِر ٌ مُن ْتَشِر ٌ رَو َاه ُ الْعَدَد ُ وَشَاعَ ا ْلخـب َر ُ بِه ِ عِنْد َ ال ْم ُحَدّثِينَ و ُ‬
‫َالر ّو َاة ِ و َنَق َلَة ِ ال ّ‬ ‫مُ ْ‬
‫ن وَرَو َاه ُ الْعَدَد ُ ال ْيَسِير ُ و َل َ ْم يَْشتَهِرِ اشْ تِهَار َ غَيْرِه ِ لـَك َِن ّه ُ إذ َا جُم ِـ َع ِإلَى مِثْلِه ِ اتْفَق َا فِي ال ْمَعْن َى و َاجْ تَمَع َا عَلَى ال ِْإت ْيَا ِ‬
‫ن‬ ‫مِن ْه ُ اخْ ت َ َّص بِه ِ ال ْوَا ِ‬
‫حد ُ و َالاث ْنَا ِ‬
‫بالمعجز‬
‫__________‬
‫)قوله حاتم( هو والد عدى بن حاتم هلك عن كفره وقدم ابنه عدى سنة تسع في شعبان وكان نصرانيا فأسلم )قوله عنترة( هو ابن‬
‫معاو ية بن شداد العبسى كان شديد السواد وأما زبيبة كانت أمه سوداء لأبيه‪ ،‬كان من أشهر فرسان العرب وأشدهم بأسا )قوله‬
‫الأحنف( بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح النون‬
‫بعدها فاء هو ابن قيس أبو بحر التميمي اسمه الضحاك وقيل صخر‪ ،‬أسلم في زمنه عليه السلام ودعا له عليه السلام ولم ٺتفق له رواية )*(‬
‫س َل ّم َ مَعْلُوم َة ٌ ب ِالْقَط ِْع‬ ‫َات ال ْم َأْ ثُورَة ِ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫صدْعًا ب ِالْحَقّ إ َ ّ‬
‫ن كَث ِير ًا من هَذِه ِ الآي ِ‬ ‫ل َ‬
‫ل و َأَ ن َا أَ قُو ُ‬ ‫كَمَا ق َ ّدمْنَاه ُ قَا َ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ق‬ ‫ل وَج َاء َ بر َف ِْع احْ تِم َالِه ِ صَ ح ِي ُ‬
‫ح الْأَ خْ بَارِ من طُر ُ ٍ‬ ‫ل ع َنْ ظَاهِرٍ إ َلّا بِد َلِي ٍ‬ ‫أَ َمّا انشقاق القمر قالقرآن نص بوقوعه وأحبر ع َنْ وُجُودِه ِ وَل َا يُعْد َ ُ‬
‫وب ضعفاء للمؤمنين بَلْ نُرْغِم ُ‬ ‫شكّ عَلَى قُل ُ ِ‬ ‫ل ع ُرَى الد ّي ِن وَل َا يلُ ْتَف َتُ ِإلَى سَ خَافَة ِ مُب ْتَد ٍِع يلُْقِي ال َ ّ‬
‫ن عزمنا خلاف أحرق م ُنح َ َ ّ‬
‫كَث ِيرَة ٍ وَل َا يُوه ِ ُ‬
‫ن‬
‫ن الْعَدَدِ ال ْـكَث ِير ِ م ِ َ‬‫ن ا ْلجم َ ّاء ِ الْغَف ِير ِ ع َ ِ‬ ‫الث ّق َاتُ و َالْعَدَد ُ ال ْـكَث ِير ُ ع َ ِ‬ ‫ك ق َِصّ ة ُ نَب ِْع الماء ونكثير ال َ ّ‬
‫طع َا ِم رَو َاه َا َ‬ ‫بَهَذ َا أنفه ونئبذ ب ِالْع َراء ِ سُ خْف َه ُ وَكَذَل ِ َ‬
‫ن اجْ ت ِ‬
‫َماع ال ْـكَث ِير ِ‬ ‫ك ك َانَ فِي مَوْطِ ِ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫الصّ ح َابَة ِ و َأَ خْ يَارِه ِ ْم أَ َ ّ‬
‫ن الْك ََاف ّة ِ م َُت ّصِ ل ًا ع ََم ّنْ ح َ َ ّدثَ بِهَا من جُم ِلَة ِ َ‬ ‫َ‬
‫الصّ ح َابَة ِ ومنها م َا رَو َاه ُ الْك َاف ّة ُ ع َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ق و َفِي غ َْزوَة ِ بُوَاطٍ و َعُم ْرَة ِ الْحُد َي ْب ِيَة ِ وَغ َْزوَة ِ تَب ُوك َ وأمثالها من‬
‫مِنْه ُ ْم فِي يَوْم َ الْخنَْد َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله أخرق( بالخاء المعجمة ضد الرفيق )قوله سخافة( بفتح السين المهملة والخاء المعجمة المخففة‪ ،‬يقال سخف الرجال بالضم سخفا وسخافة‬
‫أي رق عقله )قوله نرغم( بضم أوله يقال أرغم الل ّٰه أنفه ألصقه بالرغام بفتح الراء وهو التراب )قوله العراء( بفتح العين المهمة وتخفيف‬
‫ن ِإ ْسحَاقَ كانت غزوة الخندق في شوال‬ ‫الراء والمد هو الفضاء لاستر به )قوله سخفه( بضم السين المهملة )قوله فِي يَوْم َ الْخنَْدَقِ( قَا َ‬
‫ل اب ْ ُ‬
‫سنة خمس وقال أبو سعيد في ذى القعدة وقال ابن عقبة سنة أربع )قوله بواط( بظم الموحدة وتخفيف الواو وفى آخره طاء مهملة‬
‫جبل من جبال جهينة )قوله عمرة الحديبية( كانت في السنة السادسة سن الهجرة خرج لها رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم في‬
‫ذى القعدة وقال ابن سعد خرج إليها يوم الاثنين بهلال ذى القعدة )قوله وغزوة تبوك( كانت في السنة التاسعة )*(‬
‫مخَالَف َة ٌ ل ِ َلر ّاوِي ف ِيم َا حَك َاه ُ وَل َا ِإنْك َار ٌ ع ََم ّا ذُك ِر َ عَنْه ُ ْم أَ َ ّنه ُ ْم ر َأ ْوه ُ‪ ،‬كَمَا رَو َاه ُ‬ ‫ن َ‬
‫الصّ ح َابَة ِ ُ‬ ‫ل ال ْمُسْل ِمِينَ و َمَج ِ‬
‫ْمع الْعَسَاكِر ِ و َل َ ْم يُؤ ْثَرْ ع َنْ أَ ح َد م ِ َ‬ ‫محَاف ِ ِ‬
‫َ‬
‫ْس ه ُنَاك َ رَغْب َة ٌ وَل َا رَه ْب َة ٌ‬
‫ِب و َلَي َ‬
‫ل و َالمُد َاه َنَة ِ فِي كَذ ٍ‬
‫ُوت عَلَى ب َاطِ ٍ‬
‫سك ِ‬‫ن ال َ ّ‬ ‫ِت مِنْه ُ ْم كَن ُ ْطقِ‪َ ،‬‬
‫الن ّاطِقِ‪ِ ،‬إ ْذ هُم ُ ال ْم ُنَز ّه ُونَ ع َ ِ‬ ‫فَسُكُوتُ ال َ ّ‬
‫ساك ِ‬

‫ُوف‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫سنَنِ و َالسّي َر وَحُر ِ‬ ‫ض أَ شْ يَاء َ رَو َاه َا م ِ َ‬
‫ُوف لَدَيْه ِ ْم لأن ْك َر ُوه ُ كَمَا أَ ن ْك َر َ بَعْضُه ُ ْم عَلَى بَع َ ٍ‬
‫تَم ْن َعُه ُ ْم و َلَو ْ ك َانَ م َا سَم ِع ُوه ُ مُن ْك َرًا عِنْد َه ُ ْم وغير مَعْر ٍ‬

‫ل الْأَ خْ بَارِ‬ ‫ق ب ِالْق َ ْطعِيّ من مُعْجِزَاتِه ِ لما بَي ّ َن ّاه ُ و َأَ يْضًا ف َِإ َ ّ‬
‫ن أَ مْثَا َ‬ ‫الن ّوْع ُ ك َُل ّه ُ يلُ ْ َ‬
‫ح ُ‬ ‫ك م َِم ّا هو مَعْلُوم ٌ فهذا َ‬
‫ن وخطأ بعضهم بعضا وَو َ َه ّم َه ُ فِي ذَل ِ َ‬
‫الْقُر ْآ ِ‬
‫ل ذِكْر ِه َا كَمَا يُش َاهَد ُ‬
‫ضعْفِه َا وَخُم ُو ِ‬
‫َاف َ‬
‫كش ِ‬‫ن ان ْ ِ‬
‫ث مِ َ‬
‫ل ال ْب َحْ ِ‬
‫س و َأَ ه ْ ِ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ن و َت َداو ُ ِ‬
‫ل لَهَا و َبُن ِي َْت على باطل لابد م َ َع م ُرُورِ الْأَ ْزم َا ِ‬
‫التي ل َا أَ صْ َ‬
‫س َل ّم َ هَذِه ِ ال ْوَارِدَة ُ من َطرِ ي ِ‬
‫ق الآح َادِ ل َا تَزْد َاد ُ م َ َع م ُرُورِ‬ ‫طارئة و َأَ ع ْلَام ُ نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيف ال َ ّ‬
‫ن الْأَ خْ بَارِ الك َاذِبَة ِ و َالْأَ ر َاج ِ‬
‫فِي كَث ِيرٍ م ِ َ‬
‫حدِ عَلَى ِإطْ ف َاء ِ نُورِه َا إ َلّا ق َُو ّة ً‬
‫ِيف أَ صْ لِه َا و َِإجْ ه َادِ ال ْمُل ْ ِ‬
‫صه ِ عَلَى تَوْه ِينِهَا و َتَضْ ع ِ‬
‫ح ْر ِ‬
‫ن الْعَد ُ ّو و َ ِ‬
‫كثْرَة ِ َطعْ ِ‬
‫ق وَ َ‬
‫ل الف ِر ِ‬ ‫ن إ َلّا ُ‬
‫ظه ُور ًا ومع تَد َاو ُ ِ‬ ‫َ‬
‫الز ّم َا ِ‬

‫ُوب و َِإن ْبَاؤُه ُ بِمَا يَكُونُ وَك َانَ‪ ،‬مَعْلُوم ٌ من آي َاتِه ِ عَلَى ا ْلجم ُْلَة ِ ب ِال َض ّر ُورَة ِ‬
‫ن ال ْغ ُي ِ‬
‫ك ِإخْ بَارُه ُ ع َ ِ‬ ‫ن عَلَيْهَا إ َلّا َ‬
‫حسْرَة ً و َغَلِيل ًا وَكَذَل ِ َ‬ ‫و َقَب ُول ًا وَل َا لِل َ ّ‬
‫طاعِ ِ‬

‫ل القائل‪.‬‬ ‫ل بِه ِ من أَ ئِمَت ِنَا الْق َاض ِي و َال ُأسْ تَاذ ُ أَ بُو بَكْر ٍ و َغَي ْر ُهُمَا رَحِمَه ُم َ‬
‫الل ّه وَم َا عِنْدِي أَ ْوجَبَ قَو ْ َ‬ ‫و َهَذ َا ح ّ ٌ‬
‫َق ل َا غِطَاء َ عَلَيْه ِ و َق َ ْد قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله يلحق( بفتح أوله )قوله وإخباره عن العيوب( بكسر الهمزة )*(‬
‫حدٍ إ َلّا قِلَ ّة ُ مُطَالَع َتِه ِ َ‬
‫للأخْ بَارِ‬ ‫َاب خ َبَر ِ ال ْوَا ِ‬
‫َص ال ْمَشْه ُورَة َ من ب ِ‬
‫إن هَذِه ِ الْقِص َ‬
‫ص ال ْمَشْه ُورَة ِ‬
‫ص ِ‬ ‫الن ّقْل وَطَال َع الْأَ ح َادِيثَ و َالسّير َ ل َ ْم يَرْت َْب فِي ِ َ‬
‫صح ّة ِ هَذِه ِ الْق ِ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ِف و َِإ َلّا فَم َ ِ‬
‫ن اعْت َن َى بِط ُر ُ ِ‬ ‫ن ال ْمَع َار ِ‬
‫ك مِ َ‬
‫شغْلُه ُ بغير ذَل ِ َ‬
‫وَرِو َايَتِهَا و َ ُ‬
‫كوْنَ بَغْد َاد َ‬
‫س يَعْلَم ُونَ ب ِا ْلخـَبَر ِ َ‬ ‫ن أَ كْ ثَر َ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل عِنْد َ آخَر َ ف َِإ َ ّ‬
‫ص ُ‬
‫يح ْ ُ‬ ‫ل ال ْعِلْم ُ ب َِالت ّوَاتُر ِ عِنْد َ و َا ِ‬
‫حدٍ وَل َا َ‬ ‫ص َ‬
‫يح ْ ُ‬ ‫عَلَى ال ْوَجْه ِ ال َ ّذ ِي ذَكَر ْن َاه ُ وَل َا يَب ْعُد ُ أَ َ ّ‬
‫ن َ‬
‫اب‬
‫صح َ ِ‬
‫س ل َا يَعْلَم ُونَ اسْمَه َا ف َضْ ل ًا ع َنْ و َصْ فِه َا و َهَكَذ َا يَعْلَم ُ الْفُقَه َاء ُ من أَ ْ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫مَوْجُودَة ً و َأ َ ّنهَا مَدِين َة ٌ عَظ ِيم َة ٌ و َدار ٌ ال ِْإم َامَة ِ و َالْخ ِلافَة ِ وآخاد م ِ َ‬
‫الصّ لَاة ِ لِل ْمُنْف َردِ و َال ِْإم َام وإجزاء السية فِي أَ َ ّو ِ‬
‫ل لَيْلَة ٍ من رَمَضَانَ‬ ‫ن مَذْه َب َه ُ ِإ يجَابُ ق ِرَاءَة ِ ُأ ِمّ الْقُر ْآ ِ‬
‫ن فِي َ‬ ‫ل عَن ْه ُ أَ َ ّ‬ ‫م َال ِكٍ ب ِال َض ّر ُورَة ِ و َتَواتُر ِ َ‬
‫الن ّ ْق ِ‬
‫ل ب ِالمحُ َ ّددِ و َغَيْرِه ِ‬
‫َاص فِي الْقَت ْ ِ‬ ‫س و َأَ َ ّ‬
‫ن مَذْهَبَهُم َا الْقِص ُ‬ ‫ض َ‬
‫الرأّْ ِ‬ ‫ل لَيْلَة ٍ و َالاق ْتِصَار َ فِي ال ْمَس ِ‬
‫ْح عَلَى بَعْ ِ‬ ‫تجْدِيد َ الن َّي ّة ِ ك ُ َ ّ‬
‫ع ََم ّا سِوَاه ُ وأن الشعافعى ي َر َى َ‬
‫ل و َغَي ْر ُه ُ ْم م َِم ّنْ ل َ ْم يَشْت َغ ِلْ بِمَذ َاهِبِه ِ ْم وَل َا رَو َى‬ ‫َاط ال ْو َلِيّ فِي النّك ِ‬
‫َاح و َأَ َ ّ‬
‫ن أَ ب َا حَن ِيف َة َ يخَالِفُهُم َا فِي هَذِه ِ ال ْمَسَائ ِ ِ‬ ‫و َِإيجَابُ الن َّي ّة ِ فِي ال ْوُضُوء ِ و َاشْ تِر ُ‬
‫ِف هَذ َا من مَذ َاهِبِه ِ ْم فضْ ل ًا ع ََم ّنْ سِوَاه ُ وَعِنْد َ ذِكْر ِن َا آح َاد َ هَذِه ِ ال ْمُعْجِز َ ِ‬
‫ات نَز ِيد ُ الْك َلَام َ ف ِيهَا ببانا إن شاء الل ّٰه تعالى‪.‬‬ ‫أَ ق ْوَالَه ُ ْم ل َا يَعْر ُ‬
‫__________‬
‫)قوله بغداد( يجوز في داليه الإعجام والإهمال‪ ،‬قال صاحب القاموس بغداد بمهلتين ومعجمتين وتقديم كل منهما وبغدان وبغدين‬
‫ومغدان مدينة دار السلام وهى عمرت في زمن أبى جعفر المنصور العباسي أخى السفاح سنة خمس وأربعين ومائة وكانت قبل ذلك‬
‫مبقلة وسبب تسميتها بغداد أن كسرى أقطعها لخصى له وكان ذلك الخصى يعبد صنما في الشرق يقال له بعد فسماها ذلك الخصى‬
‫بغدادا أي عطية ذلك الصنم )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫فصل في إعجاز القرآن‬ ‫‪٢.٤.٣‬‬

‫جهَة ِ ضبط أواعها‬


‫تح ْصِ يلُه َا من ِ‬
‫ن ال ِْإعْجَازِ كَث ِيرَة ٍ و َ َ‬
‫الل ّه الْعَزِيز ِ مُنْطَوٍ عَلَى وُجُوه ٍ م ِ َ‬ ‫الل ّه و َإ َي ّاك َ أَ َ ّ‬
‫ن ك ِتَابَ َ‬ ‫ن اع ْل َ ْم و ََف ّق َنَا َ‬
‫فصل فِي إعجاز الْقُر ْآ ِ‬
‫فِي أَ رْبَعَة ِ وُجُوه ٍ‪ :‬أَ َ ّولُهَا‬
‫ن و َفُرْسَانَ الْك َلَا ِم‬ ‫ك أَ َ ّنه ُ ْم ك َانُوا أَ رْب َابَ هَذ َا ال َ ّ‬
‫شأْ ِ‬ ‫ن ت َأْ لِيفِه ِ و َالت ِئَام ُ كَل ِمِه ِ و َفَصَاحَت ُه ُ وَوُجُوه ُ ِإ يجَازِه ِ و َبَلاغ َت ُه ُ لخارقة عَادَة ُ ال ْع َر َِب وَذَل ِ َ‬
‫س ُ‬
‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫َاب م َا يُق َي ّد‬
‫ل الْخِط ِ‬ ‫ن ا ْل ُأم َ ِم و َ ُأوتُوا من ذَر َابَة ِ اللّسَا ِ‬
‫ن م َا ل َ ْم يُؤ ْتَ ِإن ْسا ٌ‬
‫ن وَم ِنْ ف َصْ ِ‬ ‫ق َ ْد خ ُُصّ وا م ِ َ‬
‫ن ال ْبَلَاغَة ِ و َالْحِكَم ِ م َا ل َ ْم يُخ َ َّص بِه ِ غَي ْر ُه ُ ْم م ِ َ‬
‫ل سَب ٍَب فَي َخْ ط ُب ُونَ بَدِيهًا‬ ‫ك َطبْع ًا وَخِلْق َة ً وف ِيه ِ ْم غَر ِيزَة ً و َق َُو ّة ً ي َأْ تُونَ مِن ْه ُ عَلَى ال ْبَدِيهَة ِ ب ِالعَج ِ‬
‫َب و َيُدْلُونَ بِه ِ ِإلَى ك ُ ّ ِ‬ ‫الل ّه لَه ُ ْم ذَل ِ َ‬
‫ل َ‬ ‫جع َ َ‬
‫الْألبَابَ َ‬
‫ْب و َيَمْدَحُونَ و َي َ ْقدَحُونَ و َيَت َو ََسّ لُونَ و َيَت َو َ َ ّ‬
‫صلُونَ و َيَرْف َع ُونَ و َيَضَع ُونَ فَي َأتُونَ‬ ‫ن و َال َض ّر ِ‬ ‫تج ِز ُونَ بِه ِ بَيْنَ ال َ ّ‬
‫طع ْ ِ‬ ‫ْب و َيَرْ َ‬
‫شدِيدِ الْخَط ِ‬
‫َات و َ َ‬
‫فِي ال ْمَق َام ِ‬
‫ن ويهجون‬
‫ح َ‬
‫ل من ِسم ْطِ الل ّآل فَيَخْدَع ُونَ الْأل ْبَابَ و َيُذ َلّلُونَ الصّ ع َابَ و َي ُ ْذه ِب ُونَ ال ِْإ َ‬
‫ل و َيُطَو ّق ُونَ من أَ ْوصَافِه ِ ْم أَ جْم َ َ‬
‫ك ب ِالسّحْ رِ الْحلََا ِ‬
‫من ذَل ِ َ‬
‫الدمن و يجرؤن الْجبََانَ و َيَبْسُط ُونَ يَد َ الجعد‬
‫__________‬
‫)قوله ذرابة اللسان( بفتح الذال المعجمة والراء المخففة والباء الموحدة أي حذقه )قوله يقيد( بمثناة تحية مضمومة وقاف مفتوحة بعدها‬
‫مثناة تحتية مشددة مكسورة )قوله ويدلون( بضم أوله وسكون ثانيه )قوله و يطوقون( بضم أوله وتشديد الواو المكسورة بعدها قاف‬
‫)قوله من سمط( بكسر السين المهملة‪ ،‬في الصحاح‪ :‬الخيط مادام فيه الخزف سمط وإلا فهو سلك )قوله الإحن( بكسر الهمزة وفتح‬
‫المهملة جمع إحنة بكسر الهمزة وسكون المهملة وهى الحقد )قوله ويهيجون( بضم أوله وفتح ثانيه وكسر ثالثه مشدد و يجوز فتح أوله‬
‫وكسر ثانيه وسكون ثالثه يقال هاج الشئ وهاجه غيره وهيجته وهاجه )قوله والدمن( بكسر المهملة وفتح الميم جمع دمنة بكسرها‬
‫وسكون الميم وهى الحقد )قوله الجعد البنان( الجعد بفتح الجيم وسكون العين )*(‬
‫طب ِْع الجَوْهِرِيّ‬ ‫الل ّفْظِ الجزل والقول المصل و َالْك َلَا ِم الْف َخْ ِم و َال َ ّ‬ ‫َويّ ذ ُو َ‬ ‫الن ّبيه َ خ َام ِل ًا مِنْهُم ُ ال ْبَد ُ‬
‫ِص ك َام ِل ًا و َيَت ْرُكُونَ َ‬ ‫البنان و يصيورن َ‬
‫الن ّاق َ‬
‫ل الْك ُلْفَة ِ‬
‫ل الْق َلِي ِ‬ ‫ف فِي الْقَو ْ ِ‬ ‫َالت ّص َ ُرّ ِ‬
‫لو َ‬ ‫طب ِْع ال َس ّ ْه ِ‬ ‫و َالمَنْز َِع القَوِيّ وَمِنْهُم ُ الحصرى ذ ُو ال ْبَلَاغَة ِ ال ْبَارِعَة ِ والألفاظ الناطعة و َالْكَل ِم َ ِ‬
‫ات الْجا َم ِعَة ِ و َال ّ‬
‫ن الْك َلَام َ‬ ‫كونَ أَ َ ّ‬ ‫ح الْف َالِ ج ُ و َال ْمَهْي َ ُع الن ّ ِ‬
‫َاهج ُ ل َا يَش ُ ُ ّ‬ ‫ق الْحا َشِيَة ِ وَكِلَا ال ْبَابَيْنِ فَلَهُم َا فِي ال ْبَلَاغَة ِ الْ َحجُ ّة ُ ال ْبَالِغ َة ُ و َالْق ُ َو ّة ُ ال َد ّام ِغ َة ُ و َالْق ِ ْد ُ‬ ‫ق َ‬
‫الر ّق ِي ِ‬ ‫ال ْـكَث ِير ِ َ‬
‫الر ّوْن َ ِ‬
‫َاب من أَ ب ْوَابِهَا و َعَلَو ْا صَرْح ًا لِبُل ُ ِ‬
‫وغ أَ سْ بَابِهَا فَق َالُوا‬ ‫لب ٍ‬ ‫َطوْع ُ م ُرَادِه ِ ْم و َال ْبَلَاغ َة َ ملك فيادهم ق َ ْد حَوَوْا فُن ُونَهَا واستنبطوا عيوبها وَدَخ َلُوا من ك ُ ّ ِ‬
‫ل و َال ْـكُثْر ِ و َتَس َاج َلُوا فِي النظم والنثر‬ ‫سمِينِ و َتَق َاو َلُوا فِي الْق ُ ّ‬ ‫َث و َال َ ّ‬‫فِي الْخَط ِير ِ و َال ْمَه ِينِ و َتَف ََن ّن ُوا فِي الْغ ِّ‬
‫__________‬
‫المهملة‪ ،‬في الصحاح يقال الـكريم من الرجال جعد‪ ،‬فأما إذا قيل فلان جعد اليدين أو جعد الأنامل فهو البخيل وربما لم يذكروا معه‬
‫اليد‪ ،‬والبنان بفتح الموحدة وتخفيف النون أطراف الأصابع جمع بنانة )قوله النبيه( هو خلاف الخامل )قوله الجزل( بفتح الجيم وسكون‬
‫الزاى خلاف الركيك )قوله والقول الفصل( بالصاد المهملة بمعنى المفصول أي الذى يتبينه من يخاطب به ولا يلتبس عليه أو بمعنى‬
‫ل والصواب والخطأ )قوله الناصعة( بالنون والصاد والعين المهملتين أي الخالصة )قوله والقدح‬
‫الفاصل أي الذى يفصل بَيْنَ الْحَقّ و َالبَاطِ ِ‬
‫الفالج( القدح بكسر القاف وسكون الدال بعدها حاء مهملة‪ :‬السهم قبل أن يراش و يجعل فيه نصل والفالج بالفاء واللام المكسورة‬
‫والجيم‪ :‬الفائز ‪ -‬بالزاى )قوله المهيع( بفتح الميم وسكون الخاء وفتح المثناة التحتية‪ :‬الطر يق‪ ،‬والناهج ‪ -‬بالنون‪ :‬السالك )قوله صرحا(‬
‫الصرح القصر وكل بناء عال )قوله في الغث( بفتح الغين المعجمة بعدها مثلثة مشددة أي المهزول )قوله في القل والـكثر بضم أول‬
‫كل منهما )قوله وتسالجوا( بالسين المهملة والجيم أي تفاخروا والمساجلة المفاخرة بأن يصنع مثل صنيعه في جرى أو سقى وأصله من‬
‫السجل وهو الدلو‪ ،‬ومنه قولهم الحرب سجال‪ ،‬كذا في الصحاح )*(‬
‫ل م ِنْ بَيْنِ يَد َيْه ِ‬
‫اب عَز ِيز ٍ لا ي َأْ تيِه ِ ال ْبَاطِ ُ‬ ‫فَمَا ر َاعَه ُم إ َلّا رَسُو ٌ‬
‫ل كَر ِيم ٌ بِكِت َ ٍ‬

‫ل و َتَظَاف َر َ‬
‫ل مَق ُو ٍ‬
‫ل و َ َظه َر َْت ف َصاحَت ُه ُ عَلَى ك ُ ّ ِ‬ ‫ل م ِنْ حكيم حميد ُأحْكِم َْت آي َاتُه ُ و َفُصّ ل َ ْ‬
‫ت كَل ِمَاتُه ُ و َبَه َر َْت بَلَاغ َت ُه ُ ال ْعُق ُو َ‬ ‫و َلا م ِنْ خ َلْفِه ِ تَنْز ِي ٌ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ن جَوَام ِع ُه ُ و َبَد َائ ِع ُه ُ و َاعْتَد َل م َ َع ِإ يجَازِه ِ‬ ‫حو ْت ك ُ َ ّ‬


‫ل ال ْبيَا ِ‬ ‫ن مَطَال ِع ُه ُ وَمَق َاطِع ُه ُ و َ َ‬
‫س ِ‬
‫َت فِي الْح ُ ْ‬
‫مجَازُه ُ و َتَبَار ْ‬
‫حق ِيق َت ُه ُ و َ َ‬
‫ِإ يجَازُه ُ و َِإعْجَازُه ُ و َتَظاه َر َْت َ‬
‫سجْ ِع‬
‫مجَال ًا و َأَ شْه َر ُ فِي الْخَطَابَة ِ رِج َال ًا و َأَ كْ ث َر ُ فِي ال َ ّ‬
‫اب َ‬
‫ح م َا ك َانُوا فِي هَذ َا ال ْب َ ِ‬
‫مخ ْتَار ُ ل َ ْفظِه ِ وه ْم أَ فْسَ ُ‬
‫كثْرَة ِ ف َوَائِده ِ ُ‬
‫ق عَلَى َ‬
‫ن ن َ ْظمِه ِ و َانْطَب َ َ‬
‫س ُ‬
‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫ِيب و َُالل ّغَة ِ مَق َال ًا بِلُغَتِه ِم التي بِهَا يَتَحَاور ُونَ وَم َنَازِعِهِم ُ التى عنها يتناضلون صَارِخ ًا بِه ِ ْم فِي ك ُ ّ ِ‬
‫ل حِينٍ وَمُق َر ّعًا‬ ‫شعْرِ سِ جَال ًا و َأَ و َس ُع فِي الْغَر ِ‬
‫و َال ّ‬
‫الل ّه ِ ِإ ْن ُ‬
‫كن ْتُم ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن اسْ تَطَعْتُم ْ م ِنْ د ُو ِ‬
‫ن عَام ًا عَلَى رؤس ال ْمَلأ أَ جْم َع ِينَ )أَ ْم يَق ُولُونَ اف ْتَر َاه ُ قُلْ ف َأْ تُوا بِس ُورَة ٍ مِثْلِه ِ و َا ْدع ُوا م َ ِ‬
‫لَه ُ ْم بعضا وَعِشْر ِي َ‬

‫ْس و َالْج ُِنّ عَلَى أَ ْن‬ ‫كن ْتُم ْ فِي ر َي ٍْب م َِم ّا نَز ّل ْنَا عَلَى عَبْدِن َا ف َأْ تُوا بِس ُورَة ٍ م ِنْ مِثْلِه ِ( ِإلَى قَو ْلِه ِ )و َلَنْ تفعلوا( و )قل لئن اجتمع ِ‬
‫الإن ُ‬ ‫صَادِق ِينَ‪ ،‬و َِإ ْن ُ‬

‫ك أَ َ ّ‬
‫ن ال ْمُفْتَر َى‬ ‫َات( وَذَل ِ َ‬
‫ل هَذ َا القرآن( الآية و )قُلْ ف َأْ تُوا بِعَشْر ِ سُو َ ٍر مِثْلِه ِ مُفْتَر َي ٍ‬
‫ي َأْ تُوا بِمِث ْ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله راعهم( أي أفزعهم )قوله وتبارت( بمثناة فوقية فموحدة‪ ،‬في الصحاح فلان يبارى فلانا أي يعارضه )قوله في السجع( بالسين‬
‫يح ْتَمِل أن تَكُون مصدرا وهو توافق الألفاظ الواقعة في أواخر الفقر وأن يكون جمع سجعة وهى الكلمة الأخيرة من الفقرة بإعتبار‬
‫المهملة َ‬
‫كونها موافقة للكلمة الأخيرة من الفقرة الأخرى وهى في الأصل هدير الحمام ونحوها )قوله بضعا( بكسر الموحدة وفتحها )قوله المفترى(‬
‫بفتح الراء والمختلق بفتح اللام )*(‬
‫ل لَه ُ‬
‫ن يَكْت ُبُ كما يُق َا ُ‬
‫ل فُلا ٌ‬
‫ح ك َانَ أَ صْ ع َبَ و َلِهَذ َا ق ِي َ‬ ‫ْظ ِإذ َا تَبِـ َع ال ْمَعْن َى َ‬
‫الصّ حِي َ‬ ‫ق عَلَى الاخْ ت ِيَارِ أَ ق ْر َبُ و ََالل ّف ُ‬
‫ل و َالمخُ ْتَل ِ‬
‫ل وَو َضْ ُع ال ْبَاطِ ِ‬
‫أَ سْه َ ُ‬
‫ن يَكْت ُبُ‬
‫وفُلا ٌ‬
‫الت ّو ْب ِ ِ‬
‫يخ و َيُس َ ّف ِه ُ‬ ‫الت ّ ْقرِ ِ‬
‫يع و َيُو َبّ خُه ُ ْم غَايَة َ َ‬ ‫ش َ ّد َ‬
‫س َل ّم َ أَ َ‬ ‫ل و َبَيْنَهُم َا شَأْ و ٌ بَع ِيدٌ فَل َ ْم ي َز َلْ يُقرّعُه ُم صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل عَلَى َ‬
‫الث ّانِي ف َضْ ٌ‬ ‫كَمَا يُر ِيد ُ وَلِلأ َ ّو ِ‬
‫كصُونَ ع َنْ‬ ‫ل هَذ َا ن َا ِ‬ ‫أَ حْلَامَه ُ ْم و َيَح ُ ُّط أَ ع ْلَامَه ُ ْم و َيُش َت ّتُ نِظَامَه ُ ْم و َيَذ ُ ُمّ آلِهَتَه ُ ْم و َإ َي ّاه ُ ْم و َيَسْتَب ِي ُ‬
‫ح أَ رْضَه ُ ْم وَدِي َار َه ُ ْم و َأَ مْوَالَه ُ ْم و َه ُ ْم فِي ك ُ ّ ِ‬
‫ِيب و َال ِْإغْرَاء ِ ب ِالاف ْت ِراء ِ و َقَو ْلِهِمْ‪ :‬إ ْن هَذ َا إ َلّا قَو ْل ال ْب َشَرِ‪ ،‬إ ْن هَذ َا إ َلّا سِ ح ْر ٌ‬
‫ِيب ب َِالت ّكْذ ِ‬ ‫جم ُونَ ع َنْ مُمَاثلََتِه ِ يُخَادِع ُونَ أنْف ُسَه ُ ْم ب َِالت ّشْغ ِ‬ ‫مح ْ ِ‬
‫م ُع َارَضَتِه ِ ُ‬
‫يُؤ َث َر ُ‪ ،‬و َسِ ح ْر ٌ مُسْتَمِر ّ و َِإف ْكٌ اف ْتَر َاه ُ‪ ،‬و َأَ سَاطِير ُ الْأَ َ ّولِينَ‪.‬‬

‫ن‬
‫َاب‪ :‬وَل َا ت َ ْسم َع ُوا لِهَذ َا الْقُر ْآ ِ‬ ‫كقَو ْلِه ِ ْم قُلُوبُنَا غُل ٌْف‪ ،‬و َفِي أكة م َِم ّا ت َ ْدع ُونا إليْه ِ وفى آداننا و َق ْر ٌ وَم ِنْ بَي ْننَا و َبَي ْن َ َ‬
‫ك ِحج ٌ‬ ‫والمباهنة و َالر ّض َى ب ِال َد ّنِيئَة ِ َ‬
‫و َال ْغَو ْا ف ِيه ِ لَع َل ّـك ُ ْم تَغْلِب ُونَ‪.‬‬
‫ك من سُ خَف َائِه ِ ْم‬
‫الل ّه )و َلَنْ تَفْع َلُوا( فَمَا ف َع َلُوا وَل َا قَدَر ُوا وَم َنْ تَعاطَى ذَل ِ َ‬
‫ل هذا( وقد قال لهم َ‬
‫و َالادّعَاء ُ م َ َع الْع َجْ زِ بِقَو ْلِه ِ ْم )لَو ْ نَش َاء ُ لَق ُل ْنَا مِث ْ َ‬
‫حتِه ِ ْم‬ ‫ل المَيْز ِ مِنْه ُ ْم َأن ّه ُ لَي َ‬
‫ْس من نَم َطِ فَصَا َ‬ ‫ْف عَلَى أَ ه ْ ِ‬
‫يخ َ‬ ‫الله م َا أَ لِف ُوه ُ من ف َصِ ِ‬
‫يح ك َلامِه ِ ْم و َِإ َلّا فَل َ ْم َ‬ ‫كَمُسَي ْل ِمة َ‬
‫َف ع ُوَارَه ُ ِلجم َِيعِه ِ ْم وَسَلَبَهُم ُ َ ّ‬
‫كش َ‬
‫س بَلاغَتِه ِ ْم بَلْ و ََل ّو ْا عَن ْه ُ مُدْبِر ِي َ‬
‫ن و َأَ تَو ْا مُذْعنِينَ من بين مهتدى وبين مفتون‬ ‫جن ْ ِ‬
‫وَل َا ِ‬
‫__________‬
‫)قوله محجمون( بسكون المهملة وكسر الجيم أي متأخرون )قوله بالدنيئة( بالهمزة وقد تسهل أي الخصلة الخبيثة يقال دنأ دنوءا خبث‬
‫فعله ولؤم قوله )قوله عواره( في الصحاح العوار العيب‪ ،‬يقال سلعة ذات عوار بفتح العين وقد تضم عند أبى زيد‪.‬‬
‫انتهى وعن ديوان الأدب إن الضم أفصح )*(‬
‫ل والل ّٰه إ َ ّ‬
‫ن لَه ُ لَحلََاوَة ً وإن عَلَيْه ِ‬ ‫الل ّه َ ي َأْ م ُرُ بالعدل والإحسان( الآيَة َ قَا َ‬
‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ِ‬
‫و َلَهَذ َا لَم ّا سَم ِـ َع ال ْوَلِيد ُ بن ال ْم ُغيرَة ِ م ِ َ‬
‫ل هَذ َا بَشَر ٌ‪ ،‬وَذَك َر َ أَ بُو ع ُبَيْدٍ‬ ‫ن أَ سْ ف َلَه ُ لَمُغْدقٌ و َِإ َ ّ‬
‫ن أَ ع ْلَاه ُ لَمُثْمِر ٌ م َا يَق ُو ُ‬ ‫لَطَلاوَة ً و َِإ َ ّ‬

‫ل سَ جَدْتُ لِفَصَاحَتِه ِ‪ ،‬وَسَم ِـ َع آخَر ُ رَج ُل ًا يَقْر ُأ )فَلَم ّا استيئسوا مِن ْه ُ خ َلَصُوا َ‬
‫نج ًِي ّا‬ ‫ن أَ عْرَاب ًيِ ّا سَم ِـ َع رَج ُل ًا يَقْر َُأ )فَاصْ د َ ْع بِمَا تُؤْم َرُ( فَسَجَد َ و َقَا َ‬ ‫أَ َ ّ‬
‫جدِ ف َِإذ َا ه ُو َ بِق َائِم عَلَى‬
‫س ِ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ ك َانَ يَوْم ًا ن َائِمًا فِي ال ْم َ ْ‬
‫َاب رَضِيَ َ‬
‫ن ع ُم َر َبن الْخَط ِ‬‫ل هَذ َا الْك َلَا ِم وَحُكِي َ أَ َ ّ‬
‫مخ ْلُوقًا ل َا ي َ ْقدِر ُ عَلَى مِث ْ ِ‬ ‫ل أَ شْهَد ُ أَ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫فَق َا َ‬
‫ن ك َلَام َ ال ْع َر َِب و َغَيْرِه َا و ََأن ّه ُ سَم ِـ َع رَج ُل ًا من أَ سْر َى ال ْمُسْل ِمِينَ‬
‫س ُ‬
‫يح ْ ِ‬ ‫سه ِ يَت َش َ َهّد ُ شَه َادَة َ الْحَقّ فاسْ تخْبَرَه ُ ف َأَ ع ْلَم َه ُ َأن ّه ُ من بَطَارِقَة ِ ُ‬
‫الر ّوم م َِم ّنْ ُ‬ ‫ر َأْ ِ‬
‫الل ّه على عيسى‬
‫ل َ‬ ‫يَقْر َُأ آيَة ً من ك ِتَابِك ُ ْم فَت َأَ َمّلْتُهَا ف َِإذ َا ق َ ْد جُم ِـ َع ف ِيهَا م َا أَ ن ْز َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫__________‬
‫)قوله الوليد بن المغيرة( وكذا رواه البيهقى في الشعب في حديث ابن عباس وذكره ابن ِإ ْسحَاق فِي السيرة وذكر اب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ في الاستيعاب‬
‫من غير إسناد والغزالي في الإحياء في أدب تلاوة القرآن أن خالد بن عقبة جاء إلى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وذكر الحديث )قوله‬
‫لطلاوة( بضم الطاء المهملة وفتحها أي لحسنا وقبولا )قوله و َِإ َ ّ‬
‫ن أَ سْ ف َلَه ُ لَمُغْدقٌ ( لفظ ابن اسحاق وإن أصله لعذق بفتح العين المهملة‬
‫وسكون الذال المعجمة‪ ،‬والعذق النخلة بحملها ولفظ ابن هشام‪ :‬لغدق بفتح الغين المعجمة وكسر الدال المهملة من الغدق وهو الماء‬
‫الـكثير قال السهيلي ورواية ابن اسحاق أفصح لأن بها آخر الكلام يشبه أوله )قوله وَذَك َر َ أَ بُو ع ُبَيْدٍ( هو الإمام الحافظ الْق َاسِم بن سَلَام‬
‫بتشديد اللام البغدادي أخذ عن الشافعي الفقيه كان أبوه سلام عبدا روميا لرجل من أهل هراة روى عنه ابن أبى الدنيا وغيره‪.‬‬
‫توفى سنة أربع وعشرين ومائتين )قوله من بطارقة( بفتح الموحدة جمع بطر يق بكسرها قال ابن الجواليقى هو بلغه الروم القائد أي مقدم‬
‫الجيوش وأميرها )*(‬
‫هي َ قَو ْلُه ُ )وَم َنْ يُط ِ‬
‫ِـع الل ّٰه ورسوله و يحش الل ّٰه ويتقه( الآية‪ ،‬وَح َكى الْأَ صْ مَع ِ ُيّ َأن ّه ُ سَم ِـ َع ك َلَام َ‬ ‫ل ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬
‫خرَة ِ و َ ِ‬ ‫ابن م َْر ي َم َ من أَ حْ وَا ِ‬
‫ج َارِ يَة ٍ فقام‬

‫الل ّه تَع َالَى )وأوحينا ِإلَى ُأ ِمّ م ُوس َى أن أرضعيه( الآيَة َ فَجَم َع فِي الآية‬ ‫ت أَ و َ يُع َ ُ ّد هَذ َا فَصَاح َة ً بَعْد َ قول َ‬ ‫الل ّه م َا أَ فْصَح َكِ ؟ فَق َال َ ْ‬
‫لَهَا‪ :‬قَاتلَ َكِ َ‬
‫ن الْقَو ْليَْنِ‬ ‫َالصّ ح ِ‬
‫ِيح م ِ َ‬ ‫قو َ‬ ‫َاف ِإلَى غَيْرِه ِ عَلَى َ‬
‫الت ّحْ ق ِي ِ‬ ‫و َاحِدة ٍ بَيْنَ أَ مْرَ ي ْ ِن وَنَه ْيَينِ وَخ َبَر َي ْ ِن و َبِش َار َتَيْنِ فَهَذ َا نَوْعٌ من ِإعْجَازِه ِ مُنْفَرِد ٌ بَذ َاتِه ِ غَيْر ِ مُض ٍ‬
‫س َل ّم َ م ُت َحَدّي ًا بِه ِ مَعْلُوم ٌ ضَر ُورَة ً وَعَج ْز ُ‬ ‫كو ْنُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ و ََأن ّه ُ أتى بِه ِ مَعْلُوم ٌ ضَر ُورَة ً و َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَكَونُ القرآن من ق ِب َ ِ‬
‫ل من‬
‫كو ْنُه ُ فِي فَصَاحِتِه ِ خ َارِقًا لِلْع َادَة ِ مَعْلُوم ٌ ضَر ُورَة ً لِلْع َالمي ِنَ ب ِالْفَصَاحَة ِ وَوُجُوه ِ ال ْبَلَاغَة ِ وَسَب ِي ُ‬
‫ن بِه ِ مَعْلُوم ٌ ضَر ُورَة ً و َ َ‬
‫الْع َر َِب ع َن الإت ْيَا ِ‬
‫ن ب ِِإعْجَازِ بَلاغ َتِه ِ و َأَ ن ْتَ إذ َا ت َأ َمّل ْتَ قَو ْلَه ُ تَع َالَى )و َلـَك ُ ْم‬
‫َاف ال ْمُق ِر ّي َ‬
‫ن من أَ ه ْلِه َا ع َنْ مُع َارَضَتِه ِ و َاع ْتِر ِ‬
‫ك بِع َجْ زِ ال ْمُن ْكر ِي َ‬
‫ْس من أَ ه ْلِه َا عِلْم ُ ذَل ِ َ‬
‫لَي َ‬
‫ن ف َِإذ َا ال َ ّذ ِي بَي ْن َ َ‬
‫ك‬ ‫هي َ أَ حْ سَ ُ‬ ‫ص حياة( و َقَو ْلُه ُ )و َلَو ْ ت َر َى ِإ ْذ فَزِع ُوا فَلا فَو ْتَ و َ ُأ ِ‬
‫خذ ُوا م ِنْ مكان قريب( و َقَو ْلُه ُ )ادْف َعْ ب َِال ّتِي ِ‬ ‫فِي الْقِصَا ِ‬

‫ك و َي َا سَمَاء ُ أَ قْلِع ِي( الآية‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ )فَك ُلً ّا أَ خَذْن َا بِذَن ْبِه ِ فمَِنْه ُ ْم م َنْ أَ ْرسَل ْنَا‬
‫ْض ابْلَع ِي م َاء َ ِ‬ ‫ل ي َا أَ ر ُ‬ ‫و َبَي ْن َه ُ عَد َاوَة ٌ ك َأَ َن ّه ُ و َلِيّ ٌ حميم( و َقَو ْلُهُ‪) :‬و َق ِي َ‬
‫ح َ ّققْتَ م َا بَي ّن ْت ُه ُ من ِإ يجَازِ‬
‫ن َ‬ ‫الآي بَلْ أَ كْ ثَر َ الْقُر ْآ ِ‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫عَلَيْه ِ ح َاصِبًا( الآيَة َ و َأَ شْ بَاهَه َا م ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وحكى الأصمعى( هو عبد الملك بن قريب ‪ -‬بضم القاف وفتح الراء ‪ -‬ابن أصمع ولد سَن َة ثَلَاث وَعِشْر ِين ومائة وتوفى سنة ست‬
‫وعشرة ومائتين )*(‬

‫)فصل( الوجه الثاني من إعجازه صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب‬ ‫‪٢.٤.٤‬‬

‫ل ل َ ْفظَة ٍ مِنْهَا جُمَل ًا كَث ِيرة ً و َفُصُول ًا ج ََم ّة ً و َعُلُوم ًا‬


‫تح ْتَ ك ُ ّ ِ‬ ‫يف حُر ُوفِه َا و َتَلاؤ ُ ِم كَل ِمه َا و َأَ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن ت َأْ ل ِ ِ‬
‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫كثْرَة ِ مَع َان ِيهَا وَدِيبَاجَة ِ عِبَارَتِهَا و َ ُ‬
‫الْف َاظِه َا و َ َ‬
‫ن‬
‫ل و َأَ خْ بَارِ الْق ُر ُو ِ‬
‫ص الطّوَا ِ‬ ‫َات عَنْهَا ث َُم ّ ه ُو َ فِي سَرْدِ الْق ِ َ‬
‫ص ِ‬ ‫َت ال ْمَق َالاتُ فِي ال ْمُسْتَن ْبَط ِ‬
‫ض م َا اسْ تُف ِيد َ مِنْهَا وَكَثُر ِ‬ ‫خر َ م ُلِئ َِت ال َد ّو َاوي ُ‬
‫ن من بَعْ ِ‬ ‫زَو َا ِ‬
‫ِف‬ ‫ال َ ّ‬
‫سوَال ِ‬
‫ُف‬
‫ض و َال ْت ِئَا ِم سَرْدِه ِ و َتَنَاص ِ‬ ‫عف فِي عَادَة ِ الْفُصَح َاء ِ عِنْد َه َا الْك َلَام ُ و َيَذْه َبُ م َاء ُ ال ْبَيَا ِ‬
‫ن آيَة ٌ لم ُِت َأمّلِه ِ من ر َب ْطِ الْك َلَام ُ بَعْضِ ه ِ ببَِعْ ٍ‬ ‫التي يَضْ ُ‬

‫حدَة ٍ تُنَس ّي فِي‬ ‫كثْرَة ِ ت َر َ ُدّدِه َا ح ََت ّى تَك َاد َ ك ُ ّ‬


‫ل و َا ِ‬ ‫َت ال ْع ِبَار َاتُ عَنْهَا عَلَى َ‬
‫صصُه ُ اخْ تَلَف ِ‬ ‫ُف عَلَى طُولِهَا ث َُم ّ إذ َا ت َر َ َدّد ْ‬
‫َت ق ِ َ‬ ‫كق َِصّ ة ِ يُوس َ‬
‫وُجُوهِه ِ َ‬

‫ن وَجْه َ مُق َابلَتِهَا وَل َا نُف ُور َ ل ِ ُلن ّف ُو ِ‬


‫س من تَرْدِيدِه َا وَل َا مُع َاد َاة َ لم ُِع َادِه َا‪.‬‬ ‫ِف فِي الْحَسَ ِ‬
‫ن صَاحِبَتَهَا و َتَناص ُ‬
‫ال ْبَيَا ِ‬
‫يب ك َلَا ِم ال ْع َر َِب وَم ِ‬
‫َناهج ن َ ْظمِه َا و َنَثْرِه َا ال َ ّذ ِي‬ ‫ِيب و َا ْل ُأسْ لُوبُ الْغَرِيبُ ال ْم ُخ َال ُِف ل ِأَ سَال ِ ِ‬ ‫)فصل( ال ْوَجْه ُ َ‬
‫الث ّانِي من ِإعْجَازِه ِ صُورَة ُ ن َ ْظمِه ِ العَج ِ‬
‫ل كلمات إليْه ِ و َل َ ْم يُوج َ ْد قَبْلَه ُ وَل َا بَعْدَه ُ نَظ ِير ٌ لَه ُ وَل َا اسْ تطَاعَ أَ حَدٌ مُمَاثلََة َ شئ مِن ْه ُ بَلْ ح َار ْ‬
‫َت‬ ‫ص ُ‬
‫َت مَق َاطِـ ُع آيِه ِ و َانْتَه َْت ف َوَا ِ‬
‫ج َاء َ عَلَيْه ِ وَو َقَف ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٢٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫شعْرٍ و َلَم ّا سمع ك َلَام َه ُ صَلَ ّى‬ ‫س ك َلامِه ِ ْم من نَثْرٍ أَ ْو ن َ ْظ ٍم أَ ْو سَ ج ٍْع أَ ْو ر َ ْ‬


‫جز ٍ أَ ْو ِ‬ ‫ف ِيه ِ عُق ُولُه ُ ْم و َت َد َل ّه َْت د ُونَه ُ أَ حْلامُه ُ ْم و َل َ ْم يَه ْتَد ُوا ِإلَى مِثْلِه ِ فِي ِ‬
‫جن ْ ِ‬
‫ل والل ّٰه م َا مِنْك ُ ْم أَ حَدٌ أع ْلَم ُ ب ِالْأَ شْ ع َارِ م ِن ّي والل ّٰه م َا‬
‫ل مُنْك ِرًا عَلَيْه ِ قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ال ْوَلِيد ُ بن ال ْم ُغ ِيرَة ِ و َق َرأ عَلَيْه ِ الْقُر ْآنَ ر َ َّق فَجَاءَه ُ أَ بُو َ‬
‫ج ْه ٍ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫شي ْئًا من هَذ َا‪ ،‬و َفِي خ َبَرِه ِ الآخر ِ حِينَ جَم َ َع ق ُر َيْش ًا عند حضور‬ ‫ل َ‬ ‫يُشْب ِه ُ ال َ ّذ ِي يَق ُو ُ‬
‫__________‬
‫)قوله وتدلهت( بفتح الدال المهملة واللام المشددة من التدلى‪ ،‬وهو ذهاب العقل من الهوى )*(‬
‫ل والل ّٰه م َا ه ُو َ بِك َاه ِن م َا ه ُو َ ب ِزَم َْزم َتِه ِ‬
‫ن قَا َ‬
‫ضك ُ ْم بَعْضًا فَق َالُوا نقول ك َاه ِ ٌ‬ ‫ل إ َّ‬
‫ن و ُف ُود َ الْع َر َِب تَرِد ُ ف َأَ ْجم ِع ُوا ف ِيه ِ ر َأْ ي ًا ل َا يُكَذِّبُ بَعْ ُ‬ ‫ال ْمَو ْس ِ ِم و َقَا َ‬
‫شعْر َ ك َُل ّه ُ ر َ ْ‬
‫جزَه ُ و َه َزَج َه ُ‬ ‫ل م َا ه ُو َ بِش َاعِر ٍ ق َ ْد ع َرَف ْنَا ال ّ‬
‫ن وَل َا بِ خَنْقِه ِ وَل َا و َسْ وَسَتِه ِ قَالُوا فَنَق ُول شَاع ٌِر قَا َ‬
‫ل م َا ه ُو َ بِم َجْ ن ُو ٍ‬
‫ن قَا َ‬ ‫وَل َا سَ ج ْعِه ِ قَالُوا َ‬
‫مج ْن ُو ٌ‬
‫ل م َا أَ ن ْتُم ْ بِق َائِلِينَ من‬
‫حر ِ وَل َا نَفْثِه ِ وَل َا ع َ ْقدِه ِ قالوا‪ :‬فما نقول قَا َ‬
‫ل م َا ه ُو َ بِس َا ِ‬
‫حر ٌ قَا َ‬
‫ل سَا ِ‬
‫و َقَرِ يضَه ُ وَمَبْس ُوطَه ُ وَمَقْب ُوضَه ُ م َا ه ُو َ بِش َاعِر ٍ قَالُوا فَنَق ُو ُ‬
‫هَذ َا‬
‫ِ‬
‫جه ِ و َال ْمَر ْء وعشيرته‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حر ٌ ف َ َإن ّه ُ سِ ح ْر ٌ يُف َر ّق بَيْنَ ال ْمَر ْء واب ْنِه ِ والمرء وأخيه و َالْمر ْء وز َ ْو ِ‬
‫ل َأن ّه ُ سَا ِ‬ ‫ل و َِإ َ ّ‬
‫ن أَ ق ْر َبَ الْقَو ْ ِ‬ ‫ِف َأن ّه ُ ب َاطِ ٌ‬
‫شي ْئًا إ َلّا و َأَ ن َا أَ ْعر ُ‬
‫َ‬

‫ل ع ُتَب َة ُ بن ر َبيِع َة َ حِينَ‬


‫َات و َقَا َ‬
‫الل ّه تَع َالَى فِي ال ْوَلِيدِ )ذ َ ْرنِي وَم َنْ خ َلَقْتُ وَحِيدًا( الآي ِ‬
‫ل َ‬ ‫اس ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫فتفرقوا وَج َلَس ُوا عَلَى ال ُ ّ‬
‫سب ُل يُح َ ّذر ُونَ َ‬
‫شي ْئًا إ َلّا و َق َ ْد عَلِم ْت ُه ُ وقرأته و َقلُ ْت ُه ُ والل ّٰه لَق َ ْد سَم ْعتُ قَوْل ًا والل ّٰه م َا سَمِعْتُ م ِثلَه ُ ق ُ َّط م َا ه ُو َ ب ِال ِّ‬
‫شعْرِ‬ ‫سَم ِـ َع الْقُر ْآنَ‪ :‬ي َا قَو ْم ق َ ْد عَلِم ْتُم ْ أني ل َ ْم أَ ت ْر ُ ْ‬
‫ك َ‬
‫َديث إسْ لَا ِم أبى ذر‬
‫نح ْوَه ُ و َفِي ح ِ‬
‫ِث َ‬
‫ل النَضْر ُ بن الْحا َر ِ‬
‫كه َانَة ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫وَل َا ب ِالسّحْ رِ وَل َا ب ِال ْـ َ‬
‫__________‬
‫)قوله م َا ه ُو َ ب ِزَم َْزم َتِه ِ( الزمزمة صوت خفى لا يكاد يفهم )قوله ولا بخنقه( في الصحاح الخنق بكسر النون مصدر خنقه يخنقه وفى‬
‫مطالع ابن قرقول أنه بفتح النون وإسكانها )قوله وَل َا نَفْثِه ِ وَل َا عقده( كان الساحر يعقد خيطا ثم ينفث عليه )قوله ولا بالـكهانة(‬
‫الكاهن الذى يخـبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعى معرفه الأسرار ويزعم أن له تابعا من الجن وراميا يلقى إليه الأخبار وأما‬
‫من يزعم أنه يعرف الأمور بأسباب يستدل بها من كلم من سأله أو فعله أو حاله مثل أن يدعى معرفة الشئ المسروق ومكان الضالة‬
‫فهذا يخصونه باسم العراف )*(‬

‫ل والل ّٰه م َا سَمِعْتُ ب ِأَ شْ ع َر َ من أَ خِي ُأنَي ْ ٍ‬


‫س لَق َ ْد ن َاق ََض اث ْن َي ع َشَر َ شَاعِرًا فِي الْجا َه ِل َِي ّة ِ أنا أحدهم وأنه انْطَل َ َ‬
‫ق ِإلَى‬ ‫َف أَ خ َاه ُ ُأنيسًا فَق َا َ‬
‫وَوَص َ‬

‫كه َنَة ِ فما‬


‫ل ال ْـ َ‬
‫حر ٌ لَق َ ْد سَمِعْتُ قَو ْ َ‬
‫ن سَا ِ‬ ‫ل يَق ُولُون شَاع ٌِر ك َاه ِ ٌ‬ ‫اس قَا َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ قلُ ْتُ فما يَق ُو ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫م َ َك ّة َ وَج َاء ِإلَى أَ بِي ذَرّ بِ خـ َبَر ِ َ‬
‫َ‬
‫وإن ّه ُ لَصَادِقٌ و َإ َ ّنه ُ ْم لَك َاذِبُونَ‪ ،‬و َالْأَ خْ بَار ُ فِي هَذ َا‬
‫شعْر ٌ َ‬
‫ن أَ حَدٍ بَعْدِي َأن ّه ُ ِ‬‫شعْر فلم يلَ ْتَئِم ْ وَم َا يلَ ْتَئ ِم ُ عَلَى لِسَا ٍ‬‫ضعْت ُه ُ عَلَى أَ ق ْرَاء ِ ال ّ‬
‫ه ُو َ بِقَو ْلِه ِ ْم و َلَق َ ْد و َ َ‬

‫الن ّو ْعَي ْن ال ِْإ يجَاز ُ و َال ْبَلَاغ َة ُ بِذ َاتِهَا و َا ْل ُأسْ لُوبُ الغَرِيبُ بِذ َاتِه ِ‬
‫ن َ‬ ‫حدٍ م ِ َ‬
‫ل و َا ِ‬
‫صَ ح ِيح َة ٌ كَث ِيرَة ٌ و َال ِْإعْجاز ُ بِك ُ ّ‬

‫حتِهَا‬
‫َارج ع َنْ ق ُ ْدرَتِهَا م ُبَاي ِ ٌن لِفَصَا َ‬
‫حدٍ خ ٍ‬ ‫ل و َا ِ‬ ‫حدٍ مِنْهُم َا ِإ ْذ ك ُ ُ ّ‬ ‫ق ل َ ْم ت َ ْقدِرِ الْع َر َبُ عَلَى ال ِْإت ْيَا ِ‬
‫ن ب ِوَا ِ‬ ‫حدٍ مِنْهُم َا نَوْع ُ إعْجَا ٍز عَلَى َ‬
‫الت ّحْ ق ِي ِ‬ ‫ل و َا ِ‬‫كُ ُ ّ‬

‫وب و َأتَى عَلَى‬


‫ُوع البلاغَة ِ و َالْأسْ ل ُ ِ‬ ‫ن الإعْجَاز َ فِي مَج ْم ِ‬ ‫ْض ال ْم ُقتَد َى بهم ِإلَى أَ َ ّ‬ ‫ح ّقق ِينَ وَذ َه َبَ بَع ُ‬ ‫حدٍ من أَ ئ َِم ّة ِ ال ْم ُ َ‬ ‫وَك َلَامِهَا‪ ،‬و َِإلَى هَذ َا ذ َه َبَ غَي ْر ُ و َا ِ‬

‫ح م َا ق َ ّدمْنَاه ُ و َال ْعِلْم ُ بِهَذ َا كله ضرورة وقطعا وَم َنْ تَف َنَ ّنَ فِي عُلُو ِم ال ْبَلَاغَة ِ و َأرْه ََف‬ ‫ل تَم ُ ُج ّه ُ الْأَ سْمَاع ُ و َتَنْف ِر ُ مِن ْه ُ الْق ُلُوبُ و َ‬
‫َالصّ حِي ُ‬ ‫ك بِقَو ْ ٍ‬
‫ذَل ِ َ‬

‫ل َإن ّه ُ م َِم ّا جُم ِـ َع‬ ‫ل ال ُ ّ‬


‫س َن ّة ِ فِي وَجْه ِ عَجْزِه ِ ْم عَن ْه ُ ف َأَ كْ ث َر ُه ُ ْم يَق ُو ُ‬ ‫ف أئمة أَ ه ْ ُ‬
‫ْف عَلَيْه ِ م َا قلُ ْنَا و َق َد اخْ تَل َ َ‬ ‫خ َاطِرَه ُ و َلِسَانَه ُ أَ د َبَ هَذِه ِ الصّ نَاعَة ِ ل َ ْم َ‬
‫يخ َ‬
‫ن ن َ ْظمِه ِ وإيجازه وبديع تأليفهم و َ ُأسْ لُوبِه ِ ل َا يَصِ ُحّ أن يكون في‬
‫س ِ‬ ‫فِي ق َُو ّة ٍ ج َزالتِه ِ و َنَصَاعَة ِ ألْف َاظِه ِ و َ ُ‬
‫ح ْ‬
‫__________‬
‫)قوله ناقض( بالضاد المعجمة على وزن فاعل من نقض البناء أي هدمه )قوله أقراء الشعر( بفتح الهمزة وسكون القاف والمد أي‬
‫طرقه وأنواعه قاله الهروي )قوله وأرهف( أي رفق )*(‬
‫ن‬
‫خ أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ق عَلَيْهَا ك َإحْ يَاء ِ ال ْمَو ْتَى و َقَل ِ‬
‫ْب الْعَصَا و َتَسب ِيح الْحَصَا وَذ َه َبَ ال َ ّ‬ ‫م َ ْقد ُورِ ال ْب َشَر ِ و ََأن ّه ُ من باب الْخَوَارِ ِ‬
‫ق ال ْمُمْتَنِعَة ِ ع َنْ أَ قْد َارِ الْخَل ْ ِ‬
‫ل‬ ‫الل ّه عَلَيْه ِ و َلـَك َِن ّه ُ ل َ ْم يَكُنْ هَذ َا وَل َا يَكُونُ فَمَن َعَهُم ُ َ‬
‫الل ّه هَذ َا وعَج ّز َه ُ ْم عَن ْه ُ و َقَا َ‬ ‫تح ْتَ م َ ْقد ُورِ ال ْب َشَر ِ و َيُقدر ُهُم ُ َ‬
‫ل مِثْلُه ُ َ‬
‫ن أَ ْن ي َ ْدخ ُ َ‬ ‫ِإلَى َأن ّه ُ م َِم ّا يُم ْ ِ‬
‫ك ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫طرِ يق َيْنِ فَع َجْ ز ُ الْع َر َِب عَن ْه ُ ث َاب ِتٌ و َِإقَام َة ُ الْ َحجُ ّة ِ عَلَيْهِم ُ بِمَا يَصِ ُحّ أَ ْن يكون فِي م َ ْقد ُورِ ال ْب َشَر ِ وَتَحَدّيه ِ ْم ب ِأَ ْن ي َأْ تُوا‬
‫صحَابِه ِ و َعَلَى ال ّ‬
‫بِه ِ جَمَاعة ٌ من أَ ْ‬

‫حر َى ب َِالت ّ ْقرِ يع والاحتاج بمجئ بشر مثلهم بشئ لَي َ‬


‫ْس من ق ُ ْدرَة ٍ ال ْب َشَر ِ لازِم ٌ و َه ُو َ أَ بْه َر ُ آية ٍ و َأَ ق ْم َ ُع د َلالَة ٍ‬ ‫بِمِثْلِه ِ قَاطِـ ٌع و َه ُو َ أَ بْل َ ُغ فِي التّعْجِيز ِ و َأَ ْ‬
‫ل‬
‫ك بِمَق َا ٍ‬
‫ل فما أتَو ْا فِي ذَل ِ َ‬
‫ل ح َا ٍ‬
‫وعلى ك ُ ّ ِ‬
‫ك اخْ ت ِيَار ًا وَل َا‬ ‫ْف و َإب َاءة ِ َ‬
‫الضّ ي ِْم بِ حَي ْثُ ل َا يُؤ ْث ِر ُونَ ذَل ِ َ‬ ‫الصّ غ َارِ و َال ُ ّذ ّل وَكانُوا من شُم ِ‬
‫ُوخ الْأَ ن ِ‬ ‫َات َ‬ ‫بَلْ صَب َر ُوا عَلَى الْجلََاء ِ و َالْقَت ْ ِ‬
‫ل وَتَج ََر ّع ُوا ك َاس ِ‬
‫َ‬
‫ح و َقَط ِْع ال ْع ُ ْذرِ و َإفْحَام الْخَص ْ ِم لَدَيْه ِ ْم و َه ُ ْم‬
‫ل بِهَا أَ ه ْوَنُ عَلَيْهِم ُ و َأَ سْرَع ُ ب َِالن ّجْ ِ‬ ‫ضو ْنَه ُ إ َلّا اضْ ط ِرار ًا و َِإ َلّا فَال ْمُع َار َضة ُ لَو ْ ك َان َْت من قُدَرِه ِ ْم و َال ُ ّ‬
‫شغ ْ ُ‬ ‫يَرْ َ‬
‫ظه ُورِه ِ و َإطْ ف َاء ِ‬
‫ج ْهد َه و َاسْ تَنْفَذ َ م َا عِنْدَه ُ فِي إخْ ف َاء ِ ُ‬ ‫م َِم ّنْ لَه ُ ْم ق ُ ْدرَة ٌ عَلَى الْك َلَا ِم و َق ُ ْدوَة ٌ فِي ال ْمَعْرِفَة ِ بِه ِ ِلجم َ ِ ِ‬
‫يع الْأَ ن َا ِم وَم َا مِنْه ُ ْم إ َلّا من َ‬
‫جهَد َ َ‬
‫ِ‬
‫شف َاهِه ِ ْم وَل َا أَ تَو ْا بنِ ُ ْطفَة ٍ من م ُع ِينِ م ِيَاهِه ِ ْم *‬
‫ات ِ‬
‫نوره فما جلا في ذلك خبيثة من بَن َ ِ‬
‫__________‬
‫قوله على الجلاء( بفتح الجيم والمد‪ :‬أي الخروج من البلد )قوله الأنف( بهمزة ونون مضمومتين جمع أنف بفتح الهمزة وسكون النون‬
‫)قوله من قدرهم( بضم القاف وفتح الدال جمع قدرة )قوله بنطفة( بالطاء المهملة والفاء أي بشئ يسير )*(‬

‫)فصل( الوجه الثالث من الإعجاز ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات‬ ‫‪٢.٤.٥‬‬

‫ن من ِإعْجَازِه ِ‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫الن ّو ْعَا ِ‬ ‫كثْرَة ِ الْعَدَدِ و َتَظاهُرِ ال ْوَالِد ِ وَم َا وَلَد َ بَلْ أَ بْلَس ُوا فما نَبَس ُوا وَم ُن ِع ُوا فَانْقَطَع ُوا فَه َذا ِ‬
‫ل الْأَ مَدِ و َ َ‬
‫م َ َع طُو ِ‬
‫جد َ كَمَا وَرَد َ عَلَى ال ْوَجْه ِ ال َ ّذ ِي أَ خْبَر َ‬ ‫ن الْأَ خْ بَارِ ب ِال ْم ُغ ََي ّب َ ِ‬
‫ات وَم َا ل َ ْم يَكُنْ و َل َ ْم يَق َعْ ف َو ُ ِ‬ ‫ن ال ِْإعْجَازِ م َا انْطَو َى عَلَيْه ِ م ِ َ‬ ‫)فصل( ال ْوَجْه ُ َ‬
‫الث ّال ِثُ م ِ َ‬
‫الل ّه ُ آم ِنِينَ( و َقَو ْلُه ُ تَع َالَى )و َه ُ ْم م ِنْ بَعْدِ غَلَبِه ِ ْم سَيَغْلِب ُونَ( وقوله )ليظهره عليه الدين كله(‬
‫جد َ الْحَرَام َ ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫كقَو ْلِه ِ تَع َالَى )لَت َ ْدخ ُل ُ َنّ ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫َ‬
‫الل ّه ِ و َالْفَتْحُ( ِإلَى آخِره َا فَك َان‬ ‫ات لَيَسْتَخْلِف َنّه ُ ْم في الأرض( الآيَة َ و َقَو ْلِه ِ ِ‬
‫)إذ َا ج َاء َ نَصْر ُ َ‬ ‫ن آم َن ُوا مِنْك ُ ْم و َعَم ِلُوا َ‬
‫الصّ الِ ح َ ِ‬ ‫الل ّه ُ ال َ ّذ ِي َ‬
‫و َقَو ْلُه ُ )و َعَد َ َ‬
‫س َل ّم َ و َفِي بِلادِ الْع َر َِب‬ ‫اس فِي ال ِْإسْ لَام أف ْوَاج ًا فما م َاتَ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ِس فِي ب ِضْ ع سِنِينَ‪ ،‬وَدَخ َ َ‬ ‫ل فَغَلَب َِت ُ‬
‫الر ّوم ُ فَار َ‬ ‫جَم ِي ُع هَذ َا كَمَا قَا َ‬
‫ن ف ِيهَا دِينَه ُ ْم وَم ََل ّـكَه ُ ْم إ ي ّاه َا من أقصى المشار ِإلَى أَ ق ْص َى‬ ‫ض وَم َ َ ّ‬
‫ك َ‬ ‫الل ّه ال ْمُؤْم ِنينَ فِي الْأَ ْر ِ‬
‫ف َ‬ ‫ك ُلّه َا مَوْضِـ ٌع ل َ ْم ي َ ْدخُل ْه ُ ال ِْإسْ لَام واسْ تَخْل َ َ‬
‫ن‬
‫نح ْ ُ‬ ‫ك ُأ َمّتِي م َا روى ل ِي مِنْهَا و َقَو ْلُه ُ ِ‬
‫)إ َن ّا َ‬ ‫ْض ف َُأرِيتُ مَشَارِقَه َا وَمَغ َارِ بَهَا وَسَيب ْل ُ ُغ مُل ْ ُ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم ذويت لِي َ الْأَ ر ُ‬ ‫َارب كَمَا قَا َ‬
‫ال ْمَغ ِ‬
‫طلَة ِ ل َا َِ‬
‫س ّيم َا الْق َرَامِطَة ُ ف َأجْم َع ُوا‬ ‫حدَة ِ و َال ْم ُع َ َ ّ‬
‫ن ال ْمُل ْ ِ‬
‫مح ْكمِه ِ م ِ َ‬
‫ل ُ‬ ‫ك ل َا يَك َاد ُ يُع َ ُ ّد من َ‬
‫سع َى فِي تَغْي ِيره ِ و َتَبْدِي ِ‬ ‫نَز ّل ْنَا الذِّك ْر َ و َِإ َن ّا لَه ُ لحافظون( لكان كَذَل ِ َ‬
‫حو ْلَه ُ ْم و َق َُو ّتَهُم ُ ال ْيَوْم َ نيفا‬
‫كيْد َه ُ ْم و َ َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله نبسوا( بنون وموحدة مخففة ومشددة مفتوحتين وسين مهملة في الصحاح يا نبس بكلمة أي ما تكلم )قوله زويت( بالزاى المضمومة‬
‫أي جمعت )قوله لقرامطة( هم أتباع حمدان القرمطى )قوله نيفا( النيف بفتح النون وسكون المثناة التحتية أو كسرها وتشديدها‪:‬‬
‫الز يادة )*(‬

‫)فصل( الوجه الرابع ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة‬ ‫‪٢.٤.٦‬‬

‫ْف من حُر ُوفِه ِ و َا ْلحم َْد ُ لل ّٰه‬


‫على خمسمائة عام فَمَا قَدَر ُوا على إطفاء شئ من نُورِه ِ وَل َا تَغْي ِير ِ كَل ِمَة ٍ من ك َلامِه ِ ولا تشكبك ال ْمُسْل ِمينَ فِي حَر ٍ‬
‫ل رَسُولَه ُ ب ِال ْهُد َى( الآية و َقَو ْلُه ُ)لَنْ‬ ‫سيُه ْزَم ُ ا ْلجم َْعُ‪ ،‬يولون الدبر( و َقَو ْلُه ُ)قَاتِلُوه ُ ْم يُع َ ّذِبْهُم ُ الل ّٰه بأيديكم( الآية و َقَو ْلُه ُ)ه ُو َ ال َ ّذ ِي أَ ْر َ‬
‫س َ‬ ‫منه قَو ْلُه ُ) َ‬
‫ْف أَ سْر َار َ ال ْمُنَافِق ِينَ و َالْيَه ُودِ وَم َقالِه ِ ْم وَكَذِبِه ِ ْم فِي ح َلِفِه ِ ْم و َتْق ِر يعِه ِ ْم‬
‫كش ِ‬
‫ك وَم َا ف ِيه ِ من َ‬ ‫يَض ُ ُرّوك ُ ْم إلا أذى إن يقاتلوكم( الآية فكان ك ُ ُ ّ‬
‫ل ذَل ِ َ‬
‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن ه َاد ُوا‬ ‫يخْف ُونَ فِي أنفسهم مالا يبدون لك( لآية و َقَو ْلُه ُ )م ِ َ‬
‫كقَو ْلِه ِ )و َيَق ُولُونَ فِي أَ نْفُسِه ِ ْم لَو ْلا يعذبا الل ّٰه مما نقول( و َقَو ْلُه ُ ) ُ‬
‫ك َ‬
‫بِذَل ِ َ‬
‫الل ّه واعتقده‬ ‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن ه َاد ُوا يُح َرِّف ُونَ الْكَل ِم َ ع َنْ م َوَاضِعِه ِ ‪ِ -‬إلَى قَو ْلِه ِ ‪ -‬فِي الد ِّينِ( وقد قال مبديا ما قدره َ‬ ‫س ََم ّاع ُونَ لِل ْـكَذ ِ‬
‫ِب( الآية‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ)م ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)إ َن ّا َ‬
‫كفَي ْنَاك َ‬ ‫َات ال َ ّ‬
‫شوْكَة ِ تَكُونُ لـَكُمْ( وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى ِ‬ ‫طائِف َتَيْنِ أَ َ ّنهَا لـَك ُ ْم و َتَو َ ُدّونَ أَ َ ّ‬
‫ن غَيْر َ ذ ِ‬ ‫المؤمنون يوم بدر )و َِإ ْذ يَعِد ُكُم ُ َ‬
‫الل ّه ُ ِإحْد َى ال َ ّ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ت بشَ ّر َ َ‬
‫ستَهْزِئِينَ( و َلَم ّا ن َزَل َ ْ‬
‫ال ْم ُ ْ‬
‫ن َ‬
‫الن ّاسِ(‬ ‫ك مِ َ‬
‫اس عَن ْه ُ و َيُؤْذ ُونَه ُ فَه َلـَكُوا‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ )و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬ ‫الل ّه كف َاه ُ إ ي ّاه ُ ْم وَك َانَ المستهزؤن نَف َرًا بِم َ َك ّة َ يُنَفّر ُونَ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫صحَابَه ُ ب ِأَ َ ّ‬
‫ك أَ ْ‬
‫بِذَل ِ َ‬
‫ك مَعْر ُوف َة ٌ صَ ح ِيح َة ٌ‪.‬‬ ‫كثْرَة ِ من ر َام َ ض ُ َرّه ُ و َق َ َ‬
‫صد َ قَتْلَه ُ و َالْأَ خْ بَار ُ بِذَل ِ َ‬ ‫ك عَلَى َ‬
‫فكان كَذَل ِ َ‬
‫حدَة ُ ِإ َلّا الْف َ ُ ّذ‬ ‫سالِفَة ِ و َا ْل ُأم َ ِم البَائِدَة ِ و َال َش ّر َائ ِ‬
‫ِـع ال َد ّاث ِرَة ِ م َِم ّا ك َانَ ل َا يَعْلَم ُ مِن ْه ُ الْق َِصّ ة ُ ال ْوَا ِ‬ ‫ن ال َ ّ‬ ‫)فصل( ال ْوَجْه ُ َ‬
‫الر ّاب ِـ ُع م َا أَ ن ْب َأَ بِه ِ من أَ خْ بَارِ الْق ُر ُو ِ‬
‫__________‬
‫)قوله إلا الفذ( بفتح الفاء وتشديد الذال المعجمة‪.‬‬
‫أي الفرد )*(‬
‫ِف الْع َالِم ُ‬
‫س َل ّم َ عَلَى و َجْ هِه ِ و َي َأتِي بِه ِ عَلَى نَصّ ه ِ فَيَعْتَر ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫اب ال َ ّذ ِي قَطَ َع ع ُم ُرَه ُ فِي تَع َ ُل ّم ِ ذَل ِ َ‬
‫ك فَي ُوردُه ُ َ‬ ‫ل الْكِت َ ِ‬
‫من أخبار أَ ه ْ ِ‬

‫سة ٍ وَل َا م ُثَافَنَة ٍ‬ ‫س َل ّم َ ُأمّيّ ل َا يَقْر َُأ وَل َا يَكْت ُبُ وَل َا اشْ تَغ َ َ‬
‫ل بِمُد َار َ َ‬ ‫ن مِثْلَه ُ ل َ ْم يَنَل ْه ُ بتَِعْل ٍِيم و َق َ ْد عَل ِم ُوا َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫صدْقِه ِ و َأ َ ّ‬
‫ك بَصِ َحّ تِه ِ و َ ِ‬
‫بِذَل ِ َ‬

‫ن‬
‫ن الْقُر ْآ ِ‬ ‫س َل ّم َ ع َنْ هَذ َا فَيَنْز ِ ُ‬
‫ل عَلَيْه ِ م ِ َ‬ ‫اب كَث ِير ًا م َا يَسْالُونَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل الْكِت َ ِ‬
‫ل ح َالَه ُ أَ حَدٌ مِنْه ُ ْم و َق َ ْد ك َانَ أَ ه ْ ُ‬ ‫و َل َ ْم يَغ ِْب عَنْه ُ ْم وَل َا َ‬
‫جه ِ َ‬
‫ص الْأَ ن ْب ِيَاء ِ م َ َع قَوْمِه ِ ْم وَخ َب َر م ُوس َى و َالْخِضْر ِ و يوسف وإخوته‬ ‫ص ِ‬ ‫كق ِ َ‬‫م َا يَت ْلُو عَلَيْهِم ُ مِن ْه ُ ذِك ْرًا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ولا مثافنة( بالمثلثة والفاء والنون في الصحاح ثافنت فلانا جالسته و يقال اشتقاقه من الثفنة‪ ،‬واحدة ثقنات البعير وهو ما يقع على‬
‫الأرض من أعضائه إذا استناخ وغلظ كالركبتين كأنك ألصقت ثفنة ركبتك بثفنة ركبته )قوله الخضر( بفتح أوله وكسر ثانيه و يجوز‬
‫كسر أوله وسكون ثانيه سمى خضرا لأنه جلس على فروة فإذا هي تهتز خلفه خضراء والفروة الحشيش اليابس وقيل لأنه إذا جلس‬
‫اخضر ما حوله‪ ،‬واختلف هل كان وليا أو نبيا والقاتلون بأنه نبى‬
‫اختلفوا هل كان رسولا أم لا قال الثعلبي نبى على جميع الأقوال معمر محجب عن الأبصار‪ ،‬قال ابن الصلاح وهو حى عند جماهير‬
‫العلماء والصالحـين والعامة وقال البخاري وطائفة منهم الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر بن العربي َإن ّه مات قَب ْل انقضاء المائة لقوله صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد والجواب أن هذا الحديث عام فيمن يشاهده الناس‬
‫و يخالطونه لا فيمن ليس كذلك كالخضر بدليل أن الدجال خارج عن هذا الحديث لما روى مسلم من حديث الجساسة الدالة على‬
‫وجود الدجال في زمن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وعلى بقائه إلى زمن ظهوره مع أن مسلما روى عن ابن عمر أن المراد بقوله صلى الل ّٰه‬
‫عليه وسلم على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد انخرام ذلك القرن )*(‬
‫حف إ ب ْر َاه ِيم َ‬ ‫لو َ‬
‫َالز ّبُورِ و َصُ ِ‬ ‫الت ّوْر َاة ِ وال ِْإنْ ج ِي ِ‬ ‫ن الْأَ ن ْبَاء ِ و َبَدْء ِ الْخَل ْ ِ‬
‫ق وَم َا فِي َ‬ ‫ك مِ َ‬
‫ْف وَذِي الْقَر ْنَيْنِ و َل ُ ْقم َانَ و َاب ْنِه ِ و َأَ شْ بَاه ِ ذَل ِ َ‬
‫اب ال ْـكَه ِ‬
‫صح َ ِ‬
‫و َأَ ْ‬

‫شقِيٍّ‬
‫ق لَه ُ من خَيْرٍ وَم ِنْ َ‬
‫ن بِمَا سَب َ َ‬ ‫ك فمَ ِنْ م ُو ََف ّ ٍ‬
‫ق آم َ َ‬ ‫ص َ ّدق َه ُ ف ِيه ِ ال ْع ُلمَاء ُ بِهَا و َل َ ْم ي َ ْقدِر ُوا عَلَى تَكْذِيب م َا ذُك ِر َ مِنْهَا بَلْ أَ ْذع َن ُوا لِذَل ِ َ‬
‫وَم ُوس َى م َِم ّا َ‬

‫جه ِ عَلَيْه ِ ْم بِمَا‬


‫ل احْ ت ِج َا ِ‬ ‫ش َ ّدة ِ عَد َاوَتِه ِ ْم لَه ُ و َ ِ‬
‫ح ْرصِه ِ ْم عَلَى تَكذِيبه ِ وَطُو ِ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّصَار َى و َالْيَه ُودِ عَلَى ِ‬ ‫حدٍ م ِ َ‬
‫ك ع َنْ و َا ِ‬ ‫سدٍ ومع هَذ َا ل َ ْم ُ‬
‫يح ْ َ‬ ‫مُع َانِدٍ ح َا ِ‬
‫س َل ّم َ و َتَعْن ِيتِه ِ ْم إ َي ّاه ُ ع َنْ أَ خْ بَارِ أن ْب ِيَائِه ِم و َأسْر َارِ عُلُومِه ِ ْم‬ ‫كثْرَة ِ سُؤالِه ِ ْم لَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حفُه ُ ْم و َ َ‬
‫فِي كُتُبِه ِ ْم و َتَقْر يعِه ِ ْم بما انظوت عَلَيْه ِ مَصَا ِ‬
‫ْف وَع ِيس َى‬
‫كه ِ‬
‫اب ال ْـ َ‬
‫صح َ ِ‬ ‫الر ّ ِ‬
‫وح وَذِي الْقَر ْنَيْنِ و َأَ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل سُؤالِه ِ ْم ع َ َ‬ ‫ض َمّن َ ِ‬
‫ات كُتُبِه ِ ْم مِث ْ ُ‬ ‫ات سِيرِه ِ ْم و َِإع ْلامِه ِ لَه ُ ْم بِمَكْت ُوم شَر َائ ِع ِه ْم وَم ُ َ‬
‫وَمُسْت َود َع َ ِ‬

‫ك‬
‫َت عَلَيْه ِم بَبَغْيِه ِ ْم و َقَو ْلُه ُ ذَل ِ َ‬ ‫ات ك َان َْت ُأح َِل ّ ْ‬
‫ت لَه ُ ْم فَحُرِ ّم ْ‬ ‫ن الأنْع َا ِم وَم ِنْ ط ََي ّب َ ٍ‬
‫سه ِ وَم َا حُرِّم َ عَلَيْه ِم م ِ َ‬ ‫الر ّجْ م وَم َا ح َرّم َ إسْر َائيِ ُ‬
‫ل عَلَى ن َ ْف ِ‬ ‫وَح ُ ْكم ِ َ‬
‫م َثَلُه ُ ْم‬
‫ك من ُأم ُورِهِم ُ التي ن َز َ َ‬
‫ل ف ِيهَا القرآن‬ ‫فِي َ‬
‫الت ّوْر َاة ِ وَم َثَلُه ُ ْم فِي الإنجيل و َغَي ْر ُ ذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫ل فِي قَو ْلِه ِ تعالى‬
‫ل ل َا أ ْدرِي هو نبى أم لا و َق ِي َ‬
‫)قوله وذى القرنين( روى الحاكم في المستدرك أنه عليه السلام سأل عن ذى القرنين فَق َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)وآتيناه من كل شئ سببا( أي علما ينفعه في قوله تعالى )فأتبع سببا( أي طر يقة موصلة وقال ابن هشام في غير السيرة السبب حبل‬
‫من نور كان ملك يمشى به بين يديه فيتبعه‪ ،‬وروي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة( قال سأل ابن الـكوا علي بن أبي طالب فقال أرأيت‬
‫ذا القرنين أنبيا كان أم ملكا فقال‪ :‬لانبياء كان ولا ملكا ولـكن كان عمدا صالحا دعا قومه إلى عبادة الل ّٰه فضربوه على قرنى رأسه‬
‫ضربتين وفيكم مثله يعنى نفسه انتهى وقيل كانت له ضفيرتان من شعر العرب فسمى الضفيرة من الشعر قرنا )*(‬

‫)فصل( هذه الوجوه الأربعة من إعجازه‬ ‫‪٢.٤.٧‬‬

‫حسَدِه ِ‬
‫ق مقالته واعترف بعاده و َ َ‬ ‫ح ب ِصِ َح ّة ِ نُب ُ َو ّتِه ِ و َ ِ‬
‫ص ْد ِ‬ ‫ك أَ ْو ك َ َذّبَه ُ بَلْ أَ كْ ث ُر ُه ُ ْم ص َ َرّ َ‬
‫ك َأن ّه ُ أن ْك َر َ ذَل ِ َ‬ ‫ف َأَ ج َابَه ُ ْم وَع َ َّرفَه ُ ْم بِمَا ُأو ِ‬
‫حي َ إليْه ِ من ذَل ِ َ‬
‫ك لم َِا حَك َاه ُ‬ ‫ْض ال ْمُبَاه َتَة ِ و َا َدّعَى أَ َ ّ‬
‫ن ف ِيم َا عِنْد َه ُ ْم من ذَل ِ َ‬ ‫ك بَع ُ‬ ‫إ َي ّاه ُ ك َأَ ه ْ ِ‬
‫ل بحران و َاب ِن صُورِي َا و َاب ْن َ ْي أَ خْ طَبَ و َغَيْرِه ِ ْم وَم َنْ ب َاه َت فِي ذَل ِ َ‬
‫ظالم ُِونَ( فقرع وونخ ودعا‬ ‫كن ْتُم ْ صَادِق ِينَ( ِإلَى قَو ْلِه ِ )ال َ ّ‬ ‫ل لَه ُ )قُلْ ف َأْ تُوا بالتوراة قاتلوها ِإ ْن ُ‬ ‫ْف دَعْوَتِه ِ فَق ِي َ‬ ‫كش ِ‬ ‫مخَالَف َة ً د ُعِ ي َ ِإلَى إقَامَة ِ حُ َ ج ّتِه ِ و َ َ‬
‫ُ‬
‫اف قَو ْلِه ِ‬
‫حدًا مِنْه ُ ْم أظْ ه َر َ خِل َ َ‬ ‫ن و َا ِ‬ ‫ِف بِمَا جَ حَدَه ُ وَم ُت َوَا ٍ‬
‫قِح يلُْقِي عَلَى ف َضِ يحَتِه ِ من ك ِتَابِه ِ يَدَه ُ و َل َ ْم يُؤ ْثَرْ أَ َ ّ‬ ‫ن غَيْر ِ مُم ْتَن ٍ‬
‫ِـع فمَ ِنْ مُعْتَر ٍ‬ ‫ك ٍ‬
‫إلى إحظار مُم ْ ِ‬
‫ن‬
‫تخْف ُونَ م ِ َ‬ ‫اب ق َ ْد ج َاءَك ُ ْم رَسُولُنَا يُبَې ِ ّنُ لـَك ُ ْم كَث ِير ًا م َِم ّا ُ‬
‫كن ْتُم ْ ُ‬ ‫الل ّه تعالى )يا أهل الْكِت َ ِ‬
‫ل َ‬ ‫سق ِيم ًا من صُ حُفِه ِ قَا َ‬
‫من كُتُبِه ِ وَل َا أَ بْد َى صَ ح ِيح ًا وَل َا َ‬
‫اب و يعفوا عن كثير( الآيَتَيْنِ‪.‬‬
‫الْكِت َ ِ‬
‫َت بتَِعْجِيز ِ‬
‫ن ال ْوُجُوه ِ البي ّنَة ِ فِي ِإعْجَازِه ِ من غَيْر ِ هَذِه ِ ال ْوُجُوه ِ آيٌ وَرَد ْ‬
‫)فصل( هَذِه ِ ال ْوُجُوه ُ الْأَ رْبَع َة ُ من ِإعْجَازِه ِ بَي ِّن َه ٌ ل َا ن ِز َاعَ ف ِيهَا وَل َا م ِْر يَة َ وَم ِ َ‬
‫الل ّه ِ خ َالِصَة ً(‬ ‫كقَو ْلِه ِ لِلْيَه ُودِ )قُلْ ِإ ْن ك َان َْت لـَكُم ُ ال َد ّار ُ الآ ِ‬
‫خرَة ُ عِنْد َ َ‬ ‫قَو ْ ٍم فِي قَضَاي َا و َِإع ْلَامِه ِ ْم أَ َ ّنه ُ ْم ل َا يَفَْع َلُونَهَا فَمَا فَع َلُوا وَل َا قَدَر ُوا عَلَى ذَل ِ َ‬
‫ك َ‬
‫ل لَه ُ ْم فَتَم ََن ّوُا الموت و َأَ علَمَه ُ ْم أَ َ ّنه ُ ْم لَنْ يَتمََن ّوْه ُ‬
‫صح ّة ِ الر ِّسالَة ِ ل ِأَ َن ّه ُ قَا َ‬
‫ج فِي هَذِه ِ الآيَة ِ أَ ْعظَم ُ حَ َ ج ّة ٍ و َأَ ظَهر ُ دلالَة ٍ عَلَى ِ َ‬ ‫ل أَ بُو ِإ ْسحَاق َ‬
‫الز ّجّا ُ‬ ‫الآية قَا َ‬

‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم‬ ‫ن َ‬ ‫حدٌ مِنْه ُ ْم وَع َ ِ‬
‫أَ بَد ًا فَل َ ْم يَتمََن ّه ُ و َا ِ‬

‫)فصل( ومنها الروعة التى تلحق قلوب سامعيه‬ ‫‪٢.٤.٨‬‬

‫صدْقَ رَسُولِه ِ و ِ َ‬
‫َصح ّة َ م َا‬ ‫الل ّه ع َنْ تَمَن ّيه ِ وَج َزّعَه ُ ْم لِي ُ ْظه ِر َ ِ‬
‫ل مِنْه ُ ْم إ َلّا غ َ ُّص بِر ِيقِه ِ يَعْنِي يَمُوتُ مَك َانه ُ ف َصَر َفَهُم ُ َ‬
‫والذي ن َ ْفس ِي بيَِدِه ِ ل َا يَق ُولُهَا رَج ُ ٌ‬
‫ل م َا يُر ِيد ُ فَظَه َر َْت بذلك معجزته و َب َان َْت حُ َ ج ّت ُهُ‪ :‬قَا َ‬
‫ل‬ ‫الل ّه يَفْع َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ك ِ‬
‫َص لَو ْ قَدَر ُوا و َلـ َ ِ‬ ‫حي َ إليْه ِ ِإ ْذ ل َ ْم يَتمََن ّه ُ أَ حَدٌ مِنْه ُ ْم وَك َانُوا عَلَى تَكْذِيبِه ِ أ ْ‬
‫حر َ‬ ‫أَ و ِ‬
‫ك نَب َِي ّه ُ ي ُ ْقدِم ُ عَلَيْه ِ ولا يجيب إليه و َهَذ َا مَوْجُود ٌ‬
‫الل ّه بِذَل ِ َ‬ ‫أَ بُو مُحَم ّدٍ الْأَ صِيل ِ ُيّ من أَ عْج َ ِ‬
‫ب أَ ْمرِه ِ ْم َأن ّه ُ ل َا يُوجَد ُ مِنْه ُ ْم جَمَاع َة ٌ وَل َا و َا ِ‬
‫حدٌ من يَو ْم أمر َ‬
‫الل ّه تَع َالَى‬ ‫ل َ‬
‫نج ْرَانَ و َأَ بَوُا ال ِْإسْ لَام ف َأن ْز َ َ‬
‫حي ْثُ و َفَد َ عَلَيْه ِ أَ سَاقِف َة ُ َ‬ ‫ك آيَة ُ ال ْمُبَاهَلَة ِ من هَذ َا ال ْمَعْن َى َ‬ ‫مُشَاهَدٌ لم َِنْ أَ ر َاد َ أَ َ ّ‬
‫ن يَم ْتَحِن َه ُ مِنْهُمْ‪ ،‬وَكَذَل ِ َ‬
‫ل لهم قد علمتهم َأن ّه ُ نَبِ ّي‬ ‫ن الْع َاق ِبَ عَظ ِيمَه ُ ْم قَا َ‬ ‫ك فيه( الآية قامتنعوا مِنْهَا وَرَضُوا ب ِأَ د َاء ِ الْجِز ْيَة ِ وَذَل ِ َ‬
‫ك أَ َ ّ‬ ‫عَلَيْه ِ آيَة َ ال ْمُبَاهَلَة ِ بِقَو ْلِه ِ )فَم َنْ ح َا َجّ َ‬
‫و ََأن ّه ُ مالا عن قَوْم ًا نَبِ ّي ق ُ َّط فَبَقِ َي كَب ِير ُه ُ ْم وَل َا صَغ ِير ُه ُ ْم وَم ِثلُه ُ قَو ْلُه ُ )و َِإ ْن ُ‬
‫كن ْتُم ْ فِي ر َي ٍْب م َِم ّا ن َز ّل ْنَا عَلَى عَبْدِن َا( ِإلَى قَو ْلِه ِ )ف َِإ ْن ل َ ْم ت َ ْفع َلُوا‬
‫الت ّعْجِيز ِ م َا فِي َال ّتِي قَبْلَه َا‪.‬‬
‫ن َ‬ ‫ْب و َلـَكِنْ ف ِيهَا م ِ َ‬
‫ن الْغَي ِ‬
‫َاب الإخْ بَارِ ع َ ِ‬ ‫و َلَنْ تَفْع َلُوا( ف َأَ خْبر َه ُ ْم أَ َ ّنه ُ ْم ل َا يَفَعْلُونَ كَمَا ك َانَ و َهَذِه ِ الآيَة ُ أَ ْدخ َ ُ‬
‫ل فِي ب ِ‬
‫ق قُلُوبَ سَام ِع ِيه ِ و َأَ سْمَاعَه ُ ْم عِنْد َ سَمَاعِه ِ و َال ْهَي ْب َة ُ َال ّتِي تَعْتَر ِيه ِ ْم عِنْد َ تِلاو َتِه ِ لِق ُ َو ّة ِ ح َالِه ِ وإنامة خطره وهى‬ ‫الر ّوْع َة ُ َال ّتِي تلَ ْ َ‬
‫ح ُ‬ ‫)فصل( وَمِنْهَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله إلا غص( بالغين المعجمة والصاد المهملة )قوله أساقفة نجران( الأساقفة جمع أسقف بضم الهمزة وتشديد الفاء وهو رئيس دين‬
‫النصارى وقاضيهم )قوله ونجران( بفتح النون وسكون الجيم منزل للنصارى بين مكة واليمن على سبع مراحل من مكة )‪(*) (١ - ١٨‬‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل تَع َالَى و َيَو ُدّونَ انْقِطَاع َه ُ لـِك َرَاهَتِه ِ ْم لَه ُ و َلِهَذ َا قَا َ‬
‫ل صَلَ ّى َ‬ ‫عَلَى المُكَذِّبِينَ بِه ِ أَ ْعظَم ُ ح ََت ّى ك َانُوا يَسْتَثْق ِلُونَ سَمَاع َه ُ و َيَز ِيد ُه ُ ْم نُف ُور ًا كَمَا قَا َ‬
‫ل ر َ ْوع َت ُه ُ بِه ِ و َهَي ْبَت ُه ُ ِإ ي ّاه ُ م َ َع تِلاو َتِه ِ تُولِيه ِ انْ جِذ َاب ًا و َت َ ْكسِب ُه ُ‬ ‫َب عَلَى من كَر ِه َه ُ و َه ُو َ الْحَكَم ُ و َأَ َمّا ال ْمُؤْم ِ ُ‬
‫ن فَلَا ت َز َا ُ‬ ‫ْب مُسْت َصْ ع ٌ‬
‫صع ٌ‬ ‫س َل ّم َ إ َ ّ‬
‫ن الْقُر ْآنَ َ‬ ‫وَ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫يخْشَوْنَ ر َ َ ّبه ُ ْم ث َُم ّ تلَِينُ ج ُلُود ُه ُ ْم و َقُلُو بُه ُ ْم ِإلَى ذِكْر ِ الل ّٰه( و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫الل ّه تَع َالَى )ت َ ْقشَع ُِر ّ مِن ْه ُ ج ُلُود ُ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل قَل ْبِه ِ إليه و َتَصْ دِيقِه ِ بِه ِ قَا َ‬
‫ه َشاشَة ً لم َِي ْ ِ‬
‫ن هذا شئ خص يه َأن ّه ُ يَعْتَرِي من ل َا ي َ ْفهَم ُ م َع َانِيه وَل َا يَعْلَم ُ تَف َاسِيرَه ُ كَمَا رُوِيَ ع َنْ‬ ‫)لَو ْ أَ ن ْزَل ْنَا هذا القرآن على جبل( الآية و َيَد ُ ُ ّ‬
‫ل عَلَى أَ َ ّ‬
‫ل ال ِْإسْ لَام و َبَعْدَه ُ فمَِنْه ُ ْم من‬
‫َت جَمَاع َة ً قَب ْ َ‬ ‫شج َا و َ‬
‫َالن ّ ْظ ِم و َهَذِه ِ الرَوْع َة ُ ق َد اع ْتَر ْ‬ ‫ل لل َ ّ‬
‫كي ْتَ قَا َ‬ ‫ل لَه ُ م ِ َ ّ‬
‫م بَ َ‬ ‫نَصْر َان ِ ٍيّ َأن ّه ُ م َ َّر بِق َارِ ٍ‬
‫ئ ف َو َق ََف يَبْكِي فَق ِي َ‬

‫س َل ّم َ يَقْر َُأ فِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل سَمِعْتُ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح ع َنْ جُبَيْر ِ بن مُطْع ِم قَا َ‬ ‫كف َر َ‪ ،‬فَحـُكِي َ فِي َ‬
‫ن بِه ِ وَمِنْه ُ ْم من َ‬
‫أَ سْ لَم َ لَهَا ل َأوّل وَه ْلَة ٍ و َآم َ َ‬

‫ِب ب ِال ُ ّ‬
‫طورِ فَلَم ّا بلَ َ َغ هَذِه ِ الآيَة َ )أَ ْم خ ُلِق ُوا م ِنْ غَيْر ِ شئ أَ ْم هُم ُ الْخَالِق ُونَ( إلى قوله )المصيطرون( ك َاد َ قَلْبِي أ ْن يط ِير َ لِلِإسْ لَا ِم‪ ،‬و َفِي‬ ‫ال ْمَغْر ِ‬
‫س َل ّم َ ف ِيم َا ج َاء َ بِه ِ من خِل َ َ‬
‫اف قَو ْمه فَتَلَا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل م َا و َق َر َ ال ِْإسْ لَام ُ فِي قَلْبِي‪ ،‬وَع َنْ عُت ْب َة َ بن ر َبيِع َة َأن ّه ُ ك ََل ّم َ َ‬
‫ك أَ َ ّو ُ‬
‫رِو َايَة ٍ وَذَل ِ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم وناشده‬
‫ك عُت ْب َة َ بيَِدِه ِ عَلَى فِي َ‬
‫ل صَاعِقَة ِ عاد وثمود( ف َأَ ْمسَ َ‬
‫عَلَيْه ِم )حم( فصلت ِإلَى قوله )صَاعِق َة ً مِث ْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله هشاشة( في الصحاح هي الارتياح والخفة للمعروف )قوله للشجا( يقال شجاه يشجوه إذا أحزنه‪ ،‬وفى المجمل شجاني أطر بنى )*(‬

‫)فصل( ومن وجوه إعجازه المعدودة كونه آية باقية‬ ‫‪٢.٤.٩‬‬

‫سجْدَة ِ‬ ‫س َل ّم َ يَقْر َُأ وَعُت ْب َة ُ م ُصْ ٍغ م ُل ْ ٍ‬


‫ق يَد َيْه ِ خ َل َْف َظ ْهرِه ِ مُعْتَمِدٌ عَلَيْهَم َا ح ََت ّى انْت َهَ ى ِإلَى ال َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫حم َ أ ْن يَك َ ّ‬
‫ُف و َفِي رِو َايَة ٍ فَجَع َ َ‬ ‫َ‬
‫الر ّ ِ‬
‫يخ ْر ُجْ ِإلَى قَوْمِه ِ ح ََت ّى أَ تَوْه ُ فَاعْتَذَر َ لَه ُ ْم و َقَا َ‬
‫ل والل ّٰه‬ ‫س َل ّم َ و َقَام َ عُت ْب َة ُ ل َا ي َ ْدرِي بم ي ُر َاجِع ُه ُ وَر َ َ‬
‫ج َع ِإلَى أَ ه ْلِه ِ و َل َ ْم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫فَسَج َد َ‬

‫حدٍ م َِم ّنْ ر َام َ م ُع َار َضت َه ُ َأن ّه ُ اع ْت َرت ْه ُ رَوْع َة ٌ‬ ‫لقد كلمتي بِك َلَا ٍم والل ّٰه م َا سَمِعْتُ أذنايَ بِمِثْلِه ِ ق ُ َّط فَمَا دَر َي ْتُ م َا أَ قُو ُ‬
‫ل لَه ُ‪ ،‬و َق َ ْد حُكِي َ ع َنْ غَيْر ِ و َا ِ‬

‫ْض ابْلَع ِي م َاءَكِ( فرجع فمحى‬ ‫صب ِ ٍيّ يَقْر َُأ )و َق ِي َ‬


‫ل ي َا أَ ر ُ‬ ‫ن ابن المُق َ َ ّف ِع طَلَبَ ذَل ِ َ‬
‫ك وَر َام َه ُ و َشَرَعَ ف ِيه ِ فَم ََر ّ ب ِ َ‬ ‫ك فَحـُكِي َ أَ َ ّ‬ ‫و َهَي ْب َة ٌ ك َ ّ‬
‫َف بِهَا ع َنْ ذَل ِ َ‬

‫س فِي‬
‫ل بلَِي َغ الْأَ نْد َل ُ ِ‬
‫يح ْي َى بن حَك َم ال ْغ َزَا ُ‬
‫ل و َق ْتِه ِ وَك َانَ َ‬ ‫َض وَم َا ه ُو َ من ك َلَا ِم ال ْب َشَر ِ وَك َانَ من أَ فصْ ِ‬
‫ح أَ ه ْ ِ‬ ‫ل أَ شْهَد ُ أَ َ ّ‬
‫ن هَذ َا ل َا يُع َار ُ‬ ‫ل و َقَا َ‬
‫م َا عَم ِ َ‬
‫خشْي َة ٌ ورفة‬
‫ل فَاع ْتَر َتْنِي مِن ْه ُ َ‬
‫ج ب ِزَعْمِه ِ عَلَى مِن ْوَالِهَا قَا َ‬
‫ص ليَحْذُو َ عَلَى م ِثَالِهَا و َيَنْس ُ َ‬ ‫زَم َنِه ِ فَحـُكِي َ َأن ّه ُ ر َام َ َ‬
‫شي ْئًا من هَذ َا فَنَظَر َ فِي سُورَة ِ ال ِْإخْلَا ِ‬
‫حَمَلَتْنِي عَلَى َ‬
‫الت ّو ْبَة ِ و َال ِْإن َابَة‪.‬‬
‫ن ن َز ّل ْنَا الذِّك ْر َ و َِإ َن ّا‬ ‫)إ َن ّا َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫ل ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى بِ ح ِ ْفظِه ِ فَق َا َ‬
‫ل َ‬ ‫ك ُ ّف ِ‬
‫ِيت ال ُد ّن ْيَا م َ َع ت َ َ‬
‫كو ْنُه ُ آيَة ً باق ِي َة ً ل َا تُعْدَم ُ م َا بَق ِ‬
‫)فصل( وَم ِنْ وُجُوه ِ ِإعْجَازِه ِ ال ْمَعْد ُودَة ِ َ‬

‫ق إلا‬‫َت ب ِانْقِضَاء ِ أوْقَاتِهَا فَل َ ْم يَب ْ َ‬


‫ل م ِنْ بَيْنِ يَد َيْه ِ و َلا م ِنْ خلفه( الآيَة َ وَسَائ ِر ُ مُعْجِزَاتُ الْأَ ن ْب ِيَاء ِ انْقَض ْ‬
‫ل )لا ي َأْ تيِه ِ ال ْبَاطِ ُ‬
‫لَه ُ لَحَافِظ ُونَ( و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن المقفع( ضبطه ابن ماكولا بضم الميم وفتح القاف وتشديد الفاء بعدها مهملة ولم يتعرض لحركة الفاء )قوله الغزال( بفتح الغين‬
‫المعجمة والزاى مخففة‬
‫)قوله الأندلس( المشهور فيه فتح الهمزة والدال و يقال أيضا بضمها )*(‬

‫)فصل( وقد عد جماعة من الأئمة ومقلدي الأمة في إعجازه وجوها كثيرة‬ ‫‪٢.٤.١٠‬‬

‫س و َثَلاثِينَ سنة ل َأوّل ن ُز ُولِه ِ ِإلَى و َق ْت ِنَا‬ ‫خ َب َر ُه َا و َالْقُر ْآنُ الْعَزِيز ُ البَاه ِرَة ُ آي َاتُه ُ ال َ ّ‬
‫ظاه ِرَة ُ مُعْجِزَاتُه ُ عَلَى م َا ك َانَ عَلَيْه ِ ال ْيَوْم َ مدة خمسمائة عام وَخَم ْ ٍ‬
‫جه َابِذَة ِ ال ْبَر َاعَة ِ‬ ‫ن و َأَ ئ َِم ّة ِ ال ْبَلَاغَة ِ و َفُرْسَا ِ‬
‫ن الْك َلَا ِم و َ َ‬ ‫ن وَحَملّة ِ عِلْم ِ اللّسَا ِ‬ ‫هَذ َا حُ َ ج ّت ُه ُ قَاه ِرَة ٌ وَمُع َارَضَت ُه ُ ممتنعة الأعصار ك ُل ّها طَافِحَة ٌ ب ِأَ ه ْ ِ‬
‫ل ال ْبَيَا ِ‬
‫ن‬ ‫حد ُ ف ِيه ِ ْم كثير والمعادى للشرح ع َت ِيدٌ فَمَا مِنْه ُ ْم من أتى بشئ يوثر فِي مُع َارَضَتِه ِ وَل َا أَ َل ّ َ‬
‫ف كَل ِمَتَيْنِ فِي م ُنَاقَضَتِه ِ وَل َا قَد َر ف ِيه ِ عَلَى م َ ْطع َ ٍ‬ ‫و َال ْمُل ْ ِ‬

‫ُوص عَلَى عقيبه‬ ‫ل من ر َام َ ذلك إلْق َاؤُه ُ فِي الْع َجْ زِ بيَِد َيْه ِ و ُ‬
‫َالن ّك ُ‬ ‫ك إ َلّا ب ِزَنْدٍ شَ ح ٍ‬
‫ِيح بَل ال ْم َأْ ثُور ُ ع َنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫ح ال ْمُتَك َل ُّف من ذِه ْنِه ِ فِي ذَل ِ َ‬ ‫صَ ح ٍ‬
‫ِيح وَل َا قَد َ َ‬

‫ن الْأَ ئ َِم ّة ِ وَمُق َلَ ّد ِي ا ْل ُأ َمّة ِ فِي ِإعْجَازِه ِ وُجُوه ًا كَثيرَة ً مِنْهَا أَ َ ّ‬
‫ن قَارِئَه ُ ل َا يَملَُ ّه ُ وَسَام ِع َه ُ ل َا يَم ُ ُج ّه ُ بَل ال ِْإكْبَابُ عَلَى تلَاو َتِه ِ‬ ‫)فصل( و َق َ ْد ع َ ّد جَمَاع َة ٌ م ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ن و َال ْبَلَاغَة ِ مَب ْلَغ َه ُ يُم َ ُ ّ‬


‫ل م َ َع ال َت ّرْدِيدِ و َيُع َاد َى‬ ‫س ِ‬ ‫ل غ ًَضّ ا َطرِ ًي ّا و َغَي ْرُه ُ م ِ َ‬
‫ن الْك َلَا ِم و َلَو ْ بلَ َ َغ فِي الْح ُ ْ‬ ‫محَب ّة ً ل َا ي َز َا ُ‬
‫يَز ِيدُه ُ ح َلاوَة ٌ وتَرْدِيدُه ُ يُوجب لَه ُ َ‬
‫ك ح ََت ّى أَ حْد َثَ أَ ْ‬
‫صحَابُهَا لَهَا لُحُون ًا‬ ‫ن ال ْـكُت ُِب ل َا يُوجَد ُ ف ِيهَا ذَل ِ َ‬
‫س بتِِلَاو َتِه ِ في الأزلمات وسواء م ِ َ‬ ‫إذ َا ُأعِيد َ وَك ِتَابُنَا يُسْتَل َ ُذ ّ بِه ِ فِي الْخلََو َ ِ‬
‫ات و َيُؤ ْن َ ُ‬
‫وَطُر ُقًا‬
‫__________‬
‫)قوله إلا بزند( بفتح الزاى وسكون النون‪ ،‬في الصحاح وهو موصل طرف الذراع في الـكف وهما زندان الـكوع والـكرسوع‪ ،‬والزند‬
‫أيضا العود الذى يقدح به النار وهو الأعلى والزندة السفلى فيها ثقب وهى الأنثى انتهى )قوله في الأزمات( الأزمة بفتح الهمزة وسكون‬
‫الزاى‪ :‬الشدة )*(‬
‫كثْرَة ِ َ‬
‫الر ّدّ وَل َا تَنْقَض ِي‬ ‫ق عَلَى َ‬ ‫س َل ّم َ الْقُر ْآنَ ب َِأن ّه ُ ل َا َ‬
‫يخ ْل َ ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫َف رَسُو ُ‬ ‫ك ال ُ ّلح ُو ِ‬
‫ن تَنْشِيطَه ُ ْم عَلَى ق ِرَاءَتِهَا وِلِهَذ َا وَص َ‬ ‫يَسْتَجْلِب ُونَ بتِلِ ْ َ‬
‫ِس بِه ِ الْأَ لْسِن َة ُ ه ُو َ ال َ ّذ ِي ل َ ْم تَن ْتَه ِ الْج ُِنّ حين‬
‫ل ل َا يَشْب َ ُع مِن ْه ُ ال ْع ُلمَاء ُ وَل َا تَز ِي ُغ بِه ِ الْأَ ه ْوَاء ُ وَل َا تلَ ْتَب ُ‬
‫ْس ب ِال ْهَز ْ ِ‬
‫ل لَي َ‬
‫ع ِب َرُه ُ وَل َا تَفْن َى عَجَائبِ ُه ُ‪ ،‬ه ُو َ الْف َصْ ُ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫ِف ل َ ْم تَعْهَدِ الْع َر َبُ عَامّة ً وَل َا مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫)إ َن ّا سَمِعْنَا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد( وَمِنْهَا جَم ْع ُه ُ ل ِع ُلُو ِم وَمَع َار َ‬
‫سَمِعَت ْه ُ أَ ْن قَالُوا ِ‬
‫ن عِلْم ِ‬
‫اب من كُتُبِه ِ ْم فَجُمِـ َع ف ِيه ِ من بَيَا ِ‬ ‫ِيط بِهَا أَ حَدٌ من عُلمَاء ِ ا ْل ُأم َم وَل َا يَشْتَمِ ُ‬
‫ل عَلَيْهَا ك ِت َ ٌ‬ ‫يح ُ‬ ‫ل نُب ُ َو ّتِه ِ خ َا َ ّ‬
‫صة ً بِمَعْرِفَتِهَا وَل َا الْق ِيَا ِم بِهَا وَل َا ُ‬ ‫قَب ْ َ‬

‫ق ا ْل ُأم َم بِبَر َاه ِينَ ق َو يّة ٍ و َأَ دِل َ ّة ٍ بَي ّنَة ٍ سَهْلَة ِ الْأَ لْف َاظِ م ُوجَز َة ال ْمَق َا ِ‬
‫صدِ ر َام َ ال ْمُت َحَذْلِق ُونَ‬ ‫ات و َ‬
‫َالر ّدّ عَلَى ف ِر ِ‬ ‫َالت ّن ْب ِيه ِ عَلَى طُر ُق الْ حجُ َِج الْعَق َْلي ّ ِ‬ ‫ال َش ّر َائ ِ‬
‫ِـع و َ‬

‫ق مِث ْلَهُمْ؟ بلََى( و‬


‫يخ ْل ُ َ‬
‫ْض بِق َادِ ٍر عَلَى أَ ْن َ‬
‫ات و َالأَ ر َ‬ ‫ق ال َ ّ‬
‫سم َو َ ِ‬ ‫كقَو ْلِه ِ تَع َالَى )أَ و لَي ْس ال َ ّذ ِي خ َل َ َ‬
‫بَعْد َ أَ ْن يَن ْصِ ب ُوا أَ دِل َ ّة ً مِثْلَه َا فَل َ ْم ي َ ْقدِر ُوا عَلَيْهَا َ‬

‫الل ّه ُ لَفَسَد َت َا( ِإلَى م َا حَوَاه ُ من عُلُو ِم السّيَر ِ و َأَ ن ْبَاء ِ ا ْل ُأم َم و َال ْم َوَاعِظِ و َالْحِكَم ِ‬‫ل م َ َّرة ٍ( و )لَو ْ ك َانَ ف ِيهِم َا آلِه َة ٌ ِإلا َ‬‫يح ْي ِيهَا ال َ ّذ ِي أَ نْش َأَ ه َا أَ َ ّو َ‬
‫)قُلْ ُ‬
‫ك الْكِتَابَ تبيانا لكل شئ(‬ ‫اب من شئ( )و َنَز ّل ْنَا عَلَي ْ َ‬ ‫ل اسْم ُه ُ )م َا ف ََر ّطْ نَا فِي الْكِت َ ِ‬
‫الل ّه ج َ َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫شِي َ ِم قَا َ‬
‫َاب و َال ّ‬
‫ن الآد ِ‬ ‫س ِ‬‫محَا ِ‬ ‫خرَة ِ و َ َ‬ ‫و َأَ خْ بَار ال َد ّار الآ ِ‬
‫‪) ،‬ولقد‬
‫__________‬
‫)قوله لا يخلق( بفتح أوله وضم ثالثة أو بضم أوله وكسر ثالثه‪ ،‬في الصحاح خلق الثوب بالضم خلوقة أي بلى وأخلق الثوب مثله وأخلقته‬
‫أنا يتعدى ولا يتعدى )قوله المتحذلقون( بالحاء المهملة يقال حذلق الرجل وتحذلق إذا أظهر الحذلق وادعى أكثر مما عنده‪.‬‬
‫)*(‬
‫جر ًا وَس َُن ّة ً خ َالِي َة ً وَم َثَل ًا مضروبة‬
‫ل هَذ َا الْقُر ْآنَ آم ِرًا وَز َا ِ‬
‫الل ّه أن ْز َ َ‬
‫ل( وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬أن َ‬
‫ل م َث َ ٍ‬ ‫ضَر َب ْنَا ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س فِي هذا القرآن م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫ف ِيه ِ نَبَؤ ْك ُ ْم‬
‫صد َقَ‬
‫ل بِه ِ َ‬
‫ل من قَا َ‬ ‫الر ّدّ وَل َا تَنْقَض ِي عَجَائبِ ُه ُ‪ ،‬ه ُو َ الْح َُقّ لَي َ‬
‫ْس ب ِال ْهَز ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وَخ َب َر ُ ما ك َانَ قَبْلـَك ُ ْم و َنَب َُأ م َا بَعْد َك ُ ْم وَح ُ ْكم ُ م َا بَي ْنَك ُ ْم ل َا ُ‬
‫يخ ْلِق ُه ُ طُو ُ‬
‫ك بِه ِ هُدِيَ ِإلَى صِر َاط مُسْتَق ٍِيم وَم َنْ طَلَبَ ال ْهُد َى‬
‫س َ‬ ‫ل بِه ِ ُأ ِ‬
‫جر َ وَم َنْ تَم َ َ ّ‬ ‫َط وَم َنْ عَم ِ َ‬
‫ج وَم َنْ ق َسَم َ بِه ِ أَ قْس َ‬
‫ل وَم َنْ خ َاصَم َ بِه ِ فَل َ َ‬
‫وَم َنْ حَكَم َ بِه ِ عَد َ َ‬

‫شف َاء َ‬
‫الن ّاف ِـعُ‪،‬‬ ‫الل ّه‪ ،‬ه ُو َ الذّك ْر ُ الْحَكِيم ُ و ُ‬ ‫من غَيْرِه ِ أضَلَ ّه ُ َ‬
‫الل ّه ال ْمَتِينُ و َال ّ ُ‬
‫ل َ‬ ‫حب ْ ُ‬
‫َاط ال ْمُسْتَق ِيم ُ و َ َ‬
‫َالن ّور ُ ال ْمُبِينُ و َالصّر ُ‬ ‫صم َه ُ َ‬
‫الل ّه وَم َنْ حَكَم َ بِغَيْرِه ِ ق َ َ‬
‫ن ابن‬
‫نح ْوَه ُ ع َ ِ‬ ‫كثْرَة ِ َ‬
‫الر ّدّ‪ ،‬و َ َ‬ ‫ق عَلَى َ‬ ‫ك بِه ِ وَنَجَاة ٌ لم َِن اتّبَع َه ُ‪ ،‬ل َا يَعْو َُجّ فَيُق َ َو ّم َ وَل َا يَز ِي ُغ فَيُسْتَعْت َبُ وَل َا تَنْقَض ِي عَجَائبِ ُه ُ وَل َا ُ‬
‫يخ ْل ِ ُ‬ ‫عِصْ م َة لم َِنْ تَم َ َ ّ‬
‫س َ‬
‫ل‬ ‫ل الل ّٰه تعالى لمحمد صلى الل ّٰه عليه وسلم َ‬
‫)إن ّي م ُنَز ّ ٌ‬ ‫ِيث قَا َ‬ ‫يخ ْتَل ُِف وَل َا يَتَشَا ُ ّ‬
‫ن‪ ،‬فيه نَب َأ الْأَ وّلِينَ و َالآخر ِينَ‪ ،‬و َفِي الْحَد ِ‬ ‫ل ف ِيه ِ وَل َا َ‬
‫مَسْع ُودٍ و َقَا َ‬
‫ح بِهَا أَ عْيُنًا عميا و َآذ َان ًا ص ًُم ّا و َقُلُوب ًا غُلْف ًا ف ِيهَا يَنَابيِ ُع ال ْعِلْم ِ و َف َ ْهم ُ الْح ِ ْ‬
‫كمَة ِ وَر َبيِ ُع القلوب(‬ ‫ك تَوْر َاة ً حَدِيث َة ً تَفْت َ ُ‬
‫عَلَي ْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله فلج( بفتح الفاء واللام وبعدهما جيم‪ ،‬في الصحاح الفلج الظفر والفوز )قوله أقسط( أي عدل وأما قسط فمعناه جار وحكى‬
‫الل ّه ال ْمَتِينُ( من المتانة وهى القوة وقال ابن الأثير حبل الل ّٰه نور هداه‬
‫ل َ‬ ‫حب ْ ُ‬
‫يعقوب في كتاب الأضداد أنه يأتي أيضا بمعنى عدل )قوله و َ َ‬
‫وقيل عهده وأمانه الذى يؤمن من العذاب والحبل العهد والميثاق انتهى )قوله ولا يتشان( بشين معجمة وفى آخره نون مخفف من‬
‫الشنآن بفتحج النون وإسكانها مهموز وهو البغض‪ :‬شنأه أبغضه‪ ،‬قال الهروي وابن الأثير وفي حديث ابن مسعود في صفة القرآن ولا‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫كثْرَة ِ َ‬
‫الر ّدّ‪ ،‬مأخوذ من الشن )*(‬ ‫يتشان معناه لا مخلق عَلَى َ‬
‫ل أَ كْ ثَر َ ال َ ّذ ِي ه ُ ْم ف ِيه ِ‬ ‫ل تعالى )إن هذا القرآن يَق ُ ّ‬
‫ُص عَلَى بَنِي ِإسْر َائيِ َ‬ ‫ل و َنُور ُ الْح ِ ْ‬
‫كمَة ِ( و َقَا َ‬ ‫ن ف َِإ َن ّه ُ ف َ ْهم ُ ال ْعُق ُو ِ‬
‫وعن كعب )عليكم ب ِالْقُر ْآ ِ‬
‫ن للناس وهدى( الآية‪ ،‬فَجُمِـ َع ف ِيه ِ م َ َع وَج َازَة ِ أَ لْف َاظِه ِ‬ ‫ل )هَذ َا بَيَا ٌ‬ ‫يخ ْتَلِف ُونَ( و َقَا َ‬ ‫َ‬
‫ك َأن ّه ُ احْ ت ََجّ‬
‫ل وَمَدْلُولِه ِ وَذَل ِ َ‬ ‫ات * وَمِنْهَا جَم ْع ُه ُ ف ِيه ِ بَيْنَ ال َد ّلِي ِ‬
‫ْف مِن ْه ُ م َ َّر ٍ‬ ‫الضع ِ‬‫ظه َا عَلَى ِّ‬ ‫َاف م َا فِي ال ْـكُت ُِب قَبْلَه ُ َال ّتِي أَ لْف َا ُ‬ ‫ِـع كَل ِمِه ِ أَ ضْ ع ُ‬‫وَجَوَام ِ‬

‫يف مَع ًا‬ ‫الت ّال ِي لَه ُ ي َ ْفهَم ُ مَوْضِـ َع الْ َحجُ ّة ِ و َ‬
‫َالت ّكْل ِ ِ‬ ‫ن و َصْ فِه ِ و َإيجَازِه ِ و َبَلَاغ َتِه ِ و َأَ ث ْنَاء هَذِه ِ ال ْبَلَاغَة ِ أَ مْره ُ وَنَه ْي ُه ُ وَوَعْدُه ُ وَوَعِيدُه ُ ف َ َ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫ن وَ ُ‬ ‫بنِ َ ْظ ِم الْقُر ْآ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل عَلَى‬ ‫جعَلَه ُ فِي حَيّز ِ ال ْمَنْظ ُوم ال َ ّذ ِي ل َ ْم يُعْه َ ْد و َل َ ْم يَكُنْ فِي حَيِّز ِ ال ْمَن ْث ُورِ ل ِأَ َ ّ‬
‫ن ال ْمَنْظ ُوم َ أسْه َ ُ‬ ‫حدٍ وَسُورَة ٍ مُنْفَرِدَة ٍ * وَمِنْهَا أَ ْن َ‬
‫من ك َلَا ٍم و َا ِ‬

‫ح ْفظَه ُ لم ُِتَع َلّمِيه ِ‬


‫ل و َالْأَ ه ْوَاء ُ إليْه ِ أَ سْرَع ُ * وَمِنْهَا تَيْسِيرُه ُ تَع َالَى ِ‬
‫اس إليْه ِ أَ مْي َ ُ‬ ‫ن و َأَ حْلَى عَلَى الْأفْه َا ِم ف َ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫وب و َأَ سْم َ ُع فِي الآذ َا ِ‬
‫س و َأَ ْوعَى لِلْق ُل ُ ِ‬ ‫ُ‬
‫الن ّف ُو ِ‬
‫حد ُ مِنْه ُ ْم فَكَي َْف ا ْلج َم ّاء ُ عَلَى م ُرُورِ ال ّ‬
‫سِنِينَ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )و َلَق َ ْد يسَ ّرْن َا القرآن للذكر( وَسَائ ِر ُ ا ْل ُأم َم ل َا َ‬
‫يحْف َُظ كُتُبَهَا ال ْوَا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ح َ ّفظ ِيه ِ قَا َ‬
‫و َت َ ْقرِيب ُه ُ عَلَى م ُت َ َ‬
‫ن‬
‫س ُ‬
‫ح ْ‬
‫لاف أن ْوَاعِه َا والتيئام أَ قْسَامِهَا و َ ُ‬
‫ن ائت ِ ِ‬
‫س ُ‬
‫ح ْ‬
‫جز َائِه ِ بَعْضًا و َ ُ‬ ‫ن فِي أَ ق ْر َِب م ُ َ ّدة ٍ * وَمِنْهَا مُشَاكَل َة ُ بَعْ ِ‬
‫ض أَ ْ‬ ‫عَلَيْه ِ ْم و َالْقُر ْآنُ م ُي َ َس ّر ٌ ِ‬
‫ح ْفظ ُه ُ لِل ْغ ِل ْمَا ِ‬

‫حدَة ِ ِإلَى أَ ْمر ٍ وَنَهْ ٍي وَخ َبَرٍ و َاسْ ت ِخْ بَا ٍر‬ ‫اف م َع َانيِه ِ و َانقِسَا ِم ال ُ ّ‬
‫سورَة ِ الوَا ِ‬ ‫َاب ِإلَى غَيْرِه ِ عَلَى اخْ ت ِل َ ِ‬
‫ُوج من ب ٍ‬ ‫ص من ق َِصّ ة ٍ ِإلَى ُأ ْ‬
‫خر َى والْخُر ِ‬ ‫الت ّخ َ ُل ّ ِ‬
‫َ‬

‫ح إذ َا‬
‫ل فسوله‪ ،‬و َالْك َلَام ُ الفْصِ ي ُ‬
‫ل يَتَخَل ّ ُ‬
‫ك من ف َوَائِدِه ِ د ُونَ خ َل ٍ‬
‫ِيب ِإلَى غَيْر ِ ذَل ِ َ‬ ‫ات نُب ُ َو ّة ٍ و َت ْوحِيدٍ و َتَفريدٍ و َتَرْغ ٍ‬
‫ِيب و َتَرْه ٍ‬ ‫وَوَعْدٍ و َوعِيدٍ و َِإث ْب َ ِ‬
‫َت ق َُو ّتُه ُ‬
‫ل هَذ َا ضَعُف ْ‬
‫اعْت َوَرَه ُ مِث ْ ُ‬

‫فصل انشقاق القمر وحبس الشمس‬ ‫‪٢.٤.١١‬‬

‫ن من‬ ‫ل )ص( وَم َا جُم ِـ َع ف ِيهَا من أَ خْ بَارِ ال ْـكُ َ ّفارِ و َشقاقِه ِ ْم و َت َ ْقرِ يعِه ِ ْم ب ِِإه ْلَا ِ‬
‫ك الْق ُر ُو ِ‬ ‫َلت أَ لْف َاظُهُ‪ :‬فَت َأ َمّلْ أَ َ ّو َ‬ ‫و َلان ْتَ جَز َالت ُه ُ و َق َ َ ّ‬
‫ل رَوْنَق ُه ُ و َتَق َلْق ْ‬
‫ن اجْ تِم ِ‬
‫س َل ّم َ و َتَع َُجّ بِه ِ ْم م َِم ّا أَ تى بِه ِ و َا ْلخـَبَرِ‪ ،‬ع َ ِ‬
‫ن الْحَسَدِ فِي‬
‫َاع م َلئِه ِ ْم عَلَى ال ْـكُ ْفرِ وَم َا َظه َر َ م ِ َ‬ ‫ح َمّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫قَب ْلِه ِ ْم وَم َا ذُك ِر َمن تَكْذِيبِه ْم بِم ُ َ‬
‫الل ّه ِ لَه ُ ْم وَوَعِيدِ هَؤْل َاء ِ مِث ْ َ‬
‫ل مُصَابِه ِ ْم و َتَصْ ب ِير ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ِيب ا ْل ُأم َ ِم قَب ْلَه ُ ْم و َإه ْلَا ِ‬ ‫ْي ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬
‫خرَة ِ و َتَكْذ ِ‬ ‫ك َلامِه ِ ْم و َتَعْجِيزِه ِ ْم و َتَوْه ِينِه ِ ْم وَوَعِيدِه ِ ْم بِ خِز ِ‬
‫ن‬ ‫ص الْأَ ن ْب ِيَاءِ‪ ،‬ك ُ ُ ّ‬
‫ل هَذ َا فِي أ ْوجَز ِ ك َلَا ٍم و َأَ حْ سَ ِ‬ ‫ل م َا تَق َ َ ّدم َ ذِك ْرُه ُ ث َُم ّ أَ خَذ َ فِي ذِكر د َاوُد َ و َق ِ َ‬
‫ص ِ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى أَ ذ َاه ُ ْم و َتَسْلِيَته ِ بِك ُ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫َوت عَلَيْهَا الْكَل ِمَاتُ الْق َلِيلَة ُ و َهَذ َا ك ُل ّه ُ وَكَث ِير ٌ م َِم ّا ذَكَر ْن َا َأن ّه ُ ذُك ِر َ فِي ِإعْجَاز الْقُر ْآ ِ‬
‫ن ِإلَى وُجُوه ٍ كَث ِيرَة ٍ ذَك َر َه َا‬ ‫نِظَا ٍم وَمِن ْه ُ ا ْلجم ُْلَة ُ ال ْـكَث ِيرَة ُ التي انْط ْ‬

‫َاب بَلاغ َتِه ِ فَلَا‪.‬‬


‫ل فِي ب ِ‬
‫خ ٌ‬
‫الأثمة لم ن َ ْذكُر ْه َا ِإ ْذ أَ كْ ث َر ُه َا د َا ِ‬
‫ك كَث ِير ٌ م َِم ّا ق َ ّدمْنَا ذِك ِرَه ُ عَنْه ُ ْم يُع َ ُ ّد فِي خَوَا ِّ‬
‫صه ِ و َفَضَائِلِه ِ ل َا فِي‬ ‫ن ال ْبَلَاغَة ِ وَكَذَل ِ َ‬
‫ل فُن ُو ِ‬ ‫نح ُ ّ‬
‫ِب أَ ْن يُع َ َ ّد ف ًَن ّا مُنْفَرِد ًا فِي ِإعْجَازه ِ إ َلّا فِي باب تَفْصِ ي ِ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ن وَعَجَائبِِه ِ التي ل َا تَنْقَض ِي والل ّٰه و َل َُيّ َ‬
‫الت ّو ْف ِي ِ‬ ‫اص الْقُر ْآ ِ‬
‫حق ِيق َة ُ ال ِْإعْجَازِ ال ْوُجُوه ُ الْأَ رْبَع َة ُ التي ذَكَر ْن َا فَل ْيُعْتَم َد عَلَيْهَا وَم َا بَعْد َه َا من خَو َ ّ‬
‫ِإعْجَازِه ِ‪ ،‬و َ َ‬
‫ساع َة ُ و َانْش ََقّ الْقَم َر ُ‪ ،‬و َِإ ْن ي َرَوْا آيَة ً يُعْرِضُوا‬
‫الل ّه تَع َالَى )اق ْتَر َب َِت ال َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫فصل انشقاق القمر وحبس الشمس قَا َ‬

‫س َن ّة ِ عَلَى و ُق ُوعِه ِ‪:‬‬ ‫ل ال ُ ّ‬


‫ض ال ْـكَف َرَة ِ ع َنْ آي َاتِه ِ و َأَ جْم َ َع ال ْمُفَس ِّر ُونَ و َأَ ه ْ ُ‬ ‫وع ان ْ ِشق َاقِه ِ بِلَفْظِ ال ْمَاض ِي و َِإعْرَا ِ‬ ‫و َيَق ُولُوا سِ ح ْر ٌ مُسْتَمِرٌّ( أَ خْبَر َ تَع َالَى ب ِو ُق ُ ِ‬

‫الل ّه ِ ح َ َ ّدثَنَا الْأَ صِيل ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا المَرْوَز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا الْف َر َبْر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ‬
‫ن ع َبُدِ َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ الْحَاف ُِظ م ِنْ ك ِتَابِه ِ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي سِر َا ُ‬
‫ج بْ ُ‬ ‫أَ خْبَر َن َا الْحُسَيْنُ ب ْ ُ‬
‫ل انْش ََقّ الْقَم َر ُ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَا َ‬
‫ن اب ْ ِن مَسْع ُودٍ رَضِيَ َ‬
‫ش ع َنْ ِإ ب ْر َاه ِيم َ ع َنْ أَ بِي مَعْمَرٍ ع َ ِ‬
‫ن الْأَ عْم َ ِ‬
‫سفْيَانَ ع َ ِ‬
‫شعْب َة َ و ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا مُسَ َ ّدد ٌ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫يح ْي َى ع َنْ ُ‬
‫س َل ّم َ اشْهَد ُوا‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫س َل ّم َ فِر ْقَتَيْنِ فِر ْق َة ٌ فَو ْقَ الْجبَ َ ِ‬
‫ل و َفِر ْق َة ٌ د ُونَه ُ فَق َا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلَى ع َ ْهدِ رَسُو ِ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ن م َ َع َ‬
‫نح ْ ُ‬
‫مجَاهِدٍ و َ َ‬
‫ُ‬
‫ل ح ََت ّى ر َأَ ي ْتُ الْجبَ َل بَيْنَ فُرْجَت َي الْقَمَرِ وَرَو َاه ُ عَن ْه ُ مَسْر ُوقٌ‬
‫ن ابن مَسْع ُودٍ الْأَ سْ وَد ُ و َقَا َ‬
‫ش بِمِنى وَرَو َاه ُ أيْضًا ع َ ِ‬ ‫س َل ّم َ و َفِي بَعْض طُر ُ ِ‬
‫ق الْأَ عْم َ ِ‬ ‫وَ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ن مُح َم ّدًا إ ْن ك َانَ سَ ح َر َ الْقَم َر َ ف َ َإن ّه ُ ل َا يَب ْل ُ ُغ من سِ حْرِه ِ أَ ن‬


‫ل مِنْه ُ ْم إ َ ّ‬
‫ل رَج ُ ٌ‬ ‫ْش سَ ح َر َكُم ُ ابن أَ بِي َ‬
‫كبْشَة َ فَق َا َ‬ ‫ك َ ّفار ُ ق ُر َي ٍ‬ ‫أَ ن ّه ُ ك َانَ بِم َ َك ّة َ وَز َاد َ فَق َا َ‬
‫ل ُ‬
‫ْض ك َُل ّه َا فَاسْ ألُوا من ي َأتِيكم ْ من بلََدٍ آخَر َ ه َلْ ر َأَ وْا هَذ َا ف َأتَو ْا فَسَألُوه ُ ْم‬
‫ي َ ْسحَر َ الْأَ ر َ‬
‫__________‬
‫)قوله مسدد( قال ابن الجوزى هو ابن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن ارندل ابن سرندل بن عرندل بن ماسك بن المستورة‬
‫الأسدى )قوله ع َنْ أَ بِي مَعْمَرٍ( بفتح الميم وسكون العين المهملة عبد الل ّٰه بن سخـبرة بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة )قوله‬
‫ن اب ْ ِن أَ بِي كبشة( قيل أبو كبشة‬
‫فرجتى القمر( يقال بينهما فرجة بضم الفاء أي انفراج وأما بفتح الفاء فالتفصى عن الهم )قوله ع َ ِ‬
‫س َل ّم َ بِه ِ وقيل كانت له عليه السلام أخت‬
‫رجل تأله قديما وفارق دين الجاهلية وعبد الشعرى فشبهت المشركون النبي صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن َ‬
‫الر ّضَاعَة ِ يكنى بها وقيل كان )*(‬ ‫من الرضاعة تسمى كبشة وكان أَ بُوه ُ م ِ َ‬
‫ق ح ََت ّى تَنْظ ُر ُوا‬ ‫ل هَذ َا سِ ح ْر ٌفَابْع َث ُوا ِإلَى أَ ه ْ ِ‬
‫ل الآفَا ِ‬ ‫ج ْه ٍ‬
‫ل أَ بُو َ‬
‫ل فَق َا َ‬
‫نح ْوَه ُ و َقَا َ‬ ‫الضّ َح ّا ِ‬
‫ك َ‬ ‫ن َ‬ ‫سمْر َقَنْد ُِيّ ع َ ِ‬
‫ك وَح َك َى ال َ ّ‬ ‫ف َأَ خْب َر ُوه ُم أَ َ ّنه ُ ْم ر َأَ وْا مِث ْ َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬
‫ن ابن مَسْع ُودٍ عَلْقَم َة ُ فَه ُؤل َاء ِ‬
‫ق أَ َ ّنه ُ ْم ر َأَ ْوه ُ مُنْشَ ً ّقا فقالوا يعنى الكافر هَذ َا سِ ح ْر ٌ مُسْتَمِر ّ وَرَو َاه ُ أيْضًا ع َ ِ‬
‫ل الآفَا ِ‬
‫ك أَ ْم ل َا ف َأخْبَر َ أَ ه ْ ُ‬
‫أَ ر َأَ وْا ذَل ِ َ‬

‫ن عمر وَحُذ َيْف َة ُ و َعَلِيّ ٌ وجُبَي ْر بن مُطْع ِ ٍم‬


‫ن ع ََب ّاس و َاب ْ ُ‬
‫س و َاب ْ ُ‬
‫الل ّه و َق َ ْد رَو َاه ُ غَي ْر ُ ابن مَسْع ُودٍ كَمَا رَو َاه ُ ابن مَسْع ُودٍ مِنْه ُ ْم أَ ن َ ٌ‬
‫الْأَ رْبَع َة ُ ع َنْ ع َبدِ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل م َ َك ّة َ َ‬
‫ل أَ ه ْ ُ‬
‫س سَأ َ‬ ‫س َل ّم َ * وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن م َ َع َ‬‫نح ْ ُ‬
‫ل عَلِيّ من رِو َايَة ِ أَ بِي حُذ َيْف َة َ الْأَ رْحبِيّ انْش َقّ الْقَم َر ُ و َ َ‬ ‫فَق َا َ‬
‫س قَتَادَة ُ * و َفِي رِو َايَة ِ مَعْم َر و َغَيْرِه ِ ع َنْ قَتَادَة َ‬ ‫حر َاء َ بَيْنَهُم َا‪ ،‬وراه ع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫س َل ّم َ أَ ن يُر ِيَه ُ ْم آيَة ً ف َأَ ر َاهُم ُ ان ْ ِشق َاقَ الْقَمَرِ م َ َّرتَيْنِ ح ََت ّى ر َأَ وْا ِ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫عَن ْه ُ أَ ر َاهُم ُ الْقَم َر َ م َ َّرتَيْنِ ان ْ ِشق َاق َه ُ‬
‫الل ّه بن‬ ‫ن ابن ع ََب ّا ٍ‬
‫س ع ُبَي ْد َ‬ ‫ن اب ْنِه ِ جُبَي ْر بن مُح َم ّدٍ وَرَو َاه ُ ع َ ِ‬
‫ساع َة ُ و َانْش ََقّ القمر( وَرَو َاه ُ ع َنْ جُبَي ْر بن مُطْع ِ ٍم اب ْن ُه ُ مُح َم ّدٌ و َاب ْ ُ‬
‫ت )اق ْتَر َب َِت ال َ ّ‬
‫فَنَزَل َ ْ‬
‫مجَاهِدٌ وَرَو َاه ُ ع َنْ حُذ َيْف َة َ أَ بُو عبد‬
‫ن ابن ع ُم َر َ ُ‬
‫الل ّه بن عُت ْب َة َ وَرَو َاه ُ ع َ ِ‬
‫ع َبُد َ َ‬
‫__________‬
‫في أجداده لأمه من يكنى بذلك )قوله الأرحبى( بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الحاء المهملة بعدها باء موحدة وباء للنسبة إلى قبيلة‬
‫من همدان‪ ،‬وقيل إلى مكان )قوله حراء( بكسر المهملة تمد وتقصر وتذكر وتأنث جبل على ثلاثة أميال من مكة )قوله مرتين( قال ابن‬
‫قيم الجوز ية في كتابه إغائة اللهفان أن المرات مراد بها الأفعال تارة والأعيان أخرى وأكثر ما يستعمل في الأفعال‪ ،‬وأما الأعيان فكما‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم مرتين أي فلقتين ولما خفى هذا على من لم يحط به علما زعم أن‬
‫ل َ‬ ‫جاء في الحديث انْش ََقّ الْقَم َر ُ عَلَى ع َ ْهدِ رَسُو ِ‬
‫الانشقاق وقع مرة بعد مرة في زمانين ولم يقع )*(‬
‫ل ب َِأن ّه ُ‬
‫مخْذ ُو ٍ‬
‫ض َ‬
‫ِيث صَ ح ِيح َة ٌ و َالآيَة ُ م ُصَرّح َة ٌ وَل َا يلُ ْتَف َتُ ِإلَى اع ْتِر َا ِ‬
‫ق هَذِه ِ الْأَ ح َاد ِ‬
‫سل ِم بن أَ بِي ِعم ْرَانَ الْأَ ْزدِيّ و َأَ كْ ث َر ُ طُر ُ ِ‬ ‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي وم ُ ْ‬ ‫ن ال ُ ّ‬ ‫َ‬
‫الر ّحْم ِ‬
‫الل ّيْلَة َ فَل َ ْم ي َر َ ْوه ُ انْش ََقّ و َلَو ْ‬
‫ك َ‬ ‫صد ُوه ُ تِل ْ َ‬ ‫ض ِإ ْذ هو شئ ظَاه ِر ٌ ِلجم َِيعِه ِ ْم ِإ ْذ ل َ ْم يُنْق َلْ لَنَا ع َنْ أَ ه ْل الْأَ ْر ِ‬
‫ض رَ َ‬ ‫لَو ْ كان هذا لم يخف عل أَ ه ْل الْأَ ْر ِ‬
‫ض فَق َ ْد يَطْل ُ ُع‬
‫ل الْأَ ْر ِ‬ ‫حدٍ ِلجم َ ِ ِ‬
‫يع أَ ه ْ ِ‬ ‫ِب لَمَا ك َان َْت عَلَي ْنَا بِه ِ حُ َ ج ّة ٌ ِإ ْذ لَي َ‬
‫ْس الْقَم َر ُ فِي ح َ ّدِ و َا ِ‬ ‫ل إلينا ع ََم ّنْ ل َا يَج ُوز ُ تَمالُؤ ُه ُ ْم لـِ َ‬
‫كثْرَتِه ِ ْم عَلَى ال ْـكَذ ِ‬ ‫نُق ِ َ‬
‫ل بَيْنَ قَو ْ ٍم و َبَي ْن َه ُ سَ ح َ ٌ‬
‫اب أَ ْو‬ ‫ض أَ ْو يَح ُو ُ‬
‫ن و َق َ ْد يَكُونُ من قَو ْ ٍم ب ِضِ ّد م َا ه ُو َ من مُق َابِلِه ِ ْم من أَ قْطَارِ الْأَ ْر ِ‬
‫ل أَ ْن يَطْل ُ َع عَلَى الآخَر ِي َ‬
‫عَلَى قَو ْ ٍم قَب ْ َ‬

‫ض و َفِي بَعْضِه َا جُزْئ َيِ ّة ٌ و َفِي بَعْضِه َا ك ُل ّي ّة ٌ و َفِي بَعْضِه َا ل َا يَعْرِفُه َا إ َلّا الم َُ ّدع ُونَ ل ِع ِل ْمِه َا‪،‬‬
‫ض ال ْب ِلَادِ د ُونَ بَعْ ٍ‬
‫ات فِي بَعْ ِ‬
‫نجِد ُ ال ْـكُس ُوف َ ِ‬
‫ل و َلِهَذ َا َ‬
‫جِبَا ٌ‬

‫الت ّص َ ُرّ ِ‬
‫ف وَل َا يَك َاد ُ‬ ‫اب و َق َ ْط ُع َ‬
‫اف الْأَ ب ْو َ ِ‬ ‫ل ال ْهُد ُ ُ ّو و َال ُ ّ‬
‫سكُونُ و َِإيج َ ُ‬ ‫س ب َِالل ّي ْ ِ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ك ت َ ْقدِير ُ الْعَزِيز ِ الْعَل ِِيم‪ ،‬و َآيَة ُ الْقَمَرِ ك َان َْت ليلا و َالْع َادَة ُ م ِ َ‬
‫ذَل ِ َ‬
‫ِف من‬
‫يَعْر ُ‬
‫ُوف الْقَمَر ُِيّ كَث ِير ًا فِي ال ْبلَادِ و َأَ كْ ث َر ُه ُ ْم ل َا يَعْلَم ُ بِه ِ ح ََت ّى ُ‬
‫يخـْبَر َ‬ ‫ك م َا يَكُونُ ال ْـكُس ُ‬ ‫ل بِه ِ وَلِذَل ِ َ‬
‫ك و َاه ْتَب َ َ‬
‫صد َ ذَل ِ َ‬ ‫سم َاء ِ َ‬
‫شي ْئًا إ َلّا من ر َ َ‬ ‫ُأم ُورِ ال َ ّ‬
‫سم َاء ِ وَل َا عِلْم َ عند أَ حَدٍ مِنْهَا‬ ‫ل فِي ال َ ّ‬‫ن ب ِاللّي ْ ِ‬ ‫وَكَث ِير ًا م َا يُحَدّثُ َ‬
‫الث ّق َاتُ بِع َج َائ ِبَ يُش َاهِد ُونَهَا من أَ ن ْوَا ٍر وَنُج ُو ٍم طَوَالـِ ـ َع عِظَا ٍم ت َ ْظه َر ُ فِي الأحْ يَا ِ‬
‫* وَخ َرّ َ‬
‫ج الطحاوي في‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫__________‬
‫الانشقاق إلا مرة واحدة )قوله وإيجاف( بكسر الهمزة وسكون المثناة التحتية وتخفيف الجيم مصدر أوجف أو أغلق )قوله واهتبل(‬
‫بمثناة فوقية مفتوحة )*(‬
‫ل الْعَصْر َ‬ ‫س َل ّم َ ك َانَ يُوحَى ِإلَيْه ِ وَر َأْ سُه ُ فِي ِحجْرِ عَل ِ ٍيّ فَل َ ْم ي ُ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س من َطرِ يق َيْنِ أَ ّ‬
‫ْت ع ُمَي ْ ٍ‬
‫ِيث ع َنْ أَ سْمَاء َ بِن ِ‬
‫ل الْحَد ِ‬
‫شك ِ ِ‬
‫مُ ْ‬

‫ك فَا ْرد ُ ْد‬ ‫ك وَطَاعَة ِ رَسُول ِ َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّم َإن ّه ُ ك َانَ فِي طَاع َت ِ َ‬
‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ أَ ص ََل ّي ْتَ ي َا عَل ِ ُيّ قَا َ‬
‫ل ل َا فَق َا َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫ْس فَق َا َ‬ ‫شم ُ‬ ‫ح ََت ّى غ َرَ ب َِت ال َ ّ‬
‫ل‬‫ك ب ِال َص ّهْبَاء ِ فِي خي ْبَر َ قَا َ‬ ‫ض وَذَل ِ َ‬
‫ل و َالْأَ ْر ِ‬ ‫َت عَلَى الْج ِبَا ِ‬ ‫ت أَ سْمَاء ُ ف َرأَ َ يْتُهَا غربت ثم رأيتها طَلَعت بَعْد َ م َا غ َرَ ب َْت وَو َقَف ْ‬ ‫ْس قَال َ ْ‬ ‫شم َ‬ ‫عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫حفْظِ‬ ‫ف ع َنْ ِ‬ ‫الت ّخ َ ُل ّ ُ‬
‫ل ل َا يَن ْبَغ ِي لمن سبله ال ْعِلْم ُ َ‬ ‫ن أَ حْم َد بن صَالِ ٍح ك َانَ يَق ُو ُ‬ ‫طح َاو ُِيّ أَ َ ّ‬ ‫َات * وَح َكى ال َ ّ‬ ‫ن وَرُو َاتُهُم َا ثِق ٌ‬ ‫ن ث َابتَِا ِ‬ ‫ن الْحَدِيثَا ِ‬ ‫و َهَذ َا ِ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س بن بُكَيْرٍ فِي ز يادَة ِ المَغ َازِي رِو َايَت َه ُ عن ابن إسحق لَم ّا ُأسْر ِيَ ب ِرَسُو ِ‬ ‫َات ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ * وَرَو َى يُون ُ ُ‬ ‫حَدِيث أَ سْمَاء َ ل ِأَ َن ّه ُ من عَلَام ِ‬

‫ك ال ْيَوْم ُ أشرفت‬ ‫ل يَوْم َ الْأرْب ِع َاء ِ فَلَم ّا ك َانَ ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ و َأَ خْبَر َ قَوْم َه ُ ب ُ‬
‫ِالر ّفْقَة ِ و َالْع َلَامَة ِ التي فِي الع ِير ِ قالوا متى تجئ قَا َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫بعدها موحدة مفتوحة أي تخيل )قوله عن أسماء بنت عميس( بضم العين المهملة وفى آخره سين مهملة قال ابن الجوزى في الموضوعات‬
‫حديث رد الشمس في قصة على موضوع بلا شك )قوله بالصهباء( ممدودة موضع على مرحلة من خير )قوله في العير( بكسر العين‬
‫المهملة هي القافلة من الإبل والدواب تحمل الطعام وغيره من التجارات ولا يسمى عيرا إلا إذا كانت كذلك )قوله يوم الأربعاء(‬
‫بتثليث الموحدة‬
‫والأجود كسرها كذا في المحكم وقد حبست الشمس ليوشع وللنبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وسلم في صبيحة ليلة الإسراء وفى يوم من أيام الخندق‬
‫كما ذكره المصنف في غير الشفاء وفى قصة عَل ِ ٍيّ فِي حَدِيث أسماء وحبست لداود كما ذكره الخطيب في كتاب النجوم‪ ،‬وضعف رواية ثقله‬
‫عنه مغلطاى في سبرته وحبست لسلمان كما ذكره البغوي في سورة ص )*(‬

‫فصل في نبع الماء من بين أصابعه وتكثير ببركته‬ ‫‪٢.٤.١٢‬‬

‫ْس‪.‬‬ ‫س َل ّم َ فَزِيد َ لَه ُ فِي ال َنّهَارِ سَاع َة ً وفحبست عَلَيْه ِ ال َ ّ‬


‫شم ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ْش يَنْظ ُر ُونَ و َق َ ْد و َلَ ّى ال َنّهَار ُ و َل َ ْم تجئ فَد َعَا رَسُو ُ‬
‫ق ُر َي ُ‬
‫ِ‬
‫ج ً ّدا رَو َى حَدِيث نَب ِْع ال ْمَاء من أَ صَابعِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫فصل فِي نبع الماء من بين أصابعه وتكثير ببركته أَ َمّا الْأَ ح َادِيثُ فِي هَذ َا فَكَث ِيرَة ٌ ِ‬
‫الل ّه ُ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي‬
‫جعْفَرٍ الْفَق ِيه ُ رَحِم َه ُ َ‬ ‫ن مَسْع ُودٍ‪ :‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ِإ ْسحَاقَ إ ب ْر َاه ِيم ُب ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫س وَج َابِر ٌ و َاب ْ ُ‬ ‫ن َ‬
‫الصّ ح َابَة ِ مِنْه ُ ْم أَ ن َ ٌ‬ ‫س َل ّم َ جَمَاع َة ٌ م ِ َ‬
‫وَ َ‬
‫يح ْي َى ح َ َ ّدثَنَا مالك عن ِإ ْسحَاقَ ب ْ ِن عَبْدِ الل ّٰه‬
‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عمر ابن الف َ َخ ّارِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ِيس َى ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم ح َاتِم ُب ْ ُ‬
‫ن س َ ْه ٍ‬
‫ع ِيس َى ب ْ ُ‬
‫اس ال ْوَضُوء َ فَل َ ْم‬ ‫س َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ وَح َان َْت صَلاة ُ الْعَصْر ِ فَالْتم َ َ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ر َأَ ي ْتُ رَسُو َ‬
‫س ب ْ ِن م َال ِكٍ رَضِيَ َ‬
‫ابن أَ بِي طَل ْح َة َ ع َنْ أَ ن َ ِ‬

‫اس أن يتوضؤا‬ ‫الإن َاء ِ يَدَه ُ و َأَ م َر َ‬


‫الن ّ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫س َل ّم َ فِي ذَل ِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ ب ِوَضُوء ٍ ف َو َ َ‬
‫ض َع رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫يجِد ُوه ُ ف َُأتِي َ رَسُو ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ل ف َرأَ َ ي ْتُ ال ْمَاء َ يَن ْب ُ ُع م ِنْ بَيْنِ أَ صَاب ِعِه ِ فَت َو َ َ ّ‬
‫ل ب ِِإن َاء ف ِيه ِ م َاء ٌ‬‫س قَتَادَة ُ و َقَا َ‬‫خرِهِمْ‪ ،‬وَرَو َاه ُ أَ يْضًا ع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫ضأَ الناس حتى توضؤا م ِنْ عِنْد َ آ ِ‬ ‫مِن ْه ُ قَا َ‬
‫كن ْتُم ْ قال زهاء ثلاثمائة و َفِي رِو َايَة ٍ عَن ْه ُ وهم بالزوراء‬ ‫ل ك َ ْم ُ‬ ‫يَغْم ُر ُ أَ صَابِع َه ُ أَ ْو ل َا يَك َاد ُ يَغْم ُر ُ قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ثنا أبو عيسى ثنا يحيى( الصواب حدثنا أبو عيسى ثنا أبو عبيد الل ّٰه بن يحيى عن أبيه يحيى لأن أبا عيسى إنما يروى عن عبيد الل ّٰه‬
‫بن يحيى عن أبيه )قوله بوضوء( بفتح‬
‫الواو وقد تضم )قوله ينبع( بتثليث الموحدة )قوله زهاء( بضم الزاى والمد أي قدر )قوله بالزوراء( بالفتح والمد مكان قريب من المسجد‬
‫قال الداودى مرتفع كالمنار )*(‬
‫نح ْوَه ُ ع َنْ ث َاب ٍِت عَن ْه ُ وَعَن ْه ُ‬ ‫س و َفِي رِو َايَة ِ حُمَيْدٍ قلُ ْتُ ك َ ْم ك َانُوا قَا َ‬
‫ل ثَمَانِينَ رَج ُل ًا و َ َ‬ ‫ن ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ق وَرَو َاه ُ أَ يْضًا حُمَيْدٌ و َث َاب ِتٌ و َالْحَسَ ُ‬ ‫عِنْد َ ال ُ ّ‬
‫سو ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن م َ َع رَسُول َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح من رِو َايَة ِ عَلْقَم َة َ عَن ْه ُ بَي ْنَم َا َ‬ ‫سب ْع ِينَ رَج ُل ًا * و َأَ َمّا ابن مَسْع ُودٍ فَفِي َ‬
‫نح ْو ٌ م ِنْ َ‬
‫أيْضًا و َه ُ ْم َ‬
‫ْس‪.‬‬
‫و َلَي َ‬
‫ك َ ّفه ُ ف ِيه ِ فَجَع َ َ‬
‫ل ال ْمَاء ُ يَن ْب ُ ُع‬ ‫ل م َاء ٍ ف َُأتِي َ بِمَاء ٍ فَص ََب ّه ُ فِي إن َاء ٍ ث َُم ّ و َ َ‬
‫ض َع َ‬ ‫س َل ّم َ اطْ لُب ُوا من مَع َه ُ ف َضْ ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل لَنَا رَسُو ُ‬‫م َع َنَا م َاء ٌ فَق َا َ‬
‫اس يَوْم َ‬ ‫َطش َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ ع َ‬ ‫ِيح ع َنْ سَال ِ ِم بن أَ بِي الْجَعْدِ ع َنْ ج َابِر ٍ رَضِيَ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫س َل ّم َ * و َفِي َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫من بَيْنِ أَ ص ِ‬
‫َابع رَسُو ِ‬
‫ض َع‬ ‫ْس عِنْد َن َا م َاء ٌ إ َلّا م َا فِي رَكْ وَت ِ َ‬
‫ك ف َو َ َ‬ ‫نح ْوَه ُ و َقَالُوا لَي َ‬
‫اس َ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ بَيْنَ يَد َيْه ِ رَكْ وَة ٌ فَت َو َ َ ّ‬
‫ضأَ مِنْهَا و َأَ ق ْب َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الْحُد َي ْب ِيَة ِ وَرَسُو ُ‬
‫ْف‬
‫ن و َف ِيه ِ فَق ُل ْتُ كم كنتم قال لو كنا م ِائَة َ أَ ل ٍ‬ ‫ل ال ْع ُي ُو ِ‬ ‫ل ال ْمَاء ُ يَف ُور من بَيْنِ أَ صَاب ِعِه ِ ك َأَ مْثَا ِ‬ ‫س َل ّم َ يَدَه ُ فِي َ‬
‫الر ّكْ وَة ِ فَجَع َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫ِت عَن ْه ُ‬‫الصّ ام ِ‬‫س ع َنْ ج َابِر ٍ و َف ِيه ِ َأن ّه ُ ك َانَ ب ِالْحُد َي ْب ِيَة ِ * و َفِي رِو َايَة ِ ال ْوَلِيدِ بن ع ُبَادَة َ بن َ‬
‫ْس عَشْرَة َ م ِائَة ً‪ ،‬وَرُوِيَ مِثْلُه ُ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫لـَكَف َان َا‪ :‬ك َُن ّا خَم َ‬
‫ل ل ِي رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ي َا ج َابر ُ ن َادِ ال ْوضُوء َ وَذَك َر َ الْحَدِيثَ بِط ُولِه ِ و ََأن ّه ُ‬
‫ل قَا َ‬
‫ل فِي ذِكْر ِ غ َْزوَة ِ بُوَاطٍ قَا َ‬ ‫طو ِ ي ِ‬‫سل ِ ٍم ال ّ‬
‫فِي حَدِيث م ُ ْ‬
‫ْب‬ ‫يج ِ ْد إ َلّا قَطْرَة ً فِي ع َْزل َاء ِ شَ ج ٍ‬
‫ل َ ْم َ‬
‫__________‬
‫ْب( العزلاء بفتح العين المهملة وسكون الزاى والمد فم المزادة الأسفل والجمع عزاى بكسر اللام وفتحها‪ ،‬والشجب‬ ‫)قوله فِي ع َْزل َاء ِ شَ ج ٍ‬
‫بفتح الشين المعجمة وسكون الجيم وفى آخره موحدة‪ :‬ما قدم من القرب مثل الشن )*(‬

‫)فصل( ومما يشبه هذا من معجزاته تفجير الماء ببركته وابتعاثه بمسه ودعوته‬ ‫‪٢.٤.١٣‬‬

‫ن َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫ب ف َأَ تَي ْتُ فوضعتها بَيْنَ يَد َيْه ِ وَذَك َر َ أَ َ ّ‬ ‫ل ن َادِ بِ جَفْنَة ِ َ‬
‫الر ّكْ ِ‬ ‫س َل ّم َ فَغَم َزَه ُ و َتَك ََل ّم َ بشئ ل َا أَ ْدرِي م َا ه ُو َ و َقَا َ‬ ‫ف َُأتِي َ بِه ِ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل ف َرأَ َ ي ْتُ ال ْمَاء َ يَف ُور ُ من بَيْنِ أَ صَاب ِعِه ِ ثم فارته‬ ‫الل ّه قَا َ‬‫ل ب ِس ْ ِم َ‬
‫َب ج َابِر ٌ عَلَيْه ِ و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ بَس ََط يَدَه ُ فِي الْجَفْنَة ِ و َف ََر ّقَ أَ صَابِع َه ُ وَص َ ّ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ‬‫اس ب ِالاسْ تِق َاء ِ فَاسْ تَق َوا ح ََت ّى رَو ُوا فَق ُل ْتُ ه َلْ بَقِ َي أَ حَدٌ لَه ُ ح َاج َة ٌ ف َر َف َ َع رَسُو ُ‬ ‫أت و َأَ م َر َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َت ح ََت ّى امْتَل َ ْ‬ ‫الْجَفْن َة ُ و َاسْ تَد َار ْ‬
‫ل َ ِ‬
‫الل ّه م َاء ٌ‬ ‫ل م َا مَع َنَا ي َا رَسُو َ‬‫س َل ّم َ فِي أَ سْ ف َارِه ِ ب ِِإد َاوَة ِ م َاء ٍ و َق ِي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫شعْبِيّ ُأتِي َ َ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫هي َ م َل َْأى * وَع َ ِ‬ ‫ن الْجَفْنَة ِ و َ ِ‬‫س َل ّم َ يَدَه ُ م ِ َ‬
‫وَ َ‬
‫اب ع َنْ‬‫ل الترْم ِذيّ و َفِي ال ْب َ ِ‬ ‫يج ِيئ ُونَ ويتوضؤن ث َُم ّ يَق ُوم ُونَ‪ ،‬قَا َ‬ ‫اس َ‬ ‫الن ّ ُ‬‫ل َ‬ ‫جع َ َ‬ ‫سطَه َا و َغ َم َسَه َا فِي ال ْمَاء ِ و َ َ‬ ‫ض َع ِإصْ بَع َه ُ و َ َ‬
‫كبَهَا فِي رَكْ وَة ٍ وَو َ َ‬ ‫غَيْر َه َا فَسَ َ‬
‫ن الْحَفِلَة ِ و َا ْلجم ُ ُ ِ‬
‫وع ال ْـكَث ِيرَة ِ ل َا ٺَتَط ََر ّقُ ال ُتّهْم َة ُ ِإلَى ال ْم ُح َ َ ّد ِ‬
‫ث بِه ِ ل ِأَ َ ّنه ُ ْم ك َانُوا أَ سْرَعَ شئ ِإلَى تَكْذِيبِه ِ‬ ‫ل هَذ َا فِي هَذِه ِ ال ْم َوَاطِ ِ‬
‫حصَيْنٍ وَمِث ْ ُ‬
‫ِعم ْرَانَ بن ُ‬

‫حضُور َ ا ْلجم َ ّاء ِ ال ْغَف ِير ِ لَه ُ‬


‫ل‪ ،‬فَهَؤْل َاء ِ ق َ ْد رَوَوْا هَذ َا و َأَ شَاع ُوه ُ و َنَس َب ُوا ُ‬
‫ك و َل ِأَ َ ّنه ُ ْم ك َانُوا م َِم ّنْ ل َا ي َ ْسكُتُ عَلَى ب َاطِ ٍ‬
‫ُوس من ذَل ِ َ‬ ‫ت عَلَيْه ِ ُ‬
‫الن ّف ُ‬ ‫لِما جُبِل َ ْ‬

‫س عَلَيْه ِم م َا ح َ َ ّدثُوا بِه ِ عَنْه ُ ْم أَ َ ّنه ُ ْم فَع َلُوه ُ وَشَاهَد ُوه ُ فَصَار َ كَت َصْ دِي ِ‬
‫ق جَم ِيعِه ِ ْم لَه ُ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫و َل َ ْم ينْكِر ْ أَ حَدٌ م ِ َ‬
‫ل فِي ق َِصّ ة ِ‬ ‫)فصل( وَم َِم ّا يُشْب ِه ُ هَذ َا من مُعْجِزَات ِه ت َ ْفجِير ُ ال ْمَاء ِ بِبَرَكَتِه ِ و َاب ْتعاثِه ِ بِم ّ‬
‫سه ِ وَدَعْوَتِه ِ * ف ِيم َا رَو َى م َال ِكٌ فِي ال ْم َُوطّ أ ع َنْ مُع َاذِ بن جَب َ ٍ‬
‫غ َْزوة ِ‬
‫__________‬
‫َت الْجَفْن َة ُ واستدارت( في صحيح مسلم ثم قارب الجفنة ودارت )قوله بإداوة( بكسر الهمزة وتخفيف الدال المهملة أي‬ ‫)قوله ث َُم ّ فَار ِ‬
‫مطهرة )*(‬
‫ض بشئ من م َاء ٍ مِث ْ ِ‬
‫ل الشراك فغرفوا‬ ‫هي َ تَب ِ ُ ّ‬
‫تَب ُوك َ و َأَ َ ّنه ُ ْم وَر َدوا الْع َيْنَ و َ ِ‬
‫س َل ّم َ ف ِيه ِ و َجْ هه ُ و َيَد َيْه ِ و َأَ عَادَه ُ ف ِيهَا فَجَر َْت بِمَاء ٍ كَث ِيرٍ فَاسْ تَقَى‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الْع َيْنِ ب ِأَ يْدِيه ِ ْم ح ََت ّى اجْ تَم َ َع فِي شئ ث َُم ّ غَسَ َ‬
‫ل رَسُو ُ‬ ‫مِ َ‬
‫ك حَيَاة ٌ أَ ْن ت َر َى م َا‬
‫ت بِ َ‬
‫ك ي َا م ُع َاذ ُ ِإ ْن طَال َ ْ‬ ‫ق ث َُم ّ قَالَ‪ :‬يُو ِ‬
‫ش ُ‬ ‫ِس كَح ِّس َ‬
‫الصّ وَاعِ ِ‬ ‫ل فِي حَدِيث ابن ِإ ْسحَاق فَانْ خ َر َقَ من الماء ماله ح ّ‬
‫اس قَا َ‬ ‫َ‬
‫الن ّ ُ‬
‫ه َا ه ُنَا ق َ ْد ملئ جِنَان ًا * و َفِي حَدِيث ال ْبَر َاء ِ وَسَلَم َة َ بن الْأَ كْ و َِع وَحَدِيث ُه ُ أَ ت َُم ّ فِي ق َِصّ ة ِ الْحُد َي ْب ِيَة ِ و َه ُ ْم أَ رْب َ َع عَشْرَة َ م ِائَة ً و َبِئْر ُه َا ل َا تَرْوِي خَمْسِينَ‬
‫ل سَلَم َة ُ ف َِإ َمّا‬
‫ق فَد َعَا و َقَا َ‬ ‫ل البراء وأتى بدلوا م َِن ّا فَب َ َ‬
‫ص َ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى جَبَاه َا قَا َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ف ِيهَا قَطْرَة ً فَقَعَد َ رَسُو ُ‬
‫شَاة ً فَنَز َحْ نَاه َا فَل َ ْم نَت ْر ُ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٣٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ج‬
‫خر َ َ‬
‫َاب فِي الْحُد َي ْب ِيَة ِ ف َأَ ْ‬ ‫َت ف َأَ ْروَوْا أنْف ُسَه ُ ْم وَرِك َابَه ُ ْم و َفِي غَيْر ِ ه َاتَيْنِ الرّو َايَتَيْنِ فِي هَذِه ِ الْق َِصّ ة ِ من َطرِ ي ِ‬
‫ق ابن شِه ٍ‬ ‫ق ف ِيهَا فَجا َش ْ‬ ‫د َعَا و َِإ َمّا ب َ َ‬
‫ص َ‬
‫ل‬
‫شكَو ْا ِإلَى رَسُو ِ‬
‫اس َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ن * وَع َنْ أَ بِي قَتَادَة َ وَذَك َر َ أَ َ ّ‬
‫اس ح ََت ّى ضَر َبُوا ب ِعَطَ ٍ‬ ‫ْس ف ِيه ِ ماء ف َرَوِيَ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫يب لَي َ‬
‫ضع َه ُ فِي قَعْرِ قَل ِ ٍ‬
‫س َ ْهم ًا من ك ِنَانَتِه ِ ف َو َ‬
‫ٌ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)قَو ْله تبص( من البصيص بالصاد المهملة وهو البر يق واللمعان وبالضاد المعجمة القطر والسيلان القليل )قوله خمسين شاة( قال المزى‬
‫المعروف عند أهل الحديث خمسين أشاة والأشاة النخلة الصغيرة )قوله على جباها( بفتح الجيم وتخفيف الموحدة والقصر أي ما حول‬
‫فمها )قوله فجاشت( بالجيم والشين المعجمة أي فارت وارتفعت )قوله ح ََت ّى ضَر َبُوا ب ِعَطَ ٍ‬
‫ن( أي رووا ورويت إبلهم حتى بركت لأن‬
‫عطن الابل مباركها وذلك حول الماء حتى تعاد إلى الشرب )*(‬
‫اس حتى رووا وملوا‬ ‫ضب ْنِه ِ ث َُم ّ ال ْتَقَم َ فَمَه َا فَالل ّٰه أَ ع ْلَم ُ نَف َثَ ف ِيهَا أَ ْم ل َا ف َشَرِبَ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ض أَ سْ ف َارِه ِ فَد َعَا ب ِالْميِضَأة ِ فَجَعلَه َا فِي ِ‬
‫َش فِي بَعْ ِ‬ ‫س َل ّم َ الْعَط َ‬‫وَ َ‬
‫ل ِإل َيّ أ َ ّنهَا كَمَا أَ خَذ َه َا م ِن ّي وَك َانُوا اث ْنَيْنِ و َسب ْع ِينَ رَج ُل ًا‪ ،‬وَرَو َى‬ ‫ل إن َاء ٍ مَعَه ُ ْم فَخي ُ ّ َ‬‫كُ َ ّ‬
‫طبَر ُِيّ حَدِيث أَ بِي قَتَادَة َ عَلَى غَيْر ِ م َا ذَك َرَه ُ أَ ه ْ ُ‬
‫ل الصحيح أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم خرج بهم ممدا لأهل‬ ‫حصَي ْن وَذَك َر َ ال َ ّ‬
‫مِثْلَه ُ ِعم ْرَانُ بن ُ‬
‫الل ّه عليه وسلم و َف ِيه ِ إع ْلَامُه ُ ْم أَ َ ّنه ُ ْم ي َ ْفقِد ُونَ ال ْمَاء َ فِي غَدٍ‬
‫مؤتة عند ما بلغه قتل الأمراء وذكر حَدِيثًا َطوِ يل ًا ف ِيه ِ معجزات وآيات للنبي صلى َ‬
‫نح ْوَه ُ‬‫ل ل ِأَ بِي قَتَادَة َ احْ ف َْظ عَل َيّ ميضأتك فإله سَيكُونُ لَهَا نَب َأ وَذَك َر َ َ‬ ‫سل ِم َأن ّه ُ قَا َ‬ ‫اب م ُ ْ‬
‫ل و َالْقَوْم ُ ز ُه َاء ُ ثلثمائة و َفِي ك ِت َ ِ‬
‫وَذَك َر َ حَدِيث الْميِضَأَ ة ِ قَا َ‬
‫صحَابِه ِ‬‫ض أَ سْ ف َارِه ِ ْم ف َو َ َجّه َ رَج ُلَيْنِ من أَ ْ‬
‫َش فِي بَعْ ِ‬ ‫س َل ّم َ و َأَ ْ‬
‫صحَابَه ُ عَط ٌ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حصَيْنٍ حِينَ أصَابَ َ‬ ‫ك حَدِيث ِعم ْرَانَ بن ُ‬ ‫وَم ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ل فِي إن َاء ٍ من‬
‫س َل ّم َ فَجَع َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن الْحَدِيثَ فوجداها وأتيابها ِإلَى َ‬
‫ن كَذ َا مَعَه َا بغير عَلَيْه ِ م ََزاد َت َا ِ‬
‫ن امْرَأة ً بمِك َا ِ‬ ‫وأعلمها أَ َ ّنهُم َا َ‬
‫يجِد َا ِ‬
‫مزادتيها‬
‫__________‬
‫)قوله بالميضأة( بكسر الميم وسكون المثناة التحتية وفتح الضاد المعجمة وهمزة‪ :‬هي آلة الوضوء )قوله ضبنه( بكسر الضاد المعجمة‬
‫وسكون الموحدة بعدها نون فهاء للضمير‪ ،‬والضبن ما بين الـكشح إلى الإبط قاله الخطابى في غريب الحديث )قوله نفث( أي نفخ لا‬
‫ر يق معه )قوله لأهل مؤتة( بضم الميم وسكون الهمزة وقد تبدل واوا )قوله والقوم زهاء( قال المزى‪ :‬الوجه نصب زهاء ولـكن أهل‬
‫الحديث يرفعونه )قوله وجه رجلين( هما عمير بن حصين و َعَل ِ ُيّ بن أَ بِي طالب )قوله مزادتان( المزادة بفتح الميم وتخفيف الزاى أكبر من‬
‫القربة قال ابن قرقول وقيل ما زيد فيه جلد ثالث بين جلدين لتبيع )‪(*) (١ - ١٩‬‬
‫شي ْئًا إ َلّا ملؤه قَا َ‬
‫ل‬ ‫َت ع ََزاليهِم َا وأمر الناس فملؤا أَ سْ ق ِيَتَه ُ ْم ح ََت ّى ل َ ْم يَدَع ُوا َ‬
‫ل ث َُم ّ أَ عَاد َ ال ْمَاء َ فِي ال ْم َزَاد َتَيْنِ ث َُم ّ فُتِح ْ‬
‫الل ّه أ ْن يَق ُو َ‬
‫ل ف ِيه ِ م َا شَاء َ َ‬
‫و َقَا َ‬
‫ل الذهبي فَإ َن ّا ل َ ْم ن َأْ خ ُ ْذ من م َائ ِكِ َ‬
‫شي ْئًا‬ ‫ن الْأَ ْزو َادِ ح ََت ّى م َلَأ ثَو ْ بَهَا و َقَا َ‬
‫ل ِإل َيّ أَ َ ّنهُم َا ل َ ْم تزداد إ َلّا امْت ِلَاء ً ث َُم ّ أَ م َرَ فَجُمِـ َع لِل ْمَر ْأَ ة ِ م ِ َ‬
‫ِعم ْرَانُ و َيُخَي ّ ُ‬
‫س َل ّم َ ه َلْ من وُضُوء ٍ فَجَاء َ رَج ُ ٌ‬
‫ل ب ِِإد َاوَة ٍ ف ِيهَا‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل نَبِ ّي َ‬‫و َلـَكِن الل ّٰه سقايا ‪ -‬الْحَدِيثَ بِط ُولِه ِ ‪ -‬وَع َنْ سَلَم َة َ بن الْأَ كْ و َِع‪ :‬قَا َ‬

‫ش‬‫ن الْعَطَ ِ‬ ‫ضأْ ن َا ك ُُل ّنَا نُد َ ْغفِق ُه ُ د َ ْغفَق َة ً أَ رْب َ َع عَشْرَة َ م ِائَة ً و َفِي حَدِيث ع ُم َر َ فِي جَي ْ ِ‬
‫ش ال ْعُسْرَة ِ وَذَك َر َ م َا أَ صَابَه ُ ْم م ِ َ‬ ‫ن ُ ْطف َة ٌ ف َأَ ف ْرَغَه َا فِي قَد ٍَح فَت َو َ َ ّ‬
‫س َل ّم َ فِي ال ُد ّعَاء ِ ف َر َف َ َع يَد َيْه ِ فَل َ ْم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ ِإلَى َ‬
‫ل لَينْحَر ُ بَع ِيره ُ فَيَعْصِر ُ فَر ْثَه ُ فَيَشْر َبُه ُ ف َرَغِبَ أَ بُو بَكْر ٍ رَضِي َ َ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّج َ‬ ‫ح ََت ّى إ َ ّ‬

‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أب َا طَال ٍِب قَا َ‬ ‫ْب أَ َ ّ‬
‫سم َاء ُ فَانْسَكَب َْت فملؤا م َا مَعَه ُ ْم من آنيَِة ٍ و َل َ ْم تُجَاوِزِ الْعَسْك َر َ وَع َنْ عَم ْرو بن شُعَي ٍ‬ ‫جعْهُم َا ح ََت ّى قَالَت ال َ ّ‬ ‫يَرْ ِ‬
‫ل‬
‫ج ال ْمَاء ُ فَق َا َ‬
‫ْض فَخَر َ َ‬ ‫س َل ّم َ و َضَر َبَ بِقَدَمِه ِ الْأَ ر َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ و َه ُو َ رَدِيف ُه ُ بِذِي ال ْم َج َازِ عَطِشْتُ و َلَي َ‬
‫ْس عِنْدِي م َاء ٌ فَنَز َ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َب و َالْحَدِيثُ في هذا الباب الـكثير وَمِن ْه ُ ال ِْإج َابَة ُ بِد ُعَاء ِ الاستسقاء وما جالسه‪.‬‬
‫اشْر ْ‬
‫__________‬
‫)قوله فيها نطفة( أي شئ يسير )قوله ندغفقه( من الدغفقة بالدال المهملة فالغين المعجمة والفاء فالقاف وهى الصب الشديد )قوله فِي‬
‫ش ال ْعُسْرَة ِ( يعنى غزوة تبوك )قوله بذى المجاز( بالميم المفتوحة والجيم المخففة والزاى سوق عند عرفة من أسواق الجاهلية )*(‬
‫جَي ْ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫فصل ومن معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه‬ ‫‪٢.٤.١٤‬‬

‫الل ّه ُ ح َ َ ّدثَنَا العذري حدثنا الرازي ح َ َ ّدثَنَا الْجلُُود ُِيّ‬


‫فصل وَم ِنْ معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ رَحِم َه ُ َ‬

‫ن رَج ُل ًا‬ ‫ل ع َنْ أَ بِي ُ‬


‫الز ّبَيْر ِ ع َنْ ج َابِر ٍ أَ َ ّ‬ ‫ن أَ ع ْيَنَ ح َ َ ّدثَنَا مَعْق ِ ٌ‬ ‫ِيب ح َ َ ّدثَنَا الْحَسَ ُ‬
‫ن بْ ُ‬ ‫اج ح َ َ ّدثَنَا سلمة ابن شَب ٍ‬
‫ن الْ حجَ ّ ِ‬ ‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬
‫سل ِم ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن ُ‬

‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ضيْف ُه ُ ح ََت ّى ك َالَه ُ ف َأَ تَى َ‬ ‫ل مِن ْه ُ و َامْرَأَ تُه ُ و َ َ‬
‫ل ي َأْ ك ُ ُ‬
‫ق شَع ِي ٍر فَمَا ز َا َ‬ ‫س َل ّم َ يَسْتَطْعِم ُه ُ ف َأَ طْ عَم َه ُ َ‬
‫شطْر َ و َسْ ِ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫أَ تَى َ‬
‫س َل ّم َ ثَمَانِينَ‬ ‫ك حَدِيث أَ بِي طَل ْح َة َ ال ْمَشْه ُور ُ و َِإطْ ع َام ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَو ْ لم تَكِل ْه ُ ل َأَ ك َل ْتُم ْ مِن ْه ُ و َلق َام َ بِك ُ ْم * وَم ِنْ ذَل ِ َ‬‫س َل ّم َ ف َأَ خْبَرَه ُ فَق َا َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫الل ّه أَ ْن يَق ُولَ‪ ،‬وَحَدِيث ج َابِر ٍ‬


‫ل ف ِيهَا م َا شَاء َ َ‬
‫ي ِإ بْطِه ِ فأمر بها فقتت و َقَا َ‬
‫تح ْتَ يَدِه ِ أَ ْ‬
‫س َ‬
‫سب ْع ِينَ رَج ُل ًا من أقراص من شَع ِيرٍ ج َاء َ بِهَا أَ ن َ ٌ‬
‫أَ ْو َ‬

‫ل ج َابِر ٌ ف َُأقْسِم ُ ب ِالل ّٰه لأك َلُوا ح ََت ّى ت َرَكُوه ُ و َانْ ح َر َف ُوا و َإ َ ّ‬ ‫ل من ص ِ‬ ‫س َل ّم َ يَوْم َ الْخنَْد َ ِ‬
‫ن‬ ‫ق و َقَا َ‬
‫َاع شَع ِيرٍ وَع َنَا ٍ‬ ‫ق أَ ل َْف رَج ُ ٍ‬ ‫فِي ِإطْ ع َامِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ق فِي ال ْعَجِينِ و َال ْبُرْمَة ِ و َب َارَك َ‪ ،‬رَو َاه ُ ع َنْ ج َاب ِر سَع ِيد ُ بن‬ ‫س َل ّم َ ب َ َ‬
‫ص َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫هي َ و َِإ َ ّ‬
‫ن عَج ِينَنَا لَيُخْب َز ُ وَك َانَ رَسُو ُ‬ ‫بُرْم َتَنَا لَت ُ ّ‬
‫َغط كَمَا ِ‬
‫ل‬
‫َف فَجَع َ َ‬
‫ل ال ْـك ّ‬ ‫ن الْأَ نْصَارِ و َامْرَأَ تِه ِ و َل َ ْم يُسَمّهِم َا قَا َ‬
‫ل وجئ بِمِث ْ ِ‬ ‫ل مِ َ‬
‫ن وَع َنْ ث َاب ٍِت مِثْلَه ُ ع َنْ رَج ُ ٍ‬
‫م ِينَاء َ و َأَ يْم َ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن مينا( بكسر الميم والمد أو القصر )قوله وأيمن( هو أيمن الحبشى المكى والد عبد الواحد بن أمين مَو ْلَى اب ْ ِن أَ بِي عمرة المخزومى‬

‫و َفِي ك ِتَاب ابن حيان إنه أيمن بن ُأمّ أيْم َن مَو ْلاة رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ورد بأن أيمن بن أم أيمن قتل في حنين )*(‬
‫ك قَدِ امْتَل َ َأ م َِم ّنْ‬
‫ْت و َالْ حجُ ْرَة ِ و َال َد ّارِ وَك َانَ ذَل ِ َ‬
‫ل مِن ْه ُ م َنْ فِي ال ْبَي ِ‬
‫الل ّه ُ ف َأَ ك َ َ‬
‫ل م َا شَاء َ َ‬ ‫س َل ّم َ يَبْسُطُه َا فِي الْإن َاء ِ و َيَق ُو ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ُ‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى الل ّٰه عليه‬‫ل َ‬ ‫ل م َا ك َانَ فِي ال ِْإن َاءِ‪ ،‬وَحَدِيثُ أَ بِي أَ ُي ّوبَ َأن ّه ُ صَن َ َع ل ِرَسُو ِ‬ ‫س َل ّم َ لِذَل ِ َ‬
‫ك و َبَقِ َي بَعْد َ م َا شَب ِع ُوا مِث ْ ُ‬ ‫قَدِم َ مَع َه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َاف الْأَ نْصَارِ فَد َعَاه ُ ْم ف َأَ ك َلُوا ح ََت ّى‬
‫س َل ّم َ ا ْدع ُ ثَلَاثِينَ م ِنْ أَ شْر ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَه ُ َ‬
‫س َل ّم َ و َل ِأَ بِي بَكْر ٍ من الطغام ز ُه َاء َ م َا ي َ ْكف َيهِم َا فَق َا َ‬
‫وَ َ‬
‫سب ْع ِينَ ف َأَ ك َلُوا ح ََت ّى ت َرَكُوه ُ وَم َا خَر َ َ‬
‫ج مِنْه ُ ْم أَ حَدٌ‬ ‫ك ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل ا ْدع ُ َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ت َرَكُوا ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل ا ْدع ُ سِتِّينَ فَك َانَ مِث ْ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ ب ِقصْ عَة ٍ فيها‬ ‫ُب ُأتِي َ‬
‫جنْد ٍ‬ ‫ل أَ بُو أَ ُي ّوبَ ف َأَ ك َ َ‬
‫ل من َطع َامِي م ِائَة ٌ و َثَمَانُونَ رَج ُل ًا‪ ،‬وَع َنْ سَم ُرَة َ بن ُ‬ ‫ح ََت ّى أَ سْ لَم َ و َب َاي َ َع قَا َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن بن أَ بِي بَك ْر ك َُن ّا م َ َع َ‬ ‫ك حَدِيث عَب ْد َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫ل يَق ُوم ُ قَوْم ٌ و يَقْعُد ُ آخَر ُونَ‪ ،‬وَم ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫لخم فَتَع َاقَب ُوه َا من غُدْوة ٍ ح ََت ّى َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬
‫الث ّلَاثِينَ وَم ِائَة ٍ إ َلّا و َق َ ْد ح َزّ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه م َا م ِ َ‬
‫ل و َأيْم ُ َ‬
‫َت شَاة ٌ فَشُوِيَ سَوَاد ُ ب َ ْطنِهَا قَا َ‬ ‫ِيث َأن ّه ُ عُج ِ َ‬
‫ن صَاعٌ من َطع َا ٍم وَصُنِع ْ‬ ‫ثَلَاثِينَ وَم ِائَة ً وَذَك َر َ فِي الْحَد ِ‬
‫ل فِي الْق َصْ ع َتَيْنِ‬
‫ل مِنْهَا ق َصْ ع َتَيْنِ ف َأَ ك َل ْنَا أَ جْم َع ُونَ و َف َض َ‬ ‫لَه ُ ح َزّة ً من سَوَادِ ب َ ْطنِهَا ث َُم ّ َ‬
‫جع َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله بقصعة( بفتح القاف )قوله سواد بطنها( هو الـكبد وقيل حشوا البطن كله )قوله حزة( بضم الحاء المهملة وتشديد الزاى‪ :‬القطعة‬
‫المحزوزة وبفتح الحاء المرة من الحز )قوله وفضل( قال الصنمرى فضل يفضل بفتح العين في المعاضى وضمها في المستقبل من الفضل‬
‫وهو السؤدد وبالـكسر في الماضي والفتح في المستقبل من الفضلة وهى بقية الشئ وفى الصحاح فضل منه شئ مثل دخل يدخل وفيه‬
‫لغة أخرى فضل يفضل مثل حذر يحذر )*(‬
‫اب‬
‫ط ِ‬‫ن بن أَ بِي عَم ْر َة الْأَ نْصَارِيّ ع َنْ أَ بيِه ِ وَمِثْلُه ُلِسَلَم َة َ بن الْأَ كْ و َِع و َأَ بِي ه ُر َي ْرَة َ و َع ُم َر َبن الْخ َ ّ‬ ‫ك حَدِيث عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫فَحَم َل ْت ُه ُ عَلَى ال ْب َع ِير ِ‪ ،‬وَم ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ن‬‫ل ب ِالْحثَ ْية ِ م ِ َ‬ ‫س َل ّم َ فِي بَعْض مَغ َازِ يه ِ فَد َعَا ببَِق َِي ّة ِ الْأَ زْوادِ فَجَاء َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الن ّاس م َ َع َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ فَذَك َر ُوا مَخ ْمَصَة ً أَ صَاب َِت َ‬
‫رَضِي َ َ‬
‫َ‬
‫اس ب ِأَ وْعيتِه ِ ْم فَمَا بَقِ َي‬ ‫ضة ِ الْعَنْز ِ ث َُم ّ د َعَا َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ل سَلَم َة ُ فَحَزَرْتُه ُ ك َر َب ْ َ‬ ‫ن َ‬
‫التمّْرِ فَجَمَع َه ُ عَلَى نِطْع قَا َ‬ ‫ِالصّ ِ‬
‫اع م ِ َ‬ ‫ك و َأَ ع ْلَاهُم ُ ال َ ّذ ِي أَ تَى ب َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫طع َا ِم و َفَو ْقَ ذَل ِ َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫كف َاه ُ ْم وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ أَ م َرنِي َ‬
‫َ‬ ‫ض لـ َ َ‬
‫ل الْأَ ْر ِ‬ ‫ل و َأَ كْ ث َر ُ و َلَو ْ و َردَه ُ أَ ه ْ ُ‬
‫ش وِعَاء إلا ملؤوه و َبَقِ َي مِن ْه ُ ق َ ْدر ُ م َا جُع ِ َ‬ ‫فِي الْجيَ ْ ِ‬
‫س َل ّم َ أَ ْن أدعوا لَه ُ‬ ‫وَ َ‬
‫َت إلا أنا ف ِيهَا أَ ث َر َ الْأَ ص ِ‬
‫َابع‪،‬‬ ‫ضع ْ‬ ‫هي َ مِث ْلُه َا حِينَ و ُ ِ‬ ‫َت بَيْنَ أَ يْدِينَا صَ حْف َة ٌ ف َأَ ك َل ْنَا م َا شِئ ْنَا و َف َرَغْنَا و َ ِ‬‫ضع ْ‬ ‫ل ُ‬
‫الصّ َ ّفة ِ فَتَت َب ّعْتُه ُ ْم ح ََت ّى جَمَعْتُه ُ ْم ف َو ُ ِ‬ ‫أَ ه ْ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ بَنِي ع َبد الم ُ َ ّ‬


‫طل ِْب وَك َانُوا أَ رْبَع ِينَ مِنْه ُ ْم قَوْم ٌ ي َأْ ك ُلُونَ الْجَذ َع َة َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ جَم َ َع رَسُو ُ‬
‫وَع َنْ عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب رَضِيَ َ‬
‫و َيَشْر َبُونَ الْفَر ْقَ فَصَن َ َع لَه ُ ْم م ُ ً ّدا من َطع َا ٍم ف َأَ ك َلُوا ح ََت ّى شَبع ُوا و َبَقِ َي كَمَا ه ُو َ ث َُم ّ د َعَا‬
‫__________‬
‫)قوله مخمصة( أي مجاعة )قوله بالحثية( بفتح الحاء المهملة من حثى يحثا )قوله على نطع( يجوز فيه فتح النون وكسرها مع سكون الطاء‬
‫وفتحها فهذه أربع لمات أفضحها كسر النون وفتح الطاء )قوله كربضة( بفتح الراء وسكون الموحدة قال ابن دريد بكسر الراء يقال‬
‫ربضت الغنم تربض بالـكسر وربوضا وهو من البقر والعم والفرس والكلب مثل البروك من الإبل والجثوم من الطير )قوله أهل الصفة(‬
‫في صحيح ال ْب ُخ َارِيّ من حديث أبي هريرة لقد رأيت سبعين من أهل الصفة وعد أبوهم في الحليلة منهم مائة ونيفا وفى عوارف المعارف‬
‫السهروردى إنهم كانوا نحو أربعمائة )*(‬
‫س َل ّم َ حِينَ اب ْت َن َى ب ِزي ْن َب أَ م َرَه ُ أ ْن ي َ ْدع ُو لَه ُ قَوْم ًا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س إ َّ‬ ‫ل أَ ن َ ٌ‬ ‫َب مِن ْه ُ و َقَا َ‬ ‫بعص ف َشَر ِبُوا ح ََت ّى رُو ُوا و َبَقِ َي ك ََأن ّه ُ ل َ ْم يُشْر ْ‬
‫ل حَيْسًا ف َوَضَع َه ُ ق ُ َ ّدام َه ُ و َغ َم ََس ثَلَاثَ أَ صَاب ِعِه ِ‬ ‫ل من لَق ِيتَ ح ََت ّى امْتَلأ ال ْبَي ْتُ و َالْ حجُ ْرَة ُ و َق َ ّدم َ ِإلَيْه ِ ْم تَوْر ًا ف ِيه ِ ق َ ْدر ُ م ُ ّد من تَمْرٍ جُع ِ َ‬ ‫س ََم ّاه ُ ْم وَك ُ َ ّ‬

‫سب ْع ِينَ و َفِي رِو َايَة ُأ ْ‬


‫خر َى فِي هَذِه ِ الْق َِصّ ة ِ أَ ْو مِثْلِه َا‬ ‫نح ْو ًا م َِم ّا ك َانَ وَك َانَ الْقَوْم ُ أَ حَدًا أَ و اث ْنَيْنِ و َ َ‬ ‫يخ ْرَجُونَ و َبَقِ َي َ‬
‫الت ّوْر ُ َ‬ ‫ل الْقَوْم ُ يَتَغ َ َ ّد ْونَ و َ َ‬
‫وَجَع َ َ‬
‫ِيث‬
‫َت و َفِي حَد ِ‬
‫َت ك َان َْت أَ كْ ثَر َ أَ ْم حِينَ ر ُفِع ْ‬ ‫ن الْقَوْم َ كانوا زهاء ثلثمائة و َِإ َ ّنه ُ ْم أَ ك َلُوا ح ََت ّى شَب ِع ُوا و َقَا َ‬
‫ل ل ِي ارْف َعْ فَلَا أَ ْدرِي حِينَ وُضِع ْ‬ ‫إ َّ‬

‫َت عَل ًِي ّا‬ ‫َت ق ِ ْدر ًا لِغ َدائِهِم َا وَو َ َ ّ‬


‫جه ْ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن فَاطِم َة َ طَبَخ ْ‬ ‫جعْفَرِ بن مُحَم ّدٍ ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ عَلِيّ رَضِيَ َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم َ ولعَلِيّ ث َُم ّ لَهَا ث َُم ّ ر َفَع ِ‬
‫َت‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ لِيَتَغ َ َ ّدى مَعَهُم َا ف َأَ م َره َا فَغ َر َف َْت مِنْهَا ِلجم َ ِ ِ‬
‫يع نِس َائِه ِ صَ حْف َة ً صَ حْف َة ث َُم ّ لَه ُ صَلَ ّى َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِإلَى َ‬
‫َ‬
‫الل ّه * و َأَ م َرَ ع ُم َر َ بن الخطاب‬
‫ت ف َأَ ك َل ْنَا مِنْهَا م َا شَاء َ َ‬ ‫الق ِ ْدر َ و َإ َ ّنهَا لَتَف ُ‬
‫ِيض قَال َ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله بعس( بضم العين وتشديد السين المهملتين هو قدح ضخم )قوله ابتنى( ترتيب المعروف إن ذلك لما ابتنى بصفية وفى شرح مسلم‬
‫للمصنف إن الراوى أدخل قصة في قصة )قوله تور( بالمثناة الفوقية وهو إناء شبه قدح من حجارة )قوله حيسا( بفتح المهملة وسكون‬
‫المثناة التحتية بعدها سين مهملة هو تمر وسمن وأقط وقال ابن الصلاح هو التمر ينزع نواه و يخلط بالسو يق )قوله يتغدون( من الغداء بفتح‬
‫الغين المعجمة والدال المهملة والمد هو الطعام نفسه خلاف العشاء لما في صحيح مسلم فدعا بعد ارتفاع النهار وأما الغذاء بكسر الغين‬
‫وبالذال المعجمتين والمد هو ما يتغذى به من الطعام والشراب )*(‬
‫ض‬ ‫ل َ‬
‫الر ّاب ِ ِ‬ ‫ل اذْه َْب فَذ َه َبَ ف َز َ ّود َه ُ ْم مِن ْه ُ وَك َانَ ق َ ْدر َ الْف َصِ ي ِ‬
‫هي َ إ َلّا أَ صوُعٌ قَا َ‬
‫الل ّه م َا ِ‬
‫ل َ‬ ‫ل ي َا رَسُو َ‬
‫ِب من أَ حْم ََس فَق َا َ‬
‫أن يزود أَ رْبعمائَة ِ ر َاك ٍ‬

‫ِب‬ ‫ن ا ْلخـَب َر ُ بِعَي ْنِه ِ إ َلّا َأن ّه ُ قَا َ‬


‫ل أَ رْبعمائَة ِ ر َاك ٍ‬ ‫ن بن مُق َر ّ ٍ‬ ‫ي وَم ِنْ رِو َايَة ِ جَر ِير ٍ وَمِثْلُه ُمن رِو َايَة ِ ُ‬
‫الن ّعْم َا ِ‬ ‫ن َ‬
‫التمّْرِ و َبَقِ َي بِ حَالِه ِ من رِو َايَة ِ دُكَيْنٍ الْأَ حْمَس ِ ّ‬ ‫مِ َ‬
‫ل ل ِغ ُرَم َاء ِ أَ بيِه ِ أَ صْ َ‬
‫ل م َالِه ِ فَل َ ْم يَقْبَلُوه ُ و َل َ ْم يَكُنْ فِي ثَمَرِه َا سَنَتَينِ‬ ‫ك حَدِيث حابر فِي دَي ْ ِن أَ بيِه ِ بَعْد َ مَو ْتِه ِ و َق َ ْد ك َانَ بَذ َ َ‬
‫من م َُز ي ْن َة َ وَم ِنْ ذَل ِ َ‬
‫س َل ّم َ بَعْد َ أ ْن أمره بحدها و َ َ‬
‫جعْلِه َا بيادر فِي أَ صُولِهَا فَم َش َى ف ِيهَا وَد َعَا ف َأوْفَى مِن ْه ُ ج َابِر ٌ غ ُرَم َاء َ أَ بيِه ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َاف دَيْنِه ِ ْم فجاء َ‬
‫كف ُ‬‫َ‬
‫الل ّه‬
‫ل أَ بُو ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫ل وَك َانَ ال ْغ ُرَم َاء ُ يَه ُود َ فَعَجِب ُوا من ذَلِكَ( و َقَا َ‬ ‫يج ِ ُ ّدونَ ك ُ َ ّ‬
‫ل سَنَة ٍ و َفِي رِو َايَة مِث ْل م َا أَ ْعطَاه ُ ْم قَا َ‬ ‫ل م َا ك َانُوا َ‬
‫ل مِث ْ ُ‬
‫ض َ‬
‫و َف َ َ‬
‫عَن ْه ُ أَ صَابَ َ‬
‫الن ّاس‬
‫ل يَدَه ُ‪.‬‬
‫ل ف َأْ تِنِي بِه ِ ف َأَ ْدخ َ َ‬ ‫ن َ‬
‫التمّْرِ فِي الْمِزْوَدِ قَا َ‬ ‫س َل ّم َ ه َلْ من شئ قلت نعم شئ م ِ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ل ِي رَسُو ُ‬
‫مَخ ْمَصَة ٌ فَق َا َ‬
‫ْش ك َُل ّه ُ ْم وَشَب ِع ُوا قَا َ‬
‫ل خ ُ ْذ‬ ‫ك ح ََت ّى أَ طْ عَم َ الْجيَ َ‬
‫ل ا ْدع ُ ع َشَرَة ً ف َأَ ك َلُوا ح ََت ّى شَب ِع ُوا ث َُم ّ ع َشَرَة ً كَذَل ِ َ‬
‫ج قَبْضَة ً فَبَسَطَه َا وَد َعَا ب ِال ْبَرَكَة ِ ث َُم ّ قَا َ‬
‫خر َ َ‬
‫ف َأَ ْ‬
‫جئ ْتَ بِه ِ و َأَ ْدخِل‬
‫م َا ِ‬
‫__________‬
‫)قوله أصوع( بضم الواو جمع صاع وفى الصحاح وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة )قوله دكين( بضم الدال المهملة وفتح‬
‫الكاف هو ابن سعيد بفتح السين و يقال بضمها و يقال ابن سعد له صحبة وحديث في أبى داود في الأدب )قوله يجدها( بالجيم والدال‬
‫المهملة أي قطعها ومنه ثوب جديد بمعنى مجدود كأنه حين جده الجائد أي قطعه )قوله في المزود( بكسر الميم وسكون الزاى ما يجعل‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫فيه الزاد )قوله بقبضة( بفتح القاف‪ :‬المرة‪ ،‬وبضمها‪ :‬الشئ المقبوض )*(‬
‫س َل ّم َ و َأَ بِي بَكْر ٍ و َع ُم َر َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫يَدَك َ و َاق ْب ِْض مِن ْه ُ وَل َا تَكُب ّه ُ فَق َب َضْ تُ عَلَى أَ كْ ثَر َ م َِم ّا ِ‬
‫جئ ْتُ بِه ِ ف َأَ ك َل ْتُ مِن ْه ُ و َأَ طْ عَمْتُ حَيَاة َ رَسُول َ‬
‫ل هَذِه ِ الْحِك َايَة ِ‬ ‫الل ّه وَذُك ِر َْت مِث ْ ُ‬‫ل َ‬‫ق فِي سَب ِي ِ‬ ‫التمّ ْر كَذ َا وَكَذ َا من و َسْ ٍ‬ ‫ك َ‬ ‫ل عُثْم َانُ فَانْتُه ِبَ م ِن ّي فَذ َه َبَ و َفِي رِو َايَة فَق َ ْد حَمَل ْتُ من ذَل ِ َ‬ ‫ِإلَى أ ْن قُت ِ َ‬
‫س َل ّم َ ف َوَجَد َ‬ ‫التمّ ْر َ ك َانَ ب ِضْ َع عَشْرَة َ تَم ْرَة ً وَمِن ْه ُ أيْضًا حَدِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ حِينَ أَ صَابَه ُ الْج ُ ِ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وع فَاسْ تَتَب َع َه ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫فِي غ َْزوَة ِ تَب ُوك َ و َأَ َ ّ‬

‫كن ْتُ أَ ح ََقّ أ ْن ُأصِيبَ مِن ْه ُ شَرْبَة ً أَ تَق َو ّى بِهَا فَدَعَوْتُه ُ ْم‬ ‫ل فَق ُل ْتُ م َا هَذ َا َ‬
‫الل ّبَنُ ف ِيه ِ ْم ُ‬ ‫لَبَنًا فِي قَد ٍَح ق َ ْد ُأهْدِيَ إليْه ِ و َأَ م َره ُ أ ْن ي َ ْدع ُو أَ ه ْل ُ‬
‫الصّ ّفة ِ قَا َ‬ ‫َ‬
‫ل فَيَشْر َبَ ح ََت ّى يَرْوى ث َُم ّ ي َأْ خُذُه ُ الآخَر ُ ح ََت ّى رَوِيَ جَم ِيعُه ُ ْم قَا َ‬
‫ل‬ ‫س َل ّم َ لَه ُ أ ْن ي َ ْسق ِيه ُ ْم فَجَعَل ْتُ ُأ ْعط ِي َ‬
‫الر ّجْ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَذَك َر َ أَ مْر َ‬
‫َ‬
‫ل يَق ُولُهَا و َأَ شْر َبُ ح ََت ّى قلُ ْتُ‬ ‫َب وَم َا ز َا َ‬ ‫ل اشْر ْ‬ ‫َب ف َشَر ِ ب ْتُ ث َُم ّ قَا َ‬ ‫ل بَق ِيتُ أَ ن َا و َأَ ن ْتَ اق ْع ُ ْد فَاشْر ْ‬ ‫س َل ّم َ الْقَد َ َ‬
‫ح و َقَا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ف َأَ خَذ َ َ‬
‫جد ُ لَه ُ‬
‫ك ب ِالْحَقّ م َا أَ ِ‬
‫ل َا و َالذ ِي بَعث َ َ‬
‫س َل ّم َ شَاة ً وَك َانَ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جزَر َ َ‬
‫الل ّه وَس ََم ّى و َشَر ِبَ الْف َضْ لَة َ و َفِي حَدِيث خ َالِد بن ع َبد ال ْع َُز ّى َأن ّه ُ أَ ْ‬
‫ح فَحَمِد َ َ‬
‫مَسْلَك ًا ف َأَ خَذ َ الْقَد َ َ‬
‫ل خ َالِدٍ كثيرا‬ ‫عِيا ُ‬
‫__________‬
‫س َل ّم َ شَاة ً( بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جزَر َ َ‬
‫ل عثمان( كان في سنة خمس وثلاثين )قوله أَ ْ‬
‫)قوله ِإلَى أ ْن قُت ِ َ‬
‫ل وَل َا يَكُونُ الجزوة إلا من‬
‫الزاى بعدها راء قال ابن السكيت يقال أجزرت القوم إذا أعطيتهم شاة يذبحونها نعجة أو كبشا أو عنزا قَا َ‬
‫الغنم ولا يقال أجزرتهم ناقة لأنها قد تصلح لغير الذبح )*(‬
‫ل ف َضْ لَتَهَا فِي د َلْوِ خ َالِدٍ وَد َعَا لَه ُ ب ِالبَرَكَة ِ فَنَثَر َ‬ ‫ل من هَذِه ِ ال َ ّ‬
‫شاة ِ وَجَع َ َ‬ ‫س َل ّم َ أَ ك َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫شاة َ فَلَا تُب ِ ُ ّد عِيَالَه ُ ع َ ْظم ًا و َإ َ ّ‬
‫يَذْبَ ح ُ ال َ ّ‬
‫ك ل ِع ِيَالِه ِ ف َأَ ك َلُوا و َأَ فضَلُوا ذَك َر َ خ َبَرَه ُ ال ُد ّول َابِي و َفِي حَدِيث الآجُرّيّ فِي ِإنْك ِ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫س َل ّم َ ل ِعَلِيّ فَاطِم َة َ أن َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َاح َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫س ر ُفْق َة ً‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ن فِي ر َأْ سِه َا ث َُم ّ أَ ْدخ َ َ‬
‫ك فَطَع َ َ‬ ‫س َل ّم َ أَ م َرَ بِلَال ًا بِق َصْ عَة ٍ من أَ رْبَعَة ِ أَ ْمد َادٍ أَ ْو خمسة ويذبح جوزرا لوليتها قَا َ‬
‫ل ف َأَ تَي ْت ُه ُ بِذَل ِ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س‬‫ن من غَشِيَك َُنّ و َفِي حَدِيث أَ ن َ ٍ‬ ‫ن و َأَ طْ ع ْم َ‬
‫ل ك ُل ْ َ‬ ‫جه ِ و َقَا َ‬ ‫ر ُفْق َة ً ي َأْ ك ُلُونَ مِنْهَا ح ََت ّى ف َرغ ُوا و َبَق ْ‬
‫ِيت مِنْهَا ف َضْ لَة ٌ فَبَر ّك َ ف ِيهَا و َأَ م َرَ ب ِحَم ْلِه َا ِإلَى أَ ْزو َا ِ‬

‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫َت ُأم ّي ُأ ُمّ سُلَي ٍْم حَيْسًا فَجَعَلَت ْه ُ فِي تَو ْ ٍر فَذ َهَب ْتُ بِه ِ ِإلَى رَسُول َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم َ فَصَنَع ْ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ ت َز َ ّو َ‬
‫ج رَسُو ُ‬ ‫رَضِيَ َ‬
‫ضعْه ُ و َا ْدع ُ ل ِي فُلَان ًا و َفُلَان ًا وَم ِنْ لَق ِيتَ فَدَعَوْتُه ُ ْم و َل َ ْم أَ د َ ْع أَ حَدًا لَقيت ُه ُ إ َلّا دَعَو ْتُه ُ وَذَك َر َ أَ َ ّنه ُ ْم ك َانُوا ز ُه َاء َ ثلثمائة حتى ملؤوا‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬ ‫وَ َ‬
‫ل‬ ‫س َل ّم َ يَدَه ُ عَلَى ال َ ّ‬
‫طع َا ِم فَد َعَا ف ِيه ِ و َقَا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ض َع َ‬
‫س َل ّم َ تَحَل ّق ُوا عَشْرَة ً عَش ْرة ً وَو َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَهُم ُ َ‬ ‫ُ‬
‫الصّ َ ّفة َ و َالْ حجُ ْرَة َ فَق َا َ‬
‫َت ك َان َْت‬ ‫الل ّه أ ْن يَق ُول ف َأَ ك َلُوا ح ََت ّى شَب ِع ُوا ك ُُل ّه ُ ْم فَق َا َ‬
‫ل ل ِي ارْف َعْ فَمَا أَ ْدرِي حِينَ وُضِع ْ‬ ‫م َا شَاء َ َ‬
‫ن‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح و َقَدِ اجْ تَم َ َع عَلَى مَعْن َى حَدِيث هذا الفضل ب ِضْ ع َة َ ع َشَر َ م ِ َ‬ ‫الث ّلاثَة ِ فِي َ‬
‫ل َ‬ ‫ِيث هَذِه ِ الْفُصُو ِ‬
‫َت و َأَ كْ ث َر ُ أَ ح َاد ِ‬
‫أَ كْ ثَر َ أَ م حِينَ ر ُفِع ْ‬
‫الصحابة رواه‬
‫__________‬
‫)قوله تبد( بضم المثناة الفوقية وكسر الموحدة‪ ،‬في الصحاح والتبدة بالـكسر النصيب يقول منه أتبدهم العطاء أي أعطى كل واحد‬
‫منهم تبده أي نصيبه )*(‬

‫فصل )في كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابتها دعوته(‬ ‫‪٢.٤.١٥‬‬

‫مجَام ِـ َع مَشْه ُودَة ٍ وَل َا ي َ ْسكُتُ الْحا َضِر ُ لَهَا عَلَى م َا ُأنْك ِر َ مِنْهَا‬
‫ص مَشْه ُورَة ٍ و َ َ‬ ‫الت ّاب ِع ِينَ ث َُم ّ من ل َا يَنْع َ ُ ّد بَعْد َه ُ ْم و َأَ كْ ث َر ُه َا فِي ق ِ َ‬
‫ص ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫عَنْه ُ ْم أَ ضْ ع َافُه ُ ْم م ِ َ‬
‫خ َ‬
‫الصّ الِ ح ُ ف ِيم َا أجازينه ع َنْ أَ بِي‬ ‫ن مُحَم ّدِ ب ْ ِن غَل ْب ُونَ ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫فصل )في كلام الشجر وشهادتها لَه ُ بالنبوة وإجابتهَا دعوته( قَا َ‬
‫صد ُوقًا‬ ‫الت ّيْمِ ُ ّ‬
‫ي وَك َانَ َ‬ ‫َوي ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ بن عمران الأخلمى ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ح ََي ّانَ َ‬
‫س ع َنْ أَ بِي الْق َاس ِ ِم ال ْبَغ ّ ِ‬ ‫عَمْرٍو ال َ ّ‬
‫طلَمَنْكِ ِيّ ع َنْ أَ بِي بَكْر ِ ب ْ ِن المُهَنْدِ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل‬
‫ل ِإلَى أَ ه ْل ِي قَا َ‬
‫ن تُر ِيد ُ قَا َ‬ ‫سفَرٍ فَد َن َا مِن ْه ُ أَ عْرَابِيّ ٌ فَق َا َ‬
‫ل ي َا أَ عْرَاب ِ ُيّ أَ ي ْ َ‬ ‫ل ك َُن ّا م َ َع رَسُو ِ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم في َ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ُم َر َ قَا َ‬
‫مجَاهِدٍ ع َ ِ‬
‫ع َنْ ُ‬
‫ل‬
‫ك عَلَى م َا تَق ُو ُ‬
‫ل م َنْ يَشْهَد ُ ل َ َ‬ ‫ك لَه ُ و َأَ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدًا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ قَا َ‬ ‫ل تَشْهَد ُ أَ ْن لا ِإلَه َ ِإ َلّا َ‬
‫الل ّه ُ وَحْدَه ُ ل َا شَر ِي َ‬ ‫ل وَم َا ه ُو َ قَا َ‬
‫ك ِإلَى خَيْرٍ قَا َ‬
‫ه َلْ ل َ َ‬

‫َت بَيْنَ يَد َيْه ِ فَاسْ تَشْهَد َه َا‬ ‫ت تَخ ُ ّد الْأَ ر َ‬


‫ْض ح ََت ّى قَام ْ‬ ‫ئ ال ْوَادِي ف َأَ ق ْبَل َ ْ‬
‫هي َ بِش َاطِ ِ‬ ‫شجَرَة ُ ال َ ّ‬
‫سم ُرَة ُ و َ ِ‬ ‫ل هَذِه ِ ال َ ّ‬
‫قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله فيما أجازنيه( هذه لغة حكاها ابن فارس والمعروف أجازه لى )قوله ع َنْ أَ بِي الْق َاس ِ ِم البغوي( هو الحافظ الـكبى المسند‪ ،‬البغوي‬
‫الأصل مولده سنة أربع عشرة وعاش مائة وثلاث سنين )قوله أبو حيان( بفتح الحاء المهملة بعدها مثناة تحتية مشددة وعن البزى إنه‬
‫ل ثم قال بل ه ُو مُحَم ّد بن فضيل فانه يرو يه‬
‫ضي ْ ٍ‬
‫ن فُ َ‬
‫ن ِعم ْرَانَ الأحنسى وبين أبى حيان التيمى رجل ولعله يكون مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫سقط بين أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫عنه وأما الأحنسى‬
‫فلم يدرك أبا حيان )قوله السمرة( بضم الميم شجرة من شجر الطلح )قوله تخد( بضم الخاء المعجمة أي تشق )*(‬
‫ل لَه ُق ُلْ لِتِل ْك ال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ رَسُول‬ ‫س َل ّم َ آيَة ً فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل أَ عْرابِيّ َ‬
‫َت ِإلَى مَك َانِهَا‪ ،‬وَع َنْ ب ُر َيْدَة َ سَأ َ َ‬ ‫ل ث َُم ّ ر َ َ‬
‫جع ْ‬ ‫َت َأن ّه ُ كَمَا قَا َ‬
‫ثَلَاث ًا ف َشَهِد ْ‬
‫ت تَخ ُ ّد الْأَ رْض تَج ُُر ّ‬ ‫َت ع ُرُوقُه َا ث َُم ّ ج َاء َ ْ‬
‫طع ْ‬ ‫شجَرَة ُ ع َنْ يَمِينِهِا وَشِمَالِهَا و َبَيْنَ يَدَيْهَا وَخ َلْفَه َا فَتَق َ َ ّ‬ ‫الل ّه ُ عليه وسلم يدعوك قال فمالت ال َ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬ ‫َ‬
‫ل الْأَ عْرَاب ِ ُيّ م ُْره َا فَل ْتَرْجِـعْ ِإلَى‬
‫الل ّه قَا َ‬
‫ك ي َا رَسُول َ‬ ‫سلَام ُ عَلَي ْ َ‬ ‫ت ال َ ّ‬‫س َل ّم َ فَق َال َ ِ‬
‫َت بَيْنَ يَد َْي رَسُول الل ّٰه صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ع ُرُوقَه َا مُغْبَر ّة ً ح ََت ّى و َقَف ْ‬
‫ل لَو ْ أَ م َْرتُ أَ حَدًا أَ ْن يَسْجُد َ ل ِأَ حَدٍ ل َأم َْرتُ ال ْمَر ْأَ ة َ أَ ْن تَسْجُد َ‬ ‫ك قَا َ‬ ‫ل الْأَ عْرَاب ِ ُيّ ائْذ َ ْن ل ِي أَ ْسج ُ ْد ل َ َ‬ ‫َت فَق َا َ‬
‫ت ع ُرُوق َها فَاسْ ت َو ْ‬ ‫َت فَد ََل ّ ْ‬
‫جع ْ‬ ‫مَن ْبَتِهَا ف َر َ َ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬ ‫الل ّه ال َ ّ‬ ‫الصّ ح ِ‬ ‫ك ف َأذِنَ لَه ُ‪ ،‬و َفِي َ‬ ‫ل ف َأذن ل ِي أَ ْن ُأقَب ّ َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬‫ل ذ َه َبَ رَسُو ُ‬ ‫طو ِ ي ِ‬ ‫ِيث ج َابِر ِ بن ع َبدِ َ‬‫ِيح فِي حَد ِ‬ ‫ك وَرِجْلَي ْ َ‬ ‫ل يَد َي ْ َ‬ ‫جه َا قَا َ‬ ‫ل ِز َ ْو ِ‬
‫س َل ّم َ ِإلَى ِإحْد َاهُمَا ف َأَ خَذ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬‫ق رَسُو ُ‬ ‫ئ ال ْوَادِي فَانْطَل َ َ‬ ‫س َل ّم َ ي َ ْقض ِي ح َاجَت َه ُ فَل َ ْم ي َر َ َ‬
‫شي ْئًا يَسْتَت ِر ُ بِه ِ ف َِإذ َا بِشَجَرَتَيْنِ بِش َاطِ ِ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ك‬ ‫ل ب ِا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى مِث ْل ذَل ِ َ‬ ‫ش ال َ ّذ ِي يُصَان ِـ ُع قَائِدَه ُ وَذَك َر ََأن ّه ُ ف َع َ َ‬
‫َت مَع َه ُ ك َال ْب َع ِير ِ ال ْم َخْ ش ُو ِ‬
‫الل ّه فَانْق َاد ْ‬
‫ن َ‬ ‫ل انْق َادِي عَل َيّ ب ِإ ْذ ِ‬
‫ن من أَ ْغصَانِهَا فَق َا َ‬
‫ب ِغ ُصْ ٍ‬

‫ل الل ّٰه‬
‫ك رَسُو ُ‬
‫ل لَ َ‬ ‫ل ي َا ج َاب ِر ُ ق ُلْ لِهَذِه ِ ال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ يَق ُو ُ‬ ‫الل ّه فَال ْت َأم َتَا و َفِي رِو َايَة ُأ ْ‬
‫خر َى فَق َا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ال ْتَئِم َا عَل َيّ ب ِإ ْذ ِ‬ ‫ح ََت ّى إذ َا ك َانَ ب ِال ْمَن ْصِ ِ‬
‫ف بَيْنَهُم َا قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله المخشوش( بخاء وشينين معجمات هو البعير يجعل في أنفه الخشاش بكسر الخاء المعجمة وهو عود يربط عليه حبل ويدخل في‬
‫عظم أنف البعير لينقاد )قوله بالمنصف في الصحاح والمصنف بالفتح نصف الطر يق والمنصف بالـكسر‪ :‬الخادم‪ ،‬هذا قول الأصمعى‪.‬‬
‫)*(‬
‫س خلفها فَخَر َجْ تُ أَ حض ِر ُ وَج َلَسْتُ ُأحَدّثُ‬ ‫َت ح ََت ّى لَحِق ْ‬
‫َت بِصَاحِبَتِهَا فَجل َ َ َ‬ ‫حف ْ‬ ‫س َل ّم َ الْحقِي بِصَاحِبتكِ ح ََت ّى أَ جْل َِس خ َلْف َ ُ‬
‫كمَا ف َز َ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الل ّه‬
‫ل َ‬ ‫ق ف َو َق ََف رَسُو ُ‬
‫حدَة ٍ مِنْهُم َا عَلَى سَا ٍ‬ ‫َت ك ُ ُ ّ‬
‫ل و َا ِ‬ ‫ن قَدِ اف ْتَر َقَتَا فَق َام ْ‬ ‫س َل ّم َ مُقْب ِل ًا وال َ ّ‬
‫شجَر َت َا ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن َ ْفس ِي فَال ْت ُ ّ‬
‫َفت ف َِإذ َا رَسُو ُ‬

‫س َل ّم َ فِي‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫ل ل ِي رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬ ‫سه ِ هَكَذ َا يَمِينًا وَشِمَال ًا وَرَو َى ُأسَام َة ُ بن ز َيْدٍ َ‬
‫نح ْوَه ُ قَا َ‬ ‫س َل ّم َ و َقْف َة ً فَق َا َ‬
‫ل ب ِر َأْ ِ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل‬
‫نخ ْ ٍ‬
‫ل ه َلْ ت َر َى من َ‬ ‫ن ال ْوَادِي ما فيه مواضع ب َِالن ّا ِ‬
‫س فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ فَق ُل ْتُ ِإ َ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ض م َغ َازِ يه ِ ه َلْ يَعْنِي مَك َان ًا لِ حا َج َة رَسُول َ‬
‫بَعْ ِ‬

‫س َل ّم َ ي َأْ م ُرُك َُنّ أَ ْن ت َأْ تِينَ لِمخَ ْر َِج رَسُول َ‬


‫الل ّه‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن رَسُول َ‬ ‫ل انْطَلِقْ و َقُلْ لَه َُنّ ِإ َ ّ‬ ‫َات قَا َ‬‫ات م ُتَق َارِب ٍ‬ ‫أَ ْو ِحج َارَة ٍ قلُ ْتُ أَ ر َى نَخَل َ ٍ‬
‫ن ح ََت ّى اجْ تَمَعْ َ‬
‫ن و َالْ حِجَارَة َ‬ ‫ات يَتَق َار َب ْ َ‬
‫الن ّخ َل َ ِ‬‫ك لهن فو الذى بَع َث َه ُ ب ِالحَقّ لَق َ ْد ر َأي ْتُ َ‬ ‫ك فَق ُل ْتُ ذَل ِ َ‬‫س َل ّم َ و َقُلْ لِلْحج َارَة ِ مِث ْل ذَل ِ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن ح ََت ّى ع ُ ْدنَ إلى‬
‫ل ل ِي قُلْ لَه َُنّ يفترقن فو الذى ن َ ْفس ِي بيَِدِه ِ لَرأَ َ يْتُه َُنّ و َالْ حِجَار َة يَفْت َرق ْ َ‬
‫يَتَع َاق َ ْدنَ ح ََت ّى صِرْنَ رُك َام ًا خ َلْفَه َُنّ فَلَم ّا ق َض َى ح َاجَت َه ُ قَا َ‬
‫س َل ّم َ فِي مَسِيرٍ وَذَك َر َ َ‬
‫نح ْو ًا من هَذ َي ْ ِن الحَدِيثَيْنِ وَذَك َر َ فأمر‬ ‫ل يَعْلَى بن سباية كنت مع النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫مواضعتهن * و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله أحضر( هو بضم الهمزة وكسر الضاد مضارع أحضر بفتحها إذا عدى قال في الصحاح يقال أحضر الفرس والغلام إحضارا‬
‫واحتضر أي عدوا واستحضرته أي أعديته )قوله يَعْلَى بن س ََي ّابَة َ( بفتح السين المهملة وتخفيف التحتية وهو ابن مرة أبو المرازم وسيابة‬
‫أمه ولهم أيضا بعلى بن أمية التيمى وهو يعلى بن منية ومنية أمه وهو أيضا صحابي )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ مِثْله ُفِي‬ ‫ض َمّتا و َفِي رِو َايَة ِ أَ شَاءتَيْنِ وَع َنْ غَي ْلَانَ بن سَلَم َة َ َ‬
‫الث ّقَفِيّ مِثْله ُفِي شَ ج َرَتَيْنِ وَع َ ِ‬
‫ن ابن مسعود عن النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫َ‬ ‫وَدِ َي ّتَينِ فَان ْ َ‬
‫ت‬ ‫س َل ّم َ فَذَك َر َ أَ َ ّ‬
‫ن طَل ْح َة أ ْو سَم ُر َة ج َاء َ ْ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫غ ََزاة ِ حُنَيْنٍ وَع َنْ يَعْلَى بن م َ ُّرة َ و َه ُو َ ابن س ََي ّابَة َ أيْضًا وَذَك َر َ أَ شْ يَاء َ ر َآه َا من رَسُول َ‬
‫س َل ّم َ إ َ ّنهَا اسْ ت َأذ َن َْت أ ْن تُسَلّم َ عَل َيّ‪ ،‬و َفِي حَدِيث عبد الل ّٰه بن مسعود‬ ‫َت ِإلَى مَن ْبَتِهَا فقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫جع ْ‬ ‫ف َأَ طَاف َْت بِه ِ ث َُم ّ ر َ َ‬
‫ن الْج َِنّ قَالُوا‬
‫ن ابن مَسْع ُودٍ فِي هَذ َا الْحَدِيث أَ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ ب ِالْج ِنّ لَيْلَة َ اسْ تَم َع ُوا لَه ُ شَ ج َرَة ٌ وَع َنْ ُ‬
‫مجَاه ِد ع َ ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫رضي الل ّٰه عنه آذ َن َِت َ‬

‫ل‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫نح ْوَه ُ قَا َ‬ ‫ِيث الأَ َ ّو ِ‬
‫ل أَ ْو َ‬ ‫ت تَج ُُر ّ ع ُرُوقَه َا لَهَا ق َع َاق ِـ ُع وَذَك َر َ مِث ْ َ‬
‫ل الْحَد ِ‬ ‫ل هَذِه ِ ال َ ّ‬
‫شجَرَة ُ تَع َال َ ْي ي َا شَ ج َرَة ُ فَجَاء َ ْ‬ ‫ك قَا َ‬
‫من يَشْهَد ُ ل َ َ‬
‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س و َغَي ْر ُه ُ ْم قَدِ‬ ‫ن مَسْع ُودٍ و يَعْلَى بن م َ ُّرة َ و َ ُأسَام َة ُ بن ز َيْدٍ و َأَ ن َ ُ‬
‫س بن م َال ِكٍ و َعَل ِ ُيّ بن أَ بِي طَال ٍِب و َاب ْ ُ‬ ‫فَهَذ َا ابن ع ُم َر َ و َب ُر َيْدَة ُ وَج َابِر ٌ و َاب ْ ُ‬
‫ك‬
‫هي َ‪ ،‬وَذَك َر َ ابن ف ُور َ ٍ‬ ‫ن الْق ُ َو ّة ِ َ‬
‫حي ْثُ ِ‬ ‫َت فِي ان ْتِشَارِه َا م ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّاب ِع ِينَ أضافعهم فَصَار ْ‬ ‫َات ّفَق ُوا عَلَى هَذِه ِ الْق َِصّ ة ِ ن َ ْفسِه َا أو مَعْنَاه َا وَرَو َاه َا عَنْه ُ ْم م ِ َ‬

‫َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم سار‬
‫__________‬
‫)قوله وديتين( الودية بفتح الواو وسكون الدال المهملة وفتح المثناة التحتية ٺثنية ودية وهى الصغيرة من الفسيل وهو صغار النخل )قوله‬
‫أشاءتين( ٺثنية أشاءة بفتح الهمزة وفتح الشين المعجمة والمد وهى النخلة الصغيرة )قوله غيلان( بفتح المعجمة‪ ،‬توفى آخر خلافة عمر‬
‫بن الخطاب قال المزى ليس في الرواة عيلان بالمهملة إنما هو بالمعجمة ولا يقال بالمهملة إلا في نسب مضر بن عيلان )قوله أن طلحه(‬
‫هي واحدة الطلح وهو شجر عظم من شجر العضاء )قوله قعاقع( بقافين وعينين مهملتين حكاية صوت الصلاح )*(‬
‫َت لَه ُ ن ِصْ ف َيْنِ ح ََت ّى ج َاز َ بَيْنَهُم َا و َبَق ِي َْت عَلَى سَاقَيْنَ ِإلَى وقتنا هي ه ُنَاك َ مَعْر ُوف َة ٌ‬
‫س ْدرَة ٌ فَانْف َرَج ْ‬
‫ضت ْه ُ ِ‬
‫ن فَاع ْتَر َ َ‬
‫س ٌ‬
‫ِف لَي ْل ًا و َه ُو َ و ِ‬ ‫فِي غ َزوَة ِ ال َ ّ‬
‫طائ ِ‬
‫ِب أ ْن ُأرِ ي َ‬
‫ك آيَة ً‬ ‫تح ُ ّ‬
‫س َل ّم َ وَر َآه ُ حَز ِينًا أَ ُ‬ ‫ل ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ قَا َ‬ ‫جبْر ِي َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫س رَضِيَ َ‬
‫ك حَدِيث أَ ن َ ٍ‬ ‫م ُع َ َ ّ‬
‫ظم َة ٌ * وَم ِنْ ذَل ِ َ‬

‫ل‬ ‫ت تَمْش ِي ح ََت ّى قَام ْ‬


‫َت بَيْنَ يَد َيْه ِ قَا َ‬ ‫ك ال َ ّ‬
‫شجَرَة َ فَجَاء َ ْ‬ ‫س َل ّم َ ِإلَى شَ ج َرَة ٍ من وَر َاء ِ ال ْوَادِي فَق َا َ‬
‫ل ا ْدع ُ تِل ْ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل نَع َ ْم فَنَظَر َ رَسُو ُ‬
‫قَا َ‬

‫م أَ رِني آيَة ً ل َا ُأب َال ِي من ك َ َذّبَنِي بَعْد َه َا فَد َعَا شَ ج َرَة ً‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫ل قَا َ‬ ‫نح ْو هَذ َا و َل َ ْم ي َ ْذكُر ْ ف ِيهَا ِ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫َت ِإلَى مَك َانِهَا‪ ،‬وَع َنْ عَلِيّ َ‬ ‫م ُْره َا فَل ْتَرْجِـعْ فَع َاد ْ‬
‫س َل ّم َ أَ ر َى رَك َانَة َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ِيب قَوْمِه ِ وطَلَب َه ُ الآيَة َ لَه ُ ْم ل َا لَه ُ وَذَك َر َ ابن ِإ ْسحَاق أَ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ لِتَكْذ ِ‬ ‫مِثْلَه ُ وَذَك َر َ‪ ،‬وحزنه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ن َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم شكى ِإلَى ر َب ّه‬ ‫ن الْحَسَ ِ‬
‫َت وَع َ ِ‬ ‫َت بَيْنَ يَد َيْه ِ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل ارْجع ِي ف َرَجَع ْ‬ ‫ل هَذِه ِ الآيَة ِ فِي شَ ج َرَة ٍ د َعَاه َا ف َأَ ت َْت ح ََت ّى و َقَف ْ‬
‫مِث ْ َ‬

‫ن ائ ْتَ و َادِي كَذ َا ف ِيه ِ شَ ج َرَة ٌ فَا ْدع ُ غ ُصْ نًا‬ ‫مخَاف َة َ عَلَيْه ِ ف َُأو ِ‬
‫حي َ إليْه ِ أَ ِ‬ ‫من قَوْمِه ِ و َأَ َ ّنه ُ ْم يُخَو ّف ُونَه ُ وَسَأَ لَه ُ آيَة ً يَعْلَم ُ بِهَا أَ ْن ل َا َ‬
‫__________‬
‫ِف( كانت في السنة الثامنة بعد الفتح وبعد حنين )قوله وسن( بفتح الواو وكسر السين المهملة أي نعسان )قوله‬ ‫طائ ِ‬ ‫)قوله فِي غ َزوَة ِ ال َ ّ‬
‫ن أَ بِي هالة أن ابن القيم قال أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم لا‬
‫ن قلُ ْت ق َد سبق في حديث هِنْد َ ب ْ َ‬ ‫س َل ّم َ لِتَكْذ ِ‬
‫ِيب قَوْمِه ِ( ف َِإ ّ‬ ‫وحزنه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫يَج ُوز أن يَكُون حزنه على الـكفار لأن الل ّٰه تعالى قد نهاه عنه قلت لعل الحزن الذى في الحديث المفسر هنا قبل النهى عن حزنه على‬
‫الـكفار على أن حزنه لتكذيب قومه لا يلزم أن يكون حزنا عليهم لجواز أن يكون لما نسبوه إليه مما هو معصوم منه وهو الـكذب )*(‬

‫فصل في قصة حنين الجذع‬ ‫‪٢.٤.١٦‬‬

‫طا ح ََت ّى ان ْتَصَبَ بَيْنَ يَد َيْه ِ فَحبََسَه ُ‬ ‫ل فَجَاء َ يَخ ُ ُّط الْأَ رْض َ‬
‫خ ًّ‬ ‫ك فَفَع َ َ‬
‫منها ي َأْ ت ِ َ‬
‫ل ف ِيه ِ أَ رنِي آيَة ً ل َا ُأب َال ِي من‬ ‫مخَاف َة َ عَل َيّ * و َ َ‬
‫نح ْو ٌ مِن ْه ُ ع َنْ ع ُم َر َ و َقَا َ‬ ‫َب عَلِم ْتُ أَ ْن ل َا َ‬
‫ل ي َا ر ّ‬
‫ج َع فَق َا َ‬
‫جئ ْتَ ف َر َ َ‬ ‫الل ّه ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل لَه ُ ا ْرجِـعْ كَمَا ِ‬ ‫م َا شَاء َ َ‬
‫ل ل ِأَ عْرَابِي أَ ر َأَ ي ْتَ ِإ ْن دَعَو ْتُ هَذ َا ال ْعِذْقَ من هَذِه ِ‬ ‫ن ابن ع ََب ّا ٍ‬
‫س رَضِيَ الل ّٰه عنهما أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم قَا َ‬ ‫نح ْوَه ُ وَع َ ِ‬
‫كَذ َبَنِي بَعْد َه َا وَذَك َر َ َ‬
‫ل هَذ َا حَدِيث صَ ح ِيحٌ‪.‬‬ ‫ل ا ْرجِـعْ ف َع َاد َ ِإلَى مَك َانِه ِ وَخ َرّج َه ُ الترْم ِذيّ و َقَا َ‬ ‫ل يَنْق ُز ُحتى أَ ت َاه ُ فَق َا َ‬
‫ل نَع َ ْم فَد َعَاه ُ فَجَع َ َ‬
‫الل ّه قَا َ‬
‫ل َ‬ ‫َ‬
‫الن ّخْلَة ِ أَ تَشْهَد ُ أَ ن ّي رَسُو ُ‬
‫سه ِ مَشْه ُور ٌ مُن ْتَشِر ٌ والخـَب َر ُ بِه ِ م ُت َواتِر ٌ ق َ ْد خ َرّج َه ُ أَ ه ْ ُ‬
‫ل‬ ‫ضد ُ هَذِه ِ الْأَ خْ بَار حَدِيث أَ نِينِ الجِذ ِ‬
‫ْع و َه ُو َ فِي ن َ ْف ِ‬ ‫فصل فِي ق َِصّ ة ِ حنين الجذع و َيَعْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الل ّه بن ع ََب ّا ٍ‬
‫س‬ ‫الل ّه بن ع ُم َر َ وَع َبُد ُ َ‬
‫س بن م َال ِكٍ وَع َبد ُ َ‬
‫الل ّه و َأَ ن َ ُ‬ ‫الصّ ح َابَة ِ ب ِضْ ع َة َ ع َش َر مِنْه ُ ْم ُأب َ ُيّ بن َ‬
‫كعْب وَج َاب ِر ُ بن ع َبُد َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح وَرَو َاه ُ م ِ َ‬ ‫َ‬

‫ل الترْم ُ‬
‫ِذيّ وَحَدِيث‬ ‫سعْدٍ و َأَ بُو سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدر ُِيّ و َب ُر َيْدَة ُ و َ ُأ ُمّ سَلَم َة َ و َال ْم ُ َ ّ‬
‫طل ِبُ بن أَ بِي وَد َاع َة َ ك ُُل ّه ُ ْم يُحَدّثُ بِمَعْن َى هَذ َا الْحَدِيث قَا َ‬ ‫ل بن َ‬ ‫و َس َ ْه ُ‬
‫س َل ّم َ إذا‬ ‫سق ُوفًا عَلَى جُذ ِ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل فَك َانَ َ‬‫نخ ْ ٍ‬
‫ُوع َ‬ ‫جد ُ م َ ْ‬ ‫س ِ‬
‫الل ّه ك َانَ ال ْم َ ْ‬‫ل ج َاب ِر ُ بن ع َبدِ َ‬ ‫ح قَا َ‬
‫س صَ ح ِي ٌ‬ ‫أَ ن َ ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله العذق( بكسر العين المهملة بعدها ذال معجمة‪ :‬الكناسة وهو التمر بمنزلة العنقود من العنب كذا في الصحاح )قوله ينقز( بالقاف‬
‫المضمومة والزاى أي ينبت صعدا )*(‬
‫ْت العِشَارِ‪.‬‬
‫صو ِ‬
‫ك َ‬
‫صو ْت ًا َ‬ ‫ك الْجِذ ِ‬
‫ْع َ‬ ‫جذ ٍْع مِنْهَا فَلَم ّا صُن ِـ َع لَه ُ المنِ ْب َر ُ سَمِعْنَا لِذَل ِ َ‬
‫خطَبَ يَق ُوم ُ ِإلَى ِ‬
‫َ‬
‫س لَم ّا ر َأَ وْا بِه ِ‪.‬‬ ‫ل وَكَثُر َ بُك َاء َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫جد ُ بِ خ ُوَارِه ِ و َفِي رِو َايَة ِ س َ ْه ٍ‬ ‫س ح ََت ّى ارْتَ َ ج ّ ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫و َفِي رِو َايَة ِ أَ ن َ ٍ‬
‫ُ‬
‫س َل ّم َ ف َو َ َ‬
‫ض َع يَدَه ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬ ‫طل ِِب و َ ُأبَيّ ح ََت ّى ت َ َ‬
‫ص َ ّدعَ و َانْش ََقّ ح ََت ّى ج َاء َ‬ ‫و َفِي رِو َايَة ِ ال ْم ُ َ ّ‬
‫ن الذّكْر ِ وَز َاد َ غَي ْرُه ُ و َال َ ّذ ِي ن َ ْفس ِي بيَِدِه ِ لَو ْ ل َ ْم أَ لتَزِمْه ُ ل َ ْم ي َز َلْ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َ ّ‬
‫ن هَذ َا بَك َى لمَا فَقَد َ م ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلَيْه ِ فَسَكَتَ ‪ ،‬ز َاد َ غَي ْرُه ُ فَق َا َ‬
‫تح ْتَ المنِ ْب َر كَذ َا فِي حَدِيث‬ ‫س َل ّم َ فَد ُف ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ ف َأَ م َرَ بِه ِ رَسُو ُ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫هَكَذ َا ِإلَى يَو ْم الْق ِيَامَة ِ تَح َُز ّن ًا عَلَى رَسُول َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫ْف‪.‬‬ ‫ت فِي ال َ ّ‬
‫سق ِ‬ ‫تح ْتَ من ْبَرِه ِ أو جُعِل َ ْ‬
‫َات ع َنْ سَهْل فَد ُف ِن َْت َ‬ ‫سعْدٍ و َِإ ْسحَاقَ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س و َفِي بَعْض الرّو َاي ِ‬ ‫ل ابن َ‬ ‫الم ُ َ ّ‬
‫طل ِِب و َس َ ْه ِ‬

‫جد ُ أَ خَذَه ُ ُأبيّ فَك َانَ عِنْدَه ُ ِإلَى أَ ْن أَ ك َلَت ْه ُ الْأَ ر ُ‬


‫ْض و َعَاد َ‬ ‫س َل ّم َ صلَ ّى إليْه ِ فَلَم ّا هُدِم َ ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫و َفِي حَدِيث ُأبَيّ فَك َانَ إذ َا صَلَ ّى َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ر ُفَات ًا‪.‬‬
‫يخْرِقُ الْأَ رْض فَال ْتَزَم َه ُ ث َُم ّ أَ م َرَه ُ فَع َاد َ ِإلَى مَك َان ِه‪.‬‬
‫س َل ّم َ د َعَاه ُ إلى نفسه فجاءه َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَذَك َر َ الإسْ ف َرائِن ُ ّي أَ َ ّ‬
‫ك و َيَكْ مُل ُ خلقك‬
‫ك ع ُرُوق ُ َ‬ ‫س َل ّم َ ِإ ْن شِئ ْتَ أَ ر ُ ُدّك َ ِإلَى الْحَائ ِطِ ال َ ّذ ِي ُ‬
‫كن ْتَ ف ِيه ِ تَن ْب ُتُ ل َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل يعني َ‬
‫و َفِي حَدِيث ب ُر َيْدَة َ فَق َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله العشار( بكسر العين المهملة وتخفيف الشين المعجمة هي النوق الحوامل واحدها عشراء بضم العين وفتح الشين والمد‪ ،‬وقال ابن‬
‫دريد هي التى أتى لحملها عشرة أشهر )قوله بخواره( هو بضم المعجمة وتخفيف الواو‪.‬‬
‫الصوت للشاء والظى والبقر وبضم الجيم وفتح الهمزة صوت البقر والناس )*(‬
‫س َل ّم َ يَسْتَمِـ ُع م َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه من ثَمَرِك َ‪ ،‬ث َُم ّ أَ صْ غ َى لَه ُ َ‬ ‫ك فِي الج َنَ ّة ِ فَي َأْ ك ُ ُ‬
‫ل أَ وْلِيَاء ُ َ‬ ‫ُوص و َثَم َرَة ٌ و َِإ ْن شِئ ْتَ أَ ْغر ِس َ‬
‫كخ ٌ‬‫و َيُج َ ّدد ُ ل َ َ‬

‫س َل ّم َ ق َ ْد‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ل َا أَ بْلَى ف ِيه ِ فَسَمِع َه ُ من يلَِيه ِ فَق َا َ‬
‫الل ّه و َأَ كُونُ فِي م َكا ٍ‬ ‫سنِي فِي الج َنَ ّة ِ فَي َأْ ك ُ ُ‬
‫ل م ِن ّي أَ وْلِيَاء ُ َ‬ ‫ل فَق َالَ‪ :‬بَلْ تَغْرِ ُ‬
‫يَق ُو ُ‬

‫الل ّه ُ‬ ‫تح ُِنّ ِإلَى رَسُول َ‬


‫الل ّه صَلَ ّى َ‬ ‫الل ّه الْخَشَب َة ُ َ‬
‫ل ي َا عِبَاد َ َ‬ ‫ل اخْ تَار َ د َار َ ال ْبَق َاء ِ عَلَى د َارِ الْف َنَاء ِ فَك َانَ الحَسَ ُ‬
‫ن إذ َا ح َ َ ّدثَ بِهَذ َا بَك َى و َقَا َ‬ ‫ف َعَل ْتُ ث َُم ّ قَا َ‬
‫شو ْقًا إليْه ِ لم َِك َانِه ِ ف َأَ ن ْتُم ْ‬‫س َل ّم َ َ‬‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ص وأيمن وأبو نضرة وابن المسيب وسعيد بن‬
‫ح ْف ٍ‬
‫الل ّه بن َ‬
‫ل عَبْد ُ َ‬
‫الل ّه و َيُق َا ُ‬
‫ْص بن ع ُبَي ْد َ‬ ‫أَ ح َُقّ أَ ْن تَشْتَاق ُوا ِإلَى لِق َائِه ِ‪ ،‬رَو َاه ُ ع َنْ ج َابِر ٍ َ‬
‫حف ُ‬
‫أبي كرب وكريب وأبو صالح ورواه عن أنس بن مالك الحسن وثابت وإسحاق بن أبي طلحة ورواه عن ابن عمر نافع وأبو حية ورواه أبو‬
‫ن‬
‫سعْدٍ وَكَث ِير ُ بن ز َيْدٍ ع َ ِ‬
‫ل ع َنْ سَهْل بن َ‬
‫َعباس بن س َ ْه ٍ‬ ‫ن ابن ع ََب ّا ٍ‬
‫س و َأبُو ح َازِ ٍم و ُ‬ ‫ك ع َن أَ بِي سَع ِيدٍ و َع ََم ّار ُ بن أَ بِي ع ََم ّا ٍر ع َ ِ‬
‫نضرة و َأَ بُو الو َ َدّا ِ‬

‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الفضل وفقه الل ّٰه فهذا‬


‫ل بن أبي ع َنْ أَ بيِه ِ قَا َ‬ ‫الل ّه بن ب ُر َيْدَة َ ع َنْ أَ بيِه ِ وال ُ ّ‬
‫طفَي ْ ُ‬ ‫الم ُ َ ّ‬
‫طل ِْب وَعَبْد ُ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وأيمن( هو أيمن الحبشى مَو ْلَى اب ْ ِن أَ بِي عمرة المخزومى )قوله وأبو نضرة( بالنون والضاد المعجمة‪ :‬اسمه المنذر بن مالك ولا نعلم‬
‫أبو بصرة ‪ -‬بالموحدة والمهملة ‪ -‬إلا جميل الغفاري الصحابي وليس له شئ عن جابر )قوله وأبو حية( بفتح الحاء المهملة بعدها مثناة‬
‫تحتية‪ :‬الكلبى الـكوفى )قوله وأبو حازم( بالحاء المهملة والزاى هو سلمة بن دينار الأعرج المدينى أحد الأعلام )قوله وعباس( بالموحدة‬
‫والسين المهملة )قوله وكثير( بفتح الكاف وكسر المثلثة )قوله وعبد الل ّٰه بن بريدة هو قاضى مرو وعاملها )قوله والطفيل( بضم الطاء‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫المهملة وفتح الفاء المخففة )‪(*) (١ - ٢٠‬‬

‫فصل ومثل هذا في سائر الجمادات‬ ‫‪٢.٤.١٧‬‬

‫ن َ‬
‫الت ّاب ِع ِينَ ضعْفه ُ ْم ِإلَى من ل َ ْم ن َ ْذكُرْه ُ و َبِد ُون هَذ َا الْعَدَدِ يَق َ ُع ال ْعِلْم ُ لم ِ َ ِ‬
‫ن اعْت َن َى بِهَذ َا‬ ‫ل الصّ َح ّة ِ من ذَكَر ْن َا و َغَي ْره ْم م ِ َ‬
‫حَدِيث كَمَا ت َر َاه ُ خ َرّج َه ُ أَ ه ْ ُ‬
‫اب‪.‬‬ ‫اب والل ّٰه ال ْمُثَب ّتُ عَلَى َ‬
‫الصّ و َ ِ‬ ‫ال ْب َ ِ‬
‫الل ّه ِ مُح َم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ال ْم ُرَاب ِطِ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫الت ّيْمِ ُ ّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬ ‫فصل ومثل هَذ َا فِي سائر الجمادات ح َ َ ّدثَنَا القاضي أبو عبد الل ّٰه محمد بن ع ِيس َى َ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا المَرْوَز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا الف َر َبْر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ‬
‫ن الْق َاب ِس ِ ُ ّ‬
‫ال ْمُه ََل ّبُ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ل لَق َ ْد ك َُن ّا ن َ ْسم َ ُع تَسْب ِي َ‬
‫ح‬ ‫ن اب ْ ِن مَسْع ُودٍ قَا َ‬
‫ن ِإ ب ْر َاه ِيم َ ع َنْ عَلْقَم َة َ ع َ ِ‬
‫ن مَنْصُو ٍر ع َ ِ‬
‫ل عَ ِ‬ ‫الز ّبَيْر ُِيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا ِإسْر َائيِ ُ‬ ‫ن ال ْمُث ََن ّى ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو أَ حْمَد َ ُ‬
‫بْ ُ‬
‫ل‬
‫ن ن َ ْسم َ ُع تَسْب ِيح َه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ ال َ ّ‬
‫طع َام َ و َ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن اب ْ ِن مَسْع ُودٍ ك َُن ّا ن َأْ ك ُ ُ‬
‫ل م َ َع رَسُو ِ‬ ‫ال َ ّ‬
‫طع َا ِم و َه ُو َ يُؤْكَلُ‪ ،‬و َفِي غَيْر ِ هَذِه ِ الر ِ ّو َايَة ِ ع َ ِ‬
‫ص َبّه َُنّ فِي يَدِ‬
‫ح ث َُم ّ َ‬ ‫الل ّه ُ عليه وسلم حتى سمعت َ‬
‫الت ّسْب ِي َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫ل َ‬ ‫ك ً ّفا من حَصى فَس ََب ّحْ َ‬
‫ن فِي يَدِ رَسُو ِ‬ ‫س َل ّم َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س أَ خَذ َ َ‬
‫أَ ن َ ٌ‬
‫الل ّه عَنْهُم َا‬
‫َف ع ُم َر َ و َعثمانَ رَضِيَ َ‬ ‫ن * وَرَو َى مِثْلَه ُ أَ بُو ذَرّ وَذَك َر َ أَ نَه َُنّ س ََب ّحْ َ‬
‫ن فِي ك ّ‬ ‫ن ث َُم ّ فِي أيْدِينَا فَمَا س ََب ّحْ َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ فَس ََب ّحْ َ‬
‫أَ بِي بَكْر ٍ رَضِيَ َ‬
‫ض نَوَاحِيهَا فما استقبله‬ ‫س َل ّم َ فَخَر َ َ‬
‫ج ِإلَى بَعْ ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل عَلِيّ ٌ ك َُن ّا بِم َ َك ّة َ م َ َع رَسُو ِ‬
‫و َقَا َ‬
‫__________‬
‫الز ّبَيْر ُِيّ ( بضم الزاى وفتح الموحدة وهو محمد بن عبد الل ّٰه بن الزبير نسب إلى جده )قوله إسرائيل( هو ابن يونس بن أَ بِي‬ ‫)قوله أَ بُو أَ حْمَد َ ُ‬
‫ِإ ْسحَاقَ السبيعى الـكوفى )*(‬
‫ِف حَ ج َرًا بِم َ َك ّة َ ك َانَ يُسَلّم ُ‬
‫س َل ّم َ ِإن ّي ل ِأَ ْعر ُ‬ ‫الل ّه * وَع َنْ جابر بن سَم ُرَة َ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ي َا رَسُو َ‬ ‫ل لَه ُال َ ّ‬
‫سلَام ُ عَلَي ْ َ‬ ‫ل إ َلّا قَا َ‬
‫شَ ج َرَة ٌ وَل َا جَب َ ٌ‬
‫جرٍ وَل َا شَ جَرٍ إ َلّا قَا َ‬
‫ل‬ ‫جعَل ْتُ ل َا أَ م ُ ُّر بِ ح َ َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ب ِالرّسَالَة ِ َ‬ ‫جبْر ِي ُ‬ ‫ل ِإ َن ّه ُ الْ حجَ َر ُالْأَ سْ وَد ُ * وَع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه عَنْهَا لَم ّا اسْ تَقْبَلَنِي ِ‬ ‫عَل َيّ‪ ،‬ق ِي َ‬
‫الل ّه‪.‬‬
‫ل َ‬ ‫ك ي َا رَسُو َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سلَام ُ عَلَي ْ َ‬
‫س َل ّم َ يَم ُر ّ بِ ح َ َ‬
‫جرٍ وَل َا شَ جَرٍ إ َلّا سَ جَد َ لَه ُ‪.‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ل َ ْم يَكُن َ‬
‫وَع َنْ ج َابِر ِ بن عَبْدِ َ‬
‫كسَتْرِه ِ ِإ َي ّاه ُ ْم بمُلَاءَتِه ِ فأمنت‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ َ‬ ‫س َل ّم َ وعلى بَن ِيه ِ بمُلَاءَة ٍ وَد َعَا لهم بال َ ّ‬
‫ستْر ِ م ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ َ‬ ‫ِيث الْع ََب ّا ِ‬
‫س إذا اشْ تَم َ َ‬ ‫و َفِي حَد ِ‬
‫ْت آم ِينَ آم ِينَ‪.‬‬
‫أسكفة الباب و َحوائط ال ْبَي ِ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل مِن ْه ُ َ‬ ‫ق ف ِيه ِ ر ُ َمّا ٌ‬
‫ن وَعِن ٌَب ف َأَ ك َ َ‬ ‫ل بِطَب َ ٍ‬ ‫س َل ّم َ ف َأَ ت َاه ُ ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جعْفَرِ بن مُح َم ّدٍ ع َنْ أَ بِيه مَر ِض َ‬
‫وَع َنْ َ‬
‫فَس ََب ّحَ‪.‬‬
‫ن‬
‫ق و َشَه ِيد َا ِ‬
‫صدّي ٌ‬ ‫ل اث ْب ُْت ُأحُد ُ ف َِإ َن ّمَا عَلَي ْ َ‬
‫ك نَبِ ّي و َ ِ‬ ‫س َل ّم َ و َأَ بُو بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ وعثمانُ ُأحُدًا ف َرَج َ‬
‫َف بِه ِ ْم فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س صَعِد َ َ‬
‫وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬

‫حر َاء ٍ أيْضًا ع َن عثمان‬ ‫ك نَبِ ّي ٌ أَ ْو صدّي ٌ‬


‫ق أَ ْو شَه ِيدٌ و َا ْلخـَب َر ُ فِي ِ‬ ‫ل ف َِإ َن ّمَا عَلَي ْ َ‬ ‫وَمِثْلُه ُ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ فِي حر َاء ٍ وَز َاد َ مَع َه ُ و َعَلِيّ ٌ وَطَل ْح َة ُ و ُ‬
‫َالز ّبَي ْر ُ و َقَا َ‬
‫ل ونَسِيتُ الاث ْنَين‪.‬‬
‫ن وسعدًا قَا َ‬ ‫أصحابِه ِ أَ ن َا ف ِيه ِ ْم وَز َاد َ عَبْد َ َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫ل وَمَع َه ُ ع َشَرَة ٌ م ِن ْ‬
‫قَا َ‬
‫و َفِي حديث سعيد ابن ز َي ْد أيضا مِثْلُه ُ وَذَك َر َ ع َشَرَة ً وَز َاد َ ن َ ْفسَه ُ‬
‫__________‬
‫ل ِإ َن ّه ُ الْ حجَ َر ُ الأسود( قال السهيلي رُوِي فِي بَعْض المسندات ِإ َن ّه ُ الْ حجَ َر ُ الْأَ سْ وَد ُ )قوله بملاءة( بضم الميم والمد‪ :‬الملحفة والجمع ملا‬ ‫)قوله ق ِي َ‬
‫)قوله أسكفة الباب( أي عتبته و يقال أسكوفة أيضا )*(‬
‫حر َاء ٌ ِإل َيّ ي َا رَسُو َ‬
‫ل‬ ‫وقد روي أنه حين طلبته قريش قال له ثير اهبط يا رسول الل ّٰه فإني أخاف أن يقتلوك عَلَى َظ ْهرِي فيعذبين الل ّٰه فمال ِ‬
‫الل ّه‪.‬‬
‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل يُمَجّد ُ الْج َبَ ّار ُ ن َ ْفسَه ُ يَق ُو ُ‬


‫ل‬ ‫الل ّه َ ح ََقّ قدره( ث َُم ّ قَا َ‬
‫س َل ّم َ ق َرأَ َ عَلَى المنِ ْبر ِ )وَم َا قَدَر ُوا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه عَنْهُم َا أَ َ ّ‬
‫وَرَو َى ابن ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬
‫ل البيت ستون وثلثمائة ضم مُث ْبَت َة‬ ‫حو ْ َ‬
‫س ك َانَ َ‬‫ن ابن ع ََب ّا ٍ‬ ‫ن عَن ْه ُ وَع َ ِ‬‫َف الْمنِ ْب َر ُ ح ََت ّى قلُ ْنَا لَي َخر ّ َ ّ‬
‫ل ف َرَج َ‬ ‫أَ ن َا الْج َبَ ّار ُ أَ ن َا الْج َبَ ّار ُ أَ ن َا ال ْـكَب ِير ُ ال ْمُتَع َا ِ‬

‫يب فِي يَدِه ِ ِإلَيْهَا وَل َا يَم َ ُس ّه َا‬ ‫جد َ عَام َ الْفَت ٍْح جَع َ َ‬
‫ل يُشير ُ بِق َضِ ٍ‬ ‫س َل ّم َ الم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ص في الحجارة فأما دَخ َ َ‬ ‫لب َ‬
‫ِالر ّصَا ِ‬ ‫الأ ْرج ُ ِ‬
‫ل )ج َاء َ الْح َُقّ وزهق الباطل( الآيَة َ فَمَا أَ شَار َ ِإلَى وَجْه ِ صَنَم إ َلّا و َق َ َع لِقَف َاه ُ ولا لقفاه إلى و َق َ َع ل ِو َجْ ه ِه ح ََت ّى م َا بَقِ َي مِنْهَا صَنَم ٌ‪ ،‬وَمِثْلُه ُ‬
‫و َيَق ُو ُ‬
‫ِب فِي اب ْتِد َاء ِ أَ ْمرِه ِ‬ ‫ك حَدِيث ُه ُ م َ َع َ‬
‫الر ّاه ِ‬ ‫ل ج َاء َ الْح َُقّ وَم َا يُبْدِئ ُ البَاطِ ُ‬
‫ل وَم َا يُع ِيد ُ‪ ،‬وَم ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫ل ي َ ْطعَنُها و َيَق ُو ُ‬
‫ل فَجَع َ َ‬
‫فِي حَدِيث ابن مَسْع ُودٍ و َقَا َ‬
‫ج ِإلَى أَ حَدٍ فخرج وجعل‬
‫يخ ْر ُ ُ‬ ‫جر ًا م َ َع ع َمّه ِ وَك َانَ َ‬
‫الر ّاه ِبُ ل َا َ‬ ‫ج ت َا ِ‬
‫ِإ ْذ خَر َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ثبېر( بمثلثة مفتوحة فموحدة مكسورة‪ :‬جبل المزدلفة وللعرب جبال أربعة أخرى‬
‫حجاز ية كل منها يسمى ثبېرا )قوله يطعنها( بضم العين المهملة وقد تفتح )قوله مع الراهب( هو بحـيرى بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة‬
‫والقصر قال الذهبي رأى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وسلم قبل المبعث وآمن به ذكره ابن منده وأبو نعيم في الصحابة وقال السيهلى‬
‫جر ًا مع عمه‪ ،‬قيل لم‬
‫ج ت َا ِ‬
‫وقع في سيرة الزهري إنه كان حبرا من يهود تيما وفى المسعودي أنه كان من عبد القيس واسمه جرجس ِإ ْذ خَر َ َ‬
‫يخرج عليه السلام في هذه المرة تاجرا وإنما خرج تاجرا بعد ذلك مع ميسرة غلام خديجة وفى هذه الخرجة لقى نسطور الراهب‪ ،‬ويمكن‬
‫الجواب بأن )تاجرا( حال من عمه لا من الضمير المستتر في خرج )*(‬

‫فصل في الآيات في ضروب الحيوانات‬ ‫‪٢.٤.١٨‬‬

‫ك‬
‫ْش م َا ع ِل ْم ُ َ‬
‫خ من ق ُر َي ٍ‬
‫ل لَه ُأَ شْ يَا ٌ‬
‫الل ّه رَحْم َة ً لِلْع َالم َي ِنَ فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬
‫ل هَذ َا سَيّد ُ الع َالم َي ِنَ يَب ْع َث ُه ُ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫بتخللهم ح ََت ّى أَ خَذ َ بيَِدِ رَسُول َ‬
‫س َل ّم َ وعليه غ َمَام َة تُظ ِلُ ّه ُفَلَم ّا‬
‫ل صَلَ ّى اقله عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جدًا لَه ُ وَل َا يَسْجُد ُ إ َلّا لِنَبِيّ وَذَك َر َالْق َِصّ ة ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل و َأَ ق ْب َ َ‬ ‫ق شَ ج َر ٌ وَل َا حَ ج َر ٌ إ َلّا خ َرّ سَا ِ‬
‫ل َإن ّه ُ ل َ ْم يَب ْ َ‬
‫فَق َا َ‬
‫س مال الفئ إليْه ِ‬ ‫ن الْقَو ْ ِم وَجَد َه ُ ْم سَبَق ُوه ُ ِإلَى فئ ال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ فَلَم ّا ج َل َ َ‬ ‫د َن َا م ِ َ‬
‫ونس ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو‬
‫ن عَبْدِ الملَِكِ أَ بُو الْحُسَيْنِ الحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا أَ بِي ح َ َ ّدثَنَا القاضى أبو ي ُ َ‬ ‫فصل فِي الآيات فِي ضروب الحيوانات ح َ َ ّدثَنَا سِر َا ُ‬
‫ج بْ ُ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا يُون ُ ُ‬
‫س‬ ‫ضي ْ ٍ‬ ‫ن قَاس ِ ِم ب ْ ِن ث َاب ٍِت ع َنْ أبيِه ِ وَج َ ّدِه ِ قالا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الع َلَاء ِ أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ِعم ْرَانَ حدثنا محمد ابن ف ُ َ‬ ‫الصّ ق َل ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا ث َاب ِتُ ب ْ ُ‬
‫ل َ‬ ‫الْف َضْ ِ‬
‫س َل ّم َ ق ََر ّ و َثَب َتَ مَك َانَه ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن فَإذ َا ك َانَ عِنْد َن َا رَسُو ُ‬
‫ج ٌ‬
‫ت ك َانَ عِنْد َن َا د َا ِ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا قَال َ ْ‬ ‫ن عَمْرٍو ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫مجَاهِدٌ ع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬ ‫بْ ُ‬
‫س َل ّم َ ك َانَ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ع ُم َر َ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُول َ‬ ‫س َل ّم َ ج َاء َ وَذ َهبَ ‪ ،‬وَر ُويَ ع َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫فلم يحئ و َل َ ْم يَذْه َْب و َإذ َا خَر َ َ‬
‫ج رَسُو ُ‬

‫صحَابِه ِ ِإ ْذ ج َاء َ أَ عْرَابِيّ ٌ ق َ ْد صَاد َ ض ًَب ّا فَق َا َ‬


‫ل من هَذ َا قَالُوا‬ ‫ل من أَ ْ‬
‫محْف َ ٍ‬
‫فِي َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عليه وسلم فقال النبي صلى الل ّٰه‬ ‫الضّ ُ ّ‬
‫ب وَطَرَح َه ُ بَيْنَ يَد َي َ‬ ‫ك هَذ َا َ‬ ‫ّات و َال ْع َُز ّى ل َا آمَن ْتُ ب ِ َ‬
‫ك أَ ْو يُؤْم ِن ب ِ َ‬ ‫ل و َالل ِ‬ ‫نَبِ ُ ّي َ‬
‫الل ّه فَق َا َ‬
‫عليه وسلم‬
‫__________‬
‫)قوله داجن( بالدال المهملة والجيم المكسورة‪ :‬ما يألف البيت من الحيوان‪ ،‬يقال دجن فيه بيته إذا ألزمه )قوله في محفل( بفتح الميم‬
‫وسكون الحاء المهملة وكسر الفاء‪.‬‬
‫أي مجتمع )*(‬
‫سم َاء ِ ع َْرشُه ُ‬
‫ل ال َ ّذ ِي فِي ال َ ّ‬
‫ل من تَعْبُد ُ؟ قَا َ‬
‫ن من و َافَى الْق ِيَام َة‪ ،‬قَا َ‬
‫ك ي َا ز َي ْ َ‬
‫سعْد َي ْ َ‬
‫ك وَ َ‬
‫ن م ُبين ي َ ْسم َع ُه ُ القَوْم ُ جَم ِيع ًا لَب ّي ْ َ‬
‫له ياضب‪ ،‬ف َأَ ج َابَه ُ بِلَسَا ٍ‬
‫ح‬ ‫َب الْع َالم َي ِنَ وَخ َات َم ُ َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ و َق َ ْد أَ فْل َ َ‬ ‫ل ر ِّ‬
‫ل رَسُو ُ‬
‫ل فَم َنْ أَ ن َا؟ قَا َ‬ ‫ض سُلْطَانُه ُ و َفِي ال ْب َحْ رِ سَب ِيلُه ُ و َفِي الْجنة ِ رَحْمَت ُه ُ و َفِي َ‬
‫الن ّارِ عِق َابُه‪ :‬قَا َ‬ ‫و َفِي الْأَ ْر ِ‬
‫ك وَخ َابَ من ك َ َذّبَكَ‪.‬‬
‫ص َ ّدق َ َ‬
‫من َ‬
‫ض ال َذ ّئ ْبُ لِشَاة ٍ مِنْهَا‬ ‫ْب المَشْه ُورَة ُ ع َنْ أَ بِي سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدرِيّ ‪ :‬بَي ْنَا ر ٍ‬
‫َاع يَرْعَى غ َنَم ًا لَه ُ ع َرَ َ‬ ‫ف َأَ سْ لَم َ الْأَ عْرَاب ِ ُيّ * وَم ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ك ق َِصّ ة ُ ك َلَا ِم ال َذ ّئ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل‬ ‫الر ّاعِ ي ال ْعَجَبُ من ذِئ ٍْب يَتَك ََل ّم ُ بِك َلَام ال ِْإن ِ‬
‫ْس‪ ،‬فَق َا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ل ِ َلر ّاعِ ي أَ ل َا ٺَت ّقِي َ‬
‫الل ّه ح ُل ْتَ بَيْنِي و َبَيْنَ رِزْقِي قَا َ‬ ‫ف َأَ خَذ َه َا مِن ْه ُ ف َأَ قْع َى الذ َئبُ و َقَا َ‬

‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الر ّاعِ ي َ‬
‫اس ب ِأن ْبَاء م َا ق َ ْد سَبَقَ‪ ،‬ف َأَ تَى َ‬ ‫الل ّه بَيْنَ الحَر ّتَيْنِ يُحَدّثُ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الذّئ ْبُ أَ ل َا ُأخْب ِرُك َ ب ِأَ عَجَبَ من ذَلِكَ؟ رَسُو ُ‬
‫ْب ع َن‬ ‫صد َقَ ‪ ،‬و َالْحَدِيثُ ف ِيه ِ ق َِصّ ة و َفِي بَعْضِ ه ِ طُو ٌ‬
‫ل وَر ُويَ حَدِيثُ الذّئ ِ‬ ‫س َل ّم َ لَه ُ ق ُ ْم فَح َ ّدثْهُمْ‪ ،‬ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف َأَ خْبَرَه ُ فَق َا َ‬
‫الل ّه نَب ًِي ّا ق ُ َّط‬
‫ك و َت َرَكْ تَ نَب ًِي ّا ل َ ْم يَبْع َث َ‬
‫ل الذّئ ْبُ أَ ن ْتَ أَ عْجَبُ و َاقِف ًا عَلَى غ َنَمِ َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ فَق َا َ‬
‫ق ع َن أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِي َ َ‬ ‫ض ال ُ ّ‬
‫طر ُ ِ‬ ‫أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ و َفِي بَعْ ِ‬
‫ك و َبَي ْن َه ُ إ َلّا هذا ال ّ‬
‫شعْبُ فَت َصِ ير ُ فِي‬ ‫صحَابِه ِ يَنْظ ُر ُونَ ق ِتَالَه ُ ْم وَم َا بَي ْن َ َ‬ ‫َت لَه ُ أَ ب ْوَابُ الج َنَ ّة ِ و َأَ شْر َ‬
‫َف أَ ه ْلُه َا عَلَى أَ ْ‬ ‫أَ ْعظَم َ مِن ْه ُ عِنْدَه ُ ق َ ْدر ًا ق َ ْد فُتِح ْ‬
‫ل إليْه ِ غ َنَم َه ُ وَم َض َى وذكر‬ ‫ل الذّئ ْبُ أَ ن َا أَ رْعَاه َا ح ََت ّى تَرْجِـ َع ف َأَ سْ لَم َ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫ل الراعى من لى بِغ َنَمِي؟ قَا َ‬
‫الل ّه‪ ،‬قَا َ‬
‫جُن ُودِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله بين الحرتين( ٺثنة حرة بفتح المهملة‪ ،‬وهى أرض ذات حجارة سود )قوله الشعب( بكسر الشين المعجمة ما يفرج بين الجبلين )*(‬
‫ك‬
‫تجِدْه َا ب ِو َف ْره َا ف َوَجَد َه َا كَذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ ع ُ ْد ِإلَى غ َنَمِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ُالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَه َ‬ ‫س َل ّم َ يُق َات ِ ُ‬
‫ل فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق َِصّ ت َه ُ و َِإسْ لَام َه ُ وَوُجُودَه ُ َ‬

‫ْب وَع َنْ سَلَم َة َ بن عَم ْرو بن الأَ كْ و َِع و ََأن ّه ُ‬ ‫وَذ َبَ ح َ لذئب شَاة ً مِنْهَا‪ ،‬وَع َنْ ُأه ْبَانَ ب ْن أَ ْو ٍ‬
‫س و ََأن ّه ُ ك َانَ صَاحِبَ الْق َِصّ ة ِ و َال ْم ُحَدّثَ بِهَا وَمُك َلّم َ الذّئ ِ‬
‫ْب‬ ‫ل هَذ َا َأن ّه ُ جَر َى ل ِأبي ُ‬
‫سفْيَان بن حَر ٍ‬ ‫ْب مِث ْ َ‬ ‫ك َانَ صَاحِبَ هَذِه ِ الْق َِصّ ة ِ أيْضًا وَسَب َبَ ِإسْ لَامِه ِ بِمِث ْ ِ‬
‫ل حَدِيث أَ بِي سَع ِيدٍ و َق َ ْد رَو َى ابن وَه ٍ‬

‫ك مُحَم ّد ُ بن‬
‫ل الذّئ ْبُ أَ عْجَبُ من ذَل ِ َ‬
‫ك فَق َا َ‬
‫َف الذّئ ْبُ ف َع َجبَا من ذَل ِ َ‬
‫ظبْي ُ الْحَرَم َ فَان ْصَر َ‬ ‫صفْوَانَ بن ُأم ََي ّة َ م َ َع ذِئ ْب وَجَد َاه ُ أَ خَذ َ َظب ْيًا فَدَخ َ َ‬
‫ل ال َ ّ‬ ‫وَ َ‬
‫كنّها خ ُلُوفًا‪ ،‬و َق َ ْد رُوِيَ‬ ‫ات و َال ْع َُز ّى لئَ ِ ْن ذَكَر ْتَ هَذ َا بِم َ َك ّة َ لَتَت ْر ُ َ‬ ‫سفْيَانَ و َ‬
‫َالل ّ ِ‬ ‫ل أَ بُو ُ‬ ‫الل ّه ب ِال ْمَدِينَة ِ ي َ ْدع ُوك ُ ْم ِإلَى الْجَ ّنة ِ و َت َ ْدع ُونَه ُ ِإلَى َ‬
‫الن ّارِ فَق َا َ‬ ‫عَب ْد َ‬
‫شعْر َ ال َ ّذ ِي ذَك َر َ ف ِيه ِ‬
‫صنَمه و َِإن ْشادِه ِ ال ّ‬ ‫س لَم ّا تَع ََجّ بَ من ك َلَا ِم ضِ مَار َ‬ ‫س بن م ِْرد َا ٍ‬ ‫صحَابِه ِ وَع َن ع َبا ِ‬ ‫ل و َأَ ْ‬ ‫ج ْه ٍ‬ ‫ل هَذ َا ا ْلخـَبَر ِ و ََأن ّه ُ جَر َى ل َأبِي َ‬ ‫مِث ْ ُ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ك إ َّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ي َا ع ََب ّ ُ‬
‫اس أَ تَعْجَبُ من ك َلَام َ ضِ مَا ٍر وَل َا تَعْجَبُ من ن َ ْف ِ‬ ‫س َل ّم َ ف َِإذ َا طَائِر ٌ َ‬
‫سق ََط فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫س َل ّم َ ي َ ْدع ُو ِإلَى ال ِْإسْ لَام و َأَ ن ْتَ ج َال ٌِس فَك َانَ سَب َبَ ِإسْ لَام ِه‪ ،‬وَع َن جابر بن عبد الل ّٰه رضي الل ّٰه عَنْهُم َا ع َنْ رَج ُ ٍ‬
‫ل أَ تَى َ‬ ‫وَ َ‬
‫خي ْب َر وكان فِي غنم‬
‫حصُون َ‬ ‫ض ُ‬ ‫س َل ّم َ وآم َ َ‬
‫ن بِه ِ و َه ُو َ عَلَى بَعْ ِ‬ ‫وَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله خلوفا( بضم الخاء المعجمة واللام‪.‬‬
‫من قولهم حى خلوف إذا غاب رجالهم وبقى نساؤهم أو من خلوف الفم تغيره )قوله ضمار( بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الميم وفى‬
‫آخره راء )*(‬
‫َت ك ُ ُ ّ‬
‫ل‬ ‫ل فَسَار ْ‬
‫ك و َي َر ُده َا ِإلَى أَ ه ْلِه َا فَفَع َ َ‬
‫ك أَ م َانَت َ َ‬
‫الل ّه سَي ُؤَدّي عَن ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫ب وُجُوهَه َا ف َِإ َ ّ‬
‫ل أَ حْ صِ ْ‬
‫كي َْف ب ِالْغ َن َ ِم قَا َ‬
‫الل ّه َ‬
‫ل َ‬ ‫ل ي َا رَسُو َ‬
‫يَرْعَاه َا لَه ُ ْم فَق َا َ‬

‫ن الْأَ نْصَارِ‬ ‫س َل ّم َ ح َائ ِط أَ نْصَارِي و َأَ بُو بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ وَرَج ُ ٌ‬


‫ل مِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ دَخ َ َ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫شَاة ٍ ح ََت ّى دَخ َل َ ْ‬
‫ت ِإلَى أَ ه ْلِه َا‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬

‫ل‬
‫الل ّه عَن ْه ُ دَخ َ َ‬
‫ك مِنْهَا ‪ -‬الْحَدِيثَ ‪ -‬وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬ ‫ن أَ ح َُقّ ب ِال ُ ّ‬
‫سجُودِ ل َ َ‬ ‫نح ْ ُ‬
‫ل أَ بُو بَكْر ٍ َ‬
‫َت لَه ُفَق َا َ‬
‫الل ّه عَنْه ُ ْم و َفِي الْحَائ ِطِ غ َنَم ٌ فَسَجَد ْ‬
‫رَضِيَ َ‬
‫الل ّه و َيَعْلَى بن م َ ُّرة َ‬ ‫س َل ّم َ ح َائِطًا فَجَاء َ بَع ِير ٌ فَسَجَد َ لَه ُ وَذَك َر َ مِثْلَه ُ‪ ،‬وَمِثْلُه ُ فِي ا ْلجم َ َ ِ‬
‫ل ع َنْ ثَعْلَب َة َ ابن م َال ِكٍ وَج َابِر ِ بن عَب ْد َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫شف َرَه ُ‬ ‫س َل ّم َ د َعَاه ُ ف َو َ َ‬


‫ض َع م ِ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ َ‬
‫ل فَلَم ّا دَخ َ َ‬ ‫ش َ ّد عَلَيْه ِ ا ْلجم َ َ ُ‬
‫ل أَ حَدٌ الْحَائ َِط إ َلّا َ‬ ‫ل وَك َانَ ل َا ي َ ْدخ ُ ُ‬ ‫جعْفَرٍ قَا َ‬
‫الل ّه بن َ‬
‫وعَبْدِ َ‬
‫الل ّه إ َلّا عَاصِيَ الجن والإنس وَمِثْلُه ُ ع َنْ عَب ْد‬ ‫ل َ‬ ‫سم َاء ِ والأرض شئ إ َلّا يَعْلَم ُ أَ َن ّي رَسُو ُ‬ ‫ل م َا بَيْنَ ال َ ّ‬
‫ض وترك بَيْنَ يَد َيْه ِ فَخَطَم َه ُ و َقَا َ‬
‫عَلَى الْأَ ْر ِ‬
‫س َل ّم َ سَأَ لَه ُ ْم ع َنْ شَأْ نِه ِ ف َأَ خْب َر ُوه ُ أَ َ ّنه ُ ْم أَ ر َاد ُوا ذ َبْ ح َه ُ و َفِي رِو َايَة أَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل أَ َ ّ‬
‫ِيث ا ْلجم َ َ ِ‬
‫الل ّه بن أَ بِي أَ وْفَى و َفِي خ َبِرٍ آخَر َ فِي حَد ِ‬
‫َ‬
‫ف‪ ،‬و َفِي رِو َايَة َإن ّه ُ شكى إلى أنكم‬
‫ل و َقِلَ ّة الْعَل َ ِ‬
‫كثْرَة َ الْعَم َ ِ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل لَه ُ ْم إنه شكى َ‬ ‫َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله عن ثعلبة( قال المزى هو ثَعْلَب َة َ بن م َال ِكٍ القرظى لا نعرف في الصحابة من إسمه ثَعْلَب َة َ بن م َال ِكٍ غيره‪ ،‬قدم من اليمن على دين‬
‫اليهود فنزل في بنى قر يظة فنسب إليهم ولم يكن منهم )قوله مشفره( بكسر الميم وسكون الشين المعجمة‪ ،‬في الصحاح المشفر من البعير‬
‫كالجحفلة‪ ،‬من الفرس والجحفلة للحافر كالشفة للإنسان )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫صغَرِه ِ فَق َالُوا‬


‫ل من ِ‬
‫َاق الْعَم َ ِ‬
‫ن اسْ تَعْم َل ْتُم ُوه ُ فِي ش ّ‬
‫أَ ر َ ْدتُم ْ ذ َبْ ح َه ُ بَعْد َ أ ِ‬
‫ش‬ ‫الر ّعْي وَتَج َُن ّ ِ‬
‫ب ال ْوُحُو ِ‬ ‫ْب ِإلَيْهَا فِي َ‬
‫س َل ّم َ و َتَعْرِ يفِه َا لَه ُ بنِ َ ْفسِه َا وَم ُبَادَرَة ِ ال ْعُش ِ‬ ‫نَع َ ْم و َق َ ْد رُوِيَ فِي قصة العضباء وَك َلامِهَا ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ت‬ ‫َب بَعْد َ مَو ْتِه ِ ح ََت ّى م َات َْت‪ ،‬ذَك َرَه ُ الإسْ ف َرَائِنِ ُ ّي‪ ،‬وَرَو َى ابن وَه ْب أَ َ ّ‬
‫ن حَمَام َ م َ َك ّة َ أَ ظ ََل ّ ِ‬ ‫ك لمحُ َمّد و َأ َ ّنهَا ل َ ْم ت َأْ ك ُلْ و َل َ ْم تَشْر ْ‬
‫عَنْهَا و َنِد َائِه ِ ْم لها ِإ َن ّ َ‬
‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫شعْب َة َ أَ َ ّ‬
‫س وزيدِ بن أَ رْقَم َ و َال ْم ُغ ِيرَة ِ بن ُ‬ ‫س َل ّم َ يَوْم َ فَت ْ ِ‬
‫حه َا فَد َعَا لَهَا ب ِال ْبَرَكَة ِ وَرُوِيَ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫ن الْعَنْكَب ُوتَ‬ ‫ِيث آخَر َ و َأَ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ فَسَتَرَت ْه ُ و َأَ م َرَ حَمَام َتَيْنِ ف َو َقَف َتَا بِف َ ِم الْغ َارِ‪ ،‬و َفِي حَد ٍ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه لَيْلَة َ الغ َارِ شَ ج َرَة ً فنبتت تُجَاه َ‬ ‫أَ م َرَ َ‬
‫س َل ّم َ ي َ ْسم َ ُع ك َلَامَه ُ ْم‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ببَِابِه ِ و َ‬ ‫ك قَالُوا لَو ْ ك َانَ ف ِيه ِ أَ حَدٌ ل َ ْم تَكُ ِ‬
‫ن الحم ََام َتَا ِ‬ ‫َت عَلَى ب َابِه ِ فَلَم ّا أَ تَى ال َ ّ‬
‫طالب ُونَ لَه ُ وَر َأَ وْا ذَل ِ َ‬ ‫نَسَج ْ‬

‫سب ْ ٌع لِيَنْحَر َه َا يَوْم َ‬ ‫ْس أَ ْو س ّ ٌ‬


‫ِت أَ ْو َ‬ ‫س َل ّم َ بَد َن ٌ‬
‫َات خَم ٌ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه بن قُر ْطٍ ق ُر ّبَ ِإلَى َ‬
‫فَان ْصَر َف ُوا‪ ،‬وَع َنْ عَب ْد َ‬
‫__________‬
‫)قوله و َق َ ْد رُوِيَ فِي قصة العضبا( قيل العضبا والقصوى والجذعا ثلاثة أسماء والمسمى واحد وقيل إنهن ثلاث‪ ،‬وقيل الجذعا والقصوى‬
‫واحد والعضبا أخرى )قوله أمر الل ّٰه شجرة( قال قَاس ِ ِم ب ْ ِن ث َاب ٍِت هي الراة‪ ،‬و َقَال أَ بُو حَن ِيف َة رحمه الل ّٰه الراة من أعلا الشجر و يكون مثل‬
‫قامة الإنسان ولها خيطان وهو أبيض يحشى منه المخاد و يكون كالريش لخفته ولينه لأنه كالقطن )قوله عبد الل ّٰه بن قرط( بضم القاف‬
‫الل ّه فِي الجاهلية شيطانا فسماه رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم عبد الل ّٰه )*(‬
‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ كان اسم عَب ْد َ‬
‫قال اب ْ ُ‬

‫ت‬
‫ل م َا ح َاجَت ُك قَال َ ْ‬
‫الل ّه قَا َ‬
‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ فِي صَ ح ْرَاء َ فَنَاد َت ْه ُ َظب ْي َة ٌ ي َا رَسُو َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫عيد فاردلفن إليْه ِ ب ِأَ يّه ِن يَبْد َأ وَع َن ُأمّ سَلَم َة َ ك َانَ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫ك الجبل ف َأَ طْ ل ْقنِي ح ََت ّى أَ ذْه َبَ ف َأ ْر ِ‬
‫ضعَهُم َا و َأَ ْرجِـ َع‬ ‫ن فِي ذَل ِ َ‬
‫شف َا ِ‬ ‫صَادَنِي هَذ َا الْأَ عْرَاب ِ ُيّ و َل ِي ِ‬
‫خ ْ‬
‫ظب ْية‪،‬‬ ‫ق هَذِه ِ ال َ ّ‬
‫ل تُطْل ِ ُ‬ ‫ك ح َاج َة ٌ؟ قَا َ‬
‫الل ّه أَ ل َ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل ي َا رَسُو َ‬‫َعت ف َأَ وْثَقَه َا فَان ْتَب َه الْأَ عْرَاب ِ ُيّ و َقَا َ‬
‫ت‪ :‬نَع َ ْم ف َأَ طْ لَقَه َا فَذ َه َب َْت وَرَج ْ‬
‫قَالَ‪ :‬أو َ ت َ ْفعَلِينَ؟ قَال َ ْ‬
‫سدِ لِسَف ِين َة‬ ‫اب م َا رُوِيَ من ت َ ْسخِير ِ الأ َ‬ ‫الل ّه‪ ،‬وَم ِنْ هَذ َا ال ْب َ ِ‬
‫ل َ‬ ‫ك رَسُو ُ‬ ‫الل ّه و َأَ َن ّ َ‬ ‫الصّ حْ رَاء ِ و َتَق ُو ُ‬
‫ل أَ شْهَد ُ أ ْن ل َا ِإله َإ َلّا َ‬ ‫َت تَعْد ُو فِي َ‬ ‫ف َأطْ لَقَه َا فَخَرَج ْ‬
‫س َل ّم َ وَم َع َه ُ ك ِتَابُه ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سد َ فَع ََر ّف َه ُ َأن ّه ُ مَو ْلَى رَسُو ِ‬
‫ن فَلَقِ َي الأَ َ‬ ‫س َل ّم َ ِإ ْذ و َ َ ّ‬
‫جه َه ُ ِإلَى مُع َاذٍ ب ِالْيم َ َ ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مَو ْلَى رَسُو ِ‬

‫سد ُ فَق ُل ْتُ أَ ن َا‬ ‫ك َس ّر ْ‬


‫َت بِه ِ فَخَر َج ِإلَى جَز ِيرَة ٍ ف َِإذ َا الْأَ َ‬ ‫سف ِين َة ً ت َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ك و َفِي رِو َايَة ٍ ُأ ْ‬
‫خر َى عَن ْه ُ أَ َ ّ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬
‫ق وَذَك َر َفِي مُن ْص َرفِه ِ مِث ْ َ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫طر ِ ي ِ‬ ‫فَه َ ْمهَم َ و َتَنَح ّى ع َ ِ‬
‫س‬ ‫سلَام ُ ُبأذ ُ ِ‬
‫ن شَاة ٍ لِقَو ْ ٍم من عَبْدِ القَي ْ ِ‬ ‫ق و َأَ خَذ َ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫ل يَغْمِزُنِي بِمَنْكِبه ِ ح ََت ّى أَ قَامَنِي عَلَى ال َ ّ‬
‫طر ِ ي ِ‬ ‫س َل ّم َ فَجَع َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مَو ْلَى رَسُو ِ‬
‫ك الْأَ ث َر ُ ف ِيهَا و َفِي نَسْلِه َا بَعْد ُ وَم َا رُوِيَ ع َنْ إ ب ْر َاه ِيم َ بن ح ََم ّادٍ بسندِه ِ من ك َلَا ِم الحِمَارِ ال َ ّذ ِي‬
‫بَيْنَ ِإصْ بَعَيْه ِ ث َُم ّ خ ََل ّاه َا فَصَار َ لَهَا ميسَم ًا و َبَقِ َي ذَل ِ َ‬
‫س َل ّم َ يعْف ُور ًا و ََأن ّه ُ ك َانَ يُو َ ّ‬
‫جه ُه ُ ِإلَى د ُورِ اصحابه فيضرب‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫شهاب فَسَ َمّاه ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫ل لَه ُ اسْم ِي يَز ِيد ُ بن‬
‫أَ صَابَه ُ بخَي ْب َر و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله فازدلفن( بالزاى والفاء‪ :‬أي تقربن )قوله من ك َلَا ِم الحِمَارِ( في سيرة مغلطاى كان له صلى الل ّٰه عليه وسلم من الحمير يعفر وعفير‬
‫و يقال هما واحد وآخر أعطاه سعد بن عبادة )*(‬
‫الن ّاقَة ِ َال ّتِي ش َهد ْ‬
‫َت عِنْد َ‬ ‫س َل ّم َ لَم ّا م َاتَ ت َر َ َدّى فِي بِئْرٍ جَز َعًا وَحُزْن ًا فَمَاتَ ‪ ،‬وَحَدِيثُ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سه ِ و َيَسْت َ ْدعِيه ِ ْم و َأَ َ ّ‬
‫عَلَيْهِم ُ ال ْبَابَ ب ِر َأْ ِ‬
‫س َل ّم َ فِي عَسْكَرِه ِ و َق َ ْد‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ لِصَاحِبهَا َأن ّه ُ م َا سَر َقَه َا و َأ َ ّنهَا م ِلـْك ُه ُ‪ ،‬و َفِي حَدِيث ال ْعَنْز ِ َال ّتِي أَ ت َْت رَسُو َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫الل ّه صلى الل ّٰه عليه وسلم‬


‫ل َ‬ ‫َش و َن َزَلُوا على غير م َاء ٍ و َه ُ ْم ز ُه َاء ثلثمائة فَحل ََبَهَا رَسُو ُ‬
‫أَ صَابَه ُ ْم عَط ٌ‬
‫َت‪ ،‬رَو َاه ُ ابن قَان ٍ‬
‫ِـع وغيره‪ ،‬وفيه فقال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه‬ ‫ل ل ِرَاف ٍ‬
‫ِـع أَ مْل ِـ ْكه َا وَم َا أَ ر َاك َ ف َر َبَطَه َا ف َوَجَد َه َا ق َد انْطَلَق ْ‬ ‫ف َأَ ْرو َى الْجن ُْد َ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ك‬
‫الل ّه ف ِي َ‬
‫ض أَ سْ ف َارِه ل َا تَبْر َحْ ب َارَك َ َ‬ ‫الصّ لَاة ِ فِي بَعْ ِ‬ ‫سلَام ُ و َق َ ْد قَام َ ِإلَى َ‬ ‫سه ِ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي ج َاء َ بِهَا ه ُو َ ال َ ّذ ِي ذ َه َبَ بِهَا و َقَا َ‬
‫ل لِف َر َ ِ‬ ‫س َل ّم َ إ َ ّ‬
‫وَ َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ق بِهَذ َا م َا رَو َاه ُ ال ْوَاقِد ُِيّ أَ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َيل ْت َ ِ‬
‫ح ُ‬ ‫جعَلَه ُ قِبْلَت َه ُ فَمَا ح َرّك َ ع ُضْ و ًا ح ََت ّى صَلَ ّى صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ح ََت ّى نَفْرُغَ من صَلَاتنَِا و َ َ‬
‫ن بَع َث َه ُ ِإلَيْهِمْ‪،‬‬ ‫ل مِنْه ُ ْم يَتَك ََل ّم ُ بِلِسَا ِ‬
‫ن الْقَو ْ ِم الذ ّي َ‬ ‫ح كُ ُ ّ‬
‫ل رَج ُ ٍ‬ ‫ج س َِت ّة ُ نَفَرٍ مِنْه ُ ْم فِي يَو ْ ٍم و َا ِ‬
‫حدٍ ف َأَ صْ ب َ َ‬ ‫س َل ّم َ لَم ّا و َ َجّه َ رُسُلَه ُ ِإلَى ال ْمُلُو ِ‬
‫ك فَخَر َ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫جئ ْنَا مِن ْه ُ ب ِال ْمَشْه ُور وَم َا و َق َ َع فِي كُت ُِب الْأَ ئ َِم ّة ِ‪.‬‬
‫الباب كَث ِير ٌ و َق َ ْد ِ‬
‫ِ‬ ‫و َالْحَدِيثُ فِي هَذ َا‬
‫__________‬
‫)قوله لفرسه( الخيل المتفق عليها لرسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم كما قال الحافظ الدمياطي سبعة وقد نظمهما القاضى بدر الدين بن‬
‫جماعة في بيت فقال والخيل سكب لجيف سبحة ظرب لزاز مرتجن ورد لها اسرار )*(‬

‫فصل في إحياء الموتى وكلامهم )وكلام الصبيان والمراضع وشهادتهم له بالنبوة صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٢.٤.١٩‬‬

‫س َل ّم َ( ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْوَلِيدِ هِشَام ُ بن أَ حْم َد‬ ‫فصل فِي إحياء الموتى وكلامهم )وكلام الصبيان والمراضع وشهادتهم لَه ُ بالنبوة صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫حدٍ سَمَاعًا و َِإذْن ًا قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو‬ ‫التمِّيمِ ُ ّ‬
‫ي و َغَي ْر ُ و َا ِ‬ ‫الل ّه مُحَم ّد ُ بن ع ِيس َى َ‬
‫الْفَق ِيه ُ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ و َالْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيدِ مُحَم ّد بن ر ُشْ دٍ و َالْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫ن الْأَ عْرَاب ِ ِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا‬
‫ن سَع ِيدٍ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫يح ْي َى ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫ن بْ ُ‬ ‫عَل ِ ٍيّ الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ُم َر َ الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ز َيْدٍ عَبْد ُ َ‬
‫الر ّحْم ِ‬

‫َت ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ن يَه ُود َِي ّة ً أَ هْد ْ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ط َح ّانُ ع َنْ مُحَم ّدِ بن عمر وَع َنْ أَ بِي سَلَم َة َ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫ن بَقْي َة َ ع َنْ خ َالِدٍ ه ُو َ ال َ ّ‬
‫وَه ْبُ ب ْ ُ‬

‫ل ارْف َع ُوا أيْدِيَك ُ ْم فَإ َ ّنهَا أَ خْبَر َتْنِي أ َ ّنهَا م َ ْ‬


‫سم ُوم َة ٌ‬ ‫الل ّه ِ صلى الل ّٰه عليه وسلم مِنْهَا و َأَ ك َ َ‬
‫ل الْقَوْم ُ فَق َا َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ بِ خَي ْبَر َ شَاة ً م َصْ ل َِي ّة ً س ََم ّتْهَا ف َأَ ك َ َ‬
‫ل رَسُو ُ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫اس‬ ‫كن ْتَ م َلِك ًا أَ ر َحْ تُ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫كن ْتَ نَب ًِي ّا لم بضرك ال َ ّذ ِي صَنَعْتُ و َإ ْن ُ‬
‫ت‪ِ :‬إ ْن ُ‬ ‫ن ال ْبَر َاء ِ و َقَا َ‬
‫ل للهيودية م َا حَمَل َك عَلَى م َا صَنَعْت؟ قَال َ ْ‬ ‫فَمَات ب ِش ْر ُ ب ْ ُ‬
‫ت‪.‬‬
‫ل ف َأَ م َرَ بِهَا فَق ُتِل َ ْ‬
‫ك قَا َ‬
‫مِن ْ َ‬
‫ك‬‫ل )ل َا( وَكَذَل ِ َ‬
‫الل ّه لِيُسَل ّطك عَلَى ذَلِكَ( فقالوا‪ :‬تقتلها قَا َ‬
‫ل )م َا ك َانَ َ‬
‫ك فَق َا َ‬
‫ت أرَدْتُ قَت ْل َ َ‬
‫س و َف ِيه ِ قَال َ ْ‬
‫و َق َ ْد رَو َى هَذ َا الْحَدِيثَ أَ ن َ ٌ‬
‫__________‬
‫)قوله ع َنْ أَ بِي سَلَم َة َ عن أبي هريرة( قال المزى في الأطراف هكذا وقع هذا الحديث في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي عن أبى داود‬
‫س َل ّم‪ ،‬لَي ْس ف ِيه عن أبي هريرة )قوله مصلية( بفتح الميم وسكون الصاد‬
‫وعندنا في الرواة ع َنْ أَ بِي سَلَم َة َ أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫المهملة أي مشوبة )قوله بشر( بكسر الموحدة وسكون المعجمة هو ابن البراء ابن معرور‪.‬‬
‫بفتح الميم وسكون العين المهملة )*(‬
‫ل و َل َ ْم يُع َاقِبْهَا‬
‫الل ّه و َف ِيه ِ أَ خْبَر َتْنِي بِه ِ هَذِه ِ الذّر َاع ُ قَا َ‬
‫ض لَهَا‪ ،‬وَرَو َاه ُ أيْضًا ج َاب ِر ُ بن عَب ْد َ‬
‫ل فَمَا ع َرَ َ‬
‫ْب قَا َ‬
‫رُوِيَ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ من رِو َايَة ِ غَيْر ِ وَه ٍ‬
‫ك ذَك َر َا ْلخـَبَر َ ابن ِإ ْسحَاقَ‬
‫سم ُوم َة ٌ‪ ،‬وَكَذَل ِ َ‬
‫ت ِإن ّي م َ ْ‬
‫ن قَال َ ْ‬ ‫سم ُوم َة ٌ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ِ أبى سلمة ابن عَب ْد َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫ن فَخْذ َه َا تُكَل ّمُنِي أ َ ّنهَا م َ ْ‬
‫ن أَ َ ّ‬
‫و َفِي رِو َايَة ِ الْحَسَ ِ‬
‫س َل ّم َ‪ ،‬و َفِي حَدِيث‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ات رَسُو ِ‬ ‫س َأن ّه ُ قَا َ‬
‫ل فَمَا زِل ْتُ أَ ْعر ِفُه َا فِي لَه َو َ ِ‬ ‫ِيث الآخر ِ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ل ف ِيه ِ فَت َج َاوَز َ عَنْهَا‪ ،‬و َفِي الْحَد ِ‬
‫و َقَا َ‬
‫َعت أَ بْهَرِي(‬ ‫ل فِي وَجَعِه ِ ال َ ّذ ِي م َاتَ ف ِيه ِ )م َا ز َال َ ْ‬
‫ت أكلة خيبر تعادني فالآن أوانُ قَط ْ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫أَ بِي هريرة أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫ل ابن‬ ‫ن ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ِ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ م َاتَ شَه ِيدًا م َ َع م َا أَ ك ْرَم َه ُ َ‬
‫الل ّه بِه ِ م ِ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَح َك َى ابن ِإ ْسحَاق إ ْن ك َانَ ال ْمُسْل ِم ُونَ لَيَر َ ْونَ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُول َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ن رَسُو َ‬ ‫ِيث أَ َ ّ‬
‫ل الْحَد ِ‬ ‫سُ ح ْن ُونَ أَ جْم َ َع أَ ه ْ ُ‬
‫ك ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ و َأَ نَس وَج َاب ِر و َفِي رواية ِ ابن عباس رضي الل ّٰه‬ ‫ل الْيَه ُود َِي ّة َ َال ّتِي س ََم ّت ْه ُ‪ ،‬و َق َ ْد ذَكَر ْنا اخْ ت ِل َ َ‬
‫اف الرّو َاي َات فِي ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ قَت َ َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫عنهما‬
‫__________‬
‫)قوله في لهوات( بثلاث فتحات جمع لهاة وهى في الأصل اسم اللحمة في أقصى الفم )قوله أكلة خيبر( بضم الهمزة )قوله تعادنى(‬
‫بضم أوله ورابعه وتشديده أي يراجعني و يعاودني ألم سمها قال الداودى‪ :‬الألم الذى حصل له صلى الل ّٰه عليه وسلم من الأكلة هو نقص‬
‫لذة ذوقه‪ ،‬قال ابن الأثير وليس مبين لأن نقص الذوق ليس بألم )قوله أبهرى( بفتح الهمزة وسكون الموحدة عرق بكشف الصلب‬
‫ك من الناس( وبين هذا الحديث المقتضى لعدم العصمة‬
‫والقلب إذا انقطع مات صاحبه‪ ،‬فان قيل ما الجمع بين قوله تَع َالَى )و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬
‫ت عام تبوك والسم كان بخيبر قبل ذلك )*(‬ ‫لأن موته عليه السلام بالسم لصادر من اليهودية والجواب أَ َ ّ‬
‫ن الآيَة َ ن َزَل َ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫َأن ّه ُ د َف َعَه َا لأوْلِيَاء ِ ب ِشْر ِ ب ْن ال ْبَر َاء ِ فَق َتَلُوها‪ ،‬وَكَذَل ِ َ‬


‫ك قَدِ اخْ تُل َِف فِي قَتْلِه ِ ل َِل ّذ ِي سَ ح َرَه ُ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل ال ْوَاقِدِي وَعَفْوه ُ عَن ْه ُ أَ ث ْب َتُ عِنْد َن َا و َق َ ْد رُوِيَ عَن ْه ُ‬
‫الل ّه فَل َ ْم‬
‫الل ّه ف َأَ ك َل ْنَا وَذَك َر َ اسْم َ َ‬
‫ل ك ُلُوا ب ِس ْ ِم َ‬
‫َط يَدَه ُ و َقَا َ‬
‫خرِه ِ فَبَس َ‬
‫ل فِي آ ِ‬ ‫َأن ّه ُ قَتَلَه ُ وَرَو َى الْحَدِيثَ البَز ّار ُ ع َنْ أَ بِي سَع ِيدٍ فذكر مِثْلُه ُ إ َلّا َأن ّه ُ قَا َ‬
‫ف أَ ئ َِم ّة‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح وَخ َرّج َه ُ الْأَ ئ َِم ّة و َه ُو َ حَدِيثٌ مَشْه ُور ٌ واخْ تَل َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سم ُومَة ِ أَ ه ْ ُ‬ ‫ج حَدِيثَ ال َ ّ‬
‫شاة ِ ال ْم َ ْ‬ ‫ل و َق َ ْد خ َرّ َ‬ ‫تَض ُ َرّ م َِن ّا أَ حَدًا قَا َ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫الل ّه ف ِيهَا‬
‫يحْدِثُهَا َ‬
‫ات ُ‬
‫ُوف و َأَ صْ و َ ٌ‬
‫جرِ وَحُر ٌ‬ ‫شاة ِ ال ْمَي ّتَة ِ أَ و الْ حجََرِ أَ وِ ال َ ّ‬
‫ش َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى فِي ال َ ّ‬
‫يخ ْلُق ُه ُ َ‬
‫ل ه ُو َ ك َلَام ٌ َ‬
‫ل يقو ُ‬
‫اب فمَ ِنْ قَائ ِ ٍ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّظَرِ فِي هَذ َا ال ْب َ ِ‬ ‫أَ ه ْ ِ‬
‫الل ّه وآخرونَ ذ َه َب ُوا ِإلَى إ يجَادِ‬ ‫شي ِْخ أَ بِي الْحَسَ ِ‬
‫ن و َالْق َاض ِي أَ بِي بَكْر ٍ رحِمهما َ‬ ‫و َي َ ْسم َعُه َا مِنْهَا د ُونَ تَغْي ِير أَ شْ ك َالِهَا و َنَقْلِه َا ع َنْ هَي ْئَتِهَا و َه ُو َ مَذْه َبُ ال َ ّ‬

‫ل والل ّٰه‬ ‫لٌ ُ‬


‫مح ْتَم َ ٌ‬ ‫ن وَك ُ ّ‬ ‫الْحيََاة ِ بِهَا أَ َ ّول ًا ث َُم ّ الْك َلَا ِم بَعْدَه ُ‪ ،‬وَحُكِي َ هَذ َا أيْضًا ع َنْ َ‬
‫شيْخِنَا أَ بِي الْحَسَ ِ‬
‫__________‬
‫شيْخِنَا أَ بِي الحسن( أي الأشعري وهو على بن اسمعيل ابن أبى بشر بن سالم بن اسمعيل بن عبد الل ّٰه بن موسى بن بلال بن أَ بِي‬ ‫)قوله ع َنْ َ‬
‫بُرْدَة َ ب ْ ِن أبى موسى عبد الل ّٰه بن قيس الأشعري‪ ،‬أخذ فقه الشافعي ع َنْ أَ بِي ِإ ْسحَاقَ المروزى‪ ،‬كذا في طبقات السبكى‪ ،‬وبه ر َ َدّ عَلَى م َنْ‬
‫قال أنه مالـكى وكان في أول أمره بمعتزليا تلميذا للجبائي وكان صاحب نظر وإقدام على الخصوم وكان الجبائى صاحب تصنيف فكان‬
‫الجبائى إذا عرضت له مناظرة يقول للأشعري نب عنى‪ ،‬وأقام الأشعري على الاعتزال أربعين سنة ثم إنه غاب عن الناس في بيته خمسة‬
‫عشر يوما ثم خرج إلى الجامع وصعد المنبر وقال أيها الناس إنما تغيبت عنكم هذه المدة لأنى نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجح‬
‫عندي شئ على شئ فاستهديت الل ّٰه تعالى فهداني إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده كما انخلعت‬
‫من ثوبي هذا‪ ،‬وانخلع من ثوب كان عليه ودفع الـكتب التى ألفها على مذهب أهل السنة للناس‪ ،‬ولد سنة ستين ومائتين وتوفى سنة‬
‫ست وثلاثين وقبل سنة أربع وعشرين وثلاثمائة )*(‬
‫ل وُجُود ُه َا م َ َع عَد َم الْحيََاة ِ بِمُج ََر ّدِه َا ف َأَ َمّا إذ َا ك َان َْت عِبَارَة ً ع َ ِ‬
‫ن‬ ‫ُوف و َالْأَ صْ وَات ِإ ْذ ل َا يَسْتَحِي ُ‬ ‫أَ ع ْلَم ُ ِإ ْذ ل َ ْم َ‬
‫يجْع َل الْحيََاة َ شَرْطًا ل ِوُجُودِ الْحُر ِ‬
‫الن ّفْس إ َلّا من حَ ٍيّ خِلَافًا للْج َُب ّائِيّ من بَيْنَ سَائِر ِ م ُتَكَل ّم ِي الف ِر َ ِ‬
‫ق فِي إح َالَة ِ‬ ‫ي فَلَا ب ُ َ ّد من شَرْطِ الْحيََاة ِ لَهَا ِإ ْذ ل َا يُوجَد ُ ك َلَام ُ َ‬ ‫الْك َلَا ِم َ‬
‫الن ّ ْفس ِ ّ‬

‫ُوف والأصوات والتزم ذلك في‬


‫ق ب ِالْحُر ِ‬ ‫ِيب من يَصِ ُحّ مِن ْه ُ ُ‬
‫الن ّ ْط ُ‬ ‫ات إ َلّا من حَيّ م ُرَ َكّ ب عَلَى تَرْك ِ‬
‫ُوف و َالْأَ صْ و َ ِ‬
‫ي و َالْحُر ِ‬ ‫وُجُودِ الْك َلَا ِم َ‬
‫الل ّ ْفظ ِ ّ‬
‫ن الْك َلَا ِم و َهَذ َا لَو ْ ك َانَ لَك َانَ نَقْلُه ُ و َال َتّه َ ُمّم ُ بِه ِ‬
‫كنَهَا بِهَا م ِ َ‬
‫ق ف ِيهَا حياة وخرق لها فما ولسانه و َآلَة ً أَ ْم َ‬
‫الل ّه خ َل َ َ‬ ‫ل إ َّ‬ ‫الخصا و َالْجِذْع و َالذّر ِ‬
‫ن َ‬ ‫َاع و َقَا َ‬
‫سق ُوطِ دَعْوَاه ُ م َ َع َأن ّه ُ ل َا ضَر ُورَة َ‬ ‫ك فَد َ َ ّ‬
‫ل عَلَى ُ‬ ‫شي ْئًا من ذَل ِ َ‬ ‫حه ِ أَ ْو حَن ِينِه ِ و َل َ ْم يَنْق ُلْ أَ حَدٌ من أَ ه ْ ِ‬
‫ل السّيَر ِ و َالرّو َايَة ِ َ‬ ‫ن ال َتّه َ ُمّم بنِ َ ْق ِ‬
‫ل تَسْب ِي ِ‬ ‫آكَد َ م ِ َ‬
‫الل ّه‪،‬‬
‫ق َ‬ ‫إليْه ِ فِي َ‬
‫الن ّظَرِ و َال ْم ُو َف ّ ُ‬
‫الل ّه‪،‬‬
‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫َب ل َ ْم يَتَك ََل ّ ْم ق ُ َّط فَق َا َ‬
‫ل من أَ ن َا فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ ُأتِي َ ب ِ َ‬
‫صب ِ ٍيّ ق َ ْد ش َ ّ‬ ‫وَرَو َى وَكِي ٌع ر َفْع َه ُ ع َنْ ف َ ْهدِ ب ْن عَط َِي ّة َ أن َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬

‫ك اليم َا َمَة ِ‬ ‫س َل ّم َ عَجَبًا جئ ب ِ َ‬


‫صبِيّ يَوْم َ وُلِد َ فذكر مِثْلَه ُ‪ ،‬و َه ُو َ حَدِيث م ُبَار َ ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن َ‬ ‫وَر ُويَ ع َنْ م ُعر ّض بن مُع َيقيب ر َأي ْتُ م ِ َ‬
‫و يعرف‬
‫__________‬
‫)قوله للجبائي( هو أبو عَلَى مُحَم ّد بن عبد الوهاب رئيس المعتزلة في عصره بالبصرة‪ ،‬قال الذهبي وابن خلكان‪ :‬وجبى‪ :‬مدينة ورستاق‬
‫عريض مشتبك العماير والنخيل وقصب السكر وغيرها‪ ،‬مات سنة ثلاث وثلاثمائة )*(‬
‫ن الغ ُلَام َ ل َ ْم يَتَك ََل ّ ْم بَعْد َه َا ح ََت ّى ش َ ّ‬
‫َب‬ ‫الل ّه ف ِيكَ( ث َُم ّ ِإ َ ّ‬
‫صد َق ْتَ ب َارَك َ َ‬‫س َل ّم َ ) َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَه ُ َ‬‫بحديث شاصوته اس ْ ِم ر َاوِ يه ِ و َف ِيه ِ فَق َا َ‬
‫ن أَ تَى رجل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فَذَك َر َ لَه ُ َأن ّه ُ طَر َ َ‬
‫ح‬ ‫ن الْحَسَ ِ‬ ‫فَك َانَ يُس َ َمّى م ُبَارَك َ الْيم َا َمَة ِ‪ ،‬وَك َان َْت هَذِه ِ الْق َِصّ ة ُ بِم َ َك ّة َ فِي حَ َ ج ّة ِ ال ْوَد ِ‬
‫َاع‪ ،‬وَع َ ِ‬
‫ق مَع َه ُ ِإلَى ال ْوَادِي‪.‬‬
‫بُنَي ّة ً لَه ُ فِي و َادِي كَذ َا فَانْطَل َ َ‬
‫ن أَ بَو َيك ق َ ْد أَ سْ لَمَا فَإن أَ حببت أَ ن أر َدّك عَلَيْهَم َا‬
‫ل لَهَا إ َ ّ‬
‫ك فَق َا َ‬
‫سعْد َي ْ َ‬
‫ك وَ َ‬
‫ل لَب ّي ْ َ‬
‫هي َ تَق ُو ُ‬
‫َت و َ ِ‬
‫الل ّه فَخَرَج ْ‬
‫ن َ‬ ‫و َن َاد َاه َا باسْمِه َا ي َا فُلَانَة ُ أَ جِيبِي ب ِإ ْذ ِ‬

‫ن الْأَ نْصَارِ تُو ُفي َ وله ُأمّ عَجُوز ٌ عَم ْيَاء ُ فَس ََجّ ي ْنَاه ُ وَع َ َّز ي ْنَاه َا فَق َال َ ْ‬
‫ت‬ ‫ن شَا ًب ّا م ِ َ‬
‫س أَ َ ّ‬
‫الل ّه خَيْر ًا ل ِي مِنْهُم َا‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ت ل َا ح َاج َة َ ل ِي ف ِيهِم َا وَجَدْتُ َ‬
‫قَال َ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ش َ ّدة ٍ فَلَا تَحْم ِل َنّ عَل َيّ هَذِه ِ المُصِ يب َة َ‬


‫ك رَج َاء َ أَ ْن تُع ِينَنِي عَلَى ك ُل ِ‬
‫ك و َِإلَى رَسُول ِ َ‬
‫كن ْتَ تَعْلَم ُ أَ ن ّي ه َاجَرْتُ ِإلَي ْ َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ِإ ْن ُ‬ ‫ت َ‬ ‫م َاتَ ابْنِي قلُ ْنَا نَع َ ْم قَال َ ِ‬
‫س بن‬
‫ن ث َاب ِتَ بن قَي ْ ِ‬
‫كن ْتُ ف ِيم َنْ د َف َ َ‬
‫الل ّه الْأَ نْصَارِيّ ُ‬
‫الل ّه ب ْن ع ُبَي ْد َ‬ ‫َف َ‬
‫الث ّو ْبَ ع َنْ و َجْ هِه ِ فَطَعِم َ وَطَعِمْنَا وَر ُويَ ع َنْ عَب ْد َ‬ ‫كش َ‬
‫فَمَا بَر ِحْ نَا أ ْن َ‬
‫ل ب ِالْيم َا َمَة ِ فَسَمِعْنَاه ُ حِينَ‬ ‫ش ََم ّا ٍ‬
‫س وَك َانَ قُت ِ َ‬

‫ن بن بَشِيرٍ‬ ‫ن ُ‬
‫الن ّعْم َا ِ‬ ‫ّت‪ ،‬وَذُك ِر َ ع َ ِ‬ ‫الل ّه‪ ،‬أَ بُو بَك ْر الصّ دّيقُ‪ ،‬ع ُم َر ُ ال َش ّه ِيد ُ‪ ،‬عُثْم َانُ ال ْب َُر ّ َ‬
‫الر ّحِيم ُ فَنَظَر ْن َا ف َِإذ َا ه ُو َ م َي ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫أَ ْدخ َل ْنَاه ُ القَبْر َ يَق ُولُ‪ :‬مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬
‫ي إذ سمعوه‬‫ض أَ ز َِق ّة ِ المَدِينَة ِ ف َر ُف ِـ َع و َسُ ج ّ َ‬
‫ن ز َيْد َ بن خ َارِج َة َ خ َرّ م َي ّتًا فِي بَعْ ِ‬
‫أَ َ ّ‬
‫__________‬
‫ن ز َيْدٍ تكلم بعد الموت ثم قال الصحيح أن الذى تكلم‬
‫ن ز َيْدٍ بن أبى زهير‪ ،‬قال أبو نعيم الأصبهاني خ َارِج َة َ ب ْ َ‬ ‫ن ز َيْد َ بن خ َارِج َة َ( ب ْ َ‬‫)قوله أَ َ ّ‬

‫ل يَوْم َ ُأحُدٍ )*(‬


‫بعد الموت زيد بن خارجة‪ ،‬كذا قال أبو عمرو قال الذهبي زيد بن خارجة المتكلم بعد الموت أبوه‪ ،‬وذلك وهم لأنه قُت ِ َ‬

‫فصل في إبراء المرضى وذوى العاهات‬ ‫‪٢.٤.٢٠‬‬

‫ك فِي‬ ‫ل الل ّٰه النبي ا ْل ُأم ّ ُيّ وَخ َاتِم َ‬


‫ُالن ّب ِيّينَ ك َانَ ذَل ِ َ‬ ‫ل مُحَم ّدٌ رَسُو ُ‬
‫ل أن ْصِ ت ُوا أَ ن ْصِ ت ُوا فَحَس َر ع َنْ و َجْ هِه ِ فَق َا َ‬
‫حو ْلَه ُيَق ُو ُ‬
‫ن َ‬
‫بَيْنَ ال ْعِشَاءَي ْ ِن و َالنّسَاء ُ يَصْر ُخْ َ‬
‫الل ّه و َب َرَك َاتُه ُ ث َُم ّ عَاد َ م َي ّتًا كَمَا‬
‫الل ّه وَرَحْم َة ُ َ‬
‫ل َ‬ ‫ك ي َا رَسُو َ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫سلَام ُ عَلَي ْ َ‬ ‫صد َقَ ‪ ،‬وَذَك َر َ أَ ب َا بَكْر ٍ وعمر وَعُثْم َانَ ث َُم ّ قَا َ‬
‫صد َقَ َ‬ ‫ل ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل َ‬ ‫اب الأَ َ ّو ِ‬
‫الْكِت َ ِ‬
‫ك َانَ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ِإ ْسحَاقَ الْح َبَ ّا ُ‬
‫ل‬ ‫ف ف ِيم َا أَ ج َاز َنيِه ِ و َق َرأْ َ تُه ُ عَلَى غَيْرِه ِ قَا َ‬ ‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن م ُش َ َرّ ٍ‬ ‫فصل فِي إبراء المرضى وذوي العاهات أَ خْبَر َن َا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ن‬
‫َاب و َعَاصِم ُ ب ْ ُ‬ ‫كائ ِ ِيّ ع َنْ مُحَم ّدِ ب ْ ِن ِإ ْسحَاقَ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن شِه ٍ‬ ‫ن اب ْ ِن هِشَا ٍم ع َنْ زِي َادٍ ال ْب َ َ ّ‬
‫ن ال ْبَرْق ِ ِيّ ع َ ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬
‫ن النحاس حدثنا أبو ال ْو َ ْردِ ع َ ِ‬

‫س َل ّم َ لَيُنَاوِلُنِي ال َس ّ ْهم َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ص ِإ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫ن أَ بِي و ََق ّا ٍ‬
‫سعْد ُ ب ْ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ع ُم َر َ ب ْ ِن قَتَادَة َ وَجَمَاع َة ٌ ذَك َر َه ُ ْم بِق َضِ َي ّة ِ ُأحُدٍ بِط ُولِهَا قَا َ‬
‫ل و َقَالُوا قَا َ‬

‫ت و َ ُأصِيبَ يَوْم َئِذٍ‬


‫سه ِ ح ََت ّى انْد ََق ّ ْ‬
‫س َل ّم َ يَوْم َئِذٍ ع َنْ قَو ْ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ا ْر ِم بِه ِ و َق َ ْد رَم َى رَسُو ُ‬
‫ل لَه ُ فَيَق ُو ُ‬
‫لا نَصْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله عن هشام( ه ُو مُحَم ّد بن عبد الملك بن هشام بن أيوب أصله من البصرة وتوفى بمصر سنة ثلاث عشرة ومائتين )قوله ع َنْ زِي َادٍ‬
‫ال ْب َ َ ّ‬
‫كائ ِ ِيّ( بفتح الموحدة وتشديد الكاف )قوله ابن هشاب( ه ُو مُحَم ّد بن مسلم بن عبيد الل ّٰه بن عبد الل ّٰه الزهري ممن‬
‫يروى عنه ابن اسحاق وفى بعض النسخ ابن هشام وليس بصحيح )قوله لا نَصْ َ‬
‫ل لَه ُ( بالنون المفتوحة والصاد المهملة الساكنة )قوله و َق َ ْد‬
‫س َل ّم َ يَوْم َئِذٍ بقوسه( ك َان لَه عَلَي ْه السلام قسى الروحاء والصفراء ‪ -‬من نبع وهو بنون فموحدة فمهملة شجر‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَم َى رَسُو ُ‬
‫من شجر الجبال تتخذ منه القسى ومن أغصانه السهام ‪ -‬والبيضاء وشوحط أصابها من بنى قينقاع والزوراء والـكتوم ‪ -‬لا نخفاض من‬
‫صوتها إذا رمى عليها ‪ -‬قيل والسداد قال صاحب الهدى والتى انكسرت في إحدى الغزوات الـكتوم )‪(*) (١ - ٢١‬‬
‫ن عَي ْنَيْه ِ وَرَو َى ق َِصّ ة َ قَتَادَة َ عَاصِم ُ‬
‫س َل ّم َ فَك َان َْت أَ حْ سَ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫َت على وجنته ف َر َدّه َا رَسُو ُ‬
‫ن ح ََت ّى و َقَع ْ‬ ‫ن ُ‬
‫الن ّعْم َا ِ‬ ‫عَيْنُ قَتَادَة َ يَعْنِي اب ْ َ‬
‫ق عَلَى أثَر ِ س َ ْه ِم فِي وَجْه ِ أَ بِي قَتَادَة َ فِي يَو ْ ِم‬
‫ص َ‬
‫ض بن ع ُم َر َ بن قَتَادَة َ وَرَو َاه َا أَ بُو سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدرِي ع َنْ قَتَادَة َ و َب َ‬
‫بن ع ُم َر َ بن قَتَادَة َ و َيَز ِيِد ُ بن عِيَا ِ‬

‫ِف ل ِي ع َنْ‬
‫الل ّه أن ي َ ْكش َ‬
‫الل ّه ا ْدع ُ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل ي َا رَسُو َ‬
‫ن أَ عْم َى قَا َ‬ ‫الن ّسَائ ِ ُيّ ع َنْ عُثْم َانَ بن حُنَي ٍ‬
‫ْف أَ َ ّ‬ ‫ل فَمَا ضَر َبَ عَل َيّ وَل َا قَاحَ‪ ،‬وَرَو َى َ‬
‫ذِي ق َرَدٍ قَا َ‬
‫ك‬ ‫الر ّحْمَة ِ ي َا مُحَم ّد ُ ِإن ّي أَ تَو َ َجّه ُ ب ِ َ‬
‫ك ِإلَى ر َب ّ َ‬ ‫ك بنبى مُحَم ّدٍ نَب ّي َ‬
‫ك و َأَ تَو َ َجّه ُ ِإلَي ْ َ‬
‫م ِإ َن ّي أَ سْ أَ ل ُ َ‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫ل رَكْ ع َتَيْنِ ث َُم ّ ق ُ ِ‬ ‫ضأ ث َُم ّ َ‬
‫ص ّ‬ ‫ل فَانْطَلِقْ فَت َو َ َ ّ‬
‫بَص َري قَا َ‬
‫ِب الْأَ س َِن ّة ِ أَ صَابَه ُ اسْ ت ْ‬
‫سق َاء فَبَع َثَ‬ ‫الل ّه ع َنْ بَصَرِه ِ‪ ،‬وَر ُويَ أَ َ ّ‬
‫ن ابن م ُلَاع ِ‬ ‫َف َ‬‫كش َ‬
‫ج ُع و َق َ ْد َ‬ ‫ش ّفعْه ُ ف ِ َيّ قَا َ‬
‫ل ف َر َ َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫ِف ع َنْ بَصَر ِي َ‬
‫أ ْن ي َ ْكش َ‬
‫ل عَلَيْهَا ث َُم ّ أَ ْعطَاها رَسُولَه ُ ف َأَ خَذ َه َا م ُت َع َّجِبًا ي َر َى أَ ْن ق َ ْد هُزِئ َ بِه ِ ف َأَ ت َاه ُ‬
‫ض فَتَف َ َ‬
‫ن الْأَ ْر ِ‬ ‫س َل ّم َ ف َأَ خَذ َ بيَِدِه ِ َ‬
‫حث ْوَة ً م ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِإلَى َ‬
‫الل ّه‪،‬‬
‫بِهَا وهو على الشفا ف َشَر ِ بَهَا فَشَف َاه ُ َ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله فِي يَو ْ ِم ذِي قرد( بفتح القاف والراء ماء على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر‪ ،‬قال ابن سعد كان يَو ْ ِم ذِي ق َرَدٍ في ربيع الأول‬
‫سنة ست وفى البخاري كان قبل‬
‫خيبر بثلاثة أيام )قوله قاح( بالقاف والحاء المهملة يقال قاح الجرح وقيح إذا حصل فيه المدة التى لا يخالطها دم )قوله وروى النسائي(‬
‫هو الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب صاحب السنن توفى سنة عشرين وثلاثمائة ولم يتأخر بعد الثلاثمائة من أصحاب الـكتب الستة‬
‫ْف( بضم الحاء المهملة وفتح النون شهد أحدا وما بعدها وتولى مسح سواد العراق لعمر )قوله على شفا(‬
‫إلا هو )قوله عُثْم َانَ بن حُنَي ٍ‬
‫بفتح الشين المعجمة والقصر يقال أشفى المر يض على الموت وما بقى منه إلا شفا أي قليل )*(‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫شي ْئًا فَنَف َثَ رَسُو ُ‬ ‫ن أَ ب َاه ُ اب ْي ََضّ ْ‬
‫ت عَي ْنَاه ُ فَك َانَ ل َا يُبْص ِر ُ بِهم َا َ‬ ‫ل ف ُر َي ْكٍ أَ َ ّ‬ ‫وَذَك َر َ الْعَق ِيل ِ ُيّ ع َنْ حَب ِ ِ‬
‫يب بن فُد َي ْكٍ و يقا ُ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ق رَسُو ُ‬
‫ص َ‬ ‫ل الْخيَ َْط فِي ال ِْإ ب ْرَة ِ و َه ُو َ ابن ثَمَانِينَ‪ ،‬وَر ُ ِمي َ ك ُل ْث ُوم ُ بن الْحُصَيْنِ يَوْم َ ُأحُدٍ فِي َ‬
‫نحْرِه ِ فَب َ َ‬ ‫خ ُ‬
‫فِي عَي ْنَيْه ِ ف َأَ ب ْصَر َ ف َرأَ َ ي ْت ُه ُ ي ُ ْد ِ‬

‫ح ب َارِئًا و َنَف َثَ عَلَى ضَرْبَة ٍ‬


‫خي ْبَر َ وَك َانَ رَمِدًا ف َأَ صْ ب َ َ‬
‫ل فِي عَي ْن َ ْي عَل ِ ٍيّ يَوْم َ َ‬ ‫الل ّه بن ُأنَي ْ ٍ‬
‫س فَل َ ْم تُم ِ َ ّد‪ ،‬و َتَف َ َ‬ ‫س َل ّم َ ف ِيه ِ فَبَر َأ و َتفل عَلَى شَ َج ّة ِ ع َبدِ َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫َف فَب َرئ َْت وعلى‬


‫ل ابن الْأَ شْر ِ‬
‫ْب حِينَ قَت َ َ‬
‫ْف‪ِ ،‬إلَى ال ْـكَع ِ‬
‫سي ُ‬ ‫ق سلمة ابن الأَ كْ و َِع يَوْم َ َ‬
‫خي ْبَر َ فَبَر ِئت و َفِي رِجْل ز َيْدِ بن مُع َاذٍ حِينَ أَ صَابَهَا ال َ ّ‬ ‫بِس َا ِ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سه ِ و َاشْ ت َكى عَل ِ ُيّ بن أَ بِي طَال ٍِب فَجَع َ َ‬
‫ل ي َ ْدع ُو فَق َا َ‬ ‫ل ع َنْ ف َر َ ِ‬
‫َت فَبَر ِئ َ مَك َانَه ُ وَم َا ن َز َ َ‬
‫ق ِإذ انْكَسَر ْ‬
‫ق عَل ِ ِيّ بن الْحَكَم ِ يَوْم َ الْخنَْد َ ِ‬
‫سَا ِ‬

‫ك الوجع بعد‬ ‫م اشْ فِه ِ أَ ْو عَافِه ِ ث َُم ّ ضَر َبَه ُ بِرِجْلِه ِ فَمَا اشْ ت َك َى ذَل ِ َ‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫س َل ّم َ َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫جعْفَرٍ مُحَم ّد ُ بن عمرو بن موسى بن حماد المكى صاحب كتاب الضعفاء )قوله‬
‫)قوله وذكر العقيلى( بضم العين المهملة هو الإمام الحافظ أَ بُو َ‬
‫ك ُل ْث ُوم ُ بن الْحُصَيْنِ( بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين )قوله فبرأ( يقال برأ من المرض بفتح الراء وبرئ من‬
‫الدين بكسرها )قوله فلم تمد( بضم أوله وكسر ثانيه من أمد الجرح صار فيه مدة )قوله و َفِي رِجْل ز َيْدِ بن معاذ( قيل لم يحضر هذه‬
‫الواقعة أحد يسمى ز َيْدِ بن مُع َاذٍ بل ولا في الصحابة أحد يسمى ز َيْدِ بن م ُع َاذٍ إلا أن يكون نسب إلى جد له أو إلى خلاف الظاهر‬
‫والذى خرج في رجله أو في رأسه على الشك من الراوى في قتل كعب بن الأشرف إنما هو الحرث بن أوْس بن معاذ بن النعمان وقيل‬
‫الحرث ابن أوس بن النعمان وقيل هما واحد نسب في أحدهما إلى جده )*(‬
‫َت‪ ،‬رَو َاه ُ ابن‬ ‫س َل ّم َ و َأَ ل ْ َ‬
‫صقَه َا فَلَصِ ق ْ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق عَلَيْهَا رَسُو ُ‬
‫ص َ‬
‫ل يَدَه ُ فَب َ‬
‫ل يَوْم َ ب َ ْد ٍر يَد َ مُعَوِ ّذِ بن عَفْرَاء َ فَجَاء َ يَحْم ِ ُ‬
‫ج ْه ٍ‬
‫و َقَطَ َع أَ بُو َ‬

‫ش ُ ّقه ُ‬‫َاف أصيبَ يَوْم َ بَدْر م َ َع رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ب ِضَرْبَة ٍ عَلَى عَاتِقِه ِ ح ََت ّى مال ِ‬ ‫ن خُبَي ْبَ بن يَس َ‬ ‫ْب * وَم ِنْ رِوايتِه ِ أيْضًا أَ َ ّ‬ ‫وَه ٍ‬

‫َض فَاه ُ‬ ‫صبِي بِه ِ بَلَاء ل َا يَتَك ََل ّم ف َُأتِي َ بِمَاء ٍ فَم َضْ م َ‬ ‫س َل ّم َ و َنَف َثَ عَلَيْه ِ ح ََت ّى صَ َ ح ّ‪ ،‬و َأَ ٺَت ْه ُ امْرَأة ٌ من َ‬
‫خث ْع َ ٍم مَعَه َا َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف َر َدّه ُ رَسُو ُ‬
‫ن ابن ع ََب ّاس ج َاء َ ِ‬
‫ت امْرَأَ ة ٌ ب ِاب ْ ٍن‬ ‫س * وَع َ ِ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل عُق ُو َ‬
‫ض ُ‬ ‫ل عَقْل ًا ي َ ْف ُ‬
‫سه ِ بِه ِ فَبَر َأَ ال ْغ ُلَام ُ وَعَق َ َ‬‫ل يَد َيْه ِ ث َُم ّ أَ ْعطَاه َا ِإ َي ّاه ُ و َأَ م َرَه َا بِسَقْيه ِ وَم َ ّ‬
‫وَغَسَ َ‬
‫ل‬ ‫َأت الْق ِ ْدر ُ عَلَى ذِر ِ‬
‫َاع مُح َم ّدِ بن ح َاطِب و َه ُو َ طِ ْف ٌ‬ ‫ل الْجَرْوِ الْأَ سْ وَدِ ف َسعى‪ ،‬و َانْكَف ِ‬
‫جو ْفِه ِ مِث ْ ُ‬ ‫ص ْدرَه ُ فَث َ ّع ث َع ّة ً فَخَر َ َ‬
‫ج من َ‬ ‫ح َ‬
‫ن فَمَسَ َ‬
‫لَهَا بِه ِ جُن ُو ٌ‬
‫ْض عَلَى السيف وعنان‬‫َف شرحبيل الجعفي سلمة تَم ْن َع ُه ُ الْقَب َ‬
‫ل ف ِيه ِ فَبَر َأَ لح ِينِه ِ وَك َان َْت فِي ك ّ‬
‫ح عَلَيْه ِ وَد َعَا لَه ُ و َتَف َ َ‬
‫فَمَسَ َ‬
‫__________‬
‫ل( قيل المعروف أن عكرمة بن أبى جهل فعل ذلك بمعاذ ابن عمرو بن الجموع حين ضرب أباه )قوله معوذ( بكسر‬ ‫ج ْه ٍ‬ ‫)قوله و َقَطَ َع أَ بُو َ‬
‫الواو المشددة وفتحها‪.‬‬
‫صحابي معروف قتل يوم بدر )قوله خبيب بن إساف( خبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة المخففة وإساف بكسر الهمزة و يقال‬
‫يساف بالمثناة التحتية شهد بدرا‬
‫وأحدا وما بعدهما كان نازلا بالمدينة فتأخر إسلامه حتى سار رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم بدرا فلحقه في الطر يق فأسلم وشهد يدرا‬
‫فضربه رجل على عاتقه يومئذ فمال شقه فتفل صلى الل ّٰه عليه وسلم على شقه ولا يمه ورده فانطلق فقتل الذى ضربه ثم تزوج ابنه بعتد‬
‫ذلك فكانت تقول لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح فيقول لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار )قوله فثع( بالمثلثة والعين المهملة‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫المشددة أي قاء )قوله مثل الجرو( هو بتثليث الجيم ولد الكلب والسبع )قوله ابن حاطب( بالحاء والطاء المهملتين )قوله سلعة( بكسر‬
‫السين المهملة ز يادة تحدث في الجسد كالغدة تكون من قدر الحمصة إلى قدر البطيخة )*(‬

‫فصل في إجابة دعائه صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٢.٤.٢١‬‬

‫ل فَنَاو َلَهَا من‬ ‫حنُهَا بِكَ ّفه ِ ح ََت ّى ر َفَعَه َا و َل َ ْم يَب ْ َ‬


‫ق لَهَا أَ ثَر ٌ وَسَأَ لَت ْه ُ ج َارِ يَة ٌ َطع َام ًا و َه ُو َ ي َأَ ك ُ ُ‬ ‫س َل ّم َ فَمَا ز َا َ‬
‫ل ي َ ْط َ‬ ‫ال َد ّ َاب ّة ِ فَشَك َاه َا ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫جو ْفِه َا ُألْقِ َي‬


‫شي ْئًا فَيَمْنَع َه ُ فَلَم ّا اسْ تَق ََر ّ فِي َ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي فِي ف ِي َ‬
‫ك فَنَاو َلَهَا م َا فِي ف ِيه ِ‪ ،‬و َل َ ْم يَكُنْ يُسْأ ُ‬
‫ل َ‬ ‫بَيْنِ يَد َيْه ِ وَك َان َْت قَلِيلَة َالْحيََاء ِ فَق َال َ ْ‬
‫ت َإن ّمَا ُأرِيد ُ م ِ َ‬
‫ش َ ّد حَيَاء ً مِنْهَا‪.‬‬ ‫ن الْحيََاء ِ م َا ل َ ْم تَكُ ِ‬
‫ن امْرَأة ٌ ب ِالمَدِينَة ِ أَ َ‬ ‫عَلَيْهَا م ِ َ‬
‫س َل ّم َ ِلجم ََاعَة ٍ بِمَا د َعَا لَه ُ ْم و َعَلَيْه ِ ْم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ )و َهَذ َا باب واسع جدًا( و َِإج َابَة ُ دَعْوَة ِ َ‬ ‫فصل فِي إجابة دعائه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫َت ال َد ّعْوَة ُ وَلَدَه ُ‬ ‫س َل ّم َ إذ َا د َعَا ل ِرَج ُ ٍ‬


‫ل أَ ْدرَك ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ُت َوَاتِر ٌ عَلَى ا ْلجم ُْلَة ِ مَعْلُوم ٌ ضَر ُورَة ً * و َق َ ْد جاء فِي حَدِيث حُذ َيْف َةَ‪ :‬ك َانَ رَسُو ُ‬

‫وَوَلَد َ وَلَدِه ِ * ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدٍ الع ََت ّاب ِ ُيّ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم ح َاتِم ُبن محمد حدثنا أبو الحسن القابسي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ز َيْدٍ المروزي حدثنا‬
‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن أَ بِي الْأَ سْ وَدِ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬ ‫ُف ح َ َ ّدثَنَا مُح َم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬ ‫محمد بن يُوس َ‬

‫الل ّه ُ َ ّم أكثر ما له‬


‫ل َ‬ ‫الل ّه َ لَه ُ قَا َ‬
‫س ا ْدع ُ َ‬ ‫الل ّه ِ خ َادِم ُ َ‬
‫ك أَ ن َ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫ت ُأمِّي ي َا رَسُو َ‬
‫ل قَال َ ْ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَا َ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫حَر َ ِميّ ٌ ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫شعْب َة ُ ع َنْ قَتَادَة َ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫ل أنس فو الل ّٰه ِإ َ ّ‬
‫ن م َال ِي لـَكَث ِير ٌ وإن ولدى‬ ‫ك لَه ُ ف ِيم َا آتَي ْت َه ُ‪ ،‬وَم ِنْ رِو َايَة ِ عِكْرِم َة َ قَا َ‬
‫وَوَلَدَه ُ و َب َارِ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله يطحنها( بفتح الحاء المهملة مضارع طحن بفتحها أيضا )قوله العتابى( بفتح المهملة وتشديد الفوقية )قوله وَم ِنْ رِو َايَة ِ عِكْرِم َة َ( هو‬
‫ابن حمار الحنفي اليماني يروى عن الهرماس وعن طاوس وطائفة‪ ،‬والهرماس له صحبة )*(‬
‫صب ْتُ و َلَق َ ْد د َفَن ْتُ بيَِد ََيّ ه َاتَيْنِ م ِائَة ً م ِنْ‬ ‫نحْوِ الْمِائَة ِ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ٍ فَمَا أَ ع ْلَم ُ أَ حَدًا أَ صَابَ م ِنْ رَخ َاء ِ ال ْعَي ْ ِ‬
‫ش م َا أَ َ‬ ‫وَوَلد َ وَلَد ِي لَيُع َا ُدّونَ ال ْيَوْم َ عَلَى َ‬

‫جو ْتُ أ ْن ُأصِيبَ‬


‫ن فَلَو ْ ر َفَعْتُ حَ ج َرًا لَر َ َ‬ ‫ل عَب ْد َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫ْف ب ِال ْبَرَكَة ِ قَا َ‬
‫ن بن عَو ٍ‬ ‫س ْقطًا وَل َا وَلَد َ وَلَدٍ * وَمِن ْه ُ د ُعَاؤُه ُ لِعَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫ل ِ‬
‫وَلَد ِي ل َا أَ قُو ُ‬

‫َت ك ُ ُ ّ‬
‫ل ز َ ْوجَة ٍ ثَمَانِينَ أَ لْف ًا وَك َُنّ أَ رْبَع ًا‬ ‫الل ّه عَلَيْه ِ وَم َاتَ فَحُف ِر َ ال َذ ّه َبُ من تَرِكَتِه ِ بالفؤس ح ََت ّى مجَل َ ْ‬
‫ت ف ِيه ِ الْأَ يْدِي و َأَ خَذ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫تح ْت َه ُ ذ َه َبًا و َفَت َ َ‬
‫َ‬
‫صد َقَاتِه ِ الْف َاشِيَة ِ فِي‬
‫ّف و َثَمَانِينَ أَ لْف ًا و َأَ وْص َى ب ِخَمْسِينَ أَ لْف ًا بَعْد َ َ‬ ‫ت ِإحْد َاه َُنّ ل ِأَ َن ّه ُ ط ََل ّقَه َا فِي م َرَ ِ‬
‫ضه ِ عَلَى نَي ٍ‬ ‫ل بَلْ صُولِ ح َ ْ‬
‫ْف و َق ِي َ‬
‫ل م ِائَة َ أَ ل ٍ‬
‫و َق ِي َ‬
‫ص َ ّدقَ م َ َّرةّ بعير فيها سبعمائة بَع ِيرٍ وَرَد ْ‬
‫َت عَلَيْه ِ تحمل‬ ‫ق يَوْم ًا ثَلَاثِينَ عَبْدًا و َت َ َ‬
‫حَيَاتِه ِ وَع َوَارِفِه ِ الْعَظ ِيمَة ِ أعْت َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ليعادون( بضم المثناة التحتية وتخفيف العين وتشديد الدال المهملتين )قوله سقط( بتثليث السين المهملة والقاف الجنين الذى‬
‫يسقط قبل تمامه )قوله ما به( في صحيح ال ْب ُخ َارِيّ قال أنس وحدثتني ابنتى أمينة أنه دفن لصلبي مقدم الحاجاج البصرة عشرون ومائة‬
‫انتهى‪ ،‬وكان مقدم الحجاج البصرة سنة خمس وسبعين وكانت وفاة أنس سنة ثلاث وتسعين وقد ولد له بعد مقدم الحجاج أولاد كثيرة‬
‫ومن كثرة الأولاد ما قال ابن قتيبة وقع إلى الأرض من صلب المهلب بن أبى صفرة ثلاثمائة ولد وقال بن خلكان في ترجمة‬
‫تميم بن المعز بن باديس إنه خلف مائة ذكر وستين أنثى )قوله بالفؤوس( بهمزة مضمومة بعد الفاء جمع فأس بسكون الهمزة كرأس‬
‫ص َ ّدقَ م َ َّرةّ بعيرٍ(‬
‫ورؤس وكأس وكؤس )قوله مجلت( بكسر الجيم وفتحها أي نفطت من العمل وحصل بين الجلد واللحم ماء )قوله و َت َ َ‬
‫ل عروة بن الزبير‬
‫بكسر العين المهملة روى الترمذي أن عبد الرحمن بن عوف أوصى لأمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعمائة ألف و َقَا َ‬
‫أوصى عبد الرحمن بن عوف بخمسين ألف دينار في سبيل الل ّٰه وقال الزهري أوصى عبد الرحمن لمن بقى من أهل بدر لكل رجل‬
‫بأربعمائة دينار وكانوا مائة فأخذوها وأخذها عثمان فيمن أخذ وأوصى بألف فرس في سبيل الل ّٰه )*(‬
‫الل ّه عَن ْه ُ أَ ْن‬ ‫ل الْخ ِلَاف َة َ‪ ،‬و َلِسَعْد بن أَ بِي و ََق ّا ٍ‬
‫ص رَضِيَ َ‬ ‫ص َ ّدقَ بِهَا و َبِمَا عَلَيْهَا و َب ِأق ْتَابِهَا و َأَ حْلَاسِه َا وَد َعَا لم ُِع َاوِ يَة َ ب َِالتمّْكِينِ فَنَا َ‬
‫من كل شئ فَت َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل‬
‫جهْل فَاسْ تُجِيبَ لَه ُ فِي ع ُم َر َ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫الل ّه دَعْوَتَه ُ فَمَا د َعَا عَلَى أَ حَدٍ إ َلّا اسْ تُجِيبَ لَه ُ‪ ،‬و َدعا لعز ال ِْإسْ لَام ب ِعُم َر َ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ أَ ْو ب ِأَ بِي َ‬ ‫يج ِيبَ َ‬
‫ُ‬

‫ت سَ حَابَة ٌ‬‫َش فَسَألَه ُ ع ُم َر ُ ال ُد ّعَاء َ فَد َعَا فَجَاء َ ْ‬ ‫ض مَغ َازِ يه ِ عَط ٌ‬ ‫اس فِي بَعْ ِ‬ ‫ابن مَسْع ُودٍ رضي الل ّٰه عنه ما زلنا أعتزة مُنْذ ُ أَ سَلَم َ ع ُم َر ُ‪ ،‬و َأَ صَابَ َ‬
‫الن ّ َ‬

‫ك لَه ُفِي‬‫الل ّه ُ َ ّم ب َارِ ْ‬


‫ك َ‬ ‫ح و َجْ ه ُ َ‬‫ل ل ِأَ بِي قَتَادَة َ أَ فْل َ َ‬ ‫سق َاء ِ فَسُق ُوا ث َُم ّ َ‬
‫شكَو ْا ِإلَيْه ِ ال ْمَطَر َ فَد َعَا فَص َُحّ وا و َقَا َ‬ ‫جتَه ُ ْم ث َُم ّ أَ قْلَع ْ‬
‫َت وَد َعَا فِي الاسْ ت ِ ْ‬ ‫فَسَقَتْه ُ ْم ح َا َ‬
‫َت لَه ُ س ّ ٌ‬
‫ِن و َفِي رِو َايَة‬ ‫سقَط ْ‬
‫الل ّه فَاك َ فَمَا َ‬
‫ض َ‬ ‫ل ل ِ َلن ّابِغَة ِ ل َا ي َ ْف ُ‬
‫ض ِ‬ ‫سب ْع ِينَ سنة وَك َأَ َن ّه ُ ابن خَم َ‬
‫ْس عَشْرَة َ سَن َة ً‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫شعَرِه ِ و َبَشَرِه ِ فَمَاتَ و َه ُو َ ابن َ‬
‫َ‬

‫الل ّه ُ َ ّم ف َ ّقهْه ُ‬
‫س َ‬ ‫ل أَ كْ ثَر َ من هَذ َا‪ ،‬وَد َعَا لاب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫ن وَم ِائَة ً و َق ِي َ‬
‫اش عِشْر ِي َ‬
‫خر َى و َع َ َ‬ ‫سقَطَتَ لَه ُ س ّ ٌ‬
‫ِن نَبَت َْت لَه ُ ُأ ْ‬ ‫س ثَغْرًا إذ َا َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫فَك َانَ أَ حْ سَ َ‬
‫ي بَعْد ُ ا ْلحـَبْر َ‪.‬‬
‫ل فَسُمّ َ‬ ‫فِي الد ّي ِن و َعَلّم ْه ُ َ‬
‫الت ّأْ وِ ي َ‬
‫شي ْئًا إ َلّا ر َبح َ ف ِيه ِ‪ ،‬وَد َعَا ل ِلم ِ ْقد َادِ ب ِال ْبَرَكَة ِ فَك َان َْت عِنْدَه ُ غرائر‬
‫ص ْفقَة ِ يَمِينِه ِ فَمَا اشْ تَر َى َ‬
‫جعْفَرٍ ب ِال ْبَرَكَة ِ فِي َ‬
‫الل ّه بن َ‬
‫و َتَرْجُمَانَ الْقُر ْآنِ‪ ،‬وَد َعَا لِعَبْدِ َ‬
‫ن‬
‫مِ َ‬
‫كن ْتُ أَ قُوم ُ بالكناسة‬
‫ل فَلَق َ ْد ُ‬
‫ل وَد َعَا بِمِثْلِه ِ ل ِعُرْوَة َ بن أَ بِي الْجَعْدِ فَق َا َ‬
‫ال ْمَا ِ‬
‫__________‬
‫)قوله وقال النابغة( هو الجعدى واسمه قيس بن عبد الل ّٰه وقيل بالعكس‪ ،‬قال الشعر ثم بقى ثلاثين سنة لا يقوله ثم نبغ فيه فسمى النابغة‬
‫)قوله الحـبر( بكسر الحاء المهملة وفتحها أي العالم )قوله ترجمان( بفتح المثناة الفوقية وضمها وضم الجيم وحكى الجوهرى فتح التاء مع‬
‫كن ْتُ أَ ق ُوم ُ بالكناسة( بضم الكاف وتخفيف النون مكان بالـكوفة وأيضا الكناسة القمامة‬
‫فتح الجيم وهو المعبر عن لغة ثانية )قوله فَلَق َ ْد ُ‬
‫الحاصلة من الـكنس )*(‬
‫ت لَه ُ‬ ‫ل ال ْب ُخ َار ُِيّ فِي حَدِيثِه ِ فَك َانَ لَو اشْ تَر َى ال ُت ّر َابَ ر َِبح َ ف ِيه ِ‪ ،‬وَر ُويَ مِث ْ ُ‬
‫ل هَذ َا ل ِغَر ْقَدَة َ أيْضًا و َن َ ّد ْ‬ ‫فَمَا أَ ْرجِـ ُع ح ََت ّى أَ رْبَ ح َ أَ رْبَع ِينَ أَ لْف ًا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ن َاق َة ٌ فَد َعَا فَجَاءه ُ بِهَا ِإ ْعصَار ُ ٍ‬
‫ريح ح ََت ّى ر َدّه َا عَلَيْه ِ‪ ،‬وَد َعَا ل ِ ُأمّ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ ف َأَ سْ لَم َْت‪ ،‬وَد َعَا ل ِعَلِيّ أَ ْن ي ُ ْكفَى الْحَر ّ و َالْق َُر ّ فَك َانَ يلَ ْب َُس فِي الشّتَاء ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫جعْتُ بَعْد ُ وَسَأَ لَه ُال ُ ّ‬
‫طفَي ْل‬ ‫ت فَمَا ُ‬
‫يج ِيعَه َا قَال َ ْ‬ ‫ْف ثيَِاب الشّتَاء وَل َا يُصِ يب ُه ُ حَرّ ٌ وَل َا بَرْد ٌ‪ ،‬وَد َعَا َ‬
‫الل ّه لِف َاطِم َة َ اب ْنَتِه ِ أَ ن ل َا ُ‬ ‫ْف و َفِي َ‬
‫الصّ ي ِ‬ ‫ثيَِابَ َ‬
‫الصّ ي ِ‬
‫سوْطِه ِ فَك َانَ يضئ فِي‬
‫َف َ‬ ‫ح َو ّ َ‬
‫ل ِإلَى طَر ِ‬ ‫َاف أَ ْن يَق ُولُوا مُثْلَة ً فَت َ َ‬
‫َب أَ خ ُ‬
‫ل ي َا ر ّ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م نَو ّ ْر له فسطع له نَو ّ ْر بَيْنَ عَي ْنَي ْه فَق َا َ‬ ‫ل َ‬ ‫بن عَم ْرو آية ً لِقَوْمِه ِ فَق َا َ‬
‫كسْر َى حِينَ م َ َّزقَ ك ِتَابَه ُ أَ ْن‬ ‫الن ّورِ‪ ،‬وَد َعَا عَلَى م ُضَر َ ف َُأقْحِط ُوا ح ََت ّى اسْ تَعْطَفَت ْه ُ ق ُر َي ٌ‬
‫ْش فَد َعَا لَه ُ ْم فَسُق ُوا‪ ،‬وَد َعَا عَلَى ِ‬ ‫الل ّيْلَة ِ ال ْمُظْل ِمَة ِ فَسُمّي ذ َا ُ‬
‫َ‬

‫الل ّه أَ ث َرَه ُ ف َُأق ْعِد َ‪،‬‬ ‫ِس رِي َاسَة ٌ فِي أَ قْطَارِ ال ُد ّن ْيَا و َدعا عَلَى َ‬
‫صب ِ ٍيّ قَطَ َع عَلَيْه ِ َ‬
‫الصّ لَاة أ ْن ي َ ْقطَع َ‬ ‫ِيت لِف َار َ‬
‫ق لَه ُ ب َاق ِية ٌ وَل َا بَق ْ‬
‫الل ّه م ُل ْـك َه ُ فَل َ ْم تَب ْ َ‬
‫يُم َز ّق َ‬

‫ل ب ِ ِشم َالِه ِ ك ُلْ بيمينك‬


‫ل ر َآه ُ ي َأْ ك ُ ُ‬
‫ل ل ِرَج ُ ٍ‬
‫و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله لغرقدة( بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح القاف والدال المهملة )قوله وندت( بفتح النون والدال المشددة المهملة أي‬
‫نفرت )قوله وَد َعَا ل ِ ُأمّ أَ بِي هريرة( قال ابن الأثير وتبعه الذهبي اسمها ميمنة‬
‫وقيل ميمونة )قوله والقر( بالقاف المضمومة والراء المشددة البرد )قوله الطفيل( بضم الطاء المهملة وفتح الفاء هو ابن عمرو الدوسى‬
‫يلقب ذا النور قتل يوم اليمامة‪ ،‬وأصحاب النور أسيد بضم الهمزة بن حضير بضم الحاء المهملة وعباد بن بشر وحمزة بن عمر الأسلمي‬
‫كسْر َى( هو أبرويز بن هرمز‪ ،‬كذا ذكره السهيلي وغيره )قوله وقال لرجل‬
‫وقتادة بن النعمان والطفيل بن عمر الدوسى )قوله وَد َعَا عَلَى ِ‬
‫وآه يأكل بشماله( هو عبد الل ّٰه بن بسر بضم الموحدة وسكون السين المهملة )*(‬
‫سد ُ‪،‬‬
‫ك ف َأكَل َه ُ الْأ َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م سَل ّْط عَلَيْه ِ ك َل ْبًا من كِلَاب ِ َ‬ ‫ل ل ِعُت ْب َة َ ابن أَ بِي لَه َب َ‬
‫فَق َالَ‪ :‬ل َا أَ سْ تَط ِي ُع فَق َالَ‪ :‬ل َا اسْ تَطَعْتَ فَل َ ْم يَرْفَعْه َا ِإلَى ف ِيه ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ْش حين وضعوا‬
‫الل ّه عَن ْه ُ فِي د ُعَائِه ِ عَلَى ق ُر َي ٍ‬
‫الل ّه بن مَسْع ُودٍ رَضِيَ َ‬
‫سد ُ ف َأَ ك َلَه َا‪ ،‬وَحَدِيث ُه ُ ال ْمَشْه ُور ُ من رِو َايَة ِ عَبْدِ َ‬
‫ل لامْرَأة ٍ أَ ك َلَكِ الْأَ ِ‬
‫و َقَا َ‬
‫ج‬
‫يخ ْتَل ِ ُ‬
‫ص وَك َانَ َ‬ ‫َرث و َال َد ّ ِم وَس ََم ّاه ُ ْم و َقَا َ‬
‫ل فَلَق َ ْد ر َأَ يْتُه ُ ْم قُت ِلُوا يَوْم َ ب َ ْدرٍ‪ ،‬وَد َعَا عَلَى الْحَك َم بن أَ بِي الع َا ِ‬ ‫جدٌ م َ َع الْف ِ‬
‫السلا عَلَى ر َقَبَتِه ِ و َه ُو َ سَا ِ‬
‫س َل ّم َ ْ‬
‫أي ل َا‪.‬‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ب ِو َجْ هِه ِ و َيَغْمز ُ عِنْد َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ات‬ ‫محَل ّم ب ْن ج ََث ّام َة َ فَمَاتَ لِسَب ٍْع فَلَفَظَت ْه ُ الْأَ ْر ِ‬


‫ض ث َُم ّ و ُورِيَ فَلَفَظَت ْه ُ م َ َّر ٍ‬ ‫ج ِإلَى أ ْن م َاتَ ‪ ،‬وَد َعَا عَلَى ُ‬
‫يخ ْتَل ِ ُ‬
‫ك كن فلم يزل َ‬
‫ل كَذَل ِ َ‬
‫ف َرَآه ُ فَق َا َ‬

‫الصّ ُ ّد جانب الوادي‬


‫ف َأَ لْق َوه ُ بين صدين ورضموا عَلَيْه ِ ب ِالْ حِجَارة ‪ُ -‬‬
‫__________‬
‫)قوله وقال لعتبة( المشهور أن عُت ْب َة َ بن أَ بِي لهب أسلم يوم الفتح وأخوه معتب ولم يهاجرا من مكة وأن عتيبة بن أبي لهب تصغير عتبة‬
‫هو الذى دعا عليه رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم بأن يسلط الل ّٰه عليه كلبا فأكله الأسد وبعضهم قال إن عتيبة هو الذى أسلم وعتبة هو‬
‫الذى دعا عليه رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وعلى هذا بنى القاضى كلامه )قوله السلا( بفتح المهملة والقصر هو في الهائم كالمثيمة‬
‫لبنى آدم وهى الجلدة الرقيقة التى يكون فيها الولد من المواشى إن شقت عن وجه الفضيل ساعة ولادته يفتح وإلا قتلته وكذلك‬
‫إذا انقطع السلا في البطن فإذا خرج السلا سلمت الناقد وسلم الولد وإن انقطع في بطنها هلـكت وهلك الولد )قوله فلقد رأيتهم( أي‬
‫معظمهم لأن عُت ْب َة َ بن أَ بِي معيط لم يقتل ببدر وإنما حمل منها أسيرا ثم قتل وعمارة بن الوليد هلك على كفره بأرض الحبشة زمن عمر‬
‫مح َل ّم ب ْن ج ََث ّام َة َ( محلم بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد اللام المكسورة وجثامة بفتح الجيم وتشديد المثلثة قال السهيلي مات في‬
‫)قوله ُ‬
‫حمص أيام ابن الزبير )قوله بين صدين( بضم الصاد المهملة وبفتحها وتشديد الدال المهملة أي جبلين )*(‬

‫فصل في كرامته وبركاته وانقلاب الأعيان له فيما لمسه أو باشره صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٢.٤.٢٢‬‬

‫ل‬
‫ل و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ عَلَى َ‬
‫الر ّج ُ ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ ف َر َدّ الْف َر ََس بَعْد ُ َ‬ ‫هي َ التي شَهِد َ ف ِيهَا خُز َيْم َة ُ ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س وَ ِ‬
‫وجحده رجل بيع ف َر ٍ‬

‫اط بِه ِ‪.‬‬


‫ي ر َافِع َة ً ‪ -‬و َهَذ َا ال ْبَابُ أَ كْ ث َر ُ من أ ْن يُح َ ُ‬
‫َت شَاصِي َة ً بِرِجْلِه َا ‪ -‬أَ ْ‬ ‫الل ّه ُ َ ّم ِإ ْن ك َانَ ك َاذِب ًا فَلَا تُبَارِ ْ‬
‫ك لَه ُ ف ِيهَا ف َأصْ بَح ْ‬ ‫َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫فصل في كرامته وبركاته وانقلاب الأعيان لَه ُ ف ِيم َا لمسه أَ ْو باشره صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن و َغَيْرِهِمَا قَالُوا‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫الل ّه ِ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ذ َ ٍرّ ال ْه َرَو ُِيّ ِإج َازَة ً وَح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ سَمَاعًا و َالْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫أَ خْبَر َن َا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬

‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْوَلِيدِ الْق َاض ِي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ذ َ ٍرّ ال ْه َرَو ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُح َم ّدٍ و َأَ بُو ِإ ْسحَاقَ و َأَ بُو ال ْهَي ْث َ ِم قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا الْف َر َبْر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا يَز ِيد ُ ب ْ ُ‬
‫ن‬

‫س َل ّم َ ف َرَسًا‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ال ْمَدِينَة ِ فَزِع ُوا م َ َّرة ً ف َرَكِبَ رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن أَ ه ْ َ‬ ‫زُر َي ٍْع ح َ َ ّدثَنَا سَع ِيدٌ ع َنْ قَتَادَة َ ع َنْ أَ ن َ ِ‬
‫س ب ْ ِن م َال ِكٍ رَضِي َ َ‬
‫بح ْرًا فكان بعدلا يجارى‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬
‫ل وَجَدْن َا ف َر َ َ‬ ‫ط ُأ فَلَم ّا ر َ َ‬
‫ج َع قَا َ‬ ‫ل غَي ْر ُه يُب َ َ ّ‬
‫َاف و َقَا َ‬
‫ِف أَ ْو بِه ِ قِط ٌ‬
‫ل ِأَ بِي طَل ْح َة َ ك َانَ ي َ ْقط ُ‬
‫__________‬
‫ن زُر َي ٍْع( كذا في كثير من النسخ وقد‬
‫)قوله شاصية( بالشين المعجمة والصاد المهملة أي رافعة )قوله ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا يَز ِيد ُ ب ْ ُ‬
‫سقط واحد بين البخاري ويزيد لأن يزيد شيخ شيخ البخاري والسياقط هو عبد الأعلى بن حماد كذا ساقة البخاري في كتاب الجهاد‬
‫ووقع في بعض النسخ )قوله يقطف( بسكون القاف وضم الطاء المهملة أي ينطو في السير وأما يقطف العنب وغيره فبكسر الطاء قاله‬
‫الزمخشري في مقدمته )قوله يبطأ( بضم )*(‬
‫ل الْأَ ْشجَع ِ ِيّ َ‬
‫خفَقَه َا بمِخْ فَقَة ٍ مَع َه ُ و َب َرَك َ‬ ‫س لَجُعَي ْ ٍ‬
‫ك بِف َر َ ٍ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫َط ح ََت ّى ك َانَ م َا يَمْل ِ ُ‬
‫ك زِم َام َه ُ وَصَن َ َع مِث ْ َ‬ ‫ل ج َابِر ٍ وَك َانَ ق َ ْد أَ عْيَا فَنَش َ‬
‫وَنَخ ََس جَم َ َ‬

‫ات‬
‫شع َر َ ٌ‬ ‫عَلَيْهَا فَل َ ْم يَمْلِكْ ر َأْ سَه َا نَش َاطًا و َب َاعَ م ِنْ ب َ ْطنِهَا ب ِاث ْن َ ْي ع َشَر َ أَ لْف ًا وَرَكِبَ حِمَار ًا قَط ُوفًا لِسَعْدِ ب ْ ِن ع ُبَادَة َ ف َر َدّه ُ هِم ْلاج ًا ل َا يُس َاي َر ُ وَك َان َْت َ‬
‫َت‬‫خرَج ْ‬ ‫الل ّه عَنْهَا أ َ ّنهَا أَ ْ‬
‫ِيح ع َنْ أَ سْمَاء َ بِن ْت أَ بِي بَكْر ٍ رَضِيَ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬‫الن ّصْر َ و َفِي َ‬ ‫من شعره فِي قَلَنْس ُوة ِ خ َالِد ِ ب ْ ِن ال ْوَلِيدِ فَل َ ْم يَشْه َ ْد بِهَا ق ِتَال ًا إ َلّا رُزِقَ َ‬
‫خه ِ‬ ‫ن نَغْسِلُه َا لِل ْمَر ْضى يُسْت َشفَى بِهَا وح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ ع َنْ َ‬
‫شي ْ ِ‬ ‫س َل ّم َ يلَ ْب َس ُها فَن َحْ ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت ك َانَ رَسُو ُ‬ ‫ج َُب ّة طَيَالِسَة ٍ و َقَال َ ْ‬

‫س َل ّم َ فَك َُن ّا َ‬ ‫ل كانت عندنا قصة من قِص ِ‬


‫ل ف ِيهَا ال ْمَاء َ لِل ْمَر ْض َى فَيَسْت َشف ُونَ بِهَا و َأَ خَذ َ‬
‫نجْع َ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َاع َ‬ ‫ن قَا َ‬
‫أَ بِي الْق َاس ِ ِم بن ال ْم َأْ م ُو ِ‬
‫ل‬
‫اس بِه ِ ف َأَ خَذ َت ْه ُ ف ِيهَا الْآكِل َة ُ فَقَطَعَه َا وَم َاتَ قَب ْ َ‬ ‫ح َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫جهْج َاه الغْف َار ُِيّ الْق َضِ يبَ من يَدِ عُثْم َانَ رَضِي َ َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ لِي َ ْكسِرَه ُ عَلَى رُكْ بَتَيْه ِ فَصَا َ‬ ‫ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل وَضُوئِه ِ فِي بِئْر ِ قُبَاء ٍ فَمَا ن َز َف َْت بَعْد ُ و َب َز َقَ فِي بِئْرٍ ك َان َْت فِي د َارِ أَ ن َ ٍ‬
‫س فَل َ ْم يَكُنْ ب ِال ْمَدِينَة ِ أعذب‬ ‫ض ِ‬
‫سكَبَ من ف َ َ‬
‫ل وَ َ‬
‫الْحَو ْ ِ‬
‫__________‬
‫أوله وتشديد الطاء المهملة المفتوحة بعدها همزة )قوله فنشط( بكسر الشين المعجمة في الماضي وفتحها في المستقبل )قوله لجعيل( بضم‬
‫الجيم وفتح العين المهملة قوله بمخففة( بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الفاء بعدها قاف هي الدرة التى يضرب بها )قوله هملاجا(‬
‫بكسر الهاء وسكون الميم وفى آخره جيم‪ ،‬في الصحاح الهملاج من البراذين ومشيها الهملجة فارسي معرب )قوله حبة طيالسة( قال‬
‫النووي هو بإضافة جبة إلى طيالسة جمع طيلسان بفتح اللام على الشهور )قوله جهجاه( بجيمين أولاهما‬
‫مفتوحة قال الطبري‪ :‬المحدثون يزيدون في آخره هاء والصواب جهجا بدون هاء في آخره )*(‬
‫ّب فَطَابَ و َ ُأتِي َ بِد َلْوٍ من م َاء زَم َْزم َ فَم ََجّ ف ِيه ِ فَصَار َ‬
‫ل بَلْ هو نعمان وماءه طَي ٌ‬
‫ح فَق َا َ‬
‫ل لَه ُاسْم ُه ُ بَيْسَانُ وماءه م ِل ْ ٌ‬ ‫منها ومر م َاء ٍ فَسَأَ َ‬
‫ل عَن ْه ُ فَق ِي َ‬

‫ن عَطَشًا فَسَك َتاَ وَك َانَ ل ِ ُأمّ م َال ِكٍ ع ُ َك ّة ٌ تُهْدِي ف ِيهَا ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ن و َالْحُسَيْنَ لِسَانَه ُ فَم ََصّ اه ُ وَك َان َا يَبْكِياَ ِ‬
‫ن الْمِسْكِ و َأَ ْعطَى الْحَسَ َ‬
‫أَ طْ يبَ م ِ َ‬

‫ْس عندهم‬ ‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم أن لا نعصرها ث َُم ّ د َف َعَه َا ِإلَيْهَا ف َِإذ َا ِ‬
‫هي َ مَم ْلُوءَة ٌ سَم ْنًا فَي َأْ ت ِيهَا بَن ُوه َا يَسْأَ لُونَهَا الْأَ ْدم َ و َلَي َ‬ ‫س َل ّم َ سَم ْنًا ف َأَ م َره َا َ‬
‫َ‬ ‫وَ َ‬
‫ل وَم ِنْ‬
‫الل ّي ْ ِ‬ ‫ن ال ْم َرَاض ِ‬
‫ِـع فيجزههم رِ يق ُه ُ ِإلَى َ‬ ‫جد ُ ف ِيهَا سَم ْنًا فَك َان َْت تقسيم أ ْدمَهَا ح ََت ّى ع َصَرَتْهَا وَك َانَ يَتْف ُل فِي أَ ف ْواه ِ الصّ ب ْيَا ِ‬
‫شئ فَتَعْمَد ُ ِإلَيْهَا فَت َ ِ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ حين ك َاتَب َه ُ م َوَالِيه ِ عَلَى ثلثمائة وَد َِي ّة ٍ يَغْرِسُه َا لَه ُ ْم ك ُُل ّه َا تَعْل َ ُ‬
‫ق و َتُطْعِم ُ و َعَلَى أربعين‬ ‫ك ب َرَك َة ُ يَدِه ِ ف ِيم َا لَمَسَه ُ وَغ َرَسَه ُ لِسَل ْمَانَ رَضِيَ َ‬
‫ذَل ِ َ‬

‫ك الواحدة فقلعها النبي صَلَ ّى‬ ‫َت ك ُُل ّه َا إ َلّا تِل ْ َ‬


‫س َل ّم َ وَغ َرَسَه َا لَه ُ بيَِدِه ِ إ َلّا و َاحِدة ً غ َرَسَه َا غَي ْرُه ُ ف َأَ خَذ ْ‬ ‫أو قية من ذ َه ٍَب فَق َام َ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ وَغ َرَسَه َا‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫حدَة َ فَق َلَعه َا رَسُو ُ‬‫ل من عَامِه ِ إ َلّا ال ْوَا ِ‬ ‫اب ال ْبَز ّارِ ف َأَ طْ عَم َ َ‬
‫الن ّخْ ُ‬ ‫َت و َفِي ك ِت َ ِ‬ ‫س َل ّم َ وَر َ َدّه َا ف َأَ خَذ ْ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ضة ِ ال َد ّج َاجَة ِ‬
‫ل بَي ْ َ‬
‫فاطمعت من عَامِهَا و َأَ ْعطَاه ُ مِث ْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله يتفل( بكسر الفاء وضمها )قوله أبو قية( بضم الهمزة على المشهور و بحذفها لغة وهى أربعون درهما والنش بفتح النون وسكون‬
‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ قصة سلمان وأن الذى غرس الواحدة عمر وروى البخاري في‬
‫المعجمة عشرون درهما )قوله غرسها عمر( روى أبو عمر اب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ ورواية البخاري؟ أجيب بأن عمر وسلمان اشتركا في غرس‬
‫غير صحيحه أن الذى غبسها سلمان فإن قيل ما الجمع بين رواية اب ْ ُ‬
‫واحدة فأضاف الراوى مرة غرسها لعمر ومرة لسلمان )*(‬
‫سق َانِي‬
‫ل َ‬ ‫من ذ َه ٍَب بَعْد َ أن أدراها عَلَى لِسَانِه ِ ف َوَزَنَ مِنْهَا لِموَالِيه ِ أَ رْبَع ِينَ ُأوق َِي ّة و َبَقِ َي عِنْدَه ُ مِث ْل م َا أَ ْعطَاه ُ ْم و َفِي حَد ِ‬
‫ِيث ح َن َش بن عُقَي ْ ٍ‬
‫جعْتُ وَرِ َ ّيهَا إذ َا عَطِشْتُ و َبَرْد َه َا‬
‫جد ُ شَبَعَه َا إذ َا ُ‬
‫خر َه َا فَمَا ب َرحْ تُ أَ ِ‬ ‫س َل ّم َ شَرْبَة ً من سوِ ي ٍ‬
‫ق ش َربَ أَ ولَهَا و َشَر ِ ب ْتُ آ ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ُ‬

‫ك‬
‫ك من بَيْنَ يَد َي ْ َ‬ ‫ل انْطَلِقْ به فإنه سيضئ ل َ َ‬ ‫ن وَصَلَ ّى مَع َه ُ ال ْعِشَاء َ فِي لَيْلَة ٍ مُظْل ِمَة ٍ مَط ِيرَة ٍ ع ُْرجُون ًا و َقَا َ‬ ‫إذ َا َظمِئ ْتُ و َأَ ْعطَى قَتَادَة َ بن ُ‬
‫الن ّعْم َا ِ‬
‫ق ف َأَ ضَاء َ لَه ُال ْعُرْجُونَ ح ََت ّى دَخ َ َ‬
‫ل بَي ْت َه ُ‬ ‫شيْطَانُ فَانْطَل َ َ‬ ‫ج ف َ َإن ّه ُ ال َ ّ‬ ‫ك فَسَتَر َى سَوَاد ًا فَاضْر ِب ْه ُ ح ََت ّى َ‬
‫يخ ْر ُ َ‬ ‫ك عَشْر ًا ف َِإذ َا دَخ َل ْتَ بَي ْت َ َ‬
‫عَشْر ًا وَم ِنْ خ َلْف ِ َ‬
‫سيْف ُه ُ يَوْم َ ب َ ْد ٍر ف َع َاد َ فِي يده سيفا صار‬
‫ِب بِه ِ حِينَ انْكَسَر َ َ‬
‫ل اضْر ْ‬
‫َب و َقَا َ‬
‫حط ٍ‬
‫جذْل َ‬ ‫سوَاد َ ف َضَر َبَه ُ ح ََت ّى خَر َ َ‬
‫ج وَمِنْهَا د َف ْع ُه ُ ل ِعُك َاشَة َ ِ‬ ‫وَوَجَد َ ال َ ّ‬
‫ل أَ ه ْل الر ّ َدّة ِ وَك َانَ هَذ َا السَي ُ‬
‫ْف‬ ‫ل بِه ِ ث َُم ّ ل َ ْم ي َز َلْ عِنْدَه ُ يَشْه َد بِه ِ ال ْم َوَاق َِف ِإلَى أ ِ‬
‫ن اسْ تُشْهِد َ فِي ق ِتَا ِ‬ ‫شدِيد َ ال ْمَتْنِ فَق َات َ َ‬
‫ْيض َ‬
‫ل الْق َامَة ِ أَ ب َ‬
‫ما َطوِ ي َ‬
‫ل‬
‫سيْف ًا وَمِن ْه ُ ب َرَكَت ُه ُ فِي د ُورِ الشّياه ِ الْحَوائ ِ ِ‬
‫ج َع فِي يَدِه ِ َ‬
‫ل ف َر َ َ‬
‫نخ ْ ٍ‬ ‫ش يَوْم َ ُأحُدٍ و َق َ ْد ذ َه َبَ َ‬
‫سيْف ُه ُ عَسِيبَ َ‬ ‫يُس َ َمّى العَوْنَ وَد َفْع َه ُ لِعَبْدِ َ‬
‫الل ّه ب ْن جَ ح ْ ٍ‬

‫ضع َتِه ِ وَشَارفِه َا وَشَاة عَب ْد الل ّٰه بن مسعود‬ ‫س وَغ َن َ ِم ح َلِيم َة َ م ُْر ِ‬ ‫كق َِصّ ة ِ شَاة ِ ُأمّ مَعْبَدٍ و َأَ ع ْنُز ِ مُع َاو يَة َ ابن ثَو ْ ٍر وَشَاة ِ أَ ن َ ٍ‬ ‫ب َِالل ّبَن ال ْـكَث ِير ِ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله حنش( بحاء مهملة ونون مفتوحتين بعدهما شين معجمة )قوله عرجونا( هو أصل العذق الذى يقطع منه الشماريخ فيمقى على‬
‫النخل يابسا )قوله لعكاشة( بتشديد الكاف وتخفيفها )قوله وشارفها( الشارف بالشين المعجمة والفاء المسنة من النوق وقيل من الإبل‬
‫)*(‬
‫سق َاء م َاء ٍ بَعْد َ أَ ن أَ ْوك َاه ُ وَد َعَا ف ِيه ِ فَلَم ّا حَضَرَتْهُم ُ َ‬
‫الصّ لَاة ُ ن َزَلُوا فَ ُحل ّوه ُ ف َِإذ َا بِه ِ‬ ‫وَك َان َْت ل َ ْم يَن ْز ُ عَلَيْهَا فَح ْ ٌ‬
‫صحَابَه ُ ِ َ‬ ‫ك تزيده أَ ْ‬ ‫ل وَشَاة ِ الْم ِ ْقد َادِ وَم ِنْ ذَل ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫سعْدٍ و َب َر ّك َ فَمَاتَ و َه ُو َ ابن ثَمَانِينَ فَمَا شَابَ وَر ُويَ مِث ْ ُ‬


‫ل هَذِه ِ‬ ‫س ع ُمَيْر ِ بن َ‬
‫ح عَلَى ر َأ ِ‬
‫ّب وَز ُبْدَة ٌ فِي فم َِه ِ من رِو َايَة ِ حَمادِ بن سَلَم َة َ وَمَسَ َ‬
‫ن طَي ٌ‬
‫لبَ َ ٌ‬
‫صصِ‪.‬‬
‫الق ِ َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ل َ‬ ‫ِيب يَغْل ِبُ طِيبَ نِس َائِه ِ ل ِأَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫حدٍ مِنْهُم ُ ال َ ّ‬
‫سائ ِبُ بن يَز ِيد َ وَمَدْلُوك ٌ وَك َانَ يُوجَد ُ ل ِعُت ْب َة َ بن فَر ْقَدٍ ط ٌ‬ ‫ع َنْ غَيْر ِ و َا ِ‬
‫ح عَلَى‬ ‫ح يَوْم َ حُنَيْنٍ وَد َعَا لَه ُفَك َان َْت لَه ُ غ َ ُّرة ٌ كَغ َُر ّة ِ الْف َر َ ِ‬
‫س وَمَسَ َ‬ ‫مسح بديه عَلَى بَطْنِه ِ و َ َظ ْهرِه ِ وسَلَتَ ال َد ّم َ ع َنْ وَجْه عَائِذ بن عَم ْرو وَك َانَ جُر ِ َ‬
‫ت يَدُه ُ‬‫س َل ّم َ وَم َا م َ َّر ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َف َ‬ ‫ك و َه ُو َ ابن م ِائَة ِ سَنَة ٍ وَر َأْ سُه ُ أَ ب ْي َُض وَمَوْضِـ ُع ك ّ‬
‫س قَي ْس بن ز َيْدٍ الْجُذ َا ِميّ وَد َعَا لَه ُ فَه َل َ َ‬
‫ر َأْ ِ‬
‫ح‬
‫ل عَلَى و َجْ هِه ِ نُور ٌ وَمَسَ َ‬ ‫ح وَجْه َ آخر َ فَمَا ز َا َ‬ ‫ل هَذِه ِ الْحِك َايَة ِ ل ِعَمْرو بن ثعلبة الجهى وَمَسَ َ‬ ‫شعْرِه ِ أَ سْ وَد ُ فَك َانَ ي ُ ْدعَى الْأَ غ َ َّر وَر ُويَ مِث ْ ُ‬
‫عَلَيْه ِ من َ‬
‫ح ْذي َ ٍم و َبَر ّك َ عَلَيْه ِ‬
‫حنْظَلَة بن ِ‬
‫س َ‬ ‫ق ح ََت ّى ك َانَ يُنْظَر ُ فِي و َجْ ه ِه كَمَا يُنْظَر ُ فِي الْمِر ْآة ِ وَو َ َ‬
‫ض َع يدَه ُ عَلَى ر َأْ ِ‬ ‫وَجْه َ قَتَادَة َ بن م ِل ْح َانَ فَك َانَ ل ِو َجْ هِه ِ بَر ِي ٌ‬
‫س َل ّم َ فَيَذْه َبُ ال ْوَرَم ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َف َ‬ ‫ض ُع عَلَى مَوْض ِ‬
‫ِـع ك ّ‬ ‫ل ق َ ْد وَرِم َ و َجْ ه ُه ُ و َال َ ّ‬
‫شاة ِ ق َ ْد وَرِم َ ضَرْعُه َا فَي ُو َ‬ ‫حنْظَلَة يُؤ ْتَى ب َ‬
‫ِالر ّج ُ ِ‬ ‫فَك َانَ َ‬

‫ح عَلَى رأس‬ ‫ح فِي وَجْه ِ ز َي ْن َبَ بِن ْت ُأمّ سَلَم َة َ نَضْ ح َة ً من م َاء ٍ فَمَا يُعْر َُف ك َانَ فِي وَجْه ِ امْرَأة ٍ م ِ َ‬
‫ن ا ْلجم ََال م َا بِهَا وَمَسَ َ‬ ‫ض َ‬
‫و َن َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله لم ينز( يقال في الحافر والظلفف والسباع نزا ينزو نزوا ونزوانا )قوله أوكاه( بألف بعد الكاف يقال أوكى يوكى كما يقال أعطى‬
‫يعطى )*(‬

‫فصل )ومن ذلك ما أطلع عليه من الغيوب وما يكون(‬ ‫‪٢.٤.٢٣‬‬

‫ل‬
‫ن والمرضى والمجانين فبرؤا‪ ،‬و َأَ ت َاه ُ رَج ُ ٌ‬
‫ن الصّ ب ْيَا ِ‬
‫حدٍ م ِ َ‬ ‫شع َرُه ُ وَمِثْلُه ُ رُوِيَ فِي خ َبَر ِ ال ْمُه ََل ّ ِ‬
‫ب بن قُبَالَة َوعلى غَيْر ِ و َا ِ‬ ‫صبي بِه ِ عَاه َة ٌ فَبَر َأ و َاسْ ت َو َى َ‬

‫َكّ فِي‬ ‫س َل ّم َ ب ِأَ حَدٍ بِه ِ م ّ ٌ‬


‫َس فَص َ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س ل َ ْم يُؤ ْتَ َ‬ ‫حه َا بِمَاء ٍ من عَيْنٍ َ‬
‫مج ّ ف ِيه ِ فَفَع َ َ‬
‫ل فَبَر َأَ * وَع َنْ طَاو ُ ٍ‬ ‫بِه ِ ُأ ْدرَة ٌ ف َأَ م َرَه ُ أ ْن يَن ْ َ‬
‫ض َ‬

‫ص ْدرِه ِ إ َلّا ذ َه َبَ ال ْم ُ َّس‬


‫َ‬
‫َاب يَوْم َ حُنَيْنِ وَرَم َى بِهَا فِي وُجُوه ِ ال ْـكُ َ ّفارِ و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫ح مِنْهَا رِيح ُ الْمِسْك‪ ،‬وأخذا قَبْضَة ً من ت ُر ٍ‬ ‫مج ّ فِي دلْوٍ من بِئْرٍ ث َُم ّ ص َ ّ‬
‫َب ف ِيهَا فَف َا َ‬ ‫الْجن ُ ُونُ‪ ،‬و َ َ‬
‫ف بيَِدِه ِ ف ِيه ِ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ النِّسْيَانَ ف َأَ م َرَه ُ بِبَسْطِ ثَو ْبِه ِ وَغ َرَ َ‬
‫شك َا إليْه ِ أَ بُو ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫شَاهت ال ْوُجُوه ُ فَان ْصَر َف ُوا يَمْسَحُونَ الْق َذى ع َنْ أَ عْيُنِهِمْ‪ ،‬و َ َ‬
‫ص ْدر َ جَر ِير ِ ب ْ ِن عبد الل ّٰه وَد َعَا لَه ُ وَك َانَ ذكر لَه ُ أَ َن ّه ُ ل َا يَث ْب ُتُ عَلَى‬
‫شي ْئًا بَعْد ُ‪ ،‬وَم َا يُرْو َى فِي هَذ َا كَث ِير ٌ و َضَر َبَ َ‬ ‫ل فَمَا نَسِيَ َ‬ ‫ث َُم ّ أَ م َرَه ُ ب ِ َ‬
‫ضمِّه ِ فَفَع َ َ‬
‫اب و َه ُو َ صَغ ِير ٌ وك َانَ دَم ِيم ًا وَد َعَا له بالبركة فَف َرَعَ‬
‫ط ِ‬‫ن ب ْ ِن ز َيْدِ ب ْ ِن الْخ َ ّ‬ ‫س عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ح ر َأْ َ‬
‫س الْع َر َِب و َأَ ث ْبَتِهِمْ‪ ،‬وَمَسَ َ‬
‫ل فَصَار َ م ِنْ أَ ف ْر َ ِ‬
‫الْخيَ ْ ِ‬
‫ل طُول ًا و َتَمَام ًا‬ ‫َ‬
‫الر ّج َا َ‬
‫َف غمره وهذه‬ ‫بح ْر ٌ ل َا ي ُ ْدرَك ُ قَعْرُه ُ وَل َا يُنْز ُ‬
‫اب َ‬
‫ن الغيوب وَم َا يكون( و َالْأَ ح َادِيثُ فِي هَذ َا ال ْب َ ِ‬
‫ك م َا اطلع عَلَيْه ِ م ِ َ‬
‫فصل )وَم ِنْ ذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫ص ْدرِه ِ( أي‬ ‫)قوله أدرة( بضم الهمزة وسكون الدال المهملة هي نفخة في الخصية يقال رجل آدر بفتح الهمزة والدال )قوله فَص َ‬
‫َكّ فِي َ‬
‫ضرب )قوله قبضة( بضم القاف تراب مقبوض )قوله القذا( بفتح القاف والذال المعجمة والقصر هو ما يسقط في العين )قوله دميما(‬
‫بالدال المهملة أي قبيحا )قوله ففرع( بالفاء والراء والعين المهملة أي طال )*(‬
‫ْب *‬ ‫ق م َع َان ِيهَا عَلَى الاطّ ِ‬
‫لاع عَلَى الْغَي ِ‬ ‫ل إلينا خ َب َر ُه َا عَلَى َ‬
‫الت ّوَاتُر ِ لـِكثْرَة ِ رُو َاتِهَا واتّف َا ِ‬ ‫ال ْمُعْجِزَة ُ من جُم ْلَة ِ مُعْجزَاتِه ِ ال ْمَعْلُومَة ِ عَلَى الْقَط ِْع ال ْوَا ِ‬
‫ص ِ‬
‫الت ّسْتَر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ُم َر َ الهاشمي حدثنا‬
‫ل أَ بُو بَكْر ٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ُ‬
‫ن ال ْوَلِيدِ الْف ِ ْهر ُِيّ ِإج َازَة ً و َق َرَأتُه ُ عَلَى غَيْرِه ِ قَا َ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا ال ِْإم َام ُ أَ بُو بَكْر ٍ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬

‫ش ع َنْ‬ ‫شي ْب َة َ ح َ َ ّدثَنَا جَر ِير ٌ ع َ ِ‬


‫ن الْأَ عْم َ ِ‬ ‫اللؤلؤي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا عُثْم َانُ ب ْ ُ‬
‫ن أَ بِي َ‬
‫ساعَة ِ ِإ َلّا ح َ َ ّدثَه ُ‬
‫ك ِإلَى ق ِيَا ِم ال َ ّ‬ ‫س َل ّم َ مَق َام ًا فَمَا ت َرَك َ َ‬
‫شي ْئًا يَكُونُ فِي مَق َامِه ِ ذَل ِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل قَام َ ف ِينَا رَسُو ُ‬
‫ل ع َنْ حُذ َيْف َة َ قَا َ‬
‫أَ بِي و َائ ِ ٍ‬
‫ل وَجْه َ َ‬
‫الر ّج ُل إذ َا غَابَ‬ ‫صحَابِي هَؤْل َاء ِ و ََإن ّه ُ ليَكُونُ منه الشئ ف َأَ ْعر ِف ُه ُ ف َأَ ْذك ُرُه ُ كَمَا ي َ ْذك ُر ُ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫حفِظَه ُ و َنَسِي َه ُ م َنْ نَسِي َه ُ ق َ ْد عَل ِم َه ُ أَ ْ‬
‫حفِظَه ُ م َنْ َ‬
‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٥٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ م ِنْ قَائِدِ فِت ْنَة ٍ ِإلَى‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سوْه ُ و ََالل ّه ِ م َا ت َرَك َ رَسُو ُ‬
‫صحَابِي أَ ْم تَنَا َ‬ ‫عَن ْه ُ ث َُم ّ ِإذ َا ر َآه ُ ع َرَف َه ُ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل حُذ َيْف َة ُ م َا أَ ْدرِي أَ نَسي َ أَ ْ‬

‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫أَ ْن تَنْقَض ِي ال ُد ّن ْيَا يَب ْل ُ ُغ م َنْ مَع َه ُ ثلاثمائة فَصَاعِدًا ِإلا ق َ ْد س ََم ّاه ُ لَنَا ب ِاسْمِه ِ و َاس ْ ِم أَ بيِه ِ و َقَب ِيلَتِه ِ و َقَا َ‬
‫ل أَ بُو ذ َ ٍرّ لَق َ ْد ت َرَك َناَ رَسُو ُ‬

‫صحَابَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم عليه‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح و َالْأَ ئ َِم ّة ُ م َا أَ ع ْلَم َ بِه ِ أَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سم َاء ِ ِإ َلّا ذ َك ّر َن َا مِن ْه ُ ع ِل ْمًا و َق َ ْد خ َرّ َ‬
‫ج أَ ه ْ ُ‬ ‫حيْه ِ فِي ال َ ّ‬
‫س َل ّم َ وَم َا يُح َرِ ّك ُ طَائِر ٌ جَنَا َ‬
‫وَ َ‬

‫ن ا ْلحـ ِيرَة ِ ِإلَى‬ ‫ن ح ََت ّى ت َ ْظع َ َ‬


‫ن ال ْمَر ْأَ ة ُ م ِ َ‬ ‫ظه ُورِ الْأَ ْم ِ‬
‫ق وَ ُ‬ ‫ن و َال َ ّ‬
‫شا ِم و َال ْع ِرَا ِ‬ ‫س و َالْيم َ َ ِ‬ ‫ظه ُورِ عَلَى أَ عْد َائِه ِ و َفَت ِْح م َ َك ّة َ و َبَي ِ‬
‫ْت ال ْم َ ْقدِ ِ‬ ‫ن ال ُ ّ‬
‫م َِم ّا و َعَد َه ُ ْم بِه ِ م ِ َ‬
‫اف إ َلّا َ‬
‫الل ّه‬ ‫م َ َك ّة َ ل َا تَخ َ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله جرير( بفتح الجيم وكسر الراء )قوله من الحـيرة( بكسر الحاء المهملة مدينة معروفة عند الـكوفة وأخرى عند نيسابور )*(‬

‫كسْر َى‬
‫سمَتِه ِ ْم كُن ُوز َ ِ‬ ‫الل ّه عَلَى ُأ َمّتِه ِ م ِ َ‬
‫ن ال ُد ّن ْيَا ومؤمنون م ِنْ زه ْرَتِهَا و َق ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫خي ْب َر ُ عَلَى يَد َْي عَل ِ ٍيّ فِي غَدِ يَوْمِه ِ وَم َا يَفْت َ ُ‬
‫ح َ‬ ‫و َأَ َ ّ‬
‫ن ال ْمَدِينة َ سَتُغْز َى و َتُفْت َ ُ‬

‫سب ْع ِينَ فر ْق َة ً َ‬
‫الن ّاجِي َة ُ مِنْهَا فِر ْق َة ٌ‬ ‫اث و َ َ‬
‫ل من قبلهم افتراقهم عَلَى ثَل َ ٍ‬ ‫اف و َالْأَ ه ْوَاء ِ وَسُلُو ِ‬
‫ك سَب ِي ِ‬ ‫ن و َالْاخْ ت ِل َ ِ‬
‫ن الْف ُت ُو ِ‬
‫يحْد ُثُ بَيْنَه ُ ْم م ِ َ‬
‫و َقَي ْصَر َ وَم َا َ‬

‫ض ُع بَيْنَ يَد َيْه ِ صَ حْف َة ٌ و َتُرْف َ ُع ُأ ْ‬


‫خر َى و َيَسْت ُر ُونَ بُي ُوتَه ُ ْم كَمَا تُسْت َر ُ‬ ‫ح فِي ُأ ْ‬
‫خر َى و َتُو َ‬ ‫اط و َيَغْد ُو أَ حَد ُه ُ ْم فِي حُلَ ّة ٍ و َي َر ُو ُ‬
‫و َاحِدة ٌ و َأ َ ّنهَا سَتَكُونُ لَه ُ ْم أَ نْم َ ٌ‬
‫ِيث و َأَ ن ْتُم ُ ال ْيَوْم َ خَيْر ٌ مِنْك ُ ْم يَوْم َئِذٍ و َأَ َ ّنه ُ ْم ِإذ َا مَشَوُا‬
‫خر َ الْحَد ِ‬ ‫كعْب َة ث َُم ّ قَا َ‬
‫لآ ِ‬ ‫ال ْـ َ‬

‫كسْر َى‬
‫َاب ِ‬ ‫ط شِر َار َه ُ ْم عَلَى خِيَارِه ِ ْم و َق ِتَالِهِم ُ ال ُت ّرْك َ و َالْخَزَر َ ُ‬
‫والر ّوم َ وَذ َه ِ‬ ‫الل ّه ُ ب َأْ سَه ُ ْم بَيْنَه ُ ْم وَس ََل ّ َ‬ ‫ِس و ُ‬
‫َالر ّو ِم ر َ َدّ َ‬ ‫ال ْمُطَيْطَاء َ وَخَدَمَتْه ُ ْم بَنَاتُ فَار َ‬
‫خر ِ ال َد ّهْرِ و َبِذ َه ِ‬
‫َاب‬ ‫ن ُ‬
‫الر ّوم َ ذ َاتُ القرون ِإلَى آ ِ‬ ‫َاب قَي ْصَر َ ح ََت ّى لا قَي ْصَر َ بَعْدَه ُ وَذَك َر َ أَ َ ّ‬
‫ِس بَعْدَه ُ وَذ َه ِ‬ ‫ِس ح ََت ّى ل َا ِ‬
‫كسْر َى وَل َا فَار َ‬ ‫و َفَار َ‬
‫ل لِلْع َر َِب م ِنْ شَرٍّ قَدِ اق ْتَر َبَ ( و ََأن ّه ُ زُوِي َْت لَه ُ‬
‫ل )و َي ْ ٌ‬
‫ظه ُورِ الْف ِتَنِ و َال ْهَر ِْج‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ض ال ْعِلْم ِ و َ ُ‬
‫ن و َقَب ْ ِ‬ ‫ُب َ‬
‫الز ّم َا ِ‬ ‫س و َتَق َار ِ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل مِ َ‬
‫ل فَالْأَ مْث َ ِ‬
‫الْأَ مْث َ ِ‬

‫ْض ف َُأرِيَ مشارفها ومغاربها وسيبلغ *‬ ‫الْأَ ر ُ‬


‫__________‬
‫)قوله و َأَ َ ّ‬
‫ن ال ْمَدِينة َ سَتُغْز َى( بالغين المعجمة والزاى‪ ،‬قال المزى إن الرواية في الحديث بضم الفوقية وبالعين المهملة والراء )قوله أنماط(‬
‫بفتح الهمزة وسكون النون جمع نمط بفتح النون والميم وهو ضرب من البسط )قوله المطيطا( بضم الميم وفتح الطاء المهملة وبعدها مثناة‬
‫تحتية ساكنة وطاء مهملة قال ابن الأثير يمد و يقصر‪ :‬مشية فيها تبختر ومد اليدين )قوله والخزر( بفتح الخاء المعجمة والزاى وبعدها راء‪:‬‬
‫جنس من الناس )قوله والهرج( بفتح الهاء وسكون الراء بعدها جيم‪ :‬القتل )قوله زويت( أي ضمت وجمعت )‪(*) (١ - ٢٢‬‬

‫حي ْثُ ل َا عِمَارَة َ‬


‫ق ِإلَى نحر َطن ْج َة َ َ‬
‫ض ال ْهِنْدِ أَ ق ْص َى ال ْمَشْرِ ِ‬
‫ِب م َا بَيْنَ أَ ْر ِ‬
‫ق و َال ْم َغ َار ِ‬ ‫ك ُأ َمّتِه ِ م َا زُوِيَ لَه ُ مِنْهَا ولذلك ك َانَ امْت َ ّد ْ‬
‫ت فِي المَشَارِ ِ‬ ‫مُل ْ ُ‬
‫ن عَلَى الْحَقّ ِ‬
‫ل أهل الغرب ظَاهِرِي َ‬
‫ك )و َقَو ْلُه ُ( ل َا ي َز َا ُ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ُوب وَل َا فِي ال َ ّ‬
‫شم َال مِث ْ َ‬ ‫ك م َا ل َ ْم تَمْل ِـكْه ُ ُأ َمّة ٌ م ِ َ‬
‫ن ال ُأم َم و َل َ ْم تَم ْت َ ّد فِي الْجنَ ِ‬ ‫وَر َاءَه ُ وَذَل ِ َ‬
‫ِب‬ ‫هي َ ال َد ّل ْو ُ و َغَي ْرُه ُ يَذْه َبُ ِإلَى أَ َ ّنه ُ ْم أَ ه ْ ُ‬
‫ل ال ْمَغْر ِ‬ ‫ْب و َ ِ‬ ‫ن المَدِينِي ِإلَى أَ َ ّنهُم ُ الْع َر َبُ ل ِأَ َ ّنهُم ُ ال ْم ُخْ ت َُصّ ونَ ب ِال َ ّ‬
‫سقْي ب ِال ْغَر ِ‬ ‫ح ََت ّى تَق ُوم َ ال َ ّ‬
‫ساع َة ُ ذ َه َبَ اب ْ ُ‬

‫ن‬ ‫ِيث بِمَعْنَاه ُ * و َفِي حَدِيث آخر َ من رِو َايَة ِ أَ بِي ُأم َام َة َ )ل َا ت َز َا ُ‬
‫ل طَائِف َة ٌ م ِنْ أمتى ظاهر بن عَلَى الْحَقّ ِ قَاهِرِي َ‬ ‫و َق َ ْد وَرَد َ ال ْمَغْرِبَ كَذ َا فِي الْحَد ِ‬
‫الل ّه ِ و َه ُ ْم‬
‫لِعَد ُ ّوِه ِ ْم ح ََت ّى ي َأْ تِيَه ُ ْم أَ مْرُ َ‬
‫الل ّه دُوَل ًا‪،‬‬
‫ل َ‬ ‫صاه ُ‪ ،‬و َاتّ خَاذِ بَنِي ُأم ََي ّة َ م َا َ‬ ‫ْت ال ْم َ ْقدِسِ( و َأَ خْبَر َ بِملُ ْكِ بَنِي ُأ َ‬
‫مي ّة َ وَوِلايَة ِ مُع َاوِ يَة َ وَو َ َ ّ‬ ‫ل بِبَي ِ‬ ‫الل ّه ِ و َأَ ي ْ َ‬
‫ن هُمْ؟ قَا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ي َا رَسُو َ‬
‫كَذَلِكَ‪ ،‬ق ِي َ‬
‫ل بَي ْتِه ِ و َتَقْت ِيلِه ِ ْم و َتَشْر ِيدِه ِ ْم و َقَت ْل عَل ِ ٍيّ‬
‫ل أَ ه ْ ُ‬
‫ُوج ال ْم َ ْهدِيّ وَم َا يَنَا ُ‬
‫َاف م َا م َلـَكُوا وَخُر ِ‬ ‫َات ال ُ ّ‬
‫سودِ وَم ُل ْـكُه ْم أَ ضْ ع َ‬ ‫سب َ‬
‫ِالر ّاي ِ‬ ‫وَخُر ُوج وَلَد ِ الْع ََب ّا ِ‬

‫ل أو لياؤه *‬ ‫سه ِ و ََأن ّه ُ قَسِيم ُ َ‬


‫الن ّارِ ي َ ْدخ ُ ُ‬ ‫ي لِ حْيت َه ُ من ر َأ ِ‬ ‫ن أَ شْ ق َاه َا ال َ ّذ ِي َ‬
‫يخ ْضِ بُ هَذِه ِ من هَذِه ِ أَ ْ‬ ‫و َأَ َ ّ‬
‫__________‬
‫قوله طنجة( بفتح الطاء المهملة وسكون النون بعدها جيم )قوله ابن المدينى( قال ابن الأثير‪ :‬المدينى نسبة إلى المدينة المشرفة وأصله منها‬
‫الر ّسُول صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ثم انتقل إلى البصرة وقال إن الأكثر فيما ينسب إلى المدينة مدنى‪ ،‬وفى الصحاح المدنى نسبة إلى مَدِين َة َ‬
‫والمديني نسبة إلى المدينة التى بناها المنصور )قولا دولا( بضم الدال المهملة وفتح الواو جمع دولة بضم الدال وسكون الواو ما يتدأل‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫من المال )قوله وأن أشقاها( هو ابن ملجم ‪ -‬بضم الميم وسكون اللام وكسر الجيم ‪ -‬كذا ضبطه النووي في التهذيب )*(‬

‫ل عُثْم َانُ و َه ُو َ يَقْر َُأ‬ ‫ك َ ّفر ُوه ُ و َقَا َ‬


‫ل يُقْت َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّو َاف ِ ِ‬ ‫َالن ّاصِب َة ُ وَطَائِف َة ٌ م َِم ّنْ يُنْسَبُ إليْه ِ م ِ َ‬
‫جو َ‬ ‫الْجَنة َ و َأَ عْد َاؤُه ُ َ‬
‫الن ّار َ فَك َانَ ف ِيم َنْ عَاد َاه ُ الْخَوَارِ ُ‬
‫الل ّه ع َس َى أَ ْن يلُ ْبِسَه ُ قمَ ِيصً ا و َأَ َ ّنه ُ ْم يُر ِيد ُونَ خ َلْع َه ُ و ََأن ّه ُ سَي َ ْقط ُر ُ دَم ُه ُ عَلَى قَو ْلِه ِ تَع َالَى )فسيكفيكهم الل ّٰه( و َأَ َ ّ‬
‫ن الْف ِتَنَ ل َا تظهر‬ ‫ن َ‬ ‫َف و َأَ َ ّ‬ ‫ال ْم ُصْ ح َ‬
‫َت‬
‫َت فَنَبَح ْ‬
‫حو ْلَهَا قَتْلَى كَث ِيرة ٌ و َتَنْجُو بَعْد َ م َا ك َاد ْ‬ ‫جه ِ و ََأن ّه ُ يُقْت َ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ض أَ ْزو َا ِ‬
‫ب عَلَى بَعْ ِ‬ ‫اب الْحَو ْأَ ِ‬
‫اح كِل َ ِ‬ ‫الز ّبَيْر ِ لِعَلِيّ و َبِنُب َ ِ‬
‫مادام ع ُم َر ُ ح ًَي ّا و َبِمُح َاربَة ُ‬
‫ٍ‬

‫ل‬
‫ك وَو َي ْ ٌ‬ ‫ل ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س مِن ْ َ‬ ‫الل ّه بن ُ‬
‫الز ّبَيْر ِ و َي ْ ٌ‬ ‫ل ل ِعَبْدِ َ‬
‫صحَابُ م ُع َاوِ يَة َ و َقَا َ‬ ‫عَلَى عَائِش َة َ عِنْد َ خُر ُوجه َا ِإلَى ال ْبَصْرَة ِ و َأَ َ ّ‬
‫ن ع َم ّار ًا تَقْتلُُه ُ الْف ِئ َة ُ ال ْبَاغِي َة ُ فَق َتَلَه ُ أَ ْ‬
‫ل َ‬
‫الن ّارِ‬ ‫ل فِي قُزْم َانَ و َق َ ْد أَ بْلَى م َ َع ال ْمُسْل ِمِينَ َأن ّه ُ من أَ ه ْ ِ‬
‫س و َقَا َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ك مِ َ‬
‫لَ َ‬
‫ض فَك َانَ سَم ُرَة ُ‬
‫ل ع َنْ بَعْ ٍ‬ ‫خر ُك ُ ْم مَو ْت ًا فِي َ‬
‫الن ّارِ فَك َانَ بَعْضُه ُ ْم يَسْأ ُ‬ ‫َب وَحُذ َيْف َة ُ آ ِ‬
‫جنْد ٍ‬
‫ل فِي جَمَاعَة ٍ ف ِيه ِ ْم أَ بُو ه ُر َي ْرَة َ وَسَم ُرَة ُ بن ُ‬
‫ل ن َ ْفسَه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫فَق َت َ َ‬
‫سِلُه ُ( فَسَأَ لُوه َا‬
‫ل )سَلُوا ز َ ْوجَت َه ُ عنه فابى ر َأَ ي ْتُ ال ْمَلَائِك َة َ تُغ َ ّ‬
‫حنْظَلَة َ ال ْغَسِي ِ‬ ‫خر َه ُ ْم مَو ْت ًا هَرِم َ وخرف فاصطفى ب َِالن ّارِ فَاحْتَر َقَ ف ِيهَا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل فِي َ‬ ‫آ ِ‬
‫ْش و َلَنْ‬
‫ل )الخ ِلَاف َة ُ فِي ق ُر َي ٍ‬
‫ل أَ بُو سَع ِيدٍ رضي الل ّٰه عنه ووجدنا ر َأْ سَه ُ ي َ ْقط ُر ُ م َاءً‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل قَا َ‬
‫س ِ‬
‫ن ال ْغ ُ ْ‬
‫ل عَ ِ‬ ‫ت َإن ّه ُ خَر َ َ‬
‫ج جُنُبًا و َأَ عْجلََه ُ الْحا َ ُ‬ ‫فَق َال َ ْ‬
‫ل هذا الأمر‬ ‫ي َز َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله والناصبة( بالنون والصاد المهملة بعدها موحدة‪ :‬طائفة يتعبدون ببغض علي رضي الل ّٰه عنه )قوله ونباح( بضم النون صوت الكلب‬
‫)قوله الحوأب( بفتح الحاء المهملة وسكون الواو بعدها همزة مفتوحة فموحدة قال ابن الأثير منزل بين البصرة ومكة‪ ،‬وفى الصحاح ماء‬
‫من مياه العرب على طر يق البصرة )قوله قزمان( بالقاف المضمومة والزاى الساكنة‪ :‬هو الذى قاتل في وقعة أحد قتالا شديدا ثم قتل‬
‫نفسه )*(‬
‫ن فَاطِم َة َ أَ َ ّول أَ ه ْلِه ِ‬
‫الل ّه‪ ،‬و َأَ َ ّ‬
‫ج و َال ْم ُخْ تَار ُ‪ ،‬و َأَ ن مُسَي ْل ِم َة َ يَعْق ِرُه ُ َ‬ ‫ِيف ك َ َذّ ٌ‬
‫اب وَم ُب ِير ٌ ف َرأَ َ وْهُمَا الْ حجَ ّا ُ‬ ‫ن )و َقَالَ( يَكُون فِي ثَق ٍ‬
‫ْش م َا أفاموا الد ِّي َ‬
‫فِي ق ُر َي ٍ‬
‫ن هَذ َا لأم ٌْر بَد َأ نُب ُ َو ّة ً‬
‫ل إ َّ‬‫ن بن عَلِيّ )و َقَا َ‬ ‫ك بِم ُ َ ّدة ِ الْحَسَ ِ‬
‫ن الْخ ِلَاف َة َ بَعْدَه ُ ثَلَاثُونَ سَن َة ً ث َُم ّ تَكُونُ م ُلْك ًا فَك َان َْت كَذَل ِ َ‬
‫لُحُوقًا بِه ِ‪ ،‬و َأَ نْذَر َ ب ِالر ّ َدّة ِ و َب ِأَ َ ّ‬

‫ْس الْق ُرَنِي و َب ُِأم َرَاء‬ ‫ن ُأو َي ٍ‬‫وَرَحْم َة ً ث َُم ّ يَكُونُ رَحْم َة ً وَخِلَاف َة ً ث َُم ّ يَكُونُ م ُلْك ًا عَضُوضًا ث َُم ّ يَكُونُ ع ُت ًُو ّا وَج َبر ُوت ًا و َفَسَاد ًا فِي ا ْل ُأ َمّة ِ( و َأَ خْب َر بِش َأْ ِ‬
‫ِيث آخَر َ ثَلَاثُونَ د َ َجّال ًا ك َ َذّاب ًا أَ حَد ُه ُم ال َد ّ َجّا ُ‬
‫ل‬ ‫الصّ لَاة َ ع َنْ و َقْتِهَا وَسَيَكُونُ فِي أ َمّت َه ُ ثَلَاثُونَ ك َ َذّاب ًا ف ِيه ِ ْم أَ رْب َ ُع نِسْوَة ٍ‪ ،‬و َفِي حَد ٍ‬ ‫خر ُونَ َ‬ ‫يُؤ َ ّ‬

‫ك‬
‫ش ُ‬
‫ل )يُو ِ‬ ‫ال ْـك َ َذّابُ ك ُُل ّه ُ ْم يَكْذِبُ عَلَى َ‬
‫الل ّه وَرَسُولِه ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله كذاب ومبير( بضم الميم وكسر الموحدة وفى آخره راء‪ :‬من أبار أي أهلك‬
‫وفى جامع الترمذي و يقال الـكذاب المختار بن أبى عبيد والمبير الحجاج ابن يوسف ثم أسند إلى هاشم بن حسان قال أحصوا من قتل‬
‫الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل‪ ،‬وشرح مسلم اتفق العلماء على المراد بالـكذاب المختار بن أبى عبيد وبالمبير الحجاج بن‬
‫يوسف انتهى‪ ،‬وكان المختار واليا على الـكوفة وكان يلقب بكسيان وإليه نسب الـكيسانية وكان خارجيا ثم صار زيديا ثم صار شيعيا وكان‬
‫يدعو إلى محمد بن الحنفية ومحمد يبرأ منه وكان أرسل ابن الأشتر بعسكر إلى ابن ز ياد وقاتل الحسين وقتله وقتل ك ُ َ ّ‬
‫ل من ك َان في قتل‬
‫الحسين ممن قدر عليه ولما ولى مصعب بن الزبير على البصرة من جهة عبد الل ّٰه بن الزبير قاتل المختار بن عبيد وقتله )قوله ملكا عضوضا(‬
‫الملك بضم الميم والعضوض بفتح العين المهملة وبالضاد المعجمة قال ابن الأثير أي يصيب الرعية منه عسف وظلم حتى كأنهم يعضون‬
‫منه عضا )قوله عتوا( بضم العين المهملة وتشديد الواو )قوله جبروت( بفتح الجيم والموحدة )*(‬
‫ل م ِنْ قَحْطَانَ )و َقَالَ( خَي ْر ُك ُ ْم‬
‫اس بِعَصَاه ُ رَج ُ ٌ‬ ‫ساع َة ُ ح ََت ّى يَس ُوقَ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫جم ُ ي َأْ ك ُلُونَ فَي ْئَك ُ ْم و َيَضْر ِبُونَ رِقَابَك ُ ْم وَل َا تَق ُوم ُ ال َ ّ‬
‫أَ ْن يَكْثُر َ ف ِيكُم ُ الْع َ َ‬
‫ن يَلُونَه ُ ْم ث َُم ّ الذى يَلُونَه ُ ْم ث َُم ّ ي َأْ تِي بَعْد َ ذَل ِ َ‬
‫ك قَوْم ٌ يشهون وَل َا يُسْتَشْهَد ُونَ و َيَخ ُونُونَ وَل َا يُؤ ْتَمَن ُونَ و َينْذِر ُونَ وَل َا يُوف ُونَ و َي َ ْظه َر ُ‬ ‫قَرْنِي ث َُم ّ ال َ ّذ ِي َ‬

‫ل أَ بُو ه ُر َي ْرَة َ ر َاوِ يه ِ لَو ْ‬ ‫ن ِإ َلّا و َال َ ّذ ِي بَعْدَه ُ شَرّ ٌ مِن ْه ُ )و َقَالَ( ه َلَاك ُ ُأ َمّتِي عَلَى يَد َْي ُأغَي ْل ِمَة ٍ م ِنْ ق ُر َي ٍ‬
‫ْش و َقَا َ‬ ‫ن )و َقَالَ( ل َا ي َأْ تِي زَم َا ٌ‬ ‫ف ِيهِم ُ ال َ ّ‬
‫سم َ ُ‬

‫خر ِ هَذِه ِ ا ْل ُأ َمّة ِ أَ َ ّولَهَا و َقِلَ ّة ِ الْأَ نْصَارِ ح ََت ّى يَكُونُوا ك َالْمل ِ ِْح فِي‬
‫َب آ ِ‬ ‫شِئ ْتُ س ََم ّيْتُه ُ ْم لـَك ُ ْم بَن ُو فُلَا ٍ‬
‫ن و َبَن ُو فلان وأخبر بظهور القدر ية والرافصة وَس ِّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ج ال َ ّذ ِي ف ِيه ِ ْم‬‫صفَتِه ِ ْم و َال ْم ُخ َ َ ّد ِ‬ ‫ق لَه ُ ْم جَمَاع َة ٌ‪ ،‬و َأَ َ ّنه ُ ْم سَيَلْقَوْنَ بَعْدَه ُ أَ ث َرَة ً‪ ،‬و َأَ خْبَر َ بِش َأْ ن الْخَوَار ِ‬
‫ِج و َ ِ‬ ‫طع َا ِم فَل َ ْم ي َز َلْ أَ مْرُه ُ ْم يَتَب َ ّدد ُ ح ََت ّى ل َ ْم يَب ْ َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫ق و َت َر َى‬ ‫ن سِيم َاهُم ُ َ‬
‫الت ّحْلِي َ‬ ‫و َأَ َ ّ‬
‫__________‬
‫اس بِعَصَاه ُ‬ ‫)قوله يأكلون( بمثناة تحتية فهمزة ساكنة )قوله فيئكم( بفاء مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فهمزة مفتوحة )قوله ح ََت ّى يَس ُوقَ َ‬
‫الن ّ َ‬
‫ل م ِنْ قَحْطَانَ( قال القرطبى في التذكرة لعله الجهجاه )قوله يشهدون( قيل معناه يشهدون الزور وقيل يحلفون‪ ،‬واليمين تسمى شهادة‪،‬‬
‫رَج ُ ٌ‬
‫ن ِإ َلّا و َال َ ّذ ِي بَعْدَه ُ شَرّ ٌ منه( قيل للحسن ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد‬
‫وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )فشهادة أحدهم( )قوله ل َا ي َأْ تِي زَم َا ٌ‬
‫زمان الحجاج‪ :‬فقال لا بد للناس من تنفيس يعنى أن الل ّٰه تعالى ينفس عن عباده وقتا ما و يكشف العلاء فيه عنهم )قوله لَو ْ شِئ ْتُ‬
‫س ََم ّيْتُهُمْ( قال القرطبى‪ :‬منهم والل ّٰه أعلم يزيد بن معاو ية وعبيد الل ّٰه ابن ز ياد ومن جرى مجراهم من أحداث ملوك بنى أمية )قوله أثرة(‬
‫بضم الهمزة وإسكان المثلثة وبفتحهما‪ ،‬قال اليعمرى في سيرته كانت هذه الأثرة زمن معاو ية )قوله والمخدج( بضم الميم وسكون الخاء‬
‫المعجمة بعدها دال مهملة وجيم أي الناقص وكان ناقص اليد )*(‬
‫حز َابَ ل َا يَغْز ُونَه ُ أَ بَد ًا و ََأن ّه ُ ه ُو َ يَغْز ُوهُمْ‪،‬‬ ‫ن و َأَ ْن تلَِد َ الْأَ م َة ُ ر ََب ّتَهَا و َأَ َ ّ‬
‫ن ق ُر َيْش ًا و َالْأَ ْ‬ ‫رعاة الغنم رؤس الناس والعراة الحفاء يَتَبَارونَ فِي ال ْبُن ْيَا ِ‬
‫ن لَو ْ‬ ‫ك عَلَى الْأَ س ِ َرّة ِ و َأَ َ ّ‬
‫ن الد ّي َ‬ ‫سكْن َى ال ْب َصَرَة ِ و َأَ َ ّنه ُ ْم يَغْز ُونَ فِي ال ْب َحْ رِ ك َال ْمُلُو ِ‬
‫س وَم َا و َعَد َ من ُ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي يَكُونُ بَعْد َ فَت ْح بَي ِ‬
‫ْت ال ْم َ ْقدِ ِ‬ ‫و َأَ خْبَر َ ب ِالْموت َا ِ‬
‫ق فَلَم ّا رَجَع ُوا ِإلَى ال ْمَدِينَة ِ وَجَد ُوا ذَلِكَ‪،‬‬
‫ْت م ُنَاف ِ ٍ‬
‫َت لم َِو ِ‬
‫ل ه َاج ْ‬ ‫ل من أَ ب ْنَاء ِ فَار َ‬
‫ِس و َه َاجَت رِيح ٌ فِي غ ََزاتِه ِ فَق َا َ‬ ‫ك َانَ م َن ُوطًا ب ِال ُث ّر َ َي ّا لنا له رِج َا ٌ‬

‫ل م ُْرت َ ً ّدا‬
‫ل فَق ُت ِ َ‬ ‫الن ّارِ أَ ْعظَم ُ من ُأحُدٍ قَا َ‬
‫ل أَ بُو ه ُر َي ْرَة َ فَذ َه َبَ الْقَوْم ُ يَعْنِي م َاتُوا و َبَق ِيتُ أَ ن َا وَرَج ُ ٌ‬ ‫ْس أَ حَدِك ُ ْم فِي َ‬
‫ل لِقَو ْ ٍم من ج ُلَسَائِه ِ ضِر ُ‬
‫و َقَا َ‬
‫كي َْف تَع َل ّق ْ‬
‫َت‬ ‫هي َ و َن َاقَت ُه ُ حِينَ ض ََل ّ ْ‬
‫ت وَ َ‬ ‫حي ْثُ ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شمْلَة َ و َ َ‬ ‫َت فِي رَحْلِه ِ و َبالذ ِي غ َ َ ّ‬
‫جد ْ‬ ‫يَوْم َ الْيم َا َمَة ِ‪ ،‬و َأَ ع ْلَم َ ب ِالذ ِي غ َ َ ّ‬
‫ل خَرَز ًا من خَرَزِ يَه ُود َ ف َو ُ ِ‬
‫ل‬
‫ِب ِإلَى أَ ه ْ ِ‬
‫ن ك ِتاب ح َاط ٍ‬ ‫ب ِال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ بِ خِطَامِهَا و َبِش َأْ ِ‬
‫صدًا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم قَا ِ‬ ‫س َل ّم َ فَلَم ّا ج َاء ع ُمَيْر ٌ َ‬
‫َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫صفْوَانَ حِينَ سَا َرّه ُ وَشَارَطَه ُ عَلَى قَت ْ ِ‬
‫م َ َك ّة َ و َبِق َضِ َي ّة ِ ع ُمَيْرٍ م َ َع َ‬

‫لِقَتْلِه ِ و َأَ طْ لَع َه ُ‬


‫__________‬
‫)قوله و َأَ ْن تلَِد َ الْأَ م َة ُ ربتها( أي سيتها‪ ،‬أراد به كثرة السرارى واتساع الأحوال‪ ،‬فإن ولد الأمة من سيدها كسيدها وقيل العقوق وأن‬
‫الولد يغلظ على أمه ويستطيل كالسيد )قوله بالموتان( قال ابن الأثير هو على وزن بطلان‪ ،‬الموت الـكثير‪ :‬وقال المصنف ضم الميم لغة تميم‬
‫ل ال َ ّ‬
‫شمْلَة َ( هو كركرة قال النووي‬ ‫وفتحها لغة غيرها )قوله البصرة( يجوز فيه ٺثليث الموحدة وفى النسب لا يجوز ضمها )قوله و َبالذ ِي غ َ َ ّ‬
‫ِب( قيل كان فيه أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قد توجه إليكم بجيش كالليل‬
‫ن ك ِتاب ح َاط ٍ‬
‫يقال بفتح الكافين وبكسرهما )قوله و َبِش َأْ ِ‬
‫يسير كالسيل وأقسم بالل ّٰه لو صار إليكم وحده لنصره الل ّٰه عليكم فإنه منجز له ما وعده وقيل كان فيه إ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدًا ق َ ْد نصر إما إليكم وإما إلى‬
‫غيركم فعليكم الحذير‪ ،‬ذكرهما السهيلي )*(‬

‫الل ّه عَن ْه ُ عِنْد َ ُأمّ الْف َضْ ِ‬


‫ل بَعْد َ أ ْن‬ ‫ل ال َ ّذ ِي ت َرَك َه ُ ع َُم ّه ُ ال ْع ََب ّاس رَضِيَ َ‬
‫رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم عَلَى الْأَ ْمر ِ و َالسّر ّ أَ سْ لَم َ‪ :‬و َأَ خْبَر َ ب ِال ْمَا ِ‬
‫ف و َفِي عُت ْب َة َ بن أَ بِي لَه ٍَب َأن ّه ُ ي َأْ كُل ُه ُ ك َل ْبُ الله وَع َنْ مَص ِ‬
‫َارع‬ ‫ل م َا عَل ِم َه ُ غيرى وغيرهما فأسلم‪ ،‬وأعلمه بأنه سيقتل بأبى بن خ َل َ ٍ‬ ‫كَتَم َه ُ فَق َا َ‬
‫َّ‬
‫ف ح ََت ّى يَن ْتَف ِـ َع ب ِ َ‬
‫ك أَ ق ْوَام ٌ‬ ‫الل ّه بِه ِ بَيْنَ فَئَتَيْنِ( و َلِسَعْدٍ لَع ََل ّ َ‬
‫ك تُخَل ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن )إ َ ّ‬
‫ن ابْنِي هَذ َا سَيّدٌ وَسَي ُصْ ل ِ ُ‬ ‫ل فِي الْحَسَ ِ‬
‫ل ب َ ْد ٍر فَك َانَ كَمَا قَالَ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫أَ ه ْ ِ‬
‫ضه ِ‪ ،‬و َأَ خْبَر َ فَي ْر ُوز َ‬ ‫ْت َ‬
‫الن ّج َاشِي يَوْم َ م َاتَ و َه ُو َ ب ِأَ ْر ِ‬ ‫ل مُؤ ْتَة َ يَوْم َ قُت ِلُوا و َبَيْنَه ُ ْم مَسِيرَة ُ ش َ ْهرٍ أَ ْو أَ زْيَد ُ و َبِمَو ِ‬
‫ل أَ ه ْ ِ‬ ‫و َيَسْتَض ِ َرّ ب ِ َ‬
‫ك آخَر ُونَ( و َأَ خْبَر َ بِقَت ْ ِ‬
‫ق فَي ْر ُوز ُ الْق َِصّ ة َ أَ سْ لَم َ و َأَ خْبَر َ أَ ب َا ذَرّ رَضِيَ الل ّٰه عنه بتطر يده كَمَا ك َانَ‬
‫ح َ ّق َ‬
‫ك ال ْيَوْم َ فَلَم ّا َ‬
‫كسْر َى ذَل ِ َ‬
‫ْت ِ‬
‫كسْر َى بِمَو ِ‬
‫ِإ ْذ وَرَد َ عَلَيْه ِ رَسُول ًا من ِ‬
‫ك ِإذ َا ُأ ْ‬
‫خر ِجْ تَ‬ ‫كي َْف ب ِ َ‬
‫ل لَه ُ َ‬
‫جدِ ن َائِمًا فَق َا َ‬
‫س ِ‬
‫وَوَجَدَه ُ فِي ال ْم َ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫جه ِ بِه ِ لُحُوقًا أَ طْ و َلُه َُنّ‬ ‫شه ِ وَحْدَه ُ وَمَو ْتِه ِ وَحْد َه و َأَ خْبَر َ أَ َ ّ‬
‫ن أَ سْرَعَ أَ ْزو َا ِ‬ ‫ل ف َِإذ َا ُأ ْ‬
‫خر ِجْ تَ مِن ْه ُ ‪ -‬الْحَدِيثَ ‪ -‬و َبِعَي ْ ِ‬ ‫جد َ الْحَرَام َ قَا َ‬
‫س ِ‬
‫ن ال ْم َ ْ‬
‫ل أَ سْ كُ ُ‬
‫مِن ْه ُ قَا َ‬
‫ل فِي ز َيْدِ بن صُوح َانَ‬
‫ل ف ِيهَا م َضْ جَع ُه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ج بيَِدِه ِ تُرْبَة ً و َقَا َ‬
‫خر َ َ‬
‫ف‪ ،‬و َأَ ْ‬‫ط ّ‬‫ل الْحُسَيْنِ ب ِال َ ّ‬ ‫ل يَدِه َا ب َ‬
‫ِالصّ د َقَة ِ و َأَ خْبَر َ بِقَت ْ ِ‬ ‫يَد ًا فَك َان َْت ز َي ْن َبَ لِط ُو ِ‬
‫حر َاءٍ‪ :‬اثبت‬ ‫ن ك َانُوا مَع َه ُ عَلَى ِ‬‫ل فِي الذ ِي َ‬ ‫َت يَدُه ُ فِي الْجِه َادِ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫يَسْبِق ُه ُ ع ُضْ و ٌ مِن ْه ُ ِإلَى الْجنَة ِ فَقُطِع ْ‬
‫__________‬
‫ل( هي لبابة بنت الحرث زوج العباس أول امرأة أسلمت بعد خديجة وقيل بل أول امرأة أسلمت بعد خديجة‬ ‫)قوله عِنْد َ ُأمّ الْف َضْ ِ‬
‫فاطمة بنت الخطاب )قوله وبموت النجاشي( وذلك في السنة التاسعة )قوله فكانت ز َي ْن َب بِنت جَ ح ْش( توفيت سنة عشرين أو إحدى‬
‫وعشرين )قوله بالطف( بتفح الطاء المهملة وتشديد الفاء موضع بناحية الـكوفة )قوله ابن صوحان( بصاد مضمومة وحاء مهملتين )*(‬
‫ك إذ َا لَبِسْت‬
‫كي َْف ب ِ َ‬
‫سعْدٌ رَضِيَ الل ّٰه عنهم‪ ،‬وقال للسراقة َ‬
‫ن َ‬ ‫ل عَلِيّ ٌ و َع ُم َر ُ وَعُثْم َانُ وَطَل ْح َة ُ و ُ‬
‫َالز ّبَي ْر ُ وَطُع ِ َ‬ ‫ق و َشَه ِيدٌ( فَق ُت ِ َ‬
‫صدّي ٌ‬ ‫ف َِإ َن ّمَا عَلَي ْ َ‬
‫ك نَبِ ّي و َ ِ‬

‫ل‬
‫جي ْ ٍ‬
‫ل تُب ْن َى مَدِين َة ٌ بَيْنَ دِجْلَة َ وَد ُ َ‬
‫كسْر َى و َأَ ل ْب َسَهُم َا سُر َاق َة َ و َقَا َ‬ ‫كسْر َى فَلَم ّا ُأتِي َ بِهِم َا ع ُم َر ُ أَ ل ْب َسَهُم َا ِإ َي ّاه ُ و َقَا َ‬
‫ل ا ْلحم َْد ُ لل ّٰه ال َ ّذ ِي سَلَبَهُم َا ِ‬ ‫سُوَار َي ِ‬

‫ل لَه ُال ْوَلِيد ُ ه ُو َ شَرّ ٌ لِهَذِه ِ ا ْل ُأ َمّة ِ‬ ‫ل سَيَكُونُ فِي هَذِه ِ ا ْل ُأ َمّة ِ رَج ُ ٌ‬
‫ل يُق َا ُ‬ ‫َف بِهَا يَعْنِي بَغْد َاد‪ ،‬و َقَا َ‬
‫يخْس ُ‬
‫ض ُ‬
‫ن الْأَ ْر ِ‬ ‫و َقُطْر ُبُل و َال َص ّر َاة ِ ُ‬
‫تج ْب َى ِإلَيْهَا خَز َائ ِ ُ‬
‫ل بن عَم ْرو ع َس َى أَ ْن يَق ُوم َ مَق َام ًا يَس ُ ُرّك َ ي َا‬
‫ل ل ِعُم َر فِي سُهَي ْ ِ‬
‫حدَة ٌ و َقَا َ‬
‫ن دَعْوَاهُمَا و َا ِ‬ ‫ساع َة ُ ح ََت ّى تَقْتَت ِ َ‬
‫ل ف ِئَتَا ِ‬ ‫ل ل َا تَق ُوم ُ ال َ ّ‬
‫من فِرْعَوْنَ لِقَوْمِه ِ و َقَا َ‬
‫خطْبَتِه ِ و َثَب ّتَه ُ ْم و َق َو ّى بَصَائ ِر َهُمْ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫س َل ّم َ و َ َ‬
‫خطَبَ بِنَح ْو ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك قَام َ بِم َ َك ّة َ مقام أَ بِي بَكْر ٍ يوم بلعهم مَو ْتُ َ‬
‫ع ُم َر ُ( فَك َانَ كَذَل ِ َ‬

‫َت هَذِه ِ ا ْل ُأم ُور ُ ك ُُل ّه َا فِي حَيَاتِه ِ و َبَعْد َ‬


‫جد ْ‬
‫تجِدُه ُ يَصِ يد ُ ال ْبَق َر َ( ف َو ُ ِ‬ ‫)إ َن ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫جه َه ُ ل ِ ُأ َ‬
‫كيْدِر َ ِ‬ ‫لِ خَالِد حِينَ و َ َ ّ‬
‫__________‬
‫جعْش َ ٍم بضم الجيم والشين المعجمة وهو في الأصل اسم للرجل القصير الغليظ مع‬ ‫ك بن ُ‬ ‫)قوله قال لسراقة( بضم السين المهملة ابن م َال ِ ِ‬
‫ل و َقُطْر ُبُل والصراة( دجلة بكسر الدال نهر بالعراق‬
‫جي ْ ٍ‬
‫شدة )قوله سوارى كسرى( السوار بضم السين المهملة وكسرها )قوله دِجْلَة َ وَد ُ َ‬
‫ودجيل بضم الدال وفتح الجيم نهر بالأهواز حفره أزدشير بن بابك أول ملوك ساسان وهم ملوك الفرس بالمدائن وقطربل بضم القاف‬
‫وسكون الطاء المهملة وضم الراء والباء الموحدة المشددة موضع بالعراق‪ ،‬والصراة بفتح الصاد المهملة نهر بالعراق‪ ،‬وفى بعض الأصول‪:‬‬
‫والهراة وهى بلدة معروفة )قوله لأكيدر( بضم الهمزة وفتح الكاف‪ ،‬قال الخطيب كان نصرانيا ثم أسلم و َق ِيل بَل مات نصرانيا‪ ،‬وقال‬
‫ابن منده وأبو نعيم في كتابهما في معرفة الصحابة إن أكيدر هذا أسلم وأهدى للنبي صلى الل ّٰه عليه وسلم جبة سيراء فوهبا لعمر قال ابن‬
‫الأثير‪ :‬الهدية والمصالحة )*(‬
‫س َل ّم َ ِإلَى م َا أحبر بِه ِ ج ُلَسَاءَه من أَ سْر َارِه ِ ْم و َبَوَاطِنِه ْم و ََاطّ ل َ َع عَلَيْه ِ من أَ سْر َار ال ْمُنَافِق ِينَ و َ ُ‬
‫ك ْفرِه ِ ْم و َقَو ْلِه ِ ْم ف ِيه ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫مَو ْتِه ِ كَمَا قَا َ‬
‫يخـْب ِر ُ لأخبرنه ِحج َارَة ُ ال ْبَطْح َاءِ‪ ،‬و َِإع ْلَام ُه ُ ب ِصِ فَة ِ‬ ‫ل لِصَاحِبه ِ اسكت فو الل ّٰه لَو ْ ل َ ْم يَكُنْ عِنْدَه ُ من ُ‬ ‫و َفِي ال ْمُؤْم ِنينَ ح ََت ّى إ ْن ك َانَ بَعْضُه ُ ْم لَيَق ُو ُ‬

‫ُف طَل ْع نحلة ذكر و ََأن ّه ُ ُألْقِ َي فِي بِئْر ِ ذ َ ْرو َانَ فَك َانَ كَمَا قَا َ‬
‫ل ووجد عَلَى‬ ‫السّحْ رِ ال َ ّذ ِي سَ ح َرَه ُ بِه ِ لَب ِيد ُ بن الْأَ عْص َ ِم و َ َ‬
‫كو ْنُه ُ فِي مُشْطٍ ومشافة فِي ج ّ‬
‫َت ف ِيهَا ك ُ َ ّ‬
‫ل اس ْ ٍم لل ّٰه‬ ‫ضة ِ م َا فِي صَ ح ِيفَتِهِم ُ التِي تَظَاه َر ُوا بِهَا عَلَى بَنِي ه َاشِم و َقَطَع ُوا بِهَا رَحِمَه ُ ْم و َأ َ ّنهَا أَ بْق ْ‬
‫ل الْأَ ر َ َ‬
‫ك ِ‬
‫تِل ْك الصّ فَة ِ و َِإع ْلام ُه ُ ق ُر َيْش ًا ب ِأَ ْ‬
‫س حِينَ ك َ َذّبُوه ُ فِي خ َب َر ال ِْإسْر َاء ِ و َنَعْت ُه ُ ِإ َي ّاه ُ نَعْتَ من ع َرَف َه ُ و َِإع ْلامُه ُ ْم ب ِعيرِهِم ُ التي‬
‫ْش بَي ْتَ ال ْم َ ْقدِ ِ‬
‫ل وَو َصْ ف ُه ُ لـِكُفّارِ ق ُر َي ٍ‬
‫ف َوَجَد ُوه َا كَمَا قَا َ‬

‫ِث التي تَكُونُ ولم‬


‫ن الْحَوَاد ِ‬
‫ل ِإلَى م َا أَ خْبَر َ بِه ِ م ِ َ‬
‫ْت وُصُولِهَا فَك َانَ كُل ّه ُ كَمَا قَا َ‬
‫م َ َّر عَلَيْهَا فِي َطرِ يقِه ِ و َِإنْذ َار ُه ُ ْم ب ِو َق ِ‬
‫__________‬
‫صحيحان أما الإسلام فغلطا فيه فإنه لم يسلم بلا خلاف بين أهل السير ولما صالحه عليه السلام عاد إلى حصنه وبقى فيه‪ ،‬ثم إن خالدا‬
‫حاصره زمن أبى بكر فقتله مشركا لنقضه العهد )قوله في مشط( بضم الميم وكسرها وسكون الشين المعجمة )قوله ومشاقة( بالقاف عند‬
‫أبى زيد وهى ما يمشط من الكتان‪ ،‬وبالطاء المهملة عند غيره وهى ما يسقط من الشعر عند التسريح بالمشط‪ ،‬و يقوى هذا أن السحر‬
‫يكون في شئ من أثر المسحور وذلك هنا ظاهر في المشاطة دون المشاقة وما أخرجه الدارقطني في السنن أن النبي )ص( كان عنده‬
‫صبى يهودى يخدمه وأن لبيد بن الأعصم توصل به إلى شئ من أسنان مشط النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ومشاطة شعره وسحر في ذلك‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله في جف( بضم الجيم وتشديد‪ :‬الفاء وعاء الطلع‪ ،‬ويروى في جب بالموحدة أي في داخل )قوله الأرضة( لفتح الهمزة دويبة‬
‫تأكل الخشب )*(‬

‫فصل في عصمة الل ّٰه تعالى له من الناس وكفايته من آذاه‬ ‫‪٢.٤.٢٤‬‬

‫ح‬
‫حمَة ِ فَت ْ ُ‬
‫ج ال ْمَل ْ َ‬
‫حمَة ِ وَخُر ُو ُ‬
‫ج ال ْمَل ْ َ‬
‫كقْولِه ِ ) ِعم ْرَانُ بيت المدس خَر َابُ يَثْرِبَ وَخَر َابُ يَثْر ِبَ خُر ُو ُ‬
‫ت بَعْد مِنْهَا مظهرت مُق َ ّدم َاتُهَا َ‬
‫ت َأْ ِ‬
‫َات الْق ِيَامَة ِ‪.‬‬ ‫الن ّشْر ِ و َالْحَشْر ِ و َأَ خْ بَارِ الْأَ ب ْر َارِ و َالْف ُ َج ّارِ و َالْجنَة ِ و َ‬
‫َالن ّارِ وَع َرَص ِ‬ ‫َات ح ُلُولِهَا وَذِكْر ِ َ‬
‫ساعَة ِ و َآي ِ‬ ‫سطَنْط ِين َِي ّة ِ( وَم ِنْ أَ شْر َاطِ ال َ ّ‬
‫الْق ُ ْ‬
‫كف َاية ً و َأَ كْ ث َر ُه َا‬ ‫ِيث التي ذَكَر ْن َاه َا ِ‬
‫َت الْأَ ح َاد ِ‬ ‫جز َاء ٍ وَحْدَه ُ و َف ِيم َا أَ شَرْن َا إليْه ِ من نُك ِ‬ ‫ل عَلَى أَ ْ‬‫ل أ ْن يَكُونَ دِيوَان ًا مُفْرَد ًا يَشْتَمِ ُ‬ ‫ْب هَذ َا الْف َصْ ِ‬ ‫و َبِ حَس ِ‬
‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح وَعِنْد َ الْأَ ئ َِم ّة ِ‪.‬‬ ‫فِي َ‬
‫س وكفايته من آذاه‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫الل ّه تَع َالَى لَه ُ م ِ َ‬
‫فصل فِي عصمة َ‬
‫ِكاف‬
‫لب ٍ‬ ‫الل ّه ُ بكاف عبده( ق ِي َ‬
‫ْس َ‬‫ل )أَ لَي َ‬ ‫ك ف َِإ َن ّ َ‬
‫ك ب ِأَ عْيُن ِنَا( و َقَا َ‬ ‫ل تَع َالَى )و َاصْ بِرْ لِ ح ُ ْكم ِ ر َب ِّ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّاسِ( و َقَا َ‬ ‫ك مِ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬ ‫ل َ‬‫قَا َ‬
‫)إ َن ّا‬‫ل ِ‬ ‫س َل ّم َ أَ عْد َاءَه ُ ال ْمُشْرِكِينَ و َق ِي َ‬
‫ل غَي ْر ُ هَذ َا و َقَا َ‬ ‫مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الصّ د َف ِ ُيّ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ و َالْفَق ِيه ُ الْحَاف ُِظ أَ بُو‬
‫كف َر ُوا( الآيَة َ * أَ خْبَر َن َا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَلِيّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ال َ ّذ ِي َ‬
‫ل )و َِإ ْذ يَم ْك ُر ُ ب ِ َ‬
‫كفَي ْنَاك َ المستهزئين( و َقَا َ‬ ‫َ‬

‫س‬ ‫ج ُّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْع ََب ّا ِ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو يَعْلَى ال ْبَغْد َاد ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬ ‫الصّ يْر َف ِ ُيّ قَا َ‬
‫ِريّ قَال َا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحُسَيْنِ َ‬ ‫الل ّه ِ ال ْمَع َاف ُ‬
‫ن عَبْدِ َ‬
‫بَكْر ٍ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬

‫المَرْوَز ُِيّ حدثنا‬


‫__________‬
‫)قوله القسطنطينية( قال ابن قرقول هي بضم الطاء الأولى كذا قيدناه عن أهل هذا الشأن )قوله و بحسب هذا( باسكان السين المهملة‬
‫)قوله المعافرى( بفتح الميم وتخفيف العين المهملة وكسر الفاء حى من اليمن‪ ،‬قاله المصنف )قوله حدثنا أبو الحسين( تصغير حسن وهو‬
‫ن عَبْدِ الجبار )*(‬
‫ال ْمُبَارَك ُ ب ْ ُ‬
‫ق ع َنْ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن َ‬
‫شق ِي ٍ‬ ‫ِي ع َنْ عَبْدِ َ‬ ‫ن حُمَيْدٍ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬
‫سل ِم ُ بن إبراهيم حدثنا الحارث ابن ع ُبَيْدٍ ع َنْ سَع ِيدٍ الجُر َيْر ّ ِ‬ ‫أَ بُو ع ِيس َى الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ ب ْ ُ‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل َ‬ ‫ج رَسُو ُ‬
‫خر َ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّاسِ( ف َأَ ْ‬ ‫ك مِ َ‬ ‫يح ْر َُس ح ََت ّى ن َزَل َ ْ‬
‫ت هَذِه ِ الآيَة ُ )و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬ ‫س َل ّم َ ُ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ت ك َانَ َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا قَال َ ْ‬
‫عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫صمَنِي ر َب ِ ّي ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل( وروي أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫اس ان ْصَر ِف ُوا فَق َ ْد ع َ َ‬ ‫ل لَه ُ ْم )ي َا أَ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ن الْق َُب ّة ِ فَق َا َ‬
‫س َل ّم َ ر َأْ سَه ُ م ِ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َت‬ ‫الل ّه ُ ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫ل‪ ،‬ف َرُعِد ْ‬ ‫ك م ِن ِ ّي؟ فَق َالَ‪َ :‬‬ ‫سيْف َه ُ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل م َنْ يَم ْن َع ُ َ‬ ‫صحَابُه ُ شَ ج َرَة ً يقيل تحتها فأناه أعرابي فاحترط َ‬
‫ل مَنْزِل ًا اخْ تَار َ لَه ُأَ ْ‬
‫ك َانَ ِإذ َا ن َز َ َ‬
‫ن غور َثَ بن‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح و َأَ َ ّ‬ ‫ت الآيَة ُ‪ ،‬و َق َ ْد رُوِي َتُ هَذِه ِ الْق َِصّ ة ُ فِي َ‬ ‫شجَرَة َ ح ََت ّى سَا َ‬
‫ل دِم َاغ ُه ُ فَنَزَل َ ِ‬ ‫سه ِ ال َ ّ‬
‫سيْف ُه ُ و َضَر َبَ ب ِر َأْ ِ‬
‫سق ََط َ‬
‫يَد ُ الْأَ عْرَاب ِ ِيّ و َ َ‬
‫ُكيت‬
‫س و َق َ ْد ح ْ‬ ‫ل جئكم من عِنْد َ خَيْر ِ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫س َل ّم َ عَف َا عَن ْه ُ ف َر َ َ‬
‫ج َع ِإلَى قَوْمِه ِ و َقَا َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َآلِه ِ و َ َ‬
‫ِث صَاحِبُ هَذِه ِ القصة وإن النبي صلى َ‬
‫الْحا َر ِ‬
‫ن ال ْمُنَافِق ِينَ وَذَك َر َ مِثْلَه ُ و َق َ ْد‬ ‫صحَابِه ِ لِقَضَاء ِ ح َاجَتِه ِ فَتَبِع َه ُ رَج ُ ٌ‬
‫ل مِ َ‬ ‫ل هَذِه ِ الْحِك َايَة ِ أ َ ّنهَا جَر ْ‬
‫َت لَه ُ يَوْم َ ب َ ْد ٍر و َق َد انْف َرَد َ من أَ ْ‬ ‫مِث ْ ُ‬
‫رُوِيَ َأن ّه ُ و َق َ َع لها مِث ْلُه َا فِي غ َْزوَة ِ غ َ ْطف َانَ بِذِي أَ م َر م َ َع رَج ُ ٍ‬
‫ل اسْم ُه ُ دعثور‬
‫__________‬
‫)قوله الجريرى( بضم الجيم وفتح الراء نسبة إلى جرير بن عباد )قوله فرعدت( بضم الراء وكسر العين المهملة مبنى للمفعول لم يسمع إلا‬
‫كذلك وفى بعض النسخ فأرعدت )قوله بذى أمر( بفتح الهمزة والميم بعدها راء موضع من ديار غطفان خرج إليه رسول الل ّٰه صلى‬
‫الل ّٰه عليه وسلم لجمع محارب قاله ابن الأثير )قوله اسمه دعثور( قال اليعمرى في سيرته وقد تقدم في غزوة ذى أمر خبر لرجل يقال له‬
‫ِث من بنى محارب نسبة هذا الخـبر إلى أن قال والظاهر أن الخـبرين واحد انتهى وقال الذهبي في تجريد الصحابة دعْث ُور ُ‬
‫دعْث ُور ُ بن الْحا َر ِ‬
‫ِث الغطفانى في حديث عجيب الإسناد‪ ،‬والأشبه أن غورث )*(‬
‫بن الْحا َر ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل‬
‫ك فَق َا َ‬
‫ل و َق َ ْد أَ ْمكَن َ َ‬
‫كن ْتَ تَق ُو ُ‬ ‫ج َع ِإلَى قومه الذى أَ غْرَ ْوه ُ وَك َانَ سَيّد َه ُ ْم و َأَ ْشج َعَه ُ ْم قَالُوا لَه ُ أَ ي ْ َ‬
‫ن م َا ُ‬ ‫ل أَ سْ لَم َ فَلَم ّا ر َ َ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّج ُ َ‬ ‫ِث و َأَ َ ّ‬
‫ابن الْحا َر ِ‬
‫ت )يا أيها‬ ‫ْف ف َع َر َف ْتُ َأن ّه ُ م َل َكٌ و َأَ سْ لَم ْتُ ‪ ،‬ق ِي َ‬
‫ل و َف ِيه ِ ن َزَل َ ْ‬ ‫سق ََط ال َ ّ‬
‫سي ُ‬ ‫ص ْدرِي ف َو َقَعْتُ لِظَ ْهرِي و َ َ‬
‫ل د َف َ َع فِي َ‬
‫ْض َطوِ ي ٍ‬ ‫ِإ َن ّي نَظَر ْتُ ِإلَى رَج ُ ٍ‬
‫ل أَ بَي َ‬

‫ِث ال ْم ُح َارِب َيّ‬ ‫طابِيّ أَ َ ّ‬


‫ن غ َور َثَ بن الْحا َر ِ‬ ‫الل ّه ِ عَلَيْك ُ ْم ِإ ْذ ه َ َ ّ‬
‫م قَوْم ٌ أَ ْن يَبْسُط ُوا ِإلَيْك ُ ْم أَ يْدِيَهُمْ( الآيَة َ * و َفِي رِو َايَة ِ الخ َ ّ‬ ‫ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا ا ْذك ُر ُوا نعمة َ‬
‫م اكْ ف ِن ِيه ِ بِمَا شِئ ْتَ فَانْك َ ّ‬
‫َب م ِنْ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫سيْف َه ُ فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ فَل َ ْم يَشْعُر ْ بِه ِ ِإ َلّا و َه ُو َ قَائِم ٌ عَلَى ر َأْ ِ‬
‫سه ِ مُن ْت َضِ يًا َ‬ ‫ك ب َِالن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫أَ ر َاد َ أَ ْن يَفْت ِ َ‬

‫ن ف ِيه ِ نزلت )يا أيها ال َ ّذ ِي َ‬


‫ن‬ ‫ل فِي ق َِصّ تِه ِ غَي ْر ُ هَذ َا‪ ،‬وَذُك ِر َ أَ َ ّ‬ ‫ج ُع ال َ ّ‬
‫ظ ْهرِ و َق ِي َ‬ ‫لخَة ُ( و َ َ‬ ‫ُ‬
‫)والز ّ َ ّ‬ ‫سيْف ُه ُ م ِنْ يَدِه ِ‬
‫و َجْ هِه ِ م ِنْ زلحة ز ُ ِّلخَه َا بَيْنَ كَتِفَيْه ِ و َنَدَر َ َ‬
‫ت هَذِه ِ الآيَة ُ اسْ تَلْقَى ث َُم ّ‬ ‫س َل ّم َ يَخ َ ُ‬
‫اف ق ُر َيْش ًا فَلَم ّا ن َزَل َ ْ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ عَلَيْك ُ ْم ِإ ْذ هم قوم( الآيَة َ و َق ِي َ‬
‫ل ك َانَ رَسُو ُ‬ ‫آم َن ُوا ا ْذك ُر ُوا نعمة َ‬
‫ل ك َان َْت ح ََم ّالَة ُ الْحَط ِ‬
‫َب‬ ‫ن حُمَيْدٍ قَا َ‬
‫ل م َنْ شَاء َ فَل ْيَخْذ ُلْنِي * وَذَك َر َ عَبْد ُ ب ْ ُ‬
‫قَا َ‬
‫س َل ّم َ فَك َأَ َن ّمَا‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫هي َ جَم ْر ٌ عَلَى َطرِ يق رَسُو ِ‬
‫ض ُع ال ْعِضَاه و َ ِ‬
‫تَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله أن غورث( المشهور أنه بالمعجمة المفتوحة غير مصغر ورواه الخطابى بالتصغير والشك في إعجام الغين وإهمالها )قوله أَ ر َاد َ أَ ْن يَفْتِكَ(‬
‫بالفاء وضم المثناة الفوقية وكسرها أي يأخذ على غرة )قوله منتضبا( بالضاد المعجمة من نضا سيفه وأنضاه أي سله )قوله من زلخة(‬
‫بضم الزاى وتشديد اللام المفتوحة بعدها خاء معجمة قال الخطابى وجع يأخذ في الظهر حتى لا يتحرك معه الإسان‪ ،‬وقال السهيلي وجع‬
‫يأخذ الصلب )قوله زلخها( بضم الزاى وكسر اللام مبنى للمفعول )قوله العصاة( بكسر العين المهملة كل شجر يعظم وله شوك )*(‬
‫ل‬
‫ن اللم أَ ت َْت رَسُو َ‬
‫الل ّه م َ َع زَوْجه َا م ِ َ‬
‫ت يَد َا أَ بِي لَه ٍَب( وذكرهما بِمَا ذَك َر َه َا َ‬ ‫يَطَؤ ُه َا كَث ِيبًا أَ ه ْيلَ‪ ،‬وَذَك َر َ ابن ِإ ْسحَاقَ عَنْهَا أ َ ّنهَا لَم ّا بلََغ َها ن ُز ُو ُ‬
‫ل )تَب ّ ْ‬

‫َت عَلَيْهَم َا ل َ ْم ت َر َ إ َلّا أَ ب َا بَك ْر و َأَ خَذ َ َ‬


‫الل ّه‬ ‫جدِ وَمَع َه ُ أَ بُو بَكْر ٍ و َفِي يَدِه َا فِهْر ٌ من ِحج َارَة ٍ فَلَم ّا و َقَف ْ‬ ‫س َل ّم َ و َه ُو َ ج َال ٌِس فِي ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫ك فَق َ ْد بلََغَنِي َأن ّه ُ يَهْجُونِي والل ّٰه لَو ْ وَجَدْتُه ُ لضَر َب ْتُ بهذا الفهر فَاه ُ‪،‬‬
‫ن صَاحِب ُ َ‬ ‫س َل ّم َ فَق َال َ ْ‬
‫ت ي َا أَ ب َا بَك ْر أَ ي ْ َ‬ ‫تَع َالَى ببِ َص َره َا ع َنْ نَب َِي ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫صو ْت ًا خ َلْف َنَا م َا ظَن َن ّا َأن ّه ُ بَقِ َي ب ِتهَام َة أَ حَدٌ‬
‫س َل ّم َ ح ََت ّى إذ َا ر َأَ ي ْنَاه ُ سَمِعْنَا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل تَوَاعَدْن َا عَلَى َ‬
‫ن الْحَكَم ِ ابن أَ بِي الْع َاص ِي قَا َ‬
‫وَع َ ِ‬

‫ت الصفا والمروة فحالت‬ ‫خر َى فَجِئ ْنَا ح ََت ّى إذا ر َأَ ي ْنَاه ُ ج َاء َ ِ‬‫ج َع ِإلَى أه ْلِه ِ ث َُم ّ تَوَاعَدْن َا لَيْلَة ً ُأ ْ‬
‫ف َو َقَعْنَا مَغْش ًِي ّا عَلَي ْنَا فَمَا أَ فَقْنَا ح ََت ّى ق َض َى صَلَاتَه ُ وَر َ َ‬
‫س َل ّم َ فَجِئ ْنَا مَنْز ِلَه ُ فَسَمِعْنَا لَه ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ِ‬‫الل ّه عنه تواعدت أنا وأبو جهم ابن حذيفة لَيْلَة ً قَت ْ َ‬ ‫بيننا وبينه‪ ،‬وعن عمر رضي َ‬
‫فَاف ْتَت َح و َق َرَأ )الْح َ َاق ّة ُ م َا الْح َ َاق ّة ُ( ِإلَى )فَه َلْ ت َر َى لَه ُ ْم م ِنْ ب َاق ِيَة ٍ( ف َضَر َبَ أَ بُو َ‬
‫ج ْه ٍم‬
‫كف َايَة ُ َ‬
‫الت ّامّة ُ عند ما‬ ‫انج و ََفر ّا هارِبَيْنِ فَك َان َْت من مُق َ ّدم ِ‬
‫َات ِإسْ لا ِم ع ُم َر َ رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬ومنه العترة ال ْمَشْه ُورَة ُ و َال ْـ ِ‬ ‫ل ْ‬‫ضدِ ع ُم َر َ و َقَا َ‬
‫عَلَى ع َ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى عَلَى أَ بْصَارِه ِ ْم وَذَرّ ال ُت ّر َابَ عَلَى‬
‫ج عَلَيْه ِم من بَي ْتِه ِ فَق َام َ عَلَى رؤسهم و َق َ ْد ضَر َبَ َ‬
‫َت عَلَى قَتْلِه ِ و َبَي ّت ُوه ُ فَخَر َ َ‬
‫ْش و َأَ جْمَع ْ‬
‫أَ خ َافَت ْه ُ قُر َي ٌ‬
‫رؤسهم وخلص‬
‫__________‬
‫)قوله أهيل( أي سائلا يقال أهيل الرمل وانهال إذا سال )قوله فهر( بكسر الفاء هو الحجر ملء الـكف وقيل الحجر مطلقا )*(‬
‫ل‬ ‫ل ُأ َمّي َة ُ بن خ َل ٍ‬
‫ِف حِينَ قَالُوا ن َ ْدخ ُ ُ‬ ‫ج عَلَيْه ِ ح ََت ّى قَا َ‬
‫ُوت ال َ ّذ ِي نَس َ َ‬
‫ن الْعَنْكَب ِ‬
‫َات وَم ِ َ‬
‫ن الآي ِ‬ ‫مِنْه ُ ْم وَحِمَايَت ُه ُ ع َنْ رُؤ َيَتِه ِ ْم فِي الْغ َارِ بِمَا ه ََي ّأ َ‬
‫الل ّه لَه ُ م ِ َ‬
‫ْش لَو ْ ك َانَ ف ِيه ِ‬
‫ت ق ُر َي ٌ‬
‫ن عَلَى ف َ ِم ال ْغ َارِ فَق َال َ ْ‬
‫َت حَمَام َتا ِ‬ ‫ل أَ َ ّ‬
‫ن يُولَد َ مُحَم ّدٌ وَو َقَف ْ‬ ‫ُوت م َا أَ ر َى َأن ّه ُ قَب ْ َ‬
‫الْغ َار َ م َا أَ ر َبُك ُ ْم ف ِيه ِ و َعَلَيْه ِ من نَسْج الْعَنْكَب ِ‬
‫ل ف َُأنْذِر َ بِه ِ‬
‫ْيش ف ِيه ِ و َفِي أَ بِي بَكْر ٍ الْجَع َائ ِ َ‬
‫ت قُر ٌ‬
‫جعْش َ ٍم حِينَ اله ِجْ رَة ِ و َق َ ْد جَعَل َ ْ‬ ‫أَ حَدٌ لما ك َان َْت ه ُنَاك ا ْلحم ََام ُ‪ ،‬و َق َِصّ ت ُه ُ م َ َع سُر َاق َة َ بن م َال ِ ِ‬
‫ك بن ُ‬
‫َت ق َوَائِم ُف َر َسه ِ فَخ َر ّ عَنْهَا و َاسْ تَقْسَم َ ب ِالْأزْلا ِم فَخَر َ َ‬
‫ج لَه ُ م َا‬ ‫س َل ّم َ فَسَاخ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ف َرَكِبَ ف َرَسَه ُ و َا َت ّبَع َه ُ ح ََت ّى إذ َا ق َر ُبَ مِن ْه ُ د َعَا عَلَيْه ِ َ‬

‫ل ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫س َل ّم َ و َه ُو َ ل َا يلَ ْتَف ِتُ و َأَ بُو بَك ْر رَضِيَ َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ يلَ ْتَف ِتُ و َقَا َ‬ ‫يَك ْرَه ُ ث َُم ّ رَكِبَ وَد َن َا ح ََت ّى سَم ِـ َع ق ِرَاءَة َ النبي صلى الل ّٰه تعالى عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ل ال ُد ّخ َا ِ‬
‫ن فَنَاد َاه ُ ْم بالأمام‬ ‫َت ث َانيِ َة ً ِإلَى ركبتها وَخ َرّ عَنْهَا ف َزَجَر َه َا فنهضت ولقواءمها مِث ْ ُ‬
‫الل ّه معنا فَسَاخ ْ‬
‫ن َ‬ ‫تح ْز َن إ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ ُأتِينَا فَق َا َ‬
‫ل ل َا َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٥‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ أَ م َان ًا كَتَب َه ُ ابن فُهَيْر َة و َق ِي َ‬


‫ل أَ بُو بَك ْر وأحبرهم بالأخبار‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫فَكَت َبَ لَه ُ َ‬
‫__________‬
‫)قوله م َا أَ ر َبُك ُ ْم ف ِيه ِ( أي ما حاجتكم )قوله فركب فرسه( كان اسم هذا الفرس العود قيل وكانت أنثى لقوله فِي بَعْض طُر ُق الصحيح‬
‫فرفعتها تقرب بى )قوله فساخت(‬
‫بالسين المهلمة والخاء المعجمة أي غاصت في الأرض )قوله بالأزلام( جمع زلم بفتح الزاى واللام وبضم الزاى وفتح اللام وهى القداح‬
‫بكسر القاف جمع قدح بكسرها أيضا وهو عود السهم قبل أن يراش ويركب نصله فإذا فعل ذلك فهو سهم‪ ،‬كانوا يكتبون على زلم‬
‫افعل وعلى آخر لا تفعل فما خرج لهم عملوا به )قوله ابن فهيرة( بضم الفاء وفتح الهاء وسكون المثناة التحتية قيل كتابه صلى الل ّٰه عليه‬
‫وسلم نيف وأربعون = = وأكثرهم ملازمة له ز َي ْد بن ث َابت ومعاو ية بن أبى سفيان بعد الفتح وقيل أبو بكر‪ ،‬وجمع بين القولين بأن ابن‬
‫فهيرة كتب أولا وكتب الصديق آخرا )*(‬
‫ل لهما أَ ر َاكُمَا دَعَو ْتُمَا عَل َيّ‬
‫ل بَلْ قَا َ‬ ‫ل ل ِ َلن ّا ِ‬
‫س كفيتم ماهها و َق ِي َ‬ ‫َف يَق ُو ُ‬
‫ق بِه ِ ْم فَان ْصَر َ‬ ‫س َل ّم َ أ ْن ل َا يَت ْرُك َ أَ حَدًا يلَ ْ َ‬
‫ح ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َأَ م َره ُ َ‬
‫َ‬
‫ج يَشْت َ ُ ّد يُعْل ِم ُق ُر َيْش ًا فَلَم ّا وَرَد َ م َ َك ّة َ‬
‫ف خ َبَر َهُمَا فَخَر َ َ‬ ‫س َل ّم َ و َفِي خ َبَرٍ آخَر َ أَ َ ّ‬
‫ن ر َاعِيًا ع َرَ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ظه ُور ُ َ‬
‫سه ِ ُ‬
‫فَا ْدع ُوَا ل ِي فَن َج َا وَو َق َ َع فِي ن َ ْف ِ‬

‫ل بِصَخْ رَة ٍ و َه ُو َ‬ ‫ج َع ِإلَى مَوْضِعِه ِ وجاء‪ ،‬فيما ذكر ابن ِإ ْسحَاق و َغَي ْرُه ُ أَ بُو َ‬
‫ج ْه ِ‬ ‫ضُر ِبَ عَلَى قَل ْبِه ِ فَمَا ي َ ْدرِي م َا يَصْ ن َ ُع و َ ُأن ْسِيَ م َا خَر َ َ‬
‫ج لَه ُ ح ََت ّى ر َ َ‬
‫ل يَرْجِـ ُع الق َ ْهق َر َى ِإلَى خ َلْفِه ِ ث َُم ّ سَأَ لَه ُ أ ْن ي َ ْدع ُو َ لَه ُ فَفَع َ َ‬
‫ل‬ ‫حه َا عَلَيْه ِ فَلَزِق َْت بيده ويبسته يَد َاه ُ ِإلَى ع ُنُقِه ِ و َأَ ق ْب َ َ‬
‫ْش يَنْظَر ُونَ ليَطْر َ َ‬
‫جدٌ و َقُر َي ٌ‬
‫سَا ِ‬
‫ل م َا ر َأَ ي ْتُ مِثْلَه ُ‬ ‫ف لئَ ِ ْن رآه ليدمغنه فَسَألُوه ُ ع َنْ شَأْ نِه ِ فَذَك َر َ َأن ّه ُ ع َرَ َ‬
‫ض ل ِي د ُونَه ُ فَح ْ ٌ‬ ‫ك وَح َل َ َ‬
‫ْش بِذَل ِ َ‬
‫َت يَد َاه ُ وَك َانَ ق َ ْد تَوَاعَد َ م َ َع ق ُر َي ٍ‬
‫فَانْطَلَق ْ‬
‫ن رَج ُل ًا من بَنِي ال ْم ُغيرَة ِ أَ تى َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫سمْر َقَنْد ُِيّ أَ َ ّ‬ ‫ل لَو ْ د َن َا لأخَذَه ُ‪ ،‬وَذَك َر َ ال َ ّ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم ذاك ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫ل َ‬ ‫ق ُ َّط ه َ َ ّ‬
‫م بِي أَ ْن ي َأْ ك ُلَنِي فَق َا َ‬
‫صحَابِه ِ فَل َ ْم ي َره ُ ْم ح ََت ّى ن َاد َ ْوه ُ‬ ‫س َل ّم َ وَسَم ِـ َع قَو ْلَه ُ ف َر َ َ‬
‫ج َع ِإلَى أَ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه عَلَى بَصَرِه ِ فَل َ ْم ي َر َ َ‬
‫َس َ‬‫س َل ّم َ لِيَقْتلَُه ُ فَطَم َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ك م َا ذَك َرَه ُ ابن ِإ ْسحَاق فِي قِصَتِه ِ إذ خرج لى بنى قر يظة‬ ‫)إ َن ّا َ‬
‫جعَل ْنَا فِي أَ عْنَاقِه ِ ْم أَ غ ْلالا( الآيَتَيْنِ‪ ،‬وَم ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وَذَك َر َأَ َ ّ‬
‫ن فِي ه َاتَيْنِ الفضتين ن َزَل َ ْ‬
‫__________‬
‫ج ِإلَى بنى قر يظة( الذى ذَك َرَه ُ ابن ِإ ْسحَاق وابن عقبة وابن‬ ‫)قوله يشتد( أي يعدو )قوله القهقرى( هو الرجوع إلى خلف )قوله ِإ ْذ خَر َ َ‬
‫سعد و َغَيْرِه ِم من أَ ه ْل السير أن ذلك كان في بنى النضير وهو سبب غزوهم وأما غزوة بنى قر يظة فسبها غزوة الخندق )*(‬
‫س َل ّم َ فَان ْصَر َ‬
‫َف‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ح عَلَيْه ِ وحى فَق َام َ َ‬
‫ش أَ حَد ُه ُ ْم لِيَطْر َ َ‬
‫ض آطامِه ِ ْم فَان ْبَع َثَ عَم ْر ُو بن جَ ح ّا ٍ‬
‫جد َارِ بَعْ ِ‬
‫س ِإلَى ِ‬
‫صحَابِه ِ فَجل َ َ َ‬
‫فِي أَ ْ‬
‫الل ّه ِ عَلَيْك ُ ْم ِإ ْذ هم قوم( فِي هَذِه ِ الْق َِصّ ة ِ ن َزَل َ ْ‬
‫ت‪ ،‬وَح َك َى‬ ‫ن قَو ْلَه ُتعالى )يا أيها ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا ا ْذك ُر ُوا نعمة َ‬ ‫ل إ َّ‬
‫ِإلَى ال ْمَدِينَة ِ و َأَ ع ْلَمَه ُ ْم بِق ََصّ تِه ِ ْم و َق َ ْد ق ِي َ‬
‫ل الْكِلابَي ّېْنِ َالل ّذَي ْ ِن قَتَلَهُم َا عَم ْرو بن ُأم َي ّة َ فَق َا َ‬
‫ل لَه ُ حُي َ ُيّ بن أَ خْ طَبَ اجْل ِْس ي َا أَ ب َا الْق َاس ِ ِم‬ ‫سمْر َقَنْد ُِيّ َأن ّه ُ خَر َ َ‬
‫ج ِإلَى بَنِي الن ّضِ ير ِ يَسْت َع ِينُ فِي ع َ ْق ِ‬ ‫ال َ ّ‬
‫الل ّه عَنْهُم َا و َتَوام َرَ حُي َ ُيّ مَعَه ُ ْم عَلَى قَتْلِه ِ ف َأَ ع ْلَم َ‬
‫س َل ّم َ م َ َع أَ بِي بَكْر ٍ و َع ُم َر َ رَضِيَ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ك م َا سَأَ ل ْتَنَا فَجل َ َ َ‬ ‫ح ََت ّى نُطْعِم َ َ‬
‫ك و َنُعْط ِي َ‬
‫ِيث ع َنْ أَ بِي‬ ‫ل َ‬
‫الت ّ ْفسِير ِ مَعْن َي الْحَد ِ‬ ‫ك فَق َام َ ك ََأن ّه ُ يُر ِيد ُ ح َاجَت َه ُ ح ََت ّى دَخ َ َ‬
‫ل ال ْمَدِين َة َ وَذَك َر َأَ ه ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ بِذَل ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سلَام ُ َ‬
‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫جبْر ِي ُ‬
‫ِ‬
‫س َل ّم َ أَ ع ْلَم ُوه ُ ف َأَ ق ْب َ َ‬
‫ل فَلَم ّا‬ ‫ن ر َقَبَت َه ُ فَلَم ّا صَلَ ّى النبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل و َعَد َ ق ُر َيْش ًا لئَ ِ ْن ر َأَ ى مُحَم ّدًا يُصَلّي لَيَطَأَ َ ّ‬ ‫ج ْه ٍ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن أَ ب َا َ‬ ‫ه ُر َي ْرَة َ رَضِي َ َ‬
‫ق مَم ْلُوء ٍ ن َار ًا كِدْتُ أَ هْوِي ف ِيه ِ وأبصرت‬ ‫خنْد َ ٍ‬
‫ل لَم ّا د َنَو ْتُ مِن ْه ُ أَ شْر َف ْتُ عَلَى َ‬ ‫ل فَق َا َ‬ ‫ق َر ُبَ مِن ْه ُ و َلَ ّى ه َارب ًا ن َاكِصً ا عَلَى عَق ِبَيْه ِ م َُت ّق ِيًا بَيَد َيْه ِ فَس ُئ ِ َ‬
‫ق أَ جْ ن ِحَة ٍ ق َ ْد ملأت الأرض فقال صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫خ ْف َ‬
‫هولا عظما و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن جحاش( بجيم مفتوحة وحاء مهملة مشددة وفى آخره شين معجمة قتل كافرا )قوله حيى( بحاء مضمومة مهملة فمثناة تحتية‬
‫مفتوحة فأخرى مشددة )*(‬
‫خر ِ ال ُ ّ‬
‫سورَة ِ‪ ،‬و َيُرْو َى‬ ‫الإنْس َانَ ليطغى( ِإلَى آ ِ‬
‫ن ِ‬‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم )ك َلَ ّا ِإ َ ّ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫ك ال ْمَلَائِك َة ُ لَو ْ د َن َا لاخْ تَطَفَت ْه ُ ع ُضْ و ًا ع ُضْ و ًا ث َُم ّ ُأنْز ِ َ‬
‫ل عَلَى َ‬ ‫تِل ْ َ‬

‫اس أَ ت َاه من‬ ‫ط َ‬


‫الن ّ ُ‬ ‫ل ال ْيَوْم َ ُأ ْدرِك ُ ث َارِي من مُحَم ّدٍ فلَم ّا اخْ تَل َ َ‬
‫ل أَ ب َاه ُ و َع ََم ّه ُ فَق َا َ‬
‫شي ْب َة َ بن عُثْم َانَ الْ حجََب ِ َيّ أَ ْدرَك َه ُ يَوْم َ حُنَيْنٍ وَك َانَ حَم ْزَة ُ ق َ ْد قَت َ َ‬ ‫أَ َ ّ‬
‫ن َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٦‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫َس بِي َ‬
‫ق ف َو َل ّي ْتُ ه َارِب ًا و َأَ ح َ ّ‬
‫ن ال ْبَرْ ِ‬ ‫ل فَلَم ّا د َنَو ْت مِن ْه ُ ارْتَف َ َع ِإل َيّ شُو َ ٌ‬
‫اظ م ِنْ ن َا ٍر أَ سْرَع ُ م ِ َ‬ ‫سيْف َه ُ لَيَص َُب ّه ُ عَلَيْه ِ قَا َ‬
‫خ َلْفِه ِ وَر َف َ َع َ‬

‫ل ل ِي ا ْدنُ فَق َات ِلْ فَتَق َ َ ّدمْتُ‬


‫ق ِإل َيّ و َقَا َ‬ ‫ق ِإل َيّ فَمَا ر َف َعَه َا ِإ َلّا و َه ُو َ أَ ح ُ ّ‬
‫َب الخَل ْ ِ‬ ‫َض الْخَل ْ ِ‬
‫ص ْدرِي و َه ُو َ أَ بْغ ُ‬ ‫س َل ّم َ فَد َعَانِي ف َو َ َ‬
‫ض َع يَدَه ُ عَلَى َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه‬ ‫ل أَ رَدْتُ قَت ْ َ‬ ‫ك ال َ ّ‬
‫ساع َة َ لأَ وْقَعْتُ بِه ِ د ُونَه ُ‪ ،‬وَع َنْ فَضَالَة َبن عَم ْرو قَا َ‬ ‫أَ م َام َه ُ أَ ضْر ِبُ بِسَيْفَي و َأَ ق ِيه ِ بنِ َ ْفس ِي ولو لقيته أَ بِي تِل ْ َ‬

‫ك‬
‫ح َ‬
‫ض ِ‬
‫كن ْتَ تُحَدّثُ بِه ِ ن َ ْفسَكَ؟( قلت‪ :‬لا شئ‪ ،‬ف َ َ‬ ‫ْت فَلَم ّا د َنَو ْتُ مِن ْه ُ قَالَ‪ُ :‬أفَضَالَة ُ؟ قلُ ْتُ نَعَمْ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل )م َا ُ‬ ‫ُوف ب ِال ْبَي ِ‬
‫وسلم عام الفتح هو يَط ُ‬
‫َب ِإل َيّ مِن ْه ُ‪ ،‬وَم ِنْ مَشْه ُورِ ذَل ِ َ‬
‫ك خ َب َر ُ عَامِر ِ‬ ‫شي ْئًا أَ ح َ ّ‬
‫الل ّه ُ َ‬
‫ق َ‬ ‫ن قَلْبِي‪ ،‬فو الل ّٰه م َا ر َف َعَه َا ح ََت ّى م َا خ َل َ َ‬
‫ك َ‬
‫ص ْدرِي فَسَ َ‬
‫ض َع يَدَه ُ عَلَى َ‬
‫و َاسْ تَغْف َر َ ل ِي وَو َ َ‬
‫ك وَجْه َ مُحَم ّدٍ فَاض ْربه أَ ن ْتَ فَل َ ْم ي َرَه ُ‬
‫ل عَن ْ َ‬ ‫س َل ّم َ وَك َانَ عَام ٌِر قَا َ‬
‫ل لَه ُ أَ ن َا أَ شْ غ َ ُ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س حِينَ و َف َدا عَلَى َ‬
‫ل و َأَ رْبَد َ بن قَي ْ ٍ‬ ‫ب ْ ِن ال ُ ّ‬
‫طفَي ْ ِ‬
‫ل‬
‫فَع َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله الحجبى( بفتح الحاء المهملة والجيم بعدها موحدة و ياء النسبة إلى حجب الـكعبة و يقع في بعض النسخ جمحى وهو غلط )قوله ثارى(‬
‫أصله بالهمزة وخفف )قوله وأربد( بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الموحدة بعدها دال مهملة‪ ،‬هو أخو لبيد بن ربيعة لأمه‪ ،‬بعث الل ّٰه‬
‫عليه صاعقة فأحرقته كافرا‪ ،‬ولبيد صحابي‬
‫)‪(*) (١ - ٢٣‬‬

‫فصل ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الل ّٰه له من المعارف والعلوم‬ ‫‪٢.٤.٢٥‬‬

‫ن الْيَه ُودِ‬ ‫ك بَيْنِي و َبَي ْنه ُ أَ ف َأَ ضْر ِبُكَ؟ وَم ِنْ عصْ م َتِه ِ لَه ُ تَع َالَى أَ َ ّ‬
‫ن كَث ِير ًا م ِ َ‬ ‫ل لَه ُ والل ّٰه م َا هَمَمْتُ أ ْن أَ ضْر ِبَه ُ إ َلّا وَجَدْت ُ َ‬
‫ك قَا َ‬
‫شيئا فلما كله فِي ذَل ِ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى ح ََت ّى بلَ َ َغ ف ِيه ِ أَ مْرَه ُ‪ ،‬وَم ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ك نَصْرُه ُ‬ ‫ْش و َأَ خْب َر ُوه ُ ْم بسوطته بِه ِ ْم وَح َُضّ وه ُ ْم عَلَى قَتْلِه ِ فَع َ َ‬
‫صم َه ُ َ‬ ‫كه َنَة ِ أَ نْذَر ُوا بِه ِ وَع ََي ّن ُوه ُ لِق ُر َي ٍ‬
‫و َال ْـ َ‬

‫س َل ّم َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ْب أَ م َام َه ُ مَسِيرَة َ شهر كَمَا قَا َ‬ ‫ب ُ‬
‫ِالر ّع ِ‬
‫ن الاطّ ِ‬
‫لاع عَلَى جَم ِ‬
‫ِيع مَصَالِ ح ال ُد ّن ْيَا و َالد ّي ِن وَمَعْرِفَتِه ِ ب ُِأم ُورِ‬ ‫ِف و َال ْع ُلُو ِم وَخ ََصّ ه ُ بِه ِ م ِ َ‬
‫ن ال ْمَع َار ِ‬
‫الل ّه لَه ُ م ِ َ‬
‫فصل وَم ِنْ مُعْجِزاتِه ِ ال ْبَاه ِرَة ِ م َا جَمَع َه ُ َ‬
‫ن ال ْمَاضِيَة ِ من لَد ُ ْن‬
‫ل و َالْجبََابرَة ِ و َالْق ُر ُو ِ‬
‫س ِ‬ ‫ص الْأَ ن ْب ِيَاء ِ و ُ‬
‫َالر ّ ُ‬ ‫سة ِ عِبَادِه ِ وَمَصَالِ ِح ُأ َمّتِه ِ وَم َا ك َانَ فِي ا ْل ُأم َم قَبْلَه ُ و َق ِ َ‬
‫ص ِ‬ ‫شَر َائعه ِ و َق َوانِينِ دِينِه ِ وَسِيَا َ‬
‫اف آر َائِه ِ ْم و َال ْمَعْرِفَة ِ بِمُدَدِه ِ ْم‬
‫َات أعْيَانِه ِ ْم و َاخْ ت ِل َ ِ‬
‫صف ِ‬ ‫حفْظِ شِر َائ ِع ِه ْم وَكُتُبُه ِ ْم وَوَعْي سِيَرِه ِ ْم و َسَرْدِ أَ ن ْبَائِه ِ ْم و َأَ َي ّا ِم َ‬
‫الل ّه ف ِيه ِ ْم و َ ِ‬ ‫آدَم َ ِإلَى زَم َنِه ِ و َ ِ‬
‫آت عُلُومِهَا‬
‫مخَب ّ ِ‬
‫ن الْكِتَابيِِّېنَ بِمَا فِي كُتُبِه ِ ْم و َِإع ْلامِه ِ ْم بأسرار و َ ُ‬
‫ل فِر ْقَة ٍ م ِ َ‬
‫ضة ِ ك ُ ّ ِ‬
‫كف َرَة ِ وَمُع َار َ َ‬ ‫ل ُأ َمّة ٍ م ِ َ‬
‫ن ال ْـ َ‬ ‫محا َجّة ِ ك ُ ّ ِ‬
‫كمائِه ِ ْم و َ ُ‬
‫حكَم ِ ح ُ َ‬
‫و َأَ عْمَارِه ِ ْم و َ ِ‬
‫ُوب فصاحتها والحقظ‬ ‫ك و َغَي ّر ُوه ُ ِإلَى الاحْ ت ِوَاء ِ عَلَى لُغ ِ‬
‫َات الْع َر َِب وَغَر ِيب أَ لْف َاظِ ف ِر َقه َا و َال ِْإح َا َطة ِ ب ِضُر ِ‬ ‫و َِإخْ بَارِه ِ ْم بِمَا كَتَم ُوه ُ من ذَل ِ َ‬
‫ل َ‬
‫الصّ حِيحَة ِ و َالحِكَم ِ البَي ّنَة ِ‬ ‫ْب الْأَ مْثَا ِ‬
‫ِـع كَل ِمه َا ِإلَى المَعْرِفَة ِ ب ِضَر ِ‬‫َالت ّخْ صِ يص بِ ج َوَام ِ‬ ‫حكَمِه َا وَمَع َانِي أَ شْ ع َارِه َا و َ‬
‫لأ َي ّامِهَا و َأَ مْثَالِهَا و َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله بمددهم( بضم الميم‪ :‬جمع مدة )*(‬
‫ل إلى تَمْه ِيدِ ق َوَاعِدِ ال َش ّر ِْع‬
‫شك َ ِ‬ ‫ضو َ‬
‫َالت ّب ِيينِ لِل ْم ُ ْ‬ ‫ِيب َ‬
‫الت ّ ْفه ِِيم لِلْغ َام ِ ِ‬ ‫لِت َ ْقر ِ‬

‫ن مُف ََصّ ٍ‬
‫ل ل َ ْم يُنْكِر ْ مِن ْه ُ م ُل ْ ِ‬
‫حد ٌ‬ ‫ق محامد الآداب وكل شئ مُسْت َحْ سَ ٍ‬
‫ن الْأَ خْلَا ِ‬
‫س ِ‬
‫محَا ِ‬
‫ل شَر ِيع َتِه ِ عَلَى َ‬
‫ل م َ َع اشْ تِمَا ِ‬ ‫ال َ ّذ ِي ل َا تَنَاق ُ َ‬
‫ض ف ِيه ِ وَل َا تَخَاذ ُ َ‬

‫ص َو ّبَه ُ و َاسْ ت َحْ سَن َه ُ د ُونَ طَلَب‬


‫ن الْجا َه ِل َِي ّة ِ بِه ِ إذ َا سَم ِـ َع ما يدعو إلى َ‬
‫حدٍ لَه ُ وَك َافِرٍ م ِ َ‬ ‫ن بَلْ ك ُ ُ ّ‬
‫ل ج َا ِ‬ ‫شي ْئًا إ َلّا من جهَة ِ الْخُذْلا ِ‬
‫ل سَل ٍِيم َ‬
‫ذ ُو ع َ ْق ٍ‬

‫ات و َالْحُد ُودِ‬


‫ن ال ْم ُع َاقَب َ ِ‬
‫ن الْخبََائ ِِث وَصَانَ بِه ِ أَ نْف ُسَه ُ ْم و َأَ عْرَاضَه ُ ْم و َأَ مْوَالَه ُ ْم م ِ َ‬
‫ات وَحَرّم َ عَلَيْه ِ ْم م ِ َ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫طي ّب َ ِ‬ ‫ن عَلَيْه ِ ث َُم ّ م َا أَ ح َ َ ّ‬
‫ل لَه ُ ْم م ِ َ‬ ‫ِإقَامَة ِ بُرْه َا ٍ‬
‫يف ب َِالن ّارِ آجِل ًا م َِم ّا ل َا يَعْلَم ُ ع ِل ْم َه ُ وَل َا يَق ُوم ُ بِه ِ وَل َا ببَِعْضِ ه ِ إ َلّا من مارس الدرس والعكوف على الـكتب ومثافنة بغض هَذ َا‬ ‫عَاجِل ًا و َ‬
‫َالت ّخْ وِ ِ‬
‫ل هَذِه ِ‬‫ن ال ْع ُلُوم م َِم ّا َاتّ خَذ َ أَ ه ْ ُ‬
‫ك مِ َ‬ ‫َاب و ََالن ّس ِ‬
‫َب و َغَيْر ِ ذَل ِ َ‬ ‫ض و َالْحِس ِ‬
‫ّب و َال ْع ِبَارَة ِ و َالْف َرَائ ِ ِ‬
‫ِف ك َالط ّ‬
‫ن ال ْمَع َار ِ‬ ‫ِإلَى الاحْ ت ِوَاء ِ عَلَى ضُر ِ‬
‫َوب ال ْعِلْم ِ و َفُن ُو ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٧‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل طَائِر ٍ(‬
‫هي َ عَلَى رِجْ ِ‬
‫ل عَابِر ٍ و َ ِ‬ ‫س َل ّم َ ُ‬
‫)الر ّؤْي َا ل َأَ َ ّو ِ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ ف ِيهَا ق ُ ْدوَة ً و َ ُأصُول ًا فِي ع ِل ْمِه ِ ْم َ‬
‫كقَو ْلِه ِ صَلَ ّى َ‬ ‫ِف ك َلَام َه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ال ْمَع َار ِ‬
‫شيْطَانِ( و َقَو ْله )إذ َا تَق َار َبَ َ‬
‫الز ّم َانُ ل َ ْم تكد رؤ يا‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫تحْزِي ٍن م ِ َ‬
‫ل ن َ ْفسَه ُ وَرُؤْي َا َ‬ ‫َق وَرُؤْي َا يُح َ ّدِثُ بِهَا َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫اث رُؤْي َا ح ّ ٍ‬ ‫و َقَو ْله ُ‬
‫)الر ّؤْي َا ثَل َ ٌ‬
‫__________‬
‫ل طائر رجل بكسر الراء وسكون الجيم‪ ،‬قال الهروي أي علاى قدر‬ ‫هي َ عَلَى رِجْ ِ‬ ‫)قوله والعبارة( بكسر العين هي تعبير الرؤ يا )قوله و َ ِ‬
‫جار وقضاء ماض من خير أو شر وقال ابن الأثير هو من قولهم اقتسموا دارا فطار سهم فلان إلى ناحية كذا يعنى أن الرؤ يا وهى التى‬
‫يعبرها المعبر الأول فكأنها سقطت ووقعت حيث عبرت كما يسقط الذى يكون على رجل الطائر بأدنى حركة وقال ابن قتيبة أراد أنها‬
‫الز ّم َانُ( قيل هو اقتراب‬ ‫ل طَائِر ٍ وبين مخالب طائر وعلى قرن ظبى )قوله إذ َا تَق َار َبَ َ‬ ‫غير مستقرة يقال للشئ إذا لم يستقر هو عَلَى رِجْ ِ‬
‫الساعة وقيل تقارب الليل والنهار من الاعتدال )*(‬
‫ن‬
‫ْض ال ْبَد َ ِ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ من قَو ْلِه ِ )المَعِدَة ُ َ‬
‫حو ُ‬ ‫ل ك ُ ِّ ٍ‬
‫ل د َاء ال ْبَرَدَة ُ( وَم َا رُوِيَ عَن ْه ُ فِي حَدِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬ ‫ن تَكْذِبُ ( و َقَو ْله )أَ صْ ُ‬
‫ال ْمُؤْم ِ ِ‬
‫و َال ْع ُر ُوقُ ِإلَيْهَا‬
‫ُوط و ََالل ّد ُود ُ و َالْ حِجَام َة ُ‬
‫سع ُ‬‫كو ْنِه ِ مَوْضُوعًا تَك ََل ّم َ عَلَيْه ِ ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ)خ َير ُ م َا تَد َاو َي ْتُم ْ بِه ِ ال َ ّ‬
‫ضعْفِه ِ و َ َ‬
‫و َارِدَة ٌ( و َِإن ك َانَ هَذ َا حَدِيثًا ل َا نصحهه ل َ َ‬

‫ْب( و َقَو ْلُه ُ )م َا م َل َ َأ‬


‫سبْع َة ُ أَ شْ فية ٍ مِنْهَا ذ َاتُ الْجنَ ِ‬
‫ن و َفِي ال ْع ُودِ ال ْهِن ْدي َ‬
‫سب ْ َع عَشْرَة َ و َت ِ ْس َع عَشْرَة َ و َِإحْد َى وَعِشْر ِي َ‬ ‫و َال ْمَش ِ ُ ّ‬
‫ي وَخَي ْر ُ الْ حِجَامَة ِ يَوْم َ َ‬

‫ل ه ُو َ‬
‫ل ع َنْ سَبَإ أَ رَج ُ ٌ‬ ‫ث ل ِ َلن ّف َ ِ‬
‫س و َقَو ْلُه ُ و َق َ ْد سُئ ِ َ‬ ‫ث لِل َش ّر ِ‬
‫َاب و َثلُ ُ ٌ‬ ‫ث لِل َ ّ‬
‫طع َا ِم و َثل ُ ٌ‬ ‫ن ‪ِ -‬إلَى قَو ْلِه ِ ‪ -‬ف َِإ ْن ك َانَ ل َا ب ُ َ ّد فَثُل ُ ٌ‬
‫ن آدَم َ وِعَاء ً ش َ ًرّا م ِنْ ب َ ْط ٍ‬
‫اب ْ ُ‬

‫ك‬
‫َب قُضَاع َة َ و َغَيْر ِ ذَل ِ َ‬
‫ك جَوَابُه ُ فِي نَس ِ‬
‫ل ولد عشرة نيا من منهم ستة وثشأم أَ رْبَع َة ٌ( الْحَدِيثَ بِط ُولِه ِ‪ ،‬وَكَذَل ِ َ‬
‫ل )رَج ُ ٌ‬
‫ْض؟ فَق َا َ‬
‫أَ م امْرَأَ ة ٌ أَ ْم أَ ر ٌ‬
‫َب ِإلَى سُؤَالِه ِ ع ََم ّا اخْ تَلَف ُوا ف ِيه ِ من ذَلِكَ‪ ،‬و َقَو ْله‬
‫شغْلِه َا ب َِالن ّس ِ‬ ‫م َِم ّا اضْ ط ََر ّ ِ‬
‫ت الْع َر َبَ عَلَى َ‬
‫__________‬
‫)قوله البردة( بفتح الموحدة والراء وبالدال المهملة وهى التخمة وثقل الطعام على المعدة لأن ذلك يبرد المعدة )قوله السموط( بفتح‬
‫السين المهملة ما يجعل في الأنف من الأدو ية )قوله واللدود( بفتح اللام وبدالين مهملتين بينهما واو هو الدواء الذى يصب في أحد‬
‫جانبى الفم‪ ،‬قاله الجوهرى )قوله والمشى( بفتح الميم وكسر الشين المعجمة بعدها ياء مشددة هو الدواء المسهل لأنه يحمل شاربه على‬
‫المشى والتردد إلى الخلاء‪ ،‬قاله ابن الأثير )قوله و َفِي ال ْع ُودِ ال ْهِن ْدي( قيل هو القسط البحري وقيل العود الذى يتبخر به‪ ،‬قاله ابن الأثير‬
‫)قوله حمير( بكسر المهملة وسكون الميم وفتح المثناة التحتية )*(‬
‫ن َ‬
‫الز ّم َانَ ق َد اسْ تَد َار َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫جمَتُهَا و َهَمْد َانُ غَارِ بُهَا وَذ ُ ْروَتُهَا( و َقَو ْله ِ‬
‫صمَتُهَا و َالْأَ ْزد ُ ك َاه ِلُه َا وَجُم ْ ُ‬ ‫س الْع َر َِب و َن َابُهَا وَمِذ ِ‬
‫ْحج ُ ه َامَتُهَا و َغَل ْ َ‬ ‫) ِحم ْير ٌ ر َأْ ُ‬
‫ك‬ ‫ض زَو َاي َاه ُ سَوَاءٌ( و َقَو ْلُه ُ فِي حَدِيث الذّكْر ِ )و َِإ َ ّ‬
‫ن الْحَسَن َة َ بِعَشْر ِ أَ مْثَالِهَا‪ ،‬فَتِل ْ َ‬ ‫ْض( و َقَو ْله )فِي الْحَو ْ ِ‬ ‫كهَي ْئَتِه ِ يَوْم َ خ َل َ َ‬
‫ق الل ّٰه السموات و َالْأَ ر َ‬ ‫َ‬

‫م ِائَة ٌ‬
‫ِب قِبْلَة ٌ(‬
‫ق و َالمَغْر ِ‬
‫وَخَمْس ُونَ عَلَى اللسان وألف وخمسمائة في الميزان وقوله و َه ُو َ بِمَوْضِـع )نِعْم َ مَوْضِـ ُع ا ْلحم َ ّا ِم هَذ َا( و َقَو ْلُه ُ )م َا بَيْنَ ال ْمَشْر ِ ِ‬
‫س َل ّم َ ل َا‬ ‫ل مِنْكَ( و َقَو ْلُه ُلِك َاتبِِه ِ )ض َِع الْق َلَم َ عَلَى ُأذ ُن ِ َ‬
‫ك ف َِإ َن ّه ُ أَ ْذك َر ُللممل( هَذ َا م َ َع أَ َن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َقَو ْلُه ُل ِع ُيَي ْن َة أَ و الأقرع أَ ن َا أَ ف ْر َُس ب ِالْخيَ ْ ِ‬
‫ِيم(‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫كقَو ْلِه ِ )ل َا تَم ُ ّدوا باسم َ‬
‫ن تَصْ وِير ِه َا َ‬
‫س َ‬
‫ح ْ‬
‫ط وَ ُ‬
‫ُوف الْخ َ ّ ِ‬
‫َت آث َار ٌ بِمَعْرفَتِه ِ حُر َ‬ ‫يَكْت ُبُ و َلـَك َِن ّه ُ ُأوتِي َ عِلْم َ ك ُ ّ ِ‬
‫ل شئ ح ََت ّى ق َ ْد وَرَد ْ‬

‫ق ابن ع ََب ّاس‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ فِي الْحَدِيثَ الْآخَر ِ ال َ ّذ ِي يُرْو َى ع َنْ مُع َاوِ يَة َ َأن ّه ُ ك َانَ يَكْت ُبُ بَيْنَ يَد َيْه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم‬ ‫رواه أن شعْبَانَ من َطرِ ي ِ‬
‫فقال له‬
‫__________‬
‫)قوله مذحج( بسكون الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة‪ ،‬في الصحاح مذحج على وزن مسجد أبو قبيلة من اليمن وهو مذحج بن يحاص‬
‫ك بن زيد بن كهلان بن سبأ‪ ،‬قال سيبو يه‪ :‬الميم من نفس الكلمة‪ ،‬وفى القاموس كمجلس‪ :‬أكمه‪ ،‬ولدت مالكا وطيبا أم هما‬
‫بن م َال ِ ِ‬
‫عندها فسموا مذحجا )قوله وغلصمتها( الغلصمة بفتح الغين المعجمة وسكون اللام رأس الحلقوم وهو الموضع الثاني في الحلق )قوله‬
‫كاهلها( الكاهل من الإنسان ما بين كتفيه )قوله وهمدان( بسكون الميم )قوله غاربها( الغارب ما بين السنام والعنق )قوله وذروتها(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٨‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫بضم الذال المعجمة وكسرها‪.‬‬


‫أي أعلاه )*(‬
‫الر ّو َايَة ُ َأن ّه ُ‬
‫ن ل َ ْم تَصِ َحّ َ‬
‫الر ّحِيم َ( و َهَذ َا و َِإ َ ّ‬
‫جوِ ّدِ َ‬
‫ن وَ َ‬ ‫الل ّه َ وَم ُ َ ّد َ‬
‫الر ّحْم َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬
‫ح ِّ‬
‫سِينَ وَل َا تُعَوِ ّرِ الْمِيم َ و َ َ‬
‫ق ال ّ‬ ‫ق ال َد ّو َاة َ وَحَرّ ِ‬
‫ِف الْق َلَم َ و َأَ ق ِ ِم ال ْبَاء َ و َف َرِ ّ ِ‬ ‫)أَ ل ِ‬
‫ح ْفظ ُه ُ‬ ‫س َل ّم َ بِلُغ ِ‬
‫َات الْع َر َِب و َ ِ‬ ‫س َل ّم َ كَت َبَ فَلَا يَب ْعُد ُ أ ْن يُرْز َقَ عِلْم َ هَذ َا و َيُم ْن َ َع الْكِتَابَة ِ و َالْق ِرَاءَة َ * و َأَ َمّا ع ِل ْم ُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ِيث )سَنَة ْ سَنَة ْ(‬‫كقَو ْلِه ِ فِي الْحَد ِ‬ ‫َات ا ْل ُأم َم َ‬ ‫ك حِفظ ُه ُ لـِكَث ِيرٍ من لُغ ِ‬ ‫اب وَكَذَل ِ َ‬ ‫ل الْكِت َ ِ‬ ‫م َع َانِي أَ شْ ع َارِه َا ف َأم ٌْر مَشْه ُور ٌ ق َ ْد نَبّه ْنَا عَلَى بَعْضِ ه ِ أَ َ ّو َ‬
‫حسَن َة ٌ‬
‫هي َ َ‬
‫وَ ِ‬
‫ك‬ ‫ن ب ِالْف َار َ‬
‫ِسي ّة ِ ِإلَى غَيْر ِ ذَل ِ َ‬ ‫ج ُع ال ْب َ ْط ِ‬
‫كن ْبَ د َ ْرد َ( أي و َ َ‬ ‫ب ِالْحبََش َِي ّة ِ‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ )و َيَكْث ُر ُ الهَرْجُ( و َه ُو َ الْقَت ْ ُ‬
‫ل بِهَا‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ فِي حَدِيث أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ )أَ شْ َ‬
‫الل ّه‬
‫ل َ‬ ‫ْض هَذ َا وَل َا يَق ُوم ُ بِه ِ وَل َا ببَِعْضِ ه ِ إ َلّا من مارس الدرس والعكوف على الكتاب وَم ُثَافَنَة ِ أَ ه ْلِه َا عُم ْرَه ُ و َه ُو َ رَج ُل كَمَا قَا َ‬
‫م َِم ّا ل َا يَعْلَم ُ بَع َ‬
‫صف َت ُه ُ وَل َا نَش َأ بَيْنَ قَو ْم لَه ُ ْم عِلْم ٌ وَل َا ق ِرَاءَة ٌ لشئ من هَذِه ِ ال ُأم ُورِ وَل َا عُر َ‬
‫ِف‬ ‫ِف بِصُحْ بَة ِ من هَذِه ِ ِ‬ ‫تَع َالَى ُأمّيّ ل َ ْم يَكَت ُْب و َل َ ْم يَقْرأْ َ وَل َا عُر َ‬
‫طه ُ بِيمَِينِكَ(‬ ‫اب و َلا تَخ ُ ُ ّ‬
‫كن ْتَ ٺَت ْلُو م ِنْ قَبْلِه ِ م ِنْ ك ِت َ ٍ‬
‫الل ّه تَع َالَى )وَم َا ُ‬‫ل َ‬ ‫ل بشئ مِنْهَا قَا َ‬ ‫ه ُو َ قَب ْ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله ألق الذوة( بفتح الهمزة وكسر اللام‪ ،‬أي‪ :‬أصلح مدادها )قوله وَل َا تُعَوِ ّرِ الْمِيم َ( بضم المثناة الفوقية‪ ،‬وفتح العين المهملة وتشديد‬
‫الواو المكسورة )قوله سنه سنه( قال ابن الأثير‪ :‬وفى رواية سنا سنا بتخفيف نونهما وتشديدهما‪ ،‬وفى أخرى سناه سناه بالتشديد والتخفيف‬
‫فيهما )قوله الهرج( بفتح الهاء وسكون الراء بعدها جيم )قوله أشكنب درد( بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح الكاف بعدها نون‬
‫ساكنة فموحدة كذلك فدالين مهملتين أولهما مفتوحة وبينهما راء وأشكنب معناه بالفارسية‪ :‬البطن‪ ،‬ودرد‪ :‬الوجع )قوله مثافنة بمثلثة‬
‫وفاء ونون تقدم تفسيره )*(‬
‫ل بِطَلَبَه ِ‬
‫ك و َالاشْ ت ِغ َا ِ‬
‫ك لَه ُ ْم بَعْد َ التفرق ل ِعِلْم ِ ذَل ِ َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬
‫ص َ‬ ‫شعْر َ و َال ْبَيَانَ و ََإن ّمَا َ‬
‫ح َ‬ ‫الآيَةَ‪َ :‬إن ّمَا ك َان َْت غاية معارف العر بالنسب و َأَ خْ بَار َ أو َائِلِه َا و َال ّ‬

‫ل ِإلَى جَ حْدِ الملحد لشئ م َِم ّا ذَكَر ْن َاه ُ وَل َا وَجَد َ ال ْـكَف َرَة ُ حِيلَة ً‬
‫س َل ّم َ وَل َا سَب ِي َ‬ ‫وَم ُبَاحَثَه ِ أه ْلِه ِ عَن ْه ُ‪ ،‬و َهَذ َا الف َُنّ ن ُ ْقطَة ٌ من َ‬
‫بحْرِ ع ِل ْمِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫يٌ و َهَذ َا لِسَا ٌ‬
‫ن‬ ‫الل ّه قَو ْلَه ُ ْم بِقَو ْلِه ِ )لِسَانُ ال َ ّذ ِي يلُ ْ ِ‬
‫حد ُونَ ِإلَيْه ِ أَ عْجَمِ ّ‬ ‫فِي د َف ْع م َا نَصَصْ نَاه ُ إ َلّا قَو ْلَه ُ ْم )أَ سَاطِير ُ الأَ َ ّولِينَ( )وإنما يعلمه بشر( ف َر َدّ َ‬
‫ن ال َ ّذ ِي نَس َب ُوا تَعْلِيم َه ُ إليْه ِ ِإ َمّا سَل ْمَانُ‬ ‫ع َرَ بِيّ ٌ مبين( ث َُم ّ م َا قَالُوه ُ م َكاب َرَة ُ ال ْع ِيَا ِ‬
‫ن ف َِإ َ ّ‬
‫الر ّو ِم ُيّ فَك َانَ أسْ لَم َ وَك َانَ‬
‫َات‪ ،‬و َأَ َمّا ُ‬ ‫ظه ُورِ م َا لا يَن ْع َ ُ ّد م ِ َ‬
‫ن الآي ِ‬ ‫ن وَ ُ‬
‫ن الْقُر ْآ ِ‬ ‫أَ و ال ْعَبْد ُ ال ُْر ّو ِم ُيّ وسلمان إما ع َرَف َه ُ بَعْد َ ال ْه ِجْ رَة ِ و َن ُز ُو ِ‬
‫ل ال ْـكَث ِير ِ م ِ َ‬
‫يج ْل ُِس عِنْدَه ُ عِنْد َ ال ْمَرْوَة ِ وَكِلاهُمَا أَ عْجَمِ ُ ّ‬
‫ي‬ ‫س َل ّم َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل بَلْ ك َانَ َ‬
‫س َل ّم َ‪ ،‬و َاخْ تُل َِف فِي اسْمِه ِ و َق ِي َ‬ ‫يَقْر َُأ عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ن بِمِثْلِه ِ بَلْ ع َنْ ف َ ْه ِم و َصْ فِه ِ وَصُورَة ِ ت َألِيفِه ِ و َنظمِه ِ‬


‫ضة ِ م َا أتَى بِه ِ و َال ِْإت ْيَا ِ‬
‫ن ق َ ْد عَجَز ُوا ع َنْ مُع َار َ َ‬
‫س ُ‬ ‫ن و َهُم ُ الْفُصَحاء ُالل ّ ُد ّ و َالْخُطَبَاء ُ‬
‫الل ّ ْ‬ ‫َ‬
‫الل ّسَا ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الر ّو ِم ُيّ أَ ْو يَع ُ‬
‫ِيش أو جبر ويسار عَلَى اخْ ت ِلافِه ِ ْم فِي اسْمِه ِ بَيْنَ أَ ظْ هُرِه ِ ْم يُكَل ِّم ُونَه ُ ْم‬ ‫كنَ؟ نَع َ ْم و َق َ ْد ك َانَ سَل ْمَانُ أَ ْو بلَْع َام ُ ُ‬
‫ي أَ ل ْـ َ‬
‫فَكَي َْف ب ِأَ عْجَمِ ّ‬
‫س َل ّم َ؟ و َه َلْ عرف‬ ‫ل م َا كان يجئ بِه ِ مُحَم ّدٌ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حدٍ مِنْه ُ ْم شئ من مِث ْ ِ‬
‫مَد َى أَ عْمَارِه ِ ْم فَه َلْ حُكِي َ ع َنْ و َا ِ‬
‫__________‬
‫)قوله اللد( جمع ألد وهو الشديد الخصومة )قوله اللسن( بضم اللام وإسكان السين المهملة جمع لسن بفتح اللام وكسر المهملة )قوله‬
‫ألـكن( الـكنة العجمة في اللسان والعى في الكلام )*(‬

‫فصل ومن خصائصه صلى الل ّٰه عليه وسلم وكراماته وباهرآياته إنباؤه مع الملائكة والجن‬ ‫‪٢.٤.٢٦‬‬

‫يج ْل ِس ِإلَى هذا فَي َأْ خُذ َ عَن ْه ُ أيْضًا‬ ‫ك وَم َا م َن َ َع الْعَد ُ َ ّو حِينَئذٍ عَلَى َ‬
‫كثْرَة ِ عَدَدِه ِ دؤوب طلبه وقوة حسده أ ْن َ‬ ‫حدٌ مِنْه ُ ْم بِمَعْرِفَة ِ شئ من ذَل ِ َ‬
‫و َا ِ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ِث بِمَا ك َانَ يُم َخْ رِقُ بِه ِ من أَ خْ بَارِ كُتُبِه ِ وَل َا غَابَ َ‬
‫الن ّضْر ِ بن الْحا َر ِ‬ ‫يح ْت َُجّ بِه ِ عَلَى شِيع َتِه ِ َ‬
‫كفِعْل َ‬ ‫ِض به و َيَتَع َل ّم َ مِن ْه ُ م َا َ‬
‫م َا يُع َار ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٦٩‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل َإن ّه ُ اسْ تَم َ َ ّد مِنْه ُ ْم بَلْ ل َ ْم ي َز َلْ بين أظهرهم يرعى في صغره وشبابه‬
‫اب فَيُق َا ُ‬
‫ل الْكِت َ ِ‬ ‫س َل ّم َ ع َنْ قَوْمِه ِ وَل َا كَثُر ِ‬
‫َت اخْ ت ِلافَاتُه ُ ِإلَى بلادِ أَ ه ْ ِ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫كي َْف ال ْـكَث ِير ُ؟ بَلْ‬
‫ل ف ِيهَا تَعْلَيم ُ الْق َليل ف َ َ‬ ‫سفْرَتَيْنِ ل َ ْم يَط ُلْ ف ِيهِم َا مُكْث ُه ُ م ُ َ ّدة ً َ‬
‫يح ْتَمِ ُ‬ ‫سفْرَة ٍ أَ ْو َ‬
‫على عادة أنبيائهم ثم لم يخرج عن بلادهم إلا فِي َ‬
‫ف ح َالُه ُ م ُ َ ّدة َ مُق َامِه ِ بِم َ َك ّة َ‬
‫سفَرِه ِ فِي صُ ح ْبَة ِ قَوْمِه ِ وَرِفَاقِه ِ وَعَشِيرَتِه ِ ل َ ْم يَغ ِْب عَنْه ُ ْم وَل َا خ َال َ َ‬
‫ك َانَ فِي َ‬
‫حضًا‬
‫ل ع ُ ْذ ٍر وَم ُ ْد ِ‬ ‫ل لَو ْ ك َانَ هَذ َا بَعْد ُ ك ُل ّه ُلَك َانَ مجئ م َا أَ تَى بِه ِ فِي مُعْجِز الْقُر ْآ ِ‬
‫ن قَاطِع ًا لِك ُ ّ‬ ‫ن بَ َ‬
‫َس أَ ْو ك َاه ِ ٍ‬
‫اف ِإلَى حَبْرٍ أَ ْو ق ّ ٍ‬
‫من تَعْل ٍِيم و َاخْ ت ِل َ ٍ‬

‫ل أَ ْمر ٍ‬ ‫ل حُ َ ج ّة ٍ و َ ُ‬
‫مجَلِّيًا لِك ُ ّ‬ ‫لِك ُ ّ‬

‫خصَائ ِصِ ه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم وكراماته وباهرآياته إنباؤه‬ ‫فصل وَم ِنْ َ‬
‫__________‬
‫الن ّضْر ِ بن الحارث( قتل كافرا صبرا في توجيهه عليه السلام بعد بدر إلى المدينة )قوله يمخرق( بضم أوله وفتح ثانيه وسكون‬ ‫كفِعْل َ‬ ‫)قوله َ‬
‫الخاء المعجمة بعدها راء مكسورة وقاف في الصحاح أما المخرقة فكلمة مولدة )قوله بين أظهرهم( أي بينهم )قوله إلى حبر( بفتح الحاء‬
‫المهملة وكسرها )قوله أو قس( بفتح القاف وكسرها وتشديد السين‪ ،‬في الصحاح هو رئيس من رؤس النصارى في الدين والعلم وكذلك‬
‫القسيس )*(‬
‫الل ّه َ ه ُو َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )و َِإ ْن تَظَاه َرَا عَلَيْه ِ ف َِإ َ ّ‬
‫ل َ‬ ‫صحَابِه ِ لَه ُ ْم * قَا َ‬
‫الل ّه لَه ُ ب ِال ْمَلَائِكَة ِ وَطَاع َة ُ الْج ِنّ له ورؤ ية كثيرا من أَ ْ‬
‫م َ َع ال ْمَلَائِكَة ِ و َالْج ِنّ و َإ ْمد َاد ُ َ‬
‫)إ ْذ تَسْت َغ ِيث ُونَ ر ََب ّك ُ ْم فَاسْ ت َج َابَ لـَك ُ ْم أَ ن ِ ّي‬
‫ل ِ‬
‫ن آم َن ُوا( و َقَا َ‬ ‫)إ ْذ يُوحِي ر َُب ّ َ‬
‫ك ِإلَى ال ْمَلائِكَة ِ أَ ن ِ ّي مَعَك ُ ْم فَثَب ِّت ُوا ال َ ّذ ِي َ‬ ‫ل ِ‬
‫جبْر ِيلُ( الآيَة َ و َقَا َ‬
‫مَو ْلاه ُ و َ ِ‬
‫ص الْفَق ِيه ُ بِسَم َاعِ ي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو‬
‫ن الْع َا ِ‬ ‫ن الْج ّ ِِن يَسْتَمِع ُونَ القرآن الآيَة َ * ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫سفْيَانُ ب ْ ُ‬ ‫ك نَف َرًا م ِ َ‬
‫ل )و َِإ ْذ صَر َف ْنَا ِإلَي ْ َ‬
‫ممدكم( الآيَتَيْنِ‪ ،‬و َقَا َ‬

‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن مُع َاذٍ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫سل ِم ٌ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬
‫سفْيَانَ نا م ُ ْ‬ ‫ي ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو أَ حْمَد َ الْجلُُود ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ الْغ َافِرِ الْف َارِس ِ ُ ّ‬
‫سمَر ْقَنْد ُِيّ قَا َ‬
‫ْث ال َ ّ‬ ‫َ‬
‫الل ّي ِ‬
‫ل عَلَيْه ِ‬ ‫جبْر ِي َ‬
‫ل ر َأَ ى ِ‬ ‫َات ر َبِّه ِ الـكبرى( قَا َ‬ ‫ل )لَق َ ْد ر َأَ ى م ِنْ آي ِ‬ ‫الل ّه ِ قَا َ‬
‫ش ع َنْ عَبْدِ َ‬ ‫ن حُبَي ْ ٍ‬ ‫شي ْبَان ِ ِيّ سَم ِـ َع زِ َرّ ب ْ َ‬
‫أَ بِي ح َ َ ّدثَنَا شعبة عن سلمان ال َ ّ‬
‫كثْرَتِه ِ ْم وَعِظَم صُورِ‬
‫ن ال ْمَلَائِكَة ِ وَم َا شَاهَدَه ُ من َ‬
‫ل و َغَيْرِهِمَا م ِ َ‬
‫ل و َِإسْر َاف ِي َ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫محَاد َثَتِه ِ م َ َع ِ‬ ‫سلَام ُ فِي صُورتِه ِ له ستمائة جَن َ ٍ‬
‫اح‪ ،‬و َا ْلخـَب َر ُ فِي ُ‬ ‫ال َ ّ‬

‫ل‬ ‫صحَابه جبر يل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬


‫سلَام ُ فِي صُورَة ِ رَج ُ ٍ‬ ‫مخ ْتَلِفَة ٍ ف َرأَ َ ى أَ ْ‬ ‫بَعْض ِه ْم لَيْلَة َ ال ِْإسْر َاء ِ مَشْه ُور ٌ و َق َ ْد ر َآه ُ ْم بِ حَضْرَتِه ِ جَمَاع َة ٌ من أَ ْ‬
‫صحَابِه ِ فِي م َوَاطِن ُ‬

‫ل‬
‫جبْر ِي َ‬
‫سعْدٌ عَلَى يَمِينِه ِ و َيَس َارِه ِ ِ‬
‫ل فِي صُورَة ِ دِحْ ي َة َ وَر َأَ ى َ‬ ‫س و َ ُأسَام َة ُ بن ز َيْدٍ و َغَي ْرهمَا عند ِ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫ن ال ِْإسْ لَام و َال ِْإ يمَان وَر َأَ ى ابن ع ََب ّا ٍ‬
‫يَسْأَ لُه ُ ع َ ِ‬
‫يض ومِثْلُه ُ‬
‫اب ب ِ ٌ‬
‫ل فِي صُورَة ِ رَج ُلَيْنِ عَلَيْهَم َا ثيِ َ ٌ‬
‫وَم ِيك َائيِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن حبيش( بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وفى آخره شين معجمة هو أبو مريم الأسدى )قوله دحية( بكسر الدال المهملة‬
‫وفتحها )*(‬
‫سفْيَانَ‬ ‫ن ال ْـكُ َ ّفارِ وَل َا ي َر َ ْونَ َ‬
‫الضّ ارِبَ وَر َأَ ى أَ بُو ُ‬ ‫خي ْلَه َا يَوْم َ ب َ ْد ٍر و َبَعْضُه ُ ْم ر َأَ ى تطاير الرؤس م ِ َ‬
‫جر َ ال ْمَلَائِكَة ِ َ‬
‫حدٍ‪ ،‬وَسَم ِـ َع بَعْضُه ُ ْم ز َ ْ‬
‫ع َنْ غَيْر ِ و َا ِ‬
‫حصَيْنٍ و َأَ ر َى‬ ‫سم َاء ِ و َالْأَ ْر ِ‬
‫ض م َا يَق ُوم ُ لها شئ و َق َ ْد ك َان َِت ال ْمَلَائِك َة ُ تُصَافِح ُ ِعم ْرَانَ بن ُ‬ ‫ق بَيْنَ ال َ ّ‬
‫ل بُل ْ ٍ‬
‫خي ْ ِ‬
‫ِث يَوْم َئِذٍ رِج َال ًا بيِضًا عَلَى َ‬
‫بن الْحا َر ِ‬
‫ش َبّهَه ُ ْم‬
‫الل ّه بن مَسْع ُودٍ الْج َِنّ لَيْلَة َ الْج ِنّ وَسَم ِـ َع ك َلامَه ُ ْم و َ َ‬
‫ل فِي ال ْـكَعْبَة ِ فَخَر ّ مَغْش ًِي ّا عَلَيْه ِ وَر َأى عَب ْد َ‬ ‫س َل ّم َ ِلحم َ ْزَة َ ِ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫س َل ّم َ يَق ُو ُ‬
‫ل لَه ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل يَوْم َ ُأحُدٍ أَ خَذ َ َ‬
‫الر ّايَة َ م َل َكٌ عَلَى صُور َتِه ِ فَك َانَ َ‬ ‫سعْدٍ أَ َ ّ‬
‫ن م ُصْ ع َبَ بن ع ُمَيْرٍ لَم ّا قُت ِ َ‬ ‫ل ُ‬
‫الز ّ ّط‪ ،‬وَذَك َر َ ابن َ‬ ‫بِرِج َا ِ‬
‫ن ال ْمُصَن ّفينَ ع َنْ ع ُم َر َ بن الخطاب رضي الل ّٰه عنه‬ ‫َب فَعَل ِم َ َأن ّه ُ م َل َكٌ ‪ ،‬و َق َ ْد ذَك َر َ غَي ْر ُ و َا ِ‬
‫حدٍ م ِ َ‬ ‫)تَق َ َ ّد ْم ي َا م ُصْ ع َبُ ( فقال لَه ُ الملَ َ ُ‬
‫ك لَسْتُ بِمُصْ ع ٍ‬
‫س َل ّم َ ف َر َدّ عَلَيْه ِ و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خ بيَِدِه ِ ع َصً ا فَسَ َل ّم َ عَلَى َ‬
‫شي ْ ٌ‬ ‫س َل ّم َ إ ْذ أَ ق ْب َ َ‬
‫ل َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وس م َ َع َ‬
‫ن ج ُل ُ ٌ‬
‫نح ْ ُ‬
‫أنه قَالَ‪ :‬بَي ْنَا َ‬

‫يس( فَذَك َر َ َأن ّه ُ لَقِ َي نُوح ًا وَم َنْ‬ ‫س َل ّم َ )نَغَم َة ُ الْج ِنّ ‪ ،‬من أن ْتَ ؟ قَا َ‬
‫ل أَ ن َا ه َام َة ُ بن الهيم بن لاقس بن ِإ بْل ِ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫سوْد َاء ِ التي‬ ‫ن الْقُر ْآنِ‪ ،‬وَذَك َر َ ال ْوَاقِد ُِيّ قَت ْ َ‬
‫ل خ َالِدٍ عِنْد َ ه َ ْدمِه ِ ال ْع َُز ّى لِل َ ّ‬ ‫س َل ّم َ ع َل ّم َه ُ سُوَر ًا م ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل و َأَ َ ّ‬
‫ِيث َطوِ ي ٍ‬
‫بَعْدَه ُ فِي حَد ٍ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٠‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫)قوله زجر الملائكة( بفتح الزاى وسكون الجيم‪ ،‬في الصحاح الزجر المنع والنهى‪ ،‬وزجر البعير ساقه )قوله برجال الزط( بضم الزاى‬
‫س َل ّم َ ع َل ّم َه ُ سُوَر ًا م ِ َ‬
‫ن القرآن( في الميزان‪ :‬وفى حديثه المذكور‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وتشديد الطاء المهملة قوم من السودان طوال )قوله و َأَ َ ّ‬
‫أنه عليه السلام علمه المرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت والمعوذتين وقل هو الل ّٰه أحد )*(‬

‫فصل ومن دلائل نبوته وعلامات رسالته ما ترادفت به الأخبار عن الرهبان والأحبار‬ ‫‪٢.٤.٢٧‬‬

‫ك ال ْع َُز ّى‪.‬‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬


‫ل لَه ُ تِل ْ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫شعْر َه َا ع ُر ي َانَة ً فَجَزَلَهَا بِسَيْفِه ِ و َأَ ع ْلَم َ َ‬
‫ْ‬ ‫َت لَه ُ ن َاشِرَة ً َ‬
‫خَرَج ْ‬

‫شيْطَان ًا تَف ََل ّتَ ال ْبَارِح َة َ لِي َ ْقطَ َع عَل َيّ صَلاتِي ف َأَ ْمكَنَنِي َ‬
‫الل ّه ُ مِن ْه ُ ف َأَ خَذْتُه ُ ف َأَ رَدْتُ أَ ْن ‪ ٧‬أَ رْبِطَه ُ ِإلَى سَارِ يَة ٍ م ِنْ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم َ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َقَا َ‬

‫َب ا ْغفِر ْ ل ِي و َه َْب ل ِي م ُلْك ًا لا ينبغي لأَ حَدٍ م ِنْ بَعْدِي( ف َر َدّه ُ َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫جدِ ح ََت ّى تَنْظ ُر ُوا ِإلَيْه ِ ك ُُل ّـك ُ ْم فَذَكَر ْتُ دَعْوَة َ أَ خِي سُلَيْم َانَ )ر ِّ‬
‫س ِ‬‫سَوَارِي ال ْم َ ْ‬

‫ل ال ْـكُت ُِب‬ ‫ن والأحبار و َعُلَمَاء ِ أَ ه ْ ِ‬ ‫ن ُ‬


‫الر ّه ْبَا ِ‬ ‫ل نُب ُ َو ّتِه ِ و َعَلام ِ‬
‫َات رِسَالَتِه ِ م َا ت َراد َف َْت بِه ِ الْأَ خْ بَار ُ ع َ ِ‬ ‫َاب و َاسِـ ٌع فصل وَم ِنْ د َلائ ِ ِ‬ ‫خ َاسِئًا‪ ،‬و َهَذ َا ب ٌ‬
‫ن ال ْمُتَق َ ّدِم ِينَ من شعْرِ ت َُب ّ ٍع‬ ‫حّدِي َ‬ ‫صفَة ِ ُأ َمّتِه ِ واسمه وعلاماتاه وَذِكْر ِ الْخا َت َ ِم ال َ ّذ ِي بَيْنَ كَتِفَيْه ِ وَم َا و ُجد َ من ذَل ِ َ‬
‫ك فِي أَ شْ ع َارِ ال ْم ُو َ ِ‬ ‫صف َتِه ِ و َ ِ‬
‫من ِ‬
‫ف بِه ِ من‬ ‫ن و َغَيْرِه ِ ْم وَم َا ع َ َّر َ‬‫ْف بن ذِي ي َز َ ٍ‬ ‫سي ِ‬ ‫مجَاش ٍ‬
‫ِـع و َق َّس بن سَاعِدَة َ وَم َا ذُك ِر َ ع َنْ َ‬ ‫سفْيَانَ بن ُ‬ ‫ْب بن لُؤ َيّ و َ ُ‬
‫كع ِ‬
‫س بن ح َارِثَة َ و َ َ‬ ‫و َالْأَ ْو ِ‬

‫ن ا ْلحمير ُِيّ و َعُلَمَاء ُ يَه ُود َ و َشام ُو ُ‬


‫ل عالمهم‬ ‫ل وَوَر َق َة ُ بن نوفل وَعَثْك َلا ٌ‬
‫أَ ْمرِه ِ ز َيْد ُ بن عَم ْرو بن نُفَي ْ ٍ‬
‫__________‬
‫)قوله فجزلها( بالجيم والزاى المفتوحتين‪ :‬أي قطعها )قوله ولؤي بن كعب وفى بعض النسخ كعب بن لؤى وهو الصواب )قوله وقس(‬
‫بضم القاف وتشديد السين المهملة والإيادى بكسر الهمزة‪ ،‬وإياد حى‪ ،‬وفى الصحاح و َق َّس بن سَاعِدَة َ الإيادى أسقف نجران وكان‬
‫أحد حكام العرب )قوله عثكلان( بفتح العين المهملة وسكون المثلثة )*(‬
‫ل م َِم ّا ق َ ْد جَم َع َه ُ ال ْع ُلمَاء ُ و َبَي ّن ُوه ُ و َنَق َلَه ُ عَنْهُم َا ثِق ٌ‬
‫َات من أَ سْ لَم َ مِنْه ُ ْم‬ ‫ك فِي َ‬
‫الت ّوْر َاة ِ و َال ِْإنْ ج ِي ِ‬ ‫صف َتِه ِ وَخ َبَرِه ِ وَم َا ُألْفِ َي من ذَل ِ َ‬ ‫صَاحِبُ ت َُب ّع من ِ‬
‫ِب بُصْر َى‬ ‫ْب و َأَ شْ بَاهِه ِ ْم م َِم ّنْ أَ سْ لَم َ من عُلَمَاء ِ يَه ُود َ و َ َ‬
‫بحـِير َاء َ و َن َ ْسط ُورِ الْحبََشَة ِ وَصَاح ِ‬ ‫كع ٍ‬‫ق وَ َ‬ ‫مخـ َير ي َ‬
‫سعْي َة و َاب ْ ِن ي َام ِينَ و َ ُ‬
‫ل ابن سلام وابنى َ‬ ‫مِث ْ ُ‬

‫َف‬ ‫ي و َنَصَار َى الْحبََشَة ِ وأساقف نجران غيرهم م َِم ّنْ أَ سْ لَم َ من عُلَمَاء ِ َ‬
‫الن ّصَار َى و َق َد اع ْتَر َ‬ ‫شا ِم و َالْجا َر ُودِ وَسَل ْمَانَ َ‬
‫والن ّج َاش ِ ّ‬ ‫وَضَغ َاطِر َ و َ ُأسْ ق ّ ِ‬
‫ُف ال َ ّ‬
‫كعْبُ‬
‫ن أَ خْ طَبَ و َأَ خُوه ُ و َ َ‬ ‫ِس صَاحِبُ مِصْر َ و َال َ ّ‬
‫شي ْخ صاحبه وابن صو يا و َاب ْ ُ‬ ‫ل وَصَاحِبُ ر ُوم َة َ عَالما َ‬
‫الن ّصَار َى وَر َئيسَاه ُ ْم وَمُقَو ْق ُ‬ ‫ك ه ِر َق ْ ُ‬
‫بِذَل ِ َ‬
‫َالن ّف َاسَة ُ عَلَى ال ْبَق َاء ِ على الشقاء‬
‫َالز ّبَيْر ِ بن ب َاطِيَا و َغَيْرِه ِ ْم من عُلَمَاء ِ الْيَه ُودِ م َِم ّنْ حَمَلَه ُ الحذ و َ‬
‫سدٍ و ُ‬
‫بن أَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وشامول( بالشين المعجمة والميم المضمومة وفى آخره لام )قوله وما ألفى( بضم الهمزة وكسر الفاء )قوله وابنى سعية( ابني بسكون‬
‫الموحدة ٺثنية ابن‪ ،‬وسعية بفتح السين وسكون العين المهملتين بعدهما مثناة تحتية وفى بعض النسخ بنى سعية بفتح الموحدة جمع ابن‬
‫ن ِإ ْسحَاقَ ثم إن ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد وهم نفر من هذيل ليسوا من قر يظة ولا النضر‬
‫ل اب ْ ُ‬
‫وفى سيرة اليعمرى قَا َ‬
‫نسبهم فوق ذلك وهم بنوعم القوم أسلموا تلك الليلة التى نزلت فيها قر يظة على حكم رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )قوله ومخـيرق( بضم‬
‫الميم وفتح الخاء المعجمة )قوله ونسطور الحبشة‬
‫احترز به عن نسطور الشام الذى رآه في رحلته صلى الل ّٰه عليه وسلم تاجرا إلى الشام لخديجة )قوله وضغاطر( بالضاد والغين المعجمتين‬
‫المفتوحتين بعدها ألف وطاء مهملة وراء هو الأسقف رومى‪ ،‬أسلم على يد دحية الكلبى وقت الرسلية فقتلوه‪ ،‬ذكره الذهبي في تجريد‬
‫الصحابة )قوله والزبير( بفتح الزاى وكسر الموحدة هو والد عبد الرحمن الذى قلت امرأته بنت وهب إنما معه مثل هدبة الثوب )قوله‬
‫بن باطيا( بموحدة فألف فطاء مهملة مكسورة فمثناة تحتية‪ ،‬وفى غير الشفاء بالطاء بلا مد ولا همز )*(‬
‫أصحَابِه ِ و َاحْ ت ََجّ عَلَيْه ِم بِمَا‬
‫صفَة ِ ْ‬ ‫َالن ّصَار َى بِمَا ذَك َر َ َأن ّه ُ فِي كتبهم من ِ‬
‫صف َتِه ِ و َ ِ‬ ‫و َالْأَ خْ بَار ُ فِي هَذ َا كَث ِيرة ٌ ل َا تَنْحَصِر ُ و َق َ ْد ق ََر ّعَ أَ سْمَاعَ الْيَه ُودِ و َ‬
‫ِب فَمَا مِنْه ُ ْم إ َلّا‬
‫ن أَ ْمرِه ِ وَدَعْوتِه ِ ْم ِإلَى ال ْمُبَاهَلَة ِ عَلَى الْك َاذ ِ‬
‫كتْم َانِه ِ و َلَيِّه ِ ْم أَ لْسَنَتَه ُ ْم بِبَيَا ِ‬
‫ك وَ ِ‬ ‫ك صُ حُفُه ُ ْم وَذ َ َمّه ُ ْم بِتَحرِ ِ‬
‫يف ذَل ِ َ‬ ‫َت عَلَيْه ِ من ذَل ِ َ‬
‫انْطَو ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧١‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫ل‬
‫س و َالْأَ مْوَا ِ‬ ‫ل ُ‬
‫الن ّف ُو ِ‬ ‫من نَف َر َ ع َنْ مُع َارَضَتِه ِ و َِإبْد َاء ِ م َا أَ ل ْزَمَه ُ ْم من كُتُبِه ِ ْم ِإظْ ه َارَه ُ و َلَو ْ وَجَد ُوا خِل َ َ‬
‫اف قَو ْلِه ِ لَك َانَ إظْ ه َارُه ُ أَ ه ْوَنَ عَلَيْه ِم من ب َ ْذ ِ‬

‫ْب‬ ‫كن ْتُم ْ صَادِق ِينَ( ِإلَى م َا أَ نْذَر َ بِه ِ ال ْـكُ َهّانُ مِث ْ ُ‬
‫ل شَاف ِـع بن ك ُلَي ٍ‬ ‫ل لَه ُ ْم )قُلْ ف َأْ تُوا ب َِالت ّوْر َاة ِ فَات ْلُوه َا ِإ ْن ُ‬
‫ل و َق َ ْد قَا َ‬
‫ِيب الد ّي َارِ و َنَبْذِ الْق ِتَا ِ‬
‫تخْر ِ‬
‫وَ َ‬
‫ْت‬
‫ْت ك ُر َيْز ٍ و َفَاطِم َة َ بِن ِ‬
‫سعْدِ بن بِن ِ‬
‫كنْدِيّ و َاب ْ ِن خ َلَصَة َ الدّوْسِي و َ َ‬
‫ل ال ْـ ِ‬
‫ج ْذ ٍ‬
‫جذْل بن ِ‬
‫نج ْرَانَ و َ ِ‬
‫ِب وَخُنَافِرٍ و َأَ فْع َى َ‬ ‫سط ٍ‬
‫ِيح وَسَوَادِ بن قَار ٍ‬ ‫وَشِقّ و َ َ‬

‫ن وَم َنْ ل َا يَنْع َ ُ ّد َ‬


‫كثْرَة ً ِإلَى م َا ظهر على ألسنته الأصْ نَا ِم من نُب ُ َو ّتِه ِ وحلول‬ ‫ُ‬
‫الن ّعْم َا ِ‬
‫__________‬
‫)قوله وشق( بكسر المعجمة وتشديد القاف‪ :‬كاهن من كهان العرب كان شق إنسان‪ :‬يدا واحدة ورجلا واحدة وعينا واحدة )قوله‬
‫حدٍ ما كان فيه‬
‫ل غَي ْر ُ و َا ِ‬
‫وسطيح( بفتح السين المهملة وكسر الطاء المهملة بعدها مثناة تحتية ساكنة فحاء مهملة‪ :‬كاهن بنى ذئب و َقَا َ‬
‫عظم سوى رأسه‪ ،‬وقال محمد بن حبيب النسابة كان سطيح جسدا يلقى لا جوارح له فيما يذكرون ولا يقدر على الجلوس إلا إذا‬
‫غضب انتفخ فجلس )قوله‬
‫وخنافر( بضم الخاء المعجمة وتخفيف النون وكسر الفاء أحد كهان حمير أسلم على يد معاذ )قوله وأفعى( بفتح الهمزة وسكون الفاء‬
‫وفتح العين المهملة )قوله وجدل( بكسر الجيم وسكون الذال المعجمة )قوله وابن خلصة( بفتح المعجمة واللام والصاد المهملة )قوله‬
‫النعمان( قال المزى كل اسم على هذه الصيغة فهو بضم النون إلا نعمان بن قراد فإنه بفتحها )*(‬

‫فصل ومن ذلك ما ظهر من الآيات عند مولده وما حكته أمه ومن حضره من العجائب‬ ‫‪٢.٤.٢٨‬‬

‫س َل ّم َ و َال َش ّه َادَة ِ لَه ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن اس ْم َ‬
‫جد َ م ِ َ‬ ‫اف ُ‬
‫الصّ وَرِ وَم َا و ُ ِ‬ ‫ُب و َأَ جْ و َ ِ‬ ‫ِف الْجَان وَم ِنْ ذ َب َِائح ُ‬
‫الن ّص ِ‬ ‫ْت رِسَالتِه ِ وَسُم ِـ َع من ه َوَات ِ‬
‫و َق ِ‬
‫ك مَعْلُوم ٌ م َ ْذكُور ٌ‬
‫ب ِالرّسَالَة ِ مَكْت ُوب ًا فِي الْ حِجَارَة ِ و َالْق ُب ُورِ ب ِالْخ َ ّط الْقَدِي ِم م َا أَ كْ ث َرُه ُ مَشْه ُور ٌ و َِإسْ لَام ُ من أَ سْ لَم َ بِس َب َِب ذَل ِ َ‬

‫ضعَت ْه ُ شَاخِصً ا‬
‫كو ْنُه ُ ر َافِع ًا ر َأْ سَه ُ عِنْدَم َا و َ َ‬ ‫كت ْه ُ ُأ ُمّه ُ وَم َنْ حَضَرَه ُ م ِ َ‬
‫ن ال ْع َج َائ ِِب و َ َ‬ ‫َات عِنْد َ مَو ْلِدِه ِ وَم َا ح َ َ‬
‫ن الآي ِ‬
‫ك م َا َظه َر َ م ِ َ‬
‫فصل وَم ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ظه ُورِ‬
‫الن ّجُو ِم و َ ُ‬ ‫ج مَع َه ُ عِنْد َ وِلاد َتِه ِ وَم َا ر َأَ ت ْه ُ ِإ ْذ ذ َاك َ ُأ ُمّ عثمان ابن أَ بِي الْع َا ِ‬
‫ص من تَد َلّي ُ‬ ‫ن ُ‬
‫الن ّورِ ال َ ّذ ِي خَر َ َ‬ ‫سم َاء ِ وَم َا ر َأَ ت ْه ُ م ِ َ‬
‫ببِ َصَرِه ِ ِإلَى ال َ ّ‬
‫ُ‬
‫الن ّورِ عند ولاته حتى ما تنظر إلا النور وقول الشفا أم عبد الرحمن بن عوف‪ :‬لما سقط صلى الل ّٰه عليه وسلم على يدى و َاسْ تَه َ َ ّ‬
‫ل سَمِعْتُ‬
‫ِب ح ََت ّى نَظَر ْتُ ِإلَى قُصُورِ ُ‬
‫الر ّوم‪.‬‬ ‫ق و َال ْمَغْر ِ‬
‫الل ّه و َأَ ضَاء َ ل ِي م َا بَيْنَ ال ْمَشْر ِ ِ‬
‫ك َ‬ ‫ل رَحِم َ َ‬
‫قَائِل ًا يَق ُو ُ‬
‫ن‬
‫ن نَشْأَ تِه ِ وَم َا جَر َى م ِ َ‬
‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫ب غ َنَمِه َا و َسُرْعَة ِ شَبَابِه ِ و َ ُ‬ ‫وَم َا تَع ََر ّف َْت بِه ِ ح َلِيم َة وَز َ ْو ُ‬
‫جه َا ظِئْر َاه ُ من بركته ودرور لبنيها لَه ُ و َلبََنِ شَارِفِه َا وَخِصْ ِ‬
‫بحـَي ْرة ِ طَبَر َِي ّة وخمود نار‬
‫ض ُ‬
‫سق ُوطِ شُر ُفَاتِه ِ وَغَي ْ ِ‬
‫ن كسْر َى و َ ُ‬
‫اج ِإ يوَا ِ‬
‫ن ارْتِ ج َ ِ‬
‫الْع َج َائ ِِب لَيْلَة َ مَو ْلِدِه ِ م ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وقول الشفا( بكسر الشين المعجمة بعدها فاء وألف مقصورة هي بنت عوف ابن‬
‫عبد الزهر ية من المهاجرات )قوله شرفاته( بضم الشين المعجمة وضم الراء فتحها وإسكانها جمع شرفة بضم الشين وإسكان الراء )قوله‬
‫بحـَي ْرة ِ طَبَر َِي ّة( الغيض مصدر غاض يغيض أي قل‪ ،‬وطبر ية مدينة معروفة بالشام ذات حصن في ناحية الأردن )*(‬
‫ض ُ‬
‫وَغَي ْ ِ‬
‫ارس وَك َانَ لَهَا أَ ل ُْف عَا ٍم ل َ ْم تَخْم َ ْد و ََأن ّه ُ ك َانَ إذ َا أَ ك َ َ‬
‫ل م َ َع ع َمّه ِ أَ بي طَال ٍِب و َآلِه ِ و َه ُو َ صَغ ِير ٌ شَب ِع ُوا وَرَو ُوا ف َِإذ َا غَابَ ف َأَ ك َلُوا فِي غَي ْبَتِه ِ ل َ ْم‬ ‫فَ َ‬

‫ت ُأمّ أَ يْم َ َ‬
‫ن ح َاضِنت ُه‪ :‬م َا ر َأَ ي ْت ُه ُ صَلَ ّى‬ ‫ح صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم صقلا دهينا كَح ِيل ًا قَال َ ْ‬
‫شعْثًا و َيُصْ ب ُ‬
‫يَشْب َع ُوا وَك َانَ سَائ ِر ُ وَلَد ِ أَ بِي طَال ٍِب يُصْ بِحُونَ ُ‬

‫شيَاطِين وَمَن ْعُه ُم اسْ تِر َاقَ‬ ‫صدِ ال َ ّ‬ ‫ُب و َق َ ْط ُع ر َ َ‬‫سم َاء َ ب ِال ُش ّه ِ‬
‫حر َاسَة ُ ال َ ّ‬
‫ك ِ‬ ‫الل ّه ُ عليه وسلم شكى جُوعًا وَل َا عطَشًا صَغ ِير ًا وَل َا كَب ِير ًا * وَم ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ك و َحمَاه ُ ح ََت ّى فِي ستره في الخـير ال ْمَشْه ُور‬ ‫الل ّه بِه ِ من ذَل ِ َ‬ ‫ض الْأَ صْ نَا ِم و َال ْع ِ ّفة ِ ع َنْ ُأم ُورِ الْجا َه ِل َِي ّة ِ وَم َا خ ََصّ ه ُ َ‬‫سم ِْع وَم َا نَش َأَ عَلَيْه ِ من بُغْ ِ‬ ‫ال َ ّ‬
‫ل لَه ُ ع َُم ّه ُ م َا‬
‫ض ح ََت ّى ر َ َدّ ِإز َارَه ُ عَلَيْه ِ فَق َا َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ الْ حِجَارَة َ و َتَع ََر ّى فَسَق ََط ِإلَى الْأَ ْر ِ‬ ‫عِنْد َ بنَِاء ِ ال ْـ َ‬
‫كعْبَة ِ ِإ ْذ أَ خَذ َ ِإز َارَه ُ لِي َجْ عَلَه ُ عَلَى عَاتِقِه ِ لي َحْ مِ َ‬
‫الل ّه وَهِي د َاخِلَة فِي الأرض المقدسة بينها وبين بيت المقدس مرحلتين و بحـيرتها‬
‫ل َ‬ ‫ك ِإظْ لَا ُ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّع َرِّي( وَم ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫)إن ِ ّي نُهِيتُ ع َ ِ‬
‫ل ِ‬
‫ب َالُكَ؟ فَق َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٢‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫معروفة والمعروف بالغيض إنما هو بحـيرة ساوة كَمَا ه ُو فِي بعض النسخ إلا أن يريد المصنف عند خروج يأجوج ومأجوج فإنه ورد أن‬
‫أوائل يأجوج ومأجوج يشرب بحـيرة طبر ية و يجئ آخرهم فيقول لقد كان بها ماء )قوله لم يخمد( يجوز فيه ضم الميم وفتحها فإنه ورد‬
‫ل الحريري في درة الغواص في أوهام الخواص ومن أوهامهم‬
‫من باب نصر ينصر وباب علم يعلم )قوله وَك َانَ سَائ ِر ُ وَلَد ِ أَ بِي طَال ٍِب( قَا َ‬
‫الفاضحة وأغلاطهم الواضحة أنهم يستعملون سائر بمعنى الجميع وهو فِي ك َلَام الْع َر َب بمعنى الباقي انتهى‪ ،‬وقال أبو عمرو ابن الصلاح ل َا‬
‫يلتفت إلى قول صاحب الصحاح سائر الناس جميعهم فانه لا يقبل ما يتفرد‬
‫به‪ ،‬وقال النووي إن سائر بمعنى جميع لغة صحيحة لم يتفرد بها صاحب الصحاح بل ذكرها الجواليقى في شرح أدب الكاتب )قوله ح ََت ّى‬
‫ستْرِه ِ( بفتح السين المهملة وسكون المثناة الفوقية )*(‬
‫فِي َ‬
‫سفَرِه ِ‪.‬‬
‫لَه ُ ب ِالْغَم َا ِم فِي َ‬
‫سفَرِه ِ‪ ،‬و َق َ ْد‬
‫ج م َع َه ُ فِي َ‬ ‫ك لم َِي ْسَرَة َ ف َأَ خْبَر َه َا َأن ّه ُ ر َأَ ى ذَل ِ َ‬
‫ك مُنْذ ُ خَر َ َ‬ ‫ن يُظلانِه ِ فَذَك َر َْت ذَل ِ َ‬ ‫و َفِي رِو َايَة ٍ أَ َ ّ‬
‫ن خَدِيج َة َ و َنِس َاءَه َا ر َأَ ينه ُ لَم ّا قَدِم َ وَم َلَك َا ِ‬
‫ل مَبْع َثِه ِ‬
‫ض أَ سْ ف َارِه ِ قَب ْ َ‬ ‫ك َأن ّه ُ ن َز َ َ‬
‫ل فِي بَعْ ِ‬ ‫ن َ‬
‫الر ّضَاعَة ِ * وَم ِنْ ذَل ِ َ‬ ‫ك ع َنْ أَ خِيه ِ م ِ َ‬ ‫رُوِيَ أَ َ ّ‬
‫ن ح َلِيم َة َ رأت غمامة نظله و َه ُو َ عِنْد َه َا‪ ،‬وَر ُويَ ذَل ِ َ‬
‫ت عَلَيْه ِ أَ غَصَانُهَا بِم َحْ ضَر ِ من رآه وميل فئ ال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ إليْه ِ فِي الخـير الآخر‬ ‫هي َ ف َأَ شْر َق َْت و َتَد ََل ّ ْ‬
‫َت ِ‬ ‫تح ْتَ شَ ج َرَة ٍ ي َابَسَة ٍ فَا ْعشَوْشَبَ ما َ‬
‫حو ْلَهَا و َأَ يَنَع ْ‬ ‫َ‬

‫ن ال ُذ ّب َابَ ك َانَ ل َا يَق َ ُع عَلَى َ‬


‫جسَدِه ِ وَل َا ثيَِابِه ِ * وَم ِنْ‬ ‫س وَل َا قَمَرٍ ل ِأَ َن ّه ُ ك َانَ نُور ًا و َأَ َ ّ‬
‫بحتى أَ ظ ََل ّت ْه ُ وَم َا ذُك ِر َ من َأن ّه ُ ك َانَ ل َا ظل شخصه فِي شَم ْ ٍ‬

‫تح ْب ِيبُ الْخل ْوَة ِ إليْه ِ ح ََت ّى ُأو ِ‬


‫حي َ إليْه ِ‪.‬‬ ‫ك َ‬
‫ذَل ِ َ‬
‫الل ّه لَه ُ عِنْد َ مَو ْتِه ِ وَم َا‬
‫تخ ْي ِير ِ َ‬
‫ض الْجنَة ِ و َ َ‬ ‫ن قَبْرَه ُ فِي ال ْمَدِينَة ِ و َفِي بَي ْتِه ِ و َأَ َ ّ‬
‫ن بَيْنَ بَي ْتِه ِ و َبَيْنَ من ْبَرِه ِ ر َ ْوضَة ٌ من رِي َا ِ‬ ‫ث َُم ّ ِإع ْلام ُه ُ بِمَو ْتِه ِ وَد ُنُوِ ّ أَ جَلِه ِ و َأَ َ ّ‬
‫ْت عَلَيْه ِ و َل َ ْم‬
‫ن م َل َكِ ال ْمَو ِ‬
‫جسَدِه ِ عَلَى م َا رويناه في بغضها و َاسْ تِئْذ َا ِ‬
‫ل عَلَيْه ِ حَدِيثُ ال ْو َفَاة ِ من ك َرَام َاتِه ِ و َتَشْر ِيفِه ِ وَصَلَاة ِ ال ْمَلَائِكَة ِ عَلَى َ‬
‫اشْ تَم َ َ‬
‫ل بَي ْتِه ِ عِنْد َ‬ ‫يَسْت َأْ ذِ ْن عَلَى غَيْرِه ِ قَبْلَه ُ و َنِد َائِهِم ُ ال َ ّذ ِي سَم ِع ُوه ُ أ ْن ل َا تَنْزِع ُوا الْقَم َ‬
‫ِيص عَن ْه ُ عِنْد َ غُسْلِه ِ وَم َا رُوِيَ من تَعْزِ يَة ِ الْخَضِر ِ و َال ْمَلَائِكَة ِ أَ ه ْ َ‬
‫سق َاء ِ ع ُم َر َ بِعَمّه ِ و َتَب َُر ّ ِ‬
‫ك غَيْر ِ واحد بذريته‪.‬‬ ‫صحابِه ِ من كرامته و َب َرَكَتِه ِ فِي حَيَاتِه ِ وَمَو ْتِه ِ ك َاسْ ت ِ ْ‬
‫مَو ْتِه ِ ِإلَى م َا َظه َر َ عَلَى أَ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله وأينعت( أي أدركت بموتها ونضجت )*(‬

‫فصل قال القاضى أبو الفضل رحمه الل ّٰه قد أتينا في هذا الباب على نكت من معجزاته واضحة‬ ‫‪٢.٤.٢٩‬‬

‫َات نُب ُ َو ّتِه ِ مُقْنِعَة ٍ فِي و َا ِ‬


‫حدٍ‬ ‫ل من عَلَام ِ‬
‫َاضحَة ٍ وَجُم َ ٍ‬
‫َت من مُعْجِزَاتِه ِ و ِ‬
‫اب عَلَى نُك ٍ‬
‫الل ّه ق َ ْد أَ تَي ْنَا فِي هَذ َا ال ْب َ ِ‬
‫ل رَحِم َه ُ َ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫فصل قَا َ‬
‫ِيث‬
‫ض و َف َّص ال ْمَقْصِ دِ وَم ِنْ كَث ِير ِ الْأَ ح َاد ِ‬
‫ل عَلَى عَيْنِ الْغ َر َ ِ‬
‫ِيث الطّوَا ِ‬
‫ن الْأَ ح َاد ِ‬
‫كف َايَة ُ و َال ْغ ُني َة ُ و َت َرَكْناَ ال ْـكَث ِير َ سِو َى م َا ذَكَر ْن َا و َاق ْت َصَرْن َا م ِ َ‬
‫مِنْهَا ال ْـ ِ‬
‫اب‬ ‫وَغَر ِيبِهَا عَلَى م َا صَ َ ح ّ و َاشْ تَه َر َإ َلّا يَسِير ًا من غَر ِيبه ِ م َِم ّا ذَك َرَه ُ مَشَاه ِير ُ الْأَ ئ َِم ّة ِ وَحَذ َف ْنَا ال ِْإسْ نَاد َ فِي جُمْه ُورِه َا طَلَبًا لِلاخْ تِصَارِ و َبِ حَس ِ‬
‫ْب هَذ َا ال ْب َ ِ‬
‫ل ب ِو َجْ ه َيْنِ‬
‫س ِ‬ ‫ات ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ أَ ظْ ه َر ُمن سَائِر ِ مُعْجِز َ ِ‬ ‫َات ع ِ َ ّدة ٍ * وَمُعْجِزَاتُ نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫مجلَ ّد ٍ‬
‫ل عَلَى ُ‬
‫لَو ْ تُقُصّي َ أ ْن يَكُونَ دِيوان ًا ج َامِع ًا يَشْتَمِ ُ‬

‫ك ف َِإ ْن أَ رَدْتَه ُ فَت َأَ َمّلْ فُصُو َ‬


‫ل هَذ َا‬ ‫اس عَلَى ذَل ِ َ‬ ‫كثْرَتُهَا و ََأن ّه ُ ل َ ْم يُؤ ْتَ نَبِ ّي ٌ مُعْجِزَة ٌ إ َلّا وعند نَب ِي ّنَا مِثْلُه َا مو ما هو أبلغا مِنْهَا و َق َ ْد نَب ّه َ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫أَ حَد ُهُمَا َ‬
‫كوْنُهَا كَث ِيرَة ٌ فَهَذ َا الْقُر ْآنُ‪ ،‬وَكُل ّه ُ مُعْجِز ٌ و َأَ ق َ ُ ّ‬
‫ل م َا يَق ُع ال ِْإعَجَاز ُ‬ ‫الل ّه‪ ،‬و َأَ َمّا َ‬ ‫ن الْأَ ن ْب ِيَاء ِ تَق ِْف عَلَى ذَل ِ َ‬
‫ك إ ْن شَاء َ َ‬ ‫ات من تَق َ َ ّدم َ م ِ َ‬
‫اب وَمُعْجِز َ ِ‬
‫ال ْب َ ِ‬
‫كي َْف ك َان َْت مُعْجِزَة ً‬ ‫ن كُ َ ّ‬
‫ل آيَة ٍ مِن ْه ُ َ‬ ‫)إ َن ّا أَ ْعطَي ْنَاك َ ال ْـكَو ْث َر َ( أَ ْو آيَة ٌ فِي ق َ ْدرِه َا وَذ َه َبَ بَعْضُه ُ ْم ِإلَى أَ َ ّ‬ ‫ض أَ ئ َِم ّة ِ ال ْم ُ َ‬
‫ح ّقِق ِينَ سورة ِ‬ ‫ف ِيه ِ عِنْد َ بَعْ ِ‬
‫ن كُ َ ّ‬
‫ل جُم ْلَة ٍ مُن ْتَظِمَة ٍ مِن ْه ُ مُعْجِزَة ٌ و َِإ ْن ك َان َْت من كَل ِمَة ٍ أَ ْو كَل ِمَتَيْنِ و َالْحَقّ م َا ذكرناه أولا لقول تَع َالَى )ف َأْ تُوا بِس ُورَة ٍ من مثله(‬ ‫وَز َاد َ آخَر ُونَ أَ َ ّ‬

‫ات نحو‬
‫ن الْكَل ِم َ ِ‬
‫ن مِ َ‬
‫ل ب َ ْسط ُه ُ و َإذ َا ك َانَ هَذ َا فَفِي الْقُر ْآ ِ‬
‫ق يَط ُو ُ‬
‫تحْق ِي ٍ‬ ‫فَه ُو َ أَ ق َ ُ ّ‬
‫ل م َا تَح َ ّداه ُ ْم بِه ِ م َ َع م َا يَن ْصُر ُ هَذ َا من نَظَرٍ و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وفص( بالفاء والصاد المهملة واحد الفصوص‪ ،‬ذكر ابن مالك وغيره أنه مثلث الفاء )قوله و بحسب( بإسكان السين المهملة أي‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٣‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫يكفى )‪(*) (١ - ٢٤‬‬


‫ات‬ ‫)إ َن ّا أَ ْعطَي ْنَاك َ الـكوثر( عَش ْر ُ كَل ِم َ ٍ‬
‫ات فَت ُجزِئ ُ الْقُر ْآنَ عَلَى نِسْبَة ِ عَدَدِ كَل ِم َ ِ‬ ‫ّف عَلَى عَدَدِ بَعْضهم و َعَد َد ِ‬
‫سب ْع ِينَ أَ ل َْف كَل ِمَة ٍ و َنَي ٍ‬
‫سبْعَة ٍ و َ َ‬
‫من َ‬

‫ق‬ ‫سه ِ‪ ،‬ث َُم ّ ِإعْجَازُه ُ كَمَا تَق َ َ ّدم َ ب ِو َجْ ه َيْنِ‪َ :‬طرِ ي ِ‬
‫ق بَلاغ َتِه ِ و َ َطرِ ي ِ‬ ‫حدٍ مِنْهَا مُعْجِز ٌ فِي ن َ ْف ِ‬ ‫آلاف جُزْء ٍ ك ُ ُ ّ‬
‫ل و َا ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبْعَة ِ‬ ‫)إ َن ّا أَ ْعطَي ْنَاك َ ال ْـ َ‬
‫كو ْث َر َ( أَ زْيَد ُ من َ‬ ‫ِ‬
‫َف الْعَدَد ُ من هَذ َا ال ْوَجْه ِ ث َُم ّ ف ِيه ِ وُجُوه ُ ِإعْجَا ٍز ُأخَر َ م ِ َ‬
‫ن ال ِْإخْ بَارِ ب ِع ُلُو ِم الغايب‬ ‫ل جُزْء ٍ من هَذ َا الْعَدَدِ مُعْجِز َت َا ِ‬
‫ن فَتَضَاع َ‬ ‫ن َ ْظمِه ِ فَصَار َ فِي ك ُ ّ ِ‬

‫خر َى ث َُم ّ‬ ‫َف الْعَدَد ُ ك ََر ّة ً ُأ ْ‬


‫سه ِ م ُعجِز ٌ فَتَضَاع َ‬ ‫ل خ َبَرٍ مِنْهَا بنِ َ ْف ِ‬‫ْب ك ُ َ ّ‬
‫ن الْغَي ِ‬ ‫حدَة ِ من هَذِه ِ َ‬
‫الت ّجْ زِئَة ِ ا ْلخـَب َر ُ ع َنْ أَ شْ يَاء َ م ِ َ‬ ‫فَق َ ْد يَكُونُ فِي ال ُ ّ‬
‫سورَة ِ ال ْوَا ِ‬

‫ن فَلَا يَك َاد ُ ي َأْ خُذ ُ الع َ ُ ّد مُعْجِزَاتِه ِ وَل َا َ‬


‫يحْوِي الْحَصْر ُ ب َر َاه ِين َه ُ‪ ،‬ث َُم ّ‬ ‫عيف‪ ،‬هَذ َا فِي حَقّ الْقُر ْآ ِ‬ ‫وَجُوه ُ ال ِْإعْجَازِ ا ْل ُأخَر ُ التي ذَكَر ْن َاه َا تُوجِبُ التضْ َ‬
‫ل عَلَى أَ ْمرِه ِ م َِم ّا أَ شَرْن َا ِإلَى جُمَلِه ِ يَب ْل ُ ُغ َ‬
‫نح ْو ًا من‬ ‫واب و َع ََم ّا د َ َ ّ‬
‫س َل ّم َ فِي هَذِه ِ‪ ،‬الْأَ ب َ ِ‬ ‫الصّ ادِرَة ُ عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الْأَ ح َادِيثُ ال ْوَارِدَة ُ و َالْأَ خْ بَار ُ َ‬
‫َب الْف َنّ ال َ ّذ ِي سَمَا‬
‫ل زَم َانِه ِ ْم و َبِ حَس ِ‬
‫ل ك َان َْت بِق َ ْدرِ هِم َم أَ ه ْ ِ‬
‫س ِ‬ ‫ات ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ ف َِإ َ ّ‬
‫ن مُعْجِز َ ِ‬ ‫ح مُعْجِزَاتِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫هَذ َا * ال ْوَجْه ُ َ‬
‫الث ّانِي وُضُو ُ‬
‫ن م ُوس َى غَايَة ُ عِلْم ِ أَ ه ْلِه ِ السّحْ ر ُ بُع ِثَ ِإلَيْه ِ ْم م ُوس َى بِمُعْجِزَة ٍ تَشْب ِه ُ م َا ي َ ّدع ُونَ ق ُ ْدرَتَه ُ ْم عَلَيْه ِ فَجَاءَه ُ ْم مِنْهَا م َا خَر َقَ عَادَتَه ُ ْم‬
‫ف ِيه ِ قَر ْنُه ُ فَلَم ّا ك َانَ زَم َ ُ‬

‫ن ع ِيس َى أَ غْن َى م َا ك َانَ الط ُ ّ‬


‫ّب و َأَ وْف َر َ م َا ك َانَ أَ ه ْلُه ُ فَجَاءَه ُ ْم أَ م ٌْر ل َا ي َ ْقدِر ُونَ عَلَيْه ِ و َأت َاه ُ ْم‬ ‫ك زَم َ ُ‬ ‫ل سِ ح ْر َهُمْ‪ ،‬وَكَذَل ِ َ‬ ‫و َل َ ْم يَكُنْ فِي ق ُ ْدرَتِه ِم و َأَ بْطَ َ‬
‫ن الل ّٰه تعالى بعث‬ ‫ات الْأَ ن ْب ِيَاءِ‪ ،‬ث َُم ّ إ َ ّ‬
‫ِب وهَكَذ َا سَائ ِر ُ مُعْجِز َ ِ‬ ‫ص د ُونَ مُع َالجَة ٍ وَل َا ط ّ‬ ‫ّت و َِإب ْر َاء ِ الْأَ كمَه ِ و َالْأَ ب َر ِ‬
‫يح ْتسِب ُوه ُ من ِإحْ يَاء ِ ال ْمَي ِ‬‫م َا ل َ ْم َ‬
‫محمدا صلى الل ّٰه عليه وسلم وَجُم ْلَة ُ مَع َار ِ‬
‫ِف الْع َر َِب و َعُلُومِهَا‬
‫ن الفَصَاحَة ِ و َالْإ يجَازِ و َال ْبَلَاغَة ِ الْخا َرِجَة ِ ع َنْ‬
‫ل مِ َ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِ الْقُر ْآنَ الْخا َرِقَ لِهَذِه ِ الْأَ رْبَعَة ِ فُصُو ٍ‬
‫ل َ‬ ‫كه َانَة ُ ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫شعْر ُ و َا ْلخـَب َر ُ و َال ْـ َ‬
‫أَ رْبَع َة ٌ‪ :‬ال ْبَلَاغ َة ُ و َال ّ‬
‫نَم َطِ‬
‫ن‬
‫ن مَنْه َج َه ُ وَم ِ َ‬ ‫َجيب ال َ ّذ ِي ل َ ْم يَه ْتَد ُوا فِي ال ْمَنْظ ُو ِم ِإلَى َطرِ يقِه ِ ولاعلموا فِي أَ سَال ِ ِ‬
‫يب الْأَ ْوز َا ِ‬ ‫َريب و َا ْل ُأسْ ل ُ ِ‬
‫وب الْع ِ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّ ْظ ِم الْغ ِ‬ ‫ك َلامِه ِ ْم وَم ِ َ‬
‫صدْقِه ِ وإ ْن‬ ‫ِف ال ْم ُخبر ُ عَنْهَا ب ِصِ َح ّة ِ ذَل ِ َ‬
‫ك وَ ِ‬ ‫آت و َ‬
‫َالضّ م َائِر ِ فَت ُوجَد ُ عَلَى م َا ك َان َْت و َيَعْتَر ُ‬ ‫ِث و َالْأَ سْر َارِ و َال ْمُخ ََب ّ ِ‬
‫ن ال ْـكَوَائ ِ ِن و َالْحَوَاد ِ‬
‫الْأَ خْ بَارِ ع َ ِ‬
‫ن الْأَ خْ بَارِ‬ ‫كه َانَة َ التي تَصْ د ُقُ م َرة ً و َتَكْذِبُ عَشْر ًا ث َُم ّ اجْ تَثّهَا من أَ صْ لِه َا ب ِر َجْ ِم ال ُش ّه ُب وَر َصْ د ُ‬
‫الن ّجُو ِم وَج َاء َ م ِ َ‬ ‫ل ال ْـ َ‬
‫ك َانَ أَ عْد َى الْعَد ُ ّو ف َأَ بْطَ َ‬
‫َّ‬
‫سالِفَة ِ و َأَ ن ْبَاء ِ الْأَ ن ْب ِيَاء ِ و َا ْل ُأم َم ال ْبَائِدَة ِ و َالْحَوَاد ِ‬
‫ِث ال ْمَاضِيَة ِ م َا يُعْجِز ُ من تَف ََر ّغَ لهذه ال ْعِل ْم ع َنْ بَعْضِ ه ِ عَلَى ال ْوُجُوه ِ التي بَسَطْنَاه َا‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫ن الْق ُر ُو ِ‬
‫عَ ِ‬
‫ن ث َابِتة ٌ ِإلَى يَو ْ ِم الْق ِيَامَة ِ‬ ‫ل ا ْل ُأخَر ِ التي ذَكَر ْن َاه َا فِي مُعْجِز َ ِ‬
‫ات الْقُر ْآ ِ‬ ‫و َبَي ّ َن ّا ال ْمُعْجِز َ ف ِيهَا ث َُم ّ بَق ِي َْت هَذِه ِ ال ْمُعْجِزَة ُ الْجا َمِع َة ُ لِهَذِه ِ ال ْوُجُوه ِ ِإلَى الْفُصُو ِ‬
‫ل فَلَا‬ ‫ل وُجُوه َ ِإعْجَازِه ِ ِإلَى ما أَ خْبَر َ بِه ِ من الغيوب عَلَى هَذِه ِ ال َ ّ‬
‫سب ِي ِ‬ ‫ك عَلَى من نَظَر َ ف ِيه ِ و َت َأَ َمّ َ‬ ‫ل ُأ َمّة ٍ ت َأْ تِي ل َا َ‬
‫يخْفَى وُجُوه ُ ذَل ِ َ‬ ‫بَي ّن َة َ الْ َحجُ ّة ِ لِك ُ ّ‬

‫مخـْبَرِه ِ عَلَى م َا أَ خْبَر َ فَيَت َج َ َ ّدد ُ ال ِْإ يمَانُ و َيَتَظَاه َر ُ ال ْبُرْه َانُ و َلَي َ‬
‫ْس ا ْلخـَب َر ُ ك َال ْع ِيَانِ‪ ،‬وَلِل ْمُشَاهَد َة‬ ‫يَم ُر ّ عَصْر ٌ وَل َا زَم َ ٌ‬
‫ن إ َلّا و يظهر في ِ‬
‫صدْق ُه ُ بِظُه ُورِ ُ‬
‫َت‬
‫ل انْق َرَض ْ‬
‫س ِ‬ ‫ات ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫لٌ عِنْد َه َا َ‬
‫ح ً ّقا وَسَائ ِر ُ مُعْجِز َ ِ‬ ‫ش ُ ّد ُ‬
‫طم َأْ نِين َة ً ِإلَى عَيْنٍ ال ْيَق ِينِ مِنْهَا ِإلَى عِلْم ِ ال ْيَق ِينِ و َِإ ْن ك َانَ ك ُ ّ‬ ‫ْس أَ َ‬ ‫زِي َادَة ٌ فِي ال ْيَق ِينِ و َ‬
‫َالن ّف ُ‬
‫__________‬
‫)قوله والـكهانة( في الصحاح يقال كهن يكهن كهانة مثل كتب يكتب كتابة قال وإذا أردت أنه صار كاهنا قلت كهن بالضم كهانة‬
‫بالفتح )قوله ثم اجتثها( بجيم فمثناة فوقية فمثلثة أي اقتلعها من أصلها( )قوله مخـبرة( بسكون المعجمة وفتح الموحدة )*(‬

‫الل ّه ُ‬ ‫ح ُّ‬
‫ل و َلِهَذ َا أَ شَار َ صَلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم َ ل َا تَب ِيد ُ وَل َا تَنْقَط ِـ ُع و َأي َاتُه ُ تَتَج َ ّدد ُ وَل َا تَضْ م َ ِ‬ ‫ب ِانْق ِرَاضِه ِ ْم و َعُدِمْت بِعَد َ ِم ذَو َاتِهَا وَمُعْجِزَة ِ نَب ِينا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ بِقَو ْلِه ِ ف ِيم َا ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيدِ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫الل ّه ِ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫الل ّي ْثُ ع َنْ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ذ َ ٍرّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُح َم ّدٍ و َأَ بُو إسحاق و َأَ بُو ال ْهَي ْث َ ِم قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا الْف َر َبْر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ الْعَزِيز ِ ب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ َ‬

‫ن‬
‫َات م َا مِثْلُه ُآم َ َ‬
‫ن الآي ِ‬ ‫ن الأَ ن ْب ِيَاء ِ نَبِ ّي ٌ ِإ َلّا ُأ ْعط ِ َ‬
‫ي مِ َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )م َا م ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫سَع ِيدٍ ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِي َ الل ّٰه عَن ْه ُ ع َ ِ‬

‫عَلَيْه ِ ال ْب َش َر ُ و َِإ َن ّمَا ك َانَ ال َ ّذ ِي ُأوتِيتُ و َحْ يًا أَ ْوح َاه ُ َ‬


‫الل ّه ُ ِإل َيّ ف َأَ ْرجُو أَ ْن أَ كُونَ أكَثَر َه ُ ْم ت َابِع ًا يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( هَذ َا مَعْن َي الْحَد ِ‬
‫ِيث عِنْد َ بَعْضِه ِ ْم و َه ُو َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٤‬‬
‫القسم الأول )في تعظيم العلى الأعلى لقدر النبي المصطفى صلى الل ّٰه عليه وسلم قولا وفعلا(‬ ‫‪٢‬‬

‫س َل ّم َ ِإلَى مَعْن ًى آخَر َ‬ ‫ظه ُورِ مُعْجِزَة ِ نَب ِي ِّنَا صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِيث و َ ُ‬ ‫ن ال ْع ُلمَاء ِ فِي ت َأْ وِ ي ِ‬
‫ل هَذ َا الْحَد ِ‬ ‫حدٍ م ِ َ‬
‫الل ّه ُ وَذ َه َبَ غَي ْر ُ و َا ِ‬
‫ح ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫ظاه ِر ُ و َ‬
‫َالصّ حِي ُ‬ ‫ال َ ّ‬

‫ل ق َ ْد ر َام َ ال ْمُع َانِد ُونَ‬


‫س ِ‬ ‫ات ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫الت ّشْب ِيه ُ ف َِإ َ ّ‬
‫ن غَيْر َه َا من مُعْجِز َ ِ‬ ‫ل عَلَيْه ِ وَل َا َ‬ ‫الت ّ ُ‬
‫حي ّ ُ‬ ‫ن التخيل ف ِيه ِ وَل َا َ‬
‫ك ُ‬
‫ظه ُورِه َا بِكَوْنِهَا و َحْ يًا وَك َلَام ًا ل َا يُم ْ ِ‬
‫من ُ‬
‫الضّ عَف َاء ِ ك َإلْق َاء ِ ال َ ّ‬
‫سحَرة ِ حِبَالَه ُ ْم وَعِصِ َيّه ُ ْم وشه هَذ َا م َِم ّا يُخَيّلُه ُ الساحر أو يتحيل ف ِيه ِ‪ ،‬و َالْقُر ْآنُ ك َلَام ٌ‬ ‫لَهَا ب ِأَ شْ يَاء َطمِع ُوا فِي التخبيل بِهَا عَلَى ُ‬
‫َ‬
‫ِيب‬
‫خط ٍ‬‫ات كَمَا ل َا يَت ُِم ّ لِشَاعِر ٍ وَل َا َ‬
‫ن ال ْمُعْجِز َ ِ‬
‫ل فَك َانَ من هَذ َا ال ْوَجْه ِ عِنْد َه ُ ْم أَ ظْ ه َر َ من غَيْرِه ِ م ِ َ‬
‫ل ف ِيه ِ ع َم َ ٌ‬ ‫ْس لِلْح ِيلَة ِ وَل َا للسّحْ رِ فِي َ‬
‫الت ّخْ ي ِي ِ‬ ‫لَي َ‬
‫ن‬ ‫الث ّانِي م َا يُغ َ َمّ ُ‬
‫ض عَلَيْه ِ الْج َ ْف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ص و َأَ رْض َى و َفِي هَذ َا َ‬
‫الت ّأوِ ي ِ‬ ‫ل الأَ َ ّو ِ‬
‫ل أَ خْل َ ُ‬ ‫والتمّْوِ يه ِ‪ ،‬و َ‬
‫َالت ّأْ وِ ي ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الح ِي َ ِ‬
‫ْب م ِ َ‬
‫خط ِيبًا ب ِضَر ٍ‬
‫أَ ْن يَكُونَ شَاعِرًا أَ ْو َ‬
‫__________‬
‫)قوله ولا يضمحل( يقال اضمحل السحاب أي تقشع )قوله ما يغمض( بضم المثناة التحتية وتشديد الميم المفتوحة‪ ،‬والجفن بفتح الجيم‬
‫)*(‬
‫ل ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ‬ ‫ل ب ِال َص ّرْفَة ِ و َأَ َ ّ‬
‫ن ال ْمُع َارَضَة َ ك َان َْت فِي م َ ْقد ُور ال ْب َشَر ِ ف َصُر ِف ُوا عَنْهَا أَ ْو عَلَى أَ حَدِ مَذْه َب َ ْي أَ ه ْ ِ‬ ‫َب من قَا َ‬
‫و يُغْض َى * وَجْه ٌ ث َال ٌِث عَلَى مَذْه ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى ل َ ْم ي ُ ْقدِرْه ُ ْم وَل َا ي ُ ْقدِر ُه ُ ْم عَلَيْه ِ و َبَيْنَ‬
‫ل وَل َا يَكُونُ بَعْد ُ لأن َ‬ ‫من أَ َ ّ‬
‫ن ال ِْإت ْيَانَ بِمِثْلِه ِ من جلس م َ ْقد ُورِه ِ ْم و َلـَكِنْ ل َ ْم يَكُنْ ذَل ِ َ‬
‫ك قَب ْ ُ‬
‫ن و َعَلَيْهِم َا‬
‫ال ْمَذْه َبَيْنِ فَر ْقٌ بَي ّ ِ ٌ‬
‫ل‬ ‫س م َ ْقد ُورِه ِ ْم وَرِضَاه ُ ْم ب ِال ْبَلَاء ِ و َالْجلََاء ِ والسّبَاء ِ و َال ِْإ ْذل َا ِ‬
‫ل و َتَغْي ِير الْحا َ ِ‬ ‫جن ْ ِ‬
‫جَم ِيع ًا فَتَرْك ُ الْع َر َِب ال ِْإت ْيَانَ بِمَا فِي م َ ْقد ُورِه ِ ْم أَ ْو م َا ه ُو َ من ِ‬
‫ل ع َنْ م ُع َارضَتِه ِ و َأَ َ ّنه ُ ْم‬ ‫ن بِمِثْلِه ِ و ُ‬
‫َالن ّكُو ِ‬ ‫َالت ّعْجِيز ِ و َال َتّهْدِيدِ و َال ْوَعِيدِ أَ بْيَنُ آيَة ٍ لِل ْع َجْ زِ ع َ ِ‬
‫ن ال ِْإت ْيَا ِ‬ ‫َالت ّو ْب ِ ِ‬
‫يخ و َ‬ ‫َالت ّقرِ يع و َ‬
‫لو َ‬ ‫س و َالْأَ مْوَا ِ‬ ‫ْب ُ‬
‫الن ّف ُو ِ‬ ‫وَسَل ِ‬

‫ل‬
‫ق الْع َادَة ِ ب ِالْأَ فْع َا ِ‬ ‫س م َ ْقد ُورِهِمْ‪ ،‬و َِإلي هَذ َا ذ َه َبَ ال ِْإم َام أَ بُو ال ْم َع َالي الْجُو َيْنِ ُ ّي و َغَي ْرُه ُ قَا َ‬
‫ل و َهَذ َا عِنْد َن َا أَ بْل َ ُغ فِي خ َ ْر ِ‬ ‫جن ْ ِ‬
‫منعوا عن شئ ه ُو َ من ِ‬
‫ك بِمَزِيدِ مَعْرِفَة ٍ فِي‬
‫ِب ذَل ِ َ‬
‫ص صاح ِ‬
‫ن اخْ تِصَا ِ‬
‫ك مِ َ‬ ‫الن ّاظِرِ بد َار ًا أَ َ ّ‬
‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫نحْوِه َا ف َ َإن ّه ُ ق َ ْد يَسْب ِ ُ‬
‫ق ِإلَى ب َا ِ‬ ‫ْب الْعَصَا ح ََي ّة ً و َ َ‬
‫كق َل ِ‬
‫ال ْب َديعَة ِ في أنفسهما َ‬
‫س كلامِه ِ ْم لِي َأْ تُوا بِمثلِه ِ فَل َ ْم‬
‫جن ْ ِ‬
‫ن السّنِينَ بِك َلام من ِ‬
‫ق الْمئِِينَ م ِ َ‬ ‫الن ّظَرِ و َأَ َمّا َ‬
‫الت ّحَدّي لِلْخَلَائ ِ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل عِلْم ٍ ِإلَى أ ْن ي َر ُ َدّ ذَل ِ َ‬
‫ك صَ ح ِي ُ‬ ‫ك الْف َنّ و َف َضْ ِ‬
‫ذَل ِ َ‬

‫الل ّه الْق ِيَام َ عن الناس‬


‫ل نَبِ ّي آيَتِي أ ْن يَم ْن َ َع َ‬
‫ق عَنْهَا بِمَثَابَة م َا لَو ْ قَا َ‬
‫الل ّه الْخَل ْ َ‬ ‫ق بَعْد َ تَو َُف ّرِ الداعي عَلَى ال ْمُع َار َ َ‬
‫ضة ِ ث َُم ّ عذمها إ َلّا أَ ن م َن َ َع َ‬ ‫ي َأْ تُوا فَل َ ْم يَب ْ َ‬
‫ك من أبهر آيَة ٍ و َأَ ظْ هَرِ دِلالَة ٍ و َب ِالل ّٰه َ‬
‫الت ّو ْف ِيقُ‪،‬‬ ‫الل ّه تعالى عن القيام لَك َانَ ذَل ِ َ‬
‫مع مقدرتهم عليه وارتفاع الزمانة عنهم فلو كان ذلك وعجزهم َ‬
‫َات الْأَ ن ْب ِيَاء ح ََت ّى احْ تَا َ‬
‫ج لِل ْع ُ ْذرِ ع َنْ‬ ‫ض ال ْع ُلمَاء ِ وَجْه ُ ُ‬
‫ظه ُورِ آيَتِه ِ عَلَى سَائِر ِ آي ِ‬ ‫و َق َ ْد غَابَ ع َنْ بَعْ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله والجلاء( بفتح الجيم والمد أي الخروج من البلد )قوله مقدرتهم( بضم الدال وفتحها أي قدرتهم )*(‬
‫ن‬
‫كهِمْ‪ ،‬وغيره م ِ َ‬
‫َب ِإ ْدر َا ِ‬ ‫ك بِد َِق ّة ِ أَ فْه َا ِم الْع َر َِب وَذَكاء ِ أل ْبَابِهَا وَو ُف ُورِ عُق ُولِهَا و َأَ َ ّنه ُ ْم أَ ْدرَكُوا ال ْمُعْجِزَة َ ف ِيه ِ بِفِطْنَتِه ِ ْم وَج َاءَه ُ ْم من ذَل ِ َ‬
‫ك بِ حَس ِ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ج َو ّز َ عَلَيْه ِم فِرْعَوْنُ َأن ّه ُ ر َ ُ ّبه ُ ْم و َ َ‬
‫ج َو ّز َ عَلَيْهِم ُ‬ ‫ن ال ْغ َبَاوَة ِ و َقِلَ ّة ِ الْفِطْنَة ِ بِ حَي ْثُ َ‬
‫ل بل كانو م ِ َ‬ ‫ل و َغَيْرِه ِ ْم ل َ ْم يَكُونُوا بِهَذِه ِ ال َ ّ‬
‫سب ِي ِ‬ ‫الْقِب ْطِ و َبَنِي ِإسْر َائيِ َ‬
‫ن‬
‫ح م َ َع ِإجْمَاعِه ِ ْم عَلَى صَل ْبِه ِ )وما قتله وَم َا صَلَب ُوه ُ و َلـَكِنْ شبه لهم( ‪ ،‬فَجَاءَتْه ُ ْم م ِ َ‬ ‫ل بَعْد َ إيمَانِه ِ ْم وَع َبَد ُوا ال ْمَسِي َ‬ ‫ك فِي ال ْعِجْ ِ‬ ‫سامِر ُِيّ ذَل ِ َ‬
‫ال َ ّ‬
‫ك ح ََت ّى ن َر َى الل ّٰه جهرة و َل َ ْم يَصْ ب ِر ُوا عَلَى‬
‫ن لَ َ‬ ‫ظاه ِرَة ِ ال ْبَي ّنَة ِ لِل َْأبْصَارِ بَق َ ْدرِ غلَظِ أَ فْه َامِه ِ ْم م َا ل َا يَش ُ ُ ّ‬
‫كونَ ف ِيه ِ ومع هَذ َا فَق َالُوا لَنْ نُؤْم ِ َ‬ ‫َات ال َ ّ‬
‫الآي ِ‬
‫ِالصّ ان ِـع و َِإ َن ّمَا ك َان َْت ٺَت ََقر ّبُ ب ِالْأَ صْ نَا ِم‬
‫ِف ب َ‬ ‫سل ْو َى و َاسْ تَبْد َلُوا ال َ ّذ ِي ه ُو َ أَ دْنَى ب ِالذ ِي ه ُو َ خَيْر ٌ‪ ،‬و َالْع َر َبُ عَلَى ج َاه ِل َِي ّتِهَا أَ كْ ث َر ُه َا يَعْتَر ُ‬ ‫ال ْم َنّ وال َ ّ‬
‫اب‬ ‫صف َاء ِ لُبّه ِ‪ ،‬و َلَم ّا جاءهم الرسول بِكِت َ ِ‬ ‫ل عَقْلِه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ بِد َلِي ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬
‫الر ّسُو ِ‬ ‫ن ب ِالل ّٰه وَحْدَه ُ من قَب ْ ِ‬ ‫الل ّه زُلْفَى وَمِنْه ُ ْم من آم َ َ‬ ‫ِإلَى َ‬
‫ل يَوْم َ إيمَان ًا وَر َفَضُوا ال ُد ّن ْيَا ك َُل ّه َا فِي صُ ح ْبَتِه ِ وَهَج َر ُوا‬‫ل وَه ْلَة ٍ مُعْجِزَتَه ُ ف َآم َن ُوا بِه ِ و َا ْزد َاد ُوا ك ُ َ ّ‬ ‫كه ِ ْم ل ِأَ َ ّو ِ‬
‫ل ِإ ْدر َا ِ‬ ‫ح ْ‬
‫كمَت َه ُ و َتَبَي ّن ُوا بِف َضْ ِ‬ ‫الل ّه فَهِم ُوا ِ‬
‫َ‬
‫ح ّققَ‪ ،‬لَك َُن ّا‬
‫ج إلَيْه ِ و َ ُ‬
‫ج لَو احْ تِي َ‬
‫ق و َيُعْجِبُ مِن ْه ُ زِ بْر ِ ٌ‬ ‫دِي َار َه ُ ْم و َأَ مْوَاله ُ ْم و َقَتَلُوا آب َاءَه ُ ْم و َأَ ب ْنَاءَه ُ ْم فِي نُصْرَتِه ِ‪ ،‬و َ ُأتِي َ فِي مَعْن َي هَذ َا بِمَا يَلُو ُ‬
‫ح لَه ُ رَوْن َ ٌ‬
‫ظه ُورِه َا و َب ِالل ّٰه أَ سْ ت َع ِينُ و َه ُو َ حسبي‬
‫ك وَ ُ‬
‫ن هَذِه ِ ال ْمَسَال ِ ِ‬
‫ُوب بُط ُو ِ‬ ‫س َل ّم َ و َ ُ‬
‫ظه ُورِه َا م َا يُغْنِي ع َنْ رُك ِ‬ ‫ن مُعْجِزَة ِ نَب ِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ق َ ّدمْنَا من بيَا ِ‬
‫ونعم الوكيل‬
‫__________‬
‫)قوله من الغباوة( بفتح الغين المعجمة عدم الفطنة )قوله السامري( كان اسمه موسى بن ظفر وكان من عظماء بنى إسرائيل )قوله‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٥‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫زبرج( بكسر الزاى بعدها موحدة ساكنة فراء مكسورة فجيم هي الزينة من وشى أو جوهر أو ذهب ثم بحمد الل ّٰه الجزء الأول‪ ،‬و يليه‬
‫إن شاء الل ّٰه تعالى الجزء الثاني )*(‬
‫ق المُصْ طَفَى ‪ -‬القاضي عياض ج ‪٢‬ي‬
‫حق ُو ِ‬
‫يف ُ‬
‫الشفا بتَِعْرِ ِ‬
‫ق المُصْ طَفَى‬
‫حق ُو ِ‬
‫يف ُ‬
‫الشفا بتَِعْرِ ِ‬
‫القاضي عياض ج ‪٢‬‬
‫ق المُصْ طَفَى العلامة القاضى أبى الفضل عياض اليحصبى ‪ ٥٤٤‬هـ مذيلا بالحاشية المسماة مزيل الخفاء عن ألفاظ‬
‫حق ُو ِ‬
‫يف ُ‬
‫الشفا بتَِعْرِ ِ‬
‫الشفاء للعلامة أحمد بن محمد بن محمد الشمني ‪ ٨٧٣‬هـ الجزء الثاني دار الفكر للطباعة والنشر والتوز يع‬

‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫الباب الأول في فرض الإيمان به ووجوب طاعته واتباع سنته‬ ‫‪٣.١‬‬

‫ِيم‬ ‫ن َ‬
‫الر ّح ِ‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ب ِس ْ ِم َ‬
‫س َل ّم َ(‬ ‫الْقِسْم ُ الثاني )ف ِيم َا يجب عَلَى الأنام من حقوقه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ُوب‬ ‫أبواب عَلَى م َا ذَكَر ْن َاه ُ فِي أَ َ ّول الْكِت َ ِ‬
‫اب ومَج ْم ُوعُه َا فِي وُج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ل و ََف ّق َه ُ َ‬
‫الل ّه و َهَذ َا قِسْمٌ لَخّصْ نَا ف ِيه ِ الْك َلَام َ فِي أرْبَعَة ِ‬ ‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫قَا َ‬
‫س َل ّم َ‪.‬‬ ‫والت ّسْل ِِيم وزِ يارَة ِ قَبْرِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الصّ لَاة ِ عَلَيْه ِ َ‬
‫محَبتِه ِ وَم ُنَاصَ حَتِه ِ و َتَو ْق ِيرِه ِ و َبِرّه ِ وَح ُ ْكم ِ َ‬
‫تَصْ دِيقِه ِ و َاتّبَاعِه ِ فِي س َُن ّتِه ِ وَطَاع َتِه ِ و َ َ‬
‫)ال ْبَابُ الأَ َ ّولُ( )فِي فرض ال ِْإ يمَان بِه ِ ووجوب طاعته وأتباع سنته(‬
‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬ف َآم ِن ُوا ب َِالل ّه ِ وَرَسُولِه ِ و ُ‬
‫َالن ّورِ ال َ ّذ ِي‬ ‫ل َ‬ ‫إذ َا تَق ََر ّر َ بِمَا ق َ ّدمْنَاه ُ ثُب ُوتُ نُب ُ َو ّتِه ِ و ِ َ‬
‫َصح ّة ُ رِسالَتِه ِ وَجَبَ الإيمانُ بِه ِ و َتَصْ ديق ُه ُ ف ِيم َا أَ تَى بِه ِ * قَا َ‬
‫ل )ف َآم ِن ُوا ب َِالل ّه ِ وَرَسُولِه ِ َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ ال ُأ ِم ّ ِيّ( الآيَة َ‪ ،‬فالايمانُ بالنبيّ‬ ‫)إ َن ّا أَ ْرسَل ْنَاك َ شَاهِدًا وَم ُبَش ِّر ًا و َنَذِير ًا‪ ،‬لِتُؤْم ِن ُوا ب َِالل ّه ِ وَرَسُولِه ِ( و َقَا َ‬
‫أنزلنا( ‪ ،‬و َقَالَ‪ِ :‬‬

‫ل تَع َالَى‪) :‬وَم َنْ ل َ ْم يُؤْم ِنْ ب َِالل ّه ِ وَرَسُولِه ِ ف َِإ َن ّا أَ عْتَدْن َا‬
‫ن إ َلّا بِه ِ وَل َا يَصِ ُحّ ِإسْ لَام ٌ إ َلّا مَع َه ُ قَا َ‬
‫ن ل َا يَت ِم ّ إيمَا ٌ‬ ‫س َل ّم َ و َاج ٌ‬
‫ِب م ُتَع َي ّ ٌ‬ ‫مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫طبَر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ الْغ َافِرِ الْف َارِس ِ ُ ّ‬


‫ي ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عَم ْرَو َيْه ِ‬ ‫للكافرين سعيرا( * ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدٍ الْخُشَن ِ ُيّ الْفَق ِيه ُ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا ِإم َام ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال َ ّ‬

‫ن ب ْ ِن يَعْق ُوبَ ع َنْ‬ ‫ن ال ْع َلاء ِ ب ْ ِن عَبْدِ َ‬


‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ن زُر َي ٍْع ح َ َ ّدثَنَا ر َ ْو ٌ‬
‫ح عَ ِ‬ ‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحُسَيْنِ ح َ َ ّدثَنَا ُأم ََي ّة ُ ب ْ ُ‬
‫ن ب ِ ْسطَام َ ح َ َ ّدثَنَا يَز ِيد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن ُ‬

‫اس ح ََت ّى يشهدوا أن لا إلا ِإ َلّا َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫أَ بيِه ِ عن أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قَالَ‪ُ ) :‬أم ِْرتُ أَ ْن ُأقَات ِ َ‬
‫ل و ََف ّق َه ُ‬
‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬ ‫الل ّهِ( * قَا َ‬ ‫حسَابُه ُ ْم عَلَى َ‬ ‫صم ُوا م ِن ِ ّي دِم َاءَه ُ ْم و َأَ مْوَالَه ُ ْم ِإ َلّا بِ ح َ ّقِه َا و َ ِ‬
‫ك عَ َ‬ ‫جئ ْتُ بِه ِ‪ ،‬ف َِإذ َا فَع َلُوا ذَل ِ َ‬ ‫و َيُؤ ْمن ُوا بِي و َبِمَا ِ‬
‫الله لَه ُ و َتَصْ دِيق ُه ُ فِي جَم ِ‬
‫ْب‬
‫ق الْق َل ِ‬ ‫ِيع م َا ج َاء َ بِه ِ وَم َا قَالَه ُ وَمُطَابَق َة ُ تَصْ دِي ِ‬ ‫ق نُب ُ َو ّتِه ِ وَرِسَالَة ِ َ ّ‬
‫س َل ّم َ ه ُو َ تَصْ دِي ُ‬ ‫الل ّه‪ ،‬و َال ِْإ يمَان بِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫ن تم ال ِْإ يمَانُ بِه ِ‬ ‫ق ب ِال َش ّه َادَة ِ بِذَل ِ َ‬
‫ك ب ِاللّسَا ِ‬ ‫ْب و ُ‬
‫َالن ّ ْط ُ‬ ‫ق بِه ِ بالْق َل ِ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬ف َِإذ َا اجْ تَم َ َع َ‬
‫الت ّصْ دِي ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ب ِأَ َن ّه ُ رَسُو ُ‬
‫ك شَه َاد َة اللّسَا ِ‬
‫بِذ َل ِ َ‬
‫اس ح ََت ّى يَشْهَد ُوا أن لا‬ ‫ل َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫الل ّه عَنْهُم َا ) ُأم ِْرتُ ( أ ْن ُأقَات ِ َ‬
‫الل ّه بن ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬
‫سه ِ من رِوايَة ِ عَب ْد َ‬
‫ِيث نف ِ‬
‫ق لَه ُ كَمَا وَرَد َ فِي هَذ َا الْحَد ِ‬ ‫و َ‬
‫َالت ّصْ دِي ُ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ال ِْإسْ لَام فَق َا َ‬ ‫ل أَ خْبِرْنِي ع َ ِ‬‫ل ِإ ْذ قَا َ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫ِيث ِ‬
‫الل ّه( و َق َ ْد ز َادَه ُ وُضُوح ًا فِي حَد ِ‬
‫ل َ‬ ‫إله إلا الل ّٰه و َأَ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدًا رَسُو ُ‬
‫ن ب َِالل ّه ِ وَم َلَائِكَتِه ِ وَكُتُبِه ِ‬ ‫الل ّه( وَذَك َر َ أَ ْرك َانَ ال ِْإسْ لَام ث َُم ّ سَألَه ُ ع َ ِ‬
‫ن ال ِْإ يمَان فَق َالَ‪) :‬أَ ْن تُؤْم ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه و َأَ َ ّ‬
‫ن مُحَم ّدًا رَسُو ُ‬ ‫)أ ْن تَشْهَد َ أ ْن ل َا إله َ إ َلّا َ‬
‫ق باللسان‬ ‫ن و َال ِْإسْ لَام بِه ِ م ُضْ طَر ٌ ِإلَى ُ‬
‫الن ّ ْط ِ‬ ‫ج ِإلَى الْع َ ْقدِ ب ِالْج ِنَا ِ‬
‫مح ْتَا ٌ‬ ‫وَرُسُلِه ِ( الْحَدِيثَ ‪ ،‬فَق َ ْد ق ََر ّر َ أَ َ ّ‬
‫ن ال ِْإ يمَان بِه ِ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن بسطام( بكسر الموحدة وفتحها‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٦‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫)*(‬
‫)إذ َا ج َاءَك َ‬
‫الل ّه تَع َالَى‪ِ :‬‬
‫ل َ‬ ‫ْب و َهَذ َا ه ُو َ النّف َاقُ ‪ ،‬قَا َ‬ ‫و َهَذِه ِ الْحَالَة ُ ال ْم َحْ م ُودَة ُ التامة‪ ،‬وأما الحال ال ْم َ ْذم ُوم َة ُ فال َش ّه َادَة ُ ب َِالل ّسَا ِ‬
‫ن د ُونَ تَصْ دِيق الْق َل ِ‬
‫ن اعْتِق َادِه ِ ْم‬
‫ك عَ ِ‬
‫ي ك َاذِبُونَ فِي قَو ْلِه ِ ْم ذَل ِ َ‬
‫ن ال ْمُنَافِق ِينَ لكاذبون( أَ ْ‬ ‫الل ّه ِ و ََالل ّه ُ يَعْلَم ُ ِإ َن ّ َ‬
‫ك لَرَسُولُه ُ و ََالل ّه ُ يَشْهَد ُ ِإ َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ال ْمُنَافِق ُونَ قَالُوا نَشْهَد ُ ِإ َن ّ َ‬
‫ك لَرَسُو ُ‬
‫ن اس ْ ِم ال ِْإ يمَان‬ ‫ك ضَمَائ ِر ُه ُ ْم ل َ ْم يَنْفَعْه ُ ْم أ ْن يَق ُولُوا ب ِألْسِنَتِه ِ ْم م َا لَي َ‬
‫ْس فِي قُلُو بِه ِ ْم فَخَرَجُوا ع َ ِ‬ ‫و َتَصْ دِي ِقه ِ ْم و َه ُ ْم ل َا يَعْت َقد ُونَه ُ فَلَم ّا ل َ ْم ت ُ َ‬
‫صد ّْق ذَل ِ َ‬
‫ن َ‬
‫الن ّارِ و َبَقِ َي عَلَيْه ِم ح ُ ْكم ُ ال ِْإسْ لَام بإظْ ه َارِ‬ ‫ل مِ َ‬
‫ك الأسْ ف َ ِ‬
‫ن فِي الد ّ ْر ِ‬
‫ن وَلَحِق ُوا ب ِالْك َاف ِري َ‬ ‫خرَة ِ ح ُ ْ‬
‫كم ُه ُ ِإ ْذ ل َ ْم يَكُنْ مَعَه ُ ْم إيمَا ٌ‬ ‫و َل َ ْم يَكُنْ لَه ُ ْم فِي الآ ِ‬
‫ن أَ حْك َامُه ُ ْم عَلَى ال َ ّ‬
‫ظوَاهِرِ بِمَا أظْ ه َر ُوه ُ من عَلَامَة ِ ال ِْإسْ لَام ِإ ْذ ل َ ْم ُ‬
‫يجْع َلْ‬ ‫ن فِي أَ حْك َا ِم ال ُد ّن ْيَا ال ْمُتَعَلّقَة ِ ب ِالْأَ ئ َِم ّة ِ وَح ُ َ ّ‬
‫كا ِم المسلمن ال َ ّذ ِي َ‬ ‫شَه َادَة ِ اللّسَا ِ‬
‫شقَقْتَ ع َنْ‬ ‫ل َ‬
‫)هل ّا َ‬ ‫الت ّح َ ُكّم ِ عَلَيْهَا وَذ َ َمّ ذَل ِ َ‬
‫ك و َقَا َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َل ّم َ ع َ ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل إلى ال َس ّر َائِر ِ وَل َا ُأم ِرُوا ب ِال ْب َحْ ِ‬
‫ث عَنْهَا بَلْ نَهى َ‬ ‫لِل ْب َش َر سَب ِي ٌ‬

‫ن بَيْنَ‬ ‫ن ال ِْإ يمَان‪ ،‬و َبَق ِي َْت ح َالَتَان ُأ ْ‬


‫خر َي َا ِ‬ ‫ق مِ َ‬
‫ن ال ِْإسْ لَام و َالت ّصْ دِي ُ‬
‫جبْر ِيلَ‪ :‬الشّه َادَة ُ م ِ َ‬
‫ل فِي حَدِيث ِ‬
‫ل و َالْع َ ْقدِ م َا جُع َ‬
‫قَل ْبِه ِ؟( و َالْفَر ْقُ بَيْنَ الْقَو ْ ِ‬
‫ل و َال َش ّه َادَة َ‬
‫ْت للشهادة بلسانه فاحتلف ف ِيه ِ ف َشَر ََط بَعْضُه ُ ْم من تَمَا ِم ال ِْإ يمَان الْقَو ْ َ‬
‫ل اتسّاع و َق ٍ‬ ‫صدّقَ بِق َل ْبِه ِ ث َُم ّ ُ‬
‫يخـْتَرَم َ قَب ْ َ‬ ‫هذ َي ْ ِن إحْد َاهُمَا‪ :‬أ ْن ي ُ َ‬
‫ن فَل َ ْم ي َ ْذكُر ْ سِو َى‬
‫ل ذَرّة ِ م ِنْ ِإ يمَا ٍ‬ ‫ج م ِن َ‬
‫الن ّارِ م َنْ ك َانَ فِي قَل ْبِه ِ مِثْق َا ُ‬ ‫س َل ّم َ ) َ‬
‫يخ ْر ُ ُ‬ ‫بِه ِ وَر َآه ُ بَعْضُه ُ ْم مُؤْم ِنًا مُسْت َوجِبًا لِلْجَن ّة ِ لِقَو ْلِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ح في هذا الوجه‪.‬‬ ‫ك غَيْرِه ِ و َهَذ َا ه ُو َ َ‬
‫الصّ حِي ُ‬ ‫ص وَل َا مَف َر ّطٍ بِتَرْ ِ‬
‫ن بِق َل ْبِه ِ غَي ْر ُ عَا ٍ‬
‫ْب وهذا مُؤْم ِ ٌ‬
‫م َا فِي الْق َل ِ‬
‫الثانية‬
‫__________‬
‫)قوله ثم يخـترم( بضم أوله وسكون المعجمة مبنى للمفعول‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن ال َش ّه َادَة ِ فَل َ ْم يَنْط ِقْ بِهَا‬
‫ل مَهَلَه ُ‪ ،‬و َعَل ِم َ م َا يلَ ْزَم ُه ُ م ِ َ‬
‫صدّقَ بِق َل ْبِه ِ و َيُطَو ّ َ‬
‫أ ْن ي ُ َ‬
‫ص بِتَرْكه َا‬ ‫صدّقٌ و َال َش ّه َادَة ُ من جُم ْلَة ِ الْأَ عْمَا ِ‬
‫ل فَه ُو َ عَا ٍ‬ ‫ن ل ِأَ َن ّه ُ م ُ َ‬
‫ل ه ُو َ مُؤْم ِ ٌ‬
‫جُم ْلَة ً وَل َا اسْ تَشْهَد َ فِي ع ُمُرِه ِ وَل َا م َ َّرة‪ ،‬فَهَذ َا اخْ تُل َِف ف ِيه ِ أيْضًا فَق ِي َ‬
‫هي َ م ُْرتَبِطَة ٌ م َ َع الع َ ْقدِ وَل َا يَت ِم‬ ‫ْس بِمُؤْم ِن ح ََت ّى يقارن عقده شاهدة اللّسَانِ‪ِ ،‬إذِ ال َش ّه َادَة ُ إنْش َاء ُ ع َ ْقدٍ و َالتِز َام ُ إيما ٍ‬
‫ن وَ ِ‬ ‫مخلَ ّدٍ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫ل لَي َ‬ ‫غَي ْر ُ ُ‬
‫ح و َهَذ َا نَبْذٌ ي ُ ْفض ِي ِإلَى م ُتّس ٍَع م ِ َ‬
‫ن الْك َلَام فِي ال ِْإسْ لَام والإيمان أبوابهما و َفِي الز ّي َادَة ِ ف ِيهِم َا‬ ‫ق م َ َع المُهْلَة ِ إ َلّا بِهَا و َهَذ َا ه ُو َ َ‬
‫الصّ حِي ُ‬ ‫َ‬
‫الت ّصْ دِي ُ‬
‫ق ل َا يَصِ ُحّ ف ِيه ِ جُم ْلَة ً و َِإ َن ّمَا يَرْجِـ ُع ِإلَى م َا ز َاد َ عَلَيْه ِ من عَم ِل‪ ،‬أَ ْو ق َ ْد يُعْر َُض ف ِيه ِ لاخْ ت ِل َ ِ‬
‫اف‬ ‫مج ََر ّدِ َ‬
‫الت ّصْ دِي ِ‬ ‫و ُ‬
‫َالن ّ ْقصَانِ‪ ،‬و َه َل َ‬
‫الت ّجَز ّي مُم ْتَن ٌع عَلَى ُ‬

‫يف‬ ‫ض َ‬
‫الت ّأْ ل ِ ِ‬ ‫ج ع َنْ غ َرَ ِ‬
‫ْب؟ و َفِي بَسْطِ هَذ َا خُر ُو ٌ‬
‫حضُورِ قَل ٍ‬ ‫صف َاتِه ِ و َتَبَاي ُ ِن ح َالاتَه ِ من ق َُو ّة ِ يَق ِينٍ و َتَصْ مِيم اعْتِق َادٍ وَوُض ِ‬
‫ُوح مَعْرفَة ٍ وَدَو َا ِم ح َالَة ٍ و َ ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫صدْن َا إ ْن شَاء َ الل ّٰه تعالى‬
‫و َف ِيم َا ذَكَر ْن َا غ ُني َة ٌ فيما ق َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله مهله( المهل بفتح الميم والهاء النؤدة )قوله مع المهلة( بضم الميم وإسكان الهاء هي الاسم من أمهله إذا أنظره )قوله وهذا نبذ(‬
‫بفتح النون وسكون الموحدة بعدها ذال معجمة أي شئ يسير وفى بعض النسخ وهذه نبذ بضم النون وفتح الموحدة جمع نبذة وهى‬
‫القطعة )قوله أَ ْو ق َ ْد يُعْر َُض فيه( في الصحاح عرض له أمر كذا يعرض أي ظهر وعرض العود على الإناء والسيف على فخذه يعرضه‬
‫و يعرضه أيضا فهذه وحدها بالضم وعرضت له القول وعرضت أيضا بالـكسر يقال مرنى فلان فما عرضت وما عرضت ولا يعرض له‬
‫ولا يعرض له لغتان جيدتان )*(‬

‫فصل وأما وجوب طاعته‬ ‫‪٣.١.١‬‬

‫الل ّه تعالى )يا أيها‬


‫ل َ‬ ‫ك م َِم ّا أتى بِه ِ قَا َ‬ ‫فصل و َأَ َمّا وُجُوبُ طَاع َتِه ِ‪ :‬ف َِإذ َا وَجَبَ ال ِْإ يمَان بِه ِ و َتَصْ دِيق ُه ُ ف ِيم َا ج َاء َ بِه ِ وَجَب َْت طَاع َت ُه ُ ل ِأَ َ ّ‬
‫ن ذَل ِ َ‬
‫ل لَع َل ّـك ُ ْم تُرْحَم ُونَ( و َقَا َ‬
‫ل )و َِإ ْن‬ ‫الل ّه َ و َ‬
‫َالر ّسُو َ‬ ‫الل ّه َ وأطيعوا الرسول( و َقَالَ‪) :‬و َأَ طِيع ُوا َ‬ ‫ل )قُلْ أَ طِيع ُوا َ‬ ‫الل ّه وَرَسُولِه ِ( و َقَا َ‬ ‫ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا أَ طِيع ُوا َ‬
‫ل )وَم َنْ يُط ِ‬
‫ِـع‬ ‫ل فَخُذ ُوه ُ وَم َا نَهَاك ُ ْم عَن ْه ُ فَانْتَه ُوا( و َقَا َ‬ ‫ل )وَم َا آت َاكُم ُ َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫الل ّهَ( و َقَا َ‬
‫ل فَق َ ْد أَ طَاعَ َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫ل )م َنْ يُط ِ‬
‫ِـع َ‬ ‫تُط ِيع ُوه ُ تهتدوا( و َقَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٧‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ل تَع َالَى طَاع َة َ رَسُولِه ِ طاع َت َه ُ و َق َرَنَ طَاع َت َه ُ بطاعته‬


‫ن الل ّٰه( فَجَع َ َ‬
‫ل ِإلا لِيُطَاعَ ب ِِإ ْذ ِ‬ ‫ل ف َُأولَئِكَ( الآية‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل )وَم َا أَ ْرسَل ْنَا م ِنْ رَسُو ٍ‬ ‫الل ّه َ و َ‬
‫َالر ّسُو َ‬ ‫َ‬
‫ل ال ْمُفَس ِّر ُونَ و َالْأَ ئ َِم ّة ُ طَاع َة ُ‬
‫ل أ ْمرِه ِ واجْ تنَابَ نَه ْيِه ِ‪ ،‬قَا َ‬ ‫مخَالَف َتِه ِ بِس ُوء ِ العِق ِ‬
‫َاب و َأ ْوجَبَ امْت ِثَا َ‬ ‫اب و َأوْعَد َ عَلَى ُ‬ ‫ل َ‬
‫الث ّو َ ِ‬ ‫ك بِ جَزِ ي ِ‬ ‫وَو َعَد َ عَلَى ذَل ِ َ‬
‫ل‬ ‫ِـع َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫ل إ َلّا ف َر ََض طَاع َت َه ُ عَلَى من أ ْرسَلَه ُِإلَيْه ِ و َقَالُوا من يُط ِ‬ ‫الل ّه من رَسُو ٍ‬
‫ل َ‬ ‫س َ‬‫ل فِي التِز َا ِم س َُن ّتِه ِ و َالتّسْل ِِيم لم َِا ج َاء َ بِه ِ و َقَالُوا‪ :‬م َا أَ ْر َ‬ ‫َ‬
‫الر ّسُو ِ‬

‫سمْر َقَنْد ُِيّ‬


‫ل ال َ ّ‬
‫ل فخذوه( ‪ :‬و َقَا َ‬ ‫ل )وَم َا آت َاكُم ُ َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫الله ع َنْ شَر َائ ِ‬
‫ِـع ال ِْإسْ لَام فَق َا َ‬ ‫فِي س ََن ّتِه ِ يُط ِـع َ‬
‫ل بن عَب ْد َ ّ‬
‫ل س َ ْه ُ‬
‫الل ّه فِي ف َرَائ ِضِ ه ِ‪ ،‬وَسُئ ِ َ‬
‫الل ّه ب ِال َش ّه َادَة ِ لَه ُ‬
‫ل ف ِيم َا ب َل ّغَك ُ ْم و َيُق َالُ‪ :‬أطِيع ُوا َ‬ ‫الل ّه ف ِيم َا ح َرّم َ عَلَيْك ُ ْم و َ‬
‫َالر ّسُو َ‬ ‫ل فِي س َُن ّتِه ِ و َق ِيلَ‪ :‬أطيع ُوا َ‬ ‫الل ّه فِي ف َرَائ ِضِ ه ِ َ‬
‫والر ّسُو َ‬ ‫يُق َالُ‪ :‬أَ طِيع ُوا َ‬
‫ف‬ ‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن مُحَم ّدِ ب ْ ِن خ َل َ ٍ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫اب بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا ح َاتِم ُب ْ ُ‬
‫ن ع ََت ّ ٍ‬ ‫َالن ّبِيّ ب ِال َش ّه َاد َة لَه ُ‬
‫ُبالن ّب َُو ّة ِ * ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬ ‫ب ُ‬
‫ِالر ّبُوب َيِ ّة ِ‪ ،‬و َ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا محمد بن‬
‫ن َأن ّه ُ سَم ِـ َع أَ ب َا ه ُر َي ْرَة َ‬ ‫ن عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ِي أَ خْبَرَنِي أَ بُو سَلَم َة َ ب ْ ُ‬ ‫ن ُ‬
‫الز ّهْر ّ ِ‬ ‫الل ّه ِ أَ خْبَر َن َا يُون ُ ُ‬
‫س عَ ِ‬ ‫ُف ح َ َ ّدثَنَا ال ْب ُخ َار ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد َانُ أَ خْبَر َن َا عَبْد ُ َ‬
‫يُوس َ‬
‫الل ّه َ وَم َنْ أَ طَاعَ أَ م ِير ِي فَق َ ْد أَ طَاعنِي‬
‫الل ّه َ وَم َنْ عَصَانِي فَق َ ْد ع َص َى َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )م َنْ أَ طَاعَنِي فَق َ ْد أَ طَاعَ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫يَق ُولُ‪ِ :‬إ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬
‫الل ّه بِه ِ وَطَاع َة ٌ لَه ُ* و َق َ ْد ح َك َى‬
‫ل لم َِا أَ م َرَ َ‬
‫الل ّه أَ م َرَ بِطَاع َتِه ِ‪ ،‬فَطَاع َت ُه ُ امْت ِثَا ٌ‬
‫الل ّه‪ِ ،‬إذ َ‬ ‫وَم َنْ ع َص َى أَ م ِير ِي فَق َ ْد عَصَانِي( فَطَاع َة ُ َ‬
‫الر ّسُول من طاعَة ِ َ‬
‫جه َ َن ّم َ )يَوْم َ‬
‫َات َ‬
‫ن ال ْـكُفّارِ فِي دَرَك ِ‬
‫الل ّه ع َ ِ‬
‫َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حي ْثُ ل َا يَنْف َعُهُم ُ َ‬
‫التمَّن ّي‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫تُق ََل ّبُ وُجُوهُه ُ ْم فِي َ‬
‫الن ّارِ يَق ُولُونَ ي َا لَي ْتَنَا أطعنا الل ّٰه وأطعنا الرسولا( فَتَم ََن ّو ْا طَاع َت َه ُ َ‬

‫)إذ َا نَهَي ْتُك ُ ْم ع َنْ شئ فاجتنبوه و َإذ َا أَ م َْرتُك ُ ْم ب ِأَ ْمر ٍ ف َأْ تُوا مِن ْه ُ م َا اسْ تَطَعْتُم ْ( * و َفِي حَدِيث أبي هريرة رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬

‫الل ّه ِ وَم َنْ ي َأْ بَى؟ قَالَ‪) :‬م َنْ أَ طَاعَنِي دَخ َ َ‬
‫ل الْج َنَ ّة َ وَم َنْ عَصَانِي فَق َ ْد أَ بَى(‬ ‫ل َ‬ ‫ل ُأ َمّتِي ي َ ْدخ ُلُونَ الْجَ ّنة َ ِإ َلّا م َنْ أَ بَى( قَالُوا ي َا رَسُو َ‬
‫س َل ّم َ )ك ُ ُ ّ‬
‫وَ َ‬
‫ْش‬
‫ل ي َا قَو ْ ِم ِإن ّي ر َأْ يتُ الْجيَ َ‬
‫ل أَ تى قَوْم ًا فَق َا َ‬ ‫الل ّه بِه ِ كَمَث َ ِ‬
‫ل رَج ُ ٍ‬ ‫س َل ّم َ )م َثَل ِي وَم َث َ ُ‬
‫ل م َا بَع َثَنِي َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬ ‫ِيث الآخَر ِ َ‬
‫و َفِي الْحَد ِ‬

‫جو ْا وكذبت‬ ‫الن ّذِير ُ ال ْعُر ْي َانُ ف َ َ‬


‫الن ّج َاء َ ف َأَ طَاعه ُ طَائِف َة ٌ من قَوْمِه ِ ف َأ ْدلَجُوا فَانْطَلق ُوا عَلَى مَهَلِه ِ ْم فَن َ َ‬ ‫بِعَي ْن َيّ و َِإ َن ّي أَ ن َا َ‬
‫__________‬
‫ل ضَر َبَه ُ عليه السلام مبالغة في صدق النذارة لأن النذير إذا كان عريانا كان أبين وقيل كان‬ ‫الن ّذِير ُ العر يان( هَذ َا مَث ْ ٌ‬ ‫)قوله و َِإ َن ّي أَ ن َا َ‬
‫النذير يجرد ثيابه و يلوح بها ليجتمع إليه )قوله فالنجاء( بالمد )قوله فأدلجوا( في القاموس الدلجة بالضم والفتح السير من أول الليل وقد‬
‫أدلجوا إذا ساروا من آخره فادلجوا بالتشديد )قوله على مهلهم( بفتح الميم والهاء أي تؤدتهم‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهدية‬ ‫‪٣.١.٢‬‬

‫ل من أَ طَاعَنِي و َا َت ّب َ َع ما ِ‬
‫جئ ْتُ بِه ِ‪ ،‬ومثل من عَصَانِي‬ ‫ك م َث َ ُ‬
‫حهُمْ‪ ،‬فَذ َل ِ َ‬
‫ْش ف َأَ ه ْلـَكُه ُ ْم و َاجْ تَا َ‬ ‫طَائِف َة ٌ مِنْه ُ ْم ف َأصْ بَحُوا مَك َانَه ُ ْم فَص ََب ّ َ‬
‫حهُم ُ الْجيَ ُ‬
‫ل ف ِيهَا م َأْ د ُبَة ً و َبَع َثَ د َاعِيًا فَم َنْ أَ ج َابَ ال َد ّاعِ ي َ‬ ‫ِيث الآخَر ِ فِي م َثَلِه ِ‪ :‬كَمَث َ ِ‬
‫ل من بَن َى د َار ًا وَجَع َ َ‬ ‫ن الْحَقّ ( و َفِي الْحَد ِ‬
‫جئ ْتُ بِه ِ م ِ َ‬
‫وَكَذّبَ م َا ِ‬
‫ن ال ْم َأْ د ُبَة ِ فَال َد ّار ُ الْج َنَ ّة ُ و َال َد ّاعِ ي مُحَم ّدٌ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ل ال َد ّار َ و َل َ ْم ي َأْ ك ُلْ م ِ َ‬
‫ِب ال َد ّاعِ ي ل َ ْم ي َ ْدخ ُ ِ‬
‫يج ِ‬
‫ن ال ْم َأْ د ُبَة ِ وَم َنْ ُ‬ ‫ل ال َد ّار َ و َأَ ك َ َ‬
‫ل مِ َ‬ ‫دَخ َ َ‬
‫الل ّه َ و َمُحَم ّدٌ فَر ْقٌ بَيْنَ َ‬
‫الن ّاسِ( ‪.‬‬ ‫الل ّه َ وَم َنْ ع َص َى مُحَم ّدًا فَق َ ْد ع َص َى َ‬ ‫فمن أطاع محمد فَق َ ْد أَ طَاعَ َ‬
‫الل ّه ُ و َيَغْفِر ْ لـَك ُ ْم‬
‫يح ْبِبْكُم ُ َ‬ ‫تح ُِب ّونَ َ‬
‫الل ّه َ فَا َت ّبِع ُونِي ُ‬ ‫كن ْتُم ْ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى )قُلْ ِإ ْن ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل س َُن ّتِه ِ و َالاق ْتِد َاء ِ بِهَدْيِه ِ فَق َ ْد قَا َ‬ ‫فصل و َأَ َمّا وَجُوبُ ات ّبَِاعِه ِ و َامْت ِثَا ِ‬

‫ك لا يُؤْم ِن ُونَ ح ََت ّى‬ ‫ل )فَلا وَر َب ِّ َ‬ ‫ن ب َِالل ّه ِ وَكَل ِمَاتِه ِ و َا َت ّبِع ُوه ُ لَع َل ّـك ُ ْم تهتدون( و َقَا َ‬ ‫ل )ف َآم ِن ُوا ب َِالل ّه ِ وَرَسُولِه ِ َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ ال ُأ ِم ّ ِيّ ال َ ّذ ِي يُؤْم ِ ُ‬ ‫ذ ُنُوبَكُمْ( و َقَا َ‬

‫س َل ّم َ و َاسْ تَسْلَم َ و َأَ سْ لَم َ إذ َا انْق َاد َ‪.‬‬ ‫يُحَكِّم ُوك َ ف ِيم َا شَ ج َر َ بَيْنَه ُ ْم ‪ِ -‬إلَى قَو ْلِه ِ ‪ -‬تسليما( أي يَنْق َاد ُوا لِ ح ُ ْ‬
‫كمِكَ‪ ،‬يقال َ‬
‫ل تَع َالَى )لَق َ ْد ك َانَ لـَك ُ ْم في رسول‬
‫و َقَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٨‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫__________‬
‫)قوله واجتاحهم( بالجيم في أوله والحاء المهملة في آخره أي استأصلهم )قوله مأدبة( بضم الدال المهملة وفتحها‪ ،‬في القاموس‪ :‬هي‬
‫طعام صنع لدعوى أو عرس )قوله فَر ْقٌ بَيْنَ َ‬
‫الن ّاسِ( بإسكان الراء أي يفرق بين المؤمنين والكافرين بالإيمان من المؤمنين وعدمه من‬
‫الكافرين )قوله بهدية( بفتح الهاء وسكون الدال أي بطر يقه ومذهبه‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل مُح َم ّد بن عَل ِ ٍيّ التَرْم ِذيّ ‪ :‬ا ْل ُأسْ وَة ُ فِي َ‬
‫الر ّسُول الاق ْتِد َاء ُ بِه ِ و َالاتّبَاع ُ لِس ُن ّتِه ِ‬ ‫الل ّه َ و َال ْيَوْم َ الآخر( الآيَة َ‪ ،‬قَا َ‬ ‫الل ّٰه ُأسْ وَة ٌ َ‬
‫حسَن َة ٌ لم َِنْ ك َانَ يَرْجُو َ‬

‫َاط‬
‫ل فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )صِر َ‬
‫ل س َ ْه ٌ‬
‫اب لِل ْمُت َخَلّف ِينَ عَن ْه ُ و َقَا َ‬
‫ل ه ُو َ عِت َ ٌ‬
‫ن بِمَعْنَاه ُ و َق ِي َ‬
‫ن ال ْمُفَسّر ِي َ‬
‫حدٍ م ِ َ‬
‫ل غَي ْر ُ و َا ِ‬
‫ل و َقَا َ‬
‫ل أَ ْو فِعْ ٍ‬
‫مخَالَف َتِه ِ فِي قَو ْ ٍ‬
‫و َتَرْك ُ ُ‬

‫الل ّه َ تَع َالَى أَ ْرسَلَه ُ ب ِال ْهُد َى وَدِي ِن الْحَقّ ِ لِيُزَكّ ِيَه ُ ْم‬
‫ن َ‬ ‫ك وَو َعَد َهُم ُ الاه ْتِد َاء َ ب ِات ّبَِاعِه ِ ل ِأَ َ ّ‬ ‫ل بِمُتَابَعَة ِ ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ ف َأَ م َرَه ُ ْم تَع َالَى بِذَل ِ َ‬ ‫ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن أَ ن ْعَمْتَ عَلَيْهِمْ( قَا َ‬
‫محَب ّت َه ُ تَع َالَى فِي الآيَة ِ ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى وَمَغْف ِرَتِه ِ ِإذ َا ا َت ّب َع ُوه ُ و َآث َر ُوه ُ عَلَى أَ ه ْوَائِه ِ ْم وَم َا‬ ‫و َيُع َل ِّمَهُم ُ الْكِتَابَ و َالْح ِ ْ‬
‫كم َة َ و َيَهْدِيَه ُ ْم إلى صراط فمستقيم وَو َعَد َه ُ ْم َ‬
‫ن‬
‫ض عَلَيْه ِ‪ ،‬وَر ُويَ ع َ ِ‬
‫ك الاع ْتِر َا ِ‬ ‫صح ّة َ إيمَانه ِ ْم بانْق ِيَادِه ِ ْم لَه ُ وَرِضَاه ُ ْم بِ ح ُ ْ‬
‫كمِه ِ و َتَرْ ِ‬ ‫ح إليْه ِ نُف ُوسُه ُ ْم و َأَ َ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫تج ْن َ ُ‬
‫َ‬
‫ْب‬
‫كع ِ‬
‫ت فِي َ‬ ‫تح ُِب ّونَ الل ّٰه( الآيَة َ‪ ،‬وَرُوِيَ أَ َ ّ‬
‫ن الآيَة َ ن َزَل َ ْ‬ ‫كن ْتُم ْ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى )قُلْ ِإ ْن ُ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫ِب َ‬‫نح ُ ّ‬
‫الل ّه أنا ُ‬
‫ل َ‬ ‫ن أَ َ ّ‬
‫ن أَ ق ْوَام ًا قَالُوا ي َا رَسُو َ‬ ‫الْحَسَ ِ‬

‫تح ُِب ّونَ َ‬


‫الل ّهَ(‬ ‫كن ْتُم ْ ُ‬‫)إ ْن ُ‬ ‫ج مَعْنَاه ُ ِ‬ ‫الز ّ َجّا ُ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ الآيَة َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل َ‬‫ش ُ ّد ح ًُب ّا ل َِل ّهِ‪ ،‬ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫ن أَ َ‬ ‫الل ّه ِ و َأَ ح َِب ّاؤُه ُ و َ َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫ن أَ ب ْنَاء ُ َ‬ ‫َف و َغَيْرِه ِ و َأَ َ ّنه ُ ْم قَالُوا َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫ب ْ ِن الأَ شْر ِ‬
‫الل ّه ِ لَه ُ ْم عَفْوُه ُ عَنْه ُ ْم و َإنْع َام ُه ُ عَلَيْه ِم‬
‫محَب ّة ُ َ‬
‫ل طَاع َت ُه ُ لَهُم َا وَرِضَاه ُ بِمَا أَ م َرَا و َ َ‬ ‫محَب ّة ُ الْعَبْدِ ل َِل ّه ِ و َ‬
‫َالر ّسُو ِ‬ ‫أَ ْن تَقْصِ د ُوا طَاع َت َه ُ فافْع َلُوا م َا أَ م َرَك ُ ْم بِه ِ‪ِ ،‬إ ْذ َ‬
‫ل الْق َائِلُ‪ :‬تَعْصي الإله َ و َأَ ن ْتَ تُظْهر ُ ح َُب ّه ُ؟ * هَذ َا لَع َ ْمرِي فِي الْق ِيَا ِ‬
‫س‬ ‫ن ال ْع ِبَادِ طَاع َة ٌ‪ ،‬كَمَا قَا َ‬ ‫ق وَم ِ َ‬ ‫الل ّه عِصْ م َة ٌ و َتَو ْف ِي ٌ‬
‫ن َ‬ ‫ب مِ َ‬ ‫ل الْح ُ ُ ّ‬‫ب ِرَحْمَتِه ِ‪ ،‬و َيُق َا ُ‬
‫بَدِيعُ!‬

‫محَب ّة ال ْعَبْدِ لل ّٰه تَعْظ ِيم ُه ُ لَه ُ و َهَي ْبَت ُه ُ مِن ْه ُ وَم َحب ّة َ‬
‫الل ّه لَه ُ رَحْمَت ُه ُ لَه ُ و َإر َاد َتُه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب م ُطيعُ! و َيُق َا ُ‬ ‫ن المحُ َ ِّب لم َِنْ ُ‬ ‫لَو ْ ك َانَ ح ُُب ّ َ‬
‫ك صادقًا لأ َطعْت َه ُ * إ َ ّ‬
‫ات وَسَي َأْ تِي بَعْد ُ‬ ‫ِفات ال َذ ّ ِ‬
‫الر ّحْمَة ِ و َالإر َادَة ِ والمَدْح ك َانَ من ص ِ‬ ‫ل الْقُشَيْر ُِيّ ف َِإذ َا ك َانَ بِمَعْن َي َ‬
‫حه ِ و َثَنَائِه ِ عَلَيْه ِ‪ ،‬قَا َ‬
‫الجيل لَه ُ و َتَكُونُ بِمَعْن َي م َ ْد ِ‬
‫ل وَح َ َ ّدث ْنَا‬
‫ن س َ ْه ٍ‬‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الأَ صْ ب َِغ ع ِيس َى ب ْ ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو إسحاق إبراهيم ابن َ‬
‫جعْفَرٍ الْفَق ِيه ُ قَا َ‬ ‫ل َ‬ ‫محَب ّة ِ الْعَبْدِ غَي ْر ُ هَذ َا بِ حَو ْ ِ‬
‫فِي ذكر محبة َ‬

‫ص الجُهَن ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ٍ الآجُرّ ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا‬


‫ح ْف ٍ‬
‫ل حدثنا أَ بُو َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ قَا َ‬‫ِيث الْفَق ِيه ُ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ قَالا ح َ َ ّدثَنَا ح َاتِم ُ ب ْ ُ‬ ‫ن م ُغ ٍ‬ ‫س بْ ُ‬
‫ن يُون ُ ُ‬
‫أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ن ب ْ ِن عَمْرٍو‬ ‫سل ِ ٍم ع َنْ ثَوْرِ ب ْ ِن يَز ِيد َ ع َنْ خ َالِد ِ ب ْ ِن مَعْد َانَ ع َنْ عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ن مُ ْ‬ ‫شيْدٍ ح َ َ ّدثَنَا ال ْوَلِيد ُ ب ْ ُ‬ ‫ن م ُوس َى الجَوْز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا د َاوُد ُ ب ْ ُ‬
‫ن رُ َ‬ ‫ِإ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ل )ف َعَلَيْك ُ ْم بِس َُن ّتِي وَس َُن ّة ِ الخل َُف َاء ِ‬
‫س َل ّم َ َأن ّه ُ قَا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ض ب ْ ِن سَارِ يَة َ فِي حَدِيثِه ِ فِي مَوْعِظَة ِ َ‬
‫ن ال ْعِر ْب َا ِ‬
‫ي و َحُ جْرٍ الك َلَاعِ ِيّ ع َ ِ‬
‫الْأَ سْ لَم ِ ِ ّ‬

‫محْد َثَة ٍ بِدْع َة ٌ وَك ُ َ ّ‬


‫ل بِدْعَة ٍ ضَلالَة ٌ( زاد‬ ‫ل ُ‬ ‫َات ا ْل ُأم ُورِ ف َِإ َ ّ‬
‫ن كُ َ ّ‬ ‫محْد َث ِ‬ ‫جذِ و َِإ َي ّاك ُ ْم و َ ُ‬ ‫ن ال ْم َ ْهدِيِّينَ‪ ،‬ع َُضّ وا عَلَيْهَا َ‬
‫بالن ّوَا ِ‬ ‫شدِي َ‬ ‫َ‬
‫الر ّا ِ‬
‫__________‬
‫ي(‬
‫ن م ُوس َى كذا ذكره ابن ماكولا وغيره )قوله عن عبد الرحمن ب ْ ِن عَمْرٍو الْأَ سْ لَم ِ ِ ّ‬ ‫)قوله الجوزى( بالجيم المفتوحة والزاى المكسورة ِإ ب ْر َاه ِيم ُب ْ ُ‬
‫كذا في بعض النسخ وصوابه السلمى بضم السين المهملة وفتح اللام كما في سنن أبى داود وجامع الترمذي وأطراف المزى وكتب‬
‫الأسماء )قوله بالنواجذ( بالذال المعجمة قال النووي هي الأنياب وقيل الأضراس وفى النهاية أن النواجذ مشتهرة بأواخر الأسنان وفى‬
‫الصحاح الناجذ آخر الأضراس‪ ،‬ولإنسان أربعة نواجذ في أقصى الأسنان بعد الأرجاء ويسمى ضرس الحلم لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال‬
‫العقل‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ )ل َا ُألْف ِي َ ّن أَ حَد َك ُ ْم م َُت ّكِئًا عَلَى أَ رِ يكَتِه ِ‬ ‫ِـع عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الن ّارِ( و َفِي حَدِيث أَ بِي ر َاف ٍ‬ ‫ل ضَلَالَة ٍ فِي َ‬ ‫ِيث ج َابِر ٍ بِمَع َنَاه ُ )وَك ُ َ ّ‬
‫فِي حَد ِ‬

‫الل ّه ِ ا َت ّبَعْنَاه ُ( و َفِي حَدِيث عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬


‫الل ّه عَنْهَا‬ ‫اب َ‬ ‫ل ل َا أَ ْدرِي م َا وَجَدْن َا فِي ك ِت َ ِ‬ ‫ي َأْ تيِه ِ الْأَ مْرُ م ِنْ أَ ْمر ِي م َِم ّا أَ م َْرتُ بِه ِ أَ ْو نَهَي ْتُ عَن ْه ُ فَيَق ُو ُ‬
‫ل‬
‫ل )م َا ب َا ُ‬ ‫الل ّه ث َُم ّ قَا َ‬
‫س َل ّم َ فَحَمِد َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ّص ف ِيه ِ فَتَنَزّه َ عَن ْه ُ قَوْم ٌ فَبَل َ َغ ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ َ‬
‫شي ْئًا ت َرَخ َ‬ ‫الل ّه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫صَنع رَسُو ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٧٩‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ْب‬
‫صع ٌ‬
‫ل )الْقُر ْآنُ َ‬ ‫ن الشئ أصنعه؟ فو الل ّٰه ِإن ِ ّي ل ِأَ ع ْلَمُه ُ ْم ب َِالل ّه ِ و َأَ َ‬
‫ش ُ ّده ُ ْم لَه ُ َ‬
‫خشْي َة ً‪ ،‬وَر ُويَ عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم َأن ّه ُ قَا َ‬ ‫قَو ْ ٍم يَت َنَز ّه ُونَ ع َ ِ‬

‫خسِر َ ال ُد ّن ْيَا‬
‫ن وَحَدِيثِي َ‬
‫حفِظَه ُ ج َاء َ م َ َع الْقُر ْآنِ‪ ،‬وَم َنْ تَهَاوَنَ ب ِالْقُر ْآ ِ‬
‫ك بِ حَدِيثِي و َفَهِم َه ُ و َ َ‬
‫ن اسْ تَمْسَ َ‬
‫َب عَلَى من كَر ِه َه ُ‪ ،‬و َه ُو َ الْحَكَم ُ‪ ،‬فَم َ ِ‬
‫مُسْت َصْ ع ٌ‬
‫الل ّه ُ تَع َالَى )وَم َا آت َاكُم ُ‬
‫ل َ‬ ‫ت ُأ َمّتِي أَ ْن ي َأْ خُذ ُوا بِقَو ْل ِي و َيُطيع ُوا أَ ْمر ِي و َيَت ّب ِع ُوا س َُن ّتِي‪ ،‬فَم َنْ رَضِيَ بقوله فقدر رَضِيَ ب ِالْقُر ْآنِ( قَا َ‬
‫خرَة َ‪ُ ،‬أم ِرَ ْ‬
‫و َالآ ِ‬
‫ن اق ْتَد َى بِي فَه ُو َ م ِن ِ ّي وَم َنْ رَغِبَ ع َنْ س َُن ّتِي فَلَي َ‬
‫ْس م ِن ِ ّي( وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ الل ّٰه‬ ‫س َل ّم َ )م َ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل فَخُذ ُوه ُ( الآيَة َ و َقَا َ‬ ‫َ‬
‫الر ّسُو ُ‬
‫عنه‬
‫__________‬
‫س َل ّم َ قيل اسمه إبراهيم‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫)قوله وفي حديث أبي رافع( هو مَو ْلَى رَسُو ِ‬
‫وقيل ثابت وقيل هرمز )قوله لا ألفين( بضم الهمزة وكسر الفاء وفتح المثناة التحتية وتشديد النون أي لا أجدن )قوله على أر يكته(‬
‫الأر يكة السرير في الحجلة من دونه ستر ولا يسمى السرير منفرد أر يكة وقيل هو كل ما اتكئ عليه من سرير أو فراش أو منصة قاله ابن‬
‫الأثير‪ ،‬وفى الصحاح الأر يكة سرير مزين في قبة أو بيت و َإذ َا لَم يَكُن فيه سرير فهو حجد والجمع الأرائك )قوله مستصعب( بكسر العين‬
‫من استصعب الأمر بمعنى صعب )قوله وهو الحكم( بفتح الحاء والكاف‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه بن‬ ‫الل ّه ِ وَخَيْر َ ال ْهَد ِ‬
‫ْي هَدْيُ مُح َم ّدٍ‪ ،‬و َش َ َرّ الأمور محدثاتها( وَع َن عَب ْد َ‬ ‫ِيث ك ِتَابُ َ‬
‫ن الْحَد ِ‬ ‫ل )إ َ ّ‬
‫ن أَ حْ سَ َ‬ ‫عن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قَا َ‬
‫محَكَم َة ٌ أَ ْو س َُن ّة ٌ قَائِم َة ٌ أَ ْو فَرِ يضَة ٌ‬ ‫س َل ّم َ )ال ْعِلْم ُ ثَلَاثَة ٌ فَمَا سِو َى ذَل ِ َ‬
‫ك فَه ُو َ ف َضْ لٌ‪ :‬آيَة ٌ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه عَن ْهُ‪ :‬قَا َ‬
‫عَم ْرو بن العاص رصي َ‬
‫ل‬ ‫ل فِي س َُن ّة ٍ خَيْر ٌ م ِنْ ع َم َ ٍ‬
‫ل كَث ِيرٍ فِي بِدْعَة ٍ( و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ ع َم َ ٌ‬
‫ل قَلِي ٌ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى قَا َ‬
‫ن رَحِمهما َ‬
‫ن بن أَ بِي الْحَسَ ِ‬
‫ن الْحَسَ ِ‬
‫عَادِلَة ٌ( وَع َ ِ‬
‫ن َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صلى الل ّٰه عليه‬ ‫ك بِهَا( وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ الل ّٰه عَن ْه ُ ع َ ِ‬
‫س َ‬ ‫ل الْعَبْد َ الْج َنَ ّة َ ب ِال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ تَم َ َ ّ‬ ‫خ ُ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى ي ُ ْد ِ‬
‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم َ ِ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه السلام و َ َ‬

‫سب ْع ِينَ‬
‫ل اف ْت َرق ُوا عَلَى اث ْنَتَيْنِ و َ َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن بَنِي ِإسْر َائيِ َ‬ ‫س َل ّم َ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك بِس َُن ّتِي عِنْد َ فَسَادِ ُأ َمّتِي لَه ُ أَ ْ‬
‫جر ُ م ِائَة ِ شَه ِيدٍ( و َقَا َ‬ ‫س ُ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )ال ْمُتَم َ ِّ‬ ‫وَ َ‬

‫صحَابِي(‬ ‫الل ّهِ؟ قَا َ‬


‫ل )ال َ ّذ ِي أَ ن َا عَلَيْه ِ ال ْيَوْم َ و َأَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫حدَة ً( قَالُوا وَم َنْ ه ُ ْم ي َا رَسُو َ‬ ‫سب ْع ِينَ ك ُُل ّه َا فِي َ‬
‫الن ّار ِإ َلّا و َا ِ‬ ‫ن ُأ َمّتِي تَفْتَر ِقُ عَلَى ثَل َ ٍ‬
‫اث و َ َ‬ ‫م ِلَ ّة ً و َِإ َ ّ‬
‫ْف ال ْم ُزَن ِ ِيّ أَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫س َل ّم َ )م َنْ أَ حْ يَا س َُن ّتِي فَق َ ْد أَ حْ يَانِي وَم َنْ أَ حْ يَانِي ك َانَ مَع ِي فِي الْج َنَ ّة ِ( وَع َنْ عَمْرِو ب ْ ِن عَو ٍ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س‪ ،‬قَا َ‬
‫وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬

‫ل‬
‫جر ِ مِث ْ َ‬
‫ن الْأَ ْ‬ ‫ِث )م َنْ أَ حْ يَا س َُن ّة ً م ِنْ س َُن ّتِي ق َ ْد ُأم ِيت َْت بَعْدِي ف َِإ َ ّ‬
‫ن لَه ُ م ِ َ‬ ‫ل ب ْ ِن الْحا َر ِ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل لِب ِلا ِ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله وخير الهدى( بفتح الهاء وسكون الدال بمعنى السمت والطر يقة‪ ،‬أو بضم الهاء وفتح الدال ضد الضلال )قوله أَ ْو فَرِ يضَة ٌ عَادِلَة ٌ(‬
‫قال ابن الأثير أراد العدل في القسمة أي معدلة على السهام المذكور في الكتاب والسنة من غير جور‪ ،‬و يحتمل أن يريد أنها مستنبطة م ِن‬
‫الْكِتَاب و َال ُ ّ‬
‫س َن ّة فتكون هذه الفر يضة تعدل بما أخر عنها انتهى )قوله وعن الحسن بن أبى الحسن( هو البصري‪.‬‬
‫)*(‬

‫)فصل( وأما ورد عن السلف والأئمة من اتباع سنته والاقتداء بهديه وسيرته‬ ‫‪٣.١.٣‬‬

‫ل بِهَا ل َا‬
‫ل آث َا ِم م َنْ عَم ِ َ‬
‫الل ّه َ وَرَسُولَه ُ ك َانَ عَلَيْه ِ مِث ْ ُ‬
‫ن اب ْتَدَعَ بِدْع َة ً ضَلالَة ً ل َا تُرْض ِي َ‬ ‫ُص م ِنْ ُأجُورِه ِ ْم َ‬
‫شي ْئًا وَم َ ِ‬ ‫ل بِهَا م ِنْ غَيْر ِ أَ ْن يَنْق َ‬
‫م َنْ عَم ِ َ‬
‫شي ْئًا(‬
‫س َ‬ ‫ك م ِنْ أَ ْوز َارِ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ُص ذَل ِ َ‬
‫يَنْق ُ‬
‫ن ب ْ ِن أَ بِي‬‫الر ّحْم ِ‬‫ن عَبْدِ َ‬ ‫خ أَ بُو ِعم ْرَانَ م ُوس َى ب ْ ُ‬ ‫اع سُن ّتِه ِ والاق ْتِد َاء ِ بِهَدْيِه ِ وَسِيرَتِه ِ فَح َ ّدثَنَا ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ن اتّب َ ِ‬
‫ف و َالْأَ ئ َِم ّة ِ م ِ ِ‬
‫ن السّل َ ِ‬ ‫)فصل( وأما وَرَد َ ع َ ِ‬
‫ض ٍ‬
‫اح‬ ‫ن وَ َ ّ‬‫ن م َس َ َرّة َ قَالا ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن أَ صْ ب َ َغ وَوَه ْبُ ب ْ ُ‬‫ن نَصْرٍ ح َ َ ّدثَنَا قَاسِم ُ ب ْ ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ُم َر َالْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا سَع ِيد ُ ب ْ ُ‬
‫تلَِيدٍ الْفَق ِيه ُ سَمَاعًا عَلَيْه ِ قَا َ‬
‫ن‬ ‫ل ي َا أَ ب َا عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ َ‬
‫ن ع ُم َر َ فَق َا َ‬ ‫ل خ َالِد ِ ب ْ ِن أَ سِيدٍ َأن ّه ُ سَأَ َ‬
‫ل عَبْد َ َ‬ ‫ل م ِنْ آ ِ‬
‫َاب ع َنْ رَج ُ ٍ‬ ‫يح ْي َى ح َ َ ّدثَنَا م َال ِكٌ ع َ ِ‬
‫ن اب ْ ِن شِه ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫يح ْي َى ب ْ ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٠‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫الل ّه َ بَع َثَ ِإلَي ْنَا مُحَم ّدًا‬


‫ن َ‬ ‫ن أَ خِي ِإ َ ّ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا ي َا اب ْ َ‬
‫ن ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫سفَرِ فَق َا َ‬‫نجِد ُ صَلَاة َ ال َ ّ‬
‫ن وَل َا َ‬ ‫ْف وَصَلَاة َ الْحَضَر ِ فِي الْقُر ْآ ِ‬ ‫نجِد ُ صَلَاة َ الْخَو ِ‬ ‫ِإ َن ّا َ‬
‫س َل ّم َ ووُل َاة ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن عَبْدِ ال ْعَزِيز ِ س ََنّ رَسُو ُ‬ ‫ل ع ُم َر ُ ب ْ ُ‬
‫ل كَمَا ر َأَ ي ْنَاه ُ يَفْعَلُ‪ ،‬و َقَا َ‬‫شي ْئًا و َِإ َن ّمَا ن َ ْفع َ ُ‬
‫س َل ّم َ وَل َا نَعْلَم ُ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ْس ل ِأَ حَدٍ تَغْي ِير ُها وَل َا تَبْدِيلُه َا وَل َا َ‬
‫الن ّظَر ُفِي ر َأْ ي‬ ‫الل ّه و َق َُو ّة ٌ عَلَى دِي ِن َ‬
‫الل ّه لَي َ‬ ‫ل لِطَاعَة ِ َ‬
‫الل ّه و َاسْ تِعْم َا ٌ‬
‫اب َ‬‫ق بِكِت َ ِ‬
‫الأ ْمر ِ بَعْدَه ُ سُنَنًا الأخْذ ُ بِهَا تَصْ دِي ٌ‬
‫جه َ َن ّم َ‬
‫الل ّه م َا تَو َلَ ّى وأصْ لَاه ُ َ‬
‫ل ال ْمُؤْم ِنينَ و َلّاه ُ َ‬
‫ن ان ْت َصَر َ بِهَا فَه ُو َ مَنْصُور ٌ وَم َنْ خ َالَفَه َا و َا َت ّب َ َع غَيْر َ سَب ِي ِ‬
‫ن اق ْتَد َى بِهَا فَه ُو َ مُه ْتَدٍ وَم َ ِ‬
‫من خ َالَفَه َا‪ ،‬م َ ِ‬
‫ل فِي س َُن ّة ٍ خَيْر ٌ من‬
‫ل قَلِي ٌ‬
‫ن‪ :‬ع َم َ ٌ‬
‫ن بن أَ بِي الْحَسَ ِ‬
‫ل الْحَسَ ُ‬
‫ت م َصِ ير ًا‪ ،‬و َقَا َ‬
‫وَسَاء َ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله خ َالِد ِ ب ْ ِن أَ سِيدٍ( بفتح الهمزة وكسر السين المهملة‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه‬
‫اب رَضِيَ َ‬
‫ط ِ‬ ‫ل ال ْعِلْم ِ قَالُوا‪ :‬الاعْتِصَام ُ ب ِال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ نَجَاة ٌ‪ ،‬وَكَت َبَ ع ُم َر ُ بن الْخ َ ّ‬ ‫ل ابن شِه َاب بلََغ َنَا ع َنْ رِج َال من أَ ه ْ ِ‬
‫ل كَث ِيرٍ فِي بِدْعَة ٍ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ع َم َ ٍ‬

‫أصحَابَ ال ُ ّ‬
‫سنَنِ أَ ع ْلَم ُ‬ ‫ن ْ‬ ‫ن ‪ -‬فَخُذ ُوه ُ ْم بال ُ ّ‬
‫سنَنِ ف َِإ َ ّ‬ ‫ل إ َّ‬
‫ن ناسًا يُجَادلُونَك ُ ْم ‪ -‬يَعْنِي ب ِالْقُر ْآ ِ‬ ‫ن أَ ي ُ‬
‫الل ّغَة ِ و َقَا َ‬ ‫ض و َال َ ّلح ْ ِ‬ ‫عَن ْه ُ ِإلَى ع َُم ّالِه ِ بتَِع َ ُل ّم ِ ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ و َالف َرَائ ِ ِ‬
‫س َل ّم َ يَصْ نَعُ‪ ،‬وَع َنْ عَل ِ ٍيّ حِينَ ق َرَنَ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه‪ ،‬و َفِي خ َبَرِه ِ حِينَ صَلَ ّى بِذِي الْحل َُيْفَة ِ رَكْ ع َتَيْنِ فَق َا َ‬
‫ل أَ صْ ن َ ُع كَمَا ر َأَ ي ْتُ رَسُو َ‬ ‫بِكِتَاب َ‬
‫ن َ‬
‫الن ّاسِ‪ ،‬وَعَن ْهُ‪:‬‬ ‫س َل ّم َ لِقَو ْ ِ‬
‫ل أَ حَدٍ م ِ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ل َ ْم أَ كُنْ أَ دَع ُ س َُن ّة َ رَسُو ِ‬
‫اس عَن ْه ُ و َت َ ْفعَلُه ُ؟ قَا َ‬ ‫ل لَه ُ عُثْم َانُ ت َر َى أَ ن ِ ّي أَ نْهَ ى َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫فَق َا َ‬
‫س َل ّم َ م َا اسْ تَطَعْتُ ‪ ،‬وَك َانَ ابن مَسْع ُودٍ يَق ُولُ‪:‬‬ ‫الل ّه وَس َُن ّة ِ نَب ِيّه ِ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫اب َ‬ ‫إ َلّا َأن ّي لَسْتُ بِنَبِيّ وَل َا يُوحى ِإل َيّ و َلـَكِن ّي أَ عْم َ ُ‬
‫ل بِكِت َ ِ‬

‫ْب عَلَيْك ُ ْم‬ ‫ل ُأب َ ُيّ بن َ‬


‫كع ٍ‬ ‫كف َر َ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ف ال ُ ّ‬
‫س َن ّة َ َ‬ ‫ن م َنْ خ َال َ َ‬ ‫ل ابن ع ُم َرَ‪ :‬صَلَاة ُ ال َ ّ‬
‫سفَرِ رَكْ ع َتَا ِ‬ ‫ن الاجْ تِهَادِ فِي البِدْعَة ِ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫الق َصْ د ُ فِي ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ خَيْر ٌ م ِ َ‬

‫الل ّه أبَد ًا‪ ،‬وَم َا‬


‫خشْيَة ِ ر َبِّه ِ فَيُعَذّبُه ُ َ‬
‫َت عَي ْنَاه ُ من َ‬
‫سه ِ فَف َاض ْ‬
‫الل ّه فِي ن َ ْف ِ‬ ‫ل و َال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ ذَك َر َ َ‬ ‫ض من عَبْدٍ عَلَى ال َ ّ‬
‫سب ِي ِ‬ ‫ل و َال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ ف َ َإن ّه ُ م َا عَلَى الْأَ ْر ِ‬ ‫ب ِالسّب ِي ِ‬

‫الل ّه إ َلّا ك َانَ م َثَلُه ُ كَمَث َ ِ‬


‫ل شَ ج َرَة ٍ ق َ ْد يَب َِس وَر َقُه َا فَه ِ َ‬
‫ي‬ ‫سه ِ فاقْشَع ََر ّ جِل ْدُه ُ من َ‬
‫خشْيَة ِ َ‬ ‫الل ّه فِي ن َ ْف ِ‬ ‫ل و َال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ ذَك َر َ َ‬ ‫ض من عَبْدٍ عَلَى ال َ ّ‬
‫سب ِي ِ‬ ‫عَلَى الْأَ ْر ِ‬
‫ك ِإ ْذ‬
‫كَذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله واللحن( بإسكان الحاء المهملة )قوله بذى الحليفة( ماء من مياه بنى جشم على ستة أميال وقيل سبعة من المدينة )قوله الق َصْ د ُ فِي‬
‫ف ال ُ ّ‬
‫س َن ّة َ كفر( أي من خالفها مستحلا مخالفتها أو المراد بالـكفر كفر‬ ‫ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ( أي الوسط بين الطرفين الإفراط والتفر يط )قوله م َنْ خ َال َ َ‬
‫النعمة‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل وَس َُن ّة ٍ خَيْر ٌ م ِ َ‬
‫ن اجْ تِهَادٍ‬ ‫شجَرَة ِ وَر َقُه َا‪ ،‬ف َِإ َ ّ‬
‫ن اق ْتِصَاد ًا فِي سَب ِي ٍ‬ ‫ن ال َ ّ‬ ‫َات عَنْهَا وَر َقُه َا إ َلّا ح َ ُّط عَن ْه ُ َ‬
‫خطَاي َاه ُ كَمَا تَحَات ع َ ِ‬ ‫شدِيدَة ٌ فَت َح َ ّ‬
‫أَ صَابَتْهَا رِيح ٌ َ‬
‫ل وَس َُن ّة ٍ وَم ُوافَقَة ِ بِدْعَة ٍ‪ ،‬و َانْظ ُر ُوا أ ْن يَكُونَ ع َمَلـك ُ ْم إ ْن ك َانَ اجتهدا أَ وِ اق ْتِصَاد ًا أ ْن يَكُونَ عَلَى مِنْهَاج الْأَ ن ْب ِيَاء ِ وَس َُن ّتِه ِ ْم *‬
‫اف سَب ِي ٍ‬
‫فِي خِل َ ِ‬
‫صه ِ‪ :‬ه َلْ ي َأْ خُذ ُه ُ ْم ب ِالظ َّن ّة ِ أَ ْو يَحْم ِلُه ُ ْم عَلَى ال ْبَي ّنَة ِ وَم َا جَر ْ‬
‫َت عَلَيْه ِ‬ ‫كثْرَة ِ لُصُو ِ‬
‫ل بلََدِه ِ و َ َ‬ ‫ْض ع َُم ّا ِ‬
‫ل ع ُم َر َ بن عَب ْد الْعَزِيز ِ ِإلَى ع ُم َر َ بِ حَا ِ‬ ‫وَكَت َبَ بَع ُ‬
‫الل ّه‪ ،‬وَع َنْ عَطَاء ٍ فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )ف َِإ ْن‬ ‫س َن ّة ُ فإ ْن ل َ ْم يُصْ ل ِحْ هُم ُ الْح َُقّ فَلَا أصْ ل َ َ‬
‫حهُم ُ َ‬ ‫َت عَلَيْه ِ ال ُ ّ‬ ‫ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ُ؟ فَكَت َبَ إليْه ِ ع ُم َر ُ خُذْه ُ ْم ب ِالبَي ّنَة ِ وَم َا جَر ْ‬
‫ْس فِي س َُن ّة ِ رَسُو ِ‬
‫ل‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شافِع ِي‪ :‬لَي َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫الل ّه صلى اله عله و َ َ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه وَس ََن ّة ِ رَسُو ِ‬
‫اب َ‬ ‫الل ّه ِ والرسول( أَ ْ‬
‫ي ِإلَى ك ِت َ ِ‬ ‫تَنَازَعْتُم ْ فِي شئ ف َر ُدّوه ُ ِإلَى َ‬
‫ك حَ ج َر ٌ ل َا تَنْف َ ُع وَل َا تَض ُ ُرّ و َلَوْل َا أَ ن ّي ر َأَ ي ْتُ رَسُو َ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه‬ ‫ل ع ُم َر ُ و َنَظَر َ ِإلَى الحجََرِ الْأَ سْ وَدِ ِإ َن ّ َ‬
‫س َل ّم َ إ َلّا اتّبَاعُه َا‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى‬
‫ل َ‬ ‫ل ل َا أ ْدرِي إ َلّا أَ ن ّي ر َأَ ي ْتُ رَسُو َ‬
‫ل عَن ْه ُ فَق َا َ‬ ‫ك ث َُم ّ قبله‪ ،‬رؤى عبد الل ّٰه بن عمر يدبر ناقَت َه ُ فِي مَك َا ٍ‬
‫ن فَس ُئ ِ َ‬ ‫س َل ّم َ يُق َبّل ُ َ‬
‫ك م َا قَب ّل ْت ُ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ق‬
‫سه ِ نَطَ َ‬ ‫ق ب ِالْح ِ ْ‬
‫كمَة ِ وَم َنْ أَ َمّرَ ال ْه َو َى عَلَى ن َ ْف ِ‬ ‫سه ِ قَوْل ًا و َفِعْل ًا نَطَ َ‬ ‫ِيريّ ‪ :‬من أَ َمّرَ ال ُ ّ‬
‫س َن ّة َ عَلَى ن َ ْف ِ‬ ‫ل أَ بُو عُثْم َانَ ا ْلحـ ُ‬
‫س َل ّم َ فَعَلَه ُف َ ْفعَل ْت ُه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ب ِال ْبِدْع َة‪ ،‬وقال‬
‫__________‬
‫)قوله فتحات( بالحاء المهملة أي فتناثر )قوله بالظنة( بكسر الظاء المعجمة المشالة وتشديد النون المفتوحة أي التهمة )قوله وقال أبو‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨١‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫عثمان الحـيرى( بحاء مهلمة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فراء و ياء للنسبه إلى محلة بنيسابور تعرف بالحـيرة هو شيخ الصوفية بنيسابور‪،‬‬
‫ذكره القشيرى في الرسالة وذكر هَذ َا الْحَدِيث عَن ْه‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل ومخالفة أمره وتبديل سنته ضلال وبدعة متوعد من الل ّٰه عليه بالخذلان والعذاق‬ ‫‪٣.١.٤‬‬

‫س َل ّم َ‬ ‫الت ّسْتَر ُِيّ ُأصُو ُ‬


‫ل مَذْه َب ِنَا ثَلاثَة ٌ‪ :‬الاق ْتِد َاء ُ ب َِالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫س َ ْه ٌ‬
‫الصّ الِ ح ُيَرْف َع ُه ُ( َأن ّه ُ‬
‫ل َ‬ ‫اص الن َّي ّة ِ فِي جَم ِ‬
‫ِيع الأعْمَالِ‪ ،‬وَج َاء َ فِي ت َ ْفسِير ِ قَو ْلِه ِ تَع َالَى‪) :‬و َالْعَم َ ُ‬ ‫ن الحلََالِ‪ ،‬وإخْل َ ُ‬
‫ل مِ َ‬
‫ك ُ‬
‫ق والأفْع َالِ‪ ،‬والأ ْ‬
‫فِي الْأَ خْلَا ِ‬
‫كن ْتُ يَوْم ًا م َ َع جَمَاعَة ٍ تَج ََر ّد ُوا وَدَخ َلُوا المَاء َ فاسْ تَعْم َل ْتُ الْحَدِيثَ‬
‫ل ُ‬
‫ل قَا َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬وَحُكِي َ ع َنْ أحْمَد َ بن َ‬
‫حن ْب َ ٍ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الاق ْتِد َاء ُ ب ِرَسُول َ‬
‫ك‬
‫الل ّه ق َ ْد غَف َر َ ل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّيْلَة َ قَائِل ًا لي ي َا أَ حْمَد ُ أب ْشرْ ف َِإ َ ّ‬
‫ك َ‬ ‫ل ا ْلحم َ ّام َ إ َلّا بِمِئْزَرٍ( و َل َ ْم أتَج ََر ّ ْد ف َرأْ َ يتُ تِل ْ َ‬
‫خر ِ فَلَا ي َ ْدخ ُ ُ‬
‫ن ب ِالل ّٰه و َاليَو ْ ِم الآ ِ‬
‫)من ك َانَ يُؤْم ِ ُ‬

‫جبْر ِيلُ‪.‬‬
‫ك إمام ًا يُقْتَد َى بِكَ‪ ،‬قلُ ْتُ من أن ْتَ ؟ قَالَ‪ِ :‬‬
‫جعَل َ‬ ‫ك ال ُ ّ‬
‫س َن ّة َ و َ َ‬ ‫باسْ تِعْمال ِ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى )فَل ْيَحْذَرِ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن يُخَالِف ُونَ ع َنْ أَ ْمرِه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن والعذاق قَا َ‬ ‫ل و َبِدْع َة ٌ م ُت َو َ َع ّدٌ م ِن َ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِ بالخِذْلا ِ‬ ‫ل س َُن ّتِه ِ ضَلَا ٌ‬
‫مخَالَف َة ُ أ ْمرِه ِ و َتَبْدِي ُ‬
‫فصل و َ ُ‬
‫ل م ِنْ بَعْدِ م َا تَبېَ ّنَ لَه ُ ال ْهُد َى و َيَت ّب ِـعْ غَيْر َ سَب ِي ِ‬
‫ل ال ْمُؤْم ِنِينَ نُوَل ِ ّه ِ ما تولى(‬ ‫ق َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫َاب أَ ل ِيم ٌ( و َقَالَ‪) :‬وَم َنْ يُش َاق ِ ِ‬
‫أَ ْن تُصِ يبَه ُ ْم فِت ْن َة ٌ أَ ْو يُصِ يبَه ُ ْم عَذ ٌ‬
‫ن ع ََت ّ ٍ‬
‫اب بِق ِرَاءَتِي عَلَيْهِم َا قالا حدثنا أبو القاسم خاتم بن محمد حدثنا أبو الحسن‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫جعْفَرٍ وَع َبد ُ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن أَ بِي َ‬ ‫الآيَة َ‪ ،‬ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدٍ عَبْد ُ َ‬
‫ن الْق َاس ِ ِم ح َ َ ّدثَنَا م َال ِكٌ ع َ ِ‬
‫ن‬ ‫ن مَسْر ُو ٍر ال َد ّ َب ّاغ ُ ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ بن أَ بِي سُلَيْم َانَ ح َ َ ّدثَنَا سحنون ابن سَع ِيدٍ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫القابسي حدثنا أَ بُو الْحُسَيْنِ ب ْ ُ‬
‫ن ع َنْ‬ ‫العلاء بن عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬
‫ل ع َنْ‬ ‫صفَة ِ ُأ َمّتِه ِ و َف ِيه ِ )فَلَيُذ َاد َ َ ّ‬
‫ن رِج َا ٌ‬ ‫س َل ّم َ خَر َ َ‬
‫ج ِإلَى المَقْبَرَة ِ وَذَك َر َ الْحَدِيثَ فِي ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن رَسُو َ‬
‫ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ أَ ّ‬
‫س أنت‬
‫ل فَس ُحْ ق ًا فَس ُحْ ق ًا فَس ُحْ ق ًا( وَرَو َى أَ ن َ ٌ‬ ‫ل ف َُأن َادِيه ِم أَ ل َا ه َل ُ َمّ أَ ل َا ه َل ُ َمّ فَيُق َا ُ‬
‫ل ِإ َ ّنه ُ ْم ق َ ْد ب َ ّدلُوا بَعْدَك َ ف َأَ قُو ُ‬ ‫الضّ ا ُ ّ‬
‫حوْض ِي كَمَا يُذ َاد ُ ال ْب َع ِير ُ َ‬
‫َ‬
‫ْس‬
‫ل فِي أ ْمر ِن َا م َا لَي َ‬ ‫ْس م َِن ّي( و َقَا َ‬
‫ل )من أَ ْدخ َ َ‬ ‫ل )فَم َنْ رَغِبَ ع َنْ س َُن ّتِي فَلَي َ‬
‫س َل ّم َ قَا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫ل )لا ألفين أحدكم متكئا عَلَى أَ رِ يكَتِه ِ ي َأْ تيِه ِ الْأَ مْرُ م ِنْ أَ ْمر ِي‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مِن ْه ُ فَه ُو َ ر َ ُدّ( وَرَو َى ابن أَ بِي ر َاف ٍ‬
‫ِـع ع َنْ أَ بيِه ِ ع َ ِ‬
‫الل ّه ِ صَلَ ّى‬
‫ل َ‬ ‫ن م َا ح َرّم َ رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ِ ا َت ّبَعْنَاه ُ( ز َاد َ فِي حَد ِ‬
‫ِيث الم ِ ْقد َادِ )أَ ل َا و َِإ َ ّ‬ ‫اب َ‬ ‫ل ل َا أَ ْدرِي م َا وَجَدْن َا فِي ك ِت َ ِ‬ ‫م َِم ّا أَ م َْرتُ بِه ِ أَ ْو نَهَي ْتُ عَن ْه ُ فَيَق ُو ُ‬
‫كفَى بِقَو ْ ٍم حُمْق ًا ‪ -‬أَ ْو قال ضلال ‪ -‬أ ْن يَرْغ َب ُوا ع ََم ّا‬
‫ِف ) َ‬
‫اب فِي كَت ٍ‬ ‫ل م َا ح َرّم َ َ‬
‫الل ّهُ( وقال صلى الل ّٰه عليه وسلم وجئ بِكِت َ ٍ‬ ‫س َل ّم َ مِث ْ ُ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫ل صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫ك الْكِتَابَ يُت ْلَى عليهم( الآيَة َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ت )أو لم يكفهم أنا أنزنا عَلَي ْ َ‬ ‫ج َاء َ بِه ِ نَب ُِيّه ُ ْم ِإلَى غَيْر ِ نَبِيِّه ِ ْم أَ ْو ك ِت َ ٍ‬
‫اب غَيْر ِ ك ِتاَبِهِمْ( فَنَزَل َ ْ‬
‫)هل كالمتنطعون( وقال أبو بكر‬
‫__________‬
‫)قوله فيلذادن( كذا رواه أكثر الرواة عن مالك الموطأ ومعناه ليطردن ورواه يحيى وابن أبى نافع ومطرف فلا يذادن ومعناه فلا تفعلوا‬
‫فعلا يوجب ذلك ومنه فلا ألفين أحدكم على رقبته بعير أي لا تفعلوا ما يوجب ذلك )قوله ألا هلم( أي تعالوا وأقبلوا لا يثنى ولا يجمع‬
‫ولا يؤنث في لغة الحجاز يين خلافا لنبى تميم وبلغة الأولين جاء القرآن قال الل ّٰه تعالى )قل هلم شهداءكم( وقال تعالى )والقائلين لإخوانهم‬
‫هلم إلينا( )قوله فسحقا( بإسكان الحاء المهملة وضمها أي فبعدا )قوله المتنطعون( قيل معناه المتعمقون المبالغون في الأمور‪.‬‬
‫)‪(*) (٢ - ٢‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٢‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫الباب الثاني في لزوم محبته صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٣.٢‬‬

‫ل بِه ِ إ َلّا عَم ِل ْتُ بِه ِ إن ّي أخْ شى إ ْن ت َرَكْ تُ َ‬


‫شي ْئًا من أ ْمرِه ِ‬ ‫س َل ّم َ يَعْم َ ُ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫شي ْئًا ك َانَ رَسُو ُ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ لَسْتُ ت َارِك ًا َ‬
‫ق رَضِيَ َ‬
‫الصّ دّي ُ‬
‫أ ْن أز ي َغ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫اب الثاني‪ :‬فِي لزوم محبته صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ال ْب َ ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى )قُلْ ِإ ْن ك َانَ آب َاؤ ُك ُ ْم و َأَ ب ْنَاؤ ُك ُ ْم و َِإخْ وَانُك ُ ْم و َأَ ْزو َاجُك ُ ْم وَعَشِيرَتُك ُ ْم و َأَ مْوَا ٌ‬
‫ل اقترفتموها( الآيَة َ‪ ،‬فَكَفى بِهذ َا حصا و َتَن ْب ِيهًا‬ ‫ل َ‬ ‫قَا َ‬
‫وَدِل َالَة ً‬
‫س َل ّم َ ِإ ْذ ق ََر ّعَ تَع َالَى من ك َانَ م َالُه ُ و َأَ ه ْلُه ُ وَوَلَدُه ُ أَ ح َ ّ‬
‫َب‬ ‫خطَرِه َا و َاسْ ت ِحْ ق َاقِه ِ لَهَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫و َحُ َ ج ّة ً عَلَى إل ْزَا ِم َ‬
‫محَب ّتِه ِ وَوُجُوب فرضا وَعِظَ ِم َ‬
‫ض َّ‬
‫ل و َل َ ْم يَهْدِه ِ َ‬
‫الل ّه‪،‬‬ ‫سقَه ُ ْم بِتمََا ِم الآيَة ِ و َأَ ع ْلَمَه ُ ْم أَ َ ّنه ُ ْم من َ‬
‫الل ّه ُ بأمره ث َُم ّ ف َ َ ّ‬
‫الل ّه وَرَسُولِه ِ و َأوْعَد َه ُ ْم بِقَو ْلِه ِ تَع َالَى )فَتَر ََب ّصُوا ح ََت ّى ي َأْ تِي َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫إليْه ِ م ِ َ‬
‫الل ّه ِ الْق َاض ِي حدثنا أبو محمد الأصيلي‬ ‫ن عَبْدِ َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا سِر َا ُ‬
‫ج بْ ُ‬ ‫سان ِ ُيّ الْحَاف ُِظ ف ِيم َا أَ ج َاز َنيِه ِ و َه ُو َ م َِم ّا ق َرأْ َ تُه ُ عَلَى غَيْر ِ و َا ِ‬
‫حدٍ قَا َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل َ ٍيّ الغ َ َ ّ‬

‫الل ّه ِ مُحَم ّد ُ بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يعقوب ابن إ ب ْر َاه ِيم َ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عُلَي ّة َ ع َنْ عَبْدِ الْعَزِيز ُ ب ْ ِن‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا المَرْوَز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫ن أَ حَد ُك ُ ْم ح ََت ّى أَ كُونَ أَ ح َ ّ‬
‫َب ِإلَيْه ِ م ِنْ وَلَدِه ِ وَو َالِدِه ِ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ أن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قَالَ‪) :‬ل َا يُؤْم ِ ُ‬
‫س رَضِيَ َ‬
‫َيب ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫صُه ٍ‬
‫اث م َنْ ك َُنّ ف ِيه ِ وَجَد َ ح َلَاوَة َ ال ِْإ يمَانِ‪:‬‬
‫س َل ّم َ )ثَل َ ٌ‬ ‫س عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫نح ْوَه ُ وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ َ‬
‫س أَ جْم َع ِينَ( وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬ ‫و َ‬
‫َالن ّا ِ‬
‫َب ِإلَيْه ِ م َِم ّا سِوَاهُمَا وأن يحب‬
‫الل ّه ُ وَرَسُولُه ُ أَ ح َ ّ‬
‫أَ ْن يَكُونَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وعظم( بكسر العين وفتح الظاء المعجمة‪.‬‬

‫فصل في ثواب محبته صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٣.٢.١‬‬

‫ل ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى‬


‫الل ّه عَن ْه ُ أَ َن ّه قَا َ‬
‫اب رَضِيَ َ‬
‫ط ِ‬‫الن ّارِ( وَع َنْ ع ُم َر َ ب ْ ِن الْخ َ ّ‬ ‫يح ُِب ّه ُ ِإ َلّا ل َِل ّه ِ و َأَ ْن يَك ْرَه َ أَ ْن يَع ُود َ فِي الـكُ ْفرِ كَمَا يَك ْرَه ُ أَ ْن ي ُ ْقذ َ‬
‫َف فِي َ‬ ‫ال ْمَر ْء َ ل َا ُ‬

‫ن أَ حَد ُك ُ ْم ح ََت ّى أَ كُونَ‬


‫س َل ّم َ )لَنْ يُؤْم ِ َ‬ ‫ُالن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل لَه َ‬
‫جن ْب َيّ فَق َا َ‬
‫ل شئ ِإ َلّا ن َ ْفس ِي َال ّتِي بَيْنَ َ‬ ‫س َل ّم َ لأَ ن ْتَ أَ ح ُ ّ‬
‫َب ِإل َيّ م ِنْ ك ُ ّ ِ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫جن ْب َيّ فَق َا َ‬
‫ل له النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫ك الْكِتَابَ لأَ ن ْتَ أَ ح ُ ّ‬
‫َب ِإل َيّ م ِنْ ن َ ْفس ِي َال ّتِي بَيْنَ َ‬ ‫ل ع ُم َر ُ و َال َ ّذ ِي أَ ن ْز َ َ‬
‫ل عَلَي ْ َ‬ ‫سه ِ( فَق َا َ‬ ‫أَ ح َ ّ‬
‫َب ِإلَيْه ِ م ِنْ ن َ ْف ِ‬
‫س َل ّم َ ل َا يَذ ُوقُ ح َلَاوَة َ‬ ‫ل و َي َر َى ن َ ْفسَه ُ فِي م ِل ْـكِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل عَلَيْه ِ فِي جَم ِ‬
‫ِيع الأحْ وَا ِ‬ ‫ل من ل َ ْم ي َر َ وِلايَة َ َ‬
‫الر ّسُو ِ‬ ‫ل س َ ْه ٌ‬
‫)الآنَ ي َا ع ُم َر ُ( قَا َ‬
‫ن أَ حَد ُك ُ ْم‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل )ل َا يُؤْم ِ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َُن ّتِه ِ ل ِأَ َ ّ‬
‫سه ِ( الْحَدِيثَ ‪.‬‬ ‫ح ََت ّى أَ كُونَ أَ ح َ ّ‬
‫َب ِإلَيْه ِ م ِنْ ن َ ْف ِ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫فصل فِي ثواب محبته صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ف ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو زيد المروزي حدثنا محمد‬ ‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن خ َل َ ٍ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫اب بقراءتي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم ح َاتِم ُب ْ ُ‬
‫ن ع ََت ّ ِ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬
‫الل ّه‬ ‫شعْب َة ُ ع َنْ عَمْرِو ب ْ ِن م َ ُّرة َ ع َنْ سَال ِ ِم ب ْ ِن أَ بِي الْجَعْدِ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س رَضِي َ َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا عَبْد َانُ ح َ َ ّدثَنَا أَ بِي ح َ َ ّدثَنَا ُ‬ ‫ُف ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬ ‫ابن يُوس َ‬
‫ساعة ُ ي َا رسول الل ّٰه؟ قال‪:‬‬‫ل م َت َى ال َ ّ‬
‫س َل ّم َ فَق َا َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن رَج ُل ًا أَ تى َ‬
‫عَن ْه ُ أ َ ّ‬
‫__________‬
‫ن هذا السائل هو الأعرابي الذى بال في المسجد‪ ،‬وفى جزء أبى الحميم أنه عمير‬ ‫ِيث ابن مَسْع ُود إ ّ‬ ‫)قوله أن رجلا( في ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ م ِنْ حَد ِ‬
‫بن قتادة وفى المعلم الذهبي إنه عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٣‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫الل ّه َ وَرَسُولَه ُ قَالَ‪) :‬أَ ن ْتَ م َ َع م َنْ أَ حْ بَب ْتَ (‬


‫ِب َ‬‫صد َقَة ٍ و َلـكِن ِ ّي ُأح ُ ّ‬
‫صو ْ ٍم وَل َا َ‬
‫م َا أَ عْدَدْتَ لَهَا؟( قَالَ‪ :‬م َا أَ عْدَدْتُ لَهَا م ِنْ كَث ِير ِ صَلَاة ٍ وَل َا َ‬

‫الل ّه ِ ن َاوِلْنِي يَدَك َ ُأب َايِعْ َ‬


‫ك فَنَاو َلَنِي يَدَه ُ فَق ُل ْتُ ‪ :‬ي َا‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ فأتَي ْت ُه ُ فَق ُل ْتُ ‪ :‬ي َا رَسُو َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَع َنْ صفوان ابن قُد َام َة َ ه َاجَرْتُ ِإلَى َ‬

‫س َل ّم َ عَب ْد الل ّٰه ابن مَسْع ُودٍ و َأَ بُو م ُوس َى و َأَ ن َ ٌ‬
‫س‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ْظ ع َ ِ‬ ‫َب( وَرَو َى هَذ َا َ‬
‫الل ّف َ‬ ‫ل )المَر ْء ُ م َ َع م َنْ أَ ح َ ّ‬ ‫الل ّه ِ ِإن ِ ّي ُأح ُِب ّ َ‬
‫ك قَا َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو َ‬

‫َب هذ َي ْ ِن و َأَ ب َاهُمَا و ُأ َمّهُم َا ك َانَ‬


‫ل )م َنْ أَ ح ََب ّنِي و َأَ ح َ ّ‬
‫حسَي ْن فَق َا َ‬
‫ن وَ ُ‬ ‫س َل ّم َ أَ خَذ َ بيَِدِ َ‬
‫حس َ ٍ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَع َنْ أَ بِي ذَرّ بِمَعْنَاه ُ وَع َنْ عَلِيّ أَ َ ّ‬

‫الل ّه لأن ْتَ أَ ح ُ ّ‬


‫َب ِإل َيّ م ِنْ أَ ه ْل ِي وَم َال ِي و َِإن ِ ّي‬ ‫ل َ‬ ‫ل ي َا رَسُو َ‬ ‫جتِي يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( وَر ُويَ أَ َ ّ‬
‫ن رجلا أتي النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فَق َا َ‬ ‫مَع ِي فِي دَر َ َ‬
‫ك ِإذ َا دَخ َل ْتَ الْج َنَ ّة َ ر ُفِعْتَ مع النبين وإن دخلتها‬
‫ك فَع َر َف ْتُ أَ َن ّ َ‬ ‫ل ِأَ ْذك ُرُك َ فَمَا أَ صْ ب ِر ُ ح ََت ّى أجئ ف َأَ نْظ ُر َ ِإلَي ْ َ‬
‫ك و َِإن ِ ّي ذَكَر ْتُ مَوْتِي وَمَو ْت َ َ‬

‫ن‬
‫حس ُ َ‬ ‫َالص ّدِيق ِينَ و َال ُش ّهَد َاء ِ و َ‬
‫َالصّ الِ حـ ِينَ و َ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ و ِّ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ ْم م ِ َ‬
‫ن أَ نْعَم َ َ‬ ‫ل ف َُأولَئ ِ َ‬
‫ك م َ َع ال َ ّذ ِي َ‬ ‫الل ّه َ و َ‬
‫َالر ّسُو َ‬ ‫الله تَع َالَى )وَم َنْ يُط ِ‬
‫ِـع َ‬ ‫ل َّ ُ‬‫ل َا أَ ر َاك َ ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫ل )م َا ب َالُكَ؟(‬ ‫س َل ّم َ يَنْظ ُر ُ ِإلَيْه ِ ل َا ي َ ْطر ُ‬
‫ِف فَق َا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل عِنْد َ َ‬
‫أولئك رفيقا( فَد َعَا بِه ِ فَق َرأَ َ ه َا عَلَيْه ِ * و َفِي حَدِيث آخَر َ ك َانَ رَج ُ ٌ‬

‫الل ّه ُ‬
‫ك َ‬ ‫ك ف َِإذ َا ك َانَ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ر َفَع َ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّظَرِ ِإلَي ْ َ‬ ‫ل ب ِأَ بِي أَ ن ْتَ و َ ُأمِّي أَ تَمَت ّ ُع م ِ َ‬
‫قَا َ‬
‫__________‬
‫ت في ثوبان‬ ‫الل ّه ُ عليه وسلم فقال لأنت أحب إلي من أهلى( قال البغوي في تفسيره‪ :‬أَ َ ّ‬
‫ن الآيَة َ ن َزَل َ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬‫ن رَج ُل ًا أَ تَى َ‬ ‫)قوله وَر ُويَ أَ َ ّ‬
‫س َل ّم َ وعن النقاش أَ َ ّنهَا ن َزَل َ ْ‬
‫ت فِي عبد الل ّٰه بن زيد بن عبد ربه‪.‬‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مَو ْلَى رَسُو ِ‬
‫)*(‬

‫فصل فيما روى عن السلف والأئمة )من محبتهم للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وشوقهم له(‬ ‫‪٣.٢.٢‬‬

‫الل ّه عَن ْه ُ )م َنْ أَ ح ََب ّنِي ك َانَ مَع ِي فِي الْج َنَ ّة ِ(‬
‫س رَضِيَ َ‬
‫الل ّه ُ الآيَة َ * و َفِي حَدِيث أَ ن َ ٍ‬
‫ل َ‬ ‫بتَِفْضِ يلِه ِ ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫س َل ّم َ وشوقهم له(‬ ‫ن السلف والأئمة )من محبتهم للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫فصل ف ِيم َا رُوِيَ ع َ ِ‬
‫سل ِم ٌ ح َ َ ّدثَنَا قُتَي ْب َة ُ ح َ َ ّدثَنَا يَعْق ُوبُ ب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ‬ ‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬ ‫الر ّاز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا الْجلُُود ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ حدثنا العذري حدثنا َ‬

‫ش ّدِ ُأ َمّتِي ل ِي ح ًُب ّا ن ٌ‬


‫َاس يكونون‬ ‫ل )م ِنْ أَ َ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قَا َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫ل ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ َ‬
‫ن ع َنْ سُهَي ْ ٍ‬ ‫َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬
‫س َل ّم َ لأَ ن ْتَ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ و َقَو ْلُه ُ ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫بعدى يوم أَ حَد ُه ُ ْم لَو ْ ر َآنِي ب ِأَ ه ْلِه ِ وَم َالِه ِ( وَمِثْلُه ُ ع َنْ أَ بِي ذَرٍّ‪ ،‬و َتَق َ َ ّدم َ حَدِيث ع ُم َر َ رَضِيَ َ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ م َا ك َانَ أَ حَدٌ أحب إلي من رسول الل ّٰه صلى‬
‫ص رَضِيَ َ‬ ‫ن َ‬
‫الصّ ح َابَة ِ فِي مِثْلِه ِ‪ ،‬وَع َنْ عَم ْرو بن العا ِ‬ ‫أَ ح ُ ّ‬
‫َب ِإل َيّ م ِنْ ن َ ْفس ِي وَم َا تَق َ َ ّدم َ ع َ ِ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ش إ َلّا و َه ُو َ ي َ ْذك ُر ُ من َ‬
‫شو ْقِه ِ ِإلَى رَسُو ِ‬ ‫ت م َا ك َانَ خ َالِد ٌ ي َأْ وِي ِإلَى ف ِرَا ٍ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬وَع َنْ عَبْدَة َ بِن ِ‬
‫ْت خ َالِد بن مَعْد َانَ قَال َ ْ‬ ‫الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫َب قَبْض ِي‬


‫شو ْقِي ِإلَيْه ِ ْم فَعَج ّلْ ر ّ‬ ‫ل ه ُ ْم أصْ ل ِي و َف َصْ ل ِي و َِإلَيْه ِ ْم ي ُحنّ قَلْبِي طَا َ‬
‫ل َ‬ ‫ن و َالْأَ نْصَارِ يُسَمِّيه ِ ْم و َيَق ُو ُ‬
‫جر ِي َ‬
‫ن المُه َا ِ‬ ‫س َل ّم َ و َِإلَى ْ‬
‫أصحَابِه ِ م ِ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الل ّه عنه‬ ‫ك ح ََت ّى يَغْلِب َه ُ َ‬
‫الن ّوْم ُ‪ ،‬وَر ُويَ ع َنْ أَ بِي بَك ْر رَضِيَ َ‬ ‫ِإلَي ْ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ه ُ ْم أصْ ل ِي و َف َصْ ل ِي( في الصحاح قال الـكسائي قولهم لا أصل له ولا فصل‪ :‬الأصل الحسب والفصل اللسان انتهى‪ ،‬وقال ثعلب‬
‫قولهم لا أصل له ولا فصل‪ :‬الأصل الوالد والفصل الولد‪.‬‬
‫)*(‬
‫ك أَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫ك ب ِالْحَقّ ِ ِلإسْ لَام ُ أَ بِي طَال ٍِب ك َانَ أَ ق ََر ّ ل ِعَيْنِي م ِنْ ِإسْ لَامِه ِ ‪ -‬يعنى أباه أبا قُحَاف َة َ ‪ -‬وَذَل ِ َ‬
‫س َل ّم َ و َال َ ّذ ِي بَع َث َ َ‬
‫أنه قال للنبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬

‫طابُ ل ِأَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ ْن ت ُ ْسل ِم َ أَ ح ُ ّ‬
‫َب ِإل َيّ م ِنْ أَ ْن ي ُ ْسل ِم َ الْخ َ ّ‬ ‫ل لِل ْع ََب ّا ِ‬
‫س رَضِيَ َ‬ ‫اب قَا َ‬
‫ط ِ‬‫نح ْوَه ُ ع َنْ ع ُم َر َ ب ْ ِن الْخ َ ّ‬ ‫ِإسْ لَام َ أَ بِي طَال ٍِب ك َانَ أَ ق ََر ّ لِعَي ْن ِ َ‬
‫ك وَ َ‬

‫جه َا يوم أحُدٍ م َ َع رَسُول‬


‫ل أبُوها وأخُوها وَز َ ْو ُ‬
‫ن الْأَ نْصَارِ قُت ِ َ‬
‫ن امْرَأَ ة ً م ِ َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬وَع َ ِ‬
‫ن ابن ِإ ْسحَاق أَ َ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك أَ ح ُ ّ‬
‫َب ِإلَى رَسُو ِ‬ ‫ذَل ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٤‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ت أَ رِنيه ِ ح ََت ّى أنْظ ُر َ إليْه ِ فَلَم ّا‬


‫تح ِبّينَ قَال َ ْ‬ ‫س َل ّم َ؟ قَالُوا خَيْر ًا ه ُو َ ب ِحَمْدِ َ‬
‫الل ّه كَمَا ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫س َل ّم َ فَق َال َ ْ‬
‫ت م َا فَع َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫س َل ّم َ؟ قَا َ‬
‫ل‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫كي َْف ك َانَ ح ُُب ّك ُ ْم ل ِرَسُو ِ‬‫الل ّه عَن ْه ُ َ‬
‫ل عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب رَضِيَ َ‬ ‫ل م ُصِ يبَة ٍ بَعْدَك َ ج َلَلٌ‪ ،‬وَسُئ ِ َ‬ ‫ت كُ ُ ّ‬
‫ر َأَ ت ْه ُ قَال َ ْ‬

‫الل ّه عَن ْه ُ لَيْلَة ً‬


‫ظم َِإ‪ ،‬وَع َنْ ز َيْدِ بن أسْ لَم َ خَر َج ع ُم َر ُ رَضِيَ َ‬ ‫ن المَاء ِ ال ْبَارِدِ عَلَى ال َ ّ‬
‫َب ِإلَي ْنَا من أَ مْوَالِنَا و َأَ وْلادِن َا و َآب َائنَِا و ُأ َمّهَاتنَِا وَم ِ َ‬
‫ك َانَ والل ّٰه أَ ح َ ّ‬
‫ْت و َإذ َا عَجُوز ٌ تنقش صُوفًا و َتَق ُولُ‪ :‬عَلى مُحَم ّدٍ صَلَاة ُ الأَ ب ْر َا ْر * صَلَ ّى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫طي ّب ُونَ الأخيار‬ ‫اس ف َرَأى م ِصْ بَاح ًا فِي بَي ٍ‬ ‫يح ْر ُُس َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله يعنى أباه أبا قحافة( هو والد أبي بكر الصديق واسمه عثمان بن عامر أسلم يوم الفتح‬
‫وتوفى سنة أربع عشرة بعد وفاة أبي بكر رضي الل ّٰه عنه وخصه من تركة أبي بكر رضي الل ّٰه عنه السدس فرده في أولاده وليس لنا والد‬
‫خليفة تأخرت وفاته عن أبيه الخليفة وورث منه إلا أبو قحافة رضي الل ّٰه عنه‪ ،‬وفى الصحابة آخر يسمى قحافة وهو ابن عفيف المزني‬
‫)قوله جلل( بفتح الجيم واللام الأولى أي هين وضعة و يطلق الجلل أيضا ويراد به العظيم فهو من الأضداد )قوله على الظلماء( بالهمزة‬
‫مع القصر والمد‪.‬‬
‫)*(‬
‫شعْرِي و َالمَنَاي َا أَ طْ وَا ْر ه َلْ تَجْم َعُنِي وَحَب ِيبِي الد ّا ْر تَعْنِي النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬فجلس ع ُم َر ُ رَضِيَ‬
‫كن ْتَ ق َو ّام ًا بُك ًا بالْأَ ْسحَا ْر * ي َا لَي ْتَ ِ‬
‫ق َ ْد ُ‬
‫ح ي َا مُحَم ّد َاه ُ‬
‫ك فَصَا َ‬
‫ك ي َز ُلْ عَن ْ َ‬
‫س ِإلَي ْ َ‬ ‫َب َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل لَه ُا ْذكُر ْ أَ ح َ ّ‬
‫َت رجْلُه ُفَق ِي َ‬
‫الل ّه بن ع ُم َر َ خَدِر ْ‬ ‫ل * وَر ُويَ أَ َ ّ‬
‫ن عَب ْد َ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ يَبْكِي و َفِي الْحِك َايَة ِ طُو ٌ‬
‫َ‬
‫ن امْرَأة ً‬ ‫حزْبَه * و َيُرْو َى أَ َ ّ‬ ‫َادت امْرَأتُهُ‪ :‬واحزناه فقال واضرباه غَدًا أل ْقى الْأَ ح َِب ّة مُح َم ّدًا و َ ِ‬ ‫الل ّه عَن ْه ُ ن ِ‬
‫ل رَضِي َ َ‬
‫َت‪ ،‬ولما احْ تُضِر َ بِلَا ٌ‬ ‫فان ْت َشَر ْ‬
‫ل م َ َك ّة َ ز َيْد َ‬ ‫َت ح ََت ّى م َات َْت‪ ،‬ولما أَ خْر َ‬
‫ج أَ ه ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ فَكَشَفَت ْه ُ لَهَا فَبَك ْ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫شفِي ل ِي قَبْر َ رَسُو ِ‬
‫الل ّه عَنْهَا اكْ ِ‬
‫ت ل ِع َائِش َة َ رَضِي َ َ‬
‫قَال َ ْ‬
‫ن محمدا الآن عندنا مكانك يضرب عنقه وأنك في‬ ‫تح ُ ّ‬
‫ِب أَ َ ّ‬ ‫الل ّه ي َا ز َيْد ُ أ ُ‬
‫ْب أنْشُدُك َ َ‬
‫سفْيَانُ بن حَر ٍ‬
‫ل لَه ُ أَ بُو ُ‬ ‫بن ال َد ّثنَِة ِ م ِ َ‬
‫ن الْحَر َ ِم لِيَقْتُلُوه ُ قَا َ‬
‫سفْيَانَ م َا ر َأي ْتُ‬
‫ل أَ بُو ُ‬ ‫أهلك؟ فقال زيد‪ :‬والل ّٰه ما أحب أن محمدا الآن فِي م َكانِه ِ ال َ ّذ ِي ه ُو َ ف ِيه ِ تُصِ يب ُه ُ َ‬
‫شوْكَة ٌ و َأَ ن ِ ّي ج َال ٌِس فِي أه ْل ِي‪ ،‬فَق َا َ‬
‫س َل ّم َ ح ََل ّفَه َا ب ِالل ّٰه م َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ابن ع ََب ّاس ك َان َت المَر ْأة ُ إذ َا أت َِت َ‬
‫اب مُح َم ّدٍ مُح َم ّدًا * وَع َ ِ‬
‫صح َ ِ‬
‫ب أَ ْ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب أَ حَدًا كَح ُ ِّ‬ ‫س أَ حَدًا ُ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫مِ َ‬
‫ْج‬
‫ض زَو ٍ‬
‫َت من بُغْ ِ‬
‫خَرَج ْ‬
‫__________‬
‫)قوله تنفش( بضم الفاء )قوله خدرت( بالخاء المعجمة والدال المهملة المكسورة )قوله ابن الدثنة( بدال مهملة مفتوحة فمثلثة مكسورة‬
‫وقد تسكن فنون‪ ،‬قال ابن دريد‬
‫ن‬
‫هو من قولهم دثن الطائر إذ طار حول وكره ولم يسقط عليه )قوله أنشدك الل ّٰه( أي أسألك بالل ّٰه‪ ،‬ذكر أبو الفتح اليعمرى في سيرته ع َ ِ‬
‫اب ْ ِن ِإ ْسحَاقَ كما قال المصنف‪ ،‬وذكر ابن عقبة أن الذى قيل له أتحب هو حبيب بن عدى حين رفع على الخشمة‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل في علامة محبته صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٣.٢.٣‬‬

‫ل‬
‫الل ّه عَنْهُم َا بَعْد َ قَتْلِه ِ فَاسْ تَغْف َر َلَه ُ و َقَا َ‬ ‫َجت إ َلّا ح ًُب ّا لل ّٰه وَرَسُولِه ِ‪ ،‬وَو َق ََف ابن ع ُم َر َعَلَى ابن ُ‬
‫الز ّبَيْر ِ رَضِيَ َ‬ ‫ض عن أرض وَم َا خَر ْ‬
‫وَل َا رَغْب َة ً ب ِأَ رِ ٍ‬

‫الل ّه وَرَسُولَه ُ‪.‬‬


‫ِب َ‬‫تح ُ ّ‬
‫ص َو ّام ًا ق َو ّام ًا ُ‬
‫كن ْتَ والل ّٰه م َا عَلِم ْتُ َ‬
‫ُ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫فصل فِي علامة محبته صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ من‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ُب َ‬‫فالصّ ادِقُ فِي ح َ ّ‬
‫شي ْئًا آثره و َآث َر َ م ُوَافَق َت َه ُ و َإ َلّا ل َ ْم يَكُنْ صَادقًا فِي حُبّه ِ وَك َانَ م ُ َ ّدعِيًا َ‬ ‫ن من أَ ح َ ّ‬
‫َب َ‬ ‫اع ْل َ ْم أَ َ ّ‬
‫َالت ّأَ ُدّبُ ب ِآد َابِه ِ فِي‬
‫ل أو َامِرِه ِ و َاجْ ت ِنَابُ نَوَاه ِيه ِ و َ‬ ‫ك عَلَيْه ِ و َأ َ ّولُه ّا‪ :‬الاق ْتِد َاء ُ بِه ِ و َاسْ تِعْم َا ُ‬
‫ل سُن ّتِه ِ و َاتّبَاع ُ أق ْوَالِه ِ و َأفْع َالِه ِ و َامْت ِثَا ُ‬ ‫ت َ ْظه َر ُ علامة ذَل ِ َ‬
‫َض عَلَيْه ِ عَلَى‬ ‫تح ُِب ّونَ َ‬
‫الل ّه َ فاتبعوني يحبكم الل ّٰه( و َِإيثَار ُ م َا شَر َع َه ُ وَح َ ّ‬ ‫كن ْتُم ْ ُ‬
‫عُسْرِه ِ و َيُسْرِه ِ وَمَنْشَطِه ِ وَمَك ْرهِه ِ وَشَاهِد ُ هَذ َا قَو ْلُه ُ تَع َالَى )قُلْ ِإ ْن ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٥‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫صد ُورِه ِ ْم ح َاج َة ً‬ ‫يح ُِب ّونَ م َنْ ه َاجَر َ ِإلَيْه ِ ْم و َلا َ‬
‫يجِد ُونَ فِي ُ‬ ‫ن تبوؤا ال َد ّار َ و ِ‬
‫َالإ يمَانَ م ِنْ قَبْلِه ِ ْم ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )و َال َ ّذ ِي َ‬
‫ل َ‬ ‫سه ِ وَم ُوافَقَة ِ شَهْوَتِه ِ قَا َ‬
‫ه َو َى ن َ ْف ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى * ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو‬ ‫م َِم ّا ُأوتُوا و َيُؤ ْث ِر ُونَ عَلَى أَ نْفُسِه ِ ْم و َلَو ْ ك َانَ بِه ِ ْم خصاصة( و ْ‬
‫َإسخ َ ُ‬
‫اط ال ْع ِبَادِ فِي رِض َى َ‬

‫ُوب ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ِيس َى‬


‫مح ْب ٍ‬
‫ن َ‬ ‫ج ُّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ اب ْ ُ‬ ‫ن خَي ْر ُونَ قَالا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو يَعْلَى ال ْبَغْد َاد ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬ ‫الصّ يْر َف ِ ُيّ و َأَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل بْ ُ‬ ‫الْحُسَيْنِ َ‬

‫س بن‬
‫ل أَ ن َ ُ‬ ‫الل ّه ِ الأَ نْصَار ُِيّ ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ عَل ِ ِيّ ب ْ ِن ز َيْدٍ ع َنْ سعيد بن ال ْمُسَي ّ ِ‬
‫ِب قَا َ‬ ‫ن ح َا ِت ٍم ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬
‫سل ِم ُ ب ْ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله ومنشطه ومكرهه( بفتح أولهما وثالثهما مصدران‪.‬‬
‫)*(‬
‫ك غ ٌّ‬
‫ِش ل ِأَ حَدٍ فَافْع َلْ (‬ ‫ْس فِي قَل ْب ِ َ‬ ‫س َل ّم َ )ي َا بُن َ ّي ِإ ْن قَدَرْتَ أَ ْن تُصْ ب ِ َ‬
‫ح و َتُمْسِيَ لَي َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ل ِي رَسُو ُ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ قَا َ‬
‫م َال ِكٍ رَضِيَ َ‬
‫ل‬ ‫ن َات ّص َ‬
‫َف بِهِذِه ِ الصّ فَة ِ فَه ُو َ ك َام ِ ُ‬ ‫ك م ِنْ س َُن ّتِي‪ ،‬وَم َنْ أحْ يَا س َُن ّتِي فقد أحبني ومن أحبى ك َانَ مَع ِي فِي الْج َنَ ّة ِ( فَم َ ِ‬
‫ل ل ِي )ي َا بُن َ ّي وَذَل ِ َ‬
‫ث َُم ّ قَا َ‬

‫س َل ّم َ ل َِل ّذ ِي‬ ‫ن اسْمِه َا‪ ،‬وَد َلِيلُه ُ قَو ْلُه ُ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ج عَ ِ‬
‫يخ ْر ُ ُ‬ ‫ض هَذِه ِ ال ُأم ُورِ فَه ُو َ ن َاق ُ‬
‫ِص ال ْمَح ََب ّة ِ وَل َا َ‬ ‫ال ْمَح ََب ّة ِ لل ّٰه و َرسولِه ِ وَم َنْ خ َالَفَه َا فِي بَعْ ِ‬
‫َات‬
‫الل ّه وَرَسُولَه ُ( وَم ِنْ عَلَام ِ‬
‫ِب َ‬‫يح ُ ّ‬
‫س َل ّم َ )ل َا تلَْعَن ْه ُ ف َ َإن ّه ُ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ح َ ُ ّده ُ فِي ا ْلخم َْرِ فَلَع َن َة ُ بَعْضُه ُ ْم و َقَا َ‬
‫ل م َا أَ كْ ث َر ُ م َا يُؤ ْتى بِه ِ فَق َا َ‬
‫يح ُ ّ‬
‫ِب لِق َاء َ حَب ِيب ِه و َفِي‬ ‫ِيب ُ‬ ‫شو ْقِه ِ إلى لِق َائِه ِ فَك ُ ُ ّ‬
‫ل حَب ٍ‬ ‫كثْرَة ُ َ‬
‫شي ْئًا أَ كْ ثَر َ ذِك ْرَه ُ وَمِنْهَا َ‬ ‫كثْرَة ُ ذِك ِْره ِ لَه ُ فَم َنْ أَ ح َ ّ‬
‫َب َ‬ ‫س َل ّم َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫مح َب ّة ِ َ‬
‫َ‬
‫ل ع ََم ّار ٌ قَب ْ َ‬
‫ل قَتْلِه ِ‬ ‫ل وَمِثْلُه ُقَا َ‬ ‫تج ِز ُونَ )غدا نلق الْأَ ح َِب ّه ْ * مُحَم ّدًا و َصَ ح ْبَه ْ( و َتَق َ َ ّدم َ قَو ْ ُ‬
‫ل بِلَا ٍ‬ ‫حَدِيث الأشْ عَرِ يّينَ عِنْد َ قُد ُومِهِم ُ ال ْمَدِين َة َ أَ َ ّنه ُ ْم ك َانُوا يَرْ َ‬
‫وَم َا ذَكَر ْن َاه ُ من ق َِصّ ة ِ خ َالِد بن مَعْد َانَ * وَم ِنْ عَلَام َاتِه ِ م َ َع كثرة‬
‫__________‬
‫)قوله الذى ح َ ُ ّده ُ فِي ا ْلخم َْرِ( في صحيح ال ْب ُخ َارِيّ هو عبد الل ّٰه الملقب بحمار وقال الحافظ الدمياطي في حواشيه على البخاري‪ :‬هذا وهم‬
‫واسمه نعيمان تصغير نعمان شهد العقبة مع السبعين وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد وأتى به في شرب الخمر إلى النبي صلى الل ّٰه عليه‬
‫الل ّه‬
‫ِب َ‬‫يح ُ ّ‬
‫سلَام ُ ل َا تلَ ْعَن ْه ُ ف َ َإن ّه ُ ُ‬
‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫وسلم فجلده أربعا أو خمسا فقال رجل من القوم اللهم العنه م َا أَ كْ ث َر ُ م َا يشرب وأكثر ما يجلد فَق َا َ‬
‫ل ع ََم ّار ٌ قَب ْ َ‬
‫ل قتله( الذى قتل عمارا هو أبو العادية يسار بالمثناة التحتية المفتوحة والسين‬ ‫وَرَسُولَه ُ‪ ،‬وكان صاحب مزاح انتهى )قوله قَا َ‬
‫المهملة ابن سبع‪ ،‬أدرك النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وهو غلام وسمع منه )لا ترجعوا بعدى كفارا( الحديث‪.‬‬
‫وكان إذا استأذن على معاو ية يقول‪ :‬قاتل عمار بالباب‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الت ّجِيب ِ ُيّ ك َانَ أَ ْ‬
‫ل ِإ ْسحَاق ُ‬ ‫كسَارِ م َ َع سَم َ ِ‬ ‫ذِكْرِه ِ تَعْظ ِيم ُه ُ لَه ُ و َتَو ْقيرُه ُ عِنْد َ ذِكْرِه ِ و َإظْ ه َار ُ الْخُش ِ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫صحَابُ َ‬ ‫اع اسْمه ِ‪ ،‬قَا َ‬ ‫ُوع و َالان ْ ِ‬
‫شو ْقًا إليْه ِ‪ ،‬وَمِنْه ُ ْم من‬
‫محَب ّة لَه ُ و َ َ‬
‫ك َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫الت ّاب ِع ِينَ مِنْه ُ ْم من يَفْع َ ُ‬ ‫ك كَث ِير ٌ م ِ َ‬
‫كو ْا وَكَذَل ِ َ‬ ‫خشَع ُوا و َاقْشَع ََر ّ ْ‬
‫ت ج ُلُود ُه ُ ْم و َب َ َ‬ ‫بَعْدَه ُ ل َا ي َ ْذك ُر ُونَه ُ إ َلّا َ‬
‫س َل ّم َ وَم َنْ ه ُو َ بِس َبَبه ِ من آل بَي ْتِه ِ و َصَ حَابَتِه ِ من المهاجرين والأنصار وعداوة‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َب َ‬ ‫ي َ ْفعَلُه ُ ت َُهي ّبًا وتَو ْق ِير ًا * وَمِنْهَا َ‬
‫محَب ّت ُه ُ لم َِنْ أَ ح َ ّ‬
‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ِإن ِ ّي‬ ‫ن و َالْحُسَيْنِ َ‬
‫س َل ّم َ فِي الْحَسَ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب و َق َ ْد قَا َ‬ ‫شي ْئًا أَ ح َ ّ‬
‫َب من ُ‬ ‫س َبّه ُ ْم فَم َنْ أَ ح َ ّ‬
‫َب َ‬ ‫ْض من أبْغ َضَه ُ ْم و َ َ‬
‫من عاداهم و َبُغ ُ‬

‫الل ّه َ‬
‫َب َ‬‫ح َبّهُم َا فَق َ ْد أَ ح ََب ّنِي وَم ِنْ أَ ح ََب ّنِي فَق َ ْد أَ ح َ ّ‬ ‫يح ُِب ّه ُ( و َقَا َ‬
‫ل )م َنْ أَ َ‬ ‫َب م َنْ ُ‬ ‫م ِإن ِ ّي ُأح ُِب ّه ُ ف َأَ ح َ ّ‬
‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ح َبّهُم َا( و َفِي رِو َايَة فِي الْحَسَ ِ‬ ‫ُأ ِ‬
‫ح ُبّهُم َا ف َأَ ِ‬
‫صحَابِي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فيحبى أحبهم‬ ‫الل ّه َ فِي أَ ْ‬ ‫)الل ّه َ َ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّهَ( و َقَا َ‬
‫َض َ‬ ‫ضنِي فَق َ ْد أَ بْغ َ‬ ‫ضنِي وَم َنْ أَ بْغ َ َ‬
‫وَم َنْ أبْغ َضَهُم َا فَق َ ْد أَ بْغ َ َ‬
‫ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني وَم َنْ آذ َانِي فَق َ ْد آذى الل ّٰه ومن آذى الل ّٰه يوشك أن يأخذه( وقال فِي فَاطِم َة َ رَضِيَ‬
‫ل لِع َائِش َة َ فِي أسامة بن زيد )أحيه فَإن ّي ُأح ُِب ّه ُ( ‪ ،‬و َقَالَ‪) :‬آيَة ُ ال ِْإ يمَان ح ُ ّ‬
‫ُب الْأَ نْصَارِ و َآية ُ‬ ‫)إ َ ّنهَا ب ِضْ ع َة ٌ من يغضبني ما أغضيها( و َقَا َ‬
‫الل ّه عَنْهَا ِ‬
‫َ‬
‫ق بُغْضُهُمْ( و َفِي حَدِيث ابن ع ُم َر َ )من أَ ح َ ّ‬
‫َب الْع َر َبَ فَبِحُب ِ ّي‬ ‫النّف َا ِ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٦‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫)قوله اسحاق التجيبى( تجيب بضم أوله عند المحدثين وكثير من الأدباء وبفتحه عنه الباقين‪ ،‬والتاء عند هؤلاء أصلية‪ ،‬اسم لقبيلة من‬
‫كنده )قوله غرضا( بفتح العين المعجمة والراء أي هدفا يرمى عليه )قوله يوشك( أي يقرب ويسرع‪.‬‬
‫)*(‬
‫ح َبّه ُ ْم وَم َنْ أَ بْغ َضَه ُ ْم فَب ِبُغْض ِي أَ بْغ َضَه ُ ْم فَبِالْحَق ِيقَة ِ م َنْ أحب شيئا أحب كل‬
‫أَ َ‬
‫س َل ّم َ يَتَتَب ّ ُع ال ُد ّب ّاء َ من‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س حِينَ ر َأى َ‬
‫ل أَ ن َ ٌ‬
‫س و َق َ ْد قَا َ‬ ‫ات َ‬
‫الن ّ ْف ِ‬ ‫ف ح ََت ّى في ال ْمُبَاح ِ‬
‫َات و َشَه َو َ ِ‬ ‫شئ يحبه( وهذه سِيرة ُ ال َ ّ‬
‫سل َ ِ‬

‫جعْفَرِ أتَو ْا سَلَمى وَسَألُوه َا أ ْن تَصْ ن َ َع لَه ُ ْم‬


‫ن َ‬
‫س و َاب ْ ُ‬ ‫حَوَالي الْق َصْ عَة ِ فَمَا زِل ْتُ ُأح ُ ّ‬
‫ِب ال ُد ّ َب ّاء من يَوْم َئِذٍ‪ ،‬و َهَذ َا الْحَسَ ُ‬
‫ن بن عَل ِ ٍيّ وَع َبد الل ّٰه ابن ع ََب ّا ٍ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫سب ْت َِي ّة و َيصْ ب ُ ُغ ُ‬
‫بالصّ فْرَة ِ ِإ ْذ ر َأَ ى َ‬ ‫س َل ّم َ وَك َانَ ابن ع ُم َر َ يلَ ْب َُس الن ّع َال ال َ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫َطع َام ًا م َِم ّا ك َانَ يُعْجِبُ رَسُو َ‬
‫ف س َُن ّت َه ُ و َاب ْتَدَعَ فِي دِينِه ِ و َاسْ تِثْق َالُه ُ ك ُ َ ّ‬
‫ل‬ ‫مجَانَب َة ُ من خ َال َ َ‬
‫الل ّه وَرَسُوله ُ وَمُع َاد َاة ُ من عَاد َاه ُ و َ ُ‬
‫َض َ‬‫ْض من أبْغ َ‬
‫ك * وَمِنْهُا بُغ ُ‬
‫نح ْو ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ ي َ ْفع َ ُ‬
‫ل َ‬ ‫وَ َ‬
‫الل ّه َ ورسوله( و َهَؤْل َاء ِ ْ‬
‫أصحَابُه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل الل ّٰه تعالى )لا نجد قَوْم ًا يُؤْم ِن ُونَ ب َِالل ّه ِ و َال ْيَو ْ ِم الآ ِ‬
‫خر ِ يُوَا ُدّونَ م َنْ ح َا َدّ َ‬ ‫أمر يُخَال ِف شَر ِيع َت َه ُ قَا َ‬
‫سه ِ‬
‫ك ب ِر َأْ ِ‬
‫الل ّه بن أبي‪ :‬لَو ْ شِئ ْتَ لأتَي ْت ُ َ‬
‫ن عَب ْد َ‬
‫الل ّه ب ُ‬ ‫س َل ّم َ ق َ ْد قَتَلُوا أح َِب ّاءَه ُ ْم و َقَاتَلُوا آباءَه ُ ْم و َأب ْنَاءَه ُ ْم فِي م َْرضَاتِه ِ و َقَا َ‬
‫ل لَه ُ عَب ْد َ‬ ‫وَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله الدباء( بالمد وحكى المصنف فيه القصر أيضا جمع دباة وهو الفرع )قوله من حوالى( بفتح اللام )قوله أتَو ْا سَلَمى وَسَألُوه َا( قال‬
‫المزى في الأطراف كانت سلمى مولاة للنبي صلى الل ّٰه عليه وسلم و يقال مولاة لصفية وهى زوج أبى رافع وداية فاطمة الزهراء أو قابلة‬
‫س )قوله السبتية( السبت بكسر السين المهملة جلود البقر‬
‫ْت ع ُمَي ْ ٍ‬
‫إبراهيم بن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وغاسلة فاطمة الزهراء مع أَ سْمَاء َ بِن ِ‬
‫المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال‪ ،‬سميت بذلك لأن شهرها قد سبت عنها أي أز يل وحلق‪ ،‬وقيل لأنها أسبتت بالدباغ أي لانت وقال‬
‫ابن قرقول عن الدراوردى منسوبة إلى موضع يقال له سوق السبت‪.‬‬
‫)*(‬
‫يَعْنِي أب َاه ُ‪.‬‬
‫الل ّه عَنْهَا ك َانَ خ ُلُق ُه ُ الْقُر ْآنُ‬ ‫ق بِه ِ ح ََت ّى قَال َ ْ‬
‫ت عَائِش َة ُ رَضِيَ َ‬ ‫س َل ّم َ و َهَد َى بِه ِ و َاه ْتَد َى وَتَخَل ّ َ‬ ‫ِب الْقُر ْآنَ ال َ ّذ ِي أتى بِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫يح َ ّ‬
‫وَمِنْهَا أَ ن ُ‬
‫ن و َعَلَام َة ُ‬ ‫الل ّه ح ُ ّ‬
‫ُب الْقُر ْآ ِ‬ ‫ُب َ‬‫الل ّه‪ :‬عَلَام َة ُ ح ّ‬
‫ل بن عَب ْد َ‬
‫ل س َ ْه ُ‬
‫ِف عِنْد َ حُد ُودِه َا‪ ،‬قَا َ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب س َُن ّت َه ُ و َيَق ُ‬ ‫ل بِه ِ و َتَف َ ُهّم ُه ُ و َ ُ‬ ‫وَح ُُب ّه ُ لِلْقُر ْآ ِ‬
‫ن تِلَاو َتُه ُ و َالْعَم َ ُ‬
‫خرَة ِ‬ ‫س َن ّة ِ ح ُ ّ‬
‫ُب الآ ِ‬ ‫ُب ال ُ ّ‬ ‫ُب ال ُ ّ‬
‫س َن ّة ِ و َعَلَام َة ُ ح ّ‬ ‫س َل ّم َ ح ُ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ُب َ‬‫س َل ّم َ و َعَلَام َة ُ ح ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ُب َ‬‫ن ح ُّ‬
‫ُب الْقُر ْآ ِ‬
‫ح ّ‬
‫ل أَ حَدٌ ع َنْ‬
‫ل ابن مَسْع ُودٍ ل َا يَسْأ ُ‬
‫خرَة ِ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ض ال ُد ّن ْيَا أ ْن ل َا ي َ ّد ِ‬
‫خر َ مِنْهَا إ َلّا ز َاد ًا و َبلُْغ َة ً ِإلَى الآ ِ‬ ‫ْض ال ُد ّن ْيَا و َعَلَام َة ُ بُغْ ِ‬
‫خرَة ِ بُغ ُ‬
‫ُب الآ ِ‬
‫و َعَلَام َة ُ ح ّ‬

‫الل ّه وَرَسُولَه ُ‪.‬‬


‫ِب َ‬‫يح ُ ّ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب الْقُر ْآنَ فَه ُو َ ُ‬ ‫سه ِ إ َلّا الْقُر ْآن فإ ْن ك َانَ ُ‬
‫ن َ ْف ِ‬
‫شفَق َت ُه ُ عَلَى أ َمّته و َنُصْ ح ُه ُ لَه ُ ْم و َ َ‬
‫سعْي ُه ُ فِي مَصَالِ حِه ِ ْم وَر َف ْ ُع ال ْمَضَارّ عَنْهُمْ‪ ،‬كَمَا كان صلى الل ّٰه‬ ‫س َل ّم َ َ‬ ‫َات حُبّه ِ ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫وَم ِنْ عَلَام ِ‬

‫س َل ّم َ ب ِال ْمُؤْم ِنينَ رؤوفا رَحِيم ًا‪.‬‬


‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ ل ِأَ بِي سَع ِيدٍ الْخ ُ ْدرِي‪) :‬إ َ ّ‬
‫ن الْفَقْر َ ِإلَى‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫محَب ّتِه ِ زُهْد ُ م ُ َ ّدعِيهَا فِي ال ُد ّن ْيَا و َإيثَارُه ُ الْفَقْر و َاتّصَاف ُه ُ بِه ِ و َق َ ْد قَا َ‬
‫ل صَلَ ّى َ‬ ‫وَم ِنْ عَلَامَة ِ تَمَام ُ َ‬

‫ل ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل رَج ُ ٌ‬ ‫الل ّه بن مُغ َ ّف ٍ‬
‫ل قَا َ‬ ‫ل ِإلَى أَ سْ ف َلِه ِ( و َفِي حَدِيث عَب ْد َ‬
‫ل م ِنْ أَ ع ْلَى لوادى أَ وِ الْجبَ َ ِ‬ ‫يح ُِب ّنِي مِنْك ُ ْم أسْرَع ُ م ِ َ‬
‫ن السي ْ ِ‬ ‫م َنْ ُ‬

‫تح ُِب ّنِي ف َأَ ع ِ َ ّد لِلْف َ ْقرِ تِ جْف َافًا(‬


‫كن ْتَ ُ‬
‫)إ ْن ُ‬
‫ل ِ‬
‫ات ‪ -‬قَا َ‬ ‫ل و ََالل ّه ِ ِإن ِ ّي ُأح ُِب ّ َ‬
‫ك ‪ -‬ثَلَاثَ م َ َّر ٍ‬ ‫ل )انْظُر ْ م َا تَق ُولُ( قَا َ‬ ‫الل ّه ِإن ِ ّي ُأح ُِب ّ َ‬
‫ك فَق َا َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ ي َا رَسُو َ‬
‫وَ َ‬
‫ث َُم ّ ذَك َر َ َ‬
‫نح ْو حديث أبي سعيد بمعناه‪.‬‬
‫__________‬
‫)قوله وبلغة( بضم الموحدة ما يتبلغ به من العيش )قوله ابن مغفل( بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء المشددة )قوله تجفافا( بكسر‬
‫المثناة الفوقية بعدها جيم = = ساكنة شئ من سلاح يترك على الفرس يقيه الأذى وقد يلبسه الإنسان أيضا‪ ،‬وجمعه تجافيف ويروى‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٧‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫جلباب وهو الإزار‪ ،‬قال القتيبى معناه أن يرفض الدنيا ويزهد فيها و يصبر على الفقر والتقلل فكنى بالتجفاف والجلباب عن الصبر لأنه‬
‫يستر الفقير كما يستران البدن‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل في معنى المحبة للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وحقيقتها‬ ‫‪٣.٢.٤‬‬

‫س َل ّم َ وحقيقتها‬ ‫فصل فِي مَعْن َي ال ْمَح ََب ّة ِ للنبي صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ِلاف‬
‫َت تَرْجِـ ُع ب ِالحَق ِيقَة ِ إلى اخْ ت ِ‬
‫ك و َلَيْس ْ‬ ‫س َل ّم َ وَكَثُر ْ‬
‫َت عِبَار َاتُه ُ ْم فِي ذَل ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫محَب ّة ِ َ‬
‫الل ّه و َ َ‬
‫محَب ّة ِ َ‬
‫اس فِي ت َ ْفسِير ِ َ‬ ‫ف َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫اخْ تَل َ َ‬

‫تح ُِب ّونَ َ‬


‫الل ّه َ‬ ‫س َل ّم َ ك ََأن ّه ُ التَف َتَ ِإلَى قَو ْلِه ِ تَع َالَى )ق ُلْ ِإ ْن ُ‬
‫كن ْتُم ْ ُ‬ ‫سفْيَانُ المحََب ّة ُ اتّبَاع ُ الرسول صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل ُ‬
‫ل فَق َا َ‬ ‫ك َنّهَا اخْ ت ِل َ ُ‬
‫اف أَ حْ وَا ٍ‬ ‫مَق َال و َلـ َ ِ‬

‫ل بَعْضُهُم ُ المحََب ّة ُ دَو َام ُ الذِّكْر ِ‬


‫مخَالَف َتِه ِ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ل اعْتِق َاد ُ نُصْرَتِه ِ وال َذ ّ ُ ّ‬
‫ب ع َنْ س َُن ّتِه ِ والانْق ِيَاد ُ لَهَا و َهَي ْب َة ُ ُ‬ ‫محَب ّة ُ َ‬
‫الر ّسُو ِ‬ ‫ل بَعْضُه ُ ْم َ‬
‫فاتبعوني( الآية‪ ،‬و َقَا َ‬
‫يح ُ ّ‬
‫ِب م َا‬ ‫ب ُ‬ ‫ْب لم ُِرَادِ َ‬
‫الر ّ ِّ‬ ‫ل بَعْضُهُم ُ المحََب ّة ُ م ُوَاطَأَ ة ُ الْق َل ِ‬
‫ُوب‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ل بَعْضُهُم ُ المحََب ّة ُ ال َ ّ‬
‫شو ْقُ ِإلَى المحَ ْب ِ‬ ‫ُوب‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل آخَر ُ‪ِ :‬إ يثَار ُ المحَ ْب ِ‬
‫ُوب‪ ،‬و َقَا َ‬
‫لِل ْم َحْ ب ِ‬
‫حق ِيق َة ُ‬ ‫َرات المحَ َب ّة ِ د ُونَ َ‬
‫حق ِيقَتِهَا و َ َ‬ ‫ق لَه ُوأكْ ث َر ُ الع ِبَار َات المُتَق َ ّدمَة ِ إشَارَة ٌ ِإلَى ثَم ِ‬
‫ْب ِإلَى م ُوَاف ِ ٍ‬ ‫ل آخَر ُ‪ :‬المحَ َب ّة ُ مَي ْ ُ‬
‫ل الق َل ِ‬ ‫أح َ ّ‬
‫َب و َيَك ْرَه ُ م َا كَرِه َ‪ ،‬و َقَا َ‬

‫ات الْحَسَنَة ِ و َالْأَ طْ عِمَة ِ والأشربة‬ ‫ب ُ‬


‫الصّ وَرِ الجم َِيلَة ِ و َالْأَ صْ و َ ِ‬ ‫ق ال ِْإنْس َانَ و َتَكُونُ م ُوَافَق َت ُه ُ لَه ُِإ َمّا لاسْ تِل ْذ َاذِه ِ بإ ْدر َاكِه ِ كَح ُ ّ‬
‫ل إلى م َا يُوَاف ِ ُ‬
‫المحََب ّة ِ المَي ْ ُ‬
‫ب َ‬
‫الصّ الِ حـ ِينَ‬ ‫ل َطب ٍْع سَل ٍِيم م َائ ِ ٌ‬
‫ل ِإلَيْهَا لم ُِوَاف َقتِهَا لَه ُ‪ ،‬أَ ْو لاسْ تِلْذ َاذِه ِ بإ ْدر َاكِه ِ بِ ح َ َاسّ ة ِ عَقْلِه ِ و َقَل ْبِه ِ م َع َانِي َ ب َاطِن َة ً شَر ِيف َة ً كَح ُ ّ‬ ‫الذيذة وأشْ بَاهِه َا م َِم ّا ك ُ ُ ّ‬

‫ُوف‬ ‫و َالع ُلَمَاء ِ وأه ْ ِ‬


‫ل المَعْر ِ‬
‫ل هَؤْل َاء ِ ح ََت ّى يَب ْل ُ َغ َ‬
‫الت ّع َُصّ بُ بِقَو ْ ٍم لِقَو ْ ٍم و ََالت ّش َُي ّ ُع من‬ ‫َف بأمْثَا ِ‬ ‫ل ِإلَى ال َ ّ‬
‫شغ ِ‬ ‫ن َطب ْ َع ال ِْإنْس َان م َائ ِ ٌ‬
‫ل الحَسَن َة ُ فَإ ّ‬
‫المأْ َ ثُورِ عَنْهُم ُ السّي َر ُ الجم َِيلَة ُ و َالْأَ فْع َا ُ‬

‫س أَ ْو يَكُونَ ح ُُب ّه ُ إ ي ّاه ُ لم ُِوَافَق َته لَه ُ من ِ‬


‫جهَة ِ إحْ سَانِه ِ لَه ُ‬ ‫ن وهتك الحرم واخترام ُ‬
‫الن ّف ُو ِ‬ ‫ن م َا يُؤدّي إلى الجَلاء ِ ع َ ِ‬
‫ن الْأَ ْوطَا ِ‬ ‫أ َمّة ٍ فِي آخر ِي َ‬

‫س َل ّم َ‬ ‫ح ّقِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك هَذ َا نَظَر ْتَ هَذِه ِ الْأَ سْ بَابَ ك َُل ّه َا فِي َ‬
‫ن ِإلَيْهَا‪ ،‬ف َِإذ َا تَق ََر ّر َ ل َ َ‬
‫ُب من أَ حْ سَ َ‬
‫ُوس عَلَى ح ِّ‬ ‫ت ُ‬
‫الن ّف ُ‬ ‫و َإنْع َامِه ِ عَلَيْه ِ فَق َ ْد جُبِل َ ِ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫فَع َلِم ْتَ َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ج َام ِـ ٌع لِهذِه ِ المَع َانِي َ‬
‫الث ّلاثَة ِ المُوجِبَة ِ للمحبة‪.‬‬
‫ج ِإلَى زِي َادَة ٍ‪.‬‬
‫يح ْتَا ُ‬ ‫ن فَق َ ْد ق ََر ّرْنا مِنْهَا قَب ْ ُ‬
‫ل ف ِيم َا م َ َّر من الكتاب مالا َ‬ ‫ق و َالبَاطِ ِ‬
‫ل الْأَ خْلَا ِ‬ ‫ل ُ‬
‫الصّ ورَة ِ والظّاهِرِ وكما ِ‬ ‫أَ َمّا جَمَا ُ‬
‫شفَق َتِه ِ عَلَيْهِم ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى لَه ُ من ر َأْ فَتِه ِ بِه ِ ْم وَرَحْمَتِه ِ لَه ُ ْم وَهِد َايَتِه ِ إ ي ّاه ُ ْم و َ َ‬ ‫َاف َ‬ ‫و َأَ َمّا إحْ سَانُه ُ و َإنْع َام ُه ُ عَلَى أ َمّتِه ِ فَك َذل ِ َ‬
‫ك ق َ ْد م َ َّر مِن ْه ُ فِي أ ْوص ِ‬
‫الل ّه ب ِِإذْنِه ِ و َيَت ْلُوا عَلَيْه ِم آياتِه ِ و َي ُزَكّ يه ِ ْم و َيُع َلّمُه ُم‬
‫الن ّارِ وأنه بالمؤمنين رؤف رَحِيم ٌ وَرَحْم َة ٌ لِلْع َالم َي ِنَ وَم ُبَش ِّر ًا و َنَذِير ًا وَد َاعِيًا ِإلَى َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َاسْ تِنْق َاذِه ِ ْم بِه ِ م ِ َ‬
‫ل‬
‫وأيّ ِإفْضَا ٍ‬ ‫خطَرًا من إحْ سَانِه ِ ِإلَى جَم ِ‬
‫ِيع ال ْمُؤْم ِنينَ‪ُ ،‬‬ ‫َأيّ إحْ سَان أج َ ُ ّ‬
‫ل ق َ ْدر ًا و َأَ ْعظَم ُ َ‬ ‫كم َة َ و َيَهْدِيه ِ ْم ِإلَى صِر َاطٍ مُسْتَق ٍِيم‪ ،‬ف ُ‬
‫الْكِتَابَ و َالْح ِ ْ‬
‫ن العَم َايَة ِ وَد َاعِيَه ُ ْم ِإلَى الف ِ‬
‫َلاح و َالـك َرَامَة ِ‬ ‫أَ ع َ ُ ّم مَنْف َعة ً و َأَ كْ ث َر ُ فَائِدة ً من إنْع َامِه ِ عَلَى ك ََاف ّة ِ المُسْل ِمِينَ؟ ِإ ْذ ك َانَ ذَرِ يعَتُه ُ ْم ِإلَى الهِد َايَة ِ وَم ُن ِْقذ ُه ُ ْم م ِ َ‬
‫ك َأن ّه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عليه‬ ‫َالن ّع ِيم َ ال َس ّرْمَد َ فَق َد اسْ تَبَانَ ل َ َ‬
‫شاهِد َ لَه ُ ْم و َالمُوجِبَ لَهُم ُ ال ْبَق َاء ال َد ّائِم َ و َ‬
‫َ‬ ‫وَو َسيلَتَه ُ ْم ِإلَى ر َ ّبِه ِ ْم وَشَفيعَه ُ ْم و َالمُتَك َل ِ ّم َ عَنْه ُ ْم و َال َ ّ‬
‫ِب لِل ْمَح ََب ّة ِ الحقيقة شرعا‬
‫س َل ّم َ مُسْتَوْج ٌ‬
‫وَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله واخترام النفوس( بالخاء المعجمة‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٨‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫فصل في وجوب مناصفته صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٣.٢.٥‬‬

‫يح ُ ّ‬
‫ِب من م َن َح َه ُ فِي دُن ْيَاه ُ‬ ‫بِمَا ق َ ّدمْناه ُ من صَ ح ِ‬
‫ِيح الآثارِ و َعَادَة ً وَجِبلَ ّة ً بِمَا ذَكَر ْن َاه ُ آنِف ًا لإفاضَتِه ِ الإحْ سَانَ و َع ُم ُومِه ِ الإجْمَالَ‪ ،‬ف َِإذ َا ك َانَ ال ِْإنْس َانُ ُ‬
‫ن َ‬
‫الن ّع ِِيم وَو َقَاه ُ ما لا يفى من‬ ‫ل مُنْقَط ِـ ٌع فَم َنْ م َن َح َه ُ م َا ل َا يَب ِيد ُ م ِ َ‬ ‫م ََرة ً أَ ْو م ََرتَيْنِ مَعْر ُوفًا أَ و اسْ تَنْقَذَه ُ من هَلـَكَة ٍ أَ ْو م َض َ َرّة ٍ م ُ ّدة َ َ‬
‫الت ّأذّي بِهَا قَلِي ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن سِيرَتِه ِ أو حاكم لما يؤثر من قوام طر يقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من‬ ‫طب ِْع ملك لِ ح ُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ب‪ ،‬و َإذ َا ك َانَ ي ُ ّ‬
‫ُحب بال ّ‬ ‫َاب الجحَ ِِيم أوْلى بالح ُ ّ‬
‫عَذ ِ‬

‫صف َتِه ِ‬
‫الل ّه عَن ْه ُ فِي ِ‬
‫ل عَلِيّ رَضِيَ َ‬
‫ل‪ ،‬و َق َ ْد قَا َ‬ ‫كمَال أَ ح َُقّ ب ِالْح ُ ّ‬
‫ب و َأوْلَى ب ِال ْمَي ْ ِ‬ ‫ل عَلَى غَايَة ِ م َرَات ِِب ال ْـ َ‬
‫علمه أَ ْو ك َر َ ِم شِيم َتِه ِ فَم َنْ جَم َ َع هَذِه ِ الْخِصَا َ‬
‫س َل ّم َ من ر َآه ُ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫محَب ّة ً ف ِيه ِ‪.‬‬ ‫الصّ ح َابَة ِ َأن ّه ُ ك َانَ ل َا يَص ُ‬
‫ْرف بَصَرَه ُ عَن ْه ُ َ‬ ‫بَدِيه َة ً ه َابَه ُ و َمنْ خ َالَطَه ُ مَعْرِف َة ً أح ََب ّه ُ وَذَكَر ْنا ع َنْ بَعْض َ‬
‫صحُوا ل َِل ّه ِ وَرَسُولِه ِ‪ ،‬م َا‬ ‫ج ِإذ َا ن َ َ‬ ‫يجِد ُونَ م َا يُنْفِق ُونَ حَر َ ٌ‬ ‫ن لا َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )و َلا عَلَى ال َ ّذ ِي َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬ ‫فصل فِي وجوب مناصفته صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫مخ ْل ِصِ ينَ مُسْل ِمِينَ فِي السّرّ وال ْع َلانَي ّة‪.‬‬ ‫صحُوا ل َِل ّه ِ وَرَسُولِه ِ ِإذ َا ك َانُوا ُ‬ ‫ل َ‬
‫الت ّ ْفسِير ِ إذ َا ن َ َ‬ ‫ل أَ ه ْ ُ‬
‫ل و ََالل ّه ُ غَف ُور ٌ رَحِيم ٌ( قَا َ‬ ‫عَلَى ال ْم ُحْ سِنِينَ م ِنْ سَب ِي ٍ‬
‫ن ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بكر‬
‫ن عَبْدِ ال ْمُؤْم ِ ِ‬‫الل ّه ِ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ َ‬ ‫ُف ب ْ ُ‬ ‫ن مُح َم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا يُوس ُ‬
‫حسَيْنُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا الْفَق ِيه ُ أَ بُو ال ْوَلِيدِ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا ُ‬
‫__________‬
‫)قوله لما يشاد( بضم المثناة التحتية وتخفيف الشين المعجمة وفى آخره دال مهملة مخففة‪ ،‬في الصحاح أشاد بذكره أي يرفع من قدره‬
‫)قوله شيمته( بكسر الشين المعجمة أي خلقته‪.‬‬
‫)*(‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يم ال َد ّار ّ ِ‬
‫ِي قال قال رسول‬ ‫ن أَ بِي صَالح ع َنْ عَطَاء ب ْ ِن يَز ِيد َ ع َنْ تَم ِ ٍ‬ ‫س ح َ َ ّدثَنَا ز ُهَيْر ٌ ح َ َ ّدثَنَا سُهَي ْ ُ‬
‫ل بْ ُ‬ ‫لتمار ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫ن يُون ُ َ‬

‫ل )ل َِل ّه ِ و َلِكِتَابِه ِ و َل ِرَسُولِه ِ‬


‫الل ّهِ؟ قَا َ‬
‫ل َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّصِ يح َة ُ قَالُوا‪ :‬لم َِنْ ي َا رَسُو َ‬ ‫الن ّصِ يح َة ُ‪ِ ،‬إ َ ّ‬
‫ن الد ِّي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن الن َصِ يح َة ُ‪ِ ،‬إ َ ّ‬
‫ن الد ِّي َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن الد ِّي َ‬ ‫س َل ّم َ ِ‬
‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫ل أئ َِم ّتُنَا‪َ :‬‬
‫الن ّصِ يح َة ُ لل ّٰه ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم‬ ‫ل أئ َِم ّتُنَا‪َ :‬‬
‫الن ّصِ يح َة ُ لل ّٰه ولرسوله وأئمة المُسْل ِمِينَ و َعَا َمّتِهِمْ( قَا َ‬ ‫و َأَ ئ َِم ّة ِ المُسْل ِمِينَ و َعَا َمّتِهِمْ( قَا َ‬
‫ن أن يعبر عنها بكلمة واحدة‬
‫ك ُ‬
‫ْس يُم ْ ِ‬ ‫واجبة قال الإمام أبو سليمان البستي‪ :‬النصيحة كَل ِم َة ٌ يُع َب ّر ُ بِهَا ع َنْ جُم ْلَة ِ إر َادَة ِ ا ْلخـَيْر ِ لِل ْمَنْص ِ‬
‫ُوح لَه ُ و َلَي َ‬
‫ل أَ بُو بكر‬‫ل إذ َا خ ََل ّصْ ت َه ُ من شَم ْعِه ِ و َقَا َ‬
‫اص من قَو ْلِه ِ ْم نَصَحْ تُ الْعَسَ َ‬ ‫تحصرها‪ ،‬وَمَعْنَاه َا فِي ُ‬
‫الل ّغَة ِ الإخْل َ ُ‬
‫ل أَ بُو‬ ‫ِيط ال َ ّذ ِي يُخ َ ُ‬
‫اط بِه ِ الثو‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ن النّص ِ‬
‫َاح و َه ُو َ الخ ُ‬ ‫ح والملاءمة‪ ،‬مأخوذ م ِ َ‬ ‫اف‪ :‬النصح فعل الشئ ال َ ّذ ِي ف ِيه ِ َ‬
‫الصّ لَا ُ‬ ‫ابن أَ بِي ِإ ْسحَاقَ الخ َ َ ّف ُ‬
‫محَاب ّه و َال ْبُعْد ُ‬ ‫صح ّة ُ الاعتقاد له بالوحدانية وَو َصْ ف ُه ُ بِمَا ه ُو َ أه ْلُه ُ و َتَنْز ِيه ُه ُ ع ََم ّا ل َا يَج ُوز ُ عَلَيْه ِ و َ‬
‫َالر ّغْب َة ُ فِي َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى ِ َ‬
‫نح ْوه ُ‪ ،‬فَن َصِ يحة ُ َ‬ ‫ِإ ْسحَاق الزّج َا ُ‬
‫ج َ‬
‫اص فِي عِبَاد َتِه ِ والنصحية لِكِتَابِه ِ‪ :‬ال ِْإ يمَانُ بِه ِ والعمل‬
‫خطِه ِ و َالإخْل َ ُ‬
‫من مَسَا ِ‬
‫__________‬
‫)قوله تميم الدارى( و يقال الديرى‪ ،‬فالأول نسبة إلى جده الدار والثانى نسبة إلى دير كان يتعبد فيه قبل الإسلام‪ ،‬أسلم سنة تسع من‬
‫الهجرة وكان نصرانيا قبل ذلك )قوله إن الدين النصيحة( ساق المصنف رحمه الل ّٰه هذا الحديث ونسبه إلى أبى داود وقد أخرجه أبو‬
‫داود في الأدب ولفظه )الدين النصيحة( من غير تكرار وكذلك لفظ مسلم ولفظ النسائي )إن الدين النصيحة( من غير تكرار أيضا )قوله‬
‫قال الإمام أبو سليمان البستى( هو الخطابى )قوله والملاءمة( بضم الميم وتخفيف اللام بعدها ألف وهمزة‪ :‬هي الموافقة بين الأشياء )قوله‬
‫من النصاح( بكسر النون وتخفيف الصاد والحاء المهملتين )*(‬
‫ل ال ْغ َالِينَ وطعن الملحدين‪ ،‬والصحيحة ل ِرَسُولِه ِ‬ ‫َالت ّف َ ُ ّقه ُ ف ِيه ِ و َال َذ ّ ُ ّ‬
‫ب عَن ْه ُ من ت َأْ وِ ي ِ‬ ‫تحْسِينُ تلاوته والتخسع عنده وتعظم لَه ُ و َتَف َ ُهّم ُه ُ و َ‬
‫بِمَا ف ِيه ِ و َ َ‬
‫ل أبو بكر‪ :‬وموازرته و َنُصْرَتُه ُ وَحِمَايَت ُه ُ ح ًَي ّا وَم َي ّتًا‪ ،‬و َِإحْ يَاء ُ سُن ّتِه ِ‬
‫ل الطّاعَة ِ لَه ُف ِيم َا أَ م َرَ بِه ِ وَنَهى عَن ْه ُ قَالَه ُأَ بُو سُلَيْم َانَ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ق بِنُبُو ّتِه ِ و َب َ ْذ ُ‬ ‫َ‬
‫الت ّصْ دِي ُ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫الت ّجِيب ُيّ‪ :‬نَصِ يحة ُ رَسُو ِ‬
‫ل أَ بُو إ ب ْر َاه ِيم ُِإ ْسحَاقُ ُ‬ ‫َالت ّخ َُل ّ ُ‬
‫ق ب ِأَ خْلاقِه ِ الـكَر ِيمَة ِ و َآد َابِه ِ الجملية‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ب عَنْهَا و َنَشْر ِه َا‪ ،‬و َ‬
‫ب و َال َذ ّ ّ‬ ‫بال َ ّ‬
‫طل َ ِ‬
‫ل‬
‫ل بِهَا‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ض عَلَيْهَا و َال َد ّعْوَة ُ ِإلَى َ‬
‫الل ّه و َِإلَى ك ِتَابِه ِ و َِإلَى رَسُولِه ِ وإليها إلى الْعَم َ ِ‬ ‫ق بِمَا جاء بِه ِ و َالاعْتِصَام ُ بِس ُن ّتِه ِ و َنَشْر ُه َا و َالح َ ُ ّ‬ ‫س َل ّم َ َ‬
‫الت ّصْ دِي ُ‬ ‫وَ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٨٩‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫أَ حْمَد ُ بن مُحَم ّدٍ‬

‫ح لَه ُ يَقْتَض ِي نُصْ ح َيْنِ نُصْ ح ًا‬ ‫ل أَ بُو بَكْر ٍ الآجُر ُّيّ و َغَي ْرُه ُ ُ‬
‫الن ّصْ ُ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وب اعْتِق َاد ُ َ‬
‫الن ّصِ يحَة ِ ل ِرَسُو ِ‬ ‫َات الْق ُل ُ ِ‬
‫من مَفْر ُوض ِ‬

‫س وأموال‬ ‫ل ُ‬
‫الن ّف ُو ِ‬ ‫سم ِْع و َال َ ّ‬
‫طاعَة ِ لَه ُ و َب َ ْذ ِ‬ ‫صحَابِه ِ لَه ُب َِالن ّصْر ِ و َالمحَُام َاة ِ عَن ْه ُ وَمُع َاد َاة ِ من عَاد َاه ُ و َال َ ّ‬
‫ح أَ ْ‬
‫فِي حَيَاتِه ِ و َنُصْ ح ًا بَعْد َ مَمَاتِه ِ فَفِي حَيَاتِه ِ نُصْ ُ‬
‫ل )و َيَن ْصُر ُونَ الل ّٰه ورسوله( الآيَة َ‪ ،‬و َأَ َمّا نَصِ يح َة ُ ال ْمُسْل ِمينَ لَه ُ بَعْد َ‬ ‫الل ّه َ عَلَيْه ِ( الآيَة َ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫صد َقُوا م َا عَاهَد ُوا َ‬ ‫ل َ‬
‫ل الل ّٰه تَع َالَى )رِج َا ٌ‬ ‫د ُونَه ُ كَمَا قَا َ‬
‫مجَانَب َة ُ من رَغِبَ ع َنْ‬ ‫وأصحَابِه ِ و َ ُ‬
‫ل بَي ْتِه ِ ْ‬ ‫ش َ ّدة ُ المحََب ّة لَه ُ و َالمُثَاب َرَة ُ عَلَى تعلم سنته والنفقة فِي شَر ِيع َتِه ِ و َ َ‬
‫محَب ّة ُ آ ِ‬ ‫لو ِ‬ ‫و َفَاتِه ِ فالتِز َام ُ َ‬
‫الت ّو ْق ِير ِ و َالإجْلا ِ‬

‫شفَق َة ُ عَلَى ُأ َمّتِه ِ و َال ْب َحْ ثُ ع َنْ تَع َُر ّ ِ‬


‫ف أَ خْلَاقِه ِ وَسِيَرِه ِ و َآد َابِه ِ و َالصّ ب ْر ُ عَلَى ذَلِكَ‪ :‬فَعَلَى م َا ذَك َرَه ُ‬ ‫َالت ّحْذِي ِر ُ مِن ْه ُ و َال َ ّ‬
‫سُن ّتِه ِ و َانْ ح َر ََف عَنْهَا و َبُغْضُه ُ و َ‬
‫ْرات المحَ َب ّة ِ و َعَلَام َة ً من عَلَام َاتِهَا كَمَا ق َ ّدمْنَاه ُ‪ ،‬وَح َكى )قوله التجيبى( بضم المثناة الفوقانية وفتحها وكسر الجيم‬ ‫تَكُونُ َ‬
‫الن ّصِ يح َة ُ إحْد َى ثَم ِ‬
‫)‪(*) (٢ - ٣‬‬

‫الباب الثالث في تعظيم أمره ووجوب توقيره وبره‬ ‫‪٣.٣‬‬

‫الل ّه‬
‫ل َ‬ ‫ل لَه ُ م َا فَع َ َ‬ ‫ِالصّ فّارِ رؤى فِي َ‬
‫الن ّو ْ ِم فَق ِي َ‬ ‫ُوف ب َ‬ ‫ك خُر َاسَانَ وَمَشَاه ِير ِ ُ‬
‫الث ّ َو ّارِ المَعْر َ‬ ‫ْث أَ ح َد م ُلُو ِ‬
‫الل ّي ِ‬ ‫ال ِْإم َام ُ أَ بُو الْق َاس ِ ِم الْقُشَيْر ُِيّ أَ َ ّ‬
‫ن عَم ْرو بن َ‬

‫كثْرَتُه ُ ْم فَتَم ََن ّي ْتُ أَ ن ّي حَضَرْتُ رَسُول َ‬


‫الل ّه‬ ‫ل يَو ْما ف َأشْر َف ْتُ عَلَى جُن ُودِي فأعجبتى َ‬
‫ل صَعِدْتُ ذِ ْروَة َ جَب َ ٍ‬
‫ل بِمَاذ َا؟ قَا َ‬
‫ل غَف َر َ ل ِي‪ ،‬فَق ِي َ‬
‫بك؟ فَق َا َ‬

‫ح لْأَ ئ َِم ّة ِ المُسْل ِمِينَ فَطَاعَتُه ُ ْم فِي الْحَقّ وَم َع ُونَتُه ُ ْم ف ِيه ِ و َأمْرُه ُ ْم بِه ِ‬ ‫ك وَغَف َر َ ل ِي * وما ُ‬
‫الن ّصْ ُ‬ ‫س َل ّم َ ف َأعْنت ُه ُ و َنَص ْرتُه ُ فَشَك َر َ َ‬
‫الل ّه ل ِي ذَل ِ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س و َإفْسَادِ‬ ‫ِيب َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫كت ِم َ عَنْه ُ ْم من ُأم ُور المُسْل ِمينَ و َتَرْك ُ الخُر ِ‬
‫ُوج عَلَيْهِم ُ و َتَضْر ِ‬ ‫ن وَجْه ٍ و َتَن ْب ِيهُه ُ ْم عَلَى م َا غَف َلُوا عَن ْه ُ و َ ُ‬
‫و َت َ ْذكِير ُه ُ ْم إ ي ّاه ُ عَلَى أَ حْ سَ ِ‬
‫قُلُو بِه ِ ْم عَلَيْهِم ُ والصح لِع َا َمّة ِ المُسْل ِمينَ إ ْرشَاد ُه ُ ْم ِإلَى مَصَالِ ح ِه ْم وَم َع ُونَتُه ُ ْم فِي أ ْمر ِ دِينِه ِ ْم‬
‫ست ْر ُ عَوْر َاتِه ِ ْم وَد َف ْ ُع المضار عنهم وجل المَنَاف ِ‬
‫ِـع ِإلَيْه ِ ْم‬ ‫جه ِ ْم و َ َ‬
‫مح ْتَا ِ‬
‫ل و َتَن ْب ِيه ُ غَافِله ِ ْم و َتَب ْصِ ير ُ ج َاه ِل ِه ْم وَر َفْد ُ ُ‬
‫ل و َالفِعْ ِ‬
‫وَدُن ْيَاه ُ ْم ب ِالْقَو ْ ِ‬
‫اب الثالث )فِي تعظيم أمره ووجوب توقيره وبره(‬
‫ال ْب َ ِ‬
‫)إ َن ّا أَ ْرسَل ْنَاك َ شَاهِدًا وَم ُبَش ِّر ًا و َنَذِير ًا لِتُؤْم ِن ُوا ب َِالل ّه ِ وَرَسُولِه ِ وتعزروه وتوقروه( وقال )يا أيها ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا لا تقدموا‬ ‫الل ّه تَع َالَى ِ‬
‫ل َ‬ ‫قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله الثوار( بالمثلثة وتشديد الواو وفى آخره راء‪ :‬أي الأبطال )قوله صعدت( بكسر العين )قوله ذروة( بكسر المعجمة وضمها )قولها‬
‫َالل ّه ل ِي( قال ابن قرقول في قوله فشكر الل ّٰه‪ :‬أي أثابه وقيل قبل عمله وقيل أثنى عليه بذلك وذكره لملائكته )قوله وتضريب( بالضاد‬
‫فَشَك َر َ‬
‫المعجمة‪ ،‬في الصحاح التضريب بين الناس الإغراء )*(‬
‫ل‬ ‫تجْع َلُوا د ُعَاء َ‬
‫الر ّسُو ِ‬ ‫َ‬ ‫ل تَع َالَى )لا َ‬
‫ْت النبي( الثلاث آيات و َقَا َ‬
‫صو ِ‬ ‫الل ّه ِ ورسوله‪ ،‬و‪) :‬يا أيها ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا لا تَرْف َع ُوا أَ صْ وَاتَك ُ ْم فَو ْقَ َ‬ ‫َي َ‬‫بَيْنَ يَد ِ‬
‫بَي ْنَك ُ ْم كَد ُعَاء ِ بَعْضِ ك ُ ْم بعضا( فأوجب تعالى تعذيره و َتَو ْق ِيرَه ُ و َأل ْزَم َ إك ْرَام َه ُ وتعظيمه‪ ،‬وقال ابن ع ََب ّاس تُع َزّر ُوه ُ ُ‬
‫تج ُِل ّو ُه و َقَا َ‬
‫ل المُبَرّد ُ تُع َزّر ُوه ُ‬
‫الت ّق َ ُ ّد ِم بين يديه بالقول‬
‫ن َ‬ ‫طبَر ُِيّ تُع ِين ُونَه ُ‪ ،‬و َقُرِئ َ تعززوه براءين م ِ َ‬
‫ن الع ِز ّ‪ ،‬وَنَهى ع َ ِ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫َش تَن ْصُر ُونَه ُ‪ ،‬وقَا َ‬
‫ل الْأخْ ف ُ‬
‫تُبَالغ ُوا فِي تَعْظ ِيمِه ِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫الل ّه لا تقولوا قبل أن يقول وإذا قال‬ ‫وسوء الأدب بسبقه بالكلام على قول ابن عباس وغيره هو اختيار ثعلب‪ ،‬قال سهل ابن عبد َ‬
‫ل أَ ْو غَيْرِه ِ من أ ْمر ِ دِينِه ِ ْم إ َلّا‬
‫ك من قَتَا ٍ‬‫ل بِقَضَاء ِ أ ْمر ٍ قبل قضاء ف ِيه و َأَ ْن يَفْتَاتُوا بشئ فِي ذَل ِ َ‬
‫َالت ّع َ ُج ّ ِ‬
‫فاستمعوا له وأنصتوا‪ ،‬ونهوا عن التقدم و َ‬

‫َالث ّوْرِيّ ث َُم ّ‬ ‫بأ ْمرِه ِ وَل َا يَسْبِق ُوه ُ بِه ِ‪ ،‬و َِإلَى هَذ َا يَرْجِـ ُع قَو ْلُه ُ الحسن ومجاهد والصحاك و َال ُ ّ‬
‫سدّيّ و َ‬

‫ل‬
‫الل ّه فِي ِإه ْمَا ِ‬ ‫سلَم ِ ُ ّ‬
‫ي َات ّق ُوا َ‬ ‫ل ال ُ ّ‬
‫الت ّق َ ُ ّد ِم‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل ال ْمَاو َ ْرد ُِيّ َات ّق ُوه يَعْنِي فِي َ‬
‫الل ّه َ سَم ِي ٌع عَل ِيم ٌ( قَا َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه َ ِإ َ ّ‬
‫ل )و ََات ّق ُوا َ‬
‫ك فَق َا َ‬ ‫وَعَظَه ُ ْم وَح َ َ ّذر َه ُ ْم ُ‬
‫مخَالَف َة َ ذَل ِ َ‬
‫ض‬
‫يجْه َر ُ بَعْضُه ُ ْم لِبَعْ ٍ‬
‫ل كَمَا َ‬
‫صو ْتِه ِ و َالج َ ْهرِ لَه ُ ب ِالقَو ْ ِ‬
‫ْت فَو ْقَ َ‬ ‫ِيع ح ُ ْرم َتِه ِ َإن ّه ُ سَم ِي ٌع لِقَو ْلـِك ُ ْم عَل ِيم ٌ بِفِعْل ِـكُمْ‪ ،‬ث َُم ّ نَهَاه ُ ْم ع َنْ ر َف ِْع َ‬
‫الصّ و ِ‬ ‫ح ّقِه ِ و َتَضْ ي ِ‬
‫َ‬

‫ل أَ بُو مُح َم ّدٍ مَكّيّ ٌ أَ ْ‬


‫ي ل َا تُس َابِق ُوه ُ ب ِالك َلَا ِم و َتُغْلِظ ُوا له بالخطاب ولا تنادوه باسْمِه ِ نِد َاء َ‬ ‫ل كَمَا يُنَادِي بَعْضُه ُ ْم بَعْضًا ب ِاسْمِه ِ قَا َ‬
‫صو ْتَه ُ‪ ،‬و َق ِي َ‬
‫و َيَرْف َ ُع َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٠‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫بَعْضِ ك ُ ْم‬
‫__________‬
‫قوله تعزيره( بالراء أي تعظيمه وتوقيره )*(‬
‫كقَو ْلِه ِ فِي الآيَة ا ْل ُأخْرى )لا‬ ‫الل ّه ي َا نَبِ َ ّي َ‬
‫الل ّه‪ ،‬و َهَذ َا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ِب أ ْن يُنَاد َى بِه ِ‪ :‬ي َا رَسُو َ‬ ‫يح ُ ّ‬
‫َف م َا ُ‬‫ظِم ُوه ُ وَو َق ِّر ُوه ُ و َن َاد ُوه ُ بأشْر ِ‬‫ض و َلـِكنْ ع َ ّ‬ ‫لِبَعْ ٍ‬

‫ل غَي ْره ل َا تحاطبوه إ َلّا مُسْت َ ْفهِمِينَ‪ ،‬ث َُم ّ حوفهم َ‬


‫الل ّه تَع َالَى بِ حَب ْطِ‬ ‫ل بَي ْنَك ُ ْم كَد ُعَاء ِ بَعْضِ ك ُ ْم بَعْضًا( عَلَى أَ حَدِ َ‬
‫الت ّأْ وِ يلَيْنِ و َقَا َ‬ ‫تج ْع َلُوا د ُعَاء َ‬
‫الر ّسُو ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم َ فَنَاد ُوه ُ ي َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل فِي غَيْرِه ِ ْم أتَوا َ‬ ‫يم و َق ِي َ‬
‫ل ن َزَلَت الآيَة ُ فِي و َفْدِ بَنِي تَم ِ ٍ‬ ‫ك وَح َ َ ّذر َه ُ ْم مِن ْه ُ‪ ،‬ق ِي َ‬
‫أَ عْمَالِه ِ ْم إ ْن ه ُ ْم فَع َلُوا ذَل ِ َ‬

‫ت الآيَة ُ ا ْل ُأولَى فِي ُ‬


‫محَاوَرَة ٍ ك َان َْت بَيْنَ أَ بِي‬ ‫ل ن َزَل َ ِ‬ ‫صفَه ُ ْم ب ِأ َ ّ‬
‫ن أَ كْ ثَر َه ُ ْم ل َا يَعْق ِلُونَ‪ ،‬و َق ِي َ‬ ‫ل وَو َ َ‬ ‫خر ُجْ ِإلَي ْنَا فَذ َ َمّهُم ُ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى بالج َ ْه ِ‬ ‫مُح َم ّد ُ ي َا مُح َم ّد ُ ا ْ‬
‫س بن ش ََم ّا ٍ‬
‫س‬ ‫ت فِي ث َاب ِِت بن قَي ْ ِ‬
‫ل ن َزَل َ ْ‬ ‫اف جَر َي بَيْنَهُم َا ح ََت ّى ارْتَف ْ‬
‫َعت أصْ وَاتُهُم َا و َق ِي َ‬ ‫س َل ّم َ و َاخْ ت ِل َ ٍ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫بَكْر ٍ و َع ُم َر َ بَيْنَ يَد َي َ‬

‫خشِيَ‬
‫ت هَذِه ِ الآيَة ُ أَ قَام َ فِي مَنْزِلِه ِ و َ َ‬ ‫يم وَك َانَ فِي ُأذ ُنَيْه ِ صَمَمٌ فَك َانَ يَرْف َ ُع َ‬
‫صو ْتَه ُ‪ ،‬فَلَم ّا ن َزَل َ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم في مخافرة بَنِي تَم ِ ٍ‬
‫ِيب َ‬
‫خط ِ‬
‫َ‬

‫ل و َأنا‬ ‫الل ّه أ ْن َ‬
‫نجْه َر َ ب ِالْق َو ِ‬ ‫خشِيتُ أ ْن أكُونَ هَلـَكْتُ ‪ ،‬نَهَان َا َ‬
‫الل ّه لَق َ ْد َ‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬
‫ل ي َا نَبِ ّي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن يَكُونَ حَب َِط ع َمَلُه ُ ث َُم ّ أتَى َ‬
‫أَ َ ّ‬
‫س َل ّم َ )ي َا ث َاب ِتُ أَ م َا تَرْض َى أَ ْن تَع َ‬
‫ِيش‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ْت‪ ،‬فَق َا َ‬ ‫جه ِير ُ َ‬
‫الصّ و ِ‬ ‫امْرُؤ َ‬

‫الل ّه ل َا ُأكَل ّم ُ َ‬
‫ك بَعْد َه َا إ َلّا‬ ‫ل َ‬ ‫ل والل ّٰه ي َا رَسُو َ‬
‫ت هَذِه ِ الآيَة ُ قَا َ‬ ‫ل يَوْم َ الْيم َا َمَة ِ‪ ،‬وَر ُويَ أَ َ ّ‬
‫ن أَ ب َا بَكْر ٍ لَم ّا ن َزَل َ ْ‬ ‫ل الْج َنَ ّة َ؟( فَق ُت ِ َ‬
‫ل شَه ِيدًا و َت َ ْدخ ُ َ‬
‫حَم ِيدًا و َتُقْت َ َ‬
‫س َل ّم َ بَعْد َ هَذِه ِ الآيَة ِ ح ََت ّى يَسْت َ ْفهِم َه ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫كأخِي السّر َارِ و َأَ َ ّ‬
‫ن ع ُم َر َ ك َانَ إذ َا حَدّثَه حَدّثَه ك َأخِي السّر َارِ م َا ك َانَ ي ُ ْسمِـ ُع رَسُو َ‬
‫ل الل ّٰه‬
‫فأن ْز َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله كأخى السرار( وهو بكسر السين المهملة النجوى‪ ،‬وقال ابن الأثير المساررة )*(‬

‫فصل في عادة الصحابة في تعظيمه صلى الل ّٰه عليه وسلم وتوقيره وإجلاله‬ ‫‪٣.٣.١‬‬

‫)إ َ ّ‬
‫ن‬ ‫ت ِ‬
‫ل ن َزَل َ ْ‬ ‫الل ّه ُ قُلُو بَه ُ ْم ل ِ َلت ّقْو َى لَه ُ ْم مَغْف ِرَة ٌ و َأَ ْ‬
‫جر ٌ عظيم( و َق ِي َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح َ‬
‫ن امْت َ َ‬ ‫الل ّه ِ ُأولَئ ِ َ‬
‫ك ال َ ّذ ِي َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن يَغ ُُضّ ونَ أَ صْ وَاتَه ُ ْم عِنْد َ رَسُو ِ‬
‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫)إ َ ّ‬
‫تَع َالَى ف ِيه ِ ْم ِ‬
‫س َل ّم َ فِي َ‬ ‫ِ‬
‫سفَرٍ ِإ ْذ ن َاد َاه ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سال بَي ْنَا َ‬
‫صفْوَانُ بن ع َ َ ّ‬
‫يم ن َاد َ ْوه ُ ب ِاسْمِه ِ‪ ،‬وَرَو َى َ‬
‫ك م ِنْ وَر َاء الحجرات( فِي غَيْر ِ بَنِي تَم ِ ٍ‬ ‫ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن يُنَاد ُون َ َ‬

‫ْت‪ ،‬وقال الل ّٰه تعالى )يا‬ ‫ك ق َ ْد نُهيتَ ع َنْ ر َف ِْع َ‬


‫الصّ و ِ‬ ‫ك ف َ َإن ّ َ‬
‫صو ْت ِ َ‬ ‫جهْوَرِيّ أيا مُح َم ّد ُ أيا مُح َم ّد ُ أيا مُح َم ّد ُ فَق ُل ْنَا لَه ُ اغض ْ‬
‫ُض من َ‬ ‫ْت لَه ُ َ‬
‫صو ٍ‬
‫أَ عْرَابِيّ ب ِ َ‬
‫س َل ّم َ وَت ْبج ِيل ًا‬ ‫هي َ لُغ َة ٌ ك َان َْت فِي الْأَ نْصَارِ نُه ُوا ع َنْ قَو ْلِهَا تَعْظ ِيم ًا ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ِ‬
‫ْض ال ْمُفَسّر ِي َ‬
‫ل بَع ُ‬ ‫أيها ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا لا تقولوا راعنا( قَا َ‬

‫ل ك َان َت‬ ‫ح ُ ّقه ُ أ ْن يُرْعَى عَلَى ك ُ ّ‬


‫ل حال و َق ِي َ‬ ‫ن مَعْنَاه َا ا ْرع َنَا نرعك فَنُه ُوا ع َنْ قَو ْلِهَا ِإ ْذ مُقْتَضَاه َا ك َأ َ ّنه ُ ْم ل َا يَرْعَو ْنَه ُ إ َلّا بِر ِعَايَتِه ِ لَه ُ ْم بَلْ َ‬
‫لَه ُ ل ِأَ َ ّ‬
‫للت ّش َُب ّه ِ بهم فِي قَو ْلِهَا لم ُِشَارَكَة ِ َ‬
‫الل ّ ْفظَة ِ‪.‬‬ ‫س َل ّم َ ُ‬
‫بالر ّع ُونَة ِ فَن ُهِ ي َ المُسْل ِم ُونَ ع َنْ قَو ْلِهَا ق َ ْطع ًا لِل َذ ّرِ يعَة ِ ومنها َ‬ ‫ّض بها للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫اليَه ُود ُ تُع َر ُ‬
‫ل غَي ْر ُ هَذ َا‬
‫و َق ِي َ‬
‫سد ُِيّ بِسَم َاعِ ي عَلَيْهِم َا‬ ‫الصّ د َف ِ ُيّ و َأَ بُو َ‬
‫بحْرٍ الأَ َ‬ ‫س َل ّم َ وتوقيره وإجلاله ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ َ‬ ‫الصّ ح َابَة ِ فِي تعظيمه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫فصل فِي عادة َ‬

‫ن حدثنا محمد بن‬ ‫ن ع ُم َر َ ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬


‫ن الْحَسَ ِ‬ ‫ن قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫فِي آخَر ِي َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن عسال( بالعين والسين المشددة المهملتين )قوله جهورى( أي‪ :‬شديد عال نسبة إلى جهور بفتح الجيم وسكون الهاء وفتح‬
‫الواو‪ ،‬في الصحاح جهر بالقول رفع به وجهور وهو رجل جهورى الصوت وجهير الصوت )*(‬
‫مخْلَدٍ‬
‫ن َ‬‫الضّ َح ّاك ُ ب ْ ُ‬
‫ن مَنْصُو ٍر قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫ي و َِإ ْسحَاقُ ب ْ ُ‬ ‫الر ّقَاش ِ ُ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن م ُث ََن ّى و َأَ بُو مَعْ ٍ‬ ‫سل ِم ٌ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ع ِيس َى ح َ َ ّدثَنَا ِإ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ص فَذَك َر َ حَدِيثًا َطوِ يل ًا ف ِيه ِ ع َنْ عَمْرٍو‬
‫ن الْع َا ِ‬‫ل حَضَرْن َا عَم ْر َو ب ْ َ‬ ‫ِي قَا َ‬‫ن اب ْ ِن شِمَاسَة َ ال ْم َ ْهر ّ ِ‬ ‫ِيب ع َ ِ‬ ‫ن أَ بِي حَب ٍ‬ ‫ن شُر ْ ٍَيح ح َ َ ّدثَنِي يَز ِيد ُ ب ْ ُ‬ ‫حي ْوَة ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩١‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫كن ْتُ ُأطِي ُ‬


‫ق أَ ْن أَ مْل َ َأ عَيْنِي مِن ْه ُ ِإجْلَال ًا له‬ ‫س َل ّم َ و َلا أَ ج َ َ ّ‬
‫ل فِي عَيْنِي مِن ْه ُ وَم َا ُ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل وَم َا ك َانَ أحد أحب إلي من رسول الل ّٰه صلى َ‬
‫قَا َ‬
‫ج عَلَى‬ ‫س َل ّم َ ك َانَ َ‬
‫يخ ْر ُ ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن رَسُو َ‬ ‫صف َه ُ م َا أَ َطقْتُ لأَ َن ّي ل َ ْم أَ كُنْ أملأ عينى وَرَو َى التِّرْمِذ ُِيّ ع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫س أَ َ ّ‬ ‫و َلَو ْ سُئِل ْتُ أَ ْن أَ ِ‬
‫وس ف ِيه ِ ْم أَ بُو بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ فَلَا يَرْف َ ُع أَ حَدٌ مِنْه ُ ْم ِإلَيْه ِ بَصَرَه ُ ِإ َلّا أَ بُو بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ ف َِإ َ ّنهُم َا ك َان َا يَنْظ ُرَا ِ‬
‫ن ِإلَيْه ِ‬ ‫ن و َالْأَ نْصَارِ وهم ج ُل ُ ٌ‬
‫جر ِي َ‬
‫ن المُه َا ِ‬
‫أصحَابِه ِ م ِ َ‬
‫ْ‬
‫حو ْلَه ُ كأنما على رؤسهم‬ ‫س َل ّم َ ْ‬
‫وأصحَابُه ُ َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل أتَي ْتُ َ‬
‫ن ِإلَيْه ِ و َيَتَب َ َس ّم ُ لَهُم َا‪ ،‬وَرَو َى أسَام َة ُ بن شَر ِيكٍ قَا َ‬ ‫و َيَنْظ ُر ُ ِإلَيْهِم َا و َيَتَب َ َ ّ‬
‫سم َا ِ‬
‫ل عروة بن مَسْع ُودٍ حِينَ‬ ‫صف َتِه ِ إذ َا تَك ََل ّم َ أَ طْ ر َقَ جلساؤه كأنما على رؤسهم ال َ ّ‬
‫طي ْر ُ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫طي ْر ُ‪ ،‬و َفِي حَدِيث ِ‬
‫__________‬
‫)قوله حيرو بن شريح( بالشين المعجمة المضمومة وفى آخره حاء مهملة )قوله عن أبى شماسة( بضم المعجمة وفتحها وتخفيف الميم بعدها‬
‫صف َتِه ِ( بكسر الصاد المهملة وفتح الفاء بعدها مثناة فوقية‬
‫ألف فسين مهملة )قوله المهرى( بفتح الميم وسكون الهاء )قوله و َفِي حَدِيث ِ‬
‫ن أَ بِي هالة وفى بعض النسخ صفية بفتح المهملة‬
‫وهاء للضمير وهو الحديث المتقدم الذى رواه الحسن بن علي بن أبي طالب عن هِنْد َ ب ْ َ‬
‫وكسر الفاء وتشديد المثناة التحتية اسم امرأة وهو تصحف لأن الصفاة ثلاث أم المؤمنين وبنت الزبير وبنت شبية العبدر ية )*(‬
‫أصحابِه ِ لَه ُ م َا ر َأَ ى و ََأن ّه ُ ل َا يَت َو َ َ ّ‬
‫ضأ إلا ابتدروا وضوئه‬ ‫س َل ّم َ وَر َأى من تَعْظ ِيم ْ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ْش عام الق َضِ َي ّة ِ ِإلَى رَسُو ِ‬ ‫وَ َ ّ‬
‫جهَت ْه ُ ق ُر َي ٌ‬
‫شع َرَة ٌ ِإ َلّا‬
‫ق بُصَاقًا وَل َا يتخم نُخَام َة ً إ َلّا تلَ َ ّقو ْه َا ب ِأكْ ّفه ِ ْم فَد َلـكُوا بِهَا وُجُوهَه ُ ْم و َأَ جْ سَاد َه ُ ْم وَل َا ت َ ْسق ُُط مِن ْه ُ َ‬
‫ص ُ‬
‫وكاد ُوا يَقْتَت ِلُونَ عَلَيْه ِ وَل َا يَب ْ ُ‬
‫ل ي َا‬
‫ْش قَا َ‬
‫ج َع ِإلَى ق ُر َي ٍ‬ ‫يحِدّونَ إليه َ‬
‫الن ّظَر َ تَعْظ ِيم ًا لَه ُ فَلَم ّا ر َ َ‬ ‫اب ْتَدَر ُوه َا و َِإذ َا أم َرَه ُ ْم ب ِأَ ْمر ٍ اب ْتَدَر ُوا أَ مْرَه ُ و َِإذ َا تَك ََل ّم َ َ‬
‫خفَضُوا أصْ واتَه ُ ْم عِنْدَه ُ وَم َا ُ‬

‫أصحَابِه ِ‪،‬‬ ‫ي فِي م ُل ْـكِه ِ و َِإ َن ّي والل ّٰه م َا ر َأَ ي ْتُ م َلِك ًا فِي قَو ْ ٍم ق ُ َّط مِث ْ ُ‬
‫ل مُحَم ّدٍ فِي ْ‬ ‫َالن ّج َاش ِ َ ّ‬
‫كس ْرى فِي م ُل ْـكِه ِ و َقَي ْصَر َ فِي م ُل ْـكِه ِ و َ‬
‫ْش إن ّي جئت ِ‬
‫مَعْشَر َ ق ُر َي ٍ‬

‫الل ّه‬
‫ل َ‬ ‫س لَق َ ْد ر َأَ ي ْتُ رَسُو َ‬
‫أصحَابُه ُ‪ ،‬و َق َ ْد ر َأَ ي ْتُ قَوْم ًا ل َا يُسْل ِم ُونَه ُ أبد ًا‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫أصحابُه ُ م َا يعظم محمد ْ‬ ‫و َفِي رِو َايَة ٍ إ ْن ر َأَ ي ْتُ م َلِك ًا ق ُ َّط يُع َ ّ‬
‫ظم ُه ُ ْ‬
‫ْش ل ِعُثْم َانَ فِي‬ ‫شع َرَة ٌ إ َلّا فِي ي َد رَج ُ ٍ‬
‫ل وَم ِنْ هَذ َا لَم ّا أذِن َْت ق ُري ٌ‬ ‫َاف بِه ِ أصحابه فما يرويدن أ ْن تَق َ َع َ‬ ‫صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم والحلاق َ‬
‫يح ْلِق ُه ُ و َأط َ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ح ََت ّى يَط َ‬
‫ُوف بِه ِ رَسُو ُ‬ ‫كن ْتُ ل ِأَ ف ْع َ َ‬ ‫س َل ّم َ ِإلَيْه ِ ْم فِي الق َضِ َي ّة ِ أَ بَى و َقَا َ‬
‫ل م َا ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫جه َه ُ َ‬ ‫ْت حِينَ و َ َ ّ‬
‫اف ب ِالبَي ِ‬
‫الطّو َ ِ‬
‫الل ّه ُ عليه وسلم‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬ ‫أصحَابَ رَسُول َ‬ ‫ن ْ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َفِي حَدِيث طَل ْح َة َ أَ َ ّ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫وليس لواحدة منهن في هذا شئ )قوله عام القضية( يريد العام الذى جرت فيه القضية أي الصلح وهو عام الحديبية ولا يريد عام‬
‫القضاء لأن عام القضاء في السنة السابعة بعد الحديبية بسنة )قوله والحلاق يحلقه( الذى حلق له عليه السلام في عمرة الجعرانة أبو هند‬
‫َاع في شرح مسلم للنووي المشهور أنه معمر بن عبد الل ّٰه العدوى وقيل اسمه خراش بن أمية بن ربيعة الكليبي‬ ‫وهو حلق له فِي حَ َ ج ّة ِ ال ْوَد ِ‬

‫بضم الكاف منسوب إلى كليب بن حبيشة )قوله في القضية( أي قضية صلح الحديبية لأنه إنما )*(‬

‫فصل واعلم أن حرمة النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته‬ ‫‪٣.٣.٢‬‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ض عَن ْه ُ ِإ ْذ طَل َ َع طَل ْح َة ُ فَق َا َ‬ ‫ل سَل ْه ُ ع ََم ّنْ ق َضى َ‬
‫نح ْب َه ُ‪ ،‬وكانوا يَهَابُونَه ُ و َيُوق ّر ُونَه ُ‪ ،‬فَسَألَه ُ ف َأَ عْرَ َ‬ ‫قَالُوا لْأَ عْرَابِيّ جاه ِ ٍ‬
‫س َل ّم َ‬
‫وَ َ‬
‫ك هَي ْب َة ً لَه ُ‬
‫ق وَذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ جالسًا القُر ْفُصَاء َ ُأرْعدْتُ م ِ َ‬
‫ن الف َر َ ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫)هَذ َا م َِم ّنْ ق َضى َ‬
‫نح ْب َه ُ‪ ،‬و َفِي حَدِيث قَيْلَةَ‪ :‬فَلَم ّا ر َأَ ي ْت رَسُول َ‬
‫كن ْتُ ُأرِيد ُ‬
‫ِب لَق َ ْد ُ‬ ‫س َل ّم َ يَقْرَع ُونَ ب َابَه ُ ب ِالْأَ ظَافِرِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫ل البَر َاء ُ بن عاز ٍ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫أصحَابُ رَسُول َ‬
‫و َتَعظ ِيم ًا‪ ،‬و َفِي حَدِيث المُغ ِير َة ك َانَ ْ‬
‫خر ُ سِنِينَ من هَي ْبَتِه ِ‬ ‫س َل ّم َ ع َ ِ‬
‫ن الْأَ مْر فأؤ ّ‬ ‫الل ّه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل رَسُو َ‬
‫أ ْن أسْ أ َ‬

‫ك عِنْد َ ذِكْرِه ِ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عليه‬ ‫س َل ّم َ بَعْد َ مَو ْتِه ِ و َتَو ْق ِيرَه ُ و َتَعْظ ِيم َه ُ لازِم ٌ كَمَا ك َانَ ح َا َ‬
‫ل حَيَاتِه ِ وَذَل ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ح ُ ْرم َة َ َ‬
‫فصل و َاع ْل َ ْم أَ َ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٢‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ل مُؤْم ِن‬ ‫ل أَ بُو إبراهيم التّجِيب ُيّ و َاج ٌ‬


‫ِب عَلَى ك ُ ّ‬ ‫ل بَي ْتِه ِ و َصَ حَابَتِه ِ قَا َ‬
‫ِيم أَ ه ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫وسلم وذكر حَدِيثِه ِ وَسُن ّتِه ِ وَسَمَاع اسْمِه ِ وَسِيرَتِه ِ وَمُع َام َلَة ِ آلِه ِ وَعِتْرَتِه ِ و َتَعْظ ِ‬
‫يخْشَ َع ويتوقر و َي َ ْسكُن من حَرَكَتِه ِ و َي َأْ خُذ َ فِي هَي ْبَتِه ِ و َإجْلالِه ِ بِمَا ك َانَ ي َأْ خُذ ُ بِه ِ ن َ ْفسَه ُ لَو ْ ك َانَ بَيْنَ يَد َيْه ِ‬ ‫ض َع و َ َ‬‫يخ ْ َ‬
‫م َت َى ذَك َرَه ُ أَ ْو ذُك ِر َ عِنْدَه ُ أ ْن َ‬
‫الل ّه ُ عَنْه ُ ْم ح َ َ ّدثَنَا القاضي أبو عبد‬ ‫ل و َهَذِه ِ ك َان َْت سِيرَة ُ سَلَف ِنَا َ ِ‬
‫الصّ الِ ح و َأَ ئ َِم ّت ِنَا ال ْمَاضِينَ رَضِيَ َ‬ ‫ل الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ِ‬ ‫و َيت َأ َدّبَ بِمَا أ َدّبَنَا َ‬
‫الل ّه بِه ِ‪ ،‬قَا َ‬
‫الل ّٰه محمد بن عبد الرحمن‬
‫__________‬
‫أرسله في عام الحديبية )قوله ِإ ْذ طَل َ َع طَل ْح َة ُ( هو بن عبد الل ّٰه بن عثمان أحد العشرة وفى الصحابة أيضا طلحة بن عبيد الل ّٰه لـكن اسم‬
‫جده شافع )قوله وعترته( بمثناة فوقية وعترة الرجل أهله الأدنون )*(‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو‬
‫اث قَا َ‬ ‫الْأَ شْ عَر ُِيّ و َأَ بُو الْق َاس ِ ِم أَ حْمَد ُ بن بَقِيٍّ الْحا َكِم ُ و َغَي ْر ُ و َا ِ‬
‫حدٍ فيما أجازونيه قالو أَ خْبَر َن َا أَ بُو ال ْع ََب ّا ِ‬
‫س أَ حْمَد ُ بن ع ُم َر َ بن دِل ْه َ ٍ‬

‫ل‬ ‫الل ّه ِ بن المُن ْت َ ِ‬


‫اب ح َ َ ّدثَنَا يَعْق ُوبُ بن ِإ ْسحَاقَ بن أَ بِي ِإسْر َائيِ َ‬ ‫ن عَل ِ ُيّ بن ف ِ ْهرٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ٍ مُح َم ّد ُ بن أَ حْمَد َ بن الف َر َِج ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ن عَبْد ُ َ‬ ‫الْحَسَ ِ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا ابن‬
‫ك‬
‫صو ْت َ َ‬
‫جدِ رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقال لَه ُ م َال ِكٌ ي َا أَ م ِير َ ال ْمُؤْم ِنِينَ ل َا تَرْف َعْ َ‬
‫س ِ‬
‫جعْفَرٍ أَ م ِير ُ ال ْمُؤْم ِنينَ م َالِك ًا فِي م َ ْ‬
‫حميد قال ناظرا أَ بُو َ‬

‫ن يَغ ُُضّ ونَ‬


‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫)إ َ ّ‬
‫ل ِ‬
‫ح قَوْم ًا فَق َا َ‬
‫ْت النبي( الآيَة َ‪ ،‬وَمَد َ َ‬
‫صو ِ‬ ‫الل ّه َ تَع َالَى أَ َدّبَ قَوْم ًا فَق َا َ‬
‫ل )لا تَرْف َع ُوا أَ صْ وَاتَك ُ ْم فَو ْقَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫جدِ ف َِإ َ ّ‬
‫س ِ‬
‫فِي هَذ َا الم َ ْ‬
‫ل‬
‫جعْفَرٍ و َقَا َ‬‫ن ح ُ ْرم َت َه ُ م َيتًا كَحُرْم َتِه ِ ح ًَي ّا فَاسْ تَك َانَ لَهَا أَ بُو َ‬‫ن يُنَاد ُونَكَ( الآيَة َ و َِإ َ ّ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي َ‬‫)إ َ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫أَ صْ وَاتَه ُ ْم عِنْد َ رسول الل ّٰه( الآيَة َ‪ ،‬وَذ َ َمّ قَوْم ًا فَق َا َ‬
‫ك وَوَسِيلَة ُ‬ ‫ك عَن ْه ُ و َه ُو َ وَسِيلَت ُ َ‬
‫ْرف و َجْ ه َ َ‬ ‫ل و َلم تَص ْ‬ ‫س َل ّم َ؟ فَق َا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو َ‬ ‫الل ّه ِ أَ سْ تَقْب ِ ُ‬
‫ل الْقِبْلَة َ و َأَ ْدع ُو أَ ْم أَ سْ تَقْب ِ ُ‬ ‫ي َا أَ ب َا عَبْدِ َ‬
‫الل ّه ُ تعالى )و َلَو ْ أَ َ ّنه ُ ْم ِإ ْذ ظلموا أنفسهم( الآيَة َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ قَا َ‬ ‫شف ِـعْ بِه ِ فَيُشَ ّف ِعه ُ َ‬ ‫ل اسْ تَقْبِل ْه ُواسْ ت َ ْ‬ ‫الل ّه ِ تَع َالَى يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ؟ ب َ ِ‬
‫سلَام ُ ِإلَى َ‬ ‫ك آدَم َ عيه ال َ ّ‬ ‫أَ بيِ َ‬
‫ل و َحَ َ ج ّ حَ َ ج ّتَيْنِ فَكُن ْتُ أ ْرمُق ُه ُ وَل َا اسْم َ ُع‬
‫ل مِن ْه ُ‪ ،‬قَا َ‬ ‫سخْ ت ِيَانِي ‪ -‬م َا ح َ َ ّدث ْتُك ُ ْم ع َنْ أحَدٍ إ َلّا و َُأي ّوبُ أف ْ َ‬
‫ض ُ‬ ‫ل ع َنْ أيُوبَ ال َ ّ‬
‫ل م َال ِك ‪ -‬و َق َ ْد سُئ ِ َ‬
‫و َقَا َ‬
‫س َل ّم َ كَتَب ْتُ عَن ْه ُ‪،‬‬ ‫س َل ّم َ بَكى ح ََت ّى أ ْرحَم َه ُ فَلَم ّا ر َأَ ي ْتُ مِن ْه ُ م َا ر َأَ ي ْتُ و َإجْلَالَه ُ ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ و َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫مِن ْه ُ غيرا َأن ّه ُ ك َانَ إذ َا ذُك ِر َ َ‬

‫ل م ُصْ ع َبُ بن عَب ْد الل ّٰه‬


‫و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله السختيانى( قال ابن قرقول هو بفتح السين ومنهم من يضمها‪ ،‬وبكسر المثناة الفوقية‪ ،‬كان يبيع السختيان وهى الجلود )*(‬
‫ل لَو ْ ر َأي ْتُم ْ م َا‬
‫ك فَق َا َ‬
‫ل لَه ُ يَوْم ًا فِي ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم َ يَتَغ َي ّر ُ لَو ْنُه ُ و َيَنْحَنِي ح ََت ّى يَصْ ع ُبَ ذَل ِ َ‬
‫ك عَلَى ج ُلَسَائِه ِ فَق ِي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ك َانَ م َال ِكٌ إذ َا ذُك ِر َ َ‬
‫ِيث أبَد ًا إ َلّا يَبْكِي ح ََت ّى نَرْحَم َه ُ‬‫كن ْتُ أر َى مُحَم ّد َ بن ال ْمُنْكَدِرِ وَك َانَ سَيّد َ الْق ُر ّاء ِ ل َا نكاد سأله ع َنْ حَد ٍ‬ ‫ر َأَ ي ْتُ لَما أن ْكَرْتُم ْ عَل َيّ م َا ت َر َ ْونَ و َلَق َ ْد ُ‬

‫س َل ّم َ اصْ ف ََر ّ وَم َا رأته يُح َ ّدثُ ع َنْ رَسُول‬ ‫َالت ّب َ ُس ّم ف َِإذ َا ذُك ِر َ عِنْدَه ُ َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫جعْفَرِ بن مُحَم ّدٍ وَك َانَ كَث ِير َ ال ُد ّعَابَة ِ و َ‬
‫كن ْتُ أر َى َ‬
‫و َلَق َ ْد ُ‬

‫خصَال ِإ َمّا مُصَل ّيًا وإما صامتا و َِإ َمّا يَقْر َُأ‬ ‫كن ْتُ أر َاه ُ إ َلّا عَلَى ثَل َ ِ‬
‫اث ِ‬ ‫س َل ّم َ إ َلّا عَلَى َطه َارَة ٍ‪ ،‬و َلَق َد اخْ تَلَفْتُ إليْه ِ زَم َان ًا فَمَا ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫ن بن الْق َاس ِ ِم ي َ ْذك ُر ُ َ‬ ‫ل‪ ،‬و َلَق َ ْد ك َانَ عَب ْد َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫الل ّه ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫يخْشَوْنَ َ‬ ‫ن ال ْع ُلمَاء ِ و َال ْع ُب ّادِ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن َ‬ ‫الْقُر ْآنَ وَل َا يَتَك ََل ّم ُ ف ِيم َا ل َا يعْن ِيه ِ وَك َانَ م ِ َ‬
‫س َل ّم َ و َلَق َ ْد ُ‬
‫كن ْتُ آتي‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ِف مِن ْه ُ ال َد ّم ُ و َق َ ْد ج َ ّ‬
‫َف لِسَانُه ُ فِي فمَِه ِ هَي ْب َة ً مِن ْه ُ ل ِرَسُو ِ‬ ‫س َل ّم َ فَيُنْظَر ُ ِإلَى لَو ْنِه ِ ك ََأن ّه ُ نُز َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫الز ّهْر َِيّ وَك َانَ من‬‫س َل ّم َ بَكى ح ََت ّى ل َا يَبْقَى فِي عَي ْنَي ْه دُم ُوعٌ‪ ،‬و َلَق َ ْد ر َأي ْتُ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه بن ُ‬
‫الز ّبَيْر ِ ف َِإذ َا ذُك ِر َ عِنْدَه ُ َ‬ ‫عَام ِرَ بن عَب ْد َ‬
‫ن‬
‫صفْوَانَ بن سُلَي ٍْم وَك َانَ م ِ َ‬‫كن ْتُ آتي َ‬ ‫ك ولا عرفته‪ ،‬لقد ُ‬ ‫س َل ّم َ فَك ََأن ّه ُ م َا ع َرَف َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س و َأق ْر َبِه ِ ْم ف َِإذ َا ذُك ِر َ عِنْدَه ُ َ‬ ‫أه ْن َأ َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫المتعبدين‬
‫__________‬
‫ن بن الْق َاسِمِ( يعنى ابن مُحَم ّد بن أَ بِي بكر الصديق ولد زمن‬ ‫)قوله الدعابة( بالدال المهملة المضمومة هي المزاح )قوله و َلَق َ ْد ك َانَ عَب ْد َ‬
‫الر ّحْم ِ‬
‫عائشة كان أفصل أهل زمانه )قوله تزف( بضم النون وكسر الزاى )قوله وقد جف( بفتح الجيم من الجفاف )قوله وَك َانَ من أه ْن َأ(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٣‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫بنون وهمزة في آخره من غير مد )قوله صفوان بن سليم( بضم السين المهملة وفتح اللام هو الامام القوة يقال إنه لم يضع حنه إلى‬
‫الأرض أربعين سنة )*(‬

‫فصل في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم وسنته‬ ‫‪٣.٣.٣‬‬

‫اس عَن ْه ُ و َيَت ْرُكُوه ُ‪ ،‬وَر ُويَ ع َنْ قَتَادَة َ َأن ّه ُ ك َانَ إذ َا سَم ِـ َع‬ ‫ل يَبْكِي ح ََت ّى يَق ُوم َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫س َل ّم َ بَكى فَلَا ي َز َا ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن ف َِإذ َا ذُك ِر َ َ‬
‫المجُْتَهِدِي َ‬
‫ل الل ّٰه تعالى )يا أيها ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا لا‬ ‫ل قَا َ‬
‫ل لَه ُلو جَعَل ْتَ مُسْت َملِيًا ي ُ ْسمِعُهُمْ‪ ،‬فَق َا َ‬ ‫ل ولما كَثُر َ عَلَى م َال ِكٍ َ‬
‫الن ّاس ق ِي َ‬ ‫لو َ‬
‫َالز ّو ي ُ‬ ‫الحديث أحذه العَوِ ي ُ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ك ف َِإذ َا ذُك ِر َ عِنْدَه ُ حَدِيث َ‬
‫ن ر َُب ّمَا يَضْ ح َ ُ‬
‫ْت النبي( وَح ُ ْرم َت ُه ُ ح ًَي ّا وَم َي ّتًا سَوَاء‪ ،‬وَك َانَ ابن سِير ِي َ‬
‫صو ِ‬
‫تَرْف َع ُوا أَ صْ وَاتَك ُ ْم فَو ْقَ َ‬
‫ل )لا تَرْف َع ُوا أَ صْ وَاتَك ُ ْم فَو ْقَ‬
‫ُوت و َقَا َ‬
‫سك ِ‬‫س َل ّم َ أم َرَه ُ ْم ب ِال ُ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن بن مَهْدِيّ إذ َا ق َرَأ حَدِيثَ َ‬ ‫خشَ َع وَك َانَ عَب ْد َ‬
‫الر ّحْم ِ‬ ‫س َل ّم َ َ‬
‫وَ َ‬
‫صوت النبي( وبتأول أنه‬
‫يج ِبُ لَه ُ عِنْد َ سِمَاع قَو ْلِه ِ‬
‫َات عِنْد َ ق ِرَاءة ِ حَدِيثِه ِ م َا َ‬
‫ن الإنْص ِ‬
‫يجيب لَه ُ م ِ َ‬
‫س َل ّم َ وسنته‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫فصل فِي سيرة السلف فِي تعظيم رِو َايَة ِ حَدِيث رَسُول َ‬
‫ن ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا عَلِيّ بن م ُبَشّر ِ‬
‫ل بن خَي ْر ُونَ ح َ ّدثَنَا أَ بُو بَك ْر البَرْقَان ِ ُيّ و َغَي ْرُه ُ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا الْحُسَيْنُ بن مُحَم ّدٍ الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل اخْ تَلَفْتُ ِإلَى ابن‬ ‫طانُ ح َ َ ّدثَنَا يَز ِيد ُ بن ه َار ُونَ ح َ َ ّدثَنَا المَسْع ُودِي ع َنْ م ُ ْ‬
‫سل ِم البَط ِينِ ع َنْ عَم ْرو بن مَيْم ُون قَا َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ بن سِنِان الق َ َ ّ‬
‫__________‬
‫َالز ّو يلُ( العو يل بفتح المهملة وكسر الواو رفع الصوت‪ ،‬والزو يل بفتح الزاى وكسر الواو‪ ،‬قال ابن الأثير القلق‬ ‫لو َ‬ ‫)قوله أخَذَه ُ العَوِ ي ُ‬
‫والانزعاج بحيث لا يستقر على مكان‪ ،‬وهو والزوال بمعنى )قوله البطين( بفتح الموحدة وكسر الطاء المهملة هو ابن عمران الـكوفى )*(‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ ِإ َلّا أَ َن ّه ُ ح َ َ ّدثَ يَوْم ًا فَجَر َى عَلَى لِسَانِه ِ قَا َ‬
‫ل رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬
‫مَسْع ُودٍ سَن َة ً فَمَا سَمِعْت ُه ُ يَق ُو ُ‬
‫الل ّه أَ ْو فَو ْقَ ذ َا أَ ْو م َا د ُونَ ذ َا أَ ْو م َا ه ُو َ قَرِيبٌ من ذا‪ ،‬و َفِي رِو َايَة‬ ‫جبْهَتِه ِ ث َُم ّ قَا َ‬
‫ل هَكَذ َا ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫ْب ح ََت ّى ر َأَ ي ْتُ الع َر َقَ يَتَح َ ّدر ُ ع َنْ َ‬
‫ث َُم ّ عَلَاه ُ كَر ٌ‬
‫الل ّه بن ق ُر َ ْي ٍم الْأَ نْصَار ُِيّ قَاض ِي المدِينَة ِ م َ َّر مالك ابن‬
‫ل إ ب ْر َاه ِيم ُ بن عَب ْد َ‬ ‫فَتَر ََب ّد َ و َجْ ه ُه ُ و َفِي رِو َايَة و َق َ ْد تَغَرْغ َرَ ْ‬
‫ت عَي ْنَاه ُ وانفخت أ ْود َاج ُهُ‪ :‬و َقَا َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ضع ًا أجْل ُِس ف ِيه ِ ف َكَرِه ْتُ أَ ن آخُذ َ حَدِيث رَسُول َ‬ ‫ل إن ّي ل َ ْم أ ِ‬
‫ج ْد مَو ْ ِ‬ ‫س عَلَى أَ بِي حازِم و َه ُو َ يُحَدّثُ فَجا َزَه ُ و َقَا َ‬
‫أَ ن َ ٍ‬
‫ل وَدِدْتُ أنك ل َ ْم ٺَتَع ََنّ‬ ‫ل لَه ُ َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫ِيث وهو مضطجع فجلس وَح َ َ ّدثَه ُ فَق َا َ‬
‫ّب فَسَألَه ُ ع َنْ حَد ٍ‬
‫ل ِإلَى ابن ال ْمُسَي ِ‬
‫ل م َال ِكٌ ج َاء َ رَج ُ ٌ‬
‫و َأَ ن َا قَائِم و َقَا َ‬
‫ل‬
‫فَق َا َ‬
‫ن َأن ّه ُ ق َ ْد يَكُون يَضْ ح َ ُ‬
‫ك ف َِإذ َا ذُك ِر َ‬ ‫س َل ّم َ و َأَ ن َا م ُضْ طَجِـع * وَر ُويَ ع َنْ مُحَم ّدِ بن سِير ِي َ‬
‫إن ّي كَرِه ْتُ أ ْن أحدثك عن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س ل َا يُحَدّثُ بِ حَدِيث رَسُول َ‬
‫ك بن أَ ن َ ٍ‬
‫ل أَ بُو م ُصْ ع َب ك َانَ م َال ِ ُ‬ ‫س َل ّم َ َ‬
‫خشَ َع * و َقَا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫عِنْدَه ُ حَدِيث َ‬

‫الل ّه ك َان م َال ِك بن أَ نَس إذ َا ح َ َ ّدث ع َن‬


‫جعْفَرِ بن محمد‪ ،‬وقال مصعب ابن عَب ْد َ‬ ‫إ َلّا و َه ُو َ عَلَى وُضُوء ٍ إجْلَال ًا لَه ُ * وَح َك َى م َال ِكٌ ذَل ِ َ‬
‫ك ع َنْ َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫رَسُول َ‬
‫__________‬
‫)قَو ْله فتربد( بفتح المثناة الفوقية والراء وتشديد الموحدة بعدها دال مهملة أي تغير )قوله ابن قريم( بضم القاف وفتح الراء )قوله عَلَى‬
‫أَ بِي حازِم( بالحاء المهملة والزاى هو الإمام سلمة بن دينار )*(‬
‫ضأ وَتَه َي ّأ و َلَب ِس ثيَِابَه ث ُم ّ يُح َدث قَال م ُصْ ع َب فَس ُئ ِل ع َن ذَل ِك فَق َال َإن ّه حَدِيث رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم قَال مُطَر ّف ك َان‬
‫س َل ّم تَو َ َ ّ‬
‫وَ َ‬
‫الن ّاس م َالِك ًا خَرَجَت ِإلَيْه ِم الْجا َرِ يَة فَتَق ُول لَه ُم يَق ُول لـَك ُم ال َ ّ‬
‫شي ْخ تُر ِيد ُون الْحَدِيث أَ و ال ْمَسَائ ِل؟ فَإن قَالُوا ال ْمَسَائ ِل خَر َج ِإلَيْه ِم و َإن‬ ‫إذ َا أتَى َ‬
‫قَالُوا الْحَدِيث دَخ َل مُغْتَسَلَه واغ ْتَسَل وبطيب و َلَب ِس ثيَِاب ًا جُدُد ًا و َلَب ِس سَاج َه و َتَع َ َمّم وَوَضَع عَلَى ر َأْ سِه رِد َاءَه و َتلُْقَى لَه مصة فَي َخْ ر ُج‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٤‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫س َل ّم قَال غَيْرِه و َلَم يَكُن َ‬


‫يج ْل ِس عَلَى‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فَيَجْل ِس عَلَيْهَا و َعَلَي ْه الْخُش ُوع وَل َا ي َز َال يُبَخ ّر ب ِالع ُود ح ََت ّى يَفْر ُغ من حَدِيث رَسُول َ‬
‫س َل ّم‪ ،‬قَال ابن أَ بِي ُأو َي ْس فَق ِيل لم َِال ِك فِي ذَل ِك فَق َال ُأح ّ‬
‫ِب أن أنظم حَدِيث‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تِل ْك الْمنِ ََصّ ة إ َلّا إذ َا ح َ َ ّدث ع َن رَسُول َ‬
‫س َل ّم وَل َا ُأحَدّث ب ِه إ َلّا عَلَى َطه َار َة م ُتَمَكّنًا‪ ،‬قَال وَك َان يَك ْر َه أن يُحَدّث فِي ال ّ‬
‫طرِ يق أَ و و َه ُو قَائِم أو مُسْتَعْجِل‬ ‫الل ّه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫رَسُول َ‬
‫ِب أن ُأفَهّم‬
‫و َقَال ُأح ّ‬
‫س َل ّم قَال ض ِرار بن م َ ُّرة ك َانُوا يَك ْر َه ُون أن يُحَدّثُوا عَلَى غَي ْر وُضُوء و َ َ‬
‫نح ْو َه ع َن قَتَاد َة وكان الأعمش‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫حَدِيث رَسُول َ‬
‫__________‬
‫)قوله قال مطرف( بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء المشددة )قوله جددا( بضم الجيم والمهملة الأولى جمع جديد كسرير‬
‫وسرر )قوله ولبس ساجه( الساج بالسين المهملة والجيم الطيلسان‪ ،‬وفى القاموس الطيلسان الأخضر والأسود )قوله منصة( بكسر الميم‬
‫وفتح النون وتشديد الصاد المهملة سرير العروس‪ ،‬قاله ابن الأثير‪ ،‬وفى القاموس والعروس أقعدها على المنصد بالـكسر وهى ما ترفع‬
‫عليه فانتصت )قوله ان يحدث( بكسر الدال المشددة )قوله أن أفهم( بضم الهمزة وفتح الفاء وتشديد الهاء )قوله إلى العقيق( هو واد‬
‫على ثلاثة أميال وقيل على ميلين من المدينة عليه مال من أموال أهلها وهما عقيقان أحدهما عقيق المدينة الذى عق عن حربها أي قطع‬
‫وهو العقيق الأصفر وفيه بئر رومية والعقيق الأحمر أكبر من هذا وفيه بئر عروة )*(‬
‫ِت عَشْر َة م َ َّرة و َه ُو يَتَغ َي ّر‬
‫كن ْت عِن ْد م َال ِك و َه ُو يُحَدّثُنَا فلََدَغَت ْه عَقْر َب س ّ‬ ‫إذ َا ح َ َ ّدث و َه ُو عَلَى غَي ْر وُضُوء تَي َم ّم‪ ،‬قَال عَب ْد َ‬
‫الل ّه بن ال ْمُبَار َك ُ‬
‫الل ّه لَق َد ر َأي ْت‬ ‫لَو ْنُه و َيَصْ ف َر ّ وَل َا ي َ ْقطَع حَدِيث رَسُول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فَلَم ّا ف َر َغ م ِن ال ْمَجْل ِس و َتَف ََر ّق عَن ْه َ‬
‫الن ّاس قلُ ْت لَه ي َا أَ ب َا عَب ْد َ‬
‫س َل ّم‪.‬‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫مِن ْك ال ْيَو ْم عَجَبًا قَال نَع َم َإن ّمَا صَبَرْت إجْلَال ًا لِ حَدِيث رَسُول َ‬
‫ن تَسْأل ع َن حَدِيث‬
‫ل من أَ ّ‬
‫كن ْت فِي عَيْنِي أج َ ّ‬
‫قَال ابن مَهْدِيّ مَشَي ْت يَوْم ًا م َع م َال ِك ِإلَى الْعَق ِيق فَسَأل ْت ُه ع َن حَدِيث فاتتهرنى و َقَال ل ِي ُ‬
‫نح ْن نَمْش ِي‪ ،‬وَسَأَ لَه جَر ِير ابن عَب ْد الحمِيد الْق َاض ِي ع َن حَدِيث و َه ُو قَائِم ف َأم َر بِ حَبْسِه‪ ،‬فَق ِيل لَه َإن ّه قَاض‪،‬‬
‫س َل ّم و َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫رَسُول َ‬
‫قَال‪ :‬الْق َاض ِي أَ حَقّ من ُأدّب‪ ،‬وَذُك ِر أَ ّ‬
‫ن هِشَام بن الْغ َازِي‬
‫سوْطًا ث ُم ّ أشْ ف َق عَلَي ْه فَح َ ّدثَه عِشْر ِين حَدِيثًا فَق َال هِشَام وَدِدْت لَو زادني سِيَاطًا و َيَز ِيدُنِي‬
‫سَأل م َالِك ًا ع َن حَدِيث و َه ُو و َاق ِف ف َضَر َبَه عِش ْرين َ‬
‫الل ّه بن صَالِ ح ك َان م َال ِك و ََالل ّي ْث ل َا يَكْتُبَان الْحَدِيث إ َلّا و َهُمَا طَاه ِرَان‪ ،‬وَك َان قَتَاد َة يَسْتَح ّ‬
‫ِب أن ل َا يَقْرَأ أَ ح َادِيث‬ ‫حَدِيثًا‪ ،‬قَال عَب ْد َ‬
‫__________‬
‫ن هِشَام بن العازى( قال الحافظان الرشيد العطار والمزى‪ :‬الصواب هشام بن عمار الدمشقي لأن هِشَام بن الْغ َازِي لا‬ ‫)قوله وَذُك ِر أَ ّ‬
‫يعرف له رواية عن مالك لأنه توفى سنة ست وخمسين ومائة قبل وفاة مالك وقد ذكر هذه الحكاية جماعة من المؤرخين عن هشام بن‬
‫عمار الدمشقي )قوله وددت( بكسر الدال الأولى )*(‬

‫فصل ومن توقيره صلى الل ّٰه عليه وسلم وبره بر آله وذريته وأمهات المؤمنين‬ ‫‪٣.٣.٤‬‬

‫س َل ّم َ ِإ َلّا عَلَى وُضُوء وَل َا يُحَدّث إ َلّا عَلَى َطه َار َة‪ ،‬وَك َان الْأَ عْم َش إذ َا أر َاد أن يُحَدّث و َه ُو عَلَى غَي ْر وُضُوء تَيمَ ّم‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫س َل ّم وَسَلـَك َه ال َ ّ‬
‫سلَف‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم و َبِر ّه بر آلِه وَذُرّ َي ّتِه و َ ُأ َمّهَات ال ْمُؤْم ِنين أَ ْزو َاجِه كَمَا ح ّ‬
‫َض عَلَي ْه صَلَ ّى َ‬ ‫فصل وَم ِن تَو ْق ِير ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ْت( الآية‪ :‬وقال تعالى )وأزواجه أمهاتهم( * أَ خْبَر َن َا‬
‫ل ال ْبَي ِ‬
‫س أَ ه ْ َ‬ ‫)إ َن ّمَا يُر ِيد ُ َ‬
‫الل ّه ُ لِي ُ ْذه ِبَ عَنْكُم ُ الر ِّجْ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى ِ‬
‫الل ّه عَنْه ُم قَال َ‬ ‫َ‬
‫الصّ الِ ح رَض ِي َ‬
‫شي ِْخ أَ بِي بَكْر ٍ‬
‫ن ال ْم ُ ْقرِي الْفَر ْغَان ِ ُيّ ح َ َ ّدثَتْنِي ُأ ُمّ الْق َاس ِ ِم بِن ْتُ ال َ ّ‬
‫ل م ِنْ ك ِتَابِه ِ وَكَتَب ْتُ م ِنْ أَ صْ لِه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ن أَ حْمَد َ الْع َ ْد ُ‬
‫خ أَ بُو مُحَم ّدِ ب ْ ُ‬ ‫ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬

‫يح ْي َى ه ُو َ ا ْلح َِم ّان ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا وَكِي ٌع ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ سَع ِيدِ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫يح ْي َى ه ُو َ اب ْ ُ‬ ‫ت ح َ َ ّدثَنِي أَ بِي حديثا ح َاتِم ٌ ه ُو َ اب ْ ُ‬
‫ن عُقَي ْ ٍ‬ ‫الْخ َ َ ّف ُ‬
‫اف قَال َ ْ‬

‫ق ع َنْ يَز ِيد َ ب ْ ِن ح ََي ّانَ ع َنْ ز َيْدٍ ب ْ ِن أَ رْقَم َ رَضِيَ َ‬


‫الل ّه ُ عَن ْه ُ‬ ‫ب ْ ِن مَسْر ُو ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٥‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ل‬
‫ل عَق ِي ٍ‬
‫جعْفَرٍ و َآ ُ‬
‫ل َ‬
‫ل عَل ِ ٍيّ و َآ ُ‬
‫ل بَي ْتِه ِ؟ قَال آ ُ‬
‫ل بَيْتِي ‪ -‬ثَلَاث ًا ‪ (-‬قلُ ْنَا ل ِز َيْدٍ م َنْ أَ ه ْ ُ‬ ‫س َل ّم َ )أَ نْشُد ُكُم ُ َ‬
‫الل ّه َ أَ ه ْ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬
‫قَا َ‬

‫تخ ْلُف ُونِي‬


‫كي َْف َ‬ ‫الل ّه ِ وَعِتْرَتِي أَ ه ْ َ‬
‫ل بَيْتِي‪ ،‬فَانْظ ُر ُوا َ‬ ‫)إن ِ ّي ت َارِك ٌ ف ِيك ُ ْم م َا ِإ ْن أَ خ َ ْذتُم ْ به لم تَضِ ُل ّوا‪ :‬ك ِتَابَ َ‬
‫س َل ّم َ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل الْع ََب ّاسِ‪ ،‬و َقَا َ‬
‫و َآ ُ‬

‫ل مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم براءة‬ ‫س َل ّم َ مَعْرِف َة ُ آ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ف ِيهِم َا( و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله الحمانى( بكسر الحاء المهملة وتشديد الميم )قوله ع َنْ يَز ِيد َ ب ْ ِن حيان( بفتح الحاء المهملة وتشديد المثناة التحتية )*(‬
‫َاب قَال بَعْض ال ْع ُلمَاء مَعْرِفَتُه ُم هِي مَعْرِف َة مَك َانِه ِم م ِن َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫ن الْعَذ ِ‬
‫ن مِ َ‬ ‫ل مُحَم ّدٍ جَوَاز ٌ عَلَى ال َص ّر َاطِ و َالْوِلايَة ُ لآ ِ‬
‫ل مُحَم ّدٍ أَ م َا ٌ‬ ‫الن ّارِ وَح ُ ّ‬
‫ُب آ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مِ َ‬

‫)إ َن ّمَا يُر ِيد ُ َ‬


‫الل ّه ُ لِي ُ ْذه ِبَ‬ ‫س َل ّم و َإذ َا ع َرَفَه ُم بِذَل ِك ع َرَف وُجُوب َ‬
‫حقّهم وَح ُ ْرمَتَه ُم بِس َبب ِه * وَع َن ع ُم َر بن أَ بِي سَلَم َة لَم ّا ن َزَلَت ِ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫كسَاء و َعَلِيّ خ َل ْف َظ ْهرِه ث ُم ّ قَال َ‬
‫الل ّه ُ ّم‬ ‫حسَي ْنًا فَج َل َ ّلَه ُم ب ِ ِ‬
‫حسَنًا و َ ُ‬
‫ل البيت( الآية ‪ -‬وذلك فِي بَي ْت أمّ سَلَم َة ‪ -‬د َعَا فَاطِم َة و َ َ‬
‫س أَ ه ْ َ‬
‫عَنْكُم ُ الر ِّجْ َ‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سعْد بن أَ بِي وقاص لَم ّا ن َزَلَت آية المُبَاهَلَة د َعَا َ‬
‫هَؤْل َاء أَ ه ْل بَيْتِي فأ ْذه ِب عَنْه ُم الر ّجْ س و َ َطهّر ْه ُم ت َ ْطه ِير ًا * وَع َن َ‬

‫كن ْتُ مَو ْلاه ُ فَعَلِيّ ٌ مَو ْلاه ُ‪َ ،‬‬


‫الل ّه ُ َ ّم‬ ‫س َل ّم فِي عَل ِ ٍيّ )م َنْ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫م هَؤْل َاء أَ ه ْل ِي( و َقَال َ‬ ‫حسَي ْنًا و َفَاطِم َة و َقَال َ‬
‫)الل ّه ُ ّ‬ ‫عَل ًِي ّا و َ َ‬
‫حسَنًا و َ ُ‬

‫س )و َال َ ّذ ِي نفسه بيَِدِه ِ ل َا ي َ ْدخ ُ ُ‬


‫ل‬ ‫ك ِإلا م ُنَافِقٌ( و َقَال لل ْع ََب ّا ِ‬
‫ض َ‬ ‫ل ف ِيه ِ )ل َا ي ُُحب ّ َ‬
‫ك ِإلا مومن وَل َا يُب ْغ ِ ُ‬ ‫ل م َنْ و َالاه ُ و َعَادِ م َنْ عَاد َاه ُ( و َقَا َ‬
‫و َا ِ‬
‫صن ْو ُ أَ بيِه ِ( و َقَال لِلعباس )اغْد ُ عَل َيّ ي َا ع َ ِ ّ‬
‫م م َ َع‬ ‫ل ِ‬ ‫م َ‬
‫الر ّج ُ ِ‬ ‫ل ال ِْإ يمَانُ ح ََت ّى يحبك ل َِل ّه ِ وَرَسُولِه ِ وَم َنْ آذ َى ع َم ِّي فَق َ ْد آذ َانِي‪ ،‬و َِإ َن ّمَا ع َ ُ ّ‬
‫قَل ْبَ رَج ُ ٍ‬
‫صن ْو ُ‬ ‫وَلَدِك َ( فَجَمَعَه ُ ْم وَج ََل ّلَه ُ ْم بِمُلاءَتِه ِ و َقَا َ‬
‫ل )هَذ َا ع َم ِّي و َ ِ‬
‫ْت آم ِينَ آم ِينَ‪ ،‬وَك َانَ ي َأخ ُذ بيِ َد ُأسَام َة بن‬ ‫كسَتْر ِي ِإ َي ّاهُمْ( ف َأَ َمّن َْت ُأسْ كُ َ ّفة ُ ال ْب َ ِ‬
‫اب وَحَوَائ ُِط ال ْبَي ِ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّارِ َ‬ ‫أَ بِي و َهَؤْل َاء ِ أَ ه ْ ُ‬
‫ل بَيْتِي فَاسْ تُرْه ُ ْم م ِ َ‬
‫زيد والحسن‬
‫__________‬
‫)قوله فججلهم بالجيم وتشديد اللام الأولى )قوله صنو أبيه( بكسر الصاد المهملة وسكون النون بعدها واو‪ :‬أي مثل )قوله بملاءته( بضم‬
‫الميم وتخفيف اللام والمد )*(‬

‫الل ّه عَن ْه ارْقُب ُوا مُحَم ّدًا فِي أَ ه ْل بَي ْت ِه‪ ،‬و َقَال أيْضًا وال َ ّذ ِي ن َ ْفس ِي بيَِدِه لَق َرَابَة رَسُول‬
‫ح َبّهُم َا( و َقَال أَ بُو بَك ْر رَض ِي َ‬ ‫)الل ّه ُ َ ّم ِإن ِ ّي ُأ ِ‬
‫ح ُبّهُم َا ف َأَ ِ‬ ‫و َيَق ُول َ‬
‫حسَنًا( و َقَال )م َنْ أَ ح ََب ّنِي‬ ‫الل ّه ُ م َنْ أَ ح َ ّ‬
‫َب َ‬ ‫َب َ‬‫س َل ّم )أَ ح َ ّ‬ ‫َب ِإلَيّ أن أصِل من ق َرَابَتِي‪ ،‬و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم أَ ح ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫س َل ّم )م َنْ أَ ه َانَ قُر َيْش ًا‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَي ْه و َ َ‬ ‫حسَيْنٍ ‪ -‬و َأَ ب َاهُمَا و َ ُأ َمّهُم َا ك َانَ مَع ِي فِي دَر َ َ‬
‫جتِي يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( و َقَا َ‬ ‫ن وَ ُ‬
‫حس َ ٍ‬ ‫و َأَ ح َ ّ‬
‫َب هَذ َي ْ ِن ‪ -‬و َأَ شَار َ ِإلَى َ‬

‫س َل ّم ل ِ ُأمّ سَلَم َة )ل َا تُؤْذِينِي فِي عَائِش َة( ومن عُقْب َة‬ ‫س َل ّم )ق َ ّدِم ُوا ق ُر َيْش ًا وَل َا تَق َ َ ّدم ُوه َا( و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّهُ( و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أَ ه َانَه ُ َ‬
‫جع َل الْحَسَن عَلَى ع ُنُق ِه و َه ُو يقول‪ :‬ب ِأَ بِي شَبيه ب َِالن ّبِيّ * لَي ْس شَب ِيهًا بِعَل ِي‪.‬‬
‫الل ّه عَن ْه و َ َ‬
‫بن الْحا َرِث ر َأَ ي ْت أَ ب َا بَك ْر رَض ِي َ‬
‫حسَي ْن قَال أتَي ْت ع ُم َر بن عَب ْد ال ْعَزِيز فِي ح َاج َة فَق َال ل ِي إذ َا ك َان ل َك‬
‫حسَن بن ُ‬
‫الل ّه بن َ‬
‫الل ّه عَن ْه يَضْ ح َك * وَر ُوي ع َن عَب ْد َ‬
‫و َعَلِيّ رَض ِي َ‬
‫الل ّه أن ي َر َاك عَلَى ب َابِي * وعن الشعبى‬ ‫ح َاج َة ف َأَ ْرسِل ِإلَيّ أَ و اكْ ت ُب فَإن ّي أسْ ت َحْ يِي م ِن َ‬
‫__________‬
‫س َل ّم َ جَمَاع َة ٌ الحسن بن علي‬
‫)قوله ارقبوا محمدا( أي‪ :‬ارعوه واحترموه )قوله ب ِأَ بِي شَبيه ب َِالن ّبِيّ( قيل المشهور بالشبه للنبي صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ن عَبْدِ ال ْم ُ َ ّ‬
‫طل ِْب ويشبهه الحسن بن‬ ‫وجعفر بن أبي طالب وقثم بن العباس والسائب بن يزيد من أجداد الشافعي وأبو سفيان بن الحرث ب ْ ُ‬
‫علي بن أبي طالب بنصفه الأسفل ويشبه عبد الل ّٰه بن جعفر بن أبي طالب‪ ،‬ويشبهه ك َاب ِس بن ر َبِيع َة بن مالك السامى بالسين المهملة‬
‫رجل من أهل البصرة‬
‫وجه إليه معاو ية وأقطعه قطيعة‪ ،‬ويشبهه أيضا عبد الل ّٰه بن عامر بن كريز بضم الكاف وفتح الراء‪ ،‬ويشبهه أيضا مسلم بن مغيث في سيرة‬
‫أبى الفتح اليعمرى ومن نظمه‪ :‬بخمسة شبه المختار من مضر * يا حسن ما حولوا من شبهه الحسن بجعفر وابن عم المصطفى قثم * وسائب‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٦‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫وأبى سفيان الحسن )‪(*) (٢ - ٤‬‬


‫م رَسُول‬
‫ل عَن ْه ي َا ابن ع َ ّ‬ ‫قَال صَلَ ّى ز َي ْد بن ث َابت عَلَى جِنَاز َة ُأمّه ث ُم ّ قربت له بَغْلَت ُه لِيَرْ َ‬
‫كبَهَا فَجَاء ابن ع ََب ّاس ف َأَ خ َذ بِرِك َاب ِه فَق َال زيد خ َ ّ‬
‫الل ّٰه فقال هكذا ن َ ْفع َل ب ِال ْع ُلمَاء فَق ََب ّل ز َي ْد ي َد ابن ع ََب ّاس و َقَال هكَذ َا ُأم ِْرن َا أن نَفْع َل ب ِأَ ه ْل بَي ْت نَب ِي ّنَا‪ ،‬وَر َأَ ى ابن ع ُم َر مُحَم ّد بن أسَام َة بن‬

‫زيد فَق َال لَي ْت هَذ َا عَبْدِي فَق ِيل لَه ه ُو مُحَم ّد بن ُأسَام َة‪ ،‬فَطَأْ طَأ ابن ع ُم َر ر َأْ سَه و َنَق َر بيَِدِه الْأَ رْض و َقَال لَو ر َآه رَسُول َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬
‫س َل ّم عَلَى ع ُم َر بن عَب ْد الْعَزِيز وَم َعَه َا مو ْلى‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم لأح ََب ّه‪ ،‬و َقَال الْأَ وز َاعِ يّ دَخ َلَت بِنت أسَام َة بن زيد صَاحِب رَسُول َ‬
‫وَ َ‬
‫جع َل يَدَيْهَا بَي ْن يَد َي ْه و َيَد َاه فِي ثيَِاب ِه وَم َش َى بِهَا ح ََت ّى أَ جْلَسَه َا عَلَى َ‬
‫مج ْلِسَه وَج َلَس بَي ْن يَدَيْهَا‬ ‫لَهَا يُمْسِك بيَِدِه َا فَق َام لَهَا ع ُم َر وَم َش َى ِإلَيْهَا ح ََت ّى َ‬
‫الل ّه فِي ثَلَاثَة آلاف و َل ِ ُأسَام َة بن زيد فِي ثَلَاثَة آلاف وخمسمائة‬ ‫وَم َا ت َر َك لَهَا ح َاج َة إ َلّا قصاها ولما فرص ع ُم َر بن الْخ َ ّ‬
‫طاب لاب ْنِه عَب ْد َ‬
‫__________‬
‫)قوله عبدى( قال ابن قرقول بالياء من العبودية للبيهقي وللكافة بالنون‪ ،‬والأول أوجه )قوله على مجلس( قال ابن برى في كتاب الفروق‪،‬‬
‫المسجد‪ ،‬اسم الميت الذى يسجد فيه‪ ،‬والموضع الذى يوضع فيه الجبهة المسجد بفتح الجيم ومثله المجاس بكسر اللام البيت‪ ،‬وبفتحها‬
‫موضع التكرمة وهو الذى نهى الشارع عن الجلوس فيه بغير إذن‬
‫الل ّه( فِي ثلاثة آلاف قيل ما الجمع بين هذا وبين ما رواه البخاري في الهجرة عن‬ ‫صاحبه )قوله ولما ف َر َض ع ُم َر بن الْخ َ ّ‬
‫طاب لاب ْنِه عَب ْد َ‬
‫نافع أن عمر كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرض لابن عمر ثلاث آلاف وخمسمائة فَق ِيل لَه ه ُو من المهاجرين فلم نقصته‬
‫عن أربعة آلاف؟ قال إنما هاجر به أبواه يقول ليس هو كمن هاجر بنفسه؟ وأجيب بأن ابن عمر فرض له مرتان أو لها ثلاثة آلاف‬
‫والأخرى )*(‬
‫س َل ّم من أبِيك‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب ِإلَى رَسُول َ‬ ‫الل ّه ل ِأَ بِيه لَم ف ََضّ ل ْت َه فو الل ّٰه م َا سَبَقَنِي ِإلَى مَشْه َد؟ فَق َال لَه ل ِأَ َ ّ‬
‫ن ز َيْد ًا ك َان أَ ح ّ‬ ‫قَال عَب ْد َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى‬ ‫س َل ّم عَلَى حُب ّي * و َبلََغ م ُع َاوِ يَة أ ّ‬
‫ن ك َاب ِس بن ر َبيِع َة يُشْب ِه ب ِرَسُول َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ُب رَسُول َ‬ ‫و َ ُأسَامة أَ ح ّ‬
‫َب إلي ْه من ْك ف َآثرْت ح ّ‬
‫س َل ّم فَلَم ّا دَخ َل عَلَي ْه من ب َاب الد ّار قَام ع َن سَر ِير ِه و َتلََقّاه و َقَب ّل بَي ْن عَي ْنَي ْه و َأقْطَع َه الْمر ْعَاب لِشَبَه ِه صُور َة رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫جعْف َر بن سلميان و َن َال مِن ْه م َا ن َال وَحُم ِل مَغْش ًِي ّا عَلَي ْه دخل عَلَي ْه َ‬
‫الن ّاس ف َأفَاق فَق َال‬ ‫الل ّه لَم ّا ضَر َبَه َ‬
‫ن م َالِك ًا رَحِم َه َ‬
‫عليه وسلم * وَر ُوي أَ ّ‬

‫س َل ّم ف َأَ سْ ت َحيي مِن ْه أن ي َ ْدخ ُل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫خفْت أن أم ُوت ف َأَ لْقَى َ‬
‫حلّ‪ ،‬فُس ُئ ِل بَعْد ذلك فعال ِ‬ ‫ُأشْهِد ُكُم أن ّي َ‬
‫جعَل ْت ضَارِ بِي فِي ِ‬
‫بَعْض آلِه َ‬
‫الن ّار بِس َبَبِي‪.‬‬
‫ل لِق َرَابَتِه من رَسُول‬
‫ح ّ‬ ‫سمِي إ َلّا و َق َد َ‬
‫جعَل ْت ُه فِي ِ‬ ‫ج ْ‬
‫سو ْط ع َن ِ‬
‫جعْف َر فَق َال لَه أَ ع ُوذ ب ِالل ّٰه و َالل ّٰه م َا ارْتَف َع مِنْهَا َ‬
‫و َق ِيل إن المنصور أفاده من َ‬
‫الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وقال أبو بَك ْر بن ع ََي ّاش لَو أَ تانِي أَ بُو بَك ْر وعمر‬
‫__________‬
‫كي َْف قال هاجر به أبواه وأمه زينب بنت مظعون ماتت بمكة قبل أن يهاجر؟ وأجيب بأن المراد‬ ‫ل َ‬ ‫ثلاث آلاف وخمسمائة ف َِإ ْن ق ِي َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم على حبى( بضم الحاء وكسرها في الموضعين‬ ‫ُب رَسُول َ‬
‫بالأبوين هنا الأب وزوجة الأب )قوله ف َآثرْت ح ّ‬
‫جعْف َر( هو ابن سليمان بن‬
‫)قوله وأقطعه المرعاب( بكسر الميم وسكون الراء وتخفيف العين المهملة في آخره موحدة )قوله لَم ّا ضَر َبَه َ‬
‫علي بن عبد الل ّٰه بن عباس فهو ابن عم أبى جعفر المنصور‪ ،‬نقلوا له عن م َال ِكٍ أَ َن ّه ُ ل َا يرى الأيمان ببيعتهم لازمة لأنه يرى أن يمين المكره‬
‫ليست بلازمة )قوله أقاده( أي طلب أن يقتص له‪ ،‬في الصحاح أقدت القاتل بالفتيل أي‪ :‬طلبته به )قوله وقال أبو بكر بن عياش(‬
‫آخره شين معجمة ابن سالم الأسدى الخياط المقرئ أحد الأعلام )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٧‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫فصل ومن توقيره وبره صلى الل ّٰه عليه وسلم توقير أصحابه‬ ‫‪٣.٣.٥‬‬

‫َب ِإلَى من أن ُأق َ ّدم َه‬ ‫خرّ م ِن ال َ ّ‬


‫سم َاء ِإلَى الْأَ رْض أَ ح ّ‬ ‫س َل ّم و َل ِأَ ن أ ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫و َعَلِيّ لَبَد َأْ ت بِ حَاج َة عَلِيّ قَب ْلَهُم َا لِق َرَابَتِه من رَسُول َ‬
‫س َل ّم ‪ -‬فَسَج َد فَق ِيل لَه أتَسْج ُد هَذِه ال َ ّ‬
‫ساع َة؟ فَق َال أَ لَي ْس‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَلَيْهَم َا‪ ،‬و َق ِيل لابن عباس م َات َت فُلَانَة ‪ -‬لِبَعْض أ ْزو َاج َ‬
‫س َل ّم؟ وَك َان أَ بُو بَك ْر‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫اسجُد ُوا( ؟ و َأَ ي آية أ ْعظَم من ذ َه َاب أ ْزو َاج َ‬ ‫س َل ّم ِ‬
‫)إذ َا ر َأَ ي ْتُم ْ آيَة ً ف َ ْ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫قَال رَسُول َ‬
‫سعْد َِي ّة‬
‫س َل ّم ي َز ُور ُه َا ولما وَرَد َت ح َلِيم َة ال َ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم و َيَق ُول َان ك َان رَسُول َ‬ ‫وعمر ي َز ُور َان ُأمّ أيْم َن مَو ْلاة َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم بَس َط لَهَا رَد َاءَه و َق َض َى ح َا َ‬
‫جتَهَا‪ ،‬فَلَم ّا تُو ُفي و َفَد َت عَلَى أَ بِي بَك ْر وعم ُر فَصَنَع َا بِهَا مِث ْل ذَل ِك‪.‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَلَى َ‬

‫حسْن َ‬
‫الث ّنَاء عَلَيْه ِم و َالاسْ تِغْف َار لَه ُم‬ ‫أصحَاب ِه و َب ُر ّه ُم وَمَعْرِف َة َ‬
‫ح ّقه ِم و َالاق ْتِد َاء بِه ِم و َ ُ‬ ‫س َل ّم تَو ْق ِير ْ‬ ‫فصل وَم ِن تَو َق ِير ِه و َبِر ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫جه َلَة ُ‬
‫الر ّو َاة وَض َُل ّال الشّيع َة و َالمُب ْتَدِع ِين الق َادِح َة فِي أحِد‬ ‫و َال ِْإ ْمسَاك ع ََم ّا شَ ج َر بَيْنَه ُم وَمُع َاد َاة من عَاد َاه ُم و َالإضْر َاب ع َن أخْ بَار المُؤَرّخِين و َ َ‬
‫الت ّأْ و يلات و َيُخ ََر ّج لَه ُم أصْ و َب المخََارِج ِإذ ه ُم‬
‫مِنْه ُم و َأن يلُ ْتَم َس لَه ُم ف ِيم َا نُق ِل عَنْه ُم من مِث ْل ذَل ِك ف ِيم َا ك َان بَيْنَه ُم م ِن الف ِتَن أحْ سَن َ‬
‫أَ ه ْل ذَل ِك وَل َا ي ُ ْذك َر‬
‫__________‬
‫)قوله ع ََم ّا شَ ج َر بَيْنَه ُم( أي عما اختلف بينهم يقال شجر بين القوم إذا اختلف الأمر بينهم )*(‬
‫س َل ّم )إذ َا‬ ‫حسَناتُه ُم و َفَضَائِلُه ُم وَحَم ِيد سِيرَه ِم و َي ُ ْسكَت ع ََم ّا وَر َاء ذَل ِك كَمَا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أحد مِنْه ُم بِس ُوء وَل َا يُغْم َص عَلَي ْه أمْر بل نذكر َ‬

‫ش َ ّداء ُ عَلَى ال ْـكُ َ ّفارِ رُحَمَاء ُ بينهم( ِإلَى آخِر ال ُ ّ‬


‫سور َة‪ ،‬و َقَال )و َال َ ّ‬
‫سابِق ُونَ‬ ‫الل ّه ِ و َال َ ّذ ِي َ‬
‫ن م َع َه ُ أَ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )مُح َم ّدٌ رَسُو ُ‬
‫سكُوا( قَال َ‬
‫أصحَابِي ف َأَ ْم ِ‬
‫ذُك ِر ْ‬
‫صد َق ُوا م َا‬
‫ل َ‬ ‫تح ْتَ ال َ ّ‬
‫شجَرَة ِ( وقال )رِج َا ٌ‬ ‫ك َ‬
‫ن ال ْمُؤْم ِنِينَ ِإ ْذ يُبَاي ِع ُون َ َ‬
‫الل ّه ُ ع َ ِ‬
‫ن المهاجرين والأنصار( الآية وقال تَع َالَى )لَق َ ْد رَضِيَ َ‬ ‫الأَ َ ّولُونَ م ِ َ‬
‫الل ّه َ عَلَيْه ِ( الآيَة َ‪.‬‬
‫عَاهَد ُوا َ‬
‫ُوب ح َ َ ّدثَنَا التِّرْمِذ ُِيّ‬
‫مح ْب ٍ‬
‫ن َ‬ ‫ج ُّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا مُح َم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫ل قَالا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو يَعْلَى ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحُسَيْنِ و َأَ بُو الْف َضْ ِ‬

‫ل‬
‫ل رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬
‫ش ع َنْ حُذ َيْف َة َ قَا َ‬
‫حر َا ٍ‬
‫ن ع ُيَي ْن َة َ ع َنْ ز َائِدَة َ ع َنْ عَبْدِ ال ْمَلِكِ ب ْ ِن ع ُمَيْرٍ ع َنْ ر َب ْع ِيّ ب ْ ِن ِ‬
‫سفْيَانُ ب ْ ُ‬ ‫الصّ َب ّ ِ‬
‫اح ح َ َ ّدثَنَا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا الْحَسَ ُ‬
‫ن بْ ُ‬

‫صحَابِي ك َُالن ّجُو ِم ب ِأَ ّيِهِم ُ اق ْتَد َي ْتُم ُ اه ْتَد َي ْتُم ْ( وَع َن أَ نَس رضي الل ّٰه‬ ‫ن م ِنْ بَعْدِي أَ بِي بَكْر ٍ و َع ُم َر َ( و َقَال )أَ ْ‬ ‫الل ّه ِ صلى الل ّٰه عليه وسلم )اقتدا ب َِالل ّذ ِي َ‬
‫َ‬
‫صحَابِي ل َا‬
‫الل ّه َ فِي أَ ْ‬ ‫طع َام ُ ِإ َلّا بِه ِ( و َقَال َ‬
‫)الل ّه َ َ‬ ‫ح ال َ ّ‬ ‫ل الْمل ِ ِْح فِي ال َ ّ‬
‫طع َا ِم ل َا يَصْ ل ُ ُ‬ ‫صحَابِي كَمَث َ ِ‬
‫ل أَ ْ‬‫س َل ّم )مَث ْ ُ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬‫عنه قال قال رسول الل ّٰه صَلَ ّى َ‬
‫تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني وَم َنْ آذ َانِي فَق َ ْد آذى الل ّٰه ومن‬
‫آذى الل ّٰه يوشك أن‬
‫__________‬
‫)قوله ولا يغمص( بسكون الغين المعجمة بعدها صاد مهملة أي يعاب )قوله الحسين بن الصباح( هو البزار ‪ -‬بالراء في آخره )قوله ع َنْ‬
‫ر َب ْع ِيّ ب ْ ِن حراش(‬
‫ربعى بكسر الراء وسكون الموحدة وحراش بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وفى آخره شين معجمة )*(‬
‫الل ّه ِ‬
‫صحَابِي ف َعَلَيْه ِ لَعْن َة ُ َ‬ ‫ل ُأحُدٍ ذ َه َبًا م َا بلَ َ َغ م ُ َ ّد أَ حَدِه ِ ْم وَل َا نَصِ يف َه ُ و َقَا َ‬
‫ل م َنْ س َ ّ‬
‫َب أَ ْ‬ ‫ق أَ حَد ُك ُ ْم مِث ْ َ‬ ‫ي َأْ خُذَه ُ و َقَال ل َا تَس ُُب ّوا أَ ْ‬
‫صحَابِي فَلَو ْ أَ نْف َ َ‬
‫صحَابِي‬
‫الل ّه َ اخْ تَار َ أَ ْ‬
‫ن َ‬ ‫سكُوا و َقَال فِي حَدِيث ج َاب ِر ِإ َ ّ‬
‫صحَابِي ف َأَ ْم ِ‬
‫ل ِإذ َا ذُك ِر َ أَ ْ‬
‫الل ّه ُ مِن ْه ُ صَرْفًا وَل َا ع َ ْدل ًا و َقَا َ‬
‫ل َ‬ ‫والملائكة والناس أجمعين‪ ،‬ل َا يَقْب َ ُ‬
‫صحَابِي ك ُلِّه ِ ْم خَيْر ٌ(‬ ‫الن ّب ِيِّينَ و َال ْمُرْسَلِينَ و َاخْ تَار َ ل ِي مِنْه ُ ْم أَ رْبَع َة ٌ أَ ب َا بَكْر ٍ و َع ُم َر ُ وَعُثْم َانُ و َعَل ًِي ّا فَجَعَلَه ُ ْم خَيْر َ أَ ْ‬
‫صحَابِي و َفِي أَ ْ‬ ‫عَلَى جَم ِ‬
‫ِيع الْع َالم َي ِنَ سِو َى َ‬
‫س َبّه ُم فَلَي ْس لَه في‬ ‫َض َ‬
‫الصّ ح َابَة َ و َ َ‬ ‫ضنِي و َقَال م َال ِك بن أَ نَس و َغَي ْر ُه‪ :‬م َنْ أَ ب ْغ َ‬ ‫َب ع ُم َر َ فَق َ ْد أَ ح ََب ّنِي وَم ِنْ أَ بْغ َ‬
‫َض ع ُم َر َ فَق َ ْد أَ بْغ َ َ‬ ‫و َقَال )م َنْ أَ ح َ ّ‬

‫ِيظ بِهِم ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى )لِي َغ َ‬
‫أصحَاب مُحَم ّد فَه ُو ك َاف ِر قَال َ‬
‫ن جاؤا من بعدهم( الآيَة‪ ،‬و َقَال‪ :‬من غَاظَه ْ‬ ‫فئ ال ْمُسْل ِمِينَ ح ّ ٌ‬
‫َق و َن َزع ب ِآية الحَش ْر )و َال َ ّذ ِي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٨‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫س َل ّم‪ ،‬قَال ُأي ّوب ال َ ّ‬


‫سخْ ت ِيَانِيّ‪:‬‬ ‫أصحَاب مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ُب ْ‬ ‫ال ْـكُ َ ّفار َ( و َقَال عَب ْد َ‬
‫الل ّه بن ال ْمُبَار َك‪ :‬خَصْ لَتَان من ك َانَتَا ف ِيه نَجَا‪ :‬الصّ دْق وَح ّ‬
‫َب عَل ًِي ّا فَق َد أَ خ َذ‬
‫الل ّه وَم ِن أَ ح ّ‬
‫َب عُثْم َان فَق َد اسْ تَضَاء بنِ ُور َ‬ ‫َب ع ُم َر فَق َد أوْضَ ح ال َ ّ‬
‫سب ِيل وَم ِن أح ّ‬ ‫َب أَ ب َا بَك ْر فَق َد أقام الد ّين وَم ِن أح ّ‬
‫من أح ّ‬
‫س َل ّم فَق َد بَر ِئ م ِن النّف َاق وَم ِن ان ْتَق َص أحَدًا منهم فَه ُو مُب ْت َدع ُ‬
‫مخَال ِف‬ ‫صحَاب مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ب ِال ْعُرْو َة ال ْوُثْقَى وَم ِن أَ حْ سَن َ‬
‫الث ّنَاء عَلَى أَ ْ‬
‫سل ِف َ‬
‫الصّ الِ ح وأخاف أن‬ ‫لِل ُ ّ‬
‫س َن ّة و َال َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله نصيفه( بفتح النون وكسر الصاد المهملة يقال نصف بكسر النون وضمها نصيف )قوله صَرْفًا وَل َا ع َ ْدل ًا( الصرف بفتح المهملة‪:‬‬
‫التوبة‪ ،‬وقيل الحيلة والعدل بفتح العين المهملة‪.‬‬
‫وقيل الفر يضة )*(‬
‫س َل ّم قَال )أَ ُ ّيهَا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سم َاء ح ََت ّى يُح َبّه ُم جَم ِيع ًا و َيَكُون قَل ْب ُه سَلِيم ًا * و َفِي حَدِيث خ َالِد بن سَع ِيد أَ ّ‬
‫ل َا يَصْ ع َد لَه ع َم َل ِإلَى ال َ ّ‬

‫ض ع َنْ ع ُم َر َ وَع َنْ عَل ِ ٍيّ وَع َنْ عُثْم َانَ و َطل ْح َة َ والزبير وسعد سعيد وَعَبْدِ‬
‫اس ِإن ِ ّي ر َا ٍ‬ ‫ك أَ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ض ع َنْ أَ بِي بَكْر ٍ فَاعْرَف ُوا لَه ُ ذَل ِ َ‬
‫اس ِإن ِ ّي ر َا ٍ‬ ‫َ‬
‫الن ّ ُ‬

‫صحَابِي و َأَ صْه َارِي و َأَ خْ تَانِي‬


‫ل ب َ ْد ٍر و َالْحُد َي ْب ِي َة َ‪ ،‬أيها الناس احْ فَظ ُونِي فِي أَ ْ‬
‫الل ّه َ غَف َر َ لأَ ه ْ ِ‬
‫ن َ‬ ‫اس ِإ َ ّ‬ ‫ك أَ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ْف فَاعْرَفُوا لَه ُ ْم ذَل ِ َ‬
‫ن ب ْ ِن عَو ٍ‬ ‫َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬
‫ل َا يُطَالِبَن ّك ُ ْم أَ حَدٌ مِنْه ُ ْم بِمَظْل ِمَة ٍ ف َِإ َ ّنهَا مَظْلَم َة ٌ ل َا تُوه َبُ فِي الْق ِيَامَة ِ غَدًا( و َقَال رَج ُل لِل ْم ُع َافَى بن ِعم ْرَان‪ :‬أَ ي ْن عمر بن عَب ْد الْعَزِيز من مُع َاوِ يَة‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫الل ّه‪ ،‬و َأتِي َ‬
‫س َل ّم أح َد‪ :‬مَع َاو يَة صَاحِب ُه وَصِهْر ُه وَك َاتب ُه و َأمين ُه عَلَى وَحْي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ِأصحَاب َ‬
‫فَغ َضِ ب و َقَال ل َا يُق َاس ب ْ‬
‫س َل ّم فِي الْأَ نْصَار )اعفوا عن‬ ‫الل ّهُ‪ ،‬و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم بِ ج ِنَاز َة رَج ُل فَلَم يُص ّ‬
‫ل عَلَي ْه و َقَال )كان يغض عثمانا ف َأَ بْغَضَه ُ َ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫الل ّه ُ فِي ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬
‫خرَة ِ وَم َنْ ل َ ْم َ‬
‫يحْف َ ْظنِي‬ ‫حفِظَه ُ َ‬ ‫صحَابِي و َأَ صْه َارِي ف َِإ َن ّه ُ م َنْ َ‬
‫حفِظَنِي ف ِيه ِ ْم َ‬ ‫سنِهِمْ( و َقَال )احْ فَظ ُونِي فِي أَ ْ‬
‫مح ْ ِ‬
‫مسيئهم و َاق ْبَلُوا م ِنْ ُ‬
‫كن ْتُ لَه ُ ح َافِظًا يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ(‬
‫صحَابِي ُ‬ ‫س َل ّم )م َنْ َ‬
‫حفِظَنِي فِي أَ ْ‬ ‫ك أَ ْن ي َأْ خُذَه ُ( وَعَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ش ُ‬ ‫الل ّه ُ مِن ْه ُ وَم َنْ تَخلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ مِن ْه ُ يُو ِ‬ ‫ف ِيه ِ ْم تَخلَ ّى َ‬
‫حفِظَنِي فِي‬
‫ل )م َنْ َ‬
‫و َقَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله خ َالِد بن سَع ِيد( قيل هو خالد بن عمرو بن سعيد بن العاصى‪ ،‬فسعيد جده‪ ،‬والحديث من روايته ع َنْ سَهْل بن يوسف بن سهل‬
‫اس ‪ -‬إلى‬ ‫الل ّه ث َُم ّ قَال‪ :‬أَ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ل لَم ّا قدم النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من حجة الوداع المدينة صعد المنبر فَحَمِد َ َ‬
‫بن مالك عن أبيه عن جده قَا َ‬
‫آخر الحديث )قوله بمظلمة( بكسر اللام وفتحها‪ ،‬في الصحاح ما نطلبه عند الظالم لك وهو اسم ما أخذ منك )*(‬

‫فصل ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه وإكرام مشاهده وأمكنته من مكة والمدينة ومعاهده وما لمسه صلى الل ّٰه عليه‬ ‫‪٣.٣.٦‬‬
‫وسلم أو عرف به‬

‫الل ّه هَذ َا َ‬
‫الن ّبِيّ مؤدّب‬ ‫ْض و َل َ ْم ي َرَنِي ِإ َلّا م ِنْ بَع ِيدٍ( قَال م َال ِك رَحِم َه َ‬
‫صحَابِي ل َ ْم يَر ِ ْد عَل َيّ الْحَو َ‬ ‫صحَابِي وَرَد َ عَل َيّ الْحَو َ‬
‫ْض وَم َنْ ل َ ْم َ‬
‫يحْف َ ْظنِي فِي أَ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫الل ّه و َأَ م َر‬ ‫جو ْف َ‬
‫الل ّي ْل ِإلَى ال ْب َقيع فَي َ ْدع ُو لَه ُم و َيَسْتَغْف ِر ك َال ْم ُوَدّع لَه ُم و َبِذَل ِك أم َرَه َ‬ ‫يخ ْر ُج فِي َ‬
‫جعَله ر َحم َة لِلْع َالم َِين َ‬ ‫الْخَل ْق ال َ ّذ ِي هَد َان َا َ‬
‫الل ّه ب ِه و َ َ‬
‫س َل ّم إ َلّا لَه َ‬
‫شف َاع َة يَو ْم الْق ِيَام َة‪،‬‬ ‫أصحَاب مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كعْب لَي ْس أح َد من ْ‬
‫النبي بِ حُبّه ِم وَم ُوَالاتِه ِم وَمُع َاد َاة من عَاد َاه ُم‪ ،‬وَر ُوي ع َن َ‬

‫أصحَابَه و َلَم يُع ِز ّ أو َام ِرَه‬


‫ِالر ّسُول من لَم يُوق ّر ْ‬ ‫الت ّسْتَرِيّ ‪ :‬لَم يُؤْم ِن ب َ‬ ‫الل ّه ُ‬
‫وَطَلَب م ِن ال ْم ُغير َة بن نَو ْف َل أَ ن ي َ ْشف َع لَه يَو ْم الْق ِيَام َة قَال سَهْل بن عَب ْد َ‬
‫س َل ّم أَ و‬ ‫فصل وَم ِن إ ْعظَام ِه و َِإكْباَرِه ِإ ْعظَام جَم ِيع أسْ بَاب ِه و َإك ْرَام مَشَاهِدِه و َأ ْمكِنَت ِه من م َ َك ّة و َال ْمَدِين َة وَم َع َاهِدِه وَم َا لَمَسَه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫محْذ ُور َة ق َِصّ ة فِي مُق َ َ ّدم ر َأْ سِه إذ َا ق َع َد و َأ ْرسَلَه َا أَ صَاب َت الْأَ رْض فَق ِيل لَه ألا‬ ‫صف َِي ّة بِن ْت َ‬
‫نجْد َة قَالَت ك َان لأبي َ‬ ‫عُر ِف ب ِه وَر ُوي ع َن َ‬
‫شعَرِه‬ ‫س َل ّم بيَِدِه‪ ،‬وكانت قَلَنْس ُو َة خ َالِد بن ال ْوَلِيد َ‬
‫شع َرَات من َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تح ِْلقُه َا فَق َال لَم أكُن بال َ ّذ ِي أحْلِقُه َا و َق َد م َ َس ّه َا رَسُول َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم َ‬
‫كثْر َة من قُت ِل ف ِيهَا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أصحَاب َ‬
‫ش َ ّدة أن ْك َر عَلَي ْه ْ‬
‫س َل ّم فَسَقَطَت قَلَنْس ُوتُه فِي بَعْض حُر ُوب ِه فَشَ ّد عَلَيْهَا َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٩٩‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ض َمّنَت ْه‬
‫فَق َال لَم أَ ف ْعَلْه َا بِس َب َب الْق َلَنْس ُو َة بَل لم َِا ت َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله قصة( بضم القاف وتشديد الصاد المهملة‪ :‬ما على الجبهة من شعر الرأس )قوله في قلنسوة خالد( أي قبعته )*(‬
‫ضع ًا يَد َه عَلَى م َ ْقع َد َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫س َل ّم لِئ َل ّا ُأسْ لَب ب َر َ َ‬
‫كتَهَا و َتَق َع فِي أيْدِي المشركين‪ ،‬ورؤى ابن ع ُم َر و َا ِ‬ ‫شعَرِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫من َ‬
‫الل ّه ل َا يَرْكَب ب ِال ْمَدِين َة د ََاب ّة‬
‫ضعَه َا عَلَى و َجْ ه ِه‪ ،‬ولهذا ك َان م َال ِك رَحِم َه َ‬
‫من المنبر ثم و َ َ‬
‫س َل ّم بِ حَاف ِر د َاب ّة‪ ،‬وَر ُوي عَن ْه َأن ّه و َه َب لِل َ ّ‬
‫شافِعِيّ ك ُرَاعًا كَث ِير ًا ك َان‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه أن أطَأ تُرْبَة ف ِيهَا رَسُول َ‬
‫وَك َان يَق ُول أسْ ت َحْ يي م ِن َ‬
‫ي ع َن أَ حْم َد بن ف َضْ لُو َي ْه الزّاه ِد وكان من‬ ‫الر ّحْمن ال ُ ّ‬
‫سلَم ِ ّ‬ ‫شافِعِيّ أ ْمسِك مِنْهَا د ََاب ّة ف َأَ ج َابَه بِمِث ْل هَذ َا الْجَوَاب و َق َد ح َك َى أَ بُو عَب ْد َ‬
‫عِنْد َه فَق َال ال َ ّ‬
‫س َل ّم أَ خ َذ الْقَو ْس بيَِدِه‪ ،‬و َق َد أَ ف ْتى م َال ِك‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫العزاة ُ‬
‫الر ّم َاة َأن ّه قَال‪ :‬م َا م َسسْت الْقَو ْس بيَِدِي إ َلّا عَلَى َطه َارة مُن ْذ بلََغَنِي أَ ّ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫ف ِيم َن قَال تُرْبَة ال ْمَدِين َة رَد َِي ّة يُض ْرب ثَلَاثِين دِ َرّة و َأَ م َر بحسبه وَك َان لَه قَدْر و َقَال م َا أحْ وَج َه ِإلَى ضرْب ع ُنُق ِه‪ :‬تُرْبَة د ُف ِن ف ِيهَا َ‬
‫س َل ّم فِي ال ْمَدِين َة )م َنْ أَ حْد َثَ ف ِيهَا حَد َث ًا أَ ْو آو َى ُ‬
‫محْدِث ًا فَعَلَيْه ِ لَعْن َة ُ‬ ‫الصّ حِيح َأن ّه قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم يَزْع ُم أَ نَها غَي ْر طَي ّب َة! و َفِي َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم من‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه ُ مِن ْه ُ صَرْفًا وَل َا ع َ ْدل ًا( وَحُكِي أَ ن جهْج َاه ًا الغِف َاريّ أَ خ َذ ق َضِ يب َ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ و َال ْمَلَائِكَة ِ والناس أجمعين لا يَقْب َ ُ‬
‫َ‬
‫الل ّه عَن ْه و َتَنَاولَه لَي ْكسِر َه عَلَى رُكْ بَت ِه‬
‫ي َد عُثْم َان رَض ِي َ‬
‫__________‬
‫محْدِث ًا( قال ابن الأثير‪ :‬الحدث الأمر المنكر الذى ليس بمعتاد ولا معروف في السنة‪ ،‬والمحدث‬ ‫)قوله م َنْ أَ حْد َثَ ف ِيهَا حَد َث ًا أَ ْو آو َى ُ‬
‫يروى بكسر الدال وفتحها فمعنى الـكسر من نضر خائنا أو آواه وأجاره من خصمه‪ ،‬ومعنى الفتح‪.‬‬
‫الأمر المبتدع نفسه فيكون معنى الإيواء فيه الرضى والصبر عليه فإنه إذا رضى البدعة وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه فقد آواه )*(‬
‫الن ّاس ف َأَ خَذ َت ْه الأَ كِل َة فِي رُكْ بَت ِه فَقَطَعَه َا وَم َات قَب ْل الحَو ْل و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وسلم )من خلف عَلَى مِن ْبَر ِي ك َاذِب ًا فليتبوأ‬ ‫فَصَاح ب ِه َ‬
‫ل الْجَو ْهَرِيّ لَم ّا وَر َد ال ْمَدِين َة ز َائِر ًا و َقرب من بُي ُوتهَا ت َر َ َجّل وَم َشى ب َاك ِياً مُن ْ ِ‬
‫شدًا‬ ‫الن ّارِ( وَح ُ ّدِث ْتُ أَ َ ّ‬
‫ن أَ ب َا الْف َضْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مقعد‪ ،‬م ِ َ‬
‫و َلَم ّا ر َأَ ي ْنَا رَس ْم من لَم يَد َع لَنَا * فُؤَاد ًا ل ِعِر ْفَان ُ‬
‫الر ّسوم وَل َا ل َُب ّا ن َزَل ْنَا ع َن الأكْ وَار نَمْش ِي ك َرَام َة * لم َِن بان عَن ْه أن نلم به رَكْباَ وَحُكِي ع َن‬
‫س َل ّم أنْش َأ يَق ُول م ُتَم َث ّل ًا ر ُف ِـع الْ حِجَاب لَنَا فَلَاح لِنَاظِر * قَم َر تَقَطّع د ُونَه‬ ‫الر ّسُول صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫بَعْض المُريدِين َأن ّه لَم ّا أشْر َف عَلَى مَدِين َة َ‬
‫الر ّح َال حَر َام ق ََر ّب ْنَنَا من خَي ْر من وطئ الثرى * فلها عليا ح ُ ْرم َة وَذِم َام وَحُكِي ع َن‬
‫ي بنَِا بلعن مُحَم ّدًا * فَظَه ُور ُه ُنّ عَلَى َ‬
‫الأوْه َام و َإذ َا المَط ّ‬
‫بَعْض ال ْمَشَايخ أنه حج ماشى فَق ِيل لَه فِي ذَل ِك فقال الْعَب ْد الأب ِق ي َأْ تِي ِإلَى بَي ْت مَو ْلاه ر َاك ِباً لَو قَدَرْت أن أمْشي عَلَى ر َأْ سِي م َا مَشَي ْت عَلَى‬
‫جبْر ِيل وم ِيك َائِيل وَع َرجَت مِنْهَا ال ْمَلَائِك َة و ُ‬
‫َالر ّوح و َضَ َج ّت ع َرَصَاتُهَا‬ ‫َالت ّنْز ِيل و َت َر َ َدّد بِهَا ِ‬
‫قَدَمَيّ‪ ،‬قَال الْق َاض ِي وَجَدِير لِمواطِن ع ُمرت بال ْوَحْي و َ‬
‫َ‬
‫بالت ّ ْقدِيس و ََالت ّسْب ِيح و َاشْ تَمَلَت تُرْبَتُهَا عَلَى َ‬
‫جسَد سيد البشر‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله ولما رأينا( هذا البيتان لأبى طالب أحمد بن الحسين المتنبي )قوله رفع الحجاب( هذه الأبيات لأبى نواس الحكمى يمدح بها أمين‬
‫الدولة )قوله فَظَه ُور ُه ُنّ عَلَى َ‬
‫الر ّح َال( هو بالمهملة جمع رحل‪ ،‬كذا رأيت بخط شيخنا كمال الدين الدميري الشافعي )*(‬
‫الل ّه وَس َُن ّة رَسُولِه م َا ان ْت َش َر مَد َارِس آي َات وَمَسَاجِد وَصَلَوات وَمَشَاه ِد الْفَضَائ ِل و َا ْلخـَيْر َات وَمَع َاه ِد ال ْبَر َاه ِين و َال ْمُعْجِزَات‬
‫و َان ْت َش َر عَنْهَا من دِين َ‬
‫حي ْث انْفَجَر َت ُ‬
‫الن ّب َُو ّة و َأَ ي ْن فَاض ع ُبَابُهَا وَم َوَاطِن طويت‬ ‫وَم َنَاسِك الد ّين وَمَشَاعِر ال ْمُسْل ِمِين وَم َوَاق ِف سَي ّد ال ْمُرْسَلِين وَم ُتَبَو ّأ خ َات َم َ‬
‫الن ّب ِيّين َ‬
‫فيها لرسالة و َأَ َ ّول أَ رْض م َّس جِل ْد ال ْم ُصْ طَفى ت ُر َابَهَا أن نعظم ع َرَصَاتُهَا و َٺُتَن َ َس ّم نَف َح َاتُهَا‬
‫ُص ب ِالآي َات عِنْدِي ل ِأَ جْلِك لَو ْع َة وَصَبَابَة * و َتَش َ ُو ّق م ُت َو َق ّد‬
‫و َتُق ََب ّل ر ُبُوعُه َا وَجُدُر َاتُهَا ي َا د َار خَي ْر ال ْمُرْسَلِين وَم َن ب ِه * هُد َى الْأَ ن َام وَخ ّ‬
‫َات لَوْل َا‬
‫شف ِ‬ ‫الت ّقْب ِيل و َ‬
‫َالر ّ َ‬ ‫كثْر َة َ‬
‫شيْبِي بَيْنَهَا * من َ‬ ‫جر ِي * من تِل ْـك ُم الْجُدر َات و َالْع َرَصَات ل َ ُأعَفّر َ ّ‬
‫ن مَصُون َ‬ ‫محَا ِ‬
‫َلأت َ‬
‫ا ْلجم ََرَات و َعَلِيّ عَهْد إن م ْ‬
‫تح َِي ّتِي * لقطين تلك الد ّار و َالْ حجُ ُرَات أزْكَى م ِن الْمِسْك‬ ‫الْع َوَادِي و َالْأَ عَادِي ز ُ ْرتُهَا * أبَد ًا و َلَو سَ ح ْبا على ال ْوَجَنَات لـَكِن سَأهْدِي من َ‬
‫حف ِيل َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٠‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ات * و َنَوامِي َ‬
‫الت ّسْل ِيم والبركات‬ ‫ال ْمُف ََت ّق نَفْح َة * تَغْشَاه ب ِالآصَال و َال ْب ُك ُرَات وَتَخ ُُصّ ه ب ِزَو َاك ِي َ‬
‫الصّ لَو َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله عبابها( العباب بضم العين المهملة وبموحدتين‪ :‬معظم السيل وارتفاعه وكثرته )قوله ي َا د َار خَي ْر المرسلين( الظاهر أن هذه الأبيات‬
‫للمصنف )قوله صبابة( هي رقة الشوق )قوله من حفيل( بفتح الحاء المهلمة وكسر الفاء أي جميع‪ ،‬في الصحاح حفل القوم واحتفلوا‬
‫أي اجتمعوا )قوله لقطين( بفتح القاف وكسر الطاء المهملة‪ :‬أي المقم )قوله المفتق( بتشديد المثناة الفوقية المتفوحة أي المستخرج‬
‫الرائحة )*(‬

‫الباب الرابع في حكم الصلاة عليه والتسليم وفرض ذلك وفضيلته‬ ‫‪٣.٤‬‬

‫الباب الرابع في حكم الصلاة عليه والتسليم وفرض ذَل ِك وفضيلته‬


‫الل ّه‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه وَم َلَائِكَت َه يُبَارِكُون عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ‪ ،‬و َق ِيل إ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه َ وَم َلائِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ عَلَى النبي( الآيَة َ‪ ،‬قَال اب ْ ُ‬
‫ن ع ََب ّاس مَعْنَاه أَ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى‪ِ :‬‬
‫قَال َ‬
‫الل ّه رَحْم َة وَم ِن ال ْمَلَائِك َة ر َِق ّة و َاسْ تدعَاء‬
‫الل ّه رحمة فَه ِي م ِن َ‬ ‫الصّ لَاة ال َت ّر َ ُ ّ‬
‫حم فَه ِي م ِن َ‬ ‫الن ّبِيّ وَم َلَائِكَت َه ي َ ْدع ُون لَه قَال ال ْم ُبَر ّد و َأَ صْ ل َ‬
‫حم عَلَى َ‬
‫يَتَر َ َ ّ‬

‫ل ِ َلر ّحْم َة م ِن َ‬
‫الل ّه‪ ،‬و َق َد وَر َد فِي‬
‫م ارْحم ْه( فَهَذ َا د ُعَاء‪ ،‬و َقَال بَك ْر الْقُشَيْر ِيّ ‪َ :‬‬
‫الصّ لَاة م ِن‬ ‫م ا ْغف ِر لَه َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫الصّ لَاة َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫صف َة صَلَاة ال ْمَلَائِك َة عَلَى من ج َلَس يَن ْتَظ ِر َ‬
‫الْحَدِيث ) ِ‬
‫س َل ّم تَشْر ِيف وَزِي َاد َة تَكْرِم َة‪ ،‬و َقَال أَ بُو ال ْع َالِي َة‪ :‬صَلَاة َ‬
‫الل ّه و َثَنَاؤ ُه‬ ‫س َل ّم رَحْمة وللنبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى لم َِن د ُون َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم فِي حَدِيث تَعْل ِيم َ‬
‫الصّ لَاة عَلَي ْه بي ْن‬ ‫عَلَي ْه عِن ْد ال ْمَلَائِك َة وَصَلَاة ال ْمَلَائِك َة ال ُد ّعَاء قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل‪ :‬و َق َد ف ََر ّق َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫كي ْر نزلت هَذِه الآيَة‬ ‫الت ّسْل ِيم ال َ ّذ ِي أمر َ‬
‫الل ّه تَع َالَى ب ِه عِبَاد َه فَق َال الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر بن ب ُ َ‬ ‫ل أَ َ ّنهُم َا بِمَعْنَيين‪ ،‬و َأَ َمّا َ‬ ‫لَفْظ َ‬
‫الصّ لَاة و َلفْظ ال ْبَرَك َة فَد َ ّ‬

‫س َل ّم عِن ْد‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أصحَابَه أن يُس َلّم ُوا عَلَي ْه وَكَذَل ِك من بعْد َه ُم ُأم ِروا أن يُس َلّم ُوا عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫الل ّه ْ‬‫س َل ّم ف َأَ م َر َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَلَى َ‬
‫ُ‬
‫سلَام م َصْ دَر ًا ك ََالل ّذ َاذ و ََالل ّذ َاذ َة‪.‬‬ ‫سلام َة ل َك وَم َع َك‪ ،‬و َيَكُون ال َ ّ‬‫سلَام عَلَي ْه ثَلَاثَة وُجُوه‪ :‬أحدهما ال َ ّ‬ ‫حضُورِه ِم قَبْر َه وعند ذِكْر ِه‪ ،‬و َفِي معني ال َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ل‬
‫ح ْفظَك وَرِعَايَتِك م ُتو َ ّ‬ ‫الث ّانِي أَ ي ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَى ِ‬ ‫َ‬

‫فصل اعلم أن الصلاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فرض على الجملة غير محدد بوقت‬ ‫‪٣.٤.١‬‬

‫الل ّه‪.‬‬ ‫كف ِيل ب ِه و َيَكُون هنا ال َ ّ‬


‫سلَام اسم َ‬ ‫لَه و َ َ‬
‫ك لا يُؤْم ِن ُونَ ح ََت ّى يُحَكِّم ُوك َ ف ِيم َا شَ ج َر َ بَيْنَه ُ ْم ث َُم ّ لا َ‬
‫يجِد ُوا فِي أَ نْفُسِه ِ ْم حَرَج ًا‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫سلَام بِمَعْن َي المُسَالمة لَه والانْق ِيَاد كَمَا قَال )فَلا وَر َب ِّ َ‬ ‫َ‬
‫الث ّال ِث أَ ّ‬
‫م َِم ّا ق َ َ‬
‫ضي ْتَ و َيُس َل ِّم ُوا تَسْلِيم ًا(‬
‫ِالصّ لَاة عَلَي ْه وَحَم ْل الْأَ ئ َِم ّة و َال ْع ُلمَاء‬
‫الل ّه تَع َالَى ب َ‬
‫س َل ّم فَر ْض عَلَى الجم ُْلَة غَي ْر مح َ ّدد بو َق ْت ل ِأَ مْر َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫ن َ‬ ‫فصل اع ْلَم أَ ّ‬
‫الن ّدْب و َا َدّعى ف ِيه الإجْمَاع و َلَعلَ ّه ف ِيم َا ز َاد عَلَى م َ َّرة‬
‫ن مَحْم ِل الآيَة عِنْد َه عَلَى َ‬ ‫جعْف َر ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ أَ ّ‬ ‫لَه عَلَى ال ْوُجُوب و َأجْم َع ُوا عَلَي ْه وَح َكى أَ بُو َ‬
‫و َال ْوَاجِب مِن ْه ال َ ّذ ِي ي َ ْسق ُط ب ِه الحَر َج وَم َأْ ث َم تَرْك الفَر ْض م َرة كال َش ّه َاد َة لَه ُ‬
‫بالن ّب َُو ّة وَم َا عَد َا ذَل ِك فَمَنْد ُوب م ُرَ َغّب ف ِيه من سُنَن ال ِْإسْ لَام‬ ‫َّ‬
‫ن ذَل ِك و َاجِب فِي الجم ُْلَة عَلَى ال ِْإنْس َان و َفَر ْض عَلَي ْه أن ي َأتِي بِهَا‬ ‫شع َار أَ ه ْلِه‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْحَسَن بن الْق ََصّ ار‪ :‬المَشْه ُور ع َن ْ‬
‫أصحَابنَِا أَ ّ‬ ‫وَ ِ‬
‫الل ّه عَلَى خ َلْق ِه أن يُص َُل ّوا عَلَى نَب ِي ّه و َيُس َلّم ُوا تَسْلِيم ًا و َلَم َ‬
‫يجْع َل‬ ‫كي ْر‪ :‬اف ْتَر َض َ‬
‫م َ َّرةّ من دَهْرِه م َع الْق ُ ْدر َة عَلَى ذَل ِك‪ ،‬و َقَال الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر بن ب ُ َ‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫ذَل ِك ل ِو َق ْت مَعْلُوم فَال ْوَاجِب أن يُكْث ِر ال ْمَر ْء مِنْهَا وَل َا يَغْف ُل عَنْهَا‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو مُحَم ّد بن نَص ْر‪َ :‬‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫ن َ‬ ‫صحَابُه و َغَيْرِه ِم من أَ ه ْل ال ْعِل ْم أَ ّ‬
‫الل ّه مُحَم ّد بن سَع ِيد‪ :‬ذ َه َب م َال ِك و َأَ ْ‬
‫و َاجِب َة فِي الجم ُْلَة قَال الْق َاض ِي أَ بُو عَب ْد َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠١‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫س َل ّم فَر ْض ب ِالجم ُْلَة بِعَقْد ال ِْإ يمَان ل َا يَتَع َيَ ّن فِي َ‬


‫الصّ لَاة‬ ‫وَ َ‬
‫سق َط الْفَر ْض عَن ْه‪.‬‬
‫حد َة من ع ُمُرِه َ‬
‫ن من صَلَى عَلَي ْه م َ َّرةّ و َا ِ‬
‫و َأَ ّ‬
‫الصّ لَاة‪ ،‬وقالوا و َأَ َمّا فِي غَيْر ِه َا فَلَا خِلَاف‬
‫س َل ّم ه ُو فِي َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى ب ِه وَرَسُولُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫شافِعِيّ‪ :‬الفَر ْض مِنْهَا ال َ ّذ ِي أَ م َر َ‬
‫صحَاب ال َ ّ‬
‫و َقَال أَ ْ‬

‫خر ِين من عُلَمَاء ا ْل ُأ َمّة‬


‫جعْف َر الطبري والصحاوى و َغَيْرِهِمَا ِإجْمَاع جَم ِيع المُتَق َ َ ّدم ِين و َالمُت َأ ّ‬ ‫أ َ ّنهَا غَي ْر و َاجِب َة و َأَ َمّا فِي َ‬
‫الصّ لَاة فَحـ َكى الإمامان أَ بُو َ‬
‫شافِعِيّ فِي ذَل ِك فَق َال من لَم يصل على النبي صلى الل ّٰه عليه‬ ‫الت ّش َ ُهّد غَي ْر و َاجِب َة‪ ،‬و َ َ‬
‫ش ّذ ال َ ّ‬ ‫س َل ّم فِي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫ن َ‬ ‫عَلَى أَ ّ‬

‫تجْزِه وَل َا سَلَف لَه فِي هَذ َا القَو ْل وَل َا س َُن ّة ي َت ّب ِعُه َا‬
‫ن صَلَ ّى عَلَي ْه قَب ْل ذَل ِك لَم ُ‬
‫سد َة و َِإ ّ‬ ‫الت ّش َ ُهّد الآخِر قَب ْل ال َ ّ‬
‫سلَام فَصَلاتُه فَا ِ‬ ‫وسلم من بعده َ‬

‫و َق َد ب َالَغ فِي إنْك َار هَذِه المَسْأَ لَة عَلَي ْه لِمخَُالف َت َه ف ِيهَا من تَق َ َ ّدم َه جَمَاع َة وَش ََن ّع ُوا عَلَي ْه الْخ ِلَاف ف ِيهَا مِنْه ُم ال َ ّ‬
‫طبَرِيّ و َالْقُشَيْر ِيّ و َغَي ْر و َاحِد‪ ،‬و َقَال‬
‫س َل ّم فإن ت َر َك ذَل ِك ت َارك فَصَلاتُه ُ‬
‫مجْزِئَة‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب أن لا يُصَلّي أَ ح َد صَلَاة إلى صَلَ ّى ف ِيهَا عَلَى رَسُول َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬ ‫أَ بُو بَك ْر بن المُنْذِر‪ :‬يُسْتَح ّ‬
‫أصحَاب َ‬
‫الر ّأي و َغَيْرِه ِم و َه ُو قَو ْل جُم َل أَ ه ْل ال ْعِل ْم وَحُكِي ع َن م َال ِك‬ ‫سفْيَان َ‬
‫الث ّوْرِيّ و َأَ ه ْل الـكُوف َة من ْ‬ ‫فِي مَذْه َب م َال ِك و َأَ ه ْل ال ْمَدِين َة و َ ُ‬
‫وسفيان‬
‫__________‬
‫شافِعِيّ فِي ذلك( قال النووي نقل أصحابنا فر يضة الصلاة في التشهد عن عمر بن الخطاب وابنه ونقله الشيخ أبو حامد عن‬ ‫ش ّذ ال َ ّ‬
‫)قوله و َ َ‬
‫ابن مسعود و َأَ بِي سَع ِيد الْخ ُ ْدرِي ورواه البيهقى وغيره عن الشعبى وهو أحد الروايتين عن أحمد )قوله ولا ستة يتبعها( قيل له سنة وهى‬
‫ما رآه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما من حديث ابن مسعود الأنصاري أنهم قالوا كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م صلى عليه محمد ‪ -‬إلى آخر الحديث( )*(‬ ‫ل )ق ُولُوا َ‬
‫فَق َا َ‬
‫كه َا فِي َ‬
‫الصّ لَاة الإعَاد َة و َأَ ْوجَب ِإ ْسحَاق‬ ‫كه َا في التشهد مسئ‪ ،‬وشذا ال َ ّ‬
‫شافِعِيّ ف َأَ ْوجَب عَلَى ت َارِ ِ‬ ‫الت ّش َ ُهّد الأخر مُسْتَح ََب ّة و َأَ ّ‬
‫ن ت َارِ َ‬ ‫أ َ ّنهَا فِي َ‬
‫س َل ّم فَرِ يضَة‪،‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫ن َ‬ ‫الإعاد َة م َع تَع َ ُمّد تَرْ ِ‬
‫كه َا د ُون النّسْيَان وَح َكى أَ بُو مُح َم ّد بن أَ بِي ز َي ْد ع َن مُح َم ّد بن الم َو ّاز أَ ّ‬
‫الصّ لَاة‪ ،‬و َقالَه مُحَم ّد بن عَب ْد الْحَك َم و َغَي ْر ُه وَح َكى ابن الق ََصّ ار وَع َب ُد ال ْو َ َه ّاب أَ ّ‬
‫ن مُحَم ّد بن المَو ّاز ي َر َاه َا‬ ‫قَال أَ بُو مُحَم ّد يُر ِيد لَيْسَت من ف َرَائ ِض َ‬
‫شافِعِيّ وَح َكى أَ بُو يَعْلَى العَبْدِيّ المَالـِكِيّ ع َن المَذْه َب ف ِيهَا ثَلَاثَة أق ْوَال‪ :‬ال ْوُجُوب وال ُ ّ‬
‫س َن ّة و َالنّدْب و َق َد خ َالَف‬ ‫كقَو ْل ال َ ّ‬ ‫فَرِ يَضَة فِي َ‬
‫الصّ لَاة َ‬
‫الصّ لَاة و َه ُو قَو ْل جَمَاع َة الفُقَه َاء إ َلّا ال َ ّ‬
‫شافِعِيّ‬ ‫طابِيّ و َلَيْسَت ب ِوَاجِب َة فِي َ‬
‫شافِعِيّ فِي هَذِه المَسْألَة قَال الْخ َ ّ‬
‫شافِعِيّ و َغَي ْر ُه ال َ ّ‬
‫أصحَاب ال َ ّ‬ ‫الْخ َ ّ‬
‫طابِيّ من ْ‬
‫شافِعِيّ و َإجْمَاعُه ُم عَلَي ْه‪ ،‬و َق َد ش ََن ّع َ‬
‫الن ّاس‬ ‫الصّ الِ ح قَب ْل ال َ ّ‬
‫سلَف َ‬
‫الصّ لَاة ع َم َل ال َ ّ‬
‫وَل َا أع ْلَم لَه ف ِيهَا ق ُ ْدو َة و َال َد ّليل عَلَى أ َ ّنهَا لَيْسَت من فُر ُوض َ‬

‫س َل ّم لَي ْس ف ِيه َ‬
‫الصّ لَاة عَلَى‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَلَي ْه هَذِه المسألة جد و َهَذ َا تَش َُهّد ابن مَسْع ُود ال َ ّذ ِي اخْ تَار َه ال َ ّ‬
‫شافِعِيّ و َه ُو ال َ ّذ ِي ع َل ّم َه لَه َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫َ‬

‫س َل ّم كأبي ه ُر َي ْر َة و َاب ْن ع ََب ّاس وَج َاب ِر و َاب ْن ع ُم َر و َأَ بِي سَع ِيد الْخ ُ ْدرِي‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الت ّش َ ُهّد ع َن َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫ل من رَو َى َ‬
‫س َل ّم وَكَذَل ِك ك ُ ّ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫الل ّه بن ُ‬
‫الز ّبَي ْر لَم ي َ ْذك َر ُوا ف ِيه صَلَاة على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وقد‬ ‫و َأَ بِي م ُوس َى الْأَ شْ عَرِيّ وَع َب ُد َ‬
‫__________‬
‫)قوله وأوجب إسحاق( هو ابن إبراهيم بن مخلد الإمام أبا يعقوب بن راهو يه المروزى عالم خراسان )قوله و َهَذ َا تَش َُهّد ابن مسعود( ذكر‬
‫ابن الملقن التشهدات الواردة عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم في تخريج أحاديث الرافعى فبلغت ثلاثة عشر تشهدا )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٢‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫فصل في المواطن التى يستحب فيها الصلاة والسلام على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٣.٤.٢‬‬

‫نح ْو َه ع َن أَ بِي سَع ِيد‪ ،‬و َقَال ابن ع ُم َر‬ ‫الت ّش َ ُهّد كَمَا يُع َلّمُنَا ال ُ ّ‬
‫سور َة م ِن الْقُر ْآن‪ ،‬و َ َ‬ ‫س َل ّم يُع َلّمُنَا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫قَال ابن ع ََب ّاس وَج َاب ِر ك َان َ‬

‫الل ّه عَن ْه و َفِي الْحَدِيث‬ ‫الت ّش َ ُهّد عَلَى الْمنِ ْب َر كَمَا يُع َلّم ُون الصّ ب ْيَان فِي الْكِتَاب‪ ،‬و َع َل ّم َه أيْضًا عَلَى الْمنِ ْب َر ع ُم َر بن الْخ َ ّ‬
‫طاب رَض ِي َ‬ ‫ك َان أَ بُو بَك ْر يُع َلّمُنَا َ‬
‫كل ّهم رِوايَة هَذ َا‬ ‫ضع ّف أَ ه ْل الْحَدِيث ُ‬ ‫ل عَلِيّ م َ َّرة فِي ع ُمُرِه‪ ،‬و َ َ‬ ‫ل عَل َيّ( قَال ابن الق ََصّ ار مَعْنَاه ك َام ِلَة أَ و لم َِن لَم ي ُ َ‬
‫ص ّ‬ ‫)ل َا صَلَاة َ لم َِنْ ل َ ْم ي ُ َ‬
‫ص ِّ‬
‫ل ف ِيهَا عَل َيّ و َعَلَى أَ ه ْ ِ‬
‫ل بَيْتِي ل َ ْم‬ ‫س َل ّم )م َنْ صَلَ ّى صَلَاة ً ل َ ْم ي ُ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جعْف َر ع َن ابن مَسْع ُود ع َن َ‬ ‫الْحَدِيث و َفِي حَدِيث أَ بِي َ‬

‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل ف ِيهَا عَلَى َ‬ ‫جعْف َر مُحَم ّد بن الْحُسَي ْن لَو ص ََل ّي ْت صَلَاة لَم ُأ َ‬
‫ص ّ‬ ‫تُقْب َلْ مِن ْه ُ( قَال ال َد ّار َق ُ ْطنِيّ‪ :‬الصواب َأن ّه من قول أَ بِي َ‬
‫وَل َا عَلَى أَ ه ْل بَي ْت ِه لَرأَ َ ي ْت أ َ ّنهَا ل َا تَت ِم ّ‬
‫س َل ّم و َي ُر َ َغّب من ذَل ِك فِي تَش َُهّد َ‬
‫الصّ لَاة كَمَا ق َ ّدمْناه وَذَل ِك‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سلَام عَلَى َ‬
‫الصّ لَاة وال َ ّ‬
‫فصل فِي المواطن التي يستحب ف ِيهَا َ‬

‫ل ح َ َ ّدثَنَا الْف َارِس ِ ُ ّ‬


‫ي ع َنْ أَ بِي‬ ‫خ ُّ‬
‫ي قَا َ‬ ‫الت ّش َ ُهّد و َقَب ْل ال ُد ّعَاء ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ رحمه الل ّٰه بقراءتي عَلَيْه ِ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا ال ِْإم َام ُ أَ بُو الْق َاس ِ ِم ال ْبَل ْ ِ‬ ‫بَعْد َ‬

‫الْق َاس ِ ِم الْخُزَاعِ ِيّ ع َنْ أَ بِي‬


‫ن شُر ْ ٍَيح ح َ َ ّدثَنِي أَ بُو ه َانِئٍ‬ ‫ن غَي ْلانَ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ الل ّٰه بن يزيد المقرى ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫حي ْوَة ُ ب ْ ُ‬ ‫ْب ع َنْ أَ بِي عسيى الْحَاف ِظِ ح َ َ ّدثَنَا مَح ْم ُود ُ ب ْ ُ‬
‫ال ْهَي ْث َ ِم ب ْ ِن ك ُلَي ٍ‬

‫الْخَو ْلانِيّ أَ َ ّ‬
‫ن عمرو بن‬
‫__________‬
‫)قوله وفي حديث أبي جعفر( هو الإمام محمد بن علي بن الحسين )قوله أبو هانئ( بهمزة في آخره )قوله أن عمرو بن مالك الجنبى( بجيم‬
‫ونون فموحدة و ياء للنسبة إلى جنب بطن من مذحج )*(‬
‫ل على النبي صلى الل ّٰه‬ ‫س َل ّم رَج ُل ًا ي َ ْدع ُو فِي صَلَات ِه فَلَم ي ُ َ‬
‫ص ّ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن ع ُبَيْدٍ يَق ُول سَم ِـ َع َ‬ ‫م َال ِكٍ الْجنَْب ِ َيّ أَ خْبَرَه ُ َأن ّه سَم ِـ َع فَضَالَة َ ب ْ َ‬
‫ل‬
‫ص ِّ‬ ‫َالث ّنَاء ِ عَلَيْه ِ ث َُم ّ لِي ُ َ‬
‫الل ّه ِ و َ‬
‫)إذ َا صَلَ ّى أحدكم فتيبدأ بِتَحْمِيدِ َ‬ ‫ل هَذ َا( ث َُم ّ د َعَاه ُ فَق َا َ‬
‫ل لَه ُ و َلِغَيْرِه ِ ِ‬ ‫س َل ّم )عَج ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عليه وسلم فقال َ‬

‫الل ّه‬
‫طاب رَض ِي َ‬ ‫الل ّه ِ و َه ُو َ أَ صَ ُ ح ّ * وَع َن ع ُم َر بن الْخ َ ّ‬‫س َل ّم َ ث َُم ّ لِي َ ْدع ُ بَعْد ُ بِمَا شَاءَ( و َيُرْو َى م ِنْ غَيْر ِ هَذ َا السد بِتمَْجِيدِ َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫عَلَى َ‬

‫س َل ّم َ وَع َن عَلِيّ ع َن‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫سم َاء ِ و َالْأَ ْر ِ‬
‫ض فَلَا يَصْ عَد ُ ِإلَى الل ّٰه منه شئ ح ََت ّى يُصَلَ ّى عَلَى َ‬ ‫ق بَيْنَ ال َ ّ‬ ‫عَن ْه قال ال ُد ّعَاء و َ‬
‫َالصّ لَاة ُ مُع ََل ّ ٌ‬ ‫ُ‬
‫س َل ّم‪،‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن ال ُد ّعَاء َ‬
‫محْجُوب ح ََت ّى يُصَلّي الد ّاعِ ي عَلَى َ‬ ‫س َل ّم بِمعناه‪ :‬وَع َن عَلِيّ‪ ،‬و َعَلَى آل مُحَم ّد وَر ُوي أَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫ل عَلَى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ث ُم ّ ليَسْأل‬
‫ص ّ‬ ‫شي ْئًا فتيبدأ بِم َ ْدحِه و َ‬
‫َالث ّنَاء عَلَي ْه بِمَا ه ُو أه ْلُه ث ُم ّ ي ُ َ‬ ‫وَع َن ابن مَسْع ُود إذ َا أر َاد أَ حَد ُكُم أن يَسْأَ ل َ‬
‫الل ّه َ‬
‫الر ّاكِبَ يَم ْل ُأ‬‫ن َ‬ ‫ِب ف َِإ َ ّ‬
‫الر ّاك ِ‬ ‫كقَد َِح َ‬ ‫تجْع َلُونِي َ‬‫س َل ّم ل َا َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬ ‫ف َ َإن ّه أَ جْد َر أَ ن يَنْج َح‪ ،‬وَع َن ج َاب ِر رَض ِي َ‬
‫الل ّه عَن ْه قَال‪ :‬قَال رَسُول َ‬
‫خرَه ُ(‬ ‫ل ال ُد ّعَاء ِ و َأَ ْو َ‬
‫سطَه ُ و َآ ِ‬ ‫ن اجْ ع َلُونِي فِي أَ َ ّو ِ‬ ‫َاب شَر ِبَه ُ أَ وِ الوضوء وضأ و َِإ َلّا ه َرَاق َه ُ و َلـ َ ِ‬
‫ك ِ‬ ‫ج ِإلَى شَر ٍ‬ ‫قَدَح َه ُ ث َُم ّ يَضَع ُه ُ و َيَرْف َ ُع م َتَاع َه ُ ف َِإ ِ‬
‫ن احْ تَا َ‬

‫* و َقَال ابن عَطَاء‪ :‬لِل ُد ّعَاء أ ْرك َان و َأجن ِح َة و َأسْ بَاب و َأوْقَات ف َِإن و َاف َق أ ْرك َانَه قَوِي و َإن و َاف َق اجْ نَحَته طَار فِي ال َ ّ‬
‫سم َاء و َإن‬
‫__________‬
‫)قوله فإنه أجدر( بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الدال المهملة أي حق )قوله كقدح( بفتح القاف والدال قال الهروي أراد لا‬
‫تؤخروني في الذكر كالراكب يعلق قدحه في آخر رحله و يجعله خلفه )قوله هراقه( يقال أراق الماء ير يقه وهراقة ير يقه بفتح الهاء )‪- ٥‬‬
‫‪(*) (٢‬‬
‫حضُور الْق َل ْب و َالر َّق ّة و َالاسْ تِك َانَة و َالْخُش ُوع و َت َ ُ‬
‫عل ّق الْق َل ْب ب ِالل ّٰه و َقَطْع ُه م ِن الْأَ سْ بَاب‬ ‫و َاف َق م َوَاق ِيت َه فَاز و َإن و َاف َق أسْ بَابَه أنْ ج َح ف َأ ْرك َانُه ُ‬
‫س َل ّم‪.‬‬ ‫الصّ لَاة عَلَى مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الأسحَار و َأَ سْ بَابُه َ‬
‫ْ‬ ‫و َأجْ نِحَت ُه الصّ دْق وَم َواق ِيت ُه‬

‫الصّ لَاة ُ عَل َيّ صَعِد َ ال ُد ّعَاءُ(‬


‫ت َ‬ ‫سم َاء ِ ف َِإذ َا ج َاء َ ِ‬
‫ُوب د ُونَ ال َ ّ‬ ‫ل د ُعَاء ٍ َ‬
‫محْج ٍ‬ ‫الصّ لاتَيْنِ ل َا ي ُر َ ُدّ( و َفِي حَدِيث آخر )ك ُ ُ ّ‬
‫و َفِي الْحَدِيث )ال ُد ّعَاء بَيْنَ َ‬
‫ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٣‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫س َل ّم َ فَتَق ُولُ‪:‬‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِب د ُعَائِي( ث َُم ّ تَبْد َ ُأ ب َ‬
‫ِالصّ لَاة ِ عَلَى َ‬ ‫و َفِي د ُعَاء ابن ع ََب ّاس ال َ ّذ ِي رواه عَن ْه ح َن َش فَق َال فِي آ ِ‬
‫خر ِه )و َاسْ تَج ْ‬
‫ك أَ جْم َع ِينَ آم ِينَ‪ ،‬وَم ِن م َوَاطِن َ‬
‫الصّ لَاة‬ ‫ل م َا ص ََل ّي ْتَ عَلَى أَ حَدٍ م ِنْ خ َلْق ِ َ‬
‫ض َ‬
‫ك أَ ف ْ َ‬ ‫ك أَ ْن تُصَل ِ ّي َ عَلَى مُح َم ّدٍ عَبْدِك َ و َنَب ِي ِّ َ‬
‫ك وَرَسُول ِ َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّم ِإن ِ ّي أَ سْ أَ ل ُ َ‬
‫َ‬
‫ل على( وكره‬
‫ص ِّ‬
‫ل ذُكِر ْتُ عِنْدَه ُ فَل َ ْم ي ُ َ‬ ‫عَلَي ْه عِن ْد ذِكْر ِه وَسَمَاع اسْم ِه أو ك ِتَاب ِه أَ و عِن ْد الْآذ َان و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم )رغم أَ ن ُْف رَج ُ ٍ‬

‫الت ّع َُجّ ب و َقَال ل َا يُصَلَ ّى عَلَي ْه إ َلّا عَلَى َطرِ يق الاحْتِسَاب‬


‫الصّ لَاة عَلَي ْه عِن ْد َ‬
‫س َل ّم عِن ْد ال َذ ّ ْبح وَكَر ِه سُ ح ْن ُون َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ابن حَب ِيب ذِك ْر َ‬

‫الل ّه ال َذ ّبِيح َة و َال ْعُطَاس فلا نقل فيهما تعد ذِك ْر َ‬


‫الل ّه مُحَم ّد رسول الل ّٰه‬ ‫الث ّوَاب‪ ،‬و َقَال أصْ ب َغ ع َن ابن الْق َاسِم مَوْطِنَان ل َا ي ُ ْذك َر ف ِيهِم َا إ َلّا َ‬
‫وَطَلَب َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫الل ّه‪ ،‬و َقَالَه أشْه َب قَال وَل َا يَن ْبِغ ِي أن تُجُع َل َ‬
‫الل ّه عَلَى مُحَم ّد لَم يَكُن ت َ ْسمِي َة لَه م َع َ‬
‫الل ّه صلى َ‬
‫و َلَو قَال بَعْد ذِك ْر َ‬
‫وسلم فيه استبانا وَرَو َى‬
‫الصّ لَاة و َال َ ّ‬
‫سلَام‬ ‫س َل ّم الْأَ مْر ب ِال ِْإكْثَار م ِن َ‬
‫الصّ لَاة عَلَي ْه يَو ْم ا ْلجم ُُع َة‪ ،‬وَم ِن م َوَاطِن َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّسَائِي ع َن أوْس بن أوْس ع َن َ‬
‫َ‬
‫سجِد أن يُصَلّي على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم و َعَلَى آلِه و َيَتَر َ َ ّ‬
‫حم عَلَي ْه و َيُبَارِك‬ ‫سجِد قَال أَ بُو ِإ ْسحَاق بن شعبان و َيَن ْب ِغي لم َِن دَخ َل ال ْم َ ْ‬
‫دُخُول ال ْم َ ْ‬
‫عَلَي ْه و َعَلَى آلِه و َيُسَل ّم تسليما و يقول‬
‫__________‬
‫)قوله رغم أنف( أي ذل حتى كأنه ملصق بالرغام ‪ -‬بفتح الراء ‪ -‬أي التراب )*(‬
‫ن دِينَار فِي قَو ْلِه‬
‫اللهم اغفر لي دوبى و َاف ْتح ل ِي أَ ب ْوَاب رَحْمَت ِك و َإذ َا خَر َج فَع َل مِث ْل ذَل ِك وَجَع َل مَو ْضع رَحْمَت ِك فصلك‪ ،‬وقال عَم ْر َو ب ْ َ‬
‫الل ّه و َب َرَك َاتُه السلام علينا‬ ‫سلَام عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ وَرَحْم َة َ‬ ‫سكُمْ( قَال إن لَم يَكُن فِي البَي ْت أح َد فَق ُل ال َ ّ‬
‫تَع َالَى‪) :‬ف َِإذ َا دَخ َل ْتُم ْ بُي ُوت ًا فَسَل ِّم ُوا عَلَى أَ نْف ُ ِ‬
‫خعِيّ إذ َا لَم‬ ‫الل ّه وب َرَك َاتُه قَال قَال ابن ع ََب ّاس المُرَاد ب ِال ْبُي ُوت هنا المَسَاجِد و َقَال َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫وعلى عباد الل ّٰه الصالحـين السلام على أهل بيت وَرَحْم َة َ‬
‫الل ّه‬ ‫س َل ّم و َإذ َا لَم يَكُن فِي البَي ْت أَ ح َد فَق ُل‪ :‬ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَي ْنَا و َعَلَى عِبَاد َ‬ ‫سجِد أَ ح َد فَق ُل‪ :‬ال َ ّ‬
‫سلَام على رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫يَكُن فِي ال ْم َ ْ‬
‫َ‬
‫الصّ الِ حـ ِين‪.‬‬
‫كعْب إذ َا‬
‫نح ْو َه ع َن َ‬
‫الل ّه وَم َلَائِكَت ُه عَلَى مُحَم ّد‪ ،‬و َ َ‬
‫الل ّه و َب َرَك َاتُه صَلّى َ‬ ‫سلَام عَلَي ْك أ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّبِيّ وَرَحْم َة َ‬ ‫سجِد أَ قُول ال َ ّ‬
‫وَع َن علقمة إذ َا دَخ َل ْت ال ْم َ ْ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫شعْبَان لَما ذَك َر َه بِ حدِيث فَاطِم َة بِن ْت رَسُول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أن َ‬ ‫دَخ َل و َإذ َا خَر َج و َلَم ي َ ْذك ُر َ‬
‫الصّ لَاة‪ :‬و َاحْ ت َجّ ابن َ‬
‫جد َ‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫س َل ّم ك َانَ ي َ ْفعَلُه ُ ِإذ َا دَخ َ َ‬
‫ل ال ْم َ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫َالر ّحْم َة و َق َد ذَكَر ْن َا هَذ َا الْحَدِيث آخِر القِس ْم والاخْ ت ِلَاف فِي أَ لْف َاظِه وَم ِن م َوَاطِن َ‬
‫الصّ لَاة‬ ‫سلَام و َ‬
‫وَمِثْلُه ع َن أَ بِي بَك ْر ابن عَم ْرو بن حَزْم وَذَك َر ال َ ّ‬
‫الصّ لَاة التي م َضى عَلَيْهَا ع َم َل ا ْل ُأ َمّة و َلَم تُنْكِر ْه َا‪َ :‬‬
‫الصّ لَاة‬ ‫الصّ لَاة عَلَى الْجنََائ ِز وَذُك ِر ع َن أَ بِي ُأم َام َة أ َ ّنهَا م ِن ال ُ ّ‬
‫س َن ّة * وَم ِن م َوَاطِن َ‬ ‫عَلَي ْه أيْضًا َ‬
‫س َل ّم وآلِه فِي َ‬
‫الر ّسَائ ِل وَم َا يسكتب بعد البسملة‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَلَى َ‬
‫__________‬
‫)قوله وَذُك ِر ع َن أَ بِي أمامة( هو سعد بن سهل بن حنيف الأنصاري ولد في زمنه‬
‫ِي‬ ‫ن ُ‬
‫الز ّهْر ّ ِ‬ ‫س عَ ِ‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم وكناه‪ ،‬وحديثه الذى لم يذكر فيه الصحابي مرسل والذى أشار إليه المصنف رواه الحاكم من طر يق يُون ُ ُ‬
‫عن أبي أمامة أنه أخبره رجال من الصحابة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يصلى على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم )*(‬

‫يخْت ِم ب ِه أيْضًا ال ْـكُت ُب‪،‬‬ ‫الصّ دْر الأَ َ ّول و َ ُأحْدِث عِن ْد وِلايَة بنى هاشم فمصى ب ِه ع َم َل َ‬
‫الن ّاس فِي اقْطَار الْأَ رْض وَمِنْه ُم من َ‬ ‫و َلَم يَكُن هَذ َا فِي َ‬
‫اب( وَم ِن م َوَاطِن ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَى‬ ‫ك الْكِت َ ِ‬
‫ل الملائكة تستغفر له م َا د َام َ اسْم ِي فِي ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم )م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ فِي ك ِت َ ٍ‬
‫اب ل َ ْم ت َز َ ِ‬ ‫و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ل ح َ َ ّدثَتْنِي كَر ِيم َة ُ بِن ْتُ‬


‫الل ّه ُ و َغَي ْرُه ُ قَا َ‬
‫ن ِإ ب ْر َاه ِيم َ ال ْم ُ ْقرِي الْخَط ِيبُ رَحِم َه ُ َ‬
‫ف بْ ُ‬ ‫س َل ّم تَش َُهّد َ‬
‫الصّ لَاة * ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْق َاس ِ ِم خ َل َ ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫ق ب ْ ِن سَلَم َة َ ع َنْ عَبْدِ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو نُعَي ٍْم ح َ َ ّدثَنَا الأَ عْم َُش ع َنْ َ‬
‫شق ِي ِ‬ ‫ُف ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي ُ‬ ‫ت ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْهَي ْث َ ِم ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ابن يُوس َ‬
‫مُحَم ّدٍ قَال َ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٤‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫ك أيها النبي‬ ‫طي ِّبَاتُ ‪ ،‬ال َ ّ‬


‫سلام ُ عَلَي ْ َ‬ ‫الت ّح َِي ّاتُ ل َِل ّه ِ و َ‬
‫َالصّ لَوَاتُ و َال َ ّ‬ ‫ل‪َ :‬‬‫)إذ َا صَلَ ّى أَ حَد ُك ُ ْم فَل ْيَق ُ ْ ِ‬ ‫س َل ّم َ قَا َ‬
‫ل ِ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن مَسْع ُودٍ ع َ ِ‬
‫َ‬
‫ض هَذ َا أَ حَد ُ‬ ‫ل عَبْدٍ صَالِ ٍح فِي ال َ ّ‬
‫سم َاء ِ و َالأَ ْر ِ‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫الصّ الِ حـ ِينَ ‪ -‬ف َِإ َن ّك ُ ْم ِإذ َا قلُ ْتُم ُوه َا أَ صَاب َْت ك ُ َ ّ‬ ‫ورحمة الل ّٰه وبركاته السلام عَلَي ْنَا و َعَلَى عِبَادِ َ‬
‫ك ِإذ َا ف َرَغَ م ِنْ تَش َُهّدٍ و َأَ ر َاد َ أَ ْن يُسَل ِ ّم َ‪ ،‬و َاسْ تَح َ ّ‬
‫َب‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫الت ّش َ ُهّدِ و َق َ ْد رَو َى م َال ِكٌ ع َ ِ‬
‫ن اب ْ ِن ع ُم َر َ أَ َن ّه ُ ك َانَ يَق ُو ُ‬ ‫ل َ‬ ‫الت ّسْل ِِيم عَلَيْه ِ‪ ،‬وَس َُن ّت ُه ُ أَ َ ّو ُ‬
‫ن َ‬ ‫م َوَاطِ ِ‬
‫م َال ِك فِي المَبْس ُوط أن يُسَل ّم بِمِث ْل ذَل ِك قَب ْل ال َ ّ‬
‫سلَام قَال مُحَم ّد بن مَسْلَم َة أر َاد م َا ج َاء ع َن عَائِش َة و َاب ْن عمر أنها ك َان َا يَق ُولان عِن ْد سَلامهِم َا‪.‬‬

‫َب أَ ه ْل العلم أن يروى الإنْس َان‬ ‫الصّ الِ حـ ِين‪ ،‬ال َ ّ‬


‫سلَام عَلَيْك ُم‪ ،‬و َاسْ تَح ّ‬ ‫ك أَ ُ ّيهَا النبي ورحمة الل ّٰه وبركاته السلام علينا وعلى عِبَاد َ‬
‫الل ّه َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سلَام ُ عَلَي ْ َ‬
‫ِب لِل ْم َأْ م ُوم إذ َا‬ ‫ل عَب ْد صَالِ ح فِي ال َ ّ‬
‫سم َاء و َالْأَ رْض م ِن ال ْمَلَائِك َة و َبَن َي آد َم و َالْج ِنّ ‪ ،‬قَال مالك في؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ و َأح ّ‬ ‫حِين سَلَام ِه ك ُ ّ‬
‫الصّ الِ حـ ِين ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَيْك ُم‬ ‫الل ّه َ‬ ‫الل ّه و َب َرَك َاتُه ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَي ْنَا و َعَلَى عِبَاد َ‬ ‫سلَام عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ وَرَحْم َة َ‬ ‫س َل ّم إم َام ُه أن يَق ُول ال َ ّ‬
‫َ‬

‫فصل في كيفية الصلاة عليه والتسليم‬ ‫‪٣.٤.٣‬‬

‫فصل فِي كيفية الصلاة عَلَي ْه والتسليم‬


‫اب ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫ن و َاقِدٍ و َغَي ْرُه ُ‬ ‫ن ع ََت ّ ٍ‬ ‫جعْفَرٍ الْفَق ِيه ُ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو الأَ صْ ب َِغ نا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ِإ ْسحَاقَ إ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ن َ‬

‫ل‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن أَ بِي بَكْر ِ ب ْ ِن ح َ ْز ٍم ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ عَمْرِو ب ْ ِن سُلَي ٍْم ُ‬
‫الز ّر َق ِ ِيّ أَ َن ّه ُ قَا َ‬ ‫الل ّه ِ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫يح ْي َى ح َ َ ّدثَنَا م َال ِكٌ ع َنْ عَبْدِ َ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ِيس َى ح َ َ ّدثَنَا ع ُبَيْد ُ َ‬

‫جه ِ‪ :‬ذريته كَمَا ص ََل ّي ْتَ‬


‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ و َأ ْزو َا ِ‬
‫ص ِّ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫الل ّه ِ َ‬
‫كي َْف نُصَل ِّي عَلَيْكَ؟ فَق َالَ‪) :‬ق ُولُوا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ساعِد ُِيّ أَ َ ّنه ُ ْم قَالُوا‪ :‬ي َا رَسُو َ‬
‫أَ خْبَرَنِي أَ بُو حُمَيْدٍ ال َ ّ‬
‫مج ِيدٌ( و َفِي رِو َايَة م َال ِك ع َن أَ بِي مَسْع ُود الْأَ نْصَارِيّ‬ ‫ل إ ب ْر َاه ِيم َِإ َن ّ َ‬
‫ك حَم ِيدٌ َ‬ ‫جه ِ وَذُرِّ َي ّتِه ِ كَمَا ب َارَكْ ْ‬
‫ت عَلَى آ ِ‬ ‫ك عَلَى مُحَم ّدٍ و َأَ ْزو َا ِ‬
‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َب َارِ ْ‬
‫عَلَى آ ِ‬
‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َفِي الْع َالم َي ِنَ‬
‫ل مُحَم ّدٍ كَمَا ب َارَكْ تَ عَلَى آ ِ‬
‫ك عَلَى مُحَم ّدٍ و َعَلَى آ ِ‬ ‫م صلى عليه مُحَم ّدٍ و َعَلَى آلِه ِ كَمَا ص ََل ّي ْتَ عَلَى آ ِ‬
‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َب َارِ ْ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫قَال )ق ُولُوا َ‬

‫ل مُحَم ّدٍ كَمَا ص ََل ّي ْتَ عَلَى ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َب َارِ ْ‬


‫ك عَلَى مُحَم ّدٍ‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ و َآ ِ‬
‫ص ِّ‬ ‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫كعْب بن عُج ْر َة َ‬ ‫مج ِيدٌ‪ ،‬و َال َ ّ‬
‫سلَام ُ كَمَا ق َ ْد عُل ِ ّم ْتُم ْ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة َ‬ ‫ِإ َن ّ َ‬
‫ك حَم ِيدٌ َ‬

‫الن ّب ِ ِيّ ا ْل ُأ ِم ّ ِيّ و َعَلَى آ ِ‬


‫ل مُحَم ّدٍ( و َفِي‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫مج ِيدٌ وَع َن عُقْب َة بن عَم ْرو فِي حَدِيثِه َ‬ ‫ل مُحَم ّدٍ كَمَا ب َارَكْ تَ عَلَى ِإ ب ْر َاه ِيم َ ِإ َن ّ َ‬
‫ك حَم ِيدٌ َ‬ ‫و َآ ِ‬

‫ي سَمَاعًا عَلَيْه ِ و َأَ بُو عَل ِ ٍيّ‬ ‫الل ّه ِ َ‬


‫التمِّيمِ ُ ّ‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ عَبْدِك َ وَرَسُولِكَ( وَذَك َر مَعْنَاه وَح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫رِو َايَة أَ بِي سَع ِيد الْخ ُ ْدرِي َ‬

‫سعْد َانَ الْفَق ِيه ُ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬


‫ن َ‬ ‫الن ّحْ و ُِيّ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ قَال َا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫يف َ‬‫ن َطرِ ٍ‬
‫ن بْ ُ‬
‫الْحَسَ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله عن أبى سلم الزرقى( سلم بضم السين المهملة وفتح اللام الزرقى بضم الزاى وفتح الراء )قوله والسلام كما قد علمتم( بضم العين‬
‫وتشديد اللام وبفتحها‬
‫وتخفيف اللام السلام يعنى في التحيات وهو السلام عليك أيها النبي إلى آخره )قوله ابن عجرة( بضم العين وسكون الجيم )*(‬
‫يح ْي َى‬
‫ن ع َنْ َ‬ ‫الل ّه ِ الْحا َكِم ُ ع َنْ أَ بِي بَكْر ِ ب ْ ِن أَ بِي د َارِ ٍم الْحَاف ُِظ ع َنْ عَل ِ ِيّ ب ْ ِن أَ حْمَد َ ال ْعِجْل ِ ِيّ ع َنْ حَر ِ‬
‫ْب ب ْ ِن الْحَسَ ِ‬ ‫طوِعِ ُيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬ ‫أَ بُو بَكْر ٍ ال ْم ُ َ ّ‬

‫ل ع َ ّده َُنّ فِي يَدِي‬


‫ب ْ ِن ال ْمُسَاوِرِ ع َنْ عَمْرِو ب ْ ِن خ َالِدٍ ع َنْ ز َيْدِ ب ْ ِن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن الْحُسَيْنِ ع َنْ أَ بيِه ِ عَل ِ ٍيّ ع َنْ أَ بيِه ِ الْحُسَيْنِ ع َنْ أَ بيِه ِ عَل ِ ِيّ ب ْ ِن أَ بِي طَال ٍِب قَا َ‬

‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ وعلى آل محمد‬


‫ص ِّ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫َب ال ْع َِز ّة ِ َ‬
‫ت م ِنْ عِنْد َ ر ِّ‬
‫ل هَكَذ َا ن َزَل َ ْ‬
‫ل و َقَا َ‬ ‫ل )ع َ ّده َُنّ فِي يَد َي ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫س َل ّم َ و َقَا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو ُ‬
‫ل مُح َم ّدٍ كَمَا باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك‬
‫ك عَلَى مُح َم ّدٍ و َعَلَى آ ِ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ب َارِ ْ‬ ‫مج ِيدٌ َ‬ ‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ ِإ َن ّ َ‬
‫ك حَم ِيدٌ َ‬ ‫كما صليت على إبراهيم و َعَلَى آ ِ‬
‫تحـ َنَ ّ ْن عَلَى مُحَم ّدٍ و َعَلَى آ ِ‬
‫ل‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م وَ َ‬ ‫مج ِيدٌ َ‬ ‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ ِإ َن ّ َ‬
‫ك حَم ِيدٌ َ‬ ‫ل مُحَم ّدٍ كَمَا ت َر َ َ ّحم ْتَ عَلَى ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َعَلَى آ ِ‬ ‫م و َت َر َ َ ّ‬
‫ح ْم عَلَى مُحَم ّدٍ و َعَلَى آ ِ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫مج ِيدٌ َ‬
‫حَم ِيدٌ َ‬
‫ل مُحَم ّدٍ كَمَا س ََل ّم ْتَ عَلَى ِإ ب ْر َاه ِيم َ و َعَلَى آ ِ‬
‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ‬ ‫سل ِ ّ ْم عَلَى مُحَم ّدٍ و َعَلَى آ ِ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م وَ َ‬ ‫مج ِيدٌ َ‬
‫مُحَم ّدٍ كَمَا تَحَن ّن ْتَ عَلَى ِإ ب ْر َاه ِيم َ وعلى آل إبراهيم إنك حميد َ‬
‫ل‬
‫ْت فَل ْيَق ُ ِ‬ ‫ل الْأَ وْفَى ِإذ َا صَلَ ّى عَلَي ْنَا أَ ه ْ ُ‬
‫ل ال ْبَي ِ‬ ‫ن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم )من س َ َرّه ُ أَ ْن يَكْتاَ َ‬
‫ل ب ِالْمِكْياَ ِ‬ ‫مج ِيدٌ( * وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ ع َ ِ‬ ‫ِإ َن ّ َ‬
‫ك حَم ِيدٌ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٥‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫مج ِيدٌ( و َفِي رِو َايَة زيد بن‬ ‫ل ِإ ب ْر َاه ِيم َ ِإ َن ّ َ‬


‫ك حَم ِيدٌ َ‬ ‫ل بَي ْتِه ِ كَمَا ص ََل ّي ْتَ عَلَى آ ِ‬ ‫جه ِ ُأ َمّه َ ِ‬
‫ات ال ْمُؤْم ِنِينَ وَذُرِّ َي ّتِه ِ و َأَ ه ْ ِ‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ و َأَ زُو َا ِ‬ ‫ص ِّ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫َ‬

‫ك عَلَى مُحَم ّدٍ‬


‫م ب َارِ ْ‬ ‫كي ْف نُصَلّي عَلَي ْك؟ فَق َال‪) :‬ص َُل ّوا و َاجْ تَهِد ُوا فِي ال ُد ّعَاء ِ ث َُم ّ ق ُولُوا َ‬
‫الل ّه ُ َ ّ‬ ‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫خارِج َة الْأَ نْصَارِيّ سَأل ْت َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عليه وسلم اللهم‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫مج ِيدٌ( وَع َن سَلَام َة ال ْـكِندِيّ ك َان عَلِيّ يُع َلّمُنَا َ‬ ‫وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم ِإ َن ّ َ‬
‫ك حَم ِيدٌ َ‬
‫سم ُوك َات اجعل شرائف‬ ‫ح َو ّات و َب َارِئ الْم ْ‬
‫داحى ال ْم َ ْد ُ‬
‫__________‬
‫)قوله عن زيد بن على( ه ُو مُح َم ّد بن الباقر )قوله زيد بن خارجة الأنصاري( هو الحارثى المتكلم بعد الموت زمن عثمان وقد تقدم )قوله‬
‫داحى المدحوات( أي باسط المبسوطات )قوله وبارئ المسموكات( أي رافع المرفوعات )*(‬
‫َاتح لَما ُأغ ْلِق و َالخا َتِم لَما سَب َق و َالمُعْل ِن الحق بالحق و َالد ّامغ لِ جيَْشَات‬
‫صلوات و َنَوَامِي ب َرَك َات ِك وَر َأْ ف َة تَح َُن ّن ِك عَلَى مُح َم ّد عَبْدِك وَرَسُول ِك الف ِ‬
‫الْأَ ب َاطِيل كما حمل فاطلع بأ ْمر ِك لِطَاع َت ِك مُسْتَو ْف ِزًا فِي م َْرضَات ِك و َاعِيًا لَو َحْ ي ِك حافظ لِعَهْدك م َاضِيًا عَلَى نَف َاذ أ ْمر ِك ح ََت ّى أ ْور َى قَبَسًا‬
‫ُوضحَات الْأع ْلَام و َنائ ِر َات الْأحْكام وَم ُن ِير َات‬
‫خوْضَات الف ِتَن و َالإثْم و َأبْه َج م ِ‬
‫الل ّه تَصِ ل ب ِأه ْلِه أسْ بَابَه‪ ،‬ب ِه هُدِي َت الق ُلُوب بَعْد َ‬
‫لِق َاب ِس‪ ،‬آلاء َ‬
‫ال ِْإسْ لَام فهو أميك المأمول وخازن عليك المخَ ْز ُون و َشَه ِيد ُك يَو ْم الدين و َبَع ِيث ُك نِعْم َة وَرَسُول ُك ب ِالحَقّ رَحْم َة اللهم افصح لَه فِي عَدْن ِك‬
‫و َاجْزه مُضَاعَف َات الخـَي ْر من فضلك مهيئات لَه غَي ْر مُك َ َدّر َات من فَو ْز ثَوَاب ِك المحَ ْلُول وَجَز ِيل عَطَائ ِك المعلول اللهم أعسل عَلَى بنَِاء َ‬
‫الن ّاس‬
‫جز ِه م ِن اب ْتِع َاث ِك لَه مَقْب ُول ال َش ّه َاد َة ومرضى‬
‫بنَِاءَه وأكْر ِم مَث ْوَاه لَدَي ْك نزله و َأَ تِم ّ لَه نُور َه و َا ْ‬
‫__________‬
‫)قوله لما أغلق( بضم الهمزة وكسر اللام )قوله كما حمل( بضم الحاء وكسر الميم المشددة )قوله فاضطلع( بالضاد المعجمة أي نهض‬
‫)قوله على نفاذ( بالفاء والذال المعجمة )قوله ح ََت ّى أ ْور َى قَبَسًا( في الصحاح وروى الزند بالفتح يورى إذا خرجت ناره وفيه لغة أخرى‪:‬‬
‫ورى الزند يرى بالـكسر فيهما وآريته أنا وكذلك وريته والقبس‪ :‬الشملة من النار )قوله آلاء الل ّٰه( أي نعمه وهو مبتدأ خبره تَصِ ل ب ِأه ْلِه‬
‫أسْ بَابَه )قوله ب ِه هُدِي َت الق ُلُوب( بضم الهاء وكسر الدال ورفع القلوب أو بفتح الهاء والدال ونصب القلوب )قوله في عدنك( بفتح‬
‫العين المهملة وسكون الدال أي جنتك في‬
‫الصحاح عدنت البلد توطئته وعدنت الإبل بمكان كذا ألزمته فلم يبرح ومنه )جنات عدن( أي جنات إمة )قوله واجزه( بهمزة وصل‬
‫قال الل ّٰه تعالى )وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا( )قوله المعلول( من العلل‪ :‬بفتح المهملة واللام الأولى وهو الشرب الثاني بعد النهل‬
‫بفتحتين وهو الشرب الأول )قوله ونزله( بضم النون والزاى )*(‬
‫ن الل ّٰه وَم َلائِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ عَلَى‬
‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫ال ْمَق َالة ذا مَنْط ِق عدل وخصة ف َصْ ل و َبُرْه َان ع َظيم * وَعَن ْه أيْضًا فِي َ‬
‫الل ّه ال ْبَر ّ الرحيم و َال ْمَلَائِك َة ال ْمُق ََر ّبِين و َ‬
‫َالن ّب ِيّين و َالصّ دّيق ِين والشهداء والصحالين وما سنح‬ ‫سعْد َي ْك صَلَوَات َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ر َب ِ ّي و َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫النبي( الآية لَب ّي ْ َ‬
‫َب الْع َالم َِين ال َ ّ‬
‫شاه ِد ال ْبَشِير الد ّاعي‬ ‫الن ّب ِيّين وَسَي ّد ال ْمُرْسَلِين و َإم َام ال ْم َُت ّق ِين وَرَسُول ر ّ‬
‫الل ّه خ َات َم َ‬
‫َب الع َالم َِين عَلَى مُحَم ّد بن عَب ْد َ‬
‫لك من شئ ي َا ر ّ‬
‫م اجْ ع َل صَلَوَات ِك و َب َرك َات ِك وَرَحْمَت َك عَلَى س ََي ّد ال ْمُرْسَلِين و َإم َام‬ ‫الل ّه بن مَسْع ُود َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫ِإلَي ْك ب ِإذْن ِك السّر َاج ال ْمُن ِير وعليه ال َ ّ‬
‫سلَام( * وَع َن عَب ْد َ‬
‫ل‬
‫ص ّ‬
‫م َ‬ ‫خر ُون َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫م ابْعَث ْه مَق َام ًا مَح ْم ُود ًا يَغْبِط ُه ف ِيه الأ َ ّولُون والآ ِ‬ ‫الر ّحْم َة َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫الن ّب ِيّين مُحَم ّد عَبْدِك وَرَسُول ِك إمام الخـَي ْر وَرَسُول َ‬
‫ال ْم َُت ّق ِين وَخ َاتِم َ‬
‫مج ِيد و َبارِك عَلَى مُح َم ّد و َعَلَى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إ ب ْر َاه ِيم‬
‫عَلَى مُح َم ّد و َعَلَى آل مُح َم ّد كَمَا ص ََل ّي ْت عَلَى إ ب ْر َاه ِيم َإن ّك حَم ِيد َ‬
‫ل عَلَى مُح َم ّد‬
‫ص ّ‬ ‫حو ْض المُصْ طَفى فَل ْيَق ُل َ‬
‫الل ّه ُ ّم َ‬ ‫َإن ّك حَم ِيد َ‬
‫مج ِيد( * وَك َان الْحَسَن ال ْبَصْر ِيّ يقول‪ :‬من أر َاد أن يَشْر َب ب ِالْك َاس الأوْفى من َ‬
‫ل بَي ْتِه ِ و َأصْه َارِه و َأنْصَارِه و َأشْ يَاع َه ومحبيه وأمته عليا مَعَه ُم أجْم َع ِين ي َا أ ْرحَم َ‬
‫الر ّا ِحم ِين *‬ ‫صحَاب ِه و َأوْلادِه و َأ ْزو َاجِه وَذ ُ َرّ َي ّتِه و َأَ ه ْ ِ‬
‫و َعَلَى آله و َأَ ْ‬
‫خر َة و َا ْل ُأولَى كما آتي ْت‬
‫سؤ ْلَه فِي الآ ِ‬ ‫م تَق ََب ّل َ‬
‫شف َاع َة مُحَم ّد الـكُبْر َى و َارْف َع دَرَجَت َه ال ْعُل ْيَا وآت ِه ُ‬ ‫وَع َن طاو ُس ع َن ابن ع ََب ّاس َأن ّه ك َان يَق ُول َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬
‫م أعْط مُحَم ّدًا‬ ‫إ ب ْر َاه ِيم وَم ُوس َى * وَع َن و ُهَي ْب بن ال ْوَرْد َأن ّه ك َان يَق ُول فِي د ُعَائ ِه َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٦‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫شف َاع َة مُحَم ّد الـكُبْر َى( هي التى للفصل بين أهل الموقف )قوله وَع َن‬
‫)قوله وخطة فصل( الخطة الأمر والقصد والفصل القطع )قوله َ‬
‫و ُهَي ْب بن الورد( بالتصغير وهو عبد الوهاب المكى )*(‬
‫أفْضَل م َا سَأل َك لِن َ ْفسِه و َأَ عْط مُحَم ّدًا أفْضَل م َا سَأل َك لَه أَ ح َد من خ َلْق ِك و َأَ عْط مُحَم ّدًا أفضل م َا أن ْت مسؤل لَه ِإلَيّ يَو ْم الْق ِيَام َة وَع َن ابن‬
‫الصّ لَاة عَلَي ْه ف َ َإن ّك ُم ل َا ت َ ْدر ُون لَع َ ّ‬
‫ل ذَل ِك يُعْر َض‬ ‫س َل ّم ف َأَ حْ سِن ُوا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه عَن ْه َأن ّه ك َان يَق ُول إذ َا ص ََل ّي ْتُم عَلَى َ‬
‫مَسْع ُود رَض ِي َ‬
‫عَلَي ْه و َق ُولُوا اللهم اجْ ع َل صَلَوَات ِك وَرَحْمَت َك و َب َرَك َات ِك عَلَى سَي ّد ال ْمُرْسَلِين و َإم َام ال ْم َُت ّق ِين وَخ َاتِم َ‬
‫الن ّب ِيّين مُحَم ّد عبدك ورسولك إمام ا ْلخـَي ْر و َقَائِد‬
‫ل مُحَم ّدٍ كَمَا ص ََل ّي ْتَ عَلَى ِإ ب ْر َاه ِيم َ ِإ َن ّ َ‬
‫ك‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ و َآ ِ‬
‫ص ّ‬
‫م َ‬ ‫خر ُون َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫م ابْعَث ْه مَق َام ًا مَح ْم ُود ًا يَغْبِط ُه ف ِيه الأ َ ّولُون والآ ِ‬ ‫الر ّحْم َة َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫ا ْلخـَي ْر و َرسُول َ‬
‫الصّ لَاة و َتَكْث ِير َ‬
‫الث ّنَاء ع َن‬ ‫مج ِيد * وَم َا يُؤ ْث َر من ت َ ْطوِ يل َ‬
‫ك عَلَى مُحَم ّدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم َإن ّك حَم ِيد َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ب َارِ ْ‬ ‫مج ِيدٌ َ‬
‫حَم ِيدٌ َ‬
‫سلَام‬ ‫الت ّش َ ُهّد من قَو ْلِه ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَي ْك أيها النبي ورحمة الل ّٰه وبركاته ال َ ّ‬ ‫سلَام كَمَا ق َد عُلّم ْتُم ه ُو م َا ع َل ّمَه ُم فِي َ‬
‫أَ ه ْل البيت و َغَيْرِه ِم كَث ِير و َقَو ْلُه و َال َ ّ‬
‫سلَام على رسول الل ّٰه ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَى مُحَم ّد‬ ‫الل ّه ور ُسله ال َ ّ‬ ‫الل ّه ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَى أنب ِياء َ‬ ‫الل ّه الصالِ حـ ِين و َفِي تَش َُهّد عَلِيّ ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَى نَبِ ّي َ‬ ‫عَلَي ْنَا و َعَلَى عِبَاد َ‬
‫سلَام عَلَي ْنَا و َعَلَى ال ْمُؤْم ِنين والمؤم ِنَات من غَاب مِنْه ُم وَم ِن شهد الل ّٰه ا ْغف ِر لِمحُ َمّد وتَق َب ّل َ‬
‫شف َاع َت َه وا ْغف ِر ل ِأَ ه ْل بَي ْت ِه و َا ْغف ِر ل ِي‬ ‫الل ّه ال َ ّ‬
‫بن عَب ْد َ‬
‫الل ّه وبركاتُه جاء فِي هَذ َا الْحَدِيث ع َن‬ ‫سلَام عَلَي ْك أ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّبِيّ ورحمة َ‬ ‫الل ّه الصالِ حـ ِين ال َ ّ‬ ‫و َل ِوَالِد َيّ وَم َا وَلَد َا و َا ْرحَمْهُم َا ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَي ْنَا و َعَلَى عباد َ‬
‫عَلِيّ‪ :‬ال ُد ّعَاء ل ِ َلن ّبِيّ‬
‫الصّ لَاة عَلَي ْه عَن ْه أيْضًا قَب ْل‪ :‬ال ُد ّعَاء لَه بالرمة و َلَم ي َأْ ت فِي غَيْر ِه م ِن الْأَ ح َادِيث ال ْمَر ْف ُوعة‬
‫س َل ّم بالغُفْرَان * و َفِي حَدِيث َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫المعر ُوف َة و َق َد ذ َه َب أَ بُو ع ُم َر بن عَب ْد البَر ّ و َغَي ْر ُه ِإلَى َأن ّه ل َا يُدْعى َ‬
‫للن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫__________‬
‫)قوله ولوالدي( َإن ّمَا قَال ذَل ِك للتعليم لا الدعاء )*(‬

‫فصل في فضيلة الصلاة على النبي والتسليم عليه والدعاء له‬ ‫‪٣.٤.٤‬‬

‫الصّ لَاة عَلَى َ‬


‫الن ّبِيّ‬ ‫ِالر ّحْم َة و َال ْمَغْف ِر َة و َق َد ذَك َر أَ بُو مُحَم ّد بن أَ بِي زيد فِي َ‬
‫تخ ْت َّص ب ِه و َيُدْعى لِغَيْرِه ب َ‬
‫بالصّ لَاة و َال ْبَرَك َة َال ّتِي َ‬
‫بالر ّحْم َة و َِإ َن ّمَا يُدْعى لَه َ‬
‫َ‬

‫م ا ْرحَم مُحَم ّدًا وآل مُحَم ّد كَمَا ت َر َ َ ّحم ْت عَلَى إ ب ْر َاه ِيم وآل إ ب ْر َاه ِيم و َلَم ي َأْ ت هَذ َا فِي حَدِيث صحيح و َحُ َ ج ّت ُه قَو ْلُه فِي ال َ ّ‬
‫سلَام‪:‬‬ ‫س َل ّم َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫صلى عَلَي ْه و َ َ‬

‫الل ّه وبركاتُه‬ ‫سلَام عَلَي ْك أ ُ ّيهَا َ‬


‫الن ّبِيّ ورحمة َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫الن ّبِيّ والتسليم عَلَيْه ِ وال ُد ّعاء لَه ُ‬
‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫فصل فِي فضيلة َ‬

‫الن ّسَائ ِ ُيّ أَ ن ْب َأَ ن َا سُو َيْد ُ ب ْ ُ‬


‫ن نَصْرٍ‬ ‫ن مُع َاوِ يَة َ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫ِيث ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫ن م ُغ ٍ‬ ‫الصّ الِ ح ُ م ِنْ ك ِتَابِه ِ ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي يُون ُ ُ‬
‫س بْ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫الل ّه ِ ب ْ َ‬
‫ن عَمْرٍو‬ ‫ن جُبَيْرٍ مَو ْلَى ن َاف ٍ‬
‫ِـع أَ َن ّه ُ سَم ِـ َع عَبْد َ َ‬ ‫ن بْ َ‬ ‫ن عَلْقَم َة َ أَ َن ّه ُ سَم ِـ َع عَبْد َ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫كعْبُ ب ْ ُ‬ ‫حي ْوَة َ ب ْ ِن شُر ْ ٍَيح قَا َ‬
‫ل أَ خْبَرَنِي َ‬ ‫الل ّه ِ ع َنْ َ‬
‫أَ خْبَر َن َا عَبْد ُ َ‬
‫ل وَص َُل ّوا عَل َيّ ف َِإ َن ّه ُ م َنْ صَلَ ّى عَل ِ َيّ م َ َّرة ً و َا ِ‬
‫حدَة ً صَلَ ّى‬ ‫ل م َا يَق ُو ُ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول ِإذ َا سَمِعْتُم ُ ال ْم ُؤَذِّنَ فَق ُولُوا مِث ْ َ‬
‫ل سَمِعْتُ رَسُو َ‬
‫يَق ُو ُ‬
‫ت‬ ‫الل ّه ِ و َأَ ْرجُو أَ ْن أَ كُونَ أَ ن َا ه ُو َ فَم َنْ سَأَ َ‬
‫ل لِي َ لوسيلة ح ََل ّ ْ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ عَشْر ًا ث َُم ّ سَلُوا لي الوسيلة فإنها مَنْز ِلَة ٌ فِي الْج َنَ ّة ِ لا تَن ْبَغ ِي ِإ َلّا لِعَبْدٍ م ِنْ عِبَادِ َ‬
‫َ‬
‫ات وَح َ َّط عنه عشر‬ ‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم قال )مر صَلَ ّى عَل َيّ صَلَاة ً صَلَى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ عَشْر َ صَلَو َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫شف َاع َة ُ وَرَو َى أَ نَس بن م َال ِك أَ ّ‬
‫َات( و َفِي‬
‫خطئات وَر َف َ َع لَه ُ عَشْر َ دَرَج ٍ‬
‫رِو َايَة وَكَت َب لَه عَش ْر حسنات‪.‬‬
‫وعز أنس عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم )إن‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٧‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫)قوله الوسيلة( أي القرب من الل ّٰه والمنزلة عنده وفى الحديث أنها دَرَجَة ٍ فِي الْج َنَ ّة ِ )قوله النصرى( بالنون والصاد المهملة والأصح عند‬
‫الذهبي أنه تابعي وحديثه مرسل )*(‬
‫الر ّحْمن بن عَو ْف عَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫َات( وَم ِن رِو َايَة عَب ْد َ‬ ‫ك صَلَاة ً صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ عَشْر ًا وَر َف َع َه ُ عَشْر َ دَرَج ٍ‬ ‫ل ن َاد َانِي فَق َال م َنْ صَلَ ّى عَلَي ْ َ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫ِ‬

‫ك ص ََل ّي ْتُ عَلَيْه ِ‪.‬‬


‫ك س ََل ّم ْتُ عَلَيْه ِ وَم َنْ صَلَ ّى عَلَي ْ َ‬
‫س َل ّم َ عَلَي ْ َ‬
‫ل م َنْ َ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى يَق ُو ُ‬
‫ن َ‬ ‫ل ل ِي ِإن ِ ّي ُأبَش ِ ّرُك َ أَ َ ّ‬
‫ل فَق َا َ‬ ‫س َل ّم )لَق ِيتُ ِ‬
‫جبْر ِي َ‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه بن أَ بِي طلحة وَع َن ز َي ْد بن الْحب َُاب سَمِعْت َ‬
‫نح ْوَه ُ من رِو َايَة أَ بِي ه ُر َي ْر َة ومالك بن أوْس بن الحَد َثان وَع ُبَي ْد َ‬
‫وَ َ‬
‫س بِي يَوْم َ‬ ‫ن اب ْ ِن مَسْع ُودٍ أَ وْلَى َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل ال ْمُق ََر ّبَ عِنْدَك َ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ وَجَب َْت لَه ُ َ‬
‫شف َاعَتِي( وَع َ ِ‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ و َأَ نْزِلْه ُ ال ْمَنْز ِ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫يَق ُول )م َنْ قَا َ‬
‫الْق ِيَامَة ِ أَ كْ ث َر ُه ُ ْم عَل َيّ صَلَاة ً( وَع َن أبي هريرة عنه صلى الل ّٰه عليه وسلم )م َنْ صَلَ ّى عَل َيّ فِي ك ِت َ ٍ‬
‫اب ل َ ْم ت َز َ ِ‬
‫ل ال ْمَلَائِك َة ُ تَسْت َغَفِر ْ لَه ُ م َا بَقِي اسْم ِي‬
‫اب( وَع َن عام ِر بن ر َبيِع َة سَمِعْت النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم يقول م َنْ صَلَ ّى صَلَاة ص ََل ّت عَلَي ْه ال ْمَلَائِك َة م َا صَلَ ّى عَلَيّ فليقل‬
‫ك الْكِت َ ِ‬
‫فِي ذَل ِ َ‬
‫الل ّي ْل قَام فَق َال )ي َا أ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّاس ا ْذك ُر ُوا‬ ‫س َل ّم إذ َا ذ َه َب ر ُبُع َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كعْب ك َان رَسُول َ‬
‫من ذَل ِك عَب ْد أَ و لِيُكْث ِر( وَع َن أبَيّ بن َ‬
‫جف َة ٺَت ْب َعُه َا‬ ‫الل ّه ج َاءت َ‬
‫الر ّا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن الحدثان( بفتح الحاء والدال مهملتين بعدهما مثلثة )قوله وعن زيد ابن الحباب( بضم الحاء المهملة قال الحافظ يحيى بن على‬
‫القرشى المشهور بالرشيد العصار هذا وهم فان ز َي ْد بن الْحب َُاب هذا ليس من الصحابة ولا من التابعين ولا من أتباعهم وإنما يروى ع َنْ‬
‫ك ب ْ ِن أنس والضحاك وأمثالهم وليس له في السحابة نظير في اسمه واسم أبيه معا وهذا الحديث محفوظ من رواية رو يفع بن ثابت‬
‫م َال ِ ِ‬
‫الأنصاري وقد رواه ز َي ْد بن‬
‫الْحب َُاب هذا عن لهيعة عن بكر بن سوادة بن ز ياد بن نعم عن وفاء بن سريج الحضرمي عن رو يفع ب ْ ِن ث َاب ٍِت ع َنْ النبي صلى الل ّٰه عليه‬
‫وسلم وأوجب بأن المصنف عند كتابته أسقط ما عدا ز َي ْد بن الْحب َُاب لأنه لا غرض له في ذكر الرواة )*(‬

‫الل ّه إن ّي ُأكْ ث ِر َ‬
‫الصّ لَاة عَلَي ْك فكم أَ جْ ع َل ل َك من صَلَاتِي؟ قَال‪) :‬م َا شِئ ْت(‬ ‫الر ّادِف َة جاء ال ْمَو ْت بِمَا ف ِيه( فَق َال ُأبَيّ بن َ‬
‫كعْب ي َا رَسُول َ‬ ‫َ‬
‫قَال‪ :‬الر ّب ْع؟ قَال‪) :‬م َا شِئ ْت و َإن زِدْت فَه ُو خير( قَال‪ُ :‬‬
‫الث ّلُث؟ قَال‪) :‬م َا شِئ ْت و َإن زدت فهو خير( قَال‪ ،‬الن ّصْ ف؟ قَال‪) :‬م َا شِئ ْت‬
‫الل ّه فَاجْ ع َل صَلَاتِي ك َُل ّه َا ل َك قَال إذ َا ت ُ ْكفَى‬ ‫و َإن زِدْت فَه ُو خَي ْر( قَال‪ُ :‬‬
‫الث ّلُثَي ْن؟ قَال‪) :‬م َا شِئ ْت و َإن زِدْت فَه ُو خَي ْر( قَال‪ :‬ي َا رَسُول َ‬
‫و َيُغْف َر ذَن ْب ُك‪.‬‬
‫ل‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫س َل ّم ف َرَأي ْت من بشره وطلافته ولم أر َه ق َّط فَسَأل ْت ُه‪ ،‬فقال )وما يمنعى و َق َ ْد خَر َ َ‬
‫ج ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَع َن أَ بِي طلحة‪ :‬دَخ َل ْت عَلَى َ‬

‫ك ِإ َلّا صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫ْس أَ حَدٌ م ِنْ ُأ َمّت ِ َ‬
‫ك يُصَل ِّي عَلَي ْ َ‬ ‫ك ُأبَش ِ ّرُك َ أَ َن ّه ُ لَي َ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى بَع َثَنِي ِإلَي ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫آنِف ًا ف َأَ ت َانِي بِبِشَارَة ٍ م ِنْ ر َب ِ ّي ع َ َّز وَج َ َ ّ‬
‫الت ّا َمّة ِ‬
‫َب هَذِه ِ ال َد ّعْوَة ِ َ‬
‫الل ّه ُ َ ّم ر ِّ‬
‫ل حِينَ ي َ ْسم َ ُع النِّد َاء َ‬
‫َ‬ ‫س َل ّم م َنْ قَا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه قَال قَال َ‬
‫وَم َلَائِكَت ُه ُ بِهَا عَشْر ًا وَع َن ج َاب ِر بن عَب ْد َ‬
‫سعْد بن أَ بِي و ََق ّاص‬
‫شف َاعَتِي يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( وَع َن َ‬ ‫آت مُحَم ّدًا ال ْوَسِيلَة َ و َالْف َضِ يلَة َ و َابْعَث ْه ُ مَق َام ًا مَح ْم ُود ًا ال َ ّذ ِي و َعَدْتَه ُ ح ََل ّ ْ‬
‫ت لَه ُ َ‬ ‫و َ‬
‫َالصّ لَاة ِ الْق َائِمَة ِ ِ‬
‫ن مُحَم ّدًا عَبْدُه ُ وَرَسُولُه ُ رَضِيتُ ب َِالل ّه ِ ر َ ًب ّا و َبِم ُ َ‬
‫ح َمّدٍ رَسُول ًا‬ ‫ك لَه ُ و َأَ َ ّ‬
‫الل ّه ُ وَحْدَه ُ ل َا شَر ِي َ‬
‫ل حِينَ ي َ ْسم َ ُع ال ْم ُؤَذِّنَ و َأَ ن َا أَ شْهَد ُ أَ ْن ل َا ِإلَه َ إلا َ‬
‫م َنْ قَا َ‬
‫و َب ِال ِْإسْ لَا ِم دِينًا غُف ِر َ لَه ُ‪.‬‬
‫ن عَل َيّ أَ ق ْوَام ٌ م َا‬
‫ق ر َقَب َة ً( و َفِي بَعْض الآثار )لَيَرِد َ َ ّ‬
‫س َل ّم َ عَل َيّ عَشْر ًا فَك َأَ َن ّمَا أَ عْت َ َ‬
‫س َل ّم قَال )م َنْ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَرَو َى ابن وَه ْب أَ ّ‬
‫ن أَ نْ جَاك ُ ْم يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ م ِنْ أَ ه ْوَالِهَا‬
‫أَ ْعر ِفُه ُ ْم ِإ َلّا بِكَثْرَة ِ صَلَاتِه ِ ْم عَل َيّ( و َفِي آخَر َ ِإ َ ّ‬
‫وَم َوَاطِنِهَا أَ كْ ث َر ُك ُ ْم عَل َيّ صَلَاة ً( وَع َنْ أَ بِي بَك ْر الصديق َ‬
‫الصّ لَاة عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه‬
‫__________‬
‫)قوله فكم أَ جْ ع َل ل َك من صلاتي( قيل الصلاة هنا بمعنى الدعاء والمعنى أن لى زمانا أدعو فيه لنفسي فكم أَ جْ ع َل ل َك من ذلك الزمان‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٨‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫الصلاة عليك )*(‬

‫فصل في ذم من لم يصل على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وإثمه‬ ‫‪٣.٤.٥‬‬

‫س َل ّم أَ مْ ح َق لِل ُذ ّنُوب م ِن ال ْمَاء ال ْبَارِد ل ِ َلن ّار‪ ،‬و َال َ ّ‬


‫سلَام عليه أفْضَل من عِت ْق الر ّقَاب‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم وإثمه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فصل فِي ذم من لَم يصل عَلَى َ‬

‫ج ُّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ‬ ‫الصّ يْر َف ِ ُيّ قَالا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو يَعْلَى ح َ َ ّدثَنَا ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬ ‫الل ّه ُ ح َ َ ّدثَنَا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسن َ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ رَحِم َه ُ َ‬

‫ن ب ْ ِن ِإ ْسحَاقَ ع َنْ سَع ِيدِ ب ْ ِن أَ بِي سَع ِيدٍ‬ ‫ن إبراهيم ال َد ّ ْور َق ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا ر َبْع ِ ُيّ ابن إ ب ْر َاه ِيم َ ع َنْ عَبْدِ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ُوب ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ِيس َى ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫مح ْب ٍ‬
‫ن َ‬
‫اب ْ ُ‬
‫ل دخل رمصان ث َُم ّ‬
‫ل ذُكِر ْتُ عِنْدَه ُ فلم يصل على وَرَغِم َ أَ ن ُْف رَج ُ ٍ‬
‫ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ قال قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم رغم أنف رَج ُ ٍ‬

‫ن و َأَ ظ ُُن ّه ُ قَا َ‬


‫ل أَ ْو أَ حَد ُهُمَا‪.‬‬ ‫ل عَبْد ُ َ‬
‫الر ّحْم َ ِ‬ ‫ل أَ ْدرَك َ عِنْدَه ُ أَ بَوَاه ُ ال ْـكِب َر ُ فَل َ ْم ي ُ ْدخِلاه ُ الْج َنَ ّة َ( قَا َ‬
‫ل أَ ْن يُغْف َر َ لَه ُ وَرَغِم َ أَ ن ُْف رَج ُ ٍ‬
‫خ قَب ْ َ‬
‫انْس َل َ َ‬

‫ل‬
‫ك فَق َا َ‬ ‫ل آم ِينَ ث َُم ّ صَعِد َ فَق َا َ‬
‫ل آم ِينَ فَسَأَ لَه ُ م ُع َاذ ٌ ع َنْ ذَل ِ َ‬ ‫س َل ّم صع َد الْمنِ ْب َر فَق َال آم ِينَ ث َُم ّ صَعِد َ فَق َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ِيث آخ َر أَ ّ‬
‫و َفِي حَد ٍ‬
‫ل ف ِيم َنْ‬
‫الل ّه ُ ق ُلْ آم ِينَ فَق ُل ْتُ آم ِينَ و َقَا َ‬ ‫ك فَمَاتَ يدخل َ‬
‫الن ّار َ ف َأَ بْعَدَه ُ َ‬ ‫ل عَلَي ْ َ‬ ‫ص ِّ‬ ‫ل ي َا مُحَم ّد ُ م َنْ سُم ِّيتُ بَيْنَ يَد َيْه ِ فَل َ ْم ي ُ َ‬
‫ل أَ ت َانِي فَق َا َ‬
‫جبْر ِي َ‬
‫ن ِ‬‫)إ َ ّ‬
‫ِ‬
‫ك وَم َنْ أَ ْدرَك َ أَ بَو َيْه ِ أَ ْو أَ حَد َهُمَا فَل َ ْم يَب َر ّهُمَا فَمَاتَ مِثْلَه ُ( وَع َنْ عَل ِ ِيّ ب ْ ِن أَ بِي طَال ٍِب عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬
‫أَ ْدرَك َ رَمَضَانَ فَل َ ْم يُقْب َلْ مِن ْه ُ فَمَاتَ مِث ْ َ‬

‫ل ال َ ّذ ِي ذُكِر ْتُ عِنْدَه ُ فلم‬ ‫س َل ّم َ أَ َن ّه ُ قَا َ‬


‫ل )ال ْبَخِي ُ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وأبو الحسين( بالتصغير )قوله الدورقى( نسبة إلى نوع من القلانس‪ ،‬وقال المزى تبعا لأبى أحمد الحاكم في الـكنى هو منسوب إلى‬
‫بلد )*(‬

‫فصل في تخصيصه صلى الل ّٰه عليه وسلم بتبليغ صلاة من صلى عليه أو سلم من الأنام‬ ‫‪٣.٤.٦‬‬

‫ق‬
‫ل على أحطئ بِه ِ َطرِ ي َ‬ ‫س َل ّم )م َنْ ذُكِر ْتُ عِنْدَه ُ فَل َ ْم ي ُ َ‬
‫ص ِّ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬
‫ل قَا َ‬ ‫ل عَل َيّ( وَع َنْ َ‬
‫جعْفَرِ بن مُحَم ّد ع َن أَ بيِه ِ قَا َ‬ ‫ص ِّ‬
‫يُ َ‬
‫الْج َنَ ّة ِ‪.‬‬
‫ل عَل َيّ( وَع َن أَ بِي‬
‫ص ِّ‬
‫ل م َنْ ذُكِر ْتُ عِنْدَه ُ فَل َ ْم ي ُ َ‬ ‫ل كُ َ ّ‬
‫ل ال ْبَخِي ِ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن ال ْبَخِي َ‬ ‫س َل ّم قَال ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن رَسُول َ‬
‫وَع َن عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب أَ ّ‬

‫س َل ّم‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه َ و َيُص َُل ّوا عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم )أَ ُي ّمَا قَو ْ ٍم ج َلَس ُوا َ‬
‫مج ْلِسًا ث َُم ّ تَف ََر ّق ُوا قَب ْ َ‬
‫ل أَ ْن ي َ ْذك ُر ُوا َ‬ ‫هريرة قَال أَ بُو الْق َاسِم صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ق الْج َنَ ّة ِ(‬


‫الصّ لَاة َ عَل َيّ نَسِيَ َطرِ ي َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ )من نَس ِي َ‬‫الل ّه ِ ت ِرَة ٌ ِإ ْن شَاء َ ع َ ّذبَه ُ ْم و َِإ ْن شَاء َ غَف َر َ لَهُمْ( وَع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْر َة رَضِيَ َ‬ ‫ن َ‬‫ك َان َْت عَلَيْه ِ ْم م ِ َ‬

‫س‬ ‫س َل ّم )م َا ج َل َ َ‬ ‫ل فَلَا يُصَلَ ّي عَل َيّ( وَع َن ج َاب ِر عَن ْه صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن الْجَف َاء ِ أَ ْن ُأ ْذك َر َ عِنْد َ َ‬
‫الر ّج ُ ِ‬ ‫س َل ّم )م ِ َ‬ ‫وَع َن قَتَاد َة عَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مج ْلِسًا ث َُم ّ تَف ََر ّقُوا عَلَى غَيْر ِ صَلاة ٍ عَلَى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ِإ َلّا تَف ََر ّق ُوا عَلَى أَ نْتَنِ م ِنْ ر ِِيح الْج ِيفَة ِ( وَع َنْ أَ بِي سَع ِيدٍ ع َ ِ‬ ‫قَوْم ٌ َ‬

‫حسْرَة ً و َِإ ْن دَخ َلُوا الْج َنَ ّة َ لم َِا ي َر َ ْونَ م ِ َ‬


‫ن‬ ‫س َل ّم َ ِإ َلّا ك َانَ عَلَيْه ِ ْم َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫مج ْلِسًا ل َا يُص َُل ّونَ ف ِيه ِ عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم َ قَالَ‪) :‬ل َا َ‬
‫يج ْل ُِس قَوْم ٌ َ‬ ‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫س َل ّم م َ َّرة فِي المجَْل ِس أ ْ‬


‫جز َأ عَن ْه م َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الر ّج ُل عَلَى َ‬
‫اب وَح َكى أَ بُو ع ِيس َى التَرْم ِذيّ ع َن بَعْض أَ ه ْل ال ْعِل ْم قَال‪ :‬إذ َا صَلَ ّى َ‬ ‫َ‬
‫الث ّو َ ِ‬
‫ك َان فِي ذَل ِك المجَْل ِس‬
‫س َل ّم بتبليغ صَلَاة من صَلَ ّى عَلَي ْه أَ و سلم م ِن الأنا ِم‬ ‫فصل فِي تخصيصه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ي حدثنا الحسين بن محمد حدثنا أبو عمر‬ ‫الل ّه ِ َ‬


‫التمِّيمِ ُ ّ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٠٩‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫)قوله ترة( بكسر المثناة الفوقية وفتح الراء المخففة أي نقص وقيل تبعة )قوله من الجفاء( بفتح الجيم والمد هو ترك البر والصلة )*(‬
‫ْف ح َ َ ّدثَنَا ال ْم ُ ْقرِئ ُ ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫حي ْوَة ُ ع َنْ أَ بِي صَ خْرٍ حُمَيْدِ ب ْ ِن زِي َادٍ‬ ‫ن د َاسَة َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عَو ٍ‬ ‫ن ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬ ‫الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ ال ْمُؤْم ِ ِ‬
‫س َل ّم َ قَالَ‪) :‬م َا م ِنْ أَ حَدٍ يُسَل ِ ّم ُ عَل َيّ ِإ َلّا ر َ َدّ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ِن قُسَي ْطٍ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَضِيَ الل ّٰه عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫ن رَسُو َ‬ ‫ع َنْ يَز ِيد َ ب ْ ِن عَبْدِ َ‬
‫شي ْب َة ع َن أَ بِي ه ُر َي ْر َة قَال قَال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم )من صَلَ ّى عَل َيّ‬ ‫الل ّه ُ عَل َيّ ر ُوحِي ح ََت ّى أَ ر ُ َدّ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام َ( وَذَك َر أَ بُو بَك ْر بن أَ بِي َ‬ ‫َ‬
‫عِنْد َ قَبْر ِي سَمِعْت ُه ُ وَم َنْ صَلَ ّى عَل َيّ ن َائيًِا بلُِّغْت ُه ُ( ‪.‬‬

‫نح ْو َه ع َن أَ بِي ه ُر َي ْر َة‪.‬‬ ‫ن الل ّٰه م َلَائِك َة ُ س ََي ّاحِينَ فِي الأرض بلغوني ع َنْ ُأ َمّتِي ال َ ّ‬
‫سلَام َ( و َ َ‬ ‫ن ابن مَسْع ُود‪ :‬إ ّ‬
‫وَع َ ِ‬
‫ل جُمُعَة ٍ ف َِإ َن ّه ُ يُؤ ْتَى بِه ِ مِنْك ُ ْم فِي ك ُ ّ ِ‬
‫ل جُم ُعَة ٍ‪.‬‬ ‫سلَا ِم عَلَى نَب ِيِّك ُ ْم ك ُ َ ّ‬
‫ن ال َ ّ‬
‫وَع َن ابن ع ُم َر‪ :‬أكْ ث ِر ُوا م ِ َ‬
‫َت صَلَاتُه ُ عَل َيّ حِينَ يَفْرُغَ مِنْهَا‪.‬‬
‫ن أَ حَدًا ل َا يُصَل ِّي عَل َيّ ِإ َلّا عُرِض ْ‬
‫و َفِي رِو َايَة‪ :‬ف َِإ َ ّ‬
‫كن ْتُم ْ فَص َُل ّوا عَل َيّ ف َِإ َ ّ‬
‫ن صَلاتَك ُ ْم تَب ْلُغُنِي( ‪.‬‬ ‫س َل ّم َ ) َ‬
‫حي ْثُم َا ُ‬ ‫ن عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن الْحَسَ ِ‬
‫وَع َ ِ‬
‫س َل ّم َ يُسَل ِ ّم ُ عَلَيْه ِ و َيُصَل ِّي عَلَيْه ِ ِإ َلّا بلُ ِّغ َه ُ‪.‬‬ ‫ْس أَ حَدٌ م ِنْ ُأ َمّة ِ مُحَم ّدٍ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬
‫س لَي َ‬ ‫وَع َ ِ‬
‫ِض عَلَيْه ِ اسْم ُه ُ‪.‬‬ ‫ن الْعَبْد َ ِإذ َا صَلَ ّى عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم عُر َ‬ ‫وَذَك َر َ بَعْضُه ُ ْم أَ َ ّ‬

‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم فإن رسول الل ّٰه‬
‫جد َ فَسَل ِ ّ ْم عَلَى َ‬
‫س ِ‬
‫ن ب ْ ِن عَل ِ ٍيّ ِإذ َا دَخ َل ْتَ ال ْم َ ْ‬
‫ن الْحَسَ ِ‬
‫وَع َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن عوف( ه ُو مُحَم ّد بن عوف بن سفيان الحمصى شيخ أبى داود والنسائي )قوله المقرى( هو أبو عبد الرحمن عبد الل ّٰه بن بريد‬
‫أحد الشيوخ البخاري )قوله نائيا( أي بعيدا )قوله بلغته( بضم الباء الموحدة وكسر اللام المشددة )قوله وعن أبى مسعود( كذا و َق َع فِي‬
‫كثير من النسخ والصواب ابن مسعود‬
‫)قوله إلا بلغه( بضم الموحدة وكسر اللام المشددة )*(‬

‫فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وسائر الأنبياء عليهم السلام‬ ‫‪٣.٤.٧‬‬

‫كن ْتُم ْ( و َفِي‬


‫حي ْثُ ُ‬ ‫كن ْتُم ْ ف َِإ َ ّ‬
‫ن صَلاتَك ُ ْم تَب ْلُغُنِي َ‬ ‫س َل ّم قَال ل َا ت َ ّتخِذ ُوا بَيْتِي عِيدًا‪ ،‬وَل َا ت َ ّتخِذ ُوا بُي ُوتَك ُ ْم قُب ُور ًا وَص َُل ّوا عَل َيّ َ‬
‫حي ْثُ ُ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن صَلاتَك ُ ْم مَعْر ُوضَة ٌ عَل َيّ( وَع َنْ سُلَيْم َان بن سُ حَي ْم‪ :‬ر َأَ ي ْتُ َ‬
‫الصّ لَاة ِ يَوْم َ ا ْلجم ُُعَة ِ ف َِإ َ ّ‬
‫ن َ‬ ‫حَدِيث أوْس )أكْ ث ِروا عَل َيّ م ِ َ‬
‫ل )نَع َ ْم و َأَ ر ُ ُدّ عَلَيْهِمْ( وَع َن ابن شِه َاب‪ :‬بلََغ َنَا أَ ّ‬
‫ن‬ ‫ك أَ ت َ ْفق َه ُ سَلامَهُمْ؟ قَا َ‬ ‫ك فَيُس ََل ّم ُونَ عَلَي ْ َ‬
‫ن ي َأتُون َ َ‬‫الل ّه ِ هَؤْل َاء ِ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ل َ‬ ‫الن ّو ْ ِم فَق ُل ْتُ ي َا رَسُو َ‬ ‫فِي َ‬
‫ن الأرض لا نأكل‬ ‫ن عَنْك ُ ْم و َِإ َ ّ‬ ‫الز ّه ْرَاء ِ و َال ْيَو ْ ِم الْأَ زْهَرِ ف َِإ َ ّنهُم َا يُؤَدِّي َا ِ‬
‫الل ّيْلَة ِ َ‬
‫الصّ لَاة ِ عَل َيّ فِي َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َل ّم قَال‪) :‬أَ كْ ث ِر ُوا م ِ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫رَسُول َ‬
‫ل كَذ َا وَكَذ َا(‬ ‫ن فُلان ًا يَق ُو ُ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫سل ِ ٍم يُصَل ِّي عَل َيّ ِإ َلّا حَمَلَه َا م َل َكٌ ح ََت ّى يُؤَدِّيهَا ِإل َيّ و َيُسَمِّيه ِ ح ََت ّى ِإ َن ّه لَيَق ُو ُ‬ ‫أَ جْ سَاد َ الْأَ ن ْب ِيَاء ِ وَم َا م ِنْ م ُ ْ‬
‫س َل ّم َ وسائر الْأَ ن ْب ِيَاء عَلَيْه ِم ال َ ّ‬
‫سلَام ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة عَلَى غَي ْر َ‬
‫فصل فِي الاختلاف فِي َ‬
‫الصّ لَاة على غير النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وَر ُوي ع َن ابن ع ََب ّاس َأن ّه ُ ل َا تَج ُوز ُ‬
‫الل ّه عَا َمّة أَ ه ْل ال ْعِل ْم م َُت ّفِق ُون عَلَى جَوَاز َ‬
‫قَال الْق َاض ِي و ََف ّق َه َ‬
‫الصلاة على غير‬
‫__________‬
‫)قوله لا ٺتاخذوا بيتى عيدا( المراد بالبيت هنا القبر لأنه دفن في بينه ومعناه النهى عن الاجتماع لز يارته كالاجتماع للعيد فيحتمل‬
‫سلَام ُ ع َنْ ذلك لدفع المشقة عن أمته وأن يكون مخافة أن يتجاوزوا في تعظيم قبره الحد )قوله وَل َا ت َ ّتخِذ ُوا بُي ُوتَك ُ ْم‬
‫أن يكون نهيه عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫قبورا( معناه عند البخاري لا يجعلوها كالمقابر التى ل َا تَج ُوز ُ َ‬
‫الصّ لَاة ُ فيها‪ ،‬ومعناه عند غيره‪ :‬اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها‬
‫قبورا لأن الميت لا يصلى في قبره )قوله و َفِي حَدِيث أوْس بن أوس الثقفى الصحابي( أخرج هَذ َا الْحَدِيث عَن ْه الترمذي‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٠‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫في الصلاة وابن ماجه في الجنائز )*(‬


‫سفْيَانُ يُك ْرَه ُ أَ ْن يُصَلَ ّى ِإ َلّا عَلَى نَبِ ٍ ّي‪ ،‬وَوَجَدْتُ بِ خ ّ َِط‬
‫ل ُ‬ ‫الصّ لَاة ُ عَلَى أَ حَدٍ ِإ َلّا َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬وَرُوِيَ عَن ْه ُ ل َا تَن ْبَغ ِي َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫س َل ّم و َهَذ َا غَي ْر معروف من م َ ْذه ِبه‪،‬‬ ‫بعض شيوخ‪ :‬مَذْه َبُ م َال ِكٍ أَ َن ّه ُ ل َا يَج ُوز ُ أَ ْن يصل عَلَى أح َد م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء سِو َى مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫يح ْي َى لسْت‬ ‫الصّ لَاة على غير الأنيباء وما ينبغى لما أَ ن نَت َع َ َ ّدى م َا أم ِْرن َا ب ِه قَال َ‬
‫يح ْي َى بن َ‬ ‫و َق َد قَال م َال ِك فِي الم ْبس ُوط لِي َحْ ي َى ابن ِإ ْسحَاق أك ْر َه َ‬
‫آخ ُذ بِقَو ْلِه وَل َا ب َأْ س ب َ‬
‫ِالصّ لَاة عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء كلهم و َعَلَى غَيْرِه ِم‪.‬‬
‫الصّ لَاة عَلَي ْه و َف ِيه و َعَلَى أ ْزو َاجِه و َعَلَى آلِه و َق َد وَجَدْت مُع َل ّق ًا‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫و َاحْ ت َجّ بِ حَدِيث ابن ع ُم َر وبما جاء فِي حَدِيث تَعْليم َ‬
‫س َل ّم قَال و َب ِه نَق ُول و َلَم يَكُن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة عَلَى غَي ْر َ‬ ‫ع َن أبى عمران الفارسى رَو َى ع َن ابن ع ََب ّاس رَض ِي َ‬
‫الل ّه عَنْهُم َا ك َرَاه َة َ‬
‫الر ّ َزّاق ع َن أَ بِي هريرة رضي اللٰه عنه قال‪ :‬قال رسول اللٰه صلى اللٰه عليه وسلم )ص َُل ّوا عَلَى أن ْب ِيَاء ِ‬
‫يُسْتَعْم َل ف ِيم َا م َض َى‪ ،‬و َق َد رَو َى عَب ْد َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حم وال ُد ّعَاء وَذَل ِك عَلَى‬
‫والصّ لَاة فِي لِسَان الع َر َب بَمَعْن َي ال َت ّر َ ُ ّ‬
‫َ‬ ‫الل ّه َ بَعَثَه ُ ْم كَمَا بعثنى( قالوا‪ :‬والأساند ع َن ابن ع ََب ّاس لَي ّن َة‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ وَرُسُلِه ِ ف َِإ َ ّ‬
‫َ‬
‫الإطْ لاق ح ََت ّى يَم ْن َع مِن ْه حَدِيث صحيح أَ و إجماع‪ ،‬وقد قال تعالى‪ :‬ه ُو َ ال َ ّذ ِي يُصَل ِّي عليكم وملائكته الآيَة َ و َقَال‪ :‬خ ُ ْذ م ِنْ أَ مْوَالِه ِ ْم َ‬
‫صد َق َة ً‬
‫تُطَهّ ِر ُه ُ ْم و َت ُزَكّ ِيه ِ ْم بِهَا وصل عليهم الآيَة َ‪.‬‬
‫صد َقَتِه ِم‬
‫م صل على آل أبي أوفى وكان إذا أتاه قَو ْم ب ِ َ‬ ‫س َل ّم‪َ :‬‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ات م ِنْ ر َ ّبِه ِ ْم ورحمة‪ :‬و َقَال َ‬ ‫و َقَال‪ُ :‬أولَئ ِ َ‬
‫ك عَلَيْه ِ ْم صَلَو َ ٌ‬
‫جه ِ وَذُرِّ َي ّتِه ِ‪ ،‬و َفِي آخر‪ :‬و َعَلَى آل مُحَم ّد‪ ،‬ق ِيل أت ْبَاع ُه و َق ِيل‬
‫ل عَلَى مُحَم ّدٍ و َعَلَى أَ ْزو َا ِ‬
‫ص ِّ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م َ‬ ‫قَال‪ :‬اللم صل على آل فلان‪ ،‬وفي حديث الصلاة‪َ :‬‬
‫أ َمّت ُه و َق ِيل آل‬
‫بَي ْت ِه و َق ِيل الْأَ ت ْبَاع ولرهط و َالْعَشِير َة و َق ِيل آل َ‬
‫الر ّج ُل وَلَد ُه و َق ِيل قَوْم ُه‪(*) (٢ - ٦) ،‬‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم من آل مُح َم ّد؟ قال )كل نفسي( و يجئ عَلَى‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الصّ د َق َة‪ ،‬و َفِي رِو َايَة أَ نَس سُئ ِل َ‬
‫و َق ِيل أَ ه ْلُه ال َ ّذين حُرِّم َت عَلَيْه ِم َ‬
‫س َل ّم َ‬
‫الل ّه ُ ّم اجْ ع َل صَلَوَات ِك و َب َرَك َات ِك عَلَى‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل مُحَم ّدٍ مُحَم ّدٌ ن َ ْفس ُه ُ ف َ َإن ّه ك َان يَق ُول فِي صلاته عَلَى َ‬ ‫ن أَ َ ّ‬
‫ن المُرَاد َ ب ِآ ِ‬ ‫َب الْحَسَ ِ‬
‫مَذْه ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى ب ِه ه ُو َ‬
‫الصّ لَاة عَلَى مُحَم ّد ن َ ْفسِه و َهَذ َا مِث ْل‬ ‫ن الفَر ْض ال َ ّذ ِي أم َر َ‬ ‫ل ب ِالفَر ْض و َيأْ تِي َ‬
‫بالن ّفْل ل ِأَ ّ‬ ‫آل مُحَم ّد يُر ِيد ن َ ْفسَه ل ِأَ َن ّه كان لا ُ‬
‫يخ ِ ّ‬
‫ساعِدِيّ فِي َ‬
‫الصّ لَاة‬ ‫س َل ّم )لَق َ ْد ُأوتِي َ م ِْزم َار ًا م ِنْ م ََزام ِير ِ آ ِ‬
‫ل د َاوُد َ( يُر ِيد من م ََزام ِير د َاو ُد‪ ،‬و َفِي حَدِيث أَ بِي حُمَي ْد ال َ ّ‬ ‫قَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم و َعَلَى أَ بِي بَك ْر وعمر ذَك َر َه م َال ِك‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّد و َأ ْزو َاجِه وَذُرِّ َي ّتِه‪ ،‬و َفِي حَدِيث ابن ع ُم َر َأن ّه ك َان يُصَلَ ّي عَلَى َ‬
‫ص ّ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬
‫يو َ‬
‫َالصّ حِيح من رِو َايَة غَيْر ِه و َي َ ْدع ُو لأبي بَك ْر وعمر‪.‬‬ ‫يح ْي َى الأنْد َلُس ِ ّ‬
‫فِي المُوطّ إ من رِو َايَة َ‬
‫م اجْ ع َل مِن ْك عَلَى فُلان صَلَوَات قَو ْم أب ْر َار الذين يَق ُوم ُون‬ ‫صحَابنَِا بالغَي ْب فَنَق ُول َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫وَرَو َى ابن وَه ْب ع َن أَ نَس بن م َال ِك ك َُن ّا ن َ ْدع ُو ل ِأَ ْ‬
‫الل ّه‪ ،‬وَر ُوي ع َن ابن ع ََب ّاس‪،‬‬ ‫بالل ّي ْل و َيصُوم ُون بال َنّهَار قَال الْق َاض ِي و َال َ ّذ ِي ذ َه َب إلَي ْه المحُ َ ّقق ُون و َأم ِيل إليه م َا قَالَه م َال ِك و َ ُ‬
‫سفْيَان رَحِمَهُم َا َ‬ ‫َ‬
‫واخْ تَار َه غَي ْر و َاحِد م ِن الفُقَه َاء و َالمُتَكَل ّمِين َأن ّه لا يُصَلَ ّى عَلَى غَي ْر الْأَ ن ْب ِيَاء عِن ْد ذِكْرِه ِم بَل هو شئ ُ‬
‫يخ ْت َّص ب ِه الْأَ ن ْب ِيَاء توقيرا وتعزيزا كما يخص‬
‫س َل ّم وَسَائ ِر الْأَ ن ْب ِيَاء‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تخ ْصِ يص َ‬
‫الل ّه َ تَع َالَى عِنْد َ ذكره بالتنز يه والتقديس والتعظيم ولا يشاركه فيه غيره كذلك يجب َ‬
‫َ‬
‫ِالصّ لَاة و ََالت ّسْل ِيم وَل َا يُش َار َك ف ِيه سِوَاه ُم كَمَا أمر الل ّٰه به بِقَو ْلِه )ص َُل ّوا عَلَيْه ِ وسلموا تسليما( و َيُذُك َر من سِوَاه ُم‬
‫ب َ‬
‫ن سَبَق ُون َا بالإيمان( وقال )والذين ا َت ّب َع ُوه ُ ْم‬
‫م ِن الْأَ ئ َِم ّة و َغَيْرِه ِم ب ِالغُفْرَان و َالر ّض َى كَمَا قَال تَع َالَى )يَق ُولُونَ ر َ َب ّنَا ا ْغفِر ْ لَنَا و َِلإخْ وَاننَِا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن رَضِيَ الل ّٰه‬
‫ب ِِإحْ سَا ٍ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١١‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫فصل في حكم ز يارة قبره صلى الل ّٰه عليه وسلم وفضيلة من زاره سلم عليه وكيف يسلم ويدعو‬ ‫‪٣.٤.٨‬‬

‫الصّ دْر الأَ َ ّول كَمَا قَال أَ بُو ِعم ْرَان و َِإ َن ّمَا أحد َثَه َ‬
‫الر ّافِضَة و َالمُتِشَي ّع َة فِي بَعْض الْأَ ئ َِم ّة فَشَارَكُوه ُم عِن ْد‬ ‫عنهم( أيْضًا فَه ُو أمْر لَم يَكُن مَعْر ُوفًا فِي َ‬

‫الت ّش َُب ّه ب ِأَ ه ْل ال ْبِد َع مَنْهِ يّ عَن ْه فَتجِب ُ‬


‫مخَالَفَتُه ُم ف ِيم َا ال ْتَزَم ُوه‬ ‫ن َ‬ ‫س َل ّم فِي ذَل ِك وأيْضًا ف َِإ ّ‬ ‫ِالصّ لَاة وَسَاوَوْه ُم ب َِالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الذّك ْر لَه ُم ب َ‬
‫الت ّخْ صِ يص قَالُوا وَصَلَاة َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه وسلم بحكم التبع و َالْإضَاف َة إلي ْه ل َا عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الصّ لَاة عَلَى الآل و َالْأزْواج م َع َ‬
‫من ذَل ِك وَذَك َر َ‬

‫تجْع َلُوا‬
‫َالت ّو ْق ِير قَالُوا و َق َد قَال تَع َالَى )لا َ‬ ‫مج ْر َى ال ُد ّعَاء و َالمُوَاجَهة لَي ْس ف ِيهَا مَعْن َي َ‬
‫الت ّعْظ ِيم و َ‬ ‫س َل ّم عَلَى من صَلَ ّى عَلَي ْه َ‬
‫مج ْرَاه َا َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الن ّاس بَعْضُه ُم لِبَعْض‪ ،‬و َهَذ َا اخْ ت ِيَار ال ِْإم َام أَ بِي‬ ‫يج ِب أَ ن يَكُون ال ُد ّعَاء لَه ُ‬
‫مخَالِف ًا لِد ُعَاء َ‬ ‫ل بَي ْنَك ُ ْم كَد ُعَاء ِ بَعْضِ ك ُ ْم بعضا( فكذلك َ‬ ‫الر ّسُو ِ‬‫د ُعَاء َ‬
‫َ‬
‫سف َرائِنِ ّي من شُي ُوخِنَا‪ ،‬وبه قَال أبو عمر بن عبد البر‬ ‫ال ْمُظَ َ ّفر الإ ِ‬
‫س َل ّم س َُن ّة من‬ ‫الل ّه عليه وسلم وفضيلة من زاره سلم عَلَي ْه وكيف يسلم ويدعو وز يارة قَبْر ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فصل فِي حكم ز يارة قبره صَلَ ّى َ‬
‫ل‬
‫جعْفَرٍ قَا َ‬
‫ن َ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا الْحَسَ ُ‬
‫ن بْ ُ‬ ‫ن خَي ْر ُونَ قَا َ‬ ‫سُنَن ال ْمُسْلمين مُج ْم َع عليها وفضيلة م ُرَ َغّب ف ِيهَا * ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل بْ ُ‬

‫ل ع َنْ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا م ُوس َى ب ْ ُ‬


‫ن ه ِلا ٍ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي ال ْم َح َام ِل ِ ُيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا محمد بن عبد الرزاق قَا َ‬ ‫ن ع ُم َر َ ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ قَا َ‬
‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫س َل ّم َ )م َنْ ز َار َ قَبْرِي وَجَب َْت لَه ُ َ‬
‫شف َاعَتِي( وَع َن‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل قَا َ‬
‫الل ّه ُ عَنْهُم َا قَا َ‬
‫ن اب ْ ِن ع ُم َر َ رَض ِي َ‬ ‫الله ِ ب ْ ِن ع ُم َر َ ع َنْ ن َاف ٍ‬
‫ِـع ع َ ِ‬ ‫ع ُبَيْدِ َ ّ‬
‫شف ِيع ًا يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( و َفِي‬
‫كن ْتُ لَه ُ َ‬ ‫س َل ّم )م َنْ ز َارَنِي فِي ال ْمَدِينَة ِ ُ‬
‫مح ْتَسِبًا ك َانَ فِي جِوَارِي و َ ُ‬ ‫أَ نَس بن م َال ِك قَال قال رسول الل ّٰه صلى اله عَلَي ْه و َ َ‬
‫حَدِيث آخ َر )م َنْ ز َارَنِي بَعْد َ مَوْتِي‬
‫س َل ّم‪ ،‬و َق َد اخْ تُل ِف فِي مَعْن َي ذَل ِك فَق ِيل ك َرَاه ِي َة الاس ْم لما وَر َد‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فَك َأَ َن ّمَا ز َارَنِي فِي حَيَاتِي( وَكَر ِه م َال ِكٌ أَ ن يقال زُرْن َا قَب ْر َ‬
‫من قَو ْلِه صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم )لعن الل ّٰه زوارات القبور( وهذا يرده قوله )نهيتم ع َنْ زِي َارَة ِ الْق ُب ُورِ ف َز ُور ُوه َا و َقَو ْلُه )م َنْ ز َار َ قَبْر ِي( فَق َ ْد‬

‫ْس هَذ َا‬


‫الصفَة ِ و َلَي َ‬ ‫ْس ك ُ ُ ّ‬
‫ل ز َائِر ٍ بِهَذِه ِ ِّ‬ ‫ن ال ْم َز ُورِ و َهَذ َا أَ يْضًا ليس بشئ ِإ ْذ لَي َ‬
‫ل مِ َ‬
‫ض ُ‬ ‫ن َ‬
‫الز ّائ ِر َ أَ ف ْ َ‬ ‫ل ِإ َ ّ‬
‫ك لَم ّا ق ِي َ‬ ‫ل ل ِأَ َ ّ‬
‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ق اسْم َ الز ِّي َارَة ِ و َق ِي َ‬
‫أَ طْ ل َ َ‬
‫الل ّه َإن ّمَا كَر ِه م َال ِك أَ ن‬
‫حقّه تَع َالَى و َقَال أَ بُو ِعم ْرَان رَحِم َه َ‬ ‫ع ُم ُوم ًا‪ ،‬و َق َد وَر َد فِي حَدِيث أَ ه ْل الْج َنَ ّة ِ ز يارتهم لربهم و َلَم يُم ْن َع هَذ َا َ‬
‫الل ّفْظ فِي َ‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّاس ذَل ِك بَيْنَه ُم بَعْض ِهم لِبَعْض وكَر ِه تَسْو يَة َ‬
‫س َل ّم لاسْ تِعْم َال َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يقال طَواف الز ّي َار َة وَزُرْن َا قَب ْر َ‬
‫ن الز ّي َار َة م ُبَاح َة بَي ْن َ‬
‫الن ّاس وَو َاجِب‬ ‫س َل ّم و َأيْضًا ف َِإ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب أن يُخ َّص ب ِأَ ن يقال س ََل ّم ْنَا عَلَى َ‬ ‫الن ّاس بَهَذ َا َ‬
‫الل ّفْظ و َأح ّ‬ ‫م َع َ‬

‫س َل ّم يُر ِيد بال ْوُجُوب هنا وُجُوب نَدْب و َت َرَغِيب و َت َأْ كِيد ل َا وُجُوب فَر ْض و َالْأَ وْلَى عندي أَ ّ‬
‫ن مَنْع َه‬ ‫ي ِإلَى قَبْر ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ش ّد ال ْمُط ِ ّ‬
‫َ‬
‫م ل َا تعجعل‬ ‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫س َل ّم و ََأن ّه لَو قَال زُرْن َا النبي لَم يَك ْرَه ْه لِقَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَك َرَاه َة م َال ِك لَه لإضَافَت ِه ِإلَى قَب ْر َ‬
‫الل ّه ِ عَلَى قَو ْ ٍم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد(‬ ‫قَبْر ِي و َثَنًا يُعْبَد ُ بَعْدِي‪ ،‬اشْ ت َ ّد غَضَبُ َ‬
‫__________‬
‫س َل ّم لاسْ تِعْم َال‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫)قوله وَكَر ِه م َال ِكٌ أَ ن يقال( قَال أَ بُو ع ُم َر بن عَب ْد البَر ّ َإن ّمَا كَر ِه م َال ِك أَ ن يقال طَواف الز ّي َار َة وز يارة َ‬
‫َب أن يُخ َّص ب ِأَ ن يقال س ََل ّم ْنَا عَلَى النبي صلى‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم بهذا اللفظ مع الناس و َأح ّ‬
‫الن ّاس ذلك بعضهم لبعض فكره تَسْو يَة َ‬
‫َ‬
‫ش ّد‬ ‫الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬قال وأيضا الز ّي َار َة م ُبَاح َة بَي ْن َ‬
‫الن ّاس وَو َاجِب َ‬
‫س َل ّم‪ ،‬يُر ِيد وجوب التبرع لا وجوب الفرائض )*(‬ ‫ي ِإلَى قَبْر ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ال ْمُط ِ ّ‬

‫سم ًا لِل ْبَاب والل ّٰه أَ ع ْلَم‪ ،‬قَال ِإ ْسحَاق بن إ ب ْر َاه ِيم الْفَق ِيه‪ :‬ومما لَم‬ ‫فَحَم َى إضَاف َة هَذ َا اللّفْظ ِإلَى القَب ْر و ََالت ّش َُب ّه بِفِعْل أولئ ِك ق َ ْطع ًا لِلذّرِ يع َة و َ َ‬
‫ح ْ‬

‫َالت ّب َُر ّك ب ِر ُ ْؤ يَة ر َ ْوضَت ِه و َمن ْبَرِه و َقَبْر ِه‬


‫س َل ّم و َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ي َز َل من شَأْ ن من حَ ج ّ المُر ُور بالمَدِين َة و َالْق َصْ د ِإلَى َ‬
‫الصّ لَاة فِي مسجد رَسُول َ‬
‫جبْر ِيل ب ِال ْوَحْي ف ِيه عَلَي ْه و َبِم َن عمره وقصده م ِن َ‬
‫الصّ ح َابَة‬ ‫مج ْلِسِه وَم َلام ِس يَد َي ْه وَم َوَاطِئ قَدَمَي ْه و َالعَم ُود الذى كان يستبد إلي ْه و َيَنْز ِل ِ‬
‫وَ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٢‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه‬ ‫وأئ َِم ّة المُسْل ِمين والاعْت ِبَار بِذَل ِك كُل ّه‪ ،‬وقال ابن أَ بِي ف ُدي ْك سَمِعْت بَعْض من أَ ْدرَكْ ت يَق ُول‪ :‬بلََغ َنَا َأن ّه من و َق َف عِن ْد قبر َ‬

‫سب ْع ِين م َ َّرة‪ ،‬ناد َاه م َل َك صَلَ ّى‬


‫الل ّه عَلَي ْك ي َا مُحَم ّد من يَق ُولُهَا َ‬ ‫الل ّه َ وَم َلائِكَت َه ُ يُص َُل ّونَ عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ( ث َُم ّ قَال صَلَ ّى َ‬ ‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم فَتَلَا هَذِه الآيَة‪ِ :‬‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬

‫الل ّه عَلَي ْك ي َا فُلان و َلَم ت َ ْسق ُط لَه ح َاجة وَع َن يَز ِيد ابن أَ بِي سَع ِيد الم َ ْهرِيّ قَدِمْت عَلَى ع ُم َر بن عَب ْد الْعَزِيز فَلَم ّا و َ َدّعْت ُه قَال‪ :‬ل ِي ِإلَي ْك حاجة‪:‬‬
‫َ‬
‫سلَام‪ ،‬قَال غَي ْر ُه وَك َان يُبْر ِد إلَي ْه البَر ِيد م ِن ال َ ّ‬
‫شام قَال بَعْضُه ُم ر َأَ ي ْت‬ ‫س َل ّم ف َأَ قْرِه من ّي ال َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫إذ َا أتَي ْت ال ْمَدِين َة سَتَر َى قَب ْر َ‬
‫س َل ّم ث ُم ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة فَسَ َل ّم عَلَى َ‬
‫س َل ّم ف َو َق َف ف َر َف َع يَد َي ْه ح ََت ّى ظَنَن ْت َأن ّه اف ْتتح َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أَ نَس بن م َال ِك أتى قَب ْر َ‬
‫س َل ّم وَد َعَا يقف ووجه ِإلَى القَب ْر ل َا ِإلَى القِبْلَة و َيَدْنُو و َيُسَل ّم وَل َا‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ان ْصَر َف و َقَال م َال ِك فِي رِو َايَة ابن وَه ْب إذ َا سَلَم عَلَى َ‬
‫س َل ّم ي َ ْدع ُو و َلـكِن يُسَل ّم ويَمْض ِي‪ ،‬قَال ابن أَ بِي م ُلَيْك َة من‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يَم َّس القَب ْر بيَِدِه و َقَال في المَبْس ُوط ل َا أر َى أَ ن يَق ِف عِن ْد قبر َ‬
‫َب أن يقوم وجاء‬ ‫أح ّ‬
‫__________‬
‫)قوله وَك َان يُبْر ِد إلَي ْه البريد( المراد بالبريد هنا الرسول المستعجل )*(‬
‫س َل ّم فَل ْي َجْ ع َل القْندِيل ال َ ّذ ِي فِي القِبْلَة عِن ْد القَب ْر عَلَى ر َأْ سِه‪ ،‬و َقَال ناف ِـع‪ :‬ك َان ابن ع ُم َر يُسَل ّم عَلَى القَب ْر ر َأي ْت ُه م ِائَة مرة‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫ضع ًا‬ ‫سلَام عَلَى أَ بِي بَك ْر ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَى أَ بِي ث ُم ّ ينصرف‪ ،‬وروى ابن ع ُم َر و َا ِ‬ ‫س َل ّم ال َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سلَام عَلَى َ‬
‫وأكثر يجئ ِإلَى القَب ْر فَيَق ُول ال َ ّ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم من المنبر ثم و َ َ‬
‫ضعَه َا عَلَى و َجْ ه ِه‪.‬‬ ‫يَد َه عَلَى مَقْع َد َ‬

‫ح ُّ‬
‫سوا ر ُ َمّانَة الْمنِ ْب َر التي تلَ ِي القَب ْر بِمَيَامِنِه ِم ث ُم ّ اسْ تَقْبَلُوا‬ ‫أصحَاب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم إذ َا خلَا ال ْم َ ْ‬
‫سجِد َ‬ ‫وَع َن ابن قُسَي ْط و َال ْعُتْبِيّ ك َان ْ‬
‫س َل ّم فَيُصَلّي عَلَى النبي و َعَلَى أَ بِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّيْثِيّ َأن ّه ك َان يَق ِف عَلَى قَب ْر َ‬
‫يح ْي َى َ‬
‫القِبْلَة ي َ ْدع ُون‪ ،‬و َفِي المُو َطّ أ من رِو َايَة يحيى بن َ‬

‫الل ّه‬ ‫سلَام عَلَي ْك أ ُ ّيهَا َ‬


‫الن ّبِيّ ورحمة َ‬ ‫بَك ْر وعمر وعند ابن الْق َاسِم والقَعْنَبِيّ و َي َ ْدع ُو لأبي بَك ْر و َع ُم َر قَال م َال ِك فِي رِو َايَة ابن وَه ْب يَق ُول المُسَل ّم ال َ ّ‬
‫س َل ّم بِلَفْظ َ‬
‫الصّ لَاة‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جيّ وَعِنْدِي َأن ّه ي َ ْدع ُو َ‬
‫و َب َرَك َاتُه‪ ،‬قَال فِي المَبْس ُوط و َيُسَل ّم عَلَى أَ بِي بَك ْر وعمر قَال الْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيد البَا ِ‬
‫الل ّه‬
‫الل ّه وَسَلام عَلَى رَسُول َ‬ ‫سجِد َ‬
‫الر ّسُول باس ْم َ‬ ‫و َلأبِي بَك ْر وعمر كَمَا فِي حَدِيث ابن ع ُم َر من الْخ ِلَاف‪ ،‬و َقَال ابن حَب ِيب و َيَق ُول إذ َا دَخ َل م َ ْ‬
‫شيْطَان َ‬
‫الر ّجِيم‬ ‫م ا ْغف ِر ل ِي ذ ُنُوبي و َاف ْت َح ل ِي أب ْوَاب رَحْمَت ِك وَجَن ّت ِك و َاحْ ف َ ْظنِي م ِن ال َ ّ‬ ‫الل ّه وملائكة عَلَى مُحَم ّد َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سلَام عَلَي ْنَا من ر َبّنَا وصلى َ‬
‫ث ُم ّ اق ْصِ د ِإلَى َ‬
‫الر ّ ْوضَة وَهِي م َا بَي ْن القَب ْر و َالْمنِ ْب َر فَا ْركَع ف ِيهَا رَكْ ع َتَي ْن قَب ْل و ُق ُوف ِك بالْقَب ْر تحمد الل ّٰه فبهما و َتَسْألُه تَمَام م َا خرجت‬
‫__________‬
‫)قوله القنديل( بكسر القاف وأما بفتحها فالعظيم الرأس )قوله وفى العتبية( بضم العين المهملة وسكون المثناة الفوقية بعدها موحدة‬
‫و ياء للنسبة إلى فقيه الأندلس محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبى القرطبى مصنفها وهو ابن موالى عُت ْب َة َ بن أَ بِي سفيان )*(‬
‫س َل ّم )م َا بَيْنَ بَيْتِي وَمِن ْبَر ِي‬ ‫الر ّ ْوضَة أَ فْضَل و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الر ّ ْوضَة أجزأناك و َفِي َ‬
‫إلي ْه و َالعَو ْن عَلَي ْه وإن كانت كعتاك فِي غَي ْر َ‬

‫يح ْضُرُك َ و َتُسَل ِّم عَلَى أَ بِي‬ ‫ض الْج َنَ ّة ِ‪ ،‬وَمِن ْبَر ِي عَلَى تُرْعَة ٍ م ِنْ ترع الجنة( ثم تَق ِْف ب ِالْقَبْر ِ م ُت َوَا ِ‬
‫ضع ًا م ُت َو َق ِّرًا فَتُصَل ِّي عَلَيْه ِ و َٺُثْنِي بِمَا َ‬ ‫ر َ ْوضَة ٌ م ِنْ رِي َا ِ‬

‫الل ّه عليه وسلم بالليل والنهار ولا تدع أن تأتي مسجد قبا و َقُب ُور ال ُش ّهَد َاء‪،‬‬
‫بَك ْر وعمر و َت َ ْدع ُو لهما وأكثر من الصلاة في مسجد النبي صلى َ‬
‫س َل ّم إذ َا دَخ َل وَخ َرج يَعْنِي فِي ال ْمَدِين َة و َف ِيم َا بَي ْن ذَل ِك قَال مُح َم ّد و َإذ َا خَر َج‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫قَال م َال ِك فِي ك ِتَاب مُح َم ّد‪ :‬و َيُسَل ّم عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم أَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جع َل آخِر ع َ ْهدِه الو ُق ُوف ب ِالْقَب ْر وَكَذَل ِك من خَر َج مُسَاف ِرًا‪ ،‬وَرَو َى ابن وَه ْب ع َن فاطِمة بِن ْت َ‬
‫َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه وسلم وقل اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح ل ِي أب ْوَاب رَحْمَت ِك وإذا‬ ‫ل عَلَى َ‬
‫ص ّ‬ ‫س َل ّم قَال )إذ َا دَخ َل ْت ال ْم َ ْ‬
‫سجِد ف َ َ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫ل‬
‫ص ّ‬ ‫ل عَلَى َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم وقل اللهم ا ْغف ِر ل ِي ذ ُنُو بِي و َاف ْت َح ل ِي أب ْوَاب ف َضْ لِك و َفِي رِو َايَة أخرى فَل ْيُسَل ّم م َكان فَل ْي ُ َ‬ ‫ص ّ‬
‫خَرَجَت ف َ َ‬

‫ِيم( وَع َنْ مُح َم ّد بن سِيرين‪ :‬ك َان َ‬


‫الن ّاس‬ ‫ن َ‬
‫الر ّج ِ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شيْطَا ِ‬ ‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م احْ ف َ ْظنِي م ِ َ‬ ‫ك و َفِي ُأ ْ‬
‫خر َى َ‬ ‫م ِإ َن ّي أَ سْ أَ ل ُ َ‬
‫ك م ِنْ ف َضْ ل ِ َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫ف ِيه و َيَق ُول إذ َا خَر َج َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٣‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫الل ّه خَر َجْ نَا‬


‫الل ّه دَخ َل ْنَا وب ِاسم َ‬
‫الل ّه وبركاتُه ب ِاسم َ‬ ‫سلَام عَلَي ْك أ ُ ّيهَا َ‬
‫الن ّبِيّ ورحمة َ‬ ‫الل ّه وملائ ِكت ُه عَلَى مُحَم ّد ال َ ّ‬
‫سجِد صَلَ ّى َ‬
‫يَق ُولُون إذا دَخ َلُوا ال ْم َ ْ‬

‫سجِد قَال صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ‬ ‫س َل ّم إذ َا دَخ َل ال ْم َ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه تَو َ َكّل ْنَا‪ ،‬وكانوا يقولون إذ َا خَرَجُوا مِث ْل ذَل ِك‪ ،‬وَع َن فاطمة أيْضًا ك َان َ‬ ‫و َعَلَى َ‬
‫الل ّه وَس ََم ّى وَصَلَ ّى عَلَى النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وَذَك َر مِثْلُه‪ ،‬و َفِي رِو َايَة باسم‬ ‫ل حَدِيث فاطمة قَب ْل هَذ َا و َفِي رِو َايَة حَم ِد َ‬
‫عَلَى مُحَم ّدٍ‪ ،‬ث ُم ّ ذَك َر َ مِث ْ َ‬
‫الل ّه والسلام عَلَى رَسُول الل ّٰه‪ ،‬وَع َن غَيْر ِه َا‬
‫َ‬
‫ك و َيَس ِ ّرْ ل ِي أَ ب ْوَابَ رِزْقِكَ( وَع َن أَ بِي ه ُر َي ْر َة‬ ‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م اف ْت َحْ ل ِي أَ ب ْوَابَ رَحْمَت ِ َ‬ ‫سجِد قَال َ‬
‫س َل ّم إذ َا دَخ َل ال ْم َ ْ‬
‫كان رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫م اف ْت َحْ ل ِي( و َقَال م َال ِك فِي ال ْمَبْس ُوط و َلَي ْس يلَ ْز َم من دَخ َل‬ ‫س َل ّم و َل ْيَق ُل َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل عَلَى َ‬
‫ص ّ‬ ‫إذ َا دَخ َل أحَد ُكُم ال ْم َ ْ‬
‫سجِد فَل ْي ُ َ‬
‫ن‬ ‫سجِد وَخَر َج مِن ْه من أَ ه ْل ال ْمَدِين َة ال ْو ُق ُوف ب ِالْقَب ْر و َِإ َن ّمَا ذَل ِك لِل ْغ ُر َب َاء و َقَال ف ِيه أيْضًا ل َا ب َأس لمن قَدِم من َ‬
‫سف َر أَ و خَر َج ِإلَى سفر أَ ّ‬ ‫ال ْم َ ْ‬
‫سف َر وَل َا‬ ‫س َل ّم فَيُصَلَ ّي عَلَي ْه و َي َ ْدع ُو لَه و َل ِأَ بِي بَك ْر وعمر فَق ِيل لَه إ ّ‬
‫ن ن َاسًا من أَ ه ْل ال ْمَدِين َة ل َا ي َ ْقدُم ُون من َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يَق ِف عَلَى قَب ْر َ‬
‫ي ُريد ُونَه ي َ ْفع َلُون ذَل ِك فِي ال ْيَو ْم م َ َّرة أَ و أكْ ث َر ور َُب ّمَا و َقَف ُوا فِي ا ْلجم ُُع َة أَ و فِي الأيام ال ْم ََر ّة أَ و ال ْم ََر ّتَي ْن أَ و أكْ ث َر عِن ْد الْقَب ْر فيسلمون ويدعو سَاعة‬
‫فَق َال لَم يَب ْلُغْنِي هَذ َا ع َن أَ ح َد من أَ ه ْل الْفِقْه ببَِلَد ِن َا و َتَرْك ُه و َاسِـع وَل َا يُصْ ل ِح آخِر هَذِه ا ْل ُأ َمّة إ َلّا م َا أصْ لَح أ َ ّولَهَا و َلَم يَب ْلُغْنِي ع َن أَ َ ّول هَذِه‬

‫ا ْل ُأ َمّة و َ َ‬
‫ص ْدرِه َا انهم ك َانُوا يَفْعلُون ذَل ِك‪ :‬و يُك ْر َه إ َلّا لم َِن ج َاء من َ‬
‫سف َر أَ و أراد َه‪ ،‬قَال ابن الْق َاسِم وَر َأَ ي ْت أَ ه ْل ال ْمَدِين َة إذ َا خَرَجُوا مِنْهَا أَ و‬
‫صد ُوا لِذَل ِك و َأَ ه ْل ال ْمَدِين َة مُق ِيم ُون‬ ‫دَخ َلُوه َا أتَوا الْقَب ْر فَس ََل ّم ُوا‪ ،‬قَال وَذَل ِك ر َأْ ي قَال الباجيّ فَفَر ْق بَي ْن أَ ه ْل ال ْمَدِين َة و َال ْغ ُر َب َاء ل ِأَ ّ‬
‫ن ال ْغ ُر َب َاء ق َ َ‬
‫الل ّه ِ عَلَى قَو ْ ٍم َاتّ خَذ ُوا‬
‫تج ْع َلْ قَبْرِي و َثَنًا يُعْبَد ُ‪ ،‬اشْ ت َ ّد غَضَبُ َ‬ ‫الل ّه ُ َ ّ‬
‫م ل َا َ‬ ‫س َل ّم‪َ ،‬‬ ‫بِهَا لَم يَقْصِ د ُوها من أجْل الْقَب ْر و َالتّسْل ِيم‪ ،‬و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫تجْع َلُوا قَبْر ِي عِيدًا( وَم ِن ك ِتَاب أَ حْم َد بن سَع ِيد الهِنْدِيّ ف ِيمن و َق َف ب ِالقبر‪ :‬ل َا يلَْصَق ب ِه وَل َا يَمَسّه وَل َا‬
‫جد َ( و َقَال )ل َا َ‬
‫قبور أنبيائهم مَسَا ِ‬
‫َب م َوَاضِـع الت ّن َُ ّفل‬
‫س َل ّم و َأح ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سلَام فِي مسجد َ‬ ‫يَق ِف عِنْد َه َطوِ يل ًا‪ ،‬و َفِي ال ْعُت ْب َِي ّة يَبْد َأ ُ‬
‫بالر ّكوع قَب ْل ال َ ّ‬

‫فصل فيما يلزم من دخل مسجد النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من الأدب سوى ما قدمناه وفضله وفضل الصلاة فيه وفى مسجد‬ ‫‪٣.٤.٩‬‬
‫مكة وذكر قبره ومنبره وفصل سكنى المدينة ومكة‬

‫الصّ ف ُوف والتنفل ف ِيه لِلْغَُرب َاء أح ّ‬


‫َب إلى من التنفل فِي البيوت‬ ‫الت ّق َ ُ ّدم ِإلَى ُ‬
‫حي ْث الْعَم ُود ال ْم ُخ ََل ّق‪ ،‬و َأَ َمّا فِي الْفَرِ يضَة ف َ َ‬ ‫ف ِيه مُصَلَ ّى َ‬
‫الن ّبِيّ َ‬
‫سجِد م َ َك ّة وَذَك َر‬ ‫س َل ّم م ِن الْأَ د َب سِو َى م َا ق َ ّدمْنَاه و َف َضْ لِه و َف َضْ ل َ‬
‫الصّ لَاة ف ِيه و َفِي م َ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سجِد َ‬
‫فصل ف ِيم َا يلَ ْز َم من دَخ َل م َ ْ‬
‫سكْنى ال ْمَدِين َة وم َ َك ّة‪.‬‬
‫قبْر ِه وَمَن ْبَر ِه وفصل ُ‬
‫جدٍ ه ُو َ؟‬ ‫ل أَ ُيّ م َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ل يَو ْ ٍم أَ ح َُقّ أَ ْن تقوم فيه( روي أن النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫س َل ّم سُئ ِ َ‬ ‫الت ّقْو َى م ِنْ أَ َ ّو ِ‬ ‫جدٌ ُأ ّس َ‬
‫ِس عَلَى َ‬ ‫س ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى )لَم َ ْ‬
‫قَال َ‬
‫جدِي هَذ َا( و َه ُو َ قول ابن المسيب وزيد بن ثابت و َاب ْن ع ُم َر ومالك بن أَ نَس و َغَيْرِه ِم‪.‬‬
‫س ِ‬
‫ل )م َ ْ‬
‫قَا َ‬
‫النمَّر ُِيّ‬
‫ن مُح َم ّدٍ الْحَاف ُِظ حدثنا أبو ع ُم َر َ َ‬‫ل ح َ َ ّدثَنَا الْحُسَيْنُ ب ْ ُ‬ ‫ن أَ حْمَد َ الْفَق ِيه ُ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ قَا َ‬ ‫سجِد قُبَاء ح َ َ ّدثَنَا هِشَام ُ ب ْ ُ‬ ‫وَع َن ابن ع ََب ّاس َأن ّه م َ ْ‬

‫ِب‬
‫ِي عن سعيد ابن ال ْمُسَي ّ ِ‬ ‫ن ُ‬
‫الز ّهْر ّ ِ‬ ‫سفْيَانُ ع َ ِ‬ ‫ن د َاسَة َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا مُسَ َ ّدد ٌ ح َ َ ّدثَنَا ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أبو محمد بن عبد المومن ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَكْر ِ ب ْ ُ‬
‫جدِي هَذ َا‬
‫س ِ‬
‫جدِ الْحَرَا ِم وَم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ل ِإ َلّا ِإلَى ثَلاثَة ِ مَسَا ِ‬
‫جد َ‪ :‬ال ْم َ ْ‬ ‫س َل ّم َ قَالَ‪) :‬ل َا تُش َ ُ ّد َ‬
‫الر ّح َا ُ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ ع َ ِ‬
‫ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ رَض ِي َ‬
‫الل ّه بن عَم ْرو‬ ‫س َل ّم عِن ْد دُخُول ال ْم َ ْ‬
‫سجِد( وَع َن عَب ْد َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سلَام عَلَى َ‬
‫الصّ لَاة وال َ ّ‬
‫جدِ الْأَ ق َص َى( و َق َد تَق َدم َت الآثار فِي َ‬
‫س ِ‬
‫و َال ْم َ ْ‬
‫ن‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شيْطَا ِ‬ ‫سجِد قَال‪ :‬أَ ع ُوذ ُ ب َِالل ّه ِ ال ْعَظ ِ‬
‫ِيم و َب ِو َجْ هِه ِ الـْكَر ِي ِم وَسُلْطَانِه ِ الْقَدِي ِم م ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم كان إذ َا دَخ َل ال ْم َ ْ‬ ‫بن العاص أَ ّ‬

‫ِيم و َقَال م َال ِك‬ ‫َ‬


‫الر ّج ِ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٤‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫)قوله روي أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم سأل أي مجسد( أخرج هذا الحديث مسلم في آخر المالك والترمذي والـكسائي في التفسير )*(‬
‫سجِد فَد َعَا بِصَاحِبه‬
‫صو ْت ًا فِي ال ْم َ ْ‬
‫الل ّه عَن ْه َ‬ ‫الل ّه سَم ِـع ع ُم َر بن الْخ َ ّ‬
‫طاب رَض ِي َ‬ ‫رَحِم َه َ‬
‫جد َن َا ل َا يُرْف َع ف ِيه الصوت‪ ،‬قال مُحَم ّد بن مَسْلم َة‪:‬‬
‫س ِ‬ ‫كن ْت من ه َاتَي ْن الْقَر ْيَتَي ْن ل ِأَ َدّب ْت ُك إ ّ‬
‫ن مَ ْ‬ ‫فَق َال م َِم ّن أن ْت؟ قَال‪ :‬رَج ُل من ثَق ِيف‪ ،‬قَال لَو ُ‬
‫سجِد ب ِر َف ْع الصّ و ْت ولا بشئ م ِن الْأَ ذ َى وأن يُنَز ّه ع ََم ّا يُك ْر َه‪ ،‬قَال الْق َاض ِي ح َك َى ذَل ِك ك َُل ّه الْق َاض ِي ِإسْمَاعِيل‬
‫ل َا يَن ْبَغ ِي لأح َد أن يَعْتَمِد ال ْم َ ْ‬
‫س َل ّم و َال ْع ُلَمَاء ك ُُل ّه ُم م َُت ّفِق ُون أَ ّ‬
‫ن حُكْم سَائ ِر ال ْمَسَاجد هَذ َا الحُك ُم‪ ،‬قَال الْق َاض ِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فِي مَبْس ُوطِه فِي باب فضل مسجد َ‬
‫س َل ّم الْجهْر عَلَى ال ْمُصَلّين ف ِيم َا يُخَل ّط عَلَيْه ِم صَلاته ُم و َلَي ْس م َِم ّا يُخ َّص‬ ‫الر ّسُول صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سجِد َ‬
‫ِإسْمَاعِيل و َقَال مُحَم ّد بن مَسْلَم َة و َيُك ْر َه فِي م َ ْ‬
‫سجِدن َا و َقَال أَ بُو ه ُر َي ْر َة عَن ْه صَلَ ّى‬ ‫بالت ّل ْب ِي َة فِي مَسَاجِد ا ْلجم ََاعَات إ َلّا ال ْم َ ْ‬
‫سجِد الْحَرَام وَم َ ْ‬ ‫الصّ و ْت َ‬
‫ب ِه ال ْمَسَاجِد ر َف ْع الصوت و َق َد كَر ِه ر َف ْع َ‬
‫اس فِي مَعْن َي هَذ َا‬ ‫ف َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ل الْق َاض ِي اخْ تَل َ َ‬
‫جدِ الْحَرَا ِم( قَا َ‬ ‫ْف صَلَاة ٍ ف ِيم َا سِوَاه ُ ِإ َلّا ال ْم َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫جدِي هَذ َا خَيْر ٌ م ِنْ أَ ل ِ‬ ‫س َل ّم )صَلَاة ٌ فِي م َ ْ‬
‫س ِ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫الاستثناء على اختلفاهم فِي ال ْمُف َاضَلَة ِ بَيْنَ م َ َك ّة َ و َال ْمَدِينَة ِ فَذ َه َبَ م َال ِكٌ في رواية أشْه َب عَن ْه وقاله ابن نافه صاحِب ُه وجماعة أصحابه ِإلَى أن‬
‫الر ّسُول أفضل م ِن الصلاة في سائر المساجد بألف‬ ‫الصّ لَاة فِي مسجد َ‬
‫ن َ‬
‫مَعْن َي الْحَدِيث أَ ّ‬
‫__________‬
‫كن ْت من هاتين القريتين( يريد مكة والمدينة )قوله الْق َاض ِي ِإسْمَاعِيل فِي مبسوطه( هو ابن اسحاق بن اسماعيل بن ح ََم ّاد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ز َيْدٍ‬ ‫)قوله لَو ُ‬
‫ن َ‬
‫الصّ لَاة فِي مسجد الرسول إلى‬ ‫الأزدي مولاهم البغدادي المالـكى توفى فجاءه سنة اثنين وثمانين ومائتين )قوله ِإلَى أن مَعْن َي الْحَدِيث أَ ّ‬
‫جدِي هذا‬ ‫آخره( قيل يرد هذا التأو يل ما في مسند أحمد من حديث عبد الل ّٰه ابن الزبير أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم قال )صَلَاة ٌ فِي م َ ْ‬
‫س ِ‬
‫جدِي هذا(‬
‫س ِ‬
‫سجِد الْحَرَام أفْضَل م ِن مائة صَلَاة ٌ فِي م َ ْ‬
‫ْف صَلَاة ٍ فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام‪ ،‬وَصَلَاة فِي ال ْم َ ْ‬
‫أفضل م ِنْ أَ ل ِ‬
‫قال حديث حسن )*(‬
‫س َل ّم أفْضَل م ِن َ‬
‫الصّ لَاة ف ِيه بِد ُون الأل ْف‪ ،‬و َاحْ تَجُوا بِمَا روي عن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ لَاة فِي مسجد َ‬
‫ن َ‬ ‫صَلَاة إ َلّا ال ْم َ ْ‬
‫سجِد الْحَرَام ف َِإ ّ‬

‫الر ّسُول صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫سجِد الْحَرَام خَي ْر من م ِائَة صَلَاة ف ِيم َا سِوَاه فَت َأْ تِي ف َضِ يلَة مسجد َ‬
‫الل ّه عَن ْه )صَلَاة فِي ال ْم َ ْ‬
‫عمر بن الخطاب رضي َ‬
‫س َل ّم بِتِسْعمِائَة و َعَلَى غَيْر ِه ب ِأل ْف وهذا مَبْنِيّ عَلَى تَفْضِ يل ال ْمَدِين َة عَلَى مكة عَلَى م َا ق َ ّدمْنَاه و َه ُو قَو ْل ع ُم َر بن الْخ َ ّ‬
‫طاب ومالك و َأكْ ث َر ال ْم َدني ّېن‬ ‫وَ َ‬
‫جيّ ع َن ال َ ّ‬
‫شافِعِيّ‬ ‫وَذ َه َب أَ ه ْل م َ َك ّة و َال ْـكُوف َة ِإلَى ت َ ْفضَيل م َ َك ّة و َه ُو قَو ْل عَطَاء و َاب ْن وَه ْب و َاب ْن حَب ِيب من ْ‬
‫أصحَاب م َال ِك وَح َكاه البَا ِ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫الل ّه بن ُ‬
‫الز ّبَي ْر ع َن َ‬ ‫سجِد الْحَرَام أفْضَل و َاحْ ت َُجّ وا بِ حَدِيث عَب ْد َ‬ ‫ن َ‬
‫الصّ لَاة فِي ال ْم َ ْ‬ ‫وَحَمَلُوا الاسْ تِث ْنَاء فِي الْحَدِيث المُت َقدّم عَلَى ظَاهِرِه و َأَ ّ‬
‫جدِي هَذ َا بِمِائَة صَلَاة( * وَرَو َى‬
‫س ِ‬ ‫سجِد الْحَرَام أفْضَل م ِن َ‬
‫الصّ لَاة فِي م َ ْ‬ ‫س َل ّم بِمِث ْل حَدِيث أَ بِي ه ُر َي ْر َة و َف ِيه )وَصَلَاة فِي ال ْم َ ْ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫سجِد الْحَرَام عَلَى هَذ َا عَلَى َ‬
‫الصّ لَاة فِي سَائ ِر ال ْمَسَاجِد بِمِائَة ألف وَل َا خِلَاف أن مَو ْضع قَبْر ِه أفْضَل‬ ‫قَتَاد َة مِثْلَه‪ ،‬فَي َأْ تِي ف َضْ ل َ‬
‫الصّ لَاة فِي ال ْم َ ْ‬
‫سجِد م َ َك ّة لِسَائ ِر ال ْمَسَاجِد وَل َا يُعْلَم مِن ْه ح ُ ْ‬
‫كمُه َا م َع‬ ‫بِق َاع الْأَ رْض‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيد الباجيّ‪ :‬ال َ ّذ ِي يَقْت َضِ يه الْحَدِيث ُ‬
‫مخَالف َة حَكْم م َ ْ‬
‫ن ذَل ِك فِي َ‬
‫الن ّافِلَة أيْضًا قَال‬ ‫ن هذا التفضيل َإن ّمَا ه ُو فِي صَلَاة الفَر ْض‪ ،‬وذ َه َب مُطَر ّف من ْ‬
‫أصحَابنَِا ِإلَى أَ ّ‬ ‫ال ْمَدِين َة‪ ،‬وَذ َه َب ال َ ّ‬
‫طح َاويّ ِإلَى أَ ّ‬

‫نح ْو َه و َقَال صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه‬ ‫الر ّ َزّاق فِي تَفْضِ يل رمضان ب ِال ْمَدِين َة و َغَيْرِه َا حديثًا َ‬
‫وَجُمُع َة ٌ خَي ْر من جُمُع َة وَرَمَضَان خَي ْر من رَمَضَان و َق َد ذَك َر عَب ْد َ‬
‫س َل ّم م َا بَيْنَ بيتى ومنبرى‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وحكاه الباجى( هو الحافظ أبو يحيى زكر يا بن يحيى العتبى البصري‪ ،‬أخذ الأشعري عنه مقالة أهل الحديث )*(‬
‫حوْض ِي( و َفِي حَدِيث آخ َر )مَن ْبَر ِي عَلَى تُرْعَة ٍ م ِنْ ت ُر َِع‬
‫ض الْج َنَ ّة ِ( ومثله ع َن أَ بِي ه ُر َي ْر َة و َأَ بِي سَع ِيد وَز َاد )وَمِن ْبَرِي عَلَى َ‬
‫ر َ ْوضَة ٌ م ِنْ رِي َا ِ‬
‫ن‬ ‫ظاه ِر م َع َأن ّه رُوِي م َا يُبَي ِّن ُه )بَيْنَ حُ ج ْرَتِي وَمِن ْبَر ِي( َ‬
‫والث ّاني أَ ّ‬ ‫سكْنَاه عَلَى ال َ ّ‬
‫ن المُرَاد ب ِال ْبَي ْت بَي ْت ُ‬ ‫الْج َنَ ّة ِ( قَال ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ ف ِيه مَعْنَيَان أحَد ُهُمَا أَ ّ‬
‫طبَرِيّ و َإذ َا ك َان قَب ْر ُه فِي بَي ْت ِه َات ّفَق َت مَع َانِي‬
‫البَي ْت هنا القَب ْر و َه ُو قَو ْل ز َي ْد بن أسْ لَم فِي هَذ َا الْحَدِيث كَمَا رُوِي بَي ْن قَبْرِي وَمِن ْبَرِي‪ ،‬قَال ال َ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٥‬‬
‫القسم الثاني )فيما يجب على الأنام من حقوقه صلى الل ّٰه عليه وسلم(‬ ‫‪٣‬‬

‫يح ْتَمِل َأن ّه مِن ْب َر ُه بِعَي ْن ِه ال َ ّذ ِي ك َان فِي‬


‫حوْض ِي( ق ِيل َ‬ ‫الرّو َايات و َلَم يَكُن بَيْنَهَا خِلَاف ل ِأَ ّ‬
‫ن قَبْر َه فِي حُ ج ْرَت ِه و َه ُو بَي ْت ُه‪ ،‬و َقَو ْلُه )وَمِن ْبَرِي عَلَى َ‬
‫ن ق َصْ د مِن ْبَرِه و َالْحُضُور عِن ْده ُ لملازمة الأعمال الصلالحة يُورد الْحَو ْض و َيُوجب‬
‫َالث ّالث أَ ّ‬ ‫ال ُد ّن ْيَا و َه ُو أظْ ه َر و َ‬
‫َالث ّانِي أَ ْن يَكُون لَه هناك مِن ْب َر و َ‬
‫ن ال ُد ّعَاء و َ‬
‫َالصّ لَاة ف ِيه يَسْتَحِقّ‬ ‫يح ْتَمِل معْنَيَي ْن أحَد ُهُمَا َأن ّه م ُوجِب لِذَل ِك و َأَ ّ‬ ‫ال ُش ّرْب مِن ْه قَالَه البَا ِ‬
‫جيّ‪ ،‬و َقَو ْلُه )ر َ ْوضَة من رِي َاض الْجَ ّنة( َ‬
‫الل ّه فَتَكُون فِي الْجَ ّنة بِعَيْنَهَا‪ ،‬قَالَه ال َد ّاو ُديّ *‬ ‫الث ّوَاب كَمَا ق ِيل‪ :‬الْجَ ّنة تحت ظلال السيوف والثانى أَ ّ‬
‫ن تِل ْك الب ُ ْقع َة ق َد يَنْق ُلُه َا َ‬ ‫ذَل ِك م ِن َ‬
‫ش َ ّدتِهَا أَ حَدٌ ِإ َلّا ُ‬
‫كن ْتُ لَه ُ شَه ِيدًا‬ ‫س َل ّم قَال فِي ال ْمَدِين َة )ل َا يَصْ ب ِر ُ عَلَى لأْ و َائِهَا و َ ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَرَو َى ابن ع ُم َر وَجَمَاع َة م ِن َ‬
‫الصّ ح َابَة أَ ّ‬
‫)إ َن ّمَا ال ْمَدِين َة ُ ك َال ْـكِير ِ تَنْفِي خَبَثَهَا و َيَن ْ َ‬
‫ص ُع‬ ‫ن ال ْمَدِينَة ِ )و َال ْمَدِين َة ُ خَيْر ٌ لَه ُ ْم لَو ْ ك َانُوا يَعْلَم ُونَ( و َقَال ِ‬ ‫ل فَيم َنْ تَح ََم ّ َ‬
‫ل عَ ِ‬ ‫شف ِيع ًا يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( و َقَا َ‬
‫أَ ْو َ‬
‫ج‬
‫يخ ْر ُ ُ‬
‫طِيبُهَا( و َقَال )ل َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله على لأوائها( أي شتائها وصيفها )قوله شفيعا أو شهيدا( أي شفيعا لبعضهم أو شهيدا لبعضهم‪ ،‬فأو‪ :‬هنا للتقسيم وليس للشك من‬
‫الراوى لأنه رواه عدة من الصحابة بهذا اللفظ )قوله كالـكير( قال ابن الأثير‪ :‬كير الحداد هو المبنى من الطين وقيل الزق الذى ينفخ‬
‫به النار‪ ،‬والمبنى من الطين‪ :‬الـكور )*(‬
‫ن ال ْمَدِينَة ِ رَغْب َة ً عَنْهَا ِإ َلّا أَ بْد َلَهَا َ‬
‫الل ّه ُ خَيْر ًا مِن ْه‪.‬‬ ‫أَ حَدٌ م ِ َ‬
‫حسَابَ عَلَيْه ِ وَل َا عَذ َابَ ( و َفِي‬ ‫س َل ّم )م َنْ م َاتَ فِي أَ حَدِ الْحَرَم َيْنِ ح َا ًجّا أَ ْو مُعْتَمِرًا بَع َث َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ ل َا ِ‬ ‫وَر ُوي عَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ُت بِهَا ف َِإن ِ ّي أَ شْ ف َ ُع لم َِنْ يَمُوتُ بِهَا( * و َقَال‬
‫ن اسْ تَطَاعَ أَ ْن يَمُوتَ ب ِال ْمَدِينَة ِ فَل ْيَم ْ‬
‫ن اب ْ ِن ع ُم َر َ)م َ ِ‬
‫ن الآم ِنِينَ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( وَع َ ِ‬
‫ق آخَر َ )بُع ِثَ م ِ َ‬
‫َطرِ ي ٍ‬
‫الن ّار و َق ِيل ك َان ي َأْ م َن م ِن ال َ ّ‬
‫طلَب‬ ‫س ل َل ّذ ِي ببِ َ َك ّة َ م ُبَارَك ًا( ِإلَى قَو ْلِه ِ‪) :‬آم ِنًا( قَال بَعْض ال ْمُفَس ِّر ِين آم ِنًا م ِن َ‬
‫ْت وُضِـ َع ل ِ َلن ّا ِ‬ ‫ن أَ َ ّو َ‬
‫ل بَي ٍ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫تَع َالَى‪ِ :‬‬
‫من أحْد َث حَد َث ًا خ َارج ًا ع َن الْحَر َم وَلَجَأ إلي ْه فِي الْجا َه ِل َِي ّة‪.‬‬
‫ن‬
‫سعْد ُون الْخَو ْلانِيّ ب ِال ْمُن َستير ف َأَ ع ْلَم ُوه أَ ّ‬ ‫س و َأَ مْنًا( على قوله بَعْضِه ِ ْم * وَحُكِي أَ َ ّ‬
‫ن قَوْم ًا أَ تَو ْا َ‬ ‫جعَل ْنَا ال ْبَي ْتَ م َثَابَة ً ل ِ َلن ّا ِ‬
‫و َهَذ َا مِث ْل قَو ْلِه‪) :‬و َِإ ْذ َ‬
‫شي ْئًا و َبَقِي أب ْي َض ال ْبَد َن فَق َال‪ :‬لَعلَ ّه حَ ج ّ ثَلَاث ِحج َج؟ قَالُوا نَع َم‪ ،‬قَال‬ ‫الن ّار طُول َ‬
‫الل ّي ْل فَلَم تَعْم َل ف ِيه َ‬ ‫ك ُتاَم َة قَتَلُوا رَج ُل ًا و َأضْرَم ُوا عَلَي ْه َ‬
‫الل ّه ِ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ شَع َرَه ُ و َبَشَرَه ُ عَلَى َ‬
‫الن ّارِ‪ ،‬و َلَم ّا نَظَر َ رَسُو ُ‬ ‫ن ر ََب ّه ُ‪ ،‬وَم َنْ حَ َ ج ّ ثَلاثَ ِحج ٍَج ح َرّم َ َ‬
‫ن م َنْ حَ َ ج ّ حَ َ ج ّة ً أَ َدّى فَرْضَه ُ وَم َنْ حَ َ ج ّ ث َانيِ َة ً د َاي َ َ‬
‫ح ُ ّدِث ْتُ أَ َ ّ‬

‫س َل ّم )م َا‬ ‫ك و َأَ ْعظَم َ ح ُ ْرم َتِكَ( و َفِي الْحَدِيث عَن ْه صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ْت م َا أَ ْعظَم َ َ‬ ‫ك م ِنْ بَي ٍ‬
‫كعْبَة ِ قَالَ‪) :‬م َْرحَبًا ب ِ َ‬ ‫س َل ّم َ ِإلَى ال ْـ َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫س َل ّم َ )م َنْ صَلَ ّى خ َل َْف‬ ‫َاب‪ ،‬وَعَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن الْأَ سْ وَدِ ِإ َلّا اسْ ت َج َابَ َ‬
‫الل ّه ُ لَه ُ( وَكَذَل ِك عِنْد َ الْمِيز ِ‬ ‫الل ّه َ تَع َالَى عِنْد َ ُ‬
‫الر ّكْ ِ‬ ‫م ِنْ أَ حَدٍ ي َ ْدع ُو َ‬
‫ن الآم ِنِينَ( قال الفقيه‬
‫حشِر َ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ م ِ َ‬ ‫ال ْمَق َا ِم رَكْ ع َتَيْنِ غُف ِر َ لَه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْبِه ِ وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫خر َ و َ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله سعدون( بفتح السين المهملة‪ ،‬والقياس صرفه وصرف حمدون‪ ،‬وقد وقعا في كتب الحديث المعتمدة غير مصروفين )قوله‬
‫بالمنستير( بميم مضمومة فنون مفتوحة فسين مهملة ساكنة فمثناة فوقية مكسورة‪ :‬مكان بالقيروان )*(‬

‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ُأسَام َة َ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬


‫ن أَ حْمَد َ ب ْ ِن محمد ال ْه َرَو ُِيّ‬ ‫س ال ْع ُ ْذر ُِيّ قَا َ‬
‫القاضي أبو الفضل فرأت على القاضى الحافظى أَ بِي عَلِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْع ََب ّا ِ‬
‫ِيس سَمِعْتُ ا ْلحم َُيْد َِيّ قَالَ‪ :‬سَمِعْتُ ُ‬
‫سفْيَانَ‬ ‫ن ِإ ْدر َ‬
‫شدٍ سَمِعْتُ أَ ب َا بَكْر ٍ مُحَم ّد َ ب ْ َ‬
‫ن ب ْ ِن ر َا ِ‬
‫ن الْحَسَ ِ‬
‫ن مُحَم ّد َ ب ْ َ‬
‫ق سَمِعْتُ أَ ب َا الْحَسَ ِ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا الْحَسَ ُ‬
‫ن ابن رَشِي ٍ‬
‫س َل ّم َ يَق ُو ُ‬
‫ل )م َا د َعَا أحد شئ فِي هَذ َا‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل سَمِعْتُ رَسُو َ‬ ‫ن ع ََب ّا ٍ‬
‫س يَق ُو ُ‬ ‫ل سَمِعْتُ اب ْ َ‬
‫ن دِينَا ٍر قَا َ‬
‫ل سَمِعْتُ عَم ْر َو ب ْ َ‬
‫ن ع ُيَي ْن َة َ قَا َ‬
‫بْ َ‬
‫ال ْمُل ْتَز َ ِم ِإ َلّا اسْ تُجِيبَ لَه ُ( قَال ابن عباس وأنا فما دعوت الل ّٰه شئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم إلا‬
‫ن دِينَا ٍر وأنا فما دعوت الل ّٰه تعالى بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من ابن عباس إ َلّا اسْ تُجِيب ل ِي‪ ،‬وقال‬
‫استجيب لي‪ ،‬وقال عَم ْر َو ب ْ َ‬
‫سفيان وأنا فما دعوت الل ّٰه بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من عَم ْرو إ َلّا استجيب لي‪ ،‬قَال ا ْلحم َُيْدِيّ و َأَ ن َا فَمَا دعوت الل ّٰه شئ في هذا‬
‫سفْيَان إ َلّا اسْ تُجِيب ل ِي‪ ،‬و َقَال مُحَم ّد بن إدريس وأنا فما دعوت الل ّٰه بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا م ِن‬
‫الملتزم منذ سمعت هذا من ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٦‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ا ْلحم َُيْدِيّ إ َلّا اسْ تُجِيب ل ِي‪ ،‬و َقَال أَ بُو الْحَسَن مُحَم ّد بن الْحَسَن و َأَ ن َا فَمَا دَعَو ْت َ‬
‫الل ّه بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من مُحَم ّد بن إدريس‬
‫الل ّه بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا م ِن‬ ‫إ َلّا استجِيب ل ِي‪ :‬قَال أَ بُو ُأسَام َة وَم َا أذك ُر الْحَسَن بن رَشِيق قَال ف ِيه َ‬
‫شي ْئًا و َأَ ن َا فَمَا دعوت َ‬
‫الْحَسَن بن رشيق إ َلّا استجيب ل ِي من أمْر ال ُد ّن ْيَا و َأَ ن َا أ ْرجُو أن يُسْت َج َاب ل ِي من أمْر الآ ِ‬
‫خر َة قَال الع ُ ْذرِيّ و َأَ ن َا فَمَا دعوت الل ّٰه بشئ في‬

‫هذا الملتزم منذ سمعت هذا من أَ بِي ُأسَام َة إ َلّا استجيب ل ِي قَال أَ بُو عَلِيّ و َأَ ن َا فَق َد دَع َوت َ‬
‫الل ّه ف ِيه ب ِأشْ يَاء كثيرة استجيب‬
‫__________‬
‫)قوله الملتزم( هو ما بين الحجر الأسود وباب الـكعبة‪ ،‬قال الأزرقي هو قدر أربعة‬
‫أذرع‪ ،‬سمى بذلك لان الناس يلتزمونه في الدعاء )*(‬

‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫سع َة ف َضْ لِه أَ ْن يَسْتَجِيب ل ِي بَق َِي ّتَهَا‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو الفضل ذَكَر ْن َا نُبَذًا من هذه النّكَت فِي هَذ َا الْف َصْ ل و َِإ ْن لَم‬
‫ل ِي بَعْضُه َا وأنا أ ْرجُو من ِ‬
‫تَكُن م ِن ال ْبَاب لتملقها بالْف َصْ ل ال َ ّذ ِي قَبْلَه ح ْرصًا عَلَى تَمَام الف َائِدة والل ّٰه المُو ََف ّق لِلصّ وَاب ب ِرَحْمَت ِه‬
‫س َل ّم وَم َا يَسْتَحِيل فِي َ‬
‫حقّه أَ و يَج ُوز عَلَي ْه وَم َا يَم ْتَن ِـع أَ و يَصِ حّ م ِن الأحْ وَال الب َشَر ِي ّة أن يضاف‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الْق َس َم الثالث ف ِيم َا يَجب َ‬
‫إليه‪:‬‬
‫ل‬
‫ن م َْر ي َم َ ِإلا رَسُو ٌ‬
‫ح اب ْ ُ‬
‫ل أفائن مات أو قتل( الآية‪ ،‬وقال تعالى )م َا ال ْمَسِي ُ‬
‫س ُ‬ ‫ل ق َ ْد حلت م ِنْ قَبْلِه ِ ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )وَم َا مُحَم ّدٌ ِإلا رَسُو ٌ‬
‫قال َ‬
‫ن ال ْمُرْسَلِينَ ِإلا ِإ َ ّنه ُ ْم لَي َأْ ك ُلُونَ ال َ ّ‬
‫طع َام َ و َيَمْش ُونَ فِي‬ ‫ك مِ َ‬
‫ن الطعام( و َقَال )وَم َا أَ ْرسَل ْنَا قَب ْل َ َ‬ ‫ل و َ ُأ ُمّه ُ ِ‬
‫ص ّدِيق َة ٌ ك َان َا ي َأْ ك ُلا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ت م ِنْ قَبْلِه ِ ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫ق َ ْد خ َل َ ْ‬
‫س َل ّم وَسَائ ِر الْأَ ن ْب ِيَاء م ِن البشر أرسلوا إلى الب َش َر‬ ‫ح َمّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الأسواق( و َقَال تَع َالَى )قُلْ ِإ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ مِثْلـُك ُ ْم يُوحَى ِإل َيّ( الآيَة َ فَم ُ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى( و َلَو ْ جَعَل ْنَاه ُ م َلَك ًا لَجَعَل ْنَاه ُ رَج ُلا( أَ ي لَما ك َان إلا في صُور َة‬
‫مخَاطَبَتَه ُم قَال َ‬ ‫و َلَوْل َا ذَل ِك لَما أطَاق َ‬
‫الن ّاس مُق َاوَمَتَه ُم و َالق َب ُول عَنْه ُم و َ ُ‬
‫ض‬
‫مخَالَطَتُه ُم إذ ل َا تُط ِيق ُون مُق َاوَم َة الملك ومحاطبته وَرُؤْيَتِه إذ َا ك َان عَلَى صُور َت ِه‪ ،‬و َقَال تَع َالَى )ق ُلْ لَو ْ ك َانَ فِي الأَ ْر ِ‬ ‫الب َش َر الذين يُمْكِنُك ُم ُ‬
‫جنْسِه أَ و من خصه‬ ‫الل ّه إ ْرسَال الملَ َك إ َلّا لم َِن ه ُو من ِ‬ ‫سم َاء ِ م َلَك ًا رَسُولا( أَ ْ‬
‫ي ل َا يُمْكِن فِي س َُن ّة َ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫م َلائِكَة ٌ يَمْش ُونَ م ُ ْطم َئ ِنِّينَ لَنَز ّل ْنَا عَلَيْه ِ ْم م ِ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى وبين‬
‫سلَام وَسَائ ِط بَي ْن َ‬ ‫الل ّٰه تعالى واصطفاه وفواه عَلَى مُق َاوَم َت ِه ك َالْأَ ن ْب ِيَاء والرسل فالأنبياء و ُ‬
‫َالر ّسُل عَلَيْه ِم ال َ ّ‬
‫خنقه يُبَل ّغ ُونَه ُم أو َام ِرَه و َنَواه ِيه وَوَعْد َه وَوَعِيد َه و َيُع َرِّف ُونَه ُم بِمَا لَم يَعْلَم ُوه من أمره وحلقه وَج َلالِه وَسُلْطَان ِه وَج َب َر ُوت ِه وَم َلـَكُوت ِه فَظَوَاه ِر ُه ُم‬
‫و َأَ جْ سَاد ُه ُم و َبِن ْيَتُه ُم م َُت ّصف َة ب ِأَ ْوصَاف ال ْب َش َر طَارِئ عَلَيْهَا م َا يَطْرَأ عَلَى البشر من الأعراض و َالْأسْ ق َام و َال ْمَو ْت و َالف َنَاء و َنُع ُوت الإنْس َانيِ ّة‬
‫الت ّغ َ ُي ّر والآفات لا يلحفها‬
‫حه ُم و َبَواطِنُه ُم م ُت ّصِ ف َة ب ِأَ ع ْلَى من أَ ْوصَاف ال ْب َش َر م ُتَعَلّق َة ب ِال ْمَلإ الْأَ ع ْلَى م ُتَشَبِّه َة ب ِصِ ف َات ال ْمَلَائِك َة سَلِيم َة م ِن َ‬
‫و َأ ْرو َا ُ‬
‫ضعْف الإنْس َان َيِ ّة ِإذ لَو ك َان َت بواطنهم خالصة للبشيرة َ‬
‫كظَوَاهِرِه ِم لَما أطَاق ُوا الْأخْذ ع َن ال ْمَلَائِك َة وَرُؤْيَتَه ُم ومخاطبتهم‬ ‫غَالِبًا عَج ْز ال ْب َش َر َي ّة وَل َا َ‬
‫صف َات ال ْب َش َر لَما أطَاق ال ْب َش َر‬
‫ومخالتهم كَمَا ل َا يُط ِيق ُه غَي ْرهم م ِن ال ْب َش َر و َلَو ك َان َت أجْ سَاد ُه ُم وَظَوَاه ِر ُه ُم م ُت ّسمة بنِ ُع ُوت ال ْمَلَائِك َة و َبِ خ ِلَاف ِ‬

‫و َمن ُأ ْرسِلُوا إلي ْه ُ‬


‫مخَالطَتَه ُم كَمَا تَق َ َ ّدم من قول َ‬
‫الل ّه تَع َالَى‪.‬‬
‫كن ْت م َُت ّ ِ‬
‫خذًا‬ ‫س َل ّم )لَو ُ‬ ‫جه َة الْأَ ْرو َاح و َال ْب َوَاطِن م َع ال ْمَلَائِك َة‪ ،‬كَمَا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فَجُع ِلُوا من جهة الْأجْ سَام و َال َ ّ‬
‫ظوَاه ِر م َع ال ْب َش َر وَم ِن ِ‬

‫من ُأ َمّتِي خ َلِيل ًا َ‬


‫لاتّ خَذْت أَ ب َا بكر خليلا ولـكن أحوة الْإسْ لام لـَكِن صَاحِبُك ُم خ َلِيل َ‬
‫الر ّحْمن( وكما قَال )تام عَي ْنَايَ وَل َا يَنَام ُ قَلْبِي( إن ّي‬
‫ل يُطْعِم ُني ر َب ّي و َي ُ ْسق ِيني فَب َوَاطنُه ُم م ُن َز ّه َة ع َن الآفات مُطَ َهّر َة ع َن القائص والاعتلالات‪ ،‬وهذا جُم ْلَة لَن يَكْتَفَي‬
‫كهَي ْئَتِك ُم إن ّي أ َظ ّ‬
‫لَسْت َ‬
‫الل ّه تَع َالَى و َه ُو حَسبي و َنِعْم الوكيل‬ ‫ل ذي ه َِم ّة بَل الْأَ كْ ث َر َ‬
‫يح ْتاج ِإلَى بَسْط وتفضيل عَلَى م َا ن َأْ تِي ب ِه بَعْد هَذ َا فِي ال ْبَابَي ْن بَعَو ْن َ‬ ‫بِم َضْ م ُونهَا ك ُ ّ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٧‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫)قوله إنى أظل( بفتح الظاء المعجمة )قوله يطعمنى( قيل على ظاهره وإطعام أهل الجنة لا يفطر وقيل معناه يجعله في قوة الطاعم‬
‫والشارب )*(‬

‫الباب الأول فيما يختص بالأمور الدينية والكلام في عصمة نبينا عليه الصلاة والسلام وسائر الأنبياء‬ ‫‪٤.١‬‬
‫صلوات الل ّٰه عليهم‬

‫فصل في حكم عقد قلب النبي صلى الل ّٰه عليبه وسلم من وقت نبوته‬ ‫‪٤.١.١‬‬

‫الل ّه عَلَيْه ِم‪:‬‬


‫سلَام وسائ ِر الْأَ ن ْب ِيَاء صَلَوَات َ‬ ‫يخ ْت َّص ب ِا ْل ُأم ُور ال َد ّين َِي ّة والْك َلَام فِي عِصْ م َة نَب ِي ّنَا عَلَي ْه َ‬
‫الصّ لَاة وال َ ّ‬ ‫ال ْبَاب الأَ َ ّول ف ِيم َا َ‬
‫سمِه أو عَلَى حَوَاسّ ه‬
‫ج ْ‬ ‫الت ّغ َ ُي ّر َات و َالآفَات عَلَى آح َاد ال ْب َش َر ل َا َ‬
‫يخ ْلُو أَ ن تَطْرَأ عَلَى ِ‬ ‫الل ّه‪ :‬اع ْلَم أن الطّوَارِئ م ِن َ‬
‫قَال الْق َاض ِي أبو الفضل و ََف ّق َه َ‬
‫بِغَي ْر ق َصْ د و َاخْ ت ِيار ك َالْأَ مْرَاض و َالْأسْ ق َام أَ و تَطْرَأ بقصد واحتيار وَك ُل ّه فِي الْحَق ِيق َة ع َم َل و َفِعْل و َلـكِن جَر َى رَس ْم ال ْمَشَايخ بَتَفْصِ يلِه ِإلَى‬
‫ثَلَاثَة أن ْوَاع‪ :‬عَقْد ب ِالْق َل ْب و َقَو ْل باللّسَان و َعم َل ب ِالْجَوَارِح وَجَميع ال ْب َش َر تَطْرَأ عَلَيْه ِم الآفَات والتغيرات بالاحتيار و َبِغَي ْر الاخْ ت ِيَار فِي هَذِه‬
‫س َل ّم وإن ك َان م ِن ال ْب َش َر و يجوز على جبله يَج ُوز عَلَى جِبِلَ ّة ال ْب َش َر فَق َد قَام َت ال ْبَر َاه ِين القاطعة ونمت‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الوُجُوه ك ُلّه َا و َ‬

‫كَل ْم َة الْإجْماع عَلَى خُر ُوجِه عَنْه ُم و َتَنَزْ يِهه ع َن كَث ِير م ِن الآفَات التي تَق َع عَلَى الاخْ ت ِيار و َعَلَى غَي ْر الاخْ تيار كَمَا سَنب َّي ّن ُه إن شَاء َ‬
‫الل ّه تَع َالَى‬
‫ف ِيم َا ن َأتِي ب ِه م ِن التّف َاصِيل‬
‫ن م َا تَع ََل ّق مِن ْه بِطَرِ يق َ‬
‫الت ّوْحِيد و َال ْعِل ْم ب ِالل ّٰه‬ ‫س َل ّم من وقت نبوته اع ْلَم م َنَحَنَا َ‬
‫الل ّه إياك تَو ْف ِيق َه أ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليبه و َ َ‬
‫فصل فِي حكم عقد قلب َ‬

‫صف َات ِه و َال ِْإ يمَان ب ِه و َبِمَا ُأوحِي إلي ْه فَعَلَى غَايَة ال ْمَعْرِف َة وَوُضُوح ال ْعِل ْم و َاليِق ِين و َالان ْتِف َاء ع َن الْجَهْل شئ من ذَل ِك و َال َ ّ‬
‫شكّ أَ و الر ّي ْب ف ِيه‪.‬‬ ‫وَ ِ‬
‫اضح َة أن يَكُون فِي عُق ُود الْأَ ن ْب ِيَاء‬
‫ل م َا يُضَاد ال ْمَعْرِف َة بِذَل ِك و َال ْي َقين‪ ،‬هذا ومع إجْمَاع المسلمين عَلَي ْه‪ ،‬وَل َا يَصِ حّ ب ِال ْبَر َاه ِين ال ْو َ ِ‬
‫العصمة من ك ُ ّ‬
‫سواه وَل َا يعترص عَلَى هَذ َا بِق َول ِإ ب ْر َاه ِيم عَلَي ْه ]‪[٢ - ٧‬‬
‫طم َأْ نِين َة الْق َل ْب و َتَرْك ال ْمُنَاز َع َة‬
‫الل ّه تَع َالَى لَه ب ِإحْ يَاء ال ْمَو ْتَى و َلـكِن أر َاد ُ‬ ‫ال َ ّ‬
‫سلَام قَال بلََى و َلـَكِن لِي َ ْطم َئ ِ ّن قَلْبِي‪ِ ،‬إذ لَم يَش ُكّ إ ب ْر َاه ِيم فِي إخْ بَار َ‬
‫سلَام ِإ َن ّمَا أراد احتبار‬
‫ن إ ب ْر َاه ِيم عَلَي ْه ال َ ّ‬ ‫الث ّانِي بِكَيْف َِي ّت ِه وَمُشَاهَد َت ِه * ال ْوَجْه َ‬
‫الث ّانِي أَ ّ‬ ‫لم ُِشَاهَد َة الْإحْ يَاء فَحَصَل لَه ال ْعِل ْم الأَ َ ّول ب ِو ُق ُوع ِه و َأر َاد ال ْعِل ْم َ‬
‫صدّق بِمَنْزِلَت ِك م ِن ّي وَخ َُل ّت ِك و َاصْ طِف َائ ِك‬
‫مَنْز ِلَت ِه عِن ْد ر َب ّه وَعِل ْم ِإج َابَتِه دَعْوَتَه بِس ُؤَال ذَل ِك من ر َب ّه و يَكُون قَو ْله تعالى )أو لم تؤمن( أي ت ُ َ‬
‫والن ّظَرِ ي ّة ق َد ٺَتَف َاضَل فِي ق َُو ّتِهَا‪،‬‬
‫ن لَم يَكُن فِي الأَ َ ّول شَكّ ِإذ ال ْع ُلُوم ال َض ّر ُورِ َي ّة َ‬ ‫* ال ْوَجْه الثالث َأن ّه سَأل زِي َاد َة يَق ِين و َق َُو ّة ُ‬
‫طم َأْ نِين َة و َِإ ّ‬

‫الن ّظَرِ َي ّات‪ ،‬ف َأر َاد الان ْتِق َال م ِن النظر أو الخـير إلى مشاهدة و َال َت ّر َقّي من عِل ْم ال ْيَق ِين‬
‫مج َو ّز فِي َ‬ ‫وَطَر َي َان ال ُ ّ‬
‫شكُوك عَلَى ال َض ّر ُورِ َي ّات مُم ْتَن ِـع و ُ‬
‫كشْف غِطَاء ال ْع ِيَان لِيَزْد َاد بنِ ُور ال ْيَق ِين تَم َُ ّكناً فِي ح َالِه * ال ْوَجْه‬
‫الل ّه سَأل َ‬
‫ِإلَى عَي ْن اليقين فليس ا ْلخـَب َر ك َال ْمُع َاينة‪ ،‬ولهذا قَال سَهْل بن عَب ْد َ‬
‫ن ر ََب ّه ُ‬
‫يحْيِي و َيُمِيت طَلَب ذَل ِك من ر َب ّه لِي َصِ حّ احْ ت ِج َاج ُه عِيَان ًا * الوجه الخامس قول بَعْضهم ه ُو‬ ‫الرابع َأن ّه لَم ّا احْ ت َجّ عَلَى المُشْرِكِين بأ ّ‬

‫سُؤال عَلَى َطرِ يق الْأَ د َب‪ ،‬المراد أقْدِرْني عَلَى إحْ يَاء ال ْمَو ْتَى‪ ،‬و َقَو ْلُه لِي َ ْطم َئ ِ ّن قَلْبِي عن هَذِه ا ْل ُأمْن ِية * ال ْوَجْه السادس َأن ّه أر َى من ن َ ْفسِه‬
‫نح ْن أحَقّ بال َ ّ‬
‫شكّ من إ ب ْر َاه ِيم نَفْي ل ِأَ ن يَكون إ ب ْر َاه ِيم شَكّ‬ ‫س َل ّم َ‬ ‫شكّ وَم َا شَكّ لـكِن لِي ُج َاو َب فَيزْد َاد قُر ْبُه وقول نب ِينا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫شكّ مِن ْه ِإ َمّا عَلَى‬
‫لكن ّا أوْلى بال َ ّ‬
‫نح ْن م ُوق ِن ُون ب ِال ْب َعث و َإحْ يَاء الل ّٰه موتى‪ ،‬فلو شَكّ إ ب ْر َاه ِيم َ‬
‫وإب ْع َاد للخواطر الضعفية أن تَظ ُنّ هَذ َا ب ِإ ب ْر َاه ِيم أَ ي َ‬
‫طر يق الأدب‬
‫__________‬
‫)قوله فليس ا ْلخـَب َر ك َال ْمُع َاينة( روى أحمد في مسنده عن ابن عباس مرفوعا‪ :‬ليس الخـبر كالمعاينة‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٨‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الت ّوَاضُع و َالإشْ ف َاق أن حُم ِلَت ق َِصّ ة إ ب ْر َاه ِيم عَلَى اختيار ح َالِه أو زِ ياد َة يَق ِينه * ف َِإ ّ‬
‫ن‬ ‫أَ و أن يُر ِيد أ َمّت َه الذين يَج ُوز عَلَيْه ِم الشك أَ و عَلَى َطرِ يق َ‬
‫يخْط ُر‬
‫الل ّه قَل ْب َك أن َ‬ ‫ل ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن يقرؤن الْكِتَابَ م ِنْ قَب ْلِكَ( الآيَتَيْنِ ‪ -‬فَاحْذ َ ْر ثَب ّتَ َ‬ ‫َك م َِم ّا أَ ن ْزَل ْنَا ِإلَي ْ َ‬
‫ك فَاسْ أَ ِ‬ ‫كن ْتَ فِي ش ٍّ‬
‫قلُ ْت فَمَا معني قوله )ف َِإ ْن ُ‬

‫س َل ّم ف ِيم َا ُأوحِي إلي ْه و ََأن ّه م ِن الب َش َر‪ ،‬فم َِث ْل‬ ‫ببَِال ِك م َا ذَك َر َه ف ِيه بَعْض ال ْمُفَسّر ِين ع َن ابن ع ََب ّاس أَ و غَيْر ِه من إث ْبَات شَكّ ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم و َلَم يَسْأل‪ ،‬و َ َ‬
‫نح ْو َه ع َن ابن جُبَي ْر والحسن‪ ،‬وَح َك َى قَتَاد َة‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫هَذ َا ل َا يَج ُوز عَلَي ْه جُم ْلَة بَل ق َد قَال ابن ع ََب ّاس لَم يَش ُكّ َ‬
‫س َل ّم قَال م َا أشُكّ وَل َا أَ سْ أل‪ ،‬و َعَا َمّة ال ْمُفَسّر ِين عَلَى هذا‪ ،‬واخْ تَلَف ُوا فِي مَعْن َي الآيَة فَق ِيل المُرَاد ق ُل ي َا مُحَم ّد لِلشاكّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أَ ّ‬

‫َك م ِنْ دِينِي(‬


‫كن ْتُم ْ فِي ش ٍّ‬ ‫ل عَلَى هذا َ‬
‫الت ّأْ و يل‪ :‬قَو ْله )قُلْ يا أيها الانس ِإ ْن ُ‬ ‫كن ْتَ فِي شك( الآيَة‪ ،‬قَالُوا و َفِي ال ُ ّ‬
‫سور َة ن َ ْفسِه َا م َا د َ ّ‬ ‫)ف َِإ ْن ُ‬
‫س َل ّم َ كَمَا قال )لئَ ِ ْن أَ شْرَكْ تَ لَي َحْ بَط ََنّ عملك( الآية‪ ،‬الخطاب لَه و َالمُرَاد‬ ‫الآيَة‪ ،‬و َق ِيل المُرَاد بالخطاب العرب وغير النبي صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الل ّهِ(‬
‫َات َ‬ ‫ن ك َ َذّبُوا ب ِآي ِ‬ ‫ك فِي مربة م َِم ّا يَعْبُد ُ ه َؤ ُلاءِ( و َنَظ ِيرُه ُ كَث ِير‪ ،‬قَال بَك ْر بن الْع َلَاء أَ ل َا تراه يقوله )و َلا تَكُونَنّ م ِ َ‬
‫ن ال َ ّذ ِي َ‬ ‫غَي ْره ومِثْلُه )فَلا ت َ ُ‬
‫ن المُرَاد ب ِالْخِطَاب غَي ْره‬ ‫كي ْف يَكُون م َِم ّن ك َ َذّب ب ِه؟ فَهَذ َا كُل ّه يَد ُ ّ‬
‫ل عَلَى أَ ّ‬ ‫س َل ّم ك َان المُك َ َذّب ف ِيم َا ي َ ْدع ُو إلي ْه ف َ َ‬ ‫الآية وهو صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم ه ُو‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّبِيّ و َ‬
‫س َل ّم لِيَسْأل َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن فَاسْ أَ لْ بِه ِ خبيرا( المأْ َ م ُور هَه ُنَا غَي ْر َ‬ ‫وَمِث ْل هَذِه الآيَة قَو ْله َ‬
‫)الر ّحْم َ ُ‬

‫س َل ّم بِس ُؤال الذين يقرؤن الْكِتَاب َإن ّمَا ه ُو‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫شكّ ال َ ّذ ِي ُأم ِر ب ِه غَي ْر َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫سائ ِل و َقَال إن هَذ َا ال َ ّ‬
‫الخبير المَسْئول ل َا المُسْتَخْبر ال َ ّ‬

‫الل ّه من أخْ بَار ا ْل ُأم َم‬


‫ف ِيم َا ق ََصّ ه َ‬
‫الت ّوْحِيد و َال َش ّر ِيع َة وَمِث ْل هَذ َا قَو ْله تَع َالَى )و َاسْ أَ لْ م َنْ أَ ْرسَل ْنَا م ِنْ قَب ْل ِ َ‬
‫ك م ِنْ رُسُلِنَا( الآيَة المُرَاد ب ِه المُشْرِكُون و َالخِطَاب‬ ‫ل َا ف ِيم َا د َعَا إلي ْه م ِن َ‬
‫ن‬ ‫م ُوَاجه َة ل ِ َلن ّبِيّ صلى الل ّٰه وسلم قاله العتبى‪ ،‬و َق ِيل مَعْنَاه سل ْنَا ع ََم ّن أَ ْرسَل ْنَا من قَب ْلِك فَحُذِف الخَاف ِض وَت َم ّ الك َلَام ث ُم ّ ابدأ )أَ َ‬
‫جعَل ْنَا م ِنْ د ُو ِ‬

‫س َل ّم أن يَسْأل الْأَ ن ْب ِيَاء ليلة ال ِْإسْر َاء‬ ‫جعَلنا‪ ،‬ح َكاه مَكّيّ‪ ،‬و َق ِيل ُأم ِر َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الرحمن( ِإلَى آخر الآيَة عَلَى َطرِ يق الإنْك َار أَ ي م َا َ‬

‫سؤَال ف َرُوِي أَ َن ّه قَال )ل َا أسْ أل ق َد اكفيت( قاله ابن ز َي ْد‪ ،‬و َق ِيل سَل ُأم َم من أ ْرسَل ْنَا ه َل‬
‫يح ْتَاج ِإلَى ال ُ ّ‬
‫ن َ‬
‫ش ّد يَق ِينًا من أَ ّ‬
‫ع َن ذَل ِك فَك َان أ َ‬
‫س َل ّم بِمَا بُعث ِت ب ِه‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫مجَاه ِد و َال ُ ّ‬
‫سدّيّ و َالضّ َح ّاك و َقَتَاد َة و َالمُرَاد بِهَذ َا و َال َ ّذ ِي قَبْلَه إع ْلام ُه صَلَ ّى َ‬ ‫جاؤهم بِغَي ْر َ‬
‫الت ّوْحِيد؟ و َه ُو مَعْن َي قَو ْل ُ‬
‫الرسل و ََأن ّه تَع َالَى لَم ي َأْ ذ َن فِي عِبَاد َة غَيْر ِه لأح َد ر َ ًدّا عَلَى مُشْرِك ِي الع َر َب و َغَيْرِه ِم فِي قَو ْلِه ِم‪َ :‬إن ّمَا نَعْبُد ُه ُم ليقربو إلى الل ّٰه زلفى‪ ،‬وكذلك‬

‫ن الممترين( أَ ي فِي ع ِل ْمِه ِم ب َِأن ّك رَسُول َ‬


‫الل ّه و َإن لَم‬ ‫ك ب ِالْحَقّ ِ فَلا تَكُونَنّ م ِ َ‬ ‫ن آتَي ْنَاهُم ُ الْكِتَابَ يَعْلَم ُونَ أَ َن ّه ُ م ُنَز ّ ٌ‬
‫ل م ِنْ ر َب ِّ َ‬ ‫قَو ْله تَع َالَى‪) :‬و َال َ ّذ ِي َ‬
‫ش َك ّه ف ِيم َا ذُكر فِي أ َ ّول الآيَة و َق َد يَكُون أيْضًا عَلَى مِث ْل م َا تَق َ َ ّدم أَ ي ق ُل ي َا مُحَم ّد لم َِن امْتَر َى فِي ذَل ِك ل َا تَكُونَنّ‬
‫يُقر ّوا بِذَل ِك و َلَي ْس المُرَاد ب ِه َ‬
‫س َل ّم يُخَاطِب بِذ َل ِك غيره وقيل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه ِ أَ ب ْتَغ ِي حكما( الآيَة‪ :‬و َأَ ّ‬
‫م ِن المُمْتَر ِين بِد َلِيل قَو ْله أَ َ ّول الآيَة‪) :‬أَ فَغَيْر َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله قال القتيبى( وفى بعض النسخ القتبى وكلاهما أبو محمد عبد الل ّٰه بن مسلم بن قتيبة صاحب المصنفات )قوله َإن ّمَا نَعْبُد ُه ُم لِيُق َر ّبُونا‬
‫الل ّه زلفى( * وحكي عن أبي عبيد هو‬
‫إلى الل ّٰه زلفى( هكذا وقع في كثير من الأصول والتلاوة إنما هي * )ما نعبدهم إلا لِيُق َر ّبُونا ِإلَى َ‬
‫معمر بن المثنى )*(‬
‫الل ّهِ؟( و َق َد عَل ِم َأن ّه لَم يَق ُل‪ ،‬و َق ِيل مَعْنَاه م َا ُ‬
‫كن ْت فِي شَكّ فَاسْ أل‬ ‫ن َ‬ ‫س َاتّ خِذ ُونِي و َ ُأ ِم ّي َ ِإلَهَيْنِ م ِنْ د ُو ِ‬
‫كقَو ْلِه )أَ أَ ن ْتَ قلُ ْتَ ل ِ َلن ّا ِ‬
‫ه ُو ت َ ْقرِير َ‬
‫كن ْت تَش ُكّ ف ِيم َا ش َ َرّف ْنَاك و َف ََضّ ل ْنَاك ب ِه فَاسْ أَ ل ْه ُم ع َن ِ‬
‫صف َت ِك فِي ال ْـكُت ُب و َنَش ْر فَضَائِلِك‪،‬‬ ‫طم َأْ نِين َة وَع ِل ْمًا ِإلَى ع ِل ْم ِك و َيَق ِين ِك‪ ،‬و َق ِيل إن ُ‬
‫تَزْد َد ُ‬
‫كن ْت فِي شَكّ من غَيْر ِك فيما أنزلنا‪.‬‬
‫ن ُ‬
‫ن المُرَاد إ ّ‬
‫وَحُكِي ع َن أَ بِي ع ُبَي ْدة أَ ّ‬
‫الل ّه‬
‫خف ِيف؟ قلُ ْنَا ال ْمَعْن َى فِي ذَل ِك م َا قَالَت ْه عَائِش َة رَض ِي َ‬ ‫ل وَظ َُن ّوا أَ َ ّنه ُ ْم قد كذبوا( عَلَى ق ِرَاءة َ‬
‫الت ّ َ‬ ‫س ُ‬ ‫س ُ‬
‫الر ّ ُ‬ ‫فَمَا مَعْن َي قَو ْله )ح ََت ّى ِإذ َا اسْ تَي ْأَ َ‬
‫َ‬
‫ن من و َعَد َه ُم َ‬
‫الن ّص ْر من أت ْبَاعِه ِم كَذَبُوه ُم‬ ‫الر ّسُل لَم ّا اسْ تَي ْأَ سُوا ظ َُن ّوا أَ ّ‬
‫ن ُ‬ ‫الل ّه أَ ن تَظ ُنّ ذَل ِك ُ‬
‫الر ّسُل ب ِر َبّهَا و َِإ َن ّمَا مَعْن َي ذَل ِك أَ ّ‬ ‫عَنْهَا )مَع َاذ َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢١٩‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫َالن ّخْ ع ِي و َاب ْن‬ ‫ن ضَم ِير )ظنوا( عائد على الأتباع والأمم لا عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء و ُ‬
‫َالر ّسُل‪ ،‬و َه ُو قَو ْل ابن ع ََب ّاس و َ‬ ‫و َعَلَى هَذ َا أكْ ث َر ال ْمُفَسّر ِين( و َق ِيل إ ّ‬
‫الت ّ ْفسِير بِسِوَاه م َِم ّا ل َا يلق بِمَن ْصِ ب ال ْع ُلمَاء فَكَي ْف‬
‫مجَاه ِد كَذَبُوا ب ِالْفَت ْح فَلَا ت َ ْشغ َل ب َال َك من شَاذّ َ‬
‫جُبَي ْر وَجَمَاع َة م ِن ال ْع ُلمَاء و َبَهَذ َا ال ْمَعْن َى ق َرَأ ُ‬
‫س َل ّم لِ خديج َة )لَق َد َ‬
‫خشِيت عَلَى ن َ ْفس ِي( لَي ْس مَعْنَاه‬ ‫بالْأَ ن ْب ِيَاء؟ وَكَذَل ِك م َا وَر َد فِي حَدِيث السّيرة وَمَبْد َإ ال ْوَحْي من قَو ْله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫تح ْتَمِل ق َُو ّتُه مُق َاوَم َة ال ْمَل َك و َأَ عْبَاء ال ْوَحْي فَيَن ْخَلـِ ـع قَل ْب ُه أَ و تَزْه َق ن َ ْفس ُه‪،‬‬ ‫الل ّه بَعْد ر ُ ْؤ يَة المَلك و َلـكِن لَعلَ ّه َ‬
‫خش ِي أن ل َا َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫شك ف ِيم َا آتاه َ‬
‫الل ّه تَع َالَى لَه ُ‬
‫بالن ّب َُو ّة ل َأوّل م َا ع ُرضَت عَلَي ْه م ِن‬ ‫الصّ حِيح َأن ّه قَالَه بَعْد لِق َائ ِه الملَ َك أَ و يَكُون ذَل ِك قَب ْل لِق َائ ِه و َإع ْلَام َ‬
‫هَذ َا عَلَى م َا وَر َد فِي َ‬

‫ن ذَل ِك ك َان أ َ ّول ًا فِي المَنَام ث ُم ّ ُأري‬ ‫شجَر و َبَد َأت ْه المَنَام َات و َ‬
‫َالت ّبَاشِير كَمَا رُوِي فِي بَعْض طُر ُق هَذ َا الْحَدِيث أَ ّ‬ ‫س َل ّم عَلَي ْه الْ حجَ َر و َال َ ّ‬
‫الْع َج َائ ِب و َ َ‬
‫سلَام لِئ َل ّا يَفْج َأه الأمْر مُشَاهَد َة وَمُشَافَه َة فَلَا يحتمل ل َأوّل ح َالَة بِن ْي َة ال ْب َشَر َِي ّة و َفِي َ‬
‫الصّ حِيح‬ ‫فِي ال ْيَقَظَة مِث ْل ذَل ِك ت َأْ نِيسًا له عليه ال َ ّ‬
‫ت ث َُم ّ حُب ِّبَ ِإلَيْه ِ الْخلََاءُ‪،‬‬ ‫الصّ ادِق َة ُ‪ ،‬قَال َ ْ‬ ‫الر ّؤْي َا َ‬ ‫ن ال ْوَح ِْي ُ‬ ‫س َل ّم َ م ِ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه عَنْهَا‪ :‬أَ َ ّول م َا بُد َئ َ بِه ِ رَسُو ُ‬‫ع َن عَائِش َة رَض ِي َ‬
‫ْس عَشْرَة َ سَن َة ً ي َ ْسم َ ُع‬ ‫س َل ّم َ بِم َ َك ّة َ خَم َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حر َاء ٍ )الْحَدِيث( وَع َن ابن ع ََب ّاس‪ :‬مَكَثَ َ‬
‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬ ‫ت ِإلَى أَ ْن ج َاءَه ُ الْح َُقّ و َه ُو َ فِي غَارِ ِ‬
‫و َقَال َ ْ‬
‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ِإ ْسحَاقَ ع َنْ بَعْضِه ِ ْم أَ َ ّ‬ ‫ن سِنينَ يُوحَى ِإلَيْه ِ‪ ،‬و َق َ ْد رَو َى اب ْ ُ‬ ‫شي ْئًا و َثَمَا ِ‬
‫سب ْ َع سِنِينَ وَل َا ي َر َى َ‬ ‫الصّ و ْتَ و َي َر َى َ‬
‫الضّ و ْء َ َ‬ ‫َ‬

‫طِه ِ لَه ُ و َإق ْرَائِه ِ لَه ُ )اق ْرأْ َ‬


‫ِيث عَائِش َة َ فِي غ َ ّ‬
‫نح ْو َ حَد ِ‬ ‫حر َاءٍ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل )فَجَاءَنِي و َأَ ن َا ن َائِم ٌ فَق َالَ‪ :‬اق ْرأْ َ ‪ ،‬فَق ُل ْتُ ‪ :‬م َا أَ ق ْر َُأ؟( وَذَك َر َ َ‬ ‫ل وَذَك َر َ جِوَارَه ُ بِغ َارِ ِ‬‫قَا َ‬
‫مج ْن ُون‪ ،‬قلُ ْت ل َا‬ ‫صوّر َت فِي قَل ْبي و َلَم يَكُن أبْغ َض ِإلَيّ من شَاعِر أو َ‬ ‫سور َة قَال‪) :‬فَان ْصَر َف ع َن ّي و َه َبَب ْت من نَوْمِي ك َأَ َن ّمَا ُ‬ ‫ب ِاس ْ ِم ر َبِّكَ( ال ُ ّ‬
‫لأق ْتُلَنّهَا‪ :‬فَبَي ْنَا أَ ن َا عَام ِد لِذَل ِك ِإذ سَمِعْت م ُنَادي ًا يُنَادي‬
‫ن ِإلَى ح َال ِق م ِن الجبَ َل فَلأطْ رَحَنّ نفسي سنة ف َ َ‬
‫تَحَدّث عني ق ُر َي ْش بهذا أبَد ًا لأعْمِد َ ّ‬
‫جبْر ِيل عَلَى صُور َة رَج ُل ‪ -‬وَذَك َر الْحَدِيث( فَق َد بيَ ّن فِي هَذ َا أَ ّ‬
‫ن قَو ْلَه‬ ‫جبْر ِيل ف َر َفَعْت ر َأْ سِي فإذا ِ‬ ‫سم َاء ي َا مُح َم ّد أن ْت رَسُول َ‬
‫الل ّه و َأَ ن َا ِ‬ ‫م ِن ال َ ّ‬
‫جبْر ِيل عَلَيْهَم َا ال َ ّ‬
‫سلَام وقيل إعلام الل ّٰه تعالى له‬ ‫لَم ّا قَال و َق َصْ د َه لَم ّا قَصَد َإن ّمَا ك َان قَب ْل لِق َاء ِ‬
‫__________‬
‫ْس عَشْرَة َ سنة( هذا يتأنى على القول المرجوح وهو أنه عليه السلام عاش خمسا وستين سنة والصحيح أنه عاش ثلاثا‬ ‫)قوله بِم َ َك ّة َ خَم َ‬
‫وستين سنة‪ ،‬أقام منها بعد النبوة بمكة ثلاثة عشر سنة على الصحيح وفى المدينة عشرا بلا خلاف )قوله جواره( بكسر الجيم وضمها‬
‫أي ملازمته واعتكافه )قوله و َه َبَب ْت من نَوْمِي( انتهيت )قوله لا تحدث( بفتح المثناة الفوقية وأصله تتحدث فحذف منه إحدى التاءين‬
‫)قوله لأعمدن( بكسر الميم أي لأقصدن )قوله إلى حالق( بالحاء المهملة واللام المكسورة والقاف‪ ،‬قال الهروي‪ :‬أي جعل عال )*(‬
‫)إن ِ ّي ِإذ َا خ َلَو ْتُ وَحْدِي‬ ‫س َل ّم قَال لِ خَدِيج َة ِ‬ ‫ُ‬
‫بالن ّب َُو ّة و َإظْ ه َارِه و َاصْ طِف َائ ِه لَه بالرّسَالَة وَمِثْلُه حَدِيث عَمْرِو ب ْ ِن شُر َحْ ب ِيل َأن ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم قَال لخدِيجة‪ :‬إني لأَ سْم َع َ‬
‫صو ْت ًا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬‫خشِيتُ و ََالل ّه ِ أَ ْن يكون هذا ل ِأَ م ٌْر( وَم ِنْ رِو َايَة ح ََم ّاد بن سَلَم َة أَ ّ‬ ‫سَمِعْتُ نِد َاء ً و َق َ ْد َ‬
‫مج ْن ُون و َألْف َاظًا ي ُ ْفه َم‬
‫ض هَذِه ِ الأحاديث إن الأبعد شَاعِر أو َ‬ ‫ن يَكُون بي جُن ُون وعلى هذا يتأول لو صح قوله فِي بَعْ ِ‬ ‫ضو ْءًا و َأخْ ش َى أَ ّ‬ ‫و َأَ ر َى َ‬
‫الل ّه لَه َأن ّه رسولُه ف َ َ‬
‫كي ْف و َبَعْض هَذِه‬ ‫مِنْهَا مَع َانِي الشك فِي تَصْ حِيح م َا ر َآه و ََأن ّه ك َان كُل ّه فِي اب ْتِد َاء أ ْمر ِه و َقَب ْل لِق َاء ال ْمَل َك لَه و َإع ْلام َ‬
‫الل ّه تَع َالَى لَه و َلِق َائ ِه ال ْمَل َك فَلَا يَصِ حّ ف ِيه ر َي ْب وَل َا يَج ُوز عَلَي ْه شَكّ فيم َا ُألْقِي إلي ْه و َق َد رَو َى ابن‬
‫الألْف َاظ ل َا تَصِ حّ طُر ُقُه َا‪ ،‬و َأَ َمّا بَعْد إع ْلَام َ‬
‫ن رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ك َان يُرْقَى بِم َ َك ّة م ِن الْع َي ْن قَب ْل أن يُنْز َل عَلَي ْه فَلَم ّا ن َز َل عَلَي ْه الْقُر ْآن أصَابَه َ‬
‫نح ْو م َا ك َان‬ ‫ِإ ْسحَاق ع َن شُي ُوخِه أَ ّ‬

‫كشْف ر َأْ سه َا )الْحَدِيث( َإن ّمَا‬ ‫يُصِ يب ُه ف َقالت لَه خدِيجة ُأوَجّه ِإلَي ْك من يَرْقيك قَال أَ َمّا الآن فَلَا‪ ،‬وَحَدِيث خديجة و َاخْ ت ِبَار ُها أمْر ِ‬
‫جبْر ِيل ب ِ َ‬
‫شكّ عَنْهَا ل ِأَ نّهَا فَعَلَت ذَل ِك ل ِ َلن ّبِيّ‬
‫ن ال َ ّذ ِي ي َأْ تِيه م َل َك و َي َز ُول ال َ ّ‬
‫س َل ّم و َأَ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫صح ّة نُب ُ َو ّة رَسُول َ‬
‫ذَل ِك فِي حَقّ خَدِيج َة لتحقق َ‬
‫ن‬
‫يح ْي َى بن ع ُْرو َة ع َن هِشَام ع َن أَ بِيه ع َن عَائِش َة أَ ّ‬ ‫س َل ّم و َلِي َخْ تَب ِر ه ُو ح َاله بِذَل ِك بَل ق َد وَر َد فِي حَدِيث عَب ْد َ‬
‫الل ّه بن مُحَم ّد بن َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم ي َا ابن ع ّ‬
‫م ه َل‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تخـْب ِر الأمْر بِذَل ِك‪ ،‬و َفِي حَدِيث ِإسْمَاعِيل ابن أَ بِي حكيم أ َ ّنهَا قَالَت لرسول َ‬
‫وَر َق َة أم َر خ َديجة أن ُ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٠‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫)قوله عمرو بن شرحبيل( هو أبو ميسرة الهمداني )*(‬


‫جبْر ِيل‬
‫تخـْبِرَنِي بِصَاحِب ِك إذ َا ج َاءَك؟ قَال نَع َم فَلَم ّا ج َاء ِ‬
‫تَسْتَط ِيع أن ُ‬
‫م فَاث ْب ُت و َأب ْش ِر‪ ،‬و َآم َن َت‬
‫أخْبَر َه َا فَق َالَت لَه اجْل ِس ِإلَى شقّي‪ ،‬وَذَك َر الْحَدِيث ِإلَى آخر ِه و َف ِيه فَق َالَت م َا هَذ َا بِشَيْطَان هَذ َا ال ْمَل َك ي َا ابن ع ّ‬
‫س َل ّم وقول مَعْم َر فِي فَتْر َة ال ْوَحْي فَحَزِن َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫ل عَلَى أ َ ّنهَا مُسْتَث ْب ِت َة بِمَا فَعَلَت ْه لِن َ ْفسِه َا وَمُسْت َظه ِر َة لإيمَانِهَا ل َا ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ب ِه‪ ،‬فَهَذ َا يَد ُ ّ‬
‫س َل ّم ف ِيم َا بلغناه حُزْن ًا غَد َا مِن ْه م ِرَار ًا كَي يَتَر َ َدّى من شَوَاه ِق الْج ِبَال‪ :‬ل َا ي َ ْقد َح فِي هَذ َا الأصْ ل‪ ،‬ل ِقول مَعْم َر عَن ْه ف ِيم َا بلغنا‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫س َل ّم قَالَه وَل َا يُعْر َف مِث ْل هَذ َا إ َلّا من جِهة َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ولم يسده وَل َا ذَك َر رُو َاتَه ولا من ح َ َ ّدث ب ِه وَل َا أَ ّ‬
‫س َل ّم م َع َأن ّه ق َد يُحْم َل عَلَى أنه ك َان أَ َ ّول الأمْر كَمَا ذَكَر ْن َاه أَ و َأن ّه فَع َل ذَل ِك لَم ّا أخَْرَج َه من تَكْذِيب من بلَ ّغ َه كَمَا قال تَع َالَى‪.‬‬
‫وَ َ‬

‫ك عَلَى آث َارِه ِ ْم ِإ ْن ل َ ْم يُؤْم ِن ُوا بِهَذ َا الحديث أسفا( و َيُصَحّ ح مَعْن َي هَذ َا الت ّأوِ يل حَدِيث رواه شَر ِيك ع َن عَب ْد َ‬
‫الل ّه بن‬ ‫)فَلَع ََل ّ َ‬
‫ك ب َاخِـ ٌع ن َ ْفسَ َ‬
‫س َل ّم و ََات ّف َق ر َأْ يُه ُم عَلَى‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّ ْدو َة ل ِ َلت ّشاو ُر فِي شَأن َ‬
‫ن ال ْمُشْرِكِين لَم ّا اجْ تَم َع ُوا بِد َار َ‬
‫الل ّه أ ّ‬
‫مُحَم ّد بن عَق ِيل ع َن ج َاب ِر بن عَب ْد َ‬
‫جبْر ِيل فَق َال‪) :‬ي َا أَ ُ ّيهَا ال ْم َُز ّمّ ِل‪ ،‬ي َا أَ ُ ّيهَا ال ْم ُ َ ّدث ّ ِر( أو خاف‬
‫أن يَق ُولُوا َإن ّه سَاحِر اشْ ت َ ّد ذَل ِك عَلَي ْه و َت َز َمّل فِي ثيَِابه و َتَد َ َث ّر ف ِيهَا ف َأت َاه ِ‬
‫__________‬
‫)قوله مُحَم ّد بن عَق ِيل( بفتح العين المهملة ابن علي بن أبي طالب )قوله بدار الندوة( بفتح النون وإسكان الدال المهملة وهى دار بناها‬
‫قصى بن كلاب وجعل بابها إلى الـكعبة ليجتمع فيها العرب للمشاورة وللختان وللنكاح وإذا قدمت غير نزلت وإذا ارتحلت منا وسميت‬
‫بدار الندوة من الندى ‪ -‬بتشديد الياء ‪ -‬وهو المجتمع‪ ،‬وهى الآن من الحرم )*(‬
‫ن الفَتْر َة ل ِأَ مْر أَ و سَب َب مِن ْه فَخَش ِي أن تَكُون عُق ُوبَة من ر َب ّه فَفَع َل ذَل ِك بنِ َ ْفسِه و َلَم يَر ِد بَعْد شَرْع ب ِال َنّهْ ي ع َن ذَل ِك فَيُعْتَر َض ب ِه‪ ،‬ونحو‬
‫أَ ّ‬
‫الل ّه فِي يُونُس )فَظ ََنّ أَ ْن لَنْ ن َ ْقدِر َ عليه( مَعْنَاه ُ أن‬ ‫هذا ف ِرَار يُونُس عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام خَشي َة تَكْذِيب قَوْم ِه لَه لَم ّا و َعَد َه ُم ب ِه م ِن العَذ َاب وقول َ‬
‫سن ظ ََن ّه بِمَو ْلاه َأن ّه لا يقصى عَلَي ْه العُق ُوبَة‬
‫ح َّ‬
‫الل ّه و َأَ ن ل َا يُضَي ّق عَلَي ْه ملـكه فِي خُر ُوجِه و َق ِيل َ‬
‫لَن نُضَي ّق عَلَي ْه‪ ،‬قَال مَكّيّ َطمِـع فِي رَحِم َة َ‬
‫شدِيد وقيل نواحذه بِغَضَب ِه وَذ َه َاب ِه‪ ،‬و َقَال ابن ز َي ْد مَعْنَاه أفظن أن لَن ن َ ْقدِر عَلَي ْه؟ عَلَى‬
‫و َق ِيل نُقَدّر عَلَي ْه م َا أصَابَه‪ ،‬و َق َد قُرِئ نُقَدّر عَلَي ْه ب ِالت ّ ْ‬
‫)إ ْذ ذ َه َبَ مغاضبا َ‬
‫الصّ حِيح م ُغ َاضِبًا لِقَوْم ِه لـِكُ ْفرِه ِم‬ ‫صف َات ر َب ّه‪ ،‬وَكَذَل ِك قَو ْله ِ‬
‫يجْه َل صف َة من ِ‬
‫ن َ‬
‫الاسْ ت ِ ْفه َام وَل َا يلَِيق أَ ن يُظَنّ بِنَبِيّ أَ ّ‬
‫كي ْف ب ِالْأَ ن ْب ِيَاء؟‬
‫الل ّه كفر لا لميق ب ِال ْمُؤْم ِنين ف َ َ‬
‫الل ّه مُع َاد َاة لَه وَم َعاد َاة َ‬ ‫والضّ َح ّاك و َغَيْرِهِمَا ل َا ل ِر َب ّه ع َّز وَج َ ّ‬
‫ل ِإذ مُغ َاضَب َة َ‬ ‫و َه ُو قَو ْل ابن ع ََب ّاس َ‬
‫الت ّو َ ُجّه ِإلَى أمر‬
‫وقيل مستحيبا من قومه أن ي َ ِسم ُوه ب ِال ْـكَذِب أَ و يَقْتُلُوه كَمَا وَر َد فِي ا ْلخـَب َر و َق ِيل مُغ َاضِبًا لِبَعْض ال ْمُلُوك ف ِيم َا أَ م َره ب ِه م ِن َ‬
‫َ‬
‫الل ّه ب ِه عَلَى ل ِسان نَبِ ّي آخر فَق َال لَه يُونُس غَيْر ِي أق ْو َى عَلَي ْه م ِن ّي فَع َز َم عَلَي ْه فَخَر َج لِذل ِك م ُغ َاضِبًا‪ ،‬و َق َد رُوِي ع َن ابن ع ََب ّاس أَ ّ‬
‫ن إ ْرسَال‬ ‫أمره َ‬
‫ل م ِن الآيَة بِقَو ْلِه )فَنَبَذْن َاه ُ ب ِالْع َرَاءِ‪.‬‬
‫يُونُس و َنُب ُ َو ّتَه َإن ّمَا ك َان بَعْد أَ ْن نَبَذ َه الْحُوت و َاسْ تُدِ ّ‬
‫وت( وَذَك َر الْق َِصّ ة ث ُم ّ قَال‬
‫ِب الْح ُ ِ‬ ‫سق ِيم ٌ‪ ،‬و َأَ ن ْبَت ْنَا عَلَيْه ِ شَ ج َرَة ً م ِنْ ي َ ْقط ِينٍ‪ ،‬و َأَ ْرسَل ْنَاه ُ ِإلَى م ِائَة ِ ألف( و َيُسْتَد َل أيْضًا بِقَو ْلِه )و َلا تَكُنْ َ‬
‫كصَاح ِ‬ ‫هو َ‬

‫الصّ الِ حـ ِينَ( فَتَكُون هَذِه الْق َِصّ ة إذا‬


‫ن َ‬ ‫)فَاجْ تَبَاه ُ ر َُب ّه ُ فَجَعَلَه ُ م ِ َ‬
‫__________‬
‫)قوله و َقَال ابن ز َي ْد( كذا في أكثر النسخ وفى تفسير البغوي‪ ،‬والظاهر أنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وفى بعض النسخ أبو يزيد )*(‬
‫ق )فِي ال ْيَو ْ ِم أَ كْ ث َر ُ‬ ‫الل ّه َ ك ُ َ ّ‬
‫ل يَو ْ ٍم م ِائَة َ م َ َّرة ٍ( و َفِي َطرِ ي ٍ‬ ‫قَب ْل نُب ُ َو ّت ِه فإن ق ِيل فَمَا مَعْن َي قَو ْله صلى الل ّٰه عليه وسلم )أنه ليغان على قَلْبِي ف َأَ سْ تَغْف ِر ُ َ‬
‫سب ْع ِينَ‬ ‫م ِنْ َ‬
‫سلَام بَل أصْ ل الغ َي ْن فِي هَذ َا م َا يَتَغ َ َش ّى الق َل ْب‬ ‫ك أَ ْن يَكُونَ هَذ َا الْغ َي ْن و َسْ وَسَة أو ر َي ْبًا و َق َع فِي قَل ْب ِه عَلَي ْه ال َ ّ‬ ‫م َ َّرة ٍ( فَاحْذ َ ْر أَ ْن يَق َ َع ببَِال ِ َ‬
‫ل التّغْط ِي َة كالغَي ْم‬ ‫سم َاء و َه ُو ِإطْ بَاق الْغَي ْم عَلَيْهَا‪ ،‬و َقَال غيره والغين شئ يُغَش ّي الق َل ْب وَل َا يُغَطّيه ك ُ ّ‬ ‫و َيُغَطّيه‪ ،‬قَالَه أَ بُو ع ُبَي ْد و َأَ صْ لُه من غَي ْن ال َ ّ‬
‫شمْس وَكَذَل ِك ل َا ي ُ ْفه َم م ِن الْحَدِيث َأن ّه يُغ َان عَلَى قَل ْب ِه م ِائَة م َ َّرة أو أَ كْ ث َر من َ‬
‫سب ْع ِين‬ ‫ضو ْء ال َ ّ‬
‫الر ّق ِيق ال َ ّذ ِي يُعْرِض فِي ال ْه َوَاء فَلَا يَم ْن َع َ‬
‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢١‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الر ّو َاي َات و َِإ َن ّمَا هذا عَد َد للاسْ تِغْف َار ل َا لِلْغ َي ْن فَيَكُون المُرَاد بَهَذ َا ال ْغ َي ْن إشَار َة ِإلَى‬
‫فِي ال ْيَو ْم ِإذ لَي ْس يَقْت َضِ يه ل َ ْفظ ُه ال َ ّذ ِي ذَكَر ْن َاه و َه ُو أَ كْ ث َر َ‬

‫س َل ّم د ُف ِـع إليه من مُق َاسَاة الب َش َر وَسِيَاسَة‬ ‫غَف َلات قَل ْب ِه و َفَت َرات ن َ ْفسِه و َس َ ْهوِه َا ع َن مُد َاوَم َة ال َذ ّك ْر وَمُشَاهَد َة الحَقّ بِمَا ك َان صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ل هَذ َا فِي طَاع َة ر ََب ّه‬ ‫ا ْل ُأ َمّة ومعناة الأه ْل وَمُق َاوَم َة الو َلِيّ و َالعَدُوّ وَم َصْ لَح َة َ‬
‫الن ّفْس وَك ََل ّف َه م ِن أعْبَاء أداء الر ِ ّسَالَة وَحَم ْل الأم َانَة و َه ُو فِي ك ُ ّ‬
‫س َل ّم أَ رْف َع الخَل ْق عِن ْد َ‬
‫الل ّه مَك َانَة و َأع ْلَاه ُم دَرَج َة و َأتَم ّه ُم ب ِه مَعْرِف َة وَك َان َت ح َالُه عِن ْد خ ُلُوص‬ ‫وَعِبَاد َة خ َالق ِه و َلـَكِن لَم ّا ك َان صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫شغْلِه بِسِواها غ ًَضّ ا‬
‫س َل ّم ح َال فَتْرَت ِه عَنْهَا و َ ُ‬ ‫قَل ْب ِه وَخ ُلُو هَم ّه و َتَف َرّدِه ب ِر ََب ّه و َإق ْبَالِه بِك َُل َّي ّت ِه عَلَي ْه ومقامه هنا لك أرْف َع ح َالَي ْه ر َأى صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الل ّه من ذَل ِك‪ ،‬هَذ َا أوْلَى وُجُوه الْحَدِيث و َأشْه َر ُه َا و َإلى مَعْن َي م َا أشَرْنا ب ِه م َال كَث ِير م ِن‬
‫خ ْفضًا من ر َف ِيع مَق َام ِه فَاستَغْف َر َ‬
‫من عَلِيّ ح َالِه و َ َ‬
‫مح َي ّاه و َه ُو مَبْنِيّ عَلَى جَوَاز الف َتَر َات و َالغَف َلات و َال َس ّهْو فِي‬ ‫حو ْلَه فَق َار َب و َلَم ي َرد و َق َد ق ََر ّب ْنَا غَام ِض مَعْنَاه و َ َ‬
‫كشَفْنَا لِل ْمُسْتَف ِيد ُ‬ ‫َ‬
‫الن ّاس وَح َام َ‬
‫غَي ْر َطرِ يق البَلاغ عَلَى م َا سَي َأتِي‬
‫س َل ّم ع َن هَذ َا جُم ْلَة و َأَ جَلَ ّه أَ ّ‬
‫ن يَج ُوز عَلَي ْه فِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ص َو ّفة م َِم ّن قَال بتَِنْز ِيه َ‬
‫وذ َه َب َت طَائِف َة م ِن أرْب َاب الق ُلُوب وَمَشْي َخ َة المُت َ َ‬
‫ح َال سَهْو‬
‫شفَق َت ِه عَلَيْه ِم فَيسْتَغْف َر‬ ‫س َل ّم لاه ْتَم َام ِه بِه ِم و َ َ‬
‫كثْر َة َ‬ ‫م فِك ْر َه من أمْر أ َمّت َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫م خ َاطِر َه و َيَغ ُ ّ‬
‫ن مَعْن َي الْحَدِيث م َا يُه ِ ّ‬
‫أَ و فَتْر َة إلى أَ ّ‬
‫س َل ّم‬ ‫الل ّه ُ سكينته عليه( و َيَكُون اسْ تِغْف َار ُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫لَه ُم‪ ،‬قَالُوا و َق َد يَكُون الْغ َي ْن هنا عَلَى قَل ْب ِه ال َ ّ‬
‫سكِين َة ٺَتَغَشّاه لِقَو ْلِه تَع َالَى )ف َأَ ن ْز َ َ‬
‫عِنْد َه َا إظْ ه َار ًا لِل ْع ُب ُود َِي ّة والاف ْتِق َار‪ ،‬قَال ابن عَطَاء اسْ تِغْف َار ُه و َفِعْلُه هَذ َا تَعْرِ يف لِل ْ ُأ َمّة يَحْم ِلُه ُم عَلَى الاستِغْف َار‪ ،‬قَال غَيْر ِه و َيَسْتَشِعرون الْحَذ َر‬
‫شك ْرًا لل ّٰه وَم ُلازَم َة ل ِع ُب ُودِ َي ّتِه‬
‫يح ْتَمِل أن تَكُون هَذِه الإعَانَة ح َالَة حشية و َإ ْعظَام تَغْشى قَل ْب َه فَيْسَت ْغ ِفر حِينَئ ِذ ُ‬
‫وَل َا يَرْكَن ُون ِإلَى الْأَ مْن‪ ،‬و َق َد َ‬
‫شكُور ًا؟( و َعَلَى هَذِه ال ْوُجُوه الْأَ خِير َة يُحْم َل م َا رُوِي فِي بَعْض طُر ُق هَذ َا الْحَدِيث عَن ْه صَلَ ّى‬
‫كَمَا قَال فِي م ُلازَم َة ال ْع ِبَادة )أَ فَلا أَ كُونُ عَبْدًا َ‬
‫الل ّه َ فَإن قلت فَمَا مَعْن َي قَو ْله تَع َالَى لمحمد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وآلِه‬ ‫سب ْع ِينَ م َ َّرة ٍ ف َأَ سْ تَغْف ِر ُ َ‬ ‫س َل ّم ِإ َن ّه ُ لَيُغ َا ِ‬
‫ن عَلَى قَلْبِي فِي ال ْيَو ْ ِم أَ كْ ثَر َ م ِنْ َ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫ك أَ ْن‬
‫ك بِه ِ عِلْم ٌ ِإن ِ ّي أَ عِظ ُ َ‬
‫ْس ل َ َ‬
‫ن الْجا َه ِلِينَ( وقوله لنوح عليه السلام )فلا تسألني م َا لَي َ‬
‫الل ّه ُ لَجم ََعَه ُ ْم عَلَى ال ْهُد َى فَلا تَكُونَنّ م ِ َ‬
‫وسلم )و َلَو ْ شَاء َ َ‬
‫الل ّه لَو شَاء‬ ‫س َل ّم ل َا تَكُونَنّ م ِن َ‬
‫يجْه َل أَ ن َ‬ ‫تَكُونَ من الجاهلين( ؟ فَاع ْلَم َأن ّه ل َا يلُ ْتف َت فِي ذَل ِك ِإلَى قَو ْل من قال في آيَة نَب ِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الل ّه‬
‫صف َات َ‬
‫ن وَعْد َك الْحَقّ ِإذ ف ِيه إث ْبَات الْجَهْل بصف َة من ِ‬
‫الل ّه حَقّ ل ِقوله و َِإ ّ‬
‫ن وَع ْد َ‬ ‫لَجم ََعَه ُم عَلَى الهُد َى وفي آية نوح ل َا تَكُونَنّ م َِم ّن َ‬
‫يجْه َل أَ ّ‬
‫وَذَل ِك ل َا يَج ُوز عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء و َال ْم َ ْقصُود و َ ْعظُه ُم أن ل َا يَتَشَ َبّه ُوا فِي أمورهم‬
‫__________‬
‫)قوله بهم( بمثناة تحتية وكسر الهاء‪ ،‬يقال أهمنى الأمر‪ :‬أفلقني )*(‬
‫كي ْف و َآية نُوح‬
‫كوْنِه ِم عَلَى تِل ْك الصّ ف َة التي نَهَاه ُم ع َن ال ْـكَو ْن عَلَيْهَا ف َ َ‬
‫ب ِ ِسم َات الجا َه ِلِين كَمَا قَال إن ّي أعِظ ُك و َلَي ْس فِي آية مِنْهَا د َلِيل عَلَى َ‬
‫قبلها )فلا‬
‫يح ْتَاج ِإلَى إذْن و َق َد تَج ُوز إباح َة ال ُ ّ‬
‫سؤال ف ِيه اب ْتِد َاء فَنَهَاه‬ ‫ن مِث ْل هَذ َا ق َد َ‬
‫ك به علم( فَحَمْل م َا بَعْد َه َا عَلَى ما قَب ْلَه َا أوْلَى ل ِأَ ّ‬
‫ْس ل َ َ‬
‫تسألني م َا لَي َ‬
‫)إ َن ّه ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى نِعْم َت َه عَلَي ْه بإع ْلام ِه ذَل ِك بِقَو ْلِه ِ‬ ‫الل ّه أن يَسْالَه ع ََم ّا طَو َى عَن ْه ع ِل ْم َه و َأَ ك ََن ّه من غَي ْب ِه م ِن ال َ ّ‬
‫سب َب ال ْم ُوجِب لِهَلَاك اب ْنه ثم أكل َ‬ ‫َ‬
‫الصّ ب ْر عَلَى إعْرَاض قَوْم ِه وَل َا يحرج عِن ْد‬ ‫ل غَي ْر ُ صَالِ ٍح( ح َكى مَعْنَاه مَكّيّ كَذَل ِك ُأم ِر نَب ُِي ّنَا فِي الآيَة ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى بالتِز َام َ‬ ‫ك ِإ َن ّه ُ ع َم َ ٌ‬
‫ْس م ِنْ أَ ه ْل ِ َ‬
‫لَي َ‬
‫الت ّح ُس ّر‪ ،‬ح َكاه أَ بُو بكر بن فورك وقيل معنى الخطاب لأمة محمد أي فلا تكونوا من الجالين‪ ،‬حكاه أبو‬
‫ذَل ِك فَيُق َارب حال الجاهل ب ِ ِش َ ّدة َ‬
‫مُحَم ّد مَكّيّ‪ ،‬و َقَال مِثْلُه فِي القرآن كثير‪ ،‬فَبِهذا الْف َضْ ل وَجَب الْقَو ْل بع ِصْ مة الْأَ ن ْب ِيَاء مِن ْه بَعْد ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ق َ ْطع ًا فَإن قلُ ْت فإذ ق ََر ّرْت عِصْ مَتَه ُم‬
‫كقَو ْلِه )لئَ ِ ْن‬ ‫س َل ّم عَلَى ذَل ِك إن ف َعَلَه و َ َ‬
‫تحْذِير ِه مِن ْه َ‬ ‫نبي ّنا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه ل ِ َ‬
‫من هَذ َا و ََأن ّه ل َا يَج ُوز عليهم شئ من ذَل ِك فَمَا مَعْن َي إذ َا وعِيد َ‬
‫ْف‬
‫ضع َ‬ ‫ك و َلا يَض ُ ُرّك َ( الآيَة و َقَو ْلُه تَع َالَى ِ‬
‫)إذ ًا لأَ ذ َق ْنَاك َ ِ‬ ‫ن الل ّٰه مالا يَنْف َع ُ َ‬
‫أَ شْرَكْ تَ ليحبطن عملك( الآيَة و َقَو ْلُه تَع َالَى )و َلا ت َ ْدع ُ م ِنْ د ُو ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٢‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫يخْتِم ْ على‬ ‫ض يُضِ ُل ّوك َ ع َنْ سبيل الل ّٰه( وقوله )وأن يَش َِإ َ‬
‫الل ّه ُ َ‬ ‫الْحيََاة ِ( الآيَة و َقَو ْلُه )لأَ خَذْن َا منه باليمين( و َقَو ْلُه )و َِإ ْن تُط ِـعْ أَ كْ ثَر َ م َنْ فِي الأَ ْر ِ‬

‫الل ّه و َإ َي ّاك َأن ّه صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫ن و َال ْمُنَافِق ِينَ( فَاع ْلَم و َفقنا َ‬ ‫الله و َلا تُط ِ‬
‫ِـع الْك َافِرِي َ‬ ‫قلبك( وقوله )فإن ل َ ْم ت َ ْفع َلْ فَمَا بلغت رسالته( و َقَو ْلُه َ‬
‫ق َّ َ‬‫)ات ّ ِ‬
‫ل أَ و‬
‫ِب أَ و يَفْتَرِي عَلَي ْه أَ و يَضِ ّ‬
‫يح ّ‬ ‫ن يُشْر ِك ب ِه وَل َا يَتَق َ َو ّل عَلَى َ‬
‫الل ّه م َا ل َا ُ‬ ‫ن لا يُبَل ّغ وَل َا يُخَال ِف أمْر ر ََب ّه وَل َا أَ ّ‬
‫س َل ّم ل َا يَصِ حّ وَل َا يَج ُوز عَلَي ْه أَ ّ‬
‫وَ َ‬
‫يخ ْتَم‬
‫ُ‬

‫فصل وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة‬ ‫‪٤.١.٢‬‬

‫ن إب ْلاغ َه إن لَم يَكُن بِهَذِه السّب ِيل ف َ‬


‫َكأن ّه م َا بلَ ّغ‬ ‫على؟ ؟ ؟ أَ و يُطيع الكافرِين لـِكن يسَ ّر أمْرَه ب ِالمُك َا َ‬
‫شف َة و َال ْبَيَان فِي البَلاغ لِل ْم ُخ َالِف ِين و َأَ ّ‬
‫و َ‬
‫َطي ّب‬
‫الل ّه‬
‫ن الناس( كَمَا قَال لم ُِوس َى وهارون )لا تَخَافَا( لتشد بصَائ ِر ُه ُم فِي ال ِْإ ب ْلاغ و َإظْ ه َار دين َ‬ ‫ن َ ْفسَه و َق َو ّي قلبه بقوله )و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬
‫ك مِ َ‬
‫ْف‬
‫ضع َ‬
‫ل( الآية وقوله )إذا لأَ ذ َق ْنَاك َ ِ‬ ‫خو ْف الْعَد ُ ّو ال ْم َضع ِف ل ِ َلن ّفْس * و َأَ َمّا قَو ْله تَع َالَى )ولو نقول عَلَي ْنَا بَع َ‬
‫ْض الأَ قَاوِ ي ِ‬ ‫و َي ُ ْذه ِب عَنْه ُم َ‬
‫كن ْت م َِم ّن ي َ ْفعَلُه وهو ل َا يَفْعَلُه وَكَذَل ِك قَو ْله )و َِإ ْن تُط ِـعْ أَ كْ ثَر َ م َنْ فِي الأَ ْر ِ‬
‫ض‬ ‫ن هَذ َا جَز َاء من فَع َل هَذ َا وَج َزاؤ ُك لَو ُ‬
‫الْحيََاة ِ( فَمَعْنَاه أَ ّ‬

‫الل ّهِ( فالمراد غَيْر ِه كَمَا قَال ِ‬


‫)إ ْن تُط ِيع ُوا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن كفروا( الآيَة و َقَو ْلُه )ف َِإ ْن يشإ الل ّٰه يخسم على قلبك( ‪) :‬ولئن أَ شْرَكْ تَ‬ ‫ل َ‬ ‫يُضِ ُل ّوك َ ع َنْ سَب ِي ِ‬
‫الله و َلا تُط ِ‬
‫ِـع‬ ‫س َل ّم ل َا يَج ُوز عَلَي ْه هَذ َا و َقَو ْلُه َ‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫ن هَذِه ح َال من أشْر َك و َ‬
‫لَي َحْ بَط ََنّ ع َمَلُكَ( وَم َا أشْ بَه َه فالمراد غَيْر ِه وأ ّ‬
‫ق َّ َ‬‫)ات ّ ِ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الْك َافِرِينَ( فَلَي ْس ف ِيه َأن ّه أطاعهم والل ّٰه ينهاء ع ََم ّا يَش َاء و َي َأم ُرُه بِمَا يَش َاء كَمَا قَال )و َلا تَطْرُدِ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن ي َ ْدع ُونَ ر َ َ ّبهُمْ( الآيَة‪ :‬وَم َا ك َان طَرَد َه ُم‬
‫س َل ّم وَل َا ك َان م ِن ال َ ّ‬
‫ظالمِين‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َالصّ وَاب أَ َ ّنه ُم مَعْصُوم ُون قَب ْل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة م ِن الْجَهْل ب ِالل ّٰه و َ ِ‬
‫صف َات ِه‬ ‫فصل و َأَ َمّا عِصْ مَتَه ُم من هَذ َا الْف َنّ قَب ْل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة فَل ِ َلن ّاس ف ِيه خِلَاف * و َ‬
‫ضد َت الْأَ خْ بَار و َالآث َار ع َن الْأَ ن ْب ِيَاء بتَِنْز ِيهِه ِم عن هذه النقيصة مُن ْذ وُلِد ُوا و َنَشْأتِه ِم عَلَى َ‬
‫الت ّوحْ يد‬ ‫و ََالت ّشَك ُك في شئ من ذَل ِك و َق َد تَع َا َ‬
‫الث ّانِي م ِن القِس ِم الأَ َ ّول من ك ِتَابنَِا هَذ َا و َلَم يَنْق ُل‬
‫سع َاد َة كَمَا نبهنا عليه في الباب َ‬
‫و َال ِْإ يمَان بَل عَلَى إشْر َاق أنوار المعارف نفحات أَ لْطَاف ال َ ّ‬
‫أح َد من أهل الأخبار أن أحد النبي‬
‫ل بَعْضُه ُم بأن الْق ُلُوب تَنْف ِر ع ََم ّن ك َان َت هَذِه سَب ِيلُه‬ ‫و َاصْ طُفِي م َِم ّن عُر ِف بِكُفْر و َإشْر َاك قَب ْل ذَل ِك وَمُسْتَن َد هَذ َا ال ْبَاب َ‬
‫الن ّقْل و َق َد اسْ تَد َ ّ‬

‫الل ّه تَع َالَى عَلَي ْه أَ و نَق َلَت ْه إلَي ْنَا‬


‫ص َ‬ ‫كفّار ا ْل ُأم َم أن ْب ِيَاءَه َا بِك ُ ّ‬
‫ل م َا أ ْمكَنَهَا و َاخْ تَلَقَت ْه م َِم ّا ن َ ّ‬ ‫و َأَ ن َا أق ُول إن ق ُر َيْش ًا ق َد رَم َت نَب َِي ّنًا بِك ُ ّ‬
‫ل م َا افترته‪ ،‬وغير ُ‬
‫نج ِد في شئ من ذلك تعييرا ل ِوَاحِد مِنْه ُم ب ِر َف ْضِ ه آلِهَت َه و َت َ ْقرِ يع ِه بِذ َ َمّة بِتَرْك م َا ك َان ق َد ج َام َعُه ُم عَلَي ْه و َلَو ك َان هَذ َا لَك َانُوا بِذَل ِك‬ ‫ُ‬
‫الر ّو َاة و َلَم َ‬
‫م ُبَادِرِين وبت َلَو ّ ُن ّه في معبوده محتجين ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من تَو ْبِيخ ِه بِنَهيهم ع َن تَرْ ِ‬
‫كه ِم آلِهَتَه ُم‬
‫سكَت ُوا عَن ْه كَمَا‬ ‫وَم َا ك َان يَعْب ُد آب َاؤ ُه ُم من قَب ْل فَفِي إطْ بَاقِه ِم عَلَى الْإعْرَاض عَن ْه د َليل عَلَى أَ َ ّنه ُم لَم َ‬
‫يجِد ُوا سَبيل ًا إلي ْه إذ لَو ك َان لنُق ِل وَم َا َ‬
‫ل الْق َاض ِي الْقُشَيْر ِيّ عَلَى تَنْز ِيهِه ِم‬ ‫تح ْو يل القِبْلة وقالوا م َا و َلّاه ُم ع َن قِب ْلَتِه ِم التي ك َانُوا عَلَيْهَا كَمَا حَك َاه َ‬
‫الل ّه عَنْه ُم و َق َد اسْ تَد َ ّ‬ ‫لَم ي َ ْسكُت ُوا عِن ْد َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ( ِإلَى قَو ْله‪) :‬لَتُؤْم ِن َُ ّن بِه ِ‬
‫الل ّه ُ م ِيثَاقَ َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّب ِيِّينَ م ِيثَاقَه ُ ْم وَمِنْكَ( الآيَة وبِقَو ْلِه تَع َالَى‪) :‬و َِإ ْذ أَ خَذ َ َ‬ ‫ع َن هَذ َا بِقَو ْلِه تَع َالَى )و َِإ ْذ أَ خَذْن َا م ِ َ‬
‫الل ّه فِي الْمِيثَاق و َبع ِيد أن ي َأخ ُذ مِن ْه الْمِيثَاق قَب ْل خ َلْق ِه ث ُم ّ ي َأْ خ ُذ م ِيثَاق َ‬
‫الن ّب ِيّين بالإيمَان ب ِه ونَصْر ِه قَب ْل م َولِد ِه بِد ُه ُور‬ ‫ولتنصرنه( قَال و َط َهّر َه َ‬
‫جبْر ِيل عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام‬ ‫و َيَج ُوز عَلَي ْه الشّرْك أَ و غَيْر ِه م ِن الذنوب‪ ،‬بهذا م َا ل َا يُجَوّز ُه إلا م ُلْحِد‪ ،‬هَذ َا مَعْن َي ك َلَام ِه‪ ،‬وكيف يَكُون ذَل ِك و َق َد أتاه ِ‬
‫وَشَقّ قَل ْب َه صَغ ِير ًا و َاسْ ت َخْ ر َج مِن ْه عَلَق َة و َقَال هَذ َا حظ‬
‫__________‬
‫ل الْق َاض ِي القشيرى( هو ال ِْإم َام ُ أَ بُو نَصْر ِ عبد الرحيم ابن الأستاذ أبى القاسم عَبْدِ الـْكَر ِي ِم ب ْ ِن هوازن القشيرى النيسابوري‬ ‫)قوله و َق َد اسْ تَد َ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٣‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫انتفع على والده وعلى إمام الحرمين وتوفى سنة أربع وخمسمائة بنيسابور نقل الرافعى عنه في البدل )*(‬
‫شمْس‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة و َإيمان ًا كَمَا تَظَاه َر َت ب ِه أَ خْ بَار المَب ْدإ وَل َا يُش ََب ّه عَلَي ْك بِقَو ْل ِإ ب ْر َاه ِيم فِي ال ْـكَوْكَب و َالقَم َر و َال َ ّ‬ ‫الشيطان مِن ْك ث ُم ّ غَسَلَه وَم َلأه ِ‬
‫هَذ َا‬
‫الن ّظَر و َالاسْ تِدْلال و َقَب ْل لُزُوم َ‬
‫الت ّكْلِيف وَذ َه َب مُعْظَم الحُذ َاق م ِن ال ْع ُلمَاء و َال ْمُفَسّر ِين‬ ‫ر َب ّي ف َ َإن ّه ق َد ق ِيل ك َان هَذ َا فِي سِنّ ال ُ ّ‬
‫طف ُول َِي ّة و َاب ْتِد َاء َ‬
‫ِإلَى َأن ّه َإن ّمَا قَال ذَل ِك م ُبَكّتاً لِقَوْم ِه وَمُسْتَدِل ًا عَلَيْه ِم و َق ِيل مَعْنَاه الاسْ ت ِ ْفه َام ال ْوَارِد مَوْرِد الإنْك َار‪ ،‬و َالمُرَاد فَهَذ َا ر َب ّي‪ ،‬قَال َ‬
‫الز ّجّاج قَو ْله )هَذ َا‬
‫الل ّه ع َّز‬
‫شي ْئًا من ذَل ِك وَل َا أشْر َك ق َّط بالل ّٰه َطر ْف َة عَي ْن‪ :‬قَو ْل َ‬ ‫ن شُرَك َائِي َ؟ أَ ي عِنْد َكُم‪ ،‬و َيَد ُ ّ‬
‫ل عَلَى َأن ّه لَم يَعْب ُد َ‬ ‫ر َب ِ ّي( أَ ي عَلَى قولـِك ُم كَمَا قَال أَ ي ْ َ‬

‫كن ْتُم ْ تَعْبُد ُونَ أَ ن ْتُم ْ و َآب َاؤ ُكُم ُ الأَ قْدَم ُونَ؟ ف َِإ َ ّنه ُ ْم عَد ُ ّو ٌ ل ِي ِإلا ر َ ّ‬
‫َب ال ْع َالم َي ِنَ(‬ ‫ل لأَ بيِه ِ و َقَوْمِه ِ م َا تَعْبُد ُونَ( ثم قَالَ‪) :‬أَ ف َرأَ َ ي ْتُم ْ م َا ُ‬
‫)إ ْذ قَا َ‬
‫ل عَن ْه ِ‬
‫وَج َ ّ‬
‫ن الش ِّرْكِ‪ ،‬و َقَو ْلُه‪) :‬و َاجْ نُبْنِي و َبَنِ َ ّي أَ ْن نَعْبُد َ الأَ صْ نَام َ( ف َِإن قلُ ْت فَمَا مَعْن َي قَو ْله‪) :‬لئَ ِ ْن ل َ ْم يَهْدِنِي‬ ‫)إ ْذ ج َاء َ ر ََب ّه ُ بِق َل ٍ‬
‫ْب سَل ٍِيم( أَ ي م ِ َ‬ ‫و َقَال‪ِ :‬‬

‫ن لَم يُؤ َي ّ ْدنِي بِم َع ُونَتِه أكُن مِث ْلـَك ُم فِي ضَلَالَتِك ُم وَعِبَاد َتِك ُم عَلَى مَعْن َي الإشْ ف َاق و َالحَذ َر و َإ َلّا فَه ُو‬
‫ن الْقَو ْ ِم الضالين( ق ِيل َإن ّه إ ّ‬
‫ر َب ِ ّي لأَ كُونَنّ م ِ َ‬
‫كف َر ُوا ل ِرُسُلِه ِ ْم لَن ُخْ رِج ََن ّك ُ ْم م ِنْ أَ ْرضِنَا أَ ْو لَت َع ُود ُ َ ّ‬
‫ن في ملتنا( ث ُم ّ قَال‬ ‫ل ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن َ‬ ‫مَعْصُوم في الأزل من َ‬
‫الضّ لَال ف ِإن قلُ ْت فَمَا مَعْن َي قَو ْلِه‪) :‬و َقَا َ‬
‫الل ّه ُ منها( فَلَا يُشْكل عَلَي ْك ل َ ْفظَة العَو ْد و َأ َ ّنهَا تَقْتَض ِي أَ َ ّنه ُم َإن ّمَا‬ ‫الل ّه ِ كَذِب ًا ِإ ْن عُدْن َا فِي م َِل ّتِك ُ ْم بَعْد َ ِإ ْذ َ‬
‫نَج ّان َا َ‬ ‫بَعْد ع َن ُ‬
‫الر ّسُل )قَدِ اف ْتَر َي ْنَا عَلَى َ‬
‫يعودون ِإلَى م َا ك َانُوا ف ِيه من م َِل ّتِه ِم فَق َد ت َأْ تِي هَذِه الل ّ ْفظَة فِي ك َلَام الْع َر َب لَغَي ْر م َا ليس‬
‫__________‬
‫)قوله مبكتا( أي معتفا )*(‬
‫الصّ ي ْر ُور َة كَمَا جاء فِي حَدِيث الجَهنميين عَاد ُوا حُمَم ًا و َلَم يَكُونُوا قَب ْل كَذَل ِك‪ ،‬ومثل قَو ْل ال َ ّ‬
‫شاعِر‪ - :‬تِل ْك المَكارِم ل َا قَعْبَان‬ ‫لَه اب ْتِد َاء بِمَعْن َي َ‬
‫من لبََن * شِيبا بماء فعادا بَعْد أب ْوَالا‬
‫الضّ لال ال َ ّذ ِي ه ُو الـكُفْر؟ ق ِيل ضَال ًا ع َن ُ‬
‫الن ّب َُو ّة‬ ‫ن قلت فما معنى قوله‪) :‬وجدك ضالا فهدى( فَلَي ْس ه ُو م ِن َ‬
‫وما كان قَب ْل كَذَل ِك‪ ،‬ف َِإ ّ‬
‫نح ْو َه ع َن ال ُ ّ‬
‫سدّيّ و َغَي ْر‬ ‫صم َك من ذَل ِك و َهَد َاك بالإيمان و َإلَى إ ْرشَادِه ِم و َ َ‬ ‫فَهَد َاك ِإلَيْهَا‪ ،‬قاله ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ ‪ ،‬و َق ِيل وَجَد َك بَي ْن أَ ه ْل الضَلَال فَع َ َ‬
‫الت ّح َ ُي ّر و َلِهَذ َا كان صلى الل ّٰه عليه وسلم يخلو ب ِغ َار ِ‬
‫حر َاء فِي‬ ‫َالضّ لَال هه ُنَا َ‬
‫و َاحِد‪ ،‬و َق ِيل ضال ًا ع َن شَر ِيع َت ِك أَ ي ل َا تَعْرِفُه َا فَهَد َاك ِإلَيْهَا‪ ،‬و َ‬

‫طَلَب م َا يَت َو َ َجّه ب ِه ِإلَى ر ََب ّه و َيَت َش َ َرّع ب ِه ح ََت ّى هَد َاه َ‬
‫الل ّه ِإلَى ال ِْإسْ لَام قَال مَعْنَاه المشيرى و َق ِيل ل َا تَعْرِف الْحَقّ فَهَد َاك إلي ْه‪ ،‬و َهَذ َا مِث ْل قَو ْلِه‬
‫ك م َا ل َ ْم تَكُنْ تَعْلَم ُ( قَالَه عَلِيّ بن ع ِيس َى‪ ،‬قَال ابن ع ََب ّاس لَم تَكُن لَه ضَلَالَة مَع َصِ ي َة و َق ِيل هَد َى‪ :‬أَ ي بَي ْن أمْرَك ب ِال ْبَر َاه ِين‬
‫تَع َالَى‪ (:‬و َع َل ّم َ َ‬
‫وقيل‪) :‬وجدك ضالا( بين مكة والمدينة فهدك ِإلَى ال ْمَدِين َة و َق ِيل ال ْمَعْن َى وَجَد َك فَهَد َى بك ضَال ًا * وَع َن جعفر ابن مُح َم ّد )وَوَجَدَك َ‬
‫محَب ّتِي ل َك فِي الْأَ ز َل أي ل َا تَعْرِفُه َا فَمَنَن ْت عَلَي ْك بِمَعْرفَتِي‪ ،‬و َق َرأ الحسن بن علي )ووجدك ضال فَهَد َى( أَ ي اه ْتَد َى بك‪،‬‬
‫ضَالا( ع َن َ‬
‫محَب ّت ِك الْقَدِيم َة‬ ‫)إ َن ّ َ‬
‫ك لَفِي ضلالك القديم( أَ ي َ‬ ‫ِب كما قَال‪ِ :‬‬ ‫ل ال ْمُح ّ‬ ‫مح ِبًا لم َِعْرفَتِي َ‬
‫والضّ ا ّ‬ ‫و َقَال ابن عَطَاء‪) :‬وَوَجَدَك َ ضَا ًلّا( أَ ي‪ُ :‬‬
‫__________‬
‫شاعِر( هو أمية بن أبى الصلت‪ ،‬قاله من جملة أبيات‪ ،‬وأوله‪.‬‬ ‫)قوله حمما( بضم الحاء المهملة أي فحما جمع حممة )قوله ومثله قَو ْل ال َ ّ‬
‫تِل ْك المَكارِم ل َا قَعْبَان من لبََن * شِيبا بماء فعادا بعد أبوالا )*(‬
‫محَب ّة بَي ّن َة‪ ،‬و َقَال الجن َُي ْد‬ ‫و َلَم يُر ِيد ُوا هه ُنا فِي الد ّين إذ لو قَالُوا ذَل ِك فِي نَبِ ّي َ‬
‫الل ّه لـَكَفر ُوا وَمِثْلُه عِن ْد هَذ َا قَو ْله إنا لَنَر َاه َا فِي ضَلال م ُبِين أَ ي َ‬
‫وَوَجَد َك م ُت َح َير ًا فِي بَيَان م َا أنزل ِإلَي ْك فَهَد َاك لِبَيَان ِه لقوله )وأنزلناه‬
‫بالن ّب َُو ّة ح ََت ّى أظْ ه َر َك فَهَد َى بك ال ُ ّ‬
‫سعَد َاء وَل َا أع ْلَم أحَدًا قَال م ِن ال ْمُفَسّر ِين ف ِيهَا ضال ًا‬ ‫إليك الذكر( الآيَة‪ ،‬و َق ِيل وَوَجَد َك لَم يَعْرِف ْك أح َد ُ‬
‫شي ْئًا ب ِغَي ْر ق َصْ د‪.‬‬
‫ن الضالين( أي م ِن المخُْط ِئِين الْف َاع ِلِين َ‬ ‫ع َن ال ِْإ يمَان‪ ،‬وَكَذَل ِك فِي ق َِصّ ة م ُوس َى عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام قَو ْله‪) :‬فَعَلْتُهَا ِإذ ًا و َأَ ن َا م ِ َ‬
‫الن ّاسِين و َق َد ق ِيل ذَل ِك فِي قَو ْلِه )وَوَجَدَك َ ضَالا فَهَد َى( أَ ي ناسيًا كَمَا قَال تَع َالَى‪) :‬أَ ْن تَضِ َ ّ‬
‫ل‬ ‫قالَه ابن ع َرف َة‪ ،‬و َقَال الْأَ زْه َريّ ‪ :‬مَعْنَاه م ِن َ‬
‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٤‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫كن ْت ت َ ْدرِي‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫سمْر َقَنْدِيّ قَال‪ :‬مَعْنَاه م َا ُ‬ ‫الإ يمَانُ( فالجَواب‪ :‬أَ ّ‬
‫كن ْتَ ت َ ْدرِي م َا الْكِتَابُ و َلا ِ‬
‫إحداهما( فإن قلُ ْت فَمَا مَعْن َي قَو ْلِه‪) :‬م َا ُ‬
‫نح ْو َه‪ ،‬قَال وَل َا ال ِْإ يمَان ال َ ّذ ِي ه ُو الْف َرَائض و َالأحْك َام‪،‬‬
‫كي ْف ت َ ْدع ُو الخَل ْق ِإلَى ال ِْإ يمَان‪ ،‬و َقَال بَك ْر الْق َاض ِي َ‬
‫قَب ْل ال ْوَحْي أن تَقْرَأ الْقُر ْآن وَل َا َ‬
‫قال‪ :‬فكان قيل مُؤْم ِنًا بتَِوْحِيدِه ث ُم ّ ن َزَلَت الْف َرَائض التي لَم يَكُن يَدْريهَا قبل‬
‫__________‬
‫)قوله وقال الجنيد( هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الحراز القواريرى الزاهد أصله من نهاوند ومنشؤه ومولده بالعراق‪ ،‬شيخ‬
‫الطر يقة وسيد الطائفة تفقه على أبى ثور وكان يفتى بحلقته وله من العمر عشرون سنة‪ ،‬كذا في الطبقات للسبكي‪ ،‬واختص بصحبة‬
‫ل م َا أخذنا التصوف عن القيل والقال ولـكن عن الجوع‬
‫السرى السقطى والحارث بن أسد المحاسبى وأبى حمزة البغدادي ك َانَ يَق ُو ُ‬
‫وترك الدنيا وقطع المألوفات وكان يقول طر يقنا مضبوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى‬
‫به‪ ،‬توفى سنة سبع وتسعين ومائتين بالشونيز ية عند خاله السرى )قوله قالَه ابن ع َرَف َة( هو العبدى المؤدب‪ ،‬يروى عن ابن المبارك )‪- ٨‬‬
‫‪(*) (٢‬‬
‫ف َزَاد َ‬
‫بالت ّكْلِيف إيمَان ًا و َه ُو أحْ سَن وَجُوه ِه قلُ ْت فما معني قوله‪:‬‬
‫ن مَعْنَاه لم َِن‬
‫الل ّه اله َر َويّ أَ ّ‬ ‫ن الْغ َافِلِينَ( فاع ْلَم َأن ّه لَي ْس بمعنى قوله‪) :‬و َال َ ّذ ِي َ‬
‫ن ه ُ ْم ع َنْ آياتنا غافلون( بَل ح َكى أَ بُو عَب ْد َ‬ ‫كن ْتَ م ِنْ قَبْلِه ِ لم َ ِ َ‬
‫)و َِإ ْن ُ‬
‫ن َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫الل ّه عَن ْه أَ ّ‬ ‫الْغ َافِلين ع َن ق َِصّ ة يسف إذ لَم تَعْلَمه َا إ َلّا ب ِو َحْ ينَا وَكَذَل ِك الْحَدِيث ال َ ّذ ِي يَرْو ي ِه عُثْم َان بن أَ بِي َ‬
‫شي ْب َة بِس َنَدِه ع َن ج َاب ِر رَض ِي َ‬
‫ل لِصَاحِبِه ِ اذْه َب ح ََت ّى تَق ُوم خ َلْف َه فَق َال‬
‫س َل ّم ق َ ْد ك َانَ يَشْهَد ُ من ال ْمُشْرِكِينَ مَشَاهِد َه ُ ْم فَسَمِـ َع ملـكين حلفه أحَد ُهُمَا يَق ُو ُ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫جدًا و َقَال ه ُو مَوْضُوع أَ و شَب ِيه‬
‫حن ْب َل ِ‬
‫كي ْف أق ُوم خ َلْف َه وعهده بالستلاء الْأَ صْ نَام؟ فَلَم يشْهَدْه ُم بَعْد‪ ،‬فَهَذ َا حَدِيث أن ْك َر َه أَ حْم َد بن َ‬
‫الآخ َر َ‬
‫ن عُثْم َان وهم فِي إسناده‪ ،‬و َالْحَدِيث بالجم ُْلَة مُن ْك َر غَي ْر م َُت ّف َق عَلَى إسْ نَادِه فَلَا يلُ ْتَف َت إلي ْه‪ ،‬و َال ْمَعْر ُوف‬
‫بالمَوْضُوع‪ ،‬و َقَال ال َد ّار َق ُ ْطنِي يُق َال إ ّ‬

‫َت ِإل َيّ الأَ صْ نَام ُ( و َقَو ْلُه فِي الْحَدِيث الآخ َر ال َ ّذ ِي رَو َت ْه ُأمّ أيْم َن‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وآلِه وسلم خِلافُه عِن ْد أَ ه ْل ال ْعِل ْم من قَو ْلِه )بُغِّض ْ‬
‫عن النبي صلى َ‬
‫حضُور بَعْض أعْيَادِه ِم وَع ََزم ُوا عَلَي ْه بَعْد كراهت ِه لِذَل ِك فَخَر َج مَعَه ُم وَرَجَع مرعوبا فقال )كلما د َنَو ْت مِنْهَا من‬ ‫حِين ك َل ّم َه ع َُم ّه وآلُه فِي ُ‬
‫بحـِير َا حين استحلف النبي صلى الل ّٰه‬ ‫سه ُ( فَمَا شَه ِد بَعْد لَه ُم عِيدًا‪ ،‬و َقَو ْلُه فِي ق َِصّ ة َ‬
‫صَنَم تَمَث ّل ل ِي شَ خ ْص أب ْي َض طَو يل يَصِ يح بي وَر َاءَك َ ل َا تَم َ َ ّ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫س ْفرِت ِه م َع ع ََم ّه أَ بِي طَال ِب و َه ُو صَبيّ وَر َأى ف ِيه سلامات ُ‬
‫الن ّب َُو ّة فاختبره بِذَل ِك فَق َال لَه َ‬ ‫عليه وسلم باللات و َالع ُز ّى ِإذ لق ِي َه بال َ ّ‬
‫شام فِي َ‬

‫ك عَن ْه ُ‪ ،‬فَق َال‬ ‫شي ْئًا ق ُ َّط بُغْضَهُم َا( فَق َا َ‬


‫ل لَه ُ بحـيرا فبالله ِإ َلّا م َا أَ خْبرْتَنِي ع ََم ّا أَ سْ أَ ل ُ َ‬ ‫س َل ّم )ل َا تَسْأَ لْنِي بهما فو الل ّٰه م َا أَ بْغ َضْ تُ َ‬
‫صَلَ ّى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫الل ّه لَه َأن ّه ك َان‬
‫س َل ّم وتوفيق َ‬ ‫)سل ع ََم ّا بدا ل َك( وَكَذَل ِك المعروف من سيرته صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫فصل‬ ‫‪٤.١.٣‬‬

‫قَب ْل نبوته يُخَالف المشركين فِي و ُق ُوفِه ِم بمزدلفة فِي الحج فَك َان يقف‬
‫ه ُو بعرفة ل ِأَ َن ّه ك َان موقف إ ب ْر َاه ِيم عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام‪.‬‬
‫الل ّه ق َد ب َان بِمَا قدمناه عُق ُود الْأَ ن ْب ِيَاء فِي َ‬
‫الت ّوْحِيد و َال ِْإ يمَان و َالَوَحَي وَعِصْ مَتُه ُم فِي ذَل ِك عَلِيّ م َا بيناه‪،‬‬ ‫فصل قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل و ََف ّق َه َ‬
‫فأما م َا عَد َا هَذ َا ال ْبَاب من عُق ُود قُلُوبه ِم فجماعها أ َ ّنهَا مملوءة علما و يقينا عَلَى الجملة‪ ،‬وأنها ق َد احتوت م ِن المعرفة والعلم بأمور الدين‬
‫س َل ّم فِي‬ ‫والدنيا ما لا شئ فوقه وَم ِن طالع الأحبار واعتني بالحديث و َتأمل م َا قلناه وجده و َق َد قدمنا مِن ْه في حَقّ نبينا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ن أحوالهم فِي هَذِه المعارف تختلف‪ ،‬فأما م َا تعلق مِنْهَا بأمر ال ُد ّن ْيَا‬
‫ال ْبَاب الرابع أَ َ ّول قسم من هَذ َا الْكِتَاب م َا ينبه عَلَى م َا وراءه الا أَ ّ‬
‫فلا يشترط فِي حَقّ الْأَ ن ْب ِيَاء العصمة من عدم معرفة الْأَ ن ْب ِيَاء ببعضها أَ و اعتقادها عَلَى خِلَاف م َا هِي عَلَي ْه وَل َا وصم عَلَيْه ِم ف ِيه ِإذ هممهم‬
‫متعلقة بالآخرة وأنبائها وأمر الشر يعة وقوانينها‪ ،‬وأمور ال ُد ّن ْيَا تضادها بخلاف غَيْرِه ِم من أَ ه ْل ال ُد ّن ْيَا الذين يعلمون ظاهرا م ِن الحياة ال ُد ّن ْيَا‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٥‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫شي ْئًا من أمر ال ُد ّن ْيَا فان ذَل ِك‬


‫الل ّه ولـكنه ل َا يقال انهم ل َا يعلمون َ‬
‫ن شَاء َ‬
‫وهم ع َن الآخرة ه ُم غافلون كَمَا سنبين هَذ َا فِي ال ْبَاب الثاني أَ ّ‬
‫يؤدي إلى الغفلة والبله وهم المنزهون عَن ْه بَل ق َد أرسلوا إلى أهل ال ُد ّن ْيَا وقلدوا سياستهم وهدايتهم والنظر فِي مصالح دينهم ودنياهم‪،‬‬
‫و َهَذ َا ل َا يَكُون م َع عدم ال ْعِل ْم بأمور ال ُد ّن ْيَا ب ِالكلية‪ ،‬وأحوال الْأَ ن ْب ِيَاء وسيرهم فِي هَذ َا ال ْبَاب معلومة ومعرفتهم بِذَل ِك كله مشهورة و َأَ َمّا إ ّ‬
‫ن‬
‫ك َان هَذ َا‬
‫س َل ّم إلا ال ْعِل ْم ب ِه وَل َا يجوز عَلَي ْه جهله جملة ل ِأَ َن ّه ل َا يخلو أن يَكُون حصل عِنْد َه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫العقد م َِم ّا يتعلق بالدين فَلَا يصح م ِن َ‬
‫ذَل ِك‬
‫الل ّه فَه ُو م َا ل َا يصح الشك مِن ْه ف ِيه عَلَى م َا قدمناه فكيف الجهل؟ بَل حصل لَه ال ْعِل ْم اليقين أَ و يَكُون فعل ذَل ِك باجتهاده‬
‫ع َن وحي م ِن َ‬
‫ف ِيم َا لَم ينزل عليه فيه شئ عَلَى القول بتجويز وقوع الاجتهاد مِن ْه فِي ذَل ِك عَلَى قول المحققين و َعَلَى مقتضى حَدِيث أم سَلَم َة إن ّي إنما أقضى‬
‫كق َِصّ ة أَ سْر َى بَدْر و َالإذْن لل ْمُتخ ّل ِفين عَلَى رأي بَعْضُه ُم فَلَا يَكُون أيْضًا م َا يعتقده‬
‫بينكم برأى فيما لم ينزل على فيه شئ خ َرجه الثقات‪ ،‬و َ‬
‫م َِم ّا يثمره اجتهاده إ َلّا حقا وصحيحا‪ ،‬هَذ َا ه ُو الْحَقّ ال َ ّذ ِي ل َا يلتفت إلى خِلَاف من خالف ف ِيه م َِم ّن أجاز عَلَي ْه الخَطَإ فِي الاجْ تِهَاد ل َا عَلَى‬
‫س َل ّم‬ ‫القول بتصويب المجتدين ال َ ّذ ِي ه ُو الْحَقّ والصواب عندنا وَل َا عَلَى القول الآخر بأن الْحَقّ فِي طَر َف و َاحِد ل ِعصْ م َة نَبِ ّي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم و َاجْ تِهاد ُه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تخْط ِئ َة المجُْتَهِدِين َإن ّمَا ه ُو بَعْد اسْ تِقْرَار ال َش ّرْع و َنَظَر َ‬ ‫م ِن الخَطَإ فِي الاجْ تِهَاد فِي ال َش ّرْع َِي ّات و َل ِأَ ّ‬
‫ن الْقَو ْل فِي َ‬
‫س َل ّم قَل ْب َه فأ َمّا م َا لَم يَعْق ِد عَلَي ْه قَل ْب َه من أمْر‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َإن ّمَا ه ُو ف ِيم َا لَم يُنْز َل عَلَي ْه فيه شئ و َلَم يُشْر َع لَه قَب ْل‪ ،‬هَذ َا ف ِيم َا ع َقد عَلَي ْه َ‬

‫شي ْئًا ح ََت ّى اسْ تَق َر ّ عِل ْم جُم ْلَتِهَا عِنْد َه ِإ َمّا ب ِوَحْي م ِن َ‬
‫الل ّه أَ و إذْن أن يَشْر َع فِي‬ ‫شي ْئًا َ‬ ‫الن ّوَازِل ال َش ّرْع َِي ّة فَق َد ك َان ل َا يَعْلَم مِنْهَا أ َ ّول ًا إ َلّا م َا ع َل ّم َه َ‬
‫الل ّه َ‬ ‫َ‬
‫س َل ّم و َتَق ََر ّر َت‬ ‫الل ّه و َق َد ك َان يَن ْتَظ ِر ال ْوَحْي فِي كَث ِير مِنْهَا و َلـك َِن ّه لَم يَمُت ح ََت ّى اسْ تَفْر َغ عِل ْم جَم ِيعِه َا عِنْد َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يحْك ُم بِمَا أر َاه َ‬
‫ذَل ِك و َ َ‬
‫َالر ّي ْب و َان ْتِف َاء الجَهْل و َب ِالجم ُْلَة فَلَا يَصِ حّ منه الجهل بشئ من تَف َاصِيل ال َش ّرْع ال َ ّذ ِي أمر بال َد ّعْو َة‬
‫شكّ و َ‬
‫الت ّحْ ق ِيق وَر َف ْع ال َ ّ‬
‫م َع َارِفُه َا لَدَي ْه عَلَى َ‬
‫إلي ْه إذ‬

‫فصل واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم من الشيطان‬ ‫‪٤.١.٤‬‬

‫الل ّه و َتَعْيين أسْمَائ ِه الْحُسْنى و َآي َات ِه ال ْـكُبْر َى‬ ‫ل َا تَصِ حّ دَعْوَتُه إلى م َا لا يَعْلَم ُه و َأَ َمّا م َا تَع ََل ّق بَع َ ْقدِه من م َلـَكُوت ال َ ّ‬
‫سم َوَات و َالْأَ رْض وَخ َلق َ‬
‫و َ ُأم ُور الآ ِ‬
‫خر َة و َأشْر َاط الساعة وأحْ وَال ال ُ ّ‬
‫سعَد َاء و َالأشْ ق ِيَاء وَعِل ْم م َا ك َان وَم َا يَكُون م َِم ّا لَم يعلمه إلا ب ِوَحْي فَعَلى م َا تَق َ َ ّدم من َأن ّه مَعْصُوم‬

‫ف ِيه ل َا ي َأْ خُذ ُه ف ِيم َا ُأعْل ِم مِن ْه شَكّ وَل َا ر َي ْب بَل ه ُو ف ِيه عَلَى غَايَة اليَق ِين َ‬
‫لـكن ّه ل َا يُشْتَر َط لَه ال ْعِل ْم ب ِجَم ِيع تَف َاصِيل ذَل ِك و َإن ك َان عِنْد َه من‬
‫ْب بَشَرٍ )فَلا تَعْلَم ُ‬ ‫)إن ِ ّي ل َا أَ ع ْلَم ُ ِإ َلّا م َا ع َل ّمَنِي ر َب ِ ّي( و َلِقَو ْلِه وَل َا َ‬
‫خطَر َ عَلَى قَل ِ‬ ‫س َل ّم ِ‬ ‫عِل ْم ذَل ِك م َا لَي ْس عِن ْد جَم ِيع ال ْب َش َر لِقَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫س َل ّم )أَ سْ أل ُ َ‬
‫ك‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ْس م َا ُأخْ فِ َي لَه ُ ْم م ِنْ قرة أعين( و َقَو ْل م ُوس َى لِلخضر )هل أتبعك لى أَ ْن تُع َل ِّم َ ِ‬
‫ن م َِم ّا علمت رشدا( و َقَو ْلُه صَلَ ّى َ‬ ‫نَف ٌ‬
‫ْب عِنْدَك َ( و َق َ ْد‬ ‫ك س ََم ّي ْتَ بِه ِ ن َ ْفسَ َ‬
‫ك أَ وِ لتأثرت بِه ِ فِي عِلْم ِ الْغَي ِ‬ ‫ل اس ْ ٍم ه ُو َ ل َ َ‬ ‫ك الْحُسْن َى م َا عَلِم ْتَ مِنْهَا وَم َا ل َ ْم أَ ع ْلَمْ( و َقَو ْلُه )أَ سْ أل ُ َ‬
‫ك بِك ُ ّ ِ‬ ‫ب ِأَ سْمَائ ِ َ‬
‫خف َاء ب ِه إذ مَعْلُوم َاتُه تَع َالَى ل َا‬ ‫ل ذِي عِلْم ٍ عَل ِيم ٌ( قَال زيد بن أسلم و َغَي ْر ُه ح ََت ّى يَنْت َهِ ي ال ْعِل ْم ِإلَى َ‬
‫الل ّه و َهَذ َا م َا ل َا َ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى )و َفَو ْقَ ك ُ ّ ِ‬
‫ل َ‬ ‫قَا َ‬

‫الت ّوْحِيد و َال َش ّرْع و َال ْمَع َارِف و َا ْل ُأمور ال َد ّين ِية‬
‫س َل ّم فِي َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يُحَاط بِهَا وَل َا مُنْت َهى لَهَا‪ ،‬هَذ َا حُكْم عَقْد َ‬

‫كف َايَتِه مِن ْه ل َا فِي جِسمِه ب ِأن ْوَاع الأَ ذ َى وَل َا عَلَى خ َاطِرِه‬ ‫س َل ّم م ِن ال َ ّ‬
‫شيْطَان و َ ِ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن ا ْل ُأ َمّة مُج ْمعة عَلَى عِصْ مة َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫فصل و َاعَلم أَ ّ‬
‫ل حدثنا أبو بكر البرقاني وغيره حدثنا أَ بُو‬
‫ن خَي ْر ُونَ ال ْع َ ْد ُ‬ ‫ب ِالوْسَاوِس و َق َد أَ خْبَر َن َا الْق َاض ِي الْحَاف ِظ أَ بُو عَلِيّ رَحِم َه الل ّٰه قَال ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْف َضْ ِ‬
‫ل بْ ُ‬
‫ن‬
‫الْحَسَ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٦‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫سفْيَانُ ع َنْ مَنْصُو ٍر ع َنْ سَال ِ ِم ب ْ ِن أَ بِي الْجَعْدِ ع َنْ‬


‫ُف ح َ َ ّدثَنَا ُ‬ ‫اس ال َت ّرْقُف ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن يُوس َ‬ ‫الصّ َ ّفار ُ ح َ َ ّدثَنَا ع ََب ّ ٌ‬
‫ل َ‬ ‫ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ ح َ َ ّدثَنَا ِإسْمَاعِي ُ‬
‫الل ّه ِ ب ْ ِن مَسْع ُودٍ قَا َ‬
‫ل قال رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم( م َا مِنْك ُ ْم‬ ‫ق ع َنْ عَبْدِ َ‬
‫مَسْر ُو ٍ‬
‫الل ّه َ تعالى أعاني عَلَيْه ِ ف َأَ سْ لَم َ(‬ ‫الل ّهِ؟ قَا َ‬
‫ل )و َِإ َي ّايَ و َلـِك َِنّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ال ْمَلَائِكَة ِ( قَالُوا و َِإ َي ّاك َ ي َا رَسُو َ‬
‫ن الْج ّ ِِن و َقَرِين ُه ُ م ِ َ‬ ‫م ِنْ أَ حَدٍ ِإ َلّا وُكّ ِ َ‬
‫ل بِه ِ قَرِين ُه ُ م ِ َ‬
‫* ز َاد غَيْر ِه ع َن منصور )فَلَا ي َأْ م ُرنِي ِإ َلّا بِ خـَيْرٍ( وَع َن عَائِش َة بمعناه رُوِي ف َأسْ لَم ب ِض َم المِيم أَ ي ف َأسْ لَم أَ ن َا مِن ْه و َصَ َح ّح بَعْضُه ُم هَذِه َ‬
‫الر ّو َايَة‬ ‫ُ‬
‫ك ْفرِه ِإلَى ال ِْإسْ لَام فَصَار ل َا ي َأْ م ُر إ َلّا بِ خـَي ْر ك َالمَلك‪ ،‬و َه ُو ظَاه ِر الْحَدِيث‪ ،‬وَرَو َاه‬
‫وَر ََجّ حَه َا‪ ،‬وَر ُوي ف َأسْ لَم يعني القَرِين َأن ّه ان ْتَق َل ع َن ح َال ُ‬
‫شيْطَان ِه وقرينه المسلط عَلَى بَنِي آد َم فَكَي ْف بِم َن بَعْد مِن ْه و َلَم يلَ ْز َم‬ ‫بَعْضُه ُم فَاسْ تَسْلَم قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل و ََف ّق َه َ‬
‫الل ّه ف َِإذ َا ك َان هَذ َا حُكْم َ‬

‫شغْل‬
‫شيَاطِين لَه في غير موطن رغبة في إطماء نُوره و َإماتَة ن َ ْفسِه و َإ ْدخ َال ُ‬ ‫صُ ح ْبَت َه وَل َا ُأقْدِر عَلَى ال ُد ّنُو ّ مِن ْه؟ و َق َد ج َاءَت الآثار بتِ َ َ‬
‫صدّي ال َ ّ‬
‫س َل ّم و َأسَر َه * فَفِي َ‬
‫الصّ ح َاح قَال أَ بُو ه ُر َي ْر َة‬ ‫عَلَي ْه ِإذ يئِس ُوا من إغْوَائ ِه فانْق َلب ُوا خ َاسِرين كَتَع َُر ّضِه لَه فِي صَلَات ِه ف َأخَذ َه َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الل ّه ُ‬ ‫الر ّ َزّاق فِي صُورَة ِ؟ ؟ ؟ ‪ -‬فَشَ َ ّد عَل َيّ ي َ ْقطَ ُع عَل َيّ َ‬
‫الصّ لَاة َ ف َأَ مْكنِنِي َ‬ ‫ض ل ِي ‪ -‬قَال عبد َ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شيْطَانَ ع َرَ َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم ِ‬ ‫عَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله عباس الترقفى( عباس بالموحدة والسين المهملة‪ ،‬الترقفى بفتح المثناة الفوقية وسكون الراء وضم القاف وكسر الفاء و ياء النسبة‬
‫)قوله فشد على فدعته( شد جمل ودعته بالعين المهملة قال ابن الأثير‪ :‬الدعت بالدال والذال الدفع العنيف‪ ،‬والذعت أيضا المعك في‬
‫التراب قال النووي وأنكر الخطابى المهملة وقال لا يصح‪ ،‬وصححها غيره وصوبها وإن كانت المعجمة أوضح وأشهر‪ ،‬وقال ابن قرقول وعند‬
‫ابن الحذاء في حديث ابن أبى شيبة فذغته بذال وغين معجمتين )*(‬
‫َب ا ْغفِر ْ ل ِي و َه َْب ل ِي ملكا( الآيَة َ‪،‬‬ ‫مِن ْه ُ فَذَع َُت ّه ُ و َلَق َ ْد هَمَمْتُ أَ ْن ُأوثِق َه ُ ِإلَى سَارِ يَة ٍ ح ََت ّى تُصِ بحُوا تَنْظ ُر ُونَ ِإلَيْه ِ فَذَكَر ْتُ قَو ْ َ‬
‫ل أَ خِي سُلَيْم َانَ )ر ِّ‬
‫ف َر َدّه ُ‬
‫َالن ّب ِ ُيّ‬
‫َاب م ِنْ ن َا ٍر لِي َجْ عَلَه ُ فِي و َجْ ه ِي‪ ،‬و َ‬ ‫يس ج َاءَنِي ب ِشِه ٍ‬ ‫الل ّه ِ ِإ بْل ِ ُ‬
‫الل ّه ُ خ َاسِئًا( * و َفِي حَدِيث أَ بِي ال َد ّ ْرد َاء عَن ْه صلى الل ّٰه عليه وسلم )إن عَد ُ ُ ّو َ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫ح م ُوثَق ًا يَتَلاع َبُ بِه ِ وِلْد َانُ أَ ه ْ ِ‬ ‫الصّ لَاة ِ وَذَك َر َتَع َوذَه ُ ب َِالل ّه ِ مِن ْه ُ ولعنه لَه ُ ث َُم ّ أَ رَدْتُ آخُذُه ُ( ‪ ،‬وَذَك َر َ َ‬
‫نح ْوَه ُ و َقَال )لأَ صْ ب َ َ‬ ‫س َل ّم َ فِي َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ك فِي حَدِيثِه ِ فِي ال ِْإسْر َاء )وَطَلَب عفريت له بشعلة نار فعلمه جبر يل ما يتعوذ به منه( ذكره في الموطإ‪ ،‬ولما لم يقدر على‬
‫ال ْمَدِينَة ِ( وَكَذَل ِ َ‬
‫الن ّجْدِيّ‬ ‫س َل ّم و َتَص ُو ّرِه فِي صُور َة ال َ ّ‬
‫شي ْخ َ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كق َضيته م َع ق ُر َي ْش فِي الائْتم َِار بِقَت ْل َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫أداه بِمُبَاشَرَت ِه تَس ََب ّب َ‬
‫بالت ّوَسُط إلى عِد َاه َ‬
‫شيْطَانُ أَ عْمَالَهُمْ( الآيَة‪ ،‬وَم َ َّرة يُن ْذر بِش َأن ِه عِن ْد بَيْع َة‬ ‫ن لَهُم ُ ال َ ّ‬
‫خر َى فِي غ َْزو َة يَو ْم بَدْر فِي صُور َة سُر َاق َة بن مالك و َه ُو قَو ْله )و َِإ ْذ ز َيَ ّ َ‬ ‫وَم َ َّرة أ ْ‬

‫سه ِ فَجَاء َ‬ ‫كفِ َي م ِنْ لَم ْ ِ‬


‫سلَام ُ ُ‬ ‫ن ع ِيس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم ِ‬ ‫صم َه ض ُ َرّه و َش َ َرّه و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كف َاه الل ّٰه أمْرَه وَع َ َ‬
‫ل هَذ َا فَق َد َ‬
‫العفية‪ ،‬وَك ُ ّ‬
‫س َل ّم َ حِينَ ل َُد ّ فِي م َرَ ِ‬
‫ضه ِ و َق ِيل لَه خَشينا أن يكون بك‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫اب( و َقَا َ‬
‫ن فِي الْ حِج َ ِ‬
‫ن بيَِدِه ِ فِي خ َاصِرَتِه ِ حِينَ وُلِد َ فَطَع َ َ‬
‫لِي َ ْطع َ َ‬
‫__________‬
‫ل أَ خِي سليمان( قال المصنف في شرح مسلم معناه أنه مختص بهذا فامتنع صلى الل ّٰه عليه وسلم من ربطه إلا لأنه لم‬ ‫)قوله فَذَكَر ْتُ قَو ْ َ‬
‫يقدر عليه لذلك وما لأنه لما تذكر ذلك لما يتعاط ذلك لظنه أنه يقدر عليه أو تواضعا أو تأديا انتهى )قوله أبى الدرداء( اسمه عويمر بن‬
‫عامر )قوله لشهاب( أي شعلة )قوله الشيخ النجدي( إنما انتسب اللعين إلى نجد لأنهم قالوا عند تعاقدهم لا تدخلوا منكم أحدا من‬
‫أهل تهامة إن هواهم مع محمد )قوله في الحجاب( أي الغشاة الذى يكون الجنين في داخله وهو للشيمة‪ ،‬وقيل حجاب بين الشيطان وبين‬
‫مريم )*(‬
‫الل ّه ُ لِيُسَلِّطَه ُ عَل َيّ( ف َِإن ق ِيل‬
‫ن َ‬ ‫ن و َل َ ْم يَكُ ِ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شيْطَا ِ‬ ‫)إ َ ّنهَا م ِ َ‬
‫ذ َات الجنَ ْب فَق َال ِ‬
‫ن‬
‫ِض ع َ ِ‬ ‫ن نَزْغٌ فَاسْ ت َع ِ ْذ ب َِالل ّهِ( الآيَة؟ فَق َد قَال بَعْض ال ْمُفَسّر ِين إنها ر َا ِ‬
‫جع َة ِإلَى قَو ْلِه )و َأَ ْعر ْ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شيْطَا ِ‬ ‫فَمَا مَعْن َي قَو ْلِه تَع َالَى )و َِإ َمّا يَنْزَغ ََن ّ َ‬
‫ك مِ َ‬

‫ض عَنْه ُ ْم فَاسْ ت َع ِ ْذ ب َِالل ّهِ‪ ،‬و َق ِي َ‬


‫ل النزع ه ُنَا الْفَسَاد كَمَا قَال )م ِنْ‬ ‫الإعْرَا ِ‬
‫ك ِ‬‫ك عَلَى تَرْ ِ‬
‫َب يَحْم ِل ُ َ‬ ‫خ َ ّف َن ّ َ‬
‫ك غَض ٌ‬ ‫الْجا َه ِلِينَ( ث َُم ّ قَال وإما يَنْزَغ ََن ّ َ‬
‫ك أَ ي يَسْت َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٧‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الل ّه تَع َالَى َأن ّه م َت َى تَح ََر ّك عَلَي ْه‬


‫شيْطَانُ بَيْنِي و َبَيْنَ ِإخْ وَتِي( وقيل ينرغنك يغرينك و يخركنك‪ ،‬والنزع أدْنى ال ْو َسْ وَسَة فأم َرَه َ‬ ‫بَعْدِ أَ ْن ن َزَغَ ال َ ّ‬
‫َب عَلَى عَد ُ ّوِه ِ أَ و ر َام ال َ ّ‬
‫شيْطَان من إغْرَائ ِه ب ِه وَخَوَاطِر أدْنى وَسَاوِسِه م َا لم يُجع َل لَه سَب ِيل إلي ْه أن يَسْت َع ِيذ مِن ْه فَيُكْفى أمْرُه و َيَكُون‬ ‫غَض ٌ‬
‫الت ّع َُر ّض لَه و َلَم ُ‬
‫يج ْع َل لَه ق ُ ْدر َة عَلَي ْه و َق َد ق ِيل فِي هَذِه الآيَة غَي ْر هَذ َا وَكَذَل ِك ل َا يَصِ حّ أن‬ ‫سبب نمام عِصْ مِته إذ لَم يُس ََل ّط عَلَي ْه ب ِأكْ ث َر م ِن َ‬
‫ن م َا‬ ‫شيْطَان فِي صُور َة الملَ َك و َيلَُب ّس عَلَي ْه ل َا فِي أَ َ ّول الرّسَالة وَل َا بَعْد َه َا و َالاعْتِم َاد فِي ذَل ِك د َلِيل المُعْجِزة بَل ل َا يَش ُكّ َ‬
‫الن ّبِيّ أَ ّ‬ ‫يُتَصَور لَه ال َ ّ‬
‫صدْقًا و َع َ ْدل ًا ل َا م ُبَدّل لِكَل ِمَات ِه‪.‬‬
‫الل ّه لَه أَ و بِبُرْه َان ي ُ ْظه ِر ُه لديه لِت َتم ّ كلمة ر َب ّك ِ‬ ‫حق ِيق َة ِإ َمّا ب ِعِل ْم ضَر ُورِي َ‬
‫يخ ْلُق ُه َ‬ ‫الل ّه الملَ َك وَرَسُولُه َ‬
‫ي َأتِيه م ِن َ‬
‫شيْطَانُ فِي ُأمْن َِي ّتِه ِ( الآيَة؟ فاعلم أَ ّ‬
‫ن ل ِ َلن ّاس‬ ‫ل و َلا نَبِ ٍ ّي ِإلا ِإذ َا تَم ََن ّى أَ لْقَى ال َ ّ‬
‫ك م ِنْ رَسُو ٍ‬
‫ف َِإن ق ِيل فَمَا مَعْن َي قوله تعالى‪) :‬وما أرسلنا منى قَب ْل ِ َ‬

‫فِي مَعْن َي هَذِه الآيَة أقاوِ يل مِنْهَا ال َس ّهْل و َال ْوَعْث *‬


‫__________‬
‫)قوله ذات الجنب( هي قرحة تصيب الإنسان في داخل جنبه )قوله و يلبس( بكسر الموحدة أي يخلط )قوله والوعث( بفتح الواو‬
‫وسكون العين المهملة بعدها مثلثة‪ :‬في الصحاح الوعث المكان السهل الـكبير الدهش تغيب فيه الأقدام ويسبق على من يمشى فيه‬
‫والدهش المكان السهل لا يبلغ أن يكون رملا وليس ترابا ولا طينا )*(‬
‫َث‪ ،‬و َأوْلى م َا يُق َال ف ِيهَا م َا عَلَي ْه الجمهور من المفسرين أن‬ ‫و َال َ ّ‬
‫سمِين والغ ّ‬
‫شيْطَان ف ِيهَا إشْ غ َاله بِ خ َوَاطِر و َأذَك َار من أمور الدنيا لليالي ح ََت ّى ي ُ ْدخِل عَلَي ْه ال ْوَه ْم و َالنّسْيَان ف ِيم َا تَلاه أَ و ي ُ ْدخِل‬
‫الت ّلاو َة و َإلْق َاء ال َ ّ‬
‫التمنى هه ُنَا َ‬
‫يح ْكم آيات ِه وَسَي َأتَي الْك َلَام عَلَى هَذِه‬
‫الل ّه و َيَنْسَخ ُه و َي َ ْكشِف لَبْسَه و َ ُ‬ ‫سام ِع ِين م ِن التحر يف وَسُوء َ‬
‫الت ّأوِ يل م َا يُز ِيلُه َ‬ ‫غَي ْر ذَل ِك عَلَى أفه َام ال َ ّ‬
‫ن‬ ‫سمْر َقَنْدِيّ إنْك َار قَو ْل من قال بتسلط ال َ ّ‬
‫شيْطَان عَلَى مُل ْك سليمان وغلبته عليه و َأَ ّ‬ ‫الل ّه‪ ،‬و َق َد حكى ال َ ّ‬
‫الآيَة بعد ب ِأشْ ب َع من هَذ َا إن شَاء َ‬
‫ن الجَسَد ه ُو الوَلَد ال َ ّذ ِي وُلِد لَه‪ ،‬و َقَال أَ بُو مُحَم ّد مَكّيّ فِي ق َِصّ ة ُأي ّوب‬
‫مِث ْل هَذ َا ل َا يَصحّ و َق َد ذَكَر ْنا ق َِصّ ة سُلَيْم َان م ُبَيَن َة بَعْد هَذ َا وَم ِن قَال إ ّ‬
‫شيْطَان ه ُو ال َ ّذ ِي أمْرَضه و َألْقَى ال ُض ّر ّ فِي بَد َن ِه ولا يَكُون‬
‫ن ال َ ّ‬
‫ب وعذاب( أنه لا يجوز لأحد أن ينازل أَ ّ‬ ‫سنِي َ ال َ ّ‬
‫شيْطَانُ بنِ ُصْ ٍ‬ ‫و َقَو ْلُه‪) :‬أَ ن ِ ّي م َ َ ّ‬

‫ذَل ِك إ َلّا بِفِعْل َ‬


‫الل ّه و َأ ْمر ِه لِيَب ْتَلِيَه ُم و َيُث ِيبه ُم‪.‬‬
‫ن قلُ ْت‪ :‬فَمَا مَعْن َي قَو ْلِه تَع َالَى ع َن يوشَع‪ - :‬وَم َا أَ نْس َانِيه ُ ِإلا ال َ ّ‬
‫شيْطَانُ(‬ ‫ن ال َ ّذ ِي أصَابَه ال َ ّ‬
‫شيْطَان م َا و َسْ و َس ب ِه ِإلَى أهله ف َِإ ّ‬ ‫قَال مَكّيّ‪ :‬و َق ِيل إ ّ‬
‫)إ َ ّ‬
‫ن هَذ َا و َادٍ بِه ِ‬ ‫س َل ّم حِين ن َام ع َن َ‬
‫الصّ لَاة يَو ْم ال ْوَادِي‪ِ :‬‬ ‫شيْطَانُ ذِك ْر َ ر َبِّه ِ( وقَو ْل نَب َِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫و َقَو ْلُه ع َن يُوسُف‪) :‬ف َأَ نْس َاه ُ ال َ ّ‬
‫ن هَذ َا الْك َلَام ق َد ي َرد فِي جميع خذا عَلَى مَوْرِد مُسْتَمِر ّ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شيْطَانِ( فاع ْلَم أَ ّ‬ ‫شيْطَانٌ( و َقَو ْل م ُوس َى عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام فِي وَك ْزَت ِه‪) :‬هَذ َا م ِنْ ع َم َ ِ‬ ‫َ‬

‫شيْطَان أَ و فِعْلِه كَمَا قَال تَع َالَى‪) :‬طَل ْعُه َا ك َأَ َن ّه ُ رؤس الشياطين( و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫ل قَبح من شَ خ ْص أَ و فَعْل بال َ ّ‬
‫ك َلَام الْع َر َب فِي و َصْ فِه ِم ك ُ ّ‬
‫ن قَو ْل يُوشَع ل َا يلَ ْزَم ُنَا الجواب‬ ‫س َل ّم‪) :‬فَل ْيُق َاتِل ْه ُ ف َِإ َن ّمَا ه ُو َ َ‬
‫شيْطَانٌ( ‪ ،‬وأيضا ف َِإ ّ‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ويثبتهم( من التثبيت وفى نسخة ويثيبهم من الثواب )*(‬
‫ل م ُوس َى لِف َتَاه ُ( و َالمَرْوِيّ َأن ّه َإن ّمَا نبى بَعْد مَو ْت م ُوس َى و َق ِيل‪:‬‬ ‫عَن ْه‪ ،‬إذ لَم يَث ْب ُت لَه فِي ذَل ِك الوقت نُب ُ َو ّة م َع م ُوس َى‪ ،‬قَال َ‬
‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬وإذ قَا َ‬
‫قُبَي ْل مَو ْت ِه‪ ،‬وقول م ُوس َى ك َان قَب ْل نُب ُ َو ّت ِه بِد َلِيل الْقُر ْآن وقصة يُوسُف ق َد ذُك ِر‬
‫شيْطَان ذَك َر ر ََب ّه أحد صَاحِبي‬
‫ن ال َ ّذ ِي أنْس َاه ال َ ّ‬
‫أ َ ّنهَا ك َان َت قَب ْل نُب ُ َو ّت ِه‪ ،‬وقد قال المفسرون في قوله‪) :‬أنساه الشيطان( قَو ْليَ ْن‪ :‬أحَد ُهُمَا‪ :‬أَ ّ‬
‫ن مِث ْل هَذ َا من فعل ال َ ّ‬
‫شيْطَان لَي ْس ف ِيه تسلط عَلَى‬ ‫ن ي َ ْذك ُر لِل ْمَلِك شَأْ ن يُوسُف عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام‪ ،‬وأيضا ف َِإ ّ‬ ‫السّجْ ن وَر ََب ّه المَلك‪ :‬أَ ي أنْس َاه أَ ّ‬

‫يُوسُف و يوشع بوساوس ونزغ و َِإ َن ّمَا ه ُو بشغل خواطر هما ب ُِأم ُور ُأخ َر و َت َ ْذكِيرِهِما من ُأم ُورِهِمَا م َا يُنْسِيهِم َا م َا نَسِيَا‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬

‫شيْطَان‬ ‫شيْطَانٌ( فَلَي ْس ف ِيه ذِك ْر تَس َُل ّط ِه عَلَي ْه وَل َا و َسْ وَسَت ِه لَه بَل إ ّ‬
‫ن ك َان بِمُقْت َضى ظَاهرِه فَق َد بَي ْن أمْر ذَل ِك ال َ ّ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن هَذ َا و َادٍ بِه ِ َ‬ ‫س َل ّم‪ِ :‬‬
‫وَ َ‬

‫ن تَس َُل ّط ال َ ّ‬
‫شيْطَان فِي ذَل ِك ال ْوَادِي َإن ّمَا ك َان عَلَى بلال‬ ‫بِقَو ْلِه‪) :‬إن شيطان أَ تَى بِلال ًا فَل َ ْم ي َز َلْ يُه َ ّدِئُه ُ كَمَا يُه َ ّد ُأ َ‬
‫الصّ ب ِ ُيّ ح ََت ّى ن َام َ( فَاع ْلَم أَ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٨‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫جعَل ْنَاه تَن ْب ِيهًا عَلَى سَب َب‬ ‫الصّ لَاة‪ ،‬و َأَ َمّا إ ّ‬
‫ن َ‬ ‫شيْطَانٌ( تَن ْب ِيهًا عَلَى سَب َب النّو ْم ع َن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ن هَذ َا و َادٍ بِه ِ َ‬ ‫جعَل ْنَا قَو ْله‪ِ :‬‬ ‫ال ْم ُو َ َكّل بِك َلاءَة الْف َجْ ر‪ ،‬هَذ َا إ ّ‬
‫ن َ‬
‫الر ّحِيل ع َن ال ْوَادِي وَع ِلَ ّة لِتَرْك َ‬
‫الصّ لَاة ب ِه و َه ُو د َلِيل مَسَاق حَدِيث ز َي ْد بن أسْ لَم فَلَا اع ْتِر َاض ب ِه فِي هَذ َا ال ْبَاب لِبَيَان ِه وإرتفاع إشكاله‪.‬‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)وقوله يهدئه( بسكون الهاء وكسر الدال المخففة بعدها همزة‪ ،‬في الصحاح أهدأت الصبى إذا جعلت تضرب عليه بكفك وتسكنه لينام‬
‫)قوله بكلاءة( أي بحراسة )*(‬

‫فصل وأما أقواله صلى الل ّٰه عليه وسلم فقد قامت الدلائل الواضحة بصحة المعجزة على صدقه‬ ‫‪٤.١.٥‬‬

‫صدْق ِه و َأَ جْمَع َت ا ْل ُأ َمّة ف ِيم َا ك َان َطرِ يق ُه البَلاغ َأن ّه‬
‫اضح َة بص َح ّة المُعْجِز َة عَلَى ِ‬
‫س َل ّم فَق َد قَام َت ال َد ّلائ ِل ال ْو َ ِ‬ ‫فصل و َأَ َمّا أق ْوَالُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫مَعْصُوم ف ِيه من الأخبار عن شئ مِنْهَا بِ خ ِلَاف م َا ه ُو ب ِه ل َا ق َصْ دًا وَل َا عَمْدًا وَل َا سَهْو ًا وَل َا غَلَطًا أَ َمّا تَع َ ُمّد الخنف فِي ذَل ِك فمن ْت َف بِد َلِيل‬
‫المعجزة القائِم َة مَق َام‬
‫سب ِيل عِن ْد ال ُأسْ تَاذ أَ بِي ِإ ْسحَاق‬
‫جه َة الغَلَط فِي ذَل ِك فَبِهَذ َه ال َ ّ‬
‫صد َق ف ِيم َا قَال اتّف َاقًا‪ ،‬و َبإطْ بَاق أَ ه ْل الملَ ِ ّة إجْماعًا و َأما و ُق ُوع ُه عَلَى ِ‬
‫الل ّه َ‬
‫قول َ‬
‫الإسْ ف َرائِني وَم ِن قَال بِقَو ْلِه وَم ِن جهة الإجْمَاع فَق َط وَوُر ُود ال َش ّرْع بان ْتِف َاء ذَل ِك وعصمة النبي ل َا من مُقْت َض َى المُعْجِز َة ن َ ْفسِه َا عِن ْد الْق َاض ِي‬
‫أَ بِي بَك ْر ال ْبَاق َِل ّانِي وَم ِن وافقه لاختلاف بَيْنَه ُم فِي مُقْت َض َى د َلِيل ال ْمُعْجِز َة ل َا نُطَو ّل بِذِكْر ِه فَن َخْ ر ُج ع َن غ َرَض الْكِتَاب فَل ْنَعْت َمد عَلَى م َا و َق َع‬
‫عَلَي ْه إجْمَاع المُسْل ِمين َأن ّه ل َا يَج ُوز عَلَي ْه خ ُل ْف فِي القَو ْل إب ْلاغ ال َش ّر ِيع َة و َالإع ْلام بِمَا أخْب َر ب ِه ع َن ر ََب ّه وَم َا أ ْوح َاه إلي ْه من و َحْ ي ِه ل َا عَلَى وَجْه‬
‫الل ّه ِ أَ أَ كْ ت ُبُ‬
‫ل َ‬ ‫سخْ ط و َ‬
‫َالصّ ح ّة و َالمَرض‪ ،‬و َفِي حَدِيث عَب ْد الل ّٰه ابن عَم ْرو قلُ ْت ي َا رَسُو َ‬ ‫الر ّض َى و َال َ ّ‬
‫العَمْد وَل َا عَلَى غَي ْر عَم ْد وَل َا فِي ح َالي َ‬
‫ح ً ّقا( و َل ْنَز ِ ْد م َا أَ شَرْن َا إلي ْه من د َلِيل‬
‫ك كُلِّه ِ ِإ َلّا َ‬
‫ل فِي ذَل ِ َ‬
‫ل نَع َ ْم ف َِإن ِ ّي ل َا أَ قُو ُ‬ ‫كُ َ ّ‬
‫ل م َا أَ سْم َ ُع مِنْكَ؟ قَال )نَع َم( قلُ ْتُ فِي الر ِّض َى و َالْغَضَبَ ؟ قَا َ‬
‫ن ال ْمُعْجِز َة قَائِمة مَق َام قَو ْل‬ ‫الل ّه إ َلّا ِ‬
‫صدْقًا و َأَ ّ‬ ‫ح ً ّقا وَل َا يُبَل ّغ ع َن َ‬
‫صدْق ِه و ََأن ّه ل َا يَق ُول إ َلّا َ‬
‫ال ْمُعْجِز َة عَلَي ْه بَيَان ًا‪ :‬فَنَق ُول إذ َا قامت ال ْمُعْجِز َة عَلَى َ‬
‫ق‬ ‫الل ّه ِ ِإلَيْك ُ ْم لا بلغكم م َا ُأ ْرسِل ْتُ بِه ِ إليكم وأبين لـَك ُ ْم م َا نُز ِّ َ‬
‫ل عَلَيْك ُ ْم )وَم َا يَنْط ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫صد َق ْت ف ِيم َا ت َ ْذك ُر ُه عني و َه ُو يَق ُول ِإن ِ ّي رَسُو ُ‬
‫الل ّه لَه َ‬
‫َ‬

‫فصل وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات‬ ‫‪٤.١.٦‬‬

‫ل فَخُذ ُوه ُ وَم َا نَهَاك ُ ْم عَن ْه ُ فَانْتَه ُوا‪ ،‬فَلَا يَصِ ُحّ‬ ‫ل ب ِالْحَقّ ِ م ِنْ ر ََب ّكُمْ‪ ،‬وَم َا آت َاكُم ُ َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫حي ٌ يُوحَى( و َق َ ْد ج َاءكُم ُ َ‬
‫الر ّسُو ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ْه َو َى ِإ ْن ه ُو َ ِإلا و َ ْ‬
‫عَ ِ‬
‫ط و َال َس ّهْو َ لَمَا تَمَي ّز َ لَنَا م ِنْ غَيْرِه ِ ولا اختلط الْح َُقّ‬
‫ج َو ّزْن َا عَلَيْه ِ ال ْغَل َ َ‬
‫ي وَجْه ٍ ك َانَ‪ ،‬فَلَو ْ َ‬
‫مخـْبَرِه ِ عَلَى أَ ّ ِ‬
‫اف ُ‬
‫اب خ َبَر ٌ بِ خ ِل َ ِ‬
‫أَ ْن يُوجَد َ مِن ْه ُ فِي هَذ َا ال ْب َ ِ‬
‫حدَة ً م ِنْ غير خصوص فتبر يه النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم عن ذَل ِك ك َُل ّه و َاجِب بُرْه َان ًا‬
‫ل‪ ،‬فَال ْمُعْجِزَة ُ مُشْتَمِلَة ٌ عَلَى تَصْ د َيقِه ِ جُم ْلَة ً و َا ِ‬
‫ب ِال ْبَاطِ ِ‬
‫و َإجْماعًا كَمَا قاله أَ بُو ِإ ْسحَاق‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم لما قرأ سورة و َ‬
‫َالن ّجْ م و َقَال )أَ ف َرأَ َ ي ْتُم ُ‬ ‫ن َ‬ ‫فصل و َق َد تَو َ َ ّ‬
‫جه َت هه ُنا لِبَعْض الطاعِنِين سُؤَالات مِنْهَا م َا رُوِي من أَ ّ‬
‫شف َاعَتَهَا لَتُرْتَج َى‪ ،‬وأنها‬
‫شف َاعَتَهَا لِتُرْتَجى و َيُرْو َى تُرْتَض َى‪ ،‬و َفِي رِو َايَة إن َ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّاتَ و َال ْع َُز ّى وَم َنَاة َ َ‬
‫الث ّالِث َة َ الأخرى( قَال تِل ْك الغ َرَانِيق العُلى و َِإ ّ‬ ‫َ‬

‫شف َاع َة تُرْتَجى‪ ،‬فَلَم ّا خَتَم ال ُ ّ‬


‫سور َة سَ ج َد و َسَ ج َد م َع َه ال ْمُسْل ِم ُون و َالـكُ َ ّفار لَم ّا سَم ِع ُوه أث ْنى عَلَى‬ ‫لَم َع الغ َرَانِيق العُلى و َفِي ُأ ْ‬
‫خر َى و َالغ َرَانِق َة العُلَى تِل ْك ال َ ّ‬
‫س َل ّم ك َان يَتمَ َن ّى أَ ّ‬
‫ن لَو ن َز َل عَلَي ْه شئ يُق َارِب بَي ْن َه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫شيْطَان ألفاها عَلَى لِسَان ِه و َأَ ّ‬ ‫آلِهتِه ِم وَم َا وق َع فِي بَعْض الروايات أَ ّ‬

‫خر َى‬‫و َبَي ْن قَوْم ِه * و َفِي رِو َايَة ُأ ْ‬


‫__________‬
‫)قوله بخلاف مخـبره( بضم الميم وفتح الموحدة )قوله الغرانيق( في الصحاح الغرنيق بضم الغين وفتح النون من طير الماء طو يل العنق‪،‬‬
‫وإذا وصف بها الرجال فواحدهم غرنيق وغرنوق بكسر الغين وفتح النون فيهما وغرنوق وغرانق وهو الشاب الناعم والجمع الغرانق‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٢٩‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫بالفتح والغرانيق والغرانقة انتهى )*(‬


‫سلَام ج َاءَه ف َع َر َض عَلَي ْه ال ُ ّ‬
‫سور َة فَلَم ّا بلََغ الكلمتين قال له م َا جئ ْت ُك‬ ‫جبْر ِيل عَلَي ْه ال َ ّ‬ ‫ن ل َا يَنْز ِل عليه شئ يُن َ ّفر ُه ُم عَن ْه وَذَك َر هَذِه الْق َِصّ ة و َأَ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫أَ ّ‬
‫ل ولا نبى( الآيَة و َقَو ْلُه )و َِإ ْن‬
‫ك م ِنْ رَسُو ٍ‬ ‫س َل ّم فأن ْزل َ‬
‫الل ّه تَع َالَى تَسْلِي َة لَه )وَم َا أَ ْرسَل ْنَا م ِنْ قَب ْل ِ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫بِهَاتَي ْن‪ ،‬فَحَزِن لِذَل ِك َ‬

‫ن لَنَا فِي الْك َلَام عَلَى مُشْكل هَذ َا الْحَدِيث م َأْ خ َذي ْن أحَد ُهُمَا فِي تَوْه ِين أصْ لِه و َ‬
‫َالث ّاني عَلَى تَسْلِيمِه‪،‬‬ ‫الل ّه أَ ّ‬
‫كادوا ليفتنونك( الآيَة‪ ،‬فاع ْلَم أَ ك ْرَم َك َ‬
‫ن هَذ َا حَدِيث لَم يُخ ََر ّجْه أَ ح َد من أَ ه ْل الصّ َح ّة وَل َا رَو َاه‬
‫أَ َمّا ال ْم َأْ خ َذ الأوّل فَي َ ْكف ِيك أَ ّ‬
‫سق ِيم‬
‫ل صحيح و َ َ‬ ‫ثِق َة بِس َن َد سَل ِيم م ُت ّصِ ل و َِإ َن ّمَا ُأولـِ ـع ب ِه و َبمِثْلِه ال ْمُفَس ِّر ُون و َال ْم ُؤَرّخُون ال ْم ُولَع ُون بِك ُ ّ‬
‫ل غ َريب ال ْمُتَل َ ّقف ُون من الصحف ك ُ ّ‬
‫ضعْف نَق َلَت ِه‬ ‫َالت ّ ْفسِير و َتَع ََل ّق بِذَل ِك ال ْمُل ِ‬
‫حد ُون م َع َ‬ ‫الن ّاس ببَِعْض أَ ه ْل الأه ْوَاء و َ‬
‫حي ْث قَال لَق َد بلُ ِي َ‬
‫صد َق الْق َاض ِي بَك ْر ُ بن الْع َلَاء ال ْمَالـِكيّ َ‬
‫وَ َ‬

‫الصّ لَاة‪ ،‬وآخ َر يَق ُول قالها فِي ن َادِي قَوْم ِه حِين ُأنْز ِلَت عَلَي ْه‬
‫و َاضْ ط ِرَاب رِو َاي َات ِه و َانْقِطَاع إسْ نَادِه و َاخت ِلَاف كَل ِمَات ِه فَق َائ ِل يَق ُول َإن ّه فِي َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه‬ ‫ن َ‬ ‫ال ُ ّ‬
‫سور َة‪ ،‬وآخر يقول قالها وقد أصابته سنة‪ ،‬و َآخ َر يَق ُول بَل حدث نفسه فيها‪ ،‬وآخر يقول إن الشيطان قَالَهَا عَلَى لِسَان ِه و َأَ ّ‬
‫س َل ّم ق َرأَ َ ه َا‪ ،‬فَلَم ّا بلََغ َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫جبْر ِيل قَال م َا هكذا أق ْرأْ َ تُك‪ ،‬و َآخ َر يَق ُول بَل أَ ع ْلَمَه ُم ال َ ّ‬
‫شيْطَان أَ ّ‬ ‫س َل ّم لَم ّا ع َرَضَه َا عَلَى ِ‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم ذَل ِك قَال والل ّٰه م َا هكَذ َا ن َزلَت‪ِ ،‬إلَى غَي ْر ذَل ِك م ِن اخْ ت ِلَاف ُ‬
‫الر ّو َاة‪ ،‬وَم ِن حُكِي َت هَذِه الحِك َايَة عَن ْه م ِن ال ْمُفَسّر ِين‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫و َ‬
‫َالت ّاب ِع ِين لَم يُسْندْه َا أح َد مِنْه ُم وَل َا ر َفَعَه َا ِإلَى‬
‫__________‬
‫)قوله المولعون( بضم الميم وفتح اللام )قوله لَق َد بلُ ِي َ‬
‫الن ّاس( بضم الموحدة وكسر اللام )قوله سنة( بكسر السين وفتح النون أي نعاس‪.‬‬
‫)*(‬
‫شعْب َة ع َن أَ بِي ب ِش ْر ع َن سَع ِيد بن جُبَي ْر ع َن ابن ع ََب ّاس قَال ف ِيم َا‬ ‫صَاحِب و َأكْ ث َر ال ُ ّ‬
‫طر ُق عَنْه ُم ف ِيهَا ضَع ِيف َة و َاه ِية و َالمَر ْف ُوع ف ِيه حَدِيث ُ‬
‫س َل ّم ك َان بِم َ َك ّة وَذَك َر الْق َِصّ ة قَال أَ بُو بَك ْر ال ْبَز ّار هَذ َا الْحَدِيث ل َا نَعْلَم ُه يُرْو َى ع َن َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أحْ سِب الشك فِي الْحَدِيث أَ ّ‬

‫شعْب َة إ َلّا ُأم ََي ّة بن خ َالِد و َغَي ْر ُه يُرْسِلُه ع َن سَع ِيد بن جُبَي ْر و َِإ َن ّمَا يُعْر َف‬
‫س َل ّم ب ِإسْ نَاد م َُت ّصِ ل يَج ُوز ذِك ْر ُه إ َلّا هَذ َا و َلَم يُسْنِدْه ع َن ُ‬
‫صَلَ ّى الل ّٰه علبه و َ َ‬
‫الل ّه َأن ّه ل َا يُعْر َف من َطرِ يق يَج ُوز‬
‫ع َن الك َلْبِيّ ع َن أَ بِي صالح ع َن ابن ع ََب ّاس فَق َد بَي ْن ل َك أَ بُو بَك ْر رحمه َ‬
‫حق ِيق َة م َع َه‪ ،‬و َأَ َمّا حَدِيث الْك َلْبِي فم ِ َمّا‬
‫الضّ عْف م َا نَب ّه عَلَي ْه م َع و ُق ُوع الشك ف ِيه كَمَا ذَك َر َن َاه ال َ ّذ ِي ل َا يُوثَق ب ِه وَل َا َ‬
‫ذِك ْر ُه سِو َى هَذ َا و َف ِيه م ِن َ‬
‫الل ّه و َال َ ّذ ِي مِن ْه فِي الصحيح أن النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫س َل ّم َ ق َرأَ َ‬ ‫الر ّواية عَن ْه وَل َا ذِك ْر ُه لِق ُ َو ّة َ‬
‫ضعْف ِه وَكَذِب ِه كَمَا أشَار إلي ْه ال ْبَز ّار رَحِم َه َ‬ ‫ل َا تَج ُوز َ‬
‫ل‪ ،‬ف َأَ َمّا من جِهة ال ْمَعْن َى فَق َد قَام َت الْ َحجُ ّة‬ ‫ق َ‬
‫الن ّ ْق ِ‬ ‫ْس‪ ،‬هَذ َا تَوْه ِين ُه ُ م ِنْ َطرِ ي ِ‬ ‫َالن ّجْ ِم و َه ُو َ بِم َ َك ّة َ فَسَجَد َ مَع َه ُ ال ْمُسْل ِم ُونَ و َال ْمُشْرِكُونَ و َالْج ُِنّ و ِ‬
‫َالإن ُ‬ ‫و َ‬

‫س َل ّم و َن َز َاه ِت ِه ع َن مثل هذه الرذبلة ِإ َمّا من تَم َن ّيه أن يُنْز َل عَلَي ْه مِث ْل هَذ َا من مَدْح آلِهة غَي ْر َ‬
‫الل ّه‬ ‫و َأَ جْم َعت ال ُأ َمّة عَلَى عِصْ م َت ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه و َ َ‬
‫س َل ّم أَ ّ‬
‫ن م ِن الْقُر ْآن م َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يج ْعل ف ِيه م َا لَي ْس مِن ْه و َيَعْتق َد َ‬
‫شيْطَان و َيُش ََب ّه عَلَي ْه الْقُر ْآن ح ََت ّى َ‬
‫كفْر أَ و أن يَتَسَ َو ّر عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫و َه ُو ُ‬

‫س َل ّم من ق ِب َل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم أَ و يَق ُول ذَل ِك َ‬ ‫ح َ ّقه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جبْر ِيل عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام وَذَل ِك كُل ّه مُم ْتَن ِـع فِي َ‬ ‫لَي ْس مِن ْه ح ََت ّى يُنَبّه َه ِ‬
‫س َل ّم من جَر َيان‬ ‫كفْر ‪ -‬أَ و سَهْو ًا وهو مَعْصُوم من هَذ َا كله و َق َد ق ََر ّرْنا ب ِالبَر َاه ِين و َالإجْماع عِصْ م َت َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ ْفسِه عَمْدًا ‪ -‬وَذَل ِك ُ‬
‫__________‬
‫)قوله ع َن أَ بِي ب ِش ْر( بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة‪.‬‬
‫)*(‬
‫شيْطَان عَلَي ْه سَب ِيل أَ و أن يَتَق َ َو ّل‬
‫شيْطَان أَ و يَكُون لِل َ ّ‬
‫ال ْـكُفْر عَلَى قَل ْب ِه أَ و لِسَان ِه ل َا عَمْدًا وَل َا سَه ُو ًا أَ و أن يَتَشَب ّه عَلَي ْه م َا يلُْق ِيه ال ْمُل ْك م َِم ّا يلُ ْقي ال َ ّ‬
‫ْف‬
‫ضع َ‬
‫)إذ ًا لأَ ذ َق ْنَاك َ ِ‬
‫ْض الأقاو يل( الآية‪ ،‬وقال تَع َالَى ِ‬ ‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬و َلَو ْ تَق َ َو ّ َ‬
‫ل عَلَي ْنَا بَع َ‬ ‫الل ّه ل َا عَمْدًا وَل َا سَهْو ًا م َا لَم يُنْز َل عَلَي ْه و َق َد قَال َ‬
‫عَلَى َ‬
‫َات( الآيَة‪ ،‬وَوَجْه ثان و َه ُو اسْ ت ِح َالة هَذِه الْق َِصّ ة نَظَرًا وَع ُْرفًا وَذَل ِك أَ ّ‬
‫ن هَذ َا الْك َلَام لَو ك َان كما رُوِي لكان بعيد‬ ‫ْف ال ْمَم ِ‬
‫ضع َ‬
‫الْحيََاة ِ و َ ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٠‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الت ّأْ لِيف و َالنّظْم و َل َم ّا‬


‫الال ْت ِئَام م ُتَنَاق ِض الْأَ قْسَام مُم ْتَز ِج المدح بالضم م ُت َخاذِل َ‬
‫يخْفَى عَلَى أدْنى م ُت َأمّل‬ ‫س َل ّم وَل َا من بِ حَضْرَت ِه م ِن ال ْمُسْل ِمِين وَصَنَادِيد المُشْرِكِين م َِم ّن َ‬
‫يخ ْفى عَلَي ْه ذَل ِك و َهَذ َا ل َا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ك َان َ‬
‫فَكَي ْف بِم َن ر َجَ ح حِل ْم ُه و َاتَ ّس َع فِي باب ال ْبَيَان؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ف َصِ يح الْك َلَام ع ِل ْم ُه‪ ،‬وَوَجْه ثالث َأن ّه ق َد عُل ِم من عَاد َة المُنَافِق ِين وَمُع َانِدِي‬
‫س َل ّم ل ِأَ ق َ ّ‬
‫ل فِت ْن َة و َتَعْيير ُه ُم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تخ ْلِيط ال ْعَدُوّ عَلَى َ‬
‫ضعَف َه الْق ُلُوب و َالجَه َلَة م ِن المُسْل ِمِين نُف ُور ُه ُم لأ َ ّول وَه ْلَة و َ َ‬
‫المُشْرِكِين و َ‬
‫شي ْئًا‬‫يح ْك أح َد فِي هَذِه الْق َِصّ ة َ‬ ‫شم َاتَة بِه ِم الْفَي ْن َة بَعْد الْفَي ْن َة و َارْتِد َاد من فِي قَل ْب ِه م َرَض م َِم ّن أظْ ه َر الإسلام لأدنى ُ‬
‫شبْه َة و َلَم َ‬ ‫المُسْل ِمِين و َال َ ّ‬
‫الصّ و ْلَة و َلأقَام َت بِهَا الْيَه ُود عَلَيْه ِم الْ َحجُ ّة كَمَا ف َع َلُوا مُك َاب َر َة‬
‫الضّ ع ِيف َة الْأَ صْ ل و َلَو ك َان ذَل ِك لَوَجَد َت ق ُر َي ْش بِهَا عَلَى ال ْمُسْل ِمِين َ‬
‫سوى هَذِه الرّو َايَة َ‬
‫فِي ق َِصّ ة ال ِْإسْر َاء ح ََت ّى ك َان َت فِي ذلك لبعض‬
‫__________‬
‫)قوله متخاذل( بالخاء والذال المعجمتين )قوله وصناديد( جمع صنديد بكسر الصاد المهملة وهو السيد الشجاع )قوله والشمات( بضم‬
‫الشين المعجمة وتشديد الميم‪ :‬جمع شامت )قوله الْفَي ْن َة بَعْد الْفَي ْن َة( بفاء مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة ونون؟ ؟ ؟ ؟ بعد الحـين )*(‬
‫ُ‬
‫الضّ عَف َاء رِد َة وَكَذَل ِك م َا رُوِي فِي ق َِصّ ة القضِ َي ّة وَل َا فِت ْن َة أ ْعظَم من هَذِه البلية لَو و ُ ِ‬
‫جد َت وَل َا تَشْغ ِيب للم ُع َادِي حِينئذ أشَد من هَذِه‬
‫ل عَلَى بُطْل ِها واجْ تثَاث أصْ ل ِها وَل َا شَكّ فِي إ ْدخ َال‬
‫شف َة فَد َ ّ‬
‫سل ِم بسببها بِن ْت َ‬
‫الحا َدِثَة لَو أ ْمكَن َت فَمَا رُوِي ع َن مُع َانِد ف ِيهَا كَل ِمة وَل َا ع َن م ُ ْ‬
‫بَعْض شَيَاطِين الإنس أَ و الج ِنّ هَذ َا الْحَدِيث عَلَى بَعْض مُغ َ ّفلي المحدثين ليلبسن ب ِه عَلَى ُ‬
‫ضع َفاء ال ْمُسْل ِمِين‪.‬‬
‫ن ف ِيهَا ن َزَلَت )و َِإ ْن ك َاد ُوا ليفتنونك( الآيَتَي ْن‪ ،‬و َه َاتان الآيتان ت َر ُ َدّان الخـَب َر ال َ ّذ ِي‬ ‫وَوَجْه ر َابع ذَك َر ُ‬
‫الر ّو َاة لِهَذِه الق َضِ َي ّة أَ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى ذَك َر انهم ك َاد ُوا يَفْت ِن ُونَه ح ََت ّى يَفْتَر ِي و ََأن ّه لولا أن ثبته لَك َاد يَرْكَن ِإلَيْه ِم فَم َضْ م ُون هَذ َا وَم َ ْفه ُوم ُه أن الل ّٰه تعالى عصمه‬
‫ن َ‬ ‫رَوَوْه ل ِأَ ّ‬
‫ن يَفْت َرى و َثَب ّت َه ح ََت ّى لَم يَرْكَن اليهم قلِيل ًا فَكَي ْف كَث ِيرا وهم يرون فِي أخْ بَارِهم ال ْوَاه ِي َة َأن ّه ز َاد عَلَى ُ‬
‫الر ّكُون و َالاف ْتِر َاء بِمَدْح آلِهَتِه ِم‬ ‫من أَ ّ‬
‫صح ّة‬ ‫الل ّه ِ و َقلُ ْتَ م َا ل َ ْم يَق ُلْ ( و َهَذ َا ِ‬
‫ض ّد م َ ْفه ُوم الآية وَهِي تضعف الْحَدِيث لَو صَ ح ّ فَكَي ْف وَل َا ِ َ‬ ‫س َل ّم‪) :‬اف ْتَر َي ْتَ عَلَى َ‬ ‫و ََأن ّه قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ت طَائِف َة ٌ مِنْه ُ ْم أَ ْن يُضِ ُل ّوك َ وَم َا يُضِ ُل ّونَ ِإلا أَ نْف ُسَه ُ ْم وَم َا‬ ‫الل ّه ِ عَلَي ْ َ‬
‫ك وَرَحْمَت ُه ُ لَه َ َمّ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫لَه؟ و َهَذ َا مِث ْل قَو ْلِه تَع َالَى فِي الآيَة الأخرى )و َلَو ْلا ف َضْ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى )يَك َاد ُ سنابرقه يذهب بالأبصار( و َلَم‬ ‫يضرونك من شئ( و َق َد رُوِي ع َن ابن ع ََب ّاس ك ُ ّ‬
‫ل م َا فِي الْقُر ْآن كاد فَه ُو م َا ل َا يَكُون قَال َ‬
‫يَذْه َب و َأَ ك َاد ُأخْ ف ِيهَا و َلَم ي َ ْفع َل‪ ،‬قَال الْقُشَيْر ِيّ الْق َاض ِي و َلَق َد طَالَب َه ق ُر َي ْش و َثَقيف إذ م َّر بآلِهتِه ِم أن يُقْبل بو َجْ ه ِه ِإلَيْهَا وَو َعَد ُوه ال ِْإ يمَان ب ِه‬
‫ن فعل فما فَع َل وَل َا ك َان لِي َ ْفع َل‪ ،‬قَال ابن الأن ْبَارِيّ م َا قَار َب َ‬
‫الر ّسُول وَل َا رَكَن و َق َد ذُكر َت فِي مَعْن َي هَذِه الآيَة تَف َاسِير‬ ‫إ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى امْت َ ّن عَلَى رسوله ب ِع ِصْ مِت ِه وٺَث ْب ِيت ِه بِمَا كاد َه‬
‫ن َ‬ ‫سفْسافَه َا فَلَم يَب ْق فِي الآيَة إ َلّا أَ ّ‬ ‫ُأخ َر م َا ذَك َرَناه من نص َ‬
‫الل ّه عَلَى عِصْ م َة رسوله ت َرُدّ ِ‬
‫س َل ّم و َه ُو م َ ْفه ُوم الآيَة‪ ،‬و َأَ َمّا المأْ َ خ َذ الثاني فَه ُو مَبْنِي عَلَى‬ ‫ب ِه الـكُ َ ّفار وَر َام ُوا من فِت ْنَت ِه وَم ُرَاد ُن َا من ذَل ِك تَنْز ِيه ُه وَعِصْ م َت ُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َث و َال َ ّ‬
‫سمِين فم َِنْهَا‬ ‫ل ح َال فَق َد أج َاب ع َن ذَل ِك أئمة ال ْمُسْل ِمِين بأجْ وبة مِنْهَا الغ ّ‬ ‫الل ّه من ِ َ‬
‫صح ّت ِه و َلـَكِن عَلَى ك ُ ّ‬ ‫تَسِليم الْحَدِيث لَو صَ ح ّ و َق َد أعاذ َنا َ‬
‫سور َة فَجَر َى هَذ َا الْك َلَام عَلَى لِسَان ِه بِ حُكْم َ‬
‫الن ّو ْم و َهَذ َا‬ ‫س َل ّم أصَابَت ْه سِن َة عِن ْد ق ِرَاءَت ِه هَذِه ال ُ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َا رَو َى قَتَاد َة وَمُق َات ِل أَ ّ‬
‫شيْطَان عَلَي ْه فِي نَو ْم‬ ‫الل ّه عَلَى لِسَان ِه وَل َا يَسْتَو ْل ِي ال َ ّ‬ ‫س َل ّم مِثْلُه فِي ح َالَة من أحْ والِه وَل َا َ‬
‫يخ ْلُق ُه َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل َا يَصِ حّ ِإذ ل َا يَج ُوز عَلَى َ‬
‫س َل ّم ح َ َ ّدث ن َ ْفسَه فَق َال ذَل ِك ال َ ّ‬
‫شيْطَان‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَل َا يَقَظَة ل ِع ِصْ م َت ِه فِي هَذ َا ال ْبَاب من جَم ِيع الْعَمْد و َال َس ّهْو و َفِي قَو ْل الْك َلْبِيّ أَ ّ‬

‫ل هذه ل َا يَصِ حّ‬ ‫الر ّحْمن قَال و َسَه َا فَلَم ّا ُأخْب ِر بِذ َل ِك قَال َإن ّمَا ذَل ِك م ِن ال َ ّ‬
‫شيْطَان وَك ُ ّ‬ ‫عَلَى لِسَان ِه‪ ،‬و َفِي رِو َايَة ابن شِه َاب ع َن أَ بِي بَك ْر بن عَب ْد َ‬
‫س َل ّم قالَه أث ْنَاء تِلاو َت ِه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم ل َا سَهْو ًا وَل َا ق َصْ دًا وَل َا يَتَق َ َو ّلِه ال َ ّ‬
‫شيْطَان عَلَى لِسَان ِه و َق ِيل لَع َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أن يَق ُولَه َ‬

‫كقَو ْلِه بَلْ فَعَلَه ُ كَب ِير ُه ُ ْم هذا بَعْد ال َ ّ‬


‫سكُت‬ ‫سلَام هَذ َا ر َب ِ ّي عَلَى أَ ح َد َ‬
‫الت ّأْ وِ يلات و َ َ‬ ‫َالت ّو ْبِيخ لِل ْـكُفّار كقَو ْل إ ب ْر َاه ِيم عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫الت ّ ْقرِير و َ‬
‫عَلَى ت َ ْقدِير َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣١‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ل عَلَى ال ْم ُرَاد و ََأن ّه لَي ْس م ِن ال ْمَت ْلُو و َه ُو أَ ح َد م َا‬


‫و َبَيَان الْف َصل بَي ْن الْك َلام َي ْن ث ُم ّ رَجَع ِإلَى تلاوته وهذا يمكن م َع بَيَان الْف َصل و َقَرِين َة تَد ُ ّ‬
‫ذَك َر َه الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر وَل َا يُعْتَر َض عَلَى هَذ َا بِمَا رُوِي أنه‬
‫__________‬
‫)قوله سفسافها( بسينين مهملتين وفاءين‪ :‬أي حقيرها ورذلها‪.‬‬
‫)‪(*) (٢ - ٩‬‬
‫ن َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫الصّ لَاة فَق َد ك َان الْك َلَام قَب ْل ف ِيهَا غَي ْر مَم ْن ُوع والذي ي َ ْظه َر و َيَتَر َ َّجح فِي تأْ و َيله عِنْد َه وعند غَيْر ِه م ِن ال ْم ُ َ‬
‫حقّقين عَلَى تَسْلِيمِه أَ ّ‬ ‫ك َان فِي َ‬

‫شيْطَان‬ ‫س َل ّم ك َان كَمَا أم َرَه ربه ي ُرَت ّل الْقُر ْآن تَرْتِيل ًا و َيُف َصّ ل الآي تَفْصِ يل ًا فِي ق ِرَاءَت ِه كَمَا رَو َاه الثّق َات عَن ْه فَي ُ ْمكِن ت َر َ ُ ّ‬
‫صد ال َ ّ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫س َل ّم بَحَي ْث ي َ ْسم َع ُه من د َن َا إلي ْه من الـكفا فَظ َُن ّوها‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سك َتَات وَد َُسّ ه فيها ما اختلفه من تِل ْك الْكَل ِمَات ُ‬
‫محَاك ِياً نَغْم َة َ‬ ‫لِتِل ْك ال َ ّ‬
‫س َل ّم و َأشَاع ُوه َا و َلَم ي َ ْقد َح ذَل ِك عِن ْد ال ْمُسْل ِمِين بِ ح ْفظ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫من قول َ‬

‫س َل ّم فِي ذَمّ الْأَ وْث َان وعيبها عُر ِف مِن ْه و َق َد ح َكى م ُوس َى بن‬ ‫الل ّه وَتَح َُ ّقق ِهم من ح َال َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ال ُ ّ‬
‫سور َة قَب ْل ذَل ِك عَلَى م َا أن ْز َلَهَا َ‬
‫ن ال ْمُسْل ِمِين لَم ي َ ْسم َع ُوه َا و َِإ َن ّمَا ألْقَى ال َ ّ‬
‫شيْطَان ذَل ِك فِي أسْمَاع ال ْمُشْرِكِين و َقُلُو بِه ِم و َيَكُون م َا رُوِي من حُزْن‬ ‫نح ْو هَذ َا‪ ،‬و َقَال إ ّ‬
‫عُقْب َة فِي مَغ َازِ يه َ‬

‫ل و َلا نبى( الآيَة‬ ‫س َل ّم لهذه الإشَاع َة و َال ُ ّ‬


‫شبْه َة وَسَب َب هَذِه الفِت ْن َة و َق َد قَال الل ّٰه تعالى )وما أرسلنا من قبلـكم م ِنْ رَسُو ٍ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫الل ّه ُ م َا يلُْقِي الشيطان( أَ ي ي ُ ْذه ِب ُه و َيُز ِي ِل َ‬
‫الل ّب ْس‬ ‫خ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬لا يَعْلَم ُونَ الْكِتَابَ ِإلا أَ م َان ِ َيّ( أَ ي تِلَاو َة و َقَو ْلُه )فَيَنْسَ ُ‬
‫فَمَعْن َي تَم ََن ّى‪ :‬تلا‪ ،‬قَال َ‬
‫س َل ّم م ِن ال َس ّهْو إذ َا ق َرَأ فَيَن ْتَب ِه لِذَل ِك و َيَرْجع عَن ْه و َهَذ َا َ‬
‫نح ْو قول الكلْبِيّ‬ ‫يحْكِم آيات ِه‪ ،‬و َق ِيل مَعْن َي الآيَة ه ُو م َا يَق َع ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ب ِه و َ ُ‬
‫نح ْو َه و َهَذ َا ال َس ّهْو فِي الق ِرَاءَة َإن ّمَا يَصِ حّ ف ِيم َا‬ ‫فِي الآيَة أنه ح َ َ ّدث ن َ ْفسَه و َقَال إذ َا تَم ََن ّى أَ ي ح َ َ ّدث ن َ ْفسَه‪ ،‬و َفِي رِو َايَة أَ بِي بَك ْر بن عَب ْد َ‬
‫الر ّحْمن َ‬
‫لَي ْس َطرِ يق ُه تَغْيير المَع َانِي وتبديل الألفاظ‬
‫__________‬
‫)قوله و َق َد ح َكى م ُوس َى بن عقبة( أي ابن أبى عباس وفى بعض النسخ محمد بن عقبة‪ ،‬وليس بصواب‪.‬‬
‫)*(‬
‫وَزِي َاد َة م َا لَي ْس م ِن القرآن بَل ال َس ّهْو عن إسقاط آية منه أو كلمة ولـكنه لا يقر على هذا السهو بَل يُن َب ّه عَلَي ْه و َيُذ َك ّر ب ِه لِلح ِين عَلَى م َا‬
‫مجَاهِدًِا رَو َى هَذِه الْق َِصّ ة و َالغ َرَانِق َة العُلَى فإن س ََل ّم ْنا‬ ‫سَن َ ْذك ُر ُه فِي حُكْم م َا يَج ُوز عَلَي ْه م ِن السهو وَم َا ل َا يَج ُوز وَم َِم ّا ي َ ْظه َر فِي تأْ و يلِه أيْضًا أَ ّ‬
‫ن ُ‬
‫ن هَذ َا ك َان قُر ْآن ًا و َالمُرَاد ب ِالْغ َرانِقَة ِ ال ْعُلَى وأن شفاعتهن لتر بحي ال ْمَلَائِك َة عَلَى هَذِه الرّو َايَة وبهذا ف َس ّر لكلى الغ َرَانِق َة أ َ ّنهَا‬
‫الْق َِصّ ة قلُ ْنَا ل َا يَب ْع ُد أَ ّ‬
‫الل ّه عَنْه ُم‬
‫الل ّه كَمَا ح َكى َ‬
‫ال ْمَلَائِك َة وذلك أن الـكفار كانوا يعتقدون الْأَ وث َان و َال ْمَلَائِك َة بَنَات َ‬
‫شف َاع َة م ِن ال ْمَلَائِك َة صَ ح ِيح فَلَم ّا ت َأ َ ّولَه‬
‫ل هَذ َا من قَو ْلِهم وَرَج َاء ال َ ّ‬ ‫سور َة بِقَو ْلِه )أَ لـَكُم ُ ال َذ ّك َر ُ وَلَه ُ ال ُأن ْث َى( فأنك َر َ‬
‫الل ّه ك ُ ّ‬ ‫وَر َد عَلَيْه ِم فِي هَذِه ال ُ ّ‬
‫الل ّه م َا ألقى ال َ ّ‬
‫شيْطَان وأحْك َم آيات ِه‬ ‫شيْطَان ذَل ِك وز َ َي ّن َه فِي قُلُو بِه ِم و َألْق َاه إلَيْه ِم نَس َخ َ‬
‫ن المُرَاد بَهَذ َا الذكر آلهتهم وليس عَلَيْه ِم ال َ ّ‬
‫المُشْرِكُون عَلَى أَ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى‬ ‫الل ّتَي ْن وَج َد ال َ ّ‬
‫شيْطَان بهما سَبيل ًا للإل ْباس كَمَا نُسِخ كَث ِير م ِن الْقُر ْآن وَر ُفِع َت تِلَاو َتُه وَك َان فِي إن ْز َال َ‬ ‫الل ّ ْفظَت ْين َ‬
‫وَر َف َع تِلَاو َة تِل ْك َ‬
‫شيْطَانُ فِت ْن َة ً ل َِل ّذ ِي َ‬
‫ن فِي‬ ‫ل م َا يلُْقِي ال َ ّ‬
‫ل ب ِه إ َلّا الفاسِقين و َ )لِي َجْ ع َ َ‬
‫ل ب ِه من يَش َاء و َيَه ْدي من يَش َاء وَم َا يُضِ ّ‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة لِي ُضِ ّ‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة و َفِي ن َ ْسخِه ِ‬ ‫لِذَل ِك ِ‬

‫ن ُأوتُوا ال ْعِلْم َ أَ َن ّه ُ الْح َُقّ م ِنْ ر َب ِّ َ‬


‫ك فَيُؤْم ِن ُوا بِه ِ فَت ُخْ ب ِتَ لَه ُ قُلُو بُهُمْ(‬ ‫ق بَع ِيدٍ و َلِيَعْلَم َ ال َ ّذ ِي َ‬
‫شق َا ٍ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫ظالِمِينَ لَفِي ِ‬ ‫ض و َالْق َاسِيَة ِ قُلُو بُه ُ ْم و َِإ َ ّ‬
‫قُلُو بِه ِ ْم م َرَ ٌ‬

‫الث ّالِث َة ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى خ َاف الـكُ َ ّفار أن ي َأتِي‬ ‫س َل ّم لَم ّا ق َرَأ هَذِه ال ُ ّ‬
‫سور َة و َبلََغ ذكرت اللات و َالع َُز ّى وَم َنَاة َ‬ ‫الل ّه عليه و َ َ‬
‫الآية ‪ -‬و َق ِيل إن النبي صلى َ‬
‫بشئ من ذَمّهَا فَسَبَق ُوا إلى مدحها‬
‫__________‬
‫)قوله وَر َف َع تِلَاو َة تِل ْك اللفظين( الظاهر أن يقال تينك كَمَا و َق َ َع فِي بعض النسخ وكذا قوله بتلك الكلمتين‪ :‬الظاهر أن يقال بتينك )*(‬
‫ن و َال ْغَو ْا ف ِيه ِ لَع َل ّـك ُ ْم‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم وبشنعوا عَلَي ْه عَلَى عَادِتِه ِم وقو ْلِه ِم )لا ت َ ْسم َع ُوا لِهَذ َا الْقُر ْآ ِ‬
‫بتِلِ َك الكل ِمَت ْين لِي ُخَلّط ُوا فِي تِلَاو َة َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٢‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫س َل ّم قالَه فَحَزِن لِذَل ِك من ك َذبِه ِم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫تَغْلِب ُونَ( ونُسِب هَذ َا الفِعْل ِإلَى ال َ ّ‬
‫شيْطَان ِلحم َْلِه لَه ُم عَلَي ْه و َأَ شَاع ُوا ذَل ِك و َأَ ذ َاع ُوه و َأَ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى بِقَو ْلِه )وَم َا أَ ْرسَل ْنَا من قبلك( الآيَة‪ ،‬و َبَي ْن ل ِ َلن ّاس الْحَقّ من ذَل ِك م ِن ال ْبَاطِل و َ َ‬
‫حف ِظ الْقُر ْآن و َأحْك َم آيات ِه‬ ‫و َافتِر َائِه ِم عَلَي ْه فَس ََل ّاه َ‬
‫ن نَز ّل ْنَا الذِّك ْر َ و َِإ َن ّا لَه ُ لحافظون( وَم ِن‬ ‫)إ َن ّا َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫وَد َف َع م َا لَب ّس ب ِه العَد ُ ّو كَمَا ضَم ِن َه تَع َالَى من قَو ْلِه ِ‬
‫كشِف عَنْه ُم العذاب فَق َال ل َا أ ْرجِـع ِإلَيْه ِم ك َ َذّاب ًا‬
‫ذَل ِك م َا رُوِي من ق َِصّ ة يُونُس عليه السلام َأن ّه و َع َد قَوْم َه العذاب عن ر ََب ّه فَلَم ّا ت َابُوا ُ‬
‫أبد ًا فَذ َه َب مُغ َاضِبًا‪.‬‬
‫كه ُم و َِإ َن ّمَا ف ِيه َأن ّه د َعَا‬
‫الل ّه مُه ْل ِـ َ‬
‫ن َ‬ ‫ن يُونُس عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام قَال لَه ُم إ ّ‬ ‫ن لَي ْس فِي خ َب َر م ِن الْأَ خْ بَار ال ْوَارِد َة فِي هَذ َا ال ْبَاب أَ ّ‬
‫الل ّه أَ ّ‬
‫فاع ْلَم أَ ك ْرَم َك َ‬
‫ن العذاب مُصَب ّحُك ُم وقت كذا وكذا فكان ذلك كَمَا قَال ث ُم ّ‬ ‫عَلَيْه ِم بال ْهَلاك‪ ،‬و َال ُد ّعَاء لَي ْس بِ خـ َب َر يُطْلَب ِ‬
‫صدْق ُه من ك َذب ِه‪ ،‬لـكنه قَال لَه ُم إ ّ‬
‫ْي( الآيَة وَر ُوي فِي الْأَ خْ بَار‬
‫كشَفْنَا عَنْه ُ ْم عَذ َابَ الْخِز ِ‬
‫س لَم ّا آم َن ُوا َ‬
‫)إلا قَوْم َ يُون ُ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى ِ‬
‫كه ُم‪ ،‬قَال َ‬
‫الل ّه تَع َالَى عَنْه ُم العذاب و َتَد َار َ َ‬
‫ر َف َع َ‬
‫شاه ُم ال ْعَذ َاب كما يُغَش ّى َ‬
‫الث ّو ْب الْق َب َر‪.‬‬ ‫مخَايِلَه‪ ،‬قاله ابن مَسْع ُود‪ ،‬و َقَال سَع ِيد بن جُبَي ْر غ َ َ ّ‬
‫أَ َ ّنه ُم ر َأَ وْا دَل َائ ِل الأعذاب و َ َ‬
‫الل ّه صلى الل ّٰه عليه وآلِه وسلم ث ُم ّ ارْت َ ّد مُشْرِك ًا وَصَار ِإلَى ق ُر َي ْش‬
‫الل ّه بن أَ بِي سَرْح ك َان يَكْت ُب ل ِرَسُول َ‬
‫ن عَب ْد َ‬
‫فإن قلُ ْت فَمَا مَعْن َي م َا رُوِي أَ ّ‬

‫حي ْث ُأرِيد ك َان يُمْل ِي عَلِيّ ع َزيز حَكِيم‬


‫كن ْت ُأصَرّف مُح َم ّدًا َ‬
‫فَق َال لَه ُم إن ّي ُ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن أبى سرح( بسين مهملة وراء ساكنة وحاء مهملة )*(‬
‫س َل ّم )اكْ ت ُْب كَذ َا( فَيَق ُو ُ‬
‫ل أَ كْ ت ُبُ كَذ َا‪:‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل صَوَاب‪ ،‬و َفِي حَدِيث آخ َر فَيَق ُول لَه َ‬
‫ف َأق ُول أَ و عَل ِيم حَكِيم؟ فَيَق ُول نَع َم ك ُ ّ‬
‫الصّ ح ِ‬
‫ِيح‬ ‫كي َْف شِئ ْتَ ‪ ،‬و َفِي َ‬
‫ل لَه ُ اكْ ت ُْب َ‬
‫ل اكْ ت ُْب سَم ِيع ًا بَصِ ير ًا؟ فَيَق ُو ُ‬
‫ل اكْ ت ُْب عَلِيم ًا حَكِيم ًا فَيَق ُو ُ‬
‫كي َْف شِئ ْتَ ( و َيَق ُو ُ‬
‫فَيَق ُولُ‪) :‬اكْ ت ُْب َ‬
‫ل م َا ي َ ْدرِي مُحَم ّد إ َلّا م َا كَتَب ْت‬
‫س َل ّم َ بعد ما أَ سْ لَم َ ث َُم ّ ارْت َ ّد وَك َانَ يَق ُو ُ‬ ‫ن نَصْر َان ًيِ ّا ك َانَ يَكْت ُبُ ل ِ َلن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ أَ َ ّ‬
‫س رَضِي َ َ‬
‫ع َنْ أَ ن َ ٍ‬

‫ن مِث ْل هذه‬ ‫جع َل لِل َ ّ‬


‫شيْطَان و َتلَ ْب ِيسِه الْحَقّ ب ِالبَاطِل ِإلَي ْنَا سَب ِيل ًا أَ ّ‬ ‫الل ّه و َإي ّاك عَلَى الْحَقّ وَل َا َ‬
‫لَه‪ :‬اعلم ثَب ّتَنَا َ‬
‫نح ْن ل َا نَقْب َل خ َب َر المسلم ال ْم َُتّه َم ف َ َ‬
‫كي ْف بِك َافر اف ْتَر َى ه ُو‬ ‫حك َاية ع ََم ّن ارْت َ ّد و َ َ‬
‫كف َر بالل ّٰه و َ َ‬ ‫الحكاة أ ّول ًا ل َا تُوق ِـع فِي قَل ْب مُؤْم ِن ر َي ْبًا ِإذ هِي ِ‬
‫الل ّه ورسوله م َا ه ُو أ ْعظَم من هَذ َا؟ و َالْعَجَب لِسَل ِيم العَقْل ي َ ْشغ َل بِمِث َل هَذِه الحِك َايَة س ِ َرّه و َق َد َ‬
‫صدَر َت من عَدُوّ كافر مبغض‬ ‫وَمِثْلُه عَلَى َ‬
‫الل ّه و َِإ َن ّمَا يَفْتَر ِي‬
‫الصّ ح َابَة َأن ّه شَاه َد م َا قاله و َاف ْتر َاه عَلَى نَبِ ّي َ‬
‫للدين مفتر على الل ّٰه وَرَسُولِه و َلَم يَر ِد على أحد من السملمين وَل َا ذَك َر أَ ح َد م ِن َ‬

‫حك َايَتِهَا فليس ف ِيه‬ ‫الل ّه و َ ُأولئ ِك ه ُم الْك َاذِبون‪ ،‬وَم َا و َق َع من ذِكْر ِه َا فِي حَدِيث أَ نَس رَض ِي َ‬
‫الل ّه عَن ْه وَظَاه ِر ِ‬ ‫ال ْـكَذِب الذين ل َا يُؤم ِن ُون ب ِآيات َ‬
‫ل عَلَى َأن ّه شَاهَد َها و َلَعلَ ّه ح َكى م َا سَم ِـع و َق َد عَل ّل البزاز حَدِيثه ذَل ِك و َقَال‪ :‬رَو َاه ث َاب ِت عَن ْه و َلَم يُتَابَع عَلَي ْه‪ ،‬وَرَو َاه حَم ِيد ع َن أَ نَس‬
‫م َا يَد ُ ّ‬
‫الل ّه ولهذا والل ّٰه أَ ع ْلَم لَم يُخ َر ّج أَ ه ْل َ‬
‫الصّ حِيح حَدِيث ثابت وَل َا حَم ِيد‬ ‫قَال وأظن حميدًا َإن ّمَا سَمِع َه من ثابت‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أبو الفضل و ََف ّق َه َ‬
‫الل ّه عَن ْه ال َ ّذ ِي خ َرّج َه أَ ه ْل الصّ َح ّة وَذَكَر ْناه و َلَي ْس ف ِيه ع َن أَ ن َس قول شئ‬
‫الل ّه بن عزيز بن رفيع ع َن أَ نَس رَض ِي َ‬
‫والحصحيح حَدِيث عَب ْد َ‬
‫من ذلك من قَب ْل ن َ ْفسِه إ َلّا من ِ‬
‫حك َايَتِه ع َن المُرْت َد النّصْر َانيّ‬
‫س َل ّم ف ِيم َا ُأوحِي إلي ْه وَل َا جَوَاز لِلنّسْيَان و َالغَلَط عَلَي ْه و َ‬
‫َالت ّحْ رِ يف ف ِيم َا‬ ‫و َلَو ك َان َت صَ ح ِيح َة لَم ّا ك َان ف ِيهَا قَدْح وَل َا تَوْه ِيم ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫ن الكات ِب قَال لَه عَل ِيم حَكِيم أَ و كَتَب َه فَق َال لَه َ‬
‫الل ّه ِإذ لَي ْس ف ِيه لَو صَ ح ّ أَ كَث َر من أَ ّ‬
‫بلَ ّغ َه وَل َا َطعْن فِي نَظْم الْقُر ْآن وأن من عِن ْد َ‬
‫الر ّسُول لَهَا ِإذ ك َان م َا تَق َ َ ّدم م َِم ّا أمْلَاه‬
‫الر ّسُول قَب ْل إظْ ه َار َ‬
‫س َل ّم كَذَل ِك ه ُو فَسَبَق َه لِسَانُه أَ و قلمه لِكَل ِم َة أَ و كَل ِمَتَي ْن م َِم ّا نُز ّل عَلَى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫حسّه‬ ‫ل عَلَيْهَا و َيَقْت َض َي و ُق ُوعَه َا بِق ُ َو ّة ق ُ ْدر َة الكات ِب عَلَى الْك َلَام وَمَعْرِفَته ب ِه و َ َ‬
‫جوْد َة ِ‬ ‫َ‬
‫الر ّسُول يَد ُ ّ‬
‫و َفِطْنَت ِه كَمَا يَت ّف ِق ذَل ِك لِلْع َارِف إذ َا سَم ِـع البَي ْت أن يَسْب ِق إلى قاف ِيَت ِه أَ و مُب ْت َدإ الْك َلَام الْحَسَن إلى م َا يَت ِم ّ ب ِه وَل َا يَت ّف ِق ذَل ِك فِي جُم ْلَة الْك َلَام‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٣‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫س َل ّم أن صَ ح ّ ك ُ ّ‬
‫ل صَوَاب فَق َد يَكُون هَذ َا ف ِيم َا ف ِيه من مَق َاطِـع الآي‬ ‫كَمَا ل َا يَت ّف ِق ذَل ِك فِي آية وَل َا سُور َة‪ ،‬وَكَذَل ِك قَو ْلُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫صل الكاتب بِفِطْنَت ِه وَمَعْرِفَت ِه بِمُقْت َضى الْك َلَام إلى ا ْل ُأ ْ‬


‫خر َى‬ ‫س َل ّم ف َأَ مْلى إحْد َاهُمَا و َتَو َ َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫و َجْ ه َان وقراءتان أنزلنا جَميع ًا عَلَى َ‬

‫س َل ّم ث ُم ّ أَ حْك َم َ‬
‫الل ّه من ذَل ِك م َا أَ حْك َم و َنَس َخ م َا نَس َخ كَمَا ق َد وجد ذَل ِك‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ص َو ّبَهَا لَه َ‬
‫س َل ّم ف َ َ‬ ‫فَذَك َر َه َا ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫)إ ْن تُع َ ّذِبْه ُ ْم ف َِإ َ ّنه ُ ْم عِبَادُك َ و َِإ ْن تَغْفِر ْ لَه ُ ْم ف َِإ َن ّ َ‬
‫ك أَ ن ْتَ ال ْعَزِيز ُ الحكيم( و َهَذِه ق ِرَاءَة الجم ُْه ُور و َق َد ق َرَأ‬ ‫فِي بَعْض مقاطيع الآى مثله قَو ْلِه تَع َالَى‪ِ :‬‬
‫جَمَاع َة َ‬
‫فإن ّك أن ْت الغَف ُور الرحيم و َلَيْسَت م ِن المُصْ حَف وَكَذَل ِك كَل ِمَات ج َاءَت عَلَى و َجْ ه َي ْن فِي غَي ْر المَق َاطِـع ق َرَأ بهما مع ًا ا ْلجم ُْه ُور و َثَبَتَتَا‬
‫ل هَذ َا ل َا يُوجِب ر َي ْبًا وَل َا يُس َب ّب‬
‫ُص الْحَقّ ( وَك ُ ّ‬
‫كي َْف ننشرها‪ ،‬وننشزها ‪ - -‬و يقضى اللحق‪ ،‬و َيَق ّ‬
‫فِي المُصْ حَف مِث ْل )و َانْظُر ْ ِإلَى ال ْعِظَا ِم َ‬
‫س َل ّم غَلَطًا وَل َا وَه ْمًا و َق َد ق ِيل إ ّ‬
‫ن هَذ َا يحتمل‬ ‫ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫فصل هذا القول فيما طر يقه البلاغ‬ ‫‪٤.١.٧‬‬

‫الل ّه و َيُسَمّيه فِي ذَل ِك كيف شَاء‪.‬‬ ‫س َل ّم ِإلَى َ‬


‫الن ّاس غَي ْر الْقُر ْآن فَي َصِ ف َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن يَكُون ف ِيم َا يَكْتُب ُه ع َن َ‬
‫أَ ّ‬
‫فصل هَذ َا القول ف ِيم َا َطرِ يق ُه ال ْبَلَاغ و َأَ َمّا م َا لَي ْس سبيله سبيل ال ْبَلَاغ م ِن الْأَ خْ بَار التي ل َا مُسْتَند لَهَا ِإلَى الأحْكام وَل َا أَ خْ بَار الْمع َاد‬
‫س َل ّم ع َن أن يَق َع خ َب َر ُه فِي شئ من ذَل ِك‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَل َا تُضَاف ِإلَى وَحْي بَل فِي ُأم ُور ال ُد ّن ْيَا و َأحْ وَال ن َ ْفسِه فال َ ّذ ِي َ‬
‫يج ِب تَنْز ِيه َ‬
‫مخـْبَر ِه ل َا عَمْدًا‬
‫بِ خ ِلَاف ُ‬
‫سلَف‬ ‫َصح ّت ِه وَم َرَضِه وَد َلِيل ذَل ِك َات ّف َاق ال َ ّ‬
‫وَل َا سَهْو ًا وَل َا غَلَطًا و ََأن ّه مَعْصُوم من ذَل ِك فِي ح َال رِضَاه و َفِي ح َال سَ خَط ِه و َجدّه وَم َْزحِه و ِ َ‬
‫الصّ ح َابَة و َعَاد َته ِم م ُبَاد َرتَه ُم ِإلَى تَصْ ديق جَميع أحْ والِه وللثقة ب ِجميع أخْ بَارِه فِي أَ ي ب َاب ك َان َت‬‫و َإجْماعُه ُم عَلَي ْه وَذَل ِك أَ ن َا نَعْلَم من دِين َ‬

‫وَع َن أي شئ و َقَع َت و ََأن ّه لَم يَكُن لَه ُم تَو َُق ّف وَل َا ت َر َ ُدّد فِي شئ مِنْهَا وَل َا اسْ تِث ْبَات ع َن حاله عِن ْد ذَل ِك ه َل و َق َع ف ِيهَا سَهْو أم ل َا‪ ،‬ولما‬
‫س َل ّم لَه ُم واحْ ت َجّ عَلَي ْه ع ُم َر رَض ِي َ‬
‫الل ّه‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫خي ْب َر بإق ْرَار رَسُول َ‬
‫احْ ت َجّ ابن أَ بِي الْحُقَي ْق الْيَه ُودِيّ عَلَى ع ُم َر حِين أجْلاه ُم من َ‬

‫ل الْيَه ُود ُِيّ ك َان َْت ه ُز َيْلَة ُ م ِنْ أَ بِي الْق َاس ِ ِم فَق َا َ‬
‫ل لَه ُع ُم َر ُ كَذَب ْتَ ي َا‬ ‫خي ْبَر َ؟( فَق َا َ‬ ‫ك ِإذ َا ُأ ْ‬
‫خر ِجْ تَ م ِنْ َ‬ ‫س َل ّم‪َ ) :‬‬
‫كي َْف ب ِ َ‬ ‫عَن ْه بِقَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم لِغَلَط‬ ‫الل ّه ِ وأيضًا ف َِإ ّ‬
‫ن أخْ بَار َه و َآث َاره وَسِير َه وَشَمَائِلَه مُعْت َن َى بِهَا مُسْت َ ْقص ّى تَف َاصِيلُه َا و َلَم يَر ِد فِي شئ مِنْهَا اسْ ت ِ ْدر َاك ُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَد ُ َ ّو َ‬
‫فِي قَو ْل قاله أَ و اع ْتِر َاف ُه بوَه ْم فِي شئ أخْب َر ب ِه و َلَو كان‬
‫__________‬
‫)قوله وجده( بكسر الجيم‪ :‬ضد الهزل‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم ع ََم ّا أشَار ب ِه عَلَى الْأَ نْصَار في تلقيح النحل وَك َان ذَل ِك ر َأي ًا ل َا‬ ‫سلَام رُجُوع ُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ذَل ِك لَنُق ِل كَمَا نُق ِل من ق َِصّ ت ِه عَلَي ْه ال َ ّ‬

‫كقَو ْلِه و ََالل ّه ِ ل َا أَ حْل ُِف عَلَى يَمِينٍ ف َُأر َى غَي ْر ُه َا خَيْر ًا مِنْهَا ِإ َلّا ف َعَل ْتُ ال َ ّذ ِي ح َلَفْتُ‬
‫خ َبَر ًا و َغَي ْر ذَل ِك م ِن ا ْل ُأم ُور التي لَيْسَت من هَذ َا ال ْبَاب َ‬
‫ق ي َا ز ُبَي ْر ُ ح ََت ّى يبلغ الماء الجدر كَمَا سَنُبَيِّنُ ك ُ َ ّ‬
‫ل م َا فِي هَذ َا م ِنْ‬ ‫تخ ْت َصِ م ُونَ ِإل َيّ ‪ -‬الْحَدِيث ‪ -‬و َقَو ْلُه اسْ ِ‬
‫ك َ ّفر ْتُ ع َنْ يَمِينِي‪ ،‬و َقَو ْلُه ُ ِإ َن ّك ُ ْم َ‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬

‫ل م َا فِي هَذ َا ال ْبَاب و َال َ ّذي بَعْد َه إن شَاء َ‬


‫الل ّه م َع أشْ بَاهِهِم َا و َأيْضًا فإن ال ْـكَذِب م َت َى ع ُرف من أح َد فِي شئ م ِن الْأَ خْ بَار بِ خ ِلَاف‬ ‫شك ِ ِ‬
‫مُ ْ‬
‫م َا ه ُو عَلَى أَ ي وَجْه ك َان اسْ تُر ِيب بِ خـ َب َره وا ُ ّتهم فِي ح َديثه و َلَم‬
‫يَق َع قَو ْله فِي ُ‬
‫الن ّف ُوس مَو ْقع ًا ولهذا ت َر َك المحَُدّثُون و َال ْع ُلمَاء الْحَدِيث ع ََم ّن عُر ِف ب ِال ْوَه ْم و َال ْغَفْلَة وَسُوء الْحِفْظ و َ َ‬
‫كثْر َة ال ْغَلَط م َع ثِق َت ِه و َأيْضًا‬
‫حد َة‬ ‫ل هَذ َا م َِم ّا يُن َز ّه عَن ْه مَن ْصِ ب ُ‬
‫الن ّب َُو ّة و َالم َر ّة ال ْوَا ِ‬ ‫ن تَع َ ُمّد ال ْـكَذِب في ُأم ُور ال ُد ّن ْيَا مَعْصِ ي َة و َالإكْثَار مِن ْه كَب ِير َة ب ِإجْمَاع م ُ ْ‬
‫سق ِط لِل ْم ُر ُوءَة وَك ُ ّ‬ ‫فَإ ّ‬
‫ل بِصَاحِبهَا ويزري بقائلها لا حقة بِذَل ِك و َأَ َمّا ف ِيم َا ل َا يَق َع هَذ َا المو ْق ِـع فإن عَدَدْناه َا م ِن َ‬
‫الصّ غ َائ ِر فهل‬ ‫مِن ْه ف ِيم َا يستبشع ويستشنع م َِم ّا ُ‬
‫يخ ِ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٤‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الن ّب َُو ّة ع َن قَلِيلِه وَكَث ِيرِه و َس َ ْهوِه و َعَمْدِه ِإذ عُمْد َة ُ‬


‫الن ّب َُو ّة ال ْبَلَاغ و َالإع ْلَام‬ ‫َالصّ وَاب تَنْز ِيه ُ‬
‫مخ ْتَلف ف ِيه و َ‬ ‫تجْرِي عَلَى ح ُ ْ‬
‫كمه َا فِي الخ ِلَاف ف ِيهَا ُ‬ ‫َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم وتجويز شئ من هَذ َا قَادِح فِي ذَل ِك وَمُشَكّك ف ِيه م ُنَاق ِض لِل ْمُعْجِز َة فَل ْن َ ْقطَع ع َن يَق ِين‬ ‫َالت ّب ْيين و َتَصْ دِيق م َا جاء ب ِه َ‬
‫و َ‬
‫ب ََأن ّه ل َا يَج ُوز‬
‫__________‬
‫)قوله فِي تلَْق ِيح َ‬
‫الن ّخْل( أي تبېرها وهو جعل شئ من النخل )الذكر في الأنثى( )قوله الجدر( بفتح الجيم وإسكان الدال المهملة قيل‬
‫المراد هنا أهل الحائط وقيل أصول الشجر وقيل جدر المشارب التى يجتمع فيها الماء في أصول الشجر )*(‬

‫فصل فإن قلت فما معنى قوله صلى الل ّٰه عليه وسلم في حديث السهو‬ ‫‪٤.١.٨‬‬

‫عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء خ ُل ْف فِي القَو ْل فِي وَجْه م ِن ال ْوُجُوه ل َا بِق َصْ د وَل َا بِغَي ْر ق َصْ د وَل َا نَتَسَامَح م َع من تسامح في تجوز ذَل ِك عَلَيْه ِم ح َال ال َس ّهْو ف ِيم َا‬
‫الن ّب َُو ّة وَل َا الاتّس َام ب ِه فِي ُأم ُورِه ِم و َأحْ وَال دُن ْيَاه ُم ل ِأَ ّ‬
‫ن ذَل ِك ك َان يُزْرِي‬ ‫لَي ْس َطرِ يق ُه ال ْبَلَاغ‪ ،‬نَع َم و َب ِأَ َن ّه ل َا يَج ُوز عَلَيْه ِم الـكَذِب قَب ْل ُ‬

‫س َل ّم من ق ُر َي ْش و َغَيْرِه َا م ِن ا ْل ُأم َم وسُؤَاله ِم عن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫و َيُر ِيب بهم و َيُنَفّر الق ُلُوب ع َن تَصْ دِيقه ِم بَعْد و َانْظ ُر أحْ وَال عَص ْر َ‬
‫س َل ّم مِن ْه قَب ْل وبعد و َق َد‬ ‫الن ّقْل عَلَى عِصْ م َة ن َ َبي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫صدْق ل ِسان ِه وَم َا عُر ِف ُوا ب ِه من ذَل ِك و َاع ْتَر َف ُوا ب ِه م َِم ّا عُر ِف و ََات ّف َق َ‬
‫حالِه فِي ِ‬
‫ذَكَر ْنا م ِن الآثار ف ِيه فِي ال ْبَاب الثاني أَ َ ّول الْكِتَاب ما يُبَېّن ل َك ِ َ‬
‫صح ّة م َا أشَرْنا إلي ْه‬
‫جعْفَرٍ ح َ َ ّدثَنَا القاضي أبو‬ ‫س َل ّم فِي حَدِيث ال َس ّهْو ال َ ّذ ِي ح َ َ ّدثَنَا بِه ِ الْفَق ِيه ُ أَ بُو ِإ ْسحَاقَ إ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ن قلُ ْت فَمَا مَعْن َي قَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فصل ف َِإ ّ‬
‫الل ّه ِ ن َا يحيى ع َنْ د َاوُد َ ب ْ ِن الحُصَيْنِ ع َنْ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫ن الف َ َخ ّارِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ِيس َى ح َ َ ّدثَنَا ع ُبَيْد ُ َ‬ ‫ن مُحَم ّدٍ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَبْدِ َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا ح َاتِم ُب ْ ُ‬
‫الأصبغ ابن س َ ْه ٍ‬
‫س َل ّم َ صَلاة َ الْعَصْر ِ فَسَ َل ّم َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل صَلَ ّى رَسُو ُ‬
‫الل ّه ُ عَن ْه ُ يَق ُو ُ‬ ‫سفْيَانَ مَو ْلَى اب ْ ِن أَ بِي أَ حْمَد َ أَ َن ّه ُ قَا َ‬
‫ل سَمِعْتُ أَ ب َا ه ُر َي ْر َة رَض ِي َ‬ ‫أَ بِي ُ‬
‫ل‬
‫فِي رَكْ ع َتَيْنِ فَق َام َ ذ ُو ال ْيَد َي ْ ِن فَق َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن الحصين( بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين )قوله فَق َام َ ذ ُو ال ْيَد َيْنِ( اسمه الحرباق السلمى كان ينزل بذى خشب من ناحية‬
‫المدينة له صحبة‪ ،‬قال الحسينى في رجال المسند وكان يقال له ذو الشمالين وليس هو بذى الشمالين إنما ذو الشمالين عمير ابن عبد عمرو‬
‫بن حبلة الخزاعى استشهد ببدر‪ ،‬وقال الذهبي وهو ذو الزوائد‪.‬‬
‫)*(‬
‫ك ل َ ْم يَكُنْ و َفِي الرّو َايَة الأ ْ‬
‫خر َى ما ق َصَرْتُ‬ ‫س َل ّم َ ك ُ ُ ّ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫ل رَسُو ُ‬ ‫َت َ‬
‫الصّ لاة ُ أَ ْم نَسِيتَ ؟ فَق َا َ‬ ‫الل ّه ِ أَ ق َصُر ِ‬
‫ل َ‬ ‫ي َا رَسُو َ‬
‫الصّ لَاة َ وَم َا نَسِيتُ ‪ -‬الْحَدِيث بِق َِصّ ت ِه ‪ -‬فأخْب َر بنَِفْي الحَالَتَي ْن و َأ َ ّنهَا لَم تَكُن و َق َد ك َان أَ ح َد ذَل ِك كَمَا قَال ذ ُو اليَد َي ْن ق َد ك َان بَعْض ذَل ِك‬
‫َ‬
‫ن لِل ْع ُلَمَاء ِ فِي ذَل ِك‬
‫الل ّه‪ ،‬فاع ْلَم و ََف ّق َنَا الل ّٰه وإياك أَ َ ّ‬
‫الل ّه‪ ،‬فاع ْلَم و ََف ّق َنَا الل ّٰه ذَل ِك كَمَا قَال ذ ُو اليَد َي ْن ق َد ك َان بَعْض ذَل ِك ي َا رَسُول َ‬
‫ي َا رَسُول َ‬
‫الت ّع َ ُ ّ‬
‫سف والاع ْتِسَاف وها أَ ن َا أق ُول أَ َمّا عَلَى القَو ْل بِتَجْوِيز ال ْوَه ْم و َالغَلَط م َِم ّا لَي ْس َطرِ يق ُه‬ ‫صد َد الإنْصَاف وَمِنْهَا م َا ه ُو بِن َِي ّة َ‬
‫أجْ وبَة بَعْضُه َا ب ِ َ‬
‫شبْه ِه و َأَ َمّا عَلَى مَذْه َب من يَم ْن َع ال َس ّهْو و َالنّسْيَان فِي أفْع َالِه‬
‫م ِن القَو ْل ال ْبَلَاغ و َه ُو ال َ ّذ ِي ز ََي ّفْنَاه م ِن القَو ْليَ ْن فَلَا اع ْتِر َاض بَهَذ َا الْحَدِيث و َ ِ‬
‫جُم ْلَة و َي َر َى َأن ّه فِي مِث ْل هَذ َا عَام ِد لِصُور َة النّسْيَان لِيَس ُنّ فَه ُو‬
‫صَادِق فِي خ َب َره ل ِأَ َن ّه لَم يَن ْس وَل َا ق َصُر َت و َلـكِنه عَلَى هَذ َا القول تَع َ َمّد هذا الفعل في هذه الصورة ليسنه لم َِن اع ْتَر َاه مِثْلُه و َه ُو قَو ْل‬
‫م َْرغ ُوب عَن ْه ن َ ْذك ُر ُه فِي مَوْضِع ِه و َأَ َمّا عَلَى إح َالَة ال َس ّهْو عَلَي ْه فِي الْأَ ق ْوَال و َ َ‬
‫تج ْويز السهو عليه ف ِيم َا لَي ْس َطرِ يق ُه القَو ْل كَمَا سَن َ ْذك ُر ُه ف َفيه أجْ وِبَة‬
‫صدْق ب َاطنًا وَظَاه ِرًا و َأَ َمّا النّسْيَان فأخْب َر صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫س َل ّم أخْب َر ع َن اعْتِق َادِه وَضَم ِيره أَ َمّا إن ْكار القَص ْر فَحَقّ و ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مِنْهَا أَ ّ‬
‫س َل ّم ع َن اعْتِق َادِه و ََأن ّه لَم يَن ْس فِي ظَن ّه ف َكأنه قَصَد الخـبر بَهَذ َا ع َن ظَن ّه وإن لَم يَنْط ِق ب ِه و َهَذ َا صدق أيضا‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٥‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫)قوله أقصرت الصلاة( قال ابن الأثير يروى على ما لم يسم فاعله وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص‪ ،‬وقال المزى‪ :‬الصحيح بناء أقصرت‬
‫لما لم يسم فاعله من قبل الرواية ومن قبل المعنى لأن غيرها قصرها ولموافقة لفظ القرآن هو أن تقصروا من الصلاة )قوله بنية التعسف(‬
‫أي بقصد الأخذ على غير الطر يق‪ ،‬والتعسف والمعسف والاعتساف بمعنى واحد‪.‬‬
‫)*(‬
‫مح ْت َمل و َف ِيه‬ ‫سلَام أَ ي أَ ن ّي س ََل ّم ْت ق َصْ دًا و َسَهَو ْت ع َن العدد أَ ي لَم أسْ ه فِي نَفْس ال َ ّ‬
‫سلَام و َهَذ َا ُ‬ ‫ن قَو ْلَه ُ و َلَم أن ْس ر َاجِـع ِإلَى ال َ ّ‬
‫وَوَجْه ث َان أَ ّ‬
‫ن احْ تَم َله َ‬
‫الل ّفْظ من قوله كل ذلك لم يكن أي لم يجتمع القصر والنسيان بل كان‬ ‫بَعْد وَوَجْه ث َال ِث و َه ُو أبْعَد ُه َا م َا ذ َه َب إلي ْه بَعْضُه ُم و َِإ ِ‬

‫ل من‬ ‫الصّ لَاة وَم َا نَسِيت‪ ،‬هَذ َا م َا ر َأَ ي ْت ف ِيه َ‬


‫لأئم ّتَنَا وَك ُ ّ‬ ‫احدهما ومفهوم اللفظ خِلاف ُه م َع الرّو َايَة ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى الصحيحة و َه ُو قَو ْله م َا ق َصُر َت َ‬

‫سف الآخ َر مِنْهَا‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل و ََف ّق َه َ‬
‫الل ّه والذي أقُول و َي َ ْظه َر ل ِي َأن ّه أق ْر َب من‬ ‫مح ْتَمِل ل َِل ّفْظ عَلَى بَعْد بَعْضَه َا و َتَع َ ُ ّ‬
‫هَذِه ال ْوُجُوه ُ‬
‫هَذِه ال ْوُجُوه كلها أن قَو ْله لَم أن ْس إن ْكار ل َِل ّفْظ الذي نَف َاه ع َن ن َ ْفسِه و َأن ْك َر َه عَلَى غَيْرِه بِقَو ْلِه‪ :‬بِئْسَم َا‬
‫ل نَسِيتُ آيَة َ كَذ َا وَكَذ َا و َلـَك َِن ّه ُ نُس ِ ّيَ‪ ،‬و َبِقَو ْلِه فِي بَعْض رِو َايات الْحَدِيث الآخ َر لَسْتُ أَ ن ْسَى و َلـكِنْ ُأنسَ ّى فَلَم ّا قَال لَه‬
‫لأَ حَدِك ُ ْم أَ ْن يَق ُو َ‬
‫ن ك َان جرى شئ من ذَل ِك فَق َد نُس ّي ح ََت ّى سَأل‬
‫الصّ لَاة َ أَ ْم نَسِيتَ أن ْك َر قَصْر َه َا كَمَا كان ونسيانه هو من قبل نفسه و ََأن ّه إ ّ‬
‫سائ ِل أق َصَرْتَ َ‬
‫ال َ ّ‬
‫صدْق وَحَق لَم تُقْص َر و َلَم يَن ْس َ‬
‫حق ِيق َة‬ ‫ح َ ّقق َأن ّه نُسّي و َ ُأجْري عَلَي ْه ذَل ِك ليَس ُنّ فَقَو ْلُه عَلَى هَذ َا لَم أن ْس و َلَم تُقْص َر وَك ُ ّ‬
‫ل ذَل ِك لَم يَكُن ِ‬ ‫غير فَت َ َ‬
‫س َل ّم ك َان يَسْه ُو وَل َا يَن ْسى وَلِذَل ِك نَفى‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َلـَك َِن ّه نُسّي * وَوَجْه آخ َر اسْ تَثَرْتُه من ك َلَام بَعْض المَشَايخ وَذَل ِك َأن ّه قَال إ ّ‬
‫ن النّسْيَان غَفْلَة و َآف َة و َال َس ّهْو َإن ّمَا ه ُو ُ‬
‫شغْل‪.‬‬ ‫ع َن ن َ ْفسِه النّسْيَان قَال ل ِأَ ّ‬
‫س َل ّم يَسْه ُو فِي صَلات ِه وَل َا يَغْف ُل عَنْهَا وكان ي َ ْشغَلُه ع َن حَرَكات َ‬
‫الصّ لَاة م َا فِي الصلاة‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫قَال فكان َ‬
‫__________‬
‫)قوله ولـكنه نسى( بضم النون وكسر السين المهملة المشددة‪.‬‬
‫)قوله ولـكن أنسى( بضم الهمزة وفتح النون وتشديد السين المفتوحة‪.‬‬
‫)*(‬
‫شغْل ًا بِهَا ل َا غَفْلَة عَنْهَا فَهَذ َا إن تَح َ ّقق عَلَى هَذ َا ال ْمَعْن َى لَم يَكن فِي قَو ْلِه )م َا ق َصَرْتُ وَم َا نَسِيتُ ( خ ُل ْف فِي قول وعند أَ ّ‬
‫ن قَو ْله‪) :‬م َا ق َصَرْتُ‬ ‫ُ‬
‫الصّ لَاة ولـكِن ّي‬ ‫الصّ لَاة َ وَم َا نَسِيتُ ( بِمَعْن َي ال َت ّرْك ال َ ّذ ِي ه ُو أَ ح َد و َجْ ه َي النّسْيَان أر َاد والل ّٰه أع ْلَم أَ ن ّي لَم ُأ َ‬
‫سل ّم من رَكْ ع َتَي ْن ت َارِك ًا لإكمَال َ‬ ‫َ‬

‫الصّ حِيح ِإن ِ ّي لأَ ن ْسَى أَ ْو ُأنسَ ّى‪ ،‬ل ِأَ س َُنّ ‪.‬‬
‫س َل ّم فِي الْحَدِيث َ‬ ‫نَسِيت و َلَم يَكُن ذَل ِك من تِلْق َاء ن َ ْفس ِي و َال َد ّلِيل عَلَى ذَل ِك قَو ْله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫)إن ِ ّي سقيم ‪ -‬بَلْ فَعَلَه ُ كَب ِير ُه ُ ْم هذا( و َقَو ْلُه‬ ‫ات ِإ ب ْر َاه ِيم َال ْم َ ْذكُورَة ُ أنها كَذِباتُه ُ َ‬
‫الث ّلَاث المَنْصُوصَة فِي الْقُر ْآن مِنْهَا اث ْنَتَان قَو ْله‪ِ :‬‬ ‫و َأَ َمّا ق َِصّ ة ُ كَل ِم َ ِ‬

‫لِل ْمَلِك ع َن ز َ ْوجَت ِه‪ :‬إ َ ّنهَا ُأخْ تي‪ :‬فاع ْلَم أك ْرَم َك َ‬
‫الل ّه أن هذه كلها خ َارِج َة ع َن الـكَذِب ل َا فِي الق َصْ د وَل َا فِي‬
‫ن‬
‫سق ِيم ٌ( فَق َال الْحَسَن و َغَي ْر ُه مَعْنَاه‪ :‬سَأسْ ق َم أَ ي‪ :‬أَ ّ‬ ‫غَيْر ِه وَهِي د َاخِلَة فِي باب المعار يض التي ف ِيهَا مَنْد ُوح َة ع َن الـكَذِب أَ َمّا قَو ْلُه‪ِ :‬‬
‫)إن ِ ّي َ‬
‫سق ِيم الق َل ْب‬ ‫مخ ْلُوق مُع ََر ّض لِذَل ِك فاعْتَذ َر لِقَوْم ِه م ِن الخُر ُوج مَعَه ُم ِإلَى عِيدِه ِم بِه َذا و َق ِيل بَل َ‬
‫سق ِيم بِمَا قُدّر عَلِيّ م ِن المَو ْت و َق ِيل َ‬ ‫ل َ‬
‫كُ ّ‬

‫بِمَا ُأشاهِد ُه من ُ‬
‫ك ْفرِكُم وَعِنَادِكُم و َق ِيل بَل كانت الحم ُ ّى ت َأْ خُذ ُه عِن ْد طُلُوع َ‬
‫نج ْم مَعْلُوم فَلَم ّا رآه‬
‫__________‬
‫)قوله للملك( قال السهيلي على بن قتيبة إن اسمه صادوف وقيل سنان بن علوان )قوله إنها أختى( قيل إنما لم يقل إنها زوجتى لأن ذلك‬
‫الجبار كان على دين المجوس وفى دينهم أن أخا الأخت أحق بها من غيره فأراد إبراهيم عليه السلام أن يستعصم من الجبار بذكر الشرع‬
‫الذى عليه ذلك الجبار‪ ،‬واعترض بأن الذى جاء بدين المجوس زرادشت وهو متأخر عن إبراهيم‪ ،‬وأجيب بأن دين المجوس متقدم على‬
‫زرادشت وإنما زرادشت زاد فيه أمورا‪ ،‬وفى حاشية التفتازانى على الـكشاف إنه إنما لم يقل زوجتى لأن ذلك الجبار كان لا يتعرض‬
‫إلا لذوات الأزواج‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٦‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫)قوله مندوحة( أي سعة‪ :‬من ندحت الشئ إذا وسعته‪.‬‬


‫)*(‬
‫ضعْف م َا أَ ر َاد بَيَانَه لَه ُم من‬‫صدْق و َق ِيل‪ :‬بَل ع َ َّرض بِسَق َم حُ َ ج ّت ِه عَلَيْه ِم و َ َ‬ ‫ل هَذ َا لَي ْس ف ِيه كَذِب بَل خ َب َر صحيح ِ‬ ‫اعْتَذ َر بِع َادت ِه وَك ُ ّ‬
‫سقْم وَم َرَض م َع َأن ّه لَم يَش ُكّ ه ُو وَل َا‬ ‫الن ّجُوم التي ك َانُوا يَشْت َغلُون بِهَا و ََأن ّه أث ْنَاء نَظَرِه فِي ذَل ِك و َقَب ْل اسْ تِق َام َة حُ َ ج ّت ِه عَلَيْه ِم فِي حال َ‬ ‫جه َة ُ‬ ‫ِ‬
‫ضَع ُف إيمَانُه و َلـك َِن ّه ضَع ُف فِي اسْ تدْلالِه عليهم وسقم نظره كمال يقا حجة سقيمة ونظر معلول حتى ألهمه الل ّٰه باستدلاله و َِصح ّة حُ َ ج ّته عَلَيْه ِم‬
‫الل ّه تَع َالَى و َق َ ّدمْنَا بَيَانَه و َأَ َمّا قَو ْله‪) :‬بَلْ فَعَلَه ُ كَب ِير ُه ُ ْم هَذ َا( الآيَة ف َ َإن ّه ع ََل ّق خ َبَر َه ب ِشَرْط ن ُ ْطق ِه كأنه‬
‫شمْس و َالْقَم َر م َا ن َ َصّ ه َ‬
‫بالـكَوَاكِب و َال َ ّ‬
‫ن ك َان يَنْط ِق فَه ُو‬
‫قَال إ ّ‬
‫صدْق أيْضًا وَل َا خ ُل ْف ف ِيه‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْله ُأخْ تِي فَق َد بَي ْن فِي الْحَدِيث و َقَال‪ :‬فإنك ُأخْ تِي فِي ال ِْإسْ لَام‬ ‫فِعْلُه عَلَى َطرِ يق َ‬
‫الت ّبْكِيت لِقَوْم ِه و َهَذ َا ِ‬
‫س َل ّم ق َد سَم ّاه َا كَذِب َات و َقَال لَم يَكْذِب إ ب ْر َاه ِيم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫)إ َن ّمَا ال ْمُؤْم ِن ُونَ إخوة( فإن قلُ ْت‪ :‬فَهَذ َا َ‬
‫صدْق والل ّٰه تَع َالَى يَق ُول‪ِ :‬‬
‫و َه ُو ِ‬
‫ح ً ّقا فِي ال ْبَاطِن إ َلّا‬
‫شف َاع َة و َي َ ْذك ُر كَذِبات ِه فَم َعناه َأن ّه لَم يَتَك ََل ّم بِك َلَام صُور َتُه صُور َة ال ْـكَذِب وإن ك َان َ‬
‫إ َلّا ثَلَاث كَذِب َات و َقَال فِي حَدِيث ال َ ّ‬
‫سلَام بِمُؤَاخَذ َت ِه بِهَا و َأَ َمّا الْحَدِيث ك َان النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫هَذِه الكلام ولما ك َان م َ ْفه ُوم ظَاه ِره َا خِلَاف باطنِهَا أشْ ف َق إ ب ْر َاه ِيم عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫إذا أراد‬
‫__________‬
‫)قوله ونظر معلول( الأجود أن يقال معل‪ ،‬قال ابن الصلاح‪ :‬قول المحدثين والفقهاء معلول مرذول عند أهل العربية واللغة قال النووي‬
‫إنه لحن‪ ،‬وقال صاحب المحكم‪ :‬والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول كثيرا ولست على ثقة ولا ثلج‪ ،‬لأن المعروف إنما هو علة فهو معل‪،‬‬
‫اللهم إلا أن يكون على م َا ذ َه َب إلي ْه سيبو يه في قولهم مجنون ومسلول من أنهما جاءا على جننته وسللته ولم يستعملا في الكلام‪ ،‬استغنى‬
‫عنها‪ :‬ما فعلت وإذا أرادوا جن وسل فإنما يقول جعل فيه الجنون والسل‪.‬‬
‫)*(‬
‫ست ْر مَقْصِ دِه لِئ َل ّا ي َأْ خ ُذ عَد ُ ُ ّوه حذره وكتم وجه ذ َه َاب ِه بِذِك ْر ال ُ ّ‬
‫سؤال ع َن موْضِـع‬ ‫غ ََزوَة ً و َ َرّى بِغَيْر ِه َا فَلَي ْس ف ِيه خ ُل ْف فِي الْقَو ْل َإن ّمَا ه ُو َ‬
‫َالت ّعْرِ يض بِذِكْر ِه ل َا َأن ّه يَق ُول تَج َهّز ُوا ِإلَى غزوة كذا أو وِجْ ه َتُنَا إلى موضع كذا خِلَاف م َ ْق َ‬
‫صدِه فَهَذ َا لَم يَكُن‬ ‫آخ َر وال ْب َحْ ث ع َن أخْ بَارِه و َ‬
‫والأول لَي ْس ف ِيه خ َب َر ي َ ْدخُلُه الخل ُ ْف‪.‬‬
‫الل ّه عَلَي ْه ذَل ِك ِإذ لَم ي َرُدّ ال ْعِل ْم إليه ‪ -‬الْحَدِيث‬ ‫سلَام‪ ،‬و َق َد سُئ ِل أَ ي َ‬
‫الن ّاس أع ْلَم؟ فَق َال أنا أعلم فتعب َ‬ ‫فإن قلُ ْت فما معني قوله م ُوس َى عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫‪ -‬و َف ِيه قَال بَل عَب ْد لَنَا بِم َجْ مع ال ْب َحْ ر َين أع ْلَم مِن ْك وهذا‬
‫الصّ حِيح َة ع َن ابن ع ََب ّاس ه َل تَعْلَم أحَدًا أع ْلَم مِن ْك؟‬
‫الل ّه أنه ليس كذلك فاعلم أنه وقع في هذا الحديث من بعض طرقه َ‬
‫خبر قد أنبأ َ‬
‫صدْق ل َا خ ُل ْف ف ِيه ولا شبهة‪ ،‬وعلى الطر يق الآخر فمحمله على ظنه ومعتقده كما لو صرح به‬
‫ف َِإذ َا ك َان جُوَابُه عَلَى ع ِل ْم ِه فَه ُو خ َب َر حَق و َ ِ‬
‫لأن حاله في النبوة والاصطفاء يقتضي ذلك فيكون إخباره بذلك أيضا عن اعتقاده وحسبانه صدقا ل َا خ ُل ْف ف ِيه و َق َد يُر ِيد بِقَو ْلِه أَ ن َا‬
‫الت ّوْحِيد و َأم ُور ال َش ّر ِيع َة وَسِيَاسَة ا ْل ُأ َمّة و َيَكُون الخَضر أَ ع ْلَم مِن ْه ب ُِأم ُور أخ َر م َِم ّا ل َا يَعْلَم ُه أح َد إ َلّا‬ ‫أع ْلَم بِمَا يَقْت َضِ يه وَظَائ ِف ُ‬
‫الن ّب َُو ّة من عُلُوم َ‬
‫سلَام أع ْلَم عَلَى ا ْلجم ُْلَة بِمَا تَق َ َ ّدم و َهَذ َا أَ ع ْلَم عَلَى الْخُصُوص بِمَا‬
‫الل ّه من عُلُوم غَي ْب ِه ك َالقِصَص الم َ ْذكُور َة فِي خ َبَرِهِمَا فكان م ُوس َى عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫بإع ْلام َ‬
‫الل ّه ذَل ِك عَلَي ْه ف ِيم َا قَالَه ال ْع ُلمَاء إنْك َار هَذ َا القَو ْل عَلَي ْه ل ِأَ َن ّه لَم ي َرُدّ ال ْعِل ْم إليه كَمَا‬ ‫ُأعْل ِم و َيَد ُ ّ‬
‫ل عَلَي ْه قَو ْله تَع َالَى‪) :‬و َع َل ّم ْنَاه ُ م ِنْ لدنا علما( وَعَت ْب َ‬
‫قَالَت ال ْمَلَائِك َة ل َا ع ِلم لَنَا إ َلّا م َا ع َل ّم ْتنَا أو ل ِأَ َن ّه لَم يَرْض قَو ْله شَرْعًا وَذَل ِك والل ّٰه أع ْلَم لِئ َل ّا يَقْت َدي ب ِه ف ِيه من لَم يَب ْلُغ كماله فِي تَزْكِي َة ن َ ْفسِه‬
‫ض َمّن َه من مَدْح ال ِْإنْس َان ن َ ْفسَه‬
‫و َعُلُو ّ دَر َجته من أ َمّت َه فَيَه ْلِك لَم ّا ت َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٧‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫فصل وأما ما يتعلق بالجوارح من الأعمال‬ ‫‪٤.١.٩‬‬

‫الر ّذ َائ ِل الْأَ ن ْب ِيَاء فَغَي ْر ُه ُم بم َ ْدرَج َة سَب ِيلِه َا وَدَر َك لَيل ِها إ َلّا من ع َ َ‬
‫صم َه‬ ‫والت ّع َاطِي وال َد ّعْو َى وإن نُز ّه ع َن هَذِه َ‬
‫كب ْر و َالع ُجْ ب َ‬
‫ويروثه ذَل ِك م ِن ال ْـ ِ‬
‫س َل ّم تَحَفُظًا من مِث ْل هذا مما ق َد عُل ِم ب ِه )أَ ن َا سَيِّد ُ وَلَد ِ آدَم َ وَل َا فَخ ْر َ(‬ ‫ح ُ ّفظ مِنْهَا أوْلَى لِن َ ْفسِه و َلِيُقْتَد َى ب ِه‪ ،‬ولهذا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه فالت ّ َ‬
‫َ‬
‫ن َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وأما‬ ‫و َهَذ َا الْحَدِيثُ إحدى حججا لقائلين بِنُب َُو ّة ِ الْخَضِر ِ لِقَو ْلِه ِ ف ِيه ِ أَ ن َا أَ ع ْلَم ُ م ِنْ م ُوس َى وَل َا يَكُونُ ال ْو َل ِ ُيّ أَ ع ْلَم َ م ِ َ‬

‫ل أَ َن ّه ُ ب ِوَح ٍْي‪،‬‬
‫ِف و َبِقَو ْلِه ِ وَم َا فَعَل ْت ُه ُ ع َنْ أَ ْمر ِي‪ ،‬فَد َ َ ّ‬
‫الأنبياء فيتفاضلون فِي ال ْمَع َار ِ‬

‫ن م ُوس َى نَبِ ّي ٌ غَي ْرُه ُ ِإ َلّا أَ خ َاه ُ‬


‫ل أَ ْن يَكُونَ فَعَلَه ُب ِأَ ْمر ِ نَبِ ٍ ّي آخَر َ‪ ،‬و َهَذ َا يَضْ ع ُُف ل ِأَ َن ّه ُ م َا علما أَ َن ّه ُ ك َانَ فِي زَم َ ِ‬
‫يح ْتَمِ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ل أَ َن ّه ُ لَي َ‬
‫ْس بِنَب ِ ٍيّ قَا َ‬ ‫وَم َنْ قَا َ‬

‫ص و َفِي‬ ‫ْس عَلَى ال ْعُم ُو ِم و َِإ َن ّمَا ه ُو َ عَلَى الْخُصُو ِ‬


‫ك لَي َ‬
‫جعَل ْنَا أَ ع ْلَم َ مِن ْ َ‬
‫ل عَلَيْه ِ‪ ،‬و َِإذ َا َ‬‫شي ْئًا يُع َ َو ّ ُ‬
‫ك َ‬ ‫ل الْأَ خْ بَارِ فِي ذَل ِ َ‬‫ل أَ حَدٌ م ِنْ أَ ه ْ ِ‬ ‫ه َار ُونَ وَم َا نَق َ َ‬
‫الل ّه و َالخَض ِر أَ ع ْلَم ف ِيم َا‬ ‫ْض ال َ ّ ِ‬ ‫قَضَاي َا مُع ََي ّن َة ً ل َ ْم َ‬
‫شي ُوخ ك َان م ُوس َى أَ ع ْلَم م ِن الخَضر ف ِيم َا أخ َذ ع َن َ‬ ‫ل بَع ُ‬ ‫خضْرٍ‪ ،‬و َلِهَذ َا قَا َ‬‫ات النبوة ِ‬ ‫يح ْت َجْ ِإلَى ِإث ْب َ ِ‬

‫د ُف ِـع إلي ْه من م ُوس َى‪ ،‬و َقَال آخ َر َإن ّمَا ُألج ِئ م ُوس َى ِإلَى الخَض ِر ل ِ َلت ّأْ دِيب ل َا ل ِ َلت ّعْل ِيم‬
‫فصل و َأَ َمّا م َا يَتَع ََل ّق بالجَوَارِح م ِن الْأعْمَال وَل َا َ‬
‫يخ ْر ُج من جُم ْلَتِهَا القول باللسان‬
‫__________‬
‫)قوله لِقَو ْلِه ِ ف ِيه ِ أَ ن َا أَ ع ْلَم ُ م ِنْ م ُوس َى( هكذا وقع في كثير من الأصول وهو غير صواب لأن الضمير المضاف إليه القول عائد حينئذ على‬
‫الخضر والضمير المجرور بقى عائد على الحديث السابق وليس فيه أن الخضر قال أَ ن َا أَ ع ْلَم ُ م ِنْ موسى والصواب ما في بعض النسخ وهو‬
‫لقوله فيه إنه أَ ع ْلَم ُ م ِنْ م ُوس َى و يكون المضير المضاف إليه القول عائدا على الل ّٰه تعالى والضمير المنصوب بأن عائد على الخطر وقد سبق‬
‫أن في الحديث‪ :‬بَل عَب ْد لَنَا بِم َجْ مع ال ْب َحْ ر َين أع ْلَم مِن ْك‪.‬‬
‫)*(‬
‫الت ّوْحِيد وَم َا ق َ ّدمْنَاه من م َع َارِف ِه ال ْم ُخْ ت َصة ب ِه فأجْم َع ال ْمُسْل ِم ُون عَلَى‬
‫ف ِيم َا عَد َا ا ْلخـَب َر ال َ ّذ ِي و َق َع ف ِيه الْك َلَام وَل َا الاعْتِق َاد بالْق َل ْب ف ِيم َا عدا َ‬
‫عِصْ مَة ِ الْأَ ن ْب ِيَاء م ِن الْف َوَاحِش و َالْك َبَائ ِر ال ْم ُوب ِقات وَمُسْتَن َد ا ْلجم ُْه ُور فِي ذَل ِك الإجْماع ال َ ّذ ِي ذَك َر َن َاه وهو مذهب الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر وَم َنَعَه َا غَيْر ِه‬
‫كتْم َان الر ِ ّسَالَة و َ‬
‫َالت ّقْصِ ير‬ ‫بِد َلِيل الْعَقْل م َع الإجْماع و َه ُو قَو ْل الك َافة‪ ،‬واختار الْأَ سْ تَاذ أَ بُو ِإ ْسحَاق وَكَذَل ِك ل َا خِلَاف أَ َ ّنه ُم مَعْصُوم ُون من ِ‬
‫ل ذلك‬
‫ن كُ ّ‬ ‫فِي َ‬
‫الت ّب ْلِيغ‪ ،‬ل ِأَ ّ‬
‫يَقْتَض ِي ال ْع ِصْ م َة مِن ْه ال ْمُعْجِز َة م َع الإجْماع عَلَى ذَل ِك م ِن الْك ََاف ّة‪ ،‬و َا ْلجم ُْه ُور قائل ب ِأَ َ ّنه ُم مَعْصُوم ُون من ذَل ِك من قَب ْل الل ّٰه معتصمون باخْ ت ِيَارِه ِم‬
‫الصّ غ َائ ِر فَجَو ّز َه َا جَمَاع َة م ِن ال َ ّ‬
‫سلَف و َغَيْرِه ِم عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء و َه ُو‬ ‫الن ّج َار ف َ َإن ّه قَال ل َا قدر لهم على المَع َاص ِي أصْ ل ًا‪ ،‬و َأَ َمّا َ‬
‫حسَي ْنًا َ‬
‫وَكَسبِه ِم إ َلّا ُ‬
‫جعْف َر ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ و َغَي ْر ُه م ِن الْفُقَه َاء و َال ْم ُحَدّثِين و َال ْمُتَكَل ّمِين‪ ،‬و َسن ُورِد بعد هذا ما احْ تجوا ب ِه‪ ،‬وذ َه َب َت طائفة أخرى إلى ال ْو َق ْف‬ ‫مَذْهب أبي َ‬
‫يح ِيل و ُق ُوع َها مِنْه ُم ولم ي َأْ ت فِي الشّرْع قاطع ب ِأحد ال ْو َجه َين‪ ،‬وذ َه َب َت طَائِف َة ُأ ْ‬
‫خر َى م ِن المحُ َ ّقق ِين م ِن الْفُقَه َاء و َال ْمُتَك َل ّمِين‬ ‫وقالوا ال ْعَقْل ل َا ُ‬
‫الصّ غ َائ ِر وتعيينها من الْك َبَائ ِر‪ ،‬و َإشْ كال ذَل ِك و َقَو ْل ابن ع ََب ّاس‬
‫الن ّاس فِي َ‬
‫الصّ غ َائ ِر كع ِصْ مَتِه ِم م ِن الْك َبَائ ِر‪ ،‬قَالُوا‪ :‬لاخْ ت ِلَاف َ‬
‫ِإلَى عِصْ مَتِهم م ِن َ‬
‫يج ِب‬
‫مخَالفة ال ْبَاري فِي أي أمْر ك َان َ‬ ‫الل ّه ب ِه فَه ُو كَب ِير َة و ََأن ّه َإن ّمَا سُم ّي مِنْهَا َ‬
‫الصّ غ ِير بالإضَاف َة إلى م َا ه ُو أكْ ب َر مِن ْه و َ َ‬ ‫ل م َا عُص ِي َ‬
‫ن كُ ّ‬
‫و َغَي ْر ُه إ ّ‬
‫كو ْنُه كَبير َة‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو مُح َم ّد‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله والموبقات( بكسر الموحدة أي المهلكات )قوله وتعيينها( هو بالجر عطف على الصغائر )قوله وإشكال ذلك( هو بالجر عطف على‬
‫اختلاف الناس وذلك إشارة إلى تعيينها‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه صَغ ِير َة إ َلّا عَلَى مَعْن َي أ َ ّنهَا تُغ ُتَف َر باجْ ت ِنَاب الك َبَائ ِر وَل َا يَكُون لَهَا ح ُكم م َع ذَل ِك بِ خ ِلَاف‬ ‫عَب ْد الو َ َه ّاب ل َا يُمْكِن أن يُق َال إ ّ‬
‫ن فِي مَع َاص ِي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٨‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الل ّه تَع َالَى و َه ُو قَو ْل الْق َاض ِي أَ بِي بَك ْر وجماعة أئمة الأشْ ع َر َي ّة وَكَث ِير من‬
‫الك َبَائ ِر إذ َا لَم يُتب مِنْهَا فلا يحبطها شئ والمَشِيئ َة فِي العَفْو عَنْهَا ِإلَى َ‬
‫حقُه َا ذَل ِك بالك َبَائ ِر وَل َا‬
‫كثْرَتِهِا إذ يلُ ْ ِ‬ ‫يخ ْتَل ِف أَ َ ّنه ُم مَعْصُوم ُون ع َن تَك ْرار َ‬
‫الصّ غ َائ ِر و َ َ‬ ‫أئم ّة الفُق َهاء‪ ،‬و َقَال بَعْض أئ َِم ّتنا‪ :‬وَل َا َ‬
‫يج ِب عَلَى القَو ْليَ ْن أن َ‬ ‫َ‬
‫فِي صَغ ِيرة أ َدّت‬
‫شم َة وأسقطت المروؤة و َأ ْوجَب َت الإ ْزر َاء و َالخَسَاسَة‪ ،‬فَهَذ َا أيْضًا م َِم ّا يُعْص َم عَن ْه الْأَ ن ْب ِيَاء إجْماعًا‪ ،‬ل ِأَ ّ‬
‫ن مِث ْل هَذ َا يَح ُّط مَن ْصِ ب‬ ‫ِإلَى إز َالة الح ِ ْ‬
‫المتسيم ب ِه و َي ُزرِي بِصَاحِبه و َيُنَفّر الق ُلُوب عَن ْه و َالْأَ ن ْب ِيَاء م ُنَز ّه ُون ع َن ذَل ِك‪ ،‬بَل يلَْحَق بَهَذ َا م َا ك َان من قَبيل المُبَاح ف َأدّى ِإلَى مِثْلُه‬
‫ل بَعْض الْأَ ئ َِم ّة عَلَى‬
‫لخُر ُوجِه بِمَا أ َدّى إلي ْه ع َن اس ْم المُبَاح ِإلَى الحَظْر‪ ،‬و َق َد ذ َه َب بَعْضُه ُم ِإلَى عِصْ مَتِهم من م ُوَاق َع َة المَك ْر ُوه ق َصْ دًا‪ ،‬و َق َد اسْ تَد َ ّ‬
‫الصّ غ َائ ِر بالمَصِ ير ِإلَى امتثال أفعالهم وا َت ّبَاع آثارِه ِم وسِيرَه ِم مُطْلَق ًا‪ ،‬وَجُمْه ُور الفُقَه َاء عَلَى ذَل ِك من ْ‬
‫أصحَاب م َال ِك والشافعي‬ ‫عصمتهم م ِن َ‬
‫ن اخْ تَلَف ُوا فِي حُكْم ذَل ِك‪ ،‬وَح َكى ابن خويز منداذ و َأَ بُو الف َر َج ع َن م َال ِك الت ِزام‬
‫و َأَ بِي حَن ِيف َة من غَي ْر ال ْتِز َام قَرِين َة بَل مُطْلَق ًا عِن ْد بَعْضُه ُم و َِإ ّ‬
‫أصحَابِنا و َقَو ْل أكْ ث َر أَ ه ْل الع ِرَاق و َاب ْن سُر َْيج والإصْ طَخْ رِيّ‬
‫ذَل ِك وُجُوب ًا و َه ُو قَو ْل الأبْهَرِيّ و َاب ْن الق َصّ ار وأكْ ث َر ْ‬
‫__________‬
‫)قوله إلى الحظر( بالحاء المهملة والظاء المعجمة‪ :‬أي المنع )قوله وابن سريج( بالسين المهملة والجيم هو أَ بُو الْع ََب ّا ِ‬
‫س أَ حْمَد ُ بن عمر بن سريج‬
‫البغدادي‪ :‬أخذ عن الأنماطي‪ ،‬كانت وفاته سنة ست وثلاثمائة )قوله والاصطخري( هو أبو سعيد الحسن بن أحمد بن بريد‪ ،‬توفى سنة‬
‫ثمان وعشرين وثلاثمائة كان هو وابن سريج شيخي الشافعية ببغداد )‪(*) (٢ - ١٠‬‬
‫شافع َِي ّة عَلَى أَ ّ‬
‫ن ذَل ِك نَدْب‪ ،‬وذهبت طائِف َة ِإلَى الإب َاح َة‪.‬‬ ‫شاف ِع َِي ّة و َأكْ ث َر ال َ ّ‬
‫و َاب ْن خَي ْران م ِن ال َ ّ‬
‫و َقَي ّد بَعْضُه ُم الاتّبَاع ف ِيم َا ك َان م ِن ا ْل ُأم ُور الدين ِي َة وعُل ِم ب ِه مَقْصِ د الْقُر ْبَة وَم ِن قَال بالإب َاح َة فِي أفعاله لم يقبد قَال فَلَو َ‬
‫ج َو ّزْن َا عَلَيْه ِم َ‬
‫الصّ غ َائ ِر‬
‫لَم يُمْكِن الاق ْتِد َاء بهم فِي أفْع َالِه ِم‪ِ ،‬إذ لَي ْس ك ُ ّ‬
‫ل فِعْل م ِن أف ْع َالِه يَتمََي ّز مقصد به م ِن القُر ْبَة أَ و الإب َاح َة أَ و الحَظَر أَ و المَعْصِ ي َة‪،‬‬
‫وَل َا يصح أو يُؤْم َر المَرء ب ِامْت ِثال أمْر لَعلَ ّه مَعْصِ ي َة ل َا سِي َم ّا عَلَى من ي َر َى م ِن ال ُأصُولِيّين ت َ ْقدِيم الفِعْل عَلَى القَو ْل إذ َا تعارضا‪ ،‬ونزيد هَذ َا‬
‫ل أَ و فِعْل و ََأن ّه م َت َى‬
‫س َل ّم مُجْم ِع ُون عَلَى َأن ّه ل َا يُق ِر ّ عَلَى مُن ْك َر من قَو ْ ُ‬ ‫الصّ غ َائ ِر وَم ِن نَف َاها ع َن نَب ِي ّنا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ج َو ّز َ‬
‫حُ َ ج ّة بأن نَق ُول من َ‬
‫ل عَلَى جَوَازِه فَكَيف يَكُون هَذ َا حالُه فِي حَقّ غيرهن ث ُم ّ يُج َو ّز و ُق ُوع ُه مِن ْه فِي ن َ ْفسِه و َعَلَى‬
‫س َل ّم د َ ّ‬ ‫شي ْئًا فَسَكَت عَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ر َأَ ى َ‬
‫الز ّجْر و َال َنّهْ ي ع َن فِعْل المك ْر ُوه‪،‬‬
‫الن ّدْب عَلَى الاق ْتِد َاء بِفِعْلِه يُنَافي َ‬
‫تج ِب عِصْ م َت ُه من م ُوَاقَع َة المَك ْر ُوه كَمَا قيل وإذ الحظْر أَ و َ‬
‫هَذ َا المأْ َ خ َذ َ‬
‫كي ْف تَو َ َ ّ‬
‫جه َت و َفِي كُلّ؟ ؟ كالاق ْتِد َاء ب ِأمْوَالِه فَق َد‬ ‫س َل ّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الصّ ح َابَة ق َ ْطع ًا الاق ْتِد َاء ب ِأفْع َال َ‬
‫وأيضا فَق َد علم من دين َ‬
‫جه ُم ب ِر ُ ْؤ يَة ابن ع ُم َر إ ي ّاه ج َالسًا لِقَضَاء ح َاجَت ِه مُسْتَقْبل ًا بَي ْت ال ْم َ ْقدِس‬
‫نَبَذ ُوا خَواتيمَه ُم حِين نَب َذ خ َاتَم َه‪ ،‬وَخ َلَع ُوا نِع َالَه ُم حِين خ َلَع و َاحْ ت ِج َا ُ‬
‫و َاحْ ت َجّ غَي ْر و َاحِد مِنْه ُم فِي غير شئ م َِم ّا بابُه الع ِبَادة أَ و الع َاد َة بِقَو ْلِه ر َأَ ي ْت رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم ي َ ْفعَلُه و َقَال‪) :‬ه َلا خ َب ّرْت ِيهَا أَ ن ِ ّي‬

‫س َل ّم َ وغ َضِ بَ رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم عَلَى‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مح ْت َ َج ّة ً‪ُ ) :‬‬
‫كن ْتُ أَ فْعَلُه ُ أَ ن َا وَرَسُو ُ‬ ‫ُأقَب ِّ ُ‬
‫ل و َأَ ن َا صَائِم ٌ( و َقَالَت عَائِش َة ُ ُ‬
‫ال َ ّذ ِي أَ خْبَر َ بِمِث ْ ِ‬
‫ل هَذ َا عَن ْه ُ‬
‫__________‬
‫)قوله وابن خيران( هو أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحُسَيْنُ بن صالح بن خيران البغدادي‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل وقد اختلف في عصمتهم من المعاصي قبل النبوة‬ ‫‪٤.١.١٠‬‬

‫ِيط بِهَا لـَك َِن ّه ُ يُعْلَم من‬


‫نح َ‬‫)إن ِ ّي لأَ خْ شَاك ُ ْم ل َِل ّه ِ و َأَ ع ْلَمُك ُ ْم بِ حُد ُودِه ِ( و َالآث َار ُ فِي هَذ َا أَ ْعظَم ُ م ِنْ أَ ْن ُ‬
‫فقال يحل الل ّٰه ل ِرَسُولِه ِ م َا يَش َاء ُ و َقَالَ‪ِ :‬‬
‫مَج ْم ُوعِه َا عَلَى الْقَطْع اتّبَاعُه ُم أفْع َالَه واق ْتِد َاؤ ُه ُم بِهَا ولو جوزوا عليه المخالفة في شئ منها لما اتسق هذا وليقل عنهم وظهر بحثهم عن ذلك‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٣٩‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫س َل ّم عَلَى الآخ َر قَو ْله و َاعْتِذ َار ُه بِمَا ذَك َر َن َاه‪ ،‬و َأَ َمّا ال ْمُبَاح َات فَجَائ ِز و ُق ُوعُه َا منم ِإذ لَي ْس ف ِيهَا قَدْح بَل هِي م َأْ ذ ُون ف ِيهَا‬ ‫ولما أن ْك َر صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫و َأيْدِيهم كأيدي غيرهم مسلمة عَلَيْهَا‬
‫صد ُور ُه ُم من أَ ن ْوار ال ْمَعْرِف َة و َاصْ طُف ُوا ب ِه من تَع َُل ّق باله ْم بالل ّٰه و َال َد ّار الآ ِ‬
‫خر َة ل َا‬ ‫إ َلّا أَ َ ّنه ُم بِمَا خ ُُصّ وا ب ِه من ر َف ِيع المَن ْزلَة و َش ُرحَت لَه ُم ُ‬
‫ي َأْ خُذ ُون م ِن الم ْبَاحات إ َلّا ال َض ّر ُور َات م َِم ّا يتقون ب ِه عَلَى سُلُوك َطرِ يقِه ِم وَصَلَاح دِينِه ِم و َضَر ُور َة دُن ْيَاه ُم وَم َا ُأخِذ عَلَى هذه السبيل‬
‫س َل ّم‪ ،‬فَبَان ل َك عَظ ِيم ف َضْ ل َ‬
‫الل ّه عَلَى نَب ِي ّنَا و َعَلَى‬ ‫خصَال نَب َِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫التحقق طَاع َة وَصَار قُر ْبَة كَمَا بَي ّنَا مِن ْه أَ َ ّول الْكِتَاب طَر َفًا فِي ِ‬
‫جع َل أفْع َالَه ُم ق ُر ُبات وَطَاعات بَع ِيد َة ع َن وَجْه المخَُالَف َة وَرَس ْم المَعْصِ ي َة‪.‬‬ ‫سائر أنيبائه عَلَيْه ِم ال َ ّ‬
‫سلَام بأن َ‬
‫ل عَي ْب‬
‫الل ّه تَنْز ِيهُه ُم من ك ُ ّ‬ ‫ج َو ّز َه َا آخَر ُون و َ‬
‫َالصّ حِيح إن شَاء َ‬ ‫فصل و َق َد اخْ تُل ِف فِي عصْ مَتِه ِم من المعاصي قبل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة فمَنَعَه َا قَو ْم و َ َ‬
‫َالن ّواهِي َإن ّمَا تكون بَعْد تَق َر ّر ال َش ّرْع و َق َد اخْ تُل ِف‬ ‫ص ُو ّر ُه َا ك َال ْمُمْتَن ِـع ف َِإ ّ‬
‫ن ال ْم َع َاص ِي و َ‬ ‫كي ْف و َال ْمَسْأَ لَة ت َ َ‬ ‫ل م َا يُوجِب َ‬
‫الر ّي ْب ف َ َ‬ ‫وَعِصْ مَتَه ُم من ك ُ ّ‬
‫س َل ّم قَب ْل أن يُوحى إلي ْه ه َل ك َان م َُت ّبع ًا ل ِشَرْع قَبْلَه أم ل َا؟‬ ‫الن ّاس فِي حال نَب َِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫ح َ ّقه حِينَئذ ِإذ الْأَ حْك َام ال َش ّرْع َِي ّة‬
‫فَق َال جَمَاع َة لم يكن متبعا لشئ و َهَذ َا قَو ْل الجم ُْه ُور فال ْمَع َاص ِي عَلَى هَذ َا الْقَو ْل غَي ْر مَوْجُود َة وَل َا مُعْتَبَر َة فِي َ‬
‫س َن ّة وَمُقْتَد َى ف ِر َق ا ْل ُأ َمّة الْق َاض ِي‬
‫سي ْف ال ُ ّ‬
‫َالن ّوَاهِي و َتَق َُر ّر ال َش ّر ِيع َة ثم احتلفت حُ ج َج الْق َائِلِين بِهَذِه ال ْمَق َالَة عَلَيْهَا فَذ َه َب َ‬
‫َإن ّمَا ٺتعلق بالأوامر و َ‬
‫ست ْر ُه فِي الْع َاد َة ِإذ‬ ‫سمْع و َحُ َ ج ّت ُه َأن ّه لَو كان ذَل ِك لَن ُقل ولما أ ْمكَن َ‬
‫كتْم ُه و َ َ‬ ‫الن ّقْل وَم َوَارِد الخـَب َر من طر يق ال َ ّ‬
‫أَ بُو بَك ْر ِإلَى أن َطرِ يق ال ْعِل ْم بِذَل ِك َ‬
‫ك َان من مُه ِ ّم أَ ْمر ِه و َأَ وْلى م َا اه ْتُب ِل ب ِه من سِيرَت ِه و َلَفَخَر ب ِه أَ ه ْل تِل ْك ال َش ّر يع َة وَل َا احْ ت َجّ وا ب ِه عَلَي ْه ولم يؤثر شئ من ذَل ِك جُم ْلَة‪ ،‬وَذ َهب َت‬
‫طَائِف َة ِإلَى امْتنَاع ذَل ِك‬
‫سدِيد َة و َاسْ ت ِنَاد ذَل ِك ِإلَى َ‬
‫الن ّقْل‬ ‫عَقْل ًا قَالُوا‪ :‬ل ِأَ َن ّه يَب ْع ُد أن يَكُون مت ْب ُوعًا من عرفا تابع ًا‪ ،‬و َبَنَو ْا هَذ َا على التحسين والتقبيح وهى طر يفة غَي ْر َ‬
‫س َل ّم و َتَرْك قَطْع الْحُكْم عَلَي ْه بشئ فِي ذَل ِك‬ ‫كَمَا تقدم للقاضى أبى بكر أولى و َأظْ ه َر‪ ،‬و َقَالَت فِر ْق َة ُأخْرى بال ْو َق ْف فِي أ ْمر ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الن ّقْل و َه ُو مَذْه َب أَ بِي المَع َال ِي‪ ،‬و َقَالَت فِر ْق َة ث َالِث َة َإن ّه ك َان عَام ِل ًا‬
‫يح ِل ال ْو َجْ ه َي ْن مِنْهَا الْعَقْل وَل َا اسْ تَبَان عندها فِي أحَدِهُمَا َطرِ يق َ‬
‫ِإذ لَم ُ‬
‫الت ّعيِين وَص ََم ّم‪ ،‬ث ُم ّ اخْ تلَف َت‬
‫ب ِشَرْع من قَبْلَه‪ ،‬ثم اختلوا ه َل يَتَع َيَ ّن ذَل ِك انشرع أم ل َا ف َو َق َف بَعْضُه ُم ع َن تَعْيين ِه و َأَ ْحج َم وَجَس َر بَعْضُه ُم عَلَى َ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِم‪ ،‬فهذه جُم ْلَة المَذ َاه ِب فِي هَذِه المَسْألَة‬
‫هَذِه ال ْم ُع َي ّنة فيمن ك َان يَت ّبع فَق ِيل نُوح و َق ِيل إ ب ْر َاه ِيم و َق ِيل م ُوس َى و َق ِيل ع ِيس َى صَلَوات َ‬
‫و َالْأَ ظْ ه َر ف ِيهَا م َا ذ َه َب إلي ْه الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر و َأَ ب ْعد ُه َا مَذ َاه ِب ال ْمُع َي ّنين ِإذ لَو كان شئ من ذَل ِك لَنُق ِل كَمَا ق َ ّدمْناه و َلَم يَخف جُم ْلَة وَل َا حُ َ ج ّة‬
‫الصّ حِيح َأن ّه لَم‬
‫ن ع ِيس َى آخِر الْأَ ن ْب ِيَاء فَلَزم َت ش َر يع َت ُه من جاء بَعْد َه َا إذ لَم يَث ْب ُت ع ُم ُوم دَعْوة ع ِيس َى بل َ‬
‫لَه ُم فِي أَ ّ‬

‫فصل هذا حكم ما تكون المخالفة فيه من الأعمال عن قصد‬ ‫‪٤.١.١١‬‬

‫ن ا َت ّبِـعْ م ِلَ ّة َ ِإ ب ْر َاه ِيم َ حَن ِيف ًا( وَل َا للآخَر ِين فِي قَو ْلِه‬
‫س َل ّم‪ ،‬وَل َا حُ َ ج ّة أيضا لِلآخ َر فِي قَو ْلِه )أَ ِ‬ ‫يَكُن لنبي دَعْو َة عامة إلا لنبيا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الل ّه ُ فَبِهُد َاهُم ُ‬


‫ن هَد َى َ‬ ‫كقَو ْلِه تَع َالَى ) ُأولَئ ِ َ‬
‫ك ال َ ّذ ِي َ‬ ‫ن الد ِّي ِن م َا و َ َص ّى بِه ِ نوحا( فَم َحْ مل هَذِه الآيَة عَلَى إتباعهم فِي َ‬
‫الت ّوْحِيد َ‬ ‫تَع َالَى )شَرَعَ لـَك ُ ْم م ِ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى ف ِيه ِم من لَم يُبْع َث ولم تَكُن لَه ش َر يع َة تَخ َُصّ ه كَي ُوسُف ابن يَعْق ُوب عَلَى قَو ْل من يَق ُول َإن ّه لَي ْس ب ِرَسُول و َق َد‬
‫اق ْتَدِهْ( و َق َد س ََم ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫ن المُرَاد م َا اجْ تَم َع ُوا عَلَي ْه م ِن َ‬
‫الت ّوْحِيد وَعِبَاد َة َ‬ ‫ل أَ ّ‬
‫مخ ْتَلِف َة ل َا يُمْكِن الجم َ ْع بَيْنَهَا‪ ،‬فَد َ ّ‬ ‫س ََم ّى َ‬
‫الل ّه تَع َالَى جَمَاع َة مِنْه ُم فِي هَذِه الآيَة شَر َائ ِعُه ُم ُ‬
‫تَع َالَى وبعد هَذ َا فَه َل يلَ ْز َم من قَال‬
‫ل‬ ‫س َل ّم أَ و يُخَالِف ُون بَيْنَه ُم أَ َمّا من م َن َع الاتّبَاع عَقْل ًا فَي َ ّ‬
‫طرِد أصْ لُه فِي ك ُ ّ‬ ‫بِمَن ْع الاتّبَاع هَذ َا القَو ْل فِي سَائ ِر الْأَ ن ْب ِيَاء غَي ْر نَب ِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫صو ّر لَه وتُق ُر ّر ا َت ّب َع َه‪ ،‬وَم ِن قَال بالو َق ْف فَعَلَى اصْ لِه‪ ،‬وَم ِن قَال ب ِوُجُوب الا َت ّبَاع لم َِن‬ ‫رَسُول بِلَا م ِر يَة و َأَ َمّا من مال ِإلَى َ‬
‫الن ّقْل فأيْنمََا ت ُ ُ‬ ‫ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٠‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ل نَبِ ّي فصل هَذ َا حُكْم ما تكون المخَُالَف َة ف ِيه م ِن الأعمال ع َن ق َصْ د و َه ُو م َا يُس َ َمّى مَعْصي َة و َي َ ْدخ ُل َ‬
‫تح ْت‬ ‫قَبْلَه يلَ ْتَزِم ُه بِمَسَاق حُ ج ّت ِه فِي ك ُ ّ‬
‫التكلف‪ ،‬و َأَ َمّا م َا يَكُون بِغَي ْر ق َصْ د و َتَع َ ُمّد كال َس ّهْو و َالنّسْيَان فِي الوضائف ال َش ّرْع َِي ّة م َِم ّا تَق َر َر ال َش ّرْع بِعَد َم تَع َُل ّق الخِطَاب ب ِه و َتَرْك المُؤَاخَذ َة‬
‫عَلَي ْه فأحْ وَال الْأَ ن ْب ِيَاء فِي ت َر َك المُؤَاخَذ َة ب ِه وَكَونه لَي ْس بِمَعْصِ ي َة لَه ُم م َع ُأمَمهم سواء ث ُم ّ ذَل ِك عَلَى نَو ْعَي ْن م َا َطرِ يق ُه البَلَاغ و َت َ ْقرِير ال َش ّرْع‬
‫و َتَع َُل ّق الأحْكام و َتَعْل ِيم ا ْل ُأ َمّة بالفعْل و َأخْذ ُه ُم باتّبَاع ِه ف ِيه وَم َا‬
‫يخ ْت َّص بنِ َ ْفسِه‪ ،‬أَ َمّا الأوّل فَح ُ ْ‬
‫كم ُه عِن ْد جَمَاع َة م ِن ال ْع ُلمَاء حُكْم ال َس ّهْو فِي القَو ْل فِي هَذ َا ال ْبَاب‪ ،‬و َق َد ذَك َرَنا الاتّف َاق‬ ‫ه ُو خ َارِج ع َن هَذ َا م َِم ّا َ‬
‫س َل ّم وَعِصْ م َت ِه من جوازه عليه ق َصْ دًا أو سَهْو ًا‪ ،‬فكذلك قَالُوا الأف ْع َال فِي هَذ َا ال ْبَاب ل َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَلَى امْتنَاع ذَل ِك فِي حَقّ َ‬
‫الت ّشكِيك و َيُس ََب ّب‬
‫الت ّب ْلِيغ و َالأَ داء وَطُرُوّ هَذِه الع َوَارِض عَلَيْهَا يُوجِب َ‬
‫يَج ُوز طُرُوّ المخَُالَف َة ف ِيهَا ل َا عَمْدًا وَل َا سَهْو ًا ل ِأَ نّهَا بِمَعْن َي القَو ْل من جهة َ‬
‫المَطَاعِن‪ ،‬واعتذوا ع َن أح َاديث ال َس ّهْو بتَِوْجِيهَات ن َ ْذك ُر ُها بَعْد هَذ َا وإلى هَذ َا مال أبو إسحاق‪ ،‬وذهب الأ َ‬
‫كث ْر م ِن الفُق َهاء و َالمُتَك َلمِين ِإلَى‬
‫ن المخَُالَف َة فِي الأفْع َال البَلاغ َِي ّة و َالأحْك َام ال َش ّرْعِي ّة سَهْو ًا وَع َن غَي ْر ق َصْ د مِن ْه ج َائز عَلَي ْه كَمَا تفرر من أح َاديث ال َس ّهْو في‬
‫أَ ّ‬
‫مخَالَف َة ذَل ِك تُناق ِضُه َا و َأَ َمّا ال َس ّهْو فِي الأفْع َال فغير‬
‫الصلاة وترقوا بَي ْن ذَل ِك و َبَي ْن الأق ْوَال البَلاغ َِي ّة لِق ِيَام ال ْمُعْجِز َة عَلَى الصّ دْق فِي القَو ْل و َ ُ‬
‫الن ّب َُو ّة بَل غَلَطَات الفعل وعفلات الق َل ْب من سِمَات البشر كَمَا قَال صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم )إنما أنا بَشَر ٌ أَ ن ْسَى كَمَا‬ ‫مناقص لَهَا وَل َا قادِح فِي ُ‬
‫س َل ّم َ سَب َبُ ِإفَادَة ِ عِلْم ٍ و َت َ ْقرِير ِ شَر ٍْع كما قال صلى‬ ‫ح ّقِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫تَنْسَوْنَ ف َِإذ َا نَسِيتُ فَذَك ِّر ُونِي( نَع َ ْم بَلْ ح َالَه ُ النِّسْيَانُ و َال َس ّهْو ه ُنَا فِي َ‬

‫)إن ِ ّي لأَ ن ْسَى أَ ْو ُأنسَ ّى ل ِأَ س َُنّ ( بَلْ قد رُوِيَ )لَسْتُ أَ ن ْسَى و َلـَكِنْ ُأنسَ ّى ل ِأَ س َُنّ ( و َهَذِه الحالة ز يادة لَه فِي التبليغ وتمام عليه فِي‬
‫الل ّٰه عليه وسلم ِ‬
‫ن ُ‬
‫الر ّسُل ل َا تُق َر عَلَى السهو والغلط بَل ينبهون عَلَي ْه‬ ‫النّعْم َة بعيدة ع َن سمات النقص وأغراض الطعن فإن القائلين بتجويز ذَل ِك يشترطون أَ ّ‬
‫الصّ حِيح و َقَب ْل انقراضهم عَلَى قَو ْل الآخرين و َأَ َمّا م َا لَي ْس طر يقه ال ْبَلَاغ وَل َا بيان الأحكام‬
‫و يعرفون حكمه بالفور عَلَى قَو ْل بَعْضُه ُم و َه ُو َ‬
‫من‬
‫__________‬
‫)قوله لا يجوز طروه( بهمزة في آخره أو بواو مشددة لغتان فيه‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل في الكلام على الأحاديث المذكور فيها السهو منه صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٤.١.١٢‬‬

‫س َل ّم وَم َا يختص ب ِه م ِن أمور دينه وأذكار قلبه م َِم ّا لَم يفعله ليتبع ف ِيه فالأكثر من طبقات علماء ا ْل ُأ َمّة عَلَى جواز‬ ‫أفعاله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫السهو والغلط عَلَي ْه ف ِيهَا ولحوق الفترات والغفلات بقلبه وَذَل ِك بِمَا كلفه من مقاساة الْخَل ْق وسياسات ا ْل ُأ َمّة ومعاناة الأهلي وملاحظة‬

‫)إ َن ّه ُ لَي ُغ َانُ عَلَى قَلْبِي ف َأَ سْ تَغْف ِر َ‬


‫ُالل ّهَ(‬ ‫س َل ّم ِ‬ ‫الاعداء و َلـَكِن لَي ْس عَلَى سبيل التكرار وَل َا الاتصال بَل عَلَى سبيل الندور كَمَا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫و َلَي ْس فِي هَذ َا شئ يحط من رتبته ويناقض معجزته وذهبت طائفة إلى منع السهو والنسيان والغفلات والفترات فِي حقه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬
‫س َل ّم جملة وهو مذهب جَمَاع َة المتصوفة وأصحاب علم القلوب والمقامات ولهم فِي هَذِه الأحاديث مذاهب نذكرها بَعْد هَذ َا إن شَاء َ‬
‫الل ّه‪.‬‬ ‫وَ َ‬
‫س َل ّم َ و َق َد ق َ ّدمْنَا فِي الْفُصُول قَب ْل هَذ َا م َا يَج ُوز ف ِيه عَلَي ْه ال َس ّهْو‬ ‫فصل فِي الْك َلَام عَلَى الْأَ ح َادِيث المذكور ف ِيهَا السهو مِن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم وَم َا يَم ْتَن ِـع و َأَ ح َل ْنَاه فِي الْأَ خْ بَار جُم ْلَة‪ ،‬و َفِي الأق ْوَال الدينية ق َ ْطع ًا‪ ،‬و َأجزْن َا و َق ُوع َه فِي الْأَ فْع َال الد ّين ِية عَلَى ال ْوَجْه ال َ ّذ ِي‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم فِي َ‬
‫الصّ لَاة ثَلَاثَة‬ ‫نح ْن نَبْس ُط القَو ْل ف ِيه الصحيح م ِن الْأَ ح َادِيث ال ْوَارِد َة فِي س َ ْهوِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ر ََت ّب ْنَاه و َأشَرْن َا إلى م َا وَر َد فِي ذَل ِك و َ َ‬
‫سلَام م ِن اث ْنَتَي ْن‪َ ،‬‬
‫الث ّاني حَدِيث ابن بحينة في القام من اثنتين‪،‬‬ ‫أحاديث‪ :‬أولها حديث ذي ال ْيَد َي ْن فِي ال َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن بحينة( بضم الموحدة وفتح الحاء المهملة بعدها مثناة تحتية ساكنة ونون‪ :‬هو عبد الل ّٰه بن مالك بن القشب ‪ -‬بكسر القاف‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤١‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫وسكون الشين المعجمة بعدها موحدة ‪ -‬و بحينة أمه‬


‫ل‬ ‫س َل ّم َ صَلَ ّى ال ُ ّ‬
‫ظهْر َ خَمْسًا‪ ،‬و َهَذِه ِ الْأَ ح َادِيثُ مَب ْن َِي ّة ٌ عَلَى ال َس ّ ْهوِ فِي الْفِعْ ِ‬ ‫الل ّه عَن ْه أن النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫الثَال ِث حَدِيث ابن مَسْع ُود رَض ِي َ‬
‫ل و َشَرْطُه ُ أَ َن ّه ُ ل َا يُق َُر ّ عَلَى ال َس ّ ْهوِ بَلْ ي ُ ْشع َر ُ بِه ِ‬
‫ل و َأَ رْف َ ُع لِلاحْ تِم َا ِ‬ ‫الل ّه ِ ف ِيه ِ لِيُسْت َ ّن بِه ِ ِإذِ ال ْبَلَاغ ُ بالْفِعْ ِ‬
‫ل أَ جْلَى مِن ْه ُ ب ِالْقَو ْ ِ‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة ُ َ‬ ‫ال َ ّذ ِي ق ََر ّرْن َاه ُ‪ ،‬و َ ِ‬
‫س َل ّم َ غَي ْر ُ مُضَا ٍدّ لِل ْمُعْجِزَة ِ وَل َا‬ ‫ح ّقِه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن النِّسْيَانَ و َال َس ّهْو َ فِي الْفِعْ ِ‬
‫ل فِي َ‬ ‫اس و َت َ ْظه َر ُ فَائِدَة ُ الْح ِ ْ‬
‫كمَة ِ كَمَا ق َ ّدمْنَاه ُ و َأَ َ ّ‬ ‫لِيَرْتَف ِـ َع الال ْت ِب َ ُ‬
‫الل ّه ُ فُلان ًا لَق َ ْد أَ ْذك َرَنِي‬
‫حم َ َ‬ ‫)إ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ أَ ن ْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ ف َِإذ َا نَسِيتُ فَذَك ِّر ُونِي( و َقَا َ‬
‫ل )ر َ ِ‬ ‫ل صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم ِ‬ ‫قَاد ٍِح فِي َ‬
‫الت ّصْ دِيقِ‪ ،‬و َق َ ْد قَا َ‬

‫)إن ِ ّي لأَ ن ْسَى أَ ْو ُأنسَ ّى ل ِأَ س َُنّ ( ق ِيل هَذ َا َ‬


‫الل ّفْظ شَكّ م ِن‬ ‫س َل ّم ِ‬ ‫كن ْتُ ُأسْ قِطُه َُنّ ‪ -‬و َيُرْو َى ‪ُ -‬أنْسِيتُه َُنّ ( و َقَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كَذ َا وَكَذ َا آيَة ً ُ‬

‫)إن ِ ّي ل َا أَ ن ْسَى و َلـَكِنْ ُأنسَ ّى ل ِ ُأس َُنّ ( وذهب ابن ناف ِـع وَع ِيس َى بن دِينَار َأن ّه‬ ‫َ‬
‫الر ّاوي و َق َد رُوِي ِ‬
‫يح ْتَمِل م َا قالاه أن ي ُريد إن ّي أن ْسى فِي ال ْي َ ْقظَة‬
‫ن مَعْنَاه التقسيم أَ ي‪ :‬أن ْسى أَ ن َا أَ و يُنْسِينِي الل ّٰه‪ ،‬قال القاضي أبو ال ْوَلِيد ال ْبَاجِي َ‬
‫لَي ْس بِش َكّ و َأَ ّ‬
‫فر ّغي لَه فأضَاف أح َد َ‬
‫الن ّسْيَانَي ْن‬ ‫و َ ُأنَسّى فِي َ‬
‫الن ّو ْم أَ و أن ْسى عَلَى سبيل عَاد َة ال ْب َش َر م ِن ال ُذ ّه ُول ع َن الشئ و َال َس ّهْو أَ و أنَسّى م َع إق ْبَال ِي عَلَي ْه و َت َ ُ‬
‫أصحَاب المعاني والكلام عَلَى‬ ‫ِإلَى ن َ ْفسِه ِإذ ك َان لَه بَعْض ال َ ّ‬
‫سب َب ف ِيه و َنَفى الآخ َر ع َن ن َ ْفسِه ِإذ ه ُو ف ِيه ك َالمُضْ طَر ّ‪ ،‬وَذ َه َب َت طَائِف َة من ْ‬
‫س َل ّم‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن النّسْيَان ذ ُه ُول وَغَفْلَة و َآفة قَال و َ‬ ‫الْحَدِيث ِإلَى أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ك َانَ يَسْه ُو فِي َ‬
‫الصّ لَاة ِ وَل َا يَن ْس َى ل ِأَ ّ‬
‫الصّ لَاة م َا فِي َ‬
‫الصّ لَاة شغلا‬ ‫س َل ّم يَسْه ُو فِي صلاته و َيُشْغِلُه ع َن حَرَك َات َ‬ ‫شغْل فكان صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫م ُنَز ّة عَنْهَا و َال َس ّهْو ُ‬
‫__________‬
‫الل ّه ُ فُلان ًا( هو عبد الل ّٰه بن يزيد الخطمى الأنصاري‪ ،‬قاله النووي عن الخطيب البغدادي‪.‬‬ ‫حم َ َ‬ ‫)قوله ر َ ِ‬
‫)*(‬
‫ن سَهْو َة عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام ك َان‬ ‫بِهَا ل َا غَفْلَة عَنْهَا و َاحْ ت َجّ بِقَو ْلِه فِي الرّو َايَة ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى إني ل َا أن ْسى‪ ،‬وَذ َه َب َت طَائِف َة ِإلَى مَن ْع هَذ َا كُل ّه عَن ْه وقالوا‪ :‬إ ّ‬
‫كي ْف يَكُون م ُتَعْمّدًا سَاه ِيًا فِي ح َال وَل َا حُ َ ج ّة لَه ُم‬
‫يح ْلَى مِن ْه ب ِطائ ِل ل ِأَ َن ّه َ‬
‫عَمْدًا و َق َصْ دًا لِيَس ُنّ و َهَذ َا قَو ْل م َْرغ ُوب عَن ْه م ُتَنَاق ِض المَق َاصِد ل َا ُ‬
‫الت ّع َ ُمّد و َالق َصْ د و َقَال‬ ‫فِي قَو ْلِه ِم َإن ّه أم ِر بتَِع َ ُمّد صُور َة النّسْيَان ليَس ُنّ لِقَو ْلِه‪ِ :‬‬
‫)إن ِ ّي لأَ ن ْسَى أَ ْو أنسى( وقد أثبت أَ ح َد الوصفين و َنَفَى مناقضة َ‬
‫)إ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ مِث ْلـُك ُ ْم أَ ن ْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ( و َق َد مال ِإلَى‪.‬‬
‫ِ‬
‫هَذ َا عَظ ِيم م ِن المحُ َ ّقق ِين من أئ َِم ّت ِنَا و َه ُو أبو المُظَ َ ّفر الاسْ ف ِرَائن ّي و َلَم يَرْتَضِ ه غَيْر ِه مِنْه ُم وَل َا أرْتَضِ يه وَل َا حُ َ ج ّة لِهَاتَي ْن الطّائِف َتَي ْن فِي قَو ْلِه ِ‬
‫)إن ِ ّي ل َا‬

‫أَ ن ْسَى و َلـَكِنْ ُأنسَ ّى( ِإذ لَي ْس ف ِيه نَفْي حُكْم النّسْيَان با ْلجم ُْلَة و َِإ َن ّمَا ف ِيه نَفْي ل َ ْفظ ِه وَك َرَاه َة لقبله َ‬
‫كقَو ْلِه‬

‫)بَئْسَم َا لأَ حَدِك ُ ْم أَ ْن يَق ُو َ‬


‫ل نَسِيتُ آيَة َ كَذ َا و َلـك َِن ّه ُ نُس ِ ّيَ( أَ و نَفْي الغَفْلَة وقله الاه ْتِم َام ب ِأمْر َ‬
‫الصّ لَاة ع َن قَل ْب ِه لـَكِن شغل بِهَا عَنْهَا ونسى‬
‫بالت ّح َُر ّز م ِن العَد ُ ّو عَنْهَا فَش ُغ ِل ب ِطاع َة ع َن طَاع َة و َق ِيل إ ّ‬
‫ن ال َ ّذ ِي تُر ِك‬ ‫الصّ لَاة يَو ْم الخنَْد َق ح ََت ّى خَر َج و َقْتُهَا وَشُغ ِل َ‬
‫بَعْضَه َا ببعضها كَمَا ت َر َك َ‬
‫يَو ْم الخنَْد ُق ارْبَع صَلَوات‪ ،‬ال ُ ّ‬
‫ظهْر‪ ،‬و َالعَص ْر‪ ،‬والمَغْرِب‪ ،‬و َالعِشَاء‪ ،‬و َب ِه احْ ت َجّ من ذهب إلى جواز تأخير َ‬
‫الصّ لَاة فِي الخوف إذ َا لَم يتمكن‬
‫ن حكم صَلَاة الخوف ك َان بَعْد هَذ َا فَه ُو ِ‬
‫ناسخ لَه‪.‬‬ ‫من أدائها إلى وقت الأمن و َه ُو مذهب الشاميين والصحيح أَ ّ‬
‫ن عَي ْن َيّ تَنَام َا ِ‬
‫ن وَل َا يَنَام ُ قَلْبِي( ‪ :‬فاع ْل َ ْم أن للعلماء‬ ‫)إ َ ّ‬ ‫س َل ّم ع َن َ‬
‫الصّ لَاة يَو ْم ال ْوادِي و َق َد قَال‪ِ :‬‬ ‫ن قلُ ْت فَمَا تقول في نَوْم ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ف َِإ ّ‬
‫ن ال ْم ُرَاد بأن هَذ َا حُكْم قَل ْب ِه عِن ْد نَوْم ِه وَعَي ْنَي ْه فِي‬
‫ك أَ جْ وِبَة ٌ مِنْهَا أَ ّ‬
‫ع َنْ ذَل ِ َ‬
‫__________‬
‫)قَو ْلِه ل َا يحلى( بضم المثناة التحتية وسكون الحاء المهملة‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم فِي الْحَدِيث ن َ ْفسِه‬ ‫غافل الْأوْقات و َق َد يَن ْدر مِن ْه غَي ْر ذَل ِك كَمَا يَنْد ُر من غَيْر ِه خِلاف عادته و َيُص ََحّ ح هَذ َا الت ّأْ وِ يل قَو ْله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الل ّه َ قَب ََض أَ ْرو َاحَنَا( وقول بِلَال ف ِيه‪ :‬م َا ُألْق ِي َت عَلِيّ؟ ومة مثلها قط‪ ،‬و َلـَكِن مِث ْل هَذ َا َإن ّمَا يَكُون مِن ْه لأمر يُر ِيد ُه َ‬
‫الل ّه من إث ْبَات‬ ‫ن َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٢‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الل ّه ُ لأَ يْقَظَنَا و َلـَكِنْ أَ ر َاد َ أَ ْن يَكُونَ لم َِنْ بَعْد َكُمْ‪ ،‬الثاني أَ ّ‬
‫ن قَل ْب َه ل َا‬ ‫حُكْم و َت َأْ سِيس س َُن ّة وإظْ ه َار شَرْع‪ ،‬وكما قَال فِي الْحَدِيث الآخ َر لَو ْ شَاء َ َ‬
‫مح ْر ُوسًا و ََأن ّه ك َان يَنَام ح ََت ّى يَنْف ُخ وحتى ي ُ ْسم َع غط ِيط ُه ث ُم ّ يُصَلّي وَل َا يَت َو َ َ ّ‬
‫ضأ‬ ‫الن ّو ْم ح ََت ّى يَكُون مِن ْه الحدث فيما لَم ّا رُوِي َأن ّه ك َان َ‬
‫يَسْتَغْرِق ُه َ‬
‫ل‬ ‫الن ّو ْم ف ِيه نَوْم ُه م َع أه ْله فَلَا يُمْكِن الاحْ ت ِج َاج ب ِه عَلَى وُضُوئ ِه بمُج ََر ّد َ‬
‫الن ّو ْم ِإذ لَع َ ّ‬ ‫وَحَدِيث ابن ع ََب ّاس الم َ ْذكُور ف ِيه وُضُوءه عِن ْد ق ِيامه م ِن َ‬
‫ُ‬
‫ذَل ِك لملامة الْأَ ه ْل أَ و لِ حَد َث آخر فَكَيف‬
‫ضأ و َق ِيل ل َا يَنَام قَل ْب ُه من أجْل َأن ّه يُوحى إلي ْه فِي َ‬
‫الن ّو ْم‬ ‫الصّ لَاة فَصَلّى و َلَم يَت َو َ َ ّ‬
‫و َفِي آخِر الْحَدِيث نفسه ث ُم ّ نام ح ََت ّى سَمِعْت غَط ِيطَه ث ُم ّ أقيمت َ‬
‫و َلَي ْس فِي ق َِصّ ة ال ْوَادي إ َلّا نَو ْم عَي ْنَي ْه ع َن رؤ ية الشمس و َلَي ْس هَذ َا من فِعْل الق َل ْب و َق َد قَال صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم‪ :‬إن الل ّٰه قبض أرواحا‬
‫و َلَو ْ شَاء َ لَر َدّه َا ِإلي ْنَا فِي حِينِ غَي ْر ُ هَذ َا‪.‬‬
‫س َل ّم َ‬
‫الت ّغْلِيس‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّو ْم لَم ّا قَال لِب ِلال أكْلَأ لَنَا ُ‬
‫الصّ ب ْح‪ ،‬فَق ِيل فِي الجَوَاب َإن ّه ك َان من شَأْ نه صَلَ ّى َ‬ ‫ف َِإن ق ِيل فَلَوْل َا عَاد َتُه م ِن اسْ تِغْرَاق َ‬
‫ُ‬
‫بالصّ ب ْح وَم ُرَاعاة أَ َ ّول الف َجْ ر ل َا تَصِ حّ م َِم ّن ن َام َت عَي ْن ُه إذ ه ُو ظَاهر ي ُ ْدر َك بالجَوَارِح الظّاه ِر َة ف َو َ َكّل بلال ًا بمُرَاعاة أ َ ّولِه لِيُعْل ِم َه بِذَل ِك كما لَو‬
‫شُغل بِشُغْل غَي ْر َ‬
‫الن ّو ْم ع َن م ُرَاعات ِه‪.‬‬
‫س َل ّم ِ‬
‫)إن ِ ّي أَ ن ْسَى‬ ‫س َل ّم ع َن القَو ْل نَسيت و َق َد قَال صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫ن ق ِيل فَمَا مَعْن َي نَهِيه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ف َِإ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله اكلأ لنا( أي‪ :‬احفظ لنا‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل في الرد على من أجاز عليهم الصغائر‬ ‫‪٤.١.١٣‬‬

‫كن ْت ُأنْسِيتُها( فاع ْلَم أك ْرَم َك َ‬


‫الل ّه َأن ّه ل َا تَع َار ُض فِي هَذِه الْأَ لْف َاظ‪ ،‬أَ َمّا‬ ‫كَمَا تَنْسَوْنَ ف َِإذ َا نَسِيتُ فَذَك ِّر ُونِي( و َقَال )لَق َد أ ْذك َرَني كَذ َا وكَذ َا آيَة ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى اضْ ط ََر ّه إليها‬
‫ن العفلة فِي هذا لَم تَكُن مِن ْه و َلـَكِن َ‬
‫ن يُق َال نَسِيت آيَة كَذ َا فَم َحْ م ُول عَلَى م َا نُسِخ نَقْلُه م ِن الْقُر ْآن أَ ي أَ ّ‬
‫نَه ْي ُه ع َن أَ ّ‬
‫س َل ّم عَلَى‬ ‫ن هَذ َا مِن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ليمحو م َا يَش َاء و َيُثبت وَم َا كان من سَهْو أَ و غَفْلَة من ق ِبَلِه تَذ َك ّر َه َا صَلُح أن يُق َال في أنس يوقد ق ِيل إ ّ‬
‫س َل ّم لَم ّا أسْ ق َط‬ ‫ن يُضِ يف الْفِعْل ِإلَى خ َالِق ِه و َالآخ َر عَلَى طر يق الجَوَاز لاكْ تِسَاب الْعَب ْد ف ِيه و َإسْ ق َاطُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫طر يق الاستحباب أَ ّ‬

‫من هَذِه الآيات ج َائز عَلَي ْه بَعْد بَلَاغ م َا ُأم ِر ببَِلَاغ َة و َتَوصِيله ِإلَى عِبَادِه ث ُم ّ يَسْت َ ْذك ِر ُه َا من أ َمّت َه أَ و من قَب ْل ن َ ْفسِه إ َلّا ما ق َضى َ‬
‫الل ّه نَسْخ َه‬
‫مح ْو َه م ِن‬
‫وَ َ‬
‫س َل ّم م َا هَذ َا سَبيلُه ك ََر ّة و َيَج ُوز أن يُنَسّي َه مِن ْه قَب ْل ال ْبَلَاغ م َا ل َا يُغَي ّر‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الْق ُلُوب و َتَرْك اسْ ت ْذك َارِه‪ ،‬و َق َد يج ُوز أن يَن ْسى َ‬

‫ن َ ْظم ًا وَل َا يُخَل ّط ح ُكْ مًا م َِم ّا ل َا ي ُ ْدخِل خ َلَلًا فِي الخـَب َر ث ُم ّ يُذَك ّر ُه إ ي ّاه و َيَسْت َحيل دَو َام نِس َيَان ِه لَه لِ حِفْظ َ‬
‫الل ّه ك ِتَاب ِه و َتَكْلِيف ِه بَلَاغ َه‪.‬‬
‫جوّزِين ل ِ َ‬
‫لصّ غ َائ ِر عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء م ِن الْفُقَه َاء‬ ‫فصل فِي الرد عَلَى من أجاز عَلَيْه ِم الصغائر والكلام عَلَى ما احتجوا ب ِه فِي ذَل ِك اع ْلَم أن ال ْم ُ َ‬

‫و َال ْم ُحَدّثِين وَم ِن شَايَعَه ُم عَلَى ذَل ِك م ِن ال ْمُتَك َل ّمِين احْ ت َُجّ وا عَلَى ذَل ِك ب ِظوَاه ِر كَث ِير َة م ِن‬
‫__________‬
‫)قوله ومن شايعهم( أي تابعهم‪ :‬من شيعة الرجل وهم أتباعه‪.‬‬
‫)*(‬
‫ل م َا احْ ت َُجّ وا ب ِه م َِم ّا‬
‫سل ِم ف َكي ْف وَك ُ ّ‬
‫تجْوِيز الْك َبَائ ِر وَخَرْق الإجْماع وَم َا ل َا يَق ُول ب ِه م ُ ْ‬
‫الْقُر ْآن و َالْحَدِيث إن التزموا ظَوَاه ِر َه َا أفْضَت بهم ِإلَى َ‬
‫اخْ تُل ِف ال ْمُفَس ِّر ُون فِي مَعْنَاه و َتَق َابلََت الاحْ تِم َالات فِي مُقْتَضَاه وَج َاءت أقاو يل ف ِيهَا لِل َ ّ‬
‫سلَف بِ خ ِلَاف م َا ال ْتَزَم ُوه من ذَل ِك ف َِإذ َا لَم يَكُن‬
‫نح ْن‬
‫َصح ّة غَيْرِه وَجَب تَرْك ُه و َالمصِ ير ِإلَى م َا صَ ح ّ و َه َا َ‬ ‫مَذْهَبُه ُم إجْمَاعا وكان الخ ِلَاف ف ِيم َا احْ ت َُجّ وا ب ِه قَدِيمًا و َقَام َت الدّل َالة عَلَى َ‬
‫خطَإ قَو ْلِه ِم و ِ َ‬
‫ك وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫خر َ( ‪ ،‬وقوله‬ ‫الل ّه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫س َل ّم )لِيَغْف ِر َ ل َ َ‬ ‫الل ّه‪ ،‬فمن ذَل ِك قَو ْله تَع َالَى لِنَب ِي ّنا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َأْ خ ُذ فِي النّظَر ف ِيهَا إن شَاء َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٣‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫َض َظهْرَك َ( وقوله )عفا الل ّٰه عنك لِم َ أَ ذِن ْتَ لَهُمْ( وقوله‬
‫ك وِ ْزرَك َ ال َ ّذ ِي أَ نْق َ‬
‫ضعْنَا عَن ْ َ‬
‫)فاستغفر لذنبك والمؤمنين والمؤمنات( وقوله )وَو َ َ‬
‫َاب عظيم( وقوله )عَب ََس‬ ‫سك ُ ْم ف ِيم َا أَ خ َ ْذتُم ْ عَذ ٌ‬ ‫الل ّه ِ سَب َ َ‬
‫ق لَم َ َ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫اب م ِ َ‬
‫)لَو ْلا ك ِت َ ٌ‬
‫كقَو ْلِه )وَع َص َى آدَم ُ ر ََب ّه ُ فغوى( وقوله )فَل َم ّا آت َاهُمَا صَالِ حاً َ‬
‫جع َلا‬ ‫و َتَو َلَ ّى أَ ْن جاءه الأعمى( الآيَة وَم َا ق َّص من قِصَص غَيْر ِه م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء َ‬
‫ن الظالمين( وَم َا ذَك َر َه من ق َِصّ ة د َاو ُد‪،‬‬
‫كن ْتُ م ِ َ‬
‫ك ِإن ِ ّي ُ‬ ‫لَه ُ شُرَك َاءَ( الآيَة و َقَو ْلُه عَن ْه )ر َ َب ّنَا ظَلَم ْنَا أَ نْفُسَنَا( الآية و َقَو ْلُه ع َن يُونُس ) ُ‬
‫سب ْح َان َ َ‬
‫كع ًا و َأَ ن َابَ ( ِإلَى قَو ْله )مآب( وقوله )ولقد همت به وهم بها( وَم َا ق َّص من قصته م َع‬ ‫و َقَو ْلُه )وَظ ََنّ د َاوُد ُ أَ َن ّمَا فتاه فَاسْ تَغْف َر َ ر ََب ّه ُ وَخ َرّ ر َا ِ‬
‫)الل ّه ُ َ ّم ا ْغفِر ْ‬
‫س َل ّم فِي د ُعَائ ِه َ‬ ‫ل ال َ ّ‬
‫شيْطَانِ( وقول النبي صلى القله عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل هَذ َا م ِنْ ع َم َ ِ‬
‫إخوت ِه‪ ،‬و َقَو ْلُه ع َن م ُوس َى )ف َوَك َزَه ُ م ُوس َى فَق َض َى عَلَيْه ِ قَا َ‬
‫س َل ّم‬ ‫نح ْوَه ُ من أ ْدعِيَت ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل ِي م َا ق َ ّدمْتُ وَم َا أَ َ ّ‬
‫خرْتُ وَم َا أَ سْرَرْتُ وَم َا أَ ع ْلَن ْتُ ( و َ َ‬

‫ُالل ّه َ‬
‫)إن ِ ّي لأَ سْ تَغْف ِر َ‬
‫ِيث أَ بِي ه ُر َي ْر َة ِ‬ ‫)إ َن ّه ُ لَي ُغ َانُ عَلَى قَلْبِي ف َأَ سْ تَغْف َر َ‬
‫ُالل ّهَ( و َفِي حَد ِ‬ ‫وَذَك َر الْأَ ن ْب ِيَاء فِي المَو ْق ِف ذ ُنُو بَه ُم فِي حَدِيث ال َ ّ‬
‫شف َاع َة‪ ،‬و َقَو ْلُه ِ‬
‫الل ّه لَه )و َلا تخاطبي‬ ‫سب ْع ِينَ م َرة ً( و َقَو ْلُه ُ تَع َالَى ع َنْ ن ُ ٍ‬
‫ل َ‬ ‫وح )و َِإلا تَغْفِر ْ لى وترحمني( الآيَة َ‪ ،‬و َق َ ْد ك َانَ قَا َ‬ ‫َّ‬ ‫و َأَ تُوبُ ِإلَيْه ِ فِي ال ْيَو ْ ِم أَ كْ ثَر َ م ِنْ َ‬
‫ن ظَلَم ُوا إنهم مغرقون( و َقَال ع َن إ ب ْر َاه ِيم )و َال َ ّذ ِي أَ طْ م َ ُع أَ ْن يَغْف ِر َ ل ِي َ‬
‫خط ِيئَتِي يوم الدين( و َقَو ْلُه ع َن م ُوس َى )تبت إليك( و َقَو ْلُه‬ ‫فِي ال َ ّذ ِي َ‬
‫ك وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫خر َ( فَهَذ َا ق َد اخْ تُل ِف‬ ‫الل ّه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ظوَاه ِر‪ ،‬فأ َمّا احْ ت ِج َا ُ‬
‫جه ُم يقوله )لِيَغْف ِر َ ل َ َ‬ ‫)و َلَق َ ْد فَتَن ّا سليمان( ِإلَى م َا أشْ ب َه هَذِه ال َ ّ‬
‫الن ّب َُو ّة و َبَعْد َه َا‪ ،‬و َق ِيل المُرَاد م َا و َق َع ل َك من ذَن ْب وَم َا لَم يَق َع أع ْلَم َه َأن ّه مغَف ُور لَه‪ ،‬و َق ِيل المُتَقَدّم‬ ‫ف ِيه ال ْمُفَس ِّر ُون‪ ،‬فَق ِيل المُرَاد م َا ك َان قَب ْل ُ‬

‫س َل ّم و َق ِيل المُرَاد م َا ك َان ع َن‬ ‫م َا ك َان قَب ْل ُ‬


‫الن ّب َُو ّة و َالمُتأخّر عِصْ مت ُك بَعْد َه َا‪ ،‬حَك َاه أَ حْم َد بن نَص ْر‪ ،‬و َق ِيل المُرَاد بِذ َل ِك أ َمّت َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َهو وَغَفْلَة و َت َأوِ يل‪ ،‬ح َكاه ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ واخْ تَار َه‬
‫ي ع َن ابن عطاء و َبِمِثْلِه و َال َ ّذ ِي قَبْلَه يُت َأوّل‬
‫سلَم ِ ّ‬ ‫خر من ذ ُنُوب ُأ َمّت ِك‪ ،‬ح َكاه ال َ ّ‬
‫سمْر َقَنْدِيّ وال ُ ّ‬ ‫الْقُشَيْر ِيّ ‪ ،‬و َق ِيل م َا تَق َ َ ّدم ل ِأَ بِيك آد َم وَم َا ت َأ َ ّ‬
‫س َل ّم هه ُنَا هي مخالطبة ل ُأ َمّت َه‪ ،‬و َق ِيل إن النبي صلى‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫مخَاطَب َة َ‬
‫ات( قَال مَكّيّ ُ‬
‫ك وَلِل ْمُؤْم ِنِينَ و َال ْمُؤْم ِن َ ِ‬
‫قَو ْله‪) :‬و َاسْ تَغْفِر ْ لِذَن ْب ِ َ‬
‫الل ّه ُ م َا تَق َ َ ّدم َ م ِنْ ذَن ْب ِ َ‬
‫ك‬ ‫ك َ‬ ‫ل بِي و َلا بكم( سُر ّ بِذَل ِك الـكُ َ ّفار ف َأن ْز َل َ‬
‫الل ّه تَع َالَى )لِيَغْف ِر َ ل َ َ‬ ‫الل ّه عليه وسلم لما أمر أن يَق ُول )وَم َا أَ ْدرِي م َا ي ُ ْفع َ ُ‬
‫َ‬
‫ن لَو ك َان‪،‬‬ ‫خر َ( الآيَة و َبمآل ال ْمُؤْم ِنين فِي الآية ا ْل ُأ ْ‬
‫خر َى بَعْد َه َا‪ ،‬قاله ابن ع ََب ّاس‪ ،‬فَمَقْصِ د الآيَة أنك مَغْف ُور ل َك غَي ْر م ُؤَاخ َذ بِذَن ْب أَ ّ‬ ‫وَم َا ت َأَ َ ّ‬
‫ك وِ ْزرَك َ ال َ ّذ ِي أَ نْق َ‬
‫َض َظهْرَك َ(‬ ‫قال بَعْضُه ُم‪ :‬المَغْف ِر َة هه ُنَا تَبْر ِئَة م ِن ال ْع ُي ُوب‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْله )وَو َ َ‬
‫ضعْنَا عَن ْ َ‬
‫فَق ِيل م َا سَلَف من ذَن ْب َك قَب ْل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة و َه ُو قَو ْل ابن ز َي ْد والحسن وَمَعْن َي قَو ْل قَتَاد َة‪ ،‬و َق ِيل مَعْنَاه َأن ّه ُ‬
‫حف ِظ قَب ْل نبوته منها وعصم‪ ،‬ولولا‬
‫سمْر َقَنْدِيّ ‪ ،‬و َق ِيل المُرَاد بِذَل ِك م َا أثقل ظهره من أعباء الرسالة ح ََت ّى بلَ ّغه َا( حكاه ال ْمَاو َردِيّ وال ُ ّ‬
‫سلَمِيّ‪،‬‬ ‫ذَل ِك لأثقلت ظهره‪ ،‬حكى مَعْنَاه ال َ ّ‬
‫شغْل سِرّك وحَي ْرتك وطلب شر يعتك ح ََت ّى شرعنا ذَل ِك لك‪ ،‬حكى مَعْنَاه‬
‫حطَطن ْا عنك ثِق َل أيام الْجا َه ِل َِي ّة‪ ،‬ح َكاه مَكّيّ‪ ،‬و َق ِيل ثِق َل ُ‬
‫و َق ِيل َ‬
‫الْقُشَيْر ِيّ ‪ ،‬و َق ِيل مَعْنَاه خففنا عَلَي ْك م َا ح َُم ّل ْت بِ حِفْظنَا لَم ّا استحفظت وحفظى عَلَي ْك‪ ،‬ومعنى انقض ظهرك أَ ي كاد ينقصه فيكون ال ْمَعْن َى‬
‫الن ّب َُو ّة فَع َ َ ّدها أ ْوز َار ًا و َثَق ُلَت‬ ‫س َل ّم ب ُِأم ُور فَعَلَه َا قَب ْل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة وح ُ َرّم َت عَلَي ْه بَعْد ُ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جع َل ذَل ِك لم قَب ْل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة اه ْتِم َام َ‬ ‫عَلَى من َ‬
‫كف َايَت َه من ذ ُنُوب لو كانت لأنفضت َظهْر َه‪ ،‬أَ و يَكُون من ثِق َل َ‬
‫الر ّسَالَة أَ و م َا ثَق ُل‬ ‫الل ّه له و ِ‬
‫عَلَي ْه وأشْ ف َق مِنْهَا‪ ،‬أَ و يَكُون ال ْو َضْ ع عِصْ م َة َ‬
‫شغ َل قَل ْبه من ُأم ُور الْجا َه ِل َِي ّة وإع ْلَام َ‬
‫الل ّه تَع َالَى لَه‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم ف ِيه م ِن َ‬
‫الل ّه تَع َالَى نَهْ ي‬ ‫ك لِم َأَ ذِن ْتَ لهم( ف َأمْر لَم يَتَق َ َ ّدم للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫بِ حِفْظ م َا استحفظيه من و َحْ ي ِه‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْله )عَف َا َ‬
‫الل ّه ُ عَن ْ َ‬

‫الل ّه تَع َالَى عَلَي ْه مَعْصِ ي َة بَل لَم يَع ُ َ ّده أَ ه ْل ال ْعِل ْم مُع َاتَب َة‪ ،‬و َغَل ّط ُوا من ذ َه َب إلى ذَل ِك‪ ،‬قَال ن ِ ْفطَو ي ْه و َق َد ح َاشاه َ‬
‫الل ّه‬ ‫فَيُع َ ّد معصية وَل َا ع َ ّده َ‬
‫الل ّه تَع َالَى )ف َأْ ذ َ ْن‬ ‫مخـ َي ّر ًا فِي أَ مْرَ ي ْن قَالُوا و َق َد ك َان لَه أن يَفْع َل م َا شَاء ف ِيم َا لَم يُنْز َل عَلَي ْه ف ِيه وَحْي ف َ َ‬
‫كي ْف و َق َد قَال َ‬ ‫تَع َالَى من ذَل ِك بَل ك َان ُ‬
‫طلـِ ـع عَلَي ْه من سِرّهم َأن ّه لَو لَم ي َأْ ذ َن لَه ُم لَقَعَد ُوا و ََأن ّه ل َا حَر َج عَلَي ْه ف ِيم َا فَع َل و َلَي ْس‬
‫الل ّه بِمَا لَم ي َ َ ّ‬
‫لم َِنْ شِئ ْتَ منهم( فَلَم ّا أذِن لَه ُم أع ْلَم َه َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٤‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫لو َ‬
‫َالر ّق ِيقِ( و َل َ ْم‬ ‫صد َقَة ِ الْخيَ ْ ِ‬ ‫س َل ّم( عَف َا َ‬
‫الل ّه ُ لـَك ُ ْم ع َنْ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫)عفا( هه ُنَا بِمَعْن َي غَف َر بَل كَمَا قَال َ‬
‫نح ْو َه لِلْقُشَيْر ِيّ ‪ ،‬قَال‪ :‬و َِإ َن ّمَا يَق ُول ال ْعَفْو ل َا يَكُون إ َلّا ع َن ذَن ْب‪ :‬من لَم يَعْرف ك َلَام الْع َر َب‪،‬‬
‫تج ِب عَلَيْه ِم ق َّط أَ ي لَم يلُ ْز ْمك ُم ذَل ِك‪ ،‬و َ َ‬

‫الل ّه عنك أَ ي لَم يلزمك ذنبا‪ ،‬قَال ال َد ّاو ُديّ ‪ :‬رُوِي أ َ ّنهَا ك َان َت تَكْر ِمه‪ ،‬قَال مكى هو استفحتاح ك َلَام مِث ْل أصْ لَح َك َ‬
‫الل ّه‬ ‫قَال وَمَعْن َي عفا َ‬
‫الل ّه‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْلُه فِي ُأسَارى بد )م َا ك َانَ لِنَب ِ ٍيّ أَ ْن يَكُونَ لَه ُ أَ سْر َى( الآيَتَيْنِ فَلَي ْس ف ِيه إلزام‬
‫ن مَعْنَاه عَافاك َ‬ ‫و َأع َ َّزك‪ ،‬وَح َكى ال َ ّ‬
‫سمْر َقَنْدِيّ أَ ّ‬

‫ُص ب ِه و َفُضّ ل من بَي ْن سائر الْأَ ن ْب ِيَاء فَك َأنه قَال م َا ك َان هَذ َا لِنبيّ غيرك كَما قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫س َل ّم بَل ف ِيه بَيَان م َا خ ّ‬ ‫ذنب للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ض الدنيا( الآية‪ ،‬قيل معنى‪ :‬الْخِطَاب‬ ‫ل َلن ّب ِ ٍيّ قَبْل ِي( ف َِإ ّ‬
‫ن ق ِيل فَمَا مَعْن َي قَو ْله تَع َالَى‪) :‬تُر ِيد ُونَ ع َرَ َ‬ ‫تح ِ َ ّ‬ ‫س َل ّم ) ُأح َِل ّ ْ‬
‫ت ل ِي الْغ َنَائِم ُ و َل َ ْم َ‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬

‫تَج ّرد غ َرَضُه ل ِغر َض ال ُد ّن ْيَا و َحد َه و َالاسْ تِكْثَار مِنْهَا و َلَي ْس المراد بَهَذ َا النبي صلى الل ّٰه عليه ولم وَل َا عَلَي ْه ْ‬
‫أصحَاب ِه‪ ،‬بَل‬ ‫لمن أر َاد ذَل ِك مِنْه ُم و َ َ‬
‫ق َد رُوِي ع َن الضحاك أنها ن َزَلَت حِين انْه َز َم المُشْرِكُون يَو ْم‬
‫الل ّه ِ سَبَقَ(‬
‫ن َ‬ ‫اب م ِ َ‬ ‫سلَب وَجَم ْع الْغ َنَائِم ع َن الق ِتَال ح ََت ّى َ‬
‫خش ِي ع ُم َر أن يَعْط ِف عَلَيْه ِم ال ْعَدُوّ ث ُم ّ قال تَع َالَى‪) :‬لَو ْلا ك ِت َ ٌ‬ ‫الن ّاس بال َ ّ‬
‫بَدْر و َاشْ ت َغ َل َ‬

‫ن ل َا ُأعَذّب أحَدًا إ َلّا بَعْد ال َنّهْ ي لَع َ َ ّذب ْتُك ُم‪ ،‬فَهَذ َا يَنْفِي أن يَكُون أمْر‬
‫فاخْ تَلَف ال ْمُفَس ِّر ُون فِي مَعْن َي الآيَة فَق ِيل‪ :‬مَعْنَاه َا لولا َأن ّه سَب َق مني أَ ّ‬
‫الأس ْرى مَعْصِ ي َة‪ ،‬و َق ِيل ال ْمَعْن َى‪ :‬لولا إيمَانُك ُم ب ِالْقُر ْآن و َه ُو الْكِتَاب السابق فاستوجبتم ب ِه َ‬
‫الصّ فْح لَع ُوقب ْتُم عَلَى الغنائم‪ ،‬و َي ُز َاد هَذ َا القول تفسيرا‬
‫__________‬
‫)قوله ولا علية( بكسر العين المهملة وسكون اللام‪ :‬في الصحاح وعلى في الشرف بالـكسر يعلى علا‪ ،‬و يقال أيضا بالفتح وفلان من علية‬
‫الناس‪.‬‬
‫وهو جمع رجل على‪ :‬أي شر يف رفيع‪ ،‬مثل صبى وصبية‪.‬‬
‫)*(‬
‫كن ْتُم م َِم ّن ُأح َِل ّت لَه ُم ال ْغ َنَائِم لَع ُوقِب ْتُم كَمَا ع ُوق ِب من تَع َ َ ّدى‪ ،‬و َق ِيل‪ :‬لَوْل َا َأن ّه سَب َق فِي الل ّوح‬
‫كن ْتُم مُؤْم ِنين بالقرآن و َ ُ‬
‫و َبَيَان ًا بأن يُق َال لَوْل َا م َا ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬فَك ُلُوا م َِم ّا غ َنِمْتُم ْ‬ ‫المحَْف ُوظ أ َ ّنهَا ح َلَال لـكم لَع ُوقِب ْتُم‪ ،‬فَهَذ َا كله ينفي الذنب والمعصية ل ِأَ ّ‬
‫ن من فعل م َا أحل له لَم يعص‪ ،‬قَال َ‬
‫ل عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ ِإلَى‬ ‫س َل ّم قد خير فِي ذَل ِك‪ ،‬و َق َد رُوِي ع َن عَلِيّ رضي الل ّٰه عَن ْه قَال ج َاء َ ِ‬
‫جبْر ِي ُ‬ ‫ح َلالا طيبا( و َق ِيل‪ :‬بَل ك َان صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ك فِي ال ُأسَار َى إن شاؤا القتل وإن شاؤا الْفِد َاء َ عَلَى أَ ْن يقتل منهم فِي الْع َا ِم ال ْمُقْب ِ ِ‬
‫ل‬ ‫صحَاب ِ َ‬ ‫س َل ّم َ يَوْم َ ب َ ْد ٍر فَق َا َ‬
‫ل خَي ْر ُ أَ ْ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬

‫صح ّة م َا قلُ ْنَا و َأَ َ ّنه ُم لَم ي َ ْفع َلُوا إ َلّا م َا ُأذ َن لَه ُم ف ِيه لـكِن بَعْضَه ُم مال إلى أضْ ع َف ال ْو َجْ هي ْن‬
‫ل م َِن ّا‪ ،‬و َهَذ َا دليل عَلَى ِ َ‬
‫مِث ْلُهُمْ‪ ،‬فَق َالُوا الْفِد َاء ُ و َيَقْت َ ُ‬
‫ضعْف اخْ تيارِه ِم و َتَصَويب اخْ ت ِيَار غَيْرِه ِم وَك ُُل ّه ُم غَي ْر عُصَاة وَل َا‬ ‫ْ‬
‫الإثخَان و َالقَت ْل فعونبوا عَلَى ذَل ِك و َبَي ْن لَه ُم َ‬ ‫م َِم ّا ك َان الْأَ صْ لَح غَيْر َه م ِن‬
‫س َل ّم فِي هَذِه الْق َ‬
‫َضي ّة‬ ‫طبَر ِيّ ‪ ،‬و َقَو ْلُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫نح ْو هَذ َا أشَار ال َ ّ‬
‫مُذْنبِِېن و َِإلَى َ‬

‫ي م َنْ أَ خَذ َ بِمأْ َ خَذِه ِ فِي ِإع َْزازِ الد ِّي ِن و َإظْ ه َار كَل ِمَت ِه‬ ‫سم َاء ِ عَذ ٌ‬
‫َاب م َا نَجَا مِن ْه ُ ِإ َلّا ع ُم َر ُ( ِإشَارَة ً ِإلَى هَذ َا م ِنْ تَصْ وي ِِب ر َأْ يِه ِ وَر َأْ ِ‬ ‫ن ال َ ّ‬
‫ل مِ َ‬
‫)لَو ن َز َ َ‬

‫ن هَذِه القضية لو استوجبت عذابا نجا مِن ْه ع ُم َر وعين ع ُم َر ل ِأَ َن ّه أَ َ ّول من أشَار بِقَت ْلِه ِم و َلـَكِن َ‬
‫الل ّه لَم يُقَدّر عَلَيْه ِم فِي ذَل ِك‬ ‫و َإباد َة عَدُوّه و َأَ ّ‬
‫ص‬‫س َل ّم حَك َم بِمَا ل َا ن َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عَذ َاب ًا لِ حلّه لَه ُم ف ِيم َا سَب َق‪ ،‬و َقَال ال َد ّاوُدِيّ والخـَب َر بَهَذ َا ل َا يَث ْب ُت‪ ،‬و َلَو ثَب َت لَم ّا ج َاز أن يُظَنّ أَ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى ع َن ذَل ِك‪ ،‬و َقَال الْق َاض ِي بَك ْر بن ال ْع َلَاء أخبر الل ّٰه تعالى نبه فِي هَذِه‬
‫ص وَل َا جُع ِل الْأَ مْر ف ِيه إلي ْه و َق َد نَز ّه َه َ‬‫ف ِيه وَل َا د َلِيل من ن َ ّ‬
‫ن ت َأْ وِ يلَه و َافق م َا كَتَب َه لَه من إحْلَال‬
‫الآيَة أَ ّ‬
‫كيْسَان وَصَاحِب ِه فَمَا ع َت َب الل ّٰه‬
‫الل ّه بن جَ ح ْش التي قُت ِل ف ِيهَا ابن الْحَضْر َ ِميّ ب ِالْحَك َم بن َ‬
‫الغنائم و َالفداء و َق َد كان قبل هَذ َا فادَوْا فِي سر ية عَب ْد َ‬
‫س َل ّم فِي شَأْ ن الأسْر َى ك َان عَلَى تأوِ يل و َبَصِ ير َة‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل عَلَى أن فِعْل َ‬
‫عليهم وذلك قبل بَدْر بأزْي َد من عَام‪ ،‬فهذا كله يَد ُ ّ‬
‫كثْر َة أسْر َاه َا والل ّٰه اع ْلَم إ َظه َار نِعْم َت ِه و َت َأكِيد‬
‫الل ّه تَع َالَى أر َاد ل ِعِظَم أمْر بَدْر و َ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى عَلَيْه ِم لـَكِن َ‬
‫و َعَلَى م َا تَقَدّم قَب ْل مِثْلُه فَلَم ينكره َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٥‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ل ذَل ِك لَه ُم ل َا عَلَى و َجه عِتَاب و َإنْك َار و َتَذْنِيب‪ ،‬هَذ َا مَعْن َي كلامه‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْله )عَب ََس‬
‫ح ّ‬ ‫من ّت ِه بتَِعْرِ يفه ِم م َا كَتَب َه فِي َ‬
‫الل ّو ْح ال ْم َحْ ف ُوظ من ِ‬ ‫َ‬
‫صدّي لَه م َِم ّن ل َا يَتَز ََك ّى وأن َ‬
‫الصّ وَاب و َالأوْلَى‬ ‫ن ذَل ِك المُت َ َ‬ ‫س َل ّم بَل إع ْلَام َ‬
‫الل ّه أَ ّ‬ ‫و َتَو َلَ ّى( الآيات فَلَي ْس ف ِيه إث ْبَات ذَن ْب لَه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم لَم ّا ف َع َل و َت َ َ‬
‫صدّيه لِذاك الكافر كان طَاع َة لل ّٰه وتَب ْلِيغ ًا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الر ّج ُلَي ْن الإق ْبَال عَلَى الأعْم َى و َفِعْل َ‬
‫كشِف ل َك ح َال َ‬
‫ك َان لَو ُ‬
‫الل ّه عَلَي ْه من ذَل ِك إع ْلَام بِ حال َ‬
‫الر ّج ُلَي ْن وتَوْه ِين أمر الكاف ِر‬ ‫مخَالَف َة لَه وَم َا ق َِصّ ة َ‬
‫الل ّه لَه ل َا مَعْصِ ي َة و َ ُ‬
‫عَن ْه و َاسْ تِئ ْلَافًا لَه كَمَا شَر َع َه َ‬
‫س َل ّم‬ ‫ك أَ َلّا ي َز ّ َك ّى و َق ِيل أر َاد ب ِع َب َس و َتَو َلَ ّى الكاف ِر ال َ ّذ ِي ك َان م َع َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عِنْد َه و َالإشَار َة ِإلَى الإعْرَاض عَن ْه بِقَو ْلِه وَم َا عَلَي ْ َ‬
‫ظالِمِينَ( وقوله )أَ ل َ ْم‬ ‫ن ال َ ّ‬ ‫سلَام و َقَو ْلُه تَع َالَى )ف َأَ ك َلا منها( بعد قوله )و َلا تَقْر َب َا هَذِه ِ ال َ ّ‬
‫شجَرَة َ فَتَكُون َا م ِ َ‬ ‫قالَه أَ بُو ت َُم ّام * و َأَ َمّا ق َِصّ ة آد َم عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫كمَا ع َنْ تلـكما الشجرة(‬ ‫أَ نْه َ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله فِي سر ية عَب ْد الل ّٰه بن جحش( هذه السر ية كانت في رجب من السنة الثانية وكان مع عبد الل ّٰه ثمانية رهط من المهاجرين ولم يكن‬
‫معه من الأنصاري أحد )قوله وذلك قبل بَدْر بأزْي َد من عام( قيل بل كلاهما في سنة واحدة‪ ،‬تلك في رجب وبدر في رمضان‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه تَع َالَى ق َد أخْب َر بعذره بقوله )و َلَق َ ْد‬
‫ن َ‬ ‫و َتَص ْر يح ُه تَع َالَى عَلَي ْه بالمَعْصِ ي َة بِقَو ْلِه تَع َالَى )وَع َص َى آدَم ُ ر ََب ّه ُ فغوى( أَ ي جهل و َق ِيل أخْ طَأ فإ ّ‬
‫الل ّه إلي ْه من ذَل ِك بِقَو ْلِه )إن هَذ َا عَد ُ ّو ٌ‬ ‫ل فَنَسِيَ و َل َ ْم َ‬
‫نج ِ ْد له عزما( قَال ابن ز َي ْد نَس ِي عَد َاو َة إبْلِيس لَه وَم َا عَه ِد َ‬ ‫عَهِدْن َا ِإلَى آدَم َ م ِنْ قَب ْ ُ‬
‫ك لزومك( الآيَة‪ ،‬ق ِيل نَس ِي ذَل ِك بِمَا أظْ ه َر لهما‪ ،‬و َقَال ابن ع ََب ّاس َإن ّمَا سُم ّي ال ِْإنْس َان إن ْسان ًا ل ِأَ َن ّه ع ُهد إلي ْه فَنَس ِي و َق ِيل لَم يَقْصِ د ال ْم ُخ َالَفة‬
‫لَ َ‬
‫يح ْل ِف بالل ّٰه حانثًِا و َق َد رُوِي عُذْر آد َم بمث ْل‬ ‫اصحـِينَ( تَو َ َه ّمَا أَ ّ‬
‫ن أحَدًا ل َا َ‬ ‫ن َ‬
‫الن ّ ِ‬ ‫كمَا لم َ ِ َ‬ ‫ك َنّهُم َا اغ ْتَر ّا بِ حَل ِف إبْلِيس لهما ِ‬
‫)إن ِ ّي لـ َ ُ‬ ‫اسْ تِحْلال ًا لَهَا و َلـ ِ‬
‫هَذ َا فِي بَعْض الآثار‪ ،‬و َقَال ابن جُبَي ْر ح َلَف بالل ّٰه لهما ح ََت ّى غ َ َّرهُمَا و َالْمؤْم ِن ُ‬
‫يخ ْدع و َق َد ق ِيل نس ِي و َلَم يَن ْو ال ْم ُخ َالَف َة فلَِذَل ِك قَال )و َل َ ْم َ‬
‫نج ِ ْد له‬
‫الل ّه تَع َالَى‬
‫ن َ‬ ‫ن العَز ْم هنا الْحَز ْم و َالصّ ب ْر و َق ِيل ك َان عِن ْد أكْل ِه سكران وهذا فيه ضعف ل ِأَ ّ‬
‫عزما( أَ ي ق َصْ دًا لِل ْم ُخ َالف َة و َأكْ ث َر ال ْمُفَسّر ِين عَلَى أَ ّ‬
‫وَصَف خَم ْر الْجَ ّنة أ َ ّنهَا ل َا ت ُ ْسك ِر ف َِإذ َا ك َان ناسِيًا لَم تكن مَعْصِ ي َة وَكَذَل ِك إن ك َان ملبسًا عَلَي ْه غَالِطًا ِإذ الاتّف َاق عَلَى خُر ُوج الن ّاسِي وال َ ّ‬
‫ساهي‬
‫ع َن حُكْم‬
‫شي ْخ أَ بُو بَك ْر بن فورك وغيره َإن ّه يُم ْكن أن يَكُون ذَل ِك قَب ْل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ودليل ذَل ِك قَو ْله )وَع َص َى آدَم ُ ر ََب ّه ُ فَغ َو َى ث َُم ّ اجْ تَبَاه ُ‬ ‫الت ّكلِيف‪ ،‬و َقَال ال َ ّ‬
‫َ‬
‫ر َُب ّه ُ فَتَابَ عليه وهدى( فَذَك َر أَ ّ‬
‫ن الاجْ ت ِبَاء والهِد َاية ك َان بَعْد الع ِصْ يَان و َق ِيل بَل أك َلَه َا مت َأوّل ًا و َه ُو ل َا يعلم أ َ ّنهَا الشجرة التي نهي عَنْهَا ل ِأَ َن ّه‬
‫الل ّه لم‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه ع َن شجرة مخصوصه ل َا عَلَى الجنس‪ ،‬ولهذا ق ِيل َإن ّمَا ك َان َت َ‬
‫الت ّو ْبَة من ترك التحفظ ل َا م ِن المخالفة‪ ،‬و َق ِيل تأول أَ ّ‬ ‫تأول نهى َ‬
‫ينهه عَنْهَا نهي تحريم‪.‬‬
‫الل ّه تَع َالَى )وَع َص َى آدَم ُ ر ََب ّه ُ فغوى‪ ،‬وقال‪ :‬فَتَابَ عَلَيْه ِ و َهَد َى( و َقَو ْلُه فِي حَدِيث ال َ ّ‬
‫شف َاع َة ويذكر ذنبه‬ ‫ل حال فَق َد قَال َ‬
‫ن ق ِيل فعَلَى ك ُ ّ‬
‫ف َِإ ّ‬
‫وإني‬
‫الل ّه‪ ،‬و َأَ َمّا ق َِصّ ة يُونُس فَق َد م َض َى الْك َلَام‬
‫نهيت ع َن أكل الشجرة فعصيت‪ :‬فسيأتي الجواب عَن ْه وَع َن أشباهه مجمل ًا آخر الْف َصْ ل إن شَاء َ‬
‫عَلَى بَعْضَه َا آنفا وليس فِي ق َِصّ ة يونس نص عَلَى ذنب وِإنما ف ِيهَا أبق وذهب مغاضبًا و َق َد تكلمنا عَلَي ْه‪ ،‬وقيل إنما نقم َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه خروجه ع َن‬
‫الل ّه عَنْه ُم قَال‪ :‬والل ّٰه ل َا ألقاهم بوجه كذاب ابد ًا و َق ِيل بَل ك َانُوا‬
‫قومه فارا من نزول العذاب‪ ،‬و َق ِيل بَل لَم ّا وعدهم العذاب ث ُم ّ عفا َ‬
‫يقتلون من كذب فخاف ذَل ِك‪ ،‬و َق ِيل ضعف ع َن حمل أعباء الرسالة‪.‬‬
‫شحُونِ(‬ ‫و َق َد تقدم الْك َلَام َأن ّه لَم يكذبهم‪ ،‬و َهَذ َا كله لَي ْس ف ِيه نص عليه معصية إ َلّا عَلَى قوله مرغوب عَن ْه و َقَو ْلُه )أَ ب َ َ‬
‫ق ِإلَى الْفُل ْكِ ال ْم َ ْ‬
‫ظالِمِينَ( فاظلم وضع الشئ فِي غَي ْر موضعه فَهَذ َا اعتراف مِن ْه عِن ْد بَعْضُه ُم بِذَن ْبِه فإ َمّا‬
‫ن ال َ ّ‬
‫كن ْتُ م ِ َ‬ ‫قَال ال ْمُفَس ِّر ُون تباعد‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْله ِ‬
‫)إن ِ ّي ُ‬
‫ضعْف ِه ع ََم ّا َ‬
‫حم ّلَه أَ و لِد ُعَائ ِه بالْعَذ َاب عَلَى قومه‪ ،‬و َق َد د َعَا نُوح بِهَلَاك قَوْم ِه فَلَم يُؤاخ َذ‪ ،‬و َقَال‬ ‫ن يَكُون لِ خُر ُوجِه ع َن ق َوم ِه بِغَي ْر إذْن ر ََب ّه أَ و ل ِ َ‬
‫أَ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٦‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ظل ْم و َأضَاف ال ُ ّ‬
‫ظل ْم ِإلَى ن َ ْفسِه اع ْتِر َافًا و َاست ِحْ ق َاقًا ومثل هَذ َا قَو ْل آد َم و َحوَاء )ر َ َب ّنَا ظَلَم ْنَا أَ نْفُسَنَا( إذ كانا‬ ‫ي فِي مَعْنَاه نَز ّه ر ََب ّه ع َن ال ُ ّ‬
‫الوَاسِط ّ‬
‫يج ِب‬ ‫جهِم َا م ِن الْجَ ّنة و َِإن ْز َالِهَم َا إلى الْأَ رْض * و َأَ َمّا ق َِصّ ة د َاو ُد عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام فَلَا َ‬ ‫سب َب فِي و َضْ عِهِم َا فِي غَي ْر المَوْضِـع ال َ ّذ ِي ان ْزلا ف ِيه و َإ ْ‬
‫خر َا ِ‬ ‫ال َ ّ‬

‫طر َه ف ِيه الأخْ بَارِ ُي ّون ع َن أَ ه ْل الكِتَاب ال َ ّذ ِين بَدّلُوا وغَي ّر ُوا و َنَق َلَه بَعْض ال ْمُفَسّر ِين و َلَم يَن ُّص َ‬
‫الل ّه عَلَى شئ من ذَل ِك وَل َا‬ ‫س َّ‬
‫أن يلُ ْتَف َت إلى م َا َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه قَو ْله‪) :‬وَظ ََنّ د َاوُد ُ أَ َن ّمَا فَتَن ّاه ُ( ِإلَى قَو ْله‪) :‬وحسن مآب( وقوله في أواب فمعنى‬
‫ص َ‬ ‫وَر َد فِي حَدِيث صحيح والذي ن َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله إنما نقم( بفتح القاف‪ ،‬وقد تكسر‪.‬‬
‫)*(‬
‫ن قَال ل ِ َلر ّج ُل أن ْزل ل ِي ع َن‬
‫الت ّ ْفسِير أوْلى‪ ،‬قَال ابن ع ََب ّاس و َاب ْن مَسْع ُود‪ :‬م َا ز َاد د َاو ُد عَلَى أَ ّ‬
‫فتناه اخبرناه وأ َ ّواب قَال قتادة م ُطيع و َهَذ َا َ‬
‫خطَبَهَا عَلَى‬ ‫شغْلَه بال ُد ّن ْيَا و َهَذ َا ال َ ّذ ِي يَن ْبَغ ِي أن يُع َ َو ّل عَلَي ْه من أ ْمر ِه و َق ِيل َ‬
‫الل ّه عَلَى ذَل ِك و َنَبّه َه عَلَي ْه و َأن ْك َر عَلَي ْه ُ‬
‫امْرَأت ِك و َأكْ فِل ْن ِيهَا فَع َاتَب َه َ‬
‫ك فَظ ََل ّم َه بَقَو ْل‬
‫ن ذَن ْب َه ال َ ّذ ِي اسْ تَغْف َر مِن ْه قَو ْله لأح َد الخَصْ م َي ْن لَق َ ْد ظَلَم َ َ‬ ‫خطْبَت ِه‪ ،‬و َق ِيل بَل أخب بَق َل ْب ِه أن يُسْتَشْه َد‪ ،‬وح َك َى ال َ ّ‬
‫سمْر َقَنْدِيّ أَ ّ‬ ‫ِ‬
‫خش ِي عَلَى ن َ ْفسِه وظَنّ م ِن الْفِت ْن َة بِمَا بُس َط لَه م ِن ال ْمُل ْك و َال ُد ّن ْيَا‪ ،‬ولى نَفْي م َا أضِيف فِي الْأَ خْ بَار ِإلَى د َاو ُد ذ َه َب‬
‫خَصْ مِه‪ ،‬و َق ِيل بَل لَم ّا َ‬

‫سل ِم و َق ِيل‬ ‫أَ حْم َد بن نَص ْر و َأَ بُو تَم ّام و َغَيْرِهِمَا م ِن المحُ َ ّقق ِين‪ ،‬قَال ال َد ّاوُدِيّ ‪ :‬لَي ْس فِي ق َِصّ ة د َاو ُد و َ ُأورِ يا خ َب َر يث ْب ُت وَل َا يُظَنّ بِنَبِيّ َ‬
‫محَب ّة قَت ْل م ُ ْ‬
‫صم َا إلي ْه رَج ُلَان فِي نتَِاج غ َنَم عَلَى ظَاه ِر الآية * و َأَ َمّا ق َِصّ ة يُوسُف و َإخْ وَت ِه فَلَي ْس عَلَى يُوسُف مِنْهَا تَع َ ّقب و َأَ َمّا‬
‫ن الخَصْ م َي ْن َالل ّذ ِين اخْ ت َ َ‬
‫إ ّ‬
‫إخْ وَتُه فَلَم ٺَث ْب ُت نُب ُ َو ّتُه ُم فَيل ْز َم الْك َلَام عَلَى أفْع َالِه ِم وَذِك ْر الْأَ سْ بَاط وعدهم في القرآن عند ذكر الأنبياء‪ ،‬قال المفسرون‬
‫ن أبناء الأسباط و َق َد ق ِيل إ َ ّنه ُم ك َانُوا حِين فَع َلُوا بيِ ُوسُف م َا فَع َلُوه صِغ َار الأسْ نَان ولهذا لَم يُمَي ّز ُوا يُوسُف حِين اجْ تَم َع ُوا ب ِه‬
‫يريد م ِنْ نَبِ ٍ ّي م ِ َ‬

‫ت بِه ِ و َه َ َ ّ‬
‫م بِهَا لَو ْلا‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى ف ِيه )و َلَق َ ْد ه َم ّ ْ‬
‫ولهذا قَالُوا أَ ْرسِل ْه معنا غَدًا نَرْتَع و َنلَْع َب وإن ثَبَت َت لَه ُم نُب ُ َو ّة فَبَعْد هَذ َا والل ّٰه أَ ع ْلَم‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْل َ‬
‫س َل ّم ع َن ربه‬ ‫الن ّفْس ل َا يُؤَاخ ُذ به وليس سَي ّئة لِقَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أن رأى برهان ربه( فَعَلى مَذْه َب كثير من الفقهاء والمحدثين أنهم َ‬
‫حسَن َة ً( فَلَا مَعْصِ ي َة فِي هَم ّه إذا‬ ‫)إذ ه َ َ ّ‬
‫م عَبْدِي بِس َي ِّئَة ٍ فَل َ ْم يَعْم َلْه َا كُت ِب َْت لَه ُ َ‬
‫__________‬
‫)قوله أو ر ياء( بفتح الهمزة وسكون الواو كسر الراء بعدها مثناة تحتية وهمزة ممدودة )*(‬
‫الن ّفْس سَي ّئ َة و َأَ َمّا م َا لَم تُو ََطّ ن عَلَي ْه َ‬
‫الن ّفْس من هُم ُومِهَا وَخَوَاطِرِه َا‬ ‫م إذا وظنت عَلَي ْه َ‬ ‫و َأ َمّا عَلَى مَذْه َب المحُ َ ّقق ِين م ِن الفُقَه َاء و َال ْمُتكل ّمِين ف َِإ ّ‬
‫ن ال ْه َ ّ‬
‫م يُوسُف من هَذ َا و َيَكُون قَو ْله )وما أبرى نفسي( الآيَة أَ ي م َا ُأبَر ّئُهَا من هَذ َا اله َ ّم‬
‫الل ّه ه ّ‬
‫فَه ُو ال ْمَعْفُو ّ ع َنه و َهَذ َا ه ُو الْحَقّ فَيَكُون إن شَاء َ‬
‫ن‬ ‫الن ّفْس لَم ّا ز ُكّي قَب ْل وبرى ف َ َ‬
‫كي ْف و َق َد حكى أَ بُو ح َاتِم ع َن أَ بِي ع َب ِيدة أَ ّ‬ ‫أَ و يَكُون ذَل ِك مِن ْه عَلَى طرق الت ّوَاضُع و َالاع ْتِر َاف بِمُخ َالَف َة َ‬

‫ن ر َأَ ى برهان ر ََب ّه لَه ُم بِهَا و َق َد قَال َ‬


‫الل ّه ُ تَبَارَك َ و َتَع َالَى ع َن المرأة‬ ‫يُوسُف لَم يَه ُم و َأَ ّ‬
‫ن الْك َلَام ف ِيه تقديم وتأخير أَ ي و َلَق َد همت ب ِه ولولا أَ ّ‬
‫ت هَي ْتَ‬ ‫َت الأَ ب ْوَابَ و َقَال َ ْ‬ ‫ِف عَن ْه ُ ال ُ ّ‬
‫سوء َ و َالْف َحْ شَاءَ( و َقَال تَع َالَى )و َغَل ّق ِ‬ ‫ك لِنَصْر َ‬‫سه ِ فَاسْ تَعْصَم َ( و َقَال تَع َالَى )كَذَل ِ َ‬ ‫)و َلَق َ ْد ر َاوَدْتُه ُ ع َنْ ن َ ْف ِ‬
‫م بِهَا أَ ي غ ََم ّه َا‬‫جر ِه َا وَو َعظها و َق ِيل ه ّ‬‫م بِهَا أَ ي بز ْ‬‫الل ّه و َق ِيل ال ْمُل ْك و َق ِيل ه َ ّ‬
‫ن مَث ْوَايَ ( الآيَة ق ِيل فِي ر َب ّي َ‬ ‫ل م َع َاذ َ الل ّٰه إنى ر َب ِ ّي أَ حْ سَ َ‬ ‫ك قَا َ‬ ‫لَ َ‬
‫امتناعه عنها و َق ِيل هم بِهَا نَظَر ِإلَيْهَا و َق ِيل ه ُم بضربها دفعها و َق ِيل هَذ َا كله ك َان قَب ْل نبوته‪ ،‬و َق َد ذَك َر‬
‫ل من رآه ع َن حسنه * و َأَ َمّا خبر‬ ‫الل ّه فألقى عَلَي ْه هيبة ُ‬
‫الن ّب َُو ّة فشغلت هيبته ك ُ ّ‬ ‫بَعْضُه ُم م َا زال النّسَاء يملن ِإلَى يُوسُف ميل شهوة ح ََت ّى نبأه َ‬
‫الل ّه تَع َالَى َأن ّه من عَدُوّه و َق ِيل ك َان م ِن القِب ْط ال َ ّذ ِين عَلَى دِين فِرْعَو ْن وَد َلِيل‬
‫موسى صلى الل ّٰه عليه وسلم م َع قَت ِيلِه ال َ ّذ ِي وَك َز َه و َق َد نص َ‬
‫ال ُ ّ‬
‫سور َة فِي هَذ َا كله َأن ّه قَب ْل نُب ُ َو ّة م ُوس َى‪ ،‬و َقَال قَتَاد َة وَك َز َه بالعَصَا و َلَم يَت َع َ َمّد قَتْلَه ف َعَلَى هَذ َا ل َا مَعْصي َة فِي ذَل ِك‪ ،‬و َقَو ْلُه هَذ َا م ِنْ ع َم َ ِ‬
‫ل‬
‫الشطان و َقَو ْلُه ظَلَم ْتُ ن َ ْفس ِي فاغفر لى‬
‫__________‬
‫)قوله وقد حكى أبو حاتم( هو الإمام الحافظ الـكبير محمد بن إدريس المنذر توفى سنة سبع وسبعين ومائتين‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٧‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫)*(‬
‫الن ّ َ ّقاش‪ :‬لَم يَقْتلُ ْه ع َن عَم ْد مُر ِيد ًا لِلْقَت ْل و َِإ َن ّمَا وَك َز َه وَكز َة‬
‫قَال ابن جُر َيج قَال ذَل ِك من أجل َأن ّه ل َا يَن ْبَغ ِي لِنَبِيّ أن يَقْت ُل ح ََت ّى يُؤْم َر‪ ،‬و َقَال َ‬

‫ي ُريد بِهَا د َف ْع ظُل ْم ِه قَال و َق َد ق ِيل أن هَذ َا كان قبل النبوة وهو مقتضى للتلاوة و َقَو ْلُه تَع َالَى فِي قصته )وفتناك فتنا( أي اب ْتَلَي ْناك اب ْتِلَاء‬
‫بَعْد اب ْتِلَاء ق ِيل فِي هَذِه الْق َِصّ ة وَم َا جَر َى لَه م َع فِرْعَو ْن و َق ِيل إلماؤه فِي َ‬
‫الت ّابُوت و َاليَم ّ و َغَي ْر ذَل ِك و َق ِيل معناه أخْلَصْ نَاك إخْلاصًا قَاله ابن‬
‫الن ّار إذ َا خ ََل ّصْ تَهَا و َأَ صْ ل الفتنة معنى الاحتبار وإظْ ه َار م َا بَطَن إ َلّا َأن ّه اسْ تُعْمِل فِي ع َْرف ال َش ّرْع‬
‫مجَاه ِد من قَو ْلِه ِم فَتَن ْت الف َِضّ ة فِي َ‬
‫جُبَي ْر و َ ُ‬
‫ن م َل َك ال ْمَو ْت جاءَه فَلَطَم عَي ْن َه فَفَق َأها )الْحَدِيث( لَي ْس ف ِيه م َا‬ ‫وفى اخْ ت ِبَار أ َدّى إلى م َا يُك ْر َه وَكَذَل ِك م َا رُوِي فِي ا ْلخـَب َر َ‬
‫الصّ حِيح من أَ ّ‬
‫يج ِب ِإذ ه ُو ظَاه ِر الأَ مْر بَي ْن ال ْوَجْه جائز الفِعْل ل َأن م ُوس َى د َاف َع ع َن ن َ ْفسِه من أتاه‬ ‫سلَام َ‬
‫بالت ّعَدّي و َفِعْل م َا ل َا َ‬ ‫يحْك َم عَلَى م ُوس َى عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫ُ‬
‫صو ّر لَه فِي صورة آدمِي وَل َا يُمْكِن َأن ّه عَل ِم حِينَئذ َأن ّه مُل ْك المَو ْت فَد َاف َع َه ع َن ن َ ْفسِه مُد َافَع َة أدّت ِإلَى ذ َه َاب عَي ْن تِل ْك‬
‫لإت ْلافِه َا و َق َد ت ُ ُ‬

‫الل ّه تَع َالَى َأن ّه رَسُولُه إلي ْه اسْ تَسْلَم‪،‬‬ ‫ص َو ّر لَه ف ِيهَا المَلك امْت ِح َان ًا م ِن َ‬
‫الل ّه فَلَم ّا جاءَه بَعْد و َأع ْلَم َه َ‬ ‫ُ‬
‫الصّ ور َة التي ت َ َ‬

‫الل ّه المازِرِيّ و َق َد ت َأ َ ّولَه قَدِيمًا ابن‬ ‫س ُ ّدها عِنْدِي و َه ُو ت َأْ وِ يل َ‬


‫شيْخِنَا ال ِْإم َام أَ بِي عَب ْد َ‬ ‫وَلِل ْمُتَق َ ّدم ِين و َالمُتأخَر ِين عَلَى هَذ َا الْحَدِيث أجْ وِبَة هَذ َا أ َ‬
‫صك ّه و َل َ ْطمِه بال َحجُ ّة وفقء عَي ْن حُ َ ج ّت ِه و َه ُو ك َلَام مُسْتَعْم َل فِي هذا ال ْبَاب فِي ُ‬
‫الل ّغ َة وَمَعْر ُوف * و َأَ َمّا ق َِصّ ة سُلَيْم َان وَم َا ح َكى‬ ‫عَائِش َة و َغَيْر ِه عَلَى َ‬
‫س َل ّم َأن ّه قَال‪) :‬لأَ طُوف ََنّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الت ّف َاسِير من ذَن ْبِه و َقَو ْلُه و َلَق َ ْد فَت َن ّا سليمان فَمَعْنَاه اب ْتَلَي ْنَاه واب ْتِلاؤ ُه م َا حُكِي ع َن َ‬ ‫ف ِيهَا أَ ه ْل َ‬
‫الل ّيْلَة َ عَلَى م ِائَة ِ امْرَأَ ة ٍ أَ ْو تِس ٍْع و َتِسْع ِينَ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله أسدهما( بالسين المهملة‪ ،‬من السداد‪.‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه ُ فَل َ ْم يقل‪.‬‬ ‫الل ّهِ( فَق َا َ‬
‫ل لَه ُ صَاحِب ُهُ‪ :‬قُلْ ِإ ْن شَاء َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ُُل ّه َُنّ ي َأْ تِينَ بِف َ‬
‫َارس يُجَاهِد ُ فِي سَب ِي ِ‬
‫ل‬
‫الل ّه ُ لَجَاهَد ُوا فِي سَب ِي ِ‬
‫ل ِإ ْن شَاء َ َ‬
‫حد َة ج َاءَت ب ِشقّ رَج ُل قَال النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪) :‬والذي نفسي بيَِدِه ِ لَو ْ قَا َ‬ ‫فلم تحمل منهن إ َلّا و َا ِ‬

‫شقّ ه ُو الجَسَد ال َ ّذ ِي ُألْقِي عَلَى كُرْسِي ّه حِين عُر ِض عَلَي ْه وَهِي عُق ُوبَت ُه و َمِ ح ْنَت ُه و َق ِيل بَل مات ف َُألْقِي عَلَى‬
‫صحَاب المَع َاني‪ :‬و َال َ ّ‬‫الل ّهِ( قَال أَ ْ‬
‫َ‬
‫ح ْرصُه عَلَى ذَل ِك و َتَمَن ّيه‪ ،‬و َق ِيل ل ِأَ َن ّه لَم يَسْتَث ْن لَم ّا اسْ تَغْر َق َه م ِن الْحِر ْص و َغَلَب عَلَي ْه م ِن َ‬
‫التمَّن ّي و َق ِيل عُق ُوبَت ُه أن سُل ِب‬ ‫كُرْسِي ّه م َي ّتًا‪ ،‬و َق ِيل ذَن ْب ُه ِ‬
‫َب بِق َل ْب ِه أن يَكُون الْحَقّ لأخْ تَان ِه عَلَى خَصْ مِه ِم و َق ِيل أوخِذ بِذَن ْب قار َف َه بَعْض نِس َائ ِه وَل َا يَصِ حّ م َا نَق َلَه الأخْ بَارِ ُي ّون‬
‫م ُلـْكه وَذَن ْب ُه أن أح ّ‬
‫ن الشياطين ل َا يُس ََل ّط ُون عَلَى مِث ْل هَذ َا‪ ،‬و َق َد عُص ِم الْأَ ن ْب ِيَاء‬ ‫شيْطَان ب ِه و َتَس َُل ّط ِه عَلَى م ُل ْـك ِه و َتَص ُرّف ِه في أمته بالجور فِي ح ُ ْ‬
‫كم ِه ل ِأَ ّ‬ ‫من ت َ ُ‬
‫شب ّه ال َ ّ‬
‫الصّ حِيح َأن ّه نَسي أن‬ ‫الل ّه؟ فَعَن ْه أجْ وبَة أَ حَد ُه َا م َا رُوِي فِي الْحَدِيث َ‬ ‫من م ِثِلِه‪ ،‬وإن سُئ ِل لِم َ ل َ ْم يَق ُل سُلَيْم َان فِي الْق َِصّ ة الم َ ْذكُور َة إن شَاء َ‬
‫الل ّه‪ ،‬والثاني َأن ّه لَم ي َ ْسم َع صَاحِب َه و َ ُ‬
‫شغْل عَن ْه و َقَو ْلُه )و َه َْب ل ِي م ُلْك ًا لا ينبغي لأَ حَدٍ‬ ‫يَق ُولَهَا وَذَل ِك ليفذ م ُرَاد َ‬
‫م ِنْ بَعْدِي( لَم ي َ ْفع َل هَذ َا سُلَيْم َان غَيْر ِه عَلَى ال ُد ّن ْيَا ولا نقاسة بِهَا و َلـَكِن مَقْصِ د ُه فِي ذَل ِك عَلَى م َا ذَك َر َه ال ْمُفَس ِّر ُون أن ل َا يُس ََل ّط عَلَي ْه أَ ح َد‬
‫شيْطَان ال َ ّذ ِي سَلَب َه إ َي ّاه مسدة امتحانه على قوله من قَال ذَل ِك‪.‬‬
‫كما سُل ّط عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫اص مِن ْه‪ ،‬و َق ِيل لِيَكُون د َليل ًا‬
‫الل ّه ورُسُلِه بِ خ َو َ ّ‬
‫يخ ْت َّص بِهَا كاخْ تِصَاص غَيْرِه من أن ْب ِيَاء َ‬ ‫الل ّه ف َضِ يلَة وَخ َا َ ّ‬
‫صة َ‬ ‫و َق ِيل بَل أر َاد أن يَكُون لَه م ِن َ‬
‫شف َاع َة ونحو هَذ َا * و َأَ َمّا ق َِصّ ة نوح عَلَي ْه‬
‫س َل ّم بال َ ّ‬ ‫و َحُ َ ج ّة عَلَى نبوته كإلابة الحَدِيد لأبِيه و َإحْ يَاء المَو ْتى ل ِع ِيس َى و َاخْ تصَاص مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ال َ ّ‬
‫سلَام‬
‫طوِي عَن ْه من ذَل ِك ل َا‬ ‫فَظَاه ِر َة العُذْر و ََأن ّه أخ َذ ف ِيهَا بالت ّأْ وِ يل وَظَاه ِر اللّفْظ لِقَو ْلِه تَع َالَى و َأَ ه ْل َك‪ ،‬فَطَلَب مُقْت َضى هَذ َا َ‬
‫الل ّفْظ و َأَ ر َاد عِل ْم م َا ُ‬
‫الل ّه عَلَي ْه َأن ّه لَي ْس من أهله ال َ ّذ ِين و َعَد َه بِنَجاتِه ِم لـِكُ ْفرِه و َع َمَلِه ال َ ّذ ِي ه ُو غَي ْر صَالِ ح و َق َد أع ْلَم َه َأن ّه مُغْرِق ال َ ّذ ِين‬
‫الل ّه فَبيَ ّن َ‬
‫َأن ّه شَكّ فِي وَع ْد َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٨‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫مخَاطَب ِت ِه ف ِيه ِم فووخذ بِه َذا التأو يل وَع ُتب عَلَي ْه و َأشْ ف َق ه ُو من ِإق ْدام ِه عَلَى ر ََب ّه لِس ُؤَالِه م َا لَم يُؤْذ َن له في السؤال فيه‬
‫ظَلَم ُوا وَنَهَاه ع َن ُ‬
‫الن ّ َ ّقاش ل َا يَعْلَم بِكُفْر اب ْنِه و َق ِيل فِي الآيَة غَي ْر هَذ َا وَك ُ ّ‬
‫ل هَذ َا ل َا ي َ ْقض ِي عَلَى نُوح بِمَعْصِ ي َة سِو َى م َا ذَكَر ْن َاه من ت َأْ وِ يلِه‬ ‫وَك َان نُوح ف ِيم َا ح َكاه َ‬

‫الل ّه إلي ْه‪:‬‬ ‫صت ْه نَمْلَة فَحَر ّق قَر ْيَة َ‬


‫النمّ ْل ف َأَ وْحى َ‬ ‫ن نَب ًِي ّا ق َر َ َ‬ ‫و َإقدام ِه بال ُ ّ‬
‫سؤَال ف ِيم َن لم يُؤْذ َن لَه ف ِيه وَل َا نُهَ ي عَن ْه‪ ،‬وَم َا رُوِي فِي َ‬
‫الصّ حِيح من أَ ّ‬
‫ل‬ ‫ن هَذ َا ال َ ّذ ِي أَ تَى مَعْصَية ٌ بَلْ ف َع َ َ‬
‫ل م َا ر َآه ُ م َصْ لَح َة ً وَصَوَاب ًا بِقَت ْ ِ‬ ‫ِيث أَ َ ّ‬
‫ْس فِي هَذ َا الْحَد ِ‬ ‫حر َق َْت ُأ َمّة ً م ِ َ‬
‫ن ا ْل ُأم َ ِم تُس َبِّحُ( فَلَي َ‬ ‫ك نَمْلَة ٌ أَ ْ‬
‫صت ْ َ‬
‫)إ ْن ق َر َ َ‬
‫ِ‬
‫النمّْلَة تَح َو ّل ب ِرَحْلِه عَنْهَا َ‬
‫مخَاف َة تك ْرَار‬ ‫شجَر َة فَلَم ّا آذ َت ْه َ‬
‫ن هذا النبي ك َان نازِل ًا تحت ال َ ّ‬
‫الل ّهُ‪ ،‬أَ ل َا ت َر َى أَ َ ّ‬
‫ح َ‬ ‫جنْس ُه ُ و َيَم ْن َ ُع المنْفَع َة َ بِمَا أَ ب َا َ‬
‫م َنْ يُؤْذِي ِ‬
‫الصّ ب ْر و َتَرْك َ‬
‫الت ّشَفي كَمَا‬ ‫الل ّه إلي ْه م َا يُوجِب عَلَي ْه مَعْصِ ي َة بَل نَد َبَه ِإلَى احْ تِم َال َ‬
‫الأذ َى عَلَي ْه و َلَي ْس ف ِيم َا أوْحى َ‬
‫قَال تَع َالَى‪) :‬و َلئَ ِ ْن صَبَرْتُم ْ لَه ُو َ خير للصابرين( ِإذ ظَاه ِر فِعْلِه َإن ّمَا ك َان لأجْل أ َ ّنهَا آذ َت ْه ه ُو فِي خ َا َ ّ‬
‫صت ِه فكان نتقاما لِن َ ْفسِه و َقَطْع م َضَرّه‬
‫الل ّه إلي ْه بِذَل ِك وَل َا َ‬
‫بالت ّو ْبَة والاسْ تِغْف َار‬ ‫ل هَذ َا أمْرًا نُهِ ي عَن ْه فَيُع َ َص ّى ب ِه ولا نص فيها أوْحى َ‬ ‫يت َو ََق ّعُه َا من بَق َِي ّة َ‬
‫النمّ ْل ه ُنَاك و َلَم ي َأْ ت فِي ك ُ ّ‬
‫مِن ْه والل ّٰه أعلم‬
‫__________‬
‫صت ْه نملة( قال الزكي المنذرى إنه موسى وإن قيل جاء م ِنْ غَيْر ِ وَجْه ٍ إنه عزير‪ ،‬ونقل المحب الطبري عن الحكيم الترمذي‬ ‫ن نَب ًِي ّا ق َر َ َ‬
‫)قوله أَ ّ‬
‫أنه موسى‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل فإن قلت فإذا نفيت عنهم صلوات الل ّٰه عليهم الذنوب والمعاصي‬ ‫‪٤.١.١٤‬‬

‫سلَام م َا من أَ ح َد إ َلّا أَ لَمّ بِذَن ْب أَ و ك َاد إلا يحيى ابن زَكَر ِ َي ّا أَ و كَمَا قَال عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام؟ فالْجَوَاب عَن ْه كَمَا‬ ‫ن ق ِيل فَمَا مَعْن َي قَو ْله عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫ف َِإ ّ‬
‫تَق َ َ ّدم من ذ ُنُوب الْأَ ن ْب ِيَاء التي و َقَع َت عن غَي ْر ق َصْ د وَع َن سَهْو وَغَفْلَة‬
‫الل ّه عَلَيْه ِم ال ُذ ّنُوب والمَع َاص ِي بِمَا ذَك َرَتَه م ِن اخْ ت ِلَاف ال ْمُفَسّر ِين و َتأوِ يل المحققين فَمَا مَعْن َي قَو ْله‬
‫فصل ف َِإن قلُ ْت ف َِإذ َا نَفي ْت عَنْه ُم صَلَوَات َ‬
‫تَع َالَى‪) :‬وَع َص َى آدَم ُ ر ََب ّه ُ فغوى( وَم َا تكرر فِي الْقُر ْآن والحديث َ‬
‫الصّ حِيح م ِن اع ْتِر َاف الْأَ ن ْب ِيَاء بذنوبهم وتوبتهنم و َاسْ تِغْف َارِه ِم و َبُكائِه ِم عَلَى‬
‫الل ّه و َإ َي ّاك أن دَرَج َة الْأَ ن ْب ِيَاء فِي الر ّف ْع َة و َالع ُلُو ّ والمعرفة‬
‫ما سلف منهم و َإشْ فاقِه ِم و َه َل ي ُ ْشف َق و َيُتَاب و َيُسْتَغْف َر من ل َا شئ؟ فاعلم وفقنا َ‬
‫بالل ّٰه وَس َُن ّت ِه فِي عبادة وعظم سلطانه وقوة بطشه م َِم ّا يحملهم عَلَى الخوف مِن ْه جل جلاله والإشفاق م ِن المؤاخذة بِمَا ل َا يؤاخذ ب ِه غَيْرِه ِم‬
‫و َأَ َ ّنه ُم فِي تصرفهم بأمور لَم ينهوا عَنْهَا وَل َا أمروا بِهَا ث ُم ّ ووخذوا عَلَيْهَا وعوتبوا بسببها وحذروا م ِن المؤاخذة بِهَا وأتوها على وجه التأو يل أَ و‬
‫ال َس ّهْو أَ و تزيد من أمور الدنيا المباحة خائفون وجلون وَهِي ذنوب بالإضافة ِإلَى عَلِيّ منصبهم ومعاص بالنسبة ِإلَى كمال طاعتهم ل َا أ َ ّنهَا‬
‫خر ُه و َأذْناب الناس‬ ‫ن الذنب م َأْ خُوذ من الشئ الدنى َ‬
‫الر ّذْل وَمِن ْه ذ َن َب كل شئ أَ ي آ ِ‬ ‫كَذُنُوب غَيْرِه ِم ومَع َاصِيه ِم ف َِإ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله فإن قيل فما مَعْن َي قَو ْلِه م َا من أحد إلا ألم بذنب( أجاب النووي عن ذلك بأن هذا الحديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به رواه‬
‫أبو يعلى الموصلي في مسنده وفى إسناده عَل ِ ِيّ ب ْ ِن ز َيْدٍ بن جدعان‪.‬‬
‫)*(‬
‫ر ُ َذّالُه ُم فكان هَذِه أدْنى أف ْعالِه ِم و َأسْ و َأ م َا َ‬
‫يجْرِي من أحْ وَالِه ِم لِت َ ْطه ِيرِه ِم و َتنْز ِيهه ِم وَعِمَارة بَوَاطِنِهم وَظَوَاهِرِهم بالعَم َل الصالح والكلم‬
‫ظاه ِر والخَفَيّ والخَشْي َة لل ّٰه و َإ ْعظَام ِه فِي السّر ّ والع َلَانيِ َة و َغَيْرِه ِم يَت َل َو ّث م ِن الك َبَائ ِر و َالق َب َ ِ‬
‫ائح والف َوَاحِش م َا تَكُون بالإضافة‬ ‫الطيب والذّك ْر ال َ ّ‬
‫حسَنَات الأب ْر َار سَي ّئَات المُق َربِين أَ ي ي َر َ ْونَهَا بالإضَاف َة إلى عَلِيّ أحْ وَالِه ِم كال َ ّ‬
‫سي ّئات وَكَذَل ِك‬ ‫حق َه كالحَسَنَات كَمَا ق ِيل َ‬
‫إلى هذه الهَنَات فِي َ‬
‫ن تِل ْك الشجرة‬
‫كيْفَم َا كانت من سَهْو أَ و ت َأو يل فهى مخالفة وترك و َقَو ْلُه غوى أَ ي جهل أَ ّ‬ ‫الع ِصْ يَان ال َت ّرْك و َالمخَُالَف َة فَعَلَى مُقْت َضى َ‬
‫الل ّ ْفظَة َ‬
‫هِي التي نهي عَنْهَا والغي الجهل و َق ِيل أخطأ م َا طلب م ِن الخلود ِإذ أك َلَه َا وخاب َت ُأمْن َِي ّت ُه و َهَذ َا يُوسُف عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام قد ووخذ بِقَو ْلِه‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٤٩‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الل ّه‪ ،‬و َق ِيل ُأن ْس ِي‬


‫ن ب ِضْ َع سنين( ق ِيل ُأن ْس ِي يُوسُف ذَك َر َ‬
‫سِجْ ِ‬ ‫ك ف َأَ نْس َاه ُ ال َ ّ‬
‫شيْطَانُ ذِك ْر َ ر َبِّه ِ فَلَب ِثَ فِي ال ّ‬ ‫لأحد صاحِب َي السّجْ ن )ا ْذكُرْنِي عِنْد َ ر َب ِّ َ‬
‫ن م َا لَب ِثَ ( قَال ابن دِينَار‪ :‬لَم ّا قَال‬
‫سِجْ ِ‬ ‫س َل ّم )لَوْل َا كَل ِم َة ُ يُوس َ‬
‫ُف م َا لَب ِثَ فِي ال ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫صاحب ُه أن ي َ ْذك ُر َه لِس ََي ّده المَلك‪ ،‬قَال َ‬

‫كثْر َة البَل ْوى‪ ،‬و َقَال بَعْضُه ُم‪ :‬يُؤَاخِذ الْأَ ن ْب ِيَاء‬ ‫ل لَه اتخذت من د ُونِي وَك ِيل ًا ل َ ُأطِيلَنّ حَبْسَك‪ ،‬فَق َال‪ :‬ي َا ر ّ‬
‫َب أن ْسَى قَل ْبي َ‬ ‫ُف ق ِي َ‬
‫ك يُوس ُ‬
‫ذَل ِ َ‬
‫بمثاقيل ال َذ ّرّ لمكانتهم عنده و يجاوز ع َن سائر الْخَل ْق لقلة‬
‫مبالاته بهم فِي أضْ ع َاف م َا أتَو ْا ب ِه من سُوء الأد َب و َق َد قَال المحُ ْت َجّ للفرقة‬
‫__________‬
‫)قوله رذالهم( بضم الراء وتخفيف الذال‪ ،‬ذكره الفارابى في ديوان الأدب‪ ،‬يقال هو رذال المال وغيره يعنى خسيسه )قوله الهيئات(‬
‫بمثناة تحتية ساكنة بعد الهاء فهمزة وفى بعض النسخ‪) :‬الهنات( بنون مخففة من غير همزة‪ ،‬جمع هنة‪ ،‬وهى خصلة الشر‪.‬‬
‫)*(‬
‫ال ُأولَى عَلَى سِيَاق م َا قلُ ْنَاه إذ َا ك َان الْأَ ن ْب ِيَاء يُؤاخَذ ُون بِه َذا م َِم ّا ل َا يُؤَاخ َذ ب ِه غَيْرِه ِم م ِن ال َس ّهْو و َالنّسْيَان وَم َا ذَكَر ْتَه وَح َالُه ُم ارْف َع فَحَالُه ُم إذ َا‬
‫الل ّه أَ ن َا ل َا نُث ْب ِت ل َك المُؤَاخَذ َة فِي هَذ َا عَلَى حد م ُؤَاخَذ َة غَيْرِه ِم‪ ،‬بَل نَق ُول إ َ ّنه ُم يُؤَاخَذ ُون‬
‫فِي هَذ َا أسْ و َأ ح َال ًا من غَيْرِه ِم‪ ،‬فاع ْلَم أك ْرَم َك َ‬
‫بِذ َل ِك فِي ال ُد ّن ْيَا لِيكون ذَل ِك ز يادة فِي درجاتهم ويبتلون بِذ َل ِك ليكون استشعارهم لَه سببًا لمنماة رتبهم كَمَا قَال )ث َُم ّ اجْ تَبَاه ُ ر َُب ّه ُ فَتَابَ‬
‫عَلَيْه ِ و َهَد َى( و َقَال لداود )فَغَفَر ْن َا له ذلك( لآية و َقَال بَعْد قَو ْل م ُوس َى تُب ْت ِإلَي ْك‪.‬‬
‫َآب( و َقَال بَعْض المُت َكل ّمين ز َلّات‬
‫نم ٍ‬‫س َ‬ ‫ك عَلَى الناس( و َقَال بَعْد ذِك ْر فِت ْن َة سُلَيْم َان و َإنابَتِه )فَس ََخّ ر ْن َا لَه ُ الر ِّيح َ( ِإلَى )و َ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫)إن ِ ّي اصْ طَفَي ْت ُ َ‬
‫ِ‬
‫نح ْو م َِم ّا قدمناه وأيضًا فلينبه غَيْرِه ِم م ِن البشر مِنْه ُم أَ و م َِم ّن لَي ْس فِي‬
‫ظاه ِر ز َلّات و َفِي الْحَق ِيق َة ك َرَام َات وَزُلَف و َأشار ِإلَى َ‬
‫الْأَ ن ْب ِيَاء فِي ال َ ّ‬
‫درجتهم بمؤاخذتهم بِذَل ِك فيستشعروا الحذر و يعتقدوا المحاسبة ليلتزموا الشكر عَلَى النعم و يعدوا الصبر عَلَى المحن بملاحظة م َا و َق َع بأهل‬
‫هَذ َا النصاب الرفيع المعصوم فكيف بمن سواهم‪ ،‬ولهذا قَال صَالِ ح المري ذِك ْر د َاو ُد ب َ ْسطَة للتوابين‪ ،‬قَال ابن عَطَاء لَم يَكُن م َا نص َ‬
‫الل ّه‬
‫س َل ّم وأيضًا فَيُق َال لَه ُم َ‬
‫فإن ّك ُم وَم ِن و َافَقَك ُم تَق ُولُون‬ ‫تَع َالَى من ق َِصّ ة صَاحِب الحُوت نَقْصً ا لَه و َلـَكِن اسْ ت ِزادة من نَب ِي ّنا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ج َو ّ ْزت ُم من و ُق ُوع الصغائر علهيم هِي مَغْف ُور َة عَلَى هَذ َا فَمَا‬ ‫ب ِغُفْرَان َ‬
‫الصّ غ َائ ِر باجتناب الكبائر ولا خلاف فِي عِصْ م َة الْأَ ن ْب ِيَاء م ِن الكبائر فَمَا َ‬
‫مَعْن َي‬
‫__________‬
‫)قوله و يعدوا( بضم أوله وكسر ثانيه مضارع أعد )قوله صالح المرى( بضم الميم وتشديد الراء و ياء للنسبة إلى مرة الواعظ الزاهد ابن‬
‫بشير بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة )*(‬

‫فصل قد استبان لك أيها الناظر مما قررناه‬ ‫‪٤.١.١٥‬‬

‫المُؤَاخَذ َة بِهَا إذ َا عِنْد َكُم و َ َ‬


‫خو ْف الْأَ ن ْب ِيَاء و َتَو ْبَتِه ُم مِنْهَا وَهِي مغفورة لو كانت فَمَا أج َابُوا ب ِه فَه ُو جَوَابُنا ع َن المُؤَاخَذ َة بأَ فْع َال ال َس ّهْو و َ‬
‫َالت ّأْ وِ يل‪،‬‬
‫س َل ّم و َتَوبَتِه و َغَي ْر ُه م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء عَلَى وَجْه م ُلازَم َة الخُضُوع و َال ْع ُب ُود َِي ّة والاع ْت ِراف َ‬
‫بالت ّقْصِ ير‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كثْر َة اسْ تِغْف َار َ‬
‫ن َ‬
‫و َق َد ق ِيل إ ّ‬
‫)إن ِ ّي أَ خْ شاك ُ ْم‬
‫شكُور ًا( و َقَال ِ‬ ‫س َل ّم و َق َد أم ِن م ِن المُؤَاخَذ َة بِمَا تقدم وَم َا ت َأ َ ّ‬
‫خر )أَ فَلَا أكُونُ عَبْدًا َ‬ ‫شك ْرًا لل ّٰه عَلَى نِعَمْه كَمَا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ُ‬

‫خو ْف إ ْعظَام و َتَع َُب ّد لل ّٰه لأنهم آمن ُون‪.‬‬ ‫ل َِل ّه ِ و َأَ ع ْلَمُك ُ ْم بِمَا أَ َت ّقِي( قَال الحا َرِث بن أسَد‪َ :‬‬
‫خو ْف ال ْمَلَائِك َة و َالْأَ ن ْب ِيَاء َ‬

‫كي ْتُم ْ كَث ِير ًا( و َأَ يْضًا‬


‫حكْتُم ْ قَلِيل ًا و َلب َ َ‬
‫ض ِ‬ ‫و َق ِيل ف َع َلُوا ذَل ِك ليُقْتَد َى بهم و َتَسْت َ ّن بهم ُأمَمُه ُم كَمَا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم )لو تعلمون ما أَ ع ْلَم ُ ل َ َ‬

‫يح ُ ّ‬
‫ِب‬ ‫الت ّ َو ّابِينَ و َ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى )إن الل ّٰه يحب َ‬
‫الل ّه قَال َ‬ ‫ن فِي َ‬
‫الت ّو ْبَة ِ و َالاسْ تِغْف َارِ مَعْن َي آخر لطيفا أشار إلي ْه بَعْض ال ْع ُلمَاء و َه ُو استدعاء محبة َ‬ ‫ف َِإ َ ّ‬
‫الل ّه و َالاسْ تِغْف َار ف ِيه مَعْن َي َ‬
‫الت ّو ْبَة‪،‬‬ ‫ل حِين اسْ تِدْعَاء لِمحَ َب ّة َ‬ ‫ال ْمُتَطَهِّرِينَ( فإحْد َاث ُ‬
‫الر ّسُل والأنبياء الاسْ تِغْف َار و َ‬
‫َالت ّو ْبَة والإنابة والأ ْو بَة فِي ك ُ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٠‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ن و َالأَ نْصَارِ( الآيَة‬


‫جر ِي َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ و َال ْمُه َا ِ‬ ‫س َل ّم بَعْد أن غَف َر له ما تقدم من ذنبه وَم َا ت َأ َ ّ‬
‫خر )لَق َ ْد ت َابَ َ‬ ‫الل ّه لِنَب ّيه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫و َق َد قَال َ‬
‫ك و َاسْ تَغْفِرْه ُ ِإ َن ّه ُ ك َانَ توابا(‬
‫و َقَال تَع َالَى )فَسَب ِّحْ ب ِحَمْدِ ر َب ِّ َ‬
‫فصل ق َد استبان ل َك أ ُ ّيهَا الناظر مما قررناه م َا ه ُو الْحَقّ من عصمته صَلَ ّى الل ّٰه‬
‫__________‬
‫)قوله وقد أمن( بضم الهمزة وكسر الميم المشددة )قوله وقال الحارث( هو الحاسبى ‪ -‬بضم الميم ‪ -‬نسبة إلى محاسبة النفس‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم ع َن الجهل بالل ّٰه وصفاته أَ و كونه عَلَى حالة تنافي ال ْعِل ْم شئ من ذَل ِك كله جملة بَعْد ُ‬
‫الن ّب َُو ّة عقل ًا وإجماعًا وقبلها سماعًا ونقل ًا وَل َا‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬

‫بشئ م َِم ّا قررناه من أمور الشرع وأداه ع َن ر ََب ّه م ِن ال ْوَحْي ق َ ْطع ًا وعقْل ًا وشَرْعًا وَعِصْ م َت ِه ع َن الـكَذِب وَخ ُل ْف القَو ْل مُن ْذ نَب ّأه َ‬
‫الل ّه وأَ ْرسَلَه‬
‫ق َصْ دًا أَ و غَي ْر ق َصْ د و َاسْ ت ِح َالَة ذَل ِك عَلَي ْه شَرْعًا و َإجْمَاعًا و َنَظَرًا و َبُرْهان ًا وتَن ْزيه ِه عَن ْه قَب ْل ُ‬
‫الن ّب َُو ّة ق َ ْطع ًا و َتَنْز ِيه ِه ع َن الكبائر إجْمَاعًا وَع َن َ‬
‫الصّ غ َائ ِر‬
‫تحْق ِيق ًا وَع َن اسْ تِد َام َة ال َس ّهْو و َالغَفْلَة و َاسْ تِم ْرَار الغَلَط و َالنّسْيَان عَلَي ْه ف ِيم َا شَر َع َه للأمة وَع َصْ م َت ِه فِي ك ُ ّ‬
‫ل ح َالات ِه من رضى وَغَضَب وَج َد‬ ‫َ‬
‫يجْه َل‬
‫ن من َ‬
‫خطَرها ف َِإ ّ‬ ‫ن ٺَتَل َ ّقاه باليم َِين و َتَش ُ ّد عَلَي ْه يد َ‬
‫الضّ نين و َت َ ْقد ُر هَذِه الفُصُول حَقّ ق َ ْدرِه َا و َتَعْلَم عَظ ِيم قائدتها و َ َ‬ ‫وَم َْزح فَي َجب عَلَي ْك أَ ّ‬
‫س َل ّم أَ و يَج ُوز أَ و يَسْتَحِيل عَلَي ْه وَل َا يَعْرِف صُو َر أحْك َام ِه ل َا ي َأْ من أن يَعْتَق ِد فِي بَعْضَه َا خِلَاف م َا هِي عَلَي ْه‬ ‫يج ِب ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫م َا َ‬
‫حي ْث ل َا ي َ ْدرِي و َي َ ْسق ُط فِي ه ُ َو ّة ال َد ّرْك الأسْ ف َل م ِن َ‬
‫الن ّار ِإذ ظَنّ البَاطِل ب ِه اعْتِق َاد‬ ‫وَل َا يُنَز ّه ُه ع ََم ّا ل َا َ‬
‫يج ِب أن يُضَاف إلي ْه فَيَه ْلِك من َ‬
‫صف َِي ّة‬
‫سجِد م َع َ‬ ‫سلَام عَلَى َ‬
‫الر ّج ُلَي ْن اللذين ر َأياه لَي ْل ًا و َه ُو مُعْت ِكف فِي الم َ ْ‬ ‫ل بِصَاحِب ِه د َار الب َوَار ولهذا م َا احْ تَاط عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫م َا ل َا يَجوز عَلَي ْه يُح ّ‬
‫شي ْئًا فَتَه ْلِك َا( * هَذِه‬
‫كمَا َ‬
‫ِف فِي قُلُوب ِ ُ‬ ‫مج ْر َى ال َد ّ ِم و َِإن ِ ّي َ‬
‫خشِيتُ أَ ْن ي َ ْقذ َ‬ ‫ن اب ْ ِن آدَم َ َ‬
‫يجْرِي م ِ ِ‬ ‫صف َِي ّة‪ ،‬ث ُم ّ قَال لهما‪ِ :‬إ َ ّ‬
‫ن الشَيْطَانَ َ‬ ‫فَق َال لهما‪ :‬إنه َ‬
‫أك ْرَم َك‬
‫الل ّه إحْد َى فوائِد م َا تَك َل ّم ْنا عَلَي ْه فِي هَذِه الفُصُول و َل َع ّل ج َاه ِل ًا ل َا يَعْلَم‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله وخطرها( بفتح الخاء والطاء المهملة أي قدرها )قوله فِي ه ُ َو ّة ال َد ّرْك( الهوة العميقة في الصحاح ودركات النار منازل أهلها والنار‬
‫دركات والجنة درجات والقعر الآخر درك ودرك‪.‬‬
‫)*(‬

‫فصل في القول في عصمة الملائكة‬ ‫‪٤.١.١٦‬‬

‫ن ال ُ ّ‬
‫سكُوت أوْلَى و َق َد اسْ تَبَان ل َك َأن ّه م ُتَع َيَ ّن لِلْف َائِد َة التي ذَكَر ْن َاه َا‬ ‫ن الْك َلَام ف ِيهَا جُم ْلَة من فُضُول ال ْعِل ْم و َأَ ّ‬
‫شي ْئًا مِنْهَا ي َر َى أَ ّ‬
‫بِ جَهْلِه إذ َا سَم ِـع َ‬

‫وفائدة ثانية يظطر ِإلَيْهَا فِي ُأصُول الْفَقْه و َيُب ْت َنى عَلَيْهَا مَسَائ ِل لا ٺتعد م ِن الْفِقْه و َيُتَخَل ّص بها من تشعيب مختلفي الفقهاء فِي ع ِ َ ّدة مِنْهَا وَهِي‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫صد َق َ‬
‫س َل ّم وأفعاله و َه ُو ب َاب عظيم وأصل كَبير من أصول الفقه وَل َا بُد م ِن بنائه عَلَى َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الحكم فِي أقوال َ‬
‫س َل ّم فِي أخباره وبلاغه و ََأن ّه ل َا يجوز عَلَي ْه ال َس ّهْو ف ِيه وعصمته م ِن المخالفة فِي أفعاله عَمْدًا و َبِ حَسَب اختلافهم فِي وقوع َ‬
‫الصّ غ َائ ِر‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫و َق َع خِلَاف فِي امتثال الفعل بَسْط بَيَان ِه فِي كُت ُب ذَل ِك ال ْعِل ْم فَلَا نُطَو ّل ب ِه و َفَائِد َة ثالِث َة يحتاج إليها الحاكم والمفتي فيمن أضاف ِإلَى َ‬
‫الن ّبِيّ‬
‫س َل ّم َ‬
‫شي ْئًا من هَذِه الأمور ووصفه بِهَا فعن لَم يعرف م َا يجوز وَم َا يمتنع عَلَي ْه وَم َا و َق َع الإجماع ف ِيه والخلاف َ‬
‫كي ْف يصمم‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫سل ِم حرام أَ و يسقط حقا و يضيع حرمة‬
‫فِي الفتيا فِي ذَل ِك وَم ِن أَ ي ْن يدري ه َل م َا قاله في نقص أَ و مدح فإما أَ ن يجـترئ عَلَى سفك دم م ُ ْ‬
‫س َل ّم؟ وبسبيل هَذ َا م َا ق َد اخْ تُل ِف أرْباب الأصُول وأئمة ال ْع ُلمَاء والمحققين فِي عصمة ال ْمَلَائِك َة‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫ن ال ْمَلَائِك َة مؤمنون فضلاء وأتفق أئ َِم ّة ال ْمُسْل ِمِين أَ ّ‬
‫ن حُكْم المُرْسَلِين مِنْه ُم حُكْم‬ ‫فصل فِي القَو ْل فِي عصمة ال ْمَلَائِكَة ِ أجمع ال ْمُسْل ِم ُون عَلَى أَ ّ‬
‫والت ّب ْلِيغ ِإلَيْه ِم كالْأَ ن ْب ِيَاء م َع ا ْل ُأم َم واختلفوا فِي غَي ْر ال ْمُرْسَلِين مِنْه ُم‬
‫حق ُوق الْأَ ن ْب ِيَاء َ‬
‫الن ّب ِيّين سواء فِي الع ِصْ م َة م َِم ّا ذَكَر ْن َا عِصْ متَه ُم مِن ْه و َأَ َ ّنه ُم فِي ُ‬
‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥١‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫فذهبت طائفة ِإلَى عصمة جميعهم ع َن‬


‫الصّ ُاف ّونَ‬ ‫ن َ‬ ‫الل ّه َ م َا أَ م َرَه ُ ْم و َي َ ْفع َلُونَ م َا يُؤْم َرُونَ( وبقوله )وَم َا م َِن ّا ِإلا لَه ُ مَق َام ٌ مَعْلُوم ٌ و َِإ َن ّا لَن َحْ ُ‬ ‫ُ‬
‫واحتجّ وا بِقَو ْلِه تَع َالَى )لا يَعْصُونَ َ‬ ‫المعاصي‬
‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ل و َال َنّهَار َ لا يفترون( وبقوله ِ‬ ‫ن ال ْمُسَبِّحُونَ( وبقوله )وَم َنْ عِنْدَه ُ لا يَسْتَكْب ِر ُونَ ع َنْ عِبَاد َتِه ِ و َلا يَسْت َحْ سِر ُونَ يُس َبِّحُونَ َ‬
‫الل ّي ْ َ‬ ‫و َِإ َن ّا لَن َحْ ُ‬

‫سمْع َِي ّات‪ ،‬وذهبت طائفة إن‬


‫نح ْو َه م ِن ال َ ّ‬ ‫ك لا يَسْتَكْب ِر ُونَ ع َنْ عبادته( الآية‪ ،‬وبقوله )كرام بررة( و )لا يَم َ ُ ّ‬
‫سه ُ ِإلا المطهرون( و َ َ‬ ‫عِنْد َ ر َب ِّ َ‬
‫الل ّه بَعْد وتبېن ال ْوَجْه ف ِيهَا‬
‫نح ْن ن َ ْذك ُر ُه َا إن شَاء َ‬ ‫خصُوص لِل ْمُرْسَلِين مِنْه ُم و َالمُق ََر ّبِين‪ ،‬واحْ ت َُجّ وا بأشْ يَاء ذَك َر َه َا أه ْل الْأَ خْ بَار َ‬
‫والت ّف َاسِير َ‬ ‫ن هَذ َا ُ‬
‫أَ ّ‬
‫الل ّه‪ ،‬والصواب عصمة جميعهم وتنز يه نصابهم الرفيع ع َن جميع م َا يحط من رتبتهم ومنزلتهم ع َن جليل مقدارهم ورأيت بَعْض‬
‫أن شَاء َ‬
‫شيوخنا أشَار بأن ل َا حاجة بالفقيه ِإلَى الْك َلَام فِي عصمتهم‪.‬‬
‫و َأَ ن َا أقول إن للكلام فِي ذَل ِك م َا للكلام فِي عصمة الْأَ ن ْب ِيَاء م ِن الْف َوَائِد التي ذَكَر ْن َاه َا سوى فائدة الْك َلَام فِي الأقوال والأفعال فهي ساقطة‬
‫ههنا‪ ،‬فما احْ ت َجّ ب ِه من لَم يُوجِب عصمة جميعهم ق َِصّ ة هاروت وماروت وَم َا ذَك َر فيها أهل الْأَ خْ بَار ونَق َلَة ال ْمُفَسّر ِين وَم َا رُوِي ع َن عَلِيّ‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫ن هَذِه الأخْ بَار لَم يُرْو منها شئ ل َا َ‬
‫سق ِيم وَل َا صَ ح ِيح ع َن رَسُول َ‬ ‫و َاب ْن ع ََب ّاس فِي خبرهِمَا واب ْتلائِهِم َا‪ ،‬فاعلم أك ْرَم َك َ‬
‫الل ّه أَ ّ‬
‫شي ْئًا يُؤْخ َذ بِق ِيَاس و َال َ ّذ ِي مِن ْه فِي الْقُر ْآن اخْ تَلف ال ْمُفَس ِّر ُون فِي مَعْنَاه‪ ،‬و َأن ْك َر م َا قَال بَعْضُه ُم ف ِيه كَثير م ِن ال َ ّ‬
‫سلَف كَمَا‬ ‫س َل ّم و َلَي ْس ه ُو َ‬
‫وَ َ‬
‫الل ّه أَ َ ّول‬
‫سنذكره‪ ،‬وهذه الْأَ خْ بَار من كُت ُب اليَه ُود و َاف ْتِر َائِه ِم كَمَا ن َ َصّ ه َ‬
‫الآيات م ِن اف ْتِر َائِه ِم بِذَل ِك عَلَى سُلَيْم َان وت َ ْكف ِيرِه ِم إ َي ّاه‪ ،‬و َق َد انْطَو َت الْق َِصّ ة عَلَى شُن َع عَظ ِيم َة وها نحن نحـبر فِي ذَل ِك م َا يشكف غِطَاء‬
‫هَذِه‬
‫الل ّه فاخْ تُل ِف أ َ ّول ًا فِي ه َار ُوت وم َار ُوت ه َل هما م َلَك َان أَ و إنْس َِي ّان‪ ،‬و َه َل هما المُرَاد ب َال ْمَلـَكَي ْن أم ل َا‪ ،‬وهل القراءة‬
‫ن شَاء َ‬
‫الإشْ ك َالات إ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى أمْتَحَن َ‬
‫الن ّاس‬ ‫ن َ‬ ‫ن م ِنْ أحد( نافية أو موجية؟ ف َأكْ ث َر ال ْمُفَسّر ِين أَ ّ‬
‫م َلـَكَي ْن أو مل ِـكَي ْن‪ ،‬وهل م َا فِي قَو ْله )وَم َا أنزل( )وَم َا يُع َل ِّمَا ِ‬
‫ن فِت ْن َة ٌ فَلا ت َ ْكفُر ْ( وتعليمهما‬ ‫)إ َن ّمَا َ‬
‫نح ْ ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى ِ‬ ‫كفْر‪ ،‬فَم َن تَع ََل ّم َه َ‬
‫كف َر‪ ،‬وَم ِن ت َرَك َه آم َن‪ ،‬قَال َ‬ ‫ب ِال ْمَلـَكَي ْن لِتَعْل ِيم السّحْ ر و َتَبيين ِه و َأن ع َمَلَه ُ‬
‫الن ّاس لَه تَعْل ِيم إنْذ َار أَ ي يَق ُولان لم َِن ج َاء يَطْلُب تَع َُل ّم َه ل َا ت َ ْفع َلُوا كذا ف َ َإن ّه يُف ََر ّق بَي ْن ال ْمَر ْء وَز َ ْوجِه وَل َا تَتَخَي ّلُوا بِكَذ َا ف َ َإن ّه سِ ح ْر فَلَا ت َ ْكف ُر ُوا‬
‫َ‬

‫ف َعَلَى هَذ َا فِعْل ال ْمَلـَكَيْنِ طَاع َة و َتَص َ ُرّفُهُم َا ف ِيم َا أمرا ب ِه لَي ْس بِمَعْصِ ي َة وَهِي لغَيْرِهِمَا ف ِتَْن َة‪ ،‬وَرَو َى ابن وَه ْب ع َن خ َالِد بن أَ بِي ِعم ْرَان َأن ّه ذَك َر‬
‫نح ْن ننزههما ع َن هَذ َا فَق َرأ بعضهم )وما أنزل على الملـكين( فَق َال خ َالِد لَم يُنْز َل عَلَيْهَم َا‬
‫عِنْد َه هاروت وماروت وأنهما يُع َلّمَان السّحْ ر فَق َال َ‬
‫فَهَذ َا خ َالِد عَلَى ج َلَالَت ِه وعلمه نزههما ع َن تعليم السحر ال َ ّذ ِي ق َد ذَك َر غَيْر ِه انهما مأذون لهما فِي تعليمه بشر يطة أن يبيننا َأن ّه كفر و ََأن ّه‬
‫الل ّه وابتلاء‪ ،‬فكيف ل َا ينزههما ع َن كبائر المعاصي والـكفر المذكورة فِي تِل ْك الْأَ خْ بَار‪ ،‬وقوله خ َالِد لَم ينزل يريد أَ ّ‬
‫ن )م َا(‬ ‫امتحان م ِن َ‬
‫نافية و َه ُو قَو ْل ابن ع ََب ّاس‪ ،‬قَال مَكّيّ وتقدير الْك َلَام وَم َا كفر سُلَيْم َان يريد بالسحر ال َ ّذ ِي افتعلته عَلَي ْه الشياطين واتبعهم فِي ذَل ِك اليهود‬
‫الل ّه فِي ذَل ِك‬
‫جبْر ِيل وميكائيل ادعى اليهود عليهما المجئ ب ِه كَمَا ادعوا عَلَى سُلَيْم َان فأكذبهم َ‬
‫وَم َا أنزل عَلَى الملـكين‪ ،‬قَال مَكّيّ هما ِ‬
‫سِحْ ر َ‪.‬‬
‫اس ال ّ‬ ‫كف َر ُوا يُع َل ِّم ُونَ َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫و َلـَك َِنّ ال َ ّ‬
‫شيَاطِينَ َ‬
‫ببابل هاروت وماروت‪:‬‬
‫ق ِيل‪ :‬هما رَج ُلان تعلماه‪ ،‬قَال الْحَسَن‪ :‬هار ُوت ومار ُوت علجان من أهل بابل‪ ،‬وقرأ‪ ،‬وَم َا ُأنْز ِ َ‬
‫ل عَلَى ال ْمَل ِـكَيْنِ بِكَس ْر َ‬
‫الل ّام وتكون )م َا(‬
‫إ يجَاب ًا عَلَى هَذ َا‪ ،‬وَكَذَل ِك قراءة عَب ْد َ‬
‫الر ّحْمن بن أبزى بكسر اللام‪ ،‬ولـكنه قَال الملكان ه ُنَا د َاو ُد وسليمان وتكون )م َا( نفيًا عَلَى م َا‬
‫الل ّه‪ ،‬حكاه ال َ ّ‬
‫سمْر َقَنْدِيّ والقراءة بكسر اللام شاذة فمحمل الآيَة عَلَى تقدير أَ بِي مُحَم ّد‬ ‫تقدم‪ ،‬و َق ِيل‪ :‬كانا ملـكين من بَنِي إسرائيل فمسخهما َ‬

‫الل ّه َ‬
‫الل ّه بأنهم مطهرون و )ك ِرَا ٍم ب َرَرَة ٍ( و )لا يَعْصُونَ َ‬
‫حسَن ينزه ال ْمَلَائِك َة ويذهب الرجس عَنْه ُم و يطهرهم تطهيرا و َق َد وصفهم َ‬
‫مَكّيّ َ‬
‫م َا أَ م َرَهُمْ( ومما يذكرونه ق َِصّ ة إبليس و ََأن ّه ك َان م ِن ال ْمَلَائِك َة ورئيسا فبهم وم ِن خزان الْجَ ّنة ِإلَى آخر م َا حكوه و ََأن ّه استثناه م ِن ال ْمَلَائِك َة‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٢‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫يس( و َهَذ َا أيْضًا لَم يتفق عَلَي ْه بَل الأكثر ينفون ذَل ِك و ََأن ّه أَ بُو الجن كَمَا آد َم أو الإنس وهو قوله الْحَسَن وقتادة‬
‫بِقَو ْلِه )فَسَجَد ُوا ِإلا ِإ بْل ِ َ‬
‫و َاب ْن ز َي ْد‪ ،‬و َقَال شهر بن حوشب ك َان م ِن الج ِنّ ال َ ّذ ِين طَرَدَتْه ُم ال ْمَلَائِك َة فِي الْأَ رْض حِين أفْسَد ُوا‪ ،‬و َالاسْ تث ْنَاء من غَي ْر الجن ْس شَائع فِي‬
‫الل ّه فحرقوا‬
‫ن خلق ًا م ِن ال ْمَلَائِك َة عصوا َ‬
‫ن( ومما رووه في الْأَ خْ بَار أَ ّ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )م َا لَه ُ ْم بِه ِ م ِنْ عِلْم ٍ ِإلا ات ّبَِاعَ ال َ ّ‬
‫ظ ِّ‬ ‫ك َلَام ال ْع َر َب سائغ و َق َد قَال َ‬
‫الل ّه إ َلّا إبليس فِي أخبار ل َا أصل لَهَا تردها صحاح الْأَ خْ بَار‬
‫ن يسجدوا لآدم فأبوا فحرقوا ث ُم ّ أخرون كَذَل ِك ح ََت ّى سجد لَه من ذَك َر َ‬
‫وأمروا أَ ّ‬
‫فَلَا يشتغل بِهِا والل ّٰه أعلم‬
‫__________‬
‫)قوله علجان( العلج بكسر العين المهملة وسكون اللام بعدها جيم‪ :‬الرجل من كفار‬
‫العجم وغيرهم )قوله أبزى( بفتح الهمزة وسكون الموحدة وفى آخره الف مقصورة اختلف في صحبته )قوله ابن حوشب( بفتح الهاء‬
‫المهملة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة بعدها موحدة )‪(*) (٢ - ١٢‬‬

‫الباب الثاني فيما يخصهم في الأمور الدنيو ية وما يطرأ عليهم من العوارض البشر ية‬ ‫‪٤.٢‬‬

‫ال ْبَاب الثاني فيما يخصهم فِي الأمور الدنيو ية وَم َا يطرأ عَلَيْه ِم م ِن العوارض البشر ية‬
‫ن جسمه وظاهره خالص للبشر يجوز عليه من الآفات والتغييرات‬ ‫س َل ّم وَسَائ ِر الْأَ ن ْب ِيَاء و ُ‬
‫َالر ّسُل م ِن البشر و َأَ ّ‬ ‫ق َد ق َ ّدمْنَا َأن ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ن الشئ َإن ّمَا يسمى ناقصً ا بالإضافة ِإلَى م َا ه ُو‬
‫والآلام والأسقام وتجزع كأس الحمام م َا يجوز عَلَى البشر و َهَذ َا كله لَي ْس بنقيصة ف ِيه ل ِأَ ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى عَلَى أَ ه ْل هَذِه الدار ف ِيهَا يحيون وفيها يموتون وَمِنْهَا يخرجون وخلق جميع البشر بمدرجة‬
‫أتم مِن ْه وأكمل من نوعه و َق َد كَت َب َ‬
‫س َل ّم واشتكى وأصابه الحر والقر وأدركه الجوع والعطش ولحقه الغضب والضجر وناله الإعياء والتعب‬ ‫الغير فَق َد مرض صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ومسسه الضعف والـكبر وسقط فجحش شقه وشجه الـكفار وكسروا رباعيته وسقي السم وسحر وتداوى واحتجم وتنشر وتعوذ ث ُم ّ قضى‬
‫س َل ّم ولحق بالرفيق الأعلى وتخلص من د َار الامْت ِح َان و َالبَل ْو َى و َهَذِه سِمَات الب َش َر‬ ‫نحبه فتوفي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله بمدرجة الغير( المدرجة بفتح الميم وسكون الدال‪ :‬المذهب والمسلك‪ ،‬والغير بكسر الغين المعجمة وفتح المثناة التحتية‪ :‬الاسم من‬
‫قولك غيرت الشئ فتغير )قوله فجحش( بضم الجيم وكسر الحاء المهملة بعدها شين معجمة‪ :‬أي خدش )قوله السم(‬
‫بتثليث السين والأفصح فتحها و يليه بضم )قوله وتنشر( من النشرة وهى الرقية والتعويذ )قوله بالرفيق الأعلى( قال ابن الأثير وهو‬
‫الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون وقيل هو مرتفق الجنة‪ ،‬وقيل الرفيق الأعلى‪ :‬الل ّٰه تعالى لأنه رفيق بعباده وقال ابن قرقول‪ :‬أهل‬
‫اللغة لا يعرفون هذا‪ ،‬ولعله تصحيف من الرفيع )*(‬
‫الل ّه ذَل ِك‬
‫مح ِيص عَنْهَا و َأَ صَاب غَيْر ِه م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء م َا ه ُو أَ ْعظَم مِن ْه فَق ُت ّلُوا قَت ْل ًا وَرُم ُوا في النار ونشروا بال ْمَنَاشِير وَمِنْه ُم من و َقَاه َ‬
‫التي ل َا َ‬
‫الن ّاس فَلَئِن لَم يَكْف نَبَي ّنَا ر ََب ّه ي َد ابن قمَ ِئ َة يَو ْم ُأح ُد وَل َا حَ ج َب َه ع َن ع ُي ُون‬
‫صم َه كَمَا عُص ِم بَعْد نَب ُِي ّنَا م ِن َ‬
‫فِي بَعْض الأوْقَات وَمِنْه ُم من ع َ َ‬
‫جهْل و َف َر َس‬
‫سي ْف غَوْر َث و َحَ ج َر أَ بِي َ‬ ‫عِد َاه عِن ْد دَعْوَت ِه أَ ه ْل ال َ ّ‬
‫طائ ِف فَلَق َد أَ خ َذ عَلَى ع ُيون ق ُر َي ْش عِن ْد خُر ُوجِه ِإلَى ثَو ْر و َأ ْمسَك عَن ْه َ‬
‫ح ْ‬
‫كمَت ِه‬ ‫م اليَه ُود َِي ّة وهكذا سَائ ِر أن ْب ِيَائ ِه مُب ْتَلى وَم ُع َافى وَذَل ِك من تَمَام ِ‬
‫سُر َاق َة و َلئَِن لَم يَق ِه من سِ ح ْر ابن الأعْص َم فلقد و َقَاه م َا ه ُو أ ْعظَم من س َ ّ‬
‫ح َ ّقق بامْت ِح َانِه ِم بَشَر َِي ّتَه ُم و َيَرْتَف ِـع الال ْت ِبَاس ع َن أَ ه ْل الضعف ف ِيه ِم‬‫لِي ُ ْظه ِر شَر َفَه ُم فِي هَذِه المَق َام َات و َيُبېَ ّن أمْرَه ُم و َيُت ِم ّ كَل ِمَت َه ف ِيه ِم و َلِي ُ َ‬
‫ضل ّوا بِمَا ي َ ْظه َر م ِن الع َج َائ ِب عَلَى أيديهم ضَلَال النصاري ب ِع ِيس َى ابن م َْر ي َم وليكون فِي محنهم تسلية لأممهم ووفور لأجورِه ِم عِن ْد‬ ‫لئل ًا ي َ ُ‬
‫تخ ْت َّص ب ِأجْ سَامِه ِم ال ْب َش َر َي ّة المقصود بِهَا‬
‫َالت ّغْيير َات الم َ ْذكُور َة َإن ّمَا َ‬
‫ربهم تَمَام ًا عَلَى ال َ ّذ ِي أحسن ِإلَيْه ِم‪ ،‬قَال بَعْض المحُ َ ّقق ِين وهذه الطوارى و َ‬
‫مُق َاوم َة البشر ومعناة بَنِي آد َم لمُشَاكَلة الجِن ْس و َأَ َمّا بوَاطِنُه ُم فمنزهه غالبًا ع َن ذَل ِك معصومة منه متعلقة بالملإ الأع ْلَى و َال ْمَلَائِك َة لأخْذِه َا‬
‫)إن ِ ّي لَسْتُ كهيئتكم إني أبيت يطعمني‬ ‫ن عَي ْن َيّ تَنَام َا ِ‬
‫ن وَل َا يَنَام ُ قَلْبِي( و َقَال ِ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫عَنْه ُم و َتلََقّيهَا الوَحْي مِنْه ُم قال وقد قال صلى الل ّٰه عليه وسلم ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٣‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ل )لَسْتُ‬
‫ربي ويسقيني( و َقَا َ‬
‫ن الآفات التي تحل ظاهرة من ضعف وجوع‬ ‫أَ ن ْسَى و َلـَكِنْ ُأنسَ ّى لِيُسْت َ ّن بِي( ف َأخْب َر أَ ّ‬
‫ن س ِ َرّه و َباطِن َه وروحه خلاف جسمه وظاهره و َأَ ّ‬
‫وسهر‬
‫__________‬
‫)قوله ووشروا( يقال أشرت الخشبة إشراء ووشرتها وشرا‪ :‬إذا شققتها‪ ،‬مثل نشرتها‪ ،‬والمئشار بالهمزة‪ :‬المنشار بالنون‪ ،‬وقد تترك الهمزة‬
‫)*(‬

‫فصل فإن قلت فقد جاءت الأخبار الصحيحة أنه صلى الل ّٰه عليه وسلم سحر‬ ‫‪٤.٢.١‬‬

‫سم َه و َقَل ْب َه و َه ُو صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫ج ْ‬ ‫ن غَيْر ِه إذ َا ن َام اسْ تَغْر َق َ‬
‫الن ّو ْم ِ‬ ‫ونوم ل َا يحل منها شئ باطنه بخلاف غَيْر ِه م ِن البشر فِي حكم الباطن ل ِأَ ّ‬
‫س َل ّم فِي نَوْم ِه ح َاض ِر الق َل ْب كَمَا ه ُو فِي ي َ ْقظَت ِه ح ََت ّى ق َد جاء فِي بَعْض الآثار َأن ّه ك َان َ‬
‫مح ْر ُوسًا م ِن الحدث فِي نَوْم ِه لـِكَو ْن قَل ْبه ي َ ْقظَان كَمَا‬ ‫وَ َ‬
‫سم ُه وَخ َار َت ق َُو ّتُه فَبَطَلَت ب ِالْك ُل َّي ّة جُم ْلَت ُه و َه ُو صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم قد أخْبَر َ َأن ّه ُ ل َا يَعْتَر ِيه‬
‫ج ْ‬
‫ذَكَر ْن َاه وَكَذَل ِك غَيْر ِه إذ َا ج َاع ضَع ُف لِذَل ِك ِ‬
‫)إن ِ ّي لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ر َب ِ ّي و َي َ ْسق ِينِي وَكَذَل ِك أق ُول َإن ّه فِي هَذِه الأحوال ك ُلّه َا من وَصَب‬
‫ذَل ِك و ََأن ّه بِ خ ِلَافِه ِم لِقَو ْلِه ِ‬
‫ل ب ِه وَل َا فَاض مِن ْه عَلَى لِسَان ِه وَجَوَارِحِه م َا ل َا يلَِيق ب ِه كَمَا يَعْت َري غَيْر ِه م ِن الب َش َر م َِم ّا ن َأْ خ ُذ‬ ‫وَم َرَض و َسِ ح ْر وَغَضَب لَم َ‬
‫يج ْر على ب َاطِن ِه م َا يُخ ّ‬
‫بَعْد فِي بَيَان ِه‬
‫ن‬
‫ل ن َا ح َاتِم ُب ْ ُ‬
‫خ أَ بُو محمد العتابي بقراءتي عَلَيْه ِ قَا َ‬ ‫س َل ّم سُ ح ِر كَمَا ح َ َ ّدثَنَا ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫ن قلُ ْت فَق َد ج َاءَت الْأَ خْ بَار الصحيحة َأن ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فصل ف َِإ ّ‬

‫ل نا أَ بُو ُأسَام َة َ ع َنْ هِشَا ِم ب ْ ِن ع ُْروَة َ ع َنْ‬


‫ُف نا ال ْب ُخ َار ُِيّ نا عبيد ابن ِإسْمَاعِي َ‬
‫ن يُوس َ‬
‫ن أَ حْمَد َ نا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ف نا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫ن عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن خ َل َ ٍ‬ ‫مُحَم ّدٍ نا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ل ِإلَيْه ِ أَ َن ّه ُ فعل الشئ وَم َا ف َعَلَه ُ و َفِي رِو َايَة ٍ ُأ ْ‬
‫خر َى‬ ‫س َل ّم َ ح ََت ّى ِإ َن ّه ُ لَيُخ ََي ّ ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت سُ ح ِر َ رَسُو ُ‬
‫الل ّه ُ عَنْهَا قَال َ ْ‬
‫أَ بيِه ِ ع َنْ عَائِش َة َ رَضِيَ َ‬
‫ل ِإلَيْه ِ أَ َن ّه ُ ك َانَ ي َأْ تِي النِّسَاء َ وَل َا ي َأْ ت ِيه َِنّ )الْحَدِيث( و َإذ َا ك َان هَذ َا م ِن ال ْت ِبَاس الأمْر عَلَى الم َ ْ‬
‫سحُور‬ ‫ح ََت ّى ك َانَ يُخَي ّ ُ‬
‫__________‬
‫)قوله وخارت( بالخاء المعجمة‪ :‬أي ضعفت )قوله من وصب( بفتح الواو والصاد المهملة‪ :‬أي مرض )*(‬
‫الل ّه و َإ َي ّاك أَ ّ‬
‫ن هَذ َا الْحَدِيث صحيح متفق عَلَي ْه‬ ‫س َل ّم فِي ذَل ِك و َ َ‬
‫كي ْف ج َاز عَلَي ْه و َه ُو مَعْصُوم؟ فاعلم وفقنا َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فَكَي ْف ح َال َ‬
‫َالن ّبِيّ ع ََم ّا ي ُ ْدخِل‬
‫الل ّه ال َش ّرْع و َ‬
‫الت ّشْكيك فِي ال َش ّرْع و َق َد نَز ّه َ‬
‫حد َة و َتَد َ َرّعت ب ِه لِس ُخْ ف عُق ُولِهَا وتلَ ْب ِيسِه َا عَلَى أمْثَالهَا ِإلَى َ‬
‫و َق َد َطع َن َت ف ِيه المل ُ ْ ِ‬
‫سحْ ر مرض م ِن الأمْرَاض وعَارِض م ِن العِل َل يَج ُوز عَلَي ْه كأن ْواع الأمْرَاض م َِم ّا ل َا يُن َك َر وَل َا ي َ ْقد َح فِي نُب ُ َو ّت ِه * و َأَ َمّا‬
‫في أمْره لَبْسًا و َِإ َن ّمَا ال َ ّ‬
‫م َا وَر َد َأن ّه ك َان يُخَي ّل إلي ْه َأن ّه فَع َل الشئ وَل َا ي َ ْفعَلُه فَلَي ْس فِي هَذ َا م َا يُدْخل عَلَي ْه د َاخِلَة في شئ من تَب ْلِيغ ِه أَ و شَر ِيع َت ِه أو ي َ ْقد َح فِي صدْق ِه‬
‫لِق ِيام الد ّلِيل والإجْماع عَلَى عِصْ مت َه من هَذ َا وإنما هَذ َا ف ِيم َا يَج ُوز ُ طُر ُ ّوه ُ عَلَي ْه فِي أمْر دُن ْيَاه التي لَم يُبْع َث بِس َبَبِها وَل َا ف ُضل من أجْلِه َا و َه ُو‬
‫ف ِيهَا عرضة للآفات كسائر البشر فغير بعيد أن يخيل إلي ْه من أمورها م َا ل َا حقيقة لَه ث ُم ّ ينجلي عَن ْه كَمَا ك َان وأيضا فَق َد ف َس َر هذا الفضل‬
‫ش ّد م َا يَكُون م ِن السّحْ ر و َلَم ي َأت في خير‬ ‫ل ِإلَيْه ِ أنى ي َأْ تِي أَ ه ْلَه ُ وَل َا ي َأْ ت ِيه َِنّ ( و َق َد قَال ُ‬
‫سفْيَان‪ :‬هَذ َا أ َ‬ ‫الْحَدِيث الآخ َر من قَو ْلِه )ح ََت ّى يُخَي َ َ‬
‫منها أنه نقبل عَن ْه فِي ذَل ِك قَو ْل بِ خ ِلَاف م َا ك َان أخْب َر َأن ّه فَعَلَه ولم ي َ ْفعَل ْه و َِإ َن ّمَا ك َان َت خَوَاطِر و َ َ‬
‫تخ ْييلات‪.‬‬
‫تخ ْي ِيل ل َا يَعْتَق ِد ِ َ‬
‫صح ّت َه فَتَكُون اعْتِق َاد َاتُه كلها عَلَى السداد وأق ْوَالُه‬ ‫ن المُرَاد بالحديث َأن ّه ك َان يَتَخَي ّل الشئ َأن ّه فَعَلَه وَم َا فَعَلَه لـكنه َ‬
‫و َق َد ق ِيل إ ّ‬
‫عَلَى الصّ َح ّة‪ ،‬هَذ َا م َا و َقَفْت عَلَي ْه لأئ َِم ّت ِنَا م ِن الأجْ وبَة ع َن هَذ َا الْحَدِيث م َع‬
‫ل وَجْه مِنْهَا مُقْن ِـع لـكنه ق َد َظه َر ل ِي فِي الْحَدِيث ت َأْ وِ يل أجْلَى وأبْع َد من‬
‫م َا أوْضَ ح ْنَا من مَعْن َي كلامهم وَزِدْن َاه بَيَان ًا من تَلْو ِ يحَاتِه ِم وَك ُ ّ‬
‫مطاعن‬
‫__________‬
‫)قوله وتدرعت( أي لبست الدرع )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٤‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الر ّ َزّاق ق َد رَو َى هَذ َا الْحَدِيث ع َن ابن ال ْمُسَي ّب وعروة بن ُ‬


‫الز ّبَي ْر‪ ،‬و َقَال ف ِيه عَنْهُم َا‬ ‫ن عَب ْد َ‬
‫ذَوِي الأضَالِيل يُسْتَف َاد من نَفْس الْحَدِيث و َه ُو أَ ّ‬
‫س َل ّم َ أَ ْن يُنْك ِر َ بَصَرَه ُ ث َُم ّ دَل َ ّه ُ َ‬
‫الل ّه ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س َل ّم َ فَجَع َلُوه ُ فِي بِئْرٍ ح ََت ّى ك َاد َ رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق رَسُو َ‬ ‫سَ ح َر َ يَه ُود ُ بَنِي زُر َي ْ ٍ‬
‫كعْب وعمر بن الحكم وَذَك َر ع َن عَطَاء الخُرَاسَانِيّ ع َن‬ ‫الر ّحْمن بن َ‬ ‫ن ال ْوَاقِدِيّ وَع َن عَب ْد َ‬ ‫نح ْوُه ُ ع َ ِ‬‫ن ال ْبِئْر ِ‪ ،‬وَرُوِيَ َ‬ ‫عَلَى م َا صَن َع ُوا فَاسْ ت َخْ رَج َه ُ م ِ َ‬
‫سه ِ و َالآخَر ُ عِنْد َ رِجْلَيْه ِ‬
‫ن فَقَعَد َ أَ حَد ُهُمَا عند ر َأْ ِ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم عن عَائِش َة َ سَن َة ً فَبَي ْنَا ه ُو َ ن َائِم ٌ أَ ت َاه ُ م َلَك َا ِ‬
‫يح ْي َى بن يَعْم َر ح ُب َِس رَسُو ُ‬
‫َ‬
‫سعْد ع َن‬ ‫صة ً سَن َة ً ح ََت ّى أَ ن ْك َر َ بَصَرَه ُ‪ ،‬وَرَو َى مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم َ ع َنْ عَائِش َة َ خ َا َ ّ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الر ّ َزّاقِ‪ :‬ح ُب َِس رَسُو ُ‬
‫)الْحَدِيثَ ( ‪ ،‬قَال عَب ْد َ‬
‫طعام و َال َش ّر َاب فَه َب َط عَلَي ْه م َلَك َان وَذَك َر الْق َِصّ ة‪ ،‬فَق َد اسْ تَبَان ل َك‬
‫س َل ّم فَحب ُ ِس ع َن النّسَاء وال َ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ابن ع ََب ّاس مَر ِض رَسُول َ‬
‫ن السّحْ ر َإن ّمَا تَس ََل ّط عَلَى ظَاهِرِه و َجوَارِحه ل َا عَلَى قَل ْب ِه و َاعْتِق َادِه وَعَقْلِه و ََأن ّه َإن ّمَا أ َث ّر فِي بَصَر َه وَح َبَسَه ع َن‬
‫من م َضْ م ُون هذه الروايات أَ ّ‬
‫سم َه وأمْرَضَه و َيَكُون مَعْن َي قَو ْلِه‪ :‬يُخ َي ّل إلي ْه َأن ّه يأْ تي أه ْلَه وَل َا ي َأْ ت ِيه ِنّ ‪ ،‬أَ ي‪ :‬ي َ ْظه َر لَه من نَش َاطِه وَم ُتَقَدّم‬
‫ج ْ‬
‫و َطء نِس َائ ِه و َطع َام ِه وأضْ ع َف ِ‬
‫سحْ ر فَلَم ي َ ْقدِر عَلَى إت ْيَانِه ِنّ كَمَا يعتري من ُأخِذ واع ْت ُرض‪ ،‬ولعله لم ِث ْل هَذ َا أشار‬
‫عَاد َت ِه الق ُ ْدر َة عَلَى النّسَاء فإذا د َنا مِنْه ُنّ أصَابَت ْه ُأخْذ َه ال َ ّ‬
‫سفْيَان بِقَو ْلِه‪ :‬و َهَذ َا أشد م َا يكون‬
‫ُ‬
‫__________‬
‫)قوله عطاء الخراساني( هو ابن أبى مسلم مولى المهلب بن أبى صفرة )قوله ابن‬
‫يعمر( بفتح أوله وضم ثالثه )قوله أتاه ملكان( في سيرة الدماطى أنهما جبر يل وميكائيل )قوله أخذة السحر )بضم الهمزة وسكون الخاء‬
‫المعجمة بعدها ذال معجمة‪ ،‬في الصحاح الأخذة بالضم رقية السحر وخرزة تؤخذ النساء بها الرجال من التأخيذ )*(‬

‫فصل هذا حاله في جسمه‬ ‫‪٤.٢.٢‬‬

‫م ِن السحر و َيَكُون قوله عَائِش َة فِي الرّو َايَة ا ْل ُأ ْ‬


‫خر َى َإن ّه لِيُخ ََي ّل إلي ْه أنه فعل الشئ وَم َا ف َعَلَه من باب اما اخْ ت َ ّ‬
‫ل من بَصَر َه كَمَا ذُك ِر فِي الْحَدِيث‬
‫فَيَظ ُنّ َأن ّه ر َأَ ى شَ خ ْصً ا من بَعْض أ ْزو َاجِه أَ و شَاه َد فِعْل ًا من غَيْر ِه و َلَم يَكُن على ما يخيل إلي ْه لَم ّا أصَابَه في بصره وضعف نظره لا لشئ‬
‫طرأ عليه في ميزه وإذا كان هذا لَم يَكُن ف ِيم َا ذَك َر من إصابة السحر لَه وتأثيره ف ِيه م َا يُدخل لبسا وَل َا يجد ب ِه الملحد المعترض ُأنْس ًا‬
‫سمِه‪ ،‬فأ َمّا أحْ وَالُه فِي ُأم ُور الدنيا فنحن نَسْب ِر ُه َا عَلَى أسلوبها المتقدم بالعقد والقول والفعل‪ ،‬أَ َمّا العَقْد مِنْهَا فَق َد‬
‫ج ْ‬
‫فصل هَذ َا ح َالُه فِي ِ‬
‫ن‬
‫سفْيَانُ ب ْ ُ‬ ‫يَعْتَق ِد فِي ُأم ُور الدنيا الشئ عَلَى وَجْه و َيْظَهر خِلافُه أَ و يَكُون مِن ْه عَلَى شَكّ أَ و ظَنّ بخلاف ُأم ُور ال َش ّرْع كَمَا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو َ‬
‫بحْرٍ ُ‬

‫الر ّاز ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو أَ حْمَد َ ب ْ ُ‬


‫ن عَم ْرَو َيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫س َ‬ ‫ن ع ُم َر َ‪ ،‬قَال ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ال ْع ََب ّا ِ‬ ‫حدٍ سَمَاعًا و َق ِرَاءَة ً قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْع ََب ّا ِ‬
‫س أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬ ‫ص و َغَي ْر ُ و َا ِ‬
‫الْع َا ِ‬

‫ل ح َ َ ّدثَنِي عِكْرِم َة ُ ح َ َ ّدثَنَا‬


‫ن مُحَم ّدٍ قَا َ‬ ‫اس الْعَن ْبَر ُِيّ و َأَ حْمَد ُ ال ْمَعْقِر ُِيّ قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا َ‬
‫الن ّض ْر ُ ب ْ ُ‬ ‫ن ُ‬
‫الر ّو ِم ِيّ وَع ََب ّ ٌ‬ ‫الل ّه ِ ب ْ ُ‬
‫سل ِم ٌ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬
‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬
‫ن ُ‬
‫اب ْ ُ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا ر َاف ِـ ُع‬
‫ي قَا َ‬ ‫أَ بُو َ‬
‫الن ّج َاش ِ ِ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله في ميزه( بفتح الميم وسكون المثناة التحتية بعدها زاى وهاء للضمير أي تمييزه وإفرازه )قوله نسبرها( بنون في أوله مفتوحة أو‬
‫مضمومة وسين مهملة ساكنة بعدها‬
‫موحدة يقال سبرته وأسبرته أي حزبته وجربته )قوله وعباس العنبري( عباس بباء موحدة وسين مهملة هو ابن عبد المنعم ابن اسماعيل‬
‫بن نوبة )قوله المعقرى( بفتح الميم وسكون العين وكسر القاف‪ ،‬و يقال أيضا بكسر الميم وفتح القاف و يقال أيضا بضم الميم وفتح العين‬
‫وكسر القاف المشددة‪ :‬منسوب إلى معقرة‪ ،‬ناحية باليمن )قوله أبو النجاشي( بفتح النون وتخفيف الجيم والشين المعجمة‪ :‬هو عطاء بن‬
‫ن خَد ٍِيج ويروى عنه الأوزاعي وغيره )*(‬
‫صهيب يروى عن مولاه ر َاف ِـ ُع ب ْ ُ‬

‫ل فَق َالَ‪) :‬م َا تَصْ ن َع ُونَ؟( قَالُوا‪ :‬ك َُن ّا نَصْ ن َع ُه ُ‪ ،‬قَالَ‪) :‬لَع َل ّـك ُ ْم‬ ‫س َل ّم َ ال ْمَدِين َة َ و َه ُ ْم ي ُأَ ب ّ ِر ُونَ َ‬
‫الن ّخْ َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ابن خَد ٍِيج قَالَ‪ :‬قَدِم َ رَسُو ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٥‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫)إ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ ِإذ َا أمرتكم بشئ م ِنْ دِينِك ُ ْم فَخُذ ُوا بِه ِ و َِإذ َا أم َْرتُك ُ ْم بشئ من‬
‫ك لَه ُفَق َالَ‪ِ :‬‬ ‫لَو ْ ل َ ْم تَفْع َلُوا ك َانَ خَيْر ًا( فَتَرَكُوه ُ فَنَفَض ْ‬
‫َت‪ ،‬فَذَك َر ُوا ذَل ِ َ‬

‫ِيث اب ْ ِن‬
‫ن( و َفِي حَد ِ‬ ‫)إ َن ّمَا ظَنَن ْتُ ظنا فلا تؤاخذني ب ِال َ ّ‬
‫ظ ِّ‬ ‫س )أَ ن ْتُم ْ أَ ع ْلَم ُ ب ِأَ ْمر ِ دُن ْيَاكُمْ( و َفِي حَد ٍ‬
‫ِيث آخَر َ ِ‬ ‫رأى ف َِإ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ( و َفِي رِو َايَة ِ أَ ن َ ٍ‬

‫ل ن َ ْفس ِي‬ ‫الل ّه ِ فَه ُو َ ح ّ ٌ‬


‫َق وَم َا قلُ ْتُ ف ِيه ِ م ِنْ ق ِب َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫)إ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ فَمَا ح َ َ ّدث ْتُك ُ ْم ع َ ِ‬
‫س َل ّم ِ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل رَسُو ُ‬ ‫س فِي ق َِصّ ة ِ الْخَر ْ ِ‬
‫ص فَق َا َ‬ ‫ع ََب ّا ٍ‬

‫ف َِإ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ أخطئ و َ ُأصِيبُ ( و َهَذ َا عَلَى م َا ق ََر ّرْن َاه ف ِيم َا قاله من ق ِب َل ن َ ْفسِه فِي ُأم ُور ال ُد ّن ْيَا وظنه من أحوالها ل َا م َا قاله من قَب ْل نفسه‬
‫س َل ّم ل َم ّا ن َز َ َ‬
‫ل بأدنى مياه بدر قَال لَه الحباب ابن المنذر‪ :‬أهذا‬ ‫واجتهاده فِي شرع شرعه وسنة سنها وكما حكى ابن إسحاق َإن ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الر ّأي والْحَر ْب والمكيدة( قَال ف َ َإن ّه لَي ْس بِمَنْز ِل‪،‬‬
‫ن نتقدمه أم ه ُو الرأي والحرب والمكيدة؟ قَال )ل َا بَل ه ُو َ‬
‫الل ّه لَي ْس لَنَا أَ ّ‬
‫منزل أنزلـكه َ‬
‫أنْه َض ح ََت ّى ن َأْ تِي أدْنى ماء من القوم فننزله ث ُم ّ نَغ َ َو ّر م َا وراءه‬
‫__________‬
‫)قوله ابن خديج(‬
‫بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة وفى آخره جيم )قوله يأبرون( بموحدة مخففة قبل الراء‪ ،‬وفى رواية الطبري يؤبرون بهمزة مفتوحة‬
‫وموحدة مشددة )قوله فنفضت( بنون وفاء وضاد معجمة أي أسقطت حملها‪ ،‬قال ابن قرقول م َا عَد َا هَذ َا الرواية تصحيف )قوله‬
‫الخرص( بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها صاد مهملة‪ :‬أي الحزر والتقدير )قوله الحباب( بضم الحاء المهملة وبموحدتين )قوله‬
‫حتى تعور( بالعين المهملة أو المعجمة وتشديد الواو‪ ،‬قال السهيلي بضم العين المهملة وسكون الواو‪ ،‬قال وقد جاء على لغة من يقول‬
‫قول القول وبوع للباع انتهى وقال الحافظ المرى تعوير القلب ‪ -‬بالعين المهملة ‪ -‬إفساده وتغويره بالمعجمة ‪ -‬إزالة المأمنة و َلَي ْس هَذ َا من‬
‫مقدور البشر بخلاف الأول )*(‬

‫فصل وأما ما يعتقده في أمور أحكام البشر الجار ية على يديه‬ ‫‪٤.٢.٣‬‬

‫س َل ّم )وَشَاوِرْه ُ ْم في الأمر(‬ ‫الل ّه تَع َالَى لَه صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫م ِن الق َل ْب فَنَشْر َب وَل َا يَشْر َبُون‪ ،‬فَق َال )أشَرْت َ‬
‫بالرأّْ ي( وفعل م َا قاله‪ ،‬و َق َد قَال َ‬
‫وأراد مصالحة بَعْض عدوه عَلَى ثلث تمر ال ْمَدِين َة فاستشار الْأَ نْصَار فَلَم ّا أخبروه برأيهم رجع عَن ْه‪ ،‬فمثل هَذ َا وأشباهه من أمور ال ُد ّن ْيَا التي‬
‫ل َا مدخل ف ِيهَا لعلم ديانة وَل َا اعتقادها وَل َا تعليمها يجوز عَلَي ْه ف ِيهَا م َا ذكرناه‪ِ ،‬إذ لَي ْس فِي هَذ َا كله نقيصة وَل َا محطة و َِإ َن ّمَا هِي ُأم ُور اعتيادية‬
‫س َل ّم مشحون القلب بمعرفة الربوبية ملآن الجوانح بعلوم الشر يعة‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يعرفها من جربها وجعلها همه وشغل نفسه بِهَا و َ‬

‫مقيد البال بمصالح ا ْل ُأ َمّة الدينية والدنيو ية و َلـَكِن هَذ َا َإن ّمَا يَكُون فِي بَعْض الأمور و يجوز في النادر و َف ِيم َا سبيله التدقيق فِي حراسة ال ُد ّن ْيَا‬
‫س َل ّم م ِن المعرفة بأمور ال ُد ّن ْيَا ودقائق مصالحها وسياسة‬ ‫واستثمارها ل َا فِي الـكثير المؤذن بالبله والغفلة و َق َد تواتر بالنقل عَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫فرق أهلها م َا ه ُو معجز فِي الب َشر م َِم ّا ق َد نبهنا عَلَي ْه فِي باب معجزاته من هَذ َا الْكِتَاب‪.‬‬
‫فصل و َأَ َمّا م َا يعتقده فِي أمور أحكام البشر الجار ية عَلَى يديه وقضاياهم ومعرفة المحق م ِن المبطل وعلم المصلح م ِن المفسد فبهذه السبيل‬
‫نحْوٍ م َِم ّا أسمع‪،‬‬ ‫ن بح َُجّ تِه ِ م ِنْ بَعْ ٍ‬
‫ض ف َأَ قْض ِي لَه ُعَلَى َ‬ ‫ضك ُ ْم أَ ْن يَكُونَ أَ لْح َ َ‬ ‫تخ ْت َصِ م ُونَ ِإل َيّ و َلَع َ َ ّ‬
‫ل بَعْ ُ‬ ‫)إ َن ّمَا أَ ن َا بَشَر ٌ و َِإ َن ّك ُ ْم َ‬
‫س َل ّم ِ‬ ‫لِقَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله ألحن بحجته( في الصحاح اللحن ‪ -‬بالتحر يك ‪ -‬الفطنة وقد لحن وفى الحديث )ولعل أحدكم ألحن بحجته( أي أفطن بها‪ ،‬ومنه‬
‫قَو ْل ع ُم َر بن عبد العزيز‪ :‬عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم فاطنهم انتهى )*(‬
‫الن ّارِ( * ح َ َ ّدثَنَا الْفَق ِيه أَ بُو ال ْوَلِيد رَحِم َه الل ّٰه حدثنا الحسين‬
‫ن َ‬ ‫شي ْئًا ف َِإ َن ّمَا أَ قْطَ ُع لَه ُ ق ِ ْطع َة ً م ِ َ‬
‫فَم َنْ ق َضي ْتُ لَه ُ م ِنْ حَقّ ِ أَ خِيه ِ بشئ فَلَا ي َأْ خ ُ ْذ مِن ْه ُ َ‬
‫بن محمد الحافظ حدثنا أبو ع ُم َر ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّد ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو بَك ْر ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاو ُد ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد بن كثير أَ خْبَر َن َا ُ‬
‫سفْيَان ع َن هِشَام بن ع ُْرو َة ع َن‬
‫ل‬ ‫س َل ّم )الْحَدِيث( و َفِي رِو َايَة ُ‬
‫الز ّهْرِيّ ع َن ع ُْرو َة( فَلَع َ َ ّ‬ ‫أبيه عن ز َي ْن َبَ بِن ْت ُأمّ سَلَم َة ع َن أم سَلَم َة قَالَت قَال رَسُول َ‬
‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٦‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫س َل ّم عَلَى ال َ ّ‬
‫ظاه ِر وَم ُوجَب غَلبَات‬ ‫يج ْري أحْك َام َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ض ف َأَ حْ سَبُ أَ َن ّه ُ صَادِقٌ ف َأَ قْضِيَ لَه ُ( و ُ‬
‫ضك ُ ْم أَ ْن يَكُونَ أَ بْل َ َغ م ِنْ بَعْ ٍ‬
‫بَعْ ُ‬
‫الل ّه فِي ذَل ِك ف َ َإن ّه تَع َالَى لَو شَاء لأطْ لَع َه‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة َ‬ ‫ظنّ ب ِشِه َاد َة ال َ ّ‬
‫شاه ِد و َيَمين الحَالف وَم ُراعَاة الأشْ ب َه وَمَعْرِف َة العْف َاص و َالْوِك َاء م َع مُقْت َض َى ِ‬ ‫ال َ ّ‬
‫مخَب ّآت ضَمَائر ُأ َمّت ِه فَت َولَ ّى الحُكْم بَيْنَه ُم بِمُج ََر ّد يَق ِين ِه وَع ِل ْم ِه دون ح َاج َة ِإلَى اع ْتِر َاف أَ و بَي ّن َة أَ و يَمِين أَ و ُ‬
‫شبْه َة و َلـَكِن لَم ّا‬ ‫عَلَى سَر َائ ِر عِبَادِه و َ ُ‬
‫الل ّه أ َمّت َه باتباعه والاقتداء ب ِه فِي أفْع َالِه و َأحْ وَالِه و َقَضَاي َاه وَسِيَر ِه وَك َان هَذ َا‬
‫أم َر َ‬
‫الل ّه ب ِه لَم يَكُن لل ْ ُأ َمّة سَب ِيل إلى الاق ْتِد َاء ب ِه فِي شئ من ذَل ِك وَل َا قَام َت حُ َ ج ّة بِق َضِ َي ّة من قَضَاي َاه لأحد‬ ‫لَو ك َان م َِم ّا َ‬
‫يخ ْت َّص ب ِع ِل ْم ِه و َيُؤ ْث ِر ُه َ‬
‫فِي شَر ِيعته لأ َن ّا ل َا نَعْلَم م َا ُأطْ لـِ ـع عَلَي ْه ه ُو فِي تِل ْك الْق َضِ َي ّة بح ْ‬
‫كم ِه ه ُو إذ َا في ذلك‬
‫__________‬
‫)قوله ابن كثير( هو بفتح الكاف وكسر المثلثة )قوله العفاص( بكسر العين المهملة وتخفيف الفاء وفى آخره صاد مهملة‪ :‬هو الوعاء‬
‫الذى يكون فيه الشئ وفيه عفاص القارورة للجلد أي بلبسه رأسها )قوله والوكاء( بكسر الواو والمد هو الخيط الذى يشد به الوعاء‪ ،‬ثم‬
‫ل م َا يربط به‪ :‬صرة أو غيرها )*(‬
‫استعمل فِي ك ُ ّ‬

‫فصل وأما أقواله الدنيو ية من أخباره عن أحواله وأحوال غيره‬ ‫‪٤.٢.٤‬‬

‫الل ّه تَع َالَى أحْكام َه عَلَى ظَوَاهِرِه ِم التي يَسْت َوي‬


‫جر َى َ‬
‫الل ّه لَه بِمَا أطلعه عَلَي ْه من سرائرهم و َهَذ َا م َا ل َا تَعْلَم ُه الأمة فأَ ْ‬
‫بالمكنون م ِن إعلام َ‬
‫فِي ذَل ِك ه ُو و َغَي ْر ُه م ِن ال ْب َش َر ليُت ِم ّ اق ْت َداء أ َمّت َه ب ِه فِي تَعْيين قَضَاي َاه و َتَنْز ِيل أحْكام ِه و يأْ تُون ما أتَو ْا من ذَل ِك عَلَى عِل ْم و َيَق ِين من سُن ّت ِه‪ِ ،‬إذ‬
‫ظاه ِر أجْلى فِي البَيَان و َأوْضَ ح فِي وُجُوه الأحْك َام‬ ‫الل ّفْظ وتأو يل المُت َأ َ ّول وَك َان ح ُ ْ‬
‫كم ُه عَلَى ال َ ّ‬ ‫ال ْبَيَان بالْفِعْل أوْق َع مِن ْه بالقَو ْل وأرفع الاحتمال َ‬
‫الت ّشَاج ُر والخِصَام و َلِيقْتَدِي بِذَل ِك كله حُك َام أ َمّت َه ويُسْتَو ْثَق بِمَا يُؤ ْث َر عَن ْه ويَنْضَب ِط قَانُون شَر ِيعت ِه و َط ّ‬
‫ي ذَل ِك عَن ْه‬ ‫و َأكْ ث َر فائِد َة لم ُِوجِبَات َ‬
‫من عِل ْم الغَي ْب ال َ ّذ ِي اسْ ت َأْ ث َر ب ِه عَالِم الغَي ْب فَلَا ي ُ ْظه ِر عَلَى غَي ْب ِه أحَدًا إ َلّا من ارْتَض َى من رَسُول فيعلمه مِن ْه بما شاء ويستأثر بِمَا شَاء وَل َا‬
‫يقدح هَذ َا فِي نبوته وَل َا يفصم ع ُْرو َة من عصمته‬
‫ل حال‬ ‫فصل و َأَ َمّا أقواله الدنيو ية من أخباره ع َن أحواله وأحوال غَيْر ِه وَم َا ي َ ْفعَلُه أَ و فعله فَق َد قدمنا أَ ّ‬
‫ن الخل ُ ْف ف ِيهَا ممتنع عَلَي ْه فِي ك ُ ّ‬
‫س َل ّم‪.‬‬ ‫و َعَلَى أي وجه من عمد أَ و سهو أَ و صحة أَ و مرض أَ و رَض ِي أَ و غضب و ََأن ّه معصوم مِن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫هَذ َا ف ِيم َا طر يقه الخـبر المحض م َِم ّا يدخله الصدق والـكذب فأما المعار يض الموهم ظاهرها خِلَاف باطنها فجائز ورودها مِن ْه فِي ا ْل ُأم ُور‬
‫ال ُد ّن ْيَوِ َي ّة ل َا َِ‬
‫س ّيم َا لِق َصْ د المَصْ لَح َة كَتَو ْريَته ع َن وَجْه‬
‫__________‬
‫)قوله بما أتوا( بقصر الهمزة أي بما جاؤا )قوله ولا يفصم( بالفاء والصاد المهملة‪ :‬من فصم الشئ كسره من غير أن بين )*(‬
‫مَغ َاز ي ِه لِئَل ًا يأْ خ ُذ العَد ُ ّو ح ّذر َه وكما رُوِي من ممازَحِت ِه وَد ُعَابَتِه لِبَسْط أ َمّت َه وتطبيب قُلُوب ال ْمُؤْم ِنين من صَ حَابتِِه وتأْ كِيدًا فِي تَح َُب ّبِهم وَم َس َ َرّة‬
‫ل جم َل‬
‫ن كُ ّ‬ ‫اض؟( و َهَذ َا ك ُل ّه ِ‬
‫صدْق ل ِأَ ّ‬ ‫جه َا‪) :‬أَ ه ُو َ ال َ ّذ ِي ب ِعَي ْنِه ِ بَي َ ٌ‬
‫الن ّاقَة ِ و َقَو ْلُه ُ لِل ْمَر ْأَ ة ِ َال ّتِي سَأَ لَت ْه ُ ع َنْ ز َ ْو ِ‬
‫ك عَلَى اب ْ ِن َ‬
‫كقَو ْلِه لأَ ْحم ِل َن ّ َ‬
‫نُف ُوسِه ِم َ‬
‫حق ًا‪ ،‬هَذ َا كُل ّه ف ِيم َا بابُه الخـَب َر * ف َأَ َمّا م َا‬
‫ل ِإ َلّا َ‬
‫ح وَل َا أَ قُو ُ‬ ‫س َل ّم ِ‬
‫)إن ِ ّي لأَ م َْز ُ‬ ‫ل إنْس َان بِعَي ْن ِه بَيَاض؟( و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ابن ناقة وَك ُ ّ‬

‫بابُه غَي ْر الخـَب َر م َِم ّا صُور َتُه صُور َة الأمْر و َال َنّهْ ي فِي ا ْل ُأم ُور ال ُد ّن ْي َو َي ّة فَلَا يَصِ حّ مِن ْه أيْضًا وَل َا يَج ُوز عليه أن يأمرا أحدا بشئ أَ و يَنْهي أحدًا‬
‫ْب؟‬ ‫س َل ّم )م َا كان لنبي أَ ْن تَكُونَ لَه ُ خ َائنِ َة ُ الأَ ع ْيُنِ( ف َ َ‬
‫كي َْف أَ ْن تَكُونَ لَه ُ خ َائنِ َة ُ قَل ٍ‬ ‫عن شئ و َه ُو يُبْط ِن خلافه و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الل ّه‬
‫ك زوجك( الآية؟ فاع ْلَم أَ ك ْرَم َك َ‬ ‫ل ل َِل ّذ ِي أَ ن ْعَم َ َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َأَ ن ْعَمْتَ عَلَيْه ِ أَ ْمسِكْ عَلَي ْ َ‬ ‫ف َِإ ْن قلت فما معني قوله تعالى في ق َِصّ ة ِ ز َيْدٍ )و َِإ ْذ تَق ُو ُ‬

‫ُحب تَطْليق َه إ َي ّاه َا كما ذُك ِر ع َن جَمَاع َة م ِن‬


‫كه َا و َه ُو ي ّ‬ ‫س َل ّم ع َن هَذ َا ال َ ّ‬
‫ظاه ِر وأن ي َأْ م ُر ز َيْد ًا بإ ْمسَا ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَل َا تَسْتَر ِب فِي تَنْز ِيه َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٧‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الل ّه تَع َالَى ك َان أَ ع ْلَم نَب َِي ّه أن ز َي ْن َب سَتَكُون من أزَو َاجِه فَلَم ّا‬
‫ن َ‬ ‫الت ّفْسير ع َن عَلِيّ بن حسين أَ ّ‬‫ال ْمُفَسّر ِين و َأصَ ح ّ م َا فِي هَذ َا م َا حَك َاه أَ ه ْل َ‬
‫__________‬
‫ك عَلَى اب ْ ِن الناقة( هو بكسر الكاف خطاب لحاضنته أم أيمن لما روى سعد‬ ‫)قوله ودعابته( بضم الدال المهملة أي مزاحه )قوله لأَ ْحم ِل َن ّ َ‬
‫بإسناده أن أم أيمن جاءت إلى رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فقالت احملني قال )احملك على ولد الناقة( فقالت إليه إنه لا يطيقني‪.‬‬
‫فقال )لا أحملك إلا على ولد الناقة والإبل كلها ولد النوق( )قوله خائنة الأعين( قال ابن الصلاح في مشكله قيل هي الإيماء بالعين‬
‫س َل ّم َ وجهه في غزوة مؤنة )قوله أن زينب( هي‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وقيل مفارقة النظر )قوله في قصة زيد( هو ابن حارثة مَو ْلَى رَسُو ِ‬
‫بنت جحش وفى أزواجه عليه السلام زينب أخرى بنت )*(‬
‫الل ّه مُب ْدي ِه وَم ُ ْظه ِر ُه‬
‫الل ّهَ( وأخْ فَى مِن ْه فِي ن َ ْفسِه ما أعلمه الل ّٰه به من أنه يتزوجها بما َ‬ ‫ق َ‬‫ك و ََات ّ ِ‬
‫ك ز َ ْوج َ َ‬
‫شك َاه َا إلي ْه زيد قَال لَه )أَ ْمسِكْ عَلَي ْ َ‬
‫َ‬
‫الل ّه ي ُز َ ّوج ُه‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم يُعْل ِم ُه أَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جبْر ِيل عَلَى َ‬ ‫بِتمََام ال َت ّزْوِيج وَطَلَاق ز َي ْد لَهَا‪ ،‬وَرَو َى نحو عَم ْرو بن فائِد ع َن ُ‬
‫الز ّهْرِيّ قَال ن َز َل ِ‬
‫الل ّه ِ مَفْع ُولا( أي ل َا‬
‫ز َي ْن َب بِنت جَ ح ْش فَذ َل ِك ال َ ّذ ِي أخْ فَى فِي ن َ ْفسِه‪ ،‬و يُص ََحّ ح هَذ َا قَو ْل ال ْمُفَسّر ِين فِي قَو ْلِه تَع َالَى بَعْد هَذ َا )وَك َانَ أَ مْرُ َ‬
‫س َل ّم م َِم ّا ك َان أع ْلَم َه‬ ‫ل َأن ّه ال َ ّذ ِي أخْ ف َاه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن الل ّٰه لَم يُب ْد من أ ْمر ِه معها غَي ْر زَو َاجِه لَهَا‪ ،‬فَد َ ّ‬ ‫جه َا‪ ،‬و َي ُ ِ‬
‫وضح هَذ َا أَ ّ‬ ‫ب ُ ّد ل َك أن تَتَز َ َ ّو َ‬
‫ل َأن ّه لَم يَكُن عَلَي ْه حرج فِي الأمر‪،‬‬
‫الل ّه ُ لَه ُ س َُن ّة َ الل ّٰه( الآيَة‪ ،‬فَد َ ّ‬ ‫ب ِه تَع َالَى و َقَو ْلُه تَع َالَى فِي الْق َِصّ ة‪) :‬م َا ك َانَ عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ م ِنْ حَر ٍَج ف ِيم َا ف َر ََض َ‬

‫الل ّه ِ فِي ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن خ َلَو ْا م ِنْ قَبْلُ( أي‬ ‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬س َُن ّة َ َ‬ ‫الل ّه ليؤثم نبيه ف ِيم َا أحل لَه مثال فعله لمن قبله م ِن ُ‬
‫الر ّسُل‪ ،‬قَال َ‬ ‫قَال ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ م َا ك َان َ‬
‫س َل ّم عِن ْد م َا أعْجَبَت ْه ومحبته‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّب ِيّين ف ِيم َا أحل لَه ُم و َلَو ك َان عَلَى م َا رُوِي فِي حَدِيث قَتَاد َة من و ُق ُوعه َا من قَل ْب َ‬
‫م ِن َ‬
‫طلاق زيد لَهَا لكان ف ِيه أعظم الحرج وَم َا ل َا يليق ب ِه من مد عَي ْنَي ْه لَم ّا‬
‫نُهِ ي عَن ْه من زهرة الحياة ال ُد ّن ْيَا ولكان هَذ َا نفس الحسد المذموم ال َ ّذ ِي ل َا يرضاه وَل َا يتسم ب ِه الأتقياء‪ ،‬فكيف سَي ّد الْأَ ن ْب ِيَاء؟ قَال‬
‫س َل ّم وبفضله وكيف يقال رآها فأعجبته وَهِي بِن ْت عمته و َلَم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الْقُشَيْر ِيّ و َهَذ َا إقدام عظيم من قائله وقلة معرفة بحق َ‬
‫يزل يراها‬
‫__________‬
‫خريمة تزوجها فِي ش َ ْهرِ رَمَضَانَ على رأس أخذ وثلاثين شهرا من الهجرة ومكثت عنده ثمانية أشهر وتوفيت ودفنت بالبقيع )قوله ابن‬
‫فائد( بالفاء وكذا ذكره ابن ماكولا )قوله وَهِي بِن ْت عمته( لأن أمها أمية بنت عبد المطلب )*(‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫الل ّه طلاق زيد لَهَا وتزويج َ‬ ‫س َل ّم و َه ُو زوجها لزيد؟ و َِإ َن ّمَا َ‬
‫جع َل َ‬ ‫مُن ْذ ولدت وَل َا ك َان النّسَاء يحتجبن مِن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫س َل ّم إياها لإزالة حرمة التبني وإبطال سنته كَمَا قَال‪) :‬م َا ك َانَ مُح َم ّدٌ أَ ب َا أَ حَدٍ م ِنْ رِج َالـِكُمْ( * وقال )لكيلا يَكُونَ عَلَى ال ْمُؤْم ِنِينَ‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم ل ِز َي ْد‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن ق ِيل فَمَا الفائدة فِي أمر َ‬ ‫الل ّي ْث ال َ ّ‬
‫سمْر َقَنْدِيّ ف َِإ ّ‬ ‫نح ْو َه لابن فورك‪ ،‬و َقَال أَ بُو َ‬
‫َاج أَ ْدعِيَائِهِمْ( ‪ ،‬و َ َ‬
‫ج فِي أَ ْزو ِ‬
‫حَر َ ٌ‬
‫س َل ّم ع َن طلاقها ِإذ لَم تكن بَيْنَهُم َا ألفة وأخفى فِي نفسه م َا أعلمه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه أَ ع ْلَم نبيه أ َ ّنهَا زوجته فنهاه َ‬
‫ن َ‬ ‫كه َا فَه ُو أَ ّ‬
‫بإ ْمسَا ِ‬
‫الل ّه بزواجها ليُبَاح مِث ْل ذَل ِك لأمته كما قال تعالى )لكيلا يَكُونَ عَلَى‬ ‫الل ّه ب ِه فَلَم ّا طلقها زيد خشي قَو ْل َ‬
‫الن ّاس يتزوج امْرَأَ ة ابنه فأمره َ‬ ‫َ‬
‫َاج أَ ْدعِيَائِهِمْ( و َق َد ق ِيل ك َان أمره لزيد بإمساكها قمع ًا للشهوة ورد ًا للنفس ع َن هواها وهذا إذا جوزنا عَلَي ْه َأن ّه‬
‫ج فِي أَ ْزو ِ‬
‫ال ْمُؤْم ِنِينَ حَر َ ٌ‬
‫رآها فجأة واستحسنها ومثل هَذ َا ل َا نكرة ف ِيه لَم ّا طبع عَلَي ْه ابن آد َم م ِن استحسانه الْحَسَن ونظرة الفجأة معفو عنها ث ُم ّ قمع نفسه عَنْهَا وأمر‬
‫زيد ًا بإمساكها و َِإ َن ّمَا تنكر‬
‫تِل ْك الز يادات َال ّتِي فِي الْق َِصّ ة والتعو يل والأولى م َا ذكرناه ع َن عَلِيّ بن حسين وحكاه ال َ ّ‬
‫سمْر َقَنْدِيّ وهو قول ابن عَطَاء واستحسنه الْق َاض ِي‬
‫س َل ّم منزه ع َن‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الت ّ ْفسِير‪ ،‬قَال و َ‬
‫الْقُشَيْر ِيّ وعليه عول أَ بُو بَك ْر بن فورك و َقَال َإن ّه مَعْن َي ذَل ِك عِن ْد المحققين من أَ ه ْل َ‬

‫الل ّه َ‬ ‫الل ّه ع َن ذَل ِك بِقَو ْلِه تَع َالَى )م َا ك َانَ عَلَى َ‬


‫الن ّب ِ ِيّ م ِنْ حَر ٍَج ف ِيم َا ف َر ََض َ‬ ‫استعمال النفاق فِي ذَل ِك وإظهار خِلَاف م َا فِي نفسه و َق َد نزهه َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٨‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ل ومن ظن ذَل ِك‬‫لَه ُ( قَا َ‬


‫__________‬
‫)قوله فجأة( بفتح الفاء وسكون الجيم بعدها همزة‪.‬‬
‫وبضم الفاء وفتح الجيم والمد )*(‬

‫فصل فإن قلت قد تقررت عصمته صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٤.٢.٥‬‬

‫س َل ّم فَق َد أخطأ قَال و َلَي ْس مَعْن َي الخشية ه ُنَا الخوف و َِإ َن ّمَا مَعْنَاه الاستحياء أَ ي يستحيي مِنْه ُم أَ ّ‬
‫ن يقولوا تزوج ز َ ْوج َة‬ ‫بالنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم م ِن َ‬
‫الن ّاس ك َان َت من إرجاف المنافقين واليهود تشغيبهم عَلَى ال ْمُسْل ِمِين بقولهم تزوج ز َ ْوج َة ابنه بَعْد‬ ‫ن خشيته صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ابنه و َأَ ّ‬
‫الل ّه عَلَى هَذ َا ونَز ّه َه ع َن الال ْتِف َات ِإلَيْه ِم ف ِيم َا أحَلّه لَه كَمَا ع َتَب َه عَلَى م ُرَاعَاة رَض ِي أزواجه‬
‫نهيه ع َن نكاح حلائل الأبناء كَمَا ك َان ف َعتَب َه َ‬
‫اس و ََالل ّه ُ أَ ح َُقّ أن تخشاه( و َق َد رُوِي ع َن‬ ‫تخ ْش َى َ‬
‫الن ّ َ‬ ‫الل ّه ُ لَكَ( الآيَة‪ ،‬كَذَل ِك قَو ْله‪ :‬لَه هه ُنَا )و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫في سورة التحريم بقوله‪) :‬لِم َ تُح َرِ ّم ُ م َا أَ ح َ َ ّ‬
‫س َل ّم َ‬
‫شي ْئًا لـَكَتم هذا الآيَة لَم ّا ف ِيهَا من عَت ْب ِه و َإبْد َاء م َا أخْ ف َاه‬ ‫الل ّه صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫الْحَسَن وعائشة‪ :‬لَو كَتَم رَسُول َ‬
‫س َل ّم فِي أق ْوَاله فِي جَم ِيع أَ حْ وَالِه و ََأن ّه ل َا يَصِ حّ مِن ْه ف ِيهَا خ ُل ْف وَل َا اضْ ط ِرَاب فِي عَم ْد‬ ‫ن قلُ ْت ق َد تَق َرّر َت عِصْ م َت ُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فصل ف َِإ ّ‬
‫س َل ّم ال َ ّذ ِي‬ ‫صح ّة وَل َا م َرَض وَل َا ج َ ّد وَل َا م َْزح وَل َا رِض ّى وَل َا غَضَب و َلـَكِن م َا مَعْن َي الْحَدِيث فِي وَص َِي ّت ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَل َا سَهْو وَل َا ِ َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو ال ْوَلِيدِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ذ َ ٍرّ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو مُحَم ّدٍ و َأَ بُو الهيثم و َأَ بُو ِإ ْسحَاقَ قَالُوا ح َ َ ّدثَنَا‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا بِه ِ الْق َاض ِي ال َش ّه ِيد ُ أَ بُو عَل ِ ٍيّ رَحِم َه ُ َ‬
‫الل ّه ُ قَا َ‬

‫الل ّه ِ‬
‫ن ع ُبَيْدِ َ‬
‫ِي ع َ ِ‬ ‫ن ُ‬
‫الز ّهْر ّ ِ‬ ‫ن ه َم ّا ٍم أَ خْبَر َن َا مَعْم َر ٌ ع َ ِ‬
‫ق بْ ُ‬ ‫الل ّه ِ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ َ‬
‫الر ّ َزّا ِ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا عَل ِ ُيّ ب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ َ‬ ‫ُف ح َ َ ّدثَنَا مُح َم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ِإسْمَاعِي َ‬ ‫ن يُوس َ‬‫مُح َم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫__________‬
‫الر ّ َزّاق( ع َن همام عن معمر( هذا يقع في كثير من النسخ والصواب ما في بعضها وهو عبد الراق بن همام أو عَب ْد الر ّزّاق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫)قوله عَب ْد َ‬
‫ع َن معمر لأن عبد الرزاق لا يروى = )*(‬
‫س َل ّم َ )ه َل ُم ّوا‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل فَق َا َ‬ ‫س َل ّم َ و َفِي ال ْبَي ِ‬
‫ْت رِج َا ٌ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س قَال لَم ّا احْ تُضِر َ رَسُو ُ‬ ‫الل ّه ِ ع َ ِ‬
‫ن اب ْ ِن ع ََب ّا ٍ‬ ‫ابن عَبْدِ َ‬
‫س َل ّم َ ق َ ْد غَلَب َه ُ ال ْو َ َ‬
‫ج ُع )الْحَدِيثَ ( و َفِي رِو َايَة )آتُونِي أَ كْ ت ُْب‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن رَسُو َ‬ ‫أَ كْ ت ُبُ لـَك ُ ْم ك ِتَاب ًا لَنْ تَضِ ُل ّوا بَعْدَه ُ( فَق َا َ‬
‫ل بَعْضُه ُ ْم ِإ َ ّ‬
‫الن ّب ِ َيّ‬
‫ن َ‬ ‫ض طُر ُقِه ِ‪ِ :‬إ َ ّ‬
‫ن ال َ ّذ ِي أَ ن َا ف ِيه ِ خَيْر ٌ( و َفِي بَعْ ِ‬ ‫لـَك ُ ْم ك ِتَاب ًا لَنْ تَضِ ُل ّوا بَعْدِي أَ بَد ًا( فَتَنَازَع ُوا فقالوا ماله أَ هَج َرَ‪ :‬اسْ ت َ ْفهِم ُوه ُ‪ ،‬فَق َا َ‬
‫ل )دَع ُونِي ف َِإ َ ّ‬
‫س َل ّم َ يَهْجُر ُ‪.‬‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم ق َد اشتد ب ِه الوجع وعندنا ك ِتَاب َ‬
‫الل ّه حسبنا وكثر‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫هج ْر‪ ،‬ويروى أهجرًا‪ ،‬و َف ِيه فَق َال ع ُم َر إ ّ‬
‫و َفِي رِو َايَة هَج َر ويُرْوى أ ُ‬
‫س َل ّم ك ِتَاب ًا‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫اللعط فمال ق ُوم ُوا ع ََن ّي و َفِي رِو َايَة و َاخْ تَلَف أَ ه ْل البَي ْت و َاخْ ت َ َ‬
‫صم ُوا فمَِنْه ُم من يَق ُول ق َرِّبوا يَكْت ُب لـَك ُم رَسُول َ‬
‫س َل ّم غَي ْر معصوم م ِن الأمْرَاض وَم َا يَكُون من ع َوَارِضِه َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَمِنْه ُم من يَق ُول ما قَال ع ُم َر‪ ،‬قَال أئ َِم ّتُنَا فِي هَذ َا الْحَدِيث أن َ‬
‫سمِه مَعْصُوم أن يَكُون مِن ْه م ِن القَو ْل أث ْنَاء ذَل ِك م َا يَطْع َن فِي مُعْجِزَت ِه و َيُؤَدِي إلى فَسَاد فِي‬ ‫نح ْو َه م َِم ّا يَطْرَأ عَلَى ِ‬
‫ج ْ‬ ‫من شِدة وَجَع غشى و َ َ‬
‫شَر ِيع َت ِه من هَذ َي َان أَ و اخْ ت ِلال فِي الكلام‪.‬‬
‫و َعَلَى هَذ َا ل َا يَصِ حّ ظَاه ِر رِو َايَة من روى فِي الحديث هجر‬
‫__________‬
‫= عن همام واسم أبيه همام‪.‬‬
‫ويروى عن معمر‪.‬‬
‫ومعمر بفتح الميمين وسكون العين المهملة )قوله أهجر( بفتح الهمزة والهاء والجيم و َفِي رِو َايَة هَج َر بفتح الهاء والجيم من غير همزة‪.‬‬
‫وفى رواية أهجر بفتح الهمزة وضم الهاء قال ابن الأثير أي هل تغير كلامه واختلط لما به من المرض‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٥٩‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫وهذا أحسن ما يقال فيه ولا يجعل إخبارا فيكون من الفحش والهذيان والقائل كان عمر لا يظن به ذلك انتهى‪ ،‬وقد أفرد ابن دحية‬
‫هذه اللفظة بتأليف )*(‬
‫هج ْرًا إذ هذى‪ ،‬وأهجر هجرا إذ َا أفْحَش‪ ،‬و َأَ هَج َر تَعْدية هَج َر‪ ،‬و َِإ َن ّمَا الأصَ ح ّ و َالأوْلى أَ هَج َر؟ عَلَى َطرِ يق الإن ْكار عَلَى من‬
‫ِإذ مَعْنَاه هذى يُق َال هَجر ُ‬
‫الر ّو َاة فِي حَدِيث ُ‬
‫الز ّهْرِيّ المُتَقَدّم‪ ،‬و َفِي حَدِيث مُح َم ّد بن سَلَام ع َن‬ ‫قَال لا يكتب‪ ،‬هكذا رِوايَتُنَا ف ِيه في صحيح ال ْب ُخ َارِيّ من رِو َايَة جميع ُ‬

‫سفْيَان وَع َن غَيْر ِه و َق َد تحمل‬


‫سل ِم فِي حَدِيث ُ‬ ‫طه فِي ك ِتابه و َغَي ْر ُه من هذه ال ُ ّ‬
‫طر ُق وكذا رَو َي ْنَاه ع َن م ُ ْ‬ ‫ابن ع ُيَي ْن َة وَكَذ َا ضبَطَه الأصِيلِيّ بِ خ َ َ ّ‬
‫عَلَي ْه رِو َايَة من رَو َاه هجر عَلَى حذف أَ ل ْف الاستفهام والتقدير أهجر؟ أَ و أن يُحْم َل قَو ْل القائل هجر أَ و أهجر دَهْشَة من قَائل ذَل ِك وحيرة‬
‫م بالكتاب ف ِيه ح ََت ّى لَم‬
‫س َل ّم وشدة وجعه والمقام ال َ ّذ ِي اخْ تُل ِف ف ِيه عَلَي ْه والأمْر ال َ ّذ ِي ه َ ّ‬ ‫الر ّسُول صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫لعظيم م َا شاهد من حال َ‬
‫يَضبط هَذ َا القائل لفظه وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع ل َا َأن ّه اعتقد َأن ّه يجوز عَلَي ْه الهجر كَمَا حملهم الإشفاق عَلَى حراسته والل ّٰه يَق ُول‬
‫هج ْرا ‪ -‬وَهِي رِو َايَة أَ بِي ِإ ْسحَاق المُسْتَمْل ِي فِي َ‬
‫الصّ حِيح فِي حديث ابن جُبَي ْر ع َن‬ ‫الن ّاسِ( ونحو هَذ َا * و َأَ َمّا عَلَى رِو َايَة أ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ك مِ َ‬
‫)و ََالل ّه ُ يَعْصِ م ُ َ‬
‫س َل ّم و ُ‬
‫مخَاطَب َة لَه ُم من بَعْضُه ُم أَ ي‬ ‫ابن ع ََب ّاس من رِو َايَة قُتَي ْب َة ‪ -‬فَق َد يَكُون هَذ َا ر َاجع ًا ِإلَى المخُ ْتَلِف ِين عِنْد َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم و َبَي ْن يَد َي ْه ُ‬
‫هج ْرًا ومنكرا‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جئ ْتُم باختلافكم عَلَى رَسُول َ‬
‫ِ‬
‫__________‬
‫)قوله في حَدِيث مُحَم ّد بن سلام( هو السكندرى‪ ،‬قال الذهبي ما ذكر فيه الخطيب ولا ابن ماكولا سوى التخفيف‪ ،‬وقال ابن قرقول‬
‫والمصنف في المشارق نقله الأكثر )قوله وأجرى الهجر( بفتح الهاء وإسكان الجيم وهو الهذيان )قوله مجرى( بضم الميم لأنه من أجرى‬
‫)قوله أهجرا( بفتح الهاء )قوله المستملى( بمثناة فوقية بعد السين المهملة )قوله هجرا( بضم الهاء وسكون الجيم‪ :‬اسم من الإهجار )‪- ١٣‬‬
‫‪ (٢‬بمعنى الإفحاش في النطق )*(‬
‫كي ْف اخْ تَلَف ُوا بَعْد أ ْمر ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫م ال ْهَاء‪ :‬الف ُحْ ش فِي المَنْط ِق و َق َد اخْ تُل ِف ال ْع ُلمَاء فِي مَعْن َي هَذ َا الْحَدِيث و َ َ‬
‫م ِن القَو ْل‪ ،‬واله ُجْ ر ب ِض َ ّ‬
‫ل ق َد َظه َر من ق َرَائ ِن‬ ‫س َل ّم ي ُ ْفه َم إ يجَابُهَا من ن َ ْدبِهَا من إبا َ‬
‫حتِهَا بِق َرَائ ِن‪ ،‬فَلَع َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم أن ي َأْ تُوه بالكتَاب‪ ،‬فَق َال بَعْضُه ُم أو َام ِر َ‬
‫وَ َ‬
‫س َل ّم لِبَعْضُه ُم ما فهموا أنه لم تكن منه عزمة بل أمر رده إلى اختيارهم وبعضهم لَم ي َ ْفه َم ذَل ِك فَق َال‪ :‬اسْ ت َ ْفهِم ُوه‪،‬‬ ‫قَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫َف عَن ْه ِإذ لَم يَكُن ع َْزم َة ولما ر َأَ وْه من صَوَاب ر َأْ ي ع ُم َر‪ :‬ث ُم ّ هَؤْل َاء قَالُوا و َيَكُون امْت ِنَاع ع ُم َر ِإ َمّا إشْ ف َاقًا عَلَى َ‬
‫فَلَم ّا اخْ تَلَف ُوا ك ّ‬
‫س َل ّم اشْ ت َ ّد ب ِه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم من تَكْلِيفه فِي تِل ْك الحَال إمْلَاء الْكِتَاب وأن ت َ ْدخ ُل عَلَي ْه مَشَ َ ّقة من ذَل ِك كَمَا قَال إن َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫ن يكْت ُب ُأم ُور ًا يَعْجَز ُون عَنْهَا فَي َحْ صَلُون فِي الحَر َج بال ْم ُخ َالف َة وَر َأى أن الأرفق ب ِا ْل ُأ َمّة فِي تِل ْك الأمور ِ‬
‫سع َة‬ ‫خش ِي ع ُم َر أَ ّ‬
‫ال ْوَجَع‪ ،‬و َق ِيل َ‬
‫الل ّه تَع َالَى قَال‪:‬‬
‫ن َ‬ ‫خط ِئ م َأْ جُور ًا‪ ،‬و َق َد علم ع ُم َر تق َر ّر الشّرْع و َت َأْ سِيس المل ِّة و َأَ ّ‬ ‫الن ّظَر وَطَلب َ‬
‫الصّ وَاب فَيَكُون المُصِ يب وال ْم ُ ِ‬ ‫الاجْ تِهَاد و َحكْم َ‬
‫)ال ْيَوْم َ أَ كْ مَل ْتُ لـَك ُ ْم‬
‫الل ّه ِ ر َ َدّ عَلَى ما ن َاز َع َه ُ ل َا عَلَى أَ ْمر ِ َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى‬ ‫الل ّه ِ وَعِتْرَتِي( وقوله ع ُم َرَ‪َ :‬‬
‫حسْبُنَا ك ِتَابُ َ‬ ‫اب َ‬‫س َل ّم ) ُأوِصيك ُ ْم بِكِت َ ِ‬ ‫دينكم( و َقَو ْلُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫خشِي َ تَط َُر ّقَ المُنَافِق ِين وَم ِن فِي قَل ْبه م َرَض لَم ّا كُت ِب فِي ذَل ِك الْكِتَاب فِي الخلَ ْو َة وأن يَتَق َ َو ّلُوا فِي‬ ‫س َل ّم َ‪ ،‬و َق َ ْد ق ِيلَ‪ِ :‬إ َ ّ‬
‫ن ع ُم َر َ َ‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم لَه ُم عَلَى َطرِ يق المَشْور َة و َالاخْ ت ِبَار وهل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ذَل ِك الأقاو يل كادّعاء الرّافِضَة الوَصِي ّة و َغَي ْر ذَل ِك‪ ،‬و َق ِيل َإن ّه ك َان م ِن َ‬
‫يَت ّفق ُون عَلَى ذَل ِك أم يختلفوا(‬
‫__________‬
‫)قوله المشورة( في الصحاح‪ :‬المشورة الشورى وكذلك المشورة بضم الشين‪ ،‬تقول منه شاورته واستشرته )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٠‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫فصل فإن قيل فما وجه حديثه أيضا‬ ‫‪٤.٢.٦‬‬

‫مجيبًا فِي هَذ َا الْكِتَاب لَم ّا طُل ِب مِن ْه ل َا َأن ّه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم ك َان ُ‬ ‫ن َ‬ ‫فَلَم ّا اخْ تَلَف ُوا ت َرَك َه‪ ،‬و َقَالَت طَائِف َة ُأ ْ‬
‫خر َى‪ :‬أن مَعْن َي الْحَدِيث أَ ّ‬
‫ل فِي مِث ْل هَذِه الْق َِصّ ة بقول‬
‫أصحَاب ِه ف َأج َاب رَغْبَتَهم وَك َر َه ذَل ِك غيرهم لِل ْعِل َل َال ّتِي ذَكَر ْن َاه َا‪ ،‬و َاسْ تُدِ ّ‬
‫ابتَد َا بالأمْر ب ِه بَل اق ْتَضَاه مِن ْه بَعْض ْ‬
‫س َل ّم ف َِإ ّ‬
‫ن ك َان الأمْر فينا عَلِم ْنَاه‪ ،‬وَك َرَاه َة عَلِيّ هَذ َا وقولِه‪ :‬والل ّٰه ل َا أفْع َل ‪ -‬الْحَدِيث‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الْع ََب ّاس لِعَلِيّ‪ :‬انْطَلِق بنا ِإلَى رَسُول َ‬
‫الل ّه وأن تَدَع ُوني م َِم ّا طَلَب ْتُم‪ ،‬وَذَك َر‬ ‫ن ال َ ّذ ِي أَ ن َا فيه خير‪ :‬أَ ي ال َ ّذ ِي أَ ن َا ف ِيه خَي ْر من إ ْرسَال الأمْر و َتَرْ ِ‬
‫كك ُم وَك ِتَاب َ‬ ‫ل بِقَو ْلِه دَع ُونِي ف َِإ َ ّ‬
‫‪ -‬و َاسْ تُدِ ّ‬
‫ن ال َ ّذ ِي طُل ِب ك ِتَابَه أمْر الخ ِلَاف َة بَعْد َه و َتَعْيِين ذَل ِك‬
‫أَ ّ‬
‫طبَر ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ الْغ َافِرِ الْف َارِس ِ ُ ّ‬
‫ي‬ ‫ن ق ِيل فما وجه حَدِيث َه أيْضًا الذى حدثنا الْفَق ِيه ُ أَ بُو مُحَم ّدٍ الْخُشَن ِ ُيّ بِق ِرَاءَتِي عَلَيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال َ ّ‬
‫فصل ف َِإ ّ‬

‫ْث ع َنْ سَع ِيدِ ب ْ ِن أَ بِي سَع ِيدٍ ع َنْ سَال ِ ٍم‬
‫اج ح َ َ ّدثَنَا قُتَي ْب َة ُ ح َ َ ّدثَنَا لَي ٌ‬
‫ن الْ َحج ّ ِ‬ ‫سفْيَانَ ح َ َ ّدثَنَا م ُ ْ‬
‫سل ِم ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو أَ حْمَد َ الْجلُُود ُِيّ قَا َ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا ِإ ب ْر َاه ِيم ُ ب ْ ُ‬
‫ن ُ‬

‫م ِإ َن ّمَا مُحَم ّدٌ بَشَر ٌ يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ ال ْب َشَر ُ‬


‫)الل ّه ُ َ ّ‬
‫س َل ّم َ يَق ُولُ‪َ :‬‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل سَمِعْتُ رَسُو َ‬ ‫مَو ْلَى َ‬
‫الن ّصْر ِيِّينَ قَال‪ :‬سَمِعْتُ أَ ب َا ه ُر َي ْرَة َ يَق ُو ُ‬
‫ك َ ّفارَة ً و َقُر ْبَة ً تُق َرِّبُه ُ بِهَا ِإلَي ْ َ‬
‫ك يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( *‬ ‫تخ ْلِف َن ِيه ِ ف َأَ ُي ّمَا مُؤْم ِ ٍ‬
‫ن آذَي ْت ُه ُ أَ ْو سَبَب ْت ُه ُ أَ ْو جَلَدْتُه ُ فَاجْ عَلْه َا لَه ُ َ‬ ‫و َِإ َن ّي قَدِ َاتّ خَذْتُ عِنْدَك َ ع َ ْهدًا لَنْ ُ‬

‫وفي رواية )ف َأَ ُي ّمَا أَ حَدٍ دَعَو ْتُ عليه‬


‫__________‬
‫)قوله مولى النصر يين( بنون وصاد مهملة هو سالم بن عبد الل ّٰه النصرى بالنون والصاد المهملة )*(‬
‫ن ال ْمُسْل ِمِينَ سَبَب ْت ُه ُ أَ ْو لَعَن ْت ُه ُ أَ ْو جَلَدْتُه ُ فَاجْ عَلْه َا لَه ُ زَك َاة ً وَصَلَاة ً وَرَحْم َة ً(‬ ‫ل( ‪ ،‬و َفِي رِو َايَة )ف َأَ ُي ّمَا رَج ُ ٍ‬
‫ل مِ َ‬ ‫ْس لَهَا ب ِأَ ه ْ ٍ‬
‫دَعْوَة ً‪ ،‬و َفِي رِو َايَة )لَي َ‬
‫يجْلِد من ل َا يَسْتَحِقّ الْجل َ ْد أَ و ي َ ْفع َل‬
‫ُب من ل َا يَسْتَحِقّ السب و َ َ‬ ‫س َل ّم من ل َا يَسْتَحِقّ َ‬
‫الل ّعْن و َيَس ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وكيف يَصحّ أن يلَْع َن َ‬
‫ل( أَ ي‬ ‫س َل ّم أول ًا )لَي َ‬
‫ْس لَهَا ب ِأَ ه ْ ٍ‬ ‫ن قَو ْله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ص ْدر َك أَ ّ‬
‫الل ّه َ‬
‫مِث ْل ذَل ِك عِن ْد الْغَضَب و َه ُو مَعْصُوم من هَذ َا كُل ّ ِه‪ ،‬فَاع ْلَم شَر َح َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫ظاه ِر كَمَا قَال ولِلْح ِ ْ‬
‫كم َة َال ّتِي ذَكَر ْن َاه َا فَحـَك َم صَلَ ّى َ‬ ‫س َل ّم عَلَى ال َ ّ‬ ‫ن حُ ْ‬
‫كم َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب فِي ب َاطِن أمره فإن أمْره ف َِإ ّ‬
‫عِنْد َك ي َا ر ّ‬
‫س َل ّم لِشَفَق َت ِه عَلَى أ َمّت َه وَر َأْ فَت ِه وَرَحْمت ِه لل ْمُؤْم ِنين‬ ‫س َل ّم بِ جَلْد ِه أَ و أدّبَه بِس َب ّه أَ و لَعْن ِه بِمَا اق ْتَضَاه عِنْد َه حال ظاهره ث ُم ّ دعا لَه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَ َ‬
‫يجْع َل د ُعَاءَه و َفِعْلَه لَه رحمة و َه ُو مَعْن َى قَو ْلِه )لَي ْس لَهَا بأهل( ‪ ،‬ل َا‬ ‫الل ّه فيمن د َعَا عَلَي ْه دَعْوَتَه أن َ‬ ‫الل ّه بِهَا وَحَذَرِه أن يَتَق ََب ّل َ‬ ‫صف َه َ‬ ‫َال ّتِي و َ َ‬
‫ح ُ ّقه من م ُ ْ‬
‫سل ِم‪ ،‬و َهَذ َا مَعْن ًى صحيح‪ ،‬وَل َا ي ُ ْفه َم من‬ ‫س َل ّم يَحْم ِلُه الغَضَب و َيَسْتَف ُِز ّه َ‬
‫الضّ جَر ل ِأَ ن يَفْع َل مِث ْل هَذ َا بِم َن ل َا يَسْت َ ِ‬ ‫َأن ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ن الغضب لل ّٰه حمَلَه عَلَى م ُع َاقَبَت ِه بِلَعْن ِه‬
‫قَو ْلِه )أغَضَب كَمَا يَغْضَب ال ْب َش َر أن الغَضَب حَمَلَه عَلَى م َا ل َا يجب بَل يَج ُوز أن يَكُون المُرَاد بَهَذ َا أَ ّ‬
‫أَ و س ََب ّه و ََأن ّه م َِم ّا ك َان َ‬
‫يح ْتمِل و َيَج ُوز ع َفو ُه عَن ْه‬
‫مخ ْر َج الإشْ ف َاق و َتَعْل ِيم أ َمّت َه الخَو ْف و َالْحَذ َر من تَعَدّي حُد ُود َ‬
‫الل ّه‬ ‫أَ و ك َان م َِم ّا خ ُ َي ّر بَي ْن المُع َاقَب َة ف ِيه والعفو عَن ْه‪ ،‬و َق َد يحمل عَلَى أنه خَر َج َ‬
‫و َق َد يُحْم َل م َا وَر َد من د ُعائ ِه هنا ومن دَع َوَات ِه عَلَى غَي ْر و َاحِد فِي غَي ْر مَوْطِن عَلَى غَي ْر ال ْعَقْد و َالْق َصْ د بَل بما جَر َت ب ِه عَاد َة الْع َر َب و َلَي ْس‬
‫ال ْم ُرَاد بِهَا الإج َابَة‬
‫صف َت ِه فِي غَي ْر حَدِيث َأن ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫الل ّه ُ بَطْنَكَ‪ ،‬وعقرى ح َلْقَى( و َغَيْرِه َا من دَع َوَاته‪ ،‬و َق َد وَر َد فِي ِ‬
‫كقَو ْلِه‪ ،‬تَر ِب َْت يَمِينُكَ‪ ،‬ولا أَ شْ ب َ َع َ‬
‫َ‬
‫حشًا وَل َا ل َع ّان ًا وَك َان يَق ُول لأحَدِن َا عِن ْد المَعْتَب َة )م َا لَه؟ ت َرب جَب ِين ُه( فَيَكُون حَم ْل‬
‫س َل ّم لَم يَكُن فَحا َشًا‪ ،‬و َقَال أَ نَس لَم يَكُن س ََب ّاب ًا وَل َا فَا ِ‬
‫وَ َ‬
‫يجْع َل ذَل ِك لِل ْمَق ُول‬ ‫س َل ّم من م ُوَافَق َة أمْثَالهَا إج َابَة ف َع َاه َد ر ََب ّه كَمَا قَال فِي الْحَدِيث أَ ّ‬
‫ن َ‬ ‫الْحَدِيث عَلَى هَذ َا ال ْمَعْن َى‪ ،‬ث ُم ّ أشف َق صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫حق َه م ِن استِشْع َار الْخَو ْف والحَذ َر من لَعْن النبي صلى‬
‫لَه زَكاة وَرَحْم َة و َقُر ْبَة‪ ،‬و َق َد يَكُون ذلك إشفاقًا عَلَى المدعو عَلَي ْه وتأنيسًا لَه لئل ًا يلَ ْ َ‬
‫س َل ّم و َت َ ُ‬
‫قب ّل دعائه ما يَحْم ِلُه عَلَى الي َأْ س والق ُن ُوط‪ ،‬و َق َد يَكُون ذَل ِك سُؤَال ًا مِن ْه ل ِر َب ّه لمن جَلَد َه أَ و س ََب ّه عَلَى حَقّ وبوَجْه صحيح‬ ‫الل ّٰه عَلَي ْه و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦١‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫ك َ ّفار َة لَم ّا أصَابَه و َتَمْحِي َة لَم ّا اجْتَر َم وأن تَكُون عُق ُوبَت ُه لَه فِي ال ُد ّن ْيَا سَب َب العَفْو و َالغُفْرَان كَمَا جاء فِي الْحَدِيث الآخ َر‬
‫يجْع َل ذَل ِك لَه َ‬
‫أن َ‬
‫س َل ّم لَه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ِيث ُ‬
‫الز ّبَي ْر وقول َ‬ ‫شي ْئًا ف َع ُوق ِبَ بِه ِ فِي ال ُد ّن ْيَا فَه ُو َ لَه ُ َ‬
‫ك َ ّفارَة ٌ‪ ،‬ف َِإ ْن قلُ ْتَ فَمَا مَعْن َي حَد ِ‬ ‫ك َ‬
‫)وَم َنْ أَ صَابَ م ِنْ ذَل ِ َ‬
‫ل له‬ ‫ق ي َا ز ُبَي ْر ُ ح ََت ّى يَب ْل ُ َغ ال ْـ َ‬
‫كعْبَيْنِ( فَق َا َ‬ ‫حِينَ تَخَاصُمِه ِ م َع الْأَ نْصَارِيّ فِي شِر َاج الحَر ّة )اسْ ِ‬
‫__________‬
‫الل ّه ُ بَطْنَكَ( الذى في صحيح مسلم في كتاب الأدب عن ابن عباس‬ ‫)قوله تربت يمينك( قاله لأم سلمة وفى رواية لعائشة )قوله ولا أَ شْ ب َ َع َ‬
‫قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فتواريت خلف باب فجاء فخطاني خطاه وقال اذهب ادع‬
‫الل ّه ُ بطنه‬
‫ل ل ِي اذهب فادع لى معاو ية‪ ،‬قال فجئت فقلت هو يأكل‪ ،‬فقال ل َا أَ شْ ب َ َع َ‬ ‫لى معاو ية‪ ،‬قال فجئت فقلت هو يأكل‪ ،‬قال‪ :‬ث َُم ّ قَا َ‬
‫َاع )قوله عند المعتبة( بفتح المثناة الفوقية وكسرها )قوله فِي شِر َاج‬ ‫)قوله عقرى حلقى( قاله لصفية بنت حبى بن أخطب فِي حَ َ ج ّة ِ ال ْوَد ِ‬

‫الحَر ّة( الشراج بكسر الشين المعجمة وتخفيف الراء وفى آخره جيم جمع شرجة وهى مسيل الماء والحرة بفتح الحاء المهملة‪ :‬أرض ذات‬
‫حجارة سود )*(‬
‫ق ي َا ز ُبَي ْر ُ ث َُم ّ احْب ِْس ح ََت ّى يبلغ‬
‫س َل ّم َ ث ُم ّ قَال‪) :‬اسْ ِ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫الْأَ نْصَار ُِيّ أَ ْن ك َانَ يا رسول الل ّٰه اب ْ َ‬
‫ن ع ََم ّتِكَ؟ فَتَلَو ّنَ وَجْه ُ رَسُو ِ‬
‫سل ِم مِن ْه فِي هَذِه الْق َِصّ ة أمْر ي ُريب ولـكنه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫س َل ّم م ُنَز ّه أن يَق َع بنَِفْس م ُ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الجدر( الْحَدِيث فالجواب أَ ّ‬
‫الت ّو َُسّ ط و ُ‬
‫َالصّ ل ْح فَلَم ّا لَم يَرْض بِذَل ِك الآخ َر وَلَج ّ و َقَال م َا ل َا َ‬
‫يج ِب اسْ تَو ْفَى‬ ‫ح َ ّقه عَلَى طر يق َ‬ ‫س َل ّم نَد َب ُ‬
‫الز ّبَي ْر أ َ ّول ًا إلى الاق ْتِصَار عَلَى بَعْض َ‬ ‫وَ َ‬
‫ح َ ّقه ولهذا تَرْجَم ال ْب ُخ َارِيّ عَلَى هَذ َا الْحَدِيث‪) :‬باب إذ َا أشَار ال ِْإم َام ُ‬
‫بالصّ ل ْح فأبى( حَك َم عَلَي ْه بالحُكْم‪:‬‬ ‫س َل ّم ل ِ ُلز ّبَي ْر َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬

‫حقّه‪.‬‬ ‫س َل ّم حِينَئ ِذ ُ‬
‫للز ّبَي ْر َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَذَك َر فِي آخِر الْحَدِيث‪ :‬فاسْ تَو ْعى رَسُول َ‬
‫ل م َا فَعَلَه فِي حال غَضَبه وَرِضَاه و ََأن ّه‬
‫س َل ّم فِي ك ُ ّ‬ ‫و َق َد جَع َل ال ْمُسْل ِم ُون هَذ َا الْحَدِيث أصْ ل ًا فِي ق َضِ َي ّت ِه‪ ،‬و َف ِيه الاق ْتِد َاء ب ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه‬ ‫وإن نَهى أن ي َ ْقض ِي الْق َاض ِي و َه ُو غ َضْ بَان ف َ َإن ّه فِي ح ُ ْ‬
‫كم ِه فِي حال الغضَب و َالر ّضى سَوَاء لـِكَو ْن ِه ف ِيهَا مَعْصُوم ًا‪ ،‬وَغَضَب َ‬

‫الصّ حِيح‪ ،‬وَكَذَل ِك الْحَدِيث فِي إقَاد َت ِه عُك َاشَة من ن َ ْفسِه لَم يَكُن لِتَع َ ُمّد‬
‫س َل ّم فِي هَذ َا َإن ّمَا ك َان لل ّٰه تَع َالَى ل َا لِن َ ْفسِه كَمَا جاء فِي الْحَدِيث َ‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫ن عُك َاشَة قَال لَه‪ :‬و َضَر َب ْت َني بالقَضَيب‪ ،‬فَلَا أ ْدرِي أعْمدًا أم أرَدْت ضَرْب َ‬
‫الن ّاق َة؟ فَق َال‬ ‫حَمَلَه الغَضَب عَلَي ْه بَل و َق َع فِي الْحَدِيث ن َ ْفسِه أَ ّ‬
‫س َل ّم ) ُأعيذ ُك‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫س َل ّم( وَكَذَل ِك فِي حَدِيث َه الآخ َر م َع الْأَ عْرَابِيّ حِين طَلب عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام الاق ْتصَاص‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫بالل ّٰه ي َا عُك َاشَة أن يَتَعَمّد َك رَسُول َ‬
‫مِن ْه‪ ،‬فَق َال الْأَ عْرَابِيّ‬
‫__________‬
‫)قوله أن كان ابن عمتك( أي من أجل ذلك حكمت له‪ ،‬وعمته هي صفية أم الزبير )قوله ولج( بفتح اللام وتشديد الجيم )*(‬

‫فصل وأما أفعاله صلى الل ّٰه عليه وسلم الدنيو ية‬ ‫‪٤.٢.٧‬‬

‫س َل ّم يَنْهَاه‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سو ْط لت َُعل ّق ِه بِزِم َام ن َاقَته م َ َّرة بعد ُأ ْ‬
‫خر َى و َ‬ ‫س َل ّم ق َد ضَر َبَه بال َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫قد عَفَو ْت عَن ْك‪ ،‬وَك َان َ‬

‫اب وَمَو ْض ُع‬ ‫س َل ّم َ لم َِنْ ل َ ْم يقف منذ نَه ْيِه ِ صَو َ ٌ‬


‫ات‪ ،‬و َهَذ َا مِن ْه ُ صَلَ ّى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫و َيَق ُول لَه )ت ُ ْدرَك ُ ح َاجَتُكَ( و َه ُو َ يأتي ف َضَر َبَه ُ بَعْد ُ ثَلَاثَ م َ َّر ٍ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫سلَام ُ أَ شْ ف َق ِإذ ك َان حَقّ ن َ ْفسِه م ِن الأمْر ح ََت ّى عَف َا عَن ْه‪ :‬و َأَ َمّا حَدِيث سَوَاد بن عَم ْرو‪ :‬أتَي ْت َ‬
‫َب‪ ،‬لـَك َِن ّه ُ عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫أَ د ٍ‬
‫َف‬ ‫الل ّهِ‪ ،‬ف َ َ‬
‫كش َ‬ ‫ل َ‬ ‫َاص ي َا رَسُو َ‬
‫جعَنِي‪ ،‬قلُ ْتُ الْقِص ُ‬ ‫ْس ح َ ُّط ح َ ُّط( وَغَشِيَنِي بِق َضِ ٍ‬
‫يب فِي يَدِه ِ فِي ب َ ْطنِي ف َأَ ْو َ‬ ‫ْس وَر َ‬
‫ل )وَر َ‬ ‫س َل ّم و َأَ ن َا م ُت َخ َل ّ ِ ٌ‬
‫ق فَق َا َ‬ ‫وَ َ‬
‫س َل ّم لم ُِن ْك َر ر َآه ب ِه و َلَعلَ ّه لَم يُر ِد ب ِضَرْب ِه بالْق َضِ يب إ َلّا تَن ْب ِيه َه‪ ،‬فَلَم ّا ك َان مِن ْه إ يجَاع لَم يَقْصِ دْه طلب‬ ‫ل ِي ع َنْ بَطْنِه ِ‪ِ :‬إ َن ّمَا ضَر َبَه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَي ْه و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٢‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الت ّح َُل ّل منه عن م َا ق َ ّدمْنَاه‬


‫َ‬
‫الل ّه عليه وسلم ال ُد ّن ْيَوِ َي ّة ُ فَح ُ ْ‬
‫كم ُه ُ ف ِيهَا م َنْ ت َر َقّي المَع َاص ِي و َال ْمَك ْر ُوه َات م َا ق َ ّدمْنَاه وَم ِن جواز ال َس ّهْو والغلط فِي بَعْضَه َا‬ ‫فصل وأما أفعاله صَلَ ّى َ‬
‫َالصّ وَاب بَل أكْ ث َر ُه َا أَ و ك ُُل ّه َا ج َار َية َ‬
‫مج ْر َى‬ ‫سداد و َ‬
‫ن هَذ َا ف ِيهَا عَلَى الندور إذ عامة أفعله عَلَى ال َ ّ‬ ‫م َا ذَكَر ْن َاه وَكُل ّه غَي ْر قَادح فِي ُ‬
‫الن ّب َُو ّة بَل إ ّ‬
‫سمِه و َف ِيه م َصْ لح َة ذ َات ِه َال ّتِي‬ ‫س َل ّم ل َا ي َأخ ُذ مِنْهَا لِن َ ْفسِه إ َلّا ضَر ُور َتَه وَم َا يُق ِيم ر َمق ِ‬
‫ج ْ‬ ‫ال ْع ِبَادات والْق ُر َب عَلَى م َا بَي ّنَا ِإذ ك َان صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫بِهَا يَعْب ُد ر ََب ّه و َيُق ِيم شَر ِيع َت َه ويسوس أمته‬
‫__________‬
‫س َل ّم َ أنه‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ سَوَاد بن عَم ْرو القارى الأنصاري رُوِيَ ع َ ِ‬
‫)قوله سَوَاد بن عَم ْرو( سواد بتخفيف الواو‪ ،‬قال اب ْ ُ‬
‫نهى عن الحلوق مرة أو ثلاثة وأنه رآه متحلقا فطعنه في بطنه بجريدة وليست هذه القصة لسواد بن عمر انتهى )*(‬
‫وَم َا ك َان ف ِيم َا بَي ْن َه و َبَي ْن َ‬
‫الن ّاس من ذَل ِك فَبَي ْن مَعْر ُوف يَصْ ن َع ُه أَ و بِر ّ يُو َسع ُه أَ و كلام حسن يقوله أَ و يسمعه أَ و تألف شارد أَ و قَهْر معاند‪،‬‬
‫ل هَذ َا لاحِق بصَالِ ح أعْمَالِه مُن ْتَظ ِم فِي ز َاك ِي وَظَائف عِبَاد َاته و َق َد ك َان يُخَالف فِي أفْع َاله ال ُد ّن ْي َو َي ّة بِ حسَب اخْ ت ِلَاف‬
‫أَ و مداراة ح َاسِد وَك ُ ّ‬
‫الأحْ وَال و يُع ِ ّد للأم ُور أشْ بَاهَه َا فَيَرْكَب فِي تَص َ ُرّف ِه لَم ّا ق َر ُب ا ْلحِمَار و َفِي أسْ ف َارِه الرّاحلَة و َيَرْكَب ال ْبَغْلَة فِي مَع َارِك الْحَر ْب د َلِيل ًا عَلَى الث ّبَات‬
‫و َيَرْكَب الْخيَ ْل و َيُعِدّها لِيَو ْم الْف َز َع و َإج َابَة الصّ ارخ وَكَذَل ِك فِي لِبَاسِه وَسَائ ِر أحْ وَاله بِ حَسَب اعْت ِبَار مَصَالح ِه وَمَصَالح أ َمّت َه وكذلك ي َ ْفع َل‬
‫ال ْفعْل من ُأم ُور ال ُد ّن ْيَا مُسَاعَد َة لأ َمّت َه وَسِيَاسَة وَك َرَاه ِي َة لِ خَلافِه َا وإن كان قد يرى غَيْرِه خير ًا مِن ْه كَمَا يَت ْر ُك الْفَعْل لهذا و َق َد ي َر َى فَعْلَه خَيْر ًا‬
‫حصُن بِهَا و َتَرْك ِه قَت ْل‬ ‫مِن ْه و َق َد يَفْع َل هَذ َا فِي الأمور الد ّيني ّة م َِم ّا لَه ا ْلخـ ِير َة فِي أَ ح َد و َجْ هَي ْه كَخُروجِه م ِن ال ْمَدِين َة ل ُأح ُد وَك َان مَذْه َب ُه َ‬
‫الت ّ َ‬
‫أصحَابَه كَمَا جاء فِي‬
‫ن مُحَم ّدًا يَقْت ُل ْ‬ ‫ن يَق ُول َ‬
‫الن ّاس إ ّ‬ ‫المُنَافِق ِين و َه ُو عَلَى يَق ِين من أ ْمرِه ِم م ُؤَالَف َة لِغَيْرِه ِم ورِعَايَة لل ْمُؤْم ِنين من ق َرَابَتِه ِم وَك َرَاه َة ل ِأَ ّ‬
‫كعْب َة عَلَى ق َوَاع ِد إ ب ْر َاه ِيم م ُراعَاة لِق ُلُوب ق ُر َي ْش و َتَعْظ ِيمهم لت َغ َ ُي ّرِه َا وَحَذَر ًا من نَف َار قُلُوبهم لذلك و َ َ‬
‫تحْرِ يك متقدم‬ ‫الْحَدِيث وتَرْك ِه بنَِاء الـ َ‬
‫ن قَوْم ِكِ ب ِال ْـكُ ْفرِ لأَ تْمَمْتُ ال ْبَي ْتَ عَلَى ق َوَاعِد َ ِإ ب ْر َاه ِيم َ( و يفعل الفعل‬
‫حدْث َا ٌ‬ ‫عداوتهم للد ِين وأهله فَق َال لعائشة فِي الْحَدِيث َ‬
‫الصّ حِيح‪) :‬لَوْل َا ِ‬
‫ثم يتركه لـكون‬
‫__________‬
‫)قوله وبعدها بضم أوله )قوله الخـيرة( بكسر الخاء المعجمة وفتح المثناة التحتية )*(‬
‫سقْتُ الهدى(‬
‫غَيْر ِه خير ًا مِن ْه كانتقاله من أدنى مياه بدر ِإلَى أقربها للعدو من قريش وكقوله‪) :‬لَوِ اسْ تَقْبَل ْتُ م ِنْ أَ ْمر ِي م َا اسْ تَدْبَرْتُ م َا ُ‬
‫ن َات ّق َاه ُ الناس لشر( و َيَبْذ ُل لَه الر ّغائ ِب‬
‫س مَ ِ‬ ‫ن م ِنْ شَرِّ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ويبسط وجهه للكاف والعدو رجاء استئلافه و يصبر للجاهل و َيَق ُول‪ِ :‬‬
‫لِيُح ََب ّب إلي ْه شَر ِيع َت َه ودين ر ََب ّه و َيَت َو َلّى فِي مَنْز ِلِه م َا يتولى الخادم من مِه ْنَت ِه‪ ،‬و َيَتَسَمّت فِي م ُلاءَت ِه ح ََت ّى ل َا يبدو منه شئ من أطرافه وحتى‬
‫طي ْر و َيَتَح َ ّدث م َع ج ُلِسَائ ِه بِ حَدِيث أوّلِه ِم و َيَتَع َجّ ب م َِم ّا يَت َع َجّ ب ُون مِن ْه و َيَضْ ح َك م َِم ّا يَضْ حكُون مِن ْه و َق َد وسع َ‬
‫الن ّاس‬ ‫كأن على رؤس ج ُلسَائ ِه ال ّ‬
‫ب ِشْر ُه و َعَدْلُه ل َا يَسْتَف ُِز ّه الغَضَب وَل َا يُقَص ّر ع َن الْحَقّ وَل َا يُب ْطن عَلَى ج ُلسَائ ِه يَق ُول‪) :‬م َا ك َانَ لنَب ِ ٍيّ أَ ْن تَكُونَ لَه ُ خ َائنِ َة ُ الأَ ع ْيُنِ( ف َِإن قلُ ْت‬

‫ن الْعَشِيرَة ِ( فَل َم ّا دَخ َ َ‬


‫ل أَ لانَ لَه ُ القَو ْل و َضَ ح ِك مَع َه‪ ،‬فَلَم ّا خَر َج سَالته ع َن‬ ‫ْس اب ْ ُ‬
‫الل ّه عَنْهَا فِي الداخل عَلَي ْه )بِئ َ‬
‫فَمَا مَعْن َي قَو ْلِه لِع َائِش َة رَض ِي َ‬
‫ن‬
‫اس ل ِشَرِّه ِ‪ ،‬وكيف جاز أن ي ُ ْظه ِر لَه خِلَاف م َا يُبْط ِن و َيَق ُول فِي َظ ْهرِه م َا قَال؟ فالجَوَاب أَ ّ‬ ‫ن َات ّق َاه ُ َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫س مَ ِ‬ ‫ن م ِنْ شَر ِّ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫ذَل ِك قَال‪ِ :‬‬
‫فِعْلَه صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم ك َان اسْ تئ ْلَافًا لم ِثْلِه وتطييبا لِن َ ْفسِه لِيتَمَكّن إيمانُه و َي َ ْدخ ُل فِي ال ِْإسْ لَام بِس َبَب ِه أت ْبَاع ُه و َي َر َاه مِثْلُه فَيَن ْجذِب بِذَل ِك‬

‫إلى ال ِْإسْ لَام‪ ،‬ومثل هَذ َا عَلَى هَذ َا الوَجْه ق َد خَر َج من ح َد مُد َار َاة ال ُد ّن ْيَا إلى السّيَاسَة الد ّيني ّة و َق َد ك َان يَسْت َأْ لِفُه ُم بأمْوَال َ‬
‫الل ّه العَرِ يضَة‬
‫صفْوَان لَق َد أ ْعطَانِي و َه ُو أبغض الْخَل ْق ِإلَيّ فَمَا زال يعطيني ح ََت ّى صار أحب‬
‫فَكَي ْف بالكل ِم َة الل ّي ّنة؟ قَال َ‬
‫__________‬
‫)قوله في مهنته( بفتح الميم وكسرها‪ :‬أي خدمته )قوله ويتسمت( أي يقصد سمته )قوله في ملاءته بضم الميم والمد )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٣‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الخلق إلى‪ ،‬قوله ف ِيه بئس ابن العشيرة ه ُو غَي ْر غيبة بَل ه ُو تعر يف م َا علمه مِن ْه لمن لَم يعلم ليحذر حاله و يحـترز مِن ْه وَل َا يوثق بجانبه ك ُ ّ‬
‫ل‬
‫الثقة لا سيما وَك َان مطاعًا متبوعًا‪ ،‬ومثل هَذ َا إذ َا ك َان لضرورة ودفع مضرة لَم يَكُن بغيبة بَل ك َان جائز ًا بَل واجبًا فِي بَعْض الأحيان‬
‫س َل ّم‬ ‫كَع َاد َة المحدثين فِي تجريح الرواة والمزكين فِي الشهود‪ ،‬فإن ق ِيل فَمَا مَعْن َي المُعْضِ ل الوَارِد فِي حَدِيث بَر ِير َة من قَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم )اشْ تَر ِيهَا و َاشْ تَرِطِي لَهُم ُ ال ْوَل َاءَ( فَفَعَل َ ْ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ن موَال ِي بَر ِير َة أَ بَو ْا بَيْعَه َا إ َلّا أَ ْن يكون لَه ُم ال ْوَل َاء فَق َال لَهَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل ِع َائِش َة و َق َد أخْبَرَت ْه أَ ّ‬

‫الل ّه ُ‬ ‫الل ّه ِ فَه ُو َ ب َاطِلٌ( و َ‬


‫َالن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬ ‫اب َ‬‫ْس فِي ك ِت َ ِ‬ ‫الل ّهِ؟ ك ُ ُ ّ‬
‫ل شَرْطٍ لَي َ‬ ‫اب َ‬‫َت فِي ك ِت َ ِ‬
‫ل أَ ق ْوَا ٍم يَشْتَرِطُونَ شُر ُوطًا لَيْس ْ‬ ‫ث َُم ّ قَام َ َ‬
‫خط ِيبًا فَق َالَ‪) :‬م َا ب َا ُ‬
‫س َل ّم َ ق َ ْد أَ م َرَه َا ب ِال َش ّرْطِ لَه ُ ْم و َعَلَيْه ِ ب َاع ُوا ولولاه والل ّٰه أَ ع ْلَم لَم ّا باعوها من عائشة كَمَا لَم يبيعوها قَب ْل ح ََت ّى شرطوا ذَل ِك عليها ث ُم ّ أبطله‬
‫عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الل ّه أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم منزة ع ََم ّا يقع فِي بال الجاهل من هَذ َا‬
‫س َل ّم و َه ُو ق َد حرم الغش والخديعة؟ فأعلم أكرمك َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم ع َن ذلك م َا ق َد أنكر قوم هذا الز يادة قَو ْلِه )اشْ تَرِطِي لَهُم ُ ال ْوَل َاءَ( ِإذ لَي ْس فِي أَ كْ ث َر طُر ُق الْحَدِيث ومع‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ولتنز يه َ‬

‫ثَبَاتِها فَلَا اع ْتِر َاض بِهَا ِإذ يقع لَه ُم بِمَعْن َي عَلَيْه ِم قال الل ّٰه تعالى‪ُ ) :‬أولَئ ِ َ‬
‫ك لَهُم ُ َ‬
‫الل ّعْن َة ُ( وقال )و َِإ ْن أَ سَأْ تُم ْ فَلَه َا( فعلى هَذ َا اشترطي عَلَيْه ِم الولاء‬
‫س َل ّم ووعظه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل َك و َيَكُون قيام َ‬
‫__________‬
‫)قوله المعضل( بكسر الضاد المعجمة‪ ،‬اسم فاعل‪.‬‬
‫وهو الذى لا يهتدى وجهه )قوله بريرة( هي بنت صفوان‪ ،‬قيل كانت قبطية وقيل حبشية )*(‬
‫ن قَو ْله صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم )اشترط لَهُم ُ ال ْوَل َاءَ( لَي ْس عَلَى مَعْن َي الأمْر‬
‫لَم ّا سلف لَه ُم من شرط الولاء لأنفسهم قَب ْل ذَل ِك * وَوَجْه ثان أَ ّ‬
‫س َل ّم لَه ُم قَب ْل أَ ّ‬
‫ن ال ْوَل َاء لمن أعْت َق فَك َأنه قال‪:‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن شَرْطَه لَه ُم ل َا يَنْف َعُه ُم بَعْد بَيَان َ‬
‫سوِ يَة والإع ْلام بأ ّ‬ ‫لـَكِن عَلَى مَعْن َي َ‬
‫الت ّ ْ‬
‫س َل ّم َ لَه ُ ْم و َت َ ْقرِ يعُه ُ ْم عَلَى‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ْط غَي ْر ُ ن َاف ٍ‬
‫ِـع‪ ،‬و َِإلَى هَذ َا ذهب الداوودى و َغَي ْرُه ُ و َتَو ْبيِ ُ‬ ‫)اشترطي أولا تَشْتِرِطِي ف َِإ َن ّه ُ شَر ٌ‬

‫ن‬ ‫ن مَعْن َي قَو ْلِه )اشْ تَرِطِي لَهُم ُ ال ْوَل َاء( أي‪ :‬أظْ هِرِي لَه ُم ح ُ ْ‬
‫كم َه و َبَيّنِي عِنْد َه ُم سَن ّت َه أَ ّ‬ ‫َ‬ ‫ل هَذ َا * ال ْوَجْه الث ّال ِث أَ ّ‬ ‫ك يَد ُ ُ ّ‬
‫ل عَلَى ع ِل ْمِه ِ ْم بِه ِ قَب ْ َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ن ق ِيل فَمَا مَعْن َي فعل‬ ‫س َل ّم م ُبَي ّنًا ذَل ِك وَم ُو َبّ خًا عَلَى ُ‬
‫مخَالَف َة م َا تَقَدّم مِن ْه ف ِيه‪ ،‬ف َِإ ّ‬ ‫ال ْوَل َاء َإن ّمَا ه ُو لم َِن أعْت َق‪ ،‬ث ُم ّ بَعْد هَذ َا قَام ه ُو صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫سق َايَة فِي رَحْلِه و َأخَذِه باس ْم سَر ِقَتِهَا وَم َا جَر َى عَلَى إخْ وت ِه فِي ذلك وقوله إنكم لسارقون و َلَم يَسْر ِق ُوا؟‬
‫جع َل ال ّ‬ ‫يُوسُف عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫سلَام بأخِيه ِإذ َ‬
‫ن فِعْل يُوسُف ك َان من أمْر الل ّٰه لقومه تعالى )كذلك؟ ؟ ؟ ؟ لِي ُوس َ‬
‫ُف م َا ك َانَ لِي َأْ خُذ َ أَ خ َاه ُ فِي‬ ‫ل عَلَى أَ ّ‬
‫ن الآيَة تَد ُ ّ‬
‫الل ّه أَ ّ‬
‫فاع ْلَم أك ْرَم َك َ‬
‫ن يُوسُف ك َان أع ْلَم أخاه بأن ّي أَ ن َا أخُوك‬
‫الل ّهُ( الآيَة ف َِإذ َا ك َان كَذَل ِك فَلَا اع ْتِر َاض ب ِه ك َان ف ِيه م َا ف ِيه‪ ،‬وأَ يْضًا ف َِإ ّ‬
‫دِي ِن ال ْمَلِكِ ِإلا أَ ْن يَش َاء َ َ‬
‫فَلَا تَب ْتَئ ِس فكان م َا جرى عَلَي ْه بَعْد هَذ َا من و ََف ّق َه ورغبته و َعَلَى يقين من عقى الخـَي ْر لَه ب ِه و َإز َاح َة ال ُ ّ‬
‫سوء و َالمَضَر َة عَن ْه بِذَل ِك‪ ،‬و َأَ َمّا قَو ْله‬
‫شبَه َه ولعل قائله‬
‫ل ُ‬ ‫)أَ َي ّتُهَا ال ْع ِير ُ ِإ َن ّك ُ ْم لَسَارِق ُونَ( فَلَي ْس من قَو ْل يُوسُف فَيَل ْز َم عَلَي ْه جَوَاب َ‬
‫يح ِ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله ك َان ف ِيه م َا فيه( هو بدل من قوله فَلَا اع ْتِر َاض ب ِه جواب لإذا‪ ،‬والذى فيه هو أنه كيف يجوز أن يأمر الل ّٰه بمثل هذا؟ )*(‬

‫فصل فإن قيل فما الحكمة في إجراء الأمراض وشدتها عليه‬ ‫‪٤.٢.٨‬‬

‫حسّن لَه الت ّأوِ يل كائنًِا من ك َان ظنّ عَلَى صُور َة الحَال ذَل ِك و َق َد ق ِيل قَال‬
‫إن ُ‬
‫ذَل ِك لِفِعْلِه ِم قَب ْل بيِ ُوسُف و َبَي ْعِه ِم لَه و َق ِيل غَي ْر هَذ َا وَل َا يلَ ْز َم أن نُقَو ّل الْأَ ن ْب ِيَاء م َا لَم ي َأْ ت أَ َ ّنه ُم قالُوه ح ََت ّى يُطْلَب الخلََاص مِن ْه وَل َا يلَ ْز َم‬
‫الاعْتِذ َار ع َن ز َلّات غَيْرِه ِم‪.‬‬
‫الل ّه ب ِه‬ ‫ش ّدتِهَا عَلَي ْه و َعَلَى غَيْر ِه م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء عَلَى جميعهم ال َ ّ‬
‫سلَام‪ ،‬وَم َا ال ْوَجْه ف ِيم َا اب ْتَلاه ُم َ‬ ‫جر َاء الأمْرَاض و َ ِ‬ ‫ن ق ِيل فَمَا الح ِ ْ‬
‫كم َة فِي إ ْ‬ ‫فصل ف َِإ ّ‬
‫م ِن ال ْبَلَاء و َامْت ِح َانِه ِم بِمَا امتحنوا ب ِه ك َأَ ُي ّوب و َيَعْق ُوب وَدَن ْيَال و َ َ‬
‫يح ْي َى وزَكَر ِ َي ّا وَع ِيس َى ِوإب ْر َاه ِيم و َيُوسُف و َغَيْرِه ِم صلوات َ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِم وهم‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٤‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫صدْق ل َا م ُبَدّل لِكَل ِمَات ِه يَب ْتَلي‬


‫الل ّه تَع َالَى كلها عَدْل وَكَل ِمَات ِه جميعا ِ‬
‫ن أفْع َال َ‬
‫الل ّه وإياك أَ ّ‬ ‫خِي َرتُه من خ َلْق ِه و َأحب ّاؤ ُه و َأصْ ف ِيَاؤ ُه؟ فاع ْلَم َ‬
‫وف ّق َنَا َ‬
‫الل ّه ُ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آمنوا مِنْك ُم‪ ،‬و َلَم ّا يَعْلَم ِ الل ّٰه الذين جاهوا مِنْك ُ ْم و َيَعْلَم َ‬ ‫عِبَاد َه كَمَا قَال لَه ُم لننظر كيف تعلمون‪) ،‬وليبلوكم أَ ُي ّك ُ ْم أَ حْ سَ ُ‬
‫ن ع َمَلا( و َلِيَعْلَم َ َ‬
‫ن و َنَب ْلُو َ أخباركم( فامْتح َانُه إ ي ّاه ُم ب ِضُر ُوب الْمِحَن زي َاد َة فِي م َكانِتِه ِم و َرفْع َة فِي‬ ‫ن مِنْك ُ ْم و َ‬
‫َالصّ ابِر ِي َ‬ ‫الصّ ابِر ِينَ‪ ،‬و َلَنَب ْلُو َن ّك ُ ْم ح ََت ّى نَعْلَم َ ال ْم ُج َاهِدِي َ‬
‫َ‬
‫شكر و َالتّسْل ِيم و َالت ّو ُكّل والتّفْو يض و َال ُد ّعَاء و َالت ّض َ ُرّع مِنْه ُم وتأْ كِيد لِبَصَائِرِه ِم فِي‬
‫الصّ ب ْر و َالر ّض َى و َال ُ ّ‬
‫دَرَج َاتِه ِم و َأسْ بَاب لاسْ ت ِخْ رَاج ح َالات َ‬
‫شفَق َة عَلَى ال ْمُسْل ِمِين و َت َ ْذك ِر َة لِغَيْرِه ِم وَمَوْعِظَة لسَوَاه ُم لِيَتأسّ و ْا فِي ال ْبَلَاء بهم و َيَتَسَلّو ْا‬
‫رَحْم َة ال ْمُمْتحِنين و َال ّ‬
‫الل ّه طَي ّبين مُه َ ّذبِين و َلِيَكُون أ ْ‬
‫جر ُه ُم‬ ‫فِي الْمحَن بِمَا جَر َى عَلَيْه ِم و َيَقْتَد ُوا بهم فِي َ‬
‫الصّ ب ْر محو لهنَات ف َرَطَت مِنْه ُم أَ و غَف َلَات سَلَف َت لَه ُم لِيَلْق َوا َ‬
‫جز َل‪.‬‬
‫أكْ م َل و َثَوَابُه ُم أوفر و َأ ْ‬
‫ح َ َ ّدثَنَا الْق َاض ِي أَ بُو عَل ِ ٍيّ الْحَاف ُِظ ح َ َ ّدثَنَا أبو الحسين الصيرفي وأبو الفضل بن خيرون قَالا ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو يَعْلَى ال ْبَغْد َاد ُِيّ‬

‫َب‬ ‫ُوب ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو ع ِيس َى التِّرْمِذ ُِيّ ح َ َ ّدثَنَا قُتَي ْب َة ُ ح َ َ ّدثَنَا ح ََم ّاد ُ ب ْ ُ‬
‫ن ز َيْدٍ ع َنْ عَاص ِ ِم ب ْ ِن بَهْد َلَة َ ع َنْ م ُصْ ع ِ‬ ‫مح ْب ٍ‬
‫ن َ‬ ‫ج ُّ‬
‫ي ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ال ِّ‬
‫سن ْ ِ‬

‫َب دِينِه ِ فَمَا‬


‫حس ِ‬
‫ل عَلَى َ‬ ‫ل يُب ْتَلَى َ‬
‫الر ّج ُ ُ‬ ‫ل فَالأَ مْث َ ُ‬ ‫ش ُ ّد بَلَاءً؟ قَا َ‬
‫ل )الْأَ ن ْب ِيَاء ُ ث َُم ّ الأَ مْث َ ُ‬ ‫س أَ َ‬ ‫الل ّه ِ أَ ُيّ َ‬
‫الن ّا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ل قلُ ْتُ ي َا رَسُو َ‬ ‫سعْدٍ ع َنْ أَ بيِه ِ قَا َ‬ ‫ب ْ ِن َ‬

‫ل مَع َه ُ رِ ب ُ ّيِ ّونَ كثير( الآي ِ‬


‫َات‬ ‫ض وَم َا عَلَيْه ِ خطيئته( ‪ ،‬وكما قَال تَع َالَى )وَك َأَ ي ِّنْ م ِنْ نَبِ ٍ ّي قَات َ َ‬ ‫ح ال ْبَلاء ُ ب ِالْعَبْدِ ح ََت ّى يَت ْرُك َه ُ يَمْش ِي عَلَى الأَ ْر ِ‬
‫يَبْر َ ُ‬

‫س عنه صلى الل ّٰه عليه‬


‫خط ِيئ َة ٌ‪ ،‬وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬ ‫سه ِ وَوَلَدِه ِ وَم َالِه ِ ح ََت ّى يلَْقَى َ‬
‫الل ّه َ وَم َا عَلَيْه ِ َ‬ ‫ن فِي ن َ ْف ِ‬
‫ل ال ْبَلاء ُ ب ِال ْمُؤْم ِ ِ‬ ‫َ‬
‫الث ّلاثَ وَع َن أَ بِي ه ُر َي ْر َة م َا ي َز َا ُ‬

‫ك عَن ْه ُ بِذَن ْبِه ِ ح ََت ّى يُوَافِي َ بِه ِ يَوْم َ الْق ِيَامَة ِ( و َفِي‬ ‫ل لَه ُ العُق ُوبَة َ فِي ال ُد ّن ْيَا‪ ،‬و َِإذ َا أَ ر َاد َ َ‬
‫الل ّه ُ بِعَبْدِه ِ ال َش ّ َرّ أَ ْمسَ َ‬ ‫الل ّه ُ بِعَبْدِه ِ ا ْلخـَيْر َ عَج ّ َ‬
‫وسلم )إذ أَ ر َاد َ َ‬
‫ش ّد كى‬
‫الل ّه تَع َالَى ك َان بَلاؤ ُه أ َ‬
‫ل من ك َان أَ ك ْر َم عَلَى َ‬ ‫سمْر َقَنْد ُِيّ أَ َ ّ‬
‫ن كُ َ ّ‬ ‫سم َ َع تَض َ ُرّع َه ُ( وَح َك َى ال َ ّ‬
‫الل ّه ُ عَبْدًا اب ْتَلاه ُ لِي َ ْ‬
‫َب َ‬‫)إذ َا أَ ح َ ّ‬
‫ِيث آخَر َ ِ‬
‫حَد ٍ‬
‫يخ ْتَب َر ُ ب ِال ْبَلَاءِ‪ ،‬و َق َ ْد حُكِي َ أَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ب َِالن ّارِ و َال ْمُؤْم ِ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫يتبين ف َضْ لُه و َيَسْتَوْجِب الث ّوَاب كَمَا رُوِي ع َن لقمان َأن ّه قَال ي َا بُن َ ّي الذ َه َبُ و َالْف َِضّ ة ُ ُ‬
‫يخ ْتَبَر َا ِ‬
‫اب ْتِلاء يَعْق ُوب بيِ ُوسُف كان سببه التفاته في صلاته إليه و يوسف نائم‬
‫__________‬
‫)قوله ع َنْ عَاص ِ ِم ب ْ ِن بهدلة( قال الذهبي في ترجمته قال يحيى القطان ما وجدت رجلا اسمه عاصم إلا وجدته ردئ الحفظ )*(‬
‫م ر يح َه و َاشْ تهَاه و َبَك َى‬
‫شوِيّ وهما يَضْ حَك َان وَك َان لَه ُم ج َار يَتِيم ف َش َ ّ‬
‫محبة له‪ ،‬وقيل‪ :‬بل اجتمع يوما هو وابنه يوسف عَلَى أكْل حَم َل م َ ْ‬
‫و َبَكَت لَه ج َ َ ّدة لَه عَجُوز لِبُك َائ ِه وبينهما ِ‬
‫جد َار وَل َا علم عِن ْد يَعْق ُوب واب ْنِه ف َع ُوق ِب يَعْق ُوب بالبُك َاء أسف ًا عَلَى يُوسُف إلى أن سألت حدثتاه‬
‫و َاب ْي ََضّ ت عَي ْناه م ِن الْحُز ْن فَلَم ّا علم بِذَل ِك ك َان بَق َِي ّة حَيَات ِه ي َأْ م ُر م ُنَادِي ًا يُنَادي عَلَى َ‬
‫س ْطحِه‬
‫ن سبب بلاء أيوب َأن ّه دخل‬ ‫الل ّه عَلَيْهَا‪ ،‬وَر ُوي ع َن َ‬
‫الل ّي ْث أَ ّ‬ ‫أَ ل َا من ك َان م ُ ْفط ِرًا فَل ْيَتَغ َد عِن ْد آل يَعْق ُوب وَع ُوق ِب يُوسُف بالمِح ْن َة َال ّتِي نص َ‬
‫م َع أَ ه ْل قريته عَلَى ملـكهم فكلموه فِي ظلمه وأغلظوا لَه إ َلّا أيوب ف َ َإن ّه رفق ب ِه مخافة عَلَى زرعه فعاقبه َ‬
‫الل ّه ببلائه‪ ،‬ومحنة سُلَيْم َان لَم ّا ذكرناه‬
‫من نيته فِي كون الْحَقّ فِي جنبه أصهاره أَ و للعمل بالمعصية فِي داره وَل َا علم عِنْد َه و َهَذِه فائدة شدة المرض والوجع بالنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه ر َأَ ي ْت َ‬
‫س َل ّم‪ ،‬وَع َن عَب ْد َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم‪ ،‬قَالَت عَائِش َة م َا ر َأَ ي ْت الوجع عَلَى أَ ح َد أشد مِن ْه عَلَى رَسُول َ‬
‫وَ َ‬

‫جر ُ‬
‫ك الأَ ْ‬ ‫ك أَ َ ّ‬
‫ن لَ َ‬ ‫ن مِنْكُمْ( قلُ ْتُ ذَل ِ َ‬
‫ك رَج ُلا ِ‬ ‫ل أَ ج َلْ ِإن ِ ّي ُأوع َ ُ‬
‫ك كَمَا يُوع َ ُ‬ ‫شدِيد ًا‪ ،‬قَا َ‬
‫ك وَعْك ًا َ‬ ‫شدِيد ًا فَق ُل ْتُ ِإ َن ّ َ‬
‫ك لَت ُوع َ ُ‬ ‫ك وَعْك ًا َ‬
‫فِي مرضه يُوع َ ُ‬
‫ل و ََالل ّه ِ م َا ُأطِي ُ‬
‫ق‬ ‫س َل ّم َ فَق َا َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ض َع يَدَه ُ عَلَى َ‬ ‫ِيث أَ بِي سَع ِيدٍ أَ َ ّ‬
‫ن رَج ُل ًا و َ َ‬ ‫ك كَذَلِكَ( و َفِي حَد ِ‬
‫ل )أَ ج َلْ ذَل ِ َ‬
‫م َ َّرتَيْنِ قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله أكل حمل( بفتح الحاء المهملة والميم‪ ،‬وهو من الضأن الجذع أو دونه‪ ،‬قال ابن دريد والجذع من الضأن ما تمت له سنة وقيل‬
‫أقل منها )قوله بالمحنة( بنون بعد الحاء المهملة )قوله فِي جنبه أصهاره( بجيم ونون وموحدة‪ :‬في القاموس‪.‬‬
‫الجنبة والجانبة والجنب‪ ،‬شق إنسان )قوله وعن عبد الل ّٰه هو ابن مسعود )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٥‬‬
‫القسم الثالث فيما يجب للنبى صلى الل ّٰه عليه وسلم وما يستحيل في حقه‬ ‫‪٤‬‬

‫الن ّب ِ ُيّ لَيُب ْتَلَى ب ِالْق َ ْم ِ‬


‫ل ح ََت ّى‬ ‫ُ‬ ‫)إ َن ّا مَعْشَر َ الْأَ ن ْب ِيَاء ِ يُضَاع ُ‬
‫َف لَنَا ال ْبَلَاء ِإ ْن ك َانَ َ‬ ‫س َل ّم َ ِ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ش َ ّدة ِ ح َُم ّاك َ فَق َا َ‬
‫ك م ِنْ ِ‬
‫ض ُع يَدِي عَلَي ْ َ‬
‫أَ َ‬
‫ن عِظَم َ الْجَزَاء ِ‬
‫)إ َ ّ‬
‫س َل ّم َ ِ‬ ‫ِالر ّخ َاءِ( وَع َنْ أَ ن َ ٍ‬
‫الن ّب ِ ُيّ لَيُب ْتَلَى ب ِالْف َ ْقرِ و َِإ ْن ك َانُوا لَيَفْرَحُونَ ب ِال ْبَلَاء ِ كَمَا يَفْرَحُونَ ب َ‬
‫س عَن ْه ُ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫يَقْتلَُه ُ و َِإ ْن ك َانَ َ‬

‫ن الل ّٰه‬ ‫م َ َع عِظَ ِم ال ْبَلَاء ِ و َِإ َ ّ‬


‫سل ِم َ‬ ‫يج ْز َبه( أَ َ ّ‬
‫ن ال ْم ُ ْ‬ ‫ل ال ْمُفَس ِّر ُونَ فِي قَو ْلِه ِ تَع َالَى )م َنْ يَعْم َلْ سُوءًا ُ‬
‫َط( و َق َ ْد قَا َ‬ ‫َب قَوْم ًا اب ْتَلَاه ُ ْم فَم َنْ رَضِي َ فلََه ُالر ِّض َى وَم َنْ سَ خ َِط فلََه ُال َ ّ‬
‫سخ ُ‬ ‫أَ ح َ ّ‬

‫س َل ّم )م َنْ يُرِدِ َ‬
‫الل ّه ُ بِه ِ‬ ‫مجَاه ِد‪ ،‬و َقَال أَ بُو ه ُر َي ْر َة عَن ْه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يج ْز َى بِمَصَائ ِبَ ال ُد ّن ْيَا فَتَكُونُ لَه ُ َ‬
‫ك َ ّفارَة ً‪ ،‬وَرُوِيَ هَذ َا ع َنْ عَائِش َة َ و َأبي و ُ‬ ‫ُ‬
‫كه َا( و َقَال فِي رِو َايَة أَ بِي‬ ‫الل ّه ُ بِهَا عَن ْه ُ ح ََت ّى ال َ ّ‬
‫شوْك َة َ يُش َا ُ‬ ‫سل ِم َ ِإ َلّا ي ُ َ‬
‫ك ّف ِر ُ َ‬ ‫ب مِن ْه ُ( و َقَال فِي رِو َايَة ِ عَائِش َة َ )م َا م ِنْ م ُصِ يبَة ٍ تُصِ يبُ ال ْم ُ ْ‬ ‫خَيْر ًا يُصِ ْ‬
‫خطَاي َاه ُ(‬ ‫ك َ ّفر َالل ّٰه بها من َ‬
‫كه َا ِإ َلّا َ‬
‫شوْك َة َ يُش َا ُ‬‫ن وَل َا أَ ذ ًى وَل َا غ َ ٍ ّم ح ََت ّى ال َ ّ‬ ‫َب وَل َا ه َ ٍ ّم وَل َا ح ُ ْز ٍ‬
‫ن من نصف وَل َا وَص ٍ‬ ‫سَع ِيد )م َا يُصِ يب ال ْمُؤْم ِ َ‬

‫الل ّه فِي‬ ‫كم َة ُأ ْ‬


‫خر َى أ ْودَعَه َا َ‬ ‫ح ْ‬
‫جرِ( و َ ِ‬ ‫خطَاي َاه ُ كَمَا يُح ُ َّت وَر َقُ ال َ ّ‬
‫ش َ‬ ‫الل ّه ُ عَن ْه ُ َ‬ ‫سل ِ ٍم يُصِ يب ُه ُ أَ ذ ًى ِإ َلّا ح َ ّ‬
‫َات َ‬ ‫و َفِي حَدِيث ابن مَسْع ُود )م َا م ِنْ م ُ ْ‬
‫َخف عليهم مونة النّزْع‬ ‫ش َ ّدتِهَا عِن ْد مَمَاتِه ِم لِت َضْ ع ُف قُو َى نُف ُوسِه ِم فَيَسْه ُل خُر ُو ُ‬
‫جه َا عِن ْد قَبْضِه ِم وَت ّ‬ ‫الأمراض لأجسامهم ونعاقب الأَ ْوج َاع و َ ِ‬
‫والن ّفْس لِذَل ِك خِلَاف مَو ْت الف ُج َأة و َأخْذه كَمَا يُش َاه َد م ِن اخْ ت ِلَاف أحْ وَال المَو ْتى فِي‬ ‫ش َ ّدة السّك َرَات بَتَق َ ُ ّدم المَر َض و َ َ‬
‫ضعْف الجس ْم َ‬ ‫وَ ِ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم )مثل‬ ‫والصّ ع ُوبَة و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬ ‫والل ّين ُ‬ ‫شدّة َ‬ ‫ال َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله وعكا( بفتح العين وإسكانها )قوله من نصب( بفتح الصاد المهملة أي تعب )قوله ولا وصب( بفتحتين أي مرض )*(‬
‫ك‬
‫ت‪ ،‬وَكَذَل ِ َ‬
‫سكَن َِت اعْتَد َل َ ْ‬
‫حي ْثُ أَ تَتْهَا الر ِّيح ُ ت َ ْكف ِؤ ُه َا ف َِإذ َا َ‬ ‫الز ّر ِْع تُف َي ِّئُهَا َ‬
‫الر ّيح ُ هَكَذ َا و َهَكَذ َا( و َفِي رِو َايَة ِ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ )م ِنْ َ‬ ‫ل خ َامَة ِ َ‬
‫ن مِث ْ ُ‬
‫ال ْمُؤْم ِ ِ‬
‫ن ال ْمُؤْم ِن م ُرَ َزّء مُصَاب ب ِال ْبَلَاء و َالأمراض‬ ‫ل الأَ ْرزَة ِ ص ََم ّاء َ مُعْتَدِلَة ٍ ح ََت ّى يَقْصِ م َه ُ َ‬
‫الل ّهُ( مَعْنَاه أَ ّ‬ ‫ل الْك َافِرِ كَمَث َ ِ‬‫ن ي ُ ْكف َُأ ب ِال ْبَلَاءِ‪ ،‬وَم َث َ ُ‬
‫ال ْمُؤْم ِ ُ‬
‫الل ّه تَع َالَى مُنْطَاع لِذَل ِك ليَ ّن الجَان ِب بِرِضَاه و َقِلَ ّة سَ خَط ِه‬ ‫ر َاض بتَِصْر ِيف ِه بَي ْن أقْد َار َ‬
‫الل ّه ع َن ال ْمُؤْم ِن رِي َاح ال ْبَلايا واعْتَد َل صَ ح ِيح ًا‬ ‫الز ّرْع و َانْق ِيَادها ل ِ َلر ّي َاح وتَمَايُلها لِهُب ُو بِهَا و َت َر َُنّ حِه َا من َ‬
‫حي ْث م َا أتَتْهَا ف َِإذ َا أز َاح َ‬ ‫كطَاع َة خ َام َة َ‬
‫َ‬
‫شك ْر ر ََب ّه وَمَعْرِف َة نِعْم َت ِه عَلَي ْه ب ِر َف ْع بلائه مُن ْتَظ ِرًا رَحْمَت َه و ُثَوَابَه عَلَي ْه‪ ،‬ف َِإذ َا ك َان‬
‫سكُون ر ياح الْجَو ّ رَجَع إلى ُ‬
‫كَمَا اعْتَد َلَت خ َام َة الزرع عِن ْد ُ‬
‫سبيل لَم يَصْ ع ُب عَلَي ْه مرض المَو ْت وَل َا ن ُز ُولُه وَل َا اشْ ت َ ّدت عَلَي ْه سَك َرَاتُه و َنَزْع ُه لِع َاد َت ِه بِمَا تق َ َ ّدم َه م ِن الآلام وَمَعْرف َة م َا لَه ف ِيهَا م ِن‬
‫بِهَذِه ال َ ّ‬
‫سمِه‬ ‫شدّت ِه و َالْك َاف ِر بِ خ ِلَاف هَذ َا مُع َافَي فِي غَال ِب ح َالِه مُم َت ّع بَصِ َح ّة ِ‬
‫ج ْ‬ ‫الأجْر و َتَوطِين ِه ن َ ْفسَه عَلَى ال ْمَصَائ ِب وَر َِق ّتِهَا و َ َ‬
‫ضعْفِه َا بتِ َوَالي ال ْم َر َض أَ و ِ‬
‫صم َه لحينه‬ ‫الصّ مّاء ح ََت ّى إذ َا أر َاد َ‬
‫الل ّه ه َلَاك َه ق َ َ‬ ‫ك َالْأَ رز َة َ‬
‫__________‬
‫ل الخامة من الزرع يميلها‬
‫ن مِث ْ ُ‬
‫ل ال ْمُؤْم ِ ِ‬
‫)قوله خامة الزرع( بخاء معجمة‪ :‬في الصحاح‪ :‬الخامة الغضة الرطبة من النبات‪ ،‬وفى الحديث )م َث َ ُ‬
‫الريح( )قوله تكفؤها بفتح أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه أي تقلبها )قوله مثل الأرزة( قال ابن قرقول‪ :‬الأرزة بفتح الهمزة وسكون‬
‫الراء‪ ،‬كذا الرواية‪ ،‬هي الصنوبر‪ ،‬وقال أبو عبيد إنما هو الآرزة على وزن الفاعلة ومعناه النابتة في الأرض‪ ،‬وأنكر هذا أبو عبيد‪ ،‬انتهى‬
‫وقال ابن الأثير الأرزة بسكون الراء وفتحها‪ :‬شجرة الأرز وهو خشب معروف وقيل هو الصنوبر )قوله معتدلة( أي مكنزة ولا يجلجل‬
‫فيها‪ ،‬قاله ابن الأثير )*(‬
‫ش ّد ألمَا و َعَذ َاب ًا‬
‫سمِه أ َ‬ ‫حسْر َة و َمق َاسَاة نَزْع ِه م َع ق َُو ّة ن َ ْفسَه و َِصح ّة ِ‬
‫ج ْ‬ ‫عَلَى غ َ ِّرة و َأَ خَذ َه بَغْت َة من غَي ْر لُطْف وَل َا رِف ْق فَك َان مَو ْتُه أش ّد عَلَي ْه َ‬
‫الل ّه تَع َالَى فِي أعْد َائ ِه كَمَا قَال‬
‫خر َة أشّ ّد كانْ جِع َاف الْأَ ْرز َة وكما قَال تَع َالَى )ف َأَ خَذْن َاه ُ ْم بَغْت َة ً و َه ُ ْم لا يشعرون( وَكَذَل ِك عَاد َه َ‬ ‫و َلَعَذ َاب الآ ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى )فَك ُلً ّا أَ خَذْن َا بِذَن ْبِه ِ فمَِنْه ُ ْم م َنْ أَ ْرسَل ْنَا عَلَيْه ِ ح َاصِبًا وَمِنْه ُ ْم م َنْ أَ خَذ َت ْه ُ الصيحة(‬
‫َ‬
‫سلَف أَ َ ّنه ُم ك َانُوا يَك ْر َه ُون مَو ْت‬
‫حه ُم ب ِه عَلَى غَي ْر اسْ تِعْد َاد بَغْت َة ولهذا ذُك ِر ع َن ال َ ّ‬
‫الآية‪ ،‬فَف َج َأ جميعهم بالمَو ْت عَلَى حال ع ُتُو ّ وَغَفْلَة وَصَب ّ َ‬
‫ن الأمْرَاض نَذِير‬ ‫ح ْ‬
‫كم َة ثالِثة أَ ّ‬ ‫الفجأة وَمِن ْه فِي حَدِيث إ ب ْر َاه ِيم ك َانُوا يَك ْر َه ُون أخْذ َة ك َأخْذ َة الأسَف أَ ي الغَضَب يُر ِيد موت الفجأة * و ِ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٦‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ش َ ّدة الخَو ْف من ن ُز ُول المَو ْت فَيَسْت َع ِ ّد من إصابته وعلم تعهدها له للبقاء ر ََب ّه و َيُعْرِض ع َن د َار ال ُد ّن ْيَا الـكَث ِير َة الأنْك َاد‬
‫ش َ ّدتِهَا ِ‬
‫المَم َات و َبِقَدْر ِ‬
‫الل ّه و َقَب ْل العباد و يؤدي الحقوق ِإلَى أهلها وينظر ف ِيم َا يحتاج إلي ْه‬ ‫و َيَكُون قَل ْب ُه مُع َل ّق ًا بالمَعاد فَيَتَن َصّ ل من ك ُ ّ‬
‫ل م َا يخشى تباعته من قَب ْل َ‬
‫س َل ّم المغفور لَه م َا تقدم وَم َا تأخر ق َد طلب التنصل في مرضه م َِم ّن ك َان‬ ‫من وصية فيمن يخلفه أَ و أمر يعهده و َهَذ َا نبينا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫لَه عَلَي ْه مال أَ و حَقّ فِي بدن وأقاد من نفسه وماله وأمكن م ِن القصاص مِن ْه عَلَى م َا ورد في حَدِيث الْف َضْ ل وحديث‬
‫__________‬
‫)قوله كانجعاف( بكسر الجيم‪ :‬أي كانقلاع )قوله ولهذا ما كره السلف موت الفجاءة( )ما( هنا زائدة وكذلك فيما يقع في بعض‬
‫سلَف أَ َ ّنه ُم ك َانُوا يَك ْر َه ُون مَو ْت انفجاءة )قوله كأخذة الأسف( الأخذة بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة‪،‬‬
‫النسخ ولهذا ما ذُك ِر ع َن ال َ ّ‬
‫والأسف بفتح السين المهملة الغضب )قوله تباعته( بكسر أوله‪ :‬أي تبعته )قوله من قبل( بكسر القاف وفتح الموحدة )‪(٢ - ١٤‬‬
‫)*(‬
‫الل ّه وعترته‪ ،‬وبالأنصار عيبته‪ ،‬ودعا إلى كُت ُب ك ِتَاب لِئ َل ّا تضل أ َمّت َه بَعْد َه ِإ َمّا في النص عليه الخلافة‬
‫الوفاة وأوصى بالثقلين بَعْد َه‪ :‬ك ِتَاب َ‬
‫الل ّه أَ ع ْلَم بمراده ث ُم ّ ر َأَ ى الإمساك عَن ْه أفضل وخير ًا وهكذا سيرة عباد الل ّٰه ال ْمُؤْم ِنين وأوليائه المتقين و َهَذ َا ك ُل ّه يحرمه غالبًا الـكفار‬
‫أو َ‬
‫الل ّه لَه ُم‬
‫لإمْلَاء َ‬
‫يخ ِِّصم ُونَ فَلا يَسْتَط ِيع ُونَ‬
‫حدَة ً ت َأْ خُذ ُه ُ ْم و َه ُ ْم َ‬
‫صي ْح َة ً و َا ِ‬
‫الل ّه تَع َالَى )م َا يَنْظ ُر ُونَ ِإلا َ‬
‫حي ْث ل َا يَعْلَم ُون‪ ،‬قَال َ‬
‫جه ُم من َ‬
‫لِيَزْد َاد ُوا إثْمًا و َلَيَسْتَدْر َ‬
‫الل ّه ِ ك َأَ َن ّه ُ عَلَى غَض ٍ‬
‫َب ال ْم َحْ ر ُوم ُ م ِنْ حُرِم َ‬ ‫سب ْح َانَ َ‬ ‫س َل ّم فِي رَج ُل مات فُج ْأة‪ُ ) :‬‬ ‫تَوْصِي َة ً و َلا ِإلَى أَ ه ْلِه ِ ْم يَرْجِع ُونَ( ولذلك قال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ن الموت يأتي ال ْمُؤْم ِن غالبا مُسْت َع ِد لَه مُن ْتَظ ِر لِ حلُُولِه‬
‫جر ِ( وَذَل ِك ل ِأَ ّ‬
‫َف لِلْك َافِرِ أَ وِ الْف َا ِ‬ ‫وَص َِي ّت َه ُ( و َقَال‪) :‬مَو ْتُ الْفُجْأَ ة ِ ر َاح َة ٌ لِل ْمُؤْم ِ ِ‬
‫ن و َأَ خْذَة ُ أَ س ٍ‬

‫س َل ّم )مُسْت َريح ٌ وَمُسْتَر َا ٌ‬


‫ح مِن ْه ُ‪ ،‬وتأْ تِي الكاف ِر‬ ‫كيْفَم َا جاء و َأَ ف ْضى ِإلَى راحَت َه من نَصَب ال ُد ّن ْيَا وأَ ذاه َا كَمَا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فَه َان أَ مْرُه عَلَي ْه َ‬

‫و َالف َاجِر م َن َِي ّت ُه عَلَى غَي ْر اسْ تِعْد َاد وَل َا ُأه ْب َة وَل َا مُقَدّمات مُنْذِر َة م ُْزعِ جَة )بَلْ ت َأْ ت ِيه ِ ْم بَغْت َة ً فَتَبْهَتُه ُ ْم فَلا يَسْتَط ِيع ُونَ ر َ َدّه َا و َلا ه ُ ْم يُنْظَر ُونَ(‬
‫فكان المَو ْت أشد شئ عَلَي ْه وف ِراق ال ُد ّن ْيَا أفْظَع أمْر َ‬
‫صدَم َه وأك ْر َه شئ لَه‪.‬‬
‫الل ّه ِ كَرِه َ الل ّٰه لقاءه(‬ ‫الل ّه ِ أَ ح َ ّ‬
‫َب الل ّٰه لقاءه‪ ،‬ومنكره لِق َاء َ َ‬ ‫س َل ّم بِقَو ْلِه‪) :‬م َنْ أَ ح َ ّ‬
‫َب لِق َاء َ َ‬ ‫و َِإلَى هَذ َا ال ْمَعْن َى أشَار صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫__________‬
‫)قوله بالأنصار عيبته( بفتح العين المهملة وسكون المثناة التحتية أراد أنهم موضع سره وأمانته كعيبة الثياب التى يضع فيها الشخص‬
‫متاعه )قوله أفظع( بالفاء والظاء المعجمة أي أعظم وأشد )*(‬

‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫الصّ لَاة وال َ ّ‬


‫سلَام ُ‬ ‫سب ّه ُ عَلَيْه ِ َ‬
‫الْق َس َم الرابع فِي تصرف وجوه الأحكام فيمن تَن َ ّقصَه أَ ْو َ‬

‫س َل ّم وَم َا يَتَع َيَ ّن لَه‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َن ّة و َإجْمَاع ا ْل ُأ َمّة م َا َ‬
‫يج ِب م ِن الحُق ُوق َ‬ ‫قَال الْق َاض ِي أبو الفضل وفقه الل ّٰه ق َد تق َ ّدم م ِن الْكِتَاب و َال ُ ّ‬

‫الل ّه تَع َالَى أذ َاه فِي ك َتَاب ِه و َأجْمَع َت ا ْل ُأ َمّة عَلَى قَت ْل م ُتَن َ ّقصِ ه م ِن ال ْمُسْل ِمِين وسابك قال الل ّٰه‬ ‫من بر ّ و َتَو ْق ِير و َتَعْظ ِيم و َإك ْرَام و َبحَسَب هَذ َا ح َرّم َ‬
‫تعالى‪:‬‬
‫الل ّه ِ لَه ُ ْم عَذ ٌ‬
‫َاب أَ ل ِيم ٌ(‬ ‫ل َ‬ ‫ن يُؤْذ ُونَ رَسُو َ‬ ‫الل ّه ُ فِي ال ُد ّن ْيَا و َالآ ِ‬
‫خرَة ِ و َأَ ع َ ّد لَه ُ ْم عَذ َاب ًا مُهِينًا( وقال‪) :‬و َال َ ّذ ِي َ‬ ‫الل ّه َ وَرَسُولَه ُ لَعَنَهُم ُ َ‬
‫)إن الذى يُؤْذ ُونَ َ‬
‫الل ّه ِ و َلا أَ ْن تَن ْ ِ‬
‫كحُوا أَ ْزو َاج َه ُ م ِنْ بَعْدِه ِ أَ بَد ًا ِإ َ ّ‬
‫ن ذ َلـِك ُ ْم ك َانَ عِنْد َ الل ّٰه عظيما( وقال تعالى‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬وَم َا ك َانَ لـَك ُ ْم أَ ْن تُؤْذ ُوا رَسُو َ‬
‫و َقَال َ‬
‫ن الْيَه ُود ك َانُوا يَق ُولُون ر َاعِنَا ي َا مُحَم ّد‪:‬‬ ‫في تحريم التّعْرِ يض لَه‪) :‬يا أيها ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا لا تَق ُولُوا ر َاعِنَا و َق ُولُوا انْظُر ْن َا واسمعوا( الآيَة‪ ،‬وَذَل ِك أَ ّ‬
‫الل ّه ال ْمُؤْم ِنين ع َن التّش َُب ّه بِه ِم و َقَطَع ال َذ ّرِ يع َة بِن َهْ ي ال ْمُؤْم ِنين عَنْهَا لِئ َل ّا‬
‫أَ ي أ ْرعِنَا سَمْع َك و َاسْم َع م َِن ّا‪ ،‬و َيُع َرّضُون بالكلمة يريدون الرعوبة فَن َهى َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٧‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫يَت َو َ َ ّ‬
‫صل بِهَا ال ْكاف ِر و َال ْمُنَاف ِق ِإلَى سَب ّه والاسْ تِه ْزَاء ب ِه و َق ِيل بل لما فيه من مُشَارَك َة اللفظ ل ِأَ نّهَا عِن ْد الْيَه ُود بِمَعْن َي اسْم َع ل َا سَمِعْت‪ ،‬و َق ِيل‪ :‬بَل‬
‫س َل ّم و َتَعْظ ِيمه ل ِأَ نّهَا فِي لُغ َة الْأَ نْصَار بِمَعْن َي ا ْرع َنَا نرعك فنهوا عن ذلك ِإذ م ُضْ م َن ُه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫لَم ّا ف ِيهَا من قلَ ّة الأد َب وعدم تَو ْق ِير َ‬
‫أَ َ ّنه ُم لا يرعون إلا برعايته لهم‬
‫__________‬
‫)قوله و بحسب هذا( بفتح السين أي بقدر )قوله و يعترضون( بتشديد الراء المكسورة )قوله الرعونة( بضم الراء أي الحمق )قوله إذ‬
‫مضمنه( بضم الميم الأولى وفتح الضاد المعجمة )*(‬
‫الت ّكَن ِ ّي بِكُن ْيَتِه ِ فَق َال‪) :‬س َُم ّوا ب ِاسْم ِي وَل َا تُك َُن ّوا‬
‫ن َ‬ ‫س َل ّم ق َد نَهَ ى ع َ ِ‬ ‫ل ح َال و َهَذ َا ه ُو صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم و َاجِب الر ّعَايَة بِك ُ ّ‬ ‫و َه ُو صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم اسْ ت َج َاب ل ِرَج ُل ن َاد َى ي َا أَ ب َا الْق َاسِم‪ ،‬فَق َال‪ :‬لَم أعْن ِك‪َ ،‬إن ّمَا دَعَو ْت‬ ‫بِكُن ْيَتِي( صَيَانَة ً لِن َ ْفسِه وَحِمَايَة ع َن أذ َاه ِإذ ك َان صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الت ّكَن ّي بِكُن ْيَت ِه لِئ َل ّا يَت َأ َذّى بإج َابَة‪.‬‬
‫هَذ َا‪ ،‬فَن َهى حِينَئ ِذ ع َن َ‬
‫دَعْو َة غَيْر ِه لم َِن لَم يَدْع ُه و َيجد بذلك المنافقون والمستهزؤن ذَرِ يع َة ِإلَى أذ َاه و َالإ ْزر َاء ب ِه فَيُنَاد ُونَه ف َِإذ َا ال ْتَف َت قَالُوا‪َ :‬إن ّمَا أرَدْن َا هَذ َا لِسِوَاه‪.‬‬
‫تَعْن ِيتًا لَه و َاسْ تخْ ف َافًا بِ ح َ ّقه عَلَى عاد َة‬
‫ل وجه‪ ،‬فحمل محققوا ال ْع ُلمَاء نَه ْي َه ع َن هَذ َا عَلَى م ُ َ ّدة حَيَات ِه و َأج َاز ُوه بَعْد و َفات ِه‬
‫س َل ّم حِمى أذ َاه بِك ُ ّ‬ ‫ستَهْزِئِين فَحمى صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫المَجُ ّان و َال ْم ُ ْ‬
‫ن ذَل ِك عَلَى‬
‫الل ّه أَ ّ‬
‫ن شَاء َ‬ ‫للن ّاس فِي هَذ َا الْحَدِيث مَذ َاه ِب لَي ْس هَذ َا مَوْضِعَه َا وَم َا ذَكَر ْن َاه ه ُو مَذْه َب الجم ُْه ُور و َ‬
‫َالصّ وَاب إ ّ‬ ‫لارْتِف َاع العِلَ ّة‪ ،‬و َ َ‬
‫الل ّه منع من ندائه ب ِه بِقَو ْلِه‪:‬‬ ‫طر يق تعظيمه وتوقيره وعلى سبيل الندب والاستحباب ل َا عَلَى التحريم وَلِذَل ِك لَم ينه ع َن اسْم ُه ل ِأَ َن ّه قد ك َان َ‬
‫ِ‬
‫الل ّه و َق َد ي َ ْدع ُونَه بِكُن ْيَت ِه أَ ب َا الْق َاسِم‬ ‫ل بَي ْنَك ُ ْم كَد ُعَاء بَعْضِ ك ُ ْم بَعْضًا( و َِإ َن ّمَا ك َان ال ْمُسْل ِم ُون ي َ ْدع ُونَه ي َا رَسُول َ‬
‫الل ّه ي َا نَبِ ّي َ‬ ‫تجْع َلُوا د ُعَاء َ‬
‫الر ّسُو ِ‬ ‫َ‬ ‫)لا َ‬
‫الت ّسَمي باسْم ِه و َتَنْز ِيه ِه ع َن ذَل ِك‬ ‫ل عَلَى ك َرَاه َة َ‬ ‫س َل ّم م َا يَد ُ ّ‬ ‫الل ّه عَن ْه عنه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫بَعْضُه ُم فِي بَعْض الأحْ وَال‪ ،‬و َق َد رَو َى أَ نَس رَض ِي َ‬
‫إذ َا لَم يُو ََق ّر‪ ،‬فَق َال )تُس َ ُمّونَ أَ وْلاد َك ُ ْم مُحَم ّدًا ث َُم ّ تلَْع َن ُونَهُمْ( وَر ُوي‬
‫__________‬
‫)قوله تعنينا( بعين مهملة فنون مكسورة يقال عنته تعنيتا إذا شدد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه‪ ،‬كذا في القاموس )قوله المجان(‬
‫بضم الميم وتشديد الجيم في الصحاح المجون أن لا يبالى الإنسان ما صنع وقد مجن بالفتح يمجن مجونا فهو ماجن )*(‬
‫جعْف َر ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ ‪ ،‬وَح َك َى مُحَم ّد بن‬ ‫س َل ّم( حَك َاه أَ بُو َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه عَن ْه كَت َب ِإلَى أَ ه ْل الـكُوف َة ل َا يُسَمّى أَ ح َد باس ْم َ‬
‫ن ع ُم َر رَض ِي َ‬
‫أَ ّ‬

‫طاب‪ :‬ل َا‬ ‫سعْد َأن ّه نَظَر ِإلَى رَج ُل اسْم ُه مُحَم ّد وَرَج ُل يُس َُب ّه و َيَق ُول لَه فعل َ‬
‫الل ّه بك ي َا مُحَم ّد وَصَن َع‪ ،‬فَق َال ع ُم َر لابن أخيه مُحَم ّد بن زيد بن الْخ َ ّ‬ ‫َ‬
‫الر ّحْمن و َأر َاد أن يَم ْن َع لهذا أن يُس َ َمّى أح َد ب ِأسْمَاء‬
‫َب ب ِك والل ّٰه ل َا تُدْعى مُحَم ّدًا م َا دُمْت ح ًَي ّا وَس ََم ّاه عَب ْد َ‬
‫س َل ّم يُس ّ‬ ‫أر َى مُحَم ّدًا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫لأنبياء إك ْرَام ًا لَه ُم بِذَل ِك و َغَي ْر أسْمَاءه ُم و َقَال ل َا تُس َ ُمّوا بأسْمَاء الْأَ ن ْب ِيَاء ث ُم ّ أ ْمسَك‪ ،‬و ُ‬
‫َالصّ وَاب جَوَاز هَذ َا كُل ّه بَعْد َه‬ ‫َ‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الصّ ح َابَة عَلَى ذَل ِك و َق َد س ََم ّى جَمَاع َة مِنْه ُم ابته مُحَم ّدًا وَك ََن ّاه ب ِأَ بِي الْق َاسِم وَر ُوي أَ ّ‬
‫س َل ّم بِد َلِيل إطْ بَاق َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم مُحَم ّد‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كن ْيَت ُه و َق َد س ََم ّى ب ِه َ‬
‫ن ذَل ِك اسم ال ْم َ ْهدِيّ و َ ُ‬
‫الل ّه عليه وسلم أَ ّ‬
‫الل ّه عَن ْه و َق َد أخْب َر صلى َ‬
‫أذِن فِي ذَل ِك لِعَلِيّ رَض ِي َ‬
‫بن طَل ْح َة و َمُحَم ّد بن عمرو ابن حزم و َمُحَم ّد بن ثابت بن قيس و َغَي ْر واحد و َقَال‪) :‬م َا ض َ َرّ أَ حَد ُك ُ ْم أَ ْن يَكُونَ فِي بَي ْتِه ِ مُحَم ّدٌ و َمُحَم ّد َا ِ‬
‫ن و َثَلَاثَة ٍ‪،‬‬
‫و َق َد ف َصّ ل ْت الْك َلَام فِي هَذ َا القِس ْم عَلَى ب َابَي ْن كَمَا قدمناه‬
‫__________‬
‫س َل ّم غير مُحَم ّد بن طَل ْح َة قال الذهبي محمد بن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم مُحَم ّد بن طلحة( قال س ََم ّى ب ِه َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫)قوله و َق َد س ََم ّى ب ِه َ‬
‫خليفة شهد الفتح فيما يقال وكان اسمه عبد مناف فغيره النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‪ ،‬وذكر الحاكم فيمن دخل خراسان من الصحابة محمد‬
‫س َل ّم َ مُحَم ّدًا‪.‬‬
‫س َل ّم َ وكان اسمه ناهية وكان مجوسيا فسافر بتجارة إلى الحجاز فأسلم وسماه النبي صلى الل ّٰه عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مَو ْلَى رَسُو ِ‬
‫قال الذهبي رواه الحاكم بسند مظلم ومحمد بن نبيط بن جابر ولد على عهد رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم فسماه محمد وحنكه فيما قيل‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٨‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ومحمد بن هلال بن المعلى سماه النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وشهد الفتح‪ ،‬قاله أبو موسى )*(‬

‫الباب الأول في بيان ما هو في حقه صلى الل ّٰه عليه وسلم سب أو نقص من تعر يض أو نص‬ ‫‪٥.١‬‬

‫س َل ّم سب أَ و نقص من تعر يض أَ و نص‬ ‫الباب الأول في بيان ما هو في حقه صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم أَ و عَابَه أَ و ألْحَق ب ِه نَقْصً ا فِي ن َ ْفسِه أَ و نَس َب ِه أَ و دِينه أَ و خَصْ لَة من ِ‬
‫خصَالِه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬‫ن جَم ِيع من س ّ‬
‫الل ّه وإياك أَ ّ‬
‫اع ْلَم وفقنا َ‬
‫ب لَه أَ و الأ ِ ْزر َاء عَلَي ْه أو َ‬
‫الت ّصْ غ ِير لِشَأْ ن ِه أَ و ال ْغ َّض مِن ْه و َالْعَي ْب لَه فَه ُو سَاب لَه و َالْحُكْم ف ِيه‬ ‫أَ و ع َّرض ب ِه أو شبهة بشئ عَلَى طر يق ال َ ّ‬
‫س ّ‬
‫اب يقْت َل كَمَا نُبَي ّن ُه وَل َا نَسْتَثْنِي ف َصْ ل ًا من فُصُول هَذ َا ال ْبَاب عَلَى هَذ َا المقصد وَل َا يمترى ف ِيه تصر يحا ك َان أَ و تلو يحا وَكَذَل ِك من‬ ‫حُكْم ال َ ّ‬
‫س ّ‬
‫هج ْر‬
‫لعنه أَ و دعا عَلَي ْه أَ و تمنى مضرة لَه أو نسب إليه م َا ل َا يليق بمنصبه عَلَى طر يق الذم أَ و عبث فِي جه َت ِه العَزِيز َة بس ُخْ ف م ِن الْك َلَام و َ ُ‬
‫وَمُن ْك َر م ِن الْقَو ْل وَز ُور أَ و عيره بشئ م َِم ّا جَر َى م ِن ال ْبَلَاء والْمِح ْن َة عَلَي ْه أَ و غ َمَصَه ببَِعْض الْع َوَارض ال ْب َشَر ِي ّة الْجَائ ِز َة و َال ْمَعْه ُود َة لَدَي ْه و َهَذ َا‬
‫الل ّه عَلَيْه ِم ِإلَى ه َلُمّ جَرّا‪ ،‬قال أبو بكر بن‬ ‫كُل ّه إجْماع م ِن ال ْع ُلمَاء و َأئ َِم ّة الْفَت ْو َى من لَد ُن َ‬
‫الصّ ح َابَة رِضْ وَان َ‬
‫__________‬
‫)قوله أَ و الأ ِ ْزر َاء عَلَي ْه( أي النهاون به )قوله أو عبث( بفتح المهملة وكسر الموحدة بعدها مثلثة أي لعب )قوله وهجر( بضم الهاء وسكون‬
‫الجيم من الإهجار وهو الإفحاش في النطق )قوله أو عيره( بفتح العين المهملة وتشديد المثناة التحتية )قوله أو غمصه( بفتح الغين المعجمة‬
‫والميم والصاد المهمل ة‪ :‬أي عابه أو استصغره )قوله ِإلَى ه َلُمّ جَرّا( في الصحاح هلم بمعنى تعالى‪.‬‬
‫قال الخليل‪ :‬أصله لم من قولك لم الل ّٰه شعثه‪ :‬أي جمعه‪.‬‬
‫كأنه أراد لم نفسك إليا أي أقرب وها لتنبيه وإنما حذفت ألفها لـكثرة الاستعمال وجعلا اسما واحدا يستوى فيه الواحد والجمع والتأنيث‬
‫في لغة أهل الحجاز وأهل نجد يصرفونها وجرا من الجر وهو السحب وانتصابه على المصدر أو الحال )*(‬
‫س َل ّم يُقْت َل وَم َِم ّن قَال ذَل ِك م َال ِك بن أَ نَس و ََالل ّي ْث و َأَ حْم َد وإسحاق و َه ُو‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬‫المُن ْذر أجْم َع ع َوامّ أهلى ال ْعِل ْم عَلَى أن من س ّ‬
‫الل ّه عَن ْه وَل َا تُقْب َل تَو ْبَت ُه عِن ْد هَؤْل َاء‪ ،‬و َبِمِثْلِه قَال أَ بُو‬ ‫شافِعِيّ قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل و َه ُو مُقْت َض َى قَو ْل أَ بِي بَك ْر َ‬
‫الصّ دّيق رَض ِي َ‬ ‫مَذْه َب ال َ ّ‬
‫حنيفة وأصحابُه‬
‫سل ِم ع َن م َال ِك وح َك َى ال َ ّ‬
‫طبَر ِيّ مِثْلُه ع َن‬ ‫ك َنّه ُم قَالُوا‪ :‬هِي رِ َدّة‪ ،‬وَرَو َى مِثْلُه ال ْوَلِيد بن م ُ ْ‬ ‫َ‬
‫والث ّوْرِيّ و َأَ ه ْل الـكُوف َة و َالْأَ وز َاعِ يّ فِي ال ْمُسْل ِمِين لـ ِ‬
‫س َل ّم أَ و برئ مِن ْه أَ و ك َ َذّبَه و َقَال سُ ح ْن ُون فيمن س ََب ّه‪ :‬ذَل ِك ردّة ك َ‬
‫َالز ّنْد َق َة و َعَلَى هَذ َا و َق َع‬ ‫أَ بِي حنيفة وأصحابه فيمن تَن َ ّقصَه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الل ّه تَع َالَى‪ ،‬وَل َا نَعْلَم خِلَافًا فِي اسْ ت ِبَاح َه دَم ِه بَي ْن‬
‫كفْر كَمَا سَنُبَي ّن ُه فِي ال ْبَاب الثاني أن شَاء َ‬
‫الخ ِلَاف فِي استنابته وت َ ْكف ِير ِه وهل قَتْلُه ح َد أَ و ُ‬

‫عُلَمَاء الأ ْمصَار وَسَلَف ا ْل ُأ َمّة و َق َد ذَك َر غَي ْر و َاحِد الإجْمَاع على قَتْلِه و َت َ ْكف ِيرِه وأشَار بَعْض ال َ ّ‬
‫ظاهِرِ َي ّة و َه ُو أَ بُو مُحَم ّد عَلِيّ بن أَ حْم َد الفارس ّ‬
‫ي‬
‫س َل ّم ال ْمُتَنَقّص لَه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن شَاتِم َ‬
‫ِإلَى الخ ِلَاف فِي تَكْفير المسخف ب ِه و َال ْمَعْر ُوف م َا ق َ ّدمْنَاه قَال مُحَم ّد بن سُ ح ْن ُون أجْم َع ال ْع ُلمَاء أَ ّ‬
‫ك َاف ِر و َال ْوَعِيد ج َار عَلَي ْه بِعَذ َاب‬
‫__________‬
‫)قوله كالزندقة( قال ابن قرقول‪ :‬الزنادقة من لا يعتقد ملة من الملل المعروفة ثم استعمل ذلك فيمن عطل الأديان وأنكر الشرائع وفيمن‬
‫أظهر الإسلام وأسر غيره وأصله من كان على مذهب مانى ونسبوا إلى كتابه الذى وضعه في إبطال النبوة ثم عربته العرب انتهى )قوله‬
‫ظاهِرِ َي ّة( هو المعروف بابن حر علي بن أحمد ابن سعيد بن حزم اليزيدى الأموي القرطبى الطاهري توفى سنة خمس‬
‫وأشَار بَعْض ال َ ّ‬
‫وخمسين وأربعمائة )*(‬
‫حسَي ْن بن خ َالِد الْفَق ِيه فِي مِث ْل هَذ َا بِقَت ْل خ َالِد بن‬
‫كف َر‪ ،‬و َاحْ ت َجّ إ ب ْر َاه ِيم بن ُ‬
‫ك ْفرِه و َعَذ َاب ِه َ‬ ‫الل ّه لَه وَح ُ ْ‬
‫كم ُه عند الأمة قتل وَم ِن شَكّ فِي ُ‬ ‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٦٩‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫س َل ّم صَاحِبُك ُم‪ ،‬و َقَال أَ بُو سُلَيْم َان الخ َ ّ‬


‫طابِيّ ل َا أَ ع ْلَم أَ ح َدا من ال ْمُسْل ِمِين اخْ تُل ِف فِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ال ْوَلِيد م َال ِك ابن نُو َي ْر َة لِقَو ْلِه ع َن َ‬
‫وُجُوب قَتْلِه إذ َا ك َان مُسْل ِمًا‪ ،‬و َقَال ابن الْق َاسِم ع َن م َال ِك فِي ك ِتَاب ابن سَ ح ْن ُون و َال ْمَبْس ُوط و َال ْعُت ْبَي ّة وَحَك َاه مُط ََر ّف ع َن م َال ِك فِي ك ِتَاب‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫َب َ‬‫ابن حبيب من س ّ‬

‫كم ُه عِن ْد ا ْل ُأ َمّة الْقَت ْل‬


‫شتَم َه أَ و عَابَه أَ و تَنَق ََصّ ه ف َ َإن ّه يُقْت َل وَح ُ ْ‬
‫س َل ّم م ِن ال ْمُسْل ِمِين قُت ِل و َلَم يُستَت َب‪ ،‬قَال ابن الْق َاسِم فِي ال ْعُت ْب َِي ّة من س ََب ّه أَ و َ‬
‫وَ َ‬
‫س َل ّم م ِن ال ْمُسْل ِمِين قُت ِل أَ و‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى تَو ْق ِير َه و َب َر ّه و َفِي ال ْمَبْس ُوط ع َن عُثْم َان بن ك ِنَانَة من شَتَم َ‬ ‫ك َ‬
‫َالز ّنْدِيق و َق َد ف َر َض َ‬
‫ل‬ ‫مخـَي ّر فِي صَل ْب ِه ح ًَي ّا أَ و قَتْلِه‪ ،‬وَم ِن رِو َايَة أَ بِي ال ْم ُصْ ع َب و َاب ْن أَ بِي أو َي ْس سمعنا مالِك ًا يَق ُول‪ :‬م َنْ س َ ّ‬
‫َب رَسُو َ‬ ‫صُل ِب ح ًَي ّا و َلَم يُسْتَت َب‪ ،‬وال ِْإم َام ُ‬
‫صحَاب م َال ِك َأن ّه‬
‫شتَم َه ُ أَ ْو عَابَه ُ أَ ْو تَن َ ّقصَه ُ قُتِلَ‪ :‬مُسْل ِمًا ك َا ْن أَ ْو ك َاف ِرًا وَل َا يُسْتَتَابُ ‪ ،‬و َفِي ك ِتَاب مُحَم ّد أَ خْبَر َن َا أَ ْ‬
‫س َل ّم َ أَ ْو َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫َ‬
‫سل ِم أَ و ك َاف ِر قُت ِل و َلَم يُسْتَت َب‪ ،‬و َقَال أصْ ب َغ‪ ،‬يُقْت َل عَلَى ك ُ ّ‬
‫ل ح َال أسَرّ‬ ‫س َل ّم أَ و غَيْر ِه م ِن َ‬
‫الن ّب ِيّين من م ُ ْ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬‫قَال‪ :‬من س ّ‬
‫س َل ّم من م ُ ْ‬
‫سل ِم أو كافر قُت ِل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬‫الل ّه بن عَب ْد الْحَكم من س ّ‬
‫ن تَو ْبَت َه ل َا تُعْر َف‪ ،‬و َقَال عَب ْد َ‬
‫ذَل ِك أو أظهره وَل َا يُسْتَتَاب ل ِأَ ّ‬

‫طبَر ُِيّ مثله‬


‫و َلَم يستتب( وَح َك َى ال َ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن نويرة( بضم النون وفتح الواو بعدها مثناة تحتية ساكنة‪.‬‬
‫)*(‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم ‪ -‬و َيُرْو َى زِرّ َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ع َن أشْه َب ع َن م َال ِك‪ ،‬وَرَو َى ابن وَه ْب ع َن م َال ِك من قال إن رداءه َ‬
‫‪ -‬و َِسخ أر َاد ب ِه عَي ْب َه قُت ِل‪ ،‬و َقَال بَعْض عُلَمَائنَِا أجْم َع ال ْع ُلمَاء عَلَى أَ ّ‬
‫ن من د َعَا عَلَى نَبِ ّي من الأنبياء بالو يل أو بشئ م ِن ال ْمَك ْر ُوه َأن ّه يُقْت َل بِلَا‬
‫ي ف ِيم َن قَال فِي النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم ا ْلجم َ ّال يَتِيم أَ بِي طَال ِب بالْقَت ْل‪ ،‬و َأف ْتى أَ بُو مُحَم ّد بن أَ بِي زيد بِقَت ْل‬
‫اسْ ت ِتَابَة و َأف ْتى أَ بُو الْحَسَن القاب ِس ّ‬
‫س َل ّم ِإذ مر بِه ِم رَج ُل قَب ِيح ال ْوَجْه و َال َ ّلح ْي َة فَق َال لَه ُم ت ُريد ُون تَعْرف ُون ِ‬
‫صف َت َه هي فِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫صف َة َ‬
‫رَج ُل سَم ِـع قَوْم ًا يَتَذ َاك َر ُون ِ‬
‫الل ّه و َلَي ْس يخرج من قلب سُلَي ْم ال ِْإ يمَان‬
‫صف َة هَذ َا ال ْمَارّ فِي خ َلْق ِه و َلِ حْيَت ِه قال ولا تقب لتوبته و َق َد كَذ َب لَع َن َة َ‬
‫ِ‬
‫س َل ّم ك َان أسْ و َد‪ ،‬يُقْت ِل‪ ،‬و َقَال فِي رَج ُل ق ِيل لَه ل َا وحق‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َقَال أَ حْم َد بن أَ بِي سليمان صاحب سحنون من قَال إ ّ‬
‫الل ّه؟ فَق َال أشد من كلامه الأول ث ُم ّ قَال‪:‬‬
‫الل ّه كذا ‪ -‬وَذَك َر ك َلَام ًا قَب ِيح ًا ‪ -‬فَق ِيل لَه م َا تَق ُول ي َا عدو َ‬
‫الل ّه برسول َ‬
‫الل ّه‪ ،‬فَق َال فعل َ‬
‫رَسُول َ‬
‫َإن ّمَا أرَدْت برسول َ‬
‫الل ّه العَقْر َب فَق َال ابن أَ بِي سُلَيْم َان للذي سَألَه أشْه َد عَلَي ْه و َأَ ن َا شَر ِيك ُك‪ ،‬يريد فِي قتله وثواب ذَل ِك‪.‬‬
‫س َل ّم وَل َا موقر‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن ا َدّعَاء التأو يل فِي لفظ صراح ل َا يقبل أنه استهان و َه ُو غَي ْر معزر لرسول َ‬
‫قَال حبيب بن أبى الربيع ل ِأَ ّ‬
‫س َل ّم و َقَال إن سَأَ ل ْت أَ و‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه بن عتاب في عشار قَال لرجل أد واشْ ك ِإلَى َ‬
‫لَه فوجب إباحة دمه‪ ،‬وأفتى أَ بُو عَب ْد َ‬
‫جه ِل ْت‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله الجمال( بفتح الجيم وتشديد الميم )*(‬
‫س َل ّم‪ :‬بالْقَت ْل و َأف ْتى فُقَه َاء الأنْد َلُس بِقَت ْل ابن ح َاتِم المُتَف َ َ ّقة ال ُ ّ‬
‫طلَيْط ُلِيّ وَصَل ْب ِه بِمَا ش ُهد عَلَي ْه ب ِه م ِن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جه ِل وسَأل َ‬
‫فقد َ‬
‫ن زُهْد َه لَم يَكُن ق َصْ دًا و َلَو قَد َر عَلَى‬ ‫س َل ّم و َت َ ْسمِيَت ِه إ َي ّاه أث ْنَاء م ُنَاظَرَت ِه باليَت ِيم وَخ َتَن َ‬
‫حيْدَر َة وَزَعْم ِه أَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫اسْ ت ِخْ ف َاف ِه بح َقّ َ‬
‫صحَاب سُ ح ْن ُون بِقَت ْل إ ب ْر َاه ِيم الف َزَارِيّ وَك َان شاعِرًا م ُتَف ََن ّنًا فِي كثير م ِن الع ُلُوم‬ ‫طي ّبَات أك َلَه َا إلى أشْ بَاه لهذا‪ ،‬وأفنى فُقَه َاء القيرَو َان و َأَ ْ‬ ‫ال َ ّ‬

‫مج ْل ِس الْق َاض ِي أَ بِي الْع ََب ّاس بن طَال ِب لِل ْمُنَاظَر َة ف َر ُفِع َت عَلَي ْه ُأم ُور مُن ْك َر َة من هَذ َا ال ْبَاب فِي الاسْ تِه ْزَاء بالل ّٰه و َأن ْب ِيَائ ِه و َنِبَي ّنَا‬ ‫وَك َان م َِم ّن َ‬
‫يح ْض ُر َ‬
‫كسًا ث ُم ّ ُأنْز ِل و َ ُأ ْ‬
‫حر ِق‬ ‫يح ْي َى بن ع ُم َر و َغَي ْر ُه م ِن الفُقَه َاء و َأَ م َر بِقَتْلِه وَصَل ْب ِه فَط ُع ِن بال َ ّ‬
‫سكّين وَصُل ِب م ُن َ ّ‬ ‫س َل ّم فأحْ ض َر لَه الْق َاض ِي َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫بالن ّار‪ ،‬وَح َك َى بَعْض المؤرخين َأن ّه لَم ّا رفعت خشبته وزالت عَنْهَا الأيدي استدارت وحوله ع َن‬
‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٠‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عليه وسلم وذكر حديثا عنه‬ ‫صد َق رَسُول َ‬
‫يح ْي َى بن ع ُم َر َ‬ ‫القبلة فكان آية للجميع وكبر َ‬
‫الن ّاس‪ ،‬وجاء كلب فولغ فِي دمه فَق َال َ‬
‫سلِمٍ( و َقَال‬
‫صلى الل ّٰه عليه وسلم أنه قَال‪) :‬ل َا يلَ َ ُغ الْك َل ْبُ فِي د َ ِم م ُ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله الطليطلى( بضم الطائين وفتح اللام الأولى وكسر الثانية )قوله وختن حيدرة( في الصحاح الخـتن ك ُ َ ّ‬
‫ل من ك َان من المرأة مثل‬
‫الأب والأخ وعند العامة ختن الرجل زوج ابنته‪.‬‬
‫وحيدرة بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية الأسد‪.‬‬
‫والمراد هنا علي بن أبي طالب فان أمه فاطمة بنت أسد سمته في أول ولادته باسم أبيها وكان أبو طالب غائبا فلما قدم سماه عليا فغلب‬
‫على تسمية أبى طالب وفى صحيح مسلم من إنشاد على * أنا الذى سمتن أمي حيدره * )قوله لا يلغ( بفتح أوله وثانيه و يقال ولغ بفتح‬
‫اللام وكسرها يلغ بفتح اللام )*(‬

‫فصل في الحجة في إ يجاب قتل من سبه أو عابه صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٥.١.١‬‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫الل ّه بن المُرَاب ِط‪) :‬من قَال إن َ‬
‫س َل ّم الْق َاض ِي أَ بُو عَب ْد َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه بن المُرَاب ِط‪) :‬من قَال إن َ‬
‫الْق َاض ِي أَ بُو عَب ْد َ‬
‫ن ت َاب وإلا قتل لا أنه تَن َُ ّقص ِإذ ل َا يَج ُوز ذَل ِك عَلَي ْه فِي خاصّت ِه ِإذ ه ُو عَلَى بَصِ ير َة من أ ْمر ِه و َيَق ِين من عِصْ م َت ِه‪،‬‬
‫س َل ّم ه ُزم يُسْتَتَاب ف َِإ ّ‬
‫وَ َ‬
‫س َل ّم م َا ف ِيه نَقْص قُت ِل دون اسْ ت ِتَابَة‪ ،‬و َقَال ابن‬ ‫و َقَال حبيب بن ربيع القرويّ ‪ :‬مَذْه َب م َال ِك وأصحابه أن من قَال ف ِيه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫س َل ّم ب ِأذى أو نَقْص م ُع َرَضًا أَ و م ُص َ َرّح ًا وإن ق َ ّ‬


‫ل فَقَتْلُه و َاجِب‪ ،‬فَهَذ َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن من قَصَد َ‬ ‫ع َتَاب‪ :‬الْكِتَاب وال ُ ّ‬
‫س َن ّة م َوجِبَان أَ ّ‬

‫ن اخْ تَلَف ُوا فِي حُكْم قَتْلِه عى م َا‬ ‫ال ْبَاب كُل ّه م َِم ّا عده ال ْع ُلمَاء س ًَب ّا أَ و تَن َُ ّقصً ا يجب قَت ْل قائِلِه لَم َ‬
‫يخ ْتَلف فِي ذَل ِك م ُتَق َ ّدمُه ُم وَل َا متأخرهم و َِإ ّ‬
‫الن ّسْيَان أَ و ال َ ّ‬
‫سحْ ر أَ و م َا أصَابَه من‬ ‫أشَرْنا إليه و َنُبَي ّن ُه بَعْد وَكَذَل ِك أق ُول حُكْم من غ َمَصَه أَ و غَيْر ِه ب ِرعَايَة الغ َنَم أَ و ال َس ّهْو أَ و َ‬

‫جُرْح أَ و هَزِيم َة لِبَعْض جُي ُوشِه أَ و أذى من عدوه أَ و شدة من زمنه أَ و بالميل ِإلَى نسائه فحـكم هَذ َا كُل ّه لم َِن قصد ب ِه نقصه القتل و َق َد‬
‫مضى من مذاهب ال ْع ُلمَاء فِي ذَل ِك و يأتي م َا يدل عَلَي ْه‪.‬‬
‫س َل ّم َ فمَ ِن الْقُر ْآن لَعْن ُه الل ّٰه تَع َالَى لم ُِؤْذِيه فِي ال ُد ّن ْيَا والآ ِ‬
‫خر َة وق ِرَانُه تَع َالَى أذ َاه‬ ‫فصل فِي الحجة فِي إ يجاب قتل من سبه أَ و عَابَه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن يُؤْذ ُونَ الل ّٰه ورسوله(‬ ‫)إ َ ّ‬
‫الل ّعْن َإن ّمَا يَسْتَوْجِبه من ه ُو كاف ِر وَحُكْم الكافر الْقَت ْل فَق َال ِ‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه و َأَ ّ‬
‫َب َ‬‫ب ِأَ ذ َاه وَل َا خِلَاف فِي قَت ْل من س ّ‬

‫الآيَة و َقَال فِي قات ِل ال ْمُؤْم ِن مِث ْل ذَل ِك فَم َن لَعْنَت ِه فِي ال ُد ّن ْيَا القَت ْل قَال َ‬
‫الل ّه تعالى‬
‫خزْيٌ فِي الدنيا( و َق َد يَق َع القَت ْل بِمَعْن َي َ‬
‫الل ّعْن قَال‬ ‫ك لَه ُ ْم ِ‬
‫)م َل ْع ُونِينَ أَ يْنمََا ثُقِف ُوا أخذوا وقتولا تقتيلا( و َقَال فِي المحَاربين وَذِك ْر عُق ُوبَتِهم )ذَل ِ َ‬
‫الل ّه و َل ِأَ َن ّه ف َر ّق بَي ْن أذّاهُمَا و َأذ َى ال ْمُؤْم ِنين و َفِي أذ َى ال ْمُؤْم ِنين م َا د ُون القَت ْل م ِن‬
‫الل ّه ُ أنى يؤفكون( أَ ي لَعَنَه ُم َ‬
‫ل الخراصون( و )قَاتلََهُم ُ َ‬
‫)قُت ِ َ‬
‫ك لا يُؤْم ِن ُونَ ح ََت ّى يُحَكِّم ُوك َ ف ِيم َا شَ ج َر َ‬
‫الل ّه تَع َالَى )فَلا وَر َب ِّ َ‬ ‫الل ّه ونَب َِي ّه أ َ‬
‫ش ّد من ذَل ِك و َه ُو الْقَت ْل و َقَال َ‬ ‫ال َض ّرْب و َ‬
‫َالن ّك َال فَك َان حُكْم م ُؤذِي َ‬
‫ص ْدرِه حَرَج ًا من قَضَائ ِه و َلَم يُس َل ّم لَه وَم ِن تَن َ ّقصَه فَق َد ن َاق َض هَذ َا و َقَال َ‬
‫الل ّه تعالى )يا أيها‬ ‫بينهم( الآيَة فَسَلَب اس ْم ال ِْإ يمَان ع ََم ّن وج َد فِي َ‬

‫يح ْبط العَم َل إ َلّا ال ْـكُفْر و َال ْكاف ِر يُقْت َل و َقَال َ‬


‫الل ّه‬ ‫تح ْب ََط أَ عْمَالـُكُمْ( وَل َا ُ‬ ‫ْت َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ ‪ِ -‬إلَى قوله ‪ -‬أَ ْن َ‬ ‫صو ِ‬ ‫ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا لا تَرْف َع ُوا أَ صْ وَاتَك ُ ْم فَو ْقَ َ‬

‫الن ّب ِ َيّ‬
‫ن يُؤْذ ُونَ َ‬
‫ْس ال ْم َصِ ير ُ( و َقَال تَع َالَى )وَمِنْهُم ُ ال َ ّذ ِي َ‬
‫جه َ َن ّم ُ يَصْ لَوْنَهَا فَب ِئ َ‬
‫سبُه ُ ْم َ‬
‫ح ْ‬
‫الل ّهُ( ث ُم ّ قَال ) َ‬ ‫تعالى )وإذا جاؤك ح ََي ّوْك َ بِمَا ل َ ْم يُحَي ِّ َ‬
‫ك بِه ِ َ‬
‫الل ّه ِ لَه ُ ْم عَذ ٌ‬
‫َاب‬ ‫ن يؤذون الرسول َ‬ ‫و َيِق ُولُونَ ه ُو َ ُأذُنٌ( ث ُم ّ قَال )و َال َ ّذ ِي َ‬
‫كفَرْت ُم بِقَو ْلـِك ُم فِي رَسُول‬ ‫كفَرْتُم ْ بَعْد َ إيمانكم( قَال أَ ه ْل َ‬
‫الت ّ ْفسِير َ‬ ‫أليم( و َقَال تَع َالَى )و َلئَ ِ ْن سَأَ لْتَه ُ ْم لَيَق ُول ُ َنّ ِإ َن ّمَا ك َُن ّا نحوذ ونلعب( إلى قوله )ق َ ْد َ‬

‫شي ِْخ أَ بِي ذ َ ٍرّ ال ْه َرَو ّ ِ‬


‫ِي‬ ‫الل ّه ِ أَ حْمَد ُ ب ْ ُ‬
‫ن مُحَم ّدِ ب ْ ِن غَل ْب ُونَ ع َنْ ال َ ّ‬ ‫خ أَ بُو عَبْدِ َ‬ ‫س َل ّم و َأَ َمّا الإجْمَاع فَق َد ذَكَر ْن َاه و َأَ َمّا الآثار فَح َ ّدثَنَا ال َ ّ‬
‫شي ْ ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧١‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ن ب ْ ِن ز َب َالَة َ حدثنا‬
‫ن مُحَم ّدِ ب ْ ِن الْحَسَ ِ‬ ‫ن نُ ٍ‬
‫وح ح َ َ ّدثَنَا عَبْد ُ الْعَزِيز ِ ب ْ ُ‬ ‫ن ال َد ّار َق ُ ْطن ِ ُيّ و َأَ بُو ع ُم َر َ ب ْ ُ‬
‫ن ح ََي ّو َيْه ِ ح َ َ ّدثَنَا مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬ ‫ل ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو الْحَسَ ِ‬
‫ِإج َازَة ً قَا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن زبالة( بفتح الزاى وتخفيف الموحدة )*(‬
‫ن الْحُسَيْنِ ب ْ ِن عَل ِ ٍيّ ع َنْ أَ بيِه ِ أَ َ ّ‬
‫ن‬ ‫جعْفَرٍ ع َنْ عَل ِ ِيّ ب ْ ِن م ُوس َى ع َنْ أَ بيِه ِ ع َنْ ج َ ّدِه ِ ع َنْ محمد بن علي بت الْحُسَيْنِ ع َنْ أَ بيِه ِ ع َ ِ‬
‫عبد الل ّٰه بن م ُوس َى ب ْ ِن َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫الصّ حِيح أمر َ‬
‫صحَابِي فَاضْر ِبُوه ُ( * و َفِي الْحَدِيث َ‬ ‫َب نَب ًِي ّا فَاق ْتُلُوه ُ وَم َن س َ ّ‬
‫َب أَ ْ‬ ‫ل )م َنْ س َ ّ‬
‫س َل ّم َ قَا َ‬ ‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫رَسُو َ‬
‫الل ّه َ وَرَسُولَه ُ( وَو َ َجّه َ ِإلَيْه ِ م َنْ قَتَلَه ُ غِيلَة ً د ُونَ دَعْو َة بخلاف‬
‫َف ف َِإ َن ّه ُ يُؤْذِي َ‬
‫ْب ب ْ ِن الأَ شْر ِ‬
‫كع ِ‬ ‫س َل ّم بقَت ْل َ‬
‫كعْب ابن الأشْر َف و َقَو ْلُه‪) :‬م َنْ لـِ َ‬ ‫وَ َ‬
‫الل ّه‬
‫ن قتله إياه لغير الإشراك بَل للأذى وَكَذَل ِك قتل أَ ب َا رافع‪ ،‬قَال البراء وَك َان يؤذي رَسُول َ‬ ‫غَيْر ِه م ِن المشركين وعلل بأذاه لَه فدل أَ ّ‬
‫س َل ّم َ * و َفِي‬ ‫ن بِس َبِّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل وَج َارِيَتَيْه ِ َ‬
‫الل ّتَيْنِ كانتا تُغ َن ِّيَا ِ‬ ‫خط َ ٍ‬ ‫س َل ّم و يعين عَلَي ْه وَكَذَل ِك أَ مْرُه ُ يَوْم َ الْفَت ِْح بِقَت ْ ِ‬
‫ل اب ْ ِن َ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫س َل ّم َ فَق َتَلَه ُ‬ ‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ل خ َالِد ٌ أَ ن َا فَبَع َث َه ُ َ‬
‫س َل ّم فَق َال )م َنْ ي َ ْكف ِينِي عَد ُ ّوِي؟( فَق َا َ‬ ‫ن رَج ُل ًا ك َان يَس ُُب ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫حَدِيث آخ َر أَ ّ‬
‫وَكَذَل ِك أم َر بِقَت ْل جَمَاع َة م َِم ّن ك َان يُؤْذِيه م ِن الـكُ َ ّفار و ُ‬
‫َيسب ّه َ‬
‫كالن ّض ْر بن الحا َرِث وَعُقْب َة بن أَ بِي مُعَي ْط وعَه ِد بِقَت ْل جَمَاع َة مِنْه ُم قَب ْل الْفَت ْح‬
‫و َبَعْد َه فَق ُت ِلُوا إ َلّا من باد َر بإسْ لَام ِه قَب ْل الق ُ ْدر َة عَلَي ْه‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫ن عُقْب َة بن أَ بِي مُعَي ْط نادى ي َا م َع َاشِر ق ُر َي ْش مالى ُأق ْت َل من بَي ْنِك ُم َ‬
‫صبْر ًا؟ فَق َال لَه َ‬ ‫و َق َد رَو َى البَز ّار ع َن ابن ع ََب ّاس أَ ّ‬
‫ل )م َنْ‬ ‫س َل ّم س ََب ّه ُ رَج ُ ٌ‬
‫ل فَق َا َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الر ّ َزّاق أَ ّ‬
‫ل الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم( وذكر عَب ْد َ‬ ‫س َل ّم )بِكُ ْفرِك َ و َاف ْتِر َائ ِ َ‬
‫ك عَلَى رَسُو ِ‬ ‫وَ َ‬
‫ل‬
‫ي َ ْكف ِينِي عَدُوِّي؟ فَق َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله غيلة( بكسر الغين المعجمة )*(‬
‫الز ّبَي ْر ُ‪ :‬أَ ن َا‪ ،‬فَبَارَزَه ُ فَق َتَلَه ُ ُ‬
‫الز ّبَي ْر ُ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ن رَج ُل ًا‬
‫ن ال ْوَلِيدِ فَق َتَله َا‪ ،‬وَر ُوي أَ ّ‬ ‫س َل ّم فَق َال )م َنْ ي َ ْكف ِينِي عَد ُ َ ّوتِي؟( فَخَر َ َ‬
‫ج ِإلَيْهَا خ َالِد ُ ب ْ ُ‬ ‫ن امْرَأة ك َان َت تَس ُُب ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَر ُوي أيضًا أَ ّ‬
‫س َل ّم فَق َال‬ ‫ن رَج ُل ًا جاء ِإلَى َ‬
‫الن ّبِيّ صلى القه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم فَبَع َث عليا والزبير إليه لي َقتلاه‪ ،‬وَرَو َى ابن قان ِـع أَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كَذ َب عَلَى َ‬

‫س َل ّم‪ ،‬و َبلََغ ال ْمُه َاجِر بن أَ بِي ُأم ََي ّة أَ م ِير الْيم ََن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه سَمِعْت أَ بِي يَق ُول فيك قول ًا قَبيح ًا فقتله فَلَم يش ُقّ ذَل ِك عَلَى َ‬
‫ي َا رَسُول َ‬
‫الل ّه عَن ْه‬ ‫ن امْرَأة هناك فِي الرّدّة غ ََن ّت بِس ّ‬
‫َب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم فَقَطَع يَد َه َا و َن َز َع ثَن ِيّتَهَا فبَلَغ أَ ب َا بَك ْر رَض ِي َ‬ ‫الل ّه عَن ْه أَ ّ‬
‫لأبي بَك ْر رَض ِي َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫خ ْطم َة َ‬
‫ن ح َ ّد الْأَ ن ْب ِيَاء لَي ْس يُشْبه الحُد ُود وَع َن ابن ع ََب ّاس هَج َت امْرَأة من َ‬
‫ذَل ِك فَق َال لَه لَوْل َا م َا فَعَل ْت لأم َْرتُك بِقَتْلِه َا ل ِأَ ّ‬
‫س َل ّم َ فقال )ل َا يَن ْتَط ِ ُ‬
‫ح‬ ‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫الل ّه ِ فَنَه ََض فَق َتَلَه َا ف َأَ خْبَر َ َ‬
‫الن ّب ِ ُيّ صَلَ ّى َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل م ِنْ قَوْمِهَا أَ ن َا ي َا رَسُو َ‬
‫ل رَج ُ ٌ‬ ‫س َل ّم فَق َا َ‬
‫ل )م َنْ ل ِي بِهَا؟( فَق َا َ‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬

‫ت‬
‫جعَل َ ْ‬ ‫س َل ّم َ فَيَزْجُر ُه َا فَلَا تَنْز َ ِ‬
‫جر ُ فَلَم ّا ك َان َْت ذ َاتَ لَيْلَة ٍ َ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ُب َ‬‫ن أَ عْم َى ك َان َْت لَه ُ ُأ ُمّ وَلَدٍ تَس ُ ّ‬
‫س أَ َ ّ‬
‫ف ِيهَا عنزان( وعن أبى ع ََب ّا ٍ‬
‫كن ْت‬ ‫س َل ّم َ بِذ َل ِ َ‬
‫ك ف َأَ هْدَر َ دَمَهَا‪ ،‬و َفِي حَدِيث أَ بِي بَرْز َة الأسلمي ُ‬ ‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫س َل ّم َ و َتَشْتُم ُه ُ فَق َتَلَه َا و َأَ ع ْلَم َ َ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫تَق َ ُع فِي َ‬

‫يَوْم ًا ج َالِسًا عِن ْد أَ بِي بَك ْر الصديق فَغ َضب عَلَى رَج ُل م ِن ال ْمُسْل ِمِين‬
‫َب أَ ب َا بكر وَرَو َاه َ‬
‫الن ّسَائِي‪ :‬أتيت أَ ب َا بَك ْر و َق َد أغلظ لرجل فرد عَلَي ْه‬ ‫وَح َك َى الْق َاض ِي ِإسْمَاعِيل و َغَي ْر و َاحِد م ِن الْأَ ئ َِم ّة فِي هَذ َا الْحَدِيث أنه س ّ‬
‫قَال فَق ُل ْت‬
‫__________‬
‫ح ف ِيهَا عَنْز َانِ( أي لا يجرى ف ِيهَا خ ُل ْف وَل َا نزاع )قوله أبى برزة( بموحدة مفتوحة وراء ساكنة بعدها زاى اسمه فضلة‬
‫)قوله ولا يَن ْتَط ِ ُ‬
‫بن عبيد على الصحيح )*(‬
‫س َل ّم‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو مُحَم ّد بن‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه دعني أضرب عنقه فَق َال‪ :‬اجلس فليس ذَل ِك لأحد إ َلّا رَسُول َ‬
‫ي َا خليفة رَسُول َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٢‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫س َل ّم بِك ُ ّ‬
‫ل م َا أ ْغضَبه أو آداه أَ و سَب ّه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل الْأَ ئ َِم ّة بَهَذ َا الْحَدِيث عَلَى قَت ْل من أ ْغضَب َ‬
‫نصر و َلَم يُخَال ِف عَلَي ْه أَ ح َد‪ ،‬فَاسْ تَد َ ّ‬
‫ل‬ ‫الل ّه عَن ْه فَكَت َب إلي ْه ع ُم َر‪َ :‬أن ّه ل َا َ‬
‫يح ِ ّ‬ ‫َب ع ُم َر رَض ِي َ‬
‫وَم ِن ذَل ِك ك ِتَاب ع ُم َر بن عَب ْد الْعَزِيز ِإلَى عَام ِله ب ِالـكُوف َة و َق َد استشَار َه فِي قَت ْل رَج ُل س ّ‬
‫ل دَم ُه‪ ،‬وَسَأل َ‬
‫الر ّشيد مالِك ًا فِي‬ ‫س َل ّم فَم َن س ََب ّه فَق َد ح َ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّاس إ َلّا رَج ُل ًا س ّ‬
‫َب رَسُول َ‬ ‫َب أحد م ِن َ‬
‫سل ِم بس ّ‬
‫قَت ْل ا ْمر ِئ م ُ ْ‬

‫ن فُقَه َاء ال ْع ِرَاق اف ْتَو ْه بِ جَلْد ِه فَغ َضب م َال ِك و َقَال‪ :‬ي َا أَ م ِير ال ْمُؤْم ِنين م َا بَق َاء ا ْل ُأ َمّة بَعْد َ‬
‫شت ْم‬ ‫س َل ّم وَذَك َر لَه أَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫رَج ُل شَتَم َ‬
‫س َل ّم جُلِد‪.‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫صحَاب َ‬
‫نَبِيّهَا؟ من شَتَم الْأَ ن ْب ِيَاء قُت ِل وَم ِن شَتَم أَ ْ‬
‫صحَاب مناقب م َال ِك ومؤلفي أخباره و َغَيْرِه ِم وَل َا أدري من‬
‫قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل‪ :‬كذا و َق َع فِي هَذِه الحكاية رواها غَي ْر و َاحِد من أَ ْ‬
‫هَؤْل َاء الفقهاء بالعراق ال َ ّذ ِين أفتوا الرشيد بِمَا ذَك َر و َق َد ذكرنا مذهب العراقيين بقتله ولعلهم م َِم ّن لَم يشهر بعلم أو من ل َا يوثق بفتواه أو يميل‬
‫َب أو يَكُون رجع وتاب ع َن سبه فَلَم يقله لمالك‬
‫َب أو غَي ْر س ّ‬
‫ب ِه هواه أو يَكُون م َا قاله يحمل عَلَى غَي ْر السب فيكون الخ ِلَاف ه َل ه ُو س ّ‬
‫عَلَى أصله و َِإ َلّا فالإجماع عَلَى قَت ْل من س ََب ّه كَمَا ق َ ّدمْنَاه و َيَد ُل عَلَى قَتْلِه من‬
‫س َل ّم فَق َد َظه َر َت عَلَام َة م َرَض قَل ْب ِه و َبُرْه َان سرطويته و َ ُ‬
‫ك ْفرِه‪ ،‬ولهذا م َا حَك َم‬ ‫ن من س ََب ّه أو تَن َ ّقصَه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جه َة النّظَر و َالاعت ْبَار أَ ّ‬
‫ِ‬
‫لَه كَث ِير م ِن‬

‫فصل فإن قلت فلم لم يقتل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم اليهودي الذى قال له السام عليكم‬ ‫‪٥.١.٢‬‬

‫الث ّوْرِيّ وأبي حنيفة و َالـكو َف ِيّين والقول الآخر َأن ّه دليل عَلَى الـكُفْر فَيُقْت َل‬
‫بالر ّدّة وَهِي رِو َايَة الشّام ِيّين ع َن م َال ِك والأ ْوز َاعِ يّ وقول َ‬
‫ال ْع ُلمَاء َ‬
‫ن يُكُون م ُتَم َادِي ًا عَلَى قَو ْلِه غَي ْر مُنْك ِر لَه وَل َا مُقْلـِ ـع عَن ْه فَهَذ َا كاف ِر‪ ،‬و َقَو ْلُه ِإ َمّا صَر ِيح ُ‬
‫كفْر كالتّكْذِيب‬ ‫يحْك َم لَه بالـكُفْر إ َلّا أَ ّ‬
‫ح َ ً ّدا وإن لَم ُ‬
‫الل ّه‬
‫كفْر أيْضًا فَهَذ َا ك َاف ِر بِلَا خِلَاف قَال َ‬ ‫نحْوِه أو من كَل ِمَات الاسْ تِه ْزَاء و َال َذ ّمّ فاع ْتِر َافُه بِهَا و َت َر َك تَو ْبَتِه عَنْهَا د َلِيل اسْ تِحْلالِه لِذَل ِك و َه ُو ُ‬ ‫وَ َ‬
‫كف َر ُوا بَعْد َ إسلامهم( قَال أَ ه ْل َ‬
‫الت ّ ْفسِير هِي قَو ْلُه ُم إن ك َان م َا يَق ُول مُحَم ّد‬ ‫يح ْلِف ُونَ ب َِالل ّه ِ م َا قَالُوا و َلَق َ ْد قَالُوا كلمة ال ْـكُ ْفرِ و َ َ‬
‫تَع َالَى فِي مِثْلِه ) َ‬
‫جعْنَا ِإلَى ال ْمَدِينَة ِ لَي ُخْ رِج ََنّ‬
‫حق ًا لَن َحْ ن شَر ّ م ِن ا ْلحم َِير و َق ِيل بَل قَو ْل بَعْضُه ُم م َا مثلنا ومِث ْل مُحَم ّد إ َلّا قَو ْل القائل سَم ّن ك َل ْب َك يأْ ك ُلك و )لئَ ِ ْن ر َ َ‬
‫َ‬
‫الز ّنْدِيق يُقْت َل ول ِأَ َن ّه ق َد غَي ّر دِين َه و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫كم َه حُكْم َ‬ ‫ن حُ ْ‬ ‫الأَ ع ُ َّز منها الأذل( و َق َد ق ِيل إن قائل مِث ْل هَذ َا إن ك َان مُسْتَتِر ًا ب ِه أَ ّ‬
‫َاب الْحُر ّ من أ َمّت َه يُح َ ّد فَك َان َت‬
‫س َل ّم فِي الْحُرْم َة مَز َِي ّة عَلَى أ َمّت َه وَس ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم )م َنْ غَي ّر َ دِين َه ُ فَاضْر ِبُوا ع ُنُق َه ُ( ولأن لِ حُكْم َ‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم القَت ْل لِعَظ ِيم ق َ ْدرِه و َ ُ‬
‫شف ُوف مَنْزِلَت ِه عَلَى غَيْر ِه‬ ‫العُق ُوبَة لم َِن س ََب ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫سام عَلَيْك ُم و َهَذ َا د ُعَاء عَلَي ْه وَل َا قَت َل الآخ َر ال َ ّذ ِي قَال لَه إن‬
‫س َل ّم اليَه ُودِيّ ال َ ّذ ِي قَال لَه ال َ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن قلُ ْت فَلَم لَم يَقْت ُل َ‬
‫فصل ف َِإ ّ‬
‫سم َة‬
‫هَذِه لَق ِ ْ‬
‫__________‬
‫)قوله وشفوف( بضم الشين المعجمة وتخفيف الفاء أي فضل منزلته )*(‬

‫س َل ّم من ذَل ِك و َقَال ق َد ُأوذِي م ُوس َى بأكْ ث َر من هَذ َا فَصَب َر وَل َا قَت َل المُنَافِق ِين‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫م َا ُأريد بِهَا وجْه َ‬
‫الل ّه و َق َد ت َأذّى َ‬
‫الل ّه وإياك أن النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم كان أَ َ ّول ال ِْإسْ لَام يَسْت َأل ِف عَلَي ْه َ‬
‫الن ّاس و َيُمَي ّل‬ ‫ال َ ّذ ِين ك َانُوا يُؤْذ ُونه فِي أَ كْ ث َر الأحْ يَان؟ فَاع ْلَم وفقنا َ‬
‫قُلُو بَه ُم و َيَمِيل إلي ْه و يجيب ِإلَيْه ِم ال ِْإ يمَان و َي ُز َيّن ُه فِي قُلُو بِه ِم و َيُد َارِئُه ُم و َيَق ُول لأصحابه َإن ّمَا بُعث ْتُم م ُي َسَر ِين و َلَم تُبْع َث ُوا م ُن َ ّفرِين و َيَق ُول )يَس ِ ّر ُوا‬
‫س َل ّم يُد َارِي الـكُفّار وال ْمُنَافِق ِين‬ ‫صحَابَه ُ( وَك َان صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن مُح َم ّدًا يَقْت ُ ُ‬
‫ل أَ ْ‬ ‫اس أَ َ ّ‬ ‫ث َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫كِن ُوا وَل َا تُن َ ّف ِر ُوا( و َيَق ُول )ل َا يَتَح َ ّد ِ‬
‫س ّ‬
‫وَل َا تُعَس ِّر ُوا و َ َ‬
‫جف َائه ِم م َا ل َا يَج ُوز لَنَا ال ْيَو ْم الصّ ب ْر لَه ُم عَلَي ْه وَك َان يُرْفِقُه ُم بال ْعَطَاء و َالإحْ سَان‬
‫يح ْتَمِل من أذ َاه ُم و َيَصْ ب ِر عَلَى َ‬
‫و َيُجْمل صُ ح ْبَتَه ُم و َيُغْض ِي عَنْه ُم و َ َ‬
‫ل‬ ‫يح ُ ّ‬
‫ِب ال ْم ُحْ سِنِينَ( و َقَا َ‬ ‫الل ّه َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ْف عَنْه ُ ْم و َاصْ ف َحْ ِإ َ ّ‬ ‫ل ت ََ ّ‬
‫طلـِ ـ ُع عَلَى خ َائنَِة ٍ مِنْه ُ ْم ِإلا قَلِيلا مِنْه ُ ْم فَاع ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى فَق َال تَع َالَى )و َلا ت َز َا ُ‬
‫وبذلك أم َرَه َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٣‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫الن ّاس ل ِ َلت ّ ُأل ّف أَ َ ّول ال ِْإسْ لَام وَجَم ْع الْكَل ِم َة‬
‫ك و َبَي ْن َه ُ عَد َاوَة ٌ ك َأَ َن ّه ُ ولى حميم( وَذَل ِك لِ حا َج َة َ‬
‫ن ف َِإذ َا ال َ ّذ ِي بَي ْن َ َ‬ ‫تَع َالَى )ادْف َعْ ب َِال ّتِي ِ‬
‫هي َ أَ حْ سَ ُ‬
‫خط ِل وَم ِن عهد بِقَتْله يَو ْم الْفَت ْح وَم ِن أ ْمكَن َه قَتْلُه‬ ‫الل ّه عَلَى ال َد ّين كُل ّه قَت َل من قَد َر عَلَي ْه واشْ تَه َر أمْرُه َ‬
‫كفِعْلِه بابن َ‬ ‫عَلَي ْه فَلَم ّا اسْ تَق َر ّ و َأظْ ه َر َه َ‬
‫سل ْك صُ ح ْبَت ِه والانحراط فِي جُم ْلة م ُ ْظه ِري الإيمَان ب ِه م َِم ّن ك َان يُؤْذِيه ك َاب ْن‬
‫غِيلَة من يَه ُود و َغَيْرِه ِم أَ و غَلب َة م َِم ّن لَم يُنْظِمْه قَب ْل ِ‬
‫__________‬
‫)قوله ويرفقهم بالعطاء( في الصحاح الرفق ضد العنف وقد رفق به يرفق‪.‬‬
‫وحكى أبو زيد رفقت به بمعنى )‪(*) (٢ - ١٥‬‬
‫الأشْر َف وأبي راف ِـع والنظر وعُقْب َة وَكَذَل ِك نَد َر دم جمَاع َة سواهم ككعب ابن زهير وابن زبعر و َغَيْرِهِمَا م َِم ّن آذ َاه ح ََت ّى ألْقَو ْا بأيْدِيه ِم‬
‫ظاه ِر وأكْ ث َر تِل ْك الكلمات َإن ّمَا ك َان يَق ُولُهَا الق َائ ِل مِنْه ُم ُ‬
‫خفْي َة‬ ‫س َل ّم عَلَى ال َ ّ‬ ‫ولَق ُوه مسلمين و َبوَاطِن المنافقين مُسْتَتِر َة وَح ُ ْ‬
‫كم ُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫يح ْلِف ُون بالل ّٰه ما قالوا ولقد قالوا كلمة الـكفر وَك َان م َع هَذ َا ي َ ْطم َع فِي فَي ْأَ تِه ِم وَرُجُوعِه ِم‬
‫يح ْلِف ُون عَلَيْهَا إذ َا نُمِي َت و َيُنْك ِر ُونَهَا و َ َ‬
‫ومع أمْثَالِه و َ َ‬
‫جفْوَتِه ِم كما صبر أولو العَز ْم م ِن ُ‬
‫الر ّسُل ح ََت ّى فاء كثير مِنْه ُم باطنًا كَمَا فاء‬ ‫ِإلَى ال ِْإسْ لَام و َتَو ْبَتِه ِم فَي َصْ بر صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم عَلَى ه َنَاتِه ِم و َ َ‬
‫الل ّه بعد بكثير مِنْه ُم وقام مِنْه ُم للدين وزراء وأعوان وحماة وأنصار كَمَا ج َاءَت ب ِه الْأَ خْ بَار وبهذا‬
‫ظاهرًا وأخلص سر ًا كَمَا أظهر جهرًا ونفع َ‬
‫س َل ّم من أقوالهم م َا ر ُف ِـع و َِإ َن ّمَا نَق َلَه الوَاحِد وَم ِن‬ ‫الل ّه ع َن هَذ َا السؤال قَال ولعله لَم يثبت عِنْد َه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أجاب بَعْض أئمتنا رحمهم َ‬
‫سلَام‬ ‫لَم يَصِ ل رُت ْب َة الشّه َاد َة فِي هَذ َا ال ْبَاب من صَبيّ أو عَب ْد أَ و امْرَأة و َالدّم َاء ل َا تُسْتَبَاح إ َلّا ب ِعَدْليَ ْن و َعَلَى هَذ َا يُحْم َل أمْر اليَه ُودِيّ فِي ال َ ّ‬
‫س َل ّم‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كي ْف نَبّه َت عَلَي ْه عَائِش َة و َلَو ك َان صَرّح بِذَل ِك لَم تَنْفَرِد ب ِع ِل ْم ِه ولهذا نَب ّه َ‬
‫و َأَ َ ّنه ُم لَو ّوْا ب ِه ألْسِنَتَه ُم و َلَم يُبَي ّن ُوه أَ ل َا ت َر َى َ‬
‫صدْقِه ِم فِي‬
‫صدْقِه ِم فِي فِعْلِه ِم و َقِلّة ِ‬
‫أصحَابَه عَلَى فِعْلِه ِم و َقِلّة ِ‬
‫ْ‬
‫__________‬
‫)قوله وابن الزبعرى( بكسر الزاى وفتح الموحدة وسكون العين المهملة والقصر في الأصل السيئ الخلق‪ ،‬وقال أبو عبيدة‪ :‬الـكثير شعر‬
‫الوجه والحاجبين واللحيين )قوله فيأتهم( أي رجوعهم )قوله حتى فاء( بالمد‪ :‬أي رجع )*(‬
‫سل ّم أحد ُه ُم ف َ َإن ّمَا يَق ُول ال َ ّ‬
‫سام عَلَيْك ُم فَق ُولُوا عَلَيْك ُم وَكَذَل ِك قَال‬ ‫ن اليَه ُود إذ َا َ‬
‫سَلامِه ِم وخيَانَتِه ِم فِي ذَل ِك ليًا ب ِأَ لْسَنَتِه ِم و َطعْنًا فِي الدين فَق َال إ ّ‬
‫بَعْض‬
‫س َل ّم لَم يَقْت ُل ال ْمُنَافِق ِين ب ِع ِل ْم ِه ف ِيه ِم و َلَم ي َأْ ت َأن ّه قام ِت بينه على نِف َاقِه ِم فلذلك ت َر َ َ‬
‫كه ُم وأيضا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أصحَابنَِا البَغْد َادِيّين إ ّ‬
‫ْ‬
‫ن الأمر ك َان س ِ ًرّا وباطِنًا وَظَاه ِر ُه ُم ال ِْإسْ لَام والإيمان وإن ك َان من أَ ه ْل ال َذ ّمّة بالعَهْد و َالج ِوَار و َ‬
‫َالن ّاس قَرِيب ع َ ْهد ُه ُم بال ِْإسْ لَام لَم‬ ‫ف َِإ ّ‬
‫كو ْن من ي َُتّه َم َ‬
‫بالن ّف َاق من جُم ْلَة ال ْمُؤْم ِنين و َصَ حَابَة سَي ّد ال ْمُرْسَلِين و َأنصار‬ ‫يَتمَي ّز بَعْد الخبَ ِيث م ِن الطيب و َق َد شَاع ع َن الم َ ْذكُورِين فِي الْع َر َب َ‬
‫س َل ّم لِنف َاقِه ِم وَم َا يَبْد ُر مِنْه ُم وَع ِل ْم ِه بِمَا أس َ ُرّوا فِي أنْفُسِه ِم لوَج َد المُن َ ّفر م َا يَق ُول ولا ارتبا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الد ّين بحُكْم ظَاهِرِهم فلو قَتَلَه ُم َ‬

‫الز ّاعِم وَظَنّ ال ْعَدُوّ الظّالِم أَ ّ‬


‫ن‬ ‫س َل ّم و َال ُد ّخُول فِي ال ِْإسْ لَام غَي ْر و َاحِد و َلَزَع َم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫شارِد و َأ ْرجَف المُع َانِد و َارْت َاع من صُ ح ْب َة َ‬
‫ال َ ّ‬
‫س َل ّم‬ ‫الْقَت ْل َإن ّمَا ك َان لِلْعَد َاوة وَطَلَب أخْذ الت ّرة و َق َد ر َأَ ي ْت مَعْن َي م َا حَرَرْتُه مَنْس ُوب ًا ِإلَى مالك بن أنس رحمه الل ّٰه ولهذا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ظاه ِرة عَلَيْه ِم من حدود‬ ‫جر َاء ِ الأَ حْك َام ال َ ّ‬ ‫اف ِإ ْ‬
‫الل ّه ُ ع َنْ قَتْلِه ِ ْم و َهَذ َا بِ خ ِل َ ِ‬
‫ن نَهَانِي َ‬ ‫ل ُأولِئ ِ َ‬
‫ك ال َ ّذ ِي َ‬ ‫صحَابَه ُ‪ ،‬و َقَا َ‬ ‫ن مُح َم ّدًا يَقْت ُ ُ‬
‫ل أَ ْ‬ ‫اس أَ َ ّ‬ ‫ث َ‬
‫الن ّ ُ‬ ‫ل َا يَتَح َ ّد ِ‬
‫س َل ّم‪،‬‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الن ّاس فِي ع ِل ْمِه َا و َق َد قَال مُحَم ّد بن المَو ّاز لَو أَ ظْ ه َر ال ْمُنَافِق ُون نَف َاقَه ُم لَق َتَلَه ُم َ‬ ‫الزنا و َالْق َتل و َشبْه ِه لِظُه ُورِه َا و َاسْ ت ِوَاء َ‬
‫وقاله الْق َاض ِي أَ بُو الْحَسَن بن الْق َصّ ار‪ ،‬و َقَال قَتَاد َة في تفسير‬
‫__________‬
‫)قوله أخذ الترة( بكسر المثناة الفوقفية وتره يتره ترة إذا لم يدرك دم قتيله )*(‬
‫ك بِه ِ ْم ث َُم ّ لا يُجَاوِر ُون َ َ‬
‫ك ف ِيهَا ِإلا قَلِيلا م َل ْع ُونِينَ‬ ‫جف ُونَ فِي ال ْمَدِينَة ِ لَنُغْرِيَن ّ َ‬
‫ض و َال ْمُر ْ ِ‬ ‫قَو ْلِه تَع َالَى‪) :‬لئَ ِ ْن ل َ ْم يَن ْتَه ِ ال ْمُنَافِق ُونَ و َال َ ّذ ِي َ‬
‫ن فِي قُلُو بِه ِ ْم م َرَ ٌ‬
‫الل ّهِ( الآيَة‪ ،‬قَال مَعْنَاه إذ َا أظْ ه َر ُوا النّف َاق‪ ،‬وَح َكى مُح َم ّد بن مَسْلَم َة فِي المَبْس ُوط ع َن ز َي ْد بن أسْ لَم أَ ّ‬
‫ن‬ ‫أَ يْنمََا ثُقِف ُوا ُأ ِ‬
‫خذ ُوا و َقُت ِّلُوا تَقْت ِيلا س َُن ّة َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٤‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫قَو ْلَه‬
‫سم َة م َا ُأرِيد‬ ‫الن ّب ِ ُيّ ج َاهِدِ ال ْـكُ َ ّفار َ و َال ْمُنَافِق ِينَ و َاغ ْل ُ ْظ عَلَيْهِمْ( نَسَخَها م َا ك َان قبلها و َقَال بَعْض مَشَايِ خَنَا لَع َ ّ‬
‫ل الق َائ ِل هَذِه ق ِ ْ‬ ‫تعالى )يا أيها َ‬

‫الرأّْ ي و َ ُأم ُور ال ُد ّن ْيَا‬


‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم منه اطعن عَلَي ْه و َال َتّهَم َة لَه و َِإ َن ّمَا ر َآه َا من وَجْه الغَلَط فِي َ‬
‫الل ّه و َقَو ْلُه أعْدِل لَم ي َ ْفه َم َ‬
‫بِهَا وَجْه َ‬
‫و َالاجْ تِهَاد فِي مَصَالِ ح أه ْلِه َا فَلَم ي َر ذَل ِك س ًَب ّا وَر َأى َأن ّه م ِن الأذ َى ال َ ّذ ِي لَه العَفْو عَن ْه والصّ ب ْر عَلَي ْه فلذلك لَم يُع َاقِب ْه وكَذَل ِك يُق َال فِي اليَه ُود‬
‫َب وَل َا د ُعَاء إ َلّا بِمَا ل َا بُد مِن ْه م ِن الموت ال َ ّذ ِي ل َا بُد من لِ حَاق ِه جميع الب َش َر و َق ِيل بَل المراد؟ ؟‬ ‫ِإذ قَالُوا ال َ ّ‬
‫سام عَلَيْك ُم لَي ْس ف ِيه صَر ِيح س ّ‬
‫َب ولهذا تَرْجَم ال ْب ُخ َارِيّ عَلَى هَذ َا الْحَدِيث )باب إذ َا‬
‫؟ لون دِينَك ُم و َالسّأْ م و َالسّآمة المَلَال و َهَذ َا د ُعَاء عَلَى سَآمة الدين لَي ْس ب ِص َريح س ّ‬
‫ّب و َِإ َن ّمَا ه ُو تَعْرِ يض بالأذ َى قَال‬
‫س َل ّم( قَال بَعْض عُلَمَائنَِا و َلَي ْس هَذ َا بتَِعْرِ يض بالس ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬ ‫ع َ َّرض الذّمّيّ أَ و غَيْر ِه بِس ّ‬
‫س َل ّم سَوَاء و َقَال الْق َاض ِي أَ بُو مُحَم ّد بن نَص ْر ُ‬
‫مجيبًا ع َن هَذ َا الْحَدِيث‬ ‫حقّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ّب فِي َ‬ ‫ن الأذ َى والس ّ‬ ‫الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل ق َد ق َ ّدمْنَا أَ ّ‬
‫ببعض م َا تقدم ث ُم ّ قَال ولم يذكر‬
‫__________‬
‫)قوله نَسَخَها م َا ك َان قبلها( كذا في كثير من النسخ والصواب ما في بعضها وهو )نسخت م َا ك َان قبلها( لأن الناسخ لا يكون قبل‬
‫المنسوخ )قوله فَلَم ي َر ذَل ِك سبا( بالسين المهملة والموحدة المشددة وفى بعض النسخ شيئا بالمعجمة والهمزة )*(‬

‫فِي الْحَدِيث ه َل ك َان هَذ َا اليَه ُودِيّ من أَ ه ْل العَهْد والذّمّة أَ و الْحَر ْب وَل َا يترك موجب الأدلة للأمر المحتمل والأولى فِي ذَل ِك كُل ّه‬
‫والأظهر من هذه الوجوه مقصد الاستئلاف والمداراة عَلَى الدين لعلهم يؤمنون وَلِذَل ِك ترجم ال ْب ُخ َارِيّ عَلَى حَدِيث القسمة والخوارج‬
‫)باب من ترك قتال الخوارج‬
‫س َل ّم عَلَى سحره وسمه و َه ُو أعظم‬ ‫الن ّاس عَن ْه( ولما ذكرنا مَعْنَاه ع َن م َال ِك وقررناه قَب ْل و َق َد صبر لَه ُم صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫للتألف ولئلا ينفر َ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِم وأذن لَه فِي قتل من حينه مِنْه ُم وإنزالهم من صياصبهم وقذف فِي قلوبهم الرعب وكتب عَلَى من شاء‬
‫ن نصره َ‬
‫من سبه ِإلَى أَ ّ‬
‫منهم الجلاء وأخرجهم من ديارهم وخرب بيوتهم بأيديهم وأيدي ال ْمُؤْم ِنين وكاشفهم بالسب فَق َال ي َا إخوة القردة والخنازير وحكم ف ِيه ِم‬
‫الل ّه هِي العليا وكلمة ال َ ّذ ِين كفروا السفلى ف َِإ ّ‬
‫ن‬ ‫سيوف ال ْمُسْل ِمِين وأجلاهم من جوارهم وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم لتكون كلمة َ‬
‫سه ِ فِي شئ يُؤ ْتَى ِإلَيْه ِ ق ُ َّط ِإ َلّا أَ ْن تُنْتَه َ َ‬
‫ك‬ ‫س َل ّم )م َا ان ْتَقَم َ لِن َ ْف ِ‬ ‫الل ّه عَنْهَا َأن ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫قلُ ْت فَق َد جاء فِي الْحَدِيث َ‬
‫الصّ حِيح ع َن عَائِش َة رضي َ‬
‫الل ّه َال ّتِي ان ْتَق َم لَهَا و َِإ َن ّمَا يَكُون‬ ‫الل ّه ِ فَيَن ْتَقِم ُ ل َِل ّهِ( فاع ْلَم أَ ّ‬
‫ن هَذ َا ل َا يَقْتَض ِي َأن ّه لَم يَن ْتَق ِم م َِم ّن س ََب ّه أَ و آذ َاه أَ و كَذّبَه ف َِإ ّ‬
‫ن هَذِه من حُر ُمات َ‬ ‫ح ُ ْرم َة ُ َ‬
‫م َا ل َا يَنتَق ِم مِن ْه لَه ف ِيم َا تَع َل ّق بِس ُوء أد َب أَ و مُع َام َلَة م ِن القَو ْل والفِعْل بالنّفْس و َالمَال م َِم ّا لم ي َ ْقصُد فاع ِلُه ب ِه أذ َاه لـَكِن م َِم ّا جُبِلَت عَلَي ْه‬
‫__________‬
‫)قوله من حينه( بمهملة مفتوحة ومثناة تحتية مشددة ونون أي أراد هلاكه من الحـين بفتح المهملة وهو الهلاك )قوله من صياصهم(‬
‫أي حصونهم )*(‬
‫سف َه كَجبَ ْذ الْأَ عْرَابِيّ إز َار َه ح ََت ّى أث ّر فِي ع ُنُق ِه وكر َف ْع َ‬
‫صو ْت الآخ َر عِنْد َه وَكَجَحْد‬ ‫الأعراب م ِن الجَف َاء والجهل أو جبل عَلَي ْه الب َش َر م ِن ال ّ‬
‫الْأَ عْرَابِيّ شِر َاءَه مِن ْه ف َرَسَه َال ّتِي شهد ف ِيهَا خزيمة وكما ك َان من تظاهر زوجيه عَلَي ْه وأشباه هَذ َا م َِم ّا يحسن الصفح عَن ْه و َق َد قَال بَعْض علمائنا‬
‫س َل ّم حرام ل َا يجوز بفعل مباح وَل َا غَيْر ِه و َأَ َمّا غَيْرِه فيجوز بفعل مباح م َِم ّا يجوز للانسان فعله و َِإ ّ‬
‫ن تأذى ب ِه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن أذى َ‬
‫إ ّ‬
‫غَيْر ِه واحتج بعموم قَو ْلِه‬
‫س َل ّم فِي حَدِيث فاطمة )إنما ب ِضْ ع َة ٌ م ِن ِ ّي يُؤْذِينِي‬ ‫الل ّه ُ في الدنيا والآخرة( وبقوله صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه َ وَرَسُولَه ُ لَعَنَهُم ُ َ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن يُؤْذ ُونَ َ‬ ‫)إ َ ّ‬
‫تَع َالَى‪ِ :‬‬

‫الل ّه ِ عِنْد َ رَج ُ ٍ‬


‫ل أَ بَد ًا( أَ و يَكُون هَذ َا م َِم ّا آذ َاه ب ِه ك َاف ِر‬ ‫الل ّه ِ و َاب ْن َة ُ عَدُوِّ َ‬
‫ل َ‬ ‫تج ْتَمِـ ُع اب ْن َة ُ رَسُو ِ‬
‫الل ّه ُ و َلـَكِنْ ل َا َ‬
‫ل َ‬ ‫م َا يُؤْذِيهَا أَ ل َا و َِإن ِ ّي ل َا ُأحَرِّم ُ م َا أَ ح َ َ ّ‬
‫كعَفْوه ع َن اليهودي ال َ ّذ ِي سحره وَع َن الْأَ عْرَابِيّ ال َ ّذ ِي أراد قتله وَع َن اليهودية َال ّتِي سمته و َق َد ق ِيل قتلها ومثل هَذ َا‬
‫رَج َا بَعْد ذَل ِك إسلامه َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٥‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫م َِم ّا يبلغه من أذى أَ ه ْل الْكِتَاب والمنافقين فصفح عَنْه ُم رجاء استئلافهم واستئلاف غَيْرِه ِم كَمَا قررناه قَب ْل وبالل ّٰه التوفيق‬
‫__________‬
‫)قوله كَجبَ ْذ الْأَ عْرَابِيّ إز َار َه( قال المزى لا يصح أن يكون للإزار ذكر هنا لأن الإزار ما يتزر به الإنسان في وسطه والرداء ما يجعله على‬
‫عاتقه وأكتافه والرواية في الحديث بردائه و يقع ذَل ِك فِي بَعْض النسخ )قوله زوجيه( بمثناة تحتية ساكنة )*(‬

‫فصل قال القاضى تقدم الكلام في قتل القاصد لسبه والإزراء به‬ ‫‪٥.١.٣‬‬

‫محَال فَهَذ َا وَجْه بَي ْن ل َا إشْ ك َال‬


‫فصل قَال الْق َاض ِي تقدم الْك َلَام فِي قَت ْل القاصِد لِسَب ّه و َالإ ْزر َاء ب ِه و َغَم ْصِ ه بأيّ وَجْه ك َان من مُمْكِن أَ و ُ‬
‫س َل ّم غَي ْر قَاصِد لِلس ّ‬
‫ّب و َالْإ ْزر َاء‬ ‫جه َت ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ف ِيه * ال ْوَجْه الثاني ل َا حَقّ ب ِه فِي ال ْبَيَان و َالْجلََاء و َه ُو أن يَكُون الْق َائ ِل لَم ّا قَال فِي ِ‬
‫س َل ّم بِكَل ِم َة ال ْـكُفْر من لَعْن ِه أَ و س ََب ّه أَ و تَكذيبِه أَ و إضَاف َة م َا ل َا يَج ُوز عَلَي ْه أَ و نَفْي م َا‬ ‫جه َت ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫وَل َا مُعْتِق َد لَه ولـكنه تَك َلّم فِي ِ‬
‫ن يَنْسِب إلي ْه إت ْيَان كَب ِير َة أَ و م ُداه َن َة فِي تبليغ الرّسَالة أَ و فِي حُكْم بَي ْن َ‬
‫الن ّاس‬ ‫س َل ّم نَق ِيصَة مِث ْل أَ ّ‬ ‫حقّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يجيب لَه م َِم ّا ه ُو فِي َ‬

‫س َل ّم وتَوَات َر ا ْلخـَب َر بِهَا ع َن‬ ‫أَ و يَغ ُّض من م َْرتبته أَ و شَر َف نَس َب َه أَ و و ُف ُور ع ِل ْم ِه أَ و زُهْدِه أَ و يُكَذّب بِمَا اشْ تَه َر من ُأم ُور أخْب َر بِهَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫جه َت ِه وإن َظه َر بِد َلِيل ح َالِه َأن ّه لَم يَعْتَمِد ذَمّه و َلَم يَقْصِ د‬
‫ب فِي ِ‬ ‫قصْ د ل ِر َد خ َبَر ِه أَ و ي َأْ تِي بِسَف َه م ِن الْقَو ْل أَ و قَب ِيح م ِن الْك َلَام ونوع م ِن ال َ ّ‬
‫س ّ‬
‫ضب ْط لِلسَان ِه‪.‬‬
‫سك ْر أضْ طَر ّه إلي ْه أَ و قِلّة م ُرَاقَب َة و َ َ‬ ‫س ََب ّه ِإ َمّا لِ جَه َالَة حملته عَلَى م َا قاله أَ و ل ِ َ‬
‫ضجِر أَ و ُ‬
‫وعَج ْر َف َة وَتَه َ ُو ّر فِي ك َلَام ِه فَحـُكْم هَذ َا ال ْوَجْه حُكْم ال ْوَجْه الأوّل الْقَت ْل دون تلََعْثُم ِإذ ل َا يُعْذ َر أَ ح َد فِي ال ْـكُفْر ب ِالْجَه َالَة وَل َا بدعوى زلل اللسان‬
‫ولا بشئ م َِم ّا ذكرناه إذ َا‬
‫__________‬
‫)قوله أو لضجر( أي لقلق )قوله وعجرفة( في الصحاح جمل به تعجرف وعجرفة كان فيه خرقا وقلة مبالاة لسرعته )قوله وَتَه َ ُو ّر فِي‬
‫ك َلَام ِه( التهور الوقوع في الشئ بقلة مبالاة )قوله دون تلعثم( في الصحاح تلعثم الرجل في الأمر إذا تمكث فيه )*(‬

‫فصل الوجه الثالث أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله‬ ‫‪٥.١.٤‬‬

‫ك َان عقله فِي فطرته سليم ًا إ َلّا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وبهذا أفتى الأندلسيون عَلَى ابن ح َاتِم فِي نَفْيه ُ‬
‫الز ّه ْد ع َن رسول الل ّٰه صلى‬
‫س َل ّم فِي أيْدِي العَد ُ ّو يُقْت َل إ َلّا أن‬ ‫ُب َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه تعالى عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّٰه تَع َالَى عليه وآله وسلم ال َ ّذ ِي ق َ ّدمْنَاه و َقَال مُحَم ّد بن سُ ح ْن ُون فِي المَأم ُور يَس ّ‬
‫يُعْلَم تَب َ ُص ّر ُه أَ و إك ْرَاه ُه وَع َن أَ بِي محمد ابن أَ بِي زيد ل َا يُعْذ َر بدَعْو َى زَل َل اللسان فِي مِث ْل هَذ َا و َأف ْتى أبو الحسن القابسي ف ِيم َن شَتَم َ‬
‫الن ّبِيّ‬

‫سك ْره يُقْت َل ل ِأَ َن ّه يُظَنّ ب ِه َأن ّه يَعْتَق ِد هَذ َا و ي َ ْفعَلُه فِي صَ حْوِه و َأيْضًا ف َ َإن ّه ح َد ل َا ي ُ ْسقِط ُه ال ُ ّ‬
‫سك ْر ك َالْقَذْف و َالْقَت ْل وَسَائ ِر‬ ‫س َل ّم فِي ُ‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الحُد ُود ل ِأَ َن ّه أ ْدخَلَه عَلَى ن َ ْفسِه ل ِأَ ّ‬
‫ن من شَر ِب الخم َ ْر عَلَى عِل ْم من زَو َال عَقْلِه بِهَا و َإت ْيَان م َا يُن ْك َر مِن ْه فَه ُو ك َالْع َام ِد لَم ّا يَكُون بِس َبَب ِه و َعَلَى هذا‬
‫س َل ّم وهل أن ْتُم إلا عبيد لأبى‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أل ْزَمْنَاه الطّلَاق و َال ْع ِتَاق و َالْقِصَاص و َالحُد ُود وَل َا يُعْتَر َض عَلَى هَذ َا بِ حَدِيث حَم ْز َة و َقَو ْلُه َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫قَال ف َع َر َف َ‬
‫يحْد ُث عَنْهَا مَعْف ُوا عَن ْه كَمَا‬
‫مح َر ّمة فَلَم يَكُن فِي جِنَاي َاتَها إثْم وَك َان حُكْم م َا َ‬ ‫س َل ّم َأن ّه ثمل فَان ْصَر َف ل ِأَ ّ‬
‫ن الخم َ ْر ك َان َت حِينَئ ِذ غَي ْر ُ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫يحْد ُث م ِن النّو ْم و َشُرْب الدّو َاء ال ْم َأْ م ُون‬
‫َ‬
‫ن يقصد ِإلَى تَكْذيبه ف ِيم َا قاله أَ و أتى ب ِه أَ و وُجُود َه أَ و ي َ ْكف ُر أَ و يَنْفِي نُبُو ّتَه أو رسالته ب ِه ان ْتَق َل بِقَو ْلِه ذَل ِك إلى دِين‬
‫فصل ال ْوَجْه الثالث أَ ّ‬
‫آخر غير‬
‫__________‬
‫ثمل بفتح المثلثة وكسر الميم‪ :‬أي سكران‪ ،‬يقال ثمل الرجل بالـكسر‪ ،‬ثملا‪ :‬إذا أخذ فيه الشراب‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٦‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫)*(‬
‫يج ِب قَتْلُه ث ُم ّ يُنْظَر فإن ك َان م ُصَرّح ًا بِذ َل ِك ك َان ح ُ ْ‬
‫كم ُه أشْ ب َه بِ حُكْم ال ْمُرْت َد و َق ِوي الخ ِلَاف فِي اسْ ت ِتَابتِِه و َعَلَى‬ ‫م ِل ّت ِه أم ل َا؟ فَهَذ َا ك َاف ِر بإجْمَاع َ‬
‫ن ك َان متسترا‬ ‫س َل ّم إ ّ‬
‫ن ك َان ذَك َر َه بنِق ِيصَة ف ِيم َا قاله من كَذِب أَ و غَيْر ِه و َِإ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫القَو ْل الآخ َر ل َا ت ُ ْسق ِط القَت ْل عنه تَو ْبَت ُه لِ حَقّ َ‬

‫الز ّنْدِيق ل َا ت ُ ْسق ِط قَتْلَه التّو ْبَة عِنْد َن َا كَمَا سَنُبَي ّن ُه قَال أَ بُو حنيفة وأصحابه من برئ من مُح َم ّد أَ و ك َذب ب ِه فَه ُو م ُْرت َد ح َلَال‬ ‫بِذ َل ِك فَح ُ ْ‬
‫كم ُه حُكْم َ‬
‫ن مُح َم ّدًا ليس بنبي أو لَم يُرْسَل أَ و لم ينزل عليه قُر ْآن و َِإ َن ّمَا ه ُو شئ تَقَوّلَه يُقْت َل و َقَال‬
‫ال َد ّم إ َلّا أن يَرْجِـع و َقَال ابن الْق َاسِم فِي المسلم إذ َا قَال إ ّ‬
‫س َل ّم وأن ْك َر َه م ِن ال ْمُسْل ِمِين فَه ُو بِمَنْز ِلَة المُرْت َد وَكَذَل ِك من أع ْلَن بتَِكْذِيبه َأن ّه ك َال ْمُرْت َد يُسْتَتَاب وَكَذَل ِك‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كف َر ب ِرسول َ‬
‫وَم ِن َ‬
‫قَال ف ِيم َن تَنَب ّأ وزعم أنه يُوحَى إليه وقاله سُ ح ْن ُون و َقَال ابن الْق َاسِم دعا ِإلَى ذَل ِك أَ و جهرا وقال أصبغ و َه ُو ك َال ْمُرْت َد ل ِأَ َن ّه ق َد َ‬
‫كف َر بِكِتَاب‬
‫الل ّه و َقَال أشْه َب فِي يَه ُودِيّ تَنَب ّأ أَ و زَع َم َأن ّه‬
‫الل ّه م َع الْفِر ْيَة عَلَى َ‬
‫َ‬
‫س َل ّم‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن ك َان مُعْلِنًا بِذَل ِك فإن ت َاب و َِإ َلّا قُت ِل وَذَل ِك ل ِأَ َن ّه مُكَذّب َ‬ ‫ُأرْسل ِإلَى َ‬
‫الن ّاس أَ و قَال بَعْد نَب ِيك ُم نَبِ ّي َأن ّه يُسْتَتَاب إ ّ‬
‫الل ّه فِي دعواه عَلَي ْه الرسالة والنبوة‪ ،‬و َقَال مُحَم ّد بن سحنون من شك فِي حرف م َِم ّا جاء ب ِه مُحَم ّد صلى الل ّٰه‬
‫فِي قَو ْلِه ل َا نَبِ ّي بَعْدِي مفتر عَلَى َ‬
‫س َل ّم ك َان ح ْ‬
‫كم ُه عِن ْد‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه فَه ُو كافر جاحد‪ ،‬و َقَال‪ :‬من كذب َ‬
‫عليه وسلم عن َ‬

‫فصل الوجه الرابع أن يأتي من الكلام بمجمل و يلفظ من القول بمشكل‬ ‫‪٥.١.٥‬‬

‫ا ْل ُأ َمّة القتل‪ ،‬و َقَال أَ حْم َد بن أَ بِي سُلَيْم َان صاحب سحنون‪ :‬من قال إن النبي صلى الل ّٰه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم أسْ و َد قتل‪.‬‬
‫نح ْو َه أَ بُو عُثْم َان الْح َ ّداد قَال‪ :‬لَو قَال َإن ّه مات قَب ْل أن يلَ ْتَحِي أَ و َأن ّه كان بناهرت و َلَم يَكُن‬
‫س َل ّم بأَ سْ و َد و َقَال َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫لم يمكن َ‬
‫كفْر وال ْمُظْهر ُ له كاف ِر و َف ِيه الاسْ ت ِتَابَة و َالمُسِر ّ لَه زِنْدِيق يُقْت َل دون‬
‫صف َت ِه وَم َوَاضِع ِه ُ‬
‫ن هَذ َا نَفْي قَال حبيب بن ربيع تَبْدِيل ِ‬
‫بِتِهَام َة قتل ل ِأَ ّ‬
‫اسْ ت ِتَابَة‬
‫س َل ّم أَ و غَيْر ِه أَ و يُتَرَدّد فِي‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫شكِل يمكن حمله عَلَى َ‬
‫فصل ال ْوَجْه الرابع أن ي َأْ تِي م ِن الْك َلَام بِمُجْ م َل و َيلَ ْفظ م ِن القَو ْل بِم ُ ْ‬
‫المُرَاد ب ِه من سَلَام ِت ِه م ِن ال ْمَك ْر ُوه أَ و شَرّه ف َهه ُنَا م ُتَرَدّد النَظَر وَحَيْر َة ال ْع ِب َر وَم َ‬
‫َظن ّه اخْ ت ِلَاف المجُْتَهِدِين ووقفة اسْ تِبْر َاء المُق َلّد ِين لِيَه ْلِك من‬
‫س َل ّم وَحَمى حِمى ع ِْرضِه فَجَس َر عَلَى الْقَت ْل وَمِنْه ُم من‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يح ْيَا من حَيّ ع َن بَي ّن َة فمَِنْه ُم من غَل ّب ح ُ ْرم َة َ‬
‫هلك ع َن بَي ّن َة و َ َ‬
‫عَظّم ح ُ ْرم َة الدم‬
‫__________‬
‫ثمل الرجل بالـكسر ثملا إذا أخذ فيه الشراب )قوله بتهامة( بكسر الفوقية اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز ومكة من التهم‬
‫بفتح التاء والهاء وهو شدة الحر وركود اللريح وقال ابن قرقول سميت بذلك لتغير هوائها يقال تهم الرهن إذا تغير‬
‫)قوله متردد( بفتح الراء والدال الأولى المشددة )قوله وحيرة العبر( الحـيرة بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية والعبر بكسر العين‬
‫المهملة وفتح الموحدة )قوله ومظنة( بفتح الميم وكسر الظاء المعجمة وتشديد النون‪ ،‬في الصحاح مظنة الشئ موضعه ومألفه الذى يظن‬
‫كونه فيه )*(‬
‫س َل ّم فَق َال لَه ال َ ّ‬
‫طال ِب‬ ‫ل عَلَى مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫شبْه َة لاحْ تِم َال القَو ْل و َق َد اخْ تُل ِف أئِم ّتُنا فِي رَج ُل أ ْغضَب َه غ َريمُه فَق َال لَه ص ّ‬
‫وَدَر َأ الحَد بال ّ‬

‫س َل ّم أَ و شَتم ال ْمَلَائِك َة ال َ ّذ ِين يُص َُل ّون عَلَي ْه؟ قَال‪ :‬ل َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه عَلَى من صَلَ ّى عَلَي ْه فَق ِيل لِس ُحْ ن ُون ه َل ه ُو كَم َن شَتَم َ‬
‫ل َا صَلَ ّى َ‬
‫شت ْم‪ ،‬و َقَال أَ بُو ِإ ْسحَاق البَرْقِيّ وأصْ ب َغ بن الف َر َج ل َا يُقْت َل ل ِأَ َن ّه َإن ّمَا شَتَم َ‬
‫الن ّاس‬ ‫صفْت من الغَضَب لأنه لم يَكُن م ُضْ مِرًا ال ّ‬
‫إذ َا ك َان عَلَى م َا و َ َ‬
‫س َل ّم ولـكنه لَم ّا احْ تَم َل الْك َلَام عِنْد َه و َلَم تكن م َع َه قَرِين َة تَد ُ ّ‬
‫ل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫نح ْو قَو ْل سُ ح ْن ُون ل ِأَ َن ّه لَم يَعْذِرْه بالغضَب فِي شَتَم َ‬
‫و َهَذ َا َ‬
‫ن مراده َ‬
‫الن ّاس‬ ‫الل ّه عَلَيْه ِم وَل َا مُق َ ّدم َة يُحْم ِل عَلَيْهَا كلامه بَل القرينة تدل عَلَى أَ ّ‬
‫شت ْم ال ْمَلَائِك َة صَلَوات َ‬
‫عَلَى شتم النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم أو َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٧‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫غَي ْر هَؤْل َاء ل ِأَ جْل قَو ْل الآخر لَه صَلَ ّى عَلَى َ‬
‫الن ّب ِ ِيّ فحمل قَو ْله وسبه لم َِن يُصَلّي عَلَي ْه الآن لأجْل أمْر الآخ َر لَه بَهَذ َا عِن ْد غضبه هَذ َا معنى‬

‫قوله سُ ح ْن ُون وهو مطابق لعلة صاحبيه وذهب الحا َرِث بن مسكين الْق َاض ِي و َغَي ْر ُه فِي مِث ْل هَذ َا لإلى القتل وتوقف أَ بُو الْحَسَن القابسي فِي‬
‫ل صَاحِب فُنْد ُق قَر ْنان و َلَو ك َان نَب ًِي ّا م ُْرسل ًا فأم َر بِشَدّه بالق ُي ُود و َالت ّضْ ي ِيق عَلَي ْه ح ََت ّى يُسْت َ ْفه َم البَي ّن َة ع َن جُم ْلَة ألف َاظِه‬
‫قَت ْل رَج ُل قَال ك ُ ّ‬
‫أخف قَال و َلـَكِن‬
‫ّ‬ ‫أصحَاب الف َنَادق الآن فَمَعْلُوم َأن ّه لَي ْس ف ِيه ِم نَبِ ّي م ُْرسل فيكون أمْرُه‬
‫ل عَلَى مَقْصدِه ه َل أر َاد ْ‬
‫وَم َا يَد ُ ّ‬
‫خر ِين‬
‫ل صَاحِب فُنْد ُق م ِن المُتَق َ ّدم ِين و َال ْمُتأ ّ‬
‫ظَاه ِر ل َ ْفظ ِه العُم ُوم لِك ُ ّ‬
‫و َق َد ك َان ف ِيم َن تَقدّم م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء ُ‬
‫والر ّسُل م ِن اكْ تَسَب ال ْمَال قَال وَد َم المسلم ل َا ي ُ ْقد َم عَلَي ْه إ َلّا ب ِأَ مْر بَي ْن وَم َا ت ُرَدّ إليه التأو يلات ل َا بُد‬
‫الل ّه بَنِي ِإسْر َائِيل ولعن‬
‫الل ّه الع َر َب و َلَع َن َ‬
‫الل ّه ف ِيم َن قَال لَع َن َ‬ ‫من إمْعان َ‬
‫الن ّظَر ف ِيه هَذ َا مَعْن َي كلامه وح ُكي ع َن أَ بِي مُحَم ّد بن أَ بِي ز َي ْد رَحِم َه َ‬
‫الل ّه‬ ‫ن عَلَي ْه الأد َب بِقَدْر اجْ تِهَاد ال ُ ّ‬
‫سلْطَان وَكَذَل ِك أف ْتى ف ِيم َن قَال‪ :‬لعن َ‬ ‫الل ّه بَنِي آد َم وَذَك َر َأن ّه لَم ي ُرد الْأَ ن ْب ِيَاء و َِإ َن ّمَا أرَدْت الظّالمِين مِنْه ُم أَ ّ‬
‫َ‬
‫من حرم المسكر و َقَال لَم أَ ع ْلَم من حَرّم َة وفيمن لَع َن حَدِيث ل َا يَب َع حاض َر لِبَاد ولعن م َا جاء ب ِه َأن ّه إ ّ‬
‫ن ك َان يُعْذ َر بالجَهل وعدم معرفة‬

‫نح ْو فَت ْوى‬ ‫َب رَسُولِه و َِإ َن ّمَا لعن من حَرّم َه م ِن َ‬


‫الن ّاس عَلَى َ‬ ‫الل ّه وَل َا س ّ‬
‫َب َ‬‫ن هَذ َا لَم يَقْصد بِظَاه ِر حاله س ّ‬ ‫ال ُ ّ‬
‫سنَن فَعَلَي ْه الأدب ال ْوَجِيع وَذَل ِك أَ ّ‬
‫خنْز ِير‪ ،‬و يا ابن‬ ‫سفَه َاء َ‬
‫الن ّاس من قوله بَعْضُه ُم لِبَعْض ‪ -‬ي َا اب ْن أَ ل ْف ِ‬ ‫سُ ح ْن ُون وأصحابه فِي المَسْأَ لَة المُتَق َ ّدم َة ومثل هَذ َا م َا َ‬
‫يجْرِي فِي ك َلَام ُ‬
‫هج ْر القَو ْل وَل َا شك َأن ّه يَدْخل فِي مِث ْل هَذ َا العدد من آبائه وأجْد َادِه جَمَاع َة م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء و َلَع َ ّ‬
‫ل بَعْض هَذ َا العَد َد‬ ‫شبْه ِه من ُ‬
‫م ِائَة ك َل ْب ‪ -‬و َ ِ‬
‫مُنْقَط ِـع ِإلَى آد َم عَلَي ْه السلام فيبلغني الزّجْر عَن ْه وتبيين م َا جهل قائله مِن ْه وشدة الأد َب ف ِيه و َلَو علم َأن ّه قَصَد س ّ‬
‫َب من فِي آبائ ِه م ِن‬
‫الْأَ ن ْب ِيَاء عَلَى علم لَق ُت ِل و َق َد يُض ََي ّق القَو ْل فِي َ‬
‫نح ْو هَذ َا لَو قال لرجل هاشمى لعن الل ّٰه بنى هاشم‪ ،‬وقال‪ :‬أرَدْت الظّالمِين مِنْه ُم أو قَال ل ِرَج ُل‬
‫س َل ّم و َلَم تكن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم قَوْل ًا قَبيح ًا فِي آبائ ِه أَ و من نَسْلِه أَ و وَلَد ِه عَلَى علم مِن ْه َأن ّه من ذُرّ َي ّة َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫من ذُرّ ي ّة َ‬
‫س َل ّم م َِم ّن س ََب ّه مِنْه ُم و َق َد ر َأَ ي ْت لأبي م ُوس َى بن م َنَاس ف ِيم َن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫خر َاج َ‬
‫تخ ْصِ يص بَعْض آبائه وإ ْ‬
‫قَرِين َة فِي المَسْأَ لَتَي ْن تَقْتَض ِي َ‬

‫سلَام َأن ّه إن ثَب َت عَلَي ْه ذَل ِك قُت ِل قَال الْق َاض ِي و ََف ّق َه َ‬
‫الل ّه و َق َد ك َان اخْ تَلَف شُي ُوخُنَا ف ِيم َن قَال لِشَاه ِد‬ ‫الل ّه ِإلَى آد َم عَلَي ْه ال َ ّ‬
‫قَال ل ِرَج ُل لَع َن َك َ‬
‫شيْخُنَا أَ بُو ِإ ْسحَاق بن َ‬
‫جعْف َر يرى قَتْلَه لِبَشَاع َة ظَاه ِر‬ ‫شَه ِد عليه بشئ ث ُم ّ قَال لَه تَتّهِمُنِي؟ فَق َال لَه الآخ َر‪ :‬الْأَ ن ْب ِيَاء يُتّه َمون فَكَي ْف أن ْت؟ فكان َ‬
‫الل ّفْظ عِنْد َه أن يَكُون خ َبَر ًا ع ََم ّن اتّهَمَه ُم م ِن ال ْـكُ َ ّفار و َأف ْت َى ف ِيهَا‬
‫اللفظ وَك َان الْق َاض ِي أَ بُو مُح َم ّد بن مَنْصُور يتوقف ع َن القتل الاحتمال َ‬
‫ش َ ّدد الْق َاض ِي أَ بُو مُح َم ّد تَصْ ف ِيد َه و َأطَال سج ْن َه ث ُم ّ اسْ تحْلَف َه بَعْد عَلَى تَكْذِيب م َا ش ُهد ب ِه‬
‫الل ّه بن الْحَاجّ بِنَح ْو من هَذ َا و َ َ‬
‫قاض ِي قُرْطُب َة أَ بُو عَب ْد َ‬
‫الل ّه بن ع ِيس َى أيام قَضَائ ِه ُأتِيّ ب ِرَج ُل ه َات َر‬
‫شيْخَنَا الْق َاض ِي أَ ب َا عَب ْد َ‬
‫عليه إذ دَخ َل فِي شَه َاد َة بعض من شهد عليه وهن ثم أطْ لَق َه وَشَاهَدْت َ‬
‫الر ّج ُل أن يَكُون قَال ذَل ِك و َشَه ِد عَلَي ْه لفف م ِن َ‬
‫الن ّاس فأمر‬ ‫رَج ُل ًا اسْم ُه مُحَم ّد ث ُم ّ قَصَد ِإلَى ك َل ْب ف َضَر َبَه برجْلِه و َقَال لَه‪ :‬قم ي َا مُحَم ّد ف َأن ْك َر َ‬
‫سو ْط وأطلقه‬
‫ب ِه ِإلَى السجن وتقص ّى ع َن حاله وهل يَصْ حَب من يُسْتَر َاب بِدِينه فَلَم ّا لم يَجد م َا يُقَو ّى الر ّيب َة باعْتِق َادِه ضَر َبَه بال ّ‬
‫__________‬
‫)قوله ابن مناس( بفتح الميم وتخفيف النون وفى آخره سين مهملة )قوله هاتر رجلا( أي فاتحه في القول من الهترة وهو الباطل والسقط‬
‫من الكلام )قوله لَف ِيف م ِن َ‬
‫الن ّاس( أي ما اجتمع من الناس من قبائل شتى )*(‬

‫فصل الوجه الخامس أن لا يقصد نقصا ولا يذكر عيبا‬ ‫‪٥.١.٦‬‬

‫فصل ال ْوَجْه الخامس أن ل َا يَقْصِ د نَقْصً ا وَل َا ي َ ْذك ُر عَي ْبًا وَل َا س ًَب ّا لـكنه يَنْز َع بِذِك ْر بَعْض أ ْوصَاف ِه أَ و يَسْتَشْه ِد ببَِعْض أَ حْ وَالِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬
‫س َل ّم الْجَائز َة عَلَي ْه فِي ال ُد ّن ْيَا عَلَى َطرِ يق ضَرْب المثل والحجة لنفسه أو لغيره أو عَلَى التشبه ب ِه أَ و عِن ْد هضيمة نالته أو غضاضة لحقته لَي ْس‬
‫وَ َ‬
‫س َل ّم أَ و‬ ‫عَلَى طر يق التأسي وطر يق التحقيق بَل عَلَى مَقْصِ د ال َت ّرْف ِيع لِن َ ْفسِه أَ و لِغَيْرِه أَ و عَلَى سَب ِيل التمّْث ِيل وعدم التّو ْق ِير لِنَب ِي ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٨‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ق َصْ د ال ْهَز ْل و َالتّنْذِير بِقَو ْلِه كقول القائ ِل إن ق ِيل فِي ال ُ ّ‬


‫سوء فَق َد ق ِيل فِي َ‬
‫الن ّبِيّ أَ و إن كُذّب ْت فَق َد كُذّب الْأَ ن ْب ِيَاء أَ و إن أذْنَب ْت فَق َد أذْنَب ُوا‬

‫صب ْر أَ ُي ّوب أَ و ق َد صَب َر نَب ّي َ‬


‫الل ّه ع َن‬ ‫الل ّه ورسله أَ و ق َد صَبَرْت كَمَا صَب َر ُأولُو العَز ْم أَ و َ‬
‫ك َ‬ ‫أَ و أَ ن َا أسْ لَم من ألْسِن َة َ‬
‫الن ّاس و َلَم يَسْلَم مِنْه ُم أنب ِيَاء َ‬
‫كصَالِ ح فِي ثَمُود‬
‫الل ّه غَر ِيب َ‬ ‫عِد َاة وَح َلُم عَلَى أكْ ث َر م َِم ّا صَبَرْت وكقول المتنى‪ :‬أَ ن َا فِي ُأ َمّة تَد َار َ َ‬
‫كه َا َ‬
‫__________‬
‫)قوله ولا سبا( بالسين المهملة والموحدة )قوله أَ و عِن ْد هضيمة( بفتح الهاء وكسر الضاد المعجمة وهى أن يهتضمك القوم شيئا أي‬
‫يظلمونك أياه )قوله غضاضة( بغين معجمة وضادين معجمتين أي ذلة ومنقصة )قوله المتنبي( هو أبو الطلب أحمد بن الحسين الجعفي‬
‫الـكوفى ولد سنة ثلاث وثلاثمائة ونشأ بالبادية والشام ومات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة قال السمعاني في الأنساب إنما قيل له المتنبي‬
‫لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه كثير من كلب وغيرهم فخرج إليهم لؤلؤ أمير حمص بالأخشيدة فأسره وسجنه طو يلا ثم أشهد‬
‫عليه أنه تاب وكذب نفسه فيما ادعاه وأطلقه )*(‬
‫كمَا من‬
‫شعَي ْب * غَي ْر أن لَي ْس ف ِي ُ‬
‫كن ْت م ُوس َى و َافَت ْه بِن ْت ُ‬
‫نح ْو َه من أشْ ع َار ال ْمُتَع َجْ رِف ِين فِي الْقَو ْل ال ْمُتَسَاه ِلِين فِي الْك َلَام كقول المَع َر ّي ُ‬
‫وَ َ‬
‫فَق ِير‬
‫بالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم وتفضيل حال غَيْر ِه عَلَي ْه وَكَذَل ِك قَو ْله لَوْل َا انْقِطَاع‬ ‫َالت ّحْ ق ِير َ‬
‫ن آخِر ال ْبَي ْت شديد وَد َاخل فِي الإ ْزر َاء و َ‬
‫عَلَى أَ ّ‬
‫صدْر البَي ْت الثاني من هَذ َا الف َصْ ل شَديد‬ ‫ال ْوَحْي بَعْد مُح َم ّد * قلُ ْنَا مُح َم ّد ع َن أَ بِيه بَدِيل ه ُو مِثْلُه فِي الْف َضْ ل إ َلّا َأن ّه * لَم ي َأْ ت ِه بِرِسَالَة ِ‬
‫جبْر ِيل ف َ َ‬
‫ن هَذِه الفضيلة ن َ ّقصَت ال ْم َ ْمد ُوح و َالآخ َر اسْ تِغْنَاؤ ُه‬ ‫س َل ّم فِي ف َضْ لِه بالنبي والعَجُز ُ‬
‫مح ْتَمِل ل ِو َجْ ه ِين أحَد ُهُمَا أَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫لِتَشْب ِيهه غَي ْر َ‬
‫ص ّفق َت بَي ْن جَنَاحَي جَبْر ِين وقول الآخ َر من أَ ه ْل العَص ْر ف َر ّ م ِن الخل ُ ْد‬
‫ش ّد ونحو مِن ْه قَو ْل الآخِر و َإذ َا م َا ر ُفِع َت ر َاياتُه * َ‬
‫عَنْهَا و َهَذِه أ َ‬
‫الل ّه قَل ْب رضوان وكقول حسان المصيصي من شعراء الأندلس فِي مُحَم ّد بن عباد المعروف بالمعتمد ووزيره أَ بِي بَك ْر‬‫ص َب ّر َ‬
‫و َاسْ ت َج َار بنا * ف َ َ‬
‫بن زيدون‬
‫__________‬
‫)قوله كقول المعرى( هو أبو العلاء أحمد بن عبد الل ّٰه بن سليمان توفى سنة تسع وأربعين وأربعمائة بالمعرة‬
‫سان و َأن ْت مُحَم ّد ِإلَى أمثال هَذ َا و َِإ َن ّمَا أكثرنا بشاهدها م َع استثقالنا حكايتها لتعر يف أمثلتها ولتساهل‬
‫ح َّ‬
‫حسّان َ‬
‫كأن أَ ب َا بَك ْر أَ بُو بَك ْر الرضا * و َ‬
‫كثير م ِن َ‬
‫الن ّاس فِي ولوج هَذ َا ال ْبَاب الضنك واستخفافهم فادح هَذ َا العبء وقلة علمهم بعظيم م َا ف ِيه م ِن الوزر وكلامهم مِن ْه بِمَا لَي ْس لَه ُم‬
‫الل ّه عظيم ل َا سيما الشعراء وأشدهم ف ِيه تصر يحًا وللسانه تسر يحًا ابن هانئٍ الأندلسي و َاب ْن سُلَيْم َان المعري‬
‫ب ِه علم وتحسبونه هينا و َه ُو عِن ْد َ‬
‫بَل ق َد خرج كثير من كلامهما ِإلَى حد الاستخفاف والنقص وصريح الـكفر و َق َد أجبنا عَن ْه وغضرنا الآن الْك َلَام فِي هَذ َا الْف َصْ ل ال َ ّذ ِي‬
‫ن لَم ٺَت َضمن ً‬
‫سب ّا وَل َا أضافت ِإلَى ال ْمَلَائِك َة والأنبياء نقصا و َلَسْت أ ْعنِي عَجُز َي بَيْتِي المَع َر ّي وَل َا قَصَد قائلها‬ ‫ن هذا كلها و َِإ ّ‬
‫سقنا أمثلته ف َِإ ّ‬

‫حظْو َة الـك َرَام َة ح ََت ّى شَب ّه من شَب ّه فِي ك َرَام َة نالَهَا أَ و‬ ‫إزارة وَغ ًَضّ ا فَمَا و َق ّر ُ‬
‫الن ّب َُو ّة وَل َا عَظّم الرسالة ولا غزر ح ُ ْرم َة الاصْ طِف َاء وَل َا عزز ُ‬
‫خطَر َه و َشَرّف ق َ ْدر َه و َألز َم‬
‫الل ّه َ‬ ‫مَع ََر ّة قَصَد الان ْتِف َاء مِنْهَا أَ و ضرب مثل لتطبيب َ‬
‫مج ْلِسِه أَ و إغ ْلاء فِي و َصْ ف لِت َحْ سِين ك َلَام ِه بم َن عَظّم َ‬
‫تَو ْق ِير َه و َب ِره ونهى ع َن جهر‬
‫__________‬
‫)قوله الضنك( أي الضيق )قوله فادح( بالفاء وبالدال المكسورة أي شاف )قوله ابن هانئٍ الأندلسي( هو أبو القاسم محمد الشاعر شاعر‬
‫العرب كالمتنبي في الشرق توفى سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وعمره ست وثلاثون سنة وقيل اثنان وأربعون سنة ببرقة متوجها من مصر‬
‫إلى المغرب أضافه شخص فعربدوا عليه فقتلوه وقيل بل وجد مخنوقا وقيل بل نام فوجد ميتا )*(‬
‫القَو ْل لَه ورفع الصوت عِنْد َه فحق هَذ َا إن درئ عَن ْه القتل‪ :‬الأدب والسجن وقوة تعزيره بحسب شنعة مقاله ومقتضى قبح م َا نطق ب ِه‬
‫ومألوف عادته لمثله أَ و ندوره وقرينة كلامه أو ندمه عَلَى ما سبق مِن ْه و َلَم يزل المتقدمون ينكرون مِث ْل هَذ َا م َِم ّن جاء ب ِه و َق َد أنكر الرشيد‬
‫ستَهْزِئ بِعَصَا م ُوس َى وأم َر‬
‫َف خَصِ يب و َقَال لَه يابن ال ّلخ ْنَاء أن ْت الم ُ ْ‬ ‫عَلَى أَ بِي نواس قَو ْله فإن يَك باقي سِ ح ْر فِرْعَو ْن ف ِيك ُم * ف َِإ ّ‬
‫ن عَصَا م ُوس َى بِك ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٧٩‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ن م َِم ّا ُأخِذ عَلَي ْه أيْضًا و َ ُ‬


‫كفّر‬ ‫خر َاجِه ع َن عَسْكَر ِه من لَي ْلَت ِه وَذَك َر اليقتبى أَ ّ‬
‫بإ ْ‬
‫شب ْه فاشْ تَبَهَا * خ َل ْقا وَخ ُلق ًا كَمَا‬ ‫س َل ّم َ‬
‫حي ْث قَال‪ :‬تَنَاز َع الأحْمَد َان ال ّ‬ ‫ف ِيه أَ و قَار َب قَو ْله فِي مُح َم ّد الْأَ م ِين وتَشْب ِيه ِه إي َاه بالنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الل ّه من نَفَرِه‬
‫ق َد الش ّراك َان و َق َد أن ْك َر ُوا عَلَي ْه أيْضًا قَو ْله كيف لا يدينك من أَ م َل * من رَسُول َ‬
‫__________‬
‫)قوله عَلَى أَ بِي نواس( هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح توفى سنة خمس وقيل ست وقيل ثمان وتسعين ومائة ببغداد )قوله‬
‫يا بن اللخناء( لخن السقاء بالسر أي أنتن وقال ابن الأثير في حديث ابن عمر يا بن اللخناء هي المرأة التى لم تخـتن وقيل اللخن النتن وقد‬
‫لخن السقاء يلخن انتهى )قَو ْله فِي مُحَم ّد الأمين( هو ابن الرشيد بن المهدى )قوله وقد أنكروا( أيضا عليه أي عَلَى أَ بِي نواس )قوله من‬
‫رسول الل ّٰه( بفتح الميم )قوله من نفره( النفرة بالتحر يك عدة رجال من ثلاث إلى عشرة )‪(*) (٢ - ١٦‬‬
‫ن حَقّ َ‬
‫الر ّسُول وموجب تعظيمه وإناقة مَن ْزلَت ِه أن يُضَاف إلي ْه وَل َا يُضَاف فَالْحُكْم فِي أمْثَال هَذ َا م َا بَسَطْنَاه فِي َطرِ يق الْفُت ْيَا على هَذ َا‬ ‫ل ِأَ ّ‬
‫الل ّه وأصحابه في الن ّوَادِر من رِو َايَة ابن أَ بِي م َْر ي َم فِي رَج ُل غَي ْر رَج ُل ًا بالْفَقْر فَق َال‪:‬‬ ‫المَنْهج ج َاءَت فُت ْيَا إمام م َ ْذه ِبنَا م َال ِك بن أنس رَحِم َه َ‬
‫س َل ّم فِي غَي ْر مَوْضِعه أرى أَ ّ‬
‫ن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم الغ َنَم فَق َال م َال ِك ق َد ع َرض بِذِك ْر َ‬
‫ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تعيرني بالْفَقْر و َق َد رَعَى َ‬

‫يُؤَدّب قَال‪ :‬وَل َا يَن ْبَغ ِي لأهل ال ُذ ّنُوب إذ َا ع ُوتبِ ُوا أَ ّ‬


‫ن يَق ُولُوا ق َد أخْ طَأت الْأَ ن ْب ِيَاء قب ْلَنَا‪ ،‬و َقَال ع ُم َر بن عَب ْد ال ْعَزِيز ل ِرجل‪) :‬أنْظ ُر لَنَا ك َاتبًِا‬
‫يَكُون أبُوه ع َرَ ب ًي ّا( فَق َال ك َات ِب لَه‪ :‬ق َد ك َان‬
‫أَ بُو َ‬
‫الن ّبِيّ ك َاف ِرًا‪.‬‬
‫الت ّع َُجّ ب‬
‫س َل ّم عِن ْد َ‬
‫جعَل ْت هَذ َا م َثل ًا( فع َزل ََه و َقَال‪) :‬ل َا تَكْت ُب ل ِي أبد ًا( و َق َد كَر ِه سُ ح ْن ُون أن يصلى على النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬
‫فَق َال‪َ ) :‬‬
‫الل ّه وسئل القابسي ع َن رَج ُل قَال لرجل قبيح ك ََأن ّه وجه نكير‪ ،‬ولرجل‬ ‫إ َلّا عَلَى َطرِ يق َ‬
‫الث ّوَاب و َالاحْتِسَاب تَو ْق ِير ًا لَه و َتَعْظ ِيم ًا كَمَا أمرنا َ‬
‫عبوس ك ََأن ّه وجه مالك الغضبان فقال أي شئ أراد بَهَذ َا ونكير أَ ح َد فتاني القبر وهما ملكان فَمَا ال َ ّذ ِي أراد أروع دخل عَلَي ْه حِين رآه‬
‫ن ك َان هَذ َا فَه ُو شديد ل ِأَ َن ّه جرى مجرى التحقير والتهوين فَه ُو أشد عقوبة وليس فيه تصريح‬
‫من وجهه أم عاف النظر إلي ْه لدمامة خلقه ف َِإ ّ‬
‫بالسب للملك‬
‫__________‬
‫)قوله لدمامة خلقه( الدمامة بتفح الدال المهملة وتخفيف الميم القبح والحلق بفتح الهاء المهملة قال المزى الدمامة بالدال المهملة في‬
‫الخلق بفتح الخاء المعجمة والذمامة بالذال المعجمة في الخلق بضم الخاء المعجمة )*(‬
‫الن ّار فَق َد جفا ال َ ّذ ِي ذَك َر َه‬ ‫وأنما السب واقع عَلَى المخاطب و َفِي الأدب بالسوط والسجن نَكال لِل ُ ّ‬
‫سفَه َاء‪ ،‬قَال‪) :‬و َأَ َمّا ذ َاك ِر م َال ِك خازن َ‬
‫عِن ْد م َا أنكر حاله من ع ُب ُوس الآخ َر إ َلّا أَ ّ‬
‫ن يَكُون المُع َب ّس لَه ي َد فَيُرْه َب ب ِعبْسَت ِه فَيُشَبّه َه الْق َائ ِل عَلَى طر يق الذّمّ لهذا في فعليه ولزومه فِي‬
‫أخف وما كان يَن ْبَغ ِي لَه التعرض لمثل هذا‬
‫ّ‬ ‫ظلمه صفة م َال ِك ال ْمُل ْك المطيع لربه فِي فعله فَيَق ُول ك ََأن ّه لل ّٰه يَغْضَب غضبه م َال ِك فيَكُون‬
‫ولو ك َان أَ ث ْن َى عَلَى العبوس بعبسته واحتج ب ِصِ ف َة م َال ِك ك َان أشَد و َيُع َاق َب ال ْم ُع َاقَب َة ال َ ّ‬
‫شدِيد َة و َلَي ْس فِي هَذ َا ذ َم لِل ْمَل َك ولو قَصَد ذَمّه لق ُت ِل‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى‬
‫الشاب أل ْيس ك َان َ‬
‫ّ‬ ‫شي ْئًا فَق َال لَه الرجل اسْ كُت فإنك أ َم ّيّ فَق َال‬
‫شاب معروف با ْلخـَي ْر قَال ل ِرَج ُل َ‬
‫ّ‬ ‫و َقَال أَ بُو الْحَسَن أيضا فِي‬

‫اب م َِم ّا قَال و َأظْ ه َر النّد َم عَلَي ْه فَق َال أَ بُو الْحَسَن‬
‫ش ّ‬‫الن ّاس و َأشْ ف َق ال َ ّ‬ ‫س َل ّم ُأم ًّي ّا فَش ُن ّع عَلَي ْه مَق َالُه و َ َ‬
‫كفّر َه َ‬ ‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َ‬
‫كو ْن هَذ َا ُأمّي ّا نَق ِيصَة‬
‫كو ْن النبي ُأمّي ّا آيَة لَه و َ َ‬
‫س َل ّم و َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫مخْط ِئ فِي استشهادته بَصِ ف َة َ‬
‫أَ َمّا إطْ لَاق ال ْـكُفْر عَلَي ْه فَخَطَأ لـكنه ُ‬
‫ن قَو ْله‪:‬‬ ‫س َل ّم لـكنه إذ َا اسْ تَغْف َر وت َاب واع ْتَر َف وَلَجَأ ِإلَى َ‬
‫الل ّه فَيُتْر َك ل ِأَ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جه َالت ِه احْ ت ِج َاج ُه ب ِصِ ف َة َ‬
‫جه َالَة وَم ِن َ‬
‫ف ِيه و َ َ‬
‫)ل َا يَنْت َهي ِإلَى حد الْقَت ْل وَم َا َطرِ يق ُه الأدب فَطَوع فاعله بالدم عَلَي ْه يوجب الـكف عَن ْه ونزلت أيْضًا مسألة استفتى ف ِيهَا بَعْض ق ُضاة‬
‫الل ّه فِي رَج ُل تنقصه آخر بشئ فَق َال لَه َإن ّمَا تريد‬
‫الأندلس شيخنا الْق َاض ِي أَ ب َا مُحَم ّد بن مَنْصُور رَحِم َه َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٠‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫فصل الوجه السادس أن يقول القائل ذلك حاكيا عن غيره‬ ‫‪٥.١.٧‬‬

‫س َل ّم ‪ -‬فأفتاه بإطالة سجنه وإيجاع أدبه ِإذ لَم يقصد السب‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫نقضي بقولك ‪ -‬و َأَ ن َا ب ِش ْر وجميع البشر يلحقهم النقص ح ََت ّى َ‬
‫وَك َان بَعْض فُقَه َاء الأندلس أفتى بقتله‬
‫يخ ْتَلف‬
‫حك َايَتِه و َق ِرين َة مَق َالَت ِه و َ َ‬
‫ن يَق ُول القائل ذَل ِك حاكيا عن غَيْر ِه و َآثِر ًا لَه ع َن سِوَاه فَهَذ َا يُنْظَر فِي صُور َة ِ‬
‫فصل ال ْوَجْه السادس أَ ّ‬
‫الحُكْم باختلاف ذَل ِك عَلَى أربعة وُجُوه‪ :‬ال ْوُجُوب‪ ،‬و َالنّدْب‪ ،‬والـك َرَاه َة‪ ،‬والت ّحْ رِيم فإن ك َان أخْب َر ب ِه عَلَى وَجْه الشّه َاد َة و َالتّعْرِ يف بقائله‬
‫والإنكار والإعلام بِقَو ْلِه والتّنْف ِير مِن ْه والت ّجْ رِيح لَه فَهَذ َا م َِم ّا يَن ْبَغ ِي امْت ِثَالُه و َيُحْمد فاع ِلُه وَكَذَل ِك إن ح َكاه فِي ك ِتَاب أو فِي مجلس عَلَى طر يق‬
‫يج ِب وَمِن ْه م َا يُسْتَحَب بحسَب ح َال َات الحاكي لِذَل ِك و َالمحَ ْكي عَن ْه فإن كان القائل‬ ‫الر ّد لَه َ‬
‫والن ّقْض عَلَى قائله والفُت ْيَا بِمَا يلَ ْزَم ُه و َهَذ َا منه م َا َ‬ ‫َ‬
‫صدّى لأن يُؤ ْخذ عَن ْه ال ْعِل ْم أو رِواية الحديث أَ و ي ُ ْقطَع بح ُ ْ‬
‫كم ِه أَ و شَه َاد َت ِه أَ و فُت ْيَاه فِي الحُق ُوق وَجَب عَلَى سَام ِع ِه الإشاد َة بِمَا‬ ‫لِذَل ِك م َِم ّن ت َ َ‬
‫للن ّاس عَن ْه والشهادة عَلَي ْه بِمَا قاله ووجب عَلَى من بلغه ذَل ِك من أئ َِم ّة ال ْمُسْل ِمِين إنكاره وبيان كفره وفساد قَو ْله بقطع‬
‫سُمع مِن ْه و َالتّنْف ِير َ‬
‫ضرره ع َن ال ْمُسْل ِمِين وقيام ًا بحقّ سَي ّد ال ْمُرْسَلِين وَكَذَل ِك إن ك َان م َِم ّن يعظ الع َامّة أَ و يُؤدّب الصّ ب ْيَان ف َِإ ّ‬
‫ن من هَذِه سَر ِيرَتُه لا يؤمن عَلَى‬
‫س َل ّم ولحق شر يعته‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫إلقاء ذَل ِك فِي قلوبهم فيتأكد فِي هَؤْل َاء الإ يجاب لحق َ‬
‫س َل ّم و َاجِب وَحِمَايَة ع ِْرضِه م ُت َع َيّن و َنُصْرَتُه عَلَى الأذى ح ًَي ّا و َميتًا مُسْت َحقّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن لَم يَكُن القائ ِل بِهَذِه السّبيل فالْق ِيَام بح َقّ َ‬
‫و َِإ ّ‬
‫سق َط ع َن الباقي الفَر ْض و َبَقِي الاسْ ت ِحْ بَاب فِي‬
‫ل مُؤْم ِن لـكنه إذا قَام بَهَذ َا من َظه َر ب ِه الْحَقّ و َفُصِ لَت ب ِه الق َضِ ي ّة وبان ب ِه الأمْر َ‬
‫عَلَى ك ُ ّ‬
‫تكْث ِير ال َش ّه َاد َة عَلَي ْه وع َضْ د التّحْذِير مِن ْه و َق َد أجْم َع السّلَف عَلَى بَيَان حال المُتّه َم فِي الْحَدِيث ف َ َ‬
‫كي ْف بِمِث ْل هَذ َا و َق َد سُئ ِل أَ بُو مُحَم ّد بن أَ بِي‬
‫الل ّه تَع َالَى أيَسع ُه أن ل َا يؤدى شهادته قَال‪ :‬إن ر َجا نَف َاذ الحُكْم ب ِشهادته فليشهد وَكَذَل ِك إن عَل ِم‬
‫ز َي ْد ع َن الشّاه ِد يَسْمع مِث ْل هَذ َا فِي حَقّ َ‬
‫ن الْحا َكِم ل َا ي َر َى القتل بِمَا شهد ب ِه ويرى الاستتابه والأدب فليشهد و يلزمه ذَل ِك و َأَ َمّا الإباحة لحكاية قَو ْله لغير هذين المقصدين فلَا‬
‫أَ ّ‬
‫س َل ّم والتمضمض بسوء ذكره لأحد ل َا ذاكرًا وَل َا آثرا لغير‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أرى لَهَا مدخل ًا فِي هَذ َا ال ْبَاب فليس التفكه بعرض رَسُول َ‬
‫غرض شرعي بمباح و َأَ َمّا للأغراض المتقدمة فمتردد بَي ْن الإ يجاب والاستحباب و َق َد حكى َ‬
‫الل ّه تَع َالَى مقالات المفترين عَلَي ْه و َعَلَى رسله‬
‫الل ّه عَلَي ْنَا فِي محكم ك ِتاب ِه وَكَذَل ِك و َق َع من أمثاله‬
‫فِي ك ِتَاب ِه عَلَى وجه الإنكار لقولهم والتحذير من كفرهم والوعيد عليه والرد عليهم بِمَا تلاه َ‬
‫س َل ّم الصحيحة عَلَى الوجوه المتقدمة وأجمع السلف والخلف من أئ َِم ّة الهدى عَلَى حكايات مقالات‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فِي أحاديث َ‬
‫ن ك َان وَر َد‬
‫الـكفرة والملحدين فِي كتبهم ومجالسهم ليبينوها للناس وينقضوا شبهها عَلَيْه ِم و َِإ ّ‬
‫حن ْب َل إنكار لبعض هَذ َا عَلَى الحا َرِث بن أسد فقد صنع أَ حْم َد مِثْلُه فِي رده عَلَى الجهمية والقائلين بالمخلوق و َهَذِه الوجوه الشائعة‬
‫لأحمد بن َ‬
‫الحكاية عنها ف َأَ َمّا ذكرها عَلَى غَي ْر هَذ َا من حكاية سبه والإزراء بمنصبه عَلَى وجه الحكايات والأسمار والطرف وأحاديث َ‬
‫الن ّاس ومقالاتهم‬
‫فِي الغث والسمير ومضاحك المجان ونوادر السخفاء والخوض فِي ق ِيل وقال ومالا يَعْنِي فكل هَذ َا ممنوع وبعضه أشد فِي المنع والعقوبة‬
‫من بَعْض فَمَا ك َان من قائله الحاكي لَه عَلَى غَي ْر قصد أو معرفة بمقدار م َا حكاه أَ و لَم تكن عادته أَ و لَم يَكُن الْك َلَام م ِن البشاعة حيث ه ُو‬
‫ن ك َان‬ ‫ولَم يظهر على حاكيه استحسانه واستصوابه ز ُجر ع َن ذَل ِك ونهي ع َن العودة إلي ْه و َِإ ّ‬
‫ن قوم ببعض الأدب فَه ُو مستوجب لَه و َِإ ّ‬
‫ن رجل ًا سَأل مالك ًا ع ََم ّن يَق ُول الْقُر ْآن مخلوق فَق َال م َال ِك كافر فاق ْتلُوه فَق َال‬
‫حي ْث ه ُو ك َان الأدب أشد‪ ،‬و َق َد حكي أَ ّ‬
‫لفظه من البشاعة َ‬
‫الل ّه عَلَى طر يق الزجر والتغليظ بدليل َأن ّه لَم ينفذ قتله و َِإ ّ‬
‫ن اتهم‬ ‫إنما حكيته ع َن غَيْر ِي فَق َال م َال ِك َإن ّمَا سمعناه مِن ْك و َهَذ َا من م َال ِك رَحِم َه َ‬
‫هَذ َا الحاكي ف ِيم َا ح َكاه أنه اختلقه ونسبه ِإلَى غَيْر ِه أو ك َان َت تِل ْك عادة له أَ و ظهر استحسانه لِذَل ِك أَ و ك َان مولع ًا بِمِثْلِه والاستخفاف لَه‬
‫أو التحفظ لمثله وطلبه ورواية أشْ ع َار هجوه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨١‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫)قوله على الجهمية( هم أتباع جهم بن صفوان أبى محرز السمرقندى هلك في زمان صغار التابعين أعنى من رأى من الصحابة واحدا‬
‫أو اثنين )قوله والطرف( بضم الطاء المهملة جمع طرفة )*(‬

‫فصل الوجه السابع أن يذكر ما يجوز على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم‬ ‫‪٥.١.٨‬‬

‫اب ن َ ْفسِه يُؤَاخ َذ بِقَو ْلِه وَل َا تَنْف َع ُه نسْبَت ُه ِإلَى غَيْر ِه فيبادر بقتله و يعجآ إلى ال ْهَاوِ يَة ُأ َمّه و َق َد قَال أَ بُو‬
‫س ّ‬‫س َل ّم وسبه فَحـُكْم هَذ َا حُك َم ال َ ّ‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم فَه ُو ُ‬
‫كفْر و َق َد ذَك َر بَعْض من أَ ل ْف فِي الإجْمَاع إجْمَاع‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫هج ِي ب ِه َ‬
‫شطْر بَي ْت م َِم ّا ُ‬
‫حف ِظ َ‬
‫ع ُبَي ْد الْق َاسِم بن سَلَام ف ِيم َن َ‬

‫س َل ّم وك ِتَابَتِه و َق ِرَاءَت ِه و َتَرْك ِه م َت َى وُجِد د ُون مح ْو وَرَحِم َ‬


‫الل ّه أسْ لَافَنَا المُتّق ِين‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫هج ِي ب ِه َ‬
‫تحْرِيم رِو َايَة م َا ُ‬
‫ال ْمُسْل ِمِين عَلَى َ‬
‫المُتَحَر ّزين لِد ِينِه ِم فَق َد أسْ قَط ُوا من أحاديث المغازي والسير م َا ك َان هَذ َا سَب ِيلَه و َت َرَكُوا روايَت َه إ َلّا أشْ يَاء ذَك َروه َا يَسِير َة و َغَي ْر مُسْتَبْشَع َة عَلَى‬
‫الل ّه ق َد تحرى ف ِيم َا اضطر‬
‫الل ّه من قائِلِه َا وأخْذ َه المُفْتَر ِي عَلَي ْه بِذَن ْبِه و َهَذ َا أَ بُو ع ُبَي ْد الْق َاسِم بن سَلَام رَحِم َه َ‬
‫نح ْو ال ْوُجُوه الأوّل لِي ُر ُوا ن ِ ْقم َة َ‬
‫َ‬
‫ِإلَى الاستشهاد ب ِه من أهاجي أشعار الْع َر َب فِي كتبه فكنى ع َن اسم المهجو بوزن اسْم ُه استبراء لدينه وتحفظًا م ِن المشاركة فِي ذم أَ ح َد‬
‫س َل ّم‬ ‫بروايته أَ و نشره فكيف بِمَا يتطرق ِإلَى عرض سَي ّد البشر صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫س َل ّم أَ و يختلف فِي جوازه عَلَي ْه وَم َا يطرأ من الأمور البشر ية ب ِه ويمكن‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن يذكر م َا يجوز عَلَى َ‬
‫فصل ال ْوَجْه السابع أَ ّ‬
‫الل ّه عَلَى شدته من مقاساة أعدائه وأذاهم لَه ومعرفة ابتداء حاله وسيرته وَم َا لقيه من‬
‫إضافتها إليه أو يذكر م َا امتحن ب ِه وصبر فِي ذات َ‬
‫بؤس‬
‫ل ذَل ِك عَلَى طر يق الرّو َايَة ومذاكرة ال ْعِل ْم ومعرفة م َا صحت مِن ْه العصمة للأنبياء وَم َا يجوز عَلَيْه ِم فَهَذ َا‬
‫زمنه ومر عَلَي ْه من معاياة عيشته ك ُ ّ‬
‫فن خارج ع َن هَذِه الفنون الستة ِإذ لَي ْس ف ِيه غمص وَل َا نقص وَل َا أزراء وَل َا استخفاف‬
‫ن يَكُون الْك َلَام ف ِيه مع أَ ه ْل ال ْعِل ْم وفهماء طلبة الدين م َِم ّن يفهم مقاصده و يحققون‬ ‫ل َا فِي ظاهر َ‬
‫الل ّفْظ وَل َا فِي مقصد اللافظ لـَكِن يجب أَ ّ‬
‫فوائده و يجنب ذَل ِك من عساه ل َا يفقه أَ و يخشى ب ِه فتنته فَق َد كره بَعْض السلف تلعيم النساء سورة يُوسُف لَم ّا انطوت عَلَي ْه من تِل ْك‬
‫س َل ّم مخـبر ًا عن نفسه باستيجاره لرعاية الغنم في ابتداء حاله‬ ‫القصص لضعف معرفتهن ونقص عقولهن وإدراكهن فَق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫حدَة ً لم َِنْ ذَك َرَه ُ عَلَى‬ ‫ك ع َنْ م ُوس َى عَلَيْه ِ ال َ ّ‬
‫سلَام ُ و َهَذ َا ل َا غَضَاضَة َ ف ِيه ِ جُم ْلَة ً و َا ِ‬ ‫الل ّه ُ تَع َالَى بِذَل ِ َ‬
‫وقال )م َا م ِنْ نبى إلا و َق َ ْد رَعَى الْغ َنَم َ( و َأَ خْبَر َن َا َ‬
‫صد َ بِه ِ الْغَضَاضَة َ و َ‬
‫َالت ّحْ ق ِير َ بَل ك َان َت عادة جميع ال ْع َر َب‪ ،‬نَع َم فِي ذَل ِك للأنبياء حكمة بالغة وتدريج لل ّٰه تعالى لَه ُم ِإلَى‬ ‫ِلاف م َنْ ق َ َ‬
‫و َجْ هِه ِ بِ خ ِ‬
‫الل ّه يتمه وعيلته عَلَى‬
‫كرامته وتدريب برعايتها لسياسة أممهم من خليقته بِمَا سبق لهم من الـكرامة فِي الأزل ومتقدم ال ْعِل ْم وَكَذَل ِك ق َد ذَك َر َ‬
‫الل ّه ق ِبَلَه وعَظ ِيم م ِن ّت ِه‬ ‫طر يق المنة عَلَي ْه والتعر يف بكرامته لَه فذكر الذاكر لَهَا عَلَى وجه تعر يف حاله والخـَب َر ع َن مُب ْتَد َئ ِه والت ُ‬
‫ّعجّ ب من م َن ِح َ‬
‫عِنْد َه لَي ْس ف ِيه غَضَاضَة بَل ف ِيه‬
‫__________‬
‫)قوله وفهماء( بضم الفاء والمد )*(‬
‫الل ّه تَع َالَى بَعْد هَذ َا عَلَى صَنَادِيد الْع َر َب وَم ِن ن َاوأَ ه من أشْر َافِه ِم شيئا فشيئا و َنَمى أمْرُه ح ََت ّى قَه َر َه ُم‬ ‫دَل َالَة عَلَى نُب ُ َو ّت ِه و َ‬
‫صح ّة دَعْوَت ِه ِإذ أظْ ه َر َه َ‬
‫و َتَمَكّن من مِل ْك مَق َالِيدِه ِم و َاسْ ت ِباح َه مما لك كثير م ِن ا ْل ُأم َم غَيْرِه ِم بإظْ ه َار َ‬
‫الل ّه تَع َالَى لَه وتأييده بنصره وبالمؤمنين وألف بَي ْن قُلُو بِه ِم‬
‫وإ ْمد َادِه ب ِال ْمَلَائِك َة ال ْمُسَوّم ِين و َلَو ك َان ابن مُل ْك أَ و ذا أشْ ياع متقدمين لحسب كثير م ِن‬
‫سفْيَان عنه هل فِي آبائه من مُل ْك؟ ث ُم ّ قَال‪ :‬و َلَو ك َان فِي‬
‫ن ذَل ِك موجب ظهوره ومقتضى علوه ولهذا قَال هرقل حِين سَأَ ل أَ ب َا ُ‬
‫الجهال أَ ّ‬
‫صف َت ِه وإحْد َى عَلَام َات ِه فِي ال ْـكُت ُب ال ْمُتَق َ ّدم َة وأخْ بَار ا ْل ُأم َم السّال ِفة وَكَذ َا و َق َع ذِك ْر ُه‬
‫آبائه مُل ْك لَقلنا رَج ُل يَطْلُب مُل ْك أبيه و َإذ َا ال ْيُت ْم من ِ‬

‫الل ّه فهي م ِ ْدح َة لَه‬ ‫بأن ّه ُأمّيّ كَمَا و َ‬


‫صف َه َ‬ ‫بحـير ًا لأبي طَال ِب وَكَذَل ِك إذ َا وُصِف َ‬
‫صف َه ابن ذِي ي َز َن لعبد المُطلب و َ َ‬
‫في ك ِتَاب أرْميَاء وبهذا و َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٢‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫و َف َضِ يلَة ث َابتِ َة ف ِيه و َقَاعِد َة مُعْجِزَتُه إذ معجزته ال ْع ُظم َى م ِن الْقُر ْآن العَظ ِيم َإن ّمَا هِي م ُت َعَلق َة بِطَر يق المَع َارِف و َال ْع ُلُوم م َع م َا م ُن َح صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬
‫س َل ّم و َف َُضّ ل ب ِه من ذَل ِك كَمَا ق َ ّدمْنَاه فِي القِس ْم الأول وَوُجُود مِث ْل ذَل ِك من رَج ُل لَم يَقْرأ و َلَم يَكْت ُب و َلَم يُدارِس وَل َا لُقّن مُقْت َض َى‬
‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫العَجَب وَمُنْت َهَ ى ال ْع ِب َر وَمُعْجِز َة ال ْب َش َر و َلَي ْس فِي ذَل ِك نَقيصَة ِإذ المطلوب م ِن الكِتَابَة والقراءة المَعْرف َة و َِإ َن ّمَا هي آلة‪.‬‬
‫__________‬
‫)قوله على صناديد( جمع صنديد وهو الشجاع السيد )قوله ونمى( بتشديد الميم )قوله في كتاب أرميا( بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر‬
‫الميم والقصر )قوله وليس فيه ذلك نقيصة( الضمير المجرور بفى عائد إلى الرجل في قوله وَوُجُود مِث ْل ذَل ِك من رجل والإشارة بذلك‬
‫راجعة إلى ما أشير إليه بذلك )*(‬
‫سطَة و َالسّب َب‪ ،‬و َا ْل ُأم َّي ّة فِي غَيْرِه نَق ِيصَة ل ِأَ نّهَا‬ ‫حصَلَت َ‬
‫الثمّ ْر َة و َالمَطْلُوب اسْ تُغْنِي ع َن ال ْوَا ِ‬ ‫سطَة م ُوَصّلة ِإلَيْهَا غَي ْر م ُرَاد َة فِي ن َ ْفسِه َا ف َِإذ َا َ‬
‫لَهَا وَو َا ِ‬
‫جع َل شَر َف َه ف ِيم َا ف ِيه محطة سواه وحياته ف ِيم َا ف ِيه هلاك من عداه‬
‫سَب َب الْجَه َالَة وَعُن ْوَان الْغ َبَاو َة فَسُب ْح َان من بايَن أمْرَه من أمْر غَيْرِه و َ َ‬
‫حشْوَت ِه ك َان تَمَام حَيَات ِه و َغَايَة قوة نفسه وثبات روعه و َه ُو ف ِيم َن سواه منتهى هلاكه وحتم موته وفنائه وهلم جَرّا‬ ‫خر َاج ُ‬ ‫هَذ َا شَقّ قلبه وإ ْ‬

‫ِإلَى سائر م َا رُوِي من أخباره وسيره وتقلله م ِن ال ُد ّن ْيَا وَم ِن الملبس‬


‫خط ِير ِه َا ل ِسُرْع َة فَنَاء ُأم ُورِها‬ ‫خ ْدم َة بَي ْت ِه زُهْدًا وَرَغْب َة ع َن ال ُد ّن ْيَا و َت َ ْسوِ يَة بَي ْن َ‬
‫حق ِير ِه َا و َ َ‬ ‫والمطعم والمركب وتواضعه ومهنته نفسه في أمور و َ ِ‬
‫حسَنًا وَم ِن أ ْور َد ذَل ِك‬
‫شي ْئًا مِنْهَا موردة وقصد بِهَا مقصده ك َان َ‬ ‫وتَق َُل ّب أحْ وَالِهَا ك ُ ّ‬
‫ل هَذ َا من فَضَائِلِه و َمآثِر ِه و َشَر َفه كَمَا ذَكَر ْن َاه فَم َن أ ْور َد َ‬
‫عَلَى غَي ْر و َجْ ه ِه وعُل ِم مِن ْه بِذل ِك سُوء ق َصْ دِه لَح ِق بالفصول التى قدمناه وَكَذَل ِك م َا وَر َد من أخْ بَارِه وأخْ بَار سَائ ِر الْأَ ن ْب ِيَاء عَلَيْه ِم ال َ ّ‬
‫سلَام فِي‬

‫الْأَ ح َادِيث م َِم ّا فِي ظَاهِرِه إشْ كال يَقْتَض ِي ُأم ُور ًا ل َا تلَِيق بِه ِم بِ حَال و َ َ‬
‫تح ْتَاج ِإلَى تأو يل‬
‫__________‬
‫)قوله وإخراج حشوته( الحشوة بكسر الحاء المهملة وضمها وبالشين المعجمة الأمعاء )قوله روعه( بضم الراء وفى آخره هاء الضمير أي‬
‫قلبه ‪ -‬قوله وحتم موته( بفتح الحاء المهملة وسكون التاء الفوقية )قوله مهنته( بفتح الميم وحكى الـكسائي كسرها وأنكره الأسمعي )قوله‬
‫ومآثره( أي مكارمه ومفاخره التى تؤثر عنه )*(‬
‫الت ّح َ ُ ّدث بمِث ْل ذَل ِك‬
‫الل ّه م َالك ًا فلقد ك َر َه َ‬ ‫و َت َر َ ُدّد احْ تمال فَلَا َ‬
‫يج ِب أن يُتَحَدّث مِنْهَا إلا بالصحيح وَل َا يُرْو َى مِنْهَا إ َلّا المَعْلُوم الث ّاب ِت وَرَحِم َ‬
‫الت ّح َ ُ ّدث بِمِث ْل هَذ َا فَق ِيل لَه إ ّ‬
‫ن ابن عَج ْلان يُح َ ّدث بِهَا فَق َال‬ ‫الن ّاس ِإلَى َ‬
‫م ِن الْأَ ح َادِيث المُوهِم َة ل ِ َلت ّشْبيه و َالمُشْكلة ال ْمَعْن َى و َقَال‪ :‬م َا ي َ ْدع ُو َ‬
‫لَم يَكُن م ِن الفُقَه َاء و َلَي ْت َ‬
‫الن ّاس و َافَق ُوه عَلَى تَرْك الْحَدِيث بِهَا وَسَاع َدوه عَلَى َطيّهَا فأكْ ث َر ُه َا ليس تحتع ع َم َل و َق َد حُكِي ع َن جَمَاع َة م ِن‬
‫س َل ّم أ ْورَد َه َا عَلَى ق ْوم ع َرَب ي َ ْفهَم ُون‬ ‫َالن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫تح ْت َه ع َم َل و َ‬
‫سلَف بَل عَنْه ُم عَلَى ا ْلجم ُْلَة أَ َ ّنه ُم ك َانُوا يَك ْر َه ُون الْك َلَام ف ِيم َا لَي ْس َ‬
‫ال َ ّ‬
‫شكِل َة ث ُم ّ جاء من غَلَب َت عَلَي ْه‬ ‫ح َ ّقه َم م ُ ْ‬ ‫مجَازِه و َاسْ تِع َار َت ِه و َبلَِيغ ِه و َإيجَازِه فَلَم تَكُن فِي َ‬
‫حق ِيق َت ِه و َ َ‬
‫ك َلَام ال ْع َر َب عَلَى و َجْ ه ِه و َتَص َرفَاتِه ِم فِي َ‬

‫الع ُجْ م َة وَد َاخ َلَت ْه ا ْل ُأم َّي ّة فَلَا يَكاد ي َ ْفه َم من مَق َاصِد‬
‫الْع َر َب إ َلّا ن َ َص ّها و َصَر ِ يحَه َا وَل َا يَتَح َ ّقق إشَار َاتِهَا ِإلَى غ َرَض الإ يجَاز ووحْ يِهَا و َتَب ْلِيغَه َا و َتَل ْو يحِه َا فَتَف َر ّق ُوا فِي تأو يله َا أَ و حَم ْلِه َا عَلَى ظَاهِرِه َا شَذر‬
‫كف َر ف َأَ َمّا م َا ل َا يَصِ حّ من هَذِه الْأَ ح َادِيث ف َوَاجِب أن ل َا ي ُ ْذك َر مِنْهَا شئ فِي حَقّ َ‬
‫الل ّه وَل َا فِي حَقّ أن ْب ِيَائ ِه‬ ‫مَذ َر فمنهم من آم َن ب ِه وَمِنْه ُم من َ‬
‫حه َا و َتَرْك ال ُ ّ‬
‫شغْل بِهَا إ َلّا أن ت ُ ْذك َر عَلَى وَجْه التّعْرِ يف ب ِأ َ ّنهَا ضَع ِيف َة ال ْمَق َاد‬ ‫وَل َا يُتَحَدّث بِهَا وَل َا يُتَك ََل ّف الْك َلَام عَلَى مَع َان ِيهَا‪ ،‬و َ‬
‫َالصّ وَاب َطر ْ ُ‬
‫الإسْ نَاد و َق َد أن ْك َر َ الأشْ يَاخ عَلَى أَ بِي بَك ْر بن فُور َك تَك َُل ّف َه فِي م ُ ْ‬
‫شكِل ِه الْك َلَام عَلَى أحاديث ضعيفة‬ ‫و َاه ِي َة ِ‬
‫__________‬
‫)قوله شذر مذر( بكسر الشين المعجمة والميم وبفتحهما في الصحاح تفرقوا شذر مذر بالتحر يك والنصب وشذر مذر بالـكسر إذا ذهبوا‬
‫في كل وجه )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٣‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫فصل ومما يجب على المتكلم فيما يجوز على النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وما لا يجوز‬ ‫‪٥.١.٩‬‬

‫مَوْضُوع َة ل َا أصْ ل لَهَا أَ و مَنْق ُولَة ع َن أَ ه ْل الكِتَاب ال َ ّذ ِين يلَ ْبِس ُون الْحَقّ بالبَاطِل ك َان ي َ ْكف ِيه طرحها و يعنيه ع َن الْك َلَام عَلَيْهَا َ‬
‫الت ّن ْب ِيه عَلَى‬
‫حه َا أكْ شَف اللبس وأشْ فَى َ‬
‫للن ّفْس‬ ‫ضعْفه َا ِإذ الم َ ْقصُود ب ِالْك َلَام عَلَى مُشْكل م َا ف ِيهَا إز َالَة اللّب ْس بِهَا و َاجْ ت ِثَاثُهَا من أَ صْ له َا و َ َطر ْ ُ‬
‫َ‬
‫س َل ّم وَم َا ل َا يَج ُوز و َال َذ ّاك ِر من ح َالات ِه م َا ق َ ّدمْنَاه فِي الف َصْ ل قَب ْل هَذ َا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫يج ِب عَلَى المُتَك ََل ّم ف ِيم َا يَج ُوز عَلَى َ‬
‫فصل ومما َ‬
‫س َل ّم وذِك ْر تِل ْك الأَ حْ وَال ال ْوَاجِب من تَو ْق ِير ِه و َتَعْظ ِيمِه و َي ُر َاقب‬ ‫عَلَى َطرِ يق المُذ َاك َر َة والتعْل ِيم أن يلَ ْتَز ِم فِي ك َلَام ِه عِن ْد ذَكْر ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ح َال لِسَان ِه وَل َا يُهْمِلَه و َت َ ْظه َر عَلَي ْه عَلَامات الأَ د َب عِن ْد ذِكْر ِه ف َِإذ َا ذَك َر م َا قاساه م ِن ال َ ّ‬
‫شد َائِد َظه َر َ عليه الإشْ ف َاق والارْتِمَاض والغَي ْظ‬
‫مجَاري أعماله‬ ‫س َل ّم لَو قَد َر عَلَي ْه و ُ‬
‫َالن ّصر َة لَو أ ْمكَنَت ْه و َإذ َا أخ َذ فِي أب ْوَاب الع ِصْ م َة و َتَك َلّم عَلَى َ‬ ‫عَلَى عَدُوّه وَم َو َ َدّة الفِد َاء ل ِ َلن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫وأقواله صلى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫حسَن َ‬
‫الل ّفْظ و َأد َب ال ْع ِبَار َة م َا أَ ْمكَن َه و َاجْ تَن َب بَشِيع ذَل ِك وَهَج َر م ِن ال ْع َبَار َة م َا يَقْب ُح ك َلْفَظَة الْجَهْل و َالـكَذِب و َالمَعْصِ ي َة ف َِإذ َا تَك َلّم‬ ‫تَح ََر ّى أ َ‬
‫فِي الأَ ق ْوَال قَال ه َل يَج ُوز عَلَي ْه الْخل ُ ْف فِي القَو ْل و َال ِْإخبار بِ خ ِلَاف م َا و َق َع سَهْو ًا‬
‫__________‬
‫)قوله يلبسون( بكسر الموحدة أي يخلطون )قوله والارتماض( بالضاد المعجمة يقال ارتمض الرجل من كذا أي اشتد قلقه )قوله‬
‫تحرى( بالحاء المهملة أي توخى وقصد )*(‬
‫نح ْو َه م ِن ال ْع ِبَار َة و َيَتَجَن ّب ل َ ْفظَة الـكَذِب جُم ْلَة و َاحَد َة و َإذ َا تَك َلّم عَلَى ال ْعِل ْم قَال ه َل يَج ُوز أن ل َا يَعْلَم إ َلّا م َا علم وهل يُمْكِن أن‬
‫أَ و غَلَطًا و َ َ‬
‫ل َا يَكُون عِنْد َه علم من بَعْض الأشْ يَاء ح ََت ّى يُوحَى إلي ْه وَل َا يَق ُول بِ جَهْل لِقُب ْح َ‬
‫الل ّفْظ و َبَش َاع َت ِه وإذا تكلم فِي الأفْع َال قَال ه َل يَج ُوز منه‬
‫َالن ّوَاهِي وَم ُوَاقَع َة َ‬
‫الصّ غ َائ ِر فَه ُو أوْلَى وآدب من قَو ْلِه ه َل يَج ُوز أن يَعْص ِي أَ و يُذْن ِب أَ و يَفْع َل كذا وكذا من‬ ‫ال ْم ُخ َالَف َة فِي بَعْض الْأَ و َام ِر و َ‬
‫س َل ّم وَم َا َ‬
‫يج ِب لَه من تعزيز و َإ ْعظَام و َق َد ر َأَ ي ْت بَعْض ال ْع ُلمَاء لَم يَتَحَفّظ من هَذ َا فَق ُب ّح‬ ‫أن ْواع المَع َاص ِي فهذا من حَقّ تَو ْق ِير ِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫مِن ْه‪.‬‬
‫و َلَم أَ سْ ت َصْ وب عِبار َتَه ف ِيه وَوَجَدْت بَعْض الْجَائِر ِين قَو ْله لأجْل تَرْك تَح َُ ّفظ ِه فِي ال ْع ِبَار َة م َا لَم يَق ُل ْه وَش ََن ّع عَلَي ْه بِمَا يأباه و َي ُ َ‬
‫ك َ ّفر قائِلُه و َإذ َا‬
‫س َل ّم أ ْوجَب و َال ْتِز َام ُه آك َد‬ ‫ح َ ّقه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫خطَابِه ِم فَاسْ تِعْم َالُه فِي َ‬ ‫ك َان مِث ْل هَذ َا بَي ْن َ‬
‫الن ّاس مُسْتَعْمل ًا فِي آدابِه ِم وَحُسن مُع َاشَرِتِه ِم و َ ِ‬
‫ن لَسِحْ رًا ف َأَ َمّا م َا‬
‫ن ال ْبَيَا ِ‬ ‫س َل ّم ِإ َ ّ‬
‫ن مِ َ‬ ‫تحْرِير ُه َا وتهذيبا يُعَظّم الأمْر أَ و يُهَو ّنُه ولهذا قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫فَجَوْد َة العبارة تقبح الشئ أَ و تُحَسّن ُه و َ َ‬
‫كقَو ْلِه ل َا يَج ُوز عَلَي ْه الـكَذِب جُم ْلَة ولا‬ ‫الن ّف ِْي عَن ْه ُ و َ‬
‫َالت ّنْز ِيه فَلَا حَر َج فِي تَس ْريح الع ِبار َة وتصريها ف ِيه َ‬ ‫جهَة ِ َ‬ ‫أَ ْورَدَه ُ عَلَى ِ‬
‫__________‬
‫ن لسحرا( قال ابن قرقول قيل أورده مورد‬ ‫ن ال ْبَيَا ِ‬ ‫)قوله ِإ َ ّ‬
‫ن مِ َ‬
‫الذم لشبهة بعمل السحر في قلب القلوب وجلب الأفئدة وتز يين القبيح وتقبيح الحسن وقيل أورده مورد المدح أي يترضى به الساخط‬
‫ويستزل به الصعب ولذلك قالوا فيه السحر الحلال ويشهد له )إن من الشعر لحكمة( الحديث )*(‬

‫الباب الثاني في حكم سابه وشانئه ومتنقصه مؤذبه وعقوبته وذكر استتباته ووراثته‬ ‫‪٥.٢‬‬

‫مج َرّد ًا فَكَي ْف عِن ْد ذَك َر‬


‫ظه ُور تَو ْق ِير ِه و َتَعْظ ِيمِه و َتَعْزِيز ِه عِن ْد ذكره ُ‬
‫يج ِب ُ‬
‫إت ْيَان الكبائر ب ِوجْه وَل َا الْجَو ْر فِي الحكم عَلَى ح َال و َلـَكِن م َع هَذ َا َ‬
‫مج ََر ّد ذِكْر ِه كَمَا ق َ ّدمْنَاه فِي القس ْم َ‬
‫الث ّاني وَك َان بَعْضُه ُم يلَ ْتَز ِم مِث ْل ذَل ِك عِن ْد‬ ‫مِث ْل هذا وقد ك َان ال َ ّ‬
‫سلَف ت َ ْظه َر عَلَيْه ِم ح َال َات شَديد َة عِن ْد ُ‬
‫صو ْتَه إ ْعظَام ًا ل ِر َب ّه و َإجْلالا‬
‫يخْف ِض بِهَا َ‬
‫الل ّه تَع َالَى ف ِيهَا مَق َال عِد َاه وَم ِن كفر بآياته و َاف ْتَر َى عَلَي ْه الـكَذِب فَك َان َ‬
‫تِلَاو َة آي م ِن الْقُر ْآن ح َك َى َ‬
‫له و َإشْ ف َاقًا م ِن التّش َُب ّه بِم َن َ‬
‫كف َر ب ِه‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٤‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ال ْبَاب الثاني فِي حكم سابه وشانئه ومتنقصه مؤذبه وعقوبته وذكر استتباته ووراثته‬
‫س َل ّم وَذَكَر ْن َا إجْمَاع ال ْع ُلمَاء عَلَى قَت ْل فاع ِل ذَل ِك وقائِلِه و َ‬
‫تخ ْيير ال ِْإم َام فِي قَتْلِه أَ و صَل ْب ِه‬ ‫حقّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ق َد ق َ ّدمْنَا م َا ه ُو س ّ‬
‫َب وأذ َى فِي َ‬
‫سلَف وجُمه ُور ال ْع ُلمَاء قَتْلُه ح َ ً ّدا ل َا ُ‬
‫كفْرًا إن أظْ ه َر‬ ‫ن مشْه ُور مَذْه َب م َال ِك وأصحابه وقو ْل ال َ ّ‬
‫عَلَى م َا ذَكَر ْن َاه و َق َرّرْنا الْ حجُ َج عَلَي ْه وبعد فاع ْلَم أَ ّ‬
‫الز ّنْدِيق وَمُسِرّ الـكُفْر فِي هَذ َا القَو ْل‬ ‫الت ّو ْبَة مِن ْه ولهذا ل َا تُقْب َل عندهم تو ْبَت ُه وَل َا تَنْف َع ُه اسْ تِق َالَت َه وَل َا فَي ْأتُه كَمَا ق َ ّدمْنَاه قَب ْل وَح ُ ْ‬
‫كمه حُكْم َ‬ ‫َ‬
‫وسواء ك َان َت تَو ْبَت ُه عَلَى هَذ َا بَعْد الق ُ ْدر َة عَلَي ْه وال َش ّهاد َة عَلَى قَو ْله )أو جاء تائبًِا من قَب ْل نفسه ل ِأَ َن ّه ح َد وَجَب ل َا تُسْقط ُه التّو ْبَة َ‬
‫كسَائ ِر‬
‫الل ّه إذ َا‬
‫ي رَحِم َه َ‬ ‫الْحُد ُود قَال ال َ ّ‬
‫شي ْخ أَ بُو الْحَسَن القابس ّ‬

‫ب ل ِأَ َن ّه ه ُو ح َ ُ ّده و َقَال أَ بُو مُحَم ّد بن أَ بِي ز َي ْد مِثْلُه و َأَ َمّا م َا بَي ْن َه و َبَي ْن َ‬
‫الل ّه فَتَو ْبَت ُه تَنْف َع ُه‪ ،‬و َقَال‬ ‫الت ّو ْبَة قُت ِل بال َ ّ‬
‫س ّ‬ ‫ب وتاب مِن ْه وأظْ ه َر َ‬ ‫أق َر ّ بال َ ّ‬
‫س ّ‬
‫ابن سُ ح ْن ُون من شَتَم النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم م ِن المُوَحّدِين ث ُم ّ ت َاب ع َن ذَل ِك لَم تزل توبته عنه القَت ْل وَكَذَل ِك ق َد اخْ تُل ِف فِي الزّنْدِيق إذ َا‬
‫جاء تائبًا فحـكى الْق َاض ِي أَ بُو الْحَسَن بن الْق َصّ ار فِي ذَل ِك قَو ْليَ ْن‪ ،‬قَال من شُي ُوخَنَا‪ :‬من قَال أق ْتلُُه بإق ْرَارِه ل ِأَ َن ّه ك َان ي َ ْقدِر عَلَى َ‬
‫ست ْر ن َ ْفسِه‬
‫ل عَلَى صحّتِهَا بمَجِيئ ِه فَك َأنّنَا و َقَفْنَا عَلَى باطِن ِه‬ ‫خش ِي ال ُ ّ‬
‫ظه ُور عَلَي ْه فَبَادر لِذَل ِك وَمِنْه ُم من قَال اق ْب َل تَو َبت َه لأني أسْ تَدِ ّ‬ ‫خفْنَا َأن ّه َ‬
‫فَلَم ّا اع ْتَر َف ِ‬
‫س َل ّم أق ْو َى ل َا يُت َ َ‬
‫صو ّر ف ِيهَا الخ ِلَاف‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َاب َ‬
‫بِ خ ِلَاف من أسَرَت ْه البَي ّن َة قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل و َهَذ َا قَو ْل أصْ ب َغ وَمَسْألَة س ّ‬
‫حق ُوق الآد َميّين و َالزّنْدِيق إذ َا ت َاب‬ ‫س َل ّم ولأمّت ِه بِس َبَبه ل َا تُسْقط ُه التّو ْبَة َ‬
‫كسَائ ِر ُ‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عَلَى الأصل المتقدم ل ِأَ َن ّه حَقّ م ُتَع َلق َ‬
‫بَعْد الق ُ ْدر َة عَلَي ْه ف َعِن ْد م َال ِك و ََالل ّي ْث و َِإ ْسحَاق و َأَ حْم َد ل َا تُقْب َل تَو ْبَت ُه وعند ال َ ّ‬
‫شافِعِيّ تُقْب َل و َاخْ تُل ِف ف ِيه ع َن أَ بِي حنيفة و َأَ بِي يُوسُف وَح َك َى‬

‫الل ّه عَن ْه يُسْتَتَاب‪ ،‬قَال مُحَم ّد بن سُ ح ْن ُون و َلَم ي َز ُل الْقَت ْل ع َن المسلم بالتّو ْبَة من سَب ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫ابن المُنْذِر ع َن عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب رَض ِي َ‬
‫س َل ّم ل ِأَ َن ّه لَم يَن ْت َقل من دِين ِإلَى غَيْر ِه و َِإ َن ّمَا فعل‬
‫وَ َ‬
‫__________‬
‫)قوله وأبى يوسف( هو القاضى صاحب أبى حنفية يعقوب بن إبراهيم بن خبيب بن حبيش بن سعد بن خيثمة الأنصاري توفى سنة‬
‫اثنين وثمانين ومائة وهو ابن تسع وستين سنة روى عنه أحمد بن حنبل وابن معين وغيرهما )*(‬
‫شي ْئًا ح َ ُ ّده عِنْد َن َا القَت ْل ل َا عَفْو ف ِيه لأحد كالزّنْدِيق لأنه لم ينتفل من‬
‫َ‬
‫الل ّه تَع َالَى عَلَى مَشْه ُور القَو ْل‬
‫َب َ‬‫مح ْت َ ًج ّا لِسُق ُوط اعْت ِبَار تَو ْبَتِه و َالْفَر ْق بَي ْن َه و َبَي ْن من س ّ‬
‫ظَاه ِر ِإلَى ظاهر‪ ،‬و َقَال الْق َاض ِي أَ بُو مُحَم ّد بن نَص ْر ُ‬
‫الل ّه بِنُب َُو ّت ِه و َال ْبَارِي تعالى م ُنَز ّه ع َن جميع المَع َايب‬
‫جن ْس تلَ ْحق ُه المَع َرة إ َلّا من أك ْرَم َه َ‬
‫س َل ّم بَشَر و َال ْب َش َر ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫باسْ تَتَابَتِه أَ ّ‬

‫ن الْارتد َاد مَعْن َي يَنْفَرِد ب ِه‬ ‫س َل ّم كالارْتِد َاد المَقْب ُول ف ِيه َ‬
‫الت ّو ْبَة ل ِأَ ّ‬ ‫جن ْس تلَْحَق المَع ََر ّة بِ جِنْسِه و َلَي ْس س َُب ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ق َ ْطع ًا و َلَي ْس من ِ‬
‫س َل ّم تَع َل ّق ف ِيه حَقّ لآد َميّ فكان كالمُرْت َد يَقْت ُل حِين‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬‫المُرْت َ ّد ل َا حَقّ ف ِيه لِغَيْر ِه م ِن الآدميين فقبلت تَو ْبَت ُه وَم ِن س ّ‬
‫ن تَو ْبَة المُرْت َد إذ َا قُبِلَت ل َا تُسْقط ذ ُنُوبَه من؟ ؟ ؟ و َسَر ِق َة و َغَيْر ِه َا‬
‫ن تَو ْبَت َه ل َا تُسْقط عَن ْه حد القَت ْل و َالْقَذْف و َأيْضًا ف َِإ ّ‬
‫ارْتِد َادِه أَ و ي َ ْقذِف ف َِإ ّ‬
‫س َل ّم لـِكُ ْفرِه لـَكِن لمعنى يَرْجِـع إلى تعظيم ح ُ ْرم َت ِه وَزَو َال المَع َر ّة ب ِه وَذَل ِك ل َا تُسْقط ُه َ‬
‫الت ّو ْبَة‪ ،‬قَال‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ساب َ‬
‫ّ‬ ‫و َلَم يُقْت َل‬
‫ن س ََب ّه لَم يَكُن بِكَل ِم َة تَقْتضي ال ْـكُفْر و َلـَكِن بِمَعْن َي الإ ْزر َاء و َالاسْ ت ِخْ ف َاف أَ و ل ِأَ ّ‬
‫ن بَتَو ْبَتِه وإظْ ه َار إنابَتِه‬ ‫الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل ي ُريد والل ّٰه أَ ع ْلَم ل ِأَ ّ‬
‫س َل ّم ث ُم ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬‫ارْتَف َع عَن ْه اس ْم ال ْـكُفْر ظاهرًا والل ّٰه أَ ع ْلَم ب ِسَر ِيرَت ِه وبقي حُكْم السب عَلَي ْه‪ ،‬و َقَال أَ بُو عمران العابسى من س ّ‬
‫ن السب من‬ ‫ارْت َد ع َن ال ِْإسْ لَام قُت ِل و َلَم يُسْتَت َب‪ ،‬ل ِأَ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله كالمرد يقتل( هو بفتح المثناة التحتية في أوله )*(‬
‫يح ْتَاج ِإلَى تَفْصِ يل * و َأَ َمّا عَلَى‬ ‫حق ُوق الآد ََمي ّين َال ّتِي ل َا تُسْقط ع َن المُرْت َ ّد وكلام شُي ُوخِنَا هَؤْل َاء مَبْنِيّ عَلَى القَو ْل بِقَتْلِه ح َ ً ّدا ل َا ُ‬
‫كفْرًا و َه ُو َ‬ ‫ُ‬
‫سل ِم ع َن م َال ِك وَم ِن وافقه عَلَى ذَل ِك م َِم ّن ذَكَر ْن َاه و َقَال ب ِه من أَ ه ْل ال ْعِل ْم فقد ص َرحُوا َأن ّه رِ َدّة قَالُوا و َيُسْتَتَاب مِنْهَا فإن‬
‫رِو َايَة الوليد ابن م ُ ْ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٥‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫تاب نُكّل وإن أَ بِي قُت ِل فَحـُكِم لَه بحُكْم المُرتَ َد مُطَْلق ًا فِي هَذ َا ال ْوَجْه والوجه الأوّل أشْه َر و َأظْ ه َر‬
‫نح ْن نَبْس ُط الْك َلَام ف ِيه فَنَقَو ْل من لَم ي َر َه رِدّة فَه ُو يُوجِب القَت ْل ف ِيه ح َ ً ّدا و َِإ َن ّمَا نقول ذَل ِك م َع ف َصْ لَي ْن‪ِ :‬إ َمّا م َع إنْك َارِه م َا شُه ِد‬
‫لَم ّا ق َ ّدمْنَاه و َ َ‬

‫الل ّه من‬ ‫س َل ّم و َ َ‬
‫تحْق ِير ِه م َا عَظّم َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َالت ّو ْبَة عَن ْه فَنَقْتلُُه ح َ ً ّدا لِثَبَات كَل ِم َة الـكُفْر عَلَي ْه فِي حَقّ َ‬
‫عَلَي ْه به أو إظهاره الإق ْلاع و َ‬
‫كي ْف ٺُث ْب ِت ُون عَلَي ْه الـكُفْر و َيَشْه َد عَلَي ْه بِكَل ِم َة‬
‫ظه ِر عَلَي ْه وأن ْك َر أَ و تاب فإن ق ِيل ف َ َ‬
‫الز ّنْدِيق إذ َا ُ‬ ‫جر َي ْنَا ح ُ ْ‬
‫كم َه فِي ميراث ِه و َغَي ْر ذَل ِك حُكْم َ‬ ‫حقّه وأ ْ‬
‫َ‬
‫نح ْن وإن أث ْبَت ْنا لَه حُكْم الكاف ِر فِي القَت ْل فَلَا ن َ ْقطَع عَلَي ْه بِذ َل ِك لإق ْرَارِه َ‬
‫بالت ّوْحِيد‬ ‫تحْكُم ُون عَلَي ْه بح ُ ْ‬
‫كم ِه م ِن الاسْ ت ِتَابَة وتَوَاب ِعِه ِا قلُ ْنَا َ‬ ‫الـكُفْر وَل َا َ‬
‫ن ذَل ِك ك َان مِن ْه و َه َل ًا ومعصية و ََأن ّه مقلع ع َن ذَل ِك نادم عَلَي ْه وَل َا يمتنع إثبات بَعْض أحكام‬ ‫ُ‬
‫والن ّب َُو ّة وإن ْكارِه م َا شُه ِد ب ِه عَلَي ْه أَ و زَعْم ِه أَ ّ‬
‫الصّ لَاة و َأَ َمّا من علم َأن ّه سبه معتقدًا لاستحلاله فلا‬
‫ن لَم ٺثبت لَه خصائصه كقتل تارك َ‬
‫الـكفر عَلَى بَعْض الأشخاض و َِإ ّ‬
‫__________‬
‫)قوله وهلا( في الصحاح الوهل بالتحر يك الفزع قال أبو زيد‪ :‬وهل يوهل في الشئ وعن الشئ وهلا إذا غلط فيه وسها )‪(٢ - ١٧‬‬
‫)*(‬

‫فصل إذا قلنا بالاستتابة‬ ‫‪٥.٢.١‬‬

‫نح ْو َه فَهَذ َا م َِم ّا ل َا إشكال ف ِيه و يقتل و َِإ ّ‬


‫ن تاب مِن ْه لأنا‬ ‫ن ك َان سبه فِي نفسه كفر كتكذيبه أو تكفير‪ ،‬و َ َ‬
‫شك فِي كفره بِذَل ِك وَكَذَل ِك إ ّ‬
‫الل ّه المطلع عَلَى صحة إقلاعه العالم بسره وَكَذَل ِك من لَم يظهر‬ ‫ل َا نقبل توبته ونقتله بَعْد َ‬
‫الت ّو ْبَة حدًا لِقَو ْلِه ومتقدم كفره وأمره بَعْد ِإلَى َ‬
‫س َل ّم يقتل كافرًا بِلَا‬ ‫الل ّه وحرمة نبيه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫الت ّو ْبَة واعترف بِمَا شهد ب ِه عَلَي ْه وصمم عَلَي ْه فَهَذ َا كافر بقوله وباستحلاله هتك حرمة َ‬
‫خِلَاف فعلى هَذِه التفضيلات خذ ك َلَام ال ْع ُلمَاء ونزل مختلف عباراتهم فِي الاحتجاج عَلَيْهَا وأجر‬
‫الل ّه تَع َالَى‬
‫ن شَاء َ‬
‫اختلافهم فِي الموارثة و َغَيْر ِه َا عَلَى ترتيبها ٺتضح ل َك مقاصدهم إ ّ‬
‫حي ْث تَصِ حّ فالاخْ ت ِلاف عَلَى الاختلاف فِي تَو ْبَة المُرْت َد ِإذ ل َا فَر ْق بَيْنَهُم َا و َق َد اخْ تُل ِف ال َ ّ‬
‫سلَف فِي وجوبها‬ ‫فصل إذ َا قلُ ْنَا بالاست ِتابَة َ‬
‫ن المُرْت َ ّد يُسْتَتَاب وَح َكى ابن الق ََصّ ار َأن ّه إجْماع م ِن َ‬
‫الصّ حابَة عَلَى تَصْ ويب قَو ْل ع ُم َر فِي‬ ‫وصورتها ومُدّتها فَذ َه َب جُمْه ُور أَ ه ْل ال ْعِل ْم ِإلَى أَ ّ‬
‫خعِيّ و َ‬
‫َالث ّوْرِيّ ومالك وأصحابُه‬ ‫الاسْ ت ِتابَة و َلَم يُن ْكر ْه واحد مِنْه ُم و َه ُو قَو ْل عُثْم َان و َعَلِيّ و َاب ْن مَسْع ُود وبه قَال عَطَاء بن أَ بِي ر َب َاح َ‬
‫والن ّ َ‬
‫شافِعِيّ و َأَ حْم َد وإسحاق وأصحاب الرأي وَذ َه َب طاو ُس وَع ُبَي ْد بن ع ُمَي ْر والحسن فِي إحْدى الر ّوايَتَي ْن عَن ْه َأن ّه‬
‫والْأَ وز َاعِ يّ وال َ ّ‬
‫ل َا يُسْتَتاب وقاله عَب ْد الْعَزِيز بن أَ بِي سَلَم َة وَذَك َر َه ع َن م ُعاذ وأن ْك َر َه سُ ح ْن ُون ع َن م ُع َاذ وحكاه الطّح َاويّ ع َن أَ بِي يُوسُف و َه ُو قَو ْل أَ ه ْل‬
‫ل دِين َه ُ فَاق ْتُلُوه ُ وحُكِي َ ع َن عَطَاء َأن ّه إن‬
‫س َل ّم م َنْ ب َ ّد َ‬ ‫الل ّه و َلـَكِن لا ندرأ القَت ْل عَن ْه لِقَو ْلِه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الظاه ِر قَالُوا و َتَنْف َع ُه تَو ْبَت ُه عِن ْد َ‬
‫ك َان م َِم ّن وُلِد فِي ال ِْإسْ لَام لَم يُسْتَتب ويُسْتَتاب الإسْ لامِي وجُمْه ُور ال ْع ُلمَاء عَلَى أَ ّ‬
‫ن المُرْت َ ّد والمرتدة فِي ذَل ِك سواء وَر ُوي ع َن عَلِيّ رَض ِي‬
‫ل ال ْمُرْت َ ّدة ُ و َتُسْتَر ُ َّق قَالَه عَطَاء وقتادة وَر ُوي ع َن ابن ع ََب ّاس ل َا تُقْت َل الن ّساء فِي َ‬
‫الر ّدّة وبه قَال أَ بُو حَن ِيف َة قَال م َال ِك والْحُر ّ‬ ‫الل ّه عَن ْه ل َا تُقْت َ ُ‬
‫َ‬
‫والعَب ْد والذّك َر والأن ْثى فِي ذَل ِك سواء و َأَ َمّا م ُ َ ّدتُها فَمَذْه َب الجم ُْه ُور وَر ُوي ع َن ع ُم َر َأن ّه يُسْتَتاب ثَلَاثَة أ َي ّام ُ‬
‫يح ْب َس ف ِيهَا و َق َد اخْ تلف ف ِيه ع َن‬
‫ع ُم َر و َه ُو أح َد قَو ْلَي ال َ ّ‬
‫شافِعِيّ وقول أَ حْم َد وإسحاق واسْ ت َحْ سَن َه م َال ِك و َقَال ل َا ي َأْ تي الاسْ ت ِ ْظه َار‬
‫شي ْخ أَ بُو مُح َم ّد بن أَ بِي زيد يريد فِي الاستيناء ثلاثا و َقَال م َال ِك أيْضًا ال َ ّذ ِي آخ ُذ ب ِه فِي المرتد قَو ْل‬
‫الن ّاس قَال ال َ ّ‬
‫إ َلّا بِ خـَي ْر و َلَي ْس عَلَي ْه جَمَاع َة َ‬
‫ن تاب و َِإ َلّا قتل و َقَال أَ بُو الْحَسَن بن القصار فِي تأخيره ثلاثا روايتان ع َن م َال ِك ه َل ذَل ِك‬
‫ل يَو ْم ف َِإ ّ‬
‫ع ُم َر يحبس ثَلَاثَة أيام و يعرض عَلَي ْه ك ُ ّ‬
‫صحَاب الر ّأي وَر ُوي ع َن أَ بِي بَك ْر الصديق أنه اسْ تَتَاب امْرَأة فَلَم نتب فقتلها‪،‬‬
‫واجب أو مستحب واستحسن الاستتابة والاستيناء ثلاثا أَ ْ‬
‫و َقَال الشافعي مرة فقال إن لَم يَت ُب مكانه قتل واستحسنه المزني و َقَال ُ‬
‫الز ّهْرِيّ يدعى‬
‫الل ّه عَن ْه يستتاب شهرين‪ ،‬و َقَال النخعي يستتاب أبد ًا وبه أخذ َ‬
‫الث ّوْرِيّ‬ ‫ِإلَى ال ِْإسْ لَام ثَلَاث مرات ف َِإن أَ بَى قتل وَر ُوي ع َن عَلِيّ رَض ِي َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٦‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ل يَو ْم أَ و جُم ُعة م َ َّرة و َفِي‬ ‫م َا رجيت توبته‪ ،‬وَح َك َى ابن القصار ع َن أبي حنيفة َأن ّه يستتاب ثَلَاث مرات فِي ثَلَاثَة أ َي ّام أَ و ثَلَاث جُم َع ك ُ ّ‬
‫ك ِتَاب مُحَم ّد ع َن ابن الْق َاسِم ي ُ ْدعَى المُرْت َ ّد ِإلَى ال ِْإسْ لَام ثَلَاث مرات ف َِإن أبى ضُر ِب َت ع ُنُق ُه واخْ تُل ِف عَلَى هَذ َا ه َل يُه َ ّدد أَ و يُش َ َ ّدد عَلَي ْه‬
‫طع َام بِمَا ل َا يَض ُ َرّه و َقَال أصْ ب َغ يُخ َوف أ َي ّام‬
‫تج ْو يع ًا وَل َا تَعطيشًا و َيُؤ ْتى م ِن ال َ ّ‬
‫أ َي ّام الاسْ ت ِتابَة لِيَت ُوب أم ل َا فَق َال م َال ِك م َا عَلِم ْت فِي الاسْ ت ِتابَة َ‬
‫طابثي يُوع َظ فِي تِل ْك الأ َي ّام و َيُذ َك ّر بالْجَ ّنة و َيُخ َو ّف َ‬
‫بالن ّار قَال أصْ ب َغ وأيّ‬ ‫الاستتابة بالقتل وبعرض عَلَي ْه ال ِْإسْ لَام و َفِي ك ِتَاب أَ بِي الْحَسَن ال َ ّ‬
‫المَوَاضِـع ح ُبس ف ِيهَا م ِن ال ُ ّ‬
‫سجُون م َع َ‬
‫الن ّاس أَ و وَحْد َه إذ َا اسْ ت ُوث ِق مِن ْه سَوَاء و َيُوق َف مالُه إذ َا خِيف أن يُت ْلِف َه عَلَى ال ْمُسْل ِمِين و ي ُ ْطع َم مِن ْه‬
‫س َل ّم نَبْهَان ال َ ّذ ِي ارْت َ ّد أرْبَع م َ َّرات أَ و خَمْسًا قَال‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫و َيُسْقى وَكَذَل ِك يُسْتَتَاب أبد ًا ك ُ َل ّمَا رَجَع وارْت َ ّد و َق َد اسْ تَتَاب رَسُول َ‬
‫ابن وَه ْب ع َن م َال ِك يُسْتَتَاب أبدا ك ُ َل ّمَا رجع و َه ُو قَو ْل ال َ ّ‬
‫شافِعِيّ و َأَ حْم َد‬
‫الرأّْ ي إن لَم يَت ُب فِي َ‬
‫الر ّابِع َة قُت ِل د ُون اسْ تتَابة وإن تاب ضُر ِب ضَرْب ًا وجِيع ًا‬ ‫صحَاب َ‬ ‫وقاله ابن الْق َاسِم و َقَال ِإ ْسحَاق يُقْت َل فِي َ‬
‫الر ّابِع َة و َقَال أَ ْ‬
‫خش ُوع َ‬
‫الت ّو ْبَة قَال ابن المُنْذِر وَل َا نَعْلَم أحدا‬ ‫سجْ ن ح ََت ّى ي َ ْظه َر عَلَي ْه ُ‬ ‫يخ ْر ُج م ِن ال َ ّ‬
‫و َلَم َ‬
‫__________‬
‫طابثي( هو بطاء مهملة وباء موحدة مكسورة وثاء مثلثة )*(‬ ‫)قوله أَ بِي الْحَسَن ال َ ّ‬

‫فصل هذا حكم من ثبت عليه ذلك‬ ‫‪٥.٢.٢‬‬

‫أ ْوجَب عَلَى المُرْت َد فِي الم َر ّة الأولى أدب ًا إذ َا رجع و َه ُو عَلَى مَذْه َب م َال ِك و َال َ ّ‬
‫شافِعِيّ و َالـكوفي‬
‫فصل هَذ َا حكم من ثبت عَلَي ْه ذَل ِك بِمَا يجب ثبوته من إقرار أَ و عدول لَم يدفع ف ِيه ِم ف َأَ َمّا من لَم تَت ِم ّ ال َش ّه َاد َة عليه بِمَا شَه ِد عَلَي ْه ال ْوَاحِد أَ و‬
‫الل ّف ِيف م ِن َ‬
‫الن ّاس أَ و ثَب َت قَو ْلُه لـَكِن احْ تم َل و َلَم يَكُن صر يحا وَكَذَل ِك إن تاب عَلَى القَو ْل بقبول توبته فَهَذ َا يدرأ عَن ْه القَت ْل ويتسلط‬ ‫َ‬
‫عَلَي ْه اجتهاد ال ِْإم َام بقدر شهرة حاله وقوة ال َش ّه َاد َة عَلَي ْه وضعفها وكثرة السماع عَن ْه وصوره حاله م ِن التهمة فِي الدين والنبر بالسفه والمجون‬
‫فَم َن قوي أمره أذاقه من شديد النكال م ِن التضييق فِي السجن والشد فِي القيود إلى العاية َال ّتِي هِي منتهى طاقته م َِم ّا ل َا يمنعه القيام‬
‫ل من وجب عَلَي ْه القَت ْل لـَكِن وقف ع َن قتله لمعنى أوجبه وتربص ب ِه لإشكال وعائق‬
‫لضرورته وَل َا يقعده ع َن صلاته و َه ُو حكم ك ُ ّ‬
‫اقتضاه أمره وحالات الشدة فِي نكاله تختلف بحسب اخْ ت ِلَاف حاله و َق َد رَو َى ال ْوَلِيد ع َن مالك والْأَ وز َاعِ يّ أَ نَها رِ َدّة ف َِإذ َا تاب نكل‬
‫ولمالك فِي العتبية وكتاب مُحَم ّد من رِو َايَة أشهب إذ َا تاب‬
‫__________‬
‫)قوله والنبر( بالنون المفتوحة والموحدة الساكنة والراء مصدر نبره ينبره نبرا أي لقنه )*(‬

‫فصل هذا حكم المسلم فأما الذمي‬ ‫‪٥.٢.٣‬‬

‫س َل ّم فشهد عَلَي ْه شاهدان عدل أحَد ُهُمَا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َب َ‬ ‫المرتد فَلَا عقوبة عَلَي ْه وقاله سُ ح ْن ُون وأفتى أَ بُو عَب ْد َ‬
‫الل ّه بن عتاب ف ِيم َن س ّ‬
‫بالأدب الموجع والتنكيل والسجن الطو يل ح ََت ّى تظهر توبته و َقَال القابسي فِي مِث ْل هَذ َا وَم ِن ك َان أقصى أمره القتل فعاق عائ ِق أشْ ك َل‬
‫سجْ ن و َيُسْتَطَال سِ ج ْن ُه و َلَو ك َان ف ِيه م ِن الم َُ ّدة م َا عسى أَ ّ‬
‫ن يُق ِيم ويُحْم َل عَلَي ْه م ِن القَي ْد م َا يُط ِيق و َقَال فِي‬ ‫فِي القَت ْل لَم يَن ْب َغ أن يُطْلَق م ِن ال َ ّ‬

‫يج ِب عَلَي ْه‪ ،‬و َقَال فِي مَسْأَ لَة ُأ ْ‬


‫خر َى مِث ْلِه َا وَل َا تُه ْرَاق‬ ‫ش ً ّدا و َيُض ََي ّق عَلَي ْه فِي السّجْ ن ح ََت ّى يُنْظَر ف ِيم َا َ‬
‫مِثْلِه م َِم ّن أشْ ك َل أمْرُه يُش َ ّد فِي الق ُي ُود َ‬
‫سو ْط والسّجْ ن نكال للسفهاء و يعاقب عقوبة شديدة ف َأَ َمّا إن لَم يشهد عَلَي ْه سوى شاهدين فأثبت‬ ‫الواضح و َفِي الأد َب بال ّ‬ ‫ِ‬ ‫الد ّماء إ َلّا بالأمْر‬
‫َف لِسُق ُوط الْحُكْم عَن ْه وكأنه لَم يُشْه َد عَلَي ْه إ َلّا أَ ن يَكُون‬
‫من عداوتهما أَ و جرحتهما م َا أسقطهما عَن ْه و َلَم ي ُ ْسم َع ذَل ِك من غَيْرِهِمَا ف َأمْرُه أخ ّ‬
‫م َِم ّن يَليق ب ِه ذَل ِك و َيَكُون الشاهدان من أَ ه ْل َ‬
‫الت ّبْر ِيز فأسْ قَطَه ُما بِع َداو َة فَه ُو و َإن لَم ينفذ الحكم عليه بشهادتهما فَلَا يدفع الظن صدقهما‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٧‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫وللحاكم ه ُنَا فِي تنكيله موضع اجتهاد والل ّٰه ولي الإرشاد‬
‫صف َه بغير الوَجْه ال َ ّذ ِي َ‬
‫كف َر ب ِه فَلَا خِلَاف عِنْد َن َا‬ ‫فصل هَذ َا حُكْم المسلم ف َأَ َمّا ال َذ ّمّيّ إذ َا ص َ َرّح بِس َب ّه أَ و ع َّرض أَ و اسْ تَخ ّ‬
‫َف بِق َ ْدرِه أَ و و َ َ‬
‫فِي قتله إن‬
‫__________‬
‫)قوله عتاب( بفتح العين المهمة وتشديد المثناة الفوقية )*(‬
‫والث ّوْرِيّ وأت ْباعَه ُما من أَ ه ْل الـكُوف َة ف َِإ َ ّنه ُم قَالُوا ل َا يُقْت َل‬
‫لَم يُسْلم لأنا لَم نُعْط ِه ال َذ ّ َمّة أَ و العَهْد عَلَى هَذ َا و َه ُو قَو ْل عامّة ال ْع ُلمَاء إ َلّا أَ ب َا حَن ِيف َة َ‬
‫ل بَعْض شُي ُوخنا عَلَى قَتْلِه بِقَو ْلِه تَع َالَى )و َِإ ْن نَكَث ُوا أَ يْمَانَه ُ ْم م ِنْ بَعْدِ ع َ ْهدِه ِ ْم‬
‫ن م َا ه ُو عَلَي ْه م ِن الشّرْك أعظم و َلـَكِن يُؤْدّب و يعذر واسْ تَد َ ّ‬
‫ل ِأَ ّ‬
‫س َل ّم لابن الأشْر َف وأشْ باه ِه ولأ َن ّا لَم نُعاهِدْه ُم و َلَم نُعْطِه ِم ال َذ ّمّة‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ل أيْضًا عَلَي ْه بِقَت ْل َ‬
‫وَطَع َن ُوا فِي دينكم( الآيَة‪ ،‬و َيُسْتَد َ ّ‬
‫عَلَى هَذ َا وَل َا يَج ُوز لَنَا أن ن َ ْفع َل ذَل ِك مَعَه ُم ف َِإذ َا أتَو ْا م َا لَم يُعْطَو ْا عَلَي ْه العَهْد وَل َا الذ ّ َمّة فَق َد نَقَضُوا ذِ َمّتَه ُم وصار ُوا ُ‬
‫كفّار ًا أَ ه ْل حَرْب‬
‫ن ذِ َمّتَه ُم ل َا تُسْقط ح ُدود ال ِْإسْ لَام عَنْه ُم م ِن القَطْع فِي سَرِق َة أمْوالِه ِم والقَت ْل لم َِن قَتَلُوه مِنْه ُم و َِإ ّ‬
‫ن ك َان ذَل ِك‬ ‫يُقْتَلُون لـِكُ ْفرِه ِم وأيضًا ف َِإ ّ‬
‫س َل ّم يقتلون ب ِه ووردت لأصحابنا ظواهر تقتضي الخ ِلَاف إذ َا ذكره الذمي بالوجه ال َ ّذ ِي‬ ‫حلال ًا عندهم فكذلك سبهم للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫كفر ب ِه ستقف عَلَيْهَا من ك َلَام ابن الْق َاسِم و َاب ْن سُ ح ْن ُون بَعْد وَح َك َى أَ بُو المصعب الخ ِلَاف ف ِيهَا ع َن أصحابه المدنيېن واختلفوا إذ َا سبه ث ُم ّ‬
‫ن ال ِْإسْ لَام يجب م َا قبله بخلاف المسلم إذ َا سبه ثم ناب لأنا نعلم باطنة الكافر فِي بغضه لَه وتنقصه‬
‫أسلم فَق ِيل‪ ،‬يسقط إسلامه قتله ل ِأَ ّ‬
‫بقلبه لكنا منعناه من إظهاره فَلَم يزدنا م َا أظهره إ َلّا مخالفة للأمر ونقضًا للعهد ف َِإذ َا رجع ع َن دينه الأوّل ِإلَى ال ِْإسْ لَام سقط م َا قبله‪،‬‬
‫سل ِم بخلافه‬
‫ف( والم ُ ْ‬
‫كف َر ُوا ِإ ْن يَنْتَه ُوا يُغْفَر ْ لَه ُ ْم م َا ق َ ْد سَل َ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )قُلْ ل َِل ّذ ِي َ‬
‫ن َ‬ ‫قَال َ‬
‫ِإذ ك َان ظ َُن ّنا بِباطِن ِه حُكْم ظاهِرِه وخلاف م َا ب َدا مِن ْه الآن فَلَم نَقْب َل بَعْد رُجُوع َه وَل َا اسْ تَنَمْنا ِإلَى باطِن ِه إذ ق َد بدت سرائره وما ثَبت‬
‫س َل ّم وَجَب عَلَي ْه‬ ‫للن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الساب قتله ل ِأَ َن ّه حَقّ َ‬
‫ّ‬ ‫عَلَي ْه م ِن الأحْكام باقية عَلَي ْه لَم يسقطها شئ و َق ِيل ل َا يُسْقط إسلام ال َذ ّمّيّ‬
‫لانْتَهاك ِه حُرْمته وق َصْ دِه إلْحَاق َ‬
‫الن ّق ِيصَة والمَع َر ّة ب ِه فَلَم يَكُن رُجُوع ُه ِإلَى ال ِْإسْ لَام بالذي ي ُ ْسقِط ُه‬
‫كَمَا وجب عَلَي ْه من حقوق ال ْمُسْل ِمِين من قَب ْل إسْ لام ِه من قَت ْل و َقَذْف و َإذ َا ك َُن ّا ل َا نَقْب َل تَو ْبَة المسلم فَأ ِ ّ‬
‫ن ل َا نقبل توبة الكافر أولى‪.‬‬
‫جش ُون و َاب ْن عَب ْد الحَك َم وأصْ ب َغ ف ِيم َن شَتَم نَب ِي ّنا من أَ ه ْل الذ ّ َمّة أَ و أَ حَدًا‬
‫قَال م َال ِك فِي ك ِتَاب ابن حبيب المبسوط و َاب ْن الْق َاسِم و َاب ْن الما ِ‬
‫سلَام قتل إ َلّا أَ ن يُسْلم و َقَالَه ابن الْق َاسِم فِي العتبية وعند مُحَم ّد و َاب ْن سُ ح ْن ُون و َقَال سُ ح ْن ُون وأصبغ ل َا يقال لَه أسلم وَل َا‬
‫م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء عَلَيْه ِم ال َ ّ‬
‫صحَاب م َال ِك َأن ّه قَال من سب رسول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أَ و غَيْر ِه‬
‫ل َا تسلم و َلـَكِن إن أسلم فَذ َل ِك لَه توبة و َفِي ك ِتَاب مُحَم ّد أَ خْبَر َن َا أَ ْ‬
‫سل ِم أَ و كافر قُت ِل و َلَم يُسْتَت َب وَر ُوي لَنَا ع َن م َال ِك إ َلّا أن ي ُ ْسل ِم الكافر و َق َد رَو َى ابن وَه ْب ع َن ابن عمر أَ ّ‬
‫ن ر َاه ِبًا تَنَاو َل‬ ‫م ِن َ‬
‫الن ّب ِيّين من م ُ ْ‬
‫ن مُحَم ّدًا لَم يُرْسَل ِإلَي ْنَا َإن ّمَا أرسل ِإلَيْك ُم‬
‫س َل ّم فَق َال ابن ع ُم َر فَه َلا قتلتموه وَرَو َى ع ِيس َى ع َن ابن الْق َاسِم فِي ذمي قَال إ ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫و َِإ َن ّمَا نبينا موسى أَ و ع ِيس َى ونحو هَذ َا ل َا شئ‬
‫__________‬
‫)قوله في كتاب محمد( هو أبو المواز )*(‬
‫الل ّه تَع َالَى أق ََر ّه ُم عَلَى مِثْله و َأَ َمّا إن س ََب ّه فَق َال لَي ْس بِنَبِيّ أَ و لَم يُرْسَل أَ و لَم يُنْز َل عَلَي ْه قُر ْآن وإنما هو شئ تقوله أَ و َ‬
‫نح ْو هَذ َا‬ ‫ن َ‬ ‫عَلَيْه ِم ل ِأَ ّ‬
‫الن ّصْر َانِيّ دِينُنَا خَي ْر من دِينِك ُم َإن ّمَا دِينُك ُم دِين ا ْلحم َِير ونحو هَذ َا م ِن القبيح أَ و سَم ِـع المؤذن يَق ُول أشهد أَ ّ‬
‫ن‬ ‫فَيُقْت َل قَال ابن الْق َاسِم و َإذ َا قَال َ‬
‫س َل ّم َ‬
‫شتْم ًا‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سجْ ن الطو يل قَال و َأَ َمّا إن شَتَم َ‬
‫الل ّه ففي هَذ َا الأدب المُوجِـع وال َ ّ‬
‫الل ّه فَق َال كَذَل ِك يعطيكم َ‬
‫مُحَم ّدًا رَسُول َ‬
‫يُعْر َف ف َ َإن ّه يقتل إ َلّا أَ ن ي ُ ْسل ِم قاله م َال ِك غَي ْر م َ َّرة و َلَم يقل يستتاب قَال ابن الْق َاسِم ومحمل قَو ْله عِنْدِي إن أسلم طائع ًا‪ ،‬و َقَال ابن سُ ح ْن ُون فِي‬
‫سؤالات سُلَيْم َان بن سالم فِي‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٨‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫جع َة م َع السجن الطو يل و َفِي النوادر من رِو َايَة سُ ح ْن ُون عَن ْه من شتم الْأَ ن ْب ِيَاء م ِن‬
‫اليهودي يقول لمؤذن إذ َا تَشَهّد كَذَب ْت يُع َاق َب العُق ُوبة المُو ِ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه عَلَي ْه‬ ‫َب َ‬‫الْيَه ُود والنصارى بغير الوجه الذي به كفروا ضرب عنقه إلا أن ي ُ ْسل ِم قَال مُحَم ّد ابن سُ ح ْن ُون فإن ق ِيل لَم قَتَل ْت َه في س ّ‬
‫س َل ّم وَم ِن دِينِه س ََب ّه وتكذيبه ق ِيل لأ َن ّا لَم نُعْطِه ِم العَهْد عَلَى ذَل ِك وَل َا عَلَى قَت ْلِنَا وأخْذ أمْوالِنَا ف َِإذ َا قَت َل واحدًا منا قتلناه وإن ك َان من‬
‫وَ َ‬
‫س َل ّم قَال سُ ح ْن ُون كَمَا لَو بذل لَنَا أَ ه ْل الْحَر ْب الْجز ْيَة عَلَى إق ْرَارِه ِم عَلَى س ََب ّه لَم يَج ُز‬ ‫دينه استحلاله فكذلك إظهاره لسب نبينا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫َب مِنْه ُم و يحل لَنَا دمه وكما لَم يُح َصّ ن ال ِْإسْ لَام من س ََب ّه م ِن القَت ْل كَذَل ِك ل َا تُح َصّ ن ُه‬
‫لَنَا ذَل ِك فِي قَو ْل قائل كَذَل ِك ي ْنَتَق ِض عهد من س ّ‬
‫الذ ّ َمّة قَال الْق َاض ِي أَ بُو‬
‫ل عَلَى َأن ّه‬ ‫مخَال ِف لِقَو ْل ابن الْق َاسِم ف ِيم َا خ َ ّفف عُق ُوبَتَه ُم ف ِيه م َِم ّا ب ِه َ‬
‫كف ُروا فَت َأمّل ْه و َيَد ُ ّ‬ ‫الْف َضْ ل م َا ذَك َر َه ابن سُ ح ْن ُون ع َن نفسه وَع َن أَ بِيه ُ‬

‫الز ّهْرِيّ قَال ُأتيت بنَِصْر َانِيّ قَال والذي اصْ طَفَى ع ِيس َى عَلَى مُحَم ّد فاخْ تُل ِف عَلَيّ‬
‫خِلَاف م َا رُوِي ع َن المدنيېن فِي ذَل ِك فحـ َكى أَ بُو المُصْ ع َب ُ‬

‫ف ِيه ف َض َر ب ْت ُه ح ََت ّى قَتَل ْت ُه أَ و عَاش يَوْم ًا و َلَيْلَة وأم َْرت من جر بِرِجْلِه وطُرح عَلَى ْ‬
‫مز بلََة ف َأَ ك َلَت ْه الكلاب وسئل أَ بُو المصعب ع َن نصراني قَال‬
‫يخـبر ُكُم َأن ّه فِي الجنة ماله لم‬ ‫ع ِيس َى خلق مُحَم ّدًا فَق َال يُقْت َل و َقَال ابن الْق َاسِم سَألنا مالك ًا ع َن نَصْر َانِيّ بِمِص ْر شُه ِد عَلَي ْه َأن ّه قَال م ِ ْ‬
‫سكِين مُحَم ّد ُ‬
‫ينفع ن َ ْفسَه ِإذ ك َان َت الكلاب ت َأْ ك ُل سَاقَي ْه لَو قَتَلُوه اسْ تَر َاح مِن ْه َ‬
‫الن ّاس قَال م َال ِك أر َى أَ ن تُضْر َب ع ُنُق ُه قَال و َلَق َد كدت أن ل َا أتكلم‬
‫س َل ّم م ِن الْيَه ُود والنّصَار َى‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ف ِيهَا بشئ ث ُم ّ ر َأَ ي ْت َأن ّه ل َا يسعني الصمت قَال ابن كنانة فِي المبسوطة من شتم َ‬
‫ف َأرى للإمام أَ ن يحرقه بالنار و َِإن شَاء قَتَله ث ُم ّ حَر َق جثته و َِإن شَاء أحرقه بالنار ح ًَي ّا إذ َا تهافتوا فِي سبه و َلَق َد كُت ِب ِإلَى م َال ِك من مصر‬
‫الل ّه وأكتب ث ُم ّ يحرق‬
‫وَذَك َر مسألة ابن الْق َاسِم المُتَق َ ّدم َة قَال فأم َرَنِي م َال ِك فَكَتَب ْت بأن يقتل وتضرب عنقه فَكَتَب ْت ث ُم ّ قلُ ْت ي َا أَ ب َا عَب ْد َ‬
‫بالنار فَق َال َإن ّه لحقيق بِذَل ِك وَم َا أولاه ب ِه فكتبته بيدي بَي ْن يديه فَمَا أن ْك َر َه وَل َا عَابَه ونفذت الصحيفة بِذَل ِك فَق ُت ِل وحرق‪ ،‬وأفنى عبيد‬
‫يح ْي َى و َاب ْن لُبَابَة فِي جَمَاع َة‬
‫الل ّه بن َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)قوله على مزبلة( بفتح الميم وٺثليث الموحدة )*(‬

‫فصل في ميراث من قتل في سب النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وغسله والصلاة عليه‬ ‫‪٥.٢.٤‬‬

‫الر ّبُوبيِ ّة ونُب ُ َو ّة ع ِيس َى لل ّٰه وتَكْذِيب مُح َم ّد فِي ُ‬


‫الن ّب َُو ّة وبق َب ُول إسْ لَامِهَا وَدَرْء القَت ْل عَنْهَا ب ِه‬ ‫سلف أصحابنا الأنْد َلُسِيّين بِقَت ْل نَصْر َانيِ ّة اسْ تَه ْل ّت بنفي ُ‬
‫سل ِم أَ و ك َاف ِر‬
‫الل ّه وَرَسُولَه من م ُ ْ‬
‫َب َ‬‫ي و َاب ْن الْك َات ِب‪ ،‬و َقَال أَ بُو الْق َاسِم ابن الجلَ ّاب فِي ك ِتاب ِه من س ّ‬
‫خر ِين‪ ،‬مِنْه ُم الق َاب ِس ِ ّ‬
‫ل غَي ْر و َاحِد م ِن المُت َأَ ّ‬
‫قَا َ‬
‫قُت ِل وَل َا يُسْتَتَاب وَح َكى الْق َاض ِي أَ بُو مُحَم ّد فِي ال َذ ّمّيّ يَس ّ‬
‫ُب ث ُم ّ ي ُ ْسل ِم رِو َايَتَي ْن فِي دَرْء القَت ْل عَن ْه بإسْ لَام ِه‪ ،‬و َقَال ابن سُ ح ْن ُون وح ّد القَذْف‬
‫الل ّه ف َأَ َمّا ح َ ّد القَذْف فَحَقّ لِل ْع ِبَاد ك َان ذَل ِك لِن َبيّ‬
‫حق ُوق الع ِبَاد ل َا يُسْقط ُه ع َن ال َذ ّمّيّ إسْ لَام ُه و َِإ َن ّمَا ي َ ْسق ُط عَن ْه بإسْ لَام ِه حُد ُود َ‬
‫شبْه ُه من ُ‬
‫و ِ‬
‫س َل ّم ث ُم ّ أسْ لَم ح َد الْقَذْف و َلـَكِن انْظ ُر ماذا َ‬
‫يج ِب عَلَي ْه ه َل ح َ ّد القَذْف فِي حَقّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫أَ و غَيْر ِه فأ ْوجَب عَلَى ال َذ ّمّيّ إذ َا قَذ َف َ‬
‫س َل ّم عَلَى غيره أم هل يسقط القَت ْل بإسلامه و يحد ثمانين فتأمله‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫س َل ّم و َه ُو القَت ْل ل ِزي َاد َة ح ُ ْرم َة َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫س َل ّم وغسله والصلاة عَلَي ْه‬
‫َب النبي صلى الل ّٰه عَلَي ْه و َ َ‬
‫فصل فِي ميراث من قتل فِي س ّ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم‬
‫َب َ‬‫اخْ تُل ِف العلماء فِي مير َاث من قُت ِل بس ّ‬
‫__________‬
‫)قوله استهلت( أي رفعت صوتها )*(‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم كفر يشبه كفر الزّنْدِيق‪ ،‬و َقَال أَ صْ ب َغ م ِير َاثُه ل ِوَر َثَتِه‬ ‫شت ْم َ‬
‫فَذَه ِب سُ ح ْن ُون ِإلَى َأن ّه ِلجمَاع َة ال ْمُسْل ِمِين من ق ِب َل أَ ن َ‬
‫ل حال وَل َا يستتاب‪ ،‬قَال أَ بُو الْحَسَن‬
‫م ِن ال ْمُسْل ِمِين إن ك َان مُسْتَس ِرا بِذَل ِك وإن ك َان م ُ ْظه ِرًا لَه مستهلا ب ِه فميراثه للمسلمين و يقتل عَلَى ك ُ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٨٩‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫القابسي‪) :‬إن قتل و َه ُو منكر للشهادة عَلَي ْه فالحكم فِي ميراثه عَلَى م َا أظهر من إقراره يَعْنِي لورثته والقتل حد ثبت عَلَي ْه لِيس من الميراث‬
‫في شئ وَكَذَل ِك لَو أقر بالسب وأظهر َ‬
‫الت ّو ْبَة لقتل ِإذ ه ُو حده وحكمه فِي ميراثه وسائر أحكامه حكم ال ِْإسْ لَام و َلَو أقر بالسب وتمادى‬
‫عَلَي ْه وأبى َ‬
‫الت ّو ْبَة مِن ْه فقتل عَلَى ذَل ِك ك َان كافرًا وميراثه لل ْمُسْل ِمِين وَل َا يغسل وَل َا يصلى عَلَي ْه وَل َا يكفن وتستر عورته و يوارى كَمَا يفعل‬
‫شي ْخ أَ بِي الحسن فِي المجاهر المتمادي بَي ْن ل َا يمكن الخ ِلَاف ف ِيه ل ِأَ َن ّه كافر مرتد غَي ْر تائب وَل َا مقلع و َه ُو مِث ْل قَو ْل أَ صْ ب َغ‬
‫بالـكفار وقول ال َ ّ‬
‫وَكَذَل ِك فِي ك ِتَاب ابن سُ ح ْن ُون فِي الزّنْدِيق يتمادى عَلَى قَو ْلِه‪ ،‬وَمِثْلُه لابن الْق َاسِم فِي العُت ْبي ّة وِ ِلجم ََاع َة من أَ ْ‬
‫صحَاب م َال ِك فِي ك ِتَاب ابن حَبيب‬
‫كفْر َه مِثْلُه‪ ،‬قَال ابن الْق َاسِم وح ُ ْ‬
‫كم ُه حُكْم ال ْمُرْت َ ّد ل َا تَر ِثُه م ِن ال ْمُسْل ِمِين وَل َا من أَ ه ْل الد ّين ال َ ّذ ِي ارْت َد إلي ْه وَل َا يَج ُوز و َصاياه‬ ‫ف ِيم َن أع ْلَن ُ‬
‫ل ب َِالت ّو ْبَة فَلَا‬
‫الز ّنْدِيق ال َ ّذ ِي ي َ ْستَه ِ ّ‬
‫يخ ْتَلَف فِي ميراث َ‬
‫وَل َا عِتْق ُه‪ ،‬و َقَالَه أَ صْ ب َغ قُت ِل عَلَى ذَل ِك أَ و مات عَلَي ْه و َقَال أَ بُو مُحَم ّد بن أَ بِي زيد و َِإ َن ّمَا ُ‬
‫تُقْب َل مِن ْه ف َأَ َمّا المُتَم َادِي فَلَا خِلَاف َأن ّه ل َا يُور َث‪ ،‬و َقَال‬
‫الل ّه تَع َالَى ث ُم ّ مات و َلَم تُع َ َ ّدل عَلَي ْه بَي ّن َه أَ و لَم تُقْب َل َإن ّه يُصَلَ ّى عَلَي ْه‪ ،‬وَرَو َى أَ صْ ب َغ ع َن ابن الْق َاسِم فِي ك ِتَاب ابن حبيب‬
‫َب َ‬‫أَ بُو مُحَم ّد فيم َن س ّ‬
‫ف ِيم َن ك َ َذّب برَسُول الل ّٰه صلى الل ّٰه عليه وسلم أَ و أع ْلَن دِينًا م َِم ّا يُف َارِق ب ِه ال ِْإسْ لَام أ ّ‬
‫ن ميراثه لل ْمُسْل ِمِين‪ ،‬و َقَال‪ :‬بقول مالك إن م ِيراث‬
‫الل ّه عَن ْه‬ ‫المُرْت َد لل ْمُسْل ِمِين وَل َا تَر ِثُه وَر َثَت ُه ر َبيِع َة و َال َ ّ‬
‫شافِعِيّ و َأَ بُو ثَو ْر و َاب ْن أَ بِي لَيْلَى واختلف ف ِيه ع َن أَ حْم َد و َقَال عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب رَض ِي َ‬
‫و َاب ْن مَسْع ُود وابن المسيب والحسن والشعبى وعمر بن عبد العزيز والحكم والأوزاعي والليث وإسحاق و َأَ بُو حنيفة يَر ِثُه ورثت ُه م ِن ال ْمُسْل ِمِين‬
‫حسَن بين وهو على رأي‬
‫و َق ِيل ذَل ِك ف ِيم َا كسبه قَب ْل ارْتِدادِه وَم َا كسبه فِي الارتداد فَلِل ْمُسْل ِمِين وتفصيل أَ بِي الْحَسَن فِي باقي جوابه َ‬
‫أَ صْ ب َغ وخلاف قَو ْل سُ ح ْن ُون واختلافهما عَلَى قولي م َال ِك فِي ميراث الزّنْدِيق فمرة ورثه ورثته م ِن ال ْمُسْل ِمِين قامت عَلَي ْه بِذَل ِك بَي ّن َة فأن ْك َر َها‬
‫الت ّو ْبَة‪ ،‬وقاله أَ صْ ب َغ و َمُحَم ّد بن مَسْلَم َة و َغَي ْر واحِد من أصحابه ل ِأَ َن ّه م ُ ْظه ِر للإسلام بإن ْكاره أَ و تَو ْبَتِه وَح ُ ْ‬
‫كم ُه حُكْم‬ ‫أو اع ْتَر َف بِذَل ِك وأظْ ه َر َ‬
‫المنافقين الذين‬
‫__________‬
‫)قوله أم لم تقتل( بضم المثناة الفوقية أوله )قوله ربيعة( هو ابن أبى عبد الرحمن واسم أبى عبد الرحمن فروخ مولى المنكدر قَال م َال ِك‬
‫ن عَل ِ ِيّ ب ْ ِن الْحُسَيْنِ وابنه محمد كانا يجلسان في حلقته استقدمه أبو العباس السفاح‬ ‫رَحِم َه الل ّٰه ذهبت حلاوة الفقه منذ مات أَ بُو َ‬
‫جعْفَرٍ مُحَم ّد ُ ب ْ ُ‬
‫إلى الأنبار لتوليته القضاء فلم يفعل‪.‬‬
‫توفى سنة ست وثلاثين ومائة )*(‬

‫‪ ٥.٣‬الباب الثالث في حكم من سب الل ّٰه تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم وأزواجه‬
‫وصحبه‬
‫ن م َالَه تَب َع لِدَم ِه‪،‬‬ ‫س َل ّم وَرَو َى ابن ناف ِـع عَن ْه فِي العُت ْبية وكتاب مُحَم ّد أَ ّ‬
‫ن ميراثَه ِلجم ََاع َة ال ْمُسْل ِمِين ل ِأَ ّ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ك َانُوا عَلَى عهد رَسُول َ‬
‫و َقَال ب ِه أيضًا جَمَاع َة من أصحابه‪ ،‬وقاله أشه َب والمُغ ِير َة وَع َب ُد ال ْمَلِك و َمُحَم ّد‪ ،‬وسُ ح ْن ُون‬
‫وَذ َه َب ابن قاسم فِي العُت َْبي ّة ِإلَى َأن ّه إن اعتَر َف بِمَا شُه ِد عَلَي ْه ب ِه وتاب فَق ُتل فَلَا يُور َث وإن لم يُقر ّ ح ََت ّى مات أَ و قُت ِل وُرّث‪ ،‬قَال وَكَذَل ِك‬
‫س َل ّم فَيُقْت َل ه َل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ُب َ‬‫كفْرًا ف َِإ َ ّنه ُم يَت َوار َثُون بوِراثَة ال ِْإسْ لَام وسُئ ِل أَ بُو الْق َاسِم بن الكات ِب ع َن النصراني يَس ّ‬
‫ل من أسَرّ ُ‬
‫كُ ّ‬
‫يَر ِثُه أَ ه ْل دينِه أم ال ْمُسْل ِم ُون ف َأَ ج َاب َأن ّه لل ْمُسْل ِمِين لَي ْس عَلَى جه َة الْمِيراث ل ِأَ َن ّه ل َا تَوار ُث بَي ْن أَ ه ْل مل ّتَي ْن و َلـَكِن ل ِأَ َن ّه من فَيئِه ِم لنَقْضِ ه‬
‫العَهْد هَذ َا مَعْن َي قَو ْلِه واخْ تصار ُه‬
‫س َل ّم وأزواجه وصحبه‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه تَع َالَى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل َ‬
‫َب َ‬‫ال ْبَاب الثالث فِي حكم من س ّ‬
‫الل ّه تَع َالَى من ال ْمُسْل ِمِين كافر حلال الد ّم واختلف فِي است ِتَابته فَق َال ابن الْق َاسِم فِي ال ْمَبْس ُوط و َفِي ك ِتَاب ابن سُ ح ْن ُون‬
‫ساب َ‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫ل َا خِلَاف أَ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٠‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫الل ّه تَع َالَى م ِن ال ْمُسْل ِمِين قُتل و َلَم يُسْتَت َب إ َلّا أن يَكُون اف ْتراء عَلَى َ‬
‫الل ّه‬ ‫َب َ‬‫و َمُحَم ّد وَرَو َاه ابن الْق َاسِم ع َن م َال ِك فِي ك ِتَاب ِإ ْسحَاق بن يحى يمن س ّ‬
‫بارْتداده ِإلَى دِين دان ب ِه وأظْ ه َر َه فَيُسْتَتَاب وإن لَم ي ُ ْظهِر ْه لَم يُسْتَتب‪ ،‬و َقَال فِي ال ْمَبْس ُوطَة مُطَر ّف‬
‫ّب ح ََت ّى يستتاب وَكَذَل ِك اليَه ُودِيّ والنّصْر َانِيّ فإن‬
‫وَع َب ُد ال ْمَلك مِثْلُه‪ ،‬و َقَال ال ْم َخْ ز ُو ِميّ و َمُحَم ّد بن مَسْلَم َة و َاب ْن أبي حازم لا يقتل الملم بالس ّ‬

‫تابُوا قبل مِنْه ُم وإن لَم يَت ُوبُوا قُتلوا وَل َا بُد م ِن الاسْ ت ِتابَة وَذَل ِك كُل ّه كالرّدّة و َه ُو ال َ ّذ ِي ح َكاه الْق َاض ِي ابن نَص ْر ع َن المَذْه َب وأف ْتى أَ بُو مُحَم ّد‬
‫ل ل ِساني فَق َال يقتل بظاهر كفره وَل َا‬ ‫الل ّه فَق َال َإن ّمَا أردْت أن الْع َن ال َ ّ‬
‫شيْطَان ف َز َ ّ‬ ‫بن أَ بِي زيد ف ِيم َا حُكِي عَن ْه فِي رَج ُل لَع َن رَج ُل ًا و َلَعن َ‬
‫يقبل عذره و َأَ َمّا ف ِيم َا‬
‫الت ّب َُر ّم‬
‫الل ّه تَع َالَى فمعذور واختلف فُقَه َاء قُرْطُب َة فِي مسالة هارون ابن حبيب أخي عَب ْد الْملك الْفَق ِيه وَك َان ضَي ّق الصّ دْر كثير َ‬
‫بينه و َبَي ْن َ‬
‫وَك َان ق َد شُه ِد عَلَي ْه ب ِشَه َاد َات مِنْهَا َأن ّه قَال عِن ْد اسْ ت ِلاله من مرض لقيت فِي م َرَضي هَذ َا م َا لَو قَتَل ْت أَ ب َا بَك ْر وعمر لَم استوجب هَذ َا كُل ّه‬
‫ن مضمن قَو ْله تجوير لل ّٰه تَع َالَى وتظلم مِن ْه والتعر يض ف ِيه كالتصريح وأفتى أخُوه عَب ْد ال ْمَلك بن‬
‫ف َأفتى إ ب ْر َاه ِيم ابن حسين بن خ َالِد بقتله و َأَ ّ‬
‫الت ّثْق ِيل فِي الحبَ ْس وال َ ّ‬
‫شدّة‬ ‫ن الْق َاض ِي ر َأى عَلَي ْه َ‬
‫حسَي ْن بن عاص ِم وسعيد بن سُلَيْم َان الْق َاض ِي بِطَر ْح القَت ْل عَن ْه إ َلّا أَ ّ‬
‫حَبيب ِوإب ْر َاه ِيم بن ُ‬

‫محْضَة لَم يتَع َل ّق بِهَا حَقّ ل ِغَي ْر َ‬


‫الل ّه‬ ‫الل ّه بالاستتابة َأن ّه ُ‬
‫كفْر وَرِدّة َ‬ ‫ساب َ‬
‫ّ‬ ‫فِي الأد َب لاحْ تمال كلامه وصرفه إلا َ‬
‫الت ّشك ّي ف َوَجّه من قَال فِي‬
‫الل ّه وإظْ ه َار الان ْتقال إلى دِين آخ َر م ِن الأدْيان المخَُالِف َة لِل ِْإسْ لَام‬
‫َب َ‬‫ف َأشْ ب َه ق َصْ د الـكُفْر بِغَي ْر س ّ‬
‫__________‬
‫)قوله كثير التبرم( بفتح المثناة الفوقية والموحدة مصدر تبرم بمعنى تشاءم )*(‬

‫فصل وأما من أضاف إلى الل ّٰه تعالى ما لا يليق به‬ ‫‪٥.٣.١‬‬

‫ن لسانه لَم ينطق ب ِه إ َلّا و َه ُو معتقد لَه ِإذ ل َا يَتَسَاه َل‬


‫وَوَجْه تَرْك اسْ ت ِتَابِته أنه لما َظه َر مِن ْه ذَل ِك بَعْد إظْ هار ال ِْإسْ لَام قَب ْل اتهمناه وظننا أَ ّ‬
‫ّب بِمَعْن َي الارْتِد َاد فَهَذ َا ق َد أع ْلَم َأن ّه خ َلَع‬ ‫فِي هَذ َا أَ ح َد فَحـُكِم لَه بحكم َ‬
‫الز ّنْدِيق و َلَم تُقْب َل توبته و َإذ َا ان ْتَق َل من دِين إلى دِين آخ َر وأظْ ه َر الس ّ‬
‫رِبْق َه ال ِْإسْ لَام من ع ُنُق ِه بِ خ ِلَاف الأوّل المستمسك ب ِه وحُكْم هَذ َا حُكْم المُرْت َد يُسْتَتَاب عَلَى مَشْه ُور م َذاه ِب أَ كْ ث َر ال ْع ُلمَاء و َه ُو مَذْه َب م َال ِك‬
‫وأصحابه عَلَى ما بَي ّنَاه قَب ْل وَذَكَر ْنا الخ ِلَاف فِي فُصُولِه‬
‫ب وَل َا الر ّ َدّة و َق َصْ د الـكُفْر و َلـَكِن عَلَى َطرِ يق َ‬
‫الت ّأْ وِ يل والاجْ تِهاد‬ ‫الل ّه تَع َالَى م َا ل َا يلَِيق ب ِه لَي ْس عَلَى طر يق ال َ ّ‬
‫س ّ‬ ‫فصل و َأَ َمّا من أضاف ِإلَى َ‬
‫صف َة كَمَال فَهَذ َا م َِم ّا اخْ تَلَف ال َ ّ‬
‫سلَف و َالْخل ََف فِي ت َ ْكف ِير قائِلِه ومُعْتقِدِه‬ ‫والخَطَإ الم ُ ْفض ِي ِإلَى ال ْه َو َى والبدع َة من تَشْبيه أَ و نَعْت بِ جارح َة أَ و نَفْي ِ‬
‫تحـ َي ّز ُوا ف ِئ َة و َأَ َ ّنه ُم يُسْتَتابُون فإن تابُوا و َِإ َلّا قُت ِلُوا و َِإ َن ّمَا اخْ تَلَف ُوا فِي المُنْفَرِد‬ ‫واخْ تَلف قَو ْل م َال ِك وأصحاب ِه فِي ذَل ِك و َلَم َ‬
‫يخ ْتِلِف ُوا فِي ق ِتالِه ِم إذ َا َ‬
‫مِنْه ُم فأكْ ث َر قَو ْل م َال ِك وأصحاب ِه تَرْك القَو ْل بتِ َ ْكف ِيرِه ِم وتَرْك قَت ْلِه ِم و َال ْمُبَالغ َة فِي عُق ُوبَتِه ِم وإطالَة سِ جْنِه ِم ح ََت ّى ي َ ْظه َر إق ْلاعُه ُم وتَسْتَبين تَو ْبَتُه ُم‬
‫كَمَا فعل‬
‫__________‬
‫)قوله ربقة الإسلام( بكسر الراء وسكون الموحدة أي أحكام الإسلام وأصل الربقة عروة في حبل يجعل في عنق البهيمة أو يدها‬
‫بمسكها )*(‬
‫جش ُون وقول سُ ح ْن ُون فِي جميع أَ ه ْل الأه ْوَاء‪ ،‬وبه فُس ّر‬
‫الل ّه عَن ْه بِصَب ِيغ و َهَذ َا قول مُحَم ّد بن المَو ّاز فِي الخَوارِج وَع َب ُد الملك بن الما ِ‬
‫ع ُم َر رَض ِي َ‬
‫قوله م َال ِك فِي المُو ََطّ إ وما رواه ع َن ع ُم َر بن عَب ْد الْعَزِيز وَج َ َ ّده وعمه من قولهم فِي القدر ية يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا‪ ،‬وقال عيسى بن‬
‫الل ّه يستتابون أظهروا‬
‫القاسم في أهل الأهواء من الإباضية والقدر ية وشبههم ممن خالف الجماعة من أهل البدع والتحر يف لتأو يل كتاب َ‬
‫ذلك أو أسروه فإن تابوا وإلا قتلوا وميراثهم لورثتهم‪ ،‬وقال مثله أيضا ابن القاسم في كتاب محمد في أهل القدر وغيرهم قال واستتابتهم‬
‫أن يقال لهم اتركوا ما أنتم عليه ومثله في المبسوط في الإباض َِي ّة و َالقَدَرِ َي ّة و َسائ ِر أَ ه ْل البِد َع قَال وه ُم مُسْل ِم ُون و َِإ َن ّمَا ل ِرأْ َ يِه ِم ال ُ ّ‬
‫سوء وبهذا‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩١‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫الل ّه لَم يُك َلّم م ُوس َى تَكْلِيم ًا اسْ تُتيب فإن تاب و َِإ َلّا قُتل( و َاب ْن حَب ِيب و َغَي ْره من‬
‫عمل عمر ابن عَب ْد الْعَزِيز‪ ،‬قَال ابن الْق َاسِم‪) :‬من قَال إن َ‬
‫أصحَابِنا يرى تكفيرهم‬
‫ْ‬
‫__________‬
‫)قوله بصبيغ( بفح الصاد المهملة وكسر الموحدة وفى آخره غين معجمة هو ابن عسل بكسر العين وسكون السين المهملتين قال يحيى‬
‫بن معين كان يتبع مشكل القرآن ويسأل عنه عمر فضربه عمر وأمر أن لا يجالس )قوله من الإباضية( بكسر الهمزة وتخفيف الموحدة‬
‫والضاد المعجمة وتشديد المثناة أصحاب عبد الل ّٰه بن إباض التميمي الخارجي ظهر في زمن مروان بن محمد آخر بنى أمية وقيل في آخر‬
‫أمره‪ ،‬يزعمون أن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين يجوز قتالهم وغنيمة سلاحهم وكراعم عند الحرب دون غيره ودارهم دار‬
‫الإسلام إلا معسكر سلطانهم وتقبل شهادة مخالفيهم عليهم كذا في المواقف )‪(*) (٢ - ١٨‬‬
‫و َت َ ْكف ِير أمْثَالِه ِم م ِن الخَوَارِج و َالقَدَرِ َي ّة و َالمُرْجِئ َة‪ ،‬و َق َد رُوِي أيْضًا ع َن سُ ح ْن ُون مِثْلُه ف ِيم َن قَال لَي ْس لل ّٰه ك َلَام َأن ّه كافر واختلفت الروايات‬
‫ع َن م َال ِك ف َأطْ لَق فِي رِو َايَة الشام َِي ّين أَ بِي مُسْه ِر وَم َْرو َان بن مُحَم ّد الطاطِريّ ‪) :‬الـكُفْر عَلَيْه ِم( و َق َد شُووِر فِي ز َواج القَدَرِيّ فَق َال‪ :‬ل َا‬
‫الل ّه‬
‫شي ْئًا من ذات َ‬ ‫كفّار و َقَال من وَصَف َ‬ ‫ن خَيْر ٌ م ِنْ مشرك( وروى عند أيْضًا أَ ه ْل الأه ْواء ك ُُل ّه ُم ُ‬ ‫الل ّه تَع َالَى‪) :‬و َلَعَبْدٌ مُؤْم ِ ٌ‬
‫ت ُز َ ّوجْه( قَال َ‬
‫الل ّه بن َ ْفسِه و َقَال ف ِيم َن قَال الْقُر ْآن َ‬
‫مخ ْلُوق كافر فاق ْتُلُوه و َقَال‬ ‫جسَدِه ي َد أَ و سَم ْع أَ و بَص َر قُط ِـع ذَل ِك مِن ْه ل ِأَ َن ّه شَب ّه َ‬
‫تعالى وأشار إلى شئ من َ‬
‫يجْلَد و يوجع ضربا و يحبس ح ََت ّى يتوب و َفِي رِو َايَة ب ِش ْر بن بَك ْر التنيسي عَن ْه يقتل وَل َا تقبل توبته قَال الْق َاض ِي أَ بُو‬
‫أيْضًا فِي رِو َايَة ابن نافع ُ‬
‫الل ّه ُ‬
‫الت ّسْتَر ِيّ من أئ َِم ّة العراقيين جوابه مختلف يقتل المستبصر الداعية و َعَلَى‬ ‫الل ّه البرنكاني والقاضي أَ بُو عَب ْد َ‬
‫عَب ْد َ‬
‫__________‬
‫)قوله والقدر ية( هم طائفة ينكرون أن الل ّٰه قدر الأشياء في القدم وقد انقرضوا وصار القدر ية‬
‫لقبا للمعتزلة لإسنادهم أفعال العباد إلى قدرتهم وإنكارهم القدر فيها كذا في شرح مسلم للنووي )قوله والمرجئة( لقبوا بذلك لأنهم‬
‫يرجئون العمل عن النية أي يؤخرون في الرتبة عنها وعن الاعتقاد من أرجاء آخره وَمِن ْه ُ قَو ْلُه ُ تَع َالَى )أرجه وأخاه( أو لأنهم يقولون‬
‫لا تضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الـكفر طاعة فهم يعطلون الرجاء وعلى هذا ينبغى أن يهمز لفظ المرجئة كذا في المواقف‬
‫)قوله الطاطرى( بطائين مهملتين ثانيهما مفتوحة نسبة إلى نوع من الثياب البيض كان يبيعها )قوله بشر التنيسى( بشر بالموحدة والشين‬
‫المعجمة الساكنة والتنيسى بمثناة فوقية ونون مشددة مكسورة وسين مهملة نسبه إلى تنيس قر ية بقرب تونة وكلاهما بقرب دمياط وقد‬
‫أكلهما البحر وصارا بحـيرة ماء )قوله بقتل المستبصر( بقتل بالباء الموحدة في أوله )*(‬
‫شافِعِيّ ل َا يستتاب القدري وأكثر أقوال ال َ ّ‬
‫سلَف تكفيرهم‬ ‫الصّ لَاة خلفهم وَح َك َى ابن المنذر ع َن ال َ ّ‬
‫هَذ َا الخ ِلَاف اختلف قَو ْله فِي إعادة َ‬
‫الل ّي ْث وابن عيينة وبن لهيعة روى عَنْه ُم ذَل ِك ف ِيم َن قَال بخلق الْقُر ْآن وقاله ابن المُبَار َك والأودي ووكيع وحفص بن غياث‬ ‫وممن قَال ب ِه َ‬
‫و َأَ بُو ِإ ْسحَاق الفزارى؟ ؟ ؟ ؟ وعلي بن عاصم فِي آخرين وه ُو من قَو ْل أَ كْ ث َر ال ْم ُح َ ّدِثِينَ و َالْفُقَه َاء ِ و َال ْمُتَكَل ِّمِينَ فيهم وفى الخوارج والقدر ية‬
‫حن ْب َل وَكَذَل ِك قالوا فِي الوافقة والشاكة فِي هَذِه الأصول وممن رُوِي‬
‫و َأَ ه ْل الأهواء المضلة وأصحاب البدع المتأولين و َه ُو قَو ْل أَ حْم َد بن َ‬
‫عَن ْه مَعْن َي القَو ْل الآخر بترك تكفيرهم عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب و َاب ْن ع ُم َر والحسن ال ْبَصْرِيّ و َه ُو رأي جَمَاع َة م ِن الفُقَه َاء النظار والمتكلمين‬
‫الصّ ح َابَة والتابعين ورثة أَ ه ْل حروراء و َمن عرف بالقدر م َِم ّن مات مِنْه ُم ودفنهم فِي مقابر ال ْمُسْل ِمِين وجرى أحكام‬
‫واحتجوا بتوريث َ‬
‫ال ِْإسْ لَام عَلَيْه ِم‪ ،‬قَال‬
‫ِإسْمَاعِيل الْق َاض ِي وإنما قَال م َال ِك فِي القدر ية وسائر أَ ه ْل البدع يستتابون ف َِإن تابوا و َِإ َلّا قتلوا ل ِأَ َن ّه م ِن الفساد فِي الْأَ رْض كَمَا قَال فِي‬
‫المحارب إن ر َأَ ى الإمام قتله و َِإن لَم يقتل قتله وفساد المحارب َإن ّمَا ه ُو فِي الأموال‬
‫__________‬
‫بقتل بالباء الموحدة في أوله )قوله وحفص بن غياث( بالغين المعجمة المكسورة والمثناة التحتية الخفيفة )قوله حروراء( بفتح الحاء‬
‫المهملة والمد قر ية بقرب الـكوفة على ميلين فيها اجتمع الخوارج وتعاقدوا فنسبوا إليها )*(‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٢‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫فصل في تحقيق القول في إكفار المتأولين‬ ‫‪٥.٣.٢‬‬

‫ومصالح ال ُد ّن ْيَا و َِإن ك َان ق َد يدخل أيْضًا فِي أمر الد ّين من سبيل الحج والجهاد‪ ،‬وفساد أَ ه ْل البدع معظمه عَلَى الد ّين و َق َد يدخل فِي أمر‬

‫ال ُد ّن ْيَا بِمَا يلقون بَي ْن ال ْمُسْل ِمِين م ِن العداوة‬


‫صحَاب البدع و َالأه ْوَاء المُت َأوّلين م َِم ّن قَال قَو ْلا يُؤَدّيه‬ ‫فصل فِي تحقيق القَو ْل فِي إكف َار ال ْمُت َأوّلِين * ق َد ذَكَر ْن َا مذاهب ال َ ّ‬
‫سلَف فِي إكْ ف َار أَ ْ‬
‫صو ّب‬
‫كفْر ه ُو إذ َا و ُق ِف عَلَي ْه ل َا يَق ُول بِمَا يُؤَدّيه قَو ْله إلي ْه و َعَلَى اخْ ت ِلَافِه ِم اخْ تلف الفُقَه َاء والمُتَكَل ّم ُون فِي ذَل ِك فَمنه ُم من َ‬
‫مَسَاقُه ِإلَى ُ‬
‫جه ُم من سَوَاد ال ْمُؤْم ِنين و َه ُو قَو ْل أَ كْ ث َر الفُقَه َاء والمتكلمين وقالوا ه ُم‬
‫خر َا َ‬ ‫الت ّ ْكف ِير ال َ ّذ ِي قَال ب ِه الجم ُْه ُور م ِن ال َ ّ‬
‫سلَف وَمِنْه ُم من أباه و َلَم ي َر إ ْ‬
‫فُسّاق عُصَاة ضُل ّال ونُورّثُه ُم م ِن ال ْمُسْل ِمِين ونحْك ُم لَه ُم ب ِإحْكامهم ولهذا قَال سُ ح ْن ُون ل َا إعاد َة عَلَى من صَلَ ّى خ َلْفَه ُم قَال و َه ُو قَو ْل جميع‬
‫يخْرِجْه م ِن ال ِْإسْ لَام واضْ طَرب آخر ُون فِي ذَل ِك وَو َقَف ُوا ع َن القَو ْل‬ ‫صحَاب م َال ِك المُغ ِير َة و َاب ْن ك ِنَانَة و َأشْه َب قَال ل ِأَ َن ّه م ُ ْ‬
‫سل ِم وَذَن ْب ُه لَم ُ‬ ‫أَ ْ‬

‫نح ْو من هَذ َا ذهب الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر إمام‬ ‫ض َ ّده و َاختلاف قولي م َال ِك فِي ذَل ِك وتَو َُق ّف ُه ع َن إعَاد َة َ‬
‫الصّ لَاة خ َلْفَه ُم مِن ْه و َِإلَى َ‬ ‫َ‬
‫بالت ّ ْكف ِير أَ و ِ‬
‫أَ ه ْل الت ّحْ ق ِيق و َالْحَقّ و َقَال إ َ ّنهَا من ال ْمُعْوصات إذا الْقَو ْم لَم يُصَرّحُوا باسم‬
‫__________‬
‫)قوله المعوصات( بضم الميم وسكون العين المهملة وكسر الواو من التعو يض في المسائل وغيرها وهو استخراج ما يصعب معناه )*(‬
‫نح ْو اضْ ط ِرَاب قَو ْل إمامه م َال ِك بن أَ نَس ح ََت ّى قاله فِي بَعْض ك َلَامه إ َ ّنه ُم‬
‫الـكُفْر و َِإ َن ّمَا قَالُوا قَوْل ًا يُؤَدّي إلي ْه واضطرب قَو ْلِه فِي المسألة عَلَى َ‬

‫يخ ْتَلف فِي م ُوَار َثَتِه ِم عَلَى الخ ِلَاف فِي ميراث‬ ‫ل م ُنَاكَحَتُه ُم وَل َا أكْل ذ َب َائِ ح ِهم وَل َا َ‬
‫الصّ لَاة عَلَى م َيّتِه ِم و َ ُ‬ ‫تح ِ ّ‬ ‫كفّر َه ُم َ‬
‫بالت ّأْ و يل ل َا َ‬ ‫عَلَى ر َأْ ي من َ‬
‫المُرْت َد وقال أيضا نورث ميتهم ورثتهم م ِن ال ْمُسْل ِمِين وَل َا نورثهم من المسلمين وأكثر ميله إلى ترك الت ّ ْكف ِير بالمَآل وَكَذَل ِك اضْ طَر َب ف ِيه‬
‫حد َة و َه ُو الْجَهْل ب ِوُجُود ال ْبَارِي تَع َالَى و َقَال م َ َّرة م ِن‬ ‫ن الـكُفْر خَصْ لَة و َا ِ‬ ‫شيْخِه أَ بِي الْحَسَن الْأَ شْ عَرِيّ و َأكْ ث َر قَو ْلِه تَرْك الت ْكف ِير و َأَ ّ‬‫قَو ْل َ‬
‫الل ّه فِي أجْ وبَتِه‬
‫طر ُق فليس ب ِع َارِف ب ِه و َه ُو ك َاف ِر و َلِمِث ْل هَذ َا ذ َه َب أَ بُو المعالي رَحِم َه َ‬ ‫جس ْم أو المسِيح أَ و بَعْض من يلَْق َاه فِي ال ُ ّ‬ ‫الل ّه ِ‬
‫ن َ‬‫اعْتَق َد أَ ّ‬
‫سل ِم عَنْهَا عَظ ِيم فِي‬
‫خر َاج م ُ ْ‬
‫ن إ ْدخ َال كاف ِر فِي المل ِّة و َإ ْ‬
‫لأبي مُحَم ّد عَب ْد الْحَقّ وَك َان سَألَه ع َن المَسْألة فاعْتَذ َر لَه بأن الغَلَط ف ِيهَا يَصْ ع ُب ل ِأَ ّ‬
‫خطَر والخَطَأ‬
‫ن اسْ ت ِبَاح َة دِم َاء المُصَلّين المُوَحّدِين َ‬ ‫يج ِب الاحْتِر َاز م ِن الت ّ ْكف ِير فِي أَ ه ْل َ‬
‫الت ّأْ وِ يل ف َِإ ّ‬ ‫الد ّين وقال غَي ْر ُهُمَا م ِن المحُ َ ّقق ِين‪ :‬ال َ ّذ ِي َ‬
‫س َل ّم ف َِإذ َا قَالُوه َا يَعْنِي ال َش ّه َاد َة ع َ َ‬
‫صم ُوا‬ ‫سل ِم و َاحِد و َق َد قَال صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫جم َة من دم م ُ ْ‬
‫مح ْ َ‬
‫سفْك َ‬
‫فِي تَرْك أل ْف كاف ِر أه ْون م ِن الخَطَإ فِي َ‬
‫الل ّه ِ‬
‫حسَابُه ُ ْم عَلَى َ‬
‫م ِن ِ ّي دِم َاءَه ُ ْم وأموالهم إلا بححقها و َ ِ‬
‫__________‬
‫)قوله فِي أجْ وبَتِه لأبي مُحَم ّد عَب ْد الْحَقّ ( هو عن صاحب الأحكام لأن الإمام كانت وفاته قبل مولد عبد الحق صاحب الأحكام )قوله‬
‫محجمة( بكسر الميم الأولى هي قارورة الحجام )*(‬
‫فال ِعصْ م َة م َ ْقط ُوع بِهَا م َع ال َش ّه َاد َة وَل َا تَرْتَف ِـع و َيُسْتَبَاح خِلافُه َا إلا بقاطع ولا قاطع من شَرْع وَل َا ق ِيَاس عَلَي ْه وألفاظ الْأَ ح َادِيث ال ْوَارِد َة‬
‫الر ّافِضَة بال َش ّرْك وإطْ لاق َ‬
‫الل ّعْن َة‬ ‫فِي ال ْبَاب مُع ََر ّضة لَلتأو يل فَمَا ج َاء مِنْهَا فِي التّصْر ِيح بِكُفْر القَدَرِ َي ّة و َقَو ْله ل َا سَهْم لَه ُم فِي ال ِْإسْ لَام و َت َ ْسمِيَت ُه َ‬
‫يج ِيب الآخر َ‬
‫بأن ّه ق َد وَر َد مِث ْل هَذِه الألفاظ‬ ‫عَلَيْه ِم وَكَذَل ِك فِي الْخَوَارِج و َغَيْرِه ِم من أَ ه ْل الأه ْوَاء فَق َد يحت ْج بِهَا من يَق ُول َ‬
‫بالت ّ ْكف ِير و َق َد ُ‬
‫كفْر وإشْرِاك د ُون إشْر َاك و َق َد وَر َد مِثْلُه فِي الر ّياء وعُق ُوق الوالدين َ‬
‫والز ّوْج‬ ‫كفْر د ُون ُ‬ ‫كف َرة عَلَى طر يق َ‬
‫الت ّغْلِيظ و ُ‬ ‫فِي الْحَدِيث فِي غَي ْر الـ َ‬
‫ُ‬
‫والز ّور و َغَي ْر معصية و َإذ َا ك َان محتمل ًا للأمْرَ ي ْن فَلَا ي ُ ْقطَع عَلَى أح َدهمَا إ َلّا بِد َلِيل قاطِـع‪ ،‬و َقَو ْلُه فِي الخَوَارِج ه ُم من شَر ّ البَر َِي ّة و َهَذِه ِ‬
‫صف َة‬
‫تح ْت أدِيم ال َ ّ‬
‫سم َاء طُوبي لم َِن قَتَله ُم أَ و قَتَلُوه‪ ،‬و َقَال‪) :‬ف َِإذ َا وَجَدْتموه ُم فاقتلوهم قَت ْل عَاد( وظاه ِر هَذ َا الـكُفْر لا‬ ‫الـكُ َ ّفار‪ ،‬و َقَال شَرّ قَب ِيل َ‬
‫سيما م َع تَشْب ِيهِه ِم بِع َاد فَي َحْ ت َجّ ب ِه من ي َر َى تكفيرهم فيقول لَه الآخر َإن ّمَا ذَل ِك من قتلهم لخروجهم عَلَى ال ْمُسْل ِمِين وبغيهم عليهم بدليله م ِن‬
‫ل من حكم بقتله يحكم‬
‫الْحَدِيث نفسه يقتلون أَ ه ْل ال ِْإسْ لَام فقتلهم ههنا حد ل َا كفر وَذَك ْر عاد تشبيه للقتل وحله ل َا للمقتول و َلَي ْس ك ُ ّ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٣‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫الل ّه فَق َال لعله يصلي ف َِإن احتجوا بِقَو ْلِه صلى الل ّٰه عليه وسلم يقرؤن‬
‫بكفره و يعارضه بقول خ َالِد فِي الْحَدِيث دعني أضرب عنقه ي َا رَسُول َ‬
‫جر َه ُ ْم فأخبر‬
‫الْقُر ْآنَ ل َا يُجَاوِز ُ حَنَا ِ‬
‫الر ّمْيَة ِ ث َُم ّ ل َا يَع ُود ُونَ ِإلَيْه ِ ح ََت ّى يَع ُود َ ال َس ّ ْهم ُ عَلَى فَو ْقِه ِ(‬
‫ن َ‬ ‫ن الدين م ُرُوقَ ال َس ّ ْه ِم م ِ َ‬
‫ن ال ِْإ يمَان لَم يدخل قلوبهم وَكَذَل ِك قَو ْله )يَم ْر ُق ُونَ م ِ َ‬
‫أَ ّ‬
‫ن مَعْن َي ل َا يجاوز حناجرهم ل َا يفهمون معانيه‬ ‫وبقوله )سبق الفرث والدم( يدل عَلَى َأن ّه لَم يتعلق م ِن ال ِْإسْ لَام بشئ أجابه الآخرون أَ ّ‬
‫بقلوبهم وَل َا تنشرح لَه صدورهم وَل َا تعمل ب ِه جوارحهم وعارضوهم بِقَو ْلِه ويتمارى فِي الفوق و َهَذ َا يقتضي التشكك فِي حاله و َِإن‬
‫احتجوا بقول أَ بِي سَع ِيد الْخ ُ ْدرِي فِي هَذ َا الْحَدِيث‪.‬‬
‫ج فِي هَذِه ِ ا ْل ُأ َمّة ِ( و َلَم يقل )م ِنْ هَذِه ِ( وتحرير أَ بِي سَع ِيد الرّو َايَة وإتقانه َ‬
‫الل ّفْظ أجابهم‬ ‫س َل ّم يَق ُول‪َ :‬‬
‫يخ ْر ُ ُ‬ ‫الل ّه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫سَمِعْت رَسُول َ‬
‫الآخرون بأن العبارة بفي ل َا تقتضي تصر يحًا بكونهم من غَي ْر ا ْل ُأ َمّة بخلاف لفظه م ِن ‪َ -‬ال ّتِي هِي للتبعيض وكونهم م ِن ا ْل ُأ َمّة م َع َأن ّه ق َد‬

‫رُوِي ع َن أَ بِي ذَرّ وعلي وأبي أمامة و َغَيْرِه ِم في هَذ َا الْحَدِيث يخرج من ُأ َمّتِي‪ ،‬وسيكون من ُأ َمّتِي‪ ،‬وحروف المعاني مشتركة فَلَا تعو يل‬

‫عَلَى إخراجهم م ِن ا ْل ُأ َمّة؟ ؟ ؟ وَل َا عَلَى إدخالهم فيما بمن لـَكِن أَ ب َا سَع ِيد رَض ِي َ‬
‫الل ّه عَن ْه أجاد م َا شَاء فِي التّن ْب ِيه ال َ ّذ ِي نَب ّه عَلَي ْه و َهَذ َا‬
‫سع َة فقه َ‬
‫الصّ ح َابَة وتحقيقهم للمعاني واستنباطها م ِن الأل ْفاظ وتحْرِيرِه ِم لَهَا وتَو َق ّيه ِم فِي الرّو َايَة هَذِه المذاهب المَعْر ُوف َة لأهل‬ ‫م َِم ّا يَد ُ ّ‬
‫ل عَلَى ِ‬
‫السنة ولغيرهم‬
‫__________‬
‫)قوله من الرمية( أي المرمية من الصيد )قوله على فوقه( الفوق بضم الفاء موضع الوتر من السهم )قوله سبق الفرث والدم( أي مر‬
‫سر يعا فلم يعلق بشئ من دمها وفرثها )*(‬
‫م ِن الف ِر َق ف ِيهَا منالات كَث ِير َة م ُضْ طَرِبَة سَ خ ِيف َة أق ْر َبُهَا قَو ْل َ‬
‫جهْم و َمُحَم ّد‬
‫ل متأول كان تأوليه تَشْبيهًا لل ّٰه بَخَلْق ِه وتج ْوير ًا لَه فِي‬ ‫ن الـكُفْر بالل ّٰه الْجَهْل ب ِه ل َا ي َ ْكف ُر احد بغير ذَل ِك و َقَال أَ بُو الهُذ َي ْل إ ّ‬
‫ن كُ ّ‬ ‫ابن شبيب أَ ّ‬
‫الل ّه فَه ُو كافر و َقَال بَعْض المتكلمين إن ك َان م َِم ّن ع َّرف الأصْ ل وبنى‬
‫شي ْئًا قديمًا ل َا يُق َال لَه َ‬
‫ل من أث ْب َت َ‬
‫فِعْلِه وتَكْذِيبًا لِ خـَبَر ِه فَه ُو كاف ِر وك ُ ّ‬
‫الل ّه فَه ُو كافر وإن لَم يَكُن من هَذ َا ال ْبَاب ففاسق إ َلّا أن يَكُون م َِم ّن لَم يعرف الأصل فَه ُو مخطئ غَي ْر‬
‫عَلَي ْه وَك َان ف ِيم َا ه ُو من أوْصاف َ‬
‫الل ّه بن الْحَسَن العنبري ِإلَى تصويب أقوال المجتهدين فِي أصُول الد ّين ف ِيم َا ك َان ع ُْرضَة ل ِ َلت ّأْ وِ يل وفار َق فِي دلك ف ِر َق‬‫كافر وذهب ع ُبَي ْد َ‬
‫ن الْحَقّ فِي ُأصُول الد ّين فِي واحد والمخُْط ِئ ف ِيه آثم عاص فاسِق و َِإ َن ّمَا الخ ِلَاف فِي تكفيره و َق َد حكى الْق َاض ِي‬
‫ا ْل ُأ َمّة ِإذ أجْم َع ُوا سِواه عَلَى أَ ّ‬
‫الل ّه ع َن د َاو ُد الأَ صْ بَهَانِيّ و َقَال وحكى قوم عَنْهُم َا أَ َ ّنهُم َا قَال َا ذَل ِك فِي ك ُ ّ‬
‫ل من علم الل ّٰه سبحانه من حالِه‬ ‫أَ بُو بَك ْر ال ْبَاق َِل ّانِي مِث ْل قَو ْل ع ُبَي ْد َ‬
‫ن كثير ًا م ِن العامة والنساء والبلُ ْه‬
‫نح ْو هَذ َا القَو ْل الجاحظ وثمامة فِي أَ ّ‬
‫اسْ تِفْراغ ال ْو ُسْ ع فِي طَلَب الْحَقّ من أَ ه ْل م ِلّت ِنَا أَ و من غير هم و َقَال َ‬
‫ومُق َلّد َة النصارى واليهود‬
‫__________‬
‫)قوله ع َن د َاو ُد الأَ صْ بَهَانِيّ( هو إمام أهل الظاهر )قوله الجاحظ( هو عمرو بن بحر‪ ،‬إليه تنسب الجاحظية من المعتزلة‪ ،‬توفى سنة خمس‬
‫وخمسين ومائتين بالبصرة )قوله وثمامة( هو ابن اشر بن أبى معين التميرى قال الذهبي كان من كبار المعتزلة ورؤس الضلالة وكان له‬
‫أيضا اتصال بالرشيد ثم المأمون وكان ذا نوادر وملح )*(‬
‫و َغَيْرِه ِم ل َا حُ َ ج ّة لل ّٰه عَلَيْه ِم ِإذ لَم تَكُن لَه ُم طِباع يُم ْكن معها الاسْ تِدْلال و َق َد نحا الغزالي قريبًا من هَذ َا المَن ْحى فِي ك ِتَاب َ‬
‫الت ّ ْفرِق َة وقائ ِل هَذ َا‬
‫كُل ّه كافر بالإجْماع على كفر من لم يكذر أحدًا م ِن َ‬
‫الن ّصَار َى واليَه ُود‬
‫ك ْفرِه ِم فَم َن وقف‬
‫ن الت ّوق ِيف والإجْماع اتّفَق َا عَلَى ُ‬
‫ل من فَار َق دِين ال ْمُسْل ِمِين أَ و و َق َف فِي تكفير هم أوشك قَال الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر ل ِأَ ّ‬
‫وَك ُ ّ‬
‫ص والتّو ْق ِيف أَ و شَكّ ف ِيه والتكذيب أو الشك ف ِيه ل َا يقع إلا من كافر‬ ‫فِي ذَل ِك فَق َد كذّب َ‬
‫الن ّ ّ‬
‫__________‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٤‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫)قوله الغزالي( بفتح العين المعجمة وتشديد الزاى قال النووي في التبيان في أداه حملة القرآن بتخفيف الزاى نسبة إلى غزالة قر ية من‬
‫قرى طوس وقال ابن الأثير إن التخفيف خلاف المشهور قال وأظن أن هذه النسبة في التشديد إلى الغزال على عادة أهل جرجان‬
‫ن أهل طوس أنه منسوب إلى غزالة بنت كعب الأحبار‬
‫وخوارزم كالقصارى إلى القصار‪ ،‬قال وحكى لى بعض من يُنْسَبُ إليْه ِ م ِ َ‬
‫انتهى وفى الطبقات للسبكي وكان والده يغزل الصوف ويبيعه بدكان بطوس ولما حضرته الوفاة أوصى به وبأخيه أحمد إلى صديق له‬
‫متصوف من أهل الخـير وقال له إن لى تأسفا على تعلم الخط وأشتهي استدراك ما فاتني في ولدى فعلهما الخط ولا عليك ان تنفد في‬
‫ذلك جميع ما خلفته لهما فلما مات أبوهما أقبل الصوفى على تعليمهما إلى أن فنى الذى خلفه لهما أبوهما وتعذر على الصوفى القيام يفوتهما‬
‫قال لهما أرى أن تلجأ إلى مدرسة كأنكما من طلبة العلم فيحصل لـكما قوت يعينكما على وقتكما ففعلا ذلك فكان السبب في سعادتهما‬
‫وكان الغزالي يقول طلبنا العلم لغير الل ّٰه فأبى أن يكون إلا لل ّٰه‪ ،‬ولد رحمه الل ّٰه سنة خمسين وأربعمائة بطوس وتوفى سنة خمس وخمسمائة‬
‫)*(‬

‫فصل في بيان ما هو من المقالات كفر‬ ‫‪٥.٣.٣‬‬

‫كشْف اللّب ْس ف ِيه مَوْرِد ُه‬


‫ن تح ْقيق هَذ َا الْف َصْ ل و َ‬
‫فصل فِي بيان م َا ه ُو م ِن المقالات كفر وَم َا يتوقف أَ و يختلف ف ِيه وَم َا لَي ْس بكفر اع ْلَم أَ ّ‬

‫الل ّه‬
‫الل ّه أَ و م َع َ‬ ‫ل مَق َالَة صَرّحَت بنَِفْي ُ‬
‫الر ّبُوبي ّة أَ و ال ْوَحْد َانيِ ّة أَ و عِبَادة أحد غَي ْر َ‬ ‫ال َش ّرْع وَل َا مجَال لِلْعَقْل ف ِيه والفصل البَيّن فِي هَذ َا أَ ّ‬
‫ن كُ ّ‬
‫َالن ّصَار َى و َالمجَُوس و َال َ ّذ ِين أشركوا‬
‫صحَاب الاث ْنَي ْن م ِن الد ّيصَانيِ ّة و َالمَانَوِ ي ّة وأشْ بَاهِه ِم م ِن الصّ ابئِِين و َ‬
‫كفْر كَمَق َالَة ال َد ّهْرِ ي ّة وَسَائ ِر ف ِر َق أَ ْ‬
‫فهي ُ‬
‫الل ّه من مُش ْركي الْع َر َب و َأَ ه ْل الهن ْد والصّ ين وال ُ ّ‬
‫سود َان‬ ‫بعبادة الأوثان أَ و ال ْمَلَائِك َة أَ و الشيطاين أَ و الشمس أَ و النجوم أَ و َ‬
‫الن ّار أَ و أحد غَي ْر َ‬
‫و َغَيْرِه ِم م َِم ّن ل َا يَرْجع ِإلَى ك ِتَاب وَكَذَل ِك الق َرَام ِطة و َأَ ْ‬
‫صحَاب الحلُُول والت ّنَاسُخ م ِن الباطِن ّية و َالطّيَار َة م ِن الرّو َافض وَكَذَل ِك م ِن اع ْتَر َف‬
‫بإلاهي ّة الل ّٰه‬
‫__________‬
‫)قوله الدهر ية( بفتح الدال طائفه مخلدون جمع دهري بفتحها والدهرى بالضم الشيخ الـكبير‪ ،‬قال ثعلب هما جميعا منسوبان إلى الدهر‬
‫وإنما غيروا في النسب كما قالوا سهلى المنسوب إلى الأرض السهلة )قوله من الديصانية( بكسر الدال المهملة وسكون المثناة التحتية‬
‫وتخفيف الصاد قوم يقولون بالنور والظلمة كالمانية إلا أن المانية يقولون النور والظلمة حيان والديصانة يقولون النور حى والظلمة ميت‬
‫)قوله المانية( وفى بعض النسخ المانو ية نسبة إلى مانى الزنديق ظهر في زمن سابور بن أردشير وادعى النبوة وادعى أن للعالم أصلين نورا‬
‫وظلمة وهما قديمان فقبل قوله سابور فلما ملك بهرام ساخه وحشا حلده تبنا وقتل أصحابه وهرب بعضهم إلى الصين )*(‬
‫صو ّر أَ و ادّعَى لَه وَلَد ًا أَ و صَاحَب َة أَ و و َالِد ًا أو متولد من شئ أَ و كائن‬ ‫ووحْدانِي ّت ِه ولـكنه اعْتَق َد َأن ّه غَي ْر حَيّ أَ و غَي ْر قديم و ََأن ّه ُ‬
‫محْد َث أَ و م ُ َ‬
‫كقَو ْل الإلهيين م ِن‬
‫كفْر بإجْماع ال ْمُسْل ِمِين َ‬
‫شي ْئًا قديمًا غَي ْره أَ و أنثم صَانِع ًا للعالم سواه أَ و مُدَبّر ًا غَي ْره فَذ َل ِك كُل ّه ُ‬
‫ن مَع َه فِي الأزل َ‬
‫عَن ْه أَ و أَ ّ‬
‫الل ّه و َال ْع ُر ُوج‬
‫مجَالسَة َ‬
‫سف َة والمُن َجّ مِين و َالطّبَائ ِع ِيّين وَكَذَل ِك م َن ادّعى ُ‬
‫الْف َلا ِ‬
‫الأشخَاص كتول بَعْض المُت َصو ّف َة والباطنية النصارى والقرامطة وَكَذَل ِك ن َ ْقطَع عَلَى كفر من قَال بقدم‬
‫ْ‬ ‫إلي ْه وَمُك َالَمَت َه أَ و ح ُلُوله فِي أَ ح َد‬
‫العالم أَ و بقائه أَ و شك فِي ذَل ِك عَلَى مذهب بَعْض الفلاسفة والدهر ية أَ و قَال بتناسخ الأرواح وانتقالها أبد الآباد فِي الأشخاص وتعذيبها‬
‫أَ و تنعمها ف ِيهَا بحسب زكائها وخبثها وَكَذَل ِك م ِن اعترف بالإلهية والوحدانية ولـكنه جحد ُ‬
‫الن ّب َُو ّة من أصلها عموم ًا أو نُب ُ َو ّة نبينا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬
‫س َل ّم خصوصًا أَ و أحد م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء ال َ ّذ ِين نص َ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِم بَعْد ع ِل ْم ِه بذلك فَه ُو كاف ِر بِلَا ر َي ْب كالبَر َاهِم َة ومُعْظَم اليَه ُود والأر ُوسِي ّة م ِن‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬
‫ط ِلَة والقرامطة والإسماعيلية والعنبر ية م ِن الرافضة‬
‫جبْر ِيل وَكال ْم ُع َ ّ‬ ‫ن ً‬
‫علي ّا ك َان المبعوث إلي ْه ِ‬ ‫النصاري والغ ُرَابيِ ّة م ِن الروافض الزاعمين أَ ّ‬
‫و َِإن ك َان بَعْض هَؤْل َاء ق َد أشْرَكُوا فِي كُفر آخ َر م َع من قَبْلَه ُم وَكَذَل ِك من د َان بالوحْد َانيِ ّة وصحة النبوة‬
‫__________‬
‫)قوله والغرابية( بضم الغين المعجمة قالوا محمد بعلى أشبه م ِن الغ ُرَاب بالغراب والدواب بالدواب وبعث الل ّٰه جبر يل إلى على فغلظ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٥‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫فيلعنون ‪ -‬لعنهم الل ّٰه ‪ -‬صاحب الريش و يعنون به جبر يل عليه السلام )*(‬
‫جو ّز عَلَى الْأَ ن ْب ِيَاء الـكَذِب ف ِيم َا أتَوا ب ِه ادعى فِي ذَل ِك المصلحة نزعمه أو لم يذعها فَه ُو كافر بإجْماع‬
‫ونبوة نبينا صلى الل ّٰه عليه وسلم و َلـَكِن َ‬
‫ن ظواهر ال َش ّرْع وأكثر م َا ج َاءت ب ِه ُ‬
‫الر ّسُل‬ ‫ن هَؤْل َاء زعموا أَ ّ‬
‫كالمتفلسفين وبعض الباطنية والروافض وغلاة المتصوفة وأصحاب الإباحة ف َِإ ّ‬
‫َ‬
‫َالن ّار لَي ْس مِنْهَا شئ عَلَى مقْت َض َى لفظها ومفهوم خطابها و َِإ َن ّمَا‬ ‫م ِن الْأَ خْ بَار ع ََم ّا ك َان و َيَكُون من ُأم ُور الآ ِ‬
‫خر َة والحَش ْر‪ ،‬و َالْق ِيَام َة‪ ،‬والْجَنة‪ ،‬و َ‬

‫جه َة المَصْ لَح َة لَه ُم ِإذ لَم يمكنهم التصريح لقصور‬


‫خاطب ُوا بِهَا الخَل ْق عَلَى ِ‬
‫أفهامهم فمضمن مقالاتهم إبطال الشرائع وتعطيل الأوامر والنواهي وتكذيب ُ‬
‫الر ّسُل والارتياب ف ِيم َا أتوا ب ِه وَكَذَل ِك من أضاف إلى نبينا‬
‫س َل ّم تعمد الـكَذِب ف ِيم َا بلغه وأخبر ب ِه أَ و شك فِي صدقه أَ و سبه أَ و قَال َإن ّه لَم يبلغ أَ و استخف ب ِه أَ و بأحد م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء أَ و‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ل جنس م ِن‬ ‫أزرى عَلَيْه ِم أو آذاهم أَ و قتل ن َ ًبي ّا أَ و حاربه فَه ُو كافر بإجماع وَكَذَل ِك نكفر من ذهب مذهب بَعْض القدماء فِي أَ ّ‬
‫ن فِي ك ُ ّ‬
‫ن م ِنْ ُأ َمّة ٍ ِإلا خلا فيها نذير( إذ ذَل ِك‬
‫الحيوان نذيرا ونبيًا م ِن القردة‪ ،‬والخنازير والدواب والدود ووغير ذَل ِك‪ ،‬و يحتج بِقَو ْلِه تَع َالَى )و َِإ َ ّ‬
‫يؤدي ِإلَى أن يُوصَف أنبياء هَذِه الأجْ نَاس بصفاتهم المذمومة وفيه م ِن الإ ْزر َاء عَلَى هذا المنصف المُن ِيف م َا ف ِيه م َع إجْماع ال ْمُسْل ِمِين عَلَى‬
‫الل ّه عَلَي ْه وسلم‬ ‫كفّر من اعترف م ِن ا ْل ُأصُول َ‬
‫الصّ حِيحة بِمَا تقدم ونُب ُ َو ّة نبينا صَلَ ّى َ‬ ‫خلافه وتَكْذِيب قائله وَكَذَل ِك ن ُ َ‬
‫و َلـَكِن قَال ك َان أسْ و َد أَ و مات قَب ْل أن يلتحي أَ و لَي ْس ال َ ّذ ِي ك َان بمك ّة والحجاز أَ و لَي ْس بقرشي ل ِأَ ّ‬
‫ن وصفه بغير صفاته المعلومة نفي لَه‬
‫س َل ّم أَ و بَعْد َه كالعيسو ية م ِن اليَه ُود القائلين بتخصيص رسالته ِإلَى الْع َر َب‬ ‫وتكذيب ب ِه وَكَذَل ِك من ادعى نُب ُ َو ّة أَ ح َد م َع نبينا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫س َل ّم و َبَعْد َه فكذلك ك ُ ّ‬
‫ل إمام عِن ْد‬ ‫وكالخرمية القائلين بتواتر ُ‬
‫الر ّسُل وكأكثر الرافضة القائلين بمشاركة عَلِيّ فِي الرسالة للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الن ّب َُو ّة والحجَ ّة وكال ْب َز يغي ّة والبَيَانيِ ّة مِنْه ُم الق َائِلِين بِنُب َُو ّة بِز ِيغ و َبَيَان و َأشْ بَاه هَؤْل َاء أَ و من ادّعى ُ‬
‫الن ّب َُو ّة لِن َ ْفسِه أَ و جو ّز‬ ‫هَؤْل َاء يقوم مقامه فِي ُ‬
‫صو ّف َة وَكَذَل ِك م َن ادّعى مِنْه ُم َأن ّه يوحى إلي ْه وإن لَم ي َ ّدع ُ‬
‫الن ّب َُو ّة أَ و َأن ّه‬ ‫سف َة وغُلاة المُت َ َ‬
‫صف َاء الق َل ْب إلى م َْرتَبَتِهَا كالف َلَا ِ‬
‫اكْ تِسَابَهَا والبُلُوغ ب ِ َ‬
‫يَصْ ع َد ِإلَى ال َ ّ‬
‫سم َاء و َي َ ْدخ ُل الْجنة و َي َأْ ك ُل من ثِمَارِه َا و َيُع َان ِق‬
‫س َل ّم َأن ّه خ َات َم َ‬
‫الن ّب ِيّين ل َا نَبِ ّي بَعْد َه وأخْب َر عن‬ ‫س َل ّم ل ِأَ َن ّه أخْب َر صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الْحور العين فهؤلاء ك ُُل ّه ُم ُ‬
‫ك َ ّفار مُكَذّبُون للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫الل ّٰه‬
‫__________‬
‫)قوله كالعيسو ية( نسبة إلى أبى عيسى بن إسحاق بن يعقوب الأصبهاني كان موجودا في خلافة المنصور وخالف اليهود في أشياء منها‬
‫أنه حرم الذبائح )قوله وكخرمية( بالخاء المعجمة المضمومة في الصحاح‪ :‬تخرم‪ :‬دان بدين الخرمية وهم أصحاب التناسخ والإباحة )قوله‬
‫وكالبز يغية والبيانية( البز يغية بالموحدة والزاى المكسورة والغين المعجمة نسبة إلى بز يغ والبيانية إلى بيان بن سمعان النهدي التميمي قال‬
‫إن روح الل ّٰه جل وعلا حلت في على ثم في ابنه محمد بن الحنفية ثم في ابنه أبى هاشم ثم في بيان )*(‬

‫الن ّب ِيّين و ََأن ّه أ ْرسِل كاف ّة لِلن ّاس وأجْمَع َت ا ْل ُأ َمّة عَلَى حَم ْل هَذ َا الْك َلَام عَلَى ظاهِرِه و َأَ ّ‬
‫ن م َ ْفه ُوم َه المُرَاد ب ِه د ُون ت َأْ و يل وَل َا‬ ‫تَع َالَى َأن ّه خ َات َم َ‬
‫ل م ِن دافع نص الكتاب أو‬
‫كفْر هَؤْل َاء الطّوَائ ِف كلها ق َ ْطع ًا إجْماعًا وسمعا وكذلك وق َع الإجْماع عَلَى ت َ ْكف ِير ك ُ ّ‬
‫تخ ْصيص فَلَا شَكّ فِي ُ‬
‫َ‬
‫كفّر من لم يُكَفّر من د َان‬
‫خص حديثا مجمعا عَلَى نَقْلِه م َ ْقط ُوعًا ب ِه مُجمَع ًا عَلَى حَم ْلِه عَلَى ظَاهِرِه كَت َ ْكف ِير الخَوَارِج بإب ْطال الر ّجْ م ولهذا ن ُ َ‬
‫بِغَي ْر ملّة ال ْمُسْل ِمِين م ِن المل ِ َل أَ و و َق َف ف ِيه ِم أَ و شَكّ أَ و صَ َح ّح مَذْهَبَه ُم وإن أظْ ه َر م َع ذَل ِك ال ِْإسْ لَام و َاعْتَقَد َه و َاعْتَق َد إبْطَال ك ُ ّ‬
‫ل مذْه َب‬
‫ل قائ ِل قَال قَوْل ًا يُت َوصّل ب ِه إلى تَضْ لِيل ا ْل ُأ َمّة وت ْكف ِير جميع‬
‫سِواه فَه ُو ك َاف ِر بإظْ ه َارِه م َا أظْ ه َر من خِلَاف ذَل ِك وَكَذَل ِك ن َ ْقطَع بتِ َ ْكف ِير ك ُ ّ‬
‫س َل ّم ِإذ لَم تُقَدّم ع َ ًلي ّا وكفرت عليا ِإذ لَم يَتَقَدّم و َيَطْلُب‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫كقَو ْل الكُمَيْلِي ّة م ِن الرافِضَة بتِ َ ْكف ِير جَم ِيع ا ْل ُأ َمّة بَعْد َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬ ‫َ‬
‫الصّ ح َابَة َ‬
‫حقّه فِي التّقْديم فهؤلاء ق َد كفروا من وُجُوه‬
‫َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٦‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫لأنهم أبْطَلُوا الشّر ِيع َة بأسْر ِها إذ قع انْقَطَع نَقْلُه َا ونَقْل الْقُر ْآن ِإذ ن َاق ِلُوه كفرة عَلَى زَعْمِه ِم و َِإلَى هَذ َا والل ّٰه أَ ع ْلَم أشار م َال ِك فِي أحد قوليه‬
‫بقتل من كفر الصحابة ثم كفروا من وجه آخر بسبهم النبي صلى الل ّٰه عليه وسلم على‬
‫__________‬
‫)قوله الكميلية( ليس من الفرق ما يلقب بالكميلية وإنما منهم فرقة من الشيعة ثلقب بالكاملية نسبة إلى أبى كامل قال بكفر الصحابة‬
‫بترك بيعة على وبكفر على بترك طلب الحق وقال بالتناسخ في الأرواح عند الموت وإنما الإمامة نور ينتقل من شخص إلى آخر وقد يصير‬
‫في شخص نبوة بعد ما كانت في آخر إمامة )*(‬
‫الل ّه عَلَى رَسُولِه وآلِه‬ ‫الل ّه عَن ْه و َه ُو يَعْلَم َأن ّه ي َ ْكف ُر بَعْد َه عَلَى قولهم لعنة َ‬
‫الل ّه عَلَيْه ِم وصلى َ‬ ‫مقتضى قولهم وَزَعْمِه ِم َأن ّه عهد ِإلَى عَلِيّ رَض ِي َ‬
‫وَكَذَل ِك نُكَفّر بكل فعْل أجْم َع ال ْمُسْل ِم ُون َأن ّه ل َا يَصْ د ُر إ َلّا من كافر وإن ك َان صاحِب ُه م ُصَرّح ًا بال ِْإسْ لَام م َع فِعْلِه ذَل ِك الفعل كال ُ ّ‬
‫سجُود‬
‫شمْس والقَم َر والصّ لِيب والنار والسعي ِإلَى الكنائس والبيع م َع أهلها والتزيي بزيهم من شد الزنانير وفحص الرؤس فَق َد أجمع‬
‫لِلصّ ن ْم ولل ّ‬
‫ن هَذ َا ل َا يوجد إ َلّا من كافر و َأَ ّ‬
‫ن هَذِه الأفعال علامة عَلَى الـكُفْر و َِإن صَرّح فاع ِلُها بال ِْإسْ لَام وَكَذَل ِك أجْم َع ال ْمُسْل ِم ُون عَلَى‬ ‫ال ْمُسْل ِم ُون أَ ّ‬
‫صو ّف َة‬
‫َأصحاب الإب َاح َة م ِن الق َرامطَة وبعض غُلاة المُت َ َ‬ ‫ل القَت ْل أَ و شُرْب الخم َ ْر أو الزّنا م َِم ّا حَرّم َ‬
‫الل ّه بَعْد ع ِل ْم ِه بِتَحْرِيمِه ك ْ‬ ‫ل م ِن اسْ ت َح َ ّ‬
‫ت َ ْكف ِير ك ُ ّ‬
‫ل من كَذّب وأن ْك َر قاعِد َة من ق َوَاع ِد ال َش ّرْع وَم َا عُر ِف يَق ِينًا بالنّقْل ال ْمُت َوات ِر من فِعْل َ‬
‫الر ّسُول وَو َق َع الإجْماع‬ ‫وَكَذَل ِك ن َ ْقطَع بتِ َ ْكف ِير ك ُ ّ‬
‫كوْنُها‬ ‫الل ّه عَلَي ْنَا فِي ك ِتاب ِه َ‬
‫الصّ لَاة عَلَى ا ْلجم ُْلَة و َ َ‬ ‫ال ْمُت ّصِ ل عَلَي ْه كمن أن ْك َر وُجُوب الصّ لوات الخم َ ْس وعَد َد رَكَعاتِها وسَ ج َداتِها و َيَق ُول َإن ّمَا أ ْوجَب َ‬
‫خَمْسًا و َعَلَى هَذِه الصّ فات وال ُش ّر ُوط ل َا أع ْلَم ُه‬
‫س َل ّم خبر واحد وَكَذَل ِك أجمع عَلَى ت َ ْكف ِير من قَال من الْخَوارِج‬ ‫الر ّسُول صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ِإذ لَم يَر ِد ف ِيه فِي الْقُر ْآن نص ج َليّ والخـبر ب ِه ع َن َ‬
‫إن‬
‫__________‬
‫)قوله وفحص الرؤس( بفاء مفتوحة وحاء وصاد مهملتين في الصحاح‪ ،‬وفى الحديث فحصوا عن رؤسهم‪ :‬كأنهم حلقوا وسطها وتركوها‬
‫مثل أفاحيص القطا )*(‬
‫ن الف َرائ ِض أسْماء رجال ُأم ِرُوا بولايتهم والخبََائث وال ْم َح َارِم أسماء رجال ُأمُر ِوا بالبراءة‬ ‫َ‬
‫الصّ لَاة طَرَفي النهار و َعَلَى ت َ ْكف ِير الباطِني ّة فِي قولهم إ ّ‬
‫ن العبادة وطول المجاهدة إذ َا صفت نفوسهم أفضت بِه ِم ِإلَى إسْ قاطها وإباح َة كل شئ لَه ُم ور َف ْع عُه َد‬
‫مِنْه ُم وقول بَعْض المتصوفة إ ّ‬
‫الش ّرائ ِـع‪.‬‬
‫صف َة الحَجّ أَ و قَال الحَجّ واجب فِي الْقُر ْآن واسْ تِقْبَال القِبْلَة كَذَل ِك و َلـَكِن‬ ‫عَنْه ُم وَكَذَل ِك إن أن ْك َر مُنْك ِر م َ َك ّة أَ و البيت أَ و ال ْم َ ْ‬
‫سجِد الْحَرَام أَ و ِ‬
‫ن َ‬
‫الن ّبِيّ‬ ‫ن تِل ْك الب ُ ْقع َة هِي م َ َك ّة والبَي ْت و َال ْم َ ْ‬
‫سجِد الْحَرام ل َا أَ ْدرِي ه َل هِي تِل ْك أَ و غَيْر ِه َا ولعل الناقِلين أَ ّ‬ ‫كو ْنُه عَلَى هذه الهيأة المُت َعار َف َة و َأَ ّ‬
‫س َل ّم فسرها بِهَذِه التفاسير غَلِط ُوا ووَهِم ُوا فَهَذ َا ومِثْلُه ل َا م ِْر يَة فِي ت َ ْكف ِيرِه إن ك َان م َِم ّن يُظَنّ ب ِه علم ذَل ِك وممن خالَط ال ْمُسْل ِمِين‬ ‫صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫وامْتَدّت صُ ح ْبَت ُه لَه ُم إ َلّا أَ ن يَكُون حَدِيث عَهْد بإسْ لام فَيُق َال لَه سَب ِيلك أن تَسْأل ع َن هَذ َا ال َ ّذ ِي لَم تَعْلَم ْه بَعْد كاف ّة ال ْمُسْل ِمِين فَلَا َ‬
‫تج ِد‬
‫ن هَذِه ا ْل ُأم ُور كَمَا ق ِيل ل َك و َأَ ّ‬
‫ن تِل ْك الب ُ ْقع َة هِي م َ َك ّة والبَي ْت ال َ ّذ ِي‬ ‫س َل ّم أَ ّ‬ ‫الر ّسُول صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫بَيْنَه ُم خِلافًا كاف ّة ع َن كاف ّة ِإلَى مُع َاص ِر َ‬

‫صف َات‬ ‫س َل ّم وال ْمُسْل ِم ُون وحَ ُ ج ّوا ِإلَيْهَا وطَاف ُوا بها و َأَ ّ‬
‫ن تِل ْك الأفْع َال هِي ِ‬ ‫الر ّسُول صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ف ِيهَا ه ُو الـكعبة والقِبْلَة َال ّتِي صَلَ ّى لَهَا َ‬

‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه‬ ‫صف َات الصّ لَوَات الم َ ْذكُور َة هِي َال ّتِي فعل َ‬ ‫س َل ّم وال ْمُسْل ِم ُون و َأَ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫عِبَاد َة الْحَجّ والمُرَاد ب ِه وَهِي َال ّتِي فعلها َ‬
‫عَلَي ْه وسلم‬
‫الل ّه بِذَل ِك و َأبان حُد ُود َه َا فَيَق َع ل َك العل ْم كَمَا و َق َع لَه ُم وَل َا تَرْتاب بِذ َل ِك بَعْد والمرتاب فِي ذَل ِك والمنكر بَعْد البحث وصحبته‬
‫و َشَر َح م ُرَاد َ‬
‫ال ْمُسْل ِمِين كافر باتفاق وَل َا يعذر بِقَو ْلِه ل َا أدري وَل َا يصدق ف ِيه بَل ظاهره التستر ع َن التكذيب ِإذ ل َا يمكن َأن ّه ل َا يدري وأيضا ف َ َإن ّه إذ َا‬
‫الل ّه ب ِه أدخل الاسترابة فِي جميع‬ ‫جوز عَلَى جميع ا ْل ُأ َمّة الوهم والغلط ف ِيم َا نقلوه من ذَل ِك وأجمعوا َأن ّه قَو ْل َ‬
‫الر ّسُول وفعله وتفسير مراد َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٧‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫شي ْئًا مِن ْه‬


‫الشر يعة ِإذ ه ُم الناقلون لَهَا وللقرآن وانحلت عرى الد ّين كرة وَم َن قال هَذ َا كافر وَكَذَل ِك من أنكر الْقُر ْآن أَ و حرفا مِن ْه أَ و غ َير َ‬
‫س َل ّم أَ و لَي ْس ف ِيه حجة وَل َا مُعْجِز َة كقول هِشَام‬ ‫أَ و زاد ف ِيه كفعل الباطنية والإسماعيلية أَ و زعم َأن ّه لَي ْس بحجة للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫ك ْفرِهِمَا بِذَل ِك‬
‫محَالَة فِي ُ‬
‫ل عَلَى ثَوَاب وَل َا عِق َاب وَل َا حُكْم وَل َا َ‬ ‫الفوطي ومعمر الصيمري َإن ّه ل َا يدل عَلَى َ‬
‫الل ّه وَل َا حجة فيها لرسوله وَل َا يَد ُ ّ‬
‫س َل ّم حجة لَه أَ و فِي خلق ال َ ّ‬
‫سم َوَات والأرض د َليل‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫القَو ْل وَكَذَل ِك نُكَفرهُما بإن ْكارِهِمَا أن يَكُون فِي سائ ِر مُعْجِزَات َ‬
‫شي ْئًا م َِم ّا‬
‫س َل ّم باحْ ت ِج َاجِه بَهَذ َا كُله و َتَصْرِيح الْقُر ْآن ب ِه وَكَذَل ِك من أنكر َ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫على الل ّٰه لمخالفهتهم الإجْماع والنّقْل المُت َوَات ِر ع َن َ‬
‫نص ف ِيه الْقُر ْآن بَعْد علمه َأن ّه من الْقُر ْآن ال َ ّذ ِي فِي أيدي َ‬
‫الن ّاس ومصاحف لمسلمين ولم يكن‬
‫__________‬
‫)قوله كرة( بفتح الكاف وتشديد الراء هي المرة )‪(*) (٢ - ١٩‬‬
‫جاهل ًا ب ِه وَل َا قريب عهد بال ِْإسْ لَام واحْ ت َجّ لإن ْكاره ِإ َمّا بأنه لم يصبح النّقْل عِنْد َه وَل َا بلََغ َه ال ْعِل ْم ب ِه أَ و لِت َجْ وِيز ال ْوَه ْم على نافله فنتكفره‬
‫س َل ّم لـكنه تَسَت ّر بدَعْوَاه وَكَذَل ِك من أن ْك َر الْجَ ّنة أَ و َ‬
‫الن ّار أَ و البَعْث‬ ‫بالطر يقين المتقدمين ل ِأَ َن ّه مُكَذّب للقرآن مُكَذّب للنبي صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫ن المراد‬ ‫لنص عَلَي ْه وإجْماع ا ْل ُأ َمّة عَلَى ِ‬


‫صح ّة نَقْله م ُت َوَاتر ًا وَكَذَل ِك من اع ْتَر َف بِذَل ِك ولـكنه قَال إ ّ‬ ‫أَ و الحساب أو القيامة فهو كاف ِر بإجْماع ل ِ ّ‬
‫بالجنة والنار والحشر والنشر والثواب والعقاب مَعْن َي غَي ْر ظاهره و َأ َ ّنهَا لذات روحانية ومعان باطنة كقول َ‬
‫الن ّصَار َى والفلاسفة والباطنية‬
‫وبعض المتصوفة وزعم أن مَعْن َي الْق ِيَام َة الموت أو فناه محض ولتنقاض هيئة الأفلاك وتحليل العالم كقول بَعْض الفلاسفة وَكَذَل ِك‬
‫ن الْأَ ئ َِم ّة أفضل م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء ف َأَ َمّا من أنكر م َا عرف بالتواتر م ِن الْأَ خْ بَار والسير والب ِلاد َال ّتِي ل َا‬
‫نقطع بتكفير غلاة الرافضة فِي قولهم إ ّ‬
‫يَرْجع إلى إب ْطال شَر ِيعة وَل َا ي ُ ْفض ِي ِإلَى إن ْكار قاعِد َة م ِن الد ّين كإنكْار غزوة تبوك أو مؤنة أَ و وجود أَ بِي بَك ْر وعمر أَ و قتل عثمان أَ و‬
‫خلافه عَلِيّ م َِم ّا علم بالنقل ضرورة وليس في إنكار وجحد شَر ِيعة فَلَا سَب ِيل إلى ت َ ْكف ِير ِه بِ جحْد ذَل ِك وإنكار و ُق ُوع ال ْعِل ْم لَه ِإذ لَي ْس فِي ذَل ِك‬
‫محَار َبَة عَلِيّ من خ َالف َه ف َأَ َمّا إن َ‬
‫ضع ّف ذَل ِك من أجل تهمة‬ ‫أكْ ث َر م ِن المُبَاه َت َة كإن ْكار هِشَام وَع َب ّاد و َقْع َة الجم ََل و ُ‬
‫__________‬
‫)قوله وأنها لذات( بفتح اللام وتشديد الذال المعجمة‪ :‬جمع لذة )*(‬
‫الن ّاقلين ووهم ال ْمُسْل ِمِين أجمع فنكفره بِذَل ِك لسر يانه ِإلَى إبطال الشر يعة ف َأَ َمّا من أنكر الإجماع المجرد ال َ ّذ ِي لَي ْس طر يقه النقل المتواتر‬
‫ع َن الشارع‬
‫ل من خالف الإجماع الصحيح الجامع لشروط الإجماع المتفق عَلَي ْه‬
‫فأكثر المتكلمين وَم ِن الفُقَه َاء والنظار فِي هَذ َا ال ْبَاب قَالُوا بتكفير ك ُ ّ‬
‫شبْرٍ‬ ‫س َل ّم )م َنْ خ َال َ َ‬
‫ف ا ْلجم ََاع َة َ ق ِيد َ ِ‬ ‫ل م ِنْ بَعْدِ م َا تَبېَ ّنَ لَه ُ الهدى( الآية و َقَو ْلُه صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ق َ‬
‫الر ّسُو َ‬ ‫عموم ًا وحجتهم قَو ْله تَع َالَى‪) :‬وَم َنْ يُش َاق ِ ِ‬
‫فَق َ ْد خ َل َ َع ر َبْق َة َ ال ِْإسْ لَا ِم م ِنْ ع ُنُقُه ِ( وحكوا الإجْمَاع عَلَى ت َ ْكف ِير من خالف الإجْماع وَذ َه َب آخَر ُون ِإلَى ال ْو ُق ُوف ع َن الْقَطْع بتِ َ ْكف ِير من‬
‫الت ّو َُق ّف فِي ت َ ْكف ِير من خ َالَف الإجْمَاع الكائ ِن ع َن نظَر كت َ ْكف ِير َ‬
‫الن ّظّام‬ ‫يخ ْت َّص بنَِقْلِه ال ْع ُلمَاء وذهب آخَر ُون ِإلَى َ‬
‫خ َالَف الإجْماع ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن الـكُفْر‬
‫جه ِم ب ِه خارِق للإجْماع‪ ،‬قَال الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر الْقَو ْل عِنْدِي أَ ّ‬ ‫مخَال ِف إجْمَاع ال َ ّ‬
‫سلَف عَلَى احْ ت َج َا ِ‬ ‫بإن ْكارِه الإجْماع ل ِأَ َن ّه بِقَو ْلِه هَذ َا ُ‬
‫بالل ّٰه ه ُو الجَهْل ب ِوُجُودِه والإيمَان بالل ّٰه ه ُو ال ْعِل ْم ‪ -‬بوجوده و ََأن ّه ل َا يُكَفّر أَ ح َد بِقَو ْل وَل َا ر َأْ ي إ َلّا أن يَكُون ه ُو الْجَهْل بالل ّٰه فإن ع َصى بِقَو ْل‬
‫الل ّه وَرَسُولِه أو أجْم َع ال ْمُسْل ِم ُون َأن ّه ل َا يوجد إ َلّا من كاف ِر أَ و يَق ُوم د َلِيل عَلَى ذَل ِك فَق َد َ‬
‫كف َر لَي ْس لأجْل قَو ْله أَ و فِعْلِه لـَكِن‬ ‫ص َ‬ ‫أَ و فِعْل ن َ ّ‬
‫لما يُق َارِنه م ِن الـ ْكف ُر فال ْـكُفْر بالل ّٰه ل َا يَكُون إ َلّا بأح َد‬
‫__________‬
‫)قوله كتكفير النظام( هو إبراهيم بن سيار مولى بنى الحارث بن عباد كان أحد فرسان المتكلمين من المعتزلة وكان في دولة المعتصم‬
‫)*(‬
‫ن ذَل ِك ل َا يَكُون إ َلّا من‬
‫الل ّه وَرَسُولُه أَ و يُجْم ِـع ال ْمُسْل ِم ُون أَ ّ‬
‫يخـْب ِر َ‬
‫ثَلَاثَة أمور أحَد ُه َا الْجَهْل بالل ّٰه تَع َالَى و َالثاني أن ي َأْ تِي فِعْل ًا أَ و يَق ُول قَوْل ًا ُ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٨‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫كافر كال ُ ّ‬
‫سجُود لِلصّ نَم و َالم ْشي ِإلَى الك َنَائ ِس بالتِز َام الز َّن ّار م َع أَ ْ‬
‫صحَابِهَا فِي أعْيَادِه ِم أَ و يَكُون ذَل ِك القَو ْل أَ و الْفِعْل ل َا يُمْكِن م َع َه ال ْعِل ْم بالل ّٰه‬
‫الل ّه تَع َالَى‬
‫صف َات َ‬ ‫ن فاع ِلَهُم َا كاف ِر مُنْسِلخ م ِن ال ِْإ يمَان ف َأَ َمّا من نَفَى ِ‬
‫صف َة من ِ‬ ‫قَال فهذان الضّرْب َان وإن لَم يَكُونا َ‬
‫جهْل ًا بالل ّٰه فَهُم َا عَلَم أَ ّ‬
‫ال َذ ّات َيِ ّة‬
‫نص‬
‫كمَال ال ْوَاجِب َة لَه تَع َالَى فَق َد ّ‬
‫صف َات الـ َ‬ ‫كقَو ْلِه‪ :‬لَي ْس بِع َالِم ولا قادر وَل َا م ُريد وَل َا م ُتَك َلّم و َ ِ‬
‫شب ْه ذَل ِك من ِ‬ ‫أَ و جَ حَد َه َا مُسْتَبْصِر ًا فِي ذَل ِك َ‬
‫كفْر من نَفَى عَن ْه تَع َالَى الو َصْ ف بِهَا و َأعْرَاه عَنْهَا و َعَلَى هَذ َا حُم َل قَو ْل سُ ح ْن ُون من قَال لَي ْس لل ّٰه كلام فهو كافر‬ ‫أئِم ّتُنَا عَلَى الإجماع عَلَى ُ‬
‫كفّر َه بَعْضُه ُم وحُكِي ذَل ِك ع َن أَ بِي‬
‫صف َة من هذه الصفات فاخْ تَلَف ال ْع ُلمَاء ههنا ف َ َ‬ ‫جه ِل ِ‬ ‫كفّر المُت َأَ َ ّولِين كَمَا ق َ ّدمْنَاه ف َأَ َمّا من َ‬
‫و َه ُو ل َا ي ُ َ‬
‫يخْرِج ُه ع َن اس ْم ال ِْإ يمَان و َإلي ْه رَجَع الْأَ شْ عَرِيّ‬
‫ن هَذ َا ل َا ُ‬
‫طبَر ِيّ و َغَي ْر ُه و َقَال ب ِه أَ بُو الْحَسَن الْأَ شْ عَرِيّ م َ َّرة وذ َه َب َت طَائِف َة ِإلَى أَ ّ‬ ‫جعْف َر ال َ ّ‬‫َ‬
‫ن‬
‫سوْد َاء و َأَ ّ‬‫ن مَق َالَه حَقّ واحَتجّ هَؤْل َاء بِ حَدِيث ال ّ‬ ‫قَال‪ :‬ل ِأَ َن ّه لَم يَعْتَق ِد ذَل ِك اعْتَق َاد ًا ي َ ْقطَع بِصَوَاب ِه و َي َر َاه دِينًا و َشَرْعًا و َِإ َن ّمَا ي َ ْكف ُر م َ ِ‬
‫ن اعتَق َد أَ ّ‬
‫َ‬
‫الن ّبِيّ صلى الل ّٰه عليه وسلم إنما‬
‫__________‬
‫كفّر( بسكون الهاء وفتح الواو ضمير غيبة عائد على سحنون )قوله لحديث السوداء( هو ما رواه أبو داود في الإيمان‬ ‫)قوله و َه ُو ل َا ي ُ َ‬
‫الن ّب ِ َيّ صَلَ ّى الل ّٰه عليه وسلم و َقَا َ‬
‫ل‬ ‫والنسائي في الوصايات من حديث الشريد بن سويد الثقفى أن أمه أوصته أن يعتق عنها رقبة مؤمنة ف َأَ تَى َ‬
‫ل الل ّٰه إن أمي أوصت أن أعتق عنها رقبة مؤمنة وعندي جار ية سوداء نوبية فذكر نحو حديث معاو ية بن الحكم السلمى إلى أن‬
‫ي َا رَسُو َ‬
‫قال أين الل ّٰه؟ قالت في السماء‪ ،‬قال من أنا؟ قالت‪ :‬أن ْت رَسُول َ‬
‫الل ّه‪ ،‬قال أعتقها فإنها مؤمنة )*(‬
‫الل ّه لَه قَالُوا و َلَو بوحِث أكْ ث َر‬
‫الل ّه ث ُم ّ قَال‪ :‬فَغَف َر َ‬
‫ل َ‬ ‫ض ّ‬
‫الل ّه علي و َفِي رِو َايَة ف ِيه لَعَلّي أ ِ‬ ‫طَلَبَ مِنْهَا َ‬
‫الت ّوْحِيد َ ل َا غَيْر َ و َبِ حَدِيث الْق َائ ِل لئَِن قَد َر َ‬
‫شف ُوا عَنْهَا لَم ّا وُجِد من يَعْلمها إ َلّا الأقَلّ‪ ،‬و َق َد أجاب الآخر ع َن هَذ َا الْحَدِيث ب ِوُجُوه مِنْهَا أَ ّ‬
‫ن قَد َر بمعنى قدر‬ ‫َ‬
‫الن ّاس ع َن الصّ فات وُكو ِ‬
‫ش ُك ّه فِي الق ُ ْدر َة عَلَى إحْ يَائ ِه بَل فِي نَفْس البَعْث ال َ ّذ ِي ل َا يُعْلَم إ َلّا ب ِشَرْع ولعله‬
‫وَل َا يَكُون َ‬
‫كفْرًا ف َأَ َمّا م َا لَم يرد ب ِه شَرْع فَه ُو من ُ‬
‫مجَوّز َات العُق ُول أَ و يَكُون قَد َر‬ ‫لَم يَكُن وَر َد عِنْد َه ُم ب ِه شَرْع ي ُ ْقطَع عَلَي ْه فَيكُون ال َ ّ‬
‫شكّ ف ِيه حِينَئ ِذ ُ‬
‫بِمَعْن َي ضَي ّق و َيَكُون م َا فعله بنِ َ ْفسِه إزْراء عَلَيْهَا وَغ َضبًا ل ِع ِصْ يانِها و َق ِيل‪َ :‬إن ّمَا قَال م َا قاله و َه ُو غَي ْر عاق ِل لِك َلامه وَل َا ضابط لِل ْفظ ِه م َِم ّا استولى‬
‫مجَاز‬ ‫مج َر ّد َ‬
‫الت ّوْحِيد و َق ِيل بَل هَذ َا من َ‬ ‫عَلَي ْه م ِن الْجَز َع والْخَشْي َة َال ّتِي أذْه َب َت ل َُب ّه فَلَم يُؤاخ َذ ب ِه و َق ِيل ك َان هَذ َا فِي زَم َن الفَتْر َة و َ َ‬
‫حي ْث يَنْف َع ُ‬
‫كقَو ْلِه تَع َالَى )لَعلَ ّه ُ يَتَذ َ َك ّر ُ أَ ْو َ‬
‫يخ ْش َى(‬ ‫الت ّحْ ق ِيق و َه ُو يُس َ َمّى تَجَاه ُل العارِف وله أمْثِلَة فِي ك َلَامَه ِم َ‬
‫ك َلَام الْع َر َب ال َ ّذ ِي صُور َتُه الشّكّ وَمَعْنَاه َ‬
‫وقوله )و َِإ َن ّا أَ ْو ِإ َي ّاك ُ ْم لَعَلَى هُدًى أَ ْو فِي ضلال مبين( ف َأَ َمّا من أث ْب َت ال ْو َصْ ف ونَفَى الصّ ف َة فَق َال أق ُول عالِم‬
‫__________‬
‫الل ّه( قال صاحب الصحاح‪ :‬أضل عنه أي‪ :‬أخفى عليه وأغيب‪ ،‬م ِنْ قَو ْلِه ِ تَع َالَى )أئذا ضللنا في الأرض( أي خفينا‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫)قوله لَعَلّي أ ِ‬
‫الل ّه‪ :‬أفوته و يخفى عليه مكاني‪ ،‬وقيل‪ :‬لعلى أغيب عن عذاب الل ّٰه )*(‬
‫ل َ‬ ‫ض ّ‬
‫وغبنا‪ ،‬وقال ابن الأثير‪ :‬لَعَلّي أ ِ‬
‫و َلـَكِن ل َا عِل ْم لَه وَم ُتَك َلّم و َلـَكِن ل َا ك َلَام لَه وهكذا فِي سائ ِر الصّ فات عَلَى مَذْه َب المُعْتَزِلَة فَم َن قَال بالمَآل لما يُؤَدّيه إلي ْه قَو ْلُه ويَس ُوق ُه إلي ْه‬
‫كفّر َه ل ِأَ َن ّه إذ َا نَفَى العِل ْم ان ْتفى و َصْ ف عالم ِإذ ل َا يُوصف ب ِعالِم إ َلّا من لَه علم فكأ َ ّنه ُم ص َ َرّحُوا عِنْد َه بِمَا أدى إلي ْه قَو ْلُه ُم وهكذا عِن ْد‬
‫مَذْه َب ُه َ‬
‫الت ّأْ وِ يل م ِن المُشَبّه َة و َالقَدَرِ َي ّة و َغَيْرِه ِم وَم َن لَم ي َر أخْذ َه ُم بِمآل قولِه ِم وَل َا أل ْزَمَه ُم م ُوجِب مذهبم لَم ي َر إكف َار َه ُم قَال‬
‫هَذ َا سائ ِر ف ِر َق أَ ه ْل َ‬
‫ن‬
‫كفْر بَل نقول إ ّ‬ ‫لأنهم إذ َا و ُقفوا عَلَى هَذ َا قَالُوا ل َا نقول لَي ْس ب ِعالِم ونْ حن نَن ْتَفِي م ِن القَو ْل بالمال ال َ ّذ ِي أل ْزَمْتُم ُوه لَنَا ونَعَتْق ِد َ‬
‫نح ْن و َأن ْتُم َأن ّه ُ‬
‫الت ّأْ وِ يل و َإذ َا فَهِمْت َه َات ّضَح ل َك المُوجِب لاخْ ت ِلاف‬
‫الن ّاس فِي إكْ ف َار أَ ه ْل َ‬
‫ف َ‬ ‫قولنا لا يؤول إلي ْه عَلَى م َا أ َ ّ‬
‫صل ْنَاه فعلى هذي ْن المَأخَذ َي ْن اخْ تَل َ َ‬
‫الن ّاس فِي ذَل ِك َ‬
‫والصّ وَاب تَرْك إكفارهم‬ ‫َ‬
‫والإعراض عن الْحَت ْم عَلَيْه ِم بالْخُس ْران وإجْراء حُكْم ال ِْإسْ لَام عَلَيْه ِم فِي ق ِصاصِه ِم ووِراثاتِه ِم وم ُنَاكَحاتِه ِم ودِي َاتِه ِم والصلواة عَلَيْه ِم وَد َفْنِه ِم‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٢٩٩‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫الز ّجْر واله َجْ ر ح ََت ّى يَرْجِع ُوا ع َن ب ِ ْدعَتِه ِم و َهَذِه ك َان َت سِير َة‬
‫شدِيد َ‬
‫ك َنّه ُم يُغَل ّظ عَلَيْه ِم ب ِو َجيع الأد َب و َ‬
‫فِي مَق َاب ِر ال ْمُسْل ِمِين وسائ ِر م ُعام َلاتِه ِم لـ ِ‬
‫الصّ دْر الأوّل ف ِيه ِم فَق َد ك َان نَش َأ عَلَى زمن َ‬
‫الصّ ح َابَة و َبَعْد َه ُم فِي التابعين من قَال بِهذِه الأق ْوال م ِن القَد َر و َرأي الْخَوارِج والاع ْتِز َال فَمَا‬ ‫َ‬
‫والن ّفْي والقَت ْل عَلَى قَدْر أحْ والهم لأنهم فُسّاق ض َُل ّال‬
‫ك َنّه ُم هَج َر ُوهم وأدّبُوه ُم بال َض ّرْب َ‬
‫أزاحُوا لَه ُم قَبْر ًا وَل َا قَطَع ُوا لأحد مِنْه ُم م ِيراث ًا لـ ِ‬
‫صحَاب كبائر‬
‫عُصَاة أَ ْ‬

‫فصل هذا حكم المسلم الساب لل ّٰه تعالى وأما الذمي‬ ‫‪٥.٣.٤‬‬

‫عِن ْد المحُ َ ّقق ِين و َأَ ه ْل ال ُ ّ‬


‫س َن ّة م َِم ّن لَم يَق ُل بِكُ ْفرِه ِم مِنْه ُم خلافًا لم َِن ر َأَ ى غَي ْر ذَل ِك والل ّٰه ال ْم ُو َف ّق للصّ واب قَال الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر و َأَ َمّا م َسائ ِل‬
‫والت ّوَل ُ ّد و ِ‬
‫شبْهها م ِن ال َد ّقائق فالمَن ْع فِي إكْ فار ال ْمُت َأوّلِين ف ِيهَا أوْضَ ح ِإذ‬ ‫ال ْوَع ْد والْوِعيد ُ‬
‫والر ّ ْؤ يَة وال ْمَخْلُوق وخ َل ْق الأف ْعال وبَق َاء الأعْراض َ‬
‫شي ْئًا مِنْهَا و َق َد ق َ ّدمْنا فِي الف َصْ ل قَبْلَه م ِن الْك َلَام‬
‫جهْل بالل ّٰه تَع َالَى وَل َا أجْم َع ال ْمُسْل ِم ُون عَلَى إكْ فار من جَهل َ‬
‫لَي ْس فِي الْجَهْل بشئ مِنْهَا َ‬
‫الل ّه تَع َالَى‬
‫وصُور َة الخ ِلَاف فِي هَذ َا م َا أغْنى ع َن إعاد َته بحَو ْل َ‬
‫ّاب لل ّٰه تَع َالَى و َأَ َمّا الذمّيّ‬
‫سل ِم الس ّ‬
‫فصل هَذ َا حُكْم ال ْم ُ ْ‬
‫الل ّه تَع َالَى غَي ْر م َا ه ُو عَلَي ْه من دِينِه وحاجّ ف ِيه فَخَر َج ابن ع ُم َر عَلَي ْه بال َ ّ‬
‫سي ْف فَطَلَب َه‬ ‫ف َرُوِي ع َن عبد الل ّٰه ابن ع ُم َر فِي ذمّيّ تَناول من ح ُ ْرم َة َ‬
‫الل ّه م ِن اليَه ُود َ‬
‫والن ّصارى‬ ‫فَه َر َب و َقَال م َال ِك فِي ك ِتاب ابن حَب ِيب وال ْمَبْس ُوطَة‪ ،‬و َاب ْن الْق َاسِم فِي ال ْمَبْس ُوط وكتاب مُحَم ّد و َاب ْن سُ ح ْن ُون‪ :‬من شَتَم َ‬
‫ن ال ْوَجْه ال َ ّذ ِي ب ِه َ‬
‫كف َر ُوا هو‬ ‫ب ِغَي ْر ال ْوَجْه ال َ ّذ ِي كفر ب ِه قُت ِل و َلَم يُسْتَت َب قَال ابن الْق َاسِم إ َلّا أن ي ُ ْسل ِم قَال فِي المَبْس ُوطَة َطو ْعًا قَال أصْ ب َغ ل ِأَ ّ‬
‫دِينُه ُم وعليه ع ُوهِد ُوا من دَعْو َى الصاحب َة والش ّر يك وال ْوَلَد و َأَ َمّا غَي ْر هَذ َا م ِن الفِر ْيَة وال َ ّ‬
‫شت ْم فَلَم يُعاهَد ُوا عَلَي ْه فَه ُو نَقْض لِلْعَهْد قَال ابن‬
‫الْق َاسِم فِي ك ِتَاب مُحَم ّد و َمن شَتَم من غَي ْر‬

‫فصل هذا حكم من صرح بسبه‬ ‫‪٥.٣.٥‬‬

‫الل ّه تَع َالَى بِغَي ْر ال ْوَجْه ال َ ّذ ِي ذُك ِر فِي ك ِتاب ِه قُت ِل إ َلّا أَ ن ي ُ ْسل ِم و َقَال المخَ ْز ُومِي فِي المَبْس ُوطَة و َمُح َم ّد بن مَسْلَم َة و َاب ْن أَ بِي حازِم ل َا‬
‫أَ ه ْل الأديان َ‬
‫يُقْت َل ح ََت ّى يُسْتَتَاب‪ ،‬مُسْل ِمًا ك َان أَ و كاف ِرًا فإن تاب و َِإ َلّا قُت ِل و َقَال مُطَر ّف وَع َب ُد ال ْمَلِك مِث ْل قَو ْل م َال ِك و َقَال أَ بُو مُح َم ّد بن أَ بِي زيد من‬

‫كف َر قُت ِل إ َلّا أَ ن ي ُ ْسل ِم و َق َد ذَكَر ْن َا قَو ْل ابن الْجلََاب قَب ْل وَذَكَر ْنا قَو ْل ع ُبَي ْد َ‬
‫الل ّه و َاب ْن لُبَابَة وشُي ُوخ‬ ‫الل ّه تَع َالَى بِغَي ْر ال ْوَجْه ال َ ّذ ِي ب ِه َ‬
‫َب َ‬‫س ّ‬
‫َب‬
‫نح ْو القَو ْل الآخ َر ف ِيم َن س ّ‬ ‫الل ّه و َ‬
‫َالن ّبِيّ وإجْماعَه ُم عَلَى ذَل ِك و َه ُو َ‬ ‫الأنْد َلُسِيّين فِي النَصْر َانيِ ّة وفُت ْياه ُم بقَت ْل ِها لِسَبّها بال ْوَجْه ال َ ّذ ِي َ‬
‫كف َرت ب ِه َ‬
‫الل ّه وسب نَب ِي ّه لأ َن ّا عاهَدْناه ُم عَلَى أن لا ي ُ ْظه ِر ُوا لَنَا َ‬
‫شي ْئًا‬ ‫َب َ‬ ‫س َل ّم مِنْه ُم بال ْوَجْه ال َ ّذ ِي َ‬
‫كف َر ب ِه وَل َا فَر ْق فِي ذَل ِك بَي ْن س ّ‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫َ‬
‫شي ْئًا مِن ْه فَه ُو نَقْض لِع َ ْهدِه ِم واختلف ال ْع ُلمَاء فِي الذّمّيّ إذ َا ت َزَنْد َق فَق َال م َال ِك‬
‫شي ْئًا من ذَل ِك فَم َتى فَع َلُوا َ‬
‫ك ْفرِه ِم وأن ل َا ي ُ ْسمِع ُونا َ‬
‫من ُ‬
‫جش ُون يُقْت َل ل ِأَ َن ّه دِين ل َا يُق َر ّ عَلَي ْه أَ ح َد‬
‫كفْر و َقَال عَب ْد ال ْمَلِك بن المَا ِ‬ ‫ومُط ََر ّف و َاب ْن عَب ْد الحكم وأصْ ب َغ ل َا يُقْت َل ل ِأَ َن ّه خَر َج من ُ‬
‫كفْر إلى ُ‬
‫ج ْز يَة قَال ابن حَب ِيب وَم َا أَ ع ْلَم من قاله غَيْر ِه‬
‫ولا يوخذ عليه ِ‬
‫فصل هَذ َا حُكْم من ص َ َرّح بِس َب ّه وإضافة م َا ل َا يلَِيق بِ جَلالِه وإلهِي ّت ِه * ف َأَ َمّا مُفْتَرِي الـكَذِب عَلَي ْه تَبار َك و َتَع َالَى بادّعاء الإلهي ّة أَ و َ‬
‫الر ّسالة أَ و‬
‫َ‬
‫الن ّافي‬
‫كفْر قائ ِل ذَل ِك‬
‫سكْر ِه أَ و غَم ْر َة جُن ُون ِه فَلَا خِلَاف فِي ُ‬ ‫الل ّه خالق َه أَ و ر ََب ّه أَ و قَال لَي ْس ل ِي ر ّ‬
‫َب أَ و ال ْمُتَك َلّم بِمَا ل َا يُعْق َل من ذَل ِك فِي ُ‬ ‫أن يَكُون َ‬
‫وم ُ َ ّدعِيه م َع سَلام َة عَقْلِه كَمَا ق َ ّدمْناه لـكنه تُقْب َل تَو ْبَت ُه عَلَى ال ْمَشْه ُور و َتَنْف َع ُه إنابَت ُه وت ُ ْنج ِيه م ِن القَت ْل فَي ْأته لـكنه ل َا يَسْلَم من عَظ ِيم َ‬
‫الن ّك َال‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٠٠‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫جهْلِه إ َلّا من تَك ََر ّر مِن ْه ذَل ِك وع ُرف اسْ تِهانَت ُه‬ ‫وَل َا ي ُر ََف ّه ع َن شدِيد ال ْعِق َاب لِيَكُون ذَل ِك ز ْ‬
‫جر ًا لمثله ع َن قَو ْلِه وله ع َن العَوْد َة لـِكُ ْفرِه أَ و َ‬
‫بِمَا أتى ب ِه فَه ُو د َلِيل عَلَى سُوء َطوِ َي ّتِه وكَذِب تَو ْبَتِه وصار كالزّنْدِيق ال َ ّذ ِي ل َا ن َأم َن باطِن َه وَل َا نَقْب َل رُجُوع َه وحُكْم ال َ ّ‬
‫سك ْران فِي ذَل ِك حُكْم‬
‫الصاحِي و َأَ َمّا ال ْم َجْ ن ُون وال ْمَعْت ُوه فَمَا علم أنه قال من ذَل ِك فِي حال غَم ْرَت ِه وذ َهاب مَيْزِه فَلَا نَظَر ف ِيه وَم َا فَعَلَه من ذَل ِك فِي حال ميزه و َِإن‬
‫لَم يَكُن مَع َه عقله وسقط تكليفه أدب عَلَى ذَل ِك لينزجر عَن ْه كَمَا يؤدب عَلَى قبائح الأفعال و يوالى أدبه عَلَى ذَل ِك ح ََت ّى ينكف عنها كَمَا‬
‫الل ّه عَن ْه من ا َدّعى لَه الإلِه َِي ّة و َق َد قَت َل عَب ْد الملَِك بن‬
‫تؤدب البهيمة عَلَى سوء الْخلق ح ََت ّى تراض و َق َد أحرق عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب رَض ِي َ‬
‫م َْرو َان الحا َرِث المتنب وصَلَب َه وفَع َل ذَل ِك غَي ْر و َاحِد م ِن الخل َُف َاء والمُلُوك بأشْ بَاهِه ِم وأجْم َع علماء و َقْتِه ِم عَلَى صَوَاب فِعْلِه ِم والمخَُال ِف فِي‬
‫ك ْفرِه ِم كاف ِر وأجْم َع فُقَه َاء بَغْد َاد أ َي ّام المُقْتَدِر م ِن‬
‫ذَل ِك من ُ‬
‫__________‬
‫)قوله فيأته( بفتح الفاء وكسرها أي رجوعه )قوله طويته( بفتح الطاء المهملة أي‪ :‬ضمرته )*(‬
‫المَالـِك َِي ّة وقاض ِي ق ُضاتِهَا أبو عم ال ْمَالـِكِيّ عَلَى قَت ْل الْحلَ ّاج وصَل ْب ِه‬
‫لِدَعْوَاه الإله َِي ّة والقول بالحلُُول و َقَو ْلُه‪ - :‬أَ ن َا الْحَقّ ‪ -‬م َع تم ُ ّ‬
‫سكه فِي الظّاه ِر بالشّر ِيع َة و َلَم يَقْبَلُوا تَو ْبَت َه وَكَذَل ِك حَكَم ُوا فِي ابن أَ بِي الع َزَاف ِير‬
‫نح ْو مَذْه َب الحلَ ّاج بَعْد هَذ َا أيام الرّاض ِي بالل ّٰه وقاضي ق ُضاة بغداد يَوْم َئ ِذ أَ بُو الْحُسَي ْن بن أَ بِي ع ُم َر المالـكي‪ ،‬و َقَال ابن عَب ْد‬
‫وَك َان عَلَى َ‬
‫الل ّه تَع َالَى خالِق ُه أَ و ر َُب ّه أَ و قَال لَي ْس ل ِي ر ّ‬
‫َب فَه ُو م ُْرت َد‪ ،‬و َقَال‬ ‫ن َ‬ ‫وأصحَابُه‪ :‬من جَ ح َد أَ ّ‬
‫ْ‬ ‫الحَك َم فِي المبسوط من تَن َب ّأ قُت ِل‪ ،‬و َقَال أَ بُو حَن ِيف َة‬
‫ابن الْق َاسِم فِي ك ِتَاب ابن حبيب و َمُح َم ّد فِي العُت َْبي ّة ف ِيم َن تنبأ يستتاب أسَر ّ ذَل ِك أَ و أعلنه وهو كالمرتد وقاله سحنون وغيره وقاله أشْه َب فِي‬
‫يَه ُودِيّ تَن َب ّأ وادّعى َأن ّه رسول ِإلَي ْنَا إن ك َان؟ ؟ ؟ ؟ ؟ بِذَل ِك اسْ تُت ِيب فإن تاب و َِإ َلّا قُت ِل‪.‬‬
‫ل و َِإ َن ّمَا أراد لَعْن ال َ ّ‬
‫شيْطَان يُقْت َل بِكُ ْفرِه وَل َا يُقْب َل ع ُ ْذر ُه و َهَذ َا عَلَى القَو ْل‬ ‫ن لِسَان ِه ز َ ّ‬
‫و َقَال أَ بُو مُحَم ّد بن أَ بِي زيد فَم َن لَع َن بارئَه وادّعى أَ ّ‬
‫الل ّه إن تاب أ َدّب فإن عاد ِإلَى‬
‫الل ّه أَ ن َا َ‬
‫سك ْرَان قَال‪ :‬أَ ن َا َ‬ ‫الآخ َر من َأن ّه ل َا تُقْب َل تَو ْبَت ُه و َقَال أَ بُو الْحَسَن القاب ِس ّ‬
‫ي فِي َ‬
‫__________‬
‫)قوله الحلاج( هو الحسين بن منصور من أهل البيضاء بلدة بفارس نشأ بواسط والعراق وصحب الجنيد وغيره‪ ،‬ضرب ألف سوط‬
‫وقطعت أطرافه وحز رأسه وأحرقت جثته في ذى القعدة سنة تسع وثلاثمائة بأمر المقتدر )قوله وَكَذَل ِك حَكَم ُوا فِي ابن أَ بِي الع َزَاف ِير(‬
‫بفتح المهملة وتخفيف الزاى وبعد الألف فاء مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فراء‪ :‬هكذا في النسخ‪ ،‬وفى تاريخ الذهبي محمد بن علي أَ بُو‬
‫جعْفَرٍ مُح َم ّد ُ بن أبى العزافر بغير ياء الزنديق أحدث مذهبا في الرفض ببغداد ثم قال بالتناسخ ومخرق على الناس وظهر منه ادعاء الربوبية‬
‫َ‬
‫)*(‬

‫فصل وأما من تكلم من سقط القول وسخف اللفظ‬ ‫‪٥.٣.٦‬‬

‫كفْر المُتَلَاعبِين‬
‫ن هَذ َا ُ‬
‫طوِلب مُطَالَب َة الزّنْدِيق ل ِأَ ّ‬
‫مِث ْل قَو ْلِه ُ‬
‫الل ّفْظ م َِم ّن لَم يَضْ ب ِط ك َلَام َه وأه ْم َل لِسَانَه بِمَا يَقْتَض ِي الاسْ تخْ ف َاف ب ِعَظَم َة ر َب ِّه وَج َلالَة مَو ْلاه‬
‫سق َط القَو ْل و َسُ خ ْف َ‬
‫فصل و َأَ َمّا من تَك ََل ّم من َ‬
‫الل ّه من م َلـَكُوت ِه أَ و ن َز َع م ِن الْك َلَام لِمخَ ْلُوق بِمَا ل َا يلَِيق إ َلّا فِي حَقّ خالِق ِه غَي ْر قاصِد لِل ْـكُفْر‬
‫ظم َ‬‫أَ و ت َ َمث ّل فِي بَعْض الأشياء ببَِعْض م َا ع َ َ ّ‬
‫كبْر ِيائ ِه‬
‫جهْلِه ب ِعَظ ِيم ع َ ِّزت ِه و ِ‬
‫ل عَلَى تلاعبه بدينه واستخفافه بحُرْم َة ر َب ّه و َ َ‬
‫والاسْ ت ِخْ ف َاف وَل َا عام ِد لِل ْإلْحَاد ف َِإن تَك َر ّر هَذ َا مِن ْه وَعُر ِف ب ِه د َ ّ‬
‫والت ّن ْ ُ ّقص ل ِر َب ّه و َق َد أف ْتى ابن حبيب وأصْ ب َغ بن خ َلِيل من فُقَه َاء‬
‫كفْر ل َا م ِر يَة ف ِيه وَكَذَل ِك إن ك َان م َا أ ْورَد َه يُوجِب الاسْ ت ِخْ ف َاف َ‬
‫ْ‬ ‫و َهَذ َا ُ‬
‫قُرْطُب َة بِقَت ْل المَعْر ُوف بابن أخي عَجَب وَك َان خَر َج يَوْم ًا فأخذه المطر فَق َال‪ :‬بدأ الخراز يرش جلوده‪ ،‬وَك َان بَعْض الفُقَه َاء بِهَا أَ بُو زيد‬
‫صَاحِب الثمانية وَع َبد الأَ ع ْلَى بن وَه ْب وأبان بن ع ِيس َى ق َد توقفوا ع َن سفك دمه وأشاروا إلى َأن ّه عبث م ِن القَو ْل يكفي ف ِيه الأدب‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٠١‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫نح ْن‬
‫َب عبدناه ث ُم ّ ل َا ننتصر لَه؟ إنا إذ َا لعبيد سُوء م َا َ‬
‫وأفتى بِمِثْلِه الْق َاض ِي حِينَئ ِذ م ُوس َى بن ز ياد فَق َال ابن حبيب‪ :‬دمه فِي عنقي‪ ،‬أيُشْتَم ر ّ‬
‫لَه بعابدين‪ ،‬وبَك َى ور ُفع ال ْمَجْل ِس إلى الأمير بِهَا عَب ْد َ‬
‫الر ّحْمن‬
‫__________‬
‫)قوله الخراز( بالخاء المعجمة والراء المشددة وفى آخره زاى )قوله صاحب الثمانية( بضم المثلثة في أوله وكسر النون وتشديد المثناة تحتية‬
‫)*(‬
‫ابن الحَك َم الأمَوِيّ وكانت عَجَب ع ََم ّه هَذ َا ال ْمَطْلُوب من َ‬
‫حظَاياه و َأَ ع ْلَم باختلاف الفُقَه َاء فخرج الإذْن من عِنْد َه بالأخْذ لقول ابن حبيب‬
‫س َبّه ُم‪.‬‬
‫وصاحبه وأمر بقتله فقتل وَصُل ِب بحَضْر َة الْفَق ِيهَين وَع ََزل الْق َاض ِي لِتُهْم َت ِه بالمُد َاه َن َة فِي هَذِه الْق َِصّ ة وَو َ َّبخ بَق َِي ّة الفُقَه َاء و َ َ‬
‫حد َة و َالْف َل ْت َة ال َ ّ‬
‫شارِدة ما لم يكن تقصا و َإ ْزر َاء فَي ُع َاق َب‬ ‫و َأَ َمّا من َ‬
‫صدَر َت عَن ْه من ذَل ِك الهَن َة الوَا ِ‬
‫الل ّه ع َن رَج ُل ناد َى‬ ‫عَلَيْهَا و َيُؤ َ َدّب بِقَدْر مُقْتَضَاه َا و َ ُ‬
‫شنْع َة مَعْنَاه َا وَصُور َة حال قائِلِه َا و َشَرْح سَببهَا وَمُق َارِنهَا‪ ،‬و َق َد سُئ ِل ابن الْق َاسِم رَحِم َه َ‬
‫سف َه فلا شئ عَلَي ْه قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل و َشَرْح قَو ْله َأن ّه ل َا‬
‫م لَب ّي ْك قَال إن ك َان جاه ِل ًا أو فاله عَلَى وجْه َ‬ ‫رَج ُل ًا باسْم ِه ف َأج َابَه لَب ّي ْك َ‬
‫الل ّه ُ ّ‬
‫كف َر‪ ،‬هَذ َا مُق َت َض َى قَو ْلِه و َق َد أسْر َف كثير من سُ خَف َاء‬ ‫قَت ْل عَلَي ْه والجا َه ِل يُزْج َر و يُع َل ّم و َال َ ّ‬
‫سف ِيه يُؤَدّب و َلَو قالها عَلَى اعْتِق َاد إن ْز َالِه مَنْز ِلَة ر َب ّه لـ َ‬

‫خ ُ ّفوا عَظ ِيم هذه الْحُرْم َة فأتَو ْا من ذَل ِك بِمَا نُنَز ّه ك ِتَابَنَا و َلِسَانَنَا و َأق ْلَام َنَا ع َن ذِكْر ِه ولوْل َا أَ َن ّا ق َ َ‬
‫صدْن َا‬ ‫ال ُ ّ‬
‫شع َرَاء وم ُ َتّهَمِيه ِم فِي هَذ َا ال ْبَاب واسْ ت َ َ‬
‫كي ْنَاه فِي هَذِه الْفُصُول‪ ،‬و َأَ َمّا م َا وَر َد فِي هَذ َا من أَ ه ْل الجَه َالَة وأغَالِيط‬
‫شي ْئًا م َِم ّا يَثْق ُل ذِك ْر ُه عَلَي ْنَا م َِم ّا ح َ َ‬
‫كي ْناه َا لَما ذَكَر ْن َا َ‬
‫ص مَسَائ ِل ح َ َ‬‫نَ ّ‬
‫كقَو ْل بَعْض الأعْرَاب‬
‫اللّسَان َ‬
‫__________‬
‫كقَو ْل بَعْض الأعْرَاب( قال ابن الأثير وسمع سليمان رجلا من الأعراب في‬ ‫)قوله من سخفاء( جمع سخيف أي رقيقا العقل )قوله َ‬
‫ل أَ شْهَد ُ أَ َ ّ‬
‫ن لا أبا له ولا صاحبة ولا ولد انتهى قال ابن الأثير‬ ‫سنة مجدبة يقول رب العباد إلى آخره فحمله سليمان أحسن محمل و َقَا َ‬
‫وأكثر ما يستعمل لا أبا لك في المدح أي لا كافى لك غير نفسك وقد يذكر في معرض الذم وقد يذكر في معرض التعجب ودفع العين‬
‫وقد يذكر في معنى جد في أمرك وشمر له )*(‬
‫كن ْت ت َ ْسق ِينا فما بَد َا لَك َا أنْز ِل عَلَي ْنَا الْغَي ْث ل َا أَ ب َا لَكا فِي أشْ بَاه لهذا من ك َلَام الج َُهّال و َمن لَم يُقَوّمْه ثِق َاف‬
‫رب العباد مالنا ومالكا * ق َد ُ‬
‫جر ُه و َالإغ ْلَاظ لَه ع َن ال ْعوْد َة ِإلَى مِثْلِه قَال أَ بُو سُلَيْم َان‬ ‫تأدِيب الشر يعة والعلم فِي هَذ َا الباب فلما يصدر إ َلّا من جاهل َ‬
‫يج ِب تَعْلِيم ُه وَز َ ْ‬

‫طابِيّ و َهَذ َا تَه َ ُو ّر م ِن القَو ْل والل ّٰه م ُنَز ّه ع َن هَذِه ا ْل ُأم ُور و َق َد رَو َي ْنَا ع َن عَو ْن بن عَب ْد َ‬
‫الل ّه‬ ‫الْخ َ ّ‬
‫الل ّه الْك َل ْب و َف َع َل ب ِه كَذ َا وكَذ َا وَك َان بَعْض من أ ْدرَكْنا من‬ ‫َأن ّه قَال لِيُعَظّم أحَد ُكُم ر ََب ّه أَ ن ي ُ ْذك َر اسْم ُه فِي كل شئ ح ََت ّى ل َا يَق ُول أ ْ‬
‫خز َى َ‬
‫الل ّه تَع َالَى إ َلّا ف ِيم َا يَت ّصِ ل بِطَاع َت ِه وَك َان يَق ُول للإنسان ج ُزيت خَيْر ًا و َقَل ّمَا يَق ُول ج َزاك َ‬
‫الل ّه خَيْر ًا إ ْعظَام ًا لاسْم ِه تَع َالَى‬ ‫مشايخنا فلما ي َ ْذك ُر اسم َ‬
‫صف َات ِه‬
‫خوْضِه ِم ف ِيه تَع َالَى و َفِي ذكر ِ‬
‫كثْر َة َ‬
‫ي ك َان يَعيب عَلَى أَ ه ْل الْك َلَام َ‬ ‫ن ال ِْإم َام أَ ب َا بَك ْر ال َ ّ‬
‫شاش ِ ّ‬ ‫ن يُمْتَه َن فِي غَي ْر قُر ْبَة‪ ،‬وح َ َ ّدثَنَا الثق َة أَ ّ‬
‫أَ ّ‬
‫س َل ّم عَلَى‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫ساب َ‬
‫ّ‬ ‫ل و َيُنَز ّل الْك َلَام فِي هَذ َا البَاب تَن ْز يلَه فِي باب‬
‫إجْلال ًا لاسْمه تَع َالَى يقول هَؤْل َاء يَتمََنْد َلُون بالل ّٰه ع َّز وَج َ ّ‬
‫ال ْوُجُوه َال ّتِي ف ََصّ ل ْنَاه َا والل ّٰه الموفق‬
‫__________‬
‫)قوله ثقاف( بكسر المثلثة وتخفيف الفاء وهو في الأصل اسم لما يسوى به الرماح )قوله تَه َ ُو ّر م ِن القَو ْل( التهور بفتح المثناة الفوقية‬
‫والهاء وضم الواو تشديدها الوقوع في الشئ بقلة مبالاة )قوله يتمندلون( في الصحاح المنديل معروف تقول منه تمندلت بالمنديل )*(‬

‫)فصل( وحكم من سب سائر أنبياء الل ّٰه تعالى وملائكته‬ ‫‪٥.٣.٧‬‬

‫َف بِه ِم أو ك َ َذّبَه ُم ف ِيم َا أتوا ب ِه أَ و أن ْك َر َه ُم و َجَ حَد َه ُم حُكْم نَب ِي ّنَا صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه‬ ‫الل ّه تَع َالَى وَم َلائكَت َه واسْ تَخ ّ‬ ‫َب سَائ ِر أن ْبيَاء َ‬
‫)فصل( وَحُكْم من س ّ‬
‫الل ّه ِ ورسله( الآيَة و َقَال تَع َالَى‬ ‫ن ي َ ْكف ُر ُونَ ب َِالل ّه ِ وَرُسُلِه ِ و َيُر ِيد ُونَ أَ ْن يُف َرِّقُوا بَيْنَ َ‬
‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫)إ َ ّ‬ ‫س َل ّم عَلَى م َساق م َا ق َ ّدمْنَاه قَال َ‬
‫الل ّه تَع َالَى ِ‬ ‫عَلَي ْه و َ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٠٢‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ن ب َِالل ّه ِ وَم َلائِكَتِه ِ وَكُتُبِه ِ‬


‫ل ٌ آم َ َ‬ ‫)ق ُولُوا آم ََن ّا ب َِالل ّه ِ وَم َا ُأنْز ِ َ‬
‫ل ِإلَي ْنَا وَم َا ُأنْز ِ َ‬
‫ل ِإلَى إبراهيم( الآيَة ِإلَى قَو ْلِه )لا نُف َرِّقُ بَيْنَ أحد منهم( وقال )ك ُ ّ‬
‫وَرُسُلِه ِ لا نُف َرِّقُ بَيْنَ أَ حَدٍ م ِنْ رُسُلِه ِ( قَال م َال ِك فِي ك ِتَاب ابن حبيب و َمُحَم ّد و َقَال ابن الْق َاسِم و َاب ْن الماجش ُون و َاب ْن عَب ْد الْحَك َم وأصْ ب َغ‬
‫س َبّه ُم من أَ ه ْل الذ ّ َمّة قُت ِل إ َلّا أَ ْن ي ُ ْسل ِم وَرَو َى سُ ح ْن ُون ع َن ابن‬
‫وسُ ح ْن ُون ف ِيم َن شَتَم الْأَ ن ْب ِيَاء أَ و أحدا مِنْه ُم أَ و تَن َ ّقصَه قُت ِل ولم يُسْتَت َب وَم َنْ َ‬
‫والن ّصَار َى بِغَي ْر ال ْوَجْه ال َ ّذ ِي ب ِه كفر فَاض ْرب ع ُنُق َه إ َلّا أن ي ُ ْسل ِم و َق َد تَق َ َ ّدم الْخلاف فِي هَذ َا الأصْ ل‬
‫َب الْأَ ن ْب ِيَاء م ِن اليَه ُود َ‬
‫الْق َاسِم‪ :‬من س ّ‬
‫الل ّه وملائكته قتل‪ ،‬و َقَال سُ ح ْن ُون من شَتَم م َلَك ًا م ِن ال ْمَلَائِك َة فَعَلَي ْه‬
‫َب َ‬‫و َقَال الْق َاض ِي بِقُرْطُب َة سَع ِيد بن سُلَيْم َان فِي بَعْض أجْ وبتِه من س ّ‬
‫جبْر ِيل أخْ طأ بال ْوَحْي و َِإ َن ّمَا ك َان النبي عَلِيّ بن أَ بِي طَال ِب اسْ تُت ِيب فإن تاب و َِإ َلّا قُت ِل و َ َ‬
‫نح ْو َه‬ ‫القَت ْل‪ ،‬و َفِي َ‬
‫الن ّوادِر ع َن م َال ِك ف ِيم َن قَال إن ِ‬

‫س َل ّم أشْ ب َه بِعَلِيّ م ِن الغ ُرَاب بالغراب و َقَال أَ بُو‬ ‫ع َن سُ ح ْن ُون و َهَذ َا قَو ْل الغ ُرَاب َيِ ّة م ِن الر ّواف ِض س ُُم ّوا بِذَل ِك لقولهم ك َان َ‬
‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬
‫وأصحابُه عَلَى أصْ لِه ِم من ك َ َذّب ب ِأح َد م ِن الْأَ ن ْب ِيَاء أَ و تَن َ ّقص‬
‫حَن ِيف َة ْ‬
‫أحدا منهم أو يرى مِنْه ُم فَه ُو م ُْرت َد و َقَال أَ بُو الْحَسَن القابسي فِي ال َ ّذ ِي قَال لآخ َر ك ََأن ّه وَجْه م َال ِك الغ َضْ بَان لَو عُر ِف َأن ّه قَصَد ذمّ ال ْمَلِك‬
‫كو ْن ِه م ِن ال ْمَلَائِك َة‬
‫قُت ِل قَال الْق َاض ِي أَ بُو الْف َضْ ل و َهَذ َا كُل ّه فيمن تكلم فيهم بما قلناه على جملة الملائكة والنبيين أو على معين ممن حققنا َ‬
‫ح َ ّققْنَا عليه با ْلخـَب َر ال ْمُت َوَات ِر و َال ْم ُ ْ‬
‫شتَه ِر المتفق عليه بالإجماع القاطع لجـبر يل وم ِيكائِيل وَم َال ِك وخَز َنَة‬ ‫الل ّه عَلَي ْه فِي ك ِتاب ِه أَ و َ‬
‫ص َ‬ ‫والن ّب ِيّين م َِم ّن ن َ ّ‬
‫َ‬
‫كعَز ْرائيل وإسرافيل ورضوان والحَفَظَة‬ ‫جه َ َن ّم َ‬
‫والز ّب َانيِ َة وحَمَلة العَر ْش ال ْم َ ْذكُورِين فِي الْقُر ْآن م ِن ال ْمَلَائِك َة وَم ِن سُم ّي ف ِيه من الْأَ ن ْب ِيَاء و َ‬ ‫الْج َنَ ّة و َ‬
‫ومُن ْك َر ونَكير م ِن ال ْمَلَائِك َة الم َُت ّف َق عَلَى قَب ُول الخـبر بهما ف َأَ َمّا من لَم ٺَث ْب ُت الْأَ خْ بَار بتَِعْيين ِه وَل َا وق َع الإجْماع عَلَى َ‬
‫كو ْن ِه م ِن ال ْمَلَائِك َة أَ و الْأَ ن ْب ِيَاء‬
‫كَهار ُوت ومار ُوت فِي ال ْمَلَائِك َة والْخضر ول ُ ْقم َان وذِي القَر ْنَين ومريم وآسِي َة وخالد بن سنان المذكورة َأن ّه نَبِ ّي أَ ه ْل الرس وزرادشت‬
‫ال َ ّذ ِي ت َ ّدعِ ي ال ْم َجْ وس و َال ْم ُؤَرّخُون نُب ُ َو ّتَه فَلَي ْس الْحُكْم فِي سابّه ِم والكاف ِر بِه ِم كالْحُكْم ف ِيم َن ق َدمناه ِإذ لَم ٺثبت لَه ُم تِل ْك الحرمة و َلـَكِن يزجر‬
‫من تنقصهم وآذاهم و يؤدب بقدر حال المنقول‬
‫ف ِيه لا سيما من عرفت صديقيته وفضله مِنْه ُم وإن لَم ٺَث ْب ُت نُب ُ َو ّتُه و َأَ َمّا إن ْكار نُبُوّتِه ِم أَ و َ‬
‫كو ْن الآخ َر م ِن ال ْمَلَائِك َة فإن ك َان ال ْمُتَك َلّم فِي ذلك‬
‫__________‬
‫)قوله ومنكر( بفتح الكاف كذا قيده ابن العربي المكى الْق َاض ِي أَ بُو بَك ْر )قوله وزرادشت( بزاى مفتوحة وراء فألف فدال مضمومة‬
‫فشين معجمة فمثناة صاحب كتاب المجوس )*(‬

‫)فصل( واعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف‬ ‫‪٥.٣.٨‬‬

‫من أَ ه ْل ال ْعِل ْم فَلَا ح َرج لاخْ ت ِلاف ال ْع ُلمَاء فِي ذَل ِك و َِإن ك َان من ع َوَامّ الناس زُجِر ع َن الْخَو ْض فِي مِث ْل هَذ َا ف ِإن عاد ُأدّب ِإذ لَي ْس‬
‫تح ْت َه ع َم َل لأهل ال ْعِل ْم فَكَي ْف لِل ْع َا َمّة؟‬
‫سلَف الْك َلَام فِي مِث ْل هَذ َا م َِم ّا لَي ْس َ‬
‫لَه ُم الْك َلَام فِي مِث ْل هَذ َا و َق َد كَر ِه ال َ ّ‬
‫س َبّه ُما أَ و جَ حَد َه أَ و حَرْفًا مِن ْه أَ و آيَة أَ و ك َ َذّب ب ِه أَ و بشئ مِن ْه أَ و‬
‫َف بالْقُر ْآن أَ و ال ْمُصَحف أَ و بشئ مِن ْه أَ و َ‬
‫)فصل( وأَ ع ْلَم أن م ِن اسْ تَخ ّ‬
‫كَذّب بشئ م َِم ّا صُرّح ب ِه ف ِيه من حُكْم أَ و خ َب َر أَ و أث ْب َت م َا نَفاه أَ و نَفَى م َا أث ْبَت َه عَلَى عِل ْم مِن ْه بِذَل ِك أَ و شك في شئ من ذَل ِك فَه ُو ك َاف ِر عِن ْد‬
‫ِيم حَم ِيدٍ( ح َ َ ّدثَنَا الْفَق ِيه ُ أَ بُو‬
‫ل م ِنْ حَك ٍ‬
‫ل م ِنْ بَيْنِ يَد َيْه ِ و َلا م ِنْ خ َلْفِه ِ تَنْز ِي ٌ‬ ‫الل ّه تَع َالَى )و َِإ َن ّه ُ لَكِت َ ٌ‬
‫اب عَز ِيز ٌ لا ي َأْ تيِه ِ ال ْبَاطِ ُ‬ ‫أَ ه ْل ال ْعِل ْم بإجْماع قَال َ‬
‫ن د َاسَة َ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو د َاوُد َ ح َ َ ّدثَنَا أَ حْمَد ُ‬
‫ن ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬ ‫ن عَبْدِ ال ْبَر ِّ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن عَبْدِ ال ْمُؤْم ِ ِ‬ ‫الل ّه ُ ح َ َ ّدثَنَا أَ بُو عَل ِ ٍيّ ح َ َ ّدثَنَا اب ْ ُ‬
‫ن أَ حْمَد َ رَحِم َه ُ َ‬
‫ال ْوَلِيدِ هِشَام ُ ب ْ ُ‬

‫ن‬‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم قال )الْمِرَاء ُ فِي الْقُر ْآ ِ‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬
‫ن َ‬ ‫ن ه َار ُونَ ح َ َ ّدثَنَا مُح َم ّد ُ بن عمرو عن أَ بِي سَلَم َة َ ع َنْ أَ بِي ه ُر َي ْرَة َ ع َ ِ‬
‫ل ح َ َ ّدثَنَا يَز ِيد ُ ب ْ ُ‬
‫حن ْب َ ٍ‬
‫ن َ‬
‫بْ ُ‬

‫الل ّه ِ م ِ َ‬
‫ن ال ْمُسْل ِمِينَ فَق َ ْد‬ ‫اب َ‬‫س َل ّم )م َنْ جَ حَد َ آيَة ً م ِنْ ك ِت َ ِ‬‫شكّ و َبِمَعْن َى الْجِد َال‪ ،‬وَع َن ابن ع ََب ّاس عن النبي صلى الل ّٰه عليه و َ َ‬ ‫كفر( تؤول بِمَعْن َى ال َ ّ‬
‫س َبّهَا أَ و اسْ تَخ ّ‬
‫َف بِهَا فَه ُو ك َاف ِر و َق َد أَ جْم َع‬ ‫الل ّه ِ المُنَز ّلَة أَ و َ‬
‫كف َر بِهَا أَ و لَعَنَهَا أَ و َ‬ ‫ل وَكُت ُبَ َ‬
‫َالإنْ ج ِي َ‬ ‫ك ِإ ْن جَ حَد َ َ‬
‫الت ّوْر َاة َ و ِ‬ ‫حَ َ ّ‬
‫ل ضَرْبُ ع ُنُقِه ِ( وَكَذَل ِ َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪٣٠٣‬‬
‫القسم الرابع في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقصه أو سبه عليه الصلاة والسلام‬ ‫‪٥‬‬

‫ن الْقُر ْآن ال ْمَت ْلُو ّ فِي جَم ِيع أَ قْطَار الأَ رْض ال ْمَكْت ُوب‬
‫ال ْمُسْل ِم ُون أَ ّ‬
‫الن ّاسِ( ِإ َن ّه ك َلَام َ‬
‫الل ّه وَو َحْ ي ُه‬ ‫َب َ‬ ‫فِي ال ْم ُصْ حَف ب ِأَ يْدِي ال ْمُسْل ِمِين م َِم ّا جَمَع َه ال َد ّ َف ّتَان من أَ َ ّول )ا ْلحم َْد ُ ل َِل ّه ِ ر ِّ‬
‫َب العالمين ‪ِ -‬إلَى آخِر ‪ -‬قُلْ أَ ع ُوذ ُ ب ِر ِّ‬
‫صدًا لِذَل ِك أَ و ب َ ّدلَه بِ حَر ْف آخ َر مَك َانَه أَ و ز َاد ف ِيه‬
‫ن من نَق َص مِن ْه حَرْفًا قَا ِ‬ ‫س َل ّم و َأَ ّ‬
‫ن جَم ِيع م َا ف ِيه حَقّ و َأَ ّ‬ ‫المُنَز ّل عَلَى نَب ِي ّه مُحَم ّد صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬

‫الإجْمَاع عَلَي ْه و ُأ ْجم ِـع عَلَى أَ َن ّه لَي ْس م ِن الْقُر ْآن عَامِدًا لِك ُ ّ‬
‫ل هَذ َا أَ َن ّه ك َاف ِر و َلِهَذ َا ر َأَ ى م َال ِك‬ ‫حَرْفًا م َِم ّا لَم يَشْتَمِل عَلَي ْه المُصْ حَف ال َ ّذ ِي و َق َع ِ‬
‫الل ّه عَنْهَا ب ِالْفِر ْيَة لأَ َن ّه خ َالَف الْقُر ْآن وَم َن خ َالَف الْقُر ْآن قُت ِل أَ ي لأَ َن ّه ك َ َذّب بِمَا ف ِيه‪ ،‬و َقَال ابن الْق َاسِم من‬
‫َب عَائِش َة رَض ِي َ‬
‫قَت ْل من س ّ‬

‫الر ّحْم َن بن مَهْدِيّ و َقَال مُحَم ّد بن سُ ح ْن ُون ف ِيم َن قَال ال ْمُع َ َو ّذ َت َان لَيْسَتَا من ك ِتَاب َ‬
‫الل ّه‬ ‫الل ّه تَع َالَى لَم يُك َل ِّم م ُوس َى تَكْلِيم ًا يُقْت َل و َقَالَه عَب ْد َ‬
‫ن َ‬ ‫قَال ِإ ّ‬
‫الل ّه لَم يُك َل ِّم م ُوس َى تَكْلِيم ًا‬
‫ن َ‬ ‫ل من ك َ َذّب بِ حَر ْف مِن ْه قَال وَكَذَل ِك ِإن شَه ِد شَاه ِد عَلَى من قَال ِإ ّ‬
‫يُضْر َب ع ُنُق ُه ِإ َلّا أَ ن يَت ُوب وَكَذَل ِك ك ُ ّ‬
‫س َل ّم و َقَال أَ بُو عُثْم َان الْح َ ّداد جَم ِيع‬ ‫الن ّبِيّ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه عَلَي ْه و َ َ‬ ‫الل ّه لَم ي َ ّتخ ِذ ِإ ب ْر َاه ِيم خ َلِيل ًا لأَ َ ّنهُم َا اجْ تَمَع َا عَلَى أَ َن ّه ك َ َذّب َ‬
‫ن َ‬ ‫وشَه ِد آخ َر عَلَي ْه أَ َن ّه قَال ِإ ّ‬
‫كفْر وَك َان أَ بُو الْع َالِي َة ِإذ َا ق َرَأ عِنْد َه رَج ُل لَم يَق ُل لَه لَي ْس كَمَا ق َرأْ َ ت و َيَق ُول أَ َمّا‬ ‫ن الْ جحَ ْد لِ حَر ْف م ِن َ‬
‫الت ّنْز ِيل ُ‬ ‫الت ّوْحِيد م َُت ّفِق ُون أَ ّ‬
‫من يَن ْتَحِل َ‬
‫__________‬
‫)قوله المعوذتان( قال النووي أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن وأن من جحد شيئا منها‬
‫كفر وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه‪ ،‬قال ابن حزم في أول كتاب المجلى هذا كذب على ابن‬
‫مسعود موضوع وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زيد بن حنيس عن عبد الل ّٰه بن مسعود وفيها الفاتحة والمعوذتان انتهى )*(‬
‫كف َر ب ِآية م ِن‬
‫الل ّه بن مَسْع ُود من َ‬
‫كف َر ب ِه كُل ّ ِه و َقَال عَب ْد َ‬ ‫أَ ن َا ف َأَ ق ْرَأ كَذ َا فَبَلَغ ذَل ِك ِإ ب ْر َاه ِيم فَق َال أَ ر َاه سَم ِـع أَ َن ّه من َ‬
‫كف َر بِ حَر ْف مِن ْه فَق َد َ‬
‫كف َر‬ ‫كف َر ب ِه كُل ّ ِه و َقَال أَ صْ ب َغ بن الف َر َج من ك َ َذّب ببَِعْض الْقُر ْآن فَق َد ك َ َذّب ب ِه كُل ّ ِه وَم َن ك َ َذّب ب ِه فَق َد َ‬
‫كف َر ب ِه وَم َن َ‬ ‫الْقُر ْآن فَق َد َ‬
‫الل ّه َ‬
‫الت ّوْر َاة ف َشَه ِد عَلَي ْه بِذَل ِك شَاه ِد ث ُم ّ شَه ِد‬ ‫ي ع ََم ّن خاضم يَه ُودِ ًي ّا فَحل ََف لَه ب َِالت ّوْر َاة فَق َال الآخ َر لَع َن َ‬
‫كف َر ب َِالل ّه و َق َد سُئ ِل الق َاب ِس ِ ّ‬
‫ب ِه فَق َد َ‬
‫ْالث ّانِي ع ََل ّق الأَ مْر ب ِصِ ف َة َ‬
‫تح ْتَمِل‬ ‫شاه ِد ال ْوَاحِد ل َا يُوجِب الْقَت ْل و َ‬
‫آخ َر أَ َن ّه سَأَ لَه ع َن الْق َضِ َي ّة فَق َال ِإ َن ّمَا لَعَن ْت تَوْر َاة الْيَه ُود فَق َال أَ بُو الْحَسَن ال َ ّ‬
‫شاهِد َان عَلَى لعن التوراة مجرد لَضَاق َ‬
‫الت ّأْ وِ يل‪،‬‬ ‫تحْرِ يفِه ِم و َلَو َات ّف َق ال َ ّ‬
‫الل ّه لِتَبْدِيلِه ِم و َ‬ ‫الت ّأْ وِ يل ِإذ لَعلَ ّه ل َا ي َر َى الْيَه ُود م ُتَم َ ِّ‬
‫سكِين بشئ من عِن ْد َ‬ ‫َ‬
‫و َق َد اتفق فُقَه َاء بغداد عَلَى استتابة ابن شنبوذ المقرئ أَ ح َد أئ َِم ّة المقرئين المتصدرين بِهَا م َع ابن ُ‬
‫مجَاه ِد لقراءته وإقرائه بشواذ م ِن الحروف‬
‫م َِم ّا لَي ْس فِي المصحف وعقدوا عَلَي ْه‬
‫__________‬
‫)قوله ابن شنبوذ( قيل إنه بإسكان النون وهو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت المقرئء البغدادي قال ابن خلكان كان من‬
‫مشاهير القراء ذادين وسلامة صدر وقيل كان كثيرا اللحن قليل العلم تفرد بقراءة من الشواذ كان يقرأ بها في المحراب فانكب على وبلغ‬
‫أمره الوزير بن مقلة في شهر ربيع الآخر سَن َة ثَلَاث وَعِشْر ِين وثلاثمائة فاعتقله بداره واستحضره هو والقاضى أبا الحسين عمر بن محمد‬
‫وأبا بكر أحمد بن موسى بن مجاهد المقرئ وجماعة من أهل الفرات فأغلظ القول عليهم فأمر الوزير بضربه فضرب سبع؟ ؟ ؟ فدعا على‬
‫الوزير بقطع يده وتشتيت شمله فكان الأمر كذلك ثم كتب محضرا بما كان يقرؤه واستتيب أن ل َا يَقْرَأ إلا بمصحف أمير المؤمنين عثمان‬
‫وكتب خطه في آخره وأطلق‬

‫)فصل( وسب آل بيته وأزواجه وأصحابه‬

You might also like