Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 19

‫الماستر في القانون المدني و االقتصادي‬

‫عرض في مادة المنهجية‬


‫تحت عنوان‪:‬‬

‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫من إعداد الطلبة‪ :‬تحت اشراف االستاذ ‪:‬‬


‫د‪ /‬عالي الطوير‬ ‫إلياس بنعيسى‬
‫هناء عمراني‬
‫وليد دادس‬
‫خديجة الفقير‬

‫السنة الجامعية ‪2024-2023 :‬‬


‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫مقدمة‬

‫يعد موضوع مناهج البحث العلمي وتطبيقاتها في مجال العلوم القانونية أحد أهم محاور مقياس‬
‫المنهجية القانونية‪ ،‬ذات الطابع النظري أو الموضوعي والتط''بيقي أو اإلج''رائي في نفس ال''وقت نظ''را‬
‫القترانها بعملية إعداد أو إنج''از البح''وث والدراس''ات القانوني''ة‪ ،‬فلق'د ك''ان موض''وع من''اهج البحث من‬
‫الموضوعات المهمة التي اعتنى بها الباحثون قديما و حديثا‪ ,‬باعتب''ارهركيزة أساس''ية للتق''دم و التط''ور‬
‫العلمي‪ ,‬و إقرار بأن الظ''واهر و الس''لوكيات االجتماعي''ة لم يع''د تفس''يرها و التعام''ل معه''ا يتم بص''ورة‬
‫عشوائية‪ ,‬أو يخضع للتفسيرات الغيبية‪ .‬كما أولت الدول المتقدمة أهمية فائقة للبحث العلمي و مناهجه و‬
‫أساليبه و أدواته باعتباره ركيزة أساسية للتق''دم و التط''ور‪ ،‬حيث أن''ه ليس هن''اك أي تق''دم علمي إال عن‬
‫طريق البحث ‪ ,‬و تقدم البحث العلمي يعتمد على المنهج العلمي ‪.‬‬

‫إن مناهج البحث العلمي تعلمالباحث كيف يفكر‪،‬كي''ف يبحث ‪،‬كي''ف يكتب‪ ،‬و كي''ف يع''رض‪ ،‬و‬
‫كيف يناقش‪ ,‬و كيف يستخدم قدراته الفكرية كما تعلمه كيفية جمع المعلومات و تنظيمه''ا و التم''رس في‬
‫استعمالها بكيفية منظمة و عقالنية‪ .‬و هذا ما يجعل المناهج ال غنى عنها في كل التخصصات العلمية‪.‬‬

‫ففي ميدان البحوث األكاديمية‪ ،‬تكمن أهمي'ة االس'تفادة من من'اهج البحث العلمي كأح'د العوام'ل‬
‫الرئيسية التي تحدد جودة األبحاث وتوجيهها نحو تحقيق إسهامات فّعال''ة في مي''ادين المعرف''ة المختلف'ة‪.‬‬
‫إن هذه المناهج ليست مجرد مجموعة من الخطوات الرتيبة‪ ،‬بل تشكل نهجًا فلس''فيًا ومنهجي'ًا يق''وم على‬
‫المنطق والدقة‪ ،‬مما يوفر للباحثين هيكل قائم على األسس العلمي''ة الستكش''اف وفحص الظ''واهر بش''كل‬
‫أعمق‪.‬‬

‫حيث تقوم مناهج البحث بتوجيه الباحثين خالل مراحل تصميم وتنفيذ الدراسات األكاديمية‪ ،‬مما‬
‫يع'زز الترك'يز على األس'ئلة البحثي'ة ذات األهمي'ة ويوج'ه اس'تخدام الط'رق واألدوات األمث'ل‪ .‬إن ه'ذا‬
‫التركيز المستمر على التحليل الدقيق والمنهجية الصحيحة يسهم في تحقيق نتائج أكثر قوة وموثوقية‪.‬‬

‫تعتبر هذه المناهج أيضًا أداة رئيسية لتحقيق التميز األكاديمي‪ ،‬حيث يمكنهامن توجي''ه األبح''اث‬
‫نحو المسارات التي تسهم في الفهم الشامل لمواضيع معينة‪ .‬يعزز ه''ذا التوجي''ه العلمي ت''أثير البح''وث‪،‬‬
‫مسهًم ا في تطوير المعرفة ومواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫في هذا السياق‪ ،‬يبرز الدور الحيوي للباحثين في تعلم وتطبيق ه'ذه المن'اهج بش'كل فّع ال‪ .‬حيث‬
‫يتعين عليهم البحث عن التوازن بين اإلبداع واألساليب البحثية المناسبة‪ ،‬مما يسهم في بناء أساس ق''وي‬
‫للبحوث األكاديمية و العلمية المستدامة والمؤثرة‪.‬‬

‫إن فهم جيد لمناهج البحث وتكاملها بشكل فّعال في البح''وث األكاديمي''ة و العلمي''ة يمث''ل تح''دًيا‬
‫مستمًر ا وفرصة للتحسين المستمر‪ ،‬حيث ي''تيح ذل''ك للمجتم''ع األك''اديمي تحقي''ق تق''دم حقيقي في إث''راء‬
‫المعرفة وتفعيل دور البحث كمحرك للتقدم والتطور‪.‬‬

‫فإذا كان معيار تقدم الشعوب وازدهارها هو مدى تحكمها في القيام ب''البحوث العلمي''ة في ش''تى‬
‫المجاالت وإذا كان مصطلح المناهج العلمية لصيق ب''البحث العلمي‪ ،‬فاإلش''كالية ال''تي يمكن طرحه''ا في‬
‫هذا الصددهي‪:‬‬

‫ما مدى إمكانيةتوظيف مناهج البحث العلمي لتعزيز جودة و أثر األبحاث في المجتمع األكاديمي ؟‬

‫سنحاول اإلجابة على هذهاإلشكاليةمن خالالعتمادنا للتصميم التالي ‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور مناهج البحث العلمي في البحوث األكاديمية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية علم المناهج و تكوينه‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مساهمة المناهج في تحسين جودة البحث‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬بعض المناهج و تطبيقاتها في األبحاث األكاديمية‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬تطبيقات المنهج التاريخي و المنهج المقارن‬

‫الفقرةالثانية‪ :‬تطبيقات المنهج االستنباطي والمنهج االستقرائي‬

‫‪3‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫المطلب األول‪ :‬دور مناهج البحث العلمي في البحوث األكاديمية‬

‫تعت''بر من''اهج البحث العلمي رك''يزة أساس''ية في س''احة البحث األك''اديمي و العلمي‪ ،‬حيث تلعب دورًا‬
‫حيويًا في توجيه وتوظيف جهود الباحثين‪ .‬إن فهم دور هذه المناهج يسهم بشكل كب''ير في تعزي''ز ج''ودة‬
‫األبحاث وقوتها التأثيرية مما يقتضي أوال التعريف بعلم المناهج و تكوينه (الفق''رة االولى) قب''ل تس''ليط‬
‫الضوء على مساهمة المناهج في تحسين جودة البحث (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية علم المناهج و تكوينه‬

‫تهتم العلوم القانونية بدراسة الظواهر و المواقف االجتماعي''ة دراس''ة علمي''ة قانوني''ة من أج''ل اكتش''افها‬
‫وتفسريها والتنبؤ بها وضبطها وتنظيمها بواسطة قواعد وقوانين علمية قانوني''ة عام''ة ومن ثم ك''ان علم‬
‫القانون فرع من فروع العلوم االجتماعية ينطبق عليها مث''ل العل''وم االجتماعي''ة األخ''رى من''اهج البحث‬
‫العلمي مع نوع من التخصيص والتك''ييف والمالئم''ة بالق''در الالزم ل''دواعي ومتطلب''ات وخصوص''يات‬
‫طبيعة العلوم القانونية‪ .‬لإلجاب''ة على إش''كاالت تط''بيق من''اهج البحث العلمي في العل''وم القانوني''ة وجب‬
‫علينا طرح بعض التساؤالت الفرعي''ة و اإلجاب''ة عليه''ا و هي كالت''الي ‪ :‬م''اذا نقص''د بعلم المن''اهج ؟ و‬
‫كيف جاء علم المناهج ؟‬

‫أوال ‪ :‬ماهية علم المناهج‬

‫إن كلم''ة علم المنهجي''ة أو علم المن''اهج "‪ "METHODOLOGIE‬اس''تخدمت ألول م''رة على ي''د‬
‫الفيلسوف كانت‪ ،‬وذلك عندما قسم المنط''ق إلى قس''مني هم''ا ‪:‬أ‪ :‬م''ذهب المب''ادئ‪ ،‬وه''و ال''ذي يبحث في‬
‫الشروط والطرق الصحيحة للحصول على المعرفة‪ .‬ب‪ :‬علم المن''اهج‪ ،‬ال''ذي يهتم بتحدي''د الش''كل الع''ام‬
‫لكل علم وبتحديد الطريقة التي يتشكل ويتكون بها أي علم من العلوم‪.‬‬

‫فعلم المناهج هو العلم الذي يبحث في مناهج البحث العلمي والط'رق العلمي'ة ال'تي يكتش'فها ويس'تخدمها‬
‫العلماء والباحثون من اجل الوصول إلى الحقيقة‪ .‬فإذا ك''انت من''اهج البحث العلمي هي الط''رق المؤدي''ة‬
‫إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم المختلفة بواسطة مجموع''ة من القواع''د والق''وانين العام''ة ال''تي تحكم‬
‫وتنظم سري العقل وتحدد عملياته حتى يص''ل إلى نت''ائج معلوم''ة ‪ ،‬ف''إن علم المن''اهج ه''و العلم الب''احث‬
‫والدارس لهذه المناهج العلمية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫ولقد نشأ وازدهر علم المناهج بعد عملية نضوج العق''ل اإلنس''انيفي الق''رن الس''ابع عش''ر ووال''دة العقلي''ة‬
‫العلمي''ة المنظم''ة على ي''د العدي''د من الفالس''فة والعلم''اء المتخصص''ين أمث''ال فرنس''يس بيك''ون‪ ،‬ري''ني‬
‫‪1‬‬
‫ديكارت و ايمانويل كانت و هيجل‪...‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تكوين علم المناهج‬

‫المقصود بتكوين علم المناهج هذا هو بيان كيفية تك''وين المن''اهج العلمي''ة‪ ،‬وم''ا نص''يب ك''ل من العام''ل‬
‫المتخصص في ميدان علمه ونص''يب الفيلس''وف المنطقي في تك''وين قواع''د ومب''ادئ وق''وانين المن''اهج‬
‫العلمية‪ .‬وبمعنى آخر هل يتم تك''وين المن''اهج بواس''طة رج''ال المنط''ق والفالس''فة مس''بقا ويض''عونه في‬
‫صورة مبادئ وقواعد وقوانين علمية جيب على الباحث والعامل العلمي المتخصص أن يلتزم بها مقدما‬
‫ويسري على هديها خالل القيام ببحوثه العلمية في ميدان تخصصه ‪ ،‬أم إن القوانين والقواع''د والمب''ادئ‬
‫العلمية التي تك''ون من''اهج البحث العلمي هي من اخ''تراع واكتش''اف الب''احث والعام''ل المتخص''ص في‬
‫ميدان علمه‪ ،‬مثل الطبيب العامل‪ ،‬والعام'ل الرياض'ي والعام'ل االجتم'اعي والعام'ل الط'بيعي والعام'ل‬
‫الكيميائي‪...‬اخل‪ .‬وأثار هذه المشكلة بصورة حاس''مة وواض''حة كل''ود بن''ار في مؤلف''ة"الم''دخل لدراس''ة‬
‫‪2‬‬
‫الطب التجريبي"‪.‬‬

‫وقرر رأي كلود برنار بأن جيب على العامل والباحث المتخصص أال يتقيد بمنهج ومذهب فلسفي معني‬
‫أثناء القيام بأبحاثه ودراساته العلمية المتخصصة ألن المناهج اليمكن أن تدرس نظريا كقواعد وق''وانين‬
‫نظرية يسري على هديها العامل المتخصص الب''احث وان المن''اهج العلمي''ة تتك''ون داخ''ل المي''دان‪ ،‬ألن‬
‫الميدان هو المعبد الحقيقي واألصيل للعلم حتى تك''ون ه''ذه المن''اهج علمي''ة وص''حيحة ومتش''بعة ب''روح‬
‫العامل المتخصص‪ .‬فعملية تكوين مناهج البحث العلمي وعلم المناهج عملية يشترك فيها كل من العامل‬
‫المتخص'ص والفيلس'وف المنطقي بص'ورة تكام'ل وتع'اون وتس'اند‪ .‬ويتم ذل'ك عن طري'ق قي'ام العام'ل‬
‫المتخصص في خطوة ومرحل''ة أولى وبي''ان المنهج ال''ذي اكتش''فه واتبع''ه في بحوث''ه ودراس''ته العلمي''ة‬
‫المتخصصة في نطاق علم من العلوم ‪ ،‬ويقدم تقريرا أو أطروحة أو مقال عن ذلك‪ ،‬ثم يأتي عام''ل آخ''ر‬

‫‪ 1‬خنان أنور‪ ،‬إشكالية تطبيق مناهج البحث العلمي في العلوم القانونية واإلدارية مجَّلة الواحات للبحوث و الدراسات المجلد ‪ 14‬العدد ‪2021)3‬‬
‫ص ‪520-507‬‬

‫‪ 2‬عوابدي عمار‪ ،‬مناهج البحث العلمي و تطبيقاتها يف ميدان العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪2005 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫واسع علما وافقا ذو عقلية تأملية شمولية وعامة‪ ،‬ليقوم بعملية مالحظة ومراقب''ة وتنس''يق ب''ني التق''ارير‬
‫والنتائج التي توصل إليها العلماء المتخصصون في مختلف فروع العلوم المختلف''ة‪ ،‬ويح''دد الخص''ائص‬
‫العامة للمناهج المختلفة ثم يأتي خطوة ومرحلة ثالثة الفيلسوف المنطقي ليحاول أن يرب''ط ه''ذه المن''اهج‬
‫والصفات الذاتية للعقل اإلنساني الق'ائم وص'ياغة النت'ائج في ص'ورة م'ذهب للعق'ل اإلنس'اني في مي'دان‬
‫البحث عن الحقيقة‪ ،‬وخلق مبادئ وإرشادات وتوجيهات عامة تساعد كل عام''ل متخص''ص على البحث‬
‫في ميدان تخصصه‪.‬ومن ثم يتكامل ويتعاون ك'ل من دور العام'ل المتخص'ص والفيلس'وف المنطقي في‬
‫تكوين مناهج البحث العلمي وعلم المناهج‪.‬‬

‫كم'''ا أن كاف'''ة المن'''اهج العلمي'''ة ص'''الحة للبحث في كاف'''ة العل'''وم المختلف'''ة فليس هن'''اك تخص'''ص‬
‫وتخصيص'''المناهج‪ ،‬بحيث أن لك'''ل منهج من من'''اهج البحث العلمي يص'''لح لك'''ل علم من العل'''وم ‪،‬‬
‫فالمنهج''التجريبي مث''ال يطب''ق في جم''ال العل''وم الرياض''ية والعل''وم الطبيعي''ة والعل''وم الطبي''ة والعل''وم‬
‫اإلنسانيةواالجتماعية ‪ ،‬وكذا كل من المنهجالتاريخيوالمنهج االستداللي والمنهجالج''دلي‪ ،‬و انم''ا طريق''ة‬
‫وكيفية استخدام هذه المناهجتختلف من علم إلى آخر طبقا لخصوصيات طبيعة هذا العلم وروحه‪.‬‬

‫كما أنه يمكن استخدام كاف''ة المن'اهج العلمي'ة في بحث علمي واح'د و في نط'اق علم معين واح'د بش'كل‬
‫استخدام تكافل وتعاون وتساند كافة هذه المناهج في انجاز بحث علمي كامل وشامل ذو براه''ني ونت''ائج‬
‫وقوانين علمية يقينية وثابتة ومطلقة وتزداد الحاجة إلى استخدام أكثر من منهج واحد من من''اهج البحث‬
‫العلمية في نطاق العلوم اإلنسانية واالجتماعية من أجل الحصول على نتائج وحقائق أكثر ثبات''ا ويقين''ا ‪،‬‬
‫نظرا لشدة تعقد الروابط في الظواهر اإلنسانية واالجتماعية وص''عوبة حص''رها ومالحظته''ا وتجريبه''ا‬
‫واالستدالل فيها والقياس عليها‪ .‬وقد طبق اميل دوركايم مناهج البحث العلمي في كتاب''ه " تقس''يم العم''ل‬
‫االجتماعي " ‪ La Division du travail‬الذي أصدره س''نة ‪ 1893‬واس''تخراج العدي''د من الق''وانين‬
‫والنتائج االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪ .‬وكذلك جند دوركايم قد طبق مناهج البحث العلمي المختلفة‬
‫في مؤلفة االنتحار "‪ "Le Suicide‬ال''ذي ص''در ع''ام ‪ 1887‬واس''تخرج العدي''د من النت''ائج والق''وانين‬
‫االجتماعية ‪.‬‬

‫عموم''ا تبقى العل''وم االجتماعيةبش''كل ع''ام و العل''وم القانوني''ة بش''كل خ''اص مي''دانا أص''يال وأساس''يا‬
‫الستعمال وتطبيق مناهج البحث العلمي‪ 3.‬فكيف تساهم المناهج في تحس''ين و تط''وير ج''ودة البحث‬
‫االكاديمي؟‬

‫‪ 3‬احميدوش مدني ‪ ،‬كتاب الوجيز في منهجية البحث القانوني ‪ 2015‬الطبعة الثالثة دار القلم الرباط‪ ،‬صفحة ‪15-11‬‬

‫‪6‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مساهمة المناهج في تحسين جودة البحث‬

‫مناهج البحث العلمي تلعب دوًرا حيوًيا في تحسين جودة البحوث األكاديمي''ةحيث ت''وفر هيك''ل دقي''ق‪ ،‬و‬
‫توجه الباحثين نحو أهداف محددة وتعزز الدقة والتفكير النقدي‪ .‬بفضل هذه المناهج‪ ،‬يمكن تحقيق ت''أثير‬
‫فّعال في النتائج‪ ،‬مما يسهم في تطوير المعرفة العلمية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أهمية اختيار منهج بحثي صحيح‪.‬‬

‫عندما يقوم الباحث بتحديد منهج بحثي‪ ،‬يجب أن يأخذ في اعتباره عدة عوامل مهمة‪ .‬أح''د ه''ذه العوام''ل‬
‫هو طبيعة السؤال البحثي الذي يحاول الباحث اإلجابة عنه‪ .‬على سبيل المث''ال‪ ،‬إذا ك''ان اله''دف ه''و فهم‬
‫العالقات بين المتغيرات‪ ،‬قد يكون المنهج الكمي هو األمث''ل‪ .‬من جه''ة أخ''رى‪ ،‬إذا ك''ان الب''احث يس''عى‬
‫لفهم السياق والتفاعالت بين العوامل‪ ،‬فإن المنهج النوعي قد يكون الخيار األنس''ب‪ .‬يجب أيًض ا مراع'اة‬
‫البيئة والسياق الثقافي‪ ،‬وضمان أن المنهج يتناسب معها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يجب على الباحث أن يأخذ‬
‫في اعتباره الموارد المتاحة‪ ،‬حيث قد تتطلب بعض المناهج م''وارد كب''يرة من حيث ال''وقت والتك''اليف‪.‬‬
‫ففي النهاية‪ ،‬تحديد منهج بحثي مناسب يساعد في تحقيق أه''داف البحث ولع''ل أن للبحث العلمي أه''داف‬
‫مختلفة تختلف بحسب الغرض من اجراء البحث‪ ،‬و الجهة المس''تفيدة من''ه ‪ ،‬و يمكن اجم''ال أهمه''ا فيم''ا‬
‫يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬حل المشكالت‪ :‬ان البحث العلمي يسعى وراء الحقيقة ‪ ،‬و يحاول التنقيب عنها و كشفها ‪ ،‬و التعرف‬
‫على الظواهر و األحداث ‪ ،‬و التعرف على أسبابها و دراسة ألية حدوثها ‪ ،‬بغرض فهمها بشكل علمي ‪،‬‬
‫للوصول الى نتائج علمية للمشكلة المدروسة ‪.‬‬

‫‪ -2‬اكتش''اف المجه''ول ‪ ،‬و التع''رف على مس''تجدات العل''وم و ذل''ك باس''تخدام أس''لوب الش''ك ‪ ،‬و حب‬
‫االطالع على المعارف القائمة في معالجة المشكالت ‪ ،‬التي تواجه المجتمع في كافة المجاالت‪.‬‬

‫‪ -3‬تقييم و تقويم المعارف العلمية الحالية ‪ ،‬من خالل استخدامها المتكرر على مش''اكل مح''ددة ‪ ،‬وف''ق‬
‫ضوابط و إجراءات مدروسة ‪.‬‬

‫‪ -4‬مواجهة التحديات و المستجدات ‪ ،‬التي تواجه الفرد أو المنشأة أو المجتم''ع في الحي''اة ‪ ،‬ب''البحث عن‬
‫أسبابها و التعرف على طرق عالجها و تحديد أثارها ‪ ،‬و بالتالي إيجاد الحلول المالئمة لها وفق ما هو‬
‫متاح من بيانات و خبرة ‪.‬‬

‫‪ -5‬الرغبة في الحصول على ترقية علمية‪ ،‬أو الحصول على جائزة علمية أو مالية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫ان هذه األهداف و ما يتفرع عنها من أهداف ثانوية ‪ ،‬يمكن أن يتحقق من خالل االتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬استعراض المعرفة الحالية و تحليلها و تنظيمها‪.‬‬

‫‪ -2‬وصف ظاهرة أو حدث ما ‪.‬‬

‫‪ -3‬وضع تفسيرات و تحليالت لشرح ظاهرة أو حدث معين ‪.‬‬

‫‪ -4‬و ضع معرفة علمية جديدة موضع التقييم و االختيار و ذلك ببناء نموذج جديد لمعالجة مشكل ما ‪.4‬‬

‫يعتبر اختيار المنهج الصحيح خطوة أساسية تؤثر في جودة البحث وقوة استنتاجاته‪ ،‬حيث يجسد المنهج‬
‫البحثي اإلطار ال''ذي يوج''ه تص''ميم وتنفي''ذ الدراس''ة‪ ،‬وبالت''الي يلعب دوًرا حاس'ًم ا في تحقي''ق األه''داف‬
‫وتوفير أدلة موثوقة و صادقة‪،‬حيث يعد كل من الص''دق و الموثوقي''ة أح''د أهم أرك''ان البحث العلمي و‬
‫األكاديمي وذلك لقدرتهم على إنجاح البحث بصورة ملحوظة‪ ،‬كم''ا يمت''از ك''ل من الص''دق و الموثوقي''ة‬
‫بقدرتهم على إضفاء طابع المصداقية على البحث‪ ،‬مما يؤكد على ض''رورة اختي''ار الب''احث لألداة ال''تي‬
‫تناسب طبيعته للحصول على أفضل النتائج المرجوة‪ 5.‬فمفهوم الصدق والموثوقي''ة يتعل''ق بم''دى دق''ة و‬
‫صدق البيانات و النتائج التي يتم جمعها و تحليلها فيمكن التعب''ير عن الص''دق و الموثوقي''ة في البح''وث‬
‫األكاديمية و العلمية من خالل عدة جوانب أهمها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ص‪GG‬دقالبياناتو موثوقيته‪GG‬ا‪ :‬في س''ياق البحث العلمي‪ ،‬يتعل''ق ج''انب الص''دق في البيان''ات بض''رورة‬
‫ضمان دقة المعلومات التي يعتمد عليها الباحث‪ .‬يتطلب ذلك دقة األدوات والطرق المستخدمة في جم''ع‬
‫البيانات‪ ،‬مع التركيز على تحقيق موثوقية القياسات‪ .‬باإلضافة إلى ذل'ك‪ ،‬يت'وجب التأك'د من اس'تمرارية‬
‫النتائج ومصداقيتها داخل الدراس''ة نفس''ها‪ ،‬م''ع التحق''ق من ص''دق المعلوم''ات في الس''جالت والتق''ارير‬
‫المستخدمة‪ .‬يعزز التحكم في االنحرافات والتحقق من مصداقية المشاركين من نتائج أكثر دقة وص''دًقا‪،‬‬
‫مما يسهم في بناء أساس قوي للبحث وضمان مصداقيته‪.‬‬

‫‪-2‬صدق األسلوب البحثو موثوقيته ‪ :‬يمثل ركيزة أساسية في البحث العلمي‪ ،‬حيث ينطوي على وضوح‬
‫ودقة الخطوات واألساليب المستخدمة في تصميم وتنفي''ذ الدراس''ة‪ .‬يتعل''ق ذل''ك بش''فافية الوس''ائل‪ ،‬حيث‬
‫يجب على الباحث شرح األساليب بطريقة مفص''لة وواض''حة‪ ،‬ب''دًء ا من اختي''ار العين''ة وانته''اًء بتحلي''ل‬
‫البيانات‪ .‬يكمن أيًض ا في دقة جمع البيانات‪ ،‬حيث يتطلب األمر استخدام عملي''ات دقيق''ة وتحدي''د مع''ايير‬
‫صارمة للقياس‪ .‬كما يتعلق بالتكرار والثبات‪ ،‬حيث ُيشجع على تكرار الدراسة للتحقق من قابلي''ة تك''رار‬

‫‪ 4‬منهجية البحث العلمي مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية‪ 1437‬هجري ‪ 2017‬ميالدي‪.‬‬


‫‪ 5‬الصدق و الثباث في البحث العلمي ‪/https://www.maktabtk.com‬‬

‫‪8‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫النتائج‪ .‬يتطلب األمر أيًض ا تفصيل اإلجراءات بشكل كامل‪ ،‬مع التأكيد على تحليل البيانات بدق''ة‪ .‬يس''هم‬
‫تحقق الموثوقية الداخلية في ضمان توازن واتساق جميع جوانب البحث داخل الدراسة نفس''ها‪ .‬وأخ''يًرا‪،‬‬
‫يشمل صدق األسلوب أيًض ا التحقق من صدق المشاركين والمعلومات التي يقدمونها‪ ،‬مما يع''زز ص''دق‬
‫وموثوقية البحث في السياق األكاديمي‪.‬‬

‫‪ -3‬صدق و موثوقية التفسير‪ :‬في عملية البحث العلمي‪ ،‬يتطلب صدق التفسير وموثوقيته تق''ديم تحلي''ل‬
‫دقيق وم'دروس للنت'ائج المحقق'ة‪ .‬يتمث'ل ص'دق التفس'ير في ق'درة الب'احث على توف'ير تفس'يرات دقيق'ة‬
‫وصادقة للبيانات‪ .‬يجب عليه النظر بعمق في السياق الثقافي واالجتماعي للظواهر المدروسة‪ ،‬وض''مان‬
‫ع''دم التس''رع في التفس''يرات أو التح''يز‪ُ .‬يش''دد على أهمي''ة التحلي''ل ال''دقيق للبيان''ات باس''تخدام أس''اليب‬
‫منهجي''ة وتجنب االعتم''اد على تفس''يرات غ''ير مس''تندة إلى أدل''ة قوي''ة‪ .‬يتطلب األم''ر أيًض ا تحق''ق‬
‫االستدالالت وضمان توجيهها بشكل صحيح نحو فهم دقيق للنتائج‪ُ .‬يش''جع الب''احث على تق''ديم إش''ارات‬
‫للتحفظ‪ ،‬موضًحا حدود تفس''يراته والقي''ود المحتمل''ة‪ .‬كم''ا يت''وجب علي''ه تكام''ل تفس''يراته م''ع األبح''اث‬
‫السابقة واإلطار النظري للمجال لتعزيز مصداقية نتائجه وفهمها‪ .‬يتحق''ق ص''دق وموثوقي''ة التفس''ير من‬
‫خالل هذه الخطوات‪ ،‬مما يسهم في تعزيز جودة وفعالية البحث العلمي‪.6‬‬

‫‪ -4‬صدق وموثوقية اآلليات اإلجرائية‪ :‬يتعلق صدق اآلليات اإلجرائية بالدقة والصدق في تنفي''ذ جمي''ع‬
‫الخطوات والعمليات المتعلقة بالبحث‪ .‬يجب أن تكون هذه اآلليات مصممة بشكل يضمن تجنب األخطاء‬
‫وضمان جمع البيانات بدقة‪ .‬فيتطلب األمر وجود توجيهات واضحة لكل خطوة من خطوات البحث‪ ،‬مع‬
‫التأكيد على استخدام أساليب معتمدة وموثوقة‪.‬‬

‫من ناحي''ة أخ''رى‪ ،‬تتعل''ق موثوقي''ة اآللي''ات بق''درة تك''رار العملي''ات بش''كل متس''ق‪ُ .‬يحث الب''احث على‬
‫استخدام آليات يمكن تكرارها بنفس الدقة‪ ،‬مم'ا يس'مح لآلخ'رين بإع'ادة تنفي'ذ الدراس'ة والحص'ول على‬
‫نتائج مماثلة‪ُ .‬يعزز ذلك موثوقية البحث ويسهم في التأكد من صدق النتائج‪.‬‬

‫باختيار واستخدام آليات إجرائية صادقة وموثوقة‪ ،‬يمكن للباحث ض''مان اس'تناد عمل'ه إلى أس'س قوي'ة‪،‬‬
‫مما يعزز جودة البحث ومصداقيته في المجتمع العلمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬استخدام مناهج البحث لتحسين االبتكار والجودة العلمية‬


‫‪6‬مجلة دراسات في علوم االنسان والمجتمع – جامعة جيجل‪ ،‬مجلد ‪ 03‬عدد ‪ 02‬يونيو ‪.2020‬‬

‫‪9‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫تعتمد الدول المتقدمة في ال'وقت ال'راهن على موض'وع الج'ودة في البح'وث والدراس'ات والتق'ارير في‬
‫كافة المجاالتمما ال شك فيه أن للتعليم العالي دورا أساسيا و فعاال في بناء و تكوين اإلنسان الذي يمث''ل‬
‫الركيزة األساسية في التقدم و التطور في مختلف التنمية الشاملة ‪ ،‬و بما أن اإلنسان ه''و حج''ر الزاوي''ة‬
‫في عملي''ة التنمي''ة ووس''يلتها أص''بح من الض''روري أن يس''عى التعليم الع''الي إلى تزوي''ده بالكف''اءات و‬
‫المهارات المناسبة حتى تمكنه من القيام بالدور المنوط به في ميادين الحياة المختلفة‪ ,7‬فالدول''ة الحديث''ة‬
‫تسعى من خالل مؤسساتها و أجهزتها وعلى رأسها التعليم في بناء و تشييد المجتمع و تطويره‪ ،‬في ظل‬
‫العولمة و التوجهات المحلية و اإلقليمية و قضايا العصر المتجددة إلى خل''ق ش''راكة بحثي''ة يق''وم عليه''ا‬
‫الباحثون في شتى الدول فان كان البحث و التط'وير يس'همان بش'كل فع'ال في إنت'اج المع'ارف و زي'ادة‬
‫مخزون المعرفة و استخدامه البتكار تطبيقات جديدة و تطوير المخرجات المعرفي''ة و بع''دها التط''بيقي‬
‫من جه''ة‪ ,‬و زي''ادة ال''وعي المجتمعي ال''ذي ل''ه ت''أثيرات إيجابي''ة على مع''دالت التنمي''ة االقتص''ادية و‬
‫االجتماعي''ة المس''تدامة من جه''ة أخ''رى و يتم ذل''ك و ف''ق الخط''ط و االس''تراتيجيات للبحث العلمي و‬
‫التطوير على المستوى العالمي‪ ,‬الذي يأخذ بمبدأ ال'دورة الكامل'ة للبحث و االبتك'ار‪ ,‬و رب'ط المؤش'رات‬
‫التخطيطية و التحليلية المقاسة في هذا المجال بمراحل البحث و التطوير التي تبدأ من البحوث األساسية‬
‫و التطبيقية و تنتهي بأسلوب جديد في إطار األنشطة االبتكارية‪. 8‬‬

‫أما الشراكة البحثية في مجال البحث العلمي فتعرف بصورة عامة بأنها عملي'ة تن'درج في إط'ار عالق'ة‬
‫تنظيمية مؤسساتية تواصلية واضحة و محددة تمكن األطراف المعينة من التعاون في مجاالت البحث و‬
‫التطوير عن طريق مشاركة الجامعات التي لها تأثير مباشر في إجراء البحث من حيث ال''دعم و التنفي''ذ‬
‫مع تلك األطراف التي من المأمول أن تتأثر بمخرجات ه''ذه البح''وث معرفي''ا و فني''ا و اقتص''اديا‪ .‬و يتم‬
‫ذل''ك بتض''افر الجه''ود المجتمعي''ة و البحثي''ة لتوف''ير م''دخالت عيني''ة أو غ''ير عيني''ة إلح''داث التحس''ين‬
‫المطلوب في الجودة العلمية البحثية ‪.‬‬

‫إن دعم التع''اون بين الجامع''ات و المراك''ز البحثي''ة عن طري''ق الرب''ط بين البحث العلمي من ناحي''ة و‬
‫احتياجات السوق من ناحية أخرى يعد من العوامل المهمة التي تحقق غايات و أهدافا كثيرة مما ينعكس‬
‫بالنفع على كال الطرفين‪ ،‬و يعود باإليجاب على االقتصاد الوطني ‪ ,‬باإلض''افة إلى تفعي''ل دور الجامع''ة‬
‫في اشتراك المؤسسات المجتمعية في المرحلة األولية لجمع المعلومات من أجل إع''داد البحث العلمي و‬
‫األكاديمي عن طريق تطبيق المناهج كال أو بعضا‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬بعض المناهج و تطبيقاتها في األبحاث األكاديمية‬


‫‪ 7‬المرشد إلى كتابة الرسائل الجامعية‪ .‬الرياض‪ :‬أكاديمية نايف للعلوم األمنيةالبداينة‪ ،‬ذياب‪.1999 .‬‬
‫‪ 8‬االبتكار والتطوير في البحث العلمي‪ 08 ،‬يوليو ‪ 2019‬أراء حول الخليج ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫تتعدد المناهج المعتمدة في البحث العلمي‪ ،‬لذلك فالكتابة في المجال القانوني غالبا ما تعتمد التكام‪LL‬ل في‬
‫المناهج‪ ،‬وعلى هذا األساس يجب االعتم‪LL‬اد على من‪LL‬اهج متع‪LL‬ددة‪ ،‬من قبي‪LL‬ل‪ :‬المنهج الت‪LL‬اريخي والمنهج‬
‫المقارن (الفقرة األولى)‪ ،‬وكل من المنهجين االستنباطي واالستقرائي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تطبيقات المنهج التاريخي والمنهج المقارن‬

‫يختلف المنهج التاريخي عن المنهج المقارن في طريقة توظيفه في البحث العلمي لذلك وجب التط‪LL‬رق‬
‫لكل واحد منهما على حدة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المنهج التاريخي‬

‫ُيعرف المنهج التاريخي أو االستردادي على أنه‪" :‬إحدى الطرق التي ُتسهم في بل'وغ حقيق'ة معين'ة‪ ،‬من‬
‫خالل جم''ع المعلوم''ات والبيان''ات التاريخي''ة عن ظ''اهرة أو موض''وع الدراس''ة‪ ،‬والتع''رف على كيفي''ة‬
‫نشأتها‪ ،‬وتطوره''ا‪ ،‬والرب''ط بين ذل''ك والهيئ''ة الواقعي''ة في الف''ترة الحالي''ة‪ ،‬ومن ثم التنب''ؤ بالمس''تقبل"‪،‬‬
‫ويظهر ذلك جلًّيا في الدراسات والمؤلفات السابقة التي يستعين بها الب''احثون عن''د تنفي''ذ أبح''اثهم‪ ،‬وتل''ك‬
‫الطريق''ة تس''اهم في عالج كث''ير من المش''اكل االجتماعي''ة‪ ،‬وبالمث''ل في بعض التخصص''ات العلمي''ة‬
‫األخرى‪ ،‬وُيعد المنهج التاريخي من أهم مناهج البحث العلمي المستخدمة بكثرة‪ ،‬ومن أهم العلماء ال''ذين‬
‫أَّص لوا للمنهج التاريخي كل من‪ :‬كارل ماركس‪ ،‬وكذلك ماكس فايبر‪ ،‬وابن خلدون‪.‬‬

‫يهتم المنهج الت‪L‬اريخي في دراس‪L‬ة الماض‪LL‬ي من أج‪L‬ل فهمي الحاض‪LL‬ر ومن أج‪L‬ل التنب‪L‬ؤ بالمس‪L‬تقبل‪ ،‬من‬
‫خالل ذلك فإن الباحث في مجال علم التاريخ يقوم بتحليل وتفسير األح‪LL‬داث الماض‪LL‬ية‪ ،‬به‪LL‬دف الوق‪LL‬وف‬
‫على مضامينها وتوسيعها وتفسيرها بصورة علمية تحدد تأثيرها على الواقع الحالي للمجتمعات‪ .‬وه‪LL‬و‬
‫منهج عرف منذ القدم فقد عرفه " ابن خلدون" على أنه‪ " :‬فن عزيز المذهب جم الفوائد شريفالغاية‬
‫إذا هو يوقفنا على أحوال الماض‪66‬يين من األمم في أخالقهم واألنبي‪66‬اء في س‪66‬يرهم والمل‪66‬وك في دولهم‬
‫وسياستهم حتى تتم فائدة االقتداء في ذلك لمن يرومه في أح‪66‬وال ال‪66‬دين وال‪66‬دنيا"‪ .‬فالمنهج الت‪LL‬اريخي‬
‫يعتمد على مادة علمية تاريخية صرفة تعود وقائعها وأحداثها إلى الماضي القريب أو البعيد وهي تتسم‬
‫بالثراء والتنوع إذ تشمل المصادر والمراجع التاريخية المرتبطة بموضوع البحث والكتب العلمية‬

‫‪11‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫واألدبي‪LL‬ة‪،‬والس‪LL‬يرة الذاتي‪LL‬ة ومختل‪LL‬ف المق‪LL‬االت ال‪LL‬واردة في المجالت العام‪LL‬ة والخاص‪LL‬ة وغيره‪LL‬ا من‬
‫المصادر والمراجع‪.9‬‬

‫وحتى يتأتى دراسة الظاهرة دراسة تاريخية يتعين على الباحث إتباع الخطوات اآلتية‪:‬‬

‫ـ تحديد الظاهرة محل الدراسة والبحث جمع المعلومات والمصادر التاريخية بشأن الظاهرة‬
‫المدروسة؛‬

‫ـ نقد المصادر التاريخية؛‬

‫ـ القيام بعملية التركيب والتفسير التاريخي‪.‬‬

‫ـ الوصول إلى نتائج‪.10‬‬

‫ومن األمثل‪LL‬ة على ه‪LL‬ذا المنهج‪ ،‬نج‪LL‬د الب‪LL‬احث في موض‪LL‬وع الوكال‪LL‬ة ال‪LL‬ذي يب‪LL‬دأ بحث‪LL‬ه بدراس‪LL‬ة التط‪LL‬ور‬
‫التاريخي لمؤسسة الوكالة في النظم القانونية القديمة إلى حين الوصول إلى التنظيم القانوني الحالي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنهج المقارن‬

‫إن المنهج المقارن يعتبر من أبرز من‪L‬اهج البحث العلمي وتطبيقاته‪L‬ا في مي‪L‬دان العل‪L‬وم القانوني‪L‬ة‪ ،‬حيث‬
‫يعتمد عليه الباحث القانوني عندما يسعى في دراس‪LL‬ته إلج‪LL‬راء المقارن‪LL‬ات بين النظم القانوني‪LL‬ة بين ع‪LL‬دة‬
‫دول‪ ،‬وتوضيح أوجه االختالف أو التشابه بين ه‪LL‬ذه النظم‪ ،‬وله‪LL‬ذه المقارن‪LL‬ات دور أساس‪LL‬ي في تط‪LL‬وير‬
‫القوانين ومعالجة أي مشكلة أو خلل في هذه القوانين‪.‬‬

‫فالمنهج المقارن هو المنهج الذي يعتمده الب‪LL‬احث للمقارن‪LL‬ة بين قانون‪LL‬ه الوط‪LL‬ني وق‪LL‬انون أوع‪LL‬دة ق‪LL‬وانين‬
‫أجنبية أو أي نظام آخر كالشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك لبيان أوجه االختالف واالتف‪LL‬اق بينهم‪LL‬ا فيم‪LL‬ا يتعل‪LL‬ق‬
‫في المسألة القانونية محل البحث بهدف التوصل إلى أفضل حل لها بحيث يصنف الع‪LL‬الم االجتم‪LL‬اعي "‬
‫إميل دوركايم " بأنه نوع من التجريب الغير المباشر‪ ،‬فالمنهج المقارن يدفعنا إلى توضيح معنى‬
‫المقارنة وقد تبوأ هذا المنهج أهمي‪LL‬ة خاص‪LL‬ة في مج‪LL‬ال الدراس‪LL‬ات القانوني‪LL‬ة‪ .‬وظه‪LL‬ر الق‪LL‬انون المق‪LL‬ارن‬
‫كميدان من ميادين البحث والدراس‪LL‬ة وكعلم ق‪LL‬ائم بذات‪LL‬ه ب‪LL‬ل وأص‪LL‬بح موض‪LL‬وعا من مواض‪LL‬يع الدراس‪LL‬ات‬
‫القانونية ويرتبط باستخدام هذا المنهج في دراسة وتفس‪LL‬ير مختل‪LL‬ف ف‪LL‬روع الق‪LL‬انون‪ .11‬و يرتك‪LL‬ز المنهج‬
‫المقارن عل عنصرين أساسين هما عنصر االشتراك وعنصر المقابلة التزامنية‪.‬‬
‫‪9‬ـ جودية خليل‪ :‬المنهجية القانونية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية ـ مراكش‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2021‬الصفحة ‪.34:‬‬
‫‪10‬ـ عمار عوابدي‪ ،‬مناهج البحث العلمي وتطبيقاتها في ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬جبعة‪ ،1987‬الصفحة‪:‬‬
‫‪.261‬‬
‫‪11‬ـ حسن ملحم‪ ،‬التفكير القانوني والمنهجية‪ ،‬مطبعة حلب‪ ،‬طبعة ‪ ،1993‬الصفحة ‪.276‬‬

‫‪12‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫فعنصر االشتراك فمفاده أن يكون بين القضايا الخاضعة للمقارنة عناصر وقواسم مش‪LL‬تركة قوي‪LL‬ة على‬
‫مستوى المنهج والموضوع مثل مقارنة نظام الت‪LL‬أمين بين الق‪LL‬انون الفرنس‪LL‬ي والق‪LL‬انون المغ‪LL‬ربي‪ ،‬بينم‪LL‬ا‬
‫عنصر التزامنية يقصد به مقارنة جزيئات الموضوع على حدة وليس بين األنظمة الكلية فحسب‪.12‬‬

‫ولدراسة المنهج المقارن يجب على الباحث في مجال العلوم القانونية إتباع الخطوات التالية‪:‬‬

‫ـ تحديد الظواهر المتجانسة وليس الظواهر المتناقضة؛‬

‫ـ القيام بجمع المعلومات بواسطة استخدام بعض أدوات البحث العلمي؛‬

‫ـ القيام بعمليات التحليل وتصنيف المعلومات ومقارنتها‪.‬‬

‫وكمثال أيضا على هذا المنهج كأن يقوم الباحث بالمقارنة بين أكثر من نظامين كحالة دراسة موضوع‬
‫الحماية البيئية بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪.‬‬

‫الفقرةالثانية‪ :‬تطبيقات المنهج االستنباطي والمنهج االستقرائي‬

‫يختلف المنهج االستنباطي عن المنهج االستقرائي بشكل كبير لذلك وجب التطرق لكل‬
‫واحد منهما على حدة‪.‬‬

‫أوال‪:‬المنهج االستنباطي‬

‫‪12‬ـ محمد البوشواري‪:‬منهجية البحث العلمي‪ ،‬مطبعة قرطبة ـ أكادير‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2012‬الصفحة‪.24 :‬‬

‫‪13‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫يعتبر المنهج االستنباطي‪ 13‬أحد أساليب االستدالل‪ .‬واالستنباط يشير إلى أي استنتاج أو استدالل بوج‪LL‬ه‬
‫عام‪ .‬أما معناه االص‪LL‬طالحي فه‪LL‬و عب‪LL‬ارة عن دلي‪LL‬ل يتخ‪LL‬ذ في‪LL‬ه التفك‪LL‬ير طريق‪LL‬ه من الع‪LL‬ام إلى الخ‪LL‬اص‪،‬‬
‫ويتمثل في مجموعة عمليات ذهنية تدور جميعها في العقل بعيدة عن الواقع‪ ،‬وتب‪LL‬دأ من فك‪LL‬رة عام‪LL‬ة أو‬
‫مبدأ يعده الباحث من المسلمات‪ ،‬واليحتاج إلى اختبار مع الواقع‪ .‬وبالتالي ف‪LL‬إن الب‪L‬احث في االس‪LL‬تنباط‪،‬‬
‫يحاول إثبات أن ما يصدق على الكل يصدق على الجزء‪ .‬أيضا من خالل إثبات أن الجزء يق‪LL‬ع ض‪LL‬من‬
‫الكل‪ .‬وال يتأتى ذلك إال بالربط بين األشياء وعللها على أساس المنطق والتأمل الذهني‪.14‬‬

‫وبالبناء عليه‪ ،‬يبدأ المنهج االستنباطي البحث باالعتماد على فك‪L‬رة عام‪L‬ة‪ ،‬وهي م‪L‬ا تس‪L‬مى بالمق‪L‬دمات‪.‬‬
‫وهي قد تكون فكرة مبرهن عليها أو بديهة أو غيرهما‪ ،‬ثم نستنبط منها النتائج الجزئية الخاص‪LL‬ة وذل‪LL‬ك‬
‫وفق المنطق الشكلي‪.15‬‬

‫إن النتائج هي عبارة عن أفكار تنبثق منطقيا مما يسبقها‪ .‬ومعنى ذلك أن نتائج االستنباط مس‪LL‬تنبطة من‬
‫المقدمات بطريقة التحليل المنطقي‪ .‬وأهم طريق‪L‬ة يس‪LL‬تخدمها المنط‪LL‬ق الش‪LL‬كلي في االس‪LL‬تنباط م‪LL‬ا يس‪LL‬مى‬
‫بالقياس‪ ،‬وهي الصورة النموذجية للدليل االستنباطي‪ .‬ومن تم‪ ،‬يتألف القي‪LL‬اس كقاع‪LL‬دة عام‪LL‬ة من ثالث‪LL‬ة‬
‫أجزاء‪ :‬مقدمتان كبرى وصغرى ونتيجة‪.‬‬

‫ومن األهمي‪LL‬ة بمك‪LL‬ان اإلش‪LL‬ارة إلى أن الفيلس‪LL‬وف "أفالط‪LL‬ون" أول من اس‪LL‬تعمل المنهج االس‪LL‬تنباطي في‬
‫أبحاثه السياسة واالجتماعية‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل مؤلفه "الجمهورية"‪ .‬وقد تغلغل هذا المنهج في كل‬
‫العلوم والمعارف اإلنسانية عند العرب والمسلمين‪ ،‬وجعلوا فروض‪LL‬ا خاص‪LL‬ة في ك‪LL‬ل علم‪ ،‬وه‪LL‬ذه مس‪LL‬لم‬
‫بصوابها عند أهل هذا العلم‪ ،‬وهي ال تحتاج إلى برهنة على صحتها‪.16‬‬

‫ويعرف المنهج االس‪LL‬تنباطي في الدراس‪LL‬ات القانوني‪LL‬ة ب‪LL‬المنهج التحليلي أو اس‪LL‬م القي‪LL‬اس‪ ،‬ومن تطبيق‪LL‬ات‬
‫المنهج االستنباطي أن يستند الباحث في مجال القانون الجنائي إلى قواعده العامة ليرى مدى إمكانية‬

‫تطبيقها على الظواهر اإلجرامية الحديثة مثل اإلرهاب‪ ،‬وغس‪LL‬يل األم‪LL‬وال‪ ،...‬أي االنتق‪LL‬ال من الق‪LL‬انون‬
‫الكلي إلى الجزئيات التي تقع تحته‪.17‬‬
‫‪13‬ـ واالستنباط كما عرفه ابن منظور هو‪ :‬االستخراج‪ .‬لسان العرب‪ ،‬وقد ورد هذا المصطلح في قوله تعالى‪ " :‬ولو ردوه إلى الرسول وإلى‬
‫أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولوال فضل هللا عليكم ورحمته التبعتم الشيطان إال قليال "‪ .‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.82‬‬
‫‪14‬ـ أحمد حافظ نجم وآخرون‪ :‬دليل الباحث‪،‬دار المريخ ‪ ،1988‬الصفحة‪ .13:‬أشار إليه محمد العروصي‪ :‬المرشد في المنهجية القانونية‪،‬‬
‫مطبعة مرجان ـ مكناس‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2016‬الصفحة‪.40:‬‬
‫‪15‬ـ محمد العروصي‪ :‬المرجع أعاله‪ ،‬الصفحة‪.40:‬‬
‫‪16‬ـ موالي حفيظ علوي قاديري‪ :‬البحث في العلوم القانونية واالجتماعية الوجيز في األساسيات والمناهج والتقنيات‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنيةـ‬
‫مراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2021‬الصفحة‪.37:‬‬
‫‪17‬ـ أحمد حمومي‪ :‬المختصر في منهجية العلوم االجتماعية والقانونية‪ ،‬مطبعة سجلماسة ـ مكناس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2019‬الصفحة‪.56 :‬‬

‫‪14‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫وتقريبا لصورة المنهج االستنباطي ضمن الدراس‪L‬ات القانوني‪L‬ة يب‪L‬دأ الب‪L‬احث مثال في دراس‪L‬ة الس‪L‬لطات‬
‫الرئيسية في الدولة وهي‪ :‬السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية‪ .‬وانطالقا من دراس‪LL‬ة‬
‫النظام السياسي للدولة وهي الظاهرة الكلية‪ ،‬وصوال إلى دراسة ك‪LL‬ل س‪LL‬لطة على ح‪LL‬دة أي وص‪LL‬وال إلى‬
‫الظاهرة الجزئية المتفرعة عن الظاهرة الكلية وهي‪ :‬نظام الحكم السياسي المتب‪L‬ع في الدول‪L‬ة‪ .‬وفي ه‪L‬ذا‬
‫المثال يالحظ أن دراسة السلطات المختلفة للدولة تفرض االنطالقة من دراسة نظام الحكم المتبع فيها‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة نكون أمام استدالل تنازلي تنتقل في‪L‬ه من دراس‪L‬ة الظ‪L‬اهرة الكلي‪L‬ة إلى دراس‪L‬ة الظ‪L‬اهرة‬
‫الجزئية‪.18‬‬

‫وبذلك يظهر أن المنهج أو األسلوب االستنباطي ينشأ من وجود استفسار علمي‪ ،‬ثم يعمل الب‪LL‬احث على‬
‫جمع البيانات والمعلومات وتحليلها إلثبات صحة االستفسار أو رفض‪LL‬ه‪ .‬فه‪LL‬و استفس‪LL‬ار ي‪LL‬دور كلي‪LL‬ة في‬
‫ذهن الباحث بعيدا عن الواقع المقصود خالفا للمنهج االستقرائي‪.19‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنهج االستقرائي‬

‫االس‪LL‬تقراء ه‪LL‬و عب‪LL‬ارة عن اس‪LL‬تدالل تص‪LL‬اعدي حيث ينطل‪LL‬ق الب‪LL‬احث من الج‪LL‬زء إلى الك‪LL‬ل‪ ،‬أي من‬
‫الظاهرة الجزئية إلى الظاهرة الكلية‪ ،20‬إذن يتمثل المنهج االستقرائي في السير من الخاص إلى العام‪.‬‬

‫وبالتالي يعد المنهج االستقرائي أحد طرق االستدالل‪ ،‬وتتأسس دراسته على عكس المنهج االس‪LL‬تنباطي‬
‫من الخاص إلى الع‪LL‬ام‪ .‬كم‪LL‬ا يش‪LL‬مل االس‪LL‬تقراء مختل‪LL‬ف االس‪LL‬تنتاجات العلمي‪LL‬ة المس‪LL‬تندة على المالحظ‪LL‬ة‬
‫والتجريب‪ .‬لذلك يسمى المنهج االستقرائي بالمنهج التأصيلي‪ ،‬ألنه يقوم على استقراء األجزاء ليس‪LL‬تدل‬
‫منها على حقائق تعمم على الكل‪.21‬‬

‫ومن الناحي‪LL‬ة التاريخي‪LL‬ة‪ ،‬يعت‪LL‬بر الفيلس‪LL‬وف "أرس‪LL‬طو" أول من اس‪LL‬تعمل المنهج االس‪LL‬تقرائي في أبحاث‪LL‬ه‬
‫وتحليالت السياسة حول الدولة والحكومة وقد انتقد الفيلسوف "أرسطو" المنهج االستداللي االستنباطي‬
‫الذي استعمله الفيلسوف " أفالطون"‪ ،‬ونتيجة هذه االنتقادات جاء المنهج االستقرائي‪.‬‬

‫‪18‬ـمنية بنلمليح‪ :‬المدخل لدراسة مناهج العلوم القانونية واالجتماعية‪ ،‬مطبعة سجلماسة ـ مكناس‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2017‬الصفحة‪.37 :‬‬
‫‪19‬ـ سعاد العمراني المريني‪ :‬البحث العلمي ـ مناهجه‪ ،‬قواعده‪ ،‬تقنيات كتابته‪ ،‬مطبعة زالغ ـ فاس‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2008‬الصفحة‪.29 :‬‬
‫‪20‬ـ أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬األصول المنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬دار النهضة العربية ـ القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1999‬الصفحة‪.34:‬‬
‫أشار إليه رشيد بنعياش‪ :‬منهجية البحث في العلوم القانونية‪ ،‬مطبعة شمس برينت ـ الرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 2018‬الصفحة ‪.60:‬‬
‫‪21‬ـ محمد العروصي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.42:‬‬

‫‪15‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫إذن يتمث‪LL‬ل المنهج االس‪LL‬تقرائي في الس‪LL‬ير من الخ‪LL‬اص إلى الع‪LL‬ام‪ ،‬حيث ت‪LL‬دل على حرك‪LL‬ة العق‪LL‬ل للقي‪LL‬ام‬
‫بعمليات هدفها التوصل إلى قانون أو قاعدة كلية تحكم الفرعيات أو التفاصيل التي تم إدراكها من قب‪LL‬ل‬
‫األفراد‪.‬‬

‫والفرق بين االستنباط واالستقراء يتمثل في أننا ننتق‪LL‬ل في االس‪LL‬تقراء من الجزيئ‪LL‬ات إلى الق‪LL‬انون الكلي‬
‫الذي يحكمها‪ ،‬في حين أننا في عملية االستنباط ننتقل من القانون الكلي إلى الجزيئات ال‪LL‬تي تق‪LL‬ع تحت‪LL‬ه‪.‬‬
‫أي أن هناك تداخل بين عملية االستقراء وعملية االس‪LL‬تنباط‪ ،‬والخالف بينهم‪LL‬ا ال يك‪LL‬ون إال في االتج‪LL‬اه‬
‫العكسي من أسفل إلى أعلى بالنسبة لالستقراء ومن أعلى إلى أسفل بالنسبة إلى االستنباط‪.22‬‬

‫ومثال‪LL‬ه‪ :‬أن يق‪LL‬وم الب‪LL‬احث بدراس‪LL‬ة عالق‪LL‬ة جه‪LL‬از القض‪LL‬اء بجه‪LL‬از التنفي‪LL‬ذ‪ ،‬ثم عالق‪LL‬ة القض‪LL‬اء بالجه‪LL‬از‬
‫التشريعي ثم عالقة القضاء بالجهاز التشريعي ثم عالقة الجهاز التشريعي بالجهاز التنفي‪LL‬ذي‪ .‬من خالل‬
‫كل ذلك نصل إلى تقرير مبدأ الفصل بين السلطات كمبدأ ضروري لنظام الحكم في الدولة‪.‬‬

‫وفي هذا المثال نكون قد انتقلنا من دراسة الجزيئات المتمثلة في السلطات المختلفة إلى دراسة الكلي‪L‬ات‬
‫المتمثلة في مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬وبالتالي نكون قد استخدمنا المنهج االستقرائي في الدراسة‪.‬‬

‫والمثال الثاني‪ ،‬أن يقوم الباحث بدراسة مكانة العرف في الق‪LL‬انون الم‪LL‬دني المغ‪LL‬ربي‪ ،‬ثم مكان‪LL‬ة الع‪LL‬رف‬
‫في القانون التجاري المغ‪LL‬ربي‪ ،‬ثم مكان‪LL‬ة الع‪LL‬رف في الق‪LL‬انون البح‪LL‬ري‪ ،‬من خالل ك‪LL‬ل ذل‪LL‬ك نص‪LL‬ل إلى‬
‫تقرير مكانة العرف كمصدر مهم ورئيسي للقاعدة القانونية في النظام القانوني المغربي‪.23‬‬

‫وفي هذا المثال نكون قد انتقلنا من دراسة الجزئيات المتمثلة في القوانين المختلفة‪ ،‬إلى دراسة الكلي‪LL‬ات‬
‫المتمثل‪LL‬ة في مب‪LL‬دأ أهمي‪LL‬ة الع‪LL‬رف في النظ‪LL‬ام الق‪LL‬انوني المغ‪LL‬ربي‪ ،‬وبالت‪LL‬الي نك‪LL‬ون ق‪LL‬د اس‪LL‬تخدمنا المنهج‬
‫االستقرائي في الدراسة‪.‬‬

‫‪22‬ـموالي حفيظ علوي قادري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.40‬‬


‫‪23‬ـ أحمد حمومي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.76‬‬

‫‪16‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫خاتمة‬
‫تعت‪LL‬بر المن‪LL‬اهج البحثي‪LL‬ة أهم الوس‪LL‬ائل المعتم‪LL‬دة في دراس‪LL‬ة األبح‪LL‬اث والدراس‪LL‬ات العلمي‪LL‬ة من مختل‪LL‬ف‬
‫المجاالت ومنها العلوم القانوني‪LL‬ة واإلداري‪LL‬ة‪ ،‬وبالت‪LL‬الي فهي تس‪LL‬اهم بش‪LL‬كل مباش‪LL‬ر بتط‪LL‬وير ه‪LL‬ذه العل‪LL‬وم‬
‫وإيجاد الحلول للمشكالت والظواهر المرتبطة بها‪ .‬وه‪L‬ذا م‪L‬ا تتض‪LL‬ح أهميت‪L‬ه بش‪L‬مل رئيس‪L‬ي في عالمن‪L‬ا‬
‫الحالي الذي تطور بشكل كبير وخصوصًا من النواحي التكنولوجية‪ ،‬وبات بحاجة إلى تطوير الق‪LL‬وانين‬
‫والتشريعات المرتبطة بحياة األفراد وبالعالق‪LL‬ات ال‪LL‬تي تجمعهم م‪LL‬ع بعض‪LL‬هم‪ .‬وفي األخ‪LL‬ير يمكن الق‪LL‬ول‬
‫وبكل تأكيد على أن توظيف مناهج البحث العلمي في البحوث األكاديمية يلعب دورا محوريا وجوهريا‬
‫للرقي بالبحث العلمي بش‪LL‬كل ع‪L‬ام وفي الدراس‪LL‬ات القانوني‪LL‬ة على وج‪LL‬ه الخص‪LL‬وص‪ ،‬ذل‪LL‬ك أن اس‪LL‬تعمال‬
‫منهج علمي أو عدة مناهج في أن واحد أضحى الزما والمن‪LL‬اص من اعتم‪LL‬اده من قب‪LL‬ل رج‪LL‬ال الق‪LL‬انون‬
‫بغية الوصول إلى إنجاز بحث أكاديمي متكامل‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫قائمة المراجع‬

‫حسن ملحم‪ ،‬التفكير القانوني والمنهجية‪ ،‬مطبعة حلب‪ ،‬طبعة ‪.1993‬‬

‫محمد البوشواري‪:‬منهجية البحث العلمي‪ ،‬مطبعة قرطبة ـ أكادير‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2012‬‬

‫جودية خلي''ل‪ :‬المنهجي''ة القانوني''ة‪ ،‬المطبع''ة والوراق''ة الوطني''ة ـ م''راكش‪ ،‬الطبع''ة الثاني''ة‬
‫‪.2021‬‬

‫عم''ار عواب''دي‪ ،‬من''اهج البحث العلمي وتطبيقاته''ا في مي''دان العل''وم القانوني''ة واإلداري''ة‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬جبعة‪1987‬‬

‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‬

‫أحمد حمومي‪ :‬المختص''ر في منهجي''ة العل''وم االجتماعي''ة والقانوني''ة‪ ،‬مطبع''ة سجلماس''ة ـ‬


‫مكناس‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2019‬‬

‫مني'ة بنلمليح‪ :‬الم'دخل لدراس'ة من'اهج العل'وم القانوني'ة واالجتماعي'ة‪ ،‬مطبع'ة سجلماس'ة ـ‬
‫مكناس‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2017‬‬

‫سعاد العمراني المريني‪ :‬البحث العلمي ـ مناهجه‪ ،‬قواعده‪ ،‬تقني''ات كتابت''ه‪ ،‬مطبع''ة زالغ ـ‬
‫فاس‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2008‬‬

‫أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬األصول المنهجية إلعداد البحوث العلمية‪ ،‬دار النهضة العربي''ة ـ‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪.1999‬‬

‫رشيد بنعياش‪ :‬منهجية البحث في العلوم القانونية‪ ،‬مطبعة شمس برينت ـ الرباط ‪ ،‬الطبع''ة‬
‫الثانية ‪.2018‬‬

‫‪18‬‬
‫توظيف المناهج في األبحاث األكاديمية‬

‫م''والي حفي''ظ عل''وي ق''اديري‪ :‬البحث في العل''وم القانوني''ة واالجتماعي''ة الوج''يز في‬
‫األساس''يات والمن''اهج والتقني''ات‪ ،‬المطبع''ة والوراق''ة الوطنيةـ م''راكش‪ ،‬الطبع''ة األولى‬
‫‪.2021‬‬

‫محمد العروصي‪ :‬المرشد في المنهجية القانونية‪ ،‬مطبعة مرجان ـ مكناس‪ ،‬الطبع''ة الثالث''ة‬
‫‪.2016‬‬

‫خن''ان أن''ور‪ ،‬إش''كالية تط''بيق من''اهج البحث العلمي في العل''وم القانوني''ة واإلداري''ة مجَّل ة‬
‫الواحات للبحوث و الدراسات المجلد ‪ 14‬العدد ‪ 2021)3‬ص ‪520-507‬‬

‫عوابدي عمار‪ ،‬مناهج البحث العلمي و تطبيقاتها ي''ف مي''دان العل''وم القانوني''ة و اإلداري''ة‪،‬‬
‫ديوان المطبوعاتالجامعية ‪2005 ،‬‬

‫احميدوش مدني ‪ ،‬كتاب الوجيز في منهجية البحث القانوني ‪ 2015‬الطبعة الثالثة دار القلم‬
‫الرباط‪ ،‬صفحة ‪15-11‬‬
‫منهجية البحث العلمي مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية‪ 1437‬هجري ‪ 2017‬ميالدي‪.‬‬
‫الصدق و الثباث في البحث العلمي ‪/https://www.maktabtk.com‬‬
‫مجلة دراسات في علوم االنسان والمجتمع – جامعة جيجل‪ ،‬مجلد ‪ 03‬عدد ‪ 02‬يونيو‬
‫‪2020‬‬
‫المرشد إلى كتابة الرسائل الجامعية‪ .‬الرياض‪ :‬أكاديمية نايف للعلوم األمنيةالبداينة‪ ،‬ذياب‪.‬‬
‫‪1999‬‬
‫االبتكار والتطوير في البحث العلمي‪ 08 ،‬يوليو ‪ 2019‬أراء حول الخليج‬

‫‪19‬‬

You might also like