Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 45

‫اَّلل ال هر ْْحَ ِن ال هرِح ِيم (‪)1‬‬

‫بِس ِم هِ‬
‫ْ‬

‫سورة الفاحتة مسيت هذه السورة ابلفاحتة; ألنه يفتتح هبا القرآن العظيم‪ ،‬وتسمى املثاين; ألهنا تقرأ يف كل ركعة‪،‬‬
‫وهلا أمساء أخر‪.‬‬
‫أبتدئ قراءة القرآن ابسم هللا مستعينا به‪ِ ،‬‬
‫(هللا) علم على الرب ‪-‬تبارك وتعاىل‪ -‬املعبود حبق دون سواه‪ ،‬وهو‬
‫أخص أمساء هللا تعاىل‪ ،‬وال يسمى به غريه سبحانه‪.‬‬
‫(ال هر ْْحَ ِن) ذي الرْحة العامة الذي وسعت رْحته مجيع اخللق‪( ،‬ال هرِح ِيم) ابملؤمنني‪ ،‬ومها امسان من أمسائه تعاىل‪،‬‬
‫يتضمنان إثبات صفة الرْحة هلل تعاىل كما يليق جبالله‪.‬‬

‫(‪) 1/ 1‬‬

‫ا ْْلم ُد ِهِ‬
‫ب ال َْعال َِم َ‬
‫ني (‪)2‬‬ ‫َّلل َر ِ‬ ‫َْ‬

‫الثناء على هللا بصفاته اليت كلُّها أوصاف كمال‪ ،‬وبنعمه الظاهرة والباطنة‪ ،‬الدينية والدنيوية‪ ،‬ويف ضمنه أ َْم ٌر‬
‫لعباده أن حيمدوه‪ ،‬فهو املستحق له وحده‪ ،‬وهو سبحانه املنشئ للخلق‪ ،‬القائم أبمورهم‪ ،‬املريب جلميع خلقه‬
‫بنعمه‪ ،‬وألوليائه ابإلميان والعمل الصاحل‪.‬‬

‫(‪) 1/ 1‬‬

‫ال هر ْْحَ ِن ال هرِح ِيم (‪)3‬‬

‫(ال هر ْْحَ ِن) ذي الرْحة العامة الذي وسعت رْحته مجيع اخللق‪( ،‬ال هرِح ِيم) ‪ ،‬ابملؤمنني‪ ،‬ومها امسان من أمساء هللا‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫(‪) 1/ 1‬‬

‫ك ي وِم ِ‬
‫الدي ِن (‪)4‬‬ ‫ِِ‬
‫َمال َ ْ‬
‫وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة‪ ،‬وهو يوم اجلزاء على األعمال‪.‬‬
‫ويف قراءة املسلم هلذه اآلية يف كل ركعة من صلواته تذكري له ابليوم اآلخر‪ٌّ ،‬‬
‫وحث له على االستعداد ابلعمل‬
‫الصاحل‪ ،‬والكف عن املعاصي والسيئات‪.‬‬

‫(‪) 1/ 1‬‬

‫إِ هَّي َك نَ ْعبُ ُد َوإِ هَّي َك نَ ْستَ ِع ُ‬


‫ني (‪)5‬‬

‫إان خنصك وحدك ابلعبادة‪ ،‬ونستعني بك وحدك يف مجيع أموران‪ ،‬فاألمر كله بيدك‪ ،‬ال ميلك منه أحد مثقال‬
‫ذرة‪.‬‬
‫ويف هذه اآلية دليل على أن العبد ال جيوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء واالستغاثة والذبح‬
‫والطواف إال هلل وحده‪ ،‬وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغري هللا‪ ،‬ومن أمراض الرَّيء والعجب‪ ،‬والكربَّيء‪.‬‬

‫(‪) 1/ 1‬‬

‫يم (‪)6‬‬ ‫ِ‬ ‫ْاه ِد َان ِ‬


‫ط ال ُْم ْستَق َ‬
‫الص َرا َ‬

‫ُدلهنا‪ ،‬وأرشدان‪ ،‬ووفقنا إىل الطريق املستقيم‪ ،‬وثبتنا عليه حىت نلقاك‪ ،‬وهو اإلسالم‪ ،‬الذي هو الطريق الواضح‬
‫املوصل إىل رضوان هللا وإىل جنته‪ ،‬الذي دل عليه خامت رسله وأنبيائه حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فال سبيل إىل‬
‫سعادة العبد إال ابالستقامة عليه‪.‬‬

‫(‪) 1/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫صرا َ ه ِ‬‫ِ‬


‫وب َعلَ ْي ِه ْم َوَال الضهال َ‬
‫ني (‪)7‬‬ ‫ت َعلَْي ِه ْم غَ ِْري ال َْمغْ ُ‬
‫ين أَنْ َع ْم َ‬
‫ط الذ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫والصديقني والشهداء والصاْلني‪ ،‬فهم أهل اهلداية واالستقامة‪ ،‬وال‬ ‫طريق الذين أنعمت عليهم من النبيني‬
‫جتعلنا ممن سلك طريق املغضوب عليهم‪ ،‬الذين عرفوا اْلق ومل يعملوا به‪ ،‬وهم اليهود‪ ،‬ومن كان على‬
‫شاكلتهم‪ ،‬والضالني‪ ،‬وهم الذين مل يهتدوا عن جهل منهم‪ ،‬فضلوا الطريق‪ ،‬وهم النصارى‪ ،‬ومن اتبع سنتهم‪.‬‬
‫ويف هذا الدعاء شفاء لقلب املسلم من مرض اجلحود واجلهل والضالل‪ ،‬وداللة على أن أعظم نعمة على‬
‫اإلطالق هي نعمة اإلسالم‪ ،‬فمن كان أعرف للحق وأتبع له‪ ،‬كان أوىل ابلصراط املستقيم‪ ،‬وال ريب أن‬
‫أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم هم أوىل الناس بذلك بعد األنبياء عليهم السالم‪ ،‬فدلت اآلية على‬
‫فضلهم‪ ،‬وعظيم منزلتهم‪ ،‬رضي هللا عنهم‪.‬‬
‫ويستحب للقارئ أن يقول يف الصالة بعد قراءة الفاحتة‪( :‬آمني) ‪ ،‬ومعناها‪ :‬اللهم استجب‪ ،‬وليست آية من‬
‫سورة الفاحتة ابتفاق العلماء; وهلذا أمجعوا على عدم كتابتها يف املصاحف‪.‬‬

‫(‪) 1/ 1‬‬

‫امل (‪)1‬‬

‫هذه اْلروف وغريها من اْلروف املقطهعة يف أوائل السور فيها إشارة إىل إعجاز القرآن; فقد وقع به حتدي‬
‫املشركني‪ ،‬فعجزوا عن معارضته‪ ،‬وهو مرهكب من هذه اْلروف اليت تتكون منها لغة العرب‪ .‬ف َد هل عجز العرب‬
‫عن اإلتيان مبثله ‪-‬مع أهنم أفصح الناس‪ -‬على أن القرآن وحي من هللا‪.‬‬

‫(‪) 2/ 1‬‬

‫ني (‪)2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ذَلِ َ ِ‬


‫ْكتَاب َال ري ِ ِ‬
‫ب فيه ُه ًدى لل ُْمتهق َ‬
‫ك ال ُ َْ َ‬

‫ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي ال َش ه‬


‫ك أنه من عند هللا‪ ،‬فال يصح أن يراتب فيه أحد لوضوحه‪ ،‬ينتفع‬
‫به املتقون ابلعلم النافع والعمل الصاحل وهم الذين خيافون هللا‪ ،‬ويتبعون أحكامه‪.‬‬

‫(‪) 2/ 1‬‬

‫اه ْم يُ ْن ِف ُقو َن (‪)3‬‬ ‫ب وي ِقيمو َن ال ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬


‫ص َالةَ َوممها َرَزقْنَ ُ‬ ‫ين يُ ْؤمنُو َن ِابلْغَْي ِ َ ُ ُ‬
‫الذ َ‬

‫ص ِدقون ابلغيب الذي ال تدركه ُّ‬


‫حواسهم وال عقوهلم وحدها; ألنه ال يُ ْعرف إال بوحي هللا إىل‬ ‫وهم الذين يُ َ‬
‫رسله‪ ،‬مثل اإلميان ابملالئكة‪ ،‬واجلنة‪ ،‬والنار‪ ،‬وغري ذلك مما أخرب هللا به أو أخرب به رسوله صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫(واإلميان‪ :‬كلمة جامعة لإلقرار ابهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خريه وشره‪ ،‬وتصديق اإلقرار‬
‫ابلقول والعمل ابلقلب واللسان واجلوارح) وهم مع تصديقهم ابلغيب حيافظون على أداء الصالة يف مواقيتها‬
‫صحيحا َوفْق ما شرع هللا لنبيه حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومما أعطيناهم من املال خيرجون صدقة أمواهلم‬
‫ً‬ ‫أداءً‬
‫الواجبة واملستحبة‪.‬‬

‫(‪) 2/ 1‬‬

‫ك َوِاب ْآل ِخ َرةِ ُه ْم يُوقِنُو َن (‪)4‬‬


‫ك َوَما أُنْ ِز َل ِم ْن قَ ْبلِ َ‬
‫ين يُ ْؤِمنُو َن ِمبَا أُنْ ِز َل إِل َْي َ‬ ‫هِ‬
‫َوالذ َ‬

‫ص ِدقون مبا أُنزل إليك أيها الرسول من القرآن‪ ،‬ومبا أنزل إليك من اْلكمة‪ ،‬وهي السنة‪ ،‬وبكل ما‬‫والذين يُ َ‬
‫ص ِدقون بدار اْلياة بعد املوت وما فيها من‬ ‫ِ‬
‫أُنزل من قبلك على الرسل من كتب‪ ،‬كالتوراة واإلجنيل وغريمها‪ ،‬ويُ َ‬
‫اْلساب واجلزاء‪ ،‬تصديقا بقلوهبم يظهر على ألسنتهم وجوارحهم وخص يوم اآلخرة ابلذكر; ألن اإلميان به من‬
‫أعظم البواعث على فعل الطاعات‪ ،‬واجتناب احملرمات‪ ،‬وحماسبة النفس‪.‬‬

‫(‪) 2/ 1‬‬

‫ك َعلَى ُه ًدى ِم ْن َرهبِِ ْم َوأُولَئِ َ‬


‫ك ُه ُم ال ُْم ْفلِ ُحو َن (‪)5‬‬ ‫أُولَئِ َ‬

‫أصحاب هذه الصفات على نور من رهبم وبتوفيق ِمن خالقهم وهاديهم‪ ،‬وهم الفائزون الذين أدركوا ما طلبوا‪،‬‬
‫وجنَوا من ِ‬
‫شر ما منه هربوا‪.‬‬ ‫َ‬

‫(‪) 2/ 1‬‬

‫ين َك َف ُروا َس َواءٌ َعلَ ْي ِه ْم أَأَنْ َذ ْرََتُ ْم أ َْم َملْ تُ ْن ِذ ْرُه ْم َال يُ ْؤِمنُو َن (‪)6‬‬ ‫هِ‬
‫إِ هن الذ َ‬

‫أخوفتهم وحذرَتم ‪-‬‬


‫وطغياان‪ ،‬لن يقع منهم اإلميان‪ ،‬سواء ه‬
‫ً‬ ‫استكبارا‬
‫ً‬ ‫إن الذين جحدوا ما أُنزل إليك من ربك‬
‫أيها الرسول‪ -‬من عذاب هللا‪ ،‬أم تركت ذلك؛ إلصرارهم على ابطلهم‪.‬‬
‫(‪) 3/ 1‬‬

‫يم (‪)7‬‬ ‫ِ‬


‫اب َعظ ٌ‬ ‫صا ِرِه ْم ِغ َ‬
‫ش َاوةٌ َوَهلُ ْم َع َذ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اَّللُ َعلَى قُلُوهب ْم َو َعلَى مسَْع ِه ْم َو َعلَى أَبْ َ‬
‫َختَ َم ه‬

‫طبع هللا على قلوب هؤالء وعلى مسعهم‪ ،‬وجعل على أبصارهم غطاء; بسبب كفرهم وعنادهم ِمن بعد ما ه‬
‫تبني‬
‫هلم اْلق‪ ،‬فلم يوفقهم للهدى‪ ،‬وهلم عذاب شديد يف انر جهنم‪.‬‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوِم َن الن ِ‬


‫آمنها ِاب هَّلل َوِابلْيَ ْوم ْاآلخ ِر َوَما ُه ْم ِمبُْؤمنِ َ‬
‫ني (‪)8‬‬ ‫ول َ‬
‫هاس َم ْن يَ ُق ُ‬

‫ومن الناس فريق يرتدد ِ ً‬


‫متحريا بني املؤمنني والكافرين‪ ،‬وهم املنافقون الذين يقولون أبلسنتهم‪ :‬صدهقْنَا ابهلل‬
‫وابليوم اآلخر‪ ،‬وهم يف ابطنهم كاذبون مل يؤمنوا‪.‬‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫ادعُو َن ه ه ِ‬
‫ُخيَ ِ‬
‫آمنُوا َوَما َخيْ َدعُو َن إ هال أَنْ ُف َ‬
‫س ُه ْم َوَما يَ ْشعُ ُرو َن (‪)9‬‬ ‫ين َ‬
‫اَّللَ َوالذ َ‬

‫يعتقدون جبهلهم أهنم خيادعون هللا والذين آمنوا إبظهارهم اإلميان وإضمارهم الكفر‪ ،‬وما خيدعون إال أنفسهم;‬
‫سون بذلك; لفساد قلوهبم‪.‬‬ ‫ألن عاقبة خداعهم تعود عليهم‪ِ .‬‬
‫ومن فرط جهلهم ال ُِحي ُّ‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫ضا وَهلُم َع َذاب أَلِيم ِمبَا َكانُوا يك ِ‬


‫ْذبُو َن (‪)10‬‬ ‫اد ُه ُم ه‬ ‫ِيف قُلُوهبِِ ْم َم َر ٌ‬
‫َ‬ ‫ٌ ٌ‬ ‫اَّللُ َم َر ً َ ْ‬ ‫ض فَ َز َ‬

‫يف قلوهبم ٌّ‬


‫شك وفساد فابْ تُلوا ابملعاصي املوجبة لعقوبتهم‪ ،‬فزادهم هللا ش ًكا‪ ،‬وهلم عقوبة موجعة بسبب كذهبم‬
‫ونفاقهم‪.‬‬
‫(‪) 3/ 1‬‬

‫صلِ ُحو َن (‪)11‬‬ ‫يل َهلُ ْم َال تُ ْف ِس ُدوا ِيف ْاأل َْر ِ‬
‫ض قَالُوا إِ هَّنَا ََْن ُن ُم ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوإذَا ق َ‬
‫وإذا نُصحوا ُّ‬
‫ليكفوا عن اإلفساد يف األرض ابلكفر واملعاصي‪ ،‬وإفشاء أسرار املؤمنني‪ ،‬ومواالة الكافرين‪ ،‬قالوا‬
‫كذاب وجداالً‪ -‬إَّنا َنن أهل اإلصالح‪.‬‬
‫‪ً -‬‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫أ ََال إِ ههنُم ُهم الْم ْف ِس ُدو َن ول ِ‬


‫َك ْن َال يَ ْشعُ ُرو َن (‪)12‬‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ُ‬

‫إ هن هذا الذي يفعلونه ويزعمون أنه إصالح هو عني الفساد‪ ،‬لكنهم بسبب جهلهم وعنادهم ال ُِحي ُّ‬
‫سون‪.‬‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫الس َفهاء ول ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫َك ْن َال يَ ْعلَ ُمو َن‬ ‫الس َف َهاءُ أ ََال إِهنُ ْم ُه ُم ُّ َ ُ َ‬
‫آم َن ُّ‬
‫هاس قَالُوا أَنُ ْؤم ُن َك َما َ‬
‫آم َن الن ُ‬
‫يل َهلُ ْم آمنُوا َك َما َ‬
‫َوإذَا ق َ‬
‫(‪)13‬‬

‫جادلوا وقالوا‪:‬‬‫آمنُوا ‪-‬مثل إميان الصحابة‪ ،‬وهو اإلميان ابلقلب واللسان واجلوارح‪َ ،-‬‬ ‫وإذا قيل للمنافقني‪ِ :‬‬
‫س َف ِه سواء؟ فر هد هللا عليهم أبن ال ه‬
‫س َفهَ‬ ‫ص ِدق مثل تصديق ضعاف العقل والرأي‪ ،‬فنكون َنن وهم يف ال ه‬‫أَنُ َ‬
‫مقصور عليهم‪ ،‬وهم ال يعلمون أن ما هم فيه هو الضالل واخلسران‪.‬‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫وإِذَا لَُقوا اله ِذين آمنُوا قَالُوا آمنها وإِذَا َخلَوا إِ َىل َشي ِ‬
‫اطينِ ِه ْم قَالُوا إِ هان َم َع ُك ْم إِ هَّنَا ََْن ُن ُم ْستَ ْه ِزئُو َن (‪)14‬‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫هؤالء املنافقون إذا قابلوا املؤمنني قالوا‪ :‬صدهقنا ابإلسالم مثلكم‪ ،‬وإذا انصرفوا وذهبوا إىل زعمائهم الكفرة‬
‫املتمردين على هللا أ هكدوا هلم أهنم على ملة الكفر مل يرتكوها‪ ،‬وإَّنا كانوا يَ ْستَ ِخ ُّفون ابملؤمنني‪ ،‬ويسخرون منهم‪.‬‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫ُّه ْم ِيف طُغْيَاهنِِ ْم يَ ْع َم ُهو َن (‪)15‬‬


‫ئ هبِِ ْم َوميَُد ُ‬
‫اَّللُ يَ ْستَ ْه ِز ُ‬
‫ه‬

‫وترددا‪ ،‬وجيازيهم على استهزائهم ابملؤمنني‪.‬‬


‫وح ْرية ً‬
‫هللا يستهزئ هبم وُميهلهم; ليزدادوا ضالال َ‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫ين (‪)16‬‬ ‫ِ‬ ‫هاللَةَ ِاب ْهلَُدى فَما رِحب ْ ِ‬ ‫أُولَئِ َ ه ِ‬


‫ارَُتُ ْم َوَما َكانُوا ُم ْهتَد َ‬
‫ت جتَ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫رتُوا الض َ‬
‫ين ا ْش ََ‬
‫ك الذ َ‬

‫أولئك املنافقون ابعوا أنفسهم يف صفقة خاسرة‪ ،‬فأخذوا الكفر‪ ،‬وتركوا اإلميان‪ ،‬فما كسبوا شيئًا‪ ،‬بل َخ ِسروا‬
‫اهلداية‪ .‬وهذا هو اخلسران املبني‪.‬‬

‫(‪) 3/ 1‬‬

‫اَّلل بِنُوِرِهم وتَرَك ُهم ِيف ظُلُم ٍ‬


‫ات َال ي ْب ِ‬ ‫ِ‬
‫َمثَلُ ُه ْم َك َمثَ ِل الهذي ْ‬
‫ص ُرو َن (‪)17‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََْ ْ‬ ‫ب هُ‬ ‫ت َما َح ْولَهُ ذَ َه َ‬
‫ضاءَ ْ‬
‫استَ ْوقَ َد َان ًرا فَ لَ هما أَ َ‬

‫ظاهرا ال ابطنًا‪ -‬برسالة حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬مث كفروا‪ ،‬فصاروا يتخبطون‬
‫حال املنافقني الذين آمنوا ‪ً -‬‬
‫حال مجاعة يف ليلة مظلمة‪ ،‬وأوقد‬ ‫ِ‬
‫ظلمات ضالهلم وهم ال يشعرون‪ ،‬وال أمل هلم يف اخلروج منها‪ ،‬تُ ْشبه َ‬ ‫يف‬
‫انرا عظيمة للدفء واإلضاءة‪ ،‬فلما سطعت النار وأانرت ما حوله‪ ،‬انطفأت وأعتمت‪ ،‬فصار أصحاهبا‬
‫أحدهم ً‬
‫يف ظلمات ال يرون شيئًا‪ ،‬وال يهتدون إىل طريق وال خمرج‪.‬‬

‫(‪) 4/ 1‬‬
‫ْم عُ ْم ٌي فَ ُه ْم َال يَ ْرِجعُو َن (‪)18‬‬
‫ص ٌّم بُك ٌ‬
‫ُ‬

‫صمٌّ عن مساع اْلق مساع تدبر‪ ،‬بُكْم عن النطق به‪ ،‬عُ ْمي عن إبصار نور اهلداية; لذلك ال يستطيعون‬
‫هم ُ‬
‫الرجوع إىل اإلميان الذي تركوه‪ ،‬واستعاضوا عنه ابلضالل‪.‬‬

‫(‪) 4/ 1‬‬

‫ات ور ْع ٌد وب ر ٌق َجيعلُو َن أَصابِعهم ِيف آذَاهنِِم ِمن ال ه ِ‬


‫اع ِق ح َذر الْمو ِ‬ ‫ب ِمن ال ه ِ ِ ِ‬
‫ت َو ه‬
‫اَّللُ‬ ‫ص َو َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َُ ْ‬ ‫س َماء فيه ظُلُ َم ٌ َ َ َ َ ْ ْ َ‬ ‫صيِ ٍ َ‬ ‫أ َْو َك َ‬
‫ِ‬ ‫ُِحمي ٌ‬
‫ط ِابلْ َكاف ِر َ‬
‫ين (‪)19‬‬

‫حال مجاعة ميشون يف‬


‫حال فريق آخر من املنافقني يظهر هلم اْلق اترة‪ ،‬ويشكون فيه اترة أخرى‪َ ،‬‬
‫أو تُ ْشبه ُ‬
‫العراء‪ ،‬فينصب عليهم مطر شديد‪ ،‬تصاحبه ظلمات بعضها فوق بعض‪ ،‬مع قصف الرعد‪ ،‬وملعان الربق‪،‬‬
‫والصواعق احملرقة‪ ،‬اليت جتعلهم من شدة اهلول يضعون أصابعهم يف آذاهنم; خوفًا من اهلالك‪ .‬وهللا تعاىل حميط‬
‫ابلكافرين ال يفوتونه وال يعجزونه‪.‬‬

‫(‪) 4/ 1‬‬

‫س ْم ِع ِه ْم‬ ‫َ‬ ‫ش ْوا فِ ِيه َوإِ َذا أَظْلَ َم َعلَ ْي ِه ْم قَ ُاموا َول َْو َشاءَ ه‬
‫اَّللُ لَ َذ َه ِ‬
‫ببَ‬ ‫ص َارُه ْم ُكله َما أَ َ‬
‫ضاءَ َهلُ ْم َم َ‬ ‫ف أَبْ َ‬
‫ْرب ُق َخيْطَ ُ‬
‫اد ال َ ْ‬
‫يَ َك ُ‬
‫اَّللَ َعلَى ُك ِل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير (‪)20‬‬ ‫صا ِرِه ْم إِ هن ه‬‫َوأَبْ َ‬

‫يقارب الربق ‪-‬من شدة ملعانه‪ -‬أن يسلب أبصارهم‪ ،‬ومع ذلك فكلهما أضاء هلم م َ‬
‫ش ْوا يف ضوئه‪ ،‬وإذا ذهب‬
‫أظلم الطريق عليهم فيقفون يف أماكنهم‪ .‬ولوال إمهال هللا هلم لسلب مسعهم وأبصارهم‪ ،‬وهو قادر على ذلك يف‬
‫وقت‪ ،‬إنه على كل شيء قدير‪.‬‬‫كل ٍ‬

‫(‪) 4/ 1‬‬

‫ين ِم ْن قَ ْبلِ ُك ْم ل ََعله ُك ْم تَته ُقو َن (‪)21‬‬ ‫هِ‬ ‫هِ‬


‫هاس ا ْعبُ ُدوا َربه ُك ُم الذي َخلَ َق ُك ْم َوالذ َ‬
‫ََّيأَيُّ َها الن ُ‬
‫رابكم بنعمه‪ ،‬وخافوه وال ختالفوا دينه; فقد أوجدكم من العدم‪،‬‬
‫مجيعا‪ :‬أن اعبدوا هللا الذي ه‬
‫نداء من هللا للبشر ً‬
‫وأوجد الذين من قبلكم; لتكونوا من املتقني الذين رضي هللا عنهم ورضوا عنه‪.‬‬

‫(‪) 4/ 1‬‬

‫سم ِاء ماء فَأَ ْخرج بِ ِه ِمن الثهمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض فِ َرا ًشا َوال ه‬ ‫ِ‬
‫ات ِرْزقًا لَ ُك ْم فَ َال َجتْ َعلُوا‬‫َ ََ‬ ‫س َماءَ بِنَاءً َوأَنْ َز َل م َن ال ه َ َ ً َ َ‬ ‫الهذي َج َع َل لَ ُك ُم ْاأل َْر َ‬
‫ادا َوأَنْ تُ ْم تَ ْعلَ ُمو َن (‪)22‬‬ ‫ِهِ‬
‫َّلل أَنْ َد ً‬

‫ربكم الذي جعل لكم األرض بساطًا; لتسهل حياتكم عليها‪ ،‬والسماء حمكمة البناء‪ ،‬وأنزل املطر من‬
‫السحاب فأخرج لكم به من ألوان الثمرات وأنواع النبات رزقًا لكم‪ ،‬فال جتعلوا هلل نظراء يف العبادة‪ ،‬وأنتم‬
‫تفرده ابخللق والرزق‪ ،‬واستحقاقِه العبودية‪.‬‬
‫تعلمون ُّ‬

‫(‪) 4/ 1‬‬

‫ني‬
‫صادق َ‬
‫ون هِ‬
‫اَّلل إِ ْن ُك ْن تُم ِ ِ‬ ‫ب ِممها نَ هزلْنَا َعلَى َع ْب ِد َان فَأْتُوا بِسورةٍ ِمن ِمثْلِ ِه وا ْدعُوا ُش َه َداء ُكم ِمن ُد ِ‬
‫َوإِ ْن ُك ْن تُ ْم ِيف َريْ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫(‪)23‬‬

‫وإن كنتم ‪-‬أيها الكافرون املعاندون‪ -‬يف َش ٍ‬


‫ك من القرآن الذي نَ هزلناه على عبدان حممد صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫وتزعمون أنه ليس من عند هللا‪ ،‬فهاتوا سورة متاثل سورة من القرآن‪ ،‬واستعينوا مبن تقدرون عليه ِمن أعوانكم‪،‬‬
‫إن كنتم صادقني يف دعواكم‪.‬‬

‫(‪) 4/ 1‬‬

‫ود َها النهاس وا ْْلِجارةُ أ ُِعد ْ ِ ِ‬


‫هار الهِيت َوقُ ُ‬
‫هت للْ َكاف ِر َ‬
‫ين (‪)24‬‬ ‫ُ َ ََ‬ ‫فَِإ ْن َملْ تَ ْف َعلُوا َول ْ‬
‫َن تَ ْف َعلُوا فَاته ُقوا الن َ‬

‫عجزمت اآلن ‪-‬وستعجزون مستقبال ال حمالة‪ -‬فاتقوا النار ابإلميان ابلنيب صلى هللا عليه وسلم وطاعة هللا‬ ‫فإن َ‬
‫هت للكافرين ابهلل ورسله‪.‬‬ ‫تعاىل‪ .‬هذه النار اليت َحطَبُها الناس واْلجارة‪ ،‬أ ُِعد ْ‬
‫(‪) 4/ 1‬‬

‫ار ُكله َما ُرِزقُوا ِمنْ َها ِم ْن ََث ََرةٍ ِرْزقًا قَالُوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وب ِش ِر اله ِذين آمنُوا و َع ِملُوا ال ه ِ ِ‬
‫صاْلَات أَ هن َهلُ ْم َجنهات َجتْ ِري م ْن َحتْت َها ْاأل َْهنَ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫يها َخال ُدو َن (‪)25‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َه َذا الهذي ُرِزقْنَا م ْن قَ ْب ُل َوأُتُوا بِه ُمتَ َ‬
‫هرةٌ َو ُه ْم ف َ‬ ‫اج ُمطَه َ‬
‫يها أَ ْزَو ٌ‬
‫شاهبًا َوَهلُ ْم ف َ‬

‫سرورا‪ ،‬أبن هلم يف اآلخرة حدائق عجيبة‪ ،‬جتري‬‫خربا ميلؤهم ً‬‫وأخرب ‪-‬أيها الرسول‪ -‬أهل اإلميان والعمل الصاحل ً‬
‫األهنار حتت قصورها العالية وأشجارها الظليلة‪ .‬كلهما رزقهم هللا فيها ً‬
‫نوعا من الفاكهة اللذيذة قالوا‪ :‬قد َرَزقَنا‬
‫هللا هذا النوع من قبل‪ ،‬فإذا ذاقوه وجدوه شيئًا جدي ًدا يف طعمه ولذته‪ ،‬وإن تشابه مع سابقه يف اللون واملنظر‬
‫اْلسي كالبول واْليض‪ ،‬واملعنوي كالكذب‬
‫ِ‬ ‫واالسم‪ .‬وهلم يف اجلنهات زوجات مطهرات من كل ألوان الدنس‬
‫وسوء اخلُلُق‪ .‬وهم يف اجلنة ونعيمها دائمون‪ ،‬ال ميوتون فيها وال خيرجون منها‪.‬‬

‫(‪) 5/ 1‬‬

‫آمنُوا فَيَ ْعلَ ُمو َن أَنههُ ا ْْلَ ُّق ِم ْن َرهبِِ ْم َوأَ هما‬
‫ين َ‬
‫هِ‬
‫ضةً فَ َما فَ ْوقَ َها فَأَ هما الذ َ‬
‫ب َمثَ ًال َما بَعُو َ‬‫ض ِر َ‬‫اَّللَ َال يَ ْستَ ْحيِي أَ ْن يَ ْ‬
‫إِ هن ه‬
‫ِِ‬ ‫ض ُّل بِ ِه َكثِريا وي ْه ِدي بِ ِه َكثِريا وما ي ِ ِ‬ ‫اَّلل ِهب َذا مثَ ًال ي ِ‬ ‫هِ‬
‫ني (‪)26‬‬ ‫ض ُّل بِه إِهال الْ َفاسق َ‬ ‫ً ََ ُ‬ ‫ً ََ‬ ‫اد هُ َ َ ُ‬ ‫ين َك َف ُروا فَ يَ ُقولُو َن َماذَا أ ََر َ‬
‫الذ َ‬

‫إن هللا تعاىل ال يستحيي من اْلق أن يذكر شيئًا ما‪ ،‬ق هل أو كثر‪ ،‬ولو كان متثيال أبصغر شيء‪ ،‬كالبعوضة‬
‫والذابب وَنو ذلك‪ ،‬مما ضربه هللا مثال لِ َع ْجز كل ما يُ ْعبَد من دون هللا‪ .‬فأما املؤمنون فيعلمون حكمة هللا يف‬
‫التمثيل ابلصغري والكبري من خلقه‪ ،‬وأما الكفار فَيَ ْسخرون ويقولون‪ :‬ما مراد هللا ِمن َ‬
‫ض ْرب املثل هبذه‬
‫اْلشرات اْلقرية؟ وجييبهم هللا أبن املراد هو االختبار‪ ،‬ومتييز املؤمن من الكافر; لذلك يصرف هللا هبذا املثل‬
‫انسا كثريين عن اْلق لسخريتهم منه‪ ،‬ويوفق به غريهم إىل مزيد من اإلميان واهلداية‪ .‬وهللا تعاىل ال يظلم أح ًدا;‬
‫ً‬
‫ص ِرف عن اْلق إال اخلارجني عن طاعته‪.‬‬
‫ألنه ال يَ ْ‬

‫(‪) 5/ 1‬‬

‫وص َل َويُ ْف ِس ُدو َن ِيف ْاأل َْر ِ‬


‫ض أُولَئِ َ‬ ‫اَّلل ِمن ب ْع ِد ِميثَاقِ ِه وي ْقطَعو َن ما أَمر ه ِ‬
‫ِ‬ ‫هِ‬
‫ك ُه ُم‬ ‫اَّللُ بِه أَ ْن يُ َ‬ ‫ََ ُ َ ََ‬ ‫ضو َن َع ْه َد ه ْ َ‬
‫ين يَ ْن ُق ُ‬
‫الذ َ‬
‫اس ُرو َن (‪)27‬‬ ‫اخلَ ِ‬
‫ْ‬
‫الذين ينكثون عهد هللا الذي أخذه عليهم ابلتوحيد والطاعة‪ ،‬وقد أ هكده إبرسال الرسل‪ ،‬وإنزال الكتب‪،‬‬
‫وخيالفون دين هللا كقطع األرحام ونشر الفساد يف األرض‪ ،‬أولئك هم اخلاسرون يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫(‪) 5/ 1‬‬

‫َحيَا ُك ْم مثُه ُميِيتُ ُك ْم مثُه ُْحييِي ُك ْم مثُه إِلَيْ ِه تُ ْر َجعُو َن (‪)28‬‬ ‫ِ‬
‫ف تَ ْك ُف ُرو َن ِاب هَّلل َوُكنْ تُ ْم أ َْم َو ًاات فَأ ْ‬
‫َكيْ َ‬

‫كيف تنكرون ‪-‬أيُّها املشركون‪ -‬وحدانية هللا تعاىل‪ ،‬وتشركون به غريه يف العبادة مع الربهان القاطع عليها يف‬
‫أمواات فأوجدكم ونفخ فيكم اْلياة‪ ،‬مث مييتكم بعد انقضاء آجالكم اليت حددها لكم‪ ،‬مث‬
‫أنفسكم؟ فلقد كنتم ً‬
‫يعيدكم أحياء يوم البعث‪ ،‬مث إليه ترجعون للحساب واجلزاء‪.‬‬

‫(‪) 5/ 1‬‬

‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مجيعا مثُه است وى إِ َىل ال ه ِ‬ ‫ُه َو اله ِذي َخلَ َق لَ ُك ْم َما ِيف ْاأل َْر ِ‬
‫اه هن َس ْب َع َمسَ َاوات َو ُه َو بِ ُك ِل َش ْيء َعل ٌ‬
‫يم‬ ‫س هو ُ‬
‫س َماء فَ َ‬ ‫ََْ‬ ‫ض َِ ً‬
‫(‪)29‬‬

‫هللاُ وحده الذي َخلَق ألجلكم كل ما يف األرض من النِعم اليت تنتفعون هبا‪ ،‬مث قصد إىل خلق السموات‪،‬‬
‫فعل ُْمه ‪-‬سبحانه‪ -‬حميط جبميع ما خلق‪.‬‬ ‫فسواه هن سبع مسوات‪ ،‬وهو بكل شيء عليم‪ِ .‬‬
‫ه‬

‫(‪) 5/ 1‬‬

‫ك ِ‬ ‫يها َويَ ْس ِف ُ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعل ِيف ْاألَر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َربُّ َ ِ ِ ِ ِ‬ ‫َوإِ ْذ قَ َ‬
‫الد َماءَ َوََْن ُن‬ ‫يها َم ْن يُ ْفس ُد ف َ‬
‫ض َخلي َفةً قَالُوا أ ََجتْ َع ُل ف َ‬‫ْ‬ ‫ك لل َْم َالئ َكة إِين َج ٌ‬
‫ال إِِين أَ ْعلَ ُم َما َال تَ ْعلَ ُمو َن (‪)30‬‬
‫َك قَ َ‬
‫سل َ‬ ‫ِ‬ ‫نُ ِ ِ ِ‬
‫سب ُح حبَ ْمد َك َونُ َقد ُ‬‫َ‬

‫ضا‬
‫قوما خيلف بعضهم بع ً‬
‫واذكر ‪-‬أيها الرسول‪ -‬للناس حني قال ربك للمالئكة‪ :‬إين جاعل يف األرض ً‬
‫لعمارَتا‪ .‬قالت‪َّ :‬ي ربهنا علِ ْمنا وأ َْر ِش ْدان ما اْلكمة يف خلق هؤالء‪ ،‬مع أ هن من شأهنم اإلفساد يف األرض واراقة‬
‫َّنجدك بكل صفات الكمال‬ ‫ننزهك التنزيه الالئق حبمدك وجاللك‪ ،‬و ِ‬
‫وعدواان وَنن طوع أمرك‪ِ ،‬‬ ‫ً‬ ‫الدماء ظلما‬
‫واجلالل؟ قال هللا هلم‪ :‬إين أعلم ما ال تعلمون من املصلحة الراجحة يف خلقهم‪.‬‬
‫(‪) 6/ 1‬‬

‫ني (‪)31‬‬‫َمسَ ِاء َه ُؤَال ِء إِ ْن ُكنْ تُم ِ ِ‬ ‫ض ُه ْم َعلَى ال َْم َالئِ َك ِة فَ َق َ‬


‫ال أَنْبِئُ ِوين ِأب ْ‬ ‫َمسَاءَ ُكله َها مثُه َع َر َ‬ ‫َو َعله َم َ‬
‫صادق َ‬
‫ْ َ‬ ‫آد َم ْاأل ْ‬

‫وبياان لفضل آدم عليه السالم علهمه هللا أمساء األشياء كلها‪ ،‬مث عرض مسمياَتا على املالئكة قائال هلم‪:‬‬
‫ً‬
‫أخربوين أبمساء هؤالء املوجودات‪ ،‬إن كنتم صادقني يف أنكم أ َْوىل ابالستخالف يف األرض منهم‪.‬‬

‫(‪) 6/ 1‬‬

‫يم (‪)32‬‬ ‫ِ‬ ‫ك أَنْ َ ِ‬‫ْم لَنَا إِهال َما َعله ْمتَ نَا إِنه َ‬ ‫قَالُوا سبحانَ َ ِ‬
‫يم ا ْْلَك ُ‬
‫ت ال َْعل ُ‬ ‫ك َال عل َ‬ ‫ُْ َ‬

‫ننزهك َّي ربهنا‪ ،‬ليس لنا علم إال ما علهمتنا إَّيه‪ .‬إنك أنت وحدك العليم بشئون خلقك‪ ،‬اْلكيم‬
‫قالت املالئكة‪ِ :‬‬
‫يف تدبريك‪.‬‬

‫(‪) 6/ 1‬‬

‫سماو ِ‬ ‫َمسَائِ ِه ْم قَ َ‬
‫َمسَائِ ِه ْم فَلَ هما أَنْ بَأ َُه ْم ِأب ْ‬
‫آد ُم أَنْبِ ْئ ُه ْم ِأب ْ‬
‫ات َو ْاأل َْر ِ‬
‫ض َوأَ ْعلَ ُم َما‬ ‫ال أََملْ أَقُ ْل لَ ُك ْم إِِين أَ ْعلَ ُم غَ ْي َ‬
‫ب ال ه َ َ‬ ‫ال ََّي َ‬
‫قَ َ‬
‫تُ ْب ُدو َن َوَما ُك ْن تُ ْم تَكْتُ ُمو َن (‪)33‬‬

‫عجزوا عن معرفتها‪ .‬فلما أخربهم آدم هبا‪ ،‬قال هللا للمالئكة‪:‬‬


‫قال هللا‪َّ :‬ي آدم أخربهم أبمساء هذه األشياء اليت َ‬
‫لقد أخربتكم أين أعلم ما خفي عنكم يف السموات واألرض‪ ،‬وأعلم ما تظهرونه وما ختفونه‪.‬‬

‫(‪) 6/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِه ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ْرب َوَكا َن م َن الْ َكاف ِر َ‬
‫ين (‪)34‬‬ ‫استَك ََ‬
‫يس أ َََب َو ْ‬
‫س َج ُدوا إال إبْل َ‬ ‫َوإِ ْذ قُلْنَا لل َْم َالئِ َكة ْ‬
‫اس ُج ُدوا آل َد َم فَ َ‬
‫وإظهارا‬
‫ً‬ ‫واذكر ‪-‬أيها الرسول‪ -‬للناس تكرمي هللا آلدم حني قال سبحانه للمالئكة‪ :‬اسجدوا آلدم إكر ًاما له‬
‫تكربا وحس ًدا‪ ،‬فصار من اجلاحدين ابهلل‪ ،‬العاصني ألمره‪.‬‬
‫مجيعا إال إبليس امتنع عن السجود ً‬‫لفضله‪ ،‬فأطاعوا ً‬

‫(‪) 6/ 1‬‬

‫وان ِم َن‬ ‫ك ا ْجلَنهةَ َوُك َال ِمنْ َها َرغَ ًدا َحيْ ُ‬
‫ث ِشئْ تُ َما َوَال تَ ْق َرَاب َه ِذهِ ال ه‬
‫ش َج َرةَ فَ تَ ُك َ‬ ‫ت َوَزْو ُج َ‬
‫اس ُك ْن أَنْ َ‬
‫آد ُم ْ‬
‫َوقُلْنَا ََّي َ‬
‫ِ‬
‫ني (‪)35‬‬ ‫الظهال ِم َ‬

‫واسعا يف أي مكان تشاءان فيها‪،‬‬


‫متتعا هنيئًا ً‬
‫وقال هللا‪َّ :‬ي آدم اسكن أنت وزوجك حواء اجلنة‪ ،‬ومتتعا بثمارها ً‬
‫وال تقراب هذه الشجرة حىت ال تقعا يف املعصية‪ ،‬فتصريا من املتجاوزين أمر هللا‪.‬‬

‫(‪) 6/ 1‬‬

‫ض َع ُد ٌّو َولَ ُك ْم ِيف ْاأل َْر ِ‬


‫ض ُم ْستَ َق ٌّر َوَمتَاعٌ‬ ‫ش ْيطَا ُن َعنْ َها فَأَ ْخ َر َج ُه َما ِممها َك َاان فِ ِيه َوقُلْنَا ْاهبِطُوا بَ ْع ُ‬
‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬ ‫فَأ ََزههلَُما ال ه‬
‫ني (‪)36‬‬ ‫إِ َىل ِح ٍ‬

‫فأوقعهما الشيطان يف اخلطيئة‪ :‬أب ْن وسوس هلما حىت أكال من الشجرة‪ ،‬فتسبب يف إخراجهما من اجلنة‬
‫ضا ‪-‬أي آدم وحواء والشيطان‪ -‬ولكم يف‬
‫ونعيمها‪ .‬وقال هللا هلم‪ :‬اهبطوا إىل األرض‪ ،‬يعادي بعضكم بع ً‬
‫األرض استقرار وإقامة‪ ،‬وانتفاع مبا فيها إىل وقت انتهاء آجالكم‪.‬‬

‫(‪) 6/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫اب َعلَ ْي ِه إِنههُ ُه َو الت ه‬ ‫فَ تَ لَ هقى َ ِ ِ ِ ٍ‬


‫يم (‪)37‬‬
‫اب ال هرح ُ‬
‫هو ُ‬ ‫آد ُم م ْن َربِه َكل َمات فَ تَ َ‬

‫سنَا َوإِ ْن َملْ تَغْ ِف ْر‬


‫{ربهنَا ظَلَ ْمنَا أَنْ ُف َ‬
‫واستغفارا‪ ،‬وهي قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫كلمات‪ ،‬أهلمه هللا إَّيها توبة‬ ‫آدم ابلقبول‬ ‫فتلقى ُ‬
‫ين} فتاب هللا عليه‪ ،‬وغفر له ذنبه إنه تعاىل هو التواب ملن اتب ِمن عباده‪،‬‬ ‫لَنَا وتَر َْحْنَا لَنَ ُكونَ هن ِمن ْ ِ‬
‫اخلَاس ِر َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫الرحيم هبم‪.‬‬
‫(‪) 6/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫ف َعلَيْ ِه ْم َوَال ُه ْم َْحي َزنُو َن (‪)38‬‬ ‫قُلْنَا ْاهبطُوا منْ َها َمج ًيعا فَِإ هما ََيْتيَ نه ُك ْم م ِّن ُه ًدى فَ َم ْن تَب َع ُه َد َ‬
‫اي فَ َال َخ ْو ٌ‬

‫مجيعا‪ ،‬وسيأتيكم أنتم وذرَّيتكم املتعاقبة ما فيه هدايتكم إىل اْلق‪ .‬فمن عمل هبا‬
‫قال هللا هلم‪ :‬اهبطوا من اجلنة ً‬
‫فال خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر اآلخرة وال هم حيزنون على ما فاَتم من أمور الدنيا‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن (‪)39‬‬‫ِ‬


‫اب النها ِر ُه ْم ف َ‬
‫َص َح ُ‬ ‫ين َك َف ُروا َوَك هذبُوا ِِب ََّيتِنَا أُولَئِ َ‬
‫كأ ْ‬ ‫هِ‬
‫َوالذ َ‬

‫والذين جحدوا وكذبوا ِبَّيتنا املتلوة ودالئل توحيدان‪ ،‬أولئك الذين يالزمون النار‪ ،‬هم فيها خالدون‪ ،‬ال‬
‫خيرجون منها‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫ت َعلَي ُكم وأَوفُوا بِع ْه ِدي أ ِ‬


‫ُوف بِع ْه ِد ُكم وإِ هَّيي فَارَهب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ون (‪)40‬‬‫َ َْ َ ُْ‬ ‫يت الهِيت أَنْ َع ْم ُ ْ ْ َ ْ َ‬
‫يل اذْ ُك ُروا ن ْع َم ِ َ‬
‫ََّيبَِّن إ ْس َرائ َ‬

‫مجيعا‪،‬‬
‫َّي ذرية يعقوب اذكروا نعمي الكثرية عليكم‪ ،‬واشكروا يل‪ ،‬وأمتوا وصييت لكم‪ :‬أبن تؤمنوا بكتيب ورسلي ً‬
‫ي‪-‬‬
‫وإَّي َ‬
‫وتعملوا بشرائعي‪ .‬فإن فعلتم ذلك أُمتم لكم ما وعدتكم به من الرْحة يف الدنيا‪ ،‬والنجاة يف اآلخرة‪ .‬ه‬
‫وحدي‪ -‬فخافوين‪ ،‬واحذروا نقميت إن نقضتم العهد‪ ،‬وكفرمت يب‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫ْت مص ِدقًا لِما مع ُكم وَال تَ ُكونُوا أَ هو َل َكافِ ٍر بِ ِه وَال تَ ْش َرتوا ِِبَّيِِت ََثَنًا قَلِ ًيال وإِ هَّيي فَاته ُق ِ‬ ‫ِ‬
‫ون (‪)41‬‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َوآمنُوا ِمبَا أَنْ َزل ُ ُ َ َ َ َ ْ َ‬
‫أنزلْتُه على حممد نيب هللا ورسوله‪ ،‬مواف ًقا ملا تعلمونه من صحيح‬
‫وآمنوا ‪َّ-‬ي بّن إسرائيل‪ -‬ابلقرآن الذي َ‬
‫التوراة‪ ،‬وال تكونوا أول فريق من أهل الكتاب يكفر به‪ ،‬وال تستبدلوا ِبَّيِت َثنًا قليال من حطام الدنيا الزائل‪،‬‬
‫وإَّيي وحدي فاعملوا بطاعيت واتركوا معصييت‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫وَال تَلْبِسوا ا ْْل هق ِابلْب ِ‬


‫اط ِل َوتَكْتُ ُموا ا ْْلَ هق َوأَنْ تُ ْم تَ ْعلَ ُمو َن (‪)42‬‬‫ُ َ َ‬ ‫َ‬

‫وال ختلِطوا اْلق الذي بيهنته لكم ابلباطل الذي افرتيتموه‪ ،‬واحذروا كتمان اْلق الصريح من صفة نيب هللا‬
‫ورسوله حممد صلى هللا عليه وسلم اليت يف كتبكم‪ ،‬وأنتم جتدوهنا مكتوبة عندكم‪ ،‬فيما تعلمون من الكتب اليت‬
‫أبيديكم‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َالةَ َوآتُوا ال هزَكاةَ َو ْارَكعُوا َم َع ال هراك ِع َ‬
‫ني (‪)43‬‬ ‫يموا ال ه‬
‫َوأَق ُ‬

‫وادخلوا يف دين اإلسالم‪ :‬أبن تقيموا الصالة على الوجه الصحيح‪ ،‬كما جاء هبا نيب هللا ورسوله حممد صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وتؤدوا الزكاة املفروضة على الوجه املشروع‪ ،‬وتكونوا مع الراكعني من أمته صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫اب أَفَ َال تَ ْع ِقلُو َن (‪)44‬‬ ‫ِ‬


‫س ُك ْم َوأَنْ تُ ْم تَ ْت لُو َن الْكتَ َ‬
‫س ْو َن أَنْ ُف َ‬ ‫هاس ِابلِ ِ‬
‫ْرب َوتَ ْن َ‬ ‫أ َََت ُْم ُرو َن الن َ‬

‫وحال علمائكم حني َتمرون الناس بعمل اخلريات‪ ،‬وترتكون أنفسكم‪ ،‬فال َتمروهنا ابخلري‬
‫ما أقبح حالَكم َ‬
‫العظيم‪ ،‬وهو اإلسالم‪ ،‬وأنتم تقرءون التوراة‪ ،‬اليت فيها صفات حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ووجوب اإلميان‬
‫صحيحا؟‬
‫ً‬ ‫به!! أفال تستعملون عقولكم استعماال‬

‫(‪) 7/ 1‬‬
‫ص َالةِ وإِ ههنَا لَ َكبِريةٌ إِهال َعلَى ْ ِ‬
‫اخلَاش ِع َ‬
‫ني (‪)45‬‬ ‫َ‬ ‫استَ ِعينُوا ِابل ه‬
‫ص ِْرب َوال ه َ‬ ‫َو ْ‬

‫واستعينوا يف كل أموركم ابلصرب جبميع أنواعه‪ ،‬وكذلك الصالة‪ .‬وإهنا لشاقة إال على اخلاشعني‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫اله ِذين يظُنُّو َن أَ ههنُم م َالقُو رهبِِم وأَ ههنُم إِل َْي ِه ر ِ‬
‫اجعُو َن (‪)46‬‬‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬

‫الذين خيشون هللا ويرجون ما عنده‪ ،‬ويوقنون أهنم مالقو ِرهبم ج هل وعال بعد املوت‪ ،‬وأهنم إليه راجعون يوم‬
‫القيامة للحساب واجلزاء‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫ضلْتُ ُك ْم َعلَى ال َْعال َِم َ‬ ‫يت الهِيت أَنْ َع ْم ُ‬


‫ت َعلَ ْي ُك ْم َوأَِين فَ ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ني (‪)47‬‬ ‫يل اذْ ُك ُروا ن ْع َم ِ َ‬
‫ََّيبَِّن إ ْس َرائ َ‬

‫َّي ذرية يعقوب تذ هكروا نعمي الكثرية عليكم‪ ،‬واشكروا يل عليها‪ ،‬وتذكروا أين فَ ه‬
‫ضلْتكم على عالَمي زمانكم‬
‫بكثرة األنبياء‪ ،‬والكتب املن هزلة كالتوراة واإلجنيل‪.‬‬

‫(‪) 7/ 1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُرو َن (‪)48‬‬
‫اعةٌ َوَال يُ ْؤ َخ ُذ م ْن َها َع ْد ٌل َوَال ُه ْم يُ ْن َ‬
‫س َش ْي ئًا َوَال يُ ْقبَ ُل م ْن َها َش َف َ‬ ‫َواته ُقوا يَ ْوًما َال َجتْ ِزي نَ ْف ٌ‬
‫س َع ْن نَ ْف ٍ‬

‫وخافوا يوم القيامة‪ ،‬يوم ال يغّن أحد عن أحد شيئًا‪ ،‬وال يقبل هللا شفاعة يف الكافرين‪ ،‬وال يقبل منهم فدية‪،‬‬
‫مجيعا‪ ،‬وال ميلك أحد يف هذا اليوم أن يتقدم لنصرَتم وإنقاذهم من العذاب‪.‬‬
‫ولو كانت أموال األرض ً‬

‫(‪) 7/ 1‬‬
‫ساءَ ُك ْم َوِيف َذلِ ُك ْم بََالءٌ ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ومونَ ُك ْم ُسوءَ ال َْع َذاب يُ َذحبُو َن أَبْ نَاءَ ُك ْم َويَ ْستَ ْحيُو َن ن َ‬
‫سُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َوإِ ْذ جن ْ‬
‫َهي نَا ُك ْم م ْن آل ف ْر َع ْو َن يَ ُ‬
‫ِ‬
‫يم (‪)49‬‬ ‫َربِ ُك ْم َعظ ٌ‬

‫واذكروا نعمتنا عليكم حني أنقذانكم من بطش فرعون وأتباعه‪ ،‬وهم يُذيقونكم أش هد العذاب‪ ،‬فيُكثِرون ِمن‬
‫ذَبْح أبنائكم‪ ،‬ويستبقون نساءكم للخدمة واالمتهان‪ .‬ويف ذلك اختبار لكم من ربكم‪ ،‬ويف إجنائكم منه نعمة‬
‫عظيمة‪ ،‬تستوجب شكر هللا تعاىل يف كل عصوركم وأجيالكم‪.‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫آل فِ ْر َع ْو َن َوأَنْ تُ ْم تَ ْنظُُرو َن (‪)50‬‬


‫َوإِ ْذ فَ َرقْنَا بِ ُك ُم الْبَ ْح َر فَأ َْجنَ ْي نَا ُك ْم َوأَ ْغ َرقْنَا َ‬

‫صلْنا بسببكم البحر‪ ،‬وجعلنا فيه طرقًا َّيبسةً‪ ،‬فعربمت‪ ،‬وأنقذانكم من فرعون‬
‫واذكروا نعمتنا عليكم‪ ،‬حني فَ َ‬
‫وجنوده‪ ،‬ومن اهلالك يف املاء‪ .‬فلما دخل فرعون وجنوده طرقكم أهلكناهم يف املاء أمام أعينكم‪.‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫ْمتُ ال ِْع ْج َل ِم ْن بَ ْع ِدهِ َوأَنْ تُ ْم ظَالِ ُمو َن (‪)51‬‬ ‫وسى أ َْربَ ِع َ‬


‫ني ل َْي لَةً مثُه هاختَذ ُ‬ ‫َوإِ ْذ َو َ‬
‫اع ْد َان ُم َ‬

‫ونورا لكم‪ ،‬فإذا بكم تنتهزون فرصة‬


‫واذكروا نعمتنا عليكم‪ :‬حني واعدان موسى أربعني ليلة إلنزال التوراة هدايةً ً‬
‫معبودا لكم من دون هللا ‪-‬وهذا أشنع الكفر‬
‫غيابه هذه املدة القليلة‪ ،‬وجتعلون العجل الذي صنعتموه أبيديكم ً‬
‫ابهلل‪ -‬وأنتم ظاملون ابختاذكم العجل إهلًا‪.‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫مثُه َع َف ْوَان َع ْن ُك ْم ِم ْن بَ ْع ِد ذَلِ َ‬


‫ك ل ََعله ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن (‪)52‬‬

‫مثه جتاوزان عن هذه الفعلة املنكرة‪ ،‬وقَبِلْنَا توبتكم بعد عودة موسى; رجاءَ أن تشكروا هللا على نعمه وأفضاله‪،‬‬
‫وال تتمادوا يف الكفر والطغيان‪.‬‬
‫(‪) 8/ 1‬‬

‫اب َوالْ ُف ْرقَا َن ل ََعله ُك ْم ََتْتَ ُدو َن (‪)53‬‬ ‫ِ‬


‫َوإِ ْذ آتَيْ نَا ُم َ‬
‫وسى الْكتَ َ‬

‫واذكروا نعمتنا عليكم حني أعطينا موسى الكتاب الفارق بني اْلق والباطل ‪-‬وهو التوراة‪ ;-‬لكي َتتدوا من‬
‫الضاللة‪.‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫س ُك ْم ذَلِ ُك ْم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ال ُم َ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫َوإِ ْذ قَ َ‬


‫س ُك ْم ابختَاذ ُك ُم الْع ْج َل فَ تُوبُوا إ َىل َاب ِرئ ُك ْم فَاقْتُ لُوا أَنْ ُف َ‬
‫وسى ل َق ْومه ََّيقَ ْوم إنه ُك ْم ظَلَ ْمتُ ْم أَنْ ُف َ‬
‫ِ‬ ‫اب َعلَْي ُك ْم إِنههُ ُه َو الت ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم (‪)54‬‬ ‫اب ال هرح ُ‬ ‫هو ُ‬ ‫َخ ْريٌ لَ ُك ْم عنْ َد َاب ِرئ ُك ْم فَ تَ َ‬

‫واذكروا نعمتنا عليكم حني قال موسى لقومه‪ :‬إنكم ظلمتم أنفسكم ابختاذكم العجل إهلًا‪ ،‬فتوبوا إىل خالقكم‪:‬‬
‫ضا‪ ،‬وهذا خري لكم عند خالقكم من اخللود األبدي يف النار‪ ،‬فامتثلتم ذلك‪ ،‬فم هن هللا‬ ‫أبن يَ ْقتل بعضكم بع ً‬
‫عليكم ب َقبول توبتكم‪ .‬إنه تعاىل هو التواب ملن اتب ِمن عباده‪ ،‬الرحيم هبم‪.‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫صِ‬ ‫َن نُ ْؤِم َن ل َ‬


‫اع َقةُ َوأَنْ تُ ْم تَ ْنظُُرو َن (‪)55‬‬ ‫َك َح هىت نَ َرى ه‬
‫اَّللَ َج ْه َرةً فَأَ َخ َذتْ ُك ُم ال ه‬ ‫َوإِ ْذ قُلْتُ ْم ََّي ُم َ‬
‫وسى ل ْ‬

‫واذكروا إذ قلتم‪َّ :‬ي موسى لن نصدقك يف أن الكالم الذي نسمعه منك هو كالم هللا‪ ،‬حىت نرى هللا ِعيَ ًاان‪،‬‬
‫وج ْرأتكم على هللا تعاىل‪.‬‬
‫فنزلت انر من السماء رأيتموها أبعينكم‪ ،‬ف َقتَ لَْتكم بسبب ذنوبكم‪ُ ،‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫مثُه بَ َعثْ نَا ُك ْم ِم ْن بَ ْع ِد َم ْوتِ ُك ْم ل ََعله ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن (‪)56‬‬


‫مث أحييناكم ِمن بعد موتكم ابلصاعقة; لتشكروا نعمة هللا عليكم‪ ،‬فهذا املوت عقوبة هلم‪ ،‬مث بعثهم هللا الستيفاء‬
‫آجاهلم‪.‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫وان ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َك ْن َكانُوا‬ ‫سل َْوى ُكلُوا م ْن طَيِبَات َما َرَزقْنَا ُك ْم َوَما ظَلَ ُم َ َ‬ ‫َوظَلهلْنَا َعلَيْ ُك ُم الْغَ َم َ‬
‫ام َوأَنْ َزلْنَا َعلَيْ ُك ُم ال َْم هن َوال ه‬
‫س ُه ْم يَظْلِ ُمو َن (‪)57‬‬ ‫أَنْ ُف َ‬

‫واذكروا نعمتنا عليكم حني كنتم تتيهون يف األرض; إذ جعلنا السحاب مظلال عليكم من َح ِر الشمس‪ ،‬وأنزلنا‬
‫ماَن‪ ،‬وقلنا‬
‫الس َ‬
‫سلوى وهو طري يشبه ُّ‬ ‫صمغ طعمه كالعسل‪ ،‬وأنزلنا عليكم ال ه‬ ‫عليكم امل هن‪ ،‬وهو شيء يشبه ال ه‬
‫لكم‪ :‬كلوا من طيِبات ما رزقناكم‪ ،‬وال ختالفوا دينكم‪ ،‬فلم متتثلوا‪ .‬وما ظلموان بكفران النعم‪ ،‬ولكن كانوا‬
‫أنفسهم يظلمون; ألن عاقبة الظلم عائدة عليهم‪.‬‬

‫(‪) 8/ 1‬‬

‫اب ُس هج ًدا َوقُولُوا ِحطهةٌ نَغْ ِف ْر لَ ُك ْم‬ ‫وإِ ْذ قُلْنَا ا ْد ُخلُوا َه ِذهِ الْ َقريةَ فَ ُكلُوا ِم ْن ها حي ُ ِ‬
‫ث ش ْئ تُ ْم َرغَ ًدا َوا ْد ُخلُوا الْبَ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ني (‪)58‬‬ ‫َخطَ َاَّي ُك ْم َو َسنَ ِزي ُد ال ُْم ْحسنِ َ‬

‫واذكروا نعمتنا عليكم حني قلنا‪ :‬ادخلوا مدينة «بيت املقدس» فكلوا من طيباَتا يف أي مكان منها أكال‬
‫ض ْع عنها ذنوبنا‪ ،‬نستجب لكم ونعف عنكم‬
‫هنيئًا‪ ،‬وكونوا يف دخولكم خاضعني هلل‪ ،‬ذليلني له‪ ،‬وقولوا‪ :‬ربهنا َ‬
‫وثوااب‪.‬‬
‫خريا ً‬‫ونسرتها عليكم‪ ،‬وسنزيد احملسنني أبعماهلم ً‬

‫(‪) 9/ 1‬‬

‫س ُقو َن (‪)59‬‬ ‫ين ظَلَ ُموا ِر ْج ًزا ِم َن ال ه ِ ِ‬ ‫هِ‬ ‫هل اله ِذين ظَلَموا قَ وًال غَ ْ ه ِ ِ‬
‫س َماء مبَا َكانُوا يَ ْف ُ‬ ‫يل َهلُ ْم فَأَنْ َزلْنَا َعلَى الذ َ‬
‫ري الذي ق َ‬
‫َ ُ ْ َ‬ ‫فَ بَد َ‬
‫مجيعا‪ ،‬إذ دخلوا يزحفون على‬
‫فبدهل اجلائرون الضالون من بّن إسرائيل قول هللا‪ ،‬وح هرفوا القول والفعل ً‬
‫عذااب من السماء; بسبب متردهم‬
‫أستاههم وقالوا‪ :‬حبة يف شعرة‪ ،‬واستهزءوا بدين هللا‪ .‬فأنزل هللا عليهم ً‬
‫وخروجهم عن طاعة هللا‪.‬‬

‫(‪) 9/ 1‬‬

‫ت ِم ْنهُ اثْنَ تَا َع ْش َرةَ َع ْي نًا قَ ْد َعلِ َم ُك ُّل أ َُان ٍ‬


‫س‬ ‫اك ا ْْلَ َج َر فَانْ َف َج َر ْ‬
‫صَ‬ ‫ب بِ َع َ‬ ‫وسى لَِق ْوِم ِه فَ ُقلْنَا ا ْ‬
‫ض ِر ْ‬ ‫استَ ْس َقى ُم َ‬
‫ِ‬
‫َوإِذ ْ‬
‫اَّلل وَال تَ ْعثَوا ِيف ْاألَر ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ين (‪)60‬‬ ‫ض ُم ْفسد َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َم ْش َرَهبُ ْم ُكلُوا َوا ْش َربُوا م ْن ِر ْزق ه َ‬

‫واذكروا نعمتنا عليكم ‪-‬وأنتم عطاش يف التِ ْيه‪ -‬حني دعاان موسى ‪-‬بضراعة‪ -‬أن نسقي قومه‪ ،‬فقلنا‪ :‬اضرب‬
‫بعصاك اْلجر‪ ،‬فضرب‪ ،‬فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا‪ ،‬بعدد القبائل‪ ،‬مع إعالم كل قبيلة ابلعني اخلاصة هبا‬
‫حىت ال يتنازعوا‪ .‬وقلنا هلم‪ :‬كلوا واشربوا من رزق هللا‪ ،‬وال تسعوا يف األرض مفسدين‪.‬‬

‫(‪) 9/ 1‬‬

‫ت ْاألَرض ِمن ب ْقلِها وقِثهائِها وفُ ِ‬ ‫ك ُخيْر ْ ِ ِ‬ ‫وإِ ْذ قُلْتم َّيموسى لَن نَصِرب علَى طَع ٍام و ِ‬
‫اح ٍد فَا ْدعُ لَنَا َربه َ‬
‫وم َها‬ ‫ِج لَنَا ممها تُ ْنب ُ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ُْ َ ُ َ ْ ْ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫صلِ َها قَ َ‬
‫ض ِربَ ْ‬
‫ت‬ ‫ال أَتَ ْستَ ْب ِدلُو َن اله ِذي ُه َو أَ ْد ََن ِابله ِذي ُه َو َخ ْريٌ ْاهبِطُوا م ْ‬
‫ص ًرا فَِإ هن لَ ُك ْم َما َسأَلْتُ ْم َو ُ‬ ‫ِ‬
‫َو َع َدس َها َوبَ َ‬
‫ني بِغَ ِْري ا ْْلَ ِق‬ ‫ت هِ‬ ‫ك ِأبَ ههنُم َكانُوا ي ْك ُفرو َن ِِبَّي ِ‬ ‫ب ِمن هِ ِ‬ ‫َعلَي ِهم ِ‬
‫اَّلل َويَ ْقتُ لُو َن النهبِيِ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫اَّلل ذَل َ ْ‬ ‫ضٍ َ‬ ‫الذلهةُ َوال َْم ْس َكنَةُ َوَابءُوا بِغَ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫ص ْوا َوَكانُوا يَ ْعتَ ُدو َن (‪)61‬‬ ‫ك ِمبَا َع َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫واذكروا حني أنزلنا عليكم الطعام اْللو‪ ،‬والطري الشهي‪ِ ،‬‬
‫فبطرمت النعمة كعادتكم‪ ،‬وأصابكم الضيق وامللل‪،‬‬
‫طعاما‬
‫فقلتم‪َّ :‬ي موسى لن نصرب على طعام اثبت ال يتغري مع األَّيم‪ ،‬فادع لنا ربك خيرج لنا من نبات األرض ً‬
‫مستنكرا عليهم‪ :-‬أتطلبون‬
‫ً‬ ‫ضر‪ ،‬والقثاء واْلبوب اليت تؤكل‪ ،‬والعدس‪ ،‬والبصل‪ .‬قال موسى ‪-‬‬
‫من البقول واخلُ َ‬
‫قدرا‪ ،‬وترتكون هذا الرزق النافع الذي اختاره هللا لكم؟ اهبطوا من هذه البادية إىل‬
‫هذه األطعمة اليت هي أقل ً‬
‫تبني هلم أهنم يُ َق ِدمون اختيارهم ‪-‬يف كل‬
‫كثريا يف اْلقول واألسواق‪ .‬وملا هبطوا ه‬
‫أي مدينة‪ ،‬جتدوا ما اشتهيتم ً‬
‫موطن‪ -‬على اختيار هللا‪ ،‬وي ْؤثِرون شهواَتم على ما اختاره هللا هلم; لذلك لزمتهم ِ‬
‫ص َفةُ الذل وفقر النفوس‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ظلما‬
‫وانصرفوا ورجعوا بغضب من هللا; إلعراضهم عن دين هللا‪ ،‬وألهنم كانوا يكفرون ِبَّيت هللا ويقتلون النبيني ً‬
‫وعدواان; وذلك بسبب عصياهنم وجتاوزهم حدود رهبم‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪) 9/ 1‬‬

‫َج ُرُه ْم ِعنْ َد‬ ‫َّلل والْي وِم ْاآل ِخ ِر و َع ِمل ِ‬


‫ِ‬ ‫هِ‬ ‫هِ‬
‫صاْلًا فَ لَ ُه ْم أ ْ‬
‫َ َ َ‬ ‫آم َن ِاب ه َ َ ْ‬ ‫صابِئِ َ‬
‫ني َم ْن َ‬ ‫هص َارى َوال ه‬
‫ادوا َوالن َ‬ ‫ين َه ُ‬‫آمنُوا َوالذ َ‬ ‫ين َ‬ ‫إِ هن الذ َ‬
‫َرهبِِ ْم َوَال َخ ْو ٌ‬
‫ف َعلَْي ِه ْم َوَال ُه ْم َْحي َزنُو َن (‪)62‬‬

‫إن املؤمنني من هذه األمة‪ ،‬الذين صدهقوا ابهلل ورسله‪ ،‬وعملوا بشرعه‪ ،‬والذين كانوا قبل بعثة حممد صلى هللا‬
‫عليه وسلم من األمم السالفة من اليهود‪ ،‬والنصارى‪ ،‬والصابئني ‪-‬وهم قوم ابقون على فطرَتم‪ ،‬وال دين مقرر‬
‫خالصا‪ ،‬وبيوم البعث واجلزاء‪ ،‬وعملوا عمال مرضيًا‬
‫ً‬ ‫مجيعا إذا صدهقوا ابهلل تصدي ًقا صحي ًحا‬
‫هلم يتبعونه‪ -‬هؤالء ً‬
‫عند هللا‪ ،‬فثواهبم اثبت هلم عند رهبم‪ ،‬وال خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر اآلخرة‪ ،‬وال هم حيزنون على ما‬
‫فاَتم من أمور الدنيا‪ .‬وأما بعد بعثة حممد صلى هللا عليه وسلم خامتًا للنبيني واملرسلني إىل الناس كافة‪ ،‬فال‬
‫يقبل هللا من أحد دينًا غري ما جاء به‪ ،‬وهو اإلسالم‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬

‫ور ُخ ُذوا َما آتَ ْي نَا ُك ْم بِ ُق هوةٍ َواذْ ُك ُروا َما فِ ِيه ل ََعله ُك ْم تَته ُقو َن (‪)63‬‬ ‫وإِ ْذ أَ َخذ َ ِ‬
‫ْان ميثَاقَ ُك ْم َوَرفَ ْعنَا فَ ْوقَ ُك ُم الطُّ َ‬ ‫َ‬

‫واذكروا ‪َّ-‬ي بّن إسرائيل‪ -‬حني أَ َخذْان العهد املؤهكد منكم ابإلميان ابهلل وإفراده ابلعبادة‪ ،‬ورفعنا جبل الطور‬
‫جبد واجتهاد واحفظوه‪ ،‬وإال أطبقنا عليكم اجلبل‪ ،‬وال‬ ‫فوقكم‪ ،‬وقلنا لكم‪ :‬خذوا الكتاب الذي أعطيناكم ٍ‬
‫تنسوا التوراة قوال وعمال كي تتقوين وختافوا عقايب‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬

‫اَّلل َعلَي ُكم ور ْْحَتُهُ لَ ُك ْن تُم ِمن ْ ِ‬


‫ك فَلَوَال فَ ْ ِ‬‫ِ ِ ِ‬
‫اخلَاس ِر َ‬
‫ين (‪)64‬‬ ‫ْ َ‬ ‫ض ُل ه ْ ْ َ َ‬ ‫مثُه تَ َولهْي تُ ْم م ْن بَ ْعد ذَل َ ْ‬

‫ض ُل هللا عليكم ورْحته‬


‫دائما‪ .‬فلوال فَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ورفْع اجلبل كشأنكم ً‬
‫مث خالفتم وعصيتم مرة أخرى‪ ،‬بعد أَ ْخذ امليثاق َ‬
‫ابلتوبة‪ ،‬والتجاوز عن خطاَّيكم‪ ،‬لصرمت من اخلاسرين يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت فَ ُقلْنَا َهلُ ْم ُكونُوا ق َر َدةً َخاسئِ َ‬
‫ني (‪)65‬‬ ‫ين ا ْعتَ َد ْوا ِم ْن ُك ْم ِيف ال ه‬
‫س ْب ِ‬ ‫ِ هِ‬
‫َولََق ْد َعل ْمتُ ُم الذ َ‬

‫ولقد علمتم ‪َّ-‬ي معشر اليهود‪ -‬ما ح هل من البأس أبسالفكم من أهل القرية اليت عصت هللا‪ ،‬فيما أخذه عليهم‬
‫ِ‬
‫من تعظيم السبت‪ ،‬فاحتالوا الصطياد السمك يف يوم السبت‪ ،‬بوضع الشباك وحفر ِ َ‬
‫الربك‪ ،‬مث اصطادوا‬
‫السمك يوم األحد حيلة إىل احملرم‪ ،‬فلما فعلوا ذلك‪ ،‬مسخهم هللا قردة منبوذين‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬

‫ني (‪)66‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ني يَ َديْ َها َوَما َخلْ َف َها َوَم ْوعظَةً لل ُْمتهق َ‬
‫اها نَ َك ًاال ل َما بَ َْ‬
‫فَ َج َعلْنَ َ‬

‫فجعلنا هذه القرية عربة ملن حبضرَتا من القرى‪ ،‬يبلغهم خربها وما ح هل هبا‪ ،‬وعربة ملن يعمل بعدها مثل تلك‬
‫ُّ‬
‫الذنوب‪ ،‬وجعلناها تذكرة للصاْلني; ليعلموا أهنم على اْلق‪ ،‬فيثبتوا عليه‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْحبوا ب َقرةً قَالُوا أَتَت ِ‬ ‫وسى لَِق ْوِم ِه إِ هن ه‬ ‫َوإِ ْذ قَ َ‬
‫ال أَعُوذُ ِاب هَّلل أَ ْن أَ ُكو َن م َن ا ْجلَاهل َ‬
‫ني‬ ‫هخ ُذ َان ُه ُزًوا قَ َ‬ ‫اَّللَ ََي ُْم ُرُك ْم أَ ْن تَذ َُ َ َ‬ ‫ال ُم َ‬
‫(‪)67‬‬

‫واذكروا ‪َّ-‬ي بّن إسرائيل‪ -‬جناية أسالفكم‪ ،‬وكثرة تعنتهم وجداهلم ملوسى عليه الصالة والسالم‪ ،‬حني قال هلم‪:‬‬
‫موضعا للسخرية واالستخفاف؟ فر هد عليهم موسى‬
‫ً‬ ‫إن هللا َيمركم أن تذحبوا بقرة‪ ،‬فقالوا ‪-‬مستكربين‪ :-‬أجتعلنا‬
‫بقوله‪ :‬أستجري ابهلل أن أكون من املستهزئني‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬

‫ني ذَلِ َ‬
‫ك فَافْ َعلُوا َما تُ ْؤَم ُرو َن‬ ‫ْر َع َوا ٌن بَ َْ‬ ‫ول إِ ههنَا بَ َق َرةٌ َال فَا ِر ٌ‬
‫ض َوَال بِك ٌ‬ ‫ني لَنَا َما ِه َي قَ َ‬
‫ال إِنههُ يَ ُق ُ‬ ‫ك يُبَِ ْ‬
‫قَالُوا ا ْدعُ لَنَا َربه َ‬
‫(‪)68‬‬
‫قالوا‪ :‬ادع لنا ربهك يوضح لنا صفة هذه البقرة‪ ،‬فأجاهبم‪ :‬إن هللا يقول لكم‪ :‬صفتها أال تكون مسنهة َه ِرمة‪ ،‬وال‬
‫صغرية فَتِيهة‪ ،‬وإَّنا هي متوسطة بينهما‪ ،‬فسا ِرعوا إىل امتثال أمر ربكم‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ُّر النهاظ ِر َ‬
‫ين (‪)69‬‬ ‫ول إِ ههنَا بَ َق َرةٌ َ‬
‫ص ْف َراءُ فَاق ٌع ل َْو ُهنَا تَ ُ‬ ‫ال إِنههُ يَ ُق ُ‬ ‫ك يُبَِ ْ‬
‫ني لَنَا َما ل َْو ُهنَا قَ َ‬ ‫قَالُوا ا ْدعُ لَنَا َربه َ‬

‫س ُّر‬
‫الص ْفرة‪ ،‬تَ ُ‬
‫فعادوا إىل جداهلم قائلني‪ :‬ادع لنا ربك يوضح لنا لوهنا‪ .‬قال‪ :‬إنه يقول‪ :‬إهنا بقرة صفراء شديدة ُّ‬
‫َمن ينظر إليها‪.‬‬

‫(‪)10/1‬‬

‫اَّللُ ل َُم ْهتَ ُدو َن (‪)70‬‬ ‫ني لَنَا َما ِه َي إِ هن الْبَ َق َر تَ َ‬


‫شابَهَ َعلَ ْي نَا َوإِ هان إِ ْن َشاءَ ه‬ ‫ك يُبَِ ْ‬
‫قَالُوا ا ْدعُ لَنَا َربه َ‬

‫قال بنو إسرائيل ملوسى‪ :‬ادع لنا ربك يوضح لنا صفات أخرى غري ما سبق; ألن البقر ‪-‬هبذه الصفات‪ -‬كثري‬
‫فا ْشتَ بَهَ علينا ماذا خنتار؟ وإننا ‪-‬إن شاء هللا‪ -‬ملهتدون إىل البقرة املأمور بذحبها‪.‬‬

‫(‪)11/1‬‬

‫يها قَالُوا ْاآل َن ِج ْئ َ‬‫ِ ِ‬ ‫ض َوَال تَ ْس ِقي ا ْْلَْر َ‬


‫ت ِاب ْْلَ ِق‬ ‫سله َمةٌ َال شيَةَ ف َ‬
‫ث ُم َ‬ ‫ُول تُثِريُ ْاأل َْر َ‬
‫ول إِ ههنَا بَ َق َرةٌ َال َذل ٌ‬
‫ال إِنههُ يَ ُق ُ‬
‫قَ َ‬
‫ادوا يَ ْف َعلُو َن (‪)71‬‬ ‫وها َوَما َك ُ‬ ‫فَ َذ َحبُ َ‬

‫قال هلم موسى‪ :‬إن هللا يقول‪ :‬إهنا بقرة غري مذللة للعمل يف حراثة األرض للزراعة‪ ،‬وغري معدة للسقي من‬
‫الساقية‪ ،‬وخالية من العيوب مجيعها‪ ،‬وليس فيها عالمة من لون غري لون جلدها‪ .‬قالوا‪ :‬اآلن جئت حبقيقة‬
‫وصف البقرة‪ ،‬فاضطروا إىل ذحبها بعد طول املراوغة‪ ،‬وقد قاربوا أال يفعلوا ذلك لعنادهم‪ .‬وهكذا شددوا‬
‫فشدهد هللا عليهم‪.‬‬

‫(‪)11/1‬‬
‫وإِ ْذ قَ تَ لْتُم نَ ْفسا فَاد ِ‬
‫ِج َما ُك ْن تُ ْم تَكْتُ ُمو َن (‪)72‬‬
‫اَّللُ ُخمْر ٌ‬ ‫هارأْ ُْمت ف َ‬
‫يها َو ه‬ ‫َ‬ ‫ْ ً‬ ‫َ‬

‫نفسا فتنازعتم بشأهنا‪ ،‬كلٌّ يدفع عن نفسه َتمة القتل‪ ،‬وهللا خمرج ما كنتم ختفون ِمن قَ تْل‬
‫واذكروا إذ قتلتم ً‬
‫القتيل‪.‬‬

‫(‪)11/1‬‬

‫آَّيتِِه ل ََعله ُك ْم تَ ْع ِقلُو َن (‪)73‬‬


‫اَّللُ ال َْم ْوتَى َويُ ِري ُك ْم َ‬ ‫ض َها َك َذلِ َ‬
‫ك ُْحي ِي ه‬ ‫ض ِربوهُ بِب ْع ِ‬
‫فَ ُقلْنَا ا ْ ُ َ‬

‫فقلنا‪ :‬اضربوا القتيل جبزء من هذه البقرة املذبوحة‪ ،‬فإن هللا سيبعثه حيًا‪ ،‬وخيربكم عن قاتله‪ .‬فضربوه ببعضها‬
‫فأحياه هللا وأخرب بقاتله‪ .‬كذلك ُحييي هللا املوتى يوم القيامة‪ ،‬ويريكم ‪َّ-‬ي بّن إسرائيل‪ -‬معجزاته الدالة على‬
‫كمال قدرته تعاىل; لكي تتفكروا بعقولكم‪ ،‬فتمتنعوا عن معاصيه‪.‬‬

‫(‪)11/1‬‬

‫ار َوإِ هن ِم ْن َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت قُلُوبُ ُك ْم ِم ْن بَ ْع ِد ذَلِ َ‬


‫ك فَ ِه َي َكا ْْل َج َارة أ َْو أَ َش ُّد قَ ْس َوةً َوإِ هن م َن ا ْْل َج َارة ل ََما يَتَ َف هج ُر م ْنهُ ْاأل َْهنَ ُ‬ ‫س ْ‬
‫مثُه قَ َ‬
‫اَّللُ بِغَافِ ٍل َع هما تَ ْع َملُو َن (‪)74‬‬ ‫ط ِمن َخ ْشي ِة هِ‬ ‫ِ‬ ‫ش هق ُق فَ ي ْخر ِ‬
‫اَّلل َوَما ه‬ ‫ج منْهُ ال َْماءُ َوإِ هن منْ َها ل ََما يَ ْهبِ ُ ْ َ‬ ‫ل ََما يَ ه َ ُ ُ‬

‫ولكنكم مل تنتفعوا بذلك; إذ بعد كل هذه املعجزات اخلارقة اشتدت قلوبكم وغلظت‪ ،‬فلم يَ ْن ُفذ إليها خري‪ ،‬ومل‬
‫تَلِ ْن أمام اآلَّيت الباهرة اليت أريتكموها‪ ،‬حىت صارت قلوبكم مثل اْلجارة الص هماء‪ ،‬بل هي أشد منها غلظة;‬
‫أهنارا جاريةً‪ ،‬ومن اْلجارة ما يتصدع‬
‫تنصب منه املياه صبًا‪ ،‬فتصري ً‬
‫ه‬ ‫ألن من اْلجارة ما يتسع وينفرج حىت‬
‫فينشق‪ ،‬فتخرج منه العيون والينابيع‪ ،‬ومن اْلجارة ما يسقط من أعايل اجلبال ِمن خشية هللا تعاىل وتعظيمه‪.‬‬
‫وما هللا بغافل عما تعملون‪.‬‬

‫(‪)11/1‬‬
‫اَّلل مثُه ُحيَ ِرفُونَهُ ِم ْن بَ ْع ِد َما َع َقلُوهُ َو ُه ْم يَ ْعلَ ُمو َن‬
‫أَفَ تطْمعو َن أَ ْن ي ْؤِمنُوا لَ ُكم وقَ ْد َكا َن فَ ِري ٌق ِم ْن هم يسمعو َن َك َالم هِ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ َُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬
‫(‪)75‬‬

‫اليهود بدينكم؟ وقد كان علماؤهم‬


‫ُ‬ ‫أيها املسلمون أنسيتم أفعال بّن إسرائيل‪ ،‬فطمعت نفوسكم أن ِ‬
‫يصدق‬
‫ص ْرفِه إىل غري معناه الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته‪ ،‬أو بتحريف‬
‫يسمعون كالم هللا من التوراة‪ ،‬مث حيرفونه بِ َ‬
‫كذاب‪.‬‬
‫ألفاظه‪ ،‬وهم يعلمون أهنم حيرفون كالم رب العاملني عم ًدا و ً‬

‫(‪)11/1‬‬

‫اَّللُ َعلَْي ُك ْم لِيُ َح ُّ‬


‫اجوُك ْم بِ ِه‬ ‫ض قَالُوا أ َُحتَ ِدثُ َ‬
‫وهنُ ْم ِمبَا فَ تَ َح ه‬ ‫ض ُه ْم إِ َىل بَ ْع ٍ‬
‫آمنها َوإِ َذا َخ َال بَ ْع ُ‬
‫آمنُوا قَالُوا َ‬
‫ين َ‬
‫هِ‬
‫َوإِ َذا لَُقوا الذ َ‬
‫ِع ْن َد َربِ ُك ْم أَفَ َال تَ ْع ِقلُو َن (‪)76‬‬

‫شر به يف التوراة‪ ،‬وإذا خال بعض‬‫هؤالء اليهود إذا لقوا الذين آمنوا قالوا بلساهنم‪ :‬آمنها بدينكم ورسولكم املب ه‬
‫هؤالء املنافقني من اليهود إىل بعض قالوا يف إنكار‪ِ :‬‬
‫أحتدثون املؤمنني مبا هبني هللا لكم يف التوراة من أمر حممد;‬
‫لتكون هلم اْلجة عليكم عند ربكم يوم القيامة؟ أفال تفقهون فتحذروا؟‬

‫(‪)11/1‬‬

‫اَّللَ يَ ْعلَ ُم َما يُ ِس ُّرو َن َوَما يُ ْعلِنُو َن (‪)77‬‬


‫أ ََوَال يَ ْعلَ ُمو َن أَ هن ه‬

‫أيفعلون ك هل هذه اجلرائم‪ ،‬وال يعلمون أن هللا يعلم مجيع ما خيفونه وما يظهرونه؟‬

‫(‪)12/1‬‬

‫اب إِهال أ ََم ِاينه َوإِ ْن ُه ْم إِهال يَظُنُّو َن (‪)78‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوم ْن ُه ْم أُميُّو َن َال يَ ْعلَ ُمو َن الْكتَ َ‬

‫ومن اليهود مجاعة جيهلون القراءة والكتابة‪ ،‬وال يعلمون التوراة وما فيها من صفات نيب هللا ورسوله حممد صلى‬
‫أكاذيب وظنون فاسدة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫هللا عليه وسلم‪ ،‬وما عندهم من ذلك إال‬
‫(‪)12/1‬‬

‫اَّلل لِيَ ْش َرتُوا بِ ِه ََثَنًا قَلِ ًيال فَ َويْ ٌل َهلُ ْم ِممها َكتَ بَ ْ‬
‫ت‬ ‫ْكتاب ِأبَي ِدي ِهم مثُه ي ُقولُو َن ه َذا ِمن ِعنْ ِد هِ‬
‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫ين يَكْتُ بُو َن ال َ َ ْ ْ َ‬
‫ِِ‬
‫فَ َويْ ٌل للهذ َ‬
‫ْسبُو َن (‪)79‬‬ ‫أَي ِدي ِهم وويل َهلُم ِممها يك ِ‬
‫ْ ْ ََْ ٌ ْ َ‬

‫فهالك ووعيد شديد ألحبار السوء من اليهود الذين يكتبون الكتاب أبيديهم‪ ،‬مث يقولون‪ :‬هذا من عند هللا‬
‫وهو خمالف ملا أنزل هللا على نبيِه موسى عليه الصالة والسالم; ليأخذوا يف مقابل هذا عرض الدنيا‪ .‬فلهم‬
‫عقوبة مهلكة بسبب كتابتهم هذا الباطل أبيديهم‪ ،‬وهلم عقوبة مهلكة بسبب ما َيخذونه يف املقابل من املال‬
‫اْلرام‪ ،‬كالرشوة وغريها‪.‬‬

‫(‪)12/1‬‬

‫اَّلل َع ْه َدهُ أَم تَ ُقولُو َن َعلَى هِ‬ ‫ْمت ِع ْن َد هِ‬


‫اَّلل َع ْه ًدا فَ لَ ْن ُخيْلِ َ‬ ‫ودةً قُ ْل أ هَختَذ ُْ‬
‫هار إِهال أَ هَّي ًما َم ْع ُد َ‬
‫اَّلل َما َال‬ ‫ْ‬ ‫ف هُ‬ ‫سنَا الن ُ‬
‫َن متََ ه‬
‫َوقَالُوا ل ْ‬
‫تَ ْعلَ ُمو َن (‪)80‬‬

‫أَّيما قليلة العدد‪ .‬قل هلم ‪-‬أيها الرسول مبطال دعواهم‪:-‬‬


‫وقال بنو إسرائيل‪ :‬لن تصيبنا النار يف اآلخرة إال ً‬
‫أعندكم عهد من هللا هبذا‪ ،‬فإن هللا ال خيلف عهده؟ بل إنكم تقولون على هللا ما ال تعلمون ابفرتائكم الكذب‪.‬‬

‫(‪)12/1‬‬

‫يها َخالِ ُدو َن (‪)81‬‬‫ِ‬


‫اب النها ِر ُه ْم ف َ‬
‫َص َح ُ‬ ‫ت بِ ِه َخ ِطيئَ تُهُ فَأُولَئِ َ‬
‫كأ ْ‬ ‫ب َسيِئَةً َوأ َ‬
‫َحاطَ ْ‬ ‫سَ‬‫بَلَى َم ْن َك َ‬

‫ْم هللا اثبت‪ :‬أن من ارتكب اآلاثم حىت َج هرته إىل الكفر‪ ،‬واستولت عليه ذنوبه ِمن مجيع جوانبه ‪-‬وهذا ال‬
‫فحك ُ‬
‫ُ‬
‫يكون إال فيمن أشرك ابهلل‪ -‬فأولئك هم املشركون والكفار هم الذين يالزمون انر جهنم مالزمة دائمةً ال‬
‫تنقطع‪.‬‬

‫(‪)12/1‬‬
‫يها َخالِ ُدو َن (‪)82‬‬‫ِ ِ‬
‫اب ا ْجلَنهة ُه ْم ف َ‬
‫َص َح ُ‬ ‫ات أُولَئِ َ‬
‫كأ ْ‬ ‫واله ِذين آمنُوا و َع ِملُوا ال ه ِ‬
‫اْل ِ‬
‫ص َ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫خالصا‪ ،‬وعملوا األعمال املتفقة مع‬


‫ً‬ ‫الثابت يف مقابل هذا‪ :‬أ هن الذين صدهقوا ابهلل ورسله تصدي ًقا‬
‫ُ‬ ‫وحكم هللا‬
‫شريعة هللا اليت أوحاها إىل رسله‪ ،‬هؤالء يالزمون اجلنة يف اآلخرة مالزمةً دائمةً ال تنقطع‪.‬‬

‫(‪)12/1‬‬

‫ساكِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْان ِميثَا َق بَِّن إِ ْسرائِيل َال تَ ْعبُ ُدو َن إِهال ه ِ ِ ِ‬ ‫َوإِ ْذ أَ َخذ َ‬
‫ني َوقُولُوا‬ ‫س ًاان َوذي الْ ُق ْرََب َوالْيَ تَ َامى َوال َْم َ‬ ‫اَّللَ َوابل َْوال َديْ ِن إ ْح َ‬ ‫َ َ‬
‫ضو َن (‪)83‬‬ ‫ص َالةَ َوآتُوا ال هزَكاةَ مثُه تَ َولهْي تُ ْم إِهال قَلِ ًيال ِم ْن ُك ْم َوأَنْ تُ ْم ُم ْع ِر ُ‬
‫يموا ال ه‬‫ِ‬ ‫لِلن ِ‬
‫هاس ُح ْسنًا َوأَق ُ‬

‫واذكروا َّي بّن إسرائيل حني أ َخذْان عليكم عه ًدا مؤك ًدا‪ :‬أبن تعبدوا هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأن حتسنوا‬
‫للوالدين‪ ،‬ولألقربني‪ ،‬ولألوالد الذين مات آابؤهم وهم دون بلوغ اْللم‪ ،‬وللمحتاجني الذين ال ميلكون ما‬
‫ضتم ونقضتم‬
‫يكفيهم ويسد حاجتهم‪ ،‬وأن تقولوا للناس أطيب الكالم‪ ،‬مع أداء الصالة وإيتاء الزكاة‪ ،‬مث أَ ْع َر ْ‬
‫العهد ‪-‬إال قليال منكم ثبت عليه‪ -‬وأنتم مستمرون يف إعراضكم‪.‬‬

‫(‪)12/1‬‬

‫س ُك ْم ِم ْن ِد ََّي ِرُك ْم مثُه أَق َْر ْرُْمت َوأَنْ تُ ْم تَ ْش َه ُدو َن (‪)84‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإِ ْذ أَ َخذ َ ِ‬
‫ْان ميثَاقَ ُك ْم َال تَ ْسف ُكو َن د َماءَ ُك ْم َوَال ُختْ ِر ُجو َن أَنْ ُف َ‬ ‫َ‬

‫واذكروا ‪َّ-‬ي بّن إسرائيل‪ -‬حني أَ َخذْان عليكم عه ًدا مؤك ًدا يف التوراة‪ :‬حيرم سفك بعضكم دم بعض‪ ،‬وإخراج‬
‫ضا من دَّيركم‪ ،‬مث اعرتفتم بذلك‪ ،‬وأنتم تشهدون على صحته‪.‬‬
‫بعضكم بع ً‬

‫(‪)13/1‬‬
‫ان َوإِ ْن ََيْتُوُك ْم‬‫اهرو َن َعلَ ْي ِهم ِاب ِْإل ِْمث والْع ْدو ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫س ُك ْم َوُختْ ِر ُجو َن فَ ِري ًقا م ْن ُك ْم م ْن د ََّي ِره ْم تَظَ َ ُ‬ ‫مثُه أَنْ تُ ْم َه ُؤَالء تَ ْقتُ لُو َن أَنْ ُف َ‬
‫اب َوتَ ْك ُف ُرو َن بِبَ ْع ٍ‬
‫ض فَ َما َج َزاءُ َم ْن يَ ْف َع ُل‬ ‫ْكتَ ِ‬ ‫ض ال ِ‬ ‫اج ُه ْم أَفَ تُ ْؤِمنُو َن بِبَ ْع ِ‬‫وه ْم َو ُه َو ُحمَهرٌم َعلَ ْي ُك ْم إِ ْخ َر ُ‬ ‫اد ُ‬
‫ُس َارى تُ َف ُ‬ ‫أَ‬
‫اَّللُ بِغَافِ ٍل َع هما تَ ْع َملُو َن (‪)85‬‬ ‫ي ِيف ا ْْلَيَاةِ الدُّنْ يَا َويَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة يُردُّو َن إِ َىل أَ َش ِد ال َْع َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذَلِ َ ِ‬
‫اب َوَما ه‬ ‫َ‬ ‫ك م ْن ُك ْم إِهال خ ْز ٌ‬

‫ضا من دَّيرهم‪ ،‬ويَتَ َق هوى كل فريق منكم على إخوانه‬


‫وخيرج بعضكم بع ً‬
‫ضا‪ُ ،‬‬
‫مث أنتم َّي هؤالء يقتل بعضكم بع ً‬
‫وعدواان‪ .‬وأن َيتوكم أسارى يف يد األعداء سعيتم يف حتريرهم من األسر‪ ،‬بدفع الفدية‪ ،‬مع أنه‬
‫ً‬ ‫ابألعداء بغيًا‬
‫حمرم عليكم إخراجهم من دَّيرهم‪ .‬ما أقبح ما تفعلون حني تؤمنون ببعض أحكام التوراة وتكفرون ببعضها!‬
‫فليس جزاء َمن يفعل ذلك منكم إال ذُال وفضيحة يف الدنيا‪ .‬ويوم القيامة يردُّهم هللا إىل أفظع العذاب يف‬
‫النار‪ .‬وما هللا بغافل عما تعملون‪.‬‬

‫(‪)13/1‬‬

‫ص ُرو َن (‪)86‬‬
‫اب َوَال ُه ْم يُنْ َ‬ ‫رتُوا ا ْْلَيَاةَ الدُّنْيَا ِاب ْآل ِخ َرةِ فَ َال ُخيَهف ُ‬
‫ف َعنْ ُه ُم ال َْع َذ ُ‬ ‫ين ا ْش ََ‬
‫أُولَئِ َ ه ِ‬
‫ك الذ َ‬

‫أولئك هم الذين آثروا اْلياة الدنيا على اآلخرة‪ ،‬فال خيفف عنهم العذاب‪ ،‬وليس هلم انصر ينصرهم ِمن‬
‫عذاب هللا‪.‬‬

‫(‪)13/1‬‬

‫س أَفَ ُكله َما‬ ‫ْكتَاب وقَ هف ْي نَا ِمن ب ْع ِدهِ ِاب ُّلرس ِل وآتَ ْي نَا ِعيسى ابْن مرَميَ الْب يِنَ ِ‬
‫ات َوأَيه ْد َانهُ بِ ُر ِ‬
‫وح الْ ُق ُد ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫وسى ال َ َ‬ ‫َولََق ْد آتَ ْي نَا ُم َ‬
‫ْربُمتْ فَ َف ِري ًقا َك هذبْ تُ ْم َوفَ ِري ًقا تَ ْقتُ لُو َن (‪)87‬‬
‫استَك َ ْ‬
‫س ُك ُم ْ‬ ‫َجاء ُك ْم َر ُس ٌ ِ‬
‫ول مبَا َال ََتَْوى أَنْ ُف ُ‬ ‫َ‬

‫ولقد أعطينا موسى التوراة‪ ،‬وأتبعناه برسل من بّن إسرائيل‪ ،‬وأعطينا عيسى ابن مرمي املعجزات الواضحات‪،‬‬
‫وقويناه جبربيل عليه السالم‪ .‬أفكلما جاءكم رسول بوحي من عند هللا ال يوافق أهواءكم‪ ،‬استعليتم عليه‪،‬‬ ‫ه‬
‫فك هذبتم فري ًقا وتقتلون فري ًقا؟‬

‫(‪)13/1‬‬
‫اَّللُ بِ ُك ْف ِرِه ْم فَ َقلِ ًيال َما يُ ْؤِمنُو َن (‪)88‬‬
‫ْف بَ ْل ل ََعنَ ُه ُم ه‬
‫َوقَالُوا قُلُوبُنَا غُل ٌ‬

‫وقال بنو إسرائيل لنيب هللا ورسوله حممد صلى هللا عليه وسلم‪ :‬قلوبنا مغطاة‪ ،‬ال يَنْ ُفذ إليها قولك‪ .‬وليس األمر‬
‫هع ْوا‪ ،‬بل قلوهبم ملعونة‪ ،‬مطبوع عليها‪ ،‬وهم مطرودون من رْحة هللا بسبب جحودهم‪ ،‬فال يؤمنون إال‬
‫كما اد َ‬
‫إمياان قليال ال ينفعهم‪.‬‬
‫ً‬

‫(‪)13/1‬‬

‫هِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل م ِ ِ‬ ‫ولَ هما جاءهم كِت ِ ِ ِ ِ‬


‫ين َك َف ُروا فَ لَ هما َجاءَ ُه ْم َما‬
‫صد ٌق ل َما َم َع ُه ْم َوَكانُوا م ْن قَبْ ُل يَ ْستَ ْفت ُحو َن َعلَى الذ َ‬ ‫اب م ْن عنْد ه ُ َ‬ ‫َ َ َُ ْ َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫َعرفُوا َك َفروا بِ ِه فَ لَعنَةُ هِ‬
‫ين (‪)89‬‬ ‫اَّلل َعلَى الْ َكاف ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫وحني جاءهم القرآن من عند هللا مصدقا ملا معهم من التوراة جحدوه‪ ،‬وأنكروا نبوة حممد صلى هللا عليه‬
‫نيب آخ ِر الزمان‪ ،‬وسنتبعه‬
‫ب مبعث ِ‬ ‫وسلم‪ ،‬وكانوا قبل بعثته يستنصرون به على مشركي العرب‪ ،‬ويقولون‪ :‬قَ ُر َ‬
‫ونقاتلكم معه‪ .‬فل هما جاءهم الرسول الذي عرفوا صفاتِه ِ‬
‫وص ْدقَه كفروا به وكذبوه‪ .‬فلعنةُ هللا على كل َمن كفر‬
‫بنيب هللا ورسوله حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكتابه الذي أوحاه هللا إليه‪.‬‬

‫(‪)14/1‬‬

‫شاء ِمن ِعب ِ‬


‫ادهِ فَ بَاءُوا‬ ‫اَّلل ِمن فَ ْ ِ ِ‬ ‫س ُه ْم أَ ْن يَ ْك ُف ُروا ِمبَا أَنْ َز َل ه‬ ‫بِْئسما ا ْش َ ِ ِ‬
‫ضله َعلَى َم ْن يَ َ ُ ْ َ‬ ‫اَّللُ بَغْيًا أَ ْن يُنَ ِز َل هُ ْ‬ ‫رتْوا به أَنْ ُف َ‬
‫ََ َ‬
‫اب ُم ِه ٌ‬ ‫ضٍ ِ ِ‬ ‫ضٍ‬‫بِغَ َ‬
‫ني (‪)90‬‬ ‫ين َع َذ ٌ‬ ‫ب َوللْ َكاف ِر َ‬ ‫ب َعلَى غَ َ‬

‫ظلما وحس ًدا إلنزال هللا من فضله القرآن‬


‫قَ بُ َح ما اختاره بنو إسرائيل ألنفسهم; إذ استبدلوا الكفر ابإلميان ً‬
‫على نيب هللا ورسوله حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فرجعوا بغضب من هللا عليهم بسبب جحودهم ابلنيب حممد‬
‫نبوة حممد صلى هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬بعد غضب هللا كذلك عليهم بسبب حتريفهم التوراة‪ .‬وللجاحدين ه‬
‫عذاب ُّ‬
‫يذهلم وخيزيهم‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫عليه وسلم‬

‫(‪)14/1‬‬
‫ص ِدقًا لِ َما َم َع ُه ْم قُ ْل‬ ‫ِ‬ ‫وإِ َذا قِيل َهلم ِ‬
‫اَّللُ قَالُوا نُ ْؤم ُن ِمبَا أُنْ ِز َل َعلَْي نَا َويَ ْك ُف ُرو َن ِمبَا َوَراءَهُ َو ُه َو ا ْْلَ ُّق ُم َ‬
‫آمنُوا ِمبَا أَنْ َز َل ه‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني (‪)91‬‬ ‫اَّلل م ْن قَ ْب ُل إِ ْن ُك ْن تُ ْم ُم ْؤمن َ‬
‫فَل َم تَ ْقتُ لُو َن أَنْبيَاءَ ه‬

‫صدقوا مبا أنزل هللا من القرآن‪ ،‬قالوا‪َ :‬نن ِ‬


‫نصدق مبا أنزل هللا على أنبيائنا‪،‬‬ ‫وإذا قال بعض املسلمني لليهود‪ِ :‬‬
‫وجيحدون ما أنزل هللا بعد ذلك‪ ،‬وهو اْلق مصدقًا ملا معهم‪ .‬فلو كانوا يؤمنون بكتبهم ح ًقا آلمنوا ابلقرآن‬
‫الذي صدهقها‪ .‬قل هلم ‪-‬أيها الرسول‪ :-‬إن كنتم مؤمنني مبا أنزل هللا عليكم‪ ،‬فلماذا قتلتم أنبياء هللا ِمن قبل؟‬

‫(‪)14/1‬‬

‫ْمتُ ال ِْع ْج َل ِم ْن بَ ْع ِدهِ َوأَنْ تُ ْم ظَالِ ُمو َن (‪)92‬‬ ‫ولََق ْد جاء ُكم موسى ِابلْب يِنَ ِ‬
‫ات مثُه هاختَذ ُ‬ ‫َ ََ ُْ َ َ‬

‫ولقد جاءكم نيب هللا موسى ابملعجزات الواضحات الدالة على صدقه‪ ،‬كالطوفان واجلراد وال ُق همل والضفادع‪،‬‬
‫معبودا‪ ،‬بعد ذهاب موسى إىل ميقات ربه‪،‬‬
‫وغري ذلك مما ذكره هللا يف القرآن العظيم‪ ،‬ومع ذلك اختذمت العجل ً‬
‫وأنتم متجاوزون حدود هللا‪.‬‬

‫(‪)14/1‬‬

‫ص ْي نَا َوأُ ْش ِربُوا ِيف قُلُوهبِِ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ور ُخ ُذوا َما آتَ ْي نَا ُك ْم بِ ُق هوةٍ َو ْ‬ ‫وإِ ْذ أَ َخذ َ ِ‬
‫امسَعُوا قَالُوا َمس ْعنَا َو َع َ‬ ‫ْان ميثَاقَ ُك ْم َوَرفَ ْعنَا فَ ْوقَ ُك ُم الطُّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني (‪)93‬‬ ‫س َما ََي ُْم ُرُك ْم بِه إِميَانُ ُك ْم إِ ْن ُك ْن تُ ْم ُم ْؤمن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الْع ْج َل ب ُك ْف ِره ْم قُ ْل ب ْئ َ‬

‫واذكروا حني أَ َخذْان عليكم عه ًدا مؤك ًدا ب َقبول ما جاءكم به موسى من التوراة‪ ،‬فنقضتم العهد‪ ،‬فرفعنا جبل‬
‫الطور فوق رؤوسكم‪ ،‬وقلنا لكم‪ :‬خذوا ما آتيناكم ٍ‬
‫جبد‪ ،‬وامسعوا وأطيعوا‪ ،‬وإال أسقطنا اجلبل عليكم‪ ،‬فقلتم‪:‬‬
‫مسعنا قولك وعصينا أمرك; ألن عبادة العجل قد امتزجت بقلوبكم بسبب متاديكم يف الكفر‪ .‬قل هلم ‪-‬أيها‬
‫الرسول‪ :-‬قَ بح ما َيمركم به إميانكم من الكفر والضالل‪ ،‬إن كنتم ِ‬
‫مصدقني مبا أنزل هللا عليكم‪.‬‬ ‫َُ‬

‫(‪)14/1‬‬

‫ني (‪)94‬‬‫ت إِ ْن ُك ْن تُم ِ ِ‬


‫صادق َ‬ ‫هوا ال َْم ْو َ‬ ‫اَّلل َخالِصةً ِمن ُد ِ‬
‫ون الن ِ‬ ‫ت لَ ُكم الدهار ْاآل ِخرةُ ِع ْن َد هِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫هاس فَ تَ َمن ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫قُ ْل إ ْن َكانَ ْ ُ ُ َ‬
‫قل ‪-‬أيها الرسول‪ -‬لليهود الذين يدهعون أن اجلنة خاصة هبم; لزعمهم أهنم أولياء هللا من دون الناس‪ ،‬وأهنم‬
‫أبناؤه وأحباؤه‪ :‬إن كان األمر كذلك فا ْدعُوا على الكاذبني منكم أو من غريكم ابملوت‪ ،‬إن كنتم صادقني يف‬
‫دعواكم هذه‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬

‫ِ‬ ‫ت أَي ِدي ِهم و ه ِ‬


‫يم ِابلظهال ِم َ‬
‫ني (‪)95‬‬ ‫اَّللُ َعل ٌ‬ ‫هوهُ أَبَ ًدا ِمبَا قَد َ‬
‫هم ْ ْ ْ َ‬ ‫َن يَتَ َمن ْ‬
‫َول ْ‬

‫ولن يفعلوا ذلك أب ًدا; ملا يعرفونه من صدق النيب حممد صلى هللا عليه وسلم ومن كذهبم وافرتائهم‪ ،‬وبسبب ما‬
‫املؤ ِديَ ْني إىل حرماهنم من اجلنة ودخول النار‪ .‬وهللا تعاىل عليم ابلظاملني من‬
‫ارتكبوه من الكفر والعصيان‪َ ،‬‬
‫عباده‪ ،‬وسيجازيهم على ذلك‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬

‫ْف َسنَ ٍة َوَما ُه َو ِمبَُز ْح ِزِح ِه ِم َن‬


‫َح ُد ُه ْم ل َْو يُ َع هم ُر أَل َ‬
‫ين أَ ْش َرُكوا يَ َو ُّد أ َ‬
‫ٍ ِ هِ‬
‫هاس َعلَى َحيَاة َوم َن الذ َ‬ ‫ص الن ِ‬ ‫َح َر َ‬ ‫َولَتَ ِج َد ههنُ ْم أ ْ‬
‫اَّلل ب ِ‬
‫صريٌ ِمبَا يَ ْع َملُو َن (‪)96‬‬ ‫ال َْع َذ ِ‬
‫اب أَ ْن يُ َع هم َر َو هُ َ‬

‫ولتعلم هن ‪-‬أيها الرسول‪ -‬أن اليهود أشد الناس رغبة يف طول اْلياة اأَّي كانت هذه اْلياة من الذلهة واملهانة‪ ،‬بل‬
‫َ‬
‫تزيد رغبتهم يف طول اْلياة على رغبات املشركني‪ .‬يتمىن اليهودي أن يعيش ألف سنة‪ ،‬وال يُ ْبعده هذا العمر‬
‫الطويل ‪-‬إن حصل‪ -‬من عذاب هللا‪ .‬وهللا تعاىل ال خيفى عليه شيء من أعماهلم وسيجازيهم عليها مبا‬
‫يستحقون من العذاب‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل م ِ ِ‬
‫قُل من َكا َن َع ُد اوا جلِِ ِْربيل فَِإنهه نَ هزلَه َعلَى قَ لْبِ َ ِ ِ‬
‫ني يَ َديْه َو ُه ًدى َوبُ ْش َرى لل ُْم ْؤمنِ َ‬
‫ني (‪)97‬‬ ‫ك إبِِ ْذن ه ُ َ‬
‫صدقًا ل َما بَ َْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ْ َْ‬
‫عدوا جلربيل فإنه ن هزل‬
‫قل ‪-‬أيها الرسول‪ -‬لليهود حني قالوا‪ :‬إن جربيل هو عدوان من املالئكة‪ :‬من كان ً‬
‫ِ‬
‫للمصدقني به بكل‬ ‫ومبشرا‬ ‫وهادَّي إىل اْلق‪،‬‬ ‫القرآن على قلبك إبذن هللا تعاىل ِ‬
‫مصدقًا ملا سبقه من كتب هللا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خري يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬

‫ِ ِ‬ ‫يل َوِمي َك َ‬
‫ال فَِإ هن ه‬
‫اَّللَ َع ُد ٌّو للْ َكاف ِر َ‬
‫ين (‪)98‬‬ ‫ِ ِ ِ ِِ ِِ ِ‬
‫َم ْن َكا َن َع ُد اوا هَّلل َوَم َالئ َكته َوُر ُسله َوج ِْرب َ‬

‫وميكال؛ ألن اليهود زعموا أن‬


‫ُ‬ ‫يل‬
‫من عادى هللا ومالئكته‪ ،‬ورسله من املالئكة أو البشر‪ ،‬وخباصة املَلَكان جرب ُ‬
‫ضا‪،‬‬
‫جربيل عدوهم‪ ،‬وميكال وليُّهم‪ ،‬فأعلمهم هللا أنه من عادى واح ًدا منهما فقد عادى اآلخر‪ ،‬وعادى هللا أي ً‬
‫فإن هللا عدو للجاحدين ما أنزل على رسوله حممد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬

‫ات وما ي ْك ُفر ِهبا إِهال الْ َف ِ‬


‫ٍ‬ ‫ك ٍ‬
‫اس ُقو َن (‪)99‬‬ ‫آَّيت بَيِنَ َ َ َ ُ َ‬
‫َولََق ْد أَنْ َزلْنَا إِل َْي َ َ‬

‫ولقد أنزلنا إليك ‪-‬أيها الرسول‪ -‬آَّيت بينات واضحات تدل على أنك رسول من هللا صدقا وحقا‪ ،‬وما ينكر‬
‫تلك اآلَّيت إال اخلارجون عن دين هللا‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬

‫اه ُدوا َع ْه ًدا نَبَ َذهُ فَ ِري ٌق ِم ْن ُه ْم بَ ْل أَ ْكثَ ُرُه ْم َال يُ ْؤِمنُو َن (‪)100‬‬
‫أ ََوُكله َما َع َ‬

‫ما أقبح حال بّن إسرائيل يف نقضهم للعهود!! فكلما عاهدوا عه ًدا طرح ذلك العهد فريق منهم‪ ،‬ونقضوه‪،‬‬
‫فرتاهم ي ِْربمون العهد اليوم وينقضونه غ ًدا‪ ،‬بل أكثرهم ال ِ‬
‫يصدقون مبا جاء به نيب هللا ورسوله حممد صلى هللا‬ ‫ُ‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬
‫اَّلل َوَراءَ ظُ ُهوِرِه ْم‬
‫ْكتاب كِتاب هِ‬
‫ِ‬ ‫ِ هِ‬ ‫ولَ هما جاءهم رس ٌ ِ ِ ِ ِ‬
‫اَّلل م ِ ِ‬
‫صد ٌق ل َما َم َع ُه ْم نَبَ َذ فَ ِري ٌق م َن الذ َ‬
‫ين أُوتُوا ال َ َ َ َ‬ ‫ول م ْن ع ْند ه ُ َ‬ ‫َ َ َُ ْ َ ُ‬
‫َكأَ ههنُ ْم َال يَ ْعلَ ُمو َن (‪)101‬‬

‫وملا جاءهم حممد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ابلقرآن املوافق ملا معهم من التوراة طرح فريق منهم كتاب‬
‫هللا‪ ،‬وجعلوه وراء ظهورهم‪ ،‬شأهنم شأن اجلهال الذين ال يعلمون حقيقته‪.‬‬

‫(‪)15/1‬‬

‫اطني َك َفروا ي علِمو َن النهاس ِ‬


‫الس ْح َر‬ ‫َك هن ال ه ِ‬ ‫ْك سلَيما َن وما َك َفر سلَيما ُن ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫واتهب عوا ما تَ ْت لُو ال ه ِ‬
‫َ‬ ‫شيَ َ ُ ُ َ ُ‬ ‫ني َعلَى ُمل ُ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫شيَاط ُ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وال إِ هَّنَا ََْن ُن ف ْت نَةٌ فَ َال تَ ْك ُف ْر‬
‫َحد َح هىت يَ ُق َ‬ ‫وت َوَما يُ َعل َمان م ْن أ َ‬ ‫ار َ‬ ‫وت َوَم ُ‬ ‫ار َ‬ ‫ني بِبَابِ َل َه ُ‬‫َوَما أُنْ ِز َل َعلَى ال َْملَ َك ْ ِ‬
‫اَّلل َويَتَ َعله ُمو َن َما يَ ُ‬
‫ض ُّرُه ْم‬ ‫ارين بِ ِه ِمن أَح ٍد إِهال إبِِ ْذ ِن هِ‬
‫ْ َ‬ ‫ضَِ‬ ‫ني ال َْم ْرِء َوَزْو ِج ِه َوَما ُه ْم بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَ يَ تَ َعله ُمو َن م ْن ُه َما َما يُ َف ِرقُو َن بِه بَ َْ‬
‫ِِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫س ُه ْم ل َْو َكانُوا يَ ْعلَ ُمو َن‬ ‫س َما َش َرْوا به أَنْ ُف َ‬ ‫رتاهُ َما لَهُ يف ْاآلخ َرة م ْن َخ َالق َولَبئْ َ‬ ‫َوَال يَنْ َفعُ ُه ْم َولََق ْد َعل ُموا ل ََم ِن ا ْش ََ‬
‫(‪)102‬‬

‫الشياطني به السحرةَ على عهد ملك سليمان بن داود‪ .‬وما كفر سليمان وما تَ َعلهم‬
‫ُ‬ ‫واتبع اليهود ما ُحتَ ِدث‬
‫إفسادا لدينهم‪ .‬وكذلك اتبع اليهود‬
‫ً‬ ‫السحر‪ ،‬ولك هن الشياطني هم الذين كفروا ابهلل حني علهموا الناس السحر;‬‫ِ‬
‫امتحاان وابتالء من هللا لعباده‪،‬‬
‫ً‬ ‫السحر الذي أُنزل على امللَ َكني هاروت وماروت‪ ،‬أبرض «اببل» يف «العراق» ;‬ ‫ِ‬
‫وما يعلِم امللكان من أحد حىت ينصحاه ِ‬
‫وحيذراه من تعلم السحر‪ ،‬ويقوال له‪ :‬ال تكفر بتعلم ِ‬
‫السحر وطاعة‬
‫الشياطني‪ .‬فيتعلم الناس من امللكني ما ُْحي ِدثون به الكراهية بني الزوجني حىت يتفرقا‪ .‬وال يستطيع السحرة أن‬
‫شرا يضرهم وال ينفعهم‪ ،‬وقد نقلته الشياطني إىل‬
‫يضروا به أح ًدا إال إبذن هللا وقضائه‪ .‬وما يتعلم السحرة إال ً‬
‫اليهود‪ ،‬فشاع فيهم حىت فضهلوه على كتاب هللا‪ .‬ولقد علم اليهود أن من اختار ِ‬
‫السحر وترك اْلق ما له يف‬
‫ضا عن اإلميان ومتابعة الرسول‪،‬‬
‫اآلخرة من نصيب يف اخلري‪ .‬ولبئس ما ابعوا به أنفسهم من السحر والكفر عو ً‬
‫ْم يثمر العمل مبا ُو ِعظوا به‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لو كان هلم عل ٌ‬

‫(‪)16/1‬‬
‫ولَو أَ ههنُم آمنُوا واته َقوا لَمثُوبةٌ ِمن ِع ْن ِد هِ‬
‫اَّلل َخ ْريٌ ل َْو َكانُوا يَ ْعلَ ُمو َن (‪)103‬‬ ‫َْ ْ َ َ ْ َ َ ْ‬
‫ولو أن اليهود آمنوا وخافوا هللا أليقنوا أن ثواب هللا خري هلم من ِ‬
‫السحر ومما اكتسبوه به‪ ،‬لو كانوا يعلمون ما‬
‫حيصل ابإلميان والتقوى من الثواب واجلزاء علما حقيقيا آلمنوا‪.‬‬

‫(‪)16/1‬‬

‫يم (‪)104‬‬‫امسَعوا ولِلْ َكافِ ِرين َع َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫هِ‬


‫اب أَل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫آمنُوا َال تَ ُقولُوا َراعنَا َوقُولُوا انْظُْرَان َو ْ ُ َ‬
‫ين َ‬
‫ََّيأَيُّ َها الذ َ‬

‫َّي أيها الذين آمنوا ال تقولوا للرسول حممد صلى هللا عليه وسلم‪ :‬راعنا‪ ،‬أي‪ :‬راعنا مسعك‪ ،‬فافهم عنا وأفهمنا;‬
‫ألن اليهود كانوا يقولوهنا للنيب صلى هللا عليه وسلم يلوون ألسنتهم هبا‪ ،‬يقصدون سبهه ونسبته إىل الرعونة‪،‬‬
‫وقولوا ‪-‬أيها املؤمنون‪ -‬بدال منها‪ :‬انظران‪ ،‬أي انظر إلينا وتعه ْدان‪ ،‬وهي تؤدي املعىن املطلوب نفسه وامسعوا ما‬
‫يتلى عليكم من كتاب ربكم وافهموه‪ .‬وللجاحدين عذاب موجع‪.‬‬

‫(‪)16/1‬‬

‫ص بَِر ْْحَتِ ِه َم ْن‬ ‫ني أَ ْن يُنَ هز َل َعلَ ْي ُك ْم ِم ْن َخ ٍْري ِم ْن َربِ ُك ْم َو ه‬


‫اَّللُ َخيْتَ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ما ي و ُّد اله ِذين َك َفروا ِمن أ َْه ِل ال ِ‬
‫ْكتَ ِ‬
‫اب َوَال ال ُْم ْش ِرك َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َ ََ‬
‫ِ‬
‫ض ِل ال َْعظ ِيم (‪)105‬‬ ‫شاءُ َو ه‬
‫اَّللُ ذُو الْ َف ْ‬ ‫يَ َ‬

‫نصرا أو‬
‫علما‪ ،‬أو ً‬
‫قرآان أو ً‬
‫ما حيب الكفار من أهل الكتاب واملشركني أن يُن هزل عليكم أدَن خري من ربكم ً‬
‫بشارة‪ .‬وهللا خيتص برْحته َمن يشاء ِمن عباده ابلنبوة والرسالة‪ .‬وهللا ذو العطاء الكثري الواسع‪.‬‬

‫(‪)16/1‬‬

‫اَّللَ َعلَى ُك ِل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير (‪)106‬‬


‫ْت ِخبَ ٍْري ِم ْن َها أ َْو ِمثْلِ َها أََملْ تَ ْعلَ ْم أَ هن ه‬
‫ما نَ ْنس ْخ ِمن آي ٍة أَو نُ ْن ِس َها ََن ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ‬
‫ما ِ‬
‫نبدل من آية أو نُ ِزهلا من القلوب واألذهان َنت أبنفع لكم منها‪ ،‬أو َنت مبثلها يف التكليف والثواب‪،‬‬
‫ولكل حكمة‪ .‬أمل تعلم ‪-‬أيها النيب‪ -‬أنت وأمتك أن هللا قادر ال يعجزه شيء؟‬‫ٍ‬
‫(‪)17/1‬‬

‫اَّلل ِمن وٍِيل وَال نَ ِ‬


‫ص ٍري (‪)107‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سماو ِ‬
‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫أََملْ تَ ْعلَ ْم أَ هن ه‬
‫ض َوَما لَ ُك ْم م ْن ُدون ه ْ َ َ‬ ‫ْك ال ه َ َ‬
‫اَّللَ لَهُ ُمل ُ‬

‫علمت ‪-‬أيها النيب‪ -‬أنت وأمتك أن هللا تعاىل هو املالك املتصرف يف السموات واألرض؟ يفعل ما يشاء‪،‬‬
‫َ‬ ‫أما‬
‫وحيكم ما يريد‪ ،‬وَيمر عباده وينهاهم كيفما شاء‪ ،‬وعليهم الطاعة وال َقبول‪ .‬وليعلم من عصى أن ليس ألحد من‬
‫ويل يتوالهم‪ ،‬وال نصري مينعهم من عذاب هللا‪.‬‬
‫دون هللا من ٍ‬

‫(‪)17/1‬‬

‫سبِ ِ‬
‫يل‬ ‫ض هل َس َواءَ ال ه‬
‫ان فَ َق ْد َ‬ ‫وسى ِم ْن قَ ْبل وَم ْن يَتَ بَد ِ‬
‫هل الْ ُك ْفر ِاب ِْإلميَ ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َْم تُ ِري ُدو َن أَ ْن تَ ْسأَلُوا َر ُسولَ ُك ْم َك َما ُسئ َل ُم َ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫(‪)108‬‬

‫بل أتريدون ‪-‬أيها الناس‪ -‬أن تطلبوا من رسولكم حممد صلى هللا عليه وسلم أشياء بقصد العناد واملكابرة‪،‬‬
‫ب مثل ذلك من موسى‪ .‬علموا أن من خيرت الكفر ويرتك اإلميان فقد خرج عن صراط هللا املستقيم إىل‬ ‫ِ‬
‫كما طُل َ‬
‫اجلهل والضهالل‪.‬‬

‫(‪)17/1‬‬

‫اب لَو ي ردُّونَ ُكم ِمن ب ْع ِد إِميَانِ ُكم ُك هفارا ح ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫س ًدا م ْن عنْد أَنْ ُفس ِه ْم م ْن بَ ْعد َما تَبَ ه َ‬
‫ني َهلُ ُم ا ْْلَ ُّق‬ ‫ْ ً ََ‬ ‫َو هد َكثريٌ م ْن أ َْه ِل الْكتَ ِ ْ َ ُ ْ ْ َ‬
‫اَّللَ َعلَى ُك ِل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير (‪)109‬‬
‫اَّللُ ِأب َْم ِرهِ إِ هن ه‬
‫اص َف ُحوا َح هىت ََيِِْتَ ه‬
‫فَا ْع ُفوا َو ْ‬

‫قبل تعبدون األصنام; بسبب اْلقد‬


‫كفارا كما كنتم من ُ‬
‫متىن كثري من أهل الكتاب أن يرجعوكم بعد إميانكم ً‬
‫تبني هلم صدق نيب هللا ورسوله حممد صلى هللا عليه وسلم فيما جاء به‪،‬‬
‫الذي امتألت به نفوسهم من بعد ما ه‬
‫فتجاوزوا ع هما كان منهم من إساءة وخطأ‪ ،‬واصفحوا عن جهلهم‪ ،‬حىت َيِت هللا حبكمه فيهم بقتاهلم (وقد جاء‬
‫ووقع) ‪ ،‬وسيعاقبهم لسوء أفعاهلم‪ .‬إن هللا على كل شيء قدير ال يعجزه شيء‪.‬‬

‫(‪)17/1‬‬
‫اَّلل ِمبَا تَ ْعملُو َن ب ِ‬ ‫ص َالةَ وآتُوا ال هزَكاةَ وما تُ َق ِدموا ِألَنْ ُف ِس ُكم ِمن َخ ٍْري َِجت ُدوهُ ِع ْن َد هِ‬ ‫ِ‬
‫صريٌ (‪)110‬‬ ‫َ َ‬ ‫اَّلل إِ هن هَ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫يموا ال ه َ‬
‫َوأَق ُ‬

‫واشتغلوا ‪-‬أيها املؤمنون‪ -‬أبداء الصالة على وجهها الصحيح‪ ،‬وإعطاء الزكاة املفروضة‪ .‬واعلموا أ هن كل خري‬
‫تقدمونه ألنفسكم جتدون ثوابه عند هللا يف اآلخرة‪ .‬إنه تعاىل بصري بكل أعمالكم‪ ،‬وسيجازيكم عليها‪.‬‬

‫(‪)17/1‬‬

‫ني (‪)111‬‬‫ْك أَمانِيُّ هم قُل َهاتُوا ب رَهانَ ُكم إِ ْن ُكنْ تُم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن يَ ْد ُخ َل ا ْجلَنهةَ إِهال َم ْن َكا َن ُه ً‬
‫صادق َ‬
‫ْ َ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ص َارى تل َ َ ُ ْ ْ‬ ‫ودا أ َْو نَ َ‬ ‫َوقَالُوا ل ْ‬

‫ادهعى كلٌّ من اليهود والنصارى أن اجلنة خاصة بطائفته ال يدخلها غريهم‪ ،‬تلك أوهامهم الفاسدة‪ .‬قل هلم ‪-‬‬
‫أيها الرسول‪ :-‬أحضروا دليلكم على صحة ما تدهعون إن كنتم صادقني يف دعواكم‪.‬‬

‫(‪)17/1‬‬

‫َج ُرهُ ِع ْن َد َربِ ِه َوَال َخ ْو ٌ‬


‫ف َعلَ ْي ِه ْم َوَال ُه ْم َْحي َزنُو َن (‪)112‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َسلَ َم َو ْج َههُ هَّلل َو ُه َو ُْحمس ٌن فَلَهُ أ ْ‬
‫بَلَى َم ْن أ ْ‬

‫ليس األمر كما زعموا أ هن اجلنة ختتص بطائفة دون غريها‪ ،‬وإَّنا يدخل اجلنهة َمن أخلص هلل وحده ال شريك له‪،‬‬
‫وهو متبع للرسول حممد صلى هللا عليه وسلم يف كل أقواله وأعماله‪ .‬فمن فعل ذلك فله ثواب عمله عند ربه‬
‫يف اآلخرة‪ ،‬وهو دخول اجلنة‪ ،‬وهم ال خيافون فيما يستقبلونه من أمر اآلخرة‪ ،‬وال هم حيزنون على ما فاَتم من‬
‫حظوظ الدنيا‪.‬‬

‫(‪)17/1‬‬

‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫هصارى ل َْيس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ود ل َْيس ِ‬ ‫ِ‬
‫ود َعلَى َش ْيء َو ُه ْم يَ ْت لُو َن الْكتَ َ‬
‫ت الْيَ ُه ُ‬ ‫هص َارى َعلَى َش ْيء َوقَالَت الن َ َ َ‬ ‫ت الن َ‬ ‫َوقَالَت الْيَ ُه ُ َ‬
‫يما َكانُوا فِ ِيه َخيْتَلِ ُفو َن (‪)113‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ين َال يَ ْعلَ ُمو َن ِمثْ َل قَ ْوهلِِ ْم فَ ه‬
‫اَّللُ َْحي ُك ُم بَ ْي نَ ُه ْم يَ ْوَم الْقيَ َامة ف َ‬ ‫َك َذلِ َ‬
‫ك قَ َ ه ِ‬
‫ال الذ َ‬
‫وقالت اليهود‪ :‬ليست النصارى على شيء من الدين الصحيح‪ ،‬وكذلك قالت النصارى يف اليهود وهم يقرؤون‬
‫مجيعا‪ .‬كذلك قال الذين ال يعلمون من مشركي العرب وغريهم‬ ‫التوراة واإلجنيل‪ ،‬وفيهما وجوب اإلميان ابألنبياء ً‬
‫مثل قوهلم‪ ،‬أي قالوا لكل ذي دين‪ :‬لست على شيء‪ ،‬فاهلل يفصل بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه ِمن أمر‬
‫الدين‪ ،‬وجيازي كال بعمله‪.‬‬

‫(‪)18/1‬‬

‫ني‬ ‫ِ‬
‫وها إِهال َخائِف َ‬ ‫امسُهُ َو َس َعى ِيف َخ َر ِاهبَا أُولَئِ َ‬
‫ك َما َكا َن َهلُ ْم أَ ْن يَ ْد ُخلُ َ‬ ‫يها ْ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل أَ ْن يُ ْذ َك َر ف َ‬ ‫ومن أَظْلَم ِممهن منَع مس ِ‬
‫اج َد هِ‬
‫ََ ْ ُ ْ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يم (‪)114‬‬ ‫اب َعظ ٌ‬‫ي َوَهلُ ْم ِيف ْاآلخ َرة َع َذ ٌ‬
‫َهلُ ْم ِيف الدُّنْ يَا خ ْز ٌ‬

‫ال أحد أظلم من الذين منعوا ِذ ْك َر هللا يف املساجد من إقام الصالة‪ ،‬وتالوة القرآن‪ ،‬وَنو ذلك‪ ،‬وجدُّوا يف‬
‫ختريبها ابهلدم أو اإلغالق‪ ،‬أو مبنع املؤمنني منها‪ .‬أولئك الظاملون ما كان ينبغي هلم أن يدخلوا املساجد إال‬
‫صغار وفضيحة يف الدنيا‪ ،‬وهلم يف اآلخرة عذاب شديد‪.‬‬
‫على خوف ووجل من العقوبة‪ ،‬هلم بذلك َ‬

‫(‪)18/1‬‬

‫اَّلل إِ هن ه ِ ِ‬ ‫َّلل الْم ْش ِر ُق والْمغْ ِرب فَأَي نَما تُولُّوا فَ ثَ هم وجه هِ‬
‫ِِ‬
‫يم (‪)115‬‬
‫اَّللَ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫َُْ‬ ‫َ َ ُ َْ َ‬ ‫َو ه َ‬

‫وهلل جهتا شروق الشمس وغروهبا وما بينهما‪ ،‬فهو مالك األرض كلها‪ .‬فأي جهة توجهتم إليها يف الصالة أبمر‬
‫هللا لكم فإنكم مبتغون وجهه‪ ،‬مل خترجوا عن ملكه وطاعته‪ .‬إن هللا واسع الرْحة بعباده‪ ،‬عليم أبفعاهلم‪ ،‬ال يغيب‬
‫عنه منها شيء‪.‬‬

‫(‪)18/1‬‬

‫ض ُكلٌّ لَهُ قَانِتُو َن (‪)116‬‬ ‫سماو ِ‬


‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫َوقَالُوا هاختَ َذ ه‬
‫اَّللُ َولَ ًدا ُس ْب َحانَهُ بَ ْل لَهُ َما ِيف ال ه َ َ‬

‫وقالت اليهود والنصارى واملشركون‪ :‬اختذ هللا لنفسه ول ًدا‪ ،‬تن هزه هللا ‪-‬سبحانه‪ -‬عن هذا القول الباطل‪ ،‬بل كل‬
‫مجيعا خاضعون له‪ ،‬مسخهرون حتت تدبريه‪.‬‬
‫َمن يف السموات واألرض ملكه وعبيده‪ ،‬وهم ً‬
‫(‪)18/1‬‬

‫ضى أ َْم ًرا فَِإ هَّنَا يَ ُق ُ‬


‫ول لَهُ ُك ْن فَيَ ُكو ُن (‪)117‬‬ ‫ض َوإِذَا قَ َ‬ ‫سماو ِ‬
‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫يع ال ه َ َ‬
‫بَد ُ‬

‫أمرا وأراد كونه فإَّنا يقول له‪« :‬كن»‬


‫وهللا تعاىل هو خالق السموات واألرض على غري مثال سبق‪ .‬وإذا قدهر ً‬
‫فيكون‪.‬‬

‫(‪)18/1‬‬

‫وهبُ ْم قَ ْد‬
‫ت قُلُ ُ‬ ‫ين ِم ْن قَ ْبلِ ِه ْم ِمثْ َل قَ ْوهلِِ ْم تَ َ‬
‫ش َاهبَ ْ‬ ‫ال الذ َ‬ ‫اَّللُ أ َْو ََتْتِينَا آيَةٌ َك َذلِ َ‬
‫ك قَ َ ه ِ‬ ‫ين َال يَ ْعلَ ُمو َن ل َْوَال يُ َكلِ ُمنَا ه‬ ‫وقَ َ ه ِ‬
‫ال الذ َ‬ ‫َ‬
‫ت لَِق ْوم يُوقِنُو َن (‪)118‬‬ ‫ٍ‬ ‫ب يه نها ْاآلَّي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫وقال اجلهلة من أهل الكتاب وغريهم لنيب هللا ورسوله حممد صلى هللا عليه وسلم على سبيل العناد‪ :‬هال‬
‫يكلمنا هللا مباشرة ليخربان أنك رسوله‪ ،‬أو َتتينا معجزة من هللا تدل على صدقك‪ .‬ومثل هذا القول قالته األمم‬
‫عنادا ومكابرة; بسبب تشابه قلوب السابقني والالحقني يف الكفر والضهالل‪ ،‬قد أوضحنا‬‫قبل لرسلها ً‬
‫من ُ‬
‫جازما؛ لكوهنم مؤمنني ابهلل تعاىل‪ ،‬متهبعني ما شرعه هلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآلَّيت للذين يصدقون تصدي ًقا ً‬

‫(‪)18/1‬‬

‫اب ا ْجلَ ِح ِيم (‪)119‬‬


‫َص َح ِ‬ ‫ريا َونَ ِذ ًيرا َوَال تُ ْسأ ُ‬
‫َل َع ْن أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫إِ هان أ َْر َسلْنَ َ‬
‫اك ِاب ْْلَ ِق بَش ً‬

‫إان أرسلناك ‪-‬أيها الرسول‪ -‬ابلدين اْلق املؤيد ابْلجج واملعجزات‪ ،‬فبلِغه للناس مع تبشري املؤمنني خبريي‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬وختويف املعاندين مبا ينتظرهم من عذاب هللا‪ ،‬ولست ‪-‬بعد البالغ‪ -‬مسئوال عن كفر َمن كفر‬
‫بك; فإهنم يدخلون النار يوم القيامة‪ ،‬وال خيرجون منها‪.‬‬

‫(‪)18/1‬‬
‫ود وَال النهصارى ح هىت تَتهبِع ِملهت هم قُل إِ هن ه َدى هِ‬
‫اَّلل ُه َو ا ْهلَُدى َولَئِ ِن اتهبَ ْع َ‬
‫ت أ َْه َواءَ ُه ْم بَ ْع َد‬ ‫َ َُ ْ ْ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ك الْيَ ُه ُ َ‬
‫ضى َع ْن َ‬
‫َن تَ ْر َ‬
‫َول ْ‬
‫ص ٍري (‪)120‬‬ ‫اَّلل ِمن وٍِيل وَال نَ ِ‬
‫اله ِذي جاء َك ِمن ال ِْعل ِْم ما ل َ ِ ِ‬
‫َك م َن ه ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬

‫واتبعت دينهم‪ .‬قل هلم‪ :‬إن دين‬


‫َ‬ ‫ولن ترضى عنك ‪-‬أيها الرسول‪ -‬اليهود وال النصارى إال إذا تركت دينك‬
‫اإلسالم هو الدين الصحيح‪ .‬ولئن اتبعت أهواء هؤالء بعد الذي جاءك من الوحي ما لك عند هللا ِمن ٍ‬
‫ويل‬
‫خاصا ابلنيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فهو موجه إىل األمة‬
‫ينفعك‪ ،‬وال نصري ينصرك‪ .‬وهذا اخلطاب وإن كان ً‬
‫عامة‪.‬‬

‫(‪)19/1‬‬

‫اخلَ ِ‬
‫اس ُرو َن (‪)121‬‬ ‫ك يُ ْؤِمنُو َن بِ ِه َوَم ْن يَ ْك ُف ْر بِ ِه فَأُولَئِ َ‬
‫ك ُه ُم ْ‬ ‫اب يَ ْت لُونَهُ َح هق تَِال َوتِِه أُولَئِ َ‬ ‫اله ِذين آتَي نَ ُ ِ‬
‫اه ُم الْكتَ َ‬ ‫َ ْ‬

‫الذين أعطيناهم الكتاب من اليهود والنصارى‪ ،‬يقرؤونه القراءة الصحيحة‪ ،‬ويتبعونه حق االتباع‪ ،‬ويؤمنون مبا‬
‫جاء فيه من اإلميان برسل هللا‪ ،‬ومنهم خامتهم نبينا ورسولنا حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وال حيرفون وال ِ‬
‫يبدلون‬
‫ما جاء فيه‪ .‬هؤالء هم الذين يؤمنون ابلنيب حممد صلى هللا عليه وسلم ومبا أنزل عليه‪ ،‬وأما الذين بدهلوا بعض‬
‫الكتاب وكتموا بعضه‪ ،‬فهؤالء كفار بنيب هللا حممد صلى هللا عليه وسلم ومبا أنزل عليه‪ ،‬ومن يكفر به فأولئك‬
‫هم أشد الناس خسر ًاان عند هللا‪.‬‬

‫(‪)19/1‬‬

‫ضلْتُ ُك ْم َعلَى ال َْعال َِم َ‬ ‫يت الهِيت أَنْ َع ْم ُ‬


‫ت َعلَ ْي ُك ْم َوأَِين فَ ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ني (‪)122‬‬ ‫يل اذْ ُك ُروا ن ْع َم ِ َ‬
‫ََّيبَِّن إ ْس َرائ َ‬

‫َّي ذرية يعقوب اذكروا نعمي الكثرية عليكم‪ ،‬وأين فَضهلتكم على عالَمي زمانكم بكثرة أنبيائكم‪ ،‬وما أُنزل‬
‫عليهم من الكتب‪.‬‬

‫(‪)19/1‬‬

‫ِ‬
‫ص ُرو َن (‪)123‬‬
‫اعةٌ َوَال ُه ْم يُ ْن َ‬
‫س َش ْي ئًا َوَال يُ ْقبَ ُل م ْن َها َع ْد ٌل َوَال تَ ْن َفعُ َها َش َف َ‬ ‫َواته ُقوا يَ ْوًما َال َجتْ ِزي نَ ْف ٌ‬
‫س َع ْن نَ ْف ٍ‬
‫وخافوا أهوال يوم اْلساب إذ ال تغّن نفس عن نفس شيئًا‪ ،‬وال يقبل هللا منها فدية تنجيها من العذاب‪ ،‬وال‬
‫تنفعها وساطة‪ ،‬وال أحد ينصرها‪.‬‬

‫(‪)19/1‬‬

‫ال َع ْه ِدي‬ ‫ال َوِم ْن ذُ ِريهِيت قَ َ‬


‫ال َال يَنَ ُ‬ ‫ك لِلن ِ‬
‫هاس إِ َم ًاما قَ َ‬ ‫ال إِِين ج ِ‬
‫اعلُ َ‬ ‫َ‬
‫وإِ ِذ ابْ تَ لَى إِبْر ِاهيم ربُّهُ بِ َكلِم ٍ‬
‫ات فَأََمتهُه هن قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني (‪)124‬‬ ‫الظهالم َ‬

‫واذكر ‪-‬أيها النيب‪ -‬حني اخترب هللا إبراهيم مبا شرع له من تكاليف‪ ،‬فأدهاها وقام هبا خري قيام‪ .‬قال هللا له‪ :‬إين‬
‫رب اجعل بعض نسلي أئمة فضال منك‪ ،‬فأجابه هللا سبحانه أنه ال حتصل‬ ‫جاعلك قدوة للناس‪ .‬قال إبراهيم‪ِ :‬‬
‫للظاملني اإلمامةُ يف الدين‪.‬‬

‫(‪)19/1‬‬

‫ِ‬ ‫اخت ُذوا ِمن م َق ِام إِب ر ِاهيم مصلاى وع ِه ْد َان إِ َىل إِب ر ِاه ِ ِ‬
‫هاس وأ َْمنًا و هِ‬ ‫ِ‬ ‫َوإِ ْذ َج َعلْنَا الْبَ ْي َ‬
‫يل أَ ْن طَه َرا بَ ْي ِ َ‬
‫يت‬ ‫يم َوإ ْمسَاع َ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ َ َْ َ ُ َ َ َ‬ ‫ت َمثَابَةً للن ِ َ َ‬
‫السج ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ود (‪)125‬‬ ‫الرهك ِع ُّ ُ‬
‫ني َو ُّ‬
‫ني َوال َْعاكف َ‬ ‫للطهائِف َ‬

‫وجممعا‬
‫ً‬ ‫مرجعا للناس‪َ ،‬يتونه‪ ،‬مث يرجعون إىل أهليهم‪ ،‬مث يعودون إليه‪،‬‬
‫واذكر ‪-‬أيها النيب‪ -‬حني جعلنا الكعبة ً‬
‫هلم يف اْلج والعمرة والطواف والصالة‪ ،‬وأمنًا هلم‪ ،‬ال ي ِغري عليهم عدو فيه‪ .‬وقلنا‪ِ :‬‬
‫اختذوا من مقام إبراهيم‬ ‫ُ‬
‫مكاان للصالة فيه‪ ،‬وهو اْلجر الذي وقف عليه إبراهيم عند بنائه الكعبة‪ .‬وأوحينا إىل إبراهيم وابنه إمساعيل‪:‬‬
‫ً‬
‫طهرا بييت من كل رجس ودنس; للمتعبدين فيه ابلطواف حول الكعبة‪ ،‬أو االعتكاف يف املسجد‪ ،‬والصالة‬ ‫أن ِ‬
‫فيه‪.‬‬

‫(‪)19/1‬‬

‫َّلل َوالْيَ ْوِم ْاآل ِخ ِر قَ َ‬


‫ال َوَم ْن‬ ‫ات من آمن ِم ْن هم ِاب هِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اج َع ْل َه َذا بَلَ ًدا آمنًا َو ْارُز ْق أ َْهلَهُ م َن الث َهم َر َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫ب ْ‬ ‫ال إِبْ ر ِاهيم َر ِ‬
‫َوإ ْذ قَ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫صريُ (‪)126‬‬‫اب النها ِر وبِئْس الْم ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ضطَُّرهُ إِ َىل َع َذ ِ‬‫َك َف َر فَأ َُمتِعُهُ قَلِ ًيال مثُه أَ ْ‬
‫واذكر ‪-‬أيها النيب‪ -‬حني قال إبراهيم داعيًا‪ِ :‬‬
‫رب اجعل «مكة» بل ًدا آمنًا من اخلوف‪ ،‬وارزق أهله من أنواع‬
‫ص هبذا الرزق َمن آمن منهم ابهلل واليوم اآلخر‪ .‬قال هللا‪ :‬ومن كفر منهم فأرزقه يف الدنيا وأُمتعه‬
‫الثمرات‪ ،‬و ُخ ه‬
‫مرغما إىل عذاب النار‪ .‬وبئس املرجع واملقام هذا املصري‪.‬‬
‫متاعا قليال مث أُجلئُه ً‬
‫ً‬

‫(‪)19/1‬‬

‫يم (‪)127‬‬‫ِ‬
‫يع ال َْعل ُ‬
‫ت ال ه ِ‬
‫سم ُ‬ ‫يل َربهنَا تَ َقبه ْل ِمنها إِنه َ‬
‫ك أَنْ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم الْ َق َواع َد م َن الْبَ ْيت َوإ ْمسَاع ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوإ ْذ يَ ْرفَ ُع إبْ َراه ُ‬

‫واذكر ‪-‬أيها النيب‪ -‬حني رفع إبراهيم وإمساعيل أسس الكعبة‪ ،‬ومها يدعوان هللا يف خشوع‪ :‬ربنا تقبل منها صاحل‬
‫أعمالنا ودعاءان‪ ،‬إنك أنت السميع ألقوال عبادك‪ ،‬العليم أبحواهلم‪.‬‬

‫(‪)20/1‬‬

‫ِ‬ ‫ب َعلَ ْي نَا إِنه َ‬ ‫ِ‬ ‫َك َوِم ْن ذُ ِريهتِنَا أُهمةً ُم ْسلِ َمةً ل َ‬ ‫اج َعلْنَا ُم ْسلِ َم ْ ِ‬
‫يم‬
‫اب ال هرح ُ‬
‫هو ُ‬
‫ت الت ه‬
‫ك أَنْ َ‬ ‫َك َوأَ ِرَان َمنَاس َكنَا َوتُ ْ‬ ‫ني ل َ‬ ‫َربهنَا َو ْ‬
‫(‪)128‬‬

‫منقاديْن ألحكامك‪ ،‬واجعل من ذريتنا أمة منقادة لك‪ ،‬ابإلميان‪ِ ،‬‬


‫وبص ْران مبعامل‬ ‫ربنا واجعلنا اثبتَ ْني على اإلسالم‪َ ،‬‬
‫عبادتنا لك‪ ،‬وجتاوز عن ذنوبنا‪ .‬إنك أنت كثري التوبة على عبادك‪ ،‬واسع الرْحة هبم‪.‬‬

‫(‪)20/1‬‬

‫ِ‬ ‫ْمةَ َويُ َزكِي ِه ْم إِنه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال ِم ْن هم ي ْت لُو َعلَي ِهم آَّيتِ َ ِ‬ ‫ربهنَا واب ع ْ ِ‬
‫ت ال َْع ِز ُيز ا ْْلَك ُ‬
‫يم‬ ‫ك أَنْ َ‬ ‫اب َوا ْْلك َ‬
‫ك َويُ َعل ُم ُه ُم الْكتَ َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ث في ِه ْم َر ُس ً ُ ْ َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫(‪)129‬‬

‫ربنا وابعث يف هذه األمة رسوال من ذرية إمساعيل يتلو عليهم آَّيتك ويعلمهم القرآن والسنة‪ ،‬ويطهرهم من‬
‫الشرك وسوء األخالق‪ .‬إنك أنت العزيز الذي ال ميتنع عليه شيء‪ ،‬اْلكيم الذي يضع األشياء يف مواضعها‪.‬‬

‫(‪)20/1‬‬
‫اصطََف ْي نَاهُ ِيف الدُّنْ يَا َوإِنههُ ِيف ْاآل ِخ َرةِ ل َِم َن ال ه‬
‫صاْلِِ َ‬
‫ني‬ ‫سهُ َولََق ِد ْ‬ ‫ِ‬ ‫ب َع ْن ِمله ِة إِبْ ر ِاه ِ‬
‫يم إ هال َم ْن َسفهَ نَ ْف َ‬
‫َ َ‬ ‫َوَم ْن يَ ْرغَ ُ‬
‫(‪)130‬‬

‫وال أحد يُعرض عن دين إبراهيم ‪-‬وهو اإلسالم‪ -‬إال سفيه جاهل‪ ،‬ولقد اخرتان إبراهيم يف الدنيا نبياا ورسوال‬
‫وإنه يف اآلخرة ملن الصاْلني الذين هلم أعلى الدرجات‪.‬‬

‫(‪)20/1‬‬

‫ت لِر ِ‬
‫ب ال َْعال َِم َ‬
‫ني (‪)131‬‬ ‫َسلِ ْم قَ َ‬ ‫إِ ْذ قَ َ‬
‫َسلَ ْم ُ َ‬
‫ال أ ْ‬ ‫ال لَهُ َربُّهُ أ ْ‬

‫منقادا له‪.‬‬
‫وسبب هذا االختيار مسارعته إىل اإلسالم دون تردد‪ ،‬حني قال له ربه‪ :‬أخلص نفسك هلل ً‬
‫إخالصا وتوحي ًدا وحمبة وإانبة‪.‬‬
‫ً‬ ‫فاستجاب إبراهيم وقال‪ :‬أسلمت لرب العاملني‬

‫(‪)20/1‬‬

‫ين فَ َال متَُوتُ هن إِهال َوأَنْ تُ ْم ُم ْسلِ ُمو َن (‪)132‬‬ ‫ِ‬


‫اصطََفى لَ ُك ُم الد َ‬ ‫ّن إِ هن ه‬
‫اَّللَ ْ‬ ‫وب ََّيبَِ ه‬ ‫صى ِهبا إِب ر ِاه ِ ِ‬
‫يم بَنيه َويَ ْع ُق ُ‬
‫َوَو ه َ ْ َ ُ‬

‫ويعقوب أبناءمها على الثبات على اإلسالم قائلَ ْني‪َّ :‬ي أبناءان إن هللا اختار لكم هذا الدين ‪-‬وهو‬
‫ُ‬ ‫اهيم‬ ‫ه‬
‫وحث إبر ُ‬
‫دين اإلسالم‪ -‬فال تفارقوه أَّيم حياتكم‪ ،‬وال َيتكم املوت إال وأنتم عليه‪.‬‬

‫(‪)20/1‬‬

‫آابئِ َ‬
‫ك‬ ‫ال لِبَنِ ِيه َما تَ ْعبُ ُدو َن ِم ْن بَ ْع ِدي قَالُوا نَ ْعبُ ُد إِ َهلَ َ‬
‫ك َوإِلَهَ َ‬ ‫ت إِ ْذ قَ َ‬
‫وب ال َْم ْو ُ‬ ‫أ َْم ُك ْن تُ ْم ُش َه َداءَ إِ ْذ َح َ‬
‫ض َر يَ ْع ُق َ‬
‫اح ًدا َوََْن ُن لَهُ ُم ْسلِ ُمو َن (‪)133‬‬ ‫اعيل وإِسحا َق إِ َهلا و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم َوإِ ْمسَ َ َ ْ َ ً َ‬ ‫إبْ َراه َ‬

‫يعقوب‪ ،‬إذ مجع أبناءه وسأهلم ما تعبدون من بعد موِت؟ قالوا‪:‬‬


‫َ‬ ‫املوت‬
‫أكنتم ‪-‬أيها اليهود‪ -‬حاضرين حني جاء ُ‬
‫نعبد إهلك وإله آابئك إبراهيم وإمساعيل وإسحاق إهلًا واح ًدا‪ ،‬وَنن له منقادون خاضعون‪.‬‬
‫(‪)20/1‬‬

‫سبْ تُ ْم َوَال تُ ْسأَلُو َن َع هما َكانُوا يَ ْع َملُو َن (‪)134‬‬


‫ت َولَ ُك ْم َما َك َ‬
‫سبَ ْ‬
‫ت َهلَا َما َك َ‬ ‫تِل َ‬
‫ْك أُهمةٌ قَ ْد َخلَ ْ‬

‫أعمالكم‪ ،‬وال تُ ْسألون عن أعماهلم‪ ،‬وهم ال يُ ْسألون عن‬


‫ت‪ ،‬هلم أعماهلم‪ ،‬ولكم َ‬
‫ض ْ‬
‫تلك أُهمة من أسالفكم قد م َ‬
‫ينفع أح ًدا إال إميانُه وتقواه‪.‬‬
‫أعمالكم‪ ،‬وكلٌّ سيجازى مبا فعله‪ ،‬ال يؤاخذ أحد بذنب أحد‪ ،‬وال ُ‬

‫(‪)20/1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِه ِ ِ‬


‫يم َحنِي ًفا َوَما َكا َن م َن ال ُْم ْش ِرك َ‬
‫ني (‪)135‬‬ ‫ص َارى ََتْتَ ُدوا قُ ْل بَ ْل ملةَ إبْ َراه َ‬
‫ودا أ َْو نَ َ‬
‫َوقَالُوا ُكونُوا ُه ً‬

‫وقالت اليهود أل همة حممد صلى هللا عليه وسلم‪ :‬ادخلوا يف دين اليهودية جتدوا اهلداية‪ ،‬وقالت النصارى هلم‬
‫مجيعا‪ -‬ملة إبراهيم‪ ،‬الذي مال عن كل دين ابطل‬
‫مثل ذلك‪ .‬قل هلم ‪-‬أيها الرسول‪ :-‬بل اهلداية أن نتبع‪ً -‬‬
‫إىل دين اْلق‪ ،‬وما كان من املشركني ابهلل تعاىل‪.‬‬

‫(‪)21/1‬‬

‫اعيل وإِسحا َق وي ع ُقوب و ْاألَسب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫وسى‬ ‫اط َوَما أ ِ‬
‫ُوِتَ ُم َ‬ ‫يم َوإِ ْمسَ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫آمنها ِاب هَّلل َوَما أُنْ ِز َل إل َْي نَا َوَما أُنْ ِز َل إ َىل إبْ َراه َ‬
‫قُولُوا َ‬
‫َح ٍد ِم ْن ُه ْم َوََْن ُن لَهُ ُم ْسلِ ُمو َن (‪)136‬‬ ‫ِ‬
‫ُوِتَ النهبِيُّو َن م ْن َرهبِِ ْم َال نُ َف ِر ُق بَ َْ‬
‫ني أ َ‬ ‫يسى َوَما أ ِ‬ ‫ِ‬
‫َوع َ‬

‫قولوا ‪-‬أيها املؤمنون‪ -‬هلؤالء اليهود والنهصارى‪ :‬صدهقنا ابهلل الواحد املعبود حبق‪ ،‬ومبا أنزل إلينا من القرآن‬
‫الذي أوحاه هللا إىل نبيه ورسوله حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وما أنزل من الصحف إىل إبراهيم وابنيه إمساعيل‬
‫وإسحاق‪ ،‬وإىل يعقوب واألسباط ‪-‬وهم األنبياء ِمن ولد يعقوب الذين كانوا يف قبائل بّن إسرائيل االثنيت‬
‫مجيعا من وحي رهبم‪ ،‬ال نفرق‬
‫عشرة‪ -‬وما أُعطي موسى من التوراة‪ ،‬وعيسى من اإلجنيل‪ ،‬وما أُعطي األنبياء ً‬
‫بني أحد منهم يف اإلميان‪ ،‬وَنن خاضعون هلل ابلطاعة والعبادة‪.‬‬

‫(‪)21/1‬‬
‫ِ‬ ‫اَّللُ و ُهو ال ه ِ‬ ‫اق فَ ِ‬‫فَِإ ْن آمنُوا ِمبِثْ ِل ما آم ْن تُم بِ ِه فَ َق ِد ْاهتَ َدوا وإِ ْن تَولهوا فَِإ هَّنَا ُهم ِيف ِش َق ٍ‬
‫يم‬
‫يع ال َْعل ُ‬
‫سم ُ‬ ‫سيَكْفي َك ُه ُم ه َ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫(‪)137‬‬

‫فإ ْن آمن الكفار من اليهود والنصارى وغريهم مبثل الذي آمنتم به‪ ،‬مما جاء به الرسول‪ ،‬فقد اهتدوا إىل اْلق‪،‬‬
‫وإن أعرضوا فإَّنا هم يف خالف شديد‪ ،‬فسيكفيك هللا ‪-‬أيها الرسول‪ -‬ش هرهم وينصرك عليهم‪ ،‬وهو السميع‬
‫ألقوالكم‪ ،‬العليم أبحوالكم‪.‬‬

‫(‪)21/1‬‬

‫اَّلل ومن أَحسن ِمن هِ‬


‫اَّلل ِ‬
‫ص ْب غَةً َوََْن ُن لَهُ َعابِ ُدو َن (‪)138‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْب غَةَ ه َ َ ْ ْ َ ُ َ‬

‫أحسن ِمن فطرة هللا اليت فطر الناس عليها‪ ،‬فالزموها وقولوا‬
‫ُ‬ ‫الزموا دين هللا الذي فطركم عليه‪ ،‬فليس هناك‬
‫َنن خاضعون مطيعون لربنا يف اتباعنا ملهة إبراهيم‪.‬‬

‫(‪)21/1‬‬

‫صو َن (‪)139‬‬ ‫ِ‬ ‫اجونَنَا ِيف هِ‬


‫اَّلل َو ُه َو َربُّنَا َوَربُّ ُك ْم َولَنَا أَ ْع َمالُنَا َولَ ُك ْم أَ ْع َمالُ ُك ْم َوََْن ُن لَهُ ُخمْل ُ‬ ‫قُ ْل أ َُحتَ ُّ‬

‫مجيعا‪ ،‬ال خيتص‬


‫قل ‪-‬أيها الرسول ألهل الكتاب‪ :-‬أجتادلوننا يف توحيد هللا واإلخالص له‪ ،‬وهو رب العاملني ً‬
‫بقوم دون قوم‪ ،‬ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم‪ ،‬وَنن هلل خملصو العبادة والطهاعة ال نشرك به شيئًا‪ ،‬وال نعبد أح ًدا‬
‫غريه؟‬

‫(‪)21/1‬‬

‫ص َارى قُ ْل أَأَنْ تُ ْم أَ ْعلَ ُم أَِم ه‬ ‫أَم تَ ُقولُو َن إِ هن إِب ر ِاه ِ ِ‬


‫اَّللُ َوَم ْن‬ ‫ودا أ َْو نَ َ‬
‫ط َكانُوا ُه ً‬
‫َسبَا َ‬ ‫يل َوإِ ْس َحا َق َويَ ْع ُق َ‬
‫وب َو ْاأل ْ‬ ‫يم َوإ ْمسَاع َ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬
‫اَّللُ بِغَافِ ٍل َع هما تَ ْع َملُو َن (‪)140‬‬ ‫ادةً ِعنْ َدهُ ِمن هِ‬
‫اَّلل َوَما ه‬ ‫أَظْلَ ُم ِممه ْن َكتَ َم َش َه َ‬
‫َ‬
‫بل أتقولون جمادلني يف هللا‪ :‬إن إبراهيم وإمساعيل وإسحاق ويعقوب واألسباط ‪-‬وهم األنبياء الذين كانوا يف‬
‫قبائل بّن إسرائيل االثنيت عشرة من ولد يعقوب‪ -‬كانوا على دين اليهود أو النصارى؟ وهذا كذب; فقد بُِعثوا‬
‫وماتوا قبل نزول التوراة واإلجنيل‪ .‬قل هلم ‪-‬أيها الرسول‪ :-‬أأنتم أعلم بدينهم أم هللا تعاىل؟ وقد أخرب يف القرآن‬
‫أبهنم كانوا حنفاء مسلمني‪ ،‬وال أحد أظلم منكم حني ختفون شهادة اثبتة عندكم من هللا تعاىل‪ ،‬وتدهعون خالفها‬
‫ص هلا وجمازيكم عليها‪.‬‬‫افرتاء على هللا‪ .‬وما هللا بغافل عن شيء من أعمالكم‪ ،‬بل هو ُْحم ٍ‬

‫(‪)21/1‬‬

‫س ْب تُ ْم َوَال تُ ْسأَلُو َن َع هما َكانُوا يَ ْع َملُو َن (‪)141‬‬


‫ت َولَ ُك ْم َما َك َ‬
‫سبَ ْ‬
‫ت َهلَا َما َك َ‬ ‫تِل َ‬
‫ْك أُهمةٌ قَ ْد َخلَ ْ‬

‫ت‪ ،‬هلم أعماهلم ولكم أعمالكم‪ ،‬وال تُ ْسألون عن أعماهلم‪ ،‬وهم ال يُ ْسألون عن‬
‫ض ْ‬
‫تلك أُهمة من أسالفكم قد م َ‬
‫أعمالكم‪ .‬ويف اآلية قطع للتعلق ابملخلوقني‪ ،‬وعدم االغرتار ابالنتساب إليهم‪ ،‬وأن العربة ابإلميان ابهلل وعبادته‬
‫وحده‪ ،‬واتباع رسله‪ ،‬وأن من كفر برسول منهم فقد كفر بسائر الرسل‪.‬‬

‫(‪)21/1‬‬

You might also like