Professional Documents
Culture Documents
Nouveau Document Microsoft Office Word
Nouveau Document Microsoft Office Word
Nouveau Document Microsoft Office Word
من
ضمن هذه الحقوق حق امللكية التي تعتبر من الحقوق األكثر حماية من طرف املشرع ،لكونها األساس الذي تستقر
بموجبه حياة األفراد و ينبني عليها تطور املجتمع.
و امللكية ال تثبت اعتباطيا للشخص ،و إنما يجب أن تستند إلى مصدر أو سبب الكتسابها ،فامللكية إما أن تكتسب ابتداءا أي بفعل
اإلنسان وحده دون أن يكون هناك مالك سابق تنتقل منه و يكون هذا باالستيالء ،و إما أن تكتسب انتقاال من مالك سابق ،و هذا
االنتقال قد يكون بين األحياء ،و الذي يقع بالعقد أو االلتصاق أو الشفعة أو الحيازة ،و قد يكون بسبب الوفاة و يتم بامليراث أو
الوصية ،إذ أسباب كسب امللكية هي تلك الوقائع و التصرفات القانونية التي تؤدي إلى اكتساب شخص ملكية شيء معين إما ابتداءا أو
إما نقال من شخص آخر.
و أمام ازدواجية أسباب كسب امللكية في التشريع املغربي بين الوقائع و التصرفات القانونية ،هذه األخيرة التي تتمثل في الهبة و
الصدقة و الوصية و البيع ثم عقد املغارسة ،إال أننا سوف نقوم بتخصيص هذا املوضوع لدراسة عقد املغارسة.
+على املستوى القانوني :وجود نظام قانوني جديد ينظم عقد املغارسة و املتمثل في قانون ،39.08بعد
أن كان تنظيم هذا العقد يخضع للفقه املالكي ،و هذا ما كان يثير عدة إشكاالت .
+على املستوى االجتماعي :يتمثل في الدور الذي تلعبه في تدعيم و ترسيخ روابط املحبة و مساعدة
الغير في مواجهة مصاعب الحياة ،فضال عن نيل تواب هللا تعالى ،قال سبحانه "لن تنالوا البر حتى تنفقوا
مما تحبون".
و باستقرائنا لألحكام املنظمة لعقد املغارسة كسبب من أسباب كسب امللكية تثار إشكالية أساسية
تتمثل في مدى كفاية القواعد القانونية التي جاءت بها مدونة الحقوق العينية في توفير الحماية ألطراف
عقد املغارسة ،على مستوى شروط انتقال امللكية و الضمانات املترتبة عنها.
و قد حاولنا اإلجابة عن هذه اإلشكالية و التساؤالت بناءا على تقسيم املوضوع وفق الشكل التالي :
إن عقد المغارسة یعتبر من أحد صیغ التمویالت الفریدة في نظام االقتصاد اإلسالمي الذي من خصائصه الكبرى ومبادئه
العظمى :التكافل االجتماعي
و ان املتأمل في حقيقة هذا العقد ليجد ذلك جليا في صورته حيث انه عالقة بين شخصين احدهما فقير ال مال له و لكنه يملك خبرات
في الغرس و الزرع و األخر له مال لكنه ال يقدر على العمل و ال حظ له فيه.
فوضعت السريعة لهما حال انسب حيث يدفع احدهما األرض و العقار و يقوم اآلخر بالعمل على أن تكون قسمة الشجر و األرض
بينهما مناصفة في األخير .
وألهميتها خصصت لها مدونة الحقوق العينية بالتشريع من املادة 265الى املادة 272في الباب الثاني املتعلق بأسباب كسب امللكية.
قال اإلمام مالك :و الباس باملغارسة ان يعطي الرجل ارضه لرجل يغرسها نخال او رمانا فاذا بلغت فاالرض و الشجر
بينهما و لم يزل من عمل الناس و ال شيء له حتى يتبت و يبلغ القدر الذي شرطا من ناحية الجعل .
اما املشرع املغربي فقد عرفها في املادة 265بما يلي":املغارية عقد يعطي بموجبه مالك أرضه آلخر ليغرس فيها على
نفقته شجرا مقابل حصة معلومة من األرض و الشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام" .ال یمكن أن
یكون محل عقد املغارسة حقوقا مشاعة
.ویالحظ أن تعریف املدونة یتفق تماما مع تعریف اإلمام مالك وال فرق بینهما.
املحل :املحل هو الشيء الذي يلتزم املدين القيام به ،فهذا األخير يلتزم إما بنقل حق عيني أو بالقي´´ام بعم´´ل
أو باالمتناع عن عمل و بالنسبة ملحل عقد املغارس´ة يش´ترط طبق´ا للم´ادة 265من م.ح.ع أن يكون أرض´ا
مف ´´رزة وشجرا ،وتج ´´در اإلش ´´ارة إلى أن الشجر هن ´´ا يع ´´د م ´´اال ممكن ´´ا يتوق ´´ف وج ´´وده على تنفي ´´ذ الغ ´´ارس
اللتزاماته خالل مدة معينة.
ه ´´ذا من جه ´´ة ،من جه ´´ة أخ ´´رى فإن ´´ه ينبغي على املح ´´ل أن يكون ممكن ´´ا من الناحي ´´ة القانوني ´´ة ،فال
يمكن أن يكون محل املغارسة أرض موقوفة مثال ،وإال اعتبر العقد باطال.
جب أن يكون مح´´ل االل ´´تزام مش´´روعا ،وح ´´تى يكون ك´´ذلك يجب أن يكون مم ´´ا يج´´وز التعام´´ل في´´ه
وأال يكون مخالفا للنظام العام أو األداب العامة.
و يش´ ´´ترط في املح´ ´´ل أن يكون معين´ ´´ا تعين´ ´´ا نافي´ ´´ا للجهال ´ ´´ة ،وه ´ ´´و م´ ´´ا نص´ ´´ت علي´ ´´ه املادة 265من مدون ´ ´´ة
الحق ´´وق العيني ´´ة ب ´´أن تكون الحص ´´ة من األرض والشجر مح ´´ل عق ´´د املغارس ´´ة معلوم ´´ة ،كم ´´ا نص ´´ت املادة
268على ضرورة تعيين نوع الشجر ،محل هذا العقد .
السبب :السبب هو الغرض الذي يقصد امللتزم الوصول إليه من وراء التزامه ،والفرق بينه وبين املحل هو
أن املحل جواب من يسأل ،بماذا التزم املدين أما السبب فجواب من يسأل :ملاذا التزام املدين.
و السبب في عقد املغارسة هو ما سيحصل عليه املغارس من أرض وشجر ،إذ هو الباعث الذي حمله على
االلتزام بغرس األشجار والعناية بها إلى أن تصل حد اإلطعام ،بينما سبب صاحب األرض هو املورد املالي الذي
ستوفره له األشجار التي سيحصل عليها وعلى غلتها بعد بلوغها حد اإلطعام ،فإذا كان قصد أحد األطراف
مخالفا لذلك كان العقد باطال.
الشكلية :األصل في العقود أنها رضائية إال أنه استثناء تكون العقود شكلية أو عينية.
فالعقد الشكلي هو ماال يتم بمجرد تراضي املتعاقدين ،بل يجب لتمامه فوق ذلك شكل مخصوص
يعين ´´ه الق ´´انون ،وم ´´ا أك ´´ثر م ´´ا يكون ه ´´ذا الش ´´كل ورق ´´ة رس ´´مية ي ´´دون فيه ´´ا العق ´´د ،ولع ´´ل الغ ´´رض من ه ´´ذه
الشكلية هو تنبيه املتعاقدين إلى خطر ما يقدمون عليه من تعاقد كما في الهبة واملغارسة.
ب -الشروط الخاصة النعقاد عقد املغارسة .
إن عقد املغارسة يعتب عقد شكلي بحيث تطلب املشرع في النعقاده شكلية الكتابة الرسمية و ذلك كاستثناء
على املادة 4من مدونة الحقوق العينية .و عليه فإن عقد املغارسة يحرر إما بواسطة موثق تقليدي أو موثق
عصري .
كما تطلب املشرع في عقد املغارسة ،مجموعة من الشروط الخاصة واملتمثلة في:
أم ´´ا بالنس ´´بة لج´ ´´زاء اإلخالل بالش ´´روط املتبقي ´´ة ،و أم ´´ام انع´ ´´دام الج´ ´´واب في ق.ل.ع ،يجيب الفق ´´ه
املالكي بجعل العقد فاسدا ،األمر الذي يطرح التساؤل حول أثر هذا الفساد على مصير عقد املغارسة.
حيث يجب التمي ´´يز بين م ´´ا إذا ت ´´بين الفس ´´اد قب ´´ل بل ´´وغ الشجر ح ´´د اإلطع ´´ام ،يفسخ العق ´´د ويعام ´´ل
الغ ´´ارس معامل ´´ة األج ´´ير ،أم´´ا إذا ت ´´بين الفس´´اد بع ´´د بل ´´وغ الشجر ح ´´د اإلطع ´´ام ،تبقى املعامل ´´ة صحيحة تنتج
جميع آثارها.
املطلب الثاني :انتقال امللكية و آثارها في عقد املغارسة.
بعد قي´ام عق´د املغارس´ة وف´ق الش´كل املح´دد قانون´ا فإن´ه ينتج آث´ارا ،لع´ل أهمه´ا ه´و انتق´ال ملكي´ة م´ا تم االتف´اق علي´ه من
األرض و الشجر ،و انتقال امللكية في عقد املغارسة مرتبط أساسا ببل´وغ الشجر ح´د اإلطع´ام ،فلتحق´ق ه´ذا األخ´ير يق´ع
على الغارس مجموعة من االلتزامات .
إن الغ´´ارس مل´´زم ب´´التفرغ الكلي للمه´´ام املوكول´´ة إلي´´ه بمقتضى عق´´د املغارس´´ة ،فالعم´´ل ال´´ذي يق´´وم ب´´ه
ه´´و مقاب´´ل ملا يحص´´ل علي´´ه من األرض و الشجر عن´´د تحق´´ق اإلطع´´ام ،و ه´´ذا ه´´و م´´ا من ش´´أنه أن ي´´دفع
الغ´´ارس إلى الش´روع في التنفي´ذ ف´´ور إب´´رام العق´د و ذل´´ك بكام´ل الجدي´´ة و اإلقب´ال دون ته´´اون أو ت´´راخي
تضييعا للوقت.
و املش´ ´´رع املغ´ ´´ربي من خالل مدون´ ´´ة الحق´ ´´وق العيني´ ´´ة لم يش´ ´´ر إلى بعض االلتزام´ ´´ات ال´ ´´تي يتعين على
الغارس احترامها أثناء تنفيذ العقد ،و إنما ترك ذلك التف´اق الط´رفين أو ملا يج´ري ب´ه العم´ل ،و ه´و م´ا
أشار إليه الشيخ خليل بقوله و عمل العامل ما دخل عليه عرفا أو تسمية.
فضال عن ذلك يتعين على الغارس تنفيذ عمله و الشروع في الغرس داخل األجل املحدد باعتبار العق´´د
ش´´ريعة املتعاق´´دين ،إال أن´´ه إذا لم ي´´رد في عق´´د املغارس´´ة تاريخ´´ا للش´´روع في الغ´´رس ،تعين على الغ´´ارس
أن يش ´´رع في ذل ´´ك قب ´´ل انص ´´رام س ´´نة من ت ´´اريخ إب ´´رام العق ´´د ،و إال فسخ العق ´´د بق ´´وة الق ´´انون حس ´´ب
املادة 269من م.ح.ع.
و عليه فالغ´ارس إذا ق´ام بكل م´ا على عاتق´ه من التزام´ات ،و هل´ك الشجر قب´ل بل´وغ ح´د اإلطع´ام فال ح´ق
له في التملك ،بمعنى أنه إذا هلك الغرس بحرق أو آفة أو قوة قاهرة قبل بلوغه حد اإلطعام ف´´إن الغ´´ارس
ال يكون ل ´´ه شيء إال في ح ´´دود م ´´ا اتف ´´ق علي ´´ه أو بم ´´ا يقضي ب ´´ه الع ´´رف فيم ´´ا يتعل ´´ق بم ´´ا عمل ´´ه الغ ´´ارس في
األرض ،أما إذا لم يتفقا و لم يقضي العرف بشيء فال حق للغارس في التملك.
أما إإلذا هلك الشجر بعد بلوغه حد اإلطعام ،اعتبر الغارس وفي بالتزامه و استحق الحص´ة متف´ق عليه´ا في
األرض طبقا للمادة 271من م.ح.ع.
بلوغ الشجر حد اإلطعام
س ´´بق و قلن ´´ا ب ´´أن عق ´´د املغارس ´´ة لكي ي ´´رتب حق ´´ا عيني ´´ا للغ ´´ارس على األرض ،ف ´´إن ذل ´´ك مرتب ´´ط ببل ´´وغ
الشجر ح´ ´´د اإلطع´ ´´ام ،بحيث إن املادة 272من م.ح.ع نص´ ´´ت على أن´ ´´ه " ال ي´ ´´رتب عق´ ´´د املغارس´ ´´ة حق´ ´´ا
عينيا إال إذا تحقق اإلطعام ،و أشهد به الطرفان في مح´رر رس´مي أو ثبت بخ´برة قض´ائية مص´ادق عليه´ا
من املحكمة".
و علي ´´ه فمن خالل مقتض ´´يات املادة أعاله يتبين بجالء أن عق ´´د املغارس ´´ة ال ي ´´رتب حق ´´ا عيني ´´ا إال إذا
تحققت الشروط اآلتية :
الشرط األول :ال يرتب عقد املغارسة حقا عينيا للغارس إال إذا تحقق اإلطعام و اإلثمار
الشرط الثاني :أن يشهد الطرفان على تحقق اإلطعام و ذل´ك في مح´رر رس´مي أو بمقتضى خ´برة قض´ائية
مصادق عليها ،و ذلك حتى يحتج به على الكافة.
إال أن ما يجب التنبيه إليه هو أنه إذا تعلق األم´ر باملغارس´ة ال´واردة على عق´ار محف´ظ فإن´ه باإلض´´افة إلى
شكلية الكتابة الرسمية ،يتعين تقييد الحصة املش´ترطة في السجل العق´اري وفق´ا ملا ه´و منص´وص علي´ه في
الفص ´´لين 66و 67من ظه ´´ير التحفي ´´ظ العق ´´اري 1913املع ´´دل و املتمم بالق ´´انون ، 14.07على أن كل ح ´´ق
عي ´´ني وارد على عق ´´ار محف ´´ظ يعت ´´بر غ ´´ير موج ´´ود تج ´´اه الغ ´´ير إال بتقيي ´´ده ،أم ´´ا الفص ´´ل 67ق ´´د نص على أن
قاع´´دة األث´´ر املنشئ لح´´ق عي´´ني أو نقل´´ه إلى الغ´´ير أو تغي´´يره أو إس´´قاطه ال ينتج أث´´را و ل´´و بين املتعاق´´دين إال
من تاريخ التقييد في الرسم العقاري.
تجدر اإلشارة إلى أنه يمكن أيضا للعامل قبل ذلك أن يطلب تقييدا احتياطي´ا ليحتف´ظ برتبت´ه ابت´داءا من
ذل´´ك التقيي´´د ،ح´´تى إذا تم عمل´´ه و نجحت مغارس´´ته أمكن´´ه تقيي´´د حق´´ه ه´´ذا بص´´فة نهائي´´ة بمج´´رد أن يثبت
نجاح مغارسته بواسطة محرر رسمي أو تقرير خبير من طرف املحكم´ة ،أو بحكم نه´ائي يقضي باس´تحقاق
الغارس للجزء املتفق عليه.