Nouveau Document Microsoft Office Word

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 6

‫تعتبر الحقوق العينية من الحقوق التي أوالها املشرع عناية فائقة‪ ،‬الرتباطها الوثيق بحقوق و حريات األفراد‪ ،‬و

من‬
‫ضمن هذه الحقوق حق امللكية التي تعتبر من الحقوق األكثر حماية من طرف املشرع‪ ،‬لكونها األساس الذي تستقر‬
‫بموجبه حياة األفراد و ينبني عليها تطور املجتمع‪.‬‬

‫و امللكية ال تثبت اعتباطيا للشخص‪ ،‬و إنما يجب أن تستند إلى مصدر أو سبب الكتسابها‪ ،‬فامللكية إما أن تكتسب ابتداءا أي بفعل‬
‫اإلنسان وحده دون أن يكون هناك مالك سابق تنتقل منه و يكون هذا باالستيالء‪ ،‬و إما أن تكتسب انتقاال من مالك سابق‪ ،‬و هذا‬
‫االنتقال قد يكون بين األحياء‪ ،‬و الذي يقع بالعقد أو االلتصاق أو الشفعة أو الحيازة‪ ،‬و قد يكون بسبب الوفاة و يتم بامليراث أو‬
‫الوصية‪ ،‬إذ أسباب كسب امللكية هي تلك الوقائع و التصرفات القانونية التي تؤدي إلى اكتساب شخص ملكية شيء معين إما ابتداءا أو‬
‫إما نقال من شخص آخر‪.‬‬

‫و أمام ازدواجية أسباب كسب امللكية في التشريع املغربي بين الوقائع و التصرفات القانونية‪ ،‬هذه األخيرة التي تتمثل في الهبة و‬
‫الصدقة و الوصية و البيع ثم عقد املغارسة ‪ ،‬إال أننا سوف نقوم بتخصيص هذا املوضوع لدراسة عقد املغارسة‪.‬‬

‫فأهمية دراسة هذا املوضوع تتجلى في عدة مستويات ‪:‬‬

‫‪ +‬على املستوى القانوني ‪ :‬وجود نظام قانوني جديد ينظم عقد املغارسة و املتمثل في قانون ‪ ،39.08‬بعد‬
‫أن كان تنظيم هذا العقد يخضع للفقه املالكي ‪ ،‬و هذا ما كان يثير عدة إشكاالت ‪.‬‬

‫‪ +‬على املستوى االجتماعي ‪ :‬يتمثل في الدور الذي تلعبه في تدعيم و ترسيخ روابط املحبة و مساعدة‬
‫الغير في مواجهة مصاعب الحياة‪ ،‬فضال عن نيل تواب هللا تعالى‪ ،‬قال سبحانه "لن تنالوا البر حتى تنفقوا‬
‫مما تحبون"‪.‬‬

‫و باستقرائنا لألحكام املنظمة لعقد املغارسة كسبب من أسباب كسب امللكية تثار إشكالية أساسية‬
‫تتمثل في مدى كفاية القواعد القانونية التي جاءت بها مدونة الحقوق العينية في توفير الحماية ألطراف‬
‫عقد املغارسة‪ ،‬على مستوى شروط انتقال امللكية و الضمانات املترتبة عنها‪.‬‬

‫و تتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت تتمثل في ‪:‬‬


‫‪ +‬ما هو عقد املغارسة و ما هي شروط انعقاده ؟‬
‫‪ +‬ما هي آثار عقد املغارسة ؟‬
‫‪ +‬أين تتجلى أوجه ضعف الحماية القانونية ألطراف عقد املغارسة ؟‬

‫و قد حاولنا اإلجابة عن هذه اإلشكالية و التساؤالت بناءا على تقسيم املوضوع وفق الشكل التالي ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف عقد املغارسة و شروط إنشاءه ‪.‬‬


‫املطلب الثاني ‪ :‬انتقال امللكية و آثارها في عقد املغارسة‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬حدود الحماية القانونية لطرفي عقد املغارسة‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم عقد املغارسة و شروط إنشاءه ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم عقد املغارسة‪.‬‬

‫إن عقد المغارسة یعتبر من أحد صیغ التمویالت الفریدة في نظام االقتصاد اإلسالمي الذي من خصائصه الكبرى ومبادئه‬
‫العظمى‪ :‬التكافل االجتماعي‬
‫و ان املتأمل في حقيقة هذا العقد ليجد ذلك جليا في صورته حيث انه عالقة بين شخصين احدهما فقير ال مال له و لكنه يملك خبرات‬
‫في الغرس و الزرع و األخر له مال لكنه ال يقدر على العمل و ال حظ له فيه‪.‬‬

‫فوضعت السريعة لهما حال انسب حيث يدفع احدهما األرض و العقار و يقوم اآلخر بالعمل على أن تكون قسمة الشجر و األرض‬
‫بينهما مناصفة في األخير ‪.‬‬

‫وألهميتها خصصت لها مدونة الحقوق العينية بالتشريع من املادة ‪ 265‬الى املادة ‪ 272‬في الباب الثاني املتعلق بأسباب كسب امللكية‪.‬‬

‫مفهوم املغارسة في اللغة ‪.‬‬ ‫أ‬


‫في الحقيقة لفظ املغارسة ليس موجودا في املعاجم العربية بعينها‪ ،‬و لكن يوجد الفعل الذي اشتقت منه فهي‬
‫مفاعلة من الغرس‪.‬‬
‫فاملغراسة مأخوذة من الغرس و هو تثبيت الشجر في األرض‪.‬‬
‫يقول الحبيب ابن الطاهر ‪ :‬و صيغة املغاعلة شانها أن تكون من اثنين مثل املضاربة تفيد املشاركة في الفعل و‬
‫مقتضاها ان يكون كل واحد يغرس لصاحبه و هي ليست كذلك‪ ،‬فالذي يغرس احدهما فتحمل الصيغة اما على‬
‫املفاعلة التي تكون في اللغة من واحد نحو سافر‪ ،‬او بمالحظة العقد فانه واقع منهما فيكون من التعبير باملتعلق عن‬
‫املتعلق‪.‬‬

‫ب مفهوم اللغة اصطالحا‪.‬‬

‫قال اإلمام مالك‪ :‬و الباس باملغارسة ان يعطي الرجل ارضه لرجل يغرسها نخال او رمانا فاذا بلغت فاالرض و الشجر‬
‫بينهما و لم يزل من عمل الناس و ال شيء له حتى يتبت و يبلغ القدر الذي شرطا من ناحية الجعل ‪.‬‬

‫اما املشرع املغربي فقد عرفها في املادة ‪ 265‬بما يلي‪":‬املغارية عقد يعطي بموجبه مالك أرضه آلخر ليغرس فيها على‬
‫نفقته شجرا مقابل حصة معلومة من األرض و الشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام"‪ .‬ال یمكن أن‬
‫یكون محل عقد املغارسة حقوقا مشاعة‬

‫‪ .‬ویالحظ أن تعریف املدونة یتفق تماما مع تعریف اإلمام مالك وال فرق بینهما‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط انعقاد عقد املغارسة‪.‬‬


‫إلنشاء عقد املغارسة‪ ،‬تطلب املشرع املغربي توفر شروط عامة تتمثل في شروط االنعقاد و شروط الصحة باإلضافة‬
‫إلى شروط خاصة نص عليها املشرع في مدونة الحقوق العينية ‪.‬‬

‫أ‪ -‬الشروط العامة النعقاد عقد املغارسة‪.‬‬


‫‪ ‬التراضي‪ :‬لتراضي هو توافق إرادتي املتعاقدين على إحداث األثر القانوني املتوخى من العقد‪ ،‬ويتحقق هذا التوافق‬
‫قانونا بتبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين‪،‬ويكون ذلك بصدور إيجاب يتضمن عرضا يوجهه شخص آلخر‪ ،‬وصدور‬
‫قبول متطابق لإليجاب من الشخص الذي وجه إليه العرض‪ ،‬فيقترن القبول باإليجاب ويحصل التراضي وبالتالي يتم‬
‫العقد وبمجرد أن ينعقد العقد على هذا األساس فإنه يكون ملزما ألطرافه و ينتج عن عقد املغارسة التزامات متقابلة‬
‫في ذمت كل من املتعاقدين‪ ،‬على اعتبار أنه من عقود املعاوضة‪ ،‬فيكون الغارس ملزما بغرس األرض ويكون املالك‬
‫ملزما بمنحه جزء من األرض والشجر بعد وصول هذا األخير حد اإلطعام‪.‬‬

‫‪ ‬املحل‪ :‬املحل هو الشيء الذي يلتزم املدين القيام به‪ ،‬فهذا األخير يلتزم إما بنقل حق عيني أو بالقي´´ام بعم´´ل‬
‫أو باالمتناع عن عمل و بالنسبة ملحل عقد املغارس´ة يش´ترط طبق´ا للم´ادة ‪ 265‬من م‪.‬ح‪.‬ع أن يكون أرض´ا‬
‫مف ´´رزة وشجرا‪ ،‬وتج ´´در اإلش ´´ارة إلى أن الشجر هن ´´ا يع ´´د م ´´اال ممكن ´´ا يتوق ´´ف وج ´´وده على تنفي ´´ذ الغ ´´ارس‬
‫اللتزاماته خالل مدة معينة‪.‬‬
‫ه ´´ذا من جه ´´ة‪ ،‬من جه ´´ة أخ ´´رى فإن ´´ه ينبغي على املح ´´ل أن يكون ممكن ´´ا من الناحي ´´ة القانوني ´´ة‪ ،‬فال‬
‫يمكن أن يكون محل املغارسة أرض موقوفة مثال‪ ،‬وإال اعتبر العقد باطال‪.‬‬

‫جب أن يكون مح´´ل االل ´´تزام مش´´روعا‪ ،‬وح ´´تى يكون ك´´ذلك يجب أن يكون مم ´´ا يج´´وز التعام´´ل في´´ه‬
‫وأال يكون مخالفا للنظام العام أو األداب العامة‪.‬‬

‫و يش´ ´´ترط في املح´ ´´ل أن يكون معين´ ´´ا تعين´ ´´ا نافي´ ´´ا للجهال ´ ´´ة ‪ ،‬وه ´ ´´و م´ ´´ا نص´ ´´ت علي´ ´´ه املادة ‪ 265‬من مدون ´ ´´ة‬
‫الحق ´´وق العيني ´´ة ب ´´أن تكون الحص ´´ة من األرض والشجر مح ´´ل عق ´´د املغارس ´´ة معلوم ´´ة‪ ،‬كم ´´ا نص ´´ت املادة‬
‫‪ 268‬على ضرورة تعيين نوع الشجر‪ ،‬محل هذا العقد ‪.‬‬

‫السبب ‪ :‬السبب هو الغرض الذي يقصد امللتزم الوصول إليه من وراء التزامه‪ ،‬والفرق بينه وبين املحل هو‬ ‫‪‬‬
‫أن املحل جواب من يسأل‪ ،‬بماذا التزم املدين أما السبب فجواب من يسأل‪ :‬ملاذا التزام املدين‪.‬‬
‫و السبب في عقد املغارسة هو ما سيحصل عليه املغارس من أرض وشجر‪ ،‬إذ هو الباعث الذي حمله على‬
‫االلتزام بغرس األشجار والعناية بها إلى أن تصل حد اإلطعام‪ ،‬بينما سبب صاحب األرض هو املورد املالي الذي‬
‫ستوفره له األشجار التي سيحصل عليها وعلى غلتها بعد بلوغها حد اإلطعام‪ ،‬فإذا كان قصد أحد األطراف‬
‫مخالفا لذلك كان العقد باطال‪.‬‬

‫الشكلية ‪ :‬األصل في العقود أنها رضائية إال أنه استثناء تكون العقود شكلية أو عينية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فالعقد الشكلي هو ماال يتم بمجرد تراضي املتعاقدين‪ ،‬بل يجب لتمامه فوق ذلك شكل مخصوص‬
‫يعين ´´ه الق ´´انون‪ ،‬وم ´´ا أك ´´ثر م ´´ا يكون ه ´´ذا الش ´´كل ورق ´´ة رس ´´مية ي ´´دون فيه ´´ا العق ´´د‪ ،‬ولع ´´ل الغ ´´رض من ه ´´ذه‬
‫الشكلية هو تنبيه املتعاقدين إلى خطر ما يقدمون عليه من تعاقد كما في الهبة واملغارسة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشروط الخاصة النعقاد عقد املغارسة ‪.‬‬
‫إن عقد املغارسة يعتب عقد شكلي بحيث تطلب املشرع في النعقاده شكلية الكتابة الرسمية و ذلك كاستثناء‬
‫على املادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية‪ .‬و عليه فإن عقد املغارسة يحرر إما بواسطة موثق تقليدي أو موثق‬
‫عصري ‪.‬‬
‫كما تطلب املشرع في عقد املغارسة‪ ،‬مجموعة من الشروط الخاصة واملتمثلة في‪:‬‬

‫‪ ‬فيما يتعلق باألرض‪:‬‬


‫من خالل املادة ‪ 265‬من م‪.‬ح‪.‬ع يتضح أن املش ´´رع يم ´´يز بين أرض املال ´´ك ال ´´ذي تطلب فيه ´´ا أن تكون‬
‫مف´´رزة غ´´ير مملوك´´ة على الش´´ياع‪ ،‬وبين الحص´´ة املراد تملكه´´ا ال´´ذي اش´´ترط أن تكون معلوم´´ة بحس´´ب م´´ا تم‬
‫االتفاق عليه‪.‬‬
‫‪ ‬فيما يتعلق باألشجار‪:‬‬
‫اشترط املشرع لصحة عقد املغارسة فيما يتعلق بالشجر توفر ثالثة شروط‪:‬‬
‫ـ أن يعين نوع الشجر املراد غرسه‪ ،‬ويبين حصة الغارس في األرض والشجر‪.‬‬
‫ـ يتعين على الغ´ ´´ارس غ´ ´´رس ع´ ´´دد األشجار املتف´ ´´ق علي´ ´´ه‪ ،‬أو على األق´ ´´ل ثل´ ´´ثي م´ ´´ا ه´ ´´و مح´ ´´دد بالعق´ ´´د أو‬
‫العرف‪.‬‬
‫ـ يجب أن يتم الغ´رس داخ´ل األج´ل املتف´ق علي´ه‪ ،‬وفي حال´ة انع´دام ه´ذا االتف´اق‪ ،‬يتعين على الغ´ارس أن‬
‫يقوم بالتزاماته الخاصة بذلك قبل انصرام سنة من تاريخ إبرام العقد‪.‬‬
‫جزاء اإلخالل بشروط عقد املغارسة‬ ‫‪‬‬
‫من خالل املادتين ‪ 269‬و‪ 270‬من م‪.‬ح‪.‬ع يتبين أنه في حالة إخالل الغارس بالتزاماته املتمثلة بالشروع في الغرس‬
‫داخل األجل املتفق عليه أو سنة من تاريخ إبرام العقد‪ ،‬فالجزاء املترتب هو فسخ العقد بقوة القانون‪ ،‬وفي‬
‫حالة غرس أقل من ثلثي ما هو مذكور في العقد‪ ،‬فالغارس ال يمتلك الحصة املتفق عليها‪ ،‬وللمالك الخيار بين‬
‫االستمرار في العقد أو إنهائه مع االحتفاظ بحق الغارس بالتعويض إن كان له محل‪.‬‬

‫أم ´´ا بالنس ´´بة لج´ ´´زاء اإلخالل بالش ´´روط املتبقي ´´ة ‪،‬و أم ´´ام انع´ ´´دام الج´ ´´واب في ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬يجيب الفق ´´ه‬
‫املالكي بجعل العقد فاسدا‪ ،‬األمر الذي يطرح التساؤل حول أثر هذا الفساد على مصير عقد املغارسة‪.‬‬
‫حيث يجب التمي ´´يز بين م ´´ا إذا ت ´´بين الفس ´´اد قب ´´ل بل ´´وغ الشجر ح ´´د اإلطع ´´ام‪ ،‬يفسخ العق ´´د ويعام ´´ل‬
‫الغ ´´ارس معامل ´´ة األج ´´ير‪ ،‬أم´´ا إذا ت ´´بين الفس´´اد بع ´´د بل ´´وغ الشجر ح ´´د اإلطع ´´ام‪ ،‬تبقى املعامل ´´ة صحيحة تنتج‬
‫جميع آثارها‪.‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬انتقال امللكية و آثارها في عقد املغارسة‪.‬‬
‫بعد قي´ام عق´د املغارس´ة وف´ق الش´كل املح´دد قانون´ا فإن´ه ينتج آث´ارا‪ ،‬لع´ل أهمه´ا ه´و انتق´ال ملكي´ة م´ا تم االتف´اق علي´ه من‬
‫األرض و الشجر‪ ،‬و انتقال امللكية في عقد املغارسة مرتبط أساسا ببل´وغ الشجر ح´د اإلطع´ام ‪ ،‬فلتحق´ق ه´ذا األخ´ير يق´ع‬
‫على الغارس مجموعة من االلتزامات ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التزامات الغارس‪.‬‬

‫االلتزام بالحفاظ على األرض محل املغارس‬ ‫‪‬‬


‫يلتزم الغارس بمقتضى عقد املغارسة بالحف´´اظ على األرض مح´´ل املغارس´´ة‪ ،‬بحيث يتعين علي´´ه أن‬
‫يس´تعملها ب´دون إف´راط أو إس´اءة‪ ،‬و ي´دخل من قبي´ل املحافظ´ة على األرض اس´تعمالها فيم´ا أع´دت‬
‫له‬
‫بمقتضى العق ´´د‪ ،‬ك ´´ذا ف ´´إذا لم يقم الغ ´´ارس باملحافظ ´´ة على األرض و هلكت بسبب ذل ´´ك أو تعيبت‬
‫بسبب تعديه أو تقصيره‪ ،‬وجب عليه ضمانها لصاحبها‪.‬‬
‫لتحق ´´ق مس ´´ؤولية الغ ´´ارس يجب على مال ´´ك األرض بص ´´فته م ´´دعي إثب ´´ات وج ´´ود أض ´´رار حقيقي ´´ة‬
‫لحقت ب´´األرض بسبب إس´´اءة أو إهم´´ال الغ´´ارس و ذل´´ك في إط´´ار مب´´دأ البين´´ة على من ادعى‪ ،‬و علي´´ه‬
‫فالغارس ال يمكنه دف´ع ه´ذه املس´ؤولية إال إذا أثبت أن حص´ول الض´رر لألرض يرج´ع لق´وة ق´اهرة‬
‫أو سبب أجن´´بي ال ي ´´د ل ´´ه في´´ه‪ ،‬و أن ´´ه فع ´´ل م´´ا كان يجب فعل ´´ه ملن ´´ع وق ´´وع الض´´رر‪ ،‬حس´´ب القواع ´´د‬
‫العامة ألحكام املسؤولية في قانون االلتزامات و العقود‪.‬‬
‫التزام الغارس بالعمل الواجب عليه‬ ‫‪‬‬

‫إن الغ´´ارس مل´´زم ب´´التفرغ الكلي للمه´´ام املوكول´´ة إلي´´ه بمقتضى عق´´د املغارس´´ة‪ ،‬فالعم´´ل ال´´ذي يق´´وم ب´´ه‬
‫ه´´و مقاب´´ل ملا يحص´´ل علي´´ه من األرض و الشجر عن´´د تحق´´ق اإلطع´´ام‪ ،‬و ه´´ذا ه´´و م´´ا من ش´´أنه أن ي´´دفع‬
‫الغ´´ارس إلى الش´روع في التنفي´ذ ف´´ور إب´´رام العق´د و ذل´´ك بكام´ل الجدي´´ة و اإلقب´ال دون ته´´اون أو ت´´راخي‬
‫تضييعا للوقت‪.‬‬
‫و املش´ ´´رع املغ´ ´´ربي من خالل مدون´ ´´ة الحق´ ´´وق العيني´ ´´ة لم يش´ ´´ر إلى بعض االلتزام´ ´´ات ال´ ´´تي يتعين على‬
‫الغارس احترامها أثناء تنفيذ العقد‪ ،‬و إنما ترك ذلك التف´اق الط´رفين أو ملا يج´ري ب´ه العم´ل‪ ،‬و ه´و م´ا‬
‫أشار إليه الشيخ خليل بقوله و عمل العامل ما دخل عليه عرفا أو تسمية‪.‬‬
‫فضال عن ذلك يتعين على الغارس تنفيذ عمله و الشروع في الغرس داخل األجل املحدد باعتبار العق´´د‬
‫ش´´ريعة املتعاق´´دين‪ ،‬إال أن´´ه إذا لم ي´´رد في عق´´د املغارس´´ة تاريخ´´ا للش´´روع في الغ´´رس‪ ،‬تعين على الغ´´ارس‬
‫أن يش ´´رع في ذل ´´ك قب ´´ل انص ´´رام س ´´نة من ت ´´اريخ إب ´´رام العق ´´د‪ ،‬و إال فسخ العق ´´د بق ´´وة الق ´´انون حس ´´ب‬
‫املادة ‪ 269‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫و عليه فالغ´ارس إذا ق´ام بكل م´ا على عاتق´ه من التزام´ات‪ ،‬و هل´ك الشجر قب´ل بل´وغ ح´د اإلطع´ام فال ح´ق‬
‫له في التملك‪ ،‬بمعنى أنه إذا هلك الغرس بحرق أو آفة أو قوة قاهرة قبل بلوغه حد اإلطعام ف´´إن الغ´´ارس‬
‫ال يكون ل ´´ه شيء إال في ح ´´دود م ´´ا اتف ´´ق علي ´´ه أو بم ´´ا يقضي ب ´´ه الع ´´رف فيم ´´ا يتعل ´´ق بم ´´ا عمل ´´ه الغ ´´ارس في‬
‫األرض‪ ،‬أما إذا لم يتفقا و لم يقضي العرف بشيء فال حق للغارس في التملك‪.‬‬
‫أما إإلذا هلك الشجر بعد بلوغه حد اإلطعام‪ ،‬اعتبر الغارس وفي بالتزامه و استحق الحص´ة متف´ق عليه´ا في‬
‫األرض طبقا للمادة ‪ 271‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫بلوغ الشجر حد اإلطعام‬ ‫‪‬‬

‫س ´´بق و قلن ´´ا ب ´´أن عق ´´د املغارس ´´ة لكي ي ´´رتب حق ´´ا عيني ´´ا للغ ´´ارس على األرض‪ ،‬ف ´´إن ذل ´´ك مرتب ´´ط ببل ´´وغ‬
‫الشجر ح´ ´´د اإلطع´ ´´ام‪ ،‬بحيث إن املادة ‪ 272‬من م‪.‬ح‪.‬ع نص´ ´´ت على أن´ ´´ه " ال ي´ ´´رتب عق´ ´´د املغارس´ ´´ة حق´ ´´ا‬
‫عينيا إال إذا تحقق اإلطعام‪ ،‬و أشهد به الطرفان في مح´رر رس´مي أو ثبت بخ´برة قض´ائية مص´ادق عليه´ا‬
‫من املحكمة"‪.‬‬
‫و علي ´´ه فمن خالل مقتض ´´يات املادة أعاله يتبين بجالء أن عق ´´د املغارس ´´ة ال ي ´´رتب حق ´´ا عيني ´´ا إال إذا‬
‫تحققت الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬ال يرتب عقد املغارسة حقا عينيا للغارس إال إذا تحقق اإلطعام و اإلثمار‬
‫الشرط الثاني ‪ :‬أن يشهد الطرفان على تحقق اإلطعام و ذل´ك في مح´رر رس´مي أو بمقتضى خ´برة قض´ائية‬
‫مصادق عليها‪ ،‬و ذلك حتى يحتج به على الكافة‪.‬‬
‫إال أن ما يجب التنبيه إليه هو أنه إذا تعلق األم´ر باملغارس´ة ال´واردة على عق´ار محف´ظ فإن´ه باإلض´´افة إلى‬
‫شكلية الكتابة الرسمية‪ ،‬يتعين تقييد الحصة املش´ترطة في السجل العق´اري وفق´ا ملا ه´و منص´وص علي´ه في‬
‫الفص ´´لين ‪ 66‬و ‪ 67‬من ظه ´´ير التحفي ´´ظ العق ´´اري ‪ 1913‬املع ´´دل و املتمم بالق ´´انون‪ ، 14.07‬على أن كل ح ´´ق‬
‫عي ´´ني وارد على عق ´´ار محف ´´ظ يعت ´´بر غ ´´ير موج ´´ود تج ´´اه الغ ´´ير إال بتقيي ´´ده‪ ،‬أم ´´ا الفص ´´ل ‪ 67‬ق ´´د نص على أن‬
‫قاع´´دة األث´´ر املنشئ لح´´ق عي´´ني أو نقل´´ه إلى الغ´´ير أو تغي´´يره أو إس´´قاطه ال ينتج أث´´را و ل´´و بين املتعاق´´دين إال‬
‫من تاريخ التقييد في الرسم العقاري‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أنه يمكن أيضا للعامل قبل ذلك أن يطلب تقييدا احتياطي´ا ليحتف´ظ برتبت´ه ابت´داءا من‬
‫ذل´´ك التقيي´´د‪ ،‬ح´´تى إذا تم عمل´´ه و نجحت مغارس´´ته أمكن´´ه تقيي´´د حق´´ه ه´´ذا بص´´فة نهائي´´ة بمج´´رد أن يثبت‬
‫نجاح مغارسته بواسطة محرر رسمي أو تقرير خبير من طرف املحكم´ة‪ ،‬أو بحكم نه´ائي يقضي باس´تحقاق‬
‫الغارس للجزء املتفق عليه‪.‬‬

You might also like