Professional Documents
Culture Documents
بحث الدعوى
بحث الدعوى
تعد الجريمة ظاهرة اجتماعية عالمية ال يكاد يخلو منها أي مجتمع انساني ،وهي تتنوع من حيث
طبيعتها وأشكالها وأنواعها ،ومن حيث األساليب المستخدمة في ممارستها من مجتمع إلى آخر
ومن وقت إلى آخر ،تبعا لتنوع الظروف واألوضاع االقتصادية واالجتماعية والثقافية وغيرها،
ولذا فأول واجبات الدولة حماية المجتمع ضد األخطار التي تهدد وجوده وأمنه ،أو تعرض قيمه
ومؤسساته ومصالحه للخطر ،ويتولى قانون العقوبات هذه المهمة بتحديد الجرائم والعقوبات
المترتبة على ارتكابها ،ويأتي قانون اإلجراءات الجزائية ليحدد كيفية تطبيق هذا القانون من حيث
كيفية اثبات الجريمة واسنادها إلى مرتكبها وتوقيع العقوبة عليه ،وذلك من خالل محورين أساسين
كفالة أكبر قدر من الفعالية لإلجراء الجنائي وضمان حماية حقوق اإلنسان وحرياته.
أن تحريك الدعوى العمومية هو أول إجراء من إجراءاتها تقوم به النيابة العامة باعتبارها جهة
إدعاء ،إال أن القانون أورد على هذه القاعدة استثناء حيث أنه أشرك أطرافا أخرى مع النيابة
العامة في تحريك الدعوى العمومية وهذا طبقا لنص المادة 1من قانون اإلجراءات الجزائية.
ونظرا لالرتفاع الملحوظ في نسبة الجريمة أصبحت العدالة الجنائية عاجزة عن التصدي للجريمة
أمام هذا الوضع ظهرت خيارات جديدة لمعالجة أزمت العدالة الجنائية.
اعتماد وسائل جديدة لحل النزاعات خارج اإلطار التقليدي للمحاكمة وإجراءاتها تفاديا لتعقيدات
القضاء وكثرة شكلياته ،وهو ما اتجه إليه المشرع الجزائري من خالل تعديله لقانون اإلجراءات
الجزائية وفقا لألمر رقم 02-15المؤرخ في 23جويلية 2015المعدل والمتمم والذي تبنى فيه
المشرع هذه األنظمة تدعيما لبرنامج إصالح العدالة .
واشكالية الموضوع
يطرح موضوع بحثنا اإلشكالية التالية:
ما المقصود بالدعوى العمومية في القانون الجزائري؟
وتندرج تحت هذه االشكالية األسئلة الفرعية التالية؟
-ما مدى سلطة النيابة العامة في التصرف في الدعوى العمومية؟ وهل هذه السلطة
مطلقة أو ترد عليها استثناءات وقيود
هل اآلليات المستحدثة في ظل التعديالت الجديدة ستحقق األهداف التي عجزت
عنها العدالة التقليدية.
وعليه قسمنا بحثنا إلى مبحثين االول مفهوم الدعوى العمومية والتي تجمل بشكل عام في تعريف
الدعوى وخصائصها وإجراءاتها وإلى أطرافها وأصحاب الحق في تحريكها.
أما المبحث الثاني :سنتعرض فيه إلى مراحل تحويل الدعوى و القيود النيابة العامة في تحريكها.
وأخيرا ننهي بحثنا بخاتمة تتضمن أهم النتائج المتوصل إليها من خالل بحثنا المتواضع.
الخاتمة
كخالصة لبحثنا یمكن القول أنه ینشأ عن كل جریمة سواءا كانت جنایة أو جنحة أو مخالفة دعوى
جنائیة تسمى بالدعوى العمومیة غایتها توقیع العقوبة ضد مرتكب الجریمة سواءا ارتكبت في حق
المجتمع الذي أخل بنظامه وأمنه واستق ارره ،أو في حق المجني علیه الذي تعرض لالعتداء على
حیاته أو سالمته ،ولهذه الدعوى خصائص تمیزها من غیرها فمنها العمومیة أي ذات طابع عام
وهي ملك للمجتمع هدفها تطبیق العقوبات على مرتكب الجریمة ومهنا المالئمة فالنیابة العامة
سلطة بین مباشرة الدعوى أو حفظ األوارق ،ومنها التلقائیة فالنیابة العامة مباشرة الدعوى تلقائیا
ما لم تكن الجریمة من الج ارئم التي یشترط فیها المشرع الشكوى الطلب واإلذن.
وكما تجدر اإلشارة أیضا أن للنیابة العامة الحریة الكاملة في تحریك الدعوى
العمومیة ،ولكن هذه الحریة لیست مطلقة على الدوام ،فهناك بعض الج ارئم قید فیها المشرع
سلطة النیابة العامة في تحریك هذه الدعوى وذلك العتبا ارت معینة فعلق تحریكها على ثالثة قیود
وهي :الشكوى ،الطلب واإلذن ،فتعد هذه القیود بمثابة عقبة إج ارئیة حقیقیة تعترض
سبیل النیابة العامة في إجراء المتابعة فضال عن ما یترتب عنها من آثار تصل لدرجة عدمل
معاقبة الجاني والنیل منه.
غیر أن المشرع الج ازئري في ظل التعدیل الجدید أدرج قیدا جدیدا لسلطة النیابة العامة ،حیث ال
یمكنها تحریك الدعوى العمومیة ضد مسیري المؤسسات العمومیة االقتصادیة التي تملك الدولة
على أرسمالها أو ذات الرأسمال المختلط إال بناءا على شكوى
مسبقة من الهیئات االجتماعیة للمؤسسة المنصوص علیها في التشریع الساري المفعول.
نستنتج أن الدعوى العمومیة هي حق اللجوء إلى السلطة القضائیة الستیفاء الحق -
بواسطتها ،فغرضها الوصول إلى تطبیق صحیح للقانون.
تبین لنا أن النیابة العامة هي المختصة بتحریك الدعوى العمومیة واستعمالها حول أي -
جریمة یصل إلیها نبأ وقوعه.
أن هناك قیود تغل ید النیابة العامة في تحریك الدعوى العمومیة وأنها ستسترجع حریتها -
بعد رفع هذه القیود.
وكما یعترف المشرع ایضا ان العقاب الج ازئي لیس دائما الحل األمثل لتحقیق العدالة -
واالنصاف ،فالوساطة الجزائیة صورة جدیدة للعدالة وتساندها في مكافحة الجریمة. -
وتسند إلى فكرة فلسفیة بسیطة« :أنه ال یوجد شخصان ال یتفهمان بل یوجد شخصین ال -
یتناقشان».
أما بالنسبة النقضاء الدعوى العمومیة التي تتمثل في استحالة دخولها في حوزة القضاء -
المختص بنظرها او استحالة استم اررها في حوزته ،فتنقضي بأسباب منها ماهو خاص ببعض
الج ارئم ومنها ما هو عام.
المبحث االول :مفهوم الدعوى العمومية
تعتبر الدعوى العمومیة بصفة عامة في القانون الوسیلة القانونیة التي تمكن من اللجوء إلى السلطة
القضائیة إلستیفاء الحقوق ,وهذا عند إحداث ضرر ما .إذا كان الضرر عاما فهنا نكون بصدد دعوى
عمومیة التي تهدف بصفة عامة إلى حمایة المجتمع وذلك بتوقیع الجزاء القانوني.
المطلب االول :تعريف الدعوى العمومية وخصائصها
الفرع االول :تعريف الدعوى العمومية
تعد الدعوى العمومیة من أهم المواضیع التي خاض فیها العدید من رجال القانون والفقه ولم یتمكن
أحد من وضع تعریف دقیق وشامل لها ،وهذا ناتج أساسا من إقتراب مفهومها من عدة مفاهیم
قانونیة متشابهة ،ولعدم وضع التشریعات لتعریف خاص بها ،وكذا الرتباطها بالوسائل
واإلجراءات المتبعة أمام مرفق القضاء ،أو بتعبير آخر نظرا لتأرجحها بين المفهوم المجرد للحق
في الدعوى بین حق ممارستها أمام القضاء.
-1التعریف الفقهي:
عرف الفقه الجنائي الدعوى العمومیة بأنها « :مجموعة من اإلجراءات تمارسها النیابة العامة باسم
المجتمع أمام القضاء المختص إلثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى مرتكبها والتي تنتهي بصدور
حكم فاصل في الموضوع یقضي بالجزاء المنصوص علیه قانونا».
وطبقا لنص المادة 29من قانون اإلجراءات الجزائية التي تنص على « :تباشر النیابة العامة
الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطالب بتطبیق القانون » .....
بمعنى أنها ذلك الطلب الموجه من الدولة ممثلة في جهاز النیابة العامة إلى المحكمة بغرض توقیع
العقاب على المتهم الذي ارتكب جریمة في حق المجتمع.
-2التعریف التشریعي:
عرف المشرع الفرنسي والمشرع المصري الدعوى العمومیة على أنها « :وسیلة الدولة في
إقتضاء حق المجتمع في العقاب بواسطة القضاء ،عن طریق جهاز اإلتهام للتحقیق في إرتكاب
الجریمة وتقریر مسؤولیة مرتكبها وإنزال العقاب أو التدبیر االحترازي به» .
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فانه لم یورد تعریفا للدعوى العمومیة متأثر في ذلك برأي المشرع
الفرنسي ,الذي یرى أن نظریة الدعوى ال تحتمل التنظیم التشریعي و إ نما محلهافيٕ الفقه و لیس
في التشریع.
إضافة إلى التعریفین الفقهي والتشریعي عرفت أیضا الدعوى العمومیة كما یلي:
-الدعوى العمومیة«:هي طلب ناشئ عن الجریمة وموجه إلى السلطات القضائية,
إلقرار حق الدولة في العقاب».
وأیضا هي«:المطالبة بتوقیع الجزاء عن جریمة وقعت تباشرها النیابة العامة ممثلة للجماعة ,أو هي
المطالبة بالحق العام أمام القضاء الجنائي»
الفرع الثاني :خصائص الدعوى العمومية
تتمیز الدعوى العمومیة بعدة خصائص تختلف باختالف األنظمة اإلجرائیة التي
یتبناها كل مشرع ،ذلك أن بعض التشریعات یغلب علیها الطابع االتهامي ،فیكون فیها الضحیة هو
المسیطر على الدعوى في أغلب م ارحلها ،بینما النظام اإلجرائي الجزائري یغلب عليه الطابع
التنقيبي في الدعوى العمومیة.
ومنه نستخلص أن خصائص الدعوى العمومیة في التشریع اإلجرائي الجزائري تكون على النحو
التالي:
-1خاصیة العمومیة:
وتعنى هذه الخاصیة أن الدعوى العمومیة لها طبیعة عامة ،ذلك ألنها ملك للمجتمع تباشرها عنه
النیابة العامة ،وبمعنى لما كان المجتمع ككل ال یمكنه التدخل من أجل تحریك الدعوى العمومیة
وتمثیله أمام القضاء ،ارتأى أن تتم تفویض هذا األمر إلى النیابة العامة باعتبارها ممثلة لهذا
األخیر ،ینوب عنه في اقتضاء الحق ومواصلة إجراءات المتابعة بغرض توقیع العقاب وهو ما
نصت علیه المادة 29من قانون االجراءات الجزائية الجزائري« :تباشر النیابة العامة الدعوى
العمومیة باسم المجتمع وتطالب بتطبیق القانون »
-2خاصیة المالئمة:
تتمتع النیابة العامة بسلطة المالئمة التي تقتضي بأنها حرة في متابعة المتهم وتوجیه االتهام إلیه من
عدمه ،وهو ما نصت علیه المادة 36من قانون اإلجرءات الجزائية« :یقوم وكیل الجمهوریة بما
یأتي ...تلقى المحاضر والشكاوى والبالغات ویقرر ما یتخذه بشأنها ویخطر الجهات القضائیة
المختصة بالتحقیق أو المحاكمة للنظر فیها أو یأمر بحفظها بمقرر یكون قابال دائما للمرجعة یعلم به
الشاكي و/أو الضحیة »
یستخلص من هذا النص أن النیابة العامة تتمتع بصالحیة المالئمة في اختیار
اإلجراء المناسب ،بما فیها اإلجراء عدم المتابعة بإصدار أمر بحفظ األو ارق ومراجعتها متى رأى
ضرورة لذلك.
هذه السلطة في المالئمة بین تحریك الدعوى العمومیة وبین عدم تحریكها بحفظ
أو ارقها مرهونة بعدم قیام النیابة العامة بأول إجراء في الدعوى وهو تحریكها أو رفعها أمام
القضاء الجزائي تحقیقا أو حكما ،ألن المبادرة بتحریكها یفقد النیابة سلطتها في المالئمة ،فال
تستطیع بعده سحب الدعوى أو تركها من تلقاء نفسها أو باالتفاق مع المتهم أو التنازل مثال عن
الطعن بعد رفعه ،ألن االختصاص بالبت فیها یصبح لجهة التحقیق أو الحكم بحسب األحوال ،فإذا
ما استجدت ظروف تدعو النیابة العامة لتغییر موقفها كظهور متهمین آخرین فاعلین أو شركاء.
أو أن تكون قد طلبت اإلدانة فیتبین لها من مجریات التحقیق براءة المتهم،
فیحق النیابة تقدیم طلبات جدیدة إضافیة تطلب فیها تبرئة المتهم مثال.
-3خاصیة التلقائیة:
تتمیز الدعوى العمومیة بتلقائیتها ،أي أن النیابة العامةوإ كماال لفكرة المالئمة یحق لها وبغض
النظر عن موقف المجنى علیه أن تقوم بتحریك الدعوى العمومیة ،واتخاذ اإلجراءات التي تراها
مناسبة لمجرد وصول خبر ارتكاب الجریمة متى رأت ضرورة لذلك وما لم یكن القانون قد قیدها
بوجوب حصولها على شكوى من المجنى علیه أو إذن من هیئة أو طلب من جهة معینة ،سواء
وصلها بالغ بالجریمة أم ال ،ألن الجریمة بطبیعتها تتضمن وقائع تمس بالنظام العام.
فعلى سبیل المثال جاء نص المادة 36من قانون اإلج ارءات الج ازئیة على أنه:
«یقوم وكیل الجمهوریة بما یأتي:
-إدارة نشاط ضباط وأعوان الشرطة القضائیة في دائرة إختصاص المحكمة وله
جمیع السلطات والصالحیات المرتبطة بصفة ضباط الشرطة القضائیة,
-مراقبة تدابیر التوقیف للنظر,
-زیارة أماكن التوقیف للنظر مرة واحدة على األقل كل ثالثة( )3أشهر,وكلمارأى
ذلك ضروریا,
-مباشرة أو األمر باتخاذ جمیع اإلجراءات الالزمة للبحث والتحري عن الجرائم
المتعلقة بالقانون الجزائي,
-تلقي المحاضر والشكاوي والبالغات ویقرر ما یتخذه بشأنها ویخطر الجهات
القضائیة المختصة بالتحقیق أو المحاكمة للنظر فیها أو یأمر بحفضها بمقرر
یكون قابال دائما للمراجعة ویعلم به الشاكي و /أو الضحیة إذا كان معروفا في
أقرب اآلجال,
-إبداء ما يراه الزما من طلبات أمام الجهات القضائیة المذكورة أعاله,
-الطعن عند االقتضاء في القرارات التي تصدرها بكافة طرق الطعن القانونیة,
-العمل على تنفیذ القرارات التحقیق وجهات الحكم».
-4خاصیة عدم القابلیة للتنازل عن الدعوى:
تتمیز الدعوى العمومیة بعدم قابلیتها للتنازل أو الترك أو السحب من طرف النیابة العامة بعد
إقامتها بتحریكها أو رفعها ،فال یجوز قانونا للنیابة التنازل عن الدعوى العمومیةأو ترك الخصومة
أمام القضاء الجنائي .وال یجوز لها التنازل عن القیام بأي إجراء من
إجراءات ،ألن الدعوى العمومیة على الرغم من سلطة المالئمة التي تتمتع بها النیابة العامة إذا
حركتها أمام قاضي التحقیق أو رفعتها أمام قضاء الحكم بحسب األحوال تصبح من اختصاص تلك
الجهات المختصة ،فال تملك النیابة إال أن تقدم طلبات لتلك الجهات للنظر فیها طبقا للمادة 2 1/69،
من قانون اإلجراءات الجزائية ،أو أن تطعن في عدم بث قاضي التحقیق في طلباتها لدى غرفة
االتهام.
فتنص الفقرة األخیرة من المادة 69من قانون اإلجراءات الجزائية على« :إ ذا لم یبت قاضي
التحقیق في الطلب خالل األجل المذكورة ,یجوز للطرف المعني أو محامیه أن یرفع طلبه خالل (
)10أیام ,مباشرة إلى غرفة اإلتهام التي تبت فیه خالل ثالثین( )30یوما تسري من تاریخ
إخطارها .و یكونقرارهاغیر قابل ألي طعن».
-1تعریف المتهم:
المتهم هو كل شخص تدعى النیابة العامة أو المدعى المدني بوجود دالئل تشیر إلى نسبة الجریمة
إلیه باعتباره فاعال أصلیا أو شریكا فیها أو محرضا علیها ،وتتم مواجهته أمام القضاء للفصل في
مدى مسؤولیته والحكم علیه بالب ارءة أو اإلدانة.
-2المركز القانوني للمتهم:
لقد أصبح المتهم في التشریعات الحدیثة أحد طرفي الدعوى العمومیة إلى جانب
النیابة العامة ،بعدما أن كان یعتبر طرفا سلبیا في التشریعات القدیمة.
فاعتمدت التشریعات الحدیثة على مبدأ شخصیة العقوبة ،بمعنى أن المتهم ال یسأل عن الجریمة إال
إذا كان هو مرتكبها أو ساهم فیها شخصیا ،فشخصیة العقوبة نتیجة حتمیة لشخصیة الدعوى ،إذ ال
تتخذ إجراءات المتابعة الجزائية إال في مواجهة الشخص الذي نسبت إلیه الجریمة.
فالمتهم في نظر التشریعات المعاصرة له حقوق یستمدها من القانون مباشرة ،ویقابل االعتراف
بهذه الحقوق تقیید سلطة الدولة إ زاءه ،فلم تعد سلطتها علیه مطلقة ولیس لها أن تتخذ ضد المتهم
من أسالیب القهر إال ما یرخص به القانون ،ومؤدي ذلك إن ما لم یسمح به القانون لها فهو محضور
علیها ،فالمركز القانوني للمتهم یستمد من "قرینة البراءة" التي ال یدمها إال حكم اإلدانة البات ،ومن
ثم یجب معاملته طوال سیر اإلجراءات على أنه شخص بريء.
-3الشروط الواجب توافرها في المتهم:
أوال :أن یكون المتهم إنسانا حیا.
باعتبار أن اإلنسان هو الكائن البشري الحي الذي یتمتع اإل اردة واإلد ارك وحریة
االختیار فهو الذي یصدر عنه النشاط اإل اردي اإلج ارمي فیتحمل المسؤولیة عن أفعاله اإلجرامية.
كما أنه الكائن الوحید الذي تتوافر فیه صالحیة تحقیق موضوع الدعوى العمومية،
فالطابع الشخصي للدعوى العمومیة یحول دون مباشرتها على ورثة المتهم المتوفي ،كما ال یجوز
أیضا إقامتها ضد المسؤول المدني ،فشخصیة العقوبة والتدبیر االحترازي سیتتبع بالضرورة
شخصیة الدعوى العمومیة.
ثانیا :أن یكون المتهم مسؤوال جنائیا.
الشخص ال تثبت له صفة المتهم إال بتحریك الدعوى العمومیة في مواجهته الرتكاب جریمة ما
ومعاقبته علیها ،سواء بوصفه فاعال أصلیا أم شریكا فیها.
فمرتكب الجریمة ال یسأل جنائیا وال تقام علیه الدعوى العمومیة إذا كان قد خضع
لمانع من موانع المسؤولیة مهما كانت درجة مسؤولیة في الجریمة ،وكل شخص توافر لدیه مانع
من موانع المسؤولیة الجنائیة ال یكتسب صفة المتهم.
وحاالت امتناع المسؤولیة الجنائیة في التشریع الجزائري هي الجنون واإلكراه وصغر السن ،وقد
نصت المادة 47من قانون العقوبات بأنه« :ال عقوبة على كل من كان في حالة جنون وقت ارتكاب
الجریمة».
كما نصت المادة 48من قانون العقوبات بأنه« :ال عقوبة على من اضطرته إلى
ارتكاب الجریمة قوة ال قبل له بدفعها».
وكذلك نصت المادة 49من قانون رقم 14-01المؤرخ في 04فبراير 2014المعدل
والمتمم لقانون اإلج ارءات الج ازئیة أنه« :ال یكون محال للمتابعة الجزائیة القاصر الذي لم یكمل (
)10عشرة سنوات».
ثالثا :أن یكون المتهم معینا.
بما أن مبدأ شخصیة الدعوى العمومیة هو نتیجة لمبدأ شخصیة العقوبة فإنه یجب أن یكون المتهم
الذي نسب إلیه الفعل اإلجرامي معینا ومحددا ،لكن هذه النتیجة لیست مطلقة في كل مراحل الدعوى
العمومیة إذ تختلف من مرحلتي االتهام والتحقیق االبتدائي إلى مرحلة المحاكمة.