Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫المقدمة‬

‫تعد الجريمة ظاهرة اجتماعية عالمية ال يكاد يخلو منها أي مجتمع انساني‪ ،‬وهي تتنوع من حيث‬
‫طبيعتها وأشكالها وأنواعها ‪ ،‬ومن حيث األساليب المستخدمة في ممارستها من مجتمع إلى آخر‬
‫ومن وقت إلى آخر‪ ،‬تبعا لتنوع الظروف واألوضاع االقتصادية واالجتماعية والثقافية وغيرها‪،‬‬
‫ولذا فأول واجبات الدولة حماية المجتمع ضد األخطار التي تهدد وجوده وأمنه‪ ،‬أو تعرض قيمه‬
‫ومؤسساته ومصالحه للخطر‪ ،‬ويتولى قانون العقوبات هذه المهمة بتحديد الجرائم والعقوبات‬
‫المترتبة على ارتكابها‪ ،‬ويأتي قانون اإلجراءات الجزائية ليحدد كيفية تطبيق هذا القانون من حيث‬
‫كيفية اثبات الجريمة واسنادها إلى مرتكبها وتوقيع العقوبة عليه‪ ،‬وذلك من خالل محورين أساسين‬
‫كفالة أكبر قدر من الفعالية لإلجراء الجنائي وضمان حماية حقوق اإلنسان وحرياته‪.‬‬
‫أن تحريك الدعوى العمومية هو أول إجراء من إجراءاتها تقوم به النيابة العامة باعتبارها جهة‬
‫إدعاء‪ ،‬إال أن القانون أورد على هذه القاعدة استثناء حيث أنه أشرك أطرافا أخرى مع النيابة‬
‫العامة في تحريك الدعوى العمومية وهذا طبقا لنص المادة ‪ 1‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫ونظرا لالرتفاع الملحوظ في نسبة الجريمة أصبحت العدالة الجنائية عاجزة عن التصدي للجريمة‬
‫أمام هذا الوضع ظهرت خيارات جديدة لمعالجة أزمت العدالة الجنائية‪.‬‬
‫اعتماد وسائل جديدة لحل النزاعات خارج اإلطار التقليدي للمحاكمة وإجراءاتها تفاديا لتعقيدات‬
‫القضاء وكثرة شكلياته‪ ،‬وهو ما اتجه إليه المشرع الجزائري من خالل تعديله لقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية وفقا لألمر رقم ‪ 02-15‬المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ 2015‬المعدل والمتمم والذي تبنى فيه‬
‫المشرع هذه األنظمة تدعيما لبرنامج إصالح العدالة ‪.‬‬

‫واشكالية الموضوع‬
‫يطرح موضوع بحثنا اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫ما المقصود بالدعوى العمومية في القانون الجزائري؟‬
‫وتندرج تحت هذه االشكالية األسئلة الفرعية التالية؟‬
‫‪ -‬ما مدى سلطة النيابة العامة في التصرف في الدعوى العمومية؟ وهل هذه السلطة‬
‫مطلقة أو ترد عليها استثناءات وقيود‬
‫هل اآلليات المستحدثة في ظل التعديالت الجديدة ستحقق األهداف التي عجزت‬
‫عنها العدالة التقليدية‪.‬‬
‫وعليه قسمنا بحثنا إلى مبحثين االول مفهوم الدعوى العمومية والتي تجمل بشكل عام في تعريف‬
‫الدعوى وخصائصها وإجراءاتها وإلى أطرافها وأصحاب الحق في تحريكها‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني ‪ :‬سنتعرض فيه إلى مراحل تحويل الدعوى و القيود النيابة العامة في تحريكها‪.‬‬
‫وأخيرا ننهي بحثنا بخاتمة تتضمن أهم النتائج المتوصل إليها من خالل بحثنا المتواضع‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫كخالصة لبحثنا یمكن القول أنه ینشأ عن كل جریمة سواءا كانت جنایة أو جنحة أو مخالفة دعوى‬
‫جنائیة تسمى بالدعوى العمومیة غایتها توقیع العقوبة ضد مرتكب الجریمة سواءا ارتكبت في حق‬
‫المجتمع الذي أخل بنظامه وأمنه واستق ارره‪ ،‬أو في حق المجني علیه الذي تعرض لالعتداء على‬
‫حیاته أو سالمته‪ ،‬ولهذه الدعوى خصائص تمیزها من غیرها فمنها العمومیة أي ذات طابع عام‬
‫وهي ملك للمجتمع هدفها تطبیق العقوبات على مرتكب الجریمة ومهنا المالئمة فالنیابة العامة‬
‫سلطة بین مباشرة الدعوى أو حفظ األوارق‪ ،‬ومنها التلقائیة فالنیابة العامة مباشرة الدعوى تلقائیا‬
‫ما لم تكن الجریمة من الج ارئم التي یشترط فیها المشرع الشكوى الطلب واإلذن‪.‬‬
‫وكما تجدر اإلشارة أیضا أن للنیابة العامة الحریة الكاملة في تحریك الدعوى‬
‫العمومیة‪ ،‬ولكن هذه الحریة لیست مطلقة على الدوام‪ ،‬فهناك بعض الج ارئم قید فیها المشرع‬
‫سلطة النیابة العامة في تحریك هذه الدعوى وذلك العتبا ارت معینة فعلق تحریكها على ثالثة قیود‬
‫وهي‪ :‬الشكوى‪ ،‬الطلب واإلذن‪ ،‬فتعد هذه القیود بمثابة عقبة إج ارئیة حقیقیة تعترض‬
‫سبیل النیابة العامة في إجراء المتابعة فضال عن ما یترتب عنها من آثار تصل لدرجة عدمل‬
‫معاقبة الجاني والنیل منه‪.‬‬
‫غیر أن المشرع الج ازئري في ظل التعدیل الجدید أدرج قیدا جدیدا لسلطة النیابة العامة‪ ،‬حیث ال‬
‫یمكنها تحریك الدعوى العمومیة ضد مسیري المؤسسات العمومیة االقتصادیة التي تملك الدولة‬
‫على أرسمالها أو ذات الرأسمال المختلط إال بناءا على شكوى‬
‫مسبقة من الهیئات االجتماعیة للمؤسسة المنصوص علیها في التشریع الساري المفعول‪.‬‬
‫نستنتج أن الدعوى العمومیة هي حق اللجوء إلى السلطة القضائیة الستیفاء الحق‬ ‫‪-‬‬
‫بواسطتها‪ ،‬فغرضها الوصول إلى تطبیق صحیح للقانون‪.‬‬
‫تبین لنا أن النیابة العامة هي المختصة بتحریك الدعوى العمومیة واستعمالها حول أي‬ ‫‪-‬‬
‫جریمة یصل إلیها نبأ وقوعه‪.‬‬
‫أن هناك قیود تغل ید النیابة العامة في تحریك الدعوى العمومیة وأنها ستسترجع حریتها‬ ‫‪-‬‬
‫بعد رفع هذه القیود‪.‬‬
‫وكما یعترف المشرع ایضا ان العقاب الج ازئي لیس دائما الحل األمثل لتحقیق العدالة‬ ‫‪-‬‬
‫واالنصاف‪ ،‬فالوساطة الجزائیة صورة جدیدة للعدالة وتساندها في مكافحة الجریمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتسند إلى فكرة فلسفیة بسیطة‪« :‬أنه ال یوجد شخصان ال یتفهمان بل یوجد شخصین ال‬ ‫‪-‬‬
‫یتناقشان»‪.‬‬
‫أما بالنسبة النقضاء الدعوى العمومیة التي تتمثل في استحالة دخولها في حوزة القضاء‬ ‫‪-‬‬
‫المختص بنظرها او استحالة استم اررها في حوزته‪ ،‬فتنقضي بأسباب منها ماهو خاص ببعض‬
‫الج ارئم ومنها ما هو عام‪.‬‬
‫المبحث االول ‪ :‬مفهوم الدعوى العمومية‬
‫تعتبر الدعوى العمومیة بصفة عامة في القانون الوسیلة القانونیة التي تمكن من اللجوء إلى السلطة‬
‫القضائیة إلستیفاء الحقوق‪ ,‬وهذا عند إحداث ضرر ما‪ .‬إذا كان الضرر عاما فهنا نكون بصدد دعوى‬
‫عمومیة التي تهدف بصفة عامة إلى حمایة المجتمع وذلك بتوقیع الجزاء القانوني‪.‬‬
‫المطلب االول‪ :‬تعريف الدعوى العمومية وخصائصها‬
‫الفرع االول ‪ :‬تعريف الدعوى العمومية‬
‫تعد الدعوى العمومیة من أهم المواضیع التي خاض فیها العدید من رجال القانون والفقه ولم یتمكن‬
‫أحد من وضع تعریف دقیق وشامل لها‪ ،‬وهذا ناتج أساسا من إقتراب مفهومها من عدة مفاهیم‬
‫قانونیة متشابهة‪ ،‬ولعدم وضع التشریعات لتعریف خاص بها‪ ،‬وكذا الرتباطها بالوسائل‬
‫واإلجراءات المتبعة أمام مرفق القضاء‪ ،‬أو بتعبير آخر نظرا لتأرجحها بين المفهوم المجرد للحق‬
‫في الدعوى بین حق ممارستها أمام القضاء‪.‬‬
‫‪ -1‬التعریف الفقهي‪:‬‬
‫عرف الفقه الجنائي الدعوى العمومیة بأنها «‪ :‬مجموعة من اإلجراءات تمارسها النیابة العامة باسم‬
‫المجتمع أمام القضاء المختص إلثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى مرتكبها والتي تنتهي بصدور‬
‫حكم فاصل في الموضوع یقضي بالجزاء المنصوص علیه قانونا»‪.‬‬
‫وطبقا لنص المادة ‪ 29‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي تنص على «‪ :‬تباشر النیابة العامة‬
‫الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطالب بتطبیق القانون ‪» .....‬‬
‫بمعنى أنها ذلك الطلب الموجه من الدولة ممثلة في جهاز النیابة العامة إلى المحكمة بغرض توقیع‬
‫العقاب على المتهم الذي ارتكب جریمة في حق المجتمع‪.‬‬
‫‪-2‬التعریف التشریعي‪:‬‬
‫عرف المشرع الفرنسي والمشرع المصري الدعوى العمومیة على أنها «‪ :‬وسیلة الدولة في‬
‫إقتضاء حق المجتمع في العقاب بواسطة القضاء‪ ،‬عن طریق جهاز اإلتهام للتحقیق في إرتكاب‬
‫الجریمة وتقریر مسؤولیة مرتكبها وإنزال العقاب أو التدبیر االحترازي به» ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري فانه لم یورد تعریفا للدعوى العمومیة متأثر في ذلك برأي المشرع‬
‫الفرنسي‪ ,‬الذي یرى أن نظریة الدعوى ال تحتمل التنظیم التشریعي و إ نما محلهافيٕ الفقه و لیس‬
‫في التشریع‪.‬‬
‫إضافة إلى التعریفین الفقهي والتشریعي عرفت أیضا الدعوى العمومیة كما یلي‪:‬‬
‫‪ -‬الدعوى العمومیة‪«:‬هي طلب ناشئ عن الجریمة وموجه إلى السلطات القضائية‪,‬‬
‫إلقرار حق الدولة في العقاب»‪.‬‬
‫وأیضا هي‪«:‬المطالبة بتوقیع الجزاء عن جریمة وقعت تباشرها النیابة العامة ممثلة للجماعة‪ ,‬أو هي‬
‫المطالبة بالحق العام أمام القضاء الجنائي»‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص الدعوى العمومية‬
‫تتمیز الدعوى العمومیة بعدة خصائص تختلف باختالف األنظمة اإلجرائیة التي‬
‫یتبناها كل مشرع‪ ،‬ذلك أن بعض التشریعات یغلب علیها الطابع االتهامي‪ ،‬فیكون فیها الضحیة هو‬
‫المسیطر على الدعوى في أغلب م ارحلها‪ ،‬بینما النظام اإلجرائي الجزائري یغلب عليه الطابع‬
‫التنقيبي في الدعوى العمومیة‪.‬‬
‫ومنه نستخلص أن خصائص الدعوى العمومیة في التشریع اإلجرائي الجزائري تكون على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬خاصیة العمومیة‪:‬‬
‫وتعنى هذه الخاصیة أن الدعوى العمومیة لها طبیعة عامة‪ ،‬ذلك ألنها ملك للمجتمع تباشرها عنه‬
‫النیابة العامة‪ ،‬وبمعنى لما كان المجتمع ككل ال یمكنه التدخل من أجل تحریك الدعوى العمومیة‬
‫وتمثیله أمام القضاء‪ ،‬ارتأى أن تتم تفویض هذا األمر إلى النیابة العامة باعتبارها ممثلة لهذا‬
‫األخیر‪ ،‬ینوب عنه في اقتضاء الحق ومواصلة إجراءات المتابعة بغرض توقیع العقاب وهو ما‬
‫نصت علیه المادة ‪ 29‬من قانون االجراءات الجزائية الجزائري‪« :‬تباشر النیابة العامة الدعوى‬
‫العمومیة باسم المجتمع وتطالب بتطبیق القانون »‬

‫‪ -2‬خاصیة المالئمة‪:‬‬
‫تتمتع النیابة العامة بسلطة المالئمة التي تقتضي بأنها حرة في متابعة المتهم وتوجیه االتهام إلیه من‬
‫عدمه‪ ،‬وهو ما نصت علیه المادة ‪ 36‬من قانون اإلجرءات الجزائية‪« :‬یقوم وكیل الجمهوریة بما‬
‫یأتي‪ ...‬تلقى المحاضر والشكاوى والبالغات ویقرر ما یتخذه بشأنها ویخطر الجهات القضائیة‬
‫المختصة بالتحقیق أو المحاكمة للنظر فیها أو یأمر بحفظها بمقرر یكون قابال دائما للمرجعة یعلم به‬
‫الشاكي و‪/‬أو الضحیة »‬
‫یستخلص من هذا النص أن النیابة العامة تتمتع بصالحیة المالئمة في اختیار‬
‫اإلجراء المناسب‪ ،‬بما فیها اإلجراء عدم المتابعة بإصدار أمر بحفظ األو ارق ومراجعتها متى رأى‬
‫ضرورة لذلك‪.‬‬
‫هذه السلطة في المالئمة بین تحریك الدعوى العمومیة وبین عدم تحریكها بحفظ‬
‫أو ارقها مرهونة بعدم قیام النیابة العامة بأول إجراء في الدعوى وهو تحریكها أو رفعها أمام‬
‫القضاء الجزائي تحقیقا أو حكما‪ ،‬ألن المبادرة بتحریكها یفقد النیابة سلطتها في المالئمة‪ ،‬فال‬
‫تستطیع بعده سحب الدعوى أو تركها من تلقاء نفسها أو باالتفاق مع المتهم أو التنازل مثال عن‬
‫الطعن بعد رفعه‪ ،‬ألن االختصاص بالبت فیها یصبح لجهة التحقیق أو الحكم بحسب األحوال‪ ،‬فإذا‬
‫ما استجدت ظروف تدعو النیابة العامة لتغییر موقفها كظهور متهمین آخرین فاعلین أو شركاء‪.‬‬
‫أو أن تكون قد طلبت اإلدانة فیتبین لها من مجریات التحقیق براءة المتهم‪،‬‬
‫فیحق النیابة تقدیم طلبات جدیدة إضافیة تطلب فیها تبرئة المتهم مثال‪.‬‬
‫‪ -3‬خاصیة التلقائیة‪:‬‬
‫تتمیز الدعوى العمومیة بتلقائیتها‪ ،‬أي أن النیابة العامةوإ كماال لفكرة المالئمة یحق لها وبغض‬
‫النظر عن موقف المجنى علیه أن تقوم بتحریك الدعوى العمومیة‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات التي تراها‬
‫مناسبة لمجرد وصول خبر ارتكاب الجریمة متى رأت ضرورة لذلك وما لم یكن القانون قد قیدها‬
‫بوجوب حصولها على شكوى من المجنى علیه أو إذن من هیئة أو طلب من جهة معینة‪ ،‬سواء‬
‫وصلها بالغ بالجریمة أم ال‪ ،‬ألن الجریمة بطبیعتها تتضمن وقائع تمس بالنظام العام‪.‬‬
‫فعلى سبیل المثال جاء نص المادة ‪ 36‬من قانون اإلج ارءات الج ازئیة على أنه‪:‬‬
‫«یقوم وكیل الجمهوریة بما یأتي‪:‬‬
‫‪ -‬إدارة نشاط ضباط وأعوان الشرطة القضائیة في دائرة إختصاص المحكمة وله‬
‫جمیع السلطات والصالحیات المرتبطة بصفة ضباط الشرطة القضائیة‪,‬‬
‫‪ -‬مراقبة تدابیر التوقیف للنظر‪,‬‬
‫‪ -‬زیارة أماكن التوقیف للنظر مرة واحدة على األقل كل ثالثة(‪ )3‬أشهر‪,‬وكلمارأى‬
‫ذلك ضروریا‪,‬‬
‫‪ -‬مباشرة أو األمر باتخاذ جمیع اإلجراءات الالزمة للبحث والتحري عن الجرائم‬
‫المتعلقة بالقانون الجزائي‪,‬‬
‫‪ -‬تلقي المحاضر والشكاوي والبالغات ویقرر ما یتخذه بشأنها ویخطر الجهات‬
‫القضائیة المختصة بالتحقیق أو المحاكمة للنظر فیها أو یأمر بحفضها بمقرر‬
‫یكون قابال دائما للمراجعة ویعلم به الشاكي و‪ /‬أو الضحیة إذا كان معروفا في‬
‫أقرب اآلجال‪,‬‬
‫‪ -‬إبداء ما يراه الزما من طلبات أمام الجهات القضائیة المذكورة أعاله‪,‬‬
‫‪ -‬الطعن عند االقتضاء في القرارات التي تصدرها بكافة طرق الطعن القانونیة‪,‬‬
‫‪ -‬العمل على تنفیذ القرارات التحقیق وجهات الحكم»‪.‬‬
‫‪ -4‬خاصیة عدم القابلیة للتنازل عن الدعوى‪:‬‬
‫تتمیز الدعوى العمومیة بعدم قابلیتها للتنازل أو الترك أو السحب من طرف النیابة العامة بعد‬
‫إقامتها بتحریكها أو رفعها‪ ،‬فال یجوز قانونا للنیابة التنازل عن الدعوى العمومیةأو ترك الخصومة‬
‫أمام القضاء الجنائي‪ .‬وال یجوز لها التنازل عن القیام بأي إجراء من‬
‫إجراءات‪ ،‬ألن الدعوى العمومیة على الرغم من سلطة المالئمة التي تتمتع بها النیابة العامة إذا‬
‫حركتها أمام قاضي التحقیق أو رفعتها أمام قضاء الحكم بحسب األحوال تصبح من اختصاص تلك‬
‫الجهات المختصة‪ ،‬فال تملك النیابة إال أن تقدم طلبات لتلك الجهات للنظر فیها طبقا للمادة ‪2 1/69،‬‬
‫من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬أو أن تطعن في عدم بث قاضي التحقیق في طلباتها لدى غرفة‬
‫االتهام‪.‬‬
‫فتنص الفقرة األخیرة من المادة ‪ 69‬من قانون اإلجراءات الجزائية على‪« :‬إ ذا لم یبت قاضي‬
‫التحقیق في الطلب خالل األجل المذكورة‪ ,‬یجوز للطرف المعني أو محامیه أن یرفع طلبه خالل (‬
‫‪ )10‬أیام‪ ,‬مباشرة إلى غرفة اإلتهام التي تبت فیه خالل ثالثین(‪ )30‬یوما تسري من تاریخ‬
‫إخطارها‪ .‬و یكونقرارهاغیر قابل ألي طعن»‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أطراف الدعوى العمومیة‬


‫باعتبار أن الجریمة هي اعتداء على المجتمع‪,‬سواءا وقع هذا االعتداء على حق من حقوق الدولة‪،‬‬
‫وعلى حق من حقوق األفراد‪ ،‬فإنه من البدیهي أن یكون للدعوى العمومیة طرفین هما‪ :‬المدعي‬
‫الذي هو المجتمع باعتباره صاحب الحق في العقاب من جهة‪ ،‬والمدعى علیه الذي هو المتهم من‬
‫جهة ثانیة‪ ،‬وبما أنه یستحیل على المجتمع في مجموعة أن یباشر االدعاء في الدعوى العمومیة أقام‬
‫له المشرع ممثال قانونیا عنه هو النیابة العامة أوال إلقامة الدعوى العمومیة باسم المجتمع ولحسابه‪،‬‬
‫ومن ثم أصبحت النیابة العامة مدعیا وطرفا أساسیا في الدعوى العمومیة إلى جانب المتهم ثانیا‬
‫الذي تقام علیه هذه الدعوى‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ : :‬النیابة العامة‬
‫یطلق مصطلح النیابة العامة في قانون اإلج ارءات الج ازئیة على القاضي الذي یتولى مهمة تمثیل‬
‫المجتمع أمام القضاء‪ ،‬وذلك بتوجیه االتهام من أجل اقتضاء حق الدولة في ىالعقاب‪ .‬وأن ینوب عنه‬
‫أمام قضاء التحقیق وأمام قضاء الحكم‪ ،‬كما یتولى إعداد أدلة اإلثبات‪ ،‬وتنفیذ أوامر قاضي التحقیق‬
‫المتعلقة بالقبض واإلبداع واإلحضار‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة ألوامر قضاة الحكم والسهر على تنفیذ‬
‫األحكام القضائیة‪.‬‬
‫‪ -‬تشكیل النیابة العامة‪:‬‬
‫النیابة العامة هي مؤسسة أو هیئة إجرائیة تضطلع بمهمة محددة في قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وهي موزعة في النظام القضائي الجزائري على ثالث مستویات‪ :‬المحاكم‪،‬‬
‫المجلس القضائي‪ ،‬المحكمة العلیا‪.‬‬
‫‪ -1‬على مستوى المحاكم‪:‬‬
‫یمارس وظیفة النیابة العامة على مستوى المحكمة وكیل الجمهوریة بمساعدة واحد أو أكثر من‬
‫وكالء‪ ،‬مجموعة مساعدون‪ ،‬وهم یمثلون النائب العام ویباشرون الدعوى العمومیة على مستوى‬
‫المحكمة تحت إشرافه‪.‬‬
‫‪ --2‬على مستوى المجالس القضائیة‪:‬‬
‫یمثل النائب العام النیابة العامة على مستوى المجلس القضائي وجمیع المحاكم التابعة لدائرة‬
‫االختصاص اإلقلیمي للمجلس وهذا طبقا لنص المادة ‪ 33‬و ‪ 34‬من قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫والتي تنص المادة ‪ 33‬على ما یلي‪« :‬یمثل النائب العام النیابة العامة أمام المجلس القضائي‬
‫ومجموعة المحاكم‪.‬‬
‫ویباشر قضاة النیابة الدعوى العمومیة تحت إشرافه»‪.‬‬
‫والمادة ‪ 34‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي تنص‪« :‬النیابة العامة لدى المجلس‬
‫القضائي یمثلها النائب العام‪ ،‬و یساعد النائب العام في أداء مهامه نائب عام مساعد أول وعدة نواب‬
‫عاملین مساعدین»‪.‬‬
‫‪ -3‬على مستوى المحكمة العلیا‪:‬‬
‫تمثل النیابة العامة أمام المحكمة العلیا نائب عام یساعده نائب عام مساعد أول وعدة نواب عاملین‬
‫مساعدین وبهذا فإنه ال توجد عالقة تبعیة بین النیابة العامة على مستوى المجلس القضائي والنیابة‬
‫العامة على مستوى المحكمة العلیا فلیس لها أي سلطة رئاسیة على النائب العام على مستوى‬
‫المجلس القضائي ألن رئاسة وزیر العدل للنیابة العامة تقع مباشرة على النائب العام على مستوى‬
‫المجلس القضائي‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬المتهم‬


‫تعتبر النیابة العامة والمتهم هما الخصمان في الدعوى الجنائیة وبناء على ذلك‬
‫فالدعوى الجنائیة ترفع على المتهم باعتباره المدعى علیه فیها‪.‬‬
‫لهذا استطرق في هذا الفرع إلى تعریف المتهم مع تحدید مركزه القانوني ثم شرح الشروط الواهیة‬
‫توافرها فیه‪.‬‬

‫‪ -1‬تعریف المتهم‪:‬‬
‫المتهم هو كل شخص تدعى النیابة العامة أو المدعى المدني بوجود دالئل تشیر إلى نسبة الجریمة‬
‫إلیه باعتباره فاعال أصلیا أو شریكا فیها أو محرضا علیها‪ ،‬وتتم مواجهته أمام القضاء للفصل في‬
‫مدى مسؤولیته والحكم علیه بالب ارءة أو اإلدانة‪.‬‬
‫‪ -2‬المركز القانوني للمتهم‪:‬‬
‫لقد أصبح المتهم في التشریعات الحدیثة أحد طرفي الدعوى العمومیة إلى جانب‬
‫النیابة العامة‪ ،‬بعدما أن كان یعتبر طرفا سلبیا في التشریعات القدیمة‪.‬‬
‫فاعتمدت التشریعات الحدیثة على مبدأ شخصیة العقوبة‪ ،‬بمعنى أن المتهم ال یسأل عن الجریمة إال‬
‫إذا كان هو مرتكبها أو ساهم فیها شخصیا‪ ،‬فشخصیة العقوبة نتیجة حتمیة لشخصیة الدعوى‪ ،‬إذ ال‬
‫تتخذ إجراءات المتابعة الجزائية إال في مواجهة الشخص الذي نسبت إلیه الجریمة‪.‬‬
‫فالمتهم في نظر التشریعات المعاصرة له حقوق یستمدها من القانون مباشرة‪ ،‬ویقابل االعتراف‬
‫بهذه الحقوق تقیید سلطة الدولة إ زاءه‪ ،‬فلم تعد سلطتها علیه مطلقة ولیس لها أن تتخذ ضد المتهم‬
‫من أسالیب القهر إال ما یرخص به القانون‪ ،‬ومؤدي ذلك إن ما لم یسمح به القانون لها فهو محضور‬
‫علیها‪ ،‬فالمركز القانوني للمتهم یستمد من "قرینة البراءة" التي ال یدمها إال حكم اإلدانة البات‪ ،‬ومن‬
‫ثم یجب معاملته طوال سیر اإلجراءات على أنه شخص بريء‪.‬‬
‫‪ -3‬الشروط الواجب توافرها في المتهم‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن یكون المتهم إنسانا حیا‪.‬‬
‫باعتبار أن اإلنسان هو الكائن البشري الحي الذي یتمتع اإل اردة واإلد ارك وحریة‬
‫االختیار فهو الذي یصدر عنه النشاط اإل اردي اإلج ارمي فیتحمل المسؤولیة عن أفعاله اإلجرامية‪.‬‬
‫كما أنه الكائن الوحید الذي تتوافر فیه صالحیة تحقیق موضوع الدعوى العمومية‪،‬‬
‫فالطابع الشخصي للدعوى العمومیة یحول دون مباشرتها على ورثة المتهم المتوفي‪ ،‬كما ال یجوز‬
‫أیضا إقامتها ضد المسؤول المدني‪ ،‬فشخصیة العقوبة والتدبیر االحترازي سیتتبع بالضرورة‬
‫شخصیة الدعوى العمومیة‪.‬‬
‫ثانیا‪ :‬أن یكون المتهم مسؤوال جنائیا‪.‬‬
‫الشخص ال تثبت له صفة المتهم إال بتحریك الدعوى العمومیة في مواجهته الرتكاب جریمة ما‬
‫ومعاقبته علیها‪ ،‬سواء بوصفه فاعال أصلیا أم شریكا فیها‪.‬‬
‫فمرتكب الجریمة ال یسأل جنائیا وال تقام علیه الدعوى العمومیة إذا كان قد خضع‬
‫لمانع من موانع المسؤولیة مهما كانت درجة مسؤولیة في الجریمة‪ ،‬وكل شخص توافر لدیه مانع‬
‫من موانع المسؤولیة الجنائیة ال یكتسب صفة المتهم‪.‬‬
‫وحاالت امتناع المسؤولیة الجنائیة في التشریع الجزائري هي الجنون واإلكراه وصغر السن‪ ،‬وقد‬
‫نصت المادة ‪ 47‬من قانون العقوبات بأنه‪« :‬ال عقوبة على كل من كان في حالة جنون وقت ارتكاب‬
‫الجریمة»‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 48‬من قانون العقوبات بأنه‪« :‬ال عقوبة على من اضطرته إلى‬
‫ارتكاب الجریمة قوة ال قبل له بدفعها»‪.‬‬
‫وكذلك نصت المادة ‪ 49‬من قانون رقم ‪ 14-01‬المؤرخ في ‪ 04‬فبراير ‪ 2014‬المعدل‬
‫والمتمم لقانون اإلج ارءات الج ازئیة أنه‪« :‬ال یكون محال للمتابعة الجزائیة القاصر الذي لم یكمل (‬
‫‪ )10‬عشرة سنوات»‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن یكون المتهم معینا‪.‬‬
‫بما أن مبدأ شخصیة الدعوى العمومیة هو نتیجة لمبدأ شخصیة العقوبة فإنه یجب أن یكون المتهم‬
‫الذي نسب إلیه الفعل اإلجرامي معینا ومحددا‪ ،‬لكن هذه النتیجة لیست مطلقة في كل مراحل الدعوى‬
‫العمومیة إذ تختلف من مرحلتي االتهام والتحقیق االبتدائي إلى مرحلة المحاكمة‪.‬‬

You might also like