Professional Documents
Culture Documents
النظام النقدي الدولي
النظام النقدي الدولي
ته دف فك رة إنش اء نظ ام نق دي دولي إلى خل ق مص در لالس تقرار النق دي ال دولي من خالل توف ير
الس يولة للم دفوعات الدولي ة واإلش راف على تنظيم عملي ات المبادل ة التجاري ة بين دول الع الم .إال أَّن
هذا النظام قد مر بعدة مراحل نتيجة تغير الظروف واألحداث السياسية واالقتصادية العالمية .فبعدما
كان التعامل بين الدول في المجال التجاري يتم وفق نظام المقايضة أصبح يتم وفق قاع دة ال ذهب ،ثم
تحول العالم إلى نظام آخر يرتكز على عملة واحدة وهي الدوالر األمريكي وأخيرًا جاء نظام تعويم
العمالت وترك العمالت لقوى السوق (العرض والطلب).
.1ماهية النظام النقدي الدولي
يعبر النظام النقدي الدولي عن مجموع االتفاقيات والقواعد والسياسات ،والبيئة االقتصادية والسياسية
والمؤسس اتية ال تي تح دد تحق ق اث نين من المن افع العام ة الدولي ة وهي :عمل ة أو عمالت االحتياط ات
الدولية واالستقرار الخارجي.
حيث أن االتفاقي ات والقواع د والسياس ات تش مل من بين عدي د األم ور م ا يتعل ق ب :ض بط الس يولة
الدولية ،تعديل االختالالت الخارجية ،تحديد أنظمة الصرف ،ترتيبات الرقابة واإلشراف وآليات تجنب
األزم ات ومعالجته ا .في حين أن البيئ ة االقتص ادية والسياس ية والمؤسس اتية تش مل مثال :بيئ ة التج ارة
الحرة ،درجة تأثير اقتصاد ما على النظام ككل ،درجة التنسيق والتعاون الدولي في إدارة النظام....الخ
ويش ير النظ ام النق دي ال دولي إلى القواع د واألع راف واألدوات والتس هيالت والمنظم ات للت أثير على
الم دفوعات الدولي ة ،فالنظ ام النق دي ال دولي ال يهتم ب العرض النق دي ال دولي فق ط ،وإ نم ا بالعالق ات
الموجودة بين مختلف العمالت كالتغيرات في ميزان المدفوعات.
كما يعبر النظام النقدي الدولي عن مجموعة القواعد واالتفاقيات والمؤسسات التي تحكم :سير السياسات
النقدية والتنسيق فيما بينها ،أسعار الصرف وتوفير السيولة الدولية .حيث تقيم فعاليته انطالقا من ثالثة
معايير رئيسية هي:
_ اآلليات التي يوفرها لمعالجة اإلختالالت الدولية في موازين المدفوعات ،من حيث تكلفتها وسرعتها
في تحقيق التصحيح في وضعية ميزان المدفوعات.
_ قدرت ه على توف ير الس يولة الكافي ة لتس وية المب ادالت التجاري ة والمالي ة من جه ة ومعالج ة اإلختالالت
في موازين المدفوعات من جهة أخرى.
_ قدرت ه على كس ب ثق ة مختل ف األط راف الفاعل ة في االقتص اد الع المي ،وذل ك يتجلى باألس اس من
خالل فعالية آليات التصحيح فيه وتوفيره للسيولة الكافية.
.2مراحل تطور النظام النقدي الدولي
شهد االقتصاد العالمي عديد المراحل التي مر بها النظام النقدي الدولي ،والتي كانت نتاج التطورات
االقتصادية المتعاقبة التي كانت تستلزم بالضرورة تغيرا في شكل النظام النقدي الدولي السائد بما يساهم
في تحقيق االستقرار النقدي لالقتصاد العالمي.
.1.2النظام النقدي الدولي في ظل قاعدة الذهب:
ي بين ه ذا النظ ام وج ود العالق ة الثابت ة بين قيم ة الوح دة النقدي ة والمق دار الث ابت من ال ذهب ،بحيث
تتعادل القوة الشرائية لوحدة النقود مع القوة الشرائية للذهب ،وقد ساد في معظم الدول المتقدمة ،حيث
ك ان يتم يز ب االعتراف الجم اعي ل ه .وبريطاني ا هي أول من أقرت ه في ع ام ، 1816ثم تبعته ا بع د ذل ك
العديد من ال دول خالل النصف األخ ير من القرن التاس ع عشر ،وظ ل أكثر النظم النقدي ة انتش ارا حتى
عام .1914أصبح يعرف باسم قاعدة الذهب ،حيث يتم بموجبه قياس القيم االقتصادية ،حيث أن قيمة
الوحدة النقدية تساوي وزنا معينا من الذهب.
مراحل تطور نظام الذهب: أ-
لقد عرف نظام الذهب ثالث مراحل عبر تطوره ،ارتبطت بالمستجدات التي كانت تطرأ وتجعل كل
مرحلة مواتية للظروف الجديدة ،ويمكن ذكر أهمها فيما يلي:
-نظام المسكوكات الذهبية؛
-نظام السبائك الذهبية؛
-نظام الصرف بالذهب.
-1نظام المسكوكات الذهبية:
يمثل هذا النظام الذهب المتداول الذي تحتوي فيه الوحدة النقدية على وزن معين من الذهب يساوي
قيمته ا االس مية ،وتحتف ظ م ع العمالت األخ رى بس عر التع ادل م ع ال ذهب ،ويش ترط لتحقي ق ذل ك ت وفر
مايلي:
أ -تحدي د وزن وعي ار الوح دة النقدي ة الذهبي ة المتداول ة ،بحيث تح دد نس بة ثابت ة بين وح دة النق د وكمي ة
معينة من الذهب ،فمثال كان وزن الذهب في الجنيه اإلسترليني مساويا 7.3غراما من الذهب؛
ب -ت وفر الحري ة الكامل ة لس ك ال ذهب بأي ة كمي ات دون تحم ل أي تك اليف ،به دف من ع زي ادة القيم ة
االسمية عن القيمة الحقيقية؛
ج -ض مان حري ة ص هر المس كوكات الذهبي ة إلى س بائك ،ب دون قي د لمن ع هب وط القيم ة االس مية
للمسكوكات عن قيمتها الحقيقية؛
د -ت وافر قابلي ة تحوي ل جمي ع أن واع العمالت إلى س بائك ذهبي ة ،ف إن وج دت أوراق نقدي ة ،فإنه ا تك ون
قابلة للصرف بالمسكوكات الذهبية؛
ه -حرية تصدير واستيراد الذهب للمحافظة على التعادل بين القيمة الداخلية للعملة وقيمتها الخارجية.
والجدير بالذكر أنه في ظل هذه القاعدة لم تكن النقود المتداولة ذهبية ،وإ نما كانت تمثل جزء صغيرا
من العرض الكلي للنقود ،وكان لألفراد مطلق الحرية في استخدام الذهب أو األوراق النقدية أو النقود
المساعدة ،ألنها كانت تتمتع بحرية التحويل إلى نقود ذهبية ،وفي نفس الوقت كان سك الذهب وتذويب
المسكوكات وتصدير واستيراد الذهب عمليات مسموح بها جميعا .ولهذا فإن وحدة العملة كانت تحافظ
على معدل محدد للتبادل الذهبي ،حيث أن الذهب كان يحمل قيمة واحدة في سائر أرجاء منطقة قاعدة
الذهب.
إال أن احتياجات الح رب العالمي ة األولى أف رزت اإلدراك الذي يقضي بأن عملي ة انتقال النقود الذهبي ة
من يد إلى يد هي نوع من الترف غير الضروري ،وأنه من الممكن تحقيق جميع مميزات قاعدة الذهب
من غير الحاجة إلى وجود نقود ذهبية قيد التداول .كما أن هذا النظام واجه العديد من المشاكل العملية
ال تي ك ان من أهمه ا ع دم ت وفر ال ذهب بالش كل الك افي بم ا يتناس ب واحتياج ات اإلص دار في ال دول
المختلف ة ،وب ذلك بقي معم وال ب ه في كث ير من ال دول ح تى الح رب العالمي ة األولى ،حين تخلت عن ه
تدريجيا ،فيما عدا الواليات المتحدة األمريكية التي احتفظت به حتى نهاية عام .1933
ونتيجة لما سبق ظهرت صورتان رئيسيتان ،إحداهما نظام السبائك الذهبية ،واألخرى نظام الصرف
بالذهب وأصبحتا مقبولتين كصورتين لقاعدة الذهب.
2-نظام السبائك الذهبية:
أدى نش وب الح رب العالمي ة األولى س نة 1914إلى زي ادة حاج ة ال دول المتحارب ة إلى مزي د من
النقود لتغطية نفقاته ا الحربية ،ونظرا لمحدودية كمية الذهب المتوفرة في العالم كان من المستحيل توفير
ه ذه الكمي ة الكب يرة من القط ع النقدي ة الذهبي ة ،ل ذلك اض طرت دول الع الم إلى التخلي عن نظ ام
المس كوكات الذهبي ة وس حبها من الت داول ،والقي ام بإص دار نق ود ورقي ة ومعدني ة إلزامي ة وطرحه ا في
التداول.
وبعد انتهاء الحرب العالمية األولى حاولت الدول العودة إلى نظام المسكوكات الذهبية ،إال أن ذلك كان
متع ذرا نظ را إلى الحجم الكب ير من األوراق النقدي ة الموج ودة في الت داول ،وتع رض اقتص اديات الع الم
إلى حال ة التض خم النق دي ،وإ زاء ه ذا الوض ع تم اق تراح نظ ام الس بائك الذهبي ة في م ؤتمر جن وة ع ام
1922لتمكين الدول إلى العودة لقاعدة الذهب بعد أن تم الخروج عنه أثناء الحرب ،وقد تبنت بريطانيا
نظام السبائك الذهبية في عام .1925
وفي ظل هذا النظام لم تعد العملة المتداولة ذهبا ،بل يتم تداول األوراق النقدية والقطع النقدية المساعدة
اإللزامي ة ،وأن ه ذه العمل ة ترتب ط بمق دار معين من ال ذهب الموج ود في خ زائن البن ك المرك زي ال ذي
يكتفي باالحتفاظ بكمية من السبائك الذهبية في خزانته مقابل الكتلة النقدية الورقية والمعدنية المساعدة
المطروحة في التداول ،سواء بما يعادلها من الذهب ،أو أن يكون الغطاء الذهبي بنسبة محددة منها.
ويس ري هذا النظ ام في الدول ة إذا ك انت الحكوم ة والبن ك المركزي على اس تعداد لش راء وبي ع أي كمي ة
من الذهب عند سعر معين كما هو محدد بالقيمة الذهبية لوحدة العملة ،وكذلك حرية االتجار بالذهب
وإ مكانية
تحويل النقود االئتمانية إلى ذهب ،وقد اختص هذا النظام بميزتين هامتين:
أ -نظرا ألن هذا النظام كان يقتضي منع استخدام الذهب كعملة في التداول الداخلي فقد اختفت العملة
الذهبية وحل محله العملة اإلئتمانية التي أصبحت قابلة للتحويل للذهب؛
ب -هذا النظام يقضي أيضا على قيام الحكومة أو البنك المركزي ببيع الذهب على شكل سبائك كبيرة
ال يق ل وزنه ا عن ح د معين ،ول ذلك لم يس تخدم في المع امالت الداخلي ة واقتص ر اس تخدامه على
المعامالت الخارجية فقط.
ولذلك فإن الهدف األساسي لنظام السبائك الذهبية هو الرغبة في اقتصاد استخدام الذهب وعدم صرف
النفقات في سك العمالت الذهبية الصغيرة وإ لغاء استخدامه في التداول محليا.
3-نظام الصرف بالذهب:
لقد عرف العالم شكال ثالثا لنظام الذهب أطلق عليه اسم نظام الصرف بالذهب ،فقد أوصى مؤتمر
جنوة في عام 1922بإتباع النظام رسميا .ففي ظل هذا النظام ترتبط عملة بلد ما بالذهب عن طريق
ربط عملته بعملة بلد آخر يسير على نظام الذهب ،ويتم ذلك باحتفاظ البلد التابع بسندات أجنبية للبلد
المتبوع كغطاء للعملة في التداول .واستهدف األخذ به ذا النظام لالقتصاد في استغالله ،إذ أن االحتفاظ
بتداول المسكوكات الذهبية أو االحتفاظ بالسبائك الذهبية كغطاء للعملة يعتبر إجراء باهظ التكاليف ألنه
يتطلب توف ير الوس ائل الوقائي ة لخزن ه وحراس ته ،كم ا أن ه محتفظ ا ب ه في خ زائن البن ك المرك زي ال
يحصل على فوائد ويحرم البلد من الحصول عليها ،ومن مزايا هذا النظام:
أ -وجود سعر صرف ثابت بين البلد التابع والبلد المتبوع؛
ب -التوف ير في اس تخدام ال ذهب ،ألن االحتي اطي يتك ون أساس ا من عمالت وأذون ات وس ندات البل د
المتبوع ،وبالتالي ال حاجة إلى االحتفاظ باحتياطي من الذهب يرتبط مباشرة بالنقد المتداول؛
ج -تخفيض تكاليف التخزين للذهب وحمايته وذلك من خالل االستفادة من الفوائد التي يستلمها البل د في
ه ذه الحال ة على احتياط ه النقدي المس تثمر بأش كال مختلف ة كالنقد وأذون ات الخزين ة والس ندات الص ادرة
لعملة الدولة األم.
أما عيوب هذا النظام فهي:
أ -تحقيق الخسائر في البلد المتبوع ينعكس أثره تلقائيا على البلد التابع؛
ب -المس باس تقالل البل د الت ابع بس بب االرتب اط الوثي ق بين ال دولتين ،مم ا يع ني التبعي ة االقتص ادية
والسياسية الكاملة؛
ج -يعتمد هذا النظام على استخدام الدولة المتبوعة لنظام السبائك الذهبية ،وأنه في حال االستغناء عنه
من قبل الدولة المتبوعة ،فإن هذا النظام سوف ينتهي بالنسبة للدولة التابعة.
ومن الناحية التاريخية كان نظام الصرف بالذهب وليدا للعالقات التجارية التي قامت بين دولة صغرى
ودول ة ك برى تس ير على نظ ام ال ذهب ،بحيث تس هل عالق ة التبعي ة االقتص ادية والسياس ية للدول ة األم.
ويرى كثير من االقتصاديين بأن هذا النظام يعتبر أكثر مالءمة للدول التي ليس لديها اإلمكانيات الكافية
إلقرار نظام ذهبي حقيقي بشرط أن يصاحبه قدر كبير من الرقابة على العملة وتداولها ،كما قد يؤدي
إلى نشوء التضخم النقدي في الدولة ،وذلك في حالة تداول كميات كبيرة من النقود الورقية في السوق،
وهذا يتطلب من السلطات النقدية تحويل عملتها الورقية إلى ذهب إليقاف موجات التضخم.
وعلى ال رغم مم ا حقق ه نظ ام المع دن الواح د من أث ر في التب ادالت التجاري ة الدولي ة ،حيث أن س يادته
واس تقراره كان ا أح د األس باب ال تي أدت إلى ق وة بريطاني ا وس يطرتها على األس واق العالمي ة ،لكن ه ذا
االستقرار سرعان ما تغير بعد الحرب العالمية األولى نتيجة لتزايد اإلنفاق العسكري وتوالي األحداث
العالمية التي كان لها األثر الكبير في انهيار نظام الذهب.
مزايا وخصائص نظام الذهب: ب-
لنظام الذهب مزايا وخصائص عديدة نجملها فيما يلي:
أ -األمان :والمقص ود ب ذلك ض مان تحوي ل ال ذهب إلى أي ة عمل ة أخ رى ،وك ذلك قبول ه كوس يلة للتب ادل
بيسر وسهولة وعدم رفضه تحت أي ظرف من قبل المتعاملين كوسيلة لسداد القيمة؛
ب -س0هولة القب0ول في األس0واق الخارجي0ة :يعت بر ال ذهب مقياس ا دولي ا للقيم ة ،كم ا أن ه يتمت ع ب القبول
العام
كوس يط للتب ادل ،فه و يعتبر ث روة وفي أي مك ان ،وطبقا إلى ذلك ف إن معظم الدول تس تطيع أن تش تري
سلعا أو أن تستثمر خارجيا أو تسدد مدفوعاتها وذلك باستخدام الذهب كوسيلة للسداد؛
ج -آلية العم00ل :في ظ ل قاع دة ال ذهب عملي ة إدارة ع رض النق ود تك ون منظم ة تنظيم ا جي دا حيث أن
التوسع واالنكماش يحدث آليا وذلك الرتباطهما بحجم االحتياطي الذهبي.
د -استقرار مستوى األسعار العالمية في األم0د الطوي0ل :ق د تنح رف األس عار عن مس تواها االعتي ادي،
إال أن هذا االنحراف يكون مؤقتا ،كما يقود االستقرار النسبي في مستويات األسعار بين دول العالم إلى
نمو حجم التجارة الدولية واتساع حركة حرية انتقال رؤوس األموال؛
ه -إمكانية انتقال الموارد الحقيقية بين دول العالم :في غي اب نظ ام ال ذهب عن دما يواج ه أح د البل دان
انخفاض ا مفاجئ ا في حجم إنتاج ه ،ف إن ذل ك ي ؤدي إلى انخف اض مس توى معيش ة المواط نين بنفس مق دار
النقص في اإلنتاج ،إن لم يتوفر لديهم االختيار في استعمال الذهب لشراء السلع من دول العالم األخرى
والتخفي ف من ح دة االنخف اض المحت وم في مس توى ال دخل فج أة .وعلى ذل ك ففي ظ ل نظ ام ال ذهب ق د
ينخفض مستوى معيشة المواطنين بسبب الكوارث الطبيعية ،ولكن بدرجة أقل وعبر فترة زمنية أطول
بحيث يص بح الت أثير خالل الف ترات الزمني ة القص يرة قليال ،نظ را ألن نظ ام الم دفوعات الدولي ة يض من
كفاءة توزيع الموارد االقتصادية ،وبذلك فإن هذا النظام ضمنيا يؤمن ضد مخاطر الكوارث الطبيعية؛
و -عدم الحاجة إلى تدخل الحكوم00ات :إن ت دخل الحكوم ات في المج االت االقتص ادية ق د يعي ق الحري ة
االقتصادية لدى أفراد المجتمع ،ومن هذا المنطلق يقود نظام الذهب إلى تحقيق منفعة كبيرة طالما يعمل
ذاتي ا ،ويص بح دور الحكوم ات مقص ورا على توف ير األمن الق ومي والمحافظ ة على تط بيق الق انون
والنظام وتوفير الخدمات العامة األخرى.
ج -انهيار النظام الذهبي:
ب الرغم من أن قاع دة ال ذهب اس تطاعت التع ايش م ع ظ روف الح رب العالمي ة األولى والتغ يرات
االقتصادية التي حدثت بعدها إال أنها لم تستطع تحمل الكساد العظيم ،فباقتراب نهاية العشرينيات كانت
اقتص اديات ال دول الص ناعية تتج ه نح و الرك ود ،وك ان للكس اد األم ريكي ع ام 1929آث ارا على
اقتصاديات جميع أركان العالم .وجاءت الضربة القاضية لقاعدة الذهب الدولية عام 1931حينما أخذ
المودع ون يس حبون أرص دتهم من البن وك النمس اوية التجاري ة الكب يرة ،تم انتش ر الف زع إلى البن وك
األلماني ة ،فق امت الحكوم ة بف رض قي ود على الص رف ،ثم تبعته ا في ذل ك دول أخ رى ،وفي مق دمتهم
إنجلترا التي قامت بتعويم عملتها ،فتبعتها دول تربطها عالقات تجارية ومالية وأيضا عمالته ا مرتبطة
باإلسترليني ،فظهر في عام 1932ما سمي '' منطقة اإلسترليني'' .وبعد وقت قليل من تعويم إنجلترا
للجني ه اإلس ترليني تخلت ال دول االس كندينافية عن قاع دة ال ذهب ،ولم يع د هن اك من ال دول ال تي ترب ط
عملتها بالذهب سوى الواليات المتحدة األمريكية وسويسرا وفرنسا وبلجيكا وهولندا ،وبدأت هذه الدول
التي عرفت ''بكتلة الذهب'' في مواجهة التدفقات للخارج من احتياطاته ا الذهبية برفع الرسوم الجمركية
وتضييق الحصص لضغط الواردات.
وعندئذ توقفت قاعدة ال ذهب عن العم ل كنظ ام نقدي دولي فع ال ،وكان العدي د من العمالت غير قابل
للتحويل والعديد منها عائما ،فشاعت عملية تخفيض قيمة العمالت بين الدول التي حافظت على أسعار
الص رف الرس مية ،وأص بحت اآللي ة ال تي يتم من خالله ا موازن ة م يزان الم دفوعات غ ير مقبول ة ل دى
الدول ،مما تخلت الواليات المتحدة األمريكية عن الذهب عام .1933
فرغم كل ما تميز به معيار الذهب من استقرار لألسعار على المستويين الداخلي والخارجي ومحافظته
على القيم ة الحقيقي ة للنق ود ،إض افة إلى ارتب اط ال ذهب ب النقود الورقي ة كغط اء إص دار يمنحه ا الثق ة
ومساهمته في تطور ونمو التجارة الدولية فقد تم التخلي عنه تزامنا مع الحرب العالمية األولى وأزمة
الكساد.
وبع د انته اء الكس اد واق تراب الح رب العالمي ة الثاني ة ش عر معظم المراق بين أن الع ودة لألوض اع
المضطربة التي سادت في الثالثينيات لن يكون مقبوال ،وكان شعورهم أنه من الضروري تصميم نظام
نق د دولي يض من قابلي ة التحوي ل للعمالت واالس تقرار النق دي ،ولعبت الرغب ات دوره ا في تش كيل نظ ام
بروتون وودز للنقد الدولي الذي تم تبنيه بنهاية الحرب العالمية الثانية.
د -أسباب فشل نظام الذهب:
بالرغم من أن نظام الذهب الدولي كان متالئما مع الظروف البيئية االقتصادية التي طبق فيها ،وقدم
العديد من المزايا ،إال أن تغير الظروف االقتصادية وعدم توفر متطلبات تشغيله بكفاءة ،أدى إلى توق ف
الدول عن العمل به .ويمكن إجمال أهم األسباب التي أدت إلى انهيار العمل بهذا النظام بالنقاط التالية:
1-انتهاء عصر حرية التجارة الدولية؛ -2تط0ور ال0وعي النق0دي؛ -3جم0ود مس0تويات األس0عار؛ -4
سوء توزيع رصيد الذهب في العالم؛ -5عدم االستقرار السياسي؛ -6نم0و القومي0ات االقتص0ادية؛ -7
زيادة تدخل الدولة في النشاط االقتصادي.
.2.2النظام النقدي في ظل اتفاقية بريتون وودز:
نظرا للفوضى التي عرفها االقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية جاء نظام بريتون وودز من
أجل تنظيم العالقات التجارية والمالية والنقدية الدولية.
أ -ميالد نظام بريتون وودز:
م ع نش وب الح رب العالمي ة الثاني ة في ع ام 1939توق ف نهائي ا العم ل بقاع دة ال ذهب كنظ ام نق دي
دولي نظرا للظروف االقتصادية والعسكرية التي كانت تعم العالم أجمع ،فأعيد فرض القيود الجمركية
وغ ير الجمركي ة بش كل أدى إلى انخف اض حجم المب ادالت التجاري ة الدولي ة والنم و االقتص ادي الع المي
بشكل واضح .مما دعي ممثلوا الدول الرأسمالية الصناعية لاللتقاء في مدينة بريتون وودز بالواليات
المتحدة األمريكية في عام 1944لعقد المؤتمر النقدي والمالي التابع لألمم المتحدة قبل فترة قص يرة من
انتهاء الحرب ،وحظرت 44دولة ،قدمت خاللها مقترحات إلرساء قواعد نظام اقتصادي دولي جديد
أكثر عدالة واستقرارا من السابق ليتولى الرقابة على التزامات األعضاء ويعمل كبنك مركزي عالمي.
وقد انبثق من هذا المؤتمر صندوق النقد الدولي ،البنك الدولي للتعمير والتنمية ومنظمة االتفاقية العامة
للتعريفات والتجارة .وتتجسد مهام نظام بريتون وودز في المحافظة على أسعار صرف مستقرة ،خلق
نظام ائتماني متعدد األطراف يندرج ضمن قواعد صندوق النقد الدولي وتحت إشرافه ،تحرير التجارة
الدولية من خالل إزالة القيود المختلفة التي تعيقها.
وقبل انعقاد مؤتمر بريتون وودز كان قد طرح أمام المؤتمرون مشروعين أحدهما تقدمت به المملكة
المتح دة على لس ان مبعوثه ا االقتص ادي الكب ير الل ورد كي نز في 7أفري ل ، 1943والث اني تق دمت ب ه
الواليات
المتحدة األمريكية على لسان ممثلها االقتصادي هاري وايت في 5أفريل .1943
ب -مقترحا النظام النقدي الدولي الجديد
انعق د م ؤتمر "بريت ون وودز" ب"نيوهامبش اير" في الف ترة م ا بين 1و 22جويلي ة 1944بحض ور
حوالي 730مندوب من 44دولة مع عضو مالحظ عن اإلتحاد السوفياتي ،أين شهد هذا المؤتمر تقديم
مقترحين للشكل الجديد للنظام النقدي الدولي كما يبرز فيما يلي :
-1المقترح اإلنجليزي ل"جون ماينارد كينز":
تولى االقتصادي البريطاني الشهير "جون ماينارد كينز" بلورة التصور البريطاني لمستقبل النظام النقدي
ال دولي بع د الح رب العالمي ة الثاني ة ،ال ذي ك ان هدف ه تس هيل سياس ة التوس ع النق دي ال داخلي والخ ارجي
وزيادة التبادل التجاري وتحقيق االستقرار االقتصادي .ولهذا اقترح إنشاء اتحاد المقاصة الدولية ،وهو
بمثاب ة بنك للبنوك المركزية وسلطة نقدية فوق الدول ،يتولى منح قروض للدول العضوة فيه ويسهل
تسوية المبادالت الدولية ،ويقوم بخلق القوة الشرائية الالزمة للتبادل الدولي ،وتلك العملة أطلق عليها
الب انكور Bancorوتتح دد حص ة ك ل دول ة في ه ذا االتح اد ال دولي أساس ا بحجم تجارته ا الخارجي ة،
وك ذلك بمقدار ص ادراتها من ال ذهب .ولتفادي انع دام الت وازن في القوة الش رائية يقوم االتح اد بالض غط
على الدول الدائنة والمدينة لتعديل ميزانها ،كما ال يسمح بتراكم أرصدة البانكور للبلدان الدائنة.
فاتحاد المقاصة الدولي يقوم بفتح حسابات دائنة ومدينة للدول المشتركة ويجري عمليات المقاصة بينها،
بحيث تتساوى في النهاية األرصدة الدائنة مع األرصدة المدينة ،ولكن إذا أسفر الحساب لدولة ما عن
رصيد دائن ،فإنه يبقى داخل االتحاد كقرض مقدم من الدولة صاحبة الدائنية .وقد رأى كينز أن النظام
المقترح يمكن أن يساهم في حل مشكالت الدائنية والمديونية التي ترتبت على الحرب .فالدول المدينة
يمكنها أن تسدد مطلوباته ا بالبانكور عن طريق االتحاد ،خالل فترة من الزمن ،دون أن ينجم عن ذلك
ضغوط على موارد الدول المدينة بالبانكور.
والواقع أن هذا المشروع كان يحاول إلغاء دائنية ومديونية الدول تجاه بعضها بعضا ،وبحيث تصبح مع
اتحاد المقاصة الدولي ،وهو في هذا كان يدافع عن مصلحة بريطانيا المدينة ،ويحاول أن يعيد مركز
االقتصاد البريطاني المنهار في ضوء عالم قد تغير.
ف رغم ق وة بن اء ذل ك المش روع وس المته ،لم يج ز القب ول في م ؤتمر بريت ون وودز ،نظ را لمعارض ة
الواليات المتحدة األمريكية لما تضمنه من خلق عملة جديدة وهيئة فوق الدول وإ ضعاف لدور الدوالر
والذهب .ألن فيه محاولة لعزل أية إمكانية للدول القوية في السيطرة على النظام النقدي الدولي الجديد،
باعتباره يرتكز على إعطاء صالحيات إدارة الشؤون النقدية والمالية في االقتصاد العالمي لهيئة دولية
محايدة.
2-المقترح األمريكي ل"هاري ديكستر وايت"
تولى "هاري ديكستر وايت" وهو مساعد وكيل الخزانة األمركية بلورة التصور األمريكي حول مستقبل
النظ ام النق دي ال دولي بع د الح رب العالمي ة الثاني ة .وال ذي ارتك ز على إنش اء مؤسس ات مالي ة دولي ة في
شكل
"ص ندوق النق د ال دولي" و "البن ك ال دولي لإلنش اء والتعم ير " ،تت ولى تنظيم الش ؤون النقدي ة والمالي ة في
االقتصاد العالمي في إطار قاعدة الصرف-ذهب ،يكون فيها الدوالر األمريكي العملة الوحيدة المرتبطة
بالذهب ،في حين تتحدد قيم باقي العمالت الدولية بنسب ثابتة مع الدوالر.
ارتك ز عم ل مق ترح "وايت" على منح ص ندوق النق د ال دولي قروض ا لل دول األعض اء ال تي تع اني من
اختالالت مالي ة لي برز ب ذلك على أن ه ص ندوق دعم لالس تقرار ،إذ تش ترك ال دول األعض اء فيم ا بينه ا
لتجمي ع م وارده المالي ة من خالل مس اهمات مش كلة من ال ذهب وعمالت أجنبي ة ،ويل تزم الص ندوق في
إطار هذا المقترح بمبادلة العمالت الوطنية للدول األعضاء ،والتزامها بشراء أو بيع كميات من الذهب
والعمالت األجنبي ة م ع الص ندوق بم ا يمكن من ع ودة اقتص ادياتها لحالته ا التوازني ة .ويمكن لل دول
األعض اء في ظ ل ه ذا المق ترح التق دم بطلب تغي ير مس تويات س عر ص رفها في ظ ل العم ل على تحقي ق
استقرار األهداف الرئيسية المتمثلة في االستقرار النقدي وتوازن ميزان المدفوعات.
أم ا عن تحدي د حجم حص ص ال دول األعض اء في رأس مال ه ذا الص ندوق وتحدي د قوته ا التص ويتية في
إدارة ش ؤونه ،اق ترح وايت أن يك ون حجم الحص ة ألي دول ة على أس اس حجم م ا في ح وزة الدول ة من
ذهب ونقد أجنبي ،وحجم دخلها القومي ومدى تقلبات ميزان مدفوعاتها ،وهو بهذا الشكل كان يعبر عن
مصلحة الواليات المتحدة األمريكية التي كانت تملك آنذاك أكبر كمية من الذهب العالمي وتنتج أعلى
دخل في العالم.
وعموما تشابه المقترحان من حيث المبادئ األساسية ،فقد تضمن كل منهما:
أ -إيجاد مؤسسة مركزية نقدية دولية؛
ب -السعي وراء تحقيق التوازن في موازين المدفوعات الدولية؛
ج -توفير ائتمان دولي لألعضاء؛
د -العمل على استقرار أسعار صرف العمالت.
ج -األسس التي قام عليها نظام بروتن وودز:
كان الهدف من عقد اتفاقية بريتون وودز وضع وتسيير نظام نقدي دولي يحقق ما يلي:
أ -ضمان حرية التحويل بين عمالت المختلفة؛
ب -وضع نظام يمنع التقلبات في أسعار الصرف؛
ج -تحقيق التوازن في موازين المدفوعات؛
د -النظر في موضوع االحتياطات الدولية لتوفير السيولة الدولية؛
ه -اإلدارة الدولية للنظام النقدي العالمي الجديد.
وقد أسفرت الجهود على إنشاء مؤسستين ،صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير والذي
من أهم أهدافه العمل على إعادة بناء اقتصاد الدول التي أصابتها الحرب وكذلك مساعدة الدول اآلخذة
في النمو.
د -خصائص نظام بريتون وودز:
ارتكز نظام بريتون وودز على جملة من الخصائص فسرت آلية عمله وهي:
1-استقرار أسعار الصرف؛
-2حرية التحويل إلى عمالت جميع الدول األعضاء؛
-3تقديم اإلعانة للدول األعضاء؛
-4تحقيق المرونة في نظام أسعار الصرف؛
-5مساعدة الدول على إصالح عجوز موازين مدفوعاتها.
-6الدور المحوري للدوالر األمريكي.