العدد الأول من مجلة الإدارة القضائية - 230610 - 184613

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 341

‫ﺔ اﻹدارة اﻟﻘ‬

‫ﻀﺎ‬

‫ﺠﻠ‬
‫ﺋﻴﺔ‬

‫ﻣ‬
‫‪REVU‬‬

‫‪E‬‬
‫‪IAIR‬‬
‫‪ED‬‬

‫‪DIC‬‬
‫‪'AD‬‬
‫‪MINI‬‬ ‫‪JU‬‬
‫‪STRTION‬‬

‫ّ‬
‫ﻣﺠﻠﺔ إﻟﻜ��وﻧﻴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ �ﻌ�� ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت‬
‫اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ واﻟﻔﻘهﻴﺔ واﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹدارة اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬

‫اﳌﺪﻳﺮاﳌﺴﺆول‪:‬‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮرا��ﻴﻼ�� ﻣﻜﻮط‬

‫رﺋ�ﺲ هﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮ�ﺮ‪:‬‬


‫اﻟﺪﻛﺘﻮرﺳﻌﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﺎن ﺑﻨﺨﻀﺮة‬

‫ﻣﺠﻠﺔ ﻧﺼﻒ ﺳﻨﻮ�ﺔ ﺗﺼﺪرﻣﺠﺎﻧﺎ �ﻞ ‪ 6‬أﺷهﺮ‬

‫اﻟﻌﺪد اﻷول ‪ -‬ﻳﻮﻧﻴﻮ ‪2023‬‬

‫ردﻣﺪ ‪ISSN.......7661-2820 ..... :‬‬


‫اﳌﻮﻗﻊ اﻻﻟﻜ��و�ﻲ‪www.readjud.com :‬‬
‫اﻟ��ﻳﺪ اﻹﻟﻜ��و�ﻲ‪revnaadju@gmail.com :‬‬
‫ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮق اﻟ�ﺸﺮﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫هيئة التحرير‬
‫‪ -‬الدكتور املهدي سالم‬ ‫‪ -‬الدكتور سعبد عبد الرحمان بنخضرة‬
‫‪ -‬الدكتور هشام الخصاص ي‬ ‫‪ -‬الدكتور جواد الهروس؛‬
‫‪ -‬الدكتورة لطيفة نجيبي‬ ‫‪ -‬الدكتور ياسين هريدي؛‬
‫‪ -‬األستاذ الخاميس الفاضلي‬ ‫‪ -‬الدكتور الجياللي مكوط‬
‫‪ -‬األستاذ عبد العالي امسيس‬ ‫‪ -‬األستاذ عمر املوريف‬
‫‪ -‬األستاذ عزيز ندا علي‬ ‫‪ -‬األستاذ عمر بوشاوير‬
‫‪ -‬األستاذ محمد الزكراوي‬ ‫‪ -‬األستاذ عبد العالي أشرنان‬

‫اللجنة العلمية‬
‫‪ -‬الدكتور محمد منير ثابت؛‬ ‫‪ -‬الدكتور عز الدين بنستي؛‬
‫‪ -‬الدكتور محمد األزهر؛‬ ‫‪ -‬الدكتور محمد جوهر؛‬
‫‪ -‬الدكتورة حليمة املغاري؛‬ ‫‪ -‬الدكتورة صباح بنقدور‬
‫‪ -‬الدكتور عبد الرحمان سعيد بنخضرة؛ ‪ -‬الدكتور عبد املولى املسعيد؛‬
‫‪ -‬الدكتور مصطفى الغشام الشعيبي؛‬ ‫‪ -‬الدكتور أبو بكر مهم؛‬
‫‪ -‬الدكتور محمد جرموني؛‬ ‫‪ -‬الدكتور الطاكي روشام؛‬
‫‪ -‬الدكتور هشام الخصاص ي‬ ‫‪ -‬الدكتور جواد الهروس؛‬
‫‪ -‬الدكتور عبد هللا شبوبة؛‬ ‫‪ -‬الدكتور محمد زنون؛‬
‫‪ -‬األستاذ عمر املوريف؛‬ ‫‪ -‬األستاذ محمد حبيب؛‬

‫الصفحة ‪1 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫شروط وقواعد النشر‬


‫بمجلة اإلدارة القضائية‬
‫‪–-1‬أن يكون البحث املطلوب نشره مرتبطا بمجال ومحاور املجلة؛‬
‫‪ – 2‬أن يتسم املوضوع بالجدة واألصالة والعمق في النقاش‪ ،‬والجديد في املعرفة القانونية‬
‫والقضائية واإلجرائية‪ ،‬ومحرر بأسلوب قانوني سليم؛‬
‫‪ –3‬أن يساهم الباحث قبل عرض بحثه على اللجنة العلمية في تنقيح كافة األخطاء النحوية‬
‫واملنهجية التي تشوبه ؛‬
‫‪ – 4‬أن يحترم البحث املنهج األكاديمي في التحليل والوضوح في بسط األفكار؛‬
‫‪ – 5‬أن يحترم البحث األمانة العلمية ويعتمد التهميش كآلية إلحالة األفكار واالتجاهات على‬
‫أصحابها؛‬
‫‪ – 6‬يتحمل كاتب كل مساهمة علمية أو بحث معمق منشور باملجلة املسؤولية الكاملة عن كل ما‬
‫يشوبه من سرقات أدبية ومغالطات علمية مع حفظ حق األجهزة املشرفة على املجلة في املتابعة‬
‫القانونية؛‬
‫‪ – 7‬كل اآلراء واملواقف الواردة باملقاالت واملساهمات العلمية املنشورة باملجلة ال تعبر إال عن رأي‬
‫كاتبها وال تعكس بأي حال من األحوال رأي املجلة؛‬
‫‪ – 8‬تتبنى املجلة مبدأ الحياد املطلق تجاه كل التوجهات النقابية أو الجمعوية املهنية بقطاع العدل‪،‬‬
‫ويعتمد في قبول املساهمات من طرف اللجنة العلمية على قيمتها العلمية وإضافتها النوعية‪ ،‬بعيدا‬
‫عن كل توجه سياس ي أو نقابي أو جمعوي؛‬
‫‪ – 9‬ترسل البحوث املراد نشرها بصيغة الوورد ‪ word‬لبريد املجلة اإللكتروني‪:‬‬
‫‪revnaadju.gmail.com‬‬
‫‪ – 10‬إرسال البحوث ال يعني بالضرورة قبول نشرها إال بعد عرضها على اللجنة العلمية وموافقتها‬
‫مدير املجل ــة‬ ‫على ذلك‪.‬‬
‫الدكتور الجياللي مكوط‬

‫الصفحة ‪2 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫كلمة الع ــدد األول‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على سيدنا محمد عليه أزكى الصالة والسالم‪.‬‬

‫لقد عرفت الساحة القانونية فراغا كبيرا في املجالت املتخصصة التي تعنى بتدبير املحاكم‪،‬‬
‫سواء اتخذ هذا التدبير شكله فيما هو قضائي أو فيما هو إداري ومالي‪ ،‬وها هي ذي مجلة اإلدارة‬
‫القضائية ترفع تحدي مغامرة البحث في مجال اإلدارة القضائية وهي مغامرة لن تكون بالسهلة‪ ،‬ألنها‬
‫بقدر ما ستلقى استحسانا من طرف العديد من املنتسبين لإلدارة القضائية‪ ،‬بقدر ما سوف تلقى‬
‫انتقادا من طرف البعض اآلخر‪ ،‬وهو أمر طبيعي ومطلوب ألن من شأنه املض ي قدما بهذا املولود‬
‫الجديد وتطويره وتطويعه والرقي به نحو األحسن‪.‬‬

‫ومما يزيد في إلحاحنا باملض ي قدما نحو تحقيق نجاح هذه التجربة أن اإلدارة القضائية‬
‫باملغرب قد عرفت تطورا ملحوظا خاصة بعد قراري املحكمة الدستورية‪ :‬األول تحت عدد ‪991.13‬‬
‫بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ 2016‬املتعلق بالقانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬والثاني تحت‬
‫عدد ‪ 89/19‬بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪ 2019‬املتعلق بمشروع قانون التنظيم القضائي‪ ،‬حيث كرس القراران‬
‫مفهوما جديدا لإلدارة القضائية‪ ،‬يقوم في القرار األول على مبدأ التنسيق بين وزارة العدل واملجلس‬
‫األعلى للسلطة القضائية عن طريق الهيئة املشتركة على الصعيد العلوي‪ ،‬وعلى إشراف املسؤولين‬
‫القضائيين واملسؤولين اإلداريين على املصالح اإلدارية واملالية للمحاكم‪ ،‬واعتبر من تم إنشاء هيئة‬
‫مشتركة بين املكونين معا مطابقا للدستور في إقامة تنسيق بينهما قصد تحقيق غايات مشتركة‪ ،‬في‬
‫حين اعتبر القرار رقم ‪ 89/19‬اإلدارة القضائية في عملها اإلداري واملالي مجاال مشترك بين السلطتين‪،‬‬
‫وأقر بأن تبعية اإلدارة القضائية في اختصاصاتها اإلدارية واملالية لوزارة العدل مشروطة ومحصورة‬
‫في التدبير والتسيير اإلداري واملالي‪ ،‬أما العمل القضائي (الشأن القضائي)‪ ،‬فهو غير قابل للتدبير‬
‫املشترك بل يبقى خاضعا لسلطة املسؤول القضائي سواء مارسه القضاة أو مارسه موظفو اإلدارة‬
‫القضائية‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة في هذا الباب إلى أن التجارب املقارنة اختلفت في تحديد الجهة املقصودة‬
‫بتدبير اإلدارة القضائية بين ثالثة اتجاهات ‪:‬‬

‫الصفحة ‪3 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬االتجاه األول ‪ :‬يقول بحصر اختصاص تدبير اإلدارة القضائية بيد وزارة العدل في غياب‬
‫مجلس أعلى للسلطة القضائية‪ ،‬ويعتبر أن وظيفة القاض ي هي البت في امللفات (بلغاريا‪ ،‬فلندا) ‪.‬‬
‫‪ -‬االتجاه الثاني ‪ :‬يتمتع فيه املجلس األعلى للسلطة القضائية بصالحيات واسعة في مجال‬
‫تدبير الشأن القضائي (الوضعية الفردية للقضاة)‪ ،‬وفي التدبير اإلداري واملالي والتقني للمحاكم‪ ،‬مع‬
‫دور شبه منعدم لوزارة العدل (بلجيكا‪ ،‬إسبانيا)‬
‫‪ -‬االتجاه الثالث ‪ :‬يتبنى التدبير املشترك لإلدارة القضائية بين وزارة العدل واملجلس األعلى‬
‫للسلطة القضائية‪ ،‬وتعتبر اإلدارة القضائية تدبيرا ملا هو قضائي وإداري ومالي (فرنسا‪ ،‬الدانمارك‪،‬‬
‫هنغاريا‪ ،‬هولندا‪ ،‬السويد‪.)1()...‬‬
‫والذي يظهر أن املغرب قد سار من خالل القانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية رقم ‪ 100.13‬وقانون التنظيم القضائي رقم ‪ ،38.15‬ومن خالل قراري املحكمة الدستورية‬
‫سالفي الذكر‪ ،‬في اتجاه تبني النموذج الثالث‪ ،‬والذي يقوم على مبدأ التعاون املشترك بين وزارة‬
‫العدل واملجلس األعلى للسلطة القضائية بخصوص تدبير اإلدارة القضائية في شقها اإلداري واملالي ‪،‬‬
‫سواء على املستوى العلوي (الهيئة املشتركة املنصوص عليها في املادة ‪ 54‬من القانون التنظيمي‬
‫للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬م‪ : 71‬مقابلة انتقاء املسؤولين القضائيين وضرورة تقديم‬
‫تصوراتهم حول كيفية النهوض بأعباء اإلدارة القضائية‪ ،‬م ‪: 72‬مراعاة تقارير وزير العدل حول أداء‬
‫املسؤولين القضائيين‪ ،‬م‪ : 110‬تقرير وزير العدل أمام املجلس األعلى حول سير وأداء اإلدارة‬
‫القضائية)‪ ،‬أو على مستوى املحاكم (لجنة التنسيق املادة ‪ 24‬من قانون التنظيم القضائي رقم‬
‫‪ ،38.15‬لجنة بحث صعوبات سير العمل املادة ‪ 18‬من نفس القانون‪ ،‬مكتب املحكمة املادة ‪ 26‬من‬
‫نفس القانون‪ ،‬الجمعية العامة للمحكمة املادة ‪ 30‬من نفس القانون)‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن من شأن املساهمات العلمية في هذه املجلة‪ ،‬والتي سيكون لها طابع عملي أكثر منه‬
‫أكاديمي أن توسع النقاش وتستجلي الغموض الذي قد يكتنف مصطلح اإلدارة القضائية‪ ،‬ويميط‬
‫اللثام عن مجموعة من التجادبات التي تعتريه‪ ،‬ويحدد بشكل واضح الخيط الناظم بين املهام‬
‫القضائية واملهام الشبه قضائية واملهام اإلدارية واملهام املالية‪ ،‬ولم ال املهام ذات الطابع االجتماعي‬

‫‪ - 1‬الد كتور رشيد صدوق‪ ،‬محام عام لدى محكمة النقض ‪ :‬اإلدارة القضائية ومبدأ استقالل القضاء في المغرب‪ ،‬مجلة نبراس العدالة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،2016‬ص ‪.46 :‬‬

‫الصفحة ‪4 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫التي بدأت تعرف طريقها إلى املحاكم بحكم التوظيف النوعي الذي عرفته لفئة املساعدات‬
‫واملساعدين االجتماعيين‪.‬‬
‫ومهما بلغت قيمة هذا العدد األول من مجلة اإلدارة القضائية‪ ،‬فإنها تبقى بداية متواضعة‬
‫لعمل نتمنى أن يشتد عوده ويرقى باملساهمين فيها واملتتبعين لها إلى املستوى املطلوب‪ ،‬بتكاثف جهود‬
‫جميع الفاعلين داخل منظومة العدالة وإسهامهم الجدي والفعال في مختلف محاورها‪.‬‬

‫مدير املجلـ ــة‬

‫الدكتور الجياللي مكوط‬

‫الصفحة ‪5 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫محاورالعدد األول من مجلة اإلدارة القضائية ‪:‬‬


‫‪-‬املحوراألول ‪ :‬املقاالت القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪:‬‬
‫‪ ‬أعراف وتقاليد مهنة املحاماة في زمن اإلنترنيت ‪ .................................‬ذ‪ /‬الخاميس فاضيلي محام وباحث في قانون‬
‫األعمال‪.‬‬

‫‪ ‬نحو ترقية مسألة الهج ــرة الدولية وعوملـ ــتها ‪ ...............................‬د لطيفة نجيبي دكتورة في القانون الدولي‬
‫‪-‬املحورالثاني ‪ :‬مقاالت اإلدارة القضائية‪:‬‬
‫‪ ‬رقمنة مساطرصعوبات املقاولة ‪:‬اآلفاق و التحديات‪ ..................‬د‪ /‬املهدي سالم قاض ي باملحكمة التجارية بالدار‬
‫البيضاء‬

‫‪‬مركزاألرشيف في التشريع الجنائ ــي املغرب ــي‪ ..................‬ذ‪ /‬عمراملوريف‪،‬مديراملركزالجهوي للحفظ بمراكش التابع‬
‫لوزارة العدل‬

‫‪ ‬اإلجراءات املسطريـ ــة في دعاوى الط ـ ـ ــالق والتطلي ــق ‪ ...........‬د الجياللي مكوط دكتورفي الحقوق‪ ،‬فرع قانون خاص‬
‫‪ ‬تصفية صوائراملساعدة القضائية في إطارنزاعات الشغل ‪ ........‬عبد العالي امسيس منتدب قضائي باملحكمة‬
‫االبتدائية بأكادير‬
‫‪-‬املحورالثالث ‪ :‬نافذة على الجامعة ‪:‬‬
‫بيداغوجية حول ّكليات الحقوق ‪.......‬ذ ّ‬
‫محمد بوشاوير ‪ ،‬باحث بمركز الدكتوراه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القانونية باملغرب ‪:‬طروحات‬ ‫‪ ‬العلوم‬
‫مختبرالدراسات في التنمية السياسية الترابية وتحليل املخاطرابن زهر‬
‫املحورالرابع ‪ :‬فسحة أدبية وشعرية ‪:‬‬
‫‪ ‬المية املدني‪ ....................................................................‬ألبو سامي عزيزندا علي باحث في الدراسات القانونية‬
‫والقضائي ــة‬
‫‪ ‬تحت املطر(قصة قصيرة)‪ ................................................‬بقلم عبد العلي اشرنان‬

‫‪-‬املحورالخامس ‪ :‬اجتهادات قضائية ومستجدات قانونية وتنظيمية‬

‫الصفحة ‪6 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املح ـ ــوراألول ‪:‬‬


‫املقاالت القانونيـ ــة واالقتصادي ـ ـ ـة‬
‫واالجتماعي ـ ـ ـةـ‬

‫الصفحة ‪7 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫أعراف وتقاليد مهنة املحاماة في زمن اإلنترنيت‬


‫ذ‪ /‬الخاميس فاضيلي‬
‫محام وباحث في قانون األعمال‬

‫مقدمـة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لقد عرف العصر الحديث تطورا كبيرا في ميدان العلم واملعرفة‪ ،‬وتجلى هذا التطور‬
‫بالخصوص في تقدم تكنولوجيا املعلومات ووسائط االتصال املتعددة‪ ،‬وبروز ما يطلق عليه ثورة‬
‫تكنولوجيا املعلومات واإلتصال التي شملت كل جوانب الحياة املعاصرة علمية واقتصادية‬
‫واجتماعية وتعليمية وثقافية وقانونية‪ ،‬وكانت هذه الثورة العنوان البارز للربع األخير من القرن‬
‫املاض ي وبدايات هذا القرن(‪.)1‬‬

‫كما شهدت اإلنترنت تطورا انفجاريا باعتبارها وسيلة للعالقات التجارية في جميع‬
‫الصناعات تقريبا واملهن‪ ،‬وممارسة مهنة املحاماة ليست استثناء(‪ ،)2‬ويقصد باإلنترنت تلك الجمعية‬
‫العاملية للحاسبات اآللية املرتبطة واملتصلة بشبكات داخلية تحمل البيانات وتسمح بتبادل‬
‫املعلومات(‪ ،)3‬وبذلك فليس هنالك من يملك أو يحكم اإلنترنت(‪.)4‬‬

‫في دراسة قامت بها نقابة املحامين األمريكيين (‪ )ABA‬أوضحت فيها أن استخدام املحامين‬

‫(‪ )1‬للمزيد من التوسع واإلطالع أنظر‪ :‬أنور بدر أحمد‪ :‬مقدمة في تكنولوجيا المعلومات وأساسيات استرجاع المعلومات‪ ،‬دار الثقافة‬
‫العلمية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص ‪ 9‬وما يليها‪.‬أبو بكر محمود الهوش‪ :‬دراسات في نظم شبكات المعلومات‪ ،‬مكتب عصمى للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ،1996 ،‬ص ‪ 15‬وما يليها‪.‬محمود محمود عفيفي‪ :‬التطورات الحديثة في تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص ‪ 9‬وما يليها‪.‬بيل جيتس‪ :‬المعلوماتية بعد اإلنترنت‪ ،‬ترجمة عبد السالم رضوان‪ ،‬المجلس‬
‫الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪.1998 ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -‬نيكوالس نيجروبونت‪ :‬التكنولوجيا الرقمية‪ :‬ثورة جديدة في نظم الحاسبات واالتصاالت‪ ،‬ترجمة سمير ابراهيم شاهين‪ ،‬مركز‬
‫األهرام للترجمة والنشر‪ ،1998 ،‬ص‪ 9 :‬وما يليها‪.‬‬
‫‪( 2)Daniel Backer, Choice of Law in Online Legal Ethics: Changing a Vague Standard for Attorney‬‬

‫‪Advertising on the Internet, 70 Fordham L. Rev. 2409 (2002). P : 2409-2410. Available at:‬‬
‫‪http://ir.lawnet.fordham.edu/flr/vol70/iss6/20‬‬
‫(‪ )3‬محمد إبراهيم أبو الهيجاء‪ :‬التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الناشر الدار العلمية الدولية ومكتبة دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.44 :‬‬
‫(‪ )4‬هذه الشبكة بكل ما تحتويه من علوم وفن وثقافة واقتصاد وتاريخ وقانون‪ ،‬هاهي تنادينا لنجوب في ارجائها ملتمسين العلم‬
‫والمعرفة لتنير العالم للباحثين‪ ،‬ولتروي المسافرين الباحثين عن المعلومة ‪ ،‬والباحث عبر هذه الشبكة ال بد له من أيجني من ثمارها‬
‫ما يسد رمقه وما يعينه على إتمام مسيرة العلم والعلياء‪ .‬أنظر‪ :‬محمد إبراهيم أبو الهيجاء‪ :‬التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬
‫ص‪.46 :‬‬

‫الصفحة ‪8 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫لوسائل اإلعالم اإلجتماعية آخذة في اإلرتفاع‪ ،‬إذ مكنت التكنولوجيا املحامين من التواصل مع‬
‫بعضهم البعض‪ ،‬كما مكنت الجمهور من معرفة املعلومات الالزمة عن املحامين(‪ ،)1‬األمر الذي‬
‫يتطلب إعادة النظر في القواعد األخالقية التقليدية وآليات تنظيم مهنة املحاماة على مستوى‬
‫الشبكات املفتوحة‪ ،‬وقد ساهمت سهولة الوصول إلى املعلومات القانونية املنافسة من أطراف‬
‫ليسوا بمحامين في خدمات تعتبر تقليديا جزءا ال يتجزء من مهنة املحاماة‪ ،‬كما لوحظ من قبل نفس‬
‫النقابة أنه يجب أن يكون املحامون جاهزين ملمارسة مهنية تسمح للعمالء بطريقة جديدة للوصول‬
‫إلى الخدمات القانونية باستخدام تكنولوجيا املعلومات واإلتصال‪ ،‬وخشية أن يعتقد البعض أن‬
‫قانون املمارسة عبر اإلنترنت أو املمارسة اإلفتراضية من نسيج الخيال‪ ،‬فقد أصدرت نقابة املحامين‬
‫األمريكيين كتابا بعنوان "قانون املمارسة اإلفتراضية" الذي يتضمن كيفية تشغيل مكتب افتراض ي‬
‫مع املحافظة على أخالقيات املهنة(‪.)2‬‬

‫في عالم اليوم‪ ،‬أصبح استخدام تكنولوجيا االتصال الحديثة يعرف تطورا متزايدا في الحياة‬
‫اليومية‪ ،‬وفي ظل هذا التوجه ارتفعت وثيرة استخدام املحامين للفاكسات والهواتف الالسلكية‪،‬‬
‫والهواتف الخلوية‪ ،‬والبريد اإللكتروني‪ ،‬والبريد الصوتي‪ ،‬والشبكات الداخلية وشبكة اإلنترنت في‬
‫تسيير أعمالهم‪ ،‬على الرغم من أن بعض املحامين ال يزالون يرفضون استخدام التكنولوجيات‬
‫الجديدة في ممارساتهم‪ ،‬فعدد املحامين الذين يستخدمون الهواتف الخلوية و"تصفح الشبكة" في‬
‫تطور مستمر(‪.)3‬‬

‫هذه التحديات الجديدة جعلت البعض(‪ ،)4‬يرى أنه يصعب على املحامين تحديد األخالقيات‬
‫واملبادئ عبر الشبكات املفتوحة‪ ،‬هل تنطبق األعراف والتقاليد التي تنطبق على أنشطة أخرى على‬
‫اإلنترنت إلى املمارسات االفتراضية؟ وهل تتناسب املسؤولية املهنية املتواجدة في الفضاء الواقعي مع‬
‫البيئة اإلفتراضية التي تختلف في كثير من خصائصها عن العالم الواقعي؟‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪THE CHALLENGES : Technology and the Practice of Law. Available at:‬‬
‫‪http://www.reinhartlaw.com/Services/BusLaw/CorpGovern/Documents/art1111%20TE.pdf‬‬
‫‪(2) THE CHALLENGES : op. cit : 3.‬‬
‫‪(3) Brian G. Gilpin, Attorney Advertising and Solicitation on the Internet: Complying with Ethics‬‬

‫‪Regulations and Netiquette, 13 J. Marshall J. Computer & Info. L. 697 (1995).‬‬


‫‪http://repository.jmls.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1366&context=jitpl‬‬
‫‪(4) Corts, Susan (21 Geo. J. Legal Ethics 753 (2008)). "Living in a Virtual World: Ethical‬‬

‫‪Considerations for Attorneys Recruiting New Clients in Online Virtual Communities; Hill". Hein‬‬
‫‪Online. Retrieved 15 September 2011. P : 735 et s.‬‬

‫الصفحة ‪9 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫فلم تكن مهنة املحاماة‪ ،‬ولن تكون بعيدة عن مبدأ التأثر والتأثير‪ ،‬ولن تكون بمعزل عن هذه‬
‫التطورات الجذرية ‪-‬اإلنفجارية ‪-‬التي من حولها‪ ،‬مما استدعى االستفادة من املعلوميات في تدبير‬
‫مكاتب املحاماة واستخدام الطابعات والفاكسات وآالت النسخ واملاسحات الضوئية وتطبيقات‬
‫الهواتف الذكية‪ ،‬ثم بعد ذلك جاءت اإلنترنيت التي فرضت نفسها فرضا في حياتنا اليومية واملهنية‪،‬‬
‫فتغيرت العديد من أشكال املمارسة في مهنة املحاماة‪ ،‬هذه األخيرة التي لها أخالقيات وأعراف‬
‫وتقاليد متجدرة وضاربة في القدم‪.‬‬
‫ومن ثمة‪ ،‬فلن أقف طويال عند تعريف مهنة املحاماة وال عند تعريف اإلنترنت باعتبارها‬
‫شبكة عاملية يشترك فيها الجميع‪ ،‬بل سأنطلق سريعا ألطرح بعض اإلشكاالت التي تقتضيها دراسة‬
‫هذا املوضوع‪ ،‬منها هل املمارسة في العالم اإلفتراض ي تختلف عن املمارسة في العالم الواقعي؟ وإذا‬
‫كان املحامي ملزم بالحفاظ على استقالليته وحريته في مواجهة الثورة املعلوماتية‪ ،‬وبالحفاظ على‬
‫األسرار املهنية‪ ،‬وعلى أعراف وتقاليد املهنة في املمارسة اليومية‪ ،‬فهل األمر كذلك في العالم‬
‫اإلفتراض ي وعبر وسائط اإلتصال؟ فهناك أسرار وملفات ووثائق ومكاملات ومراسالت متبادلة بين‬
‫املحامي وزبونه؟ ثم بعد ذلك محاولة ملعرفة النظام القانوني الذي يؤطر مهنة املحاماة على مستوى‬
‫شبكة اإلنترنت ومختلف وسائل اإلتصال اإللكترونية‪.‬‬

‫من خالل ماسبق‪ ،‬نرى تقسيم املوضوع إلى مطلبين اثنين كما يلي‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مبدأ املحافظـة على السـراملنهي واملراسالت عـبرالبريد اإللكتروني‬

‫املطلب الثاني‪ :‬املوقع اإللكتروني للمحامي واإلشهار والتشفيركوسيلة لحماية املراسالت‬

‫الصفحة ‪10 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املطلب األول‪ :‬مبدأ املحافظة على السراملنهي واملراسالت عبرالبريد اإللكتروني‬

‫تطرح بهذا الصدد مجموعة من اإلشكاالت في مواجهة املهنة تتعلق باستعمال وسائل‬
‫اإلتصال الحديثة‪ ،‬ولن نتعرض للحديث عن املعلوميات وأهميتها في تدبير املكاتب‪ ،‬بل سنقتصر على‬
‫دراسة اإلشكاالت املتعلقة بأخالقيات وأعراف مهنة املحاماة خصوصا السر املنهي واستقاللية‬
‫املحامي في عالقته بموكليه وباملتدخلين في شبكة اإلنترنت‪ ،‬والتي تمس جانبين اثنين هما املوقع‬
‫اإللكتروني للمحامي واالستشارة القانونية عبر الخط(‪.)1‬‬

‫إن املحامي الذي يتواصل عبر اإلنترنت يتهدده خطر القرصنة واإلختراق غير املشروع من‬
‫طرف الغير للمراسالت والوثائق وامللفات املتبادلة بينه وبين زبونه‪ ،‬إذ أن وسائل اإلتصال‬
‫اإللكترونية تسمح للغير بالولوج بسهولة إلى امللفات واإلطالع عليها وتغييرها‪ ،‬بل األكثر من ذلك‬
‫إمكانية إرسال جواب إلكتروني دون املرور من عند املرسل الحقيقي عن طريق اإلحتيال‪ ،‬مما يطرح‬
‫إشكالية السرية لإلتصاالت التي يجريها مع موكليه ومع املحاكم كذلك في حالة وجود إتصال‬
‫إلكتروني مع هذه األخيرة‪ ،‬مما يصبح معه أهم مبدأ من مبادئ مهنة املحاماة في خطر أال وهو السر‬
‫املنهي‪ ،‬فما املقصود به؟ ثم ما هي اإلشكاالت التي يطرحها البريد اإللكتروني؟ هذا ما سنتعرض له في‬
‫الفقرتين املواليتين‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم السراملنهي باعتباره مبدأ مقدسا‬

‫للسر املنهي نورد منها على سبيل املثال ال الحصر ما يأتي‪،‬‬ ‫لقد وردت عدة تعريفات لغوية ّ‬
‫ً‬ ‫عرف ّ‬ ‫ّ‬
‫السر بأنه من األسرار التي تكتم والسر ما أخفيت‪ ،‬ورجل سري أي يضع األشياء سرا‪ ،‬وأسر‬
‫السر في القرآن الكريم في أكثر من موضع‪ ،‬كما في قوله‬ ‫الش يء أي كتمه ولم يظهره(‪ ،)2‬كما وردت كلمة ّ‬
‫السر ِفي‬‫السر َو َأخ َفى ﴾(‪ ،)3‬وقوله عز وجل ﴿ قل َأ َنزَله ال ِذي َيع َلم ّ‬ ‫تعالى﴿ َوإن َتج َهر بال َقول َفإنه َيع َلم ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الس َم َاوات َواأل ض إنه َك َ‬
‫ان غفورا ر ِحيما﴾(‪ ،)4‬وقوله تعالى ﴿ ال ِذين ي ِنفقون أم َوالهم ِباللي ِل َوالن َه ِار ِس ًّرا‬ ‫ِ ر ِ ِ‬

‫)‪(1‬‬‫‪Chabert (Patrick). Les défis pour l'indépendance de l'avocat. L'@-professionnalisation : un enjeu‬‬


‫‪ou un défi pour l'indépendance et le secret professionnel des avocats ?, in L'indépendance de‬‬
‫‪l'avocat. Actes du 28e colloque de droit européen, Bayonne, 25-26 février 2002, Strasbourg, Ed. Du‬‬
‫‪Conseil de l'Europe, 2003, p.30.‬‬
‫(‪ )2‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬المجلد السادس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1988 ،‬كلمة (سرر)‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة طه اآلية‪.7 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة الفرقان اآلية‪.6 :‬‬

‫الصفحة ‪11 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ًَ‬ ‫ند َ ّبهم َ َوال َخوف َع َليهم َ َوال هم َيح َزنو َن﴾(‪ ،)1‬وقوله تعالى ﴿ َ‬
‫ض َر َب ّللا َمثال‬ ‫َو َع َالن َي ًة َف َلهم َأجرهم ع َ‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫وكا ال َيقدر َع َلى َش يء َو َمن ر َزق َناه منا رز ًقا َح َس ًنا َفه َو ينفق منه س ًّرا َو َجه ًرا ۖ َهل َيس َتوونَ‬
‫ً‬
‫َعب ًدا ممل‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ‬
‫ال َحمد لِل َبل أكثرهم ال َيع َلمو َن ﴾(‪). 2‬‬
‫ِ ِ‬
‫إن كتمان السر من الواجبات العمومية أي أنه مطلوب من كل انسان أفض ى إليه غيره بسر‬
‫من األسرار‪ ،‬غير أن مخالفة هذا الواجب ال تستدعي إال العقاب األدبي بمعنى أن الذي يخل به إنما‬
‫يكون مسؤوال أمام وجدانه أو غيره‪ ،‬لكن من الناس من له حرفة ال بد فيها من العلم بأسرار بعض‬
‫ً‬
‫الالجئين إليه طلبا ملنافع صناعته فصار األفضا إليه بالسر أمر قهريا نظرا ملقتضيات تلك‬
‫الصناعة(‪.)3‬‬
‫واملحافظة على السر املنهي من طرف املحامي من أوجب الواجبات‪ ،‬وأوكد اإللتزامات فيمنع‬
‫على املحامي أن يفش ي أي سر من األسرار املهنية‪ ،‬فهو مدين بالكتمان املطلق ملوكله بحيث ال يمكن‬
‫أن يسلم للغير املودعة لديه‪.‬‬
‫فااللتزام بالسر املنهي مطلق وعام وغير مقيد كلما تعلق األمر بالنشاط املنهي للمحامي وال‬
‫يقبل اية استثناءات ألنه يعلو أي اعتبار آخر‪ ،‬ويبقى لصيقا باملحامي إلى ما بعد انتهاء عالقته‬
‫بالزبون ويمتد إلى كل الوثائق واملراسالت وجميع وسائل االتصال االخرى كاملكاملات الهاتفية‬
‫واملراسالت السلكية والالسلكية(‪.)4‬‬
‫فاملحامي ملزم بإحترام وحماية السر املنهي واسرار موكليه‪ ،‬بإعتباره إلتزام مقدس ال يسقط‬
‫مهما كانت الظروف‪ ،‬ومطلق غير مقيد إال باستثناءات ضيقة وضئيلة نص عليها القانون وأوضحها‬
‫النظام الداخلي لهيئة املحامين‪.‬‬
‫ذلك أن مراعاة املحامي للسر املنهي وعدم إفشائة هو التزام ال يجد مصدره في العالقات‬
‫التعاقدية التي تربط بينه وبين الزبون فقط‪ ،‬وإنما يتعدى هذا اإلطار ذلك أنه ملزم بموجب أحكام‬
‫املادة ‪ 12‬من قانون املهنة املتعلقة َ‬
‫بالقسم‪ ،‬وكذلك املادة ‪ 36‬من نفس القانون بمراعاة السر املنهي‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة اآلية‪.274 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة النحل اآلية‪.75 :‬‬
‫(‪ )3‬أحمد فتحي زغلول‪ :‬المحاماة‪ ،‬مطبعة المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،1900/1318 ،‬ص‪ 340 :‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد هللا درميش‪ :‬مقومات مهنة المحاماة في تقاليدها وأعرافها وآدابها‪ ،‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد ‪،1991 -2‬‬
‫ص‪ 15 :‬وما يليها‪.‬‬

‫الصفحة ‪12 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وعدم إفشاء أي ش يء يمس به(‪.)1‬‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬البريد اإللكتروني كوسيلة للتواصل بين املحامي وزمالئه وموكليه‬
‫ومع الجهات القضائية األخرى‪.‬‬
‫يمكن تعريف البريد اإللكتروني لغة إذ تعني كلمة بريد في اللغة العربية ّ‬
‫الدابة التي تحمل‬
‫الرسائل‪ ،‬وأصل كلمة اإليميل (البريد اإللكتروني) كلمة أنجليزية (‪ )electronic mail‬ومعناها التراسل‬
‫بالحاسوب‪ ،‬ويسمى اختصارا باللغة اإلنجليزية (‪.)2( )E-mail‬‬

‫تتيح خدمة البريد اإللكتروني إرسال واستقبال الرسائل البريدية من خالل نظام تكبير‬
‫الرسالة إلى حزم تمر من خادم إلى آخر حتى الوصول إلى املقصد‪ ،‬وبمجرد وصول الحزم يعاد‬
‫اتحادها إلى صورتها األصلية‪ ،‬وكذلك ال يستغرق إال ثواني‪ ،‬إذ أصبح اليوم لكل شخص بريد‬
‫إلكتروني‪ ،‬وذلك لسهولة التواصل بواسطته‪ ،‬وضعف تكلفته‪ ،‬لكن هذه الخدمة محفوفة باملخاطر‪،‬‬
‫ومن أهم أخطار هذه الخدمة هي عدم الخصوصية وضعف اآلمان حيث يقوم املشتركون باستقبال‬
‫وإرسال بريدهم من داخل هذه املواقع التي توفر هذه الخدمة(‪.)3‬‬

‫لقد قامت بعض التشريعات بإعطاء تعريف للبريد اإللكتروني نورد منها التشريع الفرنس ي‬
‫واألمريكي‪ ،‬ذلك أن القانون املتعلق بالثقة في االقتصاد الرقمي في فرنسا الصادر بتاريخ ‪ 21‬يونيو‬
‫ً‬ ‫‪ ،)4( 2004‬نجده قد ّ‬
‫عرف في املادة األولى منه البريد اإللكتروني بأنه‪":‬كل رسالة‪ ،‬أيا كان شكلها من‬
‫نصية أو صوتية أو مصحوبة بصور أو أصوات يتم إرسالها عبر شبكة عامة لإلتصاالت‪ ،‬ويتم‬
‫تخزينها على أحد خوادم هذه الشبكة أو املعدات الطرفية للمرسل إليه إذ يتمكن األخير من‬
‫استعادتها"‪.‬‬

‫أما التشريع األمريكي فعرف البريد اإللكتروني بأنه‪":‬وسيلة اتصال يتم بواسطتها نقل‬

‫(‪ )1‬للمزيد من التوسع واإلطالع حول مسؤولية المحامي عن إفشاء السر المهني أنظر‪ :‬الحمزاوي موحى‪ :‬مسؤولية المحامي في‬
‫التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1994 ،‬ص‪ 97 :‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )2‬زين العابدين عوام كاظم‪ :‬الحماية الجزائية لمراسالت البريد اإللكتروني‪ ،‬مجلة أروك لألبحاث اإلنسانية‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬العدد‬
‫الثالث‪ ،‬أيلول ‪،2010‬ص‪ .118 :‬منشور على الموقع اإللكتروني ‪. www.iasj.net‬وأنظر كذلك‪ :‬خالد ممدوح إبراهيم‪ :‬حجية‬
‫البريد اإللكتروني في اإلثبات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2008 ،‬ص‪.34 :‬‬
‫(‪ )3‬محمد إبراهيم أبو الهيجاء‪ :‬التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.46 :‬‬
‫‪(4) LOI n° 2004-575 du 21 juin 2004 pour la confiance dans l'économie numérique, JO 22 juin 2004‬‬

‫‪– voir le site suivant : http://www.legifrance.gouv.fr/.‬‬

‫الصفحة ‪13 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املراسالت الخاصة عبر شبكة خطوط تلفونية عامة أو خاصة ويتم كتابة الرسالة عبر الحاسب‬
‫ويتم ارسالها إلكترونيا إلى حاسب مورد الخدمة الذي يتولى تخزينها حتى يأتي املرسل إليه‬
‫ليستعيدها"(‪.)1‬‬

‫ويتميز البريد اإللكتروني – كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ -‬بعدة صفات كالسرعة والسهولة‬
‫وانعدام الكلفة مما جعله يعرف استخداما متناميا في مقابل انتهاء جهاز الفاكس(‪ ،)2‬ذلك أن من‬
‫َ‬
‫مزايا البريد اإللكتروني أنه إذا َب َعث إليك زميلك مشروع عقد عن طريق البريد اإللكتروني‪ ،‬وترغب في‬
‫إجراء تعديالت عليه فإنها تبقى سهلة مع وجود معالج النصوص الخاص بك‪ ،‬ومن ثمة تقوم بالعمل‬
‫على نفس الوثيقة املرسلة لك على خالف ذلك لو تعلق األمر بالفاكس‪ ،‬مما يتطلب منك األمر إعادة‬
‫كتابة العقد أو الوثيقة وكل املعلومات إلى جانب بطء الفاكسات والتكلفة املرتبطة بها‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فإن استخدام البريد اإللكتروني كوسيلة بين املحامين أنفسهم وبينهم وبين موكليهم‪ ،‬يثير عدة‬
‫تساؤالت إذ العديد من الخبراء يشككون في أمن اإلنترنت(‪.)3‬‬

‫وإذا كان الفاكس يتم عبر خط خاص‪ ،‬فإن البريد اإللكتروني ينتقل في شبكة عاملية مفتوحة‬
‫بين املاليين من الناس‪ ،‬إذ ال يوجد ضمان حقيقي من أن الرسالة لم يتم العبث بها بالقراءة أو‬
‫التغيير أو التحريف من الغير في اثناء رحلتها عبر الشبكة العنكبوتية‪ ،‬وهناك احتمال وصول الرسالة‬
‫إلى شخص آخر عندما يخطأ في العنوان‪.‬‬

‫لقد نشأ القلق على نحو متزايد حول ما إذا كانت االتصاالت عبر األنترنت آمنة بما فيه‬
‫الكفاية لحماية التزام املحامي اتجاه موكله أي اإللتزام بالسر املنهي‪ ،‬ولقد تباينت التشريعات حول‬
‫املعايير األخالقية املطبقة على اإلتصاالت بين املحامي وموكله‪ ،‬إذ حددت معظم الدول أن املحامين‬
‫يمكن لهم التواصل مع موكليهم عن طريق البريد اإللكتروني(‪ ،)4‬ذلك أن جميع القوانين الجنائية‬
‫الحديثة‪ -‬بما فيه القانون املغربي املتعلق باملعالجة اآللية للمعطيات‪ -‬تجعل اعتراض هذه الرسائل‬

‫(‪ )1‬عبد الهادي فوزي العوضي‪ :‬الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة الطبعة األولى‪.2007 ،‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪Robert Cassius de Linval: le secret professionnel empeche-t-il l'utilisation du courrier‬‬
‫‪electronique?, p :1. Voir le site suivant: https://papyrus.bib.umontreal.ca.‬‬
‫‪(3) Robert Cassius de Linval : op.cit. p :2.‬‬
‫‪(4) J. T. Westermeier, Ethical Issues for Lawyers on the Internet and World Wide Web, 6 RICH. J.L.‬‬

‫‪& TECH. 5, (Symposium 1999) http://jolt.richmond.edu/v6i1/westermeier.html‬‬

‫الصفحة ‪14 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫جريمة جنائية(‪.)1‬‬

‫بالرغم من ذلك‪ ،‬فقد أعربت العديد من الدول على أن الهواتف الخلوية والالسلكية ليست‬
‫آمنة بما فيه الكفاية لإلتصال بين املحامي وموكليه‪ ،‬بل تحذر املحامين من تقديم املشورة ملوكليهم‬
‫عن طريق البريد اإللكتروني(‪ ،)2‬وتطلبت بعض تشريعات الواليات املتحدة تنازل صريح من قبل‬
‫الزبون إلرسال معلومات سرية عبر وسائل اإلتصال اإللكترونية‪ ،‬كما اعتبرت اإلتصاالت مع العمالء‬
‫بهذه الوسائل قد تعرض واجب املحامي في الحفاظ على سرية اإلتصاالت بينه وبين موكليه للخطر في‬
‫غياب أي تنازل صريح من قبل الزبون(‪.)3‬‬

‫ولقد عملت بعض التشريعات على وضع بعض التوجيهات للحفاظ على السر املنهي عبر‬
‫شبكة اإلنترنت‪ ،‬وذلك من خالل بذل عناية معقولة لتحديد طريقة اإلتصال التي على ضوئها يمكن‬
‫املحافظة على على سرية املعلومات‪ ،‬وكذلك نقلها في ظروف أفضل‪.‬‬

‫وإذا كان قانون املهنة نص على إمكانية إنشاء موقع إلكتروني عبر شبكة املعلومات اإلنترنت‬
‫في الفقرة األخيرة من املادة ‪ 35‬منه‪ ،‬فإنه لم يتعرض للقواعد الخاصة بالبريد اإللكتروني بخالف‬
‫النظام الداخلي لهيئة املحامين بالدار البيضاء الذي أشار إليه في الفقرة الثانية من املادة ‪ 42‬من‬
‫النظام الداخلي عند حديثه على مشتمالت أوراق ورسائل وطوابه وملفات ووصالت وبطاقات املحامي‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫في حين أن النظام الداخلي العام للمحاماة الفرنس ي الذي يشار إليه اختصارا (‪ )RIN‬رقم‬
‫‪ 003-2005‬الذي نص في املادة (‪ )6.6.1‬على تقديم خدمات قانونية بواسطة اإلنترنت‪ ،‬وجاء فيها‬
‫‪":‬تأدية الخدمات القانونية بواسطة إتصاالت فورية من قبل محامي هي تلك الخدمات الشخصية‬
‫التي يوجهها املحامي إلى أحد زبنائه الجدد أو القدامى ويجوز عرضها شرط مراعاة أحكام املادة ‪15‬‬
‫من املرسوم الصادر في ‪ 12‬يوليوز ‪ "2005‬أي تلك املتعلقة باإلشهار‪.‬‬

‫كما نصت املادة (‪ )6.6.2‬من نفس النظام على أنه‪ ":‬عند اإلتصال باملحامي للحصول على‬

‫(‪ )1‬أنظر‪ :‬القانون رقم ‪ 07-03‬المتعلق بالجرائم الواقعة على نظم المعالجة اآللية للمعطيات المواد من ‪ 3/607‬إلى ‪ 11/607‬من‬
‫المجموعة الجنائية‪.‬‬
‫‪(2) J. T. Westermeier : op.cit p :2.‬‬

‫(‪ )3‬من هذه التشريعات قانون والية ايوا للمسؤولية المهنية‪ ،‬وكذلك قانون والية كارولينا كالهما في الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪- J. T. Westermeier : op.cit p :3.‬‬

‫الصفحة ‪15 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫خدمات قانونية يتوجب عليه التأكد من هوية وصفة املتصل بغية احترام السر املنهي‪ ،‬وتفادي تنازع‬
‫املصالح وتقديم املعلومات املالئمة لحالة طالب الخدمة"‪ ،‬كما نصت نفس املادة في فقرتها الثانية‬
‫على أنه يجب أن يكون التعرف على املحامي الذي يقدم الخدمات ممكنا‪.‬‬

‫كما نصت املادة (‪ )6.6.3‬من النظام الداخلي العام (الفرنس ي) على انه‪" :‬عند تأدية خدمات‬
‫قانونية عبر طرق اتصاالت فورية (البريد اإللكتروني) يجب أن تتوفر للمحامي إمكانية التواصل مع‬
‫مستخدم اإلنترنت‪ ،‬خاصة إذا تبين له أن الطلب املوجه إليه غير مالئم او لطرح األسئلة الضرورية‬
‫أو لتقديم اقتراحات تؤدي إلى تأدية الخدمة املالئمة لظروفه"‪.‬‬

‫زد على ذلك أنه يمنع على املحامي ان يرسل رسائل إلكترونية لزبائن محتملين أما زبائنه‬
‫فيمكن االتصال بهم ومراسلتهم عن طريق البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬املوقع اإللكتروني للمحامي واإلشهار والتشفيركوسيلة لحماية املراسالت‬

‫في زمن تكنولوجيا املعلومات واالتصال أصبح انشاء موقع الكتروني على شبكة االنترنيت من‬
‫الضروريات‪ ،‬وذلك من اجل مواكبة التطور الحاصل في التبادل االلكتروني للمعلومات‪ ،‬ومن اجل‬
‫تسخير هذه الوسائل لتحقيق خدمات قانونية أفضل‪ ،‬هذا املوقع الذي له خصوصيات نتيجة‬
‫الخصوصيات واملميزات التي تمتاز بها مهنة املحاماة‪.‬‬

‫نرى تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين أساسيتين نتناول في األولى املوقع اإللكتروني للمحامي‬
‫واإلشهار وفي الثانية التشفير اإللكتروني كوسيلة لتأمين مراسالت املحامي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬املوقع اإللكتروني للمحامي واإلشهار‬

‫اإلشهار على شبكة اإلنترنت يعد موضوعا مركزيا في املهن الحرة ككل‪ ،‬واملحاماة من أبرزها‬
‫كذلك(‪ ،)1‬إذ أن قانون مهنة املحاماة نص في صدر املادة ‪ 35‬على أنه‪ ":‬ال يجوز للمحامي أن يمارس أي‬
‫عمل يستهدف جلب األشخاص‪ ،‬واستمالتهم‪ ،‬وال أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته"‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Ramon MULLERAT. Les défis pour l'indépendance de l'avocat. L'@-professionnalisation : un‬‬
‫‪enjeu ou un défi pour l'indépendance et le secret professionnel des avocats ?, l’avocat et l’internet.‬‬

‫الصفحة ‪16 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وينبغي أيضا أن يطرح موضوع اإلشهار الخدمات عبر اإلنترنت بعناية‪ ،‬ألن القواعد التي‬
‫تحكمه تختلف على نطاق واسع بين النقابات املحلية والوطنية‪.‬‬

‫وإذا كان يجوز توفير خدمات قانونية عبر االنترنت فإنها ال تتعلق باإلشهار‪ ،‬ال يجوز‬
‫للمحامين إعطاء وصف عام عن أعمالهم‪ ،‬وكذا يمنع عليهم اإلفصاح عن أسماء عمالئهم أو أية‬
‫تفاصيل عن النشاط الذي يقومون به(‪.)1‬‬

‫لقد تعرض قانون مهنتنا ونظامنا الداخلي الخاص بهيئة املحامين بالدار البيضاء لتنظيم‬
‫املوقع اإللكتروني للمحامي‪ ،‬إذ جاء في الفقرة الرابعة من املادة ‪ 35‬من قانون املهنة ما يلي‪":‬يحق‬
‫للمحامي أن يتوفر على موقع في وسائل االتصال اإللكترونية يشير فيه‪ ،‬باقتضاب‪ ،‬إلى نبذة عن‬
‫حياته‪ ،‬ومساره الدراس ي واملنهي‪ ،‬وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه‪ ،‬شريطة الحصول على إذن‬
‫مسبق من النقيب بمضمون ذلك"‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى النظام الداخلي لهيئتنا نجده تعرض بشكل أكثر تفصيال لبعض القواعد التي‬
‫يجب ان يخضع لها املوقع اإللكتروني للمحامي خصوصا تلك القواعد املتعلقة باإلشهار‪ ،‬ذلك أن‬
‫املادة ‪ 43‬من نفس النظام جاء فيها ما يلي‪ ":‬يتضمن املوقع حصريا البيانات املنصوص عليها في املادة‬
‫‪ 35‬من القانون املنظم للمهنة‪ ،‬ويمنع أن يتضمن املوقع‪ ،‬أية وصالت أو روابط أو الفتات إشهارية‬
‫ثابتة أو متحركة‪ ،‬مهما كانت السلعة أو الخدمة املتعلقة بها‪ ،‬كما نصت نفس املادة على أنه يمنع ان‬
‫تكون للموقع أية روابط تمكن مباشرة أو بكفية غير مباشرة‪ ،‬من الولوج إلى مواقع أخرى‪ ،‬يكون‬
‫مضمونها ومحتواها مخالفا لقسم املهنة ومبادئها األساسية"‪.‬‬

‫كما نصت نفس املادة املذكورة في فقرتها األخيرة على أنه يتعين على املحامي الحرص على‬
‫احترام مضمون ومحتوى موقعه السر املنهي‪ ،‬وأعراف املهنة وتقاليدها‪.‬‬

‫ويالحظ أن املشرع طبق على القواعد التقليدية املتعلق باإلشهار على املوقع اإللكتروني‬
‫للمحامي حينما تعرض للبيانات التي يمكن ان يحتويها املوقع فقد أحال على مقتضيات املادة ‪ 35‬من‬
‫قانون املهنة أي ان يشير فيه‪ ،‬باقتضاب‪ ،‬إلى نبذة عن حياته ‪ ،‬ومساره الدراس ي واملنهي‪ ،‬وميادين‬

‫‪Actes du 28e colloque de droit européen, Bayonne, 25-26 février 2002, Strasbourg, Ed. Du Conseil‬‬
‫‪de l'Europe, 2003, p.62.‬‬
‫‪(1) Ramon MULLERAT.op.cit. 62.‬‬

‫الصفحة ‪17 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫اهتماماته القانونية وأبحاثه‪ ،‬شريطة الحصول على إذن مسبق من النقيب بمضمون ذلك‪.‬‬

‫بل إن بعض األنظمة الداخلية املقارنة ‪-‬الفرنس ي على وجه التحديد‪ -‬نص على ضرورة أن‬
‫يتضمن موقع املحامي اسمه وعنوان مكتبه واسماء الشركاء إذا تعلق بشركة مهنية أو الشكل‬
‫القانوني الذي يمارس من خالله الزمالء مهنة املحاماة(‪ ،)1‬وأن تكون هذه املعلومات متوفرة مع‬
‫سهولة الوصول إليها‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد نص النظام الداخلي العام ملهنة املحاماة الفرنس ي في املاة (‪ )10.6‬على أنه‬
‫يجب أن يحتوي عنوان املوقع (‪ )Nom de domaine‬على اسم املحامي او تسمية املكتب الدقيقة‪،‬‬
‫ويمكن أن يسبقها أو ويتبعها كلمة "محامي"‪ ،‬كما يحظر على املحامي استعمال كلمات لعنوان‬
‫موقعه توحي بصورة عامة إلى مهنة املحاماة او مجال قانوني‪ ،‬أو نشاط من نشاطات مهنة املحاماة او‬
‫أي لقب يضلل العموم‪.‬‬
‫ً‬
‫كما يمنع منعا باتا تحميل املوقع‪ ،‬الخاص باملحامي دعايات غير خاصة باملهنة‪ ،‬ومهما كانت‬
‫الخدمات أو املنتجات املعلن عليها‪ ،‬وهو نفس ما نصت عليه املادة ‪ 43‬من النظام الداخلي لهيئة‬
‫املحامين بالدار البيضاء‪.‬‬

‫كما منع النظام الداخلي العام الفرنس ي تحميل املوقع (‪ )Hyperlinks‬يصله بطريقة مباشرة‬
‫او غير مباشرة بمواقع أو صفحات مواقع ذات املحتوى غير املطابق مع املبادئ األساسية ملهنة‬
‫املحاماة‪ ،‬ويتوجب على املحامي التدقيق قي ذلك بزيارة دورية للمواقع والصفحات التي توصل إليها‬
‫(‪ )Hyperlinks‬املوجودة على موقعه‪.‬‬

‫كما نص نفس النظام أنه على املحامي أخذ جميع التدابير إللغاء أي روابط أو وصالت إذا‬
‫تبين أن هذه املواقع تتناقض مع املبادئ األساسية للمهنة‪ ،‬وعلى املحامي كذلك إعالم مجلس الهيئة‬
‫بأي روابط او وصالت (‪ )Hyperlinks‬يريد إنشاءها قبل وضعها على موقعه‪.‬‬

‫باإلضاقة إلى أن النظام الداخلي العام – الفرنس ي‪ -‬نص على انه يمكن للمحامي أن يشارك‬
‫في املدونات "‪ "Blog‬أو في شبكة إجتماعية إلكترونية مع إحترام املبادئ األساسية للمهنة وكافة أحكام‬

‫)‪(1‬‬ ‫‪Chabert (Patrick). Op.cit, p.32.‬‬

‫الصفحة ‪18 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫النظام الداخلي(‪.)1‬‬

‫ذلك أنه يوجد على اإلنترنت مواقع تتعلق بمكاتب للمحاماة يستحيل معرفة أسماء املحامين‬
‫املسؤولين عنها‪ ،‬ويصعب معرفة النقابة التي ينتمون إليها‪ ،‬ولتفادي ذلك قامت التشريعات بإلزام‬
‫املحامين بالتعريف بأسمائهم والهيئات التي ينتمون إليها وبصفة عامة تحميلهم املسؤولية على‬
‫محتوى ومضمون مواقعهم اإللكترونية(‪.)2‬‬

‫كما تجدر اإلشارة كذلك أن النظام الداخلي لهيئتنا منع الوصالت واإلشارات والروابط التي‬
‫تتعلق بالغير في الفقرة الثانية من املادة ‪ 43‬من النظام الداخلي‪ ،‬بل مجلس هيئات املحامين األوروبي‬
‫منع وضع وصالت تتعلق بالزبناء أو أية إشارة إليها في مواقعهم‪ ،‬وكذا جميع العناصر التي تخرج عن‬
‫املمارسة املهنية‪ ،‬كإنشاء روابط تتعلق بافضل املقاهي في املدينة‪ ،‬أوأفضل املطاعم أو الفنادق أو‬
‫تذكير بأفضل اإليرادات التي حققها مطعم زوجة املحامي صاحب املوقع اإللكتروني مثال(‪ ،)3‬كما‬
‫يجب أن يسهر املحامي على حماية عنوان موقعه اإللكتروني حتى ال يتم استخدامه من طرف الغير‬
‫في اغراض أخرى‪ ،‬وهنا فاملوقع يخضع للمقتضات املتعلقة بامللكية الفكرية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن موقع املحامي عبر شبكة اإلنترنت يجب أن ال يضع عبارات تدليلية‬
‫تساعد موقعه في الظهور للوهلة على محركات البحث(‪ ،)4‬باإلضافة إلى أن املحامي الذي ينشر‬
‫اإلجتهادات القضائية ومن أجل املحافظة على السر املنهي يجب عليه أن ال يكشف عن أسماء‬
‫أطراف النزاع‪ ،‬وأن ال يشير ال من قريب أو بعيد إلى مؤسسات تجارية أو غيرها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التشفيراإللكتروني كوسيلة لتأمين مراسالت املحامي‪:‬‬

‫التشفير أو الترميز أو التعمية لغة الخفاء وااللتباس وفي اإلصطالح "تحويل نص واضح إلى‬
‫آخر غير مفهوم باستعمال طريقة محددة يستطيع من يعرفها أن يفهم النص‪ ،‬واستخراجها عكس‬
‫ذلك‪ ،‬يجري فيه تحويل النص املعمى إلى نص واضح ملن ال يعرف مسبقا طريقة التعمية‬

‫(‪ )1‬أنظر‪ :‬المادة (‪ )10.6‬من النظام الداخلي العام لمهنة المحامة الفرنسي‪.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫‪Chabert (Patrick). Op.cit, p.32.‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫‪Chabert (Patrick). Op.cit, p.32.‬‬
‫‪(4) Chabert (Patrick). Op.cit, p.33.‬‬

‫الصفحة ‪19 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املستعملة"(‪ ،)1‬ويراد بالتشفير مجموعة من الوسائل الفنية التي تستهدف حماية سرية معلومات‬
‫معينة عن طريق استخدام رموز خاصة تعرف باسم املفاتيح‪ ،‬وتشفير البيانات يستهدف – كما قلنا‬
‫– املحافظة على سالمتها وتأمين خصوصيتها وال يستخدمها إال من وجهت إليه‪.‬‬

‫ويعرف التشفير بأنه عملية تحويل املعلومات إلى رموز غير مفهومة –تبدو غير ذات معنى‪-‬‬
‫بحيث يمنع األشخاص غير املرخص لهم من اإلطالع على املعلومة أو فهمها‪ ،‬فعملية التشفير تنطوي‬
‫على تحويل النصوص العادية إلى نصوص مشفرة‪ ،‬ومن املعلوم أن اإلنترنت تشكل الوسيط األضخم‬
‫لنقل املعلومات‪ ،‬وال بد من نقل املعلومات الحساسة كالتحويالت املالية واألداء اإللكتروني بصيغة‬
‫مشفرة حتى يمكن املحافظة على سالمتها من عبث القراصنة‪.‬‬

‫وحاول عدد من الفقهاء وضع تعريف للتشفير فجاءت تعريفاتهم متشابهة ومرتكزة أساسا‬
‫على هدفه‪ ،‬وسبب وجوده مؤكدين على أنه تقنية تساهم بفاعلية في ضمان سرية املراسالت بين من‬
‫يرسلها ومن يتلقاها‪.‬‬

‫وقد عرف املشرع املغربي وسائل التشفير في القانون رقم ‪ 53-05‬املتعلق بالتبادل االلكتروني‬
‫للمعطيات القانونية في الفقرة الثانية من املادة ‪ 12‬بأنها " يراد بوسيلة التشفير كل عتاد أو برمجية‬
‫أو هما معا‪ ،‬ينشأ أو يعدل من أجل تحويل معطيات سواء كانت عبارة عن إشارات أو رموز استنادا‬
‫إلى اتفاقيات سرية أو من أجل إنجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية أو بدونها "(‪.)2‬‬

‫ويمكن القول إن الغاية من التشفير هي إيجاد وسيلة للمحافظة على سرية البيانات‬
‫وحمايتها لكي ال يستطيع أي شخص اإلطالع على هذه البيانات غير املتعاقدين أو من يصرح له قانونا‬
‫بذلك‪ ،‬كما يهدف ال تشفير إلى منع الغير من التقاط الرسائل أو املعلومات ومن ثم منع وصولها‬
‫مشوهة للطرف اآلخر في املعاملة التجارية على نحو يعرقلها(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬محمد مراياتي‪ ،‬محمد حسان الطيان‪ ،‬يحيى مير علم‪ :‬علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دراسة وتحقيق لرسائل‬
‫الكندي وابن عدالن وابن الدرتهم ‪ ،‬مطبوعات مجمع اللغة العربية ‪ ،‬دمشق ‪ ، 1987 ،‬ص ‪ 9‬ومايليها‪.‬‬
‫(‪ )2‬كما يعرف البعض التشفير على أنه ‪ ":‬تكنولوجيا تستعمل خوارزميات رياضية معقدة لتشفير ونزع تشفير البيانات‪ ،‬وهذا بهدف ضمان‬
‫السرية التي تستلزمها المعلومات بعقد تأمين المعامالت ما بين الزبون والتاجر أو البنك"‪.‬‬
‫‪- Jeffrey F. Rayport, Bernard J. Jaworski : Commerce électronique, traduit de l'américain par Francine‬‬
‫‪Vézina, Johanne Champoux, Élisabeth Rochette, Edition Montréal : Chenelière/McGraw-Hill, DL 2003,‬‬
‫‪P.57.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الفتاح بيومي حجازي‪ :‬النظام القانوني لحماية التجارة اإللكترونية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظام االلكترونية وحمايتها مدنيا‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2002 ،‬ص ‪.203‬‬

‫الصفحة ‪20 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ومن ثمة‪ ،‬فإن املحامي مطالب بتشفير مراسالته التي تتم مع موكليه حتى ال تتعرض‬
‫لإلختراق من طرف األغيار‪ ،‬وحتى يحافظ على إلتزامه املقدس املتمثل في حماية السر املنهي‪ ،‬وهذا‬
‫التشفير يتم من خالل اختيار كلمات للسر يصعب التعرف عليها بسهولة وأخذ كافة االحتياطات‬
‫الالزمة لحماية مراسالته‪ ،‬وكذا من خالل استخدام وسائل التشفير طبقا للمعايير املتعارف عليها‬
‫وطنيا ودوليا‪.‬‬

‫الصفحة ‪21 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫لقد حاولنا من خالل دراستنا ملوضوع املحاماة واإلنترنيت محاولة استجالء الغموض‬
‫املحيط به‪ ،‬ومن ثم تسليط الضوء على أهم اإلشكاالت القانونية التي يطرحها وبعد هذه الدراسة‬
‫املتواضعة أمكننا الخروج بمجموعة من االستنتاجات‪:‬‬

‫‪ )1‬لقد حولت كثيرا تكنولوجيا املعلومات واالتصال من أعراف وتقاليد مهنة‬


‫املحاماة في السنوات األخيرة‪ ،‬وبالتالي يتعين على القائمين على الشأن املنهي دراسة الكيفية‬
‫التي يتم بها إعادة تشكيل قواعد أخالقية ملواكبة العصر الرقمي دون التضحية بالقيم‬
‫األخالقية العريقة التي تعد صمام أمان مهنتنا‪.‬‬
‫‪ )2‬إن هجران التقاليد املأثورة قضاء مبرم على سلك املحاماة وسالحا فتاك في يد‬
‫أعدائه واملتربصين به سواء في العالم الحقيقي أو اإلفتراض ي كما قال أحد نقبائنا‪.‬‬
‫‪ )3‬ندعوا الزمالء املحامين لإلستخدام الفعال لتكنولوجيا املعلومات واإلتصال‬
‫من أجل توفير الجهد والكلفة وتحقيق نجاحات في املهنة‪.‬‬
‫‪ )4‬ندعوا إلى مواجهة املنافسة التي أصبحت تشنها مواقع إلكترونية للخدمات‬
‫القانونية أصحابها ليسوا بمحامين ولم يدرسوا القانون أبدا بل فقط لهم القدرة على‬
‫استخدمام املعلومات وتسهيل ولوج الجمهور إليها فقط هذه املؤسسات تستعمل جميع‬
‫وسائل التسويق لخدماتها بخالف املحامي‪.‬‬
‫‪ )5‬إبراز أهمية البريد اإللكتروني وكيفية حماية املعطيات والبيانات من اإلختراق‬
‫غير املشروع‪ ،‬وتطوير االستخدمات املمكنة هذه الوسيلة في التواصل عبر املحاكم واملحامين‬
‫وبين املتدخلين‪.‬‬
‫‪ )6‬إنشاء شبكات معلوماتية آمنة بين املحامين كما هو الحال في فرنسا وأمريكا‬
‫تيسر وتسرع من تأمين عدالة سريعة وفعالة‪.‬‬
‫‪ )7‬ندعوا إلى عقد ندوات إلبراز أهمية هذا املوضوع واالستخدام املثالي‬
‫لتكنولوجيا املعلومات واإلنترنت في املمارسة املهنية‪.‬‬

‫والحمد هلل رب العاملين‪.‬‬

‫الصفحة ‪22 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬

‫‪ )1‬اللغة العربية‪:‬‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬املجلد السادس‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،1988 ،‬كلمة (سرر)‪.‬‬

‫‪ -‬أبو بكر محمود الهوش‪ :‬دراسات في نظم شبكات املعلومات‪ ،‬مكتب عصمى للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪.1996 ،‬‬

‫‪ -‬أحمد فتحي زغلول‪ :‬املحاماة‪ ،‬مطبعة املعارف‪.1900/1318 ،‬‬

‫‪ -‬أنور بدر أحمد‪ :‬مقدمة في تكنولوجيا املعلومات وأساسيات استرجاع املعلومات‪ ،‬دار‬
‫الثقافة العلمية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬

‫‪ -‬بيل جيتس‪ :‬املعلوماتية بعد اإلنترنت‪ ،‬ترجمة عبد السالم رضوان‪ ،‬املجلس الوطني‬
‫للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪.1998 ،‬‬

‫‪ -‬الحمزاوي موحى‪ :‬مسؤولية املحامي في التشريع املغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬


‫القاهرة الطبعة األولى‪.1994 ،‬‬

‫‪ -‬خالد ممدوح إبراهيم‪ :‬حجية البريد اإللكتروني في اإلثبات‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2008 ،‬‬

‫‪ -‬زين العابدين عوام كاظم‪ :‬الحماية الجزائية ملراسالت البريد اإللكتروني‪ ،‬مجلة أروك‬
‫لألبحاث اإلنسانية‪ ،‬املجلد الثالث‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬أيلول ‪،2010‬ص‪ .118 :‬منشور على املوقع‬
‫اإللكتروني ‪www.iasj.net‬‬

‫‪ -‬عبد الفتاح بيومي حجازي‪ :‬النظام القانوني لحماية التجارة اإللكترونية‪ ،‬الكتاب‬
‫األول‪ ،‬نظام االلكترونية وحمايتها مدنيا‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2002 ،‬‬

‫الصفحة ‪23 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬عبد هللا درميش‪ :‬مقومات مهنة املحاماة في تقاليدها وأعرافها وآدابها‪ ،‬املجلة املغربية‬
‫لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد ‪.1991 -2‬‬

‫‪ -‬عبد الهادي فوزي العوض ي‪ :‬الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة الطبعة األولى‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬محمد إبراهيم أبو الهيجاء‪ :‬التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الناشر‬
‫الدار العلمية الدولية ومكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬

‫‪ -‬محمد مراياتي‪ ،‬محمد حسان الطيان‪،‬يحيى مير علم‪ :‬علم التعمية واستخراج املعمى‬
‫عند العرب‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دراسة وتحقيق لرسائل الكندي وابن عدالن وابن الدرتهم ‪ ،‬مطبوعات‬
‫مجمع اللغة العربية ‪ ،‬دمشق ‪.1987 ،‬‬

‫‪ -‬محمود محمود عفيفي‪ :‬التطورات الحديثة في تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬دار الثقافة‬


‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬

‫‪ -‬نيكوالس نيجروبونت‪ :‬التكنولوجيا الرقمية‪ :‬ثورة جديدة في نظم الحاسبات‬


‫واالتصاالت‪ ،‬ترجمة سمير ابراهيم شاهين‪ ،‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪.1998 ،‬‬

‫‪ )2‬اللغة األجنبية‪:‬‬

‫‪- Robert Cassius de Linval: le secret professionnel empeche-t-il l'utilisation‬‬


‫‪du courrier electronique?, p :1. Voir le site suivant: https://papyrus.bib.umontreal.ca.‬‬

‫‪- J. T. Westermeier, Ethical Issues for Lawyers on the Internet and World‬‬
‫)‪Wide Web, 6 RICH. J.L. & TECH. 5, (Symposium 1999‬‬
‫‪http://jolt.richmond.edu/v6i1/westermeier.html‬‬

‫‪- Ramon MULLERAT. Les défis pour l'indépendance de l'avocat. L'@-‬‬


‫‪professionnalisation : un enjeu ou un défi pour l'indépendance et le secret‬‬
‫‪professionnel des avocats ?, l’avocat et l’internet. Actes du 28e colloque de droit‬‬

‫الصفحة ‪24 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


2023 ‫ يونيو‬،‫العدد األول‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

européen, Bayonne, 25-26 février 2002, Strasbourg, Ed. Du Conseil de l'Europe,


2003.

- - Jeffrey F. Rayport, Bernard J. Jaworski : Commerce électronique, traduit de


l'américain par Francine Vézina, Johanne Champoux, Élisabeth Rochette, Edition
Montréal : Chenelière/McGraw-Hill, DL 2003, P.57.

- Daniel Backer, Choice of Law in Online Legal Ethics: Changing a Vague


Standard for Attorney Advertising on the Internet, 70 Fordham L. Rev. 2409 (2002). P
: 2409-2410. Available at: http://ir.lawnet.fordham.edu/flr/vol70/iss6/20

- THE CHALLENGES : Technology and the Practice of Law. Available at:

- http://www.reinhartlaw.com/Services/BusLaw/CorpGovern/Documents/
art1111%20TE.pdf

- Brian G. Gilpin, Attorney Advertising and Solicitation on the Internet:


Complying with Ethics Regulations and Netiquette, 13 J. Marshall J. Computer & Info.
L. 697 (1995).
http://repository.jmls.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1366&context=jitpl

- Corts, Susan (21 Geo. J. Legal Ethics 753 (2008)). "Living in a Virtual World:
Ethical Considerations for Attorneys Recruiting New Clients in Online Virtual
Communities; Hill". Hein Online. Retrieved 15 September 2011..

- Chabert (Patrick). Les défis pour l'indépendance de l'avocat. L'@-


professionnalisation : un enjeu ou un défi pour l'indépendance et le secret
professionnel des avocats ?, in L'indépendance de l'avocat. Actes du 28e colloque de
droit européen, Bayonne, 25-26 février 2002, Strasbourg, Ed. Du Conseil de l'Europe,
2003.

25 : ‫الصفحة‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫نحو ترقية مسألة الهج ــرة الدولية وعومل ـ ـتها‬


‫د لطيفة نجيبي‬

‫دكتورة في القانون الدولي‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫لقد ظلت عالقة الدولة بمواطنيها من املوضوعات التي تدخل في صميم السلطان الداخلي‬
‫للدولة‪ ،‬وبعيدة عن دائرة اهتمام القانون الدولي العام‪ ،‬فلم يكن بإمكان أحد أشخاص القانون‬
‫الدولي التدخل لدى أي دولة إلجبارها على تغيير معاملتها ملواطنيها بما يتفق وقواعد هذا القانون‪ .‬إال‬
‫أن نشوب الحرب العاملية الثانية وما سببته من أالم وأحزان لإلنسانية جعل املجتمع الدولي يسعى إلى‬
‫إيجاد حماية أكثر فعالية لحقوق اإلنسان وإخراج هذه األخيرة من دائرة املسائل التي تدخل في نطاق‬
‫املجال املحفوظ للدولة‪ ،‬حيث أولى ميثاق األمم املتحدة أهمية خاصة لحقوق اإلنسان وحرياته‬
‫األساسية‪ ،‬ثم توالت بعد ذلك االتفاقيات والوثائق الدولية املختلفة واملتعلقة بحماية حقوق‬
‫اإلنسان مع اختالفها تبعا إلمكانية االنضمام إليها‪ ،‬فقد تكون عاملية ذات مضمون عام عندما يكون‬
‫االنضمام إليها متاحا أمام جميع الدول‪ ،‬وقد تكون إقليمية عندما يقتصر اإلنضمام إليها على الدول‬
‫التي تقع في رقعة جغرافية معينة بذاتها‪.‬‬

‫يقصد بالنصوص العاملية ذات الطابع العام تلك النصوص التي تتناول مختلف الحقوق‬
‫والحريات التي ينبغي أن يتمتع بها اإلنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو سنه‪ ،‬ويتصدرها ميثاق‬
‫األمم املتحدة الذي تبعه صدور اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان من طرف الجمعية العامة لألمم‬
‫املتحدة سنة ‪ ،1948‬ثم العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية والبروتوكول االختياري امللحق به‪،‬‬
‫والعهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية لعام ‪ ،1966‬ومجمل هذه النصوص‬
‫ّ‬
‫الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان‪)1(.‬‬
‫الدولية الثالث األخيرة يطلق عليها ميثاق حقوق اإلنسان أو ِ‬
‫مع التغيرات العاملية الجديدة زاد التركيز على عاملية حقوق اإلنسان وأصبحت هذه الحقوق‬
‫جزءا من القانون الدولي بوجود أكثر من ‪ 100‬معاهدة وعهد دولي‪ ،‬وافقت وصدقت عليها معظم‬
‫الصفحة ‪26 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الدول في العالم‪ ،‬وأصبحت هذه االتفاقيات مع اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان هي املرجعية الدولية‬
‫العاملية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫أسهمت االتفاقيات ذات النطاق العاملي بشكل كبير في موضوع حماية املهاجرين بوجه عام‬
‫بالرغم من عدم تخصصها في حمايتهم على وجه التحديد‪ ،‬ويرجع الفضل في ذلك لجملة املبادئ التي‬
‫اعتمدتها هذه االتفاقيات‪ ،‬ونذكر منها عاملية حقوق اإلنسان وكونها غير قابلة للتجزئة وغير قابلة‬
‫للتصرف وأنها مترابطة‪.‬‬

‫الواقع أنه على املستوى العاملي‪ ،‬إلى وقت قريب جدا لم تكن ثمة نصوصا قانونية دولية‬
‫وحتى إقليمية خاصة بتنظيم املركز القانوني للمهاجر من كل جوانبه ويحظى بإجماع املجتمع الدولي‪،‬‬
‫ولم تكن ثمة اتفاقية دولية تعنى بحقوق املهاجرين الدوليين بوجه شامل عدا اتفاقية العمال‬
‫املهاجرين لسنة ‪ )2( .1990‬ورغم أنه قد وضع ميثاق للهجرة سنة ‪ )3( 2018‬فهو صك غير ملزم قانونا‪،‬‬
‫وهو لم يحظ بإجماع دولي‪ ،‬ولذلك فمازالت الحاجة قائمة إلى االتفاقيات الدولية املتخصصة في‬
‫مجال حقوق اإلنسان‪ .‬وتستمد وضعية املهاجر سندها القانوني بحسب اختالف وضعيات املهاجر‬
‫القانونية واإلنسانية‪ ،‬بوصفه طفال‪ ،‬أو امرأة أو ضحية لالتجار بالبشر والتهريب أو عامال‪...‬‬

‫إن الطابع الدولي لتدفقات الهجرة يجعلها حتما موضوعا يشغل املنتظم الدولي‪ .‬فالغاية من‬
‫إنشاء املنظمات الدولية هو مساعدة الدول على إدارة القضايا عبر الوطنية التي تتجاوز االختصاص‬
‫الوطني وقدرته التنظيمية‪ ،‬وهذا هو الحال بالنسبة لقضايا الهجرة الدولية‪ .‬فمن خالل عبورهم‬
‫للحدود‪ ،‬يخلق املهاجرون والالجئون تحديا للدول يتعلق بالحدود وبالهوية الوطنية‪ .‬فالهجرة تفرض‬
‫حتمية االنخراط والتعاون الدولي على غرار ظواهر عبر وطنية أخرى من قبيل التجارة الدولية أو‬
‫التنمية أو تغير املناخ‪ .‬ولهذا فليس من املستغرب أن تظهر املنظمات الدولية اهتماما واسعا باملسائل‬
‫املتعلقة بالهجرة‪.‬‬

‫وبينما تنشط األمم املتحدة واملنظمات الدولية في مجالي الهجرة واللجوء‪ ،‬تتميز جهودهم‬
‫بتجزؤ كبير‪ .‬فبعد الحرب العاملية‪ ،‬تم تقسيم العمل بين املنظمات‪ ،‬فتكلفت منظمة العمل الدولية‬
‫بحقوق العمال املهاجرين‪ ،‬واهتمت املفوضية العليا لشؤون الالجئين باألشخاص الالجئين وطالبي‬
‫اللجوء‪ ،‬وأوكلت الخدمات اللوجستية والخدمات امليدانية للمنظمة الدولية للهجرة‪ .‬وانضم إلى هذه‬

‫الصفحة ‪27 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الوكاالت الثالث‪ ،‬فاعلون جدد لكل منهم اهتماماته التنموية أو الصحية أو املناخ أو الكوارث‬
‫اإلنسانية‪....‬‬

‫لقددد أدى هددذا التشددتت فددي التعدداطي الدددولي مددع مسددألة الهجددرة الدوليددة إلددى البدددء فددي التفكيددر فددي‬
‫خلددق إسددتراتيجية عامليددة موحدددة تجدداه الظدداهرة السدديما بعددد انتشددار ظدداهرة الهجددرة "غيددر النظاميددة"(‪،)4‬‬
‫أو "غيددر القانونيددة" وهددو مفهددوم ينطددوي علددى داللددة مخالفددة القددوانين والددنظم املعنيددة بددالهجرة وحركددة‬
‫األفراد وتنقالتهم بين الدول‪ ،‬مما يدفع أعداد كبيدرة مدن النداس إلدى االقددام علدى هدذا الندوع مدن الهجدرة‬
‫مع ما تحمله من مخاطر تهدد حياتهم‪)5( .‬‬

‫ومع مرور الزمن ستصبح منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املنتدى الرئيس ي الذي يمكدن فيده للددول أن‬
‫تعمدل معدا للتوصدل إلى توافدق سياسدي في اآلراء بشدأن قواعدد السدلوك الددولي ومعداييره‪ .‬فاملنظمة تقدم‬
‫اإلغاثة اإلنسانية إلى املحتاجين ويمكن أن تساعد الدول األعضداء في وضدع وتنفيذ سياسات تستجيب‬
‫للهجرة وتؤثر عليها‪ ،‬وهي تسداعد علدى تطدوير القددرات الوطنيدة‪ ،‬وتقوم بجمع البيانات وتحليلها‪ ،‬بما في‬
‫ذلك البيانات املتعلقة بحجم السكان وتحركاتهم‪.‬‬

‫سنعالج املوضوع الذي بين أيدينا وفق مقاربة حقوق االنسان والتي تعتبر فئة املهاجرين مدن‬
‫الفئددات الهشددة‪ ،‬حيددث تنطددوي الهجددرة الدوليددة(‪ )6‬بشددكل عددام‪ ،‬وغيددر النظاميددة منهددا بشددكل خدداص‪ ،‬علددى‬
‫مسددتويات كبيددرة مددن املعاندداة البشددرية‪ ،‬فاألشددخاص الددذين يتنقلددون بهددذه الطريقددة عددادة مددا يعرضددون‬
‫أرواحهددم للخطددر‪ ،‬حيددث يضددطرون للسددفر فددي ظددروف غيددر إنسددانية وقددد يتعرضددون لالسددتغالل وسددوء‬
‫املعاملة‪ ،‬في بلدان مقصدهم‪.‬‬
‫وتضطر الدولة املستقبلة للمهاجرين إلى تبني سياسات وإجراءات زجرية بحق املهاجرين غير‬
‫النظاميين كأن تقوم بإعادتهم إلى دولتهم بطرق غير إنسانية كالطرد أو الترحيل مما قد يعرضهم‬
‫للخطر في حياتهم وحرياتهم فضال عن وقوعهم عرضة لالستغالل واملعامالت التمييزية والعنصرية‪.‬‬

‫لقد اعتبر املقرر الخاص لألمم املتحدة املعني بالتعذيب‪ ،‬نيلز ميلزر‪ ،‬في بيان له صادر عن‬
‫مجلس حقوق اإلنسان في جنيف‪ ،‬أن القيود املفروضة على قوانين وسياسات الهجرة‪ ،‬تترك‬
‫املهاجرين تحت رحمة األساليب غير القانونية التي تتسم بتزايد انتشار التعذيب وسوء املعاملة‪ .‬وأن‬
‫بعض السياسات واملمارسات التي تستخدمها الدول لردع املهاجرين أو منعهم أو التصدي لهم يمكن‬
‫أن تصل إلى حد التعذيب أو سوء املعاملة‪ .‬وأضاف "يجب على املسؤولين الحكوميين أو املواطنين‬
‫الخاصين أن يدركوا أن مشاركتهم الشخصية في تشكيل وتعزيز وتنفيذ السياسات واملمارسات التي‬

‫الصفحة ‪28 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫تعرض املهاجرين للتعذيب أو سوء املعاملة‪ ،‬ربما تصل إلى التواطؤ أو غير ذلك من املشاركة في‬
‫الجرائم املرتكبة ضد اإلنسانية أو جرائم الحرب"‪.‬‬

‫إن ما سبق ال ينفي كون املهاجرين يقومون بخرق للقوانين األوروبية‪ ،‬ولكن تصرفاتهم في‬
‫الغالب مردها للظروف االجتماعية واالقتصادية التي يعيشونها من بطالة وتهميش وفقر وتفكك‬
‫أسري‪ ،‬فهم يعانون من أزمة الهوية‪ ،‬فال أوطانهم قادرة على استيعابهم‪ ،‬وال بلدانهم الجديدة وفرت‬
‫لهم شروط االندماج‪ ،‬مما يؤدي لتراكمات اجتماعية واقتصادية قد تنفجر في شكل أحداث عنف )‪(7‬‬

‫لهذا يتم ربط الهجرة غير املشروعة بصورة مباشرة باإلرهاب و الهاجس األمني‪ ،‬بدال من ارتباطها‬
‫الحقيقي بالظروف االقتصادية واإلنسانية والسياسية الدافعة للهجرة‪.‬‬
‫لقد أصبحت اليوم الحاجة ملحة لتبني منطق شامل ومتكامل في ّ‬
‫التعامل مع مسألة الهجرة‬
‫الدولية‪ ،‬يأخذ في االعتبار ضرورة اعتماد الدول عنصر التنمية اإلنسانية كمدخل للتعامل الطويل‬
‫املدى مع الظاهرة‪ ،‬و كذلك التخفيف من األمننة و التوجه نحو إضفاء الطابع اإلنساني على‬
‫ّ‬
‫عمليات إدارة الهجرة يكون قائما على أساس احترام حقوق اإلنسان للمهاجرين غير الشرعيين مع‬
‫إتباع منطق التعاون واملشاركة في إدارة الهجرة السرية خاصة‪.‬‬

‫وتسير املقاربة الجديدة لحماية حقوق اإلنسان للمهاجر الدولي وفق االتجاهات التالية‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬دعم تنفيذ الترسانة القانونية لحماية الحقوق اإلنسانية‬


‫للمهاجرين‬
‫املبحث الثاني‪ :‬ترقية حقوق اإلنسان للمهاجرين وفق استراتيجيات جديدة‬
‫املبحث الثالث‪ :‬السعي إلي خلق إطار عاملي إلدارة الهجرة الدولية‬

‫الصفحة ‪29 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املبحث األول‪ :‬دعم تنفيذ الترسانة القانونية لحماية‬


‫الحقوق اإلنسانية للمهاجرين‬

‫عندما نتكلم عن البعد القانوني لعاملية حقوق اإلنسان فاملقصود هو هذه الترسانة من‬
‫العهود واالتفاقيات الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان‪ ،‬وأهمها‪ :‬ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬والشرعة‬
‫الدولية واتفاقيات حقوق اإلنسان املتخصصة‪ .‬أما االتفاقيات اإلقليمية فهي بدورها تؤكد على‬
‫عاملية حقوق اإلنسان بالرغم من محاوالت تطبيقها على املستوى اإلقليمي فحسب حتى تكون لها‬
‫فعالية كبيرة كما هو حال منظمة الدول األمريكية عندما وضعت االتفاقية األمريكية لحقوق‬
‫اإلنسان لسنة ‪ ،1969‬وقيام دول مجلس أوربا سنة ‪ 1950‬بالتوقيع على االتفاقية األوربية لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬وامليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب الذي تم إقراره في مؤتمر قمة منظمة الدول‬
‫اإلفريقية بنيروبي سنة ‪)8(.1981‬‬

‫تشمل الحقوق اإلنسانية طيفا واسعا من الحقوق املدنية والثقافية واالقتصادية‬


‫والسياسية واالجتماعية التي تطبق عامليا‪ .‬ويقدم اإلطار الدولي لحقوق اإلنسان بناء إيديولوجيا‬
‫ومفاهيم مترابطة بصورة واضحة ومقبولة على نطاق عريض لالستجابات العملية والتشريعية‪ ،‬والتي‬
‫من شأنها أن تنطبق على جميع املهاجرين بغض النظر عن الوضع القانوني ألي منهم‪ .‬إال أن األمر‬
‫يتطلب أيضا التعامل مع مضامين الحقوق بتناسب مع السياسات والبرنامج والتشريعات الخاصة‬
‫بالهجرة لحكومات البلدان املعنية‪)9( .‬‬

‫تنبني فعالية حماية الحقوق اإلنسانية للمهاجرين على مدى تنفيذ الصكوك القانونية‬
‫القائمة‪ ،‬وقبلها التصديدق علدى الصكدوك اإلقليميدة واملحليدة الحاليددة‪ ،‬وعند االقتضاء‪ ،‬دمجها داخل‬
‫النظم الوطنية ثم رصد وفاء الدول بواجباتهدا‪ .‬وال يعتمد تطبيق القوانين الوطنية والدولية علدى‬
‫اآلليدات الرسميدة الوطنية إلنفداذ القدانون‪ ،‬بل هناك جهود دولية لتوفدير املدوارد والخدبرة الكافيدة‬
‫ملسداعدة البلددان علدى الوفداء بمدا عليدها مدن واجب ددات بمقتض ى االتفاقيات القائمة‪.‬‬

‫ومندذ اعتمداد إعدالن األمدم املتحددة العداملي لحقدوق اإلنسدان عدام ‪ ،1948‬أحدرز تقددم هائل‬
‫على الصعيد الدولي في مجال تدوين ما يتفق عليه املجتمع الدولي على أنه حقوق اإلنسدان والقيم‬

‫الصفحة ‪30 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫اإلنسانية‪ .‬وعبر هذا اإلعالن‪ ،‬تتوفر لدى املجتمدع الددولي مجموعدة ضخمدة مدن القواندين التي تتناول‬
‫كيفية معاملة املهجرين على نحو قسري وطالبي اللجددوء واملدهاجرين في أنحداء العدالم كافة‪ .‬وثمة تطلدع‬
‫في القدرن الحدادي والعشدرين إلى التنفيدذ التدام والشدامل لالتفاقيدات املعتمددة دوليا والتقيد بها‪)10( .‬‬

‫لقد أسهمت الصكوك ذات النطاق العاملي بشكل كبير في موضوع حماية املهاجرين بوجه‬
‫عام بالرغم من عدم تخصصها في حماية فئة دون غيرها على وجه التحديد‪ ،‬ويرجع الفضل في ذلك‬
‫لجملة املبادئ التي تبنتها هذه االتفاقيات‪ ،‬وأهمها‪)11( :‬‬

‫‪ ‬مبدأ عاملية حقوق اإلنسان‪ :‬فمن حق كل إنسان بما في ذلك املهاجرين التمتع‬
‫بحقوقهم دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين وغيرها من معايير التمييز‪،‬‬
‫‪ ‬مبدأ تكامل حقوق اإلنسان وعدم قبليتها للتجزئة‪ ،‬وعليه ال يمكن حرمان‬
‫املهاجر من حقوقه اللصيقة بسبب هجرته‪،‬‬
‫‪ ‬مبدأ التطور املستمر لحقوق اإلنسان‪ ،‬على اعتبار أن الحقوق الواردة في هذه‬
‫الصكوك ال تمثل سوى الحد األدنى الذي ال يمكن االنتقاص منه ويجب تعزيز هذه الحقوق‬
‫حسب كل فئة بما فيها املهاجرين‪.‬‬
‫‪ ‬حقوق اإلنسان هي نفسها لكل بني البشر كيفما كانوا مواطنين أم مهاجرين‬
‫من دول أخرى‪.‬‬

‫ونقصد بهذه املواثيق والصكوك العاملية‪ ،‬ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬والشرعة الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬والتي تضم اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان لسنة ‪ 1948‬والعهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬والعهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية لسنة ‪1966‬‬
‫والبروتوكولين االختيارين امللحقين بهما‪.‬‬

‫كما تحظى فئة املهاجرين الدوليين بحماية قانونية لحقوقها األساسية بموجب صكوك‬
‫ومواثيق حقوق اإلنسان األساسية واملتخصصة التي ترتكز على ذلك الطابع العام والعاملي لحقوق‬
‫اإلنسان وعلى املبادئ العامة لحقوق اإلنسان بشكل عام‪.‬‬

‫كما أن واقع الحال اقتض ى أن تترجم املواثيق العاملية إلى اتفاقات إقليمية ودون إقليمية‪،‬‬
‫ثم إلى اتفاقيات ثنائية وتشريعات وطنية‪.‬‬
‫الصفحة ‪31 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وفي نهاية املطاف تقع على عاتق الدول‪ ،‬بانضمامها إلى املعاهدات الدولية لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫التزامات بموجب القانون الدولي وهي تتعهد باتخاذ تدابير وتشريعات محلية تعكس تلك االلتزامات‪.‬‬
‫تتمثل في احترام حقوق اإلنسان وحمايتها وإعمالها‪ .‬ويعني االلتزام باحترام الحقوق‪ ،‬أن على الدول أن‬
‫تمتنع عن التدخل في التمتع بحقوق اإلنسان أو عن عرقلة هذا التمتع‪ .‬ويقتض ي االلتزام بالحماية من‬
‫الدول أن تحمي األفراد والجماعات من تجاوزات حقوق اإلنسان التي ترتكبها أطراف ثالثة‪ .‬ويعني‬
‫واجب اإلعمال أن على الدول أن تتخذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق اإلنسان‪)12( .‬‬

‫ويتيح إطار القانوني للقانون الدولي لحقوق اإلنسان واملعايير ذات الصلة نقاطا مرجعية‬
‫لوضع التزامات مجدية وعملية التخاذ هذه اإلجراءات‪ .‬ويمثل القانون الدولي األساس الذي ينبغي‬
‫أن تبنى عليه السياسات واملمارسات املتعلقة بالهجرة واملهاجرين‪ ،‬من حيث إنه يوفر للدول‬
‫إرشادات عملية ويزودها هي وغيرها من الجهات املعنية‪ ،‬حسب االقتضاء‪ ،‬باألدوات الالزمة‬
‫للتحكم في الهجرة على نحو يدعم حقوق جميع املعنيين‪)13( .‬‬

‫ال جدال في أن االهتمام العاملي الحالي بحقوق اإلنسان– كفكرة ومبدأ ‪ -‬بات یمثل قیمة‬
‫مستهدفة من النظام القانوني الدولي‪ ،‬حیث أصبح من األمور الشائعة تقییم سلوك الحكومات بمدى‬
‫احترامها لحقوق اإلنسان على املستویين الداخلي والدولي‪ ،‬بل أصبح تقییم النظم االجتماعیة‬
‫واالقتصادیة‪ ،‬ذاتها‪ ،‬یخضع ملا تحققه تلك النظم ملواطنيها من حقوق وحريات‪)14( .‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬ترقية حقوق اإلنسان للمهاجرين وفق استراتيجيات جديدة‬

‫لقد كشف عمق ما شهده املجتمع الدولي من تطورات وأحداث مرتبطة بالهجرة غير‬
‫النظامية‪ ،‬النقاب عن فشل ذريع للسياسة األمنية التي نهجتها دول العالم الغربي لحماية حدودها‬
‫وأوطانها من املخاطر التي تشكلها الهجرة الدولية املكثفة‪ .‬وبدأ يلوح في أفق الساحة الدولية اتجاه‬
‫جديد يرنو إلى تكثيف الجهود على املستوى الدولي حول مسألة تأطير الهجرة الدولية والغير نظامية‬
‫منها خاصة‪ ،‬وفق استراتيجيات جديدة‪.‬‬

‫الصفحة ‪32 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وطفت على ساحة الهجرة الدولية تكتيكات جديدة بدلت التركيز على املقاربة األمنية‬
‫وحدها إلى محاولة تبني مقاربة أكثر مرونة‪ ،‬يراعى فيها الجانب اإلنساني وتأخذ بحقوق اإلنسان‬
‫والتنمية اإلنسانية املستدامة (‪ )15‬وتنحاز ملقاربة "األمن اإلنساني" (‪ ،)16‬كبديل لالستراتيجية األمنية‪.‬‬

‫وفي هذا السياق نص إعالن الهداي بشأن مستقبل السياسات املتعلقة بالالجئين والهجرة‪،‬‬
‫الذي قدم أمام الجمعية العامة في الدورة السابعة والخمسون‪ ،‬سنة ‪ 2002‬على ما يلي‪ " :‬إننا نريد‬
‫بإثارتنا ملوضوع العالقة بين التنقل والتدهديدات املحدقدة بدأمن البشدر والددول أن نسلم بأن األحداث‬
‫ذات الطبيعيدة اإلجراميدة الدوليدة يمكدن أن تكدون لهدا آثدار سدلبية جددا علدى فه ددم النداس ملسدألتي‬
‫الهجدرة والتمداس اللجدوء‪ ...‬واتخاذ الترتيبات األمنية الفعالة ليس مجرد أمر مشروع بل إنده واجدب‬
‫علدى الدولدة أن تنهض به لحماية كل من يقيم علدى إقليمدها‪ .‬لكدن هدذه الترتيبدات ال يمكدن قبولهدا إذا‬
‫كدانت تقدوض إمكانيدة اللجدوء وتضدر باملعايدير املقبولدة لحمايدة الالجئدين واملدهاجرين بموجدب قوان ددين‬
‫حقوق اإلنسان الدولية‪ .‬والسبيل أمامنا هو وضع نظم تتسم بقدر أكبر من املنهجيدة والشدفافية‬
‫لتنظيدم الهجدرة والتشجيع على إيجاد حلول شاملة وأكثر دينامية لألزمددات اإلنسدانية‪)17("...‬‬

‫ودعت املقررة الخاصية املعنية بحقدوق اإلنسدان للمهاجرين إلى ضرورة إتباع نهج قدائم علدى‬
‫حقدوق اإلنسدان في األنشدطة والسياسدات املتصلة بقضايا الهجرة واعتبارها مسائل ذات أولوية‪.‬‬
‫وأكدت املقررة الخاصة أن زيادة التعاون والحوار على الصعيد الدولي مدن أجدل وضدع سياسات‬
‫للهجرة مدروسة على أساس حقوق اإلنسان ونظم شداملة ومنسدقة ومواءمدة إلدارة شدؤون الهجدرة‬
‫مسدألة ضروريدة ملكافحدة الهجدرة غددير النظاميددة وتهريددب املددهاجرين واالتجددار باألشخاص وانتهاكات‬
‫حقوق اإلنسان للمهاجرين‪)18( .‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تبني نهج شمولي تشاركي في معالجة قضايا الهجرة الدولية‬

‫بدأ املجتمع الدولي يبدي اهتمامدا مدتزايدا بمسدألة الهجدرة‪ ،‬حيث كثرت منابر املشاورات‬
‫اإلقليمية والدولية والعاملية املعنيدة بدالهجرة‪ ،‬الساعية إلى وضدع سياسات للهجرة مدروسة وقائمة‬
‫على أساس حقوق اإلنسان‪ ،‬ومحاولة وضع نظم شداملة ومتسدقة إلدارة شدؤون الهجدرة‪ ،‬تأخذ في‬
‫االعتبار مسدألة مكافحدة الهجدرة غددير النظاميددة وتهريددب املددهاجرين واالتجددار باألشخاص وانتهاكات‬

‫الصفحة ‪33 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ ،‬بل وإدراج حقدوق اإلنسان في املسار الرئيس ي ألعمال املجتمع الدولي في‬
‫ميدان الهجدرة‪.‬‬

‫والحظت لجنة األمن اإلنساني بأنه‪ ":‬ال يوجد إطار معياري دولي متفق عليه إلدارة وحماية‬
‫الناس الذين ينتقلون عبر الحدود إدارة وحماية منتظمتين"‪ .‬وأكدت على ضرورة استطالع إطار دولي‬
‫إنساني للهجرة يشمل كل الدول املعنية بالهجرة بصفة عامة والهجرة غير الشرعية بصفة خاصة‪،‬‬
‫سواء دول املقصد ودول العبور أو املنشأ‪ ،‬على أن يحقق هذا اإلطار بالنظر إلى التكافل من أجل‬
‫اإلنسانية‪ ،‬توازنا دقيقا بين االحتياجات األمنية واإلنمائية لدول املقصد‪ ،‬واألمن اإلنساني للناس‬
‫املتنقلين‪)19( .‬‬

‫وقد بدأ هذا التعاون ينمو تدريجيا ضمن منظومة أكبر منظمة دولیة وهي منظمة األمم‬
‫املتحدة‪ ,‬حیث بدأت هذه املنظمة تهتم بهذه املشكلة وضرورة مكافحتها ومعالجتها ووضع السبل‬
‫الكفیلة ملواجهة آثارها السلبیة‪ ،‬واعتمدت األمم املتحدة وسائل شتى في تطرقها لهذه الظاهرة‪.‬‬
‫وبموجبه بدأ تبني نهج شمولي لعالج املسألة‪ ،‬قائم على الحوار املشترك بين جميع الفاعلين‬
‫املعنيين بالهجرة الدولية‪ ،‬بمن فيهم املهاجرون أنفسهم‪. . . " ،‬أكثر من أي وقت مض ى إن السياسدات‬
‫املتعلقدة بدالالجئين والهجدرة شدأن يهم طائفة واسعة من أصحاب املصلحة‪ ،‬وبخاصة الالجئون‬
‫واملدهاجرون أنفسدهم‪ ،‬لكنده شدأن يدهم أيضدا الحكومدات واملنظمدات غدير الحكوميدة املحليدة والدوليدة‬
‫والهيئدات املتعدددة األطدراف وقطاع األعمال والشركات واملجتمع املدني‪ .... .‬وال ي دزال دور املنظمات‬
‫الدولية أساسيا في إطار مفهوم النهج العاملية املخططدة‪ .‬لكدن هنداك في الوقدت نفسده إمكانيدة كبديرة‬
‫لنشدوء أشدكال جديددة مدن الحددوار تسددتطيع في إطدداره الددول واملنظمدات غدير الحكوميدة وقطداع‬
‫األعم ددال والشددركات أن تقيددم ش دراكات جديدددة وخالقة‪ .‬ويرتكز هذا الحوار إلى املعايير الدولية‬
‫املتعلقة بدأفضل املمارسدات‪ .‬وملعرفدة ماهيدة هدذه املعايدير يمكدن الرجدوع إلى املنظمدات اإلنسدانية‬
‫ومنظمدات حقدوق اإلنسددان والوكدداالت املتخصصدة املتعدددة األطدراف مدن قبيدل مفوضيدة األمدم‬
‫املتح دددة لشددؤون الالجئددين واملنظمددة الدولية للهجرة‪)20( ".‬‬

‫يساهم املجتمع الدولي على دعم الجهود املحلية والوطنية الرامية إلى تلبية االحتياجات‬
‫والحد م ن أوجه الضعف وتغيير حياة الناس‪ .‬وتتوفدر للمجتمدع ال دددولي حاليددا الفرصددة لتخفيددف‬
‫الضغددوط الداعيدة للدهجرة مدن خدالل التنميدة املسدتهدفة واملسداعدة املاليدة الدتي ترمددي إلى رفددع‬

‫الصفحة ‪34 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املسددتوى املعيش ي بدرجة كافية‪ ،‬بما في ذلك فرص توفير خدمات الصحة والتعليم والعمل‪ .‬أما على‬
‫املدى القصير فيمكن للمساعدة الدولية بما في ذلك التدابير الدتي تدأخذ شدكل التدريدب‪ ،‬واملندح‬
‫الدراسدية واملسداعدة التعليميدة األخ ددرى أن تسدداعد على تهيئددة البيئددة االقتصاديددة واجتماعية وأن‬
‫تستفيد بشكل كامل مدن اإلمكاندات واملدهارات الدتي تتوفدر بدالفعل لددى السدكان وتساهم في زيادة ثروة‬
‫البالد‪.‬‬
‫بذلك على "‪.....‬األمم املتحدة واملنظمات غير الحكومية والجهات املانحة االلتزام بالعمل‬
‫وفق نموذج جديد تطبعه ثالثة تحوالت أساسية‪( :‬أ) تدعيم النظم الوطنية واملحلية بدال من‬
‫استبدالها؛ (ب) التنبؤ باألزمات بدال من انتظار حدوثها؛ (ج) تجاوز الفجوة بين املجال اإلنساني‬
‫واملجال اإلنمائي بالسعي إلى تحقيق نتائج جماعية على أساس امليزات النسبية وعلى مدى أطر زمنية‬
‫متعددة السنوات"‪)21(.‬‬

‫"وتسدتطيع مؤسسددات حقددوق اإلنسددان الوطنيددة واملنظمددات غددير الحكوميددة والهيئ دات‬
‫األكاديميددة أن تضطلددع بدددور هددام في حمايددة حقددوق اإلنسددان للم ددهاجرين وذل ددك بتحلي ددل التشريعات‬
‫الوطنية‪ ،‬ورصدد أثرهدا علدى حقدوق املدهاجرين وتقدديم توصيدات ملموسدة في هدذا لخصدوص‪ .‬كمدا يعدد‬
‫رصدد تطبيدق التشدريعات الوطنيدة علدى يدد س ددلطات ووكدداالت تتمتددع بالكفاءة أمرا في غاية األهمية‪،‬‬
‫وذلك ألن اإلساءات واملعاملة التعسفية والتمييز ضد املدهاجرين غالبا ما تبرر باسم التشريعات‬
‫واألنظمة السدارية‪ .‬كمدا يمكدن ملؤسسدات حقدوق اإلنسدان الوطنية أن تقدم مسداهمات قيمدة جددا في‬
‫وضدع سياسدات وطنيدة يكدون لهدا أثدر علدى حقدوق اإلنسان للمهاجرين‪ .‬ويمكنها أيضا أن تشجع الحوار‬
‫على الصعيد الوطني وتنشر الوعدي بشدأن وضع املهاجرين‪ .‬ومن خالل الحمالت واألنشطة العامة‪،‬‬
‫يمكدن أن تسداعد مؤسسدات حقدوق اإلنسان أيضا في مكافحة األفكار النمطية السلبية ونشر صدورة‬
‫إيجابيدة عدن الهجدرة‪ ،‬وبدذا يتدم الحيلولة دون تفش ي العنصرية وكره األجانب‪ .‬وتسدتطيع مؤسسدات‬
‫حقدوق اإلنسددان الوطنيددة واملنظمددات غددير الحكوميددة أن تقدددم املسداعدة القانونيدة والنفسدية إلى‬
‫املدهاجرين‪ .‬ويمكندها أن تسداعد املدهاجرين الذيدن يرغب ددون في تقديم شكاوى وذلك بتيسير االتصاالت‬
‫مع الوكاالت والسلطات ذات الصلدة‪ ،‬ورصدد تقددم الشكاوى الفرديدة‪ .‬وفي هدذا املجدال‪ ،‬تدرى املق ددررة‬
‫الخاصددة أن مددن املددهم أن يقددوم ممثلددون عددن مؤسسدات حقدوق اإلنسدان الوطنيدة بزيدارة مراك دز‬
‫احتجدداز املددهاجرين أو مرافددق االحتجدداز األخرى حيث يتم احتجاز املهاجرين في مراكز احتجاز‬
‫إدارية‪)22(".‬‬

‫الصفحة ‪35 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املطلب الثاني‪ :‬االستراتيجية التنموية في خدمته قضية الهجرة الدولية‪.‬‬

‫صاحب إنشاء املنظمات الدولية في إطار محاولة حفظ السلم واألمن الدوليين التأكيد على‬
‫ضرورة إشباع الحاجات األساسية للبشر‪ ،‬وهو ما ظهر في مواثيق إنشاء تلك املنظمات‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫ذكره وزير الخارجية األمريكي حول مؤتمر سان فرانسيسكو عام ‪ ،1945‬حيث قال " إن معركة السلم‬
‫يتعين خوضها على جبهتين‪ :‬األولى هي جبهة األمن‪ ،‬التي يقصد بها التحرر من الخوف‪ ،‬والثانية هي‬
‫الجبهة االقتصادية"‪)23).‬‬

‫لقد توصل املجتمع الدولي إلى حتمية اقتران الهجرة الدولیة بالتنمیة ومكافحة الفقر‪،‬‬
‫فسارت الجهود الدولیة تجاه تشجیع التعاون الدولي واإلقلیمي من أجل تنمية املجتمعات الهشة‪،‬‬
‫والتعجيل في عملیة التنمیة باعتبارها من أهم الركائز املعول عليها للحد من الزيادة الكبيرة التي‬
‫يعرفها العالم في مجال الهجرة الدولیة‪ ،‬والتي تتجه ملنع إساءة استغالل وضع املهاجرین ومعاملتهم‬
‫معاملة إنسانیة‪ ،‬مع حمایة حقوقهم اإلنسانیة بصورة كاملة‪.‬‬

‫وقد ارتأت لجنة األمن اإلنساني أن" تحركات الناس قضية إنمائية أيضا‪ ،‬فتزايد انعدام‬
‫اإلنصاف بين البلدان وداخلها يؤثر على أنماط التهجير‪ ...‬فيسعى الناس إلى التماس كل فرصة ممكنة‬
‫لتحسين سبل عيشهم‪ ...‬فغالبا ما يذكر الفقر باعتباره أحد األسباب الرئيسية للهجرة غير القانونية‬
‫")‪)24‬‬

‫إن السياسات املتعلقة بالهجرة تتكفل بها وزارات الدولة على املستويين الداخلي والخارجي‪،‬‬
‫ألن مسؤوليات توفير األمن والوقاية من التهديدات وحماية الناس هي من مهام الدولة‪ ،‬لكن من‬
‫مسؤولياتها أيضا توفير حماية للحقوق األساسية وضمان حرية أوسع في الوصول إلى الخدمات‬
‫االجتماعية وبشكل منصف‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة ثانية تقع على الدولة الوطنية مسؤولية التمكين‬
‫الذي يعد أحد املكونات األساسية للتنمية اإلنسانية‪.‬‬

‫والحكومات الوطنية معنية بترجمة مختلف القوانين الدولية واملقاربات الحقوقية‬


‫والتفويضات املؤسسية واإلرشادات إلى أرض الواقع‪ .‬وعند استكشاف ومحدودية إمكانات‬

‫الصفحة ‪36 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫واستراتيجيات الحماية الذاتية للمجتمعات املحلية فمن الضروري تفويض املسؤولية التي تلقى عادة‬
‫على عاتق الدولة في توفير الحماية ملواطنيها‪) 25).‬‬

‫وحسددب املجموعددة العامليددة املعنيددة بالهجددرة‪ ،‬تمثددل أفضددل طريقددة العتمدداد مقارب دة منهجي دة‬
‫كفيلددة بتسدخير مكاسدب الهجدرة ألجل التنميدة فدي مراعداة مسدائل الهجدرة فدي أطدر التخطيدط علدى‬
‫املسدتوى القطدري‪ .‬وتسدتلزم هدذه العمليدة تقييدم آثدار الهجدرة علدى جميدع التدابيدر املعتمددة فدي‬
‫اسدتراتيجيات التنميدة وفدي اسدتراتيجيات تقليدص الفقدر‪ .‬ويتعيدن مراعداة الهجدرة وآثارهدا علدى التنميددة‬
‫فددي التشددريعات والسياسددات والبرامددج علددى جميددع األصعدة املحلددية والجهددوية والوطن دية‪ ،‬كمددا يتعيدن‬
‫مراعداة االنشغاالت ذات الصلدة بالهجدرة فدي جميدع مراحدل التخطيدط مدن أجدل التنميدة‪ ،‬بمدا فدي ذلك‬
‫الصياغة والتنفيذ‪ ،‬والتتبع ثم التقييم‪) 26).‬‬

‫يتبين مما سبق أن "‪...‬أي جهد يبذل للحد من هشاشة حال الناس وتعزيز قدرتهم على‬
‫التكيف يجب أن يبدأ على الصعيد املحلي‪ ،‬بحيث تستفيد الجهود الوطنية والدولية من الخبرات‬
‫والقيادة والقدرات املحلية‪ .‬ويجب الحرص على إشراك السكان املتضررين والتماس مساهمتهم‬
‫باستمرار في عملية صنع القرار‪ ،‬وضمان مشاركة املرأة على جميع املستويات‪ .‬وينبغي أن يوضع‬
‫املمثلون الشرعيون للمجتمعات املحلية دائما في مستوى القيادة في كل سياق‪ .‬ويجب أيضا أن يكون‬
‫األشخاص قادرين على التأثير على القرارات املتعلقة بالكيفية التي تلبى بها احتياجاتهم واالعتماد على‬
‫جميع الجهات الفاعلة من أجل تحقيق املطلوب بطريقة شفافة يمكن التنبؤ بها"‪) 27).‬‬

‫رغم أن الجمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬قد أشارت من قبل‪ ،‬في برنامج عمل املؤتمر الدولي‬
‫للسكان والتنمية املعتمد بالقاهرة ‪ ،1994‬وخاصة الفصل العاشر منه واملتعلق بالهجرة الدولية‪ ،‬إلى‬
‫مسالة الهجرة والتنمية‪ ،‬ومن خالل األحكام ذات الصلة الواردة في إعالن كوبنهاجن بشأن التنمية‬
‫االجتماعية الذي اعتمد سنة ‪ ،1995‬فإن االهتمام األممي باملوضوع سيرتقي بحلول سنة ‪ 2006‬فيما‬
‫يتعلق بتعزيز التعاون الدولي بشأن العالقة بين الهجرة والتنمية‪ ،‬بداية من خالل الحوار األول‬
‫الرفيع املستوى بشأن الهجرة الدولية‪ .‬ففي ‪14‬و ‪ 15‬سددبتمبر ‪ ،2006‬اجتمع املمثلددون رفيعددو‬
‫املددستوى للدددول األعدضاء في األمدم املتحددة في الجمعيدة العامدة الستكدشاف ناحيدة مدن أكثدر الندواحي‬
‫الواعددة للدهجرة أال وهدي عالقتدها بالتنميدة‪ .‬وعقدب الحدوار الرفيدع املدستوى‪ ،‬أدت معارضدة الددول‬
‫إلندشاء منتددى داخدل األمدم املتحدددة ملناقددشة الهجددرة إلى إنددشاء املنتــدى العــاملي املعــني بــالهجرة‬

‫الصفحة ‪37 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫والتنميــة ‪ ،‬خددارج إطددار األمم املتحدة‪ ،‬ألنه ال توجد بداألمم املتحددة منظمدة معنيدة بدالهجرة‪ ،‬وال يوجدد‬
‫إطدار مؤسدس ي متناسدق منظم للهجرة‪ ،‬والن الددول تواصل محاولتدها لتنظديم الهجدرة أحاديدا إلى حدد‬
‫بعيدد‪ ،‬حيث أنشأت األمم املتحدة في عام ‪ 2007‬املنتدى العاملي املعني بالهجرة والتنمية‪ ،‬وأرادت له أن‬
‫يكون مكانا غير رسمي وغير ملزم وطوعي تقوده الحكومات إلجراء مناقشات رفيعة املستوى بشأن‬
‫السياسات والتحديات والفرص التي تتيحها "العالقة بين الهجرة والتنمية"‪ .‬كما أوكلت إلى املنتدى‬
‫العداملي‪ ،‬مهمة دعدم بنداء توافدق لدآلراء حدول وضدع اتفداق عداملي طمدوح بشدأن الهجدرة‪ ،‬وعلدى الندهوض‬
‫بتنفيدذ االلتزامدات املتصدلة بدالهجرة والدواردة في خطدة التنميدة لعدام ‪ .2030‬واتجه املنتدى العداملي‬
‫املعدني بدالهجرة والتنميدة نحو التركدز علدى األبعداد التنمويدة االقتدصادية للدهجرة أكثدر مدن تركيدزه علدى‬
‫البعدد الحقدوقي‪.‬‬

‫وعن الحوار الرفيع املستوى الثاني بشأن الهجرة الدوليدة والتنميدة‪ ،‬املعقدود في نيويدورك‬
‫يدومي ‪ 3‬و‪ 4‬أكتدوبر ‪ 2013‬فقد كرس لتنداول مسدألة الهجدرة الدوليدة والتنمية بصورة بناءة واستكشاف‬
‫الفرص التي تتيحها الهجرة الدوليدة والتحدديات الدتي تطرحهدا‪ ،‬بما في ذلك حماية حقوق اإلنسان‬
‫املفروضة للمهاجرين وإسهام املهاجرين في التنمية‪.‬‬

‫أقرت املادة الخامسة من اإلعالن املنبثق من الحوار الرفيع املستوى املعني بالهجرة الدولية‬
‫والتنمية لسنة ‪ 2013‬على ضرورة التدصدي في إطدار التعداون الددولي‪ ،‬علدى نحدو كلدي وشدامل‪،‬‬
‫للتحديات التي تطرحها الهجرة غير القانونية مدن أجدل ضدمان هجدرة آمندة منظمدة قانونيدة‪ ،‬في ظل‬
‫االحترام التام لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وتعترف خطة التنمية املستدامة لعام ‪ ،2030‬والتي اعتمدتها الجمعية العامة لألمم‬
‫املتحدة في ‪ 25‬سبتمبر ‪ . 2015‬بمساهمة الهجرة في التنمية املستدامة‪ .‬ويضم احدى عشر هدف من‬
‫أهداف التنمية املستدامة الدسبعة عشر مؤشرات ذات الصلة بالهجرة‪ .‬ويتمحور املبدأ األساس ي‬
‫لجدول أعمال خطة التنمية على ضرورة "عدم التخلي عن أحد" بما في ذلك املهاجرين‪.‬‬

‫الصفحة ‪38 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املبحث الثالث‪ :‬نحو إدارة عاملية لقضايا الهجرة الدولية‬

‫ّ‬
‫تعرف اإلدارة العاملية بأنﻬا ‪" :‬املعايير‪ ،‬والقواعد‪ ،‬واملبادئ‪ ،‬وإجراءات صنع القرار التي تنظم‬
‫سلوك الدول والجهات الفاعلة الدولية األخرى" ‪ ،‬وفي مجال الهجرة تتخذ اإلدارة أشكاال متنوعة‪ ،‬منها‬
‫سياسات وبرامج الهجرة لدى فرادى الدول والنقاشات واالتفاقات فيما بين الدول واملنتديات‬
‫والعمليات االستشارية املتعددة األطراف‪ ،‬وأنشطة املنظمات الدولية‪ ،‬فضال عما يتصل بذلك من‬
‫قوانين وقواعد‪) 28).‬‬

‫إن الحماية الدولية لحقوق املهاجرين تطورت مع تطور وعي املجتمع الدولي بمشاكل الهجرة‬
‫الدولية‪ ،‬وبعد أن كانت تعتمد بالخصوص على املبادئ األساسية املنصوص عليها في الصكوك‬
‫العاملية لألمم املتحدة املتعلقة بحقوق اإلنسان‪ ،‬هذه األخيرة التي اعتبرت مرجعا أساسيا لتأطير‬
‫الهجرة الدولية ملدة طويلة من الزمن‪ ،‬امتد طيلة فترة عمل املنظمة األممية إلى غاية األلفية الجديدة‪.‬‬
‫إال أن هذه القواعد الدولية ظلت عامة ال تركز على الوضعية الهشة التي يوجد فيها املهاجر‪ .‬وبمرور‬
‫الزمن ستصبح منظمة األمم املتحدة‪" ،‬املنتدى الرئيس ي الذي يمكدن فيده للددول أن تعمدل معدا‬
‫للتوصدل إلى توافدق سياسدي في اآلراء بشدأن قواعدد السدلوك الددولي ومعداييره‪ .‬فاملنظمة تقدم اإلغاثة‬
‫اإلنسانية إلى املحتاجين ويمكن أن تساعد الدول األعضداء في وضدع وتنفيذ سياسات تستجيب للهجرة‬
‫وتؤثر عليها‪ ،‬وهي تسداعد علدى تطدوير القددرات الوطنيدة‪ ،‬وتقوم بجمع البيانات وتحليلها‪ ،‬بما في ذلك‬
‫البيانات املتعلقة بحجم السكان وتحركاتهم"‪)29) .‬‬

‫كما قررت الدول األعضاء في الجمعية العامة لأللفية‪ ،‬جعل األمم املتحدة أداة أكثر فعالية‬
‫ملتابعة تنفيذ األولويات املعتمدة في إعالن األمم املتحدة بشأن األلفية‪(30) .‬‬

‫املطلب األول‪ :‬ترقية األجهزة األممية العاملة في صفوف املهاجرين الدوليين‬

‫تتوفر األمم املتحدة‪ ،‬فيما يرتبط بحقوق املهاجرين غير الشرعيين‪ ،‬على ترسانة من‬
‫التقارير والتوصيات والقرارات الصادرة عن هيئات التابعة املتحدة‪ ،‬سواء منها الجمعية العامة أو‬
‫املجلس االقتصادي واالجتماعي أو مجلس األمن أو مجلس حقوق اإلنسان ‪ ....‬كما أن هناك عدد من‬
‫املنظمات العاملة إلى جانب األشخاص املهاجرين‪ .‬لكن في السنوات األخيرة سوف تشهد منظمة األمم‬

‫الصفحة ‪39 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املتحدة زخما على مستوى األجهزة الفرعية ذات االختصاص املباشر في عالقتها بالهجرة‪ ،‬في سعي منها‬
‫إلى اكتساب الريادة والقيادة في تناول قضية الهجرة‪ .‬وقد نوه امليثاق العاملي للهجرة‪ ،‬بقرار األمين‬
‫العام بإنشاء شبكة تابعة لألمم املتحدة معنية بالهجرة من أجل ضمان دعم التنفيذ دعما فعاال‬
‫ومتسقا على نطاق املنظومة‪ ،‬بما في ذلك آلية بناء القدرات إضافة إلى متابعة االتفاق العاملي‬
‫واستعراضه لتلبية احتياجات الدول األعضاء‪(31).‬‬

‫وأنشأ األمين العام لألمم املتحدة فريقا عامال معنيا بالهجرة‪ ،‬دعاه إلى االنعقاد (مايكل‬
‫دويل) مستشاره الخاص‪ ،‬كجزء من اقتراحاته لتعزيز عمل األمم املتحدة‪ (32).‬وقد أبرز تقرير الفريق‬
‫العامل املسمى ب(تقرير دويل) جوانب شتى من الهجرة‪ ،‬من قبيل حماية املهاجرين‪ ،‬واللجوء‪،‬‬
‫ً‬
‫وهجرة العمال‪ ،‬فضال عن وضع التعاون الدولي‪ .‬وصاغ ثالث توصيات‪ ،‬هي‪( :‬أ) سد الفجوات‬
‫القانونية واملعيارية في النظم املوضوعة ألجل املهاجرين؛ (ب) سد الفجوات املؤسسية بتعزيز‬
‫التنسيق؛ (ج) إنشاء لجنة عاملية‪(33).‬‬

‫واستجابة ل(تقرير دويل)‪ ،‬أنشأت مجموعة من الدول في عام ‪ 2003‬اللجنة العاملية‬


‫ً‬
‫للهجرة الدولية‪ ،‬باعتبارها لجنة مستقلة تقدم توصيات بشأن كيفية تعزيز إدارة الهجرة وطنيا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وإقليميا وعامليا‪ (34).‬وأوص ى تقرير اللجنة العاملية للهجرة الدولية‪ ،‬املوضوع في صيغته النهائية‬
‫عام ‪ ،2005‬بإنشاء ”مرفق مشترك بين الوكاالت معني بالهجرة العاملية“ داخل منظومة األمم املتحدة‪.‬‬
‫)‪(35‬‬

‫وفي عام ‪ ،2006‬أنشأ األمين العام املجموعة العاملية املعنية بالهجرة بهدف زيادة االتساق‬
‫على صعيد املنظومة‪ (36).‬وفي نفس السنة‪ ،‬وبناء على توصية األمين العام‪ ،‬أجرت الجمعية العامة‬
‫حوارها الرفيع املستوى املعني بالهجرة الدولية والتنمية‪ ،‬الذي كان أول حوار من نوعه على اإلطالق‪.‬‬
‫واستباقا لعقد الحوار الرفيع املستوى‪ ،‬عين األمين العام ممثال خاصا معنيا بالهجرة الدولية‬
‫والتنمية‪(37).‬‬

‫وعقددب الحددوار الرفيددع املسددتوى‪ ،‬أدت معارضددة الدددول إلنشدداء منتدددى داخددل األمددم املتحدددة‬
‫مخددتص بمناقشددة قضددايا الهجددرة إلددى إنشدداء املنتــدى العــاملي املعنــي بــالهجرة والتنميــة‪ ،‬خددارج إطددار‬
‫األمم املتحدة‪(38).‬‬

‫الصفحة ‪40 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬نحو اتفاق عاملي بشأن الهجرة الدولية‬

‫بتاريخ ‪19‬شتنبر‪ 2016‬اجتمع قادة العالم بمقر األمم املتحدة في االجتمداع العدام الرفيدع‬
‫املسدتوى للجمعيدة العامدة املعدني بحركدات الدنزوح الكدبرى لالجدئين واملهداجرين‪ .‬وفي إعدالن نيويدورك مدن‬
‫أجدل الالجدئين واملهداجرين‪ ،‬والدذي اعتمدد بوصدفه الوثيقدة الختاميدة لالجتمداع‪ ،‬أقدرت الددول بضدرورة‬
‫تعزيدز التعداون الددولي بشدأن الهجدرة‪ ،‬وشدرعت في عمليدة مدتها سنتان لوضع اتفاقين عامليين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫اتفاق عاملي بشأن الالجدئين؛ واتفداق عداملي مدن أجدل الهجدرة اآلمندة واملنظمدة والنظاميدة‪ ،‬والذي عدرض‬
‫العتمداده في مدؤتمر حكومي دولي انعقد في عام ‪ .2018‬وهذا أعطي للددول مهلدة سدنتين لتوضديح‬
‫املسدؤوليات إزاء بعضها البعض وإزاء املهاجرين في خضدم سدعيها إلى تنفيدذ خطدة عدام ‪ .2030‬على أنه‬
‫في حدال كان الطموح سيد املوقدف‪ ،‬فدإن الددول ستسدتخدم االتفداق العداملي لوضدع املعايير في املجاالت‬
‫الرئيسية إلدارة الهجرة‪ ،‬وهي املعايير الدتي سدتتعهد باحترامهدا‪ ،‬وبتجاوزهدا‪ ،‬حيثما أمكن‪ ،‬في السياسات‬
‫الوطنية واالتفاقات الثنائية واإلقليمية‪.‬‬
‫اعتمد امليثاق العاملي للهجرة بمؤتمر مراكش حول الهجرة‪ ،‬حيث عرف املغرب في أواخر‬
‫سنة ‪ 2018‬انعقاد املؤتمر الحكومي الدولي العتماد امليثاق العاملي للهجرة اآلمنة واملنظمة واملنتظمة‪،‬‬
‫ً‬
‫برعاية الجمعية العامة لألمم املتحدة‪ .‬و نظم املؤتمر عمال بالقرار ‪ 1/71‬املؤرخ ‪ 19‬سبتمبر ‪،2016‬‬
‫املعنون "إعالن نيويورك لالجئين واملهاجرين" والذي قرر بدء عملية مفاوضات حكومية دولية تؤدي‬
‫إلى اعتماد ميثاق العاملي للهجرة‪(39).‬‬

‫ويتضمن امليثاق العاملي حول الهجرة سلسلة من املبادئ‪ ،‬من بينها الدفاع عن حقوق‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫اإلنسان وحقوق األطفال واالعتراف بالسيادة الوطنية وغيرها‪ ،‬كما يحوي فهرسا لإلجراءات ملساعدة‬
‫الدول على التصدي للهجرات في مستوى تحسين اإلعالم وإجراءات لتحسين إدماج املهاجرين وتبادل‬
‫الخبرات‪.‬‬

‫الصفحة ‪41 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫بموجب ما سبق‪ ،‬يتضح جليا أن الدول وأصحاب املصلحة اآلخرون أصبحوا على دراية‬
‫بالتحديات والفرص التي تتيحها الهجرة الدولية‪ .‬ويوجد اآلن في كل جزء من العالم إدراك عميق‬
‫بضرورة تحقيق الفوائد االقتصادية واالجتماعية والثقافية للهجرة الدولية بشكل أكثر فعالية‪،‬‬
‫وصار من املمكن معالجة العواقب السلبية للحركة عبر الحدود بشكل أفضل‪.‬‬
‫ويكشف الواقع اليوم أن تحركات الناس قضية إنمائية وأمنية وإنسانية‪ ،‬فتحقيق رقي‬
‫املجتمعات يتطلب‪ ،‬المحالة‪ ،‬تحقيق التنمية اإلنسانية املستدامة‪ ،‬وصون حقوق اإلنسان وحرياته‬
‫والحكم الراشد‪ ،‬واملساواة االجتماعية وسيادة القانون‪.‬‬

‫الهوامش‬

‫‪ - 1‬حساني خالد‪ ،‬محاضرات في حقوق اإلنسان‪ ،‬مطبوعة بيداغوجية مقدمة لطلبة السنة الثانية من‬
‫التعليم القاعدي‪ ،‬جددامعددة عبد الرحمان ميرة‪ -‬بجاية كدليددة الدحدقدوق والعلوم السياسية قسم التعليم القاعدي‬
‫للحقوق‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2014/2015 :‬ص‪.14.‬‬
‫‪ - 2‬تعتبددر االتفاقيددة الدوليددة لحمايددة جميددع حقددوق العمددال املهدداجرين وأفدراد أسددرهم التددي اعتمدددت بقددرار‬
‫الجمعي ددة العام ددة ‪ 158/45‬امل ددؤرخ ي ددوم ‪ 18‬ديس ددمبر ‪ 1990‬أه ددم اتفاقي ددة تعت ددرف بحق دوق امله دداجرين وأس ددرهم وتض ددع‬
‫آليات لحماية دولية مناسبة لحقدوقهم ‪.‬وهدي تنطبدق علدى جميدع العمدال املهداجرين وأفدراد أسدرهم دون تمييدز مدن أي‬
‫نوع‪.‬‬
‫‪ - 3‬ميثاق الهجرة هو أول اتفاق عاملي من أجل الهجرة اآلمنة واملنظمة والنظامية‪ ،‬اعتمدته األمم‬
‫املتحدة خالل مؤتمر مراكش ‪،2018‬‬
‫‪ - 4‬من الصعب إعطاء تعريف موحد ملصطلح الهجرة غير الشرعية أو السرية أو غير القانونية‪ ،‬وذلك‬
‫الختالف املفاهيم واألهداف وتعقد وتشابك مظاهرها‪ .‬ورغم انه اتفق عامليا على عدم وجود تعريف موحد للهجرة‬
‫غير الشرعية‪ ،‬فان املصطلح عادة ما يستعمل لنعث تحركات الشخص الذي يتحرك خارج القنوات الشرعية‬
‫للهجرة‪ .‬انظر في تعريف املهاجر غير النظامي‪ ،‬معجم اللجوء والهجرة‪ ،‬النسخة العربية ملعجم الهجرة واللجوء‬
‫للشبكة األوروبية للهجرة مع نصوص تمهيدية باللغتين العربية واإليطالية‪ ،‬الشبكة االوربية للهجرة التابعة‬
‫للمفوضية األوربية ووزارة الشؤون الداخلية االيطالية‪ ،‬قسم الحريات املدنية والهجرة‪ ،‬االدارة املركزية‬
‫لسياسات الهجرة واللجوء‪ ،‬روما ‪.2013‬‬

‫الصفحة ‪42 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ - 5‬أنظر‪:‬‬
‫‪- Antoine Pécoud, L’ONU face aux migrants : une mission inaboutie ?, Cahiers‬‬
‫‪d’histoire. Revue d’histoire critique : Que fait l'ONU, Droit d'inventaire, 142 | 2019, 1 juillet‬‬
‫‪2019 Page.9-10.‬‬
‫‪ - 6‬ال يوجد تعريف موحد للهجرة الدولية‪ ،‬والتعريفات الحالية للهجرة الدولية تركز على النشاطات‬
‫االقتدصادية واالجتماعيدة والثقافية التي يقوم بها املهاجرون ال على رحلة االنطالق والوصول التي يقومدون بهدا‪،‬‬
‫ويمكن ان نقول ان الهجرة الدولية هي االنتقال القانوني لألشخاص بين الدول بغرض العمل أو ملمارسة أي‬
‫نشاط اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي آخر‪ ،‬ويتم بشكل دائم باستقرار املهاجر نهائيا في دولدة االسدتقبال أو بشكل‬
‫مؤقت بعودة املهاجر إلى موطنه األصلي‪ .‬انظر‪ :‬سليم دحه‪ ،‬الهجرة الدولية‪ :‬املفهوم ومنظورات التفسير‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬يناير‪ 201‬ص‪.11.‬‬
‫‪ - 7‬أنظر في هذا الباب‪ :‬بن عومر محمد الصالح‪ ،‬ماهیة الهجرة غير الشرعیة واآللیات الوطنیة املقررة‬
‫ملكافحتها في التشریع الجزائري‪ ،‬مجلة امليزان‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬مخبر الجرائم العابرة للحدود‬
‫باملركز الجامعي صالحي أحمد بالنعامة‪ ،‬العدد الثالث الخاص بفعاليات امللتقى الدولي األول حول واقع الهجرة‬
‫غير الشرعية و آليات مكافحتها املنعقد في ‪ 16‬و ‪ 17‬اكتوبر‪.2018‬‬
‫‪ - 8‬بددوجالل صددالح الدددين‪ ،‬محاض درات فددي قددانون حقددوق االنسددان‪ ،‬السددنة الجامعيددة ‪ ،2014/2013‬كليددة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة سطيف ‪ ،2‬ص‪.13-10.‬‬
‫‪ - 9‬الهجددرة الدوليددة والصددحة وحقددوق اإلنسددان‪ ،‬منشددورات منظمددة الصددحة العامليددة املعنيددة بالصددحة‬
‫وحقوق اإلنسان‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،2006،‬ص‪9-8.‬‬
‫‪ - 10‬لالطالع على هدذه الترسدانة مدن القدوانين التدي يسدهل تطبيقهدا علدى فئدة املهداجرين الددوليين‪ ،‬أنظدر فدي‬
‫هذا الشأن‪:‬‬
‫‪- MIGRATIONS ET PROTECTION DES DROITS DE L’HOMME, Droit international‬‬
‫‪de la migration, N°3, Organization international pour les migrations,2005, Page .19-26‬‬
‫‪ - 11‬حمددزة عبابسددة‪ ،‬الحمايددة القانونيددة للمهداجرين فددي القددانون الدددولي‪ ،‬رسددالة لنيددل شددهادة الدددكتوراه فددي‬
‫القانون العام‪ ،‬تلمسان كلية الحقوق والعلوم السياسية السنة الجامعية ‪ ،2017/2016‬ص‪.67-66.‬‬
‫‪ - 12‬حيدددر ادهددم عبددد الهددادي‪ ،‬دراسددات فددي قددانون حقددوق االنسددان‪ ،‬دار الحامددد للنشددر والتوزيددع‪ ،‬عمددان‪،‬‬
‫االردن‪ ،‬الطبعة االولى‪ 2009 ،‬ص‪.54-45.‬‬
‫‪ - 13‬تعزيددز وحماي ددة جمي ددع حق ددوق اإلنس ددان‪ ،‬املدني ددة والسياس ددية واالقتص ددادية واالجتماعي ددة والثقافي ددة‪،‬‬
‫بما في ذلدك الحدق فدي التنميدة‪ :‬تقريدر عدن مجموعدة املبدادئ واملمارسدات الجيددة والسياسدات املتعلقدة بدالهجرة اآلمندة‬
‫ً‬
‫واملنظمددة والنظاميددة تماشدديا مددع القددانون الدددولي لحقددوق اإلنسددان التقريددر السددنوي ملفددوض األمددم املتحدددة السددامي‬

‫الصفحة ‪43 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫لحق د د ددوق اإلنس د د ددان وتق د د ددارير املفوض د د ددية الس د د ددامية واألم د د ددين الع د د ددام‪ ،‬وثيق د د ددة‪ 05 ،A/HRC/36/42 :‬أكت د د ددوبر ‪،2017‬‬
‫الفقرة‪.11.‬‬
‫‪ - 14‬بضدري محمدد‪ ،‬حقدوق اإلنسدان والحریدات العامدة‪ ،‬د راسدة دولیدة ووطنیدة‪ ،‬الطبعدة الرابعدة‪ ،‬دار‬
‫النشر الجسور‪ ،‬املغرب‪ ، 2001 ،‬ص‪. 1.‬‬
‫‪ - 15‬عدرف مفهددوم التنميددة تحددوالت عدددة بحيددث انتقددل مددن املفهددوم الضدديق املرتكددز علددى الكددم االقتصددادي‬
‫الى املفهوم الواسع القائم على محورية االنسان‪ ،‬قبل ان يظهر مفهوم التنمية املستدامة الجديد ‪.‬‬
‫‪ - 16‬يمكن القول أنه في تسعينيات القرن العشرين بدأت تظهر مدرسة جديدة وغير تقليدية وأكثر‬
‫شموال في إطار الدراسات األمنية‪ ،‬والتي يمكن أن نطلق عليها مدرسة التنمية أو التنمية البشرية‪ ،‬تنحاز بدرجة‬
‫أكبر إلى البشر واألفراد‪ ،‬وتقدم مقترابا جديدا في الدراسات األمنية‪ ،‬في إطار ما يسمى بمفهوم األمن البشري ‪.‬‬
‫محمد أحمد علي العدوي‪ ،‬األمن اإلنساني ومنظومة حقوق اإلنسان‪ :‬دراسة في املفاهيم‪ ..‬والعالقات املتبادلة‪،‬‬
‫ص‪.3.‬‬
‫‪ - 17‬إعالن الهداي بشأن مستقبل السياسات املتعلقة بالالجئين والهجرة‪ ،‬الدورة السابعة والخمسون‬
‫للجمعية العامة‪ ،‬رمز الوثيقة ‪ ،A/693/57 :‬بتاريخ ‪ 23‬دجنبر ‪ ،2002‬ص‪.15.‬‬
‫‪" - 18‬حقددوق اإلنسددان للمهاجرين"‪ ،‬تقريدر املقددم مدن السديدة غدابرييال رودريغدديز بدديزارو املقدررة الخاصدة‬
‫للجندة حقدوق اإلنسدان املعنية بحقدوق اإلنسدان للمهاجرين في الدورة الثامنة والخمسون للجمعية لألمم املتحدة‪،‬‬
‫وثيقة رمز‪ 12 ، A/58/275:‬غشت ‪.2003‬‬
‫‪ - 19‬تقرير لجنة األمن اإلنساني لسنة ‪ ، 2003‬ص‪.135.‬‬
‫‪ - 20‬رسدالة مؤرخدة ‪ 21‬نوفمددبر ‪ 2002‬موجهددة إلى رئيددس الجمعيددة العامة من املمثلين الدائمين‬
‫لسويسرا والنرويج لدى األمم املتحدة الدورة السابعة والخمسون للجمعية العامة‪ 23‬دجنبر ‪ ،2002‬رمز الوثيقة‪:‬‬
‫‪، A/57/693‬ص‪.13.‬‬
‫‪ - 21‬إنسانية واحدة‪ :‬مسؤولية مشتركة‪ ،‬تقرير األمين العام ملؤتمر القمة العاملي للعمل اإلنساني‪،‬‬
‫الدورة السبعون لألمم املتحدة‪ ،‬وثيقة‪ ،A/70/709 :‬بتاريخ ‪ 02‬فبراير ‪ ،2016‬املادة‪.108.‬‬
‫‪" - 22‬حقوق اإلنسان للمهاجرين"‪ :‬مذكرة من األمين العام‪ ،‬الدورة الثامنة والخمسون للجمعية‬
‫العامة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ، A/58/275 :‬الفقرتين ‪ 50‬و ‪.51‬‬
‫‪ - 23‬محمد أحمد علي العدوي‪ ،‬األمن اإلنساني ومنظومة حقوق اإلنسان‪ :‬دراسة في املفاهيم‬
‫والعالقات املتبادلة‪ ،‬قسم العلوم السياسية واإلدارة العامة‪ -‬جامعة أسيوط‪ .‬مركز االعالم االمني‪ ،‬ص‪ .5.‬متاح‬
‫على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://drive.google.com/file/d/0B9x5L29xpeaacXVrMHNjUEhPa00/view‬‬
‫‪ - 24‬تقرير لجنة األمن اإلنساني ‪ ، 2003‬ص‪.44.‬‬

‫الصفحة ‪44 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ - 25‬نيلز كارستينسن‪ ،‬فهم الحماية التي تقودها املجتمعات املحلية ودعمها‪ ،‬نشرة الهجرة القسرية‪،‬‬
‫مركز اوكسفورد لدراسات الالجئين‪ ،‬العدد‪ ،53‬اكتوبر ‪ ،2016‬ص‪.4.‬‬
‫‪ - 26‬أنظر‪:‬‬
‫‪- Practitioners and Makers-Policy for Handbook A: Planning Development into Migration‬‬
‫‪Mainstreaming, Publication of International Organization for Migration (IOM), 2010 , page.15‬‬
‫‪ - 27‬إنسانية واحدة‪ :‬مسؤولية مشتركة‪ ،‬تقرير األمين العام ملؤتمر القمة العاملي للعمل اإلنساني‪،‬‬
‫الدورة السبعون لألمم املتحدة‪ ،‬وثيقة‪ ،A/70/709 :‬بتاريخ ‪ 02‬فبراير ‪ ،2016‬املادة‪.114 .‬‬
‫‪ - 28‬حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ ،‬مذكرة من األمين العام‪ ،‬الدورة الثامنة والستون للجمعية العامة‬
‫لألمم املتحدة‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،A/68/283 :‬املادة‪.108 .‬‬
‫‪" - 29‬متابعة نتائج مؤتمر قمة األلفية"‪ ،‬مذكرة من األمين العام‪ ،‬الدورة الحادية والسبعون الجمعية‬
‫العامة ‪ ،‬وثيقة رمز‪ ، A / 71/728 :‬بتاريخ ‪ 03‬فبراير ‪ ،2017‬الفقرة‪.7.‬‬
‫‪ - 30‬تعزيز األمم املتحدة‪ :‬برنامج إلجراء املزيد من التغييرات‪ ،‬تقرير األمين العام للجمعية العامة في‬
‫دورتها ‪ ،57‬رمز الوثيقة‪ A/57/387 :‬موجز التقرير‪ ،‬الصفحة األولى‪.‬‬
‫‪ - 31‬االتفاق العاملي من أجل الهجرة اآلمنة واملنظمة والنظامية‪ ،‬قرار اتخذته الجمعية العامة في ‪19‬‬
‫ديسمبر ‪ ،2018‬خالل دورتها الثالثة والسبعون‪ ،‬رمز الوثيقة‪ ،A/RES/73/195 :‬الفقرة‪.45.‬‬
‫‪" - 32‬حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ :‬مذكرة من األمين العام"‪ ،‬الدورة الثامنة والستون للجمعية العامة‪،‬‬
‫‪ 07‬غشت ‪ ،2013‬رمز الوثيقة‪ ،A/68/283 :‬الفقرة‪.15.‬‬
‫‪" - 33‬حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ :‬مذكرة من األمين العام"‪ ،‬نفس الوثيقة‪ ،‬الفقرة‪.16 .‬‬
‫‪ - 34‬تقرير الهجرة‪ ،‬املنظمة الدولية للهجرة ‪ ،‬سويسرا‪ ، 2017 ،‬ص‪ .142 .‬أنظر أيضا‪" :‬حقوق اإلنسان‬
‫للمهاجرين‪ ،A/68/283 ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة‪.17 .‬‬
‫‪" - 35‬حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ ،A/68/283 ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة‪.19.‬‬
‫‪" - 36‬حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ ،A/68/283 ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة‪.20.‬‬
‫‪" - 37‬حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ ،A/68/283 ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة ‪.21.‬‬
‫‪" - 38‬حقوق اإلنسان للمهاجرين‪ ،A/68/283 ،‬مرجع سابق‪ ،‬الفقرة ‪.22.‬‬
‫‪ - 39‬إعالن نيويورك من أجل الالجئين واملهاجرين ‪ ،‬قرار اتخذته الجمعية العامة في ‪ 19‬سبتمبر ‪،2016‬‬
‫خالل دورتها الواحدة والسبعون‪ ،‬بتاريخ ‪ 03‬اكتوبر ‪ ،2016‬رمز الوثيقة‪.A/RES/71/1 :‬‬

‫الصفحة ‪45 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املح ـ ــورالثانـ ــي ‪:‬‬


‫مقاالت خاصة باإلدارة القضائي ــة‬

‫الصفحة ‪46 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫رقمنة مساط ـ ـرصعوبات املقاولـ ـ ـة‬


‫اآلفاق و التحديات‪.‬‬
‫الدكتور‪ :‬املهدي سالم‬
‫قاض ي باملحكمة التجارية بالدارالبيضاء‬

‫مقدمة‬
‫يسير املغرب بخطوات ثابتة نحو تكريس التقنيات االلكترونية املنبثقة عن الثورة الرقمية في‬
‫تصريف العدالة و اإلجراءات القضائية‪،‬و ذلك من خالل اعتماد المادية اإلجراءات بين مختلف‬
‫املحاكم و باقي املتدخلين في منظومة العدالة بشكل يضمن انخراط جميع الفاعلين و املهنيين في هذا‬
‫النسق الرقمي الذي اثبت نجاعته في تحقيق سرعة البت في القضايا و ضمان شفافية املساطر‬
‫القضائية ‪ ،‬و في هذا الصدد جاءت الخطب امللكية السامية للتأكيد على أهمية السير قدما في تنزيل‬
‫هذا الورش اإلصالحي الكبير ملنظومة العدالة‪ ،‬فجاء في الرسالة امللكية السامية لصاحب الجاللة‬
‫امللك محمد السادس نصره هللا و ّأيده بتاريخ ‪ 10-2019-21‬ضمن فعاليات املؤتمر الدولي بمراكش‬
‫حول "العدالة و االستثمار " " ندعو الستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية من إمكانيات لنشر‬
‫املعلومة القانونية و القضائية ‪ ،‬و تبني خيار تعزيز و تعميم ال مادية اإلجراءات و املساطر‬
‫القانونية و القضائية و التقاض ي عن بعد ‪ ،‬باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة و‬
‫النجاعة ‪ ،‬مع الحرص على تقعيدها قانونيا ‪ ،‬و انخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش‬
‫ّ‬
‫التحول الرقمي"‪.‬‬
‫و يبقى القضاء التجاري في مقدمة املعركة التي يخوضها املغرب ملواجهة تحديات الرقمنة‬
‫بالنظر إلى خصوصياته املستمدة من ارتباطه باالستثمار الوطني و الدولي‪ ،‬و ما يتسم به من سرعة‬
‫ا لبت في القضايا‪ ،‬ناهيك عن تفش ي التعامل الرقمي بين املقاوالت املغربية و األجنبية‪ ،‬و التكريس‬
‫التشريعي إلحداث املقاوالت بطريقة إلكترونية و مواكبتها عمال بالقانون رقم ‪.1 88/17‬‬
‫‪ - 1‬ظهير شريف رقم ‪ 1.18.109‬الصادر في ‪ 9‬يناير ‪ 2019‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 88-17‬المتعلق بإحداث المقاوالت بطريقة‬
‫إلكترونية و مواكبتها منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6745‬بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪ 2019‬ص ‪. 140‬‬

‫الصفحة ‪47 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ويراهن املجلس األعلى للسلطة القضائية على العنصر البشري ممثال في أطر و موظفي‬
‫العدالة في تنزيل مضامين الورش الكبير للرقمنة و ذلك من خالل تفعيل مضامين املشروع وفق‬
‫املنظور االستراتيجي الذي وضعه املجلس كخطة عمل و خارطة طريق لتجويد الخدمات التي يقدمها‬
‫مرفق القضاء و تحسين األداء باملحاكم ‪ ،‬و من هذا املنطلق كان لزاما على الشخص املمارس‬
‫املساهمة في هذا املشروع و االنخراط االيجابي في مسار الرقمنة ‪ ،‬و املشاركة في رصد اإلشكاليات‬
‫التي يطرحها واقع املمارسة‪ ،‬و اقتراح الحلول املالئمة ملواجهة التحديات الراهنة ‪،‬و تأسيسا على ما‬
‫سبق البد من التساؤل حول كيفية تسخير التقنيات الرقمية لتحقيق غايات املخطط االستراتيجي‬
‫للمجلس األعلى للسلطة القضائية و املتمثلة في جعل العدالة ببالدنا عدالة ناجعة شفافة و سهلة‬
‫الولوج بشكل يحقق األمن القضائي للمتقاضين ‪.‬‬
‫ووعيا من املجلس األعلى للسلطة القضائية بالدور املهم الذي تلعبه الرقمنة فقد خصص‬
‫املخطط االستراتيجي حيزا مهما لهذا املوضوع و أفرد الورش رقم ‪ 26‬للسعي إلى رقمنة اإلجراءات‬
‫واملساطر و الخدمات القضائية و أكد على االنخراط الجدي في تعزيز مناخ األعمال و مواكبة‬
‫املستجدات و التوجهات التشريعية الدولية و األشكال الجديدة للتقاض ي من خالل استثمار الثورة‬
‫الرقمية و التكنولوجية ‪.‬‬
‫وتشكل قضايا صعوبات املقاولة محورا أساسيا ملناقشة التحديات الراهنة لتعزيز دور‬
‫املحاكم التجارية باعتبارها من أولويات املخطط االستراتيجي للمجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫فأكد على ضرورة النهوض بأوضاعها‪ ،‬و االهتمام بوضعية القضاة املمارسين بها و األطر األخرى‬
‫املساعدة لهم سواء تعلق األمر باملوظفين أو مساعدي القضاء كالسنادكة و الخبراء ‪ ،‬و هو ما من‬
‫شأنه أن يسهم في التنزيل السليم لنص قانوني يراعي خصوصيات هذه املساطر و يأخذ بعين‬
‫االعتبار كل مستجدات القانون رقم ‪ 73/17‬الذي نسخ و عوض الكتاب الخامس من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬و ذلك في إطار تجويد الترسانة القانونية ‪ ،‬و تحسين مناخ األعمال ‪.‬‬
‫إن اعتماد الوسائط االلكترونية من شأنه أن يعطي دفعة قوية تزيد من فعالية مساطر‬
‫صعوبات املقاولة‪ ،‬و تجاوز املعيقات التي تثار في هذا اإلطار ‪ ،‬و لذلك فإن دراسة هذا املوضوع‬
‫الصفحة ‪48 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫يقتض ي الوقوف على التوجهات التشريعية الكبرى لرقمنة املحاكم ‪ ،‬مع االستناد إلى واقع ممارسة‬
‫ّ‬
‫مساطر صعوبات املقاولة و تنفيذ اإلجراءات القانونية املرتبطة بها ‪ ،‬و ملا كانت املقتضيات املنظمة‬
‫ملساطر اإلنقاذ والتسوية القضائية و التصفية القضائية تلتقي في العديد من النقط في إطار‬
‫األحكام املشتركة املتعلقة بطلبات فتح هذه املساطر و إجراءات نشرها‪ ،‬مع اختالف هذه األحكام في‬
‫ما يتعلق بسير كل مسطرة من هذه املساطر فقد ارتأينا تقسيم املوضوع إلى محورين أساسيين‬
‫أولهما يتعلق برقمنة اإلجراءات املرتبطة بفتح مساطر صعوبات املقاولة و إشهارها ‪ ،‬و ثانيهما يهم‬
‫رقمنة اإلجراءات املرتبطة بسير مساطر صعوبات املقاولة ‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬رقمنة اإلجراءات املرتبطة بفتح مساطر‬


‫صعوبات املقاولة و إشهارها‬

‫يلعب القضاء التجاري دورا رئيسيا في مساطر صعوبات املقاولة يتجسد في اإلشراف على‬
‫جميع إجراءاتها منذ فتح املسطرة إلى غاية قفلها ‪ ، 1‬و قد منح املشرع للقضاء التجاري أدوارا قانونية‬
‫و اقتصادية جديدة‪،‬و صالحيات استثنائية للتقرير في مصير املقاولة‪ ،‬و يقتض ي سير مساطر‬
‫صعوبات املقاولة املرور عبر مجموعة من املراحل تبتدئ بتقديم طلب فتح املسطرة من طرف‬
‫املقاولة نفسها أو أحد الدائنين أو بناء على أمر رئيس املحكمة باإلحالة على غرفة املشورة أو بناء‬
‫على طلب من النيابة العامة ‪ ،2‬ثم سلوك إجراءات املناقشة التي يتمخض عنها صدور الحكم‬
‫القاض ي بفتح املسطرة و ما يترتب عنه من آثار ‪ ،‬أبرزها إجراءات الشهر املنصوص عليها قانون‪ ،‬وعلى‬

‫‪ - 1‬حدد المشرع حاالت قفل اإلنقاذ أو التسوية القضائية و تتمثل في تنفيذ المقاولة لإللتزاماتها الواردة بالمخطط ‪ ،‬و حاالت قفل‬
‫التصفية القضائية عمال بالمادة ‪ 669‬من مدونة التجارة ‪ ،‬و التي تتمثل سداد المقاولة لمجموع ديونها أو استحالة االستمرار في‬
‫التصفية لعدم كفاية األصول ‪ ،‬و نشير إلى اإلمكانية التي أوردها التعديل الجديد الذي جاء به القانون ‪ 73-17‬و المتمثلة في إمكانية‬
‫‪1‬‬
‫تقديم طلب إعادة فتح المسطرة بعد قفلها ‪.‬‬
‫‪ - 2‬نصت هذه المادة على " يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى ألحد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه ‪ ،‬و يمكن للمحكمة‬
‫أيضا أن تضع يدها على المسطرة إما تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو من رئيس المحكمة في إطار ما تخوله له الوقاية‬
‫الخارجية من اختصاصات ‪.‬‬

‫الصفحة ‪49 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫هذا األساس سنحاول بحث اإلجراءات املرتبطة بفتح مساطر صعوبات املقاولة في املطلب األول‪ ،‬ثم‬
‫نتحدث عن اإلجراءات املرتبطة بإشهار الحكم في مطلب ثاني ‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلجراءات املرتبطة بفتح مساطرصعوبات املقاولة‬

‫تتميز الطلبات الرامية إلى فتح مساطر صعوبات املقاولة سواء تعلق األمر بمسطرة اإلنقاذ أو‬
‫التسوية القضائية‪ ،‬أو التصفية القضائية بمجموعة من الخصوصيات على مستوى اإلجراءات‬
‫الشكلية أو القواعد املوضوعية ‪ ،‬و ّ‬
‫لعل أبرزها ازدواجية القواعد املسطرية بين ضرورة تقديم‬
‫الطلب املكتوب الذي يوضح الصعوبات التي تعانيها املقاولة و إرفاقه بالوثائق املتطلبة عمال باملادة‬
‫‪ ،1 577‬و بين مسطرة االستماع لرئيس املقاولة بغرفة املشورة عمال باملادة ‪ 582‬من نفس القانون‬
‫التي تنص على أن املحكمة تبت بشأن فتح املسطرة بعد استماعها لرئيس املقاولة أو استدعائه‬
‫قانونيا للمثول أمام غرفة املشورة ‪ ،‬و يمكن للمحكمة أيضا االستماع لكل شخص يتبين لها أن‬
‫أقواله مفيدة دون أن يتمسك بالسر املنهي ‪ .2‬و تبعا لذلك فإن طلبات فتح مساطر صعوبات املقاولة‬
‫يجب أن تخضع لنفس النسق اإللكتروني ‪ ،‬و تتم وفق مرجعية قانونية واضحة‪ ،‬و في إطار مقاربة‬
‫شمولية تنفتح على جميع مكونات منظومة العدالة و على التجارب الدولية الرائدة في هذا املجال‪ ،‬و‬
‫في هذا الصدد أعلن مشروع قانون رقمنة اإلجراءات القضائية الذي أعدته وزارة العدل عن األهداف‬
‫الكبرى لهذا اإلطار التشريعي الذي يعد لبنة أساسية للرفع من جودة الخدمات القضائية‪ ،‬و تحقيق‬
‫الشفافية و النجاعة على مستوى إجراءات التقاض ي باملغرب ‪ ،‬و تبعا لذلك يمكن تسجيل الطلبات‬
‫الرامية لفتح مساطر صعوبات املقاولة عن طريق املنصة الرقمية املعدة لهذا الغرض ‪.‬‬
‫وقد حددت املادة األولى من مشروع القانون املتعلق برقمنة اإلجراءات القضائية خارطة‬
‫الطريق واألهداف األساسية من وراء وضع إطار تشريعي ينظم استعمال التقنيات الحديثة في‬

‫‪ - 1‬جاء في هذه المادة ‪ :‬يودع رئيس المقاولة طلبه بكتابة الضبط و يشير فيه إلى أسباب التوقف عن الدفع و يجب إرفاق الطلب‬
‫بالوثائق الواردة في هذه المادة ‪.‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 582‬من مدونة التجارة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪50 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫التقاض ي فنصت على أن هذا القانون يهدف إلى إدماج استعمال التقنيات الحديثة في املسارات و‬
‫املساطر القضائية بما يضمن تأمين املعطيات الشخصية من خالل اعتماد اإلدارة اإللكترونية في‬
‫اإلجراءات القضائية وفق برامج تحديث اإلدارة القضائية التي تعدها الوزارة املكلفة بالعدل و‬
‫التدبير الالمادي لإلجراءات القضائية بين مختلف محاكم اململكة و باقي الفاعلين في املنظومة‬
‫القضائية‪ ،‬وتمكين املواطنين واملهنيين من الولوج الرقمي إلى العدالة‪ ،‬وتقديم الخدمات عن بعد ‪،‬‬
‫والتمكين من عقد جلسات افتراضية و املحاكمة عن بعد عبر تقنية املناظرة املرئية ‪ ،‬و تأسيسا على‬
‫ذلك يمكن ممارسة اإلجراءات الرقمية من خالل مجموع الطلبات التي يمكن أن تقدم للمحكمة عن‬
‫طريق املنصة الرقمية‪.‬‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬إيداع طلبات فتح مساطرصعوبات املقاولة بشكل إليكتروني ‪:‬‬

‫إن خصوصيات مساطر صعوبات املقاولة ال تمنع من إخضاعها لضوابط أسس‬


‫املحكمة الرقمية ‪ ،‬بل إن رقمنة هذه املساطر يسهم في تحديث القضاء التجاري و تعزيز‬
‫حكامته عن طريق تمكين القضاة املمارسين باملحاكم التجارية من النظر في دعاوى صعوبات‬
‫املقاولة مباشرة واإلجراءات القضائية بوسائل إلكترونية حديثة ‪ ،‬و من بينها الطلبات املتعلقة‬
‫بفتح مسطرة اإلنقاذ التي جعلها املشرع املغربي مسطرة إرادية يتقدم بها رئيس املقاولة إلى‬
‫املحكمة املختصة نوعيا و مكانيا ‪ ،‬و ال يمكن أن نتصور تقديم طلب فتحها إال من طرفه‪ ،‬و‬
‫ذلك بخالف التسوية و التصفية القضائية ‪ ،1‬و في هذا اإلطار يمكن تقديم الطلب عبر املنصة‬
‫الرقمية و أداء الرسوم القضائية عنه و إرفاقه بالوثائق املنصوص عليها في املادة ‪ 577‬من‬
‫مدونة التجارة إضافة إلى مشروع مخطط اإلنقاذ الذي استلزم املشرع اإلدالء به بموجب املادة‬
‫‪ 562‬من مدونة التجارة تحت طائلة عدم قبول الطلب ‪ ،‬و استنادا على الفصل ‪ 1-510‬من‬
‫مشروع القانون بشأن رقمنة اإلجراءات فإنه " يودع مقال الدعوى أو الطلب أو الطعن و‬
‫مرفقاته لدى مختلف محاكم اململكة وجوبا عبر النظام الرقمي املعد لهذه الغاية مقابل‬
‫وصل يستخرج من هذا النظام " ‪،‬وأشارت مقتضيات الفصل ‪ 2-510‬على وجوب تضمين‬
‫املقال أو الطلب أو الطعن العنوان اإللكتروني للطرف الذي تقدم به متى كان شخصا اعتباريا ‪،‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 561‬من مدونة التجارة نصت على أن رئيس المقاولة يودع طلبه لدى كتابة الضبط المحكمة المختصة و يبين فيه نوعية‬
‫الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة و يرفقه بالوثائق المنصوص عليها في المادة ‪ 577‬من مدونة التجارة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪51 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫و إذا قدم بواسطة محام يجب أن يتضمن حسابه اإللكتروني املنهي‪ ،‬و نرى أن خصوصيات‬
‫مساطر صعوبات املقاولة تقتض ي تضمين طلب فتح مساطر صعوبات املقاولة املقدم عن طريق‬
‫املنصة العنوان اإللكتروني لرئيس املقاولة والحساب اإللكتروني املنهي لنائبه‪ ،‬و ذلك حتى يسهل‬
‫فيما بعد التواصل معه بشأن سير إجراءات املسطرة ‪ ،‬و يسري نفس الحكم على طلبات رئيس‬
‫املقاولة الرامية إلى فتح مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية ‪ ،‬و كذلك الطلبات‬
‫املقدمة من طرف أحد الدائنين بحيث يتعين أن ترفق بالوثائق الالزمة ‪ ،‬و التي يتم تبادلها في‬
‫إطار نسق رقمي بين األطراف و املحكمة‪ ،‬و يمكن للقاض ي في جميع األحوال أن يطلب اإلدالء له‬
‫بأصل الوثيقة ‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬أداء الرسوم القضائية و الوديعة املالية بطريقة إلكترونية ‪:‬‬

‫األكيد أن طلبات فتح مساطر صعوبات املقاولة يؤدى عنها الرسم القضائي املحدد قانونا و‬
‫إلى جانب ذلك يؤدي رئيس املقاولة مبلغ مصاريف اإلشهار و تسيير املسطرة الذي يحدده رئيس‬
‫املحكمة طبقا للمادة ‪ 577‬من مدونة التجارة ‪ ، 1‬و قد أقر املشروع إمكانية األداء اإللكتروني في‬
‫جميع األحوال التي تستوجب أداء وجيبة قضائية أو إيداع مبلغ مالي بما في ذلك املصاريف التي‬
‫تتطلبها إجراءات تحقيق الدعوى‪ ،‬و ذلك طبقا للفصل ‪ 12-510‬الذي ينص على أنه " يتم اعتماد‬
‫نظام األداء اإللكتروني في جميع األحوال التي تستوجب تأدية رسم قضائي أو إيداع مبلغ مالي "‬
‫كما وضع املشروع تعريفا لألداء اإللكتروني في املادة األولى و اعتبره وسيلة للقيام بدفع أموال أو‬
‫الحصول على مستحقات بشكل رقمي من قبيل أداء رسم قضائي أو وجيبة يفرضها القانون‪.‬‬
‫و إذا كانت إجراءات إيداع الطلبات الرامية إلى فتح مسطرة صعوبات املقاولة و الوثائق‬
‫املرفقة بها عبر املنصة الرقمية ال تطرح إشكاال كبيرا ‪ ،‬فإن مسطرة االستماع لرئيس املقاولة تقتض ي‬
‫الحضور و املناقشة و هو ما يفرض البحث عن سبل مناسبة للسير في إجراءات الرقمنة إلى أبعد‬

‫‪ 1‬نصت هذه المادة على أنه ‪ :‬يحدد رئيس المحكمة عند تقديم طلب فتح مسطرة التسوية القضائية مبلغا لتغطية مصاريف اإلشهار‬
‫و تسيير هذه المسطرة ‪ ،‬يودع فورا بصندوق المحكمة من طرف رئيس المقاولة ‪ ،‬و في حالة عجز المقاولة عن األداء يمكن أن‬
‫تؤدى المصاريف المذكورة من طرف الدائن الذي له مصلحة في فتح المسطرة و في هذه الحالة تعتبر المصاريف المؤداة من قبل‬
‫الدائن دينا على المقاولة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪52 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الحدود و مالءمة قواعد الكتاب الخامس من مدونة التجارة مع املقتضيات القانونية املرتبطة‬
‫بمجال الرقمنة‪ ،‬و هو ما يطرح التساؤل حول التصميم التقني لضمان املناقشة الشفوية لقضايا‬
‫صعوبات املقاولة باالعتماد على عناصر تسمح بتحقيق السرية التي أضفاها املشرع على غرفة‬
‫املشورة ‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬الجانب املتعلق بالتبليغ اإللكتروني‪:‬‬

‫إن إشكالية التبليغ تبقى من أبرز التحديات التي يتعين مواجهتها من أجل تحقيق سرعة‬
‫البت في القضايا خاصة التجارية منها ‪ ،‬و األكيد أن اعتماد التبليغ اإللكتروني سيؤدي ال محالة إلى‬
‫إضفاء الفعالية الالزمة على مساطر صعوبات املقاولة خاصة ما يتعلق منها باإلجراءات الالحقة على‬
‫صدور الحكم القاض ي بفتح املسطرة ‪ ،‬سواء تعلق األمر بإجراءات التبليغ في مسطرة تحقيق الديون‬
‫أو إجراءات التبليغ املرتبطة بدعوى تمديد املسطرة للمسيرين ‪ ،‬أو التبليغ ملناقشة الخبرة و ما سوى‬
‫ذلك كبير ‪ ،‬بحيث سيؤدي تفعيل التبليغ اإللكتروني إلى تقليص أمد البت في جميع املنازعات‬
‫املتفرعة عن مساطر صعوبات املقاولة ‪ ،‬مما يحتم البحث عن نسق تقني يضمن تبليغ أطراف‬
‫الدعوى في مقرهم االفتراض ي اعتمادا على التقنيات الحديثة و التطور العلمي الحاصل لالستفادة‬
‫من مزية السرعة و الدقة التي توفرها هذه األدوات‪ ،‬و في هذا اإلطار جاء املشروع املتعلق برقمنة‬
‫اإلجراءات القضائية بآليتين تشريعيتين لتفعيل التبليغ اإللكتروني و هما الحساب الرقمي اإللكتروني‬
‫املنهي والعنوان االلكتروني ‪ ،‬فالحساب اإللكتروني ‪ :‬هو حساب إلكتروني رسمي يتم إحداثه من‬
‫طرف الجهة املشرفة على النظام الرقمي (الوزارة املكلفة بالعدل ) لكل مستخدم منهي و هو وسيلة‬
‫لتبادل املراسالت و اإلجراءات و الوثائق و البيانات داخل النظام الرقمي ‪ ،‬بما فيها التبليغات‬
‫القضائية و األحكام و مقاالت الدعاوى و الطلبات و الطعون و جميع اإلجراءات القضائية األخرى ‪،‬‬
‫و بعد املناقشة و إحالة امللف على النيابة العامة لإلدالء بمستنتجاتها الكتابية ‪1‬يحجز امللف‬
‫للمداولة ويتم النطق به ‪،‬و تسجيل منطوقه بالسجل االلكتروني الذي تمسكه كتابة ضبط املحكمة‬
‫ويتيح نشره بطريقة الكترونية لألطراف إمكانية االطالع على منطوقه في املوقع االلكتروني املعد لهذه‬

‫‪ - 1‬واإلحالة على النيابة العامة هنا إجبارية تجد أساسها في ارتباط قضايا صعوبات المقاولة بالنظام العام االقتصادي ‪ ،‬وتماشيا مع‬
‫نسق الرقمنة فإن إمكانية اإلدالء بمستنجات النيابة بشكل إلكتروني تبقى قائمة اعتمادا على نفس المقومات المشار إليها ‪.‬‬

‫الصفحة ‪53 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الغاية كما يتم تحرير الحكم القاض ي بفتح املسطرة عن طريق الحاسوب و املصادقة االلكترونية‬
‫عليه قصد تمكين األطراف من سحب نسخة من الحكم املحفوظ ورقيا و الكترونيا ‪ ،‬و من اآلثار‬
‫الناتجة مباشرة عن صدور حكم فتح مسطرة اإلنقاذ أو التسوية القضائية أو التصفية القضائية‬
‫إجراءات الشهر التي تنظمها املادة ‪ 584‬من مدونة التجارة ‪ ،‬فما هي آفاق و إكراهات اعتماد النشر‬
‫اإللكتروني ‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬إشهار الحكم القاض ي بفتح مساطرصعوبات املقاولة‬

‫يسري أثر الحكم القاض ي بفتح مسطرة اإلنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية من تاريخ‬
‫صدوره طبقا للمادة ‪ 584‬من مدونة التجارة ‪ ،‬و يشار إليه في السجل التجاري املحلي و السجل‬
‫التجاري املركزي فور النطق به ويقوم كاتب الضبط بنشر إشعار بالحكم يتضمن إسم املقاولة كما‬
‫هو مقيد في السجل التجاري‪ ،‬و كذا رقم تسجيلها به ‪ ،‬في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات‬
‫القانونية و القضائية و اإلدارية ‪ ،‬و في الجريدة الرسمية داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ صدوره ‪ ،‬و‬
‫يدعو الدائنين إلى التصريح بديونهم للسنديك املعين ‪ ،‬و يعلق هذا اإلشعار على اللوحة املعدة لهذا‬
‫الغرض باملحكمة املصدرة للحكم فور النطق به‪ ،‬و تجب اإلشارة إلى الحكم بسجالت املحافظة على‬
‫األمالك العقارية و بالسجالت الخاصة بتسجيل السفن و الطائرات و غيرها من السجالت املعدة‬
‫لنفس الغاية ‪.‬‬
‫وتأسيسا على هذا املقتض ى فإن إجراءات الشهر املشار إليها تبقى من اآلليات األساسية في‬
‫املساطر الجماعية و التي يترتب عنها حماية أصول املقاولة و تمكين الدائنين من صيانة حقوقهم ‪ ،‬و‬
‫لعل أبرز و أهم هذه اإلجراءات هو نشر إشعار بالحكم بالجريدة الرسمية ‪ ،‬و اإلشارة إليه في‬
‫سجالت املحافظة العقارية و بالسجل التجاري املركزي و املحلي ‪ ،‬و هو ما ستقوم بمناقشته و ّ‬
‫نعرج‬
‫كذلك على السجل اإللكتروني للضمانات املنقولة ملا له من أهمية اليوم في تحديد تحمالت املقاولة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪54 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬رقمنة إجراءات النشر بالجريدة الرسمية ‪:‬‬

‫تتولى مديرية املطبعة الرسمية باألمانة العامة للحكومة طبع الجريدة الرسمية للمملكة و‬
‫تنفيذ جميع أعمال الطبع لفائدة اإلدارات العمومية كما تحرص على تدوين النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية ضمن سلسلة الوثائق القانونية املغربية‪ ،‬و بالنظر إلى هذه الصالحيات تعمل هذه‬
‫املؤسسة على انجاز املهام املنوطة بها باعتماد أساليب حديثة تهدف إلى استغالل املهارات في مجال‬
‫النشر االلكتروني‪ 1‬و تشتمل الجريدة الرسمية على أربع نشرات تصدر باللغة العربية و هي النشرة‬
‫العامة تدرج فيها القوانين و النصوص التنظيمية و القرارات و الوثائق التي يفرض القانون نشرها ‪،‬‬
‫و نشرة االتفاقيات الدولية و نشرة اإلعالنات املتعلقة بالتحفيظ العقاري و نشرة اإلعالنات‬
‫القانونية والقضائية واإلدارية باإلضافة إلى نشرة الترجمة التصدر باللغة الفرنسية ‪.‬‬
‫وقد استلزمت املادة ‪ 584‬من مدونة التجارة القيام بنشر الحكم القاض ي بفتح املسطرة في‬
‫الجريدة الرسمية ‪ ،‬إذ يشكل هذا اإلجراء آلية قانونية إلخبار الدائنين في مساطر معالجة صعوبات‬
‫املقاولة ويترتب عليه سواء تعلق األمر بمسطرة إنقاذ أو تسوية قضائية أو تصفية قضائية انطالق‬
‫احتساب أجل التصريح بالديون بالنسبة لباقي الدائنين غير املدرجين بالقائمة و املعروفين لدى‬
‫السنديك والدائنين أصحاب الضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم نشرهما لكون سريان األجل‬
‫بالنسبة لهؤالء ينطلق من تاريخ اإلشعار عمال باملادة ‪ 720‬من مدونة التجارة ‪.2‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار إلى أن األمانة العامة للحكومة تتيح من خالل موقعها‬
‫االلكتروني االطالع على األعداد التي تنشر بالجريدة الرسمية مع إمكانية البحث عن العدد و نسخه و‬
‫طباعته و هي خطوة يمكن في اعتقادنا أن تخفف من التعرضات التي يثيرها بعض الدائنين بذريعة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬راجع حصيلة نشاط االمانة العامة للحكومة برسم سنة ‪ 2020‬و افاق عملها ‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫نصت هذه المادة على وجوب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ اإلشعار بالنسبة للدائنين المدرجين‬
‫بالقائمة و كذا الدائنين المعروفين لدى السنديك ‪ ،‬و الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم إشهارهما ‪ ،‬و من تاريخ‬
‫‪2‬‬
‫نشر المقرر بالجريدة الرسمية بالنسبة لباقي الدائنين ‪.‬‬

‫الصفحة ‪55 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫عدم علمهم بفتح املسطرة أو اطالعهم على الجريدة الرسمية‪ ،‬و تقديم طلبات رفع السقوط‬
‫للقاض ي املنتدب بهذا الشأن ‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته فان عملية النشر في الجريدة الرسمية عرفت بدورها تطويرا و تحديثا‬
‫ملحوظا من حيث اعتماد إجراءات النشر عن البعد باالعتماد على الخدمات الرقمية ‪ ،‬و استخدام‬
‫البوابة الوطنية لنشر اإلعالنات بالجريدة الرسمية ‪ www.annonceslégales.gov.ma‬التي تمكن‬
‫املعلنين من وضع إعالناتهم عن بعد و تتبع مسارها إلى غاية نشرها بالجريدة الرسمية ‪.‬‬
‫ونشير إلى أن نشر إشعار بالحكم القاض ي بفتح مساطر صعوبات املقاولة من صميم مهام‬
‫كتابة ضبط املحكمة التي أصدرت الحكم و ذلك بصريح املادة ‪ 584‬من مدونة التجارة التي نصت في‬
‫فقرتها الثانية على انه" يقوم كاتب الضبط بنشر إشعار بالحكم يتضمن اسم املقاولة و رقم‬
‫تسجيلها بالسجل التجاري في جريدة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية و في الجريدة الرسمية‬
‫داخل اجل ثمانية أيام من صدوره و يدعو الدائنين إلى التصريح بديونهم للسنديك املعين ‪.‬‬
‫ولعل التنصيص على اجل ثمانية أيام للقيام بإجراءات النشر بالجريدة الرسمية لدليل على‬
‫ضرورة السرعة في استجماع عناصر خصوم املقاولة في اقرب اآلجال ‪ ،‬خاصة أن للدائنين داخل‬
‫املغرب اجل شهرين للتصريح بديونهم و للدائنين بالخارج اجل أربعة أشهر و هو ما يقتض ي سهر‬
‫كتابة الضبط على التقيد بتنفيذ األمر املوجه لها بنشر الحكم داخل اجل ثمانية أيام ‪ ،‬و يحتم هذا‬
‫األمر تعزيز التواصل االلكتروني بين جهاز كتابة الضبط لدى مصلحة صعوبات املقاولة و الجهة‬
‫املخول لها القيام بإجراءات النشر بالجريدة الرسمية من اجل تفعيل تقنيات النشر عن طريق‬
‫البوابة االلكترونية املفتوحة لهذا الغرض قصد تحقيق الغايات التشريعية املتوخاة ‪ ،‬و أن الحاجة‬
‫إلى التنسيق في مجال نشر اإلشعارات بفتح املساطر الجماعية أصبحت ملحة خاصة أمام كثرة‬
‫اإلعالنات التي تتوصل بها الجهة املكلفة بالنشر ‪ ،‬و هو ما يطرح في الوقت ذاته إشكالية مصاريف‬
‫النشر التي يتعين معالجتها في إطار مقاربة شمولية‪ ،‬و نرى أن الجهة املكلفة بالنشر بالجريدة‬
‫الرسمية على وعي تام بهذه اإلكراهات بحيث أكد التقرير املتعلق بحصيلة نشاط األمانة العامة‬
‫للحكومة برسم سنة ‪ 2020‬على مواصلة العمل على إدراج اإلعالنات القضائية و اإلدارية ضمن‬
‫الصفحة ‪56 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫خدمة البوابة االلكترونية إليداع و نشر اإلعالنات بالجريدة الرسمية من خالل مراسلة الجهات‬
‫املعنية بكل من وزارة العدل إلمداد مديرية املطبعة الرسمية بكافة البيانات الالزمة إلضافة إعالناتهم‬
‫و هي غزيرة ضمن الالئحة التي تحدد تعرفتها بكيفية جزافية و بالتالي تمكينها من تيهئء البوابة‬
‫االلكترونية املذكورة ‪ ،1‬و سيرا في نسق الرقمنة يتم وضع نشرة الجريدة الرسمية املتعلقة باإلعالنات‬
‫القانونية و القضائية و اإلدارية رهن إشارة العموم على املوقع االلكتروني لألمانة العامة للحكومة‬
‫‪ www.ssg.gov.ma‬من اجل تمكين املواطنين عبر كل أرجاء اململكة من االطالع على اإلعالنات في‬
‫ميدان اإلشهار القانوني و تحميلها ‪.2‬‬
‫ونرى أن النشر االلكتروني من شأنه إضفاء الفعالية الالزمة على إجراءات الشهر و تمكين‬
‫دائني املقاولة من الحفاظ على حقوقهم خاصة باستعمال الشبكة العنكبوتية التي تمكن من الولوج‬
‫إلى املوقع اإللكتروني على أوسع نطاق جغرافي‪ ،‬مما يسهم في تحقيق أهداف الكتاب الخامس في شقه‬
‫املتعلق بتعزيز األمن القانوني في مجال التجارة و االستثمار العابرة للحدود ‪ ،‬و نشير في هذا الصدد‬
‫إلى أن موقع األمانة العامة سجل منذ سنة ‪ 2020‬عددا اكبر من الزوار من خارج املغرب خاصة‬
‫فرنسا و الواليات املتحدة األمريكية و مصر و اسبانيا ‪ ،‬و هو ما يعطي مؤشرات إيجابية حول‬
‫فعالية النشر باملوقع اإللكتروني ‪.‬‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬بخصوص النشر في سجالت املحافظة العقارية ‪:‬‬

‫تستلزم حماية أصول املقاولة من االستنزاف الذي يمكن أن يتحقق بقيام رئيس املقاولة‬
‫بإجراء تفويت العقارات اململوكة لها ‪ ،‬أو نتيجة مباشرة أحد الدائنين إلجراءات التنفيذ بعد فتح‬
‫املسطرة ضرورة التعجيل بتقييد حكم فتح املسطرة بسجالت املحافظة العقارية‪ ،‬و قد نصت املادة‬
‫‪ 584‬من مدونة املدونة التجارة في فقرتها الثالثة على وجوب القيام بهذا الشهر ‪ ،‬و املالحظ أن املشرع‬

‫راجع حصيلة نشاط االمانة العامة للحكومة برسم سنة ‪ 2020‬و افاق عملها ‪ ،‬ص ‪ 28‬و ‪. 29‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ 2-‬راجع حصيلة نشاط االمانة العامة للحكومة برسم سنة ‪ 2020‬و افاق عملها ‪ ،‬ص ‪. 29‬‬

‫الصفحة ‪57 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫نص على ضرورة اإلشارة إلى الحكم فور صدوره بالسجل التجاري للمقاولة الخاضعة املسطرة و‬
‫بلوحة املحكمة املعدة لهذا الغرض‪ ،‬و داخل ثمانية أيام من صدوره بالنسبة بالنشر في الجريدة و‬
‫ّ‬
‫الجريدة الرسمية ‪ ،‬إال أنه لم يحدد صراحة أجال بموجب املادة ‪ 584‬من مدونة التجارة للقيام‬
‫بتسجيل حكم فتح املسطرة بسجالت املحافظة على األمالك العقارية‪ ،‬و نرى أن السرعة متطلبة في‬
‫القيام بهذا اإلجراء بالنظر إلى اآلثار التي يمكن أن تترتب عن عدم تسجيله ‪ ،‬و يكفي أن نشير إلى أن‬
‫تسجيل حكم فتح مسطرة التصفية القضائية يمنع القيام بأي تصرف في العقارات اململوكة‬
‫للمقاولة أو ترتيب حقوق و تحمالت إضافية عليه من طرف وئيس املقاولة ‪.‬‬
‫وتبعا لذلك تكون الحاجة ملحة إلى معالجة قانونية في إطار مقاربة شمولية لوضعية‬
‫العقارات اململوكة ملقاوالت خاضعة املسطرة الجماعية معالجة تستهدف حل جميع اإلشكاليات التي‬
‫قد تطرح بهذا الخصوص ‪ ،‬و ذلك في تنسيق تام و منسجم بين كتابة ضبط املحكمة مصدرة الحكم‬
‫بفتح املسطرة و السنديك باعتباره الجهاز املكلف بتتبع اإلجراءات و القاض ي املنتدب املشرف على‬
‫حسن سير املسطرة ‪ ،‬و لعل أبرزها إشكالية مصاريف تسجيل حكم فتح املسطرة و مصاريف‬
‫البحث والتحري على األصول العقارية للمقاولة و ملسيريها املمدة لهم املسطرة في إطار املادة ‪ 740‬من‬
‫مدونة التجارة وإشكالية االطالع على وضعية هذه العقارات‪ ،‬السيما أن حكم فتح مسطرة التصفية‬
‫القضائية يترتب عنه حلول السنديك محل الدائن الحاجز في متابعة إجراءات التنفيذ طبقا للمادة‬
‫‪ 654‬من مدونة التجارة ونعتقد أن السير في نسق الرقمنة سيؤدي إلى رفع العديد من الصعوبات‬
‫والعراقيل املثارة من خالل تسهيل التواصل بين أجهزة املسطرة و الوكالة الوطنية للمحافظة على‬
‫األمالك العقارية التي انخرطت بدورها في مشروع رقمنة مختلف خدماتها و مساطرها ‪ ،‬و ذلك‬
‫إعماال للتوجيهات امللكية السامية لصاحب الجاللة امللك محمد السادس نصره هللا في الرسالة‬
‫املوجهة إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة املنعقدة بتاريخ ‪ 8‬و‬
‫‪ 9‬دجنبر ‪ ، 2015‬و في هذا اإلطار فتحت الوكالة فضاء لتقديم الخدمات الرقمية عبر بوابتها الرقمية‬
‫الرسمية على شبكة االنترنت مؤمنة و سهلة الولوج خدمة للمرتفقين املهنيين و العموم‪ ،‬و قد برز‬
‫الدور الفعال ملشروع محافظتي الخاص بالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية الذي يساعد على‬
‫الصفحة ‪58 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫تقديم العديد من الخدمات االلكترونية لفائدة الجميع و ذلك من خالل البوابة االلكترونية التي‬
‫تتيح لكل من يملك رسما عقاريا إمكانية التتبع باملجان للتقييدات التي تطال الرسم العقاري مما‬
‫يحقق االطمئنان و اإلحساس باألمن و بفضل هذه الخدمة الرقمية يمكن توفير عناء التنقل إلى‬
‫وكاالت املحافظة العقارية و يكفي التسجيل عن طريق البوابة االلكترونية للتوصل عبر البريد‬
‫االلكتروني برسالة تخبر املعني باألمر بأي تقييد يطال رسومه العقارية ‪.‬‬
‫ويعد االنخراط في هذه الخدمات الرقمية آلية مهمة لحماية أصول املقاولة الخاضعة‬
‫للمساطر الجماعية ‪ ،‬و على غرار نشر الحكم بالسجل التجاري ال بد من تعزيز اعتماد التقنيات‬
‫االلكترونية والرقمية لضمان النشر السريع لحكم فتح املسطرة بالسجالت العقارية للعقارات‬
‫اململوكة للمقاولة الخاضعة للمسطرة ‪ ،‬فإذا كانت املادة ‪ 584‬من مدونة التجارة تستلزم اجراء هذا‬
‫النشر و ذلك بالنظر إلى أهميته سواء بالنسبة ملسطرة اإلنقاذ أو التسوية القضائية و مراقبة رئيس‬
‫للمقاولة من حيث األفعال التي قد تقوده إلى الزيادة بشكل تعسفي في تحمالت املقاولة أو التصرف‬
‫في أصولها إضرارا بالدائنين ‪ ،‬و أهمية هذا اإلجراء بالنسبة ملسطرة التصفية القضائية إذ يعد‬
‫تسجيل حكم التصفية القضائية بمثابة حماية قانونية تمكن السنديك من الحفاظ على أصول‬
‫املقاولة و تتبع وضعية العقار بطريقة إلكترونية‪ ،‬و عليه تبقى الحاجة ملحة لخلق جسور التواصل‬
‫بين كتابة الضبط و أجهزة املسطرة من جهة و املحافظة العقارية من جهة ثانية لتسهيل النشر‬
‫االلكتروني لحكم فتح املسطرة و معالجة باقي اإلشكاليات املرتبطة بأداء الرسوم املستحقة عن‬
‫العمليات املنجزة في إطار التصفية القضائية ‪ ،‬خاصة ما يتعلق بمصاريف البحث و التحري عن‬
‫األصول العقارية للمقاولة أو للمسيرين املمددة لهم املسطرة لدى كافة املحافظات العقارية باملغرب‬

‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬التسجيل االلكتروني لحكم فتح املسطرة بالسجل التجاري للمقاولة‬

‫نظرا للدور الكبير للسجل التجاري في عملية ضبط هوية التاجر الشخص الطبيعي أو‬
‫املعنوي من حيث املعطيات التي تضمن به ال سيما قيمة رأس املال ‪ ،‬و املسيرين و نوعية النشاط‬
‫التجاري الذي تمارسه املقاولة‪ ،‬و تاريخ تأسيسها‪ ،‬و غيرها من البيانات األخرى ‪ ،‬فقد أدخل املشرع‬

‫الصفحة ‪59 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫بموجب القانون رقم ‪ 17-73‬تعديال على مستوى الوثائق الواجب إرفاقها بطلب فتح مساطر‬
‫صعوبات املقاولة‪ ،‬و ذلك بأن استلزم اإلدالء بنسخة من مستخرج نموذج "ج" للسجل التجاري ‪،1‬‬
‫وتحقيقا لنفس الغاية نصت املادة ‪ 584‬من مدونة التجارة املشار إليها أعاله إلى تسجيل حكم فتح‬
‫مساطر صعوبات املقاولة بالسجل التجاري حتى يتسنى للمتعاملين مع املقاولة و لجميع الفاعلين‬
‫االقتصاديين من أبناك و شركات التأمين الحصول على معلومات منقحة بشأن املقاولة بما في ذلك‬
‫خضوعها للمساطر الجماعية ‪ ،‬و ضمانا ملزيد من الشفافية و تقريب خدمات السجل التجاري من‬
‫املتقاضين تم استحداث خدمة السجل التجاري اإللكتروني الذي يوفر معلومات آنية حول املقاوالت‬
‫بمجرد مباشرة اإلجراءات القانونية للتقييدات أو التعديالت بالسجل التجاري ‪ ،‬مما يتيح الحصول‬
‫على معلومات مضبوطة ‪ ،‬خاصة خدمة بطاقة املقاول التي تخول الولوج إلى املعلومات القانونية‬
‫للمقاوالت ‪ ،‬كما تتيح االطالع على املعلومات حول املقاوالت بمجرد تقييدها بالسجل التجاري إضافة‬
‫إلى خدمة أحداث قانونية التي يمكن من خاللها االطالع على التسلسل الكرونولوجي للتعديالت‬
‫الخاصة باملقاوالت كتغيير رأس املال و تغيير املقر االجتماعي ‪.‬‬
‫وفور صدور حكم فتح مسطرة اإلنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية تشعر كتابة‬
‫الضبط املحكمة التجارية مصلحة السجل التجاري طبقا للمادة ‪ 584‬من مدونة التجارة قصد‬
‫تضمين منطوق الحكم بالسجل التجاري للمقاولة و ذلك بطريقة الكترونية حتى يتسنى لكل من‬
‫يعنيه األمر االطالع على آثار تسجيل الحكم بالسجل التجاري املحلي و املركزي ‪.‬‬

‫‪ -‬رابعا ‪ :‬السجل اإللكتروني للضمانات املنقولة حلقة مفقودة في مساطر صعوبات‬


‫املقاولة ‪.‬‬

‫في إطار الجهود املتواصلة للمشرع املغربي لتجويد مناخ األعمال برزت حركة تشريعية‬
‫كبيرة تمخض عنها صدور قوانين متعاقبة كان من بينها القانون رقم ‪ 21-18‬املتعلق بالضمانات‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 577‬من مدونة التجارة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪60 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املنقولة‪ 1‬و من أهدافه ترسيخ مبادئ و قواعد الشفافية في املعامالت املتعلقة بالضمانات املنقولة‬
‫والحرص على تحقيق األمن القانوني و التعاقدي ‪ ،‬كما استهدف هذا القانون وضع قواعد إشهار‬
‫مختلف أنواع الضمانات املنقولة و العمليات التي تدخل في حكمها في السجل الوطني االلكتروني‬
‫للضمانات املنقولة باستثناء الرهون الحيازية و تعزيز الضمانات املنقولة لفائدة الدائنين املرتهنين‬
‫وكذا تعزيز تمثيلهم من خالل إحداث مهمة وكيل الضمانات و تنظيمها و تحديد نطاقها على أساس‬
‫تعاقدي ‪.‬‬
‫وملا كانت مساطر صعوبات املقاولة ترتبط ارتباطا وثيقا بوضعية أصول املقاولة و التحمالت‬
‫املترتبة عليها فإن سلوك طريق الرقمنة في إشهار الضمانات و الرهون املترتبة على أموال املقاولة‬
‫يقود إلى تحقيق نتائج إيجابية على مستوى تشخيص وضعيتها ‪ ،‬بحيث يكفي الرجوع إلى السجل‬
‫الوطني اإللكتروني للضمانات املنقولة املنصوص عليه في املادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 21-18‬لتتبع‬
‫عملية إشهار جميع أنواع الرهون بدون حيازة املقيدة فيه و تتبع التقييدات الالحقة و التشطيبات‬
‫املنصبة عليها ‪ ،‬السيما أن املادة املذكورة تنص في فقرتها األخيرة أن االطالع على السجل الوطني‬
‫مفتوح للعموم ‪.‬‬
‫وإذا كان املشرع املغربي في إطار القانون رقم ‪ 17-73‬قد فرض بموجب املادة ‪ 577‬من مدونة‬
‫التجارة على رئيس املقاولة الذي يتقدم بطلب فتح املسطرة اإلدالء بمستخرج نموذج ج للسجل‬
‫التجاري تحت طائلة عدم قبول الطلب ملا له من أهمية في التثبت من تحمالت املقاولة ‪ ،‬إال أن‬
‫استحداث السجل الوطني االلكتروني للضمانات املنقولة أصبح الوسيلة الناجعة لتحقيق هذه‬
‫الغاية‬
‫و ملا كان صدور القانون رقم ‪ 21-18‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪ 2019‬جاء الحقا على نسخ و تعويض‬
‫الكتاب الخامس من مدونة التجارة بموجب القانون رقم ‪ 73-17‬بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪ 2018‬و حال دون‬
‫إدراج مستخرج السجل اإللكتروني للضمانات املنقولة ضمن الوثائق الالزمة لتقديم طلب فتح‬

‫‪ - 1‬القانون الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.76‬بتاريخ ‪ 17‬أبريل ‪ 2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6771‬و تاريخ ‪-4-19‬‬
‫‪2019‬‬

‫الصفحة ‪61 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املسطرة ‪ ،‬فإن هذا ال يمنع املحكمة من أن تأمر باالطالع على السجل الوطني للضمانات املنقولة‬
‫قبل فتح املسطرة و ذلك استنادا إلى مقتضيات املادة ‪ 577‬من مدونة التجارة التي نصت على أنه‬
‫يمكن للمحكمة في جميع األحوال أن تأمر مباشرة بأي إجراء تراه مفيدا للتأكد من توقف املقاولة‬
‫عن الدفع بما في ذلك االطالع على الرغم من أي مقتض ى تشريعي مخالف على معلومات من شأنها‬
‫إعطاء صورة صحيحة عن الوضعية االقتصادية و املالية و االجتماعية للمقاولة ‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن أهمية السجل الوطني للضمانات املنقولة بالنسبة ملساطر صعوبات‬
‫املقاولة ال تنحصر في تقييم تحمالت املقاولة و وضعيتها في مواجهة الدائنين و إنما تتجلى كذلك في‬
‫مباشرة اإلجراءات الالحقة على فتح املسطرة السيما إشعار الدائنين املرتهنين‪ 1‬املستفيدين من‬
‫الضمانات املنقولة التي تم شهرا إلكترونيا ‪ ،‬و هذا ما يحيلنا على دور الرقمنة في سير إجراءات‬
‫املسطرة‪.‬‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬رقمنة اإلجراءات املتعلقة بسيرمساطرصعوبات املقاولة‬

‫يشكل الحكم القاض ي بفتح مساطر صعوبات املقاولة نقطة االنطالق ملجموعة من‬
‫اإلجراءات القضائية املترتبة عنه ‪ ،2‬و في إطار الحديث عن رقمنة اإلجراءات القضائية يكون لزاما‬
‫بحث تجليات اعتماد الوسائط اإللكترونية في إجراءات صعوبات املقاولة ‪ ،‬و التي نرى أنها تختلف‬
‫باختالف نوع املسطرة و طبيعة املهام املوكولة للسنادكة فيها ‪ ،‬و في كل األحوال فإن االنخراط في‬
‫ورش الرقمنة يضفي فعالية أكبر على عمل أجهزة املسطرة ‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 720‬من مدونة التجارة التي حددت انطالق سريان أجل التصريح بالديون بالنسبة للدائنين ذوي الضمانات التي تم شهرها ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬و تجدر اإلشارة إلى أن فتح مساطر صعوبات المقاولة يمكن أن يتم بموجب حكم ابتدائي صادر عن المحكمة التجارية المختصة‬
‫‪ ،‬أو عن محكمة االستئناف التجارية التي تنظر في الطعن في الحكم القاضي بعدم قبول أو رفض طلب فتح المسطرة طبقا للبند‬
‫األول من المادة ‪762‬‬

‫الصفحة ‪62 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دوررقمنة االجراءات في إضفاء الفعالية على عمل أجهزة املسطرة‬

‫وعيا منه بأهمية استعمال الوسائل االلكترونية في إجراءات التقاض ي بادر املغرب إلى إطالق‬
‫ورش كبير لتحديث املرفق القضائي تنفيذا لتوصيات اللجنة الوطنية إلصالح منظومة العدالة في‬
‫إطار امليثاق الذي تم اإلعالن عنه بتاريخ ‪ 30‬بوليوز ‪ 2013‬و الذي أكد في توصياته على ضرورة وضع‬
‫أسس محكمة رقمية منفتحة على محيطها و على املتقاضين مع سن املقتضيات الالزمة لذلك و في‬
‫السياق ذاته أوص ى التقرير العام للنموذج التنموي الجديد في الجوانب املتعلقة بمنظومة العدالة‬
‫على ضرورة تسريع وتيرة رقمنة املساطر الداخلية و نشر املقررات القضائية إلضفاء الشفافية عليها‬
‫وإحداث منصة رقمية قضائية توفر خدمة قضائية و فعالة و عن قرب بما في ذلك التبليغ‬
‫اإللكتروني للوصول إلى نظام قضائي ناجع و شفاف ‪،‬واألكيد أن إنجاح املساطر الجماعية رهين‬
‫بتحقق التواصل املستمر بين القاض ي املنتدب من جهة باعتباره الساهر على السير السريع املسطرة‬
‫ًوحماية املصالح القائمة و السنديك الذي يباشر الصالحيات املخولة له في إطار الكتاب الخامس‬
‫من مدونة التجارة تحت إشراف القاض ي املنتدب من جهة أخرى‪ ،‬و يتم هذا التواصل عمليا من‬
‫خالل التقارير التي يرفعها السنديك للقاض ي املنتدب بشان مآل املسطرة ‪ ،‬و كذلك من خالل‬
‫الحضور ملكتبه قصد إعطاء شروحات إضافية و تفصيلية‪ ،‬و في هذا اإلطار كان للظرفية التي عاشها‬
‫املغرب خالل تفش ي جائحة كوفيد ‪ 19‬دورا مهما في تفعيل الوسائل الرقمية لضمان استمرار‬
‫التواصل بين أجهزة املسطرة و هو ما دعى إلى التفكير في إحداث بريد الكتروني خاص بكل قاض ي‬
‫منتدب ووضعه رهن إشارة السنادكة قصد توجيه التقارير الدورية بصفة منتظمة و التقارير‬
‫املتعلقة بالحاالت املستعجلة و نعتقد أن السير في هذا االتجاه سيمكن من ضمان التواصل املستمر‬
‫و السريع بين أجهزة املسطرة السيما أن تقنية البريد االلكتروني تسمح بإرسال الوثائق و املرفقات‬
‫كما انه يتسم بطابع السرية من خالل توفره على قن سري ‪ ،‬و في هذا الصدد سنعمل على رصد‬
‫تجليات اعتماد رقمنة على اإلجراءات على سير املسطرة‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬في الجانب املتعلق بالتصريح اإللكتروني بالديون ‪:‬‬


‫يعد التصريح بالديون اإلجراء القانوني األساس ي والوحيد للحفاظ على صالحية املطالبة‬
‫باستخالص الدين بالنسبة للدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح املسطرة – مع مراعاة فئة األجراء التي‬

‫الصفحة ‪63 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫أعفاها املشرع من التصريح داخل األجل القانوني طبقا للمادة ‪ 719‬من مدونة التجارة ‪ ،-‬بحيث‬
‫يتعين على هؤالء توجيه تصريحاتهم للسنديك داخل أجل الشهرين من تاريخ اإلشعار أو النشر‬
‫بالجريدة الرسمية و ذلك حسب كل فئة من الدائنين املشار إليهم في املادة ‪ ، 720‬و ال يمكن أن يقبل‬
‫الدائن في التوزيع إذا لم يبادر إلى التصريح بدينه إال إذا قدم عذرا مقبوال حال دون تصريحه داخل‬
‫األجل القانوني‪ ،‬و صدور أمر القاض ي املنتدب برفع السقوط عنه ‪ 1‬هذا بالنسبة للتصفية القضائية‬
‫و مخطط التفويت الذي تحصره املحكمة في إطار التسوية القضائية ‪ ،‬و نفس الش يء يمكن قوله‬
‫بالنسبة ملخططي اإلنقاذ و االستمرارية ‪ ،‬بحيث يتم سداد الديون املبرمجة في املخطط بعد قبولها‬
‫بصفة نهائية في باب الخصوم طبقا للمادة ‪ 631‬من مدونة التجارة ‪.‬‬
‫و ملا كانت أهمية إجراء التصريح بالديون مرتبطة وجودا و عدما بالحق نفسه ‪ ،‬بحيث يزول‬
‫الحق و يسقط بعدم التصريح به ‪ ،‬و تبرأ ذمة املقاولة نتيجة عدم التصريح فإن هذا يحتم إحاطة‬
‫هذا اإلجراء بمزيد من التنظيم التشريعي ‪ ،‬ذلك أن مدونة التجارة لم تحط به إحاطة شمولية و لم‬
‫تعالجه إال من حيث األجل و الفئة املعنية بالتصريح دون الخوض في شكليات هذا التصريح و‬
‫الطريقة التي يقدم بها ‪ ،‬و هنا يثار التساؤل حول التصريح االلكتروني املوجه إلى السنديك عبر‬
‫الوسائط اإللكترونية ؟‬
‫نعتقد أن الحاجة أصبحت ملحة إلى اعتماد مقاربة حداثية تعتمد على إعطاء القيمة‬
‫القانونية للتصريح بالديون املوجه عبر الوسائل اإللكترونية و تكريس ذلك قانونا خاصة أن األمر‬
‫يهم فئة التجار و الشركات التجارية ‪ ،‬و هي فئة محترفة متمرسة في مجال التقنيات املعلوماتية ‪ ،‬و‬
‫بالتالي فإنه استكماال لورش التجارة الرقمية و التقاض ي اإللكتروني يكون لزاما التنصيص على‬
‫إمكانية التصريح االلكتروني بالديون ‪ ،‬مع الحرص على إحاطة هذا التنظيم التشريعي بتقنيات‬
‫تشريعية تستوعب جميع مخاطر التالعب في تلقي التصاريح بالديون ‪ ،‬و تمكن القاض ي املنتدب من‬
‫بسط رقابته على احترام اآلجال القانونية املنصوص عليها في املادة ‪ 720‬من مدونة التجارة ‪ ،‬و نرى‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 723‬من مدونة التجارة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪64 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫كذلك أن استحداث منصة رقمية للسنادكة يتم من خاللها ضبط اآلجاالت بشكل يعدم إمكانية‬
‫التوصل الرقمي بالتصريح بمجرد انتهاء اآلجال ‪ ،‬وذلك على غرار الشكل املعمول به بخصوص تقديم‬
‫املقاالت االستئنافية عبر املنصة الرقمية ‪ ،‬ومن جهة أخرى البد أن تستوعب املقاربة اإللكترونية‬
‫للتصريح االلكترونية شكلية أداء الرسم القضائي على هذا التصريح و التي يتعين أن تساير بدورها‬
‫النسق الرقمي ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك فإن األمر ال يخلو من تعقيد خاصة بالنسبة الختالف وضعية الدائنين‬
‫وطبيعة ديونهم ‪ ،‬ذلك أن سريان األجل يختلف باختالف الدائنين ‪1‬و أن القول بسقوط الدين لعدم‬
‫التصريح به داخل األجل يقتض ي سالمة إجراءات إشعار السنديك للدائن املدرج بالقائمة أو الدائن‬
‫صاحب الضمانة أو عقد ائتمان إيجاري تم شهره أو الدائن املعروف لديه ‪ ،‬علما أن املشرع لم يحدد‬
‫شكليات هذا اإلشعار و ما إذا يمكن االعتماد على الوسائل اإللكترونية بشأنه ‪ ،‬و هو ما قد يؤدي إلى‬
‫ّ‬
‫إنكار الدائن للتوصل باإلشعار بصفة قانونية فتصبح املسطرة عشا للمنازعات كما يقول الفقه‬
‫الفرنس ي قد تطيل أمد البت في قبول الدين أو سقوطه ‪.‬‬
‫وعموما فإن السير في إجراءات التصريح اإللكتروني بالدين كفيل برفع الحرج عن الدائنين‬
‫خاصة األجانب ‪ ،‬و اللذين ال يتيح لهم البعد الجغرافي الحضور لدى السنديك قصد تقديم تصريح‬
‫بديونهم مباشرة ‪ ،‬و هو ما يؤدي إلى تعزيز األمن القانوني في مجاالت التجارة و االستثمار العابرة‬
‫للحدود الذي أصبح من أهداف الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪. 2‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬في الجانب املتعلق باستشارة الدائنين ‪:‬‬
‫تقوم فلسفة املساطر الجماعية على إشراك الدائنين في إنقاذ املقاولة و تسوية وضعيتها‬
‫لتجاوز الصعوبات التي تعانيها ‪ ،‬و لذلك فقد خص املشرع فئة الدائنين بحيز مهم في التصميم‬
‫التشريعي ملساطر صعوبات املقاولة ‪ ،‬بحيث يكون حضورها وازن من خالل مراقب الدائنين كجهاز‬

‫‪ - 1‬يسري األجل بالنسبة للدائنين المدرجين بالقائمة و المعروفين لدى السنديك و أصحاب الضمانات و االئتمان اإليجاري من‬
‫تاريخ اإلشعار و بالنسبة لباقي الدائنين من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 768‬من مدونة التجارة في فقرتها الثالثة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪65 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫في املسطرة أو من خالل إسهام الدائنين شخصيا في اختيار الحل املالئم للمقاولة ‪ ،‬و ذلك نتيجة‬
‫قبولهم لآلجال و التخفيضات املقترحة من طرف السنديك في إطار مخطط اإلنقاذ و مخطط‬
‫االستمرارية ‪ ،‬أو من خالل مشاركتهم في جمعية الدائنين التي استحدثها املشرع بموجب القانون رقم‬
‫‪.1 17-73‬‬
‫وفي هذا اإلطار نصت ‪ 601‬من مدونة التجارة على أن السنديك يحصل سواء فرديا أو‬
‫جماعيا على موافقة كل دائن صرح بدينه بشأن اآلجال و تخفيضات التي يطلبها منهم لضمان تنفيذ‬
‫مخطط االستمرارية في أحسن األحوال و في حالة عدم الجواب داخل أجل ثالثين يوما ابتداء من‬
‫تلقي رسالة السنديك يعد بمثابة موافقة ‪ ،‬أما بالنسبة للمقاوالت الخاضعة إللزامية تعيين مراقب‬
‫الحسابات أو يتجاوز رقم معامالتها السنوي ‪ 25‬مليون درهما و تشغل ما ال يقل عن ‪ 25‬أجيرا خالل‬
‫السنة السابقة لفتح املسطرة فتشكل جمعية للدائنين تجتمع قصد التداول بشأن مخطط التسوية‬
‫الستمرارية املقاولة ‪ ،‬أو حول تغيير أهداف ووسائل املخطط أو طلب استبدال السنديك أو تفويت‬
‫واحد أو أكثر من األصول املهمة املشار إليها في املادة ‪ ،2 618‬و األكيد أن اعتماد الوسائل اإللكترونية‬
‫تؤدي إلى تسهيل عملية استشارة السنديك للدائنين سواء فرديا أو جماعيا أو في إطار جمعية‬
‫الدائنين وذلك عن طريق التواصل اإللكتروني ‪ ،‬و نشير هنا إلى إمكانية استعارة بعض التقنيات التي‬
‫كرسها املشرع بموجب القانون ‪ 20-05‬الذي عدل مقتضيات القانون رقم ‪ 17-95‬املتعلق بشركات‬
‫املساهمة و ذلك بخصوص إمكانية التصويت باملراسلة حسب املادة ‪ 131‬واستعارة تقنية االتصال‬
‫عبر الصوت و الصورة ‪ vidéo conférence‬أو وسائل مماثلة تمكن من املشاركة في االجتماعات‬
‫طبقا للمادة ‪ 50‬مكرر نفس القانون ‪ ،‬و ذلك شريطة استجابتها للشروط التي وضعها املشرع خاصة‬
‫أن توفر وسائل االتصال عبر الصوت و الصورة على مميزات تقنية تضمن املشاركة الفعلية في‬
‫االجتماعات التي يتم بث مداوالتها بطريقة غير متقطعة‪ ،‬و تمكن من التعريف مسبقا باألشخاص‬
‫املشاركين في االجتماع بواسطة هذه الوسيلة و تمكن من وضع تسجيل موثوق للمناقشات و‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ 608‬من مدونة التجارة على تأليف جمعية الدائنين ‪ ،‬و تتشكل من السنديك رئيسا و رئيس المقاولة و الدائنين ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ 606‬على إمكانية تشكيل جمعية الدائنين بناء على طلب السنديك بحكم معلل حتى في غياب الشروط المذكورة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪66 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املداوالت من أجل وسائل اإلثبات ‪ ، 1‬بحيث يسمح اعتماد هذه الوسائط من جعل استشارة‬
‫الدائنين أكثر سالسة و يسهم في السير السريع للمسطرة ‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬في الجانب املتعلق بالتقاريراملرفوعة إلى القضاة املنتدبين ‪.‬‬

‫تتميز العالقة بين السنادكة و القضاة املنتدبين بطابع خاص ناتج عن سلطة اإلشراف التي‬
‫يتمتع بها القاض ي املنتدب على عمل السنديك و ذلك باستثناء الحاالت التي ّ‬
‫خول املشرع فيها‬
‫للسنديك وحده التقرير في مصير بعض العقود ‪ ، 2‬و تأسيسا عليه يتعين على السنديك أن يرفع‬
‫التقارير املرتبطة باملسطرة إلى القاض ي املنتدب ذلك سواء تعلق األمر باختيار الحل املالئم عمال‬
‫باملادة ‪ 595‬من مدونة التجارة التي نصت على أن ضرورة أن تعرض اقتراحات السنديك على القاض ي‬
‫املنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر تلي صدور حكم فتح املسطرة ‪ ،‬و يمكن تمديد األجل مرة‬
‫واحدة ‪ ،‬أو تلك املرتبطة بمتابعة تنفيذ املقاولة ملخطط اإلنقاذ أو مخطط االستمرارية ‪ ،‬أو غيرها‬
‫من الحاالت املتفرقة في مدونة التجارة ‪ ،‬و هنا يثار التساؤل حول سبل استثمار املجال الرقمي في‬
‫إضفاء الفعالية على عملية اإلشراف التي يباشرها القاض ي املنتدب على عمل السنديك ؟‬
‫األكيد أن تعزيز جسور التواصل السريع بين أجهزة املسطرة تقتض ي االنخراط في ورش‬
‫الرقمنة و تبادل املعطيات بين السنادكة و القضاة املنتدبين ‪ ،‬غير أن هذا األمر يتوقف على احترام‬
‫مجموعة من الضوابط التي يتعين استحضارها عند وضع إطار قانوني لتنظيم هذه العملية ‪ ،‬و نرى‬
‫أن أبرزها يتمثل في الحرص على أن يكون إرسال التقارير املرتبطة من خالل منصة رقمية تحدث‬
‫لهذه الغاية ‪ ،‬يمكن من خاللها تأمين املعطيات الواردة بالتقارير ‪ ،‬خاصة أن البعض منها يمكن أن‬
‫يتسم بالسرية ‪ ،‬بحيث يتعين إحداث فضاء خاص يتم من خالله توجيه اإلشعارات إلى السنادكة‬
‫بضرورة وضع تقاريرهم داخل اآلجال املحددة قانونا ‪ ،‬و الحرص على ضمان توصل السنادكة بهذه‬
‫اإلشعارات من خالل الحساب الرقمي الخاص بهم ‪ ،‬و تمكين السنادكة من بعث التقارير و الوثائق‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬راجع المادة ‪ 50‬مكرر من القانون رقم ‪ 17-95‬حسب التعديل المدخل عليه بموجب القانون رقم ‪. 20-05‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 588‬من مدونة التجارة‬

‫الصفحة ‪67 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املرفقة بها بشكل يضمن السرية بالنسبة للوثائق ذات الطابع السري ‪ ،‬و الكل اعتمادا على ما يسمى‬
‫بالحساب اإللكتروني الرسمي الذي اعتبره مشروع القانون املتعلق برقمنة اإلجراءات بأنه‪ :‬حساب‬
‫رسمي يتم إحداثه من طرف الجهة املشرفة على النظام الرقمي (الوزارة املكلفة بالعدل ) لكل‬
‫مستخدم منهي و هو وسيلة لتبادل املراسالت و اإلجراءات و الوثائق و البيانات داخل النظام الرقمي‬
‫بما فيها التبليغات القضائية و األحكام و مقاالت الدعاوى و الطلبات و الطعون و جميع اإلجراءات‬
‫القضائية األخرى ‪ ،‬و نشير في هذا الصدد أن اعتماد الحساب اإللكتروني في إرسال تقارير السنادكة‬
‫ال يمنع القضاة املنتدبين من األمر باالطالع على املستند الورقي للتثبت من مضمونه و هي اإلمكانية‬
‫التي أتاحها مشروع قانون رقمنة اإلجراءات القضائية للمحكمة ‪ ،‬و نعتقد أن اعتماد الرقمنة يحقق‬
‫إضافة إلى مزية سرعة إنتاج اإلجراء نتائج إيجابية أخرى تتعلق بحفظ املعطيات املرتبطة باملسطرة‬
‫في شكل رقمي يسعف في تتبع إجراءات املسطرة ‪ ،‬كما يسهل حفظ و تخزين هذه املعطيات للرجوع‬
‫إليها كلما اقتضت الحاجة ذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬رابعا ‪ :‬في العالقة مع املفوضين القضائيين ‪:‬‬

‫إن دور الرقمنة في عالقة أجهزة املسطرة باملفوضين القضائيين يبقى دورا محوريا و ذلك‬
‫بالنظر الرتباطه بحماية أصول املقاولة كغاية يسهر القاض ي املنتدب على تحقيقها طبقا للمادة ‪671‬‬
‫من مدونة التجارة‪ ،‬فمن بين األدوار املسندة إلى هذه الفئة املهنية القيام بإجراءات تنفيذ األوامر‬
‫واألحكام و القرارات و السندات التي لها قوة تنفيذية مع الرجوع إلى القضاء عند وجود صعوبة‬
‫وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ املتعلقة بإفراغ املحالت و البيوع العقارية و بيع السفن و الطائرات‬
‫واألصول التجارية ‪، 1‬و باستحضارنا لقاعدة "أموال املدين ضمان عام لدائنيه " طبقا للفصل ‪1242‬‬
‫من ظهير االلتزامات و العقود ‪ ،‬و باستحضار مقتضيات املادة ‪ 686‬من مدونة التجارة التي تكرس‬
‫قاعدة وقف املتابعات الفردية كأثر رئيس ي من آثار فتح املساطر الجماعية سواء تعلق األمر بمسطرة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 81-03‬المتعلق بالمفوضين القضائيين ‪.‬‬

‫الصفحة ‪68 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫إنقاذ أو تسوية أو تصفية قضائية ‪ ،‬فإن استمرار إجراءات التنفيذ و البيع يرتب آثارا وخيمة على‬
‫املقاولة و على كثلة الدائنين ‪ ،‬و يشكل تفضيال للدائن طالب التنفيذ على غيره من الدائنين‪،‬و‬
‫لذلك نرى أن ربط جسور التواصل الرقمي بين املفوضين القضائيين و السنادكة و املحكمة يحقق‬
‫نتائج ايجابيا لتحقيق الفورية في استجماع أصول املقاولة و املحافظة عليها من االستنزاف الذي قد‬
‫يتحقق من خالل استمرار إجراءات التنفيذ ‪ ،‬بحيث يشكل اإلشعار الرقمي للمفوض القضائي بفتح‬
‫املسطرة إلى تحقيق الغايات التي توخاها املشرع من وراء سن مساطر صعوبات املقاولة خاصة‬
‫إيقاف التنفيذ على اآلليات أو املنقوالت التي تعد املقاولة في أمس الحاجة إليها لضمان استمرارية‬
‫نشاطها‪ ،‬و سداد ديونها‪ ،‬و هنا يكون لسرعة إعالم املفوض القضائي من خالل منصته اإللكترونية‬
‫دورا مهما في تفادي االستمرار في التنفيذ بناء على دين سابق على فتح املسطرة ‪ ،‬و بعد تحقق اإلعالم‬
‫يمكنه آنداك مراجعة القضاء بشأن هذه الوضعية التخاذ القرار املناسب طبقا للمادة ‪ 15‬من‬
‫القانون رقم ‪. 81-03‬‬

‫‪ -‬خامسا ‪ :‬في العالقة مع صندوق اإليداع و التدبير‪:‬‬

‫تبرز أهمية تعزيز التواصل الرقمي مع بعض املؤسسات في إطار مساطر صعوبات املقاولة‬
‫من خالل الدور املنوط بأجهزة املسطرة في تجميع أصول املقاولة ‪ ،‬و حماية املصالح القائمة التي‬
‫يسهر القاض ي املنتدب على تحقيقها طبقا للمادة ‪ 671‬من مدونة التجارة ‪ ،‬فبمجرد صدور حكم‬
‫التصفية القضائية يتولى السنديك ممارسة حقوق املدين و إقامة الدعاوى بشأن ذمته املالية طيلة‬
‫فترة التصفية القضائية طبقا للمادة ‪ 651‬من مدونة التجارة ‪ ،‬و في هذا الصدد يتتبع السنديك‬
‫جميع املساطر القضائية و اإلدارية التي من شأنها أن تؤدي إلى استخالص مبالغ مالية لفائدة‬
‫املقاولة املدينة الخاضعة للتصفية القضائية ‪ ،‬و يمكن أن نسوق في هذا اإلطار مسطرة نزع ملكية‬
‫للمنفعة العامة بشأن عقار مملوك للمقاولة أو مملوك ملسيرها املمدة له املسطرة ‪،‬و التي يترتب عنها‬
‫منح تعويض لفائدتهما‪،‬و هو ما يحتم تدخل السنديك الستخالص هذا الدين ملصلحة الدائنين‬
‫تفاديا الستخالص رئيس املقاولة ملبلغه ‪ ،‬و ملا كان صندوق اإليداع و التدبير يتدخل في هذه العملية‬

‫الصفحة ‪69 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫من خالل حيازة التعويض املؤقت عن نزع امللكية للمنفعة العامة ‪ ،‬أو التعويض النهائي عن نزعها‬
‫فإن السير السليم للمسطرة يفرض تعزيز التواصل الرقمي بين أجهزة املسطرة و صندوق اإليداع و‬
‫التدبير و ذلك قصد التنسيق بشأن مبالغ التعويض املستحقة لفائدة املقاوالت الخاضعة للتصفية‬
‫القضائية ‪ ،‬و جميع القضايا املرتبطة بمساطر صعوبات املقاولة ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نشير إلى اتفاقية التفاهم بين وزارة العدل وصندوق اإليداع و التدبير بتاريخ‬
‫‪ 2022 -12-5‬و التي أكدت على تعزيز العالقات االستراتيجية و التاريخية بين وزارة العدل وصندوق‬
‫اإليداع و التدبير من أجل إعطاء دينامية جديدة و توسيع مجال الشراكة و التعاون لتشمل مجاالت‬
‫جديدة مع تعزيز دورهما في مواكبة و تأهيل املهن القانونية و القضائية و تنزيل برامج التحول الرقمي‬
‫ملنظومة العدالة باملغرب و تبادل الخبرات في مجال تكنولوجيا املعلومات و الخدمات ذات الصلة‬
‫بمجال التحول الرقمي ‪ ،‬و تنزيل مشروع الفضاء االفتراض ي للمهن القانونية و القضائية ملنتسبي‬
‫العدالة الرامي إلى تسهيل التواصل مع املنتسبين للمهن القانونية و القضائية و نتسبي العدالة ‪.‬‬
‫وفي الختام نعتقد أن رقمنة مساطر صعوبات املقاولة أصبحت ضرورة ملحة تقتض ي إيجاد‬
‫نص قانوني خاص ينبني على مقاربة شمولية منفتحة على جميع املتدخلين في املساطر الجماعية و‬
‫تأخذ بعين االعتبار خصوصياتها ‪ ،‬و ذلك من أجل استكمال مسار اإلصالح التشريعي لهذا املجال‬
‫الحيوي املرتبط بالنظام االقتصادي ‪ ،‬و تحقيق األمن القضائي في مجال التجارة و االستثمار‬
‫وتحسين مناخ األعمال ‪.‬‬

‫الصفحة ‪70 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫مركزاألرشيف في التشريع الجنائ ـي املغرب ـي‬


‫ذ‪ /‬عمراملوريف‬
‫مديراملركزالجهوي للحفظ بمراكش‬
‫التابع لوزارة العدل‬
‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫ال شك أن الوجود البشري قد خلف وراءه آثارا وتراثا متنوعين‪ ،‬صارا في الزمن الحديث أداة‬
‫دسمة للدراسة والتحليل واالستقصاء‪ ،‬ذلك أن الوصول إلى درجة معينة من التقدم في العصر اآلني‬
‫ال يتأتى دون التوفر على أسس وثوابت تمكننا من االعتماد عليها كي نحقق تلك الرؤية بعيدة املدى‪،‬‬
‫حيث إن التطور في حد ذاته ال ينفصل عن ميكانيكا التحول في الزمان واملكان‪ ،‬وعلى حد تعبير دي‬
‫البويسه فنحن ال ننظر أبعد ممن سبقونا إال ألننا محمولون على أكتاف عمالقة‪ ،‬هؤالء العمالقة‬
‫هم نفسهم من سبقونا (السلف) بكل تراثهم اإلنساني‪.‬‬
‫وللوقوف على هذه الثروة حتى نمارس ما يسميه هيجل بــ" التاريخ النظري"(‪ )1‬الذي بمقتضاه‬
‫يتجاوز املؤرخ (أو الباحث عموما) عصره إلى عصر آخر‪ ،‬ال بد من التوفر على مادة خام وموثقة‬
‫قابلة لالشتغال عليها‪ ،‬هنا يبرز بشكل أساس ي وهام دور األرشفة‪ ،‬فاإلنسان في سبيل سعيه لتلبية‬
‫حاجته لالتصال وتسجيل املعرفة‪ ،‬قد تدرج في استعمال مختلف الوسائل لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬بدء‬
‫من األلواح الطينية وصوال إلى سفن الفضاء‪ ،‬حيث تكبدت املجتمعات املتحضرة الكثير من العناء‬
‫في وضع معلوماتها املسجلة في أماكن آمنة‪ ،‬فأنشأت األرشيفات واملكتبات لهذا الغرض(‪.)2‬‬

‫)‪(1‬هيجل‪ ،‬العقل في التاريخ‪ ،‬المجلد األول‪ :‬من محاضرات في فلسفة التاريخ‪ ،‬ترجمة إمام عبد الفتاح إمام‪ ،‬دار التنوير بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،3‬س‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.36‬‬
‫)‪(2‬محمد ابراهيم السيد‪ ،‬مقدمة في تاريخ األرشيف ووحداته‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ -‬مصر‪ ،‬س ‪ ،1978‬ص ‪.7‬‬

‫الصفحة ‪71 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫فاألرشيف إذن‪ ،‬هو ذاك الوعاء اآلمن الحاضن للوثائق‪ ،‬هذه الوثائق التي تعتبر – إلى جانب‬
‫كونها ثروة تاريخية إنسانية‪ -‬عصب حياة اإلدارة الحديثة‪ ،‬وركيزة أساسية ال يستقيم بدونها تدبير‬
‫الشأن العمومي‪ ،‬وحسن سير الهيئات واألجهزة املكلفة به‪ ،‬وتعتبر مسألة تنظيمها وحفظها وتثمينها‬
‫إحدى ركائز اإلدارة الوطنية وحفظ الحقوق وتثبيت أسس الحكامة‪ ،‬وتكريس الشفافية واملسؤولية‬
‫وتعزيز مبدأ استمرار املرفق العام‪ ،‬وتدعيم مسلسل بناء دولة املؤسسات من جهة‪ ،‬وآلية من آليات‬
‫حفظ الذاكرة الوطنية ودعم البحث العلمي من جهة ثانية(‪ ،)1‬لذا أكد جاك دريدا على أن مسألة‬
‫األرشيف ليست متعلقة باملاض ي فحسب (‪ )..‬ولكنها أيضا مسألة املستقبل‪ ،‬مسألة جواب ووعد‬
‫وشعور بمسؤولية بناء الغد(‪.)2‬‬
‫إن هذه املكانة الرفيعة لألرشيف هي ما جعلت منه مصلحة جديرة بالحماية من طرف املشرع‬
‫املغربي‪ ،‬سيما على املستوى الزجري إذ سعى إلى تكريس هذه الحماية استنادا على نصوص خاصة أو‬
‫ما لها عالقة بمجموعة القانون الجنائي‪ ،‬واالطالع على كال النصين يستلزم تسطير مجموعة من‬
‫النقاط واملالحظات أرى أنه من األفيد التطرق إليها‪ ،‬لعلها تكون نقطة البداية ملناقشات أعمق وأهم‬
‫من لدن ذوي االختصاص‪ ،‬ألنني ال أزعم أني أملك من مقومات البحث والفهم كما يملكون‪ ،‬لكن قد‬
‫يكون شغف البحث‪ ،‬باإلضافة إلى املمارسة املتواضعة في امليدان هو ما يشفع لنا هذا اإلقبال على‬
‫هذه الجرأة املعرفية البسيطة‪.‬‬
‫األرشيف‪ :‬أي أهمية؟‬
‫سبق وأن أشرنا إلى مسألة في غاية األهمية تحيلنا مباشرة إلى املكانة جد الهامة والخطيرة التي‬
‫يحظى بها األرشيف‪ ،‬فهو في عبارة ملخصة ومركزة جامعة لكل املدلوالت األخرى يعنى ب ـ " حفظ‬
‫الذاكرة الوطنية" لكيان الدولة أو املجتمع بصفة عامة‪ ،‬وتحت هذه اليافطة يمكن أن نفصل بكثير‬

‫)‪(1‬الدليل المرجعي لتدبير األرشيف العمومي‪ ،‬إصدار مؤسسة أرشيف المغرب‪ ،‬س ‪ ،2017‬ص ‪.7‬‬
‫)‪(2‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.5‬‬

‫الصفحة ‪72 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫من اإليجاز في النقاط ذات الصلة بهذه العبارة املوجزة‪ ،‬والتي ال تعني في نهاية املطاف إال جزء من‬
‫األجزاء املكونة ملكانة األرشيف وأهميته‪.‬‬
‫فمن ناحية أولى تأخذنا مسألة األرشيف إلى ميدان التاريخ والتأريخ‪ ،‬فاألرشيف إذن يقوم‬
‫بدور أساس ي ومفصلي في تدوين التاريخ وتحليله استشرافا لوضعية راهنة أو نظرة مستقبلية‪،‬‬
‫فالوثائق األرشيفية(‪ )1‬في األول تكون لها قيمة عملية وإدارية‪ ،‬لكن بعد فترة من الزمن تتغير تلك‬
‫القيمة لتصبح ذات قيمة تاريخية للمصالح املنتجة‪ ،‬ولعامة الناس‪ ،‬ويمكن االعتماد عليها إلنجاز‬
‫العديد من الدراسات والبحوث التي تستقي مادتها األولية من األرشيف‪ ،‬وباالعتماد عليه تدرس‬
‫األحوال االقتصادية والسياسية‪ ،‬ويتعرف على العادات والتقاليد والعقليات ومختلف املظاهر‬
‫ّ‬ ‫اليومية من أكل َ‬
‫وملبس وسكن؛ فاألرشيف بذلك يشكل املادة الخام التي يستمد منها جل املؤرخين‬
‫والسوسيولوجيين‪ ،‬واالثنوغرافيين واالقتصاديين واللسانيين مصادرهم األولية لتكوين فكرة عن‬
‫الواقع املاض ي‪ ،‬وبالتالي فهو مهم؛ ألنه يحمل أخبار وتفاصيل الحياة السالفة ما ال تعادله مئات‬
‫الروايات الشفوية‪.‬‬
‫وبالتالي فالتاريخ الذي ينبني على مادة أرشيفية يستلزم إذن صيانته من أي أفعال أو ظروف‬
‫تؤدي إلى تغيير حقيقته بالتزوير أو التزييف‪ ،‬أو كل ما من شأنه أن يؤدي به إلى الضياع‪.‬‬
‫كما تكمن أهمية حسن تدبير األرشيف في فعالية وشفافية الخدمات العمومية‪ ،‬حيث أنه‬
‫يساهم في صنع القرار على أساس األدلة وب ً‬
‫ناء على تنظيم املعلومات املتعلقة بالقرارات واإلجراءات‪،‬‬
‫التي َي ُ‬
‫سهل العثور عليها عند الحاجة‪ ،‬ويشكل األرشيف أيضا دليال على االلتزامات القانونية للدولة‪،‬‬
‫و إثباتا إلنجاز شتى اإلصالحات واملشاريع الش يء الذي يساعد على الحفاظ على مصالح الدولة‬
‫وسمعتها الدولية(‪.)2‬‬

‫)‪(1‬أنظر موقع‪ http://bayanealyaoume.press.ma :‬تاريخ الولوج‪ 23 :‬ماي ‪ 2020‬على الساعة‪12H48m :‬‬


‫)‪(2‬حاتم بومهود‪ ،‬ال حكامة جيدة بدون تدبير جيد لألرشيف‪ ،‬منشور بموقع‪ /https://www.hespress.com :‬تاريخ الولوج‪ 23 :‬ماي ‪2020‬‬
‫على الساعة‪12H55m :‬‬

‫الصفحة ‪73 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وإلى جانب تثمين التراث الذي يعتبر فيه األرشيف شهادة على أنشطة اإلنسان ووسيلة‬
‫أساسية لدراسة املاض ي‪ ،‬فإن األرشيف كذلك يعكس تطور حقوق اإلنسان ويشكل وسيلة فعالة‬
‫للوقاية من انتهاكها‪ ،‬كما يعتبر شهادة وحجة لتالفي النسيان(‪.)1‬‬
‫هذه بعض اإلشارات املقتضبة التي توضح لنا جانبا من املكانة التي يحظى بها األرشيف بصفة‬
‫عامة‪ ،‬الش يء الذي يثبت معه إلى أنه فعال يرقى إلى مصاف املصالح الجديرة بالحماية من لدن املشرع‬
‫الجنائي‪ ،‬فأين تتجلى فلسفة الحماية في هذا الصدد؟‬
‫األرشيف كمصلحة جديرة بالحماية‬
‫تفرض املكانة الهامة لألرشيف باعتباره الوعاء الضامن لصيانة الذاكرة الوطنية والتراث‬
‫اإلنساني أن يحظى بحماية جنائية تقف صدا أمام أي سلوك من شأنه أن يمس بجوهره أو وجوده‪،‬‬
‫فاألرشيف املحفوظ واملصان ما هو إال وجه من وجوه االستقرار البشري‪ ،‬وصورة أخرى من صور‬
‫األمن الذي من املفترض أن يتمتع به املجتمع‪ ،‬والذي تقع على الترسانة القانونية مسؤولية ضمانه‬
‫وتنزيله‪.‬‬
‫فالسياسة التشريعية الجنائية بصفة عامة تهدف إلى توطيد األمن في املجتمع‪ ،‬ويعتبر‬
‫التشريع الجنائي في هذا الصدد من األولويات ومن القوانين التي تشيع األمن واالستقرار والطمأنينة‪،‬‬
‫دون أن ننس ى الجيوب األخرى املتعلقة باالقتصاد‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬والسياسية‪ ،‬فالتشريعات الجنائية‬
‫هي مرآة تنعكس عليها بأمانة عقلية األمم وحالتها االجتماعية ومدنيتها(‪ ،)2‬فاألمن كان وال زال الغاية‬
‫األولى من إقرار القاعدة القانونية(‪.)3‬‬

‫)‪(1‬الدليل المرجعي‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫)‪ (2‬عبد هللا درميش‪ ،‬دور التشريع الجنائي في توطيد األمن‪ ، ،‬أشغال الندوة الوطنية حول السياسة الجنائية بالمغرب‪ :‬واقع وآفاق‪ ،‬المجلد الثاني‪،‬‬
‫المنظمة من طرف وزارة العدل بمكناس أيام ‪ 9‬و‪ 10‬و ‪ 11‬دجنبر ‪ ،2004‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الندوات‬
‫واأليام الدراسية‪ ، ،‬العدد ‪،4‬س ‪ ،2005‬ص ‪.59‬‬
‫)‪(3‬زهير نعيم‪ ،‬مدخل إلى أسس التفكير القانوني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬س ‪ ،2020‬ص ‪.53‬‬

‫الصفحة ‪74 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫واعتبار األرشيف مصلحة جديرة بالحماية يدخلها ضمن املصالح األساسية املرتبة على سلم‬
‫القيم االجتماعية واالقتصادية وغيرها‪ ،‬والتي تتطلب حماية بواسطة قواعد ذات طابع عقابي‪ ،‬من‬
‫خالل وصف الفعل الذي يعتبر غير مشروع‪ ،‬والذي يفترض أن يهدر مصلحة قانونية أو على األقل‬
‫يهددها بخطر(‪ ،)1‬بمعنى أن الجريمة تخل بركيزة أولوية يقوم عليها املجتمع‪ ،‬ولهذا البد أن تستهدف‬
‫قاعدة التجريم تحقيق أغراض ذات طابع شمولي واجتماعي تتمثل في الحفاظ على املصلحة‬
‫االجتماعية العليا واألمن العام(‪ ،)2‬ويظل في نظرنا املتواضع إقرار التجريم والعقاب في ميدان‬
‫األرشيف وسيلة يسعى من خاللها املشرع إلى تحقيق الغاية الكالسيكية‪ ،‬كما سطرتها املدرسة‬
‫التقليدية القديمة‪ ،‬واملتمثلة في تحقيق الردعين الخاص والعام‪ ،‬أو كما وصفته ذات املدرسة بـ" أال‬
‫يكرر املجرم إجرامه وال يقلده فيه غيره"(‪.)3‬‬
‫فإذا ارتبط تجريم فعل معين وإفراده بعقوبة محددة‪ ،‬ارتباطا وثيقا باآلثار السلبية التي‬
‫أحدثتها الجريمة في املجتمع‪ ،‬واملتمثلة في االضطراب االجتماعي‪ ،‬وبالتالي سعيها – أي العقوبة املقررة‪-‬‬
‫إلى إزالة الضرر الذي تحقق عنها‪ ،‬ومنع تكرارها مستقبال من الجاني نفسه أو من غيره‪ ،‬وأن كل ذلك‬
‫سيؤدي‪ ،‬بال شك‪ ،‬إلى وقاية املجتمع(‪ ،)4‬فأين تتجلى مظاهر التجريم والعقاب في القانون املنظم‬
‫لألرشيف‪ ،‬وهل سيحقق فعال الحماية املنشودة؟‬
‫إن االطالع على التشريع الجنائي املرتبط بمجال األرشيف‪ ،‬سواء ما تم التنصيص عليه في‬
‫القانون رقم ‪)5( 69.99‬أو مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬وما له عالقة بالقانون املسطري سيجعلنا‬
‫نتوقف على مجموعة من املالحظات‪ ،‬سواء فيما يتعلق بمسألة الربط بين النصوص‪ ،‬أو ما بدا لنا‬

‫)‪(1‬والتي تعني هنا المساس بالكيان المادي لألرشيف وقيمته الرمزية والمعنوية‪.‬‬
‫)‪(2‬زكرياء الخياطي‪ ،‬الحماية الجنائية للقيم اإلجتماعية‪ ،‬مجلة العلوم الجنائية‪ ،‬العدد ‪ 5‬و‪ ،6‬س ‪ ،2019‬ص ‪.58‬‬
‫)‪(3‬سمير عالية‪ ،‬مبادئ علوم اإلجرام والعقاب والسياسة الجزائية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪،‬س ‪ ،2019‬ص ‪208‬‬
‫أما المدرسة الت قليدية الحديثة فتذهي إلى أن غرض العقاب أساسا هو تحقيق العدالة والردع العام‪ ،‬لتركز المدرسة الوضعية على إصالح الجاني‬
‫كندبير حمائي احترازي‪..‬‬
‫)‪(4‬فهد يوسف الكساسبة‪ ،‬وظيفة العقوبة دراسة مقارنة‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع األردن‪ ،2010 ،‬ص ‪.154‬‬
‫(‪ ) 5‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.167‬في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نوفمبر ‪ ،)2007‬منشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 5586‬بتاريخ ‪ 2‬ذو الحجة ‪ 13( 1428‬ديسمبر ‪ ،)2007‬ص ‪.4068‬‬

‫الصفحة ‪75 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫نقصا في املنطوق‪ ،‬وحتى ما له ارتباط بميدان األرشيف وإن لم يتم التنصيص عليه في القانون‬
‫املنظم له‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬وفي إطار تحليل مركز األرشيف ضمن التشريع الجنائي‪ ،‬سنتناول بداية مسألة‬
‫التجريم والعقاب ضمن مبحث أول‪ ،‬قبل االنتقال إلى املقتضيات املتعلقة بالبحث والتحري في هذه‬
‫ثان‪.‬‬
‫الجرائم وإجراء الصلح في مبحث ٍ‬

‫املبحث األول‪ :‬التجريم والعقاب في مجال األرشيف‬

‫ارتأيت تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين‪ ،‬نخصص األول للجرائم والعقوبات الخاصة بها في‬
‫القانون املتعلق باألرشيف‪ ،‬والثاني لبعض الجرائم األخرى ذات الصلة واملضمنة في مجموعة‬
‫القانون الجنائي‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الجرائم وعقوباتها في قانون األرشيف‬


‫بالرجوع إلى القانون رقم ‪ 69.99‬املتعلق باألرشيف سنجده قد أفرد في القسم الثالث منه‬
‫مجموعة من الجرائم كما أفرد لها عقوبات محددة‪ ،‬وباستقراء مضمون هذه النصوص سنجدها‬
‫تتطرق أساسا إلى جرائم السرقة واالختالس واإلتالف وإفشاء السر املنهي‪ ،‬وهي الجرائم التي سنتولى‬
‫تحليلها في فقرتين‪ ،‬نخصص األولى لجريمتي السرقة واالختالس‪ ،‬ونتناول في الثانية جريمتي االتالف‬
‫وإفشاء السر املنهي‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬جريمتي السرقة واإلختالس‬


‫وردت لفظتي السرقة واالختالس في املادتين ‪ 35‬و ‪ 37‬من القانون رقم ‪ ،69.99‬لكن ما نالحظه‬
‫أن جمع لفظة السرقة باالختالس وردت في املادة ‪ 35‬دون املادة ‪ 37‬التي جاءت بها كلمة السرقة دون‬
‫أن ترد معها كلمة االختالس‪ ،‬ولعل ما جعل املشرع املغربي يعمد إلى هذا الفصل بين الجريمتين هو‬

‫الصفحة ‪76 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫إفراد كل فصل بصفة الفاعل التي تختلف بين املادتين‪ ،‬الش يء الذي يفرض علينا أن نتطرق إلى‬
‫صفة الفاعل حسب منطوق املادتين كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬املتعهد لألرشيف بحكم مهامه‬
‫جاء في املادة ‪ 35‬في هذا الصدد ما يلي‪ " :‬كل شخص قام بإتالف أو اختالس أو سرقة أرشيف‬
‫عمومي في عهدته بحكم مهامه‪ ،‬ولو دون أن يقصد إلى الغش‪ ،‬يتعرض لعقوبة حبس تتراوح مدتها‬
‫بين ثالث سنوات وست سنوات‪".‬‬
‫وبالرجوع إلى القانون املتعلق باألرشيف سنجد أن األشخاص الذين يوجد األرشيف تحت‬
‫عهدتهم بحكم مهامهم‪ ،‬يتمثلون طبقا للمادة الثانية في كل موظف أو مستخدم(‪ )1‬تابع لألشخاص‬
‫الطبيعيين أو املعنويين‪ ،‬واملسؤول عن الوثائق التي أنجتها أو تلقاها أثناء ممارسته من لدن الدولة‬
‫والجماعات املحلية واملؤسسات واملنشآت العامة‪ ،‬وكذا الهيئات الخاصة املكلفة بإدارة مرفق من‬
‫املرافق العامة في ما يتعلق باألرشيف الناتجة عن نشاط هذا املرفق‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أنه يدخل‬
‫ضمن األرشيف العام ما يكونه املوثقون والعدول وسجالت الحالة املدنية وسجالت مصلحة‬
‫التسجيل(‪ ،)2‬وبالتالي يدخل املتعهدون به بحكم مهامهم في نطاق املادة ‪ 35‬املشار إليها أعاله‪.‬‬
‫كما نجد املادة ‪ 34‬من نفس القانون تشير إلى فئة املستخدمين العاملين بمؤسسة أرشيف‬
‫املغرب‪ ،‬والتي حددتهم في الفئتين التاليتين‪:‬‬

‫‪ ‬األعوان الذين يتم توظيفهم وفقا للنظام األساس ي ملستخدمي املؤسسة؛‬


‫‪ ‬املوظفين امللحقين باملؤسسة من اإلدارات العامة وفقا للنصوص التشريعية‬
‫الجاري بها العامل‪.‬‬

‫)‪(1‬راجع مفهوم الموظف العمومي في نظر القانون الجنائي إنطالق من الفصل ‪ 224‬من المجموعة‪.‬‬
‫)‪(2‬المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪69.99‬‬

‫الصفحة ‪77 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وفي نظرنا‪ ،‬تظل هذه الفئات هي املعنية باملادة ‪ ،35‬الش يء الذي ربما جعل املشرع يدرج فيها‬
‫لفظة االختالس والسرقة‪ ،‬عكس املادة ‪ 37‬التي تتعلق باألشخاص األجانب غير العاملين في مجال‬
‫األرشيف‪.‬‬
‫وإذا ما رجعنا إلى الفصل ‪ 505‬من مجموعة القانون الجنائي املغربي‪ ،‬سنجده ينص على أنه‪" :‬‬
‫من اختلس عمدا ماال مملوكا للغيريعد سارقا‪."...‬‬
‫هنا ُيطرح اإلشكال املرتبطة بمصطلح "االختالس"(‪ )1‬الوارد في املادتين ‪ 35‬املتعلق باألرشيف‬
‫وفي الفصل ‪ 505‬من مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬فهل يقصد به املشرع األرشيفي املدلول الوارد في‬
‫مجموعة القانون الجنائي باعتباره يفيد انتزاع (أو إخراج) املال أو الش يء من حيازة صاحبه بدون‬
‫رضاء من جانبه؟ أو ينصرف إلى جريمة خيانة األمانة لتصرف الشخص الذي يوجد األرشيف‬
‫بعهدته بحكم مهامه بأن يحول الحيازة املؤقتة (الناقصة) التي تكون له وبرضاء املالك لألرشيف إلى‬
‫حيازة تامة ملصلحته(‪)2‬؟ أم أن توظيف التفريق بين االختالس والسرقة يقصد به املشرع جريمة‬
‫االختالس بحد ذاتها كما هي منصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين ‪ 241‬و‪ 242‬من مجموعة‬
‫القانون الجنائي؟‬
‫في نظرنا املتواضع‪ ،‬فمقتضيات الفصلين ‪ 505‬و ‪ 242‬من مجموعة القانون الجنائي تنسجم‬
‫وقصد املشرع األرشيفي في املادة ‪ 35‬من القانون املتعلق باألرشيف‪ ،‬من جهة أولى النسحاب فعل‬
‫االختالس كفعل مادي للسرقة إلى سلب الش يء وإخراجه من حيازة صاحبه دون رضاه وإضافته‬
‫لحيازة الفاعل(سلب أرشيف من جهة مالكة له وجعله في حيازة املوظف أو املستخدم دون رضا‬
‫الجهة املعنية)‪ ،‬ومن جهة ثانية لتوفر صفة املوظف العمومية في فعل االختالس كما ورد في الفصل‬

‫)‪(1‬يُالحظ أن اإلختالس يتداخل أيضا وجريمة خيانة األمانة‪ ،‬والتي تنطبق أوصفها حتى على المادة األرشيفية‪ ،‬فقد جاء في قرار لمحكمة‬
‫النقض المغربية أنه‪ " :‬ال تتحقق جريمة خيانة األمانة إال إذا تم االختالس أو التدليس بسوء نية إضرارا بالمالك أو واضع اليد أو الحائز‬
‫ألمتعة أو نقود أو بضائع أو سندات أو وصوالت أو أوراق من أي نوع كانت تتضمن أو تنشئ التزاما أو إبراء كانت سلمت على أن ترد‬
‫لصاحبها أو سلمت الستعمالها أو استخدامها لغرض معين"‪ .‬قرار عدد ‪ 3/2180‬بتاريخ‪ 2000/09/03 :‬ملف جنحي رقم‪( 99/20086 :‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫)‪(2‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي القسم الخاص‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،2009 ،2‬ص ‪.333‬‬

‫الصفحة ‪78 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ 241‬م‪.‬ق‪.‬ج الذي جاء فيه‪... " :‬كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس (‪ )...‬حججا أو عقودا أو‬
‫منقوالت موضوعة تحت يده بمقتض ى وظيفته أو بسببها"‪.‬‬
‫ومع ذلك فاملالحظ أن املشرع األرشيفي اختار التنصيص على عقوبة خاصة مخالفة لكال‬
‫الفصلين‪ ،‬فهي مشددة مقارنة مع الفصل ‪ 505‬ومخففة إذا ما قورنت مع الفصل ‪ 241‬التي تعد في‬
‫إطار هذا الفصل األخير من خالل فقرته األولى جناية (‪ .)1‬وهكذا نجد املشرع األرشيفي قد عاقب عن‬
‫الفعلين بعقوبة حبسية تتراوح بين ثالث سنوات وست سنوات‪.‬‬
‫لكن ماذا عن الركن املعنوي؟‬
‫إذا كان الركن املعنوي يقوم على عنصري العلم وإلرادة‪ ،‬كجريمة السرقة الواردة في الفصل‬
‫‪ 505‬من م‪.‬ق‪.‬ج التي تصنف في الجرائم العمدية‪ ،‬والتي تتجه فيها إرادة الجاني إلى اقتراف الوقائع‬
‫املكونة لهذه الجريمة مع علمه بحقيقة هذه الوقائع(‪ ،)2‬ففي هذه الجريمة طبقا لقانون األرشيف‬
‫نالحظ أن املشرع قد استعمل عبارة "ولو دون أن يقصد إلى ذلك الغش" في املادة ‪ 35‬منه‪ ،‬مما‬
‫نستشف منه أن القصد الجنائي غير مطلوب في هذه الجريمة‪ ،‬وإنما يكفي قيام فعل السرقة أو‬
‫االختالس لتقوم مسؤولية الفاعل الجنائية‪.‬‬
‫وفي اعتقادنا يظل معيار تطبيق هذه النصوص الزجرية هو طبيعة الش يء الذي وقع عليه‬
‫فعل السرقة أو االختالس‪ ،‬فمتى كان جسم الجريمة مرتبط باألرشيف فإن مقتضيات القانون‬
‫رقم ‪ 66.99‬هي واجبة التطبيق‪ ،‬وبالتالي وجب استبعاد فصول مجموعة القانون الجنائي‪.‬‬

‫)‪(1‬تحدد العقوبة بمقتضى المادة ‪ 241‬من مجموعة القانون الجنائي في السجن من خمس إلى عشرين سنة‪ ،‬وغرامة من ‪ 5000‬إلى ‪100.000‬‬
‫درهم‪.‬‬
‫وتكون العقوبة المقرر في المادة ‪ 35‬من القانون المتلق باألرشيف مشددة إلى ما كانت قيمة األشياء المختلسة بمقتضى الفصل ‪ 241‬من م‪,‬ق‪.‬ج‬
‫تقل عن ‪ 100.000‬درهم إذ يكون الفعل والحالة هاته جنحة معاقب عليها بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من ‪ 2000‬إلى‬
‫‪ 50.000‬درهم‪.‬‬
‫)‪(2‬عبد والواحد العلمي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.351‬‬

‫الصفحة ‪79 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬األغيارغيرالعاملين بمجال أرشيفي‬


‫أفرد املشرع األرشيفي لعقاب هذه الفئة املادة ‪ 37‬من القانون املتعلق باألرشيف‪ ،‬والتي جاء‬
‫فيها‪ " :‬كل من سرق وثيقة من األرشيف العام أو الخاص محفوظة في مصلحة عامة لألرشيف أو‬
‫أتلفها أو تسبب في اإلضراربها يتعرض لعقوبة حبسية تتراوح مدتها بين سنتين وعشرسنوات"‪.‬‬
‫وتعتبر عدم إشارة املشرع إلى عبارة " أرشيف في عهدته بحكم مهامه" النقطة التي استخلصنا‬
‫منها التمييز بين املوظف أو املستخدم في مجال األرشيف والغير األجنبي عنه‪ ،‬غير أن مقارنة املادتين‬
‫أسفر لنا عن مجموعة من املالحظات نوردها في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تشديد املشرع األرشيفي للعقوبة املقررة لهذه الفئة مقارنة مع العقوبة املقررة‬
‫للذي يوجد األرشيف في عهدته بحكم مهامه‪ ،‬إذ أن حدها األقص ى يصل إلى عشر‬
‫سنوات‪ ،‬بينما يتحدد في ست سنوات بالنسبة للفئة األولى‪ ،‬وهنا يحيد املشرع الجنائي عن‬
‫القاعدة التي تعد فيها صفة املوظف العمومي من الظروف املشددة الرتباطها بجريمة‬
‫تدخل ضمن مهامه(‪ ،)1‬والتي تكون في مقابلها العقوبة أخف متى كان الفاعل غير موظف‬
‫عمومي شأن التزوير في الوثائق الرسمية(‪)2‬؛‬
‫‪ ‬عدم إدراج جريمة االختالس‪ ،‬الرتباط هذه األخيرة بوجود الش يء أو املنقول‬
‫تحت عهدة الفاعل؛‬
‫‪ ‬تضمين املشرع لهذه الفئة مسألة " التسبب في الضرر" لألرشيف‪ ،‬وهو ما‬
‫أغلف تضمينه في املادة ‪ ،35‬ولعل ذلك راجع إلى أنه يفترض في املوظف أو املستخدم‬
‫القيام بكل ما من شأنه صيانة أو حماية األرشيف من الضرر‪ ،‬لكن هذا ال يستبعد قيام‬

‫)‪(1‬أنظر فريد السموني‪ ،‬مفهوم الموظف في القانون الجنائي المقارن (مغربي‪ -‬فرنسي) محاولة تأصيل منهجية جنائية جديدة لحماية الشأن‬
‫العام‪ ،‬أطرحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ 1424-2003‬ص ‪ 127‬وما يليها‪.‬‬
‫)‪(2‬إضافة الغرامة المالية للموظف العمومي تتراوح بين ‪ 100.000‬و ‪ 200.000‬درهم‪.‬‬

‫الصفحة ‪80 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املوظف أو املستخدم بفعل التسبب في اإلضرار باألرشيف‪ ،‬الش يء الذي ال يستبعد‬


‫مسؤوليته‪ ،‬ولو في نطاقها املدنية؛‬
‫‪ ‬عكس الفئة األولى‪ ،‬تظل املادة ‪ 37‬خاضعة للقواعد العامة للقصد الجنائي‬
‫عند إتيان أحد األفعال املجرمة في املجال األرشيفي‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة إلى مسألة في غاية األهمية نحسب أن املشرع األرشيفي قد أغفلها وهو‬
‫بصدد صياغة املادة ‪ 37‬املذكورة‪ ،‬سيما في الشق املتعلق بفعل السرقة‪ ،‬ذلك أنه معلوم أن السرقة‬
‫تختلف ظروف ارتكابها مما يجعل وصفها يتأرجح بين الجنحة(‪ )1‬والجنائية(‪ ،)2‬فإذا قلنا سلفا بأن‬
‫محل أو جسم الجريمة هو املعيار املحدد للقانون الواجب التطبيق بين مجموعة القانون الجنائي أو‬
‫القانون رقم ‪ ،69.99‬فإن ذلك ال يعني غض النظر عن بعض السلوكات الخطيرة التي يتجاوز ضررها‬
‫املساس باألرشيف لوحده‪ ،‬كأن يكون فعل سرقة أرشيف خاضعا لظروف السرقة املوصوفة كالليل‬
‫والتعدد والتسلق والعنف واستعمال السالح‪....‬الخ‪ ،‬فال يمكن التسليم مثال متابعة شخص‬
‫بمقتضيات الفصل ‪ 507‬من م‪.‬ق‪.‬ج التي تصل عقوبته إلى املؤبد ويكون موضوع أو محل الجريمة‬
‫شيئا ال ترقى قيمته إلى وثيقة أو منقول أرشيفي نفيس القيمة أو له دور في صيانة حقوق تقدر‬
‫باملاليين (عقود عقارية مثال)‪ ،‬فيتابع بمقتضيات قانون األرشيف التي ال تتعدى عقوبتها عشر‬
‫سنوات!‪ ،‬لذا ففي نظرنا املتواضع تظل مقتضيات املادة ‪ 37‬متعلقة بحالة السرقة العادية وليس‬
‫املوصوفة‪.‬‬
‫وعليه أرى أنه من الضروري على املشرع التدخل لسد هذا الفراغ الذي قد يسبب اضطرابا في‬
‫التطبيق إذا ما تعرض أرشيف ما للسرقة تحت الظروف املشددة املنصوص عليها قانونا‪ ،‬وذلك بأن‬
‫تكون صياغة املادة املذكورة على الشكل التالي‪:‬‬

‫)‪(1‬الفصلين ‪ 505‬و ‪ 506‬من م‪.‬ق‪.‬ج‬


‫)‪(2‬الفصول ‪ 510 ،509 ،507‬من م‪.‬ق‪.‬ج‬

‫الصفحة ‪81 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫" كل من سرق وثيقة من األرشيف العام أو الخاص محفوظة في مصلحة عامة لألرشيف أو‬
‫أتلفها أو تسبب في اإلضرار بها يتعرض لعقوبة حبسية تتراوح مدتها بين سنتين وعشر سنوات‪ ،‬دون‬
‫اإلخالل بالعقوبات األشد عند االقتضاء"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬جريمتي اإلتالف و إفشاء السراملهن ـ ـي‬


‫وسنقوم بتناول الجريمتين تباعا كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬إتالف األرشيف‬
‫يعد اإلتالف من الجرائم التي تناولها القانون الجنائي‪ ،‬غير أن الرجوع إلى قانون األرشيف‬
‫سيجعلنا نقف على مسألة أساسية هي أن اإلتالف ال يعد جريمة بإطالق‪ ،‬إذ أفرد املشرع األرشيفي‬
‫بعض املقتضيات الخاصة بإتالف األرشيف‪ ،‬أو ما يمكن أن نصطلح عليه هنا بــ"اإلتالف القانوني"‪.‬‬
‫لذا فإننا سنتناول هذه مسألة إتالف األرشيف في نقطيتين‪ ،‬نخصص األولى لإلتالف كجريمة‬
‫والثانية لإلتالف املنظم بنص القانون‬

‫‪ - 1‬جريمة اإلتالف‬
‫بالرجوع إلى القانون األرشيف سنجده لم يعطينا تعريفا لجريمة اإلتالف‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫ملجموعة القانون الجنائي التي فصلت في الجرائم املرتبطة بها وتحديد عقوباتها دون إعطاء تعريف‬
‫لها(‪ .)1‬لذا كان لزاما االستعانة بالفقه والقضاء إلبراز تعريف لهذه الجريمة وأركانها األساسية‪.‬‬
‫أ – تعريف االتالف ‪:‬‬
‫من الناحية اللغوية يتحدد مفهوم اإلتالف بكونه مشتق من كلمة التلف‪ ،‬التي تعني الهالك‪،‬‬
‫وذهبت ٌ‬
‫نفس تلفا أي هدرا‪ ،‬ومن الناحية الفقهية تعرف بكونه‪ " :‬إخراج الش يء من أن يكون منتفعا‬
‫به منفعة مطلوبة منه عادة"(‪.)2‬‬

‫)‪ (1‬شأن الفصول ‪ 242 ،241‬و الفصول من ‪ 580‬إلى ‪.607‬‬


‫)‪(2‬مصطفى يوسف لكافي‪ ،‬جرائم الفساد‪ ،‬غسيل األموال‪ ،‬السياحة‪،‬اإلرهاب اإلليكتروني‪ ،‬مكتبة المجتمع العربي‪ ،‬عمان‪،2014،‬ص ‪.175‬‬

‫الصفحة ‪82 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ويختلف اإلتالف انطالقا من هذا التعريف عن إلحاق الضرر الذي قد ال يعدم املنفعة‬
‫بصفة كلية من الش يء ولكن يقلل منها‪ ،‬بينما اإلتالف ال يعني إال انعدام املنفعة منه بشكل كلي‪ ،‬إذ‬
‫يصبح الش يء املتلف والعدم سواء‪.‬‬
‫وملا كان األرشيف يتجه نحو الرقمنة‪ ،‬فالحديث عن اإلتالف ال يقتصر على صورته التقليدية‬
‫املعروفة‪ ،‬لكن يمكن أن يتصور في جانبه املعلوماتي‪ ،‬وبالتالي أمكننا الحديث أيضا عن جريمة إتالف‬
‫األرشيف اإلليكتروني والتي تتحدد في أنها‪ :‬اإلفناء ملادة الش يء أو القيام بإحداث تغييرات عليها‪،‬‬
‫بحيث تصبح غير صالحة االستعمال في الغرض الذي أنشئت لها‪ ،‬وبالتالي تضييع القيمة املادية لهذا‬
‫الش يء على املالك(‪.)1‬‬
‫وعليه قد يختلف اإلتالف املعلوماتي عن اإلتالف العادي كون األخير قد يحتوي مسألة‬
‫اإلضرار باملادة دون انتقاص من قيمتها‪ ،‬بينما اإلتالف املعلوماتي ال يتحقق فقط في التأثير في مادة‬
‫الش يء‪ ،‬بل يتحقق كذلك في حالة االنتقاص من قيمته‬
‫ب – أركان جريمة االتالف ‪:‬‬
‫يمكن تحديد أركان جريمة اإلتالف املتعلقة باألرشيف في أربعة عناصر كالتالي‪:‬‬
‫فعل مادي (اإلتالف)‪ :‬ويشمل كل فعل أو سلوك من شأنه أن يزيل املنفعة املطلوبة‬ ‫‪‬‬
‫في املادة األرشيفية املحفوظة(‪ ،)2‬كالتمزيق أو الحرق أو املسح أو تخريب املعطيات‪...‬‬
‫وقوع الفعل على مادة أرشيفية‪ :‬أما إن كانت غير أرشيفية فتطبق مقتضيات أخرى‬ ‫‪‬‬
‫كمجموعة القانون الجنائي‪.‬‬

‫أنظر كذلك‪ :‬ماجدة بوطمين‪،‬جريمة إتالف المعطيات المعلوماتية‪،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون جنائي لألعمال‪،‬‬
‫العربي بن مهيدي – أم البواقي‪ -‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2018-2017‬ص ‪7‬‬
‫)‪(1‬ماجدة بوطمين‪،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪8‬‬
‫)‪(2‬ذهبت محكمة النقض المصرية إلى اعتبار القطع ضربا من ضروب اإلتالف (الطعن رقم ‪ 96‬لسنة ‪ 37‬ق جلسة ‪ ،)13/3/1967‬أنظر‬
‫موقع‪ https://tamirtag.yoo7.com :‬تاريخ الولوج‪ 25 :‬ماي ‪ 2020‬الساعة ‪13H02m‬‬

‫الصفحة ‪83 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫أن يكون األرشيف غير شخص ي‪ :‬أي يجب أن يدخل ضمن التحديد الذي جاء في‬ ‫‪‬‬
‫املادة الثالثة من القانون املتعلق باألرشيف‪ ،‬أما الوثائق الشخصية املعتبرة لديه أرشيفا لدى‬
‫صاحبها فال تنطبق عليها هذه الجريمة‪ ،‬باعتباره مالكا لها‪.‬‬
‫القصد الجنائي‪ :‬يذهب القضاء إلى اعتبار جريمة اإلتالف جريمة عمدية يتحقق‬ ‫‪‬‬
‫القصد الجنائي فيها متى تعمد الفاعل القيام بأي عمل يزيل املنفعة املتوخاة من املادة األرشيفية‪،‬‬
‫وإتجاه إرادته إلى تحقيق هذا اإلتالف(‪.)1‬‬
‫وفي نظري يتعلق هذا الركن باألغيار غير العاملين في مجال أرشيفي (م ‪ 37‬ق‪.‬أ)‪ ،‬أمام املوظف‬
‫أو املستخدم العامل بهذا املجال فيكفي إتيانه الفعل املؤدي إلى اإلتالف لتقوم مسؤوليته الجنائية‬
‫ولو دون أن يقصد إلى الغش (م ‪ 35‬ق‪.‬أ)‪.‬‬
‫ج – عقوبة جريمة االتالف‪:‬‬
‫إن الحديث اليوم عن نوعين من األرشيف‪ :‬العادي واإلليكتروني‪ ،‬يجعلنا أمام إشكال‬
‫متمحور حول النص الواجب التطبيق‪ ،‬هل القانون املتعلق باألرشيف باعتباره قانونا خاصا يجمع‬
‫كال النوعين‪ ،‬أم أنه ال مندوحة لنا من الرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي في بابها العاشر املتعلق‬
‫باملس بنظم املعالجة اآللية للمعطيات(‪)2‬؟‪.‬‬
‫أعتقد أنه من الضروري واألفيد التمييز بين األمرين‪ ،‬وذلك بتطبيق القانون املتعلق‬
‫باألرشيف في حالة اإلتالف التقليدية‪ ،‬والقانون رقم ‪ 07.03‬في حالة اإلتالف املعلوماتي لألرشيف‬
‫الرقمي أو اإلليكتروني‪.‬‬
‫وهكذا نجد املادة ‪ 35‬من القانون املتعلق باألرشيف عاقب كل موظف أو مستخدم قام‬
‫بإتالف أرشيف يوجد بعهدته بحكم مهامه بالحبس من ثالث سنوات إلى ست سنوات‪.‬‬

‫)‪(1‬محكمة النقض المصرية (الطعن رقم ‪ 1374‬لسنة ‪ 36‬ق جلسة ‪(17/10/1966‬أنظر موقع‪ https://tamirtag.yoo7.com :‬تاريخ‬
‫الولوج‪ 25 :‬ماي ‪ 2020‬الساعة ‪13H11m‬‬
‫)‪(2‬المضاف بمقتضى القانون رقم ‪ 07.03‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.197‬بتاريخ ‪ 16‬رمضان ‪ 1424‬الموافق لــ‪ 11 :‬نونبر‬
‫‪ 2003‬والمنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5171‬بتاريخ ‪ 27‬شوال ‪ 1424‬الموافق ل ‪ 22‬دجنبر ‪،2003‬ص ‪.4284‬‬

‫الصفحة ‪84 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫بينما عاقبت املادة ‪ 37‬من نفس القانون األغيار من غير املوظفين أو املستخدمين قاموا‬
‫بإتالف األرشيف بحبس تتراوح مدته بين سنتين وعشر سنوات‪.‬‬
‫أما القانون رقم ‪ 07.03‬فقد تنوعت فيه الفصول الرامية إلى حماية نظم املعالجة اآللية‬
‫للمعطيات‪ ،‬الفصل ‪ 607-3‬يتناول تجريم الدخول غير املشروع إلى نظام أرشيفي معلوماتي سواء عن‬
‫طريق االحتيال أو البقاء فيه متى كان الدخول إليه عن طريق الخطأ‪ ،‬وبالتالي تنطبق عليه العقوبة‬
‫املقررة في هذا الفصل واملحددة في الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر‪ ،‬وغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪10.000‬‬
‫درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن العقوبة تضاعف متى نتج عن ذلك حذف‬
‫أو تغيير املعطيات أو أحدث اضطرابا في سير نظامها‪.‬‬
‫كما عاقب الفصل ‪ 607-6‬بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبالغرامة من ‪ 10.000‬إلى‬
‫‪ 200.000‬درهم كل من أتلف املعطيات اآللية‪ ،‬وال شك أن هذه املقتضيات تنطبق كذلك على‬
‫األرشيف اإللكتروني والرقمي كذلك‪ ،‬باعتباره يدخل في أحكام الفصل ‪ 607-6‬من القانون الجنائي‬
‫املغربي‪.‬‬
‫‪ - 2‬اإلتالف القانوني‬
‫ال يعتبر كل إتالف جريمة معاقب عليها وفقا للقانون الجنائي بمختلف تفرعاته‪ ،‬سواء املشار‬
‫إليها بالقانون الجنائي أو بالقانون املتعلق باألرشيف‪ ،‬إذ هناك حاالت تخضع ملجموعة من الشروط‬
‫واإلجراءات التي بموجبها يخرج إتالف عن دائرة التجريم والعقاب‪ ،‬إلى مجال األفعال التي رخص‬
‫القانون بإتيانها بالرغم من كونها أفعال مجرمة ومعاقب عليها(‪.)1‬‬
‫فقد أحالت املادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 69.99‬املتعلق باألرشيف إلى املرسوم التطبيقي املتعلق‬
‫بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتالف األرشيف العادي والوسيط وشروط وإجراءات تسليم‬

‫)‪(1‬راجع الفصل ‪ 124‬من م‪.‬ق‪.‬ج‪.‬‬

‫الصفحة ‪85 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫األرشيف النهائي(‪ .)1‬وقد أشارت املادة األولى من هذا املرسوم على أنه تحدث لدى إدارات الدولة لجنة‬
‫لألرشيف(‪ )2‬وبنية إدارية مكلفة به‪ ،‬بينما يحدد برنامج باقي الهيئات األخرى بشأن تدبير األرشيف‬
‫بواسطة اتفاقيات‪ -‬إطار بين هذه اإلدارات ومؤسسة أرشيف املغرب‪.‬‬
‫وتمارس البنية اإلدارية مهامها تحت سلطة الكاتب العام للقطاع‪ ،‬وهي املهام املفصلة في املادة‬
‫الخامسة من املرسوم التطبيقي‪ ،‬والتي من بينها اإلشراف على عمليات اإلتالف لألرشيف الذي ال‬
‫تتوفر فيه شروط الحفظ الدائم‪.‬‬
‫وفي إطار تحديد إجراءات وشروط اإلتالف‪ ،‬جاء الباب الثالث من املرسوم التطبيقي بتبيان‬
‫طريقة فرز األرشيف باعتبارها العملية األساسية واملمهدة لألرشيف الذي سيخضع لإلتالف(‪،)3‬‬
‫وذلك قبل تحديد شروط عمليات الفرز والتي تتحدد في النقاط التالية‬

‫‪ ‬إعداد بيان اإلتالف والذي يضم مجموع الوثائق املقرر إتالفها‪ ،‬استنادا على‬
‫جدول زمني للحفظ املعد سلفا من لدن الهيئات املعنية(‪)4‬؛‬
‫‪ ‬تتم عملية اإلتالف تحت املراقبة التقنية ملؤسسة أرشيف املغرب وفق‬
‫اإلجراءات التالية(‪:)5‬‬
‫‪ -‬ملء وثيقة بيان اإلتالف في نظيرين وفق مطبوع نموذج تعده مؤسسة أرشيف‬
‫املغرب‪ ،‬وإرسالهما إلى هذه األخيرة قصد التأشير عليهما؛‬

‫)‪(1‬الصادر تحت رقم ‪ 2.14.267‬بتاريخ ‪ 21‬محرم ‪ 1437‬الموافق لــ ‪ 4‬نونبر ‪ ،2015‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6416‬بتاريخ ‪14‬‬
‫صفر ‪ 1437‬الموافق لـ ‪ 26‬نونبر ‪.2015‬‬
‫)‪(2‬تتكون هذه اللجنة حسب المادة الثانية من المرسوم التطبيقي من ‪:‬‬
‫‪ ‬الكاتب العام للقطاع الوزاري المعني أو من يمثله بصفته رئيسا؛‬
‫‪ ‬ممثل واحد عن كل مديرية مركزية بالقطاع الوزاري المعني؛‬
‫‪ ‬المسؤول عن البنية اإلدارية بصفته كاتبا دائما للجنة؛‬
‫‪ ‬ممثلين عن المصالح غير الممركزة يعينون من طرف اإلدارة المعنية؛‬
‫‪ ‬كما يمكن االستعانة على سبيل االستشارة بممثل عن أرشيف المغرب أو أي شخص ذي كفاءة في مجال تدبير األرشيف عند‬
‫اإلقتضاء‪.‬‬
‫)‪(3‬المادة ‪ 12‬من المرسوم التطبيقي‪.‬‬
‫)‪(4‬المادة ‪ 13‬من المرسوم التطبيقي‪.‬‬
‫)‪(5‬المادة ‪ 14‬من المرسوم التطبيقي‪.‬‬

‫الصفحة ‪86 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬تحضير األرشيف املقرر إتالفه بطريقة منظمة‪ ،‬ال سيما عن طريق القيام باإلجراءات‬
‫الالزمة للتحقق منه في ضوء املعطيات املضمنة في بيان اإلتالف؛‬
‫‪ -‬القيام بعملية إتالف كلي لوثائق األرشيف املضمنة في بيان اإلتالف املؤشر عليه‪،‬‬
‫وذلك في التاريخ الذي يحدد باتفاق بين الجهة املعنية ومؤسسة أرشيف املغرب؛‬
‫‪ -‬يوقع الطرفان محضرا لعملية اإلتالف يحرر في نظيرين وفق مطبوع نموذج تحدده‬
‫مؤسسة أرشيف املغرب‪ ،‬يتضمن بصفة خاصة اإلشارة إلى تاريخ ومكان اإلتالف‪ ،‬والوسائل التقنية‬
‫املستعملة فيه‪ ،‬وأسماء األشخاص الذين قاموا بعملية اإلتالف وصفاتهم‪.‬‬
‫‪ -‬تحتفظ الجهات املعنية بنظير من بيان اإلتالف ومحضر عملية اإلتالف ويسلم‬
‫النظير اآلخر منهما إلى مؤسسة أرشيف املغرب‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬جريمة إفشاء السراملنهي‬
‫يقصد بإفشاء األسرار اإلفصاح بوقائع لها صفة السرية من شخص مؤتمن عليها بحكم‬
‫وظيفته أو مهنته خالفا للقانون‪ ،‬وهكذا فكل إخالل بواجبات الوظيفة وكل عمل يمس الشرف أو‬
‫الكرامة أو اآلداب يؤلف خطأ يعاقب عليه قانونا(‪.)1‬‬
‫وهكذا ألزمت املادة ‪ 13‬من القانون املتعلق باألرشيف كل موظف أو مستخدم مكلف بجمع‬
‫األرشيف أو املحافظة عليه بكتمان السر املنهي في ما يتعلق بكل وثيقة ال يمكن قانونا وضعها رهن‬
‫إشارة العموم‪.‬‬
‫وكل مخالفة ألحكام هذه املادة يعاقب عليها بالعقوبة املنصوص عليها في الفصل ‪ 446‬من‬
‫القانون الجنائي(‪.)2‬‬
‫وبإلقاء نظرة على الفصل ‪ 446‬املذكور سنجد أنه يتضمن التالي‪..." :‬وكل شخص يعتبر من‬
‫األمناء على األسرار‪ ،‬بحكم مهنته أو وظيفته‪ ،‬الدائمة أو املؤقتة‪ ،‬إذا أفش ى سرا أودع لديه‪ ،‬وذلك في‬
‫)‪(1‬محمد الزكراوي‪ ،‬المسؤولية الجنائية والمدنية المترتبة عن إخالل الموظف بواجب كتمان السر المهني‪ ،‬منشور على موقع‪:‬‬
‫‪ www.aljami3a.com‬تاريخ الولوج‪ 25 :‬ماي ‪ 2020‬الساعة‪21H34m :‬‬
‫)‪(2‬المادة ‪ 36‬من القانون المتعلق باألرشيف‪..‬‬

‫الصفحة ‪87 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫األحوال غير التي يجيز فيها القانون أو يوجب عليه التبليغ عنه‪ ،‬يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة‬
‫أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم‪."...‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬بعض الجرائم األخرى املرتبطـ ـة‬

‫كغيره من املجاالت‪ ،‬يخضع األرشيف للحماية العامة املخولة بمقتض ى فصول مجموعة‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬باعتبارها اإلطار العام الذي يتم الرجوع إليه حالة عدم وجود نص في القانون‬
‫الخاص املتعلق باألرشيف‪ ،‬ومن بين املسائل التي أغفل القانون املتعلق باألرشيف اإلشارة إليها نجد‬
‫مسألة إهمال املسؤول عن األرشيف املؤدي إلى إتالف األرشيف‪ ،‬لذا رأيت تناولها إلى جانب التطرق‬
‫إلى الحماية املخولة للعاملين في مجال األرشيف باعتبارهم موظفين عموميين‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬جريمة اإلهمال املؤدية إلى إتالف األرشيف‬

‫يعرف اإلهمال في اللغة بكونه يدل على معاني التقصير والتغافل والتهاون(‪ .)1‬وفي اإلصطالح‬
‫القانوني تعرف جريمة اإلهمال بأنها‪ " :‬الجريمة التي تقع خطأ من الفاعل‪ ،‬معنى ذلك أنها الجريمة‬
‫التي ال يقصد الفاعل وقوع الضرر في جريمة اإلهمال نتيجة لسوء تصرفه في الوقت الذي كان من‬
‫امليسور عليه أن يتوقع بأن تصرفه قد يؤدي إلى أوخم العواقب(‪.)2‬‬
‫وفي مجموعة القانون الجنائي عاقب املشرع املغربي على جريمة اإلهمال التي يكون من بين‬
‫نتائجها إتالف الوثائق املوجودة تحت عهدة املوظف العمومي بحكم وظيفته أو بسببها(‪ ،)3‬وهكذا‬
‫نص الفصل ‪ 242‬مكرر منه على أن‪ " :‬كل إهمال خطير صادر عن قاض أو موظف عمومي‪ ،‬نتج‬
‫عنه ارتكاب أحد األفعال املنصوص عليها في الفصلين ‪ 241‬و‪ ،242‬من طرف الغير‪ ،‬يعاقب عليه‬

‫)‪(1‬أنظر موقع قاموس المعاني‪ https://www.almaany.com/ :‬تاريخ الولوج‪ 29 :‬ماي ‪ 2020‬الساعة‪20H21m :‬‬
‫)‪(2‬أبو اليزيد علي المتيت‪،‬جرائم اإلهمال‪،‬منشأة المعارف اإلسكندرية مصر‪ ،‬ط‪ ،2‬س ‪ ،1965‬ص ‪.21‬‬
‫)‪(3‬الفصل ‪ 242‬من م‪.‬ق‪.‬ج‬

‫الصفحة ‪88 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وبغرامة من ألفي درهم إلى عشرين ألف درهم أو بإحدى‬
‫هاتين العقوبتين فقط ‪ ،".‬وختمت في فقرتها الثانية على أن العقوبة تضاعف إذا كانت قيمة املتلف‬
‫تتجاوز مائة ألف درهم‪.‬‬
‫وإذا كنا قد سبق وأن أشرنا إلى أن موضوع الفعل املجرم هو معيار تطبيق القانون املتعلق‬
‫بأرشيف أو مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬ولكون الفصل املشار إليه أعاله يتعلق بالحاالت األخرى غير‬
‫املتعلقة باألرشيف‪ ،‬فإن هذا يجعلنا نطرح التساؤل التالي‪ :‬ماذا لو حدث نفس الفعل في مجال‬
‫األرشيف وقانون األرشيف ال يتضمن مقتضيات مماثلة؟‬
‫الجواب في نظرنا ينسحب إلى القاعدة القائمة بالرجوع دوما إلى القانون العام حالة عدم‬
‫تضمن القانون الخاص مقتض ى مماثل‪ ،‬لذا فقد يجد الفصل ‪ 242‬مكرر من م‪.‬ق‪.‬ج مجاال للتطبيق‬
‫إذا ما صدر فعل عن موظف أو مستخدم في مجال األرشيف يعد في نظر القانون إهماال خطيرا‬
‫تسبب في إتالف أرشيف موجود في عهدته بحكم وظيفته أو بسببها من طرف الغير(‪.)1‬‬
‫لكن وجب أن يؤخذ بعين االعتبار مجموعة من الخصوصيات التي يتسم بها مجال‬
‫األرشيف‪ ،‬أهمها املخاطر الجمة التي تعرفها هذه املهمة‪ ،‬والتي تهدد املوظف في صحته وحتى في‬
‫حياته‪ ،‬لذا فإنه من املفترض أن تتوفر له في سبيل إنجاز مهامه جميع الظروف املواتية الكفيلة‬
‫بتحقيق نسب عالية من الحماية‪ ،‬سيما للمادة األرشيفية‪ ،‬كالوسائل األمنية املختلفة من موارد‬
‫بشرية مؤهلة‪ ،‬وتكنولوجية‪ ،‬متطورة وبنية تحتية بمواصفات جيدة‪ ،‬إذ ال يمكن أن نتصور وضع‬
‫مادة أرشيفية في مكان يفتقد ألدنى شروط السالمة والحماية‪ ،‬ويتحمل املوظف أو املستخدم‬
‫مسؤولية إهمال القطاع املعني من لدن الجهة املسؤولة عنه‪ ،‬فاملنطق يقتض ي‪ -‬والحالة هاته‪ -‬أن‬
‫يصدر اإلهمال في ظل كل هذه الظروف النموذجية –املفترضة‪ -‬حتى يشكل جريمة معاقب عليها‪،‬‬
‫وغير ذلك‪ ،‬يجعل من مقتضيات الفصل موضوع هذه النقطة صعب التطبيق‪ ،‬وبعيد عن تحقيق‬
‫العدالة املنشودة متى طبق في غير الحاالت التي تتناسب وقصد املشرع من خالله‪.‬‬

‫)‪(1‬يجب أن يوصف الفعل بكونه إهماال‪ ،‬وال يدخل ضمن حاالت المشاركة كما هي منصوص عليها في الفصل ‪ 129‬من م‪.‬ق‪.‬ج‪.‬‬

‫الصفحة ‪89 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حماية موظف األرشيف (األرشيفي)‬

‫إن حماية األرشيف لن يتأتى دون حماية العاملين في مجاله‪ ،‬واملضطلعين بمهام حفظه‬
‫وصيانته‪ ،‬ولكون األرشيفي موظف عمومي باملفهوم العام كما أو رده القانون الجنائي‪ ،‬فإنه بدوره‬
‫يتمتع بالحماية الجنائية‪.‬‬
‫ورجوعا إلى مقتضيات القانون الجنائي املغربي سيما الفصل ‪ 263‬منه‪ ،‬نجد أن املشرع‬
‫الجنائي حصن كافة املوظفين العموميين من شتى أنواع اإلهانة املادية أو املعنوية التي من املحتمل‬
‫أن يتعرضوا لها أثناء ممارستهم لوظائفهم العامة‪ ،‬بأن جرم وعاقب على املساس بشرفهم أو‬
‫اعتبارهم أو احترامهم أو شعورهم من طرف الغير سواء باألقوال أو االشارات أو الكتابات أو‬
‫التهديدات(‪.)1‬‬
‫وقد تحددت العقوبة املقررة لهذا الفعل في الحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من مائتين‬
‫وخمسين إلى خمسة آالف درهم‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬معاينة جرائم األرشيف وإجراء الصلح‬

‫سنخصص هذا املطلب لتناول مسطرة معاينة املخالفة التي تطال نصوص القانون املتعلق‬
‫باألرشيف من خالل تحديد الجهات التي خول لها املشرع هذه الصالحية‪ ،‬واملقتضيات القانونية التي‬
‫لها صلة بهذه املهام (مطلب أول)‪ ،‬وذلك قبل أن نعرج إلى مسألة الصلح في مجال جرائم األرشيف‬
‫(مطلب ثاني) كما يلي‪:‬‬

‫)‪(1‬عمر الهرواشي‪ ،‬الحماية الجنائية للموظفين العموميين من جريمة اإلهانة بين النظري والعملي أية مقاربة‪ ،‬منشور بموقع‪:‬‬
‫‪ https://www.tighirtnews.com/‬تاريخ الولوج‪ 29 :‬ماي ‪ 2020‬الساعة‪20H55m :‬‬

‫الصفحة ‪90 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املطلب األول‪ :‬معاينة جرائم األرشيف‬

‫خولت املادة ‪ 38‬من القانون املتعلق باألرشيف صالحية معاينة مخالفات أحكام هذا‬
‫القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه‪ ،‬لكل من األعوان املؤهلين بصفة قانونية لهذا الغرض من قبل‬
‫أرشيف املغرب‪ ،‬وكذا لضباط الشرطة القضائية‪.‬‬
‫وإذا كانت الشرطة القضائية‪ 1‬تمارس مهامها بصفة أصلية‪ ،‬فإن األعوان املشار إليهم‬
‫يمارسونها في إطار املادة ‪ 27‬من قانون املسطرة الجنائية التي تعطيهم صالحية ممارسة بعض مهام‬
‫الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة‪ .‬وبالتالي فإن الجهات املكلفة بالبحث عن مخالفات‬
‫األرشيف تندرج كلها تحت املفهوم الواسع للشرطة القضائية‪ ،‬وما توفره هذه الصفة من ضمانات‬
‫احترام شكليات البحث ومضمونها حتى نتمكن من الوقوف على إجراءات سليمة ومنتجة آلثارها‬
‫القانونية‪ .‬فقد ارتأيت التطرق بداية إلى أعمال املكلفين بمعاينة جرائم األرشيف ومراقبتهم (فقرة‬
‫أولى) ‪ ،‬قبل اإلشارة إلى حجية املحاضر التي يحررونها (فقرة ثانية) كالتالي‪:‬‬

‫معان عديدة‪ ،‬فهي تدل في معناها الواسع على المهام الموكولة لجهاز متخصص‪ ،‬وهي مهام‬ ‫ٍ‬ ‫(‪ ) 1‬تدل عبارة الشرطة القضائية على‬
‫تتعلق بكافة التحريات الرامية إلى البحث في الجرائم والتثبت من وقوعها‪ ،‬وجمع أدلة إثباتها وإحالة المشتبه فيه على القضاء‪.‬‬
‫وفي معناها الضيق تقتصر عبارة الشرطة القضائية على األعمال المنجزة في مرحلة البحث التمهيدي‪ ،‬وال تنصرف إلى‬
‫أعمال التحقيق اإلعدادي المنوطة بقاضي التحقيق‪.‬‬
‫وفي التعريف األكثر داللة فمفهوم الشرطة القضائية يُطلق على أصناف الموظفين الذين يشكلون جهازا تابعا لألمن الوطني‪،‬‬
‫أو الدرك الملكي‪ ،‬أو غيرهم ممن هم مكلفون بإنجاز األعمال المحددة في المادة ‪ 18‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وهذا المفهوم‬
‫األخير هو األقرب إلى الصواب ألنه يحدد الشرطة القضائية باألشخاص ال بالوظيفة والمهام‪.1‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 16‬من قانون المسطرة الجنائية على أن مهام الشرطة القضائية يمارسها القضاة والضباط والموظفون‬
‫واألعوان المبينون في نفس القانون‪ ،‬لتحدد المادة ‪ 19‬األصناف التي يضمها هذا الجهاز والمحددة في‪:‬‬
‫‪ ‬الضباط السامون للشرطة القضائية وهم الوكيل العام للملك ووكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق؛‬
‫‪ ‬ضباط الشرطة القضائية؛‬
‫‪ ‬ضباط الشرطة القضائية المكلفين باألحداث؛‬
‫‪ ‬أعوان الشرطة القضائية؛‬
‫‪ ‬الموظفون واألعوان الذين ينيط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية‪.‬‬
‫ونعتقد أن الصنف األخير منسجم ومقتضيات المادة ‪ 38‬من القانون رقم‪ 66.99 :‬قيد التحليل‪ ،‬وبالتالي فاألعوان المعينين من‬
‫قبل مؤسسة أرشيف المغرب تسري عليهم نفس األحكام السارية على ضباط الشرطة القضائية وهم بصدد القيام بالمهام الموكولة‬
‫إليهم بتلك الصفة‪ ،‬أهمها مسألتي المراقبة والمسؤولية‪.‬‬

‫الصفحة ‪91 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أعمال األعوان املؤهلين وضباط الشرطة القضائية ومر اقبتها‬

‫أنيطت بالعون املؤهل ولضابط الشرطة القضائية في القانون املتعلق باألرشيف مهام‬
‫معاينة جرائم األرشيف‪ ،‬وهذا يستلزم توفير الحماية الخاصة لهذه العناصر وهي بصدد تصريف‬
‫األشغال املنوطة بها‪ ،‬حتى تكون على الوجه املطلوب‪ ،‬ووفق ما تقتضيه النظم القانونية التي يمكن‬
‫إدراجها ضمن مقتضيات املادتين ‪ 21‬و ‪ 78‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫وسنتناول هنا املهام املوكولة إلى هذه الفئة ومراقبتهم ضمن هذا اإلطار‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬مهام األعوان وضابط الشرطة القضائية‬
‫نرى أن نركز في هذه النقطة على مسألة أساسية هي إنجاز محضر املعاينة‪ ،‬والذي يجب أن‬
‫يأتي طبقا للشروط املحددة في قانون املسطرة الجنائية سيما املادة ‪ 24‬منه‪ ،‬وهذا ما نجد املادة ‪38‬‬
‫من القانون املتعلق باألرشيف قد أغفلت اإلشارة إليه على غرار بعض القوانين األخرى(‪ ،)1‬وهي‬
‫املسألة التي نعتبرها من بين أهم الضمانات الجنائية املكفولة لجميع األطراف وذلك ملا تعنيه هذه‬
‫املحاضر وشكلياتها الصارمة من احترام للمقتضيات القانونية‪ ،‬وما ترتبه من آثار بالنسبة ألطراف‬
‫الخصومة الزجرية‪.‬‬
‫وبإلقاء نظرة على املادة ‪ 24‬من قانون املسطرة الجنائية سنجدها تنص على شروط من‬
‫الواجب توفرها في املحضر املنجز من طرف ضابط الشرطة القضائية إن من الناحية الشكلية أو‬
‫الناحية املوضوعية‪ ،‬وباحترام هذه الشروط نكون أمام محضر له آثاره الثبوتية املؤكدة ضمن مواد‬
‫املسطرة الجنائية واالجتهاد القضائي ملحاكم املوضوع ومحكمة النقض‪.2‬‬

‫)‪(1‬كما هو الشأن المادة ‪ 64‬المتممه ألحكام القانون رقم‪ 90.12:‬المتعلق بمعاينات مخالفات التعمير‬

‫(‪ ) 2‬تتجلى الشروط الشكلية الواجب توفرها في محضر معاينة المخالفات‪ ،‬ثم الشروط الموضوعية له فيما يلي‪:‬‬

‫الشروط الشكلية‬

‫بناء على المادة ‪ 24‬من قانون المسطرة الجنائية فالمحضر يجب أن يتضمن الشكليات التالية‪:‬‬

‫الصفحة ‪92 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬مر اقبة أعمال األعوان والشرطة القضائية املتعلقة بمعاينة جرائم األرشيف‬
‫ومسؤوليتهم‪:‬‬
‫إن قيام األعوان املؤهلين من طرف مؤسسة أرشيف املغرب باملهام املسسندة إليهم‪ ،‬إلى‬
‫جانب ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬ال تتم دون أية مراقبة‪ ،‬الش يء الذي ينتج عنها مسؤوليات محددة‬
‫عند وجود تجاوزات‪:‬‬
‫‪ - 1‬مر اقبة أعمال األعوان والشرطة القضائيةاملتعلقة بمعاينة جرائم األرشيف‬
‫من الضمانات املكفولة بمقتض ى منح صفة الشرطة القضائية لهؤالء األعوان هي جعلهم –‬
‫إلى جانب ضباط الشرطة القضائية‪ -‬يعملون تحت إشراف ومراقبة جهازين قضائيين هما النيابة‬
‫العامة‪ ،‬والغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف وفق ما نصت عليه املادة ‪ 17‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وهو ما‬

‫أن يكون مكتوبا‪ ،‬سواء بخط اليد أو باآلالت الكاتبة‪ ،‬أي أنه ال مجال للحديث هنا عن المحاضر الشفوية؛‬ ‫‪‬‬
‫الصفة الضبطية لمحرر المحضر ‪ :‬أي أن يكون المحرر ضابطا للشرطة القضائية؛‬ ‫‪‬‬
‫أن ينجز المحضر أثناء قيام الضابط بمهام الشرطة القضائية؛‬ ‫‪‬‬
‫أن يتعلق المحضر بأمور داخلة ضمن إختصاصات ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬أي متعلقة وحسب بالمخالفات‬ ‫‪‬‬
‫الخاصةباألرشيف المنصوص عليها في القانون رقم‪66.99 :‬؛‬
‫اإلشارة إلى إسم المحرر وصفته؛‬ ‫‪‬‬
‫مكان إنجاز المحضر وتاريخه وساعته؛‬ ‫‪‬‬
‫هوية المستمع إليه أو إليهم وبطائقهم الوطنية عند اإلقتضاء؛‬ ‫‪‬‬
‫إشعار المعنيين باألمر بالمنسوب إليهم؛‬ ‫‪‬‬
‫توقيع المحرر والطرف المستمع إليه أو تعذره عن ذلك بعد اإلشارة إلى تالوة األخير لتصريحاته؛‬ ‫‪‬‬
‫المصادقة على التشطيبات الواقعة في المحضر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الشروط الموضوعية‬

‫إن توفر الشروط الشكلية في محضر معاينة المخالفات المتعلقة بقانون األرشيف غير كافية لوحدها‪ ،‬وإنما يتطلب إلى جانبها‬
‫شروطا أخرى موضوعية تتجلى في تضمين الضابط ما عاينه‪ ،‬والعمليات التي قام بها‪ ،‬وما تلقاه من تصريحات دون تحريف أو‬
‫زيادة أو نقصان‪.‬‬

‫وحتى تتحقق الموضوعية في كل ذلك ينبغي أن يقوم العون أو ضابط الشرطة القضائية شخصيا بالمعاينات واالستماع‬
‫للتصريحات‪ ،‬وذلك بنوع من الحياد الذي يفرض عليه االمتناع عن إعطاء تأويالت للوقائع التي تناولها البحث بحيث يصل به األمر‬
‫إلى إعطائها تكييفا قانونا بحسب ما اقتنع به شخصيا‪.‬‬

‫الصفحة ‪93 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫يجعل أعمالهم وهم يقومون بها في البحث عن مخالفات املتعلقة بتطبيق املخالفات املتعلقة بقانون‬
‫األرشيف ومعاينها بصفتهم الضبطية يحقق نوعين من الضمانات أولها ذاتية وتعني أن األعمال التي‬
‫يقومون بها تكتس ي الحجية القانونية والقوة الثبوتية وفقا ملا تخوله لهم مقتضيات املسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬وثاني هذه الضمانات غيرية تكفل للمشتبه فيهم بارتكاب مخالفة من املخالفات املنصوص‬
‫عليها في املادتين‪ 35‬و ‪ 37‬من القانون املتعلق باألرشيف –بصفة أساسية‪ -‬سالمة اإلجراءات وتفادي‬
‫أي شطط في استعمال السلطة‪ ،‬أو تجاوز معيب ملقتضيات القانون‪.‬‬
‫وإذا كانت النيابة العامة تملك سلطة تسيير أعمال ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬فإن الغرفة‬
‫الجنحية لدى محكمة اإلستئناف هي التي تتولى مراقبة أعملهم‪ ،‬إذ أنها تمارس مهام السلطة‬
‫التأديبية لهم في أدائهم ملهامهم بتلك الصفة‪ ،‬وتحملهم مسؤولية األخطاء الصادرة عنهم عمدا أو‬
‫نتيجة إهمال أو تقصير في تطبيق القانون‪ ،‬أو مخالفة تعليمات النيابة العامة أو ارتكاب شطط أو‬
‫تعسف في السلطة ‪. 1‬‬
‫وطبقا للمادة ‪ 30‬من قانون املسطرة الجنائية فمسطرة التأديب تباشر من طرف الوكيل‬
‫العام للملك لدى محكمة اإلستئناف بإحالته على الغرفة الجنحية بنفس املحكمة فيما يخص كل‬
‫إخالل ينسب لضابط من ضباط الشرطة القضائية أثناء قيامه بمهامه‪.‬‬
‫وباستقرائنا ملقتضيات املادة ‪ 35‬من قانون املسطرة الجنائية سنجدها تنص على أنه‪" :‬‬
‫تطبق مقتضيات هذا الفرع – أي مر اقبة أعمال الشرطة القضائية – على جميع املوظفين‬
‫وأعوان اإلدارات واملر افق العمومية‪ ،‬الذين تخول لهم نصوص خاصة بعض مهام الشرطة‬
‫القضائية‪ ،‬عندما يمارسون هذه املهام‪ ،‬حسب الشروط وضمن الحدود املبينة في هذه‬
‫النصوص"‪.‬‬

‫‪ - 1‬شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،2‬س ‪ 2004‬ص ‪95-94‬‬

‫الصفحة ‪94 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وأكيد أن األعوان وكذا الشرطة القضائية سيمارسون مهامهم في إطار البحث عن مخالفات‬
‫األرشيف ومعاينها ضمن الشروط والحدود املبنية في القانون اإلجرائي الجنائي املغربي‪ ،‬وعليه يجب‬
‫أن تكون هذه اإلجراءات املنجزة متطابقة وفق القالب والشروط املنصوص عليها في املادة ‪ 24‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية ‪ ،‬وبالتالي فإن كل إخالل منسوب إلى العون املمارس ملهام معاينة مخالفات‬
‫القانون املتعلق باألرشيف ومرسومه التطبيقي بصفته ضابطا للشرطة القضائية بمناسبة قيامه‬
‫بمهامه بتلك الصفة‪ ،‬سيجعله معرضا للعقوبات املنصوص عليها في املادة ‪ 32‬من قانون املسطرة‬
‫الجنائية واملحددة في‪:‬‬
‫‪ -‬توجيه مالحظات؛‬
‫‪ -‬التوقيف املؤقت عن ممارسة مهام الشرطة القضائية ملدة ال تتجاوز سنة واحدة؛‬

‫‪ - 2‬مسؤولية املكلفين بمعاينة جرائم األرشيف‬


‫املفروض أن يقوم رجال الشرطة القضائية على اختالف درجاتهم باألعمال املنوطة بهم خير‬
‫قيام فال يتهاونون وال يقصرون في القيام بواجباتهم‪ ،‬وال يشتطون أو ينحرفون عن الهدف الذي رمى‬
‫إليه املشرع من خالل إسناده لهم جملة مهام عظيمة الخطر يقتض ي إنجازها مراعاة األمانة‬
‫والصدق واملروءة واليقظة والدقة في تصرفاتهم‪ ،‬وإال تعرضوا لجزاءات تختلف بحسب نوع‬
‫املسؤولية التي يمكن أن تسند إليهم‪ 1‬والتي تكون إما جنائية أو تأديبية أو مدنية كالتالي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬املسؤولية الجنائية ‪:‬‬
‫يمكن أن يسأل األعوان وضباط الشرطة القضائية جنائيا عن كل األفعال املخالفة للتشريع‬
‫الجنائي التي أتوها بمناسبة قيامهم باملهام املسندة إليهم بتلك الصفة وهم بصدد البحث والتحري‬
‫عن الجرائم املرتبطة بقانون األرشيف‪ ،‬ومن بين األفعال املمكن أن يسألوا عنها جنائيا ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بقانون المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،2‬س ‪ 2010‬ص ‪440-439‬‬

‫الصفحة ‪95 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ ‬التزوير طبقا للفصلين ‪ 352‬و ‪ 353‬من القانون الجنائي في املحاضر التي ينجزونها؛‬
‫‪ ‬عدم احترام حرمة املنازل بمناسبة معاينة األشياء املسروقة أو املختلسة من األرشيف؛‬
‫‪ ‬استعمال العنف ؛‬
‫‪ ‬إفشاء السر املنهي‪...‬‬
‫ب ‪ -‬املسؤولية التأديبية ‪:‬‬
‫تترتب املسؤولية التأديبية على اإلخالل بااللتزامات املهنية وعدم احترام واجبات‬
‫الوظيفة‪،‬وقد نمثل لها في هذا الصدد في تهاون العون أو ضابط الشرطة القضائية أو إهمالهما أو‬
‫تقصيرهما في أداء املهام املنوطة بهما كاالمتناع عن تنفيذ التعليمات املوجهة إليهما من طرف‬
‫رؤسائهما‪ ،‬أو القيام بخطأ منهي بسبب شطط أو تعسف نتج عنه اإلضرار بمصالح الغير‪.‬‬
‫وقد سبق اإلشارة إلى أن الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف هي الجهة املكلفة بإصدار‬
‫القرارات التأديبية في حق املخالفين من ضباط الشرطة القضائية املحالين عليها بمقتض ى ملتمسات‬
‫الوكيل العام للملك‪.‬‬
‫ج ‪ -‬املسؤولية املدنية‪:‬‬
‫إذا ترتبت على األفعال الجرمية املرتكبة من طرف العون أو ضابط الشرطة القضائية‬
‫أضرار مادية أو معنوية ألحد األشخاص‪ ،‬فإنه يجوز للمتضرر أن يطالب بالتعويض وفق ما تخوله‬
‫له مقتضيات الفصلين ‪ 77‬و ‪ 78‬من قانون االلتزامات والعقود املغربي‪ ،‬بأن ينصب نفسه طرفا مدنيا‬
‫أمام الهيئة التي تنظر في الدعوى الجنائية طبقا ملقتضيات املواد ‪ 266‬و ‪ 267‬و ‪ 268‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية‪ ،‬أو يسلك خيار املطالبة بالتعويض أمام القضاء املدني طبقا للمادة ‪ 10‬من نفس‬
‫القانون‪.‬‬

‫الصفحة ‪96 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حجية محضرمعاينة مخالفات قانون األرشيف‬

‫إن قيام العون أو ضابط الشرطة القضائية بتحرير محضر املخالفة وفق الشروط املحددة‬
‫أعاله‪ ،‬يجعل من هذا املحضر وثيقة رسمية باملفهوم الذي نص عليه الفصل ‪ 418‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود املغربي إذ عرف الوثيقة الرسمية بكونها "تلك الورقة التي يتلقاها املوظفون‬
‫العموميون الذين لهم صالحية التوثيق في مكان تحرير العقد‪ ،‬وذلك في الشكل الذي يحدده‬
‫القانون"‪ ،‬ليؤكد الفصل ‪ 419‬من نفس القانون على أن " الورقة الرسمية حجة قاطعة‪ ،‬حتى على‬
‫الغير‪ ،‬في الوقائع واالتفاقات التي يشهد املوظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره‬
‫وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور"‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتضيات املسطرة الجنائية‪ ،‬نجدها قد منحت لهذه املحاضر قوة ثبوتية‬
‫قاطعة لكونها تتعلق باملخالفات‪ ،‬وهذا ما أكدته املادة ‪ 290‬التي جاء فيها‪ ":‬املحاضر والتقارير التي‬
‫يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت في الجنح واملخالفات يوثق بمضمنها إلى أن‬
‫يثبت العكس بأية وسيلة من وسائل اإلثبات"‪.‬‬
‫وهذا ما سار عليه االجتهاد القضائي املغربي سواء بمحاكم املوضوع أو محكمة النقض‪ .‬منه‬
‫ما أكدت عليه املحكمة اإلبتدائية بتزنيت التي أكدت على أن املحاضر والتقارير التي يحررها في شأن‬
‫التثبت من الجنح واملخالفات الشرطة‪ ،‬يوثق بمضمونها ما لم يثبت خالف ذلك(‪ ،)1‬وقد أيدتها‬
‫محكمة اإلستئناف بأكادير في هذا التوجه(‪ .)2‬أما من قرارات محكمة النقض املتعددة نجد ما أكدت‬
‫عليه بأن محاضر الضابطة القضائية التي يوثق بمضمونها ما لم يثبت ما يخالفها هي تلك املحاضر‬
‫التي يثبت فيها محررها ما شاهدوه وما عاينوه(‪.)3‬‬

‫)‪ (1‬حكم عدد ‪ 95‬بتاريخ‪ ، 1995/04/17 :‬ملف رقم ‪( 641‬غير منشور)‬


‫)‪ (2‬قرار عدد ‪ 645‬بتاريخ‪ 1996/01/22 :‬ملف ‪( 2940‬غير منشور)‪.‬‬
‫)‪ (3‬قرار عدد ‪ 1573‬بتاريخ‪ 80/12/28 :‬ملف ‪ ،53693‬راجع‪ :‬محمد بفقير‪ ،‬قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي‪ ،‬منشورات‬
‫دراسات قضائية‪ ،‬سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين‪ ،‬العدد ‪،2‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪ ،4‬س ‪ ،2017‬ص ‪.225‬‬

‫الصفحة ‪97 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وجدير بالذكر أنه بعد تحرير محضر املخالفة‪ ،‬يوجه أصله إلى وكيل امللك في أجل أقصاه‬
‫ثالثة أيام من تاريخ معاينة املخالفة‪ ،‬ويجب إرفاقه بنسختين منه مشهود بمطابقتهما لألصل وكذا‬
‫بجميع الوثائق واملستندات املتعلقة باملخالفة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الصلح في جرائم األرشيف‬

‫يقصد بالصلح في اللغة إنهاء الخصومة‪ ،‬ويقال صلح الش يء صالحا‪ :‬أي كان نافعا ومناسبا‪،‬‬
‫وأصلح ذات بينهما أو ما بينهما أي إزالة ما بينهما من عداوة وشقاق‪ ،‬وصالحه أي صافاه(‪ .)1‬وفي لسان‬
‫العرب جاء التصالح والصلح في معنى واحد(‪.)2‬‬
‫وقد نظم املشرع املغربي مسألة الصلح الزجري في قانون املسطرة الجنائية من خالل املادة‬
‫‪ 41‬باعتباره إحدى اآلليات البديلة لفض املنازعات‪ ،‬لكن مع تحديد نطاق هذا الصلح في الجرائم‬
‫املعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل‪ ،‬ثم الجرائم املعاقب عليها بغرامة ال يتجاوز حدها األقص ى‬
‫خمسة آالف درهم‪.‬‬
‫وبالنسبة للقانون رقم ‪ 66.69‬فاملشرع األرشيفي أكد في املادة ‪ 39‬منه على أنه‪ " :‬يحق‬
‫ألرشيف املغرب إبرام مصالحات فيما يتعلق بمخالفات أحكام هذا القانون والنصوص الصادرة‬
‫لتطبيقه سواء قبل صدور أحكام قضائية أو بعدها إذا تبين أن في ذلك فائدة للمحافظة على‬
‫أرشيف عامة أو إذا كانت هذه األخيرة ذات فائدة تاريخية أو علمية أو حضارية‪.‬‬
‫يلغي الصلح املبرم كتابة وبدن تحفظ الدعاوى املقامة من قبل النيابة العامة وكذلك تلك‬
‫املرفوعة من لدن اإلدارة‪".‬‬
‫ومن خالل تحليل املادتين أعاله يمكننا أن نسجل ما يلي ‪:‬‬

‫)‪(1‬المعجم الوجيز‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬الهيئة العامة لمطابع األميرية مصر‪ ،‬س ‪ ،1977‬ص ‪.325‬‬
‫)‪(2‬إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ج ‪ ،4‬د‪.‬س‪ ،‬ص ‪.2479‬‬

‫الصفحة ‪98 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ ‬عكس املادة ‪ 41‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬لم يحدد املشرع األرشيفي نطاقا محددا للجرائم التي يسوغ‬
‫فيها اللجوء إلى مسطرة الصلح‪ ،‬إذ أن الصياغة العامة للمادة ‪ 39‬من ق‪.‬أ تشمل جميع الجرائم‬
‫املتعلقة باألرشيف؛‬
‫‪ ‬يتحدد معيار اللجوء إلى مسطرة الصلح في القانون املتعلق باألرشيف في جلب فائدة أو‬
‫مصلحة متمثلة في املحافظة على األرشيف العام‪ ،‬وينصرف ذات املقتض ى إلى األرشيف الخاص متى‬
‫كان ذا فائدة تاريخية أو علمية أو حضارية‪ .‬ونستنتج هنا أن املشرع األرشيفي متأثر على ما يبدو‬
‫بتوجهات السياسة الجنائية الحديثة القائمة على جبر الضرر مع تجنب االعتقال تفاديا لتكوين‬
‫مجرمين محتملين بعد أن كانوا قد ارتكبوا الجريمة بمحضة الصدفة أو تحت ظروف اجتماعية أو‬
‫اقتصادية محددة دون أن تكون ألصحابها ميوالت إجرامية جلية‪ ،‬وأكيد أن هذه النقطة تحسب‬
‫ملشرع األرشيف الذي وضع من خالل هذه املادة أسس مجابهة الجريمة باالهتمام بالفاعل بالدارجة‬
‫األولى ثم املصلحة العامة بالتبعية‪.‬‬
‫‪ ‬نصت املادة ‪ 41‬من ق‪.‬م‪.‬ج على إيقاف الدعوى العمومية بموجب مسطرة الصلح‪ ،‬على‬
‫أنه يمكن متابعتها متى لم يتم تنفيذ بنود االتفاق‪ ،‬أو ظهر بعد الصلح عناصر تمس الدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬بينما املادة ‪ 39‬من ق‪.‬أ تؤكد على أنه يلغي الصلح املبرم كتابة وبدن تحفظ الدعاوى‬
‫املقامة من قبل النيابة العامة وكذلك تلك املرفوعة من لدن اإلدارة‪ ،‬أي أنه يمكننا هنا التحدث عن‬
‫اإليقاف النهائي للدعوى العمومية قبل تحريكها بإحالتها على الجهات القضائية املختصة‪ ،‬أو أثناء‬
‫سريانها أو إلغاء املقرر الصادر بموضوعها؛‬
‫‪ ‬أشارت الفقرة الثانية من املادة ‪ 39‬من ق‪.‬أ إلى ضرورة إبرام الصلح كتابة بين الطرفين‪،‬‬
‫وقد نتصور ذلك متى تم بين الجهة املتضررة واملتهم أو من ينوب عن هذا األخير‪ ،‬كما أنه يمكن إثارة‬
‫مسألة الصلح لحظيا عند انعقاد املحكمة‪ ،‬وهنا يمكن تأجيل الجلسة إلى حين إبرام الصلح كتابة‪،‬‬
‫غير أنه – وفي نظري املتواضع‪ -‬يمكن اإلشهاد عليه في محضر الجلسة الذي يكتس ي حجة قوية‬
‫يمكن االستعاضة به عن الصلح املوقع بين الطرفين‪ .‬وهنا نضيف أيضا أن املادتين ‪ 41‬و ‪ 39‬موضع‬
‫املالحظة قد اتفقتا على مسألة توثيق الصلح بآلية الكتابة؛‬
‫الصفحة ‪99 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ ‬استعملت املادة ‪ 39‬من ق‪.‬أ عبارة‪ " :‬يلغي الصلح‪...‬الدعاوى"‪ ،‬ونحسب أن استعمال لفظة‬
‫"اإللغاء" ال تتناسب وكل مراحل إجراء الصلح‪ ،‬إذ أن املادة ‪ 4‬من ق‪.‬م‪.‬ج كانت أكثر دقة وهي تتحدث‬
‫عن إمكانية إجراء الصلح بين املتهم واملجني عليه (الذي غالبا ما يكون جهة إدارية)‪ ،‬إذ نصت على‬
‫سقوط الدعوى إن هي أقيمت قبل التعاقد على الصلح(‪ ،)1‬فقد جاء بصريح العبارة في الفقرة الثانية‬
‫من املادة الرابعة املذكورة ما يلي‪ " :‬وتسقط – أي الدعوى العمومية‪ -‬بالصلح عندما ينص القانون‬
‫صراحة على ذلك"‪ .‬بل أننا نصادف حتى كلمة "السقوط" إذا تعلق األمر بالعقوبة أي بعد صدور‬
‫املقرر القضائي‪ ،‬غير أنه يمكن التسليم بمصطلح "اإللغاء" بشأن مرحلة ما بعد صدور املقرر في‬
‫جريمة أرشيفية‪ ،‬أي التخلص من كل اآلثار املترتبة عن املقرر وكأنه لم يكن‪ ،‬لذا نرى أنه‪ ،‬وانسجاما‬
‫مع مقتضيات املسطرة الجنائية‪ ،‬أن يعد املشرع األرشيفي الفقرة الثانية من املادة ‪ 39‬سالفة الذكر‬
‫بأن ينص على سقوط الدعوى عند إجراء الصلح في كل مرحلة سابقة لصدور الحكم‪ ،‬وبسقوط‬
‫العقوبة أو إلغائها في مرحلة ما بعد صدورها‪ ،‬وذلك على أن تكون الفقرة املعنية على الشكل التالي‪" :‬‬
‫يسقط الصلح املبرم كتابة وبدون تحفظ الدعاوى املقامة من قبل النيابة العامة وكذلك تلك‬
‫املرفوعة من لدن اإلدارة‪ ،‬كما يسقط العقوبة‪ /‬يلغى العقوبة الصادرة في حق املتصالح معه‪".‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فبالرغم من هذا التنظيم التشريعي الذي حظي به األرشيف على املستوى‬
‫الوطني‪ ،‬والذي ال يعني إال مواكبة لالهتمام الدولي بمكانته وقيمته النفيسة‪ ،‬إال أنه يالحظ أن‬
‫التفاتة املشرع إلى هذا املجال لم تتم عبر التقنين إال سنة ‪ ،2007‬الش يء الذي يستتبع بذل املزيد من‬
‫الجهود للوصول به إلى مصاف الدول التي قطعت فيه أشواطا متقدمة جدا‪ ،‬وهذا لن يتأتى دون‬
‫إفراده بمزيد من الحرص والدعم املادي واملعنوي لقطاعه‪.‬‬
‫وقد حاولنا جاهدين تبيان مجالي التجريم والعقاب في كل من القانون املتعلق باألرشيف‬
‫والقانون الجنائي‪ ،‬وصلة هذين األخيرين بالقانون اإلجرائي الذي هو قانون املسطرة الجنائية‪،‬‬
‫وخلصنا بناء على هذه القراءة املتواضعة إلى تبيان أوجه التالقي واالختالف بين هذه القوانين‪ ،‬وما‬

‫)‪(1‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬ج ‪ ،1‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬س ‪ ،2006‬ص ‪.200‬‬

‫الصفحة ‪100 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫يمتاز به أحدهما عن اآلخر‪ ،‬مقدمين ما نراه جديرا بالتعديل‪ ،‬وما يستحق منه التنويه في القانون‬
‫األرشيفي املغربي‪.‬‬

‫الصفحة ‪101 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫اإلجراءات املسطريـ ــة في دعاوى الط ـ ـ ـالق والتطليـ ـق‬


‫د الجياللي مكوط‬
‫دكتور في الحقوق‪ ،‬فرع قانون خاص‬

‫‪ -‬تقديم ‪:‬‬
‫عرف املغرب مع نهاية القرن العشرين وبداية األلفية الثالثة ثورة كبيرة في منظومته‬
‫القانونية وال زال هذا التطور يشق طريقه بسرعة تارة وبتعثر تارة أخرى في ظل العديد من مسودات‬
‫مشاريع القوانين املعروضة اآلن للنقاش العمومي والتي أخذ البعض منها شكل مشاريع قوانين فيما ال‬
‫زال البعض اآلخر يبحث له عن توافق داخل منظومة العدالة والهيئات املجتمعية واألحزاب‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ولم تنأ مدونة األسرة(‪ )1‬عن هذا التطور وهذا التحول الذي عرفه املغرب سواء على‬
‫املستوى الحقوقي والسياس ي أو االجتماعي واالقتصادي أو الثقافي‪ ،‬خاصة في ظل اإلعالن عن الخطة‬
‫الوطنية إلدماج املرأة في التنمية وما واكبها من ردود فعل متباينة تراوحت بين التأييد والرفض‪،‬‬
‫وانتهت بتعيين صاحب الجاللة للجنة استشارية كلفت بإجراء مراجعة جوهرية ملقتضيات قانون‬
‫األحوال الشخصية‪ ،‬في إطار االلتزام بأحكام ومقاصد اإلسالم السمحة وإعماال لالجتهاد في استنباط‬
‫األحكام‪ ،‬مع االستهداء بما تقتضيه روح العصر والتطور واحترام حقوق اإلنسان واالتفاقيات‬
‫الدولية في املوضوع‪.‬‬
‫ومع مرور أكثر من عقدين على صدور هذه املدونة‪ ،‬أرتأى صاحب الجاللة امللك محمد‬
‫السادس نصره هللا ضرورة إعادة النظر في مدونة األسرة عندما دعا جاللته خالل خطاب عيد‬
‫العرش لسنة ‪ 2022‬إلى تعديل مدونة األسرة وتجاوز االختالالت والسلبيات ‪ ،‬التي أبانت عنها التجربة‬
‫‪ ،‬ومراجعة بعض البنود ‪ ،‬التي تم االنحراف بها عن أهدافها ‪ ،‬إذا اقتض ى الحال ذلك(‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬شكل صدور مدونة األسرة حدثا حقوقيا ومجتمعيا تاريخيا بالنظر لألبعاد العميقة لهذه المدونة على مستوى تحقيق تماسك‬
‫األسرة المغربية وتضامن أفرادها وتثبيت تقاليدها األصيلة القائمة على روح المودة والئام والتكافل االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬أنظر بهذا الخصوص تقديم القانون رقم ‪ 03.70‬بمثابة مدونة األسرة ‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬سلسلة النصوص القانونيةـ‪ ،‬العدد ‪ ،2004 ،1:‬ص ‪.5 :‬‬
‫‪ - 2‬االطالع على نص الخطاب الملكي السامي لعيد العرش ‪ 2022‬المرجو الولوج لموقع رئاسة الحكومة ‪:‬‬

‫الصفحة ‪102 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ويعتبر الطالق والتطليق من بين أهم املحاور التي حظيت بالتعديل واإلضافة في مدونة‬
‫األسرة(‪ )1‬حيث كان الهدف الرئيس ي من ذلك الحفاظ على الثوابت اإلسالمية مع استحضار البعد‬
‫العاملي لحقوق املرأة والطفل من خالل احترام مجموعة من املبادئ املنصوص عليها في االتفاقيات‬
‫الدولية التي صادق عليها املغرب ذات الصلة باملوضوع‪ ،‬وجعل الهدف األسمى من إقرار هذه‬
‫املقتضيات دعم تماسك األسرة املغربية والحفاظ على املصلحة الفضلى للطفل واألسرة بصفة‬
‫عامة‪.‬‬
‫ومع مرور أكثر من عقدين على صدور هذه املدونة‪ ،‬ارتأى صاحب الجاللة امللك محمد‬
‫السادس نصره هللا ضرورة إعادة النظر في بعض مقتضيات مدونة األسرة‪ ،‬من خالل دعوته‬
‫بمناسبة خطاب عيد العرش لسنة ‪ 2022‬إلى تجاوز االختالالت والسلبيات التي أبانت عنها التجربة ‪،‬‬
‫ومراجعة بعض بنود املدونة التي تم االنحراف بها عن أهدافها‪ ،‬وأكد جاللته على أنه بصفته أمير‬
‫املؤمنين فإنه لن يحل ما حرم هللا‪ ،‬ولن يحرم ما أحل هللا ‪ ،‬السيما في املسائل التي تؤطرها نصوص‬
‫قرآنية قطعية‪ ،‬كما حرص على أن يتم هذا التعديل في إطار مقاصد الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫وخصوصيات املجتمع املغربي‪ ،‬مع اعتماد االعتدال واالجتهاد املنفتح ‪ ،‬والتشاور والحوار ‪ ،‬وإشراك‬
‫جميع املؤسسات والفعاليات املعنية‬
‫ويندرج هذا املوضوع كمساهمة من جانبي املتواضع في إغناء املواضيع املتخصصة في مجال‬
‫اإلدارة القضائية‪ ،‬باعتبار أن اإلجراءات التي تباشرها هيئة كتابة الضبط في قضايا الطالق‬
‫والتطليق تعتبر محورية وتدخل في باب التنزيل الصحيح ملقتضيات مدونة األسرة‪ ،‬كما أن هذه‬
‫املساهمة ستحاول تسليط الضوء على مختلف اإلجراءات املرتبطة بدعاوى الطالق والتطليق‪ ،‬سواء‬
‫منها القبلية (املحور الثاني)‪ ،‬أو البعدية (املحور الثالث)‪ ،‬على أنه كان البد لي قبل عرض هذه‬
‫اإلجراءات من الوقوف على بعض املصطلحات والتي كثيرا ما يتم تداولها بأقسام قضاء األسرة دون‬
‫الوقوف على حمولتها الدينية ودالالتها الحقوقية واملعرفية واآلثار القانونية والشرعية املترتبة عنها‪.‬‬

‫‪https://www.cg.gov.ma/ar/%D8%AE%D8%B7%D8%A8-‬‬
‫‪%D9%88%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8%B7%D8%A9-‬‬
‫‪%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9.‬‬
‫‪ -1‬خصص المشرع للطالق والتطليق على التوالي خمسة أقسام من القسم الثالث إلى القسم السادس والقسم الثامن من الكتاب الثاني‬
‫من مدونة األسرة المتعلق بانحالل ميثاق الزوجية وآثاره‪ ،‬الفصول من ‪ 78‬إلى ‪ 141‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫الصفحة ‪103 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫لذلك‪ ،‬فإن خطة الدراسة سوف تنطلق من ثالث محاور أساسية أحسبها قمينة بضمان‬
‫االستفادة املثلى من هذه الدراسة وفق ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬املبحث األول ‪:‬منطلقات أولية؛‬
‫‪ -‬املبحث الثاني ‪ :‬اإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق إلى حدود النطق بالحكم؛‬
‫‪ -‬املبحث الثالث ‪ :‬اإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق بعد النطق بالحكم‪.‬‬

‫الصفحة ‪104 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املبحث األول ‪ :‬منطلقات أولي ـ ـة‬

‫تقوم هذه املنطلقات على عرض مختلف أسباب انحالل ميثاق الزوجية املنصوص عليها في‬
‫مدونة األسرة(‪()1‬املطلب األول)‪ ،‬ثم التعريج على الطالق والتطليق بمختلف أنواعهما والوقوف على‬
‫بعض املصطلحات التي تثير لبسا لدى املمارس بكتابة الضبط(املطلب الثاني)‪ ،‬وأخيرا تبيان‬
‫خصوصيات القواعد املسطرية للطالق والتطليق (املطلب الثالث)‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬انحالل ميثاق الزوجية‬

‫يعني انحالل ميثاق الزوجية فكه وانتهائه بأسباب تتباين بين الالإرادية ‪ :‬الوفاة حقيقة أو‬
‫حكما أو الفسخ إما لفساد العقد أو لغيره من األسباب الخاصة املقررة في مدونة األسرة‪ ،‬أو إرادية‬
‫كالطالق والتطليق بمختلف أنواعهما(‪،)2‬وعليه يكون مفهوم انحالل ميثاق الزوجية أو انتهاء العالقة‬
‫الزوجية مفهوما يستغرق مفهومي الطالق والتطليق ويتعداهما إلى أسباب خارجة عن إرادة كل من‬
‫الزوج أو الزوجة‪.‬‬
‫وملا كان الطالق والتطليق يدخالن في باب األسباب التي تحل ميثاق الزوجية إراديا من طرف‬
‫أحد الزوجين أو كالهما‪ ،‬فإنه البد من الوقوف على هذين املصطلحين وتبيان أنواعهما‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬الطالق والتطليق و أنواعهما‬

‫يثير مصطلحي الطالق والتطليق لبسا كبيرا لدى العديد من املمارسين باإلدارة القضائية‬
‫(هيئة كتابة الضبط)‪ ،‬خاصة منهم املوظفين القائمين على أقسام قضاء األسرة‪ ،‬وهو لبس ما كان‬

‫‪ - 1‬القانون رقم ‪ 70.03‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.04.22‬صادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فبراير ‪)2004‬‬
‫والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬بتاريخ ‪ 14‬ذو الحجة ‪ 5( 1424‬فبراير ‪ ،)2004‬ص ‪ ،418‬كما وقع تعديله بالقانون رقم‬
‫‪ 08.09‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.10.103‬بتاريخ ‪ 3‬شعبان ‪ 16 ( 1431‬يوليو ‪) 2010‬؛ الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 5859‬بتاريخ ‪ 13‬شعبان ‪ 26 ( 1431‬يوليو ‪ ،)2010‬ص ‪ ،3837‬والقانون رقم القانون رقم ‪ 102.15‬الرامي إلى تعديل المادة ‪16‬‬
‫من القانون رقم ‪ 70.03‬بمثابة مدونة األسرة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.2‬بتاريخ فاتح ربيع اآلخر ‪12( 1437‬‬
‫يناير ‪)2016‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 6433‬بتاريخ ‪ 14‬ربيع اآلخر ‪ 25( 1437‬يناير ‪ ،)2016‬ص ‪420‬؛‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪ 71‬من مدونة األسرة على أنه ‪ ":‬ينحل عقد الزواج بالوفاة أو الفسخ أو الطالق أو التطليق أو الخلع"‪.‬‬

‫الصفحة ‪105 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ينبغي له أن يكون خاصة وأنه يمس شريحة من املفروض فيها تدقيق املصطلحات وضبطها عند‬
‫القيام بكافة اإلجراءات واملساطر املتعلقة بها‪ ،‬فمتى نكون أمام حالة طالق؟ وماذا نعني بالتطليق؟‬
‫وما هي حاالته ؟ ذلك ما سنقف عنده عند تحليلنا ملفهومي الطالق والتطليق معا في الفقرة األولى‪،‬‬
‫على أن نتناول في الفقرة الثانية أنواعهما‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم الطالق والتطليق‬

‫كانت مدونة األحوال الشخصية تميز بين الطالق والتطليق فتجعل الطالق حال لعقد النكاح‬
‫بإيقاع الزوج أو وكيله أو من فوض له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا الحق أو القاض ي(‪ ،)1‬في حين‬
‫تجعل التطليق بيد القضاء يقرره في الحاالت املنصوص عليها باملدونة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فقد كان التمييز بين الطالق والتطليق في ظل مدونة األحوال الشخصية ينطلق من‬
‫الحق املخول للزوج دون مراقبة من القضاء في إيقاع الطالق واإلشهاد به لدى عدلين ومخاطبة‬
‫قاض ي التوثيق عليه‪ ،‬ومن ثم كان الطالق حقا خالصا للزوج أو الزوجة إن ملكته يمارسه دون رقابة‬
‫من القضاء‪ ،‬ويمكن للزوجة إن هي أرادت أن تطلق نفسها أن تلجأ إلى القضاء للمطالبة بذلك‪.‬‬
‫وقد ارتأى نظر املشرع أن يعيد النظر في هذه القاعدة التي تميز بين مصطلحي الطالق‬
‫والتطليق سواء من حيث الجهة التي يمكنها إيقاع الطالق أو من حيث رقابة القضاء على سير‬
‫إجراءات هذه املسطرة‪ ،‬وهكذا فقد عرفت املادة ‪ 78‬من مدونة األسرة الطالق على أنه ‪ ":‬حل ميثاق‬
‫الزوجية‪ ،‬يمارسه الزوج والزوجة‪ ،‬كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا ألحكام هذه‬
‫املدونة"‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فقد أصبح طالق الزوج لزوجته أو الزوجة لزوجها إن ملكت هذا الحق مرتبطا‬
‫بمجموعة من اإلجراءات الشكلية والقواعد املسطرية التي البد من سلوكها والتي سوف نأتي على‬
‫ذكرها عند تعميق البحث في مسطرته وحاالته‪.‬‬

‫‪ - 1‬الفصل ‪ 44‬من مدونة األحوال الشخصية الملغاة الذي جاء فيه ‪ " :‬الطالق حل عقدة النكاح بإيقاع الزوج أو وكيله أو من فوض‬
‫له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا الحق أو القاضي"‪.‬‬

‫الصفحة ‪106 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ومن ثم أضحى كل من الطالق والتطليق خاضعين ملراقبة القضاء األسري وأصبح الحق في‬
‫ممارستهما معا مرتبطا بسلوك مساطر وإجراءات خاصة‪ ،‬فانتقل الفيصل في التفريق بينهما من‬
‫ممارسة الحق بعيدا عن مراقبة القضاء‪ ،‬إلى طريقة تسيير اإلجراءات واملساطر الخاصة بهما‪،‬‬
‫فالطالق بمختلف أنواعه ينتهي بعد فشل محاولة الصلح بإذن املحكمة لطالبه باإلشهاد عليه‬
‫وتوثيقه لدى عدلين منتصبين بدائرة نفوذ املحكمة التي أصدرته‪ ،‬ثم بعد ذلك إصدار قرار معلل‬
‫طبقا للمادة ‪ 88‬من مدونة األسرة‪ ،‬في حين أن التطليق بمختلف أنواعه يكون بحكم نهائي في شقه‬
‫املتعلق بإنهاء عالقة الزوجية دون حاجة إلى اإلشهاد به لدى عدلين‪.‬‬
‫وحتى تكون الفائدة عامة ولتسليط الضوء أكثر على املصطلحين فإنه البد من الوقوف‬
‫بإيجاز كبير على أنواع كل من الطالق والتطليق‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أنواع الطالق والتطليق‬

‫تختلف أنواع الطالق والتطليق بحسب السبب الداعي إلى إيقاعهما والذي يختلف هو اآلخر‬
‫بحسب الحاالت والوضعيات القائمة لدى الزوجين‪ ،‬على أن بعض هذه األنواع تنفرد بمساطر‬
‫خاصة ارتأينا تفصيلها عند عرض كل نوع من هذه األنواع‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإن للطالق والتطليق حاالت ودوافع أوردها املشرع في مدونة األسرة كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪:‬أنواع الطالق ‪:‬‬
‫يمارس الطالق –كما سبقت اإلشارة إلى ذلك– الزوج كقاعدة عامة‪ ،‬والزوجة إن ملكت هذا‬
‫الحق‪ ،‬أو هما معا باتفاقهما وفق إجراءات استثنائية تخضع ملراقبة مشددة من طرف القضاء غايتها‬
‫حماية الزوجة واألطفال من تعسف الزوج قبل اإلذن له بإيقاع الطالق‪.‬‬
‫واملالحظ أن قضايا الطالق لم تسجل سنة ‪ 2013‬إال ‪25215‬قضية من أصل ‪66065‬قضية‬
‫تتعلق بالطالق والتطليق بنسبة الثلث‪ ،‬في حين بلغت خالل سنة ‪ 2021‬ما مجموعه ‪،)1(26957‬وهو‬

‫‪ - 1‬جواب السيد وزير العدل عدد ‪ 358‬بتاريخ ‪ 27‬يوليوز ‪ 2022‬عن السؤال الكتابي عدد ‪ 5186‬للنائبة البرلماني بمجلس النواب‬
‫عن حزب العدالة والتنمية السيدة نعيمة الفتحاوي بتاريخ ‪ 05‬يوليوز ‪ 2022‬حول ارتفاع حاالت الطالق‪ ،‬ص‪.2 :‬‬
‫لالطالع على الجواب أنظر ‪:‬‬

‫الصفحة ‪107 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ما يعكس قلة اإلقبال على هذا النوع من أنواع فك الرابطة الزوجية‪ ،‬خاصة متى علمنا أن العديد‬
‫من األزواج يسلكون مسطرة التطليق للشقاق عوض مسطرة الطالق‪.‬‬
‫وأنواع الطالق عامة ال تخرج عن خمسة أنواع أوردها املشرع تباعا في مدونة األسرة من‬
‫خالل املادة ‪ 78‬وما يليها‪ ،‬على أننا لن نخوض عند عرضنا لها في إجراءاتها املسطرية باعتبارها تضم‬
‫مجموعة من القواسم املشتركة ارتأينا تحليلها مجتمعة في املبحث الثاني من هذا العرض املتعلق‬
‫باإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق إلى حدود النطق بالحكم‪.‬‬
‫‪ – 1‬الطالق الرجعي ‪(:‬املادة ‪ 79‬من مدونة األسرة) ‪:‬‬
‫الطالق لغة رفع القيد مطلقا حسيا أو معنويا‪ ،‬وفي اصطالح الفقهاء رفع قيد النكاح في املال‬
‫أو املآل بلفظ مخصوص‪ ،‬والطالق يكون رجعيا عند إيقاعه من طرف الزوج ويثبت له فيه حق‬
‫مراجعة زوجته أثناء العدة بدون عقد وال مهر جديدين‪.‬‬
‫أما الطالق البائن فيقسم بدوره إلى طالق بائن بينونة صغرى وطالق بائن بينونة كبرى‪،‬‬
‫حيث ال يملك الزوج في األول حق مراجعة زوجته إال بناء على عقد ومهر جديدين‪ ،‬بينما يمنع عليه في‬
‫الثاني إرجاع الزوجة إلى عصمته إال بعد زواجها من رجل آخر ودخوله بها دخوال شرعيا‪ ،‬ثم تطليقها‬
‫أو وفاته عنها دون أن يكون قصده تحليلها للزوج األول‪.‬‬
‫ومعلوم أن الزوجية في الطالق الرجعي تبقى قائمة في هذا النوع من الطالق‪ ،‬حيث يترتب عنه‬
‫لزوم نفقة الزوج على زوجته والتوارث بينهما‪.‬‬
‫وقد شهد الطالق الرجعي تراجعا ملحوظا السنة تلو األخرى‪ ،‬حيث استقرت حاالته خالل‬
‫سنة ‪ 2021‬في ‪ 526‬حالة طالق‪ ،‬مقابل ‪ 7146‬حالة خالل بداية تطبيق املدونة سنة ‪.)1( 2004‬‬

‫‪https://www.chambredesrepresentants.ma/ar/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A8%D8‬‬
‫‪%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D8%A‬‬
‫‪3%D8%B3%D9%80%D8%A6%D9%84%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D8%‬‬
‫‪B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82‬‬
‫‪ - 1‬جواب السيد وزير العدل عدد ‪ ،358‬م س‪ ،‬ص ‪.2 :‬‬

‫الصفحة ‪108 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ – 2‬طالق التمليك ‪( :‬املادة ‪ 89‬من مدونة األسرة)‪:‬‬


‫القاعدة العامة أن الطالق حق للزوج يوقعه تحت مراقبة القضاء‪ ،‬غير إنه است ً‬
‫ثناء يمكن‬
‫تمليك هذا الحق للزوجة من طرف الزوج عند إبرام عقد الزواج فيجعل أمرها بيدها ولهذه األخيرة‬
‫أن تفك عصمتها متى شاءت بتقديم طلب إلى املحكمة طبقا ملا نصت عليه املادة ‪ 79‬و‪ 80‬من مدونة‬
‫األسرة‪.‬‬
‫وطالق التمليك طالق بائن‪ ،‬حيث ال يمكن للزوج أن يعزل زوجته أو يسقط حقها في‬
‫التمليك‪.‬‬
‫‪ – 3‬الطالق االتفاقي ‪( :‬املواد من ‪ 114‬و‪ 115‬من مدونة األسرة)‪:‬‬
‫لم تكن مدونة األحوال الشخصية تنظم هذا النوع من الطالق‪ ،‬حيث تم استنباطه من‬
‫النموذج الغربي لشيوعه ورقيه ولنتائجه الحميدة‪ ،‬حيث يحافظ املفترقان على عالقة طيبة بينهما‬
‫تساعد إما على إعادة االرتباط في مرحلة الحقة بعد تجاوز أسباب الخالف وإما على الحفاظ على‬
‫االستقرار النفس ي واالجتماعي واالقتصادي للطفل‪.‬‬
‫الطالق االتفاقي قد يكون مجردا حيث يتفق الطرفان على إنهاء العالقة الزوجية دون‬
‫شروط‪ ،‬وقد يكون مقيدا بشرط او أكثر ال يخالف النظام العام وال يمس بحقوق األطفال متى‬
‫وجدوا‪ ،‬وهو طالق بائن‪.‬‬
‫وقد أصبح يشكل الطالق االتفاقي النسبة األكبر من حاالت الطالق‪ ،‬حيث انتقل من ‪1860‬‬
‫حالة طالق خالل سنة ‪ 2004‬إلى ‪ 20.655‬حالة خالل سنة ‪ ،2021‬حسب تصريح السيد وزير العدل‬
‫الذي عزى أسباب هذا االرتفاع لسببين رئيسيين ‪:‬‬
‫– تنامي الوعي لدى األزواج بأهمية إنهاء العالقة الزوجية بشكل ودي‪ ،‬وحل النزاعات األسرية‬
‫بالحوار للوصول إلى االتفاق؛‬
‫– املرونة والسهولة التي يتسم بها هذا النوع من الطالق الناتج عن اتفاق الزوجين(‪.)1‬‬

‫‪ -‬جواب السيد وزير العدل عدد ‪ ،358‬م س‪ ،‬ص ‪.2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫الصفحة ‪109 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ – 4‬الطالق الخلعي ‪( :‬املواد من ‪ 115‬إلى ‪ 120‬من مدونة األسرة) ‪:‬‬


‫الخلع هو البذل الذي تعطيه الزوجة لزوجها مقابل الحصول على طالقها‪ ،‬وكل ما صح‬
‫التعامل به شرعا صح أن يكون خلعا في الطالق‪ ،‬وال يجوز الخلع بش يء تعلق به حق األطفال أو‬
‫بنفقتهم إذا كانت األم معسرة‪.‬‬
‫والطالق الخلعي هو طالق بائن‪ ،‬وعند رفض املحكمة له يمكن للزوجة سلوك مسطرة‬
‫التطليق للشقاق‪.‬‬
‫‪ – 5‬الطالق قبل البناء ‪( :‬املادة ‪ 32‬من مدونة األسرة)‪:‬‬
‫وهو الطالق الذي يوقعه الزوج بعد العقد على زوجته واإلشهاد على ذلك لدى عدلين وقبل‬
‫الدخول بها دخوال شرعيا ودون خلوة أو مسيس‪ ،‬وعند وقوع خالف حول الخلوة واملسيس أو‬
‫الدخول فالقول قول الزوجة بعد أدائها اليمين القانونية‪ ،‬أما إذا ثبتت الخلوة الشرعية الصحيحة‬
‫فيتم سلوك مسطرة الطالق الرجعي‪.‬‬
‫ومن مميزات الطالق قبل البناء أنه طالق بائن وال تحتاج فيه الزوجة إلى عدة لعدم الدخول‬
‫بها‪ ،‬حيث يمكن للمطلقة إبرام عقد زواج آخر بمجرد اإلشهاد عليه لدى عدلين ومخاطبة قاض ي‬
‫التوثيق‪.‬‬
‫– ثانيا ‪:‬أنواع التطليق ‪:‬‬
‫حدد املشرع أنواع التطليق على سبيل الحصر في ستة يأتي على رأسها التطليق للشقاق‪ ،‬في‬
‫حين أورد نوعا آخر من أنواع التطليق اعتبر فيه إرادة الطرفين خاصة الزوجة عند إبرام العقد وهو‬
‫التطليق بسبب اإلخالل بشرط من شروط العقد‪.‬‬
‫واملالحظ أن قضايا التطليق قد سجلت بمجموع محاكم اململكة خالل سنة ‪ 2013‬ما‬
‫مجموعه ‪ 40850‬قضية من أصل ‪66065‬قضية تتعلق بالطالق والتطليق بنسبة الثلثين‪ ،‬وهو ما‬
‫يعكس اإلقبال على هذا النوع من أنواع فك الرابطة الزوجية‪ ،‬خاصة من قبل الزوجات‪ ،‬وسجلت‬
‫سنة ‪ 2015‬الحكم في ‪ 46.377‬قضية تتعلق بالتطليق‪ ،‬في حين وصلت حاالت الحكم بالتطليق سنة‬
‫‪ 2017‬إلى ‪ 100.247‬حكم‪ ،‬لترتفع إلى ما يناهز ‪ 121‬ألف طلب للتطليق سنة ‪.2021‬‬

‫الصفحة ‪110 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ – 1‬التطليق للشقاق ‪(:‬املواد من‪ 94‬إلى ‪ 97‬من مدونة األسرة)‪:‬‬


‫الشقاق هو الخصام والنزاع املستحكم بين الزوجين والذي ال يرجى معه استمرار للعالقة‬
‫الزوجية‪ ،‬وهو سبب جديد من أسباب التطليق أوردته مدونة األسرة بناء على اإلكراهات التي كانت‬
‫تعانيها الزوجة الراغبة في فك االرتباط بزوجها في ظل مدونة األحوال الشخصية ‪ ،‬والتي غالبا ما كان‬
‫يستعص ي عليها إثبات الضرر‪.‬‬
‫وتتميز مسطرة التطليق للشقاق بكونها ال تعتمد – عكس باقي أنواع التطليق األخرى – سببا‬
‫معينا لنشوء الخالف وبالتالي التطليق‪ ،‬حيث يكفي أن يعبر الزوج أو الزوجة عن عدم رغبته في‬
‫استمرار العالقة الزوجية للقول والحكم بتطليقه من الطرف اآلخر‪.‬‬
‫يكون التطليق للشقاق بناء على حكم يليه بعد ذلك إشهاد بهذا الحكم لدى عدلين‪ ،‬وهو‬
‫طالق بائن في جميع األحوال‪.‬‬
‫‪ – 2‬التطليق للضرر ‪(:‬املواد من ‪ 99‬إلى ‪ 101‬من مدونة األسرة)‪:‬‬
‫حدد املشرع مفهوم الضرر من خالل الفقرة الثانية من الفصل ‪ 99‬من مدونة األسرة في ‪" :‬كل‬
‫تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل باألخالق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية‬
‫تجعلها غير قادرة على االستمرار في العالقة الزوجية"‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فالضرر قد يكون ماديا كالضرب املبرح وغير املبرح واإلكراه على إتيان سلوكات قد‬
‫تخدش الحياء أو تقلل من االحترام املفترض بين الزوج وزوجته‪ ،‬أو معنويا بالسب والشتم والقذف‪،‬‬
‫ويثبت الضرر بكافة وسائل اإلثبات بما فيها شهادة الشهود والشواهد الطبية والتسجيالت الرقمية‬
‫في بعض األحيان‪.‬‬
‫ومعلوم أن طلب التطليق للضرر كان هو املنفذ األكثر إثارة من طرف الزيجات الراغبات في‬
‫إنهاء العالقة الزوجية في ظل مدونة األحوال الشخصية إلى جانب الطالق الخلعي‪ ،‬ولكنهن كن‬
‫يصطدمن بصعوبة إثباته من الناحية الواقعية‪.‬‬
‫وفي ظل مدونة األسرة الحالية فإن عدم إثبات الزوجة للضرر املوجب للتطليق مع تشبتها‬
‫بطلب التطليق يتيح لها مكنة تقديم طلب التطليق للشقاق‪ ،‬والتطليق للضرر عموما يبقى طالقا‬
‫بائنا في جميع األحوال‪.‬‬

‫الصفحة ‪111 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ – 3‬التطليق لعدم االنفاق ‪( :‬املواد من ‪ 102‬إلى ‪ 103‬من مدونة األسرة)‪:‬‬


‫إذا امتنع الزوج عن اإلنفاق على زوجته جاز لها أن ترفع أمرها للقضاء إما بطلب رام إلى أداء‬
‫النفقة وإما بطلب التطليق لعدم اإلنفاق ما دامت نفقتها تجب عليه بمجرد البناء بها أو عند‬
‫دعوتها إياه للبناء بعد العقد عليها‪.‬‬
‫فإن كان له مال ظاهر يمكن استخالص مبلغ النفقة منه كأن يكون موظف له أجر شهري‬
‫أو تاجر مثال حيث يتم االقتطاع من املنبع أو من الحساب البنكي‪ ،‬ففي هذه الحالة تنفذ النفقة‬
‫مما ذكر وال يستجاب لطلب التطليق مادامت الزوجة ستستلم واجباتها‪ ،‬أما إذا ثبت أنه عاجز‬
‫عن اإلنفاق وليس له مال ظاهر يمكن استخالص مبلغ النفقة منه تحدد املحكمة حسب‬
‫الظروف أجال للزوج ال يتعدى ثالثين يوما لينفق خالله وإال طلقت عليه‪ ،‬إال إذا كان هناك ظرف‬
‫قاهر أو استثنائي حال دون اإلنفاق‪.‬‬
‫أما إذا كان الزوج موسرا وامتنع عن اإلنفاق أو ادعى أنه معسر ولم يثبت ذلك وأصر على‬
‫عدم اإلنفاق فإن املحكمة تطلق عليه زوجته في الحال درءا للضرر الذي يلحقها بعدما تقوم‬
‫املحكمة بجميع اإلجراءات ملحاولة الصلح‪.‬‬
‫ّ‬
‫وفي جميع األحوال فإن الطالق لعدم اإلنفاق يعتبر طالقا رجعيا ُي َّمك ُن الزوج من مراجعة زوجته‬
‫بعد أن يثبت يسره واستعداده لإلنفاق‪.‬‬
‫‪ – 4‬التطليق للغيبة ‪( :‬املواد من ‪ 104‬إلى ‪ 106‬من مدونة األسرة)‪:‬‬
‫إذا غاب الزوج عن زوجته مدة تزيد عن سنة وتضررت هذه األخيرة من هذا الغياب أمكنها‬
‫طلب التطليق‪ ،‬وتتأكد املحكمة من هذه الغيبة ومدتها ومكانها بكل الوسائل‪ ،‬وتبلغ الزوج املعلوم‬
‫العنوان بمقال الدعوى للجواب عنه‪ ،‬مع إنذاره بضرورة الحضور لإلقامة مع زوجته أو نقلها إليه‬
‫في مكان إقامته داخل أجل تحدده املحكمة تحت طائلة البث في طلب التطليق للغيبة ‪.‬‬
‫أما إذا كان الزوج الغائب مجهول العنوان ففي هذه الحالة تستعين املحكمة بالنيابة‬
‫العامة لتبليغ دعوى الزوجة إلى الزوج الغائب‪ ،‬حيث يتم تعيين قيم عنه‪ ،‬كما أنها قد تستعين‬
‫بوسائل االتصال الحديثة كمكاتبة اإلذاعة الوطنية أو النشر عبر الوسائل االلكترونية فإن لم‬

‫الصفحة ‪112 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫يحضر لإلقامة مع زوجته أو نقلها إليه طلقتها املحكمة عليه طلقة بائنة(‪ )1‬بعد تقديم النيابة‬
‫العامة ملستنتجاتها‪.‬‬
‫وقد استدركت مدونة األسرة من خالل املادة ‪ 106‬منها الغبن والضرر الذي كان يحصل‬
‫للزوجة جراء حبس أو سجن زوجها حيث مكنتها من الحق في طلب التطليق من زوجها املحكوم بأكثر‬
‫من ثالث سنوات سجنا أو حبسا وذلك بعد مرور سنة من اعتقاله‪ ،‬وفي جميع األحوال يمكنها أن‬
‫تطلب التطليق بعد سنتين من اعتقاله‪.‬‬
‫‪ – 5‬التطليق للعيب ‪( :‬املواد من ‪ 107‬إلى ‪ 111‬من مدونة األسرة)‪:‬‬
‫القاعــدة العامــة أن الــزواج يقــوم علــى املعاشــرة الحســنة بــين الــزوجين‪ ،‬واســتمتاع بعض ــهما‬
‫استثناء فقـد قـد تطـرأ عيـوب أو أمـراض تحـول دون ذلـك‪ ،‬وقـد تكـون هـذه العيـوب قبـل‬ ‫ً‬ ‫بالبعض لكن‬
‫البناء والدخول أو بعده‪ ،‬فإن لم يستطع أحد الزوجين الصبر على ذلك رفع أمره للقضاء‪.‬‬
‫والعيوب املوجبة لطلب التطليق للعيب ال تقع تحت الحصر‪ ،‬وتتبـاين مـا بـين الرجـل واملـرأة‪،‬‬
‫ويشــترط فيهــا عــدم العلــم بالعيــب عنــد العقــد‪ ،‬وعــدم صــدور مــا يــدل علــى الرض ـا بالعيــب بعــد العلــم‬
‫بتعذر الشفاء‪.‬‬
‫ومعلــوم أن طلــب التطليــق للعيــب يجــب أن يعضــد بشــهادة طبيــة مــن الطبيــب املخــتص التــي‬
‫تثبتــه فــي انتظــار األمــر تمهيــديا بــإجراء خبــرة متــى ارتــأى نظــر املحكمــة ذلــك‪ ،‬وعليــه فــإذا تــم التطليــق‬
‫للعيــب قب ــل ال ــدخول " البنــاء " ف ــإن الزوج ــة ال تســتحق أي ص ــداق‪ ،‬أم ــا بعــد ال ــدخول به ــا فلل ــزوج أن‬
‫يطالب بمبلغ الصداق ممن غرر به وكثم عنه العيب قصدا سـواء كانـت الزوجـة أو الـولي‪ ،‬أمـا إذا كـان‬
‫الزوج عاملا بالعيب وطلق زوجته قبل الدخول ففي هذه الحالة تستحق الزوجة نصف الصداق‪.‬‬
‫ويسـ ــتوجب طلـ ــب التطليـ ــق للعيـ ــب قيـ ــام املحكمـ ــة بمحاولـ ــة الصـ ــلح فـ ــإذا فشـ ــلت حكمـ ــت‬
‫بالتطليق للعيب طلقة واحدة بائنة‪.‬‬

‫‪ - 1‬التطليق للغيبة طالق بائن وغير قابل ألي طريق من طرق الطعن خالف ما كان عليه األمر في ظل مدونة األحوال الشخصية‬
‫التي منحت الزوج عند ظهوره حق استئناف هذا النوع من التطليق‪.‬‬

‫الصفحة ‪113 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ – 6‬التطليق لاليالء والهجر ‪( :‬املادة ‪ 112‬من مدونة األسرة)‪:‬‬


‫اإليــالء لغــة هــو اليمــين واصــطالحا حلــف الرجــل بــاا تعــالى أو بصــفة مــن صــفاته أن ال يطــأ‬
‫زوجته مدة أربعة أشهر أو أكثر‪ ،‬والهجر أن يدير الزوج ظهره عن زوجته في الفراش وال يلتفت إليها‪.‬‬
‫وتستدعي املحكمة الطرفين بمجرد إيداع طلب التطليق لإليالء أو الهجر إلى غرفة املشورة‬
‫إلجراء محاولة الصلح مع إنذار الزوج قصد معاشرة زوجته داخل أجل أربعة أشهر تحت طائلة‬
‫تطليقها منه‪.‬‬
‫فــإذا عاشــر الــزوج زوجتــه ال تســتجيب املحكمــة لطلبهــا‪ ،‬أمــا فــي حالــة رفضــه معاشــرة زوجتــه‬
‫وانقض ــاء األج ــل امل ــذكور تحك ــم املحكم ــة ب ــالتطليق لإلي ــالء والهج ــر‪ ،‬وه ــو تطلي ــق رجع ــي يم ــنح لل ــزوج‬
‫مراجعة زوجته داخل أجل العدة ( ‪3‬أشهر)‪.‬‬
‫‪ – 7‬التطليق لإلخالل بشرط من شروط عقد الزواج ‪( :‬املادة‪ 99‬من مدونة األسرة)‪:‬‬
‫يحق للزوجة من خالل عقد الزواج أن تشترط على زوجها بعـض الشـروط كـأن ال يتـزوج عليهـا‬
‫أو تنفــق مــن مالهــا أو ال تنتقــل معــه إلــى املهجــر الــذي يعمــل فيــه أو غيــر ذلــك مــن الشــروط التــي ال تقــع‬
‫تح ــت الحص ــر‪ ،‬وعن ــد إخ ــالل ال ــزوج ب ــذلك‪ ،‬فاملش ــرع اعتب ــر ه ــذا اإلخ ــالل ض ــررا مب ــررا طل ــب التطلي ــق‬
‫للضرر‪.‬‬
‫ويشترط في مثل هذا النوع من التطليق أن يكون قد سبق النص على الشرط في عقد‬
‫الزواج‪ ،‬وأن ال يخالف هذا الشرط القانون والنظام العام واألخالق الحميدة‪ ،‬ومتى تم خرق‬
‫الشرط من طرف الزوج حكمت املحكمة للزوجة بتطليقها بسبب اإلخالل بشرط في عقد الزواج‪،‬‬
‫وهو تطليق بائن‪.‬‬
‫بعد أن عرضنا ألسباب انحالل ميثاق الزوجية املنصوص عليها في مدونة األسرة وللطالق‬
‫والتطليق ومختلف أنواعهما ‪ ،‬فإنه يكون من الالزم تبيان خصوصيات القواعد املسطرية للطالق‬
‫والتطليق‪.‬‬

‫الصفحة ‪114 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املطلب الثالث ‪:‬خصوصيات القواعد املسطرية للطالق والتطليق‬

‫تستمد مساطر الطالق والتطليق خصوصياتها في كون املشرع املغربي قد خصها بقواعد‬
‫شكلية في صلب قواعد املوضوع املنظمة في مدونة األسرة‪ ،‬ناهيك عن خضوعها من حيث املبدأ‬
‫للقانون العام املسطري(قانون املسطرة املدنية)‪.‬‬
‫وال تخرج هذه الخصوصيات عن أربع خصوصيات وهي االختصاص النوعي املؤطر ملثل هذه‬
‫املساطر (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم االختصاص املكاني (الفقرة الثانية)‪ ،‬ثم التدابير املؤقتة لحماية األسرة‬
‫(الفقرة الثالثة)‪ ،‬وعدم القابلية للطعن في الشق املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االختصاص النوعـ ـي‬

‫قضاء متخصصا وقسما مستقال داخل املحكمة‬ ‫ً‬ ‫أفرد املشرع لقضايا الطالق والتطليق‬
‫االبتدائية‪ ،‬ويتعلق األمر بقسم قضاء األسرة الصادر بشأنه القانون رقم ‪ 73.03‬الذي غير وتمم‬
‫املادة الثانية من ظهير التنظيم القضائي السابق ل ‪ 15‬يوليوز ‪ ،1974‬والذي حلت محله بعد دخول‬
‫القانون رقم ‪ 38.15‬املتعلق بالتنظيم القضائي الجديد(‪ )1‬املادة ‪ 57‬التي جاء فيها ‪ ":‬ينظر قسم قضاء‬
‫األسرة في قضايا األحوال الشخصية وامليراث‪ ،‬وكذا قضايا الحالة املدنية والكفالة والجنسية‪ ،‬وفي‬
‫كل القضايا التي لها عالقة برعاية وحماية األسرة‪.‬‬
‫مع مراعاة االختصاصات املخولة لرئيس املحكمة بمقتض ى الفقرة الثانية من املادة ‪54‬‬
‫أعاله‪ ،‬يمارس رئيس قسم قضاء األسرة أو من ينوب عنه االختصاصات املخولة قانونا لرئيس‬
‫املحكمة االبتدائية‪ ،‬فيما له صلة باختصاصات هذا القسم "‪.‬‬
‫والبد لنا ونحن بصدد تفصيل الكالم عن اختصاص أقسام قضاء األسرة النوعي للبت في‬
‫قضايا الطالق والتطليق من استحضار السجال الفقهي الدائر حول مفهومي االختصاص النوعي‬
‫والتوزيع الداخلي للعمل داخل املحكمة الواحدة‪ ،‬وبالتالي هل نكون ونحن بصدد توزيع القضايا أمام‬

‫‪ - 1‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.22.38‬بتاريخ ‪ 30‬ذي القعدة ‪ 30( 1443‬يونيو ‪ ،)2022‬والمنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 7108‬بتاريخ ‪ 14‬ذو الحجة ‪ 14( 1443‬يوليوز ‪ ،)2022‬ص‪.4568 :‬‬

‫الصفحة ‪115 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املحكمة االبتدائية والتي تدخل ضمنها قضايا الطالق والتطليق أمام توزيع داخلي للعمل داخل‬
‫املحكمة أم أمام اختصاص محض لكل غرفة من غرفها‪.‬‬
‫لقد حسم القانون الجديد للتنظيم القضائي املشار إليه أعاله األمر‪ ،‬وميز جيدا بين أقسام‬
‫قضاء األسرة وباقي غرف املحكمة االبتدائية‪ ،‬حيث جاء في الفقرة الثانية من املادة ‪ 45‬منه ما يلي ‪":‬‬
‫يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا املعروضة على املحكمة كيفما كان نوعها‪ ،‬باستثناء‬
‫قسم قضاء األسرة‪ ،‬وكذا القسم املتخصص في القضاء التجاري والقسم املتخصص في القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬املحدثين باملحكمة االبتدائية ذات الوالية العامة"‪.‬‬
‫وبالتالي فعند عرض نزاع على إحدى غرف املحكمة االبتدائية خارج عن اختصاصها ومندرج‬
‫ضمن اختصاص قسم قضاء األسرة فان هذه الغرفة لن تصرح بعدم اختصاصها للبث في النزاع‬
‫بمقتض ى حكم مستقل بل تحيل ملف القضية بأمر والئي على السيد رئيس املحكمة االبتدائية‬
‫إلحالته على قسم قضاء األسرة املختص قانونا تحت طائلة بطالن حكمها في حالة البث "الفصل‬
‫الثاني من ظهير التنظيم القضائي"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االختصاص املكان ـ ـي أو املحل ـي‬

‫القاعدة العامة في تحديد املحكمة املختصة مكانيا أن املدعي يسعى وراء املدعى عليه وفق ما‬
‫نص على ذلك الفصل ‪ 27‬من ق‪.‬م‪.‬م(‪ )1‬والفصل ‪ 28‬و‪ 29‬منه املتعلقان باالستثناءات الواردة على‬
‫قاعدة االختصاصات املكاني‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينص الفصل ‪ 27‬منق‪.‬م‪.‬م على أنه ‪ ":‬يكون االختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه‪.‬‬
‫إذا لم يكن لهذا األخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان االختصاص لمحكمة هذا المحل‪.‬‬
‫إذا لم يكن للمدعى عليه ال موطن وال محل إقامة بالمغرب فيمكن تقديم الدعوى ضده أمام محكمة موطن أو إقامة المدعي أو‬
‫واحد منهم عند تعددهم‪.‬‬
‫إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم‪.‬‬

‫الصفحة ‪116 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫بيد إن مدونة األسرة قد خرجت عن هذه القاعدة في دعوى الطالق والتطليق بإقرار قاعدة‬
‫ثالثية من حيث االختصاص املكاني اعتبرها العديد من الفقهاء استثناءات مسطرية‪،‬وميزت بين‬
‫حالتين ‪:‬‬
‫‪-‬حالة رفع دعوى الطالق من طرف الزوج ‪ :‬حيث ألزمته املادة ‪ 79‬بمراعاة الترتيب الذي‬
‫حددته في بيانها للمحكمة املختصة مكانيا أي بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو‬
‫املحكمة التي أبرم فيها عقد الزواج‪.‬‬
‫‪ -‬حالة رفع دعوى التطليق من طرف الزوجة‪ ،‬حيث أفرد قانون املسطرة املدنية لها فصال‬
‫فريدا وهو الفصل ‪)1(212‬الذي نص على أن طلب التطليق يقدم وفقا لإلجراءات العادية إلى‬
‫املحكمة االبتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو التي أبرم فيها عقد‬
‫الزواج‪.‬‬
‫والواضح من خالل صياغة هذا الفصل أن املشرع املغربي قد خير الزوجة (الزوج كذلك في‬
‫حالة طلبه التطليق للشقاق) في رفع طلبها أمام إحدى املحاكم الثالثة املذكورة أعاله‪ ،‬دون مراعاة‬
‫للترتيب الوارد بالفصل املذكور تيسيرا للزوجة وتبسيطا للمساطر التي كانت تتسم بالتعقيد تجاهها‬
‫في ظل مدونة األحوال الشخصية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التدابيراملؤقتة لحماية األسرة‬

‫القاع ــدة العام ــة ف ــي حال ــة املنازع ــة ب ــين ال ــزوجين وس ــلوك أح ــدهما ملس ــطرة الط ــالق والتطلي ــق‬
‫حســب األحــوال أن الزوجــة تبقــى مقيمــة فــي بيــت الزوجيــة إذا كانــت املســاكنة ممكنــة‪ .‬واســتثناء ومتــى‬
‫تبــين تعــذر هــذه املســاكنة ووجــود خطــر يحــذق بالزوجــة واألطفــال خاصــة فــي حالــة ســلوك هــذه األخيــرة‬
‫ملســطرة التطليــق فــإن للمحكمــة الحــق فــي الحكــم بــبعض التــدابير املؤقتــة املناســبة للزوجــة واألطفــال‬
‫بناء على طلبها أو من تلقاء نفسها في انتظار صدور الحكم في املوضوع بما فيها اختيار السكن مع أحد‬

‫‪ -1‬تم تغيير وتتميم وتعويض الفقرة األولى من الفصل ‪ 212‬أعاله بموجب القانون رقم ‪ 72.03‬الصادر األمر بتنفيذه بمقتضى‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.04.23‬بتاريخ ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فبراير ‪)2004‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬بتاريخ ‪ 14‬من‬
‫ذي الحجة ‪ 5( 1424‬فبراير ‪ ،)2004‬ص ‪.453‬‬

‫الصفحة ‪117 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫أقاربهـا أو أقــارب الــزوج‪ ،‬وتنفـذ تلــك التــدابير فـورا علــى األصــل عـن طريــق النيابــة العامـة وفــق مــا نصــت‬
‫على ذلك املادة ‪ 121‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫وتعتبر التدابير املؤقتة من بـين املسـتجدات التـي أتـت بهـا مدونـة األسـرة إضـافة إلـى املقتضـيات‬
‫املنصــوص عليهــا فــي املــادة ‪ 53‬مــن مدونــة األســرة واملتعلقــة بإرجــاع املطــرود إلــى بيــت الزوجيــة مــن طــرف‬
‫النيابة العامة(‪)1‬واإلخطار الذي أضحت تقوم به هذه األخيرة في حالة توصل الزوجة وعدم حضورها‪.‬‬
‫وتعتري هذه التدابير املؤقتة من الناحية العملية مجموعة من الصعوبات تجعل الزوجة قلما‬
‫تلجـأ إلــى طلبهــا وتنفيــذها مــن طــرف النيابــة العامــة علـى الــرغم مــن كونهــا مشــمولة بالنفــاذ املعجــل بقــوة‬
‫الق ــانون حس ــب ص ــياغة امل ــادة ‪ 121‬م ــن مدون ــة األس ــرة إذ غالب ــا م ــا تغ ــادر بي ــت الزوجي ــة باتج ــاه ب ــين‬
‫األبوين أو اإلخوة‪.‬‬
‫وهكذا فقد جاء في قرار للمجلس األعلـى (محكمـة الـنقض حاليـا) صـدر فـي ظـل مدونـة األحـوال‬
‫الشخصية امللغاة في جوابه علـى الوسـيلة التـي دفـع بهـا الطـاعن بقابليـة إيقـاف تنفيـذ التـدابير املؤقتـة‬
‫أنــه ‪ "" :‬وحيــث ان التــدبير الــذي أمــر بــه القاضـ ي االبتــدائي وان ـكـان قــابال لالســتئناف للنظــر فــي جــوهر‬
‫الــدعوى‪ ،‬فانــه يبقــى قــابال للتنفيــذ رغ ـم كــل طعــن وينفــذ بقــوة القــانون‪ ،‬وال يملــك القضــاة فــي نطــاق‬
‫سلطتهم التقديرية حق إيقافه"‪.‬‬

‫‪ - 1‬المالحظ أن المشرع من خالل التعديل الذي طال القانون الجنائي بواسطة القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة العنف ضد‬
‫النساء‪ ،‬قد توسع في الحماية الجنائية المقررة لألسرة من خالل إقراره لثالثة أنواع من الجرائم المتعلقة باألسرة حيث أظهرت‬
‫الممارسة العملية أن بعض من المقتضيات المنصوص عليها في مدونة األسرة اعترتها مجموعة من االختالالت وبقيت بدون‬
‫تفعيل‪ ،‬وهي على التوالي ‪:‬‬
‫أ –جريمة إهمال وترك الواجبات الزوجية (المادة ‪ 479‬من مسودة المشروع) ‪ :‬حيث جرم المشرع الجنائي الترك العمدي لبيت‬
‫الزوجية لمدة تزيد عن شهرين دون موجب قاهر أو عذر مقبول من طرف أحد الزوجين‪ ،‬حيث اعتبرها جنحة ضبطية وعاقب عنها‬
‫بعقوبة حبسية من شهر واحد إلى سنة وغرامة من ‪ 200‬إلى ‪ 2000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين؛‬
‫ب –جريمة االمتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية (المادة ‪ 480-1‬من القانون الجنائي)‪ :‬حيث تنبه المشرع إلى‬
‫أن مقتضيات المادة ‪ 53‬من مدونة األسرة لم تسعف من خالل الممارسة العملية في ضمان األمن األسري واستقرار بيت الزوجية‪،‬‬
‫ذلك إنها لم ترتب جزا ًء في حالة مخالفة الطرف الطارد‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد جنحت المادة ‪ 480-1‬من ق‪.‬ج هذا الفعل بناء على أحكام المادة الخامسة من القانون ‪ 103.13‬السالف الذكر‪ ،‬وعاقبت‬
‫على إتيانه بعقوبة حبسية من شهر إلى ‪ 3‬أشهر وغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪ 5000‬درهم‪.‬‬
‫ج –جريمة إهمال األسرة واالمتناع عن أداء النفقة (المادة ‪ 480‬و‪ 481‬و‪ 481-1‬من ق‪.‬ج) ‪ :‬عاقب عنها المشرع بالحبس من‬
‫شهر واحد إلى سنة وغرامة من ‪ 200‬إلى ‪ 2000‬درهما أو بإحدى هاتين العقوبتين ‪.‬‬
‫وأقر بمقتضى المادة الجديدة ‪ 481-1‬التي أضيفت بالمادة الخامسة من القانون رقم ‪ 103.13‬قاعدة جديدة مفادها أن تنازل‬
‫المشتكي عن الشكاية في األنواع الثالثة من الجرائم يضع حدا للمتابعة وآلثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في‬
‫حالة صدوره‪.‬‬

‫الصفحة ‪118 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الفقرة الرابعة ‪:‬عدم القابلية للطعن في الشق املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية‬

‫ً‬
‫استثناء من القواعد العامة املسطرية للطعن والتي تجيز الطعن باالستئناف في جميع األحكام‬
‫االبتدائية‪ ،‬فإن املادة ‪ 128‬من مدونة األسرة(‪ )1‬قد خرجـت عـن هـذه القاعـدة وجعلـت قضـايا الطـالق‬
‫والتطليق غير قابلة ألي طعن في جزئها املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية‪.‬‬
‫وبمفهوم املخالفة لهذه الفقرة‪ ،‬فإن باقي مشـتمالت الحكـم واملتعلقـة باملسـتحقات والتعـويض‬
‫وصلة الرحم وغيرها تكون قابلة لالستئناف داخل أجل ‪ 15‬يوما وفقـا ألحكـام الفصـل ‪ 134‬مـن ق‪.‬م‪.‬م‬
‫كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم ‪.)2(72.03‬‬
‫ومعلــوم أن اختصــاص تــذييل األحكــام األجنبيــة بالصــيغة التنفيذيــة القاضــية بإنهــاء العالقــة‬
‫الزوجيــة إمــا بــالطالق أو بــالتطليق أو بــالخلع أو بالفســخ‪ ،‬قــد أســند لــرئيس املحكمــة االبتدائيــة أو مــن‬
‫ينــوب عنــه وفقــا ملقتضــيات املــادة الفريــدة مــن القــانون رقــم ‪ 61.19‬القاضـ ي بتتمــيم الفصــل ‪ 430‬مــن‬
‫ق‪.‬م‪.‬م(‪.)3‬‬
‫ويثار إشكال بخصوص تنفيذ هذا النوع من األحكام األجنبية فيما يتعلق باملسـتحقات‪ ،‬حيـث‬
‫إنها تأتي غالبا في األحكام األجنبية علـى شـكل تعـويض مـدني شـامل‪ ،‬وال تتضـمن التفصـيل املشـار إليـه‬
‫بمدونــة األســرة (النفقــة‪ ،‬املتعــة‪ ،‬ســكن العــدة‪ ،‬واجــب الســكن‪ ،‬الحضــانة‪ ،).....‬ممــا قــد يعــرض حقــوق‬
‫الزيجات املغارية للضرر بمناسبة عدم تدقيق هذه املستحقات‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 128‬من مدونة األسرة في فقرتها األولى على أن ‪ ":‬المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ‬
‫طبقا ألحكام هذا الكتاب‪ ،‬تكون غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية"‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنص الفقرة الثالثة من ق‪.‬م‪.‬م كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون ‪ 72.03‬بمناسبة عرضها آلجال الطعن باالستئناف على أنه ‪ ":‬إذا‬
‫تعلق األمر بقضايا األسرة فإن استيناف األحكام الصادرة في شأنها يجب تقديمه داخل أجل خمسة عشر يوما"‪.‬‬
‫‪ - 3‬الصادر بتنفيده الظهير الشريف رثم ‪ 1.19.118‬بتاريخ ‪ 07‬ذي الحجة ‪ 09( 1440‬أغسطس ‪ ،)2019‬والمنشور بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،6807‬بتاريخ ‪ 04‬ذو الحجة ‪ 26( 1440‬أغسطس ‪ ،)2019‬ص ‪.5897 :‬‬

‫الصفحة ‪119 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬اإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق‬


‫إلى حدود النطق بالحكم‬

‫يعتبر الجانب املسطري املتعلق بالطالق والتطليق مهما وحاسما ومؤثرا في الحق موضوع‬
‫الدعوى‪ ،‬كما أن تطبيقه السليم يساعد في تحديد األهداف املوضوعية ملدونة األسرة وتوفير شروط‬
‫الترافع املدني العادل واملنصف من الطرفين (الزوجة والزوج)‪ ،‬لذلك نجد املشرع املغربي وخروجا‬
‫على العادة قد أفرد مدونة األسرة بقواعد مسطرية خاصة ومميزة‪ ،‬فهل ساعد التطبيق العملي لهذه‬
‫املساطر على بلورة فلسفة املشرع وغايته من إحداث هذه املساطر ؟ وما هي مظاهر الخلل التي‬
‫تعتري هذا التطبيق من الناحية العملية ؟ ذلك ما سنعمل –بحول هللا مع قوته‪ -‬على تناوله‬
‫بالدراسة والتحليل من خالل تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين نتناول في األول إجراءات الطالق‪،‬‬
‫ونعالج في الثاني إجراءات التطليق‪ ،‬على أننا سوف نتناول في هذين املطلبين اإلجراءات واملساطر‬
‫العامة املشتركة بين كل نوع من أنواعها‪ ،‬مع تخصيص بعض األنواع بمساطر خاصة ‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬إجراءات الطـ ـ ـ ـالق‬

‫تنقسم إجراءات الطالق إلى أربعة مراحل متباينة وهي ‪ :‬مرحلة تقديم الطلب (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬مرحلة التبليغ (الفقرة الثانية)‪ ،‬مرحلة الصلح (الفقرة الثالثة)‪ ،‬مرحلة اإلذن وإصدار القرار‬
‫املعلل(الفقرة الرابعة)‪ ،‬سنعمل على تناولها تباعا كما يلي ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تقديم الطلب‬

‫اعتبارا للدور الجديد الذي أصبح يضطلع به القضاء األسري في مراقبة سير إجراءات‬
‫ُ َّ‬
‫الدعوى القضائية املتعلقة بالطالق‪ ،‬فإن املادة ‪ 79‬من مدونة األسرة ألزمت الزوج املطلق أن يطلب‬
‫اإلذن من املحكمة باإلشهاد بالطالق لدى عدلين منتصبين لذلك‪.‬‬

‫الصفحة ‪120 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ُْ‬
‫ولم يسعف الفعل املستعمل في صيغة النص َ"يطل َب" في تحديد الشكل القانوني للطلب‪،‬‬
‫هل يكون خاضعا للقاعدة العامة املنصوص عليها في الفصل ‪ 31‬من ق‪.‬م‪.‬م(‪)1‬أي بطلب مكتوب أم‬
‫يكون الطلب بمجرد تصريح يدلي به املعني باألمر شخصيا لكتابة الضبط ويحرر به محضر ؟ وتزداد‬
‫أهمية هذا اإلشكال متى علمنا أن الفصل ‪ 45‬من ق‪.‬م‪.‬م جعل املسطرة في قضايا النفقة والطالق‬
‫والتطليق شفوية أي أنها تمارس دون اللجوء إلى طلب مكتوب ؟‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإن ما جرى به العمل واعتمادا على البيانات املشترطة في الطلب املنصوص‬
‫عليها في املادة ‪ 80‬من مدونة األسرة والوثائق املرفقة به(‪ )2‬التي توحي بكون الطلب يكون مكتوبا‪ ،‬أن‬
‫الطلب ينبغي أن يكون كذلك‪ ،‬رغم أن مجموعة من الطلبات يتم تحريرها لدى كتاب عموميون ال‬
‫تستوفي البيانات املطلوبة‪ ،‬كما أنها ال تحدد املطالب بكل دقة‪ ،‬مما تضطر معه املحكمة إلى مطالبة‬
‫املدعي بتصحيح املسطرة‪ ،‬وتنقلب معه الغاية املقصودة من املادة ‪ 80‬من املدونة وتضيع معها‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫على أنه يبقى للطرف املعني باألمر حق الخيار في تدبير مسطرته من طرف محام أو تقديمه‬
‫شخصيا دون ترتيب أي جزاء عن سلوكه الطريقة الثانية‪ ،‬ذلك أن مقتضيات الفصل ‪ 31‬من‬
‫القانون املنظم ملهنة املحاماة يستثني القضايا التي تبث فيها املحاكم ابتدائيا وانتهائيا من ضرورة‬
‫تنصيب محام‪ ،‬ولكون أحكامها تكون دائما نهائية في شقها املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية فإن‬
‫مساطر الطالق والتطليق معفاة من تنصيب محام‪.‬‬
‫واملقال حسب مقتضيات املادة ‪ 80‬من املدونة يجب أن يشير ويرفق بما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬هوية الزوجين ومهنتهما؛‬

‫‪ -1‬ينص الفصل ‪ 31‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه ‪ :‬ترفع الدعوى إلى المحكمة االبتدائية بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله‬
‫أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في‬
‫المحضر إلى أنه ال يمكن له التوقيع‪.‬‬
‫تقيد القضايا في سجل معد لذلك حسب الترتيب التسلسلي لتلقيها وتاريخها مع بيان أسماء األطراف وكذا تاريخ االستدعاء‪.‬‬
‫بمجرد تقييد المقال يعين رئيس المحكمة حسب األحوال قاضيا مقررا أو قاضيا مكلفا بالقضية"‬
‫‪ -2‬تنص المادة ‪ 80‬من مدونة األسرة على ما يلي ‪ ":‬يتضمن طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق‪ ،‬هوية الزوجين ومهنتهما‬
‫وعنوانهما‪ ،‬وعدد األطفال إن وجدوا‪ ،‬وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي‪.‬‬
‫يرفق الطلب بمستند الزوجية والحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية"‪.‬‬

‫الصفحة ‪121 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬عنوانهما خاصة عنوان الزوجة الذي يجب أن يكون واضحا وكامال وأن ال يكون بأي حال‬
‫من األحوال مغلوطا أو مجهوال أو ناقصا تحت طائلة تطبيق العقوبة املنصوص عليها في املادة ‪361‬‬
‫من القانون الجنائي(‪ )1‬بطلب من الزوجة وبعد تحريك املتابعة من طرف النيابة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬سند الزوجية؛‬
‫‪ -‬رسم والدة الزوجين‬
‫‪ -‬رسوم والدة األبناء إن وجدوا؛‬
‫– شهادة السكنى للزوجين؛‬
‫‪ -‬الحجج املثبتة للوضعية املادية للزوج‬
‫‪ -‬اإلدالء بما يفيد حمل الزوجة من عدمه‪.‬‬
‫وعند عدم إرفاق الطلب بهذه املستندات أو عدم اإلشارة إلى بعض البيانات اإللزامية‬
‫في الطلب‪ ،‬فإن املحكمة تطلب من املدعي تصحيح املسطرة وذلك بإضافة املستندات الالزمة‬
‫واستكمال البيانات الناقصة وفقا ألحكام الفصل ‪ 32‬من ق‪.‬م‪.‬م تحت طائلة الحكم بعدم قبول‬
‫الطلب‪.‬‬
‫ويختلف أداء الرسم القضائي عند الطلب بين ما إذا كان املقدم هو الزوج أو الزوجة‪ ،‬ففي‬
‫الحالة األولى فإن هذا األخير يؤدي مبلغ ‪ 150,00‬درهم(‪ )2‬باإلضافة إلى رسم خاص باملرافعة محدد في‬
‫‪ 10,00‬دراهم‪ ،‬أما في الحالة الثانية فإن الزوجة تكون معفاة استنادا إلى الرسالة الدورية للسيد وزير‬
‫العدل عدد ‪ 32‬س‪ 2/4‬بتاريخ ‪ 2004/06/18‬واملواكبة لتنزيل مقتضيات مدونة األسرة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن اتجاه مدونة األسرة ومن خاللها وزارة العدل كان واضحا في التخفيف‬
‫على الزوجة من الناحية املادية عند لجوئها إلى دعوى الطالق إن هي ملكت هذا الحق أو التطليق‬

‫‪ -1‬جاء في الفقرة األولى من الفصل ‪ 361‬من القانون الجنائي ما يلي‪ " :‬من توصل‪ ،‬بغير حق‪ ،‬إلى تسلم إحدى الوثائق المشار إليها‬
‫في الفصل السابق‪ ،‬أو حاول ذلك‪ ،‬إما عن طريق اإلدالء ببيانات غير صحيحة‪ ،‬وإما عن طريق انتحال اسم كاذب أو صفة كاذبة‪،‬‬
‫وإما بتقديم معلومات أو شهادات أو إقرارات غير صحيحة‪ ،‬يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات وغرامة من مائتي إلى‬
‫ثالثمائة درهم‪.‬‬
‫‪ -2‬استنادا إلى أحكام الفصل ‪ 25‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.84.54‬الصادر في ‪ 25‬رجب ‪ 27( 1404‬أبريل ‪ )1984‬بمثابة قانون‬
‫المالية لسنة ‪.1984‬‬

‫الصفحة ‪122 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫حسب األحوال‪ ،‬فاملالحظ أن بعض صناديق اململكة ال زال تثقل كاهلها بأداء الرسوم القضائية‬
‫ومصاريف التبليغ والتنفيذ الخاصة بالسادة املفوضين القضائيين على الرغم من أن النص ال يلزمها‬
‫بذلك‪.‬‬
‫بعد إيداع الطلب بصندوق املحكمة يفتح له ملف ويحال على الشعبة املختصة (شعبة‬
‫الطالق)حيث يسجل بالسجل العام نموذج ‪ 5‬ويمنح رقما ترتيبيا ويدون كاتب الضبط تاريخ تسجيل‬
‫الطلب واسم املدعي ونائبه واسم املدعى عليه ونائبه وموضوع الدعوى‪ ،‬يحال بعدها امللف على‬
‫رئيس قسم قضاء األسرة(‪ )1‬لتعيين القاض ي املقرر وتحديد تاريخ أول جلسة الستدعاء الطرفين‪،‬‬
‫حيث يرجع بعد ذلك لتضمين هذه البيانات بالسجل العام‪ ،‬وتبقى ثالث خانات بدون بيانات إلى حين‬
‫النطق بالحكم وهي تاريخ الحكم ومنطوق الحكم ومالحظات‪.‬‬
‫يحيل بعد ذلك كاتب الضبط املكلف بالسجل العام للشعبة امللفات املعينة على كاتب‬
‫الجلسة قصد تضمينها ب ‪ S@j 2‬واستخراج استدعاءات أول جلسة املتعلقة بها‪ ،‬ثم ترتيبها حسب‬
‫الجلسات واملقررين‪.‬‬
‫والبد هنا من اإلشارة إلى التجربة االستثنائية للمحكمة االجتماعية للدار البيضاء والتي‬
‫استقى منها مشروع قانون املسطرة املدنية الكثير في التدبير األولي للمسطرة بالصندوق‪ ،‬حيث إنه‬
‫بمجرد وضع الطلب يفتح له ملف بالصندوق ويعطى له رقم تسلسلي ويعين املقرر وتاريخ أول جلسة‬
‫بناء على الئحة أولية موقعة من طرف رئيس املحكمة مع توقيعه على األمر بتعيين املقرر‪ ،‬ويبلغ‬‫ً‬
‫صاحب الطلب فورا بأول جلسة ويمكنه ً‬
‫بناء على طلبه أن يسهر على تبليغ الطرف املدعى عليه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مرحلة التبلي ـ ـغ‬

‫يعد التبليغ أهم مرحلة من مراحل دعاوى الطالق والتطليق ألنه مرتبط بمرحلة أخرى ال‬
‫تقل عنه أهمية تستدعي حضور الطرفين ومواجهتهما لبعضهما البعض وهي مرحلة الصلح‪.‬‬

‫‪ - 1‬أصبح رؤساء أقسام األسرة بالمحاكم االبتدائية يعينون بمقتضى المادة ‪ 46‬من قانون التنظيم القضائي الجديد رقم ‪ 38.15‬بقرار‬
‫للمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬وهو يمارس وفقا ألحكام الفقرة الثانية من المادة ‪ 57‬من نفس القانون االختصاصات المخولة‬
‫لرئيس المحكمة االبتدائية فيما له صلة بقسم قضاء األسرة الذي يشرف عليه‪.‬‬

‫الصفحة ‪123 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫لذلك‪ ،‬فإن توصل الطرفين شخصيا الزم وضروري في دعاوى الطالق‪ ،‬وال يغني توصلهما‬
‫بصفة قانونية وفق أحكام الفصل ‪ 39‬من ق‪.‬م‪.‬م عن التوصل الشخص ي وفق ما يفهم من أحكام‬
‫املادة ‪ 81‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن توصل الزوج شخصيا (وهو الغالب عند إيداعه للمقال) ولم يحضر ولم يدل‬
‫بعذر مقبول اعتبر ذلك تراجعا منه عن طلبه وصرفت املحكمة النظر عن البت في امللف‪ ،‬أما إذا‬
‫توصلت الزوجة شخصيا ولم تحضر ولم تدل للمحكمة بمالحظاتها املكتوبة فيتم إنذارها من طرف‬
‫املحكمة بواسطة النيابة العامة بأنها إن لم تحضر فسيتم البث في امللف‪.‬‬
‫ولم يتم من خالل هذه املادة تحديد طبيعة هذا اإلنذار الذي توجهه النيابة العامة‪ ،‬لكن‬
‫الغالب وحسب ما جرى به العمل داخل أقسام قضاء األسرة أن هذا اإلنذار يوجه وفقا ملسطرة‬
‫القيم الذي ينصب في حق الزوجة وفقا ألحكام الفقرات ‪ 7‬و‪ 8‬و‪ 9‬من الفصل ‪ 39‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫وإذا ثبت تحايل الزوج في اإلدالء بعنوان مغلوط للزوجة فتطبق في حقه ً‬
‫بناء على طلب من‬
‫الزوجة ووفقا ألحكام الفقرة األخيرة من املادة ‪ 81‬من مدونة األسرة مقتضيات الفصل ‪ 361‬من‬
‫القانون الجنائي(‪.)1‬‬
‫واملشرع عندما نص على تبليغ الطرفين شخصيا‪ ،‬فإن غابيته كانت تنصب على حضورهما‬
‫شخصيا لجلسة الصلح حيث ال يتصور من الناحية العملية صلح بدون حضور طرفيه الرئيسيين‪،‬‬
‫وبالتالي ال تتصور معه الوكالة في الطالق (‪)2‬وهو ما يفسر سكوت املشرع عن تنظيمها مع إجازته لها‬
‫بمناسبة اإلذن بالزواج‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنص الفقرة األولى من الفصل ‪ 361‬من القانون الجنائي المغربي على أنه ‪ ":‬من توصل‪ ،‬بغير حق‪ ،‬إلى تسلم إحدى‬
‫الوثائق المشار إليها في الفصل السابق‪ ،‬أو حاول ذلك‪ ،‬إما عن طريق اإلدالء ببيانات غير صحيحة‪ ،‬وإما عن طريق انتحال اسم‬
‫كاذب أو صفة كاذبة‪ ،‬وإما بتقديم معلومات أو شهادات أو إقرارات غير صحيحة‪ ،‬يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات‬
‫وغرامة من مائتين إلى ثالثمائة درهم‪.‬‬
‫‪ - 2‬خاصة في مرحلة الصلح‪ ،‬على الرغم من أن البعض يجيزها في المرحلة الالحقة لفشل محاولة الصلح‪ ،‬ولكن إشكاال آخر يثار‬
‫بخصوص المغاربة المقيمين بالخارج حيث إنهم يستغلون عودتهم ألرض الوطن قصد القيام بإجراءات الطالق وال تسعفهم مدة‬
‫إجازتهم في إتمام مراحله كامال‪ ،‬خاصة عند وجود أوالد حيث يجب أن يفصل بين جلسة الصلح األولى والثانية أجل ‪ 30‬يوما‪،‬‬
‫ويكون من المفيد توكيلهم ألحد أفراد األسرة من أجل إتمام اإلجراءات الالحقة لجلسة الصلح أو انتدابهم لمحامي للقيام بإجراءات‬
‫المسطرة كاملة‪ ،‬وعند أقامتهما معا ببلد اإلقامة‪ ،‬يمكن لهما إجراء محاولة الصلح أمام سفارة أو قنصلية المملكة المغربية لبلد اإلقامة‬
‫في إطار إنابة قضائية‪.‬‬

‫الصفحة ‪124 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وعلى الرغم من هذا السكوت‪ ،‬فقد أقرت محكمة النقض في اجتهاد أخير لها بتاريخ ‪14‬‬
‫شتنبر ‪ 2021‬بأن عدم التنصيص صراحة في مدونة األسرة على التوكيل في الطالق كما كان عليه‬
‫األمر في الفصل ‪ 44‬من مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬ال يعني استبعاده مطلقا‪ ،‬إذ أنه جائز بشروط في‬
‫مذهب اإلمام مالك الذي أحالت عليه املادة ‪ 400‬من مدونة األسرة(‪.)1‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪:‬مرحلة الصلح‬

‫بعد عقد الجلسة األولى التي تكون بقضاء جماعي واطالع املحكمة على تبليغ الزوج والزوجة‬
‫وحضورهما بالجلسة وبعد التأكد من صحة البيانات الشكلية والوثائق املرفقة بالطلب‪ ،‬فإنها تحيل‬
‫امللف على غرفة املشورة من أجل عقد جلسة الصلح(‪ ،)2‬و تكون هذه اإلحالة فورية بعد انتهاء‬
‫الجلسة األولى وقد تأخر لوقت الحق حسب األحوال‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 418‬بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ 2021‬في الملف الشرعي عدد ‪ 2020/1/2/279‬منشور بموقع المجلس‬
‫األعلى للسلطة القضائية ‪:‬‬
‫‪https://juriscassation.cspj.ma/upl/2021/202253111537.pdf‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 2023/02/22 :‬على الساعة ‪.17:50‬‬
‫وقد جاء في جواب محكمة النقض على الوسيلة الفريدة المتعلقة بنقصان التعليل الموازي النعدامه ما يلي ‪:‬‬
‫" حيث صح ما عابه الطاعن على القرار‪ ،‬ذلك أنه لئن كان المشرع قد نص في المادة ‪ 81‬من مدونة األسرة على استدعاء‬
‫الطرفين شخصيا لحضور جلسة الصلح بينهما إليجاد حل للخالفات بينهما‪ ،‬واعتبرت توصل الزوج وعدم حضوره تراجعا منه عن‬
‫طلبه‪ ،‬وكانت فلسفة المشرع بما صاغه في مدونة األسرة هو الحرص على األسرة والحفاظ على استقرارها‪ ،‬فإن عدم تنصيصه‬
‫على التوكيل صراحة كما كان عليه األمر في الفصل ‪ 44‬من مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬ال يعني استبعاده مطلقا‪ ،‬إذ أنه جائز في‬
‫مذهب اإلمام مالك الذي أحالت عليه مدونة األسرة في المادة ‪ ،400‬ومعمول به قضاء في بعض الحاالت المبعدين أو المحكوم عليه‬
‫بالسجن أو الحبس لمدد طويلة أو الموجودين في دول يتعذر عليه مغادرتها‪ ،‬ويكون للطالق ما يبرره ومن شأن تعليقه إلحاق الضرر‬
‫بأحد الزوجين‪ ،‬فال هو بالمتزوج وال بالمطلق‪ ،‬وهو ما يتنافى مع قوله تعالى ‪":‬فإمساكا بمعروف أو تسريح بإحسان"‪ ،‬والطالب لما‬
‫تمسك بطلب الطالق وبأنه لم يتمكن من الحضور للجلسة المذكورة بنفسه‪ ،‬وأناب عنه دفاعه األستاذ حليم أحمد بمقتضى وكالة‬
‫مصادق عليها بالقنصلية العامة للمملكة المغربية بـــــــــــ ك بتاريخ ‪ 2019/02/25‬للنيابة عنه في جميع اإلجراءات اإلدارية‬
‫والقانونية من أجل تطليق المطلوبة من عصمته‪ ،‬وبرر بها عدم حضوره الشخصي كونه يوجد خارج أرض الوطن‪ ،‬وأنه موضوع‬
‫بحث في متابعة بنا ًء على شكاية رفعتها المطلوبة في مواجهته‪ ،‬وأن بقاء المطلوبة في عصمته وهو مبحوث عنه خارج أرض‬
‫الوطن مع استحالة العشرة فيه ضرر كبير له‪ ،‬فإن المحكمة لما أيدت الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول دعواه‪ ،‬دون البحث فيما‬
‫أثاره الطالب ومناقشة والتأكد من صحته‪ ،‬والبت وفق ما ينتهي إليه تحقيقها بتطبيق القواعد الفقهية المذكورة والتي هي بمثابة‬
‫قانون‪ ،‬فإن قرارها جاء غير مؤسس وناقص التعليل وهو بمثابة انعدامه‪ ،‬مما يعرضه للنقض"‪.‬‬
‫‪ - 2‬يصطلح على هذه الجلسة من الناحية العملية جلسة البحث‪ ،‬حيث إنها تكون قريبة من جلسات البحث كإجراء من إجراءات‬
‫التحقيق المنصوص عليها في الفصول من ‪ 71‬إلى ‪ 84‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫الصفحة ‪125 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وتعقد جلسة محاولة الصلح بحضور القاض ي املقرر وكاتب الضبط بانتداب من هيئة‬
‫الحكم‪ ،‬حيث تجري املناقشات بين الزوجين بكيفية سرية حفاظا على بعض خصوصيات األسرة بما‬
‫في ذلك االستماع إلى الشهود وكل من ترى املحكمة فائدة في االستماع إليه إلنهاء النزاع بالصلح‪.‬‬
‫ويثار إشكال آخر بخصوص سكوت املشرع من خالل املادتين ‪ 94‬و‪ 113‬عن الجزاء املترتب‬
‫عن اإلخالل باإلجراءات املسطرية للصلح‪ ،‬لكن الظاهر من خالل املادة ‪ 81‬وما يليها من مدونة األسرة‬
‫وكذلك املادة‪ 94‬و‪ 113‬من نفس املدونة أن صيغتها توحي بالوجوب وبالتالي فهي إجراء جوهري(‪ )1‬من‬
‫النظام العام يترتب عن عدم القيام بها أو اإلخالل بإجراءاتها بطالن الحكم بالطالق أو التطليق‬
‫حسب األحوال‪.‬‬
‫ويثار إشكال في حالة تخلف الزوجين معا عن الحضور لجلسة الصلح رغم اإلعالم ودون‬
‫عذر مقبول‪ ،‬فهل تفسر املحكمة هذا التخلف على أن الطرفين قد تراضيا فيما بينهما وعادت‬
‫عالقتهما إلى سالف عهدها؟ أم أن هذا التخلف يعتبر قرينة على فشل محاولة الصلح وبالتالي تستمر‬
‫املحكمة في مباشرة إجراءات الطالق؟‬
‫الواقع أن التفسير األصلح للطرفين واعتمادا على تخلف طالب اإلذن بالطالق هو اعتبار‬
‫تخلف الطرفين معا تراجعا عن الطلب‪ ،‬وبالتالي يجب على املحكمة الحكم بتراجع الزوج عن طلبه‬
‫حفاظا على املصلحة الفضلى لألسرة‪.‬‬
‫والبد في هذا الباب من اإلشارة إلى أن املادة ‪ 50‬من قانون التنظيم القضائي الجديد رقم‬
‫‪ 38.15‬قد كرست توجها جديدا ملسطرة الصلح أمام القضاء بصفة عامة‪ ،‬والصلح األسري بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬وذلك بفتح إمكانية إجرائها من طرف فئة سوسيو مهنية متخصصة في املجال االجتماعي‪،‬‬

‫‪ - 1‬تنص الفقرة األ خيرة من الشرح الذي أورده الدليل العملي لمدونة األسرة بخصوص المادة ‪ 82‬على أن ‪" :‬محاولة الصلح إجراء‬
‫جوهري وال يمكن إنجازه في غياب الزوجين المعنيين‪ ،‬ولذلك أوجب المشرع حضورهما الشخصي في جلسة المصالحة التي يجب‬
‫فيها على المحكمة بذل كل المجهودات إلصالح ذات البين"‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع المرجو مراجعة الدليل العملي لمدونة األسرة‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة‬
‫الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪ ،2004 ،1‬الطبعة الثالثة‪ ،‬فبراير ‪ ،2007‬ص ‪.65:‬‬

‫الصفحة ‪126 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وهي فئة املساعدين االجتماعيين‪ ،‬ذلك أن الواقع العملي قد أبان عن نجاح تجربة إجراء الصلح من‬
‫طرف هذه الفئة في قضايا الطالق والتطليق‪ ،‬فيما بات يعرف بالتكليف القضائي(‪.)1‬‬
‫وفي جلسة الصلح الخاصة بالطالق تعطى الكلمة األولى للزوج باعتباره طالب الطالق حيث‬
‫يتم االستماع إلى تصريحاته‪ ،‬ثم تمكن الزوجة من حق الرد على تصريحات الزوج‪ ،‬وتقوم املحكمة‬
‫بتقريب وجهات النظر بين الزوجين ورفع أسباب الخالف الدافع إلى تقديم الطلب وإصالح ذات البين‬
‫بين الطرفين‪ ،‬فإذا تمكنت من اإلصالح بين الزوجين أشهدت على ذلك في املحضر‪ ،‬وإن لم تتمكن‬
‫مرت إلى محاوالت اإلصالح الغير قضائية وهي إما انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه‬
‫املحكمة مناسبا‪.‬‬
‫ويظهر دور كتابة الضبط في هذه املرحلة هاما حيث يقوم كاتب جلسة الصلح أو املساعد‬
‫االجتماعي بتوثيق ما راج داخل جلسة الصلح بكل أمانة وإخالص دون تحريف أو زيادة في تصريحات‬
‫الطرفين أو إنقاص لبعض املعطيات التي تكون حاسمة في تحديد مسؤولية كل طرف في الطالق(‪،)2‬‬
‫مع توخي االختصار واالكتفاء بتوثيق النقاط الخالفية املهمة دون اإلطناب وتحرير التصريحات‬
‫الخارجة عن املوضوع‪ ،‬واحترام شكليات املحضر وذلك بالكتابة بخط واضح وتفادي التشطيب‬
‫واإلقحام أو ترك فراغات بين الجمل والكتابة بأسلوب سلس يسهل على القارئ الوصول إلى الفكرة‪.‬‬
‫وقد جرت العادة أن تنتدب املحكمة في جلسة الصلح األولى حكمين ‪:‬واحد من عائلة الزوج‬
‫والثاني من عائلة الزوجة‪ ،‬وتشعرهما بتقديم تقرير بشأن الصلح أو عدمه خالل جلسة الصلح‬
‫املوالية التي تحدد تاريخها‪ ،‬والذي يجب أن ال يقل عن ‪ 30‬يوما إذا كان للزوجين أطفال‪.‬‬
‫وإذا كانت املادة ‪ 94‬من مدونة األسرة تشير إلى تقرير يحرر في ثالثة نسخ يوقعه الحكمان‬
‫والزوجان ويرفعانه إلى املحكمة‪ ،‬فالواقع أن الحكمين ال يحرران التقرير مجتمعين إال في حالة‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 50‬من قانون التنظيم القضائي الجديد رقم ‪ 38.15‬على أنه ‪ ":‬يمارس المساعدون االجتماعيون المنتمون لهيئة‬
‫كتابة الضبط بمكتب المساعدة االجتماعية بكل من المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف‪ ،‬عالوة على المهام المسندة إليهم بموجب‬
‫النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ ،‬وبتكليف من‬
‫الجهات القضائية المختصة المهام التالية ‪:‬‬
‫‪....... -‬‬
‫‪ -‬ممارسة الوساطة أو الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء؛‬
‫‪." ..... -‬‬
‫‪ - 2‬حيث يتم من الناحية العملية الرجوع إلى محضر الصلح عند تداول أعضاء الهيئة بخصوص الملفات المعروضة عليها‪،‬‬
‫واستطالع مدى تعسف الزوج في إيقاع الطالق ومدى مسؤولية الزوجة عن ذلك‪..‬‬

‫الصفحة ‪127 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الوصول إلى الصلح بين الطرفين‪ ،‬أما إذا لم يتمكنا من ذلك فيكتفي كل واحد منهما بتحرير تقريره‬
‫مستقال ويصحح به اإلمضاء لدى السلطات املختصة ويقدمه للمحكمة في جلسة الصلح املوالية‪،‬‬
‫حيث يحال امللف على الجلسة العلنية بعد إدالء النيابة العامة بمستنتجاتها ويحجز امللف للمداولة‬
‫لإلذن يإيداع مستحقات الزوجة‪.‬‬
‫وانتداب الحكمين يبقى أمرا اختياريا بالنسبة للمحكمة حسب منطوق الفقرة الثانية من‬
‫املادة ‪ 82‬من مدونة األسرة(‪ ،)1‬فإذا ما تبين عدم جدوى هذا االنتداب فللمحكمة أن تصرف النظر‬
‫في إطار سلطتها التقديرية دون رقابة لها في ذلك من طرف محكمة النقض‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬مرحلة اإلذن والحكم بالطالق‬

‫تأذن املحكمة للزوج بإيداع مستحقات الزوجة بصندوق املحكمة داخل أجل أقصاه ‪30‬‬
‫يوما من تاريخ اإلذن وتعين له جلسة للتأكد من اإليداع من عدمه‪ ،‬فإذا تم اإليداع فإن املحكمة‬
‫تحجز القضية لإلذن‪ ،‬وإن لم يتم اإليداع فإنها تحجز القضية للحكم بالتراجع عن طلب اإلذن‬
‫بالطالق‪.‬‬
‫وتشمل املستحقات املأذون بها ما يلي ‪ :‬مؤخر الصداق إن نص عقد الزواج عليه‪ ،‬واملتعة‪،‬‬
‫ونفقة العدة وسكن العدة‪ ،‬ونفقة الزوجة إن كانت حامال‪ ،‬ونفقة األبناء وحضانتهم وواجب‬
‫سكناهم‪.‬‬
‫وقد تقدم الزوجة في بعض الحاالت مقاال مضادا في مواجهة الزوج تطالبه فيه بمستحقاتها‬
‫ومستحقات أبنائها وفق التفصيل املذكور‪ ،‬حيث تكون املحكمة في هذه الحالة ملزمة بالبت في هذا‬
‫املقال عند عدم نجاح الصلح ورغم تراجع الزوج مع تمسك الزوجة بمطالبها‪.‬‬
‫وغني عن البيان أن إيداع مستحقات الزوجة واألبناء إن وجدوا يكون بطلب مرفقا بنسخة‬
‫اإلذن مقابل وصل يقتطع من املقتطع نموذج ‪ 201‬املتعلق باستخالص املداخيل املتعلقة بأمور‬

‫‪ - 1‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 82‬من مدونة األسرة على أنه ‪ ":‬للمحكمة أن تقوم بكل اإلجراءات‪ ،‬بما فيها انتداب حكمين أو‬
‫مجلس العائلة‪ ،‬أو من تراه مؤهال إلصالح ذات البين‪ .‬وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة ال‬
‫تقل عن ثالثين يوما"‪.‬‬

‫الصفحة ‪128 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫خصوصية املسماة باإليداعات االختيارية‪ ،‬ويدخل ضمن خانة حساب االئتمانات(‪ ،)1‬ويسجل‬
‫بسجالت الحسابات الخصوصية ‪ :‬نموذج ‪ 203‬الذي يحتوي على عدة خانات للتدوين وهي ‪ :‬الرقم‬
‫الترتيبي‪ ،‬اسم املودع‪ ،‬اسم املستفيد من اإليداع‪ ،‬رقم القضية ونوعها‪ ،‬املبلغ املودع‪ ،‬املبلغ‬
‫املخصوم‪،‬والباقي حيث يكتب بقلم أحمر‪ ،‬تاريخ عمليات القبض والدفع‪ ،‬أرقام الوصوالت وأرقام‬
‫أوراق املصاريف‪ ،‬ويفتح الحساب الخصوص ي باسم رئيس كتابة الضبط باعتباره محاسبا عموميا‬
‫لدى صندوق اإليداع والتدبير‪ ،‬ويتم سحب املبلغ من طرف الزوجة بواسطة شيك على اعتبار أن‬
‫مبلغ املستحقات يفوق دائما ‪ 1500‬درهم‪.‬‬
‫بعد تأكد املحكمة من إيداع الزوج للمستحقات تأذن له باإلشهاد على الطالق وتوثيقه لدى‬
‫عدلين منتصبين لإلشهاد بدائرة نفوذ اختصاص قسم قضاء األسرة‪ ،‬وبعد توثيق اإلذن والخطاب‬
‫عليه من طرف قاض ي التوثيق يتم تضمينه في سجالت التضمين املمسوكة لدى السادة النساخ كل‬
‫حسب دائرته أو حسب العدول التابعين له‪ ،‬ثم يوجه نظير رسم الطالق الرجعي إلى املحكمة مصدرة‬
‫اإلذن بالطالق قصد إضافته إلى ملف الطالق وإصدار قرار معلل طبقا ألحكام املادة ‪ 88‬من مدونة‬
‫األسرة‪.‬‬

‫‪ -1‬عكس حساب التسييرات القضائية وحساب المختلف‪ ،‬حيث تضمن باألول االفالسات والتصفيات القضائية‪ ،‬الحراسات القضائية‪،‬‬
‫أموال لغائبين والتركات الشاغرة غير المنتهية‪ ،‬وبالثاني ما لم يدخل في الصنفين معا كصوائر الخبرات‪ ,‬المعاينات‪ ,‬الدعاوى المدنية‬
‫المتأصلة من الدعاو ى الجنائية‪ ,‬تعويضات تنقل القضاة والموظفين‪ ,‬صوائر نقل المحجوزات ومصاريف اإلشهار‪ .‬واإلعالنات‬
‫القضائية‪.‬‬
‫ويرقم الحساب لكل صنف من األنواع الثالثة من الرقم ‪ 1‬إلى الرقم ‪ 99.999‬حسب ما جاء في الدورية رقم ‪ 1022‬الصادرة عن‬
‫وزير العـدل بتاريـخ ‪ 17‬محرم ‪ 1412‬الموافـق ‪ 30‬يوليوز‪ ,1991‬كما أن الوصوالت غير المستعملة تكتب عليها عبارة "ملغى"‬
‫بعد تجزئتها إلى نصفين األول يلصق باألرومة الموافقة لها والثاني بالنظير المحتفظ به لدى نائب المحاسب‪.‬‬

‫كما تحرر الوصوالت وأرومتها ونسخها بالقلم الجاف باستعمال الورق الناسخ مع التزام الدقة والوضوح عند تعبئتها‪ ,‬ويمنع‬
‫نهائيا فتح أي حساب سبقت تصفيته كما يحظر فتح حساب ثان أو عدة حسابات من نفس الفئة وللملف الواحد إذا كان الحساب األول‬
‫الخاص به الزال جاريا‪.‬‬

‫انظر بهذا الخصوص ‪ :‬دليل عمل مكاتب وشعب حسابات الصندوق بمحاكم المملكة‪ ،‬مديرية الميزانية والمراقبة‪ ،‬قسم المراقبة‪،‬‬
‫ص ‪.13 :‬‬

‫الصفحة ‪129 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ووثيقة الطالق حق للزوجة تحوزها خالل ‪ 15‬يوما املوالية لتاريخ اإلشهاد على الطالق‬
‫وللزوج الحق في الحصول على نظير منها بناء على طلبه (املادة ‪ 140‬من مدونة األسرة)‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬إجراءات التطليق‬

‫يلتقي التطليق في إجراءاتـه مـع مجموعـة مـن إجـراءات الطـالق‪ ،‬لكـن الفيصـل بينهمـا يبقـى فـي‬
‫أن األول تنتهــي بحكــم يمكــن أ‪ ،‬يقــع اإلشــهاد بــه بعــد ذلــك لــدى عــدلين منتصــبين لإلشــهاد‪ ،‬أمــا الثــاني‬
‫فينتهي بإذن يقع اإلشهاد به لدى عدلين ثم بعد ذلك يحرر حكم معلل في املوضوع‪.‬‬
‫وحتى ال نطنب في بسط مراحل التطليق التي سـبق لنـا أن عرضـناها بمناسـبة دراسـتنا ألنـواع‬
‫ـداء مــن إيــداع املقــال وانتهـ ًـاء بصــدور الحك ــم‪،‬‬
‫التطليــق(‪ )1‬وبمناســبة معالجتنــا إلج ـراءات الطــالق ابتـ ً‬
‫فإننــا ارتأينــا أن نخــص بعــض أنــواع التطليــق بمســاطرها الخاصــة علــى أن نحيــل بخصــوص قواعــدها‬
‫العامة على ما سلف‪.‬‬
‫وهكــذا‪ ،‬ســوف نعــالج املســاطر الخاصــة بــالتطليق للشــقاق باعتبــاره األكثــر شــيوعا (الفقــرة‬
‫األولـ ــى)‪ ،‬والتطليـ ــق للغيبـ ــة لخروجـ ــه عـ ــن القواعـ ــد املسـ ــطرية الخاصـ ــة والعامـ ــة املتعلقـ ــة بـ ــالطالق‬
‫والتطليق (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التطليق للشقاق‬

‫يعتبــر التطليــق للشــقاق ســببا جديــدا مــن أســباب التطليــق التــي أصــبحت تحكــم بهــا املحكمــة‬
‫تجاوزا للصعوبات التي كانت تعترض الزوجة في حالة رغبتها في إنهاء رابطة الزوجية‪ ،‬حيث كان يصعب‬
‫عليهــا مــن الناحيــة العمليــة إثبــات الضــرر الــذي يلحقهــا خاصــة إذا ـكـان الضــرر نفســيا أو اجتماعيــا أو‬
‫معنويا‪.‬‬

‫‪ - 1‬راجع بهدا الخصوص الفقرة الثانية من المطلب الثاني المتعلق بالطالق والتطليق وأنواعهما من المبحث األول المتعلق‬
‫بمنطلقات اولية من هذا العرض‪ ،‬ص ‪.9 :‬‬

‫الصفحة ‪130 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫والتطليق للشقاق ال يعتمد كقاعدة عامة على سبب معين حيث يكفي إثبات طالبه للخـالف‬
‫أيــا كــان نوعهــا مــن أجــل التطليــق‪ ،‬ولكــن إثبــات ســبب الخــالف يكــون محــددا رئيســيا فــي مســؤولية كــل‬
‫طرف في الفراق‪ ،‬وفي الحكم بالتعويض متى تبثث موجباته‪.‬‬
‫واملالح ــظ أن ه ــذا الن ــوع م ــن أن ــواع التطلي ــق ع ــرف ارتفاع ــا ملحوظ ــا‪ ،‬حي ــث ش ــكل ‪ %99‬م ــن‬
‫مجمــوع األحكــام الصــادرة بــالتطليق‪ ،‬وانتقــل عــدد األحكــام الصــادرة بــالتطليق مــن ‪ 7213‬حكــم خــالل‬
‫سنة ‪ 2004‬إلى ‪ 62686‬سنة ‪.)1(2021‬‬
‫وقــد اشــترط املشــرع أن تبــث املحكمــة فــي دعــاوى التطليــق للشــقاق داخــل أجــل ‪ 6‬أشــهر مــن‬
‫تاريخ إيداع املقال وهو أجل كثيرا مـا ال يـتم احترامـه مـن طـرف املحـاكم بسـبب الضـغط وكثـرة امللفـات‬
‫املعروضة على أقسام قضاء األسرة‪.‬‬
‫وإذا كـان مقــدم الطلـب فــي مسـطرة التطليــق للشــقاق هـو الــزوج فتسـري فــي حقـه أحكــام املــادة‬
‫‪ 83‬مــن مدونــة األســرة طبقــا لإلحالــة املنصــوص عليهــا فــي املــادة ‪ 97‬مــن نفــس املدونــة حيــث يكــون ملزمــا‬
‫بإيداع املستحقات للحصول على اإلذن ثم بعد ذلك تحرير الحكم املعلل كامال‪.‬‬
‫وتم ــر املحكم ــة تلقائي ــا إل ــى مس ــطرة التطلي ــق للش ــقاق ف ــي حال ــة تمس ــك ال ــزوج بطل ــب اإلذن‬
‫بالتعدد وعدم موافقة الزوجة املراد التزوج عليهـا (املـادة ‪ 45‬مـن مدونـة األسـرة)‪ ،‬حيـث إن هـذه اإلثـارة‬
‫التلقائيــة غالبــا مــا تثيــر إشــكاال عمليــا فــي حالــة تمســك الزوجــة بالعالقــة الزوجيــة‪ ،‬فهــل تكــون املحكمــة‬
‫ملزمة بالتطليق أم أنها تغض الطرف وتستمر في إجراءات التعدد ؟‬
‫نــرى مــن جانبنــا‪ ،‬أنــه فــي ظــل هــذه الوضــعية يكــون مــن الجــور الحكــم بتطليــق الزوجــة تلقائيــا‬
‫من زوجها الراغب في التعدد عند عدم موافقتها‪ ،‬ألنها تجد نفسـها أمـام ضـررين ‪ :‬ضـرر مـادي يكمـن فـي‬
‫رغبــة الــزوج فـي التــزوج عليهــا واإلذن لــه بــذلك‪ ،‬وضــرر معنــوي بتطليقهــا منــه‪ ،‬ويــزداد حجــم هــذا الضــرر‬
‫مع وجود األوالد‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة في هذا الباب إلى أن املادة ‪ 120‬مـن مدونـة األسـرة مكنـت الزوجـة كـذلك مـن‬
‫سلوك مسطرة الشقاق إذا هي أصرت على طلب الخلع ولم يستجب لها الزوج‪.‬‬

‫‪ - 1‬كلمة السيد وزير العدل يوم االثنين ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2022‬التي ألقيت بالنيابة بسال خالل توقيع اتفاقيتين ‪ :‬األولى بين الجمعية‬
‫المغربية لتنظيم األسرة والهيئة الوطنية للعدول بالمغرب‪ ،‬والثانية بين الهيئة نفسها وصندوق األمم المتحدة للسكان‪.‬‬

‫الصفحة ‪131 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫كما يمكن للزوجة سـلوك مسـطرة الشـقاق كـذلك وفقـا ألحكـام املـادة ‪ 100‬مـن مدونـة األسـرة‬
‫في الحالة التي يتعذر عليها إثبات الضرر مع إصرارها على طلب التطليق‪.‬‬
‫ولعل انتصاب التطليق للشقاق كبـديل عـن فشـل اإلثبـات وإصـالح ذات البـين بـين الـزوجين‪،‬‬
‫هو الذي يبرر االرتفاع الذي عرفتـه األحكـام القضـائية املتعلقـة بـه فـي اآلونـة األخيـرة وفـق اإلحصـائيات‬
‫الواردة أعاله‪ ،‬وهو األمر الذي يدعو بمناسبة دعوة صاحب الجاللة إلى إعادة النظر في بعـض أحكـام‬
‫مدونــة األســرة إلــى تقييــد حــاالت اللجــوء إليــه‪ ،‬وحصــرها فــي الحــاالت املستعصــية علــى الحــل مــع إثبــات‬
‫ذلك‪ ،‬حفاظا على كيان األسر املغربية وتخفيفا لآلثار االجتماعية التي ينتجها هذا النوع من حل عقد‬
‫النكاح‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التطليق للغيبة‬

‫تنفرد مسطرة التطليق للغيبة بخاصية هامة وهي عدم سلوكها ملسطرة الصـلح‪ ،‬علـى اعتبـار‬
‫أن هــذه األخيــرة –كمــا ســبق وأشــرنا إلــى ذلــك‪ -‬تســتدعي الوجاهيــة والحضــور الشخصـ ي للطــرفين‪ ،‬وفــي‬
‫التطليق للغيبة يكون الزوج غائبا وبالتالي فيتعذر عليه الحضور لجلسة الصلح‪.‬‬
‫وق ــد كان ــت مدون ــة األح ــوال الشخص ــية ت ــنص عل ــى قابلي ــة ه ــذا الن ــوع م ــن التطلي ــق للطع ــن‬
‫باالســتئناف فــي حالــة ظهــور الــزوج‪ ،‬وهــو األمــر الــذي قطعــت معــه املــادة ‪ 128‬مــن مدونــة األســرة التــي‬
‫جعل ــت املق ــررات القض ــائية القاض ــية ب ــالتطليق غي ــر قابل ــة للطع ــن ف ــي ش ــقها املتعل ــق بإنه ــاء العالق ــة‬
‫الزوجية‪.‬‬
‫ويطــرح إشــكال فــي هــذا النــوع مــن أنــواع التطليــق‪ ،‬حيــث إنــه يعــين فيهــا غالبــا قــيم للنيابــة عــن‬
‫الـزوج الغائــب‪ ،‬فهـل يجــب تبليــغ الحكـم القاضـ ي بـالتطليق للغيبــة إلــى القـيم فــي إطـار الفصــل ‪ 441‬مــن‬
‫قانون املسطرة املدنية‪ ،‬أم أن عدم قابلية الحكم للطعن تغني عن هذا التبليغ ؟‬
‫أجابت توصيات األيام الدراسية التي نظمتها وزارة العـدل بخصـوص اإلشـكاالت العمليـة التـي‬
‫يطرحها تطبيق مدونة األسرة بإفران ‪ ،2004‬على أنه يجب القيام بالتبليغ للقيم لكـون الحكـم وإن لـم‬
‫يكــن قــابال للطعــن فــي شــقه املتعلقــة بإنهــاء العالقــة الزوجيــة فإنــه يبقــى قــابال لــذلك فــي الشــق املتعلقــة‬
‫باملستحقات‪.‬‬

‫الصفحة ‪132 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫بعد أن عرضنا من خالل هذا املبحث إلجراءات الطالق والتطليق إلى حـدود النطـق بـالحكم‪،‬‬
‫فإنــه يكــون مــن الــالزم علينــا بعــد ذلــك أن نعــرج علــى اإلجـراءات املســطرية التــي تلــي هــذه املرحلــة والتــي‬
‫تمتاز باألهمية والدقة‪.‬‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬اإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق‬


‫بعد النطق بالحكم‬

‫غالبا ما يتم االقتصار من خالل الدراسات املتعلقة باإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق‬
‫على املرحلة األولى من الخصومة القضائية املتعلقة بهما دون عرض املراحل الالحقة لصدور الحكم‬
‫على الرغم من أهميتها‪ ،‬وهي مرحلة حاسمة لكونها تترجم الفائدة العملية من صدور الحكم أي‬
‫التبليغ التنفيذ (املطلب الثاني) وفي حالة عدم التنفيذ سلوك شكاية إهمال األسرة(املطلب الثالث)‬
‫وبعدها مساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي(املطلب الرابع)‪.‬‬
‫على أن هذه املراحل جميعها تسبقها مرحلة إدارية وهي إحالة ملخصات األحكام بالطالق‬
‫والتطليق على ضباط الحالة املدنية املمسوك لديه الحالة املدنية للزوجان(املطلب األول)‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬إحالة مخلص الحكم بالطالق أو التطليق‬


‫على ضابط الحالة املدنية‬

‫أحدث املشرع هذه اآللية ألول مرة بمدونة األسرة وبقانون الحالة املدنية السابق رقم‬
‫‪ 37.99‬واملرسوم التطبيقي الصادر بشأنه‪ ،‬وقانون الحالة املدنية الجديد رقم ‪ )1(36.21‬وكانت غايته‬
‫في ذلك تحيين الوضعية العائلية لألفراد بسجالتهم املدنية وفق املعطيات الجديدة (عازب‪ ،‬متزوج‪،‬‬

‫‪ - 1‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.21.81‬في ‪ 3‬ذي الحجة ‪ 1442‬الموافق ل‪ 14‬يوليوز ‪ ،2021‬المنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 7006‬بتاريخ ‪ 11‬ذي الحجة ‪ 1442‬الموافق ل ‪ 22‬يليوز ‪ ،2021‬ص ‪.5645 :‬‬
‫والبد من التذكير أن المرسوم التطبيقي لهذا القانون ال زال في طور اإلخراج‪ ،‬حيث صادق عليه مجلس الحكومة مؤخرا بتاريخ‬
‫فاتح يونيو ‪.2023‬‬

‫الصفحة ‪133 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫مطلق‪ ،‬أرمل)‪ ،‬وقد حد هذا التحيين من املعطيات املغلوطة التي كانت تقدم بمناسبة طلبات اإلذن‬
‫بالزواج أو بالتعدد‪.‬‬
‫وهكذا تنص املادة ‪ 141‬من مدونة األسرة على أنه ‪ ":‬توجه املحكمة ملخص وثيقة الطالق‪،‬‬
‫أو الرجعة‪ ،‬أو الحكم بالتطليق‪ ،‬أو بفسخ عقد الزواج‪ ،‬أو ببطالنه‪ ،‬إلى ضابط الحالة املدنية ملحل‬
‫والدة الزوجين‪ ،‬مرفقا بشهادة التسليم داخل خمسة عشر يوما من تاريخ اإلشهاد به‪ ،‬أو من صدور‬
‫الحكم بالتطليق أو الفسخ أو البطالن‪.‬‬
‫يجب على ضابط الحالة املدنية تضمين بيانات امللخص بهامش رسم والدة الزوجين‪.‬‬
‫إذا لم يكن للزوجين أو أحدهما محل والدة باملغرب‪ ،‬فيوجه امللخص إلى وكيل امللك لدى‬
‫املحكمة االبتدائية بالرباط‪.‬‬
‫تحدد املعلومات الواجب تضمينها في امللخص املشار إليه في الفقرة األولى أعاله‪ ،‬بقرار من‬
‫وزير العدل"‪.‬‬
‫وبالفعل فقد صدر قرار لوزير العدل رقم ‪ 273.04‬بتاريخ ‪ 3‬فبراير‪ )1(2004‬حدد هذه‬
‫املعلومات بدقة بحسب طبيعة الحكم (طالق أو تطليق)‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فقد نصت مقتضيات املادة ‪ 27‬من املرسوم التطبيقي لقانون الحالة‬
‫املدنية(‪)2‬على أنه‪" :‬بعد تحرير العدلين رسم الطالق أو الرجعة أو املراجعة‪ ،‬ونظيرين منه‪ ،‬وبعد‬
‫خطاب القاض ي املكلف بالتوثيق عليها‪ ،‬يرسل نظير الرسم في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من‬
‫تاريخ الخطاب إلى ضابط الحالة املدنية ملحل والدة كل من طرفي العقد"‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار لوزير العدل رقم ‪ 273.04‬صادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فبراير‪ )2004‬بتحديد المعلومات الواجب تضمينها في‬
‫ملخص وثيقة الطالق أو ملخص الحكم بالتطليق أو بفسخ عقد الزواج أو بطالنه‪ ،‬الجريدة الرسميةعدد ‪ 5186‬بتاريخ ‪ 21‬ذو الحجة‬
‫‪ 12( 1424‬فبراير ‪ ،)2004‬ص ‪ .522‬وقرار لوزير العدل رقم ‪ 274.04‬صادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3 ( 1424‬فبراير‪)2004‬‬
‫بتحديد المعلومات الواجب تضمينها في ملخص وثيقة الرجعة‪ ،‬الجريدة الرسميةعدد ‪ 5186‬بتاريخ ‪ 21‬ذو الحجة ‪12 ( 1424‬‬
‫فبراير ‪ ،)2004‬ص ‪.522‬‬

‫‪ -2‬مرسوم رقم ‪ 2.99.665‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 9( 1423‬أكتوبر ‪)2002‬لتطبيق القانون رقم ‪ 37.99‬المتعلق بالحالة المدنية‪،‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5054‬بتاريخ ‪ 2002/11/07‬الصفحة ‪.3156‬‬

‫الصفحة ‪134 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وعليه‪ ،‬فإن كتابة الضبط بأقسام قضاء األسرة تكون ملزمة بإحالة ملخصات الطالق‬
‫والتطليق على ضباط الحالة املدنية داخل أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ اإلشهاد على الطالق أو من تاريخ‬
‫الحكم بالتطليق‪ ،‬مقابل شهادة تسليم‪.‬‬
‫واملالحظ ومن خالل الواقع العملي أن هذه املقتضيات قلما يتم احترامها‪ ،‬إذ إنه بسبب‬
‫الضغط الحاصل في أقسام قضاء األسرة فإن امللخصات تحال خارج األجل ودون شهادة تسليم في‬
‫بعض الحاالت حيث يتم اإلكتفاء بسجل التداول أو بمرجوع البريد‪ ،‬كما أن النص لم يحدد املكلف‬
‫بتبليغ امللخصات هل هي شعبة التوثيق بقسم قضاء األسرة؟ أم شعبة التبليغ بها؟‬
‫كما أنه وبسبب عدم تمكن الزوجة من اإلدالء بنسخة من عقد ازدياد الزوج بامللف فإنه‬
‫يتعذر من الناحية العملية معرفة مكتب الحالة املدنية التابع ملكان والدة الزوج وبالتالي تبليغ ملخص‬
‫التطليق إليه‪.‬‬
‫وفي غالب األحيان‪ ،‬فإن صاحب املصلحة (الزوج أو الزوجة) هو الذي يسهر على تبليغ هذه‬
‫امللخصات شخصيا أو بواسطة مفوض قضائي في حالة عدم إحالتها على ضابط الحالة املدنية‬
‫املختص‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬تبليغ وتنفيذ الحكم القاض ي بالتطليق‬

‫مر علينا فيما سبق أن اإلذن بتوثيق الطالق يكون قابال للتنفيذ بإيداع املستحقات‬
‫بصندوق املحكمة ثم يصدر بعده حكم معلل وفق ما سلف‪ ،‬وتقاس عليه حالة تقديم الزوج لطلب‬
‫التطليق للشقاق‪ ،‬وتبقى حاالت التطليق األخرى متوقفة في تنفيذها على تقديم طلب من طرف‬
‫الزوجة خاص بالتبليغ والتنفيذ‪.‬‬
‫والقاعدة العامة أن التبليغ مرحلة سابقة للتنفيذ‪ ،‬حيث إن الطلبات بشأنهما تقدم‬
‫منفصلة‪ ،‬لكن وبلوغا للفائدة العملية فإن للزوجة أن تقدم طلبا للتبليغ والتنفيذ مجتمعين إلى‬
‫السيد رئيس كتابة الضبط يكون معفى من الرسوم القضائية دون واجب املفوض القضائي‪ ،‬وفق‬
‫أحكام الرسالة الدورية للسيد وزير العدل عدد ‪32‬س‪ 2/4‬بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪ 2004‬املشار إليها سابقا‪.‬‬

‫الصفحة ‪135 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫والقاعدة العامة أن كل أنواع التطليق تكون بائنة إال التطليق لإليالء والهجر والتطليق‬
‫لعدم االنفاق حيث تكون رجعية ويسري في حقها ما يسري على حكم الطالق الرجعي‪.‬‬
‫ونميز في تبليغ وتنفيذ األحكام القاضية بباقي أنواع التطليق بين شقين ‪ :‬شق نهائي وهو‬
‫املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية‪ ،‬وشق قابل لالستئناف وهو املتعلق باملستحقات‪.‬‬
‫ففي الشق املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية يكفي حصول املدعي على نسخة عادية من الحكم‬
‫من أجل توثيق عقد التطليق لدى عدلين منتصبين لإلشهاد‪ ،‬متى رأى ذلك ضروريا(‪ ،)1‬مع مراعاة‬
‫األحكام املتعلقة بالطالق االتفاقي وقبل البناء والخلعي الذي يجب توثيقه داخل أجل ‪ 15‬يوما من‬
‫تاريخ اإلذن وبحضور الطرفين‪.‬‬
‫أما في الشق املتعلق باملستحقات‪ ،‬فنميز فيه بين حالتين ‪ :‬الحالة العادية وفيها فيتم التبليغ‬
‫للزوج مع إشعاره بأن له أجل ‪ 15‬يوما لالستئناف طبقا ألحكام الفصل ‪ 134‬من ق‪.‬م‪.‬م كما وقع‬
‫تعديله بالقانون ‪ 72.03‬وبفوات هذا األجل يسقط حق الزوج في االستئناف ويصبح الحكم نهائيا‪،‬‬
‫حيث تحصل الزوجة على شهادة بعدم التعرض واالستئناف وتبدأ في مباشرة إجراءات التنفيذ‪.‬‬
‫وحالة شمول الحكم بالتطليق بالنفاذ املعجل القضائي حيث تباشر الزوجة إجراءات‬
‫التبليغ والتنفيذ في آن واحد ودون انتظار مض ي أجل االستئناف الذي هو ‪ 15‬يوما‪.‬‬
‫ومعلوم أن آجال االستئناف هي آجال كاملة ال يحسب يومها األول وال األخير وإذا صادف‬
‫اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده (الفصل ‪ 512‬من ق‪.‬م‪.‬م)‪.‬‬
‫ويوجه طلب التبليغ والتنفيذ إلى السيد رئيس كتابة الضبط املحكمة االبتدائية التابع لها‬
‫قسم قضاء األسرة مرفقا بنسخة تبليغية وتنفيذية و‪ 3‬صور منهما ويودع بصندوق املحكمة حيث‬
‫يكون معفى من الرسوم القضائية ويكتفي موظف الصندوق بالتأشير عليه‪ ،‬مع أداء أجرة املفوض‬
‫القضائي وتأشيره على الطلب‪ ،‬على الرغم من عدم وجود نص يفرض هذه الطريقة من التبليغ‬
‫والتنفيذ ولكن الواقع العملي قد فرض ذلك على رؤساء كتابات الضبط لقلة املوظفين املكلفين‬
‫بالتبليغ والتنفيذ ولكثرة ملفات التبليغ والتنفيذ بهذه األقسام‪.‬‬

‫‪ - 1‬يكتفي السادة العدول في هذه الحالة بتحرير رسم معاينة حكم بالتطليق مع اإلشارة إلى مراجعه وأطرافه‪ ،‬علما أن حجية األحكام‬
‫تبقى أقوى من حجية هذه الرسوم التي تكتفي بالمعاينة‪ ،‬ورغم ذلك فالعديد من المطلقين يلجؤون إلى هذه المعاينة اعتقادا ً منهم أن‬
‫رسم معاينة التطليق هو الوثيقة الرسمية إلثبات وقوعه‪.‬‬

‫الصفحة ‪136 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫يحال امللف بعد ذلك على شعبة التبليغ والتنفيذ حيث يضمن في السجل الخاص به وفق‬
‫البيانات التالية ‪ :‬الرقم الترتيبي‪ ،‬تاريخ التسجيل‪ ،‬طالب التنفيذ‪ ،‬املنفذ عليه‪ ،‬مصدره (محلي أو‬
‫إنابة قضائية مع تحديد جهته)‪ ،‬رقم املضمون (في حالة اإلنابة)‪ ،‬نوعه (تبليغ أو تنفيذ أو تبليغ‬
‫وتنفيذ)‪ ،‬ثم املعلومات املتعلقة بمأمور اإلجراءات وتتعلق باسمه وصفته وتاريخ تسلم امللف‪،‬‬
‫وتوقيعه‪ ،‬ونتيجة اإلجراء وتاريخه‪ ،‬ثم مالحظات‪.‬‬
‫ويتم تبليغ املعني باألمر مع إعالمه بحقه في االستئناف وفي حالة النفاذ املعجل القضائي‬
‫إعذاره بالتنفيذ داخل أجل غالبا ما يكون متوافقا مع أجل اإلستئناف (‪15‬يوم)‪ ،‬وهنا نكون أمام ‪3‬‬
‫حاالت ‪ :‬إما األداء أو اإلدالء بما يفيد األداء أو االمتناع‪.‬‬
‫ففي الحالتين األوليتين فال إشكال‪ ،‬وفي حالة االمتناع فيرجع املفوض القضائي امللف مع‬
‫إنجازه محضرا باالمتناع يضاف إلى امللف ويوضع رهن إشارة طالب التنفيذ‪ ،‬ويفيد محضر االمتناع‬
‫الزوجة في بداية احتساب املدة الجديدة املترتبة عن عدم األداء‪.‬‬
‫يقوم بعد ذلك طالب التنفيذ بسحب محضر االمتناع وتقديم طلب استعجالي لرئيس قسم‬
‫قضاة األسرة قصد استصدار أمر بالحجز على منقوالت أو عقارات املنفذ عليه أو على أجرته من‬
‫املنبع ضمانا ألداء املبلغ املحكوم به‪ً ،‬‬
‫وبناء على هذا األمر يتم إما الحجز أو تحرير محضر ثان بعدم‬
‫وجود ما يحجز‪.‬‬
‫والبد هنا من اإلشارة إلى أن كتابة الضبط بأقسام قضاء األسرة تمارس اختصاصا أصيال‬
‫استثني منه املفوضون القضائيون بمقتض ى الفقرة األولى من املادة ‪ 15‬من قانون ‪ 81.03‬املتعلق‬
‫بتنظيم مهنة املفوضين القضائيين(‪ )1‬أال وهو إفراغ أحد الزوجين من سكن الزوجية بعد الحكم‬
‫بواجب السكن وبعد إنهاء العالقة الزوجية بطالق أو تطليق بائن‪ ،‬حيث يتقدم الطرف الراغب في‬
‫اإلفراغ بطلب رام إلى اإلفراغ لألسباب املذكورة ويؤيده باملستندات املطلوبة ويكون املنفذ عليه في‬
‫حكم املحتل بدون سند‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 15‬من قانون ‪ 81.03‬على أنه ‪":‬يختص المفوض القضائي بصفته هاته‪ ،‬مع مراعاة الفقرة‬
‫الرابعة من هذه المادة‪ ،‬بالقيام بعمليات ا لتبليغ وبإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات وكـذا كل العقود والسندات التي لها قوة‬
‫تنفيذية‪ ،‬مع الرجوع إلى القضاء عند وجود أي صعوبة‪ ،‬وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلـقة بإفراغ المحـالت والبيوعات‬
‫العقارية وبيع السفن والطائرات و األصول التجاري"‪.‬‬

‫الصفحة ‪137 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ويسري على ملفات اإلنابات القضائية الواردة على مكتب التبليغ والتنفيذ بقسم قضاء‬
‫األسرة ما يسري على ملفات التبليغ والتنفيذ املحلية‪ ،‬حيث إنها تقسم على السادة املفوضين‬
‫القضائيين كل بحسب حصته ويعملون على تبليغها وتنفيذها وإيداع مبلغها بصندوق املحكمة‬
‫بواسطة شيك بنكي‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬سلوك مسطرة إهمال األسرة‬

‫بعد انتهاء مسطرة التبليغ والتنفيذ باالمتناع أو عدم وجود ما يحجز تكون الزوجة مخيرة‬
‫بين سلوك طريقين ‪ :‬إما تحريك مسطرة إهمال األسرة أو اللجوء إلى استيفاء نفقتها ونفقة أبنائها من‬
‫صندوق التكافل العائلي عند ثبوت عوزها‪ ،‬والغالب أن الزوجة تلجأ إلى املسطرة األولى ملا فيها من‬
‫ردع جنائي لكن آثارها النفسية واالجتماعية على األسرة تبقى وخيمة‪.‬‬
‫وعموما فمسطرة إهمال األسرة تحرك بناء على شكاية توجهها الزوجة إلى السيد وكيل امللك‬
‫وفق أحكام الفصول من ‪ 479‬إلى ‪ 482‬من القانون الجنائي‪ ،‬حيث تسجل بمكتب الضبط(‪ )1‬وتوجه‬
‫إلى شعبة إهمال األسرة‪ ،‬ومباشرة بعد التوصل بها من طرف الشعبة تعمل على تسجيلها بسجل‬
‫خاص وفق الرقم التسلسلي لتلقيها‪ ،‬حيث يضمن ‪ :‬الرقم الترتيبي‪ ،‬وتاريخ التسجيل‪ ،‬واسم طالب‬
‫التنفيذ وعنوانه‪ ،‬وتاريخ الحكم ورقمه مضمنه‪ ،‬واملحكمة املصدرة‪ ،‬واسم وعنوان املحكوم عليه‪،‬‬
‫تعليمات النيابة العامة‪ ،‬تاريخ توجيه طلب إجراء البحث‪ ،‬الجهة املوجه إليها‪ ،‬تاريخ ومضمن‬
‫الجواب‪ ،‬تاريخ بداية ونهاية اإلنذار‪ ،‬الرقم املوافق لسجل املحاضر‪ ،‬تاريخ املتابعة‪ ،‬ثم األسباب‬
‫املوقفة أو املسقطة للطلب‪.‬‬
‫ومن الشكليات التي يتم مراقبتها من طرف كتابة النيابة العامة قبل تسجيل الشكاية‬
‫وإحالة امللف على السادة النواب للدراسة مراقبة مطابقة اسم املشتكية واملشتكى به بالشكاية مع‬
‫اإلسم املضمن بالنسخة التنفيذية وبمحضر االمتناع وعدم وجود ما يحجز‪ ،‬مع ضرورة اإلشارة إلى‬
‫رقم بطاقة املشتكى به حتى يسهل البحث عنه أو إنجاز مذكرة بحث في حقه‪ ،‬وترفق الشكاية لزوما‬

‫‪ - 1‬هذه الشكاية قد تكون محلية أي أن الزوجة هي التي تقدمها وتتسلم نسخة منها مؤشر عليها بالتسلم‪ ،‬وقد تكون في إطار اإلنابات‬
‫القضائية حيث ترد على مكتب الضبط بواسطة البريد المضمون‪.‬‬

‫الصفحة ‪138 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫بنسخة تنفيذية أصلية ومحضر امتناع وعدم وجود ما يحجز مفصل حسب املدد واملبالغ‪ ،‬وعند‬
‫االقتضاء بشهادة تسليم تفيد تبليغ املنفذ عليه‪.‬‬
‫وخالفا للقاعدة العامة التي تنص على أن الجنحي يعقل املدني‪ ،‬فإن مسطرة إهمال األسرة‬
‫جعلت املدني يعقل الجنحي‪ ،‬إذ ال تحريك ملسطرة إهمال األسرة إلى بعد استيفاء إجراءات التبليغ‬
‫والتنفيذ وتحرير محضر بعدم وجود ما يحجز‪.‬‬
‫تحال بعد ذلك الشكاية على السيد نائب وكيل امللك الذي غالبا ما يقوم بعد التأكد من‬
‫صحة ادعاءات املشتكية واستكمال الشكاية لبياناتها الشكلية باتخاذ قرار اإلحالة على رئيس فرقة‬
‫الشرطة القضائية ملحل إقامة املشتكي قصد البحث‪ ،‬ومباشرة بعد تسجيل املعطيات املتعلقة‬
‫باإلحا لة ينجز إنذار بتنفيذ حكم شرعي من طرف كتابة النيابة العامة يتضمن اسم املنفذ عليه‬
‫وعنوانه ورقم بطاقته الوطنية‪ ،‬ومراجع الحكم الشرعي ومجموع املبالغ الواجبة األداء‪ ،‬واسم‬
‫املستفيد من الحكم‪ ،‬ويشار في هذا اإلنذار الذي يأخذ شكل استجواب يحرر بشأنه محضر بأن‬
‫يؤدي املنفذ عليه ما حكم به عليه في ظرف ‪ 30‬يوما(‪ ،)1‬وعند انصرام األجل القانوني وجب تقديمه‬
‫إلى النيابة العامة ما عدا في حالة األداء أو التنازل عن الشكاية‪ ،‬حيث يوضع حد للمتابعة أو آلثار‬
‫املقرر القضائي املكتسب لقوة الش يء املقض ي به في حالة صدوره(‪،)2‬وفي حالة تعذر نشر مذكرة‬
‫بحث في حقه‪ ،‬ويوقع اإلنذار في النهاية نائب وكيل امللك املشرف على املسطرة‪.‬‬
‫وفي حالة األداء داخل هذا األجل فإن النيابة العامة تتخذ قرار بالحفظ لألداء‪ ،‬وإال فإنه‬
‫يتم إلقاء القبض على املنفذ عليه وتقديمه في إطار الحراسة النظرية‪ ،‬وفي حالة األداء يتابع املنفذ‬
‫عليه في حالة سراح‪ ،‬وعند اإلصرار على عدم األداء يحال على هيئة الحكم لتقول كلمتها في حقه‪.‬‬
‫ويمنع األداء لدى الشرطة القضائية‪ ،‬حيث يتم عمليا األداء بصندوق املحكمة إما نقدا أو‬
‫بواسطة شيك مصادق على وجود مؤونته ً‬
‫بناء على إذن يمنحه وكيل امللك للمنفذ عليه بإيداع مبلغ‬
‫مالي‪ ،‬حيث يحتفظ املشتكى به بأصل وصل األداء ويدلي للشعبة بثالث نسخ منه األولى تبقى بامللف‬

‫‪ - 1‬وفق األحكام الجديدة المنصوص عليها في الفصل ‪ 481‬من القانون الجنائي بعدما تم تغييره وتتميمه بمقتضى المادة ‪ 2‬من‬
‫القانون رقم ‪ ،103.13‬حيث كانت مدة اإلعذار قبل ذلك محددة في ‪ 15‬يوما‪.‬‬
‫‪ - 2‬تمت إضافة هذا المقتضى بواسطة الفصل الجديد ‪ 481-1‬الذي أضيف للمجموعة الجنائية بالقانون رقم ‪ 103.13‬السالف الذكر‪.‬‬

‫الصفحة ‪139 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫والثانية تسلم للزوجة والثالثة تحال بإرسالية على الشرطة القضائية قصد إلغاء مذكرة البحث في‬
‫املسطرة املذكورة ما لم يكن متابعا في مساطر أخرى‪.‬‬
‫وفي حالة عدم إلقاء القبض فتحرر مذكرة بحث في حق املشتكى به ال يتم إلغائها إال عند‬
‫األداء أو تنازل املشتكية‪ ،‬وعموما فاملحكمة تكتفي عند املتابعة في حالة سراح بالحكم بعقوبة‬
‫حبسية موقوفة التنفيذ مع أداء غرامة في حدود ‪ 1000‬أو ‪ 1500‬أو ‪ 2000‬درهم حسب قيمة املبالغ‬
‫الغير منفذة‪ ،‬أما عند املتابعة في حالة اعتقال فيرجع إلى مقتضيات الفصل ‪ 479‬من القانون الجنائي‬
‫التي تحدد العقوبة في الحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من ‪ 200‬إلى ‪2.000‬درهم أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين فقط‪.‬‬
‫وعند منازعة املنفذ عليه في أداء مستحقات الزوجة واألوالد‪ ،‬فإنه يمكنه ً‬
‫بناء على طلبه أن‬
‫يلتمس من وكيل امللك إجراء محاسبة مع املفوض القضائي بخصوص أداء املبالغ املحكوم بها‪ ،‬حيث‬
‫تسلم الوصوالت األصلية املدلى بها وتحال من طرف النيابة العامة على املفوض القضائي املشرف‬
‫على عملية التنفيذ قصد إجراء املحاسبة وتحرير محضر استدراكي ً‬
‫بناء عليها‪.‬‬
‫وبعد تحرير املحضر االستدراكي وإيداعه من طرف املفوض القضائي أو املشكتى به بشعبة‬
‫إهمال األسرة‪ ،‬نكون أمام ثالث حاالت ‪ :‬إما أن املحضر ينص على أن املشتكى به قد أدى ما بذمته أو‬
‫فاق املبلغ الواجب األداء حيث يتوجب على النيابة العامة حفظ املسطرة لألداء‪ ،‬إما أن املحضر‬
‫ينص على أداء املشتكى به فارق املبلغ بعد املحاسبة بصندوق املحكمة وتتخذ النيابة العامة في هذه‬
‫الحالة كذلك قرارا بالحفظ لألداء‪ ،‬وإما أن ترجع املسطرة للشرطة القضائية بإنذار جديد باملبلغ‬
‫الجديد وبأجل جديد (‪30‬يوما)‪.‬‬
‫وتتقادم جنحة إهمال األسرة باعتبارها جنحة ضبطية استنادا إلى مقتضيات املادة ‪ 5‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج كما وقع تغييرها وتتميمها(‪ )1‬بمض ي ‪ 4‬سنوات يبتدئ سريانها من تاريخ متابعة النيابة العامة‪،‬‬
‫وال يقطع هذا التقادم إال بكل إجراء من إجراءات املتابعة أو التحقيق‪.‬‬

‫‪ - 1‬تم تغيير وتتميم المادة ‪ 5‬أعاله بمقتضى المادة الثانية من القانون رقم ‪ 35.11‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم‬
‫‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.169‬بتاريخ ‪ 19‬من ذي القعدة ‪1432‬‬
‫(‪ 17‬أكتوبر ‪ ،)2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5990‬بتاريخ ‪ 29‬ذو القعدة ‪ 27( 1432‬أكتوبر ‪ ،)2011‬ص ‪.5235‬‬

‫الصفحة ‪140 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ويبقى من حق الزوجة التي ال زالت في ذمة املنفذ عليه‪ ،‬سحب النسخة التنفيذية عند‬
‫سلوكها مسطرة إهمال األسرة في حالتين وهما ‪ :‬التنازل أو حفظ املسطرة لألداء‪ ،‬حيث يمكنها في هذه‬
‫الحالة مباشرة إجراءات صندوق التكافل العائلي متى كانت معوزة‪.‬‬

‫املطلب الرابع ‪ :‬مساطراالستفادة من صندوق التكافل العائلي‬

‫سيرا على نهج وروح وأهداف مدونة األسرة‪ ،‬أمر صاحب الجاللة بمناسبة افتتاح الدورة‬
‫األولى من السنة التشريعية الثانية من الوالية السابعة يوم ‪ 10‬أكتوبر ‪ 2003‬بضرورة اإلسراع‬
‫بإحداث صندوق للتكافل العائلي(‪.)1‬‬
‫وقد سبق لجاللته أن دعا في خطابه السامي بآكادير ل ‪ 29‬يناير ‪ 2003‬بمناسبة افتتاح‬
‫السنة القضائية إلى ضرورة إعداد دراسة متأنية ملشروع صندوق التكافل العائلي هدفه التكفل‬
‫ببعض الشرائح املجتمعية التي تعاني الهشاشة خاصة منهم األمهات واألطفال الناتجين عن الطالق‬
‫واللذين أحجم األب عن اإلنفاق عليهم ألسباب متعددة‪.‬‬
‫وبالفعل فقد نصت ألول مرة املادة ‪ 16‬املكررة من قانون املالية لسنة ‪ 2010‬على إنشاء هذا‬
‫ً‬
‫ابتداء من‬ ‫الصندوق وقررت إحداث حساب خصوص ي للخزينة يسمى "صندوق التكافل العائلي"‬
‫فاتح يناير ‪ ،)2(2011‬وتفعيال ملقتضيات املادة ‪ 16‬املكررة من قانون املالية لسنة ‪ 2010‬فقد نصت‬
‫املادة ‪ 19‬من قانون املالية لسنة ‪ 2011‬على إحداث هذا الحساب الخصوص ي وجعلت وزير العدل‬
‫هو اآلمر بقبض موارده وصرف نفقاته‪ ،‬كما حددت جانبه املدين وجانبه الدائن‪.‬‬

‫‪ - 1‬الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة الثانية من الوالية السابعة للبرلمان الملقى بتاريخ ‪ 10‬أكتوبر ‪،2003‬‬
‫انظر بهذا الخصوص ديباجة مدونة األسرة‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪ 16‬المكررة من قانون مالية ‪ 2010‬على أنه ‪ ":‬يحدث ابتدا ًء من فاتح يناير ‪ 2011‬حساب خصوصي للخزينة‬
‫يسمى "صندوق التكافل العائلي"‬
‫يتعين قبل التاريخ المذكور أعاله صدور تشريع يحدد على الخصوص الفئات المعنية بعمليات الصندوق وكذا الشروط والمساطر‬
‫الواجب استيفاؤها لالستفادة من موارد الصندوق‪.‬‬
‫ولتطبيق أحكام التشريع المشار إليه في الفقرة السابقة سيحدد قانون المالية للسنة المالية ‪ - : 2011‬صنف هذا الحساب الخصوصي‬
‫للخزينة ‪ -‬واآلمر بالصرف‬
‫‪ -‬ومداخيل ونفقات الحساب"‪.‬‬

‫الصفحة ‪141 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وصدر بالتزامن مع ذلك القانون رقم ‪ 41-10‬املتعلق بتحديد شروط ومساطر االستفادة من‬
‫صندوق التكافل العائلي(‪ ،)1‬كما صدر املرسوم التطبيقي للقانون املذكور تحت رقم ‪،)2(2-11-195‬‬
‫وأعقبهما قرار مشترك لوزير العدل والحريات ووزير االقتصاد واملالية رقم ‪ 852.12‬يتعلق باملصادقة‬
‫على اتفاقية بشأن تدبير عمليات صندوق التكافل العائلي املبرمة بين الدولة وصندوق اإليداع‬
‫والتدبير(‪ ،)3‬ثم منشور السيد وزير العدل والحريات بتاريخ ‪ 04‬أبريل ‪ ،)4(2012‬وأخيرا التعليمية‬
‫املشتركة بين وزير العدل والحريات والخازن العام بتاريخ ‪ 28‬مايو ‪.)5(2012‬‬
‫بيد أنه سرعان ما تبين بمرور أكثر من ثماني سنوات على تطبيق القانون رقم ‪ 41.10‬أنه‬
‫يعاني من مجموعة من املعوقات تمثلت أساسا في بطء وتعقيد مسطرة االستفادة من تسبيقاته‬
‫والرفع منها‪ ،‬وفي ضيق نطاق املستفيدين منه وعدم أحقية بعضهم‪ ،‬وفي عدم ضبط وتنظيم آليات‬
‫استرجاع املبالغ التي تم أدائها من مستحقات الصندوق دون وجه حق إما بعد ثبوت تحايل املستفيد‬
‫أو بعد أداء مبالغ النفقة أو ثبوت يسر األم‪.‬‬
‫وهو األمر الذي استدعى مراجعة القانون رقم ‪ً 41.10‬‬
‫بناء على التعليمات امللكية السامية‬
‫املوجهة لوزير العدل قصد االنكباب على إعادة النظر في توسيع دائرة املستفيدين من الصندوق‬
‫وتبسيط مساطر هذه االستفادة بما يمكن من االستفادة السريعة والناجعة من الصندوق‪ ،‬خاصة‬
‫وأنه يستهدف فئات هشة ومعوزة لم تستطع استيفاء نفقتها من الزوج سواء أثناء قيام الزوجية أو‬
‫بعد انفصام عراها‪.‬‬

‫‪ - 1‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.10.191‬صادر في ‪ 7‬محرم ‪ 13( 1432‬ديسمبر ‪ ،)2010‬والمنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 5904‬بتاريخ ‪ 24‬محرم ‪ 30( 1432‬ديسمبر ‪ ،)2010‬ص‪.5567‬‬
‫‪ -2‬مرسوم رقم ‪ 2.11.195‬صادر في ‪ 7‬شوال ‪ 6( 1432‬سبتمبر ‪ )2011‬بتطبيق أحكام القانون رقم ‪ 41.10‬يتعلق بتحديد شروط و‬
‫مساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي‪ ،‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5978‬الصادرة بتاريخ ‪ 16‬شوال ‪15( 1432‬‬
‫سبتمبر ‪ ،)2011‬ص ‪.4595 :‬‬
‫‪ - 3‬الصادر بفاتح ربيع اآلخر ‪ 23( 1433‬فبراير ‪ ،)2012‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6043‬الصادرة بتاريخ ‪ 8‬جمادي‬
‫اآلخرة ‪ 30( 1433‬أبريل ‪ ،)2012‬ص ‪.2946 :‬‬
‫‪ - 4‬منشور السيد وزير العدل والحريات رقم ‪ 17‬س ‪ 2‬بتاريخ ‪ 04‬أبريل ‪ 2012‬موجه لرؤساء المحاكم االبتدائية بشأن إجراءات‬
‫االستفادة من التسبيقات المالبة لصندوق التكافل العائلي‪.‬‬
‫‪ - 5‬تعليمة مشتركة رقم ‪ 2012/15‬بتاريخ ‪ 28‬مايو ‪ 2012‬لوزير العدل والحريات والخازن العام للمملكة حول تدبير العمليات‬
‫المالية والمحاسبية لصندوق التكافل العائلي‪.‬‬

‫الصفحة ‪142 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وبالفعل‪ ،‬فقد صدر القانون رقم ‪ )1(83.17‬الذي غير وعدل القانون رقم ‪ 41.10‬املتعلق‬
‫بتحديد شروط ومساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي‪ ،‬والذي نص على العديد من‬
‫املقتضيات الجديدة‪ ،‬كما صدر باملوازاة مع ذلك املرسوم رقم ‪ 249.18.2‬بتاريخ ‪ 29‬ماي ‪،)2(2018‬‬
‫املغير للمرسوم رقم ‪ 195.11.2‬صادر في ‪ 6‬سبتمبر ‪ 2011‬بتطبيق أحكام القانون رقم ‪ 41.10‬يتعلق‬
‫بتحديد شروط ومساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي‪.‬‬
‫ولإلملام الجيد بهذا الصندوق وبآليات تسييره والغايات التي أنشأ من أجلها‪ ،‬فإننا سنعالج‬
‫طرق تمويله في فقرة أولى والفئات املستهدفة من إحداثه في فقرة ثانية‪ ،‬وأخيرا مسطرة االستفادة‬
‫منه في فقرة ثالثة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬طرق تمويل الصندوق‬

‫نظم املشرع املغربي موارد الصندوق املرصود ألمور خصوصية املسمى "صندوق التكافل‬
‫العائلي" من خالل املادة ‪ 19‬من قانون مالية ‪ ،2011‬واملادة ‪ 23‬من قانون املالية ل ‪ ،2012‬وهكذا‬
‫فقد حددت املادة ‪ 19‬هذه املوارد في ‪ %20 -:‬من حصيلة الرسوم القضائية؛‬
‫‪ -‬حصيلة استرجاع التسبيقات املدفوعة من طرف الصندوق؛‬
‫‪ -‬استرجاع املبالغ املدفوعة من الحساب بدون حق مع احتمال زيادة الجزاءات؛‬
‫‪ -‬املوارد املمكن رصدها لفائدة الحساب بموجب تشريع أو تنظيم؛‬
‫‪ -‬الهبات أو الوصايا‬
‫‪ -‬املوارد املختلفة‪.‬‬
‫وقد حددت قوانين املالية منذ سنة ‪ 2011‬إلى حدود قانون مالية ‪( 2016‬املادة ‪–III54‬‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة) بيان حساب الصندوق في ‪ 160‬مليون درهم‪ ،‬في حين أن الواقع‬

‫‪ - 1‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 20.18.1‬بتاريخ ‪ 5‬مجادى اآلخرة‪ 22 ( 1439‬فبراير ‪ ،)2018‬الجريدة الرسمية عدد‪:‬‬
‫‪ 6655‬بتاريخ ‪ 23‬مجادى اآلخرة ‪ 12 ( 1439‬مارس‪ ،)2018‬ص ‪.1456:‬‬
‫‪ - 2‬الصادر في ‪ 13‬رمضان ‪ 1439‬الموافقة ل ‪ 29‬ماي‪ ، 2018‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6691‬بتاريخ ‪ 16‬يوليوز‬
‫‪.2018‬‬

‫الصفحة ‪143 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫العملي يثبت أن حجم االستفادة من مخصصات هذا الصندوق يبقى ضعيفا(‪ )1‬لعدة أسباب تتعلق‬
‫بقلة الفئات املستفيدة من الصندوق وتعقيد مساطر االستفادة منه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الفئات املستفيدة من الصندوق‬

‫حددت املادة الثانية من القانون ‪ 41.10‬كما وقع تعديلها بالقانون رقم ‪ 83.17‬الفئات‬
‫املستهدفة من تسبيقات الصندوق في خمس فئات‪ ،‬وهم ‪:‬‬
‫‪ -‬مستحقو النفقة من األوالد بعد انحالل ميثاق الزوجية وثبوت عوز األم؛‬
‫‪ -‬مستحقو النفقة من األوالد خالل قيام العالقة الزوجية بعد ثبوت عوز األم؛‬
‫‪ -‬مستحقو النفقة من األوالد بعد وفاة األم؛‬
‫‪ -‬مستحقو النفقة من األطفال املكفولين؛‬
‫‪ -‬الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة‪.‬‬
‫ويعتبر توسيع دائرة املستفيدين من تسبيقات الصندوق من أهم الحسنات التي أتى بها‬
‫التعديل‪ ،‬باإلضافة إلى إسقاطه حق األم املطلقة من االستفادة من تسبيقات الصندوق‪ ،‬عكس ما‬
‫كان عليه األمر في ظل القانون رقم ‪ ،41.10‬والذي استمد أبرز معامله من القانون التونس ي املنظم‬
‫لصندوق النفقة وجراية الطالق الصادر بتاريخ ‪ 5‬يوليوز ‪.1993‬‬
‫وقد بني هذا التوسيع للفئات املستفيدة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي على‬
‫التعليمات املولوية التي تم توجيهها لوزير العدل بضرورة إعادة النظر في الفئات املستفيدة‪ ،‬وبن ًاء‬
‫على االنتقادات الواسعة التي عرفها تضييق الفئات املستفيدة سواء داخل قبة البرملان أو لدى‬
‫الجمعيات والهيئات املجتمعية‪ ،‬حيث رأى البعض أنه ال يعكس التسمية التي تم إطالقها على‬
‫الصندوق لكونه ال يشمل جميع أفراد العائلة‪ ،‬ذلك أنه استثنى األم املعوزة غير املطلقة وأبنائها‬
‫واملطلقة بدون أبناء‪ ،‬واآلباء املعوزين‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسب معطيات صادرة عن وزارة العدل والحريات فقد بلغ عدد الملفات التي تمت معالجتها من طرف صندوق‬
‫اإليداع و التدبير والمتعلق بصندوق التكافل العائلي منذ انطالقه وإلى غاية نهاية شهر دجنبر ‪ )2932( ،2013‬ملفا‪،‬‬
‫بمبلغ إجمالي تم تحويله للمستفيدين من مخصصات الصندوق وصل إلى ‪ 17‬مليون و‪ 624‬ألف درهم‪.‬‬

‫الصفحة ‪144 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فإن املادة ‪ 2‬من قانون ‪ 41.10‬كما تم تعديلها قد حصرت املستفيدين في خمسة‬
‫أصناف وهم ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬مستحقو النفقة من األوالد بعد انحالل ميثاق الزوجية وثبوت عوز األم‪:‬‬
‫انتقل التشريع املغربي من خالل مختلف الصناديق املحدثة مؤخرا إلى منطق جديد في‬
‫تدبيره ونظره في الحاالت االجتماعية الهشة وتحديده لآلليات الكفيلة بالنهوض بهذه الفئات‬
‫وتجاوزها لضيق ذات اليد‪ ،‬وهي مبادرات تشريعية جاءت نتيجة توجيهات ملكية سامية في املوضوع‪.‬‬
‫وبذلك فالدولة املغربية من خالل صندوق التكافل العائلي تكون قد أعلنت عن مسؤوليتها‬
‫في إعالة رعاياها من األوالد الذين تخلى آبائهم عن اإلنفاق عليهم ملختلف األسباب‪ ،‬غايتها في ذلك‬
‫تحقيق االستقرار املادي ولو في حده األدنى وتفادي تشرد هؤالء األوالد وضياع مستقبلهم‪.‬‬
‫ومعلوم أن األوالد املستفيدين من تسبيقات الصندوق هم األوالد الناتجين عن عالقة‬
‫زوجية صحيحة قبل انحاللها بالطالق أو التطليق‪.‬‬
‫واملالحظ أن املشرع قد عمد إلى تغيير لفظ األطفال الذي كان وارد باملادة ‪ 2‬من قانون‬
‫‪ 41.10‬بمصطلح األوالد(‪ ،)1‬من خالل قانون ‪ ،83.17‬وهو تغيير تنبه إليه بعد االنتقادات التي وجهت‬
‫الستعمال هذا املصطلح ضمن هذه املادة‪ ،‬ذلك أن لفظ األطفال يراد به باملعنى املعياري األطفال‬
‫دون سن الرشد القانوني‪ ،‬في حين أن االستفادة يمكن أن تمتد إلى حدود ‪ 25‬سنة إذا كان الولد يتابع‬
‫دراسته وبالنسبة للبنت إلى حين زواجها أو قدرتها على الكسب وبالنسبة لألبناء ذوي االحتياجات‬
‫الخاصة متى استمرت شروط االستفادة(‪.)2‬‬
‫ويثار في هذا الباب إشكال بالنسبة لألوالد من أب أو أم أجنبيين هل يستفيدون من‬
‫تسبيقات الصندوق عند توافر الشروط املطلوبة أم يحرمون منها ؟‬

‫‪ - 1‬يراد بمصطلح الولد األبن أو البنت على حد سواء‪ ،‬وهو االتجاه الذي ذهبت إليه مدونة األسرة في إصباغ هذا اللفظ على‬
‫الجنسين معا من خالل العديد من موادها‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪ 198‬من مدونة األسرة على أنه ‪ ":‬تستمر نفقة األب على أوالده إلى حين بلوغهم سن الرشد‪ ،‬أو إتمام الخامسة‬
‫والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسته‪.‬‬
‫وفي كل األحوال ال تسقط نفقة البنت إال بتوفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها‪.‬‬
‫ويستمر إنفاق األب على أوالده المصابين بإعاقة والعاجزين عن الكسب"‪.‬‬

‫الصفحة ‪145 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫لم نجد في القانون املنظم لصندوق التكافل العائلي وال املرسوم التطبيقي له‪ ،‬رغم التعديل‬
‫الذي طالهما معا‪ ،‬وال في باقي النصوص التنظيمي ما يفيد حرمان األوالد ذووا األب أو األم األجنبيين‬
‫من الحق في االستفادة من تسبيقات الصندوق‪ ،‬ويبقى الشرط الوحيد املطلوب هو تحقق اإلقامة‬
‫املستقرة باملغرب بالنسبة لألباء واألوالد‪.‬‬
‫ومعلوم أن نطاق تدخل الصندوق ال يشمل مبالغ النفقة عن املدة السابقة عن تقديم طلب‬
‫االستفادة من التسبيقات املالية كقاعدة عامة)‪.(1‬‬
‫واملالحظ أن املادة الثانية من قانون ‪ 41.10‬رغم التعديل الذي طالها ال زالت تقص ي شريحة‬
‫من املجتمع املغربي من االستفادة من تسبيقات الصندوق املالية‪ ،‬من ذلك مثال اآلباء املعوزين‬
‫املستحقين للنفقة في حالة ثبوت عوزهم‪ ،‬حيث يلزم األبناء باإلنفاق عليهم‪ ،‬وتوزع نفقتهم عليهم عند‬
‫التعدد بحسب يسرهم ال بحسب إرثهم‪ ،‬وفق أحكام املادة ‪ 203‬من مدونة األسرة(‪ ،)2‬ومن ذلك أيضا‬
‫األوالد املولودين خارج مؤسسة الزواج‪ ،‬حيث أوص ى املجلس الوطني لحقوق اإلنسان من خالل‬
‫تقريره حول ” وضعيـة املساواة واملناصفـة باملغـرب” بتوسيـع نطـاق الدعـم املقـدم في إطـار صندوق‬
‫التكافـل العائلـي‪ ،‬ليشمل األطفـال املولوديـن خارج إطـار الزواج‪.‬‬
‫ً‬
‫وتجاوزا لهذا التضييق في تحديد الفئات املستهدفة وبسبب االنتقادات التي وجهت للقانون‬
‫‪ 41.10‬فقد صدر مرسوم يتعلق بتحديد شروط ومعايير االستفادة من الدعم املباشر للنساء األرامل‬
‫في وضعية هشـة والحاضنات ألطفالهن اليتامى‪ ،‬حيث غطى هذا املرسوم استفادة األرامل املتوفى‬
‫عنهم وأطفالهن(‪.)3‬‬
‫واألم تكون ملزمة بالنفقة على أوالدها في حالة عجز األب عن اإلنفاق جزئيا أو كليا ويسرها‪،‬‬
‫وفق أحكام املادة ‪ 199‬من مدونة األسرة(‪ ،)4‬أما إن يثبت عوز األم فال نفقة عليها‪ ،‬ويثبت العوز كما‬
‫‪ - 1‬وهو األمر الذي كان محط انتقاد العديد من المهتمين‪ ،‬والمالحظ أنه رغم التعديل الذي طال القانون رقم ‪ 41.10‬بالقانون رقم‬
‫‪ 83.17‬والمرسوم التطبيقي له بالمرسوم رقم ‪ ، 249.18.2‬فإن التعديلين معا لم ينصا على االستفادة من مبالغ النفقة عن المدة‬
‫السابقة ‪g‬تقديم طلب االستفادة من التسبيقات المالية للصندوق‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪ 203‬من مدونة األسرة على أنه ‪ ":‬توزع نفقة اآلباء على األبناء عند تعدد األوالد بحسب يسر األوالد ال بحسب‬
‫إرثهم"‪.‬‬
‫‪ - 3‬مرسوم رقم ‪ 2.14.791‬بتاريخ ‪ 04‬ديسمبر ‪ ،2014‬لمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6318‬بتاريخ ‪ 18‬ديسمبر ‪ ،2014‬ص ‪:‬‬
‫‪.8504‬‬
‫‪ - 4‬تنص المادة ‪ 199‬من مدونة األسرة على أنه ‪ ":‬إذا عجز األب كليا أو جزئيا عن اإلنفاق على أوالده‪ ،‬وكانت األم موسرة‪،‬‬
‫وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه األب"‪.‬‬

‫الصفحة ‪146 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫أشارت إلى ذلك املادة ‪ 2‬من املرسوم ‪ 2.11.195‬كما تم تغييره باملرسوم رقم ‪ 2.18.249‬صادر ‪ 29‬ماي‬
‫‪ 2018‬عن طريق اإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية(‪ ،)1‬أو بشهادة للعوز مسلمة من طرف السلطة‬
‫املحلية ملوطن طالبة الشهادة‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬مستحقو النفقة من األوالد خالل قيام العالقة الزوجية وثبوت عوز األم‪:‬‬
‫تعتبر هذه الفئة من بين الفئات التي استفادت من التعديل الذي طال القانون رقم ‪41.10‬‬
‫بالقانون ‪ ،83.17‬حيث تم إدماج األوالد الذين لم يتم استيفاء نفقتهم من أبيهم أثناء قيام العالقة‬
‫الزوجية ضمن الفئات املستفيدة من تسبيقات الصندوق‪.‬‬
‫وبذلك يكون املشرع املغربي قد ساوى بين األوالد في االستفادة من تسبيقات الصندوق‬
‫سواء أثناء قيام العالقة الزوجية أو بعد انحاللها‪ ،‬ورفع الحيف الذي كان يطال األوالد املحرومين من‬
‫النفقة أثناء قيام الزوجية‪.‬‬
‫ويسري على استفادة األوالد من تسبيقات الصندوق ما يسري على استفادتهم من نفقة‬
‫أبيهم حيث تستمر االستفادة إلى حين بلوغ سن الرشد القانوني (‪18‬سنة)‪ ،‬وتستمر بالنسبة لألبناء‬
‫الذين يتابعون دراستهم إلى حين بلوغ ‪ 25‬سنة‪ ،‬وتستمر االستفادة بالنسبة للبنت إلى حين قدرتها‬
‫على الكسب أو زواجها‪ ،‬وبالنسبة لألبناء املعاقين أو العاجزين عن الكسب‪ ،‬فإن استفادتهم تستمر‬
‫إلى حين سقوطها لسبب من األسباب املانعة من االستفادة(‪.)2‬‬
‫ويشترط عوز األم في حالة األوالد املستحقين لتسبيقات الصندوق أثناء قيام الزوجية‪،‬‬
‫شأنها في ذلك شأن األم بعد انحالل ميثاق الزوجية‪ ،‬حيث يتم إثبات هذا العوز وفق نفس الوسائل‬
‫واإلجراءات‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬مستحقو النفقة من األوالد بعد وفاة األم‪:‬‬
‫تعتبر هذه الحالة من الحاالت الجديدة التي أتت عليها املادة ‪ 2‬من القانون ‪ 41.10‬كما وقع‬
‫تعديلها بالقانون رقم ‪ ،83.17‬ولعل املشرع املغربي قصد بذلك حالتين اثنثين ‪:‬‬

‫‪ - 1‬المنصوص عليها في المرسوم رقم ‪ 2.08.177‬الصادر في ‪ 28‬رمضان ‪ 29 ( 1429‬شتنبر ‪ ( 2008‬بتطبيق مقتضيات الكتاب‬
‫الثالث من القانون رقم ‪ 65.00‬المتعلق بنظام المساعدة الطبية‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 198‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫الصفحة ‪147 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ – 1‬حالة األم املوسرة التي تتولى اإلنفاق على األوالد في إطار املادة ‪ 199‬من مدونة األسرة‪،‬‬
‫عند عجز األب كليا أو جزئيا عن ذلك‪ ،‬أو عند وفاته؛ حيث إنه يترتب عن وفاة األم حرمان األوالد من‬
‫النفقة؛‬
‫‪ – 2‬حالة األوالد مجهولي األب‪ ،‬حيث ينسبون إلى أمهم وتتولى هذه األخيرة اإلنفاق عليهم‪،‬‬
‫ويترتب عن وفاتها استحقاق األوالد لتسبيقات صندوق التكافل العائلي‪ ،‬إال أن هذه الحالة هي‬
‫األخرى لم تسلم من االنتقاد‪ ،‬حيث رأى بعض النواب أنه كان يجب أن تستبدل عبارة "بعد وفاة‬
‫األم" بعبارة "في حالة وفاة األم أو عسرها"(‪ ،)1‬وبالتالي يجب إدخال حالة عسر األم ضمن الحاالت‬
‫املستوجبة لالستفادة من تسبيقات الصندوق‪.‬‬
‫‪ -‬رابعا ‪ :‬مستحقو النفقة من األطفال املكفولين ‪:‬‬
‫تعتبر هذه الحالة أيضا من الحاالت الجديدة التي أتت عليها املادة ‪ 2‬من القانون ‪ 41.10‬كما‬
‫وقع تعديله بالقانون رقم ‪ ،83.17‬حيث وسعت من دائرة املستفيدين من الصندوق إلى األطفال‬
‫املكفولين‪ ،‬كما نص عليهم القانون رقم ‪ 15.01‬املتعلق بكفالة األطفال املهملين حيث اعتبر من خالل‬
‫مادته الثانية الكفالة بأنها ‪ ":‬التزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل األب‬
‫مع ولده وال يترتب عن الكفالة حق في النسب وال فـي اإلرث"‪.‬‬
‫ويطرح إشكال بخصوص هذه الحالة الرابعة من حاالت االستفادة من تسبيقات صندوق‬
‫التكافل العائلي في حالة كون الكافل شخص اعتباري كما نصت على ذلك الفقرة الثالثة من املادة ‪9‬‬
‫من قانون ‪ ،15.01‬هل يستفيد األطفال املكفولين من طرف مؤسسة عمومية مكلفة برعاية األطفال‬
‫أو هيئة أو منظمة أو جمعية ذات طابع اجتماعي من تسبيقات الصندوق ؟‬
‫على الرغم من عمومية نص املادة الثانية "مستحقو النفقة من األطفال املكفولين"‪،‬‬
‫فالظاهر أن األطفال املكفولين من طرف مؤسسات الرعاية االجتماعية يعتبرون غير مشمولين بهذا‬
‫املقتض ى‪ ،‬وذلك العتباريين اثنين ‪:‬‬

‫‪ - 1‬تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق اإلنسان بمجلس النواب‪ ،‬حول مشروع قانون رقم ‪ 83.17‬بتغيير القانون رقم ‪41.10‬‬
‫المتعلق بتحديد شروط ومساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي‪ ،‬دورة أكتوبر ‪ ،2017‬السنة التشريعية الثانية ‪-2017 :‬‬
‫‪ ،2018‬الوالية التشريعية العاشرة ‪ ،2021-2016 :‬ص ‪.46 :‬‬

‫الصفحة ‪148 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ – 1‬األول أن الفقرة تتحدث عن استحقاق النفقة‪ ،‬وأداء هذه األخيرة ال يكون إال من الكافل‬
‫الشخص الطبيعي كما أشار إلى ذاك املادة الثانية من القانون رقم ‪ 15.01‬املتعلق بكفالة األطفال‬
‫املهملين " والنفقة عليه كما يفعل األب مع ولده"‪ ،‬أما دور الرعاية االجتماعية فيشترط فيها املشرع‬
‫التوفر على الوسائل املادية واملوارد والقدرات البشرية املؤهلة لرعاية األطفال وحسن تربيتهم وعلى‬
‫صفة املنفعة العامة‪ ،‬على أن تقوم هذه الهيئات أو الجمعيات بتنشئة األطفال املتكفل بهم تنشئة‬
‫إسالمية؛‬
‫‪ – 2‬أن املشرع املغربي اشترط من خالل املادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 41.10‬بعد تعديله‬
‫بالقانون رقم ‪ 83.17‬أن يقدم طلب االستفادة من تسبيقات الصندوق في حالة الطفل املكفول‬
‫القاصر من طرف املرأة الكافلة نيابة عنه‪ ،‬وهو ما يفيد استبعاد هذه األشخاص املعنوية الكافلة‪.‬‬
‫ومعلوم أن املادة األولى من قانون ‪ 15.01‬قد وضعت حدا للكفالة في سن ‪18‬سنة ما لم يكون‬
‫املكفول بنتا حيث تستمر كفالتها إلى حين زواجها أو قدرتها على الكسب أو طفال من ذوي‬
‫االحتياجات الخاصة‪ ،‬وهو نفس ما ذهبت إليه املادة الثانية من القانون رقم ‪ 41.10‬بعد تعديله‬
‫بالقانون رقم ‪ 83.17‬املتعلق بصندوق التكافل العائلي عندما استعملت مصطلح "األطفال‬
‫املكفولين"‪.‬‬
‫‪ -‬خامسا ‪ :‬الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة ‪:‬‬
‫بعد أقصاء دام أكثر من ست سنوات تراجع املشرع املغربي عند استفادة األم املطلقة‬
‫املعوزة من تسبيقات الصندوق لصالح الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة‪ ،‬بعد السجال الكبير‬
‫واللبس الذي خلقته املادة ‪ 2‬من قانون ‪ 41.10‬عند تنزيلها والتضارب في التفسيرات بشأن استفادة‬
‫األم املطلقة املعوزة من تسبيقات الصندوق من عدم استفادتها‪ ،‬وهكذا فقد ذهب العديد من رؤساء‬
‫املحاكم االبتدائية للمملكة إلى اعتبارها تنوب عن أبنائها غير الراشدين في االستفادة طاملا أنها لم‬
‫تكن مستفيدة من املقرر األصلي القاض ي بنفقة األبناء وأنها حتى عند استفادتها من الحكم القاض ي‬
‫بالطالق أو التطليق فإن االستفادة تكون محدودة في نفقة وسكن العدة‪ ،‬كما أن عوزها ال يجعلها‬
‫مستفيدة من الصندوق‪ ،‬بل يحول دون الرجوع عليها بأداء النفقة عند عسر األب‪ ،‬إال أن املشرع‬
‫ارتأى إسقاط حق األم املطلقة املعوزة من االستفادة من تسبيقات الصندوق رفعا لكل لبس‪.‬‬

‫الصفحة ‪149 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد اشترط القانون املنظم لصندوق التكافل العائلي في الزوجة توافر شرطين‬
‫أساسيين وهما ‪ :‬أن تكون زوجة مستحقة للنفقة ‪ ،‬وأن تكون معوزة‪.‬‬
‫‪ – 1‬أن تكون زوجة مستحقة للنفقة‪ :‬ينعقد الزواج حسب أحكام املادة ‪ 10‬من مدونة األسرة‬
‫بإيجاب من أحد املتعاقدين وقبول من اآلخر‪ ،‬بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا‪ ،‬وتعتبر وثيقة‬
‫عقد الزواج الوسيلة املقبولة إلثبات الزواج حسب مقتضيات املادة ‪ 16‬من مدونة األسرة ‪.‬‬
‫وتثبت العالقة الزوجية باإلدالء بنسخة من عقد الزواج ونسخة من الوضعية العائلية للزوجة‬
‫ثتبت كونها متزوجة‪ ،‬كما أن نفقة الزوجة تجب على زوجها بمجرد البناء‪ ،‬وكذا إذا دعته للبناء بعد‬
‫أن يكون قد عقد عليها(‪،)1‬ويحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ إمساك الزوج عن اإلنفاق الواجب عليه‪،‬‬
‫وال تسقط بمض ي املدة إال إذا حكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وامتنعت(‪.)2‬‬
‫واملطلقة رجعيا يسقط حقها في السكنى دون النفقة إذا انتقلت من بيت عدتها دون موافقة‬
‫زوجها أو دون عذر مقبول‪ ،‬واملطلقة طالقا بائنا إذا كانت حامال‪ ،‬تستمر نفقتها إلى أن تضع حملها‪،‬‬
‫وإذا لم تكن حامال‪ ،‬يستمر حقها في السكنى فقط إلى أن تنتهي عدتها(‪.)3‬‬
‫‪ – 2‬أن تكون معوزة ‪ :‬أي أن ال تجد ما تنفق به على نفسها وعلى أبنائها‪ ،‬ويعتبر هذا الشرط‬
‫أساسيا لإلستفادة من الصندوق ألن الغاية املثلى من إنشائه هي كف الزوجة وأبنائها عند تعذر‬
‫تنفيذ النفقة السؤال وتجنبيهم الفقر والضياع‪.‬‬
‫وشرط العوز في الزوجة الزم‪ ،‬وإال فإنها تنفق من مالها عند يسرها وعجز األب عن االنفاق‬
‫حسب منطوق املادة ‪ 199‬من مدونة األسرة ‪.‬‬
‫وتثبت الزوجة حالة العوز حسب املادة ‪ 2‬من املرسوم رقم ‪ 2.11.195‬كما تم تعديله‬
‫باإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية يتم إثبات العوز باإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية املنصوص عليها‬
‫في املرسوم رقم ‪ 2.08.177‬الصادر في ‪ 28‬رمضان ‪ 29) 1429‬شتنبر‪ (2008‬بتطبيق مقتضيات‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 194‬من مدونة األسرة ‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 195‬من مدونة األسرة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 196‬من مدونة األسرة ‪.‬‬

‫الصفحة ‪150 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الكتاب الثالث من القانون رقم ‪ 65.00‬املتعلق بنظام املساعدة الطبية‪ ،‬أو بشهادة عوز مسلمة من‬
‫طرف السلطة املحلية ملوطن طالبة الشهادة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬مسطرة االستفادة من صندوق التكافل العائلـ ــي‬

‫يالحظ على هذه املساطر تشعبها وتعقيدها في بعض األحيان‪ ،‬وطول أمدها في أحايين‬
‫أخرى‪ ،‬ولتفصيلها وتقريب القارئ منها‪ ،‬فإننا نميز فيها بين مرحلتين ‪ :‬مرحلة تقديم طلب االستفادة‬
‫من الصندوق وهي مرحلة إدارية يطغى عليها الطابع اإلجرائي (أوال)‪ ،‬ثم مرحلة صرف التسبيقات‬
‫املالية وهي مرحلة تقنية يطغى عليها الطابع املالي (ثانيا)‪.‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬املرحلـ ــة اإلداري ــة لالستفــادة من تسبيقات الصنــدوق(‪:)1‬‬
‫نميز في هذه املرحلة اإلدارية بين من يحق له تقديم طلب االستفادة من تسبيقات الصندوق‬
‫والوثائق الالزم إرفاقها بهذا الطلب‪ ،‬وبين مرحلة البث في طلب االستفادة‪ ،‬وذلك على ضوء‬
‫التعديالت والتغييرات التي أتى بها القانون رقم ‪ ،83.17‬ومرسومه التطبيقي رقم ‪2.18.249‬‬
‫‪ - 1‬طلب االستفادة من تسبيقات الصندوق ‪:‬‬
‫يقدم طلب االستفادة من الصندوق(‪ )2‬إلى رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية‬
‫املصدرة للمقرر القضائي املحدد للنفقة أو املكلفة بالتنفيذ أو التي يوجد في دائرة نفوذها موطن أو‬
‫محل إقامة مقدم الطلب حسب ما يستفاد من املادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 41.10‬كما تم تعديله‬
‫بالقانون رقم ‪ 83.17‬من قبل ‪:‬‬

‫‪ - 1‬سمينا هذه المرحلة بالمرحلة اإلدارية ألن صاحب الطلب يكتفي فيها بتوجيه الطلب لرئيس قسم قضاء األسرة مرفقا بالوثائق‬
‫المعضدة ويسجل ويتم البت فيه بأمر قضائي في غيبة األطراف وترتب اآلثار تبعا لذلك‪ ،‬ويمتاز هذا األمر بطابعه الوالئي حيث‬
‫حدد المشرع سلفا إجراءاته والتسبيقات المالية المقررة له‪ ،‬وسلب بذلك من رئيس المحكمة السلطة التقديرية في تحديد المبالغ‬
‫المستحقة وترجيح مختلف الحجج المدلى بها‪.‬‬
‫‪ - 2‬أعدت وزارة العدل بشراكة مع صندوق اإليداع والتدبير طلبا نموذجيا لصرف تسبيقات صندوق التكافل العائلي "الملحق رقم ‪4‬‬
‫من دليل االستفادة من صندوق التكافل العائلي‪ ،‬يتضمن المعلومات التالية ‪ :‬رئيس المحكمة الموجه إليه الطلب‪ ،‬معلومات حول مقدم‬
‫الطلب ‪:‬اإلسم الشخصي والعائلي‪ ،‬رقم بطاقة التعريف الوطنية‪ ،‬الصفة (مطلقة‪ /‬زوجة معوزة‪/‬حاضن(ة)‪/‬ولد راشد‪/‬كافلة)‪،‬العنوان‪،‬‬
‫الهاتف‪ ،‬ثم معلومات تتعلق باألوالد المطلوب استفادتهم من التسبيقات المالية ‪ :‬االسم الكامل‪ ،‬تاريخ االزدياد‪ ،‬ثم معلومات حول‬
‫الملزم بالنفقة ‪ :‬االسم الشخصي والعائلي‪ ، ،‬رقم بطاقة التعريف الوطنية العنوان‪ ،‬ثم طريقة سحب التسبيق المالي ‪ :‬بالتحويل‬
‫البنكي(يجب االدالء بشهادة بنكية أصلية تتضمن التعريف البنكي"‪ 24‬رقم")‪ ،‬أو نقدا (حوالة "ماندتي اكسبريس‪ ،‬بريد بنك)‪ ،‬ثم‬
‫الوثائق الواجب اإلدالء بها ‪ :‬األمر القضائي المحدد للتسبيق‪ ،‬صورة مصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية‪ ،‬شهادة بنكية تحمل‬
‫التعريف البنكي‪ ،‬وأخيرا تاريخ التحرير وتوقيع صاحب الطلب‪" ،‬أنظر النموذج رفقته"‪.‬‬

‫الصفحة ‪151 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬األم املعوزة املطلقة نيابة عن أوالدها القاصرين مستحقي النفقة؛‬


‫‪ -‬الزوجة املعوزة مستحقة النفقة أصالة عن نفسها ونيابة عن أوالدها القاصرين مستحقي‬
‫النفقة‪ ،‬حسب الحالة؛‬
‫‪ -‬الحاضن غير األب نيابة عن املحضون مستحق النفقة؛‬
‫‪ -‬مستحق النفقة من األوالد إذا كان راشدا؛‬
‫‪ -‬املرأة الكافلة نيابة عن املكفول القاصر؛‬
‫ً‬
‫استثناء مستحق النفقة من األوالد إذا كان قاصرا وليس له نائب شرعي أو لم تتأت‬ ‫‪-‬و‬
‫النيابة عنه‪ ،‬بعد أن يأذن له رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية املختصة أو من ينوب‬
‫عنه‪.‬‬
‫واملالحظ أن املشرع من خالل املادة ‪ 4‬بعد تعديلها قد وسع من االختصاص املكاني لتقديم‬
‫طلب االستفادة من تسبيقات الصندوق بأن أضاف املحكمة التي يوجد بها موطن او محل إقامة‬
‫مقدم الطلب‪ ،‬تبسيطا لالستفادة من تسبيقات الصندوق‪ ،‬ومن أجل تقريب الخدمة اإلدارية‬
‫والقضائية من املواطنين‪ ،‬خاصة الفئات الهشة والفقيرة منهم‪ ،‬وتسهيل ولوجهم للعدالة‪.‬‬
‫ً‬
‫استثناء الولد القاصر الذي ال نائب شرعي له من تقديم طلب االستفادة من‬ ‫كما أنه مكن‬
‫تسبيقات الصندوق بعد إذن رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية‪ ،‬خروجا عن القاعدة‬
‫العامة املنصوص عليها في الفصل األول من ق‪.‬م‪.‬م والتي تعتبر األهلية شرطا من شروط التقاض ي‬
‫أمام املحاكم‪ ،‬حيث يعتبر ذلك‪ ،‬كما أشار إليه تقرير لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب(‪)1‬‬
‫داخال في تعزيز ولوج األطفال للعدالة القتضاء حقوقهم بصفة شخصية‪.‬‬
‫ويقدم الطلب وفق اإلجراءات املعتادة لتسجيل الطلبات أمام املحكمة للبت فيها‪ ،‬وهو طلب‬
‫معفى من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون إسوة بالطلب األصلي الرامي إلى أداء النفقة ذلك أن‬
‫الخزينة العامة هي التي تتحمل الصائر‪ ،‬ويقدم شخصيا من املعنيين باألمر دون استلزام تعيين‬
‫محام‪.‬‬

‫‪ - 1‬تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بمجلس النواب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7 :‬‬

‫الصفحة ‪152 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وبعد تقديم الطلب يفتح له ملف خاص(‪ )1‬ويقيد في سجل محدث معد لهذا الغرض(‪،)2‬‬
‫ويمنح له رقم تسلسلي مستقل ومميز له عن باقي امللفات التي يتولى رئيس قسم قضاء األسرة‬
‫باملحكمة االبتدائية أو من ينوب عنه البت فيها‪ ،‬ويحتفظ بهذا امللف لدى كتابة ضبط املحكمة‬
‫االبتدائية(قسم قضاء األسرة) بنفس الرقم الذي سيصبح املرجع املوحد بين املحكمة وصندوق‬
‫اإليداع والتدبير في جميع اإلجراءات سواء تلك التي تسبق صدور األمر أو التي تليه‪.‬‬
‫ووفقا ملا نصت عليه املادة ‪ 2‬من املرسوم التطبيقي للقانون املنظم لصندوق التكافل‬
‫العائلي كما وقع تغييره باملرسوم رقم ‪ 2.18.249‬فإن طلب االستفادة من الصندوق يجب أن يقدم إلى‬
‫رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية املختصة مرفقا بالوثائق التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬بالنسبة ملستحقي النفقة من األوالد ‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة من املقرر القضائي املحدد للنفقة؛‬
‫‪ -‬املحضر املحرر من طرف املكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا؛‬
‫‪ -‬نسخ موجزة من رسوم والدة األوالد املحكوم لهم بالنفقة؛‬
‫‪ -‬شهادة وفاة األم أو ما يفيد عوزها حسب الحالة‪.‬‬
‫ويتم إثبات العوز باإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية املنصوص عليها في املرسوم رقم‬
‫‪ 2.08.177‬الصادر في ‪ 28‬رمضان ‪ 29( 1429‬شتنبر ‪ (2008‬بتطبيق مقتضيات الكتاب الثالث من‬
‫القانون رقم ‪ 65.00‬املتعلق بنظام املساعدة الطبية‪ ،‬أو بشهادة عوز مسلمة من طرف السلطة‬
‫املحلية ملوطن طالبة الشهادة‪.‬‬
‫‪ - 2‬بالنسبة ملستحقي النفقة من األطفال املكفولين‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة من املقرر القضائي املحدد للنفقة؛‬

‫‪ - 1‬لم تحدث وزارة العدل إلى حدود الساعة ملفا نموذجيا لمثل هذه الطلبات‪ ،‬حيث إن غالبية الملفات التي تفتح تكون محدثة‪،‬‬
‫وكنموذج لذلك نسوق الملفات المحدثة بالمحكمة االبتدائية االجتماعية بالدار البيضاء حيث تضم في الجهة العلوية اليمنى رقم ملف‬
‫صندوق التكافل العائلي‪ ،‬وفي الجهة العلوية اليسرى تاريخ تقديم الطلب‪ ،‬وبوسط الملف إسم المستفيد أو المستفيدين حسب األحوال‪،‬‬
‫وبأسفل منها منطوق األمر وتاريخه وصفة مصدره‪ ،‬ثم في أسفل الملف على اليمين رقم ملف التنفيذ وعلى الشمال رقم الملف‬
‫األصلي المتعلق بالنفقة أو الطالق أو التطليق‪.‬‬
‫‪ - 2‬ال زالت وزارة العدل لم تحدث كذلك سجال نموذجيا لمثل هذه الملفات‪.‬‬

‫الصفحة ‪153 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬املحضر املحرر من طرف املكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا؛‬
‫‪ -‬نسخ موجزة من رسم والدة األطفال املحكوم لهم بالنفقة‪.‬‬
‫‪ - 3‬بالنسبة للزوجة املعوزة املستحقة للنفقة ‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة من املقرر القضائي املحدد للنفقة‬
‫‪ -‬املحضر املحرر من طرف املكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا؛‬
‫‪ -‬شهادة إثبات العوز‪ ،‬كما هو منصوص عليه في البند ‪ 1‬أعاله‬
‫‪ -‬تصريح بالشرف‪ ،‬مصحح اإلمضاء‪ ،‬بكون العالقة الزوجية مع امللزم بالنفقة ما تزال قائمة‬
‫عند تاريخ تقديم الطلب‪ ،‬وبااللتزام بإشعار رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو الهيئة‬
‫املختصة فورا بكل تغيير يطرأ على هذه العالقة‪.‬‬
‫ً‬
‫وتضيف بعض املحاكم كما سلف زيادة في ضمان عدم استفادة الزوجة من النفقة إقرارا‬
‫للزوجة املعوزة املستحقة للنفقة بعدم استفادتها من النفقة‪.‬‬
‫كما أن التعليمية املشتركة قد ألزمت رؤساء كتابة الضبط بالتحقق من عدم إيداع املبالغ‬
‫املحكوم بها من أجل النفقة من طرف املحكوم عليه بالصندوق‪ ،‬وبتحرير شهادة إدارية "ضبطية"‬
‫بعدم استفادة املعنيين باألمر املحكوم لهم بالنفقة استنادا إلى وثائق امللف التنفيذي‪ ،‬وهي شهادة‬
‫إدارية تحرر تلقائيا دون طلبها من طرف صاحب الطلب ويتكلف بهذا التحقق من الناحية العملية‬
‫املشرف على شعبة صندوق التكافل العائلي‪.‬‬
‫وقد أثير إشكال آخر بخصوص الجهة املكلفة بتحرير الشهادة الضبطية عند فتح ملف‬
‫التنفيذ باملحكمة املصدرة لحكم النفقة أو الطالق أو التطليق وتنفيذه عن طريق إنابة بمحكمة‬
‫أخرى‪ ،‬هل هو رئيس كتابة ضبط املحكمة األولى أم الثانية ؟ ويزداد هذا اإلشكال حدة متى علمنا أن‬
‫طالبة االستفادة من الصندوق بإمكانها حسب نص املادة ‪ 4‬من قانون ‪ 41.10‬فتح ملف صندوق‬
‫التكافل العائلي إما باملحكمة االبتدائية املصدرة للمقرر القضائي أو باملحكمة االبتدائية املكلفة‬
‫بالتنفيذ أو بموطن أو محل إقامة طالب التنفيذ؟‬
‫نرى من جانبنا أن العمدة في منح الشهادة الضبطية باملحكمة املكلفة بالتنفيذ حيث إن‬
‫رئيس كتابة الضبط يمنح هذه الشهادة بناء على املحضر املدلى به بملف التنفيذ من طرف املفوض‬
‫الصفحة ‪154 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫القضائي والذي هو إما محضر إخباري أو محضر باالمتناع وبعدم وجود ما يحجز‪ ،‬وملزيد من‬
‫التحري فإن رئيس كتابة ضبط محكمة التنفيذ يمكنه أن يراسل املحكمة املفتوح لديها ملف‬
‫التنفيذ حول إيداع املستحقات زيادة في ضمان عدم االستفادة‪ ،‬كما أن له أن يطلب إقرارا من‬
‫طالبة االستفادة من الصندوق بعدم حصولها على النفقة‪.‬‬
‫وقبل بداية العمل بالسجل املحدث الخاص بصندوق التكافل العائلي وجريا على ما جرى به‬
‫العمل بخصوص السجالت املمسوكة لدى كتابة الضبط‪ ،‬فإنه البد من ترقيم جميع صفحاته‬
‫ومنحه رقما لإلحصاء بسجل إحصاء السجالت وتوقيعه من طرف رئيس قسم قضاء األسرة‬
‫باملحكمة االبتدائية وتحديد تاريخ الشروع في العمل به وتاريخ نهايته‪.‬‬
‫ويضمن السجل املحدث الخاص بصندوق التكافل العائلي الخانات التالية ‪ :‬الرقم الترتيبي‪،‬‬
‫تاريخ التسجيل‪ ،‬رقم امللف األصلي (أي ملف النفقة أو الطالق أو التطليق أو كفالة)‪،‬رقم ملف‬
‫التنفيذ‪ ،‬املستفيد أو املستفيدون‪ ،‬رقم املقرر القضائي‪ ،‬تاريخ صدوره‪ ،‬التسبيق املالي املمنوح‪ ،‬تاريخ‬
‫توجيه األمر إلى صندوق اإليداع والتدبير‪ ،‬تاريخ التوجيه إلى مديرية امليزانية واملراقبة‪ ،‬مالحظات‪،‬‬
‫وغالبا ما يضمن في هذه املالحظات ما إذا كان امللف جديد أم أنه خاص بإعادة صرف التسبيقات‬
‫بعد مرور سنتين من االستفادة‪ ،‬حيث تضمن عبارة "جديد" بخانة مالحظات بالنسبة للملفات‬
‫الجديدة‪ ،‬وعبارة "يعاد" بالنسبة إلعادة االستفادة‪.‬‬
‫وعند فتح ملف يتعلق بإعادة االستفادة من التسبيقات املالية‪ ،‬فيتم منحه رقم تسلسليا‬
‫جديدا ويضاف إليه امللف األصلي مع تسجيل مالحظة بالرقم التسلسلي للملف األصلي بالسجل‬
‫بأنه تم ضمه إلى امللف عدد ‪ .... /.... :‬وتسجيل ضمه للملف الجديد بالعلبة البالستيكية املتعلقة‬
‫بحفظ ملفات صندوق التكافل العائلي‪.‬‬
‫وما دامت النسخة التنفيذية ومحضر االمتناع وعدم وجود ما يحجز ال زالت بامللف األصلي‬
‫فإن طالب تجديد االستفادة يعفى من اإلدالء بهما مع ضرورة اإلدالء بباقي املستندات املنصوص‬
‫عليها في املادة ‪ 2‬من املرسوم التطبيقي كما وقع تغييره باملرسوم رقم ‪. 2.18.249‬‬
‫‪ - 2‬مرحلة البث في االستف ــادة م ــن تسبيق ــات صندوق التكاف ــل العائل ــي ‪:‬‬
‫خلقت الطلبات املقدمة بخصوص االستفادة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي تضاربا‬
‫بين عمل املحاكم‪ ،‬بين من يجعلها داخلة في األوامر املبنية على طلب وفقا ألحكام الفصل ‪ 148‬من‬
‫الصفحة ‪155 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ق‪.‬م‪.‬م أو األوامر املختلفة كما يطلق عليها من الناحية العملية‪ ،‬وبين من يفرد لها شعبة خاصة بها‬
‫ويميزها عن باقي الطلبات‪.‬‬
‫وقد س ار العمل باملحكمة االبتدائية االجتماعية بالدار البيضاء في البداية وفق النهج األول‬
‫حيث إنه ونظرا لكثرة الطلبات الخاصة باألوامر املختلفة فإن غالبية ملفات االستفادة من صندوق‬
‫التكافل العائلي كانت تحكم بعدم القبول‪ ،‬إلى أن استقر الحال بداية من ‪ 2012/07/02‬على إفراد‬
‫شعبة خاصة للبث في هذه الطلبات تتولى دراسة شكليات الطلب ومدى استيفائه لجميع الوثائق‬
‫الالزمة سواء في مرحلته اإلدارية أو املالية ثم بعد ذلك إحالته على نائب رئيس قسم قضاء األسرة‬
‫باملحكمة االبتدائية جاهزا من أجل البث فيه بمقرر قضائي‪ ،‬وهو األمر الذي جعل أغلب الطلبات‬
‫تحظى بالقبول‪.‬‬
‫وبعد فتح امللف وتسجيله بالسجل املعد لهذا الغرض بكتابة الضبط وإرفاقه بالوثائق‬
‫الالزمة‪ ،‬يبت رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية املختصة أو من ينوب عنه في طلب‬
‫االستفادة من الصندوق في غيبة األطراف وداخل أجل أقصاه ثمانية أيام من تاريخ تقديم الطلب‬
‫بمقتض ى أمر نهائي ال يقبل أي طعن وينفذ على األصل وال يحتاج إلى تبليغ (املادة ‪ 7‬من القانون رقم‬
‫كما تم تعديله بالقانون رقم ‪.)83.1741.10‬‬
‫ونظرا لكون األمر الذي يصدره رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو من ينوب‬
‫عنه باالستفادة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي يكتس ي أثرا وقوة نفاذ على األصل وال يقبل أي‬
‫طعن‪ ،‬ومن أجل تسهيل عملية معالجة ملفات االستفادة من طرف صندوق اإليداع والتدبير‪ ،‬يجب‬
‫أن يتضمن هذا األمر حسب منشور السيد وزير العدل رقم ‪ 17‬س ‪ 2‬بتاريخ ‪ 04‬أبريل ‪ 2012‬البيانات‬
‫الضرورية اآلتية‪:‬‬
‫– رقم امللف ‪.‬‬
‫– اسم رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو القاض ي الذي ينوب عنه في إصدار‬
‫أمر االستفادة ؛‬
‫– هوية مقدم الطلب وصفته وعنوانه ورقم البطاقة الوطنية للتعريف؛‬
‫– اسم امللزم بالنفقة وعنوانه أو آخر عنوان معروف له؛‬

‫الصفحة ‪156 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫– رقم البطاقة الوطنية للتعريف في حالة توفرها ؛‬


‫– أسماء األوالد املستحقين للنفقة وتواريخ ميالدهم ؛‬
‫– مراجع الحكم القاض ي بالنفقة ؛‬
‫– مراجع املحضر املنجز من طرف املكلف بالتنفيذ املثبت لتعذر أو تأخر التنفيذ؛‬
‫– مبلغ التسبيق املالي لكل مستفيد‪ ،‬وكذا املبلغ اإلجمالي الواجب أداؤه من قبل الصندوق (في‬
‫حالة تعدد املستفيدين في األسرة الواحدة) باألرقام والحروف ؛‬
‫– تاريخ بداية صرف التسبيق املالي؛‬
‫– توقيع رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو القاض ي الذي ينوب عنه في إصدار‬
‫األمر مشفوعا بطابع املحكمة‪.‬‬
‫والبد‪ ،‬حسب أحكام املادة ‪ 8‬من القانون ‪ 41.10‬املتعلق بصندوق التكافل العائلي كما تم‬
‫تعديله بالقانون رقم ‪ 83.17‬أن يقوم رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو من ينوب عنه‬
‫بحصر التسبيق املالي الذي يجب صرفه من طرف الصندوق في حدود املبلغ املحكوم به‪ ،‬على أن ال‬
‫ً‬
‫واستثناء ‪ 1400‬درهم في حالة األسرة‬ ‫يتجاوز التسبيق املالي السقف املحدد والذي هو ‪ 1050‬درهم‪،‬‬
‫املتكونة من زوجة معوزة وأوالدها‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإن أهم املالحظات التي يمكن رصدها بخصوص هذه املرحلة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬هل يكون رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو من ينوب عنه ملزما بسقف‬
‫التسبيق املالي املحدد لكل مستفيد طبقا ألحكام املادة ‪ 4‬من املرسوم التطبيقي في ‪ 350‬درهم على أن‬
‫ال يتعدى مجموع التسبيقات املالية ‪ 1050‬درهم‪ ،‬ومبلغ ‪ 1400‬درهم عندما تتكون األسرة من زوجة‬
‫معوزة وأوالدها؟ أم يمكنه تجاوز هذا املبلغ؟ ثم ما العمل عندما ينص الحكم القاض ي بالنفقة على‬
‫مبلغ أقل من ‪ 350‬درهم؟‬
‫نرى أن رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو من ينوب عنه –وكما سبقت‬
‫اإلشارة إلى ذلك‪ -‬يكون مقيدا بنص املادة ‪ 4‬فال يمكنه تحديد تسبيق مالي يفوق مبلغ ‪ 350‬درهم‪ ،‬وفي‬
‫حالة تحديد الحكم القاض ي بالنفقة ملبلغ يقل عن ‪ 350‬درهم – وهي حاالت قليلة جدا – فإن‬
‫الرئيس املذكور استحضارا لروح وفلسفة صندوق التكافل العائلي واألهداف املرجوة من تفعليه‬
‫الصفحة ‪157 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ولدور هذه التسبيقات رغم هزالتها في إعالة الزوجة املعوزة واألوالد يكون من واجبه الحكم بالسقف‬
‫األعلى والذي هو ‪ 350‬درهم‪.‬‬
‫‪– 2‬أن املشرع من خالل القانون املنظم لصندوق التكافل العائلي لم يحدد جزاء عن‬
‫اإلخالل بأجل البت في امللف داخل ‪ 8‬أيام‪.‬‬
‫‪ – 3‬على الرغم من اعتبار املادة ‪ 3‬من مدونة األسرة النيابة العامة طرفا أصليا في القضايا‬
‫املتعلقة باألسرة‪ ،‬فإننا ال نجد لها تدخال في هذا النوع من القضايا‪.‬‬
‫‪ – 4‬نجد بعض املحاكم االبتدائية باململكة قد تمسكت بحرفية النص املنظم لصندوق‬
‫التكافل العائلي وأحدثت شعبة صندوق التكافل العائلي برئاسة املحكمة االبتدائية بدل أقسام‬
‫قضاء األسرة‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى الزيادة في أعباء املتقاضين خاصة أن الفئة املستهدفة من الصندوق‬
‫تمتاز بعوزها الشديد‪ ،‬وفي هذا اإلطار فقد جاء التعديل الذي طال املادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪41.10‬‬
‫بالقانون رقم ‪ ،83.17‬ليرفع هذا اللبس ضمنيا بنصه على عبارة "يبت رئيس املحكمة االبتدائية‬
‫املختصة أو من ينوب عنه‪ ،"...‬حيث إن املشرع قصد بهذا التعديل منح رئيس قسم قضاء األسرة‬
‫مكنة البت في مثل هذه الطلبات باعتباره نائبا عن رئيس املحكمة االبتدائية فيما يتعلق بتدبير‬
‫شؤون قسم قضاء األسرة‪ ،‬وبالتالي فمن الالزم إحداث شعبة صندوق التكافل العائلي بقسم قضاء‬
‫األسرة عوض املحكمة االبتدائية‪.‬‬
‫ينضاف إلى ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من املادة ‪ 57‬من التنظيم القضائي الجديد‬
‫رقم ‪ 38.15‬من أن رئيس قسم قضاء األسرة أو من ينوب عنه يمارس االختصاصات املخولة قانونا‬
‫لرئيس املحكمة االبتدائية‪ ،‬فيما له صلة باختصاصات هذا القسم؛‬
‫‪ – 5‬تضارب املحاكم االبتدائية في موقعة شعبة صندوق التكافل العائلي داخل التنظيم‬
‫الهيكلي لكتابة الضبط باملحاكم االبتدائية بين تخصيصها بمكتب مستقل وبين ضمها إلى شعبة‬
‫األوامر املختلفة أو الشعبة االستعجالية‪.‬‬
‫‪ – 6‬القانون رقم ‪ 41.10‬كما تم تعديله بالقانون رقم ‪ 83.17‬املتعلق بصندوق التكافل‬
‫العائلي لم يشترط االدالء بما يفيد سلوك مسطرة إهمال األسرة قبل االستفادة من الصندوق عكس‬
‫املشرع التونس ي الذي اشترط ذلك‪ ،‬وهو ما قد يؤدي إلى استنزاف تسبيقات صندوق التكافل‬
‫العائلي‪ ،‬ذلك أن سلوك هذه املسطرة قد يكون في كثير من األحيان ناجعا إلجبار املطلق على‬
‫الصفحة ‪158 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫التنفيذ‪ ،‬لكنه من جانب آخر قد يقوض العالقات األسرية سواء أثناء قيام العالقة الزوجية أو في‬
‫فترة ما بعد الطالق‪ ،‬وهو ما يفسر كذلك حسب اإلحصائيات التي اطلعنا عليها باملحكمة االبتدائية‬
‫االجتماعية أن امللفات املحالة على هذه الشعبة بعد سلوك مسطرة إهمال األسرة ال يتجاوز ‪.%2‬‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬املرحل ــة املالي ــة لالستفادة من تسبيقات الصندوق ‪:‬‬

‫بعد صدور األمر القضائي باالستفادة من تسبيقات الصندوق تقوم كتابة ضبط املحكمة‬
‫املختصة بتوجيه الطلب األصلي بمرفقاته فورا وتلقائيا داخل أجل ثالثة أيام إلى الهيئة املكلفة‬
‫بتدبير عمليات صندوق التكافل العائلي‪ ،‬وهي صندوق اإليداع والتدبير من أجل تنفيذه وصرف‬
‫التسبيق املالي طبقا ملا هو محدد في األمر‪.‬‬
‫وتيسيرا لإلجراءات‪ ،‬فإن املشرع قد وحد طلب البت املوجه لرئيس قسم قضاء األسرة‬
‫باملحكمة االبتدائية واالستفادة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي املوجه لصندوق اإليداع‬
‫والتدبير في طلب واحد يقدم عند بداية املسطرة ويستمر إلى حين صدور األمر القضائي‪ ،‬واإلحالة‬
‫على صندوق اإليداع والتدبير‪.‬‬
‫وتتم اإلحالة عند طريق ورقة اإلرسال موجهة من لرئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة‬
‫االبتدائية إلى السيد مدير صندوق اإليداع والتدبير تتضمن مجموع طلبات صرف التسبيقات املالية‬
‫بمرفقاتها‪ ،‬حيث غالبا ما تضمن املجموعة الواحدة ‪ 10‬إلى حدود ‪ 15‬طلب "انظر النموذج رفقته"‪.‬‬
‫وتقوم الشعبة املكلفة بصندوق التكافل العائلي كل ثالثة أشهر ابتداء من شهر يناير بتوجيه‬
‫إحصاء خاص بملفات التكافل العائلي إلى مديرية امليزانية واملراقبة‪ ،‬قسم التحصيل‪ ،‬مصلحة تتبع‬
‫مداخيل صندوق التكافل العائلي‪ ،‬حيث يضم هذا اإلحصاء الرقم الترتيبي ورقم امللف ورقم األمر‬
‫القضائي وتاريخ صدوره واسم املستفيد والتسبيق املالي بالدرهم‪ ،‬وتقوم املديرية يتتبع وضعية‬
‫حسابات الصندوق ومقارنها باإلشعارات املتوصل بها بهذا الخصوص من صندوق اإليداع والتدبير‪.‬‬
‫وبعد توصل صندوق اإليداع والتدبير بطلب صرف التسبيق املالي‪ ،‬يقوم بدراسته وصرف‬
‫التسبيق املالي للمستفيد‪ ،‬حيث يتم األداء بصفة دورية أخر كل شهر حسب املبلغ املحدد في األمر‬
‫الصادر عن رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو القاض ي الذي ينوب عنه‪ ،‬كما تقوم‬

‫الصفحة ‪159 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫كذلك في نفس الوقت بتوجيه إشعار للمستفيد ببداية صرف التسبيقات املالية‪ ،‬التي يمكنه تسلمها‬
‫من أية وكالة تابعة ملؤسسة البريد بنك‪ ،‬ما عدا إن كان املستفيد يتوفر على حساب في مؤسسة‬
‫بنكية‪ ،‬وسبق له أن أدلى بشهادة بنكية تتضمن رقم تعريفه البنكي‪ ،‬فتسلم هذه التسبيقات عن‬
‫طريق تحويلها إلى حسابه البنكي الخاص‪.‬‬
‫ويثار إشكال بخصوص فتح الحسابات البريدية أو البنكية قبل بداية صرف التسبيقات‬
‫املالية وبعدها‪ ،‬حيث يتم اقتطاع واجبات الخدمات البنكية (إنشاء الحساب‪ ،‬تدبير الحساب‪،‬‬
‫التحويالت‪ )....‬قبل صدور األمر وفي بعض األحيان إقفال الحساب البنكي الذي بقي جامدا ومدينا‬
‫للمؤسسة البنكية أو في أحسن األحوال اإلنقاص من قيمة التسبيقات املالية املحولة‪ ،‬وهو ما قد‬
‫يؤدي إلى اإلضرار باملستفيدين في نهاية األمر‪.‬‬
‫ولتجاوز هذا الضرر الالحق بالفئات املستفيدة فقد اقترح العديد من رؤساء املحاكم‬
‫االبتدائية إعفاء مثل هذه الحسابات من الواجبات البنكية وجعل الخدمات املخصصة لها سيرا على‬
‫نهج املشرع مجانية وتحرير دورية مشتركة بهذا الخصوص بين وزير العدل ووالي بنك املغربي باعتباره‬
‫املشرف على القطاع البنكي‪.‬‬
‫ومعلوم أن املادة ‪ 4‬من املرسوم التطبيقي قد حددت سقف االستفادة من الصندوق عن كل‬
‫شهر في مبلغ ‪ 350‬درهما لكل مستفيد على أال يتعدى مجموع التسبيقات املالية ألفراد األسرة‬
‫ً‬
‫واستثناء ‪ 1400‬درهم إذا كانت األسرة تتكون من زوجة معوزة وأوالدها‪.‬‬ ‫الواحدة ‪ 1050‬درهما‪،‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإن أهم املالحظات التي يمكن رصدها بخصوص هذه املرحلة ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن الفترة الزمنية التي تستغرقها االستفادة منذ وضع الطلب لدى قسم قضاء األسرة‬
‫باملحكمة االبتدائية إلى حين صرف التسبيقات املالية من طرف صندوق اإليداع والتدبير تستغرق في‬
‫أحسن األحوال ‪ 6‬أشهر؛‬
‫‪ – 2‬تصرف األشهر األولى من االستفادة على شكل حوالة ‪ Rappel‬تضمن جميع املبالغ‬
‫املتراكمة واملسددة ؛‬

‫الصفحة ‪160 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ - 3‬يقوم صندوق اإليداع والتدبير بإحالة كشوفات املبالغ املؤداة دوريا على قسم قضاء‬
‫األسرة باملحكمة االبتدائية وعلى مديرية امليزانية واملراقبة بوزارة العدل (‪)1‬؛‬
‫‪ – 4‬يتعين على املستفيدة من الصندوق تجديد اإلدالء بشواهد الحياة املتعلقة بها وباألطفال‬
‫الذين يتقاضون النفقة املستحقة عنهم من الصندوق كل ستة أشهر‪ ،‬وإذا لم تتم موافاة قطب‬
‫ً‬
‫ابتداء من تاريخ‬ ‫تدبير االدخار بصندوق اإليداع والتدبير بهذه الشواهد قبل انصرام الستة أشهر‬
‫أول استحقاق‪ ،‬يوقف صرف التسبيق إلى حين اإلدالء بها؛‬
‫‪ – 5‬يتم توقيف صرف التسبيق بالنسبة لألطفال عند بلوغهم سن الرشد القانوني‪ ،‬حيث‬
‫يكون من الالزم عليهم اإلدالء بشهادة مدرسية تثبت متابعة الدراسة‪ ،‬كما أنهم يلزمون بتقديم‬
‫طلبات االستفادة شخصيا أو عن طريق توكيل أمهم نيابة عنهم‪.‬‬
‫‪ – 6‬تلزم الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة قبل تقديمها لطلبها‪ ،‬وبعد انتهاء سنتين من‬
‫االستفادة باإلدالء بشهادة التصريح بالشرف تشهد من خاللها أن العالقة الزوجية بينها وبين زوجها‬
‫ما تزال قائمة بتاريخ تقديمها لطلب االستفادة من التسبيقات املالية لصندوق التكافل العائلي‪،‬‬
‫وتتعهد وتلتزم بأنه في حالة انتهاء العالقة الزوجية بينها وبين زوجها خالل سريان مدة استفادتها من‬
‫التسبيقات املالية لصندوق التكافل العائلي‪ ،‬أن أشعر فورا وكتابة السيد رئيس قسم قضاء األسرة‬
‫باملحكمة االبتدائية املصدر لألمر باستفادتها من هذه التسبيقات املالية أو صندوق اإليداع والتدبير‬
‫بذلك لترتيب اآلثار القانونية املترتبة عن انتهاء هذه العالقة‪ ،‬وتلتزم البنت املستفيدة كذلك إذا بلغت‬
‫سن الرشد‪ ،‬باإلدالء بما يفيد عزوبتها؛‬
‫‪ – 7‬طلبات تجديد االستفادة من تسبيقات الصندوق يجب أن تقدم بمدة كافية قبل‬
‫انقضاء أجل سنتين لضمان عدم توقف االستفادة‪.‬‬

‫‪ -1‬وتضم هذه الكشوفات ‪ :‬رقم الملف بصندوق اإليداع والتدبير‪ ،‬رقم الملف بالمحكمة‪ ،‬االسم الشخصي والعائلي محرر باللغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬رقم بطاقة التعريف الوطنية‪ ،‬مب لغ التسبيق الشهري بالدرهم‪ ،‬المبالغ التراكمية المسددة بالدرهم‪ ،‬تاريخ االستحقاق‪ ،‬تاريخ‬
‫نهاية االستحقاق " انظر النموذج رفقته"‪.‬‬

‫الصفحة ‪161 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫تصفية صوائراملساعدة القضائية‬


‫في إطارنزاعات الشغل‬
‫عبد العالي امسيس‬
‫منتدب قضائي باملحكمة االبتدائية بأكادير‬

‫‪ -‬مقدمة ‪:‬‬
‫رأى املشرع املغربي تنظيم طرق لتصفية صوائر املساعدة القضائية في إطار مساطر نزاعات‬
‫الشغل‪ ،‬حيث إذا صدر حكم قضائي وقض ى باملصاريف على املستفيد من املساعدة القضائية فإنه‬
‫يتحمل هذه املصاريف‪ ،‬ويتم الرجوع على املستفيد بعد تلقيه استفادة مالية من خالل التعويض‬
‫املحكم له به‪ ،‬وهنا يبدأ عمل كتابة الضبط حيث تقوم بإجراءات عديدة ومعقدة قصد تصفية هذه‬
‫الصوائر‪.1‬‬
‫وأطر املشرع املغربي إجراءات تحصيل صوائر املساعدة القضائية من خالل الفصل ‪213‬‬

‫من املرسوم امللكي بمثابة قانون املساعدة القضائية لفاتح نونبر ‪ 1966‬الذي جاء فيه‪" ،‬في حالة‬
‫صدور حكم بأداء املصاريف على خصم املستفيد من املساعدة القضائية فإن تقدير املصاريف‬
‫يشمل الصوائر كيفما كان نوعها وبدل األتعاب واألجور التي كانت تلزم املستفيد لو لم‬
‫يحصل على املساعدة القضائية"‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة يصدر الحكم بأداء املصاريف لفائدة الخزينة‪ ،‬ويقوم مأمورو كتابات‬
‫الضبط بمحاكم االستئناف وباقي محاكم اململكة بمتابعة استيفائها وفقا ألحكام القانون رقم ‪15.97‬‬
‫بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية(‪ ،)3‬وبناء على أمر بالتنفيذ تعده كتابات الضبط ويؤشر‬
‫عليه ممثل النيابة العامة لدى املحكمة املختصة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد القباب‪ ،‬مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته‪ ،‬مطبعة الرشاد سطات‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2015‬ص‬
‫‪.149‬‬
‫‪ - 2‬تم تغيير الفصل ‪ 13‬أعاله‪ ،‬بمقتضى المادة ‪ 15‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.92.280‬بتاريخ ‪ 4‬رجب ‪ 29( 1413‬ديسمبر‬
‫‪ )1992‬بمثابة قانون المالية لسنة ‪ ،1993‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4183‬بتاريخ ‪ 5‬رجب ‪ 30( 1413‬ديسمبر‪ ،)1992‬ص‬
‫‪.1836‬‬
‫‪ - 3‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.175‬بتاريخ ‪ 27‬محرم ‪3( 1421‬ماي ‪ ،)2000‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4880‬بتاريخ ‪ 28‬صفر ‪( 1421‬فاتح يونيو ‪ ،)2000‬ص ‪.1256‬‬

‫الصفحة ‪162 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫عالوة على ذلك يحرر أمر تنفيذي مستقل فيما يخص الحقوق التي لم تدرج في أمر التنفيذ‬
‫املسلم ضد الخصوم والتي تبقى مترتبة على املستفيد من املساعدة القضائية لفائدة الخزينة‪.‬‬
‫ويوزع وزير املالية على ذوي الحقوق املبالغ املتحصلة‪.‬‬
‫وفي حالة صدور حكم بأداء املصاريف على املستفيد من املساعدة القضائية يباشر طبقا‬
‫للقواعد أعاله تحصيل املبالغ الواجبة للخزينة عمال بمقتضيات الفصل ‪12‬من نفس القانون‪.‬‬
‫ويتعين على كتاب الضبط أن يوجهوا في أجل شهر إلى إدارة املالية امللخصات أو النسخ‬
‫األصلية لألحكام التي تهمها‪ ،‬ويكون الطعن باالستئناف والتعرض موقفين الستخالص صوائر‬
‫املساعدة القضائية‪ ،‬وال يترتب نفس املفعول عن طلب النقض‪.‬‬
‫ويعتبر املقرر نهائيا بالنسبة لهذه الصوائر ويسلم األمر التنفيذي على الفور إذا لم يقدم أي‬
‫استئناف أو تعرض خالل أجل ثالثة أشهر يبتدئ من تاريخ صدور املقرر املذكور‪.‬‬
‫من خالل ما سبق سنتناول هذا املوضوع املتعلق بتصفية صوائر املساعدة القضائية في‬
‫نزاعات الشغل من خالل التعرف على طرق تصفية صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل في‬
‫(املطلب األول)‪ ،‬على أن نتطرق إلى طرق التحلل من صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل في‬
‫(املطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬طرق تصفية صوائراملساعدة القضائية‬


‫في نزاعات الشغل‬

‫يقصد بتصفية صوائر املساعدة القضائية العمليات التي يقوم بها موظفو هيئة كتابة‬
‫الضبط من أجل تحصيل الصوائر والرسوم التي حكمت بها املحكمة لصالح املستفيد من املساعدة‬
‫القضائية أو على خاسر الدعوى‪ ،‬كما عرفتها املادة ‪ 1‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬بمجموع‬
‫العمليات واإلجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات املحلية وهيآتها واملؤسسات‬
‫العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتض ى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬أو ناتجة‬
‫عن أحكام وقرارات القضاء أو عن االتفاقات‪.‬‬

‫الصفحة ‪163 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دوركتابة الضبط في تصفية صوائراملساعدة القضائية‬

‫يعتبر جهاز كتابة الضبط أهم فاعل تنموي من داخل صرح العدالة‪ ،‬حيث على يد كواهله‬
‫يتم تنفيذ وتحقيق كل متطلبات العدالة‪ ،‬وبالتالي تتحقق متطلبات املتقاضين من املواطنين‪ ،‬بإرجاع‬
‫كل حق إلى صاحبه‪ ،‬فيحصل األمن القانوني والقضائي‪ ،‬الذي من أجله وجدت العدالة و استقرار‬
‫أركان الدولة‪.1‬‬
‫وتضطلع هيئة كتابة الضبط بدور كبير خارج الجلسات واملحاكمة حيث تقوم بانجاز كل‬
‫اإلجراءات التي تقررها املحكمة بمختلف املكاتب من عمليات التبليغ والتنفيذ واستخالص الرسوم‬
‫القض ائية والقيام بالعمليات املحاسبية و اإلجراءات التي تدخل في اختصاصاتها بموجب النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية‪.2‬‬
‫ومن هذا املنطلق فإن موظفي هيئة كتابة الضبط يخضعون للنظام األساس ي الخاص بهيئة‬
‫كتابة الضبط‪ ،3‬ويتبعون للسلطة الحكومية املكلفة بالعدل التي تقوم بتدبير شؤونهم ويمارسون‬
‫املهام التي تدخل في مجال اختصاصهم تحث سلطة رئيس اإلدارة‪ ،‬فيما يتعلق باملهام املالية والتي من‬
‫ضمنها تصفية صوائر املساعدة القضائية في ميدان نزاعات الشغل‪.‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬دور كتابة الضبط في تصفية صوائراملساعدة القضائية ‪:‬‬


‫تتولى هيئة كتابة الضبط مهمة استخالص صوائر املساعدة القضائية‪ ،‬بموجب الفصل ‪13‬‬
‫من قانون املساعدة القضائية ‪ ،‬ويتعين على كتاب الضبط أن يوجهوا في أجل شهر إلى إدارة املالية‬
‫امللخصات أو النسخ األصلية لألحكام التي تهمها‪ ،‬ويكون االستئناف والتعرض موقفين الستخالص‬
‫صوائر املساعدة القضائية ‪ ،‬وال يترتب نفس املفعول عن طلب النقض‪.‬‬
‫كما أوكل املشرع مهمة استخالص هذه الصوائر بمقتض ى الفصل ‪ 8‬من قانون املصاريف‬
‫القضائية في القضايا املدنية والتجارية واإلدارية والرسوم املستحقة على اإلجراءات القضائية وغير‬

‫‪ - 1‬عبد اللطيف األشهب‪ ،‬القوانين المنظمة لجهاز كتابة الضبط‪ ،‬مجلة المتوسط للدراسات القانونية و القضائية‪ ،‬العدد الثاني‬
‫‪ ،2016‬ص ‪.147‬‬
‫‪ - 2‬أحمد القباب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ - 3‬مرسوم رقم ‪ 2.11.473‬صادر في ‪ 15‬من شوال ‪ 14( 1432‬سبتمبر ‪)2011‬بشأن النظام األساسي الخاص بهيئة كتابة‬
‫الضبط المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5981‬بتاريخ ‪ 27‬شوال ‪ 26( 1432‬شتنبر ‪ ،)2011‬ص ‪.4760‬‬

‫الصفحة ‪164 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫القضائية والعقود التي يحررها املوثقون الظهير الشريف رقم ‪ 1.84.54‬الصادر في ‪ 25‬رجب ‪1404‬‬
‫(‪ 27‬أبريل ‪ )1984‬بمثابة قانون املالية لسنة ‪" ،11984‬تمارس إدارة الضرائب في آن واحد مع مفتشية‬
‫كتابات الضبط ورؤساء مختلف املحاكم والقضاة املقررين واملحاكم نفسها مراقبة استيفاء الرسم‬
‫القضائي وغيره من الرسوم املستحقة‪.‬‬
‫ويمكن ملن ذكر االطالع لهذه الغاية على جميع السجالت وامللفات والوثائق املرتبة في‬
‫محفوظات كتابة الضبط"‪.‬‬
‫وبناء على التوصيات املضمنة في تقرير املجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 22012‬املوجهة‬
‫لوزارة العدل في الشق املتعلق بتدبير تحصيل الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر واملصاريف‬
‫القضائية أوص ى التقرير املذكور بما يلي‪:‬‬
‫"تخصيص وحدة ملهمة التحصيل ومنحها االستقاللية عن األجهزة األخرى التابعة لكتابة‬
‫الضبط من أجل السهر على القيام بمهام التحصيل بموظفين قارين معينين لهذه الغاية"‪.‬‬
‫و تفعيال لهذه التوصية قامت وزارة العدل بإصدار دورية وزير العدل رقم ‪ 63‬س ‪ 1‬بتاريخ‬
‫‪ 24‬شتنبر ‪ ،2014‬حول التدابير اآلنية الواجب إتخادها للرفع من مردودية وحدة التبليغ و التحصيل‬
‫بمختلف محاكم اململكة دورها تحصيل هذه الغرامات والصوائر و مصاريف املساعدة القضائية‬
‫وتزويدها بمختلف األطر املؤهلة قانونيا وإداريا لإلشراف وتسيير هذه الشعب‪ ،‬وتم تجهيزها بمختلف‬
‫الوسائل الضرورية‪ ،‬وفي نفس االتجاه صدرت دورية أخرى لوزير العدل عدد ‪ 64‬س ‪ 1‬بتاريخ ‪24‬‬
‫شتنبر ‪ 2014‬من أجل إحداث مكاتب تحديد و تصفية الصوائر واملصاريف القضائية و الرسوم‪،‬‬
‫يضم هذا املكتب شعبة خاصة بتصفية صوائر املساعدة القضائية مهمتها حساب مبالغ صوائر‬
‫املساعدة القضائية الواجب استخالصها وانجاز األوامر التنفيذية وبيانات التحمل‪ ،‬وانجاز‬
‫البيانات اإلحصائية الشهرية والدورية‪.‬‬
‫فدور كاتب الضبط في عملية تصفية صوائر املساعدة القضائية قبل إعداد األمر التنفيذي‬
‫يتمثل في تحديد املبلغ الواجب استخالصه‪ ،‬حيث بالرجوع إلى الفصل ‪ 66‬من قانون املصاريف‬

‫‪ - 1‬قانون المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية واإلدارية وعلى اإلجراءات القضائية وغير القضائية والعقود التي‬
‫يحررها الموثقون الظهير الشريف رقم ‪ 1.84.54‬الصادر في ‪ 25‬رجب ‪ 27( 1404‬أبريل ‪ )1984‬بمثابة قانون المالية لسنة‬
‫‪ 1984‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3730‬مكرر بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪ 27( 1404‬أبريل ‪ ،)1984‬ص ‪.520‬‬
‫‪ - 2‬تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 2012‬في شق التوصيات الموجه لوزارة العدل في تدبير تحصيل الغرامات و اإلدانات‬
‫النقدية و الصوائر و المصاريف القضائية‪،‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6228‬مكرر بتاريخ ‪ 6‬فبراير ‪.2014‬‬

‫الصفحة ‪165 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املدنية والتجارية و اإلدارية‪ ،‬يدفع كاتب الضبط رسم املرافعة في نهاية كل شهر إلى أمناء مختلف‬
‫نقابات املحامين على النحو التالي‪ ،...:‬ج) – يتولى كاتب الضبط املكلف بتحصيل املصاريف في قضايا‬
‫املساعدة القضائية دفع مبلغ رسوم املرافعة إلى أمناء نقابات املحامين وفق الشروط املبينة في هذا‬
‫القانون‪.‬‬
‫حيث إن تحديد املبلغ الواجب تصفيته أوكله املشرع لكاتب الضبط املكلف بالتحصيل‪،‬‬
‫حيث خرج من اختصاص إدارة التسجيل و التمبر وأصبح من اختصاص كاتب الضبط‪ ،‬وبقي دور‬
‫إدارة التسجيل والتمبر يتمثل في املراقبة الالحقة لهذه الرسوم‪.‬‬
‫كما هو معلوم‪ ،‬فقد أوكل املشرع مسؤولية تحصيل الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر‬
‫واملصاريف القضائية للمحاسبين التابعين لوزارة االقتصاد واملالية وكذا ملأموري كتابات الضبط‬
‫بمحاكم اململكة‪ ،‬وذلك عماال بمقتضيات املادة ‪ 131‬من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تنص‬
‫على ما يلي " تستخلص الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر واملصاريف القضائية من طرف‬
‫املحاسبين املكلفين بالتحصيل التابعين إدارة املالية‪ ،‬ومن طرف مأموري كتابات الضبط بمحاكم‬
‫اململكة في آن واحد"‪ .‬وقد أكدت املادة ‪ 138‬من نفس املدونة على أن إجراءات التحصيل الجبري تتم‬
‫بمسعى من إدارة املالية أو مصالح كتابات الضبط بمحاكم اململكة‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 633‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه " تتولى املصالح املكلفة باملالية‬
‫ومصالح كتابات الضبط بمحاكم االستئناف واملحاكم‪ ،‬استيفاء املصاريف القضائية والغرامات ما‬
‫لم ينص على خالف ذلك في قوانين خاصة‪ .‬ويؤهل مأمورو كتابات الضبط في محاكم االستئناف‬
‫واملحاكم باململكة للقيام في آن واحد مع القباض باملتابعات املنصوص عليها في القانون رقم ‪15.97‬‬
‫بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 175.00.1‬بتاريخ ‪28‬‬
‫من محرم ‪،1421‬املوافق ل ( ‪ 3‬ماي ‪ ،)2000‬ومن خالل هذه املقتضيات القانونية‪ ،‬يتبين أن تحصيل‬
‫الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر واملصاريف القضائية هي مسؤولية مشتركة بين مأموري‬
‫كتابات الضبط باملحاكم ومحاسبي الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬غير أن مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية وقانون املسطرة الجنائية لم يحددا مسؤوليات كل جانب‪ ،‬األمر الذي ينعكس سلبا على‬
‫فعالية التحصيل‪. 1‬‬

‫‪ - 1‬مذكرة إستعجالية صادرة عن المجلس األعلى للحسابات حول تحصيل الغرامات و اإلدانات النقدية الصوائر والمصاريف‬
‫القضائية موجهة لوزير العدل في سنة ‪ ،2017‬منشورة بالموقع اإللكتروني للمجلس‪ ،‬تاريخ االطالع ‪ 20‬أبريل ‪= .2020‬‬

‫الصفحة ‪166 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬تصفية أتعاب املحامين في إطاراملساعدة القضائية في نزاعات الشغل ‪:‬‬

‫عندما تقوم املحكمة بتعيين محام لفائدة األجير في إطار املساعدة القضائية ‪ ،‬فإنه يعفى‬
‫مقدما من أداء أتعاب املحامي املعين في إطار املساعدة القضائية قصد النيابة عنه والدفاع عن‬
‫مصالحه وحقوقه إلى حين البث في الدعوى‪ ،‬حيث جاء في املادة ‪ 41‬من قانون املحاماة‪ ،1‬للمحامي‬
‫املعين في نطاق املساعدة القضائية‪ ،‬له أن يتقاض ى من موكله أتعابا عن املسطرة التي باشرها‬
‫ونتجت عنها استفادة مالية أو عينية لهذا األخير‪ ،‬على أن يعرض األمر وجوبا على النقيب لتحديد‬
‫مبلغ تلك األتعاب‪.‬‬
‫يتقاض ى في األحوال األخرى أتعابا من الخزينة العامة يتم تحديد مبلغها وطريقة صرفها‬
‫بمقتض ى نص تنظيمي‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد صدر مرسوم رقم ‪ 2.15.801‬الصادر في ‪ 19‬من ربيع األول ‪31( 1437‬‬
‫ديسمبر ‪ )2015‬بتطبيق الفقرة الثانية من املادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 28.08‬املتعلق بتعديل القانون‬
‫املنظم ملهنة املحاماة‪ ،2‬حيث جاء في املادة الثانية من هذا املرسوم "يتم صرف االعتمادات املالية‬
‫السنوية املرصودة برسم املساعدة القضائية‪ ،‬عبر تفويضها من طرف الوزير املكلف بالعدل لآلمرين‬
‫املساعدين بالصرف‪ ،‬بعد التشاور مع هيئات املحامين‪ ،‬لتغطية تكاليف الخدمات املقدمة من طرف‬
‫املحامين لتوزيعها على مختلف هيئات املحامين باملغرب"‪.‬‬
‫وحددت املادة قيمة مبالغ هذه األتعاب فيما يلي‪:‬‬
‫"تحدد املبالغ املستحقة املشار إليها في املادة األولى أعاله لفائدة املحامي املعين في نطاق‬
‫املساعدة القضائية‪ ،‬املنصوص عليها في الفقرة الثانية من املادة ‪ 41‬من القانون املنظم ملهنة‬
‫املحاماة املشار إليه كما يلي‪:‬‬
‫‪ 3500 -‬درهم فيما يخص القضايا املعروضة أمام محكمة النفض؛‬
‫‪ 3000 -‬درهم فيما يخص القضايا املعروضة على محاكم االستئناف؛‬
‫‪ 2500 -‬درهم فيما يخص القضايا املعروضة على املحاكم االبتدائية‪.‬‬
‫‪http://www.courdescomptes.ma/upload/MoDUle_20/File_20_696.pdf‬‬
‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 28.08‬المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.101‬صادر في‬
‫‪ 20‬من شوال ‪ 20( 1429‬أكتوبر ‪ )2008‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5680‬بتاريخ ‪ 7‬ذو القعدة ‪ 6( 1429‬نوفمبر‬
‫‪ ،)2008‬ص ‪.4044‬‬
‫‪ 2‬منشور ب الجريدة الرسمية عدد ‪ 6431‬بتاريخ ‪ 7‬ربيع اآلخر ‪ 18( 1437‬يناير ‪ ،)2016‬ص ‪.352‬‬

‫الصفحة ‪167 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وتعتبر هذه املبالغ مبالغ معدلة‪ ،‬حيث ارتفعت إلى هذه القيمة بعد تعديل مقتضيات املادة‬
‫الثالثة من املنشور‪ ،‬والتي تنص على مراجعة هذا التحديد على رأس كل سنتين بموجب قرار مشترك‬
‫للوزير املكلف بالعدل والوزير املكلف باملالية بعد استشارة هيئات املحامين"‪.1‬‬

‫‪ -‬ثالثا‪ :‬مسطرة تصفية أتعاب املحامين في إطار املساعدة القضائية في نزاعات الشغل ‪:‬‬
‫نصت املادة ‪ 4‬من هذا املرسوم رقم ‪ 2.15.801‬الصادر في ‪ 19‬من ربيع األول ‪31( 1437‬‬
‫ديسمبر ‪ )2015‬بتطبيق الفقرة الثانية من املادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 28.08‬املتعلق بتعديل القانون‬
‫املنظم ملهنة املحاماة على ‪ ،‬أنه "يؤدي املحاسب العمومي املختص‪ ،‬بناء على أوامر بالدفع يتم‬
‫إعدادها من طرف اآلمر بالصرف املساعد‪ ،‬املبالغ املستحقة املشار إليها في املادة الثالثة أعاله لفائدة‬
‫املحامي املعين في إطار املساعدة القضائية‪.‬‬
‫يتضمن ملف األداء بيان املبالغ املستحقة‪ ،‬ومراجع امللف املعين فيه املحامي‪ ،‬وهوية‬
‫الشخص املستفيد من املساعدة القضائية مؤشرا عليه من طرف نقيب هيئة املحامين للهيئة التي‬
‫ينتمي إليها املحامي وفق النموذج املرفق بهذا املرسوم‪ ،‬معززا بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬مقرر منح املساعدة القضائية الصادر عن املكتب املختص أو قرار تعيين املحامي في إطار‬
‫املساعدة القضائية من طرف نقيب هيئة املحامين‪ ،‬أو ما يثبت ذلك؛‬
‫‪ -‬نسخة طبق األصل من الحكم أو القرار الصادر في امللف الذي انتدب فيه املحامي للنيابة‬
‫عن املستفيد من املساعدة القضائية"‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد صدر منشور وزير العدل عدد ‪ 9‬س‪ 2‬املؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 2016‬املتعلق‬
‫بتنزيل مضامين املرسوم املذكور أعاله‪ ،2‬ضمانا لحسن تفعيل مقتضيات املرسوم املشار إليه أعاله‬
‫بما يتالءم وغايات املشرع من سن نظام املساعدة القضائية‪ ،‬ودفعا لكل اختالف في تنزيلها على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬ورغبة في تعميم الطريقة املثلى في تطبيق بنوده بغية توحيد العمل على مستوى جميع‬

‫‪ - 1‬تطبيقا ألحكام الفقرة األخيرة من المادة الثالثة من المرسوم ‪ 2.15.801‬السالف الذكر‪ ،‬تمت مراجعة تحديد المبالغ المستحقة‬
‫المعتبرة بمثابة م صاريف مدفوعة من طرف المحامين مقابل الخدمات التي يقدمونها في إطار المساعدة القضائية بمقتضى المادة‬
‫األولى من القرار المشترك لوزير العدل ووزير االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة رقم ‪ 2787.19‬بتاريخ ‪ 15‬من ربيع األول‬
‫‪ 13( 1441‬نوفمبر ‪ ) 2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6840‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع اآلخر ‪ 19( 1441‬ديسمبر ‪ ،)2019‬ص‬
‫‪ .11494‬ويدخل هذا القرار المشترك حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير ‪ 2020‬بمقتضى المادة الثانية من القرار ‪،2787.19‬‬
‫السالف الذكر‪.‬‬
‫قرار منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6840‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع اآلخر ‪ 19( 1441‬دجنبر ‪ ،2019‬ص ‪.11494 :‬‬
‫‪ - 2‬منشور وزير العدل عدد ‪ 9‬س‪ 2‬المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪.2016‬‬

‫الصفحة ‪168 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الدوائر القضائية‪ ،‬وتقريب اإلجراءات املتعلقة بصرف اعتمادات املساعدة القضائية بين جميع‬
‫املتدخلين‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد حدد املنشور املذكور كافة اإلجراءات التي تقوم بها كتابة الضبط في تصفية‬
‫أتعاب املحامين في إطار املساعدة القضائية‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬إحداث سجل يمسك من طرف رئيس كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية تحث‬
‫التسمية التالية‪" :‬سجل املبالغ املستحقة لفائدة املحامين املعينين في إطار املساعدة القضائية "‪،‬‬
‫يكون السجل املذكور ورقيا ويفتح كذلك سجل إلكتروني في إطار نظام ‪ ،SAJ@2‬وذلك لتفادي تقديم‬
‫الطلب أكثر من مرة‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬إحداث سجل يمسك من طرف املدير الفرعي اإلقليمي لدى محكمة االستئناف تحت‬
‫التسمية التالية‪ " :‬سجل املبالغ املستحقة لفائدة املحامين املعينين في إطار املساعدة القضائية "‬
‫يكون السجل املذكور ورقيا و يفتح كذلك سجل إلكتروني‪ ،‬و ذلك لتفادي صرف املبلغ املطلوب أكثر‬
‫من مرة‪.‬‬
‫أما بخصوص طريقة صرف هذه املبالغ‪ ،‬فتتم وفق اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ملئ البيان وفق النموذج املعد لهذا الغرض‪ ،‬واملتعلق بمصاريف املحامي في إطار‬
‫املساعدة القضائية‪ ،‬وتوقيعه من طرف املحامي املعني‪ ،‬وتأشيره من طرف نقيب هيئة املحامين‪،‬‬
‫وإرفاقه بمقرر منح املساعدة القضائية‪ ،‬أو قرار تعيين املحامي‪ ،‬أو ما يثبت ذلك من محضر الجلسة‬
‫أو شهادة ضبطية من كتابة الضبط‪ ،‬أو نسخة طبق األصل من الحكم أو القرار القضائي‪ ،‬وتقديمه‬
‫للمسؤول القضائي املذكور‪.‬‬
‫‪ -2‬إصدار األمر التنفيذي وفق النموذج املعد لهذا الغرض‪ ،‬واملتعلق بتأدية مصاريف‬
‫املحامي املعين في إطار املساعدة القضائية‪ ،‬موقعا من طرف املسؤول القضائي‪.‬‬
‫‪ -3‬إيداع امللف لدى رئيس كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية التي يقع مكتب املحامي‬
‫املعين بدائرة نفوذها‪ ،‬يتضمن الوثائق املشار غليها أعاله‪ ،‬باإلضافة إلى نسخة من بطاقة التعريف‬
‫الوطنية ورقم الحساب البنكي للمحامي املعين في إطار املساعدة القضائية عند أول إيداع‪.‬‬

‫الصفحة ‪169 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -4‬يوجه رئيس كتابة الضبط امللفات التي توصل بها إلى املدير الفرعي اإلقليمي لدى‬
‫محكمة االستئناف بالدائرة القضائية التابع له‪ ،‬ويحتفظ بنسخة منها‪.‬‬
‫‪ -5‬يتولى املدير الفرعي بعد التأكد من الوثائق إعداد أمر بالدفع يتعلق بكل ملف على‬
‫حدة‪ ،‬ويوجهه ملصالح الخزينة العامة للمملكة قصد صرف النفقة‪ ،‬مع إخبار رئيس كتابة الضبط‬
‫باملحكمة االبتدائية املختصة بمراجع التحويل لفائدة املحامي املعني باألمر‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬إعداد األمرالتنفيذي و بيان التحمالت‬


‫سنتناول من خالل هذه الفقرة إعداد األمر التنفيذي وبيان التحمالت من خالل التعرف‬
‫على دور إدارة التسجيل والتمبر (أوال)‪ ،‬ثم الحديث عن إعداد األمر التنفيذي (ثانيا) ‪،‬ثم إعداد بيان‬
‫التحمالت (ثالثا)‪.‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬دورإدارة التسجيل والتمبرفي عملية التصفية في إطارمساطرنزاعات الشغل ‪:‬‬


‫بعد صدور األحكام والقرارات في قضايا نزاعات الشغل املعروضة على القضاء تقوم كتابة‬
‫الضبط بتوجيهها إلى إدارة التسجيل والتمبر قصد مراقبة العقود املدلى بها والتي لم تخضع ملسطرة‬
‫التسجيل والتمبر من جهة ورقابة الرسوم القضائية على املطالب املدنية من جهة أخرى‪ ،‬حيث‬
‫يقتصر دور إدارة التسجيل والتمبر على اإلطالع على وثائق امللفات و مذكرات املطالب املقدمة من‬
‫أجل مراقبة الرسم القضائي النسبي املفروض على تلك املطالب حيث تراقب العقود املدلى بها و التي‬
‫لم تخضع ملسطرة التسجيل ‪.1‬‬
‫وقد نص املشرع من خالل الفقرة الرابعة من املادة ‪ 137‬من مدونة الضرائب املعدلة و‬
‫املتممة بموجب قانون املالية لسنة ‪ ،22008‬أنه يجب على كتاب الضبط لدى املحاكم أن يوجهوا‬
‫ملفتش الضرائب املكلف بالتسجيل الذي يمارس بدائرة اختصاصاتهم القضائية وذلك قبل انقضاء‬
‫أجل الثالثة )‪ (3‬أشهر املنصوص عليها في املادة ‪ 128‬من هذا القانون‪ ،‬نسخة مصادق على مطابقتها‬

‫‪ - 1‬أحمد القباب‪ ،‬مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.149‬‬
‫‪ - 2‬تم إدراج هذا البند بمقتضى البند ‪ I‬من المادة ‪ 8‬من قانون المالية لسنة ‪.2008‬‬

‫الصفحة ‪170 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫لألصل من األحكام و القرارات واألوامر وأحكام املحكمين املثبتة إلحدى التفويتات أو االتفاقات‬
‫املشار في املادة ‪ 127‬من هذا القانون‪.‬‬
‫كما يجب عليهم أن يوجهوا ملفتش الضرائب املذكور أعاله‪ ،‬داخل أجل الثالثين )‪ (30‬يوما‬
‫املنصوص عليه في املادة ‪ 128‬أصول املحررات القضائية وغير القضائية التي تخضع بحكم طبيعتها‬
‫أو حسب مضمونها لواجبات التسجيل النسبية بمقتض ى املادة ‪ 133‬من مدونة الضرائب‪.‬‬
‫حيث إن عملية إحالة كتابة الضبط على إدارة التسجيل والتمبر يطرح عدة مشاكل على‬
‫املستوى املمارسة العملية‪ ،‬حيث إن امللفات املحالة تبقى فترة طويلة دون إنجاز‪ ،‬وقد يضيع إحداها‬
‫في بعض األحيان‪ ،‬مما يفتح على رئيس كتابة الضبط باب املسائلة اإلدارية‪ ،‬لذا يقترح أحد الباحثين‪1‬‬

‫إعادة إحداث مكتب إلدارة التسجيل باملحكمة لضبط هذه العملية‪ ،‬كما أنه ليس هناك ما يمنع من‬
‫الناحية القانونية من استخالص تلك الرسوم من طرف كتابة الضبط قبل اإلحالة على إدارة‬
‫التسجيل‪ ،‬ولكن اإلحالة بعد ذلك تكون ضرورية ألن تلك التأشيرة التي تضعها إدارة التسجيل‬
‫والتمبر على ظهر امللف تعتبر بمثابة أمر باالستخالص‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعداد األمرالتنفيذي ‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫يقوم كاتب الضبط املكلف بتصفية صوائر املساعدة القضائية بفتح ملفات تنفيذية هي‬
‫عبارة عن مختصرات مستخرجة من أصل الحكم أو القرار املحفوظ بكتابة الضبط نموذج‬
‫‪ 94/80090‬املشترك بين جميع املحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف‪ ،‬ويسجله في سجل نظامي‬
‫معد لهذا لغرض‪ ،‬وبعد رجوع امللفات من إدارة التسجيل تفرز امللفات التي تقرر فيها املساعدة‬
‫القضائية ويتم الشروع في إعداد األوامر التنفيذية وتتضمن رقم امللف وأطراف الدعوى ونوع‬
‫القضية ومختصر الحكم أو القرار والصائر بما في ذلك التكملة عند االقتضاء‪ ،‬وبعد إتمام عملية‬
‫حساب الرسوم والصوائر‪ ،‬توقع األوامر من طرف رئيس كتابة الضبط وتحال على وكيل امللك بنفس‬
‫املحكمة قصد اإلطالع والتأشير عليها لتصبح قابلة للتنفيذ‪.2‬‬

‫‪ - 1‬أحمد القباب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬


‫‪ - 2‬مبارك األزعر‪ ،‬نظام المساعدة القضائية‪ ،‬في القانون المغربي بين النص القانوني و متطلبات اإلصالح‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في المنازعات و المهن القانونية ‪ ،2017‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكادير‪ ،‬ص‬
‫‪.185‬‬

‫الصفحة ‪171 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫كما أن النموذج املوحد واملعد من طرف وزارة العدل‪ ،‬يبقى ناقصا وبعيدا عن مقتضيات‬
‫مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬كما أن الخانات التي أعدتها الوزارة املعنية بهذا النموذج تبقى‬
‫ناقصة‪ ،‬كما أن بيان تفصيل حساب املبالغ املأمور باستخالصها تبقى بعيدة عن الواقع‪ ،‬لكونه ال‬
‫يتضمن خانة خاصة بالذعائر التي تقررها مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬بحيث ال يمكن لكاتب‬
‫الضبط أن يضيف أي مبلغ كذعيرة عن التأخير وكل إضافة تعتبر مخالفة للقانون‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬إعداد بيان التحمالت ‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫يقوم املوظف املكلف بتحصيل صوائر الرسوم القضائية بإعداد بيان للتحمل وفق‬
‫النموذج ‪ 40105‬الذي أعدته وزارة العدل‪ ،‬فإصدار بيان التحمل من طرف كتابة الضبط يعد‬
‫بمثابة إقرار منها بمديونيتها الستخالص املبالغ الواردة فيه بكل الطرق أو التحلل منها بالطرق‬
‫القانونية عبر عملية تحصيل مجموع الصوائر والرسوم وتحويله إلى صندوق املحكمة وبعده تقوم‬
‫مصالح هذه األخيرة بتحويله إلى مصالح الخزينة العامة‪ ،‬وعند تعذر استيفاء هذه الصوائر والرسوم‬
‫يتم اقتراح إسقاطه أو إلغائه وفق القانون ‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يصدر موظف كتابة الضبط بيان التحمل في خمس نظائر يشهد بصحتها رئيس‬
‫كتابة الضبط ويحيلها على ممثل النيابة العامة بنفس املحكمة قصد التأشير عليها‪ ،‬وقد صدرت‬
‫تعليمية مشتركة بين وزير العدل و وزير املالية حيث وضحت كيفية تطبيق املقتضيات القانونية‬
‫املتعلقة بالفصل ‪ 14‬من قانون املالية لسنة ‪ 1993‬املتعلقة باستيفاء الغرامات و العقوبات املالية‪.‬‬
‫ويوجه بيان التحمل مرفق بنسختين منه إلى مصالح التسجيل والتمبر قصد التأشير عليه‬
‫من طرف الخازن الجهوي أو اإلقليمي أو القابض‪ ،‬وتقوم مصالح الخزينة بتسجيل مراجع امللفات‬
‫املتحمل بها وتسجيل املبالغ املتعلقة بها ‪.‬‬
‫كما تقوم كتابة الضبط بتوجيه نسخة من بيان التحمل إلى مديرية امليزانية واملراقبة‪ ،‬قسم‬
‫التحصيل‪ ،‬بوزارة العدل باعتبارها املشرفة على تتبع ومراقبة تحصيل الرسوم و الصوائر‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد القباب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬

‫الصفحة ‪172 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬رابعا ‪ :‬توجيه اإلشعاربدون صائرو اإلنذارمع التنفيذ ‪:‬‬


‫نظم املشرع طرق التحصيل الجبري للصوائر و الرسوم من خالل مدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية‪ ،‬حيث يمكن تعريف اإلشعار بدون صائر على أنه أول درجة من درجات التحصيل الجبري‬
‫يقوم به املحاسب املكلف بالتحصيل إلعذار املدين ألداء ما بذمته من ديون تجاه خزينة الدولة‪،‬‬
‫وبعد تبليغه باإلنذار يتم الحجز على أمواله في حالة امتناعه عن األداء‪ ،1‬وال يمكن مباشرة‬
‫التحصيل الجبري إال بعد إرسال آخر إشعار بدون صائر‪ ،‬ويعتبر اإلنذار وسيلة من وسائل قطع‬
‫التقادم‪.‬‬
‫يقوم موظف كتابة الضبط املكلف بالتحصيل بتبليغ اإلنذار بتصفية صوائر املساعدة‬
‫القضائية عن طريق كتابة الضبط أو عن طريق البريد املضمون مع اإلشعار بالتوصل إلى الشخص‬
‫املستفيد من املساعدة القضائية وفق القواعد العامة للتبليغ املنصوص عليها في الفصول ‪ 37‬وما‬
‫بعدها من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫وال يمكن تبليغ اإلنذار إال بعد مض ي أجل ‪ 30‬يوم من تاريخ االستحقاق‪ ،‬و ‪ 20‬يوم من تاريخ‬
‫إرسال آخر إشعار‪ .2‬ويجب تقييد تاريخ إرسال هذا اإلشعار في جدول الضرائب والرسوم أوفي أي‬
‫سند تنفيذي آخر‪ .‬ويعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور‪.3‬‬
‫وعند توصل األجير املستفيد من املساعدة القضائية باإلنذار يقوم باالستجابة طواعية‬
‫ألداء ما بذمته من الصوائر املحددة في األمر التنفيذي‪ ،‬وعند عدم االستجابة يقوم موظف كتابة‬
‫الضبط باللجوء إلى الدرجة الثانية من درجات التحصيل الجبري وهي الحجز‪ ،‬حيث نصت املادة ‪44‬‬
‫من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬على أن الحجز يتم على األثاث واألمتعة املنقولة واملحاصيل‬
‫والثمار تنفيذا للترخيص املشار إليه في املادة ‪ 37‬من نفس املدونة‪ ،‬بطلب من املحاسب املكلف‬
‫بالتحصيل وطبقا ألحكام قانون املسطرة املدنية‪ .‬يتضمن هذا الترخيص أيضا األمر بإجراء البيع إذا‬
‫لم يسدد املدين ما بذمته بعد تنفيذ الحجز‪.‬‬
‫ما عدا في الحالة املنصوص عليها في املادة ‪ 53‬أدناه؛ ال يمكن أن يتم الحجز إال بعد ثالثين‬
‫يوما (‪ )30‬من تبليغ اإلنذار‪.‬‬

‫‪ - 1‬وزارة العدل‪ ،‬دليل مساطر وحدات التبليغ و التحصيل‪ ،‬ماي ‪ ،2018‬ص ‪.55‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 41‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 36‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬

‫الصفحة ‪173 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وإذا أصر املدين أثناء الحجز على رفض أداء ما بذمته‪ ،‬يقوم مأمور التبليغ والتنفيذ‬
‫للخزينة بإحصاء األشياء املوجودة في املحالت وداخل األثاث الذي يمكن له أن يطلب فتحه‪ ،‬حيث‬
‫يقوم مأمور إجراءات التنفيذ بتحرير محضر الحجز يصف فيه األمتعة و املنقوالت ويقوم بعدها‬
‫وإحصائها بشكل دقيق‪ ،‬ويقوم بتحديد تاريخ ومكان البيع وتعيين الحارس عن األشياء املحجوزة‪.1‬‬
‫وبعد مرور عملية اإلحصاء يشرع في عملية اإلشهار التي ال يمكن القيام بها إال بموجب‬
‫الترخيص املنصوص عليه في املادة ‪ 37‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ .2‬يباشر مأمور إجراءات‬
‫التنفيذ بعد ذلك القيام بعملية البيع وفق املسطرة القانونية ويحرر محضر البيع يحدد فيه تاريخ‬
‫ومكان البيع وعدد املنقوالت وثمن بيع كل واحدة واملبلغ اإلجمالي املتحصل من البيع‪ ،‬حيث يقوم‬
‫بإيداعه بصندوق املحكمة ويخصم منها مبالغ صوائر املساعدة القضائية‪.‬‬
‫وعند تعذر وجود ما يحجز يقوم مأمور إجراءات التنفيذ بتحرير محضر عدم وجود ما‬
‫يحجز‪ ،‬حيث يتم اللجوء إلى مسطرة اإلكراه البدني في مواجهة املستفيد من املساعدة القضائية‬
‫الذي امتنع عن أداء ما ذمته من صوائر ورسوم تجاه الخزينة العامة‪ ،‬حيث يجبر الشخص املمتنع‬
‫عن األداء بتطبيق اإلكراه البدني بواسطة طلب يقدمه رئيس كتابة الضبط إلى رئيس املحكمة ‪ ،‬هذا‬
‫األخير يصدر أمرا داخل ثالثين يوما من تاريخ توصله بالطلب‪ ،‬وبعد اإلطالع على الطلب وتوفر‬
‫البيانات يصدر أمر برفع طلب تنفيذه إلى النيابة العامة قصد تطبيق مسطرة اإلكراه البدني‪.3‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬طرق التحلل من صوائراملساعدة القضائية في نزاعات‬


‫الشغل‬
‫إذا تعذر على كتابة الضبط تحصيل صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل‪ ،‬رغم ما‬
‫قامت به من إجراءات فإنه ال يقبل أن تبقى التحمالت التي تؤكد مديونيتها ملقاة على عاتقها إلى ما ال‬
‫نهاية‪ ،‬حيث أوجد لها املشرع بعض الطرق التي تستطيع بواسطتها فك العبء الثقيل وتصحيح‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 50‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 37‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ :‬باستثناء اإلنذار‪ ،‬ال يمكن مباشرة التحصيل الجبري‪ ،‬إال بموجب قائمة اسمية‬
‫بمثابة ترخيص تبين المدين أو المدينين المشار إليهم في المادة ‪ 29‬أعاله‪ .‬يصدر هذا الترخيص عن رئيس اإلدارة التي ينتمي لها‬
‫المحاسب المكلف بالتحصيل أو عن الشخص المفوض من طرفه لذلك‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 80‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬

‫الصفحة ‪174 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الوضع املالي للمبالغ املتحمل بها‪ ،1‬والتي تبقى مسؤولة عنها إداريا وماليا أمام مديرية امليزانية واملراقبة‬
‫بوزارة العدل‪.‬‬
‫وعليه سنتطرق إلى طرق التحلل من صوائر املساعدة القضائية من خالل التعرف على‬
‫مسطرة اإللغاء واإلسقاط (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم نختم بعرض التقادم كموجب مسقط للمطالبة‬
‫بصوائر املساعدة القضائية ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإللغاء و اإلسقاط‬


‫سنقوم بدراسة طرق التحلل من صوائر املساعدة القضائية بدءا باإللغاء‪ ،‬ثم سنتطرق‬
‫للحديث عن اإلسقاط‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬اإللغاء ‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫تعد كتابة الضبط االقتراحات املتعلقة باإللغاءات وتوجه إلى الخزينة العامة للمملكة‬
‫ويكون ذلك في حالتين ‪ :‬إما كون الحكم مطعون فيه وإما وقوع خطأ في بيانات التحمل التي أنجزته‬
‫كتابة الضبط في بداية العملية‪،‬حيث يعد رئيس كتابة الضبط مذكرة يوضح فيها وجه الخطأ‬
‫ويوجهه إلى الخزينة العامة يشرح ويوضح فيها مكامن الخطأ مع إرفاقها بشهادة اإللغاء ومؤشر عليها‬
‫من طرف ممثل النيابة العامة‪.‬‬
‫وتتجلى صور اإللغاء عند التحمل بصوائر حكم قابل للطعن وغير حائز لقوة الش يء‬
‫املقض ي به‪ ،‬أو وجد خطأ مادي تسرب إلى بيان التحمالت أو األوامر التنفيذية ‪ ،‬مما يلزم كتابة‬
‫الضبط بإعداد الرسائل التبريرية التي يتطلبها االقتراح باإللغاء‪ ،‬وتوجيهه إلى الخزينة العامة للمملكة‬
‫في شخص الخازن الجهوي أو اإلقليمي‪ ،‬في نهاية كل دورة قصد مراجعة بيان التحمالت واألوامر‬
‫التنفيذية لتصحيح وضعه القانوني وإرجاع األمور إلى نصابها وحسب التعليمية املشتركة بين وزير‬
‫العدل ووزير املالية املتعلقة بكيفية تطبيق املقتضيات القانونية املتعلقة بالفصل ‪ 14‬من قانون‬
‫املالية لسنة ‪ 1993‬املتعلقة باستيفاء الغرامات والعقوبات املالية‪ ،‬فإن التبريرات التي يجب اإلدالء‬
‫بها إللغاء تحمل من التحمالت هي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ - 1‬أحمد القباب‪ ،‬مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية و مسؤوليته‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.152‬‬

‫الصفحة ‪175 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬في حالة العفو‪ :‬نسخة مشهود بمطابقتها لألصل من قرار العفو امللكي مدعمة بشهادة‬
‫لإللغاء تتضمن مراجع امللف باملحكمة ورقم بيان التحمل ورقم مختصر الحكم والسنة املالية‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة حكم غيرنهائي‪ :‬شهادة باإللغاء تتضمن املراجع املتعلقة بممارسة طرق الطعن‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة الخطأ املادي‪ :‬شهادة باإللغاء مرفقة بمذكرة تبريرية من رئيس كتابة الضبط‪،‬‬
‫تسلم شهادات باإللغاء واملستندات التبريرية املشار إليها أعاله نهاية كل ثالثة أشهر إلى الخازن العام‬
‫للمملكة قصد مراجعة بيان التحمالت واألوامر التنفيذية لتصحيح وضعه القانوني‪.1‬‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬اإلسقاط‪:‬‬
‫يعتبر كذلك اإلسقاط وجه من أوجه التحلل من صوائر املساعدة القضائية‪ ،‬حيث تتحلل‬
‫كتابة الضبط من هذه التحمالت عن طريق اقتراح باإلسقاط يعده رئيس كتابة الضبط ويوجهه إلى‬
‫الخزينة العامة للمملكة في الحاالت التي تكون النيابة العامة قد طبقت مسطرة اإلكراه البدني في‬
‫حق املدين بالصوائر‪ ،‬أو أن املدين بالصوائر حالته املادية ميؤوس منها وليست له القدرة املادية على‬
‫األداء حيث يثبت عجزه بشهادة العوز مسلمة من طرف السلطات املختصة‪ ،2‬كما يتم تفعيل‬
‫مسطرة اإلسقاط في الحالة التي تطبق مسطرة التبليغ بالقيم‪ ،‬وأنجزت عدة محاضر تحري دون‬
‫جدوى‪ ،‬حيث يقترح رئيس كتابة الضبط إسقاط الصوائر مرفقة بالوثائق املبررة لكل حالة ويحيلها‬
‫على الخزينة العامة للمملكة للتحلل منها وتصحيح الوضعية املالية‪.3‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التقادم‬


‫كل التزام أو دين يسقط بمض ي مدة معينة‪ ،‬و بالتالي يتعذر على صاحبه املطالبة به إال في‬
‫حاالت معينة ومحددة بمقتض ى القانون‪.‬‬

‫‪ - 1‬تعليمية مشتركة بين وزير العدل و وزير المالية‪.‬‬


‫‪ - 2‬وقد نصت المادة ‪ 57‬من مدونة تحصيل الديون العمومية على شروط إثبات عسر المدين‪:‬‬
‫يثبت عسر المدينين ‪:‬‬
‫‪-‬إما بمحضر عدم وجود ما يحجز كما نصت عليه المادة ‪ ،56‬بالنسبة للمدينين المعروفين بقدرتهم على الوفاء والذين لم يفض‬
‫الحجز الذي أجري عليهم إلى أي نتيجة ؛‬
‫‪-‬وإما بشهادة العوز المسلمة من طرف السلطة اإلدارية المحلية بالنسبة للمدينين المعروفين بعسره‪.‬‬
‫‪ - 3‬أحمد القباب‪ ،‬مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬

‫الصفحة ‪176 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ويقصد بالتقادم في استخالص صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل انصرام األجل‬
‫املحدد الستخالص الرسم القضائي من التاريخ الذي أصبح فيه واجب األداء‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫فإن دعوى استخالص صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل‪ ،‬قد يطالها التقادم املسقط‬
‫إذا لم يتم املطالبة بها داخل األجل القانوني‪.1‬‬
‫وقد تطرق املشرع لتقادم الرسوم القضائية من خالل الفصل ‪ 9‬من قانون املصاريف‬
‫القضائية في امليدان املدني والتجاري واإلداري ‪ ،‬وذلك في حالة عدم تحصيل الخزينة العامة ملبلغ‬
‫الرسم القضائي املستحق إما الرتكاب غلط في تطبيق التعريفة وإما لسبب آخر‪ ،‬حيث يجب على‬
‫موظفي كتابات الضبط بمحاكم االستئناف ومحاكم اململكة‪ ،‬متابعة استيفاء املبلغ املستحق طبقا‬
‫للقانون رقم ‪ 15.97‬بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬
‫يترتب على كل تأخير في أداء تكملة الرسم القضائي غرامة قدرها ‪ %10‬من هذا الرسم‬
‫وزيادة قدرها ‪ %5‬عن الشهر األول من التأخير و ‪ %0.50‬عن كل شهر أو جزء شهر إضافي ينصرم بين‬
‫تاريخ االستحقاق وتاريخ األداء‪.‬‬
‫وإذا ظهر عدم كفاية املبلغ املستوفى أثناء الدعوى أو قبل القيام بالعملية أو تحرير العقد‬
‫املطلوب‪ ،‬فإن املحكمة املرفوعة إليها القضية أو الرئيس‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬يقرر تأجيل الحكم أو‬
‫تحرير العقد أو العملية مدة معينة‪ .‬وإذا انقضت هذه املدة ولم يؤدي املعني باألمر بعد إنذاره من‬
‫لدن كتابة الضبط مبلغ التكملة املستحقة‪ ،‬وجب األمر بشطب الدعوى أو إهمال الطلب نهائيا‪.‬‬
‫تتقادم إجراءات اإلدارة لتصحيح األخطاء أو اإلغفاالت في تصفية الرسم القضائي واملطالبة‬
‫بالرسم املؤجل دفعه عمال بالفصل ‪ 10‬من نفس القانون‪ ،‬بانصرام أجل ثالث سنوات يبتدئ من‬
‫تاريخ القرار القضائي أو إنجاز العقد أو اإلجراء املطلوب‪.‬‬
‫وكل طلب يتعلق باسترجاع املبالغ املؤداة بغير حق فيما يتعلق بالرسم القضائي يجب أن‬
‫يودعه املعني باألمر لدى كاتب الضبط باملحكمة املختص قبل أجل ثالث سنوات يبتدئ من تاريخ‬
‫قبضها‪.‬‬
‫أما بخصوص أجل تقادم الرسوم القضائية املترتبة عن املساعدة القضائية فقد نص عليه‬
‫املشرع من خالل الفصل ‪ 17‬من املرسوم امللكي بمثابة قانون املساعدة القضائية فهو عشر سنوات‪،‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز إدزني‪ ،‬نظام المساعدة القضائية في المادة المدنية‪ ،‬دراسة نظرية وعلمية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2019‬دار األفاق‬
‫المغربية للنشر و التوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬ص ‪.317‬‬

‫الصفحة ‪177 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫تبتدئ من تاريخ إصدار األمر التنفيذي‪ ،‬حيث جاء فيه‪ ،‬إن األوامر التنفيذية املسلمة إلى وزير املالية‬
‫إما ضد املستفيد من املساعدة القضائية وإما ضد الخصم لن يكون لها مفعول بعد انصرام أجل‬
‫عشر سنين ابتداء من تاريخ تسليمها ويسقط نهائيا كل حق لإلدارة في ذلك‪.‬‬
‫أما بخصوص أجل التقادم الذي جاء به مشروع قانون املساعدة القضائية والقانونية‪،‬‬
‫فاملالحظ أنه رفعه إلى ‪ 15‬سنة من تاريخ وضعها موضع التنفيذ‪ ،‬وهو ما انتبه له املشرع من خالل‬
‫تقادم العديد من امللفات املتحمل بها من طرف كتابة الضبط بسبب قلة املوارد البشرية العاملة‬
‫وكذا كثرة امللفات املتحمل بها‪.1‬‬

‫الئحة املراجع‬
‫أحمد القباب‪ ،‬مهام جهاز كتابة الضبط في املادة املدنية ومسؤوليته‪ ،‬مطبعة الرشاد‬ ‫‪‬‬
‫سطات‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2015‬‬
‫عبد اللطيف األشهب‪ ،‬القوانين املنظمة لجهاز كتابة الضبط‪ ،‬مجلة املتوسط‬ ‫‪‬‬
‫للدراسات القانونية و القضائية‪ ،‬العدد الثاني ‪.2016‬‬
‫‪ ‬تقرير املجلس األعلى للحسابات لسنة ‪ 2012‬في شق التوصيات املوجه لوزارة العدل‬
‫في تدبير تحصيل الغرامات و اإلدانات النقدية و الصوائر و املصاريف القضائية‪،‬املنشور بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 6228‬مكرر بتاريخ ‪ 6‬فبراير ‪.2014‬‬
‫‪ ‬مذكرة إستعجالية صادرة عن املجلس األعلى للحسابات حول تحصيل الغرامات‬
‫واإلدانات النقدية الصوائر واملصاريف القضائية موجهة لوزير العدل في سنة ‪ ،2017‬منشورة‬
‫باملوقع اإللكتروني للمجلس‪ ،‬تاريخ االطالع ‪ 20‬أبريل ‪.2020‬‬
‫منشور وزير العدل عدد ‪ 9‬س‪ 2‬املؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪.2016‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 52‬من مشروع قانون المساعدة القضائية والقانونية‪ :‬تتقادم األوامر التنفيذية الصادرة عن كتابة الضبط ضد المستفيد‬
‫من المساعدة القضائية أو ضد خصمه بعد انصرام أجل ‪ 15‬سنة ابتداء من تاريخ وضعها موضع التنفيذ‪.‬‬

‫الصفحة ‪178 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫مبارك األزعر‪ ،‬نظام املساعدة القضائية‪ ،‬في القانون املغربي بين النص القانوني و‬ ‫‪‬‬
‫متطلبات اإلصالح‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في املنازعات و املهن القانونية‬
‫‪ ،2017‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكادير‪.‬‬
‫وزارة العدل‪ ،‬دليل مساطر وحدات التبليغ و التحصيل‪ ،‬ماي ‪.2018‬‬ ‫‪‬‬
‫عبد العزيز إدزني‪ ،‬نظام املساعدة القضائية في املادة املدنية‪ ،‬دراسة نظرية وعلمية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،2019‬دار األفاق املغربية للنشر و التوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫الصفحة ‪179 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املح ـ ــورالثالث ‪:‬‬


‫نافـ ـ ــذة على الجامع ــة‬

‫الصفحة ‪180 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ّ‬
‫القانونية باملغرب‬ ‫العلوم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بيداغوجية حول كليات الحقوق‬ ‫طروحات‬
‫ذ ّ‬
‫محمد بوشاوير‬

‫باحث بمركزالدكتوراه مختبرالدراسات في التنمية السياسية‪،‬‬

‫الترابية‪ ،‬وتحليل املخاطر ابن زهر‬

‫تقديم‪:‬‬

‫نتج عن تباين املفاهيم واملناهج املعتمدة في بحث الظاهرة القانونية في املغرب‪( 1‬إزاء‬
‫التجديد املالحظ في التفكير القانوني ومدارس القانون عموما) نماذج عدة من الخطابات‪ :‬الوضعي‪،‬‬

‫‪ - 1‬عبد هللا ساعف "تصورات عن السياسي في المغرب‪ :‬المجتمع‪ /‬السلطة (دراسات اجتماعية)" ترجمة محمد معتصم‪ ،‬مطبعة فضالة‪،‬‬
‫‪ ،1990‬ص ‪.103‬‬
‫من أبرز تلك التيارات التي تناولت الظاهرة القانونية بالمغرب نجد‪:‬‬
‫الخطاب الوضعي‪ :‬وهو من أكثر التيارات انتشارا‪ ،‬نظرا لتشبته بالوثوقية القانونية‪(،‬االكتفاء بدراسة القانون في ذاته كما هو كائن)‬ ‫‪‬‬
‫وبالتالي تملي الصرامة العلمية اإلقرار بوجود أبعاد فوق قانونية في الظاهرة القانونية المدروسة‪.‬‬
‫ورغم أنه قد ينتبه بعض الوضعيين إلى كون القانون عنصر من العلوم االجتماعية‪ ،‬إال أنه يكتفي بإحالتها على عالم االجتماع والتخصصات‬
‫المعرفية األخرى‪ ،‬أو أنهم يقومون ببعض الغارات النقدية‪ ،‬ذات طابع فوق قانونية محدودة‪ ،‬وصلت بفعل التكرار لدرجة كونها نماذج تحليل‬
‫سائدة‪ ،‬كالتأكيد (ومن غير تحليل علمي) على الطالق القائم بين القانون والواقع‪ ،‬إذ تبقى النصوص حبرا على ورق‪ ،‬ومن جهة ثانية تتم اإلشارة‬
‫إلى أصالة مجتمعنا وتعقد مشاكله الناجمة عن تعدد مصادر القانون‪ :‬عرفية‪ ،‬دينية‪ ،‬وضعية‪...،‬الخ‪.‬‬
‫كما أن تيار السوسيولوجيا القانونية يشكل مجاال للنقاش النظري المتعلق بالقانون المغربي‪ ،‬حيث يتم التركيز على أهمية البعد‬
‫السوسيولوجي في تحليل القانون‪ ،‬ووجد هذا التيار تعبيره الواضح في نصوص "نجيب بودربالة" و"بول باسكون" المتعلقة بالقانون والمجتمع‪،‬‬
‫وتهتم السوسيولوجيا القانونية بمسألة مصادر القانون‪ :‬هل نأخذ بتعدديتها أم النزوع نحو التوحيد؟ وكذلك بمسألة االختالل بين الواقعة والقانون‪،‬‬
‫ومدى مالئمة القانون للواقعة (قوة الواقعة ونسبية القانون)‪.‬‬
‫ويمكن الحديث داخل تيار السوسيولوجيا القانونية عن اتجاه يرى ضرورة انفتاح رجل القانون على علم االجتماع كما هو حال "دوبريز‬
‫‪ ،"Deprez‬الذي ت ساءل عن وضعية العلوم القانونية بالمغرب‪ ،‬فهو يسهب في تحليل تدهور مفهوم الشرعية‪ ،‬وأكد على أن المسألة التي لها‬
‫أهمية كبرى في معرفة الظاهرة القانونية بالمغرب هي مسألة تمثالت القانون‪ ،‬كما أكد في تحليالته على أطروحة هامشية القانون‪ ،‬واتجاه آخر‬
‫يرى ضرورة تفكيك المكون القانوني لفهم طبيعة المجتمع كما ذهب لذلك بودربالة وباسكون‪.‬‬
‫‪ ‬بينما ينتقد الخطاب الماركسي الطرق الشكالنية للمنهج الكالسيكي الوضعي‪ ،‬ويدعو إلى تحديد موقع الظاهرة القانونية من السياقات‬
‫االجتماعية واالقتصادية والتاريخية واأليديولوجية‪ ،‬ومن جهة أخرى االعتراض على المفهوم التقليدي للمؤسسات والقواعد‪ ،‬وتحتوي الماركسية‬
‫على تيارات من اإلبستيمولوجيا القانونية أهم رموزها نجد "مياي ‪ "miaille‬المنتمي لمدرسة "باسوكانيس ‪ ،"pasukanis‬التي تعتبر أن‬
‫القانون بورجوازي وال يمكن فصله عن نمط اإلنتاج الرأسمالي‪.‬‬
‫كما أنه يعتبر محاول ة أولى للتفكير في شروط بناء القانون كعلم (المشروع البيداغوجي يولد المشروع العلمي)‪ ،‬وبالتالي حينما توضع العلوم‬
‫القانونية خارج العالقات االجتماعية وفوقها‪ ،‬فإن ذلك يكون بغرض دفعه لتبرير الوضع الذي تسنده إليه األيديولوجية المهيمنة‪ ،‬قصد ضمان‬
‫االستمرارية وتحقيق السلم االجتماعي‪ ،‬وبالتالي فهو بالدور الذي يلعبه هذا‪ ،‬يخفي التوافقات االجتماعية‪ ،‬والمكانة الوظيفية الحقيقية له‪( :‬ضمان‬
‫اشتغال مجتمع معين وإعادة إنتاجه)‪ ،‬وهكذا يقدم القانون على أنه علم القانون‪.‬‬

‫الصفحة ‪181 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫الديني‪ ،‬السوسيولوجيا القانونية‪ ،‬واملاركس ي‪..‬الخ‪ .‬وظهرت تأمالت هامة حول موضوع نظرية القانون‬
‫باملغرب‪ 1،‬ومما الشك فيه أن مشاريع تجديد املنهج القانوني ومعرفة الظاهرة القانونية‪ ،‬تستدعي‬
‫القيام بقراءة دقيقة‪ 2‬ملكامن األزمة ومساءلة صارمة للمنهج الوضعي وتأثيراته على الدراسات‬
‫القانونية‪.‬‬
‫ُ‬
‫إن سؤال‪ :‬كيف ند ّرس؟ وبأية وسائل؟‪ :‬تختلف اإلجابة عنه باختالف طبيعة النظام‬
‫جزء من تنوع كبير مرتبط بــ‪ :‬التواصل ومخاطبة‬ ‫ً‬ ‫التعليمي‪ ،‬فتنوع عملية التدريس تعد‬
‫القسم‪/‬الفصل‪ ،‬ومواكبة التعثرات من داخل القسم‪ ،‬مرتبط كذلك بطبيعة التفكير‪3....‬‬

‫التدريس في الواقع مهنة معقدة تستوجب تفاعل مع فاعلين تربويين متعددين‪ ،‬تفاعل مع‬
‫نظام تربوي تعليمي‪ ،‬تفاعل مع الواقع املنهي‪ ،‬تفاعل مع املجتمع‪ ،‬ومع السيرورة العاملية‪ ،‬ألن التدريس‬
‫عملية ليست بمحايدة‪ ،‬بل تحمل قيما وأهدافا‪1.‬‬

‫‪ -‬أنظر ساعف "تصورات‪ "...‬م س‪ ،‬ص ‪.108- 104‬‬


‫‪ -‬نجيب بودربالة "القانون بين القبيلة والدولة واألمة‪ :‬جدلية التشريع‪ :‬الشريعة والقانون" تقديم عبد هللا حمودي‪ ،‬افريقيا الشرق‪،2015 ،‬ص‬
‫‪.34‬‬
‫‪ -‬انظر دوبري " تأمالت حول معرفة الظاهرة القانونية بالمغرب"‪ ،‬المجلة المغربية للقانون واالقتصاد والسياسة‪ ،‬عدد ‪ ،1‬ديسمبر ‪.1976‬‬
‫وفي هذا الشأن أشار "ميشيل مياي" إلى مجموعة من العوائق االبستيمولوجية التي تحول دون معرفة‪ /‬بلورة نظرية علمية للقانون منها‪:‬‬
‫النزعة التجريبية التي تؤكد على أن معرفة القانون يمكن أن تتأتى من التجربة‪ ،‬من خالل المالحظة البسيطة‪ ،‬في حين فإن تاريخ العلوم يظهر‬
‫أن التجربة تكون غير مباشرة من خالل عملية البناء‪.‬‬
‫النزعة الوضعية وهي عائق قريب من عائق التجريبية‪ ،‬حيث يتم هنا كذلك اختزال موضوع علم القانون في القانون القابل للمالحظة‪ ،‬وكانت‬
‫الوضعية تسعى للرد على المذهب الطبيعي‪.‬‬
‫طمئِن يهدف إلى تحقيق االمتثال االجتماعي‪ ،‬حسب ما ذهب إليه "مازو ‪ ،"Mazeau‬من خالل تجريدات‬ ‫نزعة المثالية القانونية كتمثل ُم َ‬
‫معيارية‪ ،‬و هذا عائق ابسيمولوجي يحول دون تحليل العالقة بين التمثالت والواقع‪.‬‬
‫نزعة استقاللية القانون‪ ،‬من خالل اعتبار العلوم القانونية تخصصا مستقال موضوعه دراسة القاعدة القانونية‪ ،‬وليس دراسة شروط إنتاجها‪.‬‬
‫(هناك أطروحات ألتوسير القائلة باالستقالل النسبي للقانون‪ .)..‬بودربالة "القانون بين‪ "...‬م س‪ ،‬ص ‪.39-35‬‬

‫‪ - 1‬عبد هللا ساعف "تصورات عن السياسي‪ "...‬م س‪ ،‬ص‪ ،101،102‬ومن تلك الدراسات نذكر‪:‬‬
‫‪- Najib Bouderbala Et Paul Pascon « Le Droit Et Le Fait Dans La Société Composite » (Essai‬‬
‫‪D’introduction Au Système Juridique Marocain) Bulletin Economique Et Social Du Maroc, N 117.‬‬
‫‪- Ben Salem Himmich « La Loi Et Les Coutumes Locales (Cas Du Maroc) » B.E.S.M. Numéro 136, 137.‬‬
‫‪-Deprez « Réflexions Sur La Connaissance Du Phénomènes Juridique : Projet De Recherches Adapte‬‬
‫‪Aux Réalités Marocaines » Revue Juridique , Politique Et Economique Du Maroc, N1, Décembre 1978.‬‬
‫‪-Hasbi A. « signification et critique de la situation juridique des mouvements de liberation en droit‬‬
‫‪international » these d’etat, nancy, 1978.‬‬
‫‪-J. Berque « Essai Sur La Methode Juridique Maghrebine » Rabat, 1944 .‬‬
‫‪-J. Berque « Deux Cas De Comromis Entre Droit Universalistes Et Coutumes Locales » In : Le Recueil‬‬
‫‪De Textes Intitule « Normes Et Valeurs Dans L’islam Contemporain » Payotheques, Paris, 1966.‬‬
‫‪ - 2‬عبد هللا ساعف "تصورات عن السياسي في المغرب‪ :‬المجتمع‪/‬السلطة (دراسات اجتماعية)" ترجمة محمد معتصم‪ ،‬مطبعة فضالة‪،‬‬
‫‪ ،1990‬ص‪.102‬‬
‫‪3 - Monique Chestakova, Pierre Pilard « Qu’est qu’enseigner aujourd’hui ? » association française des‬‬
‫‪acteurs de l’éducation « administration et éducation » 2020/4 N 168, p 10.‬‬

‫الصفحة ‪182 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ّ‬
‫الجامعية‬ ‫ّ‬
‫املؤسسات‬ ‫بالتنمية تتوقف على قيام‬‫القانوني ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العلمي‬ ‫ثم إن عالقة البحث‬
‫كليات الحقوق باملغرب تواجهها عدة إكراهات‬ ‫ومراكز البحث بدورها في ّ‬
‫التكوين والتأطير‪ ،‬وباعتبار ّ‬
‫ّ‬
‫ووظيفي‪.‬‬ ‫التكوين القانوني تكشف عن وجود خلل بنيو ّي‬‫فإن مكانتها في ّ‬

‫و للحديث عن إكراهات تدريس القانون بكليات الحقوق البد من اإلشارة إلى ثالث أسئلة‬
‫أساسية‪ 2‬تطرح ثالثة مستويات للتحليل‪ ،‬وهي سؤال الكم؟ وسؤال املعارف القانونية؟ ثم سؤال‬
‫املناهج والبيداغوجية؟‬

‫اإلشكاالت‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ما مدى فعالية البحث العلمي القانوني‪ ،‬ومساهمته في تطوير علم القانون في ظل‬
‫االكراهات البنيوية والوظيفية التي تعرفها كليات الحقوق باملغرب؟‬
‫‪ .2‬تساؤالت‪:‬‬
‫نطرح بهذا الخصوص مجموعة من التساؤالت املوجهة إلشكالية بحثنا‪:‬‬
‫‪ ‬هل دارس القانون ينتج معرفة علمية؟‬
‫ملاذا يتم اجترار البحث في مواضيع متجاوزة وبمقاربات تكرارية؟‬ ‫‪‬‬
‫هل تؤثر البنية الحاضنة للدراسات القانونية على فعالية البحث‬ ‫‪‬‬
‫العلمي؟‬
‫ما هي أبرز التحوالت التي طالت املنظومة القانونية واملجتمع على حد‬ ‫‪‬‬
‫سواء‪ ،‬والتي تقتض ي من البحوث العلمية مواكبتها؟‬
‫ما هي أبرز االكراهات املوضوعة أمام األساتذة املؤطرين؟‬ ‫‪‬‬
‫ما حظ املقاربات العابرة للتخصص في البحوث العلمية القانونية؟‬ ‫‪‬‬
‫رهانات البحث‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪1- Monique Chestakova, Pierre Pilard « Qu’est qu’enseigner aujourd’hui ? » association francaise des‬‬
‫‪acteurs de l’education « administration et education » 2020/4 N 168, p 9.‬‬
‫‪2 - Didier Truchet « La place de l’université dans la formation des juristes » Association des cahiers‬‬
‫‪portalis « les cahiers portalis »,(Dossier – l’enseignement du Droit),2014/1 N1, p 36-41.‬‬

‫الصفحة ‪183 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫تعزيز مشاريع تجديد املنهج في البحث العلمي القانوني‪ ،‬وخلق قراءات‬ ‫‪‬‬
‫ملكامن الخلل من أجل املساهمة في تطوير البحث العلمي القانوني‪.‬‬
‫تحقيق تكامل بين الجامعة واملجتمع باالنفتاح على مناقشة القضايا‬ ‫‪‬‬
‫املجتمعية‪.‬‬
‫تجاوز نمط املعرفة القانونية النصية (معلومات) وتكوين ملكة‬ ‫‪‬‬
‫التساؤل والنقد‪..‬‬
‫التفكير العلمي والنقدي في القانون واالبتعاد عن الخطاب الدوغمائي‪..‬‬ ‫‪‬‬

‫املحوراألول‪ :‬اإلكراهات البنيوية بكليات الحقوق‬


‫االكتضاض وبيداغوجيا تأطيرالبحوث‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬اإلكراه ّ‬
‫الكمي‪:‬‬

‫تطرح بهذا الخصوص مسألة تزايد أعداد الطلبة‪ ،‬مما يجعل تدريس القانون بشكل كبير‬
‫تحتكره كليات الحقوق‪ ،‬بالرغم من وجود جهات أخرى منافسة‪ ،‬وهذا اإلشكال يطرح صعوبة‬
‫االنتقاء األولي‪ 1،‬ويستنتج من هذا أن التكوين القانوني بكليات القانون موجه أساسا لتكوين شاغلي‬
‫املهن القانونية‪ 2.‬حيث أنه بمقارنة دروس القانون التي تقدمها مدارس التجارة والهندسة والتسيير‬
‫واملعاهد األخرى‪ ،‬يالحظ أنها تكون فقط لغرض منح الطالب املعارف األساسية ملهنتهم وليس لجعلهم‬

‫‪1- Didier Truchet « La Place De l’université Dans La Formation Des Juristes » Association Des Cahiers‬‬
‫‪Portalis « Les Cahiers Portalis »,(Dossier – l’enseignement Du Droit),2014/1 N1, P 35 .‬‬
‫‪2- Voir :‬‬
‫‪- « Les Facultés De Droit , Demain » Revue Du Droit Public Et De La Science Politique En France Et A‬‬
‫‪l’étranger, N Hors-série, 2013.‬‬
‫‪- « l’avenir De l’enseignement Du Droit » Revue De Droit d’Assas, N8, Octobre 2013.‬‬

‫الصفحة ‪184 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫قانونيين كما هو شأن التدريس بكليات القانون التي تلقن الطالب كل فروع القانون بغرض اإلملام‬
‫بها‪1.‬‬

‫ّ‬
‫األولي وصعوبة‬ ‫كليات الحقوق بفعل غياب االنتقاء‬ ‫إن مسألة اإلكتضاض الذي تعرفه ّ‬
‫التدريس‪ ،‬وتأطير البحوث‪ ،..‬في ظل روتين بيداغوجي يومي لألستاذ يتميز‬ ‫تحقيقه‪ّ ،‬أثر على ّ‬
‫عملية ّ‬
‫ّ‬
‫بالضغط بين تلقين هذا الكم الهائل من الطلبة وتوجيههم وامتحانهم في نهاية كل دورة‪ ،‬وبين إنتاجه‬
‫وتطوير ملفه العلمي ‪ ،..‬مع وجود منافسة من قبل معاهد ومؤسسات أخرى تلقن مواد القانون‪،‬‬
‫وبموارد أكبر مما لدى كليات الحقوق‪.‬‬

‫وقد تناولت بعض الدراسات مسألة ظهور منافسين آخرين لكليات الحقوق‪ ،‬حيث تم‬
‫االعتراف لبعض الشواهد التي يصدرونها بكونها ممنوحة في "تخصص القانون"‪ ،‬وطرحت مسألة‬
‫البحث في هذا النوع من التكوين القانوني الذي يقدم خارج املؤسسات التقليدية (كليات الحقوق)‬
‫إشكالية الفروق البيداغوجية وأن من شأن هذه التعددية على مستوى أماكن التكوين القانوني أن‬
‫تطرح مسألة املكانة والدور املعطى للقانون على مستوى كل مؤسسة‪ ،‬وخلصت إلى أن إحداث‬
‫البعض منها كان بهدف تدارك ما وصف بنواقص كليات القانون‪ 2.‬من خالل اعتبار أن الجامعة ال‬
‫تحقق الغرض املنهي من تدريس القانون‪ ،‬فالبعد االحترافي ال يتحقق إال إذا وجد تكوين خاص بكل‬
‫مادة ‪/‬مهنة‪ ،‬وهو ما ال يشهد له واقع الجامعة حيث أن املهن القانونية ال تعول على التكوين الجامعي‬
‫في إنتاج موظفين قابلين لتسلم املهام » ‪.3« clé en main‬‬

‫‪1- Didier Truchet « La Place De l’université Dans La Formation Des Juristes » Association Des Cahiers‬‬
‫‪Portalis « Les Cahiers Portalis »,(Dossier – l’enseignement Du Droit),2014/1 N1, P 39, Article Disponible‬‬
‫‪En Ligne A l'adresse: Https://Www.Cairn.Info/Revue-Les-Cahiers-Portalis-2014-1-Page-35.Htm‬‬
‫‪ - 2‬يراجع‪:‬‬
‫‪- Myriam Aït-Aoudia, Rachel Vanneuville « Le Droit Saisi Par Son Enseignement :Présentation du‬‬
‫«‪dossier », (Dossier :Les enjeux contemporains de la formation juridique), Éditions juridiques associées,‬‬
‫‪Droit et société» 2013/1, N83,p,14.‬‬
‫‪3 - Sandra Travers De Faultrier « La Parole Enseignante » Dalloz, « Les Cahiers De La Justice » 2018/2 N°‬‬
‫‪2, P 285.‬‬

‫الصفحة ‪185 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك نوع آخر من الضغوط التي يخضع لها أستاذ القانون‪،‬‬
‫مرتبطة باإلشراف والتوجيه خصوصا على مستوى إنجاز بحوث الدراسات العليا‪ ،‬حيث يجد نفسه‬
‫في مواجهة الفجوة املنهجية التي لدى الطالب الباحث في مجالي التخصص والبيداغوجيا‪1.‬‬

‫ُ‬
‫جرَي ْت مقابلة مع ‪ Alain Supoit‬املدرس ب )‪ ،(collège de France‬أكد انه‬
‫وفي هذا الصدد ِ‬
‫أ‬
‫توقف عن التدريس ملدة طويلة ألن نوعية الدروس التي يقدمها لم تعد تفي بأهداف االمتحانات‬
‫(النجاح في االمتحان هو الغاية األساسية)‪ ،‬كما هي غاية ‪ mikhail xifaras‬املدرس ب ‪(l’école de‬‬
‫ُ‬
‫)‪ ،droit de sciences po‬حيث أكد في مقابلة أ ْج ِرَي ْت معه‪ ،‬أن تجربته األولى استهدفت تدريس‬
‫القانون لفئة محرومة اجتماعيا‪ ،‬وان األفق عنده كأستاذ هو نجاح الطالب في االمتحانات ويركز‬
‫بالتالي على تدريس ما يعتقد انه يجب أن يكون موضوع اختبار‪.2‬‬

‫لذلك البد من االهتمام بسوسيولوجيا املقرر الدراس ي » ‪،« la sociologie du curriculum‬‬


‫من خالل دراسة مسارات التنظيم واالنتقاء وانتقال املعارف‪ ،‬وتقديم اقتراحات بحثية وأسئلة‬
‫متعلقة بتطوير محتوى الفصول الدراسية وبالفاعلين املشاركين فيها‪ ،‬والبحث ليس فقط في‬
‫استمرارية البرامج ولكن أيضا في املناهج البيداغوجية املستعملة‪ .3‬فمن مظاهر أزمة القانون أن‬
‫جعل التخصص من رجال القانون مجرد تقنيين ال يفكرون في مسألة النسق القانوني‪.4‬‬

‫‪1- Violaine Lemay « trois principes de rénovation tranquille pour l’enseignement du droit : l’avantage‬‬
‫‪d’un retour du souci méthodologique et épistémologique » université Saint-Louis, Bruxelles « revue‬‬
‫‪interdisciplinaire d’études juridiques (RIEJ) » 2014 / 1, VOL 72 , P 28.‬‬
‫أنظر كذلك حول تكوين القانوني المتدرب (مقاربة قانونية تأملية‪ ،‬نقدية‪ ،‬وهادئة تجاه الوضعية القانونية) وحول درس "أسس القانون" بجامعة‬
‫‪:Montréal‬‬
‫‪- Lemay et B. prud’homme « forme l’apprenti a une approche du droit réflexive : critique et‬‬
‫‪sereinement positiviste (l’heureuse expérience d’une revisite du cours des : fondements du droit) a‬‬
‫‪l’université de Montréal » les cahiers de droit, vol 52, sept – Dèce 2011, N 3-4.‬‬
‫‪- Voy J. webbber « legal research : the law schools and the profession special issue: teaching and‬‬
‫‪scholarship” Sydney law, review, 2004, N 26.‬‬
‫‪2 - Sandra Travers De Faultrier « La Parole Enseignante » Dalloz, « Les Cahiers De La Justice » 2018/2 N°‬‬
‫‪2, P 284.‬‬
‫‪3 - Myriam Aït-Aoudia, Rachel Vanneuville « Le Droit Saisi … » op, cit, p12.‬‬
‫قدم كتاب "لغة كليات القانون‪ :‬تعليم كيفية التفكير كقانوني" لـ ‪ ،elizabeth mertz‬مالحظات حول دروس القانون في مجموعة من كليات‬
‫الحقوق بأمريكا الشمالية‪ ،‬وخلصت الكاتبة إلى انه يتم ترسيخ رؤية معينة للعالم وتلقينها للطالب من خالل اللغة والمنهج المستخدم‪...‬‬
‫‪- Ibid, p12.‬‬
‫‪-voir : Elizabeth MERTZ « The Language of Law Schools. Learning to “Think like a Lawyer » Oxford :‬‬
‫‪Oxford University Press, 2007.‬‬
‫‪ - 4‬أتركين محمد "مباحث في فقه الدستور المغربي" دار النشر المعاصرة‪ ،‬ط‪ ،1‬يونيو ‪ ،2020‬ص ‪.25‬‬

‫الصفحة ‪186 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬املستوى البيداغوجي و أفواج الطلبة بكليات الحقوق‪ :‬إكراه مزدوج‪:‬‬

‫يطغى على كليات الحقوق نظام التدريس التقليدي الذي يركز على املحاضرات وأحيانا‬
‫ُ‬
‫إضافة بعض األعمال التوجيهية )‪ ،( TD‬في الوقت الذي تد ّرس فيه املعاهد األخرى –املنا ِفسة‪ -‬املادة‬
‫القانونية في إطار مجموعات صغيرة‪ ،‬هذا دون إغفال الغالف الزمني املخصص لتلك الدروس‪1.‬‬

‫والذي غالبا ال يتجاوز شهرين إلى ثالثة أشهر‪ ،‬في الوقت الذي تستغرق فيه فترة التقويمات حيز زمنيا‬
‫كبيرا‪.2‬‬

‫كما أن املواد القانونية املقررة –على كثرتها‪ -‬لم تعد تتماش ى مع الواقع االجتماعي وانه من‬
‫األجدر التقليل من عدد تلك املواد تحقيقا ألهداف بيداغوجية تركز على الجودة بشكل أساس ي وفقا‬
‫ملقولة » ‪ 3.« less is more‬وفي هذا الصدد فإن عددا من املعاهد تقدم دوراته التكوينية خالل سنتين‬
‫فقط بدل أربع‪ ،‬وتطور ما يسمى بــ"العيادات القانونية" من خالل التركيز على الدروس التطبيقية‬
‫باالعتماد على "بيداغوجية الفصل املعكوس أو املقلوب )‪4"(pédagogie inversée‬‬

‫‪1 - Didier Truchet « La place de l’université … » op, cit, pp 36-41.‬‬


‫أنظر كذلك‪:‬‬
‫‪- Duncan Kennedy, « How the Law School Fails : a Polemic », 1, Yale Review of Law and Social Action‬‬
‫‪71 (1970).‬‬
‫‪ -2‬يمكن االستئناس في هذا الصدد بمقال حول أزمة كليات الحقوق بألمانيا لــ‪:‬‬
‫‪- Marie-Bénédicte VINCENT « Facultés de droit en crise : formation et socialisation des élites‬‬
‫‪allemandes sous la République de Weimar » Astérion, 4, 2006.‬‬
‫‪ - 3‬تناول » ‪ « ruth sefton-green‬في مقاله رؤية نقدية لتدريس القانون من خالل ‪ :‬عدد الساعات‪ ،‬المواد المقررة ‪ ،‬المناهج البيداغوجية‪،‬‬
‫نقل المعارف من خالل المحاضرات‪...‬وذلك عبر مقاربتين إحداهما كمية واألخرى كيفية ‪ ....‬انظر‪:‬‬
‫‪- Ruth Sefton-Green « Moins de droit. Propositions pédagogiques subversives » Dans Les Cahiers de la‬‬
‫‪Justice (Chroniques- La croisée des savoirs) 2017/4 (N° 4), pp 719-736.‬‬
‫‪4- présentation, « les cahiers de la justice (dossier l’enseignement du droit : quelles perspectives ?) »,‬‬
‫)‪Dalloz 2018/2, p209 . (https://www.cairn.info/revue-les-cahiers-de-la-justice-2018-2-page-209.htm‬‬
‫بيداغوجيا الفصل المعكوس هو نموذج تربوي يهدف إلى استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬حيث يقوم المعلم بتحضير الدرس عن طريق‬
‫مقاطع الفيديو أو الملفات الصوتية أو أي وسيلة أخري‪ ،‬ليقوم التالميذ باإلطالع عليها في المنزل ‪...‬وذلك قبل الذهاب إلى الحصة الدراسية‪،‬‬
‫وتكون الحصة الدراسية مخصصة فقط للمناقشات والمشاريع والتدريبات‪.‬‬
‫ويشكل الفيديو هنا عنصر هام من عناصر التعلم ‪ ،‬حيث أن المعلم يقوم بتحضير فيديو مدته خمس أو عشر دقائق يقوم فيه المدرس بتناول‬
‫الدرس ويشاركه مع المتعلمون عبر وسائل التواصل االجتماعي أو أي طريقة أخرى عبر شبكة االنترنت‪.‬‬
‫ويعمل الفصل المعكوس على محاولة استغالل الوقت بشكل صحيح‪ ،‬حيث يكون وقت الحصة الدراسية مقسم‪ ،‬ففي البداية يقيم المعلم‬
‫المتعلمون‪ ،‬وبعد ذلك يصمم لهم األنشطة التي تركز على توضيح المفاهيم ومحاولة تثبيت المهارات والمعارف‪ ،‬وبهذا يكون لدى المعلم القدرة‬
‫على اإلشراف علي هذه األنشطة ومحاولة مساعدة من يتعثر من الطالب‪.‬‬
‫لكن تظل هذه التقنية رغم مزاياها تتسم بعيوب وتطرح صعوبات عدة‪....‬‬
‫‪https://www.fekera.com/70222/%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%BA%D9%88%D8%AC%D9‬‬
‫‪%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84-‬‬

‫الصفحة ‪187 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫وألنه البد من تحقيق تكامل بين الجامعة واملدارس املهنية وتقليص الفجوة بينهما‪ ،‬وكذلك‬
‫بينها وبين الثانويات التأهيلية التي ال تعرف شيئا عن القانون‪ ،‬فالبد من االنفتاح على القضايا‬
‫والنقاشات املجتمعية‪ ،‬فاملعرفة القانونية الصرفة لم تعد تحتل مركز الصدارة‪ 1،‬وليست متواجدة‬
‫فقط بالكليات‪ ،‬وهنا يكمن الفرق بين تعلم القانون » ‪ « apprendre le droit‬والتعلم من القانون «‬
‫» ‪ apprendre du droit‬فاألول من اختصاص كليات القانون‪ ،‬بينما الثاني يمكن تحقيقه في أي‬
‫مكان كان‪ ،‬فالتكوين في القانون ممكن من خارج كليات القانون ومن خالل التجربة واملمارسة‪ 2.‬لكن‬
‫ال يعني هذا إلغاء تام لكليات الحقوق وعدم الحاجة إليها مطلقا‪.‬‬

‫فالقول بعدم الحاجة لكليات الحقوق هو قول مرجوح‪ ،‬ألنه سيكون على املعاهد التي تقوم‬
‫بالتكوين للمهن القانونية (مثال املعهد العالي للقضاء) وبعض املدارس املهنية األخرى ذات‬
‫االستقطاب املحدود أن تفتح الباب أمام الحاصلين على شهادة الباكالوريا ودون انتقاء‪ ،‬ألنه ال يوجد‬
‫معيار موضوعي لذلك االنتقاء‪ ،‬بحيث ال توجد معارف قانونية سابقة لدى التالميذ لغياب أي‬
‫تكوين في املادة القانونية‪ ،‬ومن دون شك سيكون على تلك املعاهد آنذاك أن تحتضن أفواجا كبيرة‬
‫منهم‪ ،‬وهو ما ال تستطيع القيام به إال كليات الحقوق‪ ،‬وبالتالي فإنه رغم االكراهات الكبيرة التي‬
‫تواجه كليات الحقوق في التكوين القانوني‪ ،‬فإنها تنجح في تخريج ما يمكن وصفه ب ــ(شتالت) قابلة‬
‫للزرع واإلنبات في املعاهد القانونية واملؤسسات املهنية‪.‬‬

‫وهناك عنصر واحد يمكن أن يؤكد هذا‪ :‬عدم رغبة العديد من املتخصصين املهنيين في تولي‬
‫مسؤولية هذا التكوين بأنفسهم‪ ،‬وال يوجد بالفعل شركات يمكنها أن تتحمل ثالث إلى خمس سنوات‬

‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D9%84%D9%88%D8%A8-%D8%A3%D9%88-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%83%D9%88%D8%B3/ (le 03-05-2021).‬‬
‫‪-voir : Isabelle Dautresme « La classe inversée renouvelle l'école » Dans Alternatives‬‬
‫‪Économiques 2016/12 (N° 363).‬‬
‫‪1- présentation, « les cahiers de la justice (dossier l’enseignement du droit : quelles perspectives ?) »,‬‬
‫‪Dalloz 2018/2, p210.‬‬
‫‪2 - Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2,‬‬
‫‪p241.‬‬
‫في نفس اإلطار المتعلق بإمكانية تحقق التكوين القانوني من خارج كليات القانون‪ ،‬أورد الكاتب في نفس الصفحة عبارة قالها له مسؤول في‬
‫المحاماة‪ " :‬اختر لي بعض العقول الرائعة‪ ،‬وسألتزم بتكوينها على طريقتي"‬
‫‪« sélectionnez-moi de beaux esprits et je m’engage ensuite à les former à ma façon ».‬‬

‫الصفحة ‪188 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫من التكوين‪ ،‬غالبا بسبب الضغط الذي سيكون من عمالئها الذين لن يرغبون في دفع مزيد من‬
‫تكاليف التكوين‪1.‬‬

‫وهذه الوضعية املتناقضة‪( :‬القول بعدم احتكار كليات الحقوق للتكوين القانوني‬
‫والتشكيك في ذلك من جهة‪ ،‬و من جهة ثانية وجود سوق ال تريد وال ترغب بل لم تعد قادرة على‬
‫تحمل تكاليف التكوين)‪ ،‬تجعلنا نطرح سؤاال أساسيا مفاده‪ :‬هل يتعلق تكوين القانونيين مبدئيا‬
‫بمؤسسات التعليم العالي أو باملمارسة املهنية؟ فليس صحيحا دائما القول بأن الدراسات القانونية‬
‫بالجامعة غير مجدية‪ ،‬لكنها تمتاز بنوع من طول مدة التكوين‪ ،‬ويجب بالتالي أن ُيفسح املجال‬
‫للتكوين من خالل التجربة‪/‬املمارسة‪2.‬‬

‫إن التركيز املفرط على املعلومات جعل من القانونيين مجرد موسوعات لبيانات ونصوص‬
‫قانونية‪ ،‬وبالتالي فبدل زيادة عدد الدروس التي ُينس ى محتواها بسرعة يجب تعليم الطالب كيفية‬
‫التفكير‪ ،‬مع طرح أسئلة راهنية داخل سياقها إذ يجب على القانوني أن يتجاوز النص ويربط املشكلة‬
‫القانونية بالقضايا السياسية واالجتماعية واالقتصادية (دمج النصوص في سياقها)‪ ،‬لكن ما يالحظ‬
‫انه في عدد من كليات الحقوق ال تعطى األولوية للمناهج بل يتم تلقين املعارف املجردة‪ ،‬مع عدم‬
‫تمكين الطالب من وسائل التحرر الفكري (العقل الناقد الذي ال يأخذ البيانات كبديهيات مسلم بها‪،‬‬
‫بل يفكر فيها منطقيا ويبني الروابط بينها في إطار من الحوار واملناقشة)‪3.‬‬

‫ومن جهة أخرى يجب اعتماد تقنية "الفصل املعكوس ‪ "classe inversée‬بحيث تبقى‬
‫املحاضرة فرصة لطرح األسئلة الرئيسية‪ ،‬وتعزيز القائمة (البيبليوغرافية) كتكملة للدروس‪ ،‬ومنح‬

‫‪1 - Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2,‬‬
‫‪p242.‬‬
‫‪2 - Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2,‬‬
‫‪p242.‬‬
‫اعتبر » ‪ « Christophe Jamin‬في مقال له بعنوان » ‪ « enseigner le droit : sujet inépuisable..‬أن تكوين القانونيين يثير أسئلة‬
‫عديدة أهمها‪:‬‬
‫هل يتطلب التكوين القانوني تخرجا مسبقا من مؤسسة للتعليم العالي؟ أم يمكن أن يكون نتيجة الخبرة لوحدها؟ (هل التجربة وحدها كافية؟)‬
‫متى يجب أن تبدأ فترة التدريس؟‪ :‬بعد الباكالوريا أم بعد الحصول على أول شهادة جامعية؟‬
‫كم من سنة يجب أن يستغرق ذلك التكوين؟‬
‫كيف ينبغي تنظيم تلك المدة (محتوى الدراسات)‪ :‬الجمع بين تعلم لغة أساسية‪ ،‬دراسة حاالت‪ ،‬التعمق النظري‪..‬؟‬
‫‪-Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2, p239.‬‬
‫‪3 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz‬‬
‫‪« les cahiers de la justice » 2018/2 N2, p231,233.‬‬
‫‪- voir aussi : M. Vogliotti « l’urgence de la question pédagogique pour le droit postmoderne » revue‬‬
‫‪interdisciplinaire d’études juridiques 2014, 72-1,.‬‬

‫الصفحة ‪189 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫هامش الحوار واملناقشة بين الطلبة واألستاذ وإن كان هذا متعذرا بسبب االكتضاض الذي تعرفه‬
‫املدرجات‪1.‬‬

‫إن املحاضرات يجب عليها أن تعطي أهمية وأولوية لالعتبارات الفوق قانونية‪ ،‬وتحقيق نوع‬
‫من التكاملية مع األعمال التوجيهية (مع اإلشارة إلى وجود إكراه مزدوج أمام هذه األعمال التوجيهية‪:‬‬
‫املحتوى والكم الهائل من النصوص القانونية والقرارات القضائية واالجتهادات الفقهية‪...‬من جهة‪،‬‬
‫ثم ضرورة التذكير بجزء من اإلطارات املفاهيمية التي تم تناولها في املحاضرات من جهة أخرى)‬
‫وبالتالي تقع األعمال التوجيهية نفسها في نفس نمط املحاضرات‪ ،‬إذ تتحول بدورها ملحاضرة أخرى‬
‫موازية‪ ،‬في حين فإن الوقت املخصص لألعمال التوجيهية يجب أن يركز على تمرين أو تمرينين‬
‫عمليين فقط‪ ،‬وبطبيعة الحال البد من إتقان التعليق على القرارات القضائية وتحليلها‪ ،‬أو على نص‬
‫قانوني أو فقهي‪ ،‬لكن البد من تقديم أنواع أخرى من التمارين التي تساعد متخصص ي القانون على‬
‫االستدالل والتفكير النقدي‪ ...‬وال يعني هذا القيام بنفس مهام املدارس املهنية وإنما الهدف هو منح‬
‫الطالب تجربة الربط بين القانون والواقع واملقارنة بينهما‪ ،‬ويتعزز ذلك باعتماد العيادات القانونية‪2‬‬

‫من خالل اختبار واقع قانوني معقد وأخذ فكرة حول الوظيفة االجتماعية للقانون‪3.‬‬

‫‪1 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz‬‬
‫‪« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p233,234.‬‬
‫‪ -2‬انظر بخوص العيادات القانونية ودورها في تعميق الفهم القانوني‪:‬‬
‫‪- S. HennetteVauchez, D. Roman « Pour un enseignement clinique du droit », LPA, n o 218-219, 2 nov.‬‬
‫‪2006.‬‬
‫‪- A. DenisFatôme, S. Hennette-Vauchez, L. Sinopoli « L’enseignement clinique du droit (EUCLID) »,‬‬
‫‪Recueil Dalloz, 2012.‬‬
‫‪- A. Alemanno et A. Biard « L’enseignement clinique du droit : une réponse aux nouveaux défis de nos‬‬
‫‪sociétés » JCP n o 21, 22 mai 2017.‬‬
‫‪- J. Bonnecase « Précis de pratique judiciaire et extra-judiciaire. Eléments de clinique juridique » Paris,‬‬
‫‪Sirey, 1927.‬‬
‫‪- J. Bonnecase « Clinique juridique et facultés de droit. L’Institut clinique de jurisprudence », Revue‬‬
‫‪générale de droit, de la législation et de la jurisprudence, Paris, 1931.‬‬
‫‪- J. Bonnecase «Qu’est-ce qu’une faculté de droit ? », Paris, Sirey, 1929.‬‬
‫‪- C. Jamin « Cliniques juridiques : un plan national ? » D. 2017.‬‬
‫‪3 - Mustapha Mekki «Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz‬‬
‫‪« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p234-236.‬‬

‫الصفحة ‪190 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املحورالثاني‪ :‬سؤال املنهج والفعالية في البحث العلمي القانوني‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬املستوى املعرفي العلمي‪:‬‬

‫أمام هذا الكم الهائل من الطلبة الذين يلجون كليات الحقوق تطرح مسألة الكفاءة‪ 1‬بحيث‬
‫تعتبر (الشهادة كجواز مرور للمهن القانونية) وتعتبر بالتالي كليات الحقوق من الناحية الواقعية كـ‬
‫"مدارس مهنية للقانون" من خالل وظيفة التكوين النظري االحترافي الذي تخوله للقانونيين لولوج‬
‫املهن القانونية‪ ،‬دون ربط ذلك بالجانب العملي في إطار ما يسمى ب ــ"مطبخ القانون"‪ 2‬و‬
‫"العيادات‪/‬املصحات القانونية" التي تهدف إلى تحقيق نوع من االنتقال من املصنفات الفقهية إلى‬
‫دراسة النوازل والتفكير في الفعل القانوني‪ ،‬قصد تجاوز االقتصار على ما هو نظري في تدريس‬
‫القانون‪ ،‬إذ البد من تجويد ذلك بتفكر في النوازل‪ .3‬وأن يحصل تكوين في " املنطق القانوني‪/‬‬
‫االستدالل القانوني"‪4.‬‬

‫‪( - 1‬يعد هذا احد االنشغاالت المفكر فيها من قبل المجلس الوطني للقانون بفرنسا) يمكن زيارة الموقع الرسمي للمجلس الوطني للقانون بفرنسا‬
‫عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪-www.consielnationaldudroit.fr‬‬

‫» ‪2- voir : C.Jamin « La cuisine du droit : l’école de droit de sciences-po (une expérimentation française‬‬
‫‪lextenso, 2012.‬‬
‫‪ - 3‬أتركين محمد "مباحث في فقه الدستور المغربي" دار نشر المعاصرة ط ‪ ،1‬يونيو ‪ ،2020‬ص ‪ ،47‬أورده عن‪:‬‬
‫‪- jeremy perelman « penser la pratique, théoriser le droit en action : des cliniques juridiques et des‬‬
‫‪nouvelles frontières épistémologiques du droit » revue interdisciplinaire d’études juridiques, V 72, 2014-2,‬‬
‫‪p135.‬‬
‫‪ - 4‬كإضافة توضيحية يمكن اإلشارة هنا إلى أن العقالنية أبرز لبنة ساهمت في هدم التفكير القروسطي‪ ،‬وبلورت بالتالي نظرية جديدة حول‬
‫المعرفة اإلنسانية‪ ،‬فقد اعتبر فيثاغورت العقل أهم ملكة أُعطيَها اإلنسان‪ ،‬وبواسطته يتم الوصول إلى الحقائق‪ ،‬واعتبر تبعا لذلك أن الرياضيات‬
‫تحكم العالم‪ ،‬وهي التي تجسد قوة المنطق‪ ،‬والذي ينفسم إلى‪:‬‬
‫‪ ‬منطق صوري‪ :‬ويسمى بالمنطق النظري‪ ،‬يقوم فيه االستدالل واالستنباط على اتساق الفكر‪ ،‬بحيث تكون الفكرة واضحة صحيحة كلما‬
‫تطابقت مع المقدمات حتى ولو لم تكن مطابقة للواقع‪ ،‬ويهتم أساسا ببحث التصورات من خالل بحث األلفاظ ودالالتها‪ ،‬ثم بحث‬
‫التصديقات من خالل فرز القضايا وأنواعها‪ ،‬وأخيرا القياس من خالل بحث الحجج والبراهين‪ ،‬وهذا المنطق له ثالث خصائص‪:‬‬
‫‪ ‬النتيجة تترتب حتما على المقدمات‪.‬‬
‫‪ ‬صدق النتيجة أو كذبها متوقف على صدق أو كذب المقدمات‪.‬‬
‫‪ ‬النتيجة ال تقدم معرفة زائدة على ما تقرره المقدمات‪.‬‬
‫واعتبر البعض أن هذا النوع من المنطق هو تحصيل حاصل وتطويل بال طائل‪.‬‬
‫‪ ‬منطق تطبيقي‪ :‬يأخذ بضرورة مطابقة الفكر للواقع وليس فقط اتساقه مع المقدمات النظرية‪.‬‬

‫وعموما فاالستدالل المنطقي يكون على ثالثة ضروب‪:‬‬


‫‪ ‬االستدالل بالكلي على الجزئي وهو المسمى باالستنباط‪( ،‬من العام إلى الخاص)‬
‫‪ ‬االستدالل بالجزئي على الكلي ويسمى باالستقراء‪( ،‬من الخاص إلى العام)‪.‬‬

‫الصفحة ‪191 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املسألة املهمة كذلك في بيداغوجيا تدريس القانون هي توجيه الطلبة للقيام بفترات تدريبية‬
‫)‪ ،(des stages‬مما سيمكنهم من اكتساب ما لم تكن الجامعة قادرة على تقديمه لهم على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬وبالتالي البد من إعادة توجيه التكوين الجامعي َلي ِفي بمتطلبات املمارسة (عدم االنغالق على‬
‫النظري)‪ ،‬وتكوين الطالب على طرح األسئلة الصحيحة واملهمة‪ ،‬وتكوينهم على مناقشة ومحاججة‬
‫اإلشكاالت املطروحة‪ ،‬وهذا ال يقتصر على إعادة وتكرار منطوق األحكام القضائية‪ ،‬وإنما البد من‬
‫إعمال محاججة وإقناع حقيقيين‪ ،‬والتدريب على التحليل والتركيب واستبعاد كل أشكال الحفظ‬
‫الجامدة‪ 1.‬وتنويع دراسات الحاالت‪ ،‬لتعزيز ما يسمى بـ "التعليم التجريبي" ألنه وكما هو مشاهد في‬
‫تجربة بعض القانونيين أنهم قد عانوا صعوبات االنتقال من النظري (الكتب) الذي تعلموه في كليات‬
‫القانون‪ ،‬إلى العملي أثناء فترة ممارسة وتطبيق القانون‪ ،‬لذلك فدراسة الحالة تشكل قنطرة مرور‬
‫بين النظري والعملي ووسيلة لتحقيق تكامل بينهما‪ ،‬دون الحاجة للذهاب للمدارس املهنية‪ ،‬وذلك‬
‫‪ ‬االستدالل بالجزئي على الجزئي ويسمى بالمنطق التمثيلي‪.‬‬
‫‪ -‬محمد جواد مغنية " مذاهب فلسفية" دار ومكتبة الهالل‪ ،‬دار الجواد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.22-24‬‬
‫ويمكن إرجاع هذا األخير‪ -‬أي المنطق‪ -‬في الحضارة اإلغريقية إلى مدرستين‪ :‬الميغارية‪ ،‬نسبة إلى أقليدس الميغاري‪ ،‬وانبثقت عنها الرواقية‪.‬‬
‫ومدرسة المشائين‪ ،‬خصوصا مع "أرسطو"‪ ،‬واعتبرت هذه المدرسة أن التفكير الذي ينهج القياس هو النموذج المكتمل للمنطق‪ ،‬وأرسطو يعتبر‬
‫أن القضايا لها صورتان؛ صادقة أو كاذبة‪ ،‬وهذا ما يسمى بقانون الوسط الممتنع‪.‬‬
‫‪ -‬روالن أومنيس "فلسفة الكوانتم‪ :‬فهم العلم المعاصر وتأويله" ترجمة أحمد فؤاد باشا و يمنى طريف الخولي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬أبريل ‪،2008‬‬
‫ص ‪.42-39‬‬
‫بينما انتقد "أقليدس الميغاري" المنطق األرسطي واعتبر أن القضية الواحدة يمكن أن تكون صادقة وكاذبة في آن واحد‪.‬‬
‫‪ -‬يوسف كرم "تاريخ الفلسفة اليونانية" دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫ومنذ أن أصبحت الفكرة الجديدة حول المنطق أنه نسبي‪ ،‬خصوصا مع "كارناب"‪ ،‬دُحِ ض مبدأ الثالث المرفوع‪ ،‬وتم التخلي عن المنطق‬
‫الكالسيكي الذي يقوم على ثنائية الصدق والكذب‪ ،‬واألخذ بالمنطق الثالثي‪:‬‬

‫صدق _______ بين الصدق والكذب ______ كذب‬


‫‪0‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد السالم بن ميس "قضايا في االبستيمولوجيا والمنطق" شركة النشر والتوزيع "المدارس"‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ص ‪ .103-101‬أنظر كذلك‪:‬‬
‫‪- Crnap. R «the two concepts of probability” In: Feigl and Sellars, eds 1949, Readings in philosophical‬‬
‫‪analysis,N,Y, appeleton century crofts Tnc.‬‬
‫‪- Jammer M « the philosophy of Quantum Mechanies” N.Y: John wiley and sons, 1974.‬‬
‫‪- Zawirski. Z “ les logique nouvelles et les champs de leur application » in Revue de métaphysique et de‬‬
‫‪morale, vol 39, 1932.‬‬
‫وكان فالسفة ما قبل النهضة يفسرون بالمنطق االستنباطي الخالص‪ ،‬الذي يقتصر على التفسير دون الوصول إلى الظاهرة في ذاتها‪ ،‬وبالتالي‬
‫كان مفكري عصر النهضة قد دعوا إلى االهتمام بالمالحظة( التجريبية) بدل القياس األرسطي الشائع‪ ،‬وقد كان "فرانسيس بيكون" أول من‬
‫خاض في هذا األمر بدءا بكتابه(تقدم المعرفة) ثم (القياس الجديد) الذي سعى فيه إلى توسيع مجال المعرفة‪ ،‬واالعتماد على منهج جديد بدل‬
‫القياس‪ ،‬طور من خالله رؤيته‪ ،‬واعتبر "المالحظة" التي دعا إليها كمنقذ من النزعة العقالنية الكالسيكية وعليه فإن االستنباط حسب "بيكون‬
‫"ليس ذا شأن مهم في البحث العلمي ‪ ،‬إال أن البعض اعتبر هذا الطرح يصلح للبحث اإلحصائي أكثر منه لصياغة فروض‪ ،‬ألن الفروض يقوم‬
‫االستقراء باختبارها وليس باكتشافها‪.‬‬
‫‪ -‬راسل "حكمة الغرب‪ :‬الفسلفة الحديثة والمعاصرة" ج الثاني‪ ،‬ترجمة فؤاد زكريا‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون‬
‫واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،72‬ديسمبر ‪ 1983‬ص‪.48-46 ،‬‬
‫» ? ‪1 - Frédéric Rouviere « quelles méthodes pour l’enseignement du droit a l’aube de 21eme siècle‬‬
‫‪association des cahiers Portalis « les cahiers Portalis » N1, 2014/1 , P 48.‬‬

‫الصفحة ‪192 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫يساعد الطالب على التعمق ودراسة الحالة من زوايا مختلفة وكذلك تجاوز التخصصات‬
‫والتفريعات املوجودة بين مواد القانون‪ ،‬كما تعزز من امتالكه ألدوات منهجية خصوصا في مسألة‬
‫املحاكمات التدريبية وبإجراء بحوث وثائقية معمقة والتدريب على املحاججة وطرح‬
‫ُّ‬
‫األسئلة‪/‬اإلشكاليات القانونية‪ ،‬كما تساعد على تثبيت املكتسبات التعلمية لكونها قد طبقت‬
‫ومورست عمليا‪ ،‬فحسب » ‪ « Edgard Dale‬فإننا بعد أسبوعين نتذكر‪ 10 :‬في املائة مما نقرأ‪ ،‬و‪ 50‬في‬
‫املائة مما نسمع‪ ،‬و ‪ 90‬في املائة مما نطبق ونمارس‪1.‬‬

‫إن التحليل والتركيب والتصنيف هي عمليات فكرية يتم صقلها من خالل عمل صارم ال‬
‫يتأتى للفرد بشكل فطري‪ ،‬وهذا العمل الصارم أو التمرين التطبيقي يسمى ‪« La Note de‬‬
‫»‪ Synthèse 2‬وهو تمرين يقيس املهارات ويميزها عن املعلومات التي تحفظ عن ظهر قلب‪3.‬‬

‫وهذا يفتح النقاش في حول فائدة املحاضرات و أهمية األعمال التوجيهية )‪ ،(TD‬وبالتالي‬
‫طريقة تنظيمها التي قد تتخذ الشكل التقليدي‪( :‬مقاعد‪ ،‬طاوالت‪ ،‬حواسيب‪ ،)...‬أو شكل قاعة عمل‬
‫من داخل مكتبة‪(...‬ما يسمى بالبيداغوجية التجريبية ‪ ،la pédagogie expérientielle‬أو التدريس‬
‫التجريبي ‪ ،) l’apprentissage expérientiel‬وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا في تلقين‬
‫القانون وتكوين املدربين‪ /‬املدرسين‪...‬إلخ‪ ،‬فهذه املوضوعات هي محل تأمل ونقاش ‪4.‬‬

‫فدور األستاذ ال يقتصر على توزيع املعرفة‪ ،‬بل يؤطر ويشرف على إنتاج املعرفة‪ ،‬ويعد‬
‫"املاستر" فرصة لنقل املعرفة وشرحها‪ ،‬وهي مناسبة الستعمال الوسائل األكثر تفاعلية‪ ،‬خصوصا‬
‫األعمال التوجيهية )‪ (TD‬التي تجمع بين ميزتين‪( :‬األولى أنها تكون في مجموعة صغيرة‪ ،‬والثانية أنها‬
‫مكملة للمحاضرة)‪ ،‬وهي بدرجة أولى تعد درسا منهجيا يسمح بتطبيق عدد من املناهج لتيسير فهمها‪،‬‬
‫ومع كل هذا فاملحاضرة ال يمكن االستغناء عنها ألنها نموذج فعال لتحقيق فعالية أكبر‪5.‬‬

‫‪1 - CH. jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2, p246,‬‬
‫‪247.‬‬
‫‪ - 2‬يعتبر في آن واحد تمرين نظري ووثيقة تطبيقية‪.‬‬
‫‪3 - Frédéric Rouviere « Quelle Méthodes… » Op.Cit, P 47.‬‬
‫‪4- CH. jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2, p245.‬‬
‫‪5 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers‬‬
‫‪de la justice » 2018/2 N2, p 255,256.‬‬

‫الصفحة ‪193 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ثم إن مسألة إصالح تدريس القانون البد أن تستحضر مسألة تحقيق التكامل بين املدارس‬
‫املهنية وكليات الحقوق‪ ،‬ألن الجامعة رغم عدم كونها مدرسة مهنية إال أنها تساهم في تكوين عدد‬
‫كبير من مهنيي القانون‪ ،‬وبالتالي يجب أن يكون هناك تكامل بين الجامعة واملدارس املهنية لتحقيق‬
‫نوع من الجاهزية ملمارسة املهنة‪ 1.‬وتجاوز املنافسة املفترضة بينهما (خصوصا حول ضرورة مراعاة‬
‫الخصوصيات البنيوية والهيكلية للجامعة‪2.‬‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬اإلكراه املنهجي وسؤال التجديد في البحث القانوني الجامعي‪:‬‬

‫لقد عانت الدراسات القانونية من الجمود الناتج عن هيمنة املنهج الوضعي املعتمد في‬
‫تفسير النصوص القانونية من جهة‪ ،‬وإغفال الجانب السوسيولوجي في فهم الظاهرة القانونية من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬خصوصا على مستوى البحث العلمي القانوني‪ ،‬وارتبط النقص فيها بوجود معيقات‬
‫معرفية عديدة يتعلق أغلبها بسؤال املناهج؟ و ساهم االنغالق التقني الذي هيمن عليها في تكريس‬
‫وسيادة نمط منهجي وصفي يقوم على االقتصار على عرض املعطيات القانونية من نص أو حكم‬
‫قضائي أو حتى فقه قانوني ووصفها كما هي دون أي تحليل علمي‪ .‬والتركيز بالتالي على الدراسة‬
‫الخالصة للقانون كما تصورها “هانس كيلسن”‪ ،‬وقد انطلق أغلب من يدافع عن هذا التوجه من‬
‫حجة أن دور رجل القانون ينحصر في شرح ووصف النص القانوني كما هو ‪( 3،‬مدرسة الشرح على‬
‫املتون)‪.‬‬

‫‪1 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz‬‬
‫‪« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p230.‬‬
‫‪2 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz‬‬
‫‪« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p228.‬‬
‫‪- voir aussi : J. R. Cytermann « universités et grandes écoles » la documentation française, 2007.‬‬
‫» ‪- C. Jamin « la cuisine du droit : l’école de droit de sciences po (une expérimentation française‬‬
‫‪lextenso éditions, forum, 2012.‬‬
‫‪ - 3‬لقاء مع أحمد السكسيوي حول "التعامل مع القانون على ضوء المقاربة العلمية ونظيرتها التقنوية" أجراه موقع الجامعة القانونية المغربية‬
‫االفتراضية‪:‬‬
‫‪https://www.aljami3a.com/1026/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-‬‬
‫‪%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-‬‬
‫‪%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B6%D9%88%D8%A1-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84/‬‬
‫اطلع عليه يوم ‪2021-05-21‬‬

‫الصفحة ‪194 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫إن سؤال املنهج في العلوم القانونية يطرح نفسه بحدة‪ 1،‬خصوصا في ظل الوضعانية‬
‫املهيمنة والتي تعتبر ثمرة النزعة العقالنية التي تؤمن بأن الكون له نواميس عقالنية يمكن اكتشافها‬
‫والتفكير فيها بصورة منطقية‪ /‬حسابية‪ ،‬وبالتالي فهمها فهما علميا بمعادالت رياضياتية‪.‬‬

‫سيعجب القانونيين باملنهج الوضعي ويستهويهم‪ ،‬ويتخيلون بالتالي‬ ‫وفي سياق هذا التغلغل ُ‬
‫إمكانية بناء شرعية علمية ملقاربة القانون الحديث من خالل محاكاة مناهج العلوم الحقة‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد أضفى "هانز كيلسن" الطابع الرسمي على القانون‪ ،‬بتأسيسه لإلطار النظري لـ "القانون‬
‫الخالص" مطبقا منهج العلوم الطبيعية‪ ،‬مما أوصله إلى نتيجة تربط عالقة بالكون املعياري من‬
‫خالل مفهوم "التضمين ‪[ "l’imputation‬وهو مقابل ملفهوم السببية] وذلك من خالل‪ :‬كون النظرية‬
‫الخالصة للقانون تقارن "االفتراضات املعيارية ‪ ، "propositions normatives‬التي من خاللها يصف‬
‫علم القانون موضوعه (أي معرفة القواعد القانونية)‪ ،‬تقارنها بـ "األحكام االفتراضية ‪jugements‬‬
‫‪ "hypothétiques‬التي من خاللها تحدد العلوم الطبيعية موضوعها (قوانين الطبيعة)‪ ،‬وهذه املقارنة‬
‫تقود النظرية الخالصة للقانون إلى االعتراف بكون االفتراضات املعيارية لعلم القانون لها دور مشابه‬
‫لقوانين الطبيعة وهو معرفة السببية‪ ،‬إال أن غياب تسمية لهذا املبدأ جعل "هانز كيلسن" يقترح له‬
‫اسم "التضمين"‪2.‬‬

‫عموما يتحقق تجديد تدريس القانون عندما يتم إدراج إشكالية املعارف في النقاش‪ ،‬مع‬
‫االهتمام بقيمة مهمة للغاية في الدرس املعرفي وهي‪" :‬االنعكاسية ‪ "Réflexivité‬بما تعنيه من تحديد‬
‫عالقة الدارس باملوضوع وكيف انفعل وتفاعل معه‪ ،‬مما يعزز نضجا معرفيا إبيستيمولوجيا‪ 3‬من‬
‫خالل تحديد عالقة األستاذ‪/‬الباحث باملعرفة‪ ،‬وكيف يؤثر في إنتاج املعرفة‪ ،‬أي من خالل طرح رؤية‬

‫‪ - 1‬يراجع بهذا الخصوص‪ :‬إبراهيم أولتيت "المنهج في العلوم االجتماعية‪ :‬حالة الدراسات القانونية" مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2018‬‬
‫‪2 - Violaine Lemay « trois principes de rénovation tranquille pour l’enseignement du droit : l’avantage‬‬
‫‪d’un retour du souci méthodologique et épistémologique » université Saint-Louis, Bruxelles « revue‬‬
‫‪interdisciplinaire d’études juridiques (RIEJ) » 2014 / 1, VOL 72 , p 41,42.‬‬
‫انظر حول النظرية الخالصة للقانون‪:‬‬
‫‪- H. Kelsen « qu’est-ce que la théorie pure du droit ? » traduction française d’un texte de 1953, droit et‬‬
‫‪société, vol 22.‬‬
‫‪3 - Violaine Lemay « trois principes de rénovation tranquille pour l’enseignement du droit : l’avantage‬‬
‫‪d’un retour du souci méthodologique et épistémologique » université Saint-Louis, Bruxelles « revue‬‬
‫‪interdisciplinaire d’études juridiques (RIEJ) » 2014 / 1, VOL 72 , P 29.‬‬

‫الصفحة ‪195 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫نقدية حول تجربته في إنتاج املعرفة‪ ،‬فالجهد التأملي االنعكاس ي نادر جدا وغير معترف به‪ ،‬ويعتبر‬
‫مسألة غريبة عن فعل املعرفة في القانون وغير متناسب مع النشاط َ‬
‫التعلمي‪.‬‬

‫يضاف لهذا ضرورة االنفتاح على االبتكارات التكنولوجية ألهداف بيداغوجية ترقى‬
‫بمستوى التدريس‪ ،‬ألن مكانة القانونيين تتأثر كذلك بالتحوالت الرقمية التي يعرفها املجتمع‪ ،‬وبفعل‬
‫إخضاع القانون نفسه للرقمنة‪ ،‬مما يطرح سؤاال عن نوعية املجتمع الذي يمكن أن ينشأ وراء هذا‬
‫الكم الهائل من املعلومات والرقميات‪1 .‬‬

‫وفي هذا اإلطار فقد ساهمت االبتكارات وظهور التقنيات الجديدة في خلخلة أساليب‬
‫تدريس القانون بالجامعات واملراكز واملعاهد األخرى ذات الصلة بالتكوين القانوني‪ ،‬وحدوث تجديد‬
‫في البيداغوجية‪ ،‬حيث تم اعتماد ما يسمى ب ـ » ‪ « MOOC : Massive Open Online Course‬أي‬
‫الدروس أو التكوين الذي ينقل عبر وسائل االتصال‪/‬التواصل االجتماعي ويكون مفتوحا للجميع‪،‬‬
‫لكن هناك مسألة يمكن طرحها وهي أن القول بوجود وسائل جديدة في التدريس ال يعني بالضرورة‬
‫وجود تجديد في األسلوب واملنهج البيداغوجي‪ 2.‬ولهذا يوجد سؤال مهم بهذا الخصوص‪ :‬ما حظ‬
‫البيداغوجية من إعادة النظر بخصوص الدروس التي تلقى عن بعد‪ ،‬خصوصا وأن العالم قد مر‬
‫من تجربة اإلغالق الشامل‪ ،‬وبالتالي فليس الرهان هو العودة للتعليم الحضوري‪ ،‬وإنما البد من‬
‫االستفادة من التجربة وتطويرها من خالل إعمال بيداغوجيا ناجحة في التدريس "عن بعد"‪.‬‬

‫االبتكارات البيداغوجية ال يمكنها أن تحل محل التدريس الذي نعرفه‪ ،‬وإنما فقط تكملها‬
‫وتحسنها وتجعلها أكثر فاعلية‪ /‬وتفاعلية‪ ،‬فاملحاضرة ال يمكن االستغناء عنها وال تجاوزها‪ ،‬والوسائط‬
‫الرقمية التي تقدم من خاللها الدروس (‪ )MOOC‬ال يمكنها أن تحل محل املحاضرات‪ ،‬وهنا يمكن‬
‫إبداء ثالث مالحظات‪:‬‬

‫‪ - 1‬راجع بهذا الخصوص‪:‬‬


‫‪- S. Abiteboul et V. Peugeot « terra data : qu’allons-nous faire des données numériques ? » le pommier,‬‬
‫‪2017.‬‬
‫‪2 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers‬‬
‫‪de la justice » 2018/2 N2, p 251,252.‬‬

‫الصفحة ‪196 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫األولى ذات طابع براغماتي‪ /‬واقعي‪ :‬استقبال كم هائل من الطلبة بحيث ال‬ ‫‪-‬‬
‫يمكن تحقيق متابعة شخصية لكل هؤالء بل حتى محاولة تحقيق ذلك سيحرم الطلبة من‬
‫الطابع التفاعلي الذي تتيحه املحاضرة‪1.‬‬

‫الثانية ذات طابع بيداغوجي‪ :‬بحيث أن إزالة الطابع املادي للتدريس (أي‬ ‫‪-‬‬
‫الطابع الجسدي‪ /‬الحضوري) من شأنه أن يغير بشكل كبير العالقة بين الطالب واألستاذ‬
‫(ففي املدرج مثال يمكن مالحظة أن رسالة التدريس لم يتم تمرريها بشكل سلس سواء من‬
‫خالل أسئلة الطالب أو من خالل مالحظة اضطرابهم في األجوبة عن بعض األسئلة‪ ،‬وبالتالي‬
‫يقوم األستاذ بتوضيحات أكثر‪ ،‬على عكس الدرس املسجل أو املذاع أمام طلبة سلبيين‬
‫ومتفرجين)‪ 2،‬لكن في بعض األحيان الدرس الحضوري هو نفسه يكون شبيها بالدرس املسجل‬
‫(الطلبة في وضعية سلبية مع الدرس وال يشاركون في إنتاجه)‪.‬‬
‫الثالثة لها طابع علمي‪ :‬وهي مهمة بال شك‪ ،‬فإذا كانت االبتكارات البيداغوجية‬ ‫‪-‬‬
‫التي أتاحتها وسائل التكنولوجيا الحديثة ستحل محل املحاضرات‪ ،‬فهذا سيؤدي في حاالت‬
‫عدة إلى تجميد التدريس بدل السماح له بالتطور‪ ،‬وهنا تكمن املفارقة‪3.‬‬

‫هذا يشهد على الحاجة إلى استخدام عقالني لالبتكارات البيداغوجية ملا لها من قيمة‬
‫مضافة (إثراء املحاضرات وتحقيق املحتوى التفاعلي)‪ ،‬هذا ويمكن للتقنيات البيداغوجية األخرى أن‬
‫تستغني عن التكنولوجيا (مثال اعتماد العيادات القانونية خصوصا في سلك املاستر)‪4.‬‬

‫‪1 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers‬‬
‫‪de la justice » 2018/2 N2, p 252, 253.‬‬
‫‪2 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers‬‬
‫‪de la justice » 2018/2 N2, p 253.‬‬
‫‪3 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers‬‬
‫‪de la justice » 2018/2 N2, p 253.‬‬
‫‪4 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers‬‬
‫‪de la justice » 2018/2 N2, p 253,254.‬‬

‫الصفحة ‪197 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫على سبيل الختم‪:‬‬

‫من املؤكد أن أخذ املعرفة القانونية على محمل الجد سيسمح بتفكير وتأمل أكثر حول ما‬
‫يمكن أن يكون عليه تدريس القانون‪ ،‬لكن ليس من الضروري االنغماس في تأمالت إبستيمولوجية‬
‫عميقة لفهم أن مستقبل التدريس يتعلق بتعميق الفهم العلمي للنص القانوني وبإتباع منهج علمي في‬
‫إنتاج املعرفة‪ ،‬وليس فقط في األهلية والقدرة على قراءة النص القانوني كما تقرأ املحفوظات (أبيات‬
‫من الشعر مثال)‪1.‬‬

‫كل هذا يلزم بإعادة التفكير في منهج ومحتوى التدريس القانوني‪ ،‬وهذا التفكير يقتض ي‬
‫ويفترض العودة إلى "الهدف" والذي هو معرفة مكانة ووظيفة القانون داخل املجتمع‪ ،‬كما أن إصالح‬
‫تدريس القانون ال يمكن اختزاله فيما هو أكاديمي وإنما البد من التفكير كذلك في مكانة رجال‬
‫القانون داخل املجتمع‪( 2‬باعتبارهم كمهندسين اجتماعيين)‪ ،‬فالقانون عبارة عن تقنية تعمل في ظل‬
‫نسق مفتوح على املجتمع‪ ،‬وبالنظر للتحوالت التي تعرفها الدولة فإن القانون يعد أداة للضبط‬
‫والتنظيم االجتماعي وليس مجرد أداة لنقل األيديولوجيا‪ ،‬ومن الطبيعي أن هذه التحوالت سيكون‬
‫لها تأثير مباشر على رجال القانون‪ 3 .‬فالقانون شكل من أشكال الهندسة االجتماعية‪ ،‬وأن لكل‬
‫مجتمع نمطه الثقافي الذي يساهم في بلورة أيديولوجياته التي تتشكل من خاللها أساسيات النظام‬
‫القانوني‪ ،‬تكون قابلة للتغير والتطور وفقا لتغير املصالح والتي تعمل املحكمة على املوازنة بينها من‬
‫خالل تصنيفها واالعتراف بها (في إطار الواقعية القانونية)‪ ،4‬واللجوء ألنجع السبل لحل النزاع بينها‪،‬‬
‫إما من خالل عملية القياس أو الحدس‪ ،‬أو ترجيح اعتبارات االستمرارية والحفاظ على األوضاع‬
‫رغم تضمن الحكم لتناقضات الخطأ والصواب‪5.‬‬

‫‪1 - Frédéric Rouviere « Quelle Méthodes… » Op.cit. P 49.‬‬


‫‪2 - voir : J. Arnaud « les juristes face a la société : du XIXe siècle a nos jours »P.U.F, 1975.‬‬
‫‪3 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz‬‬
‫‪« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p225,227.‬‬

‫‪ - 4‬فالواقعية القانونية ترى أن األساس السوسيولوجي للقواعد القانونية وصالحية القانون‪ ،‬تتوقف على التنبؤ بما ستحكم به المحكمة‪ ،‬خصوصا‬
‫مع "ألف روس ‪ " Alf Ross‬الذي يرى أن الوقائع تجسد عوامل نفسية واجتماعية‪ ،‬وبالتالي فالقواعد ال توجد إال بقدر ما هي مطبقة من قبل‬
‫القضاة‪ ،‬ويقتصر علم القانون على وصف القاعدة القانونية المطبقة‪ ،‬ومنه فعلم القانون يهتم بسلوك القضاة (ما ستحكم به المحكمة)‪ ،‬ويصير‬
‫بالتالي علما تجريبيا من خالل وجود وقائع قابلة للمعاينة‪ ،‬وبطرح افتراضات هي كذلك قابلة للتحقق‪ ...‬ميشيل تروبير "فلسفة القانون" ترجمة‬
‫جورج سعد‪ ،‬دار األنوار‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.45‬‬
‫‪ -5‬لويد دينيس "فكرة القانون" ترجمة سليم الصويص‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬نونبر ‪ ،1981‬ص ‪.216-192‬‬

‫الصفحة ‪198 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫______________‬

‫املراجع املعتمدة‪:‬‬
‫‪ -‬العربي ـ ـة ‪:‬‬

‫‪ ‬عبد هللا ساعف "تصورات عن السياسي في المغرب‪ :‬المجتمع‪/‬السلطة‬


‫(دراسات اجتماعية)" ترجمة محمد معتصم‪ ،‬مطبعة فضالة‪.1990 ،‬‬
‫‪ ‬لويد دينيس "فكرة القانون" ترجمة سليم الصويص‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪،‬‬
‫نونبر ‪.1981‬‬
‫‪ ‬ميشيل تروبير "فلسفة القانون" ترجمة جورج سعد‪ ،‬دار األنوار‪ ،‬منشوات‬
‫‪ ،press universitaire de France‬ط‪.2004 ،1‬‬
‫‪ ‬محمد أتركين "مباحث في فقه الدستور المغربي" دار النشر المعاصرة‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬يونيو ‪.2020‬‬
‫‪ ‬نجيب بودربالة " القانون بين القبيلة والدولة واألمة‪ :‬جدلية التشريع‪:‬‬
‫الشريعة والقانون" تقديم عبد هللا حمودي‪ ،‬افريقيا الشرق‪.2015 ،‬‬
‫‪ ‬محمد جواد مغنية "مذاهب فلسفية" دار ومكتبة الهالل‪ ،‬دار الجواد‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬
‫‪ ‬يوسف كرم "تاريخ الفلسفة اليونانية" دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ ‬عبد السالم بن ميس "قضايا في االبستيمولوجيا والمنطق" شركة النشر‬
‫والتوزيع "المدارس"‪ ،‬ط‪2000 ،1‬‬
‫‪ ‬برتراند راسل "حكمة الغرب‪ :‬الفلسفة الحديثة والمعاصرة" الجزء الثاني‪،‬‬
‫ترجمة فؤاد زكريا‪ ،‬عدد ‪ ،72‬ديسمبر‪.1983‬‬
‫‪ ‬روالن أومنيس "فلسفة الكوانتم‪ :‬فهم العلم المعاصر و تأويله" ترجمة أحمد‬
‫فؤاد باشا و يمنى طريف الخولي‪ ،‬عدد ‪ ،350‬أبريل ‪.2008‬‬
‫‪ -‬األجنبية ‪:‬‬

‫الصفحة ‪199 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


2023 ‫ يونيو‬،‫العدد األول‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

 Monique Chestakova, Pierre Pilard « Qu’est


qu’enseigner aujourd’hui ? » association française des acteurs
de l’éducation « administration et éducation » 2020/4 N 168
 Didier Truchet « La place de l’université dans la
formation des juristes » Association des cahiers portalis « les
cahiers portalis »,(Dossier – l’enseignement du Droit),2014/1
N1.
 Christophe jamin « enseigner le droit : sujet
inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2.
 Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du
droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz « les
cahiers de la justice » 2018/2 N2.
 Myriam Aït-Aoudia, Rachel Vanneuville « Le Droit
Saisi Par Son Enseignement :Présentation du dossier »
(Dossier :Les enjeux contemporains de la formation
juridique), Éditions juridiques associées,« Droit et société»
2013/1, N83.
 Violaine Lemay « trois principes de rénovation
tranquille pour l’enseignement du droit : l’avantage d’un
retour du souci méthodologique et épistémologique »
université Saint-Louis, Bruxelles « revue interdisciplinaire
d’études juridiques (RIEJ) » 2014 / 1, VOL 72.
 Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations
pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers de la
justice » 2018/2 N2.
 Fréderic Rouviere « quelles méthodes pour
l’enseignement du droit a l’aube de 21eme siècle ? »

200 : ‫الصفحة‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


2023 ‫ يونيو‬،‫العدد األول‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

association des cahiers Portalis « les cahiers Portalis » N1,


2014/1

 Ruth Sefton-Green « Moins de droit. Propositions


pédagogiques subversives » Dans Les Cahiers de la
Justice (Chroniques- La croisée des savoirs) 2017/4 (N° 4).
 présentation, « les cahiers de la justice (dossier
l’enseignement du droit : quelles perspectives ?) », Dalloz
2018/2.
 Sandra Travers De Faultrier « La Parole
Enseignante » Dalloz, « Les Cahiers De La Justice » 2018/2
N° 2.
: ‫ املو اقع اإللكترونية‬-

‫ لقاء مع أحمد السكسيوي حول "التعامل مع القانون على ضوء المقاربة‬


:‫العلمية ونظيرتها التقنوية" أجراه موقع الجامعة القانونية المغربية االفتراضية‬
https://www.aljami3a.com/1026/%D8%A7%D9%84%D8%
AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%
86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B6%D9%88%D8%A1-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8
%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84/
2021-05-21 ‫اطلع عليه يوم‬
‫ تحديد أبستيمولوجيا‬:‫ احمد السكسيوي " نحو فهم إبستيمولوجي لعلم القانون‬
:‫)" على الرابط‬3( ‫القانون‬
file:///C:/Users/HP/Desktop/%D9%86%D8%AD%D9%88%
20%D9%81%D9%87%D9%85%20%D8%A5%D8%A8%D8%B
3%D8%AA%D9%85%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9
%8A%20%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%20%D8%A7%
D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86_%20%D
201 : ‫الصفحة‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF%20%D8%A5%‬‬
‫‪D8%A8%D8%B3%D8%AA%D9%85%D9%88%D9%84%D9%8‬‬
‫‪8%D8%AC%D9%8A%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%82‬‬
‫‪%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%20(3)%20_%20_%20%‬‬
‫‪D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%‬‬
‫‪A9%20%D9%86%D8%AA.html‬‬ ‫اطلع عليه يوم ‪.2021-05-31‬‬

‫الصفحة ‪202 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫املح ـ ــورالراب ــع ‪:‬‬


‫فسحة أدبيـ ــة وشعريـ ــة‬

‫الصفحة ‪203 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫المية المدني‬
‫ألبو سامي عزيز ندا علي‬
‫باحث في الدراسات القانونية والقضائية‬

‫ــــــــز َال‬
‫ِ‬ ‫ــزيــ ِز َخــ ْيـــ َر َمـــا أ ُ ْن‬ ‫قَ ْ‬
‫ــو ُل ال َع ِ‬ ‫ُــل فَ ْر ٍد ت َ َ‬
‫ـــــَل‬ ‫علَى ك ِ‬ ‫س َ‬
‫ـــَل ُم هللاِ َ‬ ‫َ‬

‫وعَــلًى ال َهــادِي َ‬
‫صَل ِتــي على الــــ ِوال‬ ‫ت َ َعــالَــى َك َما أَثْــنَى َ‬
‫علَى نَ ْفسِـــ ِه‬

‫ض َواال ْبـتِـــــــ َ‬
‫ــَل‬ ‫ـــو ِم الــعَــ ْر ِ‬
‫ِإلــــى يَ ْ‬ ‫َوآ ِلــ ِه َوصَـحْ ِبــه و َم ْن ت َ ِبعَـــــ ُه ْم‬

‫ُمجْ تَـبَى‪ُ ،‬م َرا ٌد ِب ِه ال َعـ ْقــ ُد و َما تَــأ َ َّ‬


‫صــــَل‬ ‫َو َم ْن َبـ ْع ُد فِـي ِعــ ْل ِـم ال َمــدَا ِئ ِ‬
‫ـــن‬

‫فَـذُوا أ َ ْق ٍ‬
‫ـسام تَوالَـتْ ع ْنــ ُهــما فَاعْـــــدِال‬ ‫ث لَ ُهـما َجـلـــَتَا‬
‫كـِتـابـَيـْ ِن ال ثالـِ َ‬

‫ال ْلزا ُم و ِإ َّال فَــــــَل‬ ‫َوأ َ ْ‬


‫ش َبا ُههُ‪ِ ،‬ب ِه ْم يُ ْعقَ ُد ِ‬ ‫ِإ َرادةٌ‪ ،‬أَشْـبَـاهُ عُـقُـودٍ‪َ ،‬و ُج ْ‬
‫ـــر ٌم‬

‫سهُ فَا ْع َمـــــ ََل‬


‫ع ْك ُ‬ ‫ُمنا ً َوقَا ِبـ ٌل ِلَلنـْ ِق َ‬
‫سا ٌم َو َ‬ ‫ط‪ ،‬و َمـا ُخ ِـي َر‪ ،‬ت َ َ‬
‫ضا‬ ‫أ َ َج ٌل‪ ،‬ش ْ‬
‫َـر ٌ‬

‫ــــــــو َال‬
‫َّ‬ ‫َو َح َوالَةُ ِذ َّمـ ٍة‪ ،‬إِنَا َبةُ و َما َحــــــ‬ ‫ـوالَـةُ َح ٍ‬
‫ق بِ ِه‬ ‫ا ْنتِـقَـا ُل ا ْلـتِ َ‬
‫ـز ٍام َح َ‬

‫ض َمانُهُ ِو ْفقَ ما أ َ ْ‬
‫شكَـ َ‬
‫ــَل‬ ‫ع َد ُم ت َ ْنـ ِفي ِذ ِه َو َ‬
‫َو َ‬ ‫ق‬
‫ـن َح ٍ‬ ‫َوأَث َ ُ‬
‫ــارهُ تَـ ْنـ ِفـيـذُ َما ِب ِه ِم ْ‬

‫فاء إ ْن قَ ِبــــــــــــَل‬
‫لو ِ‬ ‫ضا ُء ال ْل ِ‬
‫زام ِبا َ‬ ‫وا ْن ِق َ‬ ‫طـالُــه‬ ‫َوبُــ ْطـَلَ ُن اال ْلـتِ َ‬
‫ـز ِام وإِ ْبـ َ‬

‫صةٌ بَ ْينَ ُه َما فَ َ‬


‫س ِهـــَل‬ ‫ِم ْنهُ‪ ،‬تَجْ دي ُدهُ ْ‬
‫أو ُمقا َ‬ ‫سـتِـ َحالَـةُ تَـ ْنـ ِفـيـ ِذ ِه وال ْب َ‬
‫ــرا ُء‬ ‫وا ْ‬

‫اخ ِت َي ٍار ِإثْ َباتُهُ والت َّ َحلُّ ُل بما ا ْن َجــــَل‬


‫ع َِن ْ‬ ‫ـن‪ ،‬تَـقَا ُد ٌم‪ ،‬إقَـالَـةٌ‬
‫اتـ َحـا ُد ذِمـَتـ َ ْي ِ‬

‫غ ْي ُر َمش ُْروعٍ َوإِثْرا ٌء د َ‬


‫ُون ِصــــَل‬ ‫ع َم ٌل َ‬
‫َ‬ ‫س َها َوأ َ ْ‬
‫شبَا ُهــ َها‬ ‫فَعُقُو ٌد ت ُ َ‬
‫س ِمي َن ْف َ‬

‫َوأ َ ْ‬
‫شبَا ُههُ ِب ِه ْم يُ ْعـقَ ُد ال ْلـزا ُم وإِال فَـــــــَل‬ ‫إِ َرا َدةٌ أَشْــبَـاهُ عُـقُـو ٍد َو ُج ْ‬
‫ــــر ٌم‬

‫ـر أ َ ْركـا ُن ا ْن ِعـ َقـا ِد ِه َوإِ َّال أ ُ ْب ِ‬


‫ـــــطــــَل‬ ‫ت َ َوافُ ُ‬ ‫ورتُهُ‬ ‫َوا ْن ِعقا ُد ع ْق ٍد تَ ْقتَضي َ‬
‫ض ُر َ‬

‫بــــاطـــَل‬
‫ِ‬ ‫صار ال َعـ ْقـ ُد‬
‫َ‬ ‫َو ِإ ْن زا َل أ َ َحـ َد َها‬ ‫الز َمةٌ ِبلُ ُز ِ‬
‫ومـ ِه‬ ‫ش ُُرو ُ‬
‫ط ا ْن ِعـقَا ِد ِه ِ‬
‫الصفحة ‪204 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫ـار ال َعـ ْقـد ِلإل ْبـ َطـا ِل قَا ِبـــَل‬


‫ص َ‬ ‫ِإ ْن زالَتْ َ‬ ‫ط ِصح ِت ِه ت ُ ْل ِز ُم ُو ُجو َد َهـــا‬
‫ش ُُرو ُ‬

‫ع فَ َم َحـــــــ َّ‬
‫ـــــَل‬ ‫ْـرو ٌ‬
‫ب َمـش ُ‬ ‫أ ْهـ ِلـيةٌ‪َ ،‬‬
‫سـبـَ ٌ‬ ‫كان أ َ ْربَعَةٌ‪ ،‬تَ ٍ‬
‫ـراض‬ ‫األر ِ‬ ‫لَهُ َ‬
‫من ْ‬

‫أو ما تَأَصــــ ََل‬


‫ما ت َ َفـرقَا إال عَـ ْن ِرضا ً ْ‬ ‫تَوافُ ٌ‬
‫ق بَ ْين إِ َرا َدت َ ْي ِن ُه َما ِب ِ‬
‫الخيَ ِار‬

‫إشارةٌ عَلى ما تَـــــد َ‬


‫َاوال‬ ‫َ‬ ‫ظ‪ ،‬كـتَـابـةُ‪،‬‬
‫ل ْفــ ٌ‬ ‫إيجاب‪ ،‬قَـبُو ٌل وا ْقـتِرا ٌن َبينَ ُهـ َما‬
‫ٌ‬

‫ــَل‬ ‫َصيغَــ ٍة أو فِـ ْعــ ٍل أو قَ ْ‬


‫ــو ٍل ا ْنـ َجـــــ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ص ِري ٌح لَهُ دَاللَتُهُ َب ْينَ ُهــ َما‬ ‫ت َ ْع ِب ٌ‬
‫ير َ‬

‫على َما اتَّفَ َقا وقَبِ َ‬


‫ــــــَل‬ ‫ِل َمعَاني قَ ْ‬
‫ص ِد ِه َما َ‬ ‫ِكنَايَةُ اللَّ ْف ِظ تَ ْقت َ ِضي بَ َيا ُن دَاللَ ِت ِه‬

‫ـــــَل‬ ‫ضـاعـ ٍة بـثَـ َم ٍ‬


‫ـن ا ْنـ َج َ‬ ‫ض ِبـ َ‬
‫َـر ِ‬
‫أو ع ْ‬
‫ْ‬ ‫سـتَأ ْ ِج ٍر بِ َع ْي ٍن ُم ْؤ َجر ٍة‬ ‫كَبـقَ ِ‬
‫ـاء ُمـ ْ‬

‫ت إال َمـا تَـقَـــوال‬


‫ـب لـِسـا ِكـ ٍ‬
‫س ُ‬‫إ ْذ ال يُـ ْنـ َ‬ ‫من دَاللَتِـ ِه‬
‫ـر ُد ْ‬
‫سكُـوتُ ال ُم َج َّ‬
‫َوال ُّ‬

‫ـر ِبـ َحـا ٍل ُم َح ِـل َ‬


‫ــــَل‬ ‫فَالـ ُّ‬
‫سكُـوتُ الَ يُ ْعـتَـبَ ُ‬ ‫ـوف‪ُ ،‬م َـَلبـ ِ ٌ‬
‫س‬ ‫ص ٌ‬ ‫بَـسِـيـ ٌ‬
‫ط‪َ ،‬م ْـو ُ‬

‫ف ِبـذَاكَ َد ِليـــَل‬ ‫َبيـَا ٌن متَـى َج َ‬


‫ـرى ع ُْـر ٌ‬ ‫ان‬
‫ض ال َب َي ِ‬ ‫فَال ُّ‬
‫سـكُوتُ فـي َم ْع ِـر ِ‬

‫صــــَل‬ ‫ـاب إذَا َمـا بِـ ِه ا ْرت َـبَ َ‬


‫ط َوات َّ َ‬ ‫َوإيـ َج ٌ‬ ‫ق يَـجْ ـري َز َوالُـهُ‬ ‫تَعـَا ُمـ ٌل َ‬
‫سـا ِب ٌ‬

‫ع ْنهُ فأ َ ْقبَـــَل‬ ‫ست َ ِعـ ُ‬


‫ير َ‬ ‫ِم ْن َهـا ُ‬
‫سـكُـوتُ الـ ُم ْ‬ ‫َونَـ ْفـ ٌع َمـحْ ٌ‬
‫ـض يَجْ ـري إِتْيَانُــهُ‬

‫ب عـ ْنه ِب َنعَـ ْم ْ‬
‫أو ِبـــــ َـَل‬ ‫والـث َّ ِـي ُ‬
‫ـب ت ُ ْع ِـر ُ‬ ‫كَالـز َواجِ ِب ِبك ٍْـر قُبُولُ َها ُ‬
‫سكُـوتٌ‬

‫عــن ال َقـبُـو ِل ْ‬
‫أو يَـ ْعــد َِال‬ ‫ِ‬ ‫ـوع‬
‫الر ُج ِ‬
‫ِب ُّ‬ ‫وإن منَ ُحوا القَا ِب ِل ِخيَ َ‬
‫ار ال َمجْ ــ ِل ِس‬ ‫ْ‬

‫ص ِرفَا عـ ْنه إلَــــــى‬ ‫م َع ت َ َ‬


‫طابُقُ ِه َما ولَ ْم َي ْن َ‬ ‫ِبش َْر ِط القَبُو ِل واالي َج ُ‬
‫اب قـائِما ً‬

‫ص َّح َما دا َما بِال َمجْ ِل ِس َما لَ ْم يـ ْن َ‬


‫ش ِغــــَل‬ ‫َ‬ ‫أن ت َ َرا َخى القَبُو ُل ع َِن إي َجـا ٍ‬
‫ب‬ ‫ْ‬

‫ْـَل ِن والـ ِع ْلـ ُم بِـ ِه انـجــــَل‬


‫إِعْـ َمـا ُل الع َ‬ ‫سلُّ ٌم‪ِ ،‬ع ْل ٌم بِ ِه‬
‫إرسا ٌل‪ ،‬ت َ َ‬
‫إعَْل ٌن‪ْ ،‬‬

‫ُم َم ِي ٌز ُمد ِْركٌ ِل َم ْعنَى َما قِي َل َلهُ َوتَقَــــ َّو َال‬ ‫ير ع َْن َ‬
‫غ ْي ِر ِه‬ ‫سي ٌ‬
‫ط نَاقِ ٌل للت ْع ِب ِ‬ ‫َو ِ‬

‫‪ ...‬يتبع‬
‫الصفحة ‪205 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬
‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫تحت املطر(قصة قصيرة)‬


‫بقلم عبد العلي اشرنان‬

‫كنت عائدا إلى املنزل بعد يوم احتراق كامل‪ ،‬اعني احتراق الذات من الداخل‪ ،‬ال ش يء ُيسمع في األفق‬
‫سوى صوت الرعد الذي يزمجر بعنف ‪،‬ووميض البرق الذي يكاد يخطف األبصار وبضعة نسوة من بادية فحص‬
‫طنجة‪ ،‬وقد انزوين إلى داخل حافلة طنجيس املهترئة‪ً ،‬‬
‫إتقاءا على ما يبدو من زخات املطر الكثيف‪ ،‬وحدي ظللت‬
‫سائرا غير عابئ بش يء‪ُ ،‬تهدهدني قطرات املطر متسربة إلى بدني النحيل‪ ،‬خلت معها نفس ي طفال شقيا يلعب مع‬
‫الطبيعة لعبة الوضوح ‪...‬‬
‫طقطقة حذائي على حاشية الطريق أيقظتني من نشوتي البريئة ‪،‬فقد كنت مبتال وتسرب املاء إلى‬
‫قميص ي ‪ ،‬إنه حمام مجاني تكفلت به الطبيعة األم‪ .‬لكني لم أهتم لألمر ولم اكترث له ‪.‬‬
‫بعض الفضولين اهتموا لحالي‪ ،‬بثرثرتهم الرديئة اكثر من اهتمامي بنفس ي ‪:‬‬
‫‪ -‬مسكين فازك ‪ (...‬أي مبتل)‪...‬‬
‫علق أخر‬
‫‪-‬أحمق‪ ،‬وملاذا ال يلوذ بسقيفة كغيره من الناس ؟ هل يحسب نفسه بطال؟‬

‫مع نفس ي لم أشاء أن أكون مزيفا ألني أكره املزيفين ‪،‬فأنا ال زالت اعتبر نفس ي طفال بلحية نبتث تقليدا‬
‫للكبار أكثر مما هي لحية طبيعية ‪ ،‬أردت أن أتبث يوما اني رجل غير أن هذا الرجل الذي يكمن في لحيتي الصغيرة‬
‫كان يحب اللعب تحت املطر غير عابئ بصرخات التحذير والتوبيخ‪ ،‬ألنه ببساطة كان رجال بمالمح طفل يعمل في‬
‫بيع الخضار تحت املطر ‪...‬وحراسة السيارات تحت املطر ‪...‬وحمل حقائب املسافرين تحت املطر ‪ ...‬اللعنة ال أريد‬
‫تذكر املاض ي البئيس !‬
‫لكن هذا هو الرجل الذي كنت أريد إحياءه داخل نفس ي بعد أن رأيت قطرات املطر وهي تنهمر بغزارة‬
‫على جسدي ‪.‬‬
‫ال بأس أن تتذكر املاض ي ُ‬
‫بحلكته الليلية وبؤسه لكي تتعلم العض بال إراقة الدماء ‪،‬وهل جربتم العض‬
‫بال دماء ؟‬

‫الصفحة ‪206 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬وإن لم تكن لكم أسنان ؟ ستنبث لكم مخالب وأنياب ‪...‬ال أدري املهم أنكم ستتقنون العض بال إراقة‬
‫الدماء وستصبحون مصاص ي دماء من الدرجة األولى ‪.‬‬
‫وكأن السماء أبت في ذاك اليوم الكئيب أن تتوقف عن قذفنا نحن سكان األرض بسيول من املطر‬
‫الجارف ‪ ،‬الذي مأل الطرق وشل حركة السير وغمر األزقة واألحياء‪ ،‬وتحولت السيارات إلى لعب أطفال طافية‬
‫على السطح تلعب بها السيول الجارفة‪ ،‬وتتقاذفها يمنة و يسرى‪ .‬و في جميع االتجاهات ‪،‬وشاهدت عالمات‬
‫الخوف وقد ارتسمت على الوجوه وسمعت شيخا يقول‪:‬‬
‫إنها عالمة من عالمات الساعة ‪ ،‬هللا سيبتليكم بمزيد من الكوارث واملصائب ‪...‬‬
‫ويرد عليه األخر بعتاب واضح‪:‬‬
‫‪ -‬ملا تقول هذا الكالم ؟ أألنك على مشارف حفلة الوادع ‪...‬؟‬
‫وأخرون يلقون بتذمرهم على البالوعات املفتوحة واملجاري املسدودة التي عجزت عن استيعاب املياه‬
‫املنهمرة بغزارة ‪...‬‬
‫وكنت رغم أمرات املوت التي بدت معامله تطاردني‪ ،‬غير مكترث أو مهتم وهممت بعبور إحدى الشوارع‬
‫معتبرا نفس ي في عداد األموات وقد قلت في خلدي ‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬أنا ميت منذ أن وجدت في هذا البلد ‪...‬ماذا سأخسر ؟ هل لدي أمالك أو مصانع ؟ أنا وحيد اال من‬
‫بطاقة الهوية ‪...‬‬
‫وبعد خطوات قليلة اجتزت الشارع الذي امتألت جنباته باملارة الهاربين من خطر البالوعات املفتوحة‬
‫إلي ألني بدوت لهم مغامرا حقيقيا أو الوحيد الذي تحدى خطر‬ ‫والسيول الجارفة ‪،‬بينما وقف أخرون مشدوهين ّ‬
‫السيول الجارفة ‪،‬وبدوري وقفت متعجبا من مشهد احد املشردين وهو يفترش األرض املبتلة و يضحك ملنظر‬
‫الهاربين من املوت ‪ ،‬ويقول بسخرية ممزوجة باأللم " أيها األموات الى أين املفر ؟ " ‪.‬‬
‫وفي قرارة نفس ي فرحت ألني وجدت من سيشاركني موتي املجازي ‪ ،‬و قرفي ويأس ي من الحياة واقتربت‬
‫منه قليال ‪.‬غير أن أحد املارة كان يشير إلي بحركة من يديه تعني‬
‫‪ -‬أنه مجنون ؟‬
‫وأضفت متسائال بسخرية ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل أبدوا لك عاقال ؟ املجانين يعرفون بعضهم بعضا ‪...‬‬

‫الصفحة ‪207 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫املح ـ ـورالخام ــس ‪:‬‬


‫اجتهادات قضائي ــة‬
‫ومستجدات قانوني ــة وتنظيمي ــة‬

‫الصفحة ‪208 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫‪ -‬أول ‪ :‬الجتهادات القضائية ‪:‬‬

‫أضحى االجتهاد القضائي في املغرب يفرض نفسه يوما بعد يوما‪ ،‬كرافد من روافد تفسير‬
‫القاعدة القانونية‪ ،‬وتقديم التنزيل الصحيح لها‪ ،‬وبغض النظر عن السجال الفقهي الذي عرفه‬
‫تكييف االجتهاد القضائي من حيث اعتباره مصدر من مصادر القانون من عدمه‪ ،‬فإن االجتهاد‬
‫القضائي املغربي – خاصة منه املتخصص – قد أبان عن علو كعبه في تنزيل مجموعة من النصوص‬
‫القانونية ومواكبة التطور االجتماعي واالقتصادي الذي يعرفه املجتمع املغربي‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫أفض ى إلى إيجاد مجموعة من الحلول الواقعية في مختلف الخصومات القضائية املعروضة على‬
‫أنظار املحاكم‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن مجلة الدارة القضائية تعتبر هذا املحور الخامس‪ ،‬من أهم املحاور التي يعول‬
‫عليها في تنوير مختلف الفاعلين بمنظومة العدالة‪ ،‬واستجالء الغموض الذي قد يكتنف بعض‬
‫النصوص القانونية أو االلتباس الذي قد يعتريها عند التنزيل‪ ،‬كما أن هذا املحور من شأنه تنوير‬
‫الرأي العام الوطني من الناحية القانونية حول بعض الوقائع التي تستشكل عليهم‪ ،‬وتمكينه من‬
‫توسيع مداركه القانونية والحاطة املثلى بمختلف املظاهر االجتماعية واالقتصادية في إطار توفير‬
‫املعلومة القانونية أو ما بات يعرف باملساعدة القانونية بمفهومها الواسع ولو قبل ظهور املنازعات‬
‫والخصومات القضائية‪.‬‬
‫وقد اعتمدت املجلة من أجل هيكلة طريقة معالجة هذه االجتهادات على طريقة جديدة‬
‫تقوم على التقديم لالجتهاد القضائي بإعطاء صورة مختصرة عن املوضوع الذي يطرحه قبل عرض‬
‫هذا األخير من خالل التوجه القضائي في املوضوع‪ ،‬على أمل أن تحقق هذه الطريقة الجديدة الغاية‬
‫املثلى منها في تقريب القارئ من االجتهادات القضائية وفهمها وتحليلها أكثر قبل الوصول إلى درجة‬
‫التعليق عليها‪.‬‬

‫الصفحة ‪209 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫امل ــادة املدني ـ ــة‬


‫القاعدة ‪ :‬استحقاق الجنين بعد وفاة والده إثرحادثة سيرالتعويض والحق في النفقة‬

‫املرجع ‪ :‬قرارمحكمة النقض عدد ‪ 10/1318‬بتاريخ ‪09‬يونيو ‪ 2022‬في امللف الجنحي عدد ‪2021/10/6/21982-83‬‬

‫تثير واقعة استحقاق الجنين للتعويض عن وفاة والده بالرغم من أن الوفاة كانت ملا كان‬
‫الجنين في بطن أمه‪ ،‬وأنه لم ير النور إال بعد ‪ 7‬أشهر من تاريخ حادثة السير التي أودت بحياة والده‪،‬‬
‫حيث تقدمت زوجة الهالك بمقال إصالحي تم بموجبه إدخال البن بعد ازدياده في الدعوى لثبوت‬
‫صفته ومصلحته في استحقاق التعويض طبقا ألحكام املادة ‪ 4‬من ظهير ‪ 02‬أكتوبر ‪ ،1984‬وهو األمر‬
‫الذي لم تستجب له محكمة االستئناف بآكادير‪ ،‬حيث اعتبرت أن ازدياد البن بعد الوفاة وليس‬
‫قبلها أو في تاريخها ال يخوله الصفة واملصلحة الستحقاق التعويض‪ ،‬وهو ما تمت إثارته من قبل ذوي‬
‫حقوق الهالك أمام محكمة النقض في الوسيلة الثانية‪ ،‬واستجابت له محكمة النقض واعتبرت أن‬
‫محكمة االستئناف بآكادير قد عللت قرارها تعليال فاسدا مما يتعين نقضه‪ ،‬حيث جاء في جواب‬
‫محكمة النقض على الوسيلة الثانية ما يلي ‪:‬‬

‫" حيث إنه طبقا ملقتضيات املادة الرابعة من ظهير ‪ 02‬أكتوبر ‪ 1984‬إذا نتج عن الصابة‬
‫وفاة املصاب استحق من كانت تجب عليه نفقتهم وفقا لنظام أحواله الشخصية وكذا لك شخص‬
‫آخر كان يعوله تعويضا عما فقدوه من موارد عيشهم بسبب وفاته ولزوج املصاب املتوفى وأصوله‬
‫وفروعه من الدرجة األولى وحدهم الحق في التعويض عما أصابهم من ألم من جراء وفاته‪ ،‬وملا كان‬
‫الثابت من وثائق امللف ومن ملحق رسم الراثة عدد‪ .....‬صحيفة ‪ .......‬بتاريخ ‪ 2019/09/25‬ومن‬
‫النسخة املوجزة لرسم الوالدة رقم ‪ .......‬لسنة ‪ 2019‬املسجل بمكتب الحالة املدنية ‪.........‬بتارودانت‬
‫أن الضحية الهالك ‪ ........‬توفي بسبب حادثة السير الواقعة بتاريخ ‪ 2018/11/22‬وترك زوجته حامال‬
‫وازداد البن ‪ .........‬بتاريخ ‪ 2019/06/16‬أي قبل فوات أقص ى مدة الحمل املحدد في املادة ‪ 154‬من‬
‫مدونة األسرة في سنة كاملة من تاريخ وفاة الهالك‪ ،‬أي أنه ازداد من صلب الهالك‪ ،‬وأن الطاعنين‬

‫الصفحة ‪210 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫تقدموا بعد والدة البن املذكور بمقال إصالحي تم بموجبه إدخاله في الدعوى وأنه بثبوث نسب‬
‫البن لوالده الهالك تكون معه املصلحة الواقع املساس بها شرعية‪ ،‬وهي حق البن في النفقة والتي‬
‫ينصرف مفهومها إلى ما يحتاجه الجنين في طبن أمخ ويستمر إلى بعد والدته‪ ،‬كما أن الطفل تصيبه‬
‫أضرار شخصية جراء وفاة والده‪ ،‬حتى ولو كان ميالده في تاريخ الحق للفعل الذي توفي بسببه األب‬
‫ً‬
‫وقت أن كان الطفل حمال مستكنا‪ ،‬ويمتد إلى الضرر الذي يصيبه بعد والدته حيا وثبوت أهلية‬
‫الوجوب كاملة له‪ ،‬واملحكمة املصدرة للقرار املطعون فيه ملا اعتبرت أن البن القاصر ال يستحق أي‬
‫تعويض ألنه ولد بعد وفاة والده ولعدم ازدياده حيا وقت الوفاة لم تجعل ملا قضت به أساسا من‬
‫القانون وعللت قرارها تعليال فاسدا مما يتعين نقضه"‪.‬‬

‫وقد سبق ملحكمة النقض أن نحت نفس التوجه في قرار سابق لها عدد ‪ 5-561‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 2013/11/19‬في امللف رقم ‪ 2013/5/1/1391‬عندما فسرت مفهوم االنفاق على أنه يتعدى‬
‫األكل والشرب إلى ما يحتاجه الجنين في بطن أمه وأن كل مصاريف العناية التي يحتاجه الجنين هي‬
‫أيضا نفقة كغيرها‪ ،‬مما يصرفة الضحية على حاجيات ابنائه املزدادين قبل وفاته املخول لهم‬
‫التعويض طبقا ألحكام الفصل الرابع املشار إليه أعاله‪.‬‬

‫كما أنه سبق ملحكمة النقض الفرنسية في قرار مدني حديث لها للغرفة املدنية الثانية عدد‬
‫‪ 16-26-687‬بتاريخ ‪ 14‬دجنبر ‪ 2017‬أن اعترفت بحق للجنين بمجرد ازدياده في الحصول على‬
‫تعويض عن ضرر املعنوي لفقدان والده الذي توفي اثر حادثة شغل لم يره ‪ ،‬حيث أدت الحادثة إلى‬
‫حرمانه النهائي من التمتع بحماية وعطف ووجود االب‪ ،‬وحددت التعويض في مبلغ ‪ 25.000‬اورو‪،‬‬
‫والبد من الشارة إلى أن الشركة املشغلة ومؤمنتها كانا قد دفعا بعدم إمكانية هذا التعويض لكونه‬
‫تعويض عن ضرر غير محقق ويبقى محتمال وقت الحادثة‪ ،‬ومما جاء في حيثيات قرار محكمة‬
‫النقض الفرنسية بمناسبة جوابها على الوسيلتين ما يلي ‪:‬‬
‫‪…..Mais attendu que, dès sa naissance, l'enfant peut demander réparation du préjudice‬‬
‫‪résultant du décès accidentel de son père survenu alors qu'il était conçu; qu'ayant estimé que‬‬
‫‪Zachary C... souffrait de l'absence définitive de son père décédé dans l'accident du [...], la cour‬‬
‫‪d'appel a caractérisé l'existence d'un préjudice moral ainsi que le lien de causalité entre le décès‬‬
‫; ‪accidentel de Abdallah C... et ce préjudice‬‬

‫‪D'où il suit que le moyen n'est pas fondé".‬‬

‫الصفحة ‪211 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫القاعدة ‪ :‬التمييزبين مرض املوت والدفع بحالة املوت‬

‫املرجع ‪ :‬قرارمحكمة النقض عدد ‪ 440‬بتاريخ ‪ 27‬يوليوز ‪ 2021‬في امللف املدني عدد ‪2019/1/1/8181‬‬

‫يميز هذا القرار بين مرض املوت والدفع بحالة املوت‪ ،‬وهي حالتان مختلفتان تماما‪ ،‬حيث‬
‫إن املرض املخوف الذي تبرره حالة املريض الخطيرة والتي تؤدي غالبا إلى موته ال تكفي لوحدها من‬
‫أجل طلب إبطال التصرفات بل البد من اقترانها كما تنص على ذلك مقتضيات الفصل ‪ 479‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع بالغبن واملحاباة ونميز فيها بين ما إذا كانت هذه التصرفات لصالح أحد الورثة حيث ال تصح‬
‫إال إذا أقرها باقي الورقة(‪ ،)1‬وبين ما إذا كانت لصالح الغير حيث تصح في حدود الثلث من تركته بعد‬
‫سداد ديونه ومصروفاته(‪)2‬‬

‫في حين أن حالة املوت تعني الحالة التي تؤثر على إدراك الشخص الذي قام بالتصرف‬
‫وتمييزه‪ ،‬وال عالقة لها بمرض املوت‪ ،‬حيث أكد القرار على أنه متى كان الشخص مدركا عاقال ومميزا‬
‫لتصرفاته ولو في هذه الحالة تقع هذه األخيرة صحيحة ومتى اقترنت حالة املوت بعيب من عيوب‬
‫الرض ى التي تفقد الشخص الدراك والتمييز وتنقص من أهليته وقعت تصرفاته باطلة‪.‬‬

‫وفيما يلي جواب محكمة النقض وتمييزها الذي أتت به بين مرض املوت وحالة املوت ‪:‬‬

‫" حيث صح ما عابه الطاعن على القرار املطعون فيه‪ ،‬ذلك أنه بتأييده الحكم االبتدائي‬
‫يكون بذلك قد تبنى علله ةأسبابه التي جاء فيها بأن "الشهادة الطبية املدلى بها من طرف املدعى عليه‬
‫(ع‪.‬ش) ال تفيد أن موروثه كان مصابا بمرض خطير بمواصفات مرض املوت‪ ،‬بل تفيد فقط أنه كان‬
‫طريح الفراش ويعاني من بعض األمراض كنقص في السمع وألم في الصدر وضعف في البنية وارتفاع‬
‫الضغط‪ ،‬وهي أعراض مرضية ال ترقى إلى مرتبة مرض املوا‪ ،‬وأنه حتى الصاية بهذا النوع من املرض‬
‫على فرض تحققه ال يكفي وحده لبطال التصرفات‪ ،‬وإنما يجب أن يقترن بالغبن واملحاباة حسب‬
‫املنصوص عليه في الفصل ‪ 479‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وهو ما لم يثبته املدعى عليه"‪ ،‬دون‬

‫‪ - 1‬الفصل ‪ 344‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬


‫‪ - 2‬الفصل ‪ 345‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫الصفحة ‪212 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫مناقشة ما تمسك به الطاعن من كون والده البائع كان مصابات بمرض خطير يؤثر على إدراكه‬
‫وتمييزه وال يعي تصرفاته‪ ،‬وخاصة وأنه كان يبلغ من العمر ‪ 94‬سنة‪ ،‬وهي دفوع تتعلق بعيوب الرض ى‬
‫املؤدية إلى إبطال التصرفات‪ ،‬وال عالقة لها بالتوليج ومرض املوت وشروطه‪ ،‬األمر الذي يكون معه‬
‫بذلك القرار املطعون فيه ناقص التعليل املنزل منزلة انعدامه‪ ،‬مما عرضه للنقض والبطال"‪.‬‬

‫الصفحة ‪213 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫القاعدة ‪ :‬الختصاص في الدعاوى بين املالك املشتركين وشركة البناء‬


‫ينعقد للمحاكم البتدائية ول يتطلب إذنا بالتقاض ي‬

‫املرجع ‪ :‬قرارمحكمة النقض عدد ‪ 168‬بتاريخ ‪ 01‬مارس ‪ 2022‬في امللف املدني عدد ‪2019/2/1/9301‬‬

‫يتعلق موضوع هذا القرار بضمان عيوب بعمارتين تتجلى في شرخ كبير بينهما‪ ،‬وتواجد تربات‬
‫مائية بالواجهة الخلفية للعمارة ووجود انتفاخ غير عادي لتالقي العمارتين‪ ،‬وهي عيوب ناتجة عن‬
‫عقود بيع تمت بين مالك مشتركين في العمارتين وبين شركة عقارية متخصصة في البناء‪ ،‬حيث‬
‫دفعت هذه األخيرة بكون االختصاص ينعقد للمحكمة التجارية بمكناس لكون العقد تجاري ينظم‬
‫عملية تجارية‪ ،‬كما دفعت بكون الفصل ‪ 7‬من نظام امللكية املشتركة تلزم السنديك بالحصول على‬
‫إذن بالتقاض ي قبل مباشرة الدعوى‪ ،‬وانتهت الخصومة االبتدائية بحكم املحكمة االبتدائية‬
‫باختصاصها والحكم على الشركة صاحبة البناء بإصالح األضرار وفق ما جاء في تقرير الخبرة وأدائها‬
‫مبلغ ‪ 500‬ألف درهم كتعويض عن الضرر‪ ،‬وقد أيدت محكمة االستئناف بمكناس الحكم االبتدائي‬
‫مع تعديله بتخفيض مبلغ التعويض إلى ‪ 100‬ألف درهم‪.‬‬

‫وقد جاء في جواب محكمة النقض عن الفرع األول من الوسيلة ما يلي املتعلقة بعدم‬
‫االختصاص الذي يتعلق بالنظام العام حيث يمكن إثارته ألول مرة أمام محكمة النقض‪ ،‬ما يلي ‪:‬‬

‫" لكن‪ ،‬حيث إن موضوع الدعوى يتعلق بضمان العيب أساسه عقود البيع املبرمة مع‬
‫املالكين املشتركين في العمارة أعاله والذين توحدوا في الدعوى املرفوعة من طرف السنديك‪ ،‬وعقد‬
‫البيع ليس من العقود التجارية كما ورد التنصيص عليها بمدونة التجارة‪ ،‬مما يجعل االختصاص‬
‫منعقدا للمحكمة االبتدائية ورد املحكمة للدفع سليم‪ ،‬ويبقى ما أثير غير جدير باالعتبار"‬

‫وبغض النظر عن كون عقد البيع ال يندرج ضمن العقود التجارية املنصوص عليها في‬
‫الفصول ‪ 334‬إلى ‪ 544‬من مدونة التجارة‪ ،‬فإن التوجه الذي دأبت عليه محكمة النقض وسايرتها في‬
‫ذلك املحاكم التجارية باملغرب بالنسبة للعقود املختلطة التي يعتبر أحد طرفيها تاجرا واآلخر مدني‪،‬‬
‫أن الطرف املدني له الخيار بين أن يرفع دعواه أمام املحاكم االبتدائية أو املحاكم التجارية‪ ،‬في حين‬

‫الصفحة ‪214 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫أن الطرف التاجر ال يمكنه رفع دعواه في العقد املختلط إال امام املحكمة االبتدائية‪ ،‬ما لم يكن‬
‫هناك اتفاق مسبق بين الطرفين على إسناد االختصاص للمحاكم التجارية وفق ما نصت على ذلك‬
‫الفقرة ما قبل األخير من املادة الخامسة من قانون إحداث املحاكم التجارية رقم ‪.)1( 53.95‬‬

‫وهو التوجه الذي أكدته محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء وسارت عليه باقي‬
‫املحاكم التجارية في قرار لها بتاريخ ‪ 19‬غشت ‪ 1999‬عدد ‪ 99/1232‬في امللف ‪ 1999/13/1515‬جاء‬
‫فيه ‪" :‬حيث إنه باالطالع على أوراق امللف اتضح للمحكمة على أن العالقة الكرائية تربط بين طرف‬
‫مدني (املدعى عليه) وطرف تاجر (املدعي ‪:‬الطاعنة)‪ ،‬وبالتالي فإن العقد املبرم في هذا الطار عقد‬
‫مختلط‪ ،‬وال يوجد بامللف ما يفيد االتفاق بشأن إسناد االختصاص للمحكمة التجارية للبت في حالة‬
‫قيام نزاع‪ ،‬وبالتالي فرئيس املحكمة التجارية غير مختص للبت في الطلب‪ ،‬ويبقى االختصاص منعقدا‬
‫لرئيس املحكمة االبتدائية بالدار البيضاء"‪.‬‬

‫كما جاء في حيثيات قرار لها غير منشور عدد ‪ 421‬بتاريخ ‪ 23‬يناير ‪ 2017‬في امللف عدد‬
‫‪ 2016/8227/6520‬بأنه ‪ " :‬وحيث إنه من املقرر فقها وقضاء أن الختصاص النوعي للمحكمة‬
‫يتحدد إنطالقا من املركز القانوني للطرف املدعى عليه ‪ ،‬وأن الطرف املدني له الحق في مقاضاة‬
‫الطرف التاجر أمام املحكمة املدنية أو التجارية‪ ،‬مما يكون معه بذلك الطرف املستأنف عليه‬
‫بمقاضاته الطرف املستأنف الذي يكتسب صفة تاجر وفق ما تم بيانه أعاله في املرحلة البتدائية‬
‫أمام املحكمة التجارية قد مارس حق الخيار املمنوح لها قانونا‪،‬وأنه وفضال على ذلك فإن موضوع‬
‫الدعوى يتعلق بإدعاء ضرر ناتج عن عقد نقل والذي يعتبر عقدا تجاريا بطبيعته ينعقد إختصاص‬
‫البث فيه للمحاكم التجارية بصريح املادة الخامسة من القانون املحدث لها"‪.‬‬
‫وبخصوص جواب محكمة النقض عن الفرع الثاني من الوسيلة األولى واملتعلق بكون الفصل ‪ 7‬من‬
‫نظام امللكية املشتركة الذي ينظم العالقة بين املالك املشتركين واتحاد املالك يستلزم حصول السنديك على إذن‬
‫بالتقاض ي‪ ،‬فقد كان جواب محكمة النقض ما يلي ‪:‬‬

‫"لكن‪ ،‬حيث إن القانون رقم ‪ 18.00‬املتعلقة بنظام امللكية املشتركة للعقارات املبنية كما وقع تعديله‬
‫بالقانون رقم ‪ 106.12‬ليس فيه ما يلزم وكيل االتحاد بالحصول على الذن للترافع أمام القضاء‪ ،‬وما ورد من‬
‫تنصيص في نظام امللكية املشتركة من أن الجمع العام يتولى منح إذن لتقاض ي وكيل االتحاد هو كما اورده القرار‬

‫‪ - 1‬جاء في الفقرة ما قبل األخيرة من المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪ 53.95‬القاضي بإحداث المحاكم التجارية بالمغرب ما يلي ‪:‬‬
‫"يمكن االتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد االختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر"‪.‬‬

‫الصفحة ‪215 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫املطعون فيه بتعليله‪ ،‬إنما يعني املالكين املشتركين‪ ،‬وهو ما اعتمدته املحكمة لرد الدفع‪ ،‬وهو تعليل سليم‪،‬‬
‫باعتبار نظام امللكية املشتركة هو اتفاق بين املالكين املشتركين ينظم العالقة فيما بينهم في تدبير امللك املشترك‪،‬‬
‫والطاعنة باعتبارها أجنبية ليس لها التمسك بما تضمنه‪ ،‬وما أثير غير جدير باالعتبار"‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد وجب التمييز جيدا بين القانون املنظم للملكية املشتركة للعقارات املبنية رقم ‪18.00‬‬
‫كما وقع تعديله بالقانون رقم ‪ ،106.12‬والذي ال يتضمن بين مقتضياته أي تقييد لحق وكيل اتحاد املالك‬
‫املشتركين في التقاض ي نبابة عن هؤالء في األجزاء املشتركة للعمارة أو للمجموعة السكنية‪ ،‬وبين نظام امللكية‬
‫املشتركة الذي يوضع لدى املحافظة العقارية التابع لها العقار‪ ،‬والذي يكون إما من إعداد املقاولة التي شيدتها‪،‬‬
‫أو يتم إيداعه لدى املحافظة العقارية من قبل املالكين املشتركين حيث يعتمد عليه السيد املحافظ في استخراج‬
‫الرسوم العقارية الجزئية‪ ،‬وتحديد األجزاء املفرزة واألخرى غير املفرزة بناء على امللف التقني الذي يوضع لدى‬
‫مصلحة املسح الطبوغرافي أو لدى السلطات الدارية املختصة في إطار إنشاء اتحاد للمالك وفق أحكام الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.58.376‬الصادر في ‪ 15‬نونبر ‪ 1958‬واملتعلق بالحق في تأسيس الجمعيات‪.‬‬

‫وسواء تعلق األمر بنظام امللكية املشتركة املودع لدى املحافظة العقارية أو القانون األساس ي التحاد‬
‫املالك املشتركين املودع لدى السلطات املختصة‪ ،‬واملسلم بموجبه وصل نهائي يضفي الصفة القانونية على وكيل‬
‫اتحاد املالك ونائبه‪ ،‬والذي يخوله الحق في التقاض ي نيابة عن املالك املشتركين‪ ،‬فإن هذين الصيغتين من‬
‫االتفاق ال تعبر إال عن إرادة املالك املشتركين وال يمكن االحتجاج بها إال على بعضهم البعض‪ ،‬دون األغيار الذين‬
‫يبقون خاضعين في عالقتهم مع اتحاد املالك للقانون املنظم وللقواعد العامة‪.‬‬

‫الصفحة ‪216 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫امل ــادة التجاري ـ ــة‬


‫القاعدة ‪ :‬أجل المهال القضائي املنصوص عليه في املادة ‪ 149‬من القانون رقم ‪31.08‬‬
‫املتعلق بحماية املستهلك أقصاه سنتين بين الدفعة األخيرة واألجل األصلي املحدد لتسديد‬
‫القرض‬

‫املرجع ‪ :‬قرارمحكمة النقض عدد ‪ 384‬بتاريخ ‪ 2021/06/09‬في امللف التجاري عدد ‪2020/1/3/1221‬‬

‫يتعلق هذا القرار بالمهال القضائي الذي نصت عليه املادة ‪ 149‬من القانون رقم ‪31.08‬‬
‫املتعلق بتحديد تدابير لحماية املستهلك‪ ،‬حيث يمكن في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية‬
‫غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات املدين بأمر من رئيس املحكمة املختصة‪ .‬ويمكن أن يقرر في‬
‫األمر على أن املبالغ املستحقة ال تترتب عليها فائدة طيلة مدة املهلة القضائية‪ ،‬وتحدد كيفيات أداء‬
‫املبالغ املستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ ‪ ،‬دون أن تتجاوز الدفعة األخيرة األجل األصلي املقرر‬
‫لتسديد القرض بأكثر من سنتين‪ .‬غير أن له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد املذكورة إلى حين‬
‫انتهاء أجل وقف التنفيذ‪.‬‬

‫والذي يفهم من خالل مقتضيات هذه املادة أن أجل توقيف تنفيذ التزامات املدين يمتد إلى‬
‫حين ارتفاع السبب املوجب للتوقيف‪ ،‬وهو ما سارت عليه املحكمة التجارية بالدار البيضاء في أمرها‬
‫االستعجالي وأيدته محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء بقرارها الذي تعرض للنقض‬
‫بمقتض ى القرار املشار إلى مراجعه أعاله‪ ،‬حيث اعتبر األمر االستعجالي والقرار االستئنافي أن توقيف‬
‫األجير الذي حصل من الدائنة على قرض القتناء شقة وقرض استهالكي عن العمل بشكل تعسفي‬
‫من طرف مشغلته وحصوله على حكم اجتماعي لصالحه‪ ،‬يعتبر سببا موجبا ليقاف التزامه بأداء‬
‫ٌ‬
‫اساط القرضين وعدم ترتيبهما للفوائد القانونية طبلة مدة المهال القضائي‪.‬‬

‫إال أن الخالف الذي حسم فيه قرار محكمة النقض أعاله‪ ،‬كان حول مدة توقيف سريان‬

‫الصفحة ‪217 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫عقدي القرض‪ ،‬هل هي مدة السنتين املشار إليها في املادة ‪ 149‬من القانون رقم ‪31.08‬؟ أم أن املدة‬
‫تمتد إلى حين تنفيذ املدين (األجير) لحكم االجتماعي بالتعويض عن الطرد التعسفي أو إثبات انتهاء‬
‫عطالته عن العمل‪ ،‬حيث سار األمر االستعجالي والقرار االستئنافي في االتجاه الثاني‪ ،‬ولم يقيد‬
‫املدين (األجير) باحترام التزاماته بانقضاء مدة معينة يمكن أن تمتد إلى ما ال نهاية‪ ،‬وهو أمر غير‬
‫يقيني إذ يمكن أن ال يتم تنفيذ الحكم االجتماعي ألي سبب من األسباب كما أنه من املمكن أن ال‬
‫يتيسر لألجير الحصول على عمل الحقا‪ ،‬أو ال يتسير للبنك الدائن معرفة ذلك‪.‬‬

‫وقد عللت محكمة النقض قرارها بكون أجل وقف التنفيذ املحدد في سنتين ال يمكن أن‬
‫يمتد إلى حين زوال السبب الذي على أساسه منح المهال القضائي‪ ،‬بل إن الذي يستسف من نص‬
‫املادة ‪ 149‬أن وقف تنفيذ التزامات املدين يجب أن يحدد له أجل معين أقصاه سنتين بين الدفعة‬
‫األخيرة السابقة للتوقف واألجل األصلي لتسديد القرض‪ ،‬ومحكمة االستئناف التجارية املصدرة‬
‫للقرار املطعون فيه التي اعتبرت أن أجل وقف التنفيذ يمتد إلى حين زوال السبب الذي على أساسه‬
‫منه المهال القضائي ونسبت ذلك للمادة ‪ 149‬املذكورة أعاله مع أنها ال تقول بذلك‪ ،‬تكون قد خرقتها‬
‫وعرضت قرارها للنقض‪.‬‬

‫إذن من خالل هذا القرار‪ ،‬يمكن أن نعتبر أن مهلة االمهال القضائي املنصوص عليه في‬
‫املادة ‪ 149‬من القانون رقم ‪ 31.08‬املتعلق بحماية املستهلك ال يمكن أن تتعدى بأي حال من األحوال‬
‫‪ 24‬شهر (سنتين) من تاريخ صدور االمر االستعجالي القاض ي بذلك‪ ،‬وال يمكن فتح هذا األجل إلى ما‬
‫ال نهاية وربطه بتحقق يسر املدين‪ ،‬وهو اتجاه سليم يراعي من جهة التيسير على املدين الذي قد‬
‫تتغير وضعيته املادية بكيفية تجعله غير قادر على تسديد ديونه‪ ،‬كما أنه يراعي من جهة أخرى‬
‫مصالح الدائن الذي منح القرض وحدد له سقف زمني الستخالصه‪.‬‬

‫والبد من الشارة في هذا الباب إلى أن التعديل الذي طال املادة ‪ 202‬من القانون رقم ‪31.08‬‬
‫بمقتض ى القانون رقم ‪ ،)1(78.20‬حيث أصبح االختصاص القضائي النوعي ينعقد حصريا للمحكمة‬
‫االبتدائية في حال نزاع بين املورد واملستهلك‪ ،‬ورغم وجود أي شرط مخالف‪ ،‬وهو ما يفيد رفع يد‬
‫رؤساء املحاكم التجارية عن البت في مثل هذا النوع من الطلبات لصالح رؤساء املحاكم االبتدائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬تم تغيير وتتميم المادة ‪ - 202‬بمقتضى المادة األولى من القانون رقم ‪ 78.20‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.20.85‬‬
‫بتاريخ ‪ 25‬من ربيع اآلخر ‪ 11( 1442‬دجنبر ‪)2020‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 6945‬بتاريخ ‪ 6‬جمادى األولى ‪21( 1442‬‬
‫ديسمبر ‪،)2020‬ص ‪. 8465 :‬‬

‫الصفحة ‪218 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫القاعدة ‪ :‬عدم تعيين مفوض قضائي لتبليغ املقال أمام املحكمة التجارية يكون جزائه‬
‫عدم قبول الدعوى بعد إشعاراملحكمة للطالب بضرورة تعيينه ملفوض قضائي‬

‫املرجع ‪ :‬قرارمحكمة النقض عدد ‪ 3/600‬بتاريخ ‪ 2019/11/27‬في امللف التجاري عدد ‪2019/3/3/1820‬‬

‫تتلخص وقائع هذه النازلة في أن تاجرا قد تم استصدار أمر باألداء ضده ألداء مبلغ دين‬
‫مترتب عن كمبيالة‪ ،‬وأنه تقدم بتعرضه أمام املحكمة التجارية بآكادير للمنازعة في األمر‪ ،‬وأن هذه‬
‫األخيرة وقبل أن تنظر في املوضوع أشعرته بضرورة تعيين مفوض قضائي لتبليغ تعرضه طبقا ألحكام‬
‫الفصل ‪ 22‬من القانون رقم ‪ 81.03‬املنظم ملهنة املفوضيين القضائيين وتبعا ألحكام الفصل ‪ 15‬من‬
‫قانون إحداث املحاكم التجارية رقم ‪ ،53.95‬إال أنه لم يستجب لشعار املحكمة‪ ،‬مما قادها إلى‬
‫الحكم بعدم قبول الطلب‪ ،‬فاستأنف الحكم وقضت محكمة االستئناف التجارية بمراكش بتأييد‬
‫الحكم االبتدائي‪ ،‬ثم قدم طلبه بالنقض حيث رأت محكمة النقض أن القرار االستئنافي لم يخرق‬
‫املقتضيات القانونية املنظمة للتبليغ أمام املحاكم التجارية وأنه جاء معلال بما يكفي ومبنيا على‬
‫أساس وجعلت الوسيلة على غير أساس‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى املادة ‪ 22‬من القانون رقم ‪ 81.03‬املنظم ملهنة املفوضين القضائيين نجده ينص‬
‫على أنه ‪ ":‬يتعين على األطراف أو نوابهم أن يبينوا في الطلب اسم املفوض القضائي املختار‪.‬‬
‫يضع املفوض القضائي املختار طابعه وتوقيعه ومحل إقامته في أعلى الصفحة األولى من‬
‫الطلب أو يسلم للمعني باألمر إشهادا بالتزامه بالقيام بالجراء املطلوب"‪.‬‬
‫وعلى الرغم من صيغة الوجوب التي وردت بها الفقرة األولى من املادة ‪ 22‬املشار إليها أعاله‬
‫"يتعين"‪ ،‬إضافة إلى أنها وردت بصيغة املضارع التي تفيد االلزام‪ ،‬فإن الفقرة األولى أو الثانية من‬
‫ذات املادة لم ترتب أي جزاء على عدم تعيين مفوض قضائي لتبليغ مقال التعرض‪ ،‬وهو ما تمسك به‬
‫املتعرض في املرحلة االبتدائية واملرحلة االستئنافية وحتى أمام محكمة النقض‪ ،‬حيث اعتبر أنه يبقى‬
‫من حق األطراف سلوك أي وسيلة أخرى منصوص عليها في الفصل ‪ 37‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وأن ترتيب أثر‬
‫عدم القبول على عدم تعيين مفوض قضائي يجعل القرار املطعون فيه مخالفا للقانون ومنعدم‬
‫التعليل‪ ،‬ويتعين بسبب ذلك التصريح بنقضه‪.‬‬

‫الصفحة ‪219 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫لكن طالب النقض‪ ،‬لم يثر في وسيلته ما دفعت به محكمة االستئناف التجارية بمراكش من‬
‫كون الفصل ‪ 15‬من قانون إحداث املحاكم التجارية رقم ‪ 53.95‬قد أوجب هو األخر وبصيغة‬
‫الوجوب التبليغ أمام املحاكم التجارية عن طريق مفوض قضائي كقاعدة عامة‪ ،‬ما لم تأمر املحكمة‬
‫بتوجيه الستدعاء بالطرق املنصوص عليها في الفصول ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬حيث جاء في‬
‫الفصل ‪ 15‬ما يلي ‪ ":‬يوجـه االستدعاء بواسطة عون قضـائي وفقـا ألحكام القـانون رقم ‪41.80‬‬
‫بإحـداث هيئة لألعوان القضائيين وتنظيمها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.80.440‬بتاريخ‬
‫‪ 71‬من صفر ‪ 25( 1401‬ديسمبر ‪ 1)1980‬ما لم تقرر املحكمة توجيه االستدعاء بالطرق املنصوص‬
‫عليها في الفصول ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬من قانون املسطرة املدنية"‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فالقاعدة العامة في التبليغ أمام املحاكم التجارية هي التبليغ بواسطة مفوض قضائي‪،‬‬
‫واالستثناء أن تأمر املحكمة بالتبليغ وفق التراتبية املنصوص عليها في الفصول ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وهو ما لم يلتزم به الطالب‪ ،‬بالضافة إلى كون إشعار املحكمة له بضرورة تعيين مفوض‬
‫قضائي لتبليغ تعرضه‪ ،‬يجعل حكمها بعدم قبول الطلب‪ -‬بعد عدم استجابة املعني باألمر لهذا‬
‫الشعار‪ -‬مبنيا على أساس‪.‬‬

‫‪ - 1‬تم نسخ مقتضيات القانون المذكور بالمادة ‪ 58‬من القانون رقم ‪ 81-03‬بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.23‬بتاريخ ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ ،)2006‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5400 :‬بتاريخ فاتح صفر‬
‫‪ 2 ( 1427‬مارس ‪ ،)2006‬ص ‪.559 :‬‬

‫الصفحة ‪220 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫القاعدة ‪ :‬إدانة مديرالشركة جنحيا بفعل جرمي من أجل إصدارشيك بدون رصيد خاص‬
‫بالشركة ل يعني مقاضاته شخصيا بأداء قيمة الشيك بل يتعين مقاضاة الشركة مصدرة الشيك‬
‫كشخص اعتباري‬
‫املرجع ‪ :‬قرارمحكمة النقض عدد ‪ 620‬بتاريخ ‪ 2005/06/01‬في امللف التجاري عدد ‪2005/2/3/40‬‬

‫تتلخص وقائع هذه النازلة في أنه سبق ملسير الشركة أ‪.‬ق أن سلم أحد املتعاملين معها‬
‫شيكين بنكيين تحت عدد ‪ 4987458‬و‪ 4987459‬يحمل كل واحد منهما مبلغ ‪ 11000‬درهم أي ما‬
‫مجموعه ‪ 22000‬درهم مسحوبين بتاريخ ‪ 1999/10/30‬و‪ 1999/11/30‬على البنك الشعبي بوجدة‬
‫بقيا بدون أداء لعدم وجود الرصيد في حساب الشركة‪ ،‬وان املسير أدين أمام املحكمة الجنحية‬
‫ابتدائيا واستئنافيا بجنحة إصدار شيك بدون رصيد‪ ،‬ملتمسا الحكم عليه باملبلغ أعاله‪ ،‬فأجاب‬
‫املدعى عليه بأنه كان على املدعى أن يقدم دعواه ضد الشركة ملتمسا رفض الطلب‪ ،‬وبعد تمام‬
‫الجراءات أصدرت املحكمة حكما قض ى على املدعى عليه بأدائه للمدعى مبلغ ‪ 22000‬درهم مع‬
‫الصائر والجبار في األدنى ورفض باقي الطلبات‪ ،‬استأنفه الطاعن وبعد جواب املستأنف عليه وتمام‬
‫الجراءات أيدته محكمة االستئناف بقرارها املطلوب نقضه‪ ،‬إال أن محكمة النقض قضت بنقض‬
‫القرار املطعون فيه‪ ،‬وإحالة القضية على نفس املحكمة للبت فيه من جديد بهيئة أخرى طبقا‬
‫للقانون وبتحميل املطلوب في النقض الصائر‪ ،‬على اعتبار أن محكمة االستئناف ملا ثبت لها أن‬
‫الطالب ممثال للشركة فقط‪ ،‬وعلى هذا األساس توبع وأدين من أجل ما نسب إليه ومع ذلك قضت‬
‫عليه بأداء قيمة الشيك بصفة شخصية‪،‬تكون قد أساءت التعليل املوازي النعدامه وعرضت قرارها‬
‫للنقض‪.‬‬

‫ويثير هذا القرار مبدين هامين من مبادئ قانون الشركات وهما مبدأ انفصال ذمة الشريك‬
‫عن ذمة الشركة ‪ ،‬ومبدأ املسؤولية الجنائية للشخص املعنوي التي يتحملها ممثله القانوني بصفته‬
‫مسير لها في حدود تصرفاته باسمها‪ ،‬ويقض ي املبدأ األول وفق القواعد العامة أن الشريك ولو كان‬
‫مسيرا ال يسأل إال في حدود مساهمته في الشركة‪ ،‬ما لم يكتس ي تصرفه أحد األفعال املعاقب عليها‬
‫بمقتض ى املادة ‪ 373‬وما يليها من قانون شركات املساهمة رقم ‪ 17.95‬كما تم تتميمه وتغييره‪ ،‬أو‬

‫الصفحة ‪221 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫األفعال املعاقب عليها بمقتض ى املادة ‪ 100‬من القانون رقم ‪ 5.96‬وما يليها ما تم تتميمه وتغييره‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي يستتبع أداء الشركة في نازلة الحال ملبلغ الشيكين الذين رجعا بدون مؤونة وعدم مساءلة‬
‫املسير عن مبلغ الشيكين شخصيا‪.‬‬

‫أما بخصوص املسؤولية الجنائية للمسير الذي وقع الشيك املتعلق بالشركة دون التأكد‬
‫من توفر املؤونة‪ ،‬فتقوم على قاعدة توفر القصد الجنائي العام املتمثل في سوء النية بعلم الساحب‬
‫بعدم وجود الرصيد‪ ،‬دون القصد الجنائي الخاص املرتبط بنية إحداث الضرر‪ ،‬ويقوم القصد‬
‫الجنائي العام في هذه الحالة على قاعدة أن الشركة ال تتمتع بالرادة املوجهة للقصد‪ ،‬وإنما يتصرف‬
‫باسمها الشخص الذاتي (املسير) الذي اتجهت إرادته إلى ارتكاب الفعل املوجب لقيام جريمة إصدار‬
‫شيك بدون مؤونة وللعقوبة عنه‪ ،‬دون نية إحداث الضرر‪.‬‬

‫الصفحة ‪222 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫القاعدة ‪ :‬التشطيب على السجل التجاري يستدعي رفض رئيس كتابة الضبط لهذا التشطيب قبل‬
‫اللجوء إلى رئيس املحكمة‬

‫املرجع ‪ :‬أمررقم‪ 2022/5775 :‬بتاريخ ‪ 2022/11/ 9‬في امللف ‪ ،2022/8101/ 5788‬غيرمنشور‬

‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتلخص وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائع ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه النازل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أن ورث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الهال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ‪ ......‬تق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدموا بمق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال‬
‫يعرضـ ـ ـ ـ ــون فيـ ـ ـ ـ ــه انهـ ـ ـ ـ ــم يملكـ ـ ـ ـ ــون علـ ـ ـ ـ ــى الشـ ـ ـ ـ ــياع العقـ ـ ـ ـ ــار موضـ ـ ـ ـ ــوع الرسـ ـ ـ ـ ــم العقـ ـ ـ ـ ــاري عـ ـ ـ ـ ــدد ‪:‬‬
‫‪ .................‬يوج ـ ـ ـ ـ ــد ب ـ ـ ـ ـ ــه مح ـ ـ ـ ـ ــل تجـ ـ ـ ـ ـ ــاري الك ـ ـ ـ ـ ــائن بـ ـ ـ ـ ـ ــالرقم ‪ 32-30‬زنق ـ ـ ـ ـ ــة ‪ ........‬الدارالبيضـ ـ ـ ـ ـ ــاء‪،‬‬
‫وانه ـ ـ ـ ـ ـ ــم اك ـ ـ ـ ـ ـ ــروا املح ـ ـ ـ ـ ـ ــل امل ـ ـ ـ ـ ـ ــذكور للم ـ ـ ـ ـ ـ ــدعى عليه ـ ـ ـ ـ ـ ــا وان ـ ـ ـ ـ ـ ــه ت ـ ـ ـ ـ ـ ــم فسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ العق ـ ـ ـ ـ ـ ــدة بت ـ ـ ـ ـ ـ ــاريخ‬
‫‪ ، 2022/7/28‬حيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث التزمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت املكتريـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة بالتشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطيب علـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوانهم داخـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل اجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ‪15‬‬
‫يومـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــن ت ـ ـ ـ ـاريخ الفس ـ ـ ـ ـ اال انهـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ــم تقـ ـ ـ ــم بـ ـ ـ ــذلك‪ ،‬ملتمس ـ ـ ـ ـين ألجلـ ـ ـ ــه الحكـ ـ ـ ــم بالتشـ ـ ـ ــطيب‬
‫علـ ـ ـ ـ ــى عنـ ـ ـ ـ ــوانهم مـ ـ ـ ـ ــن السـ ـ ـ ـ ــجل التجـ ـ ـ ـ ــاري العائـ ـ ـ ـ ــد للمـ ـ ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ــع شـ ـ ـ ـ ــمول هـ ـ ـ ـ ــذا االمـ ـ ـ ـ ــر‬
‫بالنفاذ املعجل وتحميل املطلوبة في االجراء الصائر‪.‬‬
‫وق ـ ـ ـ ـ ـ ــد ت ـ ـ ـ ـ ـ ــم الحك ـ ـ ـ ـ ـ ــم بع ـ ـ ـ ـ ـ ــدم قب ـ ـ ـ ـ ـ ــول الطل ـ ـ ـ ـ ـ ــب ل ـ ـ ـ ـ ـ ـثالث عل ـ ـ ـ ـ ـ ـل أساس ـ ـ ـ ـ ـ ــية ‪ :‬األول ـ ـ ـ ـ ـ ــى ان‬
‫الط ـ ـ ـ ــرف امل ـ ـ ـ ــدعي ل ـ ـ ـ ــم ي ـ ـ ـ ــدخل ف ـ ـ ـ ــي مقال ـ ـ ـ ــه رئ ـ ـ ـ ــيس مص ـ ـ ـ ــلحة الس ـ ـ ـ ــجل التج ـ ـ ـ ــاري املعني ـ ـ ـ ــة بطل ـ ـ ـ ــب‬
‫التشـ ـ ـ ــطيب حتـ ـ ـ ــى يتسـ ـ ـ ــنى لـ ـ ـ ــه إبـ ـ ـ ــداء وجهـ ـ ـ ــة نظـ ـ ـ ــره حـ ـ ـ ــول التشـ ـ ـ ــطيب‪ ،‬والثانيـ ـ ـ ــة أنـ ـ ـ ــه لـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ــدل‬
‫بم ـ ـ ـ ــا يفي ـ ـ ـ ــد كون ـ ـ ـ ـه لج ـ ـ ـ ــأ للمص ـ ـ ـ ــلحة االنف ـ ـ ـ ــة ال ـ ـ ـ ــذكر وقوب ـ ـ ـ ــل طلب ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ــالرفض واالس ـ ـ ـ ــباب الت ـ ـ ـ ـي‬
‫اس ـ ـ ـ ــس عليه ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ــرفض‪ ،‬باعتب ـ ـ ـ ــار ان اللج ـ ـ ـ ــوء ال ـ ـ ـ ــى القض ـ ـ ـ ــاء يقتضـ ـ ـ ـ ـ ى وج ـ ـ ـ ــود نـ ـ ـ ـ ـزاع‪ ،‬والثالث ـ ـ ـ ــة‬
‫كـ ـ ـ ـ ــون الطـ ـ ـ ـ ــالبين اكتفـ ـ ـ ـ ــوا بـ ـ ـ ـ ــاالدالء بالسـ ـ ـ ـ ــجل التجـ ـ ـ ـ ــاري للمطلوبـ ـ ـ ـ ــة فـ ـ ـ ـ ــي االج ـ ـ ـ ـ ـراء ولـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ــدلوا‬
‫بنسـ ـ ـ ــخة محينـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ــن السـ ـ ـ ــجل تمكـ ـ ـ ــن مـ ـ ـ ــن ا لوقـ ـ ـ ــوف علـ ـ ـ ــى وضـ ـ ـ ــعية الشـ ـ ـ ــركة الراهنـ ـ ـ ــة قصـ ـ ـ ــد‬
‫ترتيب االثر القانوني االزم‪.‬‬

‫الصفحة ‪223 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫القاعدة ‪ :‬للمقترض الحق في تسلم عقود القرض الذي يربطه باملقرض‬

‫املرجع ‪ :‬أمراستعجالي رقم‪ 2022/5771 :‬بتاريخ ‪ 2022/11/ 9‬في امللف رقم‪ 2022/8101/ 5015:‬غيرمنشور‬

‫تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتلخص وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائع النازلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أن املدعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدمت بواسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطة نائبهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بمقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال‬
‫اس ـ ـ ــتعجالي تعـ ـ ـ ــرض فيـ ـ ـ ــه انه ـ ـ ــا مختص ـ ـ ــة ف ـ ـ ــي كـ ـ ـ ـراء الس ـ ـ ــيارات وهـ ـ ـ ـي زبون ـ ـ ــة ل ـ ـ ــدى امل ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ــا‬
‫تتعام ـ ـ ـ ـ ــل معه ـ ـ ـ ـ ــا من ـ ـ ـ ـ ــذ س ـ ـ ـ ـ ــنة ‪ ،2011‬وان ـ ـ ـ ـ ــه ف ـ ـ ـ ـ ــي س ـ ـ ـ ـ ــنة ‪2020‬وبع ـ ـ ـ ـ ــد جائح ـ ـ ـ ـ ــة كرون ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ــدأت‬
‫العارض ـ ـ ـ ـ ـ ــة تالح ـ ـ ـ ـ ـ ــظ مجموع ـ ـ ـ ـ ـ ــة م ـ ـ ـ ـ ـ ــن الخروق ـ ـ ـ ـ ـ ــات م ـ ـ ـ ـ ـ ــن جان ـ ـ ـ ـ ـ ــب امل ـ ـ ـ ـ ـ ــدعى عليه ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ ،‬ذل ـ ـ ـ ـ ـ ــك ان‬
‫العارضـ ـ ـ ـ ـ ــة اقتنـ ـ ـ ـ ـ ــت ‪ 18‬سـ ـ ـ ـ ـ ــيارة عـ ـ ـ ـ ـ ــن طريـ ـ ـ ـ ـ ــق البيـ ـ ـ ـ ـ ــع باملصـ ـ ـ ـ ـ ــارفة‪ ،‬اذ ان املـ ـ ـ ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫تحتـ ـ ـ ـ ــرم بنـ ـ ـ ـ ــود العقـ ـ ـ ـ ــد بخصـ ـ ـ ـ ــوص السـ ـ ـ ـ ــيارات التـ ـ ـ ـ ــي حصـ ـ ـ ـ ــلت منهـ ـ ـ ـ ــا علـ ـ ـ ـ ــى عقـ ـ ـ ـ ــد رفـ ـ ـ ـ ــع اليـ ـ ـ ـ ــد‬
‫والت ـ ـ ـ ــي وص ـ ـ ـ ــل ع ـ ـ ـ ــددها ال ـ ـ ـ ــى ‪ 11‬س ـ ـ ـ ــياراة‪ ،‬كم ـ ـ ـ ــا ان امل ـ ـ ـ ــدعى عليه ـ ـ ـ ــا ض ـ ـ ـ ــاعفت املبل ـ ـ ـ ــغ الواج ـ ـ ـ ــب‬
‫ادائـ ـ ـ ـ ــه حيـ ـ ـ ـ ــث تقـ ـ ـ ـ ــدمت العارضـ ـ ـ ـ ــة بـ ـ ـ ـ ــدعوى امـ ـ ـ ـ ــام محكمـ ـ ـ ـ ــة املوضـ ـ ـ ـ ــوع حـ ـ ـ ـ ــول الس ـ ـ ـ ـ ــيارات ‪7‬‬
‫التـ ـ ـ ـ ـ ــي الزالـ ـ ـ ـ ـ ــت العارضـ ـ ـ ـ ـ ــة تـ ـ ـ ـ ـ ــؤدي اقسـ ـ ـ ـ ـ ــاطها حـ ـ ـ ـ ـ ــول املبـ ـ ـ ـ ـ ــالغ الغيـ ـ ـ ـ ـ ــر املسـ ـ ـ ـ ـ ــتحقة ذلـ ـ ـ ـ ـ ــك ان‬
‫العارضـ ـ ـ ــة سـ ـ ـ ــبق ان راسـ ـ ـ ــلت املـ ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــن اجـ ـ ـ ــل تسـ ـ ـ ــليمها نس ـ ـ ـ ـ مـ ـ ـ ــن عقـ ـ ـ ــود االئتمـ ـ ـ ــان‬
‫االيج ـ ـ ـ ـ ــاري ال ـ ـ ـ ـ ــذي يربطه ـ ـ ـ ـ ــا به ـ ـ ـ ـ ــا لك ـ ـ ـ ـ ــن دون ج ـ ـ ـ ـ ــدوى‪ ،‬والتمس ـ ـ ـ ـ ــت ألج ـ ـ ـ ـ ــل ذل ـ ـ ـ ـ ــك أم ـ ـ ـ ـ ــر امل ـ ـ ـ ـ ــدعى‬
‫عليها بتمكينها من نس عقود االئتمان االيجاري‪.‬‬
‫وقد جاء في تعليل األمر االستعجالي ما يلي ‪ ":‬حيث ان البين من ظاهر وثائق امللف املشار‬
‫اليها اعاله‪ ،‬والصادر بعضها عن املطلوبة في االجراء ان هناك رابطة تعاقدية تربط بين الطرفين‬
‫تتعلق بتمويل شراء سيارات لفائدة الطالبة ‪-‬عقود ائتمان ايجاري‪ -‬وربطا بطبيعة النشاط التجاري‬
‫الذي تمارسه املطلوبة في االجراء‬
‫وحيث ان ابرام عقود مع الطالبة او الغير يقتض ى من الشركة املقرضة ان تسلم املقرض‬
‫نسخا من العقود التي ابرمتها معها حتى تكون على بينة من االلتزامات التي تقع على عاتقها وذلك‬
‫وفق مايفرض القانون وقانون حماية املستهلك خالفا ملا اثير من طرف املطلوبة‪.‬‬

‫الصفحة ‪224 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬
‫وحيث بذلك اضحى تدخل قاض ي االمور املستعجلة امرا واجبا وذلك قصد الزام املطلوبة‬
‫بتسليم الطالبة نسخا من العقود التي ابرمتها معها ‪.‬‬
‫لذلك أمر رئيس املحكمة التجارية بالدار البيضاءاملدعى عليها بتسليم املدعية نسخا من‬
‫عقود االئتمان التي ابرمتها معها والتي تحمل األرقام ‪.............. :‬‬

‫الصفحة ‪225 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫القاعدة ‪ :‬املادة ‪ 30‬من قانون املحاماة اعطت للمحامي صالحية منح رفع يد عن الحجوزنيابة عن‬
‫موكله دون حاجة الى وكالة خاصة‬

‫املرجع ‪ :‬أمررقم‪ 2022/ :‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر‪ 2022‬ملف رقم‪ 2022/8107/ 5896:‬غيرمنشور‬

‫تتلخص وقائع النازلة في أن املدعي تقدم بواسطة نائبه بمقال يعرض فيه أن املطلوبة‬
‫استصدرت امرا قضائيا عن رئاسة املحكمة التجارية بالدارالبيضاء بتاريخ ‪ 2014/12/16‬موضوع‬
‫امللف رقم ‪ 2014/4/...........:‬قض ى باجراء حجز تحفظي على سيارتها رقم ‪-54‬ا‪ .........-‬وانه ابرم عقد‬
‫صلح مع املستفيد من الحجز وحصل على رفع يد من نائبه ملتمسا ألجله رفع الحجز الواقع على‬
‫سيارته املذكورة مع شمول هذا االمر بالنفاذ املعجل وتحميل املطلوبة في االجراء الصائر‪.‬‬
‫حيث بنى األمر الرئاس ي رفع الحجز على السيارة الواقع بمقتض ى االمر الصادر عن رئاسة‬
‫هذه املحكمة بتاريخ‪ 2014/12/16‬موضوع امللف رقم‪ 2014/4/......:‬لوقوع صلح مع البنك املستفيد‬
‫من الحجز‪ ،‬مع أمر رئيس مصلحة تسجيل السيارات باسفي بتنفيذ مقتضيات هذا االمر والتشطيب‬
‫على الحجز على سيارة املدعي على الحيثيات التالية ‪:‬‬
‫"حيث ان البين من ظاهر وثائق امللف ان الطالب قد حصل عن رفع يد عن الحجز الذي‬
‫سبق ان اوقعته املطلوبة في االجراء صادر عن نائبها؛‬
‫وحيث ان املادة ‪ 30‬من قانون املحاماة اعطت للمحامي صالحية اعطاء رفع يد عن الحجوز‬
‫نيابة عن موكله دون حاجة الى وكالة خاصة؛‬
‫وحيث مادام ان الطالب قد حصل عن رفع يد من املستفيد من الحجز اضحى طلبه‬
‫الرامي الى رفع الحجز عن سيارته مؤسسا ووجب االستجابة له"‪.‬‬

‫الصفحة ‪226 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬املستجدات القانونية ‪:‬‬


‫عرف النصف األول من سنة ‪ 2023‬صدور العديد من القوانين التي رأت النور ونشرت‬
‫بالجريدة الرسمية والتي لها ارتباط وثيق بمجال الدارة القضائية‪ ،‬حيث إن املجلة ارتأت من باب‬
‫إطالع قرائها عليها‪ ،‬أن تضعهم في صلب التوجهات الجديدة للمشرع املغربي‪ ،‬غايتها في ذلك تحيين‬
‫املعلومة القانونية وبسط القواعد القانونية الجديدة‪ ،‬خاصة تلك املرتبطة بمجال الدارة‬
‫القضائية‪.‬‬
‫ويأتي على رأس هذه القوانين التعديل الذي طال القانون التنظيمي للمجلس األعلى‬
‫للسلطة القضائية رقم ‪ 100.13‬بواسطة القانون التنظيمي رقم ‪ ،13.22‬والتعديل الذي طال‬
‫القانون التنظيمي املتعلق بالنظام األساس ي للقضاة رقم ‪ 106.13‬بواسطة القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ ،14.22‬واللذين صدر بشأنها على التوالي الظهير شريف رقم ‪ 1.23.36‬صادر في ‪ 23‬من شعبان ‪1444‬‬
‫) ‪ 16‬مارس ‪ ،)2023‬والظهير الشريف رقم ‪ 1.23.37‬صادر في ‪ 23‬من شعبان ‪16) 1444‬مارس‬
‫‪ ،2023‬ونشرا بالجريدة الرسمية عدد ‪ 7180 :‬بفاتح رمضان ‪ 1444‬املوافق ‪ 23‬مارس ‪،2023‬‬
‫الصفحة ‪ 3205 :‬وما يليها ‪:‬‬

‫الصفحة ‪227 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪228 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪229 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪230 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪231 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪232 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪233 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪234 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬املستجدات التنظيمية ‪:‬‬

‫شملت املستجدات التنظيمية املرتبطة بمجال الدارة القضائية صدور العديد من‬
‫الدوريات واملناشير والقرارات التي تهدف إلى حسن تدبير وتنظيم هذه األخيرة‪ ،‬وإلى التنزيل السليم‬
‫للعديد من املقتضيات القانونية خاصة منها قانون التنظيم القضائي رقم ‪ ،38.15‬وعلى رأسها دورية‬
‫السيد الرئيس املنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية رقم ‪ ،2022/52‬وقرار السيد وزير العدل‬
‫بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم أقسام ومصالح الدارة املركزية وزارة العدل‪ ،‬واالستدراك الذي‬
‫عرفه هذا القرار‪ ،‬واملراسيم األربعة املتعلقة بتبسيط الجراءات لواملساطر القضائية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫مرسوم الصفقات العمومية لسنة ‪ ،2023‬ومرسوم السيد رئيس الحكومة املتعلق بالرخص ألسباب‬
‫صحية ورخص الوالدة‪ ،‬ومرسوم خدمات الثقة بشأن املعامالت االلكترونية‪ ،‬وأخيرا الدورية املشتركة‬
‫بين السيد الرئيس املنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية والسيد رئيس النيابة العامة حول‬
‫إحداث لجان مشتركة للتتبع وضعية االعتقال االحتياطي‪.‬‬
‫وفي ظل هذا الزخم التنظيمي الكثير الذي عرفه األسدس األول من سنة ‪ ،2023‬فإن مجلة‬
‫الدارة القضائية سوف تقتصر على نشر أهمها الذي لن يشغل حيزا كبيرا من حجم املجلة على أن‬
‫تحيل القارئ بخصوص الباقي على مصادرها‪ ،‬وهي على التوالي ‪:‬‬
‫‪ -‬التقريرين السنويين للمجلس األعلى للسلطة القضائية عن سنتي ‪ 2020‬و‪،2021‬‬
‫ملرفوعين إلى حضرة صاحب الجاللة امللك محمد السادس رئيس املجلس األعلى للسلطة القضائية‪،‬‬
‫واملنشورين بالجريدة الرسمية عدد ‪ 7165‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 9‬رجب ‪ 31(1444‬يناير ‪ ،)2023‬ص‪694 :‬؛‬
‫‪ -‬مرسوم الصفقات العمومية رقم ‪ 2.22.431‬صادر في ‪ 15‬من شعبان ‪ 8 ( 1444‬مارس‬
‫‪ ،)2023‬واملنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،7176‬بتاريخ ‪ 16‬شعبان ‪ 09(1444‬مارس ‪ ،)2023‬ص‪:‬‬
‫‪2861‬؛‬
‫‪ -‬منشور رئيس الحكومة الخاص بالرخص لسباب صحية ورخص الوالدة رقم ‪2023/08‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 26‬شوال ‪ 1444‬املوافق ل ‪ 17‬ماي ‪ 2023‬املوجه للسادة الوزراء املعنيين بالقطاعات‬
‫الحكومية؛‬

‫الصفحة ‪235 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪236 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪237 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪238 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪239 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪240 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪241 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪242 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪243 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪244 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪245 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪246 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪247 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪248 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪249 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪250 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪251 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪252 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪253 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪254 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪255 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪256 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪257 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪258 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪259 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪260 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪261 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪262 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪263 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪264 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪265 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪266 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪267 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪268 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪269 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪270 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪271 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪272 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪273 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪274 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪275 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪276 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪277 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪278 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪279 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪280 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪281 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪282 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪283 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪284 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪285 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪286 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪287 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪288 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪289 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪290 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪291 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪292 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪293 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪294 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪295 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪296 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪297 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪298 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪299 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪300 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪301 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪302 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪303 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪304 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪305 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪306 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪307 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪308 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪309 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪310 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪311 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪312 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪313 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪314 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪315 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪316 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪317 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪318 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪319 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪320 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪321 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪322 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪323 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪324 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪325 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪326 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪327 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪328 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪329 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪330 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪331 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪332 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪333 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪334 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة الدارة القضائية‬

‫الصفحة ‪335 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫خاتمـ ــة الع ــدد‬

‫"وقالوا الحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا هللا"‪ ،‬هي آية محكمة من‬
‫سورة األعراف‪ ،‬رقم ‪ ،43 :‬وإن كانت تصف املؤمنين الصالحين عند دخلوهم الجنة ورؤيتهم ملكارم‬
‫هللا عز وجل‪ ،‬ورحمته بهم بأن صرف عنهم عذاب جهنم‪ ،‬إال أنها يمكن أن تنطبق على الثناء والحمد‬
‫الواجب هلل عز وجل بأن ألهمنا وسددنا إلى إخراج هذا العدد األول من مجلة اإلدارة القضائية‪ ،‬والتي‬
‫كانت حلما راود العديد من املنتسبين لإلدارة القضائية بمفهومها الجديد من موظفي كتابة الضبط‬
‫وقضاة األحكام وقضاة النيابة العامة‪ ،‬وبمفهومها الواسع من السادة املحامون واملفوضون‬
‫القضائيون والخبراء والعدول والتراجمة‪ ،‬وجميع من يساهم في تدبير إدارة املحاكم سواء بطريقة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬

‫وأملنا كبير في أن يجد هذا العدد األول صداه وبعده القانوني وإشعاعه الفكري القانوني‬
‫واالقتصادي واالجتماعي لدى فئة واسعة من املمارسين والباحثين والطلبة واملهتمين بالشأن‬
‫القانوني والقضائي‪ ،‬وأن يشكل لبنة أولى إلعطاء االنطالقة الحقيقة لنهضة فكرية قانونية في جسم‬
‫اإلدارة القضائية املغربية‪ ،‬ويحفز العديد من املنتسبين إليها وفق التفصيل الوارد أعاله على البحث‬
‫العلمي والبذل والعطاء الفكري‪ ،‬ويشكل أرضية خصبة لتبادل التجارب وتناقح األفكار بين مجموعة‬
‫من املمارسات الفضلى لدى محاكم اململكة سواء تعلقت بمجال العمل القضائي وتدبيره اإلداري أو‬
‫بعمل هيئة كتابة الضبط املرتبط بمجال اإلدارة القضائية في شقها اإلداري واملالي‪.‬‬

‫كما أننا نغتنم كلمة اختتام هذا العدد للدعوة إلى دعم هذا املولود الجديد‪ ،‬وشد عوده‬
‫باملساهمة املكثفة من طرف املهتمين في العدد الثاني الذي من املرتقب أن يصدر في النصف الثاني‬
‫من سنة ‪ ،2023‬والذي نتمنى أن يكون ناجحا بإذن هللا‪ ،‬وهللا ولي التوفيق وهو الهادي إلى سبيل‬
‫الرشاد‪.‬‬

‫مدير املجلـ ــة‬

‫الدكتور الجياللي مكوط‬

‫الصفحة ‪336 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫فه ــرس الع ــدد‬


‫‪-‬كلمة العدد األول ‪3 ........................................................................................................................‬‬
‫‪ -‬محاورالعدد األول ‪6 .......................................................................................................................‬‬
‫املحوراألول ‪ :‬املقاالت القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪7 ...... .................. .................. .................. :‬‬

‫‪ -‬أعراف وتقاليد مهنة املحاماة في زمن اإلنترنيت ‪.....................................‬ذ الخاميس فاضيلي محام وباحث في قانون األعمال‪8 .................‬‬

‫‪ -‬نحو ترقية مسألة الهج ــرة الدولية وعوملـ ــتها ‪...........................................‬د لطيفة نجيبي دكتورة في القانون الدولي‪26 ................................‬‬
‫‪-‬املحورالثاني ‪ :‬مقاالت اإلدارة القضائية‪46 .................................................... .................. .................. :‬‬
‫‪ -‬رقمنة مساطرصعوبات املقاولة ‪:‬اآلفاق و التحديات‪ ..................‬د‪ /‬املهدي سالم قاض ي باملحكمة التجارية بالدارالبيضاء‪47 ......................‬‬

‫‪ -‬مركزاألرشيف في التشريع الجنائ ــي املغرب ــي‪ ..................‬ذ‪ /‬عمراملوريف‪،‬مديراملركزالجهوي للحفظ بمراكش التابع لوزارة العدل‪71 ............‬‬

‫‪ -‬اإلجراءات املسطريـ ــة في دعاوى الط ـ ـ ــالق والتطلي ــق ‪ ...........‬د الجياللي مكوط دكتورفي الحقوق‪ ،‬فرع قانون خاص‪102 ...............................‬‬
‫‪ -‬تصفية صوائراملساعدة القضائية في إطارنزاعات الشغل ‪ ........‬عبد العالي امسيس منتدب قضائي باملحكمة االبتدائية بأكادير‪162 ..........‬‬
‫‪-‬املحورالثالث ‪ :‬نافذة على الجامعة ‪180 ........................................................ .................. .................. :‬‬
‫بيداغوجية حول ّكليات الحقوق ‪.......‬ذ ّ‬
‫محمد بوشاوير‪ ،‬باحث بمركز الدكتوراه مختبرالدراسات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القانونية باملغرب ‪:‬طروحات‬ ‫‪ -‬العلوم‬
‫في التنمية السياسية الترابية وتحليل املخاطرابن زهر‪181 ............................................................ .................. .................. ....................‬‬
‫‪ -‬املحورالرابع ‪ :‬فسحة أدبية وشعرية ‪203 ..................................................... .................. .................. :‬‬
‫‪ -‬المية املدني‪ .........................................‬ألبو سامي عزيزندا علي باحث في الدراسات القانونية والقضائي ــة‪204 ........................................‬‬
‫‪ -‬تحت املطر(قصة قصيرة)‪ ..........................................‬بقلم عبد العلي اشرنان‪206 ................................................................................‬‬
‫‪ -‬املحورالخامس ‪ :‬اجتهادات قضائية ومستجدات قانونية وتنظيمية‪208 ..................................................‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬االجتهادات القضائية ‪209 ........................................................................................................................................................ :‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬املستجدات القانونية ‪227 .........................................................................................................................................................‬‬
‫‪ -‬تعديل القانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة القضائية رقم ‪ 100.13‬بواسطة القانون التنظيمي رقم ‪228...............................................................................................13.22‬‬
‫‪ -‬تعديل القانون التنظيمي املتعلق بالنظام األساس ي للقضاة رقم ‪ 106.13‬بواسطة القانون التنظيمي رقم ‪231 .................................................................................................14.22‬‬
‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬املستجدات التنظيمية ‪235 .................................................................................................................................................... .:‬‬
‫‪ -‬قرار وزير العدل بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم أقسام ومصالح اإلدارة املركزية لوزارة العدل‪236 ..........................................................................‬‬
‫‪ -‬استدراك بخصوص قرار وزير العدل املتعلقة بتحديد اختصاصات وتنظيم اإلدارة املركزيو لوزارة العدل ‪248..............................................................‬‬
‫‪ -‬دورية الرئيس املنتدب رقم ‪ 22/52‬حول تنزيل القانون رقم ‪ 38.15‬املتعلق بالتنظيم القضائي ‪249 ................................................................................‬‬

‫الصفحة ‪337 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫العدد األول‪ ،‬يونيو ‪2023‬‬ ‫مجلة اإلدارة القضائية‬

‫‪ -‬أربعة مراسيم تطبيق أحكام القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق بتبسيط املساطر وأإلجراءات اإلدارية ‪273 ............................................................................‬‬
‫‪ -‬دورية مشتركة بين املجلس األعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة عدد ‪ 2023/01‬حول إحداث لجان مشتركة لتتبع وضعية‬
‫االعتقال االحتياطي ‪331 .......................................................................................................................................................................................................‬‬
‫‪ -‬خاتمة العدد ‪336 ..............................................................................................................................................................................................................‬‬
‫‪ -‬ا لفهرس ‪337 .....................................................................................................................................................................................................................‬‬

‫الصفحة ‪338 :‬‬ ‫مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة‬


‫ﻘ‬‫ﺔ اﻹدارة اﻟ‬
‫ﻀﺎ‬
‫ﺠﻠ‬
‫ﺋﻴﺔ‬

‫ﻣ‬
‫‪REVU‬‬
‫‪I‬‬‫‪A‬‬‫‪IRE‬‬

‫‪E‬‬
‫‪IC‬‬

‫‪D'A‬‬ ‫‪D‬‬
‫‪DMI‬‬ ‫‪J‬‬‫‪U‬‬
‫‪NISTRTION‬‬

‫ردﻣﺪ ‪ISSN.......7661-2820 ..... :‬‬


‫اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻻﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ‪www.readjud.com :‬‬
‫اﻟﺒﺮﻳﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ‪revnaadju@gmail.com :‬‬
‫ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‬

You might also like