Professional Documents
Culture Documents
العدد الأول من مجلة الإدارة القضائية - 230610 - 184613
العدد الأول من مجلة الإدارة القضائية - 230610 - 184613
العدد الأول من مجلة الإدارة القضائية - 230610 - 184613
ﻀﺎ
ﺠﻠ
ﺋﻴﺔ
ﻣ
REVU
E
IAIR
ED
DIC
'AD
MINI JU
STRTION
ّ
ﻣﺠﻠﺔ إﻟﻜ��وﻧﻴﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ �ﻌ�� ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت
اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ واﻟﻔﻘهﻴﺔ واﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹدارة اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ
اﳌﺪﻳﺮاﳌﺴﺆول:
اﻟﺪﻛﺘﻮرا��ﻴﻼ�� ﻣﻜﻮط
هيئة التحرير
-الدكتور املهدي سالم -الدكتور سعبد عبد الرحمان بنخضرة
-الدكتور هشام الخصاص ي -الدكتور جواد الهروس؛
-الدكتورة لطيفة نجيبي -الدكتور ياسين هريدي؛
-األستاذ الخاميس الفاضلي -الدكتور الجياللي مكوط
-األستاذ عبد العالي امسيس -األستاذ عمر املوريف
-األستاذ عزيز ندا علي -األستاذ عمر بوشاوير
-األستاذ محمد الزكراوي -األستاذ عبد العالي أشرنان
اللجنة العلمية
-الدكتور محمد منير ثابت؛ -الدكتور عز الدين بنستي؛
-الدكتور محمد األزهر؛ -الدكتور محمد جوهر؛
-الدكتورة حليمة املغاري؛ -الدكتورة صباح بنقدور
-الدكتور عبد الرحمان سعيد بنخضرة؛ -الدكتور عبد املولى املسعيد؛
-الدكتور مصطفى الغشام الشعيبي؛ -الدكتور أبو بكر مهم؛
-الدكتور محمد جرموني؛ -الدكتور الطاكي روشام؛
-الدكتور هشام الخصاص ي -الدكتور جواد الهروس؛
-الدكتور عبد هللا شبوبة؛ -الدكتور محمد زنون؛
-األستاذ عمر املوريف؛ -األستاذ محمد حبيب؛
الحمد هلل والصالة والسالم على سيدنا محمد عليه أزكى الصالة والسالم.
لقد عرفت الساحة القانونية فراغا كبيرا في املجالت املتخصصة التي تعنى بتدبير املحاكم،
سواء اتخذ هذا التدبير شكله فيما هو قضائي أو فيما هو إداري ومالي ،وها هي ذي مجلة اإلدارة
القضائية ترفع تحدي مغامرة البحث في مجال اإلدارة القضائية وهي مغامرة لن تكون بالسهلة ،ألنها
بقدر ما ستلقى استحسانا من طرف العديد من املنتسبين لإلدارة القضائية ،بقدر ما سوف تلقى
انتقادا من طرف البعض اآلخر ،وهو أمر طبيعي ومطلوب ألن من شأنه املض ي قدما بهذا املولود
الجديد وتطويره وتطويعه والرقي به نحو األحسن.
ومما يزيد في إلحاحنا باملض ي قدما نحو تحقيق نجاح هذه التجربة أن اإلدارة القضائية
باملغرب قد عرفت تطورا ملحوظا خاصة بعد قراري املحكمة الدستورية :األول تحت عدد 991.13
بتاريخ 15مارس 2016املتعلق بالقانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة القضائية ،والثاني تحت
عدد 89/19بتاريخ 8فبراير 2019املتعلق بمشروع قانون التنظيم القضائي ،حيث كرس القراران
مفهوما جديدا لإلدارة القضائية ،يقوم في القرار األول على مبدأ التنسيق بين وزارة العدل واملجلس
األعلى للسلطة القضائية عن طريق الهيئة املشتركة على الصعيد العلوي ،وعلى إشراف املسؤولين
القضائيين واملسؤولين اإلداريين على املصالح اإلدارية واملالية للمحاكم ،واعتبر من تم إنشاء هيئة
مشتركة بين املكونين معا مطابقا للدستور في إقامة تنسيق بينهما قصد تحقيق غايات مشتركة ،في
حين اعتبر القرار رقم 89/19اإلدارة القضائية في عملها اإلداري واملالي مجاال مشترك بين السلطتين،
وأقر بأن تبعية اإلدارة القضائية في اختصاصاتها اإلدارية واملالية لوزارة العدل مشروطة ومحصورة
في التدبير والتسيير اإلداري واملالي ،أما العمل القضائي (الشأن القضائي) ،فهو غير قابل للتدبير
املشترك بل يبقى خاضعا لسلطة املسؤول القضائي سواء مارسه القضاة أو مارسه موظفو اإلدارة
القضائية.
والبد من اإلشارة في هذا الباب إلى أن التجارب املقارنة اختلفت في تحديد الجهة املقصودة
بتدبير اإلدارة القضائية بين ثالثة اتجاهات :
-االتجاه األول :يقول بحصر اختصاص تدبير اإلدارة القضائية بيد وزارة العدل في غياب
مجلس أعلى للسلطة القضائية ،ويعتبر أن وظيفة القاض ي هي البت في امللفات (بلغاريا ،فلندا) .
-االتجاه الثاني :يتمتع فيه املجلس األعلى للسلطة القضائية بصالحيات واسعة في مجال
تدبير الشأن القضائي (الوضعية الفردية للقضاة) ،وفي التدبير اإلداري واملالي والتقني للمحاكم ،مع
دور شبه منعدم لوزارة العدل (بلجيكا ،إسبانيا)
-االتجاه الثالث :يتبنى التدبير املشترك لإلدارة القضائية بين وزارة العدل واملجلس األعلى
للسلطة القضائية ،وتعتبر اإلدارة القضائية تدبيرا ملا هو قضائي وإداري ومالي (فرنسا ،الدانمارك،
هنغاريا ،هولندا ،السويد.)1()...
والذي يظهر أن املغرب قد سار من خالل القانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة
القضائية رقم 100.13وقانون التنظيم القضائي رقم ،38.15ومن خالل قراري املحكمة الدستورية
سالفي الذكر ،في اتجاه تبني النموذج الثالث ،والذي يقوم على مبدأ التعاون املشترك بين وزارة
العدل واملجلس األعلى للسلطة القضائية بخصوص تدبير اإلدارة القضائية في شقها اإلداري واملالي ،
سواء على املستوى العلوي (الهيئة املشتركة املنصوص عليها في املادة 54من القانون التنظيمي
للمجلس األعلى للسلطة القضائية ،م : 71مقابلة انتقاء املسؤولين القضائيين وضرورة تقديم
تصوراتهم حول كيفية النهوض بأعباء اإلدارة القضائية ،م : 72مراعاة تقارير وزير العدل حول أداء
املسؤولين القضائيين ،م : 110تقرير وزير العدل أمام املجلس األعلى حول سير وأداء اإلدارة
القضائية) ،أو على مستوى املحاكم (لجنة التنسيق املادة 24من قانون التنظيم القضائي رقم
،38.15لجنة بحث صعوبات سير العمل املادة 18من نفس القانون ،مكتب املحكمة املادة 26من
نفس القانون ،الجمعية العامة للمحكمة املادة 30من نفس القانون).
لذلك ،فإن من شأن املساهمات العلمية في هذه املجلة ،والتي سيكون لها طابع عملي أكثر منه
أكاديمي أن توسع النقاش وتستجلي الغموض الذي قد يكتنف مصطلح اإلدارة القضائية ،ويميط
اللثام عن مجموعة من التجادبات التي تعتريه ،ويحدد بشكل واضح الخيط الناظم بين املهام
القضائية واملهام الشبه قضائية واملهام اإلدارية واملهام املالية ،ولم ال املهام ذات الطابع االجتماعي
- 1الد كتور رشيد صدوق ،محام عام لدى محكمة النقض :اإلدارة القضائية ومبدأ استقالل القضاء في المغرب ،مجلة نبراس العدالة ،العدد األول ،السنة
،2016ص .46 :
التي بدأت تعرف طريقها إلى املحاكم بحكم التوظيف النوعي الذي عرفته لفئة املساعدات
واملساعدين االجتماعيين.
ومهما بلغت قيمة هذا العدد األول من مجلة اإلدارة القضائية ،فإنها تبقى بداية متواضعة
لعمل نتمنى أن يشتد عوده ويرقى باملساهمين فيها واملتتبعين لها إلى املستوى املطلوب ،بتكاثف جهود
جميع الفاعلين داخل منظومة العدالة وإسهامهم الجدي والفعال في مختلف محاورها.
نحو ترقية مسألة الهج ــرة الدولية وعوملـ ــتها ...............................د لطيفة نجيبي دكتورة في القانون الدولي
-املحورالثاني :مقاالت اإلدارة القضائية:
رقمنة مساطرصعوبات املقاولة :اآلفاق و التحديات ..................د /املهدي سالم قاض ي باملحكمة التجارية بالدار
البيضاء
مركزاألرشيف في التشريع الجنائ ــي املغرب ــي ..................ذ /عمراملوريف،مديراملركزالجهوي للحفظ بمراكش التابع
لوزارة العدل
اإلجراءات املسطريـ ــة في دعاوى الط ـ ـ ــالق والتطلي ــق ...........د الجياللي مكوط دكتورفي الحقوق ،فرع قانون خاص
تصفية صوائراملساعدة القضائية في إطارنزاعات الشغل ........عبد العالي امسيس منتدب قضائي باملحكمة
االبتدائية بأكادير
-املحورالثالث :نافذة على الجامعة :
بيداغوجية حول ّكليات الحقوق .......ذ ّ
محمد بوشاوير ،باحث بمركز الدكتوراه ّ ّ
القانونية باملغرب :طروحات العلوم
مختبرالدراسات في التنمية السياسية الترابية وتحليل املخاطرابن زهر
املحورالرابع :فسحة أدبية وشعرية :
المية املدني ....................................................................ألبو سامي عزيزندا علي باحث في الدراسات القانونية
والقضائي ــة
تحت املطر(قصة قصيرة) ................................................بقلم عبد العلي اشرنان
مقدمـة:
ً ً
لقد عرف العصر الحديث تطورا كبيرا في ميدان العلم واملعرفة ،وتجلى هذا التطور
بالخصوص في تقدم تكنولوجيا املعلومات ووسائط االتصال املتعددة ،وبروز ما يطلق عليه ثورة
تكنولوجيا املعلومات واإلتصال التي شملت كل جوانب الحياة املعاصرة علمية واقتصادية
واجتماعية وتعليمية وثقافية وقانونية ،وكانت هذه الثورة العنوان البارز للربع األخير من القرن
املاض ي وبدايات هذا القرن(.)1
كما شهدت اإلنترنت تطورا انفجاريا باعتبارها وسيلة للعالقات التجارية في جميع
الصناعات تقريبا واملهن ،وممارسة مهنة املحاماة ليست استثناء( ،)2ويقصد باإلنترنت تلك الجمعية
العاملية للحاسبات اآللية املرتبطة واملتصلة بشبكات داخلية تحمل البيانات وتسمح بتبادل
املعلومات( ،)3وبذلك فليس هنالك من يملك أو يحكم اإلنترنت(.)4
في دراسة قامت بها نقابة املحامين األمريكيين ( )ABAأوضحت فيها أن استخدام املحامين
( )1للمزيد من التوسع واإلطالع أنظر :أنور بدر أحمد :مقدمة في تكنولوجيا المعلومات وأساسيات استرجاع المعلومات ،دار الثقافة
العلمية ،اإلسكندرية ،2003 ،ص 9وما يليها.أبو بكر محمود الهوش :دراسات في نظم شبكات المعلومات ،مكتب عصمى للنشر
والتوزيع ،طرابلس ،ليبيا ،1996 ،ص 15وما يليها.محمود محمود عفيفي :التطورات الحديثة في تكنولوجيا المعلومات ،دار الثقافة
للنشر والتوزيع ،القاهرة ،1994 ،ص 9وما يليها.بيل جيتس :المعلوماتية بعد اإلنترنت ،ترجمة عبد السالم رضوان ،المجلس
الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت.1998 ،ص .7
-نيكوالس نيجروبونت :التكنولوجيا الرقمية :ثورة جديدة في نظم الحاسبات واالتصاالت ،ترجمة سمير ابراهيم شاهين ،مركز
األهرام للترجمة والنشر ،1998 ،ص 9 :وما يليها.
( 2)Daniel Backer, Choice of Law in Online Legal Ethics: Changing a Vague Standard for Attorney
Advertising on the Internet, 70 Fordham L. Rev. 2409 (2002). P : 2409-2410. Available at:
http://ir.lawnet.fordham.edu/flr/vol70/iss6/20
( )3محمد إبراهيم أبو الهيجاء :التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت ،دراسة مقارنة ،الناشر الدار العلمية الدولية ومكتبة دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ،ص.44 :
( )4هذه الشبكة بكل ما تحتويه من علوم وفن وثقافة واقتصاد وتاريخ وقانون ،هاهي تنادينا لنجوب في ارجائها ملتمسين العلم
والمعرفة لتنير العالم للباحثين ،ولتروي المسافرين الباحثين عن المعلومة ،والباحث عبر هذه الشبكة ال بد له من أيجني من ثمارها
ما يسد رمقه وما يعينه على إتمام مسيرة العلم والعلياء .أنظر :محمد إبراهيم أبو الهيجاء :التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت ،م.س،
ص.46 :
لوسائل اإلعالم اإلجتماعية آخذة في اإلرتفاع ،إذ مكنت التكنولوجيا املحامين من التواصل مع
بعضهم البعض ،كما مكنت الجمهور من معرفة املعلومات الالزمة عن املحامين( ،)1األمر الذي
يتطلب إعادة النظر في القواعد األخالقية التقليدية وآليات تنظيم مهنة املحاماة على مستوى
الشبكات املفتوحة ،وقد ساهمت سهولة الوصول إلى املعلومات القانونية املنافسة من أطراف
ليسوا بمحامين في خدمات تعتبر تقليديا جزءا ال يتجزء من مهنة املحاماة ،كما لوحظ من قبل نفس
النقابة أنه يجب أن يكون املحامون جاهزين ملمارسة مهنية تسمح للعمالء بطريقة جديدة للوصول
إلى الخدمات القانونية باستخدام تكنولوجيا املعلومات واإلتصال ،وخشية أن يعتقد البعض أن
قانون املمارسة عبر اإلنترنت أو املمارسة اإلفتراضية من نسيج الخيال ،فقد أصدرت نقابة املحامين
األمريكيين كتابا بعنوان "قانون املمارسة اإلفتراضية" الذي يتضمن كيفية تشغيل مكتب افتراض ي
مع املحافظة على أخالقيات املهنة(.)2
في عالم اليوم ،أصبح استخدام تكنولوجيا االتصال الحديثة يعرف تطورا متزايدا في الحياة
اليومية ،وفي ظل هذا التوجه ارتفعت وثيرة استخدام املحامين للفاكسات والهواتف الالسلكية،
والهواتف الخلوية ،والبريد اإللكتروني ،والبريد الصوتي ،والشبكات الداخلية وشبكة اإلنترنت في
تسيير أعمالهم ،على الرغم من أن بعض املحامين ال يزالون يرفضون استخدام التكنولوجيات
الجديدة في ممارساتهم ،فعدد املحامين الذين يستخدمون الهواتف الخلوية و"تصفح الشبكة" في
تطور مستمر(.)3
هذه التحديات الجديدة جعلت البعض( ،)4يرى أنه يصعب على املحامين تحديد األخالقيات
واملبادئ عبر الشبكات املفتوحة ،هل تنطبق األعراف والتقاليد التي تنطبق على أنشطة أخرى على
اإلنترنت إلى املمارسات االفتراضية؟ وهل تتناسب املسؤولية املهنية املتواجدة في الفضاء الواقعي مع
البيئة اإلفتراضية التي تختلف في كثير من خصائصها عن العالم الواقعي؟.
)(1 THE CHALLENGES : Technology and the Practice of Law. Available at:
http://www.reinhartlaw.com/Services/BusLaw/CorpGovern/Documents/art1111%20TE.pdf
(2) THE CHALLENGES : op. cit : 3.
(3) Brian G. Gilpin, Attorney Advertising and Solicitation on the Internet: Complying with Ethics
Considerations for Attorneys Recruiting New Clients in Online Virtual Communities; Hill". Hein
Online. Retrieved 15 September 2011. P : 735 et s.
فلم تكن مهنة املحاماة ،ولن تكون بعيدة عن مبدأ التأثر والتأثير ،ولن تكون بمعزل عن هذه
التطورات الجذرية -اإلنفجارية -التي من حولها ،مما استدعى االستفادة من املعلوميات في تدبير
مكاتب املحاماة واستخدام الطابعات والفاكسات وآالت النسخ واملاسحات الضوئية وتطبيقات
الهواتف الذكية ،ثم بعد ذلك جاءت اإلنترنيت التي فرضت نفسها فرضا في حياتنا اليومية واملهنية،
فتغيرت العديد من أشكال املمارسة في مهنة املحاماة ،هذه األخيرة التي لها أخالقيات وأعراف
وتقاليد متجدرة وضاربة في القدم.
ومن ثمة ،فلن أقف طويال عند تعريف مهنة املحاماة وال عند تعريف اإلنترنت باعتبارها
شبكة عاملية يشترك فيها الجميع ،بل سأنطلق سريعا ألطرح بعض اإلشكاالت التي تقتضيها دراسة
هذا املوضوع ،منها هل املمارسة في العالم اإلفتراض ي تختلف عن املمارسة في العالم الواقعي؟ وإذا
كان املحامي ملزم بالحفاظ على استقالليته وحريته في مواجهة الثورة املعلوماتية ،وبالحفاظ على
األسرار املهنية ،وعلى أعراف وتقاليد املهنة في املمارسة اليومية ،فهل األمر كذلك في العالم
اإلفتراض ي وعبر وسائط اإلتصال؟ فهناك أسرار وملفات ووثائق ومكاملات ومراسالت متبادلة بين
املحامي وزبونه؟ ثم بعد ذلك محاولة ملعرفة النظام القانوني الذي يؤطر مهنة املحاماة على مستوى
شبكة اإلنترنت ومختلف وسائل اإلتصال اإللكترونية.
من خالل ماسبق ،نرى تقسيم املوضوع إلى مطلبين اثنين كما يلي:
تطرح بهذا الصدد مجموعة من اإلشكاالت في مواجهة املهنة تتعلق باستعمال وسائل
اإلتصال الحديثة ،ولن نتعرض للحديث عن املعلوميات وأهميتها في تدبير املكاتب ،بل سنقتصر على
دراسة اإلشكاالت املتعلقة بأخالقيات وأعراف مهنة املحاماة خصوصا السر املنهي واستقاللية
املحامي في عالقته بموكليه وباملتدخلين في شبكة اإلنترنت ،والتي تمس جانبين اثنين هما املوقع
اإللكتروني للمحامي واالستشارة القانونية عبر الخط(.)1
إن املحامي الذي يتواصل عبر اإلنترنت يتهدده خطر القرصنة واإلختراق غير املشروع من
طرف الغير للمراسالت والوثائق وامللفات املتبادلة بينه وبين زبونه ،إذ أن وسائل اإلتصال
اإللكترونية تسمح للغير بالولوج بسهولة إلى امللفات واإلطالع عليها وتغييرها ،بل األكثر من ذلك
إمكانية إرسال جواب إلكتروني دون املرور من عند املرسل الحقيقي عن طريق اإلحتيال ،مما يطرح
إشكالية السرية لإلتصاالت التي يجريها مع موكليه ومع املحاكم كذلك في حالة وجود إتصال
إلكتروني مع هذه األخيرة ،مما يصبح معه أهم مبدأ من مبادئ مهنة املحاماة في خطر أال وهو السر
املنهي ،فما املقصود به؟ ثم ما هي اإلشكاالت التي يطرحها البريد اإللكتروني؟ هذا ما سنتعرض له في
الفقرتين املواليتين.
للسر املنهي نورد منها على سبيل املثال ال الحصر ما يأتي، لقد وردت عدة تعريفات لغوية ّ
ً عرف ّ ّ
السر بأنه من األسرار التي تكتم والسر ما أخفيت ،ورجل سري أي يضع األشياء سرا ،وأسر
السر في القرآن الكريم في أكثر من موضع ،كما في قوله الش يء أي كتمه ولم يظهره( ،)2كما وردت كلمة ّ
السر ِفيالسر َو َأخ َفى ﴾( ،)3وقوله عز وجل ﴿ قل َأ َنزَله ال ِذي َيع َلم ّ تعالى﴿ َوإن َتج َهر بال َقول َفإنه َيع َلم ّ
ِ ِ ِ َ ِ ِ ِ
َ َ َ َ ً ً َ الس َم َاوات َواأل ض إنه َك َ
ان غفورا ر ِحيما﴾( ،)4وقوله تعالى ﴿ ال ِذين ي ِنفقون أم َوالهم ِباللي ِل َوالن َه ِار ِس ًّرا ِ ر ِ ِ
ًَ ند َ ّبهم َ َوال َخوف َع َليهم َ َوال هم َيح َزنو َن﴾( ،)1وقوله تعالى ﴿ َ
ض َر َب ّللا َمثال َو َع َالن َي ًة َف َلهم َأجرهم ع َ
ِ ر
ِ ِِ ِ
وكا ال َيقدر َع َلى َش يء َو َمن ر َزق َناه منا رز ًقا َح َس ًنا َفه َو ينفق منه س ًّرا َو َجه ًرا ۖ َهل َيس َتوونَ
ً
َعب ًدا ممل
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
َ َ َ
ال َحمد لِل َبل أكثرهم ال َيع َلمو َن ﴾(). 2
ِ ِ
إن كتمان السر من الواجبات العمومية أي أنه مطلوب من كل انسان أفض ى إليه غيره بسر
من األسرار ،غير أن مخالفة هذا الواجب ال تستدعي إال العقاب األدبي بمعنى أن الذي يخل به إنما
يكون مسؤوال أمام وجدانه أو غيره ،لكن من الناس من له حرفة ال بد فيها من العلم بأسرار بعض
ً
الالجئين إليه طلبا ملنافع صناعته فصار األفضا إليه بالسر أمر قهريا نظرا ملقتضيات تلك
الصناعة(.)3
واملحافظة على السر املنهي من طرف املحامي من أوجب الواجبات ،وأوكد اإللتزامات فيمنع
على املحامي أن يفش ي أي سر من األسرار املهنية ،فهو مدين بالكتمان املطلق ملوكله بحيث ال يمكن
أن يسلم للغير املودعة لديه.
فااللتزام بالسر املنهي مطلق وعام وغير مقيد كلما تعلق األمر بالنشاط املنهي للمحامي وال
يقبل اية استثناءات ألنه يعلو أي اعتبار آخر ،ويبقى لصيقا باملحامي إلى ما بعد انتهاء عالقته
بالزبون ويمتد إلى كل الوثائق واملراسالت وجميع وسائل االتصال االخرى كاملكاملات الهاتفية
واملراسالت السلكية والالسلكية(.)4
فاملحامي ملزم بإحترام وحماية السر املنهي واسرار موكليه ،بإعتباره إلتزام مقدس ال يسقط
مهما كانت الظروف ،ومطلق غير مقيد إال باستثناءات ضيقة وضئيلة نص عليها القانون وأوضحها
النظام الداخلي لهيئة املحامين.
ذلك أن مراعاة املحامي للسر املنهي وعدم إفشائة هو التزام ال يجد مصدره في العالقات
التعاقدية التي تربط بينه وبين الزبون فقط ،وإنما يتعدى هذا اإلطار ذلك أنه ملزم بموجب أحكام
املادة 12من قانون املهنة املتعلقة َ
بالقسم ،وكذلك املادة 36من نفس القانون بمراعاة السر املنهي
تتيح خدمة البريد اإللكتروني إرسال واستقبال الرسائل البريدية من خالل نظام تكبير
الرسالة إلى حزم تمر من خادم إلى آخر حتى الوصول إلى املقصد ،وبمجرد وصول الحزم يعاد
اتحادها إلى صورتها األصلية ،وكذلك ال يستغرق إال ثواني ،إذ أصبح اليوم لكل شخص بريد
إلكتروني ،وذلك لسهولة التواصل بواسطته ،وضعف تكلفته ،لكن هذه الخدمة محفوفة باملخاطر،
ومن أهم أخطار هذه الخدمة هي عدم الخصوصية وضعف اآلمان حيث يقوم املشتركون باستقبال
وإرسال بريدهم من داخل هذه املواقع التي توفر هذه الخدمة(.)3
لقد قامت بعض التشريعات بإعطاء تعريف للبريد اإللكتروني نورد منها التشريع الفرنس ي
واألمريكي ،ذلك أن القانون املتعلق بالثقة في االقتصاد الرقمي في فرنسا الصادر بتاريخ 21يونيو
ً ،)4( 2004نجده قد ّ
عرف في املادة األولى منه البريد اإللكتروني بأنه":كل رسالة ،أيا كان شكلها من
نصية أو صوتية أو مصحوبة بصور أو أصوات يتم إرسالها عبر شبكة عامة لإلتصاالت ،ويتم
تخزينها على أحد خوادم هذه الشبكة أو املعدات الطرفية للمرسل إليه إذ يتمكن األخير من
استعادتها".
أما التشريع األمريكي فعرف البريد اإللكتروني بأنه":وسيلة اتصال يتم بواسطتها نقل
( )1للمزيد من التوسع واإلطالع حول مسؤولية المحامي عن إفشاء السر المهني أنظر :الحمزاوي موحى :مسؤولية المحامي في
التشريع المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ،1994 ،ص 97 :وما يليها.
( )2زين العابدين عوام كاظم :الحماية الجزائية لمراسالت البريد اإللكتروني ،مجلة أروك لألبحاث اإلنسانية ،المجلد الثالث ،العدد
الثالث ،أيلول ،2010ص .118 :منشور على الموقع اإللكتروني . www.iasj.netوأنظر كذلك :خالد ممدوح إبراهيم :حجية
البريد اإللكتروني في اإلثبات ،دراسة مقارنة ،دار الفكر الجامعية ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى ،2008 ،ص.34 :
( )3محمد إبراهيم أبو الهيجاء :التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت ،دراسة مقارنة ،م.س ،ص.46 :
(4) LOI n° 2004-575 du 21 juin 2004 pour la confiance dans l'économie numérique, JO 22 juin 2004
املراسالت الخاصة عبر شبكة خطوط تلفونية عامة أو خاصة ويتم كتابة الرسالة عبر الحاسب
ويتم ارسالها إلكترونيا إلى حاسب مورد الخدمة الذي يتولى تخزينها حتى يأتي املرسل إليه
ليستعيدها"(.)1
ويتميز البريد اإللكتروني – كما سبقت اإلشارة إلى ذلك -بعدة صفات كالسرعة والسهولة
وانعدام الكلفة مما جعله يعرف استخداما متناميا في مقابل انتهاء جهاز الفاكس( ،)2ذلك أن من
َ
مزايا البريد اإللكتروني أنه إذا َب َعث إليك زميلك مشروع عقد عن طريق البريد اإللكتروني ،وترغب في
إجراء تعديالت عليه فإنها تبقى سهلة مع وجود معالج النصوص الخاص بك ،ومن ثمة تقوم بالعمل
على نفس الوثيقة املرسلة لك على خالف ذلك لو تعلق األمر بالفاكس ،مما يتطلب منك األمر إعادة
كتابة العقد أو الوثيقة وكل املعلومات إلى جانب بطء الفاكسات والتكلفة املرتبطة بها ،ومع ذلك
فإن استخدام البريد اإللكتروني كوسيلة بين املحامين أنفسهم وبينهم وبين موكليهم ،يثير عدة
تساؤالت إذ العديد من الخبراء يشككون في أمن اإلنترنت(.)3
وإذا كان الفاكس يتم عبر خط خاص ،فإن البريد اإللكتروني ينتقل في شبكة عاملية مفتوحة
بين املاليين من الناس ،إذ ال يوجد ضمان حقيقي من أن الرسالة لم يتم العبث بها بالقراءة أو
التغيير أو التحريف من الغير في اثناء رحلتها عبر الشبكة العنكبوتية ،وهناك احتمال وصول الرسالة
إلى شخص آخر عندما يخطأ في العنوان.
لقد نشأ القلق على نحو متزايد حول ما إذا كانت االتصاالت عبر األنترنت آمنة بما فيه
الكفاية لحماية التزام املحامي اتجاه موكله أي اإللتزام بالسر املنهي ،ولقد تباينت التشريعات حول
املعايير األخالقية املطبقة على اإلتصاالت بين املحامي وموكله ،إذ حددت معظم الدول أن املحامين
يمكن لهم التواصل مع موكليهم عن طريق البريد اإللكتروني( ،)4ذلك أن جميع القوانين الجنائية
الحديثة -بما فيه القانون املغربي املتعلق باملعالجة اآللية للمعطيات -تجعل اعتراض هذه الرسائل
( )1عبد الهادي فوزي العوضي :الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني ،دار النهضة العربية ،القاهرة الطبعة األولى.2007 ،
)(2 Robert Cassius de Linval: le secret professionnel empeche-t-il l'utilisation du courrier
electronique?, p :1. Voir le site suivant: https://papyrus.bib.umontreal.ca.
(3) Robert Cassius de Linval : op.cit. p :2.
(4) J. T. Westermeier, Ethical Issues for Lawyers on the Internet and World Wide Web, 6 RICH. J.L.
جريمة جنائية(.)1
بالرغم من ذلك ،فقد أعربت العديد من الدول على أن الهواتف الخلوية والالسلكية ليست
آمنة بما فيه الكفاية لإلتصال بين املحامي وموكليه ،بل تحذر املحامين من تقديم املشورة ملوكليهم
عن طريق البريد اإللكتروني( ،)2وتطلبت بعض تشريعات الواليات املتحدة تنازل صريح من قبل
الزبون إلرسال معلومات سرية عبر وسائل اإلتصال اإللكترونية ،كما اعتبرت اإلتصاالت مع العمالء
بهذه الوسائل قد تعرض واجب املحامي في الحفاظ على سرية اإلتصاالت بينه وبين موكليه للخطر في
غياب أي تنازل صريح من قبل الزبون(.)3
ولقد عملت بعض التشريعات على وضع بعض التوجيهات للحفاظ على السر املنهي عبر
شبكة اإلنترنت ،وذلك من خالل بذل عناية معقولة لتحديد طريقة اإلتصال التي على ضوئها يمكن
املحافظة على على سرية املعلومات ،وكذلك نقلها في ظروف أفضل.
وإذا كان قانون املهنة نص على إمكانية إنشاء موقع إلكتروني عبر شبكة املعلومات اإلنترنت
في الفقرة األخيرة من املادة 35منه ،فإنه لم يتعرض للقواعد الخاصة بالبريد اإللكتروني بخالف
النظام الداخلي لهيئة املحامين بالدار البيضاء الذي أشار إليه في الفقرة الثانية من املادة 42من
النظام الداخلي عند حديثه على مشتمالت أوراق ورسائل وطوابه وملفات ووصالت وبطاقات املحامي
الشخصية.
في حين أن النظام الداخلي العام للمحاماة الفرنس ي الذي يشار إليه اختصارا ( )RINرقم
003-2005الذي نص في املادة ( )6.6.1على تقديم خدمات قانونية بواسطة اإلنترنت ،وجاء فيها
":تأدية الخدمات القانونية بواسطة إتصاالت فورية من قبل محامي هي تلك الخدمات الشخصية
التي يوجهها املحامي إلى أحد زبنائه الجدد أو القدامى ويجوز عرضها شرط مراعاة أحكام املادة 15
من املرسوم الصادر في 12يوليوز "2005أي تلك املتعلقة باإلشهار.
كما نصت املادة ( )6.6.2من نفس النظام على أنه ":عند اإلتصال باملحامي للحصول على
( )1أنظر :القانون رقم 07-03المتعلق بالجرائم الواقعة على نظم المعالجة اآللية للمعطيات المواد من 3/607إلى 11/607من
المجموعة الجنائية.
(2) J. T. Westermeier : op.cit p :2.
( )3من هذه التشريعات قانون والية ايوا للمسؤولية المهنية ،وكذلك قانون والية كارولينا كالهما في الواليات المتحدة األمريكية.
- J. T. Westermeier : op.cit p :3.
خدمات قانونية يتوجب عليه التأكد من هوية وصفة املتصل بغية احترام السر املنهي ،وتفادي تنازع
املصالح وتقديم املعلومات املالئمة لحالة طالب الخدمة" ،كما نصت نفس املادة في فقرتها الثانية
على أنه يجب أن يكون التعرف على املحامي الذي يقدم الخدمات ممكنا.
كما نصت املادة ( )6.6.3من النظام الداخلي العام (الفرنس ي) على انه" :عند تأدية خدمات
قانونية عبر طرق اتصاالت فورية (البريد اإللكتروني) يجب أن تتوفر للمحامي إمكانية التواصل مع
مستخدم اإلنترنت ،خاصة إذا تبين له أن الطلب املوجه إليه غير مالئم او لطرح األسئلة الضرورية
أو لتقديم اقتراحات تؤدي إلى تأدية الخدمة املالئمة لظروفه".
زد على ذلك أنه يمنع على املحامي ان يرسل رسائل إلكترونية لزبائن محتملين أما زبائنه
فيمكن االتصال بهم ومراسلتهم عن طريق البريد اإللكتروني.
في زمن تكنولوجيا املعلومات واالتصال أصبح انشاء موقع الكتروني على شبكة االنترنيت من
الضروريات ،وذلك من اجل مواكبة التطور الحاصل في التبادل االلكتروني للمعلومات ،ومن اجل
تسخير هذه الوسائل لتحقيق خدمات قانونية أفضل ،هذا املوقع الذي له خصوصيات نتيجة
الخصوصيات واملميزات التي تمتاز بها مهنة املحاماة.
نرى تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين أساسيتين نتناول في األولى املوقع اإللكتروني للمحامي
واإلشهار وفي الثانية التشفير اإللكتروني كوسيلة لتأمين مراسالت املحامي.
اإلشهار على شبكة اإلنترنت يعد موضوعا مركزيا في املهن الحرة ككل ،واملحاماة من أبرزها
كذلك( ،)1إذ أن قانون مهنة املحاماة نص في صدر املادة 35على أنه ":ال يجوز للمحامي أن يمارس أي
عمل يستهدف جلب األشخاص ،واستمالتهم ،وال أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته".
)(1
Ramon MULLERAT. Les défis pour l'indépendance de l'avocat. L'@-professionnalisation : un
enjeu ou un défi pour l'indépendance et le secret professionnel des avocats ?, l’avocat et l’internet.
وينبغي أيضا أن يطرح موضوع اإلشهار الخدمات عبر اإلنترنت بعناية ،ألن القواعد التي
تحكمه تختلف على نطاق واسع بين النقابات املحلية والوطنية.
وإذا كان يجوز توفير خدمات قانونية عبر االنترنت فإنها ال تتعلق باإلشهار ،ال يجوز
للمحامين إعطاء وصف عام عن أعمالهم ،وكذا يمنع عليهم اإلفصاح عن أسماء عمالئهم أو أية
تفاصيل عن النشاط الذي يقومون به(.)1
لقد تعرض قانون مهنتنا ونظامنا الداخلي الخاص بهيئة املحامين بالدار البيضاء لتنظيم
املوقع اإللكتروني للمحامي ،إذ جاء في الفقرة الرابعة من املادة 35من قانون املهنة ما يلي":يحق
للمحامي أن يتوفر على موقع في وسائل االتصال اإللكترونية يشير فيه ،باقتضاب ،إلى نبذة عن
حياته ،ومساره الدراس ي واملنهي ،وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه ،شريطة الحصول على إذن
مسبق من النقيب بمضمون ذلك".
وبالرجوع إلى النظام الداخلي لهيئتنا نجده تعرض بشكل أكثر تفصيال لبعض القواعد التي
يجب ان يخضع لها املوقع اإللكتروني للمحامي خصوصا تلك القواعد املتعلقة باإلشهار ،ذلك أن
املادة 43من نفس النظام جاء فيها ما يلي ":يتضمن املوقع حصريا البيانات املنصوص عليها في املادة
35من القانون املنظم للمهنة ،ويمنع أن يتضمن املوقع ،أية وصالت أو روابط أو الفتات إشهارية
ثابتة أو متحركة ،مهما كانت السلعة أو الخدمة املتعلقة بها ،كما نصت نفس املادة على أنه يمنع ان
تكون للموقع أية روابط تمكن مباشرة أو بكفية غير مباشرة ،من الولوج إلى مواقع أخرى ،يكون
مضمونها ومحتواها مخالفا لقسم املهنة ومبادئها األساسية".
كما نصت نفس املادة املذكورة في فقرتها األخيرة على أنه يتعين على املحامي الحرص على
احترام مضمون ومحتوى موقعه السر املنهي ،وأعراف املهنة وتقاليدها.
ويالحظ أن املشرع طبق على القواعد التقليدية املتعلق باإلشهار على املوقع اإللكتروني
للمحامي حينما تعرض للبيانات التي يمكن ان يحتويها املوقع فقد أحال على مقتضيات املادة 35من
قانون املهنة أي ان يشير فيه ،باقتضاب ،إلى نبذة عن حياته ،ومساره الدراس ي واملنهي ،وميادين
Actes du 28e colloque de droit européen, Bayonne, 25-26 février 2002, Strasbourg, Ed. Du Conseil
de l'Europe, 2003, p.62.
(1) Ramon MULLERAT.op.cit. 62.
اهتماماته القانونية وأبحاثه ،شريطة الحصول على إذن مسبق من النقيب بمضمون ذلك.
بل إن بعض األنظمة الداخلية املقارنة -الفرنس ي على وجه التحديد -نص على ضرورة أن
يتضمن موقع املحامي اسمه وعنوان مكتبه واسماء الشركاء إذا تعلق بشركة مهنية أو الشكل
القانوني الذي يمارس من خالله الزمالء مهنة املحاماة( ،)1وأن تكون هذه املعلومات متوفرة مع
سهولة الوصول إليها.
وفي هذا الصدد نص النظام الداخلي العام ملهنة املحاماة الفرنس ي في املاة ( )10.6على أنه
يجب أن يحتوي عنوان املوقع ( )Nom de domaineعلى اسم املحامي او تسمية املكتب الدقيقة،
ويمكن أن يسبقها أو ويتبعها كلمة "محامي" ،كما يحظر على املحامي استعمال كلمات لعنوان
موقعه توحي بصورة عامة إلى مهنة املحاماة او مجال قانوني ،أو نشاط من نشاطات مهنة املحاماة او
أي لقب يضلل العموم.
ً
كما يمنع منعا باتا تحميل املوقع ،الخاص باملحامي دعايات غير خاصة باملهنة ،ومهما كانت
الخدمات أو املنتجات املعلن عليها ،وهو نفس ما نصت عليه املادة 43من النظام الداخلي لهيئة
املحامين بالدار البيضاء.
كما منع النظام الداخلي العام الفرنس ي تحميل املوقع ( )Hyperlinksيصله بطريقة مباشرة
او غير مباشرة بمواقع أو صفحات مواقع ذات املحتوى غير املطابق مع املبادئ األساسية ملهنة
املحاماة ،ويتوجب على املحامي التدقيق قي ذلك بزيارة دورية للمواقع والصفحات التي توصل إليها
( )Hyperlinksاملوجودة على موقعه.
كما نص نفس النظام أنه على املحامي أخذ جميع التدابير إللغاء أي روابط أو وصالت إذا
تبين أن هذه املواقع تتناقض مع املبادئ األساسية للمهنة ،وعلى املحامي كذلك إعالم مجلس الهيئة
بأي روابط او وصالت ( )Hyperlinksيريد إنشاءها قبل وضعها على موقعه.
باإلضاقة إلى أن النظام الداخلي العام – الفرنس ي -نص على انه يمكن للمحامي أن يشارك
في املدونات " "Blogأو في شبكة إجتماعية إلكترونية مع إحترام املبادئ األساسية للمهنة وكافة أحكام
النظام الداخلي(.)1
ذلك أنه يوجد على اإلنترنت مواقع تتعلق بمكاتب للمحاماة يستحيل معرفة أسماء املحامين
املسؤولين عنها ،ويصعب معرفة النقابة التي ينتمون إليها ،ولتفادي ذلك قامت التشريعات بإلزام
املحامين بالتعريف بأسمائهم والهيئات التي ينتمون إليها وبصفة عامة تحميلهم املسؤولية على
محتوى ومضمون مواقعهم اإللكترونية(.)2
كما تجدر اإلشارة كذلك أن النظام الداخلي لهيئتنا منع الوصالت واإلشارات والروابط التي
تتعلق بالغير في الفقرة الثانية من املادة 43من النظام الداخلي ،بل مجلس هيئات املحامين األوروبي
منع وضع وصالت تتعلق بالزبناء أو أية إشارة إليها في مواقعهم ،وكذا جميع العناصر التي تخرج عن
املمارسة املهنية ،كإنشاء روابط تتعلق بافضل املقاهي في املدينة ،أوأفضل املطاعم أو الفنادق أو
تذكير بأفضل اإليرادات التي حققها مطعم زوجة املحامي صاحب املوقع اإللكتروني مثال( ،)3كما
يجب أن يسهر املحامي على حماية عنوان موقعه اإللكتروني حتى ال يتم استخدامه من طرف الغير
في اغراض أخرى ،وهنا فاملوقع يخضع للمقتضات املتعلقة بامللكية الفكرية.
وتجدر اإلشارة إلى أن موقع املحامي عبر شبكة اإلنترنت يجب أن ال يضع عبارات تدليلية
تساعد موقعه في الظهور للوهلة على محركات البحث( ،)4باإلضافة إلى أن املحامي الذي ينشر
اإلجتهادات القضائية ومن أجل املحافظة على السر املنهي يجب عليه أن ال يكشف عن أسماء
أطراف النزاع ،وأن ال يشير ال من قريب أو بعيد إلى مؤسسات تجارية أو غيرها.
التشفير أو الترميز أو التعمية لغة الخفاء وااللتباس وفي اإلصطالح "تحويل نص واضح إلى
آخر غير مفهوم باستعمال طريقة محددة يستطيع من يعرفها أن يفهم النص ،واستخراجها عكس
ذلك ،يجري فيه تحويل النص املعمى إلى نص واضح ملن ال يعرف مسبقا طريقة التعمية
( )1أنظر :المادة ( )10.6من النظام الداخلي العام لمهنة المحامة الفرنسي.
)(2 Chabert (Patrick). Op.cit, p.32.
)(3 Chabert (Patrick). Op.cit, p.32.
(4) Chabert (Patrick). Op.cit, p.33.
املستعملة"( ،)1ويراد بالتشفير مجموعة من الوسائل الفنية التي تستهدف حماية سرية معلومات
معينة عن طريق استخدام رموز خاصة تعرف باسم املفاتيح ،وتشفير البيانات يستهدف – كما قلنا
– املحافظة على سالمتها وتأمين خصوصيتها وال يستخدمها إال من وجهت إليه.
ويعرف التشفير بأنه عملية تحويل املعلومات إلى رموز غير مفهومة –تبدو غير ذات معنى-
بحيث يمنع األشخاص غير املرخص لهم من اإلطالع على املعلومة أو فهمها ،فعملية التشفير تنطوي
على تحويل النصوص العادية إلى نصوص مشفرة ،ومن املعلوم أن اإلنترنت تشكل الوسيط األضخم
لنقل املعلومات ،وال بد من نقل املعلومات الحساسة كالتحويالت املالية واألداء اإللكتروني بصيغة
مشفرة حتى يمكن املحافظة على سالمتها من عبث القراصنة.
وحاول عدد من الفقهاء وضع تعريف للتشفير فجاءت تعريفاتهم متشابهة ومرتكزة أساسا
على هدفه ،وسبب وجوده مؤكدين على أنه تقنية تساهم بفاعلية في ضمان سرية املراسالت بين من
يرسلها ومن يتلقاها.
وقد عرف املشرع املغربي وسائل التشفير في القانون رقم 53-05املتعلق بالتبادل االلكتروني
للمعطيات القانونية في الفقرة الثانية من املادة 12بأنها " يراد بوسيلة التشفير كل عتاد أو برمجية
أو هما معا ،ينشأ أو يعدل من أجل تحويل معطيات سواء كانت عبارة عن إشارات أو رموز استنادا
إلى اتفاقيات سرية أو من أجل إنجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية أو بدونها "(.)2
ويمكن القول إن الغاية من التشفير هي إيجاد وسيلة للمحافظة على سرية البيانات
وحمايتها لكي ال يستطيع أي شخص اإلطالع على هذه البيانات غير املتعاقدين أو من يصرح له قانونا
بذلك ،كما يهدف ال تشفير إلى منع الغير من التقاط الرسائل أو املعلومات ومن ثم منع وصولها
مشوهة للطرف اآلخر في املعاملة التجارية على نحو يعرقلها(.)3
( )1محمد مراياتي ،محمد حسان الطيان ،يحيى مير علم :علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب ،الجزء األول ،دراسة وتحقيق لرسائل
الكندي وابن عدالن وابن الدرتهم ،مطبوعات مجمع اللغة العربية ،دمشق ، 1987 ،ص 9ومايليها.
( )2كما يعرف البعض التشفير على أنه ":تكنولوجيا تستعمل خوارزميات رياضية معقدة لتشفير ونزع تشفير البيانات ،وهذا بهدف ضمان
السرية التي تستلزمها المعلومات بعقد تأمين المعامالت ما بين الزبون والتاجر أو البنك".
- Jeffrey F. Rayport, Bernard J. Jaworski : Commerce électronique, traduit de l'américain par Francine
Vézina, Johanne Champoux, Élisabeth Rochette, Edition Montréal : Chenelière/McGraw-Hill, DL 2003,
P.57.
( )3عبد الفتاح بيومي حجازي :النظام القانوني لحماية التجارة اإللكترونية ،الكتاب األول ،نظام االلكترونية وحمايتها مدنيا ،دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية ،2002 ،ص .203
ومن ثمة ،فإن املحامي مطالب بتشفير مراسالته التي تتم مع موكليه حتى ال تتعرض
لإلختراق من طرف األغيار ،وحتى يحافظ على إلتزامه املقدس املتمثل في حماية السر املنهي ،وهذا
التشفير يتم من خالل اختيار كلمات للسر يصعب التعرف عليها بسهولة وأخذ كافة االحتياطات
الالزمة لحماية مراسالته ،وكذا من خالل استخدام وسائل التشفير طبقا للمعايير املتعارف عليها
وطنيا ودوليا.
خاتمة:
لقد حاولنا من خالل دراستنا ملوضوع املحاماة واإلنترنيت محاولة استجالء الغموض
املحيط به ،ومن ثم تسليط الضوء على أهم اإلشكاالت القانونية التي يطرحها وبعد هذه الدراسة
املتواضعة أمكننا الخروج بمجموعة من االستنتاجات:
الئحة املراجع:
)1اللغة العربية:
-ابن منظور :لسان العرب ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،املجلد السادس ،الطبعة
األولى ،1988 ،كلمة (سرر).
-أبو بكر محمود الهوش :دراسات في نظم شبكات املعلومات ،مكتب عصمى للنشر
والتوزيع ،طرابلس ،ليبيا.1996 ،
-أنور بدر أحمد :مقدمة في تكنولوجيا املعلومات وأساسيات استرجاع املعلومات ،دار
الثقافة العلمية ،اإلسكندرية.2003 ،
-بيل جيتس :املعلوماتية بعد اإلنترنت ،ترجمة عبد السالم رضوان ،املجلس الوطني
للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت.1998 ،
-خالد ممدوح إبراهيم :حجية البريد اإللكتروني في اإلثبات ،دراسة مقارنة ،دار الفكر
الجامعية ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى.2008 ،
-زين العابدين عوام كاظم :الحماية الجزائية ملراسالت البريد اإللكتروني ،مجلة أروك
لألبحاث اإلنسانية ،املجلد الثالث ،العدد الثالث ،أيلول ،2010ص .118 :منشور على املوقع
اإللكتروني www.iasj.net
-عبد الفتاح بيومي حجازي :النظام القانوني لحماية التجارة اإللكترونية ،الكتاب
األول ،نظام االلكترونية وحمايتها مدنيا ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية.2002 ،
-عبد هللا درميش :مقومات مهنة املحاماة في تقاليدها وأعرافها وآدابها ،املجلة املغربية
لقانون واقتصاد التنمية ،العدد .1991 -2
-عبد الهادي فوزي العوض ي :الجوانب القانونية للبريد اإللكتروني ،دار النهضة
العربية ،القاهرة الطبعة األولى.2007 ،
-محمد إبراهيم أبو الهيجاء :التعاقد بالبيع بواسطة اإلنترنت ،دراسة مقارنة ،الناشر
الدار العلمية الدولية ومكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،الطبعة األولى.
-محمد مراياتي ،محمد حسان الطيان،يحيى مير علم :علم التعمية واستخراج املعمى
عند العرب ،الجزء األول ،دراسة وتحقيق لرسائل الكندي وابن عدالن وابن الدرتهم ،مطبوعات
مجمع اللغة العربية ،دمشق .1987 ،
)2اللغة األجنبية:
- J. T. Westermeier, Ethical Issues for Lawyers on the Internet and World
)Wide Web, 6 RICH. J.L. & TECH. 5, (Symposium 1999
http://jolt.richmond.edu/v6i1/westermeier.html
- http://www.reinhartlaw.com/Services/BusLaw/CorpGovern/Documents/
art1111%20TE.pdf
- Corts, Susan (21 Geo. J. Legal Ethics 753 (2008)). "Living in a Virtual World:
Ethical Considerations for Attorneys Recruiting New Clients in Online Virtual
Communities; Hill". Hein Online. Retrieved 15 September 2011..
مقدمة:
لقد ظلت عالقة الدولة بمواطنيها من املوضوعات التي تدخل في صميم السلطان الداخلي
للدولة ،وبعيدة عن دائرة اهتمام القانون الدولي العام ،فلم يكن بإمكان أحد أشخاص القانون
الدولي التدخل لدى أي دولة إلجبارها على تغيير معاملتها ملواطنيها بما يتفق وقواعد هذا القانون .إال
أن نشوب الحرب العاملية الثانية وما سببته من أالم وأحزان لإلنسانية جعل املجتمع الدولي يسعى إلى
إيجاد حماية أكثر فعالية لحقوق اإلنسان وإخراج هذه األخيرة من دائرة املسائل التي تدخل في نطاق
املجال املحفوظ للدولة ،حيث أولى ميثاق األمم املتحدة أهمية خاصة لحقوق اإلنسان وحرياته
األساسية ،ثم توالت بعد ذلك االتفاقيات والوثائق الدولية املختلفة واملتعلقة بحماية حقوق
اإلنسان مع اختالفها تبعا إلمكانية االنضمام إليها ،فقد تكون عاملية ذات مضمون عام عندما يكون
االنضمام إليها متاحا أمام جميع الدول ،وقد تكون إقليمية عندما يقتصر اإلنضمام إليها على الدول
التي تقع في رقعة جغرافية معينة بذاتها.
يقصد بالنصوص العاملية ذات الطابع العام تلك النصوص التي تتناول مختلف الحقوق
والحريات التي ينبغي أن يتمتع بها اإلنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو سنه ،ويتصدرها ميثاق
األمم املتحدة الذي تبعه صدور اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان من طرف الجمعية العامة لألمم
املتحدة سنة ،1948ثم العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية والبروتوكول االختياري امللحق به،
والعهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية لعام ،1966ومجمل هذه النصوص
ّ
الشرعة الدولية لحقوق اإلنسان)1(.
الدولية الثالث األخيرة يطلق عليها ميثاق حقوق اإلنسان أو ِ
مع التغيرات العاملية الجديدة زاد التركيز على عاملية حقوق اإلنسان وأصبحت هذه الحقوق
جزءا من القانون الدولي بوجود أكثر من 100معاهدة وعهد دولي ،وافقت وصدقت عليها معظم
الصفحة 26 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
الدول في العالم ،وأصبحت هذه االتفاقيات مع اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان هي املرجعية الدولية
العاملية لحقوق اإلنسان.
أسهمت االتفاقيات ذات النطاق العاملي بشكل كبير في موضوع حماية املهاجرين بوجه عام
بالرغم من عدم تخصصها في حمايتهم على وجه التحديد ،ويرجع الفضل في ذلك لجملة املبادئ التي
اعتمدتها هذه االتفاقيات ،ونذكر منها عاملية حقوق اإلنسان وكونها غير قابلة للتجزئة وغير قابلة
للتصرف وأنها مترابطة.
الواقع أنه على املستوى العاملي ،إلى وقت قريب جدا لم تكن ثمة نصوصا قانونية دولية
وحتى إقليمية خاصة بتنظيم املركز القانوني للمهاجر من كل جوانبه ويحظى بإجماع املجتمع الدولي،
ولم تكن ثمة اتفاقية دولية تعنى بحقوق املهاجرين الدوليين بوجه شامل عدا اتفاقية العمال
املهاجرين لسنة )2( .1990ورغم أنه قد وضع ميثاق للهجرة سنة )3( 2018فهو صك غير ملزم قانونا،
وهو لم يحظ بإجماع دولي ،ولذلك فمازالت الحاجة قائمة إلى االتفاقيات الدولية املتخصصة في
مجال حقوق اإلنسان .وتستمد وضعية املهاجر سندها القانوني بحسب اختالف وضعيات املهاجر
القانونية واإلنسانية ،بوصفه طفال ،أو امرأة أو ضحية لالتجار بالبشر والتهريب أو عامال...
إن الطابع الدولي لتدفقات الهجرة يجعلها حتما موضوعا يشغل املنتظم الدولي .فالغاية من
إنشاء املنظمات الدولية هو مساعدة الدول على إدارة القضايا عبر الوطنية التي تتجاوز االختصاص
الوطني وقدرته التنظيمية ،وهذا هو الحال بالنسبة لقضايا الهجرة الدولية .فمن خالل عبورهم
للحدود ،يخلق املهاجرون والالجئون تحديا للدول يتعلق بالحدود وبالهوية الوطنية .فالهجرة تفرض
حتمية االنخراط والتعاون الدولي على غرار ظواهر عبر وطنية أخرى من قبيل التجارة الدولية أو
التنمية أو تغير املناخ .ولهذا فليس من املستغرب أن تظهر املنظمات الدولية اهتماما واسعا باملسائل
املتعلقة بالهجرة.
وبينما تنشط األمم املتحدة واملنظمات الدولية في مجالي الهجرة واللجوء ،تتميز جهودهم
بتجزؤ كبير .فبعد الحرب العاملية ،تم تقسيم العمل بين املنظمات ،فتكلفت منظمة العمل الدولية
بحقوق العمال املهاجرين ،واهتمت املفوضية العليا لشؤون الالجئين باألشخاص الالجئين وطالبي
اللجوء ،وأوكلت الخدمات اللوجستية والخدمات امليدانية للمنظمة الدولية للهجرة .وانضم إلى هذه
الوكاالت الثالث ،فاعلون جدد لكل منهم اهتماماته التنموية أو الصحية أو املناخ أو الكوارث
اإلنسانية....
لقددد أدى هددذا التشددتت فددي التعدداطي الدددولي مددع مسددألة الهجددرة الدوليددة إلددى البدددء فددي التفكيددر فددي
خلددق إسددتراتيجية عامليددة موحدددة تجدداه الظدداهرة السدديما بعددد انتشددار ظدداهرة الهجددرة "غيددر النظاميددة"(،)4
أو "غيددر القانونيددة" وهددو مفهددوم ينطددوي علددى داللددة مخالفددة القددوانين والددنظم املعنيددة بددالهجرة وحركددة
األفراد وتنقالتهم بين الدول ،مما يدفع أعداد كبيدرة مدن النداس إلدى االقددام علدى هدذا الندوع مدن الهجدرة
مع ما تحمله من مخاطر تهدد حياتهم)5( .
ومع مرور الزمن ستصبح منظمة األمم املتحدة ،املنتدى الرئيس ي الذي يمكدن فيده للددول أن
تعمدل معدا للتوصدل إلى توافدق سياسدي في اآلراء بشدأن قواعدد السدلوك الددولي ومعداييره .فاملنظمة تقدم
اإلغاثة اإلنسانية إلى املحتاجين ويمكن أن تساعد الدول األعضداء في وضدع وتنفيذ سياسات تستجيب
للهجرة وتؤثر عليها ،وهي تسداعد علدى تطدوير القددرات الوطنيدة ،وتقوم بجمع البيانات وتحليلها ،بما في
ذلك البيانات املتعلقة بحجم السكان وتحركاتهم.
سنعالج املوضوع الذي بين أيدينا وفق مقاربة حقوق االنسان والتي تعتبر فئة املهاجرين مدن
الفئددات الهشددة ،حيددث تنطددوي الهجددرة الدوليددة( )6بشددكل عددام ،وغيددر النظاميددة منهددا بشددكل خدداص ،علددى
مسددتويات كبيددرة مددن املعاندداة البشددرية ،فاألشددخاص الددذين يتنقلددون بهددذه الطريقددة عددادة مددا يعرضددون
أرواحهددم للخطددر ،حيددث يضددطرون للسددفر فددي ظددروف غيددر إنسددانية وقددد يتعرضددون لالسددتغالل وسددوء
املعاملة ،في بلدان مقصدهم.
وتضطر الدولة املستقبلة للمهاجرين إلى تبني سياسات وإجراءات زجرية بحق املهاجرين غير
النظاميين كأن تقوم بإعادتهم إلى دولتهم بطرق غير إنسانية كالطرد أو الترحيل مما قد يعرضهم
للخطر في حياتهم وحرياتهم فضال عن وقوعهم عرضة لالستغالل واملعامالت التمييزية والعنصرية.
لقد اعتبر املقرر الخاص لألمم املتحدة املعني بالتعذيب ،نيلز ميلزر ،في بيان له صادر عن
مجلس حقوق اإلنسان في جنيف ،أن القيود املفروضة على قوانين وسياسات الهجرة ،تترك
املهاجرين تحت رحمة األساليب غير القانونية التي تتسم بتزايد انتشار التعذيب وسوء املعاملة .وأن
بعض السياسات واملمارسات التي تستخدمها الدول لردع املهاجرين أو منعهم أو التصدي لهم يمكن
أن تصل إلى حد التعذيب أو سوء املعاملة .وأضاف "يجب على املسؤولين الحكوميين أو املواطنين
الخاصين أن يدركوا أن مشاركتهم الشخصية في تشكيل وتعزيز وتنفيذ السياسات واملمارسات التي
تعرض املهاجرين للتعذيب أو سوء املعاملة ،ربما تصل إلى التواطؤ أو غير ذلك من املشاركة في
الجرائم املرتكبة ضد اإلنسانية أو جرائم الحرب".
إن ما سبق ال ينفي كون املهاجرين يقومون بخرق للقوانين األوروبية ،ولكن تصرفاتهم في
الغالب مردها للظروف االجتماعية واالقتصادية التي يعيشونها من بطالة وتهميش وفقر وتفكك
أسري ،فهم يعانون من أزمة الهوية ،فال أوطانهم قادرة على استيعابهم ،وال بلدانهم الجديدة وفرت
لهم شروط االندماج ،مما يؤدي لتراكمات اجتماعية واقتصادية قد تنفجر في شكل أحداث عنف )(7
لهذا يتم ربط الهجرة غير املشروعة بصورة مباشرة باإلرهاب و الهاجس األمني ،بدال من ارتباطها
الحقيقي بالظروف االقتصادية واإلنسانية والسياسية الدافعة للهجرة.
لقد أصبحت اليوم الحاجة ملحة لتبني منطق شامل ومتكامل في ّ
التعامل مع مسألة الهجرة
الدولية ،يأخذ في االعتبار ضرورة اعتماد الدول عنصر التنمية اإلنسانية كمدخل للتعامل الطويل
املدى مع الظاهرة ،و كذلك التخفيف من األمننة و التوجه نحو إضفاء الطابع اإلنساني على
ّ
عمليات إدارة الهجرة يكون قائما على أساس احترام حقوق اإلنسان للمهاجرين غير الشرعيين مع
إتباع منطق التعاون واملشاركة في إدارة الهجرة السرية خاصة.
وتسير املقاربة الجديدة لحماية حقوق اإلنسان للمهاجر الدولي وفق االتجاهات التالية:
عندما نتكلم عن البعد القانوني لعاملية حقوق اإلنسان فاملقصود هو هذه الترسانة من
العهود واالتفاقيات الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان ،وأهمها :ميثاق األمم املتحدة ،والشرعة
الدولية واتفاقيات حقوق اإلنسان املتخصصة .أما االتفاقيات اإلقليمية فهي بدورها تؤكد على
عاملية حقوق اإلنسان بالرغم من محاوالت تطبيقها على املستوى اإلقليمي فحسب حتى تكون لها
فعالية كبيرة كما هو حال منظمة الدول األمريكية عندما وضعت االتفاقية األمريكية لحقوق
اإلنسان لسنة ،1969وقيام دول مجلس أوربا سنة 1950بالتوقيع على االتفاقية األوربية لحقوق
اإلنسان ،وامليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب الذي تم إقراره في مؤتمر قمة منظمة الدول
اإلفريقية بنيروبي سنة )8(.1981
تنبني فعالية حماية الحقوق اإلنسانية للمهاجرين على مدى تنفيذ الصكوك القانونية
القائمة ،وقبلها التصديدق علدى الصكدوك اإلقليميدة واملحليدة الحاليددة ،وعند االقتضاء ،دمجها داخل
النظم الوطنية ثم رصد وفاء الدول بواجباتهدا .وال يعتمد تطبيق القوانين الوطنية والدولية علدى
اآلليدات الرسميدة الوطنية إلنفداذ القدانون ،بل هناك جهود دولية لتوفدير املدوارد والخدبرة الكافيدة
ملسداعدة البلددان علدى الوفداء بمدا عليدها مدن واجب ددات بمقتض ى االتفاقيات القائمة.
ومندذ اعتمداد إعدالن األمدم املتحددة العداملي لحقدوق اإلنسدان عدام ،1948أحدرز تقددم هائل
على الصعيد الدولي في مجال تدوين ما يتفق عليه املجتمع الدولي على أنه حقوق اإلنسدان والقيم
اإلنسانية .وعبر هذا اإلعالن ،تتوفر لدى املجتمدع الددولي مجموعدة ضخمدة مدن القواندين التي تتناول
كيفية معاملة املهجرين على نحو قسري وطالبي اللجددوء واملدهاجرين في أنحداء العدالم كافة .وثمة تطلدع
في القدرن الحدادي والعشدرين إلى التنفيدذ التدام والشدامل لالتفاقيدات املعتمددة دوليا والتقيد بها)10( .
لقد أسهمت الصكوك ذات النطاق العاملي بشكل كبير في موضوع حماية املهاجرين بوجه
عام بالرغم من عدم تخصصها في حماية فئة دون غيرها على وجه التحديد ،ويرجع الفضل في ذلك
لجملة املبادئ التي تبنتها هذه االتفاقيات ،وأهمها)11( :
مبدأ عاملية حقوق اإلنسان :فمن حق كل إنسان بما في ذلك املهاجرين التمتع
بحقوقهم دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين وغيرها من معايير التمييز،
مبدأ تكامل حقوق اإلنسان وعدم قبليتها للتجزئة ،وعليه ال يمكن حرمان
املهاجر من حقوقه اللصيقة بسبب هجرته،
مبدأ التطور املستمر لحقوق اإلنسان ،على اعتبار أن الحقوق الواردة في هذه
الصكوك ال تمثل سوى الحد األدنى الذي ال يمكن االنتقاص منه ويجب تعزيز هذه الحقوق
حسب كل فئة بما فيها املهاجرين.
حقوق اإلنسان هي نفسها لكل بني البشر كيفما كانوا مواطنين أم مهاجرين
من دول أخرى.
ونقصد بهذه املواثيق والصكوك العاملية ،ميثاق األمم املتحدة ،والشرعة الدولية لحقوق
اإلنسان ،والتي تضم اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان لسنة 1948والعهد الدولي الخاص بالحقوق
االقتصادية واالجتماعية والثقافية ،والعهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية لسنة 1966
والبروتوكولين االختيارين امللحقين بهما.
كما تحظى فئة املهاجرين الدوليين بحماية قانونية لحقوقها األساسية بموجب صكوك
ومواثيق حقوق اإلنسان األساسية واملتخصصة التي ترتكز على ذلك الطابع العام والعاملي لحقوق
اإلنسان وعلى املبادئ العامة لحقوق اإلنسان بشكل عام.
كما أن واقع الحال اقتض ى أن تترجم املواثيق العاملية إلى اتفاقات إقليمية ودون إقليمية،
ثم إلى اتفاقيات ثنائية وتشريعات وطنية.
الصفحة 31 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
وفي نهاية املطاف تقع على عاتق الدول ،بانضمامها إلى املعاهدات الدولية لحقوق اإلنسان،
التزامات بموجب القانون الدولي وهي تتعهد باتخاذ تدابير وتشريعات محلية تعكس تلك االلتزامات.
تتمثل في احترام حقوق اإلنسان وحمايتها وإعمالها .ويعني االلتزام باحترام الحقوق ،أن على الدول أن
تمتنع عن التدخل في التمتع بحقوق اإلنسان أو عن عرقلة هذا التمتع .ويقتض ي االلتزام بالحماية من
الدول أن تحمي األفراد والجماعات من تجاوزات حقوق اإلنسان التي ترتكبها أطراف ثالثة .ويعني
واجب اإلعمال أن على الدول أن تتخذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق اإلنسان)12( .
ويتيح إطار القانوني للقانون الدولي لحقوق اإلنسان واملعايير ذات الصلة نقاطا مرجعية
لوضع التزامات مجدية وعملية التخاذ هذه اإلجراءات .ويمثل القانون الدولي األساس الذي ينبغي
أن تبنى عليه السياسات واملمارسات املتعلقة بالهجرة واملهاجرين ،من حيث إنه يوفر للدول
إرشادات عملية ويزودها هي وغيرها من الجهات املعنية ،حسب االقتضاء ،باألدوات الالزمة
للتحكم في الهجرة على نحو يدعم حقوق جميع املعنيين)13( .
ال جدال في أن االهتمام العاملي الحالي بحقوق اإلنسان– كفكرة ومبدأ -بات یمثل قیمة
مستهدفة من النظام القانوني الدولي ،حیث أصبح من األمور الشائعة تقییم سلوك الحكومات بمدى
احترامها لحقوق اإلنسان على املستویين الداخلي والدولي ،بل أصبح تقییم النظم االجتماعیة
واالقتصادیة ،ذاتها ،یخضع ملا تحققه تلك النظم ملواطنيها من حقوق وحريات)14( .
لقد كشف عمق ما شهده املجتمع الدولي من تطورات وأحداث مرتبطة بالهجرة غير
النظامية ،النقاب عن فشل ذريع للسياسة األمنية التي نهجتها دول العالم الغربي لحماية حدودها
وأوطانها من املخاطر التي تشكلها الهجرة الدولية املكثفة .وبدأ يلوح في أفق الساحة الدولية اتجاه
جديد يرنو إلى تكثيف الجهود على املستوى الدولي حول مسألة تأطير الهجرة الدولية والغير نظامية
منها خاصة ،وفق استراتيجيات جديدة.
وطفت على ساحة الهجرة الدولية تكتيكات جديدة بدلت التركيز على املقاربة األمنية
وحدها إلى محاولة تبني مقاربة أكثر مرونة ،يراعى فيها الجانب اإلنساني وتأخذ بحقوق اإلنسان
والتنمية اإلنسانية املستدامة ( )15وتنحاز ملقاربة "األمن اإلنساني" ( ،)16كبديل لالستراتيجية األمنية.
وفي هذا السياق نص إعالن الهداي بشأن مستقبل السياسات املتعلقة بالالجئين والهجرة،
الذي قدم أمام الجمعية العامة في الدورة السابعة والخمسون ،سنة 2002على ما يلي " :إننا نريد
بإثارتنا ملوضوع العالقة بين التنقل والتدهديدات املحدقدة بدأمن البشدر والددول أن نسلم بأن األحداث
ذات الطبيعيدة اإلجراميدة الدوليدة يمكدن أن تكدون لهدا آثدار سدلبية جددا علدى فه ددم النداس ملسدألتي
الهجدرة والتمداس اللجدوء ...واتخاذ الترتيبات األمنية الفعالة ليس مجرد أمر مشروع بل إنده واجدب
علدى الدولدة أن تنهض به لحماية كل من يقيم علدى إقليمدها .لكدن هدذه الترتيبدات ال يمكدن قبولهدا إذا
كدانت تقدوض إمكانيدة اللجدوء وتضدر باملعايدير املقبولدة لحمايدة الالجئدين واملدهاجرين بموجدب قوان ددين
حقوق اإلنسان الدولية .والسبيل أمامنا هو وضع نظم تتسم بقدر أكبر من املنهجيدة والشدفافية
لتنظيدم الهجدرة والتشجيع على إيجاد حلول شاملة وأكثر دينامية لألزمددات اإلنسدانية)17("...
ودعت املقررة الخاصية املعنية بحقدوق اإلنسدان للمهاجرين إلى ضرورة إتباع نهج قدائم علدى
حقدوق اإلنسدان في األنشدطة والسياسدات املتصلة بقضايا الهجرة واعتبارها مسائل ذات أولوية.
وأكدت املقررة الخاصة أن زيادة التعاون والحوار على الصعيد الدولي مدن أجدل وضدع سياسات
للهجرة مدروسة على أساس حقوق اإلنسان ونظم شداملة ومنسدقة ومواءمدة إلدارة شدؤون الهجدرة
مسدألة ضروريدة ملكافحدة الهجدرة غددير النظاميددة وتهريددب املددهاجرين واالتجددار باألشخاص وانتهاكات
حقوق اإلنسان للمهاجرين)18( .
املطلب األول :تبني نهج شمولي تشاركي في معالجة قضايا الهجرة الدولية
بدأ املجتمع الدولي يبدي اهتمامدا مدتزايدا بمسدألة الهجدرة ،حيث كثرت منابر املشاورات
اإلقليمية والدولية والعاملية املعنيدة بدالهجرة ،الساعية إلى وضدع سياسات للهجرة مدروسة وقائمة
على أساس حقوق اإلنسان ،ومحاولة وضع نظم شداملة ومتسدقة إلدارة شدؤون الهجدرة ،تأخذ في
االعتبار مسدألة مكافحدة الهجدرة غددير النظاميددة وتهريددب املددهاجرين واالتجددار باألشخاص وانتهاكات
حقوق اإلنسان للمهاجرين ،بل وإدراج حقدوق اإلنسان في املسار الرئيس ي ألعمال املجتمع الدولي في
ميدان الهجدرة.
والحظت لجنة األمن اإلنساني بأنه ":ال يوجد إطار معياري دولي متفق عليه إلدارة وحماية
الناس الذين ينتقلون عبر الحدود إدارة وحماية منتظمتين" .وأكدت على ضرورة استطالع إطار دولي
إنساني للهجرة يشمل كل الدول املعنية بالهجرة بصفة عامة والهجرة غير الشرعية بصفة خاصة،
سواء دول املقصد ودول العبور أو املنشأ ،على أن يحقق هذا اإلطار بالنظر إلى التكافل من أجل
اإلنسانية ،توازنا دقيقا بين االحتياجات األمنية واإلنمائية لدول املقصد ،واألمن اإلنساني للناس
املتنقلين)19( .
وقد بدأ هذا التعاون ينمو تدريجيا ضمن منظومة أكبر منظمة دولیة وهي منظمة األمم
املتحدة ,حیث بدأت هذه املنظمة تهتم بهذه املشكلة وضرورة مكافحتها ومعالجتها ووضع السبل
الكفیلة ملواجهة آثارها السلبیة ،واعتمدت األمم املتحدة وسائل شتى في تطرقها لهذه الظاهرة.
وبموجبه بدأ تبني نهج شمولي لعالج املسألة ،قائم على الحوار املشترك بين جميع الفاعلين
املعنيين بالهجرة الدولية ،بمن فيهم املهاجرون أنفسهم. . . " ،أكثر من أي وقت مض ى إن السياسدات
املتعلقدة بدالالجئين والهجدرة شدأن يهم طائفة واسعة من أصحاب املصلحة ،وبخاصة الالجئون
واملدهاجرون أنفسدهم ،لكنده شدأن يدهم أيضدا الحكومدات واملنظمدات غدير الحكوميدة املحليدة والدوليدة
والهيئدات املتعدددة األطدراف وقطاع األعمال والشركات واملجتمع املدني .... .وال ي دزال دور املنظمات
الدولية أساسيا في إطار مفهوم النهج العاملية املخططدة .لكدن هنداك في الوقدت نفسده إمكانيدة كبديرة
لنشدوء أشدكال جديددة مدن الحددوار تسددتطيع في إطدداره الددول واملنظمدات غدير الحكوميدة وقطداع
األعم ددال والشددركات أن تقيددم ش دراكات جديدددة وخالقة .ويرتكز هذا الحوار إلى املعايير الدولية
املتعلقة بدأفضل املمارسدات .وملعرفدة ماهيدة هدذه املعايدير يمكدن الرجدوع إلى املنظمدات اإلنسدانية
ومنظمدات حقدوق اإلنسددان والوكدداالت املتخصصدة املتعدددة األطدراف مدن قبيدل مفوضيدة األمدم
املتح دددة لشددؤون الالجئددين واملنظمددة الدولية للهجرة)20( ".
يساهم املجتمع الدولي على دعم الجهود املحلية والوطنية الرامية إلى تلبية االحتياجات
والحد م ن أوجه الضعف وتغيير حياة الناس .وتتوفدر للمجتمدع ال دددولي حاليددا الفرصددة لتخفيددف
الضغددوط الداعيدة للدهجرة مدن خدالل التنميدة املسدتهدفة واملسداعدة املاليدة الدتي ترمددي إلى رفددع
املسددتوى املعيش ي بدرجة كافية ،بما في ذلك فرص توفير خدمات الصحة والتعليم والعمل .أما على
املدى القصير فيمكن للمساعدة الدولية بما في ذلك التدابير الدتي تدأخذ شدكل التدريدب ،واملندح
الدراسدية واملسداعدة التعليميدة األخ ددرى أن تسدداعد على تهيئددة البيئددة االقتصاديددة واجتماعية وأن
تستفيد بشكل كامل مدن اإلمكاندات واملدهارات الدتي تتوفدر بدالفعل لددى السدكان وتساهم في زيادة ثروة
البالد.
بذلك على ".....األمم املتحدة واملنظمات غير الحكومية والجهات املانحة االلتزام بالعمل
وفق نموذج جديد تطبعه ثالثة تحوالت أساسية( :أ) تدعيم النظم الوطنية واملحلية بدال من
استبدالها؛ (ب) التنبؤ باألزمات بدال من انتظار حدوثها؛ (ج) تجاوز الفجوة بين املجال اإلنساني
واملجال اإلنمائي بالسعي إلى تحقيق نتائج جماعية على أساس امليزات النسبية وعلى مدى أطر زمنية
متعددة السنوات")21(.
"وتسدتطيع مؤسسددات حقددوق اإلنسددان الوطنيددة واملنظمددات غددير الحكوميددة والهيئ دات
األكاديميددة أن تضطلددع بدددور هددام في حمايددة حقددوق اإلنسددان للم ددهاجرين وذل ددك بتحلي ددل التشريعات
الوطنية ،ورصدد أثرهدا علدى حقدوق املدهاجرين وتقدديم توصيدات ملموسدة في هدذا لخصدوص .كمدا يعدد
رصدد تطبيدق التشدريعات الوطنيدة علدى يدد س ددلطات ووكدداالت تتمتددع بالكفاءة أمرا في غاية األهمية،
وذلك ألن اإلساءات واملعاملة التعسفية والتمييز ضد املدهاجرين غالبا ما تبرر باسم التشريعات
واألنظمة السدارية .كمدا يمكدن ملؤسسدات حقدوق اإلنسدان الوطنية أن تقدم مسداهمات قيمدة جددا في
وضدع سياسدات وطنيدة يكدون لهدا أثدر علدى حقدوق اإلنسان للمهاجرين .ويمكنها أيضا أن تشجع الحوار
على الصعيد الوطني وتنشر الوعدي بشدأن وضع املهاجرين .ومن خالل الحمالت واألنشطة العامة،
يمكدن أن تسداعد مؤسسدات حقدوق اإلنسان أيضا في مكافحة األفكار النمطية السلبية ونشر صدورة
إيجابيدة عدن الهجدرة ،وبدذا يتدم الحيلولة دون تفش ي العنصرية وكره األجانب .وتسدتطيع مؤسسدات
حقدوق اإلنسددان الوطنيددة واملنظمددات غددير الحكوميددة أن تقدددم املسداعدة القانونيدة والنفسدية إلى
املدهاجرين .ويمكندها أن تسداعد املدهاجرين الذيدن يرغب ددون في تقديم شكاوى وذلك بتيسير االتصاالت
مع الوكاالت والسلطات ذات الصلدة ،ورصدد تقددم الشكاوى الفرديدة .وفي هدذا املجدال ،تدرى املق ددررة
الخاصددة أن مددن املددهم أن يقددوم ممثلددون عددن مؤسسدات حقدوق اإلنسدان الوطنيدة بزيدارة مراك دز
احتجدداز املددهاجرين أو مرافددق االحتجدداز األخرى حيث يتم احتجاز املهاجرين في مراكز احتجاز
إدارية)22(".
صاحب إنشاء املنظمات الدولية في إطار محاولة حفظ السلم واألمن الدوليين التأكيد على
ضرورة إشباع الحاجات األساسية للبشر ،وهو ما ظهر في مواثيق إنشاء تلك املنظمات ،ومن ذلك ما
ذكره وزير الخارجية األمريكي حول مؤتمر سان فرانسيسكو عام ،1945حيث قال " إن معركة السلم
يتعين خوضها على جبهتين :األولى هي جبهة األمن ،التي يقصد بها التحرر من الخوف ،والثانية هي
الجبهة االقتصادية")23).
لقد توصل املجتمع الدولي إلى حتمية اقتران الهجرة الدولیة بالتنمیة ومكافحة الفقر،
فسارت الجهود الدولیة تجاه تشجیع التعاون الدولي واإلقلیمي من أجل تنمية املجتمعات الهشة،
والتعجيل في عملیة التنمیة باعتبارها من أهم الركائز املعول عليها للحد من الزيادة الكبيرة التي
يعرفها العالم في مجال الهجرة الدولیة ،والتي تتجه ملنع إساءة استغالل وضع املهاجرین ومعاملتهم
معاملة إنسانیة ،مع حمایة حقوقهم اإلنسانیة بصورة كاملة.
وقد ارتأت لجنة األمن اإلنساني أن" تحركات الناس قضية إنمائية أيضا ،فتزايد انعدام
اإلنصاف بين البلدان وداخلها يؤثر على أنماط التهجير ...فيسعى الناس إلى التماس كل فرصة ممكنة
لتحسين سبل عيشهم ...فغالبا ما يذكر الفقر باعتباره أحد األسباب الرئيسية للهجرة غير القانونية
"))24
إن السياسات املتعلقة بالهجرة تتكفل بها وزارات الدولة على املستويين الداخلي والخارجي،
ألن مسؤوليات توفير األمن والوقاية من التهديدات وحماية الناس هي من مهام الدولة ،لكن من
مسؤولياتها أيضا توفير حماية للحقوق األساسية وضمان حرية أوسع في الوصول إلى الخدمات
االجتماعية وبشكل منصف ،هذا من جهة ومن جهة ثانية تقع على الدولة الوطنية مسؤولية التمكين
الذي يعد أحد املكونات األساسية للتنمية اإلنسانية.
واستراتيجيات الحماية الذاتية للمجتمعات املحلية فمن الضروري تفويض املسؤولية التي تلقى عادة
على عاتق الدولة في توفير الحماية ملواطنيها) 25).
وحسددب املجموعددة العامليددة املعنيددة بالهجددرة ،تمثددل أفضددل طريقددة العتمدداد مقارب دة منهجي دة
كفيلددة بتسدخير مكاسدب الهجدرة ألجل التنميدة فدي مراعداة مسدائل الهجدرة فدي أطدر التخطيدط علدى
املسدتوى القطدري .وتسدتلزم هدذه العمليدة تقييدم آثدار الهجدرة علدى جميدع التدابيدر املعتمددة فدي
اسدتراتيجيات التنميدة وفدي اسدتراتيجيات تقليدص الفقدر .ويتعيدن مراعداة الهجدرة وآثارهدا علدى التنميددة
فددي التشددريعات والسياسددات والبرامددج علددى جميددع األصعدة املحلددية والجهددوية والوطن دية ،كمددا يتعيدن
مراعداة االنشغاالت ذات الصلدة بالهجدرة فدي جميدع مراحدل التخطيدط مدن أجدل التنميدة ،بمدا فدي ذلك
الصياغة والتنفيذ ،والتتبع ثم التقييم) 26).
يتبين مما سبق أن "...أي جهد يبذل للحد من هشاشة حال الناس وتعزيز قدرتهم على
التكيف يجب أن يبدأ على الصعيد املحلي ،بحيث تستفيد الجهود الوطنية والدولية من الخبرات
والقيادة والقدرات املحلية .ويجب الحرص على إشراك السكان املتضررين والتماس مساهمتهم
باستمرار في عملية صنع القرار ،وضمان مشاركة املرأة على جميع املستويات .وينبغي أن يوضع
املمثلون الشرعيون للمجتمعات املحلية دائما في مستوى القيادة في كل سياق .ويجب أيضا أن يكون
األشخاص قادرين على التأثير على القرارات املتعلقة بالكيفية التي تلبى بها احتياجاتهم واالعتماد على
جميع الجهات الفاعلة من أجل تحقيق املطلوب بطريقة شفافة يمكن التنبؤ بها") 27).
رغم أن الجمعية العامة لألمم املتحدة ،قد أشارت من قبل ،في برنامج عمل املؤتمر الدولي
للسكان والتنمية املعتمد بالقاهرة ،1994وخاصة الفصل العاشر منه واملتعلق بالهجرة الدولية ،إلى
مسالة الهجرة والتنمية ،ومن خالل األحكام ذات الصلة الواردة في إعالن كوبنهاجن بشأن التنمية
االجتماعية الذي اعتمد سنة ،1995فإن االهتمام األممي باملوضوع سيرتقي بحلول سنة 2006فيما
يتعلق بتعزيز التعاون الدولي بشأن العالقة بين الهجرة والتنمية ،بداية من خالل الحوار األول
الرفيع املستوى بشأن الهجرة الدولية .ففي 14و 15سددبتمبر ،2006اجتمع املمثلددون رفيعددو
املددستوى للدددول األعدضاء في األمدم املتحددة في الجمعيدة العامدة الستكدشاف ناحيدة مدن أكثدر الندواحي
الواعددة للدهجرة أال وهدي عالقتدها بالتنميدة .وعقدب الحدوار الرفيدع املدستوى ،أدت معارضدة الددول
إلندشاء منتددى داخدل األمدم املتحدددة ملناقددشة الهجددرة إلى إنددشاء املنتــدى العــاملي املعــني بــالهجرة
والتنميــة ،خددارج إطددار األمم املتحدة ،ألنه ال توجد بداألمم املتحددة منظمدة معنيدة بدالهجرة ،وال يوجدد
إطدار مؤسدس ي متناسدق منظم للهجرة ،والن الددول تواصل محاولتدها لتنظديم الهجدرة أحاديدا إلى حدد
بعيدد ،حيث أنشأت األمم املتحدة في عام 2007املنتدى العاملي املعني بالهجرة والتنمية ،وأرادت له أن
يكون مكانا غير رسمي وغير ملزم وطوعي تقوده الحكومات إلجراء مناقشات رفيعة املستوى بشأن
السياسات والتحديات والفرص التي تتيحها "العالقة بين الهجرة والتنمية" .كما أوكلت إلى املنتدى
العداملي ،مهمة دعدم بنداء توافدق لدآلراء حدول وضدع اتفداق عداملي طمدوح بشدأن الهجدرة ،وعلدى الندهوض
بتنفيدذ االلتزامدات املتصدلة بدالهجرة والدواردة في خطدة التنميدة لعدام .2030واتجه املنتدى العداملي
املعدني بدالهجرة والتنميدة نحو التركدز علدى األبعداد التنمويدة االقتدصادية للدهجرة أكثدر مدن تركيدزه علدى
البعدد الحقدوقي.
وعن الحوار الرفيع املستوى الثاني بشأن الهجرة الدوليدة والتنميدة ،املعقدود في نيويدورك
يدومي 3و 4أكتدوبر 2013فقد كرس لتنداول مسدألة الهجدرة الدوليدة والتنمية بصورة بناءة واستكشاف
الفرص التي تتيحها الهجرة الدوليدة والتحدديات الدتي تطرحهدا ،بما في ذلك حماية حقوق اإلنسان
املفروضة للمهاجرين وإسهام املهاجرين في التنمية.
أقرت املادة الخامسة من اإلعالن املنبثق من الحوار الرفيع املستوى املعني بالهجرة الدولية
والتنمية لسنة 2013على ضرورة التدصدي في إطدار التعداون الددولي ،علدى نحدو كلدي وشدامل،
للتحديات التي تطرحها الهجرة غير القانونية مدن أجدل ضدمان هجدرة آمندة منظمدة قانونيدة ،في ظل
االحترام التام لحقوق اإلنسان.
وتعترف خطة التنمية املستدامة لعام ،2030والتي اعتمدتها الجمعية العامة لألمم
املتحدة في 25سبتمبر . 2015بمساهمة الهجرة في التنمية املستدامة .ويضم احدى عشر هدف من
أهداف التنمية املستدامة الدسبعة عشر مؤشرات ذات الصلة بالهجرة .ويتمحور املبدأ األساس ي
لجدول أعمال خطة التنمية على ضرورة "عدم التخلي عن أحد" بما في ذلك املهاجرين.
ّ
تعرف اإلدارة العاملية بأنﻬا " :املعايير ،والقواعد ،واملبادئ ،وإجراءات صنع القرار التي تنظم
سلوك الدول والجهات الفاعلة الدولية األخرى" ،وفي مجال الهجرة تتخذ اإلدارة أشكاال متنوعة ،منها
سياسات وبرامج الهجرة لدى فرادى الدول والنقاشات واالتفاقات فيما بين الدول واملنتديات
والعمليات االستشارية املتعددة األطراف ،وأنشطة املنظمات الدولية ،فضال عما يتصل بذلك من
قوانين وقواعد) 28).
إن الحماية الدولية لحقوق املهاجرين تطورت مع تطور وعي املجتمع الدولي بمشاكل الهجرة
الدولية ،وبعد أن كانت تعتمد بالخصوص على املبادئ األساسية املنصوص عليها في الصكوك
العاملية لألمم املتحدة املتعلقة بحقوق اإلنسان ،هذه األخيرة التي اعتبرت مرجعا أساسيا لتأطير
الهجرة الدولية ملدة طويلة من الزمن ،امتد طيلة فترة عمل املنظمة األممية إلى غاية األلفية الجديدة.
إال أن هذه القواعد الدولية ظلت عامة ال تركز على الوضعية الهشة التي يوجد فيها املهاجر .وبمرور
الزمن ستصبح منظمة األمم املتحدة" ،املنتدى الرئيس ي الذي يمكدن فيده للددول أن تعمدل معدا
للتوصدل إلى توافدق سياسدي في اآلراء بشدأن قواعدد السدلوك الددولي ومعداييره .فاملنظمة تقدم اإلغاثة
اإلنسانية إلى املحتاجين ويمكن أن تساعد الدول األعضداء في وضدع وتنفيذ سياسات تستجيب للهجرة
وتؤثر عليها ،وهي تسداعد علدى تطدوير القددرات الوطنيدة ،وتقوم بجمع البيانات وتحليلها ،بما في ذلك
البيانات املتعلقة بحجم السكان وتحركاتهم")29) .
كما قررت الدول األعضاء في الجمعية العامة لأللفية ،جعل األمم املتحدة أداة أكثر فعالية
ملتابعة تنفيذ األولويات املعتمدة في إعالن األمم املتحدة بشأن األلفية(30) .
تتوفر األمم املتحدة ،فيما يرتبط بحقوق املهاجرين غير الشرعيين ،على ترسانة من
التقارير والتوصيات والقرارات الصادرة عن هيئات التابعة املتحدة ،سواء منها الجمعية العامة أو
املجلس االقتصادي واالجتماعي أو مجلس األمن أو مجلس حقوق اإلنسان ....كما أن هناك عدد من
املنظمات العاملة إلى جانب األشخاص املهاجرين .لكن في السنوات األخيرة سوف تشهد منظمة األمم
املتحدة زخما على مستوى األجهزة الفرعية ذات االختصاص املباشر في عالقتها بالهجرة ،في سعي منها
إلى اكتساب الريادة والقيادة في تناول قضية الهجرة .وقد نوه امليثاق العاملي للهجرة ،بقرار األمين
العام بإنشاء شبكة تابعة لألمم املتحدة معنية بالهجرة من أجل ضمان دعم التنفيذ دعما فعاال
ومتسقا على نطاق املنظومة ،بما في ذلك آلية بناء القدرات إضافة إلى متابعة االتفاق العاملي
واستعراضه لتلبية احتياجات الدول األعضاء(31).
وأنشأ األمين العام لألمم املتحدة فريقا عامال معنيا بالهجرة ،دعاه إلى االنعقاد (مايكل
دويل) مستشاره الخاص ،كجزء من اقتراحاته لتعزيز عمل األمم املتحدة (32).وقد أبرز تقرير الفريق
العامل املسمى ب(تقرير دويل) جوانب شتى من الهجرة ،من قبيل حماية املهاجرين ،واللجوء،
ً
وهجرة العمال ،فضال عن وضع التعاون الدولي .وصاغ ثالث توصيات ،هي( :أ) سد الفجوات
القانونية واملعيارية في النظم املوضوعة ألجل املهاجرين؛ (ب) سد الفجوات املؤسسية بتعزيز
التنسيق؛ (ج) إنشاء لجنة عاملية(33).
وفي عام ،2006أنشأ األمين العام املجموعة العاملية املعنية بالهجرة بهدف زيادة االتساق
على صعيد املنظومة (36).وفي نفس السنة ،وبناء على توصية األمين العام ،أجرت الجمعية العامة
حوارها الرفيع املستوى املعني بالهجرة الدولية والتنمية ،الذي كان أول حوار من نوعه على اإلطالق.
واستباقا لعقد الحوار الرفيع املستوى ،عين األمين العام ممثال خاصا معنيا بالهجرة الدولية
والتنمية(37).
وعقددب الحددوار الرفيددع املسددتوى ،أدت معارضددة الدددول إلنشدداء منتدددى داخددل األمددم املتحدددة
مخددتص بمناقشددة قضددايا الهجددرة إلددى إنشدداء املنتــدى العــاملي املعنــي بــالهجرة والتنميــة ،خددارج إطددار
األمم املتحدة(38).
بتاريخ 19شتنبر 2016اجتمع قادة العالم بمقر األمم املتحدة في االجتمداع العدام الرفيدع
املسدتوى للجمعيدة العامدة املعدني بحركدات الدنزوح الكدبرى لالجدئين واملهداجرين .وفي إعدالن نيويدورك مدن
أجدل الالجدئين واملهداجرين ،والدذي اعتمدد بوصدفه الوثيقدة الختاميدة لالجتمداع ،أقدرت الددول بضدرورة
تعزيدز التعداون الددولي بشدأن الهجدرة ،وشدرعت في عمليدة مدتها سنتان لوضع اتفاقين عامليين ،هما:
اتفاق عاملي بشأن الالجدئين؛ واتفداق عداملي مدن أجدل الهجدرة اآلمندة واملنظمدة والنظاميدة ،والذي عدرض
العتمداده في مدؤتمر حكومي دولي انعقد في عام .2018وهذا أعطي للددول مهلدة سدنتين لتوضديح
املسدؤوليات إزاء بعضها البعض وإزاء املهاجرين في خضدم سدعيها إلى تنفيدذ خطدة عدام .2030على أنه
في حدال كان الطموح سيد املوقدف ،فدإن الددول ستسدتخدم االتفداق العداملي لوضدع املعايير في املجاالت
الرئيسية إلدارة الهجرة ،وهي املعايير الدتي سدتتعهد باحترامهدا ،وبتجاوزهدا ،حيثما أمكن ،في السياسات
الوطنية واالتفاقات الثنائية واإلقليمية.
اعتمد امليثاق العاملي للهجرة بمؤتمر مراكش حول الهجرة ،حيث عرف املغرب في أواخر
سنة 2018انعقاد املؤتمر الحكومي الدولي العتماد امليثاق العاملي للهجرة اآلمنة واملنظمة واملنتظمة،
ً
برعاية الجمعية العامة لألمم املتحدة .و نظم املؤتمر عمال بالقرار 1/71املؤرخ 19سبتمبر ،2016
املعنون "إعالن نيويورك لالجئين واملهاجرين" والذي قرر بدء عملية مفاوضات حكومية دولية تؤدي
إلى اعتماد ميثاق العاملي للهجرة(39).
ويتضمن امليثاق العاملي حول الهجرة سلسلة من املبادئ ،من بينها الدفاع عن حقوق ّ
ً
اإلنسان وحقوق األطفال واالعتراف بالسيادة الوطنية وغيرها ،كما يحوي فهرسا لإلجراءات ملساعدة
الدول على التصدي للهجرات في مستوى تحسين اإلعالم وإجراءات لتحسين إدماج املهاجرين وتبادل
الخبرات.
خاتمة:
بموجب ما سبق ،يتضح جليا أن الدول وأصحاب املصلحة اآلخرون أصبحوا على دراية
بالتحديات والفرص التي تتيحها الهجرة الدولية .ويوجد اآلن في كل جزء من العالم إدراك عميق
بضرورة تحقيق الفوائد االقتصادية واالجتماعية والثقافية للهجرة الدولية بشكل أكثر فعالية،
وصار من املمكن معالجة العواقب السلبية للحركة عبر الحدود بشكل أفضل.
ويكشف الواقع اليوم أن تحركات الناس قضية إنمائية وأمنية وإنسانية ،فتحقيق رقي
املجتمعات يتطلب ،المحالة ،تحقيق التنمية اإلنسانية املستدامة ،وصون حقوق اإلنسان وحرياته
والحكم الراشد ،واملساواة االجتماعية وسيادة القانون.
الهوامش
- 1حساني خالد ،محاضرات في حقوق اإلنسان ،مطبوعة بيداغوجية مقدمة لطلبة السنة الثانية من
التعليم القاعدي ،جددامعددة عبد الرحمان ميرة -بجاية كدليددة الدحدقدوق والعلوم السياسية قسم التعليم القاعدي
للحقوق ،السنة الجامعية ،2014/2015 :ص.14.
- 2تعتبددر االتفاقيددة الدوليددة لحمايددة جميددع حقددوق العمددال املهدداجرين وأفدراد أسددرهم التددي اعتمدددت بقددرار
الجمعي ددة العام ددة 158/45امل ددؤرخ ي ددوم 18ديس ددمبر 1990أه ددم اتفاقي ددة تعت ددرف بحق دوق امله دداجرين وأس ددرهم وتض ددع
آليات لحماية دولية مناسبة لحقدوقهم .وهدي تنطبدق علدى جميدع العمدال املهداجرين وأفدراد أسدرهم دون تمييدز مدن أي
نوع.
- 3ميثاق الهجرة هو أول اتفاق عاملي من أجل الهجرة اآلمنة واملنظمة والنظامية ،اعتمدته األمم
املتحدة خالل مؤتمر مراكش ،2018
- 4من الصعب إعطاء تعريف موحد ملصطلح الهجرة غير الشرعية أو السرية أو غير القانونية ،وذلك
الختالف املفاهيم واألهداف وتعقد وتشابك مظاهرها .ورغم انه اتفق عامليا على عدم وجود تعريف موحد للهجرة
غير الشرعية ،فان املصطلح عادة ما يستعمل لنعث تحركات الشخص الذي يتحرك خارج القنوات الشرعية
للهجرة .انظر في تعريف املهاجر غير النظامي ،معجم اللجوء والهجرة ،النسخة العربية ملعجم الهجرة واللجوء
للشبكة األوروبية للهجرة مع نصوص تمهيدية باللغتين العربية واإليطالية ،الشبكة االوربية للهجرة التابعة
للمفوضية األوربية ووزارة الشؤون الداخلية االيطالية ،قسم الحريات املدنية والهجرة ،االدارة املركزية
لسياسات الهجرة واللجوء ،روما .2013
- 5أنظر:
- Antoine Pécoud, L’ONU face aux migrants : une mission inaboutie ?, Cahiers
d’histoire. Revue d’histoire critique : Que fait l'ONU, Droit d'inventaire, 142 | 2019, 1 juillet
2019 Page.9-10.
- 6ال يوجد تعريف موحد للهجرة الدولية ،والتعريفات الحالية للهجرة الدولية تركز على النشاطات
االقتدصادية واالجتماعيدة والثقافية التي يقوم بها املهاجرون ال على رحلة االنطالق والوصول التي يقومدون بهدا،
ويمكن ان نقول ان الهجرة الدولية هي االنتقال القانوني لألشخاص بين الدول بغرض العمل أو ملمارسة أي
نشاط اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي آخر ،ويتم بشكل دائم باستقرار املهاجر نهائيا في دولدة االسدتقبال أو بشكل
مؤقت بعودة املهاجر إلى موطنه األصلي .انظر :سليم دحه ،الهجرة الدولية :املفهوم ومنظورات التفسير ،مجلة
العلوم القانونية والسياسية ،العدد السادس ،يناير 201ص.11.
- 7أنظر في هذا الباب :بن عومر محمد الصالح ،ماهیة الهجرة غير الشرعیة واآللیات الوطنیة املقررة
ملكافحتها في التشریع الجزائري ،مجلة امليزان ،معهد الحقوق والعلوم السياسية ،مخبر الجرائم العابرة للحدود
باملركز الجامعي صالحي أحمد بالنعامة ،العدد الثالث الخاص بفعاليات امللتقى الدولي األول حول واقع الهجرة
غير الشرعية و آليات مكافحتها املنعقد في 16و 17اكتوبر.2018
- 8بددوجالل صددالح الدددين ،محاض درات فددي قددانون حقددوق االنسددان ،السددنة الجامعيددة ،2014/2013كليددة
الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة سطيف ،2ص.13-10.
- 9الهجددرة الدوليددة والصددحة وحقددوق اإلنسددان ،منشددورات منظمددة الصددحة العامليددة املعنيددة بالصددحة
وحقوق اإلنسان ،العدد الرابع ،2006،ص9-8.
- 10لالطالع على هدذه الترسدانة مدن القدوانين التدي يسدهل تطبيقهدا علدى فئدة املهداجرين الددوليين ،أنظدر فدي
هذا الشأن:
- MIGRATIONS ET PROTECTION DES DROITS DE L’HOMME, Droit international
de la migration, N°3, Organization international pour les migrations,2005, Page .19-26
- 11حمددزة عبابسددة ،الحمايددة القانونيددة للمهداجرين فددي القددانون الدددولي ،رسددالة لنيددل شددهادة الدددكتوراه فددي
القانون العام ،تلمسان كلية الحقوق والعلوم السياسية السنة الجامعية ،2017/2016ص.67-66.
- 12حيدددر ادهددم عبددد الهددادي ،دراسددات فددي قددانون حقددوق االنسددان ،دار الحامددد للنشددر والتوزيددع ،عمددان،
االردن ،الطبعة االولى 2009 ،ص.54-45.
- 13تعزيددز وحماي ددة جمي ددع حق ددوق اإلنس ددان ،املدني ددة والسياس ددية واالقتص ددادية واالجتماعي ددة والثقافي ددة،
بما في ذلدك الحدق فدي التنميدة :تقريدر عدن مجموعدة املبدادئ واملمارسدات الجيددة والسياسدات املتعلقدة بدالهجرة اآلمندة
ً
واملنظمددة والنظاميددة تماشدديا مددع القددانون الدددولي لحقددوق اإلنسددان التقريددر السددنوي ملفددوض األمددم املتحدددة السددامي
لحق د د ددوق اإلنس د د ددان وتق د د ددارير املفوض د د ددية الس د د ددامية واألم د د ددين الع د د ددام ،وثيق د د ددة 05 ،A/HRC/36/42 :أكت د د ددوبر ،2017
الفقرة.11.
- 14بضدري محمدد ،حقدوق اإلنسدان والحریدات العامدة ،د راسدة دولیدة ووطنیدة ،الطبعدة الرابعدة ،دار
النشر الجسور ،املغرب ، 2001 ،ص. 1.
- 15عدرف مفهددوم التنميددة تحددوالت عدددة بحيددث انتقددل مددن املفهددوم الضدديق املرتكددز علددى الكددم االقتصددادي
الى املفهوم الواسع القائم على محورية االنسان ،قبل ان يظهر مفهوم التنمية املستدامة الجديد .
- 16يمكن القول أنه في تسعينيات القرن العشرين بدأت تظهر مدرسة جديدة وغير تقليدية وأكثر
شموال في إطار الدراسات األمنية ،والتي يمكن أن نطلق عليها مدرسة التنمية أو التنمية البشرية ،تنحاز بدرجة
أكبر إلى البشر واألفراد ،وتقدم مقترابا جديدا في الدراسات األمنية ،في إطار ما يسمى بمفهوم األمن البشري .
محمد أحمد علي العدوي ،األمن اإلنساني ومنظومة حقوق اإلنسان :دراسة في املفاهيم ..والعالقات املتبادلة،
ص.3.
- 17إعالن الهداي بشأن مستقبل السياسات املتعلقة بالالجئين والهجرة ،الدورة السابعة والخمسون
للجمعية العامة ،رمز الوثيقة ،A/693/57 :بتاريخ 23دجنبر ،2002ص.15.
" - 18حقددوق اإلنسددان للمهاجرين" ،تقريدر املقددم مدن السديدة غدابرييال رودريغدديز بدديزارو املقدررة الخاصدة
للجندة حقدوق اإلنسدان املعنية بحقدوق اإلنسدان للمهاجرين في الدورة الثامنة والخمسون للجمعية لألمم املتحدة،
وثيقة رمز 12 ، A/58/275:غشت .2003
- 19تقرير لجنة األمن اإلنساني لسنة ، 2003ص.135.
- 20رسدالة مؤرخدة 21نوفمددبر 2002موجهددة إلى رئيددس الجمعيددة العامة من املمثلين الدائمين
لسويسرا والنرويج لدى األمم املتحدة الدورة السابعة والخمسون للجمعية العامة 23دجنبر ،2002رمز الوثيقة:
، A/57/693ص.13.
- 21إنسانية واحدة :مسؤولية مشتركة ،تقرير األمين العام ملؤتمر القمة العاملي للعمل اإلنساني،
الدورة السبعون لألمم املتحدة ،وثيقة ،A/70/709 :بتاريخ 02فبراير ،2016املادة.108.
" - 22حقوق اإلنسان للمهاجرين" :مذكرة من األمين العام ،الدورة الثامنة والخمسون للجمعية
العامة ،رمز الوثيقة ، A/58/275 :الفقرتين 50و .51
- 23محمد أحمد علي العدوي ،األمن اإلنساني ومنظومة حقوق اإلنسان :دراسة في املفاهيم
والعالقات املتبادلة ،قسم العلوم السياسية واإلدارة العامة -جامعة أسيوط .مركز االعالم االمني ،ص .5.متاح
على الرابط التالي:
https://drive.google.com/file/d/0B9x5L29xpeaacXVrMHNjUEhPa00/view
- 24تقرير لجنة األمن اإلنساني ، 2003ص.44.
- 25نيلز كارستينسن ،فهم الحماية التي تقودها املجتمعات املحلية ودعمها ،نشرة الهجرة القسرية،
مركز اوكسفورد لدراسات الالجئين ،العدد ،53اكتوبر ،2016ص.4.
- 26أنظر:
- Practitioners and Makers-Policy for Handbook A: Planning Development into Migration
Mainstreaming, Publication of International Organization for Migration (IOM), 2010 , page.15
- 27إنسانية واحدة :مسؤولية مشتركة ،تقرير األمين العام ملؤتمر القمة العاملي للعمل اإلنساني،
الدورة السبعون لألمم املتحدة ،وثيقة ،A/70/709 :بتاريخ 02فبراير ،2016املادة.114 .
- 28حقوق اإلنسان للمهاجرين ،مذكرة من األمين العام ،الدورة الثامنة والستون للجمعية العامة
لألمم املتحدة ،رمز الوثيقة ،A/68/283 :املادة.108 .
" - 29متابعة نتائج مؤتمر قمة األلفية" ،مذكرة من األمين العام ،الدورة الحادية والسبعون الجمعية
العامة ،وثيقة رمز ، A / 71/728 :بتاريخ 03فبراير ،2017الفقرة.7.
- 30تعزيز األمم املتحدة :برنامج إلجراء املزيد من التغييرات ،تقرير األمين العام للجمعية العامة في
دورتها ،57رمز الوثيقة A/57/387 :موجز التقرير ،الصفحة األولى.
- 31االتفاق العاملي من أجل الهجرة اآلمنة واملنظمة والنظامية ،قرار اتخذته الجمعية العامة في 19
ديسمبر ،2018خالل دورتها الثالثة والسبعون ،رمز الوثيقة ،A/RES/73/195 :الفقرة.45.
" - 32حقوق اإلنسان للمهاجرين :مذكرة من األمين العام" ،الدورة الثامنة والستون للجمعية العامة،
07غشت ،2013رمز الوثيقة ،A/68/283 :الفقرة.15.
" - 33حقوق اإلنسان للمهاجرين :مذكرة من األمين العام" ،نفس الوثيقة ،الفقرة.16 .
- 34تقرير الهجرة ،املنظمة الدولية للهجرة ،سويسرا ، 2017 ،ص .142 .أنظر أيضا" :حقوق اإلنسان
للمهاجرين ،A/68/283 ،مرجع سابق ،الفقرة.17 .
" - 35حقوق اإلنسان للمهاجرين ،A/68/283 ،مرجع سابق ،الفقرة.19.
" - 36حقوق اإلنسان للمهاجرين ،A/68/283 ،مرجع سابق ،الفقرة.20.
" - 37حقوق اإلنسان للمهاجرين ،A/68/283 ،مرجع سابق ،الفقرة .21.
" - 38حقوق اإلنسان للمهاجرين ،A/68/283 ،مرجع سابق ،الفقرة .22.
- 39إعالن نيويورك من أجل الالجئين واملهاجرين ،قرار اتخذته الجمعية العامة في 19سبتمبر ،2016
خالل دورتها الواحدة والسبعون ،بتاريخ 03اكتوبر ،2016رمز الوثيقة.A/RES/71/1 :
مقدمة
يسير املغرب بخطوات ثابتة نحو تكريس التقنيات االلكترونية املنبثقة عن الثورة الرقمية في
تصريف العدالة و اإلجراءات القضائية،و ذلك من خالل اعتماد المادية اإلجراءات بين مختلف
املحاكم و باقي املتدخلين في منظومة العدالة بشكل يضمن انخراط جميع الفاعلين و املهنيين في هذا
النسق الرقمي الذي اثبت نجاعته في تحقيق سرعة البت في القضايا و ضمان شفافية املساطر
القضائية ،و في هذا الصدد جاءت الخطب امللكية السامية للتأكيد على أهمية السير قدما في تنزيل
هذا الورش اإلصالحي الكبير ملنظومة العدالة ،فجاء في الرسالة امللكية السامية لصاحب الجاللة
امللك محمد السادس نصره هللا و ّأيده بتاريخ 10-2019-21ضمن فعاليات املؤتمر الدولي بمراكش
حول "العدالة و االستثمار " " ندعو الستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية من إمكانيات لنشر
املعلومة القانونية و القضائية ،و تبني خيار تعزيز و تعميم ال مادية اإلجراءات و املساطر
القانونية و القضائية و التقاض ي عن بعد ،باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة و
النجاعة ،مع الحرص على تقعيدها قانونيا ،و انخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش
ّ
التحول الرقمي".
و يبقى القضاء التجاري في مقدمة املعركة التي يخوضها املغرب ملواجهة تحديات الرقمنة
بالنظر إلى خصوصياته املستمدة من ارتباطه باالستثمار الوطني و الدولي ،و ما يتسم به من سرعة
ا لبت في القضايا ،ناهيك عن تفش ي التعامل الرقمي بين املقاوالت املغربية و األجنبية ،و التكريس
التشريعي إلحداث املقاوالت بطريقة إلكترونية و مواكبتها عمال بالقانون رقم .1 88/17
- 1ظهير شريف رقم 1.18.109الصادر في 9يناير 2019بتنفيذ القانون رقم 88-17المتعلق بإحداث المقاوالت بطريقة
إلكترونية و مواكبتها منشور بالجريدة الرسمية عدد 6745بتاريخ 21يناير 2019ص . 140
ويراهن املجلس األعلى للسلطة القضائية على العنصر البشري ممثال في أطر و موظفي
العدالة في تنزيل مضامين الورش الكبير للرقمنة و ذلك من خالل تفعيل مضامين املشروع وفق
املنظور االستراتيجي الذي وضعه املجلس كخطة عمل و خارطة طريق لتجويد الخدمات التي يقدمها
مرفق القضاء و تحسين األداء باملحاكم ،و من هذا املنطلق كان لزاما على الشخص املمارس
املساهمة في هذا املشروع و االنخراط االيجابي في مسار الرقمنة ،و املشاركة في رصد اإلشكاليات
التي يطرحها واقع املمارسة ،و اقتراح الحلول املالئمة ملواجهة التحديات الراهنة ،و تأسيسا على ما
سبق البد من التساؤل حول كيفية تسخير التقنيات الرقمية لتحقيق غايات املخطط االستراتيجي
للمجلس األعلى للسلطة القضائية و املتمثلة في جعل العدالة ببالدنا عدالة ناجعة شفافة و سهلة
الولوج بشكل يحقق األمن القضائي للمتقاضين .
ووعيا من املجلس األعلى للسلطة القضائية بالدور املهم الذي تلعبه الرقمنة فقد خصص
املخطط االستراتيجي حيزا مهما لهذا املوضوع و أفرد الورش رقم 26للسعي إلى رقمنة اإلجراءات
واملساطر و الخدمات القضائية و أكد على االنخراط الجدي في تعزيز مناخ األعمال و مواكبة
املستجدات و التوجهات التشريعية الدولية و األشكال الجديدة للتقاض ي من خالل استثمار الثورة
الرقمية و التكنولوجية .
وتشكل قضايا صعوبات املقاولة محورا أساسيا ملناقشة التحديات الراهنة لتعزيز دور
املحاكم التجارية باعتبارها من أولويات املخطط االستراتيجي للمجلس األعلى للسلطة القضائية
فأكد على ضرورة النهوض بأوضاعها ،و االهتمام بوضعية القضاة املمارسين بها و األطر األخرى
املساعدة لهم سواء تعلق األمر باملوظفين أو مساعدي القضاء كالسنادكة و الخبراء ،و هو ما من
شأنه أن يسهم في التنزيل السليم لنص قانوني يراعي خصوصيات هذه املساطر و يأخذ بعين
االعتبار كل مستجدات القانون رقم 73/17الذي نسخ و عوض الكتاب الخامس من مدونة
التجارة ،و ذلك في إطار تجويد الترسانة القانونية ،و تحسين مناخ األعمال .
إن اعتماد الوسائط االلكترونية من شأنه أن يعطي دفعة قوية تزيد من فعالية مساطر
صعوبات املقاولة ،و تجاوز املعيقات التي تثار في هذا اإلطار ،و لذلك فإن دراسة هذا املوضوع
الصفحة 48 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
يقتض ي الوقوف على التوجهات التشريعية الكبرى لرقمنة املحاكم ،مع االستناد إلى واقع ممارسة
ّ
مساطر صعوبات املقاولة و تنفيذ اإلجراءات القانونية املرتبطة بها ،و ملا كانت املقتضيات املنظمة
ملساطر اإلنقاذ والتسوية القضائية و التصفية القضائية تلتقي في العديد من النقط في إطار
األحكام املشتركة املتعلقة بطلبات فتح هذه املساطر و إجراءات نشرها ،مع اختالف هذه األحكام في
ما يتعلق بسير كل مسطرة من هذه املساطر فقد ارتأينا تقسيم املوضوع إلى محورين أساسيين
أولهما يتعلق برقمنة اإلجراءات املرتبطة بفتح مساطر صعوبات املقاولة و إشهارها ،و ثانيهما يهم
رقمنة اإلجراءات املرتبطة بسير مساطر صعوبات املقاولة .
يلعب القضاء التجاري دورا رئيسيا في مساطر صعوبات املقاولة يتجسد في اإلشراف على
جميع إجراءاتها منذ فتح املسطرة إلى غاية قفلها ، 1و قد منح املشرع للقضاء التجاري أدوارا قانونية
و اقتصادية جديدة،و صالحيات استثنائية للتقرير في مصير املقاولة ،و يقتض ي سير مساطر
صعوبات املقاولة املرور عبر مجموعة من املراحل تبتدئ بتقديم طلب فتح املسطرة من طرف
املقاولة نفسها أو أحد الدائنين أو بناء على أمر رئيس املحكمة باإلحالة على غرفة املشورة أو بناء
على طلب من النيابة العامة ،2ثم سلوك إجراءات املناقشة التي يتمخض عنها صدور الحكم
القاض ي بفتح املسطرة و ما يترتب عنه من آثار ،أبرزها إجراءات الشهر املنصوص عليها قانون ،وعلى
- 1حدد المشرع حاالت قفل اإلنقاذ أو التسوية القضائية و تتمثل في تنفيذ المقاولة لإللتزاماتها الواردة بالمخطط ،و حاالت قفل
التصفية القضائية عمال بالمادة 669من مدونة التجارة ،و التي تتمثل سداد المقاولة لمجموع ديونها أو استحالة االستمرار في
التصفية لعدم كفاية األصول ،و نشير إلى اإلمكانية التي أوردها التعديل الجديد الذي جاء به القانون 73-17و المتمثلة في إمكانية
1
تقديم طلب إعادة فتح المسطرة بعد قفلها .
- 2نصت هذه المادة على " يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى ألحد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه ،و يمكن للمحكمة
أيضا أن تضع يدها على المسطرة إما تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو من رئيس المحكمة في إطار ما تخوله له الوقاية
الخارجية من اختصاصات .
هذا األساس سنحاول بحث اإلجراءات املرتبطة بفتح مساطر صعوبات املقاولة في املطلب األول ،ثم
نتحدث عن اإلجراءات املرتبطة بإشهار الحكم في مطلب ثاني .
تتميز الطلبات الرامية إلى فتح مساطر صعوبات املقاولة سواء تعلق األمر بمسطرة اإلنقاذ أو
التسوية القضائية ،أو التصفية القضائية بمجموعة من الخصوصيات على مستوى اإلجراءات
الشكلية أو القواعد املوضوعية ،و ّ
لعل أبرزها ازدواجية القواعد املسطرية بين ضرورة تقديم
الطلب املكتوب الذي يوضح الصعوبات التي تعانيها املقاولة و إرفاقه بالوثائق املتطلبة عمال باملادة
،1 577و بين مسطرة االستماع لرئيس املقاولة بغرفة املشورة عمال باملادة 582من نفس القانون
التي تنص على أن املحكمة تبت بشأن فتح املسطرة بعد استماعها لرئيس املقاولة أو استدعائه
قانونيا للمثول أمام غرفة املشورة ،و يمكن للمحكمة أيضا االستماع لكل شخص يتبين لها أن
أقواله مفيدة دون أن يتمسك بالسر املنهي .2و تبعا لذلك فإن طلبات فتح مساطر صعوبات املقاولة
يجب أن تخضع لنفس النسق اإللكتروني ،و تتم وفق مرجعية قانونية واضحة ،و في إطار مقاربة
شمولية تنفتح على جميع مكونات منظومة العدالة و على التجارب الدولية الرائدة في هذا املجال ،و
في هذا الصدد أعلن مشروع قانون رقمنة اإلجراءات القضائية الذي أعدته وزارة العدل عن األهداف
الكبرى لهذا اإلطار التشريعي الذي يعد لبنة أساسية للرفع من جودة الخدمات القضائية ،و تحقيق
الشفافية و النجاعة على مستوى إجراءات التقاض ي باملغرب ،و تبعا لذلك يمكن تسجيل الطلبات
الرامية لفتح مساطر صعوبات املقاولة عن طريق املنصة الرقمية املعدة لهذا الغرض .
وقد حددت املادة األولى من مشروع القانون املتعلق برقمنة اإلجراءات القضائية خارطة
الطريق واألهداف األساسية من وراء وضع إطار تشريعي ينظم استعمال التقنيات الحديثة في
- 1جاء في هذه المادة :يودع رئيس المقاولة طلبه بكتابة الضبط و يشير فيه إلى أسباب التوقف عن الدفع و يجب إرفاق الطلب
بالوثائق الواردة في هذه المادة .
2المادة 582من مدونة التجارة .
التقاض ي فنصت على أن هذا القانون يهدف إلى إدماج استعمال التقنيات الحديثة في املسارات و
املساطر القضائية بما يضمن تأمين املعطيات الشخصية من خالل اعتماد اإلدارة اإللكترونية في
اإلجراءات القضائية وفق برامج تحديث اإلدارة القضائية التي تعدها الوزارة املكلفة بالعدل و
التدبير الالمادي لإلجراءات القضائية بين مختلف محاكم اململكة و باقي الفاعلين في املنظومة
القضائية ،وتمكين املواطنين واملهنيين من الولوج الرقمي إلى العدالة ،وتقديم الخدمات عن بعد ،
والتمكين من عقد جلسات افتراضية و املحاكمة عن بعد عبر تقنية املناظرة املرئية ،و تأسيسا على
ذلك يمكن ممارسة اإلجراءات الرقمية من خالل مجموع الطلبات التي يمكن أن تقدم للمحكمة عن
طريق املنصة الرقمية.
- 1المادة 561من مدونة التجارة نصت على أن رئيس المقاولة يودع طلبه لدى كتابة الضبط المحكمة المختصة و يبين فيه نوعية
الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة و يرفقه بالوثائق المنصوص عليها في المادة 577من مدونة التجارة .
و إذا قدم بواسطة محام يجب أن يتضمن حسابه اإللكتروني املنهي ،و نرى أن خصوصيات
مساطر صعوبات املقاولة تقتض ي تضمين طلب فتح مساطر صعوبات املقاولة املقدم عن طريق
املنصة العنوان اإللكتروني لرئيس املقاولة والحساب اإللكتروني املنهي لنائبه ،و ذلك حتى يسهل
فيما بعد التواصل معه بشأن سير إجراءات املسطرة ،و يسري نفس الحكم على طلبات رئيس
املقاولة الرامية إلى فتح مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية ،و كذلك الطلبات
املقدمة من طرف أحد الدائنين بحيث يتعين أن ترفق بالوثائق الالزمة ،و التي يتم تبادلها في
إطار نسق رقمي بين األطراف و املحكمة ،و يمكن للقاض ي في جميع األحوال أن يطلب اإلدالء له
بأصل الوثيقة .
األكيد أن طلبات فتح مساطر صعوبات املقاولة يؤدى عنها الرسم القضائي املحدد قانونا و
إلى جانب ذلك يؤدي رئيس املقاولة مبلغ مصاريف اإلشهار و تسيير املسطرة الذي يحدده رئيس
املحكمة طبقا للمادة 577من مدونة التجارة ، 1و قد أقر املشروع إمكانية األداء اإللكتروني في
جميع األحوال التي تستوجب أداء وجيبة قضائية أو إيداع مبلغ مالي بما في ذلك املصاريف التي
تتطلبها إجراءات تحقيق الدعوى ،و ذلك طبقا للفصل 12-510الذي ينص على أنه " يتم اعتماد
نظام األداء اإللكتروني في جميع األحوال التي تستوجب تأدية رسم قضائي أو إيداع مبلغ مالي "
كما وضع املشروع تعريفا لألداء اإللكتروني في املادة األولى و اعتبره وسيلة للقيام بدفع أموال أو
الحصول على مستحقات بشكل رقمي من قبيل أداء رسم قضائي أو وجيبة يفرضها القانون.
و إذا كانت إجراءات إيداع الطلبات الرامية إلى فتح مسطرة صعوبات املقاولة و الوثائق
املرفقة بها عبر املنصة الرقمية ال تطرح إشكاال كبيرا ،فإن مسطرة االستماع لرئيس املقاولة تقتض ي
الحضور و املناقشة و هو ما يفرض البحث عن سبل مناسبة للسير في إجراءات الرقمنة إلى أبعد
1نصت هذه المادة على أنه :يحدد رئيس المحكمة عند تقديم طلب فتح مسطرة التسوية القضائية مبلغا لتغطية مصاريف اإلشهار
و تسيير هذه المسطرة ،يودع فورا بصندوق المحكمة من طرف رئيس المقاولة ،و في حالة عجز المقاولة عن األداء يمكن أن
تؤدى المصاريف المذكورة من طرف الدائن الذي له مصلحة في فتح المسطرة و في هذه الحالة تعتبر المصاريف المؤداة من قبل
الدائن دينا على المقاولة .
الحدود و مالءمة قواعد الكتاب الخامس من مدونة التجارة مع املقتضيات القانونية املرتبطة
بمجال الرقمنة ،و هو ما يطرح التساؤل حول التصميم التقني لضمان املناقشة الشفوية لقضايا
صعوبات املقاولة باالعتماد على عناصر تسمح بتحقيق السرية التي أضفاها املشرع على غرفة
املشورة .
إن إشكالية التبليغ تبقى من أبرز التحديات التي يتعين مواجهتها من أجل تحقيق سرعة
البت في القضايا خاصة التجارية منها ،و األكيد أن اعتماد التبليغ اإللكتروني سيؤدي ال محالة إلى
إضفاء الفعالية الالزمة على مساطر صعوبات املقاولة خاصة ما يتعلق منها باإلجراءات الالحقة على
صدور الحكم القاض ي بفتح املسطرة ،سواء تعلق األمر بإجراءات التبليغ في مسطرة تحقيق الديون
أو إجراءات التبليغ املرتبطة بدعوى تمديد املسطرة للمسيرين ،أو التبليغ ملناقشة الخبرة و ما سوى
ذلك كبير ،بحيث سيؤدي تفعيل التبليغ اإللكتروني إلى تقليص أمد البت في جميع املنازعات
املتفرعة عن مساطر صعوبات املقاولة ،مما يحتم البحث عن نسق تقني يضمن تبليغ أطراف
الدعوى في مقرهم االفتراض ي اعتمادا على التقنيات الحديثة و التطور العلمي الحاصل لالستفادة
من مزية السرعة و الدقة التي توفرها هذه األدوات ،و في هذا اإلطار جاء املشروع املتعلق برقمنة
اإلجراءات القضائية بآليتين تشريعيتين لتفعيل التبليغ اإللكتروني و هما الحساب الرقمي اإللكتروني
املنهي والعنوان االلكتروني ،فالحساب اإللكتروني :هو حساب إلكتروني رسمي يتم إحداثه من
طرف الجهة املشرفة على النظام الرقمي (الوزارة املكلفة بالعدل ) لكل مستخدم منهي و هو وسيلة
لتبادل املراسالت و اإلجراءات و الوثائق و البيانات داخل النظام الرقمي ،بما فيها التبليغات
القضائية و األحكام و مقاالت الدعاوى و الطلبات و الطعون و جميع اإلجراءات القضائية األخرى ،
و بعد املناقشة و إحالة امللف على النيابة العامة لإلدالء بمستنتجاتها الكتابية 1يحجز امللف
للمداولة ويتم النطق به ،و تسجيل منطوقه بالسجل االلكتروني الذي تمسكه كتابة ضبط املحكمة
ويتيح نشره بطريقة الكترونية لألطراف إمكانية االطالع على منطوقه في املوقع االلكتروني املعد لهذه
- 1واإلحالة على النيابة العامة هنا إجبارية تجد أساسها في ارتباط قضايا صعوبات المقاولة بالنظام العام االقتصادي ،وتماشيا مع
نسق الرقمنة فإن إمكانية اإلدالء بمستنجات النيابة بشكل إلكتروني تبقى قائمة اعتمادا على نفس المقومات المشار إليها .
الغاية كما يتم تحرير الحكم القاض ي بفتح املسطرة عن طريق الحاسوب و املصادقة االلكترونية
عليه قصد تمكين األطراف من سحب نسخة من الحكم املحفوظ ورقيا و الكترونيا ،و من اآلثار
الناتجة مباشرة عن صدور حكم فتح مسطرة اإلنقاذ أو التسوية القضائية أو التصفية القضائية
إجراءات الشهر التي تنظمها املادة 584من مدونة التجارة ،فما هي آفاق و إكراهات اعتماد النشر
اإللكتروني .
يسري أثر الحكم القاض ي بفتح مسطرة اإلنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية من تاريخ
صدوره طبقا للمادة 584من مدونة التجارة ،و يشار إليه في السجل التجاري املحلي و السجل
التجاري املركزي فور النطق به ويقوم كاتب الضبط بنشر إشعار بالحكم يتضمن إسم املقاولة كما
هو مقيد في السجل التجاري ،و كذا رقم تسجيلها به ،في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات
القانونية و القضائية و اإلدارية ،و في الجريدة الرسمية داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ صدوره ،و
يدعو الدائنين إلى التصريح بديونهم للسنديك املعين ،و يعلق هذا اإلشعار على اللوحة املعدة لهذا
الغرض باملحكمة املصدرة للحكم فور النطق به ،و تجب اإلشارة إلى الحكم بسجالت املحافظة على
األمالك العقارية و بالسجالت الخاصة بتسجيل السفن و الطائرات و غيرها من السجالت املعدة
لنفس الغاية .
وتأسيسا على هذا املقتض ى فإن إجراءات الشهر املشار إليها تبقى من اآلليات األساسية في
املساطر الجماعية و التي يترتب عنها حماية أصول املقاولة و تمكين الدائنين من صيانة حقوقهم ،و
لعل أبرز و أهم هذه اإلجراءات هو نشر إشعار بالحكم بالجريدة الرسمية ،و اإلشارة إليه في
سجالت املحافظة العقارية و بالسجل التجاري املركزي و املحلي ،و هو ما ستقوم بمناقشته و ّ
نعرج
كذلك على السجل اإللكتروني للضمانات املنقولة ملا له من أهمية اليوم في تحديد تحمالت املقاولة .
تتولى مديرية املطبعة الرسمية باألمانة العامة للحكومة طبع الجريدة الرسمية للمملكة و
تنفيذ جميع أعمال الطبع لفائدة اإلدارات العمومية كما تحرص على تدوين النصوص التشريعية
والتنظيمية ضمن سلسلة الوثائق القانونية املغربية ،و بالنظر إلى هذه الصالحيات تعمل هذه
املؤسسة على انجاز املهام املنوطة بها باعتماد أساليب حديثة تهدف إلى استغالل املهارات في مجال
النشر االلكتروني 1و تشتمل الجريدة الرسمية على أربع نشرات تصدر باللغة العربية و هي النشرة
العامة تدرج فيها القوانين و النصوص التنظيمية و القرارات و الوثائق التي يفرض القانون نشرها ،
و نشرة االتفاقيات الدولية و نشرة اإلعالنات املتعلقة بالتحفيظ العقاري و نشرة اإلعالنات
القانونية والقضائية واإلدارية باإلضافة إلى نشرة الترجمة التصدر باللغة الفرنسية .
وقد استلزمت املادة 584من مدونة التجارة القيام بنشر الحكم القاض ي بفتح املسطرة في
الجريدة الرسمية ،إذ يشكل هذا اإلجراء آلية قانونية إلخبار الدائنين في مساطر معالجة صعوبات
املقاولة ويترتب عليه سواء تعلق األمر بمسطرة إنقاذ أو تسوية قضائية أو تصفية قضائية انطالق
احتساب أجل التصريح بالديون بالنسبة لباقي الدائنين غير املدرجين بالقائمة و املعروفين لدى
السنديك والدائنين أصحاب الضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم نشرهما لكون سريان األجل
بالنسبة لهؤالء ينطلق من تاريخ اإلشعار عمال باملادة 720من مدونة التجارة .2
وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار إلى أن األمانة العامة للحكومة تتيح من خالل موقعها
االلكتروني االطالع على األعداد التي تنشر بالجريدة الرسمية مع إمكانية البحث عن العدد و نسخه و
طباعته و هي خطوة يمكن في اعتقادنا أن تخفف من التعرضات التي يثيرها بعض الدائنين بذريعة
1
-راجع حصيلة نشاط االمانة العامة للحكومة برسم سنة 2020و افاق عملها ،ص . 27
نصت هذه المادة على وجوب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ اإلشعار بالنسبة للدائنين المدرجين
بالقائمة و كذا الدائنين المعروفين لدى السنديك ،و الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم إشهارهما ،و من تاريخ
2
نشر المقرر بالجريدة الرسمية بالنسبة لباقي الدائنين .
عدم علمهم بفتح املسطرة أو اطالعهم على الجريدة الرسمية ،و تقديم طلبات رفع السقوط
للقاض ي املنتدب بهذا الشأن .
وفي السياق ذاته فان عملية النشر في الجريدة الرسمية عرفت بدورها تطويرا و تحديثا
ملحوظا من حيث اعتماد إجراءات النشر عن البعد باالعتماد على الخدمات الرقمية ،و استخدام
البوابة الوطنية لنشر اإلعالنات بالجريدة الرسمية www.annonceslégales.gov.maالتي تمكن
املعلنين من وضع إعالناتهم عن بعد و تتبع مسارها إلى غاية نشرها بالجريدة الرسمية .
ونشير إلى أن نشر إشعار بالحكم القاض ي بفتح مساطر صعوبات املقاولة من صميم مهام
كتابة ضبط املحكمة التي أصدرت الحكم و ذلك بصريح املادة 584من مدونة التجارة التي نصت في
فقرتها الثانية على انه" يقوم كاتب الضبط بنشر إشعار بالحكم يتضمن اسم املقاولة و رقم
تسجيلها بالسجل التجاري في جريدة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية و في الجريدة الرسمية
داخل اجل ثمانية أيام من صدوره و يدعو الدائنين إلى التصريح بديونهم للسنديك املعين .
ولعل التنصيص على اجل ثمانية أيام للقيام بإجراءات النشر بالجريدة الرسمية لدليل على
ضرورة السرعة في استجماع عناصر خصوم املقاولة في اقرب اآلجال ،خاصة أن للدائنين داخل
املغرب اجل شهرين للتصريح بديونهم و للدائنين بالخارج اجل أربعة أشهر و هو ما يقتض ي سهر
كتابة الضبط على التقيد بتنفيذ األمر املوجه لها بنشر الحكم داخل اجل ثمانية أيام ،و يحتم هذا
األمر تعزيز التواصل االلكتروني بين جهاز كتابة الضبط لدى مصلحة صعوبات املقاولة و الجهة
املخول لها القيام بإجراءات النشر بالجريدة الرسمية من اجل تفعيل تقنيات النشر عن طريق
البوابة االلكترونية املفتوحة لهذا الغرض قصد تحقيق الغايات التشريعية املتوخاة ،و أن الحاجة
إلى التنسيق في مجال نشر اإلشعارات بفتح املساطر الجماعية أصبحت ملحة خاصة أمام كثرة
اإلعالنات التي تتوصل بها الجهة املكلفة بالنشر ،و هو ما يطرح في الوقت ذاته إشكالية مصاريف
النشر التي يتعين معالجتها في إطار مقاربة شمولية ،و نرى أن الجهة املكلفة بالنشر بالجريدة
الرسمية على وعي تام بهذه اإلكراهات بحيث أكد التقرير املتعلق بحصيلة نشاط األمانة العامة
للحكومة برسم سنة 2020على مواصلة العمل على إدراج اإلعالنات القضائية و اإلدارية ضمن
الصفحة 56 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
خدمة البوابة االلكترونية إليداع و نشر اإلعالنات بالجريدة الرسمية من خالل مراسلة الجهات
املعنية بكل من وزارة العدل إلمداد مديرية املطبعة الرسمية بكافة البيانات الالزمة إلضافة إعالناتهم
و هي غزيرة ضمن الالئحة التي تحدد تعرفتها بكيفية جزافية و بالتالي تمكينها من تيهئء البوابة
االلكترونية املذكورة ،1و سيرا في نسق الرقمنة يتم وضع نشرة الجريدة الرسمية املتعلقة باإلعالنات
القانونية و القضائية و اإلدارية رهن إشارة العموم على املوقع االلكتروني لألمانة العامة للحكومة
www.ssg.gov.maمن اجل تمكين املواطنين عبر كل أرجاء اململكة من االطالع على اإلعالنات في
ميدان اإلشهار القانوني و تحميلها .2
ونرى أن النشر االلكتروني من شأنه إضفاء الفعالية الالزمة على إجراءات الشهر و تمكين
دائني املقاولة من الحفاظ على حقوقهم خاصة باستعمال الشبكة العنكبوتية التي تمكن من الولوج
إلى املوقع اإللكتروني على أوسع نطاق جغرافي ،مما يسهم في تحقيق أهداف الكتاب الخامس في شقه
املتعلق بتعزيز األمن القانوني في مجال التجارة و االستثمار العابرة للحدود ،و نشير في هذا الصدد
إلى أن موقع األمانة العامة سجل منذ سنة 2020عددا اكبر من الزوار من خارج املغرب خاصة
فرنسا و الواليات املتحدة األمريكية و مصر و اسبانيا ،و هو ما يعطي مؤشرات إيجابية حول
فعالية النشر باملوقع اإللكتروني .
تستلزم حماية أصول املقاولة من االستنزاف الذي يمكن أن يتحقق بقيام رئيس املقاولة
بإجراء تفويت العقارات اململوكة لها ،أو نتيجة مباشرة أحد الدائنين إلجراءات التنفيذ بعد فتح
املسطرة ضرورة التعجيل بتقييد حكم فتح املسطرة بسجالت املحافظة العقارية ،و قد نصت املادة
584من مدونة املدونة التجارة في فقرتها الثالثة على وجوب القيام بهذا الشهر ،و املالحظ أن املشرع
راجع حصيلة نشاط االمانة العامة للحكومة برسم سنة 2020و افاق عملها ،ص 28و . 29 1
-
2-راجع حصيلة نشاط االمانة العامة للحكومة برسم سنة 2020و افاق عملها ،ص . 29
نص على ضرورة اإلشارة إلى الحكم فور صدوره بالسجل التجاري للمقاولة الخاضعة املسطرة و
بلوحة املحكمة املعدة لهذا الغرض ،و داخل ثمانية أيام من صدوره بالنسبة بالنشر في الجريدة و
ّ
الجريدة الرسمية ،إال أنه لم يحدد صراحة أجال بموجب املادة 584من مدونة التجارة للقيام
بتسجيل حكم فتح املسطرة بسجالت املحافظة على األمالك العقارية ،و نرى أن السرعة متطلبة في
القيام بهذا اإلجراء بالنظر إلى اآلثار التي يمكن أن تترتب عن عدم تسجيله ،و يكفي أن نشير إلى أن
تسجيل حكم فتح مسطرة التصفية القضائية يمنع القيام بأي تصرف في العقارات اململوكة
للمقاولة أو ترتيب حقوق و تحمالت إضافية عليه من طرف وئيس املقاولة .
وتبعا لذلك تكون الحاجة ملحة إلى معالجة قانونية في إطار مقاربة شمولية لوضعية
العقارات اململوكة ملقاوالت خاضعة املسطرة الجماعية معالجة تستهدف حل جميع اإلشكاليات التي
قد تطرح بهذا الخصوص ،و ذلك في تنسيق تام و منسجم بين كتابة ضبط املحكمة مصدرة الحكم
بفتح املسطرة و السنديك باعتباره الجهاز املكلف بتتبع اإلجراءات و القاض ي املنتدب املشرف على
حسن سير املسطرة ،و لعل أبرزها إشكالية مصاريف تسجيل حكم فتح املسطرة و مصاريف
البحث والتحري على األصول العقارية للمقاولة و ملسيريها املمدة لهم املسطرة في إطار املادة 740من
مدونة التجارة وإشكالية االطالع على وضعية هذه العقارات ،السيما أن حكم فتح مسطرة التصفية
القضائية يترتب عنه حلول السنديك محل الدائن الحاجز في متابعة إجراءات التنفيذ طبقا للمادة
654من مدونة التجارة ونعتقد أن السير في نسق الرقمنة سيؤدي إلى رفع العديد من الصعوبات
والعراقيل املثارة من خالل تسهيل التواصل بين أجهزة املسطرة و الوكالة الوطنية للمحافظة على
األمالك العقارية التي انخرطت بدورها في مشروع رقمنة مختلف خدماتها و مساطرها ،و ذلك
إعماال للتوجيهات امللكية السامية لصاحب الجاللة امللك محمد السادس نصره هللا في الرسالة
املوجهة إلى املشاركين في أشغال املناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة املنعقدة بتاريخ 8و
9دجنبر ، 2015و في هذا اإلطار فتحت الوكالة فضاء لتقديم الخدمات الرقمية عبر بوابتها الرقمية
الرسمية على شبكة االنترنت مؤمنة و سهلة الولوج خدمة للمرتفقين املهنيين و العموم ،و قد برز
الدور الفعال ملشروع محافظتي الخاص بالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية الذي يساعد على
الصفحة 58 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
تقديم العديد من الخدمات االلكترونية لفائدة الجميع و ذلك من خالل البوابة االلكترونية التي
تتيح لكل من يملك رسما عقاريا إمكانية التتبع باملجان للتقييدات التي تطال الرسم العقاري مما
يحقق االطمئنان و اإلحساس باألمن و بفضل هذه الخدمة الرقمية يمكن توفير عناء التنقل إلى
وكاالت املحافظة العقارية و يكفي التسجيل عن طريق البوابة االلكترونية للتوصل عبر البريد
االلكتروني برسالة تخبر املعني باألمر بأي تقييد يطال رسومه العقارية .
ويعد االنخراط في هذه الخدمات الرقمية آلية مهمة لحماية أصول املقاولة الخاضعة
للمساطر الجماعية ،و على غرار نشر الحكم بالسجل التجاري ال بد من تعزيز اعتماد التقنيات
االلكترونية والرقمية لضمان النشر السريع لحكم فتح املسطرة بالسجالت العقارية للعقارات
اململوكة للمقاولة الخاضعة للمسطرة ،فإذا كانت املادة 584من مدونة التجارة تستلزم اجراء هذا
النشر و ذلك بالنظر إلى أهميته سواء بالنسبة ملسطرة اإلنقاذ أو التسوية القضائية و مراقبة رئيس
للمقاولة من حيث األفعال التي قد تقوده إلى الزيادة بشكل تعسفي في تحمالت املقاولة أو التصرف
في أصولها إضرارا بالدائنين ،و أهمية هذا اإلجراء بالنسبة ملسطرة التصفية القضائية إذ يعد
تسجيل حكم التصفية القضائية بمثابة حماية قانونية تمكن السنديك من الحفاظ على أصول
املقاولة و تتبع وضعية العقار بطريقة إلكترونية ،و عليه تبقى الحاجة ملحة لخلق جسور التواصل
بين كتابة الضبط و أجهزة املسطرة من جهة و املحافظة العقارية من جهة ثانية لتسهيل النشر
االلكتروني لحكم فتح املسطرة و معالجة باقي اإلشكاليات املرتبطة بأداء الرسوم املستحقة عن
العمليات املنجزة في إطار التصفية القضائية ،خاصة ما يتعلق بمصاريف البحث و التحري عن
األصول العقارية للمقاولة أو للمسيرين املمددة لهم املسطرة لدى كافة املحافظات العقارية باملغرب
نظرا للدور الكبير للسجل التجاري في عملية ضبط هوية التاجر الشخص الطبيعي أو
املعنوي من حيث املعطيات التي تضمن به ال سيما قيمة رأس املال ،و املسيرين و نوعية النشاط
التجاري الذي تمارسه املقاولة ،و تاريخ تأسيسها ،و غيرها من البيانات األخرى ،فقد أدخل املشرع
بموجب القانون رقم 17-73تعديال على مستوى الوثائق الواجب إرفاقها بطلب فتح مساطر
صعوبات املقاولة ،و ذلك بأن استلزم اإلدالء بنسخة من مستخرج نموذج "ج" للسجل التجاري ،1
وتحقيقا لنفس الغاية نصت املادة 584من مدونة التجارة املشار إليها أعاله إلى تسجيل حكم فتح
مساطر صعوبات املقاولة بالسجل التجاري حتى يتسنى للمتعاملين مع املقاولة و لجميع الفاعلين
االقتصاديين من أبناك و شركات التأمين الحصول على معلومات منقحة بشأن املقاولة بما في ذلك
خضوعها للمساطر الجماعية ،و ضمانا ملزيد من الشفافية و تقريب خدمات السجل التجاري من
املتقاضين تم استحداث خدمة السجل التجاري اإللكتروني الذي يوفر معلومات آنية حول املقاوالت
بمجرد مباشرة اإلجراءات القانونية للتقييدات أو التعديالت بالسجل التجاري ،مما يتيح الحصول
على معلومات مضبوطة ،خاصة خدمة بطاقة املقاول التي تخول الولوج إلى املعلومات القانونية
للمقاوالت ،كما تتيح االطالع على املعلومات حول املقاوالت بمجرد تقييدها بالسجل التجاري إضافة
إلى خدمة أحداث قانونية التي يمكن من خاللها االطالع على التسلسل الكرونولوجي للتعديالت
الخاصة باملقاوالت كتغيير رأس املال و تغيير املقر االجتماعي .
وفور صدور حكم فتح مسطرة اإلنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية تشعر كتابة
الضبط املحكمة التجارية مصلحة السجل التجاري طبقا للمادة 584من مدونة التجارة قصد
تضمين منطوق الحكم بالسجل التجاري للمقاولة و ذلك بطريقة الكترونية حتى يتسنى لكل من
يعنيه األمر االطالع على آثار تسجيل الحكم بالسجل التجاري املحلي و املركزي .
في إطار الجهود املتواصلة للمشرع املغربي لتجويد مناخ األعمال برزت حركة تشريعية
كبيرة تمخض عنها صدور قوانين متعاقبة كان من بينها القانون رقم 21-18املتعلق بالضمانات
1
-المادة 577من مدونة التجارة .
املنقولة 1و من أهدافه ترسيخ مبادئ و قواعد الشفافية في املعامالت املتعلقة بالضمانات املنقولة
والحرص على تحقيق األمن القانوني و التعاقدي ،كما استهدف هذا القانون وضع قواعد إشهار
مختلف أنواع الضمانات املنقولة و العمليات التي تدخل في حكمها في السجل الوطني االلكتروني
للضمانات املنقولة باستثناء الرهون الحيازية و تعزيز الضمانات املنقولة لفائدة الدائنين املرتهنين
وكذا تعزيز تمثيلهم من خالل إحداث مهمة وكيل الضمانات و تنظيمها و تحديد نطاقها على أساس
تعاقدي .
وملا كانت مساطر صعوبات املقاولة ترتبط ارتباطا وثيقا بوضعية أصول املقاولة و التحمالت
املترتبة عليها فإن سلوك طريق الرقمنة في إشهار الضمانات و الرهون املترتبة على أموال املقاولة
يقود إلى تحقيق نتائج إيجابية على مستوى تشخيص وضعيتها ،بحيث يكفي الرجوع إلى السجل
الوطني اإللكتروني للضمانات املنقولة املنصوص عليه في املادة 12من القانون رقم 21-18لتتبع
عملية إشهار جميع أنواع الرهون بدون حيازة املقيدة فيه و تتبع التقييدات الالحقة و التشطيبات
املنصبة عليها ،السيما أن املادة املذكورة تنص في فقرتها األخيرة أن االطالع على السجل الوطني
مفتوح للعموم .
وإذا كان املشرع املغربي في إطار القانون رقم 17-73قد فرض بموجب املادة 577من مدونة
التجارة على رئيس املقاولة الذي يتقدم بطلب فتح املسطرة اإلدالء بمستخرج نموذج ج للسجل
التجاري تحت طائلة عدم قبول الطلب ملا له من أهمية في التثبت من تحمالت املقاولة ،إال أن
استحداث السجل الوطني االلكتروني للضمانات املنقولة أصبح الوسيلة الناجعة لتحقيق هذه
الغاية
و ملا كان صدور القانون رقم 21-18بتاريخ 22أبريل 2019جاء الحقا على نسخ و تعويض
الكتاب الخامس من مدونة التجارة بموجب القانون رقم 73-17بتاريخ 19أبريل 2018و حال دون
إدراج مستخرج السجل اإللكتروني للضمانات املنقولة ضمن الوثائق الالزمة لتقديم طلب فتح
- 1القانون الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.76بتاريخ 17أبريل 2019الجريدة الرسمية عدد 6771و تاريخ -4-19
2019
املسطرة ،فإن هذا ال يمنع املحكمة من أن تأمر باالطالع على السجل الوطني للضمانات املنقولة
قبل فتح املسطرة و ذلك استنادا إلى مقتضيات املادة 577من مدونة التجارة التي نصت على أنه
يمكن للمحكمة في جميع األحوال أن تأمر مباشرة بأي إجراء تراه مفيدا للتأكد من توقف املقاولة
عن الدفع بما في ذلك االطالع على الرغم من أي مقتض ى تشريعي مخالف على معلومات من شأنها
إعطاء صورة صحيحة عن الوضعية االقتصادية و املالية و االجتماعية للمقاولة .
وجدير بالذكر أن أهمية السجل الوطني للضمانات املنقولة بالنسبة ملساطر صعوبات
املقاولة ال تنحصر في تقييم تحمالت املقاولة و وضعيتها في مواجهة الدائنين و إنما تتجلى كذلك في
مباشرة اإلجراءات الالحقة على فتح املسطرة السيما إشعار الدائنين املرتهنين 1املستفيدين من
الضمانات املنقولة التي تم شهرا إلكترونيا ،و هذا ما يحيلنا على دور الرقمنة في سير إجراءات
املسطرة.
يشكل الحكم القاض ي بفتح مساطر صعوبات املقاولة نقطة االنطالق ملجموعة من
اإلجراءات القضائية املترتبة عنه ،2و في إطار الحديث عن رقمنة اإلجراءات القضائية يكون لزاما
بحث تجليات اعتماد الوسائط اإللكترونية في إجراءات صعوبات املقاولة ،و التي نرى أنها تختلف
باختالف نوع املسطرة و طبيعة املهام املوكولة للسنادكة فيها ،و في كل األحوال فإن االنخراط في
ورش الرقمنة يضفي فعالية أكبر على عمل أجهزة املسطرة .
-المادة 720من مدونة التجارة التي حددت انطالق سريان أجل التصريح بالديون بالنسبة للدائنين ذوي الضمانات التي تم شهرها . 1
- 2و تجدر اإلشارة إلى أن فتح مساطر صعوبات المقاولة يمكن أن يتم بموجب حكم ابتدائي صادر عن المحكمة التجارية المختصة
،أو عن محكمة االستئناف التجارية التي تنظر في الطعن في الحكم القاضي بعدم قبول أو رفض طلب فتح المسطرة طبقا للبند
األول من المادة 762
الفقرة األولى :دوررقمنة االجراءات في إضفاء الفعالية على عمل أجهزة املسطرة
وعيا منه بأهمية استعمال الوسائل االلكترونية في إجراءات التقاض ي بادر املغرب إلى إطالق
ورش كبير لتحديث املرفق القضائي تنفيذا لتوصيات اللجنة الوطنية إلصالح منظومة العدالة في
إطار امليثاق الذي تم اإلعالن عنه بتاريخ 30بوليوز 2013و الذي أكد في توصياته على ضرورة وضع
أسس محكمة رقمية منفتحة على محيطها و على املتقاضين مع سن املقتضيات الالزمة لذلك و في
السياق ذاته أوص ى التقرير العام للنموذج التنموي الجديد في الجوانب املتعلقة بمنظومة العدالة
على ضرورة تسريع وتيرة رقمنة املساطر الداخلية و نشر املقررات القضائية إلضفاء الشفافية عليها
وإحداث منصة رقمية قضائية توفر خدمة قضائية و فعالة و عن قرب بما في ذلك التبليغ
اإللكتروني للوصول إلى نظام قضائي ناجع و شفاف ،واألكيد أن إنجاح املساطر الجماعية رهين
بتحقق التواصل املستمر بين القاض ي املنتدب من جهة باعتباره الساهر على السير السريع املسطرة
ًوحماية املصالح القائمة و السنديك الذي يباشر الصالحيات املخولة له في إطار الكتاب الخامس
من مدونة التجارة تحت إشراف القاض ي املنتدب من جهة أخرى ،و يتم هذا التواصل عمليا من
خالل التقارير التي يرفعها السنديك للقاض ي املنتدب بشان مآل املسطرة ،و كذلك من خالل
الحضور ملكتبه قصد إعطاء شروحات إضافية و تفصيلية ،و في هذا اإلطار كان للظرفية التي عاشها
املغرب خالل تفش ي جائحة كوفيد 19دورا مهما في تفعيل الوسائل الرقمية لضمان استمرار
التواصل بين أجهزة املسطرة و هو ما دعى إلى التفكير في إحداث بريد الكتروني خاص بكل قاض ي
منتدب ووضعه رهن إشارة السنادكة قصد توجيه التقارير الدورية بصفة منتظمة و التقارير
املتعلقة بالحاالت املستعجلة و نعتقد أن السير في هذا االتجاه سيمكن من ضمان التواصل املستمر
و السريع بين أجهزة املسطرة السيما أن تقنية البريد االلكتروني تسمح بإرسال الوثائق و املرفقات
كما انه يتسم بطابع السرية من خالل توفره على قن سري ،و في هذا الصدد سنعمل على رصد
تجليات اعتماد رقمنة على اإلجراءات على سير املسطرة.
أعفاها املشرع من التصريح داخل األجل القانوني طبقا للمادة 719من مدونة التجارة ،-بحيث
يتعين على هؤالء توجيه تصريحاتهم للسنديك داخل أجل الشهرين من تاريخ اإلشعار أو النشر
بالجريدة الرسمية و ذلك حسب كل فئة من الدائنين املشار إليهم في املادة ، 720و ال يمكن أن يقبل
الدائن في التوزيع إذا لم يبادر إلى التصريح بدينه إال إذا قدم عذرا مقبوال حال دون تصريحه داخل
األجل القانوني ،و صدور أمر القاض ي املنتدب برفع السقوط عنه 1هذا بالنسبة للتصفية القضائية
و مخطط التفويت الذي تحصره املحكمة في إطار التسوية القضائية ،و نفس الش يء يمكن قوله
بالنسبة ملخططي اإلنقاذ و االستمرارية ،بحيث يتم سداد الديون املبرمجة في املخطط بعد قبولها
بصفة نهائية في باب الخصوم طبقا للمادة 631من مدونة التجارة .
و ملا كانت أهمية إجراء التصريح بالديون مرتبطة وجودا و عدما بالحق نفسه ،بحيث يزول
الحق و يسقط بعدم التصريح به ،و تبرأ ذمة املقاولة نتيجة عدم التصريح فإن هذا يحتم إحاطة
هذا اإلجراء بمزيد من التنظيم التشريعي ،ذلك أن مدونة التجارة لم تحط به إحاطة شمولية و لم
تعالجه إال من حيث األجل و الفئة املعنية بالتصريح دون الخوض في شكليات هذا التصريح و
الطريقة التي يقدم بها ،و هنا يثار التساؤل حول التصريح االلكتروني املوجه إلى السنديك عبر
الوسائط اإللكترونية ؟
نعتقد أن الحاجة أصبحت ملحة إلى اعتماد مقاربة حداثية تعتمد على إعطاء القيمة
القانونية للتصريح بالديون املوجه عبر الوسائل اإللكترونية و تكريس ذلك قانونا خاصة أن األمر
يهم فئة التجار و الشركات التجارية ،و هي فئة محترفة متمرسة في مجال التقنيات املعلوماتية ،و
بالتالي فإنه استكماال لورش التجارة الرقمية و التقاض ي اإللكتروني يكون لزاما التنصيص على
إمكانية التصريح االلكتروني بالديون ،مع الحرص على إحاطة هذا التنظيم التشريعي بتقنيات
تشريعية تستوعب جميع مخاطر التالعب في تلقي التصاريح بالديون ،و تمكن القاض ي املنتدب من
بسط رقابته على احترام اآلجال القانونية املنصوص عليها في املادة 720من مدونة التجارة ،و نرى
1
-المادة 723من مدونة التجارة .
كذلك أن استحداث منصة رقمية للسنادكة يتم من خاللها ضبط اآلجاالت بشكل يعدم إمكانية
التوصل الرقمي بالتصريح بمجرد انتهاء اآلجال ،وذلك على غرار الشكل املعمول به بخصوص تقديم
املقاالت االستئنافية عبر املنصة الرقمية ،ومن جهة أخرى البد أن تستوعب املقاربة اإللكترونية
للتصريح االلكترونية شكلية أداء الرسم القضائي على هذا التصريح و التي يتعين أن تساير بدورها
النسق الرقمي .
وعلى الرغم من ذلك فإن األمر ال يخلو من تعقيد خاصة بالنسبة الختالف وضعية الدائنين
وطبيعة ديونهم ،ذلك أن سريان األجل يختلف باختالف الدائنين 1و أن القول بسقوط الدين لعدم
التصريح به داخل األجل يقتض ي سالمة إجراءات إشعار السنديك للدائن املدرج بالقائمة أو الدائن
صاحب الضمانة أو عقد ائتمان إيجاري تم شهره أو الدائن املعروف لديه ،علما أن املشرع لم يحدد
شكليات هذا اإلشعار و ما إذا يمكن االعتماد على الوسائل اإللكترونية بشأنه ،و هو ما قد يؤدي إلى
ّ
إنكار الدائن للتوصل باإلشعار بصفة قانونية فتصبح املسطرة عشا للمنازعات كما يقول الفقه
الفرنس ي قد تطيل أمد البت في قبول الدين أو سقوطه .
وعموما فإن السير في إجراءات التصريح اإللكتروني بالدين كفيل برفع الحرج عن الدائنين
خاصة األجانب ،و اللذين ال يتيح لهم البعد الجغرافي الحضور لدى السنديك قصد تقديم تصريح
بديونهم مباشرة ،و هو ما يؤدي إلى تعزيز األمن القانوني في مجاالت التجارة و االستثمار العابرة
للحدود الذي أصبح من أهداف الكتاب الخامس من مدونة التجارة. 2
-ثانيا :في الجانب املتعلق باستشارة الدائنين :
تقوم فلسفة املساطر الجماعية على إشراك الدائنين في إنقاذ املقاولة و تسوية وضعيتها
لتجاوز الصعوبات التي تعانيها ،و لذلك فقد خص املشرع فئة الدائنين بحيز مهم في التصميم
التشريعي ملساطر صعوبات املقاولة ،بحيث يكون حضورها وازن من خالل مراقب الدائنين كجهاز
- 1يسري األجل بالنسبة للدائنين المدرجين بالقائمة و المعروفين لدى السنديك و أصحاب الضمانات و االئتمان اإليجاري من
تاريخ اإلشعار و بالنسبة لباقي الدائنين من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية .
2
-المادة 768من مدونة التجارة في فقرتها الثالثة .
في املسطرة أو من خالل إسهام الدائنين شخصيا في اختيار الحل املالئم للمقاولة ،و ذلك نتيجة
قبولهم لآلجال و التخفيضات املقترحة من طرف السنديك في إطار مخطط اإلنقاذ و مخطط
االستمرارية ،أو من خالل مشاركتهم في جمعية الدائنين التي استحدثها املشرع بموجب القانون رقم
.1 17-73
وفي هذا اإلطار نصت 601من مدونة التجارة على أن السنديك يحصل سواء فرديا أو
جماعيا على موافقة كل دائن صرح بدينه بشأن اآلجال و تخفيضات التي يطلبها منهم لضمان تنفيذ
مخطط االستمرارية في أحسن األحوال و في حالة عدم الجواب داخل أجل ثالثين يوما ابتداء من
تلقي رسالة السنديك يعد بمثابة موافقة ،أما بالنسبة للمقاوالت الخاضعة إللزامية تعيين مراقب
الحسابات أو يتجاوز رقم معامالتها السنوي 25مليون درهما و تشغل ما ال يقل عن 25أجيرا خالل
السنة السابقة لفتح املسطرة فتشكل جمعية للدائنين تجتمع قصد التداول بشأن مخطط التسوية
الستمرارية املقاولة ،أو حول تغيير أهداف ووسائل املخطط أو طلب استبدال السنديك أو تفويت
واحد أو أكثر من األصول املهمة املشار إليها في املادة ،2 618و األكيد أن اعتماد الوسائل اإللكترونية
تؤدي إلى تسهيل عملية استشارة السنديك للدائنين سواء فرديا أو جماعيا أو في إطار جمعية
الدائنين وذلك عن طريق التواصل اإللكتروني ،و نشير هنا إلى إمكانية استعارة بعض التقنيات التي
كرسها املشرع بموجب القانون 20-05الذي عدل مقتضيات القانون رقم 17-95املتعلق بشركات
املساهمة و ذلك بخصوص إمكانية التصويت باملراسلة حسب املادة 131واستعارة تقنية االتصال
عبر الصوت و الصورة vidéo conférenceأو وسائل مماثلة تمكن من املشاركة في االجتماعات
طبقا للمادة 50مكرر نفس القانون ،و ذلك شريطة استجابتها للشروط التي وضعها املشرع خاصة
أن توفر وسائل االتصال عبر الصوت و الصورة على مميزات تقنية تضمن املشاركة الفعلية في
االجتماعات التي يتم بث مداوالتها بطريقة غير متقطعة ،و تمكن من التعريف مسبقا باألشخاص
املشاركين في االجتماع بواسطة هذه الوسيلة و تمكن من وضع تسجيل موثوق للمناقشات و
1
-نصت المادة 608من مدونة التجارة على تأليف جمعية الدائنين ،و تتشكل من السنديك رئيسا و رئيس المقاولة و الدائنين .
2
-نصت المادة 606على إمكانية تشكيل جمعية الدائنين بناء على طلب السنديك بحكم معلل حتى في غياب الشروط المذكورة .
املداوالت من أجل وسائل اإلثبات ، 1بحيث يسمح اعتماد هذه الوسائط من جعل استشارة
الدائنين أكثر سالسة و يسهم في السير السريع للمسطرة .
تتميز العالقة بين السنادكة و القضاة املنتدبين بطابع خاص ناتج عن سلطة اإلشراف التي
يتمتع بها القاض ي املنتدب على عمل السنديك و ذلك باستثناء الحاالت التي ّ
خول املشرع فيها
للسنديك وحده التقرير في مصير بعض العقود ، 2و تأسيسا عليه يتعين على السنديك أن يرفع
التقارير املرتبطة باملسطرة إلى القاض ي املنتدب ذلك سواء تعلق األمر باختيار الحل املالئم عمال
باملادة 595من مدونة التجارة التي نصت على أن ضرورة أن تعرض اقتراحات السنديك على القاض ي
املنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر تلي صدور حكم فتح املسطرة ،و يمكن تمديد األجل مرة
واحدة ،أو تلك املرتبطة بمتابعة تنفيذ املقاولة ملخطط اإلنقاذ أو مخطط االستمرارية ،أو غيرها
من الحاالت املتفرقة في مدونة التجارة ،و هنا يثار التساؤل حول سبل استثمار املجال الرقمي في
إضفاء الفعالية على عملية اإلشراف التي يباشرها القاض ي املنتدب على عمل السنديك ؟
األكيد أن تعزيز جسور التواصل السريع بين أجهزة املسطرة تقتض ي االنخراط في ورش
الرقمنة و تبادل املعطيات بين السنادكة و القضاة املنتدبين ،غير أن هذا األمر يتوقف على احترام
مجموعة من الضوابط التي يتعين استحضارها عند وضع إطار قانوني لتنظيم هذه العملية ،و نرى
أن أبرزها يتمثل في الحرص على أن يكون إرسال التقارير املرتبطة من خالل منصة رقمية تحدث
لهذه الغاية ،يمكن من خاللها تأمين املعطيات الواردة بالتقارير ،خاصة أن البعض منها يمكن أن
يتسم بالسرية ،بحيث يتعين إحداث فضاء خاص يتم من خالله توجيه اإلشعارات إلى السنادكة
بضرورة وضع تقاريرهم داخل اآلجال املحددة قانونا ،و الحرص على ضمان توصل السنادكة بهذه
اإلشعارات من خالل الحساب الرقمي الخاص بهم ،و تمكين السنادكة من بعث التقارير و الوثائق
1
-راجع المادة 50مكرر من القانون رقم 17-95حسب التعديل المدخل عليه بموجب القانون رقم . 20-05
2
-المادة 588من مدونة التجارة
املرفقة بها بشكل يضمن السرية بالنسبة للوثائق ذات الطابع السري ،و الكل اعتمادا على ما يسمى
بالحساب اإللكتروني الرسمي الذي اعتبره مشروع القانون املتعلق برقمنة اإلجراءات بأنه :حساب
رسمي يتم إحداثه من طرف الجهة املشرفة على النظام الرقمي (الوزارة املكلفة بالعدل ) لكل
مستخدم منهي و هو وسيلة لتبادل املراسالت و اإلجراءات و الوثائق و البيانات داخل النظام الرقمي
بما فيها التبليغات القضائية و األحكام و مقاالت الدعاوى و الطلبات و الطعون و جميع اإلجراءات
القضائية األخرى ،و نشير في هذا الصدد أن اعتماد الحساب اإللكتروني في إرسال تقارير السنادكة
ال يمنع القضاة املنتدبين من األمر باالطالع على املستند الورقي للتثبت من مضمونه و هي اإلمكانية
التي أتاحها مشروع قانون رقمنة اإلجراءات القضائية للمحكمة ،و نعتقد أن اعتماد الرقمنة يحقق
إضافة إلى مزية سرعة إنتاج اإلجراء نتائج إيجابية أخرى تتعلق بحفظ املعطيات املرتبطة باملسطرة
في شكل رقمي يسعف في تتبع إجراءات املسطرة ،كما يسهل حفظ و تخزين هذه املعطيات للرجوع
إليها كلما اقتضت الحاجة ذلك .
إن دور الرقمنة في عالقة أجهزة املسطرة باملفوضين القضائيين يبقى دورا محوريا و ذلك
بالنظر الرتباطه بحماية أصول املقاولة كغاية يسهر القاض ي املنتدب على تحقيقها طبقا للمادة 671
من مدونة التجارة ،فمن بين األدوار املسندة إلى هذه الفئة املهنية القيام بإجراءات تنفيذ األوامر
واألحكام و القرارات و السندات التي لها قوة تنفيذية مع الرجوع إلى القضاء عند وجود صعوبة
وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ املتعلقة بإفراغ املحالت و البيوع العقارية و بيع السفن و الطائرات
واألصول التجارية ، 1و باستحضارنا لقاعدة "أموال املدين ضمان عام لدائنيه " طبقا للفصل 1242
من ظهير االلتزامات و العقود ،و باستحضار مقتضيات املادة 686من مدونة التجارة التي تكرس
قاعدة وقف املتابعات الفردية كأثر رئيس ي من آثار فتح املساطر الجماعية سواء تعلق األمر بمسطرة
1
-المادة 15من القانون رقم 81-03المتعلق بالمفوضين القضائيين .
إنقاذ أو تسوية أو تصفية قضائية ،فإن استمرار إجراءات التنفيذ و البيع يرتب آثارا وخيمة على
املقاولة و على كثلة الدائنين ،و يشكل تفضيال للدائن طالب التنفيذ على غيره من الدائنين،و
لذلك نرى أن ربط جسور التواصل الرقمي بين املفوضين القضائيين و السنادكة و املحكمة يحقق
نتائج ايجابيا لتحقيق الفورية في استجماع أصول املقاولة و املحافظة عليها من االستنزاف الذي قد
يتحقق من خالل استمرار إجراءات التنفيذ ،بحيث يشكل اإلشعار الرقمي للمفوض القضائي بفتح
املسطرة إلى تحقيق الغايات التي توخاها املشرع من وراء سن مساطر صعوبات املقاولة خاصة
إيقاف التنفيذ على اآلليات أو املنقوالت التي تعد املقاولة في أمس الحاجة إليها لضمان استمرارية
نشاطها ،و سداد ديونها ،و هنا يكون لسرعة إعالم املفوض القضائي من خالل منصته اإللكترونية
دورا مهما في تفادي االستمرار في التنفيذ بناء على دين سابق على فتح املسطرة ،و بعد تحقق اإلعالم
يمكنه آنداك مراجعة القضاء بشأن هذه الوضعية التخاذ القرار املناسب طبقا للمادة 15من
القانون رقم . 81-03
تبرز أهمية تعزيز التواصل الرقمي مع بعض املؤسسات في إطار مساطر صعوبات املقاولة
من خالل الدور املنوط بأجهزة املسطرة في تجميع أصول املقاولة ،و حماية املصالح القائمة التي
يسهر القاض ي املنتدب على تحقيقها طبقا للمادة 671من مدونة التجارة ،فبمجرد صدور حكم
التصفية القضائية يتولى السنديك ممارسة حقوق املدين و إقامة الدعاوى بشأن ذمته املالية طيلة
فترة التصفية القضائية طبقا للمادة 651من مدونة التجارة ،و في هذا الصدد يتتبع السنديك
جميع املساطر القضائية و اإلدارية التي من شأنها أن تؤدي إلى استخالص مبالغ مالية لفائدة
املقاولة املدينة الخاضعة للتصفية القضائية ،و يمكن أن نسوق في هذا اإلطار مسطرة نزع ملكية
للمنفعة العامة بشأن عقار مملوك للمقاولة أو مملوك ملسيرها املمدة له املسطرة ،و التي يترتب عنها
منح تعويض لفائدتهما،و هو ما يحتم تدخل السنديك الستخالص هذا الدين ملصلحة الدائنين
تفاديا الستخالص رئيس املقاولة ملبلغه ،و ملا كان صندوق اإليداع و التدبير يتدخل في هذه العملية
من خالل حيازة التعويض املؤقت عن نزع امللكية للمنفعة العامة ،أو التعويض النهائي عن نزعها
فإن السير السليم للمسطرة يفرض تعزيز التواصل الرقمي بين أجهزة املسطرة و صندوق اإليداع و
التدبير و ذلك قصد التنسيق بشأن مبالغ التعويض املستحقة لفائدة املقاوالت الخاضعة للتصفية
القضائية ،و جميع القضايا املرتبطة بمساطر صعوبات املقاولة .
وفي هذا الصدد نشير إلى اتفاقية التفاهم بين وزارة العدل وصندوق اإليداع و التدبير بتاريخ
2022 -12-5و التي أكدت على تعزيز العالقات االستراتيجية و التاريخية بين وزارة العدل وصندوق
اإليداع و التدبير من أجل إعطاء دينامية جديدة و توسيع مجال الشراكة و التعاون لتشمل مجاالت
جديدة مع تعزيز دورهما في مواكبة و تأهيل املهن القانونية و القضائية و تنزيل برامج التحول الرقمي
ملنظومة العدالة باملغرب و تبادل الخبرات في مجال تكنولوجيا املعلومات و الخدمات ذات الصلة
بمجال التحول الرقمي ،و تنزيل مشروع الفضاء االفتراض ي للمهن القانونية و القضائية ملنتسبي
العدالة الرامي إلى تسهيل التواصل مع املنتسبين للمهن القانونية و القضائية و نتسبي العدالة .
وفي الختام نعتقد أن رقمنة مساطر صعوبات املقاولة أصبحت ضرورة ملحة تقتض ي إيجاد
نص قانوني خاص ينبني على مقاربة شمولية منفتحة على جميع املتدخلين في املساطر الجماعية و
تأخذ بعين االعتبار خصوصياتها ،و ذلك من أجل استكمال مسار اإلصالح التشريعي لهذا املجال
الحيوي املرتبط بالنظام االقتصادي ،و تحقيق األمن القضائي في مجال التجارة و االستثمار
وتحسين مناخ األعمال .
ال شك أن الوجود البشري قد خلف وراءه آثارا وتراثا متنوعين ،صارا في الزمن الحديث أداة
دسمة للدراسة والتحليل واالستقصاء ،ذلك أن الوصول إلى درجة معينة من التقدم في العصر اآلني
ال يتأتى دون التوفر على أسس وثوابت تمكننا من االعتماد عليها كي نحقق تلك الرؤية بعيدة املدى،
حيث إن التطور في حد ذاته ال ينفصل عن ميكانيكا التحول في الزمان واملكان ،وعلى حد تعبير دي
البويسه فنحن ال ننظر أبعد ممن سبقونا إال ألننا محمولون على أكتاف عمالقة ،هؤالء العمالقة
هم نفسهم من سبقونا (السلف) بكل تراثهم اإلنساني.
وللوقوف على هذه الثروة حتى نمارس ما يسميه هيجل بــ" التاريخ النظري"( )1الذي بمقتضاه
يتجاوز املؤرخ (أو الباحث عموما) عصره إلى عصر آخر ،ال بد من التوفر على مادة خام وموثقة
قابلة لالشتغال عليها ،هنا يبرز بشكل أساس ي وهام دور األرشفة ،فاإلنسان في سبيل سعيه لتلبية
حاجته لالتصال وتسجيل املعرفة ،قد تدرج في استعمال مختلف الوسائل لتحقيق هذه الغاية ،بدء
من األلواح الطينية وصوال إلى سفن الفضاء ،حيث تكبدت املجتمعات املتحضرة الكثير من العناء
في وضع معلوماتها املسجلة في أماكن آمنة ،فأنشأت األرشيفات واملكتبات لهذا الغرض(.)2
)(1هيجل ،العقل في التاريخ ،المجلد األول :من محاضرات في فلسفة التاريخ ،ترجمة إمام عبد الفتاح إمام ،دار التنوير بيروت -لبنان ،ط ،3س
،2007ص .36
)(2محمد ابراهيم السيد ،مقدمة في تاريخ األرشيف ووحداته ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،القاهرة -مصر ،س ،1978ص .7
فاألرشيف إذن ،هو ذاك الوعاء اآلمن الحاضن للوثائق ،هذه الوثائق التي تعتبر – إلى جانب
كونها ثروة تاريخية إنسانية -عصب حياة اإلدارة الحديثة ،وركيزة أساسية ال يستقيم بدونها تدبير
الشأن العمومي ،وحسن سير الهيئات واألجهزة املكلفة به ،وتعتبر مسألة تنظيمها وحفظها وتثمينها
إحدى ركائز اإلدارة الوطنية وحفظ الحقوق وتثبيت أسس الحكامة ،وتكريس الشفافية واملسؤولية
وتعزيز مبدأ استمرار املرفق العام ،وتدعيم مسلسل بناء دولة املؤسسات من جهة ،وآلية من آليات
حفظ الذاكرة الوطنية ودعم البحث العلمي من جهة ثانية( ،)1لذا أكد جاك دريدا على أن مسألة
األرشيف ليست متعلقة باملاض ي فحسب ( )..ولكنها أيضا مسألة املستقبل ،مسألة جواب ووعد
وشعور بمسؤولية بناء الغد(.)2
إن هذه املكانة الرفيعة لألرشيف هي ما جعلت منه مصلحة جديرة بالحماية من طرف املشرع
املغربي ،سيما على املستوى الزجري إذ سعى إلى تكريس هذه الحماية استنادا على نصوص خاصة أو
ما لها عالقة بمجموعة القانون الجنائي ،واالطالع على كال النصين يستلزم تسطير مجموعة من
النقاط واملالحظات أرى أنه من األفيد التطرق إليها ،لعلها تكون نقطة البداية ملناقشات أعمق وأهم
من لدن ذوي االختصاص ،ألنني ال أزعم أني أملك من مقومات البحث والفهم كما يملكون ،لكن قد
يكون شغف البحث ،باإلضافة إلى املمارسة املتواضعة في امليدان هو ما يشفع لنا هذا اإلقبال على
هذه الجرأة املعرفية البسيطة.
األرشيف :أي أهمية؟
سبق وأن أشرنا إلى مسألة في غاية األهمية تحيلنا مباشرة إلى املكانة جد الهامة والخطيرة التي
يحظى بها األرشيف ،فهو في عبارة ملخصة ومركزة جامعة لكل املدلوالت األخرى يعنى ب ـ " حفظ
الذاكرة الوطنية" لكيان الدولة أو املجتمع بصفة عامة ،وتحت هذه اليافطة يمكن أن نفصل بكثير
)(1الدليل المرجعي لتدبير األرشيف العمومي ،إصدار مؤسسة أرشيف المغرب ،س ،2017ص .7
)(2م .س ،ص .5
من اإليجاز في النقاط ذات الصلة بهذه العبارة املوجزة ،والتي ال تعني في نهاية املطاف إال جزء من
األجزاء املكونة ملكانة األرشيف وأهميته.
فمن ناحية أولى تأخذنا مسألة األرشيف إلى ميدان التاريخ والتأريخ ،فاألرشيف إذن يقوم
بدور أساس ي ومفصلي في تدوين التاريخ وتحليله استشرافا لوضعية راهنة أو نظرة مستقبلية،
فالوثائق األرشيفية( )1في األول تكون لها قيمة عملية وإدارية ،لكن بعد فترة من الزمن تتغير تلك
القيمة لتصبح ذات قيمة تاريخية للمصالح املنتجة ،ولعامة الناس ،ويمكن االعتماد عليها إلنجاز
العديد من الدراسات والبحوث التي تستقي مادتها األولية من األرشيف ،وباالعتماد عليه تدرس
األحوال االقتصادية والسياسية ،ويتعرف على العادات والتقاليد والعقليات ومختلف املظاهر
ّ اليومية من أكل َ
وملبس وسكن؛ فاألرشيف بذلك يشكل املادة الخام التي يستمد منها جل املؤرخين
والسوسيولوجيين ،واالثنوغرافيين واالقتصاديين واللسانيين مصادرهم األولية لتكوين فكرة عن
الواقع املاض ي ،وبالتالي فهو مهم؛ ألنه يحمل أخبار وتفاصيل الحياة السالفة ما ال تعادله مئات
الروايات الشفوية.
وبالتالي فالتاريخ الذي ينبني على مادة أرشيفية يستلزم إذن صيانته من أي أفعال أو ظروف
تؤدي إلى تغيير حقيقته بالتزوير أو التزييف ،أو كل ما من شأنه أن يؤدي به إلى الضياع.
كما تكمن أهمية حسن تدبير األرشيف في فعالية وشفافية الخدمات العمومية ،حيث أنه
يساهم في صنع القرار على أساس األدلة وب ً
ناء على تنظيم املعلومات املتعلقة بالقرارات واإلجراءات،
التي َي ُ
سهل العثور عليها عند الحاجة ،ويشكل األرشيف أيضا دليال على االلتزامات القانونية للدولة،
و إثباتا إلنجاز شتى اإلصالحات واملشاريع الش يء الذي يساعد على الحفاظ على مصالح الدولة
وسمعتها الدولية(.)2
وإلى جانب تثمين التراث الذي يعتبر فيه األرشيف شهادة على أنشطة اإلنسان ووسيلة
أساسية لدراسة املاض ي ،فإن األرشيف كذلك يعكس تطور حقوق اإلنسان ويشكل وسيلة فعالة
للوقاية من انتهاكها ،كما يعتبر شهادة وحجة لتالفي النسيان(.)1
هذه بعض اإلشارات املقتضبة التي توضح لنا جانبا من املكانة التي يحظى بها األرشيف بصفة
عامة ،الش يء الذي يثبت معه إلى أنه فعال يرقى إلى مصاف املصالح الجديرة بالحماية من لدن املشرع
الجنائي ،فأين تتجلى فلسفة الحماية في هذا الصدد؟
األرشيف كمصلحة جديرة بالحماية
تفرض املكانة الهامة لألرشيف باعتباره الوعاء الضامن لصيانة الذاكرة الوطنية والتراث
اإلنساني أن يحظى بحماية جنائية تقف صدا أمام أي سلوك من شأنه أن يمس بجوهره أو وجوده،
فاألرشيف املحفوظ واملصان ما هو إال وجه من وجوه االستقرار البشري ،وصورة أخرى من صور
األمن الذي من املفترض أن يتمتع به املجتمع ،والذي تقع على الترسانة القانونية مسؤولية ضمانه
وتنزيله.
فالسياسة التشريعية الجنائية بصفة عامة تهدف إلى توطيد األمن في املجتمع ،ويعتبر
التشريع الجنائي في هذا الصدد من األولويات ومن القوانين التي تشيع األمن واالستقرار والطمأنينة،
دون أن ننس ى الجيوب األخرى املتعلقة باالقتصاد ،واالجتماع ،والسياسية ،فالتشريعات الجنائية
هي مرآة تنعكس عليها بأمانة عقلية األمم وحالتها االجتماعية ومدنيتها( ،)2فاألمن كان وال زال الغاية
األولى من إقرار القاعدة القانونية(.)3
واعتبار األرشيف مصلحة جديرة بالحماية يدخلها ضمن املصالح األساسية املرتبة على سلم
القيم االجتماعية واالقتصادية وغيرها ،والتي تتطلب حماية بواسطة قواعد ذات طابع عقابي ،من
خالل وصف الفعل الذي يعتبر غير مشروع ،والذي يفترض أن يهدر مصلحة قانونية أو على األقل
يهددها بخطر( ،)1بمعنى أن الجريمة تخل بركيزة أولوية يقوم عليها املجتمع ،ولهذا البد أن تستهدف
قاعدة التجريم تحقيق أغراض ذات طابع شمولي واجتماعي تتمثل في الحفاظ على املصلحة
االجتماعية العليا واألمن العام( ،)2ويظل في نظرنا املتواضع إقرار التجريم والعقاب في ميدان
األرشيف وسيلة يسعى من خاللها املشرع إلى تحقيق الغاية الكالسيكية ،كما سطرتها املدرسة
التقليدية القديمة ،واملتمثلة في تحقيق الردعين الخاص والعام ،أو كما وصفته ذات املدرسة بـ" أال
يكرر املجرم إجرامه وال يقلده فيه غيره"(.)3
فإذا ارتبط تجريم فعل معين وإفراده بعقوبة محددة ،ارتباطا وثيقا باآلثار السلبية التي
أحدثتها الجريمة في املجتمع ،واملتمثلة في االضطراب االجتماعي ،وبالتالي سعيها – أي العقوبة املقررة-
إلى إزالة الضرر الذي تحقق عنها ،ومنع تكرارها مستقبال من الجاني نفسه أو من غيره ،وأن كل ذلك
سيؤدي ،بال شك ،إلى وقاية املجتمع( ،)4فأين تتجلى مظاهر التجريم والعقاب في القانون املنظم
لألرشيف ،وهل سيحقق فعال الحماية املنشودة؟
إن االطالع على التشريع الجنائي املرتبط بمجال األرشيف ،سواء ما تم التنصيص عليه في
القانون رقم )5( 69.99أو مجموعة القانون الجنائي ،وما له عالقة بالقانون املسطري سيجعلنا
نتوقف على مجموعة من املالحظات ،سواء فيما يتعلق بمسألة الربط بين النصوص ،أو ما بدا لنا
)(1والتي تعني هنا المساس بالكيان المادي لألرشيف وقيمته الرمزية والمعنوية.
)(2زكرياء الخياطي ،الحماية الجنائية للقيم اإلجتماعية ،مجلة العلوم الجنائية ،العدد 5و ،6س ،2019ص .58
)(3سمير عالية ،مبادئ علوم اإلجرام والعقاب والسياسة الجزائية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان،س ،2019ص 208
أما المدرسة الت قليدية الحديثة فتذهي إلى أن غرض العقاب أساسا هو تحقيق العدالة والردع العام ،لتركز المدرسة الوضعية على إصالح الجاني
كندبير حمائي احترازي..
)(4فهد يوسف الكساسبة ،وظيفة العقوبة دراسة مقارنة ،دار وائل للنشر والتوزيع األردن ،2010 ،ص .154
( ) 5الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.167في 19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر ،)2007منشور بالجريدة الرسمية
عدد 5586بتاريخ 2ذو الحجة 13( 1428ديسمبر ،)2007ص .4068
نقصا في املنطوق ،وحتى ما له ارتباط بميدان األرشيف وإن لم يتم التنصيص عليه في القانون
املنظم له.
وعليه ،وفي إطار تحليل مركز األرشيف ضمن التشريع الجنائي ،سنتناول بداية مسألة
التجريم والعقاب ضمن مبحث أول ،قبل االنتقال إلى املقتضيات املتعلقة بالبحث والتحري في هذه
ثان.
الجرائم وإجراء الصلح في مبحث ٍ
ارتأيت تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين ،نخصص األول للجرائم والعقوبات الخاصة بها في
القانون املتعلق باألرشيف ،والثاني لبعض الجرائم األخرى ذات الصلة واملضمنة في مجموعة
القانون الجنائي.
إفراد كل فصل بصفة الفاعل التي تختلف بين املادتين ،الش يء الذي يفرض علينا أن نتطرق إلى
صفة الفاعل حسب منطوق املادتين كالتالي:
-أوال :املتعهد لألرشيف بحكم مهامه
جاء في املادة 35في هذا الصدد ما يلي " :كل شخص قام بإتالف أو اختالس أو سرقة أرشيف
عمومي في عهدته بحكم مهامه ،ولو دون أن يقصد إلى الغش ،يتعرض لعقوبة حبس تتراوح مدتها
بين ثالث سنوات وست سنوات".
وبالرجوع إلى القانون املتعلق باألرشيف سنجد أن األشخاص الذين يوجد األرشيف تحت
عهدتهم بحكم مهامهم ،يتمثلون طبقا للمادة الثانية في كل موظف أو مستخدم( )1تابع لألشخاص
الطبيعيين أو املعنويين ،واملسؤول عن الوثائق التي أنجتها أو تلقاها أثناء ممارسته من لدن الدولة
والجماعات املحلية واملؤسسات واملنشآت العامة ،وكذا الهيئات الخاصة املكلفة بإدارة مرفق من
املرافق العامة في ما يتعلق باألرشيف الناتجة عن نشاط هذا املرفق ،وتجدر اإلشارة إلى أنه يدخل
ضمن األرشيف العام ما يكونه املوثقون والعدول وسجالت الحالة املدنية وسجالت مصلحة
التسجيل( ،)2وبالتالي يدخل املتعهدون به بحكم مهامهم في نطاق املادة 35املشار إليها أعاله.
كما نجد املادة 34من نفس القانون تشير إلى فئة املستخدمين العاملين بمؤسسة أرشيف
املغرب ،والتي حددتهم في الفئتين التاليتين:
)(1راجع مفهوم الموظف العمومي في نظر القانون الجنائي إنطالق من الفصل 224من المجموعة.
)(2المادة 3من القانون رقم 69.99
وفي نظرنا ،تظل هذه الفئات هي املعنية باملادة ،35الش يء الذي ربما جعل املشرع يدرج فيها
لفظة االختالس والسرقة ،عكس املادة 37التي تتعلق باألشخاص األجانب غير العاملين في مجال
األرشيف.
وإذا ما رجعنا إلى الفصل 505من مجموعة القانون الجنائي املغربي ،سنجده ينص على أنه" :
من اختلس عمدا ماال مملوكا للغيريعد سارقا."...
هنا ُيطرح اإلشكال املرتبطة بمصطلح "االختالس"( )1الوارد في املادتين 35املتعلق باألرشيف
وفي الفصل 505من مجموعة القانون الجنائي ،فهل يقصد به املشرع األرشيفي املدلول الوارد في
مجموعة القانون الجنائي باعتباره يفيد انتزاع (أو إخراج) املال أو الش يء من حيازة صاحبه بدون
رضاء من جانبه؟ أو ينصرف إلى جريمة خيانة األمانة لتصرف الشخص الذي يوجد األرشيف
بعهدته بحكم مهامه بأن يحول الحيازة املؤقتة (الناقصة) التي تكون له وبرضاء املالك لألرشيف إلى
حيازة تامة ملصلحته()2؟ أم أن توظيف التفريق بين االختالس والسرقة يقصد به املشرع جريمة
االختالس بحد ذاتها كما هي منصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 241و 242من مجموعة
القانون الجنائي؟
في نظرنا املتواضع ،فمقتضيات الفصلين 505و 242من مجموعة القانون الجنائي تنسجم
وقصد املشرع األرشيفي في املادة 35من القانون املتعلق باألرشيف ،من جهة أولى النسحاب فعل
االختالس كفعل مادي للسرقة إلى سلب الش يء وإخراجه من حيازة صاحبه دون رضاه وإضافته
لحيازة الفاعل(سلب أرشيف من جهة مالكة له وجعله في حيازة املوظف أو املستخدم دون رضا
الجهة املعنية) ،ومن جهة ثانية لتوفر صفة املوظف العمومية في فعل االختالس كما ورد في الفصل
)(1يُالحظ أن اإلختالس يتداخل أيضا وجريمة خيانة األمانة ،والتي تنطبق أوصفها حتى على المادة األرشيفية ،فقد جاء في قرار لمحكمة
النقض المغربية أنه " :ال تتحقق جريمة خيانة األمانة إال إذا تم االختالس أو التدليس بسوء نية إضرارا بالمالك أو واضع اليد أو الحائز
ألمتعة أو نقود أو بضائع أو سندات أو وصوالت أو أوراق من أي نوع كانت تتضمن أو تنشئ التزاما أو إبراء كانت سلمت على أن ترد
لصاحبها أو سلمت الستعمالها أو استخدامها لغرض معين" .قرار عدد 3/2180بتاريخ 2000/09/03 :ملف جنحي رقم( 99/20086 :غير
منشور).
)(2عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي القسم الخاص ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،ط ،2009 ،2ص .333
241م.ق.ج الذي جاء فيه... " :كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس ( )...حججا أو عقودا أو
منقوالت موضوعة تحت يده بمقتض ى وظيفته أو بسببها".
ومع ذلك فاملالحظ أن املشرع األرشيفي اختار التنصيص على عقوبة خاصة مخالفة لكال
الفصلين ،فهي مشددة مقارنة مع الفصل 505ومخففة إذا ما قورنت مع الفصل 241التي تعد في
إطار هذا الفصل األخير من خالل فقرته األولى جناية ( .)1وهكذا نجد املشرع األرشيفي قد عاقب عن
الفعلين بعقوبة حبسية تتراوح بين ثالث سنوات وست سنوات.
لكن ماذا عن الركن املعنوي؟
إذا كان الركن املعنوي يقوم على عنصري العلم وإلرادة ،كجريمة السرقة الواردة في الفصل
505من م.ق.ج التي تصنف في الجرائم العمدية ،والتي تتجه فيها إرادة الجاني إلى اقتراف الوقائع
املكونة لهذه الجريمة مع علمه بحقيقة هذه الوقائع( ،)2ففي هذه الجريمة طبقا لقانون األرشيف
نالحظ أن املشرع قد استعمل عبارة "ولو دون أن يقصد إلى ذلك الغش" في املادة 35منه ،مما
نستشف منه أن القصد الجنائي غير مطلوب في هذه الجريمة ،وإنما يكفي قيام فعل السرقة أو
االختالس لتقوم مسؤولية الفاعل الجنائية.
وفي اعتقادنا يظل معيار تطبيق هذه النصوص الزجرية هو طبيعة الش يء الذي وقع عليه
فعل السرقة أو االختالس ،فمتى كان جسم الجريمة مرتبط باألرشيف فإن مقتضيات القانون
رقم 66.99هي واجبة التطبيق ،وبالتالي وجب استبعاد فصول مجموعة القانون الجنائي.
)(1تحدد العقوبة بمقتضى المادة 241من مجموعة القانون الجنائي في السجن من خمس إلى عشرين سنة ،وغرامة من 5000إلى 100.000
درهم.
وتكون العقوبة المقرر في المادة 35من القانون المتلق باألرشيف مشددة إلى ما كانت قيمة األشياء المختلسة بمقتضى الفصل 241من م,ق.ج
تقل عن 100.000درهم إذ يكون الفعل والحالة هاته جنحة معاقب عليها بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 2000إلى
50.000درهم.
)(2عبد والواحد العلمي ،مرجع سابق ص .351
تشديد املشرع األرشيفي للعقوبة املقررة لهذه الفئة مقارنة مع العقوبة املقررة
للذي يوجد األرشيف في عهدته بحكم مهامه ،إذ أن حدها األقص ى يصل إلى عشر
سنوات ،بينما يتحدد في ست سنوات بالنسبة للفئة األولى ،وهنا يحيد املشرع الجنائي عن
القاعدة التي تعد فيها صفة املوظف العمومي من الظروف املشددة الرتباطها بجريمة
تدخل ضمن مهامه( ،)1والتي تكون في مقابلها العقوبة أخف متى كان الفاعل غير موظف
عمومي شأن التزوير في الوثائق الرسمية()2؛
عدم إدراج جريمة االختالس ،الرتباط هذه األخيرة بوجود الش يء أو املنقول
تحت عهدة الفاعل؛
تضمين املشرع لهذه الفئة مسألة " التسبب في الضرر" لألرشيف ،وهو ما
أغلف تضمينه في املادة ،35ولعل ذلك راجع إلى أنه يفترض في املوظف أو املستخدم
القيام بكل ما من شأنه صيانة أو حماية األرشيف من الضرر ،لكن هذا ال يستبعد قيام
)(1أنظر فريد السموني ،مفهوم الموظف في القانون الجنائي المقارن (مغربي -فرنسي) محاولة تأصيل منهجية جنائية جديدة لحماية الشأن
العام ،أطرحة لنيل الدكتوراه ،جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية المحمدية ،السنة الجامعية:
1424-2003ص 127وما يليها.
)(2إضافة الغرامة المالية للموظف العمومي تتراوح بين 100.000و 200.000درهم.
" كل من سرق وثيقة من األرشيف العام أو الخاص محفوظة في مصلحة عامة لألرشيف أو
أتلفها أو تسبب في اإلضرار بها يتعرض لعقوبة حبسية تتراوح مدتها بين سنتين وعشر سنوات ،دون
اإلخالل بالعقوبات األشد عند االقتضاء".
- 1جريمة اإلتالف
بالرجوع إلى القانون األرشيف سنجده لم يعطينا تعريفا لجريمة اإلتالف ،كما هو الشأن
ملجموعة القانون الجنائي التي فصلت في الجرائم املرتبطة بها وتحديد عقوباتها دون إعطاء تعريف
لها( .)1لذا كان لزاما االستعانة بالفقه والقضاء إلبراز تعريف لهذه الجريمة وأركانها األساسية.
أ – تعريف االتالف :
من الناحية اللغوية يتحدد مفهوم اإلتالف بكونه مشتق من كلمة التلف ،التي تعني الهالك،
وذهبت ٌ
نفس تلفا أي هدرا ،ومن الناحية الفقهية تعرف بكونه " :إخراج الش يء من أن يكون منتفعا
به منفعة مطلوبة منه عادة"(.)2
ويختلف اإلتالف انطالقا من هذا التعريف عن إلحاق الضرر الذي قد ال يعدم املنفعة
بصفة كلية من الش يء ولكن يقلل منها ،بينما اإلتالف ال يعني إال انعدام املنفعة منه بشكل كلي ،إذ
يصبح الش يء املتلف والعدم سواء.
وملا كان األرشيف يتجه نحو الرقمنة ،فالحديث عن اإلتالف ال يقتصر على صورته التقليدية
املعروفة ،لكن يمكن أن يتصور في جانبه املعلوماتي ،وبالتالي أمكننا الحديث أيضا عن جريمة إتالف
األرشيف اإلليكتروني والتي تتحدد في أنها :اإلفناء ملادة الش يء أو القيام بإحداث تغييرات عليها،
بحيث تصبح غير صالحة االستعمال في الغرض الذي أنشئت لها ،وبالتالي تضييع القيمة املادية لهذا
الش يء على املالك(.)1
وعليه قد يختلف اإلتالف املعلوماتي عن اإلتالف العادي كون األخير قد يحتوي مسألة
اإلضرار باملادة دون انتقاص من قيمتها ،بينما اإلتالف املعلوماتي ال يتحقق فقط في التأثير في مادة
الش يء ،بل يتحقق كذلك في حالة االنتقاص من قيمته
ب – أركان جريمة االتالف :
يمكن تحديد أركان جريمة اإلتالف املتعلقة باألرشيف في أربعة عناصر كالتالي:
فعل مادي (اإلتالف) :ويشمل كل فعل أو سلوك من شأنه أن يزيل املنفعة املطلوبة
في املادة األرشيفية املحفوظة( ،)2كالتمزيق أو الحرق أو املسح أو تخريب املعطيات...
وقوع الفعل على مادة أرشيفية :أما إن كانت غير أرشيفية فتطبق مقتضيات أخرى
كمجموعة القانون الجنائي.
أنظر كذلك :ماجدة بوطمين،جريمة إتالف المعطيات المعلوماتية،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص قانون جنائي لألعمال،
العربي بن مهيدي – أم البواقي -كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،2018-2017ص 7
)(1ماجدة بوطمين،م.س ،ص 8
)(2ذهبت محكمة النقض المصرية إلى اعتبار القطع ضربا من ضروب اإلتالف (الطعن رقم 96لسنة 37ق جلسة ،)13/3/1967أنظر
موقع https://tamirtag.yoo7.com :تاريخ الولوج 25 :ماي 2020الساعة 13H02m
أن يكون األرشيف غير شخص ي :أي يجب أن يدخل ضمن التحديد الذي جاء في
املادة الثالثة من القانون املتعلق باألرشيف ،أما الوثائق الشخصية املعتبرة لديه أرشيفا لدى
صاحبها فال تنطبق عليها هذه الجريمة ،باعتباره مالكا لها.
القصد الجنائي :يذهب القضاء إلى اعتبار جريمة اإلتالف جريمة عمدية يتحقق
القصد الجنائي فيها متى تعمد الفاعل القيام بأي عمل يزيل املنفعة املتوخاة من املادة األرشيفية،
وإتجاه إرادته إلى تحقيق هذا اإلتالف(.)1
وفي نظري يتعلق هذا الركن باألغيار غير العاملين في مجال أرشيفي (م 37ق.أ) ،أمام املوظف
أو املستخدم العامل بهذا املجال فيكفي إتيانه الفعل املؤدي إلى اإلتالف لتقوم مسؤوليته الجنائية
ولو دون أن يقصد إلى الغش (م 35ق.أ).
ج – عقوبة جريمة االتالف:
إن الحديث اليوم عن نوعين من األرشيف :العادي واإلليكتروني ،يجعلنا أمام إشكال
متمحور حول النص الواجب التطبيق ،هل القانون املتعلق باألرشيف باعتباره قانونا خاصا يجمع
كال النوعين ،أم أنه ال مندوحة لنا من الرجوع إلى مجموعة القانون الجنائي في بابها العاشر املتعلق
باملس بنظم املعالجة اآللية للمعطيات()2؟.
أعتقد أنه من الضروري واألفيد التمييز بين األمرين ،وذلك بتطبيق القانون املتعلق
باألرشيف في حالة اإلتالف التقليدية ،والقانون رقم 07.03في حالة اإلتالف املعلوماتي لألرشيف
الرقمي أو اإلليكتروني.
وهكذا نجد املادة 35من القانون املتعلق باألرشيف عاقب كل موظف أو مستخدم قام
بإتالف أرشيف يوجد بعهدته بحكم مهامه بالحبس من ثالث سنوات إلى ست سنوات.
)(1محكمة النقض المصرية (الطعن رقم 1374لسنة 36ق جلسة (17/10/1966أنظر موقع https://tamirtag.yoo7.com :تاريخ
الولوج 25 :ماي 2020الساعة 13H11m
)(2المضاف بمقتضى القانون رقم 07.03الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.197بتاريخ 16رمضان 1424الموافق لــ 11 :نونبر
2003والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 5171بتاريخ 27شوال 1424الموافق ل 22دجنبر ،2003ص .4284
بينما عاقبت املادة 37من نفس القانون األغيار من غير املوظفين أو املستخدمين قاموا
بإتالف األرشيف بحبس تتراوح مدته بين سنتين وعشر سنوات.
أما القانون رقم 07.03فقد تنوعت فيه الفصول الرامية إلى حماية نظم املعالجة اآللية
للمعطيات ،الفصل 607-3يتناول تجريم الدخول غير املشروع إلى نظام أرشيفي معلوماتي سواء عن
طريق االحتيال أو البقاء فيه متى كان الدخول إليه عن طريق الخطأ ،وبالتالي تنطبق عليه العقوبة
املقررة في هذا الفصل واملحددة في الحبس من شهر إلى ثالثة أشهر ،وغرامة من 2000إلى 10.000
درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،مع اإلشارة إلى أن العقوبة تضاعف متى نتج عن ذلك حذف
أو تغيير املعطيات أو أحدث اضطرابا في سير نظامها.
كما عاقب الفصل 607-6بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبالغرامة من 10.000إلى
200.000درهم كل من أتلف املعطيات اآللية ،وال شك أن هذه املقتضيات تنطبق كذلك على
األرشيف اإللكتروني والرقمي كذلك ،باعتباره يدخل في أحكام الفصل 607-6من القانون الجنائي
املغربي.
- 2اإلتالف القانوني
ال يعتبر كل إتالف جريمة معاقب عليها وفقا للقانون الجنائي بمختلف تفرعاته ،سواء املشار
إليها بالقانون الجنائي أو بالقانون املتعلق باألرشيف ،إذ هناك حاالت تخضع ملجموعة من الشروط
واإلجراءات التي بموجبها يخرج إتالف عن دائرة التجريم والعقاب ،إلى مجال األفعال التي رخص
القانون بإتيانها بالرغم من كونها أفعال مجرمة ومعاقب عليها(.)1
فقد أحالت املادة 10من القانون رقم 69.99املتعلق باألرشيف إلى املرسوم التطبيقي املتعلق
بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتالف األرشيف العادي والوسيط وشروط وإجراءات تسليم
األرشيف النهائي( .)1وقد أشارت املادة األولى من هذا املرسوم على أنه تحدث لدى إدارات الدولة لجنة
لألرشيف( )2وبنية إدارية مكلفة به ،بينما يحدد برنامج باقي الهيئات األخرى بشأن تدبير األرشيف
بواسطة اتفاقيات -إطار بين هذه اإلدارات ومؤسسة أرشيف املغرب.
وتمارس البنية اإلدارية مهامها تحت سلطة الكاتب العام للقطاع ،وهي املهام املفصلة في املادة
الخامسة من املرسوم التطبيقي ،والتي من بينها اإلشراف على عمليات اإلتالف لألرشيف الذي ال
تتوفر فيه شروط الحفظ الدائم.
وفي إطار تحديد إجراءات وشروط اإلتالف ،جاء الباب الثالث من املرسوم التطبيقي بتبيان
طريقة فرز األرشيف باعتبارها العملية األساسية واملمهدة لألرشيف الذي سيخضع لإلتالف(،)3
وذلك قبل تحديد شروط عمليات الفرز والتي تتحدد في النقاط التالية
إعداد بيان اإلتالف والذي يضم مجموع الوثائق املقرر إتالفها ،استنادا على
جدول زمني للحفظ املعد سلفا من لدن الهيئات املعنية()4؛
تتم عملية اإلتالف تحت املراقبة التقنية ملؤسسة أرشيف املغرب وفق
اإلجراءات التالية(:)5
-ملء وثيقة بيان اإلتالف في نظيرين وفق مطبوع نموذج تعده مؤسسة أرشيف
املغرب ،وإرسالهما إلى هذه األخيرة قصد التأشير عليهما؛
)(1الصادر تحت رقم 2.14.267بتاريخ 21محرم 1437الموافق لــ 4نونبر ،2015المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6416بتاريخ 14
صفر 1437الموافق لـ 26نونبر .2015
)(2تتكون هذه اللجنة حسب المادة الثانية من المرسوم التطبيقي من :
الكاتب العام للقطاع الوزاري المعني أو من يمثله بصفته رئيسا؛
ممثل واحد عن كل مديرية مركزية بالقطاع الوزاري المعني؛
المسؤول عن البنية اإلدارية بصفته كاتبا دائما للجنة؛
ممثلين عن المصالح غير الممركزة يعينون من طرف اإلدارة المعنية؛
كما يمكن االستعانة على سبيل االستشارة بممثل عن أرشيف المغرب أو أي شخص ذي كفاءة في مجال تدبير األرشيف عند
اإلقتضاء.
)(3المادة 12من المرسوم التطبيقي.
)(4المادة 13من المرسوم التطبيقي.
)(5المادة 14من المرسوم التطبيقي.
-تحضير األرشيف املقرر إتالفه بطريقة منظمة ،ال سيما عن طريق القيام باإلجراءات
الالزمة للتحقق منه في ضوء املعطيات املضمنة في بيان اإلتالف؛
-القيام بعملية إتالف كلي لوثائق األرشيف املضمنة في بيان اإلتالف املؤشر عليه،
وذلك في التاريخ الذي يحدد باتفاق بين الجهة املعنية ومؤسسة أرشيف املغرب؛
-يوقع الطرفان محضرا لعملية اإلتالف يحرر في نظيرين وفق مطبوع نموذج تحدده
مؤسسة أرشيف املغرب ،يتضمن بصفة خاصة اإلشارة إلى تاريخ ومكان اإلتالف ،والوسائل التقنية
املستعملة فيه ،وأسماء األشخاص الذين قاموا بعملية اإلتالف وصفاتهم.
-تحتفظ الجهات املعنية بنظير من بيان اإلتالف ومحضر عملية اإلتالف ويسلم
النظير اآلخر منهما إلى مؤسسة أرشيف املغرب.
ثانيا :جريمة إفشاء السراملنهي
يقصد بإفشاء األسرار اإلفصاح بوقائع لها صفة السرية من شخص مؤتمن عليها بحكم
وظيفته أو مهنته خالفا للقانون ،وهكذا فكل إخالل بواجبات الوظيفة وكل عمل يمس الشرف أو
الكرامة أو اآلداب يؤلف خطأ يعاقب عليه قانونا(.)1
وهكذا ألزمت املادة 13من القانون املتعلق باألرشيف كل موظف أو مستخدم مكلف بجمع
األرشيف أو املحافظة عليه بكتمان السر املنهي في ما يتعلق بكل وثيقة ال يمكن قانونا وضعها رهن
إشارة العموم.
وكل مخالفة ألحكام هذه املادة يعاقب عليها بالعقوبة املنصوص عليها في الفصل 446من
القانون الجنائي(.)2
وبإلقاء نظرة على الفصل 446املذكور سنجد أنه يتضمن التالي..." :وكل شخص يعتبر من
األمناء على األسرار ،بحكم مهنته أو وظيفته ،الدائمة أو املؤقتة ،إذا أفش ى سرا أودع لديه ،وذلك في
)(1محمد الزكراوي ،المسؤولية الجنائية والمدنية المترتبة عن إخالل الموظف بواجب كتمان السر المهني ،منشور على موقع:
www.aljami3a.comتاريخ الولوج 25 :ماي 2020الساعة21H34m :
)(2المادة 36من القانون المتعلق باألرشيف..
األحوال غير التي يجيز فيها القانون أو يوجب عليه التبليغ عنه ،يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة
أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم."...
كغيره من املجاالت ،يخضع األرشيف للحماية العامة املخولة بمقتض ى فصول مجموعة
القانون الجنائي ،باعتبارها اإلطار العام الذي يتم الرجوع إليه حالة عدم وجود نص في القانون
الخاص املتعلق باألرشيف ،ومن بين املسائل التي أغفل القانون املتعلق باألرشيف اإلشارة إليها نجد
مسألة إهمال املسؤول عن األرشيف املؤدي إلى إتالف األرشيف ،لذا رأيت تناولها إلى جانب التطرق
إلى الحماية املخولة للعاملين في مجال األرشيف باعتبارهم موظفين عموميين:
يعرف اإلهمال في اللغة بكونه يدل على معاني التقصير والتغافل والتهاون( .)1وفي اإلصطالح
القانوني تعرف جريمة اإلهمال بأنها " :الجريمة التي تقع خطأ من الفاعل ،معنى ذلك أنها الجريمة
التي ال يقصد الفاعل وقوع الضرر في جريمة اإلهمال نتيجة لسوء تصرفه في الوقت الذي كان من
امليسور عليه أن يتوقع بأن تصرفه قد يؤدي إلى أوخم العواقب(.)2
وفي مجموعة القانون الجنائي عاقب املشرع املغربي على جريمة اإلهمال التي يكون من بين
نتائجها إتالف الوثائق املوجودة تحت عهدة املوظف العمومي بحكم وظيفته أو بسببها( ،)3وهكذا
نص الفصل 242مكرر منه على أن " :كل إهمال خطير صادر عن قاض أو موظف عمومي ،نتج
عنه ارتكاب أحد األفعال املنصوص عليها في الفصلين 241و ،242من طرف الغير ،يعاقب عليه
)(1أنظر موقع قاموس المعاني https://www.almaany.com/ :تاريخ الولوج 29 :ماي 2020الساعة20H21m :
)(2أبو اليزيد علي المتيت،جرائم اإلهمال،منشأة المعارف اإلسكندرية مصر ،ط ،2س ،1965ص .21
)(3الفصل 242من م.ق.ج
بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وبغرامة من ألفي درهم إلى عشرين ألف درهم أو بإحدى
هاتين العقوبتين فقط ،".وختمت في فقرتها الثانية على أن العقوبة تضاعف إذا كانت قيمة املتلف
تتجاوز مائة ألف درهم.
وإذا كنا قد سبق وأن أشرنا إلى أن موضوع الفعل املجرم هو معيار تطبيق القانون املتعلق
بأرشيف أو مجموعة القانون الجنائي ،ولكون الفصل املشار إليه أعاله يتعلق بالحاالت األخرى غير
املتعلقة باألرشيف ،فإن هذا يجعلنا نطرح التساؤل التالي :ماذا لو حدث نفس الفعل في مجال
األرشيف وقانون األرشيف ال يتضمن مقتضيات مماثلة؟
الجواب في نظرنا ينسحب إلى القاعدة القائمة بالرجوع دوما إلى القانون العام حالة عدم
تضمن القانون الخاص مقتض ى مماثل ،لذا فقد يجد الفصل 242مكرر من م.ق.ج مجاال للتطبيق
إذا ما صدر فعل عن موظف أو مستخدم في مجال األرشيف يعد في نظر القانون إهماال خطيرا
تسبب في إتالف أرشيف موجود في عهدته بحكم وظيفته أو بسببها من طرف الغير(.)1
لكن وجب أن يؤخذ بعين االعتبار مجموعة من الخصوصيات التي يتسم بها مجال
األرشيف ،أهمها املخاطر الجمة التي تعرفها هذه املهمة ،والتي تهدد املوظف في صحته وحتى في
حياته ،لذا فإنه من املفترض أن تتوفر له في سبيل إنجاز مهامه جميع الظروف املواتية الكفيلة
بتحقيق نسب عالية من الحماية ،سيما للمادة األرشيفية ،كالوسائل األمنية املختلفة من موارد
بشرية مؤهلة ،وتكنولوجية ،متطورة وبنية تحتية بمواصفات جيدة ،إذ ال يمكن أن نتصور وضع
مادة أرشيفية في مكان يفتقد ألدنى شروط السالمة والحماية ،ويتحمل املوظف أو املستخدم
مسؤولية إهمال القطاع املعني من لدن الجهة املسؤولة عنه ،فاملنطق يقتض ي -والحالة هاته -أن
يصدر اإلهمال في ظل كل هذه الظروف النموذجية –املفترضة -حتى يشكل جريمة معاقب عليها،
وغير ذلك ،يجعل من مقتضيات الفصل موضوع هذه النقطة صعب التطبيق ،وبعيد عن تحقيق
العدالة املنشودة متى طبق في غير الحاالت التي تتناسب وقصد املشرع من خالله.
)(1يجب أن يوصف الفعل بكونه إهماال ،وال يدخل ضمن حاالت المشاركة كما هي منصوص عليها في الفصل 129من م.ق.ج.
إن حماية األرشيف لن يتأتى دون حماية العاملين في مجاله ،واملضطلعين بمهام حفظه
وصيانته ،ولكون األرشيفي موظف عمومي باملفهوم العام كما أو رده القانون الجنائي ،فإنه بدوره
يتمتع بالحماية الجنائية.
ورجوعا إلى مقتضيات القانون الجنائي املغربي سيما الفصل 263منه ،نجد أن املشرع
الجنائي حصن كافة املوظفين العموميين من شتى أنواع اإلهانة املادية أو املعنوية التي من املحتمل
أن يتعرضوا لها أثناء ممارستهم لوظائفهم العامة ،بأن جرم وعاقب على املساس بشرفهم أو
اعتبارهم أو احترامهم أو شعورهم من طرف الغير سواء باألقوال أو االشارات أو الكتابات أو
التهديدات(.)1
وقد تحددت العقوبة املقررة لهذا الفعل في الحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من مائتين
وخمسين إلى خمسة آالف درهم.
سنخصص هذا املطلب لتناول مسطرة معاينة املخالفة التي تطال نصوص القانون املتعلق
باألرشيف من خالل تحديد الجهات التي خول لها املشرع هذه الصالحية ،واملقتضيات القانونية التي
لها صلة بهذه املهام (مطلب أول) ،وذلك قبل أن نعرج إلى مسألة الصلح في مجال جرائم األرشيف
(مطلب ثاني) كما يلي:
)(1عمر الهرواشي ،الحماية الجنائية للموظفين العموميين من جريمة اإلهانة بين النظري والعملي أية مقاربة ،منشور بموقع:
https://www.tighirtnews.com/تاريخ الولوج 29 :ماي 2020الساعة20H55m :
خولت املادة 38من القانون املتعلق باألرشيف صالحية معاينة مخالفات أحكام هذا
القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه ،لكل من األعوان املؤهلين بصفة قانونية لهذا الغرض من قبل
أرشيف املغرب ،وكذا لضباط الشرطة القضائية.
وإذا كانت الشرطة القضائية 1تمارس مهامها بصفة أصلية ،فإن األعوان املشار إليهم
يمارسونها في إطار املادة 27من قانون املسطرة الجنائية التي تعطيهم صالحية ممارسة بعض مهام
الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة .وبالتالي فإن الجهات املكلفة بالبحث عن مخالفات
األرشيف تندرج كلها تحت املفهوم الواسع للشرطة القضائية ،وما توفره هذه الصفة من ضمانات
احترام شكليات البحث ومضمونها حتى نتمكن من الوقوف على إجراءات سليمة ومنتجة آلثارها
القانونية .فقد ارتأيت التطرق بداية إلى أعمال املكلفين بمعاينة جرائم األرشيف ومراقبتهم (فقرة
أولى) ،قبل اإلشارة إلى حجية املحاضر التي يحررونها (فقرة ثانية) كالتالي:
معان عديدة ،فهي تدل في معناها الواسع على المهام الموكولة لجهاز متخصص ،وهي مهام ٍ ( ) 1تدل عبارة الشرطة القضائية على
تتعلق بكافة التحريات الرامية إلى البحث في الجرائم والتثبت من وقوعها ،وجمع أدلة إثباتها وإحالة المشتبه فيه على القضاء.
وفي معناها الضيق تقتصر عبارة الشرطة القضائية على األعمال المنجزة في مرحلة البحث التمهيدي ،وال تنصرف إلى
أعمال التحقيق اإلعدادي المنوطة بقاضي التحقيق.
وفي التعريف األكثر داللة فمفهوم الشرطة القضائية يُطلق على أصناف الموظفين الذين يشكلون جهازا تابعا لألمن الوطني،
أو الدرك الملكي ،أو غيرهم ممن هم مكلفون بإنجاز األعمال المحددة في المادة 18من قانون المسطرة الجنائية ،وهذا المفهوم
األخير هو األقرب إلى الصواب ألنه يحدد الشرطة القضائية باألشخاص ال بالوظيفة والمهام.1
وقد نصت المادة 16من قانون المسطرة الجنائية على أن مهام الشرطة القضائية يمارسها القضاة والضباط والموظفون
واألعوان المبينون في نفس القانون ،لتحدد المادة 19األصناف التي يضمها هذا الجهاز والمحددة في:
الضباط السامون للشرطة القضائية وهم الوكيل العام للملك ووكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق؛
ضباط الشرطة القضائية؛
ضباط الشرطة القضائية المكلفين باألحداث؛
أعوان الشرطة القضائية؛
الموظفون واألعوان الذين ينيط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية.
ونعتقد أن الصنف األخير منسجم ومقتضيات المادة 38من القانون رقم 66.99 :قيد التحليل ،وبالتالي فاألعوان المعينين من
قبل مؤسسة أرشيف المغرب تسري عليهم نفس األحكام السارية على ضباط الشرطة القضائية وهم بصدد القيام بالمهام الموكولة
إليهم بتلك الصفة ،أهمها مسألتي المراقبة والمسؤولية.
الفقرة األولى :أعمال األعوان املؤهلين وضباط الشرطة القضائية ومر اقبتها
أنيطت بالعون املؤهل ولضابط الشرطة القضائية في القانون املتعلق باألرشيف مهام
معاينة جرائم األرشيف ،وهذا يستلزم توفير الحماية الخاصة لهذه العناصر وهي بصدد تصريف
األشغال املنوطة بها ،حتى تكون على الوجه املطلوب ،ووفق ما تقتضيه النظم القانونية التي يمكن
إدراجها ضمن مقتضيات املادتين 21و 78من قانون املسطرة الجنائية.
وسنتناول هنا املهام املوكولة إلى هذه الفئة ومراقبتهم ضمن هذا اإلطار:
-أوال :مهام األعوان وضابط الشرطة القضائية
نرى أن نركز في هذه النقطة على مسألة أساسية هي إنجاز محضر املعاينة ،والذي يجب أن
يأتي طبقا للشروط املحددة في قانون املسطرة الجنائية سيما املادة 24منه ،وهذا ما نجد املادة 38
من القانون املتعلق باألرشيف قد أغفلت اإلشارة إليه على غرار بعض القوانين األخرى( ،)1وهي
املسألة التي نعتبرها من بين أهم الضمانات الجنائية املكفولة لجميع األطراف وذلك ملا تعنيه هذه
املحاضر وشكلياتها الصارمة من احترام للمقتضيات القانونية ،وما ترتبه من آثار بالنسبة ألطراف
الخصومة الزجرية.
وبإلقاء نظرة على املادة 24من قانون املسطرة الجنائية سنجدها تنص على شروط من
الواجب توفرها في املحضر املنجز من طرف ضابط الشرطة القضائية إن من الناحية الشكلية أو
الناحية املوضوعية ،وباحترام هذه الشروط نكون أمام محضر له آثاره الثبوتية املؤكدة ضمن مواد
املسطرة الجنائية واالجتهاد القضائي ملحاكم املوضوع ومحكمة النقض.2
)(1كما هو الشأن المادة 64المتممه ألحكام القانون رقم 90.12:المتعلق بمعاينات مخالفات التعمير
( ) 2تتجلى الشروط الشكلية الواجب توفرها في محضر معاينة المخالفات ،ثم الشروط الموضوعية له فيما يلي:
الشروط الشكلية
بناء على المادة 24من قانون المسطرة الجنائية فالمحضر يجب أن يتضمن الشكليات التالية:
-ثانيا :مر اقبة أعمال األعوان والشرطة القضائية املتعلقة بمعاينة جرائم األرشيف
ومسؤوليتهم:
إن قيام األعوان املؤهلين من طرف مؤسسة أرشيف املغرب باملهام املسسندة إليهم ،إلى
جانب ضباط الشرطة القضائية ،ال تتم دون أية مراقبة ،الش يء الذي ينتج عنها مسؤوليات محددة
عند وجود تجاوزات:
- 1مر اقبة أعمال األعوان والشرطة القضائيةاملتعلقة بمعاينة جرائم األرشيف
من الضمانات املكفولة بمقتض ى منح صفة الشرطة القضائية لهؤالء األعوان هي جعلهم –
إلى جانب ضباط الشرطة القضائية -يعملون تحت إشراف ومراقبة جهازين قضائيين هما النيابة
العامة ،والغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف وفق ما نصت عليه املادة 17من ق.م.ج ،وهو ما
أن يكون مكتوبا ،سواء بخط اليد أو باآلالت الكاتبة ،أي أنه ال مجال للحديث هنا عن المحاضر الشفوية؛
الصفة الضبطية لمحرر المحضر :أي أن يكون المحرر ضابطا للشرطة القضائية؛
أن ينجز المحضر أثناء قيام الضابط بمهام الشرطة القضائية؛
أن يتعلق المحضر بأمور داخلة ضمن إختصاصات ضابط الشرطة القضائية ،أي متعلقة وحسب بالمخالفات
الخاصةباألرشيف المنصوص عليها في القانون رقم66.99 :؛
اإلشارة إلى إسم المحرر وصفته؛
مكان إنجاز المحضر وتاريخه وساعته؛
هوية المستمع إليه أو إليهم وبطائقهم الوطنية عند اإلقتضاء؛
إشعار المعنيين باألمر بالمنسوب إليهم؛
توقيع المحرر والطرف المستمع إليه أو تعذره عن ذلك بعد اإلشارة إلى تالوة األخير لتصريحاته؛
المصادقة على التشطيبات الواقعة في المحضر.
الشروط الموضوعية
إن توفر الشروط الشكلية في محضر معاينة المخالفات المتعلقة بقانون األرشيف غير كافية لوحدها ،وإنما يتطلب إلى جانبها
شروطا أخرى موضوعية تتجلى في تضمين الضابط ما عاينه ،والعمليات التي قام بها ،وما تلقاه من تصريحات دون تحريف أو
زيادة أو نقصان.
وحتى تتحقق الموضوعية في كل ذلك ينبغي أن يقوم العون أو ضابط الشرطة القضائية شخصيا بالمعاينات واالستماع
للتصريحات ،وذلك بنوع من الحياد الذي يفرض عليه االمتناع عن إعطاء تأويالت للوقائع التي تناولها البحث بحيث يصل به األمر
إلى إعطائها تكييفا قانونا بحسب ما اقتنع به شخصيا.
يجعل أعمالهم وهم يقومون بها في البحث عن مخالفات املتعلقة بتطبيق املخالفات املتعلقة بقانون
األرشيف ومعاينها بصفتهم الضبطية يحقق نوعين من الضمانات أولها ذاتية وتعني أن األعمال التي
يقومون بها تكتس ي الحجية القانونية والقوة الثبوتية وفقا ملا تخوله لهم مقتضيات املسطرة
الجنائية ،وثاني هذه الضمانات غيرية تكفل للمشتبه فيهم بارتكاب مخالفة من املخالفات املنصوص
عليها في املادتين 35و 37من القانون املتعلق باألرشيف –بصفة أساسية -سالمة اإلجراءات وتفادي
أي شطط في استعمال السلطة ،أو تجاوز معيب ملقتضيات القانون.
وإذا كانت النيابة العامة تملك سلطة تسيير أعمال ضباط الشرطة القضائية ،فإن الغرفة
الجنحية لدى محكمة اإلستئناف هي التي تتولى مراقبة أعملهم ،إذ أنها تمارس مهام السلطة
التأديبية لهم في أدائهم ملهامهم بتلك الصفة ،وتحملهم مسؤولية األخطاء الصادرة عنهم عمدا أو
نتيجة إهمال أو تقصير في تطبيق القانون ،أو مخالفة تعليمات النيابة العامة أو ارتكاب شطط أو
تعسف في السلطة . 1
وطبقا للمادة 30من قانون املسطرة الجنائية فمسطرة التأديب تباشر من طرف الوكيل
العام للملك لدى محكمة اإلستئناف بإحالته على الغرفة الجنحية بنفس املحكمة فيما يخص كل
إخالل ينسب لضابط من ضباط الشرطة القضائية أثناء قيامه بمهامه.
وباستقرائنا ملقتضيات املادة 35من قانون املسطرة الجنائية سنجدها تنص على أنه" :
تطبق مقتضيات هذا الفرع – أي مر اقبة أعمال الشرطة القضائية – على جميع املوظفين
وأعوان اإلدارات واملر افق العمومية ،الذين تخول لهم نصوص خاصة بعض مهام الشرطة
القضائية ،عندما يمارسون هذه املهام ،حسب الشروط وضمن الحدود املبينة في هذه
النصوص".
- 1شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل ،ج ،1ط ،2س 2004ص 95-94
وأكيد أن األعوان وكذا الشرطة القضائية سيمارسون مهامهم في إطار البحث عن مخالفات
األرشيف ومعاينها ضمن الشروط والحدود املبنية في القانون اإلجرائي الجنائي املغربي ،وعليه يجب
أن تكون هذه اإلجراءات املنجزة متطابقة وفق القالب والشروط املنصوص عليها في املادة 24من
قانون املسطرة الجنائية ،وبالتالي فإن كل إخالل منسوب إلى العون املمارس ملهام معاينة مخالفات
القانون املتعلق باألرشيف ومرسومه التطبيقي بصفته ضابطا للشرطة القضائية بمناسبة قيامه
بمهامه بتلك الصفة ،سيجعله معرضا للعقوبات املنصوص عليها في املادة 32من قانون املسطرة
الجنائية واملحددة في:
-توجيه مالحظات؛
-التوقيف املؤقت عن ممارسة مهام الشرطة القضائية ملدة ال تتجاوز سنة واحدة؛
-1عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بقانون المسطرة الجنائية الجديد ،ج ،1ط ،2س 2010ص 440-439
التزوير طبقا للفصلين 352و 353من القانون الجنائي في املحاضر التي ينجزونها؛
عدم احترام حرمة املنازل بمناسبة معاينة األشياء املسروقة أو املختلسة من األرشيف؛
استعمال العنف ؛
إفشاء السر املنهي...
ب -املسؤولية التأديبية :
تترتب املسؤولية التأديبية على اإلخالل بااللتزامات املهنية وعدم احترام واجبات
الوظيفة،وقد نمثل لها في هذا الصدد في تهاون العون أو ضابط الشرطة القضائية أو إهمالهما أو
تقصيرهما في أداء املهام املنوطة بهما كاالمتناع عن تنفيذ التعليمات املوجهة إليهما من طرف
رؤسائهما ،أو القيام بخطأ منهي بسبب شطط أو تعسف نتج عنه اإلضرار بمصالح الغير.
وقد سبق اإلشارة إلى أن الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف هي الجهة املكلفة بإصدار
القرارات التأديبية في حق املخالفين من ضباط الشرطة القضائية املحالين عليها بمقتض ى ملتمسات
الوكيل العام للملك.
ج -املسؤولية املدنية:
إذا ترتبت على األفعال الجرمية املرتكبة من طرف العون أو ضابط الشرطة القضائية
أضرار مادية أو معنوية ألحد األشخاص ،فإنه يجوز للمتضرر أن يطالب بالتعويض وفق ما تخوله
له مقتضيات الفصلين 77و 78من قانون االلتزامات والعقود املغربي ،بأن ينصب نفسه طرفا مدنيا
أمام الهيئة التي تنظر في الدعوى الجنائية طبقا ملقتضيات املواد 266و 267و 268من قانون
املسطرة الجنائية ،أو يسلك خيار املطالبة بالتعويض أمام القضاء املدني طبقا للمادة 10من نفس
القانون.
إن قيام العون أو ضابط الشرطة القضائية بتحرير محضر املخالفة وفق الشروط املحددة
أعاله ،يجعل من هذا املحضر وثيقة رسمية باملفهوم الذي نص عليه الفصل 418من قانون
االلتزامات والعقود املغربي إذ عرف الوثيقة الرسمية بكونها "تلك الورقة التي يتلقاها املوظفون
العموميون الذين لهم صالحية التوثيق في مكان تحرير العقد ،وذلك في الشكل الذي يحدده
القانون" ،ليؤكد الفصل 419من نفس القانون على أن " الورقة الرسمية حجة قاطعة ،حتى على
الغير ،في الوقائع واالتفاقات التي يشهد املوظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره
وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور".
وبالرجوع إلى مقتضيات املسطرة الجنائية ،نجدها قد منحت لهذه املحاضر قوة ثبوتية
قاطعة لكونها تتعلق باملخالفات ،وهذا ما أكدته املادة 290التي جاء فيها ":املحاضر والتقارير التي
يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت في الجنح واملخالفات يوثق بمضمنها إلى أن
يثبت العكس بأية وسيلة من وسائل اإلثبات".
وهذا ما سار عليه االجتهاد القضائي املغربي سواء بمحاكم املوضوع أو محكمة النقض .منه
ما أكدت عليه املحكمة اإلبتدائية بتزنيت التي أكدت على أن املحاضر والتقارير التي يحررها في شأن
التثبت من الجنح واملخالفات الشرطة ،يوثق بمضمونها ما لم يثبت خالف ذلك( ،)1وقد أيدتها
محكمة اإلستئناف بأكادير في هذا التوجه( .)2أما من قرارات محكمة النقض املتعددة نجد ما أكدت
عليه بأن محاضر الضابطة القضائية التي يوثق بمضمونها ما لم يثبت ما يخالفها هي تلك املحاضر
التي يثبت فيها محررها ما شاهدوه وما عاينوه(.)3
وجدير بالذكر أنه بعد تحرير محضر املخالفة ،يوجه أصله إلى وكيل امللك في أجل أقصاه
ثالثة أيام من تاريخ معاينة املخالفة ،ويجب إرفاقه بنسختين منه مشهود بمطابقتهما لألصل وكذا
بجميع الوثائق واملستندات املتعلقة باملخالفة.
يقصد بالصلح في اللغة إنهاء الخصومة ،ويقال صلح الش يء صالحا :أي كان نافعا ومناسبا،
وأصلح ذات بينهما أو ما بينهما أي إزالة ما بينهما من عداوة وشقاق ،وصالحه أي صافاه( .)1وفي لسان
العرب جاء التصالح والصلح في معنى واحد(.)2
وقد نظم املشرع املغربي مسألة الصلح الزجري في قانون املسطرة الجنائية من خالل املادة
41باعتباره إحدى اآلليات البديلة لفض املنازعات ،لكن مع تحديد نطاق هذا الصلح في الجرائم
املعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل ،ثم الجرائم املعاقب عليها بغرامة ال يتجاوز حدها األقص ى
خمسة آالف درهم.
وبالنسبة للقانون رقم 66.69فاملشرع األرشيفي أكد في املادة 39منه على أنه " :يحق
ألرشيف املغرب إبرام مصالحات فيما يتعلق بمخالفات أحكام هذا القانون والنصوص الصادرة
لتطبيقه سواء قبل صدور أحكام قضائية أو بعدها إذا تبين أن في ذلك فائدة للمحافظة على
أرشيف عامة أو إذا كانت هذه األخيرة ذات فائدة تاريخية أو علمية أو حضارية.
يلغي الصلح املبرم كتابة وبدن تحفظ الدعاوى املقامة من قبل النيابة العامة وكذلك تلك
املرفوعة من لدن اإلدارة".
ومن خالل تحليل املادتين أعاله يمكننا أن نسجل ما يلي :
)(1المعجم الوجيز ،مجمع اللغة العربية ،الهيئة العامة لمطابع األميرية مصر ،س ،1977ص .325
)(2إبن منظور ،لسان العرب ،دار المعارف ،ج ،4د.س ،ص .2479
عكس املادة 41من ق.م.ج ،لم يحدد املشرع األرشيفي نطاقا محددا للجرائم التي يسوغ
فيها اللجوء إلى مسطرة الصلح ،إذ أن الصياغة العامة للمادة 39من ق.أ تشمل جميع الجرائم
املتعلقة باألرشيف؛
يتحدد معيار اللجوء إلى مسطرة الصلح في القانون املتعلق باألرشيف في جلب فائدة أو
مصلحة متمثلة في املحافظة على األرشيف العام ،وينصرف ذات املقتض ى إلى األرشيف الخاص متى
كان ذا فائدة تاريخية أو علمية أو حضارية .ونستنتج هنا أن املشرع األرشيفي متأثر على ما يبدو
بتوجهات السياسة الجنائية الحديثة القائمة على جبر الضرر مع تجنب االعتقال تفاديا لتكوين
مجرمين محتملين بعد أن كانوا قد ارتكبوا الجريمة بمحضة الصدفة أو تحت ظروف اجتماعية أو
اقتصادية محددة دون أن تكون ألصحابها ميوالت إجرامية جلية ،وأكيد أن هذه النقطة تحسب
ملشرع األرشيف الذي وضع من خالل هذه املادة أسس مجابهة الجريمة باالهتمام بالفاعل بالدارجة
األولى ثم املصلحة العامة بالتبعية.
نصت املادة 41من ق.م.ج على إيقاف الدعوى العمومية بموجب مسطرة الصلح ،على
أنه يمكن متابعتها متى لم يتم تنفيذ بنود االتفاق ،أو ظهر بعد الصلح عناصر تمس الدعوى
العمومية ،بينما املادة 39من ق.أ تؤكد على أنه يلغي الصلح املبرم كتابة وبدن تحفظ الدعاوى
املقامة من قبل النيابة العامة وكذلك تلك املرفوعة من لدن اإلدارة ،أي أنه يمكننا هنا التحدث عن
اإليقاف النهائي للدعوى العمومية قبل تحريكها بإحالتها على الجهات القضائية املختصة ،أو أثناء
سريانها أو إلغاء املقرر الصادر بموضوعها؛
أشارت الفقرة الثانية من املادة 39من ق.أ إلى ضرورة إبرام الصلح كتابة بين الطرفين،
وقد نتصور ذلك متى تم بين الجهة املتضررة واملتهم أو من ينوب عن هذا األخير ،كما أنه يمكن إثارة
مسألة الصلح لحظيا عند انعقاد املحكمة ،وهنا يمكن تأجيل الجلسة إلى حين إبرام الصلح كتابة،
غير أنه – وفي نظري املتواضع -يمكن اإلشهاد عليه في محضر الجلسة الذي يكتس ي حجة قوية
يمكن االستعاضة به عن الصلح املوقع بين الطرفين .وهنا نضيف أيضا أن املادتين 41و 39موضع
املالحظة قد اتفقتا على مسألة توثيق الصلح بآلية الكتابة؛
الصفحة 99 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
استعملت املادة 39من ق.أ عبارة " :يلغي الصلح...الدعاوى" ،ونحسب أن استعمال لفظة
"اإللغاء" ال تتناسب وكل مراحل إجراء الصلح ،إذ أن املادة 4من ق.م.ج كانت أكثر دقة وهي تتحدث
عن إمكانية إجراء الصلح بين املتهم واملجني عليه (الذي غالبا ما يكون جهة إدارية) ،إذ نصت على
سقوط الدعوى إن هي أقيمت قبل التعاقد على الصلح( ،)1فقد جاء بصريح العبارة في الفقرة الثانية
من املادة الرابعة املذكورة ما يلي " :وتسقط – أي الدعوى العمومية -بالصلح عندما ينص القانون
صراحة على ذلك" .بل أننا نصادف حتى كلمة "السقوط" إذا تعلق األمر بالعقوبة أي بعد صدور
املقرر القضائي ،غير أنه يمكن التسليم بمصطلح "اإللغاء" بشأن مرحلة ما بعد صدور املقرر في
جريمة أرشيفية ،أي التخلص من كل اآلثار املترتبة عن املقرر وكأنه لم يكن ،لذا نرى أنه ،وانسجاما
مع مقتضيات املسطرة الجنائية ،أن يعد املشرع األرشيفي الفقرة الثانية من املادة 39سالفة الذكر
بأن ينص على سقوط الدعوى عند إجراء الصلح في كل مرحلة سابقة لصدور الحكم ،وبسقوط
العقوبة أو إلغائها في مرحلة ما بعد صدورها ،وذلك على أن تكون الفقرة املعنية على الشكل التالي" :
يسقط الصلح املبرم كتابة وبدون تحفظ الدعاوى املقامة من قبل النيابة العامة وكذلك تلك
املرفوعة من لدن اإلدارة ،كما يسقط العقوبة /يلغى العقوبة الصادرة في حق املتصالح معه".
وعلى العموم ،فبالرغم من هذا التنظيم التشريعي الذي حظي به األرشيف على املستوى
الوطني ،والذي ال يعني إال مواكبة لالهتمام الدولي بمكانته وقيمته النفيسة ،إال أنه يالحظ أن
التفاتة املشرع إلى هذا املجال لم تتم عبر التقنين إال سنة ،2007الش يء الذي يستتبع بذل املزيد من
الجهود للوصول به إلى مصاف الدول التي قطعت فيه أشواطا متقدمة جدا ،وهذا لن يتأتى دون
إفراده بمزيد من الحرص والدعم املادي واملعنوي لقطاعه.
وقد حاولنا جاهدين تبيان مجالي التجريم والعقاب في كل من القانون املتعلق باألرشيف
والقانون الجنائي ،وصلة هذين األخيرين بالقانون اإلجرائي الذي هو قانون املسطرة الجنائية،
وخلصنا بناء على هذه القراءة املتواضعة إلى تبيان أوجه التالقي واالختالف بين هذه القوانين ،وما
)(1عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،ج ،1مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،س ،2006ص .200
يمتاز به أحدهما عن اآلخر ،مقدمين ما نراه جديرا بالتعديل ،وما يستحق منه التنويه في القانون
األرشيفي املغربي.
-تقديم :
عرف املغرب مع نهاية القرن العشرين وبداية األلفية الثالثة ثورة كبيرة في منظومته
القانونية وال زال هذا التطور يشق طريقه بسرعة تارة وبتعثر تارة أخرى في ظل العديد من مسودات
مشاريع القوانين املعروضة اآلن للنقاش العمومي والتي أخذ البعض منها شكل مشاريع قوانين فيما ال
زال البعض اآلخر يبحث له عن توافق داخل منظومة العدالة والهيئات املجتمعية واألحزاب
السياسية.
ولم تنأ مدونة األسرة( )1عن هذا التطور وهذا التحول الذي عرفه املغرب سواء على
املستوى الحقوقي والسياس ي أو االجتماعي واالقتصادي أو الثقافي ،خاصة في ظل اإلعالن عن الخطة
الوطنية إلدماج املرأة في التنمية وما واكبها من ردود فعل متباينة تراوحت بين التأييد والرفض،
وانتهت بتعيين صاحب الجاللة للجنة استشارية كلفت بإجراء مراجعة جوهرية ملقتضيات قانون
األحوال الشخصية ،في إطار االلتزام بأحكام ومقاصد اإلسالم السمحة وإعماال لالجتهاد في استنباط
األحكام ،مع االستهداء بما تقتضيه روح العصر والتطور واحترام حقوق اإلنسان واالتفاقيات
الدولية في املوضوع.
ومع مرور أكثر من عقدين على صدور هذه املدونة ،أرتأى صاحب الجاللة امللك محمد
السادس نصره هللا ضرورة إعادة النظر في مدونة األسرة عندما دعا جاللته خالل خطاب عيد
العرش لسنة 2022إلى تعديل مدونة األسرة وتجاوز االختالالت والسلبيات ،التي أبانت عنها التجربة
،ومراجعة بعض البنود ،التي تم االنحراف بها عن أهدافها ،إذا اقتض ى الحال ذلك(.)2
- 1شكل صدور مدونة األسرة حدثا حقوقيا ومجتمعيا تاريخيا بالنظر لألبعاد العميقة لهذه المدونة على مستوى تحقيق تماسك
األسرة المغربية وتضامن أفرادها وتثبيت تقاليدها األصيلة القائمة على روح المودة والئام والتكافل االجتماعي.
-أنظر بهذا الخصوص تقديم القانون رقم 03.70بمثابة مدونة األسرة ،وزارة العدل ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية
والقضائية ،سلسلة النصوص القانونيةـ ،العدد ،2004 ،1:ص .5 :
- 2االطالع على نص الخطاب الملكي السامي لعيد العرش 2022المرجو الولوج لموقع رئاسة الحكومة :
ويعتبر الطالق والتطليق من بين أهم املحاور التي حظيت بالتعديل واإلضافة في مدونة
األسرة( )1حيث كان الهدف الرئيس ي من ذلك الحفاظ على الثوابت اإلسالمية مع استحضار البعد
العاملي لحقوق املرأة والطفل من خالل احترام مجموعة من املبادئ املنصوص عليها في االتفاقيات
الدولية التي صادق عليها املغرب ذات الصلة باملوضوع ،وجعل الهدف األسمى من إقرار هذه
املقتضيات دعم تماسك األسرة املغربية والحفاظ على املصلحة الفضلى للطفل واألسرة بصفة
عامة.
ومع مرور أكثر من عقدين على صدور هذه املدونة ،ارتأى صاحب الجاللة امللك محمد
السادس نصره هللا ضرورة إعادة النظر في بعض مقتضيات مدونة األسرة ،من خالل دعوته
بمناسبة خطاب عيد العرش لسنة 2022إلى تجاوز االختالالت والسلبيات التي أبانت عنها التجربة ،
ومراجعة بعض بنود املدونة التي تم االنحراف بها عن أهدافها ،وأكد جاللته على أنه بصفته أمير
املؤمنين فإنه لن يحل ما حرم هللا ،ولن يحرم ما أحل هللا ،السيما في املسائل التي تؤطرها نصوص
قرآنية قطعية ،كما حرص على أن يتم هذا التعديل في إطار مقاصد الشريعة اإلسالمية،
وخصوصيات املجتمع املغربي ،مع اعتماد االعتدال واالجتهاد املنفتح ،والتشاور والحوار ،وإشراك
جميع املؤسسات والفعاليات املعنية
ويندرج هذا املوضوع كمساهمة من جانبي املتواضع في إغناء املواضيع املتخصصة في مجال
اإلدارة القضائية ،باعتبار أن اإلجراءات التي تباشرها هيئة كتابة الضبط في قضايا الطالق
والتطليق تعتبر محورية وتدخل في باب التنزيل الصحيح ملقتضيات مدونة األسرة ،كما أن هذه
املساهمة ستحاول تسليط الضوء على مختلف اإلجراءات املرتبطة بدعاوى الطالق والتطليق ،سواء
منها القبلية (املحور الثاني) ،أو البعدية (املحور الثالث) ،على أنه كان البد لي قبل عرض هذه
اإلجراءات من الوقوف على بعض املصطلحات والتي كثيرا ما يتم تداولها بأقسام قضاء األسرة دون
الوقوف على حمولتها الدينية ودالالتها الحقوقية واملعرفية واآلثار القانونية والشرعية املترتبة عنها.
https://www.cg.gov.ma/ar/%D8%AE%D8%B7%D8%A8-
%D9%88%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8%B7%D8%A9-
%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9.
-1خصص المشرع للطالق والتطليق على التوالي خمسة أقسام من القسم الثالث إلى القسم السادس والقسم الثامن من الكتاب الثاني
من مدونة األسرة المتعلق بانحالل ميثاق الزوجية وآثاره ،الفصول من 78إلى 141من مدونة األسرة.
لذلك ،فإن خطة الدراسة سوف تنطلق من ثالث محاور أساسية أحسبها قمينة بضمان
االستفادة املثلى من هذه الدراسة وفق ما يلي :
-املبحث األول :منطلقات أولية؛
-املبحث الثاني :اإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق إلى حدود النطق بالحكم؛
-املبحث الثالث :اإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق بعد النطق بالحكم.
تقوم هذه املنطلقات على عرض مختلف أسباب انحالل ميثاق الزوجية املنصوص عليها في
مدونة األسرة(()1املطلب األول) ،ثم التعريج على الطالق والتطليق بمختلف أنواعهما والوقوف على
بعض املصطلحات التي تثير لبسا لدى املمارس بكتابة الضبط(املطلب الثاني) ،وأخيرا تبيان
خصوصيات القواعد املسطرية للطالق والتطليق (املطلب الثالث).
يعني انحالل ميثاق الزوجية فكه وانتهائه بأسباب تتباين بين الالإرادية :الوفاة حقيقة أو
حكما أو الفسخ إما لفساد العقد أو لغيره من األسباب الخاصة املقررة في مدونة األسرة ،أو إرادية
كالطالق والتطليق بمختلف أنواعهما(،)2وعليه يكون مفهوم انحالل ميثاق الزوجية أو انتهاء العالقة
الزوجية مفهوما يستغرق مفهومي الطالق والتطليق ويتعداهما إلى أسباب خارجة عن إرادة كل من
الزوج أو الزوجة.
وملا كان الطالق والتطليق يدخالن في باب األسباب التي تحل ميثاق الزوجية إراديا من طرف
أحد الزوجين أو كالهما ،فإنه البد من الوقوف على هذين املصطلحين وتبيان أنواعهما.
يثير مصطلحي الطالق والتطليق لبسا كبيرا لدى العديد من املمارسين باإلدارة القضائية
(هيئة كتابة الضبط) ،خاصة منهم املوظفين القائمين على أقسام قضاء األسرة ،وهو لبس ما كان
- 1القانون رقم 70.03الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.04.22صادر في 12من ذي الحجة 3( 1424فبراير )2004
والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184بتاريخ 14ذو الحجة 5( 1424فبراير ،)2004ص ،418كما وقع تعديله بالقانون رقم
08.09الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.10.103بتاريخ 3شعبان 16 ( 1431يوليو ) 2010؛ الجريدة الرسمية عدد
5859بتاريخ 13شعبان 26 ( 1431يوليو ،)2010ص ،3837والقانون رقم القانون رقم 102.15الرامي إلى تعديل المادة 16
من القانون رقم 70.03بمثابة مدونة األسرة ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.2بتاريخ فاتح ربيع اآلخر 12( 1437
يناير )2016؛ الجريدة الرسمية عدد 6433بتاريخ 14ربيع اآلخر 25( 1437يناير ،)2016ص 420؛
- 2تنص المادة 71من مدونة األسرة على أنه ":ينحل عقد الزواج بالوفاة أو الفسخ أو الطالق أو التطليق أو الخلع".
ينبغي له أن يكون خاصة وأنه يمس شريحة من املفروض فيها تدقيق املصطلحات وضبطها عند
القيام بكافة اإلجراءات واملساطر املتعلقة بها ،فمتى نكون أمام حالة طالق؟ وماذا نعني بالتطليق؟
وما هي حاالته ؟ ذلك ما سنقف عنده عند تحليلنا ملفهومي الطالق والتطليق معا في الفقرة األولى،
على أن نتناول في الفقرة الثانية أنواعهما.
كانت مدونة األحوال الشخصية تميز بين الطالق والتطليق فتجعل الطالق حال لعقد النكاح
بإيقاع الزوج أو وكيله أو من فوض له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا الحق أو القاض ي( ،)1في حين
تجعل التطليق بيد القضاء يقرره في الحاالت املنصوص عليها باملدونة.
وعليه ،فقد كان التمييز بين الطالق والتطليق في ظل مدونة األحوال الشخصية ينطلق من
الحق املخول للزوج دون مراقبة من القضاء في إيقاع الطالق واإلشهاد به لدى عدلين ومخاطبة
قاض ي التوثيق عليه ،ومن ثم كان الطالق حقا خالصا للزوج أو الزوجة إن ملكته يمارسه دون رقابة
من القضاء ،ويمكن للزوجة إن هي أرادت أن تطلق نفسها أن تلجأ إلى القضاء للمطالبة بذلك.
وقد ارتأى نظر املشرع أن يعيد النظر في هذه القاعدة التي تميز بين مصطلحي الطالق
والتطليق سواء من حيث الجهة التي يمكنها إيقاع الطالق أو من حيث رقابة القضاء على سير
إجراءات هذه املسطرة ،وهكذا فقد عرفت املادة 78من مدونة األسرة الطالق على أنه ":حل ميثاق
الزوجية ،يمارسه الزوج والزوجة ،كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا ألحكام هذه
املدونة".
وعليه ،فقد أصبح طالق الزوج لزوجته أو الزوجة لزوجها إن ملكت هذا الحق مرتبطا
بمجموعة من اإلجراءات الشكلية والقواعد املسطرية التي البد من سلوكها والتي سوف نأتي على
ذكرها عند تعميق البحث في مسطرته وحاالته.
- 1الفصل 44من مدونة األحوال الشخصية الملغاة الذي جاء فيه " :الطالق حل عقدة النكاح بإيقاع الزوج أو وكيله أو من فوض
له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا الحق أو القاضي".
ومن ثم أضحى كل من الطالق والتطليق خاضعين ملراقبة القضاء األسري وأصبح الحق في
ممارستهما معا مرتبطا بسلوك مساطر وإجراءات خاصة ،فانتقل الفيصل في التفريق بينهما من
ممارسة الحق بعيدا عن مراقبة القضاء ،إلى طريقة تسيير اإلجراءات واملساطر الخاصة بهما،
فالطالق بمختلف أنواعه ينتهي بعد فشل محاولة الصلح بإذن املحكمة لطالبه باإلشهاد عليه
وتوثيقه لدى عدلين منتصبين بدائرة نفوذ املحكمة التي أصدرته ،ثم بعد ذلك إصدار قرار معلل
طبقا للمادة 88من مدونة األسرة ،في حين أن التطليق بمختلف أنواعه يكون بحكم نهائي في شقه
املتعلق بإنهاء عالقة الزوجية دون حاجة إلى اإلشهاد به لدى عدلين.
وحتى تكون الفائدة عامة ولتسليط الضوء أكثر على املصطلحين فإنه البد من الوقوف
بإيجاز كبير على أنواع كل من الطالق والتطليق.
تختلف أنواع الطالق والتطليق بحسب السبب الداعي إلى إيقاعهما والذي يختلف هو اآلخر
بحسب الحاالت والوضعيات القائمة لدى الزوجين ،على أن بعض هذه األنواع تنفرد بمساطر
خاصة ارتأينا تفصيلها عند عرض كل نوع من هذه األنواع
وعلى العموم ،فإن للطالق والتطليق حاالت ودوافع أوردها املشرع في مدونة األسرة كما يلي :
-أوال :أنواع الطالق :
يمارس الطالق –كما سبقت اإلشارة إلى ذلك– الزوج كقاعدة عامة ،والزوجة إن ملكت هذا
الحق ،أو هما معا باتفاقهما وفق إجراءات استثنائية تخضع ملراقبة مشددة من طرف القضاء غايتها
حماية الزوجة واألطفال من تعسف الزوج قبل اإلذن له بإيقاع الطالق.
واملالحظ أن قضايا الطالق لم تسجل سنة 2013إال 25215قضية من أصل 66065قضية
تتعلق بالطالق والتطليق بنسبة الثلث ،في حين بلغت خالل سنة 2021ما مجموعه ،)1(26957وهو
- 1جواب السيد وزير العدل عدد 358بتاريخ 27يوليوز 2022عن السؤال الكتابي عدد 5186للنائبة البرلماني بمجلس النواب
عن حزب العدالة والتنمية السيدة نعيمة الفتحاوي بتاريخ 05يوليوز 2022حول ارتفاع حاالت الطالق ،ص.2 :
لالطالع على الجواب أنظر :
ما يعكس قلة اإلقبال على هذا النوع من أنواع فك الرابطة الزوجية ،خاصة متى علمنا أن العديد
من األزواج يسلكون مسطرة التطليق للشقاق عوض مسطرة الطالق.
وأنواع الطالق عامة ال تخرج عن خمسة أنواع أوردها املشرع تباعا في مدونة األسرة من
خالل املادة 78وما يليها ،على أننا لن نخوض عند عرضنا لها في إجراءاتها املسطرية باعتبارها تضم
مجموعة من القواسم املشتركة ارتأينا تحليلها مجتمعة في املبحث الثاني من هذا العرض املتعلق
باإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق إلى حدود النطق بالحكم.
– 1الطالق الرجعي (:املادة 79من مدونة األسرة) :
الطالق لغة رفع القيد مطلقا حسيا أو معنويا ،وفي اصطالح الفقهاء رفع قيد النكاح في املال
أو املآل بلفظ مخصوص ،والطالق يكون رجعيا عند إيقاعه من طرف الزوج ويثبت له فيه حق
مراجعة زوجته أثناء العدة بدون عقد وال مهر جديدين.
أما الطالق البائن فيقسم بدوره إلى طالق بائن بينونة صغرى وطالق بائن بينونة كبرى،
حيث ال يملك الزوج في األول حق مراجعة زوجته إال بناء على عقد ومهر جديدين ،بينما يمنع عليه في
الثاني إرجاع الزوجة إلى عصمته إال بعد زواجها من رجل آخر ودخوله بها دخوال شرعيا ،ثم تطليقها
أو وفاته عنها دون أن يكون قصده تحليلها للزوج األول.
ومعلوم أن الزوجية في الطالق الرجعي تبقى قائمة في هذا النوع من الطالق ،حيث يترتب عنه
لزوم نفقة الزوج على زوجته والتوارث بينهما.
وقد شهد الطالق الرجعي تراجعا ملحوظا السنة تلو األخرى ،حيث استقرت حاالته خالل
سنة 2021في 526حالة طالق ،مقابل 7146حالة خالل بداية تطبيق املدونة سنة .)1( 2004
https://www.chambredesrepresentants.ma/ar/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A8%D8
%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-
%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D8%A
3%D8%B3%D9%80%D8%A6%D9%84%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D8%
B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-
%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82
- 1جواب السيد وزير العدل عدد ،358م س ،ص .2 :
-جواب السيد وزير العدل عدد ،358م س ،ص .2 : 1
يحضر لإلقامة مع زوجته أو نقلها إليه طلقتها املحكمة عليه طلقة بائنة( )1بعد تقديم النيابة
العامة ملستنتجاتها.
وقد استدركت مدونة األسرة من خالل املادة 106منها الغبن والضرر الذي كان يحصل
للزوجة جراء حبس أو سجن زوجها حيث مكنتها من الحق في طلب التطليق من زوجها املحكوم بأكثر
من ثالث سنوات سجنا أو حبسا وذلك بعد مرور سنة من اعتقاله ،وفي جميع األحوال يمكنها أن
تطلب التطليق بعد سنتين من اعتقاله.
– 5التطليق للعيب ( :املواد من 107إلى 111من مدونة األسرة):
القاعــدة العامــة أن الــزواج يقــوم علــى املعاشــرة الحســنة بــين الــزوجين ،واســتمتاع بعض ــهما
استثناء فقـد قـد تطـرأ عيـوب أو أمـراض تحـول دون ذلـك ،وقـد تكـون هـذه العيـوب قبـل ً بالبعض لكن
البناء والدخول أو بعده ،فإن لم يستطع أحد الزوجين الصبر على ذلك رفع أمره للقضاء.
والعيوب املوجبة لطلب التطليق للعيب ال تقع تحت الحصر ،وتتبـاين مـا بـين الرجـل واملـرأة،
ويشــترط فيهــا عــدم العلــم بالعيــب عنــد العقــد ،وعــدم صــدور مــا يــدل علــى الرض ـا بالعيــب بعــد العلــم
بتعذر الشفاء.
ومعلــوم أن طلــب التطليــق للعيــب يجــب أن يعضــد بشــهادة طبيــة مــن الطبيــب املخــتص التــي
تثبتــه فــي انتظــار األمــر تمهيــديا بــإجراء خبــرة متــى ارتــأى نظــر املحكمــة ذلــك ،وعليــه فــإذا تــم التطليــق
للعيــب قب ــل ال ــدخول " البنــاء " ف ــإن الزوج ــة ال تســتحق أي ص ــداق ،أم ــا بعــد ال ــدخول به ــا فلل ــزوج أن
يطالب بمبلغ الصداق ممن غرر به وكثم عنه العيب قصدا سـواء كانـت الزوجـة أو الـولي ،أمـا إذا كـان
الزوج عاملا بالعيب وطلق زوجته قبل الدخول ففي هذه الحالة تستحق الزوجة نصف الصداق.
ويسـ ــتوجب طلـ ــب التطليـ ــق للعيـ ــب قيـ ــام املحكمـ ــة بمحاولـ ــة الصـ ــلح فـ ــإذا فشـ ــلت حكمـ ــت
بالتطليق للعيب طلقة واحدة بائنة.
- 1التطليق للغيبة طالق بائن وغير قابل ألي طريق من طرق الطعن خالف ما كان عليه األمر في ظل مدونة األحوال الشخصية
التي منحت الزوج عند ظهوره حق استئناف هذا النوع من التطليق.
تستمد مساطر الطالق والتطليق خصوصياتها في كون املشرع املغربي قد خصها بقواعد
شكلية في صلب قواعد املوضوع املنظمة في مدونة األسرة ،ناهيك عن خضوعها من حيث املبدأ
للقانون العام املسطري(قانون املسطرة املدنية).
وال تخرج هذه الخصوصيات عن أربع خصوصيات وهي االختصاص النوعي املؤطر ملثل هذه
املساطر (الفقرة األولى) ،ثم االختصاص املكاني (الفقرة الثانية) ،ثم التدابير املؤقتة لحماية األسرة
(الفقرة الثالثة) ،وعدم القابلية للطعن في الشق املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية .
قضاء متخصصا وقسما مستقال داخل املحكمة ً أفرد املشرع لقضايا الطالق والتطليق
االبتدائية ،ويتعلق األمر بقسم قضاء األسرة الصادر بشأنه القانون رقم 73.03الذي غير وتمم
املادة الثانية من ظهير التنظيم القضائي السابق ل 15يوليوز ،1974والذي حلت محله بعد دخول
القانون رقم 38.15املتعلق بالتنظيم القضائي الجديد( )1املادة 57التي جاء فيها ":ينظر قسم قضاء
األسرة في قضايا األحوال الشخصية وامليراث ،وكذا قضايا الحالة املدنية والكفالة والجنسية ،وفي
كل القضايا التي لها عالقة برعاية وحماية األسرة.
مع مراعاة االختصاصات املخولة لرئيس املحكمة بمقتض ى الفقرة الثانية من املادة 54
أعاله ،يمارس رئيس قسم قضاء األسرة أو من ينوب عنه االختصاصات املخولة قانونا لرئيس
املحكمة االبتدائية ،فيما له صلة باختصاصات هذا القسم ".
والبد لنا ونحن بصدد تفصيل الكالم عن اختصاص أقسام قضاء األسرة النوعي للبت في
قضايا الطالق والتطليق من استحضار السجال الفقهي الدائر حول مفهومي االختصاص النوعي
والتوزيع الداخلي للعمل داخل املحكمة الواحدة ،وبالتالي هل نكون ونحن بصدد توزيع القضايا أمام
- 1الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.22.38بتاريخ 30ذي القعدة 30( 1443يونيو ،)2022والمنشور بالجريدة الرسمية
عدد 7108بتاريخ 14ذو الحجة 14( 1443يوليوز ،)2022ص.4568 :
املحكمة االبتدائية والتي تدخل ضمنها قضايا الطالق والتطليق أمام توزيع داخلي للعمل داخل
املحكمة أم أمام اختصاص محض لكل غرفة من غرفها.
لقد حسم القانون الجديد للتنظيم القضائي املشار إليه أعاله األمر ،وميز جيدا بين أقسام
قضاء األسرة وباقي غرف املحكمة االبتدائية ،حيث جاء في الفقرة الثانية من املادة 45منه ما يلي ":
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا املعروضة على املحكمة كيفما كان نوعها ،باستثناء
قسم قضاء األسرة ،وكذا القسم املتخصص في القضاء التجاري والقسم املتخصص في القضاء
اإلداري ،املحدثين باملحكمة االبتدائية ذات الوالية العامة".
وبالتالي فعند عرض نزاع على إحدى غرف املحكمة االبتدائية خارج عن اختصاصها ومندرج
ضمن اختصاص قسم قضاء األسرة فان هذه الغرفة لن تصرح بعدم اختصاصها للبث في النزاع
بمقتض ى حكم مستقل بل تحيل ملف القضية بأمر والئي على السيد رئيس املحكمة االبتدائية
إلحالته على قسم قضاء األسرة املختص قانونا تحت طائلة بطالن حكمها في حالة البث "الفصل
الثاني من ظهير التنظيم القضائي".
القاعدة العامة في تحديد املحكمة املختصة مكانيا أن املدعي يسعى وراء املدعى عليه وفق ما
نص على ذلك الفصل 27من ق.م.م( )1والفصل 28و 29منه املتعلقان باالستثناءات الواردة على
قاعدة االختصاصات املكاني.
- 1ينص الفصل 27منق.م.م على أنه ":يكون االختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه.
إذا لم يكن لهذا األخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان االختصاص لمحكمة هذا المحل.
إذا لم يكن للمدعى عليه ال موطن وال محل إقامة بالمغرب فيمكن تقديم الدعوى ضده أمام محكمة موطن أو إقامة المدعي أو
واحد منهم عند تعددهم.
إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم.
بيد إن مدونة األسرة قد خرجت عن هذه القاعدة في دعوى الطالق والتطليق بإقرار قاعدة
ثالثية من حيث االختصاص املكاني اعتبرها العديد من الفقهاء استثناءات مسطرية،وميزت بين
حالتين :
-حالة رفع دعوى الطالق من طرف الزوج :حيث ألزمته املادة 79بمراعاة الترتيب الذي
حددته في بيانها للمحكمة املختصة مكانيا أي بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو
املحكمة التي أبرم فيها عقد الزواج.
-حالة رفع دعوى التطليق من طرف الزوجة ،حيث أفرد قانون املسطرة املدنية لها فصال
فريدا وهو الفصل )1(212الذي نص على أن طلب التطليق يقدم وفقا لإلجراءات العادية إلى
املحكمة االبتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو التي أبرم فيها عقد
الزواج.
والواضح من خالل صياغة هذا الفصل أن املشرع املغربي قد خير الزوجة (الزوج كذلك في
حالة طلبه التطليق للشقاق) في رفع طلبها أمام إحدى املحاكم الثالثة املذكورة أعاله ،دون مراعاة
للترتيب الوارد بالفصل املذكور تيسيرا للزوجة وتبسيطا للمساطر التي كانت تتسم بالتعقيد تجاهها
في ظل مدونة األحوال الشخصية.
القاع ــدة العام ــة ف ــي حال ــة املنازع ــة ب ــين ال ــزوجين وس ــلوك أح ــدهما ملس ــطرة الط ــالق والتطلي ــق
حســب األحــوال أن الزوجــة تبقــى مقيمــة فــي بيــت الزوجيــة إذا كانــت املســاكنة ممكنــة .واســتثناء ومتــى
تبــين تعــذر هــذه املســاكنة ووجــود خطــر يحــذق بالزوجــة واألطفــال خاصــة فــي حالــة ســلوك هــذه األخيــرة
ملســطرة التطليــق فــإن للمحكمــة الحــق فــي الحكــم بــبعض التــدابير املؤقتــة املناســبة للزوجــة واألطفــال
بناء على طلبها أو من تلقاء نفسها في انتظار صدور الحكم في املوضوع بما فيها اختيار السكن مع أحد
-1تم تغيير وتتميم وتعويض الفقرة األولى من الفصل 212أعاله بموجب القانون رقم 72.03الصادر األمر بتنفيذه بمقتضى
الظهير الشريف رقم 1.04.23بتاريخ 12من ذي الحجة 3( 1424فبراير )2004؛ الجريدة الرسمية عدد 5184بتاريخ 14من
ذي الحجة 5( 1424فبراير ،)2004ص .453
أقاربهـا أو أقــارب الــزوج ،وتنفـذ تلــك التــدابير فـورا علــى األصــل عـن طريــق النيابــة العامـة وفــق مــا نصــت
على ذلك املادة 121من مدونة األسرة.
وتعتبر التدابير املؤقتة من بـين املسـتجدات التـي أتـت بهـا مدونـة األسـرة إضـافة إلـى املقتضـيات
املنصــوص عليهــا فــي املــادة 53مــن مدونــة األســرة واملتعلقــة بإرجــاع املطــرود إلــى بيــت الزوجيــة مــن طــرف
النيابة العامة()1واإلخطار الذي أضحت تقوم به هذه األخيرة في حالة توصل الزوجة وعدم حضورها.
وتعتري هذه التدابير املؤقتة من الناحية العملية مجموعة من الصعوبات تجعل الزوجة قلما
تلجـأ إلــى طلبهــا وتنفيــذها مــن طــرف النيابــة العامــة علـى الــرغم مــن كونهــا مشــمولة بالنفــاذ املعجــل بقــوة
الق ــانون حس ــب ص ــياغة امل ــادة 121م ــن مدون ــة األس ــرة إذ غالب ــا م ــا تغ ــادر بي ــت الزوجي ــة باتج ــاه ب ــين
األبوين أو اإلخوة.
وهكذا فقد جاء في قرار للمجلس األعلـى (محكمـة الـنقض حاليـا) صـدر فـي ظـل مدونـة األحـوال
الشخصية امللغاة في جوابه علـى الوسـيلة التـي دفـع بهـا الطـاعن بقابليـة إيقـاف تنفيـذ التـدابير املؤقتـة
أنــه "" :وحيــث ان التــدبير الــذي أمــر بــه القاضـ ي االبتــدائي وان ـكـان قــابال لالســتئناف للنظــر فــي جــوهر
الــدعوى ،فانــه يبقــى قــابال للتنفيــذ رغ ـم كــل طعــن وينفــذ بقــوة القــانون ،وال يملــك القضــاة فــي نطــاق
سلطتهم التقديرية حق إيقافه".
- 1المالحظ أن المشرع من خالل التعديل الذي طال القانون الجنائي بواسطة القانون رقم 103.13المتعلق بمحاربة العنف ضد
النساء ،قد توسع في الحماية الجنائية المقررة لألسرة من خالل إقراره لثالثة أنواع من الجرائم المتعلقة باألسرة حيث أظهرت
الممارسة العملية أن بعض من المقتضيات المنصوص عليها في مدونة األسرة اعترتها مجموعة من االختالالت وبقيت بدون
تفعيل ،وهي على التوالي :
أ –جريمة إهمال وترك الواجبات الزوجية (المادة 479من مسودة المشروع) :حيث جرم المشرع الجنائي الترك العمدي لبيت
الزوجية لمدة تزيد عن شهرين دون موجب قاهر أو عذر مقبول من طرف أحد الزوجين ،حيث اعتبرها جنحة ضبطية وعاقب عنها
بعقوبة حبسية من شهر واحد إلى سنة وغرامة من 200إلى 2000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين؛
ب –جريمة االمتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية (المادة 480-1من القانون الجنائي) :حيث تنبه المشرع إلى
أن مقتضيات المادة 53من مدونة األسرة لم تسعف من خالل الممارسة العملية في ضمان األمن األسري واستقرار بيت الزوجية،
ذلك إنها لم ترتب جزا ًء في حالة مخالفة الطرف الطارد.
وهكذا ،فقد جنحت المادة 480-1من ق.ج هذا الفعل بناء على أحكام المادة الخامسة من القانون 103.13السالف الذكر ،وعاقبت
على إتيانه بعقوبة حبسية من شهر إلى 3أشهر وغرامة من 2000إلى 5000درهم.
ج –جريمة إهمال األسرة واالمتناع عن أداء النفقة (المادة 480و 481و 481-1من ق.ج) :عاقب عنها المشرع بالحبس من
شهر واحد إلى سنة وغرامة من 200إلى 2000درهما أو بإحدى هاتين العقوبتين .
وأقر بمقتضى المادة الجديدة 481-1التي أضيفت بالمادة الخامسة من القانون رقم 103.13قاعدة جديدة مفادها أن تنازل
المشتكي عن الشكاية في األنواع الثالثة من الجرائم يضع حدا للمتابعة وآلثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في
حالة صدوره.
الفقرة الرابعة :عدم القابلية للطعن في الشق املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية
ً
استثناء من القواعد العامة املسطرية للطعن والتي تجيز الطعن باالستئناف في جميع األحكام
االبتدائية ،فإن املادة 128من مدونة األسرة( )1قد خرجـت عـن هـذه القاعـدة وجعلـت قضـايا الطـالق
والتطليق غير قابلة ألي طعن في جزئها املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية.
وبمفهوم املخالفة لهذه الفقرة ،فإن باقي مشـتمالت الحكـم واملتعلقـة باملسـتحقات والتعـويض
وصلة الرحم وغيرها تكون قابلة لالستئناف داخل أجل 15يوما وفقـا ألحكـام الفصـل 134مـن ق.م.م
كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم .)2(72.03
ومعلــوم أن اختصــاص تــذييل األحكــام األجنبيــة بالصــيغة التنفيذيــة القاضــية بإنهــاء العالقــة
الزوجيــة إمــا بــالطالق أو بــالتطليق أو بــالخلع أو بالفســخ ،قــد أســند لــرئيس املحكمــة االبتدائيــة أو مــن
ينــوب عنــه وفقــا ملقتضــيات املــادة الفريــدة مــن القــانون رقــم 61.19القاضـ ي بتتمــيم الفصــل 430مــن
ق.م.م(.)3
ويثار إشكال بخصوص تنفيذ هذا النوع من األحكام األجنبية فيما يتعلق باملسـتحقات ،حيـث
إنها تأتي غالبا في األحكام األجنبية علـى شـكل تعـويض مـدني شـامل ،وال تتضـمن التفصـيل املشـار إليـه
بمدونــة األســرة (النفقــة ،املتعــة ،ســكن العــدة ،واجــب الســكن ،الحضــانة ،).....ممــا قــد يعــرض حقــوق
الزيجات املغارية للضرر بمناسبة عدم تدقيق هذه املستحقات.
- 1تنص المادة 128من مدونة األسرة في فقرتها األولى على أن ":المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ
طبقا ألحكام هذا الكتاب ،تكون غير قابلة ألي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العالقة الزوجية".
- 2تنص الفقرة الثالثة من ق.م.م كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون 72.03بمناسبة عرضها آلجال الطعن باالستئناف على أنه ":إذا
تعلق األمر بقضايا األسرة فإن استيناف األحكام الصادرة في شأنها يجب تقديمه داخل أجل خمسة عشر يوما".
- 3الصادر بتنفيده الظهير الشريف رثم 1.19.118بتاريخ 07ذي الحجة 09( 1440أغسطس ،)2019والمنشور بالجريدة
الرسمية عدد ،6807بتاريخ 04ذو الحجة 26( 1440أغسطس ،)2019ص .5897 :
يعتبر الجانب املسطري املتعلق بالطالق والتطليق مهما وحاسما ومؤثرا في الحق موضوع
الدعوى ،كما أن تطبيقه السليم يساعد في تحديد األهداف املوضوعية ملدونة األسرة وتوفير شروط
الترافع املدني العادل واملنصف من الطرفين (الزوجة والزوج) ،لذلك نجد املشرع املغربي وخروجا
على العادة قد أفرد مدونة األسرة بقواعد مسطرية خاصة ومميزة ،فهل ساعد التطبيق العملي لهذه
املساطر على بلورة فلسفة املشرع وغايته من إحداث هذه املساطر ؟ وما هي مظاهر الخلل التي
تعتري هذا التطبيق من الناحية العملية ؟ ذلك ما سنعمل –بحول هللا مع قوته -على تناوله
بالدراسة والتحليل من خالل تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين نتناول في األول إجراءات الطالق،
ونعالج في الثاني إجراءات التطليق ،على أننا سوف نتناول في هذين املطلبين اإلجراءات واملساطر
العامة املشتركة بين كل نوع من أنواعها ،مع تخصيص بعض األنواع بمساطر خاصة .
تنقسم إجراءات الطالق إلى أربعة مراحل متباينة وهي :مرحلة تقديم الطلب (الفقرة
األولى) ،مرحلة التبليغ (الفقرة الثانية) ،مرحلة الصلح (الفقرة الثالثة) ،مرحلة اإلذن وإصدار القرار
املعلل(الفقرة الرابعة) ،سنعمل على تناولها تباعا كما يلي :
اعتبارا للدور الجديد الذي أصبح يضطلع به القضاء األسري في مراقبة سير إجراءات
ُ َّ
الدعوى القضائية املتعلقة بالطالق ،فإن املادة 79من مدونة األسرة ألزمت الزوج املطلق أن يطلب
اإلذن من املحكمة باإلشهاد بالطالق لدى عدلين منتصبين لذلك.
ُْ
ولم يسعف الفعل املستعمل في صيغة النص َ"يطل َب" في تحديد الشكل القانوني للطلب،
هل يكون خاضعا للقاعدة العامة املنصوص عليها في الفصل 31من ق.م.م()1أي بطلب مكتوب أم
يكون الطلب بمجرد تصريح يدلي به املعني باألمر شخصيا لكتابة الضبط ويحرر به محضر ؟ وتزداد
أهمية هذا اإلشكال متى علمنا أن الفصل 45من ق.م.م جعل املسطرة في قضايا النفقة والطالق
والتطليق شفوية أي أنها تمارس دون اللجوء إلى طلب مكتوب ؟
وعلى العموم ،فإن ما جرى به العمل واعتمادا على البيانات املشترطة في الطلب املنصوص
عليها في املادة 80من مدونة األسرة والوثائق املرفقة به( )2التي توحي بكون الطلب يكون مكتوبا ،أن
الطلب ينبغي أن يكون كذلك ،رغم أن مجموعة من الطلبات يتم تحريرها لدى كتاب عموميون ال
تستوفي البيانات املطلوبة ،كما أنها ال تحدد املطالب بكل دقة ،مما تضطر معه املحكمة إلى مطالبة
املدعي بتصحيح املسطرة ،وتنقلب معه الغاية املقصودة من املادة 80من املدونة وتضيع معها
الحقوق.
على أنه يبقى للطرف املعني باألمر حق الخيار في تدبير مسطرته من طرف محام أو تقديمه
شخصيا دون ترتيب أي جزاء عن سلوكه الطريقة الثانية ،ذلك أن مقتضيات الفصل 31من
القانون املنظم ملهنة املحاماة يستثني القضايا التي تبث فيها املحاكم ابتدائيا وانتهائيا من ضرورة
تنصيب محام ،ولكون أحكامها تكون دائما نهائية في شقها املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية فإن
مساطر الطالق والتطليق معفاة من تنصيب محام.
واملقال حسب مقتضيات املادة 80من املدونة يجب أن يشير ويرفق بما يلي :
-هوية الزوجين ومهنتهما؛
-1ينص الفصل 31من ق.م.م على أنه :ترفع الدعوى إلى المحكمة االبتدائية بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله
أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في
المحضر إلى أنه ال يمكن له التوقيع.
تقيد القضايا في سجل معد لذلك حسب الترتيب التسلسلي لتلقيها وتاريخها مع بيان أسماء األطراف وكذا تاريخ االستدعاء.
بمجرد تقييد المقال يعين رئيس المحكمة حسب األحوال قاضيا مقررا أو قاضيا مكلفا بالقضية"
-2تنص المادة 80من مدونة األسرة على ما يلي ":يتضمن طلب اإلذن باإلشهاد على الطالق ،هوية الزوجين ومهنتهما
وعنوانهما ،وعدد األطفال إن وجدوا ،وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي.
يرفق الطلب بمستند الزوجية والحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية".
-عنوانهما خاصة عنوان الزوجة الذي يجب أن يكون واضحا وكامال وأن ال يكون بأي حال
من األحوال مغلوطا أو مجهوال أو ناقصا تحت طائلة تطبيق العقوبة املنصوص عليها في املادة 361
من القانون الجنائي( )1بطلب من الزوجة وبعد تحريك املتابعة من طرف النيابة العامة.
-سند الزوجية؛
-رسم والدة الزوجين
-رسوم والدة األبناء إن وجدوا؛
– شهادة السكنى للزوجين؛
-الحجج املثبتة للوضعية املادية للزوج
-اإلدالء بما يفيد حمل الزوجة من عدمه.
وعند عدم إرفاق الطلب بهذه املستندات أو عدم اإلشارة إلى بعض البيانات اإللزامية
في الطلب ،فإن املحكمة تطلب من املدعي تصحيح املسطرة وذلك بإضافة املستندات الالزمة
واستكمال البيانات الناقصة وفقا ألحكام الفصل 32من ق.م.م تحت طائلة الحكم بعدم قبول
الطلب.
ويختلف أداء الرسم القضائي عند الطلب بين ما إذا كان املقدم هو الزوج أو الزوجة ،ففي
الحالة األولى فإن هذا األخير يؤدي مبلغ 150,00درهم( )2باإلضافة إلى رسم خاص باملرافعة محدد في
10,00دراهم ،أما في الحالة الثانية فإن الزوجة تكون معفاة استنادا إلى الرسالة الدورية للسيد وزير
العدل عدد 32س 2/4بتاريخ 2004/06/18واملواكبة لتنزيل مقتضيات مدونة األسرة.
وعلى الرغم من أن اتجاه مدونة األسرة ومن خاللها وزارة العدل كان واضحا في التخفيف
على الزوجة من الناحية املادية عند لجوئها إلى دعوى الطالق إن هي ملكت هذا الحق أو التطليق
-1جاء في الفقرة األولى من الفصل 361من القانون الجنائي ما يلي " :من توصل ،بغير حق ،إلى تسلم إحدى الوثائق المشار إليها
في الفصل السابق ،أو حاول ذلك ،إما عن طريق اإلدالء ببيانات غير صحيحة ،وإما عن طريق انتحال اسم كاذب أو صفة كاذبة،
وإما بتقديم معلومات أو شهادات أو إقرارات غير صحيحة ،يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات وغرامة من مائتي إلى
ثالثمائة درهم.
-2استنادا إلى أحكام الفصل 25من الظهير الشريف رقم 1.84.54الصادر في 25رجب 27( 1404أبريل )1984بمثابة قانون
المالية لسنة .1984
حسب األحوال ،فاملالحظ أن بعض صناديق اململكة ال زال تثقل كاهلها بأداء الرسوم القضائية
ومصاريف التبليغ والتنفيذ الخاصة بالسادة املفوضين القضائيين على الرغم من أن النص ال يلزمها
بذلك.
بعد إيداع الطلب بصندوق املحكمة يفتح له ملف ويحال على الشعبة املختصة (شعبة
الطالق)حيث يسجل بالسجل العام نموذج 5ويمنح رقما ترتيبيا ويدون كاتب الضبط تاريخ تسجيل
الطلب واسم املدعي ونائبه واسم املدعى عليه ونائبه وموضوع الدعوى ،يحال بعدها امللف على
رئيس قسم قضاء األسرة( )1لتعيين القاض ي املقرر وتحديد تاريخ أول جلسة الستدعاء الطرفين،
حيث يرجع بعد ذلك لتضمين هذه البيانات بالسجل العام ،وتبقى ثالث خانات بدون بيانات إلى حين
النطق بالحكم وهي تاريخ الحكم ومنطوق الحكم ومالحظات.
يحيل بعد ذلك كاتب الضبط املكلف بالسجل العام للشعبة امللفات املعينة على كاتب
الجلسة قصد تضمينها ب S@j 2واستخراج استدعاءات أول جلسة املتعلقة بها ،ثم ترتيبها حسب
الجلسات واملقررين.
والبد هنا من اإلشارة إلى التجربة االستثنائية للمحكمة االجتماعية للدار البيضاء والتي
استقى منها مشروع قانون املسطرة املدنية الكثير في التدبير األولي للمسطرة بالصندوق ،حيث إنه
بمجرد وضع الطلب يفتح له ملف بالصندوق ويعطى له رقم تسلسلي ويعين املقرر وتاريخ أول جلسة
بناء على الئحة أولية موقعة من طرف رئيس املحكمة مع توقيعه على األمر بتعيين املقرر ،ويبلغً
صاحب الطلب فورا بأول جلسة ويمكنه ً
بناء على طلبه أن يسهر على تبليغ الطرف املدعى عليه.
يعد التبليغ أهم مرحلة من مراحل دعاوى الطالق والتطليق ألنه مرتبط بمرحلة أخرى ال
تقل عنه أهمية تستدعي حضور الطرفين ومواجهتهما لبعضهما البعض وهي مرحلة الصلح.
- 1أصبح رؤساء أقسام األسرة بالمحاكم االبتدائية يعينون بمقتضى المادة 46من قانون التنظيم القضائي الجديد رقم 38.15بقرار
للمجلس األعلى للسلطة القضائية ،وهو يمارس وفقا ألحكام الفقرة الثانية من المادة 57من نفس القانون االختصاصات المخولة
لرئيس المحكمة االبتدائية فيما له صلة بقسم قضاء األسرة الذي يشرف عليه.
لذلك ،فإن توصل الطرفين شخصيا الزم وضروري في دعاوى الطالق ،وال يغني توصلهما
بصفة قانونية وفق أحكام الفصل 39من ق.م.م عن التوصل الشخص ي وفق ما يفهم من أحكام
املادة 81من مدونة األسرة.
وعليه ،فإن توصل الزوج شخصيا (وهو الغالب عند إيداعه للمقال) ولم يحضر ولم يدل
بعذر مقبول اعتبر ذلك تراجعا منه عن طلبه وصرفت املحكمة النظر عن البت في امللف ،أما إذا
توصلت الزوجة شخصيا ولم تحضر ولم تدل للمحكمة بمالحظاتها املكتوبة فيتم إنذارها من طرف
املحكمة بواسطة النيابة العامة بأنها إن لم تحضر فسيتم البث في امللف.
ولم يتم من خالل هذه املادة تحديد طبيعة هذا اإلنذار الذي توجهه النيابة العامة ،لكن
الغالب وحسب ما جرى به العمل داخل أقسام قضاء األسرة أن هذا اإلنذار يوجه وفقا ملسطرة
القيم الذي ينصب في حق الزوجة وفقا ألحكام الفقرات 7و 8و 9من الفصل 39من ق.م.م.
وإذا ثبت تحايل الزوج في اإلدالء بعنوان مغلوط للزوجة فتطبق في حقه ً
بناء على طلب من
الزوجة ووفقا ألحكام الفقرة األخيرة من املادة 81من مدونة األسرة مقتضيات الفصل 361من
القانون الجنائي(.)1
واملشرع عندما نص على تبليغ الطرفين شخصيا ،فإن غابيته كانت تنصب على حضورهما
شخصيا لجلسة الصلح حيث ال يتصور من الناحية العملية صلح بدون حضور طرفيه الرئيسيين،
وبالتالي ال تتصور معه الوكالة في الطالق ()2وهو ما يفسر سكوت املشرع عن تنظيمها مع إجازته لها
بمناسبة اإلذن بالزواج.
- 1تنص الفقرة األولى من الفصل 361من القانون الجنائي المغربي على أنه ":من توصل ،بغير حق ،إلى تسلم إحدى
الوثائق المشار إليها في الفصل السابق ،أو حاول ذلك ،إما عن طريق اإلدالء ببيانات غير صحيحة ،وإما عن طريق انتحال اسم
كاذب أو صفة كاذبة ،وإما بتقديم معلومات أو شهادات أو إقرارات غير صحيحة ،يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات
وغرامة من مائتين إلى ثالثمائة درهم.
- 2خاصة في مرحلة الصلح ،على الرغم من أن البعض يجيزها في المرحلة الالحقة لفشل محاولة الصلح ،ولكن إشكاال آخر يثار
بخصوص المغاربة المقيمين بالخارج حيث إنهم يستغلون عودتهم ألرض الوطن قصد القيام بإجراءات الطالق وال تسعفهم مدة
إجازتهم في إتمام مراحله كامال ،خاصة عند وجود أوالد حيث يجب أن يفصل بين جلسة الصلح األولى والثانية أجل 30يوما،
ويكون من المفيد توكيلهم ألحد أفراد األسرة من أجل إتمام اإلجراءات الالحقة لجلسة الصلح أو انتدابهم لمحامي للقيام بإجراءات
المسطرة كاملة ،وعند أقامتهما معا ببلد اإلقامة ،يمكن لهما إجراء محاولة الصلح أمام سفارة أو قنصلية المملكة المغربية لبلد اإلقامة
في إطار إنابة قضائية.
وعلى الرغم من هذا السكوت ،فقد أقرت محكمة النقض في اجتهاد أخير لها بتاريخ 14
شتنبر 2021بأن عدم التنصيص صراحة في مدونة األسرة على التوكيل في الطالق كما كان عليه
األمر في الفصل 44من مدونة األحوال الشخصية ،ال يعني استبعاده مطلقا ،إذ أنه جائز بشروط في
مذهب اإلمام مالك الذي أحالت عليه املادة 400من مدونة األسرة(.)1
بعد عقد الجلسة األولى التي تكون بقضاء جماعي واطالع املحكمة على تبليغ الزوج والزوجة
وحضورهما بالجلسة وبعد التأكد من صحة البيانات الشكلية والوثائق املرفقة بالطلب ،فإنها تحيل
امللف على غرفة املشورة من أجل عقد جلسة الصلح( ،)2و تكون هذه اإلحالة فورية بعد انتهاء
الجلسة األولى وقد تأخر لوقت الحق حسب األحوال.
- 1قرار محكمة النقض عدد 418بتاريخ 14شتنبر 2021في الملف الشرعي عدد 2020/1/2/279منشور بموقع المجلس
األعلى للسلطة القضائية :
https://juriscassation.cspj.ma/upl/2021/202253111537.pdf
تاريخ االطالع 2023/02/22 :على الساعة .17:50
وقد جاء في جواب محكمة النقض على الوسيلة الفريدة المتعلقة بنقصان التعليل الموازي النعدامه ما يلي :
" حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ،ذلك أنه لئن كان المشرع قد نص في المادة 81من مدونة األسرة على استدعاء
الطرفين شخصيا لحضور جلسة الصلح بينهما إليجاد حل للخالفات بينهما ،واعتبرت توصل الزوج وعدم حضوره تراجعا منه عن
طلبه ،وكانت فلسفة المشرع بما صاغه في مدونة األسرة هو الحرص على األسرة والحفاظ على استقرارها ،فإن عدم تنصيصه
على التوكيل صراحة كما كان عليه األمر في الفصل 44من مدونة األحوال الشخصية ،ال يعني استبعاده مطلقا ،إذ أنه جائز في
مذهب اإلمام مالك الذي أحالت عليه مدونة األسرة في المادة ،400ومعمول به قضاء في بعض الحاالت المبعدين أو المحكوم عليه
بالسجن أو الحبس لمدد طويلة أو الموجودين في دول يتعذر عليه مغادرتها ،ويكون للطالق ما يبرره ومن شأن تعليقه إلحاق الضرر
بأحد الزوجين ،فال هو بالمتزوج وال بالمطلق ،وهو ما يتنافى مع قوله تعالى ":فإمساكا بمعروف أو تسريح بإحسان" ،والطالب لما
تمسك بطلب الطالق وبأنه لم يتمكن من الحضور للجلسة المذكورة بنفسه ،وأناب عنه دفاعه األستاذ حليم أحمد بمقتضى وكالة
مصادق عليها بالقنصلية العامة للمملكة المغربية بـــــــــــ ك بتاريخ 2019/02/25للنيابة عنه في جميع اإلجراءات اإلدارية
والقانونية من أجل تطليق المطلوبة من عصمته ،وبرر بها عدم حضوره الشخصي كونه يوجد خارج أرض الوطن ،وأنه موضوع
بحث في متابعة بنا ًء على شكاية رفعتها المطلوبة في مواجهته ،وأن بقاء المطلوبة في عصمته وهو مبحوث عنه خارج أرض
الوطن مع استحالة العشرة فيه ضرر كبير له ،فإن المحكمة لما أيدت الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول دعواه ،دون البحث فيما
أثاره الطالب ومناقشة والتأكد من صحته ،والبت وفق ما ينتهي إليه تحقيقها بتطبيق القواعد الفقهية المذكورة والتي هي بمثابة
قانون ،فإن قرارها جاء غير مؤسس وناقص التعليل وهو بمثابة انعدامه ،مما يعرضه للنقض".
- 2يصطلح على هذه الجلسة من الناحية العملية جلسة البحث ،حيث إنها تكون قريبة من جلسات البحث كإجراء من إجراءات
التحقيق المنصوص عليها في الفصول من 71إلى 84من ق.م.م.
وتعقد جلسة محاولة الصلح بحضور القاض ي املقرر وكاتب الضبط بانتداب من هيئة
الحكم ،حيث تجري املناقشات بين الزوجين بكيفية سرية حفاظا على بعض خصوصيات األسرة بما
في ذلك االستماع إلى الشهود وكل من ترى املحكمة فائدة في االستماع إليه إلنهاء النزاع بالصلح.
ويثار إشكال آخر بخصوص سكوت املشرع من خالل املادتين 94و 113عن الجزاء املترتب
عن اإلخالل باإلجراءات املسطرية للصلح ،لكن الظاهر من خالل املادة 81وما يليها من مدونة األسرة
وكذلك املادة 94و 113من نفس املدونة أن صيغتها توحي بالوجوب وبالتالي فهي إجراء جوهري( )1من
النظام العام يترتب عن عدم القيام بها أو اإلخالل بإجراءاتها بطالن الحكم بالطالق أو التطليق
حسب األحوال.
ويثار إشكال في حالة تخلف الزوجين معا عن الحضور لجلسة الصلح رغم اإلعالم ودون
عذر مقبول ،فهل تفسر املحكمة هذا التخلف على أن الطرفين قد تراضيا فيما بينهما وعادت
عالقتهما إلى سالف عهدها؟ أم أن هذا التخلف يعتبر قرينة على فشل محاولة الصلح وبالتالي تستمر
املحكمة في مباشرة إجراءات الطالق؟
الواقع أن التفسير األصلح للطرفين واعتمادا على تخلف طالب اإلذن بالطالق هو اعتبار
تخلف الطرفين معا تراجعا عن الطلب ،وبالتالي يجب على املحكمة الحكم بتراجع الزوج عن طلبه
حفاظا على املصلحة الفضلى لألسرة.
والبد في هذا الباب من اإلشارة إلى أن املادة 50من قانون التنظيم القضائي الجديد رقم
38.15قد كرست توجها جديدا ملسطرة الصلح أمام القضاء بصفة عامة ،والصلح األسري بصفة
خاصة ،وذلك بفتح إمكانية إجرائها من طرف فئة سوسيو مهنية متخصصة في املجال االجتماعي،
- 1تنص الفقرة األ خيرة من الشرح الذي أورده الدليل العملي لمدونة األسرة بخصوص المادة 82على أن " :محاولة الصلح إجراء
جوهري وال يمكن إنجازه في غياب الزوجين المعنيين ،ولذلك أوجب المشرع حضورهما الشخصي في جلسة المصالحة التي يجب
فيها على المحكمة بذل كل المجهودات إلصالح ذات البين".
للمزيد من التوسع المرجو مراجعة الدليل العملي لمدونة األسرة ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،سلسلة
الشروح والدالئل ،العدد ،2004 ،1الطبعة الثالثة ،فبراير ،2007ص .65:
وهي فئة املساعدين االجتماعيين ،ذلك أن الواقع العملي قد أبان عن نجاح تجربة إجراء الصلح من
طرف هذه الفئة في قضايا الطالق والتطليق ،فيما بات يعرف بالتكليف القضائي(.)1
وفي جلسة الصلح الخاصة بالطالق تعطى الكلمة األولى للزوج باعتباره طالب الطالق حيث
يتم االستماع إلى تصريحاته ،ثم تمكن الزوجة من حق الرد على تصريحات الزوج ،وتقوم املحكمة
بتقريب وجهات النظر بين الزوجين ورفع أسباب الخالف الدافع إلى تقديم الطلب وإصالح ذات البين
بين الطرفين ،فإذا تمكنت من اإلصالح بين الزوجين أشهدت على ذلك في املحضر ،وإن لم تتمكن
مرت إلى محاوالت اإلصالح الغير قضائية وهي إما انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه
املحكمة مناسبا.
ويظهر دور كتابة الضبط في هذه املرحلة هاما حيث يقوم كاتب جلسة الصلح أو املساعد
االجتماعي بتوثيق ما راج داخل جلسة الصلح بكل أمانة وإخالص دون تحريف أو زيادة في تصريحات
الطرفين أو إنقاص لبعض املعطيات التي تكون حاسمة في تحديد مسؤولية كل طرف في الطالق(،)2
مع توخي االختصار واالكتفاء بتوثيق النقاط الخالفية املهمة دون اإلطناب وتحرير التصريحات
الخارجة عن املوضوع ،واحترام شكليات املحضر وذلك بالكتابة بخط واضح وتفادي التشطيب
واإلقحام أو ترك فراغات بين الجمل والكتابة بأسلوب سلس يسهل على القارئ الوصول إلى الفكرة.
وقد جرت العادة أن تنتدب املحكمة في جلسة الصلح األولى حكمين :واحد من عائلة الزوج
والثاني من عائلة الزوجة ،وتشعرهما بتقديم تقرير بشأن الصلح أو عدمه خالل جلسة الصلح
املوالية التي تحدد تاريخها ،والذي يجب أن ال يقل عن 30يوما إذا كان للزوجين أطفال.
وإذا كانت املادة 94من مدونة األسرة تشير إلى تقرير يحرر في ثالثة نسخ يوقعه الحكمان
والزوجان ويرفعانه إلى املحكمة ،فالواقع أن الحكمين ال يحرران التقرير مجتمعين إال في حالة
- 1تنص المادة 50من قانون التنظيم القضائي الجديد رقم 38.15على أنه ":يمارس المساعدون االجتماعيون المنتمون لهيئة
كتابة الضبط بمكتب المساعدة االجتماعية بكل من المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف ،عالوة على المهام المسندة إليهم بموجب
النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،وبتكليف من
الجهات القضائية المختصة المهام التالية :
....... -
-ممارسة الوساطة أو الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء؛
." ..... -
- 2حيث يتم من الناحية العملية الرجوع إلى محضر الصلح عند تداول أعضاء الهيئة بخصوص الملفات المعروضة عليها،
واستطالع مدى تعسف الزوج في إيقاع الطالق ومدى مسؤولية الزوجة عن ذلك..
الوصول إلى الصلح بين الطرفين ،أما إذا لم يتمكنا من ذلك فيكتفي كل واحد منهما بتحرير تقريره
مستقال ويصحح به اإلمضاء لدى السلطات املختصة ويقدمه للمحكمة في جلسة الصلح املوالية،
حيث يحال امللف على الجلسة العلنية بعد إدالء النيابة العامة بمستنتجاتها ويحجز امللف للمداولة
لإلذن يإيداع مستحقات الزوجة.
وانتداب الحكمين يبقى أمرا اختياريا بالنسبة للمحكمة حسب منطوق الفقرة الثانية من
املادة 82من مدونة األسرة( ،)1فإذا ما تبين عدم جدوى هذا االنتداب فللمحكمة أن تصرف النظر
في إطار سلطتها التقديرية دون رقابة لها في ذلك من طرف محكمة النقض.
تأذن املحكمة للزوج بإيداع مستحقات الزوجة بصندوق املحكمة داخل أجل أقصاه 30
يوما من تاريخ اإلذن وتعين له جلسة للتأكد من اإليداع من عدمه ،فإذا تم اإليداع فإن املحكمة
تحجز القضية لإلذن ،وإن لم يتم اإليداع فإنها تحجز القضية للحكم بالتراجع عن طلب اإلذن
بالطالق.
وتشمل املستحقات املأذون بها ما يلي :مؤخر الصداق إن نص عقد الزواج عليه ،واملتعة،
ونفقة العدة وسكن العدة ،ونفقة الزوجة إن كانت حامال ،ونفقة األبناء وحضانتهم وواجب
سكناهم.
وقد تقدم الزوجة في بعض الحاالت مقاال مضادا في مواجهة الزوج تطالبه فيه بمستحقاتها
ومستحقات أبنائها وفق التفصيل املذكور ،حيث تكون املحكمة في هذه الحالة ملزمة بالبت في هذا
املقال عند عدم نجاح الصلح ورغم تراجع الزوج مع تمسك الزوجة بمطالبها.
وغني عن البيان أن إيداع مستحقات الزوجة واألبناء إن وجدوا يكون بطلب مرفقا بنسخة
اإلذن مقابل وصل يقتطع من املقتطع نموذج 201املتعلق باستخالص املداخيل املتعلقة بأمور
- 1تنص الفقرة الثانية من المادة 82من مدونة األسرة على أنه ":للمحكمة أن تقوم بكل اإلجراءات ،بما فيها انتداب حكمين أو
مجلس العائلة ،أو من تراه مؤهال إلصالح ذات البين .وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة ال
تقل عن ثالثين يوما".
خصوصية املسماة باإليداعات االختيارية ،ويدخل ضمن خانة حساب االئتمانات( ،)1ويسجل
بسجالت الحسابات الخصوصية :نموذج 203الذي يحتوي على عدة خانات للتدوين وهي :الرقم
الترتيبي ،اسم املودع ،اسم املستفيد من اإليداع ،رقم القضية ونوعها ،املبلغ املودع ،املبلغ
املخصوم،والباقي حيث يكتب بقلم أحمر ،تاريخ عمليات القبض والدفع ،أرقام الوصوالت وأرقام
أوراق املصاريف ،ويفتح الحساب الخصوص ي باسم رئيس كتابة الضبط باعتباره محاسبا عموميا
لدى صندوق اإليداع والتدبير ،ويتم سحب املبلغ من طرف الزوجة بواسطة شيك على اعتبار أن
مبلغ املستحقات يفوق دائما 1500درهم.
بعد تأكد املحكمة من إيداع الزوج للمستحقات تأذن له باإلشهاد على الطالق وتوثيقه لدى
عدلين منتصبين لإلشهاد بدائرة نفوذ اختصاص قسم قضاء األسرة ،وبعد توثيق اإلذن والخطاب
عليه من طرف قاض ي التوثيق يتم تضمينه في سجالت التضمين املمسوكة لدى السادة النساخ كل
حسب دائرته أو حسب العدول التابعين له ،ثم يوجه نظير رسم الطالق الرجعي إلى املحكمة مصدرة
اإلذن بالطالق قصد إضافته إلى ملف الطالق وإصدار قرار معلل طبقا ألحكام املادة 88من مدونة
األسرة.
-1عكس حساب التسييرات القضائية وحساب المختلف ،حيث تضمن باألول االفالسات والتصفيات القضائية ،الحراسات القضائية،
أموال لغائبين والتركات الشاغرة غير المنتهية ،وبالثاني ما لم يدخل في الصنفين معا كصوائر الخبرات ,المعاينات ,الدعاوى المدنية
المتأصلة من الدعاو ى الجنائية ,تعويضات تنقل القضاة والموظفين ,صوائر نقل المحجوزات ومصاريف اإلشهار .واإلعالنات
القضائية.
ويرقم الحساب لكل صنف من األنواع الثالثة من الرقم 1إلى الرقم 99.999حسب ما جاء في الدورية رقم 1022الصادرة عن
وزير العـدل بتاريـخ 17محرم 1412الموافـق 30يوليوز ,1991كما أن الوصوالت غير المستعملة تكتب عليها عبارة "ملغى"
بعد تجزئتها إلى نصفين األول يلصق باألرومة الموافقة لها والثاني بالنظير المحتفظ به لدى نائب المحاسب.
كما تحرر الوصوالت وأرومتها ونسخها بالقلم الجاف باستعمال الورق الناسخ مع التزام الدقة والوضوح عند تعبئتها ,ويمنع
نهائيا فتح أي حساب سبقت تصفيته كما يحظر فتح حساب ثان أو عدة حسابات من نفس الفئة وللملف الواحد إذا كان الحساب األول
الخاص به الزال جاريا.
انظر بهذا الخصوص :دليل عمل مكاتب وشعب حسابات الصندوق بمحاكم المملكة ،مديرية الميزانية والمراقبة ،قسم المراقبة،
ص .13 :
ووثيقة الطالق حق للزوجة تحوزها خالل 15يوما املوالية لتاريخ اإلشهاد على الطالق
وللزوج الحق في الحصول على نظير منها بناء على طلبه (املادة 140من مدونة األسرة).
يلتقي التطليق في إجراءاتـه مـع مجموعـة مـن إجـراءات الطـالق ،لكـن الفيصـل بينهمـا يبقـى فـي
أن األول تنتهــي بحكــم يمكــن أ ،يقــع اإلشــهاد بــه بعــد ذلــك لــدى عــدلين منتصــبين لإلشــهاد ،أمــا الثــاني
فينتهي بإذن يقع اإلشهاد به لدى عدلين ثم بعد ذلك يحرر حكم معلل في املوضوع.
وحتى ال نطنب في بسط مراحل التطليق التي سـبق لنـا أن عرضـناها بمناسـبة دراسـتنا ألنـواع
ـداء مــن إيــداع املقــال وانتهـ ًـاء بصــدور الحك ــم،
التطليــق( )1وبمناســبة معالجتنــا إلج ـراءات الطــالق ابتـ ً
فإننــا ارتأينــا أن نخــص بعــض أنــواع التطليــق بمســاطرها الخاصــة علــى أن نحيــل بخصــوص قواعــدها
العامة على ما سلف.
وهكــذا ،ســوف نعــالج املســاطر الخاصــة بــالتطليق للشــقاق باعتبــاره األكثــر شــيوعا (الفقــرة
األولـ ــى) ،والتطليـ ــق للغيبـ ــة لخروجـ ــه عـ ــن القواعـ ــد املسـ ــطرية الخاصـ ــة والعامـ ــة املتعلقـ ــة بـ ــالطالق
والتطليق (الفقرة الثانية).
يعتبــر التطليــق للشــقاق ســببا جديــدا مــن أســباب التطليــق التــي أصــبحت تحكــم بهــا املحكمــة
تجاوزا للصعوبات التي كانت تعترض الزوجة في حالة رغبتها في إنهاء رابطة الزوجية ،حيث كان يصعب
عليهــا مــن الناحيــة العمليــة إثبــات الضــرر الــذي يلحقهــا خاصــة إذا ـكـان الضــرر نفســيا أو اجتماعيــا أو
معنويا.
- 1راجع بهدا الخصوص الفقرة الثانية من المطلب الثاني المتعلق بالطالق والتطليق وأنواعهما من المبحث األول المتعلق
بمنطلقات اولية من هذا العرض ،ص .9 :
والتطليق للشقاق ال يعتمد كقاعدة عامة على سبب معين حيث يكفي إثبات طالبه للخـالف
أيــا كــان نوعهــا مــن أجــل التطليــق ،ولكــن إثبــات ســبب الخــالف يكــون محــددا رئيســيا فــي مســؤولية كــل
طرف في الفراق ،وفي الحكم بالتعويض متى تبثث موجباته.
واملالح ــظ أن ه ــذا الن ــوع م ــن أن ــواع التطلي ــق ع ــرف ارتفاع ــا ملحوظ ــا ،حي ــث ش ــكل %99م ــن
مجمــوع األحكــام الصــادرة بــالتطليق ،وانتقــل عــدد األحكــام الصــادرة بــالتطليق مــن 7213حكــم خــالل
سنة 2004إلى 62686سنة .)1(2021
وقــد اشــترط املشــرع أن تبــث املحكمــة فــي دعــاوى التطليــق للشــقاق داخــل أجــل 6أشــهر مــن
تاريخ إيداع املقال وهو أجل كثيرا مـا ال يـتم احترامـه مـن طـرف املحـاكم بسـبب الضـغط وكثـرة امللفـات
املعروضة على أقسام قضاء األسرة.
وإذا كـان مقــدم الطلـب فــي مسـطرة التطليــق للشــقاق هـو الــزوج فتسـري فــي حقـه أحكــام املــادة
83مــن مدونــة األســرة طبقــا لإلحالــة املنصــوص عليهــا فــي املــادة 97مــن نفــس املدونــة حيــث يكــون ملزمــا
بإيداع املستحقات للحصول على اإلذن ثم بعد ذلك تحرير الحكم املعلل كامال.
وتم ــر املحكم ــة تلقائي ــا إل ــى مس ــطرة التطلي ــق للش ــقاق ف ــي حال ــة تمس ــك ال ــزوج بطل ــب اإلذن
بالتعدد وعدم موافقة الزوجة املراد التزوج عليهـا (املـادة 45مـن مدونـة األسـرة) ،حيـث إن هـذه اإلثـارة
التلقائيــة غالبــا مــا تثيــر إشــكاال عمليــا فــي حالــة تمســك الزوجــة بالعالقــة الزوجيــة ،فهــل تكــون املحكمــة
ملزمة بالتطليق أم أنها تغض الطرف وتستمر في إجراءات التعدد ؟
نــرى مــن جانبنــا ،أنــه فــي ظــل هــذه الوضــعية يكــون مــن الجــور الحكــم بتطليــق الزوجــة تلقائيــا
من زوجها الراغب في التعدد عند عدم موافقتها ،ألنها تجد نفسـها أمـام ضـررين :ضـرر مـادي يكمـن فـي
رغبــة الــزوج فـي التــزوج عليهــا واإلذن لــه بــذلك ،وضــرر معنــوي بتطليقهــا منــه ،ويــزداد حجــم هــذا الضــرر
مع وجود األوالد.
والبد من اإلشارة في هذا الباب إلى أن املادة 120مـن مدونـة األسـرة مكنـت الزوجـة كـذلك مـن
سلوك مسطرة الشقاق إذا هي أصرت على طلب الخلع ولم يستجب لها الزوج.
- 1كلمة السيد وزير العدل يوم االثنين 17أكتوبر 2022التي ألقيت بالنيابة بسال خالل توقيع اتفاقيتين :األولى بين الجمعية
المغربية لتنظيم األسرة والهيئة الوطنية للعدول بالمغرب ،والثانية بين الهيئة نفسها وصندوق األمم المتحدة للسكان.
كما يمكن للزوجة سـلوك مسـطرة الشـقاق كـذلك وفقـا ألحكـام املـادة 100مـن مدونـة األسـرة
في الحالة التي يتعذر عليها إثبات الضرر مع إصرارها على طلب التطليق.
ولعل انتصاب التطليق للشقاق كبـديل عـن فشـل اإلثبـات وإصـالح ذات البـين بـين الـزوجين،
هو الذي يبرر االرتفاع الذي عرفتـه األحكـام القضـائية املتعلقـة بـه فـي اآلونـة األخيـرة وفـق اإلحصـائيات
الواردة أعاله ،وهو األمر الذي يدعو بمناسبة دعوة صاحب الجاللة إلى إعادة النظر في بعـض أحكـام
مدونــة األســرة إلــى تقييــد حــاالت اللجــوء إليــه ،وحصــرها فــي الحــاالت املستعصــية علــى الحــل مــع إثبــات
ذلك ،حفاظا على كيان األسر املغربية وتخفيفا لآلثار االجتماعية التي ينتجها هذا النوع من حل عقد
النكاح.
تنفرد مسطرة التطليق للغيبة بخاصية هامة وهي عدم سلوكها ملسطرة الصـلح ،علـى اعتبـار
أن هــذه األخيــرة –كمــا ســبق وأشــرنا إلــى ذلــك -تســتدعي الوجاهيــة والحضــور الشخصـ ي للطــرفين ،وفــي
التطليق للغيبة يكون الزوج غائبا وبالتالي فيتعذر عليه الحضور لجلسة الصلح.
وق ــد كان ــت مدون ــة األح ــوال الشخص ــية ت ــنص عل ــى قابلي ــة ه ــذا الن ــوع م ــن التطلي ــق للطع ــن
باالســتئناف فــي حالــة ظهــور الــزوج ،وهــو األمــر الــذي قطعــت معــه املــادة 128مــن مدونــة األســرة التــي
جعل ــت املق ــررات القض ــائية القاض ــية ب ــالتطليق غي ــر قابل ــة للطع ــن ف ــي ش ــقها املتعل ــق بإنه ــاء العالق ــة
الزوجية.
ويطــرح إشــكال فــي هــذا النــوع مــن أنــواع التطليــق ،حيــث إنــه يعــين فيهــا غالبــا قــيم للنيابــة عــن
الـزوج الغائــب ،فهـل يجــب تبليــغ الحكـم القاضـ ي بـالتطليق للغيبــة إلــى القـيم فــي إطـار الفصــل 441مــن
قانون املسطرة املدنية ،أم أن عدم قابلية الحكم للطعن تغني عن هذا التبليغ ؟
أجابت توصيات األيام الدراسية التي نظمتها وزارة العـدل بخصـوص اإلشـكاالت العمليـة التـي
يطرحها تطبيق مدونة األسرة بإفران ،2004على أنه يجب القيام بالتبليغ للقيم لكـون الحكـم وإن لـم
يكــن قــابال للطعــن فــي شــقه املتعلقــة بإنهــاء العالقــة الزوجيــة فإنــه يبقــى قــابال لــذلك فــي الشــق املتعلقــة
باملستحقات.
بعد أن عرضنا من خالل هذا املبحث إلجراءات الطالق والتطليق إلى حـدود النطـق بـالحكم،
فإنــه يكــون مــن الــالزم علينــا بعــد ذلــك أن نعــرج علــى اإلجـراءات املســطرية التــي تلــي هــذه املرحلــة والتــي
تمتاز باألهمية والدقة.
غالبا ما يتم االقتصار من خالل الدراسات املتعلقة باإلجراءات املسطرية للطالق والتطليق
على املرحلة األولى من الخصومة القضائية املتعلقة بهما دون عرض املراحل الالحقة لصدور الحكم
على الرغم من أهميتها ،وهي مرحلة حاسمة لكونها تترجم الفائدة العملية من صدور الحكم أي
التبليغ التنفيذ (املطلب الثاني) وفي حالة عدم التنفيذ سلوك شكاية إهمال األسرة(املطلب الثالث)
وبعدها مساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي(املطلب الرابع).
على أن هذه املراحل جميعها تسبقها مرحلة إدارية وهي إحالة ملخصات األحكام بالطالق
والتطليق على ضباط الحالة املدنية املمسوك لديه الحالة املدنية للزوجان(املطلب األول).
أحدث املشرع هذه اآللية ألول مرة بمدونة األسرة وبقانون الحالة املدنية السابق رقم
37.99واملرسوم التطبيقي الصادر بشأنه ،وقانون الحالة املدنية الجديد رقم )1(36.21وكانت غايته
في ذلك تحيين الوضعية العائلية لألفراد بسجالتهم املدنية وفق املعطيات الجديدة (عازب ،متزوج،
- 1الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.21.81في 3ذي الحجة 1442الموافق ل 14يوليوز ،2021المنشور بالجريدة الرسمية
عدد 7006بتاريخ 11ذي الحجة 1442الموافق ل 22يليوز ،2021ص .5645 :
والبد من التذكير أن المرسوم التطبيقي لهذا القانون ال زال في طور اإلخراج ،حيث صادق عليه مجلس الحكومة مؤخرا بتاريخ
فاتح يونيو .2023
مطلق ،أرمل) ،وقد حد هذا التحيين من املعطيات املغلوطة التي كانت تقدم بمناسبة طلبات اإلذن
بالزواج أو بالتعدد.
وهكذا تنص املادة 141من مدونة األسرة على أنه ":توجه املحكمة ملخص وثيقة الطالق،
أو الرجعة ،أو الحكم بالتطليق ،أو بفسخ عقد الزواج ،أو ببطالنه ،إلى ضابط الحالة املدنية ملحل
والدة الزوجين ،مرفقا بشهادة التسليم داخل خمسة عشر يوما من تاريخ اإلشهاد به ،أو من صدور
الحكم بالتطليق أو الفسخ أو البطالن.
يجب على ضابط الحالة املدنية تضمين بيانات امللخص بهامش رسم والدة الزوجين.
إذا لم يكن للزوجين أو أحدهما محل والدة باملغرب ،فيوجه امللخص إلى وكيل امللك لدى
املحكمة االبتدائية بالرباط.
تحدد املعلومات الواجب تضمينها في امللخص املشار إليه في الفقرة األولى أعاله ،بقرار من
وزير العدل".
وبالفعل فقد صدر قرار لوزير العدل رقم 273.04بتاريخ 3فبراير )1(2004حدد هذه
املعلومات بدقة بحسب طبيعة الحكم (طالق أو تطليق).
وباإلضافة إلى ذلك فقد نصت مقتضيات املادة 27من املرسوم التطبيقي لقانون الحالة
املدنية()2على أنه" :بعد تحرير العدلين رسم الطالق أو الرجعة أو املراجعة ،ونظيرين منه ،وبعد
خطاب القاض ي املكلف بالتوثيق عليها ،يرسل نظير الرسم في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من
تاريخ الخطاب إلى ضابط الحالة املدنية ملحل والدة كل من طرفي العقد".
- 1قرار لوزير العدل رقم 273.04صادر في 12من ذي الحجة 3( 1424فبراير )2004بتحديد المعلومات الواجب تضمينها في
ملخص وثيقة الطالق أو ملخص الحكم بالتطليق أو بفسخ عقد الزواج أو بطالنه ،الجريدة الرسميةعدد 5186بتاريخ 21ذو الحجة
12( 1424فبراير ،)2004ص .522وقرار لوزير العدل رقم 274.04صادر في 12من ذي الحجة 3 ( 1424فبراير)2004
بتحديد المعلومات الواجب تضمينها في ملخص وثيقة الرجعة ،الجريدة الرسميةعدد 5186بتاريخ 21ذو الحجة 12 ( 1424
فبراير ،)2004ص .522
-2مرسوم رقم 2.99.665صادر في 2شعبان 9( 1423أكتوبر )2002لتطبيق القانون رقم 37.99المتعلق بالحالة المدنية،
منشور بالجريدة الرسمية عدد 5054بتاريخ 2002/11/07الصفحة .3156
وعليه ،فإن كتابة الضبط بأقسام قضاء األسرة تكون ملزمة بإحالة ملخصات الطالق
والتطليق على ضباط الحالة املدنية داخل أجل 15يوما من تاريخ اإلشهاد على الطالق أو من تاريخ
الحكم بالتطليق ،مقابل شهادة تسليم.
واملالحظ ومن خالل الواقع العملي أن هذه املقتضيات قلما يتم احترامها ،إذ إنه بسبب
الضغط الحاصل في أقسام قضاء األسرة فإن امللخصات تحال خارج األجل ودون شهادة تسليم في
بعض الحاالت حيث يتم اإلكتفاء بسجل التداول أو بمرجوع البريد ،كما أن النص لم يحدد املكلف
بتبليغ امللخصات هل هي شعبة التوثيق بقسم قضاء األسرة؟ أم شعبة التبليغ بها؟
كما أنه وبسبب عدم تمكن الزوجة من اإلدالء بنسخة من عقد ازدياد الزوج بامللف فإنه
يتعذر من الناحية العملية معرفة مكتب الحالة املدنية التابع ملكان والدة الزوج وبالتالي تبليغ ملخص
التطليق إليه.
وفي غالب األحيان ،فإن صاحب املصلحة (الزوج أو الزوجة) هو الذي يسهر على تبليغ هذه
امللخصات شخصيا أو بواسطة مفوض قضائي في حالة عدم إحالتها على ضابط الحالة املدنية
املختص.
مر علينا فيما سبق أن اإلذن بتوثيق الطالق يكون قابال للتنفيذ بإيداع املستحقات
بصندوق املحكمة ثم يصدر بعده حكم معلل وفق ما سلف ،وتقاس عليه حالة تقديم الزوج لطلب
التطليق للشقاق ،وتبقى حاالت التطليق األخرى متوقفة في تنفيذها على تقديم طلب من طرف
الزوجة خاص بالتبليغ والتنفيذ.
والقاعدة العامة أن التبليغ مرحلة سابقة للتنفيذ ،حيث إن الطلبات بشأنهما تقدم
منفصلة ،لكن وبلوغا للفائدة العملية فإن للزوجة أن تقدم طلبا للتبليغ والتنفيذ مجتمعين إلى
السيد رئيس كتابة الضبط يكون معفى من الرسوم القضائية دون واجب املفوض القضائي ،وفق
أحكام الرسالة الدورية للسيد وزير العدل عدد 32س 2/4بتاريخ 18يونيو 2004املشار إليها سابقا.
والقاعدة العامة أن كل أنواع التطليق تكون بائنة إال التطليق لإليالء والهجر والتطليق
لعدم االنفاق حيث تكون رجعية ويسري في حقها ما يسري على حكم الطالق الرجعي.
ونميز في تبليغ وتنفيذ األحكام القاضية بباقي أنواع التطليق بين شقين :شق نهائي وهو
املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية ،وشق قابل لالستئناف وهو املتعلق باملستحقات.
ففي الشق املتعلق بإنهاء العالقة الزوجية يكفي حصول املدعي على نسخة عادية من الحكم
من أجل توثيق عقد التطليق لدى عدلين منتصبين لإلشهاد ،متى رأى ذلك ضروريا( ،)1مع مراعاة
األحكام املتعلقة بالطالق االتفاقي وقبل البناء والخلعي الذي يجب توثيقه داخل أجل 15يوما من
تاريخ اإلذن وبحضور الطرفين.
أما في الشق املتعلق باملستحقات ،فنميز فيه بين حالتين :الحالة العادية وفيها فيتم التبليغ
للزوج مع إشعاره بأن له أجل 15يوما لالستئناف طبقا ألحكام الفصل 134من ق.م.م كما وقع
تعديله بالقانون 72.03وبفوات هذا األجل يسقط حق الزوج في االستئناف ويصبح الحكم نهائيا،
حيث تحصل الزوجة على شهادة بعدم التعرض واالستئناف وتبدأ في مباشرة إجراءات التنفيذ.
وحالة شمول الحكم بالتطليق بالنفاذ املعجل القضائي حيث تباشر الزوجة إجراءات
التبليغ والتنفيذ في آن واحد ودون انتظار مض ي أجل االستئناف الذي هو 15يوما.
ومعلوم أن آجال االستئناف هي آجال كاملة ال يحسب يومها األول وال األخير وإذا صادف
اليوم األخير يوم عطلة امتد األجل إلى أول يوم عمل بعده (الفصل 512من ق.م.م).
ويوجه طلب التبليغ والتنفيذ إلى السيد رئيس كتابة الضبط املحكمة االبتدائية التابع لها
قسم قضاء األسرة مرفقا بنسخة تبليغية وتنفيذية و 3صور منهما ويودع بصندوق املحكمة حيث
يكون معفى من الرسوم القضائية ويكتفي موظف الصندوق بالتأشير عليه ،مع أداء أجرة املفوض
القضائي وتأشيره على الطلب ،على الرغم من عدم وجود نص يفرض هذه الطريقة من التبليغ
والتنفيذ ولكن الواقع العملي قد فرض ذلك على رؤساء كتابات الضبط لقلة املوظفين املكلفين
بالتبليغ والتنفيذ ولكثرة ملفات التبليغ والتنفيذ بهذه األقسام.
- 1يكتفي السادة العدول في هذه الحالة بتحرير رسم معاينة حكم بالتطليق مع اإلشارة إلى مراجعه وأطرافه ،علما أن حجية األحكام
تبقى أقوى من حجية هذه الرسوم التي تكتفي بالمعاينة ،ورغم ذلك فالعديد من المطلقين يلجؤون إلى هذه المعاينة اعتقادا ً منهم أن
رسم معاينة التطليق هو الوثيقة الرسمية إلثبات وقوعه.
يحال امللف بعد ذلك على شعبة التبليغ والتنفيذ حيث يضمن في السجل الخاص به وفق
البيانات التالية :الرقم الترتيبي ،تاريخ التسجيل ،طالب التنفيذ ،املنفذ عليه ،مصدره (محلي أو
إنابة قضائية مع تحديد جهته) ،رقم املضمون (في حالة اإلنابة) ،نوعه (تبليغ أو تنفيذ أو تبليغ
وتنفيذ) ،ثم املعلومات املتعلقة بمأمور اإلجراءات وتتعلق باسمه وصفته وتاريخ تسلم امللف،
وتوقيعه ،ونتيجة اإلجراء وتاريخه ،ثم مالحظات.
ويتم تبليغ املعني باألمر مع إعالمه بحقه في االستئناف وفي حالة النفاذ املعجل القضائي
إعذاره بالتنفيذ داخل أجل غالبا ما يكون متوافقا مع أجل اإلستئناف (15يوم) ،وهنا نكون أمام 3
حاالت :إما األداء أو اإلدالء بما يفيد األداء أو االمتناع.
ففي الحالتين األوليتين فال إشكال ،وفي حالة االمتناع فيرجع املفوض القضائي امللف مع
إنجازه محضرا باالمتناع يضاف إلى امللف ويوضع رهن إشارة طالب التنفيذ ،ويفيد محضر االمتناع
الزوجة في بداية احتساب املدة الجديدة املترتبة عن عدم األداء.
يقوم بعد ذلك طالب التنفيذ بسحب محضر االمتناع وتقديم طلب استعجالي لرئيس قسم
قضاة األسرة قصد استصدار أمر بالحجز على منقوالت أو عقارات املنفذ عليه أو على أجرته من
املنبع ضمانا ألداء املبلغ املحكوم بهً ،
وبناء على هذا األمر يتم إما الحجز أو تحرير محضر ثان بعدم
وجود ما يحجز.
والبد هنا من اإلشارة إلى أن كتابة الضبط بأقسام قضاء األسرة تمارس اختصاصا أصيال
استثني منه املفوضون القضائيون بمقتض ى الفقرة األولى من املادة 15من قانون 81.03املتعلق
بتنظيم مهنة املفوضين القضائيين( )1أال وهو إفراغ أحد الزوجين من سكن الزوجية بعد الحكم
بواجب السكن وبعد إنهاء العالقة الزوجية بطالق أو تطليق بائن ،حيث يتقدم الطرف الراغب في
اإلفراغ بطلب رام إلى اإلفراغ لألسباب املذكورة ويؤيده باملستندات املطلوبة ويكون املنفذ عليه في
حكم املحتل بدون سند.
- 1تنص الفقرة األولى من المادة 15من قانون 81.03على أنه ":يختص المفوض القضائي بصفته هاته ،مع مراعاة الفقرة
الرابعة من هذه المادة ،بالقيام بعمليات ا لتبليغ وبإجراءات تنفيذ األوامر واألحكام والقرارات وكـذا كل العقود والسندات التي لها قوة
تنفيذية ،مع الرجوع إلى القضاء عند وجود أي صعوبة ،وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلـقة بإفراغ المحـالت والبيوعات
العقارية وبيع السفن والطائرات و األصول التجاري".
ويسري على ملفات اإلنابات القضائية الواردة على مكتب التبليغ والتنفيذ بقسم قضاء
األسرة ما يسري على ملفات التبليغ والتنفيذ املحلية ،حيث إنها تقسم على السادة املفوضين
القضائيين كل بحسب حصته ويعملون على تبليغها وتنفيذها وإيداع مبلغها بصندوق املحكمة
بواسطة شيك بنكي.
املطلب الثالث :سلوك مسطرة إهمال األسرة
بعد انتهاء مسطرة التبليغ والتنفيذ باالمتناع أو عدم وجود ما يحجز تكون الزوجة مخيرة
بين سلوك طريقين :إما تحريك مسطرة إهمال األسرة أو اللجوء إلى استيفاء نفقتها ونفقة أبنائها من
صندوق التكافل العائلي عند ثبوت عوزها ،والغالب أن الزوجة تلجأ إلى املسطرة األولى ملا فيها من
ردع جنائي لكن آثارها النفسية واالجتماعية على األسرة تبقى وخيمة.
وعموما فمسطرة إهمال األسرة تحرك بناء على شكاية توجهها الزوجة إلى السيد وكيل امللك
وفق أحكام الفصول من 479إلى 482من القانون الجنائي ،حيث تسجل بمكتب الضبط( )1وتوجه
إلى شعبة إهمال األسرة ،ومباشرة بعد التوصل بها من طرف الشعبة تعمل على تسجيلها بسجل
خاص وفق الرقم التسلسلي لتلقيها ،حيث يضمن :الرقم الترتيبي ،وتاريخ التسجيل ،واسم طالب
التنفيذ وعنوانه ،وتاريخ الحكم ورقمه مضمنه ،واملحكمة املصدرة ،واسم وعنوان املحكوم عليه،
تعليمات النيابة العامة ،تاريخ توجيه طلب إجراء البحث ،الجهة املوجه إليها ،تاريخ ومضمن
الجواب ،تاريخ بداية ونهاية اإلنذار ،الرقم املوافق لسجل املحاضر ،تاريخ املتابعة ،ثم األسباب
املوقفة أو املسقطة للطلب.
ومن الشكليات التي يتم مراقبتها من طرف كتابة النيابة العامة قبل تسجيل الشكاية
وإحالة امللف على السادة النواب للدراسة مراقبة مطابقة اسم املشتكية واملشتكى به بالشكاية مع
اإلسم املضمن بالنسخة التنفيذية وبمحضر االمتناع وعدم وجود ما يحجز ،مع ضرورة اإلشارة إلى
رقم بطاقة املشتكى به حتى يسهل البحث عنه أو إنجاز مذكرة بحث في حقه ،وترفق الشكاية لزوما
- 1هذه الشكاية قد تكون محلية أي أن الزوجة هي التي تقدمها وتتسلم نسخة منها مؤشر عليها بالتسلم ،وقد تكون في إطار اإلنابات
القضائية حيث ترد على مكتب الضبط بواسطة البريد المضمون.
بنسخة تنفيذية أصلية ومحضر امتناع وعدم وجود ما يحجز مفصل حسب املدد واملبالغ ،وعند
االقتضاء بشهادة تسليم تفيد تبليغ املنفذ عليه.
وخالفا للقاعدة العامة التي تنص على أن الجنحي يعقل املدني ،فإن مسطرة إهمال األسرة
جعلت املدني يعقل الجنحي ،إذ ال تحريك ملسطرة إهمال األسرة إلى بعد استيفاء إجراءات التبليغ
والتنفيذ وتحرير محضر بعدم وجود ما يحجز.
تحال بعد ذلك الشكاية على السيد نائب وكيل امللك الذي غالبا ما يقوم بعد التأكد من
صحة ادعاءات املشتكية واستكمال الشكاية لبياناتها الشكلية باتخاذ قرار اإلحالة على رئيس فرقة
الشرطة القضائية ملحل إقامة املشتكي قصد البحث ،ومباشرة بعد تسجيل املعطيات املتعلقة
باإلحا لة ينجز إنذار بتنفيذ حكم شرعي من طرف كتابة النيابة العامة يتضمن اسم املنفذ عليه
وعنوانه ورقم بطاقته الوطنية ،ومراجع الحكم الشرعي ومجموع املبالغ الواجبة األداء ،واسم
املستفيد من الحكم ،ويشار في هذا اإلنذار الذي يأخذ شكل استجواب يحرر بشأنه محضر بأن
يؤدي املنفذ عليه ما حكم به عليه في ظرف 30يوما( ،)1وعند انصرام األجل القانوني وجب تقديمه
إلى النيابة العامة ما عدا في حالة األداء أو التنازل عن الشكاية ،حيث يوضع حد للمتابعة أو آلثار
املقرر القضائي املكتسب لقوة الش يء املقض ي به في حالة صدوره(،)2وفي حالة تعذر نشر مذكرة
بحث في حقه ،ويوقع اإلنذار في النهاية نائب وكيل امللك املشرف على املسطرة.
وفي حالة األداء داخل هذا األجل فإن النيابة العامة تتخذ قرار بالحفظ لألداء ،وإال فإنه
يتم إلقاء القبض على املنفذ عليه وتقديمه في إطار الحراسة النظرية ،وفي حالة األداء يتابع املنفذ
عليه في حالة سراح ،وعند اإلصرار على عدم األداء يحال على هيئة الحكم لتقول كلمتها في حقه.
ويمنع األداء لدى الشرطة القضائية ،حيث يتم عمليا األداء بصندوق املحكمة إما نقدا أو
بواسطة شيك مصادق على وجود مؤونته ً
بناء على إذن يمنحه وكيل امللك للمنفذ عليه بإيداع مبلغ
مالي ،حيث يحتفظ املشتكى به بأصل وصل األداء ويدلي للشعبة بثالث نسخ منه األولى تبقى بامللف
- 1وفق األحكام الجديدة المنصوص عليها في الفصل 481من القانون الجنائي بعدما تم تغييره وتتميمه بمقتضى المادة 2من
القانون رقم ،103.13حيث كانت مدة اإلعذار قبل ذلك محددة في 15يوما.
- 2تمت إضافة هذا المقتضى بواسطة الفصل الجديد 481-1الذي أضيف للمجموعة الجنائية بالقانون رقم 103.13السالف الذكر.
والثانية تسلم للزوجة والثالثة تحال بإرسالية على الشرطة القضائية قصد إلغاء مذكرة البحث في
املسطرة املذكورة ما لم يكن متابعا في مساطر أخرى.
وفي حالة عدم إلقاء القبض فتحرر مذكرة بحث في حق املشتكى به ال يتم إلغائها إال عند
األداء أو تنازل املشتكية ،وعموما فاملحكمة تكتفي عند املتابعة في حالة سراح بالحكم بعقوبة
حبسية موقوفة التنفيذ مع أداء غرامة في حدود 1000أو 1500أو 2000درهم حسب قيمة املبالغ
الغير منفذة ،أما عند املتابعة في حالة اعتقال فيرجع إلى مقتضيات الفصل 479من القانون الجنائي
التي تحدد العقوبة في الحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 200إلى 2.000درهم أو بإحدى هاتين
العقوبتين فقط.
وعند منازعة املنفذ عليه في أداء مستحقات الزوجة واألوالد ،فإنه يمكنه ً
بناء على طلبه أن
يلتمس من وكيل امللك إجراء محاسبة مع املفوض القضائي بخصوص أداء املبالغ املحكوم بها ،حيث
تسلم الوصوالت األصلية املدلى بها وتحال من طرف النيابة العامة على املفوض القضائي املشرف
على عملية التنفيذ قصد إجراء املحاسبة وتحرير محضر استدراكي ً
بناء عليها.
وبعد تحرير املحضر االستدراكي وإيداعه من طرف املفوض القضائي أو املشكتى به بشعبة
إهمال األسرة ،نكون أمام ثالث حاالت :إما أن املحضر ينص على أن املشتكى به قد أدى ما بذمته أو
فاق املبلغ الواجب األداء حيث يتوجب على النيابة العامة حفظ املسطرة لألداء ،إما أن املحضر
ينص على أداء املشتكى به فارق املبلغ بعد املحاسبة بصندوق املحكمة وتتخذ النيابة العامة في هذه
الحالة كذلك قرارا بالحفظ لألداء ،وإما أن ترجع املسطرة للشرطة القضائية بإنذار جديد باملبلغ
الجديد وبأجل جديد (30يوما).
وتتقادم جنحة إهمال األسرة باعتبارها جنحة ضبطية استنادا إلى مقتضيات املادة 5من
ق.م.ج كما وقع تغييرها وتتميمها( )1بمض ي 4سنوات يبتدئ سريانها من تاريخ متابعة النيابة العامة،
وال يقطع هذا التقادم إال بكل إجراء من إجراءات املتابعة أو التحقيق.
- 1تم تغيير وتتميم المادة 5أعاله بمقتضى المادة الثانية من القانون رقم 35.11القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم
22.01المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.169بتاريخ 19من ذي القعدة 1432
( 17أكتوبر ،)2011الجريدة الرسمية عدد 5990بتاريخ 29ذو القعدة 27( 1432أكتوبر ،)2011ص .5235
ويبقى من حق الزوجة التي ال زالت في ذمة املنفذ عليه ،سحب النسخة التنفيذية عند
سلوكها مسطرة إهمال األسرة في حالتين وهما :التنازل أو حفظ املسطرة لألداء ،حيث يمكنها في هذه
الحالة مباشرة إجراءات صندوق التكافل العائلي متى كانت معوزة.
سيرا على نهج وروح وأهداف مدونة األسرة ،أمر صاحب الجاللة بمناسبة افتتاح الدورة
األولى من السنة التشريعية الثانية من الوالية السابعة يوم 10أكتوبر 2003بضرورة اإلسراع
بإحداث صندوق للتكافل العائلي(.)1
وقد سبق لجاللته أن دعا في خطابه السامي بآكادير ل 29يناير 2003بمناسبة افتتاح
السنة القضائية إلى ضرورة إعداد دراسة متأنية ملشروع صندوق التكافل العائلي هدفه التكفل
ببعض الشرائح املجتمعية التي تعاني الهشاشة خاصة منهم األمهات واألطفال الناتجين عن الطالق
واللذين أحجم األب عن اإلنفاق عليهم ألسباب متعددة.
وبالفعل فقد نصت ألول مرة املادة 16املكررة من قانون املالية لسنة 2010على إنشاء هذا
ً
ابتداء من الصندوق وقررت إحداث حساب خصوص ي للخزينة يسمى "صندوق التكافل العائلي"
فاتح يناير ،)2(2011وتفعيال ملقتضيات املادة 16املكررة من قانون املالية لسنة 2010فقد نصت
املادة 19من قانون املالية لسنة 2011على إحداث هذا الحساب الخصوص ي وجعلت وزير العدل
هو اآلمر بقبض موارده وصرف نفقاته ،كما حددت جانبه املدين وجانبه الدائن.
- 1الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة الثانية من الوالية السابعة للبرلمان الملقى بتاريخ 10أكتوبر ،2003
انظر بهذا الخصوص ديباجة مدونة األسرة.
- 2تنص المادة 16المكررة من قانون مالية 2010على أنه ":يحدث ابتدا ًء من فاتح يناير 2011حساب خصوصي للخزينة
يسمى "صندوق التكافل العائلي"
يتعين قبل التاريخ المذكور أعاله صدور تشريع يحدد على الخصوص الفئات المعنية بعمليات الصندوق وكذا الشروط والمساطر
الواجب استيفاؤها لالستفادة من موارد الصندوق.
ولتطبيق أحكام التشريع المشار إليه في الفقرة السابقة سيحدد قانون المالية للسنة المالية - : 2011صنف هذا الحساب الخصوصي
للخزينة -واآلمر بالصرف
-ومداخيل ونفقات الحساب".
وصدر بالتزامن مع ذلك القانون رقم 41-10املتعلق بتحديد شروط ومساطر االستفادة من
صندوق التكافل العائلي( ،)1كما صدر املرسوم التطبيقي للقانون املذكور تحت رقم ،)2(2-11-195
وأعقبهما قرار مشترك لوزير العدل والحريات ووزير االقتصاد واملالية رقم 852.12يتعلق باملصادقة
على اتفاقية بشأن تدبير عمليات صندوق التكافل العائلي املبرمة بين الدولة وصندوق اإليداع
والتدبير( ،)3ثم منشور السيد وزير العدل والحريات بتاريخ 04أبريل ،)4(2012وأخيرا التعليمية
املشتركة بين وزير العدل والحريات والخازن العام بتاريخ 28مايو .)5(2012
بيد أنه سرعان ما تبين بمرور أكثر من ثماني سنوات على تطبيق القانون رقم 41.10أنه
يعاني من مجموعة من املعوقات تمثلت أساسا في بطء وتعقيد مسطرة االستفادة من تسبيقاته
والرفع منها ،وفي ضيق نطاق املستفيدين منه وعدم أحقية بعضهم ،وفي عدم ضبط وتنظيم آليات
استرجاع املبالغ التي تم أدائها من مستحقات الصندوق دون وجه حق إما بعد ثبوت تحايل املستفيد
أو بعد أداء مبالغ النفقة أو ثبوت يسر األم.
وهو األمر الذي استدعى مراجعة القانون رقم ً 41.10
بناء على التعليمات امللكية السامية
املوجهة لوزير العدل قصد االنكباب على إعادة النظر في توسيع دائرة املستفيدين من الصندوق
وتبسيط مساطر هذه االستفادة بما يمكن من االستفادة السريعة والناجعة من الصندوق ،خاصة
وأنه يستهدف فئات هشة ومعوزة لم تستطع استيفاء نفقتها من الزوج سواء أثناء قيام الزوجية أو
بعد انفصام عراها.
- 1الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.10.191صادر في 7محرم 13( 1432ديسمبر ،)2010والمنشور بالجريدة الرسمية
عدد 5904بتاريخ 24محرم 30( 1432ديسمبر ،)2010ص.5567
-2مرسوم رقم 2.11.195صادر في 7شوال 6( 1432سبتمبر )2011بتطبيق أحكام القانون رقم 41.10يتعلق بتحديد شروط و
مساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5978الصادرة بتاريخ 16شوال 15( 1432
سبتمبر ،)2011ص .4595 :
- 3الصادر بفاتح ربيع اآلخر 23( 1433فبراير ،)2012والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6043الصادرة بتاريخ 8جمادي
اآلخرة 30( 1433أبريل ،)2012ص .2946 :
- 4منشور السيد وزير العدل والحريات رقم 17س 2بتاريخ 04أبريل 2012موجه لرؤساء المحاكم االبتدائية بشأن إجراءات
االستفادة من التسبيقات المالبة لصندوق التكافل العائلي.
- 5تعليمة مشتركة رقم 2012/15بتاريخ 28مايو 2012لوزير العدل والحريات والخازن العام للمملكة حول تدبير العمليات
المالية والمحاسبية لصندوق التكافل العائلي.
وبالفعل ،فقد صدر القانون رقم )1(83.17الذي غير وعدل القانون رقم 41.10املتعلق
بتحديد شروط ومساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي ،والذي نص على العديد من
املقتضيات الجديدة ،كما صدر باملوازاة مع ذلك املرسوم رقم 249.18.2بتاريخ 29ماي ،)2(2018
املغير للمرسوم رقم 195.11.2صادر في 6سبتمبر 2011بتطبيق أحكام القانون رقم 41.10يتعلق
بتحديد شروط ومساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي.
ولإلملام الجيد بهذا الصندوق وبآليات تسييره والغايات التي أنشأ من أجلها ،فإننا سنعالج
طرق تمويله في فقرة أولى والفئات املستهدفة من إحداثه في فقرة ثانية ،وأخيرا مسطرة االستفادة
منه في فقرة ثالثة.
الفقرة األولى:طرق تمويل الصندوق
نظم املشرع املغربي موارد الصندوق املرصود ألمور خصوصية املسمى "صندوق التكافل
العائلي" من خالل املادة 19من قانون مالية ،2011واملادة 23من قانون املالية ل ،2012وهكذا
فقد حددت املادة 19هذه املوارد في %20 -:من حصيلة الرسوم القضائية؛
-حصيلة استرجاع التسبيقات املدفوعة من طرف الصندوق؛
-استرجاع املبالغ املدفوعة من الحساب بدون حق مع احتمال زيادة الجزاءات؛
-املوارد املمكن رصدها لفائدة الحساب بموجب تشريع أو تنظيم؛
-الهبات أو الوصايا
-املوارد املختلفة.
وقد حددت قوانين املالية منذ سنة 2011إلى حدود قانون مالية ( 2016املادة –III54
الحسابات الخصوصية للخزينة) بيان حساب الصندوق في 160مليون درهم ،في حين أن الواقع
- 1الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 20.18.1بتاريخ 5مجادى اآلخرة 22 ( 1439فبراير ،)2018الجريدة الرسمية عدد:
6655بتاريخ 23مجادى اآلخرة 12 ( 1439مارس ،)2018ص .1456:
- 2الصادر في 13رمضان 1439الموافقة ل 29ماي ، 2018والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6691بتاريخ 16يوليوز
.2018
العملي يثبت أن حجم االستفادة من مخصصات هذا الصندوق يبقى ضعيفا( )1لعدة أسباب تتعلق
بقلة الفئات املستفيدة من الصندوق وتعقيد مساطر االستفادة منه.
حددت املادة الثانية من القانون 41.10كما وقع تعديلها بالقانون رقم 83.17الفئات
املستهدفة من تسبيقات الصندوق في خمس فئات ،وهم :
-مستحقو النفقة من األوالد بعد انحالل ميثاق الزوجية وثبوت عوز األم؛
-مستحقو النفقة من األوالد خالل قيام العالقة الزوجية بعد ثبوت عوز األم؛
-مستحقو النفقة من األوالد بعد وفاة األم؛
-مستحقو النفقة من األطفال املكفولين؛
-الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة.
ويعتبر توسيع دائرة املستفيدين من تسبيقات الصندوق من أهم الحسنات التي أتى بها
التعديل ،باإلضافة إلى إسقاطه حق األم املطلقة من االستفادة من تسبيقات الصندوق ،عكس ما
كان عليه األمر في ظل القانون رقم ،41.10والذي استمد أبرز معامله من القانون التونس ي املنظم
لصندوق النفقة وجراية الطالق الصادر بتاريخ 5يوليوز .1993
وقد بني هذا التوسيع للفئات املستفيدة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي على
التعليمات املولوية التي تم توجيهها لوزير العدل بضرورة إعادة النظر في الفئات املستفيدة ،وبن ًاء
على االنتقادات الواسعة التي عرفها تضييق الفئات املستفيدة سواء داخل قبة البرملان أو لدى
الجمعيات والهيئات املجتمعية ،حيث رأى البعض أنه ال يعكس التسمية التي تم إطالقها على
الصندوق لكونه ال يشمل جميع أفراد العائلة ،ذلك أنه استثنى األم املعوزة غير املطلقة وأبنائها
واملطلقة بدون أبناء ،واآلباء املعوزين.
- 1حسب معطيات صادرة عن وزارة العدل والحريات فقد بلغ عدد الملفات التي تمت معالجتها من طرف صندوق
اإليداع و التدبير والمتعلق بصندوق التكافل العائلي منذ انطالقه وإلى غاية نهاية شهر دجنبر )2932( ،2013ملفا،
بمبلغ إجمالي تم تحويله للمستفيدين من مخصصات الصندوق وصل إلى 17مليون و 624ألف درهم.
وعلى العموم ،فإن املادة 2من قانون 41.10كما تم تعديلها قد حصرت املستفيدين في خمسة
أصناف وهم :
-أوال :مستحقو النفقة من األوالد بعد انحالل ميثاق الزوجية وثبوت عوز األم:
انتقل التشريع املغربي من خالل مختلف الصناديق املحدثة مؤخرا إلى منطق جديد في
تدبيره ونظره في الحاالت االجتماعية الهشة وتحديده لآلليات الكفيلة بالنهوض بهذه الفئات
وتجاوزها لضيق ذات اليد ،وهي مبادرات تشريعية جاءت نتيجة توجيهات ملكية سامية في املوضوع.
وبذلك فالدولة املغربية من خالل صندوق التكافل العائلي تكون قد أعلنت عن مسؤوليتها
في إعالة رعاياها من األوالد الذين تخلى آبائهم عن اإلنفاق عليهم ملختلف األسباب ،غايتها في ذلك
تحقيق االستقرار املادي ولو في حده األدنى وتفادي تشرد هؤالء األوالد وضياع مستقبلهم.
ومعلوم أن األوالد املستفيدين من تسبيقات الصندوق هم األوالد الناتجين عن عالقة
زوجية صحيحة قبل انحاللها بالطالق أو التطليق.
واملالحظ أن املشرع قد عمد إلى تغيير لفظ األطفال الذي كان وارد باملادة 2من قانون
41.10بمصطلح األوالد( ،)1من خالل قانون ،83.17وهو تغيير تنبه إليه بعد االنتقادات التي وجهت
الستعمال هذا املصطلح ضمن هذه املادة ،ذلك أن لفظ األطفال يراد به باملعنى املعياري األطفال
دون سن الرشد القانوني ،في حين أن االستفادة يمكن أن تمتد إلى حدود 25سنة إذا كان الولد يتابع
دراسته وبالنسبة للبنت إلى حين زواجها أو قدرتها على الكسب وبالنسبة لألبناء ذوي االحتياجات
الخاصة متى استمرت شروط االستفادة(.)2
ويثار في هذا الباب إشكال بالنسبة لألوالد من أب أو أم أجنبيين هل يستفيدون من
تسبيقات الصندوق عند توافر الشروط املطلوبة أم يحرمون منها ؟
- 1يراد بمصطلح الولد األبن أو البنت على حد سواء ،وهو االتجاه الذي ذهبت إليه مدونة األسرة في إصباغ هذا اللفظ على
الجنسين معا من خالل العديد من موادها.
- 2تنص المادة 198من مدونة األسرة على أنه ":تستمر نفقة األب على أوالده إلى حين بلوغهم سن الرشد ،أو إتمام الخامسة
والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسته.
وفي كل األحوال ال تسقط نفقة البنت إال بتوفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها.
ويستمر إنفاق األب على أوالده المصابين بإعاقة والعاجزين عن الكسب".
لم نجد في القانون املنظم لصندوق التكافل العائلي وال املرسوم التطبيقي له ،رغم التعديل
الذي طالهما معا ،وال في باقي النصوص التنظيمي ما يفيد حرمان األوالد ذووا األب أو األم األجنبيين
من الحق في االستفادة من تسبيقات الصندوق ،ويبقى الشرط الوحيد املطلوب هو تحقق اإلقامة
املستقرة باملغرب بالنسبة لألباء واألوالد.
ومعلوم أن نطاق تدخل الصندوق ال يشمل مبالغ النفقة عن املدة السابقة عن تقديم طلب
االستفادة من التسبيقات املالية كقاعدة عامة).(1
واملالحظ أن املادة الثانية من قانون 41.10رغم التعديل الذي طالها ال زالت تقص ي شريحة
من املجتمع املغربي من االستفادة من تسبيقات الصندوق املالية ،من ذلك مثال اآلباء املعوزين
املستحقين للنفقة في حالة ثبوت عوزهم ،حيث يلزم األبناء باإلنفاق عليهم ،وتوزع نفقتهم عليهم عند
التعدد بحسب يسرهم ال بحسب إرثهم ،وفق أحكام املادة 203من مدونة األسرة( ،)2ومن ذلك أيضا
األوالد املولودين خارج مؤسسة الزواج ،حيث أوص ى املجلس الوطني لحقوق اإلنسان من خالل
تقريره حول ” وضعيـة املساواة واملناصفـة باملغـرب” بتوسيـع نطـاق الدعـم املقـدم في إطـار صندوق
التكافـل العائلـي ،ليشمل األطفـال املولوديـن خارج إطـار الزواج.
ً
وتجاوزا لهذا التضييق في تحديد الفئات املستهدفة وبسبب االنتقادات التي وجهت للقانون
41.10فقد صدر مرسوم يتعلق بتحديد شروط ومعايير االستفادة من الدعم املباشر للنساء األرامل
في وضعية هشـة والحاضنات ألطفالهن اليتامى ،حيث غطى هذا املرسوم استفادة األرامل املتوفى
عنهم وأطفالهن(.)3
واألم تكون ملزمة بالنفقة على أوالدها في حالة عجز األب عن اإلنفاق جزئيا أو كليا ويسرها،
وفق أحكام املادة 199من مدونة األسرة( ،)4أما إن يثبت عوز األم فال نفقة عليها ،ويثبت العوز كما
- 1وهو األمر الذي كان محط انتقاد العديد من المهتمين ،والمالحظ أنه رغم التعديل الذي طال القانون رقم 41.10بالقانون رقم
83.17والمرسوم التطبيقي له بالمرسوم رقم ، 249.18.2فإن التعديلين معا لم ينصا على االستفادة من مبالغ النفقة عن المدة
السابقة gتقديم طلب االستفادة من التسبيقات المالية للصندوق.
- 2تنص المادة 203من مدونة األسرة على أنه ":توزع نفقة اآلباء على األبناء عند تعدد األوالد بحسب يسر األوالد ال بحسب
إرثهم".
- 3مرسوم رقم 2.14.791بتاريخ 04ديسمبر ،2014لمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6318بتاريخ 18ديسمبر ،2014ص :
.8504
- 4تنص المادة 199من مدونة األسرة على أنه ":إذا عجز األب كليا أو جزئيا عن اإلنفاق على أوالده ،وكانت األم موسرة،
وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه األب".
أشارت إلى ذلك املادة 2من املرسوم 2.11.195كما تم تغييره باملرسوم رقم 2.18.249صادر 29ماي
2018عن طريق اإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية( ،)1أو بشهادة للعوز مسلمة من طرف السلطة
املحلية ملوطن طالبة الشهادة.
-ثانيا :مستحقو النفقة من األوالد خالل قيام العالقة الزوجية وثبوت عوز األم:
تعتبر هذه الفئة من بين الفئات التي استفادت من التعديل الذي طال القانون رقم 41.10
بالقانون ،83.17حيث تم إدماج األوالد الذين لم يتم استيفاء نفقتهم من أبيهم أثناء قيام العالقة
الزوجية ضمن الفئات املستفيدة من تسبيقات الصندوق.
وبذلك يكون املشرع املغربي قد ساوى بين األوالد في االستفادة من تسبيقات الصندوق
سواء أثناء قيام العالقة الزوجية أو بعد انحاللها ،ورفع الحيف الذي كان يطال األوالد املحرومين من
النفقة أثناء قيام الزوجية.
ويسري على استفادة األوالد من تسبيقات الصندوق ما يسري على استفادتهم من نفقة
أبيهم حيث تستمر االستفادة إلى حين بلوغ سن الرشد القانوني (18سنة) ،وتستمر بالنسبة لألبناء
الذين يتابعون دراستهم إلى حين بلوغ 25سنة ،وتستمر االستفادة بالنسبة للبنت إلى حين قدرتها
على الكسب أو زواجها ،وبالنسبة لألبناء املعاقين أو العاجزين عن الكسب ،فإن استفادتهم تستمر
إلى حين سقوطها لسبب من األسباب املانعة من االستفادة(.)2
ويشترط عوز األم في حالة األوالد املستحقين لتسبيقات الصندوق أثناء قيام الزوجية،
شأنها في ذلك شأن األم بعد انحالل ميثاق الزوجية ،حيث يتم إثبات هذا العوز وفق نفس الوسائل
واإلجراءات.
-ثالثا :مستحقو النفقة من األوالد بعد وفاة األم:
تعتبر هذه الحالة من الحاالت الجديدة التي أتت عليها املادة 2من القانون 41.10كما وقع
تعديلها بالقانون رقم ،83.17ولعل املشرع املغربي قصد بذلك حالتين اثنثين :
- 1المنصوص عليها في المرسوم رقم 2.08.177الصادر في 28رمضان 29 ( 1429شتنبر ( 2008بتطبيق مقتضيات الكتاب
الثالث من القانون رقم 65.00المتعلق بنظام المساعدة الطبية.
- 2المادة 198من مدونة األسرة.
– 1حالة األم املوسرة التي تتولى اإلنفاق على األوالد في إطار املادة 199من مدونة األسرة،
عند عجز األب كليا أو جزئيا عن ذلك ،أو عند وفاته؛ حيث إنه يترتب عن وفاة األم حرمان األوالد من
النفقة؛
– 2حالة األوالد مجهولي األب ،حيث ينسبون إلى أمهم وتتولى هذه األخيرة اإلنفاق عليهم،
ويترتب عن وفاتها استحقاق األوالد لتسبيقات صندوق التكافل العائلي ،إال أن هذه الحالة هي
األخرى لم تسلم من االنتقاد ،حيث رأى بعض النواب أنه كان يجب أن تستبدل عبارة "بعد وفاة
األم" بعبارة "في حالة وفاة األم أو عسرها"( ،)1وبالتالي يجب إدخال حالة عسر األم ضمن الحاالت
املستوجبة لالستفادة من تسبيقات الصندوق.
-رابعا :مستحقو النفقة من األطفال املكفولين :
تعتبر هذه الحالة أيضا من الحاالت الجديدة التي أتت عليها املادة 2من القانون 41.10كما
وقع تعديله بالقانون رقم ،83.17حيث وسعت من دائرة املستفيدين من الصندوق إلى األطفال
املكفولين ،كما نص عليهم القانون رقم 15.01املتعلق بكفالة األطفال املهملين حيث اعتبر من خالل
مادته الثانية الكفالة بأنها ":التزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل األب
مع ولده وال يترتب عن الكفالة حق في النسب وال فـي اإلرث".
ويطرح إشكال بخصوص هذه الحالة الرابعة من حاالت االستفادة من تسبيقات صندوق
التكافل العائلي في حالة كون الكافل شخص اعتباري كما نصت على ذلك الفقرة الثالثة من املادة 9
من قانون ،15.01هل يستفيد األطفال املكفولين من طرف مؤسسة عمومية مكلفة برعاية األطفال
أو هيئة أو منظمة أو جمعية ذات طابع اجتماعي من تسبيقات الصندوق ؟
على الرغم من عمومية نص املادة الثانية "مستحقو النفقة من األطفال املكفولين"،
فالظاهر أن األطفال املكفولين من طرف مؤسسات الرعاية االجتماعية يعتبرون غير مشمولين بهذا
املقتض ى ،وذلك العتباريين اثنين :
- 1تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق اإلنسان بمجلس النواب ،حول مشروع قانون رقم 83.17بتغيير القانون رقم 41.10
المتعلق بتحديد شروط ومساطر االستفادة من صندوق التكافل العائلي ،دورة أكتوبر ،2017السنة التشريعية الثانية -2017 :
،2018الوالية التشريعية العاشرة ،2021-2016 :ص .46 :
– 1األول أن الفقرة تتحدث عن استحقاق النفقة ،وأداء هذه األخيرة ال يكون إال من الكافل
الشخص الطبيعي كما أشار إلى ذاك املادة الثانية من القانون رقم 15.01املتعلق بكفالة األطفال
املهملين " والنفقة عليه كما يفعل األب مع ولده" ،أما دور الرعاية االجتماعية فيشترط فيها املشرع
التوفر على الوسائل املادية واملوارد والقدرات البشرية املؤهلة لرعاية األطفال وحسن تربيتهم وعلى
صفة املنفعة العامة ،على أن تقوم هذه الهيئات أو الجمعيات بتنشئة األطفال املتكفل بهم تنشئة
إسالمية؛
– 2أن املشرع املغربي اشترط من خالل املادة 4من القانون رقم 41.10بعد تعديله
بالقانون رقم 83.17أن يقدم طلب االستفادة من تسبيقات الصندوق في حالة الطفل املكفول
القاصر من طرف املرأة الكافلة نيابة عنه ،وهو ما يفيد استبعاد هذه األشخاص املعنوية الكافلة.
ومعلوم أن املادة األولى من قانون 15.01قد وضعت حدا للكفالة في سن 18سنة ما لم يكون
املكفول بنتا حيث تستمر كفالتها إلى حين زواجها أو قدرتها على الكسب أو طفال من ذوي
االحتياجات الخاصة ،وهو نفس ما ذهبت إليه املادة الثانية من القانون رقم 41.10بعد تعديله
بالقانون رقم 83.17املتعلق بصندوق التكافل العائلي عندما استعملت مصطلح "األطفال
املكفولين".
-خامسا :الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة :
بعد أقصاء دام أكثر من ست سنوات تراجع املشرع املغربي عند استفادة األم املطلقة
املعوزة من تسبيقات الصندوق لصالح الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة ،بعد السجال الكبير
واللبس الذي خلقته املادة 2من قانون 41.10عند تنزيلها والتضارب في التفسيرات بشأن استفادة
األم املطلقة املعوزة من تسبيقات الصندوق من عدم استفادتها ،وهكذا فقد ذهب العديد من رؤساء
املحاكم االبتدائية للمملكة إلى اعتبارها تنوب عن أبنائها غير الراشدين في االستفادة طاملا أنها لم
تكن مستفيدة من املقرر األصلي القاض ي بنفقة األبناء وأنها حتى عند استفادتها من الحكم القاض ي
بالطالق أو التطليق فإن االستفادة تكون محدودة في نفقة وسكن العدة ،كما أن عوزها ال يجعلها
مستفيدة من الصندوق ،بل يحول دون الرجوع عليها بأداء النفقة عند عسر األب ،إال أن املشرع
ارتأى إسقاط حق األم املطلقة املعوزة من االستفادة من تسبيقات الصندوق رفعا لكل لبس.
وهكذا ،فقد اشترط القانون املنظم لصندوق التكافل العائلي في الزوجة توافر شرطين
أساسيين وهما :أن تكون زوجة مستحقة للنفقة ،وأن تكون معوزة.
– 1أن تكون زوجة مستحقة للنفقة :ينعقد الزواج حسب أحكام املادة 10من مدونة األسرة
بإيجاب من أحد املتعاقدين وقبول من اآلخر ،بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا ،وتعتبر وثيقة
عقد الزواج الوسيلة املقبولة إلثبات الزواج حسب مقتضيات املادة 16من مدونة األسرة .
وتثبت العالقة الزوجية باإلدالء بنسخة من عقد الزواج ونسخة من الوضعية العائلية للزوجة
ثتبت كونها متزوجة ،كما أن نفقة الزوجة تجب على زوجها بمجرد البناء ،وكذا إذا دعته للبناء بعد
أن يكون قد عقد عليها(،)1ويحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ إمساك الزوج عن اإلنفاق الواجب عليه،
وال تسقط بمض ي املدة إال إذا حكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وامتنعت(.)2
واملطلقة رجعيا يسقط حقها في السكنى دون النفقة إذا انتقلت من بيت عدتها دون موافقة
زوجها أو دون عذر مقبول ،واملطلقة طالقا بائنا إذا كانت حامال ،تستمر نفقتها إلى أن تضع حملها،
وإذا لم تكن حامال ،يستمر حقها في السكنى فقط إلى أن تنتهي عدتها(.)3
– 2أن تكون معوزة :أي أن ال تجد ما تنفق به على نفسها وعلى أبنائها ،ويعتبر هذا الشرط
أساسيا لإلستفادة من الصندوق ألن الغاية املثلى من إنشائه هي كف الزوجة وأبنائها عند تعذر
تنفيذ النفقة السؤال وتجنبيهم الفقر والضياع.
وشرط العوز في الزوجة الزم ،وإال فإنها تنفق من مالها عند يسرها وعجز األب عن االنفاق
حسب منطوق املادة 199من مدونة األسرة .
وتثبت الزوجة حالة العوز حسب املادة 2من املرسوم رقم 2.11.195كما تم تعديله
باإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية يتم إثبات العوز باإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية املنصوص عليها
في املرسوم رقم 2.08.177الصادر في 28رمضان 29) 1429شتنبر (2008بتطبيق مقتضيات
الكتاب الثالث من القانون رقم 65.00املتعلق بنظام املساعدة الطبية ،أو بشهادة عوز مسلمة من
طرف السلطة املحلية ملوطن طالبة الشهادة.
يالحظ على هذه املساطر تشعبها وتعقيدها في بعض األحيان ،وطول أمدها في أحايين
أخرى ،ولتفصيلها وتقريب القارئ منها ،فإننا نميز فيها بين مرحلتين :مرحلة تقديم طلب االستفادة
من الصندوق وهي مرحلة إدارية يطغى عليها الطابع اإلجرائي (أوال) ،ثم مرحلة صرف التسبيقات
املالية وهي مرحلة تقنية يطغى عليها الطابع املالي (ثانيا).
-أوال :املرحلـ ــة اإلداري ــة لالستفــادة من تسبيقات الصنــدوق(:)1
نميز في هذه املرحلة اإلدارية بين من يحق له تقديم طلب االستفادة من تسبيقات الصندوق
والوثائق الالزم إرفاقها بهذا الطلب ،وبين مرحلة البث في طلب االستفادة ،وذلك على ضوء
التعديالت والتغييرات التي أتى بها القانون رقم ،83.17ومرسومه التطبيقي رقم 2.18.249
- 1طلب االستفادة من تسبيقات الصندوق :
يقدم طلب االستفادة من الصندوق( )2إلى رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية
املصدرة للمقرر القضائي املحدد للنفقة أو املكلفة بالتنفيذ أو التي يوجد في دائرة نفوذها موطن أو
محل إقامة مقدم الطلب حسب ما يستفاد من املادة 4من القانون رقم 41.10كما تم تعديله
بالقانون رقم 83.17من قبل :
- 1سمينا هذه المرحلة بالمرحلة اإلدارية ألن صاحب الطلب يكتفي فيها بتوجيه الطلب لرئيس قسم قضاء األسرة مرفقا بالوثائق
المعضدة ويسجل ويتم البت فيه بأمر قضائي في غيبة األطراف وترتب اآلثار تبعا لذلك ،ويمتاز هذا األمر بطابعه الوالئي حيث
حدد المشرع سلفا إجراءاته والتسبيقات المالية المقررة له ،وسلب بذلك من رئيس المحكمة السلطة التقديرية في تحديد المبالغ
المستحقة وترجيح مختلف الحجج المدلى بها.
- 2أعدت وزارة العدل بشراكة مع صندوق اإليداع والتدبير طلبا نموذجيا لصرف تسبيقات صندوق التكافل العائلي "الملحق رقم 4
من دليل االستفادة من صندوق التكافل العائلي ،يتضمن المعلومات التالية :رئيس المحكمة الموجه إليه الطلب ،معلومات حول مقدم
الطلب :اإلسم الشخصي والعائلي ،رقم بطاقة التعريف الوطنية ،الصفة (مطلقة /زوجة معوزة/حاضن(ة)/ولد راشد/كافلة)،العنوان،
الهاتف ،ثم معلومات تتعلق باألوالد المطلوب استفادتهم من التسبيقات المالية :االسم الكامل ،تاريخ االزدياد ،ثم معلومات حول
الملزم بالنفقة :االسم الشخصي والعائلي ، ،رقم بطاقة التعريف الوطنية العنوان ،ثم طريقة سحب التسبيق المالي :بالتحويل
البنكي(يجب االدالء بشهادة بنكية أصلية تتضمن التعريف البنكي" 24رقم") ،أو نقدا (حوالة "ماندتي اكسبريس ،بريد بنك) ،ثم
الوثائق الواجب اإلدالء بها :األمر القضائي المحدد للتسبيق ،صورة مصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية ،شهادة بنكية تحمل
التعريف البنكي ،وأخيرا تاريخ التحرير وتوقيع صاحب الطلب" ،أنظر النموذج رفقته".
- 1تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق االنسان بمجلس النواب ،مرجع سابق ،ص .7 :
وبعد تقديم الطلب يفتح له ملف خاص( )1ويقيد في سجل محدث معد لهذا الغرض(،)2
ويمنح له رقم تسلسلي مستقل ومميز له عن باقي امللفات التي يتولى رئيس قسم قضاء األسرة
باملحكمة االبتدائية أو من ينوب عنه البت فيها ،ويحتفظ بهذا امللف لدى كتابة ضبط املحكمة
االبتدائية(قسم قضاء األسرة) بنفس الرقم الذي سيصبح املرجع املوحد بين املحكمة وصندوق
اإليداع والتدبير في جميع اإلجراءات سواء تلك التي تسبق صدور األمر أو التي تليه.
ووفقا ملا نصت عليه املادة 2من املرسوم التطبيقي للقانون املنظم لصندوق التكافل
العائلي كما وقع تغييره باملرسوم رقم 2.18.249فإن طلب االستفادة من الصندوق يجب أن يقدم إلى
رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية املختصة مرفقا بالوثائق التالية :
- 1بالنسبة ملستحقي النفقة من األوالد :
-نسخة من املقرر القضائي املحدد للنفقة؛
-املحضر املحرر من طرف املكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا؛
-نسخ موجزة من رسوم والدة األوالد املحكوم لهم بالنفقة؛
-شهادة وفاة األم أو ما يفيد عوزها حسب الحالة.
ويتم إثبات العوز باإلدالء ببطاقة املساعدة الطبية املنصوص عليها في املرسوم رقم
2.08.177الصادر في 28رمضان 29( 1429شتنبر (2008بتطبيق مقتضيات الكتاب الثالث من
القانون رقم 65.00املتعلق بنظام املساعدة الطبية ،أو بشهادة عوز مسلمة من طرف السلطة
املحلية ملوطن طالبة الشهادة.
- 2بالنسبة ملستحقي النفقة من األطفال املكفولين:
-نسخة من املقرر القضائي املحدد للنفقة؛
- 1لم تحدث وزارة العدل إلى حدود الساعة ملفا نموذجيا لمثل هذه الطلبات ،حيث إن غالبية الملفات التي تفتح تكون محدثة،
وكنموذج لذلك نسوق الملفات المحدثة بالمحكمة االبتدائية االجتماعية بالدار البيضاء حيث تضم في الجهة العلوية اليمنى رقم ملف
صندوق التكافل العائلي ،وفي الجهة العلوية اليسرى تاريخ تقديم الطلب ،وبوسط الملف إسم المستفيد أو المستفيدين حسب األحوال،
وبأسفل منها منطوق األمر وتاريخه وصفة مصدره ،ثم في أسفل الملف على اليمين رقم ملف التنفيذ وعلى الشمال رقم الملف
األصلي المتعلق بالنفقة أو الطالق أو التطليق.
- 2ال زالت وزارة العدل لم تحدث كذلك سجال نموذجيا لمثل هذه الملفات.
-املحضر املحرر من طرف املكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا؛
-نسخ موجزة من رسم والدة األطفال املحكوم لهم بالنفقة.
- 3بالنسبة للزوجة املعوزة املستحقة للنفقة :
-نسخة من املقرر القضائي املحدد للنفقة
-املحضر املحرر من طرف املكلف بالتنفيذ الذي يثبت تعذر أو تأخر التنفيذ كليا أو جزئيا؛
-شهادة إثبات العوز ،كما هو منصوص عليه في البند 1أعاله
-تصريح بالشرف ،مصحح اإلمضاء ،بكون العالقة الزوجية مع امللزم بالنفقة ما تزال قائمة
عند تاريخ تقديم الطلب ،وبااللتزام بإشعار رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو الهيئة
املختصة فورا بكل تغيير يطرأ على هذه العالقة.
ً
وتضيف بعض املحاكم كما سلف زيادة في ضمان عدم استفادة الزوجة من النفقة إقرارا
للزوجة املعوزة املستحقة للنفقة بعدم استفادتها من النفقة.
كما أن التعليمية املشتركة قد ألزمت رؤساء كتابة الضبط بالتحقق من عدم إيداع املبالغ
املحكوم بها من أجل النفقة من طرف املحكوم عليه بالصندوق ،وبتحرير شهادة إدارية "ضبطية"
بعدم استفادة املعنيين باألمر املحكوم لهم بالنفقة استنادا إلى وثائق امللف التنفيذي ،وهي شهادة
إدارية تحرر تلقائيا دون طلبها من طرف صاحب الطلب ويتكلف بهذا التحقق من الناحية العملية
املشرف على شعبة صندوق التكافل العائلي.
وقد أثير إشكال آخر بخصوص الجهة املكلفة بتحرير الشهادة الضبطية عند فتح ملف
التنفيذ باملحكمة املصدرة لحكم النفقة أو الطالق أو التطليق وتنفيذه عن طريق إنابة بمحكمة
أخرى ،هل هو رئيس كتابة ضبط املحكمة األولى أم الثانية ؟ ويزداد هذا اإلشكال حدة متى علمنا أن
طالبة االستفادة من الصندوق بإمكانها حسب نص املادة 4من قانون 41.10فتح ملف صندوق
التكافل العائلي إما باملحكمة االبتدائية املصدرة للمقرر القضائي أو باملحكمة االبتدائية املكلفة
بالتنفيذ أو بموطن أو محل إقامة طالب التنفيذ؟
نرى من جانبنا أن العمدة في منح الشهادة الضبطية باملحكمة املكلفة بالتنفيذ حيث إن
رئيس كتابة الضبط يمنح هذه الشهادة بناء على املحضر املدلى به بملف التنفيذ من طرف املفوض
الصفحة 154 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
القضائي والذي هو إما محضر إخباري أو محضر باالمتناع وبعدم وجود ما يحجز ،وملزيد من
التحري فإن رئيس كتابة ضبط محكمة التنفيذ يمكنه أن يراسل املحكمة املفتوح لديها ملف
التنفيذ حول إيداع املستحقات زيادة في ضمان عدم االستفادة ،كما أن له أن يطلب إقرارا من
طالبة االستفادة من الصندوق بعدم حصولها على النفقة.
وقبل بداية العمل بالسجل املحدث الخاص بصندوق التكافل العائلي وجريا على ما جرى به
العمل بخصوص السجالت املمسوكة لدى كتابة الضبط ،فإنه البد من ترقيم جميع صفحاته
ومنحه رقما لإلحصاء بسجل إحصاء السجالت وتوقيعه من طرف رئيس قسم قضاء األسرة
باملحكمة االبتدائية وتحديد تاريخ الشروع في العمل به وتاريخ نهايته.
ويضمن السجل املحدث الخاص بصندوق التكافل العائلي الخانات التالية :الرقم الترتيبي،
تاريخ التسجيل ،رقم امللف األصلي (أي ملف النفقة أو الطالق أو التطليق أو كفالة)،رقم ملف
التنفيذ ،املستفيد أو املستفيدون ،رقم املقرر القضائي ،تاريخ صدوره ،التسبيق املالي املمنوح ،تاريخ
توجيه األمر إلى صندوق اإليداع والتدبير ،تاريخ التوجيه إلى مديرية امليزانية واملراقبة ،مالحظات،
وغالبا ما يضمن في هذه املالحظات ما إذا كان امللف جديد أم أنه خاص بإعادة صرف التسبيقات
بعد مرور سنتين من االستفادة ،حيث تضمن عبارة "جديد" بخانة مالحظات بالنسبة للملفات
الجديدة ،وعبارة "يعاد" بالنسبة إلعادة االستفادة.
وعند فتح ملف يتعلق بإعادة االستفادة من التسبيقات املالية ،فيتم منحه رقم تسلسليا
جديدا ويضاف إليه امللف األصلي مع تسجيل مالحظة بالرقم التسلسلي للملف األصلي بالسجل
بأنه تم ضمه إلى امللف عدد .... /.... :وتسجيل ضمه للملف الجديد بالعلبة البالستيكية املتعلقة
بحفظ ملفات صندوق التكافل العائلي.
وما دامت النسخة التنفيذية ومحضر االمتناع وعدم وجود ما يحجز ال زالت بامللف األصلي
فإن طالب تجديد االستفادة يعفى من اإلدالء بهما مع ضرورة اإلدالء بباقي املستندات املنصوص
عليها في املادة 2من املرسوم التطبيقي كما وقع تغييره باملرسوم رقم . 2.18.249
- 2مرحلة البث في االستف ــادة م ــن تسبيق ــات صندوق التكاف ــل العائل ــي :
خلقت الطلبات املقدمة بخصوص االستفادة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي تضاربا
بين عمل املحاكم ،بين من يجعلها داخلة في األوامر املبنية على طلب وفقا ألحكام الفصل 148من
الصفحة 155 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
ق.م.م أو األوامر املختلفة كما يطلق عليها من الناحية العملية ،وبين من يفرد لها شعبة خاصة بها
ويميزها عن باقي الطلبات.
وقد س ار العمل باملحكمة االبتدائية االجتماعية بالدار البيضاء في البداية وفق النهج األول
حيث إنه ونظرا لكثرة الطلبات الخاصة باألوامر املختلفة فإن غالبية ملفات االستفادة من صندوق
التكافل العائلي كانت تحكم بعدم القبول ،إلى أن استقر الحال بداية من 2012/07/02على إفراد
شعبة خاصة للبث في هذه الطلبات تتولى دراسة شكليات الطلب ومدى استيفائه لجميع الوثائق
الالزمة سواء في مرحلته اإلدارية أو املالية ثم بعد ذلك إحالته على نائب رئيس قسم قضاء األسرة
باملحكمة االبتدائية جاهزا من أجل البث فيه بمقرر قضائي ،وهو األمر الذي جعل أغلب الطلبات
تحظى بالقبول.
وبعد فتح امللف وتسجيله بالسجل املعد لهذا الغرض بكتابة الضبط وإرفاقه بالوثائق
الالزمة ،يبت رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية املختصة أو من ينوب عنه في طلب
االستفادة من الصندوق في غيبة األطراف وداخل أجل أقصاه ثمانية أيام من تاريخ تقديم الطلب
بمقتض ى أمر نهائي ال يقبل أي طعن وينفذ على األصل وال يحتاج إلى تبليغ (املادة 7من القانون رقم
كما تم تعديله بالقانون رقم .)83.1741.10
ونظرا لكون األمر الذي يصدره رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو من ينوب
عنه باالستفادة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي يكتس ي أثرا وقوة نفاذ على األصل وال يقبل أي
طعن ،ومن أجل تسهيل عملية معالجة ملفات االستفادة من طرف صندوق اإليداع والتدبير ،يجب
أن يتضمن هذا األمر حسب منشور السيد وزير العدل رقم 17س 2بتاريخ 04أبريل 2012البيانات
الضرورية اآلتية:
– رقم امللف .
– اسم رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو القاض ي الذي ينوب عنه في إصدار
أمر االستفادة ؛
– هوية مقدم الطلب وصفته وعنوانه ورقم البطاقة الوطنية للتعريف؛
– اسم امللزم بالنفقة وعنوانه أو آخر عنوان معروف له؛
ولدور هذه التسبيقات رغم هزالتها في إعالة الزوجة املعوزة واألوالد يكون من واجبه الحكم بالسقف
األعلى والذي هو 350درهم.
– 2أن املشرع من خالل القانون املنظم لصندوق التكافل العائلي لم يحدد جزاء عن
اإلخالل بأجل البت في امللف داخل 8أيام.
– 3على الرغم من اعتبار املادة 3من مدونة األسرة النيابة العامة طرفا أصليا في القضايا
املتعلقة باألسرة ،فإننا ال نجد لها تدخال في هذا النوع من القضايا.
– 4نجد بعض املحاكم االبتدائية باململكة قد تمسكت بحرفية النص املنظم لصندوق
التكافل العائلي وأحدثت شعبة صندوق التكافل العائلي برئاسة املحكمة االبتدائية بدل أقسام
قضاء األسرة ،وهو ما يؤدي إلى الزيادة في أعباء املتقاضين خاصة أن الفئة املستهدفة من الصندوق
تمتاز بعوزها الشديد ،وفي هذا اإلطار فقد جاء التعديل الذي طال املادة 7من القانون رقم 41.10
بالقانون رقم ،83.17ليرفع هذا اللبس ضمنيا بنصه على عبارة "يبت رئيس املحكمة االبتدائية
املختصة أو من ينوب عنه ،"...حيث إن املشرع قصد بهذا التعديل منح رئيس قسم قضاء األسرة
مكنة البت في مثل هذه الطلبات باعتباره نائبا عن رئيس املحكمة االبتدائية فيما يتعلق بتدبير
شؤون قسم قضاء األسرة ،وبالتالي فمن الالزم إحداث شعبة صندوق التكافل العائلي بقسم قضاء
األسرة عوض املحكمة االبتدائية.
ينضاف إلى ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من املادة 57من التنظيم القضائي الجديد
رقم 38.15من أن رئيس قسم قضاء األسرة أو من ينوب عنه يمارس االختصاصات املخولة قانونا
لرئيس املحكمة االبتدائية ،فيما له صلة باختصاصات هذا القسم؛
– 5تضارب املحاكم االبتدائية في موقعة شعبة صندوق التكافل العائلي داخل التنظيم
الهيكلي لكتابة الضبط باملحاكم االبتدائية بين تخصيصها بمكتب مستقل وبين ضمها إلى شعبة
األوامر املختلفة أو الشعبة االستعجالية.
– 6القانون رقم 41.10كما تم تعديله بالقانون رقم 83.17املتعلق بصندوق التكافل
العائلي لم يشترط االدالء بما يفيد سلوك مسطرة إهمال األسرة قبل االستفادة من الصندوق عكس
املشرع التونس ي الذي اشترط ذلك ،وهو ما قد يؤدي إلى استنزاف تسبيقات صندوق التكافل
العائلي ،ذلك أن سلوك هذه املسطرة قد يكون في كثير من األحيان ناجعا إلجبار املطلق على
الصفحة 158 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
التنفيذ ،لكنه من جانب آخر قد يقوض العالقات األسرية سواء أثناء قيام العالقة الزوجية أو في
فترة ما بعد الطالق ،وهو ما يفسر كذلك حسب اإلحصائيات التي اطلعنا عليها باملحكمة االبتدائية
االجتماعية أن امللفات املحالة على هذه الشعبة بعد سلوك مسطرة إهمال األسرة ال يتجاوز .%2
بعد صدور األمر القضائي باالستفادة من تسبيقات الصندوق تقوم كتابة ضبط املحكمة
املختصة بتوجيه الطلب األصلي بمرفقاته فورا وتلقائيا داخل أجل ثالثة أيام إلى الهيئة املكلفة
بتدبير عمليات صندوق التكافل العائلي ،وهي صندوق اإليداع والتدبير من أجل تنفيذه وصرف
التسبيق املالي طبقا ملا هو محدد في األمر.
وتيسيرا لإلجراءات ،فإن املشرع قد وحد طلب البت املوجه لرئيس قسم قضاء األسرة
باملحكمة االبتدائية واالستفادة من تسبيقات صندوق التكافل العائلي املوجه لصندوق اإليداع
والتدبير في طلب واحد يقدم عند بداية املسطرة ويستمر إلى حين صدور األمر القضائي ،واإلحالة
على صندوق اإليداع والتدبير.
وتتم اإلحالة عند طريق ورقة اإلرسال موجهة من لرئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة
االبتدائية إلى السيد مدير صندوق اإليداع والتدبير تتضمن مجموع طلبات صرف التسبيقات املالية
بمرفقاتها ،حيث غالبا ما تضمن املجموعة الواحدة 10إلى حدود 15طلب "انظر النموذج رفقته".
وتقوم الشعبة املكلفة بصندوق التكافل العائلي كل ثالثة أشهر ابتداء من شهر يناير بتوجيه
إحصاء خاص بملفات التكافل العائلي إلى مديرية امليزانية واملراقبة ،قسم التحصيل ،مصلحة تتبع
مداخيل صندوق التكافل العائلي ،حيث يضم هذا اإلحصاء الرقم الترتيبي ورقم امللف ورقم األمر
القضائي وتاريخ صدوره واسم املستفيد والتسبيق املالي بالدرهم ،وتقوم املديرية يتتبع وضعية
حسابات الصندوق ومقارنها باإلشعارات املتوصل بها بهذا الخصوص من صندوق اإليداع والتدبير.
وبعد توصل صندوق اإليداع والتدبير بطلب صرف التسبيق املالي ،يقوم بدراسته وصرف
التسبيق املالي للمستفيد ،حيث يتم األداء بصفة دورية أخر كل شهر حسب املبلغ املحدد في األمر
الصادر عن رئيس قسم قضاء األسرة باملحكمة االبتدائية أو القاض ي الذي ينوب عنه ،كما تقوم
كذلك في نفس الوقت بتوجيه إشعار للمستفيد ببداية صرف التسبيقات املالية ،التي يمكنه تسلمها
من أية وكالة تابعة ملؤسسة البريد بنك ،ما عدا إن كان املستفيد يتوفر على حساب في مؤسسة
بنكية ،وسبق له أن أدلى بشهادة بنكية تتضمن رقم تعريفه البنكي ،فتسلم هذه التسبيقات عن
طريق تحويلها إلى حسابه البنكي الخاص.
ويثار إشكال بخصوص فتح الحسابات البريدية أو البنكية قبل بداية صرف التسبيقات
املالية وبعدها ،حيث يتم اقتطاع واجبات الخدمات البنكية (إنشاء الحساب ،تدبير الحساب،
التحويالت )....قبل صدور األمر وفي بعض األحيان إقفال الحساب البنكي الذي بقي جامدا ومدينا
للمؤسسة البنكية أو في أحسن األحوال اإلنقاص من قيمة التسبيقات املالية املحولة ،وهو ما قد
يؤدي إلى اإلضرار باملستفيدين في نهاية األمر.
ولتجاوز هذا الضرر الالحق بالفئات املستفيدة فقد اقترح العديد من رؤساء املحاكم
االبتدائية إعفاء مثل هذه الحسابات من الواجبات البنكية وجعل الخدمات املخصصة لها سيرا على
نهج املشرع مجانية وتحرير دورية مشتركة بهذا الخصوص بين وزير العدل ووالي بنك املغربي باعتباره
املشرف على القطاع البنكي.
ومعلوم أن املادة 4من املرسوم التطبيقي قد حددت سقف االستفادة من الصندوق عن كل
شهر في مبلغ 350درهما لكل مستفيد على أال يتعدى مجموع التسبيقات املالية ألفراد األسرة
ً
واستثناء 1400درهم إذا كانت األسرة تتكون من زوجة معوزة وأوالدها. الواحدة 1050درهما،
وعلى العموم ،فإن أهم املالحظات التي يمكن رصدها بخصوص هذه املرحلة :
– 1أن الفترة الزمنية التي تستغرقها االستفادة منذ وضع الطلب لدى قسم قضاء األسرة
باملحكمة االبتدائية إلى حين صرف التسبيقات املالية من طرف صندوق اإليداع والتدبير تستغرق في
أحسن األحوال 6أشهر؛
– 2تصرف األشهر األولى من االستفادة على شكل حوالة Rappelتضمن جميع املبالغ
املتراكمة واملسددة ؛
- 3يقوم صندوق اإليداع والتدبير بإحالة كشوفات املبالغ املؤداة دوريا على قسم قضاء
األسرة باملحكمة االبتدائية وعلى مديرية امليزانية واملراقبة بوزارة العدل ()1؛
– 4يتعين على املستفيدة من الصندوق تجديد اإلدالء بشواهد الحياة املتعلقة بها وباألطفال
الذين يتقاضون النفقة املستحقة عنهم من الصندوق كل ستة أشهر ،وإذا لم تتم موافاة قطب
ً
ابتداء من تاريخ تدبير االدخار بصندوق اإليداع والتدبير بهذه الشواهد قبل انصرام الستة أشهر
أول استحقاق ،يوقف صرف التسبيق إلى حين اإلدالء بها؛
– 5يتم توقيف صرف التسبيق بالنسبة لألطفال عند بلوغهم سن الرشد القانوني ،حيث
يكون من الالزم عليهم اإلدالء بشهادة مدرسية تثبت متابعة الدراسة ،كما أنهم يلزمون بتقديم
طلبات االستفادة شخصيا أو عن طريق توكيل أمهم نيابة عنهم.
– 6تلزم الزوجة املعوزة املستحقة للنفقة قبل تقديمها لطلبها ،وبعد انتهاء سنتين من
االستفادة باإلدالء بشهادة التصريح بالشرف تشهد من خاللها أن العالقة الزوجية بينها وبين زوجها
ما تزال قائمة بتاريخ تقديمها لطلب االستفادة من التسبيقات املالية لصندوق التكافل العائلي،
وتتعهد وتلتزم بأنه في حالة انتهاء العالقة الزوجية بينها وبين زوجها خالل سريان مدة استفادتها من
التسبيقات املالية لصندوق التكافل العائلي ،أن أشعر فورا وكتابة السيد رئيس قسم قضاء األسرة
باملحكمة االبتدائية املصدر لألمر باستفادتها من هذه التسبيقات املالية أو صندوق اإليداع والتدبير
بذلك لترتيب اآلثار القانونية املترتبة عن انتهاء هذه العالقة ،وتلتزم البنت املستفيدة كذلك إذا بلغت
سن الرشد ،باإلدالء بما يفيد عزوبتها؛
– 7طلبات تجديد االستفادة من تسبيقات الصندوق يجب أن تقدم بمدة كافية قبل
انقضاء أجل سنتين لضمان عدم توقف االستفادة.
-1وتضم هذه الكشوفات :رقم الملف بصندوق اإليداع والتدبير ،رقم الملف بالمحكمة ،االسم الشخصي والعائلي محرر باللغة
الفرنسية ،رقم بطاقة التعريف الوطنية ،مب لغ التسبيق الشهري بالدرهم ،المبالغ التراكمية المسددة بالدرهم ،تاريخ االستحقاق ،تاريخ
نهاية االستحقاق " انظر النموذج رفقته".
-مقدمة :
رأى املشرع املغربي تنظيم طرق لتصفية صوائر املساعدة القضائية في إطار مساطر نزاعات
الشغل ،حيث إذا صدر حكم قضائي وقض ى باملصاريف على املستفيد من املساعدة القضائية فإنه
يتحمل هذه املصاريف ،ويتم الرجوع على املستفيد بعد تلقيه استفادة مالية من خالل التعويض
املحكم له به ،وهنا يبدأ عمل كتابة الضبط حيث تقوم بإجراءات عديدة ومعقدة قصد تصفية هذه
الصوائر.1
وأطر املشرع املغربي إجراءات تحصيل صوائر املساعدة القضائية من خالل الفصل 213
من املرسوم امللكي بمثابة قانون املساعدة القضائية لفاتح نونبر 1966الذي جاء فيه" ،في حالة
صدور حكم بأداء املصاريف على خصم املستفيد من املساعدة القضائية فإن تقدير املصاريف
يشمل الصوائر كيفما كان نوعها وبدل األتعاب واألجور التي كانت تلزم املستفيد لو لم
يحصل على املساعدة القضائية".
وفي هذه الحالة يصدر الحكم بأداء املصاريف لفائدة الخزينة ،ويقوم مأمورو كتابات
الضبط بمحاكم االستئناف وباقي محاكم اململكة بمتابعة استيفائها وفقا ألحكام القانون رقم 15.97
بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية( ،)3وبناء على أمر بالتنفيذ تعده كتابات الضبط ويؤشر
عليه ممثل النيابة العامة لدى املحكمة املختصة.
- 1أحمد القباب ،مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته ،مطبعة الرشاد سطات ،الطبعة األولى ،2015ص
.149
- 2تم تغيير الفصل 13أعاله ،بمقتضى المادة 15من الظهير الشريف رقم 1.92.280بتاريخ 4رجب 29( 1413ديسمبر
)1992بمثابة قانون المالية لسنة ،1993الجريدة الرسمية عدد 4183بتاريخ 5رجب 30( 1413ديسمبر ،)1992ص
.1836
- 3الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.175بتاريخ 27محرم 3( 1421ماي ،)2000والمنشور بالجريدة الرسمية عدد
4880بتاريخ 28صفر ( 1421فاتح يونيو ،)2000ص .1256
عالوة على ذلك يحرر أمر تنفيذي مستقل فيما يخص الحقوق التي لم تدرج في أمر التنفيذ
املسلم ضد الخصوم والتي تبقى مترتبة على املستفيد من املساعدة القضائية لفائدة الخزينة.
ويوزع وزير املالية على ذوي الحقوق املبالغ املتحصلة.
وفي حالة صدور حكم بأداء املصاريف على املستفيد من املساعدة القضائية يباشر طبقا
للقواعد أعاله تحصيل املبالغ الواجبة للخزينة عمال بمقتضيات الفصل 12من نفس القانون.
ويتعين على كتاب الضبط أن يوجهوا في أجل شهر إلى إدارة املالية امللخصات أو النسخ
األصلية لألحكام التي تهمها ،ويكون الطعن باالستئناف والتعرض موقفين الستخالص صوائر
املساعدة القضائية ،وال يترتب نفس املفعول عن طلب النقض.
ويعتبر املقرر نهائيا بالنسبة لهذه الصوائر ويسلم األمر التنفيذي على الفور إذا لم يقدم أي
استئناف أو تعرض خالل أجل ثالثة أشهر يبتدئ من تاريخ صدور املقرر املذكور.
من خالل ما سبق سنتناول هذا املوضوع املتعلق بتصفية صوائر املساعدة القضائية في
نزاعات الشغل من خالل التعرف على طرق تصفية صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل في
(املطلب األول) ،على أن نتطرق إلى طرق التحلل من صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل في
(املطلب الثاني).
يقصد بتصفية صوائر املساعدة القضائية العمليات التي يقوم بها موظفو هيئة كتابة
الضبط من أجل تحصيل الصوائر والرسوم التي حكمت بها املحكمة لصالح املستفيد من املساعدة
القضائية أو على خاسر الدعوى ،كما عرفتها املادة 1من مدونة تحصيل الديون العمومية ،بمجموع
العمليات واإلجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات املحلية وهيآتها واملؤسسات
العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتض ى القوانين واألنظمة الجاري بها العمل ،أو ناتجة
عن أحكام وقرارات القضاء أو عن االتفاقات.
يعتبر جهاز كتابة الضبط أهم فاعل تنموي من داخل صرح العدالة ،حيث على يد كواهله
يتم تنفيذ وتحقيق كل متطلبات العدالة ،وبالتالي تتحقق متطلبات املتقاضين من املواطنين ،بإرجاع
كل حق إلى صاحبه ،فيحصل األمن القانوني والقضائي ،الذي من أجله وجدت العدالة و استقرار
أركان الدولة.1
وتضطلع هيئة كتابة الضبط بدور كبير خارج الجلسات واملحاكمة حيث تقوم بانجاز كل
اإلجراءات التي تقررها املحكمة بمختلف املكاتب من عمليات التبليغ والتنفيذ واستخالص الرسوم
القض ائية والقيام بالعمليات املحاسبية و اإلجراءات التي تدخل في اختصاصاتها بموجب النصوص
التشريعية والتنظيمية.2
ومن هذا املنطلق فإن موظفي هيئة كتابة الضبط يخضعون للنظام األساس ي الخاص بهيئة
كتابة الضبط ،3ويتبعون للسلطة الحكومية املكلفة بالعدل التي تقوم بتدبير شؤونهم ويمارسون
املهام التي تدخل في مجال اختصاصهم تحث سلطة رئيس اإلدارة ،فيما يتعلق باملهام املالية والتي من
ضمنها تصفية صوائر املساعدة القضائية في ميدان نزاعات الشغل.
- 1عبد اللطيف األشهب ،القوانين المنظمة لجهاز كتابة الضبط ،مجلة المتوسط للدراسات القانونية و القضائية ،العدد الثاني
،2016ص .147
- 2أحمد القباب ،مرجع سابق ،ص .150
- 3مرسوم رقم 2.11.473صادر في 15من شوال 14( 1432سبتمبر )2011بشأن النظام األساسي الخاص بهيئة كتابة
الضبط المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5981بتاريخ 27شوال 26( 1432شتنبر ،)2011ص .4760
القضائية والعقود التي يحررها املوثقون الظهير الشريف رقم 1.84.54الصادر في 25رجب 1404
( 27أبريل )1984بمثابة قانون املالية لسنة " ،11984تمارس إدارة الضرائب في آن واحد مع مفتشية
كتابات الضبط ورؤساء مختلف املحاكم والقضاة املقررين واملحاكم نفسها مراقبة استيفاء الرسم
القضائي وغيره من الرسوم املستحقة.
ويمكن ملن ذكر االطالع لهذه الغاية على جميع السجالت وامللفات والوثائق املرتبة في
محفوظات كتابة الضبط".
وبناء على التوصيات املضمنة في تقرير املجلس األعلى للحسابات لسنة 22012املوجهة
لوزارة العدل في الشق املتعلق بتدبير تحصيل الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر واملصاريف
القضائية أوص ى التقرير املذكور بما يلي:
"تخصيص وحدة ملهمة التحصيل ومنحها االستقاللية عن األجهزة األخرى التابعة لكتابة
الضبط من أجل السهر على القيام بمهام التحصيل بموظفين قارين معينين لهذه الغاية".
و تفعيال لهذه التوصية قامت وزارة العدل بإصدار دورية وزير العدل رقم 63س 1بتاريخ
24شتنبر ،2014حول التدابير اآلنية الواجب إتخادها للرفع من مردودية وحدة التبليغ و التحصيل
بمختلف محاكم اململكة دورها تحصيل هذه الغرامات والصوائر و مصاريف املساعدة القضائية
وتزويدها بمختلف األطر املؤهلة قانونيا وإداريا لإلشراف وتسيير هذه الشعب ،وتم تجهيزها بمختلف
الوسائل الضرورية ،وفي نفس االتجاه صدرت دورية أخرى لوزير العدل عدد 64س 1بتاريخ 24
شتنبر 2014من أجل إحداث مكاتب تحديد و تصفية الصوائر واملصاريف القضائية و الرسوم،
يضم هذا املكتب شعبة خاصة بتصفية صوائر املساعدة القضائية مهمتها حساب مبالغ صوائر
املساعدة القضائية الواجب استخالصها وانجاز األوامر التنفيذية وبيانات التحمل ،وانجاز
البيانات اإلحصائية الشهرية والدورية.
فدور كاتب الضبط في عملية تصفية صوائر املساعدة القضائية قبل إعداد األمر التنفيذي
يتمثل في تحديد املبلغ الواجب استخالصه ،حيث بالرجوع إلى الفصل 66من قانون املصاريف
- 1قانون المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية واإلدارية وعلى اإلجراءات القضائية وغير القضائية والعقود التي
يحررها الموثقون الظهير الشريف رقم 1.84.54الصادر في 25رجب 27( 1404أبريل )1984بمثابة قانون المالية لسنة
1984المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3730مكرر بتاريخ 25رجب 27( 1404أبريل ،)1984ص .520
- 2تقرير المجلس األعلى للحسابات لسنة 2012في شق التوصيات الموجه لوزارة العدل في تدبير تحصيل الغرامات و اإلدانات
النقدية و الصوائر و المصاريف القضائية،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6228مكرر بتاريخ 6فبراير .2014
املدنية والتجارية و اإلدارية ،يدفع كاتب الضبط رسم املرافعة في نهاية كل شهر إلى أمناء مختلف
نقابات املحامين على النحو التالي ،...:ج) – يتولى كاتب الضبط املكلف بتحصيل املصاريف في قضايا
املساعدة القضائية دفع مبلغ رسوم املرافعة إلى أمناء نقابات املحامين وفق الشروط املبينة في هذا
القانون.
حيث إن تحديد املبلغ الواجب تصفيته أوكله املشرع لكاتب الضبط املكلف بالتحصيل،
حيث خرج من اختصاص إدارة التسجيل و التمبر وأصبح من اختصاص كاتب الضبط ،وبقي دور
إدارة التسجيل والتمبر يتمثل في املراقبة الالحقة لهذه الرسوم.
كما هو معلوم ،فقد أوكل املشرع مسؤولية تحصيل الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر
واملصاريف القضائية للمحاسبين التابعين لوزارة االقتصاد واملالية وكذا ملأموري كتابات الضبط
بمحاكم اململكة ،وذلك عماال بمقتضيات املادة 131من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تنص
على ما يلي " تستخلص الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر واملصاريف القضائية من طرف
املحاسبين املكلفين بالتحصيل التابعين إدارة املالية ،ومن طرف مأموري كتابات الضبط بمحاكم
اململكة في آن واحد" .وقد أكدت املادة 138من نفس املدونة على أن إجراءات التحصيل الجبري تتم
بمسعى من إدارة املالية أو مصالح كتابات الضبط بمحاكم اململكة.
كما نصت املادة 633من قانون املسطرة الجنائية على أنه " تتولى املصالح املكلفة باملالية
ومصالح كتابات الضبط بمحاكم االستئناف واملحاكم ،استيفاء املصاريف القضائية والغرامات ما
لم ينص على خالف ذلك في قوانين خاصة .ويؤهل مأمورو كتابات الضبط في محاكم االستئناف
واملحاكم باململكة للقيام في آن واحد مع القباض باملتابعات املنصوص عليها في القانون رقم 15.97
بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 175.00.1بتاريخ 28
من محرم ،1421املوافق ل ( 3ماي ،)2000ومن خالل هذه املقتضيات القانونية ،يتبين أن تحصيل
الغرامات واإلدانات النقدية والصوائر واملصاريف القضائية هي مسؤولية مشتركة بين مأموري
كتابات الضبط باملحاكم ومحاسبي الخزينة العامة للمملكة ،غير أن مدونة تحصيل الديون
العمومية وقانون املسطرة الجنائية لم يحددا مسؤوليات كل جانب ،األمر الذي ينعكس سلبا على
فعالية التحصيل. 1
- 1مذكرة إستعجالية صادرة عن المجلس األعلى للحسابات حول تحصيل الغرامات و اإلدانات النقدية الصوائر والمصاريف
القضائية موجهة لوزير العدل في سنة ،2017منشورة بالموقع اإللكتروني للمجلس ،تاريخ االطالع 20أبريل = .2020
عندما تقوم املحكمة بتعيين محام لفائدة األجير في إطار املساعدة القضائية ،فإنه يعفى
مقدما من أداء أتعاب املحامي املعين في إطار املساعدة القضائية قصد النيابة عنه والدفاع عن
مصالحه وحقوقه إلى حين البث في الدعوى ،حيث جاء في املادة 41من قانون املحاماة ،1للمحامي
املعين في نطاق املساعدة القضائية ،له أن يتقاض ى من موكله أتعابا عن املسطرة التي باشرها
ونتجت عنها استفادة مالية أو عينية لهذا األخير ،على أن يعرض األمر وجوبا على النقيب لتحديد
مبلغ تلك األتعاب.
يتقاض ى في األحوال األخرى أتعابا من الخزينة العامة يتم تحديد مبلغها وطريقة صرفها
بمقتض ى نص تنظيمي.
وفي هذا الصدد صدر مرسوم رقم 2.15.801الصادر في 19من ربيع األول 31( 1437
ديسمبر )2015بتطبيق الفقرة الثانية من املادة 41من القانون رقم 28.08املتعلق بتعديل القانون
املنظم ملهنة املحاماة ،2حيث جاء في املادة الثانية من هذا املرسوم "يتم صرف االعتمادات املالية
السنوية املرصودة برسم املساعدة القضائية ،عبر تفويضها من طرف الوزير املكلف بالعدل لآلمرين
املساعدين بالصرف ،بعد التشاور مع هيئات املحامين ،لتغطية تكاليف الخدمات املقدمة من طرف
املحامين لتوزيعها على مختلف هيئات املحامين باملغرب".
وحددت املادة قيمة مبالغ هذه األتعاب فيما يلي:
"تحدد املبالغ املستحقة املشار إليها في املادة األولى أعاله لفائدة املحامي املعين في نطاق
املساعدة القضائية ،املنصوص عليها في الفقرة الثانية من املادة 41من القانون املنظم ملهنة
املحاماة املشار إليه كما يلي:
3500 -درهم فيما يخص القضايا املعروضة أمام محكمة النفض؛
3000 -درهم فيما يخص القضايا املعروضة على محاكم االستئناف؛
2500 -درهم فيما يخص القضايا املعروضة على املحاكم االبتدائية.
http://www.courdescomptes.ma/upload/MoDUle_20/File_20_696.pdf
1القانون رقم 28.08المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.08.101صادر في
20من شوال 20( 1429أكتوبر )2008المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5680بتاريخ 7ذو القعدة 6( 1429نوفمبر
،)2008ص .4044
2منشور ب الجريدة الرسمية عدد 6431بتاريخ 7ربيع اآلخر 18( 1437يناير ،)2016ص .352
وتعتبر هذه املبالغ مبالغ معدلة ،حيث ارتفعت إلى هذه القيمة بعد تعديل مقتضيات املادة
الثالثة من املنشور ،والتي تنص على مراجعة هذا التحديد على رأس كل سنتين بموجب قرار مشترك
للوزير املكلف بالعدل والوزير املكلف باملالية بعد استشارة هيئات املحامين".1
-ثالثا :مسطرة تصفية أتعاب املحامين في إطار املساعدة القضائية في نزاعات الشغل :
نصت املادة 4من هذا املرسوم رقم 2.15.801الصادر في 19من ربيع األول 31( 1437
ديسمبر )2015بتطبيق الفقرة الثانية من املادة 41من القانون رقم 28.08املتعلق بتعديل القانون
املنظم ملهنة املحاماة على ،أنه "يؤدي املحاسب العمومي املختص ،بناء على أوامر بالدفع يتم
إعدادها من طرف اآلمر بالصرف املساعد ،املبالغ املستحقة املشار إليها في املادة الثالثة أعاله لفائدة
املحامي املعين في إطار املساعدة القضائية.
يتضمن ملف األداء بيان املبالغ املستحقة ،ومراجع امللف املعين فيه املحامي ،وهوية
الشخص املستفيد من املساعدة القضائية مؤشرا عليه من طرف نقيب هيئة املحامين للهيئة التي
ينتمي إليها املحامي وفق النموذج املرفق بهذا املرسوم ،معززا بالوثائق التالية:
-مقرر منح املساعدة القضائية الصادر عن املكتب املختص أو قرار تعيين املحامي في إطار
املساعدة القضائية من طرف نقيب هيئة املحامين ،أو ما يثبت ذلك؛
-نسخة طبق األصل من الحكم أو القرار الصادر في امللف الذي انتدب فيه املحامي للنيابة
عن املستفيد من املساعدة القضائية".
وفي هذا الصدد صدر منشور وزير العدل عدد 9س 2املؤرخ في 22مارس 2016املتعلق
بتنزيل مضامين املرسوم املذكور أعاله ،2ضمانا لحسن تفعيل مقتضيات املرسوم املشار إليه أعاله
بما يتالءم وغايات املشرع من سن نظام املساعدة القضائية ،ودفعا لكل اختالف في تنزيلها على أرض
الواقع ،ورغبة في تعميم الطريقة املثلى في تطبيق بنوده بغية توحيد العمل على مستوى جميع
- 1تطبيقا ألحكام الفقرة األخيرة من المادة الثالثة من المرسوم 2.15.801السالف الذكر ،تمت مراجعة تحديد المبالغ المستحقة
المعتبرة بمثابة م صاريف مدفوعة من طرف المحامين مقابل الخدمات التي يقدمونها في إطار المساعدة القضائية بمقتضى المادة
األولى من القرار المشترك لوزير العدل ووزير االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة رقم 2787.19بتاريخ 15من ربيع األول
13( 1441نوفمبر ) 2019الجريدة الرسمية عدد 6840بتاريخ 22ربيع اآلخر 19( 1441ديسمبر ،)2019ص
.11494ويدخل هذا القرار المشترك حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2020بمقتضى المادة الثانية من القرار ،2787.19
السالف الذكر.
قرار منشور بالجريدة الرسمية عدد 6840بتاريخ 22ربيع اآلخر 19( 1441دجنبر ،2019ص .11494 :
- 2منشور وزير العدل عدد 9س 2المؤرخ في 22مارس .2016
الدوائر القضائية ،وتقريب اإلجراءات املتعلقة بصرف اعتمادات املساعدة القضائية بين جميع
املتدخلين.
وهكذا ،فقد حدد املنشور املذكور كافة اإلجراءات التي تقوم بها كتابة الضبط في تصفية
أتعاب املحامين في إطار املساعدة القضائية ،وهي :
-أوال :إحداث سجل يمسك من طرف رئيس كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية تحث
التسمية التالية" :سجل املبالغ املستحقة لفائدة املحامين املعينين في إطار املساعدة القضائية "،
يكون السجل املذكور ورقيا ويفتح كذلك سجل إلكتروني في إطار نظام ،SAJ@2وذلك لتفادي تقديم
الطلب أكثر من مرة.
-ثانيا :إحداث سجل يمسك من طرف املدير الفرعي اإلقليمي لدى محكمة االستئناف تحت
التسمية التالية " :سجل املبالغ املستحقة لفائدة املحامين املعينين في إطار املساعدة القضائية "
يكون السجل املذكور ورقيا و يفتح كذلك سجل إلكتروني ،و ذلك لتفادي صرف املبلغ املطلوب أكثر
من مرة.
أما بخصوص طريقة صرف هذه املبالغ ،فتتم وفق اإلجراءات التالية:
-1ملئ البيان وفق النموذج املعد لهذا الغرض ،واملتعلق بمصاريف املحامي في إطار
املساعدة القضائية ،وتوقيعه من طرف املحامي املعني ،وتأشيره من طرف نقيب هيئة املحامين،
وإرفاقه بمقرر منح املساعدة القضائية ،أو قرار تعيين املحامي ،أو ما يثبت ذلك من محضر الجلسة
أو شهادة ضبطية من كتابة الضبط ،أو نسخة طبق األصل من الحكم أو القرار القضائي ،وتقديمه
للمسؤول القضائي املذكور.
-2إصدار األمر التنفيذي وفق النموذج املعد لهذا الغرض ،واملتعلق بتأدية مصاريف
املحامي املعين في إطار املساعدة القضائية ،موقعا من طرف املسؤول القضائي.
-3إيداع امللف لدى رئيس كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية التي يقع مكتب املحامي
املعين بدائرة نفوذها ،يتضمن الوثائق املشار غليها أعاله ،باإلضافة إلى نسخة من بطاقة التعريف
الوطنية ورقم الحساب البنكي للمحامي املعين في إطار املساعدة القضائية عند أول إيداع.
-4يوجه رئيس كتابة الضبط امللفات التي توصل بها إلى املدير الفرعي اإلقليمي لدى
محكمة االستئناف بالدائرة القضائية التابع له ،ويحتفظ بنسخة منها.
-5يتولى املدير الفرعي بعد التأكد من الوثائق إعداد أمر بالدفع يتعلق بكل ملف على
حدة ،ويوجهه ملصالح الخزينة العامة للمملكة قصد صرف النفقة ،مع إخبار رئيس كتابة الضبط
باملحكمة االبتدائية املختصة بمراجع التحويل لفائدة املحامي املعني باألمر.
- 1أحمد القباب ،مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته ،مرجع سابق ص .149
- 2تم إدراج هذا البند بمقتضى البند Iمن المادة 8من قانون المالية لسنة .2008
لألصل من األحكام و القرارات واألوامر وأحكام املحكمين املثبتة إلحدى التفويتات أو االتفاقات
املشار في املادة 127من هذا القانون.
كما يجب عليهم أن يوجهوا ملفتش الضرائب املذكور أعاله ،داخل أجل الثالثين ) (30يوما
املنصوص عليه في املادة 128أصول املحررات القضائية وغير القضائية التي تخضع بحكم طبيعتها
أو حسب مضمونها لواجبات التسجيل النسبية بمقتض ى املادة 133من مدونة الضرائب.
حيث إن عملية إحالة كتابة الضبط على إدارة التسجيل والتمبر يطرح عدة مشاكل على
املستوى املمارسة العملية ،حيث إن امللفات املحالة تبقى فترة طويلة دون إنجاز ،وقد يضيع إحداها
في بعض األحيان ،مما يفتح على رئيس كتابة الضبط باب املسائلة اإلدارية ،لذا يقترح أحد الباحثين1
إعادة إحداث مكتب إلدارة التسجيل باملحكمة لضبط هذه العملية ،كما أنه ليس هناك ما يمنع من
الناحية القانونية من استخالص تلك الرسوم من طرف كتابة الضبط قبل اإلحالة على إدارة
التسجيل ،ولكن اإلحالة بعد ذلك تكون ضرورية ألن تلك التأشيرة التي تضعها إدارة التسجيل
والتمبر على ظهر امللف تعتبر بمثابة أمر باالستخالص.
كما أن النموذج املوحد واملعد من طرف وزارة العدل ،يبقى ناقصا وبعيدا عن مقتضيات
مدونة تحصيل الديون العمومية ،كما أن الخانات التي أعدتها الوزارة املعنية بهذا النموذج تبقى
ناقصة ،كما أن بيان تفصيل حساب املبالغ املأمور باستخالصها تبقى بعيدة عن الواقع ،لكونه ال
يتضمن خانة خاصة بالذعائر التي تقررها مدونة تحصيل الديون العمومية ،بحيث ال يمكن لكاتب
الضبط أن يضيف أي مبلغ كذعيرة عن التأخير وكل إضافة تعتبر مخالفة للقانون.1
- 1وزارة العدل ،دليل مساطر وحدات التبليغ و التحصيل ،ماي ،2018ص .55
- 2المادة 41من مدونة تحصيل الديون العمومية.
- 3المادة 36من مدونة تحصيل الديون العمومية.
وإذا أصر املدين أثناء الحجز على رفض أداء ما بذمته ،يقوم مأمور التبليغ والتنفيذ
للخزينة بإحصاء األشياء املوجودة في املحالت وداخل األثاث الذي يمكن له أن يطلب فتحه ،حيث
يقوم مأمور إجراءات التنفيذ بتحرير محضر الحجز يصف فيه األمتعة و املنقوالت ويقوم بعدها
وإحصائها بشكل دقيق ،ويقوم بتحديد تاريخ ومكان البيع وتعيين الحارس عن األشياء املحجوزة.1
وبعد مرور عملية اإلحصاء يشرع في عملية اإلشهار التي ال يمكن القيام بها إال بموجب
الترخيص املنصوص عليه في املادة 37من مدونة تحصيل الديون العمومية .2يباشر مأمور إجراءات
التنفيذ بعد ذلك القيام بعملية البيع وفق املسطرة القانونية ويحرر محضر البيع يحدد فيه تاريخ
ومكان البيع وعدد املنقوالت وثمن بيع كل واحدة واملبلغ اإلجمالي املتحصل من البيع ،حيث يقوم
بإيداعه بصندوق املحكمة ويخصم منها مبالغ صوائر املساعدة القضائية.
وعند تعذر وجود ما يحجز يقوم مأمور إجراءات التنفيذ بتحرير محضر عدم وجود ما
يحجز ،حيث يتم اللجوء إلى مسطرة اإلكراه البدني في مواجهة املستفيد من املساعدة القضائية
الذي امتنع عن أداء ما ذمته من صوائر ورسوم تجاه الخزينة العامة ،حيث يجبر الشخص املمتنع
عن األداء بتطبيق اإلكراه البدني بواسطة طلب يقدمه رئيس كتابة الضبط إلى رئيس املحكمة ،هذا
األخير يصدر أمرا داخل ثالثين يوما من تاريخ توصله بالطلب ،وبعد اإلطالع على الطلب وتوفر
البيانات يصدر أمر برفع طلب تنفيذه إلى النيابة العامة قصد تطبيق مسطرة اإلكراه البدني.3
الوضع املالي للمبالغ املتحمل بها ،1والتي تبقى مسؤولة عنها إداريا وماليا أمام مديرية امليزانية واملراقبة
بوزارة العدل.
وعليه سنتطرق إلى طرق التحلل من صوائر املساعدة القضائية من خالل التعرف على
مسطرة اإللغاء واإلسقاط (الفقرة األولى) ،ثم نختم بعرض التقادم كموجب مسقط للمطالبة
بصوائر املساعدة القضائية ( الفقرة الثانية).
- 1أحمد القباب ،مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية و مسؤوليته ،مرجع سابق ،ص .152
-في حالة العفو :نسخة مشهود بمطابقتها لألصل من قرار العفو امللكي مدعمة بشهادة
لإللغاء تتضمن مراجع امللف باملحكمة ورقم بيان التحمل ورقم مختصر الحكم والسنة املالية.
-في حالة حكم غيرنهائي :شهادة باإللغاء تتضمن املراجع املتعلقة بممارسة طرق الطعن.
-في حالة الخطأ املادي :شهادة باإللغاء مرفقة بمذكرة تبريرية من رئيس كتابة الضبط،
تسلم شهادات باإللغاء واملستندات التبريرية املشار إليها أعاله نهاية كل ثالثة أشهر إلى الخازن العام
للمملكة قصد مراجعة بيان التحمالت واألوامر التنفيذية لتصحيح وضعه القانوني.1
-ثانيا :اإلسقاط:
يعتبر كذلك اإلسقاط وجه من أوجه التحلل من صوائر املساعدة القضائية ،حيث تتحلل
كتابة الضبط من هذه التحمالت عن طريق اقتراح باإلسقاط يعده رئيس كتابة الضبط ويوجهه إلى
الخزينة العامة للمملكة في الحاالت التي تكون النيابة العامة قد طبقت مسطرة اإلكراه البدني في
حق املدين بالصوائر ،أو أن املدين بالصوائر حالته املادية ميؤوس منها وليست له القدرة املادية على
األداء حيث يثبت عجزه بشهادة العوز مسلمة من طرف السلطات املختصة ،2كما يتم تفعيل
مسطرة اإلسقاط في الحالة التي تطبق مسطرة التبليغ بالقيم ،وأنجزت عدة محاضر تحري دون
جدوى ،حيث يقترح رئيس كتابة الضبط إسقاط الصوائر مرفقة بالوثائق املبررة لكل حالة ويحيلها
على الخزينة العامة للمملكة للتحلل منها وتصحيح الوضعية املالية.3
ويقصد بالتقادم في استخالص صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل انصرام األجل
املحدد الستخالص الرسم القضائي من التاريخ الذي أصبح فيه واجب األداء ،وعلى هذا األساس
فإن دعوى استخالص صوائر املساعدة القضائية في نزاعات الشغل ،قد يطالها التقادم املسقط
إذا لم يتم املطالبة بها داخل األجل القانوني.1
وقد تطرق املشرع لتقادم الرسوم القضائية من خالل الفصل 9من قانون املصاريف
القضائية في امليدان املدني والتجاري واإلداري ،وذلك في حالة عدم تحصيل الخزينة العامة ملبلغ
الرسم القضائي املستحق إما الرتكاب غلط في تطبيق التعريفة وإما لسبب آخر ،حيث يجب على
موظفي كتابات الضبط بمحاكم االستئناف ومحاكم اململكة ،متابعة استيفاء املبلغ املستحق طبقا
للقانون رقم 15.97بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية.
يترتب على كل تأخير في أداء تكملة الرسم القضائي غرامة قدرها %10من هذا الرسم
وزيادة قدرها %5عن الشهر األول من التأخير و %0.50عن كل شهر أو جزء شهر إضافي ينصرم بين
تاريخ االستحقاق وتاريخ األداء.
وإذا ظهر عدم كفاية املبلغ املستوفى أثناء الدعوى أو قبل القيام بالعملية أو تحرير العقد
املطلوب ،فإن املحكمة املرفوعة إليها القضية أو الرئيس ،حسب الحالة ،يقرر تأجيل الحكم أو
تحرير العقد أو العملية مدة معينة .وإذا انقضت هذه املدة ولم يؤدي املعني باألمر بعد إنذاره من
لدن كتابة الضبط مبلغ التكملة املستحقة ،وجب األمر بشطب الدعوى أو إهمال الطلب نهائيا.
تتقادم إجراءات اإلدارة لتصحيح األخطاء أو اإلغفاالت في تصفية الرسم القضائي واملطالبة
بالرسم املؤجل دفعه عمال بالفصل 10من نفس القانون ،بانصرام أجل ثالث سنوات يبتدئ من
تاريخ القرار القضائي أو إنجاز العقد أو اإلجراء املطلوب.
وكل طلب يتعلق باسترجاع املبالغ املؤداة بغير حق فيما يتعلق بالرسم القضائي يجب أن
يودعه املعني باألمر لدى كاتب الضبط باملحكمة املختص قبل أجل ثالث سنوات يبتدئ من تاريخ
قبضها.
أما بخصوص أجل تقادم الرسوم القضائية املترتبة عن املساعدة القضائية فقد نص عليه
املشرع من خالل الفصل 17من املرسوم امللكي بمثابة قانون املساعدة القضائية فهو عشر سنوات،
- 1عبد العزيز إدزني ،نظام المساعدة القضائية في المادة المدنية ،دراسة نظرية وعلمية ،الطبعة األولى ،2019دار األفاق
المغربية للنشر و التوزيع ،الدار البيضاء.ص .317
تبتدئ من تاريخ إصدار األمر التنفيذي ،حيث جاء فيه ،إن األوامر التنفيذية املسلمة إلى وزير املالية
إما ضد املستفيد من املساعدة القضائية وإما ضد الخصم لن يكون لها مفعول بعد انصرام أجل
عشر سنين ابتداء من تاريخ تسليمها ويسقط نهائيا كل حق لإلدارة في ذلك.
أما بخصوص أجل التقادم الذي جاء به مشروع قانون املساعدة القضائية والقانونية،
فاملالحظ أنه رفعه إلى 15سنة من تاريخ وضعها موضع التنفيذ ،وهو ما انتبه له املشرع من خالل
تقادم العديد من امللفات املتحمل بها من طرف كتابة الضبط بسبب قلة املوارد البشرية العاملة
وكذا كثرة امللفات املتحمل بها.1
الئحة املراجع
أحمد القباب ،مهام جهاز كتابة الضبط في املادة املدنية ومسؤوليته ،مطبعة الرشاد
سطات ،الطبعة األولى .2015
عبد اللطيف األشهب ،القوانين املنظمة لجهاز كتابة الضبط ،مجلة املتوسط
للدراسات القانونية و القضائية ،العدد الثاني .2016
تقرير املجلس األعلى للحسابات لسنة 2012في شق التوصيات املوجه لوزارة العدل
في تدبير تحصيل الغرامات و اإلدانات النقدية و الصوائر و املصاريف القضائية،املنشور بالجريدة
الرسمية عدد 6228مكرر بتاريخ 6فبراير .2014
مذكرة إستعجالية صادرة عن املجلس األعلى للحسابات حول تحصيل الغرامات
واإلدانات النقدية الصوائر واملصاريف القضائية موجهة لوزير العدل في سنة ،2017منشورة
باملوقع اإللكتروني للمجلس ،تاريخ االطالع 20أبريل .2020
منشور وزير العدل عدد 9س 2املؤرخ في 22مارس .2016
- 1المادة 52من مشروع قانون المساعدة القضائية والقانونية :تتقادم األوامر التنفيذية الصادرة عن كتابة الضبط ضد المستفيد
من المساعدة القضائية أو ضد خصمه بعد انصرام أجل 15سنة ابتداء من تاريخ وضعها موضع التنفيذ.
مبارك األزعر ،نظام املساعدة القضائية ،في القانون املغربي بين النص القانوني و
متطلبات اإلصالح ،دراسة تحليلية نقدية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في املنازعات و املهن القانونية
،2017كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية أكادير.
وزارة العدل ،دليل مساطر وحدات التبليغ و التحصيل ،ماي .2018
عبد العزيز إدزني ،نظام املساعدة القضائية في املادة املدنية ،دراسة نظرية وعلمية،
الطبعة األولى ،2019دار األفاق املغربية للنشر و التوزيع ،الدار البيضاء.
ّ
القانونية باملغرب العلوم
ّ ّ
بيداغوجية حول كليات الحقوق طروحات
ذ ّ
محمد بوشاوير
تقديم:
نتج عن تباين املفاهيم واملناهج املعتمدة في بحث الظاهرة القانونية في املغرب( 1إزاء
التجديد املالحظ في التفكير القانوني ومدارس القانون عموما) نماذج عدة من الخطابات :الوضعي،
- 1عبد هللا ساعف "تصورات عن السياسي في المغرب :المجتمع /السلطة (دراسات اجتماعية)" ترجمة محمد معتصم ،مطبعة فضالة،
،1990ص .103
من أبرز تلك التيارات التي تناولت الظاهرة القانونية بالمغرب نجد:
الخطاب الوضعي :وهو من أكثر التيارات انتشارا ،نظرا لتشبته بالوثوقية القانونية(،االكتفاء بدراسة القانون في ذاته كما هو كائن)
وبالتالي تملي الصرامة العلمية اإلقرار بوجود أبعاد فوق قانونية في الظاهرة القانونية المدروسة.
ورغم أنه قد ينتبه بعض الوضعيين إلى كون القانون عنصر من العلوم االجتماعية ،إال أنه يكتفي بإحالتها على عالم االجتماع والتخصصات
المعرفية األخرى ،أو أنهم يقومون ببعض الغارات النقدية ،ذات طابع فوق قانونية محدودة ،وصلت بفعل التكرار لدرجة كونها نماذج تحليل
سائدة ،كالتأكيد (ومن غير تحليل علمي) على الطالق القائم بين القانون والواقع ،إذ تبقى النصوص حبرا على ورق ،ومن جهة ثانية تتم اإلشارة
إلى أصالة مجتمعنا وتعقد مشاكله الناجمة عن تعدد مصادر القانون :عرفية ،دينية ،وضعية...،الخ.
كما أن تيار السوسيولوجيا القانونية يشكل مجاال للنقاش النظري المتعلق بالقانون المغربي ،حيث يتم التركيز على أهمية البعد
السوسيولوجي في تحليل القانون ،ووجد هذا التيار تعبيره الواضح في نصوص "نجيب بودربالة" و"بول باسكون" المتعلقة بالقانون والمجتمع،
وتهتم السوسيولوجيا القانونية بمسألة مصادر القانون :هل نأخذ بتعدديتها أم النزوع نحو التوحيد؟ وكذلك بمسألة االختالل بين الواقعة والقانون،
ومدى مالئمة القانون للواقعة (قوة الواقعة ونسبية القانون).
ويمكن الحديث داخل تيار السوسيولوجيا القانونية عن اتجاه يرى ضرورة انفتاح رجل القانون على علم االجتماع كما هو حال "دوبريز
،"Deprezالذي ت ساءل عن وضعية العلوم القانونية بالمغرب ،فهو يسهب في تحليل تدهور مفهوم الشرعية ،وأكد على أن المسألة التي لها
أهمية كبرى في معرفة الظاهرة القانونية بالمغرب هي مسألة تمثالت القانون ،كما أكد في تحليالته على أطروحة هامشية القانون ،واتجاه آخر
يرى ضرورة تفكيك المكون القانوني لفهم طبيعة المجتمع كما ذهب لذلك بودربالة وباسكون.
بينما ينتقد الخطاب الماركسي الطرق الشكالنية للمنهج الكالسيكي الوضعي ،ويدعو إلى تحديد موقع الظاهرة القانونية من السياقات
االجتماعية واالقتصادية والتاريخية واأليديولوجية ،ومن جهة أخرى االعتراض على المفهوم التقليدي للمؤسسات والقواعد ،وتحتوي الماركسية
على تيارات من اإلبستيمولوجيا القانونية أهم رموزها نجد "مياي "miailleالمنتمي لمدرسة "باسوكانيس ،"pasukanisالتي تعتبر أن
القانون بورجوازي وال يمكن فصله عن نمط اإلنتاج الرأسمالي.
كما أنه يعتبر محاول ة أولى للتفكير في شروط بناء القانون كعلم (المشروع البيداغوجي يولد المشروع العلمي) ،وبالتالي حينما توضع العلوم
القانونية خارج العالقات االجتماعية وفوقها ،فإن ذلك يكون بغرض دفعه لتبرير الوضع الذي تسنده إليه األيديولوجية المهيمنة ،قصد ضمان
االستمرارية وتحقيق السلم االجتماعي ،وبالتالي فهو بالدور الذي يلعبه هذا ،يخفي التوافقات االجتماعية ،والمكانة الوظيفية الحقيقية له( :ضمان
اشتغال مجتمع معين وإعادة إنتاجه) ،وهكذا يقدم القانون على أنه علم القانون.
الديني ،السوسيولوجيا القانونية ،واملاركس ي..الخ .وظهرت تأمالت هامة حول موضوع نظرية القانون
باملغرب 1،ومما الشك فيه أن مشاريع تجديد املنهج القانوني ومعرفة الظاهرة القانونية ،تستدعي
القيام بقراءة دقيقة 2ملكامن األزمة ومساءلة صارمة للمنهج الوضعي وتأثيراته على الدراسات
القانونية.
ُ
إن سؤال :كيف ند ّرس؟ وبأية وسائل؟ :تختلف اإلجابة عنه باختالف طبيعة النظام
جزء من تنوع كبير مرتبط بــ :التواصل ومخاطبة ً التعليمي ،فتنوع عملية التدريس تعد
القسم/الفصل ،ومواكبة التعثرات من داخل القسم ،مرتبط كذلك بطبيعة التفكير3....
التدريس في الواقع مهنة معقدة تستوجب تفاعل مع فاعلين تربويين متعددين ،تفاعل مع
نظام تربوي تعليمي ،تفاعل مع الواقع املنهي ،تفاعل مع املجتمع ،ومع السيرورة العاملية ،ألن التدريس
عملية ليست بمحايدة ،بل تحمل قيما وأهدافا1.
- 1عبد هللا ساعف "تصورات عن السياسي "...م س ،ص ،101،102ومن تلك الدراسات نذكر:
- Najib Bouderbala Et Paul Pascon « Le Droit Et Le Fait Dans La Société Composite » (Essai
D’introduction Au Système Juridique Marocain) Bulletin Economique Et Social Du Maroc, N 117.
- Ben Salem Himmich « La Loi Et Les Coutumes Locales (Cas Du Maroc) » B.E.S.M. Numéro 136, 137.
-Deprez « Réflexions Sur La Connaissance Du Phénomènes Juridique : Projet De Recherches Adapte
Aux Réalités Marocaines » Revue Juridique , Politique Et Economique Du Maroc, N1, Décembre 1978.
-Hasbi A. « signification et critique de la situation juridique des mouvements de liberation en droit
international » these d’etat, nancy, 1978.
-J. Berque « Essai Sur La Methode Juridique Maghrebine » Rabat, 1944 .
-J. Berque « Deux Cas De Comromis Entre Droit Universalistes Et Coutumes Locales » In : Le Recueil
De Textes Intitule « Normes Et Valeurs Dans L’islam Contemporain » Payotheques, Paris, 1966.
- 2عبد هللا ساعف "تصورات عن السياسي في المغرب :المجتمع/السلطة (دراسات اجتماعية)" ترجمة محمد معتصم ،مطبعة فضالة،
،1990ص.102
3 - Monique Chestakova, Pierre Pilard « Qu’est qu’enseigner aujourd’hui ? » association française des
acteurs de l’éducation « administration et éducation » 2020/4 N 168, p 10.
ّ
الجامعية ّ
املؤسسات بالتنمية تتوقف على قيامالقانوني ّ
ّ ّ
العلمي ثم إن عالقة البحث
كليات الحقوق باملغرب تواجهها عدة إكراهات ومراكز البحث بدورها في ّ
التكوين والتأطير ،وباعتبار ّ
ّ
ووظيفي. التكوين القانوني تكشف عن وجود خلل بنيو ّيفإن مكانتها في ّ
و للحديث عن إكراهات تدريس القانون بكليات الحقوق البد من اإلشارة إلى ثالث أسئلة
أساسية 2تطرح ثالثة مستويات للتحليل ،وهي سؤال الكم؟ وسؤال املعارف القانونية؟ ثم سؤال
املناهج والبيداغوجية؟
اإلشكاالت: .1
ما مدى فعالية البحث العلمي القانوني ،ومساهمته في تطوير علم القانون في ظل
االكراهات البنيوية والوظيفية التي تعرفها كليات الحقوق باملغرب؟
.2تساؤالت:
نطرح بهذا الخصوص مجموعة من التساؤالت املوجهة إلشكالية بحثنا:
هل دارس القانون ينتج معرفة علمية؟
ملاذا يتم اجترار البحث في مواضيع متجاوزة وبمقاربات تكرارية؟
هل تؤثر البنية الحاضنة للدراسات القانونية على فعالية البحث
العلمي؟
ما هي أبرز التحوالت التي طالت املنظومة القانونية واملجتمع على حد
سواء ،والتي تقتض ي من البحوث العلمية مواكبتها؟
ما هي أبرز االكراهات املوضوعة أمام األساتذة املؤطرين؟
ما حظ املقاربات العابرة للتخصص في البحوث العلمية القانونية؟
رهانات البحث: .3
1- Monique Chestakova, Pierre Pilard « Qu’est qu’enseigner aujourd’hui ? » association francaise des
acteurs de l’education « administration et education » 2020/4 N 168, p 9.
2 - Didier Truchet « La place de l’université dans la formation des juristes » Association des cahiers
portalis « les cahiers portalis »,(Dossier – l’enseignement du Droit),2014/1 N1, p 36-41.
تعزيز مشاريع تجديد املنهج في البحث العلمي القانوني ،وخلق قراءات
ملكامن الخلل من أجل املساهمة في تطوير البحث العلمي القانوني.
تحقيق تكامل بين الجامعة واملجتمع باالنفتاح على مناقشة القضايا
املجتمعية.
تجاوز نمط املعرفة القانونية النصية (معلومات) وتكوين ملكة
التساؤل والنقد..
التفكير العلمي والنقدي في القانون واالبتعاد عن الخطاب الدوغمائي..
-أوال :اإلكراه ّ
الكمي:
تطرح بهذا الخصوص مسألة تزايد أعداد الطلبة ،مما يجعل تدريس القانون بشكل كبير
تحتكره كليات الحقوق ،بالرغم من وجود جهات أخرى منافسة ،وهذا اإلشكال يطرح صعوبة
االنتقاء األولي 1،ويستنتج من هذا أن التكوين القانوني بكليات القانون موجه أساسا لتكوين شاغلي
املهن القانونية 2.حيث أنه بمقارنة دروس القانون التي تقدمها مدارس التجارة والهندسة والتسيير
واملعاهد األخرى ،يالحظ أنها تكون فقط لغرض منح الطالب املعارف األساسية ملهنتهم وليس لجعلهم
1- Didier Truchet « La Place De l’université Dans La Formation Des Juristes » Association Des Cahiers
Portalis « Les Cahiers Portalis »,(Dossier – l’enseignement Du Droit),2014/1 N1, P 35 .
2- Voir :
- « Les Facultés De Droit , Demain » Revue Du Droit Public Et De La Science Politique En France Et A
l’étranger, N Hors-série, 2013.
- « l’avenir De l’enseignement Du Droit » Revue De Droit d’Assas, N8, Octobre 2013.
قانونيين كما هو شأن التدريس بكليات القانون التي تلقن الطالب كل فروع القانون بغرض اإلملام
بها1.
ّ
األولي وصعوبة كليات الحقوق بفعل غياب االنتقاء إن مسألة اإلكتضاض الذي تعرفه ّ
التدريس ،وتأطير البحوث ،..في ظل روتين بيداغوجي يومي لألستاذ يتميز تحقيقهّ ،أثر على ّ
عملية ّ
ّ
بالضغط بين تلقين هذا الكم الهائل من الطلبة وتوجيههم وامتحانهم في نهاية كل دورة ،وبين إنتاجه
وتطوير ملفه العلمي ،..مع وجود منافسة من قبل معاهد ومؤسسات أخرى تلقن مواد القانون،
وبموارد أكبر مما لدى كليات الحقوق.
وقد تناولت بعض الدراسات مسألة ظهور منافسين آخرين لكليات الحقوق ،حيث تم
االعتراف لبعض الشواهد التي يصدرونها بكونها ممنوحة في "تخصص القانون" ،وطرحت مسألة
البحث في هذا النوع من التكوين القانوني الذي يقدم خارج املؤسسات التقليدية (كليات الحقوق)
إشكالية الفروق البيداغوجية وأن من شأن هذه التعددية على مستوى أماكن التكوين القانوني أن
تطرح مسألة املكانة والدور املعطى للقانون على مستوى كل مؤسسة ،وخلصت إلى أن إحداث
البعض منها كان بهدف تدارك ما وصف بنواقص كليات القانون 2.من خالل اعتبار أن الجامعة ال
تحقق الغرض املنهي من تدريس القانون ،فالبعد االحترافي ال يتحقق إال إذا وجد تكوين خاص بكل
مادة /مهنة ،وهو ما ال يشهد له واقع الجامعة حيث أن املهن القانونية ال تعول على التكوين الجامعي
في إنتاج موظفين قابلين لتسلم املهام » .3« clé en main
1- Didier Truchet « La Place De l’université Dans La Formation Des Juristes » Association Des Cahiers
Portalis « Les Cahiers Portalis »,(Dossier – l’enseignement Du Droit),2014/1 N1, P 39, Article Disponible
En Ligne A l'adresse: Https://Www.Cairn.Info/Revue-Les-Cahiers-Portalis-2014-1-Page-35.Htm
- 2يراجع:
- Myriam Aït-Aoudia, Rachel Vanneuville « Le Droit Saisi Par Son Enseignement :Présentation du
«dossier », (Dossier :Les enjeux contemporains de la formation juridique), Éditions juridiques associées,
Droit et société» 2013/1, N83,p,14.
3 - Sandra Travers De Faultrier « La Parole Enseignante » Dalloz, « Les Cahiers De La Justice » 2018/2 N°
2, P 285.
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى هناك نوع آخر من الضغوط التي يخضع لها أستاذ القانون،
مرتبطة باإلشراف والتوجيه خصوصا على مستوى إنجاز بحوث الدراسات العليا ،حيث يجد نفسه
في مواجهة الفجوة املنهجية التي لدى الطالب الباحث في مجالي التخصص والبيداغوجيا1.
ُ
جرَي ْت مقابلة مع Alain Supoitاملدرس ب ) ،(collège de Franceأكد انه
وفي هذا الصدد ِ
أ
توقف عن التدريس ملدة طويلة ألن نوعية الدروس التي يقدمها لم تعد تفي بأهداف االمتحانات
(النجاح في االمتحان هو الغاية األساسية) ،كما هي غاية mikhail xifarasاملدرس ب (l’école de
ُ
) ،droit de sciences poحيث أكد في مقابلة أ ْج ِرَي ْت معه ،أن تجربته األولى استهدفت تدريس
القانون لفئة محرومة اجتماعيا ،وان األفق عنده كأستاذ هو نجاح الطالب في االمتحانات ويركز
بالتالي على تدريس ما يعتقد انه يجب أن يكون موضوع اختبار.2
1- Violaine Lemay « trois principes de rénovation tranquille pour l’enseignement du droit : l’avantage
d’un retour du souci méthodologique et épistémologique » université Saint-Louis, Bruxelles « revue
interdisciplinaire d’études juridiques (RIEJ) » 2014 / 1, VOL 72 , P 28.
أنظر كذلك حول تكوين القانوني المتدرب (مقاربة قانونية تأملية ،نقدية ،وهادئة تجاه الوضعية القانونية) وحول درس "أسس القانون" بجامعة
:Montréal
- Lemay et B. prud’homme « forme l’apprenti a une approche du droit réflexive : critique et
sereinement positiviste (l’heureuse expérience d’une revisite du cours des : fondements du droit) a
l’université de Montréal » les cahiers de droit, vol 52, sept – Dèce 2011, N 3-4.
- Voy J. webbber « legal research : the law schools and the profession special issue: teaching and
scholarship” Sydney law, review, 2004, N 26.
2 - Sandra Travers De Faultrier « La Parole Enseignante » Dalloz, « Les Cahiers De La Justice » 2018/2 N°
2, P 284.
3 - Myriam Aït-Aoudia, Rachel Vanneuville « Le Droit Saisi … » op, cit, p12.
قدم كتاب "لغة كليات القانون :تعليم كيفية التفكير كقانوني" لـ ،elizabeth mertzمالحظات حول دروس القانون في مجموعة من كليات
الحقوق بأمريكا الشمالية ،وخلصت الكاتبة إلى انه يتم ترسيخ رؤية معينة للعالم وتلقينها للطالب من خالل اللغة والمنهج المستخدم...
- Ibid, p12.
-voir : Elizabeth MERTZ « The Language of Law Schools. Learning to “Think like a Lawyer » Oxford :
Oxford University Press, 2007.
- 4أتركين محمد "مباحث في فقه الدستور المغربي" دار النشر المعاصرة ،ط ،1يونيو ،2020ص .25
يطغى على كليات الحقوق نظام التدريس التقليدي الذي يركز على املحاضرات وأحيانا
ُ
إضافة بعض األعمال التوجيهية ) ،( TDفي الوقت الذي تد ّرس فيه املعاهد األخرى –املنا ِفسة -املادة
القانونية في إطار مجموعات صغيرة ،هذا دون إغفال الغالف الزمني املخصص لتلك الدروس1.
والذي غالبا ال يتجاوز شهرين إلى ثالثة أشهر ،في الوقت الذي تستغرق فيه فترة التقويمات حيز زمنيا
كبيرا.2
كما أن املواد القانونية املقررة –على كثرتها -لم تعد تتماش ى مع الواقع االجتماعي وانه من
األجدر التقليل من عدد تلك املواد تحقيقا ألهداف بيداغوجية تركز على الجودة بشكل أساس ي وفقا
ملقولة » 3.« less is moreوفي هذا الصدد فإن عددا من املعاهد تقدم دوراته التكوينية خالل سنتين
فقط بدل أربع ،وتطور ما يسمى بــ"العيادات القانونية" من خالل التركيز على الدروس التطبيقية
باالعتماد على "بيداغوجية الفصل املعكوس أو املقلوب )4"(pédagogie inversée
وألنه البد من تحقيق تكامل بين الجامعة واملدارس املهنية وتقليص الفجوة بينهما ،وكذلك
بينها وبين الثانويات التأهيلية التي ال تعرف شيئا عن القانون ،فالبد من االنفتاح على القضايا
والنقاشات املجتمعية ،فاملعرفة القانونية الصرفة لم تعد تحتل مركز الصدارة 1،وليست متواجدة
فقط بالكليات ،وهنا يكمن الفرق بين تعلم القانون » « apprendre le droitوالتعلم من القانون «
» apprendre du droitفاألول من اختصاص كليات القانون ،بينما الثاني يمكن تحقيقه في أي
مكان كان ،فالتكوين في القانون ممكن من خارج كليات القانون ومن خالل التجربة واملمارسة 2.لكن
ال يعني هذا إلغاء تام لكليات الحقوق وعدم الحاجة إليها مطلقا.
فالقول بعدم الحاجة لكليات الحقوق هو قول مرجوح ،ألنه سيكون على املعاهد التي تقوم
بالتكوين للمهن القانونية (مثال املعهد العالي للقضاء) وبعض املدارس املهنية األخرى ذات
االستقطاب املحدود أن تفتح الباب أمام الحاصلين على شهادة الباكالوريا ودون انتقاء ،ألنه ال يوجد
معيار موضوعي لذلك االنتقاء ،بحيث ال توجد معارف قانونية سابقة لدى التالميذ لغياب أي
تكوين في املادة القانونية ،ومن دون شك سيكون على تلك املعاهد آنذاك أن تحتضن أفواجا كبيرة
منهم ،وهو ما ال تستطيع القيام به إال كليات الحقوق ،وبالتالي فإنه رغم االكراهات الكبيرة التي
تواجه كليات الحقوق في التكوين القانوني ،فإنها تنجح في تخريج ما يمكن وصفه ب ــ(شتالت) قابلة
للزرع واإلنبات في املعاهد القانونية واملؤسسات املهنية.
وهناك عنصر واحد يمكن أن يؤكد هذا :عدم رغبة العديد من املتخصصين املهنيين في تولي
مسؤولية هذا التكوين بأنفسهم ،وال يوجد بالفعل شركات يمكنها أن تتحمل ثالث إلى خمس سنوات
%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D9%84%D9%88%D8%A8-%D8%A3%D9%88-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%83%D9%88%D8%B3/ (le 03-05-2021).
-voir : Isabelle Dautresme « La classe inversée renouvelle l'école » Dans Alternatives
Économiques 2016/12 (N° 363).
1- présentation, « les cahiers de la justice (dossier l’enseignement du droit : quelles perspectives ?) »,
Dalloz 2018/2, p210.
2 - Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2,
p241.
في نفس اإلطار المتعلق بإمكانية تحقق التكوين القانوني من خارج كليات القانون ،أورد الكاتب في نفس الصفحة عبارة قالها له مسؤول في
المحاماة " :اختر لي بعض العقول الرائعة ،وسألتزم بتكوينها على طريقتي"
« sélectionnez-moi de beaux esprits et je m’engage ensuite à les former à ma façon ».
من التكوين ،غالبا بسبب الضغط الذي سيكون من عمالئها الذين لن يرغبون في دفع مزيد من
تكاليف التكوين1.
وهذه الوضعية املتناقضة( :القول بعدم احتكار كليات الحقوق للتكوين القانوني
والتشكيك في ذلك من جهة ،و من جهة ثانية وجود سوق ال تريد وال ترغب بل لم تعد قادرة على
تحمل تكاليف التكوين) ،تجعلنا نطرح سؤاال أساسيا مفاده :هل يتعلق تكوين القانونيين مبدئيا
بمؤسسات التعليم العالي أو باملمارسة املهنية؟ فليس صحيحا دائما القول بأن الدراسات القانونية
بالجامعة غير مجدية ،لكنها تمتاز بنوع من طول مدة التكوين ،ويجب بالتالي أن ُيفسح املجال
للتكوين من خالل التجربة/املمارسة2.
إن التركيز املفرط على املعلومات جعل من القانونيين مجرد موسوعات لبيانات ونصوص
قانونية ،وبالتالي فبدل زيادة عدد الدروس التي ُينس ى محتواها بسرعة يجب تعليم الطالب كيفية
التفكير ،مع طرح أسئلة راهنية داخل سياقها إذ يجب على القانوني أن يتجاوز النص ويربط املشكلة
القانونية بالقضايا السياسية واالجتماعية واالقتصادية (دمج النصوص في سياقها) ،لكن ما يالحظ
انه في عدد من كليات الحقوق ال تعطى األولوية للمناهج بل يتم تلقين املعارف املجردة ،مع عدم
تمكين الطالب من وسائل التحرر الفكري (العقل الناقد الذي ال يأخذ البيانات كبديهيات مسلم بها،
بل يفكر فيها منطقيا ويبني الروابط بينها في إطار من الحوار واملناقشة)3.
ومن جهة أخرى يجب اعتماد تقنية "الفصل املعكوس "classe inverséeبحيث تبقى
املحاضرة فرصة لطرح األسئلة الرئيسية ،وتعزيز القائمة (البيبليوغرافية) كتكملة للدروس ،ومنح
1 - Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2,
p242.
2 - Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2,
p242.
اعتبر » « Christophe Jaminفي مقال له بعنوان » « enseigner le droit : sujet inépuisable..أن تكوين القانونيين يثير أسئلة
عديدة أهمها:
هل يتطلب التكوين القانوني تخرجا مسبقا من مؤسسة للتعليم العالي؟ أم يمكن أن يكون نتيجة الخبرة لوحدها؟ (هل التجربة وحدها كافية؟)
متى يجب أن تبدأ فترة التدريس؟ :بعد الباكالوريا أم بعد الحصول على أول شهادة جامعية؟
كم من سنة يجب أن يستغرق ذلك التكوين؟
كيف ينبغي تنظيم تلك المدة (محتوى الدراسات) :الجمع بين تعلم لغة أساسية ،دراسة حاالت ،التعمق النظري..؟
-Christophe jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2, p239.
3 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz
« les cahiers de la justice » 2018/2 N2, p231,233.
- voir aussi : M. Vogliotti « l’urgence de la question pédagogique pour le droit postmoderne » revue
interdisciplinaire d’études juridiques 2014, 72-1,.
هامش الحوار واملناقشة بين الطلبة واألستاذ وإن كان هذا متعذرا بسبب االكتضاض الذي تعرفه
املدرجات1.
إن املحاضرات يجب عليها أن تعطي أهمية وأولوية لالعتبارات الفوق قانونية ،وتحقيق نوع
من التكاملية مع األعمال التوجيهية (مع اإلشارة إلى وجود إكراه مزدوج أمام هذه األعمال التوجيهية:
املحتوى والكم الهائل من النصوص القانونية والقرارات القضائية واالجتهادات الفقهية...من جهة،
ثم ضرورة التذكير بجزء من اإلطارات املفاهيمية التي تم تناولها في املحاضرات من جهة أخرى)
وبالتالي تقع األعمال التوجيهية نفسها في نفس نمط املحاضرات ،إذ تتحول بدورها ملحاضرة أخرى
موازية ،في حين فإن الوقت املخصص لألعمال التوجيهية يجب أن يركز على تمرين أو تمرينين
عمليين فقط ،وبطبيعة الحال البد من إتقان التعليق على القرارات القضائية وتحليلها ،أو على نص
قانوني أو فقهي ،لكن البد من تقديم أنواع أخرى من التمارين التي تساعد متخصص ي القانون على
االستدالل والتفكير النقدي ...وال يعني هذا القيام بنفس مهام املدارس املهنية وإنما الهدف هو منح
الطالب تجربة الربط بين القانون والواقع واملقارنة بينهما ،ويتعزز ذلك باعتماد العيادات القانونية2
من خالل اختبار واقع قانوني معقد وأخذ فكرة حول الوظيفة االجتماعية للقانون3.
1 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz
« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p233,234.
-2انظر بخوص العيادات القانونية ودورها في تعميق الفهم القانوني:
- S. HennetteVauchez, D. Roman « Pour un enseignement clinique du droit », LPA, n o 218-219, 2 nov.
2006.
- A. DenisFatôme, S. Hennette-Vauchez, L. Sinopoli « L’enseignement clinique du droit (EUCLID) »,
Recueil Dalloz, 2012.
- A. Alemanno et A. Biard « L’enseignement clinique du droit : une réponse aux nouveaux défis de nos
sociétés » JCP n o 21, 22 mai 2017.
- J. Bonnecase « Précis de pratique judiciaire et extra-judiciaire. Eléments de clinique juridique » Paris,
Sirey, 1927.
- J. Bonnecase « Clinique juridique et facultés de droit. L’Institut clinique de jurisprudence », Revue
générale de droit, de la législation et de la jurisprudence, Paris, 1931.
- J. Bonnecase «Qu’est-ce qu’une faculté de droit ? », Paris, Sirey, 1929.
- C. Jamin « Cliniques juridiques : un plan national ? » D. 2017.
3 - Mustapha Mekki «Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz
« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p234-236.
أمام هذا الكم الهائل من الطلبة الذين يلجون كليات الحقوق تطرح مسألة الكفاءة 1بحيث
تعتبر (الشهادة كجواز مرور للمهن القانونية) وتعتبر بالتالي كليات الحقوق من الناحية الواقعية كـ
"مدارس مهنية للقانون" من خالل وظيفة التكوين النظري االحترافي الذي تخوله للقانونيين لولوج
املهن القانونية ،دون ربط ذلك بالجانب العملي في إطار ما يسمى ب ــ"مطبخ القانون" 2و
"العيادات/املصحات القانونية" التي تهدف إلى تحقيق نوع من االنتقال من املصنفات الفقهية إلى
دراسة النوازل والتفكير في الفعل القانوني ،قصد تجاوز االقتصار على ما هو نظري في تدريس
القانون ،إذ البد من تجويد ذلك بتفكر في النوازل .3وأن يحصل تكوين في " املنطق القانوني/
االستدالل القانوني"4.
( - 1يعد هذا احد االنشغاالت المفكر فيها من قبل المجلس الوطني للقانون بفرنسا) يمكن زيارة الموقع الرسمي للمجلس الوطني للقانون بفرنسا
عبر الرابط التالي:
-www.consielnationaldudroit.fr
» 2- voir : C.Jamin « La cuisine du droit : l’école de droit de sciences-po (une expérimentation française
lextenso, 2012.
- 3أتركين محمد "مباحث في فقه الدستور المغربي" دار نشر المعاصرة ط ،1يونيو ،2020ص ،47أورده عن:
- jeremy perelman « penser la pratique, théoriser le droit en action : des cliniques juridiques et des
nouvelles frontières épistémologiques du droit » revue interdisciplinaire d’études juridiques, V 72, 2014-2,
p135.
- 4كإضافة توضيحية يمكن اإلشارة هنا إلى أن العقالنية أبرز لبنة ساهمت في هدم التفكير القروسطي ،وبلورت بالتالي نظرية جديدة حول
المعرفة اإلنسانية ،فقد اعتبر فيثاغورت العقل أهم ملكة أُعطيَها اإلنسان ،وبواسطته يتم الوصول إلى الحقائق ،واعتبر تبعا لذلك أن الرياضيات
تحكم العالم ،وهي التي تجسد قوة المنطق ،والذي ينفسم إلى:
منطق صوري :ويسمى بالمنطق النظري ،يقوم فيه االستدالل واالستنباط على اتساق الفكر ،بحيث تكون الفكرة واضحة صحيحة كلما
تطابقت مع المقدمات حتى ولو لم تكن مطابقة للواقع ،ويهتم أساسا ببحث التصورات من خالل بحث األلفاظ ودالالتها ،ثم بحث
التصديقات من خالل فرز القضايا وأنواعها ،وأخيرا القياس من خالل بحث الحجج والبراهين ،وهذا المنطق له ثالث خصائص:
النتيجة تترتب حتما على المقدمات.
صدق النتيجة أو كذبها متوقف على صدق أو كذب المقدمات.
النتيجة ال تقدم معرفة زائدة على ما تقرره المقدمات.
واعتبر البعض أن هذا النوع من المنطق هو تحصيل حاصل وتطويل بال طائل.
منطق تطبيقي :يأخذ بضرورة مطابقة الفكر للواقع وليس فقط اتساقه مع المقدمات النظرية.
املسألة املهمة كذلك في بيداغوجيا تدريس القانون هي توجيه الطلبة للقيام بفترات تدريبية
) ،(des stagesمما سيمكنهم من اكتساب ما لم تكن الجامعة قادرة على تقديمه لهم على أرض
الواقع ،وبالتالي البد من إعادة توجيه التكوين الجامعي َلي ِفي بمتطلبات املمارسة (عدم االنغالق على
النظري) ،وتكوين الطالب على طرح األسئلة الصحيحة واملهمة ،وتكوينهم على مناقشة ومحاججة
اإلشكاالت املطروحة ،وهذا ال يقتصر على إعادة وتكرار منطوق األحكام القضائية ،وإنما البد من
إعمال محاججة وإقناع حقيقيين ،والتدريب على التحليل والتركيب واستبعاد كل أشكال الحفظ
الجامدة 1.وتنويع دراسات الحاالت ،لتعزيز ما يسمى بـ "التعليم التجريبي" ألنه وكما هو مشاهد في
تجربة بعض القانونيين أنهم قد عانوا صعوبات االنتقال من النظري (الكتب) الذي تعلموه في كليات
القانون ،إلى العملي أثناء فترة ممارسة وتطبيق القانون ،لذلك فدراسة الحالة تشكل قنطرة مرور
بين النظري والعملي ووسيلة لتحقيق تكامل بينهما ،دون الحاجة للذهاب للمدارس املهنية ،وذلك
االستدالل بالجزئي على الجزئي ويسمى بالمنطق التمثيلي.
-محمد جواد مغنية " مذاهب فلسفية" دار ومكتبة الهالل ،دار الجواد ،بيروت ،دون تاريخ ،ص .22-24
ويمكن إرجاع هذا األخير -أي المنطق -في الحضارة اإلغريقية إلى مدرستين :الميغارية ،نسبة إلى أقليدس الميغاري ،وانبثقت عنها الرواقية.
ومدرسة المشائين ،خصوصا مع "أرسطو" ،واعتبرت هذه المدرسة أن التفكير الذي ينهج القياس هو النموذج المكتمل للمنطق ،وأرسطو يعتبر
أن القضايا لها صورتان؛ صادقة أو كاذبة ،وهذا ما يسمى بقانون الوسط الممتنع.
-روالن أومنيس "فلسفة الكوانتم :فهم العلم المعاصر وتأويله" ترجمة أحمد فؤاد باشا و يمنى طريف الخولي ،عالم المعرفة ،أبريل ،2008
ص .42-39
بينما انتقد "أقليدس الميغاري" المنطق األرسطي واعتبر أن القضية الواحدة يمكن أن تكون صادقة وكاذبة في آن واحد.
-يوسف كرم "تاريخ الفلسفة اليونانية" دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع ،ص .236
ومنذ أن أصبحت الفكرة الجديدة حول المنطق أنه نسبي ،خصوصا مع "كارناب" ،دُحِ ض مبدأ الثالث المرفوع ،وتم التخلي عن المنطق
الكالسيكي الذي يقوم على ثنائية الصدق والكذب ،واألخذ بالمنطق الثالثي:
-عبد السالم بن ميس "قضايا في االبستيمولوجيا والمنطق" شركة النشر والتوزيع "المدارس" ،ط ،2000 ،1ص .103-101أنظر كذلك:
- Crnap. R «the two concepts of probability” In: Feigl and Sellars, eds 1949, Readings in philosophical
analysis,N,Y, appeleton century crofts Tnc.
- Jammer M « the philosophy of Quantum Mechanies” N.Y: John wiley and sons, 1974.
- Zawirski. Z “ les logique nouvelles et les champs de leur application » in Revue de métaphysique et de
morale, vol 39, 1932.
وكان فالسفة ما قبل النهضة يفسرون بالمنطق االستنباطي الخالص ،الذي يقتصر على التفسير دون الوصول إلى الظاهرة في ذاتها ،وبالتالي
كان مفكري عصر النهضة قد دعوا إلى االهتمام بالمالحظة( التجريبية) بدل القياس األرسطي الشائع ،وقد كان "فرانسيس بيكون" أول من
خاض في هذا األمر بدءا بكتابه(تقدم المعرفة) ثم (القياس الجديد) الذي سعى فيه إلى توسيع مجال المعرفة ،واالعتماد على منهج جديد بدل
القياس ،طور من خالله رؤيته ،واعتبر "المالحظة" التي دعا إليها كمنقذ من النزعة العقالنية الكالسيكية وعليه فإن االستنباط حسب "بيكون
"ليس ذا شأن مهم في البحث العلمي ،إال أن البعض اعتبر هذا الطرح يصلح للبحث اإلحصائي أكثر منه لصياغة فروض ،ألن الفروض يقوم
االستقراء باختبارها وليس باكتشافها.
-راسل "حكمة الغرب :الفسلفة الحديثة والمعاصرة" ج الثاني ،ترجمة فؤاد زكريا ،سلسلة عالم المعرفة ،المجلس الوطني للثقافة والفنون
واآلداب ،الكويت ،العدد ،72ديسمبر 1983ص.48-46 ،
» ? 1 - Frédéric Rouviere « quelles méthodes pour l’enseignement du droit a l’aube de 21eme siècle
association des cahiers Portalis « les cahiers Portalis » N1, 2014/1 , P 48.
يساعد الطالب على التعمق ودراسة الحالة من زوايا مختلفة وكذلك تجاوز التخصصات
والتفريعات املوجودة بين مواد القانون ،كما تعزز من امتالكه ألدوات منهجية خصوصا في مسألة
املحاكمات التدريبية وبإجراء بحوث وثائقية معمقة والتدريب على املحاججة وطرح
ُّ
األسئلة/اإلشكاليات القانونية ،كما تساعد على تثبيت املكتسبات التعلمية لكونها قد طبقت
ومورست عمليا ،فحسب » « Edgard Daleفإننا بعد أسبوعين نتذكر 10 :في املائة مما نقرأ ،و 50في
املائة مما نسمع ،و 90في املائة مما نطبق ونمارس1.
إن التحليل والتركيب والتصنيف هي عمليات فكرية يتم صقلها من خالل عمل صارم ال
يتأتى للفرد بشكل فطري ،وهذا العمل الصارم أو التمرين التطبيقي يسمى « La Note de
» Synthèse 2وهو تمرين يقيس املهارات ويميزها عن املعلومات التي تحفظ عن ظهر قلب3.
وهذا يفتح النقاش في حول فائدة املحاضرات و أهمية األعمال التوجيهية ) ،(TDوبالتالي
طريقة تنظيمها التي قد تتخذ الشكل التقليدي( :مقاعد ،طاوالت ،حواسيب ،)...أو شكل قاعة عمل
من داخل مكتبة(...ما يسمى بالبيداغوجية التجريبية ،la pédagogie expérientielleأو التدريس
التجريبي ،) l’apprentissage expérientielوحول الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا في تلقين
القانون وتكوين املدربين /املدرسين...إلخ ،فهذه املوضوعات هي محل تأمل ونقاش 4.
فدور األستاذ ال يقتصر على توزيع املعرفة ،بل يؤطر ويشرف على إنتاج املعرفة ،ويعد
"املاستر" فرصة لنقل املعرفة وشرحها ،وهي مناسبة الستعمال الوسائل األكثر تفاعلية ،خصوصا
األعمال التوجيهية ) (TDالتي تجمع بين ميزتين( :األولى أنها تكون في مجموعة صغيرة ،والثانية أنها
مكملة للمحاضرة) ،وهي بدرجة أولى تعد درسا منهجيا يسمح بتطبيق عدد من املناهج لتيسير فهمها،
ومع كل هذا فاملحاضرة ال يمكن االستغناء عنها ألنها نموذج فعال لتحقيق فعالية أكبر5.
1 - CH. jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2, p246,
247.
- 2يعتبر في آن واحد تمرين نظري ووثيقة تطبيقية.
3 - Frédéric Rouviere « Quelle Méthodes… » Op.Cit, P 47.
4- CH. jamin « enseigner le droit : sujet inépuisable..» Dalloz « les cahiers de justice », 2018, N2, p245.
5 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers
de la justice » 2018/2 N2, p 255,256.
ثم إن مسألة إصالح تدريس القانون البد أن تستحضر مسألة تحقيق التكامل بين املدارس
املهنية وكليات الحقوق ،ألن الجامعة رغم عدم كونها مدرسة مهنية إال أنها تساهم في تكوين عدد
كبير من مهنيي القانون ،وبالتالي يجب أن يكون هناك تكامل بين الجامعة واملدارس املهنية لتحقيق
نوع من الجاهزية ملمارسة املهنة 1.وتجاوز املنافسة املفترضة بينهما (خصوصا حول ضرورة مراعاة
الخصوصيات البنيوية والهيكلية للجامعة2.
لقد عانت الدراسات القانونية من الجمود الناتج عن هيمنة املنهج الوضعي املعتمد في
تفسير النصوص القانونية من جهة ،وإغفال الجانب السوسيولوجي في فهم الظاهرة القانونية من
جهة أخرى ،خصوصا على مستوى البحث العلمي القانوني ،وارتبط النقص فيها بوجود معيقات
معرفية عديدة يتعلق أغلبها بسؤال املناهج؟ و ساهم االنغالق التقني الذي هيمن عليها في تكريس
وسيادة نمط منهجي وصفي يقوم على االقتصار على عرض املعطيات القانونية من نص أو حكم
قضائي أو حتى فقه قانوني ووصفها كما هي دون أي تحليل علمي .والتركيز بالتالي على الدراسة
الخالصة للقانون كما تصورها “هانس كيلسن” ،وقد انطلق أغلب من يدافع عن هذا التوجه من
حجة أن دور رجل القانون ينحصر في شرح ووصف النص القانوني كما هو ( 3،مدرسة الشرح على
املتون).
1 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz
« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p230.
2 - Mustapha Mekki « Reformer l’enseignement du droit a la lumière des systèmes étrangers » Dalloz
« les cahiers de la justice » 2018/2 N2 p228.
- voir aussi : J. R. Cytermann « universités et grandes écoles » la documentation française, 2007.
» - C. Jamin « la cuisine du droit : l’école de droit de sciences po (une expérimentation française
lextenso éditions, forum, 2012.
- 3لقاء مع أحمد السكسيوي حول "التعامل مع القانون على ضوء المقاربة العلمية ونظيرتها التقنوية" أجراه موقع الجامعة القانونية المغربية
االفتراضية:
https://www.aljami3a.com/1026/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-
%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-
%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B6%D9%88%D8%A1-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84/
اطلع عليه يوم 2021-05-21
إن سؤال املنهج في العلوم القانونية يطرح نفسه بحدة 1،خصوصا في ظل الوضعانية
املهيمنة والتي تعتبر ثمرة النزعة العقالنية التي تؤمن بأن الكون له نواميس عقالنية يمكن اكتشافها
والتفكير فيها بصورة منطقية /حسابية ،وبالتالي فهمها فهما علميا بمعادالت رياضياتية.
سيعجب القانونيين باملنهج الوضعي ويستهويهم ،ويتخيلون بالتالي وفي سياق هذا التغلغل ُ
إمكانية بناء شرعية علمية ملقاربة القانون الحديث من خالل محاكاة مناهج العلوم الحقة ،وفي هذا
الصدد أضفى "هانز كيلسن" الطابع الرسمي على القانون ،بتأسيسه لإلطار النظري لـ "القانون
الخالص" مطبقا منهج العلوم الطبيعية ،مما أوصله إلى نتيجة تربط عالقة بالكون املعياري من
خالل مفهوم "التضمين [ "l’imputationوهو مقابل ملفهوم السببية] وذلك من خالل :كون النظرية
الخالصة للقانون تقارن "االفتراضات املعيارية ، "propositions normativesالتي من خاللها يصف
علم القانون موضوعه (أي معرفة القواعد القانونية) ،تقارنها بـ "األحكام االفتراضية jugements
"hypothétiquesالتي من خاللها تحدد العلوم الطبيعية موضوعها (قوانين الطبيعة) ،وهذه املقارنة
تقود النظرية الخالصة للقانون إلى االعتراف بكون االفتراضات املعيارية لعلم القانون لها دور مشابه
لقوانين الطبيعة وهو معرفة السببية ،إال أن غياب تسمية لهذا املبدأ جعل "هانز كيلسن" يقترح له
اسم "التضمين"2.
عموما يتحقق تجديد تدريس القانون عندما يتم إدراج إشكالية املعارف في النقاش ،مع
االهتمام بقيمة مهمة للغاية في الدرس املعرفي وهي" :االنعكاسية "Réflexivitéبما تعنيه من تحديد
عالقة الدارس باملوضوع وكيف انفعل وتفاعل معه ،مما يعزز نضجا معرفيا إبيستيمولوجيا 3من
خالل تحديد عالقة األستاذ/الباحث باملعرفة ،وكيف يؤثر في إنتاج املعرفة ،أي من خالل طرح رؤية
- 1يراجع بهذا الخصوص :إبراهيم أولتيت "المنهج في العلوم االجتماعية :حالة الدراسات القانونية" مطبعة النجاح الجديدة ،البيضاء ،ط،1
.2018
2 - Violaine Lemay « trois principes de rénovation tranquille pour l’enseignement du droit : l’avantage
d’un retour du souci méthodologique et épistémologique » université Saint-Louis, Bruxelles « revue
interdisciplinaire d’études juridiques (RIEJ) » 2014 / 1, VOL 72 , p 41,42.
انظر حول النظرية الخالصة للقانون:
- H. Kelsen « qu’est-ce que la théorie pure du droit ? » traduction française d’un texte de 1953, droit et
société, vol 22.
3 - Violaine Lemay « trois principes de rénovation tranquille pour l’enseignement du droit : l’avantage
d’un retour du souci méthodologique et épistémologique » université Saint-Louis, Bruxelles « revue
interdisciplinaire d’études juridiques (RIEJ) » 2014 / 1, VOL 72 , P 29.
نقدية حول تجربته في إنتاج املعرفة ،فالجهد التأملي االنعكاس ي نادر جدا وغير معترف به ،ويعتبر
مسألة غريبة عن فعل املعرفة في القانون وغير متناسب مع النشاط َ
التعلمي.
يضاف لهذا ضرورة االنفتاح على االبتكارات التكنولوجية ألهداف بيداغوجية ترقى
بمستوى التدريس ،ألن مكانة القانونيين تتأثر كذلك بالتحوالت الرقمية التي يعرفها املجتمع ،وبفعل
إخضاع القانون نفسه للرقمنة ،مما يطرح سؤاال عن نوعية املجتمع الذي يمكن أن ينشأ وراء هذا
الكم الهائل من املعلومات والرقميات1 .
وفي هذا اإلطار فقد ساهمت االبتكارات وظهور التقنيات الجديدة في خلخلة أساليب
تدريس القانون بالجامعات واملراكز واملعاهد األخرى ذات الصلة بالتكوين القانوني ،وحدوث تجديد
في البيداغوجية ،حيث تم اعتماد ما يسمى ب ـ » « MOOC : Massive Open Online Courseأي
الدروس أو التكوين الذي ينقل عبر وسائل االتصال/التواصل االجتماعي ويكون مفتوحا للجميع،
لكن هناك مسألة يمكن طرحها وهي أن القول بوجود وسائل جديدة في التدريس ال يعني بالضرورة
وجود تجديد في األسلوب واملنهج البيداغوجي 2.ولهذا يوجد سؤال مهم بهذا الخصوص :ما حظ
البيداغوجية من إعادة النظر بخصوص الدروس التي تلقى عن بعد ،خصوصا وأن العالم قد مر
من تجربة اإلغالق الشامل ،وبالتالي فليس الرهان هو العودة للتعليم الحضوري ،وإنما البد من
االستفادة من التجربة وتطويرها من خالل إعمال بيداغوجيا ناجحة في التدريس "عن بعد".
االبتكارات البيداغوجية ال يمكنها أن تحل محل التدريس الذي نعرفه ،وإنما فقط تكملها
وتحسنها وتجعلها أكثر فاعلية /وتفاعلية ،فاملحاضرة ال يمكن االستغناء عنها وال تجاوزها ،والوسائط
الرقمية التي تقدم من خاللها الدروس ( )MOOCال يمكنها أن تحل محل املحاضرات ،وهنا يمكن
إبداء ثالث مالحظات:
األولى ذات طابع براغماتي /واقعي :استقبال كم هائل من الطلبة بحيث ال -
يمكن تحقيق متابعة شخصية لكل هؤالء بل حتى محاولة تحقيق ذلك سيحرم الطلبة من
الطابع التفاعلي الذي تتيحه املحاضرة1.
الثانية ذات طابع بيداغوجي :بحيث أن إزالة الطابع املادي للتدريس (أي -
الطابع الجسدي /الحضوري) من شأنه أن يغير بشكل كبير العالقة بين الطالب واألستاذ
(ففي املدرج مثال يمكن مالحظة أن رسالة التدريس لم يتم تمرريها بشكل سلس سواء من
خالل أسئلة الطالب أو من خالل مالحظة اضطرابهم في األجوبة عن بعض األسئلة ،وبالتالي
يقوم األستاذ بتوضيحات أكثر ،على عكس الدرس املسجل أو املذاع أمام طلبة سلبيين
ومتفرجين) 2،لكن في بعض األحيان الدرس الحضوري هو نفسه يكون شبيها بالدرس املسجل
(الطلبة في وضعية سلبية مع الدرس وال يشاركون في إنتاجه).
الثالثة لها طابع علمي :وهي مهمة بال شك ،فإذا كانت االبتكارات البيداغوجية -
التي أتاحتها وسائل التكنولوجيا الحديثة ستحل محل املحاضرات ،فهذا سيؤدي في حاالت
عدة إلى تجميد التدريس بدل السماح له بالتطور ،وهنا تكمن املفارقة3.
هذا يشهد على الحاجة إلى استخدام عقالني لالبتكارات البيداغوجية ملا لها من قيمة
مضافة (إثراء املحاضرات وتحقيق املحتوى التفاعلي) ،هذا ويمكن للتقنيات البيداغوجية األخرى أن
تستغني عن التكنولوجيا (مثال اعتماد العيادات القانونية خصوصا في سلك املاستر)4.
1 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers
de la justice » 2018/2 N2, p 252, 253.
2 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers
de la justice » 2018/2 N2, p 253.
3 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers
de la justice » 2018/2 N2, p 253.
4 - Jean-Baptiste Perrier « interactivité et innovations pédagogiques, libres-propos » Dalloz, « les cahiers
de la justice » 2018/2 N2, p 253,254.
من املؤكد أن أخذ املعرفة القانونية على محمل الجد سيسمح بتفكير وتأمل أكثر حول ما
يمكن أن يكون عليه تدريس القانون ،لكن ليس من الضروري االنغماس في تأمالت إبستيمولوجية
عميقة لفهم أن مستقبل التدريس يتعلق بتعميق الفهم العلمي للنص القانوني وبإتباع منهج علمي في
إنتاج املعرفة ،وليس فقط في األهلية والقدرة على قراءة النص القانوني كما تقرأ املحفوظات (أبيات
من الشعر مثال)1.
كل هذا يلزم بإعادة التفكير في منهج ومحتوى التدريس القانوني ،وهذا التفكير يقتض ي
ويفترض العودة إلى "الهدف" والذي هو معرفة مكانة ووظيفة القانون داخل املجتمع ،كما أن إصالح
تدريس القانون ال يمكن اختزاله فيما هو أكاديمي وإنما البد من التفكير كذلك في مكانة رجال
القانون داخل املجتمع( 2باعتبارهم كمهندسين اجتماعيين) ،فالقانون عبارة عن تقنية تعمل في ظل
نسق مفتوح على املجتمع ،وبالنظر للتحوالت التي تعرفها الدولة فإن القانون يعد أداة للضبط
والتنظيم االجتماعي وليس مجرد أداة لنقل األيديولوجيا ،ومن الطبيعي أن هذه التحوالت سيكون
لها تأثير مباشر على رجال القانون 3 .فالقانون شكل من أشكال الهندسة االجتماعية ،وأن لكل
مجتمع نمطه الثقافي الذي يساهم في بلورة أيديولوجياته التي تتشكل من خاللها أساسيات النظام
القانوني ،تكون قابلة للتغير والتطور وفقا لتغير املصالح والتي تعمل املحكمة على املوازنة بينها من
خالل تصنيفها واالعتراف بها (في إطار الواقعية القانونية) ،4واللجوء ألنجع السبل لحل النزاع بينها،
إما من خالل عملية القياس أو الحدس ،أو ترجيح اعتبارات االستمرارية والحفاظ على األوضاع
رغم تضمن الحكم لتناقضات الخطأ والصواب5.
- 4فالواقعية القانونية ترى أن األساس السوسيولوجي للقواعد القانونية وصالحية القانون ،تتوقف على التنبؤ بما ستحكم به المحكمة ،خصوصا
مع "ألف روس " Alf Rossالذي يرى أن الوقائع تجسد عوامل نفسية واجتماعية ،وبالتالي فالقواعد ال توجد إال بقدر ما هي مطبقة من قبل
القضاة ،ويقتصر علم القانون على وصف القاعدة القانونية المطبقة ،ومنه فعلم القانون يهتم بسلوك القضاة (ما ستحكم به المحكمة) ،ويصير
بالتالي علما تجريبيا من خالل وجود وقائع قابلة للمعاينة ،وبطرح افتراضات هي كذلك قابلة للتحقق ...ميشيل تروبير "فلسفة القانون" ترجمة
جورج سعد ،دار األنوار ،ط ،2004 ،1ص.45
-5لويد دينيس "فكرة القانون" ترجمة سليم الصويص ،سلسلة عالم المعرفة ،نونبر ،1981ص .216-192
______________
املراجع املعتمدة:
-العربي ـ ـة :
8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF%20%D8%A5%
D8%A8%D8%B3%D8%AA%D9%85%D9%88%D9%84%D9%8
8%D8%AC%D9%8A%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%82
%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%20(3)%20_%20_%20%
D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%
A9%20%D9%86%D8%AA.html اطلع عليه يوم .2021-05-31
المية المدني
ألبو سامي عزيز ندا علي
باحث في الدراسات القانونية والقضائية
ــــــــز َال
ِ ــزيــ ِز َخــ ْيـــ َر َمـــا أ ُ ْن قَ ْ
ــو ُل ال َع ِ ُــل فَ ْر ٍد ت َ َ
ـــــَل علَى ك ِ س َ
ـــَل ُم هللاِ َ َ
وعَــلًى ال َهــادِي َ
صَل ِتــي على الــــ ِوال ت َ َعــالَــى َك َما أَثْــنَى َ
علَى نَ ْفسِـــ ِه
ض َواال ْبـتِـــــــ َ
ــَل ـــو ِم الــعَــ ْر ِ
ِإلــــى يَ ْ َوآ ِلــ ِه َوصَـحْ ِبــه و َم ْن ت َ ِبعَـــــ ُه ْم
فَـذُوا أ َ ْق ٍ
ـسام تَوالَـتْ ع ْنــ ُهــما فَاعْـــــدِال ث لَ ُهـما َجـلـــَتَا
كـِتـابـَيـْ ِن ال ثالـِ َ
ــــــــو َال
َّ َو َح َوالَةُ ِذ َّمـ ٍة ،إِنَا َبةُ و َما َحــــــ ـوالَـةُ َح ٍ
ق بِ ِه ا ْنتِـقَـا ُل ا ْلـتِ َ
ـز ٍام َح َ
ض َمانُهُ ِو ْفقَ ما أ َ ْ
شكَـ َ
ــَل ع َد ُم ت َ ْنـ ِفي ِذ ِه َو َ
َو َ ق
ـن َح ٍ َوأَث َ ُ
ــارهُ تَـ ْنـ ِفـيـذُ َما ِب ِه ِم ْ
فاء إ ْن قَ ِبــــــــــــَل
لو ِ ضا ُء ال ْل ِ
زام ِبا َ وا ْن ِق َ طـالُــه َوبُــ ْطـَلَ ُن اال ْلـتِ َ
ـز ِام وإِ ْبـ َ
َوأ َ ْ
شبَا ُههُ ِب ِه ْم يُ ْعـقَ ُد ال ْلـزا ُم وإِال فَـــــــَل إِ َرا َدةٌ أَشْــبَـاهُ عُـقُـو ٍد َو ُج ْ
ــــر ٌم
بــــاطـــَل
ِ صار ال َعـ ْقـ ُد
َ َو ِإ ْن زا َل أ َ َحـ َد َها الز َمةٌ ِبلُ ُز ِ
ومـ ِه ش ُُرو ُ
ط ا ْن ِعـقَا ِد ِه ِ
الصفحة 204 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
ع فَ َم َحـــــــ َّ
ـــــَل ْـرو ٌ
ب َمـش ُ أ ْهـ ِلـيةٌَ ،
سـبـَ ٌ كان أ َ ْربَعَةٌ ،تَ ٍ
ـراض األر ِ لَهُ َ
من ْ
ب عـ ْنه ِب َنعَـ ْم ْ
أو ِبـــــ َـَل والـث َّ ِـي ُ
ـب ت ُ ْع ِـر ُ كَالـز َواجِ ِب ِبك ٍْـر قُبُولُ َها ُ
سكُـوتٌ
عــن ال َقـبُـو ِل ْ
أو يَـ ْعــد َِال ِ ـوع
الر ُج ِ
ِب ُّ وإن منَ ُحوا القَا ِب ِل ِخيَ َ
ار ال َمجْ ــ ِل ِس ْ
ُم َم ِي ٌز ُمد ِْركٌ ِل َم ْعنَى َما قِي َل َلهُ َوتَقَــــ َّو َال ير ع َْن َ
غ ْي ِر ِه سي ٌ
ط نَاقِ ٌل للت ْع ِب ِ َو ِ
...يتبع
الصفحة 205 : مجلة إلكترونية علمية قانونية محكمة
العدد األول ،يونيو 2023 مجلة اإلدارة القضائية
كنت عائدا إلى املنزل بعد يوم احتراق كامل ،اعني احتراق الذات من الداخل ،ال ش يء ُيسمع في األفق
سوى صوت الرعد الذي يزمجر بعنف ،ووميض البرق الذي يكاد يخطف األبصار وبضعة نسوة من بادية فحص
طنجة ،وقد انزوين إلى داخل حافلة طنجيس املهترئةً ،
إتقاءا على ما يبدو من زخات املطر الكثيف ،وحدي ظللت
سائرا غير عابئ بش يءُ ،تهدهدني قطرات املطر متسربة إلى بدني النحيل ،خلت معها نفس ي طفال شقيا يلعب مع
الطبيعة لعبة الوضوح ...
طقطقة حذائي على حاشية الطريق أيقظتني من نشوتي البريئة ،فقد كنت مبتال وتسرب املاء إلى
قميص ي ،إنه حمام مجاني تكفلت به الطبيعة األم .لكني لم أهتم لألمر ولم اكترث له .
بعض الفضولين اهتموا لحالي ،بثرثرتهم الرديئة اكثر من اهتمامي بنفس ي :
-مسكين فازك (...أي مبتل)...
علق أخر
-أحمق ،وملاذا ال يلوذ بسقيفة كغيره من الناس ؟ هل يحسب نفسه بطال؟
مع نفس ي لم أشاء أن أكون مزيفا ألني أكره املزيفين ،فأنا ال زالت اعتبر نفس ي طفال بلحية نبتث تقليدا
للكبار أكثر مما هي لحية طبيعية ،أردت أن أتبث يوما اني رجل غير أن هذا الرجل الذي يكمن في لحيتي الصغيرة
كان يحب اللعب تحت املطر غير عابئ بصرخات التحذير والتوبيخ ،ألنه ببساطة كان رجال بمالمح طفل يعمل في
بيع الخضار تحت املطر ...وحراسة السيارات تحت املطر ...وحمل حقائب املسافرين تحت املطر ...اللعنة ال أريد
تذكر املاض ي البئيس !
لكن هذا هو الرجل الذي كنت أريد إحياءه داخل نفس ي بعد أن رأيت قطرات املطر وهي تنهمر بغزارة
على جسدي .
ال بأس أن تتذكر املاض ي ُ
بحلكته الليلية وبؤسه لكي تتعلم العض بال إراقة الدماء ،وهل جربتم العض
بال دماء ؟
-وإن لم تكن لكم أسنان ؟ ستنبث لكم مخالب وأنياب ...ال أدري املهم أنكم ستتقنون العض بال إراقة
الدماء وستصبحون مصاص ي دماء من الدرجة األولى .
وكأن السماء أبت في ذاك اليوم الكئيب أن تتوقف عن قذفنا نحن سكان األرض بسيول من املطر
الجارف ،الذي مأل الطرق وشل حركة السير وغمر األزقة واألحياء ،وتحولت السيارات إلى لعب أطفال طافية
على السطح تلعب بها السيول الجارفة ،وتتقاذفها يمنة و يسرى .و في جميع االتجاهات ،وشاهدت عالمات
الخوف وقد ارتسمت على الوجوه وسمعت شيخا يقول:
إنها عالمة من عالمات الساعة ،هللا سيبتليكم بمزيد من الكوارث واملصائب ...
ويرد عليه األخر بعتاب واضح:
-ملا تقول هذا الكالم ؟ أألنك على مشارف حفلة الوادع ...؟
وأخرون يلقون بتذمرهم على البالوعات املفتوحة واملجاري املسدودة التي عجزت عن استيعاب املياه
املنهمرة بغزارة ...
وكنت رغم أمرات املوت التي بدت معامله تطاردني ،غير مكترث أو مهتم وهممت بعبور إحدى الشوارع
معتبرا نفس ي في عداد األموات وقد قلت في خلدي :
ّ
-أنا ميت منذ أن وجدت في هذا البلد ...ماذا سأخسر ؟ هل لدي أمالك أو مصانع ؟ أنا وحيد اال من
بطاقة الهوية ...
وبعد خطوات قليلة اجتزت الشارع الذي امتألت جنباته باملارة الهاربين من خطر البالوعات املفتوحة
إلي ألني بدوت لهم مغامرا حقيقيا أو الوحيد الذي تحدى خطر والسيول الجارفة ،بينما وقف أخرون مشدوهين ّ
السيول الجارفة ،وبدوري وقفت متعجبا من مشهد احد املشردين وهو يفترش األرض املبتلة و يضحك ملنظر
الهاربين من املوت ،ويقول بسخرية ممزوجة باأللم " أيها األموات الى أين املفر ؟ " .
وفي قرارة نفس ي فرحت ألني وجدت من سيشاركني موتي املجازي ،و قرفي ويأس ي من الحياة واقتربت
منه قليال .غير أن أحد املارة كان يشير إلي بحركة من يديه تعني
-أنه مجنون ؟
وأضفت متسائال بسخرية :
-وهل أبدوا لك عاقال ؟ املجانين يعرفون بعضهم بعضا ...
أضحى االجتهاد القضائي في املغرب يفرض نفسه يوما بعد يوما ،كرافد من روافد تفسير
القاعدة القانونية ،وتقديم التنزيل الصحيح لها ،وبغض النظر عن السجال الفقهي الذي عرفه
تكييف االجتهاد القضائي من حيث اعتباره مصدر من مصادر القانون من عدمه ،فإن االجتهاد
القضائي املغربي – خاصة منه املتخصص – قد أبان عن علو كعبه في تنزيل مجموعة من النصوص
القانونية ومواكبة التطور االجتماعي واالقتصادي الذي يعرفه املجتمع املغربي ،وهو األمر الذي
أفض ى إلى إيجاد مجموعة من الحلول الواقعية في مختلف الخصومات القضائية املعروضة على
أنظار املحاكم.
لذلك ،فإن مجلة الدارة القضائية تعتبر هذا املحور الخامس ،من أهم املحاور التي يعول
عليها في تنوير مختلف الفاعلين بمنظومة العدالة ،واستجالء الغموض الذي قد يكتنف بعض
النصوص القانونية أو االلتباس الذي قد يعتريها عند التنزيل ،كما أن هذا املحور من شأنه تنوير
الرأي العام الوطني من الناحية القانونية حول بعض الوقائع التي تستشكل عليهم ،وتمكينه من
توسيع مداركه القانونية والحاطة املثلى بمختلف املظاهر االجتماعية واالقتصادية في إطار توفير
املعلومة القانونية أو ما بات يعرف باملساعدة القانونية بمفهومها الواسع ولو قبل ظهور املنازعات
والخصومات القضائية.
وقد اعتمدت املجلة من أجل هيكلة طريقة معالجة هذه االجتهادات على طريقة جديدة
تقوم على التقديم لالجتهاد القضائي بإعطاء صورة مختصرة عن املوضوع الذي يطرحه قبل عرض
هذا األخير من خالل التوجه القضائي في املوضوع ،على أمل أن تحقق هذه الطريقة الجديدة الغاية
املثلى منها في تقريب القارئ من االجتهادات القضائية وفهمها وتحليلها أكثر قبل الوصول إلى درجة
التعليق عليها.
املرجع :قرارمحكمة النقض عدد 10/1318بتاريخ 09يونيو 2022في امللف الجنحي عدد 2021/10/6/21982-83
تثير واقعة استحقاق الجنين للتعويض عن وفاة والده بالرغم من أن الوفاة كانت ملا كان
الجنين في بطن أمه ،وأنه لم ير النور إال بعد 7أشهر من تاريخ حادثة السير التي أودت بحياة والده،
حيث تقدمت زوجة الهالك بمقال إصالحي تم بموجبه إدخال البن بعد ازدياده في الدعوى لثبوت
صفته ومصلحته في استحقاق التعويض طبقا ألحكام املادة 4من ظهير 02أكتوبر ،1984وهو األمر
الذي لم تستجب له محكمة االستئناف بآكادير ،حيث اعتبرت أن ازدياد البن بعد الوفاة وليس
قبلها أو في تاريخها ال يخوله الصفة واملصلحة الستحقاق التعويض ،وهو ما تمت إثارته من قبل ذوي
حقوق الهالك أمام محكمة النقض في الوسيلة الثانية ،واستجابت له محكمة النقض واعتبرت أن
محكمة االستئناف بآكادير قد عللت قرارها تعليال فاسدا مما يتعين نقضه ،حيث جاء في جواب
محكمة النقض على الوسيلة الثانية ما يلي :
" حيث إنه طبقا ملقتضيات املادة الرابعة من ظهير 02أكتوبر 1984إذا نتج عن الصابة
وفاة املصاب استحق من كانت تجب عليه نفقتهم وفقا لنظام أحواله الشخصية وكذا لك شخص
آخر كان يعوله تعويضا عما فقدوه من موارد عيشهم بسبب وفاته ولزوج املصاب املتوفى وأصوله
وفروعه من الدرجة األولى وحدهم الحق في التعويض عما أصابهم من ألم من جراء وفاته ،وملا كان
الثابت من وثائق امللف ومن ملحق رسم الراثة عدد .....صحيفة .......بتاريخ 2019/09/25ومن
النسخة املوجزة لرسم الوالدة رقم .......لسنة 2019املسجل بمكتب الحالة املدنية .........بتارودانت
أن الضحية الهالك ........توفي بسبب حادثة السير الواقعة بتاريخ 2018/11/22وترك زوجته حامال
وازداد البن .........بتاريخ 2019/06/16أي قبل فوات أقص ى مدة الحمل املحدد في املادة 154من
مدونة األسرة في سنة كاملة من تاريخ وفاة الهالك ،أي أنه ازداد من صلب الهالك ،وأن الطاعنين
وقد سبق ملحكمة النقض أن نحت نفس التوجه في قرار سابق لها عدد 5-561الصادر
بتاريخ 2013/11/19في امللف رقم 2013/5/1/1391عندما فسرت مفهوم االنفاق على أنه يتعدى
األكل والشرب إلى ما يحتاجه الجنين في بطن أمه وأن كل مصاريف العناية التي يحتاجه الجنين هي
أيضا نفقة كغيرها ،مما يصرفة الضحية على حاجيات ابنائه املزدادين قبل وفاته املخول لهم
التعويض طبقا ألحكام الفصل الرابع املشار إليه أعاله.
كما أنه سبق ملحكمة النقض الفرنسية في قرار مدني حديث لها للغرفة املدنية الثانية عدد
16-26-687بتاريخ 14دجنبر 2017أن اعترفت بحق للجنين بمجرد ازدياده في الحصول على
تعويض عن ضرر املعنوي لفقدان والده الذي توفي اثر حادثة شغل لم يره ،حيث أدت الحادثة إلى
حرمانه النهائي من التمتع بحماية وعطف ووجود االب ،وحددت التعويض في مبلغ 25.000اورو،
والبد من الشارة إلى أن الشركة املشغلة ومؤمنتها كانا قد دفعا بعدم إمكانية هذا التعويض لكونه
تعويض عن ضرر غير محقق ويبقى محتمال وقت الحادثة ،ومما جاء في حيثيات قرار محكمة
النقض الفرنسية بمناسبة جوابها على الوسيلتين ما يلي :
…..Mais attendu que, dès sa naissance, l'enfant peut demander réparation du préjudice
résultant du décès accidentel de son père survenu alors qu'il était conçu; qu'ayant estimé que
Zachary C... souffrait de l'absence définitive de son père décédé dans l'accident du [...], la cour
d'appel a caractérisé l'existence d'un préjudice moral ainsi que le lien de causalité entre le décès
; accidentel de Abdallah C... et ce préjudice
املرجع :قرارمحكمة النقض عدد 440بتاريخ 27يوليوز 2021في امللف املدني عدد 2019/1/1/8181
يميز هذا القرار بين مرض املوت والدفع بحالة املوت ،وهي حالتان مختلفتان تماما ،حيث
إن املرض املخوف الذي تبرره حالة املريض الخطيرة والتي تؤدي غالبا إلى موته ال تكفي لوحدها من
أجل طلب إبطال التصرفات بل البد من اقترانها كما تنص على ذلك مقتضيات الفصل 479من
ق.ل.ع بالغبن واملحاباة ونميز فيها بين ما إذا كانت هذه التصرفات لصالح أحد الورثة حيث ال تصح
إال إذا أقرها باقي الورقة( ،)1وبين ما إذا كانت لصالح الغير حيث تصح في حدود الثلث من تركته بعد
سداد ديونه ومصروفاته()2
في حين أن حالة املوت تعني الحالة التي تؤثر على إدراك الشخص الذي قام بالتصرف
وتمييزه ،وال عالقة لها بمرض املوت ،حيث أكد القرار على أنه متى كان الشخص مدركا عاقال ومميزا
لتصرفاته ولو في هذه الحالة تقع هذه األخيرة صحيحة ومتى اقترنت حالة املوت بعيب من عيوب
الرض ى التي تفقد الشخص الدراك والتمييز وتنقص من أهليته وقعت تصرفاته باطلة.
وفيما يلي جواب محكمة النقض وتمييزها الذي أتت به بين مرض املوت وحالة املوت :
" حيث صح ما عابه الطاعن على القرار املطعون فيه ،ذلك أنه بتأييده الحكم االبتدائي
يكون بذلك قد تبنى علله ةأسبابه التي جاء فيها بأن "الشهادة الطبية املدلى بها من طرف املدعى عليه
(ع.ش) ال تفيد أن موروثه كان مصابا بمرض خطير بمواصفات مرض املوت ،بل تفيد فقط أنه كان
طريح الفراش ويعاني من بعض األمراض كنقص في السمع وألم في الصدر وضعف في البنية وارتفاع
الضغط ،وهي أعراض مرضية ال ترقى إلى مرتبة مرض املوا ،وأنه حتى الصاية بهذا النوع من املرض
على فرض تحققه ال يكفي وحده لبطال التصرفات ،وإنما يجب أن يقترن بالغبن واملحاباة حسب
املنصوص عليه في الفصل 479من قانون االلتزامات والعقود ،وهو ما لم يثبته املدعى عليه" ،دون
املرجع :قرارمحكمة النقض عدد 168بتاريخ 01مارس 2022في امللف املدني عدد 2019/2/1/9301
يتعلق موضوع هذا القرار بضمان عيوب بعمارتين تتجلى في شرخ كبير بينهما ،وتواجد تربات
مائية بالواجهة الخلفية للعمارة ووجود انتفاخ غير عادي لتالقي العمارتين ،وهي عيوب ناتجة عن
عقود بيع تمت بين مالك مشتركين في العمارتين وبين شركة عقارية متخصصة في البناء ،حيث
دفعت هذه األخيرة بكون االختصاص ينعقد للمحكمة التجارية بمكناس لكون العقد تجاري ينظم
عملية تجارية ،كما دفعت بكون الفصل 7من نظام امللكية املشتركة تلزم السنديك بالحصول على
إذن بالتقاض ي قبل مباشرة الدعوى ،وانتهت الخصومة االبتدائية بحكم املحكمة االبتدائية
باختصاصها والحكم على الشركة صاحبة البناء بإصالح األضرار وفق ما جاء في تقرير الخبرة وأدائها
مبلغ 500ألف درهم كتعويض عن الضرر ،وقد أيدت محكمة االستئناف بمكناس الحكم االبتدائي
مع تعديله بتخفيض مبلغ التعويض إلى 100ألف درهم.
وقد جاء في جواب محكمة النقض عن الفرع األول من الوسيلة ما يلي املتعلقة بعدم
االختصاص الذي يتعلق بالنظام العام حيث يمكن إثارته ألول مرة أمام محكمة النقض ،ما يلي :
" لكن ،حيث إن موضوع الدعوى يتعلق بضمان العيب أساسه عقود البيع املبرمة مع
املالكين املشتركين في العمارة أعاله والذين توحدوا في الدعوى املرفوعة من طرف السنديك ،وعقد
البيع ليس من العقود التجارية كما ورد التنصيص عليها بمدونة التجارة ،مما يجعل االختصاص
منعقدا للمحكمة االبتدائية ورد املحكمة للدفع سليم ،ويبقى ما أثير غير جدير باالعتبار"
وبغض النظر عن كون عقد البيع ال يندرج ضمن العقود التجارية املنصوص عليها في
الفصول 334إلى 544من مدونة التجارة ،فإن التوجه الذي دأبت عليه محكمة النقض وسايرتها في
ذلك املحاكم التجارية باملغرب بالنسبة للعقود املختلطة التي يعتبر أحد طرفيها تاجرا واآلخر مدني،
أن الطرف املدني له الخيار بين أن يرفع دعواه أمام املحاكم االبتدائية أو املحاكم التجارية ،في حين
وهو التوجه الذي أكدته محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء وسارت عليه باقي
املحاكم التجارية في قرار لها بتاريخ 19غشت 1999عدد 99/1232في امللف 1999/13/1515جاء
فيه " :حيث إنه باالطالع على أوراق امللف اتضح للمحكمة على أن العالقة الكرائية تربط بين طرف
مدني (املدعى عليه) وطرف تاجر (املدعي :الطاعنة) ،وبالتالي فإن العقد املبرم في هذا الطار عقد
مختلط ،وال يوجد بامللف ما يفيد االتفاق بشأن إسناد االختصاص للمحكمة التجارية للبت في حالة
قيام نزاع ،وبالتالي فرئيس املحكمة التجارية غير مختص للبت في الطلب ،ويبقى االختصاص منعقدا
لرئيس املحكمة االبتدائية بالدار البيضاء".
كما جاء في حيثيات قرار لها غير منشور عدد 421بتاريخ 23يناير 2017في امللف عدد
2016/8227/6520بأنه " :وحيث إنه من املقرر فقها وقضاء أن الختصاص النوعي للمحكمة
يتحدد إنطالقا من املركز القانوني للطرف املدعى عليه ،وأن الطرف املدني له الحق في مقاضاة
الطرف التاجر أمام املحكمة املدنية أو التجارية ،مما يكون معه بذلك الطرف املستأنف عليه
بمقاضاته الطرف املستأنف الذي يكتسب صفة تاجر وفق ما تم بيانه أعاله في املرحلة البتدائية
أمام املحكمة التجارية قد مارس حق الخيار املمنوح لها قانونا،وأنه وفضال على ذلك فإن موضوع
الدعوى يتعلق بإدعاء ضرر ناتج عن عقد نقل والذي يعتبر عقدا تجاريا بطبيعته ينعقد إختصاص
البث فيه للمحاكم التجارية بصريح املادة الخامسة من القانون املحدث لها".
وبخصوص جواب محكمة النقض عن الفرع الثاني من الوسيلة األولى واملتعلق بكون الفصل 7من
نظام امللكية املشتركة الذي ينظم العالقة بين املالك املشتركين واتحاد املالك يستلزم حصول السنديك على إذن
بالتقاض ي ،فقد كان جواب محكمة النقض ما يلي :
"لكن ،حيث إن القانون رقم 18.00املتعلقة بنظام امللكية املشتركة للعقارات املبنية كما وقع تعديله
بالقانون رقم 106.12ليس فيه ما يلزم وكيل االتحاد بالحصول على الذن للترافع أمام القضاء ،وما ورد من
تنصيص في نظام امللكية املشتركة من أن الجمع العام يتولى منح إذن لتقاض ي وكيل االتحاد هو كما اورده القرار
- 1جاء في الفقرة ما قبل األخيرة من المادة 5من القانون رقم 53.95القاضي بإحداث المحاكم التجارية بالمغرب ما يلي :
"يمكن االتفاق بين التاجر وغير التاجر على إسناد االختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر".
وفي هذا الصدد وجب التمييز جيدا بين القانون املنظم للملكية املشتركة للعقارات املبنية رقم 18.00
كما وقع تعديله بالقانون رقم ،106.12والذي ال يتضمن بين مقتضياته أي تقييد لحق وكيل اتحاد املالك
املشتركين في التقاض ي نبابة عن هؤالء في األجزاء املشتركة للعمارة أو للمجموعة السكنية ،وبين نظام امللكية
املشتركة الذي يوضع لدى املحافظة العقارية التابع لها العقار ،والذي يكون إما من إعداد املقاولة التي شيدتها،
أو يتم إيداعه لدى املحافظة العقارية من قبل املالكين املشتركين حيث يعتمد عليه السيد املحافظ في استخراج
الرسوم العقارية الجزئية ،وتحديد األجزاء املفرزة واألخرى غير املفرزة بناء على امللف التقني الذي يوضع لدى
مصلحة املسح الطبوغرافي أو لدى السلطات الدارية املختصة في إطار إنشاء اتحاد للمالك وفق أحكام الظهير
الشريف رقم 1.58.376الصادر في 15نونبر 1958واملتعلق بالحق في تأسيس الجمعيات.
وسواء تعلق األمر بنظام امللكية املشتركة املودع لدى املحافظة العقارية أو القانون األساس ي التحاد
املالك املشتركين املودع لدى السلطات املختصة ،واملسلم بموجبه وصل نهائي يضفي الصفة القانونية على وكيل
اتحاد املالك ونائبه ،والذي يخوله الحق في التقاض ي نيابة عن املالك املشتركين ،فإن هذين الصيغتين من
االتفاق ال تعبر إال عن إرادة املالك املشتركين وال يمكن االحتجاج بها إال على بعضهم البعض ،دون األغيار الذين
يبقون خاضعين في عالقتهم مع اتحاد املالك للقانون املنظم وللقواعد العامة.
املرجع :قرارمحكمة النقض عدد 384بتاريخ 2021/06/09في امللف التجاري عدد 2020/1/3/1221
يتعلق هذا القرار بالمهال القضائي الذي نصت عليه املادة 149من القانون رقم 31.08
املتعلق بتحديد تدابير لحماية املستهلك ،حيث يمكن في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية
غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات املدين بأمر من رئيس املحكمة املختصة .ويمكن أن يقرر في
األمر على أن املبالغ املستحقة ال تترتب عليها فائدة طيلة مدة املهلة القضائية ،وتحدد كيفيات أداء
املبالغ املستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ ،دون أن تتجاوز الدفعة األخيرة األجل األصلي املقرر
لتسديد القرض بأكثر من سنتين .غير أن له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد املذكورة إلى حين
انتهاء أجل وقف التنفيذ.
والذي يفهم من خالل مقتضيات هذه املادة أن أجل توقيف تنفيذ التزامات املدين يمتد إلى
حين ارتفاع السبب املوجب للتوقيف ،وهو ما سارت عليه املحكمة التجارية بالدار البيضاء في أمرها
االستعجالي وأيدته محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء بقرارها الذي تعرض للنقض
بمقتض ى القرار املشار إلى مراجعه أعاله ،حيث اعتبر األمر االستعجالي والقرار االستئنافي أن توقيف
األجير الذي حصل من الدائنة على قرض القتناء شقة وقرض استهالكي عن العمل بشكل تعسفي
من طرف مشغلته وحصوله على حكم اجتماعي لصالحه ،يعتبر سببا موجبا ليقاف التزامه بأداء
ٌ
اساط القرضين وعدم ترتيبهما للفوائد القانونية طبلة مدة المهال القضائي.
إال أن الخالف الذي حسم فيه قرار محكمة النقض أعاله ،كان حول مدة توقيف سريان
وقد عللت محكمة النقض قرارها بكون أجل وقف التنفيذ املحدد في سنتين ال يمكن أن
يمتد إلى حين زوال السبب الذي على أساسه منح المهال القضائي ،بل إن الذي يستسف من نص
املادة 149أن وقف تنفيذ التزامات املدين يجب أن يحدد له أجل معين أقصاه سنتين بين الدفعة
األخيرة السابقة للتوقف واألجل األصلي لتسديد القرض ،ومحكمة االستئناف التجارية املصدرة
للقرار املطعون فيه التي اعتبرت أن أجل وقف التنفيذ يمتد إلى حين زوال السبب الذي على أساسه
منه المهال القضائي ونسبت ذلك للمادة 149املذكورة أعاله مع أنها ال تقول بذلك ،تكون قد خرقتها
وعرضت قرارها للنقض.
إذن من خالل هذا القرار ،يمكن أن نعتبر أن مهلة االمهال القضائي املنصوص عليه في
املادة 149من القانون رقم 31.08املتعلق بحماية املستهلك ال يمكن أن تتعدى بأي حال من األحوال
24شهر (سنتين) من تاريخ صدور االمر االستعجالي القاض ي بذلك ،وال يمكن فتح هذا األجل إلى ما
ال نهاية وربطه بتحقق يسر املدين ،وهو اتجاه سليم يراعي من جهة التيسير على املدين الذي قد
تتغير وضعيته املادية بكيفية تجعله غير قادر على تسديد ديونه ،كما أنه يراعي من جهة أخرى
مصالح الدائن الذي منح القرض وحدد له سقف زمني الستخالصه.
والبد من الشارة في هذا الباب إلى أن التعديل الذي طال املادة 202من القانون رقم 31.08
بمقتض ى القانون رقم ،)1(78.20حيث أصبح االختصاص القضائي النوعي ينعقد حصريا للمحكمة
االبتدائية في حال نزاع بين املورد واملستهلك ،ورغم وجود أي شرط مخالف ،وهو ما يفيد رفع يد
رؤساء املحاكم التجارية عن البت في مثل هذا النوع من الطلبات لصالح رؤساء املحاكم االبتدائية.
- 1تم تغيير وتتميم المادة - 202بمقتضى المادة األولى من القانون رقم 78.20الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.85
بتاريخ 25من ربيع اآلخر 11( 1442دجنبر )2020؛ الجريدة الرسمية عدد 6945بتاريخ 6جمادى األولى 21( 1442
ديسمبر ،)2020ص . 8465 :
القاعدة :عدم تعيين مفوض قضائي لتبليغ املقال أمام املحكمة التجارية يكون جزائه
عدم قبول الدعوى بعد إشعاراملحكمة للطالب بضرورة تعيينه ملفوض قضائي
املرجع :قرارمحكمة النقض عدد 3/600بتاريخ 2019/11/27في امللف التجاري عدد 2019/3/3/1820
تتلخص وقائع هذه النازلة في أن تاجرا قد تم استصدار أمر باألداء ضده ألداء مبلغ دين
مترتب عن كمبيالة ،وأنه تقدم بتعرضه أمام املحكمة التجارية بآكادير للمنازعة في األمر ،وأن هذه
األخيرة وقبل أن تنظر في املوضوع أشعرته بضرورة تعيين مفوض قضائي لتبليغ تعرضه طبقا ألحكام
الفصل 22من القانون رقم 81.03املنظم ملهنة املفوضيين القضائيين وتبعا ألحكام الفصل 15من
قانون إحداث املحاكم التجارية رقم ،53.95إال أنه لم يستجب لشعار املحكمة ،مما قادها إلى
الحكم بعدم قبول الطلب ،فاستأنف الحكم وقضت محكمة االستئناف التجارية بمراكش بتأييد
الحكم االبتدائي ،ثم قدم طلبه بالنقض حيث رأت محكمة النقض أن القرار االستئنافي لم يخرق
املقتضيات القانونية املنظمة للتبليغ أمام املحاكم التجارية وأنه جاء معلال بما يكفي ومبنيا على
أساس وجعلت الوسيلة على غير أساس.
وبالرجوع إلى املادة 22من القانون رقم 81.03املنظم ملهنة املفوضين القضائيين نجده ينص
على أنه ":يتعين على األطراف أو نوابهم أن يبينوا في الطلب اسم املفوض القضائي املختار.
يضع املفوض القضائي املختار طابعه وتوقيعه ومحل إقامته في أعلى الصفحة األولى من
الطلب أو يسلم للمعني باألمر إشهادا بالتزامه بالقيام بالجراء املطلوب".
وعلى الرغم من صيغة الوجوب التي وردت بها الفقرة األولى من املادة 22املشار إليها أعاله
"يتعين" ،إضافة إلى أنها وردت بصيغة املضارع التي تفيد االلزام ،فإن الفقرة األولى أو الثانية من
ذات املادة لم ترتب أي جزاء على عدم تعيين مفوض قضائي لتبليغ مقال التعرض ،وهو ما تمسك به
املتعرض في املرحلة االبتدائية واملرحلة االستئنافية وحتى أمام محكمة النقض ،حيث اعتبر أنه يبقى
من حق األطراف سلوك أي وسيلة أخرى منصوص عليها في الفصل 37من ق.م.م ،وأن ترتيب أثر
عدم القبول على عدم تعيين مفوض قضائي يجعل القرار املطعون فيه مخالفا للقانون ومنعدم
التعليل ،ويتعين بسبب ذلك التصريح بنقضه.
- 1تم نسخ مقتضيات القانون المذكور بالمادة 58من القانون رقم 81-03بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.06.23بتاريخ 15من محرم 14( 1427فبراير ،)2006الجريدة الرسمية عدد 5400 :بتاريخ فاتح صفر
2 ( 1427مارس ،)2006ص .559 :
القاعدة :إدانة مديرالشركة جنحيا بفعل جرمي من أجل إصدارشيك بدون رصيد خاص
بالشركة ل يعني مقاضاته شخصيا بأداء قيمة الشيك بل يتعين مقاضاة الشركة مصدرة الشيك
كشخص اعتباري
املرجع :قرارمحكمة النقض عدد 620بتاريخ 2005/06/01في امللف التجاري عدد 2005/2/3/40
تتلخص وقائع هذه النازلة في أنه سبق ملسير الشركة أ.ق أن سلم أحد املتعاملين معها
شيكين بنكيين تحت عدد 4987458و 4987459يحمل كل واحد منهما مبلغ 11000درهم أي ما
مجموعه 22000درهم مسحوبين بتاريخ 1999/10/30و 1999/11/30على البنك الشعبي بوجدة
بقيا بدون أداء لعدم وجود الرصيد في حساب الشركة ،وان املسير أدين أمام املحكمة الجنحية
ابتدائيا واستئنافيا بجنحة إصدار شيك بدون رصيد ،ملتمسا الحكم عليه باملبلغ أعاله ،فأجاب
املدعى عليه بأنه كان على املدعى أن يقدم دعواه ضد الشركة ملتمسا رفض الطلب ،وبعد تمام
الجراءات أصدرت املحكمة حكما قض ى على املدعى عليه بأدائه للمدعى مبلغ 22000درهم مع
الصائر والجبار في األدنى ورفض باقي الطلبات ،استأنفه الطاعن وبعد جواب املستأنف عليه وتمام
الجراءات أيدته محكمة االستئناف بقرارها املطلوب نقضه ،إال أن محكمة النقض قضت بنقض
القرار املطعون فيه ،وإحالة القضية على نفس املحكمة للبت فيه من جديد بهيئة أخرى طبقا
للقانون وبتحميل املطلوب في النقض الصائر ،على اعتبار أن محكمة االستئناف ملا ثبت لها أن
الطالب ممثال للشركة فقط ،وعلى هذا األساس توبع وأدين من أجل ما نسب إليه ومع ذلك قضت
عليه بأداء قيمة الشيك بصفة شخصية،تكون قد أساءت التعليل املوازي النعدامه وعرضت قرارها
للنقض.
ويثير هذا القرار مبدين هامين من مبادئ قانون الشركات وهما مبدأ انفصال ذمة الشريك
عن ذمة الشركة ،ومبدأ املسؤولية الجنائية للشخص املعنوي التي يتحملها ممثله القانوني بصفته
مسير لها في حدود تصرفاته باسمها ،ويقض ي املبدأ األول وفق القواعد العامة أن الشريك ولو كان
مسيرا ال يسأل إال في حدود مساهمته في الشركة ،ما لم يكتس ي تصرفه أحد األفعال املعاقب عليها
بمقتض ى املادة 373وما يليها من قانون شركات املساهمة رقم 17.95كما تم تتميمه وتغييره ،أو
أما بخصوص املسؤولية الجنائية للمسير الذي وقع الشيك املتعلق بالشركة دون التأكد
من توفر املؤونة ،فتقوم على قاعدة توفر القصد الجنائي العام املتمثل في سوء النية بعلم الساحب
بعدم وجود الرصيد ،دون القصد الجنائي الخاص املرتبط بنية إحداث الضرر ،ويقوم القصد
الجنائي العام في هذه الحالة على قاعدة أن الشركة ال تتمتع بالرادة املوجهة للقصد ،وإنما يتصرف
باسمها الشخص الذاتي (املسير) الذي اتجهت إرادته إلى ارتكاب الفعل املوجب لقيام جريمة إصدار
شيك بدون مؤونة وللعقوبة عنه ،دون نية إحداث الضرر.
القاعدة :التشطيب على السجل التجاري يستدعي رفض رئيس كتابة الضبط لهذا التشطيب قبل
اللجوء إلى رئيس املحكمة
ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتلخص وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائع ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه النازل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أن ورث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الهال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ......تق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدموا بمق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال
يعرضـ ـ ـ ـ ــون فيـ ـ ـ ـ ــه انهـ ـ ـ ـ ــم يملكـ ـ ـ ـ ــون علـ ـ ـ ـ ــى الشـ ـ ـ ـ ــياع العقـ ـ ـ ـ ــار موضـ ـ ـ ـ ــوع الرسـ ـ ـ ـ ــم العقـ ـ ـ ـ ــاري عـ ـ ـ ـ ــدد :
.................يوج ـ ـ ـ ـ ــد ب ـ ـ ـ ـ ــه مح ـ ـ ـ ـ ــل تجـ ـ ـ ـ ـ ــاري الك ـ ـ ـ ـ ــائن بـ ـ ـ ـ ـ ــالرقم 32-30زنق ـ ـ ـ ـ ــة ........الدارالبيضـ ـ ـ ـ ـ ــاء،
وانه ـ ـ ـ ـ ـ ــم اك ـ ـ ـ ـ ـ ــروا املح ـ ـ ـ ـ ـ ــل امل ـ ـ ـ ـ ـ ــذكور للم ـ ـ ـ ـ ـ ــدعى عليه ـ ـ ـ ـ ـ ــا وان ـ ـ ـ ـ ـ ــه ت ـ ـ ـ ـ ـ ــم فسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ العق ـ ـ ـ ـ ـ ــدة بت ـ ـ ـ ـ ـ ــاريخ
، 2022/7/28حيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث التزمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت املكتريـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة بالتشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطيب علـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوانهم داخـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل اجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل 15
يومـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــن ت ـ ـ ـ ـاريخ الفس ـ ـ ـ ـ اال انهـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ــم تقـ ـ ـ ــم بـ ـ ـ ــذلك ،ملتمس ـ ـ ـ ـين ألجلـ ـ ـ ــه الحكـ ـ ـ ــم بالتشـ ـ ـ ــطيب
علـ ـ ـ ـ ــى عنـ ـ ـ ـ ــوانهم مـ ـ ـ ـ ــن السـ ـ ـ ـ ــجل التجـ ـ ـ ـ ــاري العائـ ـ ـ ـ ــد للمـ ـ ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ــع شـ ـ ـ ـ ــمول هـ ـ ـ ـ ــذا االمـ ـ ـ ـ ــر
بالنفاذ املعجل وتحميل املطلوبة في االجراء الصائر.
وق ـ ـ ـ ـ ـ ــد ت ـ ـ ـ ـ ـ ــم الحك ـ ـ ـ ـ ـ ــم بع ـ ـ ـ ـ ـ ــدم قب ـ ـ ـ ـ ـ ــول الطل ـ ـ ـ ـ ـ ــب ل ـ ـ ـ ـ ـ ـثالث عل ـ ـ ـ ـ ـ ـل أساس ـ ـ ـ ـ ـ ــية :األول ـ ـ ـ ـ ـ ــى ان
الط ـ ـ ـ ــرف امل ـ ـ ـ ــدعي ل ـ ـ ـ ــم ي ـ ـ ـ ــدخل ف ـ ـ ـ ــي مقال ـ ـ ـ ــه رئ ـ ـ ـ ــيس مص ـ ـ ـ ــلحة الس ـ ـ ـ ــجل التج ـ ـ ـ ــاري املعني ـ ـ ـ ــة بطل ـ ـ ـ ــب
التشـ ـ ـ ــطيب حتـ ـ ـ ــى يتسـ ـ ـ ــنى لـ ـ ـ ــه إبـ ـ ـ ــداء وجهـ ـ ـ ــة نظـ ـ ـ ــره حـ ـ ـ ــول التشـ ـ ـ ــطيب ،والثانيـ ـ ـ ــة أنـ ـ ـ ــه لـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ــدل
بم ـ ـ ـ ــا يفي ـ ـ ـ ــد كون ـ ـ ـ ـه لج ـ ـ ـ ــأ للمص ـ ـ ـ ــلحة االنف ـ ـ ـ ــة ال ـ ـ ـ ــذكر وقوب ـ ـ ـ ــل طلب ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ــالرفض واالس ـ ـ ـ ــباب الت ـ ـ ـ ـي
اس ـ ـ ـ ــس عليه ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ــرفض ،باعتب ـ ـ ـ ــار ان اللج ـ ـ ـ ــوء ال ـ ـ ـ ــى القض ـ ـ ـ ــاء يقتضـ ـ ـ ـ ـ ى وج ـ ـ ـ ــود نـ ـ ـ ـ ـزاع ،والثالث ـ ـ ـ ــة
كـ ـ ـ ـ ــون الطـ ـ ـ ـ ــالبين اكتفـ ـ ـ ـ ــوا بـ ـ ـ ـ ــاالدالء بالسـ ـ ـ ـ ــجل التجـ ـ ـ ـ ــاري للمطلوبـ ـ ـ ـ ــة فـ ـ ـ ـ ــي االج ـ ـ ـ ـ ـراء ولـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ــدلوا
بنسـ ـ ـ ــخة محينـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ــن السـ ـ ـ ــجل تمكـ ـ ـ ــن مـ ـ ـ ــن ا لوقـ ـ ـ ــوف علـ ـ ـ ــى وضـ ـ ـ ــعية الشـ ـ ـ ــركة الراهنـ ـ ـ ــة قصـ ـ ـ ــد
ترتيب االثر القانوني االزم.
املرجع :أمراستعجالي رقم 2022/5771 :بتاريخ 2022/11/ 9في امللف رقم 2022/8101/ 5015:غيرمنشور
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتلخص وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائع النازلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أن املدعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدمت بواسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطة نائبهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بمقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال
اس ـ ـ ــتعجالي تعـ ـ ـ ــرض فيـ ـ ـ ــه انه ـ ـ ــا مختص ـ ـ ــة ف ـ ـ ــي كـ ـ ـ ـراء الس ـ ـ ــيارات وهـ ـ ـ ـي زبون ـ ـ ــة ل ـ ـ ــدى امل ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ــا
تتعام ـ ـ ـ ـ ــل معه ـ ـ ـ ـ ــا من ـ ـ ـ ـ ــذ س ـ ـ ـ ـ ــنة ،2011وان ـ ـ ـ ـ ــه ف ـ ـ ـ ـ ــي س ـ ـ ـ ـ ــنة 2020وبع ـ ـ ـ ـ ــد جائح ـ ـ ـ ـ ــة كرون ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ــدأت
العارض ـ ـ ـ ـ ـ ــة تالح ـ ـ ـ ـ ـ ــظ مجموع ـ ـ ـ ـ ـ ــة م ـ ـ ـ ـ ـ ــن الخروق ـ ـ ـ ـ ـ ــات م ـ ـ ـ ـ ـ ــن جان ـ ـ ـ ـ ـ ــب امل ـ ـ ـ ـ ـ ــدعى عليه ـ ـ ـ ـ ـ ــا ،ذل ـ ـ ـ ـ ـ ــك ان
العارضـ ـ ـ ـ ـ ــة اقتنـ ـ ـ ـ ـ ــت 18سـ ـ ـ ـ ـ ــيارة عـ ـ ـ ـ ـ ــن طريـ ـ ـ ـ ـ ــق البيـ ـ ـ ـ ـ ــع باملصـ ـ ـ ـ ـ ــارفة ،اذ ان املـ ـ ـ ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ــم
تحتـ ـ ـ ـ ــرم بنـ ـ ـ ـ ــود العقـ ـ ـ ـ ــد بخصـ ـ ـ ـ ــوص السـ ـ ـ ـ ــيارات التـ ـ ـ ـ ــي حصـ ـ ـ ـ ــلت منهـ ـ ـ ـ ــا علـ ـ ـ ـ ــى عقـ ـ ـ ـ ــد رفـ ـ ـ ـ ــع اليـ ـ ـ ـ ــد
والت ـ ـ ـ ــي وص ـ ـ ـ ــل ع ـ ـ ـ ــددها ال ـ ـ ـ ــى 11س ـ ـ ـ ــياراة ،كم ـ ـ ـ ــا ان امل ـ ـ ـ ــدعى عليه ـ ـ ـ ــا ض ـ ـ ـ ــاعفت املبل ـ ـ ـ ــغ الواج ـ ـ ـ ــب
ادائـ ـ ـ ـ ــه حيـ ـ ـ ـ ــث تقـ ـ ـ ـ ــدمت العارضـ ـ ـ ـ ــة بـ ـ ـ ـ ــدعوى امـ ـ ـ ـ ــام محكمـ ـ ـ ـ ــة املوضـ ـ ـ ـ ــوع حـ ـ ـ ـ ــول الس ـ ـ ـ ـ ــيارات 7
التـ ـ ـ ـ ـ ــي الزالـ ـ ـ ـ ـ ــت العارضـ ـ ـ ـ ـ ــة تـ ـ ـ ـ ـ ــؤدي اقسـ ـ ـ ـ ـ ــاطها حـ ـ ـ ـ ـ ــول املبـ ـ ـ ـ ـ ــالغ الغيـ ـ ـ ـ ـ ــر املسـ ـ ـ ـ ـ ــتحقة ذلـ ـ ـ ـ ـ ــك ان
العارضـ ـ ـ ــة سـ ـ ـ ــبق ان راسـ ـ ـ ــلت املـ ـ ـ ــدعى عليهـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــن اجـ ـ ـ ــل تسـ ـ ـ ــليمها نس ـ ـ ـ ـ مـ ـ ـ ــن عقـ ـ ـ ــود االئتمـ ـ ـ ــان
االيج ـ ـ ـ ـ ــاري ال ـ ـ ـ ـ ــذي يربطه ـ ـ ـ ـ ــا به ـ ـ ـ ـ ــا لك ـ ـ ـ ـ ــن دون ج ـ ـ ـ ـ ــدوى ،والتمس ـ ـ ـ ـ ــت ألج ـ ـ ـ ـ ــل ذل ـ ـ ـ ـ ــك أم ـ ـ ـ ـ ــر امل ـ ـ ـ ـ ــدعى
عليها بتمكينها من نس عقود االئتمان االيجاري.
وقد جاء في تعليل األمر االستعجالي ما يلي ":حيث ان البين من ظاهر وثائق امللف املشار
اليها اعاله ،والصادر بعضها عن املطلوبة في االجراء ان هناك رابطة تعاقدية تربط بين الطرفين
تتعلق بتمويل شراء سيارات لفائدة الطالبة -عقود ائتمان ايجاري -وربطا بطبيعة النشاط التجاري
الذي تمارسه املطلوبة في االجراء
وحيث ان ابرام عقود مع الطالبة او الغير يقتض ى من الشركة املقرضة ان تسلم املقرض
نسخا من العقود التي ابرمتها معها حتى تكون على بينة من االلتزامات التي تقع على عاتقها وذلك
وفق مايفرض القانون وقانون حماية املستهلك خالفا ملا اثير من طرف املطلوبة.
القاعدة :املادة 30من قانون املحاماة اعطت للمحامي صالحية منح رفع يد عن الحجوزنيابة عن
موكله دون حاجة الى وكالة خاصة
تتلخص وقائع النازلة في أن املدعي تقدم بواسطة نائبه بمقال يعرض فيه أن املطلوبة
استصدرت امرا قضائيا عن رئاسة املحكمة التجارية بالدارالبيضاء بتاريخ 2014/12/16موضوع
امللف رقم 2014/4/...........:قض ى باجراء حجز تحفظي على سيارتها رقم -54ا .........-وانه ابرم عقد
صلح مع املستفيد من الحجز وحصل على رفع يد من نائبه ملتمسا ألجله رفع الحجز الواقع على
سيارته املذكورة مع شمول هذا االمر بالنفاذ املعجل وتحميل املطلوبة في االجراء الصائر.
حيث بنى األمر الرئاس ي رفع الحجز على السيارة الواقع بمقتض ى االمر الصادر عن رئاسة
هذه املحكمة بتاريخ 2014/12/16موضوع امللف رقم 2014/4/......:لوقوع صلح مع البنك املستفيد
من الحجز ،مع أمر رئيس مصلحة تسجيل السيارات باسفي بتنفيذ مقتضيات هذا االمر والتشطيب
على الحجز على سيارة املدعي على الحيثيات التالية :
"حيث ان البين من ظاهر وثائق امللف ان الطالب قد حصل عن رفع يد عن الحجز الذي
سبق ان اوقعته املطلوبة في االجراء صادر عن نائبها؛
وحيث ان املادة 30من قانون املحاماة اعطت للمحامي صالحية اعطاء رفع يد عن الحجوز
نيابة عن موكله دون حاجة الى وكالة خاصة؛
وحيث مادام ان الطالب قد حصل عن رفع يد من املستفيد من الحجز اضحى طلبه
الرامي الى رفع الحجز عن سيارته مؤسسا ووجب االستجابة له".
شملت املستجدات التنظيمية املرتبطة بمجال الدارة القضائية صدور العديد من
الدوريات واملناشير والقرارات التي تهدف إلى حسن تدبير وتنظيم هذه األخيرة ،وإلى التنزيل السليم
للعديد من املقتضيات القانونية خاصة منها قانون التنظيم القضائي رقم ،38.15وعلى رأسها دورية
السيد الرئيس املنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية رقم ،2022/52وقرار السيد وزير العدل
بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم أقسام ومصالح الدارة املركزية وزارة العدل ،واالستدراك الذي
عرفه هذا القرار ،واملراسيم األربعة املتعلقة بتبسيط الجراءات لواملساطر القضائية ،إضافة إلى
مرسوم الصفقات العمومية لسنة ،2023ومرسوم السيد رئيس الحكومة املتعلق بالرخص ألسباب
صحية ورخص الوالدة ،ومرسوم خدمات الثقة بشأن املعامالت االلكترونية ،وأخيرا الدورية املشتركة
بين السيد الرئيس املنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية والسيد رئيس النيابة العامة حول
إحداث لجان مشتركة للتتبع وضعية االعتقال االحتياطي.
وفي ظل هذا الزخم التنظيمي الكثير الذي عرفه األسدس األول من سنة ،2023فإن مجلة
الدارة القضائية سوف تقتصر على نشر أهمها الذي لن يشغل حيزا كبيرا من حجم املجلة على أن
تحيل القارئ بخصوص الباقي على مصادرها ،وهي على التوالي :
-التقريرين السنويين للمجلس األعلى للسلطة القضائية عن سنتي 2020و،2021
ملرفوعين إلى حضرة صاحب الجاللة امللك محمد السادس رئيس املجلس األعلى للسلطة القضائية،
واملنشورين بالجريدة الرسمية عدد 7165مكرر ،بتاريخ 9رجب 31(1444يناير ،)2023ص694 :؛
-مرسوم الصفقات العمومية رقم 2.22.431صادر في 15من شعبان 8 ( 1444مارس
،)2023واملنشور بالجريدة الرسمية عدد ،7176بتاريخ 16شعبان 09(1444مارس ،)2023ص:
2861؛
-منشور رئيس الحكومة الخاص بالرخص لسباب صحية ورخص الوالدة رقم 2023/08
الصادر بتاريخ 26شوال 1444املوافق ل 17ماي 2023املوجه للسادة الوزراء املعنيين بالقطاعات
الحكومية؛
"وقالوا الحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا هللا" ،هي آية محكمة من
سورة األعراف ،رقم ،43 :وإن كانت تصف املؤمنين الصالحين عند دخلوهم الجنة ورؤيتهم ملكارم
هللا عز وجل ،ورحمته بهم بأن صرف عنهم عذاب جهنم ،إال أنها يمكن أن تنطبق على الثناء والحمد
الواجب هلل عز وجل بأن ألهمنا وسددنا إلى إخراج هذا العدد األول من مجلة اإلدارة القضائية ،والتي
كانت حلما راود العديد من املنتسبين لإلدارة القضائية بمفهومها الجديد من موظفي كتابة الضبط
وقضاة األحكام وقضاة النيابة العامة ،وبمفهومها الواسع من السادة املحامون واملفوضون
القضائيون والخبراء والعدول والتراجمة ،وجميع من يساهم في تدبير إدارة املحاكم سواء بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة.
وأملنا كبير في أن يجد هذا العدد األول صداه وبعده القانوني وإشعاعه الفكري القانوني
واالقتصادي واالجتماعي لدى فئة واسعة من املمارسين والباحثين والطلبة واملهتمين بالشأن
القانوني والقضائي ،وأن يشكل لبنة أولى إلعطاء االنطالقة الحقيقة لنهضة فكرية قانونية في جسم
اإلدارة القضائية املغربية ،ويحفز العديد من املنتسبين إليها وفق التفصيل الوارد أعاله على البحث
العلمي والبذل والعطاء الفكري ،ويشكل أرضية خصبة لتبادل التجارب وتناقح األفكار بين مجموعة
من املمارسات الفضلى لدى محاكم اململكة سواء تعلقت بمجال العمل القضائي وتدبيره اإلداري أو
بعمل هيئة كتابة الضبط املرتبط بمجال اإلدارة القضائية في شقها اإلداري واملالي.
كما أننا نغتنم كلمة اختتام هذا العدد للدعوة إلى دعم هذا املولود الجديد ،وشد عوده
باملساهمة املكثفة من طرف املهتمين في العدد الثاني الذي من املرتقب أن يصدر في النصف الثاني
من سنة ،2023والذي نتمنى أن يكون ناجحا بإذن هللا ،وهللا ولي التوفيق وهو الهادي إلى سبيل
الرشاد.
-أعراف وتقاليد مهنة املحاماة في زمن اإلنترنيت .....................................ذ الخاميس فاضيلي محام وباحث في قانون األعمال8 .................
-نحو ترقية مسألة الهج ــرة الدولية وعوملـ ــتها ...........................................د لطيفة نجيبي دكتورة في القانون الدولي26 ................................
-املحورالثاني :مقاالت اإلدارة القضائية46 .................................................... .................. .................. :
-رقمنة مساطرصعوبات املقاولة :اآلفاق و التحديات ..................د /املهدي سالم قاض ي باملحكمة التجارية بالدارالبيضاء47 ......................
-مركزاألرشيف في التشريع الجنائ ــي املغرب ــي ..................ذ /عمراملوريف،مديراملركزالجهوي للحفظ بمراكش التابع لوزارة العدل71 ............
-اإلجراءات املسطريـ ــة في دعاوى الط ـ ـ ــالق والتطلي ــق ...........د الجياللي مكوط دكتورفي الحقوق ،فرع قانون خاص102 ...............................
-تصفية صوائراملساعدة القضائية في إطارنزاعات الشغل ........عبد العالي امسيس منتدب قضائي باملحكمة االبتدائية بأكادير162 ..........
-املحورالثالث :نافذة على الجامعة 180 ........................................................ .................. .................. :
بيداغوجية حول ّكليات الحقوق .......ذ ّ
محمد بوشاوير ،باحث بمركز الدكتوراه مختبرالدراسات ّ ّ
القانونية باملغرب :طروحات -العلوم
في التنمية السياسية الترابية وتحليل املخاطرابن زهر181 ............................................................ .................. .................. ....................
-املحورالرابع :فسحة أدبية وشعرية 203 ..................................................... .................. .................. :
-المية املدني .........................................ألبو سامي عزيزندا علي باحث في الدراسات القانونية والقضائي ــة204 ........................................
-تحت املطر(قصة قصيرة) ..........................................بقلم عبد العلي اشرنان206 ................................................................................
-املحورالخامس :اجتهادات قضائية ومستجدات قانونية وتنظيمية208 ..................................................
-أوال :االجتهادات القضائية 209 ........................................................................................................................................................ :
-ثانيا :املستجدات القانونية 227 .........................................................................................................................................................
-تعديل القانون التنظيمي للمجلس األعلى للسلطة القضائية رقم 100.13بواسطة القانون التنظيمي رقم 228...............................................................................................13.22
-تعديل القانون التنظيمي املتعلق بالنظام األساس ي للقضاة رقم 106.13بواسطة القانون التنظيمي رقم 231 .................................................................................................14.22
-ثالثا :املستجدات التنظيمية 235 .................................................................................................................................................... .:
-قرار وزير العدل بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم أقسام ومصالح اإلدارة املركزية لوزارة العدل236 ..........................................................................
-استدراك بخصوص قرار وزير العدل املتعلقة بتحديد اختصاصات وتنظيم اإلدارة املركزيو لوزارة العدل 248..............................................................
-دورية الرئيس املنتدب رقم 22/52حول تنزيل القانون رقم 38.15املتعلق بالتنظيم القضائي 249 ................................................................................
-أربعة مراسيم تطبيق أحكام القانون رقم 55.19املتعلق بتبسيط املساطر وأإلجراءات اإلدارية 273 ............................................................................
-دورية مشتركة بين املجلس األعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة عدد 2023/01حول إحداث لجان مشتركة لتتبع وضعية
االعتقال االحتياطي 331 .......................................................................................................................................................................................................
-خاتمة العدد 336 ..............................................................................................................................................................................................................
-ا لفهرس 337 .....................................................................................................................................................................................................................
ﻣ
REVU
IAIRE
E
IC
D'A D
DMI JU
NISTRTION