Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 55

‫املسؤولية احملدودة يف الشركات دراسة تأصيلية تطبيقية‬

‫ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺄﺻﻴﻠﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫ﺍﻟﻌﺪﻝ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺪﻝ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻴﻞ‪ ،‬ﻣﺴﺎﻋﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻣﺞ‪ ,16‬ﻉ‪65‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫حبث حمكم‬ ‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2014‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻳﻮﻟﻴﻮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫‪325 - 376‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪670935‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ‪ ،‬ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ‪ ،‬ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻰ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/670935‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫إعداد د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫عضو هيئة التدريس يف املعهد العايل للقضاء‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫املسؤولية احملدودة يف الشركات دراسة تأصيلية تطبيقية‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻴﻞ‪ ،‬ﻣﺴﺎﻋﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ‪ .(2014) .‬ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺄﺻﻴﻠﻴﺔ‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ‪.‬ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﻣﺞ‪ ,16‬ﻉ‪ .376 - 325 ،65‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪670935/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻴﻞ‪ ،‬ﻣﺴﺎﻋﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ‪" .‬ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﺄﺻﻴﻠﻴﺔ‬
‫حبث حمكم‬ ‫ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ‪".‬ﺍﻟﻌﺪﻝﻣﺞ‪ ,16‬ﻉ‪ .376 - 325 :(2014) 65‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/670935‬‬

‫إعداد د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫عضو هيئة التدريس يف املعهد العايل للقضاء‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫املسؤولية احملدودة يف الشركات دراسة تأصيلية تطبيقية‬

‫حبث حمكم‬

‫إعداد د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫عضو هيئة التدريس يف املعهد العايل للقضاء‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫ملخص البحث‪:‬‬

‫بني الباحث التايل‪:‬‬

‫‪ ‬أن املسؤولية احملدودة يف الشركات مصطلح جاءت به القوانني واألنظمة التجارية املعاصرة‪ ،‬ويقصد‬

‫به‪ :‬أن تكون مسؤولية الشريك عن ديون الشركة مقتصرة على نصيبه فيها‪ ،‬وال يتحمل الشريك يف‬

‫أمواله اخلاصة ما زاد من ديون الشركة عن موجوداهتا‪.‬‬

‫‪ ‬إثبات املنظم السعودي مبدأ املسؤولية احملدودة للشركاء يف أربع شركات هي‪ :‬الشركة املسامهة‪،‬‬

‫والشركة ذات املسؤولية احملدودة‪ ،‬وشركة التوصية البسيطة‪ ،‬وشركة التوصية ابألسهم‪.‬‬

‫‪ ‬مراعاة املنظم السعودي حني قرر مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات املذكورة خطورة استغالل‬

‫هذا املبدأ للتالعب حبقوق الدائنني‪ ،‬فوضع مجلة من الضماانت اليت حتد من استغالل هذا املبدأ‬

‫للتغرير ابلدائنني وتضييع حقوقهم‪ ،‬وأورد الباحث مواد النظام املتعلقة هبذا الشأن ‪.‬‬

‫‪ ‬اختالف الفقهاء املعاصرين يف مبدأ املسؤولية احملدودة للشركاء عن ديون الشركة بني من يرى‬

‫صحة املبدأ‪ ،‬وبني من يرى عدم صحته‪ ،‬ورجح الباحث الصحة بضوابط‪.‬‬

‫‪ ‬من يرى صحة املبدأ استند اىل أدلة منها‪ :‬أن حتديد املسؤولية عن الديون مبقدار رأس املال يف‬

‫الشركة نوع من الشروط يشرتطها الشركاء على املتعاملني مع الشركة وقد علموا ورضوا هبا وانتفى‬

‫عنهم الغرر‪ ،‬واألصل يف الشروط الصحة واجلواز‪ ،‬وأن حقيقة املسؤولية احملدودة هي إبراء من دين‬

‫جمهول مل يتبني قدره‪ ،‬واإلبراء إسقاط حتتمل فيه اجلهالة والغرر‪ ،‬وخترجيا على املسؤولية احملدودة‬

‫للسيد عن ديون عبده الذي أذن له ابلتجارة‪ ،‬وملا حيققه إعمال هذا املبدأ من تشجيع على‬

‫استثمار األموال يف الشركات اليت تعود بنفعها االقتصادي على الفرد واجملتمع‪.‬‬

‫‪ 623‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫‪ ‬من يرى عدم صحة املبدأ استند إىل أدلة منها‪ :‬أن مبدأ املسؤولية احملدودة مل يعرفه الفقهاء‪ ،‬بل‬

‫خيالف ما اتفقوا عليه من كون الديون تتعلق بذمة الشخص ال مباله‪ ،‬وأن مبدأ املسؤولية احملدودة‬

‫خمالف ملقتضى عقد الشركة يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهو أن يتحمل الشريك ما حيصل للشركة من‬

‫خسائر بقدر حصته يف رأس املال‪ ،‬وأن األخذ مببدأ املسؤولية احملدودة يعطي الذريعة للشركاء أو‬

‫ادارة الشركة إىل التغرير ابألطراف املتعاملني معهم‪.‬‬

‫‪ ‬عددا من التطبيقات القضائية للمسؤولية احملدودة يف الشركات ‪.‬‬

‫احلمد هلل مدا كثيا طيبا مباركا فيه‪ ،‬مدا يليق جبالله وكماله وعظيم أفضاله‪ ،‬والصالة والسالم على‬

‫خي خلق هللا نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫فإن من أوجه كمال الشريعة اإلسالمية مشول عنايتها مجيع مصاحل العباد يف العاجل واآلجل‪ ،‬ومن‬

‫ذلك حثها على استثمار املال وتنميته ابلطرق املشروعة اليت تعود بنفعها على الفرد واجملتمع‪ " ،‬فما يظن‬

‫بشريعة جاءت حلفظ نظام األمة وتقوية شوكتها وعزهتا إال أن يكون لثروة األمة يف نظرها املكان السامي‬

‫من االعتبار واالهتمام‪ ،‬وإذا استقرينا أدلة الشريعة من القرآن والسنة الدالة على العناية مبال األمة وثروهتا‬

‫واملشية إىل أن به قوام أعماهلا وقضاء نوائبها جند من ذلك أدلة كثية تفيدان كثرهتا يقينا أبن للمال يف نظر‬

‫الشريعة حظا ال يستهان هبا " (‪.)1‬‬

‫والشركات يف عصران احلاضر قد غدت أساس االستثمارات املالية واليت تقوم من خالهلا املشاريع‬

‫التجارية والصناعية والزراعية واخلدمية الكربى‪ ،‬وصارت املالذ الذي تستثمر فيه معظم رؤوس األموال ‪ .‬ومن‬

‫هنا تتضح األمهية البالغة لدراسة مسائل الشركات احلديثة وأتصيل نوازهلا‪ ،‬وعرض مسائلها وصورها اليت‬

‫صاغتها األنظمة التجارية املعاصرة على ميزان الوحي املطهر‪ ،‬فيقبل منها ما وافق أصول الشريعة وقواعدها‪،‬‬

‫‪623‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫ويرد ما خالف الشريعة الكاملة التامة‪ ،‬شريعة الرمة واهلدى اليت ارتضاها لنا رب العباد وضمنها ما يصلح‬

‫ديننا ودنياان‪.‬‬

‫وإن من أهم النوازل يف الشركات احلديثة‪ :‬املسؤولية احملدودة للشركاء عن ديون الشركة‪ ،‬واليت أقرهتا‬

‫األنظمة التجارية يف عدد من الشركات‪ ،‬كما سيأيت بيانه وتفصيله‪.‬‬

‫وهذا املبدأ حباجة إىل أتصيل يبني صورته وحدوده يف النظام‪ ،‬ويرده إىل األصول الفقهية اليت ميكن‬

‫خترجيه عليها للوصول إىل حكمه الشرعي‪.‬‬

‫لذا فقد استعنت ابهلل تعاىل على كتابة هذا البحث املوجز‪ ،‬والذي اشتمل على دراسة أتصيلية‬

‫للمسؤولية احملدودة يف الشركات‪ ،‬مث أتبعتها بدراسة تطبيقية أوردت فيها مناذج خمتارة من األحكام القضائية‬

‫الصادرة من حماكم اململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫وأسأل هللا مبنه وكرمه أن يهدي قليب ويلهمين رشدي‪ ،‬وأن جيعل عملي هذا خالصا لوجهه الكرمي‪،‬‬

‫وانفعا لعباده‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫(‪)1‬مقاصد الشريعة اإلسالمية البن عاشور (ص ‪.)054‬‬

‫‪ 623‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫املبحث األول‬

‫التعريف ابملسؤولية احملدودة يف الشركات‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريفها ابعتبارها مركبا‬

‫حيسن قبل تعريف مصطلح املسؤولية احملدودة يف الشركات ابعتباره لقبا‪ ،‬تعريف مفردا ته اليت‬

‫يرتكب منها وهي‪ :‬املسؤولية‪ ،‬واحملدودة‪ ،‬والشركات ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬املسؤولية‪:‬‬

‫املسؤولية حال أو صفة من يسأل عن أمر تقع عليه تبعته‪ ،‬وهي مصدر صناعي‪ ،‬أصلها اسم‬

‫املفعول (مسؤول) أدخلت عليه ايء النسبة واتء التأنيث (‪.)2‬‬

‫والسؤال يف اللغة له عدة معان (‪ ،)3‬منها‪:‬‬

‫‪ -1‬الطلب واالستعطاء‪ ،‬يقال‪ :‬سألته الشيء‪ ،‬أي‪ :‬استعطيته إايه ‪.‬‬

‫‪ -2‬االستخبار واستدعاء املعرفة‪ ،‬وقد يرد ذلك على سبيل التوبيخ والتقرير واملؤاخذة ‪.‬‬

‫ولفظ املسؤولية من األلفاظ احملدثة‪ ،‬اليت مل يشتهر استعماهلا عند الفقهاء املتقدمني (‪ ،)4‬وإمنا هو‬

‫اصطالح معاصر درج استعماله عند املعاصرين‪.‬‬

‫واملراد ابملسؤولية يف اصطالح املعاصرين‪ :‬التبعة اليت تقع على أحد بسبب ما (‪.)5‬‬

‫(‪)2‬ينطر‪ :‬املعجم الوسيط (‪.)011/1‬‬


‫(‪)3‬ينظ ر‪ :‬مف ردات ألف اظ الق رآن (ص ‪ )034‬م ادة (س ول)‪ ،‬املص باح املن ي (ص ‪ )200‬م ادة (س ول)‪ ،‬لس ان الع رب (‪ )1044 /22‬م ادة‬
‫(سأل)‪ ،‬اتج العروس (‪ )154 /20‬مادة (سأل)‪.‬‬
‫(‪)4‬ومل أقف بعد البحث عن لفظ املسؤولية عند الفقهاء املتقدمني إال على قول ابن حجر اهليتمي الشافعي يف حتفة احملتاج (‪... (( :)010/4‬‬
‫ويوجه القطع ابإلشاعة هنا أبن يد املسؤولية على الزائد املنبهم ال ميكن ختصيصها ببعضه؛ لعدم املرجح‪ ،‬إذ ال مقتضى للضمان أو األمانة قبلها‬
‫حىت حيال األمر عليه))‪.‬‬

‫‪623‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫ولفقهاء الشريعة عدة ألفاظ مستعملة يف التعبي عن هذا املع ى للمسؤولية‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬لفظ‬

‫(الغرم)‪ ،‬مبع ى‪ :‬ما يلزم أداؤه (‪.)6‬‬

‫ولفظ (الضمان)‪ ،‬وله عدة استعماالت عند الفقهاء يعرب بعضها عن املع ى املراد ابملسؤولية‪ ،‬ومن‬

‫ذلك‪:‬‬
‫(‪)9‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫لفظ الضمان على الكفالة‪ ،‬مبع ى ضم ذمة‬ ‫واحلنابلة‬ ‫والشافعية‬ ‫‪ -1‬إطالق فقهاء املالكية‬

‫الضامن إىل ذمة املضمون عنه يف التزام احلق‪.‬‬

‫‪ -2‬ويستعمل الفقهاء لفظ الضمان مبع ى غرامة اإلنسان ما ابشره أو تسبب فيه من اإلتالفات‬

‫والغصوب والعيوب والتغيات الطارئة (‪.)10‬‬

‫‪ -3‬ويستعمل الفقهاء لفظ الضمان مبع ى االلتزام ابلقيام بعمل (‪.)11‬‬

‫‪ -0‬ويستعملون لفظ الضمان مبع ى حتمل تبعة اهلال والتعيب (‪.)12‬‬

‫(‪)5‬ينظر‪ :‬مسؤولية الشريك يف الشركة للماجد (ص ‪ ،)53‬مسؤولية املرء عن الضرر الناتج من تقصيه للمرزوقي (ص ‪ .)24‬وهذا التعري ف ه و‬
‫أدق م ا وقف ت علي ه يف تعري ف املس ؤولية‪ .‬وللمعاص رين تعريف ات كث ية للمس ؤولية ال ختل و م ن مناقش ة واع رتاض لكو ا أع م أو أخ ص م ن امل راد‬
‫ابللفظ املعرف‪ .‬وال يتسع هذا البحث املوجز لبسط هذه التعريفات ومناقشتها‪.‬‬
‫(‪)6‬ينظر‪ :‬املبسوط (‪ ،)30/24‬فتح القدير (‪ ،)165/4‬املدونة (‪ ،)551 /1‬املنتقى شرح املوطأ (‪ ،)204/5‬األم (‪ ،)260/6‬مغين احملتاج‬
‫(‪ ،)211/3‬الفروع (‪ ،)614/2‬شرح منتهى اإلرادات (‪ .)341/2‬وللغرم مع ى آخر عند الفقهاء وهو اهلال واخلسارة ‪.‬‬
‫(‪)7‬ينظر‪ :‬التاج واإلكليل (‪ ،)34 /4‬مواهب اجلليل (‪.)06 /5‬‬
‫(‪)8‬ينظر‪ :‬أس ى املطالب (‪ ،)235/2‬حتفة احملتاج (‪.)204 /5‬‬
‫(‪)9‬ينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)236 /0‬كشاف القناع (‪ .)362 /3‬واحلنابل ة خيص ون لف ظ الكفال ة ابلت زام إحض ار ب دن امل دين‪ ،‬م ع م وافقتهم للمالكي ة‬
‫والشافعية يف إطالق لفظ الضمان على الكفالة ابملع ى املذكور ينظر‪ :‬مطالب أو ي النهى (‪ ،)313/3‬كشاف القناع (‪.)345/3‬‬
‫(‪)10‬ينظ ر‪ :‬ب دائع الص نائع (‪ ،)242 /6‬تبي ني احلق ائق (‪ ،)236/5‬املدون ة (‪ ،)144/0‬الت اج واإلكلي ل (‪ ،)325/4‬األم (‪ ،)252/3‬أس ى‬
‫املطالب (‪ ،)356/2‬شرح منتهى اإلرادات (‪ ،)314/2‬كشاف القناع (‪ ،)02/0‬احمللى (‪ ،)01 /6‬املوسوعة الفقهية (‪.)210/22‬‬
‫(‪)11‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع (‪ ،)62/6‬جممع األ ر (‪ ،)424/1‬كشاف القناع (‪ ،)30/0‬مطالب أو ي النهى (‪ ،)506/3‬معجم املصطلحات‬
‫املالية واالقتصادية يف لغة الفقهاء (ص ‪.)202‬‬
‫(‪)12‬ينظر‪ :‬املبسوط (‪ ،)0/ 13‬الكايف يف فقه أهل املدينة (ص ‪ ،)364‬احلاوي الكبي (‪ ،)221/5‬املبدع (‪ ،)13/ 0‬الكاشف عن حقائق‬
‫السنن (‪ ،)23 /6‬البدر التمام (‪ ،)100/3‬مرقاة املفاتيح (‪ ،)40/6‬حتفة األحوذي (‪.)031/0‬‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫‪ -‬ومن األلفاظ اليت استعملها بعض الفقهاء يف التعبي عن هذا املع ى للمسؤولية لفظ (املأخوذية)‪.‬‬

‫وقد استعمله اإلمام الشافعي رمه هللا فقال‪ ... " :‬والوجه الثاين الذي يسقط فيه العقل أن أيمر‬

‫الرجل به الداء الطبيب أن يبط جرحه‪ ،‬أو األكلة أن يقطع عضوا خياف مشيها إليه‪ ،‬أو يفجر له‬

‫عرقا‪ ،‬أو احلجام أن حيجمه أو الكاوي أن يكويه‪ ،‬أو أيمر أبو الصيب أو سيد اململو احلجام أن‬

‫خيتنه فيموت من شيء من هذا ومل يتعد املأمور ما أمره به‪ ،‬فال عقل وال مأخوذية إن حسنت نيته‬

‫إن شاء هللا تعاىل " (‪ .)13‬ومل أقف على من استعمل هذا املصطلح بعد الشافعي رمه هللا رغم‬

‫إمامته يف الفقه واللغة‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬احملدودة‪:‬‬

‫احملدودة‪ :‬اسم مفعول من احلد‪ ،‬أضيفت إليه اتء التأنيث‪.‬‬

‫جاء يف مقاييس اللغة‪ " :‬احلاء والدال أصالن‪ :‬األول املنع‪ ،‬والثاين طرف الشيء‪.‬‬

‫فاحلد‪ :‬احلاجز بني الشيئني‪ ،‬وفالن حمدود‪ :‬إذا كان ممنوعا" (‪.)14‬‬

‫وهبذا يتبني أن وصف املسؤولية أب ا حمدودة إمنا يقصد به املنع من جتاوزها قدرا معينا‪ ،‬على ما‬

‫سيأيت بيانه يف التعريف اللقىب‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬الشركات‪:‬‬

‫ريا ِم َن‬‫ِ ِ‬
‫الشركات‪ :‬مجع شركة‪ ،‬والشركة يف اللغة‪ :‬هي خلط امللكني ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪َ ( :‬وإ َّن َكث ً‬
‫(‪)15‬‬

‫يل َما ُه خم)(‪ ،)16‬واخللطاء هم‬ ‫ض إَِّال الَّ ِذين آَمنُوا و َع ِملُوا َّ ِ ِ ِ‬
‫الصاحلَات َوقَل ٌ‬ ‫َ َ َ‬ ‫اْلُلَطَ ِاء لَيَ خب ِغي بَ خع ُ‬
‫ض ُه خم َعلَى بَ خع ٍ‬ ‫خ‬

‫الشركاء (‪.)17‬‬

‫(‪)13‬األم (‪. )104 /6‬‬


‫(‪ )3/2()14‬مادة (حد)‪ .‬وينظر‪ :‬مفردات ألفاظ القرآن (ص ‪ )221‬مادة (حد)‪.‬‬

‫‪665‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫والشركة يف اصطالح الفقهاء‪ :‬هي االجتماع يف استحقاق أو تصرف‪ .‬وتنقسم إىل قسمني‪ :‬القسم‬

‫األول‪ :‬شركة امللك‪ ،‬وهي االجتماع يف االستحقاق بسبب من أسباب التملك كاإلرث والوصية واهلبة‬

‫وغيها دون أن يكون للشريك حق التصرف يف نصيب شريكه‪ ،‬فيكون الشريك أجنبيا يف نصيب شريكه‪.‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬شركة العقد‪ ،‬وهي اليت تتضمن وكالة ابلتصرف‪ ،‬وهي املقصودة هنا (‪.)18‬‬

‫وقد عرف الفقهاء شركة العقد بتعريفات متعددة‪ ،‬ومن ذلك تعريفها أب ا‪ " :‬عقد بني املتشاركني‬

‫يف األصل والربح "(‪.)19‬‬

‫وجاء تعريف الشركة يف النظام يف املادة األوىل من نظام الشركات السعودي أب ا‪" :‬عقد يلتزم‬

‫مبقتضاه شخصان أو أكثر أبن يساهم كل منهم يف مشروع يستهدف الربح بتقدمي حصة من مال أو عمل‪،‬‬

‫القتسام ما قد ينشأ عن هذا املشروع من ربح أو خسارة "‪.‬‬

‫(‪)15‬ينظر‪ :‬مفردات ألفاظ القرآن (ص ‪ )051‬مادة (شر )‪.‬‬


‫(‪)16‬سورة ص‪ ،‬اآلية ‪.20‬‬
‫(‪)17‬ينظر‪ :‬جامع البيان (‪.)62/24‬‬
‫(‪)18‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق (‪ ،)313/3‬شرح اخلرشي (‪ ،)32/6‬حتفة احملتاج (‪ ،)221/5‬املغين (‪.)140/4‬‬
‫(‪)19‬اجلوهرة النية (‪ .)225/1‬وينظر‪ :‬الشرح الكبي للدردير (‪ ،)302/3‬الغرر البهية (‪ ،)166/3‬شرح الزركشي (‪. )120/0‬‬

‫‪ 662‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫املطلب الثاني‪:‬‬

‫تعريفها ابعتبارها لقبا‬

‫املسؤولية احملدودة يف الشركات مصطلح جاءت به القوانني واألنظمة التجارية املعاصرة‪ ،‬ويقصد‬

‫به‪ :‬أن تكون مسؤولية الشريك عن ديون الشركة مقتصرة على نصيبه فيها‪ ،‬وال يتحمل الشريك يف أمواله‬

‫اخلاصة ما زاد من ديون الشركة عن موجوداهتا‪ ،‬وينبين على ذلك أن إفالس الشركة ال يتبعه إفالس الشريك‬

‫(‪.)20‬‬

‫(‪)20‬ينظ ر‪ :‬الق انون التج اري الس عودي للج رب (ص ‪ ،)225‬الق انون التج اري للغام دي وحس يين (ص ‪ ،)236‬الق انون التج اري للش ريف‬
‫والقرشي (ص ‪.)220‬‬

‫‪666‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫املبحث الثاني‬

‫املسؤولية احملدودة يف نظام الشركات السعودي‬


‫(‪)21‬‬
‫مثبتا ملبدأ املسؤولية احملدودة للشركاء يف أربع من الشركات‬ ‫جاء نظام الشركات السعودي‬

‫الواردة فيه‪ ،‬وهي الشركات اآلتية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الشركة املسامهة‪:‬‬

‫قرر النظام أن مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة يف الشركة املسامهة ال تتجاوز قدر أسهمهم فيها‪،‬‬

‫وال يطالبون مبا جتاوز ذلك القدر من الديون‪ ،‬ولو كانوا قادرين على الوفاء هبا من أمواهلم اخلاصة‪.‬‬

‫جاء يف املادة (‪" :)02‬ينقسم رأس مال الشركة املسامهة اىل أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول‪،‬‬

‫وال يسأل الشركاء فيها إال بقدر قيمة أسهمهم"‪.‬‬

‫وجاء أتكيد هذا املبدأ أيضا يف املادة (‪ )111‬إذ نصت على أنه‪" :‬ال جيوز للشركة أن تطالب‬

‫املساهم بدفع مبالغ تزيد على مقدار ما التزم به عند إصدار السهم‪ ،‬ولو نص نظام الشركة على غي ذلك‬

‫"‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬الشركة ذات املسؤولية احملدودة‪:‬‬

‫وقد قرر النظام يف مسؤولية الشركاء يف الشركة ذات املسؤولية احملدودة عن ديو ا مثل ما قرره يف‬

‫الشركة املسامهة‪ ،‬وهو عدم جتاوز مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة قدر أمواهلم فيها‪.‬‬

‫وألمهية هذه اخلاصية يف تلك الشركة‪ ،‬فقد مسيت هذه الشركة ابسم املسؤولية احملدودة؛ لبيان عدم‬

‫حتمل الشركاء مسؤولية الديون اليت تتجاوز قدر حصصهم يف الشركة‪.‬‬

‫(‪)21‬ينظر‪ :‬نطام الشركات السعودي الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )6/‬بتاريخ ‪ 1325/3/22‬ه‪ ،‬وما حلقه من تعديالت ‪.‬‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫جاء يف املادة (‪ " :)154‬الشركة ذات املسؤولية احملدودة‪ :‬هي الشركة اليت تتكون من شريكني أو‬

‫أكثر مسؤولني عن ديون الشركة بقدر حصصهم يف رأس املال "‪.‬‬

‫اثلثا‪ :‬شركة التوصية البسيطة‪:‬‬

‫وقد قرر النظام يف هذه الشركة أن تكون مسؤولية بعض الشركاء عن ديون الشركة مسؤولية مطلقة‬

‫تتجاوز قدر أمواهلم يف الشركة إىل مجيع أمواهلم‪ ،‬وتكون مسؤولية الفريق الثاين من الشركاء مسؤولية حمدودة‬

‫بقدر أمواهلم يف الشركة‪ ،‬وال تتجاوز مطالبتهم إىل سائر أمواهلم اخلاصة واليت ال تدخل ضمن أموال الشركة‪.‬‬

‫جاء يف املادة (‪" :)36‬تتكون شركة التوصية البسيطة من فريقني من الشركاء‪ :‬فريق يضم على‬

‫األقل شريكا متضامنا مسؤوال يف مجيع أمواله عن ديون الشركة‪ ،‬وفريق آخر يضم على األقل شريكا موصيا‬

‫مسؤوال عن ديون الشركة بقدر حصته يف رأس املال "‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬شركة التوصية ابألسهم‪:‬‬

‫وهذه الشركة تشبه شركة التوصية البسيطة يف تفاوت مسؤولية الشركاء فيها بني مسؤولية حمدودة‬

‫لفريق من الشركاء ومسؤولية مطلقة للفريق اآلخر‪.‬‬

‫جاء يف املادة (‪ " :)100‬شركة التوصية ابألسهم‪ :‬هي الشركة اليت تتكون من فريقني‪ :‬فريق يضم‬

‫على األقل شريكا متضامنا مسؤوال يف مجيع أمواله عن ديون الشركة‪ ،‬وفريق آخر يضم شركاء مسامهني ال‬

‫يقل عددهم عن أربعة‪ ،‬وال يسألون عن ديون الشركة إال بقدر حصصهم يف رأس املال "‪.‬‬

‫واملنظم حني قرر مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات املذكورة تشجيعا لقيامها وترغيبا يف اإلقبال‬

‫عليها‪ ،‬راعى خطورة استغالل هذا املبدأ للتالعب حبقوق الدائنني‪ ،‬فوضع مجلة من الضماانت اليت حتد من‬

‫استغالل هذا املبدأ للتغرير ابلدائنني وتضييع حقوقهم‪ ،‬ومن األمثلة على تلك الضماانت ما يلي‪:‬‬

‫‪666‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫أوال‪ :‬وجوب بيان أن مسؤولية الشركاء عن ديون تلك الشركات مسؤولية حمدودة‪ ،‬وبيان مقدار‬

‫رأس مال الشركة‪ ،‬ومقدار املدفوع منه يف مجيع العقود واملخالصات واإلعالانت وغيها من األوراق اليت‬

‫تصدر عن الشركة‪ ،‬ليكون املتعاملون مع الشركة على بينة من أمرهم فيما يتعلق حبال ديو م عند إفالس‬

‫الشركة‪.‬‬

‫جاء يف املادة (‪" :)12‬مجيع العقود واملخالصات واإلعالانت وغيها من األوراق اليت تصدر عن‬

‫الشركة جيب أن حتمل امسها وبياان عن نوعها ومركزها الرئيسي‪ .‬ويضاف إىل هذه البياانت ‪-‬يف غي شركة‬

‫التضامن وشركة التوصية البسيطة – بيان عن مقدار رأس مال الشركة ومقدار املدفوع منه‪ .‬وإذا انقضت‬

‫الشركة وجب أن يذكر يف األوراق اليت تصدر عنها أ ا حتت التصفية "‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬عدم جواز ختفيض رأس مال تلك الشركات إال على وجه يتم به حفظ حقوق الدائنني‪ ،‬إذ‬

‫نصت املادة (‪ )102‬على أنه‪" :‬للجمعية العامة غي العادية –يف شركة املسامهة ‪ -‬أن تقرر ختفيض رأس‬

‫املال إذا زاد عن حاجة الشركة‪ ،‬أو إذا منيت الشركة خبسائر ‪ .‬وجيوز يف احلالة األخية وحدها ختفيض رأس‬

‫املال اىل ما دون احلد املنصوص عليه يف املادة (‪ . )00‬وال يصدر قرار التخفيض إال بعد تالوة تقرير‬

‫مراقب احلساابت عن األسباب املوجبة له وعن االلتزامات اليت على الشركة وعن أثر التخفيض يف هذه‬

‫االلتزامات "‪.‬‬

‫وجاء يف املادة (‪ " :)103‬إذا كان ختفيض رأس املال نتيجة زايدة رأس املال عن حاجة الشركة‪،‬‬

‫وجبت دعوة الدائنني اىل إبداء اعرتاضاهتم عليه يف خالل ستني يوما من اتريخ نشر قرار التخفيض يف‬

‫جريدة يومية توزع يف املركز الرئيسي للشركة‪ ،‬فإذا اعرتض أحد منهم وقدم إىل الشركة مستنداته يف امليعاد‬

‫املذكور وجب على الشركة أن تؤدي إليه دينه إذا كان حاال أو أن تقدم ضماان كافيا للوفاء به اذا كان‬

‫آجال"‪.‬‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫اثلثا‪ :‬إلزام تلك الشركات أبن جينب جملس اإلدارة فيها كل سنة ‪ % 14‬من األرابح الصافية‬

‫لتكوين احتياطي يسمى االحتياطي النظامي‪ ،‬كما نصت على ذلك املاداتن (‪ )125‬و(‪ .)146‬ومن‬

‫مقاصد ذلك حفظ حقوق الدائنني‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تقييد املسؤولية احملدودة بعدم التعدي أو التفريط يف إدارة الشركة‪ ،‬وتضمني املتعدي واملفرط‬

‫مبسؤولية مطلقة عن ديون الشركة‪.‬‬

‫وقد صرحت هبذا القيد عدد من مواد النظام‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬ما جاء يف املادة (‪" :)46‬يسأل أعضاء‬

‫جملس اإلدارة ابلتضامن عن تعويض الشركة أو املسامهني أو الغي عن الضرر الذي ينشأ عن إساءهتم تدبي‬

‫شؤون الشركة أو خمالفتهم أحكام هذا النظام أو نصوص نظام الشركة‪ ،‬وكل شرط يقضي بغي ذلك يعترب‬

‫كأن مل يكن‪." ...‬‬

‫وجاء يف املادة ‪ ..." :162‬ويسأل املديرون ابلتضامن عن تعويض الضرر الذي يصيب الشركة أو‬

‫الشركاء أو الغي بسبب خمالفة أحكام هذا النظام أو نصوص عقد الشركة أو بسبب ما يصدر منهم من‬

‫أخطاء يف أداء عملهم وكل شرط يقضي بغي ذلك يعترب كأن مل يكن "‪.‬‬

‫وجاء يف املادة (‪" :)32‬ال جيوز للشريك املوصي التدخل يف أعمال اإلدارة اخلارجية ولو بناء على‬

‫توكيل‪ ،‬وإمنا جيوز له االشرتا يف أعمال اإلدارة الداخلية يف احلدود اليت ينص عليها عقد الشركة وال يرتب‬

‫هذا االشرتا أي التزام يف ذمته‪ ،‬وإذا خالف الشريك احلظر املشار إليه كان مسؤوال ابلتضامن يف مجيع‬

‫أمواله عن الديون اليت ترتتب على ما أجراه من أعمال اإلدارة‪ ،‬وإذا كانت األعمال اليت قام هبا الشريك‬

‫املوصي من شأ ا أن تدعو الغي اىل االعتقاد أبنه شريك متضامن اعترب الشريك املوصي مسؤوال ابلتضامن‬

‫يف مجيع أمواله عن ديون الشركة "‪.‬‬

‫‪663‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫خامسا‪ :‬وجوب النظر وتقدير األصلح من استمرار الشركة أو حلها إذا بلغت خسائرها ثالثة‬

‫أرابع رأس املال‪ ،‬حفظا حلقوق الدائنني يف املوجودات املتبقية من رأس مال الشركة‪.‬‬

‫جاء يف املادة (‪ " :)102‬إذا بلغت خسائر شركة املسامهة ثالثة أرابع رأس املال‪ ،‬وجب على‬

‫أعضا ء جملس اإلدارة دعوة اجلمعية العامة غي العادية للنظر يف استمرار الشركة أو حلها قبل األجل املعني‬

‫يف نظامها‪ ،‬وينشر القرار يف مجيع األحوال ابلطرق املنصوص عليها يف املادة (‪ . )65‬واذا أمهل أعضاء‬

‫جملس اإلدارة دعوة اجلمعية العامة غي العادية أو إذا تعذر على هذه اجلمعية إصدار قرار يف املوضوع‪ ،‬جاز‬

‫لكل ذي مصلحة أن يطلب حل الشركة "‪.‬‬

‫وجاء يف املادة (‪" :)124‬إذا إذا بلغت خسائر الشركة ذات املسؤولية احملدودة ثالثة أرابع رأس‬

‫املال " ‪ -‬أرجو مراجعة ذلك مع كاتب البحث إلجراء التعديل على هذه املادة‪ ،‬فقد صدر قرار جملس‬

‫الوزراء رقم ‪ 221‬يف اتريخ ‪ 1022 /44 / 42‬ه ‪ -‬بتعديل صدر هذه املادة إىل‪:‬‬

‫"إذا بلغت خسائر الشركة ذات املسؤولية احملدودة مخسني يف املائة من رأس ماهلا "‪.‬‬

‫وجب على املديرين دعوة الشركاء لالجتماع للنظر يف استمرار الشركة أو يف حلها قبل األجل‬

‫املعني يف عقدها‪ ...‬وإذا أمهل املديرون دعوة الشركاء أو تعذر على الشركاء الوصول إىل قرار يف املوضوع‬

‫جاز لكل ذي مصلحة أن يطلب حل الشركة ))‪.‬‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫املبحث الثالث‬

‫التأصيل الفقه ي للمسؤولية احملدودة يف الشركات‬

‫يعد مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات من النوازل املستجدة يف هذا الزمان‪ ،‬إذ ال جيد الناظر‬

‫والباحث هذا اللفظ وال املع ى فيما سطره فقهاؤان األجالء يف فقه الشركات املسماة عندهم كالعنان‬

‫واملفاوضة والوجوه واملضاربة وغيها‪ ،‬بل جند الفقهاء رمهم هللا ال يفرقون فيما يثبت يف ذمة الشريك من‬

‫ديون الشركة بني أمواله اليت هي ضمن الشركة حمل الدين‪ ،‬وأمواله اخلاصة اليت ليست ضمن الشركة‪ ،‬بل‬

‫جيعلون حق الدائنني متعلقا بذمة الشريك تعلقا مطلقا‪ ،‬ويكون مطالبا بوفائه وملزما بسداده من مجيع أمواله‬

‫(‪.)22‬‬

‫ويذكر املؤرخون االقتصاديون أن جذور فكرة املسؤولية احملدودة يف الشركات واملتقررة يف غالب‬

‫األنظمة والقوانني التجارية املعاصرة تعود يف األصل إىل أحكام الرقيق ‪ -‬واليت نظمتها الشريعة اإلسالمية‬

‫أبرقى وأجل وأكمل صور التنظيم – حيث اعتاد التجار قدميا على ترتيب بني السيد والعبد يقوم السيد فيه‬

‫بتمكني العبد من مبلغ من املال يتجر به‪ ،‬ويصي العبد مالكا للمال فيبيع ويشرتي ويدين ويستدين‪ ،‬مع‬

‫بقاء ملكية العبد للسيد‪ ،‬إال أن دائين العبد ليس هلم الرجوع على سائر أموال السيد غي هذا العبد‪ ،‬بل‬

‫يرجعون إىل ما يف يد العبد من أموال‪ ،‬فإن مل يكن ذلك كافيا يف سداد الدين‪ ،‬تعلق الدين برقبته وصار من‬

‫(‪)22‬والواجب يف ذمة الشري ك من دين الشركة يكون بقدر حصته يف رأس ماهلا‪ ،‬فلو كان نصيب أحد الشريكني من رأس مال الشركة الثلث‬
‫ونصيب اآلخر الثلثني‪ ،‬فيجب على األول ثلث الدين الواجب على الشركة وجيب على اآلخر ثلثا الدين‪ .‬جاء يف املدونة (‪... " :)642/3‬‬
‫قلت‪ :‬فإن ذهب رأس املال خسارة‪ ،‬أو ركبهما ثالثة آالف دينار من جتارهتما بعد وضيعتهما رأس املال كله‪ ،‬كيف تكون هذه الوضيعة‬
‫عليهما؟‪ ...‬قال‪ :‬أرى الدين الذي حلقهما من جتارهتما يكون عليهما على قدر رؤوس أمواهلما‪ ،‬فيكون على صاحب األلف ثلث هذا الدين‬
‫ويكون على الذي كان رأس ماله ألفني ثلثا هذا الدين؛ ألن الشركة إمنا وقعت بينهما ابملال ليس ابألبدان‪ ،‬فما حلقهما من دين فضل على‬
‫املال الذي به وقعت الشركة بينهما وهو رأس أمواهلما‪ ،‬فيكون على الذي رأس ماله ألف من الدين الذي حلق الثلث‪ ،‬وعلى الذي رأس ماله‬
‫ألفان الثلثان‪ .،‬وينظر‪ :‬املبسوط (‪ ،)152/11‬بدائع الصنائع (‪ ،)43/6‬الشرح الصغي (‪ ،)062/3‬أس ى املطالب (‪ ،)252/2‬مغين احملتاج‬
‫(‪ ،)222/3‬الفروع (‪ ،)043/0‬شرح منتهى اإلرادات (‪.)220/2‬‬

‫‪663‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫حق الدائنني بيع العبد واسرتداد ديو م من مثنه‪ ،‬وليس هلم إال ذلك‪ .‬وملا انقطع الرق يف غالب بلدان العامل‬

‫اليوم جلأ التجار إىل ترتيب قانوين حيقق احلماية ألمواهلم حىت يقدموا على التجارة واالستثمار مع األمن من‬

‫اجتياح الديون الناشئة عن هذا االستثمار ألمواهلم األخرى‪ ،‬فتولدت فكرة الشخصية االعتبارية للشركات‬

‫واليت يرتتب عليها استقالل ذمة الشركة عن ذمة الشركاء فيها‪ ،‬وحمدودية مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة‬

‫بقدر ما ميلكونه فيها (‪.)23‬‬

‫وهذا املع ى للمسؤولية احملدودة ورد عند فقهائنا األجالء يف أحكام العبد املأذون له ابلتجارة ‪-‬كما‬

‫سيأيت بيانه ‪ -‬إال أ م مل يقرروه يف الشركات‪ ،‬وهذا وجه اعتبار املسؤولية احملدودة يف الشركات من النوازل‬

‫الفقهية املستجدة يف هذا الزمان ‪.‬‬

‫ومن مث اختلفت كلمة الفقهاء والباحثني يف هذا العصر يف صحة مبدأ املسؤولية احملدودة للشركاء‬

‫عن ديون الشركة نظرا لالختالف فيما ميكن أن خيرج عليه ويلحق به من األصول الشرعية‪ ،‬وهلم يف ذلك‬

‫قوالن‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬صحة مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات (‪.)24‬‬

‫واستدلوا مبا يلي‪:‬‬

‫الدليل األول‪:‬‬

‫أن حتديد املسؤولية عن الديون مبقدار رأس املال يف الشركة نوع من الشروط يشرتطها الشركاء على‬

‫املتعاملني مع الشركة وقد علموا ورضوا هبا وانتفى عنهم الغرر‪ ،‬واألصل يف الشروط الصحة واجلواز (‪.)25‬‬

‫(‪)23‬ينظر‪ :‬أثر االختالف بني الشخصية الطبيعية واالعتبارية للقري (ص ‪ .)14‬وقد حكى اتفاق املؤرخني االقتصاديني على هذا‪ ،‬وسرد قائمة‬
‫من أحباث املؤرخني االقتصاديني الغربيني اليت توكد ذلك‪.‬‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫الدليل الثاين‪:‬‬

‫أن حقيقة املسؤولية احملدودة هي إبراء من دين جمهول مل يتبني قدره (‪.)26‬‬

‫وقد ذهب مجهور الفقهاء من احلنفية‪ ،‬واملالكية‪ ،‬وهو القدمي من قو ي الشافعي‪ ،‬وهو قول احلنابلة‬

‫إىل صحة اإلبراء من الدين اجملهول؛ ألنه إسقاط فاغتفرت فيه اجلهالة‪.‬‬

‫جاء يف املبسوط‪ ..." :‬فهذا دليل جواز الصلح عن احلقوق اجملهولة واملع ى فيه أن هذا إسقاط‬

‫حق ال حيتاج فيه إىل التسليم فيصح يف اجملهول كالطالق والعتاق‪ ،‬وأتثيه أن نفس اجلهالة ال متنع صحة‬

‫االلتزام ولكن جهالة تفضي إىل متكن املنازعة‪ ،‬أال ترى أن التمليكني يصح يف هذا وهذا أضيق من‬

‫اإلسقاطات‪ ،‬مث اجلهالة اليت ال تفضي إىل املنازعة ال متنع صحة التمليك كجهالة القفيز من الصربة فألن ال‬

‫مينع صحة اإلسقاط أوىل‪ ،‬فالسقوط يكون متالشيا ال حيتاج فيه إىل التسليم واجلهالة اليت ال تفضي إىل‬

‫املنازعة أوىل "(‪.)27‬‬

‫وجاء يف شرح اخلرشي‪ ... " :‬وكذلك جيوز له أن يوكل من يربئ من له عليه حق منه سواء علموا‬

‫قدر احلق املربأ منه أوال‪ ،‬وإليه أشار بقوله‪ :‬وإن جهله الثالثة‪ ،‬أي‪ :‬الوكيل واملوكل ومن عليه احلق؛ أل ا هبة‬

‫جمهولة وهي جائزة" (‪.)28‬‬

‫وجاء يف مغين احملتاج " واإلبراء من الدين اجملهول جنسا أو قدرا أو صفة ‪ ...‬القدمي أنه صحيح؛‬

‫ألنه إسقاط حمض كاإلعتاق‪ ،‬ومأخذ القولني أنه متليك أو إسقاط " (‪.)29‬‬

‫(‪)24‬ينظر‪ :‬قرار جممع الفقه اإلسالمي الدو ي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي رقم (‪ ،)4/1/36‬املعايي الشرعية (ص ‪ ،)162‬الشركات‬
‫للخفيف (ص ‪ ،)124‬الشركات للخياط (‪ ،)212/2‬الفقه اإلسالمي وأدلته للزحيلي (‪.)222/0‬‬
‫(‪)25‬ينظ ر‪ :‬ق رار جمم ع الفق ه اإلس المي ال دو ي الت ابع ملنظم ة امل ؤمتر اإلس المي رق م (‪ ،)4/ 1 /63‬مس ؤولية الش ريك يف الش ركة للماج د (ص‬
‫‪.)253‬‬
‫(‪)26‬ينظر‪ :‬اخلدمات االستثمارية يف املصارف للشبيلي (‪.)224/ 1‬‬
‫(‪ .)02 /13()27‬وينظر‪ :‬العناية شرح اهلداية (‪ ،)304/6‬جممع األ ر (‪.)52/2‬‬

‫‪635‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫وجاء يف كشاف القناع‪ ... " :‬ويصح اإلبراء من اجملهول ولو مل يتعذر علمه؛ ألنه إسقاط حق‬

‫فينفذ مع العلم واجلهل كالعتق والطالق "(‪.)30‬‬

‫وخالف يف ذلك الشافعي يف اجلديد من قوليه‪ ،‬فذهب إىل بطالن اإلبراء من الدين اجملهول؛ ملا‬

‫فيه من الغرر‪.‬‬

‫جاء يف البيان للعمراين‪ " :‬وال يصح اإلبراء من دين جمهول؛ ألنه إزالة ملك‪ ،‬فلم يصح مع اجلهل‬

‫به‪ ،‬كاهلبة" (‪.)31‬‬

‫والراجح وهللا أعلم ما ذهب إليه اجلمهور؛ ألن النهي عن الغرر إمنا جاء سدا ألبواب النزاع‬

‫واخلصومات‪ ،‬واإلبراء من الديون فيه مع ى التربع‪ ،‬واجلهالة فيه ال تفضي إىل شيء من النزاع واخلصومة بل‬

‫إنه يدرأها‪ ،‬فانتفت عنه علة النهي عن بيع الغرر (‪.)32‬‬

‫ونوقش ختريج املسؤولية احملدودة على اإلبراء من الدين اجملهول‪ :‬أبن اإلبراء من الدين اجملهول مل‬

‫يكن مبحض اختيار من الدائنني‪ ،‬إذ يلزم النظام بذلك وال مندوحة عن هذا اإلبراء‪ ،‬فال يصح ختريج‬

‫املسؤولية احملدودة ذات البعد النظامي اإللزامي على جواز اإلبراء من الدين اجملهول (‪.)33‬‬

‫وجياب‪:‬‬

‫أبن رضا الدائنني عن هذا اإلبراء متحقق بعلمهم مبحدودية مسؤولية الشركاء عن ديو م قبل‬

‫التعامل مع تلك الشركات‪ ،‬والنظام وإن كان يلزم هبذه الصفة من مسؤولية الشركاء عن ديون تلك‬

‫(‪ .)60/6()28‬وينظر‪ :‬املقدمات املمهدات (‪ ،)012/2‬الشرح الكبي للدردير (‪.)342/3‬‬


‫(‪ .)246/3()29‬وينظر‪ :‬اية احملتاج (‪.)002/0‬‬
‫(‪ .)340/0()30‬وينظر‪ :‬الفروع (‪ ،)103/0‬شرح منتهى اإلرادات (‪.)102/2‬‬
‫(‪)31‬وينظر‪ :‬مغين احملتاج (‪ ،)246/3‬اية احملتاج (‪.)002/0‬‬
‫(‪)32‬ينظر‪ :‬املقدمات املمهدات (‪ ،)012/2‬جمموع فتاوى ابن تيمية (‪.)244 /34‬‬
‫(‪)33‬ينظر‪ :‬مذكرة يف الشركات املعاصرة للقاسم (ص ‪.)42‬‬

‫‪ 632‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫الشركات‪ ،‬لكنه ال يلزم أحدا ابلتعامل مع تلك الشركات‪ ،‬بل قرر جواز إنشاء أنواع أخرى من الشركات‬

‫تكون مسؤولية الشركاء فيها مطلقة يف مجيع أمواهلم كالشركة التضامنية وغيها‪ ،‬إضافة إىل أن بعض دائين‬

‫الشركات اليت تكون مسؤولية الشركاء فيها حمدودة حني ال يرضون هبذا اإلبراء فإ م يشرتطون ضماان‬

‫شخصيا من الشركاء لديو م‪ .‬وهذا يدل على أن دائين الشركات اليت تكون مسؤولية الشركاء فيها حمدودة‬

‫حني إقدامهم على التعامل مع تلك الشركات –مع علمهم مبحدودية مسؤولية الشركاء وعدم طلبهم ضماان‬

‫شخصيا من الشركاء‪ -‬قد رضوا هبذا اإلبراء رضا حقيقيا معتربا‪.‬‬

‫الدليل الثالث‪:‬‬

‫ختريج املسؤولية احملدودة للشركاء عن ديون الشركة على املسؤولية احملدودة للسيد عن ديون عبده‬

‫الذي أذن له ابلتجارة (‪.)34‬‬

‫وهذا التخريج مبين على ما ذهب إليه مجهور الفقهاء من احلنفية‪ ،‬واملالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬وهي رواية‬

‫عن اإلمام أمد أن السيد إذا أذن للعبد ابلتجارة فإن الديون اليت تلحق العبد تكون يف ذمة العبد أو رقبته‬

‫‪-‬على خالف ‪ -‬وال تكون يف ذمة السيد مع ملكيته هلذا العبد وما يتبعه من مال ‪.‬‬

‫جاء يف اجلوهرة النية‪ " :‬وديونه متعلقة برقبته يباع فيها للغرماء إال أن يفديه املوىل‪ ،‬واملراد دين‬

‫التجارة أو ما يف معناها ‪ ...‬أما الدين الثابت بغي ذلك كاملهر واجلناية فهو متعلق بذمته يستوىف منه بعد‬

‫احلرية وال يتعلق برقبته ‪ ...‬ويقسم مثنه بينهم ابحلصص سواء ثبت الدين إبقرار العبد أو البينة فإن بقي هلم‬

‫دين ال يطالب به املوىل ولكن يتبعون به العبد بعد العتق‪ ،‬وهذا إذا ابعه القاضي أما إذا ابعه املوىل بغي‬

‫إذ م فلهم حق الفسخ‪ ،‬إال إذا كان يف الثمن وفاء بديو م أو قضى املوىل دينهم أو أبرأوا العبد من الدين‬

‫(‪)34‬ينظر‪ :‬أثر االختالف بني الشخصية الطبيعية والشخصية االعتبارية للقري (ص ‪ ،) 12‬الشخصية االعتبارية التجارية للغامدي (ص‬
‫‪. )153‬‬

‫‪636‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫فإنه يبطل حق الفسخ ‪ ...‬وللغرماء استسعاء العبد‪ ،‬فلهم أن يفسخوا البيع‬

‫ويستسعوه يف دينهم " (‪.)35‬‬

‫وجاء يف املدونة‪ " :‬قلت‪ :‬أرأيت إن كان مع العبد مال للسيد‪ ،‬قد دفعه إليه يتجر به وأذن له يف‬

‫التجارة فلحق العبد دين‪ ،‬أيكون الدين الذي حلق العبد يف مال العبد ومال السيد الذي دفعه إىل العبد‬

‫يتجر به يف قول مالك؟ قال‪ :‬قال مالك‪ :‬نعم‪ ،‬يكون الدين الذي حلق العبد يف مال السيد الذي دفعه إىل‬

‫العبد يتجر به ويف مال العبد‪ ،‬وال يكون يف رقبة العبد‪ ،‬ويكون بقية الدين يف ذمة العبد‪ ،‬وال يكون يف ذمة‬

‫السيد من ذلك الدين شيء " (‪.)36‬‬

‫وجاء يف احلاوي الكبي‪" :‬فأما إن عجز ما بيد العبد عن ديونه‪ ،‬إما لوضيعة أو جائحة كان ما‬

‫يف ذمته يف ذمته يؤديه إذا أيسر بعد عتقه‪ ،‬وال يتعلق برقبته وال بذمة سيده " (‪.)37‬‬

‫وجاء يف اإلنصاف‪ " :‬احلالة الثانية‪ :‬أن يكون مأذوان له ويستدين ‪ ...‬وعنه‪ :‬يتعلق برقبته ‪ -‬أي‬

‫العبد‪.)38( " -‬‬

‫(‪ .)364/ 1()35‬وينظر‪ :‬املبسوط (‪ ،)02 /25‬بدائع الصنائع (‪ ،)243 /4‬البحر الرائق (‪. )146/2‬‬
‫(‪ .)01 /0()36‬وينظر‪ :‬حاشية الدسوقي (‪ ،)346/3‬منح اجلليل (‪ ،)123/6‬الفواكه الدواين (‪.)201/2‬‬
‫(‪ .)341 /5()37‬وينظ ر‪ :‬أس ى املطال ب (‪ ،)113/2‬اي ة احملت اج (‪ .)124 /0‬وق د ورد يف ك الم بع ض الش افعية أن الس يد يطال ب ب دين‬
‫العبد‪ ،‬وليس مقصودهم تعلق الدين بذمة السيد‪ ،‬وإمنا يطالب به حبكم س لطته عل ى العب د م ع ع دم وج وب احل ق يف ذمت ه‪ .‬ق ال يف اي ة احملت اج‬
‫(‪ " :)124 /0‬ولو اشرتي املأذون سلعة شراء صحيحا ففي مطالبة السيد بثمنها هذا اخلالف ‪...‬ومطالبته لي ودي مم ا يف ي د الرقي ق إن ك ان ال‬
‫من غيه ككسبه بع د احلج ر علي ه ال لتعلق ه بذمت ه‪ ،‬إذ ال يل زم م ن املطالب ة بش يء ثبوت ه يف الذم ة ب دليل أن القري ب يطال ب بنفقت ه قريي ه واملوس ر‬
‫إبطعام املضطر مع عدم ثبوهتما يف ذمتهما‪ ،‬فإن مل يكن بيده شيء فالحتمال أدائه عنه؛ ألن له به علق ة وإن مل يل زم ذمت ه‪ ،‬ف إن أدى ب رئ الق ن‬
‫واال فال‪ ،‬وقد ال يطالب أبن أعطاه ماال ليتجر فيه فاشرتي يف ذمته مث تلف ذلك املال قبل تس ليمه للب ائع ب ل يتخ ي إن مل ي ؤده الس يد النقط اع‬
‫العلقة هنا بتلف ما دفعه السيد ومل خيلفه شيء من كسب املأذون "‪.‬‬
‫(‪ .)024 /13()38‬وينظر‪ :‬شرح الزركشي (‪.)665/3‬‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫ويعلل هؤالء الفقهاء عدم تعلق ديون العبد بذمة سيده مبا يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن الدين إمنا ثبت على العبد برضا الدائن‪ ،‬والسيد مل يضمن عن عبده ما يلحقه من دين‪ ،‬وإمنا‬

‫أذن له يف التجارة‪ ،‬وهذا ال يوجب ثبوت الدين يف ذمة السيد (‪.)39‬‬

‫‪ -2‬أن العبد هو املباشر لالستدانة‪ ،‬وقد عني لديونه حمال يتسع للديون وتتعلق به وهو ذمته (‪.)40‬‬

‫‪ -3‬أن استحقاق قضاء دين التجارة إمنا جيب على من التزمه من ماله ال من مال غيه‪ ،‬والعبد هو‬

‫امللتزم بقضاء الدين وليس السيد (‪.)41‬‬

‫‪ -0‬أن السيد إمنا يقصد ابإلذن للعبد ابلتجارة حتصيل الربح لنفسه ال إتالف ملكه‪ ،‬وإمنا حيصل‬

‫مقصوده إذا كان رجوع العبد ابلعهدة مقصورا على كسبه (‪.)42‬‬

‫وخالف يف ذلك احلنابلة يف املشهور من مذهبهم فرأوا أن ديون العبد املأذون له ابلتجارة تثبت يف ذمة‬

‫سيده؛ ألنه أغرى الناس مبعاملة هذا العبد‪.‬‬

‫جاء يف املغين‪" :‬ولنا‪ :‬أنه إذا أذن له يف التجارة‪ ،‬فقد أغرى الناس مبعاملته‪ ،‬وأذن فيها فصار ضامنا‪،‬‬

‫كما لو قال هلم‪ :‬داينوه‪ ،‬أو أذن يف استدانة تزيد على قيمته‪ ،‬وال فرق بني الدين الذي لزمه يف التجارة‬

‫املأذون فيها‪ ،‬أو فيما مل يؤذن له فيه‪ ،‬مثل إن أذن له يف التجارة يف الرب فاجتر يف غيه‪ ،‬فإنه ال ينفك عن‬

‫التغرير‪ ،‬إذ يظن الناس أنه مأذون له يف ذلك أيضا " (‪.)43‬‬

‫(‪)39‬ينظر‪ :‬البيان للعمراين (‪.)204/4‬‬


‫(‪)40‬ينظر‪ :‬حاشية الرملي على أس ى املطالب (‪. )112/2‬‬
‫(‪)41‬ينظر‪ :‬املبسوط (‪.)02 /25‬‬
‫(‪)42‬ينظر‪ :‬املبسوط (‪ ،)02 /25‬تبيني احلقائق (‪.)240/5‬‬
‫(‪)43‬وينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)231/0‬كشاف القناع (‪.)050/3‬‬

‫‪636‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫ويناقش‪:‬‬

‫بعدم التسليم حبصول التغرير بدائن العبد املأذون له ابلتجارة‪ ،‬إذا كان على بينة أن ديونه ال تتعلق‬

‫بذمة السيد؛ ألن اإلذن له ابلتجارة ال يستلزم حتمل السيد يف ذمته لديون العبد‪ ،‬كما تقدم آنفا يف‬

‫تعليالت قول اجلمهور‪.‬‬

‫والنيب صلى هللا عليه وسلم قد أثبت للعبد ذمة مستقلة عن سيده ميلك مبوجبها وإن كان مملوكا‬

‫لسيده‪ ،‬كما قال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬من ابتاع عبدا وله مال فماله للذي ابعه‪ ،‬إال أن يشرتط املبتاع "‬

‫(‪.)44‬‬

‫قال ابن العريب رمه هللا‪ " :‬وقال علماؤان‪ :‬إن احلياة واآلدمية علة امللك‪ ،‬فهو آدمي حي فجاز أن‬

‫ميلك كاحلر‪ ،‬وإمنا طرأ عليه الرق عقوبة‪ ،‬فصار للسيد عليه حق احلجر وذمته خالية عن ذلك‪ ،‬فإذا أذن له‬

‫سيده وفك احلجر عنه رجع إىل أصله يف املالكية بعلة احلياة واآلدمية وبقاء ذمته خالية عن ذلك كله‪.‬‬

‫والذي يدل على صحة هذا قوله صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬من ابع عبدا وله مال فماله للبائع‪ ،‬إال أن‬

‫يشرتطه املبتاع "‪ ،‬فأضاف املال إىل العبد‪ ،‬ومفكه إايه‪ ،‬وجعله يف البيع تبعا هلا" (‪.)45‬‬

‫فإذا تقرر صحة املسؤولية احملدودة للسيد عن ديون عبده املأذون له ابلتجارة مع ملكه إايه‪ ،‬وأن‬

‫املسؤولية احملدودة قد ثبتت أبصل شرعي معترب‪ ،‬فإن اعتبار هذا املبدأ يف أبواب الشركات أيضا قياسا على‬

‫ما ثبت يف أحكام الرقيق أمر جائز وصحيح ال مانع منه مىت ما تراضا عليه العاقدان ودخال فيه على بينة‬

‫من أمرهم‪.‬‬

‫(‪ )44‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب املساقاة‪ ،‬ابب الرجل يكون له ممر أو شرب يف حائط أو خنل (‪ )115/3‬رقم (‪)2340‬؛ ومسلم‪ ،‬كتاب البيوع‪،‬‬
‫ابب من ابع خنال عليها مثر (‪ )000/3‬رقم (‪ )1503‬من حديث عبدهللا بن عمر رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫(‪)45‬أحكام القرآن (‪. )106/3‬‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫الدليل الرابع‪:‬‬

‫أن الشركاء ذوي املسؤولية احملدودة مبثابة أرابب املال يف املضاربة‪ ،‬وقد نص الفقهاء على أن‬

‫مسؤولية رب املال يف املضاربة حمدودة مبا قدمه يف رأس املال‪ ،‬وذلك عند استدانة املضارب على مال‬

‫املضاربة (‪.)46‬‬

‫ويناقش‪:‬‬

‫بعدم التسليم أبن مسؤولية رب املال عن ديون مال املضاربة حمدودة بقدر مال املضاربة‪ ،‬بل الذي‬

‫قرره الفقهاء أن استدانة املضارب على املضاربة ‪ -‬وذلك أبن يشرتي سلعا للمضاربة بثمن أكثر من مال‬

‫املضاربة‪ ،‬أو بثمن ليس معه من مال املضاربة من جنسه ‪ -‬هلا حاالن ‪:‬‬

‫احلال األوىل‪ :‬أن يستدين للمضاربة دون إذن من رب املال‪ .‬وقد اتفق فقهاء احلنفية (‪ )47‬واملالكية‬

‫(‪ )48‬والشافعية (‪ ،)49‬واحلنابلة (‪ )50‬على أن الثمن يف هذه احلال يكون دينا على املضارب يف ماله اخلاص‪،‬‬

‫وال يلحق مبال املضاربة‪.‬‬

‫وعلى هذا فال يكون الدين اثبتا على رب املال أصال‪ ،‬فال وجه لوصف مسؤوليته أب ا حمدودة؛‬

‫ألن الدين إمنا وجب يف ذمة غيه وهو املضارب ‪.‬‬

‫(‪)46‬ينظ ر‪ :‬املع ايي الش رعية (ص ‪ ،)140‬الش ركات للخي اط (‪ ،)230/2‬أث ر االخ تالف ب ني الشخص ية الطبيعي ة والشخص ية االعتباري ة للق ره‬
‫داغي (ص ‪ ،)10‬الفقه اإلسالمي وأدلته للزحيلي (‪ ،)223/0‬الشركات القابضة وأحكامها أليب غدة (ص ‪.)542‬‬
‫(‪)47‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع (‪ ،)04 /6‬البحر الرائق (‪ ،)265/4‬رد احملتار (‪)654 /5‬‬
‫(‪)48‬ينظر‪ :‬الذخية (‪ ،)44/6‬التاج واإلكليل (‪ ،)004/4‬شرح اخلرشي (‪،)216/6‬‬
‫(‪)49‬ينظر‪ :‬روضة الطالبني (‪ ،)242/0‬أس ى املطالب (‪ ،)326/2‬حتفة احملتاج (‪،)05/6‬‬
‫(‪)50‬ينظر‪ :‬املغين (‪ ،)155/4‬املبدع (‪ ،)220/ 0‬اإلنصاف (‪.)04 /10‬‬

‫‪633‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫احلال الثانية‪ :‬أن يستدين املضارب للمضاربة إبذن رب املال‪ .‬وقد اختلف الفقهاء فيمن يتحمل‬

‫الدين يف ذمته يف هذه احلال‪ ،‬فذهب احلنفية إىل أن ما اشرتاه املضارب إبذن رب املال يكون شركة وجوه‬

‫بني املضارب ورب املال‪ ،‬ويصي الدين بينهما يف ذمتيهما مناصفة (‪. )51‬‬

‫وذهب املالكية (‪ )52‬والشافعية (‪ ،)53‬واحلنابلة (‪ )54‬إىل أن الدين يف هذه احلال يثبت يف ذمة رب‬

‫املال مطلقا ويطالب به من مجيع أمواله‪.‬‬

‫وهبذا يتبني أن مسؤولية دين املضاربة تكون يف ذمة رب املال عن كامل الدين عند اجلمهور‪ ،‬وعن‬

‫كامل ما خيص نصيبه من املشرتى عند احلنفية ويكون الباقي يف ذمة املضارب‪ ،‬وعليه فإن مسؤولية رب‬

‫املال عن دين املضاربة ‪ -‬على القولني – مسؤولية مطلقة وليست حمدودة بقدر معني‪ ،‬إذ املسؤولية احملدودة‬

‫تعين أن يثبت الدين يف ذمته يف األصل مث ال يلزمه منه إال قدر حمدد منه‪ ،‬وهو ما يستطيع الوفاء به من‬

‫حصته يف الشركة وتربأ ذمته عما زاد عن ذلك‪.‬‬

‫إذا تقرر هذا فإنه يتبني خطأ من ذهب إىل ختريج املسؤولية احملدودة للشركاء على مسؤولية رب‬

‫املال عن ديون مال املضاربة‪.‬‬

‫الدليل اْلامس‪:‬‬

‫املصاحل املرتتبة على إقرار مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات‪ ،‬إذ إن هذا املبدأ هو من أعظم ما‬

‫يشجع املستثمرين على املسامهة يف املشاريع الضخمة اليت مل يكونوا ليقدموا على االستثمار فيها لوال ثقتهم‬

‫(‪)51‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع (‪ ،)02/6‬تبيني احلقائق (‪ ،)60/5‬جممع الضماانت (ص ‪.)345‬‬


‫(‪)52‬ويقيد املالكية جواز االستدانة أبن يكون املضارب يف جتارة املض اربة م ديرا‪ ،‬فيج وز ل ه حينئ ذ أن يس تدين للمض اربة‪ ،‬إذا ك ان م ال املض اربة‬
‫يفي ابلثمن‪ .‬والتاجر املدير‪ :‬هو الذي يبيع ابلسعر احلاضر وال ينتظ ر ارتف اع األس واق‪ .‬ينظ ر‪ :‬ال ذخية (‪ ،)44/6‬اإلش راف عل ى نك ت مس ائل‬
‫اخلالف (‪ ،)605/2‬حاشية الدسوقي (‪.)522/3‬‬
‫(‪)53‬ينظر‪ :‬اية احملتاج (‪ ،)233/5‬حاشية الشربيين على الغرر البهية (‪ ،)224/3‬حاشية قليويب (‪.)54/3‬‬
‫(‪)54‬ينظر‪ :‬املبدع (‪ ،)246/0‬كشاف القناع (‪ ،)542/3‬مطالب أو ي النهى (‪.)544 /3‬‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫أبن مسؤوليتهم احملدودة عن ديو ا حتميهم من اجتياح تلك الديون ألمواهلم اخلاصة (‪ .)55‬والتشجيع على‬

‫استثمار األموال يف وجوه االستثمار املختلفة اليت تنشأ ألجلها مثل هذه الشركات من املقاصد الشرعية اليت‬

‫اعتنت هبا الشريعة اإلسالمية عناية عظيمة (‪.)56‬‬

‫القول الثاين‪ :‬عدم صحة مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات (‪:)57‬‬

‫واستدلوا مبا يلي‪:‬‬

‫الدليل األول‪:‬‬

‫أن مبدأ املسؤولية احملدودة مل يعرفه الفقهاء‪ ،‬بل خيالف ما اتفقوا عليه من كون الديون تتعلق بذمة‬

‫الشخص ال مباله‪ ،‬لقوله صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬نفس املؤمن معلقة بدينه‪ ،‬حىت يقضى عنها " (‪.)59( )58‬‬

‫ويناقش هذا الدليل من ثالثة أوجه‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أن عدم معرفة الفقهاء املتقدمني هلذا املبدأ ال ينفي صحته؛ ألن األصل يف املعامالت احلل‬

‫والصحة‪ .‬واملعامالت املالية بني الناس تتطور يف كل عصر وفق حاجاته ومستجداته‪ ،‬والشريع مل أتت بسد‬

‫ابب اإلبداع واالبتكار يف طريقة التعامالت املالية‪ ،‬وإمنا جاءت بوضع أصول كلية ملا حيرم ‪ -‬كالراب والغرر‬

‫والغش وغيها‪ -‬وأبقت سائر املعامالت على أصل احلل‪ ،‬بل إن املتأمل للعقود املالية املسماة اليت جاءت‬

‫نصوص الوحيني ببيان أحكامها ‪ -‬كالبيع واإلجارة والسلم والقرض واحلوالة واملساقاة وغيها ‪ -‬جيد أن هذه‬

‫(‪)55‬ينظر‪ :‬القانون التجاري السعودي للجرب (ص ‪.)200‬‬


‫(‪)56‬ينظر‪ :‬املوافقات (‪ ،)24 /2‬مقاصد الشريعة البن عاشور (ص ‪.)054‬‬
‫(‪)57‬ينظر‪ :‬الشركة املسامهة يف النظام السعودي للمرزوقي (ص ‪ ،)245‬مسؤولية الشركاء يف الشركة املسامهة والشركة ذات املسؤولية احملدودة‬
‫للزكرى (ص ‪.)120‬‬
‫(‪)58‬أخرج ه الرتم ذي‪ ،‬كت اب اجلن ائز‪ ،‬ابب م ا ج اء ع ن الن يب ص دى هللا عدي ه وس دم أن ه ق ال‪ :‬نف س امل ومن معلق ة بدين ه ح ىت يقض ى عن ه (‪/2‬‬
‫‪ )345‬رق م (‪)1442‬؛ واب ن ماج ه‪ ،‬كت اب الص دقات‪ ،‬ابب التش ديد يف ال دين (‪ )246 /2‬رق م (‪ )2013‬م ن ح ديث أيب هري رة رض ي هللا‬
‫عنه‪ .‬وقال الرتمذي‪ (( :‬هذا حديث حسن))‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع (‪. )1104 / 2‬‬
‫(‪)59‬ينظر‪ :‬الشركة املسامهة يف النظام السعودي للمرزوقي (ص ‪ ،)245‬مسؤولية الشريك يف الشركة للماجد (ص ‪.)251‬‬

‫‪633‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫العقود كانت معروفة عند العرب قبل اإلسالم‪ ،‬وإمنا جاءت الشريعة بتنظيم أحكامها مبا حيقق العدل وغيه‬

‫من املصاحل واملقاصد الشرعية‪ ،‬مما يدل على أن الشريعة مل تقصد حصر الناس بصور معينة من التعامل‪،‬‬

‫خبالف العبادات اليت جاءت الشريعة هبا على وجه قصدت االلتزام بكيفياهتا وشددت يف منع االبتداع فيها‬

‫والزايدة عليها‪.‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬عدم التسليم أبن الفقهاء رمهم هللا مل يعرفوا هذا املبدأ‪ ،‬بل إ م قرروا مبدأ املسؤولية احملدودة‬

‫يف مسألة العبد املأذون له ابلتجارة ‪-‬كما تقدم بيانه يف الدليل الثالث من أدلة أصحاب القول األول ‪-‬‬

‫وهذا دليل اعتبارهم صحة املبدأ عند الرتاضي عليه‪ ،‬وإمنا مل يقرروه يف أبواب الشركات لعدم احلاجة إليه يف‬

‫زمنهم‪ ،‬لطبيعة الشركات يف عصرهم واليت تقوم على العالقات الثنائية وعلى الثقة الشخصية بني التاجر ومن‬

‫يتعامل معه‪ ،‬على حنو خيتلف عن واقع الشركات يف هذا العصر الذي اتسعت فيه أنشطتها وعدد الشركاء‬

‫فيها والذي قد يبلغ يف بعض الشركات ماليني الشركاء‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬عدم التسليم أبن مبدأ املسؤولية احملدودة ينايف ما جاءت به الشريعة من التشديد يف أمر‬

‫الذين ولزومه يف الذمة؛ ألن املسؤولية احملدودة إمنا هي إبراء من الدين‪ ،‬وإبراء الذمم من الدين من املقاصد‬

‫اليت تتشوف هلا الشريعة مىت كان ذلك برضا صاحب الدين‪.‬‬

‫الدليل الثاين‪:‬‬

‫أن مبدأ املسؤولية احملدودة خمالف ملقتضى عقد الشركة يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهو أن يتحمل‬

‫الشريك ما حيصل للشركة من خسائر بقدر حصته يف رأس املال‪ ،‬وقد اتفق الفقهاء على بطالن اشرتاط‬

‫الشريك أن يكون ما يتحمله من اخلسارة على خالف قدر نصيبه من رأس املال (‪.)60‬‬

‫(‪)60‬ينظر‪ :‬مسؤولية الشركاء يف الشركة املسامهة والشركة ذات املسؤولية احملدودة للزكري (ص ‪.)106 ،120‬‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫جاء يف املغين‪" :‬اخلسران يف الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله‪ ،‬فإن كان ماهلما متساواي يف‬

‫القدر‪ ،‬فاخلسران بينهما نصفني‪ ،‬وإن كان أثالاث‪ ،‬فالوضيعة أثالاث ‪ .‬ال نعلم يف هذا خالفا بني أهل العلم "‬

‫(‪.)61‬‬

‫ويناقش‪:‬‬

‫أبن هذا االستدالل إمنا يسلم يف احلال اليت يتفاوت فيها الشركاء يف حتمل املسؤولية‪ ،‬كما يف‬

‫شركيت التوصية البسيطة والتوصية ابألسهم‪ ،‬واللتان تتكوانن من فريقني من الشركاء‪ :‬أحدمها شركاء تكون‬

‫مسؤوليتهم عن ديون الشركة مسؤولية مطلقة تتجاوز قدر أمواهلم يف الشركة إىل مجيع أمواهلم‪ ،‬وتكون‬

‫مسؤولية الفريق الثاين من الشركاء مسؤولية حمدودة بقدر أمواهلم يف الشركة‪ ،‬وال تتجاوز مطالبتهم إىل سائر‬

‫أمواهلم اخلاصة واليت ال تدخل ضمن أموال الشركة (‪.)62‬‬

‫وأما احلال اليت تستوي فيها مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة فال يصح فيها هذا االستدالل؛‬

‫ألن الشريك ذا املسؤولية احملدودة هو يف الواقع متحمل لنصيبه من اخلسارة؛ ألن الشركة عندما ختسر فإنه‬

‫سيذهب عليه ماله فيها ‪-‬وهذا هو مع ى اخلسارة ‪ -‬وسيتحمل مع شركائه الديون الالحقة ابلشركة كل‬

‫على قدر حصته يف الشركة‪ ،‬إال أن الشركة قد اشرتطت على دائنيها أن يربئوها من كل دين يزيد قدره عن‬

‫موجوداهتا‪ ،‬فيسقط هذا القدر من الدين حينئذ عن ذمة الشركاء‪.‬‬

‫ومقصود الفقهاء بعدم حتمل الشريك نصيبه من خسارة الشركة ‪ -‬كله أو بعضه‪ -‬هو أن يشرتط‬

‫أن يتحمل غيه من الشركاء نصيبه من اخلسارة‪ ،‬فيعوضه عن هذا القدر الذي نقص من ماله أو أن يتحمل‬

‫عنه حصته من الدين الذي يثبت يف ذمته بسبب الشركة‪.‬‬

‫(‪ )105 /4()61‬وينظر‪ :‬اإلمجاع البن املنذر (ص ‪ ،)134‬مراتب اإلمجاع (ص ‪.)01‬‬


‫(‪)62‬راجع ما تقدم يف املبحث الثاين بشأن ما قرره النظام يف هاتني الشركتني من مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة‪.‬‬

‫‪665‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫جاء يف املبسوط‪ " :‬وإن جاء أحدمها أبلف درهم‪ ،‬واآلخر أبلفي درهم فاشرتكا على أن الربح‬

‫والوضيعة نصفان‪ ،‬فهذه شركة فاسدة‪ ،‬ومراده‪ :‬أن الوضيعة هال جزء من املال‪ ،‬فكأن صاحب األلفني‬

‫شرط ضمان شيء مما يهلك من ماله على صاحبه " (‪.)63‬‬

‫وجاء يف املغين‪" :‬ومجلته أنه مىت شرط على املضارب ضمان املال‪ ،‬أو سهما من الوضيعة‪ ،‬فالشرط‬

‫ابطل‪ .‬ال نعلم فيه خالفا" (‪.)64‬‬

‫الدليل الثالث‪:‬‬

‫أن مبدأ املسؤولية احملدودة يؤدي إىل ربح مامل يضمن‪ ،‬وقد ى صلى هللا عليه وسلم عن ربح ما مل‬

‫يضمن بقوله‪ " :‬ال حيل سلف وبيع‪ ،‬وال شرطان يف بيع‪ ،‬وال ربح ما مل يضمن‪ ،‬وال بيع ما ليس عند "‬

‫(‪ ،)65‬ووجه ذلك‪ :‬أن الشريك حمدود املسؤولية سيأخذ ربح الدين الذي ال يسأل عنه وال يضمنه (‪.)66‬‬

‫ويناقش‪:‬‬

‫أبن الشريك حمدود املسؤولية ضامن حلصته يف الشركة بتحمله ما يصيب مال الشركة من هال‬

‫ونقص ودين‪ ،‬إال أن دائن الشركة قد أبرأه وشركاؤه من كل دين يزيد قدره عن موجودات الشركة‪ ،‬فال يثبت‬

‫هذا القدر يف ذمته ‪ .‬ويوضح ضمانه أن مبدأ املسؤولية احملدودة لو أهدر يف تلك الشركة أليف سبب معترب‪،‬‬

‫فإن الشركاء سيتحملون الدين كامال يف أمواهلم اخلاصة‪.‬‬

‫(‪.)152 /11( )63‬‬


‫(‪.)146/4()64‬‬
‫(‪)65‬أخرجه أبو داود‪ ،‬كتاب البيوع واإلجارات‪ ،‬ابب يف الرجل يبيع ما ليس عن ده (‪ )005 /3‬رق م (‪)3540‬؛ والرتم ذي‪ ،‬كت اب البي وع‪ ،‬ابب‬
‫ما جاء يف يف كراهة بيع ما ليس عند (‪ )515/2‬رقم (‪)1230‬؛ والنس ائي يف اجملت ىب‪ ،‬كت اب البي وع‪ ،‬ابب ش رطان يف بي ع‪ )205 /4( .‬رق م‬
‫(‪)0634‬؛ واب ن ماج ه‪ ،‬كت اب التج ارات‪ ،‬ابب النه ي ع ن بي ع م ا ل يس عن د وع ن رب ح م ا مل يض من (‪ )434/2‬رق م (‪ )2122‬م ن ح ديث‬
‫عبدهللا بن عمرو رضي هللا عنهما‪ .‬وهذا احلديث صححه الرتمذي يف السنن (‪ ،)516 /2‬وابن عبد الرب يف التمهيد (‪ ،)20/14‬وابن حزم يف‬
‫احملل ى (‪ ،)064 /4‬والن ووي يف اجملم وع (‪ ،)314 /0‬واب ن تيمي ة كم ا يف جمم وع الفت اوى (‪ ،)20 /34‬وال ذهيب يف التلخ يص (‪)14/2‬‬
‫وغيهم‪.‬‬

‫‪ 662‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫الدليل الرابع‪:‬‬

‫أن مبدأ املسؤولية احملدودة يؤدي إىل الغرر؛ ألن حتديد مسؤولية الشركاء مبا ال يزيد عن قدر‬

‫حصتهم يف رأس املال‪ ،‬مع السماح يف نفس الوقت للشركة ابالستدانة من الغي أو االقرتاض مبا يزيد عن‬

‫قدر رأس املال‪ ،‬يعين وقوع احتمال أال يسرتد الدائنون أمواهلم أو جزءا منها‪ ،‬وهذا الوضع ينطوي على غرر‬

‫كبي للدائنني (‪.)67‬‬

‫ويناقش من وجهني‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أن احتمال عدم وفاء املدين ابلدين يرد يف كل عقود املداينات؛ ألنه ال أيمن مدين‬

‫من أن يعرض له عجز عن الوفاء بسبب إفالس أو جائحة تصيب ماله فضال عن احتمال أن يكون املدين‬

‫مماطال‪ ،‬ولذا شرعت عقود التوثيقات حلفظ حق الدائن‪ ،‬فال يصح أن يوصف احتمال عدم الوفاء أبنه غرر‬

‫ماخ من صحة الدين ما مل يكن هذا االحتمال غالبا‪ ،‬والواقع يشهد أبن دائين الشركات اليت تكون مسؤولية‬

‫الشركاء فيها حمدودة يكونون أشد حيطة وحذرا عند التعامل مع تلك الشركات بدراسة املالءة املالية لتلك‬

‫الشركات‪ ،‬وأبخذ الضماانت لديو م‪ ،‬ملا يعلمونه من أ م ال يستوفون ديو م إال من موجودات الشركة وأن‬

‫األصل أنه ليس هلم الرجوع على الشركاء يف أمواهلم اخلاصة‪.‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬ما تقدم تقريره يف الدليل الثاين من أدلة القول األول من أن حقيقة املسؤولية احملدودة‬

‫أ ا إبراء‪ ،‬واإلبراء إسقاط تغتفر فيه اجلهالة والغرر‪.‬‬

‫(‪)66‬مسؤولية الشريك يف الشركة للماجد (ص ‪.)251‬‬


‫(‪)67‬ينظر‪ :‬الشركات احلديثة والشركات القابضة حلسني كامل فهمي (‪.)060‬‬

‫‪666‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫الدليل اْلامس‪:‬‬

‫أن األخذ مببدأ املسؤولية احملدودة يعطي الذريعة للشر إدارة الشركة إىل التغرير ابألطراف املتعاملني‬

‫معهم‪ ،‬وذلك ابدعاء اإلفالس حني أيمنون املالحقة يف أمواهلم اخلاصة اليت ال متثل حصصا يف الشركة‪،‬‬

‫لكون مسؤوليتهم حمدودة يف حصصهم فقط‪ ،‬فتضيع بذلك حقوق املتعاملني مع الشركة (‪.)68‬‬

‫ويناقش من وجهني‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬ما تقدم ذكره يف مناقشة الدليل السابق من أن دائين الشركات اليت تكون مسؤولية الشركاء‬

‫فيها حمدودة يكونون أشد حيطة وحذرا عند التعامل مع تلك الشركات ‪.‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬أن األنظمة قد راعت خطورة هذا اجلانب عند تنظيم الشركات اليت تكون مسؤولية الشركاء‬

‫فيها حمدودة‪ ،‬فوضعت عليها من القيود ما خيفف من تالعب هذه الشركات حبقوق دائنيها‪ .‬وقد تقدم يف‬

‫املبحث الثاين إيراد عدد من أمثلة القيود الواردة يف نظام الشركات السعودي‪ ،‬واليت يراد منها احلد من اختاذ‬

‫مبدأ املسؤولية احملدودة ذريعة للتالعب وتضييع حقوق الدائنني‪.‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫الراجح وهللا وأعلم ما ذهب إليه أصحاب القول األول من صحة واعتبار مبدأ املسؤولية احملدودة‬

‫يف الشركات؛ لصحة ختريج هذا املبدأ على عدد من األصول الشرعية املعتربة‪ ،‬كما تقدم بيانه يف أدلة القول‬

‫األول؛ وملوافقة هذا القول لألصل العام يف املعامالت وهو صحتها وجوازها ما مل يثبت دليل املنع‪ ،‬وما ذكره‬

‫املانعون من األدلة مل يسلم شيء منها من االعرتاض كما تقدم يف مناقشة أدلتهم على التفصيل‪.‬‬

‫(‪)68‬ينظر‪ :‬مسؤولية الشريك يف الشركة للماجد (ص ‪ ،)253‬مسؤولية الشركاء يف الشركة املسامهة والشركة ذات املسؤولية احملدودة للزكري (ص‬
‫‪.)104‬‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫وهذا من حيث األصل العام‪ ،‬وهو مقيد بقيدين‪:‬‬

‫األول‪ :‬عدم وقوع تغرير من الشركاء ابلدائنني‪ ،‬أو حصول تعد أو تفريط منهم يف إدارة الشركة‬

‫تسبب يف إفالسها‪ ،‬فإن وقع من الشركاء تغرير أو تعد أو تفريط فإنه جيب حينئذ إهدار مبدأ املسؤولية‬

‫احملدودة‪ ،‬وتكون مسؤولية الشركاء‪ -‬الذين حصل منهم تغرير أو تعد أو تفريط ‪ -‬عن ديون الشركة مسؤولية‬

‫مطلقة يف مجيع أمواهلم اخلاصة‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬تساوي الشركاء يف مسؤوليتهم عن ديون الشركة‪ ،‬فال يصح أن تكون مسؤولية بعض‬

‫الشركاء حمدودة‪ ،‬ومسؤولية الشركاء اآلخرين مطلقة‪ ،‬كما هو احلال يف شركيت التوصية البسيطة والتوصية‬

‫ابألسهم‪.‬‬

‫‪666‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫املبحث الرابع‬

‫التطبيقات القضائية للمسؤولية احملدودة يف الشركات‬


‫(‪)69‬‬
‫التطبيق األول‬

‫الدعوى املقامة من بنك ‪ ...‬ضد شركة ‪ ...‬احملدودة‬

‫تتحصل وقائع هذه الدعوى أبن وكيل املدعي قد تقدم بالئحة دعوى خيتصم فيها املدعى‬

‫عليها‪ ...‬أبنه س بق وأن أقام موكله دعوى ضد املدعى عليها أمام مكتب الفصل يف منازعات األوراق‬

‫التجارية يف املنطقة الشرقية‪ ،‬وذلك ملطالبة املدعى عليها بدفع مبلغ وقدره سبعة وستون مليوان وتسعمائة‬

‫ألف دوالر أمريكي (‪ ،)6490449444‬وقد صدر قرار مكتب الفصل يف منازعات األوراق التجارية ‪...‬‬

‫والقاضي إبلزام املدعى عليها بدفع املبلغ املذكور للمدعي‪ ،‬وهو قرار مشمول ابلنفاذ املعجل وبدون كفالة‪،‬‬

‫وقد ماطلت املدعى عليها يف تنفيذ القرار منذ ذلك التاريخ ومل تدفع للمدعي أي مبلغ‪ ،‬ويف أثناء حماوالت‬

‫تنفيذ احلكم تبني للمدعي أن املبلغ احملكوم به يبلغ أكثر من قيمة رأس مال الشركة املدعى عليها‪ ،‬ورغم‬

‫ذلك فإن الشركاء يف الشركة املدعى عليها مل يقوموا ابختاذ قرار فيما خيص هذه الديون وكيفية تسديدها أو‬

‫انقضاء الشركة‪ ،‬وأطلب إصدار األمر القضائي وبشكل عاجل بوقف مجيع حساابت الشركة لدى مجيع‬

‫البنو يف اململكة وخماطبة مؤسسة النقد بذلك وإصدار األمر القضائي ابحلجز على كافة أصول الشركة‬

‫ومنقوالهتا إىل حني إعالن إفالسها وتصفية مجيع حقوق املدعي لديها‪ ،‬واحلكم على الشركاء يف الشركة‬

‫املدعى عليها ابلتضامن فيما بينهم بدفع مبلغ وقدره سبعة وستون مليوان وتسعمائة ألف دوالر أمريكي‬

‫(‪ ،)6490449444‬واحلكم إب فالس الشركة كو ا عجزت عن سداد ديو ا التجارية ‪ ...‬وقدم وكيل‬

‫املدعى عليها مذكرة جوابية أفاد فيها‪ :‬أبن وقائع النزاع تتلخص يف أن موكليت املدعى عليها قد تعاقدت مع‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫مكتب ‪ . . .‬خلدمات املشاريع‪ ،‬وذلك لتنفيذ أحد املشروعات تتمثل يف تصدير منتجات صناعية وأنظمة‬

‫أجهزة إلكرتونية‪ ،‬ونظرا لضخامة حجم املشروع املتعاقد عليه فقد قامت موكليت ابلتعاقد مع الصندوق‬

‫السعودي للتنمية "برانمج ضمان الصادرات السعودية " وذلك لضمان خماطر عدم السداد يف املشروع‬

‫املتعاقد عليه مببلغ قدره أربعة ومثانون مليون دوالر أمريكي (‪ ... )2094449444‬وقد قامت موكليت‬

‫بسداد رسوم التأمني املقررة للصندوق واليت ختطت مبلغا قدره ثالثة عشر مليون رايل سعودي‬

‫(‪ ،)1394449444‬وحيث إن املشروع املتعاقد عليه كان حيتاج إىل سيولة مالية‪ ،‬وبناء على توصية من‬

‫الصندوق السعودي للتنمية وقعت موكليت مع املدعي عدة اتفاقيات تسهيالت بنكية ومنها االتفاقية‬

‫اخلاصة ابلقيمة املدعى هبا لتمويل املشروع‪ ،‬وقدمت ضماان هلذه اتفاقية سند أمر حيمل نفس مبلغ املطالبة‬

‫وقدره سبعة وستون مليوان وتسعمائة ألف دوالر أمريكي (‪ ،)6490449444‬ابإلضافة إىل اتفاقية ضمان‬

‫خماطر عدم السداد املربمة مع الصندوق السعودي للتنمية‪ ،‬ابإلضافة إىل حوالة حق حتيل مبوجبها موكليت‬

‫كافة احلقوق الناشئة عن املشروع واليت تكفل الصندوق السعودي للتنمية بضما ا إىل املدعي الذي قبل‬

‫احلوالة ووقع عليها‪ ،‬إال أن البنك املدعي مل يقم إبيداع مبلغ التمويل املتفق عليه واكتفى إبيداع مبلغ قدره‬

‫أحد عشر مليوان ومثامنائة وستة وسبعون ألفا ومثانون دوالرا أمريكيا (‪ ،)1192469424‬وحيث إن موكليت‬

‫قامت بتنفيذ املشروع موضوع التمويل إال أن اجلهة املتعاقد معها قد تقاعست عن سداد مستحقات‬

‫موكليت‪ ،‬وهو األمر الذي فوجئت معه موكليت ابملدعي يتقدم ابلسند ألمر املسحوب ضماان لتمويل املشروع‬

‫إىل مكتب الفصل يف منازعات األوراق التجارية وحتصل منها على قرار مكتب الفصل واملقدم سندا هلذه‬

‫الدعوى‪ ،‬وقد تقدمت موكليت بدعوى ضد البنك لدى جلنة تسوية املنازعات املصرفية وذلك لتحديد أصل‬

‫املديونية املتعاقد عليها وإهدار حجية السند ألمر‪ ،‬كما تقدمت موكليت بدعوى منظورة لدى احملكمة‬

‫(‪)69‬حكم ديوان املظامل رقم ‪/ 156‬تج ‪ 3/3‬لعام ‪ 1030‬ه يف القضية رقم ‪/ 3 /1526‬ق لعام ‪ 1033‬ه‪.‬‬

‫‪663‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫اإلدارية ابلرايض ضد الصندوق السعودي للتنمية إللزامه بتغطية ضمان خماطر عدم السداد مبوجب العقد‬

‫املربم معه‪ ،‬وعليه فاملدعي قد أبرا ذمة موكليت من الدين موضوع الدعوى مبوجب قبوله حوالة احلق‪ ،‬وحيث‬

‫إن والية مكتب الفصل يف منازعات األوراق التجارية تقف عند صحة األركان الشكلية للورقة التجارية‬

‫دون التعرض إىل أصل العالقة‪ ،‬عليه أطلب رد الدعوى ‪ ...‬وقدم وكيل املدعي مذكرة جوابية أفاد فيها‪ :‬أبن‬

‫وكيل املدعى عليها قد سرد وقائع ال متت إىل الدعوى بصلة ‪ ...‬رغبة منه يف تشتيت الدعوى‪ ،‬وإدخال‬

‫أطراف ليس هلم عالقة هبا‪ ،‬وعليه فحيث إن دعوى موكلي تضمنت حقا مشروعا متثل يف عدم سداد‬

‫املدعى عليها لديو ا اليت جتاوزت إمجا ي رأس ماهلا‪ ،‬فإن موكلي يؤكد على طلبه إصدار األمر القضائي مبنع‬

‫الشركاء من السفر إىل حني انتهاء الدعوى‪ ،‬واحلجز على كافة حساابت الشركة املصرفية ‪ ...‬وأضاف أبن‬

‫موكلي حيصر مطالبته ابحلكم على الشركاء يف الشركة املدعى عليها ابلتضامن بدفع مبلغ قدره سبعة وستون‬

‫مليوان وتسعمائة ألف دوالر أمريكي (‪. )6490449444‬‬

‫وبعد مساع الدائرة للدعوى واإلجابة‪ ،‬وبعد اطالعها على أوراق القضية ومستنداهتا‪ ،‬وحيث إن‬

‫دعوى وكيل املدعي تنحصر يف طلبه إلزام الشركاء يف الشركة املدعى عليها ابلتضامن فيما بينهم لدفع مبلغ‬

‫قدره سبعة وستون مليوان وتسعمائة ألف دوالر أمريكي (‪ )6490449444‬ملوكله مبوجب السند ألمر‬

‫والصادر من املدعى عليها لصاحل موكله‪ ،‬والصادر على أساسه قرار مكتب الفصل يف منازعات األوراق‬

‫التجارية ‪ ...‬واملتضمن إلزام املدعى عليها دفع مبلغ املطالبة للمدعي‪ ،‬وحيث أفاد وكيل املدعى عليها بعدم‬

‫صحة الدعوى مبا هو مفصل بعاليه‪ ،‬وحيث إنه ابطالع الدائرة على ما حصر به وكيل املدعي دعوى موكله‬

‫وهو إلزام الشركاء يف الشركة املدعى عليها ابلتضامن لدفع مبلغ املطالبة ملوكله‪ ،‬وحيث إن هذا املطلب قد‬

‫مت نظره سلفا وصدر ملوكله قرار مكتب الفصل يف منازعات األوراق التجارية املشار إليه واملتضمن إلزام‬

‫املدعى عليها دفع مبلغ املطالبة للمدعي ‪ ...‬وأما كون قرار مكتب الفصل يف منازعات األوراق التجارية قد‬

‫‪ 663‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫صدر يف مواجهة الشركة املدعى عليها فإن ذلك يعترب ملزما للشركاء يف الشركة املدعى عليها وال يستدعي‬

‫حكما آخر على الشركاء أبعيا م ابعتبار أن الشركة املدعى عليها هي شركة ذات مسؤولية حمدودة يلتزم‬

‫كل شريك فيها بدفع ما يقابل حصته يف الشركة‪ ،‬وفق ما نصت عليه املادة (‪ )124‬من نظام الشركات‬

‫واليت نصت على أنه "إذا بلغت خسائر الشركة ذات املسئولية احملدودة ثالثة أرابع رأس املال وجب على‬

‫املديرين دعوة الشركاء لالجتماع للنظر يف استمرار الشركة أو يف حلها قبل األجل املعني يف عقدها‪ ،‬وال‬

‫يكون قرار الشركاء يف هذا الشأن صحيحا إال إذا وافقت عليه األغلبية املنصوص عليها يف املادة (‪،)143‬‬

‫وجيب يف مجيع األحوال شهر هذا القرار ابلطرق املنصوص عليها يف املادة (‪ ،)160‬وإذا أمهل املديرون‬

‫دعوة الشركاء أو إذا تعذر على الشركاء الوصول إىل قرار يف املوضوع جاز لكل ذي مصلحة أن يطلب حل‬

‫الشركة "‪ .‬وأما ما ذكره وكيل املدعي من أن خسائر الشركة املدعى عليها قد بلغت أكثر من رأمساهلا‪،‬‬

‫فكان للمدعي طلب حل الشركة وتصفيتها يف حال ثبوت ما ادعى به طبقا للمادة املشار إليها سلفا‪ .‬مما‬

‫تنتهي معه الدائرة إىل احلكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من جهة شبه قضائية وهي‬

‫مكتب الفصل يف املنازعات التجارية‪.‬‬

‫التعليق على احلكم‬

‫بتأمل وقائع الدعوى واحلكم‪ ،‬يتبني أن القضاء التجاري السعودي يعد مبدأ املسؤولية احملدودة‬

‫للشركاء مبدأ صحيحا معتربا‪ ،‬لذا حكمت الدائرة بعدم صحة مطالبة الشركاء بسداد الديون اليت جتاوزت‬

‫موجودات الشركة من أمواهلم اخلاصة‪ ،‬وجاء يف تسبيب احلكم‪ ..." :‬فإن ذلك يعترب ملزما للشركاء يف‬

‫الشركة املدعى عليها وال يستدعي حكما آخر على الشركاء أبعيا م ابعتبار أن الشركة املدعى عليها هي‬

‫شركة ذات مسؤولية حمدودة يلتزم كل شريك فيها بدفع ما يقابل حصته يف الشركة "‪ .‬وبينت الدائرة أن‬

‫‪663‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫الذي ميلكه الدائن مبوجب النظام إمنا هو املطالبة بتصفية الشركة عند بلوغ خسائرها ثالثة أرابع رأس ماهلا‬

‫الستيفاء دينه مما تبقى من موجوداهتا‪.‬‬


‫(‪)70‬‬
‫التطبيق الثاين‬

‫الدعوى املقامة من صندوق التنمية الصناعية السعودي ضد الشركة ‪ ...‬احملدودة‬

‫تتلخص وقائع هذه الدعوى يف أنه تقدم ‪ ...‬املدير العام لصندوق التنمية الصناعية السعودي‬

‫بالئحة دعوى ضد املدعى عليها جاء فيها أنه مبوجب عقد القرض رقم ‪ ...‬واتريخ ‪ ...‬قدم الصندوق‬

‫للمدعى عليها قرضا مقداره ستة عشر مليون رايل (‪ )1694449444‬للمسامهة يف متويل إنشاء وتشغيل‬

‫مصنع الشركة إلنتاج البطارايت اجلافة‪ ،‬ونظرا حلدوث بعض األمور اليت أثرت على عملية بيع ما ينتجه‬

‫املصنع من بطارايت مما أدى إىل عدم التزام الشركاء بسداد األقساط اليت استحقت عليهم‪ ،‬فقد عمل‬

‫الصندوق مجيع ما يستطيعه لدعم الشركاء وحثهم على تشغيل املصنع إال أن ذلك مل جيد شيئا‪ ،‬مما حدا‬

‫ابلصندوق إىل إصدار قراره ‪ ...‬ابستدعاء كامل قرضه وما تكبده من تكاليف متابعة‪ ،‬وعلى إثر ذلك أقام‬

‫الشركاء الدعوى رقم ‪ ...‬أمام ديوان املظامل ابلرايض (الدائرة اإلدارية األوىل) بطلب إلغاء القرار الصادر من‬

‫جملس إدارة الصندوق‪ ،‬وقد حكمت الدائرة املذكورة ‪ ...‬إبلغاء قرار جملس إدارة الصندوق‪ ،‬ونوهت يف‬

‫أسباب حكمها أبحقية الصندوق يف اقتضاء حقوقه من الشركاء أنفسهم كل بنسبة حصته يف الشركة إال‬

‫أن ذلك جيب أن يتم بعد أن يستنفذ الصندوق اإلجراءات اليت نص عليها احلكم‪ ،‬وقد قام الصندوق‬

‫إبعمال ما نص عليه احلكم مبا يف ذلك طلب تعيني مصف للشركة ومت تعاون الصندوق مع املصفى ببيع‬

‫مصنع الشركة املرهون لصاحله مببلغ (‪ )390449444‬رايل مث طالب الصندوق املصفى بباقي مبلغ القرض‬

‫(‪)70‬حكم هيئة التدقيق يف ديوان املظامل رقم ‪/62‬ت‪ 3/‬لعام ‪ 1022‬ه‪ ،‬يف القضية رقم ‪/ 2 /224‬ق لعام ‪ 1015‬ه والصادر بشأ ا حكم‬
‫الدائرة التجارية العاشرة رقم ‪ 122‬لعام ‪ 1024‬ه ‪.‬‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫إال أنه أفاد بعدم وجود مبال لديه‪ ،‬مث أقام املصفى الدعوى ‪ ...‬أمام هيئة حسم املنازعات التجارية (دائرة‬

‫جدة) بغية احلكم إبشهار إفالس الشركة فأصدرت اهليئة املذكورة قرارها ‪ ...‬إبعالن إفالس الشركة وتعيينه‬

‫أمينا للتفليسة وأن على كل دائن مل يرتض حبصيلة التفليسة أن يقيم دعواه مطالبا مبسؤولية اإلدارة عما آلت‬

‫إليه أوضاع الشركة‪.‬‬

‫مث تقدم املصفى هليئة حسم املنازعات التجارية بدائرة جدة بعد أن عجز عن تسوية أوضاع‬

‫الدائنني لقصور حصيلة التفليسة بطلب مفاده حتديد نوع إفالس الشركة‪ ،‬وإثباات لدعوى املصفى قررت‬

‫اهليئة أن تقوم ‪ ...‬للخدمات االستشارية إبجراء دراسات تتعلق بسالمة إجراءات التصرفات قبل أتسيس‬

‫الشركة وبعد التأسيس وأثناء قيام الشركة وألزمت اهليئة يف قرارها املدعي (املصفى) أبن يقدم جلهة اخلربة‬

‫سالفة الذكر الواثئق واملستندات اليت متكنها من إعداد تقريرها وحتديد نوع اإلفالس‪ ،‬إال أن املدعي‬

‫(املصفى) قدم مذكرة ضمنها أنه ال يرى مربرا إلعادة فتح ملفات الشركة ودفاترها التجارية بعد هذه الفرتة‬

‫الطويلة من الزمن مبقولة إن دفاتر الشركة وسجالهتا سليمة إذ مل ترد للشركة أية مالحظات عليها من وزارة‬

‫التجارة مما حدا هبيئة حسم املنازعات التجارية جبدة أن تصدر قرارها ‪ ...‬برد الدعوى‪ ،‬وبعد ذلك مل جيد‬

‫الصندوق سبيال سوى اللجوء إىل اجلهات التنفيذية لتنفيذ اخلطوة األخية من احلكم ‪ ...‬وهي مطالبة‬

‫الشركاء شخصيا بتسديد ما تبقى من مستحقات الصندوق ‪ ...‬مث فوجئ الصندوق إبقامة املصفى للدعوى‬

‫‪ ...‬أمام الدائرة التجارية العاشرة بفرع الديوان مبنطقة مكة املكرمة يطلب احلكم له إبشهار إفالس الشركة‬

‫واعتبار اإلفالس حقيقيا تبعا ملا هو متوفر له من مستندات وإدخال صندوق التنمية الصناعية السعودي‬

‫خصما يف الدعوى ليصدر احلكم يف مواجهته‪ ،‬وبعد أن سارت الدعوى شوطا طويال أمام الديوان حصر‬

‫املدعي (املصفى) دعواه يف طلب احلكم له إبعالن إفالس الشركة املدعى عليها‪ ،‬وبعد ذلك أصدرت‬

‫الدائرة التجارية العاشرة حكمها ‪ ...‬بعدم جواز نظر الدعوى إبعالن إفالس الشركة لسابقة الفصل فيها من‬

‫‪635‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫هيئة حسم املنازعات التجارية اليت أصدرت قرارها ‪ ...‬إبعالن إفالس الشركة‪ .‬وانتهى الصندوق يف الئحة‬

‫دعواه إىل طلب احلكم ابعتبار إفالس الشركة إفالسا تقصياي للعرض سالف البيان وطبقا لنظام احملكمة‬

‫التجارية‪.‬‬

‫وإبحالة قضية صندوق التنمية الصناعية السعودي ضد الشركة املدعى عليها إىل الدائرة التجارية‬

‫العاشرة ابشرت نظرها وعقدت هلا عدة جلسات حضر فيها طرفا النزاع‪ ،‬وأجاب مصفي الشركة املدعى‬

‫عليها بقوله‪ :‬إن دفاتر الشركة كانت وما زالت لدي بعد أن قرر الشركاء تصفية الشركة‪ ،‬ويف ضوء هذه‬

‫الدفاتر متت تصفية الشركة‪ ،‬والذي علمته من احملاسب القانوين الذي كلفته بتدقيق هذه الدفاتر أ ا دفاتر‬

‫منظمة وابعتبار أن الشركة متت تصفيتها ومل يعد عندي أي أموال لإلنفاق بعد بيع مصنع الشركة وتسديد‬

‫قيمته إىل الصندوق وال يوجد أي موجودات أخرى أو أموال للشركة ‪ ...‬وللعلم أبنين مل أجد ومن خالل‬

‫قيامي بتصفية الشركة بداية وخالل قيامي مبهميت كأمني للتفليسة فيما بعد ما يدل على وجود تقصي يف‬

‫إدارة الشركة وإال لكنت طلبت اعتبار اإلفالس تقصياي‪.‬‬

‫مث قررت الدائرة تكليف اخلبي احملاسيب ‪ ...‬بفحص سجالت الشركة احملاسبية ومعرفة التصرفات‬

‫اليت صدرت عن الشركة والشركاء فيما يتعلق مبصروفات الشركة وااللتزامات اليت ترتبت عليها ومعرفة ما إذا‬

‫كان هنا تصرفات غي نظامية حصلت يف الشركة‪ ،‬توصال ملعرفة نوعية إفالس الشركة‪ ،‬وقد قدم احملاسب‬

‫تقريره للدائرة ومت تزويد طريف النزاع بنسخة منه أوضح فيه أوجه التقصي احلاصلة من املدعي صندوق التنمية‬

‫الصناعي والشركة املدعى عليها فيما خيص القرض املمنوح هلا‪ ،‬كما أوضح التصرفات اليت متت من قبل‬

‫املدعى عليها وأوردها احلكم يف وقائعه أدت يف وجهة نظر احملاسب إىل كون اإلفالس تقصياي‪.‬‬

‫وبعد أن استكملت الدائرة نظر القضية وأجرت ما رأته الزما هلا أصدرت بشأ ا حكمها ‪...‬‬

‫برفض الدعوى‪ ،‬وقد اعرتض املدعي (صندوق التنمية الصناعي) على هذا احلكم‪ ،‬وقدم الئحة بذلك‪،‬‬

‫‪ 632‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫استعرض فيها ملخص ما ذكره يف مذكراته اجلوابية املقدمة للدائرة ومن ذلك قوله‪ ... " :‬فالصندوق يطالب‬

‫الدائرة ابحلكم ابعتبار إفالس الشركة إفالسا تقصياي وذلك لكي يتمكن من استحصال مستحقات اخلزينة‬

‫العامة للدولة وقد نصت املادة (‪ )145‬من نظام احملكمة التجارية على أن (املفلس احلقيقي هو الذي‬

‫اشتغل يف صنعة التجارة على رأس مال معلوم يعتربه العرف كافيا للعمل التجاري الذي اشتغل فيه ووجدت‬

‫له دفاتر منظمة ومل يبذر يف مصرفه‪ ،‬ووقع على أمواله حرق أو غرق أو خسارات ظاهرة فإذا توافرت فيه‬

‫هذه الشروط يكون مفلسا حقيقيا)‪ ،‬كما أن املادة (‪ )146‬من النظام نفسه قد نصت على أن (املفلس‬

‫املقصر هو التاجر الذي يكون مبذرا يف مصاريفه ومل يبني عجزه يف وقته بل كتمه على غرمائه واستمر‬

‫يشتغل يف التجارة حىت نفد رأس ماله وإن وجدت له دفاتر منظمة) وترتيبا على ما سبق وحسبما أقر‬

‫املصفى أمام هيئة حسم املنازعات التجارية وهو إقرار قضائي يعد حجة عليه أنه ال جيد مربرا من إعادة فتح‬

‫دفاتر الشركة وال ميكنه تقدميها فضال عما أثبتته ‪ ...‬للخدمات االستشارية من أنه مل يزودها ابلدفاتر‬

‫والسجالت ولو أن املصفى لديه أو ميكنه تقدمي ذلك لبادر به تدعيما ملوقفه ورغبة أن يصدر احلكم‬

‫لصاحله األمر الذي ميكن االستخالص منه إىل أن أحد الشروط الالزمة العتبار اإلفالس حقيقيا وهو وجود‬

‫ميزانيات ودفاتر جتارية منظمة قد ختلف وبذلك يكون اإلفالس الذي ميكن نسبته إىل‬

‫الشركاء هو اإلفالس التقصيي‪ ،‬هذا وقد عينت الشركة مديرا فنيا هلا غي أنه تر العمل يف الشركة يف‬

‫منتصف عام ‪ 1021‬ه ومل يتم استخالفه مبدير فين جديد مما أدي إىل تدهور مستوى اإلدارة الفنية وتراكم‬

‫اخلسائر اليت بلغت بتاريخ ‪ 1021 / 12 /31‬م (‪ 1690449444‬رايل) ‪.‬‬

‫ولقد كان من الضروري تعيني مدير تسويق مناسب يف أسرع وقت لديه القدرة على حتمل‬

‫املسؤولية املباشرة يف كافة النواحي املتعلقة ابلتسويق‪ ،‬إال أنه مل يتم تعيني مدير تسويق مؤهل على اإلطالق‬

‫‪.‬‬

‫‪636‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫كما أن الشركة الدعائية روجت إلنتاجها على مستوى منافذ البيع ابجلملة دون منافذ البيع‬

‫ابلتجزئة‪ ،‬وكانت طريقة التغليف والتعبئة ليست كغالبية األنواع األجنبية األخرى حبيث تكون يف غمد من‬

‫مادة السيلوفان حلمايتها من التسرب مما يعزز ثقة املستهلك هبا‪.‬‬

‫وقد قام الفنيون املختصون ابلصندوق بزايرات عديدة ملصنع الشركة وأعدوا تقريرا فنيا أثبت أبن‬

‫مسببات فشل الشركة هي إدارة الشركة نفسها حيث مل تسيطر على أمور الشركة وامتنعت عن شراء قطع‬

‫الغيار األساسية فضال عن جتاهلها الواضح ملوضوع املغاالة يف أسعار املواد اخلام وعدم استعدادها لقبول‬

‫مبدأ ضرورة تعيني أخصائي تسويق يف ظل دخول الشركة كمنتج جديد‪ ،‬إضافة إىل أن املباين واإلنشاءات مل‬

‫تشهد أية صيانة دورية ‪ ...‬ويف ختام مذكرته طلب احلكم ابعتبار إفالس الشركة إفالسا تقصياي للعرض‬

‫سالف البيان وطبقا لنظام احملكمة التجارية ‪ ...‬ومسؤولية الشركاء يف الشركة ذات املسؤولية احملدودة قائمة‬

‫عن ديون الشركة وال حتد مسؤولية كل شريك إال بنسبة حصته يف رأمساهلا فإن جاوزت خسائرها قدرا معينا‬

‫(ثالثة أرابع رأس املال) كان على الشركاء تقرير استمرار الشركة مع حتمل ديو ا أو حلها‪ ،‬فإن استمرت‬

‫الشركة يف نشاطها ودون صدور قرار من الشركاء ابستمرارها أو حلها مشهرا ابلطرق املقررة نظاما كانوا‬

‫مسؤولني ابلتضامن عن سداد مجيع ديون الشركة‪ ،‬والذي قرره نظام الشركات ‪ ...‬هو تقرير املسؤولية‬

‫التضامنية واملطلقة عن ديون الشركة للشركاء يف الشركة ذات املسؤولية احملدودة مىت بلغت خسائرها احلد‬

‫املذكور واستمرت يف نشاطها دون قرار من الشركاء ابالستمرار وحتملهم ديو ا أو حلها ابلطرق املقررة‬

‫نظاما‪ ،‬وهو ما يعين مبفهوم املوافقة أن مسؤولية الشركاء كانت قائمة عن ديون الشركة ولكن بقدر نصيب‬

‫كل منهم منفردا عن رأس املال حىت انسحبت عليها حكم املسؤولية املطلقة والتضامنية عندما حتققت‬

‫شرائطه املشار إليها يف هذا النص‪ ،‬وحيث كان ما سبق وكان من الثابت مبا ال ينازع فيه احملامي مصفي‬

‫الشركة وأمني تفليستها وإبقراره يف الئحة دعواه (‪ )632‬لسنة ‪ 1046‬ه من مالحظته لتقرير احملاسب‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫القانوين أبن خسائر الشركة بلغت (‪ )2594449050‬رايل ومن مث جتاوزت رأس املال البالغ‬

‫(‪ )1594449444‬رايل يف السنة املالية املنتهية يف ‪ 1025 / 12 / 31‬م وكان الزم ذلك ومقتضاه‬

‫اختاذ قرار من الشركاء خالل املدة وابلطرق املقررة يف املادة (‪ )124‬من نظام الشركات‪ ،‬أما وقد تقاعس‬

‫الشركاء عن االلتزام أبحكام النظام تكون مسؤوليتهم عن ديون الشركة قد جتاوزت حدود نصيبهم يف رأس‬

‫املال انفرادا لتصبح مسؤولية تضامنية عن كامل هذه الديون "‪.‬‬

‫كما انقش املدعي حيثيات احلكم وخلص إىل طلب نقض احلكم‪ ،‬واحلكم أبن إفالس الشركة‬

‫املدعى عليها يعد إفالسا تقصياي بناء على ما عرضه أطراف النزاع أثناء املرافعة وما نص عليه نظام احملكمة‬

‫التجارية واستنادا إىل تقرير اخلبي الفين املنتدب‪.‬‬

‫وإبحالة القضية إىل هيئة التدقيق واطالعها على أوراقها واحلكم الصادر فيها واالعرتاض املقدم‬

‫عليه‪ ،‬أصدرت حكمها رقم ‪ / 15‬ت ‪ 3 /‬لعام ‪ 1020‬ه ويقضي‪" :‬بنقض حكم الدائرة رقم ‪ / 03‬د ‪/‬‬

‫تج ‪ 14 /‬لعام ‪ 1023‬ه وإعادة القضية للدائرة لنظرها والفصل فيها" وفقا ملا هو مبني حبكم اهليئة‪.‬‬

‫وإبعادة القضية للدائرة ابشرت نظرها وعقدت هلا عدة جلسات قدم خالهلا طرفا النزاع ما لديهما‬

‫من دفوع ومذكرات‪ ،‬وبعد أن استكملت الدائرة نظر القضية أصدرت حكمها رقم ‪ / 122‬د ‪ /‬تج ‪14 /‬‬

‫لعام ‪ 1024‬ه حمل التدقيق ويقضي‪" :‬أبن إفالس الشركة ‪ ...‬يعد إفالسا تقصياي" وذلك بناء على‬

‫األسباب الواردة به‪.‬‬

‫فلذلك حكمت اهليئة بتأييد احلكم رقم ‪ /122‬د ‪ /‬تج ‪ 14 /‬لعام ‪ 1024‬ه الصادر يف القضية‬

‫رقم ‪ / 2 / 224‬ق لعام ‪ 1015‬ه فيما انتهى إليه من القضاء أبن إفالس الشركة ‪ ...‬يعد إفالسا‬

‫تقصياي‪ ،‬حمموال على أسبابه‪.‬‬

‫‪636‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫التعليق على احلكم‬

‫بتأمل وقائع الدعوى واحلكم‪ ،‬يتبني أن القضاء السعودي رغم اعتباره مبدأ املسؤولية احملدودة‬

‫للشركاء مبدأ صحيحا يف األصل‪ ،‬إال أنه يقيد اعتباره بعدم حصول تعد أو تفريط يف إدارة الشركة‪ ،‬فإن‬

‫وقع من الشركاء تعد أو تفريط تسبب يف خسارة الشركة وإفالسها‪ ،‬وهو املعرب عنه ابإلفالس التقصيي‪،‬‬

‫فإن القضاء حيكم مبسؤولية الشركاء عن ديون الشركة مسؤولية مطلقة يف أمواهلم اخلاصة‪.‬‬
‫(‪)71‬‬
‫التطبيق الثالث‬

‫الدعوى املقامة من شركة ‪ ...‬ضد شركة ‪ ...‬التجارية احملدودة‬

‫تتحصل وقائع هذه الدعوى بتقدم ‪ ...‬بالئحة دعوى ذكر فيها أن موكلته ابعت للمدعى عليها‬

‫معدات طبية مببلغ إمجا ي قدره إثنا عشر ألف وتسعمائة ومخسة عشر يورو (‪ ،)12015‬حيل سداده بعد‬

‫تسعني يوما من اتريخ سند الشحن‪ ،‬وقد مت الشحن بتاريخ ‪ 2443/12/15‬م واتريخ ‪2440/1/21‬‬

‫م‪ ،‬إال أن املدعى عليها مل تسدد قيمة املعدات رغم حلول األجل ورغم مطالبات موكلته املتكررة‪ ،‬وقد أرفق‬

‫ما يراه سندا لدعواه طالبا إلزام املدعى عليها بسداد املبلغ كامال ‪ ...‬فحددت الدائرة جلسة ‪ ...‬وفيها‬

‫حضر وكيل املدعية‪ ،‬كما حضر ‪ ...‬وذكر أنه قد اشرتى هو و‪ ...‬تلك الشركة من ‪ ...‬و‪ ،...‬وتغي امسها‬

‫إىل شركة ‪ ...‬للمقاوالت احملدودة‪ ،‬مضيفا أنه ومبوجب عقد البيع فإن املال السابقني هم من يتحمل‬

‫الديون حمل الدعوى‪ ،‬وقد قدم صورة من عقد البيع وصورة من ترخيص االستثمار الذي يثبت ملكية‬

‫الشركة وتغيي امسها‪ ،‬وصورة من السجل التجاري‪ ،‬وابطالع وكيل املدعية على ذلك وتسلمه نسخة من‬

‫الصور ‪ ...‬طلب وكيل املدعية املضي يف نظر الدعوى‪ ،‬مضيفا أن ما ذكره احلاضرون ‪ ...‬غي صحيح‪ ،‬وقد‬

‫ذكر ‪ ...‬أنه اشرتى قسم املقاوالت وحتول امسه لشركة ‪ ...‬للمقاوالت‪ ،‬وأما قسم املعدات الطبية فال يزال‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫حتت مسمى ‪ ،...‬وبسؤال وكيل املدعية عن اتريخ فواتي شرا ء املعدات ذكر أنه بتاريخ ‪/ 12 / 15‬‬

‫‪ 2443‬م‪ ،‬أي قبل شراء املدعى عليها بثالث سنوات تقريبا‪ ،‬وعليه رأت الدائرة طلب املال السابقني‬

‫للسماع منهم وحددت جلسة ‪ ...‬وفيها حضر الطرفان كما حضر ‪ ...‬الذي أجاب أب م ابعوا قسم‬

‫املقاوالت للمستثمر األجنيب احلاضر وصفوا ابقي األنشطة وألغي السجل التجاري يف عام ‪ 2445‬م ‪...‬‬

‫وبسؤاله هل الشراء مت أثناء ملكيته؟ أجاب أبنه ال يعلم‪ ،‬وطلب من املدعية إثبات ما تدعي به مؤكدا أنه‬

‫مستعد للسداد يف حال اإلثبات وعليه طلب وكيل املدعية مهلة إلحضار البينة ‪ ...‬مث قدم وكيل املدعية‬

‫صور بعض املستندات املرتمجة للغة العربية واليت يرى إثباهتا ملا يدعي به ‪ ...‬وبسؤال املدعي على من يوجه‬

‫دعواه؟ ذكر أنه يوجهها ضد شركة ‪ ...‬التجارية احملدودة ‪ ...‬وبسؤال ‪ ...‬هل املدعى عليها اليت ميثلها ‪...‬‬

‫اشرتت قسم املقاوالت فقط؟ أجاب أب ا ابلفعل اشرتت قسم املقاوالت وأن األقسام األخرى بقيت حتت‬

‫مسمى شركة ‪ ...‬التجارية وذلك يف ست مؤسسات إىل أن مت شطبها تلقائيا‪ ،‬وأضاف أنه املسؤول عن أي‬

‫مطالبة تثبت جتاه أي من املؤسسات الست‪ ،‬كما قدم ‪ ...‬صورة من عقد البيع من األصل ملطابقتها عليه‪،‬‬

‫ومتسك فيما ورد يف الفقرة اخلامسة منه‪ ،‬حيث نصت على أن املشرتين ال يتحملون الديون السابقة املتعلقة‬

‫بقسم األجهزة الطبية وبعرض ذلك على وكيل املدعية أجاب أبن العقد غي ملزم ملوكلته‪ ،‬إذ إنه غي مصدق‬

‫من وزارة التجارة وكتابة العدل‪ ،‬وأما تصديق الغرفة التجارية الذي حيتج به فهو خاص مبطابقة التوقيع وليس‬

‫له عالقة ابملضمون‪ ،‬وبعرض ذلك على املدعى عليه‪ ،‬أجاب أبن هذا العقد هو األساس وأنه قد مت بناء‬

‫عليه إصدار الرتاخيص من وزارة التجارة‪ ،‬ووزارة التجارة ال تصدر ترخيصا حىت يصدق من كاتب عدل‪،‬‬

‫وبناء على ذلك ختم الطرفان أقواهلما‪ ،‬وعليه رفعت اجللسة للتأمل واملداولة‪.‬‬

‫(‪)71‬حكم ديوان املظامل رقم ‪/062‬د‪/‬تج‪ 3/‬لعام ‪ 1020‬ه‪ ،‬يف القضية رقم ‪/ 1 /1620‬ق لعام ‪ 1020‬ه‪.‬‬

‫‪633‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫وبعد مساع الدائرة للدعوى واإلجابة وبعد اطالعها على أوراق القضية ومستنداهتا‪ ،‬تبني أن وكيل‬

‫املدعية يهدف من إقامة هذه الدعوى إىل إلزام املدعى عليها أبن تدفع ملوكلته مبلغا قدره اثنا عشر ألف‬

‫وتسعمائة ومخسة عشر يورو (‪ )12015‬ميثل قيمة معدات طبية اشرتهتا املدعى عليها من موكلته ‪...‬‬

‫وحيث إن املدعى عليها قد تغي مالكها مبوجب الرتخيص التجاري ومبوجب عقد البيع الذي تضمن يف‬

‫الفقرة اخلامسة منه ما خيلي مسؤولية املال اجلدد عن أي ديون سابقة لتاريخ ‪ 2445 / 1 / 1‬م‪ ،‬والذي‬

‫تضمن أيضا يف نفس الفقرة ما خيلي مسؤوليتهم عن أي (مطالبة) ختص ‪ ...‬واليت من ضمنها قسم األجهزة‬

‫الطبية‪ ،‬وحيث أقر الشريك ‪ ...‬الذي هو أحد مال الشركة سابقا أنه املسؤول عن أية ديون على حنو ما‬

‫جاء يف عقد البيع‪ ،‬وأنه املسؤول عن مطالبة املدعية يف دعواها هذه مىت ثبتت‪ ،‬وحيث إن املبلغ الذي‬

‫تطالب به املدعية سابق للتاريخ املشار إليه الوارد يف عقد البيع بل وميثل قيمة معدات طبية‪ ،‬فإن دعوى‬

‫املدعية ضد املدعى عليها املوجودة اآلن تكون موجهة على غي ذي صفة‪ ،‬وللمدعية إقامة دعواها على‬

‫مال الشركة السابقني‪ ،‬وهلذه األسباب وبعد املداولة حكمت الدائرة‪ :‬بعدم قبول الدعوى املقامة من شركة‬

‫‪ ...‬ضد شركة ‪ ...‬التجارية احملدودة‪ ،‬لرفعها على غي ذي صفة‪.‬‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫التعليق على احلكم‬

‫بتأمل وقائع الدعوى واحلكم‪ ،‬يتبني أن هذا احلكم قد اشتمل على عدم صحة مطالبة الشركة‬

‫املدعى عليها ابلدين‪ ،‬مع اإلشارة إىل جواز مطالبة الشركاء السابقني ابلدين يف أمواهلم اخلاصة‪.‬‬

‫وقد سببت الدائرة حكمها بتغي مال الشركة املدعى عليها‪ ،‬والتزام الشركاء السابقني بتحمل‬

‫ديون الشركة السابقة لعقد البيع يف أمواهلم اخلاصة‪.‬‬

‫وهذا التسبيب حمل نظر؛ ألن األصل الذي قرره النظام كما تقدم هو أن ديون الشركة ذات‬

‫املسؤولية احملدودة تتعلق بذمة الشركة وال تتعدى املطالبة هبا إىل الشركاء يف أمواهلم اخلاصة‪ ،‬النفصال ذمة‬

‫الشركاء املالية عن ذمة الشركة‪ ،‬وعليه فإن ديون الشركة تبقى متعلقة بذمة الشركة حىت مع انتقال ملكيتها‬

‫لشركاء آخرين‪ .‬والتزام الشركاء السابقني بتحمل الديون هو اتفاق بني مشرتي الشركة ومالكها السابقني‪،‬‬

‫وهذا االتفاق ال يصح أن يتعدى أثره لدائين الشركة‪.‬‬

‫‪633‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫(‪)72‬‬
‫التطبيق الرابع‬

‫قرار توقيع احلجز التحفظي على مبلغ مليوين رايل من أموال املدعى عليها شركة ‪ ...‬احملدودة‬

‫تتلخص وقائع هذا الطلب املستعجل بتقدم وكيل املدعية شركة ‪ ...‬بالئحة طلب مستعجل‬

‫يتضمن املطالبة حبجز حتفظي على أموال املدعى عليها شركة ‪ ...‬احملدودة لدى البنو السعودية مبا يعادل‬

‫مبلغ مليوين رايل (‪ ،)294449444‬وبعد قيد الطلب مت إحالته هلذه الدائرة‪ ،‬وقد أوضح فيه وكيل املدعية‬

‫أن موكلته تعاقدت مع املدعى عليها من أجل أن تقوم املدعى عليها من اتريخ التوقيع على العقد بتاريخ‬

‫‪ 2414/14/5‬م ابستثمار وتسويق وتصنيع وبيع شعارات رايضية يف اإلعالانت الدعائية والرتوجيية‪،‬‬

‫ولكن املدعى عليها أخفقت يف تنفيذ التزاماهتا العقدية‪ ،‬ويف منتصف عام ‪ 2412‬م اتفقت موكلته مع‬

‫املدعى عليها على إ اء وتسوية العقد املربم معها ووقعت موكلته معها اتفاقية تسوية وفسخ وخمالصة ائية‬

‫يف ‪ 2413 / 3 /12‬م‪ ،‬وقد نصت االتفاقية على أن تلتزم املدعى عليها بدفع مليوين رايل ملوكلته حسب‬

‫جدول الدفعات املنصوص عليها يف االتفاقية‪ ،‬ولكنها مل تسدد أي مبلغ مما مت االتفاق عليه رغم‬

‫املخاطبات املتكررة وصار مجيع املبلغ حال األداء ومستحقا بذمتها لصاحل موكلته‪ ،‬وملا كان املبلغ حال‬

‫األداء ومستحقا ملوكلته وتتهرب املدعى عليها من سداده ملوكلته‪ ،‬وهذا التأخر يف السداد قد رتب أضرارا‬

‫(‪)72‬قرار ديوان املظامل رقم ‪/3‬د‪/‬تج ‪ 1035 /4‬ه يف القضية املقامة رقم ‪/ 1 /234‬ق‪ 1035/‬ه‪.‬‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫على موكلته‪ ،‬وخوفا من موكلته من عدم قدرة املدعى عليها على السداد يف املستقبل‪ ،‬أو تبديد أمواهلا أو‬

‫إخفائها أو تصفية الشركة أو إفالسها خاصة وأن رأس مال الشركة املسجل هو مخسمائة ألف رايل وهو‬

‫أقل بكثي من املبلغ املستحق ملوكلته‪ ،‬فيطلب خماطبة مؤسسة النقد العريب السعودي إليقاع احلجز‬

‫التحفظي على مبلغ مليوين رايل من أموال املدعى عليها لدى البنو احمللية ‪ ...‬ويف سبيل نظر هذا الطلب‬

‫حددت الدائرة جلسة هذا اليوم‪ ،‬وفيه حضر وكيل املدعية طالبة احلجز ‪ ...‬وأكد طلب موكلته العاجل‬

‫وقدم خطاب الضمان رقم ‪ ...‬املؤرخ بتاريخ هذا اليوم واملسحوب على البنك السعودي الفرنسي ألمر‬

‫فضيلة رئيس احملكمة مببلغ مائيت ألف رايل كضمان حلقوق املدعى عليها فيما لو تبني عدم صحة املطالبة‬

‫أو كيدية الدعوى‪ ،‬واكتفى بذلك فتم رفع اجللسة للمداولة‪.‬‬

‫وبعد الدراسة واملداولة وحيث إن الفصل يف الطلبات العاجلة من األمور اخلاضعة لتقدير الدائرة‬

‫القضائية انظرة النزاع ويستند أساسا على األمور اليت قد يتعذر تداركها أو خيشى فواهتا فيما لو مل تقرر‬

‫الدائرة الفصل يف الطلب إجيااب حسب طالب النظر يف املسألة املستعجلة ‪ ...‬وحيث إن من املربرات‬

‫املقبولة لتوقيع احلجز التحفظي إذا قرر طالب احلجز خشيته من اختفاء أموال املدين أو هتريبها أو عجزه‬

‫عن الوفاء بدينه مستقبال‪ ،‬وحيث يتضح من احلالة املاثلة أن رأس مال الشركة املدعى عليها أقل من مبلغ‬

‫الدين ‪ -‬حسب نسخة السجل التجاري املرفقة ‪ -‬فضال عن كو ا من الشركات ذات املسئولية احملدودة‬

‫‪635‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫اليت يسأل الشركاء عن ديو ا بقدر حصصهم فيها فقط دون أمواهلم اخلاصة‪ ،‬وإذ قدم طالب احلجز‬

‫الضمان الكايف لتوقيع مثل هذا احلجز ضد احملجوز عليها فإن الدائرة تنتهي إىل األمر بتوقيع احلجز‬

‫التحفظي على مبلغ مليوين رايل من أموال احملجوز عليها إىل حني الفصل النهائي يف القضية أو إصدار قرار‬

‫مماثل برفع احلجز‪.‬‬

‫وهلذه األسباب وبعد املداولة‪ :‬قررت الدائرة توقيع احلجز التحفظي على مبلغ مليوين رايل‬

‫(‪ )294449444‬من أموال املدعى عليها شركة ‪ ...‬احملدودة من حساابهتا لدى البنو السعودية ألمر‬

‫املدعية ‪ ...‬إىل حني الفصل النهائي يف القضية أو إصدار قرار مماثل برفع احلجز ملا هو موضح ابألسباب ‪.‬‬

‫التعليق على القرار‬

‫بتأمل طلب املدعية والقرار القضائي الصادر بشأنه‪ ،‬نلحظ مراعاة القضاء للمسؤولية احملدودة‬

‫للشركاء عن ديون الشركة‪ ،‬وأن املسؤولية احملدودة من موجبات زايدة التحفظ على ديون هذا النوع من‬

‫الشركات؛ ألن موجودات الشركة هي املتعلق الوحيد حلقوق دائنيها‪ ،‬لذا قررت الدائرة القضائية إيقاع احلجز‬

‫التحفظي على أموال الشركة املدينة‪ .‬يوضح ذلك ما جاء يف تسبيب القرار‪ ..." :‬فضال عن كو ا من‬

‫الشركات ذات املسؤولية احملدودة اليت يسأل الشركاء عن ديو ا بقدر حصصهم فيها فقط دون أمواهلم‬

‫اخلاصة "‪.‬‬

‫‪ 632‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫اخلامتة‬

‫احلمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نيب بعده‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫فقد تناولت يف هذا البحث املوجز التعريف ابملسؤولية احملدودة يف الشركات وأتصيلها يف الفقه‬

‫اإلسالمي ونظام الشركات السعودي‪ ،‬مث أتبعت ذلك بدراسة تطبيقية لنماذج خمتارة من أحكام القضاء‬

‫السعودي‪ ،‬وتوصلت إىل نتائج عدة‪ ،‬وأبرز هذه النتائج ما يلي‪:‬‬

‫املسؤولية احملدودة يف الشركات مصطلح جاءت به القوانني واألنظمة التجارية املعاصرة‪ ،‬ويقصد‬ ‫‪-1‬‬

‫به‪ :‬أن تكون مسؤولية الشريك عن ديون الشركة مقتصرة على نصيبه فيها‪ ،‬وال يتحمل الشريك يف‬

‫أمواله اخلاصة ما زاد من ديون الشركة عن موجوداهتا‪.‬‬

‫جاء نظام الشركات السعودي مثبتا ملبدأ املسؤولية احملدودة للشركاء يف أربع من الشركات الواردة‬ ‫‪-2‬‬

‫فيه‪ ،‬وهي‪ :‬الشركة املسامهة‪ ،‬والشركة ذات املسؤولية احملدودة‪ ،‬وشركة التوصية البسيطة‪ ،‬وشركة‬

‫التوصية ابألسهم‪.‬‬

‫راعى املنظم حني قرر مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات املذكورة خطورة استغالل هذا املبدأ‬ ‫‪-3‬‬

‫للتالعب حبقوق الدائنني‪ ،‬فوضع مجلة من الضماانت اليت حتد من استغالل هذا املبدأ للتغرير‬

‫ابلدائنني وتضييع حقوقهم‪.‬‬

‫‪636‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

‫يعد مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات من النوازل املستجدة يف هذا الزمان‪ ،‬فالفقهاء املتقدمون‬ ‫‪-0‬‬

‫ال يفرقون يف أبواب الشركات املسماة عندهم فيما يثبت يف ذمة الشريك من ديون الشركة بني‬

‫أمواله اليت ضمن الشركة حمل الدين‪ ،‬وأمواله اخلاصة اليت ليست ضمن الشركة‪ ،‬بل جيعلون حق‬

‫الدائنني متعلقا بذمة الشريك تعلقا مطلقا‪ ،‬ويكون مطالبا بوفائه وملزما بسداده من مجيع أمواله‪.‬‬

‫الراجح فقها هو صحة واعتبار مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات؛ ألن حتديد املسؤولية عن‬ ‫‪-5‬‬

‫الديون مبقدار رأس املال يف الشركة نوع من الشروط يشرتطها الشركاء على املتعاملني مع الشركة‬

‫وقد علموا ورضوا هبا وانتفى عنهم الغرر‪ ،‬واألصل يف الشروط الصحة واجلواز‪ ،‬وألن حقيقة‬

‫املسؤولية احملدودة هي إبراء من دين جمهول مل يتبني قدره‪ ،‬واإلبراء إسقاط حتتمل فيه اجلهالة‬

‫والغرر‪ ،‬وخترجيا على املسؤولية احملدودة للسيد عن ديون عبده الذي أذن له ابلتجارة‪ ،‬وملا حيققه‬

‫إعمال هذا املبدأ من تشجيع على استثمار األموال يف الشركات اليت تعود بنفعها االقتصادي على‬

‫الفرد واجملتمع‪.‬‬

‫أن اعتبار مبدأ املسؤولية احملدودة للشركاء فقها هو من حيث األصل العام‪ ،‬وهو مقيد بقيدين‪:‬‬ ‫‪-6‬‬

‫األول‪ :‬عدم وقوع تغرير من الشركاء ابلدائنني‪ ،‬أو حصول تعد أو تفريط منهم يف إدارة الشركة تسبب يف‬

‫إفالسها‪ ،‬فإن وقع من الشركاء تغرير أو تعد أو تفريط فإنه جيب حينئذ إهدار مبدأ املسؤولية‬

‫‪ 633‬جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫د‪ .‬مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬

‫احملدودة‪ ،‬وتكون مسؤولية الشركاء‪ -‬الذين حصل منهم تغرير أو تعد أو تفريط ‪ -‬عن ديون الشركة‬

‫مسؤولية مطلقة يف مجيع أمواهلم اخلاصة‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬تساوي الشركاء يف مسؤوليتهم عن ديون الشركة‪ ،‬فال يصح أن تكون مسؤولية بعض الشركاء‬

‫حمدودة‪ ،‬ومسؤولية الشركاء اآلخرين مطلقة‪ ،‬كما هو احلال يف شركيت التوصية البسيطة والتوصية‬

‫ابألسهم‪.‬‬

‫يقر القضاء السعودي بصحة واعتبار مبدأ املسؤولية احملدودة يف الشركات من حيث األصل‪،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫ولكنه يقيد اعتباره بعدم حصول تعد أو تفريط من الشركاء يف إدارة الشركة‪ ،‬فإن وقع من الشركاء‬

‫تعد أو تفريط تسبب يف خسارة الشركة وإفالسها وجتاوز ديو ا ملوجوداهتا‪ ،‬فإن القضاء حيكم‬

‫مبسؤولية الشركاء عن الديون مسؤولية مطلقة يف مجيع أمواهلم‪.‬‬

‫واحلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫تسليما كثريا‪.‬‬

‫‪636‬‬ ‫جملة العدل العدد ‪ 36‬رمضان ‪ 5366‬ه‬


‫املسؤولية احملددة يف الشركات‬

Limited Liability

Mussaed Abdullah AL-huqail


Abstract
The author elaborates on the following points:
Limited liability is a term created by modern commercial laws. It means:
The liability of the partner for the debts of the company are limited to his
share in the company and the partner does not assume in his own property
any amount of company's debt exceeding its assets.
The Saudi legislator establishes the principle of limited liability of
partners in four types of companies. These are: stockholding company,
limited liability company, simple partnership company and shareholding
company.
When establishing the principle of limited liability in the said
companies, the Saudi legislator gives consideration for the risk of abusing
this principle to manipulate the rights of creditors. Therefore, he laid down
a set of guarantees that limit abuse of this principle to cheat creditors and
waste their rights. The author provides the relevant articles of the law.
Modern time jurists differ on the principle of limited liability of
partners for the debts of the company. Some of them consider it a valid
principle while some others consider it invalid. The author opines that it is
valid under certain conditions.
Jurists who contend that the principle is valid provide proofs
including the following: Determining the liability for the debts equal to the
amount of the capital of the company is a condition stipulated by partners
vis-a-vis parties dealing with the company. They have knowledge of it and
accept it, leaving no uncertainty. Originally, conditions are valid and
permissible. The reality of limited liability is releasing the company from a

‫ ه‬5366 ‫ رمضان‬36 ‫ جملة العدل العدد‬633


‫ مساعد بن عبد هللا بن محد احلقيل‬.‫د‬

debt of an unknown amount and releasing is dropping the debt that


involves ignorance and uncertainty. Compared to the limited liability of the
master for the debts of the slave permitted by him to trade and because
effecting this principle encourages investment of money in companies that
economically benefit individuals and societies.
Jurists who argue that this principle is not valid state that this
principle is not known to jurists, that it contradicts their contention that
debts relate to the liability of the person rather than his money and that it
contradicts the requirements of the articles of association in Islamic
Sharee'ah which states that the shareholder should assume the losses
incurred by the company as proportional with his share in the capital and
that this principle gives shareholders or the management of the company
the excuse to deceive parties dealing with the company.
The author provides some judicial applications of the principle of
limited liability in companies.

633 ‫ ه‬5366 ‫ رمضان‬36 ‫جملة العدل العدد‬

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like