JFABSU-Volume 7-Issue 66- Page 431-442 حوارية باخث

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫حبوث اللغات واآلداب‬

‫تعدد األصوات‬
‫إشكالية المصطلح‬

‫أ‪ /‬أمل عبد الكريم احمد‬


‫قسم المغة العربية‪ -‬كمية اآلداب‪ -‬جامعة بني سويف‬

‫‪134‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫ إشكالية املصطلح‬: ‫تعدد األصوات‬ ‫ أمل عبد الكرمي أمحد‬.‫أ‬

:‫المستخمص‬

‫ حيث يعد تعدد األصوات‬،‫يدور ىذا البحث حول تعدد األصوات في الرواية‬
‫ حيث كانت أحادية الصوت ثم شيدت تطو ًار‬،‫تقنية قديمة ظيرت مع ظيور الحوار‬
،‫ وىو ما قال عنو بأختين بتعدد األصوات‬،‫وانفتاحاً ممحوظاً مع ظيور التعدد المغوي‬
‫ نتناول في ىذا البحث تعدد األصوات‬.‫فيو أول من تحدث عن ىذه الظاىرة‬
.‫اصطالحاً وتعدد األصوات والحوار والرواية المتعددة األصوات‬

Abstract:
This research focuses on polyphony: the problem of terminology. In
the novel, polyphony is an ancient technique that came along with the
novel, which it was monophony. Then, it has undergone remarkable
changeable and openness with the emergence of multilingualism, and that
what the Russian critic "Mikhail Bakhtin" called with "polyphony", he was the
first who spoke about this phenomenon.
In this research, we discuss polyphony, dialogue and the polyphonic novel.

134
)‫م‬0202 ‫ مارس‬- ‫ (يناير‬66‫ع‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫حبوث اللغات واآلداب‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫تعدد األصوات؛ مصطمح نقدي حديث ارتبط بالخطاب الروائي الذي تتعدد‬
‫وتكثر فيو األصوات الساردة؛ أي تمك التي تنبع من أكثر من وجية نظر‪ ،‬وتعود‬
‫جذور ىذا المصطمح عند اإلغريق اليونان؛ حيث استخدموه كصفة مشتقة من‬

‫وأطمقوه عمى كل من كانت لو القدرة عمى إصدار أصوات‬ ‫( ‪)Polyphones‬‬


‫متميز بغ ازرة تعبيره المغوي؛ ثم انتقل إلى الموسيقى ثم بعد‬
‫ًا‬ ‫متعددة‪ ،‬وعمى كل من كان‬
‫ذلك إلى األدب؛ حيث يشير مصطمح تعدد األصوات إلي رؤى حكائية متعددة؛ وذلك‬
‫وجماليا و‪...‬إلخ‪ ،‬ويرجع‬
‫ً‬ ‫وفنيا‬
‫اجتماعيا ً‬
‫ً‬ ‫ثقافيا و‬
‫عبر وجيات النظر التي تشكل نسقًا ً‬
‫أصل ىذا المفيوم إلي ميخائيل باختين ‪ M. Bakhtin‬في كتابو "شعرية دستوفسكي"‪.‬‬

‫كان باختين أول من تحدث عن تعدد األصوات في الرواية حيث تقع داخل ىذه‬
‫المغة الروائية عالئق حوراية متعددة منيا العالقة بين متكممين‪ ،‬ويمكن قياس ىذه‬
‫العالقات بالعالقات التي تحدد عمميات تبادل الحوار؛ حيث إن المغة مسكونة بحوار‬
‫اآلخر‪ ،‬وىذه المغة الحوارية تتفاعل مع فرد أو أفراد في آن‪ ،‬وكل ىذا يساعد في إنتاج‬
‫الخطاب األدبي‪ ،‬ومن خالل ذلك يمكن القول إن الكاتب يحقق ما يريد قولو من خالل‬
‫إثبات وجية نظره داخل الحكي خالل ضم صوت عمى (صوت)آخر عبر حوار ناتج‬
‫من معنيين المعنى األحادي والمتعدد‪ ،1‬وكل ىذا ال يمت بأية صمة لمتناص‪ ،‬فالتناص‬
‫ال يندرج في إشكالية اإلنتاجية النصية التى تتبمور كعمل نصي‪ ،‬وال يمكن تحديده إال‬
‫تركيبا يحيط بنظام النص لتحديد ما يتضمنو من‬
‫ً‬ ‫بدمج كممة أخرى‪ ،‬فيو يمثل‬

‫لمزيد من التفاصيل@‬
‫‪ -1‬انظر ميخائيل باختين @ الخطاب الروائي@ ترجمة محمد برادة‪ ،‬دار الفكر لمدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ 7?>=،‬ص‪.>9‬‬
‫‪ ،‬تزفييتان تودوروف@ ميخائيل باختين المبدأ الحواري‪ ،‬ترجمة فخرى صالح‪ ،‬المؤسسة العربية‬
‫لمدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪ .7??< ،‬صـ ‪.7:9‬‬
‫‪133‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫تعدد األصوات ‪ :‬إشكالية املصطلح‬ ‫أ‪ .‬أمل عبد الكرمي أمحد‬

‫نصوص بأخرى‪ ،‬أو ما يحيل عميو منيا‪ ،‬وبذلك يكون التناص ىو التقاطع داخل نص‬
‫ألخذ تعبير من نصوص أخرى؛ إذ ىو عممية نقل لتعبيرات سابقة أو متزامنة‪ ،‬فيو–‬
‫متعددا بل صوتًا‬
‫ً‬ ‫عمى نحو من األنحاء– اقتطاع‪ ،‬وتحويل‪ ،1‬فميس التناص صوتًا‬
‫نصا داخل خطابو‪.‬‬
‫يأخذ من صوت ً‬
‫ومن الناحية المغوية ارتبط مفيوم تعدد األصوات بالحوارية عند "باختين" في‬
‫دراساتو لروايات دوستوفسكي التي عبر فييا عن سائر الثقافات اإلنسانية‪ ،‬كما عرفت‬
‫وتعددا‪ ،‬وعده‪،‬‬
‫ً‬ ‫عدا‪،‬‬
‫لفظة عدد في (لسان العرب) بأنيا@"إحصاء الشىء عده‪ ،‬يعده‪ً ،‬‬
‫عددا"‪ ،‬ويكون نصبو عمى الحال‪،‬‬
‫عدده‪ ،‬والعدد في قولو تعالى" وأحصى كل شىء ً‬
‫عدا‪ ،‬وما عد فيو معدود وعددا‪.2‬‬
‫يقال عددت الدراىم ً‬
‫وفي (تاج العروس) العد اإلحصاء عد الشىء يعده عدا‪ ،‬وتعددا وعده‬
‫وعدده(واالسم العدد‪ ،‬العديد) وعد الشيء حسبو‪ .‬وقالوا@"العدد ىو الكمية المتألفة من‬
‫الوحدات‪ ،‬فيختص بالمتعدد في ذاتو"‪.3‬‬

‫و(صوت) من صات يصوت كقال يقول@"و" وصات يصات كخاف يخاف‬


‫صوتًا‪ ،‬فييما فيو صائت أى صائح‪ ،‬والصوت معرف مذكر‪ ،‬وقال ابن‬
‫السكيت@"الصوت صوت اإلنسان وغيره‪ ،‬والصائت الصائح‪ ،‬وكل ضرب من العناكب‬

‫‪ -1‬محمد عبدالمطمب@ قضايا الحداثة عند عبدالقاىر الجرجاني‪ ،‬الشركة المصرية العالمية لمنشر‪،‬‬
‫لونجمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،7??; ،‬صـ =‪.7:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور األفريقي المصري@ لسان العرب‪ ،‬دار‬
‫صادر‪ -‬بيروت‪ -‬الطبعة الثالثة‪7:7: ،‬ىـ‪ ،‬المجمد الثالث‪ ،‬باب الدال فصل العين‪ ،‬صـ ‪.8>7‬‬
‫‪ -3‬السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي‪ ،‬تاج العروس من جواىر القاموس‪ ،‬التراث العربي‪ ،‬سمسمو‬
‫تصدرىا و ازرة اإلرشاد واألنباء في الكويت‪ ،‬مطبعة حكومة الكويت‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬المجمد الثامن‪ ،‬تابع باب‬
‫الدال‪ ،‬فصل العين‪ ،‬صـ ‪.9;9‬‬
‫‪131‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫حبوث اللغات واآلداب‬
‫صوت‪ ،‬والجمع أصوات قولو تعالى عز وجل@"واستفزز من استطعت منيم بصوتك"‬
‫قيل بأصوات الغناء والمزامير‪.1‬‬

‫ومن الناحية االصطالحية أخذ المصطمح من الموسيقى؛ فتتداخل األصوات في‬


‫الرواية مثل السيمفونية الموسيقية؛ حيث تندمج األصوات وتتداخل‪.‬‬

‫وبدأ يترسخ مصطمح تعدد األصوات في فنون التأليف الموسيقي إثر ظيور‬
‫أعمال( باخ)* ويشير إلى النوع الثالث من أنواع الموسيقى الذي تتقابل فيو مجموعة‬
‫من األلحان‪ ،‬وتنطمق في آن‪ ،‬وتتشابك وتتعارض؛ بحيث يحافظ كل لحن منيا عمى‬
‫كيانو اإليقاعي الخاص‪ ،‬وربما يولد بينيما وحدة فنية مترابطة تنتج نغمتيا المميزة؛‬
‫فيو مفيوم إبداعي يعنى تعدد األصوات؛ فتعدد األصوات الروائية كما عيدنا نقيض‬
‫الحكي وفق الشكل التتابعي التقميدي‪ ،‬ولكي تكون بالمعني والداللة الموسيقية‪ ،‬يجب‬
‫أن تنطمق األحداث في تزامنية واحدة موحدة‪ ،‬ومن خالل تشابك األصوات وتعارضيا‬
‫وتمازجيا تتبمور وجيات النظر الخاصة بكل شخصية‪ ،‬وموقفيا مما يجري حوليا‪،‬‬
‫دون أن تتوحد تمك األصوات أو يطغى أحدىا عمى آخر‪ ،‬واألصوات ىنا تمثل وجيات‬

‫‪ -1‬نفسو‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬باب التاء‪ ،‬فصل الصاد الميممة‪ ،‬صـ =?;@ ‪.<66‬‬
‫*(باخ) ىو مؤلف موسيقي وعازف أورگن ألماني‪ ،‬يعتبر أحد أكبر عباقرة الموسيقى الكالسيكية في‬
‫التاريخ الغربي‪ ،‬ولد عام ;><‪ 7‬في إيزناخ تعمم في بمدتو‪ ،‬وتمقى دراستو لمموسيقى في الوقت ذاتو‬
‫عن أبيو يوىان أمبروزيس ( عازف كمان )‪ ،‬فكان أكثر أفراد عائمتو الموسيقية موىبة وقدرة عمى‬
‫تقديم موسيقى مختمفة األشكال واأللوان‪ ،‬ىذا غير قدرتو عمى قيادة األوركست ار قبل أن يكمل الثامنة‬
‫عشرة من عمره‪ ،‬وتميزه بغ ازرة اإلنتاج الموسيقي وجودتو وتنوعو‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫تعدد األصوات ‪ :‬إشكالية املصطلح‬ ‫أ‪ .‬أمل عبد الكرمي أمحد‬

‫نظر تجاه العالم‪ ،‬وتحمل الشخصيات في الرواية أيديولوجية معينة خاصة بيا تعبر‬
‫‪1‬‬
‫من خالليا عن رؤاىا‪.‬‬

‫يشير مصطمح تعدد األصوات ‪ Polyphony‬عمى المجال الموسيقي‪ ،‬فيو‬


‫عبارة عن انسجام صوتي بين مجموعة من أصوات العزف المختمفة التي تتألف بشكل‬
‫نسقي فني وجمالي‪ .‬لينتقل ىذا المصطمح بعد ذلك من ميدان الموسيقى إلى ميدان‬
‫األدب والنقد والمسانيات‪ ،‬ويعود أصل ىذا المفيوم إلى ميخائيل باختين ‪M.Bakhtin‬‬
‫من خالل دراستو لمبدأ الحوارية في كتابو شعرية دوستويفسكي) (‪ 1929‬م)‪،2‬‬
‫دوستويفسكي ىو خالق الرواية المتعددة األصوات ‪ Polyphone‬لقد أوجد صنفًا‬
‫جديدا بصورة جوىرية‪ ،‬وليذا السبب بالذات فإن أعمالو اإلبداعية ال يمكن‬
‫ً‬ ‫ائيا‬
‫رو ً‬
‫حشرىا داخل أطر محددة من أي نوع‪.3‬‬

‫ومن ثم يمحظ أن تعدد األصوات‪-‬حسب باختين‪ -‬ىو مصطمح تم استعارتو من‬


‫الموسيقى ليكون ذات معنى أوسع وأشمل داخل النصوص األدبية من حيث حممو‬
‫دالالت متعددة ومتنوعة لمشخصيات داخل العمل الروائي بالرغم من أن لغة حوار‬
‫األصوات تختمف بين السيمفونية الموسيقية والشعرية األدبية؛ حيث يعبر الصوت‬

‫‪ -1‬مريم جبر فريحات@ المواجية الحضارية في الرواية البوليفونية العربية@ رواية أصوات لسميمان‬
‫نموذجا‪،‬الجامعة األردنية‪ ،‬مج <‪ ،866? ،9‬صـ ‪.8‬‬ ‫ً‬ ‫فياض‬
‫‪ 2‬عبدالرحمن إكيدر@ الرواية العربية المتعددة األصوات@ المقومات النظرية والفنية‪ ،‬حزب التجمع‬
‫الوطني التقدمي الوحدوي‪ ،‬العدد ‪ ،9<6‬مايو‪ ،867= ،‬صـ ‪.<:‬‬
‫‪ -3‬ميخائيل باختين@ شعرية دوستويفسكي‪ ،‬ترجمة د‪ .‬جميل نصيف التكريتي‪ ،‬مراجعة@ حياة ش اررة‪،‬‬
‫دار توبقال لمنشر‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪ ،7?>< ،7‬صـ‪.77‬‬
‫و لمزيد من التفاصيل في ىذا الصدد انظر@‬
‫‪Craig Brandis , The Bakhtin Circle Philosophy, Culture And Poolitics, Pluto Press,‬‬
‫‪LONDON, STERLING, VIRGINIA, First Published 2002, P. 93.‬‬
‫‪134‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫حبوث اللغات واآلداب‬
‫داخل العمل األدبي عن مجموعة من الشخصيات‪ ،1‬وتعد تقنية تعدد األصوات من‬
‫السمات المميزة لمنص السردي أو ىي تقنية تفسح المجال لتعدد العوالم والمواقف‪.‬‬

‫ومن أىم النصوص لرواية تعدد األصوات رواية(إلواز الجديدة) لجان جاك‬
‫‪Crime and‬‬ ‫روسو وروايات دويستفسكي خاصة روايتو(الجريمة والعقاب‬
‫أيضا رواية (أصوات) لسميمان فياض‪.2‬‬
‫‪ ،)Punishmen‬و ً‬
‫ويعرف"جيرالد برنس" الرواية متعددة األصوات بأنيا الرواية التي تتسم بتفاعل‬
‫أصوات عدة أو حاالت من الوعي أو الراوي‪ ،‬بشرط أال تتوحد ىذه األصوات أو يتفوق‬
‫أحدىا عمى اآلخر‪ ،‬وىي بذلك تقف عمى النقيض من الرواية المونولوجية‪ ،‬إذ أن آراء‬
‫الراوي وأحكامو ال تمثل أي سمطة عميا في العالم الروائي التخييمي‪ ،‬وانما يمثل ىذا‬
‫الراوي مساىمة من بين عدة مساىمات في الخطاب الروائي وىذه المسافة أقل أىمية‬
‫من تمك التي تقدميا الشخصيات األخرى في العمل الروائي‪.‬‬

‫يعرف باختين الرواية المتعددة األصوات بقولو@"إن الرواية متعددة األصوات‬


‫دائما‬
‫ذات طابع حواري عمى نطاق واسع‪ ،‬وبين جميع عناصر البنية الروائية‪ ،‬توجد ً‬
‫عالقات حوارية‪ ،‬إضافة إلى ىذا إن الرواية البوليفونية تعيبر عن صورة اإلنسان‪،‬‬
‫وتصوير لتنوع الحياة‪ ،‬وتعبير صادق عن تعقد المعاناة البشرية"‪.3‬‬

‫تمتاز الرواية متعددة األصوات بمجموعة من الشروط‪ ،‬هي‪:‬‬


‫‪ -7‬عندما تتواجد منظورات عدة مستقمة داخل العمل‪.‬‬

‫‪CHRIS BALDICK: The concise oxford Dictionary of literary Terms, -1‬‬


‫‪oxford university. PRESS INC, NEWYORK, 2004, P.273 .‬‬

‫‪ -2‬جميل حمداوي@ أنواع المقاربات البوليفونية‪ ،‬حقوق الطبع محفوظة لممؤلف‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،Www.alukah.net ،867;،‬صـ <‪.=،‬‬
‫‪ -3‬جميل حمداوي@ أنواع المقاربات البوليفونية ‪ ،‬صـ =‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫تعدد األصوات ‪ :‬إشكالية املصطلح‬ ‫أ‪ .‬أمل عبد الكرمي أمحد‬

‫‪ -8‬يجب أن ينتمي المنظور مباشرة إلى شخصية من الشخصيات المشتركة في‬


‫مجردا من خارج كيان الشخصيات النفسي‪.‬‬
‫ً‬ ‫إيديولوجيا‬
‫ً‬ ‫الحدث" بمعنى" أال يكون موقفًا‬
‫‪ -9‬أن يتضح التعدد المبرز عمى المستوى اإليديولوجي فقط‪.1‬‬
‫ومن ثم عرف" باختين" و "جيرالد برنس" الرواية المتعددة األصوات تعريفات‬
‫وتداوالت نقدية متعددة أشيرىا دراستا "باختين وكوندي ار"؛ حيث تعرض "باختين" ليذا‬
‫المفيوم من خالل تطمعاتو ودراساتو في روايات الروائي دويستوفسكي‪ ،‬والرواية التي‬
‫تتعدد فييا األصوات الساردة يقال عنيا بأنيا رواية تعدد األصوات أو تعدد الرواة أو‬
‫رواية التعددية اإليديولوجية‪ ،‬أو رواية اآلفاق والرؤى‪ ،‬وأحيانا يقال عنيا بأنيا رواية‬
‫اآلراء الغيرية أو رواية وجيات النظر وربما رواية المتكممين أو رواية السرد التعددي‪.2‬‬

‫مؤخر‬
‫ًا‬ ‫ومما سبق يمحظ أن مفيوم تعدد األصوات مصطمح نقدي حديث ارتبط‬
‫بالعمل الروائي الذي تتعدد و تكثر فيو األصوات الساردة‪ ،‬أي تمك التي تنبع من أكثر‬
‫من وجية نظر فقد ترجم ىذا المفيوم(تعدد األصوات) إلى العربية منقوًال عن مصطمح‬
‫موسيقي بحت ىو ‪ polyphoina‬فيذا المصطمح أو المفيوم موسيقي األصل؛ إال أن‬
‫ىناك من سبقوا النقد الحديث بالقول فيو " فاإلغريق استعمموه كصفة مشتقة‬
‫من ‪ Polyphones‬وأطمقوه عمى كل من كانت لو القدرة عمى إصدار أصوات‬
‫متميز بغ ازرة تعبيره المغوي‪ ،‬وأطمق عمى كل من اتصف‬
‫ًا‬ ‫متعددة‪ ،‬وعمى كل من كان‬
‫‪3‬‬
‫بالثرثرة"‬

‫‪ -1‬نفسو‪ ،‬صـ >‪.‬‬


‫‪ -2‬نزار مسند قبيالت@ تعدد األصوات في الرواية المفيوم والتوجيات النقدية‪ ،‬رابطة األدب الحديث‪،‬‬
‫ع =;‪ ،https://search.mandumah.com/Record/155596 ، 8676 ،‬صص ـ >‪،86‬‬
‫?‪.86‬‬
‫‪ -3‬نزار مسند قبيالت@ تعدد األصوات في الرواية المفيوم والتوجيات النقدية ‪ ،‬صـ‪.868‬‬
‫‪134‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫حبوث اللغات واآلداب‬
‫ولكن جرت العادة عمى مر العصور وفي مختمف البالد عمى استخدام أصل‬
‫الكممة ‪ Polyphon‬كما كان يستخدم لمداللة عمى مجموعة من المصطمحات التي‬
‫تعطي معنى تنوع األصوات أو تعددىا أو تكاثرىا‪.‬‬

‫وىذا ما أكده "جيرالد برنس" حين أوضح بأن السرد البوليفوني ‪Polyphonic‬‬
‫‪ = narrative‬السرد الديالوجي الحواري ‪ ،Dialogic narrative‬كما وجد أنو سرد‬
‫يتميز بتفاعل أصوات عدة‪ ،‬وتنوع ألشكال الوعي‪ ،‬أو وجيات النظر حول العالم‪،‬‬
‫التوجد إحداىا أو تكون متفوقة بمعنى أن (تكون ليا ىيمنة أكبر) عمى األخريات؛‬
‫سرد بوليفوني وال تمثل وجيات نظر الراوي وأحكامو وحتى معرفتو في السرد‬
‫الحواري(الديالوجي) كما ىو الشأن في السرد المونولوجي‪ ،‬وطبقًا ليذا فإن رواية‬
‫نموذجا لمسرد الحواري(الديالوجي)‪.1‬‬
‫ً‬ ‫ديستويفسكي األخوة"كرامازوف" تقدم‬

‫وثمة جذر آخر غير الجذر الموسيقي ليذه التقنية الروائية التي التفت ليا‬
‫مؤخر (تعدد األصوات الساردة)"فقبل قرابة ألفي عام‪ ،‬أي إلى األناجيل‬
‫ًا‬ ‫البحث النقدي‬
‫األربعة المتتالية‪" ،‬إنجيل متى" "وانجيل مرقص" "وانجيل لوفا" "وانجيل يوحنا"‪ ،‬ىذه‬
‫األناجيل األربعة التي يرجع تدوينيا إلى القرن األول الميالدي تعتمد عمى أربعة رواة‬
‫في سرد السيرة اليسوعية‪.‬‬

‫وىذا جمي في أن السارد الواحد لكل إنجيل يصدر عن رؤية خاصة ومختمفة‬
‫نظر الختالف الراوي‬
‫عن غيرىا‪ ،‬وىذا يضع القضية أو الحدث محط أشكال واختالف ًا‬
‫التي يفترض أن تكون موحدة في الخطاب القدسي‪.2‬‬

‫ومن ىذا التراسل الفني الذي يجمع شتات الفنون األدبية بعضيا ببعض يأتي‬
‫تأكيدا عمى تكاممية الفن وترابطو؛ حيث إنو يطمق عمى تقنية‬
‫ً‬ ‫مصطمح التعدد الصوتي‬

‫‪ -1‬جيرالد برنس@ قاموس السرديات‪ ،‬ترجمة السيد إمام‪ ،‬ميريت لمنشر والمعمومات‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،8669 ،‬صص ـ‪.:;،::‬‬
‫‪ -2‬نزار مسند قبيالت@ تعدد األصوات في الرواية المفيوم والتوجيات النقدية ‪ ،‬صـ ;‪.86‬‬
‫‪134‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫تعدد األصوات ‪ :‬إشكالية املصطلح‬ ‫أ‪ .‬أمل عبد الكرمي أمحد‬

‫حداثية عرفيا العمل الروائي‪ ،‬وأطمق عنانيا وحريتيا وخمصيا من رتابة القول النقدي‬
‫قديما كان الشائع وجية النظر‬
‫لموصول إلى ما يعرف بسمطوية الراوي العميم؛ أما ً‬
‫والتبئير وىكذا‪ ،‬ومن كل ىذا انتقل المصطمح من التبئير ووجية النظر إلى نظرة‬
‫أعمق وأشمل عرفت بالمرجعية الفكرية أال وىي تعدد األصوات‪1‬؛ حيث" تتعدد‬
‫األصوات في النص فتتكامل وتتداخل في عالقات حوارية وتتعايش في وعي‬
‫األفراد‪ ...‬ويس تخدم الروائي تعدد األصوات في روايتو من دون أن يجردىا من السمات‬
‫التي حمميا إياىا اآلخرون"‪.2‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتضح أن الرواية أو (يمكنني أن أقول) (المتعددة‬
‫األصوات)@ بأنيا تجمع بين جميع عناصر البنية الروائية التى ال تقوم فقط عمى تعدد‬
‫األصوات والشخصيات‪ ،‬حيث طرح ىذا المفيوم عمى الساحة األدبية منذ ثالثينيات‬
‫القرن العشرين مع نشأة المدرسة الشكمية الروسية‪ ،‬وعرف مصطمح البوليفونية‬
‫بالحوارية أو التعددية في األصوات لذا تعرف بتعددية المغات والشخصيات واألساليب‬
‫والفكر األيديولوجي‪ ،‬ومن تعدد األصوات وجد التعدد في الضمائر والرواة ووجيات‬
‫أيضا في األفضية واألزمنة‪ ،‬باإلضافة إلى وجود تناص تفاعمي وحواري‬
‫النظر وتعدد ً‬
‫داخل العمل األدبي مع مجموعة من النصوص المضمرة والمعمنة‪.‬‬

‫‪ -1‬نزار مسند قبيالت@ تعدد األصوات في الرواية المفيوم والتوجيات النقدية‪ ،‬صـ‪866‬‬
‫‪ -2‬لطيف زيتوني@ معجم مصطمحات نقد الرواية‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬دار النيار لمنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ 8668 ،‬صـ‪.>9‬‬
‫‪114‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫حبوث اللغات واآلداب‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫أوًال@ المصادر‬
‫نجيب محفوظ@ ميرامار‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬الطبعة الثامنة‪.867> ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫فرجينيا وولف@ إلى الفنار@ ترجمة وتقديم@ إيزابيل كمال‪ ،‬الييئة العامة لقصور الثقافة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫القاىرة‪. 867; ،‬‬

‫‪Virginia Woolf:‬‬ ‫‪TO THE LIGHTHOUSE, YORK CLASSICS, Place Riad‬‬


‫‪.Solh, Beirut, Printed in Lebanon, New Impression, 2007.‬‬

‫ثانيا@ المراجع‬
‫ً‬
‫المراجع العربية‬
‫إبراىيم عبدالكريم زيد@ السرد في التراث العربي‪ ،‬عين لمدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.866? ،‬‬

‫إبراىيم فتحي@ العالم الروائي عند نجيب محفوظ‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪.8678 ،‬‬

‫أحمد درويش@ نظرية األدب المقارن‪ -‬وتجمياتيا في الوطن العربي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار غريب لمطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪.8668 ،‬‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ @ األدب المقارن‪ -‬النظرية والتطبيق‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار الثقافة العربية‪ ،‬ط‪.7??8 ،8‬‬

‫أحمد شوقي عبد الجواد@ مدخل إلى الدرس األدبي المقارن‪ ،‬دار العموم العربية‪ ،‬بيروت‪.7??6 ،‬‬

‫أحمد طاىر حسنين‪ -‬أحمد غنيم‪ -‬حازم شحاتو‪ -‬مدحت الجيار‪ -‬محمود البطل‪ -‬نجوجي واثيو‬
‫نحو‪ -‬سي از قاسم‪ -‬يوري لوتمان@ جماليات المكان ( جماعة من الباحثين‪ -‬عيون المقاالت‪ -‬باندونغ‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬دار قرطبة‪ ،‬الطبعة الثانية‪.7?>> ،‬‬

‫آمنة يوسف@ تقنيات السرد في النظرية والتطبيق‪ ،‬المؤسسة العربية لمد ارسات والنشر‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫;‪.867‬‬

‫آمنة يوسف@ تقنيات السرد@ في النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الحوار لمنشر والتوزيع‪ ،‬سورية‪ ،‬الالذقية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.7??= ،‬‬
‫‪114‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫تعدد األصوات ‪ :‬إشكالية املصطلح‬ ‫أ‪ .‬أمل عبد الكرمي أمحد‬

‫أمينة رشيد@ تشظي الزمن في الرواية الحديثة‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‪.7??> ،‬‬

‫السيد إبراىيم@ آفاق النظرية األدبية الحديثة‪ ،‬مركز الحضارة العربية‪ ،‬الطبعة العربية األولى‪ ،‬القاىرة‬
‫لإلعالم والنشر والدراسات‪.866> ،‬‬

‫جميل حمداوي@ أنواع المقاربات البوليفونية‪ ،‬حقوق الطبع محفوظة لممؤلف‪ ،‬الطبعة األولى‪867; ،‬‬

‫‪114‬‬
‫ع‪( 66‬يناير ‪ -‬مارس ‪0202‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬

You might also like