Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 22

‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬

‫د‪ .‬مراد بن سعيد‬


‫جامعة باتنة – اجلزائر‬
‫‪mourad.bensaid@univ-batna.dz‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يهدف هذا البحث إىل حتليل عناصر إشكالية التسيري العمومي يف اجلزائر‪ ،‬من خالل دراسة‬
‫األسباب الرئيسية هلذه اإلشكالية والتطورات اليت عرفتها‪ .‬ومن أجل الوصول إىل هذا اهلدف‪ ،‬سوف‬
‫نقوم بتحليل ثالثة عناصر أساسية متثل أركان اإلشكالية اليت وجب معاجلها من أجل استدراك األخطا‬
‫التارخيية اليت اكتنفت جتربة التسيري العمومي يف اجلزائر‪ ،‬وهذه األركان هي‪ :‬أيديولوجية التسيري‬
‫العمومي‪ ،‬سياسة تكوين املورد البشري لإلدارة العامة‪ ،‬وأخريا البيئة اإلدارية العامة‪ .‬وقد خلصت‬
‫الدراسة إىل ضرورة إعادة اختراع منوذج التسيري العمومي يف اجلزائر بصورة تضمن االنتقال من‬
‫منوذج تقليدي وفق اخلصوصيات اجلزائرية إىل منوذج جديد يتماشى والتطورات يف هذا اجملال‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫موع ددة م ددن اإلص ددال ات‬ ‫لقددد اجته ددت معد ددت اإلدارات العمومي ددة يف عتل د دول الع ددا إىل ت ددب‬
‫اإلدارية تسعى يف ملها إىل إثبات عقالنية تسيريية يف اإلدارة العامدة واالبتعداد عدن العقالنيدة القانونيدة‬
‫البريوقراطية الفيربية الديت م زيدزت اإلدارة العامدة يف مر لدة دولدة الرفداه‪ .‬وقدد يبددو أن هدذه اإلصدال ات‬
‫اإلداريددة جديدددة يف طر هددا واهتمامهددا‪ ،‬لكددن الدددارا لتطددور هددذه املسدداعي يال د امتدددادها التددارخيي‬
‫الدذي تتدد إىل سددتينيات القدرن املاضدي‪ ،‬ر ددت متيإلدز اإلرهاصددات األوىل باجتداه ءدو اإلبقددا علدى الطدداب‬
‫القددانوا البريوقراطددي لددإلدارة العامددة والتفكيددد يف نفددا الوقددت علددى السددعي لالسددتفادة مددن املفددردات‬
‫التسيريية و ديث الفعالية والكفا ة يف تسيري اإلدارة العامة‪ ،‬وهو مدا جتلىدى مدن خدالل مفهدوم املنا ندت‬
‫العم ددومي ‪ .)Public Management‬م ددن جه ددة أخ ددرا‪ ،‬ف ددهن ه ددذا التوج ددس لق ددي ا ددا ض ددعيفا بس ددبب‬
‫الصددعوبات الدديت تواجددس عمليددات املددزج بددل العقالنيددة القانونيددة والعقالنيددة التسدديريية يف تسدديري اإلدارة‬
‫العامة‪ ،‬وهذا ما تزت التوجس ءو منوذج جديد ينفي نفيا قاطعا الصبغة القانونية لإلدارة العامدة ويسدعى‬
‫إىل الندددر إىل املندمددات العامددة كمسدداالت تسدديريية بامتيدداح‪ ،‬وهددو مددا نال دددس مددن خددالل أيديولوجيددة‬
‫التسيري العمومي اجلديد اليت ظهرت يف أوائل الثمانينات‪.‬‬
‫عند احلديث عن جتربدة التسديري العمدومي يف اجلزائدرن تكدن القدول أندس قدد ع اعتمدد علدى اإلدارة‬
‫العامددة والقطدداع العددام يف هددذه الدولددة الفتيددة بصددورة رئيسددية وأساسددية يف بنددا اجملتم د وتشددييد التنميددة‬
‫الوطنيددة‪ ،‬خاصددة يف املرا ددل األوىل لالسددتقالل‪ ،‬أيددن امتددد نشدداك الدولددة إىل كافددة املرافددق االقتصددادية‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1:‬جانفي ‪___2015‬جامعة األغواط‬

‫‪45‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫واالجتماعية‪ .‬و ىت بعد دخول اجلزائدر إىل اقتصداد السدوا واجتاههدا ثطدى ثابتدة ءدو الليرباليدة‪ ،‬فدهن‬
‫قطاع الدولة قد يتغري سمس وقطاعات نشاطس و اياتس وأدواره‪ ،‬ري أندس سديبقى‪ ،‬وسدتبقى مسدفلة كفدا ة‬
‫تسيريه مطرو دة‪ ،‬ويبقدى عليندا دائمدا البحدث عدن رفد كفدا ة املندمدات العامدة‪ .‬هلدذا ونددرا للددور الدذي‬
‫لعبتس اإلدارة اجلزائرية وماحالت تلعبس يف الضبط والتنديت‪ ،‬فهنس يتعل أن دد إرادة قويدة ودائمدة لرفد‬
‫كفا هتا وتكييفها م الدروف اليت تنشط يف إطارها‪.‬‬
‫وتطرح التسربة اجلزائرية عموما إشكالية مهمة تتلخص يف التساؤل التايل‪ :‬إىل أي مدا سامهت‬
‫إصال ات التسيري العمومي يف اجلزائر يف تقدمي منوذج جزائري حياف على خصوصياتس من جهة‪،‬‬
‫ويواكب تطلعات اإلصالح من جهة أخرا؟‬
‫هذا ما سنحاول دراستس من خالل هدذا البحدث الدذي سيسدلط الضدو علدى جتربدة التسديري العمدومي‬
‫يف اجلزائددر ومدددا اسددتفادة جتربددة إصددالح تسدديري اإلدارة العامددة مددن كددل مفدداهيت املنا نددت العمددومي‬
‫واالبتعاد عن خصوصيات التسيري العمومي على الطريقة اجلزائريدة‪ ،‬وتكدون الدراسدة مدن خدالل التركيدز‬
‫علددى ثالثددة نقدداك رئيسددية هددي‪ )1 :‬أيديولوجيددة التسدديري العمددومي ‪ )2‬سياسددة تكددوين املسديزر العمددومي‬
‫‪ )3‬تفثري البيئة اإلدارية العامة‪.‬‬
‫‪ .1‬أيديولوجية التسيري العمومي‬
‫إن اإلطار األخالقي والفلسفي الذي حيكت تسديري اإلدارة العموميدة هدو الدذي حيددد الفدارا األساسدي بدل‬
‫التسد دديري العمد ددومي التقليد دددي والتسد دديري العمد ددومي احلد ددديث‪ ،‬بد ددل األيديولوجيد ددة التسد دديريية التقليديد ددة‬
‫واأليديولوجية التسيريية احلديثة‪ .‬هذا االختالف يكون على مسدتوا القديت الديت تسديطر علدى هدذا اجملدال‬
‫أو ذاك واألهداف املخصصة اليت تضعها املندمات من أجل القيام مبهامها‪.‬‬
‫يتبادر إىل الذهن عند احلديث عدن التسديري العمدومي يف اجلزائدر التسداؤل التدايل ‪:‬مدا هدي املرجعيدة‬
‫األخالقيدة والفلسدفية الديت هتديمن علدى تسديري اإلدارة اجلزائريدة؟ مدا هدي األيديولوجيدة الديت يددور عليهددا‬
‫تسيري املندمات العامة يف اجلزائر؟‬
‫أوال‪ :‬األيديولوجية اإلدارية التقليدية‬
‫إن اإلطار األخالقي والفلسفي الذي حيكت تسديري اإلدارة العموميدة هدو الدذي حيددد الفدارا األساسدي بدل‬
‫التس دديري العم ددومي التقلي دددي واملنا ان ددت العم ددومي احل ددديث‪ ،‬ب ددل األيديولوجي ددة التس دديريية التقليدي ددة‬
‫واأليديولوجية التسيريية احلديثة‪ .‬هذا االختالف يكون على مسدتوا القديت الديت تسديطر علدى هدذا اجملدال‬
‫أو ذاك واألهددداف املخصصددة الدديت تضددعها املندمددات مددن أجددل القيددام مبهامهددا‪ .‬يبدددو تددفثري األيديولوجيددة‬
‫اإلداري ددة التقليدي ددة ك ددبريا عل ددى تس دديري اإلدارة العام ددة يف اجلزائ ددر‪ ،‬ي ددث ددد أن املرجعي ددة األخالقي ددة‬
‫والفلسفية ترج إىل مفهومل أساسيل‪ :‬املصلحة العامة واخلدمة العامدة‪.‬‬
‫تعترب املصدلحة العامدة املفهدوم املركدزي واألساسدي الدذي تددور ولدس تقليدديا األيديولوجيدة اإلداريدة‪،‬‬
‫فدداإلدارة العامددة بكددل مندماهتددا هددي موضددوعة تانددب الدولددة تشددارك عددن طريددق تدددخالهتا علددى إ كددام‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪46‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫ميددزان العدددل بددل عتلد املصدداة االجتماعيددة ‪ .)1‬لقددد تعددزح هددذا االجتدداه منددذ االسددتقالل خاصددة بعددد‬
‫انتددهاج الدولددة اجلزائريددة النددهك االشددتراكي‪ ،‬فددهن املصددلحة العامددة تتس د بصددورة كددبرية تفددوا املفهددوم‬
‫املتعددارف عليددس يف الدددول الرأ اليددة‪ ،‬فهددو ال يقتصددر علددى أدا اخلدددمات العامددة ذات االرتبدداك املباشددر‬
‫باحلاجددات األساسددية للسمدداهري والدديت يعسددز النشدداك الفددردي عددن ارتيادهددا‪ ،‬وإمنددا تتددد ذل د املفهددوم‬
‫ليشمل كدل أوجدس النشداك االقتصددادي واالجتمدداعي املتا ددة يف الدولددة باعتبددارها األداة الرئيسدية لتو يدد‬
‫طبقات الشعب وحتقيدق األهدداف االشدتراكية املنشدودة‪ ،‬لدذل فدهن وظدائ الدولدة اإلداريدة تتسد لتشدمل‬
‫إدارة كت ضخت من األموال العامدة والديت تشدكل أهدداف أدائهدا للمصدلحة العامدة يف مفهومهدا االشدتراكي‬
‫الواسد ‪ .‬كمددا ددد أن مبدددأ املصددلحة العامددة يبدددو بصددورة واسددعة ر ددت موجددة اإلصددال ات الدديت عرفتددها‬
‫اجلزائددر ابتدددا مددن إصددال ات ‪ ،1988‬وتوجههددا ثطددى ثابتددة ءددو الليرباليددة‪ ،‬يددث ددد أن املشددرع‬
‫اجلزائري حيدد أشخاص القانون العدام‪ ،‬أي األشدخاص اإلداريدة اإلقليميدة واألشدخاص املرفقيدة اسدتنادا‬
‫إىل معيددار املرفددق العددام ‪ ،)2‬علمددا بددفن هددذا املعيددار يرتكددز بصددورة كددبرية ومطلقددة علددى مفهددوم املصددلحة‬
‫العامة‪ ،‬يث أن الشي الذي تيز املرفق العام عن سواه هو سد اجة ذات نفد عدام‪ ،‬مبعد أن املرفدق‬
‫قد أنشئ هلذه الغاية وهلذا فهن الذي حيدد املرفق العام عن سواه هو أن املرفق العام تقوم بس هيئة عامدة‬
‫ويهدف إىل أدا خدمات عامة للسماعة‪ .‬إن املصلحة العامة تدهر على أهنا وهت وخرافة ضرورية إلظهدار‬
‫اخلصوصية للهيئة اإلدارية يث ترسي شرعيتها على ركائز صلبة م ضمان ترابط داخلي للحصدول علدى‬
‫التحام و التفاف املواطنل‪ .‬إن اإلدارة مضمونة بشرعية مبدئيدة وألهندا موضدوعة تاندب املدواطنل وألهندا‬
‫وسيلة عمل الدولة فههنا جيب أن تعمل يف إطار املصلحة العامة ‪.)3‬‬
‫املرجعية األخالقية والفلسفية الثانية اليت ارتكز وما حال يرتكدز عليهدا التسديري العمدومي يف اجلزائدر‬
‫هي اخلدمة العامة‪ .‬إذن وبتطوإلر نشاطات اخلدمات فقد تطدور معهدا العمدل احلكدومي‪ ،‬فلدت يبدق مصدلحة‬
‫عامة فقط وضعت كهدف هنائي للتسيري العمومي‪ ،‬ولكن املصلحة األكثر فعلية للذين توجس هلت اخلددمات‬
‫مددن املددرتفقل‪ .‬إن اخلدمددة العامددة أصددبحت يف اجلزائددر القاسددت املشددترك والو يددد ألي تدددخل عمددومي‪،‬‬
‫فالتسيري العمدومي ال يقدوم إال يف ددود اخلدمدة العامدة ومدن أجدل اخلدمدة العامدة‪ ،‬وأن أهدداف الفعاليدة‬
‫والكفا ة ري مطرو تان بتاتا‪.‬‬
‫تكدن رؤيدة هدذه السدديطرة خاصدة يف احلقبدة املمتددة مددا بدل‪ ،1988-1962‬ومد اعتنداا اجلزائددر‬
‫النهك االشتراكي فهن اخلدمة العامة متثل نشاطا عاما ذا مضمون اقتصدادي واجتمداعي‪ ،‬تدرا الدولدة أن‬
‫تتدخل لكي تتوىل أدا ه‪ ،‬وذل هبدف حتقيق املصاة العامة االقتصادية و االجتماعية الديت حيققهدا هدذا‬
‫النشاك واليت يف ضوئها يتقرر الندام احلاكت للمرفق العام وتتحدد سلطة إنشاؤه‪ .‬إن هدذه اهليمندة تبددو‬
‫شاملة ر ت أن بعض البا ثل واألساتذة يرون أهنا ري موجودة ر ت أهنا تبقى دراسات قليلة يغلب عليهدا‬
‫إصدددار األ كددام املطلقددة بدددون تدددعيمها باألدلددة والشددواهد ‪ .)4‬إىل أن شددرعت اجلزائددر يف سلسددلة مددن‬
‫اإلصددال ات اإلداريددة تعددرف باإلصددال ات اهليكليددة‪ ،‬خاصددة م د صدددور القددانون التددوجيهي للم سسددات‬
‫العمومية عام ‪ ،1988‬الذي حيست اجلدال القدمي الذي كان عالقا ول معرفة ما إذا كدان املرفدق العدام‬
‫والقطاع العام يتطابقان ويتال مان‪ ،‬فهو يعترف أن هلمدا نقداك مشدتركة وأهنمدا يلتقيدان أ ياندا ويفترقدان‬
‫أ يانا دون أن يكون هلما نفا ال النفوذ ودون أن يكونا كتلة متماسكة‪.‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪47‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫يبيزن التطور التارخيي للمقتربدات الثالثدة لدإلدارة العامدة قطداع عدام‪ -‬مرفدق عدام‪ -‬وظيفدة عامدة)‬
‫أمهيددة هددذه املر لددة الثمانينددات) يف سددعي املصددل اجلزائددري إىل تددب مفدداهيت جديدددة واالبتعدداد عددن‬
‫اخلصوصيات اجلزائرية مرفق عام علدى الطريقدة اجلزائريدةن وظيفدة عامدة علدى الطريقدة اجلزائريدةن‬
‫قطاع عام على الطريقة اجلزائرية)‪.‬‬

‫ولكن ر دت أن هدذه اإلصدال ات اهليكليدة الذاتيدة أو املدعومدة قدد أخرجدت جدز ا معتدربا مدن اجملدال‬
‫العمومي من كتلة اخلدمة العامة وأدخلتس ضمن أيديولوجية إدارية جديددة وإطدار أخالقدي وفلسدفي جديدد‬
‫بعي د كل البعد عن مفهوم اخلدمة العمومية واملصدلحة العامدة‪ ،‬إال أن اجلدز األكدرب مدن املندمدات العامدة‬
‫يف اجلزائر يبقى يسب يف فل األيديولوجية التسيريية التقليدية ويتحكت فيها املقترب السياسدي والثقدايف‬
‫والقانوا للقطاع العام التقليدي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضرورة إعادة حتديد مفهوم التسيري العمومي‬
‫إن التمس مببدأ املصلحة العامة ال يع شيئا بالنسبة لإلدارة العامة‪ ،‬ولكن جيب عليها أن تربهن علدى‬
‫فعاليتها‪ .‬إن معددت االجتاهدات احلديثدة يف اإلصدالح والتطدوير اإلداريدل ت كدد علدى هدذا الطدرح باعتبداره‬
‫املعيار الو يد الذي تكن من خاللس تقييت أدا املندما ت العامدة ولديا علدى أسداا املصدلحة العامدة كمدا‬
‫كانت يف السابق‪ .‬يف هذا اإلطار‪ ،‬جيدب ربدط مفهدوم املصدلحة العامدة و تكملتدس مبفهدوم الفعاليدة والكفدا ة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬وهبذا فهن اإلدارة العامة تعمل على أن تتحول مدن شدرعية خارجيدة ظاهريدة الدة إىل نددام‬
‫قددانوا سياسددي والددذي حيتويهددا ويتعدددا عنددها إىل شددرعية أصددلية جوهريددة مرتكددزة أساسددا علددى التحليددل‬
‫اجملرد لعمل اإلدارة‪ .‬وعليس فهننا ءكت على النتدائك الديت جيدب أن تصدل إليهدا اإلدارة وعلدى قددرهتا علدى‬
‫إدارة وتسدديري الوسددائل املوضددوعة حتددت تصددرفها مددن أجددل احلصددول علددى أ سددن عالقددة بددل النفقددات‬
‫واألهداف‪ ،‬فاإلدارة العامة ليست مضمونة احلق بالشرعية ‪.)5‬‬
‫من جهة أخرا‪ ،‬إذا ندرنا إىل مفهوم اخلدمة العامة‪ ،‬فهنس يطرح العديد من اإلشكاليات سدوا مدن‬
‫يث القيت اليت يقدمها للمسريين العموميل‪ ،‬أو من خالل الوض احلدايل هلدذه املندمدات بهتباعهدا هدذا‬
‫املفهددوم‪ ،‬أو مددن خددالل كددذل قيددادة املندمددات العامددة‪.‬إن فكددرة اخلدمددة العموميددة بقدددر مددا متثددل إطددارا‬
‫أخالقيا راقيا بقدر ما متيز التسيري العمومي بنوع من املغاالة واملثالية وتبعده عن أية اولة لطدرح فكدرة‬
‫املردودية والفعالية يف اإلدارة العامة ‪ ،‬إن اإلدارة العامدة هي بصدد البحث عن اجات اعيدة بهتباعهدا‬
‫مفهوم اخلدمة العامة‪ ،‬هذا البحث يتخللس تناقضات يف هدذه احلاجدات تتفدرا إىل أنانيدة الدبعض‪ ،‬وعددم‬
‫اكتراث البعض اآلخر ‪ .) 6‬متثل اخلدمة العامدة خرافدة مشدروعة‪ ،‬إهندا تنحدت صدورة لدولدة رفداه منشدغلة‬
‫أساسا بالصورة احلسنة ملرتفقيهدا‪ ،‬تشدكىلت أساسدا خدالل الدثالثل اجمليددة)‪ ،(1975-1945‬بعدد تفدوا‬
‫الفكر الكيزني التدخلي يف النص األول من القرن العشرين ‪.)7‬‬
‫يد دي املفهدوم اجلديدد للدولدة إىل أن تتددخل وفدق املفهدوم اجلديدد للتسديري العمدومي‪ ،‬فاأليديولوجيدة‬
‫التسيريية اليت سيطرت على اجملال العمدومي‪ ،‬والديت تضد أي تددخل للدولدة يف إطدار اخلدمدة العامدة قدد‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪48‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫ان حواهلا وال بد من إعطا مفهوم جديد للتدخل العمومي ولتسديري الدولدة علدى سداب املفهدوم اجلديدد‬
‫للدولة يف د ذاتس‪.‬‬
‫إن التمس باأليديولوجية اإلدارية التقليدية يض املصاة العمومية يف وض رج و يدخلدها يف إطدار‬
‫اإلشكالية العامة اليت يعرفهدا التسديري العمدومي يف كدل دول العدا ‪ .‬إن نبدذ األيديولوجيدة اإلداريدة وتسديري‬
‫املصدداة العموميددة علددى شددكل م سسددات يف إطددار التسدديري العمددومي اجلديددد هددو الكفيددل بددالرد علددى هددذه‬
‫الرهانددات بطريقددة إجيابيددة وفعالددة ‪.‬إن هددذا االجتدداه نددراه خاصددة يف حتركددات الدددول األوروبيددة والدديت تعددد‬
‫اإلطار املرجعي لأليديولوجية اإلدارية التقليدية لكنها حتارب وترفض بشدة اخلدمة العامة علدى الطريقدة‬
‫الفرنسية وتعطي مفهوما جديدا لكل من التسيري العمومي من جهة‪ ،‬واخلدمة العمومية مدن جهدة أخدرا‪،‬‬
‫وتعلن عن هناية األيديولوجية اإلداريدة التقليديدة واخلدمدة العموميدة علدى الطريقدة الفرنسدية ‪ ،)8‬متهيددا‬
‫إلدخدال إصددال ات جديددة يف ددال التسديري العمددومي وخاصددة فيمدا خيددص اإلطدار األيددديولوجي للتدددخل‬
‫احلكومي وموقفس من السوا واملستهل والدولة يف د ذاهتا‪ .‬من جهة أخرا‪ ،‬فقد عرف مفهدوم اخلدمدة‬
‫العامة تطورات كبرية ءو مفاهيت عترعة فيمدا خيدص املفهدوم أو التطبيدق كداملندور الشدبكي أو املنددور‬
‫التعاقدي للخدمة العامة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حنو تسيري عمومي جديد‬
‫يف احلقيقددة إن مفهددوم التسدديري العمددومي اجلديددد عددرف يف القددارة اإلفريقيددة بصددورة واسددعة‪ ،‬ر ددت أن‬
‫مال هددا تبقددى ددري واضددحة بصددورة جليددةن بسددبب السددياقية التارخييددة وامل سسدداتية واالجتماعيددة لدددول‬
‫القارة اإلفريقية‪ ،‬وكان ذل حتت مسمزى اإلصدال ات اهليكليدة‪ ،‬الديت عرفتدها إدارات هددذه الدددول والديت‬
‫قادها البن العاملي حتت است املساعدات والقروض هلذه الدول‪.‬‬
‫والس ال املطروح هنا هو‪ :‬كي استطاعت هذه اإلصال ات أن تغري من أيديولوجية التسيري العمدومي‬
‫لتصب متوافقة م معطيات األيديولوجية اجلديدة؟‬
‫إن اإلجابة علدى هدذا السد ال ال تكدن أن تكدون مو ددة لكدل اإلصدال ات‪ ،‬وهدذا راجد باألسداا إىل‬
‫السياسددة العامددة لإلصددالح وموقفهددا مددن حتسددل أدا القطدداع العددام‪ .‬وهبددذا‪ ،‬وإذا تطرقنددا إىل إصددال ات‬
‫استقاللية امل سسات العمومية االقتصدادية‪ ،‬علدى اعتبداره أهندا إصدالح هيكلدي ذاف فهنندا دد أهندا متثدل‬
‫منعرجا ا ا يف ال التسيري العمومي‪ ،‬وخاصة يف ال اإلطدار األخالقدي والفلسدفي الدذي حيكمدس‪.‬‬
‫على الر ت من أن هذه اإلصال ات مست القطاع العام اإلنتاجي و متا مل اآلجال العمومين يدث‬
‫أن املشرع اجلزائري يف حتديده ملفهوم امل سسة العمومية االقتصادية دد أندس ا دذ موضدعا سدلبيا يدث‬
‫ميزهددا عددن امل سسددات واهليئددات املشدداهبة األخددرا األشددخاص املعنويددة اإلقليميددة‪ :‬الدولددة واجملموعددات‬
‫احملليددة‪ ،‬األشددخاص املعنويددة املرفقيددة ‪ :‬اهليئددات العموميددة ذات الطدداب اإلداري‪ ،‬اهليئددات العموميددة ذات‬
‫الطاب الصناعي والتساري) ‪.)9‬‬
‫وعلى كل‪ ،‬فهن املشرع اجلزائري يعمد يف حتديده للشدخص املعندوي العدام إىل مفهدوم املرفدق العدام‪،‬‬
‫وعليددس فددهن امل سسددة العموميددة االقتصددادية هددي أول هيئددة عموميددة يعمددد فيهددا املشددرع إىل متييزهددا بندددام‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪49‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫عال لندام املرفق العام التقليدي‪ ،‬هذا ما دث بالضبط بالنسدبة لتقريدر ‪ Nora‬يف فرنسدا‪ ،‬يدث أن‬
‫املشرع الفرنسي عمد إىل تقسديت القطداع العدام بفكملدس إىل‪ ،‬قطداع عدام تداب للخددمات العموميدة و قطداع‬
‫عام يف ظل املنافسة والسوان وهلذا د أن امل سسة العمومية االقتصدادية هدي معرفدة كدذل عدن طريدق‬
‫تبدديل الطددرا الدديت بواسددطتها تكددن هليئددة عموميددة ذات ط داب صددناعي وجتدداري أن تتحددول إىل م سسددة‬
‫عمومية اقتصادية‪ ،‬يث أنس إذا أمكن ألن يتب هدفها وسري عملدها لليدات السدوا وندص املخطدط الدوط‬
‫علددى شددروك ذل د ‪ ،)10‬فههنددا ستصددب م سسددة عموميددة اقتصددادية‪ ،‬أي أنددس مددن احلدددود الفاصددلة بددل‬
‫اهليئتل لليات السوا‪ ،‬وهذا ما تثل بالفعل إ دا احلددود الفاصدلة بدل األيديولوجيدة اإلداريدة التقليديدة‬
‫والتسيري العمومي اجلديد ‪.)11‬‬
‫من جهة أخرا‪ ،‬حياول املشدرع اجلزائدري طدي املقتدرب البريوقراطدي‪ ،‬خاصدة أن مبددأ املصدلحة‬
‫كهدف هنائي للتسيري العمومي قد استبدل مببدأ اإلنتاجية و كل مدا حتملدس مدن معداا الفعاليدة والكفدا ة‪،‬‬
‫ي ددث تش ددكل امل سس ددة العمومي ددة االقتص ددادية يف إط ددار عملي ددة التنمي ددة الوس دديلة املفض ددلة إلنت دداج امل ددوارد‬
‫واخلددمات وتدراكت رأا املددال‪ ،‬وتعمدل هدذه امل سسددة يف خدمدة األمددة والتنميدة وفدق الدددور واملهدام املنوطددة‬
‫هبا ‪.)12‬‬
‫مددن جهددة أخددرا‪ ،‬عنددد تطرقنددا إىل مبدداد وأسددا تنددديت امل سسددة العموميددة االقتصددادية‪ ،‬نراهددا‬
‫تتال م بشدة م معطيات التسديري العمدومي اجلديدد‪ ،‬هدذا األخدري الدذي يركدز بصدورة مطلقدة علدى فكدرة‬
‫الالمركزية و ل املشاكل يف مستواها ‪ ،) 13‬وهذا ما يدهر جليدا مدن خدالل مبددأ االسدتقاللية الدذي تقدوم‬
‫عليس امل سسة العمومية االقتصادية‪ ،‬والذي يستند إىل األسا التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬األساا القانوا‪ :‬الشخصية املعنوية اخلاصة ‪.)14‬‬
‫‪ – 2‬األساا اإلداري ‪ :)15‬احلد من التدخل اخلارجي بعد التبعية اإلدارية قبل‪.(16)1988‬‬
‫‪ – 3‬األساا االقتصادي‪ :‬الفعالية االقتصادية ‪.)17‬‬
‫أخ ددريا وإذا كان ددت امل سس ددة العمومي ددة االقتص ددادية متث ددل ال ددة ج ددديرة باالهتم ددام يف ددال تطبي ددق‬
‫أيديولوجية التسيري العمومي اجلديد يف القطاع العدام يف اجلزائدر‪ ،‬إال أن املال د أن هدذه األيديولوجيدة‬
‫قددد امتدددت إىل مراكددز البحددث والتنميددة‪ ،‬الدديت متثددل شددكل م سسددة خاصددة ذات ندددام خدداص مقارنددة م د‬
‫الصنفل التقليدين ‪ ،)18‬وتكون قواعد سدري مركدز البحدث والتنميدة وتنديمدس عالفدة لتلد املطبقدة علدى‬
‫اإلدارة ‪ ،)19‬وعليددس فهددو قريددب مبددا فيددس الكفايددة مددن امل سسددات العموميددة االقتصددادية يف منطهددا اهليكلددي‬
‫والددوظيفي ‪ ،)20‬يددث ع إخددراج هددذه املراكددز مددن كددل األشددكال التقليديددة الدديت تقددوم عليهددا األيديولوجيددة‬
‫التقليدية‪ ،‬يث يسري املركز كم سسة جتارية ضد آل ليدة السدوا وفدق مبددأ اسدتقاللية التسديري والقدرار‬
‫املتالئت م طبيعتس كمركز لألحباث والتنمية‪.‬‬
‫إن تفكيد الدولة على التغيري األيديولوجي الذي حيكت اجملال العمدومي تفكدد كدذل مدن خدالل ركدة‬
‫حتديث املرافق العامة الديت شدرع فيهدا يف هنايدة الثمانيندات ‪ ،)21‬إال أن املال د أن هدذه اإلصدال ات‬
‫متا املصاة اإلدارية يف د ذاهتا‪ ،‬وإمنا مست نقطتل أساسيتل ‪:)22‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪50‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫‪ – 1‬تكيي اإلدارات املركزية وتنديمها‪.‬‬


‫‪ – 2‬حتديث املصاة اجلبائية‪.‬‬
‫وهلددذا فقددد ركددزت اإلصددال ات اهليكليددة الذاتيددة علددى رف د أدا وحتسددل تسدديري القطدداع العددام اإلنتدداجي‬
‫وأ فلت إصالح نطاا املرافق العامدة الديت بقيدت تنشدط يف إطدار األيديولوجيدة التسديريية التقليديدة‪ ،‬هدذا‬
‫عكا اإلصال ات اهليكلية املدعمة من صندوا النقد الدويل والبند العداملي ‪ )1998-1995‬الديت ركدزت‬
‫على ثالثة نقاك أساسية‪:‬‬
‫‪ – 1‬حتسددل أدا ورفد كفددا ة تسدديري امل سسددات العموميددة االقتصددادية يف إطدار املبدداد الدديت جددا ت هبددا‬
‫اإلصال ات اهليكلية الذاتية عن طريق سن العديد من القوانل املدعمة ‪.)23‬‬
‫‪ – 2‬حتسددل تسدديري أدا املرافددق العامددة‪ ،‬خاصددة اهليئددات العموميددة ذات الطدداب الصددناعي والتسدداري‪،‬‬
‫وخددري مثددال علددى هددذه اإلصددال ات تل د الدديت شددرعت فيهددا إدارة الربيددد واملواصددالت وإدارة الكهربددا‬
‫والغدداح ‪ ،)24 )SONALGAZ‬يددث أهنددا عملددت علددى إخددراج هددذه اهليئددات مددن دائددرة اخلدمددة العموميددة‬
‫واملصلحة العامة وإدخاهلا يف إطار أيديولوجية التسيري العمومي اجلديد‪ ،‬كذل فهن العديدد مدن اهليئدات‬
‫العمومية ذلت الطاب اإلداري قد عرفت العديد من اإلصدال ات مدن جدرا التقلديص الدذي عرفتدس نفقدات‬
‫الدولة‪ ،‬إال أهنا متت بصورة جزئية وسطحية بدون أية إعادة تنديت فعالة و ياب كلدي لإلطدار امل سسداف‬
‫الذي تعمل من خاللس‪.‬‬
‫‪ – 3‬اخلصخصة ‪ :)25‬واليت تعترب سر الزاوية لكل مناذج اإلصالح اهليكلي ‪.)26‬‬
‫إن تطددور تسدديري السياسددة العامددة إلصددالح اإلدارة اجلزائريددة‪ ،‬مددن إصددال ات تركددز علددى القطدداع العددام‬
‫اإلنتاجي ءو إصال ات أخرا شاملة متا كدل اجملدال العموميدو عالقتدس بداجملتم املددا يف إطدار مفهدوم‬
‫احلكت الراشد‪ ،‬ال جيدب أن تد دي بندا إىل تفكيدد بلدو هدذه اإلصدال ات إىل مسدتوا التغديري األيدديولوجي‬
‫للتسيري العمومي‪ .‬وهذا ما ذهب إليس ‪ Matthias Finger‬الدذي قددم نقددا مهمدا هلدذا النمدوذج اإلصدال ي‬
‫يف دد ذاتدس‪ ،‬وأكدد أن مثددل هدذه اإلصدال ات ال تكددن أن تقدوم إال يف إطدار جديددد يعطدي مفهومدا جديدددا‬
‫للدولة ولتسيري الدولة كذل ‪ .)27‬إن استراتيسيات اإلصالح اهليكلي أو إعادة اإلصالح اهليكلي هي أبعد‬
‫من أن تصل إىل النسا ات اليت أمل فيها كتاهبا أن تصلها‪ ،‬بل العكا من ذل فهن هذه االستراتيسيات‬
‫وجب عليها أن تعيد التفكري يف العمل والنشاك وليا إقصا فرص العمل‪ ،‬هذا عكدا مدا ددث يدث أن‬
‫إجرا ات التصحي اهليكلي أصدبحت مرادفدا إلقصدا العمدال و فديض الوسدائل باسدت الدالت اإلصدالح‬
‫اليت ال حتمل أي مع للمنطقية‪ ،‬حيادة على ذل ‪ ،‬فهن العديد من املندمدات تسدتخدم هدذا اإلجدرا ألن‬
‫مندمددات أخددرا قددد تسددتخدمس بدددون الدددخول يف التطبيددق حبثددا عددن فدديض النفقددات بدددون أيددة إعددادة‬
‫تنديت فعالة‪ .‬إال أنس ور ت كل هذه االنتقادات‪ ،‬جيدب االعتدراف بفهندا إصدال ات إداريدة تكدن ردهدا إىل‬
‫مفهوم التسيري العمومي اجلديد‪ ،‬خاصة م وجود اختالفات كبرية سدوا علدى مسدتوا تطبيدق إصدال ات‬
‫التسيري العمومي اجلديد أو على مستوا التوجهات بل العا اإل لوسكسدوا واألورو واآلسديوي و دىت‬
‫اإلفريقي ‪.)28‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪51‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫رابعا‪ :‬تناقض تسيري السياسات العامة لإلصالح والعودة القوية لأليديولوجية التقليدية‬
‫إن دراسددة متفنيددة ملسددار اإلصددال ات اهليكليددة الدديت عرفتددها اجلزائددر ت كددد هددذا الطددرح وتدعمددس وتقددر أن‬
‫اجتداه السدلطات العموميدة ءدو إصدال ات لتددعيت التسديري العمدومي باتدت مدن األمدور املناقضدة للسياسدة‬
‫العامددة لإلصددالح‪ .‬تكددن تعريد تسدديري السياسددات العامددة مددن النا يددة امل سسدداتية بفنددس سياسددة إصددالح‬
‫القطدداع العددام الددذي اجتددس يف اجتدداهل أساسدديل‪ :‬تسدديري القطدداع العددام حتسددل أدا القطدداع العددام) أو‬
‫برنددامك اإلصددال ات واهليكلددة الصددناعية عددن طريددق اخلصخصددة ‪ .)29‬إذن فبعددد تددب اجلزائددر سياسددة‬
‫اقتصدداد السددوا علددى إثددر إصددال ات ‪ ،1988‬اجتددس املصددل اجلزائددري إىل االعتمدداد بصددفة مطلقددة علددى‬
‫االجتدداه األول‪ ،‬وهددو التركيددز علددى رف د أدا القطدداع العددام علددى إثددر قددوانل اسددتقاللية امل سسددات و ركددة‬
‫حتديث املرافق العامة‪ ،‬إال أنس وبعد فترة وجيدزة بددأت تدهدر ركدة يف األوسداك العموميدة حتداول إفشدال‬
‫هذه اإلصال ات اليت مست إصالح تسيري القطاع العام واالجتاه ءو االجتاه الثاا وهدو برندامك اهليكلدة‬
‫الصناعية واخلوصصة‪ .‬إنس إفشال للسياسة العامة لإلصدالح ولديا فشدلها‪ ،‬ألن فتدرة السدت ‪ )6‬سدنوات‬
‫ال تعترب كافية إلعطا نتائك إجيابيدة‪ ،‬خاصدة مد عددم تدوفر الشدروك الالحمدة إل ا هدا وإ فدال العديدد‬
‫من اجلوانب اليت تستدعي اإلصالح‪ .‬وهبذا تطرح يف اجلزائر بتاتا إشدكالية مشدروعية القطداع العدام‪،‬‬
‫اليت نوقشت فيما يقارب العشرين سنة يف فرنسا مثل ‪.)30‬‬
‫إذن و بعد تعدي هذه اإلشدكالية بكدل سدهولة ع تدب سياسدة اخلوصصدة ابتددا مدن عدام ‪ ،1995‬إن‬
‫اجملال الدذي كدان دا إصدال ات تعدود ندريدا للتسديري العمدومي اجلديدد قدد دان حوالدس و يعدد اجملدال‬
‫العمومي ينشط يف إطار هذه األيديولوجيةن وبعد أن كانت اخلوصصة متا اجملاالت السابقة الذكر فقدط‬
‫فقددد ع توسدديعها لتشددمل كددل امل سسددات العموميددة االقتصددادية بدددون اسددتثنا ‪ ،‬ددىت امل سسددات العموميددة‬
‫املسرية مل رفق عام فههنا موجهة للخوصصدة علدى أن تتكفدل الدولدة باخلدمدة العامدة‪ .‬فكدل مندمدة عموميدة‬
‫يكددون إطارهددا القددانوا علددى شددكل م سسددة عموميددة اقتصددادية هددي موضددوع للخوصصددة و ددىت اهليئددات‬
‫العموميددة ذات الطدداب الصددناعي والتسدداري الدديت عرفددت العديددد مددن اإلصددال ات علددى إثددر اإلصددال ات‬
‫االقتصددادية املدعومددة )‪ )1998-1995‬وعرفددت العديددد مددن املعددا الدديت ت كددد عليهددا أيديولوجيددة التسدديري‬
‫العمددومي اجلديددد‪ ،‬و كددذل م د ددل بعددض مراكددز البحددث والتنميددة وإحلدداا الددبعض اآلخددر لألصددناف‬
‫التقليدية للمرافق العامة بعد التعري املخال الذي أعطي هلا إثر إصال ات ‪.)31 1988‬‬
‫إن تسيري السياسة العامة لإلصالح أصب مرادفا لعملية اخلوصصة وع إ فدال كلدي إلصدالح تسديري‬
‫القطاع العام وحتسل أدائس‪،‬هذا القطاع الذي يوجد يف قلب كل الرهانات و خوصصتس متثدل إ ددا لدول‬
‫إصددال س و لدديا كلددها‪ .‬إن البحددث عددن لددول إلشددكالية فعاليددة القطدداع العددام جيددب أن يدددمك االجتاهددات‬
‫السياسددية دمقرطددة اجملتمعددات) واملعددايري االقتصددادية حتسددل إنتدداج الثددروة) واالهتمامددات االجتماعيددة‬
‫التضددامن الددوط ‪ ،‬عدالددة أمددام املرافددق العامددة‪ ،‬البحددث عددن را ددة الشددعوب ‪.))32‬إن إشددكالية األدا‬
‫السيئ للقطاع العام ال متكدن أساسدا يف طبيعتدس بدل يف أمنداك تسديريه‪ ،‬واخلوصصدة ليسدت مندط التسديري‬
‫احملبددذ مددن أجددل الوصددول إىل تنميددة شدداملة ومسددتدتة يف كددل احلدداالت‪ .‬إن القدددرة التسدديريية للدولددة يف‬
‫حتديددد وتسدديري السياسددات العامددة هددي و دددها الكفيلددة بتحقيددق الشددروك املوضددوعية للتنميددة‪ .‬إن إصددالح‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪52‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫القطاع العام خري من أن يباع و األولوية أن تكون للعمل على معاجلة ضع كفا ة امل سسات العامدة ولديا‬
‫ج اآلثار املترتبة عن اخلصخصة ‪ .)33‬إن مماثلة الدروف يف الدول الصناعية املتقدمدة وبلددان العدا‬
‫الثالث لتفف بنتائك وخيمة على هذه األخدرية ‪ .)34‬إن فهدت العالقدات بدل مفهدوم التنميدة املدتغري املتعلدق‬
‫مبس دداعي الع ددا الثال ددث يف إط ددار أي ددة حترك ددات إص ددال ية ومفه ددوم العم ددومي امل ددتغري مبفه ددوم اإلدارة‬
‫العامة والتسيري املدتغري املتعلدق بفيديولوجيدة التسديري العمدومي اجلديدد وتفداعالت هدذه املدتغريات يف إطدار‬
‫العالقات ما بل الدولدة واجملتمد وتر دة هدذه التفداعالت يف شدكل سياسدة عامدة لإلصدالح منسدسمة مد‬
‫رأا املددال االجتمدداعي ‪ ،)35‬ومتطلعددة للتحددديث والتطددويرن إن هددذا السددعي تكددن أن ي د دي إىل مفدداهيت‬
‫بديلة ال تكن أن تلط بففكار تسيري امل سسات ‪.)36‬‬
‫‪ .2‬سياسة تكوين املسيّر العمومي‬
‫تثل املورد البشري لإلدارة العامة أهت عامل تكن أن يربهن على فعالية التسديري العمدومي وكفا تدس‪ ،‬إال‬
‫أن سياسة تكوين املسديزرين العمدوميل هدي الكفيلدة بتقددمي مدوظفل عمدوميل يثبتدون عقالنيدة تسديريية يف‬
‫تسيري املصاة واألجهزة العمومية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املقترب اجلزائري يف تكوين املسيّرين العموميني‬
‫قبل احلدديث عدن املقتدرب اجلزائدري جيدب التطدرا أوال إىل أهدت املقتربدات األساسدية املعروفدة يف تكدوين‬
‫املس ددريين العم ددوميل‪ ،‬وأي ه ددذه املقترب ددات اع ددة بالنس ددبة ل ددإلدارة العام ددة يف يومن ددا ه ددذا يف ظ ددل ك ددل‬
‫التغريات والرهانات اليت حتيط هبا‪ .‬إنس يف اعتقاد العديد من علما اإلدارة والتسديري أندس يوجدد مقتربدان‬
‫أساسيان يف تكوين املسريين العموميل‪ .‬املقترب األول هو مقترب اإلدارة العامة الذي تعتمد عليس مددارا‬
‫اإلدارة العامة األوروبية‪ ،‬واملقترب الثاا هو املنا انت العمومي الذي تعتمد عليس مدارا إدارة األعمدال‬
‫الشددمال أمريكيددة‪ .‬يف ددال املقارنددة واملفاضددلة بددل املقتددربل يتبددادر إىل الددذهن التسدداؤل التددايل‪ :‬مددا هددي‬
‫العالقة بل املقتربل؟ وأيهما أ لإلدارة العامة احلالية؟‬
‫لقددد توصزددل ‪ Denis Proulx‬إىل أن املقتددربل ينتميددان إىل ددالل عددتلفل متامددا‪ ،‬فدداألول متددفثر‬
‫مبقتددرب أوروبددا اخلدداص مبدددارا اإلدارة العامددة‪ ،‬والثدداا بدداملقترب الشددمايل أمريكددي اخلدداص مبدددارا‬
‫إدارة األعمال ‪.)37‬‬
‫وإذا انتقلن ددا إىل دراس ددة الوضدد يف اجلزائ ددر‪ ،‬فنق ددول أن ددا اجلزائ ددر اعتم دددت عل ددى سياس ددة تك ددوين‬
‫إلطارات الدولدة وملسدريي اإلدارات العموميدة أقدل مدا يقدال عندها أهندا سياسدية جريئدة وطمو دة‪ ،‬وقدد أتدت‬
‫بثمارهدا خاصددة علددى مسدتوا الكددت‪ ،‬فمئددات اآلالف مدن الطلبددة الددذين رجدوا مددن اجلامعددات اجلزائريددة‬
‫واملدارا املتخصصة دعموا الترسانة البشرية اليت تقوم بتسيري اإلدارة العمومية يف اجلزائر ‪.)38‬‬
‫أما فيما خيص املقترب اجلزائري يف تكوين املسريين العموميل تتسلى معاملس من خالل‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬تكوين جامعي يضت أساسدا العلدوم السياسدية والقانونيدة واالقتصدادية يف يداب شدبس كلدي للتكدوين يف‬
‫ال علوم التسيري وإدارة األعمال‪.‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪53‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫ثانيا‪ :‬إنشا املدرسدة الوطنيدة لدإلدارة ‪ ،) 39‬وهيمنتدها علدى تكدوين املسدريين العمدوميل خاصدة اإلطدارات‬
‫العليا لإلدارة اجلزائرية يف االت عتلفدة كداإلدارة احملليدة والقضدا والدبلوماسديل‪ ،‬واإلدارة العامدة‪،‬‬
‫إىل جانب إنشا مراكز التكوين اإلداري ‪.)40‬‬
‫إن هذه اهليمنة للمناهل التكوينية السابقة الدذكر تثبدت تدب اجلزائدر للمقتدرب األورو لدإلدارة العامدة‬
‫يف تكددوين املسددريين العمددوميل‪ .‬يددث أن املدرسددة كمددا هددي يف معدددت الدددول األوروبيددة والناميددة تعتددرب‬
‫كمال ق ملدارا وجامعات القانون ‪)41‬ن كما أهنا تعتمد على توطيد العالقدات مد مددارا اإلدارة العامدة‬
‫يف عتلد دول العددا قصددد التعداون يف ددال التدددريا والتكدوين ‪ ،)42‬مد العلددت أن كدل هددذه املدددارا‬
‫تعتمد اعتمادا كليا على مقترب اإلدارة العامة األورو ‪ ،‬مما يبعد أية اولة لترقيدة مقتدرب املنا اندت‬
‫العمومي‪.‬‬
‫إن هيمنددة املدرسددة الوطنيددة لددإلدارة علددى تكددوين املسددريين العمددوميل انطالقددا مددن املقتددرب األورو‬
‫ملدددارا اإلدارة األوروبيددة سددوف تطددرح إشددكالية مدددا تددفقلت هددذا املقتددرب م د التطددورات الدديت عرفتددها‬
‫الدراسددات و التحاليددل اإلداريددة وفددق النمددوذج مددا بعددد البريوقراطددي‪ ،‬إننددا نتسددا ل ددول مسددتقبل هددذا‬
‫اال تك ددار ددري املش ددروع للمدرس ددة الوطني ددة ل ددإلدارة‪ ،‬وم دددا ق دددرهتا عل ددى ددريك مس ددريين عم ددوميل‬
‫أكفىددا ‪ .)43‬وهلددذا فقددد بقيددت إشددكالية ددرا عقالنيددة تسدديريية يف املندمددات العامددة عددن طريددق إصددالح‬
‫برامك امل سريين العمدوميل مطرو دة حبددة يف األوسداك األكادتيدة والتكوينيدة‪ ،‬خاصدة مد هيمندة هدذين‬
‫املقتددربل علددى كافددة بددرامك التكددوين اإلداري يف دول العددا ‪ .‬إال أن التحركددات اإلصددال ية الدديت عرفتددها‬
‫وماحالت تعرفها معدت برامك التكوين اإلداري ت كد اعة مقترب إدارة األعمال الشمال األمريكي‪ ،‬ممدا‬
‫ذهب بالبعض إىل االعتراف بفنس املقترب العاملي والذي جيب أن يكون اإلطار املرجعدي لكدل بدرامك تكدوين‬
‫املسريين‪ ،‬وأن تطورا كبريا يعرفس هذا املقتدرب دىت يف الددول األوروبيدة‪ ،‬مهدد املقتدرب املغداير‪ ،‬مقتدرب‬
‫اإلدارة العامة ‪.)44‬‬
‫ثانيا‪ :‬إصالحات املنامجانت العمومي‬
‫إن طمددوح العديددد مددن دول العددا أصددب م كدددا‪ ،‬بعددد كددل احملدداوالت اإلصددال ية يف سددبيل تزكيددة وترقيددة‬
‫مقترب املنا انت العمومي واالبتعاد عن مقترب اإلدارة العامة‪ .‬لقد سدعت العديدد مدن الددول إىل إدخدال‬
‫العديددد مددن اإلصددال ات يف برا هددا التكوينيددة اخلاصددة باملسددريين العمددوميل مددن شددفهنا تعزيددز القدددرة‬
‫التسيريية هلت‪ ،‬وهذه اإلصال ات جتسدت يف إ دا الطريقتل‪:‬‬
‫‪ – 1‬الطريقة األوىل‪ :‬إدخال إصال ات على الربامك التكوينية اخلاصة باملدارا الوطنية لإلدارة‪ ،‬يدث‬
‫ع االعتماد على برامك مستو اة أساسا من مقترب إدارة األعمال الشمال أمريكي‪.‬‬
‫ري أن اإلصال ات ا ليت عرفتها املدرسة لإلدارة العامدة بكيبد تعتدرب نقطدة حتدول يف دال بدرامك‬
‫التكدوين اخلاصددة باملسدريين العمددوميل‪ ،‬يددث أن هدذا اإلصددالح يعتدرب اليددوم إ دددا األطدر املرجعيددة لكددل‬
‫احملاوالت اإلصال ية اليت قامت هبا مدارا اإلدارة العامة يف معدت دول العا ‪ .‬لقد قامت هذه املدرسدة‬
‫بهدخ ددال برن ددامك جدي ددد يعتم ددد اعتم ددادا كلي ددا عل ددى عل ددت التس دديري‪ ،‬وتبق ددى العل ددوم القانوني ددة والسياس ددية‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪54‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫واالقتصادية كعلوم ثانوية فقط‪ ،‬فهذه املدرسة كما يقول ‪ Ethier Gérard‬ال تكون قانونيتل أو اقتصداديل‬
‫أو عتصل يف السياسة أو االجتماع‪ ،‬وإمنا تكون مسريين‪ ،‬الذين عن طريق تلقيندهت معدارف عتلفدة يف‬
‫التسيري تكنهت تسيري مندماهتت بطريقة فعالة وكف ة ‪. )45‬‬
‫‪ – 2‬الطريقة الثانية‪ :‬هي تب مقترب املنا انت العمومي بددل مقتدرب اإلدارة العامدة التقليددي وإنشدا‬
‫مدددارا ومعاهددد متخصصددة يف املنا انددت العمددومي‪ .‬فاإلصددالح اآلن ال تددا الددربامك التكوينيددة فقددط‬
‫و اولة تقريبها من مقترب املنا اندت العمدومي‪ ،‬وإمندا تدا إنشدا فدروع جديددة لتددريا املنا اندت‬
‫العمددومي قائمددة أساسددا علددى مقتددرب إدارة األعمددال الشددمال أمريكددي مد إبقددا املدددارا الوطنيددة لددإلدارة‬
‫قائمة‪.‬‬
‫لقد قطعت العديد من الدول يف هدذا الشدفن أشدواطا كدبرية‪ ،‬فقدد ع إنشدا املعهدد اجلامعددي املهنددي‬
‫للمنا انددت العمومددي عددام ‪ 1996‬التاب جلامعدة مرسديليا بفرنسدا‪ ،‬وهدو التكدوين الو يدد مدن هدذا الندوع‬
‫املدتواجد يف هذا البلد ‪ .) 46‬كدذل احلدال بالنسبددة للمعهددد األوربددي للمنا انددت العمددومي‪ ،‬الدذي تثدل‬
‫جددز م ددن مدرس ددة ‪ Solvay‬للتس ددارة تامع ددة ب ددر وكس ددل‪ ،‬وك ددذل املع ددهد الع ددايل للمنا ان ددت العم ددومي‬
‫والسياسي يف بروكسل كذل ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تكوين املنامجانت العمومي يف اجلزائر‬
‫إن تطددوير املندومددة التكوينيددة للمسددريين العمددوميل ءددو مقتددرب املنا انددت العمددومي‪ ،‬واالسددتفادة مددن‬
‫التسربة الشمال أمريكية أصدبحت أمدر ال مفدر مندس أمدام تعقدد مهمدة املسدريين‪.‬إن دراسدة موضدوع تكدوين‬
‫املنا انددت العمددومي يف اجلزائددر تسددتدعي منددا التطددرا أوال إىل تكددوين التسدديري‪ ،‬باعتبددار هددذا النددوع مددن‬
‫التكوين تثل اللبنة األوىل والعلت املرجعي ملقترب املنا انت العمومي‪.‬‬
‫يف احلقيقة‪ ،‬إن تكوين التسيري يف اجلزائر يعتدرب ظداهرة جديددة‪ ،‬خاصدة مد ا تكدار الدولدة جملدال‬
‫التكوين واالستشارة بشكل موسد وشدامل يف احلقبدة السدابقة‪ .‬إن هدذا اإلطدار ال تكدن لدس أن يعطدي نتدائك‬
‫ملموسددة‪ ،‬خاصددة م د الدددروف الدديت كانددت تعمددل يف إطارهددا م سسددات التكددوين‪ ،‬مبددا أهنددا كانددت حتددت‬
‫وصددايات عتلفددة‪ ،‬متند أيددة اولددة لتو يددد السياسددة الوطنيددة للتكددوين يف ددال التسدديري‪ .‬إال أن دخددول‬
‫اجلزائر سياسة اإلصال ات‪ ،‬خاصدة بعدد اعتنداا هندك اقتصداد السدوا‪ ،‬فدهن أمهيدة كدبرية أعطيدت هلدذا‬
‫اجملال‪ ،‬من أجل رف القدرات التسيريية للمسريين‪ ،‬وهذا يبدو لنا من خالل إنشا شدهادة الليسدانا يف‬
‫علددوم التسدديري ‪ ،)47‬وفددت اجملددال للدراسددات العليددا يف هددذا اجملددال‪ .‬كددذل فددت اجملددال للتعدداون الدددويل و‬
‫القطاع اخلاص‪.‬‬
‫إذن وبعدد هددذه النددرة اخلاطفددة للمندومدة التكوينيددة يف التسدديري ‪ ،‬مد ثبددوت بعدض الددتفطن ألمهيددة‬
‫هذا التكوين يف املدة األخرية‪ ،‬جيب أن نتسا ل دول داوالت اجلزائدر إلدخدال املنا اندت العمدومي يف‬
‫هياكددل م سسددات التكددوين الوطنيددة‪ ،‬مددا هددو موقد اجلزائددر مددن إدخددال مقتددرب املنا انددت العمددومي يف‬
‫املندومة التكوينية للمسريين العموميل؟‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪55‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫ر ت أن اإلجابة عل هدذا التسداؤل قدد متدت اإلجابدة عليهدا يف الصدفحات السدابقة‪ ،‬وهدي أن اجلزائدر‬
‫قد قامت بترقية مقترب اإلدارة العامة األورو عن طريق تنمية العلوم السياسدية واالقتصدادية والقانونيدة‬
‫وهددي العلددوم املرجعيددة هلددذا املقتددرب‪ ،‬وكددذل مددن خددالل هيمنددة وا تكددار املدرسددة الوطنيددة لددإلدارة علددى‬
‫تك ددوين املس ددريين العم ددوميل إىل جان ددب مراك ددز التك ددوين اإلداري س ددابقا‪ .‬إال أن دخ ددول اجلزائ ددر مر ل ددة‬
‫اإلصال ات وتفتحها على العا وعلى كافة التحركات الدولية يف هذا اجملال‪ ،‬فقد دف ذلد إىل الدتفكري‬
‫يف اولددة إدخددال التكددوين يف املنا انددت العمددومي مددن خددالل إنشددا م سسددة ددتص يف ذل د و تعتمددد‬
‫اعتمددادا كليددا علددى املقتددرب الشددمال أمريكددي إلدارة األعمددال‪ ،‬حبكددت أن أي تقدددم لددإلدارة العموميددة ءددو‬
‫عقالنيددة تسدديريية بعيدددة عددن العقالنيددة التقليديددة يوجددب اتبدداع مقتددرب إدارة األعمددال يف تكددوين املسددريين‬
‫العموميل ‪.)48‬‬
‫وهلددذا‪ ،‬فقددد عرفددت اجلزائددر إنشددا املدرسددة الوطنيددة العليددا لددإلدارة والتسدديري ‪ .)49‬إن إنشددا هددذه‬
‫املدرسددة يعتددرب مر لددة ا ددة وخطددوة جبددارة يف تددارين إدخددال املنا انددت العمددومي يف تكددوين املسددريين‬
‫العمددوميل يف اجلزائددر‪ ،‬يددث أهنددا جتربددة إصددال ية يف سددبيل ترقيددة مقتددرب املنا انددت العمددومي يف‬
‫اجلزائر ورف الة اال تكار اليت كانت متارسها املدرسة الوطنية لإلدارة على تكوين املسريين العمدوميل‬
‫حتت راية مقترب اإلدارة العامة األورو ‪.‬‬
‫ترا‪ ،‬ماذا عن هذه املدرسة؟ وكي استطاعت أن رج من يز املقترب التقليدي لإلدارة العامة؟‬
‫إن املدرسددة الوطنيددة العليددا لددإلدارة والتسدديري هتدددف أساسددا إىل ضددمان التكددوين والتفهيددل وحتسددل‬
‫املستوا وجتديده لألشخاص الذين يشغلون مراكز التدريا أو املرشحل هلدا‪ ،‬ويقومدون بفعمدال الدراسدة‬
‫والبحث واالستشارة يف إدارة األعمال لفائدة امل سسات واإلدارات واملنشدتت العموميدة‪ ،‬وكدذل امل سسدات‬
‫االقتصادية املختلفة‪.‬‬
‫والغرض من الفترات الدراسية الطويلة املددا للمدرسدة هدو تدوفري املزيدد مدن التكدوين املهد للعمدال‬
‫املباش ددرين ملناص ددبهت و دداملي ش ددهادات التعل دديت الع ددايل املرش ددحل لش ددغل مناص ددب املسدد ولية يف مي دددان‬
‫التخطيط والتنديت واإلدارة العامة ومراقبة التسيري‪ ،‬كما يترتب عن اختتام التكوين الطويل املدا تسدليت‬
‫دبل ددوم دول ددة يف التس دديري وإدارة األعم ددال‪ .‬كم ددا تك ددن للمدرس ددة أن تنس ددز ك ددل عملي ددة حب ددث أو دراس ددة أو‬
‫إرشادات ذات صلة باهتمامات اهليئة يف ال تقنيات وطرا اإلدارة والتخطيط والتنديت واملراقبة‪.‬‬
‫من خالل هذا العرض اخلاص باملدرسة الوطنية العليا لدإلدارة والتسديري يتدبل لندا أن هدذه املدرسدة‬
‫تقوم بتطوير وترقية للمقترب الشمال أمريكدي إلدارة األعمدال‪ ،‬وأن ا تكدار املدرسدة الوطنيدة لدإلدارة عدن‬
‫تعدد قائمدة‪ ،‬فامل سسدات واإلدارات واهليئدات العامدة أصدبحت‬ ‫طريق مقتر هبدا لدإلدارة العامدة األورو‬
‫اآلن تتلقى مسريين عموميل تلقوا تكوينا من نعدو لخدر‪ ،‬تكدوين قدائت أساسدا علدى مدن وتزويدد املسدريين‬
‫العموميل بتقنيات ومناهك تسيريية تساعدهت على تسيري مندماهتت بطريقة فعالة وكففة ‪.)50‬‬
‫لك ددن الش ددي احمل ددري‪ ،‬ه ددو أن ددس بع ددد ش ددروع ه ددذه املدرس ددة يف دوراهت ددا التكويني ددة‪ ،‬وتزوي ددد اإلدارات‬
‫وامل سسات العمومية حباملي دبلومات التسيري وإدارة األعمال‪ ،‬ىت ع ل هدذه املدرسدة وهدي تدتمكن‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪56‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫بعددد مددن ددريك الدفعددة الثانيددة ‪ .)51‬وهبددذا ترج د هيمنددة املقتددرب األورو وا تكددار املدرسددة الوطنيددة‬
‫لإلدارة من جهة‪ ،‬وعلوم االقتصاد والسياسة والقانون على تكوين الرصيد املعريف للمقتدرب اجلزائدري يف‬
‫تكوين املسريين العموميل‪ ،‬وهتميش مقترب املنا انت العمومي وإدارة األعمال متاما‪.‬‬
‫‪ .3‬البيئة اإلدارية العامة‬
‫تبقدى البيئدة اإلداريدة‪ ،‬وفدق املنددورات الندميدة‪ ،‬أهدت عامدل تكدن أن يد ثر يف عرجدات وندواتك التسديري‬
‫العمومي‪ ،‬إال أن حتليل البيئة اإلدارية العامة للتسيري العمومي يف اجلزائر يثبت وجود عوامدل بيئيدة كدثرية‬
‫هي أقوا يف الب األ يان من مساعي التغيري اليت قد تتبناها العوامل الداخلية للتسيري العمومي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حتليل البيئة اإلدارية اجلزائرية‬
‫إن ندرة أكثر مشولية وكاملة للتسيري العمدومي تكدن أن تكدون عدامال مطدورا للمنا اندت العمدومي‪ ،‬فدال‬
‫تكن فقط الندر إىل التسيري العمومي من النا ية األيديولوجية أو القانونية أو دىت البشدرية‪ ،‬بدل جيدب‬
‫الندر إليس بندرة أكثر توسعا‪ ،‬وذل عدن طريدق إصدالح وتطهدري احملديط اإلداري بتحديدد القديت احملبدذة‬
‫من طرف التسيري وتقييت تفاعلها م تطبيق التقنيات التسديريية احلديثدة‪ ،‬وحتديدد أسدباب املقاومدة ممدا‬
‫يد دي إىل إدمدداج القدديت التقليديددة املناقضددة للقدديت التسدديريية احلديثددة‪ .‬واهلدددف مددن كددل هددذا هددو ترسددين‬
‫شددبكة للقدديت التقليديددة وتنميددة تقنيددات تنديميددة للتحفيددز مددن أجددل توجيددس القدديت الفرديددة واجلماعيددة ءددو‬
‫أه ددداف ذات كف ددا ة عالي ددة‪ ،‬وعلي ددس جي ددب البح ددث ع ددن ن ددوع م ددن الت ددواحن ب ددل الق دديت الفردي ددة والق دديت‬
‫اجلماعية ‪.)52‬‬
‫وعند ديثنا عن البيئة اإلدارية يف اجلزائر فهن القليل من الدراسات االجتماعية اليت تناولدت أبعداد‬
‫هذه البيئة‪ ،‬و اولت تفسري سلوك املسري العمومي اجلزائدري‪ ،‬وحتديدد موعدة القديت االجتماعيدة الديت‬
‫حتدددد شددبكة القدديت املهيمنددة علددى تسدديري اإلدارات العموميددة يف اجلزائددر‪ .‬إال أن هددذه الدراسددات تكددن أن‬
‫تكون لنا كاعترافات للبا ثل اجلزائريل بفمهية النسق القيمدي يف إطدار النسدق التسديريي العدام لدإلدارة‬
‫العامة أمام ندرة الدراسات اليت تناولدت التسديري العمدومي‪ ،‬والديت تنددر إليدس بصدورة كاملدة وشداملة‪،‬‬
‫وإمنددا ندددرت إليددس علددى أسدداا تنددديت املندمددات العامددة وإطارهددا القددانوا و هتددتت أساسددا بتددفثر البيئددة‬
‫اإلداريددة يف تكددوين منا انددت عمددومي كامددل‪ .‬إال أننددا يف هددذا الصدددد‪ ،‬سددنحاول أن نندددر إىل التسدديري‬
‫العمومي يف اجلزائر‪ ،‬بندرة شاملة‪ ،‬وءاول تفكي احمليط اإلداري‪ ،‬وحتديد موعدة القديت املسديطرة‬
‫على تسيري اإلدارة العامة‪ ،‬وموق هذه القيت من القيت التسيريبة احلديثة‪.‬‬
‫إن البحدث يف مكوندات األحمدة والوقددوف علدى األسدباب اخلفيدة‪ ،‬يتطلددب وضد املفهدوم املناسدب الددذي‬
‫يلخدص لنددا هددذه احلالددة ويعطددي لنددا صددورة ولدو بسدديطة ددول مكونددات النسددق القيمددي للتسدديري العمددومي يف‬
‫اجلزائر‪ ،‬فهىل جانب ياب دولدة القدانون‪ ،‬ونقدص روح املسد ولية‪ ،‬وعددم شدفافية قواعدد تسديري املدوارد‪،‬‬
‫كما ي كد ذل ‪)53 Mamadou Dia‬ن إال أننا سوف نركز حتليلنا على مدتغريين أساسدل والدذين حيدددان‬
‫أبعاد البيئة االدارية يف اجلزائر ومها مفهومي‪ :‬السلطتية‪ ،‬والزبونية‪.‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪57‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫سنحاول حتديد مفهوم السلطتية أوال وحتليلس ىت تكن الوقوف على احملتوا الذي نريدد أن نعطيدس‬
‫للنسق القيمي للتسيري العمومي يف اجلزائر‪ ،‬ونستهل حتليلندا هدذا بدبعض الدراسدات السوسديولوجية الديت‬
‫تفخددذ اإلدارة واملندمددات العامددة يف اجلزائددر ميدددانا ألحباثهددا‪ ،‬لتحليددل األحمددة االجتماعيددة فيهددا‪ ،‬فتقددوم‬
‫بدراسددة القرابددة‪ ،‬أي العالقددات االجتماعيددة املبنيددة علددى أسدداا التددرابط الدددموي واجلهددوي كموضددوع هلددا‬
‫باعتبارها عامال سلبيا ي ثر على السري احلسدن والعقدالا فيهدا‪ ،‬إن تكدن سدببا يف أحمتدها علدى اعتبدار‬
‫أن هددذه العالقددات مددن مقومددات تم د الباديددة والدديت تتع دارض متامددا م د املقومددات واملمارسددات والقدديت‬
‫التسيريية املتطورة‪ .‬وكل ما تقدمس لنا هذه الدراسات للربهندة علدى هدذه الدداهرة موعدة مدن اجلدداول‬
‫اإل صائية اليت تقرن وجود عالقات قرابة يف امل سسات اإلدارية ل الدراسة بوجود أحمدة مدا فيهدا‪ ،‬أي‬
‫يقومون بالربط بل املتغريين بط ريقة ري علميدة‪ ،‬يدث أهندت يبيندوا لندا كيفيدة التفاعدل بدل املدتغريين‬
‫والترابط السبيب والتالحمي بينهما‪ ،‬إذ يقومون به صا تكرارت االت القرابة وربطها باألحمدة‪ ،‬وبدذل‬
‫يقعون يف خطف فادح تعلهت روح التضامن والتعاون والتماس ‪ ،‬وما يترتب عنها من عالقات وممارسدات‬
‫اجتماعية هي سبب تقهقر وتفحم الة اإلدارة اجلزائرية‪ .‬ري أن كل علمدا االجتمداع وبددون اسدتثنا مدن‬
‫بينهت ابن خلدون و دوركامي يرون يف تل الروح وما ينتك عنها من أفعدال وممارسدات هدي أسداا الصدحة‬
‫والقوة يف أي تم سوا كدان قددتا أم دديثا‪ ،‬فبالنسدبة البدن خلددون مدثال يدرا أن العصدبية كدداهرة‬
‫ثقافيددة تسددود يف تمعددات املغددرب العددر تعتددرب كعامددل ديندداميكي ددرك وموجددس لسددلوكيات األفددراد يف‬
‫اجملتمد ‪ ،‬وأسدداا السددلطة واحلكددت فيددس‪ ،‬بددل هددذه األخددرية تضددع بضددعفها وتقددوا بقوهتددا‪ ،‬ففددي مر لددة‬
‫القددوة يكددون الفددرد مسددخر خلدمددة اجلماعددة ولدديا لددس كيددان اجتمدداعي أو ثقددايف إال ضددمن اجلماعددة ومددن‬
‫خالهلا‪ ،‬فطمو اتس وأهدافس ومشداريعس مدا هدي إال مشداري وأهدداف وطمدوح اعدة انتمائدس‪ ،‬وعلدى هدذا‬
‫األساا يتدبل لندا أن القرابدة يف دد ذاهتدا ال تكدن أن تكدون عامدل قدوة ومتاسد ويف نفدا الوقدت عامدل‬
‫ضع وتقهقر ‪.)54‬‬
‫مددن جهددة أخددرا‪ ،‬فددهن اإلنسددان العددامي يرجد العامددل الددذي يددتحكت يف هددذه املمارسددات السددلبية إىل‬
‫البريوقراطية‪ ،‬فهذا املفهوم بالنسبة لس يعرب عن خربتس م واق اجتماعي وتنديمي ري صحي‪ ،‬إذ يعدرب‬
‫لديس عن الة من الفوضى والتذمر الذي تسود تنديما مدا يف عالقتدس معدس‪ ،‬لكدن االسدتعمال العلمدي هلدذا‬
‫املفهوم يتناقص متاما م االستعمال العامي لس‪ .‬فاألستاذ ماكا فيرب الذي يعتدرب مدن أكثدر املسدامهل يف‬
‫إدخددال هددذا املفهددوم للغددة السوسدديولوجية ويعددرب عددن الددة قصددوا مددن التطددور والتقدددم الدديت يرقددي إليهددا‬
‫تم ما يف العصر احلديث‪ ،‬يث تصب السيادة والتحكت للقواعد القانونيدة اجملدردة و دري املشخصدة‪.‬‬
‫فبالنسبة إىل ماكا فيرب إذن أن البريوقراطية هي الة صحية تسدود فيهدا القدوانل ويتسدس فيهدا األفدراد‬
‫إىل خدمة الغاية اليت وجدوا من أجلها يف هذا التنديت‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬يتبل لنا من واق امل سسات اإلدارية يف اجلزائر وممارسات عماهلا االجتماعية أن أفعداهلت ال‬
‫تتت بداف العصبية‪ ،‬وال بداف البريوقراطية مبفهوميها العامي أو العلمي كمدا بيندا لنفدا‪ ،‬بدل بدداف عامدل‬
‫لخر‪ ،‬وهو ما نصطل عليس إجرائيا بالسلطتية‪ ،‬فما هو إذن احملتوا اإلصطال ي هلذا املفهوم؟‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪58‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫إن السددلطتية تعددرب عددن واق د متقهقددر ومتدددهور يفقددد فيهددا التنددديت أدد شددروك اسددتمراره وأدائددس‬
‫لوظائفددس الدديت أنشددف مددن أجلددها لغيدداب أدد عوامددل االنسددسام والتضددامن والتعدداون بددل األفددراد مددن أجددل‬
‫خدمة األهداف اليت وجد من أجلها التنديت‪ .‬ألنس يف وجود السلطتية م شر على انتقدال وعدي األفدراد مدن‬
‫مستوا أنا التنديت إىل مستوا أنا الفرد‪ ،‬فالسلطتية هي عبادة لألنا الفردي والقدوة احملركدة لدس‪ ،‬حبيدث‬
‫يصب الفرد ال يعي نفسس عضوا أو جز من الكل التنديمي‪ ،‬بل يعي نفسس مركزا هذا الكل أو علدى األقدل‬
‫يعمل على أن يكون مركز هذا الكل ‪.)55‬‬
‫مددن جهددة أخددرا‪ ،‬فددهن مفهددوم الزبونيددة‪ ،‬يعتددرب مددتغريا أساسدديا يف حتديددد معددا البيئددة اإلداريددة‬
‫اجلزائريددة‪ ،‬وهلددذا سددنحاول أن نقددوم بتحديددد اسددتعمالس يف سددياا هددذه الدراسددة وذل د ر ددت الصددعوبة‬
‫والغموض الذين يكتنفان هذا املفهوم لعدم تناولس بالدراسة والتحليدل مدن طدرف علمدا االجتمداع إال قليدل‬
‫من ددهت وال ددذين تعرض ددوا لدراس ددة اجملتمدد اجلزائ ددري وم سس دداتس‪ .‬إن م ددا نستش ددفس م ددن كتاب ددات ‪Pierre‬‬
‫‪ Bourdieu‬ول املقومات الثقافية للمستم اجلزائدري نسدتطي أن صلدص أن الزبونيدة كغريهدا مدن القديت‬
‫االجتماعيددة والثقافيددة األخددرا هلددذا اجملتم د والدديت تعمددل علددى جتسدديد وتكددريا روح التكافددل والتضددامن‬
‫االجتماعي فيس ب دون سابات اقتصدادية لددا أفدراده‪ ،‬فهدي قيمدة اجتماعيدة وثقافيدة تدتت بدداف الدروابط‬
‫الدموية واالجتماعية والثقافية خلدمة هدذه الدروابط والعمدل علدى اسدتمرارها فوجودهدا يف اجملتمد كقيمدة‬
‫اجتماعيددة عاديددة جتعددل مددن األفددراد فيددس يسددخروا خلدمددة بعضددهت الددبعض‪ ،‬والعمددل علددى حتقيددق مصددلحة‬
‫بع ضهت البعض شي مقدا وضدروري خيددم منطدق القديت واملعدايري االجتماعيدة األخدرا كداجلود والكدرم‬
‫والشهامة‪ ،‬ففي هذه احلالة وبالنسبة هلدذا اجملتمد احمللدي أن االمتثدال هلدذه القيمدة مدا هدو إال تعدبري عدن‬
‫االندماج والتماس االجتماعي بل األفراد ‪.)56‬‬
‫ويعرفها ‪ Bruno Etienne‬على أهنا منط وشكل لعالقة تدربط بدل األشدخاص واجملتمعدات أو بدل فدرد‬
‫و موعة كاملة تقوم على أساا الوساطة أو أهندا لليدة جملتمد يقدوم علدى أسداا الواسدطة ‪ .)57‬لكدن إذا‬
‫ندرنددا إىل املفدداهيت العلميددة الدديت أعطيددت ملفهددوم الزبونيددة‪ ،‬فههنددا بعيدددة كددل البعددد عددن مفهددوم الزبونيددة‬
‫كقيمددة اجتماعيددة للمستمد احمللددي‪ ،‬ألن اجلددود والكددرم والشددهامة والتكافددل االجتمدداعي و ريهددا مددن القدديت‬
‫األخالقية األخرا تصدب قيمدا ال معد هلدا يف دال امل سسدات واملندمدات اإلداريدة احلديثدة‪ ،‬فالزبونيدة‬
‫كقيمددة ثقافيددة واجتماعيددة تكددرا الواسددطة بددداف دمددوي أو ثقددايف أو اجتمدداعي وتددتت يف ددال م سسددات‬
‫ومندمدات اجملتمد احلددديث تتنداقض متامدا وروح العقالنيددة التسديريية احلديثدة والدديت ال قيمدة فيهدا إال ملددا‬
‫يتت بداف حتقيق أهداف التنديت بطريقة فعالة وكففة وفق القيت التسيريية احلديثة‪.‬‬
‫من جهة أخرا‪ ،‬يستعملها ‪ Bruno Etienne‬على أسداا أهندا لليدة تسدتعمل مدن طدرف السدلطة لددمك‬
‫موعددة هامشددية أو يطيددة والدديت هلددا نسددقها اخلدداص مددن القدديت‪ ،‬ولددذا فالزبونيددة تسددتعمل مددن طددرف‬
‫النخبدة السياسدية الديت تسديطر علدى الدولدة أو األمدة مدن أجدل فدرض نسدقها اخلداص مدن القديت ولتددعيت‬
‫سلطتها ‪ .)58‬وعليس فالزبونيدة يف هدذه احلالدة تنتقدل مدن وسديلة للمحافددة واسدتمرار قديت اجملتمد احمللدي‬
‫إىل وسيلة سياسية من أجل القضا علدى هدذه القديت وإ دالل قديت أخدرا ديثدة لدها وذلد عدن طريدق‬
‫الواسطة أو الوسدطا الدذين ينتمدون إىل احملديط مدن جهدة وحيومدون دول املركدز مدن جهدة أخدرا‪ ،‬يدث‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪59‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫ي كددد ‪ Bruno Etienne‬أن الوسددطا الددذين حيومددون ددول الدولددة يعملددون علددى تسدديري اجلهدداح أو الندددام‬
‫بواسددطة الزبونيددة واملمارسددات األخددرا املترتبددة عنددها والدديت تعمددل علددى تنميددة وتطددوير لليددات االندددماج‬
‫السياسي للقيت املهدمة للقيت السابقة ‪.)59‬‬
‫إذن‪ ،‬مدن خدالل حتليلنددا ملعدا النسدق القيمددي الدذي يهديمن علددى تسديري اإلدارة اجلزائريدة‪ ،‬وحيدددد‬
‫جوانب البيئة اإلدارية اجلز ائريدة‪ ،‬واملتمثلدة أساسدا يف مفهدومي السدلطتية الديت تعد لبدة وهيمندة القديت‬
‫الفردية مقابل القيت اجلماعية‪ ،‬و الزبونيدة والديت تعد مدن جهتدها هيمندة القديت التقليديدة وقديت اجملتمد‬
‫احمللي مقابل القيت احلديثة‪ ،‬فما هو تفثري هذه البيئة اإلدارية احلالية على التسديري العمدومي؟ هدل تكدن‬
‫أن تساعد على وجود منا انت عمومي كامل؟ وما هو موق هذا األخري من هذه القيت؟‬
‫ثانيا‪ :‬تأثري البيئة اإلدارية احلالية على املنامجانت العمومي‬
‫إذن‪ ،‬ويف ظل هذه اهليمنة للقيت الفردية على ساب القيت اجلماعية من جهدة والقديت التقليديدة املوروثدة‬
‫على ساب القيت التسيريية احلديثة من جهة أخرا‪ ،‬فهنس ال وجود ألي تواحن بدل موعدة هدذه القديت‪،‬‬
‫كددل قيمددة مبددا يكافئهددا‪ ،‬وعليددس فلددن حيصددل بددفي ددال مددن األ ددوال أي انسددسام ألي تطبيددق للمندداهك‬
‫واألساليب التسيريية والقيت التسيريية احلديثة‪ ،‬و منس ياب ألية انعكاسات تسيريية إجيابية‪.‬‬
‫يث أن هيمنة القيت الفردية على ساب القيت اجلماعية‪ ،‬أو ما اصدطلحنا عليدس مبفهدوم السدلطتية‬
‫ال تنفددي التددرابط االجتمدداعي‪ ،‬لكنددها تنفددي أن يكددون هددذا التددرابط خلدمددة الغددرض الددذي وجددد مددن أجلددس‬
‫أساسا‪ ،‬فيستخدم ينها من أجل حتقيق مصلحة الدذات أو الايتدها‪ ،‬فهدو اسدتعمال نفعدي مصدلحي ذاف‬
‫وعلى هذا فهن السلطتية إذا تعارضت مصلحة الفرد م مصلحة انتمائية سوا كانت هذه اجلماعة مهنيدة‬
‫أو ثقافية أو سياسية‪ ،‬إىل درجدة ال يسدتطي فيهدا التوفيدق بدل املصدلحتل فهندس يضدحي مبصدلحة اعتدس‬
‫وتالالس معهت سوا بصورة صرحية أو بصورة ري مباشرة‪.‬‬
‫إن السددلطتية كذهنيددة تشددكلت وتطددورت م د تطددور امل سسددات اإلداريددة اجلزائريددة‪ ،‬وهلددذا فسددلوكيات‬
‫أعضائها تكون متراو ة بل مقومات السلطتية ومقومات اجملتمد احمللدي‪ ،‬ولكندس مهمدا يكدن مدن أمدر فدهن‬
‫سددلوكياهتت تكددون علددى سدداب القدديت واملقومددات التسدديريية احلديثددة الدديت تقضددي التضددحية بكددل مددا هددو‬
‫مصددلحي نفعددي ذاف مددن أجددل مددا هددو دداعي مسددتقبلي‪ ،‬هددذا ددىت ال يصددب التنددديت وسدديطا مددن أجددل‬
‫حتقيق ايات األفراد املتواجدين فيس‪ ،‬بل من أجل حتقيق الغاية اليت شكل من أجلها أو الديت كاندت سدببا‬
‫يف وجوده‪ .‬إذا كان كيان أي تنديت يتوق على وجود الثالثة مباد التالية وهي ‪:)60‬‬
‫‪ – 1‬اهلويدة‪ :‬اليت البد أن تكون متساوحة هلوية األفراد املشكلة لس‪.‬‬
‫‪ – 2‬املعارضة‪ :‬اليت جيب أن تكون فيس منطلقة من كيان التنديت ومتسداوحة حلددوده ال مدن كيدان األفدراد‬
‫املشكلة لس‪.‬‬
‫‪ – 3‬الشمولية‪ :‬اليت ال بد أن تكون هدي القيمدة املو ددة واملوجهدة جملموعدة التندديت ككدل متكامدل متسداند‬
‫يتساوح قيقة األفراد املشكلة لس‪.‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪60‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫يف إطار التنديت الذي تسود فيس السدلطتية تكدون هدذه املبداد الثالثدة كلدها متطابقدة ال تتسداوح أي وا ددة‬
‫منددها وبددفي ددال مددن األ ددوال دددود الددذات الفرديددة وأفعاهلددا الدديت تعمددل إال علددى حتقيددق السددلطة الذاتيددة‬
‫و ينها يفقد ندام التنديت فتغيب عنس الشروك اجلوهرية والطوعية الستمراره‪.‬‬
‫أمددا إذا انتقلن ددا إىل النقط ددة الثاني ددة احملددددة ملع ددا البيئ ددة اإلداري ددة اجلزائريددة وه ددي هيمن ددة الق دديت‬
‫التقليدية على ساب القديت التسديريية احلديثدة‪ ،‬فهندس تكدن القدول أن التندديت العقدالا احلدديث هدفدس‬
‫مددن اسددتعمال الزبونيددة عقلنددة احملدديط والوصددول إىل ددرا املبدداد الثقافيددة احلديثددة النابعددة مددن القدديت‬
‫التسيريية‪ ،‬لكن يف املقابل فهننا نال أن هاجا املركز ووسطائس من اجل تكريا سدلطتس علدى اجملتمد‬
‫بشددىت الوسددائل ددىت لددو كانددت هددذه الوسددائل متناقضددة م د مبدداد التسدديري وقيمددس‪ ،‬جعلددس يق د يف عدددة‬
‫تناقضات من ضمنها التناقض بل متطلبدات التسديري ومتطلبدات تكدريا السدلطة الذاتيدة‪ ،‬فهدذا الصدراع‬
‫أو التناقض لو ست على مستوا املمارسات االجتماعية والسياسدية واالقتصدادية لصداة القديت التسديريية‬
‫كهدف‪ ،‬لتعقلنت الوسائل واحمليط‪ ،‬لكن املعطيات امليدانية ت كد أن احلست كان لصاة متطلبات تكدريا‬
‫السلطة الذاتية‪ ،‬وبال تايل انتقلدت الزبونيدة والقديت التقليديدة املوروثدة ومدا يترتدب عندها مدن ممارسدات مدن‬
‫خدمة سلطة التنديت إىل خدمة سدلطة األفدراد ومصداحلهت‪ .‬تعدد الزبونيدة وسديلة خلدمدة قديت اجملتمد‬
‫احمللي‪ ،‬وال لتكريا العقالنيدة‪ ،‬وبدذل فوجدود الزبونيدة مقدرون بغيداب العقلندة وبوجدود السدلطتية كعالقدة‬
‫اجتماعية بل األفراد‪.‬‬
‫إن الزبونيدة هددي عالقددة اجتماعيدة يف شددكل تبددادل سدلعي خددذ وهددات يف سدوا التنددديت احلددديث وعلددى‬
‫سابس‪ ،‬فهي وسيلة أو طريقة ليست لتنمية وخدمة اهلدف الذي وجد مدن أجلدس هدذا التندديت بدل خلدمدة‬
‫وتنمية وتوسي هامش املناورة لألفراد فيدس‪ ،‬ور دت أن السدلطتية هدي القدوة احملركدة للعالقدات االجتماعيدة‬
‫لتنددديت مددا‪ ،‬فددهن الزبونيددة متددن للسددلطتية إمكانيددة وجودهددا واسددتمرارها وتنميتددها‪ ،‬فالعالقددة بينددهما هددي‬
‫عالقة تالحم حبيث يشكالن معا نداما ديالكتيكيا ديناميكيا ‪.)61‬‬
‫إن اهلدف هو ترسين شبكة للقيت التقليديدة وتنميدة تقنيدات تنديميدة للتحفيدز مدن أجدل توجيدس القديت‬
‫الفردية واجلماعية ءدو أهدداف ذات كفدا ة عاليدة‪ ،‬وعليدس جيدب البحدث عدن ندوع مدن التدواحن بدل القديت‬
‫الفردية والقديت اجلماعيدة‪ ،‬بدل التنافسدية والتضدامن‪ .‬إن التدواحن بدل القديت التقليديدة والقديت احلديثدة‪،‬‬
‫وكددذل إدمدداج قدديت تقليديددة وتقنيددة تكددن أن يكونددا عدداملل لخددرين يف تطددوير املنا انددت العمددومي‪ ،‬عددن‬
‫طريددق تقلدديص املسددافة بددل الثقافددة التنديميددة احلاليددة وهددي ثقافددة إداريددة أكثددر وموروثددة أكثددر والثقافددة‬
‫التسيريية احلديثة‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬إن املندم ددات العام ددة تك ددن هل ددا أن تتلق ددى بس ددهولة اللغ ددة التس دديريية‪ ،‬وتس ددتخدم العدي ددد م ددن‬
‫التقنيات واملناهك‪ ،‬و لكن من الصعب هلا إ داث االنعكاسدات التسديريية والديت هدي يف املرتبدة نفسدها مد‬
‫املباد والقيت املميزة واحملبذة من طرف التسيري‪ .‬إن البحث عن االنسدسام والتوافدق بدل املنداهك والقديت‬
‫املمتاحة واحملبذة يدهر على أنس األرضية لترسين و را منا انت كامل يف اإلدارات العمومية ‪.)62‬‬
‫إن جال وظهور معا البيئة اإلدارية الديت تسديطر علدى التسديري العمدومي يف اجلزائدر‪ ،‬هدذه املعدا‬
‫ال دديت تع ددود يف معدمه ددا إىل العام ددل األخالق ددي والقيم ددي‪ ،‬ال ددذي حي دددد ثقاف ددة تنديمي ددة منافي ددة للمب دداد‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1:‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪61‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫التسيريية احلديثة‪ ،‬ال جيب أن ي دي بنا إىل إمهدال البيئدة اإلداريدة يف مفهومهدا الشدامل الديت ت كدد علدى‬
‫أن الدولة وإدارهتا جيب أن يعترب كسز إلطار عام وشامل للتسيري العمدومي‪ ،‬توجدد بداخلدس قديت وقواعدد‬
‫وتقنيات ذات طاب اقتصادي وإداري‪.‬‬
‫إن نددام احلكددت جيدب أن يهددتت بكدل مسددتويات التسديري العمددومي‪ ،‬وأن أي إصدالح لددإلدارة العموميددة‬
‫جيب أن يتفطن إىل‪:‬‬
‫‪ .1‬تقوية التنديت السياسي والقدرة امل سساتية اجلهاح التشريعي‪ ،‬التنفيذي‪ ،‬القضائي)‪.‬‬
‫‪ .2‬تقوية األخالقية الربملانية واحلكومية والقدرات التسيريية داخل الو دات احلكومية‪.‬‬
‫‪ .3‬تقوية قدرات تسيري اإلدارات العمومية ‪.)63‬‬
‫إن البحث عن منا انت عمومي كامل ال تكن أن يتت إال يف دود دولة القانون واحلكدت الراشدد‪ ،‬ودولدة‬
‫الق ددانون تش ددري إىل الش ددروك االجتماعي ددة والسياس ددية لدول ددة م ددا‪ ،‬أي ددن تك ددون ق ددوا اإلنس ددان وأس ددا‬
‫الدتقراطيددة م سسددة ددول الفصددل بددل السددلطات التنفيذيددة والتشددريعية والقضددائية‪ ،‬وأيددن تكددون هددذه‬
‫احلقوا واألسا ترمة بصورة دائمة‪ ،‬وذل ألنس بدون ريدة املعارضدة وبددون إبدداع ال تكدن التطدور‪،‬‬
‫إهنما مدهر أساسي من مداهر املنا انت العمومي‪ .‬أما ثصوص احلكت الراشد‪ ،‬وبعد تقرب التسديري‬
‫العم ددومي م ددن مفه ددوم احلوكم ددة‪ ،‬وابتع دداده ع ددن مفه ددوم احلكوم ددة‪ ،‬ي ددث أن مفه ددوم احلوكم ددة يش ددري إىل‬
‫اخلارطة االجتماعية والسياسية اليت تنتك عن طريق جهود كل أطراف وأجدزا اجملتمد ‪ ،‬ومندس فاحلوكمدة‬
‫السياسية ال تكن النددر إليدس مدن جهدة رقابدة احلكومدة علدى بداقي اجملتمد ‪ ،‬ولكدن جيدب النددر إليدس مدن‬
‫جهة النتائك اليت حتصل من سلوكيات لفاعلل عتلفل ‪.)64‬‬

‫إن فكرة احلكت الراشد هنا جيب أن تُفهت مبعناها العملي أكثر مدن معناهدا اجملدرد‪ ،‬إهندا تشدري إىل‬
‫التسديري الشددفاف ملددوارد ووسددائل الدولددة‪ ،‬وذلد ألن أيددة طريقدة تسدديري مهمددا كانددت فعاليتددها ال تكددن هلددا‬
‫إعطددا نتددائك مقنعددة يف إطددار احلكددت السدديئ‪ ،‬بددل يف إطددار كددت راشددد وسددليت يفخددذ بعددل االعتبددار كددل‬
‫اجلوانب االقتصادية والسياسية واإلدارية‪.‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪62‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫خامتة‬
‫لقددد عددرف التسدديري العمددومي يف اجلزائددر تطددورات مهمددة منددذ االسددتقالل ددىت يومنددا هددذان ور ددت كددل‬
‫اإلصددال ات فددهن عوامددل ظهددور منا نددت عمددومي كامددل تدهددر بصددورة جليددة وكددل املعطيددات ت كددد لنددا‬
‫صحة هذه املقولة‪ ،‬وهذا ما جيرنا إىل التساؤل ول إشكالية التسيري العمومي يف اجلزائدرن هدذا األخدري‬
‫الذي ماحال حيتف ثصوصيات التسيري العمومي التقليدي بكل مدا حتملدس مدن عددم فعاليدة وعددم قددرة‬
‫على التفقلت م املعطيات اجلديدة‪.‬‬
‫لقدد أدزت إشدكالية التسدديري العمدومي الديت بطددت فيهدا معددت إدارات العددا إىل البحدث عدن كيفيددة‬
‫التسيري أكثر من حبثها عن مادة التسديرين ممدا أدا إىل تطدوير مفهدوم املنا ندت العمدومي الدذي عدرف‬
‫تط ددورا يف امل دددة األخ ددرية ء ددو تش ددكيل من ددوذج وس ددطي ب ددل التس دديري الع ددام والتسد ديري اخل دداص يف إط ددار‬
‫أيديولوجية التسيري العمومي اجلديدد الديت متثدل موعدة مدن اإلصدال ات اإلمربيقيدة الديت مسدت األطدر‬
‫األيديولوجية والتنديمية والبشدرية و دىت القيميدة للتسديري العمدومين هدذه اإلصدال ات متثدل إجابدة أوليدة‬
‫إلشكالية التسيري العامن مما ي دي بنا إىل القول أندس البدد للتسديري العمدومي يف اجلزائدر أن حيداول بقددر‬
‫اإلمكددان الددتخلص مددن خصوصدديات التسدديري العمددومي التقليديددة ءددو مفدداهيت أكثددر مالئمددة وجديددة‪ .‬إن‬
‫اعتماد مثل هذا االجتاه من شفنس أن يرف من القدرة التسيريية للمندمات العامة ويبعد مسفلة مشدروعية‬
‫القطاع العام وجيعل اإلدارة العامة يف خدمة املواطن وي دي باملندمات العامة إىل الفعالية والكفا ة‪.‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪63‬‬
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫اهلوامش واإلحاالت‪:‬‬

‫)‪(1‬‬
‫‪Jacques Chevallier, La gestion publique à l’heure de la banalisation, Revue Française de‬‬
‫‪Gestion, N° 115, Septembre-Octobre, Paris, 1997, p 27‬‬
‫)‪ (2‬مد الصغري بعلي‪ ،‬تنديت القطاع العام يف اجلزائر استقاللية امل سسات)‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1992 ،‬ص ‪47‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪Jacques Chevallier, op.cit, pp 27-31‬‬
‫)‪ (4‬مد ملل بو اح‪ ،‬املرفق العام يف اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1995 ،‬ص ص ‪28-27‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪Jan-Erik Lane, Will public management drive out public administration?, Asian Journal of‬‬
‫‪Public Administration, Vol.16, n°2, 1994, pp 139-151‬‬
‫)‪(6‬‬
‫‪Jacques Chevallier, op.cit, p 28‬‬
‫)‪(7‬‬
‫‪Annie Bartoli, Le management dans les organisations publiques, Dunod, Paris, 1997, p 38‬‬
‫)‪(8‬‬
‫– ‪C. Guyon, De la managerialisation du secteur public à un véritable métissage public‬‬
‫‪privé, Revue Française de Gestion, N° 115, Septembre–Octobre, 1997, pp 141-154‬‬
‫)‪ (9‬مد الصغري بعلي‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬ص ‪46‬‬
‫)‪ (10‬املادة ‪ 47‬من القانون ‪ 01-88‬املتعلق باستقاللية امل سسات‬
‫)‪(11‬‬
‫‪Christoph Reichard, Marketization of public services in Germany, International Public‬‬
‫‪Management Review, Vol.3, Issue 2, 2002, pp 63-65‬‬
‫)‪ (12‬أنددر املدادة ‪ 10‬مددن املرسدوم ‪ 01-88‬يددث هتددف امل سسددة العموميدة االقتصدادية أساسددا إىل حتقيدق تددراكت رأا املدال نتيسددة األربداح املاليددة‬
‫احملققة‪ ،‬وذل بالضغط على تكالي اإلنتاج املادة‪ )57‬وهو األمر الذي يصرح بس املرسوم رقت ‪ 177/73‬املتعلق بالو دة االقتصادية‪.‬‬

‫)‪(13‬‬
‫‪Christopher Hood, A public management for all seasons?, Public Administration,‬‬
‫‪Vol.69, n°1, 1991, pp 3-19‬‬

‫)‪ (14‬مد الصغري بعلي‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬ص ‪46‬‬


‫)‪ (15‬األمر رقت ‪ 76-75‬املتضمن العالقات الرئيسية بل امل سسة االشتراكية وسلطة الوصاية واإلدارات األخرا‪.‬‬
‫)‪ (16‬مصدباح مددد علددي‪ ،‬الرقابددة علددى امل سسدات االشددتراكية ذات الطدداب االقتصددادي‪ ،‬رسددالة ماجسدتري‪ ،‬معهددد احلقددوا والعلددوم اإلداريددة‪ ،‬جامعددة‬
‫قسنطينة‪1984 ،‬‬
‫‪ )17‬مد الصغري بعلي‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬ص ص ‪69-66‬‬
‫‪ )18‬املرسوم التنفيذي ‪ 07-90‬املتضمن إنشا مركز الدراسات يف اهلندسدة واخلدربة املاليدة املرسدوم التنفيدذي ‪ 345-90‬املتضدمن إنشدا مركدز‬
‫للبحث والتنمية يف اخلربة واالستشارة القانونية‬
‫)‪ (19‬القانون ‪ 01-88‬املادتل ‪52-51‬‬
‫)‪ (20‬مد ملل بو اح‪ ،‬نفا املرج السابق‪ ،‬ص ص ‪73-72‬‬
‫)‪ (21‬أندر‪:‬‬
‫‪ENA, numéro spécial : le renouveau du service public, Revue IDARA, 1992‬‬
‫)‪ (22‬مد ملل بو اح‪ ،‬نفا املرج السابق‪ ،‬ص ص ‪73-72‬‬
‫)‪(23‬‬
‫‪Ordonnance 95/06 relative à la concurrence; Ordonnance 95/25 relative à la gestion des‬‬
‫‪capitaux marchands de l'Etat‬‬
‫)‪(24‬‬
‫‪Abderrahmane Abdou, Les effets du P.A.S. sur le devenir de service public dans les‬‬
‫‪régions défavorisées; Les Cahiers du CREAD, N0 46, 1998, pp 09-26.‬‬
‫)‪(25‬‬
‫‪Ordonnance 95/22 relative à la privatisation des entreprises publiques économiques‬‬
‫)‪(26‬‬
‫‪M. Benosmane, Ajustement structurel et privatisation, Les Cahiers du CREAD, N° 46,‬‬
‫‪1998, pp 89-95‬‬
‫)‪(27‬‬
‫‪Xavier Greffe, Gestion publique, Dalloz, Paris, 2000, p 71‬‬
‫)‪(28‬‬
‫‪L. R. Jones and D.F. Kettl, Assessing public management reform in an international‬‬
‫‪context, International Public Management Review, Vol.4, Issue 1, 2003, pp 01-18‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪64‬‬
‫ إصالح أو إعادة اختراع؟‬:‫التسيري العمومي يف اجلزائر‬
‫ مراد بن سعيد‬.‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‬

(29)
Mohamed Cherif Belmihoub, Le management des politiques publiques: une approche
institutionnaliste: le cas de l’Algérie, Les Cahiers du CREAD, N° 45, 1998, p 6
(30)
Annie Bartoli, op.cit, p 61
(31)
Codes des marches publics, 2002
(32)
Mohamed Cherif Belmihoub, op.cit, p 9
78-71 ‫ ص ص‬،2001 ،‫ ديوان املطبوعات اجلامعيةن اجلزائر‬،‫ لرا واجتاهات‬،‫ اخلوصصة والتصحيحات اهليكلية‬،‫( ضيا يد املوسوي‬33)
(34)
M. Bale and T. Dale, Public sector reform in New Zealand and its relevance to
developing countries, The World Bank Research Observer, Vol.13, n°1, 1998, p 107
(35)
M. Bale and T. Dale, op.cit, pp 113-116
(36)
D. Gasper, Fashions, Learning and values in public management: reflections on south
Africa and international experience, Africa Development, Vol. 26, N°3 and 4, 2002, pp 33-
42
(37)
Ethier Gerard, Le management public, Ecole Nationale d'Administration Publique,
Québec, 1995, Disponible à:
www.enap.uquebec.ca/diadacthétique/productions/actes1/managementitre.html
(38)
Seddik Touati, La formation des cadres pour le développement, OPU, Alger, nouvelle
édition, non daté, p 28
(39)
Décret 64-155 portant création de l'école nationale d'administration
(40)
Décret 63-434 portant création des centres de formation administrative
(41)
Babikian Katching, De quelques priorités: Allocution sur le management public,
Libanaise Management Association, Liban, 1995, Disponible à:
www.enap.uquebec.ca/didacthèque/production/actes1/allocutiontitre.html
،1984 ،‫ األردن‬،‫ عمان‬،‫ أوضاعها الراهنة ولفاا املستقبلن املندمة العربية للتنمية اإلدارية‬،‫ م سسات التنمية اإلدارية العربية‬،‫أ‬.‫ح‬. ‫( الطيب‬42)
.24 ‫ص‬
(43)
Jean Pierre Nioche, L’ENA, est-elle adaptée au monde moderne ? Un monopole
illégitime, Le Figaro, Paris, 06 Octobre 1995
(44)
Jean-Pierre Helfer, Le MBA Nord-Américain: Un « produit » généralisable? Association
des Amis de l’école de Paris, Séminaire Gresup, Paris. 2001, pp 6et s Disponible à:
www.école.org/2/gr160101.pdf
(45)
Ethier Gérard, op.cit
(46)
INP management public, Présentation, Institut d’études politiques, Université Aix-
Marseille, France, Disponible à: www.perso.wanadoo.fr/iepaix/iup/iupmp.html
‫ يتضمن إنشا شهادة الليسانا يف علوم التسيري وتنديت الدراسة للحصول عليها‬56-98 ‫( املرسوم التنفيذي‬47)
(48)
Babikian Katching, op.cit
‫ يتضمن إنشا املدرسة العليا لإلدارة والتسيري‬239-90 ‫( املرسوم التنفيذي‬49)
(50)
Pierre De Celles, La formation au management public, Ecole Nationale d'Administration
Publique, Québec, disponible à:
www.enap.uquebec.ca/didacthèque/productions/quebec/textey.20decelles/decelles_sommaire.htm
‫ املتضمن ل املدرسة العليا لإلدارة والتسيري‬234-97 ‫( املرسوم التنفيذي‬51)
(52)
Abisolo Brigitte Lucie, Implantation du management public dans les organisations, le cas
du Cameroun, Institut Superieur de Management Public, Cameron, 1995, Disponible à:
www.enap.uquebec.ca/diadacthèque/pduxtions/actes1/implantatitre.html
(53)
Ibid.
‫ املركز اجلامعي‬،‫ لة العلوم االجتماعية واإلنسانية‬،‫ مقاربة سوسيولوجية لتحليل أحمة التنديت الصناعي يف اجلزائر‬،‫( بن عيسى مد املهدي‬54)
67‫ ص‬،1998 ،01‫ العدد‬،‫ورقلة‬
72‫ املرج نفسسن ص‬،‫( بن عيسى مد املهدي‬55)
(56)
Pierre Bourdieu, Sociologie d’Algérie, PUF, Paris, 1958, p 213
(57)
Bruno Etienne, L’Algérie, culture et révolution, Paris, Editions le Seuil, p 91
(58)
Ibid.

‫__جامعة األغواط‬2015 ‫_ جانفي‬1 :‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‬
65
‫التسيري العمومي يف اجلزائر‪ :‬إصالح أو إعادة اختراع؟‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬مراد بن سعيد‬

‫)‪(59‬‬
‫‪Bruno Etienne, op.cit, p 92‬‬
‫)‪ (60‬بن عيسى مد املهدي‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬ص ص‪72-71‬‬
‫)‪ (61‬بن عيسى مد املهدي‪ ،‬املرج السابق‪ ،‬ص‪74‬‬
‫)‪(62‬‬
‫‪Abisolo Brigitte Lucie, op.cit‬‬
‫)‪(63‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫)‪(64‬‬
‫‪Xavier Greffe, op.cit, p 11‬‬

‫دراسات _جملة دولية علمية حمكمة_ العدد االقتصادي_ العدد‪ _ 1 :‬جانفي ‪__2015‬جامعة األغواط‬
‫‪66‬‬

You might also like