Professional Documents
Culture Documents
موضوع الشعر الأندلسي للتعبير
موضوع الشعر الأندلسي للتعبير
سرعان ما تطّو رت أغراض الشعر لدى شعراء األندلس ،بعد أن تمّثلوا شعر المشرقّيين ،وحذوا حذوهم في
بدايات فتح العرب لتلك البالد ،وقد كان غرض الوصف أبرز تلك األغراض التي ازدهرت في الحقبة
.األندلسّية نتيجة النتشار مظاهر الترف والتوسع في بناء القصور والحدائق والمتنزهات
لقد تطّو ر غرض الوصف ،وال سّيما "وصف الطبيعة" تطّو ًر ا كبيًر ا على أيدي أولئك الشعراء ،متأّث رين
بجمال الطبيعة الساحرة في بالد األندلس؛ فوصفوا صفاء مائها ،وطيب هوائها ،واعتدالها واستوائها،
ووصفوا رياضها ،وطيب روائحها .وصفوا غدرانها وخصبها ،ووصفوا جّو ها وسماءها وكانت تلك الطبيعة
.الَغ ّن اء دافًع ا وراء تفجير طاقاتهم في تطوير ذلك الغرض الشعرّي
وقد سعى شعراء األندلس إلى التجديد في الشعر العربّي ،وكان وصف الطبيعة ،ووصف القصور ،ورثاء
المدن من أبرز األغراض الشعرّية التي اشتهرت في شعرهم ،إال أّن التجديد األبرز في الشعر األندلسّي
تمّث ل في فّن الموّش حات ،التي تكاد تكون بحّق أّو ل محاولة تجديدّية في الشعر العربّي تنحو نحو الكمال،
والموّش حة فّن شعرّي استحدثه شعراء األندلس رغبة في التجديد والخروج على قواعد التقليد الموسيقّي
(تقاليد الوزن والقافية) السائدين في الشعر التقليدّي ،وقد ُسِّمي موّش ًح ا ألناقته وتنميقه تشبيًها له بوشاح
.المرأة
وتقوم الموّش حة على جملة من الخصائص الفنّية ،أبرزها ما يّت صل بالبناء الشعرّي ؛ فقد تخّلت عن الشكل
العمودّي ذي الشطرين المتناظرين في القصيدة التقليدّية ،كما اعتمدت نمًط ا مخصوًص ا من التقفية ،واختارت
األوزان الخفيفة الراقصة ،ووضعت لكّل جزء من أجزاء الموّش ح اسًما مخصوًص ا مثل (المطلع -الدور-
الغصن -القفل -الخرجة ...إلى غير ذلك) ،وقد فّضل الشعراء استعمال اللغة المتداولة ،القريبة من الدارجة
في التشكيل الشعرّي للموّش حة ،ومن أمثلة ذلك موّش حة لسان الدين بن الخطيب الشهيرة التي يقول في بعض
:أجزائها
يا َز مــــــــــــــــــاَن الوْص ِل باألنَد ُلِس جاَد َك الغْي ُث إذا الغْي ُث َه مى
في الَك َر ى أو ِخلَس َة الُم ْخ َت ِلِس لْم يُك ْن وْص ــــــــــــــــــــــــــــــــــــُلَك إّال ُح ُلما
إْذ يقوُد الّدْه ُر أْش تاَت الُم َن ى
تْنُقُل الَخ ْط َو عَلى ما ُيْر َس ُم
ُز مـــًر ا بْي َن ُفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراَد ى وُثَن ى
مْث َلما يْد عو الوفوَد المْو ِس ُم
والَح يا قْد جّلَل الّر وَض َس نا
فُثغـــــــــــــــــــــــــــــــــوُر الّز ْه ِر فيِه تْبِس ُم
كْي َف يْر وي ماِلٌك عْن أنِس وَر َو ى الّن ْع ماُن عْن ماِء الّسما
لقد كان فّن التوشيح هو النموذج األبرز للتجديد في الشعر العربّي األندلسّي ،ومّث ل صورة حّية صادقة
.للنهضة الحضارّية الكبرى في الحقبة األندلسّية