Professional Documents
Culture Documents
الارض
الارض
إسرائيل» ( ،)1952خطة العمل املؤسسية األكثر شموال وملموسية التخطيط هو «الن�شاط الذي تتحول خالله م�سائل
في تاريخ احلركة الصهيونية ودولة إسرائيل. مطروحة على الأجندة ال�سيا�سية �إىل خطط .وهذه اخلطط
وقد كان خلطة شارون هذه ،ليس فقط التأثير األكبر على بناء على ذلك هي عمليات تغيري تتحول بوا�سطتها الأفكار
«صورة البالد» ،وإمنا أيضا كان لها دور مهم في بناء األساطير وامل�شكالت ال�سيا�سية �إىل �سيا�سة وخطوات �سيا�سية»
)(Healy, 1985:27
القومية وتكريسها عن االستيطان في املناطق احلدودية ،وإحياء
القفر ،والروح اجلماعية االستيطانية والسياسية ،وأسطورة «شعب ظهرت الصهيونية والتخطيط العصري في الفترة التاريخية
بال أرض ألرض بال شعب» ،وما شابه. نفسها استنادا إلى وجهات نظر متشابهة تكمن في العصرية
(احلداثة) ذاتها ،وفي الكولونيالية التي تشكل جزءا منها .وتنسب
رمبا يكون التخطيط اإلقليمي مجاال مسيس ًا لرسم السياسة
الكتابة النقدية ،التي ترى في الصهيونية حركة حداثية جتسدت
أكثر من املجاالت األخرى ،نظرا ألنه عالم مصغر للعالقات بني
كمشروع كولونيالي ،إلى الوثيقة املفصلة للمخطط الرئيس لدولة
الدولة واملجتمع ،وال سيما في إسرائيل التي تكتسب فيها السيطرة
إسرائيل ،الذي يعرف أيضا باسم «خطة شارون» (نسبة إلى آرييه
على احليز واألرض مغزى خاص ًا (.)Forman & Kedar 2003
شارون) ،دورا مهما في إنشاء جهاز «بناء األمة» الصهيونية.
ويشكل التخطيط اإلقليمي جنب ًا إلى جنب مع سياسة األراضي
ويفصل املخطط املعروض في كتاب «التخطيط املادي في
أداة مركزية في ضمان ملكية األراضي وتخصيصها ،وكذلك في
74
تشكيل احليز (يفتاحئيل وكيدار :2000ص .)73من جهة أخرى فإن
(*) بروفسور في تخطيط املدن في معهد «التخنيون» -حيفا
كان هناك مبدأ عصري آخر تمثل في التطلع إلى ضبط الفوضى وفرض النظام .وقد شكل هذا
المبدأ ،جنبا إلى جنب نظرية التطوير ،مبررًا لهدم مناطق كاملة صنفت على أنها مناطق وأحياء
«عشوائية» ،ووفقا للرؤية الكولونيالية اعتبر المشهد األصالني مشهدًا «يحتاج إلى تطوير»،
والتطوير هنا يعني ترويض وتهذيب الطبيعة ذاتها ،وإشاعة النظام في الفوضى االجتماعية
(ومن هنا سرعان ما تحول تعبير «مدن جديدة» إلى «بلدات تطوير») .كذلك اعتبر أن الحق على
الحيز المادي واالجتماعي يعود لمن يقوم بتطوير هذا الحيز ،وعليه فقد استخدم التطوير في
المستعمرات كمبرر للسيطرة على أراضي السكان األصليين
أقيمت على أراضي بلدة «املجدل» ،ثم جرى فيما بعد تغيير اسمها مجمل أجهزة السيطرة -مثل أجهزة ومؤسسات القضاء واالقتصاد
إلى «أشكلون» (عسقالن) نسبة إلى اسم تلة قدمية ورد ذكرها في واجليش والثقافة وتسجيل السكان -واجلهاز املنظم مللكية األراضي
التوراة .إذن فقد خطط في «أشكلون» إلقامة فصل بني حي «أبريدر» واستعمالها ،تعكس مبجموعها نظام القوة في املجتمع (يفتاحئيل
الذي كانت أغلبية سكانه من األشكناز ،وبني األحياء التي كان معظم وكيدار 69 :2000؛ .)Forman & Kedar 2003
سكانها من اليهود الشرقيني (غوالن .)2009، 86-71 وقد اقترحت جهات التخطيط ،منذ ثالثينيات القرن املاضي،
باإلضافة إلى ذلك فقد كان هناك مبدأ عصري آخر متثل في أفكارا مهنية من قبيل توزيع السكان وحتويل مناطق واسعة إلى
التطلع إلى ضبط الفوضى وفرض النظام .وقد شكل هذا املبدأ، غابات ومناطق حرجية ،وإقامة مستوطنات بأحجام هرمية متتد
جنبا إلى جنب نظرية التطوير ،مبرر ًا لهدم مناطق كاملة صنفت على مساحات شاسعة كجزء من «تطوير» البالد»؛ هذه األفكار بات
على أنها مناطق وأحياء «عشوائية» ،1ووفقا للرؤية الكولونيالية ممكنا ،بعد العام ،1948ترجمتها إلى سياسة تهويد البالد .ولم
اعتبر املشهد األصالني مشهد ًا «يحتاج إلى تطوير» ،والتطوير يكن من باب الصدفة ان يتم العثور في مستودع موديالت التخطيط
هنا يعني ترويض وتهذيب الطبيعة ذاتها ،وإشاعة النظام في العصري ،وخاصة املوديالت التي تطورت خالل العالقات املتبادلة
الفوضى االجتماعية (ومن هنا سرعان ما حتول تعبير «مدن بني التقاليد وبني السيطرة الكولونيالية ،على مناذج مالئمة للسيطرة
جديدة» إلى «بلدات تطوير») .كذلك اعتبر أن احلق على احليز على أراضي البالد ومحاولة إنشاء نظام اجتماعي ناجع وفعال.
املادي واالجتماعي يعود ملن يقوم بتطوير هذا احليز ،وعليه فقد في صلب موديالت التخطيط اإلقليمي -احليزي ،قبعت
استخدم التطوير في املستعمرات كمبرر للسيطرة على أراضي مبادئ التصنيف والفصل ،وهي الوظائف التخطيطية التي أمكن
السكان األصليني (.)Bauman 1991,8 استغاللها بغية إيجاد فصل على أساس إثني وطبقي دون اإلعالن
إن أحد التجليات امللموسة لهذا املفهوم يظهر في إحدى اخلرائط صراحة عن (نظام) أبارتهايد .أحد األمثلة على ذلك ،استخدام
التي أعدها قسم التخطيط ،والتي يبدو فيها البلد بأكمله مليئا بنقاط فكرة «املنطقة» ،والتي مكنت من إيجاد فصل في املدن املستعمرة
ملستوطنات جديدة ،ريفية وحضرية ،وفي تخطيط عصري واضح بني السكان احملليني والسكان األوروبيني بواسطة قوانني بناء جعلت
(مسافات متساوية ومنهجية من دون مراعاة لظروف املنطقة). من الصعب على السكان احملليني االندماج في أحياء املستعمرين
يعكس التخطيط العصري صورة توزيع السكان وفقا ملا يراه األوروبيني (.)Abu Lughod 1980
املخططون مناسبا ،وذلك «في نهاية املرحلة األولى للتخطيط ،حني في إسرائيل ميكن رؤية استخدام فكرة املنطقة في التخطيط
يصل تعداد سكان الدولة إلى ( 2,650,000ومن ضمنهم أقليات) الداخلي للمدن اجلديدة ،والذي قسمت مبوجبه إلى مناطق استعماالت
بينهم 6ر %22مزارعون» (شارون .)1952،17 مختلفة (سكنية ،جتارية ،زراعية ،صناعية ومناطق خضراء) ،وإلى
وفي الوقت الذي يعزو فيه باومان اخلوف من الفراغ إلى ميل وحدات -أحياء -متجاورة ،تفصل بينها شوارع عريضة ومناطق
الدولة العصرية نحو التوسع ،فإن االقتباس اآلتي يساعد في إرجاع خضراء .وقد شيدت هذه األحياء بطريقة جتعل كل واحد منها
منشأ هذا اخلوف إلى وضعية استعمارية ملموسة: وحدة قائمة بذاتها توفر احتياجات سكانها (شارون .)1952،8هذا
75 «إذا نظرمت إلى اخلريطة سترون أنه يوجد في اجلنوب الكثير التخطيط شكل أساسا مريحا للفصل بني املجموعات السكانية على
من األماكن الفارغة .ليس هناك شيء يخيفني مثل هذا الفراغ، أساس إثني ،كما جرى مثال في تخطيط إحدى «املدن اجلديدة» التي
ترميم املباني الفخمة إلى جانب هدم أجزاء واسعة وصفت بـ ليس ألن الطبيعة ال حتتمل الفراغ ،وإمنا ألن الناس ال يحتملون
«العشوائية» .وقد وقف في مركز اخلطاب الكولونيالي املتعلق ذلك ،وألن السياسة ال حتتمل الفراغ» (دافيد بن غوريون ،جلسة
باحلفظ والصيانة ،صراع بني جهات أيدت احملافظة على حي احلكومة.)1949/5/3 .
القصبة ألسباب واعتبارات تاريخية وسياحية ،وجهات أخرى أيدت هذه املفاهيم املتعلقة بالنظام والتطوير ،انضفرت في مبررات
القيام بعمليات هدم واسعة ألسباب منطقية سياسية وعسكرية. البناء «العقالني» و«الصحي» باسم التقدم ،ووقفت في صلب
معظم اخلطط شكل نوعا من التسوية التي اقترح في نطاقها التسويغ العصري للتدخل التخطيطي الفوقي واملمارسات القمعية
هدم جزء من املباني وحتويل باقي القصبة إلى متحف (Celik املتمثلة في اقتالع وترحيل مجموعات سكانية وهدم األحياء
.)1997,40-46في إسرائيل دار صراع مشابه بني التطوير «العشوائية» (.)Yeoh ،1996
والصيانة لعدد من املدن العربية ،أفضى في شباط 1950إلى في إسرائيل وفرت هذه املفاهيم جزءا من التبرير لهدم أحياء عربية
إقامة «جلنة عليا لألماكن املقدسة والتاريخية» .وقد تخللت مداوالت ( ،)Levine 2001وكذلك لهدم أحياء يهودية فقيرة ،شكل الشرقيون
اللجنة نقاشات حادة بني توجه ممثل وزارة الدفاع ،الذي طالب بـ أغلبية سكانها (نوريئيلي .)2005وقد كانت هذه املمارسات
«التقليل قدر اإلمكان من كل ما يذكرنا بوجود العرب في البالد»، استمرارا مباشرا خلطط «تطوير» بادرت إليها حكومة االنتداب
وبني ممثلي قسم التخطيط الذين أيدوا إبقاء أحياء وحارات ذات في عدد من املدن العربية ،غير أن تنفيذها فعليا كان مرتبطا على
طابع «شرقي» (باز .)1988،132 2
سبيل املثال ،بهدم أجزاء من مدينة يافا القدمية في العام .1936
في نهاية املطاف اعتمدت اللجنة احلل الوسط الذي تضمنته مت َّثل اجلانب املكمل لعمليات الهدم في املستعمرات في أعمال
مذكرة كتبها ل .إدلر من قسم التخطيط: احلفظ والصيانة ،والتي استهدفت حماية املظهر الشرقي «األصلي»
«ينبغي لتخطيط املدن أن يحافظ على ما هو قائم قدر املستطاع، للمدن وفقما حدده املخططون .وعلى سبيل املثال ،في النصف
من دون اإلضرار باملصالح اآلنية ،أي الوقاية الصحية والصحة األول من القرن العشرين أعد الفرنسيون عدة خطط لصيانة حي
واملواصالت» (املصدر السابق ،ص.)120 القصبة (البلدة القدمية) في مدينة اجلزائر (العاصمة) ،شملت
76
ومبان عامة ومساجد وكنائس .غير أن كلمة «حفظ» تنفي في هذا وعلى غرار خطط البريطانيني والفرنسيني ،فإن خطة شارون
السياق معناها احلرفي املعجمي ،ذلك ألن السبب الرئيس لإلبقاء تقترح أيضا في أماكن كثيرة احملافظة على املباني األصالنية،
على املباني الفلسطينية هو قيمتها األثرية ،او من أجل إعادة ويقترح مخططون إسرائيليون في العديد من اخلطط املفصلة
توطينها مبهاجرين يهود (مركوفيتش ويونا .)2008 استخدام هذه املباني إلقامة متاحف مختلفة.
لقد سعت هذه النظرة الثنائية إلى محو املظاهر املزعجة للمشهد كذلك فإن خطة شارون تبقي ،إلى جانب أسماء الكثير من
األصالني الفلسطيني من احليز ،وفي الوقت ذاته إلى دمج هذا املشهد املدن اجلديدة ،على االسم العربي السابق ،مثل اخلالصة (كريات
في إطار األشكال التوراتية للمشهد :رمبا أن السكان أنفسهم ،مثلما شمونة) ،املجدل (مغدال غاد) ،موراسس ،بيسان (بيت شآن)،
فكر بن غوريون ،ليسوا سوى «الييشوف العبري الذي بقي في بلده يهود (يهوديا) ،وكذلك أسماء «احلدائق الوطنية» :حديقة «الفالق»
على الرغم من كل اإلضطهاد واملالحقات» 3،ولذلك فقد مت جتنيد (ناحل بوالغ) ،حديقة «اجلرمق» (هار -جبل -ميرون).
املشهد الفلسطيني ،على الصعيدين األخالقي واجلمالي ،من أجل وهكذا فقد بدأت ،جنبا إلى جنب هدم املعالم العربية وتدميرها،
احلفاظ على مشهد العصور القدمية الذي ميز أحيانا أقاليم التناخ4، عملية حلفظ وصيانة مبان اعتبرت ذات قيمة تاريخية .وبعبارة
وفي غياب مشهد فلسطيني أصلي ،اضطر املخططون (الصهيونيون) أخرى متت احملافظة على املدهش والغريب طاملا كان ذكر السكان
إلى اختالقه ،متاما مثل املشروع الصهيوني ذاته (مركوفيتش ويونا األصليني مغيبا.
.)2008أحد األمثلة على ذلك هو اخلربة الفلسطينية املفبركة ،التي ويقترح مركوفيتش ويونا حتليال للموقف الثنائي الذي يبديه
أقيمت كنوع من الزخرفة البيئية ،على جانبي طريق -شارع -بيغن املشروع الصهيوني جتاه احليز احمللي ،وذلك وفقما عبر (املوقف)
العابر ملدينة القدس (أبرامسون .)2003 عن نفسه في املخطط الرئيس لدولة إسرائيل .وبحسب رأيهما
لقد انطوت أمناط الثقافة الغربية على أمل بقيام نظام اجتماعي فإن هذا املوقف يستتر خلف اجلهد املستمر الرامي إلى تخيل
جديد ،نظام عصري ،وظيفي ومتقدم .في هذا السياق شكل اجتاه احليز احمللي كحيز أوروبي ظهر «من العدم» .هذا املوقف الثنائي
التطور السريع الذي عرضه آرييه شارون في خطته ،مرتكزا املتناقض للمخططني ولقادة املشروع الصهيوني ،جتاه احليز
لالزدهار والتقدم اللذين متثلهما الفكرة الصهيونية في نظر نخبة األصالني ،والذي وجد تعبيرا له في رفض وقبول هذا احليز في
«الييشوف» اليهودي ،وحتول النظام اجلديد إلى منظومة فكرية آن واحد ،يخلق روابط متبادلة ال تنفصم ،ورمبا أيضا غير قابلة
متبلورة تعمل في خدمة األمة وتشكل تعبيرا جليا لها. للحل ،في تخطيط احليز وفي تصميمه الهندسي .فهو يفضي،
يتحدث آرييه شارون في الفصل األول من الكتاب عن أسس من جهة ،إلى فرض تصاوير ومعالم غربية وميحو بصورة منهجية
«التخطيط املادي في إسرائيل» وذلك بناء على األبعاد الثالثة املاضي التاريخي واملعماري وسط متلك احليز العربي من أجل
للتخطيط :األرض (البلد) والشعب والزمن .ويعبر بعد البلد عن تهويده ،ويتبنى من جهة أخرى وجهة النظر الداعية إلى احملافظة
نفسه باألساس في وصف املميزات والصفات املادية للبلد وما على املواقع الفلسطينية .وقد استخدمت العالمة الفلسطينية كـ
77 تنطوي عليه من مزايا وحتديات ،بكونها جسرا يربط بني ثالث «إشارة» ذات داللة مضاعفة ،للتأكيد على األصالة املتجسدة في
قارات ،وتنوع الظروف املناخية ضمن مسافات قصيرة إضافة األصالني العربي .أدى هذا املنطق إلى احملافظة على قرى وبيوت
الذي استخدم فقط تعبير «أقليات» املجرد من الهوية ،كذلك خلت إلى التركيبة اجليولوجية والظروف الطوبوغرافية .في بعد الشعب،
اخلطة من أي محاولة جلسر التناقض بني سعي إسرائيل لتخيل يتطرق شارون إلى التركيبة االجتماعية لـ «الييشوف» ،والتحدي
نفسها كمشروع عصري -غربي وبني محاولتها استلهام هويتها الكامن في إنشاء «نسيج اجتماعي متجانس» على أرضية ظروف
من تراث قدمي أصالني .فالتوجه الذي تبناه شارون في مجال مادية واجتماعية واقتصادية مريحة ومشجعة ،وأنه ميكن ،عن
التخطيط ،والذي أيد مبوجبه االندماج في احليز عن طريق فرض طريق إقامة مدن جديدة وتعزيز ما هو قائم ،إيجاد إطار تخطيطي
أشكال ومناذج هندسية عصرية تؤكد الطابع املتجدد لألمة ،يتطرق يساهم في حث وتعزيز عمليات الذوبان وتوحيد أجزاء «الييشوف»،
بصورة ضمنية فقط للطريقة التي جتند فيها «مشاهد مستعارة» القدمي واجلديد ،في وحدة واحدة منتجة.
في ترجمة امليثولوجيا احمللية إلى مشهد هندسي حديث. أما بعد الزمن فقد تطلب من الدولة ،حسب قول شارون،
وفي الواقع فإن التخطيط املادي بأبعاده الثالثة ،يعمل مبوجب مضاعفة عدد سكانها ثالث مرات في غضون بضع سنوات ،ما
هذه اإلمالءات ،غير أنه ما لبث أن شكل حالة خاصة ،ذلك ألنه ملزم يعني أيضا مضاعفة مماثلة لعدد املستوطنات الزراعية واحلضرية،
مبواجهة تناقض مزدوج :تناقض على محور الزمن وتناقض على وبناء عدد وفير من املساكن واملؤسسات العامة وشق شبكة طرق
محور احليز .وحني تواجه الدولة القومية مسألة تشكيل احليز فإن جديدة .وقد اضطر رجال التخطيط للقبول باملعسكرات واملساكن
هذا التناقض القائم في جذور القومية احلديثة ،يلتفت بوجهه املنقسم املؤقتة التي أقيمت للمهاجرين (اليهود) وكذلك املستوطنات التي
إلى قسمني ،نحو املاضي واملستقبل على حد سواء .وينطوي املشروع أقيمت على عجل حتت ضغط عامل الزمن ،ولكن مع وجود نية
احمللي على أوجه تشابه مع أشكال عمل مجتمعات املستوطنني لديهم بتغيير كل هذا الوضع في أسرع وقت ممكن ،ذلك ألن
( )Settler societiesاألخرى ،الذين هاجروا إلى بقاع أرض جديدة وظيفة التخطيط هي تشكيل صورة الدولة مبستوطناتها ومدنها
واستولوا عليها ( .)Yiftachel & Kedar 2004غير أنه وخالفا وتغيير شبكة اخلدمات القطرية من أجل األجيال املقبلة (إفرات
لهذه املجتمعات ،يدعي أيضا وجود رابطة عميقة ترتبط مبكان موطنه .)2002لم يتطرق شارون في خطته نهائيا إلى وجود عرب في
القومي .نتيجة لذلك احتضن املشروع الصهيوني احليز األصلي ،ولكنه دولة إسرائيل ،حتى أن كلمة «عربي» لم ترد مطلقا في الكتاب،
78
في املناطق اليهودية في فلسطني ،متثل في الظروف السياسية لكل مواطني الدول ،مبا في ذلك العرب ..انطالقا من هذا الوضع،
التي أتاحت االستيطان اليهودي في جزء صغير فقط من البلد، من الضروري جعل هذه األرض تعود مبعظمها لليهود ..وبالتالي
وكذلك أيضا التطوير االستغاللي في مساحات محدودة حول املدن يجب االستمرار في تهويد األرض» (فايتس .)145-143 ،1950
الكبيرة .وقد أتاح تركيز معظم األراضي في أيدي احلكومة في نهاية هذه العملية التي استمرت قرابة عشرين عاما أصبحت
واجلمهور (اليهودي) عقب قيام الدولة ،متدد االستيطان احلضري دولة إسرائيل والصندوق القومي اإلسرائيلي يسيطران على،
والزراعي في كل االجتاهات وإعادة توزيعه في سائر أنحاء البالد. ويديران ،حوالي 19مليون دومن ،تشكل قرابة %93من مساحة
عندما أقيمت الدولة كان هناك هدفان مهمان أمام السلطة دولة إسرائيل (داخل اخلط األخضر) .وقد استند هذا النظام إلى:
اإلسرائيلية :أوال -تهجير أقصى عدد من يهود العالم إلى إسرائيل، تأميم وتهويد األرض العربية وأراض أخرى ،حيث جرى خالل هاتني
ثانيا -دمج املهاجرين في دولتهم اجلديدة .باإلضافة إلى ذلك كان العمليتني نقل أكثر من 17مليون دومن مللكية عامة إسرائيلية -يهودية؛
هناك هدف ثالث بعيد املدى ،وهو توزيع املهاجرين في شتى أنحاء السيطرة املركزية للدولة ومؤسسات الشعب اليهودي على هذه
الدولة وتوفير عمل لهم ،وذلك بغية حتقيق مستوى معيشة متساو، األراضي والتخصيص االنتقائي وغير املتساوي للحقوق في األرض.
مبرور الوقت ،في كل أنحاء الدولة .وقد كان حتقيق هذه األهداف وقد جرت عملية مصادرة ملكية األراضي العربية عن طريق
أيضا إحدى مهام التخطيط املادي .أما اجلهاز املركزي الذي صاغ ممارسة الصالحية السيادية بواسطة القوات العسكرية واألجهزة
التخطيط املادي للبالد في السنوات األولى للدولة ،فقد متثل في قسم احلكومية والقضائية للدولة ،في البداية استنادا إلى قوانني الطوارئ
التخطيط احلكومي الذي أقيم في متوز ،1948في أوج احلرب .وقد ومن ثم بواسطة قانون أمالك الغائبني ( )1950وقانون شراء ومتلك
ورث هذا القسم غالبية مهام اجلهاز االنتدابي ووظائفه .وكانت حكومة العقارات (إقرار نشاطات وتعويضات .)1953 -مع نهاية حرب
االنتداب قد أقامت في البالد جهاز تخطيط يغلب على عمله طابع العام 1948بات املشروع السياسي الكولونيالي في فلسطني
«التنظيم» وليس املبادرة ،وانصب اهتمامه على احملافظة على حقوق مشروعا «مفروغا منه» ،ولم يبق أمام احلكومة االنتقالية برئاسة
ملكية سكان البالد واحملافظة على «النظام العام» وضمان املصالح دافيد بن غوريون سوى التوجه نحو التطبيق املهني ،بإعداد خطة
االقتصادية والسلطوية لإلمبراطورية .كذلك سن البريطانيون دستورا رئيسة شاملة للدولة الوليدة.
للتخطيط (أمر بناء مدن) وأقاموا مؤسسات تخطيط (جلان تنظيم
حضرية ودائرية للمناطق اإلقليمية) ،وقسما للتخطيط (مكتب املستشار
مشروع «بناء األمة» ،الرؤيا ،التحدي والتخطيط
لتخطيط املدن) ومنظومة خطط وخرائط هيكلية (للمدن والدوائر) .وقد
عمل كثيرون من مهندسي «خطة شارون» ومن ضمنهم آرييه شارون حني أقيمت الدولة كانت غالبية السكان ( )%82تتركز في منطقة
نفسه ،كمستشارين وموظفني في مؤسسة التخطيط االنتدابية .وعلى الشريط الساحلي بني تل أبيب وحيفا %11 ،في القدس ،و %7فقط
الرغم من أن استعدادات املؤسسة االستيطانية في موضوع التخطيط في اجلليل وفي جنوبي البالد .وفي أعقاب قيام الدولة وتوسيع رقعة
بدأت قبل عدة سنوات من قيام الدولة ،إال أن فترة طويلة مرت إلى أن السيطرة في جميع أنحاء البالد ،ازدادت وتيرة التطوير والبناء في
املناطق غير املأهولة ،كما ازداد توجيه السكان إلى هذه املناطق. 80
أقامت الدولة جهاز تخطيط ،ولم تكتمل إقامة هذا اجلهاز سوى في
العام 1965مع بدء تطبيق قانون التنظيم والبناء (.)1965 أحد العوامل املهمة في تشكيل التجمعات احلضرية املتضخمة
كان الواقع الناشئ بالنسبة لرجاالت التخطيط ،الذين رأى معظمهم أنفسهم جزءا
من «الطليعة العصرية» التي ظهرت في أوروب��ا في ثالثينيات القرن العشرين ،مثل
«العجينة الطيعة» المالئمة لتجسيد الخطاب والممارسة العصريين .وقد تمتع آرييه
شارون -الذي كان في ذلك الوقت مهندسا مرموقا من رواد األسلوب ،الطراز ،الدولي في
البالد -باستقاللية وتعاون وثيق من جانب الوزارات والدوائر الحكومية المختلفة وأفلح
في «ترجمة» فرضيات العمل الحديثة التي تبناها ،على الصعيد المحلي ،وسط استخالص
دروس االستيطان الكولونيالي في مناطق مختلفة من العالم.
توزيع السكان وبناء عندما شكلت احلكومة املؤقتة في أيار ،1948كانت هناك نية
مجتمع المستوطنين اإلثنوقراطي إلنشاء وزارة حكومية خاصة للتنظيم والبناء ،غير أن اعتبارات
ائتالفية أدت عوضا عن ذلك إلى إقامة وزارة للعمل والبناء.
كان الواقع الناشئ بالنسبة لرجاالت التخطيط ،الذين رأى
معظمهم أنفسهم جزءا من «الطليعة العصرية» التي ظهرت في ول���م يك���ن الربط هن���ا بني العم���ل والبناء عفوي���ا أو محض
أوروبا في ثالثينيات القرن العشرين ،مثل «العجينة الطيعة» صدفة ،وذلك ألنهم رأوا في أعمال البناء ،وال س���يما بناء مساكن
املالئمة لتجسيد اخلطاب واملمارسة العصريني .وقد متتع آرييه للمهاجرين ،مصدرا للتش���غيل .وقد أقيم في وزارة العمل والبناء
شارون -الذي كان في ذلك الوقت مهندسا مرموقا من رواد قس���م للتخطيط يتألف من خمس شعب وهي :اإلسكان ،الهندسة
األسلوب ،الطراز ،الدولي في البالد -باستقاللية وتعاون وثيق املعمارية ،التخطيط النظامي ،التخطيط املبادر ،وش���عبة املس���ح
من جانب الوزارات والدوائر احلكومية املختلفة وأفلح في «ترجمة» والبح���وث .وعندما أقيمت احلكومة األولى ف���ي آذار 1949نقل
فرضيات العمل احلديثة التي تبناها ،على الصعيد احمللي ،وسط قس���م التخطيط إلى مكتب رئيس احلكومة ،مع اإلبقاء على شعبة
استخالص دروس االستيطان الكولونيالي في مناطق مختلفة من اإلسكان في وزارة العمل .وفي آب 1949قررت احلكومة تقسيم
العالم .والوضع الذي خلقته السياسة الصهيونية ،وفر ظروفا مثالية قسم التخطيط إلى قس���مني ،حيث بقيت شعبة التخطيط املبادرة
لعمله ،كما أن رؤيته العقلية -الشمولية للتخطيط تالءمت مع وجهة في مكتب رئيس احلكومة ،فيما نقلت شعبة التخطيط النظامي إلى
النظر املركزية الدميقراطية التي تبناها حزب «مباي» والهستدروت وزارة الداخلية ،غير أن هذين القس���مني واصال فعليا العمل حتت
ورئيس احلكومة (بن غوريون) .كذلك فقد اتسقت أفكاره بشأن سقف واحد وسط تعاون كامل بينهما.
ضرورة التوزيع السكاني وإيجاد سلم حضري تراتبي ،مع السياسة ولدت «خطة ش���ارون» في ظروف استثنائية غير مسبوقة من
احلكومية ومع مصالح معظم اجلهات املهتمة بتطوير البالد. نواح كثيرة ،حيث ش���كلت هذه الظروف ،بالنس���بة للمستوطنني
في ضوء الهجرة اجلماعية دعي قسم التخطيط إلى مهمة عاجلة: وأنصار الفكرة الصهيونية في العالم ،فرصة لبناء أمة ولتجسيد
حتديد وجهة التوزيع اجلغرافي للسكان .وقد اقترح املخططون حلم بعث الش���عب اليهودي في وطنه التاريخي .وقد كانت هذه
استغالل الهجرة لصالح ما أسموه «توزيعا متوازنا» للسكان اليهود اخلطة مبثابة خطة رئيسة شاملة إلسرائيل ،تصوغ تفاصيل الفكرة
في أنحاء البالد .وبغية حتقيق هذه األهداف عكف املخططون على الصهيوني���ة وتعطيها تعبيرا ماديا على اخلرائط .فقد بات ميكن
إعداد خطط لتوزيع السكان ،شكلت إطار ًا موجها لتخطيط حكومي اآلن ،حيث لم يعد «الييشوف» مقيدا من جانب سلطات االنتداب
شامل ،وقد أثر قسم التخطيط بشكل رئيس على سياسة التخطيط و«الكتاب األبيض» ،ترجمة فكرة «العودة إلى صهيون» و«جتميع
واإلسكان في املدن اجلديدة .وفيما كان للمؤسسات الصهيونية الش���تات» ،في صورة إقامة «مجتمع منوذجي» ،يستوعب الهجرة
تأثير كبير في تخطيط املناطق القروية ،واجه قسم التخطيط في ويحي���ي القفر ،ويك���ون أفراده موزعني في كام���ل أنحاء البالد،
املدن القائمة أصحاب مصالح أيدوا توسيع حدود النفوذ البلدي يقيمون بينهم خطوط مواصالت وعالقات جتارية وزراعية وصناعية
لهذه املدن خالفا ملوقفه (غوالن.)2001،13 ، عصرية؛ مجتمعا يؤمن تش���غيال نوعيا وحياة صحية ومس���تقبال
81
أفضل لكل يهودي ،للقدماء واجلدد على حد سواء.
فكرة توزيع السكان وردت بشكل صريح في محضر اجتماع
نشر قسم التخطيط في نهاية العام 1950الخطة الثالثة للتوزيع السكاني والتي
سميت «خطة ش��ارون» .هذه الخطة الرئيسة ،التي تضمنها كتاب «التخطيط المادي
في إسرائيل» (شارون ،)1952تحولت في غضون عشر سنوات من وثيقة تخطيطية إلى
مشروع تنفيذي واسع النطاق ،شمل عشرات المدن والبلدات والقرى والغابات والحدائق
الوطنية ،على الرغم من أنها لم تكن خطة سيادية ،ولعل قوتها التنفيذية المدهشة
تكمن بالذات في حقيقة أنه لم تسر عليها قيود قانون التنظيم والبناء (إفرات .)2002
تضمنها كتاب «التخطيط املادي في إسرائيل» (شارون ،)1952 ملديري وزارة العمل والبناء ،عقد في 21أيلول ،1948شرح خالله
حتولت في غضون عشر سنوات من وثيقة تخطيطية إلى مشروع رئيس القسم ،آرييه شارون ،أهداف التخطيط .واستعرض شارون
تنفيذي واسع النطاق ،شمل عشرات املدن والبلدات والقرى خلفية ظهور التخطيط املادي في العالم الغربي ،مؤكدا على مشكلة
والغابات واحلدائق الوطنية ،على الرغم من أنها لم تكن خطة املدن الكبيرة التي قال إنها «مصدر كل الشرور واألمراض في
سيادية ،ولعل قوتها التنفيذية املدهشة تكمن بالذات في حقيقة سائر البقاع» .ولدى حديثه عن الوضع في إسرائيل شدد شارون
أنه لم تسر عليها قيود قانون التنظيم والبناء (إفرات .)2002 على مشكلة انعدام التخطيط ،التي تعبر عن نفسها باألساس في
وذكر في مستهل الكتاب أن هناك حاجة لـ «تخطيط ناجع ودقيق» االكتظاظ اخلطير ،على امتداد الساحل ،وقال في عرضه لسياسة
وذلك من أجل القيام بـ «تطوير مكثف وشامل للبالد ،ينفذ إلى سائر التوزيع السكاني« :إن هدفنا األول هو ..احلذر قدر اإلمكان من تطور
أركانها وزواياها» (شارون )5 ،1952وقد وضعت سياسة توزيع
6
املدن الكبيرة وزيادة االكتظاظ السكاني في اجلليل والنقب.»...
السكان علنا وصراحة في مركز اخلطة التي استهدفت حل مشكلة وقد متثل البعد العملي لهذه اخلطوط املوجهة في توجيه السكان
«الشعب» -كان معظم السكان اليهود ( )%82يتركزون في املنطقة بناء على قرارات تتعلق بتخصيص استعماالت األراضي :ففي
الساحلية بني حيفا وتل أبيب -وحل مشكلة «البالد» في آن واحد: العام 1949أرسل مهاجرون للسكن في مدن «مهجورة» أو أحياء
«مع قيام الدولة وتوسيع سيطرتنا في كل أنحاء البالد ،نشأت مشكلة عربية سابقا في املدن املختلطة ،ومنذ بداية العام 1950أقيمت
تطوير املناطق غير املأهولة وتوجيه السكان إليها» (املصدر السابق). مساكن جديدة في هذه املدن ،كما أقيمت منذ أواسط العام ذاته
فيما بعد قدمت مبررات اقتصادية وأمنية وصحية لشرح معسكرات مؤقتة للمهاجرين على أراض «مهجورة» في مناطق
اإلشكالية الكامنة في اكتظاظ الغالبية العظمى من السكان في مختلفة من البالد .في الكثير من احلاالت شكل السكان ،الذين
املدن الكبرى. متوضعوا بهذه الطرق الثالث ،قاعدة لنشوء مدن التطوير اجلديدة.
أين يكمن مصدر األفكار التخطيطية التي تبناها رجاالت باإلضافة إلى ذلك ،أقيمت قرى (مستوطنات) تعاونية للمهاجرين،
قسم التخطيط؟ غير أن قسم التخطيط لم يكن شريكا مركزيا في هذه العملية.
تأثر املخططون اإلسرائيليون ،الذين اكتسبوا جل معارفهم لقد كان لقسم التخطيط دور مركزي في خلق نظام األراضي
وخبرتهم في أوروبا ،مبصدرين رئيسني .أوال ،مت التطرق في اإلثنوقراطي للدولة .فسياسة التوزيع السكاني التي قادها أوجدت
الكتاب إلى شكل اإلعمار في أوروبا وفقما ظهر وتطور في شكله فصال بني السكان القدماء القاطنني في مركز البالد ،وبني املهاجرين
«العضوي» ،باعتباره منوذجا ينبغي التطلع نحوه ،وذلك من ناحية الذين كانوا في صلب عملية التوزيع السكاني .كذلك شارك ممثلو
توازن السكان القاطنني في أنحاء الدولة وتوزيعهم في مدن كبيرة القسم في هيئات مختلفة تولت توزيع «غنائم» األراضي بشكل
مختلفة .فهذا النموذج ،كما ذكر في الكتاب ،سيساعد في أوجد فصال في املناطق احلدودية بني الكيبوتسات والقرى التعاونية
منع أزمات اقتصادية عادة ما تكون املدن الكبيرة عرضة لها. القدمية ،وبني مستوطنات املهاجرين وبلدات التطوير.
وحذر املخططون من النموذج االستيطاني الذي اتبعته «البلدان نشر قسم التخطيط في نهاية العام 1950اخلطة الثالثة للتوزيع
82
الكولونيالية» حسب تعبيرهم ،والذي تتركز مبوجبه غالبية السكان السكاني والتي سميت «خطة شارون» .هذه اخلطة الرئيسة ،التي
المناطق «غير المتطورة» في البالد -الحيز القديم ،المشهد العربي «األصالني» ،الذي
يجب تفريغه من أجل «إيجاد مكان» للحيز المتجدد -اقترنت بالسكان العرب .وقد استهدف
مشروع اإلسكان طمس وإخفاء كل ذلك بغية «إخ�لاء المنطقة» للمشهد المالئم لبعث
المشروع االستيطاني الصهيوني .اما الشرعية لبناء مستوطنات يهودية جديدة فقد تمثلت
بطبيعة الحال في التقدم والتطوير العصريين .كانت الحجة ان الحيز «القديم» ،غير العصري،
يجب أن يخضع لعمليات تطوير وتنمية حتى يتالءم مع التطور الصناعي والتكنولوجي.
930,000نسمة ( %45من السكان احلضريني) في املدن (أي املستوطنني األوروبيني) في املدن الكبيرة على امتداد الساحل
الثالث الكبرى التي تتمتع بعوامل تطوير قطرية ودولية (حيفا، دون «التغلغل» داخل البالد .ووصفت التحذيرات من «مخاطر املدن
تل أبيب والقدس) ،و 1,020,000نسمة ( %55من السكان الكبيرة» في وسائل الدعاية الرسمية (املؤسسية) في تلك الفترة،
احلضريني) في مدن متوسطة وصغيرة تتوزع في سائر أنحاء على أنها شيء يجب وميكن التغلب عليه بسهولة عن طريق تخطيط
البالد وتشكل مركزا خدميا للمحيط القروي .وقسمت اخلطة البالد منطقي ،وقد كتب شارون في مقدمة خطته« :في إسرائيل ،كبلد
من حيث التخطيط إلى 24إقليما أو قضاء ،يقوم التخطيط فيها هجرة جماعية ،ال توجد عملية توزيع سكاني مرتبطة بنقل السكان
بناء على سلم هرمي ألشكال االستيطان. من مكان إلى آخر ،ومصحوبة بخسائر اجتماعية واقتصادية كما
وأكدت اخلطة أن توزيع الس���كان سيكون متاحا بفضل سمتني حصل في انكلترا ..إن توجيه تيار الهجرة املتزايد والدائم إلى
مميزتني لهذه البالد :وجود معظم األراضي مبلكية عامة ،و «وجود تيار مناطق زراعية غير مطورة وإلى مراكز حضرية جديدة ،هو مهمة
الهجرة املتزايد واملستمر» والذي ميكن توجيهه إلى املناطق الزراعية سهلة نسبيا» (شارون.)1952،6 ،
غي���ر املطورة وإلى املراكز احلضرية اجلديدة (ش���ارون .)1952 ،6 ألجل تطبيق سياسة التوزيع السكاني ،تبنى املخططون
وإضافة إلى اخلطط القطرية املفصلة ،ش���ملت خطة ش���ارون أيضا اإلسرائيليون النماذج األوروبية املعروفة لديهم ،وفي مقدمها منوذج
خرائط هيكلية بتخطيط عام ،للمدن اجلديدة .واملبادئ ،أو القواسم «مدينة احلدائق» لـ ابن عازار هارفارد ( ،)1902ومنوذج التخطيط
املش���تركة ،في تخطيط جميع هذه املدن تتمثل في تقسيم احليز إلى اإلقليمي لـ باتريك غيدس ،اللذين طورا في مطلع القرن العشرين،
وحدات متجاورة والفصل بني االستعماالت املختلفة لألراضي. إضافة إلى مناذج طورت منذ الثالثينيات ،عقب تبلور التخطيط
احليزي كفرع معرفي قائم بذاته 7.ويقوم منوذج هارفارد على
تخطيط لغرض السيطرة على الحيز تشجيع الهجرة من مدن قائمة إلى مدن حدائق لرفاهية السكان
ال ينبع فش���ل بلدات التطوير فقط من الطريقة التي ترجم بها وزيادة األحزمة التي تقام في املناطق القروية ،وتقسيم املدن
املخططون النماذج املس���توردة إل���ى الواقع احمللي ،تلك الترجمة اجلديدة إلى مناطق استعماالت تخدم النجاعة االقتصادية .في
التي اتسمت بانحراف كبير عن األصل .فهناك عامل مركزي في أعقاب فكرة مدينة احلدائق طور غيدس النظرية اإلقليمية القائلة
الفشل يكمن في النماذج التخطيطية ذاتها ،والتي جسدت الشهوة إن التخطيط ملدينة جديدة يجب ان يكون جزءا من تخطيط شامل
العصرية في التصنيف والفرز والتنظيم والفصل ،من أجل حتقيق للمنطقة ،وذلك بهدف مساعدة املجتمع احمللي في بلوغ مرحلة
السيطرة .وقد ساهم تبني منوذج مدن احلدائق لهارفارد ،في كل أعلى من «التطور التدريجي» (شارون .)2006
ما يتعلق باإلنسان واملجتمع (. )Jacops1961 أما خطة شارون فقد كانت تهدف إلى حتقيق توزيع متوازن
وبحسب ادعاء جايكوبس ،فإنه باسم التقدم املكفول للجميع، للسكان احلضريني والفالحني (القرويني) في أنحاء البالد وحتديد
وتكريس الفجوات االجتماعية ،أدت أفكار املنطقة والتوزيع السكاني موقع الصناعة والبنى التحتية واحلدائق .وقد نصت اخلطة على أن
والتركيز على البناء «العقالني» و «الصحي» ،إلى تعزيز الفصل الهدف السكاني للمرحلة األولى من تطوير البالد هو 2,650,000
83
اإلثني واالجتماعي واالقتصادي ( );Jacops 1961 3-25وإلى نقل نسمة ،من بينهم 600,000مزارعني (6ر ،)%22بينما يتم تقسيم
مجمعات سكانية تابعة واملس بالطبقات الضعيفة. السكان احلضريني (سكان املدن) إلى نوعني:
عالقات العمل التي نشأت بين المدينة والمستوطنات (القرى) الزراعية على العكس من ما
تمناه المخططون .فجزء مركزي من فكرة التوزيع السكاني اقترن بأيديولوجيا التعاون اإلقليمي
بين المدينة والقرى الزراعية المحيطة بها .وقد كان من المفروض ان تكون أقضية التخطيط
«وحدات متوازنة من ناحية اجتماعية واقتصادية .وسط عالقات متبادلة بين المناطق الزراعية
والمراكز الحضرية» (شارون .)1952،13غير أنه لم ينشأ توازن بين المدينة الجديدة واالستيطان
الزراعي ،وإنما ترسخت عالقات تبعية :فبدال من قدوم سكان القرية إلى المدينة للحصول على
خدمات ،وفرت المدينة أيادي عاملة رخيصة للكيبوتسات والقرى الزراعية القديمة ،التي تمتعت
بوفرة من األراضي الجديدة بالمجان وبعمالة رخيصة مجردة من الحقوق األساسية.
اإلحصاء فقد جرى توطني %62من مجموع املهاجرين من املغرب، املناطق «غير املتطورة» في البالد -احليز القدمي ،املشهد العربي
و1ر %72من املهاجرين من اجلزائر ،في مدن وقرى جديدة ،بينما «األصالني» ،الذي يجب تفريغه من أجل «إيجاد مكان» للحيز
وطن فيها 3ر %1فقط من املهاجرين القادمني من أملانيا والنمسا، املتجدد -اقترنت بالسكان العرب .وقد استهدف مشروع اإلسكان
9
و6ر %13من املهاجرين من بولندا (غونني .)1979 طمس وإخفاء كل ذلك بغية «إخالء املنطقة» للمشهد املالئم لبعث
جاءت عالقات العمل التي نشأت بني املدينة واملستوطنات املشروع االستيطاني الصهيوني .اما الشرعية لبناء مستوطنات
(القرى) الزراعية على العكس من ما متناه املخططون .فجزء يهودية جديدة فقد متثلت بطبيعة احلال في التقدم والتطوير
مركزي من فكرة التوزيع السكاني اقترن بأيديولوجيا التعاون العصريني .كانت احلجة ان احليز «القدمي» ،غير العصري ،يجب
اإلقليمي بني املدينة والقرى الزراعية احمليطة بها .وقد كان من أن يخضع لعمليات تطوير وتنمية حتى يتالءم مع التطور الصناعي
املفروض ان تكون أقضية التخطيط «وحدات متوازنة من ناحية والتكنولوجي .ولعل املفارقة املثيرة للسخرية هي ان األداة الرئيسة
اجتماعية واقتصادية .وسط عالقات متبادلة بني املناطق الزراعية في عملية عصرنة املناطق املختلفة في البالد وحتديثها ،متثلت
واملراكز احلضرية» (شارون .)1952،13غير أنه لم ينشأ توازن في املهاجرين من البلدان اإلسالمية .أي ان وكالء العصرنة هم
بني املدينة اجلديدة واالستيطان الزراعي ،وإمنا ترسخت عالقات املهاجرون اجلدد «القادمون من الصحراء العربية والقبائل اجلبلية
تبعية :فبدال من قدوم سكان القرية إلى املدينة للحصول على في كردستان ومن شمال إفريقيا( »..دارين درفكني ،)76 ،1959
خدمات ،وفرت املدينة أيادي عاملة رخيصة للكيبوتسات والقرى
8
والذين اعتبروا غير عصريني وغير متطورين على اإلطالق.
الزراعية القدمية ،التي متتعت بوفرة من األراضي اجلديدة باملجان هذه املجموعة أو الفئة املفتقرة للوسائل املادية والسياسية
وبعمالة رخيصة مجردة من احلقوق األساسية. والعالقات الشخصية ،هي التي استوطنت احليز اجلديد.
وادعى املخططون ،وفي أعقابهم أيضا الباحثون في شؤون وتبني املعطيات ان معظم املهاجرين الذين جرى توطينهم في
التخطيط ،أن املصالح االستيطانية أفشلت احملاوالت واملساعي مدن وبلدات التطوير كانوا من القادمني من شمال إفريقيا ،وذلك
إلقامة مراكز خدمية وجتارية في املدن اجلديدة ،إذ واصلت بسبب نسبتهم العالية في موجات الهجرة املتأخرة ،في الفترة
املستوطنات الزراعية استخدام شبكات التسويق الهستدروتية التي طبقت فيها سياسة «من السفينة إلى القرية» ،والتي أرسل
(مثل «تنوفا» و «همشبير») ،األمر الذي شوش الفكرة التي تطلع املهاجرون في نطاقها مباشرة إلى بلدات التطوير (إفرات 1987؛
إليها املخططون .ولكن يبدو ان هؤالء كانون يدركون منذ البداية إليميليخ وليفني إفشتاين .)1998أما سكان بلدات التطوير ذوو
صعوبة إقامة عالقات انسجام وتكامل بني املدينة والقرية .ففي األصول األوروبية ،فقد رحلوا في أول فرصة سانحة إلى شقق
العام ،1949أي قبل اإلعالن عن خطة شارون املستندة إلى أفضل في املدن القدمية الواقعة في وسط البالد ،وذلك بفضل
رؤيا إقليمية ،أكد بروتسكوس ان سياسة التوزيع السكاني ميكن تقدمهم االجتماعي والسياسي (غيتربرغ ،1964غونني وحسون
ان تتكلل بالنجاح فقط ضمن الشروط اآلتية« :سياسة منهجية .)1974كذلك تظهر معطيات اإلحصاء السكاني األول الذي جرى
باجتاه توزيع -فصل -اإلدارة احلكومية واالقتصادية («تنوفا»، في العام ،1961والذي اتسم بالتفصيل اجلغرافي ،ان املهاجرين
84
«همشبير»« ،سوليل بونيه» ،البنوك ..إلخ) إضافة إلى -إقامة- من أصول أسيوية وإفريقية ،شكلوا األغلبية في األحياء واملساكن
مؤسسات قطرية في مجاالت الثقافة والتعليم والصحة والرفاه الشعبية التي أقيمت على أطراف املدن .ووفقا ملعطيات هذا
من بين اإلمكانيات المختلفة للتوزيع السكاني ،قدمت خطة قسم التخطيط ،التي أتاحت
السيطرة على مناطق شاسعة ،أفضل خدمة ممكنة للمصالح السياسية المتمثلة في تهويد
الحيز .وقد تأثر النموذج االستيطاني الذي اقترحه قسم التخطيط بـ «نظرية األماكن المركزية»
التي طورها عالم الجغرافيا األلماني كريستلر ،والذي طبق نموذجه التخطيطي الهرمي في
منطقة محتلة :فقد خطط «حيز الحياة» األلماني في أراضي بولندا وفق معادلة رياضية بنشر
أقصى عدد من المستوطنات في منطقة محددة .ويتعرض كريستلر للشجب واإلدانة في
البحث الجغرافي الحديث ،الذي يرى في نموذجه مثاال على تعاون العلماء مع أنظمة شمولية.
تنفيذية عالية ،إال أن (رئيسه) آرييه شارون لم يعمل في فراغ، والعون االجتماعي( »..مقتبس لدى سمدار شارون .)432 ،2006
فاعتماد منوذجه -املتمثل في إقامة مدن جديدة بعيدة عن املركز لقد كانت العالقات بني االستيطان العامل واملدن اجلديدة عامال
بشكل سريع ومتزامن -لم يكن أمرا بدهيا أو مسلما به. حاسما في تطور األخيرة نتيجة ألسباب أخرى :التنافس على
فخالل العامني األولني من عمله لم يتمكن قسم التخطيط من األراضي والطريقة التي تعني بها احلدود البلدية .وقد نقلت أراض
إقناع الوزارات احلكومية املختلفة باملوافقة على سياسة التوزيع في محيط بلدات التطوير إلى قرى «االستيطان العامل» دون ان
السكاني .ويتضح من مداوالت «جلنة هوبيان» ،التي باشرت عملها يجري تطوير مصادر تشغيل ،األمر الذي أضر بإمكانية تطوير
في أواسط العام ،1949وتفحصت في نطاقه خطط قسم التخطيط بلدات التطوير إلى مراكز حضرية ،وأبقاها بشكل دائم مستودعات
وبدائل اقترحها مخططون آخرون ،أن نقاشات اللجنة انصبت على لقوة عمل رخيصة ملستوطنات املنطقة (غوالن .)174-173 :2001
مسألتني مركزيتني :توزيع السكان مقابل متركزهم ،وطابع التوزيع من كذلك فقد كان لرسم احلدود البلدية تأثير وانعكاس على دفعات
حيث عدد املراكز احلضرية املخططة .وعرض في هذا السياق بديالن ضريبة األرنونا .ففي الكثير من احلاالت جنح ممثلو «االستيطان
مهمان ،األول :خطة ماركوس راينر ،والثاني :خطة يعقوب بن سيرا، العامل» في اقناع سلطات التخطيط بإعطائهم مناطق صناعية تقع
مهندس بلدية تل أبيب .وكان القاسم املشترك لهذين االقتراحني هو داخل املدن ،مع انها مناطق خارج النطاق ،تابعة من ناحية إدارية
الرغبة في مواجهة مشكالت التخطيط بصورة تدريجية وحذرة .فقد للمجالس اإلقليمية 10.وقد أثر قسم التخطيط على هذا املوضوع
(استشرف) كالهما مسبقا املشكالت التي ستنجم عن عملية توزيع عن طريق ممثليه في اللجان اللوائية صاحبة السلطة السيادية في
سريعة للسكان في أماكن نائية تفتقر للبنى التحتية .غير أن خطتي رسم وتعيني حدود السلطات احمللية (شختر .)1990: 135- 134
راينر وبن سيرا رفضتا ألسباب وحجج سياسية ومهنية .فقد جتاهل كذلك أدى حتديد احليز بواسطة حدود بلدية ،إلى فصل في
بن سيرا «ضرورة» السيطرة بسرعة على األراضي واملناطق التي مناطق الهامش بني مجالس إقليمية أشكنازية باألساس (شملت
هجر أصحابها ،بينما اقترح راينر في احلقيقة توزيع السكان عن الكيبوتسات والقرى التعاونية القدمية) وبني مجالس محلية (بلدات
طريق التغلغل في عمق املناطق اجلديدة للدولة ،في اجلليل والنقب التطوير) ذات أغلبية شرقية ،وسط مصادرة أراضي القرى العربية،
ومدخل القدس ،وتعزيز احلدود مبساعدة بناء مستوطنات ،لكنه املهجرة والباقية .وقد كان لهذا الفصل انعكاسات ،ليس فقط
«أهمل» مناطق واسعة تقع على جانبي سكة القطار. في املجال االقتصادي ،وإمنا أيضا في مجاالت التعليم االقليمي
متيزت خطط قسم التخطيط في املقابل بـ «تغطية املنطقة»، املنفصل ،وتزويد خدمات حكومية منفصلة وغير متساوية ،ومسارات
مبعنى تشييد مستوطنات ونشرها على مساحة قصوى ،وعلى ما تطوير منفصلة.
يبدو فإن اقتراح راينر قوض نقطة التالقي بني املصالح الدوالنية وبذلك فإن تقسيم احليز لم يؤد إلى فصل على أساس إثني
وبني أيديولوجيا املخططني (توزيع السكان وفق منوذج هارفارد، وطبقي فحسب ،بل خلق أيضا الظروف واألرضية الستنساخ عدم
85 والذي يخلق الدمج بينه وبني الرؤية اإلقليمية تصميما مشابها املساواة االجتماعية (يفتاحئيل .)2000 ،1998 : 90
خليوط بيت العنكبوت). على الرغم مما متتع به قسم التخطيط من تأثير ،ومن قدرة
وميكن الوقوف على الصلة الوثيقة بني سياسة التوزيع السكاني من بني اإلمكانيات املختلفة للتوزيع السكاني ،قدمت خطة
وبني عمليات إقصاء السكان الفلسطينيني ،من خالل حتليل قسم التخطيط ،التي أتاحت السيطرة على مناطق شاسعة ،أفضل
القرارات املتعلقة مبواقع املستوطنات اجلديدة .فاالعتبار القومي - خدمة ممكنة للمصالح السياسية املتمثلة في تهويد احليز .وقد
املتمثل في السعي إلى تهويد األرض -كان عامال حاسما في هذه تأثر النموذج االستيطاني الذي اقترحه قسم التخطيط بـ «نظرية
القرارات ،وتغلب على اعتبارات التخطيط احليزي واالقتصادي. األماكن املركزية» التي طورها عالم اجلغرافيا األملاني كريستلر،
أحد األمثلة على ذلك ورد في مذكرة أعدها قسم التخطيط حتت والذي طبق منوذجه التخطيطي الهرمي في منطقة محتلة :فقد
عنوان «مالحظات ومبررات للبحث عن مراكز جديدة في اجلليل»: خطط «حيز احلياة» األملاني في أراضي بولندا وفق معادلة رياضية
«إن إنشاء مدن جديدة في منطقة جبلية مثل اجلليل يشكل مشكلة بنشر أقصى عدد من املستوطنات في منطقة محددة .ويتعرض
عويصة ..من ناحية اقتصادية ال يوجد اليوم تقريبا أي مبرر قاطع كريستلر للشجب واإلدانة في البحث اجلغرافي احلديث ،الذي
وجلي إلنشاء هذه املراكز ...ينبغي عدم جتاهل حقيقة ان تكاليف يرى في منوذجه مثاال على تعاون العلماء مع أنظمة شمولية .من
التطوير والبناء في املنطقة اجلبلية مرتفعة أكثر من تكاليف التطوير في ناحية عملية ميكن اعتبار منوذجه تطويرا تكنوقراطيا ألفكار وصفت
املنطقة الساحلية على سبيل املثال ..على الرغم من هذه الصعوبات باإلنسانية ،مثل منوذج مدينة احلدائق لهارفارد .فالتشابه في
فقد وقفت اعتبارات سياسية وأمنية وراء قرار العمل قدر اإلمكان الشكل ،الذي يدل على رؤية مبدئية لالستيطان الهرمي (التراتبي)
على إنشاء مراكز حضرية أخرى في أماكن معينة من اجلليل ،ما زال من املفروض ان يخلق حيزا موحدا من الناحيتني األدائية واجلمالية
معظمها مأهوال بالعرب» (مقتبس لدى سمدار شارون .)2006:43 يظهر بوضوح من اخلطوط العامة لهذين النموذجني ،وكذلك من
وفي تبريرهم لضرورة التوزيع األقصى ،أكد املخططون على منوذج استيطان «أرض إسرائيل» ،الذي اقترحه مهندس ومخطط
املوضوع األمني: املدن يوسف تيشلر في عشرينيات القرن املاضي.
86
والتي تعتبر نواة سكانها صغيرة وغير قادرة على التطور بصورة «إن اقتراحا لتوزيع السكان مرفقا بخطة إقليمية شاملة ،حتدد
حقيقية ،دون خطة تطوير جذرية» (املصدر السابق.)8 ، أماكن املستوطنات واملدن والصناعية واخلدمات ،هو اقتراح
وفي أماكن أخرى من اخلطة حتولت «املدن اجلديدة» اللد ضروري من الناحيتني القومية واألمنية ،وميكن تنفيذه فقط عن
والرملة إلى «مستوطنات سابقا»: طريق سياسة تخطيط وتطوير جريئة ومثابرة تتبناها الدولة .وفي
«في هذه املنطقة الزراعية تأسست مستوطنات متكنت ،بفضل غياب وجود سياسة كهذه فإن قوة ستدفع كثيرين نحو املراكز
تطوير فرع احلمضيات ،من استيعاب سكان وحتولت إلى بلدات الكبرى القائمة ،لتبقي مناطق البالد خالية من السكان واملبادرات»
ميسورة ومستقرة .بعد تطبيق اخلطة القطرية ،من املمكن ان (شارون .)1952:6
تتوسع هذه البلدات لتتحول إلى مدن متوسطة قوية (هرتسليا، عند مقارنة هذا االقتباس ،املأخوذ من منشورات رسمية
كفار سابا ،بيتاح تكفا ،اللد ،الرملة ،ريشون لتسيون ،رحوفوت)» وعلنية ،باالقتباس السابق الذي ورد في وثيقة داخلية ،فإنه ميكن
(املصدر السابق.)11 ، االفتراض ان تعبير «مناطق خالية من الناس» يتطرق للمناطق
هذه اخلطط لم تتنكر للماضي العربي وحسب ،بل تنكرت أيض ًا املأهولة بالعرب .فخطط توزيع السكان التي أعدها قسم التخطيط
للحاضر واملستقبل العربيني .فاملدن والبلدات العربية التي ظلت تعكس جتاهل املخططني للسكان احملليني على املستويني الرمزي
قائمة (في إسرائيل) بعد احلرب لم يرد ذكرها في اخلطة الرئيسة، والتخطيطي على حد سواء .معظم املدن اجلديدة وردت اإلشارة
التي حتدثت فقط عن مستوطنات وبلدات يهودية .كلمة «عربي» لها في اخلريطة فوق (أسماء) بلدات عربية ،غير ان اخلطط لم
لم ترد نهائيا في الكتاب ،في املرات الثالث التي ورد فيها ذكر تظهر العرب أنفسهم .فقط اخلطة التي نشرها قسم التخطيط
وجود سكان غير يهود في إسرائيل ،دعي هؤالء بتسمية مجردة في العام ،1957تطرقت بشكل صريح للتوزيع اإلقليمي للسكان
من الهوية« -أقليات». العرب ،وحددت سياسة استمرت في ما تالها من خطط قطرية:
محاولة اجتذاب العرب من اجلليل إلى مدن الساحل بهدف تقليص
مع ذلك فقد عاد املاضي العربي للظهور كالشبح في اخلرائط
متركزهم في لواء الشمال .وقد جرى تطوير توجه مشابه في
االنتدابية املرفقة باخلطة ،والتي يبدو ان املخططني ،الذين كانوا
موضوع بدو النقب ،حيث مت جتميعهم في بلدات حضرية جديدة
في عجلة من أمرهم ،لم يتمكنوا من استبدالها ،او انهم لم يزوروا
من أجل منع انتشارهم في املنطقة (خمايسي .)79-78 ،1990
قط هذه املناطق وبالتالي لم يكونوا مطلعني على ما يحدث في
تلك املدن والبلدات ،وما إذا كانت ما انفكت قائمة على حالها وما وتعكس اخلطة الرئيس���ة من العام 1952اجتاه السيطرة على
الذي حل مبصير سكانها .في خرائط عدد من «املدن اجلديدة» املدن العربية سابقا والتهويد التام ملاضيها .ففي الوصف التاريخي
ظهرت قرى لم تعد قائمة في الواقع ،وباتت مجرد خلفية جمالية لـ «املدن اجلديدة» صفد وطبرية والرملة ،اختفى كليا املاضي العربي
خلطط الوحدات السكانية في هذه املدن. لهذه املدن (ش���ارون .)52، 47، 38 :1952وحتت عنوان «مدن
جديدة» ورد:
شكلت املدن املختلطة األماكن التي لم يكن في وسع املخططني
87 جتاهل وجود الفلسطينيني فيها في العام .1949وخالل فترة «جدير باإلشارة أننا ،حني نقول مدنا جديدة ،نقصد أيضا
احلكم العسكري سعت السلطات من أجل الفصل بني السكان مدنا قائمة (مثل صفد ،وطبرية ،وعكا ..بئر السبع ،اللد ،الرملة)
إلى جانب النشاط التخطيطي ،شارك رجاالت قسم التخطيط أيضا في عملية مباشرة
لمحو الماضي العربي .وقد شملت هذه العملية جردا لـ «الممتلكات المتروكة» واتخاذ قرار
بهدم مبان أو ترميمها وتحديد وضعية أحياء وقرى استوطن فيها (مهاجرون) يهود .في
صيف العام 1949ظهرت الحاجة الستشارة أشخاص مهنيين فيما يتعلق بهدم المباني في
القرى ،وكان ذلك في اعقاب محادثات الصلح التي جرت في لوزان في نهاية شهر نيسان بين
ممثلين عن إسرائيل والدول العربية ،والتي مورست خاللها ضغوط على إسرائيل إلعادة جزء
من الالجئين العرب إلى بيوتهم
املهجورة في اجلنوب والنقب .وحصر املباني وهياكل البناء التي اليهود والسكان العرب في هذه املدن ،عبر جتميع العرب في
يجب جتنب هدمها .سنكون شاكرين لك إذا أعلمتنا بأسماء القرى منطقة محددة ومحاطة بجدران شائكة سميت «غيتو» في وثائق
املقرر هدمها( »...مقتبس لدى سمدار شارون .)45 :2006 ،في تلك الفترة .وقد شارك رجاالت قسم التخطيط في تصنيف املباني
املدن العربية أيضا وضع املخططون إمكاناتهم وأدواتهم املهنية العربية متهيدا التخاذ القرار بشأن غايات استعمالها.
في خدمة عمليات الهدم .ففي طبرية وحيفا ،وبعد طرد السكان ويتضح على سبيل املثال من وثيقة أعدها ميخائيل كون ،أحد
الفلسطينيني من املدينتني ،قام اجليش بهدم مبان وبيوت ،ملحقا رجاالت قسم التخطيط ،عقب جولة قام بها في املجدل (عسقالن)
خالل ذلك ضررا مبمتلكات يهودية مما اثار احتجاجات تقرر في بهدف جمع معلومات «عن إمكانيات االستيطان والتطوير الفورية»:
أعقابها إحالة املوضوع ملعاجلة قسم التخطيط .وقرر رجاالت «مناطق املدينة :هناك حوالي 2600عربي متقوقعون في احلي
التخطيط االستمرار في هدم املباني العائدة للعرب وكذلك املباني القدمي املزدحم .في الطرف اجلنوبي للمدينة ،حي حديث بيوته
املوجودة مبلكية يهودية والتي ال تصلح للسكن .في طبرية مت هدم جيدة ،ذو طراز أوروبي ...في محيط املنطقة العربية توجد بيوت
القسم األكبر من منطقة البلدة القدمية ،وذلك في عملية منظمة فارغة ،عددها حوالي 200بيت ،تصلح إلسكان العرب املزدحمني
نفذها سالح الهندسة (املصدر السابق ،)193-165 :وفي حيفا في الغيتو .جزء من هذه البيوت يصلح إلسكان يهود» ( 11مقتبس
استمر مسلسل هدم البيوت الفلسطينية حتى يومنا هذا. لدى سمدار شارون.)45-44 :2006 ،
في غضون العام ،1950وإلى جانب عمليات الهدم الواسعة إلى جانب النشاط التخطيطي ،شارك رجاالت قسم التخطيط
للقرى الفلسطينية ،بدأ يتبلور في صفوف املخططني خطاب يدعو أيضا في عملية مباشرة حملو املاضي العربي .وقد شملت هذه العملية
للحفاظ على البناء احمللي .فقد عارض قسم التخطيط ،على سبيل جردا لـ «املمتلكات املتروكة» واتخاذ قرار بهدم مبان أو ترميمها
املثال ،هدم البيوت احلجرية في قرية «الم» .وإضافة إلى املبررات وحتديد وضعية أحياء وقرى استوطن فيها (مهاجرون) يهود .في
الوظيفية -بشأن صالحية املباني للسكن -طرحت مبررات نبعت صيف العام 1949ظهرت احلاجة الستشارة أشخاص مهنيني فيما
مباشرة من وجهة النظر االستشراقية ،التي ترى في املشهد يتعلق بهدم املباني في القرى ،وكان ذلك في اعقاب محادثات الصلح
األصالني حتفة أثرية ملجتمع متخلف« :إن إبقاء املباني احلجرية التي جرت في لوزان في نهاية شهر نيسان بني ممثلني عن إسرائيل
12
القائمة على هذه التلة اجلميلة له قيمة من ناحية شكل املشهد». والدول العربية ،والتي مورست خاللها ضغوط على إسرائيل إلعادة
هذه الرؤية اندرجت ضمن اجتاه االستحواذ على املاضي العربي، جزء من الالجئني العرب إلى بيوتهم (غوالن .)245-243 :2001
والذي شكل ركيزة أخرى في عملية «نزع عروبة» البالد .فقد اعتقد
ويتضح من البحث األرشيفي الذي أجرته سمدار شارون أن
أصحاب هذه الرؤى ان البناء العربي يتسق متاما مع املشهد التوراتي
كبار املسؤولني في قسم التخطيط كان لهم ضلع كبير وفعال في
ويحافظ عليه .ومبرور السنوات أخذ السياسيون واملخططون مييلون
هذا املجال ،وعلى سبيل املثال فقد كتب تسيون هشمشوني ،القائم
أكثر فأكثر نحو توجيه وتوظيف الطاقة الكامنة في التراث العمراني
بأعمال رئيس القسم ،في رسالة موجهة إلى قائد اجلبهة «د» في
الفلسطيني ،في التطوير االقتصادي والسياحي واحلفاظ على املوارد،
23حزيران :1949 88
وعلى سبيل املثال فقد جرى حتويل القرية املهجرة «عني حوض» إلى
قرية فنانني في العام ( 1954جبارين .)2006 «تلقينا أمرا من وزارات احلكومة مبعاجلة مسألة هدم القرى
في غضون العام ،1950وإلى جانب عمليات الهدم الواسعة للقرى الفلسطينية ،بدأ يتبلور
في صفوف المخططين خطاب يدعو للحفاظ على البناء المحلي .فقد عارض قسم التخطيط،
على سبيل المثال ،هدم البيوت الحجرية في قرية «الم» .وإضافة إلى المبررات الوظيفية-
بشأن صالحية المباني للسكن -طرحت مبررات نبعت مباشرة من وجهة النظر االستشراقية،
التي ترى في المشهد األصالني تحفة أثرية لمجتمع متخلف« :إن إبقاء المباني الحجرية
القائمة على هذه التلة الجميلة له قيمة من ناحية شكل المشهد»
في قدرة استيعاب القطاع الزراعي ،فسرعان ما اتضح ان طاقة لقد تعرضت خطة شارون النتقادات متكررة ،مبا في ذلك في
األراضي الزراعية محدودة ،وان مصادر املياه شحيحة ،فضال الكتابات الرسمية (املؤسسية) أيضا ،أخذت على اخلطة ميلها
عما تؤدي له املكننة الزراعية من استغناء عن الكثير من األيدي للمبالغة في إنشاء عدد كبير جد ًا من املدن اجلديدة ،اتضح
العاملة في الزراعة .كذلك اتضح ان الطريقة التقليدية جلهاز فيما بعد انه كان يجب االكتفاء بإنشاء عدد أقل من هذه املدن
البلدات ،والتي كانت متبعة في أوروبا ،لم تكن مالئمة للواقع والتركيز على تعميق تطويرها االقتصادي .فتأسيس املدن اجلديدة
اإلسرائيلي بأكمله ،وان مكانة مدينة املهاجرين كمركز خدمات لم يالئم تطوير الصناعة وزيادة مصادر التشغيل ،األمر الذي
وسط بيئة زراعية قدمية ،ما زالت موضع شك ،فضال عن ان أدى إلى حركة نزوح وهجرة متزايدة في صفوف السكان اجلدد
العالقة بني املدينة وعمقها ،ليس لها قيمة تخطيطية كبيرة في واقع (إفرات .)2002لم يتعمق التخطيط املادي في املشاكل املتعلقة
دولة صغيرة تتسم املسافات فيها بالقصر ،كحال إسرائيل .لم مبرحلية التنفيذ ،بل عمل من أجل املدى البعيد فقط ،ودون نقد
يكن في نية رجاالت قسم التخطيط قطعا ان تفضي خطة توزيع أو رقابة على مالءمته ملراحل انتقالية .كذلك كانت هناك مبالغة
السكان ،واملخططات أو التصاميم التي أعدوها للمدن اجلديدة،
إلى قيام مدن فقيرة ومتخلفة .وقد أكدوا في كتاباتهم على أهمية
دمج املدينة في منطقتها ،وعلى توزيع الصناعة وإقامة بنى حتتية
في املدن قبل توطينها .غير أن اختياراتهم التخطيطية -لصالح
التوزيع السكاني األقصى وليس التدريجي -والطريقة التي نفذوا
بها التخطيط في إطار عملهم اجلاري ،ساهمت في إقامة مدن
لم يكن لها منذ البداية فرصة في النجاح .كان هؤالء املخططون
يدركون جيدا اإلشكاليات الكامنة قي مدن بعيدة عن املركز ،تقع
في قلب مناطق زراعية .مع ذلك واصلوا التمسك بالرأي الذي
يرى ان في اإلمكان إرسال مهاجرين إلى مساكن أقيمت في «ال
مكان» أطلق عليه اسم مدينة.
ميكن االستنتاج في ضوء املعطيات املستشفة من الكتابة
املؤسسية واالنتقادية ،وحتليل سائر العوامل والظروف التي أنتجت
خطة شارون ،ان األهداف التي وضعها املخططون وصانعو
القرارات على رأسهم اهتمامهم ،سواء في مراحل التخطيط أو
مراحل التنفيذ ،كانت األهداف «األمنية» أو بعبارة أخرى التطلع
للسيطرة على احليز وطرد الفلسطينيني من البالد والفصل بني
89 املجموعات السكانية .هناك هدف واحد على األقل في خطة
شارون ،وهو هدف رئيس ومهم لكنه غير معلن ،حتقق بصورة شارون ..انحياز دائم للتوسع
املمثل األبرز للتخطيط احلديث في مبادئه املركزية :الثقة املطلقة الفتة :أقصى عدد من اليهود في أقصى مساحة ،وح ّد أدنى من
باخلبراء الذين يفترض أن ميلوا من فوق اخلطة املفصلة ،وتقسيم العرب في ح ّد أدنى من املساحة.
متطرف للمدينة إلى مناطق وظيفية منفصلة ،بهدف تعزيز سيطرة كان االختالف أو الفرق بني األراضي اخلاضعة مللكية يهودية
اخلبراء في املجتمع .واالحتياجات التي انعكست في التخطيط خاصة وبني األراضي العربية ،من حيث إمكانيات التخطيط ،موازيا
احلديث جتاهلت بخطوط عامة التاريخ ورغبات السكان وعاداتهم. للفوارق بني مناطق دول املتروبولني وبني مستعمراتها (Wright
و ُيشير هذا النقد إلى أن السمات التعسفية كانت جزءا ال يتجزأ . )1991وقد حتولت هذه األخيرة إلى حقل مريح للتجارب،
من التخطيط العصري احلديث. نظرا ألنه كان ميكن العمل فيها بحرية بقوة الذراع والبيروقراطية
لم أعثر في إطار هذا البحث اجلزئي على نقد أصيل ذي الكولونيالية .ويبرهن االقتباس التالي (أدناه) على أهمية املساحات
أهمية ،إزاء نظريات التخطيط التي سادت في تلك الفترة .أبدى الفارغة التي وضعت حتت تصرف رجاالت التخطيط في إسرائيل،
بعض املهندسني البارزين حتفظهم من احلداثة و»الوظائف» وفق والتي مكنتهم من جتسيد خياالتهم املهنية« :النقب منطقة واسعة،
صيغة ال -كورفوزييه والتي اعتبروا أنها فظة أكثر من الالزم ،ولكن تضم معظم مساحة أراضي البلد ،وألنها منطقة جرداء ،فإنها
يبدو ان الطليعة العصرية« /اإلبداع العصري» ملدرسة شارون تشكل حقال لتخطيط إقليمي ينطوي على إمكانيات كثيرة ومتنوعة..
املعمارية ،إضافة إلى الظروف التاريخية ،جنحا في ترك تأثيرهما لم تنشأ بعد على أرض النقب وقائع من قبيل مدن مكتظة وبناء
وسحرهما على رجاالت املهنة في ذلك األوان .مع ذلك فإنني واثق عامودي أو قسائم مخمنة .اجلزء األعظم من أراضي النقب مبلكية
من أنه ميكن العثور على نقد جاد ،ال سيما لدى أولئك الذين ال عامة ،واملساحات الواسعة مهيأة للتطوير الزراعي والصناعي ،كل
ينتمون ألنصار ومؤيدي الصهيونية في البالد والعالم .أما النقد ذلك يشكل بالنسبة للمخطط حقل تخطيط ينطوي على إمكانيات
الذي وجدته فقد بقي ضمن قواعد لعبة احلداثة ،على احملور الواقع كبيرة ،ومخاطر جمة» (شارون .)23 :1954
بني « الغربية املتصلبة» و»الغربية االستشراقية».
أخذت األفكار الريادية العصرية في الهندسة املعمارية وبناء تلخيص
املدن حتظى مبكانة مهيمنة في اخلطاب الهندسي والتخطيطي حتى يكون ممكنا حتقيق مشروع تخطيطي طموح ،يسعى إلى
اإلسرائيلي منذ ثالثينيات القرن املاضي ،غير أنها لم تتحول قط تغيير التوزيع السكاني في أنحاء البالد وفقا لنظريات ومفاهيم
إلى إجماع .وتصف ألونا نيتسان -شيفطان اجلدل الذي نشب التخطيط االقليمي «املنطقي» والتي اتسقت مع املصالح الدوالنية،
إبان العشرينيات والثالثينيات بني «محفل املهندسني املعماريني كان ال بد من توفر موردين :األرض والعنصر البشري ( +املال)،
في تل أبيب» وبني إريخ ماندلسون ،الذي يفوق حجم عمله املبني ونشأ في السنوات التي ولدت فيها خطة شارون تضافر ظرف
بكثير انتاجية نظرائه العصريني إبان تلك السنوات 13 .فقد متاثل تاريخي نادر ،لم توضع فيه حتت تصرف املخططني مساحات
ماندلسون مع الصهيونية الثقافية التي نادى بها مارتن بوبر ،في شاسعة من األراضي «الفارغة» وحسب ،وإمنا أيضا كم هائل من
مقابل متاثل محفل املهندسني املعماريني مع الصهيونية السياسية الناس الذين كان ميكن نقلهم .وقد نبعت إمكانية نقل األفراد من
التي تبنتها زعامة «الييشوف» االشتراكية ،جنبا إلى جنب انتمائه مكان إلى آخر من دون سؤالهم عن رغبتهم أو اختياراتهم ،من تبعية
لتيارات مختلفة في احلداثة املعمارية ،حيث انتمى ماندلسون إلى املهاجرين للمؤسسات ،وكذلك من الرؤية االستشراقية للمخططني
حداثة محلية ذات نزعة استشراقية ،فيما انتمت مجموعة «محفل والسياسيني ،الذين تخيلوا (اليهود) الشرقيني كأناس سلبيني غير
املهندسني» إلى مدرسة «الهندسة املعمارية اجلديدة» العاملية. متحضرين ،ميكن استخدامهم مثل الطني في يد الفخاري .عندما
ويشير الكشف عن هذه التناقضات إلى كثرة األصوات سواء في وجد شارون نفسه مضطرا للحسم بني التوزيع األقصى للسكان
اخلطاب الصهيوني أو في اخلطاب الهندسي في فترة الثالثينيات. وبني تخطيط مدينة ذات فرص أفضل في أداء عملها ،آثر اغتنام
فالتطلع نحو ايجاد لغة هندسية مرتبطة بالتاريخ والتراث الثقافي الفرصة املهنية النادرة التي أتيحت له ،باستخدام املهاجرين في
للمكان احلقيقي (العربي) نحي جانبا في الغالب ،وكذلك أيضا استيطان األراضي «الفارغة» ،وبالتالي تطبيق النموذج الذي بدا
البديل للتيار الثقافي («البوبري») في الصهيونية والذي تخيل له مالئما أكثر.
في رؤيته إقامة دولة ثنائية القومية وعلمانية في فلسطني .إن في نقده للحداثة ،بحث ديفيد هارفي ( )1989في االنعكاسات 90
التأثير احلاسم للحركة العصرية احلديثة على مشهد األمة العبرية االجتماعية إلدارة احليز .ويعتقد هارفي أن ال -كورفوزييه هو
ومن زاوية تاريخية ،يمكن مالحظة أن إعالن منظمة اليونسكو عن «المدينة البيضاء»
لتل أبيب كموقع تراثي عالمي يجب حمايته والمحافظة عليه ،أعاد إلى السطح مجددًا
هذا الجدل (التناقض) وجر وابال من المنشورات والمقاالت األكاديمية واأليام الدراسية،
حد سواء ،تفوقلكنه رسخ أكثر إلى حد ما ،في الوعي اإلسرائيلي ،المدني والرسمي على ّ
«الطراز العالمي» على الهندسة المعمارية الحديثة في «أرض إسرائيل» االنتدابية.
العربية ،وذلك خالفا للمفاهيم والنظريات الثنائية القومية التي وصورتها ،كان وما زال ينبع من التوافق الشديد بني الهندسة
رأت في الربط بني الشرق والغرب مسوغا يضفي الشرعية على احلديثة وبني املشروع الصهيوني من الناحية النظرية .فقد اقترح
املشروع الصهيوني. التراث املعماري -الصهيوني على اجلمهور البرجوازي العلماني
حني وضعت خطة شارون ورؤية محفل مهندسي تل أبيب نوعية جمالية متزنة ،نقية وسهلة املنال للتآلف اجلماعي فيما بينهم.
العصري -الراديكالي «العبري اجلديد» ،وليس بالذات العبري ومن زاوية تاريخية ،ميكن مالحظة أن إعالن منظمة اليونسكو
«السامي» ،في مركز الهوية الصهيونية ،فقد اجته مشروعهم عن «املدينة البيضاء» لتل أبيب كموقع تراثي عاملي يجب حمايته
الصهيوني إلى الداخل نحو تعمير وبناء واستيطان «ارض واحملافظة عليه ،أعاد إلى السطح مجدد ًا هذا اجلدل (التناقض)
إسرائيل» ،جنبا إلى جنب إحياء الثقافة العبرية (العلمانية). وجر وابال من املنشورات واملقاالت األكادميية واأليام الدراسية،
ومبقدار ما تعززت فكرة األمة احملاصرة بعداء عربي ،مبقدار ما لكنه رسخ أكثر إلى حد ما ،في الوعي اإلسرائيلي ،املدني والرسمي
تراجعت العالقة مع شرق واسع أكثر. على ح ّد سواء ،تفوق «الطراز العاملي» على الهندسة املعمارية
ل���م تب���د الهيمن���ة الصهيوني���ة -االش���تراكية البنغوريوني���ة احلديثة في «أرض إسرائيل» االنتدابية .فالهندسة املعمارية العاملية
واأليديولوجيا العصرية -الراديكالية التي تبناها محفل مهندسي التي عمل محفل تل أبيب على دفعها قدما ،عكست أيديولوجيا
تل أبيب ،والتي وجدت تعبيرا جليا لها في خطة شارون ،أي اهتمام الزعامة الصهيونية االشتراكية ،واتسقت بشكل مدهش مع مصدر
أو اكتراث باملش���هد والطابع العربيني والثقافة العربية للبالد ،بل االلهام الهرتسلي الذي رأى في القومية اليهودية صيرورة «شعب
تطلعت نحو طمس كل ذلك من أجل إعادة تشكيل البالد من جديد مثل كل الشعوب».
وفقا ألهوائها ورغباتها. في املقابل أضفت هندسة ماندلسون صورة ملموسة على رؤية
غي���ر أن ه���ذا التوجه ل���م يكن التوج���ه الوحيد ف���ي احلركة مارتن بوبر ،التي ترى في اخلصوبة الكائنة بني املعرفة واخلبرة
الصهيوني���ة إبان تل���ك الفترة ،وال حتى ف���ي صفوف املخططني الغربية وبني التقاليد الروحية للشرق والدة عهد جديد .وقد كان
واملهندس�ي�ن املعماريني .ففي مطلع القرن العش���رين راجت في تطلع ماندلسون نحو إيجاد هندسة معمارية عاملية جديدة ،في
أملانيا نزعة «الشرق الغامض» ،وعلى هذه األرضية رأى الكثيرون إطار هذا اللقاء ،مبثابة صهيونية تشع «نورا لألغيار» ،وفق الفكرة
من املهاجرين األملان (عبري )102في الصهيونية جتس���يرا بني التي روج لها أحاد هعام .التفسير الصهيوني االشتراكي الذي
الش���رق والغرب .فقد اعتبر مارتن بوبر ،وبوحي منه أيضا إريخ قدمته مدرسة بن غوريون لنظرية هرتسل تبنى هندسة معمارية
ماندلس���ون 14،أن الشرق والغرب قطبان متناقضان ،ولكن بشكل غير موجهة أو مخصصة لدولة محددة بعينها ،وإمنا هندسة بروح
معاكس لتعريف إدوارد س���عيد املعروف لالستش���راق .وبحسب العصر .وعقب قيام الدولة ،جرى تطبيق هذه النظرية في مجال
بوب���ر وماندلس���ون فإن الش���رق والغرب على حد س���واء مبنيان التخطيط االقليمي أيضا.
كبدائل واضحة املعالم .ولكن في الوقت الذي يش���ير فيه س���عيد خطة شارون الرئيسة الفضفاضة رهنت جناح املشروع
91
إلى الغرب الذي يوطد نفس���ه كنقيض للشرق املتعفن ،يطرح بوبر الصهيوني بالقدرة على ايجاد منظومة عمل مركزية وهرمية واحدة
الشرق كنقيض للغرب من أجل الغاء األخير .في حقبة ما وصف ومتكاملة ،على ان ال تكون مثل هذه املنظومة مرتبطة بالثقافة
خطة شارون الرئيسة الفضفاضة رهنت نجاح المشروع الصهيوني بالقدرة على
ايجاد منظومة عمل مركزية وهرمية واح��دة ومتكاملة ،على ان ال تكون مثل هذه
المنظومة مرتبطة بالثقافة العربية ،وذل��ك خالفا للمفاهيم والنظريات الثنائية
القومية التي رأت في الربط بين الشرق والغرب مسوغا يضفي الشرعية على المشروع
الصهيوني.
فترة حرب .وقد اتسمت الفترة موضع هذا البحث بتضافر هذه بـ «األزمة األس���يوية» ،ادعى بوبر أن «التقاليد الروحية العظيمة»
العمليات ،أو السيرورات ،األربع ) .(Scott 1998من هنا ،وبغية للش���رق ستوازن مستقبال املادية املفرطة للغرب .واعتقد بوبر أن
فهم سياسة التخطيط في إسرائيل ،ال بد إذن من التطرق إلى الشعب سيكون الوسيط في هذه املهمة ،وذلك ألنه «بات ميتلك كل
السياق التاريخي لهذه السياسة والوقوف على الدمج بني عمليات كفاءات الغرب دون أن يفقد طابعه الش���رقي األصيل» ،وفي مقال
بناء األمة وبني وجهات النظر االستشراقية والسياسة الكولونيالية. له نشر في العام 1940حتت عنوان «أرض إسرائيل وعالم الغد»
[مرتجم عن العربية .ترجمة �سعيد ع ّيا�ش] عاد ماندلسون ليكرر هذه الرؤية املسيانية ،بقوله إن أرض إسرائيل
هي «املكان الذي تلتقي فيه العقل والرؤيا -املادي والروحي» حقا
وحقيق���ة في طريقهما للتحول إلى «ج���زء من العالم اجلديد الذي
مالحظات وهوامش س���يحل مكان العالم القدمي» .ومن هنا بات املشروع الصهيوني
1وفقا لـ زيغموند باومان ،فإن التعارض بني النظام والفوضى يقف في قلب املشروع مؤمتنا على مهمة مقدسة« :فلسطني الساحرة ما زالت هي الديار
العصري ) ،(Bauman 1991;1-9ويتكرر هذا التناقض م��رارا في كتب ال- املقدس���ة ،ولذلك يقع علينا الواجب املقدس في رعايتها واالعتناء
كورفوزييه ( ،)1998 -1923الذي يعتبر أحد املخططني األكثر تأثيرا في القرن
العشرين ،وهذا إلى جانب التأكيد على االنضباط والنظام والعقالنية. بها» .وفيما كانت فلس���طني في مخاض الوالدة الروحية ،س���عى
2أعد البريطانيون على سبيل املثال خططا لطبرية وعكا تضمنت هدم مبان قدمية ماندلس���ون إلى حتقيق والدة هندسية /معمارية ،موازية للحظة
بهدف حتسني الوقاية الصحية .في يافا متت عملية الهدم كرد على التمرد-
العصيان -العربي ،ولكن على الرغم من االعتبارات األمنية الواضحة ،إال أنه جرى
اخلليقة املتجسدة في قلعة أثينا:
التأكيد ،حتى في املناقشات الداخلية للبوليس البريطاني ،على هدف حتسني نوعية «يتحدث معارضو الصهيونية طوال الوقت عن صغر مساحة
احلياة في بلدة يافا القدمية (سمدار شارون .)2006
3مقتبس لدى غيل أيال «نزع السحر عن الشرق» ( )2005ص.36 البالد ،وعلى ما يبدو فإنهم ينسون ان املساحة ليس لها أي أهمية
4شارون ،املصدر السابق ص .45 فيما يتعلق باجلهد امللموس .فقد كان األثينيون مجموعة صغيرة
5تشمل هذه املنطقة حوالي 940,000دومن من أراضي «الكيرن كييمت» ،قرابة 193
في بلد صغير ،لكن قلعة أثينا ما زالت منتصبة وماثلة كشاهد
ألف دومن تابعة لـ «اجلمعية اليهودية لالستيطان» ونحو نصف مليون دومن ،أراضِ
مبلكية يهودية خاصة .يقع قسم من هذه األراضي وراء ما يدعى «اخلط األخضر». على مجد اليونان» (نيتسان -شيفطان .)2005
6من أرشيف سمدار؛ املخططون ،الدولة وتشكيل احليز القومي» مجلة «تيئوريا
فبيكورت /نظرية ونقد» خريف .2006
يقول جميس سكوت ،الذي حلل إخفاقات مشاريع دوالنية
(CIAM) 7ميكن االفتراض بأن املصممني عرفوا النموذج العمراني الذي طور واسعة النطاق في الهندسة االجتماعية في القرن العشرين،
في إطار «املؤمتر الدولي للهندسة املعمارية العصرية» ،والذي أثرت قراراته على إن خبراء في مجاالت مختلفة لعبوا دورا مركزيا في قيادة هذه
التخطيط في سائر أنحاء العالم منذ ثالثينيات القرن املاضي وحتى الستينيات منه.
كذلك استورد املهندسون الذين تعلموا في الدول الناطقة باألملانية منوذج «مخطط املشاريع وتسويغها .ويرى سكوت في رؤساء الدولة واخلبراء
التوزيع الهرمي للمستوطنات» ،والذي طوره عالم اجلغرافيا فولتر كريستلر في العام الذين عملوا حلسابهم شركاء في أيديولوجيا ما يسميه «احلداثة
.1932
8في الكثير من األحيان يوصف اليهودي -العربي بصورة منطية ،كإنسان يعاني من املتطرفة» .فالقدرة على تنفيذ مشاريع واسعة النطاق -وهي
وهن جسدي وأمراض وراثية وفقر وتخلف وبدائية وجهل ودونية أخالقية وميل للعنف مشاريع محكومة بالفشل -تتوفر حني يضاف إلى حملة هذه
وغير ذلك .أنظر بير 28 ،1986؛ ليسك 1999؛ .62-58ويصف سبيرسكي
األيديولوجيا ضعف املجتمع الذي يعملون فيه ،سواء أكان احلديث
منظومة أيديولوجية كاملة تقود الشرقيني كأناس ذوي خلفية ثقافية غير متطورة 92
(سبيرسكي .)1981 يدور حول وضع كولونيالي أم حول فترات تشهد تغييرات حادة
9تعكس هذه املعطيات وضعا ساد في العام .1961وقد تعززت هذه الظاهرة أكثر وعمليات من قبيل بناء أمة وحترر من سيطرة كولونيالية أم حول
(نظرية ونقد) .،100-67 ،16محرر :يهودا شنهاف (تل أبيب – القدس .)2000 في معطيات إحصاء العام .1972في فترة الثمانينيات كانت أغلبية سكان األحياء
لويون ،ي .كلوش ،ر« :البيت القومي والبيت الشخصي :دور االسكان العام في تشكيل في مشروع ترميم األحياء ،والذي شمل 70حيا في مختلف أنحاء إسرائيل -والتي
احليز» .تيؤويا وبكورت (نظرية ونقد) ،180-153 ،16احليز – األرض – البيت .محرر شيد معظمها كإسكان عام في السنوات األولى لقيام الدولة -من اليهود الشرقيني،
يهودا شنهاف (تل أبيب – القدس )2000 هذا في الوقت الذي شكل فيه الشرقيون %45من مجموع السكان اليهود في تلك
نورئيلي ،ب« :2005 .غرباء في احليز القومي :اليهود العرب في غيتو اللد-1950 ، الفترة (مرمون .)1999وميكن الوقوف أيضا على التباين والتمييز في شكل توزيع
.»1959تيئوريا فبيكورت 42-13 :26 املجموعات التي أوردتها كالف ).(KLAFF 1980
نيتسان شفطان ،أ .خالف في الهندسة املعمارية الصهيونية :إريخ مندلسون ومحفل هذه التسوية أو االنحراف ،ما زالت قائمة حتى اآلن وهي تشكل مصدرا لنزاع 10
املهندسني في تل أبيب ،230-201داخل :ثقافة معمارية :املكان ،التمثيل ،اجل�سم ،حترير: مستمر بني مجالس إقليمية لبلدات التطوير .وعلى سبيل املثال ،في «سديروت»
كلوش ر ،حاتوكا ط. التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 25ألف نسمة توجد منطقة صناعية تدفع ضريبة
شختر ،أ .1990 .خمططون� ،سيا�سيون وبريوقراطيون .رسالة التأهيل ،معهد التخنيون- «األرنونا» للمجلس اإلقليمي الذي يضمها « -شاعر هنيغف» -وهي بلدة يقطنها
حيفا. حوالي 4000نسمة في منطقة مساحتها حوالي 300,000دومن (حسون.)2004 ،
شابيرا ،ي « .ديناميكية حافلة بالتناقضات :السكن في عني كارم بني الوعي والتهميش». خالل العام 1960طرد العرب الذي بقوا في املجدل (غوالن ،)2009وتطورت 11
داخل :شيلي كوهن وتوال عمير (محررتان) شكل السكن :الهندسة املعمارية واملجتمع في ديناميكية مختلفة في مدنية اللد .بيني نورئيلي ( )2005يصف في مقاله العالقات
إسرائيل (حرغول – عام عوفيد ،تل أبيب .)2007 ،ص .228-212 بني العرب واليهود -العرب الذين عاشوا معا في «الغيتو» العربي في اللد في فترة
شارون أرييه .التخطيط املادي يف �إ�سرائيل ،إصدار دار الطباعة احلكومية.1952 ، اخلمسينيات ،واحملاوالت احلثيثة من جانب الدولة للفصل بني املجموعتني.
شارون سمدار .املخططون ،ال��دول��ة وت�شكيل احليز القومي يف �أوائ��ل اخلم�سينيات .تيئوريا مقتبس لدى سمدار شارون.45-44 ،2006 ، 12
فبيكورت ،29خريف .2006 رسالة من شارون إلى شعبة االستيطان في الوكالة اليهودية (مقتبس لدى سمدار 13
شارون.)2006 ،
عمل إريخ ماندلسون في «أرض إسرائيل» بني األعوام .1941-1934 14
باالنكليزية