Professional Documents
Culture Documents
الحماية الجنائية للشاهد
الحماية الجنائية للشاهد
كما ال يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى من شرفني بإشرافه على مذكرة بحثي األستاذ القدير
والمحترم األستاذ الدكتور "بوسنة رابح" .
على توجيهه وتعبه معي وعلى كل المعلومات القيمة التي أفادني بها في استكمال بحثي.
خاتمـــــــــــة
مقدمــــــــة
مقدمة
إن أغلب الدعاوى الجزائية بمختلف أنواعها ومراحلها تتطلب االستعانة بشهادة الشهود حيث تعتبر
الشهادة من أهم وسائل اإلثبات وقد تكون الشهادة في الكثير من األحيان الدليل الوحيد في الدعاوى
الجزائية ،أي أن الشهادة هي أهم طريق من طرق اإلثبات في هذه الدعاوى ومكانتها مختلفة عن غيرها
من وسائل اإلثبات األخرى والدليل على ذلك أنه لم يستطع أي نظام من األنظمة وال قانون من القوانين
على مر العصور ،وباختالف مصادرها ومواردها إغفالها العتبارها كوسيلة إثبات واالعتداد بها ،ومن هذه
األنظمة القانونية نجد الشريعة اإلسالمية الغراء التي تجعل من الشهود أهم وسيلة لإلثبات وأحاطتها
بجملة من القيود والضمانات لقوله تعالى:
ين َۚعلَى أَ ْنفُ ِس ُك ْم أ َِو ا ْل َوالِ َد ْي ِن َو ْاْلَق َْرِب َ اء لِلَّ ِه َولَ ْو س ِط ُ
ش َه َد َ
ام َ ِ
ين ِبا ْلق ْ
ين آم ُنوا ُكوُنوا قَ َّو ِ َِّ
ُّها الذ َ َ ﴿ َيا أَي َ
ضوا فَِإ َّن اللَّ َه َك َ
ان ۚ َوِا ْن تَ ْل ُووا أ َْو تُ ْع ِر ُ َن تَ ْع ِدلُوا إِ ْن َي ُك ْن َغ ِنيًّا أ َْو فَ ِق ًا
ير فَاللَّ ُه أ َْولَى ِب ِه َما ۚ فَ َل تَتَِّب ُعوا ا ْل َه َوىأ ْ
1
ير﴾ سورة النساء اآلية .531 ون َخ ِب ًاِب َما تَ ْع َملُ َ
وباعتبار أن الشاهد شخص تلعب الصدفة الدور الكبير في اختياره ،فإنه يلزم أن تنصب أقواله
على الوقائع التي يستطيع إدراكها بإحدى حواسه المختلفة ،فشهادته في غاية األهمية وال غنى عنها مهما
قيل فيها من عيوب وما شابها من نقائص ،ألنها تعتبر من أهم الطرق التي يعتمد عليها القاضي الجنائي
إلظهار الحقيقة ،فشهادة الشهود هي إظهار وتبيان للحق.
كما يعد الشاهد المساعد األول للعدالة وحجر الزاوية في مكافحة الجريمة السيما جرائم اإلرهاب،
وجرائم المنظمة عبر الحدود الوطنية ،وجرائم الفساد وجرائم االتجار باألشخاص ،وذلك بتقديم المعلومات
واألدلة التي من شأنها إنجاح االدعاء لتكوين أركان الجريمة وهذا ما قد يعرضه لمخاطر عديدة تجعله في
الغالب عرضة لعدة جرائم ،من شأنها أن تدفعه إلى العدول عن تقديم شهادته ،أو حتى إلى تغيير الحقائق
حفاظا على حياته من جهة ،وأمن وسالمة أفراد عائلته من جهة أخرى.
فهو إذن يحتاج إلى الشعور باألمان لكي يقدم يد المساعدة إلى السلطات القضائية باإلضافة إلى
إلزامية شعوره باالطمئنان بأنه سوف يتلقى الدعم ،ويحاط بالحماية الالزمة وهذا ما تنبه له المشرع وأشار
إليه في األمر 20-51المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية.
1
مقدمة
ومع هذا فالمسألة تبقى بالغة التعقيد والخطورة فنحن أمام حلين إما بتوفير الحماية للشاهد
وتشجيعه على تقديم العون للجهات المختصة وبالتالي مكافحة مختلف األعمال اإلجرامية ،أو أن يتم
التقاعس عن هذه الحماية وتحمل تبعاتها الكثيرة التي تسير نحن التخلف واإلحجام عن تقديم الشهادة أو
التضليل فيها وما يترتب على ذلك من ضياع أدلة كثيرة قد تكون هي الفاصل في القضية المراد الشهادة
حولها.
ومما ال شك فيه أن موضوع بحثنا هذا يعتبر من أحدث وأهم وأعقد الدراسات القانونية في مجال
اإلثبات ،وهو ما جعل المشرع الجزائري يعطيها اهتماما بالغا بإدراجه إجراءات حديثة لحماية الشاهد في
دعاوى الجنائية أثناء مختلف مراحل سير الدعوى العمومية وهذا في األمر 20-51المشار إليه سابقا.
اْلهمية العلمية:
وتكمل في محاولتنا في معالجة اإلشكاالت التي قد تطرح على هذا النوع من المواضيع والذي
أعطاه المشرع الجزائري اهتماما بالغا عن طريق إدخاله إلجراءات حديثة لحماية الشهود في الدعاوى
الجنائية أثناء مرحلة التحقيق ومرحلة المحاكمة.
اْلهمية العملية:
حيث ارتكز هذا البحث على سن اإلجراءات المستحدثة من طرف المشرع الجزائري وهو ما
سيساعد بإذن اهلل تعالى كل من هو في المجال التطبيقي من محامين وقضاة وغيرهم من الجهات المعنية
في هذا االختصاص.
دفع بنا اختيار هذا الموضوع العديد من األسباب منها دوافع شخصية وأخرى موضوعية فتتمثل
الدوافع الشخصية في رغبتي بدراسة هذا الموضوع ومعرفة كيف حاول المشرع توفير الحماية الجنائية
الالزمة للشهود وهل وفق في ذلك أم ال ،أما الدوافع الموضوعية فتتمثل فيما يطرحه الموضوع من
إشكاليات قانونية وباعتبار الحماية الجنائية للشاهد من مواضيع البحث الجديدة ضمن البحوث األكاديمية
2
مقدمة
والتي تقل فيها الدراسات القانونية المتخصصة خاصة في الجزائر ،باإلضافة إلى إدخال المشرع الجزائري
بعض التعديالت التي تمس موضوع الحماية الجنائية للشاهد على قانون اإلجراءات الجزائية.
الصعوبات والعراقيل:
عند قيامنا بإنجاز بحثنا هذا تعرضنا لعدة صعوبات تكمن في:
اإلشكالية:
وعليه فإشكالية هذا الموضوع الرئيسية تتجلى في :هل حظي الشاهد بحماية قانونية كافية ضمن
قانون جنائية جزائري والذي يتفرع عن ذلك العديد من التساؤالت تتمثل في:
من هو الشاهد؟ وهل عرفه المشرع الجزائري؟ وما هو موقف المشرع الجزائري من وضعية الشاهد
قبل وبعد األمر 20-51المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية؟
ولإلجابة على هذه اإلشكاليات سلكنا المنهج التحليلي وذلك من خالل تحليل المواد والنصوص
القانونية التي تطرقنا إليها في هذا البحث ،والمنهج المقارن لتبيان الحماية الجنائية الجديدة التي أتى بها
المشرع وذلك وفق خطة إزدواجية تتمثل في:
3
الفصل األول:
تعني الجريمة اإلخالل بأمن الجماعة واستقرارها ،لذلك يتوجب على األفراد إبداء المعونة للقضاء
لكشف الحقيقة عن الجرائم وفاعليها خدمة للمجتمع ،هذا فضال عن أن اإلدالء بالشهادة يعد واجبا دينيا
وتتخذ الحماية الموضوعية من نصوص القواعد العقابية محال لها عبر تحديد األفعال التي تعد
جرائم ،وتوقيع العقوبات المقررة لكل جريمة على حدا ،وبذلك تنطوي على الوقائع التي يمتنع عن
األشخاص تحقيقها ،سواء كان بالتهديد أو الجبر على اإلدالء بشهادة زور أو حتى بالتحريض.
ولدراسة موضوع الحماية الجنائية للشاهد ،وجب التطرق أوال إلى أسس الحماية الموضوعية
-1أكرم نشأت إبراهيم ،القواعد العامة في قانون العقوبات ،الطبعة األولى ،مطبعة القنيان ،بغداد ،8991 ،ص.879
4
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
إن إدالء الشاهد بالشهادة أمام القضاء يساعد القضاء ويؤدي دو ار جوهريا في سبيل تحقيق
العدالة ،إذ أن االثبات على أساس شهادة الشهود يعد من األهمية بمكان في المواد الجزائية.1
إال أن الشهادة حتى تكون ذات قيمة قانونية يجب أن تحوز على جملة من الشروط والخصائص
مع التطرق إلى تبيان ماهيتها واعطاء تعريف لها ،وهذا ما سنتناوله في المطالب التالية.
يقتضي تحديد مفهوم الشهادة في الدعاوى الجزائية إلى وضع تعريف لها ،لغة واصطالحا وتبيان
وهذا ما سنتطرق إليه في هذا المطلب ،حيث سأعرف في الفرع األول الشهادة لغة ،وفي الفرع
2
الثاني أتناول الشهادة اصطالحا.
الشهادة في اللغة لها عدة معاني ومصطلحات ،يختلف معناها باختالف مواضع استخدامها.
-يقال :شهده شهودا ،أي حضره فهو شاهد ،وقوم شهود أي حضور.
5
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
-ويقال شهد الحادث أي عاينه ،ويقول الرجل :شهدت مجلس فالن أي حضرته ،ولكون الرجل يحضر
-قال تعالى﴿ :شهد اللَّه أنَّه ال إ َٰله إ َّال هو واْلمالئكة وأولو اْلعْلم قائما باْلق ْسط ۖ ال إ َٰله إ َّال هو اْلعزيز
اْلحكيم﴾.4
قال أبو عبيدة :معنى شهد اهلل :قضى اهلل أنه ال إله إال هو ،وحقيقته علم اهلل وبين اهلل ،ألن
-وقال أبو بكر األنباري ،في قول المؤذن :أشهد أن ال إله إال اهلل ،أعلم أن ال إله إال اهلل ،قال :وقول:
-3احمود فالح الخرابشة ،اإلشكاالت االجرائية للشهادة في المسائل الجزائية ،جامعة عمان األهلية ،دار الفجر للنضر
والتوزيع ،الطبعة األولى ،ص.221
6
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
أشهد أن محمدا صلى اهلل عليه وسلم رسول اهلل ،أي أعلم وأبين أن محمدا رسول اهلل.1
الب ينة في اللغة هي :الدليل والحجة ،وسميت الشهادة بالبينة ألنها تبين الحق من الباطل ،وسمي
-1نوزاد أحمد ياسين الشواني ،حماية الشهود في القانون الجنائي الوطني والدولي ،جامعة كركوك ،المركز القومي
لالرصادات القومية ،الطبعة األولى ،سنة ،2182ص.11
-3أحمد فتحي البهنسي ،الموسوعة الجنائية في الفقه اإلسالمي ،الجزء الثالث ،دار النهضة العربية ،بيروت ،سنة
،8998ص25.
7
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
قال تعالى﴿ :والَّذين يرمون أ ْزواجهم ولم يكن لَّهم شهداء إ َّال أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهاد ٍ
ات ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ
باللَّه ۖ إَّنه لمن الصَّادقين ( )6واْلخامسة أ َّن ل ْعنت اللَّه عل ْيه إن كان من اْلكاذبين ( )7وي ْد أر ع ْنها اْلعذاب
الصَّادقين﴾.2
وقد نزلت هذه اآليات بسبب قذف هالل بن أمية امأرته عند النبي صلى اهلل عليه وسلم بشريك بن
سمحاء.
-وقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم" :لوال االيمان لكان لي ولها شأن".
كل هذه التعريفات إلى أن أشهر فقهاء القانون أعطوا للشهادة تعريفات كل حسب نظرته ،فمثال:
-1عماد محمد ربيع ،رسالة دكتوراه ،حجية الشهادة في االثبات الجزائي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،سنة
،8999ص.11
8
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
أحمد فتحي سرور :فقد عرفها بأنها" :اثبات واقعة معينة من خالل ما يقوله أحد األشخاص عما
أما أحمد يوسف السولية :فعرف الشهادة بأنها" :شخص وصلت إلى حاسة من حواسه معلومات عن
الواقعة محل الشهادة ،تلك الواقعة حقيقتها التي يشهد بها سواء في مرحلة االستدالل أو التحقيق
االبتدائي أو المحاكمة".2
فحين عرفها محمود نجيب حسني :بأنها "تقرير يصدر عن شخص في شأن واقعة عاينها بحاسة من
حواسه".3
وحسب رأي الخاص ،فإن التعريف األرجح والمناسب لشهادة بشكل عام في الشق الجنائي هو ما
جاء به الدكتور أحمد يوسف السيولة ،وذلك لقرب تعريفه للواقع العملي والتطبيقي.
إن أغلب التشريعات الجنائية أغفلت النص على تعريف الشهادة بصفة عامة ،والشاهد بصفة
-1أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثانية ،القاهرة ،سنة ،8971
ص.198
-2أحمد محمد يوسف السيولة ،الحماية الجنائية واألمنية للشاهد ،دراسة مقارنة مصر ،رسالة دكتوراه ،الطبعة األولى ،دار
النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،2116ص.18
-3محمد نجيب حسني ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،مصر ،دار النهضة العربية ،سنة ،8911الطبعة الثانية،
ص.828
9
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
لكن الفقه الجنائي سعى إلى سد هذا النقص من خالل وضع تعريف للشهادة.
لقد اجتهد الفقه في وضع تعريف للشهادة واختلف تعريفها باختالف نظرة الفقيه لها ،فمنهم من
عرفها بأنها" :تقرير يصدر عن شخص في شأن واقعة عاينها بحواسه عن طريق السمع والبصر".1
وعرفها آخرون بأنها" :إقرار من الشاهد بما رءاه وسمعه أو أدركه بأي حاسة من حواسه".2
ويرى البعض أنها" :الكلمات المنقولة من قبل الشاهد بعد أن يكون قد أدى القسم القانوني عن
في حين قصر آخرون تعريف الشهادة على أنها" :التعبير عن مضمون اإلدراك الحسي للشاهد
-1علي جعفر ،مبادئ المحاكمات الجزائية اللبنانية ،المؤسسة الجامعية للدراسات ،دار النشر والتوزيع ،الطبعة األولى،
بيروت ،سنة ،8992ص.861
-2فوزية عبد الستار ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية المصري ،دار النهضة العربية ،بدون طبعة ،سنة ،8916ص.127
-3ويكيبيديا الموسوعة الحرة ،http// :ar.wikipidea.org.wiki ،تم اإلطالع عليه يوم ،2181/12/21 :على
الساعة.21:28
-4مأمون محمد سالمة ،اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،الجزء الثاني ،جامعة القاهرة ،دار النهضة العربية،
،8997ص.211
10
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
وبما أن المنهج الفقهي المتبع في الجزائر هو المذهب المالكي ،فقد تطرقوا إلى تعريفها بقولهم:
من خالل استقراء النصوص القانونية لبعض التشريعات يظهر أن المشرع لم يجهد نفسه بوضع
وسن النصوص القانونية الضابطة لها ،ببيان إجراءاتها سواء كانت أمام
تعريف للشهادة ،واكتفى بوضع ّ
باستثناء بعض التشريعات التي وضعت تعريفا لها ،ومن بين هذه التشريعات نذكر ما يلي:
-المشرع القطري:
حيث نص المشرع القطري في قانون اإلجراءات الجنائية بقوله" :ال يجوز أن يشهد الشاهد لما
يدركه بنفسه عن طريق حواسه الخاصة ،فال يسمح له بأن ينقل عن الغير مالحظتهم الشفوية والكتابية".2
-المشرع األمريكي:
والذي عرف الشاهد حسب قانون حماية الشاهد والمجني عليه لسنة 8912بأنه" :أي شخص
طبيعي كان على بوجود أو عدم وجود وقائع تتعلق أي جريمة أو كانت قد قبلت أقواله بعد حلفه اليمين
كدليل ألي غرض من األغراض ،أو كان قد أبلغ عن أي جريمة ألحد أو كان قد تم تكليفه بالشهادة
-1رابح اللو ،الشهادة في اإلثبات الجزائي ،مذكرة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،صنة ،2186ص.21
11
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
بموجب استدعاء صادر من سلطة أي محكمة من الوالية أو كان قد استدعى للشهادة من قبل أن ينطبق
وأخي ار التعريف الذي جاء به الدكتور نجاتي السيد سند ،بقوله" :الشهادة إقرار الشخص عن واقعة
أو وقائع متعلقة بالدعوى أدركها مباشرة بحاسة من حواسه ،يؤديها بشكل شفوي أما الجهات القضائية بعد
-8الشهادة إقرار يصدر من شخص عن واقعة أو وقائع أدركها بإحدى حواسه السمع ،البصر ،الشم،
اللمس أو الذوق.
-2االعتماد بالشهادة كدليل قائم بذاته يجب أن تؤدي بعد حلف اليمين إذا كان الشخص يدرك كنة
-1إن الشهادة شخصية مرتبطة بشخص الشاهد الذي أدرك الواقعة بأحد حواسه مباشرة ،فال يجوز
-2نجاتي السيد أحمد السند ،مبادئ اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،جامعة الزقازيق ،الجزء األول ،دار النهضة
العربية والنشر ،الطبعة األولى ،سنة ،8998ص.118
12
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
بعد التطرق إلى ل هذه التعريفات القانونية ،ارتئيت إلى أن التعريف األخير للدكتور نجاتي السيد
وهناك أنواع مختلفة من الشهادة منها :شهادة الرؤية ،فيشهد الشاهد بما رءاه بعينه وهي أقوى
أنواع الشهادة التي أساسها الشهادة والمناظرة ،وهناك نوع آخر وهي الشهادة السماعية أو الشهادة المنقولة
ويطلق عليها أيضا الشهادة على الشهادة ،وذلك في حالة نقل أقوال واعترافات المجني عليه ،ومثال على
ذلك :شخص أصيب بطلق ناري وقبل أن تزهق روحه يتلفظ بعبارات وأقوال يتلقاها عنه المتلقون حوله
هذا باإلضافة إلى الشهادة بالتسامع عن اآلخرين ،وهناك نوع آخر سوف أتطرق أليه يعرف
بالشهادة بالشهرة العامة ،فرغم أنها ال تعتبر بالمفهوم الفني شهادة في التشريع الجنائي ،ولكن يمكن ان
-2محمد علي سكيكر ،آلية إثبات المسؤولية الجنائية ،اإلسكندرية ،دار الفكر الجامعي ،ص.12
13
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
ومضمون هذه الشهادة هي أن يشهد الشاهد بما رآه أمام عينيه مباشرة ،فيقول ما وقع تحت سمعه
وبصره مباشرة ،وهي أقوى أنواع الشهادة ،ألن أساسها المشاهدة والمناظرة ،ولذلك تتسم بالحزم واليقين
والبعد عن الظن واالحتمال على أنه يجب على االنسان شرعا أن ال يقف على ما ليس له علم به.1
فالمولى تبارك وتعالى يقول﴿ :وال تقف ما ليس لك به عْلم ۖ إ َّن السَّمع واْلبصر واْلفؤاد ك ُّل أ َٰ
ولئك ْ ْ ْ
وحدث أن شهد شاهد أمام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،فسأله الرسول :هل رأيت بعينك؟
فقال :بل سمعت ،فأخذ المصطفى صلوات ربي وسالمه عليه الرجل بتالبيبه وقاده إلى خارج المسجد
وأشار له على الشمس في كبد السماء ،وقال له :على مثل هذا فأشهد.
على هذا يكون األصل في الشهادة أن تكون مباشرة ،فيقول الشاهد في التحقيق سواء كان ابتدائيا
أم نهائيا األحداث التي وقعت مباشرة تحت سمعه وبصره دون واسطة ودون تدخل من أحد ،فهو شاهد.
-1محمد أنور عاشور ،الموسوعة في التحقيق الجنائي العملي ،الطبعة الثانية ،ص.267
14
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
ومن ثم فإنه في هذه الشهادة يجب أن يكون قد عرف شخصه متحققا ما يشهد به من حواس ثم
بعد ذلك يتقدم بنفسه أو يدعى إلى مجالس التحقيق والقضاء ليقرر عما رآه أو سمعه من وقائع متعلقة
أما رأي المشرع الجزائري ،فقد اعتبر كغيره أن شهادة الرؤية إحدى أقوى أنواع الشهادات التي
األصل أن يشهد الشاهد على الوقائع التي شهدها بنفسه رؤية أو سماعا أو بأية حاسة من
حواسه ،ولكن يحدث أحيانا ان الشاهد قد ال يتمكن من أداء شهادته أمام المحقق أو المحكمة ،فتنقل
شهادته عن طريق قاضي التحقيق ،وذلك استنادا لما جاء في نص المادة 99ق إ ج.2
وخير مثال على ذلك :فقد يصاب شخص بطلق ناري من آخر ،وقبل أن تزهق روحه يتلفظ بقول
عبارات صريحة بأن الذي قتله فالن ويحكي أمام من حضر إليه ولحقه قبل احتضاره ظروف الحادثة ،3ثم
يموت بعد برهة وجيزة ،وهنا يتقدم شخص أو أكثر وينقل هذه الشهادة ويشهد على ما سمعه نقال على
-2المادة 99ق ا ج" :إذا تعذر على الشاهد الحضور انتقل إليه قاضي التحقيق لسماع شهادته ."...
15
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
فهذه هي الشهادة السماعية أو الشهادة المنقولة والتي يطلق عليها أيضا الشهادة على الشهادة،
ألنه يشهد بما سمعه رواية عن الغير ،فيشهد مثال أنه سمع شخصا يروي واقعة معينة وبالتالي يقوم
الشخص الذي سمع بنقل هذه الرواية بناء على ما سمعه من آخر.
وحسب رأي فإن هذه الشهادة تعتبر شهادة ضعيفة وال أتصور بناء حكم عليها ألنها أصال ال
تكون موضع ثقة ،إال إذا كانت نتائج معلومات أدركها الشاهد بحواسه ألن الشهادة السماعية التي تنصب
على رواية سمعها الشاهد بطريقة غير مباشرة نقال عن شخص آخر تعتبر هذه الشهادة محل شك والسبب
في ذلك أنه من المعتاد أن األقوال إذا انتقلت من شخص إلى آخر يصبها التحريف والتغيير والتزييف لذا
يمكن القول أن هذا النوع من الشهادة يمكن أن يشد إليه إذا توافرت أدلة أخرى أو قرائن تعززها.
الشهادة بالتسامع تختلف عن الشهادة السماعية ،التي تتعلق بأمر معين نقال عن شخص معين
شاهد هذا األمر بنفسه ،إذ أن الشهادة بالتسامع ولو أنها تتعلق بأمر معين ،إال أنها ليست نقال عن
شخص معين شاهد األمر بنفس ه ،إذ يقول الشاهد سمعت كذا ،أو أن الناس يقولون كذا وكذا عن هذا
األمر دون أن يستطيع اسناد ذلك ألشخاص معينين ،ولما كان من العسير تحري وجه الصحة بالنسبة
لهذا النوع من الشهادة ،فإنها ال تلقى قبوال في المسائل الجنائية ،وان كان القضاء قد قبلها في المسائل
التجارية على سبيل االستئناس ،وكما قبلها الفقه اإلسالمي في حاالت معينة مثل الشهادة بالنسب
وبالموت وبالنكاح وبالدخول في الزواج ،ففي هذه الحاالت تقبل الشهادة بالتسامع ،أما في غيرها من
-1المستشار مصطفى مجدي معرجة ،شهادة الشهود في المجالين الجنائي والمدني ،الطبعة الثانية ،سنة ،8991ص.21
16
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
وبطبيعة الحال فإن هذا النوع من الشهادة غير المباشرة يعتبر أقل من الشهادة األصلية المباشرة،
وذلك ألن األخبار كثي ار ما تتغير وما تتبدل عند النقل من شخص آلخر لذا فإنه قد حدث خالف في الفقه
والقانون حول هذا النوع من الشهادة ،ألن واقع االمر أن الشهادة بطبيعتها ال تكون موضع ثقة إال إذا
كانت المعلومات قد أدركه ا الشاهد بنفسه وحواسه وما عدا ذلك من معلومات متواترة تناهت إلى سمع
إن هذا النوع من الشهادة يستحوذ على نسبة ضئيلة من ثقة القضاة وال يمكن أن تعتبر دليال كافيا
في الدعوى ،وانما ال بأس من أن تعتمد عليه المحكمة لتعزيز أدلة أخرى مثل الشهادة المباشرة ،2كما أن
األصل أن يبدي الشاهد شهادته شفويا ،ألن الشهادة المكتوبة ممنوعة ،ومع هذا فإذا وجد عائق يحول بين
مع العلم أن القضاء في بعض التشريعات أخذ بها دون أن يكون هناك نص قانوني يلزمه باألخذ
بها ،وهو ما اتجه إليه القضاء المصري في إحدى ق ارراته التي جاء فيها ..." :وحيث أنه من المقرر أن
ليس في القانون ما يمنع المحكمة من األخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك األقوال قد
صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة
الموضوع وحدها فمتى صدقتها وطمأنت إلى صحتها ومطابقتها الحقيقة ،فال تصح مصادرتها في األخذ
-1أحمد فتحي سرور ،لوجيز في قانون اإلجراءات الجنائية ،سنة ،8911دار النهضة ،ص .219
-3جالل ثروت ،في نظم اإلجراءات الجنائية ،طبعة سنة ،8997دار الجامعة الجديدة للنشر ،ص.227
17
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
في حقيقة األمر أن الشهادة بالشهرة العامة هي شهادة مختلفة عن الشهادات السابقة الذكر ،فهي
عبارة عن شهادة تكون على شكل ورقة مكتوبة تحرر أما الموثق تدون فيها وقائع معينة يشهد بها شهود
يعرفون هذه الوقائع عن طريق الشهرة العامة ،كمحضر حصر التركة واعالم الورثة وتقرير غيبة المفقود
باإلضافة إلى وثيقة الوفاة التي تعدها المحكمة إثر تأكيد واقعة الوفاة.1
جاء هذا النوع من الشهادة في التشريع الجزائري طبقا لقانون الحالة المدنية رقم 21/71محددا
األشخاص الذين يملكون صفة ضباط الحالة المدنية ،وهو ما جاء في المادة األولى" :إن ضباط الحالة
المدنية هم رئيس المجلس الشعبي البلدي ونوابه ،وفي الخارج رؤساء البعثات الدبلوماسية المشرفون على
دائرة قنصلية ورؤساء المراكز القنصلية ،أما موقف القضاء الجزائري فقد جاء عن طريق قرار 2يجيز
استعمال هذا النوع من الشهادة كدليل إلثبات عقد الزواج عند عدم تمكن الزوجين من تسجيله ،فيلجؤون
أمام موثق بصحية شهود يشهدون بمعرفتهم لحالة الزواج عن طريق الشهادة العامة".
وفي األخير يمكن القول أن الشهادة بالشهرة العامة مستبعدة في المسائل الجنائية ،ولكن كما
ذكرنا سابقا هذا النوع من الشهادة يمكن أن يدمج مع أدلة االثبات في نختلف مراحل التحقيق.
-1رضا المزعني ،أحكام االثبات ،معهد اإلدارة العامة ،سنة ،8911المملكة العربية السعودية ،ص.217
-2قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ ،8919/11/87تحت رقم ،11272وينص على" :من المقرر شرعا أن الزواج
ال يثبت إال بشهادة العيان التي يشهد أصحابها أنهم حضروا قراءة الفاتحة أو حضر زفاف الطرفين كانا متزوجين".
18
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
تختلف الشهادة الجنائية عن غيرها من الشهادات سواء في الشق المدني أو حتى التجاري،
فالشهادة الجنائية لها خاصيتين أساسيتين تميزها عن غيرها ،وسيتم التطرق لهما بالتفصيل:
يجب أن يؤدي الشاهد شهادته بنفسه ،فال تجوز اإلنابة في الشهادة فيجب عليه الحضور
وهو ما جاء في قانون اإلجراءات الجزائية في مادته " :18/97كل شخص استدعي لسماع
شهادته ملزم بالحضور وحلف اليمين وأداء الشهادة مع مراعاة األحكام القانونية المتعلقة بسر المهنة".2
بل ألزم نفس القانون في نفس الماجة في فقرتها الثانية لقاضي التحقيق بناء على طلب من وكيل
الجمهورية استعمال القوة العمومية في استحضار الشاهد المبلغ مسبقا بضرورة الحضور أمام قاضي
التحقيق لإلدالء بشهادته ،وتطبق نفس العقوبة حسب نص المادة على الشاهد الرافض أداء اليمين كذلك
-1عبد الحميد الشواربي ،االثبات الجنائي في ضوء القضاء والفقه ،مصر ،دار المطبوعات الجامعية ،ص.98
-3المادة ،12/97من قانون اإلجراءات الجزائية ،وتنص على" :واذا لم يحضر الشاهد فيجوز لقاضي التحقيق بناء على
طلب وكيل الجمهورية استحضاره جب ار بواسطة القوة العمومية والحكم عليه بغرامة من 211إلى 2111دينار ،غير أنه إذا
حضر فيما بعد وأبدى عذ ار محقة ومدعمة بما يؤيد صحتها جاز لقاضي التحقيق بعد سماع طلبات وكيل الجمهورية إقالته
من الغرامة كلها أو جزء منها".
19
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
واألصل في الشهادة أن تكون صادرة عن إنسان ويثار التساؤل حول شهادة الكلب البوليسي فهل
استقر الرأي على أن تعرف الكلب البوليسي على المتهم ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب
القانون فيها شكال خا صا ،فال بد استعراف كلب الشرطة على المتهم من قبل الشهادة ألن كلب الشرطة
حيوان والشهادة ال يتص ور صدورها إال من انسان قادر على التمييز ،كما أن القانون يوجب على الشاهد
أن يحلف يمينا قبل تأدية الشهادة ،1وذلك أمام قاضي التحقيق والمحكمة وهو غير متصور لغير االنسان،
واذا كانت الشهادة ال تصدر إال من شاهد انسان فليس معنى أن كل انسان تقبل شهادته ،ألن هناك
بعض األشخاص أوجب القانون عليهم االمتناع عن الشهادة وهم الذين ألزمهم القانون بكتمان السر
كذلك هناك أشخاص أعفاهم القانون من الشهادة وهم عديمو التمييز وأصول المتهم وفروعه
وأقاربه وأفراده.
هذا باإلضافة إلى األشخاص الذين لم يمنع القانون سماع شهادتهم غير أنه ناد ار ما يكون
لشهادتهم وزن لدى القضاء وهم األعمى وشهادته متروكة لمحكمة الموضوع ويأخذ بها إذا كانت شهادة
سماع.2
20
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
وأخي ار إلى األخرس والذي أجاز القانون أن تسمع شهادته وفق ضوابط أقرها فانون اإلجراءات
يؤدي الشاهد شهادته طبقا لما التقطه بحاسة من حواسه وان كان اهلل سبحانه وتعالى قد وهب
اإلنسان عددا معينا من الحواس ،غير أن أهمهما في الشهادة هي البصر والشم والسمع وهذه الحواس
جميعها مردها إلى العقل عن طريق الحواس واألدوات الموصلة فيقوم تسجيل المدركات وتقدير نوعها
ومعناها وتميزها عن غيرها ،ألن العضو الحاس يسجل الواقعة المدركة تسجيال موقفا ثم تنقل هذه
المدركات إلى العقل الذي يمثل الجزء الرئيسي في الجهاز العصبي المركزي.2
للشاهد دور مهم جدا خاصة في المسائل الجزائية ،فالقاضي يعتبر شهادة الشهود من القرائن
القوية التي يبني عليها حكم اإلدانة أو البراءة فشهادة الشاهد في الواقعة هي محل االثبات مما قد يترتب
-1المادة 98من قانون اإلجراءات الجزائية ،والتي تنص" :يجوز لقاضي التحقيق استدعاء مترجم غير الكاتب والشهود
إذا لم يكن المترجم قد سبق له أن أدى اليمين فإنه يحلف بالصيغة اآلتية :أقسم باهلل العظيم وأتعهد بأن أترجم بإخالص
األقوال التي تتلفظ أو تتبادل بين األشخاص معبرة بلغات مختلفة".
-2رابح اللو ،الشهادة في االثبات الجزائي ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،سنة ،2186ص.26
21
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
لذلك شرط أن يكون الشاهد أجنبيا أي أنه ليس من المدعي (المشهود له) والمدعي عليه
(المشهود عليه) وليس له حق أو المصلحة في الواقعة المشهود بها والتي محل إخباره.1
وهو ما سنتناوله في هذا المطلب ،والذي قسم إلى فرعين األول يبين االعتبارات الشخصية
ويقصد بها الشروط والقواعد التي ترتبط بشخص المراد اإلدالء بشهادته فتخلف أحد هذه الشروط
تعد أهلية الشاهد شرط جوهري ،ألن الشهادة ال تتم إال بتوفر جملة من اإلمكانيات الذهنية لدى
الشاهد كما تفرض وجود سن التمييز وحركة اإلدراك واالختيار ،فالتمييز عبارة عن قدرة الشخص على
استيعاب حركة االستياء وادراك ما قد ينتج عنها من آثار سلبية أو إيجابية على المصلحة أو الحق المراد
حمايته ،2فإذا توافر سن التمييز فتأخذ شهادة الشاهد وتكون لها قوة ثبوتية.
-1ويكيبيديا الموسوعة الحرة ،http// :ar.wikipidea.org.wiki ،تم اإلطالع عليه يوم ،2181/11/16 :على الساعة:
.86:81
-2عاشور سهام ،الحماية الجزائية للشاهد ،مذكرة ماستر ،كليه الحقوق ،جامعة بجاية ،سنة ،2186ص.11
22
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
جاء رأي المشرع الجزائري حول أهلية الشاد في أداء الشهادة واضحا باعتباره أن الشخص الذي لم
يبلغ سن التمييز ال تعتبر شهادته باطلة ،بل يمكن أن تأخذ على سبيل االستدالل وحتى دون حلف
وهذا ما جاء في نص المادة ،1211حيث حدد المشرع سن السادسة عشر كسن قانونية لإلدالء
بالشهادة ومن لم يبلغ هذا السن يمكن أن تكون شهادته على سبيل االستدالل.
جاء القانون الجنائي في مسألة الشهادة الخاصة باألشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جنائية في
طياته بحرمان المحكوم عليهم على الشهادة خالل فترة تنفيذ العقوبة إال على سبيل االستدالل ،ضف إلى
ذلك فإنهم يحرمون من بعض الحقوق وبالتالي ليسوا أهال ألداء الشهادة ،إن إدانة الشخص وحدها ال
تكفي
بل وجب صدور حكم يقضي بحرمانه من كل الحقوق أو بعضها ،فال يكفي أن تكون الجريمة
-1تنص المادة 211من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :تسمع شهادة القصر الذين لم يكملوا السادسة عشر بغير
حلف اليمين وكذلك الشأن بالنسبة لألشخاص المحكوم عليهم بالحرمان من الحقوق الوطنية ،ويعفى من خلف اليمين أصول
المتهم وفروعه وزوجه وأخوه وأخواته وأصهاره على درجته من عمود النسب ،غير أن األشخاص المشار غليهم في الفقرتين
السابقتين يجوز أن يسمعوا بعد حلف اليمين إذ لم تعارض في ذلك النيابة العامة أو أخذ أطراف الدعوى".
-2عياد منير ،حجية شهادة الشهود في االثبات الجنائي ،مذكرة تخرج بالمدرسة العليا للقضاء ،الدفعة السابعة عشر،
الجزائر ،2119-2111 ،ص.81
23
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
وأبرز مثال على هذا الشرط هو الحكم على الشاهد مثال في قضية تكيفها القانوني شهادة زور
فيجب على الشاهد أن ال يكون قد حكم عليها سابقا في قضية شهادة الزور فهذا الشرط لم تنص عليه
القوانين الوضعية لكنه استنبط من أحكام الشريعة اإلسالمية العتبارها مصدر مهم من مصادر القانون.1
غير أنه قد يتحول الشاهد إلى متهم في القضية التي حضر ليدلي بشهادته فيها ،إذا ارتأى
للقاضي ذل ك ليس بأنه يكذب ويتناقض في أقواله وبذلك توجه إليه تهمة شهادة الزور ،وقد يتعرض لعقوبة
إذا استدعى لإلدالء بتصريحات في قضية مهمة ،فشهادة الزور ال تقوم إال إذا أديت في دعوى قضائية
وأمام جهات الحكم ،أما أمام جهات التحقيق أو ضباط الشرطة القضائية فال تكون كذلك حتى إن تم ذلك
وينطبق هذا الشرط على الموظفين والمكلفين بخدمة عامة والمحامين واألطباء وغيرهم والقضاة
وكاتبي الجلسات والمترجمين والزوجة ،فالموظفون والمكلفون بخدمة عامة ال يشهدون ولو بعد تركهم
العمل ،كما يكون قد وصل إلى علمهم أثناء قيامهم بعملهم من معلومات لم تنشر بالطريق القانوني ،ولم
تأذنن جهة العمل في ادعاءاتها إال إذا أدت بناء على طلب المحكمة أو طلب أحد الخصومة.3
-2أحسن بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،الطبعة الخامسة ،دار هومة ،الجزائر ،2116 ،ص.18
24
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
أما المشرع الجزائري فجاء في المادة 221ق إ ج ،1ليجيز للمدعي المدني أن يكون شاهدا وذلك
بعد أدائه اليمين القانونية إن لم يقم باالدعاء المدني ،أما إذا قام بنفسه كمدعي مدني فإنه يفقد الحق
ليصبح شاهدا.
بمعنى أن يكون موضوع الشهادة واقعة قانونية معقبة ،وأن تكون هذه الوقاعة متعلقة بالدعوى وأن
يعلم بها الشاهد شخصيا وأن تكون الواقعة متنازعا عليها ومما يجوز اثباته بالشهادة.2
من الشروط أيضا الواجب توافرها في الشهادة أن تؤدى أمام المحكمة في جلسة علنية ،وتتفق
التشريعات الجزائية على أن مرحلة المحاكمة أو التحقيق النهائي تجري بصورة عالنية كقاعدة عامة
يحضرها من يشاء من الناس ،ألن ذلك يبعث الطمأنينة في المدعي عليه وأطراف الدعوى والجمهور فال
يخشوا من انحراف في اإلجراءات أو تأثير في مجريات الدعوى أو على الشهود فيها ،والعالنية ضمانة
للمدعى عليه وللقاضي معا ،إذا توفر لألول حرية أوسع للدفاع عن نفسه وتحمل الثاني على التجرد أثناء
-1تنص المادة 221ق إ ج" :إذا ادعى الشخص مدنيا في الدعوى فال يجوز بعدئذ سماعه بصفته شاهدا".
25
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
والعالنية قاعدة جوهرية فرضها القانون تحت طائلة اإلبطال ،فإن أغفلت كان الحكم واإلجراءات السابقة
باطلة.1
في األساس يجب أن تجري جميع إجراءات المحاكمة بحضور جميع الخصوم في الدعوى ،ولذلك
أوجب المشرع إعالن الخصوم باليوم المحدد للجلسة ليتمكنوا من الحضور ،وال تقتصر حضور الخصوم
على ما يتم بقاعدة المحاكمة فقط بل يشمل أيضا ما قد يتخذ خارجها من اإلجراءات كالمعاينة أو االنتقال
اليمين نداء روحي صادر عن الضمير وتعهد على قول الحق أمام من يقدسه الشاهد سواء أكان
ذلك يتمثل في اهلل سبحانه وتعالى ،او فيما يعد مقدسا في نظر الشاهد ،وأنه سوغ يعرض نفسه النتقامه
إن قال غير الحق ،فالشاهد عندما يحلف اليمين يتخذ اهلل سبحانه وتعالى رقيبا على صدق شهادته
ويعرض نفسه لغضبه وانتقامه إن كذب فيها ،فحلف اليمين يذكر الشاهد باإلله القائم على كل نفس
26
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
فاليمين من أهم الضمانات التي تضفي على الشهادة الثقة التي يتعين أن تتوافر لها كي تكون
دليال يستمد منه القاضي امتناعه ،كما انها من جهة أخرى من أهم الضمانات الشكلية التي تحيط
وبعد ذكر لشروط األساسية لصحة الشهادة هناك شروط أخرى وجب التطرق إليها والمستنبطة من
-2يجب أن تكون الواقعة المراد اثباتها بالشهادة متعلقة بالموضوع الدعوى ،وأن تكون جائزة القبول.
27
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
لقد منح المشرع الجزائري حماية للشهود أثناء قيامهم بواجب الشهادة ،وذلك من خالل ما يوفره
قانون العقوبات من حماية عن طريق تجريم وعقاب لألفعال التي تقع على الشاهد وتؤثر على شهادته،
وهذا ما جاء في فحوى قانون العقوبات من خالل ما نصت عليه المادة 116ق ع ،1وكذلك من خالل
من هذا المنطلق سوف أقوم بمشيئة اهلل بدراسة بعض الجرائم المحرمة ممارستها على الشهود وفقا
إن مهمة الشاهد باإلدالء بما شهده أو سمعه قد تجد الكثير من االعتراضات ما يحول دون أداءه
للهادة ،فقد يتعرض الشاهد إلى مختلف أنواع وأساليب اإلكراه ،وذلك يهدف طمس شهادته وبالتالي فقدان
الحقيقة.
وعليه في هذا المطلب سوف أتطرق إلى مفهوم اإلكراه وأنواعه باإلضافة على الوسائل واألساليب
التي تعتمد كوسيلة للتأثير على الشاهد ،مع تبيان أهمية التحريض ودوره في التأثير على الشاهد.
-1تنص المادة 216ق ع ج ،على أنه" :كل من استعمل الوعود أو العطايا أو الهدايا أو الضغط ا والتهديد أو التعدي
أو المناورة أو التحايل لحمل الغير على اإلدالء بأقوال أو بإق اررات كاذبة أو على إعطاء شهادة كاذبة وذلك في أية مادة
وفي أية حالة كانت عليها اإلجراءات أو بغرض المطالبة أو الدفاع أمام القضاء سواء أنتجي هذه األفعال أثرها أو لم
تنتجه ،يعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة من 21111إلى 811111دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ما
لم يعتبر الفعل اشراكا في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد 212و 211و ."211
28
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
اإلكراه هو سبب نفسي ينفي حرية االختيار وسلب اإلرادة حريتها كاملة ،لكنه ال يعدم الجريمة في
والشاهد يجب أن يدلي بأقواله بحرية واختيار في إكراه الشاهد على أداء الشهادة بما يخالف
لإلكراه المادي أوجه مختلفة ،فتحقق اإلكراه المادي يستوجب تحقق درجة من العنف بالتالي تبطل
الشهادة ما دام ان فيه مساسا بسالمة الجسم ويستوي في ذلك أن يكون قد سبب ألما أو ألم بسبب.2
-1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الج ازئي العام ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الرابعة عشر ،الجزائر،
،2182ص.226
-2حسين فتحي عطية أحمد ،النظرية العامة لإلكراه في القانون الجزائري ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،الطبعة األولى،
سنة ،2111ص.21
29
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
وعليه فاإلكراه هو عبارة عن وقوع قوة مادية والتي تحرم الشاهد من إرادته الكاملة وتدفعه على
القيام بأفعال مجرمة قانونا ،ولإلكراه المادي شروط حتى يمنع المسؤولية الجزائية وهي أن يكون غير
وعلى هذا األساس يشرط توفر شرطين لتحقيق اإلكراه المادي وهما وجود قوة غير قابلة للرد وأن
تكون هذه القوم غير متوقعة ،فالشرط األول يقصد بالقوة الغي قابلة للرد بأنها تلك القوة التي تعمل على
شل إرادة الجاني والقضاء على حرية اختياره بحيث يجد نفسه أمام استحالة مطلقة على التصرف
أو المقاومة ،والشرط الثاني هو أن تكون القوة المكرهة خارجة عن إرادة الفاعل ،أي ال دخل إلرادته في
إيجادها ،وال يتحقق هذا الشرط إال إذا كانت تلك القوة غير معروفة له وال متوقعة منه.2
ب -اإلكراه المعنوي :وهو عبارة عن قوة معنوية ضاغطة على إرادة اإلنسان تضعفها إلى الحد الذي يفقد
قدرتها على االختيار ،وترغمها لتوجيه صاحبها إلى ارتكاب الجريمة وتتخذ القوة المعنوية في الغالب
فاإلكراه المعنوي بخالف اإلكراه المادي ال يعدم إرادة المكره ،وانما يجرد حريتها في االختيار ،كما
يقسم اإلكراه إلى إكراه معنوي خارجي واكراه معنوي داخلي ،فاألول يتخذ صور مثل :التهديد أو التحريض
أو اإلثارة التي تمارس من قبل مرتكب الجريمة نفسه أو ضد أفراد عائلته مثل ذلك الموظف الذي يدلي
-2مح م أحمد محمود ،شهادة الشهود في المواد الجزائية ،اإلسكندرية ،دار الفكر الجامعي ،سنة ،2112ص.26-21
-3عبد القادر عدو ،مبادئ قانون العقوبات الجزائري القسم العام ،الجزائر ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ،سنة
،2181ص.217
30
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
بمعلومات لعمالء آخرين لتهديده بإخفاء زوجته وأوالده وال يكون متهما بالتجسس ،وكذا الصراف الذي
وأخي ار يمكن القول أن اإلكراه المعنوي يكون أقل درجة من اإلكراه المادي بحيث يصعب تحديد
معالمه ووضع معيار له ،ألن ما يتعلق بأمور نسبية تختلف من شخص آلخر وحتى الفرد الواحد فإنه
يختلف من ظرف آلخر حسب طبيعة المالبسات المحيطة به مع مراعاة السن ودرجة الثقافة والتعليم
والمعتقدات عن هذا أن الوسيلة في اإلكراه المعنوي هي التهديد وأما في اإلكراه المادي فهي قوة مادية.2
قد يتعرض الشاهد المراد اإلدالء شهادته إلى بعض الجرائم الهدف منها التأثير عليه لتغيير
نص قانون مكافحة الفساد في المادة ،312/22على أحد الجرائم التي ممكن أن يقع ضحيتها شاهد في
قضية ما ،وهي جريمة التهديد ،وكما جرت عليه المادة لدراسة أي جريمة يستوجب أن يستخرج أركانها،
-3تنص المادة 22فقرة 12من ق م ف ج ،على " :كل من استخدم القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بالمزية
غير مستحقة أو عرضها أو منحها للتحريض على اإلدالء بشهادة زور أو منع اإلدالء بالشهادة أو تقديم األدلة في إجراء
يتعلق بأفعال مجرمة وفقا لهذا القانون".
31
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
ويتمثل في الوصول باإلدالء بشهادة زور في إجراء يتعلق بإحدى جرائم الفساد.
حسب نفس المادة من نفس القانون السابق ،2يعاقب على هذه الجريمة بالحبس من ستة أشهر
-1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الجزء الثاني ،الطبعة العاشرة ،دار هومة للطباعة والنشر
والتوزيع ،الجزائر ،سنة ،2181ص.221
32
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
جاء في قانون مكافحة الفساد في المادة ،121هذا النوع من الجرائم التي من الممكن جدا أن
يتعرض لها الشاهد والهدف منها غما تغير الحقيقة او منعه كليا من اإلدالء بشهادته.
وفقا لنص المادة السابقة الذكر ،فإن هذه الجريمة تتم عن طريق التهديد أو الترهيب عن طريق
بث الرعب أو الخوف بأي طريقة كانت في نفسية الشاهد ،وهو ما يستوجب دراسة صفة المجني عليه
والتي تم حصرها من طرف المشرع بقوله في نص المادة الشهود والخبراء والمبلغين والضحايا وأضاف
يكمن القصد من ارتكاب هذه الجريمة في منع المبلغين من إبالغ السلطات المختصة من ارتكاب
جريمة فساد ،أو منع الضحايا من تقديم شكوى ،أو منع الشهود من اإلدالء بالشهادة ،واما بسبب إبالغهم
-1تنص المادة 21من ق م ف ج ،على" :يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات وبغرامة من 11111إلى
111111دج ،كل شخص يلجأ إلى االنتقام أو الترهيب أو التهديد بأي طريقة كانت أو بأي شكل من األشكال ضد
الشهود أو الخبراء أو الضحايا أو المبلغين أو أفراد عائلتهم وسائر األشخاص الوثيقي الصلة بهم".
-2أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الجزء الثاني ،المرجع السابق ،ص.871
33
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
وفقا لنص المادة 21من نفس القانون ،فيعاقب على هذه الجريمة بالحبس من ستة أشهر إلى
يراد بالتحريض الدفع إلى الخير كما يقصد به الدفع إلى الشر ،وقد جاء ذكر التحريض في القرآن
تنكيال﴾.1
-وفي قوله تعالى أيضا﴿ :يا أيُّها النَّب ُّي حِّرض اْلم ْؤمنين على اْلقتال ۖ﴾.2
ومعنى هاتين اآليتين الكريمتين ،أراد اهلل تعالى حث المؤمنين على الترغيب والتشجيع على قتال
المشركين وعدم الركون إلى المهادنة أو المساكنة أو المساومة على ما هو أساس في حياة اإلنسان
34
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
والمجتمع ،ومما تقدم نفهم أن التحريض لغة يفيد الدفع والتحريك وخلق الدافع لدى المخاطب على إتيان
لقد جاءت التعاريف الفقهية متعددة ومتباينة في التراكيب ولكنها متفقة في المعنى ،ومن هذه
التعاريف للتحريض" :هو خلق فكرة الجريمة لدى شخص ثم تدعيمها كي تتحول إلى تصميم على ارتكاب
الجريمة".
والمالحظ أن هذه التعاريف تؤكد نشاط المحرض ذو طبيعة نفسية ،حيث ان جوهر كل تحريض
هو اإليماء أي تلك العملية النفسية التي تتخلص في إدخال فكرة في وجدان شخص فتترجم نفسها إلى
وال شك أن هذه التعاريف نستفيد منها كثي ار في تحديد جرائم التحريض الشكلية التي يشرط لتحققها
نتيجة معينة.2
-1عصام كامل أيوب ،جريمة التحريض على االنتحار ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،عمان ،سنة ،2182
ص ص .79-71
35
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
سار المشرع الجزائري بنفس نهج التشريعات األخرى ،حيث لم يضع تعريفا قانونيا صريحا لفعل
التحريض بل ذكر في المادة ،1216من قانون العقوبات بعض األفعال تؤدي إلى التحريض وهو ما سيتم
ذكره الحقا بعد دراسة القانونية ألركان جريمة التحريض على شهادة الزور.
يتمثل الركن المادي لهذه الجريمة في استعمال الوسائل الواردة ذكرها على سبيل الحصر في
المادة 216من قانون العقوبات والمتمثلة في الوعود أو العطايا أ والهدايا او الضغط أو التهديد أو التعدي
واذا كانت قائمة الوسائل التي تتحقق باستعمالها الجريمة تبدو واسعة ،فإن الجريمة تنتفي إذا
يكون الفعل مجرما ويتعرض للجزاء إذا كانت الضغوط التي مورست على الشاهد ترمي إلى حمله
على التصريح بأنه عاين شخصيا وقائع لم تصل إلى علمه إال بطرق غير مباشرة ،أو إذا وجهت
التهديدات إلى شخص سبق له أن أدلي بشهادته أو قدم شهادة وذلك للحصول منه على الرجوع في
شهادته.2
36
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
يلزم توفر جريمة التحريض على شهادة الزور أن يكون المحرض قد قام بالتحريض بصورة
مقصودة كما يلزم ان يتوافر لدى المحرض العلم بأن فعله سوف يترتب عليه انحراف الشاهد عن الحقيق.
وعليه فإن الجريمة ال تقوم إال إذا كان الغرض من استعمال الوسائل المذكورة هو التحريض
الشاهد على اإلدالء بأقوال او ق اررات كاذبة أو إعطاء شهادة كاذبة وتبعا لذلك ال يعاقب على إغراء
الشاهد إال إذا كان يرمي إلى إضافة أو التعبير عن دليل كاذب ،غير أنه ال شرط أن يكون اإلغراء
يعد تطرقنا في المطلب األول لدراسة حماية الشاهد من اإلكراه وفقا لقواعد تجريم عامة والتي
سوف نقوم في هذا المطلب الثاني بدراسة الشاهد وفقا لقواعد تجريم خاصة.
إفشاء السر هو الكشف عن واقعة لها صفة السر صادرة ممن علم بها بمقتضى مهنته ،وبالتالي
-1بكري يوسف بكري محمد ،المسؤولية الجنائية للشاهد ،الطبعة األولى ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية،2188 ،
ص.887-886
-2عبد الحميد المنشاوي ،جرائم القذف والسب وافشاء األسرار ،مطبعة دار الفكر الجامعي ،سنة ،2111ص.12
37
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
فكتمان السر واجب خلقي تقتضيه مبادئ الشرف واألمانة ألن في إذعانه مساس بشرف
األشخاص واعتبارهم هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى فإن مصلحة المجتمع تتطلب أن يجد المريض
طبيبا يركن إليه فيودعه سره ،وأن يجد المتقاضي محاميا يطمئن إلى سكوته ألن ضرر اإلفشاء في هذه
األحوال يقع على عموم الناس ال على صاحب الشر وحده ،فمن بين األسرار المشمولة بالحماية القانونية
السر المهني الذي يفرض القانون حماية له تتبلور في االلتزام بالمحافظة على السر المهني ،ويتوجب هذا
االلتزام بتعيين على األشخاص الذين علموا بوقائع سرية في ممارسة وظائفهم وهذا ما يطبق على عاتق
جاء المشرع الجزائري واضحا فيما يتعلق بجريمة إفشاء األسرار المهنية ،فمثال الطبيب امتنع عليه
اإلدالء بالشهادة بالنسبة لما يشمله سر المهنة وذلك وفقا لما جاء في المادة 18/118ق ع ،2والتي
نستخلص منها ثالثة أركان وهي :صفة من أثمن على السر وافشاء السر وأخي ار القصد الجنائي.
جاءت المادة 18/118من قانون العقوبات كأصل عام مؤيدة للمادة 216من قانون الصحة
والتي أوجبت التزام األطباء بالسر المهني ،فإفشاء سر مرضاه يعتبر جريمة ،غير أن المادة 12من
قانون الصحة كانت بمثابة االستثناء بقولها" :يجب على أي طبيب أن يعلم فو ار المصالح الصحية المعنية
بأي مرض معد شخصه واال سلطت عليه عقوبات جزائية وادارية".3
38
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
ومن جهة أخرى ودائما في جانب إفشاء األسرار المهنية ،نجد ما نصت عليه المادة 11/812
من قانون العقوبات التي تجرم االمتناع عمدا عن اإلدالء بالشهادة لصالح شخص محبوس أو محكوم
وعليه يتبين أن المشرع الجزائري قد افترض التعارض بين واجب المحافظة على األسرار وجعلها
إلزامية على المؤتمنين على السر وواجب الشاهدة مع إعطائه األولوية لواجب المحافظة على األسرار في
ألزم قانون حماية الشهود والخبراء والضحايا كل من خوله القانون االطالع على هوية األشخاص
المشمولين برنامج الحماية بواجب التكتم وعدم االفصاح عن المعلومات التي تدل على هوية الشهود أو
ولمعرفة أسس قيام هذه الجريمة والتي تعتبر من الجرائم التي تسقط الحماية المقررة للشهود وجب
يقوم الركن المادي لهذه الجريمة بقيام شخص خول له قانونا سماع الشاهد وبالتالي تطبيقا لبرنامج
الحماية فهو ملزم بكتمان هوية الشاهد وعدم االفصاح عنها واخالله بهذا االلتزام يعد جريمة ،ويقتضي
- 2تنص المادة 61مكرر 21من ق إ ج على أنه " يعاقب على الكشف عن هوية أو عنوان الشاهد أو الخبير المحمي
طبقا لهذا القسم بالحبس من ستة ( )16أشهر إلى خمس ( )11سنوات وبغرامة من 11111دج إلى 111111دج".
39
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
فعل االفشاء أن يكون قد جرى فعال إفشاء هوية الشاهد أو عنوان أو أي معلومة أخرى تدل على شخصه
تعتبر جريمة إفشاء هوية الشاهد من الجرائم القصدية التي تتطلب القصد الجرمي لقيامها فال
يعتبر المتهم مرتكبا لهذه الجريمة إذ لم يتوفر القصد الجرمي في إفشاء هوية الشاهد حتى ولو ارتكب
- 1أنظر إلى جريمة افشاء األسرار ،www. Lebarmy. Gov. Ib/ an/ content /اإلطالع عليه يوم
2181/12/86على الساعة .82:11
40
أسس الحماية الموضوعية للشاهد الفصل األول
خالصة الفصل:
حظيت الشهادة منذ القدم بأهمية لم يحتلها أي دليل آخر منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى
اليوم ،فبدراسة اإلطار النظري والقانوني تتضح األهمية البالغة لها واحتاللها الدور الريادي في أدلة
االثبات هذا باإلضافة إلى الشروط الواجب توافرها في الشخص المراد لإلدالء بشهادته بشكل خاص
والمقتضيات الموضوعية للشهادة بشكل عام ،فالمشرع الجزائري لم يضع تعريفا للشاهد كباقي التشريعات
األخرى ،بل نص على مواد قانونية تجرم أساليب ووسائل اإلكراه من خالل عدة جرائم المتمثلة في جريمة
حمل الغير عن اإلدالء بشهادة زور أو عدم اإلدالء بشهادته وذلك وفقا لنص المادة 22من قانون
مكافحة الفساد ،وجريمة التهديد والترهيب في نص المادة 21من نفس القانون ،هذا باإلضافة إلى نص
المادة 216من قانون العقوبات الجزائري والذي نص على جريمة التحريض وكان الهدف األسمى للمشرع
41
الفصل الثاني:
تتخذ القواعد اإلجرائية من الحماية اإلجرائية موضوعا لها ،فالدعاوى الجنائية تبدأ عادة باإلبالغ
عن وقائع معينة تشكل جريمة في قانون العقوبات أو في قانون اإلجراءات الجزائية ،وتلي البالغ عن
الجريمة من طرف الشاهد سلسلة من اإلجراءات المتتابعة تبدأ بمرحلة جمع االستدالالت والتي تبدأ فعليا
باإلبالغ وتقوم بها الشرطة القضائية صاحبة االختصاص ،ثم مرحلة المتابعة من طرف النيابة العامة ثم
فمرور الشاهد بهذه المراحل يستوجب شعوره باألمان له وألفراد أسرته سواء من طرف الغير
أو حتى من طرف الجهات المراد اإلدالء بشهادته أمامها ،عن طريق توفير ضمانات تجعل الشاهد يشعر
فالشاهد هو عبارة عن حجز الزاوية في مجال مكافحة الجريمة ،وهو ما تفطن له الشرع الجزائري
بإصداره األمر 20/51المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية ،حيث أضاف عشر ( )52مواد
تتضمن تدابير إجرائية وغير إجرائية يمكن اللجوء إليها في حالة وجود خطر على حياة الشاهد أو حتى
وعلى هذا األساس ،نقوم في هذا الفصل بتبيان األحكام المقررة لحماية الشاهد قبل صدور األمر
، 20/51من خالل المبحث األول ،فيما خصصنا المبحث الثاني إلى اإلجراءات الجديدة التي جاء بها
األمر .20/51
42
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
المبحث األول :األحكام المقررة لحماية الشاهد قبل صدور األمر .20/15
تندرج الحماية اإلجرائية للشاهد ضمن التزام الذي يقع على عاتق أجهزة العدالة قصد توفير
الحماية الشاملة ألمن الشهود في حياتهم اليومية ،1بحيث تكون ضمن مختلف مراحل الدعوى العمومية
وذلك بهدف تحقيق مبتغى العدالة من جهة ،والحفاظ على سالمة الشاهد من جهة أخرى.
ومن هذا المنطق ،سوف نقوم بدراسة الحماية المقررة إجرائيا بصفة عامة ،وذلك بتقسيم هذا
المبحث إلى مطلبين :األول الحماية المقررة قبل تحريك الدعوى العمومية ،والمطلب الثاني الحماية بعد
باعتبار الدعوى العمومية الوسيلة القانونية الستفاء حق الدولة في العقاب تبدأ إجراءاتها بمرحلة
البحث والتحري أي مرحلة االستدالالت ،2والتي تباشرها الشرطة القضائية تحت إشراف ومراقبة النيابة
العامة ،ويعمل هذان الجهازان على تطبيق القانون وتوفير الحماية لكل طرف في حاجة إليها.
وعليه سنتطرق في هذا المطلب إلى فرعين ،األول دور الشرطة القضائية في حماية الشهود،
-2محمد حزيط ،أصول اإلجراءات الجزائية في القانون الجزائري ،د ط ،دار هومة ،الجزائر ،0252 ،ص.511
43
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
هي أول جهاز يتصل به الشاهد ،فهي ملزمة بتوفير الحماية للشاهد مما يشعره بالراحة
واالطمئنان بتقديمه شهادته ،ولبيان أهمية هذا الجهاز المهم سوف نتطرق في هذا الفرع إلى تعريفه
أوال :تعريفها
يطلق قانون اإلجراءات الجزائية على القائمين بمهمة البحث والتحري واالستدالل اسم ضباط
الشرطة القضائية وأعوانهم والموظفين واألعوان المكلفين ببعض أعمال الضبطية القضائية ،1وقد اهتم
قانون اإلجراءات الجزائية ببيان من تثبت لهم صفة ضابط في الشرطة القضائية وصفة عون في الشرطة
القضائية من رجال الدرك الوطني واألمن الوطني ومصالح األمن العسكري ،ومن الموظفين القائمين عليه
وقد نظم قانون اإلجراءات الجزائية األحكام الخاصة بالشرطة القضائية في المواد 50إلى ،02
وتشمل الشرطة القضائية ضباط الشرطة القضائية وأعوان الشرطة القضائية وبعض الموظفين
المنوط بهم بعض مهام الشرطة القضائية ،وقد يقوم بمهمة الشرطة القضائية أيضا رجال القضاء ،وهم
-1عبد اهلل أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،د ط ،دار هومة ،الجزائر ،سنة ،0222ص.025-022
-2تنص المادة 51من قانون اإلجراءات الجزائية على" :يشمل الضبط القضائي :ضباط الشرطة القضائية ،أعوان الضبط
القضائي ،الموظفين واألعوان المنوط بهم قانونا بعض مهام الضبط القضائي".
44
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
النواب العامون ووكالء الجمهورية ومساعدوهم وقضاة التحقيق والوالة بصفة استثنائية في بعض
الحاالت.1
يناط بالضبط القضائية أو الشرطة القضائية مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون
العقوبات والقوانين المكملة له ،وجمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها وتمارس الشرطة القضائية في
حدودها اخت صاصها كافة اإلجراءات التي يقررها القانون حيث نستخلص من النصوص القانونية المعمول
بها ،أن ضباط الشرطة القضائية المحددين في المادة 51من قانون اإلجراءات الجزائية هم المكلفون
إن أعضاء الشرطة القضائية وهم يمارسون صالحيتهم في إجراء التحريات الالزمة بشأن الجريمة
لمعرفة مرتكبيها ،مقيدين في ذلك بنطاق إقليمي محدد يسمى االختصاص المحلي ،ومنهم من هم مقيدين
بنوع معين من الجرائم دون غيرها من الجرائم كأعوان الجمارك بالنسبة للجرائم الجمركية فقط يسمى
االختصاص النوعي.3
وحماية الشاهد ضمن هذه الحدود ،مرتبط باإلقليم الذي يمكن أن يمارس فيه رجل الشرطة مهامه
وبنوع اإلجراءات الممارسة في إطار الحماية ،وسيتم التفصيل أكثر في هذا الموضوع في العناوين الالحقة
45
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
ثالثا :الرقابة على الشرطة القضائية كضمان لعدم تعسف الشرطة في استعمال السلطة
يخضع ضباط الشرطة القضائية لتبعية مزدوجة ،فهم يخضعون لرؤسائهم المباشرين في الشرطة
والدرك الوطني واألمن العسكري ،باعتبارهم يمارسون أيضا مهام الضبطية اإلدارية ،ويخضعون كذلك
أثناء ممارسة مهامهم في الضبطية القضائية إلدارة واشراف النيابة العامة ورقابة غرفة االتهام ،وقد نصت
الفقرة 20من المادة 50من قانون اإلجراءات الجزائية على ضوء العديل الذي أجري عليها في سنة
تتشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة ،ويعين رئيسها ومستشارها لمدة 21سنوات بقرار
ويقوم النائب العام ومساعدوه بوظيفة النيابة العامة لدى غرفة االتهام ،وتعقد باستدعاء من رئيسها
ولغرفة االتهام مسألة رجل الشرطة القضائية مسألة تأديبية ،وهو ما حددته المادة 3022من
-2ظهري حسين ،الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،د ط ،دار المحمدية العامة ،الجزائر ،سنة ،5111ص.11
-3تنص المادة 022من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :إذا ما طرح األر على غرفة االتهام ،فإنها تأمر بإجراء
تحقيق وتسمع طلبات النائب العام وأوجه دفاع ضباط الشرطة القضائية صاحب الشأن ،ويتعين أن يكون هذا األخير قد
مكن مقدما من االطالع على ملفه المحفوظ ضمن ملفات الشرطة القضائية لدى النيابة العامة للمجلس ،ويجوز لضباط
الشرطة القضائية المتهم أن يستعين بمحام للدفاع عنه".
46
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
قانون اإلجراءات الجزائية والتي جاءت بشأن إجراءات التحقيق التي تجريها غرفة االتهام تجاه أحد ضباط
الشرطة القضائية بسبب إخالله بأحد واجباته المهنية بمناسبة أداءه ألعماله سواء في مرحلة التحريات
كما نص القانون على إمكان قيام المسؤولية الجنائية في حق عضو الضبط القضائي عما قد
ينسب لم من أفعال أثناء قيامه مثال بتلقي تصريحات من الشاهد ،فهو ملزم باحترامه وعدم الضغط عليه
وقد وضع قانون اإلجراءات الجزائية حال قيام عضو الضبط القضائي بجريمة معينة إجراءات
خاصة يجب اتباعها عند التحقيق معه ،وهي قواعد تختلف عن اإلجراءات العامة أو العادية ،وهو ما
وباستقراء النصوص القانونية السابقة ،والتي جاءت بصفة عامة ولم تحدد الشاهد بصفة خاصة
تستخلص أن الرقابة على أعمال الشرطة القضائية هي بمثابة ضمانة يحمي بها الشاهد نفسه في حال
وقوع تجاوزات قد تقع عليه أثناء تأدية شهادته ،فبمجرد ارتكاب رجال الشرطة القضائية جريمة اتجاه
الشاهد ،كالضغط أو التهديد وغيرها ،نجد أن المادة 173من قانون اإلجراءات الجزائية جاءت صريحة
لتقرر االختصاص في نظر االتهامات الموجهة ألعضاء الضبطية القضائية على مستوى كل مجلس
قضائي ،فيقوم وكيل الجمهورية بإرسال الملف إلى النائب العام لدى المجلس القضائي ،بمجرد إخطاره أن
-2تنص المادة 177من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :إذا كان أحد ضباط الشرطة القضائية قابال لالتهام بارتكاب
جناية أو جنحة خارج مباشرة أعمال وظيفته مباشرتها في الدائرة التي يختص فيها ،اتخذت بشأنه اإلجراءات طبقا ألحكام
المادة ."173
47
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
أحد أعضاء الضبطية القضائية ارتكب جريمة ،فإذا رأى النائب العام محال لمتابعته ،عرض الملف على
رئيس المجلس الذي يأمر بتعيين قاضي التحقيق من بين قضاة التحقيق ،يختار ممن يعمل خارج دائرة
االختصاص التي يعمل فيها عنصر الضبط القضائي المتهم ،وعند االنتهاء من التحقيق ،واذا كان هناك
محل لمحاكمته يحال للجهة المختصة أو لغرفة االتهام التابعة لذلك المجلس بحسب األحوال.1
وأخي ار يمكن القول أن بدراسة هذه اإلجراءات ،أن الرقابة على أعمال الشرطة القضائية سواء من
وكيل الجمهورية أو غرفة االتهام تعد أحد الضمانات التي يتمتع بها الشاهد اتجاه هذه الجهة األولية من
التحقيق ،غير أنها مانت لتكتمل لو أعطى القانون الحق لكل من تضرر من أفعال رجل الشرطة القضائية
حال قيامه بأعماله (ومن ضمنهم الشاهد) ،حق إخطار غرفة االتهام والتي منحت لكل من وكيل
نظ ار لخاصية تبعية أعضاء جهاز الشرطة القضائية في عملهم إلدارة وكيل الجمهورية فيديرها
على مستوى المحكمة ،وتحت إشراف النائب العام على مستوى المجلس القضائي مما يترتب عدم
وعليه فلضباط الشرطة القضائية مهام مختلفة الهدف منها تكوين ملف وارساله إلى وكيل
الجمهورية ،غير أن القانون أوجب على رجال الشرطة تدوين أعمالهم الذين يقومون بها بالتفصيل الدقيق
48
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
المحضر بصفة عامة محرر يدون فيه الموظف المختص عمله الذي يباشره بنفسه أو بواسطة
مساعديه وتحت إشرافه ،أما محضر القبضية القضائية فهو محرر يتضمن تقري ار عن التحريات والبحوث
التي أجراها محرره من معاينات وأقوال الشهود والمشتبه فيهم ،ونتاج العمليات التي قام بها عضو الضبط
القضائي كالتفتيش وضبط األشياء أو المواد المتعلقة بالجريمة موضوع البحث أو التحري أو سماع أقوال
الشهود وهو ما يهمنا ،فهذه المحاصر يمكن اعتبارها شهادات مكتوبة يعلن فيها محررها ما شاهده من
إن قيام رجال الشرطة القضائية بسماع شهادة الشهود أو الضحايا أو المشتبه فيهم ،أوجدهم
المشرع في المادة 52من قانون اإلجراءات الجزائية ،تحرر محاضر عنها يوقعون عليها ويدرجون
اإلجراءات التي قاموا بها ومكان ووقت القيام بها واسم وضفة محرريها ،فإن كانت متعلقة بجنايات
أو جنح وجب عليهم أن يوفوا مباشرة وكيل الجمهورية المختص فور االنتهاء منها بأصولها مصحوبة
بنسخة منها مؤشر عليها بمطابقتها األصل ،وكذا بجميع المستندات والوثائق المتعلقة بها وكذلك األشياء
المضبوطة ،أما إذا كانت متعلقة بمخالفات فإن تلك المحاضر واألوراق المرفقة بها ترسل إلى وكيل
الجمهورية المختص.2
كما أوجب القانون على نحرر محضر الشرطة القضائية إعادة سرد الشاهد ألقواله المسجلة من
طرف عون الضبطية القضائية وتقديمها له للمصادقة عليها فإذا رفض ينوه على ذلك في نفس المحضر.
49
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وبهذا يمكن القول ،أن رغم إعطاء قانون اإلجراءات الجزائية للمحضر أو التقرير قوة اإلثبات ،إال
إذا كان صحيحا في الشكل ويكون قد حرره واضعه أثناء مباشرة أعمال وظيفته وأورد فيه عن موضوع
داخل في نطاق اختصاصه ما قد رآه أو سمعه أو عاينه بنفسه ،وهو ما نصت عليه المادة 1051من
ورغم اعتبار محاضر الشرطة القضائية هي عبارة عن محاضر استداللية تجمع فيها األقوال
األولية لشهود ،إال أن هذه المحاضر تعتبر ضمانة مهمة بالنسبة للشاهد فتحمي شهادته من التزييف
أو التحريف الذي قد يرتكبه محرر المحضر ،وتبقى حجيتها حجر العثرة التي يجب على المشرع تداركها،
فقد يدحض الخصوم حجيتها أو القاضي مما يجعل الشاهد أمام موقف محرج قد يؤدي إلى امتناعه عن
يقصد بسرية اإلجراءات عدم االطالع عليها ،ويقصد بسرية التحقيق عدم عالنيتها بالنسبة للغير
وهم غير أطراف الدعوى العمومية ،فسرية التحقيق إذا تعني إجراء التحقيق في جو من السرية والكتمان
بالنسبة للجمهور ،وتعني أيضا صد كل شخص ال يعنيه أمر التحقيق في موضوع ما عن حضوره
-1تنص المادة 051من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :ال يكون للمحضر أو التقرير قوة االثبات إال إذا كان
صحيحا في الشكل ويكون قد حرره واضعه أثناء مباشرة أعمال وظيفته ."...
50
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وعليه فإن القانون يلزم كل من ساهم في التحقيق بطريقة أو بأخرى كأعضاء النيابة العامة
وأعضاء الضبطية القضائية أو الشرطة القضائية والبراء والمترجمين بحضور إجراءات التحقيق واالطالع
على أوراقه بوجوب كتمان السر المهني لعدم إذاعة أسرار التحقيق واال تعرض مفشي السر للعقوبات
المقرر جراء جريمة إفشاء السر المهني السابق التطرق لها في الفصل األول ،وعليه فسرية التحقيق نص
ومما سبق ذكره نستخلص أن القانون ألزم رجال الشرطة القضائية بالسرية سواء في اإلجراءات
التحقيق أو حتى في ذكر هوية وأقوال الشهود أمام الجمهور وهو ما يعتبر ضامنة للشاهد وحماية لسالمته
وأمنه من كافة الضغوط أو التهديدات جراء تقديمه لشهادته ،فإفشاء أقوال وهوية الشاهد يمكن إدراجها
النيابة العامة هيئة قضائية خاصة أنيط بها تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها أمام القضاء
الجزائي ،ب قصد السهر على حسن تطبيق القوانين ومالحقة مخالفيها أمام المحاكم وتنفيذ األحكام الجزائية،
وسوف نقوم في هذا الفرع بالتعريف بهذا الجهاز وعالقته بحماية الشاهد.2
-1تنص المادة 55من من قانون اإلجراءات الجزائية" :تكون إجراءات التحري والتحقيق سرية ،ما لم ينض القانون على
خالف ذلك ،ودون إضرار بحقوق الدفاع".
51
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
أوال :تعريفها
إن جهاز النيابة العامة يتكون من مجموعة من القضاة يختصون بوظيفة المتابعة واالتهام بشأن
الجرائم التي ترتكب في المجتمع خرقا ألحكام قانون العقوبات والقوانين المكملة له ،فيقومون بدور االدعاء
العام.
تخضع النيابة العامة في عالقات أعضاءها فيما بينهم ،وفي عالقاتها مع وزير العدل والقضاء
تتمتع النيابة العامة بمبدأ المالئمة في اختيار اإلجراء المناسب ،بما فيها إجراء عدم المتابعة
بإصدار أمر بحفظ األوراق ومراجعته متى رأى ضرورة لذلك ،لذلك هذه السلطة في المالئمة بين تحريك
الدعوى العمومية وبين عدم تحريكها بحفظ أوراقها مرهونة بعدم قيام النيابة العامة بأول إجراء في الدعوى
وهو تحريكها أو رفعها أمام القضاء الجنائي تحقيقا أو حكما ،ألن المبادرة بتحريكها يفقد النيابة سلطتها
في المالئمة فال تستطيع بعده سحب الدعوى أو تركها من تلقاء نفسها أو باالتفاق مع المتهم أو التنازل
مثال على الطعن بعد رفعه ،إلى االختصاص بالبت فيها يصبح لجهة التحقيق أو الحكم بحسب األحوال،
فإذا ما استنجدت ظروف تدعو النيابة العامة لتغير موقفها كظهور متهمين أخرين فاعلين أو شركاء أو أن
52
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
تكون قد طلبت إدانته فتبين لها من مجريات التحقيق براءة المتهم فيحق للنيابة تقديم طلبات عديدة
إضافية تطلب فيها تبرئة المتهم ،وهو ما نصت عليه المادة 25/13من قانون اإلجراءات الجزائية.1
أ -سلطات وكيل الجمهورية كإدارة رقابة واشراف على أعمال الضبطية القضائية:
يمثل وكيل الجمهورية النيابة لدى المحاكم ،يساعده في مهامه وكيل جمهورية مساعد واحد
يخول وكيل الجمهورية سلطات على ضباط الشرطة القضائية وجهاز الضبطية القضائية ،تبدو
-5تكليف طبيب لفحص الموقوف للنظر لدى الضبطية القضائية من الشرطة أو الدرك الوطني ،سواء تم
هذا التكليف بالفحص من تلقاء نفس وكيل الجمهورية ،أو بناء على طلب أحد أفراد عائلة الموقوف
-2تنص المادة 11من قانون اإلجراءات الجزائية" :يمثل وكيل الجمهورية النائب العام لدى المحكمة بنفسه أو بواسطة
أحد مساعديه ،وهو يباشر الدعوى العمومية في دائرة المحكمة التي بها مقر عمله".
-3تنص المادة 10فقرة 21من قانون اإلجراءات الجزائية" :يجوز لوكيل الجمهورية إذا اقتضى األمر ،سواء من تلقاء
نفسه أو بناء على طلب أحد أفراد عائلة الشخص الموقوف النظر أو محاميه أن ينتدب طبيبا لفحصه في أية لحظة من
اآلجال المنصوص عليها في المادة ."15
53
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
-0توقيع وكيل الجمهورية دوريا على السجل الذي يمسكه ضابط الشرطة القضائية في مراكز الشرطة
أو الدرك الوطني ،والذي تذكر فيه البيانات الخاصة بالموقوف للنظر ،كسماع أقواله أو امتناعه وتوقيفه
-1يجب على الضابط تقديم السجل الخاص ،الذي يمسك في كل مركز من مراكز الشرطة أو الدرك
الوطني ،لوكيل الجمهورية ولكل جهات الرقابة في كل وقت تطلبه ،ألن القانون يحرم امتناع ضباط
الشرطة القضائية عن هذا التقديم ،وهو ما تنص عليه المادة 1552مكرر 25/من قانون العقوبات.
-1توجيه وكيل الجمهورية ما يراه ضروريا من تعليمات لضباط الشرطة القضائية والنظر فيما يمكن
-1تقييم وكيل الجمهورية لعمل أعوان الشرطة القضائية وتنقيطهم مع أخذ هذا التنقيط بعين االعتبار في
-3سلطة وكيل الجمهورية في التصرف في نتائج البحث والتحري الذي يجريه الضابط وأعوانه في حفظ
-1تنص المادة 552مكرر فقرة من قانون العقوبات" :كل ضابط شرطة قضائية الذي يمتنع عن تقديم السجل الخاص
المنصوص عليه في المادة 21/10إلى األشخاص المختصين بإجراء الرقابة وهو سجل خاص يجب أن يتضمن
األشخاص المختصين الذين هم تحت الحراسة القضائية يكون قد ارتكب جنحة المشار إليها في المادة 552ويعاقب بنفس
العقوبة".
-3تنص المادة " :20/52يتولى وكيل الجمهورية تحت سلطة النائب العام ،تنقيط ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة
اختصاص المحكمة" ،والمادة " :21/52يؤخذ التنقيط في الحسبان عند كل ترقية".
54
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
جاءت الفقرة األخيرة من المادة 13من قانون اإلجراءات الجزائية تنص على" :يتلقى المحاضر
والشكاوى والبالغات ويقرر في أحسن اآلجال ما يتخذه بشأنها ويخطر الجهات القضائية المختصة
بالتحقيق أو المحاكمة للنظر فيها أو يأمر بحفظها بمقرر يكون دائما قابال للمراجعة ."...
ومن خالل استقراء نص المادة ،يتضح انه يحق ألي شخص كان شاهدا على جريمة من جرائم
القضاء أن يقوم بالتبليغ الشخصي لوكيل الجمهورية ،فما هي الضمانات الممنوحة له في هذا اإلطار؟
تم فيما سبق الحديث عن مبدأ المالئمة كأحد أهم المبادئ التي تميز النيابة العامة ،وهي التي
تقرر مضير الدعوى العمومية في حال تقدم الشاهد ليقدم شهادته (بالغه) أمام الجهاز.
وعليه فإن الشاهد هنا ال يحظى بأي معاملة خاصة ،إذ يعتبر بصفة مبلغ ،ال يمكن أن يحظى
وقد أحسن المشرع بتعديل دور وكيل الجمهورية في القانون ،20/51والذي سيتم التفصيل فيه
55
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
سوف نقوم في هذا المطلب بدراسة الحماية الشاملة للشاهد أمام قاضي التحقيق كإحدى آخر
ألزم قانون اإلجراءات الجزائية قاضي التحقيق بإجراءات البحث والتحري وال يجوز أن يشرك في
الحكم في قضايا نظرها بصفة قاضيا للتحقيق واال كان ذلك باطال ،وهو ما جاء في نص المادة 12من
ويتحدد اختصاص قاضي التحقيق محليا بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة أحد األشخاص
المشتبه في مساهمتهم في إقرائها أو محل القبض على أحد هؤالء األشخاص حتى لو كان هذا القبض قد
حصل لسبب آخر ،والتحقيق االبتدائي وجوبي في مواد الجنايات وهو اختياري في مواد الجنح وجوازي في
وال يجري قاضي التحقيق أي إجراء من إجراءات التحقيق إال بموجب طلب من وكيل الجمهورية
إلجراء التحقيق حتى ولو كان بصدد جناية أو جنحة متلبس بها ،فله أن يتخذ اإلجراءات من انتقال،
-1تنص المادة 13من قانون اإلجراءات الجزائية" :يناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث والتحري وال يجوز له أن يشرك
في الحكم في قضايا نظرها بصفته قاضيا للتحقيق واال كان ذلك الحكم باطال".
56
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
معاينة وندب الخبراء والتفتيش وضبط األشياء والتصرف فيها وسماع الشهود 1واالستجواب والمواجهة وهو
المهم في بحثنا.
عندما تعرض القضية على قاضي التحقيق إلجراء التحقيق بشأنها قد يلجأ إلى سماع الشهود
الواقعة ومناقشتهم ومواجهتهم بالمتهم حول جزئيتها ،كما أن خصوم الدعوى العمومية قد يلجئون في سبيل
تدعيم مراكزهم إلى مطالبة قاضي التحقيق باالستماع إلى شهادة بعض األشخاص تكون معلوماتهم ذات
ولسماع أقوال الشهود يقوم قاضي التحقيق باستدعائهم بواسطة القوة العمومية أو بواسطة الرسالة
وقد أعطى قانون اإلجراءات الجزائية للقاضي التحقيق الحرية في تحديد األشخاص الذين يرى
فائدة في سماع شهادتهم ،سواء كان هؤالء األشخاص قد ورد ذكرهم في البالغ عن الجريمة أو الشكوى
منها أو يكون قد وصل إلى علم قاضي التحقيق بوسيلة ما أن لديهم معلومات عن الجريمة.
كما يحق لقاضي التحقيق بقرار مسبب رفض سماع شهادة شاهد كانت النيابة قد طلبت االستماع
إليه ،واذا اقتضى األمر االستماع إلى الموظفين أو رجال الشرطة فيستحسن استدعائهم بواسطة رسالة
57
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وان كان األشخاص المطلوب شهادتهم من أعضاء الحكومة فال يجوز تكليفهم بالحضور ألداء
هذه الشهادة إال بتصريح من رئيس الجمهورية وبناء على تقرير وزير العدل وموافقة مجلس الوزراء ،وهو
فإذا لم يصدر تصريح بالحضور تؤخذ أقوال الشاهد كتابة من مسكنه بمعرفة رئيس المجلس
القضائي أو رئيس المحكمة التي يقيم بدائرتها الشاهد إذا كانت إقامته بعيدة عن المقر الرئيسي ،واذا تعلق
األمر بسفراء الجمهورية المعتمدين بالخارج فال يجوز تكليفهم بالحضور ألداء الشهادة إال بعد ترخيص من
وزير الشؤون الخارجية بناء على طلب من وزير العدل ،وهو ما نصت على المادة 3111من قانون
اإلجراءات الجزائية.
أما إذا تعلق األمر بسفراء الدول األجنبية المعتمدين بالجزائر فإن شهادتهم تؤخذ طبقا لألحكام
المقررة في المعاهدات الدبلوماسية ،وذلك حسب المادة 4111من قانون اإلجراءات الجزائية.
-1بارش سليمان ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،دار الشهاب للطباعة والنشر ،باتنة ،الجزائر،5123 ،
ص.511
-2تنص المادة " : 110غير أنه يجوز ألعضاء الحكومة بترخيص من رئيس الحكومة اإلدالء بشهادتهم شخصيا أمام
المحكمة التي ترفع أمامها القضية".
-3تنص المادة 111على أنه" :ال يجوز تكليف سفراء الجمهورية المعتمدين لدى الدول األجنبية بالحضور لشهود إال بعد
ترخيص من وزير الشؤون الخارجية لدى عرض األمر عليه من وزير العدل".
-4تنص المادة 111على أنه" :تؤخذ شهادة سفراء الدول األجنبية المعتمدين لدى الحكومة الجزائرية بالشروط المنصوص
عليها في المعاهدات الدبلوماسية".
58
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
أما تأدية الوالة لشهادتهم فإنها تخضع لبعض الشكليات مع مالحظة أن القانون لم ينظم بقواعد
خاصة كيفية أدائهم للشهادة ،وغالبا ما يقع االتفاق على تلقي قاضي التحقيق شهادتهم بمركز الوالية.1
فمن خالل استقراء نص المادة 212من قانون اإلجراءات الجزائية يتضح لنا أن:
-الشهادة تؤدى أمام القاضي مباشرة فال يمكن أن تكون عن طريق المراسلة أو الهاتف أو شريط مسجل
-سماع الشاهد يكون سريا وعلى انفراد وهذا من خصائص النظام التنقيبي ،ثم يمكن إجراء مواجهة بينه
يدلي الشاهد بشهادته منفردا أمام قاضي التحقيق كأصل عام بغير حضور المتهم ،متى كانت
اليمين القانونية واجبة ،إال أن هذا ال يمنع من اإلدالء بالشهادة في حضور المتهم أو المدعي المدني ألن
القانون يجيز لقاضي التحقيق مناقشة الشاهد ومواجهته بشهود أخريين أو بالمتهم.4
-2تنص المادة 12من قانون اإلجراءات الجزائية" :يؤدي الشاهد شهادتهم أمام قاضي التحقيق يعاونه الكاتب فرادى بغير
حضور المتهم ويحرر محضر أقوالهم".
- 3نجيمي جمال ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية (مادة بمادة) الجزائري ،الجزء األول ،دار هومة للنشر ،الجزائر،
،0227ص.510
59
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
ويجري بمشاركتهم ما يراه الزما من تجارب واجراءات خاصة بإعادة تمثيل الجريمة إظها ار للحقيقة
ومن بين أحد أهم الضمانات التي يتمتع بها الشاهد أمام قاضي التحقيق هو تدوين شهادته في
محضر خاص يعاد قراءته من طرفه ،فإذا لم يستطع الشاهد القراءة يتلى عليه ما دون بمعرفة الكاتب وله
كامل الحرية في التوقيع أو الرفض ،وهو ما نصت عليه المادة 211من قانون اإلجراءات الجزائية ،وبهذا
ويحرر الكاتب محض ار بالشهادة يوقع القاضي المحقق والكاتب والشاهد على كل صفحة من
يشترط في المحضر أن ال يتضمن حشوا أو تحشي ار بين السطور ،فإذا تضمن شطبا أو تخريبا
وجبت المصادقة عليه من القاضي والكاتب والشاهد واال اعتبر المحضر باطال بما احتوى ،وهو ما تنص
-1تنص المادة 13من قانون اإلجراءات الجزائية على ":يجوز لقاضي التحقيق مناقشة الشاهد ومواجهته بشهود آخرين
أو بالمتهم وأن يجري بمشاركتهم كل اإلجراءات والتجارب الخاصة بإعادة تمثيل الجريمة مما يراه الزما إلظهار الحقيقة".
-2تنص المادة 11من قانون اإلجراءات الجزائية على" :ال يجوز أن تتضمن المحاصر تحشي ار بين السطور ويصادق
قاضي التحقيق والكاتب والشاهد على كل شطب أو تخريج فيها من المترجم أيضا إن كان ثمة محل لذلك ويغير هذه
المصادقة تعتبر هذه الشطوبات أو التخريجات ملغاة وكذلك الشأن في المحضر الذي لم يوقع عليه توقيعا صحيحا أو في
الصفحات التي تتضمن توقيع الشاهد".
60
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
أجازت المادة 15من قانون اإلجراءات الجزائية لقاضي التحقيق إمكانية االستعانة بمترجم لسماع
شهادة الشاهد وترجمتها ،في حالة كون الشاهد ال يتكلم اللغة العربية.2
ومن فحوى المادة تبين أنه يجوز لقاضي التحقيق أن يستعين بمترجم عند سماع الشاهد شريطة
أال يكون المترجم هو بدوره شاهدا في القضية أو هو كاتب التحقيق ،كما ال يجوز أن يكون المترجم هو
وأجازت المادة 10من نفس القانون لقاضي التحقيق انتداب مترجما إذا كان الشاهد أصما
أو أبكما ويؤدي المترجم اليمين إذا لم يسبق له أن أداه قبل البدء في الترجمة بقوله" :أقسم باهلل العظيم
-1تنص المادة 11من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه " :ال يجوز أن تتضمن المحاضر تحشي ار بين السطور
ويصادق قاضي التحقيق والكاتب والشاهد على كل شطب أو تخريج فيها من المترجم أيضا إن كان ثمة محل لذلك وبغير
هذه المصادقة تعتبر هذه الشطوبات أو التخريجات ملغاة وكذلك الشأن في المحضر الذي ال يوقع عليه توقيعا صحيحا
أو في الصفحات التي تتضمن توقيع الشاهد".
-2تنص المادة 15من قانون اإلجراءات الجزائية على" :يجوز لقاضي التحقيق استدعاء مترجم غير الكاتب والشهود ،إذ
يكون المترجم قد سبق له ان أدى اليمين فإنه يحلف اليمين بالصيغة األتية( :أقسم باهلل العظيم وأتعهد بأن أترجم بإخالص
األقوال التي تلفظ أو تتبادل بين األشخاص معبرة بلغات مختلفة)".
-3تنص المادة 13من ق إ ج على أنه " :يجوز لقاضي التحقيق مناقشة الشاهد ومواجهته بشهود خرين أو بالمتهم وأن
يجري بإشراكهم كل اإلجراءات التجارب الخاصة بإعادة تمثيل الجريمة مما يراه الزما إلظهار الحقيقة".
61
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وأتعهد بأن أترجم بإخالص األقوال التي تلفظ أو تتبادل بين األشخاص معبرة بلغات مختلفة".1
وترجمة أقوال الشاهد ثاني أهم الضمانات التي يتمتع بها الشاهد بعد السرية وذلك ألن أقواله
تسمع على الوجه السليم ،كما أن وجود المترجم يعطي طمأنينة للشاهد في كون أقواله تصل إلى مسامع
المحقق مفهومة وواضحة حتى تؤدي الدور المرجو منها ،ففي حالة عدم وجود مترجم ألقوال الشاهد يبقى
لقد أعطى المشرع الجزائري للشاهد لإلدالء بشهادته في أحسن وأفضل الظروف وذلك خالل
مرحلة التحقيق وذلك بهدف حمايته من أي تأثير خارجي واعادة تمثيل ما شهده بدون ضغوط ،ومن بين
-1الحضورية
تنص المادة 21من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :يتعين على كل شخص استدعي
بواسطة أحد أعوان القوة العمومية لسماع شهادته أن يحضر ويؤدي اليمين عند االقتضاء ويدلي بشهادته
-1تنص المادة 10من قانون اإلجراءات الجزائية على" :إذا كان الشاهد أصما أو أبكما توضع األسئلة وتكون اإلجابات
بالكتابة ،واذا لم يكن بالكتابة يندب قاصي التحقيق من تلقاء نفسه مترجما قاد ار على التحدث معه ،ويذكر في المحضر اسم
المترجم المنتدب ولقبه ومهنته وينوه عن حلفه اليمين ثم يوقع على المحضر".
62
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وتنص أيضا المادة 12من نفس القانون" :يؤدي الشهود شهادتهم أمام قاضي التحقيق يعاونه
وعليه فإن الشهادة تؤدى أمام القاضي مباشرة فال يمكن أن تكون عن طريق المراسلة أو الهاتف
أو شريط مسجل يسمعه القاضي أو ما سوى ذلك من وسائل االتصال عن بعد ،1فحضور الشاهد بنفسه
من خصائص التحقيق االبتدائي السرية بالنسبة للجمهور ،فإجراءات التحقيق والنتائج التي يتم
التوصل إليها تعد من األسرار التي ال ينبغي االطالع عليها من طرف أي جهة كانت ،ويمنع افشائها من
طرف قضاة التحقيق والنيابة العامة وكتاب الضبط والمحامين والخبراء ،المترجمون واألشخاص الساهرون
فسماع الشاهد يكون سريا وعلى انفراد وهذا من خصائص النظام التنقيبي ،ثم يمكن إجراء مواجهة
بينه وبين غيره من الشهود أو األطراف وفقا للسلطة التقديرية لقضائي التحقيق.2
كما حرص المشرع الجزائري على التزام كل من باشر التحقيق أو اتصل به بحكم مهمته
63
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
المحافظة على سريته المطلقة ،وهذا وفقا للمادة 155من قانون اإلجراءات الجزائية ،ويترتب على هذه
المخالفة جريمة إفشاء الشر المهني وفقا لما أشرنا إليه سابقا ،أما االستثناء فيكمن في إيجاز القانون
للنيابة العامة لالطالع الرأي العام على عناصر موضوعية بشرط ان ال يتضمن فيهم االتهامات وهذا
وعليه يمكن القول أن سرية التحقيق تعتبر أحد ضمانات الحماية التي يتمتع بها الشاهد ،فال شك
أن عالنية التحقيق قد تضر بالشاهد من جهة وحتى المتهم من جهة أخرى ،ذلك ان بلوغ الحقيقة في شأن
الجريمة الواقعة ونسبتها للمتهم يتطلب أحيانا عدم تسرب المعلومات والوثائق الخاصة بمجريات التحقيق،
كما أن مصلحة المتهم أن يظل التحقيق طي الكتمان ،لتجنب ما قد يتلقاه من إساءة وتشهير ،خاصة
وأخيرا ،فلعل في سرية التحقيق ما يضمن حماية لجهات التحقيق من التأثير المتزايد للرأي العام
-1تنص المادة 55من قانون اإلجراءات الجزائية على ":تكون إجراءات التحري والتحقيق شرية ما لم ينض القانون على
خالف ذلك ودون إضرار بحقوق الدفاع ،كل شخص يساهم في هذه اإلجراءات ملزم بكتمان الشر المهني بالشروط المهنية
في قانون العقوبات ،وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها فيه ،غير أنه تفاديا النتشار معلومات غير كاملة أو غير
صحيحة او لوضع حد لإلخالل بالنظام العام يجوز لممثل النيابة العامة دون سواه ان يطلع الرأي العام بعناصر موضوعية
مستخلصة من اإلجراءات على أن ال يتضمن أي تقييم لالتهامات المتمسك بها ضد األشخاص المتورطين".
-2عمارة فوزي ،قاضي التحقيق ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة اإلخوة منتوري ،قسنطينة،0252 ،
ص.07
64
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
توجد مجموعة من المبادئ العمة تسري على المحاكم الجزائية مهما كانت درجة جهة الحكم التي
ويقصد بمبدأ العالنية أن تعقد جلسات المحاكمات الجزائية في قاعات مفتوحة للجمهور دون
فعالنية المحاكمة والسماح بحضورها لمن يشاء من الناس هي ضمانات قوية للمتهم في جعل
القاضي يحتاط احتياطا شديدا لتحقيق العدالة فيما ينظر من قضايا وتقوية إليمانه بعدالة هيئة المحكمة
لمباشرة اإلجراءات أمام الناس ،وعدم حدوث أي انحراف من جانب القضاة ،فضال عن أن لعالنية
المحاكمة أثر في نفوس الناس كردع لهم يمنعهم من ارتكاب مثل هذه الجرائم التي يحاكم بشأنها المتهم
لما يشاهدونه في قاعة المحاكمات من اضطراب وخوف باإلضافة إلى العقوبة التي يحكم بها عليه إذا
كذلك تمكن المتهمين من تقديم رسائل دفاعهم على أكمل وجه وتجعل الشاهد يدقق في شهادته،
فال يتحفى وراء السرية لكي يقول ما يشاء وتمكن القضاة من إظهار احترامهم للقانون وتجنبهم كل تجاوز.
-1علي شمالل ،الجديد في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،التحقيق والمحاكمة ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع،
الجزائر ،الطبعة الثالثة ،0257 ،ص.511
-2علي فضل البوعينين ،ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،د ط ،0223 ،ص.011
65
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
-األولى هي السماح لكل شخص دون تمييز أن يشهد المحاكمة وال يكفي حضور الخصوم أو وكالئهم
أو أقاربهم.
-والوسيلة الثانية السماح بنشر ما يجري داخل الجلسات من إجراءات بكافة طرق النشر ،وفي هذه الحالة
فإن ما يجري في جلسة عالنية يكون من حق الجمهور والصحف أن تنقله ،لكن العالنية ال تمتد إلى ما
يجري في المداولة فهي سرية بطبيعتها وال يجوز للقضاء إفشاء أسرارها.1
ومبدأ عالنية الجلسات من المبادئ الجوهرية الذي يترتب على مخالفته البطالن المطلق
لإلجراءات ،لذلك يجب أن يثبت في الحكم أو في محضر الجلسة ما إذا كانت إجراءات المحاكمة قد تمت
عالنية أم سرية.2
وأخي ار يمكن القول أن احترام مبدأ العالنية يحقق مصلحة عامة ،وهو لهذا السبب يعتبر الخروج
عنه إهدا ار لتلك المصلحة ومخالفة للنظام العام ،األمر الذي جعل المشرع الجزائري كباقي التشريعات
-1محمود نجيب حسني ،االختصاص واالثبات في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،د ط،،
،5110ص.52
-2محمود محمود مصطفى ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة الثانية عشر،...51 ،
ص.112
66
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
األخرى ينض على هذا المبدأ في المادة 1110من قانون اإلجراءات الجزائية والتي تقتضي بتطبيق مبدأ
العالنية.
وتأكيدا لما سبق بيانه ،فقد جاءت المادة 2021من نفس القانون لتذكر األشياء الذي يمكن أن
مبدأ شفوية المحاكمة يقصد به أن تكون إجراءات المحاكمة قد نصت بصورة شفوية ،وذلك
بحضور أطراف الخصومة والجمهور المتواجد بالجلسة ،وأن تكون باللغة الوطنية المعتمدة دستوريا،
فيتعين على المحكمة ان تسمع إلى تصريحات المتهم وأقوال الضحية وافادة الشهود ،ورأي الخبراء إن كان
هناك خبراء كما يتعين على المحكمة سماع مرافعات النيابة العامة ودفاع الخصوم وكل الدفوع والطلبات
المقدمة من هؤالء.3
تعد شفوية المحاكمة إحدى الضمانات المهمة التي تؤكد عالنية الجلسة وبالتالي وجود مناقشة
فيها ،وهي األساس المنطقي لمبادئ أخرى تسود نظام المحكمة الجنائية ،فمبدأ شفوية المحاكمة هو
السبيل إلى تطبيق مبدأ المواجهة بين الخصوم ،لكي يتاح لكل طرف في الدعوى أن يواجه خضمه بما
-1تنص المادة 110من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :يطبق فيما يتعلق بعالنية وضبط الجلسة المادتان 021
و 023فقرة ."25
-2تنص المادة 021من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :جلسات المحكمة عالنية ،ما لم يكن في عالنيتها مساس
بالنظام العام واآلداب العامة ،وفي هذه الحالة تصدر المحكمة حكما علنيا بعقد جلسة سرية ،غير أن الرئيس ان يحصر
على القصر دخول قاعة الجلسة ،واذا تقررت الجلسة ...صدور الحكم في الموضوع في جلسة عالنية".
67
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
لديه من أدلة ويتاح له أن يعرف ما لدى خضمه من أدلة ويقول رأيه فيها ،ينبغي ان تعرض هذه األدلة
نصت المادة 000من قانون اإلجراءات الجزائية على" :كل شخص مكلف بالحضور أمام
المحكمة لسماع أقواله كشاهد ،ملزم بالحضور وحلف اليمين وأداء الشهادة".
ومما سبق ذكره ،فإن مظاهر حماية الشاهد وفقا لهذا المبدأ تكمن في أن شفوية المحاكمة تسمح
له بالتأكد من الصريحات التي أدلى بها سابقا أما جهات التحقيق االبتدائي وهل أصابها نوع من التزييف
أو التحريف من جهة ،ومن جهة أخرى تسمح للمحكمة من مراقبة أعمال التحقيق االبتدائي وما يكون قد
علق بها من شوائب فما تولد عنه من أدلة يعرض من جديد على المحكمة وتدور في شأنه المناقشات
فيتاح تقدير قيمته من جديد ومراقبة التقدير الذي كانت سلطة التحقيق قد خلصت إليه.
إن م بدا المواجهة بين الخصوم مكمل لمبدأ الشفوية ،فال يكفي أن تستمع المحكمة إلى تصريحات
المتهم وأقوال الضحية وافادات الشهود ،وانما يجب أن يتم ذلك بحضور ومواجهة جميع األطراف داخل
قاعات الجلسات حتى يتمكن كل طرف من سماع أقوال باقي األطراف ،2ومشاهدة األدلة التي يقدمونها
68
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
حتى يستطيع مناقشتها والرد عليها وتنفيذها وتقديم ما قد يكون له من أدلة مضادة ،وهو ما نصت عليه
فالمواجهة تقتضي وجود األشخاص المطلوب مواجهتهم ببعض في المكان المحدد إلجرائها فيما
بينهم سواء كانت أمام جهات التحقيق أو جهات الحكم وغالبا ما يكون سبب المواجهة تناقض الشهود مع
والمواجهة إجراء يطلب اتخاذه المتهم حيث يستطيع أن يثبت صدق أقواله وفي المقابل كذب
وقد تطرق المشرع الجزائري إلى مبدأ المواجهة الخاص بالشاهد في نص المادة 25/13بقوله:
"يجوز للقاضي مناقشة الشاهد ومواجهته بشهود أخرين أو بالمتهم وأن يجري بمشاركتهم كل اإلجراءات
2
والتجارب الخاصة بإعادة تمثيل الجريمة مما يراه الزما إلظهار الحقيقة".
قد يدلي الشاهد بمعلومات أمام المحقق وتكون كخالفة لما سبق أن أدلى به في محضر جمع
االستدالالت أو أمام المحقق في جلسة سابقة أو تكون مخالفة ألقوال غيره من الشهود ويحتاج األمر
عندئذ إلى مواجهة الشاهد ،فإذا كانت المواجهة أقوال أخرى لنفس الشاهد فإن المحقق يذكر له مضمون
-1تنص المادة 120من قانون اإلجراءات الجزائية على' :يعرض الرئيس على المتهم إن لزم األمر أثناء استجوابه
أو أثناء سماع أقوال الشهود أو بعد ذلك مباشرة أو بطلب منه أو من محامية ،أدلة االثبات أو محضر الحجر أو االعتراف
بهذه األدلة ،كما يعرضها على الشهود أو الخبراء أو المحلفين إن كان ثمة حل لذلك'.
69
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
تلك األقوال واذا دعا األمر يتلو عليه كم أقواله األولى الجزء الذي يراه متعارضا مع ما أدلى به ،فإذا عدل
1
الشاهد عن أقواله األخيرة ذكر ذلك العدول.
ووجب على المحقق مناقشته فيه وفي سبب التعارض في األقوال ،وان أصر على قوله األخير
ذكر ذلك في المحضر ،وقد تتم المواجهة مع بعضهم البعض وحينئذ تجري بصورة أخرى أن ينكر كل
شاهد ما قاله اآلخر وكالهما ماثل أمام المحقق ،وقد يصر كل منهما على موقفه وحينئذ يثبت المحقق
ذلك في محضره فإن عدل أحدهما عن موقفه ،وحين مناقشته لهذا العدول الحتمال أن يكون واقعا تحت
تأثيرها.2
أجاز قانون اإلجراءات الجزائية أن يقوم المحقق بمواجهة المتهم بالشهود وذلك وفقا للمادة ،313
حيث يحق لجهات التحقيق أن تقوم بإجراءات الواجهات اقتضتها حالة استعجالية تبين مثال وجود شاهد
على فراش الموت أو وجود آثار أو أدلة في طريق الزوال ،وهو ما نصت عليه المادة 525من قانون
اإلجراءات الجزائية بقولها" :يجوز لقاضي التحقيق على الرغم من مقتضيات األحكام المنصوص عليها
في المادة 521أن يقوم في الحال بإجراء استجوابات أو مواجهات تقتضيها حالة استعجال ناجمة عن
-3تنص المادة 13من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :يجوز للقاضي مناقشة الشاهد ومواجهته بشهود آخرين
أو بالمتهم وأن يجري بمشاركتهم ."...
70
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وجود شاهد في خطر الموت أو وجود أمارات على وشك االختفاء ،ويجب أن يذكر في المحضر واعي
االستعجال".
ويقصد به حضر سلطات المحكمة فيما يدخل في حوزتها من حيث األشخاص والوقائع ،أي أن
المحكمة تتقيد بحدود الدعوى الشخصية والعينية ،كما هي محددة في الئحة االتهام ،فيكون قضاء
المحكمة صحيحا إذا التزمت هذه الحدود ويكون باطال إذا تجاوزتها.1
وقد جاء مبدأ تقييد المحكمة بحدود الدعوى تطبيقا لمبدا القصل بين سلطتي االتهام والحكم،
فالدعوى تعتبر شخصية بالنسبة لألشخاص وعينية بالنسبة للوقائع ،وعليه فالسؤال المطروح هنا :هل
يمكن للمحكمة أن توجه االتهام للشاهد في القضية المراد اإلدالء بشهادته فيها؟
يعني ذلك أن تتقيد المحكمة باألشخاص موضوع االتهام ،أي يتعين أن تشمل إجراءات المحاكمة
فقط األشخاص الذين حركت ضدهم الدعوى ،فال يجوز للمحكمة أن تدخل من تلقاء نفسها شخصا آخر
تبين لها أثناء المحاكمة أنه ساهم في الجريمة إلى جانب المتهم المحال إليها ،فال يجوز للمحكمة مثال أن
تحكم على شخص مثل أمامها كشاهد أو كمسؤول مدني تبين لها أنه شريك في الجريمة أو محرض
-1علي شمالل ،الجديد في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،التحقيق والمحاكمة ،المرجع السابق ،ص.517
71
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
عليها ،كما ال يجوز لها أن تحكم على شاهد في جريمة الضرب والجرح العمدي أي جريمة االغتصاب
إذا تبين لها أنه ساهم إلى جانب المتهم بارتكاب الجريمة.1
72
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
جاء األمر 20/51المؤرخ في 01يوليو ،0251المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية في
فحواه على استحداث مجموعة من التدابير لحماية الشهود والخبراء ،تناولها المشرع الجزائري في الفصل
السادس من الكتاب الثاني لقانون اإلجراءات الجزائية مخصصا لها المواد من 31مكرر 51إلى 31
مكرر .02
وسوف نقوم في هذا المبحث إلى التطرق إلى هذه التدابير المستحدثة لحماية الشاهد في جميع
مراحل اإلجراءات القضائية ،وذلك بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين :األول يتضمن تدابير الحماية قبل
تحريك الدعوى العمومية ،والثاني تدابير الحماية بعد تحريك الدعوى العمومية.
لقد أقر المشرع الجزائري في المادة 31مكرر 02مجموعة من التدابير الغير إجرائية لحماية
الشاهد والمتمثلة في مجموعة إجراءات توفر الحماية الجسدية واألمنية للشاهد 1في أي مرحلة من مراحل
وتعتبر أول محطة يتصل بها الشاهد بجهات التحقيق وهي الجهة التي ينطبق عليها نص المادة
31مكرر 02والتي تضمن التدابير الغير إجرائية التي يستفيد منها الشاهد المراد اإلدالء بشهادته.
-1األمر رقم ،20/51يعدل ويتمم األمر رقم 511/33الصادر في 22جوان 0251والمتضمن قانون اإلجراءات
الجزائية ،جريدة رسمية رقم .12
73
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
إذ جاء تقديم هذا النوع من التدابير استجابة لتوصيات منظمات دولية وحقوقية على غرار اتفاقيتي
األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة ومكافحة الفساد ،والتي كانت الجزائر من الدول المصادقة عليها
وذلك بهدف ضمان عدم المساس بسالمة وأمن الشهود وسالمة عائالتهم ،ولدرء أي تهديد لمصالحهم،
قد يتعرض الشاهد إلى العنف أو التهديد جراء تقديمه لشهادته من طرف عصابات خطيرة ،لذلك
ألزمت المادة 31مكرر 202من األمر 20/51إلى إبقاء هوية الشهود في سرية تامة ،ألن أي تسريب
من طرف رجال الشرطة القضائية للمعلومات الشخصية للشاهد قد يضع هذا األخير وعائلته في خطر،
وهو ما يعتبر منافي لالختصاصات المهنية لرجال الشرطة القضائية والسلطة في توفير األمن والحماية
للشاهد.
باعتبار ضابط الشرطة القضائية حلقة وصل بين الشاهد السلطات القضائية ،أجاز قانون
اإلجراءات الجزائية في إطار حماية الشهود دائما ،والعتبارات أمنية ،ان تستحدث نقطة اتصال خاصة
بي ن الشاهد ومصالح األمن لردع أي اعتداء على شخصه أو أحد أفراد أسرته بسبب قيامه بأداء دوره في
الشهادة أو بشأن عدم االستمرار في أي تهديد إذا ما وقع على الشاهد أو أحد أفراد أسرته أو المقربين منه
-1عبدلي نجاة ،قادة سليمة ،االثبات عن طريق الشهادة في القانون الجنائي ،مذكرة لنيل شهادة ماستر ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرحمن ميرة ،بجاية ،0251-0250 ،ص.31
-2أنظر المادة 31مكرر 02من األمر 20/51المؤرخ في 01جوان ،0251جريدة رسمية عدد .12
74
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وذلك بتأمين مثال محل إقامة للشاهد المهدد بواسطة آالت المراقبة ،أو تخصيص دوريات للشرطة تسهر
على حمايته.
ويكون كل هذا بتخصيص رقم هاتف له برقم سري يسهل االتصال به وفي نفس الوقت يصعب
على من يهدده التواصل من خالل هذا الرقم إلى أية معلومات تتعلق بشخصه أو بمكان تواجدهم ،لكن ال
ولضمان فعالية هذا اإلجراء كان من الضروري التفصيل في طبيعة الجهاز المكلف بهذه المهمة
لدى مصالح األمن ،وكذا كيفية االتصال به والسلطة المخولة بتقرير إفادة الشاهد.
ويأتي هذا اإلجراء لهدفين ،إما حمايته من التهديدات السمعية أو السمعية البصرية المباشرة وغير
المباشرة وتوثيقها في إطار توثيق األدلة التي تشهد المتابعات الجزائية او توثيق األدلة الدافعة التي تدعم
فالشاهد بأمس الحاجة إلى الشعور باألمن لكي يمد يد المساعدة إلى السلطات كما أنه يحتاج إلى
االطمئنان بأنه سيتلقى الدعم ويحاط بالحماية الالزمة جراء ما قد يتعرض له من ترهيب أو أذى على يد
-1مصطفي محمد أمين ،حماية الشهود في قانون اإلجراءات الجزائية ،دراسة مقارنة ،دار الجامعة الجديد ،اإلسكندرية،
،0252ص.72
-2فلكاوي مريم ،الحماية الجزائية للضحية الشاهد ،مجلة جامعة قالمة للعلوم االجتماعية واالنسانية ،العدد السادس عشر،
المؤرخ في جوان ،0253ص.127
75
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
العصابات اإلجرامية.1
فقد نص المشرع الجزائري على تسجيل المكالمات الهاتفية التي يتلقاها أو يجريها الشهود كضمانة
على ما أدلو به من معلومات تسهل الكشف عن المجرمين لكن حددها المشرع بشرط الموافقة الصريحة
بعد صدور الموافقة التامة من قبل الشاهد تخضع كل الهواتف التي يستخدمها للمراقبة أي جميع
المكالمات الداخلة أو الخارجة تكون تحت المراقبة وتسجل لدى مصالح الشرطة حيث يسهل على
السلطات المختصة بالحماية متابعة المجرمين الخطيرين وفي نفس الوقت توفير الحماية الخاصة
للشهود.2
تعد الواليات المتحدة األمريكية من الدول األولى التي نفذت هذا اإلجراء ،ويمكن للجزائر باعتبارها
ال زالت فتية في تقديم هذه المساعدات ،االستفادة من خبرات الدول التي طبقت هذا اإلجراء منذ
الثمانينات ،حيث أثار تطبيقه إشكاالت عملية قانونية ومادية جمة تحتاج خبرات طويلة لتفادي الوقوع
فيها.3
-1مانيو جياللي ،الحماية القانونية للشهود في التشريعات المغاربية ،دراسة في التشريعات المغاربية ،دراسة في التشريع
الجزائري والمغربي والتونسي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بشار ،مجلة دفاتير للسياسة والقانون ،العدد الرابع عشر
المؤرخ في جانفي .0253
76
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
فالمشرع لهذا اإلجراء قصد إبعاد الخوف من نفسية الشاهد الذي قد تؤدي شهادته المساس به
أو بأحد من أفراد عائلته أو المقربين له بجرائم تمس حياتهم مباشرة كالقتل ،أو على خطر المساس
بالسالمة الجسدي ة فيما قد يتعرضون للضرب أو الجرح وغيرها من جرائم المساس بالسالمة البدنية
كما أحاط المشرع الشاهد المهدد بالخطر أو أحد أفراد عائلته بحماية نفسية واجتماعية تصون
كرامته ،وخصوصيته وتوفر له الدعم الطبي والنفسي الضروريان ،ويحصل الشاهد على هذا النوع من
الحماية من طرف اختصاصي علم النفس وغيرهم من الموظفين الذين يتمتعون بخبرة دراية عالية في
مجال التعامل مع الشهود المصابين بصدمات نفسية ،مع األخذ بعين االعتبار حاجاتهم الفردية
ومتطلباتهم الثقافية والدينية واللغوية والجنسية ،إضافة إلى منحهم تعويضات مالية عن المصاريف التي قد
صرفها في تنقالته وتخصيص رقم حساب بنكي له مدعم بالحماية الكافية لمنع االطالع على حساباته
أو أي معلومة تتعلق به ،وعن كل ـاخير عن عمله و قد تمتد هذه التعويضات إلى أفراد عائلته في حالة
وفاته.2
قد يعمد السجين إلى اإلدالء بمعلومات مهمة لتفكيك الجماعات اإلجرامية ،وهي المعلومات التي
ال يمكن الوصول إليها إال من خالل المنتمين إلى هذا الوسط أو التسريب ،وقد أخذت الدول التي تستعمل
77
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
هذه الشهادة في التزايد ،بل وتضفي تدابير الحماية على هذا األخير من خالل الترتيبات القضائية
" ،"Arrangementأي الشهادة مقابل العفو أو تخفيض العقوبة وهو ما تأخذ به الجزائر ،أو استعمال
باقي تدابير الحماية كسرية الهوية وهو ما تأخذ به فرنسا ،وذلك في القضايا المرتبطة بالجريمة المنظمة
فقط.1
وفي األخير يمكن القول أن التدبير هو بمثابة آلية لضمان سالمة الشاهد من أي اعتداء ممن
في األخير يمكن القول أن المشرع الجزائري قد أحاط هذه التدابير الغير إجرائية بمجموعة من
القيود وهي:
-خطورة الجريمة :ال يمكن لشهود أن يستفيدوا من هذه التدابير إال إذا كانت الجريمة تشكل خطر على
كافة المجتمع وتهدد أمنه وسالمته وتزعزع استق ارراه ،وهذه الجريمة المنظمة وجرائم اإلرهاب جرائم الفساد.
-جواز مباشرة هذه التدابير الغير إجرائية من قبل الجهات القضائية المختصة تلقائيا أو بطلب من ضباط
-إعطاء النيابة العامة الصالحية المطلقة في اتخاذ هذه التدابير وكذا متابعتها وتنفيذها.
-تبقى هذه التدابير قائمة ما دام التهديد قائما ،ويجوز تعديلها برفع بعضها بالنظر لخطورة الجريمة.
-1مريم لوكال ،اآلليات القانونية المستخدمة لحماية الشهود والخبراء والضحايا بموجب األمر ،20/51المعدل لقانون
اإلجراءات الجزائية ،دراسة مقارنة ،كلية الحقوق ،جامعة حمد بوقرة ،بومرداس ،العدد الواحد والثالثون ( ،)15الجزء الثاني،
ص.522
78
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطلب بتطبيق القانون وهي تمثل أمام كل
جهة قضائية ،يمثل هذا الجهاز النائب العام الذي يمثله بدوره وكيل الجمهورية الذي يشرف على إدارة
باعتبار جهاز النيابة العامة وجهاز الضبطية القضائية أول األجهزة المحتكة بالوقائع والمباشرة
إلجراءات الوقاية ما قبل وقوع الجريمة ،وكذا إجراءات التحقيق االبتدائي بعد ارتكاب الجريمة وبأطراف
-1أنظر المادة 13من قانون اإلجراءات الجزائية ،المعدلة والمتممة باألمر 20/51والتي تنص على" :يقوم وكيل
الجمهورية بما يأتي:
-إدارة نشاط ضباط وأعوان الشرطة القضائية في دائرة اختصاص المحكمة ،وله جميع السلطات والصالحيات
المرتبطة بصفة ضابط الشرطة القضائية،
-زيارة أماكن التوقيف للنظر مرة واحدة على األقل كل ثالثة ( )1أشهر ،وكلما رأى ذلك ضروريا،
-مباشرة أو األمر باتخاذ جميع اإلجراءات الالزمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بالقانون الجزائي،
-تلقي المحاضر والشكاوى والبالغات ويقرر في أحسن اآلجال ما يتخذه بشأنها ويخطر الجهات القضائية
المختصة بالتحقيق أو المحاكمة للنظر فيها أو يأمر بحفظها بمكان يكون دائما قابال للمراجعة ويعلم به الشاكي و/أو
الضحية إذا كان معروفا في أقرب اآلجال ،ويمكنه أيضا أن يقرر اجراء الوساطة بشأنها،
-الطعن عند االقتضاء في الق اررات التي تصدرها بكافة طرق الطعن القانونية،
79
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
الدعوى ،فإن هذه األجهزة تحتل مكانة هامة في حماية األشخاص والممتلكات ،فاالختصاصات األصلية
لهذه األجهزة هي الضبط واالستدالل ،أوكلها المشرع واجب الحفاظ 1على سرية الشاهد في الجرائم السالفة
الذكر ،خالل كافة اإلجراءات التي يمارسونها إذا ما اقتضت الضرورة المنصوص عليها في المادة 31
جاءت المادة 31مكرر 201من نفس األمر على ضرورة مراعاة سرية هوية الشاهد عن طريق
بمجرد وجود ضرر أو تهديد خطير على حياة الشهود أو على سالمتهم الجسدية باإلضافة إلى
أفراد عائالتهم وأقاربهم بسبب المعلومات الضرورية التي أدلو بها إلظهار الحقيقة ،يجب أن تتخذ كل
التدابير الضرورية للحفاظ على سرية هويتهم خاصة في الجرائم األشد خطورة ،ذلك بإخفاء هوية الشاهد
-2تنص المادة 31مكرر 01من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :تتمثل التدابير اإلجرائية لحماية الشاهد والخبير
فيما يأتي:
-اإلشارة بدال من عنوانه الحقيقي ،إلى مقر الشرطة القضائية أين تم سماعه أو إلى الجهة القضائية التي سيؤول
إليها النظر في القضية.
-تحفظ الهوية والعنوان الحقيقيان للشاهد أو الخبير في ملف خاص يمسكه وكيل الجمهورية.
80
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
في المحاضر والوثائق التي تتعلق بالقضية المطلوب فيها شهادة الشهود بشكل يحول دون معرفة الهوية
الحقيقية للشاهد بإعطائه هوسة مستعارة أو غير صحيحة دون إطالع الغير على هويته الحقيقية ،وتحفظ
حاول المشرع الجزائري تسهيل اإلدالء بالشهادة وجعل منهج المثول أمام المحكمة إيجابية قدر
اإلمكان ،خالل اتباع إجراءات فنية وقيمة من شأنها جعل االطالع على محل إقامة الشاهد مهمة جد
صعبة ،ذلك ما نصت عليه المادة السالفة الذكر ( 31مكرر ،)01حيث أشارت على عدم اإلشارة للعنوان
الصحيح للشاهد في محاضر اإلجراءات واإلشارة بدال من العنوان الحقيق إلى مقر الشرطة القضائية أين
تم سماعه أو إلى الجهة القضائية التي سيؤول إليها النظر في القضية.2
كما نجد أن المشرع المغربي مثال أكد على عدم اإلشارة للعنوان الحقيقي للشاهد أو الخبير ضمن
المحاضر أو الوثائق التي تنجز فيها القضية المطلوبة فيها شهادة الشاهد ،أو إفادة الخبير وذلك يشكل
يحوز دون التعرف على عنوانه ،وذلك حسب المادة 20الفقرة 1 ،7و 1من قانون اإلجراءات المغربي.3
-1أكرم مختاري ،الحماية الجنائية للشهود والمبلغين في قضايا الفساد ،مجلة الفقه والقانون ،العدد الثالث عشر ،نوفمبر
،0251ص.51
-2كرارشة عبد المطلب ،دراسة تمحيصية ألحكام األمر 20/51المتعلق بالتحقيق القضائي ،مقال مجلس القضاء،
تمنراست ،الجزائر ،0221 ،ص.50
81
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وفي األخير يمكن القول أن قانون حماية الشهود والخبراء والضحايا ،كل من خوله القانون
االطالع على هوية األشخاص المشمولين بالحماية بواجب التكتم وعدم اإلفصاح عن المعلومات التي تدل
على هويته أو على عنوانه أو أي معلومة خاصة تحت طائلة عقوبات جزائية.1
بعد تحريك الدعوى العمومية يدخل الشاهد إلى مرحلة التحقيق والتي تليها مرحلة المحاكمة ،مما
يؤدي إلى توسع ضمانات الحماية أكثر ،وهذا ما سنتطرق إليه في الفرعية التاليين.
عند إحالة ملف الدعوى للتحقيق يجوز لقاضي التحقيق اتخاذ كل التدابير الالزمة للحفاظ على
سرية هوية الشاهد ويمنعه من الجواب على األسئلة التي قد تؤدي إلى الكشف عن هويته ،وهو ما جاء
تعد السرية من أهم خصائص التحقيق ،وذلك تبعا لسيادة النظام المحتاط الذي تقوم عليه األنظمة
التحقيقية بل وأغلب األنظمة اإلجرائية المعاصرة ،ومن ضمنها النظام اإلجرائي الجزائري.
-1تنص المادة 31مكرر 02من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :يعاقب على الكشف عن هوية أو عنوان الشاهد
أو الخبير المحمي ،طبقا لهذا القسم بالحبس من ستة ( )23أشهر إلى خمس ( )21سنوات ،وبغرامة من 12.222دج إلى
122.222دج".
-2تنص المادة 31مكرر 20/01من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه ..." :يتخذ قاضي التحقيق كل التدابير
الضرورية للحفاظ على سرية هوية الشاهد ويمنعه من الجواب على االسئلة التي قد تؤدي إلى الكشف عن هويته".
82
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
والسرية المطلوبة في القواعد العامة هي سرية إجراءات التحقيق في مواجهة الجمهور ،غير أن
السرية المتطلبة في هذه المرحلة عند تقريرها من قبل قاضي التحقيق تكون في مواجهة أطراف الخصومة
والنيابة العامة ،ويعمل هذا األخير على حماية الطرف المستفيد منها بكل السبل التي خولها إياه القانون.
لقد أعطي األمر 20/51المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات الجزائية السلطة التقديرية لقاضي
التحقيق في إمكانية منح الشاهد الحماية المقررة من عدمها ،لكن قيد هذه السلطة بإجراءات تعد مخالفتها
مخالفة صريحة للقانون ،فعند تقرير قاضي التحقيق استفادة الشاهد من تدابير الحماية كان عليه تبرير
ق ارره كتابيا مشي ار في نفس التقرير إلى األسباب التي أدت إلى إفادة الشاهد من الحماية التي أقرها له
القانون.1
إذ ال بد من وجود مبرر مشروع يرتكز عليه قاضي التحقيق إلخفاء هوية الشاهد ،وبذلك إسقاط
إجراء كان منصوص عليه سابقا أمام قاضي التحقيق أال وهو المواجهة وطرح األسئلة من قبل أطراف
الدعوى العمومية والنيابة العامة ومحامي الدفاع والتي تعد رحلة هامة وفعالة في استنباط األدلة وفهم
مالبسات القضية.
-1تنص المادة 31مكرر 25/01من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه " :إذا رأى قاضي التحقيق أن شاهدا أو خبي ار
معرضا لألخطار المذكورة في المادة 31مكرر 51أعاله وقرر عدم ذكر هويته وكذا البيانات المنصوص عليها في المادة
11من هذا القانون ،فانه ينبغي أن يشير في محضر السماع إلى األسباب التي بررت ذلك".
83
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
إن نص المادة 31مكرر 01جاء صريحا وليؤكد مرة أخرى على الحماية المطلقة والضريحة
للشاهد أمام قاضي التحقيق ،حيث نصت على إسقاط عنصر المواجهة وبالتالي على النيابة العامة
وأطراف الدعوى العمومية توجيه األسئلة لقاضي التحقيق قبل أو عند سماع الشاهد.1
إن كان األصل هو إجراء المحاكمات بصورة علنية ،فإنه على هذه القاعدة بضع االستثناءات
التي يجيز فيها القانون للمحاكم تقرير إجراء محاكمتها بصورة سرية ،ويراد بسرية المحاكمة ان تسمع
الدعوى في جلسات سرية يمنع الجمهور عن حضورها ،وقد تكون السرية جزئية تقتصر على إجراء واحد
لقد أعطت المادة 31مكرر 25/07لقاضي الحكم إما تلقائيا أو بطلب من الشاهد ،سماع
الشاهد مخفي الهوية عن طريق وسائل تقنية بما في ذلك استخدام الدوائر التلفزيونية المتعلقة أو استخدام
أجهزة الفيديو أو تسجيل صوت الشاهد وذلك بإضافة ذبذبات قصد تمويه الصوت.3
-1تنص المادة 31مكرر 01من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :يجوز للنيابة العامة أو المتهم أو الطرف المدني
أو دفاعهما عرض األسئلة المراد طرحها للشاهد على قاضي التحقيق قبل أو عند سماع الشاهد ."...
-2عبد الحميد عمارة ،ضمانات الخصوم أثناء مرحلة المحاكمة الجزائية في التشريعين الوضعي واإلسالمي ،دار
الخلدونية ،الجزائر ،0252 ،ص.110
-3تنص المادة 31مكرر 25/07من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :يجوز لجهة الحكم تلقائيا أو بطلب من
األطراف ،سماع الشاهد مخفي الهوية عن طريق وضع وسائل تقنية تسمح بكتمان هويته ،بما في ذلك السماع عن طريق
المحادثة المرئية عن بعد واستعمال األساليب التي ال تسمح بمعرفة صورة الشخص وصوته ."...
84
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
لكن نفس المادة أكدت على أن أقوال الشاهد مغفل الهوية تشكل لوحدها دليل إدانة يجوز لجهة
الحكم بالكشف عن هوية الشاهد بعد موافقته بشرط أخذ التدابير الكافية لضمان حمايته ،إال أن األقوال
الصادرة عن الشاهد مغفل الهوية مجرد استدالالت وال تشكل لوحدها دليل لإلدانة ما لم تدعم بأدلة أخرى
مدينة للمتهم.1
إذا رأت المحكمة أن كشف هوية الشاهد غير ضرورية فإنه يجوز لجهة الحكم تلقائيا أو بطلب
من األطراف سماع الشاهد مخفي الهوية عن طريق وضع وسائل تقنية تسمح بكتمان هويته ،وهو ما تم
التطرق إليه سابقا في نص المادة 31مكرر ،07فلم تقتصر الحماية الخاصة بإغفال هوية الشهود بشأن
جرائن اإلرهاب أو الجريمة المنظمة بل أكثر من ذلك ،فقد وسع أساليب حماية الشهود بشأن الجرائم
العادية وذلك بموجب القانون 221/51المؤرخ في 25فبراير سنة ،0251والمتعلق بعصرنة العدالة،
جاء القانون 21/51في فصله الرابع تحت عنوان "استعمال المحادثة المرئية عن بعد اثناء
اإلجراءات القضائية" واللجوء إلى هذه التقنية يكون أساسا في حاالت بعد المسافة أو في حالة الرغبة في
-1تنص نفس المادة في الفقرة 21على ..." :واذا لم يتم الكشف عن هوية الشاهد تعتبر المعلومات التي يكشف عنها
مجرد استدالالت ال تشكل لوحدها دليال يمكن اعتماده كأساس للحكم باإلدانة".
-2القانون رقم 21/51المؤرخ في 25فبراير سنة ،0251المتعلق بعصرنة العدالة ،الجريدة الرسمية رقم.23
85
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
ومن أجل اللجوء إلى استخدام تقنية المحادثة المرئية عن بعد في اإلجراءات القضائية ومن بينها
سماع الشهود عن طريق هذه التقنية ال بد من توفر شروط معينة تتمثل في وجوب أن يكون استجواب
وسماع األطراف عن طريق المحادثة المرئية عن بعد يقتضيه ويستدعيه بعد المسافة أو حسن سير
العدالة ،وضرورة احترام الحقوق والقواعد المنصوص عليه في قانون اإلجراءات الجزائية عند اللجوء إلى
استخدام تقنية المحادثة المرئية عن بعد في اإلجراءات القضائية ولزوم ضمان الوسيلة المستعملة لسرية
اإلرسال وأمانته ووجوب تسجيل التصريحات كاملة وحرفيا على محضر يوقع عليه القاضي المكلف
بالملف وأمن الضبط ،وهو ما نصت عليه المادة 51من نفس القانون.1
ويتم االستجواب أو السماع أو المواجهة باستعمال آلية المحادثة المرئية عن بعد بمقر المحكمة
األقرب من مكان إقامة الشخص المطلوب تلقي تصريحاته بحضور وكيل الجمهورية المختص إقليميا
وأمين الضبط.
ويتحقق وكيل الجمهورية من هوية الشخص الذي تم سماعه ويحرر محض ار عن ذلك واذا كان
الشخص محبوسا تتم المحادثة المرئية عن بعد من المؤسسة العقابية التي يوجد فيها المحبوس.2
مما سبق يمكن القول أن هذا النوع من التقنيات يعتبر إحدى الضمانات الحديثة لحماية أمن
الشهود المطلوب حمايتهم ،وذلك بتجنب تنقلهم وحضورهم شخصيا إلى قاعة المحاكمة مما ينبغي احتمال
تعرض الشاهد أو غيره من المتعاونين مع العدالة ألي صورة من ضور اإلكراه أو الترهيب أثناء اإلدالء
-1محي الدين حسية ،سماع الشهود عن طريق المحادثة المرئية عن بعد بين الحق في الحماية وحقوق الفاع ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة البليدة ،20ص.021
86
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
بأقوالهم وشهادته م لها تسمح باختصار إجراءات التقاضي باعتبارها تتيح ربط عديد األماكن مع مؤسسة
العدالة.
واستعملت هذه التقنية على أرض الواقع في الجزائر في جويلية ،0253وتمت أول محاكمة
استخدمت فيها هذه التقنية لسماع الشاهد من فرنسا على مستوى مجلس قضاء المسيلة في قضية تتعلق
بتكوين مجموعة أشرار قامت باغتيال شرطي في األراضي الفرنسية واستطاع أحد الفاعلين الهروب إلى
الجزائر ،وقد قررت الجزائر محاكمته بدل تسليمه لفرنسا باعتباره جزائري الجنسية.
نصت المادة 31مكرر 02من قانون اإلجراءات الجزائية على عقوبات ترتب نتيجة الكشف عن
هوية الشاهد او الخبير ،1وبالتالي فقد اعتبر المشرع أن اإلفصاح عن هوية الشاهد هي جنحة والتي تم
التفضيل فيها في الفصل األول من هذه المذكرة ،خمس ( )21سنوات مع رفع الغرامة المالية مقارنة
وقد جاءت هذه المادة بهدف واحد ال غير أال وهو الحرص على إنجاح تدابير الحماية المقررة
للشاهد من طرف الموظفين القائمين عليها والمشمولين أصال بالسر المهني والمقيدين بيمين الواجب.
-1تنص المادة 31مكرر 02من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه" :يعاقب على الكشف عن هوية أو عنوان الشاهد
أو الخبير المحمي ،طبقا لهذا القسم بالحبس من ستة ( )23أشهر إلى خمس ( )21سنوات ،وبغرامة من 12.222دج إلى
122.222دج".
87
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
وما يعاب على هذه المادة أن المشرع لم ينص على عقوبة صريحة اتجاه من يمتنع عن تقديم يد
المساعدة للشاهد قبل تعرضه للخطر ،وحسب رأيي يجب أن تُسأل الجهة الممتنعة عن تقديم المساعدة
88
الحماية اإلجرائية للشاهد الفصل الثاني
خالصة الفصل:
مما سبق نستخلص أن الحماية المقررة للشهاد قبل صدور 20-51كانت حماية وفقا للقواعد
العامة في مختلف مراحل الدعوى العمومية ،فعلى الرغم من النصوص الكثيرة التي بالغت في تنظيم
الشهادة فتلك التي تتعلق بحقوق الشاهد قليلة جدا وغير مفعلة ،وهو ما تفطن له المشرع الجزائري بإصداره
األمر 20-51والمتضمن حماية خاصة للشهود وذلك بعد تيقنه أن الظروف النفسية والقانونية التي
يعيشها الشاهد قد تؤدي إلى ضياع الحقيقة ،وذلك بإدراجه لتدابير غير إجرائية قبل تحريك الدعوى
العمومية وأخرى إجرائية تلي تحريك الدعوى العمومية بطريقة منظمة وواضحة ولم يتوقف المشرع عن هذا
الحد بل اتجه إلى استراتيجيات جديدة الهدف منها عصرنة العدالة ،وهو ما توج بصدور األمر 21-51
لتوسيع الحماية الخاصة بالشاهد وشعوره باألمان واالطمئنان التام عند اإلدالء بشهادته.
89
الخاتمة
الخاتمة
بعد انتهاء دراستنا ،والتي حاولت من خاللها االجابة عن التساؤالت المطروحة سابقا بشكل عام،
واشكالية البحث بشكل خاص ،حيث وقفنا على أوجه الحماية الجنائية التي يمكن أن تقرر للشاهد ،من
أجل مساعدته للقيام بواجبه على أحسن وجه ،ضف إلى ذلك الجهود التي تبذلها الجزائر لمكافحة كل
أوال -/النتائج:
-أن المشرع الجزائري لم يعطي تعريفا صريحا للشاهد ،مما يوسع دائرة األشخاص الذين يساعدون في
التحريات أو يتعاونون مع المحققين أو يقدمون معلومات معينة ،مكتفيا بتبيان أهمية الشاهد والدور الكبير
-أن الحماية الموضوعية التي أقرها قانون العقوبات ،تلعب دو ار سلبيا في درء الخطر وحماية أمنه ،كون
المطلوبة للشاهد ،والدليل على ذلك اكتفاء المشرع بمادة واحدة لتجريم أفعال التعدي والتهديد الواقع على
الشاهد.
-أن الحماية اإلجرائية التي كانت قبل صدور القانون رقم 20/51المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات
الجزائية ،كان يشوبها نقص في المواد القانونية المنظمة للحماية وعدم تفعيلها ،مما يجعلها حماية محورية
ال تقوم إال بقيام الضغط على الشاهد ،على عكس ما جاء به القانون رقم 20/51الذي وضع اج ارءات
منظمة ومقسمة على مراحل الدعوى العمومية ،والتي تعتبر اجراءات احت ارزية ،أي قبل وقوع الضرر على
الشاهد ،وهو ما يعد قفزة نوعية من المشرع للدخول ضمن المنظومات المتطورة في حماية الشهود.
90
الخاتمة
-أن الحماية المنصوص عليها ضمن نصوص قانون اإلجراءات الجزائية المعدل ،تعد قاصرة ألنها
وفرت الحماية لهؤالء الذين لهم صفة الشاهد في جرائم الفساد أو االرهاب أو الجريمة المنظمة ال غير،
وهو ما يجعل هذه الحماية غير مكتملة المعالم فقد نجد جرائم أخطر أغفلها المشرع تتطلب حماية الشاهد.
ثانيا -/التوصيات:
-ضرورة سن موضوعات تكميلية ،توضح كيفية تطبيق النصوص المستحدثة من طرف المشرع عمليا،
مع ضرورة خلق أجهزة جديدة لتنفيذ هذه المهمة ،في مختلف مراحل سير الدعوى العمومية.
-استحداث جمعيات أو هيئات حكومية وغير حكومية ،مهمتها مساندة الشاهد عند عجز األجهزة
القضائية عن القيام بهذا الواجب ،خاصة في الجانب المادي ،وذلك بتوفير ميزانية خاصة من أجل توفير
-إنشاء هيئة خاصة داخل كل محكمة ،الغرض منها االهتمام بالشاهد منذ لحظة استدعائه حتى االنتهاء
من اإلدالء بشهادته ،لتحقيق الغرض المنشود ،وذلك بإزالة كل ضرر نفسي أو بدني يمكن أن يترتب على
حضوره ،كتوفير غرفة آمنة لضمان سالمته ،والتنسيق مع أجهزة الضبطية بشأن حمايته في حالة شعوره،
-يجب على المشرع الجزائري أن يخرج من النطاق النظري إلى النطاق التطبيقي ،وذلك بضرورة السهر
على التطبيق الفعلي والسليم لهذه اإلجراءات ،وذلك لمسايرة ومواكبة التطور الدولي في هذا المجال.
91
قائمة المصادر والمراجع
قائمة المصادر والمراجع
أوال :المصادر:
)1القرآن الكريم:
)2النصوص القانونية:
أ /القوانين:
/1القانون رقم 03/11المؤرخ في 01فبراير سنة ،2011المتعلق بعصرنة العدالة ،الجريدة الرسمية
رقم.05
92
قائمة المصادر والمراجع
ب /األوامر:
/1أمر رقم ،02/11مؤرخ في 13جويلية ،2011الصادر بالجريدة الرسمية رقم 81مؤرخة في 29
جويلية ،سنة 2011المتعلق بحماية الشهود يعدل ويتمم األمر رقم 111/55المؤرخ في 08جوان
1955والمتضمن قانون اإلجراءات الجزائية ،جريدة رسمية رقم .80
ثانيا :المراجع:
أ /المؤلفات:
/1أحسن بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،الطبعة الخامسة ،دار هومة ،الجزائر.2005 ،
/2أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي الخاص ،الجزء الثاني ،الطبعة العاشرة ،دار هومة
للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر ،سنة .2010
/3أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الرابعة
عشر ،الجزائر.2018 ،
/8أحمد فتحي البهنسي ،الموسوعة الجنائية في الفقه اإلسالمي ،الجزء الثالث ،دار النهضة العربية،
بيروت ،سنة .1991
93
قائمة المصادر والمراجع
/1أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثانية،
القاهرة ،سنة .1970
/5أحمد فتحي سرور ،لوجيز في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة ،سنة .1983
/7أحمود فالح الخرابشة ،اإلشكاالت االجرائية للشهادة في المسائل الجزائية ،جامعة عمان األهلية ،دار
الفجر للنضر والتوزيع ،الطبعة األولى.
/8أكرم مختاري ،الحماية الجنائية للشهود والمبلغين في قضايا الفساد ،مجلة الفقه والقانون ،العدد الثالث
عشر ،نوفمبر .2013
/9أكرم نشأت إبراهيم ،القواعد العامة في قانون العقوبات ،الطبعة األولى ،مطبعة القنيان ،بغداد.
/10بارش سليمان ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،دار الشهاب للطباعة والنشر ،باتنة،
الجزائر.1985 ،
/11بكري يوسف بكري محمد ،المسؤولية الجنائية للشاهد ،الطبعة األولى ،دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية.2011 ،
/12جالل ثروت ،في نظم اإلجراءات الجنائية ،طبعة سنة ،1997دار الجامعة الجديدة للنشر.
/13حسين فتحي عطية أحمد ،النظرية العامة لإلكراه في القانون الجزائري ،القاهرة ،دار النهضة العربية،
الطبعة األولى ،سنة .2008
/18رضا المزعني ،أحكام االثبات ،معهد اإلدارة العامة ،سنة ،1981المملكة العربية السعودية.
/11ظهري حسين ،الوجيز في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،د ط ،دار المحمدية العامة ،الجزائر ،سنة
.1999
/15عبد الحميد الشواربي ،االثبات الجنائي في ضوء القضاء والفقه ،مصر ،دار المطبوعات الجامعية.
/17عبد الحميد المنشاوي ،جرائم القذف والسب وافشاء األسرار ،مطبعة دار الفكر الجامعي ،سنة
.2000
94
قائمة المصادر والمراجع
/18عبد الحميد عمارة ،ضمانات الخصوم أثناء مرحلة المحاكمة الجزائية في التشريعين الوضعي
واإلسالمي ،دار الخلدونية ،الجزائر.2010 ،
/19عبد القادر عدو ،مبادئ قانون العقوبات الجزائري القسم العام ،الجزائر ،دار هومة للطباعة والنشر
والتوزيع ،سنة .2010
/20عبد اهلل أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،د ط ،دار هومة ،الجزائر ،سنة .2008
/21عصام كامل أيوب ،جريمة التحريض على االنتحار ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى،
عمان ،سنة .2012
/22علي جعفر ،مبادئ المحاكمات الجزائية اللبنانية ،المؤسسة الجامعية للدراسات ،دار النشر والتوزيع،
الطبعة األولى ،بيروت ،سنة .1998
/23علي شمالل ،الجديد في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،التحقيق والمحاكمة ،دار هومة للطباعة
والنشر والتوزيع ،الجزائر ،الطبعة الثالثة.2017 ،
/28علي فضل البوعينين ،ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،د ط.
/21عماد محمد ربيع ،رسالة دكتوراه ،حجية الشهادة في االثبات الجزائي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع،
الطبعة األولى ،سنة .1999
/25فوزية عبد الستار ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية المصري ،دار النهضة العربية ،بدون طبعة ،سنة
.1985
/27مأمون محمد سالمة ،اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،الجزء الثاني ،جامعة القاهرة ،دار
النهضة العربية.1997 ،
/28محمد أحمد محمود ،شهادة الشهود في المواد الجزائية ،اإلسكندرية ،دار الفكر الجامعي ،سنة .2002
/30محمد حزيط ،أصول اإلجراءات الجزائية في القانون الجزائري ،د ط ،دار هومة ،الجزائر.2018 ،
95
قائمة المصادر والمراجع
/31محمد علي سكيكر ،آلية إثبات المسؤولية الجنائية ،اإلسكندرية ،دار الفكر الجامعي.
/32محمد نجيب حسني ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،مصر ،دار النهضة العربية ،سنة ،1988
الطبعة الثانية.
/33محمود محمود مصطفى ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة
الثانية عشر.
/38محمود نجيب حسني ،االختصاص واالثبات في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية،
القاهرة ،د ط.1992 ،
/31مصطفى مجدي معرجة ،شهادة الشهود في المجالين الجنائي والمدني ،الطبعة الثانية ،سنة .1998
/35مصطفى محمد أمين ،حماية الشهود في قانون اإلجراءات الجزائية ،دراسة مقارنة ،دار الجامعة
الجديد ،اإلسكندرية.2010 ،
/37نجاتي السيد أحمد السند ،مبادئ اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،جامعة الزقازيق ،الجزء
األول ،دار النهضة العربية والنشر ،الطبعة األولى ،سنة .1991
/38نجيمي جمال ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية (مادة بمادة) الجزائري ،الجزء األول ،دار هومة
للنشر ،الجزائر.2007 ،
/39نوزاد أحمد ياسين الشواني ،حماية الشهود في القانون الجنائي الوطني والدولي ،جامعة كركوك،
المركز القومي لالرصادات القومية ،الطبعة األولى ،سنة .2018
/1أحمد محمد يوسف السيولة ،الحماية الجنائية واألمنية للشاهد ،دراسة مقارنة مصر ،رسالة دكتو اره،
الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .2005
/2رابح اللو ،الشهادة في االثبات الجزائي ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،سنة .2015
/3عاشور سهام ،الحماية الجزائية للشاهد ،مذكرة ماستر ،كليه الحقوق ،جامعة بجاية ،سنة .2015
96
قائمة المصادر والمراجع
/8عبدلي نجاة ،قادة سليمة ،االثبات عن طريق الشهادة في القانون الجنائي ،مذكرة لنيل شهادة ماستر،
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرحمن ميرة ،بجاية.2013-2012 ،
/1عمارة فوزي ،قاضي التحقيق ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة اإلخوة منتوري،
قسنطينة.2010 ،
/5عياد منير ،حجية شهادة الشهود في االثبات الجنائي ،مذكرة تخرج بالمدرسة العليا للقضاء ،الدفعة
السابعة عشر ،الجزائر2009-2008 ،
/1فلكاوي مريم ،الحماية الجزائية للضحية الشاهد ،مجلة جامعة قالمة للعلوم االجتماعية واالنسانية ،العدد
السادس عشر ،المؤرخ في جوان .2015
/2مانيو جياللي ،الحماية القانونية للشهود في التشريعات المغاربية ،دراسة في التشريعات المغاربية،
دراسة في التشريع الجزائري والمغربي والتونسي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بشار ،مجلة دفاتير
للسياسة والقانون ،العدد الرابع عشر المؤرخ في جانفي .2015
/3محي الدين حسية ،سماع الشهود عن طريق المحادثة المرئية عن بعد بين الحق في الحماية وحقوق
الدفاع ،مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ،العدد العشر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
البليدة .02
/8مريم لوكال ،اآلليات القانونية المستخدمة لحماية الشهود والخبراء والضحايا بموجب األمر ،02/11
المعدل لقانون اإلجراءات الجزائية ،دراسة مقارنة ،كلية الحقوق ،جامعة حمد بوقرة ،بومرداس ،العدد الواحد
والثالثون ( ،)31الجزء الثاني.
أ /3-المقاالت:
/1كرارشة عبد المطلب ،دراسة تمحيصية ألحكام األمر 02/11المتعلق بالتحقيق القضائي ،مقال
مجلس القضاء ،تمنراست ،الجزائر.2001 ،
97
قائمة المصادر والمراجع
: المواقع اإللكترونية/4-أ
1/ http// www.ar.wikipidea.org.wiki
2/ www.google.com/word,corp, 2000-2003
3/ https://www.stl-tsl.org/ar/about-the-stl/structure-of-the-stl.pdf.
98
فهرس المحتويات
فهرس المحتويات
10 مــقــدمـة
10 الفصل األول :أسس الحماية الموضوعية للشاهد
10 المبحث األول :اإلطار النظري والقانوني للشهادة
10 المطلب األول :ماهية الشهادة.
10 الفرع األول :تعريف الشهادة لغة
10 الفرع الثاني :تعريف الشهادة اصطالحا
01 أوال :التعريف الفقهي
00 ثانيا :التعريف القانوني
01 الفرع الثالث :أنواع وخصائص الشهادة الجنائية
01 أوال :أنواع الشهادة
00 ثانيا :خصائص الشهادة الجنائية
10 المطلب الثاني :الشروط الواجب توافرها في الشاهد لمشروعية شهادته
11 الفرع األول :المقصود باالعتبارات الشخصية للشاهد
11 أوال :األهلية القانونية
11 ثانيا :عدم الحكم على الشاهد بعقوبة جنائية
10 ثالثا :أال يكون الشاهد من األشخاص الممنوعة شهادتهم
10 الفرع الثاني :المقصود بالمقتضيات الموضوعية للشهادة
10 أوال :عالنية الشهادة
12 ثانيا :أداء الشهادة في مواجهة الخصوم
12 ثالثا :حلف اليمين
12 المبحث الثاني :أليات حماية الشهود من عوامل تأثير على شهادتهم
12 المطلب األول :حماية الشاهد من اإلكراه وفقا للقواعد العامة
10 الفرع األول :معنى اإلكراه وأقسامه
10 أوال :المقصود باإلكراه
10 ثانيا :أقسام اإلكراه
10 الفرع الثاني :أساليب وسائل اإلكراه
10 أوال :جريمة حمل الغير على اإلدالء بشهادة الزور أو عدم اإلدالء بشهادته
11 ثانيا :جريمة التهديد أو الترهيب وتأثيرها على نفسية الشاهد
99
فهرس المحتويات
100
فهرس المحتويات
101
.خالصة المذكرة
وقد تضمن هذا األخير،تحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة هو محور القانون الجنائي اإلجرائي
التي تساعد القضاة على الكشف عن الحقيقة والتطبيق السليم للقانون دون،العديد من اآلليات والوسائل
ومساعدة، لتعزيز هذا الدور، ومن هنا يأتي دور الشهود في هذه المنظومة القانونية،حيف وال ظلم
من خالل الوظيفة األساسية للشهود،األجهزة القضائية الجزائية في الوصول إلى أقصى درجات التحري
.كوسيلة من أهم وسائل اإلثبات في المواد الجنائية
محاط بجملة من األخطار التي تهدد حياته وسالمته،ولما كان الشاهد وهو يؤدي هذا الدور
فقد كان لزاما على المشرع أن يتدخل إلضفاء الحماية الالزمة، بل وت هدد أفراد أسرته وقرابته،الجسدية
وهذا ما سعى إليه المشرع من خالل العديد من نصوص القانون الجنائي بشقيه الموضوعي،للشاهد
وهذا ما جاء في هذا البحث المتواضع ألجل،20/51 والسيما ما جاء به من خالل األمر رقم،واإلجرائي
.توضيحه وتجليته
Résume.