Professional Documents
Culture Documents
9802 006 012 1137 0
9802 006 012 1137 0
المقدمة
ّ
الحمد هلل والصالة والسالم على خير خلق هللا ،محمد بن عبدهللا النبي العربي األمين ،وعلى
ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ:
آله وصحبه أجمعين.
ﺃﺑﻮ ﺳﻞ ،ﺃﺣﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ:
ﺍﻟﺰﻋﺒﻲ ،ﺁﻣﻨﺔ ﺻﺎﻟﺤ)ﻤﺸﺮﻑ( ﻣؤﻟﻔﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ:
أما بعد :فموضوع هذه الرسالة (األفعال في الدراسات العربية بين العالمات الجوهرية
ّ
2016 ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ:
ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ ﻣﻮﻗﻊ:
والشكلية) ،ويهدف للكشف عن دور هذه العالمات في تحديد أشكال األفعال في الدراسات العربية،
1 - 205 ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ:
817692قالوا بتقسيم الكالم العربي أقساما ثالثة ،لكن المحدثين وقفوا مع هذا التقسيم
فمعلوم أن غالبية القدماء ﺭﻗﻢ :MD
ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ:
Arabicالنظر؛ فقال إبراهيم أنيس بتقسيم الكالم إلى أربعة أقسام :االسم ،والضمير،
وقفة متأنية وأعادوا فيه ﺍﻟﻠﻐﺔ:
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ:
والفعل ،واألداة ،على أسس ثالثة :المعنى ،والصيغة ،ووظيفة اللفظ في الكالم ،وذهب مهدي
ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ:
أما هذه الدراسة فوقفت عند مسألة واحدة من أقسام الكلم وهي (الفعل) ،وحاولت تجلية
ّ
خصائصه وعالماته ،فجمع الباحث البيانات السابقة والحديثة ،في خصائص الفعل وعالماته ،واضافة
ما يمكن استنتاجه واستقراؤه من واقع (الفعل) ،ووجدت الدراسة البيانات حول الفعل في العربية متناثرة
في الدراسات اللغوية القديمة والحديثة ،ولم ُيميَّز فيها بين العالمات الشكلية والجوهرية ،فسّلطت هذه
الدراسة الضوء على العالمات الشكلية والجوهرية للفعل مستلهم ًة الرشد مما كتبه القدماء ،وموظفةً ما
© 2024ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
1
المقدمة
ّ
الحمد هلل والصالة والسالم على خير خلق هللا ،محمد بن عبدهللا النبي العربي األمين ،وعلى
ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ:
آله وصحبه أجمعين.
ﺇﺳﻠﻮﺏ APA
ﺃﺑﻮ ﺳﻞ ،ﺃﺣﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ ﺧﻠﻴﻞ ،ﻭ ﺍﻟﺰﻋﺒﻲ ،ﺁﻣﻨﺔ ﺻﺎﻟﺢ.(2016) .ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ
الجوهرية العالمات
ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ ،بين
ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ. اسات العربيةﻣﻨﺸﻮﺭﺓ( .الدر
ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻏﻴﺮاألفعال في
ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ (
هذه الرسالة فموضوع
)ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔبعد: أما
ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ
ّ
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ
http://search.mandumah.com/Record/817692
ﺇﺳﻠﻮﺏ MLA
بية،اسات العر
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ األفعالﺑﻴﻦفي الدر
ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ أشكالﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ "ﺍﻷﻓﻌﺎﻝفيﻓﻲتحديد
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ العالمات ﺻﺎﻟﺢ هذه
ﺍﻟﺰﻋﺒﻲ. عن دورللكشفﺁﻣﻨﺔ
يهدفﺧﻠﻴﻞ ،ﻭ
ﻓﺘﺤﻲ ) ،و الشكلية
ﺃﺣﻤﺪ ﺳﻞ،ﺃﺑﻮ و
ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ" ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ .ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ ،ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ .2016 ،ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ
العربي أقساما ثالثة ،لكن المحدثين وقفوا مع هذا التقسيم فمعلوم أن غالبية القدماء قالوا بتقسيم الكالم
http://search.mandumah.com/Record/817692
وقفة متأنية وأعادوا فيه النظر؛ فقال إبراهيم أنيس بتقسيم الكالم إلى أربعة أقسام :االسم ،والضمير،
والفعل ،واألداة ،على أسس ثالثة :المعنى ،والصيغة ،ووظيفة اللفظ في الكالم ،وذهب مهدي
حسان
تمام ّ
الضمائر ،وأسماء اإلشارة ،واألسماء الموصولة ،وأسماء االستفهام ،وأسماء الشرط ،واستند ّ
إلى اعتباري المبنى والمعنى في جعل أقسام الكالم سبعة ووافقه تلميذه فاضل الساقي في ذلك :االسم،
أما هذه الدراسة فوقفت عند مسألة واحدة من أقسام الكلم وهي (الفعل) ،وحاولت تجلية
ّ
خصائصه وعالماته ،فجمع الباحث البيانات السابقة والحديثة ،في خصائص الفعل وعالماته ،واضافة
ما يمكن استنتاجه واستقراؤه من واقع (الفعل) ،ووجدت الدراسة البيانات حول الفعل في العربية متناثرة
في الدراسات اللغوية القديمة والحديثة ،ولم ُيميَّز فيها بين العالمات الشكلية والجوهرية ،فسّلطت هذه
الدراسة الضوء على العالمات الشكلية والجوهرية للفعل مستلهم ًة الرشد مما كتبه القدماء ،وموظفةً ما
© 2024ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
1
المقدمة
ّ
الحمد هلل والصالة والسالم على خير خلق هللا ،محمد بن عبدهللا النبي العربي األمين ،وعلى
أما بعد :فموضوع هذه الرسالة (األفعال في الدراسات العربية بين العالمات الجوهرية
ّ
والشكلية) ،ويهدف للكشف عن دور هذه العالمات في تحديد أشكال األفعال في الدراسات العربية،
فمعلوم أن غالبية القدماء قالوا بتقسيم الكالم العربي أقساما ثالثة ،لكن المحدثين وقفوا مع هذا التقسيم
وقفة متأنية وأعادوا فيه النظر؛ فقال إبراهيم أنيس بتقسيم الكالم إلى أربعة أقسام :االسم ،والضمير،
والفعل ،واألداة ،على أسس ثالثة :المعنى ،والصيغة ،ووظيفة اللفظ في الكالم ،وذهب مهدي
حسان
تمام ّ
الضمائر ،وأسماء اإلشارة ،واألسماء الموصولة ،وأسماء االستفهام ،وأسماء الشرط ،واستند ّ
إلى اعتباري المبنى والمعنى في جعل أقسام الكالم سبعة ووافقه تلميذه فاضل الساقي في ذلك :االسم،
أما هذه الدراسة فوقفت عند مسألة واحدة من أقسام الكلم وهي (الفعل) ،وحاولت تجلية
ّ
خصائصه وعالماته ،فجمع الباحث البيانات السابقة والحديثة ،في خصائص الفعل وعالماته ،واضافة
ما يمكن استنتاجه واستقراؤه من واقع (الفعل) ،ووجدت الدراسة البيانات حول الفعل في العربية متناثرة
في الدراسات اللغوية القديمة والحديثة ،ولم ُيميَّز فيها بين العالمات الشكلية والجوهرية ،فسّلطت هذه
الدراسة الضوء على العالمات الشكلية والجوهرية للفعل مستلهم ًة الرشد مما كتبه القدماء ،وموظفةً ما
2
وصل إليه المحدثون في دراساتهم المتنوعة للفعل ،إذ ثمة نوعان من العالمات في العر ّبية ُي َ
عرف بها
الفعل.
الجملة المكتوبة أو المنطوقة على المستوى التحليلي أو التركيبي (الزمن والحدث) ،واآلخر عالمات
شكلية :وهي الصورة المنطوقة أو المكتوبة على مستوى كل جزء من األجزاء التحليلية للفعل أو على
عموما.
ً مستوى التركيب الكالمي
وحاولت الدراسة االستفادة من المناهج العلمية المتنوعة كالوصفي التحليلي والتاريخي بما يتناسب
وطبيعة البحث ،وانتظمت هذه الرسالة في مقدمة وتمهيد تحدثت فيه عن العالمات الجوهرية والشكلية
للفعل في العربية ،وفصلين ،والفصل األول مبحثان :تناولت في أولهما العالمة الجوهرية الناقصة وما
توافر فيه إحدى العالمتين الجوهريتين ( كان وأخواتها ) ،ثم انعدام العالمة الجوهرية في الكلمات (نعم
وبئس ،عسى ،ليس) ،ثم تناولت في المبحث اآلخر العالمات الشكلية وأثرها في االنتماء إلى أحد
صنفي الكالم (االسم ،والفعل) وكانت العالمات ( البناء على الفتح ،وقبول تاء التأنيث الساكنة ،وقبول
اإلسناد إلى ضمائر الرفع ،وقبول نون الوقاية ) محط اهتمام الدراسة؛ لما أظهرت من تأثير في الحكم
أما الفصل الثاني فمبحث واحد تناول عالمات إعراب الفعل المضارع ثم أثر الضمائر في
ّ
المضعف وبنيته ،ثم إعراب الفعل المضارع المعتل وأثر الضمائر في بنية أنواعه الثالثة،
ّ إعراب
وكذلك أثر نون النسوة ،وأثر عالمة نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة في الفعل المضارع بشقيه الصحيح
3
تحول عالمة اإلعراب إلى حالة البناء المطلق (سيادة الحالة اإلعرابية الواحدة) ،ثم
والمعتل ،ثم ُّ
عالمات اإلعراب التقديري (التع ّذر والثقل) ثم عالمات إعراب األفعال الخمسة.
التمهيد :
يكاد علماء العربية األوائل يجمعون على التقسيم الثالثي للكالم العربي( :االسم ،والفعل،
والحرف) ،وقد ظهرت أصوات تخالف هذا اإلجماع ،وتطلب إعادة النظر فيه قديما وحديثا.
أما قديما فأحمد بن صابر األندلسي الذي جعل اسم الفعل قسيما لالسم والفعل والحرف،
ّ
()1
صنف مثال على أنها أسماء ،وهي ال تقبل أولى عالمات االسم
إن وجود كلمات تُ ّ
وأسماه الخالفة ؛ إذ ّ
(أل التّعريف) ،كأسماء االستفهام التي ال تقبل (أل التعريف) ،وال تقبل (التنوين) ومثل أسماء الشرط،
وأسماء اإلشارة ،وغيرها مدعاةٌ إلعادة النظر في هذا التقسيم ،فهي ال تصلح أن تندرج تحت أقسام
الكلمات ألضعف هذا التوظيف التقسيم الثالثي ،ومثال هذا كلمة (كيف) فهي ال تقبل (أل التعريف)،
وال تقبل (التنوين) ،وهذا يعد عالمة سلبية فلِ َم نقبل بالعالمة السلبية حينا ونرفضها حينا آخر ؟
الفراء
الصبان ،حاشية على شرح األشمونى أللفية ابن مالك36/1،؛ والخالفة كما قال تمام حسان :مصطلح أطلقه ّ
( ّ )1
( )2العالمة السلبية هي عدم قبول عالمة يقبلها نوع آخر كالفعل ال يقبل التصغير واإلضافة.
5
إن ثمة أفعاال تنقصها إحدى العالمتين الجوهريتين لألفعال (الزمن والحدث) كــ(كان
األفعال ،إذ ّ
وأخواتها) ،وثمة طائفة أخرى من األفعال تخلو من هاتين العالمتين كـ ــ(نعم وبئس وعسى وليس) ،إذ
اختلف األوائل في تصنيف هذه الكلمات فذهبوا في (كان وأخواتها) ثالثة مذاهب (أفعال ،حروف،
الفراء (207ه) باسمية (نعم وبئس) ،وقال البصريون بفعليتهما وقال الكسائي
وقال الكوفيون و ّ
()3 ()2
فوافقه ثعلب (291ه) السراج (316ه) حرفية عسى وليس
(189ه) بقول البصريين ،ورأى ابن ّ
في عسى( ،)4ووافقه ابن شقير(317ه) ،والفارسي (377ه) وجماعة في ليس( ،)5ويقول عبدالحسين
()1انظر ،أبو البركات األنباري ،عبد الرحمن بن محمد بن عبيد هللا األنصاري ،أسرار العربية ،ص.112
()2انظر ،أبو البركات األنباري ،اإلنصاف في مسائل الخالف بين النحويين البصريين والكوفيين 81/1 ،؛ ابن عقيل،
عبد هللا بن عبد الرحمن العقيلي الهمداني المصري 769هـ ،شرح على ألفية ابن مالك.160/3 ،
()5انظر ،ابن هشام ،مغني اللبيب ،ص387؛ ابن هشام ،شرح شذور الذهب ،ص.26
ص.27
6
وقال سيبويه (180ه) بحرفية عسى إذا اتصل بها ضمير نصب( ،)1ونسب ابن فارس
()2
لسيبويه . (395ه) القول بفعلية هذه الكلمات جميعا
()3
حسان -ومن ذلك
تمام ّ
قسم بعض األوائل أجزاء الكالم وفق أسس شكلية -على حد تعبير ّ
ّ
ما ذكره ابن فارس عن التعريفات المختلفة للفعل ،نحو " :الفعل ما امتنع من التثنية والجمع"( .)4وفي
()5
قسم بعض العلماء أجزاء
موطن آخر " :الفعل ما حسنت فيه التاء نحو قمت وذهبت" ،في حين ّ
األسماء ،وبنيت لما مضى ،ولما يكون ولم يقع ،وما هو كائن لم ينقطع ّ .
فأما بناء ما مضى ف َذ َه َب
ضر ُب .وكذلك بناء ما لم ينقطع وهو كائن إذا أخبرت"( ،)6وقول الكسائي ":الفعل ما
وي َ
ويْقتَ ُل ُ وي ِ
ضر ُب ُ َ
دل على زمان " ،7ولو جمع النحاة بين هذه األسس في دراسة أقسام الكالم لكان أجدى وأنفع للغة.
()1انظر ،سيبويه ،الكتاب374/2 ،؛ شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ،ابن عقيل.323/1 ،
()2انظر ،ابن فارس ،الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها ،ص.50
أما المحدثون فكانوا أكثر قناع ًة بالخروج على التقسيم الثالثي ،فظهرت عدة محاوالت تضع
ّ
تصور بديال عن التقسيم الثالثي – أذكر منها على سبيل المثال ال الحصر ، -تقسيم إبراهيم أنيس،
ًا
ارتضاه ،محاوال استيعاب أصناف الكالم العربي ،فهو يعلل فساد التقسيم الثالثي من وجهة نظره؛ بأن
تعريف األسماء على سبيل المثال ال يستوعب جميع األسماء ،بل تجد أن من األسماء ما يوافق
األجزاء }أجزاء الكالم الثالثة{ شق األمر عليهم ،ووجدوا تعريف (االسم) ال يكاد ينطبق على كل
األسماء ،كما وجدوا أن من األسماء ما ينطبق عليه تعريفهم (لألفعال) "( .)1واعتمد في تقسيمه ثالثة
أسس (المعنى ،والصيغة ،ووظيفة اللفظ في الكالم) يرى فيها الطريقة المثلى لتحديد نوع الكالم ،وأن
حسان أصناف الكالم العربي إلى سبعة أقسام ،وتابعه تلميذه فاضل السامرائي في هذا
تمام ّ
قسم ّ
ّ
التقسيم وانطلق فيها من أسس ثابتة بالنظر إلى األسس الشكلية التي أسماها المباني ،وجعلها سبعة
أما
مكونات :الصورة اإلعرابية ،والرتبة ،والصيغة ،والجدول ،واإللصاق ،والتضام ،والرسم اإلمالئيّ ،
()1
حسان " :إّنه ينبغي لنا أن ُن ّنبه قبل كل شيء إلى
تمام ّ
والزمن ،والتعليق ،المعنى اإلجمالي ،يقول ّ
جميعا؛ إذ يكفي أن يختلف القسم عن القسم في بعض هذه المباني والمعاني .فالمهم أال
ً هذه النواحي
ظفه تمام حسان في تقسيمه جعلنا ال نجد المسائل الخالفية في الكلمات التي
المبنى والمعنى الذي و ّ
قسم مهدي المخزومي أقسام الكالم إلى أربعة أقسام :اسم وفعل وأداة (كلمات ال تدل على
معنى خارج الجملة) وكنايات (وهي مجموعات يندرج في كل واحدة منها ألفاظ تؤدي وظيفة معينة
قسم مصطفى جمال الدين الكالم إلى خمسة أقسام ،وهي( :االسم ،الفعل ،الحرف ،الصفة،
للمادة والصيغة وعدم تعدده ،والنسبة التامة أو الناقصة وعدمها ،والوقوع في طرفي اإلسناد وعدمه(،)1
تعريفه لالسم بالمثال( ،)2فلم يزد على قوله " :فاالسم :رجل ،وفرس ،وحائط "(.)3
تتجنب
ّ هذه المحاوالت راعى فيها أصحابها أن تقوم على أسس منهجية واضحة المعالم
االعتراضات التي لحقت بالتقسيم الثالثي ،في حين قامت تعاريف القدماء ألقسام الكالم على فكرة
حصر الكالم في أنواع ثالثة ،وقد ُيرد ذلك؛ لقرب هذه األقسام من ذهن النحوي ،فيشعر ببساطتها
ِّ
المعرف فمنهم ووضوحها ،ومع ذلك اختلف السابقون في تعريف الشيء الواحد باختالف ازوية نظر
من يجعل قبول العالمات الشكلية أساسا في تحديد النوع ،وبعضهم يحكم بالنظر إلى توافر العالمات
الجوهرية ,وهذا االختالف في وجهات النظر ساق المشكلة من تقسيم الكالم إلى تعريف هذه األقسام.
()2انظر ،السيرافي ،الحسن بن عبدهللا بن المرزبان ،أبو سعيد ،شرح كتاب سيبويه.14/1،
()3سيبويه ،الكتاب.12/1،
10
فما الحال التي ينبغي أن يكون التعريف عليها ؟ وكيف حاول القدماء تعريف أقسام الكالم ؟ وما
العالمة ؟ وما الحد في عرف النحاة ؟ وما الرسم بالعالمات ؟ وما الفرق بين العالمة والحد؟ وما الفرق
التعريف
بالمعرف دون أن أ
يطر عليه اعتراض أو َّ يقول اللبدي عن التعريف " :إّنه ينتظم كل ما يتعلق
استدراك أو نقص ،ولهذا كان من شروط أي تعريف أن يكون جامعا مانعا ،أي :جامعا لمضمونات
المعرف ومانعا من دخول غيره عليه"( .)1وعن محاولة القدماء تعريف أقسام الكالم فقد استخدموا الرسم
َّ
تجنبا
ً بدال من الحد الجامع المانع الذي يصعب وضعه لكل قسم من األقسام الثالثة،
بالعالمات ً
العالمة
يقول ابن منظور(711ه) عن العالمة ":هي السمة ،والجمع عالم ،وهو من الجمع الذي ال
ووافقه ابن يعيش (643ه) بقوله " :العالمة يشترط فيها االطراد دون االنعكاس"( .)1ومن المحدثين,
يقول الغامدي " :وليست العالمة بأكثر من سمة شكلية أو داللية تكون في النوع وال تكون في غيره،
أما الحد في (لسان العرب) فهو ":الفصل بين الشيئين لئال يختلط أحدهما باآلخر أو لئال
ّ
يعيش بين العالمة والحد بقوله " :والفرق بين العالمة والحد أن العالمة تكون باألمور الالزمة ،والحد
بالذاتية .والفرق بين الذاتي والالزم أن الذاتي ال تفهم حقيقة الشيء بدونه ،ولو قدرنا انعدامه في
الذهن ،بطلت حقيقة ذلك الشيء ،وليس الالزم كذلك "( .)5فكون العالمة من اللوازم ،قد توجد في فعل
وال توجد في غيره من مثل تاء التأنيث التي تدخل على الفعل الماضي وال تدخل على الفعل المضارع
المفصل.205/4 ،
ّ ()5ابن يعيش ،شرح
12
ودخول (لم) على الفعل المضارع وعدم دخولها على الفعل الماضي وفعل األمر ال ينفي عنهما
الفعلية( ،فتاء التأنيث ولم) من العالمات أي من األمور الالزمة ،وهي ما يصلح أن يطلق عليها
العالمات الشكلية.
العالمات الشكلية :هي مجموعة السمات والخصائص التي يقبلها النوع كاالسم والفعل ،وال
فغيابها عن الكلمة يجعلها من الكلمات المختلف فيها كما حدث لـ ــ(كان وأخواتها وعسى ونعم وبئس
وليس) ،ويقابلها في المصطلح الحديث العالمة الجوهرية :وهي مجموعة السمات والخصائص الدالة
على النوع كــ(االسم والفعل والحرف) ويشترط وجودها في كل فرد من أفراد النوع .أو هي المكون
يلجأ العلماء إلى الرسم بالعالمات في بعض المفاهيم الواسعة التي يصعب حصرها في تعريف
ال يدخله اعتراض أو استدراك أو نقص ،والرسم بالعالمات هو توضيح مالمح النوع وجمعها في سبيل
تمييزه عن غيره ،ويطلق عليه الرسم -في نظري -؛ ألنه يقوم على ضم العناصر المميزة للمرسوم في
إذا عرفت بجميع أجزائها ،سميت حدا تاما ،وهو أتم التعريفات .واذا عرفت ببعض أجزائها سميت حدا
ناقصا ،واذا عرفت بلوازمها سميت رسما ناقصا ،واذا عرفت بما يتركب من أجزاء ولوازم سميت رسما
13
تاما ،ويظهر من هذا الشيء متى كان بسيطا امتنع تعريفه بالحد ولم يمتنع تعريفه بالرسم ،ولذلك يعد
فكانت االستعاضة بالتعريف بالعالمات أو الرسم بدل الحد الحل األنسب للخروج من إشكالية
التعريفات الناقصة ،والرسم بدل الحد كما يقول الغامدي ":هو تعيين السمات الشكلية والداللية للمفهوم
عندما ال يسلم الحد المنطقي من االعتراض"( .)2وعن الفرق بين الحد والرسم يقول أبو هالل العسكري
(395ه) " :إ ّن الحد أتم ما يكون من البنيان عن المحدود ،والرسم مثل السمة يخبر به حيث يعسر
التحديد ،وال بد للحد من اإلشعار باألصل إذا أمكن ذلك فيه ،والرسم غير محتاج إلى للحد من
االشعار باألصل إذا أمكن ذلك فيه ،والرسم غير محتاج إلى ذلك وأصل الرسم في اللغة العالمة ومنه
وفرق المنطقيون بين الرسم والحد فقالوا الحد مأخوذ من طبيعة الشيء والرسم من
رسوم الديارّ ،
أعراضه "(.)3
وبعد هذا العرض السريع لتقسيم الكالم العربي قديما وحديثا ،واشكاليات تقسيم تعريف هذه
األقسام ننتقل للحديث عن الفعل ،وهو ما سنخصه بالدراسة في هذا البحث فهو على كثرة الدراسات
التي تناولته قديما وحديثا ،وتنوعها في قضاياه ومسائله المختلفةّ ،أال ّأننا نسّلط الضوء على العالمات
أولى النحاة القدماء الزمن اهتمامهم فتناولوه بالبحث والتمحيص ،غير أنهم لم يفردوا له بابا
مستقال فقد درسوه ضمن موضوعات أخرى في حين كان الزمن من القضايا التي استهوت المحدثين،
فأفردوها بالدراسة وفق المناهج اللغوية الحديثة ،وأثمرت هذه الدراسات نتائج جديرة باالهتمام أحيانا
ونتائج أخرى ظاهرة التكّلف أحيانا أخرى ،وحتى نتمكن من فهم دور الزمن في تحديد أقسام الكالم
نتعرف أقسامه.
ينبغي لنا أن ّ
أقسام الزمن
ينقسم الزمن في كتب النحاة إلى قسمين( :)1أحدهما :الزمن الفلسفي وهو ما يقاس بالدقيقة
والساعة والشهر والسنة وغيرها من األلفاظ( ،)2وهو ال يختص بالدرس النحوي منفردا بل يهتم به عامة
يصعب تحديده لسرعة مروره ،وما هذا الرأي إال انعكاس لفهم الزمن بمعناه الفلسفي.
()1انظر ،مهدي المخزومي ،في النحو العربي نقد وتوجيه ،ط1986 ،2.م ،دار الرائد العربي ،بيروت ،لبنان،
ص.147
حسان ،اللغة العربية مبناها ومعناها ،ص ،242وقد أطلق عليه مسمى
تمام ّ
()2انظر ،المرجع السابق ،الصفحة نفسها؛ ّ
( :الزمان).
تدل على الزمن الحاضر بل انصرفت للداللة على الزمن الماضي ،لوجود حرف الجزم (لم) ويصلح
يقسم إلى أزمنة دقيقة كالماضي القريب والماضي البعيد( ،)3ومثال ذلك
هذا الصنف من الزمن أن ّ
سؤال والد ولده عن صالة ما ،وأجاب الولد بقوله :صّليت ،ال يمكن أن يقصد الوالد صالة في الزمن
الماضي الطويل الذي هو كل لحظة قبل صدور السؤال ،فالوالد ال يسأل عن صالة قبل عشر سنين
الماضي القريب ال غيره من أزمنة الماضي ،والزمن النحوي ال يصلح أن يكون عالمة" جوهرية"
يختص بها الفعل دون سائر أقسام الكالم األخرى؛ ألنه ال يتأتّى من الفعل وحده بل من الفعل
أما الصنف الثاني من أصناف الزمن اللغوي :فهو الزمن الصرفي وهو ما يفهم من صيغة
ّ
الفعل المفرد خارج السياق( ،)4وهو عند البصريين ثالثة أقسام ،الماضي وصيغته (فعل) بتنوعاتها
(فاعل) ،وهو ما يسمى عند البصريين باسم الفاعل ،ولم يجعل الكوفيون فعل األمر قسيما للماضي
والمضارع؛ ألنه -في رأيهم – مجرد طلب حدوث شيء فقد يحدث وقد ال يحدث( ،)1ومن المالحظ أن
فيعترض عليها بأن اسم الفاعل ال يدل على الديمومة واالستمرار التي يوحي بها اسمه(،)2
بالفعل الدائم ُ
الزمن الذي تدل عليه من المضي ،وابتعدوا عن الزمن في تسمية صيغة (يفعل) بالمضارع فالمضارعة
المشابهة وقصدوا بها مشابهة هذا النوع من األفعال لألسماء ،وكذلك حين وصفوا صيغة (افعل)
باألمر إذ يدل هذا الوصف على معنى الفعل ال زمنه( ،)3وللزمن أثره في تصنيف أنواع الكالم.
بارز في تقسيم النحاة القدماء والمحدثين ألصناف الكالم ،إذ يتفق النحاة
يظهر دور الزمن ًا
والحرف ما جاء لمعنى في غيره فال يدل على معنى أو زمن( ،)1فالزمن سمة بارزة في تحديد أنواع
الكالم ،وقد ظهر الزمن على ّأنه خصيصة مميزة للفعل عن غيره من أقسام الكالم ،وعلى الرغم من
ذلك ،فقد دّلت بعض األسماء على الزمن ،ولكن هذه األسماء تنحصر في المصادر وبعض المشتقات
كاسم الفاعل واسم المفعول وأسماء الزمان والظروف( ،)2ولكن الزمن في هذه األسماء غير الزمن الذي
أن المصدر يدل على الزمن داللة التزام؛ ألن المصدر هو الحدث،
تدل عليه األفعال ،وتفصيل ذلك ّ
الفاعل واسم المفعول على الزمن فهي داللة عارضة( ،)4والحقيقة أ ّن الزمن الذي يدل عليه اسم الفاعل
واسم المفعول يشبه الزمن النحوي المتأتي من السياق واألدوات وزمن صيغة الفعل ،ودليل ذلك ّ
أن اسم
الفلسفي ال الزمن اللغوي ،وهذه الكلمات ال تدل على معنى سوى معنى الزمن فالفارق بين زمن أسماء
الزمان والظروف وزمن الفعل كبير ,ال يدع مجاال اللتباس الفعل بهذا النوع من الكلمات.
يجمع القدماء على أن الحدث يفهم من لفظ الفعل ال من صيغته( ،)1في حين يرى بعض
المحدثين أن الحدث الذي يتضمنه الفعل هو حركة منسوبة إلى األسماء التي ترتبط به في التركيب(،)2
والجمع بين التعريفين يجعل من مفهوم الحدث أكثر وضوحا ،فالحركة المنسوبة إلى األسماء تؤخذ من
مجموع حروف الفعل ال من صيغته ،فصيغته تدل على الزمن الصرفي للفعل دون الزمن النحوي الذي
إن
وعالوة على معنى الحدث ،فقد أفادت هذه المشتقات معنى الزمن في بعض السياقات ،ثم ّ
داللة هذه المشتقات على الحدث والزمن تستلزم قرائن لفظية ومعنوية ،والذي أراه أن الكلمات التي تدل
على الحدث والزمن يمكن أن تقسم إلى ثالثة أقسام :األول :المصدر وال يدل على غير الحدث،
()3
معين
والزمن من لوازمه وليس من مقوماته فالحدث البد أنه وقع في زمن ،ولكن زمن المصدر غير ّ
()1انظر ,النيلي ،تقي الدين إبراهيم بن الحسين ،الصفوة الصفية في شرح الدرة األلفية.131/1 ،
()2انظر ،محمود محمد الحسن ،التفسير الصرفي لعمل األفعال والمشتقات ،ص.55
()3انظر ,الكفوي ،أبو البقاء ،الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية ،ص.680
والقسم الثاني :الفعل وداللته على الحدث والزمن داللة مطابقة فهما المكونان الرئيسان للفعل( ،)1وهما
عالمتان جوهريتان يعرف الفعل بهما ويدل عليهما دون حاجة إلى قرائن لفظية أو معنوية ،وينحصر
دور القرائن في التأثير على الزمن النحوي للجملة وليس الزمن الصرفي للفعل.
وقد تَ ِ
صرف القرائن الفعل إلى أحد معاني الحدث المعجمية التي يدل عليها الفعل ،نحو قولنا :عاد
الزيارة ،وفي الجملة الثانية على العودة من السفر فالمعنيان من المعاني المعجمية للفعل ،والذي جعل
معنى الحدث مختلفا هو السياق وال يعدم الفعل الحقيقي الداللة على الحدث بحال من األحوال.
القسم الثالث :بعض المشتقات (اسم الفاعل واسم المفعول وصيغة المبالغة والصفة المشبهة واسم
التفضيل) وداللتها على الحدث والزمن ال تظهر إال بتوافر القرائن اللفظية والمعنوية وداللة هذه
الكلمات على الحدث على حالين األولى :أن تدل عليه فيحدد زمنها ويكون لها معمول( ،)2ومن أمثلة
داللة اسم الفاعل على الحدث ما ذكره ابن عاشور في قوله تعالى :ﱡﭐ ﲏ ﱉ ﲑ ﱉ ﱉ ﲔ ﱉ
السيوطي ،همع الهوامع ،ص 26؛ محمود الحسن ،التفسير الصرفي ،ص.60
()2انظرّ ،
المالئكة ،أي يجعل من أحوالهم أن يرسلوا"( ،)1وداللة اسم الفاعل على الحدث والزمن ظاهرة.
ونمثّل السم المفعول الدال على الحدث والزمن بما قاله القرطبي ،في قوله تعالى :ﱡﱉ ﱉ
()5
ومابعدها ومثاله ،قوله تعالى :ﱡﱉ ﱉ ﱉ ﱉﱉ ﱠ ()4
تدل على الحدث فتكون اسم ذات
الثانية ّ :أال ّ
()6
وكذا اسم التفضيل في اآلية ﱠ ﱉﱉ فقد جاءت الصفة المشبهة اسم ذات ،وقوله تعالى :ﱡﱙ ﱉ ﱉ
الكريمة ،ولم تدال على حدث أو زمن؛ ألن السياق لم يحتمل ذلك ،وهذا مما يجعل الفرق بين داللة
هذه المشتقات على الحدث والزمن وداللة األفعال عليها كبيرة ،فال يكون الحدث والزمن عالمة جوهرية
()1ابن عاشور ،محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي ،تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من
العالمات الشكلية
21
تعرف السمات والخصائص التي يقبلها الفعل دون غيره من أقسام الكالم بالعالمات الشكلية
الفعلية ،وهي على كثرتها إال أنها أقل فاعلية" في تصنيف الكلمات؛ ألن الفرد ال يشترط فيها أن يقبل
عددا من هذه العالمات دون غيرها ،وهذا ال يقلل من دور هذا النوع من العالمات ،لكنه يجعل
يقبل ً
من الكلمات التي ال تقبل العالمات الجوهرية موضع خالف ،وهذا ما لم يحصل مع العالمات
الشكلية ،فمن األفعال التي تخلو من العالمات الجوهرية أو من إحداها (كان وأخواتها) إذ خلت من
الداللة على الحدث فبقيت داللتها على الزمن وقبولهن للعالمات الشكلية ،في حين خلت األفعال(نعم
النحاة هذه الكلمات ،واختلف القدماء في عدد العالمات الشكلية ونختلف معهم في بعضهن فقد ذكروا
ما ال يصلح أن يعد عالمة مميزة للفعل ،ومنها ما قال به ابن القواس من أن التضعيف في وسط
درست،
َ درست،
َ (درست،
ُ عالمة ،وياءه عالمة ،وضمائر الرفع المتصلة عالمة ثالثة ،نحو قولنا :
()1ابن القواس ،عز الدين أبو الفضل عبد العزيز بن جمعة ،شرح ألفية ابن معط.213/1 ،
22
وهذه الضمائر تندرج تحت مسمى واحد هو ضمائر الرفع فال حاجة إلى جعل قبول الفعل لهذا النوع
من الضمائر ثالث عالمات ،بفصل تاء الفاعل ويائه عن ضمائر الرفع المتصلة ،وكذلك حين ذكر
جميعها يقبلها الفعل المضارع دون قسيميه الماضي واألمر ،ومن المعروف أن الفعل المضارع يبدأ
بحرف مضارعة (يكتب نكتب تكتب أكتب) وعند دخول هذه العالمات على الفعل المضارع ،نقول :
(قد يكتب ،سيكتب ،سوف يكتب ،لو يكتب ،أال يكتب ،هالّ يكتب ،أن يكتب ،لن يكتب ،لم يكتب ،لما
يكتب) وتجمع عادة تحت عالمة واحدة مشهورة أال وهي قبول (لم) ،ومن العالمات أيضا أن يدل على
( )2
وهما مرتبطتان بالمعنى ال بالمبنى ،وتختص هاتان العالمتان بفعل األمر والفعل أمر أو نهي
المضارع إذا سبقه حرف نهي ،إذ يفهم من الفعل (اجلس) معنى األمر ،ومن الفعل (ال تجلس) معنى
النهي ،ثم نونا التوكيد الخفيفة والثقيلة إذ يقبلها الفعل المضارع الدال على االستقبال ال الحال ويقبلها
َّ
احفظن) .وما ألدرس َّن ،احفظن،
َ (ألجتهد ْن،
َ كذلك فعل األمر وال يقبلها الماضي مطلقا ومثال ذلك:
التصرف( ،)4وان
ّ ُسمع من اتصالها بالفعل الماضي أو االسم يعد من الشذوذ( ،)3ومن العالمات أيضا
وليس ،وعسى ،وفعل التعجب) فال تأتي هذه األفعال على غير صيغة الماضي.
()1انظر ,السيوطي ،جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ،األشباه والنظائر في النحو ،ص.22
أما العالمات الشكلية التي نتفق مع النحاة في دورها البارز في تحديد نوع الكلمة فهي البناء
وّ
على الفتح ،وقبول تاء التأنيث الساكنة ،وينماز بهما الفعل الماضي ،وقبول اإلسناد إلى ضمائر الرفع،
وتشترك األفعال الثالثة في هذه العالمة ،وقبول نون الوقاية ،وسنتناولها بالدرس في الصفحات
القادمة.