Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 25

‫‪1‬‬

‫المقدمة‬
‫ّ‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على خير خلق هللا‪ ،‬محمد بن عبدهللا النبي العربي األمين‪ ،‬وعلى‬
‫ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫ﺃﺑﻮ ﺳﻞ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ ﺧﻠﻴﻞ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺰﻋﺒﻲ‪ ،‬ﺁﻣﻨﺔ ﺻﺎﻟﺤ)ﻤﺸﺮﻑ(‬ ‫ﻣؤﻟﻔﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ‪:‬‬
‫أما بعد‪ :‬فموضوع هذه الرسالة (األفعال في الدراسات العربية بين العالمات الجوهرية‬
‫ّ‬
‫‪2016‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ‬ ‫ﻣﻮﻗﻊ‪:‬‬
‫والشكلية)‪ ،‬ويهدف للكشف عن دور هذه العالمات في تحديد أشكال األفعال في الدراسات العربية‪،‬‬
‫‪1 - 205‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪817692‬قالوا بتقسيم الكالم العربي أقساما ثالثة‪ ،‬لكن المحدثين وقفوا مع هذا التقسيم‬
‫فمعلوم أن غالبية القدماء‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪Arabic‬النظر؛ فقال إبراهيم أنيس بتقسيم الكالم إلى أربعة أقسام‪ :‬االسم‪ ،‬والضمير‪،‬‬
‫وقفة متأنية وأعادوا فيه‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ‬ ‫ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪:‬‬
‫والفعل‪ ،‬واألداة‪ ،‬على أسس ثالثة‪ :‬المعنى‪ ،‬والصيغة‪ ،‬ووظيفة اللفظ في الكالم‪ ،‬وذهب مهدي‬
‫ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪:‬‬

‫وقسم الكناية إلى خمسة أقسام‪:‬‬


‫المخزومي إلى جعل أقسام الكالم أربعة‪ :‬اسم‪ ،‬وفعل‪ ،‬وأداة‪ ،‬وكناية‪ّ ،‬‬
‫ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ‬ ‫ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ‪:‬‬
‫ﺍﻻﺭﺩﻥ‬ ‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪:‬‬
‫حسان‬
‫تمام ّ‬
‫األسماء الموصولة‪ ،‬وأسماء االستفهام‪ ،‬وأسماء الشرط‪ ،‬واستند ّ‬
‫الضمائر‪ ،‬وأسماء اإلشارة‪ ،‬و‬
‫‪Dissertations‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫إلى اعتباري المبنى والمعنى في جعل أقسام الكالم سبعة ووافقه تلميذه‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/817692‬فاضل الساقي في ذلك‪ :‬االسم‪،‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫والصفة‪ ،‬والفعل‪ ،‬والضمير‪ ،‬والخوالف‪ ،‬والظرف‪ ،‬واألداة‪.‬‬

‫أما هذه الدراسة فوقفت عند مسألة واحدة من أقسام الكلم وهي (الفعل)‪ ،‬وحاولت تجلية‬
‫ّ‬

‫خصائصه وعالماته‪ ،‬فجمع الباحث البيانات السابقة والحديثة‪ ،‬في خصائص الفعل وعالماته‪ ،‬واضافة‬

‫ما يمكن استنتاجه واستقراؤه من واقع (الفعل)‪ ،‬ووجدت الدراسة البيانات حول الفعل في العربية متناثرة‬

‫في الدراسات اللغوية القديمة والحديثة‪ ،‬ولم ُيميَّز فيها بين العالمات الشكلية والجوهرية‪ ،‬فسّلطت هذه‬

‫الدراسة الضوء على العالمات الشكلية والجوهرية للفعل مستلهم ًة الرشد مما كتبه القدماء‪ ،‬وموظفةً ما‬
‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫المقدمة‬
‫ّ‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على خير خلق هللا‪ ،‬محمد بن عبدهللا النبي العربي األمين‪ ،‬وعلى‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﺃﺑﻮ ﺳﻞ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ ﺧﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺰﻋﺒﻲ‪ ،‬ﺁﻣﻨﺔ ﺻﺎﻟﺢ‪.(2016) .‬ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ‬
‫الجوهرية‬ ‫العالمات‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ‪ ،‬بين‬
‫ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ‪.‬‬ ‫اسات العربية‬‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺓ(‪ .‬الدر‬
‫ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‬ ‫ﻏﻴﺮاألفعال في‬
‫ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ (‬
‫هذه الرسالة‬ ‫فموضوع‬
‫)ﺭﺳﺎﻟﺔ‬ ‫ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ‬‫بعد‪:‬‬ ‫أما‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ‬
‫ّ‬
‫ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/817692‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫بية‪،‬‬‫اسات العر‬
‫ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ‬ ‫األفعالﺑﻴﻦفي الدر‬
‫ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ‬ ‫أشكالﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫"ﺍﻷﻓﻌﺎﻝفيﻓﻲتحديد‬
‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬ ‫العالمات‬ ‫ﺻﺎﻟﺢ هذه‬
‫ﺍﻟﺰﻋﺒﻲ‪.‬‬ ‫عن دور‬‫للكشفﺁﻣﻨﺔ‬
‫يهدفﺧﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭ‬
‫ﻓﺘﺤﻲ‬ ‫)‪ ،‬و‬ ‫الشكلية‬
‫ﺃﺣﻤﺪ‬ ‫ﺳﻞ‪،‬‬‫ﺃﺑﻮ و‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ" ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ‪ .‬ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ‪ .2016 ،‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫العربي أقساما ثالثة‪ ،‬لكن المحدثين وقفوا مع هذا التقسيم‬ ‫فمعلوم أن غالبية القدماء قالوا بتقسيم الكالم‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/817692‬‬

‫وقفة متأنية وأعادوا فيه النظر؛ فقال إبراهيم أنيس بتقسيم الكالم إلى أربعة أقسام‪ :‬االسم‪ ،‬والضمير‪،‬‬

‫والفعل‪ ،‬واألداة‪ ،‬على أسس ثالثة‪ :‬المعنى‪ ،‬والصيغة‪ ،‬ووظيفة اللفظ في الكالم‪ ،‬وذهب مهدي‬

‫وقسم الكناية إلى خمسة أقسام‪:‬‬


‫المخزومي إلى جعل أقسام الكالم أربعة‪ :‬اسم‪ ،‬وفعل‪ ،‬وأداة‪ ،‬وكناية‪ّ ،‬‬

‫حسان‬
‫تمام ّ‬
‫الضمائر‪ ،‬وأسماء اإلشارة‪ ،‬واألسماء الموصولة‪ ،‬وأسماء االستفهام‪ ،‬وأسماء الشرط‪ ،‬واستند ّ‬

‫إلى اعتباري المبنى والمعنى في جعل أقسام الكالم سبعة ووافقه تلميذه فاضل الساقي في ذلك‪ :‬االسم‪،‬‬

‫والصفة‪ ،‬والفعل‪ ،‬والضمير‪ ،‬والخوالف‪ ،‬والظرف‪ ،‬واألداة‪.‬‬

‫أما هذه الدراسة فوقفت عند مسألة واحدة من أقسام الكلم وهي (الفعل)‪ ،‬وحاولت تجلية‬
‫ّ‬

‫خصائصه وعالماته‪ ،‬فجمع الباحث البيانات السابقة والحديثة‪ ،‬في خصائص الفعل وعالماته‪ ،‬واضافة‬

‫ما يمكن استنتاجه واستقراؤه من واقع (الفعل)‪ ،‬ووجدت الدراسة البيانات حول الفعل في العربية متناثرة‬

‫في الدراسات اللغوية القديمة والحديثة‪ ،‬ولم ُيميَّز فيها بين العالمات الشكلية والجوهرية‪ ،‬فسّلطت هذه‬

‫الدراسة الضوء على العالمات الشكلية والجوهرية للفعل مستلهم ًة الرشد مما كتبه القدماء‪ ،‬وموظفةً ما‬
‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫المقدمة‬
‫ّ‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على خير خلق هللا‪ ،‬محمد بن عبدهللا النبي العربي األمين‪ ،‬وعلى‬

‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫أما بعد‪ :‬فموضوع هذه الرسالة (األفعال في الدراسات العربية بين العالمات الجوهرية‬
‫ّ‬

‫والشكلية)‪ ،‬ويهدف للكشف عن دور هذه العالمات في تحديد أشكال األفعال في الدراسات العربية‪،‬‬

‫فمعلوم أن غالبية القدماء قالوا بتقسيم الكالم العربي أقساما ثالثة‪ ،‬لكن المحدثين وقفوا مع هذا التقسيم‬

‫وقفة متأنية وأعادوا فيه النظر؛ فقال إبراهيم أنيس بتقسيم الكالم إلى أربعة أقسام‪ :‬االسم‪ ،‬والضمير‪،‬‬

‫والفعل‪ ،‬واألداة‪ ،‬على أسس ثالثة‪ :‬المعنى‪ ،‬والصيغة‪ ،‬ووظيفة اللفظ في الكالم‪ ،‬وذهب مهدي‬

‫وقسم الكناية إلى خمسة أقسام‪:‬‬


‫المخزومي إلى جعل أقسام الكالم أربعة‪ :‬اسم‪ ،‬وفعل‪ ،‬وأداة‪ ،‬وكناية‪ّ ،‬‬

‫حسان‬
‫تمام ّ‬
‫الضمائر‪ ،‬وأسماء اإلشارة‪ ،‬واألسماء الموصولة‪ ،‬وأسماء االستفهام‪ ،‬وأسماء الشرط‪ ،‬واستند ّ‬

‫إلى اعتباري المبنى والمعنى في جعل أقسام الكالم سبعة ووافقه تلميذه فاضل الساقي في ذلك‪ :‬االسم‪،‬‬

‫والصفة‪ ،‬والفعل‪ ،‬والضمير‪ ،‬والخوالف‪ ،‬والظرف‪ ،‬واألداة‪.‬‬

‫أما هذه الدراسة فوقفت عند مسألة واحدة من أقسام الكلم وهي (الفعل)‪ ،‬وحاولت تجلية‬
‫ّ‬

‫خصائصه وعالماته‪ ،‬فجمع الباحث البيانات السابقة والحديثة‪ ،‬في خصائص الفعل وعالماته‪ ،‬واضافة‬

‫ما يمكن استنتاجه واستقراؤه من واقع (الفعل)‪ ،‬ووجدت الدراسة البيانات حول الفعل في العربية متناثرة‬

‫في الدراسات اللغوية القديمة والحديثة‪ ،‬ولم ُيميَّز فيها بين العالمات الشكلية والجوهرية‪ ،‬فسّلطت هذه‬

‫الدراسة الضوء على العالمات الشكلية والجوهرية للفعل مستلهم ًة الرشد مما كتبه القدماء‪ ،‬وموظفةً ما‬
‫‪2‬‬

‫وصل إليه المحدثون في دراساتهم المتنوعة للفعل‪ ،‬إذ ثمة نوعان من العالمات في العر ّبية ُي َ‬
‫عرف بها‬

‫الفعل‪.‬‬

‫المحصل من استخدام األلفاظ أو الصورة الكالمية في‬


‫ّ‬ ‫األول‪ :‬عالمات جوهرية‪ :‬وهي المعنى‬

‫الجملة المكتوبة أو المنطوقة على المستوى التحليلي أو التركيبي (الزمن والحدث)‪ ،‬واآلخر عالمات‬

‫شكلية ‪ :‬وهي الصورة المنطوقة أو المكتوبة على مستوى كل جزء من األجزاء التحليلية للفعل أو على‬

‫عموما‪.‬‬
‫ً‬ ‫مستوى التركيب الكالمي‬

‫وحاولت الدراسة االستفادة من المناهج العلمية المتنوعة كالوصفي التحليلي والتاريخي بما يتناسب‬

‫وطبيعة البحث‪ ،‬وانتظمت هذه الرسالة في مقدمة وتمهيد تحدثت فيه عن العالمات الجوهرية والشكلية‬

‫للفعل في العربية‪ ،‬وفصلين‪ ،‬والفصل األول مبحثان ‪ :‬تناولت في أولهما العالمة الجوهرية الناقصة وما‬

‫توافر فيه إحدى العالمتين الجوهريتين ( كان وأخواتها )‪ ،‬ثم انعدام العالمة الجوهرية في الكلمات (نعم‬

‫وبئس‪ ،‬عسى‪ ،‬ليس)‪ ،‬ثم تناولت في المبحث اآلخر العالمات الشكلية وأثرها في االنتماء إلى أحد‬

‫صنفي الكالم (االسم‪ ،‬والفعل) وكانت العالمات ( البناء على الفتح‪ ،‬وقبول تاء التأنيث الساكنة‪ ،‬وقبول‬

‫اإلسناد إلى ضمائر الرفع‪ ،‬وقبول نون الوقاية ) محط اهتمام الدراسة؛ لما أظهرت من تأثير في الحكم‬

‫في مجال هذه الدراسة‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فمبحث واحد تناول عالمات إعراب الفعل المضارع ثم أثر الضمائر في‬
‫ّ‬

‫المضعف وبنيته‪ ،‬ثم إعراب الفعل المضارع المعتل وأثر الضمائر في بنية أنواعه الثالثة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إعراب‬

‫وكذلك أثر نون النسوة‪ ،‬وأثر عالمة نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة في الفعل المضارع بشقيه الصحيح‬
‫‪3‬‬

‫تحول عالمة اإلعراب إلى حالة البناء المطلق (سيادة الحالة اإلعرابية الواحدة)‪ ،‬ثم‬
‫والمعتل‪ ،‬ثم ُّ‬

‫عالمات اإلعراب التقديري (التع ّذر والثقل) ثم عالمات إعراب األفعال الخمسة‪.‬‬

‫توصلت إليها الدراسة‪ ،‬وأتبعت ذلك بثََبت المصادر والمراجع‬


‫وفي الخاتمة أثبت النتائج التي ّ‬

‫التي اتكأت عليها الدراسة في مادة البحث وتحليلها‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫التمهيد ‪:‬‬

‫العالمات الجوهرية ‪ :‬الزمن والحدث‬

‫يكاد علماء العربية األوائل يجمعون على التقسيم الثالثي للكالم العربي‪( :‬االسم‪ ،‬والفعل‪،‬‬

‫والحرف)‪ ،‬وقد ظهرت أصوات تخالف هذا اإلجماع‪ ،‬وتطلب إعادة النظر فيه قديما وحديثا‪.‬‬

‫أما قديما فأحمد بن صابر األندلسي الذي جعل اسم الفعل قسيما لالسم والفعل والحرف‪،‬‬
‫ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫صنف مثال على أنها أسماء‪ ،‬وهي ال تقبل أولى عالمات االسم‬
‫إن وجود كلمات تُ ّ‬
‫وأسماه الخالفة ؛ إذ ّ‬

‫(أل التّعريف)‪ ،‬كأسماء االستفهام التي ال تقبل (أل التعريف)‪ ،‬وال تقبل (التنوين) ومثل أسماء الشرط‪،‬‬

‫وأسماء اإلشارة‪ ،‬وغيرها مدعاةٌ إلعادة النظر في هذا التقسيم‪ ،‬فهي ال تصلح أن تندرج تحت أقسام‬

‫صنف متناسبة مع التقسيم الثالثي‪ ،‬بغض النظر عن جوهر الكلمة‪ ،‬بل‬


‫أقروها‪ ،‬لكنها تُ ّ‬
‫الكالم التي ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ظفت العالمات السلبية في كثير من‬
‫للحكم على الكلمة‪ ،‬ولو و ّ‬ ‫ظف النحاة العالمات السلبية‬
‫وّ‬

‫الكلمات ألضعف هذا التوظيف التقسيم الثالثي‪ ،‬ومثال هذا كلمة (كيف) فهي ال تقبل (أل التعريف)‪،‬‬

‫وال تقبل (التنوين)‪ ،‬وهذا يعد عالمة سلبية فلِ َم نقبل بالعالمة السلبية حينا ونرفضها حينا آخر ؟‬

‫الفراء‬
‫الصبان‪ ،‬حاشية على شرح األشمونى أللفية ابن مالك‪36/1،‬؛ والخالفة كما قال تمام حسان ‪ :‬مصطلح أطلقه ّ‬
‫( ‪ّ )1‬‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬ص‪.89‬‬


‫تمام ّ‬
‫على اسم الفعل قبل أن يستخدمه أحمد بن صابر االندلسي‪ ،‬انظر‪ّ ،‬‬

‫(‪ )2‬العالمة السلبية هي عدم قبول عالمة يقبلها نوع آخر كالفعل ال يقبل التصغير واإلضافة‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫يتعدى هذا االعتراض إلى‬


‫ال ينحصر االعتراض على هذا التقسيم في األسماء فقط‪ ،‬بل ّ‬

‫إن ثمة أفعاال تنقصها إحدى العالمتين الجوهريتين لألفعال (الزمن والحدث) كــ(كان‬
‫األفعال‪ ،‬إذ ّ‬

‫وأخواتها)‪ ،‬وثمة طائفة أخرى من األفعال تخلو من هاتين العالمتين كـ ــ(نعم وبئس وعسى وليس)‪ ،‬إذ‬

‫اختلف األوائل في تصنيف هذه الكلمات فذهبوا في (كان وأخواتها) ثالثة مذاهب (أفعال‪ ،‬حروف‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫أفعال غير حقيقية ‪ -‬أفعال العبارة‪)-‬‬


‫(‪)1‬‬

‫الفراء (‪207‬ه) باسمية (نعم وبئس)‪ ،‬وقال البصريون بفعليتهما وقال الكسائي‬
‫وقال الكوفيون و ّ‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫فوافقه ثعلب (‪291‬ه)‬ ‫السراج (‪316‬ه) حرفية عسى وليس‬
‫(‪189‬ه) بقول البصريين ‪ ،‬ورأى ابن ّ‬

‫في عسى(‪ ،)4‬ووافقه ابن شقير(‪317‬ه)‪ ،‬والفارسي (‪377‬ه) وجماعة في ليس(‪ ،)5‬ويقول عبدالحسين‬

‫الفتلي ‪...":‬جمهور البصريين يذهب إلى أن (ليس) فعل ناقص"(‪.)6‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ ،‬أبو البركات األنباري‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن عبيد هللا األنصاري‪ ،‬أسرار العربية‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫(‪)2‬انظر‪ ،‬أبو البركات األنباري‪ ،‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين النحويين البصريين والكوفيين‪ 81/1 ،‬؛ ابن عقيل‪،‬‬

‫عبد هللا بن عبد الرحمن العقيلي الهمداني المصري ‪769‬هـ‪ ،‬شرح على ألفية ابن مالك‪.160/3 ،‬‬

‫(‪)3‬ابن هشام‪ ،‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ص‪.387‬‬

‫(‪)4‬ابن هشام‪ ،‬شرح شذور الذهب في معرفة كالم العرب‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫(‪)5‬انظر‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬مغني اللبيب‪ ،‬ص‪387‬؛ ابن هشام‪ ،‬شرح شذور الذهب‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫السّراج‪ ،‬أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي‪ ،‬األصول في النحو‪،‬‬


‫(‪)6‬مقدمة المحقق لكتاب األصول البن ّ‬

‫ص‪.27‬‬
‫‪6‬‬

‫وقال سيبويه (‪180‬ه) بحرفية عسى إذا اتصل بها ضمير نصب(‪ ،)1‬ونسب ابن فارس‬

‫(‪)2‬‬
‫لسيبويه ‪.‬‬ ‫(‪395‬ه) القول بفعلية هذه الكلمات جميعا‬

‫(‪)3‬‬
‫حسان ‪ -‬ومن ذلك‬
‫تمام ّ‬
‫قسم بعض األوائل أجزاء الكالم وفق أسس شكلية ‪ -‬على حد تعبير ّ‬
‫ّ‬

‫ما ذكره ابن فارس عن التعريفات المختلفة للفعل‪ ،‬نحو ‪ " :‬الفعل ما امتنع من التثنية والجمع"(‪ .)4‬وفي‬

‫(‪)5‬‬
‫قسم بعض العلماء أجزاء‬
‫موطن آخر‪ " :‬الفعل ما حسنت فيه التاء نحو قمت وذهبت" ‪ ،‬في حين ّ‬

‫أما الفعل فأمثلة أُخذت من لفظ أحداث‬


‫الكالم وفق أسس وظيفية ‪ ،‬كقول سيبويه في تعريف الفعل ‪ " :‬و ّ‬

‫األسماء‪ ،‬وبنيت لما مضى‪ ،‬ولما يكون ولم يقع‪ ،‬وما هو كائن لم ينقطع ‪ّ .‬‬
‫فأما بناء ما مضى ف َذ َه َب‬

‫ذه ُب‬ ‫ذهب واقتُ ْل و ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس ِم ِع و ِم ُكث ِ‬


‫وي َ‬
‫اضر ْب‪ ،‬ومخب اًر‪َ :‬يْقتُ ُل َ‬ ‫أما بناء ما لم يقع فإنه قولك آم اًر‪ :‬ا َ‬
‫وحم َد‪ .‬و ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫ضر ُب‪ .‬وكذلك بناء ما لم ينقطع وهو كائن إذا أخبرت"(‪ ،)6‬وقول الكسائي ‪ ":‬الفعل ما‬
‫وي َ‬
‫ويْقتَ ُل ُ‬ ‫وي ِ‬
‫ضر ُب ُ‬ ‫َ‬

‫دل على زمان "‪ ،7‬ولو جمع النحاة بين هذه األسس في دراسة أقسام الكالم لكان أجدى وأنفع للغة‪.‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ ،‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪374/2 ،‬؛ شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ابن عقيل‪.323/1 ،‬‬

‫(‪)2‬انظر‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬ص‪.87‬‬


‫تمام ّ‬
‫(‪)3‬انظر‪ّ ،‬‬

‫(‪)4‬ابن فارس‪ ،‬الصاحبي‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫(‪)5‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬

‫(‪)6‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫(‪)7‬ابن فارس‪ ،‬الصاحبي‪ ،‬ص‪.50‬‬


‫‪7‬‬

‫أما المحدثون فكانوا أكثر قناع ًة بالخروج على التقسيم الثالثي‪ ،‬فظهرت عدة محاوالت تضع‬
‫ّ‬

‫تصور بديال عن التقسيم الثالثي – أذكر منها على سبيل المثال ال الحصر ‪ ، -‬تقسيم إبراهيم أنيس‪،‬‬
‫ًا‬

‫حسان‪ ،‬ومهدي المخزومي‪ ،‬ومصطفى جمال الدين‪.‬‬


‫وتمام ّ‬
‫ّ‬

‫محاولة إبراهيم أنيس‬

‫فصل فيه لكل قسم‬


‫بدأ إبراهيم أنيس بتعليل فساد التقسيم الثالثي‪ ،‬ثم ّثنى بتقسيم رباعي ّ‬

‫ارتضاه‪ ،‬محاوال استيعاب أصناف الكالم العربي‪ ،‬فهو يعلل فساد التقسيم الثالثي من وجهة نظره؛ بأن‬

‫تعريف األسماء على سبيل المثال ال يستوعب جميع األسماء‪ ،‬بل تجد أن من األسماء ما يوافق‬

‫ولما حاول اللغويون من العرب تحديد المقصود من هذه‬


‫األفعال في التعريف‪ ،‬يقول إبراهيم أنيس ‪ّ ":‬‬

‫األجزاء }أجزاء الكالم الثالثة{ شق األمر عليهم‪ ،‬ووجدوا تعريف (االسم) ال يكاد ينطبق على كل‬

‫األسماء‪ ،‬كما وجدوا أن من األسماء ما ينطبق عليه تعريفهم (لألفعال) "(‪ .)1‬واعتمد في تقسيمه ثالثة‬

‫أسس (المعنى‪ ،‬والصيغة‪ ،‬ووظيفة اللفظ في الكالم) يرى فيها الطريقة المثلى لتحديد نوع الكالم‪ ،‬وأن‬

‫عدم اعتمادهن مجتمعات يؤدي إلى الخلل في تصنيف الكالم‪.‬‬

‫حسان وفاضل الساقي‬


‫تمام ّ‬
‫محاولة ّ‬

‫حسان أصناف الكالم العربي إلى سبعة أقسام‪ ،‬وتابعه تلميذه فاضل السامرائي في هذا‬
‫تمام ّ‬
‫قسم ّ‬
‫ّ‬

‫التقسيم وانطلق فيها من أسس ثابتة بالنظر إلى األسس الشكلية التي أسماها المباني‪ ،‬وجعلها سبعة‬

‫أما‬
‫مكونات‪ :‬الصورة اإلعرابية‪ ،‬والرتبة‪ ،‬والصيغة‪ ،‬والجدول‪ ،‬واإللصاق‪ ،‬والتضام‪ ،‬والرسم اإلمالئي‪ّ ،‬‬

‫األسس الوظيفية فوصفها بالمعاني‪ ،‬وجعلها خمسة مكونات‪ :‬التسمية‪ ،‬والحدث‪،‬‬

‫(‪)1‬إبراهيم أنيس‪ ،‬من أسرار اللغة العربية‪ ،‬ص‪.281‬‬


‫‪8‬‬

‫(‪)1‬‬
‫حسان ‪ " :‬إّنه ينبغي لنا أن ُن ّنبه قبل كل شيء إلى‬
‫تمام ّ‬
‫والزمن‪ ،‬والتعليق‪ ،‬المعنى اإلجمالي ‪ ،‬يقول ّ‬

‫جميعا‪ ،‬أن كل قسم من الكلم ال ُبَّد أن يتميز من قسيمه من‬


‫ً‬ ‫ّأنه ليس معنى إيراد هذه المباني والمعاني‬

‫جميعا؛ إذ يكفي أن يختلف القسم عن القسم في بعض هذه المباني والمعاني‪ .‬فالمهم أال‬
‫ً‬ ‫هذه النواحي‬

‫أيضا؛ إذ ال ُبَّد من أن‬


‫يكون التفريق من حيث المباني فقط وان تعددت‪ ,‬أو المعاني فقط وان تعددت ً‬
‫(‪)2‬‬
‫إن تضافر‬
‫يتضافر اعتبار المبنى واعتبار المعنى في التفريق بين قسم بعينه وبين بقية األقسام" ‪ّ .‬‬

‫ظفه تمام حسان في تقسيمه جعلنا ال نجد المسائل الخالفية في الكلمات التي‬
‫المبنى والمعنى الذي و ّ‬

‫نوعا يشعرك بأنه مقحم في‬


‫اختلف فيها قدماؤنا‪ ،‬وال نجد نوعا من أنواع الكالم يصعب تقسيمه‪ ،‬أو ً‬

‫بعضا من عالمات االسم‪ ،‬وقد وافق الساقي ما‬


‫قحاما كأسماء االستفهام مثال التي ال تقبل ً‬
‫مجموعته إ ً‬

‫ذهب إليه أستاذه(‪.)3‬‬

‫محاولة مهدي المخزومي‬

‫قسم مهدي المخزومي أقسام الكالم إلى أربعة أقسام‪ :‬اسم وفعل وأداة (كلمات ال تدل على‬

‫معنى خارج الجملة) وكنايات (وهي مجموعات يندرج في كل واحدة منها ألفاظ تؤدي وظيفة معينة‬

‫وقسم الكنايات على خمس مجموعات هي‪:‬‬


‫تؤدي معنى االستفهام)‪ّ ،‬‬
‫مشتركة فكنايات االستفهام مثال ّ‬

‫الضمائر‪ ،‬وأسماء االشارة‪ ،‬واألسماء الموصولة‪ ،‬وأسماء االستفهام‪ ،‬وأسماء الشرط(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ ،‬فاضل الساقي‪ ،‬أقسام الكالم من حيث الشكل والوظيفة‪ ،‬ص‪.140‬‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬ص‪.90‬‬


‫تمام ّ‬
‫( ‪ّ )2‬‬

‫(‪)3‬فاضل الساقي‪ ،‬أقسام الكالم من حيث الشكل والوظيفة‪ ،‬ص‪ 23‬ومابعدها‪.‬‬

‫(‪)4‬انظر‪ ،‬مهدي المخزومي‪ ،‬في النحو العربي قواعد وتطبيق‪ ،‬ص‪.46‬‬


‫‪9‬‬

‫محاولة مصطفى جمال الدين‬

‫قسم مصطفى جمال الدين الكالم إلى خمسة أقسام‪ ،‬وهي‪( :‬االسم‪ ،‬الفعل‪ ،‬الحرف‪ ،‬الصفة‪،‬‬

‫أسسا أربعة‪ :‬االستقالل بالمفهومية وعدم االستقالل بها‪ ،‬وتعدد الوضع‬


‫المبهم)‪ ،‬واعتمد لهذا التقسيم ً‬

‫للمادة والصيغة وعدم تعدده‪ ،‬والنسبة التامة أو الناقصة وعدمها‪ ،‬والوقوع في طرفي اإلسناد وعدمه(‪،)1‬‬

‫وهذا التقسيم ال نجد له صدى عند النحاة‪.‬‬

‫عددا من المحدثين يرفضون التقسيم الثالثي‪ ،‬أو يطلبون استكماله أن قدماءنا‬


‫جعل ً‬
‫ولعل مما ّ‬

‫أن سيبويه اكتفى عند‬ ‫ِ‬


‫لم ُي ْجمعوا على تعريف محدد‪ ،‬لكل قسم من األقسام التي ارتضوها‪ ،‬ومن ذلك ّ‬

‫تعريفه لالسم بالمثال(‪ ،)2‬فلم يزد على قوله ‪ " :‬فاالسم ‪ :‬رجل‪ ،‬وفرس‪ ،‬وحائط "(‪.)3‬‬

‫تتجنب‬
‫ّ‬ ‫هذه المحاوالت راعى فيها أصحابها أن تقوم على أسس منهجية واضحة المعالم‬

‫االعتراضات التي لحقت بالتقسيم الثالثي‪ ،‬في حين قامت تعاريف القدماء ألقسام الكالم على فكرة‬

‫حصر الكالم في أنواع ثالثة‪ ،‬وقد ُيرد ذلك؛ لقرب هذه األقسام من ذهن النحوي‪ ،‬فيشعر ببساطتها‬

‫ِّ‬
‫المعرف فمنهم‬ ‫ووضوحها‪ ،‬ومع ذلك اختلف السابقون في تعريف الشيء الواحد باختالف ازوية نظر‬

‫من يجعل قبول العالمات الشكلية أساسا في تحديد النوع‪ ،‬وبعضهم يحكم بالنظر إلى توافر العالمات‬

‫الجوهرية‪ ,‬وهذا االختالف في وجهات النظر ساق المشكلة من تقسيم الكالم إلى تعريف هذه األقسام‪.‬‬

‫(‪)1‬مصطفى جمال الدين‪ ،‬البحث النحوي عند األصوليين‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫(‪)2‬انظر‪ ،‬السيرافي‪ ،‬الحسن بن عبدهللا بن المرزبان‪ ،‬أبو سعيد‪ ،‬شرح كتاب سيبويه‪.14/1،‬‬

‫(‪)3‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪.12/1،‬‬
‫‪10‬‬

‫فما الحال التي ينبغي أن يكون التعريف عليها ؟ وكيف حاول القدماء تعريف أقسام الكالم ؟ وما‬

‫العالمة ؟ وما الحد في عرف النحاة ؟ وما الرسم بالعالمات ؟ وما الفرق بين العالمة والحد؟ وما الفرق‬

‫بين الحد والرسم ؟‬

‫التعريف‬

‫بالمعرف دون أن أ‬
‫يطر عليه اعتراض أو‬ ‫َّ‬ ‫يقول اللبدي عن التعريف ‪ " :‬إّنه ينتظم كل ما يتعلق‬

‫استدراك أو نقص‪ ،‬ولهذا كان من شروط أي تعريف أن يكون جامعا مانعا‪ ،‬أي‪ :‬جامعا لمضمونات‬

‫المعرف ومانعا من دخول غيره عليه"(‪ .)1‬وعن محاولة القدماء تعريف أقسام الكالم فقد استخدموا الرسم‬
‫َّ‬

‫تجنبا‬
‫ً‬ ‫بدال من الحد الجامع المانع الذي يصعب وضعه لكل قسم من األقسام الثالثة‪،‬‬
‫بالعالمات ً‬

‫لالعتراض أو االستدراك أو النقص في التعريف‪.‬‬

‫العالمة‬

‫يقول ابن منظور(‪711‬ه) عن العالمة ‪ ":‬هي السمة‪ ،‬والجمع عالم‪ ،‬وهو من الجمع الذي ال‬

‫الصبان (‪1206‬ه) قائال‪":‬‬ ‫فصلها‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬


‫ق‬
‫ّ‬ ‫يفار واحده إال بإلقاء الهاء" ‪ ،‬ووصفت األمارة بالعالمة ‪ ،‬و ّ‬
‫طرادها أي وجود الم َّ‬
‫علم عند وجودها وال يجب انعكاسها أي انتفاؤه عند انتفائها"(‪.)4‬‬ ‫العالمة يجب ا ّ‬
‫ُ‬

‫(‪)1‬محمد سمير نجيب اللبدي‪ ،‬معجم المصطلحات النحوية والصرفية‪ ،‬ص‪.153‬‬

‫(‪)2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪.419/1 ،‬‬

‫(‪)3‬انظر‪ ,‬األنصاري‪ ،‬زكريا بن محمد الحدود األنيقة والتعريفات الدقيقة‪ ،‬ص‪.83‬‬

‫الصبان‪ ،‬حاشية على شرح ألفية ابن مالك‪.45/1 ،‬‬


‫( ‪ّ )4‬‬
‫‪11‬‬

‫ووافقه ابن يعيش (‪643‬ه) بقوله ‪ " :‬العالمة يشترط فيها االطراد دون االنعكاس"(‪ .)1‬ومن المحدثين‪,‬‬

‫يقول الغامدي ‪ " :‬وليست العالمة بأكثر من سمة شكلية أو داللية تكون في النوع وال تكون في غيره‪،‬‬

‫أو تتصل به وال تتصل بغيره"(‪.)2‬‬

‫الفرق بين الحد والعالمة‬

‫أما الحد في (لسان العرب) فهو ‪ ":‬الفصل بين الشيئين لئال يختلط أحدهما باآلخر أو لئال‬
‫ّ‬

‫حد بينهما‪ .‬ومنتهى كل شيء ‪:‬‬


‫يتعدى أحدهما على اآلخر‪ ،‬وجمعه حدود‪ .‬وفصل ما بين كل شيئين ‪ّ :‬‬

‫ويفرق ابن‬ ‫(‪)4‬‬


‫قول دال على ماهية الشيء" ‪ّ ،‬‬
‫الشريف الجرجاني (‪816‬ه) " ‪ٌ :‬‬
‫الحد عند ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫حده " ‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬

‫يعيش بين العالمة والحد بقوله ‪ " :‬والفرق بين العالمة والحد أن العالمة تكون باألمور الالزمة‪ ،‬والحد‬

‫بالذاتية‪ .‬والفرق بين الذاتي والالزم أن الذاتي ال تفهم حقيقة الشيء بدونه‪ ،‬ولو قدرنا انعدامه في‬

‫الذهن‪ ،‬بطلت حقيقة ذلك الشيء‪ ،‬وليس الالزم كذلك "(‪ .)5‬فكون العالمة من اللوازم‪ ،‬قد توجد في فعل‬

‫وال توجد في غيره من مثل تاء التأنيث التي تدخل على الفعل الماضي وال تدخل على الفعل المضارع‬

‫وفعل األمر‪ ،‬وهذا ال يقدح في فعليتهما‪.‬‬

‫(‪)1‬ابن يعيش‪ ،‬شرح مفصل الزمخشري‪.24/1 ،‬‬

‫(‪)2‬محمد سعيد صالح ربيع الغامدي‪ ،‬خصائص الفعل في العربية‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫(‪)3‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة ( حدد )‪.140/3 ،‬‬

‫الشريف الجرجاني‪ ،‬كتاب التعريفات‪.83/1 ،‬‬


‫( ‪ّ )4‬‬

‫المفصل‪.205/4 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)5‬ابن يعيش‪ ،‬شرح‬
‫‪12‬‬

‫ودخول (لم) على الفعل المضارع وعدم دخولها على الفعل الماضي وفعل األمر ال ينفي عنهما‬

‫الفعلية‪( ،‬فتاء التأنيث ولم) من العالمات أي من األمور الالزمة‪ ،‬وهي ما يصلح أن يطلق عليها‬

‫العالمات الشكلية‪.‬‬

‫العالمات الشكلية والعالمات الجوهرية‬

‫العالمات الشكلية ‪ :‬هي مجموعة السمات والخصائص التي يقبلها النوع كاالسم والفعل‪ ،‬وال‬

‫أما األمور الذاتية‬


‫يقبلها نوع آخر‪ ،‬وفي الوقت نفسه ال ُيشترط أن يقبل أفراد النوع العالمات جميعها‪ ،‬و ّ‬

‫فغيابها عن الكلمة يجعلها من الكلمات المختلف فيها كما حدث لـ ــ(كان وأخواتها وعسى ونعم وبئس‬

‫وليس)‪ ،‬ويقابلها في المصطلح الحديث العالمة الجوهرية ‪ :‬وهي مجموعة السمات والخصائص الدالة‬

‫على النوع كــ(االسم والفعل والحرف) ويشترط وجودها في كل فرد من أفراد النوع‪ .‬أو هي المكون‬

‫األساسي للم َّ‬


‫علم وبغيابها يختل الفرد عن نوعه فيوصف بالنقص إذا كان ُيعرف بأكثر من عالمة‬ ‫ُ‬

‫جوهرية؛ وللفعل عالمتان جوهريتان هما ‪(:‬الزمن والحدث)‪.‬‬

‫الرسم بالعالمات والتعريف بها‬

‫يلجأ العلماء إلى الرسم بالعالمات في بعض المفاهيم الواسعة التي يصعب حصرها في تعريف‬

‫ال يدخله اعتراض أو استدراك أو نقص‪ ،‬والرسم بالعالمات هو توضيح مالمح النوع وجمعها في سبيل‬

‫تمييزه عن غيره‪ ،‬ويطلق عليه الرسم ‪ -‬في نظري ‪-‬؛ ألنه يقوم على ضم العناصر المميزة للمرسوم في‬

‫الس ّكاكي (‪626‬ه) ‪ ":‬إ ّن الحقيقة‬


‫تمكن الناظر إليه من معرفته فال يلتبس عليه بغيره‪ ،‬يقول ّ‬
‫إطار واحد ّ‬

‫إذا عرفت بجميع أجزائها‪ ،‬سميت حدا تاما‪ ،‬وهو أتم التعريفات‪ .‬واذا عرفت ببعض أجزائها سميت حدا‬

‫ناقصا‪ ،‬واذا عرفت بلوازمها سميت رسما ناقصا‪ ،‬واذا عرفت بما يتركب من أجزاء ولوازم سميت رسما‬
‫‪13‬‬

‫تاما‪ ،‬ويظهر من هذا الشيء متى كان بسيطا امتنع تعريفه بالحد ولم يمتنع تعريفه بالرسم‪ ،‬ولذلك يعد‬

‫الرسم أعم كما يعد الحد أتم"(‪.)1‬‬

‫فكانت االستعاضة بالتعريف بالعالمات أو الرسم بدل الحد الحل األنسب للخروج من إشكالية‬

‫التعريفات الناقصة‪ ،‬والرسم بدل الحد كما يقول الغامدي ‪ ":‬هو تعيين السمات الشكلية والداللية للمفهوم‬

‫عندما ال يسلم الحد المنطقي من االعتراض"(‪ .)2‬وعن الفرق بين الحد والرسم يقول أبو هالل العسكري‬

‫(‪395‬ه) ‪ " :‬إ ّن الحد أتم ما يكون من البنيان عن المحدود‪ ،‬والرسم مثل السمة يخبر به حيث يعسر‬

‫التحديد‪ ،‬وال بد للحد من اإلشعار باألصل إذا أمكن ذلك فيه‪ ،‬والرسم غير محتاج إلى للحد من‬

‫االشعار باألصل إذا أمكن ذلك فيه‪ ،‬والرسم غير محتاج إلى ذلك وأصل الرسم في اللغة العالمة ومنه‬

‫وفرق المنطقيون بين الرسم والحد فقالوا الحد مأخوذ من طبيعة الشيء والرسم من‬
‫رسوم الديار‪ّ ،‬‬

‫أعراضه "(‪.)3‬‬

‫وبعد هذا العرض السريع لتقسيم الكالم العربي قديما وحديثا‪ ،‬واشكاليات تقسيم تعريف هذه‬

‫األقسام ننتقل للحديث عن الفعل‪ ،‬وهو ما سنخصه بالدراسة في هذا البحث فهو على كثرة الدراسات‬

‫التي تناولته قديما وحديثا‪ ،‬وتنوعها في قضاياه ومسائله المختلفة‪ّ ،‬أال ّأننا نسّلط الضوء على العالمات‬

‫ظف البحث الدراسات السابقة؛ فهو امتداد لها‬


‫الجوهرية والعالمات الشكلية في هذه الدراسات‪ ،‬وسيو ّ‬

‫بالقدر الذي سيظهر في ثنايا البحث‪.‬‬

‫الس ّكاكي‪ ،‬مفتاح العلوم‪ ،‬ص‪.436‬‬


‫( ‪ّ )1‬‬

‫(‪)2‬انظر‪ ،‬محمد الغامدي‪ ،‬خصائص الفعل‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫(‪)3‬العسكري‪ ،‬أبو هالل‪ ،‬الفروق اللغوية‪ ،‬ص‪.32‬‬


‫‪14‬‬

‫العالمة الجوهرية األولى (الزمن)‬

‫أولى النحاة القدماء الزمن اهتمامهم فتناولوه بالبحث والتمحيص‪ ،‬غير أنهم لم يفردوا له بابا‬

‫مستقال فقد درسوه ضمن موضوعات أخرى في حين كان الزمن من القضايا التي استهوت المحدثين‪،‬‬

‫فأفردوها بالدراسة وفق المناهج اللغوية الحديثة‪ ،‬وأثمرت هذه الدراسات نتائج جديرة باالهتمام أحيانا‬

‫ونتائج أخرى ظاهرة التكّلف أحيانا أخرى‪ ،‬وحتى نتمكن من فهم دور الزمن في تحديد أقسام الكالم‬

‫نتعرف أقسامه‪.‬‬
‫ينبغي لنا أن ّ‬

‫أقسام الزمن‬

‫ينقسم الزمن في كتب النحاة إلى قسمين(‪ :)1‬أحدهما ‪ :‬الزمن الفلسفي وهو ما يقاس بالدقيقة‬

‫والساعة والشهر والسنة وغيرها من األلفاظ(‪ ،)2‬وهو ال يختص بالدرس النحوي منفردا بل يهتم به عامة‬

‫الناس؛ لما له من تأثير في شؤون حياتهم المختلفة‪ ،‬غير أن بعض النحاة ّ‬


‫قسموا زمن الفعل وفق‬

‫مستقبال(‪)3‬؛ ألن الزمن الحال – من وجهة نظرهم –‬


‫ً‬ ‫ماضيا و‬
‫ً‬ ‫فهمهم للزمن الفلسفي فجعلوا الفعل‬

‫يصعب تحديده لسرعة مروره‪ ،‬وما هذا الرأي إال انعكاس لفهم الزمن بمعناه الفلسفي‪.‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ ،‬مهدي المخزومي‪ ،‬في النحو العربي نقد وتوجيه‪ ،‬ط‪1986 ،2.‬م‪ ،‬دار الرائد العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬

‫ص‪.147‬‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العربية مبناها ومعناها‪ ،‬ص‪ ،242‬وقد أطلق عليه مسمى‬
‫تمام ّ‬
‫(‪)2‬انظر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة نفسها؛ ّ‬

‫‪( :‬الزمان)‪.‬‬

‫(‪)3‬انظر‪ ،‬الزّجاجي‪ ،‬اإليضاح في علل النحو‪ ،‬ص‪.86‬‬


‫‪15‬‬

‫ويصنف إلى زمن نحوي يفهم من سياق‬


‫ّ‬ ‫أما القسم اآلخر من أقسام الزمن فهو ‪ :‬الزمن اللغوي(‪،)1‬‬
‫ّ‬

‫يتخلى الفعل عن داللة‬


‫الجملة وزمن الفعل واألدوات المؤثرة في معنى الزمن‪ ،‬وفي هذا الصنف قد ّ‬

‫ﱉ(‪ ،)2‬فصيغة المضارع في اآلية الكريمة لم‬


‫صيغته على الزمن‪ ،‬كما في قوله تعالى ‪ :‬ﱡﱉ ﱉ ﱉ ﱠ‬

‫تدل على الزمن الحاضر بل انصرفت للداللة على الزمن الماضي‪ ،‬لوجود حرف الجزم (لم) ويصلح‬

‫يقسم إلى أزمنة دقيقة كالماضي القريب والماضي البعيد(‪ ،)3‬ومثال ذلك‬
‫هذا الصنف من الزمن أن ّ‬

‫سؤال والد ولده عن صالة ما‪ ،‬وأجاب الولد بقوله ‪ :‬صّليت‪ ،‬ال يمكن أن يقصد الوالد صالة في الزمن‬

‫الماضي الطويل الذي هو كل لحظة قبل صدور السؤال‪ ،‬فالوالد ال يسأل عن صالة قبل عشر سنين‬

‫المؤكد أنه قصد‬


‫ّ‬ ‫مثال"‪ ،‬على الرغم من أن الصالة قبل عشر سنين تقع في الزمن الماضي‪ ،‬فالوالد من‬

‫الماضي القريب ال غيره من أزمنة الماضي‪ ،‬والزمن النحوي ال يصلح أن يكون عالمة" جوهرية"‬

‫يختص بها الفعل دون سائر أقسام الكالم األخرى؛ ألنه ال يتأتّى من الفعل وحده بل من الفعل‬

‫والعوامل التي سبق ذكرها‪.‬‬

‫أما الصنف الثاني من أصناف الزمن اللغوي ‪ :‬فهو الزمن الصرفي وهو ما يفهم من صيغة‬
‫ّ‬

‫الفعل المفرد خارج السياق(‪ ،)4‬وهو عند البصريين ثالثة أقسام‪ ،‬الماضي وصيغته (فعل) بتنوعاتها‬

‫البنائية المختلفة‪ ،‬والمضارع وصيغته (يفعل)‪ ،‬واألمر وصيغته (افعل) ‪.‬‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العربية مبناها ومعناها‪ ،‬ص‪.377‬‬


‫تمام ّ‬
‫(‪)1‬انظر‪ّ ،‬‬

‫(‪)2‬سورة اإلخالص‪ ،‬اآلية‪.3‬‬

‫(‪)3‬انظر‪ ،‬فاضل الساقي‪ ،‬أقسام الكالم‪ ،‬ص‪.239‬‬

‫حسان‪ ،‬اللغة العربية مبناها ومعناها‪ ،‬ص‪.377‬‬


‫تمام ّ‬
‫( ‪ّ )4‬‬
‫‪16‬‬

‫ماضيا وصيغته (فعل)‪ ،‬والحال وصيغته (يفعل)‪ ،‬والدائم وصيغته‬


‫ً‬ ‫في حين يرى الكوفيون الفعل‬

‫(فاعل)‪ ،‬وهو ما يسمى عند البصريين باسم الفاعل‪ ،‬ولم يجعل الكوفيون فعل األمر قسيما للماضي‬

‫والمضارع؛ ألنه ‪ -‬في رأيهم – مجرد طلب حدوث شيء فقد يحدث وقد ال يحدث(‪ ،)1‬ومن المالحظ أن‬

‫أما تسمية اسم الفاعل‬


‫المصطلحين (الماضي والحال) يوافقان الداللة الزمنية لصيغة فعليهما منفردين‪ّ ،‬‬

‫فيعترض عليها بأن اسم الفاعل ال يدل على الديمومة واالستمرار التي يوحي بها اسمه(‪،)2‬‬
‫بالفعل الدائم ُ‬

‫أما البصريون فوافقت تسميتهم لصيغة (فعل)‬


‫عالوة على االعتراض على تصنيفه فعال" من األساس‪ّ ،‬‬

‫الزمن الذي تدل عليه من المضي‪ ،‬وابتعدوا عن الزمن في تسمية صيغة (يفعل) بالمضارع فالمضارعة‬

‫المشابهة وقصدوا بها مشابهة هذا النوع من األفعال لألسماء‪ ،‬وكذلك حين وصفوا صيغة (افعل)‬

‫باألمر إذ يدل هذا الوصف على معنى الفعل ال زمنه(‪ ،)3‬وللزمن أثره في تصنيف أنواع الكالم‪.‬‬

‫(‪)1‬إبراهيم السامرائي‪ ،‬الفعل زمانه وأبنيته‪ ،‬ص‪ ،21‬ص‪.22‬‬

‫(‪)2‬انظر‪ ،‬مهدي المخزومي‪ ،‬في النحو العربي‪ ،‬ص‪ ،115‬ص‪.116‬‬

‫(‪)3‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬

‫أثر الزمن في أقسام الكالم‬


‫‪17‬‬

‫بارز في تقسيم النحاة القدماء والمحدثين ألصناف الكالم‪ ،‬إذ يتفق النحاة‬
‫يظهر دور الزمن ًا‬

‫دل على حدث مرتبط بزمن‪،‬‬


‫على أن االسم ما دل على معنى غير مرتبط بزمن‪ ،‬وأن الفعل ما ّ‬

‫والحرف ما جاء لمعنى في غيره فال يدل على معنى أو زمن(‪ ،)1‬فالزمن سمة بارزة في تحديد أنواع‬

‫الكالم‪ ،‬وقد ظهر الزمن على ّأنه خصيصة مميزة للفعل عن غيره من أقسام الكالم‪ ،‬وعلى الرغم من‬

‫ذلك‪ ،‬فقد دّلت بعض األسماء على الزمن‪ ،‬ولكن هذه األسماء تنحصر في المصادر وبعض المشتقات‬

‫كاسم الفاعل واسم المفعول وأسماء الزمان والظروف(‪ ،)2‬ولكن الزمن في هذه األسماء غير الزمن الذي‬

‫أن المصدر يدل على الزمن داللة التزام؛ ألن المصدر هو الحدث‪،‬‬
‫تدل عليه األفعال‪ ،‬وتفصيل ذلك ّ‬

‫نحويا‪ ،‬وزمن المصدر من‬


‫تصور ً‬
‫ًا‬ ‫تصور عقلي عن الزمن وليس‬
‫والحدث ال بد أن يقع في زمن‪ ،‬وهذا ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫أما داللة اسم‬
‫محصلة ‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫لوازمه وداللة المصدر على الزمن مبهمة‪ ،‬في حين داللة الفعل على الزمن‬

‫الفاعل واسم المفعول على الزمن فهي داللة عارضة(‪ ،)4‬والحقيقة أ ّن الزمن الذي يدل عليه اسم الفاعل‬

‫واسم المفعول يشبه الزمن النحوي المتأتي من السياق واألدوات وزمن صيغة الفعل‪ ،‬ودليل ذلك ّ‬
‫أن اسم‬

‫الفاعل واسم المفعول في كثير من السياقات ال يدالن على زمن‪.‬‬

‫كبير عن غيره‪ ،‬إذ هو الزمن‬


‫أما الزمن في أسماء الزمان والظروف فهو يختلف اختالًفا ًا‬
‫ّ‬

‫الفلسفي ال الزمن اللغوي‪ ،‬وهذه الكلمات ال تدل على معنى سوى معنى الزمن فالفارق بين زمن أسماء‬

‫الزمان والظروف وزمن الفعل كبير‪ ,‬ال يدع مجاال اللتباس الفعل بهذا النوع من الكلمات‪.‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ ،‬أبو البركات األنباري‪ ،‬أسرار العربية‪ ،‬ص‪ ،36‬ص‪ ،39‬ص‪.40‬‬


‫(‪)2‬انظر‪ ,‬ابن يعيش‪ ،‬شرح المفصل‪.82/1 ،‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ ,‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬همع الهوامع‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪)4‬انظر‪ّ ,‬‬
‫العالمة الجوهرية الثانية (الحدث)‬
‫‪18‬‬

‫يجمع القدماء على أن الحدث يفهم من لفظ الفعل ال من صيغته(‪ ،)1‬في حين يرى بعض‬

‫المحدثين أن الحدث الذي يتضمنه الفعل هو حركة منسوبة إلى األسماء التي ترتبط به في التركيب(‪،)2‬‬

‫والجمع بين التعريفين يجعل من مفهوم الحدث أكثر وضوحا‪ ،‬فالحركة المنسوبة إلى األسماء تؤخذ من‬

‫مجموع حروف الفعل ال من صيغته‪ ،‬فصيغته تدل على الزمن الصرفي للفعل دون الزمن النحوي الذي‬

‫يتضمن الحدث والزمن فهذا ال ينفي‬


‫ّ‬ ‫تؤثر فيه القرائن اللفظية والمعنوية‪ ،‬وما اشت ِهر عن الفعل من أنه‬

‫تعداه إلى اسم الفاعل واسم‬


‫وجود الحدث في غير الفعل‪ ،‬ولم يقف ظهور الحدث عند المصدر فقط بل ّ‬

‫المفعول وصيغة المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل‪.‬‬

‫إن‬
‫وعالوة على معنى الحدث‪ ،‬فقد أفادت هذه المشتقات معنى الزمن في بعض السياقات‪ ،‬ثم ّ‬

‫داللة هذه المشتقات على الحدث والزمن تستلزم قرائن لفظية ومعنوية‪ ،‬والذي أراه أن الكلمات التي تدل‬

‫على الحدث والزمن يمكن أن تقسم إلى ثالثة أقسام ‪ :‬األول ‪ :‬المصدر وال يدل على غير الحدث‪،‬‬

‫(‪)3‬‬
‫معين‬
‫والزمن من لوازمه وليس من مقوماته فالحدث البد أنه وقع في زمن ‪ ،‬ولكن زمن المصدر غير ّ‬

‫مقيد‪ ،‬والحدث في المصدر قد يدل على جنس معنوي جامد(‪.)4‬‬


‫أو ّ‬

‫(‪)1‬انظر‪ ,‬النيلي‪ ،‬تقي الدين إبراهيم بن الحسين‪ ،‬الصفوة الصفية في شرح الدرة األلفية‪.131/1 ،‬‬

‫(‪)2‬انظر‪ ،‬محمود محمد الحسن‪ ،‬التفسير الصرفي لعمل األفعال والمشتقات‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫(‪)3‬انظر‪ ,‬الكفوي‪ ،‬أبو البقاء‪ ،‬الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية‪ ،‬ص‪.680‬‬

‫(‪)4‬انظر‪ ،‬محمود الحسن‪ ،‬التفسير الصرفي‪ ،‬ص‪.56‬‬


‫‪19‬‬

‫والقسم الثاني ‪ :‬الفعل وداللته على الحدث والزمن داللة مطابقة فهما المكونان الرئيسان للفعل(‪ ،)1‬وهما‬

‫عالمتان جوهريتان يعرف الفعل بهما ويدل عليهما دون حاجة إلى قرائن لفظية أو معنوية‪ ،‬وينحصر‬

‫دور القرائن في التأثير على الزمن النحوي للجملة وليس الزمن الصرفي للفعل‪.‬‬

‫وقد تَ ِ‬
‫صرف القرائن الفعل إلى أحد معاني الحدث المعجمية التي يدل عليها الفعل‪ ،‬نحو قولنا ‪ :‬عاد‬

‫دل الفعل (عاد) على‬


‫الرجل جاره المريض‪ ،‬وقولنا ‪ :‬عاد المسافر إلى وطنه‪ ،‬ففي الجملة األولى ّ‬

‫الزيارة ‪ ،‬وفي الجملة الثانية على العودة من السفر فالمعنيان من المعاني المعجمية للفعل‪ ،‬والذي جعل‬

‫معنى الحدث مختلفا هو السياق وال يعدم الفعل الحقيقي الداللة على الحدث بحال من األحوال‪.‬‬

‫القسم الثالث ‪ :‬بعض المشتقات (اسم الفاعل واسم المفعول وصيغة المبالغة والصفة المشبهة واسم‬

‫التفضيل) وداللتها على الحدث والزمن ال تظهر إال بتوافر القرائن اللفظية والمعنوية وداللة هذه‬

‫الكلمات على الحدث على حالين األولى ‪ :‬أن تدل عليه فيحدد زمنها ويكون لها معمول(‪ ،)2‬ومن أمثلة‬

‫داللة اسم الفاعل على الحدث ما ذكره ابن عاشور في قوله تعالى ‪ :‬ﱡﭐ ﲏ ﱉ ﲑ ﱉ ﱉ ﲔ ﱉ‬

‫صِّير‪ ،‬وعلى االعتبارين يختلف موقع‬ ‫ِ‬


‫ﱉ ﱠ ‪ .‬فقد قال ‪ ":‬وأما جاعل فيطلق بمعنى ُم َك ّون‪ ،‬وبمعنى ُم َ‬
‫(‪)3‬‬

‫رسال منه تعالى‬ ‫رسال بين أن يكون مفعوال ً‬


‫ثانيا لجاعل أي جعل هللا من المالئكة‪ ،‬أي ليكونوا ً‬ ‫قوله ‪ً :‬‬

‫لما يريد أن يفعلوه بقوتهم الذاتية‪ ،‬وبين أن يكون ً‬


‫حاال من‬

‫(‪)1‬انظر‪ ،‬الكفوي‪ ،‬الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫السيوطي‪ ،‬همع الهوامع‪ ،‬ص‪ 26‬؛ محمود الحسن‪ ،‬التفسير الصرفي‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫(‪)2‬انظر‪ّ ،‬‬

‫(‪)3‬سورة فاطر‪ ،‬اآلية‪.1‬‬


‫‪20‬‬

‫المالئكة‪ ،‬أي يجعل من أحوالهم أن يرسلوا"(‪ ،)1‬وداللة اسم الفاعل على الحدث والزمن ظاهرة‪.‬‬
‫ونمثّل السم المفعول الدال على الحدث والزمن بما قاله القرطبي‪ ،‬في قوله تعالى ‪ :‬ﱡﱉ ﱉ‬

‫ﱉ(‪ ،)2‬يقول القرطبي ‪ ":‬والجمع الحشر‪،‬‬


‫ﲔ ﱉ ﱉ ﱉ ﱉ ﱉ ﱉ ﱠ‬ ‫ﱉ ﲎ ﲏ ﱉ ﲑ ﱉﱉ‬

‫أي يحشرون لذلك اليوم" ‪ّ ،‬‬


‫(‪)3‬‬
‫فدل اسم المفعول (مجموع) على حدث (سيجمع) وزمن مستقبل ‪ .‬والحال‬

‫(‪)5‬‬
‫ومابعدها ومثاله‪ ،‬قوله تعالى‪ :‬ﱡﱉ ﱉ ﱉ ﱉﱉ ﱠ‬ ‫(‪)4‬‬
‫تدل على الحدث فتكون اسم ذات‬
‫الثانية ‪ّ :‬أال ّ‬
‫(‪)6‬‬
‫وكذا اسم التفضيل في اآلية‬ ‫ﱠ‬ ‫ﱉﱉ‬ ‫فقد جاءت الصفة المشبهة اسم ذات‪ ،‬وقوله تعالى ‪ :‬ﱡﱙ ﱉ ﱉ‬

‫الكريمة‪ ،‬ولم تدال على حدث أو زمن؛ ألن السياق لم يحتمل ذلك‪ ،‬وهذا مما يجعل الفرق بين داللة‬

‫هذه المشتقات على الحدث والزمن وداللة األفعال عليها كبيرة‪ ،‬فال يكون الحدث والزمن عالمة جوهرية‬

‫تمتاز بها هذه المشتقات‪ ،‬كما في األفعال‪.‬‬

‫(‪)1‬ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونسي‪ ،‬تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من‬

‫تفسير الكتاب المجيد‪.249/22 ،‬‬

‫(‪)2‬سورة هود‪ ،‬اآلية‪.103‬‬

‫(‪)3‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪.94/9 ،‬‬

‫(‪)4‬انظر‪ ،‬محمود الحسن‪ ،‬التفسير الصرفي‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫(‪)5‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬

‫(‪)6‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.96‬‬

‫العالمات الشكلية‬
‫‪21‬‬

‫تعرف السمات والخصائص التي يقبلها الفعل دون غيره من أقسام الكالم بالعالمات الشكلية‬

‫الفعلية‪ ،‬وهي على كثرتها إال أنها أقل فاعلية" في تصنيف الكلمات؛ ألن الفرد ال يشترط فيها أن يقبل‬

‫إن كل صنف من أصناف األفعال الثالثة (الماضي المضارع األمر)‬


‫العالمات الشكلية جميعها‪ ،‬بل ّ‬

‫عددا من هذه العالمات دون غيرها‪ ،‬وهذا ال يقلل من دور هذا النوع من العالمات‪ ،‬لكنه يجعل‬
‫يقبل ً‬

‫من الكلمات التي ال تقبل العالمات الجوهرية موضع خالف‪ ،‬وهذا ما لم يحصل مع العالمات‬

‫الشكلية‪ ،‬فمن األفعال التي تخلو من العالمات الجوهرية أو من إحداها (كان وأخواتها) إذ خلت من‬

‫الداللة على الحدث فبقيت داللتها على الزمن وقبولهن للعالمات الشكلية‪ ،‬في حين خلت األفعال(نعم‬

‫عددا من العالمات الشكلية‪ ،‬فتنازعت آراء‬


‫وبئس وليس وعسى) من العالمات الجوهرية جميعها وقبلت ً‬

‫النحاة هذه الكلمات‪ ،‬واختلف القدماء في عدد العالمات الشكلية ونختلف معهم في بعضهن فقد ذكروا‬

‫ما ال يصلح أن يعد عالمة مميزة للفعل‪ ،‬ومنها ما قال به ابن القواس من أن التضعيف في وسط‬

‫(ضرب) والحقيقة أن التضعيف يدخل االسم فال ينفرد‬


‫ّ‬ ‫الكلمة عالمة من عالمات الفعل(‪ ،)1‬كقولك ‪:‬‬

‫(التصبر والتكّلف) وال ُيختلف على أن هاتين الكلمتين أسماء ال أفعال؛‬


‫ّ‬ ‫الفعل بالتضعيف‪ ،‬فنقول ‪:‬‬

‫فصل بعضهم عالمات أخرى وكان حقها أن تُجمل كما‬


‫ولذلك فهي ليست عالمة للفعل أو االسم‪ ،‬وقد ّ‬

‫عد تاء الفاعل‬


‫فعل السيوطي حين جعل من عالمة اإلسناد إلى ضمائر الرفع ثالث عالمات‪ ،‬إذ ّ‬

‫درست‪،‬‬
‫َ‬ ‫درست‪،‬‬
‫َ‬ ‫(درست‪،‬‬
‫ُ‬ ‫عالمة‪ ،‬وياءه عالمة‪ ،‬وضمائر الرفع المتصلة عالمة ثالثة‪ ،‬نحو قولنا ‪:‬‬

‫درسا‪ ،‬يدرسون‪ ،‬يدرسان‪ ،‬تدرسين‪ ،‬ادرسوا‪ ،‬ادرسا‪ ،‬ادرسي)‪.‬‬


‫درسنا‪ ،‬درسوا‪َ ،‬‬
‫ْ‬

‫(‪)1‬ابن القواس‪ ،‬عز الدين أبو الفضل عبد العزيز بن جمعة‪ ،‬شرح ألفية ابن معط‪.213/1 ،‬‬
‫‪22‬‬

‫وهذه الضمائر تندرج تحت مسمى واحد هو ضمائر الرفع فال حاجة إلى جعل قبول الفعل لهذا النوع‬

‫من الضمائر ثالث عالمات‪ ،‬بفصل تاء الفاعل ويائه عن ضمائر الرفع المتصلة‪ ،‬وكذلك حين ذكر‬

‫هال‪ ،‬وأحرف المضارعة‪ ،‬والنواصب‪ ،‬والجوازم(‪ ،)1‬وهذه العالمات‬


‫قد‪ ،‬والسين‪ ،‬وسوف‪ ،‬ولو‪ ،‬أال‪ّ ،‬‬

‫جميعها يقبلها الفعل المضارع دون قسيميه الماضي واألمر‪ ،‬ومن المعروف أن الفعل المضارع يبدأ‬

‫بحرف مضارعة (يكتب نكتب تكتب أكتب) وعند دخول هذه العالمات على الفعل المضارع‪ ،‬نقول ‪:‬‬

‫(قد يكتب‪ ،‬سيكتب‪ ،‬سوف يكتب‪ ،‬لو يكتب‪ ،‬أال يكتب‪ ،‬هالّ يكتب‪ ،‬أن يكتب‪ ،‬لن يكتب‪ ،‬لم يكتب‪ ،‬لما‬

‫يكتب) وتجمع عادة تحت عالمة واحدة مشهورة أال وهي قبول (لم)‪ ،‬ومن العالمات أيضا أن يدل على‬

‫( ‪)2‬‬
‫وهما مرتبطتان بالمعنى ال بالمبنى‪ ،‬وتختص هاتان العالمتان بفعل األمر والفعل‬ ‫أمر أو نهي‬

‫المضارع إذا سبقه حرف نهي‪ ،‬إذ يفهم من الفعل (اجلس) معنى األمر‪ ،‬ومن الفعل (ال تجلس) معنى‬

‫النهي‪ ،‬ثم نونا التوكيد الخفيفة والثقيلة إذ يقبلها الفعل المضارع الدال على االستقبال ال الحال ويقبلها‬

‫َّ‬
‫احفظن)‪ .‬وما‬ ‫ألدرس َّن‪ ،‬احفظن‪،‬‬
‫َ‬ ‫(ألجتهد ْن‪،‬‬
‫َ‬ ‫كذلك فعل األمر وال يقبلها الماضي مطلقا ومثال ذلك‪:‬‬

‫التصرف(‪ ،)4‬وان‬
‫ّ‬ ‫ُسمع من اتصالها بالفعل الماضي أو االسم يعد من الشذوذ(‪ ،)3‬ومن العالمات أيضا‬

‫تتصرف‪ ،‬نحو ‪( :‬نعم وبئس‪،‬‬


‫ّ‬ ‫كانت غالبية األفعال تنطبق عليها هذه العالمة إال ّأنه ثمة أفعاال ال‬

‫وليس‪ ،‬وعسى‪ ،‬وفعل التعجب) فال تأتي هذه األفعال على غير صيغة الماضي‪.‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ ,‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬األشباه والنظائر في النحو‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫(‪)2‬انظر‪ ,‬ابن القواس‪ ،‬شرح ألفية ابن معط‪.212/1 ،‬‬

‫(‪)3‬انظر‪ ,‬ابن هشام‪ ،‬مغني اللبيب‪.443/1 ،‬‬

‫(‪)4‬انظر‪ ,‬أبو البركات األنباري‪ ،‬أسرار العربية‪.40/1 ،‬‬


‫‪23‬‬

‫أما العالمات الشكلية التي نتفق مع النحاة في دورها البارز في تحديد نوع الكلمة فهي البناء‬
‫وّ‬

‫على الفتح‪ ،‬وقبول تاء التأنيث الساكنة‪ ،‬وينماز بهما الفعل الماضي‪ ،‬وقبول اإلسناد إلى ضمائر الرفع‪،‬‬

‫وتشترك األفعال الثالثة في هذه العالمة‪ ،‬وقبول نون الوقاية‪ ،‬وسنتناولها بالدرس في الصفحات‬

‫القادمة‪.‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like