‫‪2014‬‬

‫المحاضرة الخامسة عشر ‪:‬‬

‫التحليل والتركيب في الفن الشكلي الحديث‪-:‬‬

‫عندما يتخذ ناقد في مجال الفنون موضوعا معينا لبحث ما في مجال اختصاصه قصد التعرف على‬
‫مكونات وخصائص وعالقات أجزائه فأنه الستطيع تحقيق هدفه اذا لم تكن لديه الطريقة التي يحاول‬
‫بها إيجاد مسالك البحث وجزيئاته فعليه استخدام طريقة التحليل ‪ ,‬وتعني هذه الطريقة تقسيم مادة البحث‬
‫الى أجزاء تبعا لمبدأ معين وهذا المبدأ الذي استخدمه الناقد يختلف باختالف الهدف والمبدأ الذي يستعين‬
‫به الناقد‪ ,‬وعليه فأن استخدام واختيار مبدأ القسمة بصورة تخدم إغراض الناقد وتحقيق هدفه وكذلك‬
‫فأن الناقد باستطاعته أن يعيد بناء وتركيب االجزاء التي أدى اليها التحليل مع مراعاة مادة الموضوع‬
‫واختيار مبدأ القسمة بحيث يحقق الهدف العلمي الذي يسعى لناقد التوصل اليه‪ .‬يمثل التحليل والتركيب‬
‫في المعرفة الفنية والفلسفية وغيرها من المعارف االخرى القواعد والنظرية األساسية في تجزئة‬
‫المعرفة وأعاده بنائها عل أسس جديدة‪ ,‬وسنبين هنا وصفا موجزا لمعنى التحليل والتركيب ونبين‬
‫استخدامها في مجال النقد الفني وكما يأتي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التحليل يبنى في ابسط صورة عملية بتجزئة لمادة الموضوع المبحوث قيد الدرس الى اجزاء‬
‫ما أمكن ذلك بشرط ان تكون االجزاء التي توصلنا اليها عن طريقة التجزئة (القسمة) هي‬
‫عناصر اولية غير قابلة للتجزئة وتقع ضمن اهداف التحليل وتكون مختلفة تبعا للموضوع‪,‬‬
‫وسوف نميز نوعين من التجزئة‪-:‬‬
‫التجزئة العمودية‪ -:‬وتعني تجزئة مادة الموضوع الى اجزاء متشابهة في المعنى ولها نفس‬ ‫أ‪-‬‬

‫الوظيفة ( ويحصل ذلك غالبا عند تجزئة اللغة الى مقوالت تحويه أو منطقية ذات الوظيفة‬
‫والوصف الواحد‪.‬‬
‫التجزئة األفقية‪ -:‬وتعني تجزئة مادة الموضوع الى مستويات متمايزة تتدرج تبعا لمعيار معين‬ ‫ب‪-‬‬

‫(بسيط الى معقد وهكذا)‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫المرحلة الرابعة ‪ /‬رسم‪-‬نحت‪-‬خزف‪-‬‬ ‫النقد الفني‬ ‫د‪ .‬ماهر كامل نافع‬
‫تصميم‬
 ‫‪2014‬‬

‫أن ما نجده هنا ان التحليل تجزئة (قسمة) ولكن هذه التجزئة يجب ان تكون مدروسة وغير اعتيادية‬
‫او كيفما اتفق‪ .‬بل يجب ان تكون هنالك غاية واضحة ومبدأ واضح وثابت وهدف محدد يسعى ان‬
‫يتوصل اليه التحليل‪.‬‬
‫وبالمقابل فأن العملية التركيبية تقوم بجهد منطقي وعلمي كبير حيث تقوم بعملية ربط األفكار او الرموز‬
‫الى المستويات المتدرجة بعضها ببعض بطريقة يكون المستوى الذي يلي في الدرجة اعلي من المستوى‬
‫الذي قبله‪ ,‬بحيث تتدرج المستويات بأسلوب منطقي تركيبي خالي من الفجوات وبذلك نستطيع القول‬
‫ان التحليل في العمل الفني يعني الحث عن العناصر األساسية في العمل الفني ومحاولة فكها وتجزئتها‪,‬‬
‫وأنه يستهدف المسائل الجوهرية اآلتية‪-:‬‬
‫‪ -1‬تعين األوليات واألساسيات في العمل الفني‪ .‬وقد تكون هذه األوليات على هيئة إشكال أو أفكار‬
‫او خبايا أساسية أو قيم جوهرية‪.‬‬
‫‪ ، -2‬نميز بوضوح بين العناصر من حيث عالقتها مع بعضها وان نتوصل إلى تعريفها ونجعلها‬
‫معرفة بذاتها أو ان نعرفها بواسطة الوحدات أو العناصر المعرفة ونؤكد بذلك التأكيد من‬
‫تجزئتها وجعلها مستقلة لوحدها‪.‬‬
‫‪ -3‬ان نصف أو نميز العناصر ‪ ,‬الوحدات‪ ,‬الصيغ‪ ,‬اولية ‪,‬ثانوية ‪ .‬ونقصد باألوليات (المقدمات)‬
‫والتي ال يمكن االستغناء عنها والثانوية (المشتقة) والتي تعتمد على األوليات في بنائها ومما‬
‫تقدم فأن التحليل للعمل الفني ومن ثم نقده فأنه يلزم عملية تركيبة ال بد منه ألعاده بناء العمل‬
‫الفني ‪ ,‬وان العملية التركيبة تقوم بأجراء ترتيب منطقي ألشكال والرموز واألفكار ويبدأ هذا‬
‫الترتيب من البسائط الى المعقدات وهكذا حتى يكتمل بناء العمل الفني وبهذا يقوم التركيب‬
‫بعملية منظمة تستهدف إعادة بناء الفن‪ ,‬ويعدنا هذا المسح المبسط إلى ان نضع بعض القواعد‬
‫العامة للتحليل‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن نحدد بدقة موضوع البحث وماهية طبيعته‪.‬‬
‫‪ -2‬ان نحدد بدقة هدف الدراسة والغاية من التحليل‪ ,‬لكي ال يصبح التحليل مجر قسمة احتياطية‬
‫ال تخضع لغاية او هدف معين‪.‬‬
‫‪ -3‬ان نحدد بدقة المبدأ الذي يقوم عليه التحليل والكشف عن العناصر التي يستهدفها وان تكون‬
‫بسيطة وواضحة وأولية‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫المرحلة الرابعة ‪ /‬رسم‪-‬نحت‪-‬خزف‪-‬‬ ‫النقد الفني‬ ‫د‪ .‬ماهر كامل نافع‬
‫تصميم‬
 ‫‪2014‬‬

‫‪ -4‬أن تحدد المبدأ الذي يقوم به ترتيب العناصر وطريقة تركيبها بوضوح ونظام تام وبنفس‬
‫الطريق ال بد من تحديد بعض القواعد العامة للتركيب‪.‬‬
‫أثناء عملية التركيب ال بد أن تسير من البسيط الى المركب ( األولي الى المشتق وإال معرف‬ ‫أ‪-‬‬

‫الى المعرف ) اي أن يكون التركيب منطقي في سعيه من البسائط الى المعقدات‪.‬‬

‫أن يحدد طبيعة الموضوع والغاية والهدف من التركيب‬ ‫ب‪-‬‬

‫ان يحدد المبدأ الضروري في ربط األفكار والصيغ بعضها ببعض‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫ان يشق طريقه الى ربط الصيغ والقضايا والمستويات بعضها ببعض بأسلوب منطقي بحيث‬ ‫ث‪-‬‬

‫تنقل من صيغ ذات مستوى الى مستوى اعلى وهكذا‪.‬‬

‫ويستمر بناء ما توصلنا اليه بالتركيب عن طريق ربط األفكار االولية الى أفكار مشتقة أو المعرفة‬
‫‪ ,‬وبذلك يكتمل البناء على هيئة عمل فني متكامل ومن الضروري أن نميز بين التحليل الهادف‬
‫وبين التحليل غير الهادف ‪ ,‬حيث ان التحليل الهادف يعالج االمور التالية‪-:‬‬
‫‪ -1‬التوصل الى معرفة المبادئ األساسية في فك عالقات األفكار االولية بعضها ببعض ومعرفة‬
‫طريقة تركيبها‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل على أبراز الجانب الشكلي او الصوري االوليان المراد تحليلها والقصد من ذلك تعريفها‬
‫او جعلها معرفة‪.‬‬
‫‪ -3‬التعرف على الشروط التي يجب توافرها في الجانب الشكلي ( الصوري) وبالعودة الى مفهوم‬
‫التركيب الذي يعني أعادة المبادئ االولية من االجزاء بطريقة سليمة بعيدة عن الفجوات فانه‬
‫يستهدف الجوانب التالية ‪-:‬‬
‫استبعاد جميع العناصر الغير علمية وغير المنطقية لضمان درجة عالية من الدقة والموضوعية‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪-‬بناءالمواد األولية أو العناصر األساسية تبعا لقواعد علمية منطقية‪ ,‬وعدم نقل االفكار التي تؤثر أو‬
‫تعرقل على بناء األفكار‪ ,‬ونستطيع ان نترجم الخطوتان السابقتان ب (عند اجراء عملية التركيب اتغير‬
‫بأفكاري بنظام وابدأ بأبسط األشياء وأيسرها معرفة لكي أرتقي خطوة بعد خطوة أو بدرجات الى‬
‫المعرفة األكثر تعقيدا مفترضا النظام‪.‬‬
‫حتى بين الموضوعات التي ال تتبع ترابطا طبيعا بعضها ببعض ‪ ,‬ويصلح استخدام مفهوم التحليل‬
‫والتركيب في تجزئة أو بناء العمل الفني عندما تكون لدينا المعايير األربعة‪-:‬‬

‫‪3‬‬ ‫المرحلة الرابعة ‪ /‬رسم‪-‬نحت‪-‬خزف‪-‬‬ ‫النقد الفني‬ ‫د‪ .‬ماهر كامل نافع‬
‫تصميم‬
 ‫‪2014‬‬

‫‪ -1‬االستقالل ‪ :‬ونقصد به استقالل االوليات او األساسيات التي تؤلف العمل الفني بعضها عن بعض وال‬
‫تؤثر احدها باألخرى عند اجراء التحليل أو التركيب‪.‬‬
‫‪ -2‬الكفاية ‪ -:‬ويقصد به ان تكون االوليات او األساسيات كافية فال تحتاج الى مقدمات اخرى للبرهنة‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم التناقض ‪ -:‬ويقصد به الخلو من التناقض واالنتماء الى بنية واحدة غير مشتقة من بنى اخرى‪.‬‬
‫‪ -4‬الضرورية ‪ -:‬أي عدم االستغناء عنها وفي حالة عدم اهميتها يمكن تفسيرها العتراض جمالية‪ ,‬وذلك‬
‫عند بناء العمل الفني واجراء عملية النقد‪.‬‬
‫ان نقد العمل الفني يعني دراسة األثر الفني من حيث مزاياه الذاتية وبمواطن الحسن والجمال فيه يقطع‬
‫النظر عن البيئة والعصر والتاريخ وعالقة هذا األثر بشخصية صاحبه بل يتم دراسة هذا األثر وفق‬
‫األصول والقواعد وأساليب تجمعت على مر العصور وأصبحت باإلمكان استخدامها واستخالصها في‬
‫تذوق وتفقد الموضوع ( العمل الفني )‪ ,‬ومن هذه األساليب هو استخدام مفهوم التحليل والتركيب في تذوق‬
‫ونقد العمل الفني وإحدى الصفات المالزمة له ولذا يجب ان تتوافر في الفن قواعد الجمال التي ينادى في‬
‫تقديمها وتصنيفها الباحثون ‪ ,‬ويفترض أيضا مالحظة ان الفنون الجميلة على اختالف أنواعها تشترك في‬
‫أصول واحدة أساسية فقد ال يرى اإلنسان العادي اقل شبه او صلة بين لوحة فنية وقصيدة غنائية أو تمثال‬
‫منحوت‪ .‬ولكن الناقد البصير يستطيع ان يرى الصالت الخفية عندما يحلل ويركب العمل الفني وبالتالي‬
‫يتعرف على اصول الجمال فيه وهي الصفة التي الزمت الفن بصورة عامة‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫المرحلة الرابعة ‪ /‬رسم‪-‬نحت‪-‬خزف‪-‬‬ ‫النقد الفني‬ ‫د‪ .‬ماهر كامل نافع‬
‫تصميم‬