Professional Documents
Culture Documents
تربية اسلامية
تربية اسلامية
تربية اسلامية
سبب التسمية
سميت سورة الفجر بهذا االسم نسبة إلى القسم الذي استهل هللا -سبحانه وتعالى -به هذه اآليات ،وذلك في قوله تعالى:
ُ
{ َوا ْلفَجْ ر * َولَيَال َ
عشْر} ]٨[،وقد أقسم هللا بهذا الوقت وهو وقت الفجر للداللة على أهميته ،ولكن اختلف العلماء في تفسير
الفجر ومدلوله في هذه اآليات ،فابن عباس قال إن هذا الفجر هو فجر كل يوم ،فحين ينفجر الضوء ويقبل النهار مع انقضاء
الليل ،تخرج الكائنات الحية ألعمالها كأنهم أموات قد بعثوا من جديد ]٩[.وقيل بل هو فجر يوم محدد وقد اختُلف في هذا
اليوم ،فهناك من قال بأنه يوم النحر وقد أقسم هللا فيه لشرفه ،وألنه تُقام فيه أكثر مناسك الحج ،وهناك من قال بل هو أول يوم
من شهر محرم وهو نسبة النفجار السنة الهجرية وبدايتها ،في حين أن هناك من قال إن هذا الفجر هو اليوم األول من ذي
الحجة ومن ذهب إلى هذا القول استند إلى أن هللا -سبحانه وتعالى -قد جمع في هذه اآليات الفجر مع ليالي ذي الحجة العشرة،
أعلم. وهللا
) َوا ْلفَجْ ر ( )1وليال عشر (
هذا قسم أي اقسم بضوء الصبح عند مطاردته ظلمة الليل وبالليالي العشر المباركات من أول ذي الحجة ألنها أيام
االشتغال بأعمال الحج قال المفسرون اقسم تعالى بالفجر لما فيه من خشوع القلب في حضرة الرب وبالليالي الفاضلة
المباركة وهي عشر ذي الحجة ألنها أفضل أيام السنة كما ثبت في صحيح البخاري (ما من أيام العمل الصالح أحب إلى
هللا فيهن من هذه األيام _يعني عشر ذي الحجة _ قالوا وال الجهاد في سبيل هللا قال وال الجهاد في سبيل هللا إال رجل
ذلك من يرجع لم ثم ماله و بنفسه خرج
بشيء)
َوالش ْفع َوا ْل َوتْر
()3
أي واقسم بالزوج والفرد من كل شيء فكأنه تعالى اقسم بكل شيء الن األشياء إما زوج وإما فرد أو هو قسم
بالخلق والخالق فان هللا تعالى واحد ‘وتر’ والمخلوقات ذكر وأنثى ‘شفع’
سر ()4
َي ْ َوالل ْيل إذَا
أي واقسم بالليل إذا يمضي بحركة الكون العجيبة والتقييد بسريانه لما فيه من وضوح الداللة على كمال القدرة
وفور النعمة
هل في ذلك قسم لذي حجر
أي هل فيما ذكر من االشياء قسم مقنع لذي لب و عقل و االستفهام تقريري لفخامة شان االمور المقسم بها كانه
يقول ان هذا لقسم عظيم عند ذوي العقول و االلباب فمن كان ذو لب و عقل علم ان ما اقسم به هللا عز وجل من هذه
االشياء فيها عجائب و دالئل تدل على توحيده و ربوبيته
أَلَ ْم ت َ َر َك ْي َ
ف فَعَ َل َربُّكَ بعَاد ()6
ولما ذكر هؤالء وعبادتهم وطاعتهم قال بعده ( :ألم تر كيف فعل ربك بعاد ) وهؤالء كانوا متمردين عتاة جبارين ،خارجين
عن طاعته مكذبين لرسله ،جاحدين لكتبه .فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم ،وجعلهم أحاديث وعبرا ،فقال ( :ألم تر كيف
فعل ربك بعاد إرم ذات العماد ) وهؤالء عاد األولى ،وهم أوالد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ،قاله ابن إسحاق وهم
الذين بعث هللا فيهم رسوله هودا ،عليه السالم ،فكذبوه وخالفوه ،فأنجاه هللا من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم ،وأهلكهم
بريح صرصر عاتية ( ،سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى
بمصرعهم لهم من باقية ) [ الحاقة ] 8 ، 7 :وقد ذكر هللا قصتهم في القرآن في غير ما موضع ،ليعتبر
المؤمنون
ْ َ
إ َر َم ذات الع َماد ()7
أي عادا األولى أهل ارم ذات البناء الرفيع الذين كانوا يسكنون باالحقاف بين عمان وحضر موت
التي لَ ْم يُ ْخلَقْ مثْلُ َها في ا ْلب َالد ()8
أي تلك القبيلة التي لم يخلق هللا تعالى مثلهم في قوتهم وشدتهم وضخامة أجسادهم و المقصود بذلك تخويف أهل مكة بما
صنع عز وجل بعاد وكيف أهلكهم و كانوا أطول أعمارا و اشد قوة من كفار مكة
َوث َ ُمو َد الذ َ
ين َجابُوا الص ْخ َر با ْل َواد ()9
(وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ) يعني :يقطعون الصخر بالوادي .قال ابن عباس :ينحتونها ويخرقونها .و كانت
مساكنهم في الحجر بين الحجاز وتبوك قال المفسرون إن أول من نحت الجبال والصخور والرخام قبيلة ثمود وكانوا
لقوتهم يخرجون الصخور وينقبون الجبال فيجعلونها بيوتا ألنفسهم و قد بنو ألفا و سبعمائة مدينة كلها بالحجارة بوادي
القرى
َوف ْرع َْو َن ذي ْاأل َ ْوتَاد ()10
أي وكذلك فرعون الطاغية الجبار ذي جنود الجموع والجيوش التي تشد ملكه قال أبو السعود وصف ذلك لكثرة جنوده
وخيامهم التي يضربونها في منازلهم أو لتعذيبه باألوتاد
أي أنزل عليهم رجزا من السماء وأحل بهم عقوبة ال يردها عن القوم المجرمين.
إن َربكَ لَبا ْلم ْر َ
صاد ()14
وقوله ( :إن ربك لبالمرصاد ) قال ابن عباس :يسمع ويرى .يعني :يرصد خلقه فيما يعملون ،ويجازي كال بسعيه في
و الدنيا واألخرى ،وسيعرض الخالئق كلهم عليه ،فيحكم فيهم بعدله ،ويقابل كال بما يستحقه .وهو المنزه عن الظلم
الجور
ان إذَا َما ا ْبت َ َالهُ َربُّهُ فَأ َ ْك َر َمهُ َونَع َمهُ فَيَقُو ُل َربيي أ َ ْك َر َمن ()15
س ُفَأَما ْاإلن َ
يقول تعالى منكرا على اإلنسان في اعتقاده إذا وسع هللا عليه في الرزق ليختبره في ذلك ،فيعتقد أن ذلك من هللا إكراما له و
. ليس كذلك بل هو ابتالء و امتحان
علَ ْيه ر ْزقَهُ فَ َيقُو ُل َر يبي أ َ َهانَن ()16
َوأَما إذَا َما ا ْبت َ َال ُه فَقَد ََر َ
وكذلك في الجانب اآلخر إذا ابتاله وامتحنه وضيق عليه في الرزق يعتقد أن ذلك من هللا إهانة له.
ون ا ْليَتي َم ()17
َكال بَل ال ت ُ ْكر ُم َ
قال هللا ( :كال ) أي :ليس األمر كما زعم ،ال في هذا وال في هذا ،فإن هللا يعطي المال من يحب ومن ال يحب ،ويضيق على
من يحب ومن ال يحب ،وإنما المدار في ذلك على طاعة هللا في كل من الحالين ،إذا كان غنيا بأن يشكر هللا على ذلك ،وإذا
. يصبر بأن فقيرا كان
وقوله ( :بل ال تكرمون اليتيم ) فيه أمر باإلكرام له ،كما جاء في الحديث الذي رواه عبد هللا بن المبارك ،عن سعيد بن أبي
أيوب ،عن يحيى بن سليمان ،عن زيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة ،عن النبي -صلى هللا عليه وسلم " : -خير بيت في
المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ،وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه " ثم قال بأصبعه " :أنا وكافل اليتيم في
الجنة هكذا " .
علَ ٰى َط َعام ا ْلم ْ
سكين ()18 َو َال ت َ َحاض َ
ُّون َ
يعني ال يأمرون باإلحسان إلى الفقراء والمساكين ويحث بعضهم على بعض في ذلك.
اث أ َ ْك اال ل ًّما ()19 َوتَأ ْ ُكلُ َ
ون الت ُّ َر َ
"تأكلون التراث" يعني الميراث "أكال لما" أي من أي جهة حصل لهم من حالل أو حرام.قال في التسهيل هو ان يأخذ في
الميراث نصيبه ونصيب غيره ال العرب كانوا ال يعطون الميراث أنثى وال صغيرا بل ينفرد به الرجال
ون ا ْل َما َل ُح ًّبا َج ًّما ()20
َوتُح ُّب َ
أي كثيرا زاد بعضهم فاحشا.
( يقول يا ليتني قدمت لحياتي ) يعني :يندم على ما كان سلف منه من المعاصي -إن كان عاصيا -ويود لو كان ازداد من
الطاعات إن كان طائعا
عذَابَهُ أ َ َحد ()25 فَيَ ْو َمئذ ال يُعَذي ُ
ب َ
س ا ْل ُم ْط َمئنةُ ()27
يَا أَيت ُ َها الن ْف ُ
وهي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق.
ارجعي إلَ ٰى َر يبك َراض َيةا م ْرضيةا ()28
ْ
أي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته راضية أي في نفسها مرضية أي قد رضيت عن هللا ورضي عنها وأرضاها.
-هناك أوقات مخصوصة من الزمن ،هي أعظم األوقات ،منها الفجر وأيام ذي الحجة العشر ،فعلينا اإلفادة منها
-الدنيا لالمتحان واالبتالء ،وليست للتكريم كما يتصور بعض الناس ،فوجود المال بسعة أو ضيق امتحان واختبار لإلنسان.
-من طبع اإلنسان الحرص على المال والبخل به ،حتى إن اإلنسان لحرصه على المال يحرم اليتيم والفقير
ون في دين َّللا أَ ْف َوا اجا ( ()2أي ورأيت العرب يدخلون اإلسالم جماعات جماعات من غير حرب وال قتال ) َو َرأَيْتَ الن َ
اس يَ ْد ُخلُ َ
،وذلك بعد فتح مكة صارت العرب تأتي من أقطار األرض طائعة قال ابن الكثيران أحياء العرب كانت تنتظر فتح مكة
يقولون،إن ظهر على قومه فهو نبي ،فلما فتح هللا عليه مكة دخلوا في دين هللا أفواجا و لم تمض سنتان حتى استوفت جزيرة
.العرب إيمانا ،ولم يبقى في سائر قبائل العرب إال مظهر اإلسالم
َان تَواباا (، ))3أي فسبح ربك وعظمه ملتبسا بحمده على هذه النعم،واشكره علىست َ ْغف ْرهُ ۚ إنهُ ك َ (فَ َ
سبيحْ ب َح ْمد َربيكَ َوا ْ
ما أوالك من النصر على األعداء ،وفتح البالد وإسالم العباد(،واستغفره) أي اطلب منه المغفرة لك و المتك(،انه
كان توابا) أي انه جال وعال كثير التوبة ،عظيم الرحمة لعباده المؤمنين
تتحدث السورة عن فتح مكة الذي عز به المسلمون ،و انتشر اإلسالم في الجزيرة العربية ،و تقلمت أظافر ،
الشرك والضالل وبهذا الفتح المبين دخل الناس في دين هللا وارتفعت راية اإلسالم و اضمحلت ملة األصنام و
كان األخبار بفتح مكة قبل وقوعه من اظهر الدالئل على صدق نبوته صلى هللا عليه وسلم
-النصر بيد هللا وحده
-االستغفار يمحي السيئات مهما بلغت
-هللا وحده عالم الغيب ونستنتج ذلك ألنه بشر المسلمين بالنصر قبل وقوعه
-الحمد الدائم هلل على نعمه وفضله
تفسير ابن كثير .
صفوة التفاسير لمحمد علي الصابوني
أيسر التفاسير ألبي بكر جابر الجزائري