Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 15

‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫نظرية إريك إريكسون‬


‫م‪ .‬عقيل خليل ناصر‬
‫كلية اآلداب‪ /‬جامعة بابل‬
‫مقدمة‬
‫هن اك بعض النظري ات تتض من في عنوانه ا "ح ديث" مث ل "بياجي ه الح ديث‪ ،‬فروي د الح ديث‪ ،‬الس لوكيون الج دد‪ . .‬وهك ذا"‪.‬‬
‫ورغم حدود أفكار نظرية فرويد إال أنها حازت على اهتمام مجموعة مختلفة من الباحثين وواضعي النظريات والمعالجين الالمعين‬
‫الذين قاموا بتنقيح وتوسيع وإ عادة تنظيم رؤية فرويد بطريقتين رئيسيتين كان لهما أثرهما في علم نفس النمو‪.‬‬
‫‪ .1‬ركز الكثير من أتباع فرويد‪ -‬وخاصة هارتمان )‪ Hartmann (1958‬على وظائف األنا الخالية من الصراع كاإلدراك‬
‫والت ذكر والتفك ير المنطقي‪ .‬فبينم ا تقوم األن ا (عن د فروي د) بالدفاع والمنح فهي (عن د أتباعه الجدد) تقوم ب التوفيق والتنظيم‬
‫للشخصية‪ .‬وقد وصف هارتمان ‪ Hartmann‬االنا بانها مستقلة جزئيا عن "الهو" ودوافعها‪ .‬ويمكن أن نجد التركيز على‬
‫العمليات المعرفية لالنا كطريقة للتكيف مع الحقيقة في عمل كل من راباربورت )‪ Rapaport (1960‬وجل )‪Gill (1959‬‬
‫وكالي )‪ Klei (1970‬وعالوة على ذلك عرف وايت )‪ White (1963‬قبول األنا بأنه القدرة على االكتشاف وتنفيذ المهام‬
‫بنجاح‪ .‬وهذا القبول مستقل عن قبول منظمة "الهو"‪ .‬ومن الواضح ان نظرية التحليل النفسي يمكن ان تتناول كل من أنماط‬
‫السلوك الطبيعي والشاذ حول طرق التحليل النفسي (‪.)Gedo, 1999, p. 77‬‬
‫‪ .2‬ابتعد كثير من أتباع فرويد بقدر كبير عن طريقته البيولوجية وركزوا على التأثير السريع للمجتمع على عملية النمو‪ .‬وقد‬
‫زاد االهتم ام نحو "األن ا" والن واحي االجتماعية في مجال علم نفس النمو بصورة كبيرة نتيجة لجهود اريكسون والذي هو‬
‫محل اهتمامنا اآلن‪( .‬ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)143‬‬

‫الذاتية‬ ‫يرة‬ ‫الس‬


‫ك‬ ‫"إري‬ ‫ه و‬
‫إريكس ون"‪،‬‬ ‫إريك إريكسون (الصورة من موسوعة ‪)Encarta 2009‬‬ ‫بركر‬ ‫هوم‬
‫المول ود في ‪ 15/6/1902‬والمت وفى في ‪ ،5/1994 /12‬ه و ع الم نفس أم يركي ألم اني المول د أث رت كتابات ه عن علم النفس‬

‫‪216‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫االجتماعي‪ ،‬والهوية الفردية‪ ،‬وتفاعالت علم النفس مع التاريخ‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والثقافة في التوجهات التخصصية في دراسة المشكالت‬
‫النفسية وجذبت اهتمامًا أوسع ( ‪.)Encyclopædia Britannica, 2009‬‬
‫ول د ع ام (‪ )1902‬ب القرب من مدين ة فرانكف ورت بألماني ا ونش ا في كارلش روه‪ .‬وق د ابتع د عن التعليم النظ امي بس بب رغبت ه‬
‫الشديدة في أن يصبح فنانا‪ .‬وبعد سنوات عديدة من دراسة الفن واألعمال المرتبطة برسم صور األطفال‪ ،‬انتدبته فرويد لتدريس الفن‬
‫لألطفال األمريكيين القادمين الى فيين ا لدراسة منهج فرويد (‪ .)1927‬وكان هذا الدخول العرضي في دائرة فرويد سببا في التحاقه‬
‫بمعه د التحلي ل النفس ي بفيين ا‪ .‬ام ا دخول ه التحلي ل النفس ي فق د ك ان على ي د آن ا فروي د كج زء اساس ي من برن امج الت دريب‪ .‬وق د تعلم‬
‫اريكسون الكثير من فرويد نفسه ومنهم هيلن دويتش‪ ،‬وارنست كرس‪ ،‬وهارتمان‪ ،‬وغيرهم من المحللين الموهوبين (ميللر‪،2005 ،‬‬
‫ص‪.)143‬‬
‫ادى خوف ه من الحرك ة الفاش ية و"الحكم االس تبدادي" الى ان ي ذهب الى الوالي ات المتح دة في ع ام (‪ .)1933‬ورغم ان ه لم‬
‫يحصل على اي درجة جامعية فقد اصبح اكبر محللي االطفال في بوسطن‪ .‬وتولى منصبا في مدرسة هارفارد الطبية‪ ،‬وتولى بعدها‬
‫ع دة مناص ب في مؤسس ات عالجي ة كب يرة مث ل يي ل‪ ،‬وب يركلي‪ ،‬ومؤسس ة ميننج ر‪ .‬واثن اء حكم مك ارثي ‪ ،McCarthy‬ك ان يش غل‬
‫اهتمام ه الخط ر الن اتج عن "يمين ال والء" على الحري ة الشخص ية‪ .‬وادى ذل ك الى عودت ه م رة ثاني ة الى الس احل الش رقي حيث مرك ز‬
‫أوستن في مدين ة س توكبردج‪ ،‬وجامع ة هارف ارد‪ ،‬وغيره ا من الجامع ات الش رقية المتع ددة‪ .‬ت وفي اريكس ون ع ام (‪ )1994‬عن عم ر‬
‫يناهز الواحد والتسعين (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)144‬‬
‫كان لهذه المناصب التي توالها اريكسون المتركزة بين المعالج النفسي واألستاذ اثرها في تركيز اهتمامه في مجال معين‪.‬‬
‫قام بدراسة مشاكل المعارك لدى الجنود االمريكيين في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وبكاء االطفال في مجتمع جنوب داكوتا‪ ،‬واللعب عند‬
‫االطف ال الطبيع يين والمض طربين وح وارات م ع الم راهقين المض طربين ال ذين يع انون من مش كالت تتعل ق بالشخص ية‪ .‬والس لوك‬
‫االجتماعي في الهند‪ .‬تضمنت هذه البحوث افكاره التي ادلى بها في كثير من اصداراته منها "الطفولة المعروفة والمجتمع" (‪)1950‬‬
‫و"الشخصية‪ :‬الشباب واالزمات" (‪( )1968‬ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)144‬‬
‫ك ان اريكسون مهتم ا بصفة دائمة ب التغيرات االجتماعية السريعة الحادث ة في امريك ا وكتب عن بعض الموضوعات الهامة‬
‫مث ل الفج وة بين األجي ال والتعص بات العرقي ة ونزع ة الص بيان الى الجن وح وتغي ير االدوار الجنس ية وإ خط ار الح رب النووي ة‪ .‬ك ان‬
‫يتميز بانه كاتب موهوب وكانت كتاباته توصف بانها "فرويد في شكل قصائد"‪ .‬ومن الواضح ان المحللين النفسيين قد انتقلوا بعيدا‬
‫عن مجال التدريب الطبي في فيينا ( ‪.)Hopkins, 1995, p. 796‬‬
‫التوجه العام للنظرية‪:‬‬
‫قب ل اريكس ون أفك ار فروي د األساس ية‪ :‬االنظم ة النفس ية‪ ،‬الالش عور‪ ،‬والش عور‪ ،‬وال دوافع‪ ،‬المراح ل النفس ية‪-‬الجنس ية‪،‬‬
‫التواصل الطبيعي‪ /‬الشاذ‪ ،‬طريقة التحليل النفسي‪ .‬وعلى اية حال فقد قام بتوسيع نطاق نظرية فرويد عن طريق تطوير مجموعة‬
‫مكونة من ثمان مراحل نفسية اجتماعية تغطي فترات الحياة المختلفة‪ ،‬وذلك من خالل دراسة نمو الشخصية وتطوير طرق تصل الى‬
‫ما وراء جلسات التحليل النفسي التي تجرى مع البالغين‪ .‬وبالنظر إلى هذه اإلسهامات الثالث يتكون لدينا مفهوم عن اتجاه النظرية‪.‬‬
‫وقد وصف اريكسون بأنه "فنان‪ ،‬وأخالقي‪ ،‬وعقالني" يحاول ان يتعامل مع ثقافة بدأت تفقد تأثيرها وفعاليتها كوسيلة لتحقيق قدرات‬
‫وطموحات من يعيشون في إطارها (‪.)Bruner, 1987, pp. 8-13‬‬
‫المراحل النفسية‪-‬االجتماعية ‪:Psychosocial Stages‬‬
‫اقتنع اريكسون من خالل عمله المتضمن لثقافات متعددة بالحاجة إلى إضافة بعد نفسي اجتم اعي الى نظرية فرويد للنمو‬
‫النفسي‪-‬الجنسي‪ .‬وفي الجدول (‪ )1‬تصف األعمدة من ‪ A‬إلى ‪ D‬الجوانب المتعددة لنظرية اريكسون‪ ،‬وفي العمود ‪ ،E‬نجد مراحل‬
‫فرويد المتوافقة مع مراحل اريكسون النفسية‪-‬االجتماعية‪ .‬ولشرح المكونات النفسية‪-‬الجنسية‪ ،‬والنفسية‪-‬االجتماعية قام اريكسون (‬
‫‪ )1959‬بعمل مقارنة بين اللذة الفمية للطفل عند نطقه للمقاطع الصوتية (مكون نفسي‪-‬جنس ي) ودور عملية االتصال الشفوي في‬

‫‪217‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫تك وين عالق ة الطف ل بوالدي ه وباألش خاص ذوي األهمي ة (مك ون نفس ي‪-‬اجتم اعي)‪ .‬ومن خالل الرؤي ة النفس ية‪-‬االجتماعي ة نج د ان‬
‫النضج البدني يتضمن تأثيرات شخصية واجتماعية‪ .‬ويؤدي النضج الى وجود مهارة جديدة تتيح امكانيات خاصة للطفل ولكنه ا ايضا‬
‫تزيد من المتطلبات المجتمعية الملقاة على عاتقه‪ .‬وبهذه الطريقة يقع عليه ضغط في اجباره على الكالم بدال من البكاء عندما يريد‬
‫شيئا ما‪ .‬يوجد توافق بين الطفل والثقافة‪ ،‬فالثقافة تقرر طرق ًا متفق عليها للوفاء باحتياجات الطفل في كل خطوة من مراحل نضجه‪.‬‬
‫وتتضمن تلك االحتياجات رعاية الوالدين والمدارس‪ ،‬والمنظمات االجتماعية‪ ،‬والوظائف‪ ،‬ومجموعة القيم ‪ . . .‬وغير ذلك‪ .‬يتحدث‬
‫اريكسون عن "عجلة" الحياة او دورتها كما يحدث عندما تتزامن حاجات البالغين الى تلقي الرعاية مع حاجات االطفال لنفس الشيء‪.‬‬
‫وبمعنى اخر فكل طفل يعد "دورة حياة" ضمن مجتمع مليء بالدورات الحياتية (‪ .)Erikson, 1959, 27‬يحاط الطفل بمجتمع من‬
‫اآلخرين الذين يمرون ‪-‬مثله‪ -‬بمراحل مختلفة‪ .‬وبينما تقوم الثقافة ‪-‬عبر األجيال المتعددة‪ -‬بالتكيف لدى حاجات الطفل فالطفل ذاته‬
‫يكيف نفسه وفقا لهذه الثقافة ومن أمثلة ذلك ان يقوم طفل في الروضة بتكييف نفسه وفقا لمجموعة من الخبرات الجديدة المذهلة والتي‬
‫تسمى "المدرسة"‪.‬‬
‫جدول (‪)1‬‬
‫تلخيص لمراحل النمو الثمانية الريكسون كما بينتها ميللر (‪)2005‬‬
‫المرحلة‬

‫فمية‪ ,‬تنفسية‪ ,‬حسية‪-‬‬


‫العطاء كمقابل لألخذ‬ ‫الترتيب الكوني‬ ‫مرتبط بأمه‬ ‫الثقة × عدم الثقة‬ ‫‪1‬‬
‫حركية (أشكال تعاونية)‬
‫شرجية‪ ,‬تناسلية ذكرية‪,‬‬ ‫االستقاللية × الخجل‬
‫االستمرار والمواصلة‬ ‫"القانون والنظام"‬ ‫مرتبط بالوالدين‬ ‫‪2‬‬
‫منعية‬ ‫والشك‬
‫تناسلية صبيانية‪ ,‬حركية‬ ‫السعي والتقليد‬
‫نماذج مثالية‬ ‫األسرة األساسية‬ ‫المبادأة × الخجل‬ ‫‪3‬‬
‫(تطفلية شاملة)‬ ‫(اللعب)‬
‫"كمون"‬ ‫عمل األشياء وتكوينها‬ ‫عناصر تكنولوجية‬ ‫"الجيران والمدرسة"‬ ‫الصناعة × الركود‬ ‫‪4‬‬
‫جماعة االقران‪,‬‬ ‫الشخصية ورفض‬
‫اثبات النفس‬
‫البلوغ‬ ‫رؤى أيدلوجية‬ ‫الجماعات الخارجية‪,‬‬ ‫السلطة × فرض‬ ‫‪5‬‬
‫والمشاركة‬
‫نماذج القيادة‬ ‫الشخصية‬
‫انتقاد النفس في‬ ‫نماذج للتعاون‬ ‫انماط الصداقة‪ ,‬الجنس‪,‬‬ ‫الوالء والتضامن ×‬
‫التناسلي‬ ‫‪6‬‬
‫شخص اخر‬ ‫والمنافسة‬ ‫المنافسة‪ ,‬التعاون‬ ‫االنعزالية‬
‫تيارات التعليم‬ ‫تقسيم العمل والمشاركة‬
‫العناية بالغير‬ ‫اإلنتاجية × الركود‬ ‫‪7‬‬
‫والتقاليد‬ ‫المنزلية‬
‫تحقيق الذات من خالل‬
‫الماضي ومواجهة‬ ‫الحكمة‬ ‫"البشر" "نفس"‬ ‫التوافق × اليأس‬ ‫‪8‬‬
‫العقبات‬
‫(ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)146-145‬‬
‫ويعد النمو النفسي‪-‬االجتماعي نسبيا من الناحية الثقافية بطريقتين‪:‬‬
‫‪ .1‬رغم ان االطف ال من مختل ف الثقاف ات يم رون بنفس سلسلة المراحل‪ ،‬فلك ل ثقاف ة اس لوبها الفط ري في توجي ه وتنمي ة سلوك‬
‫الطفل في كل سن‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬الحظ اريكسون ان الصينيين يطيلون فترة الحضانة لسنوات عديدة ويعممون هذا‬
‫النظام في البالد‪ .‬انهم كذلك يضربون االطفال الذكور ذوي االسنان حين يعضون حلمات الثدي معتقدين ان بكاءهم سيؤدي‬
‫الى عودتهم الى السلوك الصحيح‪ ،‬ويدربون البنات على ان يتصفن بالحياء والخوف من الرجال إعدادا لخدمة أزواجهن‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫‪ .2‬هن اك نسبة من التغ ير الثق افي على م ر العصور‪ ،‬فالمؤسس ات ال تي تفي باحتياجات احد االجي ال قد ال تك ون مناسبة للجي ل‬
‫الت الي‪ .‬فعوام ل الحض ارة والص ناعة والمدين ة والهج رة والحق وق المدني ة تس ببت في ح دوث تغ يرات لم ا ينبغي ان يتعلم ه‬
‫االطفال حتى تنمو شخصياتهم بصورة سوية تتفق مع العصر الذي يعيشون فيه‪.‬‬
‫يسير النمو النفسي‪-‬االجتماعي وفقا للمبدأ الجيني المأخوذ من "نمو الجنين"‪" :‬يقر هذا المبدأ ان اي شيء آخذ في النمو يتبع‬
‫خطة معينة‪ ،‬وتبعا لذلك تنشا االجزاء‪ ،‬وكل جزء له وقته الخاص في السيطرة حتى تنشا جميع االجزاء لتكون الشكل الكلي‪ .‬فبعد‬
‫الميالد ي ترك الطف ل "التب ادل الكيمي ائي" م ع ال رحم الى نظ ام التب ادل االجتم اعي م ع المجتم ع‪ ،‬حيث تت وافر ف رص اش باع قدرات ه‬
‫ومحددات ثقافته" (‪.)Erikson, 1968, pp. 59-61‬‬
‫ومثل الجنين‪ ،‬تأخذ الشخصية في التمييز تدريجيا وفي التنظيم الوراثي اثناء النمو‪ ،‬ويتم تشكيلها عن طريق البيئة‪ .‬ويتضمن‬
‫هذا التت ابع ‪-‬كم ا في الجدول (‪ -)1‬إبع ادا مختلفة‪ .‬هن اك انتقال تدريجي يتم من خالل مجموعة من القضايا (المشكالت) تستمر في‬
‫مح اذاة نض ج الطف ل حيث تتس ع عالقات ه الهام ة‪ .‬وهن اك ابع اد اخ رى تتض من ترجم ة بعض مص طلحات عناص ر التنظيم او الش كل‬
‫االجتم اعي والتط ور من خالل مجموع ة الوس ائل او الط رق النفس ي االجتماعي ة لكون ه وتفاعل ه في المجتم ع‪ ،‬وحيث ان الطف ل وج د‬
‫بأسلوب محكم فلديه قوانينه الفطرية للنمو "التي يتولد عنها تتابع القدرات الالزمة لتفاعل الطفل مع غيره" (‪Erikson, 1968, pp.‬‬
‫‪ .)63-65‬ان كال من النضج وحاجات المجتمع يؤديان الى خلق ثمان مشكالت او محاور ينبغي للطفل ان يخضع لها‪ .‬وكل مشكلة‬
‫منه ا تس ود في مرحل ة معين ة من العم ر‪ ،‬ولكنه ا تتض ح في ص ورة معين ة من خالل النم و‪ .‬فعلى س بيل المث ال يس ود االهتم ام بعملي ة‬
‫"االستقاللية" في العام الثاني ولكن االعداد لها يتم في العام االول ويتم التنقيح في المراحل المقبلة (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)146‬‬
‫ويصف اريكسون كل قضية من خالل البعد االيجابي والسلبي لها‪ ،‬فاالستقاللية يقابلها الخجل‪ ،‬وبصورة مثالية فالطفل ينمو‬
‫بنسبة مواتية حيث يغلب الجانب االيجابي على الجانب السلبي‪ .‬فمثال‪ :‬الطفل يحتاج الن يعرف متى "يثق" ومتى "يفقد الثقة" ولكن‬
‫ينبغي ان يك ون لدي ه موق ف ايج ابي ث ابت في الحي اة‪ .‬واذا لم يتم اش باع حاج ات الطفول ة بش كل مناس ب يس تمر الش خص في خ وض‬
‫معاركه األولية في مراحل الحقة‪ .‬فالعديد من البالغين اليزالون يكافحون من اجل اثبات شخصيتهم‪ .‬واكد اريكسون انه يمكن حل اي‬
‫مشكلة من هذه المشكالت في اي وقت‪.‬‬
‫وفيم ا يتعل ق بمس الة التواف ق بين المراح ل تق ع نظري ة اريكس ون بين نظري ة بياجي ه (حيث التواف ق المحكم) ونظري ة فروي د‬
‫(المفتقدة الى التوافق)‪ .‬فكل مرحلة تبنى على المراحل السابقة كما تؤثر على المراحل الالحقة‪ ،‬ويعبر اريكسون عن ذلك بقوله "ان‬
‫كل مرحلة تضيف شيئا محددا للمراحل التالية وتخلق صورة جديدة للمراحل السابقة" (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)147‬‬
‫التركيز على "الشخصية" أو "الهوية"‪:‬‬
‫في مقارنة مع اهتمام فرويد بأسلوب دفاع الناس عن أنفسهم في مواجهة التوترات المؤلمة‪ -‬أسلوب سلبي الى حد ما‪ -‬يأتي‬
‫منهج اريكسون االكثر ايجابية‪ .‬انه يؤمن بان المحور االساسي للحياة يتمثل في البخث عن "الهوية" "ويشير هذا المص طلح الى ال وعي‬
‫الشعوري بشخصية الفرد‪ ، . .‬السعي الالشعوري لبق اء الشخصية‪ ، . .‬مقي اس لمح اوالت االن ا الكامن ة‪ ، . .‬الحف اظ على التض امن‬
‫ال داخلي م ع مثالي ات الجماع ة وخص ائص الشخص ية" ( ‪ .)Erikson, 1959, p. 37‬وبمع نى اخ ر فالهوي ة تع ني فهم وقب ول النفس‬
‫والمجتمع‪ ،‬فمن خالل الحياة نسال "من انا؟" ونقوم باإلجابة بصورة مختلفة في كل مرحلة‪ .‬واذا استمر النمو بصورة طبيعية ينتقل‬
‫فهم الطف ل لهويت ه الى مس توى اعلى عن د نهاي ة ك ل مرحل ة‪ .‬على ال رغم من مواجه ة نم و الهوي ة لمش كلة اثن اء ف ترة المراهق ة ي ذكر‬
‫اريكسون ان هذه المشكلة تبدا عندما يتعارف الطفل على امه ألول مرة ويشعر بأنها تعرفه‪ ،‬وعندما يعبر صوتها عن تسميته باسم‬
‫معين وانه طفل حسن‪.‬‬
‫وبناًء على ذلك تتحول "الهوية" من مرحلة الى اخرى وتؤثر الصور االولية (المبكرة) للهوية على الصور الالحقة‪ .‬وتشبه‬
‫هذه العملية تكوين المفاهيم (مثل مفهوم السببية) في كل مرحلة وفقا لنظرية بياجيه (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)148‬‬

‫‪219‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫لق د ش عر اريكس ون ‪-‬الطف ل ذو اإلرث الثق افي المختل ط والش اب المه اجر الى امريك ا‪ -‬باإلهم ال والهامش ية من قب ل المجتم ع‪،‬‬
‫وعاش يبحث عن تكوين هويته‪" :‬لقد واجهت‪ -‬كمهاجر‪ -‬واحدة من اهم عمليات "إعادة التعريف" التي ينبغي ان يقوم بها كل من فقد‬
‫سمعه ولغته و "مراجعه" التي بنيت على انطباعاته الحسية والعقلية االولية وبعض صوره المفاهمية"‪ .‬وتوضح محادثاته مع نيوتن‬
‫)‪ Newton (1973‬انه كان شديد الحساسية لما يرتبط بالمشكالت التي تعانيها جماعات األقلية عند محاوالتهم لتكوين هوياتهم‪ .‬بدا‬
‫يستخدم مصطلح "مشكلة الهوية" لوصف عملية فقد الهوية التي الحظها لدى الجنود إثناء الحرب العالمية الثانية‪ .‬اكتشف اريكسون‬
‫مش كلة مماثل ة ل دى الم راهقين المض طربين "ال ذين يح اربون مجتمع اتهم"‪ .‬وأخ يرا فق د أدرك ان مش كلة الهوي ة تظه ر في كاف ة أنم اط‬
‫الحياة ‪-‬عادة بمقاييس صغيرة‪ .‬وعالوة على ذلك فقد ادرك ان الهوية تعد مشكلة اساسية في العصور المختلفة (‪Evans, 1967, pp.‬‬
‫‪.)236‬‬
‫تطوير طريقة التحليل النفسي‪:‬‬
‫ساهم اريكسون في ثالث طرق لدراسة النمو‪ :‬المالحظة المباشرة‪ ،‬ومقارنة الثقافات‪ ،‬ومنهج اإلحياء النفسي‪ .‬وقد ادت خبراته‬
‫المبك رة باألطف ال واتص اله بآن ا فروي د ال تي س اهمت في تط وير عالج اللعب والمالحظ ات الى معرفت ه بع الم االطف ال الطبيع يين‬
‫والمضطربين منذ بداية عمله‪ .‬وعن االنتقال من مجال التدريب الى الممارسة اكد "ان علينا ان ندرس االنسان في أفعاله (وليس فقط‬
‫في افكاره عن الواقع)" (‪.)Evans, 1967, p. 244‬‬
‫كانت كتابات اريكسون تتضمن مقارنات بين الثقافات المختلفة‪ ،‬فكان مهتما بأساليب تغيير الحلول المرتبطة بالمراحل العامة‬
‫من ثقافة الى اخرى‪ .‬وتوضح جهوده في مجال دراسة االنسان المعوقات الوراثية لنظرية فرويد التي كانت ترتكز بصفة اساسية‬
‫على مرضى مضطربين نفسيا في فيينا‪ .‬وتوجد اهم كتابات اريكسون في سيرته الذاتية "النفسية" هناك تحليالت لعملية النمو النفس‬
‫اجتم اعي ألف راد مش هورين توض ح كيفي ة تمثي ل الشخص ية الفردي ة الهتم ام المجتم ع في وقت معين‪ .‬تش ير نهض ة أدول ف هتل ر الى‬
‫رغبته في اشباع حاجاته لفرض شخصيته كما تفسر حاجة المجتمع (االمة) الى وجود شخصية ايجابية (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)149‬‬
‫يص ف لن ا اريكس ون في كتاب ه )‪ Young Man Luther (1958‬ش ابا مض طربا يجاه د وال ده المس تبد ال ذي يري ده ان ي درس‬
‫القانون‪ ،‬فيقوم الشاب بالثورة ضد قيادات الكنيسة ويتبع العقيدة التي تعطيه الشعور بالرضا عن شخصيته‪ .‬تتضمن قائمة المرضى‬
‫التاريخيين كذلك جورج برنارد شو (‪ )1950‬ومكسيم كوركي (‪ .)1968‬وحاز عمله "حقيقة كاندي" (‪ )1969‬على جائزة البوليتسار‬
‫"الكتاب القومي" في الفلسفة والدين (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)149‬‬
‫وصف لمراحل فترة الحياة‪:‬‬
‫قسم اريكسون دورة الحياة الى ثمانية "أعمار" او مراحل‪ ،‬تشير الى ثمان فترات اساس ترتبط باهتمامات "االنا"‪:‬‬
‫المرحلة األولى (الثقة مقابل عدم الثقة ‪)Trust vs. Mistrust‬‬
‫وهي مرحل ة الرض اعة أو مرحل ة اإلحس اس الفمي ‪ oral sensory stage‬وهي تقريب ا تق ع في الس نة األولى من حي اة‬
‫الطف ل‪ .‬والغ رض األس اس في ه ذه المرحل ة ه و تنمي ة الثق ة ‪ trust‬ولكن من دون إزال ة الق درة على ع دم الثق ة ‪ mistrust‬بش كل‬
‫تام‪ ،‬فإذا قام الوالدان بمنح هذا الطفل درجة عالية من األلفة واالنسجام والقدرة على االستمرار‪ ،‬فأن هذا الطفل سينمو اجتماعيا‬
‫وسيتوقع من المجتمع أن يوفر له الحب واألمان مثلما كانت رعاية األبوين له‪ ،‬وبالتبعية فإن هذا الطفل سيتعلم الثقة باآلخرين‪،‬‬
‫كما تنمو لديه الثقة بإمكاناته الجسمية ودوافعه البيولوجية التي تنمو وتستمر معه‪ .‬وبالضد من هذا‪ . .‬إذا كان األبوان غير محل‬
‫ثقة وال يتمتعان باألهلية لذلك‪ ،‬وإ ذا ما قاما برفض الطفل أو إلحاق األذى به‪ ،‬وقام اآلخرون بنفس ما قام به الوالدان من عدم‬
‫إشباع حاجات الطفل وإ لحاق األذى به‪ . .‬فإن هذا الطفل سينمو لديه شعور بعدم الثقة باآلخرين وسيتوقع الشر منهم‪ ،‬وبالنتيجة‬
‫س يكون ش كوكًا فيمن حول ه من الن اس‪ .‬ولكن يجب أن نفهم بعناي ة ب أن األب وين يجب أن يكون ا رائعين ومث اليين م ع الطف ل‪ ،‬أي‬
‫يجب أن يؤثرا في الطفل بشكل مثمر‪ .‬مثال‪ . .‬يجب أن ال يهرع األبوان للطفل في لحظة بكائه ألن هذا سيؤدي بالطفل بالميل‬
‫إلى الحمق ‪ maladaptive tendency‬والقصد من هذا هو تعويد الطفل على الشعور باالستقاللية في هذه المرحلة‪ .‬كما أكد‬

‫‪220‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫أريكس ون ع دم تنمي ة ن وع من س وء التكي ف ‪ sensory maladjustment‬ل دى الطف ل ال ذي يتمث ل بالثق ة العمي اء ب اآلخرين‪.‬‬
‫وبالمقابل إن القدرة العالية على المكر وخداع اآلخرين تجعل الفرد ال يثق بهم أيضا أو قد يلحق األذى بهم مما قد يجعله يحاول‬
‫استخدام كل األساليب لكي يسترجع توقعات اآلخرين اإليجابية به‪ .‬واألكثر سوءا من هذا‪ ،‬عندما يختل توازن الطفل كثيرا في‬
‫عدم الثقة باآلخرين‪ ،‬فينمو لديه الميل إلى الحقد أو االنسحاب ‪ malignant tendency of withdrawal‬الذي يتميز بأعراض‬
‫االكتئ اب أو البارنوي ا أو االض طراب النفس ي‪ .‬وإ ذا تحق ق الت وازن الص حيح‪ ،‬ف إن الطف ل تنم و لدي ه خاص ية األم ل ‪ hope‬أي‬
‫االعتقاد الراسخ بأن األمور عندما تسير بطريقة سيئة‪ ،‬فإن هذه األمور ستنتهي نهاية صحيحة! وإ حدى عالمات هذه الخاصية‬
‫عندما يعمل الطفل عمال جيدا في البداية فإنه ينتظر مدة لكي يحصل على إشباع حاجت ه من الرضا عن نفسه وعن اآلخرين‪.‬‬
‫ومن األدلة األخرى على نمو خاصية األمل لدى الطفل على سبيل المثال يقول الطفل مع نفسه (عندما ال يكون أبواي رائعين‬
‫بما فيه الكفاية! فإنهما سيصبحان كذلك)‪ ،‬أو (إن األشياء التي نتعلمها قد ال تفيد اآلن‪ . .‬ولكنها ستصبح ذات فائدة عندما سيتم‬
‫استخدامها في المستقبل)‪ .‬وهذه الخاصية ستفيدنا في حياتنا المتأخرة‪ ،‬ألننا سنحصل على كثير من خيبات األم ل في الحب أو في‬
‫مجرى حياتنا المختلفة أو خسارة ما نملك في هذه الحياة (ناصر‪ ،2003 ،‬ص‪.)26-25‬‬
‫المرحلة الثانية (االستقاللية مقابل الشك ‪)Autonomy vs. Shame and Doubt‬‬
‫وتسمى بالمرحلة األستية‪ -‬العضلية ‪ anal- muscular stage‬وتبدأ من بداية الثمانية عشر شهرا إلى الثالث أو األربع‬
‫سنوات من عمر الطفل‪ .‬والمهمة في هذه المرحلة هو إنجاز درجة من االستقاللية ‪ autonomy‬بينما يتم تقليل الشعور بالخجل‬
‫والشك ‪ shame and doubt‬فإذا قام الوالدان أو شخص آخر يقع تحت هذا الوصف بالسماح للطفل عندما يقوم بالمشي‪. .‬‬
‫باكتشاف واستخدام ما يقع في بيئته‪ ،‬فإن هذا الطفل سينمو لديه شعور باالستقاللية‪ ،‬ألن الوالدين يجب أن ال يحبطوا الطفل في‬
‫هذا المجال بل يجب أن يدفعوه باتجاه تعلم االستقاللية والتلقائية في هذه المرحلة‪ ،‬والتوازن هنا مطلوب‪ . .‬بيد أن الناس غالبا ما‬
‫يق دمون نص يحة لآلب اء الج دد ب أن يكون وا ش ديدين ولكن متس امحين‪ ،‬وه ذه النص يحة جي دة ومناس بة في ه ذا االتج اه ألن الطف ل‬
‫ستنمو لديه في هذه المرحلة خاصيتان هم ا السيطرة الذاتية ‪ self-control‬وتقدير الذات ‪ .self-esteem‬ومن ناحية أخرى‪،‬‬
‫فمن الس هل على الطف ل نوع ا م ا أن ينمي عوض ا عن ذل ك الش عور بالخج ل والش ك عن دما يمن ع األب وان وبق وة أي محاول ة ل دى‬
‫الطفل لالستكشاف وأن يصبح مستقال بنفسه‪ ،‬ولهذا فإن الطفل سيقلع حاال عن اإلدعاء بأنه ال يستطيع!! وأنه يجب أن ال يقوم‬
‫ب ذلك إال معتم دا على قدرات ه الذاتي ة‪ .‬كم ا يجب أن نض ع في األذه ان أن مح اوالت المش ي ال تي يق وم به ا الطف ل ال تي تق وده إلى‬
‫التعثر أمام اآلخرين‪ . .‬فإنها يمكن أن تؤدي بالطفل إلى الشعور العميق بالخجل والشك في قدراته‪ .‬وهناك طرائق أخرى تؤدي‬
‫بالطف ل إلى الش عور بالخج ل والش ك‪ ،‬فعن دما نعطي الطف ل حري ة مقي دة وإ حساس ًا بالتحدي د‪ ،‬أو عن د القي ام بمس اعدة األطف ال فيم ا‬
‫يجب عليهم حقيقة تعلم ما يريدون تعلمه بأنفسهم‪ ،‬فإنه سيتولد لديهم انطباع بأنهم ليسوا أكفاء بما فيه الكفاية على القيام بذلك أو‬
‫عندما ال يكون األب صبورا بما فيه الكفاية لينتظر طفله وهو يحاول القيام بربط شريط حذائه! ولهذا فإن الطفل سوف لن يتعلم‬
‫ذلك وسيدعي بأنه يواجه صعوبة كبيرة في القدرة على تعلم ذلك‪ .‬لذا فإن قليال من الخجل والشك هو أمر حتمي ولكنه ذو فائ دة‪.‬‬
‫ومن دون الخجل والشك سينمو الميل إلى سوء التكيف ويطلق أريكسون على هذا بنقص القدرة على الدافعية ‪impulsiveness‬‬
‫بوصفه نوعًا من الخجل المتمثل بضعف اإلرادة الذي سيقود في الطفولة المتأخرة وحتى مرحلة الرشد إلى القفز على أشياء من‬
‫دون اعتبارات دقيقة للقدرات‪ .‬والسيء في هذا بالطبع‪ ،‬أن كثيرًا من الخجل والشك سيؤدي بالنتيجة إلى الحقد ‪malignancy‬‬
‫ويطلق أريكسون على هذه الظاهرة بالحالة القسرية ‪ .compulsiveness‬كما إن الشخص القسري يشعر بأن كل شيء يفعله‬
‫يجب أن يكون بشكل تام‪ ،‬وأي شيء يجب أن يفعله اآلخرون بشكل تام بالمقابل‪ ،‬ومتابعة كل األحكام بشكل دقيق حتى ال يقع‬
‫في الخطأ‪ ،‬كم ا إن تجنب األخطاء يجنبنا الوقوع في كل التكاليف التي تنجم عن هذه األخطاء‪ .‬والكثير يعرف ما هو الشعور‬
‫عندما يكون الخجل والشك الدائم مع النفس‪ ،‬فقليل من الصبر والتسامح مع األطفال ربما يجنبهم الكث ير من ردود أفع ال األب وين‪،‬‬
‫كم ا ينبغي أن يعطي األب وان لنفس يهما قليًال من االس ترخاء‪ .‬وإ ذا اس تخدم األس لوب الص حيح وبت وازن إيج ابي في االس تقاللية‬

‫‪221‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫والشعور بالخجل والشك‪ ،‬فإنه سوف ينمي خاصية أو فضيلة هي قوة اإلرادة ‪ will power‬أو العزم‪ .‬وواحدة من األشياء المهمة‬
‫التي تثير اإلعجاب واإلحباط في نفس الوقت للطفل وهو ما يحصل بين عمر الثانية والثالثة وهو ذلك الشعور بالعزم الذي يشعر‬
‫به الطفل فيقول‪:‬هل أقدر؟ (‪ )?can I do‬وذلك هو الشعار‪ .‬وإ ذا استطاع األبوان أن يصونا هذه القدرة على المحاولة باتجاه‬
‫اللياقة المناسبة في الضبط والتوجيه‪ ،‬فإنهما سيكونان أحسن ما قام به أفرادا راشدين وكبار (ناصر‪ ،2003 ،‬ص‪.)29-26‬‬
‫المرحلة الثالثة (المبادرة مقابل الشعور بالذنب ‪)Initiative vs. Guilt‬‬
‫وهي المرحلة التكوينية‪ -‬االنتقالية ‪ genital- locomotor stage‬أو ما تسمى بمرحلة اللعب‪ ،‬وتبدأ من عمر الثالثة أو‬
‫الرابعة إلى عمر الخامسة أو السادسة‪ .‬والمهمة التي تواجه كل طفل في هذه المرحلة هو تعلم القدرة على المبادرة ‪initiative‬‬
‫من دون ش عور كب ير بال ذنب ‪ .much guilt‬والق درة على المب ادرة تع ني االس تجابة اإليجابي ة للقي ام بالتح دي في مواجه ة الع الم‬
‫وتتمثل في القدرة على تحمل المسؤوليات المختلفة أو تعلم مهارات جديدة والشعور بالمعنى‪ .‬ويستطيع اآلباء تشجيع الطفل في‬
‫القدرة على المبادرة عن طريق تشجيع األطفال على اكتشاف وتجربة أفكارهم‪ ،‬كما يجب تقبل وتشجيع حب االستطالع والخيال‬
‫وبش كل أك ثر حم اس ل ديهم‪ ،‬وه ذه المرحل ة هي للعب وليس ت للتعليم الرس مي‪ .‬والطف ل في ه ذه الم دة ق ادر على تخي ل المواق ف‬
‫المستقبلية بينما ال يستطيع أبدا القيام بذلك من قبل‪ .‬إن القدرة على المبادرة هي محاولة جعل ما هو غير حقيقي كونه حقيقة عن‬
‫طريق المبادرة‪ ،‬ولكن إذا استطاع الطفل تخيل المستقبل وأن يلعب فإنه يكون قادرا على تحمل المسؤولية بشكل جيد‪ ،‬كما إن‬
‫الق درة على الحكم األخالقي تحص ل في ه ذه المرحل ة‪ .‬وأريكس ون فروي دي ب الطبع وه و يقب ل م ا يطل ق علي ه الخ برة األوديبي ة‬
‫‪ Oedipal experience‬في هذه المرحلة‪ ،‬ومن توقعاته أن هذه الخبرة تتضمن التردد واإلحجام في شعور الطفل بالهجر من‬
‫األب أو األم‪ .‬واآلباء يجب أن يكونوا قادرين على تحمل المسؤولية‪ . .‬وتحديدا من الناحية االجتماعية في تشجيع الطفل وتنمية‬
‫الثقة لديه بأنه ليس طفال صغيرا بما فيه الكفاية‪ .‬ولكن هذه العملية إذا جاءت قاسية وفجائية للطفل فإنه سيتعلم الشعور بالذنب‬
‫مع األب أو األم‪ .‬وكثير من القدرة على المبادرة وقليل من الشعور بالذنب يعني الميل إلى سوء التكيف‪ ،‬وأريكسون يسمي هذا‬
‫بالحق د ‪ ruthlessness‬والش خص الحاق د مب ادر ومخط ط جي د س واء ك انت قض يته تتعل ق بالمدرس ة أو بمج رى الحي اة‪ .‬بينم ا‬
‫الش عور بال ذنب ي ؤدي إلى الض عف‪ ،‬ويمكن أن يتجس م حال ة ح ادة من الحق د عن دما يوج ه بش كل س لوك مض اد للمجتم ع‬
‫‪ .sociopathy‬إن الحقد سيئ لآلخرين ولكن في الحقيقة سهل نسبيا عندما يقوم به الشخص الحقود‪ .‬والكراهية التي تقع على‬
‫شخص يمكن أن تكون شعورا كبيرا بالذنب‪ ،‬ويسمي أريكسون هذا بالقمع ‪ inhibition‬والشخص الذي يشعر بالقمع ال يحاول‬
‫إعادة تجربة األشياء بسبب اعتقاده بأن ال شيء ذو قيمة ويستحق المجازفة به ‪ ،nothing ventured‬ومن الناحية العملية ال‬
‫ش يء يس تحق الش عور بال ذنب بس ببه‪ .‬ومن الناحي ة الجنس ية ف إن الف رد ال ذي يش عر ب القمع من الناحي ة األوديبي ة يمكن أن يك ون‬
‫عاجزا أو باردا من الناحية العاطفية‪ .‬إن التوازن الجيد هو للحفاظ على الطاقة النفسية في تحقيق الغرض ‪ purpose‬الذي يتوق‬
‫إلى تحقيقه كل الناس في حياتهم‪ . .‬وإ ن الشعور بالغرض هو شيء ما‪ ،‬ولكن الكثير ال يدركون بأنفسهم هذا الغرض الذي يمكن‬
‫الحصول عليه من خالل الخيال والمبادرة‪ .‬ويعتقد أريكسون بأن أي كلمة تقال عن هذه الخاصية هي شجاعة بحد ذاته ا‪ ،‬والقدرة‬
‫على الفعل والتغيير اإليجابي في هذا المجال هو عملية نبذ واستبعاد للمحددات التي استندت إلى الفهم الخاطئ وخيبات الماضي‬
‫(ناصر‪ ،2003 ،‬ص‪.)30-29‬‬
‫المرحلة الرابعة (المثابرة مقابل الشعور بالنقص ‪)Industry vs. Inferiority‬‬
‫وهي مرحلة الكمون ‪ latency stage‬أو عمر المدرسة الذي يبدأ من السادسة إلى الثانية عشرة‪ .‬والمهمة في هذه المرحلة‬
‫هي تنمي ة الق درة على الش عور بالمث ابرة أو العط اء في ال وقت ال ذي يجب تجنب الش عور ب النقص ‪ inferiority‬ال تي ق د تحص ل‬
‫ض ريبة للدراس ة في المرحل ة االبتدائي ة‪ .‬كم ا يجب تعوي د األطف ال على الخي ال ‪ tame the imagination‬وتك ريس أنفس هم‬
‫للدراسة وتعلم المهارات االجتماعية بسبب وجود جو اجتماعي واسع في هذه المرحلة‪ .‬ويسهم اآلباء وباقي أعضاء األسرة مع‬
‫المعلمين ورفاق الطفل وكل أعضاء المجتمع وبشكل واسع في هذه العملية‪ .‬والكل يساهمون في هذا‪ . .‬اآلباء يجب أن يقوموا‬

‫‪222‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫بالتشجيع‪ ،‬والمعلمون يوفرون العناية‪ ،‬ورفاق الطفل عليهم أن يقبلوا بهذا ويسهمون به‪ .‬واألطفال من جانبهم يجب أن يتعلموا‬
‫ب أن المتعة ليس ت في وضوح م ا ينجزون ه من مهم ات ب ل في القدرة على تنفي ذها‪ .‬ويجب أن يتعلم األطفال الشعور بالمتع ة في‬
‫اإلنج از والنج اح س واء ك ان في المدرس ة أو في س احات اللعب أو في ال دروس المدرس ية أو في المجتم ع‪ .‬والطريق ة األحس ن‬
‫لمعرفة الفرق بين الطفل في المرحلة الثالثة والرابعة هي أن الطفل في هذه المرحلة ينظر إلى الطريقة التي يتم بها اللعب‪ ،‬بينما‬
‫في عمر األربع سنوات ربما يحب هذه األلعاب ولكنه يحمل فهما غامضا عن أحكام هذه األلعاب‪ ،‬وربما يتغير هذا الفهم بعد‬
‫وقت خالل ممارسة اللعب عندما يكون غير ودود في نهاية قيامه بهذه األلعاب وعندما يقوم بمخاصمة أصدقاء اللعب‪ .‬والسنة‬
‫الس ابعة من عم ر الطف ل من ناحي ة أخ رى هي لتك ريس أحك ام اللعب وتعلمه ا وع ّد ت ه ذه األحك ام حال ة ثابت ة ال يمكن التج اوز‬
‫عليها‪ .‬وإ ذا حقق الطفل قليال من النجاح بسبب قسوة المعلمين أو رفض زمالئه له‪ ،‬فسينمو لديه بدال من الشعور بالنجاح شعور‬
‫بالنقص والقصور كونه مصدرا إضافيا آخر لهذا الشعور بالنقص الذي قد يتطور ليصبح شعورًا بالعنصرية والتعصب وصيغ‬
‫مختلفة من التمييزات‪ .‬وتؤدي اإلنتاجية المفرطة إلى الميل إلى سوء التكيف ويطلق عليه أريكسون الخاصية أو الفضيلة الضيقة‬
‫‪ narrow virtuosity‬عن دما ي دفع اآلب اء والمعلم ون الطف ل في زاوي ة ض يقة إلثب ات جدارت ه بحج ة أن ه طف ل حقيقي م ع إهم ال‬
‫عملية تنمية اهتماماته بشكل واسع ومتنوع‪ ،‬فنرى هذا الطفل رياضي أو موسيقي المع والكل ينظر إليه بإعجاب على اجتهاده‬
‫في مجال تفوقه‪ ،‬ولكن إذا أمعنا النظر بدقة‪ . .‬نجد أنه يعيش حياة فارغة إال من هذا االهتمام‪ .‬والحقد هو أحد األنواع الشائعة‬
‫في هذه المرحلة أيضا الذي يطلق عليه أريكسون القصور الذاتي ‪ inertia‬الذي يشير إلى معاناة الفرد من عقد الشعور بالنقص‬
‫‪ inferiority complexes‬وتعني أن الفرد عندما يفشل في موضوع معين فإنه ال يحاول أبدا ان يجرب النجاح في الموضوع‬
‫نفسه مرة ثانية كالفشل في درس الرياضيات أو لعبة رياضية معينة أو مهارة اجتماعية مهمة كالظهور أمام حشد من الناس‪،‬‬
‫وبهذا يصيبه الجمود وقلة الحركة‪ .‬والشيء المفرح في هذه المرحلة هو نمو القدرة على اإلنتاجية‪ ،‬إذ أن اإلنتاجية المفرطة مع‬
‫قلي ل من الش عور ب النقص يحف ظ للف رد إحساس ه بالتواض ع‪ ،‬ومن ثم يكتس ب فض يلة الش عور بالكف اءة ‪( competency‬ناص ر‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.)31-30‬‬
‫المرحلة الخامسة (الشعور بالهوية مقابل اضطراب الهوية ‪)Ego Identity vs. Role Confusion‬‬
‫ه ذه المرحل ة هي م دة المراهق ة ‪ adolescence‬ال تي تب دأ من س ن البل وغ وتنتهي في س ن الثامن ة عش ر أو العش رين من‬
‫العمر‪ .‬والمهمة خالل مدة المراهقة هي التعرف على هوية األنا ‪ ego identity‬وتجنب صراع الهوية ‪ .role confusion‬إن‬
‫مدة المراهقة إحدى اهتمامات أريكسون المهمة التي يرى فيها األساس لتشكيل أنماط التفكير في كل المراحل القادمة‪ .‬إن هوية‬
‫األنا ‪ ego identity‬تعني معرفة الفرد ألناه‪ ،‬وكيف يضع هذه األنا بدقة بين أفراد المجتمع‪ ،‬وهذا يستدعي التكلم عن كل ما‬
‫تعلم ه عن نفس ه والحي اة ووض عها بش كل متفاع ل وموح د بم ا يس مى بص ورة ال ذات ‪ self-image‬والش يء األس اس في ه ذا أن‬
‫يكون الفرد إنسانًا ذا معنى وفاعل في المجتمع‪ .‬والمهمة األساس هي التعرف على استجابات المراهق المختلفة وإ عطاؤه دورًا‬
‫وإ نموذجًا واضحًا وفتح قنوات االتصال االجتماعية معه‪ .‬وأكثر من هذا‪ ،‬يجب أن يوفر المجتمع طقوسا واضحة لهذه االنتقالة‬
‫‪ rites of passage‬لتحقي ق انج ازات أكي دة تس اعد المراه ق على تمي يز نفس ه بين كون ه مراهق ا أو طفال‪ .‬كم ا إن المراه ق‬
‫يس تطيع أن يثبت للمجتم ع بأن ه يتمت ع بالق درة على تحم ل المس ؤولية م ع نفس ه وم ع م ا تف رض علي ه العائل ة والمجتم ع‪ .‬وإ ح دى‬
‫اقتراحات أريكسون للمراهق هي الترويح النفسي ‪ psychological moratorium‬وال سيما عن طريق القيام بالرحالت والسفر‬
‫والتنزه‪ ،‬وأن بذل الكثير لتحقيق نجاح ممكن وسريع يستدعي تأمال لمعنى هذا النجاح‪ .‬وهناك شيء في غاية األهمية بما يتعلق‬
‫بهوي ة األن ا ‪ ego identity‬ل دى المراه ق ه و م ا يؤدي ه من دور معين في المجتم ع أو في ثقاف ة فرعي ة ‪ subculture‬ال تتس م‬
‫بالتساهل في عملها‪ .‬وأريكسون يطلق على هذا الميل من سوء التكيف بالتعصب ‪ ،fanaticism‬والمعتقدات التعصبية ليس فيها‬
‫خي ار‪ ،‬والمراهق ون ب الطبع معروف ون بمث اليتهم وميلهم إلى ع د األش ياء أم ا س وداء أو بيض اء فق ط‪ .‬ال ذي يق وم ب الترويج له ذه‬
‫المعتقدات سيحاول جمع المراهقين حوله والتأثير في أسلوب حياتهم من دون اعتبار لحقوقهم بالرفض‪ .‬إن النقص في اإلحساس‬

‫‪223‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫بالهوية ربما يكون أكثر الصعوبات الحالية‪ ،‬وأريكسون يشير إلى الميل في هذا الحقد إلى ما يسميه بالنبذ ‪ .repudiation‬إنهم‬
‫ينبذون أعضاء جماعتهم‪ . .‬واكثر من هذا ينبذون حاجاتهم لإلحساس بالهوي ة‪ .1‬وبعض الم راهقين يس محون ألنفس هم باالنص هار‬
‫‪ fuse‬وال سيما مع نوع من الجماعات توفر لهم تفصيالت لإلحساس بالهوية مثل ممارسة التثقيف الديني والتنظيمات العسكرية‬
‫وجماعات تأسست على نوع من الكراهية وجماعات أعفت نفسها من الشعور باأللم عن حاجات المجتمع األساسية‪ .‬وبهذا ربما‬
‫سيصبحون متورطين بنشاطات تخريبية أو باإلدمان على المخدرات أو الكحول أو باالنسحاب إلى أوهام نفسية‪ .‬ويؤكد أريكسون‬
‫في هذه المرحلة على التوصل إلى خاصية األمانة والصدق ‪ fidelity‬وتعني اإلخالص والوالء والقدرة على التعايش مع المعايير‬
‫االجتماعي ة‪ .‬إن األمان ة والص دق هم ا رؤي ة المجتم ع بأجم ل م ا يك ون وأن تج د مكان ا في مجتمع ك‪ ،‬مكان ا يعطي ك الفرص ة لكي‬
‫تعطي وتسهم (ناصر‪ ،2003 ،‬ص‪.)33-31‬‬
‫المرحلة السادسة (الموّد ة مقابل العزلة ‪)Intimacy vs. Isolation‬‬
‫هذه المرحلة تبدأ من أواخر عمر الثامنة عشرة إلى الخامسة والعشرين‪ .‬وتسمى بمرحلة الشباب ‪ adulthood‬وهي األك ثر‬
‫ص خبًا ‪ fuzzier‬من مرحل ة الطفول ة‪ .‬والمهم ة في ه ذه الم دة ه و إنج از بعض درج ات م ا يس مى ب المودة واأللف ة ‪intimacy‬‬
‫وبالمقابل العزلة ‪ .isolation‬والمودة واأللفة تعني القدرة على البقاء قريبا ومحبوبا من اآلخرين كمحب أو صديق أو مشارك‬
‫في المجتمع ألن هذا ينمي اإلحساس الواضح باألنا‪ .‬ويتسم سلوك البعض في هذه المرحلة بالمجازفة وقلة النضج ووضع أهداف‬
‫كث يرة مث ل ال زواج وإ نج از التحص يل الدراس ي والحص ول على وظيف ة وامتالك بيت‪ . .‬الخ‪ .‬ويحت اج الراش د في ه ذه المرحل ة‬
‫لتأكيد ذاته أكثر وال سيما دوره الجنسي ويحتاج إلثبات هويته عن طريق رفيق ما ‪ couple- hood‬وهذا ما يتجسد في الرغبة‬
‫في االس تقالل وال زواج‪ .‬أن المش اكل في ه ذه المرحل ة تختل ف ب اختالف معيش ة الف رد في المدين ة عنه ا في الري ف‪ ،‬ف العيش في‬
‫الريف يوفر فرصة للزواج بعالقات عميقة وطويلة ومحبة أكثر مع مجتمعه‪ .‬إن األلفة والمودة المفرطة في هذه المرحلة هي‬
‫سوء تكيف ويطلق عليها مصطلح ‪ promiscuity‬وهو ميل إلى المودة والبساطة الكاملة والسطحية مع اآلخرين‪ .‬وبالمقابل فإن‬
‫العزلة المفرطة هي سوء تكيف يطلق عليه مصطلح ‪ exclusion‬وهو ميل للحرمان والعزلة بالنفس من الحب والعالقات مع‬
‫األصدقاء والمجتمع وتنمية كراهية كبيرة تعويضا عن الشعور بالوحدة‪ .‬وإ ذا اجتاز الشاب هذه المرحلة بنجاح فتنمو لديه خاصية‬
‫أو فضيلة الحب ‪ love‬ويعني القدرة على اإلخالص المتبادل ‪ mutuality of devotion‬وهو ال يعني الحب في الزواج فقط بل‬
‫الحب بين األصدقاء وأحد الجيران ورفيق العمل وحتى المواطن ابن البلد(ناصر‪ ،2003 ،‬ص‪.)34-33‬‬
‫المرحلة السابعة (اإلنتاجية مقابل الركود ‪)Generativety vs. Stagnation‬‬
‫وهي مرحلة سن الرشد الوسطى وتمتد من الخامسة والعشرين إلى أواخر الخمسينات‪ ،‬ويبدأ هنا الشعور بوخز الوقت ‪It‬‬
‫‪ is hard to pin a time to it‬إن الق درة على اإلنت اج ‪ generativety‬تع ني الحب واإلنج اب والمس اهمة في حي اة األجي ال‬
‫القادم ة في المس تقبل‪ .‬وه ذا ه و الحب الحقيقي‪ ،‬م ع توق ع ض مني ب ان يك ون متب ادال م ع اآلخ رين‪ .‬وقلي ل من اآلب اء يعتق دون أن‬
‫عملي ة تربي ة األطف ال هي عملي ة اس تثمار لهم! وإ ذا اعتق دوا ذل ك‪ ،‬فهم ليس وا آب اء حقيق يين‪ .‬كم ا إن الق درة على اإلنت اج‬
‫‪ generativity‬ليس ت بالتك اثر وتربي ة األطف ال فق ط‪ ،‬ولكن من خالل القي ام باألعم ال الخالق ة مث ل تعلم اآلداب والعل وم المختلف ة‬
‫والفاعلية االجتماعية والمساهمة في األعم ال الخيرية وأن نك ون منتجين في كل األحوال‪ .‬أم ا االختيار الث اني في هذه المرحلة‬
‫فهو الركود ‪ stagnation‬ومن الصعب تخيل عدم الركود في حياتنا المختلفة‪ ،‬والركود قد يأتي عن طريق تشتت طاقات الفرد‬
‫في مواض يع كث يرة ومتنوع ة‪ .‬وه و م ا يطل ق علي ه بمص طلح ‪ over extension‬ويع ني المبالغ ة بالمش اركة غ ير الفاعل ة في‬
‫إسهامات غير حقيقية والعقالنية في محاولة لتوكيد الذات‪ .‬أو قد يكون الركود ‪ stagnation‬عن طريق االنهماك الذاتي ‪self-‬‬
‫‪ absorption‬الذي قد يتخذ صيغة الرفض ‪ rejectivity‬الذي يتمثل بإنتاجية قليلة جدًا مقابل ركوٍد عاٍل جدًا مع غي اب المشاركة‬
‫االجتماعي ة‪ .‬ه ذه المرحل ة هي مرحل ة أزم ات منتص ف الحي اة ‪ .midlife crisis‬ويت ذكر الرج ال والنس اء أحيان ًا حي اتهم الس ابقة‬

‫كان اليهود يعاملون أريكسون على أنه شخص غير يهودي في حين كان يعامل على أنه يهودي من زمالئه في المدرسة‪ .‬وقد أدت هذه الظروف‬ ‫‪1‬‬

‫إلى إحداث أزمات هوية الشخصية لديه وكان لها تأثير كبير في نظريته‪.‬‬
‫‪224‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫ويسألون السؤال الكبير والسيئ في نفس الوقت‪ :‬لماذا أعمل؟ وألجل من؟ وفي هذه المرحلة يبدأ التركيز على الذات والشعور‬
‫بالذعر من التقدم بالسن والندم على إنجازات وخبرات كان األفراد يحلمون بها في مرحلة الشباب‪ .‬والرجال أكثر عط اًء في هذا‬
‫المج ال‪ :‬انهم يع انون أك ثر في ال زواج‪ ،‬والعم ل وال س يما في الوظ ائف الممل ة‪ ،‬والن دم لم ا عمل وا من أجل ه باعتق اد البعض أنهم‬
‫ذهبوا باالتجاه الخاطئ! ولكن النجاحات السابقة توفر القدرة على االهتمام والعناية والعزاء لما تبقى من الحياة المقبلة (ناصر‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.)36-35‬‬
‫المرحلة الثامنة (تكامل األنا مقابل اليأس ‪)Ego Integrity vs. Despair‬‬
‫إنها المرحلة األخيرة‪ ،‬التي تبدأ في الستينيات‪ ،‬وقد يقابلها المسن بالتأثر‪ ،‬أو عدم االكتراث على أنها مرحلة متأخرة من‬
‫العمر‪ .‬ويبدأ سن التقاعد ويصبح الصغار كبارا ويغادرون البيت‪ .‬ويعتقد بعض المسنين أنها بداية جديدة‪ . .‬عندما يتجنبون أي‬
‫معرفة عن خصائص هذه المرحلة من العمر‪ ،‬وتلك ما هي إال عاطفة الشباب المبجلة‪ .‬وفي نظرية أريكسون فإن الوصول إلى‬
‫هذه المرحلة هو شيء جيد عندما يتم االعتبار بكل ما حدث في مراحل النمو من دون القيام بالتذكر الدائم لكل ما حدث‪ .‬إن‬
‫المهمة في هذه المرحلة هي نمو تكامل األنا ‪ ego integrity‬مع قدر قليل من اليأس ‪ .despair‬وبالرغم من أن هذه المرحلة‬
‫تمت از بالفطن ة والبص يرة ولكنه ا من أص عب المراح ل! إنه ا تب دأ أوال باالنفص ال عن المجتم ع واإلحس اس بقل ة الفائ دة‪ ،‬ويواج ه‬
‫بعض المتقاع دين ص عوبات أك ثر وال س يما من ك ان يع د واجبات ه في العم ل ش يئا مقدس ا ويج د نفس ه بع د ذل ك غ ير مطل وب وال‬
‫يحتاج ه أح د فض ال عن ش عوره ب العجز من الناحي ة البيولوجي ة‪ .‬ويتول د ل دى النس اء أحيان ا ش عور مأس اوي بانقط اع الحيض‪،‬‬
‫والرجال غالبا ما يجدون أنفسهم ضعيفي القدرة على اغتنام الفرص‪ ،‬والخوف من األمراض التي ترافق التقدم في العمر‪ ،‬ألن‬
‫التعايش مع هذه األمراض شيء يذكرنا بالموت‪ ،‬فضال عن انحسار العالقات واألصدقاء وموت الزوج أو الزوجة‪ .‬والمؤكد أن‬
‫الكل سيواجه نفس المصير‪ . .‬وعلى أساس هذا المعنى فإن الكل سيواجه شعورا باليأس ‪ !despair‬واستجابة لهذا‪ . .‬ف إن بعض‬
‫كب ار الس ن يص بحون مش غولي الب ال في الماض ي وت ذكر ح االت الفش ل والنج اح في مراح ل حي اتهم المختلف ة‪ .‬ونتيج ة للش عور‬
‫بالنهاية فإن بعض المسنين قد يصابون باالكتئاب ‪ depressed‬أو الحقد ‪ spiteful‬أو جنون التوهم (اإلزوار) ‪ paranoid‬أو‬
‫توهم المرض ‪ hypochondriacal‬أو ظهور بعض أنماط ذهان الشيخوخة مع أسس عضوية أو من دونها‪ .‬إن الشعور بتكامل‬
‫األنا ‪ ego integrity‬يعني تقبل حتمية الموت عند الشعور باالقتراب من األجل في نهاية الحياة‪ .‬وتقبل كل األحداث والخيارات‬
‫الماضية كما هي وكأنها محتمة‪ .‬والميل إلى سوء التكيف في هذه المرحلة يسمى بالعجرفة ‪ presumption‬عندما يخمن المسن‬
‫‪ presumes‬تكامل األنا من دون مواجهة حقيقية مع الصعوبات التي يتعرض لها في هذه المرحلة‪ .‬والميل إلى الحقد في هذه‬
‫المرحلة يسمى ‪ disdain‬الذي يعني ازدراء الفرد لنفسه أو لآلخرين‪" .‬إن المسن الذي يقترب من النهاية وال يشعر بالخوف من‬
‫الم وت في ه ذه المرحل ة ه و ال ذي يمتل ك الحكم ة ‪ wisdom‬كم ا إن ه ذه الحكم ة تعطى لألطف ال كهدي ة ألن األطف ال األص حاء‬
‫‪ healthy children‬سوف ال يخافون من الموت عندما يرون أن كبار السن قد حققوا التكامل بما فيه الكفاية ولم يخافوا الموت‪.‬‬
‫" "ويقترح أريكسون بأن الفرد يجب أن يكون نوعا ما ذكيا وذا مواهب حساسة ‪ gifted to be truly wise‬لكي يكون حكيما‬
‫حقيقيا‪ ،‬وتعلم هذه الحكمة ليس بالكلمات التي تنطق بالحكمة! ولكن عن طريق أسلوبهم البسيط والرقيق عن الحياة والموت وعن‬
‫طري ق س خائهم ال روحي ‪ ."generosity of spirit‬ويمكن وض ع خص ائص الشخص ية تل ك ع بر مراح ل الحي اة كم ا يراه ا‬
‫اريكسون في جدول يبين المراحل واألزمات والعالقات والتكيف السليم وسوء التكيف (ناصر‪ ،2003 ،‬ص‪.)38-36‬‬

‫‪225‬‬
‫…العجرفة‬ ‫الشعور بالذات أو‬ ‫عموم الناس أو‬ ‫)الستين فأكثر(‬
‫الحكمة‬ ‫التكامل مقابل اليأس‬
‫واليأس‬ ‫المواجهة العشوائية‬ ‫نوع من الناس‬ ‫متقدم في العمر‬
‫العدد‪6 /‬‬

‫األسرة الكبيرة‬ ‫)االربعينيات والخمسينيات (‬


‫االمتداد المفرط والنبذ‬ ‫العناية‬ ‫الكينونة أو العناية‬ ‫االنتاجية مقابل الركود‬
‫وزمالء العمل‬ ‫متوسط مرحلة الرشد‬
‫االتصال الجنسي غير الشرعي‬ ‫الشعور بالذات (بعد‬ ‫الوالدان‬ ‫العشرينات(‬
‫الحب‬ ‫المودة مقابل العزلة‬
‫واالقتصار (المحدودية)‬ ‫خسارتها) أو اآلخرين‬ ‫واألصدقاء‬ ‫)والثالثينات‬
‫الرشد‬
‫…التعصب‬ ‫الصدق‬ ‫التوحد مع الذات أو‬ ‫مجموعة األقران‬ ‫الشعور بهوية األنا‬ ‫)العاشرة‪-‬العشرين(‬
‫واإلنكار‬ ‫واإلخالص‬ ‫مشاركة اآلخرين‬ ‫ونماذج الدور‬ ‫مقابل اضطراب الهوية‬ ‫المراهقة‬
‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬

‫…الفضيلة الضيقة‬ ‫االعتماد على الذات أو‬ ‫الجيران‬ ‫المثابرة مقابل الشعور‬ ‫)السنة السادسة فأكثر(‬
‫الكفاءة‬
‫والقصور الذاتي‬ ‫مشاركة اآلخرين‬ ‫والمدرسة‬ ‫بالنقص‬ ‫طفل في عمر المدرسة‬

‫‪226‬‬
‫… الحقد‬ ‫الغرض‬ ‫الوقوف واالنطالق أو‬ ‫المبادرة مقابل الشعور‬ ‫)السنة الخامسة(‬
‫العائلة‬
‫والقمع‬ ‫والتشجيع‬ ‫اللعب‬ ‫بالذنب‬ ‫ما قبل المدرسة‬
‫االستقاللية مقابل‬ ‫)السنة الثانية(‬
‫االندفاعية واإلكراه (اإلجبار)‬ ‫اإلرادة والتجديد‬ ‫الوقوف واالستمرار‬ ‫الوالدان‬
‫والشك‬ ‫طفل رضيع‬
‫…تشويه حسي‬ ‫األمل‬ ‫)من الوالدة‪ -‬السنة االولى (‬
‫التقديم والعطاء (الرد)‬ ‫األم‬ ‫الثقة مقابل عدم الثقة‬
‫وانسحاب‬ ‫واإلخالص‬ ‫طفل رضيع‬
‫الصفات‬
‫آذار‪2012/‬م‬

‫سوء التكيف والطبيعة المؤذية‬ ‫(الفضائل)‬ ‫النماذج النفسية‬ ‫العالقات المهمة‬ ‫األزمات النفسية‬ ‫المرحلة العمرية‬
‫النفسية‬
‫الجدول (‪ :)2‬المراحل الحيوية في نمو الشخصية عند أريكسون كما بينها ناصر (‪)2003‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫البحث المعاصر الريكسون‪:‬‬


‫اكد اريكسون‪ -‬بخالف بياجيه وفرويد‪ -‬على النمو من خالل دورة العمر كله لذا فقد اثار عملية البحث فيما بعد في هذا االطار‬
‫وهو المجال المركز عليه اليوم‪ .‬واستمرت بعض البحوث الحديثة في تحليل اهم موضوعات اريكسون مثل االنتاجية ونمو البالغين‪،‬‬
‫وهناك حاجة تدعوا الشخص‪ -‬اثناء النمو‪ -‬الى التأثير في البيئة كما ان البيئة تؤثر عليه بصورة تلقائية‪ .‬وتتمثل اهم محاور البحث‬
‫المعاص ر في نم و االن ا والبحث عن الهوي ة خالل ف ترة المراهق ة وبداي ة البل وغ‪ .‬ق ام مارش ا ‪-‬على س بيل المث ال‪ -‬بتط وير فك رتين‬
‫الريكسون هما "االزمة (المشكلة‪ ،‬االيداع "تشير االزمة" الى اوقات معينة اثناء فترة المراهقة عندما ينغمس الفرد في اختيار اعمال‬
‫معينة من بين البدائل وهكذا بالنسبة للمعتقدات‪ .‬اما "االيداع" فيشير الى درجة تعبير الفرد عن استثماره الشخصي من خالل العمل او‬
‫الفكر‪ .‬ان وجود او عدم وجود هاتين الصفتين يضعنا امام اربع حاالت للشخصية‪ .‬الشخص الرافض للشخصية الذي تنعدم عنده كلتا‬
‫الصفتين وهو سهل التأثر باآلخرين وغالبا ما يغير مبادئه‪ .‬الشخص حبيس الشخصية وهو الذي يتصف بإيداع االستثمار دون وجود‬
‫"ازمات" وهذا الشخص يقبل المبادئ والمواقف واالعمال دون تدقيق معتمدا على اراء غيره‪ .‬الشخص المتأزم وهو يعاني من ازمة‬
‫شخصية حادة وغير قادر على "االيداع او االستثمار" واخيرا ياتي الشخص المحقق للهوية والذي اجتاز االزمة بنجاح كما انه قام‬
‫باستثمار طاقاته جيدا "ايداع" ( ‪.)Noam, 1996, p. 58; Loevinger, 1976, pp. 113-114; Grotevant, 1998, p. 89‬‬
‫وتوض ح االنتق ادات المحاي دة الى ان تسلس الت اريكس ون للشخص ية ق د ال تك ون عام ة في ك ل الثقاف ات ولكال الجنس ين الرج ال‬
‫والنساء‪ .‬فرغم ان "االنتماء" قد يتحقق في شخصية الرجال اوضح كليكون ان هذا الشعور يبدو غير اكيد لدى النس اء‪ .‬ويسير الشعور‬
‫باالنتم اء جنب ا الى جنب م ع الشخص ية‪ .‬وق د اهتم البحث الح ديث بمعرف ة م ا اذا ك ان المراهق ون والب الغون‪ -‬من خالل تل ك االنم اط‬
‫االربعة‪ -‬لديهم اختالفات في الخصائص والظروف وهل ان هذه االنماط تتبع تسلسال خاصا ( ‪.)Marcia, 1999, p. 110‬‬
‫ميكانزمات النمو‪:‬‬
‫يحدد المبدأ الجيني القوى المسيطرة على االنتقال بين المراحل‪ .‬فالنضج البدني يحدد الوقت الزمني العام للنمو‪ .‬وفي اطار تلك‬
‫المحددات تنمو الثقافة او تتراجع او تنشا او تهدم‪ .‬ويرى اريكسون ان المجتمع يؤثر على الكائن بأشكال عديدة تمثل مستويات مختلفة‬
‫ت تراوح م ا بين "االيدولوجي ة المج ردة" و "مالحظ ة الوال د"‪ .‬ان العدي د من ميكانزم ات فروي د للنم و يمكن ان تح دد م ع ميكانزم ات‬
‫اريكسون‪ :‬الدوافع والمثبطات (من القوى الخارجية والداخلية)‪ ،‬واالرتباط والتعارف‪ .‬وقد تالفى اريكسون على اية حال‪-‬استخدام‬
‫عملية الموازنة (وتقليل التوتر) عند فرويد‪ .‬وبدال من ذلك فهو يصور النمو بعملية حل الصراع بين القوى المتعارضة‪ .‬يقوم الطفل‬
‫بالتوافق لدى عمليات "االتاحة والتحفظ والمبادأة والشعور باإلثم والعوامل البايولوجية والنفسية وغيرها"‪.‬‬
‫وق د اض اف اريكس ون (‪ )1977‬ع امال جدي دا للنم و‪ ،‬ه و "اللعب" بمعن اه الواس ع ال ذي يتض من اس تخدام الخي ال في مح اوالت‬
‫الس يطرة والتكي ف م ع الع الم‪ ،‬والتعب ير عن العواط ف‪ ،‬واس تعادة المواق ف الس ابقة‪ ،‬او تخي ل مواق ف مس تقبلية‪ ،‬وتط وير انم اط جدي دة‬
‫للوجود في المجتمع‪ .‬فالمشكالت التي ال يمكن حلها في الحقيقة يمكن ان تحل من خالل اللعب بالدميات او ممارسة الرياض ات او الفن‬
‫او بناء منازل اللعب وغير ذلك‪ .‬فاللعب اذن ليس محدودا لألطفال‪ ،‬يشمل اللعب تخيل زمان ومكان معين‪ ،‬او تخيل المراهق القيام‬
‫بوظائف متنوعة‪ ،‬او عمل الرجل لبروفة تتضمن ما سيقوله لمديره في اليوم التالي (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)156‬‬
‫قد يأخذ اللعب في الغالب نمط الطقوس او اسلوبا علميا او يمثل التفاعل مع االخرين بأسلوب ثقافي‪ .‬على سبيل المثال فالمراهق‬
‫الذي يدور حول اصدقائه يكتسب انماطا ثقافية مقبولة للتفاعل مع االخرين‪ .‬ومن االمثلة االخرى كذلك ان طقوس رعاية الطفل في‬
‫ف ترة الرض اعة تم ر بمجموع ة من االس اليب الش ائعة ال تي ته دف الى لفت االنتب اه والق اء التحي ة على االخ رين‪ .‬تع د الطق وس من‬
‫ميكانزيمات النمو ألنها تضع االنسان في كل مرحلة على الطريق الصحيح وتوفر له الحلول الجاهزة لمشكالت الحياة اليومية‪.‬‬

‫إلقاء الضوء على محاور النمو‪:‬‬


‫ان اهتمام اريكسون بالمحاور األربعة يشبه كثيرا اهتمام فرويد ولكنه يختلف معه في "التركيز"‪ ،‬فاريكسون‪ -‬مثل بياجيه‪ -‬لديه‬
‫رؤية متفائلة بخصوص الطبيعة البشرية‪ .‬فاألطفال والبالغون ال يبحثون فقط عن طريقة لتجنب االلم ولكنهم كذلك يريدون الوصول‬
‫‪227‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫الى تك وين شخص ية ايجابي ة‪ .‬فاإلنس ان يم ر بعملي ة تتض من "التك وين الق ائم على الحي اة"‪ .‬والنم و عملي ة نوعي ة بص فة اساس ية الن‬
‫التغيرات التي تصحبه تأخذ شكل المراحل ولكنه ايضا كمي الى حد ما حيث ان شخصية الفرد تصبح "اقوى" بينما تتجمد مبادئه‪ .‬ان‬
‫نظرية اريكسون –بخالف نظرية فرويد‪ -‬تتضمن عناصر الرؤية الموقفية للعالم‪ .‬انه ينظر الى الطفل باعتباره كائن متغ ير يعيش في‬
‫عالم متغير وفي ظل نظام من المواقف الثقافية التي ترجع الى عملية التنشئة االجتماعية لألطفال‪ .‬تسهم طبيعة هذه المواقف في حلول‬
‫"االزمات" او المشكالت المرتبطة بكل مرحلة وتؤثر فيها (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)157‬‬
‫كان اريكسون –مثل فرويد‪ -‬يؤمن بان الطبيعة تحدد سلسلة المراحل وتضع الحدود التي تحكم عملية التنشئة‪ .‬اذا كانت الوراثة‬
‫تؤكد حدوث ازمات معينة فالبيئة اذن تحدد طريقة حلها‪ .‬اكد اريكسون –بقدر اكبر من فرويد‪ -‬على دور الثقافة في تنشئة وتشكيل‬
‫الطفل او الفرد البالغ من خالل النمو‪ .‬ان كال من الخبرات الماضية والحاضرة للفرد والمجتمع تؤثر على عملية النمو‪ .‬وباإلضافة‬
‫الى ذلك لم يقبل اريكسون مبدا فرويد المتضمن ان النمو يكتمل بعد الخمس سنوات االولى بصفة اساسية‪ .‬فالنمو عملية طويلة المدى‪،‬‬
‫واحيانا ال تحل صراعات الطفولة بصورة مرضية حتى مرحلة البلوغ‪ .‬واخيرا يتمثل جوهر عملية النمو –بالنسبة الريكسون‪ -‬في‬
‫تكوين "الهوية" التي تعطي السمة المحددة لشخصية الفرد (ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)157‬‬
‫تطبيقات للنظرية‬
‫كما ذكرنا سابقا فقد قام اريكسون بتطبيق نظريته على بعض المشكالت مثل مشكالت هوية المراهق‪ ،‬والصراع بين االجيال‪،‬‬
‫تكي ف الجنود بعد الحرب‪ ،‬والعالق ات بين السالالت‪ ،‬وبك اء الطفل ويرك ز المختصون الي وم على عمله في مجال المراهقة بالتحديد‬
‫لمس اعدة االف راد الناش ئين على اتخ اذ ق راراتهم الشخص ية والوظيفي ة بص ورة ناجح ة‪ ،‬يمكن للكب ار تس هيل نم و االطف ال عن طري ق‬
‫مساعدتهم على عمل موازنة بين كل غاية في كل مرحلة مثل "الثقة وفقد الثقة السوي"‪.‬‬
‫تقييم النظرية‬
‫حيث ان نظري ة اريكس ون تع د امت دادا لنظري ة التحلي ل النفس ي ل ذا يع د تق ييم نظري ة فروي د مناس با له ا‪ .‬وب دال من إع ادة س رد‬
‫التعليقات السابقة نقوم بالتركيز في هذا الجزء على اهم جوانب القوة والضعف في نظرية اريكسون‪.‬‬
‫جوانب القوة‪:‬‬
‫توسيع نطاق نظرية التحليل النفسي‪ :‬عن طريق توسيع القاعدة التجريبية لنظرية التحليل النفسي ساهم اريكسون في زيادة‬ ‫‪‬‬
‫م دى ص دق النظري ة وقابليته ا للتط بيق‪ .‬اض اف اريكس ون الج وانب النفس اجتماعي ة الى النفس جنس ية‪ ،‬والثقافي ة الى‬
‫البايولوجي ة‪ ،‬وهوي ة االن ا الى دفاع ات االن ا‪ ،‬والط بيعي الى الش اذ‪ ،‬واالزدواج الثق افي الى الثقاف ة المح ددة‪ ،‬والمالحظ ات‬
‫المباشرة للطفل الى ذكريات البالغ حول طفولته‪ ،‬نمو البالغ الى نمو الطفل‪ .‬ساعد اريكسون على بداية ظهور منهج النمو‬
‫واسع المدى (الحياتي)‪ ،‬وتتميز النظرية بسمة التوفيق بين مدى واسع من المواقف‪ .‬وتتميز رؤية اريكسون الخاصة بالنمو‬
‫باس تنادها الى دلي ل ق وي من حي اة االف راد اليومي ة من خالل س عيهم الى التواف ق واض فاء مع نى لوج ودهم‪ .‬ك ان يبحث عن‬
‫الجانب الطموح النشط لدى الفرد وعن كيفية تنظيم القدرات والخبرات االنسانية داخل بيئة المجتمع من خالل مجموعة من‬
‫االنماط االجتماعية‪ .‬يعد هذا النموذج االوسع للتحليل النفسي مرجعا قيما فيما يرتبط باالستشارة والعالج وخاصة في حالة‬
‫المراهقين‪ .‬يعتبر تركيز اريكسون على العوامل الثقافية واتساع فترة النمو هاما بالنسبة لمجال علم نفس النمو‪ .‬وعلى اية‬
‫ح ال لم تس فر المب ادئ الخاص ة للنظري ة عن كث ير من االبح اث وخاص ة م ا يتعل ق ب ترتيب المراح ل او الف روق الجنس ية في‬
‫لعب االطفال‬
‫الرؤي ة المتس عة‪ :‬ت أتي مالئم ة نظري ة اريكس ون لألفك ار المعاص رة من خالل رؤيت ه الواس عة بالنس بة لس لوك الطف ل‪ .‬فق د‬ ‫‪‬‬
‫وصف بانه "قد يكون واحدا من الباحثين العظماء في مجال العلوم السلوكية"‪ .‬يتأثر سلوك الطفل بتجارب الماضي والموق ف‬
‫الحاضر وبتاريخ ثقافته الحاضر والسابق وبالمجتمع من حوله‪ .‬ان كل مستويات المجتمع بداية من العالقات الدولي ة بالنظ ام‬
‫السياسي للدولة حتى التفاعل الحادث داخل االسرة تؤثر على سلوك الفرد‪ .‬تضمنت كتابات اريكسون صورة نظام القوى‬

‫‪228‬‬
‫آذار‪2012/‬م‬ ‫مجلة كلية التربية األساسية‪ /‬جامعة بابل‬ ‫العدد‪6 /‬‬

‫المتفاعل ة ال تي ترب ط الف رد ب الكون‪ ،‬والماض ي البعي د بالمس تقبل البعي د‪ .‬على ال رغم من قي ام العدي د من اخص ائي النم و‬
‫بمجهودات مكثفة في هذا الصدد (فيكوتسكي‪ ،‬النظريات االجتماعية الثقافية) اال انهم لم يقوموا بالتحليل الجدي للمتغيرات‬
‫التاريخية واالجتماعية‪ .‬وبدال من ذلك فقد قاموا بدراسة سلوك االطفال على حدة‬
‫( ‪.)Hopkins, 1995, p. 44; Schlein, 1987, pp. 201-203‬‬
‫نقاط الضعف‪:‬‬
‫افتق اد النظ ام‪ :‬تفتق د نظري ة اريكس ون وج ود ارتب اط وثي ق بين المالحظ ات والمب ادئ التجريبي ة العام ة والمب ادئ النظري ة‬ ‫‪‬‬
‫المجردة‪ .‬وبناًء على ذلك فمن الصعب تقرير مبادئه بطريقة تتيح اختبارها او ربط نتائجه العملية بمستويات النظرية االكثر‬
‫تجري دا‪ .‬وكم ا ه و الح ال عن د فروي د تكمن المش كلة في ع دم تواف ق الطريق ة وخاص ة في ع دم اس تخدام التج ارب المحكم ة‪.‬‬
‫وعند اريكسون نجد ان المالحظ ات مصحوبة بتفسيرات تتم يز بصعوبة التقييم‪ .‬على سبيل المث ال في مالحظة اريكسون‬
‫المتضمنة "هل ان االوالد يبنون االبراج بسبب التوجيه القضيبي او االقتحامي‪-‬كما ذكر اريكسون‪ -‬ام بسبب انهم يحبون‬
‫اسقاط االشياء العالية؟"‪ .‬تتميز كتاباته النفسية الحيوية بالجودة ولكنها تستدعي التأمل‪ .‬ومن المشكالت المرتبطة بذلك نجد‬
‫المصطلحات التي ينتقيها "مظللة اكثر منها مفسرة" فاستخدامه "االنتاجية" مثال و"التوافق" ال يتضمن ارادة المعاني القريبة‬
‫لها‪ .‬اذن فمن غير المفاجئ ان يسيء الكثيرون فهم مصطلحات مفاهيم اريكسون‪.‬‬
‫عدم وجود ميكانزمات محددة للنمو‪ :‬من خالل دراستنا للجزء السابق اصبح جليا ان اريكسون لم يقدم اي تفصيل عن كيفية‬ ‫‪‬‬
‫انتق ال الطف ل من مرحل ة الى اخ رى او عن كيفي ة حل ه لالزم ة‪ .‬حيث ق ام بتحدي د م ا ي ؤثر على االنتق ال (النض ج الب دني‪،‬‬
‫الوالدين‪ ،‬المبادئ الثقافية‪ ،‬درجة حل االزمات السابقة) دون تحديد اسلوب حدوثه‪ .‬ما هو العامل الذي يجعل الطفل يتعلم‬
‫م تى يك ون واثق ا وم تى ال يث ق؟ لم اذا ي ؤدي ح ل "قطبي ة المب اداة ‪ /‬الح رج" الى تض اءل المه ارة دون اي ص راع أخ ر؟ ان‬
‫مص داقية كث ير من افك ار اريكس ون "اس لوب ح ل الص راع" تتوق ف على ق درة ه ذه الفك رة على وص ف ميكانزم ات النم و‬
‫بالتفصيل‪.‬‬
‫(ميللر‪ ،2005 ،‬ص‪.)158‬‬
‫المصادر‬
‫‪ .1‬ميللر‪ ،‬باتريشيا‪ .‬ترجمة‪ :‬سالم‪ ،‬محمود عوض اهلل وآخران (‪ .)2005‬نظريات النمو‪ .‬عّم ان‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .1‬ناص ر‪ ،‬عقي ل خلي ل (‪ .)2003‬تكام ل األن ا ل دى المس نين وعالقت ه ببعض المتغ يرات‪ .‬كلي ة اآلداب‪ ،‬جامع ة بغ داد (رس الة‬
‫ماجستير غير منشورة)‪.‬‬
‫‪2.‬‬ ‫‪Bruner, J. S. (1987). The artist as an analyst. A review of a way of looking at things: selected‬‬
‫‪papers from 1930-1980, by E. Erickson. The New York review, 3, 8-13.‬‬
‫‪3.‬‬ ‫‪Erickson, E. H. (1959). Identity and the life cycle. Psychological issues (monograph no. 1). New‬‬
‫‪York: international universities press.‬‬
‫‪4.‬‬ ‫‪Erickson, E. H. (1968). Identity: youth and crisis. New York: Norton.‬‬
‫‪5.‬‬ ‫‪Erickson, E. H. 1958. Young man Luther. New York: Norton.‬‬
‫‪6.‬‬ ‫‪Erikson, Erik H. (2009). Encyclopædia Britannica. Ultimate Reference Suite.‬‬
‫‪Chicago: Encyclopædia Britannica. .‬‬
‫‪7.‬‬ ‫‪Evans, r. I. (1967). Dialogue with Erik Erickson. New York: Harper and Row.‬‬
‫‪8.‬‬ ‫‪Gedo, J. E. (1999). The Evolution of Psychoanalysis: Contemporary Theory and Practice. New‬‬
‫‪York: Other Press.‬‬
‫‪9.‬‬ ‫) ‪Grotevant, H. D. (1998). Adolescent development in family contexts. In W. Damon (series ed.‬‬
‫‪and N. Eisenberg (vol. ed. ), Handbook of child psychology. Vol. 3: social, emotional, and‬‬
‫‪personality development (5th ed. ). new York: Wiley.‬‬
‫‪10.‬‬ ‫‪Hopkins, J. R. (1995). Erik Hamburger Erickson (1902-1994). American Psychologists, 50, 796-‬‬
‫‪797.‬‬
‫‪229‬‬
‫م‬2012/‫آذار‬ ‫ جامعة بابل‬/‫مجلة كلية التربية األساسية‬ 6 /‫العدد‬

11. Loevinger, J. (1976) Ego development. San Francisco: Jossey-Bass.


12. Marcia, J. E. (1999). Representational thought in ego identity, psychotherapy, and
psychosocial developmental theory. In I. E. Sigel (ed. ), Development of Mental
Representation: Theories and Applications. Mahwah, New Jersey: Erlbaum.
13. Noam, G. G. (1996). Reconceptualizing maturity: the search for deeper meaning. Mahwah,
New Jersey: Erlbaum.
14. Schlein, S. (Ed. ). (1987). A way of looking at things: selected papers from 1930 to 1980. Erik H.
Erickson. New York: Norton.
15. Erikson, Erik H. (2009). Microsoft ® Encarta DVD. Ultimate Reference Suite. New
York: Microsoft Inc.
16. Erikson, E. H. (1950). Symposium of the healthy personality. New York: Josiah Macy, Jr.
Foundation.

230

You might also like