Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫التنمية ليست مجرد نقلة نوعية واحدة‪ ،‬بل هي عملية مستمرة متصاعدة تمكن أجيال الحاضر والمستقبل من جني

ثمارها‪ ،‬وق د‬
‫استخدم هذا المفهوم في صياغة عدد من النظريات التي تشكل في مجموعها جوهر الفكر التنموي مثل نظرية التحديث‪ ،‬نظرية‬
‫النظام العالمي‪ ،‬ونظرية التبعية وهي النظرية التي كان لكتاب ات راؤول برابيش ي‪ ،‬وفردنان دو ك اردوس أث ر كب ير في تط وير‬
‫مفاهيمها باإلضافة إلى كتابات مفكرين ذوي توجهات يسارية مثل بول باران وبول سويزي‪ ،‬كما عمل مفك رين ع رب قوم يين‬
‫ويساريين على إغناء هذه النظرية بالتحليالت التاريخية للعالقة بين العالم العربي والغرب‪(.‬خمش‪ ،2004 ،‬المرواني‪)2018،‬‬
‫من وجهة نظر الباحث ُت عد نظرية التبعية من أكثر النظريات السائدة في الدول النامية‪ ،‬تفسر هذه النظرية التخلف وع دم النم و‬
‫في البلدان النامية من خالل التبعية للغرب الرأسمالي‪ ،‬حيث ترى أن التخلف وعدم النمو في البلدان النامي ة يع ود إلى الش روط‬
‫الغير متكافئة للعالقة بين هذه البلدان وبين الدول المتقدمة‪ ،‬وتعم ل ه ذه الش روط على اس تمرار اس تنزاف الف ائض من البل دان‬
‫النامية وعدم السماح بتراكمه في هذه البلدان‪(.‬حيدر‪ ،2019 ،‬خمش‪)2004،‬‬
‫تقسم نظرية التبعية العالم إلى قسمين هما‪ :‬المركز (الدول المتقدمة) والمحيط (ال دول النامي ة)‪ ،‬وتت أثر األخ يرة من قب ل ق وى‬
‫المركز بشكل سلبي وترى هذه النظرية أنه ال يمكن فهم واقع الدول إال من خالل العودة كمعرفة ماضيها االقتصادي وتاريخها‬
‫االجتماعي‪ ،‬وذلك ألن ضعفها يعود إلى عوامل االستعمار وتقدم الرأسمالية على حساب ال دول الض عيفة‪ .‬تس عى دول المرك ز‬
‫لحماية كيانها السيادي على أراضيها ومصالحها الوطنية داخل وخارج حدودها بكل الطرق واألساليب‪ ،‬وتزداد الدول المتقدم ة‬
‫قوة في حين تزداد الدول النامية ضعفًا ما يجعلها عرضة لم ؤثرات ال دول األق وى نف وذ وس يطرة في س بيل رعاي ة مص الحها‬
‫وتعزيز نفوذها السياسي واالقتصادي والعسكري والثقافي‪(.‬حيدر‪ ،2019 ،‬خمش‪)2004،‬‬
‫أن مقوالت النظرية التبعية هي‪:‬‬
‫األقاليم شديدة التخلف هي تلك التي كانت على عالقة وثيقة مع مراكز النظام العالمي أبان تشكل هذا النظام في بداي ة‬ ‫‪‬‬
‫القرن السادس عشر الميالدي‪.‬‬
‫يؤدي تركيز الدول الصناعية على الحصول على المواد الخام بأسعار رخيصة من الدول النامية إلى ما يع رف باس م‬ ‫‪‬‬
‫(االقتصاد الثنائي)‪.‬‬
‫يتواطأ رأسماليو الدول النامية مع رأسماليي الدول المتقدمة لتحقي ق مص الحهم المش تركة على حس اب تط ور ال دول‬ ‫‪‬‬
‫النامية وتقدمها‪.‬‬
‫ال يؤدي وجود الشركات متعددة الجنسيات في البلدان النامية إلى نم و ه ذه البل دان ألن ه ذه الش ركات تق وم بتحوي ل‬ ‫‪‬‬
‫أغلب أرباحها إلى مراكزها الرئيسة في البلدان المتقدمة‪.‬‬
‫هناك سقف للتنمية في البلدان النامية ال يمكن تجاوزه وبالتالي حتى وإن استطاعت تحقيق درجة من النمو االقتصادي‬ ‫‪‬‬
‫واالجتماعي ال يمكن أن تصل إلى مستوى البلدان المتقدمة التي تعمل باستمرار على ابق اء البل دان النامي ة في وض ع‬
‫التابع وإن تطلب ذلك استعمال القوة العسكرية‪( .‬خمش‪)2004،‬‬
‫اليمن أحد األمثلة حول البلدان النامية التي تخضع للنظرية التبعية والتي ال تعد حكرًا على اليساريين بل ح تى على الس لطويين‬
‫الذي يتمتعون بنظام توريث للحكم فنجد مطامعهم في أن تظل دول الجوار ح ولهم في حال ة ض عف وتبعي ة‪ ،‬ينطب ق ذل ك على‬
‫الملكية في شمال اليمن حيث قامت باستنزاف فائض هذه البلدان وعدم السماح بتراكمه فيه ا‪ ،‬ونالح ظ ذل ك من خالل اتفاقي ات‬
‫أشارت لهذا المعنى أبرزها "معاهدة الطائف" في ش مال اليمن س نة ‪ ،1934‬المكون ة من ‪ 23‬م ادة أه درت بع دها في العق ود‬
‫الالحقة موارد اليمن لصالح دول ة خليجي ة‪ ،‬وبس بب ه ذه االتفاقي ة تع اني اليمن وش عبها م رارة االتفاقي ة‪ ،‬والحقب ة الثاني ة هي‬
‫السوفيتية في جنوب اليمن‪ ،‬والحقبة الرأسمالية في ظل الوحدة اليمنية‪ ،‬حيث كانت أراضي الربع الخالي في جنوب اليمن تابع ة‬
‫للسلطنات الجنوبية‪ ،‬قبل أن يسيطر عليها الحزب االشتراكي اليمني بعد ذلك والذي تس بب س يطرته الحق ًا إلى خس ارة ال ذهب‬
‫األسود‪ ،‬وكان بادئه األمر حرب بين الطرفين في سنة ‪ 1969‬عرفت بحرب الوديعة‪(.‬البيتي‪)2022،‬‬
‫وفقًا لنظرية التبعية فأن دول المركز تسعى الى التأثير على دول المحيط مما يضطرها الى تبعيتها خوف ًا من العقوب ات‪ ،‬أو من‬
‫خالل احتواء الدول المتقدمة للطبقات المؤثرة في الدول النامية‪ ،‬بل إن الدول النامية تسعى الى انتهاج سياس ات مماثل ة تح اكي‬
‫النموذج المتقدم ما يجعلها تابعة سياسيًا وثقافيًا تحت تأثير قوى المركز‪ ،‬على سبيل المث ال ف إن الموق ف الس عودي من الوح دة‬
‫اليمنية ‪ 1990‬حيث كان مناهض لمشروع الوحدة وس اعي إلفش اله‪ ،‬حيث ت رى الس عودية في الوح دة خط وة تس هم في جع ل‬
‫اليمن قادرًا على تأهيل نفسه للعب دور مغاير ألجندتها‪ ،‬وبالتالي تفقد أي محاول ة للت أثير على الق رار السياس ي ح ال اس تقرار‬
‫الظروف السياسية واتجاه اليمن نحو تجاوز عقباتها الداخلية‪ ،‬ويعزز ذلك دورها في حرب االنفص ال في ص يف ‪ 1994‬حيث‬
‫وقفت مع مشروع االنفصال ودعم القوات الجنوبية على جميع األص عدة السياس ية والعس كرية واإلعالمي ة‪ ،‬به دف دعم تقس يم‬
‫اليمن ليبقى ضعيفًا ممزقًا يع اني ويخ وض حروب ًا ونزاع ات فتتمكن من اس تعادة نفوذه ا علي ه كج زء من نف وذ س يطرتها في‬
‫المنطقة‪(.‬حيدر‪)2019،‬‬
‫لقد كان بإمكان اليمن تطبيق نظرية النظام العالمي الحديث لوال اتفاقيات تمنع من ذلك مث ل ت أجير مين اء ع دن لص الح م وانئ‬
‫دبي العالمية خصوصًا أن ميناء عدن ومضيق باب المندب ممر عالمي استراتيجي‪ ،‬كما قامت دولة الوح دة اليمني ة بع د ح رب‬
‫‪ 1994‬بخصخصة قطاع الغزل والنسيج‪ ،‬الذي ك ان يعم ل قب ل الوح دة تحت إش راف الدول ة حيث أن القطن عنص ر إنت اجي‬
‫وافر في اليمن‪.‬‬ ‫مت‬
‫وهكذا ما تزال اليمن تحت وطأة هذه االتفاقيات تدفع ثمن تبعيتها ل دول خارجي ة ح تى اآلن‪ ،‬والفص ل الس ابع من ق رار مجلس‬
‫األمن خير شاهد على ذلك حيث أجاز التدخل العسكري الدولي بدون حدود وال شروط كما هو معهود في أي اتفاقية دفاعية تتم‬
‫بين الدول‪ ،‬وإن كان ظاهر األمر يشمل المتحاربين في اليمن‪ ،‬إال أن نتائجه كارثي ة على الش عب اليم ني‪ ،‬حيث تعطلت م وانئ‬
‫ومنشآت بحرية تدر للشعب اليمني ثروة‪ ،‬وبذلك نجد في اليمن البطالة وانقطاع الرواتب‪(.‬البيتي‪)2022،‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫البيتي‪ ،‬حسن‪ .)2022( .‬اليمن بين نظرية التبعية ونظرية النظام العالمي الحديث‪ .‬تم االسترجاع من الرابط‬ ‫‪‬‬
‫‪https://portal.arid.my/ar-LY/Posts/Details/5e600247-451d-4870-ac33-90912aba9f17‬‬
‫المرواني‪ ،‬محمد‪ .)2018( .‬التخلف والتنمية دراسة في المفهوم والنظريات والبدائل‪ .‬تم االسترجاع من الرابط‬ ‫‪‬‬
‫‪https://democraticac.de/?p=54648‬‬
‫حيدر‪ ،‬عبد اللطي ف‪ .)2019( .‬العالق ات السياس ية اليمني ة‪ :‬الس عودية في ظ روف التح والت السياس ية من منظ ور‬ ‫‪‬‬
‫نظريتي الواقعية الكالسيكية والتبعية في العالقات الدولية‪ .‬تم االسترجاع من الرابط‬
‫‪https://democraticac.de/?p=62230‬‬
‫خمش‪ ،‬مجد الدين‪.)2004( .‬الدولة والتنمية في إطار العولمة‪ .‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪‬‬

You might also like