ملخص بنية اللغة الشعرية

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫ولد جون كوهان في ‪ 1919‬وتوفي في ‪ ،1994‬هو فيلسوف وأستاذ فرنسي في جامعة السوربون‪،‬‬

‫يعرف جان كوهين بكتابه بنية اللغة الشعرية الذي أسس لنظرية نقدية جديدة‪ .‬وهو الكتاب الذي ترجمه‬
‫الدكتور محمد الولي رفقة الباحث الدكتور محمد العمري الكتاب ثري وعميق بمحتواه الذي يبحث في‬
‫الشعرية‪ ،‬ويغوص فيها ليكشف عن اللغة العادية واللغة الشعرية‪ ،‬وعن االنزياح في الشعر كما يقدم‬
‫نماذج ال يمكن للباحث أن يتجاوزها من قبيل اللغة الشعرية التي عرفها الشعر الفرنسي وعمالقته لكي‬
‫ُنميز النّص الشعري عن النص الذي تنعدم فيه اللغة الشعرية‪ ،‬أو تنعدم الصورة الشعرية‪ ،‬ألن هدف‬
‫‪.‬الكتاب هو وضع معايير صارمة لتحليل قصيدة شعرية فيها الحد األدنى من الشعر والصور الشعرية‬

‫جاءت الشعرية إلى األدب بعد المنهج البنيوي فالبد لنا من الحديث عن جماليات اللغة الشعرية ونتبين‬
‫بعض األمور النظرية التي تتعلق بالشعرية كمنهج ظهر في الدراسات األدبية في العقود األخيرة‪ ،‬لذا‪،‬‬
‫‪.‬فإن الحديث في هذا الفصل‪ ،‬سينصب عن أبرز المفاهيم األدبية والشعرية من حيث مفهومها‬

‫فالبنية هي ذلك النظام المتسق الذي يحدد كل أجزائه بمقتضی رابطة تماسك‪: la structure ،‬البنية‬
‫تجعل من اللغة مجموعة منتظمة من الوحدات أو العالقات‪ ،‬ويحدد بعضها بعض على سبيل التبادل‪ ،‬فهي‬
‫"'إذن عبارة عن نظام يتكون من أجزاء ووحدات‬

‫اللغة تعتبر ظاهرة اجتماعية ترسم بعدم الثبات‪ .‬ومن وظائفها أنها تحافظ على التراث الذي تملكه‬
‫الشعوب‪ ،‬وتثير العواطف واألفكار وتوثق الروابط االجتماعية من خالل االتصال بين الناس‬

‫الشعرية مفهوم الشعرية نابع من الشعر وكامن فيه عبر التاريخ والشعرية عند كوهن تعني كما حدد‪-‬‬
‫الدراسة‪ ،‬هذا الكتاب هو القصيدة المنظومة في اللغة الفرنسية باالعتماد على الجانب الصوتي و الداللي‬
‫القصيدة المنظومة في اللغة الفرنسية فاالعتماد على جانبها الصوتي وداللي‪ ،‬وهدف الشعرية بعبارة‬
‫بسيطة‪ ،‬هو البحث على أساس الموضوع الذي يستند إليه تصنيف النص في هذه الخانة أو تلك‬

‫فالموضوع هو القصيدة المنظومة في اللغة الفرنسية باالعتماد على الجانب الصوتي و الداللي‬

‫و المنهج هو منهجا مقارنا يعني مواجهة الشعر بالنثر‬

‫فالشعرّية عند جون كوهين علم موضوعه الشعر‪ ،‬أو اللغة الشعرّية‪ ،‬وليس دراسة األدب‪ ،‬أو اللغة‬
‫األدبّية‪ ،‬فهو يرنو إلى تأسيس علم الشعر ” وقد اقترح – كيما تكون الشعرّية علمًا – المبدأ نفسه الذي‬
‫أصبحت به اللسانيات علمًا أي تفسير اللغة باللغة نفسها هذا التضايف بين الشعرّية واللسانيات في‬
‫أطروحات كوهين ال يخلو من تضايف أخر بين الشعرّية واألسلوبّية ويبدو ذلك جلًّي ا في تعريفه للشعرّية‬
‫بوصفها‪ :‬علم األسلوب الشعري أواألسلوبي ‪ ،‬وشعريته قريبة من الشعرية العربّية القديمة التي تقتصر‬
‫أيضًا على الشعر وحده واالنزياح يتحدد عنده من خالل مقابلة الشعر بالنثر‪ ،‬فالنثر هو الشكل المألوف‬
‫العادي للغة‪ ،‬وبالّنظر إليه يعُّد الشعر انزياًح ا أو ُعدوًال عن المعيار( لغة النثر) ‪ ” ،‬فاالنزياح عنده يعني‬
‫وجود تقليد شعري يحدده العرف العام‪ ،‬ويقتضي أن يكون انحراًفا وانزياًح ا عن هذا التقليد الشعري‪ ،‬لذلك‬
‫تبحث الشعرّية عنده في تمُّي ِز األساليب‪ ،‬فكل شعر عنده هو انزياح ” فهو يُع ّد الشعر منزاًح ا عن النثر‬
‫بصورة مطلقة‪ ،‬فالنثر –هنا‪ -‬هو كل استعمال لغوي غير شعري‪ ،‬ويشمل ذلك النثر األدبي‪ ،‬وفي نظرته‬
‫للفرق بين الشعر والنثر يرى أن المسألة ” ليست مسألة وزن أو إيقاع ألن اإليقاع يوجد في النثر‪ ،‬وبين‬
‫النثر اإليقاعي‪ ،‬والوزن اإليقاعي‪ ،‬ال يوجد أي فرق على اإلطالق وتبًع ا لذلك يقترح أن يكون التمييز بين‬
‫الشعر والنثر لغوًّي ا‪ ،‬يكمن في نمط خاص من العالقات التي يقيمها الشعر بين الدال والمدلول من جهة‪،‬‬
‫وبين المدلوالت أنفسها من جهة أخرى‬

‫إن تركيز جون كوهين على الشعر فقط جعل شعرّيته تتسم بالتجزيئّية‪ ،‬وعدم الشمولّية ألجناس األدب‬
‫كاّف ة‪ ،‬أما إذا سألناه من هو الشاعر في نظره؟ ” فالّش اعر عنده ليس من فّك ر أو أحَّس ‪ ،‬بل من عَّبر وأبدع‪،‬‬
‫فهو ليس مبدع أفكار بل مبدع كلمات‪ ،‬والعبقرّية تكمن في اختراع الكلمة‪ ،‬و يعني ذلك أن الشاعر عنده‬
‫بقوله ال بتفكيره واحساسه‪ ،‬إنه خالق كلمات‪ ،‬وليس خالق أفكار‪ ،‬وترجع عبقرّيته كّلها إلى اإلبداع‬
‫اللغوي‪ ،‬وهذا ما يسميه جون كوهين بالشعرّية الخاصة بالموضوع الشعري‪ ،‬إن الشاعرعنده ال يتكلم كما‬
‫يتكلم الناس‪ ،‬فلغته شاّذ ة‪ ،‬وهذا الشذوذ يمنحها أسلوًبا والشعرّية هي علم األسلوب الشعري‪ ،‬وهو يعّد اللغة‬
‫الشعرّية ظاهرة أسلوبّية بالمعنى العام للمصطلح‪ ،‬والقاعدة األساسّية التي يركز عليها هي أّن الشاعر ال‬
‫يتحّد ث كما يتحّد ث الناس‪ ،‬فلغته) غيرعادية)‪ ،‬وهذا الشيء غير العادي هو الذي يمنح اللغة أسلوًبا يسمى‬
‫(الشعرّية) وهو الذي يبحث خصائصه في علم األسلوب الشعري‪ ،‬وهكذا يتضح لنا أن شعرّية كوهين ما‬
‫هي إال شعرّية ذات اتجاه لساني‪ ،‬تعتمد على االنزياح‪ ،‬وتهتم بالشعر من دون غيره من أنواع الخطاب‬
‫‪.‬األدبّية واللغوّية‬

‫والمستوى الصوتي في الشعر هذا على مقاومته‪ ،‬وعن طريقة يتم أيجد ألن الشعر وضع لإلنشاد لذلك‬
‫فالقصيدة النثرية بإهماله للمقومات الصوتية اللغوية تبدو دائما كما لو كانت شعر أشير وبهده الصفة يجب‬
‫أندرسه ألن ال يوجد سوى کوالفه بل للصوت وللمعنى ومن ثم فإن الشعرية تكمن في الشعر تكمن في‬
‫نظمه مما يميزه صوت عن النثر الذي يعتمد اإليقاعية على النبر الزمن المجسد في البياض أو فراغ عند‬
‫كتابته أو طبعه‪ ،‬والذي يعني بالسكوت أو الغياب الصوت لم نكون في حالة السماعية‪ ،‬إن لم يكن‬
‫‪.‬مسجوعا وهي صفات ومقومات يحتويها الشعر ويتجاوزها النظم‬

‫فالنظم عنده يقتضي الميزة الصوتية والمعنى السليم أي مراعاة المستوى الداللي أو األسناد النحو المؤدي‬
‫إلى معنى الصحيح‪ ،‬إذا يمكن إنشادها من حيث المعنى لها األن ليس تركيبة جملة إنما عرافيا لجملة يراه‬
‫مطابقة للمقام بين نموذج من الجمل تزودنا بها الذاكرة تنطلق من إحساسنا اللغوي الخاص لكي يخبرنا‬
‫عما هو صحيح وغير صحيح كما يميز جون کوهن بين مستويين من االنزياح عندما قال‪“ :‬ال ينبغي‬
‫الخلط بين االنزياح واالستعارة‪ ،‬إذ يوجد في هذا المستوى انزياح السياق يقابل ما تمثل في القافية على‬
‫المستوي الصوتي‪ ،‬والتفادي التأخير على المستوى وقد اختار له تسمية المنافرة‪ ،‬التي عكس المالئمة‪،‬‬
‫وقد مثل لها بأمثلة‬

‫اعتبر كوهان االنزياح جوهرا و مبدا في الشعرية ساعيا بذلك الى تتبع بنية الشعر و تشكيالته المختلفة‬
‫عى تامستوى الداللي و التركيبي بما في ذلك االيقاع ة الصور و كل العناصر اللغوية اللغوية التي تشكل‬
‫ملمحا تمييزيا في الكالم الشعري و قدادرج كوهان تحت المستوى الداللي تالت فصول جعل عنوان كل‬
‫فصل على الترتيب االسناد التحديد الوصل مبرزا بذلك طبيعة االنزياح الناتح عن هذه الزواهر‬

‫االسناد االسناد هو احد اهم الوظائف النحوية التي يمكن ان تشغلها وحدة كالمية ضمن تركيب معين و‬
‫قد تكون هذه الوحدات اما مالئمة لوظيفتها و اما غير مالئمة لها ووفقا لكل عبارة اسنادية ينبغي لنحوية‬
‫المخصصة لكل وظيفة معجمية ‪.‬فالقاعدة تقتضي صحة االسناد و توفر شرط المالئمة توفر شرط‬
‫المالئمة بين المسند و المسند تبعا لتحقيق معني الفهم ‪،‬و انتهاك الكالم لهذه القاعدة يفضي إلى بروز‬
‫‪ .‬خصائص اللغة الشعرية‬
‫و لقد نظر كوهن لإلستعارة على أنها غاية الصورة ‪.‬فاالنزياح التركيبي لم يحصل إال ألجل إثارة‬
‫االنزياح االستبدالي و الصورة االستعارية تبنى على االسناد العاجز وظيفيا‬

‫التحديد ‪ :‬إن السلطة التي يمتلكها مفهوم االنزياح عند كوهن ما دفعه الى تتبع االنزياح على مستوى‬
‫كلمات التحديد و التي تتحدد في النعت ‪،‬االشارة ‪،‬الزمن ‪ ،‬المكان إال أن كوهان هنا قد ركز على النعت‬
‫حيث استقصى وظيفة النعت في الشعر فحتى ينجز النعت وظيفته ينبغي أن يطبق على جزء من االسم‬
‫فقط إذن فالنعت يلعب عادة دور التحديد بطبيعته و أن كل نعت ال ينجز هذا الدور يعتبر انزياحا أو‬
‫صورة و نرى أن هذا االنزياح يظهر مع النثر و ينموا مع الشعر‬

‫تتمثل وظيفة الوصل في الربط بين االجزاء كالكلمات و الجمل وتخضع المقتضيات النحوية أي وجوب‬
‫توفر االنسجام الصرفي و الوظيفي للكلمات الموصولة وقد رصده كوهان على أنه الجملة الالحقة تعيد‬
‫كلمة من الجملة السابقة و يتم ذلك إما بشكل مباشر و إما بواسطة ضمير‬

‫ترتيب الكلمات‬

‫إذا كان تغيير نظام الترتيب خروجا عن النمط العادي الذي وضعت فيه اللغة‪ ،‬فإن «التقديم و التأخير»‬
‫واالعتراض يعتبران انزياحا عن ذلك النمط‪ .‬ولما كان االنزياح أحد األعمدة األساسية في اللغة الشعرية‬
‫المعاصرة‪ ،‬فإن «التقديم و التأخير» واالعتراض بدورهما مكونان أساسيان لهذه اللغة‪ ،‬ذلك ’’أن انتهاك‬
‫قانون اللغة المعيار‪ -‬االنتهاك المنظم‪ -‬هو الذي يجعل االستخدام الشعري للغة ممكنا‪ ،‬وبدون هذا اإلمكان‬
‫لن يوجد الشعر»‪ .‬وبخاصية االنزياح هذه‪ ،‬الضرورية للشعر‪ ،‬أصبح أسلوب الشعر يعرف بكونه انزياحا‬
‫ذا قيمة جمالية متميزة‪ ،‬وغدا األسلوب لدى جون كوهن «كل ما ليس شائعا وال عاديا وال مطابقا للمعيار‬
‫العام المألوف‪ .‬ويبقى مع ذلك أن األسلوب كما مورس في األدب‪ ،‬يحمل قيمة جمالية‪ ،‬إنه انزياح بالنسبة‬
‫إلى معيار»‪ .‬وهكذا فإن تغيير نظام الترتيب يتحول إلى مؤشر أسلوبي في النصوص الشعرية بالنظر إلى‬
‫كونه انزياحا أوال‪ ،‬وبالنظر إلى نسبة وروده ثانيا‪ ،‬عمال بالمبدأ القائل بأن االنزياح وثرته يعمقان شعرية‬
‫النص‪ ،‬وهو المبدأ الذي جعل جون كوهن يحكم بشعرية اتجاه أدبي بما يرد في شعره من نسب عالية في‬
‫مخالفة الترتيب من خالل النعت والصفة‪ ،‬وانطالقا من اإلحصائيات المستشهد بها في الخانات‬

‫ان ترتيب الكلمات بشكل مغاير لترتيبها األصلي‪ ،‬ال يعد بأي حال من األحوال‪ ،‬من قبيل االستعمال‬
‫االعتباطي‪ ،‬ذلك أن الشاعر يعي كل الوعي ما ترسمه كلماته وما يهدف إليه من وراء أي استعمال للغة‪،‬‬
‫إذ أن فكرة االختيار تؤكد منحاه هذا‪ ،‬بل إن «التقديم و التأخير» واالعتراض اللذين يجمعهما فونتانيي‬
‫تحت تسمية القلب‪ ،‬يعدان ميزة الشعر «إذ رغم استعماله من قبل الخطباء والناثرين‪ ،‬فإنه يعد بالنسبة إلى‬
‫المنظرين الكالسيكيين الجدد عالمة الشعر‪ ،‬تلك العالمة الضرورية له‪ ،‬والتي ال يعرف الشعر إال بها‬
‫ذلك أن االحتكام بين الشعراء عند العرب ال يتم إال بشرط التقديم والتأخير‬

‫‪.‬‬

You might also like