Professional Documents
Culture Documents
الأجهزة المتدخلة في صعوبات المقاولة
الأجهزة المتدخلة في صعوبات المقاولة
مـقـدمـة
إن طبيعة الحياة التجارية تقتضي ولوج عالقات متنوعة و مختلفة تقوم على عنصر
االئتمان الذي يلعب دورا أساسيا و فعاال في تحريك الدورة التجارية،إذ بدونه ستسقط
المعامالت التجارية في البطء و الجمود و الرسمية و الشكلية التي تسود المعامالت
المدنية،1و ما يجعل العمل التجاري يحول دون تحقيقه السرعة المرجوة منه،غير أن عنصر
االئتمان الذي يقوم على الثقة قد يتم استغالله بشكل سيّ ء من طرف بعض التجار مما يعود
بأضرار اقتصادية و مالية ليس على طرف واحد فقط بل على أطراف متعددة نتيجة تشعب
العالقات التي تسود الحياة التجارية،و التي تنجم عن توقف التاجر المخل بالتزاماته بأداء
ديونه مما يؤثر سلبا على حقوق دائنيه.
و إذا كانت هذه الوضعية قد يسقط فيها التاجر عن سوء نية أو بفعل ظروف تكون
خارجة عن إرادته،فإن التشريعات تدرجت في تنظيمها و معالجتها عبر مراحل تاريخية
مختلفة،اختلفت معها النظرة إلى المدين المفلس أو العاجز عن ديونه.2و مما الشك فيه ان
افالس التاجر عرفته الحياة التجارية منذ القدم لذلك نجد ان التشريعات القديمة تطرقت
لألحكام الواجب تطبيقها على التاجر المفلس،فقد كان القانون الروماني يجيز للدائن متابعة و
مالحقة مدينه و حبسه و التشهير به بل و وقطيعه أشالء بمقدار الدين.
و قد تأثر القانون الفرنسي بداية أشد التأثر بالقانون الروماني،حيث عامل المدين
المفلس معاملة قاسية و شديدة إلى درجة إعتباره مجرما يجب إعدامه،لكن هذه النظرة
الدونية للمدين تغيرت بموجب قانون مدونة نابليون لسنة ،1807و بصورة أكثر تطورا
بموجب قانون 1967الذي عمل من خالل مقتضياته على الفصل بين المقاولة و اإلنسان،3و
قد تلت هذا األخير مجموعة من القوانين وصوال إلى قانون سنة،2005حيث تدخل المشرع
الفرنسي بموجب القانون رقم 2005-845المؤرخ في 26-07-2005المتمم بالمرسوم رقم
-1محمد كرم،الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي ،الجزء األول،المطبعة و الوراقة
الوطنية،زنقة أبو عبيدة،الحي المحمدي،الداوديات،مراكش،الطبعة األولى ،2010ص.5:
-2محمد كرم،مرجع سابق،ص5:
3
-Michel Jeantin et Paul le Cannu.droit commercial.instruments de paiement et de
crédit.Entreprises en defficulté.DALLOZ.5eme édition 1999.P :351.
1
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
2
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
وبموازاة هذا القانون عمد المشرع إلى إحداث المحاكم التجارية بموجب قانون 53.95
بتاريخ 12فبراير ،1997و التي تعتبر محطة من المحطات الكبرى في تاريخ مؤسساتنا
الكبرى المعاصرة،و طفرة نوعية من أجل تحديث و تطوير و تدعيم منظومتنا القانونية و
الحقوقية،وبمالمسة مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة يتضح بشكل جلي التوجه
الجديد للمشرع المغربي،حيث تبنى مساطر متنوعة تطبق بحسب درجة االختالل الذي
تعاني منه المقاولة،حيث نجد مسطرتي الوقاية من الصعوبات،و مسطرة التسوية و التصفية
القضائية.7
وإلنقاذ المقاولة والحفاظ على استمراريتها البد من تدخل مجموعة من األجهزة ،هذه
تتمثل في كل من رئيس المقاولة،مراقب الحسابات،رئيس المحكمة التجارية وغيرها من
األجهزة التي يختلف تدخلها باختالف الصعوبات التي تعاني منها المقاولة.
ويكتسي موضوع دراستنا أهمية بالغة باعتبار األجهزة المتدخلة في إنقاذ المقاولة
ّ
المتمثلة اقتصاديا في خدمة وتطوير تساهم في تحقيق هذه األخيرة للغاية المتوخاة منها،و
االقتص اد الوطني مثال عن طريق تمويل التحمالت العمومية من خالل االقتطاعات
ّ
والمتمثلة اجتماعيا في القضاء على البطالة من خالل الحفاظ على اليد العاملة، الضريبية،
وتحسين المستوى المعيشي للطبقة العاملة.
ولمعالجة موضوعنا ارتأينا طرح اإلشكالية التالية:
هل ساهم تنوع األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المقاولة في تحقيق الغاية
المرجوة من طرف المشرع والمتم ّثلة في إنقاذ المقاولة من الصعوبات
المحدقة بها ؟
سوف نعتمد لمعالجة هذا الموضوع على المنهج الوصفي التحليلي وذلك من خالل
دراسة النصوص القانونية المنظمة لألجهزة المتدخلة في إطار مساطر صعوبات المقاولة،
وكذا المنهج المقارن نظرا الرتباط التشريع المغربي بنظيره الفرنسي في هذا الصدد.
-7هشام البخفاوي و عالي منينو،الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة،مطبعة قرطبة،حي السالم -أكادير،الطبعة
األولى ،2015ص.4:
3
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
ولإلجابة عن اإلشكالية المطروحة سنعتمد تقسيما ثنائيا بغية إبراز األجهزة المتدخلة
في نظام مساطر صعوبات المقاولة و هو كالتالي :
المبحث األول :األجهزة الداخلية لمساطر صعوبات المقاولة
المبحث الثاني :األجهزة الخارجية لمساطر صعوبات المقاولة.
4
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
المبحث األول
األجهزة المتدخلة من داخل المقاولة
إن الوضعية الحساسة للمقاولة التي قد تمر بصعوبات ،جعلت بالمشرع إقرار
مجموعة من القواعد تروم إلى الكشف المبكر لهذه الصعوبات ،وذلك عن طريق تدخل
مجموعة من األجهزة الداخلية ،يكون الهدف منها وضع رئيس المقاولة في الصورة الحقيقية
لمقاولته ،مع ما يستتبع ذلك من اتخاذ التدابير الضرورية والمواكبة لذلك ،عبر خلق التدابير
داخل المقاولة.
وتتمثل هذه األجهزة طبقا لمقتضيات الفقرة األولى من المادة 546من مدونة التجارة
كما تم تعديلها على أنه" :إذا لم يعمل رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح اإلخالل الذي من
شأنه أن يؤثر سلبا على استغاللها يبلغ مراقب الحسابات إن وجد ،أو أي شريك في الشركة
لرئيس المقاولة الوقائع التي من شأنها اإلخالل باستمرارية استغاللها ،"...،وذلك من أجل
الكشف المبكر للوقائع التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاطها ،وكذلك إقحام عدد كبير
من جهات التدخل ،وكذا إيجاد آليات للتخلص من تلك الصعوبات من أجل تفادي وصول
المقاولة إلى حالة التوقف عن الدفع.8
هكذا فقد نظم المشرع المغربي هذه األجهزة في كل من رئيس المقاولة والشركاء
(المطلب األول) ،وكذا مراقب أو مراقبي الحسابات(المطلب الثاني).
إال أننا نسجل في هذا اإلطار اختالفا واضحا بين القانون المغربي ونظيره الفرنسي
الذي انفتح باإلضافة إلى هاتين الجهتين على لجنة المقاولة ،وفي ذلك إشارة بينة وواضحة
إلى الدور الذي يجب أن تقوم به الجهة الممثلة لألجراء ،ألن هاته الفئة األقرب على رصد
كل إخالل قد يمس السير العادي للمقاولة.
المطلب األول
جهاز رئيس المقاولة والشركاء
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 546من مدونة التجارة كما ثم تعديلها ،نجدها تنص
على أنه في الحالة التي لم يعمل فيها رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح اإلخالل الذي من
شأنه أن يؤثر سلبا على استغاللها ،يحق ألي شريك في الشركة أن يبلغ رئيس المقاولة عن
كل الوقائع التي من شأنها اإلخالل بنشاط المقاولة ،ويالحظ أن الغاية التي توخاها المشرع
من إقحام أطراف بعيدة عن تسيير المقاولة للتبليغ واإلخطار عن الوقائع التي من شأنها إن
استمرت اإلخالل باستمرارية نشاطها ،وليس مجرد إثارة انتباه رئيس المقاولة لتلك الوقائع،
بل لوضعه أمام مسؤوليته فيما يستقبل من المخاطر التي تهدد المقاولة وتسييرها ،وما قد
يترتب على ذلك من إثارة لمسؤوليته.9
وهكذا نالحظ أن القانون المغربي أقحم لإلخطار عن الوقائع التي من شأنها المس
باستمرارية نشاط المقاولة كل من الشريك(الفقرة الثانية) ،وقبله إلزام رئيس المقاولة
بالكشف عنها وتصحيحها(الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :رئيس المقاولة
ألزمت المادة 546من مدونة التجارة في فقرتها األولى رئيس المقاولة برصد
الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة وأن يقوم كذلك بتصحيحها،
وهذا هو الجديد الذي تم بموجبه تعديل هذه المادة.10
ولما كان رئيس المقاولة يوجد في موقع يسمح له بمعرفة الوضعية المالية واالقتصادية
للمقاولة التي يسيرها أو يستغلها ،فقد أورده المشرع على قائمة األشخاص الذين يمكنهم
طلب فتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة .واستنادا إلى المادة 561من مدونة التجارة،
يتعين على رئيس المقاولة أن يطلب فتح مسطرة المعالجة في أجل أقصاه 15يوما تلي
توقفه عن الدفع.
-9عبد الرحيم شميعة "إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة طبقا للقانون رقم ،"81.14الجزء
األول ،مطبعة وراقة سجلماسة-مكناس ،الطبعة األولى ،ص.32
-10عالل فالي ،مرجع سابق ،ص.134
6
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
ويترتب على عدم احترام األجل المذكور أعاله ،إمكانية تطبيق العقوبات المنصوص
عليها في المواد 704من مدونة التجارة إذا توفرت شروط تطبيقها ،وأيضا المادة 714من
نفس القانون.
ويجب أن يكون طلب رئيس المقاولة مرفقا بمجموعة من الوثائق التي حددتها المادة
562من مدونة التجارة ،وهي القوائم التركيبية آلخر سنة مالية’ وجرد قيمة كل أموال
المقاولة المنقولة وغير المنقولة ،الئحة الدائنين والمدينين مع اإلشارة إلى مكان إقامتهم
ومبلغ حقوقهم وديونهم وضماناتهم عند تاريخ التوقف عن الدفع ،جدول التحمالت.
ويجب أن تكون هذه الوثائق مؤرخة وموقعة ومصادق عليها من طرف رئيس
المقاولة ،وفي حالة تعذر اإلدالء بإحدى هذه الوثائق أو إدلي بها بشكل غير كامل ،وجب أن
يشمل التصريح بيان األسباب التي تمنع تقديمها ويشهد كاتب الضبط على استالم هذه
الوثائق.
وإذا تخلف رئيس المقاولة عن تقديم إحدى الوثائق المنصوص في المادة 552فإن
محكمة الموضوع تنذره قصد إحضارها تحث طائلة عدم قبول المسطرة في حالة عدم قيامه
بذلك.
الفقرة الثانية :الشركاء
يحق للشركاء تحريك مسطرة الوقاية الداخلية ،وذلك على خالف القانون الفرنسي
الذي حصر هذا الحق مبدئيا في مراقب الحسابات ولجان المقاولة.
وإذا كان القانونان يتفقان على إسناد هذه المهمة لمراقب الحسابات فإنهما يختلفان في
كون القانون المغربي خول هذه اإلمكانية للشركاء دون ممثلي العمال وفي كون القانون
الفرنسي أسندها للجان المقاولة وممثلي العمال عند غيابها دون الشركاء.11
ويالحظ في هذا اإلطار أن إسناد مبادرة تحريك مسطرة صعوبات المقاولة وباألخص
مسطرة الوقاية الداخلية للشركاء يحظى بأهمية بالغة ،وذلك لكونه يسد ثغرة عدم وجود
مراقب الحسابات ،ذلك أن أغلب الشركات التجارية يكون تعيين مراقب الحسابات فيها
اختياريا أو مشروطا برقم المعامالت معين ،باستثناء شركات المساهمة ،هذا فضال عن
كون الشركاء أصحاب المصلحة في استمرارية المقاولة التي هم شركاء فيها ،وبالتالي فإن
منحهم حق تحريك مسطرة الوقاية يعد أمرا طبيعيا باعتباره من الحقوق المشروعة لهم في
الحفاظ على الشركة ،وإن كان بعض الشركاء قد يميلون إلى إساءة استعمال هذا الحق
خصوصا أوالئك الذين ال تتوفر فيهم الكفاءة والحنكة الالزمين ،مما قد يسقط المقاولة في
نزاعات مجانية من شأنها تأزم وضعية المقاولة.
ويحق ألي شريك تحريك مسطرة الوقاية الداخلية من الصعوبات مهما كانت
الحصص أو األسهم التي يملكها في الشركة ،ويستوي في ذلك الشريك الذي يملك أغلبية
الحصص أو األسهم والذي ال يملك حصة واحدة أو سهما واحدا ،ويجوز للشركاء استعمال
هذا الحق بصفة جماعية أو بصفة منفردة.12
وما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد ،أن الشريك المعني بمقتضيات المادة 546من
مدونة التجارة هو الذي يكون بعيدا عن أعمال ومهام التسيير ألن الشريك (المساهم)
المنتمي لجهاز التسيير (كان مجلس اإلدارة أو مجلس اإلدارة الجماعية أو مجلس الرقابة)،
أو شريكا مشتركا في التسيير بالنسبة لباقي الشركات التجارية األخرى ،إنما يمثله رئيس
المقاولة طبقا للتحديد الذي أوردته الفقرة األخيرة من المادة 545من مدونة التجارة ،ثم إن
األحكام المنظمة للشركات التجارية أقرت قواعد للرقابة على التسيير بين الشركاء المسيرين
فيما بينهم.13
المطلب الثاني
جهاز مراقب الحسابات
يكتسي جهاز مراقب الحسابات بأهمية بالغة في إطار الوقاية الداخلية بصفة خاصة،
وفي نظام صعوبات المقاولة عامة ،وذلك من خالل التحقيق من القيم والدفاتر والوثائق
المحاسبية للشركة ومراقبة مطابقة محاسبتها للقواعد المعمول بها ،إضافة إلى تحقيق من
صحة المعلومات الواردة في تقرير التسيير الذي يعده مجلس اإلدارة.14
لهذا إرتينا في إطار هذا المطلب دراسة دور مراقب الحسابات في إطار مساطر
صعوبات المقاولة ،وذلك نظر لدوره الفعال في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية من أجل
اإلنقاذ الممكن للمقاولة ،وذلك بهدف استمرار األنشطة المنوطة بها(الفقرة األولى) ،وكذا
المسؤولية المترتبة في حالة عدم اإلخالل بهذه المهام(الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :دور مراقب الحسابات
يتوجب على مراقب الحسابات في الشركات التجارية المعتمد بها طبقا للمادة من
مدونة التجارة ،اإلخبار عن الوقائع التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة ،بل
إنها من صميم التزاماته الجديدة المرتبطة باألدوار المستحدثة المعترف بها في ظل المفهوم
الجديد لتسيير المقاوالت والقائم على ضرورة احترام شروط الحكامة الجيدة.
هذا يتعين على مراقب الحسابات للنجاح في مهمة رصد الوقائع التي من شأنها
اإلخالل باستمرارية نشاط المقاولة طبقا للمادة 545من مدونة التجارة ،والتبليغ عنها طبقا
للمادة 546من مدونة التجارة ،أن يكون بمسافة غير بعيدة من أعمال التسيير ،وبما يجعله
يكون حكم قيمة على هذه األعمال ،وهو ما يحظر عليه بالمقابل القيام به طبقا للمادة 166
قانون شركات المساهمة التي تمنعه بصريح منطوقها أن يتدخل في التسيير.
وحتى يقوم مراقب الحسابات بالكشف عن تلك الوقائع ،فإن ذلك يجب أن يتم باالحترام
التام لمبدأ عدم التدخل في التسيير ،ودونما المساس به ،وهو ما يتطلب منه أن يكون يقظا
-14محمد البوشواري "الوجيز في مساطر الوقاية ومعالجة صعوبات المقاولة" ،مطبعة ووراقة تارودانت ،الطبعة
األولى ،2009ص.15
9
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
وحذرا في ممارسته لهذه المهمة ،وذلك نظرا للدور الذي يحظى به مراقب الحسابات داخل
هذه المقاوالت ،إذ يقف أثناء مهامه على خبايا الشركة وعلى ما يجري في حساباتها
وميزانياتها من خروقات وإخالالت من شأنها التأثير على مستقبل الشركة ،ومن ثم فمن
الطبيعي أن تناط به مهمة إنقاذ المقاولة.15
وإذا كان يمكن من الناحية النظرية الصرفية التسويق لهذا التصور ،فإنه من الناحية
العملية يبدو من الصعوبة بما كان ،إذ أن رصد اإلخالالت خارج الوثائق المحاسبية طبقا
للمادة 166قانون شركات المساهمة ،ال يسعفه من بلوغ مرامي المادة 546من مدونة
التجارة إال عبر خرق خط التسيير الذي يمكن أن يتحصن وراء جهاز التسيير.
وهذا ما يعتبر نوعا من االعتراف لمراقب الحسابات بالمرور من مجرد مراقبة
"شرعية المحاسبة" إلى "مراقبة مالءمة أعمال التسيير" الذي يقوم به المكلف بالتسيير.
وعلى العموم ،فإن المادة 166من قانون شركات المساهمة حين منعت على مراقب
الحسابات التدخل في التسيير ،فألن المقاولة تكون في وضعية عادية ،أما وأنها بدأت
تتعرض لحالة التوقف عن الدفع من خالل الصعوبات ،فقد خالف قاعدة عدم التدخل في
التسيير ،وجعل مراقب الحسابات يطل في ميدان التسيير ويراقبه.
الفقرة الثانية :مسؤولية مراقب الحسابات
إن مراقب الحسابات بحكم طبيعة المهام المنوطة به داخل المقاولة ،جعله المشرع من
خالل المدة 546الجهة األولى التي أسند إليها مهمة تحريك مسطرة الوقاية الداخلية ،وهذه
األولوية التي حظي بها تعود كذلك إلى الوضعية القانونية التي يحتلها في الشركات
خصوصا تلك التي تلزم بتعيين مراقب الحسابات ،كشركات المساهمة والشركة ذات
المسؤولية المحدودة التي يتجاوز رقم معامالتها 50مليون درهم عند اختتام السنة المالية.
غير أن التساؤل الذي يطرح هل يتقيد مراقب الحسابات بهذه المهمة وينفذها وفق ما
يقضيه القانون خصوصا عند امتناع رئيس المقاولة عن االستجابة لمالحظات المراقب ونقل
الوقاية إلى مظهرها الخارجي؟ الواقع العملي يجيب بالنفي على اعتبار أن ثمة حاالت قليلة
هي التي يرفع فيه ا مراقبو الحسابات تقاريرهم إلى رئيس المحكمة التجارية بصفة تلقائية
-15محمد أكرم ،مرجع سابق ،ص .17
10
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
واستجابة للقانون ،ذلك أن طبيعة هذه المهمة قد تجعل من مراقب الحسابات بشكل يسيء
إلى عالقاته مع زبنائه ،ومن ثم فإنه يرى من األفضل عدم التبليغ عن االخالالت التي
يكتشفها للجهات الخارجة عن المقاولة وذلك حفاظا على عالقاته مع المسيرين وتأمينا
لمستقبله المهني ،وإن كان هذا يتعارض من جهة مع جوهر مهمته التي يتحمل من جرائها
مسؤوليات مدنية وجنائية ،16ومع مصلحة المقاولة التي يكون من األفيد لها إخبار الجهات
المسؤولة بالوقائع التي من شأنها أن تخل باستمراريتها حتى يتأتى إنقاذها بدل التستر عنها
بشكل قد يجعلها مستحيلة العالج ،وبالتالي ضياع ركيزة من ركائز االقتصاد الوطني.
وإذا كان األمر على هذا النحو فإن مراقب الحسابات قد يجد نفسه أمام موقف محرج،
مما يثار معه التساؤل عن الوقائع التي من شأنها أن تخل باستمرارية المقاولة ويقع عليه
واجب تحريك مسطرة الوقاية الداخلية بشأنها وإال تبليغها إلى رئيس المحكمة التجارية ،ثم
عن الوقائع التي ليس من شأنها إطالقا التأثير على استمرارية الشركة ،وبالتالي فإن عدم
كشفها ال يرتب أية مسؤولية ،علما بأن هذه األخيرة قد تثار في مواجهة مراقب الحسابات
سواء في الحالة األولى إذ ينسب لمراقب الحسابات اإلخالل بواجبه تجاه الشركة بإبالغه
التعسفي لوقائع بسيطة وهو اإلبالغ الذي يؤثر على عالقات الشركة مع زبنائها الذين
يرفضون التعامل معها على اعتبار أنها تمر بمسطرة الوقاية أو في الحالة الثانية التي ينسب
فيها للمراقب إهمال الواجب المتعلق بوقاية المقاولة.17
المبحث الثاني
األجهزة الخارجية في مساطر صعوبات المقاولة
بالرجوع إلى الكتاب الخامس من مدونة التجارة نجده قد حدد لنا مجموعة من
النصوص القانونية التي تتحدث عن األجهزة التي تتدخل في تسيير المقاولة أثناء مسطرة
المعالجة و كذا أثناء مسطرة التصفية القضائية،وهي تنقسم ألجهزة ذات طابع قضائي
-16من المعلوم أن مراقب الحسابات يتحمل مسؤولية جنائية عن األفعال التي يرتكبها أثناء مزاولته لمهامه
خصوصا جريمة عدم إبالغ أجهزة اإلدارة والتدبير أو التسيير باألفعال اإلجرامية التي اكتشفها ،وإن كان هذا
الواجب الملقى على عاتق مراقب الحسابات تحث طائلة المساءلة الجنائية ال يتسم بأية فعالية إذا أخذنا بعين
االعتبار الجهة التي يعلمها بهذه األفعال اإلجرامية وهي الجهاز اإلداري وذلك على خالف الذي يلزمه بإبالغها
إلى النيابة العامة.
-17محمد أكرم ،مرجع سابق ،ص .16
11
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
وأخرى ذات طابع خاص تفرضه خصوصية وضعية المقاولة،و تتمثل هذه األجهزة في كل
من رئيس المحكمة التجارية،القاضي المنتدب ،18السنديك وهي تعد من األجهزة القضائية،و
كذا الوكيل الخاص والمصالح وهي أجهزة يقوم بتعيينها رئيس المحكمة التجارية في مراحل
معينة وحسب ظروف خاصة،تهم وضعية المقاولة و نوعية الصعوبات التي تمر منها
ونقصد في هذا اإلطار كال من مسطرة الوقاية الخارجية والتسوية الودية،حيث في األولى
يعين رئيس المحكمة الوكيل الخاص و في الثانية يعين المصالح.
وتجدر اإلشارة إلى أن هاذين الجهازين األخيرين لم ينص عليهما المشرع في ظل
قانون التجارة لسنة ،1913بل جاءت بهما مدونة التجارة في كتابها الخامس لسنة ،1996
وقد شكل هذان الجهازان قفزة نوعية للمشرع في محاولة منه لتخفيف العبء عن القضاء،و
ذلك بغية ترسيخ ثقا فة حل النزاعات وديا خاصة في مجال التجارة الذي يتسم بالسرعة و
االئتمان.
وعليه سنحاول في هذا المبحث الحديث عن األجهزة المتدخلة من خارج المقاولة،
بحيث سنخصص المطلب األول لألجهزة القضائية المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة و
ّ
المتمثلة في رئيس المحكمة التجارية،القاضي المنتدب و السنديك،ثم نعرج للحديث في
المطلب الثاني عن األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة وهي
كل من الوكيل الخاص والمصالح.
المطلب األول
األجهزة القضائية المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة
تتميز المرحلة األخيرة من مراحل الوقاية الداخلية بتدخل شخص أجنبي عن المقاولة
هو رئيس المحكمة التجارية،إضافة إلى القاضي المنتدب حيث توجب المادتان 568و637
من مدونة التجارة تعيين هذا األخير الذي يسهر على السير السريع للمسطرة وعلى حماية
-18إشراق اإلدريسي،دور القاضي المنتدب في مسطرة معالجة صعوبات المقاولة،مجلة المنارة للدراسات
القانونية و اإلدارية،السنة ،2015العدد الثامن،ص.13:
12
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
19
في المصالح المتواجدة وكما هو الشأن بالنسبة للقاضي المنتدب يجب أن يعين السنديك
حكم فتح المسطرة طبقا لمقتضيات المادتين المذكورتين.
وعليه ارتأينا أن نتطرق في هذا المطلب لكل من رئيس المحكمة التجارية في الفقرة
األولى ،والقاضي المنتدب والسنديك في الفقرة الثانية.
الفقرة األولى :رئيس المحكمة التجارية
بعد فشل الوقاية الداخلية تبدأ مسطرة الوقاية الخارجية التي تتميز بتدخل أجهزة
خارجية عن المقاولة ،حيث يبقى رئيس المحكمة التجارية هو محور مسطرة الوقاية
الخارجية والتسوية الودية إال أن تدخله ال يهدف من خالله البت في النزاع؛بل ألجل
مساعدة المقاولة على تجاوز صعوباتها و فتح باب الحوار بين مختلف األطراف المعنية
ابتداء من رئيس المقاولة و الدائنين بمساعدة وكيل خاص و مصالح إلى غير ذلك ممن يرى
رئيس المحكمة التجارية فائدة في مساهمته الحتواء المشاكل التي تمر بها المقاولة ،وهنا
ّ
والمتمثلة في فض النزاعات تجاوزها المشرع من خالل يظهر أن الوظيفة التقليدية للقضاء
كيفية تدخل رئيس المحكمة التجارية في مساطر صعوبات المقاولة خاصة مسطرتي الوقاية
الخارجية و التسوية الودية.
أما فيما يخص اإلجراءات التي يتبعها رئيس المحكمة التجارية لتحريك مسطرة
الوقاية الخارجية نص عليها المشرع في مقتضيات المادة 54820من مدونة التجارة ويستفاد
من هذه المادة أن تحريك مسطرة الوقاية الخارجية يكون نتيجة فشل إجراءات مسطرة
الوقاية الداخلية ،21ذلك أنه يتم إخبار رئيس المحكمة التجارية بواسطة مراقب الحسابات أو
رئيس المقاولة وقد تكون تلقائيا عندما يتبين لرئيس المحكمة من أية وثيقة أو عقد أو إجراء
أن تمتة صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية المقاولة و يستدعي رئيس المحكمة
التجارية رئيس المقاولة في الحالتين قصد التشاور معه بشأن اإلجراءات الكفيلة بتصحيح
الصعوبات التي تعترض مقاولته ،22كما أن رئيس المحكمة التجارية يقوم بتعيين وكيل
خاص الحتواء الصعوبات التي تعاني منها المقاولة يساعده في الوقوف على الوضعية
الحقيقية للمقاولة.إضافة إلى تعيين المصالح في الحالة التي يقبل فيها رئيس المحكمة
التجارية طلب فتح المسطرة الودية المقدم من طرف رئيس المقاولة حيث يقوم بتحديد مهمته
بناء على نوعية الصعوبات التي تعاني منها المقاولة وذلك من خالل قرار ال يقبل أي
طريقة من طرق الطعن.
الفقرة الثانية :القاضي المنتدب والسنديك
بمجرد ما يعرض طلب فتح مسطرة المعالجة على المحكمة فإنه يتعين عليها بعد
سلوك اإلجراءات المنصوص عليها قانونا و تحققها من شروط فتح المسطرة أن تتخذ بشأنه
موقفا إما بعدم قبوله أو باالستجابة له،وإذا بتت وفق الطلب فإن ذلك يكون بموجب حكم
يجب أن يتضمن مجموعة من البيانات كتحديد تاريخ التوقف عن الدفع و تعيين أجهزة
المسطرة.
وعليه سنخصص هذه الفقرة للحديث عن القاضي المنتدب كجهاز خارجي يتدخل في
ظل مساطر المعالجة و التصفية القضائية أوال،و السنديك باعتباره كذلك جهازا خارجيا
متداخال في نفس المساطر ثانيا.
القانون الفرنسي في حالة الضرورة تعيين عدة قضاة منتدبين،24و من المعلوم أن القاضي
المنتدب قد يكون في القانون المغربي من بين أعضاء هيئة الحكم التي تبت في طلب فتح
مسطرة المعالجة،و قد يكون قاضيا آخرا،لكن يتعين في جميع الحاالت أال يكون القاضي
المنتدب من أقارب رئي س المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة،و يشترط القانون
الفرنسي اختيار القاضي المنتدب من بين أعضاء المحكمة الذين يتوفرون على أقدمية ال تقل
عن سنتين.25
و تكمن مهمة القاضي المنتدب في السهر على السير السريع للمسطرة المعالجة تسوية
كانت أم تصفية والسهر على المصالح المتواجدة سواء مصلحة المقاولة أو مصلحة
الدائنين.و مهمة القاضي المنتدب المسندة إليه بموجب المادة 638من مدونة التجارة تجعل
منه محكمة قائمة الذات يبت في جميع الطلبات المتعلقة بالمقاولة المفتوحة في مواجهتها
المسطرة التي عين فيها قاضيا منتدبا،باستثناء تلك المسندة بصفة صريحة إلى جهات
قضائية أخرى كمحكمة المسطرة أو السيد رئيس المحكمة التجارية،بل إن القضاء استقر
على إسناد االختصاص للقاضي المنتدب في القضايا االستعجالية المعترف بها أصال للسيد
رئيس المحكمة التجارية و في غيرها من القضايا.26
ثانيا :السنديك
إذا كانت مهمة السنديك تسند مبدئيا حسب المادة 568من مدونة التجارة لكاتب
الضبط فإن المحكمة يمكنها ان تعين أحدا من األغيار للقيام بهذه المهمة حسب ذات المادة
وإن كان الواقع العملي لمختلف المحاكم يتجه نحو إسناد هذه المهمة إلى األغيار بدل كتاب
الضبط لما تتطلبه من خبرة و كفاءة و تخصص و وقت لذلك نجد المحاكم ال تتردد في
تعيين الخبراء المحاسبين أو مراقبي الحسابات كسنادكة لمساطر المعالجة.27
وقد عهد المشرع السنديك تسيير عمليات التسوية القضائية ابتداء من تاريخ صدور
الحكم القاضي بتعيينه حتى قفلها،كما أسند إليه تنفيذ مخطط االستمرارية أو التفويت وتحقيق
الديون تحت مراقبة القاضي المنتدب.
28
يقوم بمهام متعددة سواء في مسطرة التسوية أو التصفية القضائية وإذا كان السنديك
و يتمتع بسلطات واسعة تحت إشراف القاضي المنتدب ،فإنه يتحمل المسؤولية عن إخالله
بالواجبات المفروضة عليه و قد تكون هذه المسؤولية مدنية أو جنائية.29
المطلب الثاني
األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة
تكتسي األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة أهمية بالغة
داخل نظام صعوبات المقاولة ،إذ تتمثل في كل من الوكيل الخاص والذي نظم المشرع
مقتضيات تدخله في المادة 549من مدونة التجارة ،وذلك من أجل التذليل الممكن
للصعوبات التي تمر منها المقاولة(الفقرة األولى) ،كما نصت المادة 553من نفس القانون
على جهاز أخر يتمثل في المصالح إذ نصت هذه المادة على أنه" :إذا تبين لرئيس المحكمة
أن اقتراحات رئيس المقاولة من شأنها أن تسهل تصحيح وضعية المقاولة ،فتح إجراء
التسوية وعين مصالحا لمدة ال تتجاوز ثالثة أشهر قابلة للتمديد شهرا على األكثر بمطلب
من هذا األخير".
إذ يعتبر تعيين المصالح من قبل رئيس المحكمة إعالنا عن بداية اإلجراءات الخاصة
بالتسوية الودية ،30إذ تتالزم هذه األخيرة بتعيين الوكيل الخاص كتوطئة لتعيين المصالح،
لكن تعيين األول ليس من مستلزمات ومتعلقات التسوية الودية ،فقد يعمد رئيس المحكمة إلى
تعيين المصالح دون الحاجة إلى تعيين الوكيل الخاص كلما ارتأى أن ظروف إبرام الصلح
الودي ممكنة ،حيث يعتبر من باب اختصار عامل الزمن وتحصين أصول المقاولة عبر
تجنيبها أتعاب ومصاريف هذا األخير(الفقرة الثانية).
وتكتسي هذه المادة أهمية بالغة إذ تكشف عن التوجه الجديد للقانون المغربي
بخصوص األدوار الجديدة الموكولة لرئيس المحكمة .إذ وبعد جعله وسط األزمات التي قد
تمر منها المقاوالت التابعة لنفوذ اختصاصه من خالل ما يفترض فيه من استعالم حول
-30يجب أن تتوفر الشروط الشكلية المتمثلة في تقديم طلب بذلك وكذلك الشروط الموضوعية والمتمثلة أساسا في
كون المقاولة تمر بصعوبات دون أن تكون في حالة توقف عن الدفع.
17
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
وضعيتها ،وكذلك االستماع إلى رؤسائها إما بشكل مباشر أو بعد استدعائهم أو بعد تبليغه
من قبل مراقب الحسابات أو أي جهة أخرى ،فإنه يتعين عليه بعد كل ذلك أن يتخرط بشكل
قوي وفعال في إجراءات البحث عن الحل لتلك األزمات وتذليل ممكن لتلك الصعوبات من
خالل االعتراف له بحق تعيين أحد األغيار بصفته وكيال خاصا ،وبمهام محددة وضمن
آجال يحددها له الرئيس.31
إال أنه وعلى الرغم من الصياغة العامة التي جاءت بها المادة 549من مدونة
التجارة ،فإن رئيس المحكمة ال يمكنه تعيين الوكيل الخاص إال إذا تبين له وبوضوح أن ثمة
مؤشرات جدية لتذليل الصعوبات التي قادت المقاولة إلى المحكمة ،وهذا يتطلب من الرئيس
أن يلمس استعدادا جديا من قبل رئيس المقاولة لتصحيح وضعية مقاولته ،وأن تدخل الوكيل
الخاص سيساعد على تخفيف االعتراضات المحتملة ،والتي تتمثل بشكل عام حول موقف
الدائنين من منح آجال جديدة الستخالص ديونهم أو التخفيض منها ،وإال سيكون تعيينه من
باب استمرارية الوضعية السيئة للمقاولة عبر تحمليها أتعابه ،وهو ما سيزيد من تفاقم
وضعيتها وتعميق أزمتها.
وما تجدر اإلشارة إليه في هذا اإلطار ،هو أن المشرع المغربي لم يقيد سلطة رئيس
المحكمة من حيث تحديد شخص الوكيل الخاص ،حيث سمح له تعيين أي شخص من
األغيار يكون بوسعه التوصل إلى تحقيق الغاية من تكليفه بهذه المهمة .كما يتمتع الرئيس
بذات الصالحيات من حيث تحديد مهمة هذا الوكيل ،إذ أن الهدف من تدخله يختلف تبعا
لنوعية المقاولة ،وكذلك لنوعية ولخصوصية الصعوبات التي تعاني منها .ومع ذلك تجب
اإلشارة إلى أن القانون الفرنسي كان أكثر توفيقا من نظيره المغربي ،إذ بمقتضى قانون
2005تم تعديل المادة L6011-1من مدونة التجارة إذ أقر قاعدة عدم جواز تعيين بهذه
الصفة كل شخص مأجور من طرف المقاولة خالل السنتين السابقتين ،كما ال يمكن تعيين
دائني المقاولة والقضاة المزاولين أو الذين توفقوا عن مزاولة مهامهم منذ ما ال يقل عن
خمس سنوات ضمانا لحيادهم عند قيامهم بهذه المهمة.
من خالل مسطرة التسوية الودية للمساهمة في تذليل صعوبات المقاولة ،وتقديم تضحيات
من قلبهم لفائدة مدينهم.
خـاتـمـة
إن المتمعن في المقتضيات القانونية المنصوص عليها في الكتاب الخامس من مدونة
التجارة ،يالحظ بشكل جلي أن المشرع أحدث تغييرات جذرية على الطبيعة القانونية
التقليدية لنظام اإلفالس وعلى أهدافه مرجحا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة
للدائنين،و مغلبا الطابع االقتصادي و االجتماعي على الطابع القانوني.34و أناس بالقضاء
سلطة واسعة في سير المساطر الجماعية لما يعرفه من ضمانات االستقالل والتجرد على
-34أحمد شكري السباعي،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة،و مساطر
مع الجتها،دراسة معمقة في قانون التجارة الجديد و القانون المقارن الجزء األول،النظرية العامة،األهداف و
مساطر الوقاية من الصعوبات،الوقاية الداخلية و الخارجية و التسوية الودية دار النشر و المعرفة،مطبعة
المعارف الجديدة،الرباط(،السنة غير مشار إليها)،ص.47:
20
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
أساس أن هذه المساطر ،تجمع في إطارها مصالح متعارضة يصعب التوفيق بينها دون
تدخل سلطة محايدة ومحكمة.
ويتبين من مختلف مراحل البحث في موضوع سير مساطر المعالجة أن المشرع
حاول التوفيق بين مصالح الدائنين ومصلحة المقاولة المتوقفة عن الدفع بما يعود بالنفع على
جميع الجهات ،وخول للقضاء سلطات واسعة لتحقيق هذه المعادلة الصعبة.35
وللحفاظ على استغالل المقاولة باعتبارها نواة االقتصاد نص المشرع من خالل
المقتضيات القانونية على مجموعة من األجهزة التي تنقسم إلى أجهزة داخلية و أخرى
خارجية و هي التي تطرقنا لها في دراسة موضوعنا،وهذه األجهزة منها ما كان في إطار
قانون التجارة لسنة 1913منها القاضي المنتدب،السنديك،المراقبين،كلها تهدف إلى إنقاذ
المقاولة و ضمان استمراريتها كونها خلية اقتصادية واجتماعية تتمتع باحترام حق الملكية
ا لخاصة وتلزم باحترام كرامة الذين يشتغلون بها وضمان حقوقهم الفردية والجماعية ،كما
تعمل على تحقيق التقدم االجتماعي ألجرائها خاصة فيما يتعلق بأمنهم المادي.
وأخيرا ما يمكن مالحظته على مستوى األجهزة المتدخلة في نظام معالجة صعوبات
المقاولة على الرغم من زخم و وفرة و كثرة هذه األجهزة إال أنه يوحدها هدف وحيد يتمثل
في ضمان استمرارية استغالل المقاولة.
22
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
المـلحـق
الئحة المرجع
المراجع بالعربية:
أحمد شكري السباعي،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي
تعترض المقاولة،و مساطر معالجتها،دراسة معمقة في قانون التجارة الجديد و
القانون المقارن الجزء األول ،النظرية العامة ،األهداف ومساطر الوقاية من
الصعوبات،الوقاية الداخلية و الخارجية و التسوية الودية دار النشر والمعرفة ،مطبعة
المعارف الجديدة ،الرباط(،السنة غير مشار إليها).
23
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
المراجع بالفرنسية:
JÉRÔME BONNARD DROIT DES ENTREPRISES en
difficulté.4éme édition hachette supérieur.2009.
Michel Jeantin et Paul le Cannu. droit commercial.
instruments de paiement et de crédit. Entreprises en defficulté.
DALLOZ.5eme édition 1999.
مقاالت:
24
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
الفهرس:
مـقـدمـة 1 ...................................................................................................
25
األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة
المطلب األول :األجهزة القضائية المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة 12 ...................
المطلب الثاني :األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة 16 ..........
26