Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 26

‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫مـقـدمـة‬
‫إن طبيعة الحياة التجارية تقتضي ولوج عالقات متنوعة و مختلفة تقوم على عنصر‬
‫االئتمان الذي يلعب دورا أساسيا و فعاال في تحريك الدورة التجارية‪،‬إذ بدونه ستسقط‬
‫المعامالت التجارية في البطء و الجمود و الرسمية و الشكلية التي تسود المعامالت‬
‫المدنية‪،1‬و ما يجعل العمل التجاري يحول دون تحقيقه السرعة المرجوة منه‪،‬غير أن عنصر‬
‫االئتمان الذي يقوم على الثقة قد يتم استغالله بشكل سيّ ء من طرف بعض التجار مما يعود‬
‫بأضرار اقتصادية و مالية ليس على طرف واحد فقط بل على أطراف متعددة نتيجة تشعب‬
‫العالقات التي تسود الحياة التجارية‪،‬و التي تنجم عن توقف التاجر المخل بالتزاماته بأداء‬
‫ديونه مما يؤثر سلبا على حقوق دائنيه‪.‬‬

‫و إذا كانت هذه الوضعية قد يسقط فيها التاجر عن سوء نية أو بفعل ظروف تكون‬
‫خارجة عن إرادته‪،‬فإن التشريعات تدرجت في تنظيمها و معالجتها عبر مراحل تاريخية‬
‫مختلفة‪،‬اختلفت معها النظرة إلى المدين المفلس أو العاجز عن ديونه‪.2‬و مما الشك فيه ان‬
‫افالس التاجر عرفته الحياة التجارية منذ القدم لذلك نجد ان التشريعات القديمة تطرقت‬
‫لألحكام الواجب تطبيقها على التاجر المفلس‪،‬فقد كان القانون الروماني يجيز للدائن متابعة و‬
‫مالحقة مدينه و حبسه و التشهير به بل و وقطيعه أشالء بمقدار الدين‪.‬‬
‫و قد تأثر القانون الفرنسي بداية أشد التأثر بالقانون الروماني‪،‬حيث عامل المدين‬
‫المفلس معاملة قاسية و شديدة إلى درجة إعتباره مجرما يجب إعدامه‪،‬لكن هذه النظرة‬
‫الدونية للمدين تغيرت بموجب قانون مدونة نابليون لسنة ‪،1807‬و بصورة أكثر تطورا‬
‫بموجب قانون ‪ 1967‬الذي عمل من خالل مقتضياته على الفصل بين المقاولة و اإلنسان‪،3‬و‬
‫قد تلت هذا األخير مجموعة من القوانين وصوال إلى قانون سنة‪،2005‬حيث تدخل المشرع‬
‫الفرنسي بموجب القانون رقم ‪ 2005-845‬المؤرخ في ‪ 26-07-2005‬المتمم بالمرسوم رقم‬

‫‪ -1‬محمد كرم‪،‬الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي‪ ،‬الجزء األول‪،‬المطبعة و الوراقة‬
‫الوطنية‪،‬زنقة أبو عبيدة‪،‬الحي المحمدي‪،‬الداوديات‪،‬مراكش‪،‬الطبعة األولى ‪،2010‬ص‪.5:‬‬
‫‪ -2‬محمد كرم‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪5:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Michel Jeantin et Paul le Cannu.droit commercial.instruments de paiement et de‬‬
‫‪crédit.Entreprises en defficulté.DALLOZ.5eme édition 1999.P :351.‬‬
‫‪1‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫‪1677-2005‬بتاريخ ‪،28-12-20054‬حيث أضاف مساطر جديدة أهمها مسطرة المصالحة‬


‫و مسطرة المحافظة على المقاولة أو إنقاذ المقاولة‪،5‬إذ تبقى هذه األخيرة مفتوحة حتى في‬
‫مواجهة المقاوالت التي تعاني من صعوبات حقيقية و جدية دون أن تكون متوقفة عن الدفع‬
‫على الرغم من كونها من مساطر المعالجة و بالمقابل يمكن للمدين أن يستفيد من مسطرة‬
‫المصالحة كمسطرة وقائية على الرغم من توقفه عن الدفع‪،‬وفِي سنة ‪ 2009‬تدخل المشرع‬
‫الفرنسي من جديد بموجب القانون رقم ‪ 776-2008‬حيث عدل الكثير من المقتضيات‬
‫المنظمة لكافة مساطر معالجة صعوبات المقاولة بشكل يشجع رؤساء المقاوالت على اللجوء‬
‫إليها‪،‬وذلك عن طريق إضفاء نوع من المرونة على شروط هذه المسطرة إذ لم يعد المدين‬
‫ملزما بإثبات التاريخ الوشيك لوقوعه في حالة التوقف عن الدفع لالستفادة من مسطرة‬
‫الحفاظ على المقاولة‪،‬إضافة إلى أن المشرع الفرنسي عمد من خالل هذا القانون إلى‬
‫التخفيف من الجزاءات المالية المطبقة على مسيري المقاوالت ‪،‬بحيث تم مثال حصر‬
‫المسؤولية عن عدم كفاية األصول على مسطرة التصفية القضائية دون مسطرتي التسوية‬
‫القضائية و الحفاظ على المقاولة‪.6‬‬
‫و كان بديهيا أن يتأثر المشرع المغربي بالترسانة القانونية الفرنسية التي تهم إنقاذ‬
‫المقاولة من الصعوبات التي قد تعترضها‪،‬و هكذا و بعد بسط نظام الحماية أصدر المشرع‬
‫المغربي قانون‪ 12‬غشت ‪ 1913‬الذي خصص الكتاب الثاني منه لإلفالس و التصفية‬
‫القضائية الذي قام بتعديله بموجب ظهير ‪ 10‬فبراير‪ 1951‬المأخوذ عن القانون الفرنسي‬
‫المؤرخ في ‪ 8‬غشت ‪ ،1935‬واستمر قانون ‪ 1993‬بتعديله السالف الذكر‪،‬إلى غاية ‪3‬‬
‫أكتوبر ‪ 1997‬حيث دخلت أحكام الكتاب الخامس من مدونة التجارة حيّز التنفيذ‪،‬حيث نظم‬
‫هذا الكتاب أحكام صعوبات المقاولة‪.‬‬

‫‪ -4‬هذا القانون دخل حيّز التطبيق ابتداء من ‪. 01-01-2006‬‬


‫‪5‬‬
‫‪-Procédure de sauvegarde.‬‬
‫‪6 6‬‬
‫‪- -JÉRÔME BONNARD DROIT DES ENTREPRISES en difficulté.4éme édition hachette‬‬
‫‪supérieur.2009.p :21 et suivant.‬‬

‫‪2‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫وبموازاة هذا القانون عمد المشرع إلى إحداث المحاكم التجارية بموجب قانون ‪53.95‬‬
‫بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪،1997‬و التي تعتبر محطة من المحطات الكبرى في تاريخ مؤسساتنا‬
‫الكبرى المعاصرة‪،‬و طفرة نوعية من أجل تحديث و تطوير و تدعيم منظومتنا القانونية و‬
‫الحقوقية‪،‬وبمالمسة مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة يتضح بشكل جلي التوجه‬
‫الجديد للمشرع المغربي‪،‬حيث تبنى مساطر متنوعة تطبق بحسب درجة االختالل الذي‬
‫تعاني منه المقاولة‪،‬حيث نجد مسطرتي الوقاية من الصعوبات‪،‬و مسطرة التسوية و التصفية‬
‫القضائية‪.7‬‬
‫وإلنقاذ المقاولة والحفاظ على استمراريتها البد من تدخل مجموعة من األجهزة‪ ،‬هذه‬
‫تتمثل في كل من رئيس المقاولة‪،‬مراقب الحسابات‪،‬رئيس المحكمة التجارية وغيرها من‬
‫األجهزة التي يختلف تدخلها باختالف الصعوبات التي تعاني منها المقاولة‪.‬‬
‫ويكتسي موضوع دراستنا أهمية بالغة باعتبار األجهزة المتدخلة في إنقاذ المقاولة‬
‫ّ‬
‫المتمثلة اقتصاديا في خدمة وتطوير‬ ‫تساهم في تحقيق هذه األخيرة للغاية المتوخاة منها‪،‬و‬
‫االقتص اد الوطني مثال عن طريق تمويل التحمالت العمومية من خالل االقتطاعات‬
‫ّ‬
‫والمتمثلة اجتماعيا في القضاء على البطالة من خالل الحفاظ على اليد العاملة‪،‬‬ ‫الضريبية‪،‬‬
‫وتحسين المستوى المعيشي للطبقة العاملة‪.‬‬
‫ولمعالجة موضوعنا ارتأينا طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫‪ ‬هل ساهم تنوع األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المقاولة في تحقيق الغاية‬
‫المرجوة من طرف المشرع والمتم ّثلة في إنقاذ المقاولة من الصعوبات‬
‫المحدقة بها ؟‬
‫سوف نعتمد لمعالجة هذا الموضوع على المنهج الوصفي التحليلي وذلك من خالل‬
‫دراسة النصوص القانونية المنظمة لألجهزة المتدخلة في إطار مساطر صعوبات المقاولة‪،‬‬
‫وكذا المنهج المقارن نظرا الرتباط التشريع المغربي بنظيره الفرنسي في هذا الصدد‪.‬‬

‫‪ -7‬هشام البخفاوي و عالي منينو‪،‬الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة‪،‬مطبعة قرطبة‪،‬حي السالم ‪-‬أكادير‪،‬الطبعة‬
‫األولى ‪،2015‬ص‪.4:‬‬
‫‪3‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫ولإلجابة عن اإلشكالية المطروحة سنعتمد تقسيما ثنائيا بغية إبراز األجهزة المتدخلة‬
‫في نظام مساطر صعوبات المقاولة و هو كالتالي ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬األجهزة الداخلية لمساطر صعوبات المقاولة‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬األجهزة الخارجية لمساطر صعوبات المقاولة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫المبحث األول‬
‫األجهزة المتدخلة من داخل المقاولة‬
‫إن الوضعية الحساسة للمقاولة التي قد تمر بصعوبات‪ ،‬جعلت بالمشرع إقرار‬
‫مجموعة من القواعد تروم إلى الكشف المبكر لهذه الصعوبات‪ ،‬وذلك عن طريق تدخل‬
‫مجموعة من األجهزة الداخلية‪ ،‬يكون الهدف منها وضع رئيس المقاولة في الصورة الحقيقية‬
‫لمقاولته‪ ،‬مع ما يستتبع ذلك من اتخاذ التدابير الضرورية والمواكبة لذلك‪ ،‬عبر خلق التدابير‬
‫داخل المقاولة‪.‬‬
‫وتتمثل هذه األجهزة طبقا لمقتضيات الفقرة األولى من المادة ‪ 546‬من مدونة التجارة‬
‫كما تم تعديلها على أنه‪" :‬إذا لم يعمل رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح اإلخالل الذي من‬
‫شأنه أن يؤثر سلبا على استغاللها يبلغ مراقب الحسابات إن وجد‪ ،‬أو أي شريك في الشركة‬
‫لرئيس المقاولة الوقائع التي من شأنها اإلخالل باستمرارية استغاللها‪ ،"...،‬وذلك من أجل‬
‫الكشف المبكر للوقائع التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاطها‪ ،‬وكذلك إقحام عدد كبير‬
‫من جهات التدخل‪ ،‬وكذا إيجاد آليات للتخلص من تلك الصعوبات من أجل تفادي وصول‬
‫المقاولة إلى حالة التوقف عن الدفع‪.8‬‬
‫هكذا فقد نظم المشرع المغربي هذه األجهزة في كل من رئيس المقاولة والشركاء‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬وكذا مراقب أو مراقبي الحسابات(المطلب الثاني)‪.‬‬
‫إال أننا نسجل في هذا اإلطار اختالفا واضحا بين القانون المغربي ونظيره الفرنسي‬
‫الذي انفتح باإلضافة إلى هاتين الجهتين على لجنة المقاولة‪ ،‬وفي ذلك إشارة بينة وواضحة‬
‫إلى الدور الذي يجب أن تقوم به الجهة الممثلة لألجراء‪ ،‬ألن هاته الفئة األقرب على رصد‬
‫كل إخالل قد يمس السير العادي للمقاولة‪.‬‬

‫‪-8‬هشام البخفاوي وعالي مننو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪5‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫المطلب األول‬
‫جهاز رئيس المقاولة والشركاء‬
‫بالرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 546‬من مدونة التجارة كما ثم تعديلها‪ ،‬نجدها تنص‬
‫على أنه في الحالة التي لم يعمل فيها رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح اإلخالل الذي من‬
‫شأنه أن يؤثر سلبا على استغاللها‪ ،‬يحق ألي شريك في الشركة أن يبلغ رئيس المقاولة عن‬
‫كل الوقائع التي من شأنها اإلخالل بنشاط المقاولة‪ ،‬ويالحظ أن الغاية التي توخاها المشرع‬
‫من إقحام أطراف بعيدة عن تسيير المقاولة للتبليغ واإلخطار عن الوقائع التي من شأنها إن‬
‫استمرت اإلخالل باستمرارية نشاطها‪ ،‬وليس مجرد إثارة انتباه رئيس المقاولة لتلك الوقائع‪،‬‬
‫بل لوضعه أمام مسؤوليته فيما يستقبل من المخاطر التي تهدد المقاولة وتسييرها‪ ،‬وما قد‬
‫يترتب على ذلك من إثارة لمسؤوليته‪.9‬‬
‫وهكذا نالحظ أن القانون المغربي أقحم لإلخطار عن الوقائع التي من شأنها المس‬
‫باستمرارية نشاط المقاولة كل من الشريك(الفقرة الثانية)‪ ،‬وقبله إلزام رئيس المقاولة‬
‫بالكشف عنها وتصحيحها(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رئيس المقاولة‬
‫ألزمت المادة ‪ 546‬من مدونة التجارة في فقرتها األولى رئيس المقاولة برصد‬
‫الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة وأن يقوم كذلك بتصحيحها‪،‬‬
‫وهذا هو الجديد الذي تم بموجبه تعديل هذه المادة‪.10‬‬
‫ولما كان رئيس المقاولة يوجد في موقع يسمح له بمعرفة الوضعية المالية واالقتصادية‬
‫للمقاولة التي يسيرها أو يستغلها‪ ،‬فقد أورده المشرع على قائمة األشخاص الذين يمكنهم‬
‫طلب فتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪ .‬واستنادا إلى المادة ‪ 561‬من مدونة التجارة‪،‬‬
‫يتعين على رئيس المقاولة أن يطلب فتح مسطرة المعالجة في أجل أقصاه ‪ 15‬يوما تلي‬
‫توقفه عن الدفع‪.‬‬

‫‪-9‬عبد الرحيم شميعة "إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة طبقا للقانون رقم ‪ ،"81.14‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬مطبعة وراقة سجلماسة‪-‬مكناس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪-10‬عالل فالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪6‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫ويترتب على عدم احترام األجل المذكور أعاله‪ ،‬إمكانية تطبيق العقوبات المنصوص‬
‫عليها في المواد ‪ 704‬من مدونة التجارة إذا توفرت شروط تطبيقها‪ ،‬وأيضا المادة ‪ 714‬من‬
‫نفس القانون‪.‬‬
‫ويجب أن يكون طلب رئيس المقاولة مرفقا بمجموعة من الوثائق التي حددتها المادة‬
‫‪ 562‬من مدونة التجارة‪ ،‬وهي القوائم التركيبية آلخر سنة مالية’ وجرد قيمة كل أموال‬
‫المقاولة المنقولة وغير المنقولة‪ ،‬الئحة الدائنين والمدينين مع اإلشارة إلى مكان إقامتهم‬
‫ومبلغ حقوقهم وديونهم وضماناتهم عند تاريخ التوقف عن الدفع‪ ،‬جدول التحمالت‪.‬‬
‫ويجب أن تكون هذه الوثائق مؤرخة وموقعة ومصادق عليها من طرف رئيس‬
‫المقاولة‪ ،‬وفي حالة تعذر اإلدالء بإحدى هذه الوثائق أو إدلي بها بشكل غير كامل‪ ،‬وجب أن‬
‫يشمل التصريح بيان األسباب التي تمنع تقديمها ويشهد كاتب الضبط على استالم هذه‬
‫الوثائق‪.‬‬
‫وإذا تخلف رئيس المقاولة عن تقديم إحدى الوثائق المنصوص في المادة ‪ 552‬فإن‬
‫محكمة الموضوع تنذره قصد إحضارها تحث طائلة عدم قبول المسطرة في حالة عدم قيامه‬
‫بذلك‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الشركاء‬
‫يحق للشركاء تحريك مسطرة الوقاية الداخلية‪ ،‬وذلك على خالف القانون الفرنسي‬
‫الذي حصر هذا الحق مبدئيا في مراقب الحسابات ولجان المقاولة‪.‬‬

‫وإذا كان القانونان يتفقان على إسناد هذه المهمة لمراقب الحسابات فإنهما يختلفان في‬
‫كون القانون المغربي خول هذه اإلمكانية للشركاء دون ممثلي العمال وفي كون القانون‬
‫الفرنسي أسندها للجان المقاولة وممثلي العمال عند غيابها دون الشركاء‪.11‬‬
‫ويالحظ في هذا اإلطار أن إسناد مبادرة تحريك مسطرة صعوبات المقاولة وباألخص‬
‫مسطرة الوقاية الداخلية للشركاء يحظى بأهمية بالغة‪ ،‬وذلك لكونه يسد ثغرة عدم وجود‬
‫مراقب الحسابات‪ ،‬ذلك أن أغلب الشركات التجارية يكون تعيين مراقب الحسابات فيها‬

‫‪-11‬هشام البخفاوي وعالي مننو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪7‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫اختياريا أو مشروطا برقم المعامالت معين‪ ،‬باستثناء شركات المساهمة‪ ،‬هذا فضال عن‬
‫كون الشركاء أصحاب المصلحة في استمرارية المقاولة التي هم شركاء فيها‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫منحهم حق تحريك مسطرة الوقاية يعد أمرا طبيعيا باعتباره من الحقوق المشروعة لهم في‬
‫الحفاظ على الشركة‪ ،‬وإن كان بعض الشركاء قد يميلون إلى إساءة استعمال هذا الحق‬
‫خصوصا أوالئك الذين ال تتوفر فيهم الكفاءة والحنكة الالزمين‪ ،‬مما قد يسقط المقاولة في‬
‫نزاعات مجانية من شأنها تأزم وضعية المقاولة‪.‬‬
‫ويحق ألي شريك تحريك مسطرة الوقاية الداخلية من الصعوبات مهما كانت‬
‫الحصص أو األسهم التي يملكها في الشركة‪ ،‬ويستوي في ذلك الشريك الذي يملك أغلبية‬
‫الحصص أو األسهم والذي ال يملك حصة واحدة أو سهما واحدا‪ ،‬ويجوز للشركاء استعمال‬
‫هذا الحق بصفة جماعية أو بصفة منفردة‪.12‬‬
‫وما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد‪ ،‬أن الشريك المعني بمقتضيات المادة ‪ 546‬من‬
‫مدونة التجارة هو الذي يكون بعيدا عن أعمال ومهام التسيير ألن الشريك (المساهم)‬
‫المنتمي لجهاز التسيير (كان مجلس اإلدارة أو مجلس اإلدارة الجماعية أو مجلس الرقابة)‪،‬‬
‫أو شريكا مشتركا في التسيير بالنسبة لباقي الشركات التجارية األخرى‪ ،‬إنما يمثله رئيس‬
‫المقاولة طبقا للتحديد الذي أوردته الفقرة األخيرة من المادة ‪ 545‬من مدونة التجارة‪ ،‬ثم إن‬
‫األحكام المنظمة للشركات التجارية أقرت قواعد للرقابة على التسيير بين الشركاء المسيرين‬
‫فيما بينهم‪.13‬‬

‫‪-12‬محمد كرام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪-13‬عبد الرحيمشميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪8‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫المطلب الثاني‬
‫جهاز مراقب الحسابات‬
‫يكتسي جهاز مراقب الحسابات بأهمية بالغة في إطار الوقاية الداخلية بصفة خاصة‪،‬‬
‫وفي نظام صعوبات المقاولة عامة‪ ،‬وذلك من خالل التحقيق من القيم والدفاتر والوثائق‬
‫المحاسبية للشركة ومراقبة مطابقة محاسبتها للقواعد المعمول بها‪ ،‬إضافة إلى تحقيق من‬
‫صحة المعلومات الواردة في تقرير التسيير الذي يعده مجلس اإلدارة‪.14‬‬

‫لهذا إرتينا في إطار هذا المطلب دراسة دور مراقب الحسابات في إطار مساطر‬
‫صعوبات المقاولة‪ ،‬وذلك نظر لدوره الفعال في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية من أجل‬
‫اإلنقاذ الممكن للمقاولة‪ ،‬وذلك بهدف استمرار األنشطة المنوطة بها(الفقرة األولى)‪ ،‬وكذا‬
‫المسؤولية المترتبة في حالة عدم اإلخالل بهذه المهام(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دور مراقب الحسابات‬
‫يتوجب على مراقب الحسابات في الشركات التجارية المعتمد بها طبقا للمادة من‬
‫مدونة التجارة‪ ،‬اإلخبار عن الوقائع التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة‪ ،‬بل‬
‫إنها من صميم التزاماته الجديدة المرتبطة باألدوار المستحدثة المعترف بها في ظل المفهوم‬
‫الجديد لتسيير المقاوالت والقائم على ضرورة احترام شروط الحكامة الجيدة‪.‬‬
‫هذا يتعين على مراقب الحسابات للنجاح في مهمة رصد الوقائع التي من شأنها‬
‫اإلخالل باستمرارية نشاط المقاولة طبقا للمادة ‪ 545‬من مدونة التجارة‪ ،‬والتبليغ عنها طبقا‬
‫للمادة ‪ 546‬من مدونة التجارة‪ ،‬أن يكون بمسافة غير بعيدة من أعمال التسيير‪ ،‬وبما يجعله‬
‫يكون حكم قيمة على هذه األعمال‪ ،‬وهو ما يحظر عليه بالمقابل القيام به طبقا للمادة ‪166‬‬
‫قانون شركات المساهمة التي تمنعه بصريح منطوقها أن يتدخل في التسيير‪.‬‬
‫وحتى يقوم مراقب الحسابات بالكشف عن تلك الوقائع‪ ،‬فإن ذلك يجب أن يتم باالحترام‬
‫التام لمبدأ عدم التدخل في التسيير‪ ،‬ودونما المساس به‪ ،‬وهو ما يتطلب منه أن يكون يقظا‬

‫‪-14‬محمد البوشواري "الوجيز في مساطر الوقاية ومعالجة صعوبات المقاولة"‪ ،‬مطبعة ووراقة تارودانت‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2009‬ص‪.15‬‬
‫‪9‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫وحذرا في ممارسته لهذه المهمة‪ ،‬وذلك نظرا للدور الذي يحظى به مراقب الحسابات داخل‬
‫هذه المقاوالت‪ ،‬إذ يقف أثناء مهامه على خبايا الشركة وعلى ما يجري في حساباتها‬
‫وميزانياتها من خروقات وإخالالت من شأنها التأثير على مستقبل الشركة‪ ،‬ومن ثم فمن‬
‫الطبيعي أن تناط به مهمة إنقاذ المقاولة‪.15‬‬
‫وإذا كان يمكن من الناحية النظرية الصرفية التسويق لهذا التصور‪ ،‬فإنه من الناحية‬
‫العملية يبدو من الصعوبة بما كان‪ ،‬إذ أن رصد اإلخالالت خارج الوثائق المحاسبية طبقا‬
‫للمادة ‪ 166‬قانون شركات المساهمة‪ ،‬ال يسعفه من بلوغ مرامي المادة ‪ 546‬من مدونة‬
‫التجارة إال عبر خرق خط التسيير الذي يمكن أن يتحصن وراء جهاز التسيير‪.‬‬
‫وهذا ما يعتبر نوعا من االعتراف لمراقب الحسابات بالمرور من مجرد مراقبة‬
‫"شرعية المحاسبة" إلى "مراقبة مالءمة أعمال التسيير" الذي يقوم به المكلف بالتسيير‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإن المادة ‪ 166‬من قانون شركات المساهمة حين منعت على مراقب‬
‫الحسابات التدخل في التسيير‪ ،‬فألن المقاولة تكون في وضعية عادية‪ ،‬أما وأنها بدأت‬
‫تتعرض لحالة التوقف عن الدفع من خالل الصعوبات‪ ،‬فقد خالف قاعدة عدم التدخل في‬
‫التسيير‪ ،‬وجعل مراقب الحسابات يطل في ميدان التسيير ويراقبه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مسؤولية مراقب الحسابات‬
‫إن مراقب الحسابات بحكم طبيعة المهام المنوطة به داخل المقاولة‪ ،‬جعله المشرع من‬
‫خالل المدة ‪ 546‬الجهة األولى التي أسند إليها مهمة تحريك مسطرة الوقاية الداخلية‪ ،‬وهذه‬
‫األولوية التي حظي بها تعود كذلك إلى الوضعية القانونية التي يحتلها في الشركات‬
‫خصوصا تلك التي تلزم بتعيين مراقب الحسابات‪ ،‬كشركات المساهمة والشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة التي يتجاوز رقم معامالتها ‪ 50‬مليون درهم عند اختتام السنة المالية‪.‬‬
‫غير أن التساؤل الذي يطرح هل يتقيد مراقب الحسابات بهذه المهمة وينفذها وفق ما‬
‫يقضيه القانون خصوصا عند امتناع رئيس المقاولة عن االستجابة لمالحظات المراقب ونقل‬
‫الوقاية إلى مظهرها الخارجي؟ الواقع العملي يجيب بالنفي على اعتبار أن ثمة حاالت قليلة‬
‫هي التي يرفع فيه ا مراقبو الحسابات تقاريرهم إلى رئيس المحكمة التجارية بصفة تلقائية‬
‫‪ -15‬محمد أكرم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪10‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫واستجابة للقانون‪ ،‬ذلك أن طبيعة هذه المهمة قد تجعل من مراقب الحسابات بشكل يسيء‬
‫إلى عالقاته مع زبنائه‪ ،‬ومن ثم فإنه يرى من األفضل عدم التبليغ عن االخالالت التي‬
‫يكتشفها للجهات الخارجة عن المقاولة وذلك حفاظا على عالقاته مع المسيرين وتأمينا‬
‫لمستقبله المهني‪ ،‬وإن كان هذا يتعارض من جهة مع جوهر مهمته التي يتحمل من جرائها‬
‫مسؤوليات مدنية وجنائية‪ ،16‬ومع مصلحة المقاولة التي يكون من األفيد لها إخبار الجهات‬
‫المسؤولة بالوقائع التي من شأنها أن تخل باستمراريتها حتى يتأتى إنقاذها بدل التستر عنها‬
‫بشكل قد يجعلها مستحيلة العالج‪ ،‬وبالتالي ضياع ركيزة من ركائز االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫وإذا كان األمر على هذا النحو فإن مراقب الحسابات قد يجد نفسه أمام موقف محرج‪،‬‬
‫مما يثار معه التساؤل عن الوقائع التي من شأنها أن تخل باستمرارية المقاولة ويقع عليه‬
‫واجب تحريك مسطرة الوقاية الداخلية بشأنها وإال تبليغها إلى رئيس المحكمة التجارية‪ ،‬ثم‬
‫عن الوقائع التي ليس من شأنها إطالقا التأثير على استمرارية الشركة‪ ،‬وبالتالي فإن عدم‬
‫كشفها ال يرتب أية مسؤولية‪ ،‬علما بأن هذه األخيرة قد تثار في مواجهة مراقب الحسابات‬
‫سواء في الحالة األولى إذ ينسب لمراقب الحسابات اإلخالل بواجبه تجاه الشركة بإبالغه‬
‫التعسفي لوقائع بسيطة وهو اإلبالغ الذي يؤثر على عالقات الشركة مع زبنائها الذين‬
‫يرفضون التعامل معها على اعتبار أنها تمر بمسطرة الوقاية أو في الحالة الثانية التي ينسب‬
‫فيها للمراقب إهمال الواجب المتعلق بوقاية المقاولة‪.17‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫األجهزة الخارجية في مساطر صعوبات المقاولة‬
‫بالرجوع إلى الكتاب الخامس من مدونة التجارة نجده قد حدد لنا مجموعة من‬
‫النصوص القانونية التي تتحدث عن األجهزة التي تتدخل في تسيير المقاولة أثناء مسطرة‬
‫المعالجة و كذا أثناء مسطرة التصفية القضائية‪،‬وهي تنقسم ألجهزة ذات طابع قضائي‬

‫‪ -16‬من المعلوم أن مراقب الحسابات يتحمل مسؤولية جنائية عن األفعال التي يرتكبها أثناء مزاولته لمهامه‬
‫خصوصا جريمة عدم إبالغ أجهزة اإلدارة والتدبير أو التسيير باألفعال اإلجرامية التي اكتشفها‪ ،‬وإن كان هذا‬
‫الواجب الملقى على عاتق مراقب الحسابات تحث طائلة المساءلة الجنائية ال يتسم بأية فعالية إذا أخذنا بعين‬
‫االعتبار الجهة التي يعلمها بهذه األفعال اإلجرامية وهي الجهاز اإلداري وذلك على خالف الذي يلزمه بإبالغها‬
‫إلى النيابة العامة‪.‬‬
‫‪ -17‬محمد أكرم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪11‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫وأخرى ذات طابع خاص تفرضه خصوصية وضعية المقاولة‪،‬و تتمثل هذه األجهزة في كل‬
‫من رئيس المحكمة التجارية‪،‬القاضي المنتدب‪ ،18‬السنديك وهي تعد من األجهزة القضائية‪،‬و‬
‫كذا الوكيل الخاص والمصالح وهي أجهزة يقوم بتعيينها رئيس المحكمة التجارية في مراحل‬
‫معينة وحسب ظروف خاصة‪،‬تهم وضعية المقاولة و نوعية الصعوبات التي تمر منها‬
‫ونقصد في هذا اإلطار كال من مسطرة الوقاية الخارجية والتسوية الودية‪،‬حيث في األولى‬
‫يعين رئيس المحكمة الوكيل الخاص و في الثانية يعين المصالح‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هاذين الجهازين األخيرين لم ينص عليهما المشرع في ظل‬
‫قانون التجارة لسنة ‪،1913‬بل جاءت بهما مدونة التجارة في كتابها الخامس لسنة ‪،1996‬‬
‫وقد شكل هذان الجهازان قفزة نوعية للمشرع في محاولة منه لتخفيف العبء عن القضاء‪،‬و‬
‫ذلك بغية ترسيخ ثقا فة حل النزاعات وديا خاصة في مجال التجارة الذي يتسم بالسرعة و‬
‫االئتمان‪.‬‬
‫وعليه سنحاول في هذا المبحث الحديث عن األجهزة المتدخلة من خارج المقاولة‪،‬‬
‫بحيث سنخصص المطلب األول لألجهزة القضائية المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة و‬
‫ّ‬
‫المتمثلة في رئيس المحكمة التجارية‪،‬القاضي المنتدب و السنديك‪،‬ثم نعرج للحديث في‬
‫المطلب الثاني عن األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة وهي‬
‫كل من الوكيل الخاص والمصالح‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫األجهزة القضائية المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة‬
‫تتميز المرحلة األخيرة من مراحل الوقاية الداخلية بتدخل شخص أجنبي عن المقاولة‬
‫هو رئيس المحكمة التجارية‪،‬إضافة إلى القاضي المنتدب حيث توجب المادتان ‪ 568‬و‪637‬‬
‫من مدونة التجارة تعيين هذا األخير الذي يسهر على السير السريع للمسطرة وعلى حماية‬

‫‪-18‬إشراق اإلدريسي‪،‬دور القاضي المنتدب في مسطرة معالجة صعوبات المقاولة‪،‬مجلة المنارة للدراسات‬
‫القانونية و اإلدارية‪،‬السنة ‪،2015‬العدد الثامن‪،‬ص‪.13:‬‬

‫‪12‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫‪19‬‬
‫في‬ ‫المصالح المتواجدة وكما هو الشأن بالنسبة للقاضي المنتدب يجب أن يعين السنديك‬
‫حكم فتح المسطرة طبقا لمقتضيات المادتين المذكورتين‪.‬‬
‫وعليه ارتأينا أن نتطرق في هذا المطلب لكل من رئيس المحكمة التجارية في الفقرة‬
‫األولى‪ ،‬والقاضي المنتدب والسنديك في الفقرة الثانية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬رئيس المحكمة التجارية‬
‫بعد فشل الوقاية الداخلية تبدأ مسطرة الوقاية الخارجية التي تتميز بتدخل أجهزة‬
‫خارجية عن المقاولة‪ ،‬حيث يبقى رئيس المحكمة التجارية هو محور مسطرة الوقاية‬
‫الخارجية والتسوية الودية إال أن تدخله ال يهدف من خالله البت في النزاع؛بل ألجل‬
‫مساعدة المقاولة على تجاوز صعوباتها و فتح باب الحوار بين مختلف األطراف المعنية‬
‫ابتداء من رئيس المقاولة و الدائنين بمساعدة وكيل خاص و مصالح إلى غير ذلك ممن يرى‬
‫رئيس المحكمة التجارية فائدة في مساهمته الحتواء المشاكل التي تمر بها المقاولة‪ ،‬وهنا‬
‫ّ‬
‫والمتمثلة في فض النزاعات تجاوزها المشرع من خالل‬ ‫يظهر أن الوظيفة التقليدية للقضاء‬
‫كيفية تدخل رئيس المحكمة التجارية في مساطر صعوبات المقاولة خاصة مسطرتي الوقاية‬
‫الخارجية و التسوية الودية‪.‬‬
‫أما فيما يخص اإلجراءات التي يتبعها رئيس المحكمة التجارية لتحريك مسطرة‬
‫الوقاية الخارجية نص عليها المشرع في مقتضيات المادة ‪ 54820‬من مدونة التجارة ويستفاد‬
‫من هذه المادة أن تحريك مسطرة الوقاية الخارجية يكون نتيجة فشل إجراءات مسطرة‬
‫الوقاية الداخلية‪ ،21‬ذلك أنه يتم إخبار رئيس المحكمة التجارية بواسطة مراقب الحسابات أو‬
‫رئيس المقاولة وقد تكون تلقائيا عندما يتبين لرئيس المحكمة من أية وثيقة أو عقد أو إجراء‬
‫أن تمتة صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية المقاولة و يستدعي رئيس المحكمة‬
‫التجارية رئيس المقاولة في الحالتين قصد التشاور معه بشأن اإلجراءات الكفيلة بتصحيح‬

‫‪ -19‬إشراق اإلدريسي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.11:‬‬


‫‪"-20‬يستدعي رئيس المحكمة رئيس المقاولة في الحالة المنصوص عليها في المادة ‪ 547‬أو في الحالة التي يتبين‬
‫من كل عقد أو وثيقة أو اجراء أن شركة تجارية أو مقاولة فردية تجارية أو حرفية تواجه صعوبات من شانها أن‬
‫تخل باستمرارية استغاللها…"‪.‬‬
‫‪ -21‬و هي الحالة المشار إليها في المادة ‪ 547‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫الصعوبات التي تعترض مقاولته‪ ،22‬كما أن رئيس المحكمة التجارية يقوم بتعيين وكيل‬
‫خاص الحتواء الصعوبات التي تعاني منها المقاولة يساعده في الوقوف على الوضعية‬
‫الحقيقية للمقاولة‪.‬إضافة إلى تعيين المصالح في الحالة التي يقبل فيها رئيس المحكمة‬
‫التجارية طلب فتح المسطرة الودية المقدم من طرف رئيس المقاولة حيث يقوم بتحديد مهمته‬
‫بناء على نوعية الصعوبات التي تعاني منها المقاولة وذلك من خالل قرار ال يقبل أي‬
‫طريقة من طرق الطعن‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬القاضي المنتدب والسنديك‬
‫بمجرد ما يعرض طلب فتح مسطرة المعالجة على المحكمة فإنه يتعين عليها بعد‬
‫سلوك اإلجراءات المنصوص عليها قانونا و تحققها من شروط فتح المسطرة أن تتخذ بشأنه‬
‫موقفا إما بعدم قبوله أو باالستجابة له‪،‬وإذا بتت وفق الطلب فإن ذلك يكون بموجب حكم‬
‫يجب أن يتضمن مجموعة من البيانات كتحديد تاريخ التوقف عن الدفع و تعيين أجهزة‬
‫المسطرة‪.‬‬
‫وعليه سنخصص هذه الفقرة للحديث عن القاضي المنتدب كجهاز خارجي يتدخل في‬
‫ظل مساطر المعالجة و التصفية القضائية أوال‪،‬و السنديك باعتباره كذلك جهازا خارجيا‬
‫متداخال في نفس المساطر ثانيا‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬القاضي المنتدب‬


‫توجب المادتان ‪ 568‬و ‪ 637‬من مدونة التجارة تعيين القاضي المنتدب الذي يسهر‬
‫على السير السريع للمسطرة و على حماية المصالح المتواجدة‪.23‬و يمكن للمحكمة في ظل‬

‫‪ -22‬محمد كرام‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.24-25:‬‬


‫‪ -23‬عبد اللطيف الشنتوف‪،‬نحو منح القاضي المنتدب صالحيات قاضي المستعجالت في مساطر معالجة صعوبات‬
‫المقاولة‪،‬مجلة القانون المغربي‪،‬السنة‪،2013‬العدد الواحد و العشرون‪،‬ص‪.7:‬‬
‫‪14‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫القانون الفرنسي في حالة الضرورة تعيين عدة قضاة منتدبين‪،24‬و من المعلوم أن القاضي‬
‫المنتدب قد يكون في القانون المغربي من بين أعضاء هيئة الحكم التي تبت في طلب فتح‬
‫مسطرة المعالجة‪،‬و قد يكون قاضيا آخرا‪،‬لكن يتعين في جميع الحاالت أال يكون القاضي‬
‫المنتدب من أقارب رئي س المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة‪،‬و يشترط القانون‬
‫الفرنسي اختيار القاضي المنتدب من بين أعضاء المحكمة الذين يتوفرون على أقدمية ال تقل‬
‫عن سنتين‪.25‬‬

‫و تكمن مهمة القاضي المنتدب في السهر على السير السريع للمسطرة المعالجة تسوية‬
‫كانت أم تصفية والسهر على المصالح المتواجدة سواء مصلحة المقاولة أو مصلحة‬
‫الدائنين‪.‬و مهمة القاضي المنتدب المسندة إليه بموجب المادة ‪ 638‬من مدونة التجارة تجعل‬
‫منه محكمة قائمة الذات يبت في جميع الطلبات المتعلقة بالمقاولة المفتوحة في مواجهتها‬
‫المسطرة التي عين فيها قاضيا منتدبا‪،‬باستثناء تلك المسندة بصفة صريحة إلى جهات‬
‫قضائية أخرى كمحكمة المسطرة أو السيد رئيس المحكمة التجارية‪،‬بل إن القضاء استقر‬
‫على إسناد االختصاص للقاضي المنتدب في القضايا االستعجالية المعترف بها أصال للسيد‬
‫رئيس المحكمة التجارية و في غيرها من القضايا‪.26‬‬

‫ثانيا ‪ :‬السنديك‬
‫إذا كانت مهمة السنديك تسند مبدئيا حسب المادة ‪ 568‬من مدونة التجارة لكاتب‬
‫الضبط فإن المحكمة يمكنها ان تعين أحدا من األغيار للقيام بهذه المهمة حسب ذات المادة‬
‫وإن كان الواقع العملي لمختلف المحاكم يتجه نحو إسناد هذه المهمة إلى األغيار بدل كتاب‬

‫‪ -24‬المادة ‪ 4-621‬من مدونة التجارة الفرنسية‪.‬‬


‫‪ - 25‬المهدي شبو‪" ،‬مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر معالجة صعوبات المقاولة "‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،2006‬المطبعة والوراقة الوطنية – زنقة أبو عبيدة الحي المحمدي‪ ،‬مراكش‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ -26‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1032‬بتاريخ ‪،24/10/2007‬ملف تجاري عدد ‪ 06/01/03/168‬جاء‬
‫فيه‪":‬يختص القاضي المنتدب في بإصدار األمر بتوزيع منتوج بيع أصول المقاولة الخاضعة للمسطرة الصعوبة‬
‫باعتباره المشرف على سيرها عمال بأحكام المادتين ‪ 638‬و ‪ 639‬من مدونة التجارة"منشور بمجلة القضاء و‬
‫القانون‪،‬العدد‪،155:‬ص‪.218:‬‬
‫‪15‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫الضبط لما تتطلبه من خبرة و كفاءة و تخصص و وقت لذلك نجد المحاكم ال تتردد في‬
‫تعيين الخبراء المحاسبين أو مراقبي الحسابات كسنادكة لمساطر المعالجة‪.27‬‬
‫وقد عهد المشرع السنديك تسيير عمليات التسوية القضائية ابتداء من تاريخ صدور‬
‫الحكم القاضي بتعيينه حتى قفلها‪،‬كما أسند إليه تنفيذ مخطط االستمرارية أو التفويت وتحقيق‬
‫الديون تحت مراقبة القاضي المنتدب‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫يقوم بمهام متعددة سواء في مسطرة التسوية أو التصفية القضائية‬ ‫وإذا كان السنديك‬
‫و يتمتع بسلطات واسعة تحت إشراف القاضي المنتدب‪ ،‬فإنه يتحمل المسؤولية عن إخالله‬
‫بالواجبات المفروضة عليه و قد تكون هذه المسؤولية مدنية أو جنائية‪.29‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة‬
‫تكتسي األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة أهمية بالغة‬
‫داخل نظام صعوبات المقاولة‪ ،‬إذ تتمثل في كل من الوكيل الخاص والذي نظم المشرع‬

‫‪ -27‬محمد كرام‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.77:‬‬


‫‪ - 28‬أحمد خردال‪ ،‬دراسة في القانون‪ :‬السنديك القضائي في إطار مسطرة معالجة صعوبات المقاولة اقتراحات‬
‫أخرى في ما يخص إصالحات و تعديالت في إطار مسطرة معالجة صعوبة المقاولة‪ ،‬المجلة االلكترونية مغرس‪،‬‬
‫بتاريخ ‪.2013-04-12‬‬
‫‪ - 29‬فؤاد بوعبيدة‪" ،‬دور السنديك في مساطر معالجة صعوبات المقاولة دراسة تحليلية على ضوء مدونة التجارة‬
‫وعمل المحاكم"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص قانون األعمال‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2009-2010‬ص ‪.22‬‬
‫‪16‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫مقتضيات تدخله في المادة ‪ 549‬من مدونة التجارة‪ ،‬وذلك من أجل التذليل الممكن‬
‫للصعوبات التي تمر منها المقاولة(الفقرة األولى)‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 553‬من نفس القانون‬
‫على جهاز أخر يتمثل في المصالح إذ نصت هذه المادة على أنه‪" :‬إذا تبين لرئيس المحكمة‬
‫أن اقتراحات رئيس المقاولة من شأنها أن تسهل تصحيح وضعية المقاولة‪ ،‬فتح إجراء‬
‫التسوية وعين مصالحا لمدة ال تتجاوز ثالثة أشهر قابلة للتمديد شهرا على األكثر بمطلب‬
‫من هذا األخير"‪.‬‬
‫إذ يعتبر تعيين المصالح من قبل رئيس المحكمة إعالنا عن بداية اإلجراءات الخاصة‬
‫بالتسوية الودية‪ ،30‬إذ تتالزم هذه األخيرة بتعيين الوكيل الخاص كتوطئة لتعيين المصالح‪،‬‬
‫لكن تعيين األول ليس من مستلزمات ومتعلقات التسوية الودية‪ ،‬فقد يعمد رئيس المحكمة إلى‬
‫تعيين المصالح دون الحاجة إلى تعيين الوكيل الخاص كلما ارتأى أن ظروف إبرام الصلح‬
‫الودي ممكنة‪ ،‬حيث يعتبر من باب اختصار عامل الزمن وتحصين أصول المقاولة عبر‬
‫تجنيبها أتعاب ومصاريف هذا األخير(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الوكيل الخاص‬


‫لقد أجاز المشرع المغربي طبقا لمقتضيات المادة ‪ 549‬من مدونة التجارة‪ ،‬لرئيس‬
‫المحكمة وبعد استماع لرئيس المقاولة وجمع المعلومات الكافية حول وضعية المقاولة‪،‬‬
‫وتكوين فكرة عن طبيعة وحجم الصعوبات‪ ،‬أن يعين أحد األغيار أطلق عليه المشرع‬
‫"بالوكيل الخاص"‪ ،‬إذ نصت المادة أعاله‪ ،‬على أنه‪" :‬إذا تبين أن صعوبات المقاولة قابلة‬
‫للتذليل بفضل تدخل أحد األغيار يكون بمقدوره تخفيف االعتراضات المحكمة بصفته وكيل‬
‫خاص وكلفه بمهمة وحدد له أجال إلنجازها"‪.‬‬

‫وتكتسي هذه المادة أهمية بالغة إذ تكشف عن التوجه الجديد للقانون المغربي‬
‫بخصوص األدوار الجديدة الموكولة لرئيس المحكمة‪ .‬إذ وبعد جعله وسط األزمات التي قد‬
‫تمر منها المقاوالت التابعة لنفوذ اختصاصه من خالل ما يفترض فيه من استعالم حول‬

‫‪-30‬يجب أن تتوفر الشروط الشكلية المتمثلة في تقديم طلب بذلك وكذلك الشروط الموضوعية والمتمثلة أساسا في‬
‫كون المقاولة تمر بصعوبات دون أن تكون في حالة توقف عن الدفع‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫وضعيتها‪ ،‬وكذلك االستماع إلى رؤسائها إما بشكل مباشر أو بعد استدعائهم أو بعد تبليغه‬
‫من قبل مراقب الحسابات أو أي جهة أخرى‪ ،‬فإنه يتعين عليه بعد كل ذلك أن يتخرط بشكل‬
‫قوي وفعال في إجراءات البحث عن الحل لتلك األزمات وتذليل ممكن لتلك الصعوبات من‬
‫خالل االعتراف له بحق تعيين أحد األغيار بصفته وكيال خاصا‪ ،‬وبمهام محددة وضمن‬
‫آجال يحددها له الرئيس‪.31‬‬
‫إال أنه وعلى الرغم من الصياغة العامة التي جاءت بها المادة ‪ 549‬من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬فإن رئيس المحكمة ال يمكنه تعيين الوكيل الخاص إال إذا تبين له وبوضوح أن ثمة‬
‫مؤشرات جدية لتذليل الصعوبات التي قادت المقاولة إلى المحكمة‪ ،‬وهذا يتطلب من الرئيس‬
‫أن يلمس استعدادا جديا من قبل رئيس المقاولة لتصحيح وضعية مقاولته‪ ،‬وأن تدخل الوكيل‬
‫الخاص سيساعد على تخفيف االعتراضات المحتملة‪ ،‬والتي تتمثل بشكل عام حول موقف‬
‫الدائنين من منح آجال جديدة الستخالص ديونهم أو التخفيض منها‪ ،‬وإال سيكون تعيينه من‬
‫باب استمرارية الوضعية السيئة للمقاولة عبر تحمليها أتعابه‪ ،‬وهو ما سيزيد من تفاقم‬
‫وضعيتها وتعميق أزمتها‪.‬‬
‫وما تجدر اإلشارة إليه في هذا اإلطار‪ ،‬هو أن المشرع المغربي لم يقيد سلطة رئيس‬
‫المحكمة من حيث تحديد شخص الوكيل الخاص‪ ،‬حيث سمح له تعيين أي شخص من‬
‫األغيار يكون بوسعه التوصل إلى تحقيق الغاية من تكليفه بهذه المهمة‪ .‬كما يتمتع الرئيس‬
‫بذات الصالحيات من حيث تحديد مهمة هذا الوكيل‪ ،‬إذ أن الهدف من تدخله يختلف تبعا‬
‫لنوعية المقاولة‪ ،‬وكذلك لنوعية ولخصوصية الصعوبات التي تعاني منها‪ .‬ومع ذلك تجب‬
‫اإلشارة إلى أن القانون الفرنسي كان أكثر توفيقا من نظيره المغربي‪ ،‬إذ بمقتضى قانون‬
‫‪ 2005‬تم تعديل المادة ‪ L6011-1‬من مدونة التجارة إذ أقر قاعدة عدم جواز تعيين بهذه‬
‫الصفة كل شخص مأجور من طرف المقاولة خالل السنتين السابقتين‪ ،‬كما ال يمكن تعيين‬
‫دائني المقاولة والقضاة المزاولين أو الذين توفقوا عن مزاولة مهامهم منذ ما ال يقل عن‬
‫خمس سنوات ضمانا لحيادهم عند قيامهم بهذه المهمة‪.‬‬

‫‪-31‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬


‫‪18‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المصالح‬


‫بعد أن يتلقى رئيس المحكمة طلبا من رئيس المقاولة طبقا للفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 550‬من مدونة التجارة يعبر فيه عن رغبته في سلك مسطرة التسوية الودية واالستفادة من‬
‫أحكامها‪ ،‬يقوم األول بتعيين مصالح لمباشرة اإلجراءات والقيام بالتدابير الضرورية لبلوغ‬
‫مسطرة التسوية مداها لتذليل صعوبات المقاولة‪.32‬‬
‫وعلى خالف الوكيل الخاص‪ ،‬فإن المادة ‪ 553‬من مدونة التجارة حددت مدة قيام‬
‫المصالح بمهمته حيث قضت ب"‪...‬وعين مصالحا لمدة ال تجاوز ثالثة أشهر وقابلة للتمديد‬
‫شهرا على األكثر بطلب من هذا األخير"‪.‬‬
‫ويبدو أن ثمة عدة اعتبارات كانت وراء تحديد السقف الزمني لتحديد مهمة المصالح‬
‫التي ال يجب أن تتجاوز كحد أقصى أربعة أشهر‪ ،‬حيث تعتبر من النظام العام ال يجوز‬
‫تجاوزها سواء بأمر التعيين أو التمديد‪ ،‬أو كذلك باتفاق بين المدين والدائنين‪.‬‬
‫فمن الجهة األولى قد يترتب على تعيين المصالح‪ ،‬وحتى يتمكن من النجاح في مهمته‬
‫استصدار أمر بطلب منه إلى رئيس المحكمة بوقف المتابعات الفردية ضد المدين طبقا‬
‫ألحكام المادة ‪ 555‬من مدونة التجارة‪ ،‬هكذا ال يمكن أن يستمر هذا الوقف لمدة أطول ألن‬
‫في ذلك مساس بحقوق الدائنين‪ ،‬والحال أن التسوية الودية مسطرة غير تنازعية‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية فإن أمر تعيين المصالح من قبل رئيس المحكمة مثله في ذلك مثل بقية‬
‫األوامر المرتبطة بمسطرة المعالجة غير القضائية لصعوبات المقاولة غير قابلة ألي طريقة‬
‫من طرق الطعن‪.‬‬
‫وإذا كان لنا أن ننضم للقول الذي يدعوا إلى "تقرير أجل معين مع إمكانية تمديده‬
‫بحسب ما تقضيه مسطرة التصالح أو الصلح وللوقت الكافي لذلك"‪ ،33‬فإن األخذ بذلك بشكل‬
‫كلي ومطلق قد ال يقوم صحيحا‪ ،‬خاصة إذا استعمل المصالح سلطة استصدار أمر الوقف‬
‫المؤقت للمتابعات الفردية طبقا للمادة ‪ 555‬من مدونة التجارة‪ ،‬حيث يكون االنتصار للدعوة‬
‫إلى جعل مدة قيامه بمهامه مفتوحة‪ ،‬فيه مس خطير وتعسف في حق الدائنين الذين ندعوهم‬

‫‪ -32‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬


‫‪ -33‬عالل فالي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪19‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫من خالل مسطرة التسوية الودية للمساهمة في تذليل صعوبات المقاولة‪ ،‬وتقديم تضحيات‬
‫من قلبهم لفائدة مدينهم‪.‬‬

‫خـاتـمـة‬
‫إن المتمعن في المقتضيات القانونية المنصوص عليها في الكتاب الخامس من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬يالحظ بشكل جلي أن المشرع أحدث تغييرات جذرية على الطبيعة القانونية‬
‫التقليدية لنظام اإلفالس وعلى أهدافه مرجحا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة‬
‫للدائنين‪،‬و مغلبا الطابع االقتصادي و االجتماعي على الطابع القانوني‪.34‬و أناس بالقضاء‬
‫سلطة واسعة في سير المساطر الجماعية لما يعرفه من ضمانات االستقالل والتجرد على‬

‫‪-34‬أحمد شكري السباعي‪،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة‪،‬و مساطر‬
‫مع الجتها‪،‬دراسة معمقة في قانون التجارة الجديد و القانون المقارن الجزء األول‪،‬النظرية العامة‪،‬األهداف و‬
‫مساطر الوقاية من الصعوبات‪،‬الوقاية الداخلية و الخارجية و التسوية الودية دار النشر و المعرفة‪،‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة‪،‬الرباط‪(،‬السنة غير مشار إليها)‪،‬ص‪.47:‬‬
‫‪20‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫أساس أن هذه المساطر‪ ،‬تجمع في إطارها مصالح متعارضة يصعب التوفيق بينها دون‬
‫تدخل سلطة محايدة ومحكمة‪.‬‬
‫ويتبين من مختلف مراحل البحث في موضوع سير مساطر المعالجة أن المشرع‬
‫حاول التوفيق بين مصالح الدائنين ومصلحة المقاولة المتوقفة عن الدفع بما يعود بالنفع على‬
‫جميع الجهات‪ ،‬وخول للقضاء سلطات واسعة لتحقيق هذه المعادلة الصعبة‪.35‬‬
‫وللحفاظ على استغالل المقاولة باعتبارها نواة االقتصاد نص المشرع من خالل‬
‫المقتضيات القانونية على مجموعة من األجهزة التي تنقسم إلى أجهزة داخلية و أخرى‬
‫خارجية و هي التي تطرقنا لها في دراسة موضوعنا‪،‬وهذه األجهزة منها ما كان في إطار‬
‫قانون التجارة لسنة ‪1913‬منها القاضي المنتدب‪،‬السنديك‪،‬المراقبين‪،‬كلها تهدف إلى إنقاذ‬
‫المقاولة و ضمان استمراريتها كونها خلية اقتصادية واجتماعية تتمتع باحترام حق الملكية‬
‫ا لخاصة وتلزم باحترام كرامة الذين يشتغلون بها وضمان حقوقهم الفردية والجماعية‪ ،‬كما‬
‫تعمل على تحقيق التقدم االجتماعي ألجرائها خاصة فيما يتعلق بأمنهم المادي‪.‬‬
‫وأخيرا ما يمكن مالحظته على مستوى األجهزة المتدخلة في نظام معالجة صعوبات‬
‫المقاولة على الرغم من زخم و وفرة و كثرة هذه األجهزة إال أنه يوحدها هدف وحيد يتمثل‬
‫في ضمان استمرارية استغالل المقاولة‪.‬‬

‫‪-35‬عالل فالي‪،‬مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪،‬دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع‪-‬الرباط‪،‬الطبعة‬


‫الثانية‪،‬السنة‪،2015:‬ص‪.221:‬‬
‫‪21‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫‪22‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫المـلحـق‬

‫الئحة المرجع‬

‫المراجع بالعربية‪:‬‬
‫أحمد شكري السباعي‪،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي‬ ‫‪‬‬
‫تعترض المقاولة‪،‬و مساطر معالجتها‪،‬دراسة معمقة في قانون التجارة الجديد و‬
‫القانون المقارن الجزء األول‪ ،‬النظرية العامة‪ ،‬األهداف ومساطر الوقاية من‬
‫الصعوبات‪،‬الوقاية الداخلية و الخارجية و التسوية الودية دار النشر والمعرفة‪ ،‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪(،‬السنة غير مشار إليها)‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫عبد الرحيم شميعة "إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة‬ ‫‪‬‬


‫طبقا للقانون رقم ‪ ،"81.14‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة وراقة سجلماسة‪-‬مكناس‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪،‬‬
‫عالل فالي‪ ،‬مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪،‬دار السالم للطباعة و‬ ‫‪‬‬
‫النشر و التوزيع‪-‬الرباط‪،‬الطبعة الثانية‪،‬السنة‪،2015:‬‬
‫محمد البوشواري "الوجيز في مساطر الوقاية ومعالجة صعوبات‬ ‫‪‬‬
‫المقاولة"‪ ،‬مطبعة ووراقة تارودانت‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2009‬‬
‫محمد كرم‪ ،‬الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة في التشريع‬ ‫‪‬‬
‫المغربي‪ ،‬الجزء األول‪،‬المطبعة و الوراقة الوطنية‪،‬زنقة أبو عبيدة‪،‬الحي‬
‫المحمدي‪،‬الداوديات‪ ،‬مراكش‪،‬الطبعة األولى ‪،2010‬‬
‫هشام البخفاوي و عالي منينو‪،‬الوجيز في مساطر صعوبات‬ ‫‪‬‬
‫المقاولة‪،‬مطبعة قرطبة‪،‬حي السالم ‪-‬أكادير‪،‬الطبعة األولى ‪،2015‬‬
‫المهدي شبو‪" ،‬مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر معالجة صعوبات‬ ‫‪‬‬
‫المقاولة "‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪ ،2006‬المطبعة والوراقة الوطنية – زنقة أبو‬
‫عبيدة الحي المحمدي‪ ،‬مراكش‪.‬‬

‫المراجع بالفرنسية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪JÉRÔME BONNARD DROIT DES ENTREPRISES en‬‬
‫‪difficulté.4éme édition hachette supérieur.2009.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Michel Jeantin et Paul le Cannu. droit commercial.‬‬
‫‪instruments de paiement et de crédit. Entreprises en defficulté.‬‬
‫‪DALLOZ.5eme édition 1999.‬‬

‫مقاالت‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫إشراق اإلدريسي‪ ،‬دور القاضي المنتدب في مسطرة معالجة صعوبات‬ ‫‪‬‬


‫المقاولة‪،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية و اإلدارية‪،‬السنة ‪،2015‬العدد الثامن‪.‬‬
‫عبد اللطيف الشنتوف‪ ،‬نحو منح القاضي المنتدب صالحيات قاضي‬ ‫‪‬‬
‫المستعجالت في مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪،‬مجلة القانون‬
‫المغربي‪،‬السنة‪،2013‬العدد الواحد و العشرون‪.،‬‬
‫رسائل وأطروحات‪:‬‬
‫فؤاد بوعبيدة‪" ،‬دور السنديك في مساطر معالجة صعوبات المقاولة‬ ‫‪‬‬
‫دراسة تحليلية على ضوء مدونة التجارة وعمل المحاكم"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫تخصص قانون األعمال‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2010-2009‬‬
‫المواقع االلكترونية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫موقع القانون والمقاولة ‪http://www.droitetentreprise.com‬‬
‫‪‬‬ ‫‪http://www.maghress.com‬‬ ‫موقع مغرس للدراسات القانونية‬

‫الفهرس‪:‬‬

‫مـقـدمـة ‪1 ...................................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األجهزة المتدخلة من داخل المقاولة ‪5 ...............................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬جهاز رئيس المقاولة والشركاء ‪6 ....................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬رئيس المقاولة ‪6 .........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشركاء‪7 ..................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جهاز مراقب الحسابات ‪9 .............................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور مراقب الحسابات ‪9 ................................................................‬‬

‫‪25‬‬
‫األجهزة المتدخلة في نظام صعوبات المق اولة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مسؤولية مراقب الحسابات ‪10 .........................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األجهزة الخارجية في مساطر صعوبات المقاولة ‪11 .............................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األجهزة القضائية المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة ‪12 ...................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬رئيس المحكمة التجارية ‪13 ..........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬القاضي المنتدب والسنديك‪14 .........................................................‬‬

‫أوال ‪ :‬القاضي المنتدب ‪14 ...............................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬السنديك ‪15 .........................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األجهزة الخاصة المتدخلة في تحريك مساطر صعوبات المقاولة ‪16 ..........‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الوكيل الخاص ‪17 ......................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المصالح ‪19 ...............................................................................‬‬

‫خـاتـمـة ‪20 .................................................................................................‬‬

‫المـلحـق ‪23 ................................................................................................‬‬

‫الئحة المرجع ‪23 .........................................................................................‬‬

‫الفهرس‪25 ............................................................................................... :‬‬

‫‪26‬‬

You might also like