Professional Documents
Culture Documents
New Microsoft Word Document
New Microsoft Word Document
كان البيزنطيون يريدون االحتفاظ بأفريقيا بأي ثمن ،بعد أن طردهم المسلمون من مصر والشام ،ولما كانت القوى
البحرية اإلسالمية بأفريقيا ال تزال ضعيفة ،فقد تعرض المسلمون لضربات قاسية من األسطول البيزنطيقادة الفتح
اإلسالمي للمغرب
عمرو بن العاص (23هـ) :وهو الذي دشن الفتوح في المغرب ،وفتح برقة وطرابلس وفزان ،قبل أن
يوقف الفاروق محاولة الفتح في هذه الجهة ،ويقول كلمته المأثورة ،إنها مفرقة فلن تغزوها ما بقيت.
عبد هللا بن سعد بن أبي سرح (27هـ) :فاتح أفريقيا (تونس) ،وبطل معركة سبيطلة الحاسمة ،التي أنهت
وجود الروم البري في أفريقيا إلى األبد ،وذلك في خالفة عثمان.
معاوية بن حديج السكوني (45هـ) :فاتح بنزرت ،وسوسة ،وجلوالء ،وذلك في خالفة معاوية.
عقبة بن نافع الفهري :البطل الشجاع ،رائد الفتوح المنظمة بالمغرب ،والشخصية األبرز في فتوح
المغرب ،وباني مدينة القيروان الخالدة ،وذلك سنة 50هـ في خالفة معاوية ،ثم سنة 62هـ في خالفة
يزيد.
أبو المهاجر دينار (55هـ) :فاتح المغرب األوسط ،حتى تلمسان ،وذلك في خالفة معاوية.
زهير بن قيس البلوي (69هـ) :وهو قائد المعركة الحاسمة في أفريقيا ضد البربر ،التي قضت على
كسيلة ،شيخ قبيلة أوربة الموالي للروم ،والخصم العنيد للمسلمين ،وذلك في خالفة عبد الملك.
حسان بن النعمان الغساني (74هـ) :وهو الذي قضى على الكاهنة ،في جبال أوراس بالمغرب األوسط،
حيث كانت المقاومة األصعب التي واجهها المسلمون بالمغرب ،وهو -أيضا -فاتح مدينة قرطاجة
الشهيرة ،ومؤسس البحرية اإلسالمية بتونس ،وذلك في خالفة عبد الملك.
موسى بن نصير (86هـ) :وهو الذي أنجز المرحلة النهائية في فتوح المغرب ،والتقدم نحو المحيط
األطلسي ،واستكمل أطول فتح في تاريخ اإلسالم العسكري ،ووضع أسس التقسيم اإلداري للمغرب،
وأرسى روح التالحم بين العرب والبربر ،في إطار اإلسالم ،وذلك في خالفة الوليد.
وترجع المصاعب التي واجهها العرب أثناء فتحهم للمغرب ،والمدة الطويلة التي استغرقها هذا الفتح ،إلى أسباب
عدة؛ منها:
فالمغرب عبارة عن منطقة جبلية شاسعة تمتد من الشرق إلى الغرب (حوالي 4000كم) يحيط بها البحر المتوسط
شماال ،والمحيط األطلسي غربا .كذلك تحدها من الشمال سلسلة جبال الريف ،التي تمتد من المحيط األطلسي إلى
قرب تلمسان (قاعدة المغرب األوسط) شرقا .أما في الجنوب فهناك سلسلة جبال أطلس التي تمتد من المغرب
األقصى إلى المغرب األدنى.
فإن ساكن هذه األوطان من البربر أهل قبائل وعصبيات ،فلم ُيغن فيهم الغلب األول الذي كان البن أبي سرح عليهم
شيئا ،وعاودوا بعد ذلك للثورة والردة مرة بعد أخرى ،وعظم اإلثخان من المسلمين فيهم ،حتى قيل ،إن البربر
ارتدت 12مرة ،ولم تستقر كلمة اإلسالم فيهم إال لعهد والية موسى بن نصير .فكانت مقاومتهم للمسلمين ،ولذا
كانوا أشد عنفا من مقاومة الفرس والروم المدربين لهم.
فقد كان البيزنطيون يريدون االحتفاظ بأفريقيا بأي ثمن ،بعد أن طردهم المسلمون من مصر والشام ،ولما كانت
القوى البحرية اإلسالمية بأفريقيا ال تزال ضعيفة ،فقد تعرض المسلمون لضربات قاسية من األسطول البيزنطي،
الذي ركز قواه هناك .لكون اإلمبراطور قسطنطين خليفة هرقل ،بعد أن هزمه المسلمون في وقعة ذات الصواري (
34هـ) ،نقل مقره إلى صقلية لحماية األم (روما) ،قبل حماية البنت (القسطنطينية).
فقد كانت قلة أعداد المسلمين الفاتحين في المغرب ،بالنسبة لمساحة البالد الشاسعة ،وكذلك بالنسبة لكثافة سكانها،
تحول بينهم وتحويل فتوحاتهم إلى فتوح ثابتة ومستقرة ،كما أن بعدهم عن مركزهم في الجزيرة العربية والشام ،بل
وحتى في مصر ،كان يحرمهم من المدد الواسع الكثيف.
وذلك بعد مقتل الخليفة عثمان -رضي هللا عنه ،-ثم تجدد هذه الحروب بعد وفاة معاوية ،وانتقال الخالفة بالوراثة
إلى ابنه يزيد ،هذا األخير الذي لم يكن محّل إجماع المسلمين .وقد نتج عن هذه الحروب إيقاف الفتح في المغرب
مرتين ،ولسنوات عدة في المرة األولى ،ولسنوات عدة في المرة الثانية.
أكرم هللا العرب المسلمين بعد تلك التضحيات الكبيرة التي قدموها في فتح المغرب بفتح إسبانيا ،التي أدى البربر
الذين آمنوا بدين هللا بصدق وحمية ،وانتقلوا من الهامشية إلى الفاعلية ،دورا كبيرا وملموسا في فتحها
كذلك صارت حياتهم ومعامالتهم قائمة على أساس الشريعة اإلسالمية .ولوال اإلسالم لما بقيت للعروبة بقية في هذه
الربوع ،التي ظلت على مّر العصور هدفا للحمالت الصليبية المتعاقبة ،وحسبك 130عاما استيطانا مسعورا،
وتغريبا مسموما ،وفرَن َس ة حاقدة في الجزائر .ودخول العروبة إلى هذه الربوع في ظل اإلسالم ،هو الذي ضمن لها
المقومات األساسية ،من لغة وحضارة ،وفكر وثقافة ،ودعم هذه المقومات بالروح والعقيدة .ومن هذا المنطلق ،حفظ
اإلسالم للعروبة في شمال أفريقيا مواقف وبطوالت على مر العصور ،وأنجب لها أبطاال وقادة وُبناة حضارة.
كما أكرم هللا العرب المسلمين بعد تلك التضحيات الكبيرة التي قدموها في فتح المغرب ،التي ُتّو جت بإسالم هذا
الشعب األبّي الشجاع (البربر) ،بفتح إسبانيا التي أّد ى البربر -الذين آمنوا بدين هللا بصدق وحمية ،وانتقلوا من
الهامشية إلى الفاعلية -دورا كبيرا وملموسا في فتحها ،من خالل حملة عسكرية ،كان على رأسها طارق بن زياد
البربري ،وذلك حبا للعقيدة وتضحية من أجلها ،ال طمعا في مغنم ،أو حرصا على جاه.
الوضع السياسي
كانت األوضاع السياسَّية في المغرب عشَّية الُفتوحات اإلسالمَّية ُمضطربة نتيجة القالقل والُحروب التي نشبت على
األراضي المغربَّية بين القبائل الجرمانَّية النازحة من القاَّر ة األوروپَّية والبيزنطيين ،وبين البيزنطيين واألهالي
أنفسهم .فقد كانت شمال أفريقيا المغاربَّية ُتشِّك ُل ُجزًءا من اإلمبراطورَّية الرومانَّية ُمنذ سنة 146ق.م ،عندما تمَّك ن
الرومان من اجتياح وإسقاط مدينة قرطاج خالل أواخر الحرب البونيقَّية الثالثة ،والقضاء على الُقَّو ة الُعظمى
الوحيدة في المنطقة القادرة على ُمنافسة روما وعظمتهاُ ،محولين جميع المناطق المغاربَّية التي كانت تتبع قرطاج
إلى والياٍت رومانَّية نمطَّية يحكم ُك ٌل منها «برقنص» (بالالتينية )Proconsul :يتبع القيصر الروماني في
عاصمة ُملكه ،وكان عليه جباية الضرائب من الُس َّك ان وإخضاع أي تمُّر د ورد االعتداءات عن ُحدود واليته.
واستمَّر ت المغرب خاضعًة للُرومان حَّت ى سنة 435م تقريًبا ،إذ حصل خالل تلك الفترة من التاريخ أن أخذت
أحالف القبائل الجرمانَّية تتحَّر ك من شمال أوروَّپا ووسطها على ُط ول الُحدود الشمالَّية والشرقَّية لإلمبراطورَّية
الرومانَّية الغربَّية على طول نهرّي الطونة (الدانوب) والراين ،وتمكنت في النهاية من اقتحام أراضي
اإلمبراطورَّية واحتاللها وتقاُسمها .وفي أثناء هذا التحُّر ك الواسع اندفع حلف قبائل الوندال من الشمال إلى وسط
أوروَّپا ،ومنها إلى الغالُ ،ثَّم إلى شبه الجزيرة األيبيرَّية حيُث استقَّر ت فترة قصيرة من الوقتُ ،ثَّم دفعتها قبائل
جرمانَّية ُأخرى أهمها السويف واآلالن إلى الجنوب ،فاستقَّر ت في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة األيبيرَّية
جنوبي نهر الوادي الكبير .وفي سنة 429م تقريًبا عبر الوندال إلى المغرب ِبقيادة ملكهم گنسريك ]1 [ْ،وبلغت
أعدادهم وفق بعض المصادر 80,000شخص ]2 [ْ،ووفق مصادر ُأخرى تراوحت بين 15,000و20,000
شخص ]3 [ْ.ولم يحتل الوافدون الُجدد القطر المغربّي ُك َّله ،وإَّن ما اقتصرت سيطرتهم على شمال والية إفريقية،
وسواحل المغرب األوسط ،ومنطقة طنجة ]3[،وقد أقاموا في تلك المناطق حوالي القرن من الزمن محوا في أثنائه
ُمعظم آثار الرومان وحضارتهم في البالد ]4[،وأَّد ى هذا االستقالل السياسي عن روما إلى تعاظم ُنفوذ قبائل البربر
[]3
ُخ صوًص ا في المغربين األوسط واألقصى ،فكَّو ن الُس َّك اُن مجموعاٍت ُمبعثرٍة انعدمت بينها الوحدة السياسَّية.
صرد ذهبي يظهر عليه نقٌش للهرقلين األب واالبن بيليساريوس ِللروم.
(اإلمبراطور الحًقا) ،حاكَم ي إفريقية أواخر عهد القيصر فوقاس.
أَّد ت غزوات الجرمان إلى انهيار اإلمبراطورَّية الرومانَّية الغربَّية وانتقال ميراثها العتيق إلى شقيقتها الشرقَّية أو
البيزنطَّية .وعندما توَّلى عرش اإلمبراطورَّية البيزنطَّية القيصر ُجستنيان األَّو ل (565 - 527م) ،أطلق حملًة
دعاها «استعادة اإلمبراطورَّية» (بالالتينية )Renovatio Imperii :هدف من خاللها استعادة كاَّفة األراضي
الغربَّية لإلمبراطورَّية الرومانَّية السابقة ]4 [ْ،وفي ُمقدمتها إفريقية والمغربين األوسط واألقصى .فأرسل حملًة
عسكرَّي ًة كبيرة على رأسها القائد المشهور بيليساريوس في شهر أيلول (سپتمبر) 533م .وبعد قتاٍل عنيٍف بين
الروم والوندال تمَّك ن بيليساريوس من القضاء على المملكة الوندالَّية واستعاد للروم إفريقية وما تيسر له من سواحل
المغرب ُو صواًل إلى سبتة ]4[.وقد حسب ُجستنيان -بعد أن أنهى أمر الوندال في شهر كانون األَّو ل (ديسمبر)
533م -أَّن ُه يستطيع إحياء الُسلطان الروماني القديم وما يتبعُه من مظاهر حضارَّية مثل تجديد الُمنشآت الرومانَّية
من ُمعسكرات ومالعب وُحصون وقالع وكنائس ،ولكن تبَّين لُه أَّن زمان ذلك ُك َّله كان قد وَّلى بال رجعة ،فقد
استقَّل البربر في الداخل استقالاًل تاًما وأصبحوا ال ُيدينون بالوالء إاَّل لقبائلهم وعشائرهم ،وارتَّد الكثيرون منهم
عن المسيحَّية ،وتضاَّمت ُصفوف جماعاتهم القبلَّية ِلصد أَّي ُمحاولٍة رومَّية للتدخل في شؤونهم ،وُهدمت أو انهارت
الكثير من اآلثار الرومانَّية في بالدهم ،وبالتالي اقتصر ُسلطان البيزنطيين على ما كان ِلقرطاج القديمة ،وهو
الساحل الشمالّي إِل فريقية وما جاورها من المناطق التي فتحها بيليساريوس ]4[.وفي السنوات القليلة التي سبقت الفتح
اإلسالمي ،عّين قيصر الروم اإلمبراطور موريس أحد قادته العسكريين ،وُيدعى هرقل ،قائًد ا أعلى على المغرب،
بُرتبة بطريرك ،وكان ذلك سنة 600مُ .ثَّم حصل أن ُخ لع القيصر ساِلف الِذكر وُقتل على يد أحد ُضَّباطه الثانويين
وُيدعى «فوقاس»ُ ،ثَّم ترَّبع هذا على عرش اإلمبراطورَّية ،وكان ُمستبًد ا غاشًما تدهورت خالل عهده أوضاع
اإلمبراطورَّية البيزنطَّية بشكٍل كبير ،األمر الذي دفع هرقل حاكم إفريقية إلى إعالن العصيانُ ،ثَّم دَّبر ُمؤامرة ِلخلع
اإلمبراطور ،وشَّج عُه في ذلك موقف سكان شمال إفريقيا من البربر الذين أّيدوه نظًر ا ِلُحكمه العادل ُمقارنًة مع باقي
الًح َّك ام السابقين ،فأرسل ابنه هرقل األصغر في حملٍة بحرَّيٍة استولت على سالونيك ،ومنها سار
إلى الُقسطنطينَّية حيُث قبض على فوقاس وقطع رأسه وُتِّو ج إمبراطوًر ا سنة 610م ]5 [ْ.شهد المغرب في أَّيام
اإلمبراطور هرقل عصًر ا من الَّسالم لم يعرفه األهالي من قبل ،وتمتع البربر وهم األكثرية في المنطقة بالكثير من
[]4
الُح رَّية واالطمئنان ،وعادت المسيحَّية تتسَّر ب إليهم.
وفي أواخر عهد هرقل عادت االضطرابات لتنتشر في المغرب ،من واقع ُمحاولة الُحكومة البيزنطَّية فرض مذهبها
على كاَّفة أطياف الشعب ،فأخذ البربر واألفارقة يلتفون حول بطاركتهم للدفاع عن عقيدتهم ضَّد اإلمبراطورَّية،
وانتهى األمر بأن نهض أحد القادة والقساوسة ُيسَّمى جرجير ،واستقَّل عن الدولة وحكم ُمستعيًن ا ببقايا ُجند الروم
وُجنٍد بربرٍّي ُمرتزق ،وضرب العمالت باسمه واتخذ من قرطاج عاصمًة لهُ ،ثَّم تركها وانسحب إلى الداخل
وتحَّص ن في ُسبيطلة خوًفا من أي ُهجوٍم رومٍّي ُمحتمل .أَّما في بقَّية بالد المغرب فقد تحَّر ر البربر من ُسلطان
الروم وتالشت المسيحَّية من دواخل بالدهم للمَّر ة الثانية .وفي تلك الفترة كان الُمسلمون قد
[]4
فتحوا الَّش ام ومصر وأخذوا يستعدون للسير إلى برقة ،وهي مدخل المغرب.
الوضع اإلداري
المقاالت الرئيسية :إفريقية الرومانَّية وموريطنية الطنجَّية وموريطنية القيصرَّية وأبرشَّية مصر
قَّسم الرومان المغرب إلى عَّد ة واليات ُمنذ أَّيام إمبراطوريتهم الُعظمى ،فكانت أدنى والياتهم المغربَّية هي
والية كريت وبرقة (بالالتينية ،)Creta et Cyrene :وقد تأسست سنة 20ق.م واستمَّر ت حَّت ى
سنة 297م عندما ُقسمت إلى ُمقاطعتين هي :ليبيا الُد نيا (بالالتينية ،)Libya Inferior :وليبيا الُقصوى أو
برقة (بالالتينية ،)Libya Superior :وابتداًء من سنة 370م ُألحقت تلك الُمقاطعتين ِبأبرشَّية مصر ،التي كانت
تابعًة ِبدورها إلى والية الشرق اإلمبراطورَّية وفق ما نَّصت عليه وثيقة الكرامات العرضَّية (بالالتينيةNotitia :
.)Dignitatumتجاورت برقة مع ُمقاطعة طراُبلس (بالالتينية )Tripolitania :بدايًة ،وكانت تتبع والية إيطاليا
اإلمبراطورَّية (بالالتينية ،)Praefectura Praetorio Italiae :وفي وقٍت الحق ُألحقت ِبأبرشَّية إفريقية ،مع
استمرار تبعَّيتها إلى والية إيطاليا .وُعرفت المنطقة التي تقع جنوبي طراُبلس باسم «فَّز ان» ،ولم يكن للروم سيطرة
ُمباشرة عليها نظًر ا لكونها صحراوَّية وجبلَّية وعرة بأكثر نواحيها ،تتخللها بضع واحاٍت وُمستوطنات .أَّما أقصى
المغرب فُقسم إلى ُمقاطعتين :موريطنية القيصرَّية ،وكانت تتبع أبرشَّية إفريقية كذلك ،وموريطنية الطنجَّية التي
كانت تتبع أبرشَّية هسپانيا.
وبعد أن استرَّد البيزنطّيون إفريقية وما تالها من بالد من الوندال ،أفردها اإلمبراطور ُجستنيان ِبنظاٍم خاٍص دقيٍق
من بين أنظمة سائر الواليات ،وكان نظامه هذا ينطوي على الكثير من الحرص من أهلها ويرمي إلى جعلها مــورًد ا
من موارد المال والمؤونة للدولة ،فلم تكد بشائر استعادتها ترد عليه حَّت ى رفــع إفريقية إلى مصاف واليات الدولــة
الُك برى ،وأقــام على ُحكومتهــا عــاماًل مــدنًّي ا ال عســكرًّي ا ،وأصبحت ُح دودها تمتــد من برقــة شــاملًة طــراُبلس
الغرب وحوض مجرد وجبال األوراسُ ،ثَّم تأخذ في االقــتراب من الســاحل حَّت ى تنتهي عنــد طنجــة وســبتة .أَّم ا في
[
الجنوب فقد شملت سهل مجرد وهضبة األوراس ُو صواًل إلى تبســة ومســكوال وتمجــاد ولمبــيزة وطبنــة والمســيلة.
]5وأقدم ُجستنيان على تقسيم البالد إلى سبعة أقساٍم إدارَّية جديدة هي :الوالية الُقنصلَّية (شمال الُجمهورَّي ة الُتوُنســَّية
الُمعاصرة) ،والوالية الداخلَّية (بيزاسيوم) ،ووالية طراُبلس ،ووالية نوميديا ،ووالية ُموريطنية األولى (كالُهمــا في
شمال الجزائر الُمعاصرة) ،ووالية ُموريطنية الثانية (شمال المملكة المغربَّي ة الُمعاصرة) ،وســردانية ]5[.وقــد امت ـَّد
ُسلطاُن اإلمبراطورَّية في أَّو ل األمر إلى أبعد من هذا الحد الرسمي ،فدخل في طاعتها نفٌر من بدو البربر الضـاربين
على ُحدود الصحراء الُك برى ،وُأقيمت المحارس على ُط ول الرباط األخير لكي تضمن طاعــة هــؤالء للدولــة وتــرد
عنها أذاهم ،ولكَّن ُسلطانها أخذ يضعف شـيًءا فشـيًئ ا ،فأخذت تنسـحُب إلى الشـمال ،حَّت ى لم يبـق من أمالكهـا آخر
األمر إاَّل ساحٌل ضِّيق وبضع محارس حصينة في الــداخل ،مثل تبســة وُس بيطلة ،واحتــَّل الــبربر مــا خال ذلــك من
ُحصون .وكانت برقة البيزنطَّي ة ال تكـاد تعـدو مـدائنها الخمس ،وكـذلك طـراُبلس .وكـان ُجسـتنيان قــد جمـع ِلحـاكم
إفريقية ُك ل الُس لطات ،فكــان هــذا الحــاكم يحمــل من تبعــات الُحكم فــوق مــا ُيطيق ،وكــان ُمثقاًل باأللقـاب وشــارات
الشرفُ ،يرافقُه جيٌش من الُموظفين ويحف به األتباع والخدم ،وُأطلقت يده في ُك ل شيء حَّت ى بلغ من اتســاع ُس لطته
أَّن ُكَّت اب ذلك العصر أعوزهم اللفظ الذي ُيعبرون به عن مقدار الُسلطة التي كــان يتمَّت ع بهــا ذلــك الحــاكم ]5[.وُقبيل
الفتح اإلسالمي ببضع سنوات ،أجرى الروم تغييراٍت جديدة على التقسيمات اإلدارَّي ة للمغــرب ،فــاقُط تعت طــراُبلس
وبرقة من إفريقية وُد مجتا مع مصر ُمجــدًد ا ]6 [ْ،وُد مجت الُموريطنَّيتــان الســابقتان تحت اســم «موريطنية األولى»،
وُد مجت مدينة سبتة مع ُمدن والية إسپانية (جنوب شبه الجزيرة األيبيرَّية) وُجزر البليار ِلُتشـِّك ل والية «موريطنية
الثانية».
الوضع االقتصادي
كان اقتصاد الواليات والُمقاطعات المغربَّية البيزنطَّية يقوم على الزراعة ،وشَّك لت إفريقية أغنى أقاليم المغرب من
حيُث الموارد الزراعَّية ،كما كانت أكثرها ُس َّك اًن ا وُعمراًن ا ،وأرقاها حضارًة ،إاَّل أَّن أغلب المزارع الُك برى ،كانت
ُملًك ا أِل ُرستقراطيين روم ،وكان األهالي المغاربة يعملون في تلك المزارع وال ينالون ُحقوقهم .أَّما الفاَّل حون
المغاربة ،فلم تكن لهم أراضي واسعةُ ،ثَّم إنهم ُأثقلوا بالضرائب الُمتنوعة التي ُفرضت عليهم من ِقبل الُحكومة
المركزَّية في الُقسطنطينَّية ]3[.فقد كان الحاكم البيزنطّي ُمكلًفا بأن يجمع من الوالية مااًل طائاًل ،ألَّن األباطرة
الُمتالحقين كانوا يرغبون ِبترويم هذه المنطقة (صبغها بالصبغة الرومَّية) ِبأسرع وقٍت ُممكن ِلضمان والء أهلها
لإلمبراطورَّيةِ ،لُسهولة إمكانَّية استقاللهم وُخ روجهم عن الطاعة ِبسبب ُبعد الوالية عن مركز الُحكم ،إضافًة إلى
االستعانة ِبمواردها ،كما بموارد سائر الوالياتِ ،لتعويض ما ينضب من موارد الدولة ِبسبب الُفتوحات والُحروب
في أوروَّپا وآسيا .وكان على الحاكم كذلك أن ُيرسل إلى العاصمة في ُك ِّل سنة عدًد ا من الُسفن الُمحَّملة بالغالل
ِلغذاء أهل الُقسطنطينَّية ،وِلهذا كان ال ُبَّد من عدٍد كبيٍر من الُموظفين ِلتحصيل هذه الضرائب ُك لها ،فكان العبء
ثقياًل على الواليات المغربَّية الفقيرة ،وحَّت ى على إفريقية التي كانت أغناها ،وقد قَّد ر الُمؤِّر خ والباحث الفرنسي
شارل ديل ُمرتبات الموظفين الروم وحدها بما ُيقابلها من الفرنكات الفرنسَّية سنة 1898م ،فقال أنها كانت تبلغ
10,299,737فرنًك ا ]8 [ْ،وقَّد رها الباحث والُمؤِّر ح المصري ُحسين ُمؤنس سنة 1947م ِبحوالي نصف
مليون ُجنيه مصري ،وهذا بدون احتساب ما ُيرسل ِلخزينة اإلمبراطور الخاَّصة وما ُيدفع ِلُرؤساء البربر وما ُيجمع
من القمح ،وأيًض ا دون تقدير نفقات الجيش البيزنطي الُمرابط في المغرب من سالٍح وُد روٍع ومالبس وغذاء
وصيانًة للمباني والُحصون واألسوار ودور الصناعة ]5[.وقد انتشر الُموظفون البيزنطيون من عاصمة الوالية إلى
األرياف ،فضَّمت ُك ل مدينة فرقة منهم ،وقام في ُك ل قرية ُموظٌف واحد ]9 [ْ.ولَّما كانت األعباء المالَّية ثقيلة على
هذه الُصورة ،فلم يكن ِبإمكان الحاكم التفُّر غ للقيام ِبُشؤون الُحكم اُألخرى وُمراعاة مصالح المحكومين ،انصرف
ُجهد الُحكومة ُك َّله إلى جمع المال ،ومن البديهي أن تعجز الوالية عن الُنهوض بذلك العبء الثقيل ،فلجأت الُحكومة
إلى أخذ الُس َّك ان بالُعنف للُحصول على مالها بالضغط واإلرهاق ،فاشتَّط ت مع رعاياها اشتطاًط ا بالًغ ا ،فلم يجد
هؤالء بًد ا من ترك مزارعهم ومتاجرهم والنجاة بأنُفسهم واحتراف الُلصوصَّية وقطع الُط رق واالعتداء على
اآلمنين ]6[.كان نظام الضرائب في إفريقية البيزنطَّية يُد ُّل على استقصاٍء ُمنَّظ ٍم شامل ِلُك ل موارد البالد ،فتتَّبع
الُمشِّر ع الرومي الثروة الخاَّصة في ُك ل ناحية وأثقلها بالمال ،فُفرضت على الُممتلكات العقارَّية ضريبتا الدخل
والرأس ،وُقِّد رت الُفروض الُمختلفة على الزراعة والتجارة والجمارك والمالحة ،وبلغ من اهتمام الُحكومة
بالضرائب أن كان ُخ مسا الُموظفين ُمختصين بالتحصيل وأكثر من النصف يقومون ِبُشؤون المال ]10 [ْ.وقد كان
معقواًل أن يصلح هذا النظام في واليٍة غنَّيٍة كمصر تكفي مواردها ِلسد المطالب الُحكومَّية ُك لها ،أَّما إفريقية الفقيرة
.فال ِقبل لها ِبذلك
الوضع الديني
وعرفت الكنيسـة المغربَّي ة إنقسـاًما خاًص ا بهـا ،هـو المـذهب الـدوناتي -نسـبًة إلى صاحبه دون ات الكب ير ،أسـقف
الوطنــيين ،الــذي أعلن عــدم االعــتراف بــأي كــاهٍن مهمــا علت مرتبتــه طالمــا كــان ُمســتكيًن ا وراض ـًخ ا للُس لطات
اإلمبراطورَّية ،وطلب االستشهاد في سبيل ذلك واستجاب لُه ُك ل الَّساخطين على اإلمبراطورَّية وخاَّص ًة من طبقــات
الكادحين]15[.
وعندما أصبحت المسيحَّية الديانة الرسمَّية لإلمبراطورَّي ة أَّي ام ُقس طنطين األَّو ل ،وقــف هــذا األخير ضـَّد الدوناتَّي ة
واعتبرهم خارجين عن القانون .وترَّت ب على تحالف اإلدارة والكنيسة ضَّد المذهب الدوناتي أن أصبح المذهب رمز
الُمقاومة الشعبَّية ،وازداد انتشاره ِبزيادة انتشار الفقر والُبؤس بين األهالي الذين ثاروا ضَّد الُحكومة والطبقة الغنَّي ة،
ودعوا إلى الُمساواة .وحاولت الُحكومة ُمجادلة أصحاب هذا المذهب ،فكان القِّد يس أوغسطين ألد أعدائه ،حيُث شَّهر
به وهاجم أساليبه العنيفة ،وأباح للدولـة اسـتعمال العنـف ضـَّد أصحاب هـذا المـذهب ِلكسـر شـوكتهم وإعـادتهم إلى
حظيرة الكنيسة النيقَّية .لكَّن النتيجة جاءت عكسَّية ،إذ تحالف الكادحون والُفقراء مع الدوناتَّية ،واستمَّر الصراع إلى
وفاة دونات سنة 355م ،واتخذ شكل الثورة الوطنَّية في طراُبلس ونوميديا إلى سنة 375م ]14 [ْ.وبعـد وفــاة دونـات
اســتمَّر أوغســطين في ُمحاربــة الُمنشــقين عن الكنيســة الوطنَّي ة والهراطق ة حَّت ى انتصرت الكنيســة اإلفريقَّي ة على
أعدائها ،على أَّن الدوناتَّية استمَّر ت بعض جماعاتها إلى القرن الَّسادس الميالدّي .وعندما وقعت بالُد المغــرب تحت
ُحكم قبائــل الونــدال الجرمانَّي ة ،ابتــدأ فصٌل جديد من ُفصول الصراع الــدينّي ،فقــد فــرض الونــدال على النــاس
مذهبهم اآلريوسي الذي يقــول بطبيعــة المســيح البشـرَّية ،واضــطهدوا النصارى النيقــيين وصادروا أمالك الكنيســة
وأموالها وحَّو لوها إلى اآلريوسيين]16[.
ولَّما استعاد الروم البالد المغربَّية من الوندال ،أخذت الدولة تعمل على حسم الخالفات الدينَّي ة ،فاســتعاد البــيزنطّيون
الكنائس الُمغتصبة ،وثأروا من اآلريوسيين أشد الثأر ،واضطهدوا الدوناتَّية وكذلك اليهــود ]17[،ولكَّن ذلــك لم يمنــع
انتشار مذاهب جديدة مثل النسطورَّية القائلة ِبُثنائَّية طبيعة المسيح :اإللهَّية واإلنسانَّية .ولم تنتِه مشاكل المسيحَّية عند
هذا الحد ،إذ انقسم اليعاقبة أصحاب مذهب الطبيعة الواح دة ،وهــو المــذهب الرســمي لإلمبراطورَّي ة البيزنطَّي ة على
أنُفسـهم ،وتـدخلت اإلمـبراطورة ُثي ودورا زوجـة ُجســتنيان في سـبيل الُمحافظـة على وحـدة الكنيسـة ]15 [ْ،وقــامت
ِبإجراءاٍت كان من نتيجتها ثورة أهـل إفريقية الـذين احتجـوا على اإلمـبراطور في الُقسـطنطينَّية والبابـا في رومـا.
واستخدم ُجستنيان ضَّد هم العنف واإلرهاب مما عمل على اتساع الُهَّو ة بين اإلمبراطورَّية وإفريقية]18[.
وِخالل هــذه الفــترة عــاود المــذهب الــدوناتي الُظ هــور بعــد أن انتشــرت المفاســد بين رجــال الكنيســة كالرش وة وقَّل ة
االنتظام والتحاسد .ومــع مطلــع الق رن الس ابع الميالدّي ونتيجـًة ِلقيام إفريقية ِب دوٍر هــام في سياســة اإلمبراطورَّي ة
القاضية ِبخلع اإلمبراطور فوقاس وتزويد الجيش البيزنطي بالرجال ِلحرب الُفرس الساسانيين وإخراجهم من مصر
والَّش ام ،أنعم هرقل عليهــا فشــهدت عصًر ا من الســالم ،وتمتــع أهلهــا ِبقســٍط كبــيٍر من الُح رَّي ة الدينَّي ة واالطمئنــان،
واستغَّل البابا جرجير األَّو ل هذا الُهدوء فأرسل البعثات التبشيرَّية إلى المناطق الداخلَّية ِلنشـر المسـيحَّية بين الـبربر،
فنجحت بعضها بذلك ]19[.وترتب على ذلك أن ازدهرت عالقة الكنيســة اإلفريقَّي ة ِبرومــا ،مــع احتفاظهــا ِبعالقتهــا
اإلدارَّي ة مــع الُقســطنطينَّية .وفي ســنة 638م ظهــر في إفريقية مــذهٌب جديد هــو مــذهب بطريرك الُقســطنطينَّية
سرجيوس األَّو ل ،المشهور بالمذهب المونوثيليتي أو مذهب المشيئة الواحدة الذي يقول بالطبيعــة اإللهَّي ة واإلنســانَّية
مًعا للمسيح ،وقد وقف إلى جانبه هرقل رغبًة منُه في اكتساب تأييد اليعاقبة وإنهــاء الصراعات المذهبَّي ة في البالد.
وعارضت الكنيسة اإلفريقَّية هذا المذهب ،وانتهى األمر بأن أعلنت ُأسقفَّية قرطاج عدم صالحَّية اإلمــبراطور ِلُحكم
البالد والعباد وأَّن ُه يجب خلعه عن العرش .وُسرعان ما تعَّقد الموقف أكثر مع الفتح اإلسالمّي ِلمصر ،إذ وفــد بعض
القساوســـة اليعاقبـــة من مصر إلى إفريقية ِلنشـــر مـــذهبهم ،وكـــان ِلحماســـهم في الـــدعوة أثٌر كبـــير في جعـــل
اإلمبراطور ُقسطنطين الثالث بن هرقل يسمح لهم ِبُممارسة شعائر مذهبهم ِبُح رَّية .وأَّد ى انتشار مــذهبهم في إفريقية
إلى ُو قــوف قساوســة هــذه األخيرة في وجــه اإلمبراطورَّي ة وإلى انفصالهم شــيًءا فشــيًئ ا عنهــا .وعنــدما تــوَّلى
اإلمبراطور ُقنسطانز العرش سنة 641م وكان ُمعتنًقا المونوثيليتَّية ،لم يأل رئيس ُمعارضة هذا المذهب في إفريقية،
وهــو اُألســقف مكســيموس ،لم يأل ُجه ـًد ا في دفــع ُس َّك ان المغــرب المســيحيين والــبربر إلى إعالن خلعهم ِلطاعــة
اإلمبراطور وتنصيب حاكم إفريقية البطريرك جرجير بن نيقيتاس على العــرش ]19[،وكــان الُمســلمون حينهــا على
وشك أن يفرغوا من فتح مصر ،وطرق باب المغرب.
الوضع العسكري
أطالل أحد الُحصون البيزنطَّية الُحدودَّية في إفريقية.
خريطة ُت بِّين توُّس ع ُح دود دولــة الخالفــة الراشــدة بعــد ُد خول مصر في حظيرتهــا وتراجــع ُح دود اإلمبراطورَّي ة
البيزنطَّية في شمال أفريقيا.
أتَّم الُمسلمون ِبقيادة الصحابي عمرو بن العاص فتح مصر سنة 21هـ الُموافقة ِلسنة 642م بعد أن سقطت في أيديهم
قصبة الوالية ،وهي مدينة اإلسكندرَّية ،وانسحب منها الـروم شـمااًل ُ .ثَّم شـرعوا ُينظمـون البالد الجديدة وتحصينها
للحيلولة دون أي ُمحاولٍة رومَّيٍة الستعادتها ،ويظهر أَّن عمرو تطَّلع نحو الغرب بعــد ذلــك ِلتــأمين ُح دود مصر من
الخطـــر البـــيزنطي القـــائم في والية إفريقية ،مثلمـــا كـــان فتح الجزي رة الُفراتَّي ة ضـــرورة عســـكرَّية ِلتـــأمين
ُفتوحات الَّش ام والع راق من الخطــر البــيزنطي -الفارســي ،ال سـَّيما وأَّن برقــة وطــراُبلس ُتعتــبران امتــداًد ا طبيعًّي ا
ِلمصر ،األمر الذي شَّج ع عمرو بن العاص على تنفيذ سياسـته الرامية إلى الزحـف غرًب ا ]21[.وفي الحقيقـة ،فإَّن ُه
يصعب استنباط أو الجزم ِبدوافع عمرو بن العاص التوُس عَّية باتجاه الغرب في أعقــاب فتح اإلســكندرَّية ،فقــد تكــون:
ُجزًءا من الخَّط ة التي استهدفت مصر ،أو نتيجة ُظ روٍف طارئة واجهت القيادة العســكرَّية ،فارتــأت ضــرورة تــأمين
الغطاء الدفاعي ِللُحدود الغربَّيةِ ،بفتح مواقــع ُأخرى تشــغلها حاميات عســكرَّية ومراكــز ُمراقبــة ،أو نتيجــة غريزة
التوُّسع لدى القائد الُمسلم]22[.
الواضح وفق بعض الُمؤرخين الُمعاصرين أَّن الحملة التي قام بها عمرو بن العاص في هــذا االتجــاه والــتي أثمــرت
عن فتح برقة وطراُبلس ،لم تكن عماًل ُمخطًط ا له ،إذ لم تكن ُهناك خَّط ة ُمسبقة للفتح الُمنَّظ م في ذلك الوقت ،تتعــَّد ى
مصر .وُرَّبما قَّد ر عمرو أن تكون للبيزنطيين ُقَّو اٌت في برقة وطراُبلس قد ُتغريهم بالتحُّص ن ُهنــاك والــترُّبص حَّت ى
تحين الُفرصة للثأر والعودة إلى مصر الستعادتها ،فكان عليه فتح هذه المنطقة وتأمين مركز الُمســلمين في مصر[.
ِ ]22لذلك خرج ِبُقَّو اته من اإلسكندرَّية في سنة 22هـ الُموافقة ِلسنة 643م بعد أن اطمأَّن على استقرار األوضاع في
مصر ،وتوَّج ه نحو برقة التابعة ِلإلمبراطورَّية البيزنطَّية ،وتسكنها قبيلة لواتة البربرَّية.
المراجع -: