قال سبحانهَ :وِع نَدُه َم َفاِتُح اْلَغْيِب َال َيْع َلُم َها ِإَّال ُهَو َو َيْع َلُم َم ا ِفي اْلَبِّر َو اْلَبْح ِر َو َم ا َتْس ُقُط ِم ن َو َر َقٍة ِإَّال َيْع َلُم َها َو َال َح َّبٍة ِفي ُظُلَم اِت اَألْر ِض َو َال َر ْطٍب َو َال َياِبٍس ِإَّال ِفي ِكَتاٍب ُّمِبيٍن (”)59األنعام 59: وقال تعالىَ ”:ذ ِلَك ِم ْن َأنَباء اْلَغْيِب ُنوِح يِه ِإَلْيَك َو َم ا ُك نَت َلَدْيِهْم ِإْذ َأْج َم ُعوْا َأْم َر ُهْم َو ُهْم َيْم ُك ُروَن ” سورة يوسف (.)102 شروحات أساسية: – المفاتح :جمع مفتح بفتح الميم أي المخزن ج خزائن . – ورقة :واحدة الورق والورق للشجر كالسعف للنخل. – حبة :واحدة الحب من ذرة أو بر أو شعير أو غيرها . – وال رطب :الرطب ضد اليابس من كل شيء . – في كتاب مبين :أي في اللوح المحفوظ كتاب المقادير . – ذلك :اشارة إلى ما قص تعالى على رسوله من قصة يوسف وإخوته – من أنباء الغيب :أي أخبار الغيب . – وما كنت لديهم :أي لدى إخوة يوسف . – إذ أجمعوا أمرهم :أي اتفقوا على إلقاء يوسف في غيابة الجب. – وهم يمكرون :أي يحتالون على إخراجه وإلقائه في الجب مضامين النصوص: -1اختصاص هللا تعالى بعلم الغيب والشهادة ،وأنه ال أحد سواه قادر على علم الغيب. -2ـ إخبار هللا تعالى نبيه محمدا صلى هللا عليه وسلم بقصة يوسف كاملة وما أجمع عليه إخوة يوسف من إلقائه في الجب واإلحتيال على أبيهم وهو ما كان غائبا عليه. التحليل: المحور األول :مفهوم اإليمان وشروطه -1مفهوم اإليمان: اإليمان لغة :هو التصديق والوثوق ،ومنه قوله تعالى ( :وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) يوسف .17 واصطالحا :هو التصديق بالقلب واإلقرار باللسان والعمل بالجوارح ،وأركانه ستة ( اإليمان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر و اإليمان بالقضاء والقدر خيره وشره) . وتتجلي حقيقة اإليمان في صلة العبد بربه ،بحيث يعتبر المؤمن أن اإليمان أجل نعمة على اإلطالق ،فليس هو مجرد نطق باللسان واعتقاد بالجنان ،إنما هو عقيدة تمأل القلب وتصدر عنها آثارها في السلوكات والمعامالت. -2شروط اإليمان – العلم المنافي للجهل :فاهلل يعبد بعلم ال بجهل – التصديق المنافي للتكذيب :التصديق الجازم بكل ما جاء في القرآن والسنة – االتباع المنافي لالبتداع ( :اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وال تتبعوا من دونه أولياء ). المحور الثاني :مفهوم الغيب وأقسامه وداللة اإليمان به: -1مفهوم الغيب : الغيب لغة :هو كل ما غاب عن إدراك حواس اإلنسان .واصطالحا :كل ما ال سبيل إلى إدراكه إال عن طريق الخبر اليقيني (الوحي أو الحقائق العلمية) -2أقسام الغيب: عنوان المدخل :التزكية /عنوان الدرس :اإليمان بالغيب /الفئة المستهدفة األولى بكالوريا-جميع الشعب
أ – غيب نسبي :
وهو الذي يتيسر لإلنسان إدراكه ( بالحواس) بعلم أو تجربة أو زمن فيصبح من عالم الشهادة. ب – غيب مطلق : وهو الذي ال يمكن لإلنسان إدراكه ،ألنه مما استأثر هللا بعلمه وأمرنا باإليمان به :كعلم الساعة والموت … – 3داللة اإليمان بالغيب: هو تصديق كل ما أخبرنا به هللا سبحانه ورسوله عليه الصالة والسالم مما ال سبيل إلى العلم به وإدراكه حسا أو بوسائل بدون شك أو تردد . وتتجلى عالقة الغيب باإليمان في كون :الغيب يعتبر جوهر الفكرة اإليمانية ،وأساس العقيدة اإلسالمية ، به يتلقى المؤمن رساالت القرآن المجيد ،توحيدا للخالق ورحمة بالخلق وعمارة لألرض المحور الثالث :أثر اإليمان بالغيب على النفس وعاقبة التكذيب به 1ــ الغيب والوجود اإلنساني: اإلنسان يعيش في هذه الدنيا وهو عاجز عن اإلحاطة بعلم كل المحسوسات فكيف بعلم الغيب وعوالمه الخفية ،ومن أمور الغيب التي شغلت اإلنسان قديما وحديثا حقيقة الروح وغموض الموت ،قال تعالى ”: َو َيْس َأُلوَنَك َع ِن الُّر وِح ُقِل الُّر وُح ِم ْن َأْمِر َر ِّبي َو َم ا ُأوِتيُتْم ِم َن اْلِع ْلِم ِإاَّل َقِلياًل ” االسراء.85 : 2ــ تأثير اإليمان بالغيب على اإلنسان – تحرير فكر اإلنسان من االنشغال بأسئلة و قضايا تتجاوز إمكاناته ووسائله ليشتغل بما هو مطلوب منه للقيام بخالفة األرض و عمارتها. – اإليمان بالغيب يعطي معنى إيجابيا للحياة في هذه الدنيا ،فاإليمان باهلل حقيقة يساعد على تقدير األحكام و قبولها. -يجعل اإلنسان ال يصيبه اليأس وال القنوط بسبب كثرة المصائب ،وال يحزن على ما فاته. – يشعر اإلنسان أنه ليس مهمال و أنه لم يخلق عبثا و لم يترك سدى فيغدو إيجابيا و يأتي بصالح األعمال إرضاءا لخالقه و طمعا في جنته. – يحصن المسلم من الوقوع في شراك الخرافات و الشعوذة ،قال صلى هللا عليه و سلم ” :من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صالة أربعين ليلة “. 3ـ عاقبة التكذيب بالغيب: – عدم اإلحساس بالكرامة :ألن الكافر بالغيب لم يستشعر كمال العبودية له سبحانه الذي يقتضي اإلستغناء عما سواه. – الخوف وعدم األمن :ألن النفس البشرية تنعم باألمن واإلستقرار في رحاب اإليمان وتتحرر من الخوف من فقد األهل والمال والولد… – إشاعة البغضاء والفرقة :ألن ارتكاب ما حرم هللا يفسد الحياة كلها وتنشأ عنه الشقاء والعداوة بين األفراد. – جهل حقيقة الحياة والكون والمصير.