Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫خطة البحث‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬أصل مسألة الديون‬

‫المطلب األول‪ :‬الجذور األولى لمسألة الديون‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ظهور عائلتي بكري وبوشناق وتأسيسهما للشراكة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور شركة بكري وبوشناق في مسألة الديون‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطور مسألة الديون وانعكاساتها على العالقات بين الجزائر وفرنسا‬

‫المطلب األول‪ :‬الديون بين المطالبة الجزائرية والمماطلة الفرنسية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬انعكاسات مسألة الديون على العالقات بين الجزائر وفرنسا‬

‫خاتمة‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫مقدمة‬
‫أثبتت الجزائر وجودها خالل الحكم العثماني حيث كانت من أقوى الدول في حوض‬
‫البحر األبيض المتوسط‪ ،‬فتمتعها باالستقالل الكامل عن الباب العالي مكنها من ربط‬
‫عالقات سياسية وتجارية مع معظم دول العالم ومن بينها فرنسا‪ ،‬لكن أطماع هذه األخيرة‬
‫جعل العالقات تتفاوت بين الود والعداء‪ ،‬وكان لبداية القرن‪ 19‬ودخول فئة اليهود في الساحة‬
‫التجارية إليالة الجزائر‪ ،‬واقحام هذه األخيرة في مسألة الديون األثر لبالغ في العالقات بين‬
‫البلدين ‪ ،‬ومنه نطرح االشكالية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬فيما يتمثل تأثير مسألة الديون على العالقات الجزائرية الفرنسية؟‬
‫ولإلجابة على هذه االشكالية البد من االجابة على مجموعة التساؤالت الفرعية‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ماهي جذور مسألة الديون؟‬
‫‪ -‬ماهي أهم تطوراتها؟‬
‫‪ -‬ماهي انعكاسات الديون على العالقات الجزائرية الفرنسية؟‬
‫دوافع اختيار الموضوع ‪:‬‬

‫رغبتي الشخصية في دراسة تاريخ الجزائر خالل الفترة العثمانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ -‬الرغبة في معرفة طبيعة العالقات التي جمعت الجزائر و فرنسا‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على مدى اسهام مسألة اليهود في طبيعة العالقات الجزائرية الفرنسية‪.‬‬
‫المنهج المتبع‪:‬‬
‫اعتمدنا في عملنا هذا على المنهج التاريخي لدراسة الحقائق التاريخية وتأثيراتها‬
‫المتعددة ودراسة األحداث الماضية‪ ،‬أما الوصفي باعتباره األنسب لوصف األحداث ووصف‬
‫الوقائع والحقائق التاريخية حول مسألة الديون وانعكاساتها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أصل مسألة الديون‬
‫المطلب األول‪ :‬الجذور األولى لمسألة الديون‬

‫ترجع أصول مسألة الديون إلى فترة قيام الثورة الفرنسية ‪1789‬م‪ ،‬التي أدت إلى‬
‫انهيار االقتصاد وظهور المجاعة في ظل تعرض الوسط الفرنسي إلى موجات من الجفاف‬
‫أضرت باالنتاج الزراعي والحصار االقتصادي والعسكري الذي فرضته الدول األوروبية‬
‫المعادية للثورة‪ ،‬في ظل هذه الظروف وجد الفرنسييون ظالتهم في الجزائر لتقرضهم المال‬
‫‪1‬‬
‫والقمح‪.‬‬

‫أعرب الداي حسن عن موقف الجزائر في هذه الفترة في رسالة وجهها إلى محافظ‬
‫العالقات الخارجية الفرنسية في ‪ 16‬أكتوبر ‪ "1795‬لن نرد أي طلب للجمهورية يكون في‬
‫متناولنا من المواد الغذائية والخيول الجيدة والحبوب وغيرها من المواد االستهالكية على‬
‫اختالف أنواعها ‪ ...‬ألننا نحس في حربكم العامة ضد هذا العدد الكبير من الدول االوروبية‪،‬‬
‫ومن المستحيل أن ال تجابهكم صعوبات في توفير المواد األولية الضرورية" ليأتي الرد‬
‫سريعا من قادة الجمهورية الفرنسية " وإن الجمهورية لسوف تتذكر دوما هذه المساعدات التي‬
‫‪2‬‬
‫تلقتها من أصدقائها وحلفائها في هذه الظروف الصعبة‪."..‬‬

‫وهكذا استمرت الجزائر بتزويد فرنسا بالحبوب وكل التسهيالت التي طلبتها لشراء‬
‫المواد األخرى التي تحتاجها ومن بينها قرضا بقيمة ‪ 50‬إلف قرش إسباني‪ ،‬رغم الديون التي‬
‫كانت تعاني منها في ظل الظروف المالية الصعبة التي كانت تمر بها‪ ،‬هذه المواقف كانت‬
‫على حساب مصلحة الجزائر في ظل ظهور شركة بكري وبوشناق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫كمال بن صحراوي‪ ،‬الدور الدبلوماسي ليهود الجزائر في أواخر عهد الدايات‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫مصطفى اسطمبولي معسكر‪ ،2008-2007 ،‬ص‪.115‬‬
‫‪2‬‬
‫مولود قاسم آيت بلقاسم‪ ،‬شخصية الجزائر الدولية‪ ،‬وهيبتها العالمية قبل ‪ ،1830‬دار االمة‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص‪127‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ظهور عائلتي بكري وبوشناق وتأسيسهما للشراكة‬
‫تؤكد أغلب المراجع على أن األسرتين اليهوديتين بكري وبوشناق هما من أصل‬
‫ليفرونة بايطاليا‪1،‬غير أن هناك اختالف حول مجيء األسرتين الى الجزائر حيث يذكر‬
‫األستاذ فوزي سعد اله أن أسرة بوشناق هي السباقة حيث قدما للجزائر في حدود‪ 1723‬من‬
‫ليفورنة‪ 2،‬فيما وردت األستاذة وداد بيالمي أن أول استقرار كان لعائلة بكري في بجاية خالل‬
‫‪3‬‬
‫القرن الخامس عشر والسادس عشر‪.‬‬
‫وقد ربطت بين هاتين العائلتين عالقة مصاهرة والتي تحولت فيما بعد إلى شراكة‬
‫وتحالف تجاري تدعمت أكثر بعد القطيعة الفرنسية الجزائرية بسبب حملة نابليون بونابرت‬
‫على مصر‪ ،1798‬سهلة للشركة السيطرة على مقاليد االقتصاد الجزائري‪ ،‬والتي كان اسمها"‬
‫‪4‬‬
‫سلمون كوين بكري واخوته" ليتحول اسمها إلى " االخوة بكري وبوشناق"‪.‬‬
‫تأسست الشركة سنة‪ 1793‬عندما تحصلت الشركة على عقد تموين فرنسا بالقمح‬
‫لمدة خمس سنوات‪ ،‬كانت الشركة تستورد الخردوات واألقمشة القطنية والحريرية والقهوة‬
‫والسكر والتوابل والعطريات‪ ،‬كما كانت تصدر مختلف المنتوجات الزراعية والحرفية الجزائرية‬
‫من قمح وأصواف ‪ ،‬الحبوب‪ ،‬الشموع‪ ،‬الجلود‪ ،‬ومازاد في قوة االخوة بكري وبوشناق شفاعة‬
‫هذا األخيرلباي التيطري مصطفى الوزناجي وانقاذه من اإلعالم واقراضه المال‪ ،‬وتقريبه من‬
‫الداي والتمس له العفو فعفى عنه‪ ،‬وذلك بصفته مستشاراله‪ ،‬ثم عين مصطفى الوزناجي يدين‬
‫قائدا على منطقة "سباو" و في سنة‪1795‬رفع إلى رتبة باي قسنطينة‪ ،‬وهكذا أصبح الوزناجي‬
‫يدين بالوالء لبوشناق ففتح له جميع األبواب وجعل شركته تحتكر التجارة في الشرق‬
‫‪5‬‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جمال قنان‪ ،‬العالقات الفرنسية الجزائرية‪ ،1830 _1790‬مطبعة خاصة‪ ،‬و ازرة المجاهدين‪ ،‬الجزائر‪ ،2005،‬ص‪.272‬‬
‫‪2‬‬
‫فوزي سعد هللا‪ ،‬يهود الجزائر هؤالء المجهولين‪ ،‬دار المة‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص‪.234‬‬
‫‪3‬‬
‫وداد بيالمي‪ ،‬اليهود والشركة التجارية في ايالة الجزائر والحوض الغربي المتوسط(‪ ،)1830_1686‬رسالة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2018_2017 ،2‬ص‪.250‬‬
‫‪4‬‬
‫حنيفي هالل‪ ،‬العالقات الجزائرية األوروبية ونهاية االيالة ‪ ،1962-1815‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪2007 ،‬‬
‫ص‪.40‬‬
‫‪5‬‬
‫حنيفي هاللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬دور شركة بكري وبوشناق في مسألة الديون‬
‫أمام تقديم الجزائر لكل التسهيالت والمساعدات لفرنسا‪ ،‬بدأت شركة بكري وبوشناق‬
‫في التطور خاصة بعد أن انتقل بكري إلى فرنسا ليفتح فرعا للشركة في مرسيليا‪ ،‬ومن ثم‬
‫بدأت المعامالت التجارية الفرنسية في غضون سنوات قليلة‪ ،‬وسجلت مصالح الموانئ أول‬
‫تصريح لسفينة شحن تعمل لصالح بكري وبوشناق في منتصف جويلية ‪1795‬م‪ ،‬وخالل‬
‫المرحلة األولى من حياة الشركة استقبل يعقوب بكري في ميناء مرسيليا ‪ 33‬سفينة شحن‬
‫لحسابه سنة ‪1795‬م‪ ،‬و ‪ 34‬سفينة سنة ‪1796‬م‪ ،‬لينخفض العدد إلى ‪ 11‬سفينة سنة‬
‫‪1797‬م و خمسة سفن سنة ‪ 1798‬ويرجع سبب هذا االنخفاض إلى شدة الحصار الذي‬
‫‪1‬‬
‫فرضه البريطانيون على التجارة البحرية الفرنسية‪.‬‬

‫وهكذا نجحت الشركة اليهودية من تحقيق أرباحا خيالية وازدهار في وقت سريع وفي‬
‫بضع سنوات‪ ،‬فحسب جمال قنان كان كل صاع من القمح يشترى في مدينة الجزائر بسعر‬
‫يتراوح مابين ثالث فرنكات ونصف إلى أربع فرنكات‪ ،‬و يصل سعره في فرنسا إلى ‪50‬‬
‫فرانكا‪ ،‬فسعر القمح عند بيعه يحقق ربحا كبي ار ال يقل عن ثمانية إلى عشرة أضعاف المبلغ‬
‫‪2‬‬
‫عند الشراء‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطور مسألة الديون وانعكاساتها على العالقات بين الجزائر وفرنسا‬

‫المطلب األول‪ :‬الديون بين المطالبة الجزائرية والمماطلة الفرنسية‬

‫سنتي‪-1796‬‬ ‫على الرغم من استمرار الشركة اليهودية في تزويد فرنسا بالقمح‬


‫‪ 1797‬ومطالبة الشركة من فرنسا بتسديد ديونهما من خالل ممثليهما في باريس‪ ،‬لكن‬
‫‪3‬‬
‫القضية أجلت وذلك للضغط عليهما للتخلي عن تموينهما لإلنجليز‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جمال قنان ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.275‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪.278 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫فوزي سعد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 308‬‬
‫وقد قدر دين فرنسا في سنة ‪ 1795‬بمليونين من الفرنكات‪ ،‬أما ديون اليهوديين‬
‫للجزائر فقد قدر ‪ 300.000‬فرنك‪ ،‬وأمام التماطل الفرنسي في تسديد الديون تدخل الداي‬
‫وبعث برسالة إلى الحكومة الفرنسية في ‪ 18‬ماي ‪1797‬م‪ ،‬يطالبهم فيها بتسديد مستحقا‬
‫بكري وبوشناق لكن القضية بقيت عالقة بحجة أن التاجرين كان يمدون االنجليز في جبل‬
‫طارق‪ ،‬ولكن مع غداة الحملة الفرنسية على مصر ‪1798‬م اتفق الفرنسيون مع المؤسسة‬
‫اليهودية بتسديد فاتورة قيمتها ‪ 2.297.415‬فرنك على عدة دفعات بداية بدفع ‪170.000‬‬
‫جنيه كل أسبوعين لحين تصفيه الديون‪ ،‬لكن هذا االلتزام توقف بسبب الحملة الفرنسية على‬
‫مصر‪ ،‬وهذا ما جعل الداي مصطفى يعلن الحرب على فرنسا‪ ،‬بعد أن قام بتوجيه رسالة إلى‬
‫فرنسا في ‪1798‬م‪ ،‬حيث قال فيها‪ ":‬لقد مضى وقت طويل منذ أن تم تزويد الجمهورية‬
‫بالمواد المعيشية التي كانت في اشد الحاجة إليها‪ ،‬حيث لم يكن هناك سوى عدد قليل من‬
‫األفراد الذين لديهم الشجاعة واإلرادة لتقديم التسبيقات في تلك الفترة الصعبة‪ ،‬والمخاطرة‬
‫بأموالهم‪ ،‬وقد آن األوان لرد الجميل من طرفكم بدفع ديون بكري وبوشناق" بالرغم من هذا لم‬
‫‪1‬‬
‫تستجب فرنسا للرسالة وجمدت تسديد الديون‪.‬‬

‫بالرغم من اعتراف فرنسا بالمعاهدات المتعلقة بالديون التي عليها للجزائر على األقل‬
‫‪2‬‬
‫ثالث مرات وجاءت هذه المعاهدات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬اتفاقية مسيدرو ‪ 28‬جوان ‪1796‬م بين الداي حسن والديكتوار والمجلس التنفيذي‬
‫األعلى للجمهورية‪.‬‬
‫‪ -‬معاهدة ‪ 29‬ديسمبر ‪1801‬م بين الداي مصطفى و نابليون بونابرت ‪.‬‬
‫‪ -‬معاهدات ‪ 28‬أكتوبر ‪ 1819‬بين الداي حسين ولويس الثامن عشر ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جمال قنان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.286‬‬
‫‪2‬‬
‫مولود قاسم نيث بلقاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.208‬‬
‫بعد استقرار أوضاع فرنسا والجزائر‪ ،‬جدد الداي حسين طلبه من فرنسا بتسديد الدين‪،‬‬
‫لكن فرنسا تماطلت في الرد عليه مما أدى لتوتر العالقات بين البلدين‪ ،‬وفي هذا الصدد‬
‫اقترح " تاليران" على حكومته تشكيل اللجنة المالية لدراسة قيمة الدين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اللجنة المالية‬

‫أعدت اللجنة المالية الفرنسية تقرير نهائي في أواخر شهر فيفري ‪1819‬م استعرضت فيه‬
‫‪1‬‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬حددت فيه مكونات هذا الدين‪ ،‬والتي تتمثل في تزويد الحكومة الفرنسية منذ سنة‬
‫‪1794‬م وفي السنوات التي تلتها بالحبوب‬
‫‪ -2‬حددت قيمة السفن وشحناتها التي استولت عليها سواء البحرية والرسمية أو القرصنة‬
‫الفرنسيين في البحر من مختلف القروض المالية التي منحها التاجران لألعوان‬
‫الفرنسيين خالل السنوات الصعبة التي مرت بها فرنسا إلى جانب ذلك الفوائد‬
‫المستحقة عن هذه الديون ولمده تزيد عن عشرون سنة ‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يمكن رفض مطالب التاجرين بدعوى سقوط دينهما بحكم القانون‪ ،‬بالنظر‬
‫للمعاهدات القائمة بين البلدين وخاصة معاهده ‪ 27‬ديسمبر ‪1801‬م‪ ،‬والذي يلزم في‬
‫البند ‪ 13‬تسديد هذه الديون‪.‬‬
‫‪ -4‬كما حددت اللجنة من جهتها مبلغ الدين المعترف به من طرفها والذي قدر‬
‫ب‪ 9.750.000‬فرنك وهو مبلغ جزافي‪ ،‬كما أنقصت اللجنة من هذا المبلغ مجمل‬
‫التسبيقات التي استلمها التاجران والتي تبلغ حوالي مليونين ونصف مليون فرنك‬
‫ويبقى في ذمتي الحكومة الفرنسية حوالي سبعة ماليين و ربع مليون فرنك‬

‫‪1‬‬
‫جمال قنان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.308 -306‬‬
‫وبعد مداوالت وتدقيق أغلقت الحكومة الفرنسية حساب الديون بسند قيمته سبعة ماليين‬
‫فرنك كحد أعلى لهذه الديون على أن يدفع على ‪ 12‬قسطا بين القسط واألخر خمسة أيام‪،‬‬
‫وقد نصت هذه االتفاقية في مادتها الرابعة على االحتفاظ بالمبلغ الذي تم تسليمه إلى بليفيل‬
‫وكيل بكري وبوشناق حتى يحصل السيد بليفيل على رفع الحجز من المعنيين أنفسهم أو من‬
‫المحاكم‪ ،‬أما المبالغ األخرى فإنها تسلم في حينها‪ ،‬وقد تم إمضاء هذا االتفاق في أواخر‬
‫أكتوبر ‪1819‬م ‪ ،‬وتم نقل نص االتفاق الى الداي حسين في ‪23‬ديسمبر‪ 1819‬عن طريق‬
‫‪1‬‬
‫بكري ليوقع عليه بعد قبوله‪.‬‬

‫قدمت الحكومة الفرنسية االتفاق للبرلمان في ‪ ،1820‬وأصدرت الخزينة الفرنسية في‬


‫‪ 24‬جويلية ‪ 1820‬بتسديد الدين‪ ،‬لكنها قامت بحجز مليونين ونصف مليون فرنك أما أربع‬
‫ماليين ونصف المليون فقد تذرع القنصل على أنها دفعت للتاجرين بكري وبوشناق وبعد‬
‫استالم هذين األخيرين المبلغ فر بوشناق إلى ليفورنا وبكري لجأ إلى فرنسا‪ ،‬وكلف القنصل‬
‫الفرنسي ديفال بالشرح للداي بان الديون الفرنسية تمت تسويتها‪ ،‬وهذا ما تطرق إليه من قبل‬
‫وزير الخارجية الفرنسي دوماس في مراسالته التي أرسلها إلى الجزائر‪ ،‬بان الديون تم‬
‫تسويتها حسب القانون المتعارف عليه من قبل الطرفين ‪ ،‬وحسب االتفاقية المبرمة في ‪28‬‬
‫أكتوبر‪ ، 1819‬وعندما علم الداي بالمؤامرة لم يتردد في اتهام القنصل بالتواطؤ مع اليهوديين‬
‫وطالبه باعادتهما له‪ ،‬كما طالب فرنسا بأن تدفع إليه شخصيا الدين الذي على بكري‬
‫‪2‬‬
‫وبوشناق‪ ،‬لكن فرنسا امتنعت عن التسديد‪.‬‬

‫وتطورت مسألة الديون حتى إذا كان عيد الفطر جاء القنصل الفرنسي لتهنئة‬
‫الداي‪،‬وكانت مناسبة ليحدث فيها القنصل عن تماطل حكومته في تسديد الديون‪ ،‬لتقع حادثة‬

‫‪1‬‬
‫فوزي سعد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫‪2‬‬
‫إسماعيل أحمد ياغي‪ ،‬العالم العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العبيكة للنشر والتوزيع‪ ،‬السعودية‪،‬‬
‫‪،1779‬ص‪256‬‬
‫المروحة المعروفة بين الداي حسين والقنصل دوفال التي تم عنها حصار مدينة الجزائر عام‬
‫‪.1927‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬انعكاسات مسألة الديون على العالقات بين الجزائر وفرنسا‬

‫‪-1‬الحصار البحري ‪:‬‬

‫بناءا على أمر من نابليون بونابرت سنة‪1808‬م ‪ ،‬أنجز الرائد"بوتان ‪" Boutin‬رصداً‬
‫ً‬
‫‪1‬‬
‫شامالً عن أوضاع الجزائر من خالل المسح الشامل للمذكرات والوثائق والخرائط ورسومات‬
‫دقيقة لحصون مدنية الجزائر ومواقعها ودراسة لمكان إنزال قوات الحملة الفرنسية والفترة‬
‫المناسبة لإلحتالل وكيفية توزيعها وزحفها على مدينة الجزائر‪.2‬‬

‫وبمجرد وقوع حادثة المروحة سارعت الحكومة الفرنسية الستغالل الحادثة وأرسلت‬
‫مجموعة من سفنها الحربية بقيادة الضابط "كولي‪"coller‬وقد وصل إلى مدينة الجزائر يوم‬
‫‪12‬جوان ‪ 1827‬م‪،‬حامال معه إنذار إلى الداي حسين يطلب منه تقديم اعتذار لدوفال ورفع‬
‫العلم الفرنسي على قالع الجزائر مع إطالق مائة طلقة مدفعية تحية للعلم الفرنسي‪،‬وأعطاه‬
‫مدة أربعة وعشرين ساعة للرد‪،‬لكن الداي لم يقبل هذه الشروط وانقضت المدة دون رد‪،3‬‬
‫وعليه أعلِن الحصار البحري الفرنسي على الجزائر والذي دام ثالث سنوات (من ‪16‬جوان‬
‫‪1827‬إلى ‪14‬جوان ‪ 4)1830‬ورغم ذلك لم تصل الحكومة الفرنسية لمبتغاها‪ ،‬مما دفعها‬
‫لشن حملة عسكرية على الجزائر‪.‬‬

‫‪1‬العربي ايشبودان‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.116‬‬


‫‪2‬‬
‫عمار هالل‪ ،‬أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر المعاصرة (‪ ، )1962/1830‬ط‪ ،2‬د م ج‪ ،‬الجزائر‪ ،2006،‬ص ص ‪-36‬‬
‫‪.40‬‬
‫‪3‬‬
‫أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث بداية اإلحتالل‪،‬ط‪ ،3‬ش و ن ت‪ ،‬الجزائر‪ ،1976،‬صص‬
‫‪.25-24‬‬
‫‪4‬‬
‫عمار هالل‪ ،‬أبحاث و آراء في تاريخ الجزائر المعاصرة(‪ ،)1962/1830‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.40-36‬‬
‫‪ _ 2‬الحملة العسكرية على الجزائر‪:‬‬

‫أقر ر ر ر ررر الملك"شر ر ر ر ررارل العاشر"مشر ر ر ر ررروع الحملر ر ر ر ررة وأصر ر ر ر رردر مرسر ر ر ر رروما ملكير ر ر ر ررا بتعير ر ر ر ررين‬
‫تع ر ر ر ررداده ‪37000‬رج ر ر ر ررل‬ ‫الكون ر ر ر ررت"دي بورم ر ر ر ررون" قائ ر ر ر ررداً عامر ر ر ر راً للحمل ر ر ر ررة عل ر ر ر ررى رأس ج ر ر ر رري‬
‫وأسر ر ررطول مكر ر ررون مر ر ررن ‪ 675‬سر ر ررفينة بقير ر ررادة األميرال"دوبيري"أضر ر ررف إلر ر ررى ذلر ر ررك اإلسر ر ررتعداد‬
‫السيكولوجي والدبلوماسي لجس النبض‪.1‬‬

‫وكان الداي حسين على علم بمخططات الفرنسيين حول مكان وزمان اإلنزال وكذا‬
‫عد د السفن والجنود الفرنسية لكنه لم يتخذ أي نوع من التدابير الجدية مما أدى الى هزيمته‬
‫‪2‬‬
‫الفرنسي‪.‬‬ ‫على يد الجي‬

‫‪ -3‬استسالم الداي حسين‪:‬‬

‫كان وقع احتالل حصن "موالي حسن" مصيري للمدينة‪،3‬فقد انتشرت الفوضى‬
‫وانسحب باي التيطري بقواته أما الداي حسين فكان يرغب بمواصلة المقاومة‪ 4‬غير أن‬
‫الخزناجي وبعض التجار اقترحوا أن تتم مفاوضة سلمية مع الفرنسيين‪ ،‬وهكذا لم يكن أمام‬
‫الداي حل سوى أن يستعين بالقنصل البريطاني الذي قام بالسعي بين الطرفين لعقد اتفاق‬
‫يسلم بموجبه الداي مدينة الجزائر للفرنسيين مقابل السماح له وألفراد عائلته بمغادرة المدينة‬
‫مع أمواله وممتلكاته‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية ‪ ،1900_1830‬المرجع السابق‪،‬ص‪16‬‬
‫‪2‬‬
‫حمدان خوجة‪ ،‬المرآة‪ ،‬تق تع تح‪ :‬محمد العربي الزبيري‪ ،‬ش و ن ت‪،‬الجزائر‪ ،1982،‬ص‪.149‬‬
‫‪3‬‬
‫شارل روبير اجيرون‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصرة‪،‬تر‪ :‬عيسى عصفور‪،‬ط‪،1‬منشورات عويدات بيروت‪،‬باريس‪،1982،‬‬
‫ص‪.15‬‬
‫‪4‬‬
‫محمد خير فارس‪ ،‬تاريخ الجزائر الحديث من الفتح العثماني إلى اإلحتالل الفرنسي‪،‬ط‪ ،1‬سلسلة دراسات في تاريخ شمال‬
‫إفريقيا الحديث‪،1999 ،‬ص‪.197‬‬
‫‪5‬‬
‫منصور أحمد أبو خمسين‪ ،‬الغزو الفرنسي للجزائر في وثيقة أمريكية معاصرة‪ ،‬حوليات كلية اآلداب‪،‬الحولية‬
‫التاسعة‪1977،‬م‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫م‪،‬وسَّل َم‬
‫وقع الداي حسين المعاهدة مع الكونت "دي بورمون " يوم ‪ 5‬جويلية ‪َ 1830‬‬
‫صباحا‬
‫ً‬ ‫القصبة و الميناء وكل الحصون التابعة للجزائر للقوات الفرنسية على الساعة العاشرة‬
‫بتوقيت فرنسا‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫جمال قنان‪ ،‬معاهدات الجزائر مع فرنسا ‪ ،1830-1619‬ط خ‪،‬و ازرة المجاهدين ‪،2007،‬ص ‪.349‬‬
‫خاتمة‬

‫وفي ختام نستنتج أن‪:‬‬

‫‪ -‬شكل ظهور شركة اليهودية لبكري وبوشناق تحوال كبي ار في التجارة الداخلية والخارجية‬
‫التي صنعت مسألة الديون‪.‬‬
‫‪ -‬أدى نجاح اليهوديان بكري وبوشناق في احتكار التجارة والتدخل في الشؤون الداخلية‬
‫إليالة الجزائر إلى ظهور مسألة الديون وتحولها من قضية بين التجار وفرنسا إلى‬
‫قضية دولية بين الجزائر وفرنسا‪.‬‬
‫‪ -‬بعد عدة محاوالت ومراسالت تعهدت الحكومة الفرنسية بتسوية مسألة الديون فشكلت‬
‫لجنة مالية استشارية لدراسة قيمتها لكنها تنكرت لألمر‪ ،‬واكتفت بتسديد ديون بكري‬
‫وبوشناق ‪.‬‬
‫‪ -‬أزمة قضية الديون العالقات بين فرنسا والجزائر‪ ،‬وترتب عنها انعكاسات خطيرة‬
‫تمثلت في حادثة المروحة والحصار البحري الفرنسي على الجزائر‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬المصادر‬

‫‪ -1‬حمدان خوجة‪ ،‬المرآة‪ ،‬تق تع تح‪ :‬محمد العربي الزبيري‪ ،‬ش و ن ت‪،‬الجزائر‪.1982،‬‬
‫‪ -2‬شارل روبير اجيرون‪ ،‬تاريخ الجزائر المعاصرة‪ ،‬تر‪ :‬عيسى عصفور‪،‬ط‪ ،1‬منشورات‬
‫عويدات بيروت‪ ،‬باريس‪.1982،‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع‬

‫‪ -1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث بداية اإلحتالل‪،‬ط‪ ،3‬ش و‬
‫ن ت‪ ،‬الجزائر‪.1976،‬‬
‫‪ -2‬إسماعيل أحمد ياغي‪ ،‬العالم العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة العبيكة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬السعودية‪.1779 ،‬‬
‫‪ -3‬جمال قنان‪ ،‬العالقات الفرنسية الجزائرية‪ ،1830 _1790‬مطبعة خاصة‪ ،‬و ازرة‬
‫المجاهدين‪ ،‬الجزائر‪.2005،‬‬
‫‪ -4‬جمال قنان‪ ،‬معاهدات الجزائر مع فرنسا ‪ ،1830-1619‬ط خاصة‪ ،‬و ازرة المجاهدين‬
‫‪.2007،‬‬
‫‪ -5‬حنيفي هالل‪ ،‬العالقات الجزائرية األوروبية ونهاية االيالة ‪ ،1962-1815‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ -6‬عمار هالل‪ ،‬أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر المعاصرة (‪ ، )1962/1830‬ط‪ ،2‬د م‬
‫ج‪ ،‬الجزائر‪.2006،‬‬
‫‪ -7‬فوزي سعد هللا‪ ،‬يهود الجزائر هؤالء المجهولين‪ ،‬دار المة‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫‪ -8‬محمد خير فارس‪ ،‬تاريخ الجزائر الحديث من الفتح العثماني إلى اإلحتالل الفرنسي‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬سلسلة دراسات في تاريخ شمال إفريقيا الحديث‪.1999 ،‬‬
‫‪ -9‬مولود قاسم آيت بلقاسم‪ ،‬شخصية الجزائر الدولية‪ ،‬وهيبتها العالمية قبل ‪ ،1830‬دار‬
‫االمة‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫منصور أحمد أبو خمسين‪ ،‬الغزو الفرنسي للجزائر في وثيقة أمريكية معاصرة‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫حوليات كلية اآلداب‪،‬الحولية التاسعة‪.1977،‬‬

‫الرسائل الجامعية‪:‬‬

‫‪ -1‬كمال بن صحراوي‪ ،‬الدور الدبلوماسي ليهود الجزائر في أواخر عهد الدايات‪ ،‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬جامعة مصطفى اسطمبولي معسكر‪.2008-2007 ،‬‬
‫‪ -2‬وداد بيالمي‪ ،‬اليهود والشركة التجارية في ايالة الجزائر والحوض الغربي‬
‫المتوسط(‪ ،)1830_1686‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث‪،‬‬
‫جامعة قسنطينة‪.2018_2017 ،2‬‬

You might also like