Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 399

‫كانون الثاني المبارك‬

‫جعل هللا عاقبته مليئة خيرا ً وبركة – آمين!‬


‫ايامه واحد وثالثون يوماً‪ .‬ساعات نهاره عشر ساعات وليله اربع عشرة ساعة‬

‫اليوم االول‬
‫تذكار ختانة سيدنا يسوع المسيح‬
‫كانت شريعة هللا في العهد القديم ان يختن كل صبي ابن ثمانية ايام‪ .‬وعمالً بهذه‬
‫الشريعة ُخ ِتن الطف ُل يسوع‪ ،‬كما جاء في انجيل لوقا(‪ ":)21 :2‬ولما تمت ثمانية ايام‬
‫س ِمي يسوع كما سماه المالك قبل ان يُحبل به البطن"‪ .‬وهو االسم‬ ‫الصبي‪ُ ،‬‬
‫ُّ‬ ‫ليختن‬
‫ت تحبلين‬ ‫الشريف الذي اوحى به المالك جبرائيل لسيدتنا مريم العذراء بقوله‪ ":‬وها ان ِ‬
‫وتسمينه يسوع"‪ ،‬ومعناه المخلص النه يخلص شعبه من خطاياهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وتلدين ابنا ً‬
‫سنة‪ ،‬كما قال القديس توما الالهوتي ألنه رب السنة‪،‬‬ ‫لم يكن يسوع َ‬
‫ملزما ً بهذه ال ُّ‬
‫بل اراد ان يخضع لها اوالً لكي يبين لنا حقيقة ناسوته‪ .‬ثانيا ً انه من نسل ابراهيم‬
‫المختون‪ .‬ثالثا ً ليعَ ِلمنا الخضوع للشريعة اقتدا ًء به‪.‬‬
‫إن المخلص اختتن ليعلمنا االهتمام بخالصنا‪ ،‬اذ نختن قلوبنا بالروح‪ ،‬كما قال‬
‫بولس الرسول اي نجردها ونقطعها عن شهوات العالم واباطيله‪.‬‬
‫فنسأله تعالى ان يجعل هذه السنة وجميع سني حياتنا‪ ،‬مغمورة بنعمه وبركاته‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬
‫سين باسيليوس وغريغوريوس‬
‫تذكار القدي َ‬
‫راجع تذكار القديس باسيليوس في الخامس عشر من حزيران‪.‬‬
‫كان والد غريغوريوس وثنياً‪ .‬أَما والدته فكانت مسيحية فربَّته تربية صالحة‪.‬‬
‫وانكب على درس العلوم فنبغ فيها في مدرسة اثينا رفقة صديقه الحميم باسيليوس‪.‬‬‫َّ‬
‫وعن ذلك قال‪ ":‬ما كنا نعرف سوى طريقين‪ ،‬طريق الكنيسة وطريق المدرسة‪ ،‬ونترك‬
‫لغيرنا ارتياد المالهي والمسارح"‪ .‬وبعد اتمام دروسه قبل سر العماد المقدس‪.‬‬
‫وكان من طبعه ميَّاال ً الى العزلة‪ ،‬فأقام فيها مدةً مع صديقه باسيليوس‪ .‬وكان‬
‫ابوه‪ ،‬بصالة والدته التقية‪ ،‬قد آمن بالمسيح واعتمد وارتسم كاهنا ً ثم اسقفا ً على مدينة‬
‫نزينز‪ ،‬فدعا ابنه الى مساعدته‪ .‬فلبَّى دعوة ابيه الذي رسمه كاهنا ً واقامه معاونا ً له في‬
‫االسقفية‪ ،‬فأحسن القيام بمه َّمته‪ ،‬لكنه ما عتم ان عاد الى صديقه باسيليوس يعيش معه‬
‫حياة النسك والتقشف‪.‬‬
‫وكان ابوه قد انخدع بالبدعة االريوسية فأسرع غريغوريوس وارجع والده الى‬
‫المعتقد الكاثوليكي الصحيح‪.‬‬
‫وبعد ذلك انت ُ ِخب غريغوريوس بطريركا ً على القسطنطنية‪ ،‬فقام يتفانى في‬
‫ويبين عن صحة المعتقد الكاثوليكي‪ ،‬حتى ر َّد الكثيرين من‬
‫ِ‬ ‫خالص النفوس‪،‬‬
‫االريوسيين‪.‬‬
‫فقام بعض اساقفتهم يخاصمونه‪ ،‬ولم يكن من طبعه الخصام‪ ،‬فاعتزل‬
‫البطريركية‪ ،‬عاكفا ً على الصالة وتأليف الكتب الدالة على غزارة علمه وتع ُّمقه في‬
‫لقب"بالتاولوغوس" اي الالهوتي‪ .‬وهكذا قضى سنيه االخيرة‬ ‫االمور االلهية‪ ،‬لذلك ِ‬
‫بالنسك والتأليف‪ ،‬الى ان رقد بالرب سنة ‪.379‬‬
‫القيمة‪ ،‬وهو من علماء الكنيسة األعالم‪ .‬صالته‬
‫ِ‬ ‫وقد اغنى الكنيسة بمؤلفاته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني‬
‫من شهر كانون الثاني المبارك‪ ،‬جعل هللا عاقبته مليئة خيرا ً وبركة‪ .‬آمين!‬
‫تذكار القديس سلفستروس االول بابا روما‬
‫ُولد سلفستروس في روما‪ .‬مات ابوه روفينوس وهو طفل فربَّته أ ُّمه يُستا التقية‬
‫على المبادىء المسيحية‪ .‬تثقف بالعلوم الدينية والفلسفة وارتسم كاهناً‪.‬‬
‫ارتقى السدَّة البطرسية سنة ‪ 314‬في ايام الملك قسطنطين لكبير الذي ع َّمده‬
‫البابا سلفستروس والذي بفضله خرجت الكنيسة من الدياميس واعطيت الحرية الدينية‬
‫للمسيحيين‪ .‬فقام البابا يدافع عن االيمان الكاثوليكي القويم ويصلح ما سبَّبته ايدي‬
‫المضطهدين من الخراب‪ .‬وعقد مجمعا ً في فرنسا َ‬
‫حرم فيه بدعة الدوناتيين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأهم حادث تاريخي في حبريته‪ ،‬إلتئام المجمع المسكوني النيقاوي االول سنة‬
‫‪ ،325‬ضد بدعة اريوس‪ .‬وكان الملك قسطنطين هو الساعي في هذا المجمع الذي‬
‫حضره ثالثمئة وثمانية عشر اسقفاً‪ ،‬فحرموا اريوس وتعليمه واثبتوا الوهيَّة السيد‬
‫وأقر البابا اعمال هذا المجمع‪ ،‬وايَّد قانون االيمان الذي اصبح دستورا ً للتعليم‬
‫َّ‬ ‫المسيح‪.‬‬
‫المسيحي على ممر االجيال‪.‬‬
‫وقد وهب الملك قسطنطين البابا سلفستروس قصر الالتران ونقل عرش ملكه‬
‫السي َد االول في روما‬
‫ِ‬ ‫من روما الى بيزنطية‪ ،‬التي اسماها باسمه‪ ،‬ليكون البابا‬
‫ونواحيها‪ ،‬تعزيزا ً لسلطته الدينية واالدبية‪ ،‬وال يكون خاضعا ً لسلطة زمنية هي دونه‬
‫مقاماً‪ .‬و ُد ِعي ذلك العمل "هبة قسطنطين"‪.‬‬
‫ولم يضع هذا البابا القديس حدا ً لغيرته‪ ،‬فقد اهت َّم بتشييد كنائس عديدة في روما‬
‫واولها كنيسة القديس بطرس سنة ‪ .324‬وبترأسه المجامع العامة أيَّ َد أ َّن السلطة العليا‬
‫في الكنيسة هي للحبر الروماني نائب السيد المسيح‪ .‬وبعد ان ساس احدى وعشرين‬
‫سنة بكل غيرة وقداسة‪ ،‬رقد بالرب في سنة ‪ .335‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث‬

‫من شهر كانون الثاني المبارك‪...‬‬


‫تذكار النبي مالخيا‬
‫هو آخر االنبياء الصغار االثني عشر وتأويل اسمه "مالك هللا"‪ .‬تنبأ مؤنبا ً‬
‫الشعب اليهودي على نكرانه جميل الرب‪ ،‬واالغنياء لقساوة قلوبهم على الفقراء‪ .‬منذرا ً‬
‫بحلول الضربات السماوية على المجدفين على العناية االلهية‪.‬‬
‫واخص نبوءاته‪ ،‬انما هي بطالن ذبائح العهد القديم واقامة ذبيحة العهد الجديد‬
‫اي االفخارستيا مكانها‪.‬‬
‫وتنبأ ايضا ً عن تجسد الكلمة قال‪ ":‬وللوقت يأتي الى هيكله السيد الذي تلتمسونه‬
‫ت قال رب الجنود"‪( .‬مالخيا ‪ .)1 :3‬وتوفي شابا ً‬ ‫ومالك العهد الذي ترضون به ها انه آ ٍ‬
‫نحو سنة ‪ 430- 415‬قبل المسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬
‫تذكار القديس غرديوس الشهيد‬
‫ُولد غرديوس في قيصرية الكبادوك وكان مسيحيا ً وقائد مئة جندي في الجيش‬
‫الروماني وكان شهما ً شجاعاً‪ .‬نزع غرديوس‪ ،‬في زمن االضطهاد‪ ،‬ثوب الجندية‬
‫واعتزل في البرية مصليا ً صائماً‪ .‬ولكنه شاء ان يكون بين الشهداء‪ ،‬فعاد الى المدينة‬
‫كالبطل ووقف في المشهد يصيح‪ ":‬ها قد ظهرتُ لمن يطلبون نفسي"‪ .‬فقبضوا عليه‬
‫واقاموه امام الوالي فأخذ يتملقه ويَ ِعده بأعلى المناصب إن اطاع امر الملك وض َّحى‬
‫ذرةً من‬
‫ان كل ما في الدنيا من مناصب وامجاد ال يوازي َّ‬‫لالصنام‪ .‬فأجاب بكل جرأة‪َّ :‬‬
‫السعادة التي لي بالمسيح ربي والهي‪.‬‬
‫فاحتدم الوالي غيظا ً وأمر به فأذاقوه امر العذابات‪ ،‬ولم يكن ينثني عن عزمه‪.‬‬
‫فقطعوا رأسه وتمت شهادته سنة ‪ .320‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع‬
‫من شهر كانون الثاني المبارك الخ‪...‬‬
‫تذكار القديس غايوس بابا روما‬
‫ُولد هذا القديس في شالونا من اعمال دلماسيا‪ .‬وكان من انسباء الملك‬
‫ديوكلتيانوس الذي سفك دماء االلوف من الشهداء‪ .‬ارتقى الى الكرسي الرسولي في ‪17‬‬
‫كانون االول سنة ‪ ،283‬فساس الكنيسة اثنتي عشرة سنة‪.‬‬
‫تسامى هذا البابا بالفضائل وقاسى من االتعاب الشاقة من اجل المسيح ما جعله‬
‫بين اعاظم االحبار في الكنيسة‪ .‬وبقي االضطهاد في بدء حبريته نحوا ً من سنتين كان‬
‫البابا فيهما مختبئا ً في دياميس روما الى ان ساد السالم وهدأت الحال‪.‬‬
‫فعاد الى جهاده في ادارة شؤون الكنيسة والدفاع عن االيمان الحق والعطف‬
‫اسقف يدعى فاليكوس‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫على البؤساء وتعزيز المشاريع الخيرية‪ .‬وله رسائل ها َّمة الى‬
‫وأمر بأنه ال يحق للعلمانيين ان يستدعوا اصحاب الدرجات المقدسة الى المحاكمة‪ ،‬وان‬
‫ال تس َم َع دعوى من وثني او مبتدع على مسيحي‪ .‬وألجل دفاعه عن الشهداء وتشجيعهم‬
‫على الثبات بااليمان‪ ،‬مات شهيدا ً سنة ‪ .396‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس‬
‫تذكار القديس بوال اول النساك‬
‫صها‪ُ :‬ولد بوال في‬‫لقد كتب القديس ايرونيموس سيرة القديس بوال وهذا مل َّخ ُ‬
‫مدينة ثيبة في مصر السفلى‪ ،‬من عيلة قبطية مسيحية‪ .‬درس اللغتين اليونانية‬
‫والمصرية وبرع فيهما‪ .‬وتوفي والداه وهو ابن خمس عشرة سنة‪ ،‬تاركين له ثروةً‬
‫تواقا ً الى غير المال‪.‬‬ ‫وافرة‪َّ ،‬‬
‫لكن قلبه كان َّ‬
‫واثار داكيوس قيصر االضطهاد على النصارى‪ ،‬فذهب بوال واختبأ في بستان له‬
‫على ضفاف النيل‪ ،‬ولما شعر ان صهره يريد ان يوشي به طمعا ً بميراثه‪ ،‬حزن لتلك‬
‫الخيانة الفظيعة‪ ،‬وترك عزلته وماله وشقيقته‪ ،‬وسار الى برية تيبايس فتنسك هناك‪،‬‬
‫يقتات من ثمر النخل ويكتسي باوراقه‪ ،‬عائشا ً على االرض مثل مالك في السماء‪ ،‬الى‬
‫ان بلغ من العمر مئة وثالث عشرة سنة‪.‬‬
‫فأوحى هللا الى انطونيوس في الحلم ان بوال الناسك اقدم منه واكثر قداسة‪ .‬فسار‬
‫يطوف تلك الفلوات حتى عثر على مغارة بوال‪ .‬فتعانقا كأنهما صديقان من زمن بعيد‪.‬‬
‫ويُروى ان غرابا ً جاءهما برغيف خبز‪ .‬فقال بوال‪ ":‬تبارك هللا الذي ارسل لنا‬
‫كفافنا! ان هذا الغراب يأتيني منذ ستين سنة‪ ،‬كل يوم بنصف رغيف‪ ،‬واليوم‪ ،‬الجلك‬
‫برغيف كامل"‪ .‬وصرفا الليل كله بتالوة المزامير وتسبيح هللا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫اتاني‬
‫لي لت َدفُن جسدي‬
‫وفي الغد قال بوال ألنطونيوس‪ :‬قد دنا اجلي فارسلكَ هللا ِإ َّ‬
‫وتُرجع التراب الى التراب‪ .‬فأسألك ان تذهب وتأتيني بالرداء الذي وهبك اياه البطريرك‬
‫اثناسيوس وتجعله كفنا ً لي بعد موتي‪.‬‬
‫فذهب انطونيوس ليأتيه بالرداء‪ .‬ولما عاد اليه بالمطلوب وجده ميتاً‪ .‬فكفَّنه‬
‫برداء البطريك ودفنه‪ .‬ثم رجع‪ ،‬متزودا ً ثوب بوال الذي نسجه من ورق النخل‪ .‬وكان‬
‫تبركا ً منه‪ .‬وقد قص رهبانه كل ما‬ ‫يلبسه انطونيوس في عيد الفصح وعيد العنصرة‪ُّ ،‬‬
‫جرى بينه وبين القديس بوال الذي كانت وفاته سنة ‪ .343‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس‬
‫تذكار اعتماد الرب يسوع‬
‫هذا العيد يس َّمى عيد الظهور اي ظهور الرب للعالم‪ ،‬كما تسميه الكنيسة شرقا ً‬
‫وغرباً‪ .‬باليونانية "ابِيفانيا" اي ظهور وبالسريانية"دِنحو" اي الظهور ايضاً‪ .‬وكان‬
‫يشمل اوالً ظهور الرب بميالده الجسدي وظهور الثالوث االقدس يوم اعتماده في نهر‬
‫االردن‪.‬‬
‫جاء يسوع الى يوحنا ليعتمد منه في نهر االردن‪ .‬ولما هابهُ يوحنا ومانع قائالً‪:‬‬
‫لي!"‪ .‬فاجابه يسوع‪ :‬دَعِ اآلن‪ ،‬هكذا ينبغي لنا‬
‫" انا المحتاج ان اعتمد منك وانت تأتي ِإ َّ‬
‫ص ِع َد للوقت من الماء فانفتحت له السماوات ورأى‬ ‫بر‪ ...‬ولما اعتمد يسوع َ‬‫ان نت َّم ك َّل ٍ‬
‫روح هللا نازال ً مثل حمام ٍة وحاال ً عليه‪ .‬واذا بصوت من السماء قائالً‪ ":‬هذا هو ابني‬
‫سررت" ( متى ‪.)17-13 :3‬‬ ‫الحبيب الذي به ُ‬
‫اراد يسوع ان يعتمد من يوحنا لخمسة اسباب‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬لتأتيه الشهادة من السماء بانه ابن هللا حقاً‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ليشهد ان معمودية يوحنا هي من هللا‪.‬‬
‫َّ‬
‫ليحث الخطأة على االعتماد من يوحنا للتوبة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫رابعاً‪ :‬ليوجب سر المعمودية على المؤمنين به‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬ليقدِس المياه ويجعلها صالحة لتطهير االنفس من الخطيئة االصلية‬
‫وتوابعها‪.‬‬
‫ولما اعتمد يسوع كان عمره ثالثين سنة‪ .‬وبعد ذلك اظهر يسوع ذاته للعالم‬
‫بالتعليم والتبشير‪ .‬بركة هذا العيد معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪:‬‬


‫سجود المجوس للطفل االلهي‬
‫قال القديس متى الرسول‪ ":‬ولما ُولد يسوع في بيت لحم اليهودية في ايام‬
‫هيرودس الملك‪ ،‬اذا بمجوس قد اقبلوا من المشرق الى اورشليم قائلين اين المولود ملك‬
‫اليهود؟ فانَّا رأينا نجمهُ في المشرق فوافينا لنسجد له‪ .‬أتوا الى البيت فوجدوا الصب َّ‬
‫ي‬
‫مع مريم امه‪ ،‬فخروا ساجدين له وفتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا من ذهب ولُ ٍ‬
‫بان و ُم ٍر‪.‬‬
‫ثم أوحى اليهم ان ال يرجعوا الى هيرودوس فرجعوا في طريق اخرى الى بالدهم" (متى‬
‫‪.)13-1 :2‬‬
‫ان االنجيل يُس َّمي المجوس ملوكاً‪ ،‬والتقليد المسيحي واآلباء قد وصفوهم‬
‫بملوك‪ .‬واختلفوا في البالد التي أتوا منها‪ ،‬فذهب بعضهم الى أنها بالد العرب وبعضهم‬
‫بالد الفرس والكلدانيين‪ .‬وهذه البالد كلها في شرقي اورشليم وبيت لحم‪ .‬واما تسميتهم‬
‫مجوساً‪ ،‬فتأويلها عند الفرس حكماء او فلكيون‪ ،‬وعند اليونان فالسفة‪ .‬واليهود‬
‫يسمونهم كتبة او انبياء والالتين حكماء‪ .‬وهم ثالثة وهذه اسماؤهم‪ :‬ملكون‪ ،‬وكسبار‪،‬‬
‫وبلتاسار‪.‬‬
‫كونه‬ ‫ا َّما النجم الذي هداهم الى اورشليم وبيت لحم‪ ،‬فاصدق ما يقال فيه َّ‬
‫ان هللا َّ‬
‫في الجو لهذه الغاية‪ .‬وقد رجعوا الى بالدهم وهم معتقدون ان المولود الذي سجدوا له‬
‫هو اله‪ .‬والتقليد القديم في الكنيسة انهم بشروا باالنجيل ونالوا اكليل الشهادة في بالد‬
‫العرب في القرن االول للميالد‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار مديح مار يوحنا المعمدان‬
‫ان الكنيسة الشرقية تخصص هذا اليوم بمديح مار يوحنا المعمدان‪ ،‬وقد استحق‬
‫هذا المديح بعد ان عمد يسوع‪ .‬فما من انسان ش َِهد له هللا نفسه كيوحنا المعمدان‪ ،‬كما‬
‫ان االنجيليين ايضا ً قد افاضوا بمدحه‪ .‬فالقديس لوقا يقول‪ :‬ان امه العاقر حبلت به بعد‬
‫ان بشر المالك جبرائيل اباه زكريا‪ .‬وقد باركه يسوع وهو جنين‪ ،‬اذ قالت ا َّمه لمريم‪":‬‬
‫ني‪ ،‬ارتكض الجنين بفرح عظيم في بطني" ( لو ‪,)44 :1‬‬ ‫سالمك أذُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫مذ بل َغ صوتُ‬
‫قويه منطقةٌ من‬
‫نسك يوحنا منذ حداثته في البرية‪ ،‬لباسه من وبر اإلبل وعلى َح َ‬
‫جلد‪ .‬طعامه الجراد وعس ُل البر‪.‬‬
‫وكان نبياً‪ ،‬اذ تنبأ على المسيح قائالً‪ ":‬سيأتي من هو اقوى مني وهو يعمدكم‬
‫بالروح القدس والنار"‪ .‬ودعاه المسيح مالكا ً بقوله‪ ":‬هذا هو الذي كُتب عنه‪ :‬هانذا‬
‫أرسل مالكي امام وجهك‪ .‬وقال للجمع‪ :‬ماذا خرجتم تنظرون في البرية؟ انبياً؟ نعم اقول‬
‫لكم انه اعظم من نبي"‪ .‬النه د َّل على المسيح باالصبع قائالً‪ :‬هذا هو حمل هللا‪.‬‬
‫وهو رسول الن هللا ارسله لينهج الطريق امام ابنه‪ .‬وهو مبشر النه وعظ الناس‬
‫وبشَّرهم بالمسيح‪.‬‬
‫بل هو اعظم من رسول النه عمد يسوع رب الرسل‪ .‬وهو معترف النه اعترف‬
‫بانه ليس هو المسيح بل هو رسول امامه وان المسيح هو ابن هللا‪ .‬وهو كاهن النه من‬
‫ع َّمد وخدم رأس الكهنوت ومبدعه‪ .‬وهو شهيد النه قُط َع رأسه‬
‫النسل الكهنوتي‪ ،‬والنه َ‬
‫في السجن ارضا ًء لتلك الفاجرة هيروديا‪ .‬وحسبُه ان المخلص له المجد قال عنه‪ ":‬انه‬
‫لم َيقُ ْم في مواليد النساء اعظم من يوحنا المعمدان" (متى ‪ .)11:11‬وكان استشهاده‬
‫نحو السنة الثالثين للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‬

‫اليوم الثامن‬
‫تذكار القديس كارتاريوس الكاهن الشهيد‬
‫كان كارتاريوس من قيصرية الكبادوك في ايام الملك ديوكلتيانوس ووالية‬
‫قوريانوس على المدينة‪ .‬وبما انه كاهن‪ ،‬جعل بيته معبدا ً يجمع فيه المسيحيين ويعلمهم‬
‫ي به الى الوالي‪ ،‬اختبأ‪ .‬فظهر له‬ ‫ش َ‬
‫عقائد االيمان ويرشدهم في طريق الخالص‪ .‬ولما ُو ِ‬
‫فان الرب‬ ‫ظهر نفسه للوالي وال يخاف‪َّ ،‬‬ ‫الرب يسوع وامره بأن يخرج من مخبئه ويُ ِ‬
‫أمر به‪.‬‬ ‫عمل بما ِ‬‫يؤيده وبسببه يؤمن كثيرون ويُقبلون الى معرفة الحق‪ .‬ففرح بذلك َو ِ‬
‫فقُبض عليه وأحضر امام الوالي فامره ان يسجد للصنم‪ .‬فأبى‪ ،‬فجلدوه جلدا ً قاسيا ً‬
‫وكووا جسمه بحديد محمي‪ .‬فأبرأ هللا جراحه‪ .‬فاعادوا‬ ‫َ‬ ‫واقتلعوا اضافر يد َيه ورجليه‬
‫ومزقوا جسده بامشاط من حديد وزجوه في السجن فاخرجه مالك الرب من‬ ‫َّ‬ ‫الكرة عليه‬
‫َّ‬
‫السجن وشفاه‪ .‬ولذلك آمن كثيرون فع َّمدهم‪ .‬عندئ ِذ أمر الوالي فالبسوه خوذة من حديد‬
‫محمي والقوه في النار وهو صابر يسبِح هللا‪ .‬وكان هناك رجل يهودي است َّل ِمديَته‬
‫وطعن بها الشهيد فاسلم الروح بين يدي هللا‪ .‬وكان ذلك في اواخر القرن الرابع‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع‬
‫تذكار القديس اوستراتيوس‬
‫هذا كان من تارسيا في ماسيسيا من آسيا الصغرى‪ ،‬ابن والدين تقيَّين غنيَّين‬
‫شب لحق بع َّميه جيورجيوس وباسيليوس المترهبَين في جبل‬ ‫ارضعاه لبان التقوى‪ .‬ولما َّ‬
‫اولمبوس وحمل نير الرهبانية الثقيل‪ .‬وتفانى في خدمة الرهبان بكل تجرد ونشاط‪ ،‬وكان‬
‫يمارس اقسى التقشفات مدة الخمس والسبعين سنة التي صرفها بالنسك‪ .‬فاحبه اخوته‬
‫الرهبان واعتبروه جداً‪ ،‬حتى ارغموه‪ ،‬بعد وفاة رئيسهم‪ ،‬على ان يكون رئيسا ً عليهم‪،‬‬
‫فقام يهتم بامورهم الروحية والزمنية بكل غيرة ومحبة‪ ،‬يعاون كالً منهم في عمله‬
‫اليومي‪ ،‬ويَصرف ليله في الصالة والتأمل‪ .‬ولعظم قداسته منحه هللا صنع العجائب‬
‫ب "بصانع العجائب"‪ .‬ولما دنت ساعة وفاته‪ ،‬جمع الرهبان وودَّعهم‬ ‫الكثيرة حتى لُ ِق َ‬
‫بخطاب روحي مؤثر جدا ً واوصاهم بالسعي الدائم وراء الكمال الذي هو غاية الرهبانية‪.‬‬
‫ورقد بالرب في اواسط القرن التاسع‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديس غريغوريوس اسقف نيصص‬
‫ُولد هذا القديس العظيم في مدينة نيصص في الكبادوك من اسرة دُعيت بحق‬
‫اسرة القديسين‪ .‬فابوه باسيليوس وامه اميليا وشقيقته ماكرينا واخوه باسيليوس الكبير‬
‫اسقف قيصرية‪ ،‬امتازوا بالقداسة‪ .‬فنشأ هو ايضا ً على روح التقوى‪ .‬ولكنه مال الى حب‬
‫فتزوج واخذ يسعى وراء جمع المال‪ ،‬متغاضيا ً عما ورثه من فضيلة وتُقى‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الدنيا‬
‫لكنه افاق من غفلته‪ ،‬اذ كتب اليه القديس غريغوريوس النزينزي يحثه على‬
‫قراءة الكتاب المقدس‪ .‬فانكب على قراءته واكتنه ما فيه من المعاني والتعاليم السامية‪.‬‬
‫اتفق مع زوجته فذهبت الى الدير ودخل هو السلك االكليريكي وارتسم كاهناً‪.‬‬
‫رسمه اخوه باسيليوس اسقفا ً سنة ‪ .372‬فقام يتفانى في حراسة رعيته بالوعظ والمثل‬
‫وانكب على تأليف الكتب المفيدة لمقاومة بِدَع عصره وال سيما االريوسية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الصالح‪.‬‬
‫طه عن كرسيَّه‬‫فأبغضه االريوسيون وسعَوا به لدى زعيمهم الملك فالنس سنة ‪ 375‬فح َّ‬
‫ونفاه‪ .‬وبعد موت فالنس ارجعه غراسيان الى كرسيه‪ .‬زار شقيقته ماكرينا الرئيسة قبل‬
‫وفاتها وترأس حفلة دفنها‪ ،‬ومات اخوه باسيليوس في ميدان الجهاد ضد االريوسيين‪،‬‬
‫فقام هو يحمل علَ َمه ويواصل جهاده‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 381‬حضر غريغوريوس المجمع المسكوني الثاني في القسطنطنية‬
‫فأيد بالبراهين الفلسفية والالهوتية‪ ،‬حقيقة الهوت الروح القدس وحرم مكدونيوس‬
‫واتباعه الذين انكروها‪ .‬وفي السنة ‪ 394‬حضر مجمعا ً آخر في القسطنطنية‪ ،‬حيث رقاه‬
‫اآلباء‪ ،‬تقديرا ً لعلمه وفضيلته‪ ،‬الى مقام المتروبوليت‪.‬‬
‫هكذا قضى هذا القديس الكبير حياته المثالية بالدفاع عن االيمان القويم‪ ،‬وبارشاد‬
‫النفوس في طريق الخالص‪ .‬وانتقل الى ربه سنة ‪.394‬‬
‫وقد اغنى الكنيسة بتآليفه في العلوم االلهية وتفاسير الكتب المقدسة‪ .‬ويعتمد‬
‫اآلباء والعلماء على الكثير من تحديداته الالهوتية في ما يتعلق باالقنوم والجوهر‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار القديس تاودوسيوس‬
‫سن التمييز‪ ،‬حتى كان مالزما ً الكنيسة‬
‫ُولد في الكبادوك من اسر ٍة تقية‪ .‬وما بلغ َّ‬
‫وخدمتها‪ .‬وبعد ان ارتسم شماسا ً قارئاً‪ ،‬سمع ما قاله هللا البراهيم‪ ":‬انطلق من بيت‬
‫عشيرتك وبيت ابيك الى االرض التي اريك" (تك ‪ .)1 :12‬فلبَّى صوت الدعوة‪ .‬وذهب‬
‫الى زيارة االراضي المقدسة‪ .‬و َم َّر في طريقه بالقديس سمعان العمودي‪ ،‬فعرفه القديس‬
‫وزوده بركته واطلقه‪.‬‬
‫سمعان بروح النبوءة وناداه باسمه‪َّ .‬‬
‫فاستأنف سيره الى زيارة االماكن المقدسة‪ .‬ثم تتلمذ لناسك فاضل اسمه‬
‫لونجينوس‪ ،‬فاحكم ممارسة الفضائل‪ .‬ثم ذهب وسكن مغارة في جب ٍل‪ ،‬يمارس فيها حياة‬
‫النسك‪ ،‬فذاع خبر فضيلته‪ ،‬فأتاه الكثيرون يتتلمذون له‪ ،‬وكان بعضهم قد اتوه بثرواتهم‬
‫فانشأ لهم ديرا ً كبيراً‪ ،‬كثيرا ً ما كان يأوي اليه الفقراء والمرضى‪ .‬وانشأ اديرة عديدة‬
‫وسن لهم قوانين العيشة المشتركة‪ .‬وكان يأمر رهبانه بان يحفروا قبورهم‬ ‫َّ‬ ‫للرهبان‬
‫بايديهم ويقفوا امامها ذاكرين ساعة الموت الرهيبة‪ ،‬ومصيرهم في االبدية‪.‬‬
‫فمنحه هللا موهبة صنع العجائب الكثيرة‪.‬‬
‫ولشهرة قداسته وحكمته اقامه البطريرك االورشليمي رئيسا ً على الرهبان‬
‫العائشين في االديار عيشة مشتركة‪ .‬وفي تلك االثناء‪ ،‬وقد بلغ تاودوسيوس التسعين‬
‫من العمر‪ ،‬قام الملك انسطاس يحارب الكاثوليك ويؤيِد االوطيخيين فنفى تاودوسيوس‬
‫الذي يظهر انه لجأ الى لبنان‪ ،‬والتقليد المارونية يفيدنا انه هو الذي انشأ دير قنوبين اي‬
‫عبر االجيال الى يومنا‬
‫دير "العيشة المشتركة" في وادي قاديشا وحفظ التقلي ُد هذا االسم َ‬
‫هذا‪.‬‬
‫وجمع تاودوسيوس الى فلسطين حيث قضى سنيه االخيرة وتوفاه هللا سنة ‪528‬‬
‫وله من العمر مئة وخمس سنين‪.‬‬
‫اقيم له مأتم حافل ترأس الصالة فيه بطرس بطريرك اورشليم ذاته‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني عشر‬


‫تذكار الشهيدة تاسيانا‬
‫ابنة احد والة روما في ايام الملك اسكندر ساويروس‪ .‬وظيفتها شماسة‪ ،‬تخدم‬
‫ظهم فردت كثيرين من الوثنيين الى االيمان بالمسيح‪ .‬أمرها الملك‬ ‫المؤمنين وت َ ِع ُ‬
‫ومزقوا جسمها بامشاط‬‫َّ‬ ‫بالسجود لالصنام فأَبت‪ ،‬فضربوها على وجهها وفقأوا عينيها‬
‫من حديد‪ .‬وطرحوها للوحوش فلم تؤذها واخيرا ً القوها في النار فحفظها هللا من كل‬
‫اذى‪ .‬عندئ ِذ ضربوا عنقها بالسيف فنالت اكليل الشهادة سنة ‪ .226‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬

‫تذكار المجمع التريدنتيني المسكوني المقدس‬


‫لقد سادت اوروبا في القرن السادس عشر القالقل والمنازعات بين الكاثوليك‬
‫والبروتستنت بسبب المعتقد والتقليد الديني‪ .‬فان لوتيريوس وكلفينوس‪ ،‬زعي َمي‬
‫البروتستنتية أ َ َبيا االذعان لبعض الحقائق التي كان اجدادهم قد تمسكوا بها‪ ،‬منذ الف‬
‫وخمسماية سنة‪.‬‬
‫وتمييزا ً للحق عن الباطل اصدر البابا بولس الثالث براءةً بعقد مجمع عام في‬
‫مدينة تريدنتا‪ .‬دعا فرنسيس االول وكارلس الخامس البروتستنت لكي يرسلوا موفدين‬
‫من قبلهم الى هذا المجمع‪ ،‬فرفضوا‪ .‬حينئذ عقدت الجلسة االولى في ‪ 13‬ك‪ 1‬سنة‬
‫‪.1545‬‬
‫واستمر المجمع قائما ً ثماني عشرة سنة ( ‪ )1563 -1545‬وعدد جلساته ‪.25‬‬
‫وهو اشهر المجامع المسكونية واوفرها مادةً‪ .‬فقرر األباء فيه عدد االسفار المقدسة‬
‫ورئاسة الحبر الروماني العامة وسلطة الكنيسة واسرارها‪ ،‬ووجود الخطيئة االصلية‬
‫والتبرير وضرورة االعمال الصالحة للخالص‪ ،‬وغير ذلك من العقائد الدينية واصالح‬
‫التهذيب الكنسي‪.‬‬
‫وقد اصدر البابا بيوس الرابع براءةً في اثبات اعمال هذا المجمع‪ ،‬مؤرخة في ‪3‬‬
‫كانون الثاني سنة ‪ .1564‬صالة آبائه تكون معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار القديس يعقوب اسقف نصيبين‬
‫ُولد هذا القديس في مدينة نصيبين ما بين النهرين‪ .‬قال كاتب سيرته العالَّمة‬
‫المؤرخ تاودوريطس اسقف قورش‪ :‬انه منذ حداثته تربَّى على التقوى ومحبة الفقراء‪.‬‬
‫الزهاد والمتوحدين متفرغا ً‬‫وانكب على درس العلوم وقد نبغ فيها‪ .‬ثم اتخذ طريقة ُّ‬‫َّ‬
‫للصوم والصالة‪ .‬فاشتهرت قداسته وذاعت فضائله وآياته الباهرة‪.‬‬
‫ولما توفي اسقف نصيبين‪ ،‬اختاره االكليروس والشعب اسقفا ً عليهم في سنة‬
‫واستمر في اسقفيته على ما كان عليه وهو راهب متقشف‪ .‬مائدته رهبانية‬ ‫َّ‬ ‫‪.319‬‬
‫بسيطة وثيابه فقريَّة‪ ،‬جع َل ه َّمه في تعزية الحزانى وزيارة المرضى والعناية بالفقراء‬
‫واالرامل وااليتام‪ .‬وقد شيَّد في نصيبين كنيسة فخمة‪ ،‬لم يزل ضريحه فيها حتى اليوم‪.‬‬
‫لقد اجمع المؤرخون الشرقيون على انه حضر المجمع النيقاوي سنة ‪ 325‬مع‬
‫تلميذه القديس افرام وبعض اساقفة الشرق وكان من ألمع آباء هذا المجمع في الدفاع‬
‫عن المعتقد الكاثوليكي‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 338‬حاصر سابور ملك الفرس مدينة نصيبين بجيوش جرارة‪ ،‬وحول‬
‫اليها نهرا ً قريبا ً منها‪ ،‬فتح في اسوارها ثغرة؛ فأ َّمل ان يدخلها صباحا ً ويعمل فيها‬
‫السيف والنار‪ .‬فأخذ القديس يعقوب يبكي ويتضرع الى هللا ليحفظ شعبه‪ .‬وفي الغد رأى‬
‫سابور ان االسوار قائمة سالمة على ما كانت عليه باالمس‪ ،‬وقاتلهُ الرب هو وجيوشه‬
‫بجيوش الذُباب كما ضرب من قَبل فرعون والمصريين‪ ،‬حتى يئس وعاد من حيث اتى‪.‬‬
‫وفي تلك السنة عينها ‪ ،338‬رقد القديس يعقوب بالرب بعد جهاد مجيد خلَّ َد ذكره مدى‬
‫االجيال‪ .‬وله عدة تآليف قيمة ذُكرت في مجموعة السمعاني‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع عشر‬
‫تذكار القديس هيالريوس اسقف بواتيه‬
‫ُولد هذا القديس في مدينة بواتيه في فرنسا من اسرة شريفة‪ .‬درس العلوم‬
‫ومارس الفضائل وتسامى فيها وكان يستغرق في التأمل وال سيما في فاتحة انجيل‬
‫يوحنا‪ :‬في البدء كان الكلمة‪ .‬وشعر بعد اعتماده بسعادة تفوق الوصف‪.‬‬
‫تزوج بامرأة فاضلة ُرزق منها ابنة‪ .‬وماتت بعد ان ارتقى درجة الكهنوت‪.‬‬
‫فكرس ذاته لخدمة هللا‪ .‬واشار على ابنته بالترهب‪ .‬واخذ يتفانى غيرة في خالص‬
‫َّ‬
‫النفوس‪.‬‬
‫س ْنت‪ .‬ف َطفِقَ‬
‫وفي سنة ‪ ،350‬انت ُ ِخب اسقفا ً على مدينته بواتيه‪ ،‬خلفا ً للقديس م ْك َ‬
‫يواصل جهاده في خير رعيته‪ ،‬ويناصب االريوسيين‪ ،‬مدافعا ً عن االيمان الكاثوليكي‬
‫القيمة‪ .‬فنفاه الملك قسطنس االريوسي الى فريجيا في اطراف‬ ‫بخطبه البليغة وتآليفه ِ‬
‫آسيا الصغرى‪ .‬فسار الى منفاه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬من الممكن نفي االساقفة ولكن هل يمكن‬
‫اسر‪ .‬وكان‪ ،‬وهو في منفاه‪ ،‬يُشغل‬ ‫نفي الحقيقة؟! ان كلمة هللا ال يمكن ان تقيَّد بنفي ٍ او ٍ‬
‫العالم بكتاباته وتآليفه ورسائله الى كهنة ابرشيته يحثهم على القيام بواجباتهم نحو‬
‫الرعية‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،359‬حضر مجمعا ً عقد في مدينة سلوقية‪ ،‬فقام فيه يدافع مدافعة‬
‫االبطال عن حقيقة العقيدة الكاثوليكية‪ .‬ثم رجع الى كرسيه في بواتيه‪ .‬فكان له استقبال‬
‫منقطع النظير‪ .‬فعاد يواصل جهاده في خير ابنائه‪ ،‬بمثله الصالح ومواعظه المؤثرة‪،‬‬
‫سر الثالوث االقدس وتفسير المزامير‬
‫صها بحثه في ِ‬ ‫عاكفا ً على تأليف الكتب الدينية اخ َّ‬
‫وانجيل متى‪ .‬وهو اول من ادخل الحياة الرهبانية الى الغرب‪ .‬واجرى هللا على يده آيات‬
‫باهرة ورقد بالرب في سنة ‪ .366‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس عشر‬
‫تذكار القديس نيلوس‬
‫كان هذا القديس من اسرة شريفة في القسطنطنية تربى على حب الفضيلة‬
‫والتقوى‪ ،‬ونبغ في العلوم‪ .‬فتقدَّم في مراتب الدولة العالية‪ .‬وتزوج بامرأة صالحة َولدَت‬
‫له ابنا ً وابنة‪ ،‬فبسمت له الدنيا بكل ما فيها من مجد ونعيم‪ .‬غير انه رغب عنها الى هللا‬
‫الخير االسمى والحق والجمال االوحد‪.‬‬
‫فاتفق هو وامرأته وابناهما على اعتناق الحياة الرهبانية القَ ِ‬
‫شفة‪ .‬فذهبت هي‬
‫وابنتها الى احد االديار‪ ،‬وهو وابنه تاوذولوس الى بَ ِرية سينا‪.‬‬
‫واكب على تأليف الكتب في الحياة الرهبانية ورسائل عديدة ال تق ُّل عن االلف الى‬
‫َّ‬
‫اساقفة وكهنة ونساك وامراء وحكام‪ ،‬يشرح فيها الحياة وجمال الفضائل‪ .‬اسر العربان‬
‫وحرره‪ ،‬فاهتدى اليه ابوه بعد‬‫َّ‬ ‫ابنه تاوذولوس وباعوه في فلسطين فاشتراه اسقف ألوزا‬
‫ان طاف البالد باحثا ً عنه‪ .‬واراد االسقف ان يُبقيه هو وابنه عنده فاعتذر‪ ،‬مؤثرا ً حياة‬
‫النسك واالنفراد‪ .‬فرقاه االسقف هو وابنه الى درجة الكهنوت‪.‬‬
‫فعادا الى منسكهما في جبل سينا‪ .‬وما لَبِث ان رقد رقاد االبرار بين يدي ولده‬
‫الكاهن تاوذولوس سنة ‪ .430‬صالته معنا‪ .‬آمين‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً تذكار القديس يوحنا الكوخي‬


‫ُولد يوحنا الملقب بالكوخي في مدينة القسطنطنية‪ ،‬ابوه افتروبيوس من عظماء‬
‫قواد الجيش وأ ُّمه تاودورا من اكرم النساء الشريفات‪ .‬تربَّى يوحنا في احضان الترف‬
‫والدالل‪ .‬انما كان مياالً الى حب الفضيلة ومداومة التردد الى الكنيسة‪ .‬وعلى طلبه ابتاع‬
‫فر من‬‫سميره الوحيد‪َّ .‬‬
‫َ‬ ‫له ابوه انجيالً موشَّى بالذهب والجواهر الكريمة‪ ،‬اتخذه يوحنا‬
‫البيت دون علم والديه الى دير ترهب فيه‪.‬‬
‫أ َّما ابواه فحزنا جدا ً لفراقه وبذال الجهد في التفتيش عنه طويالً فلم يجداه‪ .‬انكب‬
‫لكن تفكيره بما لحق بوالديه من غم وألم أنح َل جسمه وكاد‬ ‫على ممارسة الفضائل‪َّ .‬‬
‫يودي بحياته فاذن له الرئيس بزيارة اهله‪.‬‬
‫متسول؛ فلم يعرفه احد‪ .‬واستمر‬
‫ِ‬ ‫أقام على باب قصر والديه بثياب َّرثة كفقير‬
‫سنتين ال يبوح بسره عائشا ً في كوخ حقير‪ .‬أوحى اليه بالحلم بدنو اجله‪ ،‬فأرى والديه‬
‫االنجيل فعرفاه واسلم الروح سنة ‪ .450‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار سلسلة مار بطرس الرسول‬
‫جاء في كتاب اعمال الرسل‪ ":‬وفي ذلك الزمان ألقى هيرودوس الملك االيدي‬
‫على قوم من الكنيسة ليُسيء اليهم‪ .‬وقتل يعقوب اخا يوحنا بالسيف‪ .‬ولما رأى ان ذلك‬
‫يُرضي اليهود‪ ،‬عاد وقبض على بطرس ايضاً‪ .‬وكانت ايام الفطير‪ .‬فَل َّما امسكه جعله في‬
‫السجن وأسلمه الى اربعة من الجند ليحرسوه‪ .‬وفي عزمه ان يقدمه الى الشعب بعد‬
‫الفصح‪ .‬فكان بطرس محفوظا ً في السجن وكانت الكنيسة تصلي من اجله بال انقطاع‪.‬‬
‫ولما ازمع هيرودوس ان يقدمهُ كان بطرس في تلك الليلة نائما ً بين جندَّيين‪ ،‬مقيَّدا ً‬
‫ونور قد اشرق في الموضع‪ ،‬فضرب جنب بطرس‬ ‫ٌ‬ ‫بسلسلتين واذا مالك الرب قد وقف به‬
‫وايقظه قائالً‪ :‬قم سريعاً! فسقطت السلسلتان من يديه‪ .‬وقال له المالك‪ :‬تمنطق واشدُد‬
‫نعليك‪ ،‬ففعل كذلك‪ .‬ثم قال له‪ِ :‬إلبس ثوبك واتبعني‪ ،‬فخرج وتبعه وهو ال يعلم ان ما فعله‬
‫المالك كان حقاً‪ ،‬بل كان يظن انه يرى رؤيا‪ .‬فل َّما جازا المحرس االول والثاني‪ ،‬انتهيا‬
‫الى باب الحديد الذي يُفضي الى المدينة‪ ،‬فانفتح لهما من ذاته‪ .‬فخرجا وقطعا ُزقاقا ً‬
‫أن الرب‬ ‫واحدا ً وللوقت فارقه المالك‪ .‬فرجع بطرس الى نفسه وقال‪ ":‬اآلن علمت يقينا ً َّ‬
‫وتوجه الى بيت مريم أم يوحنا الملقب‬ ‫قد ارسل مالكه وانقذني من يد هيرودوس‪ .‬ففكَّر َّ‬
‫مرقس‪ ،‬حيث كان قو ٌم كثيرون مجتمعين يصلُّون‪ ( "...‬اعمال فصل‪.)12‬‬
‫السلسلتان محفوظتان في روما حيث انشأت الملكة اودكسيا‪،‬في السنة ‪439‬‬
‫كنيسة دُعيت باسم القديس بطرس في السالسل‪ ،‬غير الكنيسة الكبرى‪ ،‬الجل حفظ هذه‬
‫الذخائر واكرامها‪ .‬وقد صنع هللا معجزات كثيرة بواسطتها‪ ،‬كما يشهد الحبر االعظم‬
‫القديس غريغوريوس الكبير‪.‬‬
‫وكان االحبار االعظمون يهدون الملوك المسيحيين ذخائر من برادة هذه‬
‫السالسل‪.‬‬
‫وتكريم هذه السالسل يشمل الكنيسة شرقا ً وغرباً‪ .‬والكنيسة الرومانية تعيد لها‬
‫في اول آب والكنيسة الشرقية في هذا اليوم ‪16‬ك‪ .2‬بركتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع عشر‬
‫تذكار القديس انطونيوس الكبير‬
‫ُولد هذا القديس العظيم في مدينة كوما في صعيد مصر نحو السنة ‪.251‬وقد‬
‫كتب سيرته القديس اتناسيوس بطريرك االسكندرية معاصره‪ ،‬قال‪ُ :‬ولد انطونيوس في‬
‫مصر من ابوين مسيحيَّين تقيَّين‪.‬‬
‫سناً‪ ،‬فكان لها االخ الشفيق المحب‪ .‬سمع يوما ً‬ ‫توفي والداه تاركَين له أختا ً دونه ِ‬
‫كالم االنجيل المقدس‪ ":‬ان كنت تريد ان تكون كامالً فاذهب وبع كل شيء لك واعطيه‬
‫للمساكين فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني" ( متى‪ .)21 :19‬فكان لهذه اآلية‬
‫صه‬ ‫َّ‬
‫ووزع ما خ َّ‬ ‫وقعُها العميق في قلبه‪ ،‬فمضى فباع ما يملك‪ ،‬تاركا ً لشقيقته نصيبها‪،‬‬
‫على الكنائس والفقراء‪ .‬واعتزل الدنيا‪ .‬وأخذ يزور النساك‪ ،‬صارفا ً أكثر أوقاته بالصالة‬
‫والتأمل ومطالعة االسفار المقدسة‪.‬‬
‫يجربه‪ .‬ا َّما انطونيوس فكان ينتصر على هذه التجارب‬
‫فحسده الشيطان واخذ ِ‬
‫بالصوم والصالة والتأمل‪ .‬ولم يكن يقتات بسوى الخبز والملح وقليل من الماء‪.‬‬
‫وبالرغم من انتصاراته على التجارب‪ ،‬لو يكن الشيطان لينفكَّ عن منازلته‪.‬‬
‫وانفرد في الصحراء ودخل قبرا ً قديما ً اقام فيه اشهراً‪ .‬وما زال الشيطان يهاجمه‬
‫بصور حيوانية مرعبة‪ ،‬لكنه كان يقاومها بمعونة هللا‪ .‬وفي هذا العراك الهائل اشرق في‬
‫نور سماوي وظهر الرب يسوع‪ .‬فصرخ انطونيوس‪ ":‬اين كنت يا سيدي؟"‬ ‫ذلك الكهف ٌ‬
‫فاجابه الرب‪ ":‬كنتُ هنا‪ ،‬يا انطونيوس‪ ،‬اشاهد جهادك"‪.‬‬
‫ثم توغل في صميم الصحراء‪ ،‬واستأنف حياة التأمل ومناجاة الخالق مدة عشرين‬
‫سنة‪ ،‬الى ان عرف الناس بمقره فأخذوا يأتونه من كل صوب‪ .‬وطلب الكثيرون منهم ان‬
‫يقبلهم في عداد تالميذه‪ ،‬فاجاب طلبهم ونزل معهم الى ضفاف النيل‪ ،‬حيث انشأ لهم‬
‫ديورة عديدة‪.‬‬
‫وكثُر عدد الرهبان جدا ً وانتشر عبير الفضائل المسيحية في تلك البراري‪ .‬وكان‬
‫انطونيوس يزور االديار ويثبِت الرهبان في دعوتهم‪ .‬ومن اقواله المأثورة‪ ":‬يا بني ال‬
‫تهمل ذكر االبدية؛ قل لنفسك في كل صباح انك ربما ال تعيش الى المساء‪ ،‬وعند المساء‬
‫انك ربما ال ترى نور النهار‪ .‬قاوم التجربة بشجاعة‪ ،‬ان الشيطان ضعيف امام الصوم‬
‫والصالة واشارة الصليب"‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 311‬ثار االضطهاد بشدة على المسيحيين‪ ،‬فهبَّت نار الغيرة في قلب‬
‫انطونيوس فسار الى االسكندرية يشدد عزائم الشهداء ويرافق المسيحيين الى المحاكم‬
‫ويشجعهم على الثبات في االيمان‪ .‬ولما خمدت نار االضطهاد‪ ،‬عاد الى صومعته يتابع‬
‫حياته النسكية‪.‬‬
‫ومن هللا عليه بموهبة شفاء االمراض وطرد الشياطين‪ ،‬فتقاطر الناس اليه‬‫َّ‬
‫افواجا ً فخاف من روح الكبرياء‪ ،‬فهرب الى ِ‬
‫برية تيبايس العليا‪ .‬وبعد ان عثر رهبانه‬
‫وحث الرؤساء والرهبان على مواصلة السير في طريق الكمال‪ ،‬وعاد‬‫َّ‬ ‫عليه زار ادياره‬
‫الى خلوته‪.‬‬
‫ثم زار القديس بوال اول النساك كما ذكرنا في ترجمة هذا القديس‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 325‬ازدات هرطقة االريوسيين تفشيا ً في االسكندرية‪ ،‬فدعاه‬
‫القديس اتناسيوس اليها فلبَّى انطونيوس الدعوة‪ ،‬رغم كبر سنه‪ ،‬فخرجت المدينة‬
‫يحذرهم من الهرطقة االريوسية‪ ،‬ويبَّين لهم َّ‬
‫ان المسيح اله حق وانسان‬ ‫َّ‬ ‫الستقباله‪ .‬فأخذ‬
‫حق‪ .‬ثم عاد الى جبله‪.‬‬
‫وكانت له المنزلة الكبرى لدى العظماء والملوك‪ ،‬ال سيما الملك قسطنطين الكبير‬
‫الذي كتب اليه يطلب صالته وشفاعته‪.‬‬
‫وفي المرحلة االخيرة من حياته‪ ،‬زار اديرة رهبانه مح ِرضا ً الجميع على الثبات‬
‫في طريق الكمال‪ .‬ورقد بسالم في ‪17‬ك‪ 2‬سنة ‪ 356‬وله من العمر مئة وخمس سنين‪.‬‬
‫من تركته الروحية سبع رسائل شهيرة كان قد وجهها الى بعض اديرة المشرق‪.‬‬
‫وقد نقلت من القبطية الى اليونانية والالتينية وطبعت مندمجة بين تآليف االباء‪.‬‬
‫وحسبنا ان نذكر المناسك والنساك الكثر الذين اقتدوا به متخذين طريقته في‬
‫لبنان‪ .‬وما وادي قاديشا‪ ،‬ودير مار انطونيوس قزحيا التاريخي الشهير بمعجزاته في‬
‫طرد الشياطين اال دليل على ما لهذا القديس من الشفاعة لدى هللا ومن الثقة والكرامة‬
‫في قلوب اللبنانيين‪.‬‬
‫والرهبانيات المارونيات الثالث أبت إِال ان تدعى باسمه المبارك منذ نشأتها وان‬
‫تتبع طريقته النسكية‪.‬‬
‫ولذلك حق له ان يدعى "كوكب البرية" ومجد الحياة الرهبانية وشفيع الجماعات‬
‫واالفراد في كل مكان وزمان‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن عشر‬
‫تذكار القديس كيرللس بطريرك االسكندريه‬
‫ولد كيرللس في االسكندرية نحو سنة ‪ ،376‬ونشأ مشموالً بعناية خاله‬
‫البطريرك تاوفلوس‪ ،‬ونال ثقافة عالية وتع َّمق في درس االسفار المقدسة وتآليف اآلباء‪.‬‬
‫ووضع كتابا ً في حقيقة الديانة المسيحية ضد ِإلحاد يوليانوس الجاحد‪.‬‬
‫ولما رسمه خاله كاهنا ً تولَّى وعظ الشعب وارشاده في طريق الخالص‪ .‬وبعد‬
‫فهب للدفاع‬
‫َّ‬ ‫ب بطريركا ً على االسكندرية خلفا ً له سنة ‪.413‬‬‫وفاة خاله البطريرك‪ ،‬انت ُ ِخ َ‬
‫عن العقيدة الكاثوليكية الصحيحة ضد بدعة نسطور وو َّجه رسالة رعائية الى االساقفة‬
‫والرهبان في مصر يشرح فيها تعليم الكنيسة الصحيح‪ .‬وكتب الى نسطور كتابا ً في‬
‫ايمان الكنيسة ومعتقدها القويم‪ ،‬وهو الكتاب الشهير الذي اصبح‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬المستند‬
‫الذي اعتمده البابا مع سائر المجامع‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 431‬عُقد المجمع المسكوني في أفسس بامر الملك تاودوسيوس‬
‫والبابا سيلستينوس واجتمع فيه مئتا اسقف‪ .‬وترأسه كيرللس من قِبَل البابا وأبى‬
‫قر المجمع كتابات كيرللس واثبت الوهية السيد المسيح وان مريم‬
‫نسطور ان يحضر‪ .‬فا َّ‬
‫العذراء هي "والدة االله‪ ،‬تيوتوكس"‪.‬‬
‫وبعد ان نفاه الملك اعاده الى كرسيه مكرما ً وقبض على نسطور ونفاه‪.‬‬
‫وعاش كيرللس ايامه االخيرة بين شعبه يثبتهم في االيمان ويُلقي المحبة‬
‫والسالم بينم ويعطف على الفقراء ويثابر على تأليف الكتب النفسية الى ان رقد بالرب‬
‫في الثامن من حزيران سنة‪.444‬‬
‫ومن تآليفه كتابه في الديانة المسيحية ضد نسطور‪ ،‬ورسائل شهيرة عددها‬
‫سبع وثمانون‪ .‬ثم كتابه في الثالوث االقدس وقد طبعت كلها مرارا ً وادمجت في مجموعة‬
‫االباء‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬

‫تذكار قيام كرسي بطرس في روما‬


‫ما انفكت الكنيسة‪ ،‬منذ صدر النصرانية‪ ،‬تحتفل بعيد قيام كرسي بطرس زعيم‬
‫الرسل‪ ،‬في انطاكية وفي روما‪ ،‬الن المخلص اقام بطرس رئيسا ً للكنيسة كلها (متى‬
‫‪.)19- 18 :16‬‬
‫تنص عليه وتوضحه‬ ‫ُّ‬ ‫وقد باشر بطرس هذه الرئاسة في اورشليم اوالً‪ ،‬كما‬
‫تفرق الرسل للبشارة‪ ،‬اقام بطرس كرسيه في‬ ‫االسفار المقدسة وشهادة اآلباء‪ .‬ولما َّ‬
‫انطاكية سنة ‪ .35‬وبقي فيها سبع سنين‪ .‬ثم ترك انطاكية بالهام هللا‪ ،‬بعد ان اقام فيها‬
‫القديس اوديوس بطريركا ً خلفا ً له‪ .‬وذهب الى روما‪ ،‬عاصمة المملكة الرومانية‪ ،‬آنذاك‪،‬‬
‫ونصب كرسيه فيها سنة ‪ .42‬وقام يسوس الكنيسة جمعاء خمسة وعشرين عاماً‪ ،‬الى‬
‫ان استُشهد في روما‪ ،‬سنة ‪ .67‬وخلفه البابا لينوس القديس (‪.)79 – 67‬‬
‫وما زال خلفاؤه االحبار االعظمون يتسلسلون بالرئاسة على هذا الكرسي‬
‫الروماني الى اآلن‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع عشر‬


‫تذكار القديس مكاريوس االسكندري‬
‫التف حوله‬
‫َّ‬ ‫شب اعتزل في برية نيتريا حيث‬
‫ُولد في االسكندرية سنة ‪ ،305‬ولما َّ‬
‫نحو خمسة آالف ناسك‪ ،‬فصار رئيسا ً عليهم يسير امامهم في طريق الكمال االنجيلي‪.‬‬
‫ورسم كاهنا ً ِ‬
‫ليوزع عليهم االسرار المقدسة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وقد اضطهده االريوسيون كما اضطهدوا معاصره مكاريوس الصليبي‪ ،‬الذي‬
‫عاش معه ثالث سنين‪ .‬البسه القديس انطونيوس نفسه االسكيم المالئكي‪.‬‬
‫صنع المعجزات كطرد الشياطين وشفاء المرضى‪ .‬وقضى على‬ ‫وقد َّ‬
‫من هللا عليه ب ُ‬
‫هذا النحو ستين سنة بالجهاد الدائم الى ان نقله هللا الى المجد االبدي سنة ‪ .395‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العشرون‬
‫تذكار القديس افتيموس الكبير‬
‫ُولد افتيموس في مدينة ملتيني في ارمينيا من اسرة شريفة تقية‪ .‬فقد اباه وهو‬
‫فربته أ ُّمه واعتنى بثقافته خاله معاون مطران مدينته‪ .‬فرسمه اسقفه‬
‫ابن ثالث سنين‪َّ ،‬‬
‫كاهناً‪ .‬ذهب الى زيارة االراضي المقدسة ليقف على حياة النساك في البراري‬
‫ور ِغب في السير على طريقهم‪ ،‬فوجد صومعةً جعلها‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬فأعجب بسيرتهم َ‬
‫منسكا ً له‪ ،‬تحت تدبير القديس ارسانيوس الطائر الشهرة آنئذٍ‪ .‬فأخذ يمارس حياة‬
‫التقشف الشاقة‪.‬‬
‫سكن مغارة قرب اورشليم فتتلمذ له رهبان كثيرون‪ .‬ولما تكاثر عددهم‪ ،‬ترك‬
‫افتيموس لرفيقه تاوكستس تدبير المبتدئين‪ ،‬واعتزل لشدَّة شغفه بالحياة المنفردة‪.‬‬
‫وجاءه يوما ً امير من العرب من عبدة االوثان‪ ،‬وله ول ٌد ُمقعَد عجز االطباء عن‬
‫شفائه‪ ،‬فباركه القديس باشارة الصليب‪ ،‬فشفي للحال‪ .‬فآمن والده‪ ،‬وكل عشيرته‪،‬‬
‫واعتمدوا واصبحوا رسالً للمسيح‪ .‬ورسم لهم البطريرك اسقفا ً دُعي بطرس‪ ،‬فازدهرت‬
‫س َّمي هذا القديس رسول البالد العربية‪.‬‬‫النصرانية في المضارب العربية‪ .‬ولذلك ُ‬
‫ثم توارى سراً‪ ،‬وتو َّ‬
‫غل في الصحراء الى برية "عين جدي" حيث بنى له اهالي‬
‫عين جدي ديراً‪.‬‬
‫ودافع هو ورهبانه دفاع االبطال عن تعليم المجمع االفسسي ضد نسطور (‪)431‬‬
‫وعن المجمع الخلقيدوني ضد اوطيخا (‪.)451‬‬
‫كما انه ارشد الملكة افدوكيا الى االيمان الكاثوليكي بعد ان سقطت في بدعة‬
‫أوطيخا‪ .‬وكان هللا يؤيِد اعماله بصنع العجائب الباهرة‪ .‬وقد امتاز بوداعته وتواضعه‬
‫ومحبته للفقراء‪ ،‬وضيافته الغرباء‪.‬‬
‫ولما شعر بدنو اجله اختلى بنفسه ثالثة ايام مستعدا ً لمالقاة هللا‪ ،‬ورقد بالرب‬
‫سنة ‪ .473‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي والعشرون‬


‫تذكار الشهيد سيبستيانوس‬
‫ُولد سيبستيانوس في مدينة تاربونا – ايطاليا‪ ،‬من والدين مسيحيَّين تقيَّين‪ .‬ولما‬
‫شب مضى الى روما ودخل في الجندية في عهد الملك كارينوس‪ ،‬لكي يتمكن من‬
‫مساعدة المسيحيين‪ ،‬باكثر سهولة‪.‬‬
‫وثِق به الملك فرقاه‪ ،‬وجعله رئيسا ً للفرقة االولى الملكية‪ .‬وبما انه كان جنديا ً‬
‫متفقدا ً المحبوسين منهم‪ ،‬ومشجعا ً‬
‫ِ‬ ‫امينا ً للمسيح‪ ،‬دأب في مساعدة المسيحيين‪،‬‬
‫الضعفاء‪ ،‬ودافنا ً الشهداء‪ .‬وقد ر َّد كثيرين من الوثنيين الى االيمان بالمسيح‪ .‬واشتهر‬
‫بهذه االعمال المجيدة‪ ،‬حتى لقَّبه البابا كايوس بمحامي الكنيسة‪.‬‬
‫ولما اثار الملك االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬قبضوا على سيبستيانوس وعلى‬
‫يضحيا لالصنام‪ .‬عندئذ‬
‫ِ‬ ‫أخوين هما مرقس ومرشلينوس‪ ،‬النهما لم‬‫سيْن رومانيَّين َ‬ ‫فار َ‬
‫ظهر المخلص محاطا ً بنور سماوي‪ ،‬ومعه سبعةُ مالئكة‪ .‬ف ُد ِهش الحاضرون من هذا‬
‫المشهد العجيب‪ .‬فآمن كاتب المحكمة وستون شخصاً‪ ،‬بل آمن والي المدينة ايضاً‪ ،‬وجعل‬
‫بيته معبدا ً يجتمع فيه المؤمنون لصالة‪ ،‬واستُشهد معظمهم‪.‬‬
‫استشاط الملك غيظاً‪ ،‬وامر ان يُش َّد على خشب‪ ،‬ويُرشق بالسهام‪ ،‬فبدأ الجند‬
‫يرمونه بالنبال حتى اثخنوه جراحاً‪ ،‬وجرت دماؤه سيالً‪ .‬فظنوه قد مات‪ ،‬فتركوه وم َ‬
‫ضوا‪.‬‬
‫فأتت ايرينا التقية ارملة الشهيد كالستولوس ليالً‪ ،‬فأخذته الى بيتها‪ ،‬واعتنت به اياما ً‬
‫حتى اندملت جراحه‪.‬‬
‫فأشار عليه اصدقاؤه بان يختبىء‪ ،‬فأبى إِال الظهور‪ ،‬ومضى ينتظر قدوم الملك‬
‫الى الهيكل‪ ،‬فتصدَّر السلَّم ولما وصل الملك قال له‪ ":‬موالي‪ ،‬ان كهنتكم يخدعونكم‬
‫بقولهم‪ِ :‬إن النصارى اعداؤكم‪ .‬وهم يصلُّون الجلكم ومن اخلص المواطنين للمملكة"‪.‬‬
‫فدهش الملك‪ ،‬اذ رآه حياً‪ ،‬واغتاظ من كالمه‪ .‬فأمر به فضربوه بقساوة وحشية‬
‫حتى اسلم روحه الطاهرة بيد خالقها مكلَّلة بغار الشهادة سنة ‪ .288‬صالته معنا‪ .‬آمبن‬

‫اليوم الثاني والعشرون‬


‫تذكار القديس تيموتاوس تلميذ بولس الرسول‬
‫متنصرة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُولد تيموتاوس في لوسترا من آسيا الصغرى‪ .‬ابوه وثني وأ ُّمه يهودية‬
‫رسخ في االيمان منذ حداثته‪ ،‬كما يقول مار بولس‪ ":‬واتذكر ايمانك الذي رسخ اوال ً في‬
‫َجدتك لويد وفي امك أونكَة‪ .‬واعتقد انه راسخ فيك ايضا ً وانك منذ الطفولية تعرف الكتب‬
‫المقدسة" ( ‪2‬تيمو ‪.)5 :1‬‬
‫مر بلوسترة‪ .‬ولما‬
‫وكان تيموتاوس قد آمن باالنجيل عن يد بولس الرسول يوم َّ‬
‫رآه مج َّمالً بالفضائل اختاره وسارا الى غالطية وتراوس وطافا بالد اليونان وبشَّرا في‬
‫مدن فيليبي وتسالونيكي وبيريه وآثينا وكورنتس‪ .‬ثم ارسله الى مكدونيه‪ ،‬كما جاء في‬
‫اعمال الرسل ( ‪ )22 :19‬ورسمه كاهنا ً ثم اسقفا ً على مدينة افسس‪.‬‬
‫ونرى القديس بولس يُكثر في مديحه‪ ،‬فيسميه االبن الصادق واالبن الحبيب‬
‫واالمين ( ‪1‬تيمو ‪ 2 :1‬و‪18‬؛ ‪2‬تيمو ‪2 :1‬؛ ‪ 1‬كور ‪ .)17 :4‬وكثيرا ً ما افتتح رسائله‬
‫بالسالم منه ومن تلميذه تيموتاوس ابنه االمين‪ .‬وكان يثق به ثقته بنفسه ويعهد اليه‬
‫باالمور الها َّمة‪.‬‬
‫لقد جاهد تيموتاوس مع معلمه القديس بولس في التبشير وتح َّمل مثله المشاق‬
‫واالتعاب واالضطهادات حتى الحبس‪.‬‬
‫وكتب اليه القديس بولس من روما وهو سجين في السالسل‪ ،‬رسالته الثانية‪.‬‬
‫وقد مألها بعواطف محبته وشوقه الى ان يراه قبل مغادرته هذه الحياة‪.‬‬
‫ولما رقَّاه اسقفا ً على افسس‪ ،‬قام يسوس كنيسته بغيرة ال تعرف الملل‪ ،‬ويرعى‬
‫جميع كنائس آسيا الصغرى‪ .‬وكان الوثنيون في افسس يعبدون االلهة ديانا ويرتكبون‬
‫الفواحش والمنكرات‪ ،‬فهرع الرسول لمقاومتهم وتقبيح اعمالهم‪ ،‬فحنقوا عليه واخذوا‬
‫ولحق بابيه ومعلمه الى‬
‫ِ‬ ‫يرجمونه بالحجارة ويضربونه بالعصي حتى اسلم الروح‬
‫السماء سنة ‪ 97‬للميالد‪.‬‬
‫فجاء تالميذه وحملوا جثمانه الطاهر ودفنوه باكرام في محل بُنيت فوقه كنيسة‬
‫على اسمه في افسس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬

‫تذكار الشهيد انسطاسيوس‬


‫كان انسطاسيوس من بالد فارس جنديا ً في جيش الملك كسرى‪ ،‬آمن بالمسيح‬
‫بقوة عود الصليب الذي اخذه كسرى من اورشليم‪ .‬فترك انسطاسيوس الجندية وهجر‬
‫تعرف بالكاهن ايليا الذي شرح له اسرار الديانة المسيحية‬
‫وطنه الى سوريا‪ ،‬حيث َّ‬
‫ومنحه سر العماد المقدس‪.‬‬
‫دخل احد اديار اورشليم‪ ،‬حيث اقام سبع سنين‪ ،‬منكبا ً على اتقان اللغة اليونانية‪،‬‬
‫سير القديسين والشهداء‪ ،‬رغب في التشبه بهم‪.‬‬ ‫سائرا ً في طريق الكمال‪ .‬ومن قراءته َ‬
‫س َح َرة‪ ،‬فأخذ يبيِن لهم فساد مهنتهم الشيطانية‬
‫فمضى الى قيصرية فلسطين‪ .‬وكان هناك َ‬
‫لكي يتركوها‪ ،‬كما تركها هو عند ارتداده‪.‬‬
‫فوشوا به الى والي المدينة‪ .‬ولما رآه راسخا ً في ايمانه امر به فضُرب وعُذِب‬
‫كثيراً‪ ،‬وهو صابر يقول‪ ":‬انا مسيحي"‪ .‬عندئذ اوثقه الوالي وارسله الى الملك مخفورا ً‪.‬‬
‫امر الملك احد القضاة بان يُحقق معه ويردَّه الى الوثنية‪ .‬اما هو فاستمر ثابتا ً في‬
‫ايمانه ال يعبأ بوعد او وعيد‪ .‬فامر الملك بقتله‪ .‬فاقتادوه مع اثنين وسبعين مسيحيا ً الى‬
‫نهر حيث شنقوهم الواحد تلو اآلخر‪ .‬فتمت شهادة انسطاسيوس وهو يترنم باسم‬ ‫ضفة ٍ‬
‫الرب يسوع سنة ‪.628‬‬

‫وجاء في السنكسار الروماني ان هامته نُقلت الى روما مع صورته وكانت ت ُ َّ‬
‫كرم‬
‫وتصنع العجائب كطرد الشياطين وشفاء المرضى‪ .‬فاتخذ المجمع النيقاوي المسكوني‬
‫المنعقد سنة ‪ 787‬ضد محاربي االيقونات دليالً ساطعا ً على وجوب تكريم االيقونات‬
‫وذخائر القديسين‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث والعشرون‬


‫تذكار القديس اكلمنضوس اسقف انقره‬
‫ُولد هذا الشهيد في انقره من آسيا الصغرى‪ ،‬سنة ‪ .257‬وكان ابوه وثنيا ً وا ُّمه‬
‫شب ارتسم كاهنا ً ثم صار اسقفا ً على مدينته‪ .‬فأخذ يجاهد في سبيل‬ ‫َّ‬ ‫مسيحية‪ .‬ولما‬
‫رعيته‪ ،‬مظهرا ً من الغيرة الرسولية ما لفت اليه انظار المضطهدين بعهد ديوكلتيانوس‬
‫قيصر‪ .‬فقبض عليه والي آسيا وتفنن في تعذيبه وهو ثابت في ايمانه‪ ،‬وقد ك َّل معذِبوه‬
‫ولم ت ُك َّل عزيمته‪ ،‬فارسله الوالي الى الملك ديوكلتيانوس في رومة‪ ،‬فأنزل به َّ‬
‫امر‬
‫العذابات ولم ينل منه مأرباً‪ ،‬فأمر بارجاعه الى آسيا الصغرى وأتى معه رجل اسمه‬
‫اغاتنجوس‪ ،‬كان قد آمن على يده ِلما شاهده فيه من الثبات العجيب في احتمال العذاب‪.‬‬
‫وفاز كالهما باكليل الشهادة سنة ‪ .309‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬

‫تذكار البابا سرجيوس االول‬


‫ُولد هذا القديس في صقلية‪ ،‬ابوه سرياني االصل من انطاكية‪ .‬ولما توفي البابا‬
‫نونن سنة ‪ ،687‬انت ُ ِخب حبرا ً اعظم‪ ،‬فقام يسوس الكنيسة بروح الحكمة والغيرة‬
‫والمحبة‪ .‬ولما طلب منه الملك يوستينيانوس االخرم ان يُثبت بسلطانه العام حق الوالية‬
‫والتقدم للبطريركية القسطنطنية على غيرها من البطريركيات‪ ،‬أبى البابا إجابة هذا‬
‫الطلب‪ ،‬كما فعل اسالفه من قبل‪ .‬فحنق الملك وارسل قائد جيشه زكريا ليقبض على‬
‫البابا ويأتي به الى القسطنطنية‪ .‬فما عزم القائد تنفيذ امر الملك‪،‬حتى هاج الشعب وكاد‬
‫يفتك به‪ ،‬فاستغاث بالبابا‪ ،‬فجعله تحت حمايته؛ فآمن القائد بالمسيح واعتمد‪ ،‬شاكرا ً‬
‫فضل البابا‪ .‬ثم رقد بالرب عام ‪ .701‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع والعشرون‬
‫تذكار القديسة اوسابيا‬
‫ُولدت هذه القديسة في روما من اسرة غنية‪ ،‬وقد زيَّنها هللا بجمال النفس‬
‫تكرس بتوليتها هلل‪ .‬ولما‬
‫والجسد‪ ،‬فجاء الكثيرون يخطبون ودَّها‪ ،‬اما هي فأرادت ان ِ‬
‫رأت والدَيها برغبان في تزويجها انسلَّت خفية من البيت مع جاريتين من جواريها‪.‬‬
‫واتخذت اسم "كساني" اي غريبة‪ ،‬بدل اسمها اوسابيا‪ .‬وجا َءت الى االسكندرية حيث‬
‫َ‬
‫وانصرفن الى ممارسة الصلوات واالصوام تحت‬ ‫اقامت مع جاريتيها منفردة عن العالم‪.‬‬
‫تدبير راهب فاضل اسمه بولس من مدينة ميالسيا في كاريا‪.‬‬
‫َ‬
‫اقمن بالمثابرة على السير في طريق‬ ‫َّ‬
‫نقلهن الى وطنه ميالسيا حيث‬ ‫ومال لبث ان‬
‫بتدبيرهن وارشاد َّ‬
‫ِهن‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الكمال‪ .‬وكان الراهب بولس قد ارتقى الى االسقفية‪ ،‬فظ َّل يُعنى‬
‫وقد منح هللا القديسة كساني صنع المعجزات‪ .‬ثم رقدت بالرب سنة ‪ .470‬صالتها معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار القديس دوسيتاوس الناسك‬
‫قد تربَّى هذا القديس عند احد امراء االسكندرية الذي كان قد تبنَّاه‪ .‬فعاش‬
‫االمير وذهب الى زيارة االراضي المقدسة‪ ،‬حيث وقع نظره‬
‫َ‬ ‫بالترفه والتنعم‪ ،‬ثم استأذن‬
‫وحركت النعمة قلبه‪ ،‬فعزم على الترهب‪ ،‬ودخل ديرا ً‬
‫َّ‬ ‫على صورة الدينونة فارتاع جداً‪،‬‬
‫في نواحي غزة‪.‬‬
‫قبله الرئيس تحت تدبير القديس دوروتاوس الذي اشغله في خدمة المرضى‬
‫وقبول الضيوف‪ .‬فقام دوسيتاوس بوظيفته بكل دقة ونشاط‪ ،‬ممتازا ً بطاعته‪ .‬ولم يكن‬
‫من ح ٍد لصلواته واماتاته‪ ،‬يقبل النصح والتوبيخ بفرح وسرور‪ .‬واذا زل بهفوة‪ ،‬تن َّهد‬
‫وبكى‪ .‬وبعد خمس سنوات‪ ،‬اعتراه مرض شديد وخارت قواه‪ .‬ولما شعر بدنو أ َجله‪،‬‬
‫طلب من معلمه ان يسمح له بان يخرج من هذا السجن الجسدي‪ ،‬كأنه ال يريد ان يموت‬
‫إال بأمر الطاعة التي هي امر هللا‪ .‬ولما صار في حال النزاع وقال له معلمه‪" :‬اذهب‬
‫بسالم" فاضت روحه الطاهرة بين يدي يسوع ومريم سنة ‪ .350‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس والعشرون‬


‫تذكار ايمان بولس الرسول واعتماده‬
‫قال لوقا البشير في كتاب اعمال الرسل‪ ":‬كان شاول ال يزال يَقذِف تهديدا ً وقتالً‬
‫على تالميذ الرب – فأقبل الى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل الى دمشق‪ ،‬الى المجامع‪،‬‬
‫يسوقهم ُموثَقين الى اورشليم‪...‬‬
‫حتى اذا وجد اناسا ً من هذه الطريقة‪ ،‬رجاالً او نسا ًء‪ُ ،‬‬
‫نور من السماء‪ .‬فسقط‬‫قرب من دمشق‪ ،‬أبرق حوله بغتةً ٌ‬ ‫وفيما هو منطلق‪ ،‬وقد ُ‬
‫على االرض وسمع صوتا ً يقول له‪ :‬شاول شاول‪ِ ،‬ل َم تضطهدُني؟ ‪ -‬فقال َمن انت يا رب‪،‬‬
‫فقال‪ :‬انا يسوع الذي انت تضطهده‪ .‬انه لصعب عليك ان ترفس المهماز‪ .‬فقال وهو‬
‫مرتع ٌد منذهل‪ :‬يا رب‪ ،‬ماذا تريد ان اصنع؟ فقال له الرب‪ :‬قم وادخل المدينة وهناك يقال‬
‫لك ماذا ينبغي ان تصنع‪.‬‬
‫أ َّما الرجال المسافرون معه فوقفوا مبهوتين‪ ،‬يسمعون الصوت وال يرون احداً‪.‬‬
‫فنهض شاول عن االرض ولم يكن يُبصر شيئاً‪ ،‬وعيناه مفتوحتان‪ .‬فاقتادوه بيده‬
‫وادخلوه الى دمشق‪ .‬فلبث ثالثة ايام ال يُبصر وال يأكل وال يشرب‪ .‬وكان في دمشق تلميذٌ‬
‫اسمه حنَنيا‪ .‬فقال له الرب‪ :‬قم فانطلق الى الزقاق الذي يسمى القويم والتمس في بيت‬
‫يصلي"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يهوذا‪ ،‬رجالً من طرطوس اسمه شاول فهوذا‬
‫‪ ...‬فنهض حننيا ودخل البيت ووضع يديه عليه قائالً‪ ":‬يا شاول اخي‪ ،‬ان الرب‬
‫يسوع الذي ترأىء لك في الطريق وانت آت فيها‪ ،‬ارسلني لكي نبصر وتمتلىء من‬
‫قشر‪ ،‬فعاد بصره فقام واعتمد‪ .‬واخذ‬‫ٌ‬ ‫الروح القدس"‪ .‬فللوقت وقع من عينيه شيء كأنه‬
‫طعاما ً فتغذَّى ومكث اياما ً مع التالميذ الذين بدمشق‪ .‬وللوقت اخذ ُ‬
‫يكرز في المجامع‬
‫بيسوع انه هو ابنُ هللا‪ .‬ف َد ِهش كل الذين سمعوه وقالوا أليس هذا هو الذي كان يُبيد في‬
‫اورشليم الداعين بهذا االسم‪ ،‬وانما جاء الى هنا ليسوقهم موثَقين الى رؤساء الكهنة؟‬
‫أن هذا هو المسيح"‬ ‫خجل اليهو َد القاطنين بدمشق‪ ،‬مبرهنا ً َّ‬
‫وكان شاول يزداد قوة ويُ ِ‬
‫(اعمال ‪ .)22 -1 :9‬وكان يبشر به في دمشق‪.‬‬
‫ان ايمان بولس ألهم حادث تاريخي في صدر النصرانية‪ .‬وهو الدليل الساطع‬
‫المضطهد اعظم رسول جن في محبة المسيح‪،‬‬
‫ِ‬ ‫على مفعول النعمة التي جعلت من شاول‬
‫حتى سفك دمه من أجله‪ ،‬كما جاهر بذلك‪ ،‬اذ قال‪ ":‬ألني انا احقر الرسل ولست اهال الن‬
‫أسمى رسوالً الني اضطهدتُ كنيسة هللا‪ ،‬لكني بنعمته صرت على ما انا عليه ونعمته‬
‫في لم تكن باطلة‪ ،‬بل تعبت اكثر من جميعهم ولكن ال انا‪ ،‬بل نعمة هللا معي"‪.‬‬ ‫التي َّ‬
‫(‪1‬كور‪ 9 :15‬و‪ .)10‬صالته معنا‪ .‬آمين‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تذكار الشهيدة أ ِغنس البتول‬
‫ُولدت أ ِغنس في روما وكان والداها من االشراف االتقياء‪ ،‬عَنيا بتربيتها تربية‬
‫مسيحية صالحة‪ .‬وكانت تقواها تزيد في بهاء جمالها الرائع‪ .‬وما بلغت الثالثة عشرة‬
‫من عمرها‪ ،‬حتى اشتعلت بنار الغيرة على االيمان القويم فردَّت اليه فتيات كثيرات من‬
‫الوثنيات‪.‬‬
‫ورآها يوما ً بروكوب ابن والي المدينة فأغرم بجمالها‪ .‬فأخذ يراسلها راغبا ً في‬
‫خطب ودَّها‪ .‬فقالت انها مخطوبةٌ لعريس سماوي وال ترضى عنه بديالً في االرض‪ .‬فتأثر‬
‫الشاب الى ان َم ِرض‪َ ،‬ونِحل جسمه‪ ،‬فكاشف ابوه الوالي بأمره‪ .‬فاستحضر الفتاة أغنس‬
‫واخذ يتملقها لترضى بالزواج من ابنه فأبت‪ ،‬فامرها بالسجود لالصنام فازدرت‬
‫فغضب وامر بان تساق عريانة في الشوارع عرضةً للعار والهوان فاخذت‬ ‫ِ‬ ‫باصنامه‪.‬‬
‫البتول تصلي‪.‬‬
‫المعد إلذاللها‪ ،‬حتى احاط بها نور سماوي يبهر االبصار‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فما وصلت الى المكان‬
‫فكان كل من يدنو منها يرت ُّد خائفا ً حتى ابن الوالي نفسه‪.‬‬
‫يهيجون الشعب ويصيحون‪ :‬فلتُقتَل اغنس الساحرة‬ ‫عندئذ اخذ كهنة االوثان ِ‬
‫ولتحرقْ هذه الماكرة المجدِفة على آلهتنا‪ .‬فاضرموا نارا ً وطرحوها فيها وهي تصلي‬ ‫َ‬
‫فاخمد هللا حدَّة النار وقامت البتول سالمة‪ .‬فازداد الوثنيون هياجا ً النخذالهم امام تلك‬
‫الفتاة‪ ،‬ولما يئسوا منها ضربوا عنقها ففازت باكليل الشهادة في سنة ‪.304‬‬
‫وتراءت الهلها ذات ليلة‪ ،‬ومعها رهط من العذارى ب ُحللهن البيضاء‪ ،‬وهي تتألأل‬
‫َّ‬
‫وتعزوا وافرحوا معي الني راتعة بحياة‬ ‫بالنور وقالت لهم‪ ":‬كفوا عن النوح والبكاء‬
‫المجد السماوي"‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار االرملة البارة باوال‬
‫ُولدت باوال في روما من اسرة شريفة مؤمنة‪ .‬فنشأت على مخافة هللا‪ ،‬ثم‬
‫ورزقت اوالداً‪ .‬ولما توفي زوجها‪َّ ،‬‬
‫كرست ذاتها لعبادة هللا ولتربية بنيها تربية‬ ‫تزوجت ُ‬‫َّ‬
‫صالحة‪ .‬وانعكفت بكل قواها على الصالة والتأمل وممارسة االماتات الشاقة جداً‪.‬‬
‫وقال فيها القديس ايرونيموس مرشدها وكاتب سيرتها‪ ":‬انها كانت نموذجا ً‬
‫صالحا ً وامتازت بتواضعها‪ ،‬حتى كانت تع ُّد نفسها احقر من جواريها وخدمها‪ .‬وكان‬
‫فراشها مسحا ً من الشعر‪ .‬تقضي الليالي بالصالة وذرف الدموع‪ .‬وقد اشرتُ عليها ان‬
‫تكف عن البكاء حفظا ً لنظرها‪ ،‬فاجابت‪ :‬يلزم هذا الجسد الذي تَنَعم ان يشقى‪ ،‬وان يبدل‬
‫الضحك بالبكاء"‪ .‬ولم يكن من حد لحسناتها على الديورة والفقراء حتى ان اهلها كانوا‬
‫يمنعونها عن االفراط بصدقاتها لئال تفتقر‪ ،‬فتجيبهم‪ :‬لي أسوةٌ بسيدي يسوع المسيح‬
‫الذي لم يكن له موضع يسند اليه رأسه"‪.‬‬
‫مرت‬
‫ثم سارت وابنتها اوسطاكيا الى زيارة االماكن المقدسة في فلسطين‪ ،‬وقد َّ‬
‫بمدينة بيروت الى ان بلغت اورشليم‪ .‬وتوجهت الى مصر والصعيد‪ ،‬تزور النساك‬
‫وتطلب ادعيتهم وتسخو عليهم بالحسنات‪.‬‬
‫ثم رجعت الى بيت لحم حيث قامت تحت تدبير مرشدها القديس ايرونيموس‪،‬‬
‫تعيش عيشة قشفة جداً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وتعل َمت اللغة العبرانية لتحسن فهم الكتاب المقدس وكانت‬
‫َّ‬
‫منهن‪ .‬وقامت‬ ‫وانشأت ديرا ً للرهبان وثالثة ديورة للراهبات‪ ،‬وكانت ابنتها اوسطاكيا‬
‫تدربهن في طريق القداسة والكمال االنجيلي بمثَلها وارشادها‪.‬‬
‫القديسة ِ‬
‫مبراتها عند اآلب السماوي‬
‫وبعد حياة قضتها بعيشة مالئكية‪ ،‬مضت لتنال ثواب َّ‬
‫سنة ‪ .404‬صالتها معنا‪ .‬آمين‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار القديس افرام ملفان البيعة‬
‫ُولد افرام في مدينة نصيبين ما بين النهرين من والدين مسيحيين‪ .‬أولع‪ ،‬منذ‬
‫حداثته بمطالعة الكتاب المقدس ومنه اقتبس روحا ً شعرية وثابة ظهرت في كل ما كتبه‬
‫من نثر وشعر‪.‬‬
‫تتلمذ للقديس يعقوب اسقف نصيبين ولما اراد ان يرسمه كاهناً‪ ،‬اعتذر‬
‫لتواضعه‪ ،‬واكتفى بان يبقى شماسا ً انجيلياً‪ .‬ثم اقيم استاذا ً لمدرسة نصيبين الشهيرة‪،‬‬
‫فانكب على التدريس والتأليف حتى بلغت تلك المدرسة اوج االزدهار وكان تالميذها من‬ ‫َّ‬
‫مشاهير العلماء السريان‪.‬‬
‫الرها حيث‬
‫وبقي في وطنه نصيبين الى ان نقل مدرسته منها سنة ‪ 369‬الى َّ‬
‫واصل جهاده في التدريس والتأليف‪.‬‬
‫ولما ارادوا ان يقيموه أسقفا ً ارتاع لهذا الخبر‪ ،‬واخذ يتظاهر بالجنون‪ ،‬فتركوه‬
‫وشأنه‪ ،‬وهو لم يزل يذكر ما حدث له في شبابه‪ ،‬يوم طارد بقرة لرجل فقير‪ ،‬فوقعت في‬
‫ب بخاطره‪ ،‬خاطب‬‫فكر عُجْ ٍ‬
‫مر ُ‬‫حفرة وماتت لذلك كان يبكي خطيئته هذه‪ ،‬نادماً‪ ،‬حتى اذا َّ‬
‫نفسه قائالً‪ ":‬البقرة‪ ،‬يا افرام‪ ،‬البقرة!‪"...‬‬
‫وكان بمزاجه السوداوي سريع السخط والغضب‪ .‬لكنه اصبح كالحمل بممارسة‬
‫تفوق بهما‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الوداعة والتواضع اللَذين‬
‫وقد امتاز بمحبته للقريب وال سيما بشفقته على الفقير والمحتاج‪ .‬ثم ان هذا‬
‫تفرد‪ ،‬بين علماء الكنيسة‪ ،‬بسمو عواطفه ورقة‬
‫القديس الملقب بكنارة الروح القدس‪ ،‬قد َّ‬
‫شاعريته‪ ،‬يتغنى باالسرار االلهية وبالدفاع عن االيمان الحقيقي‪ ،‬وبوصف مريم العذراء‬
‫المجيدة‪.‬‬
‫وما زالت كنيستنا السريانية تترنم باناشيده البديعة وتدخلها في فروضها الدينية‪.‬‬
‫اما وصيته لتالميذه‪ ،‬عند دنو أ َجله‪ ،‬فكانت تحريضا ً على التواضع والمحبة‪ ،‬وان‬
‫ال يقولوا فيه مديحا ً بعد موته وال يقدِموا لجسده كرامة بل يدفنوه في مقبرة الغرباء‪،‬‬
‫مكنفا ً بثوبه الرهباني البالي‪ .‬وان يجمعوا الدراهم التي تبذل في حفلة دفنه ويوزعوها‬
‫على الفقراء‪ .‬وبعد ان ودَّعهم‪ ،‬رقد بالرب سنة ‪.373‬‬
‫ح للكتاب‬ ‫وما عدا قصائده الرائعة الواقعة في ستة مجلدات ضخمة‪ ،‬له شرو ٌ‬
‫المقدس بعهدَيه القديم والجديد‪ ،‬لها قيمتها عند العلماء‪ .‬وفي سنة ‪ ،1925‬اعلنه البابا‬
‫بنديكتوس الخامس عشر ملفانا ً للكنيسة الجامعة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع والعشرون‬
‫تذكار القديس بالديوس‬
‫قال المؤرخ تاودوريطس اسقف قورش‪ :‬ان هذا البار كان ناسكا ً في قرية قريبة‬
‫من انطاكية تدعى ِإيما‪ ،‬صديقا ً لناسك اسمه سمعان يتنافسان باعمال النسك وممارسة‬
‫والفضائل والصلوات وكان بالديوس يسكن محبسة حقيرة‪ ،‬مثابرا ً على مناجاة هللا‬
‫والتأمل في كماالته االلهية‪ .‬وقد اجرى هللا على يده معجزة اعلنت قداسته‪ ،‬وهي ان لصا ً‬
‫قتل تاجرا ً وسلبه ماله‪ ،‬واخذ جثته ووضعها امام محبسة الناسك بالديوس‪ .‬ولما طلع‬
‫الفجر‪ ،‬رآها الناس فاتهموا القديس بقتل صاحبها‪ .‬فقبضوا عليه واوسعوه اهانة وشتما ً‬
‫مسلما ً امره هلل وجثا يصلي‬
‫ِ‬ ‫وكان الشاب القاتل من جملتهم‪ .‬اما القديس فاعتصم بالصبر‬
‫امام الجمع الحاضر‪ ،‬ويسأل هللا‪ ،‬ان يكشف عن القاتل؛ فاستجاب هللا صالته وعُرف‬
‫القاتل وأس ِل َم الى العدالة‪ .‬فشكر الناس هللا و َم َّجدوه على تبرئة صفيِه البار بالديوس‬
‫الذي بعد ان اشتهرت قداسته بالعجائب رقد بسالم نحو اواخر القرن الرابع‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار الشهيد ابيوليطوس‬
‫كان ابيوليطوس كاهنا ً في انطاكية‪ .‬وسقط في بدعة دوناتوس القائل ان الكهنة‬
‫واالساقفة هم متساوون بالدرجة وانه هو واتباعه وحدهم خلفاء الرسل وغير ذلك‪ .‬لكن‬
‫ست قلبه فارعوى وجاهر باعتقاده بااليمان الكاثوليكي‪ .‬فعرف به اتباع تلك‬ ‫نعمة هللا م َّ‬
‫البدعة‪ ،‬فاجتمعوا عليه واخذوا يجادلونه في معتقده‪ ،‬فجاهر امامهم برذله بدعَتهم‬
‫وتمسكه بمعتقد الكنيسة المبنية على الصخرة البطرسية‪ .‬عندئ ٍذ وثبوا عليه وقتلوه فنال‬
‫اكليل الشهادة في اواخر القرن الثالث للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار القديس مكسيموس المعترف‬
‫ُولد مكسيموس في مدينة القسطنطنية سنة ‪ .580‬تثقف ثقافة عالية فاختاره‬
‫الملك هرقل رئيسا ً لكتبة ديوانه ووزيرا ً من وزرائه‪ .‬اما هو فلم يكن ليطمع في امجاد‬
‫دير قريب‪ .‬وهناك‬‫الدنيا‪ ،‬فعافت نفسه االباطي َل وترك منصبه ووزراته وآثر العزلة في ٍ‬
‫تفوق في طريق القداسة‪ .‬فانتخبه الرهبان رئيساً‪ .‬فقام‬
‫عكف على الصالة والتأمل حتى َّ‬
‫وتفان‪ ،‬ويسير امامهم في جميع الوجبات‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫يسوسهم بحكمة‬
‫وفي تلك االثناء كانت هرطقة المونوتليين القائلين بالمشيئة الواحدة تعيث فسادا ً‬
‫ويبين ضالل‬
‫ِ‬ ‫في الكنيسة الشرقية اليونانية‪ .‬فقام صفرونيوس بطريرك اورشليم يكافحها‬
‫القائلين بها‪ ،‬واندفع الرئيس مكسيموس ايضا ً يدحضها بخطبه وبما اوتيه من غيرة‬
‫وعلم زاخر‪.‬‬
‫ثم ذهب الى روما َيعرض االمر للبابا مرتينوس االول‪ .‬فعقد البابا مجمعا ً في‬
‫كنيسة الالتران سنة ‪ 649‬وحرم البدعة وكل القائلين بها‪.‬‬
‫بلغ خبر المجمع الى القسطنطنية‪ ،‬فقام زعماء البدعة يسعون بالقديس‬
‫مكسيموس لدى الملك كونستان‪ ،‬فارسل َمن قبض عليه وجي َء به مخفورا ً الى‬
‫القسطنطنية‪ .‬وبعد ان اوسعوه اهانة وشتما ً قادوه الى السجن‪ .‬وحاول الملك ان يتملقه‬
‫بالوعد ويتهدده بالعذاب‪ ،‬فأجاب بكل جرأة‪ ":‬ان صوت الحق يأبى السكوت امام‬
‫الباطل"‪ .‬عند هذا الجواب امر بنفيه وبقطع يده اليمنى ولسانه‪ .‬فذهب الى منفاه في‬
‫ان هللا منحه النطق باعجوبة‬ ‫خرسان‪ ،‬مستسلما ً لمشيئة هللا‪ .‬ويَروي كاتب سيرته َّ‬
‫باهرة‪ ،‬فظل‪ ،‬وهو في منفاه‪ ،‬يُرشد النفوس في طريق الخالص ويغذِيها بروح المحبة‬
‫وااليمان الصحيح‪ ،‬الى ان رقد بالرب شهيد الواجب سنة ‪ .662‬صالته معنا‪ .‬آمين‬
‫اليوم الحادي والثالثون‬
‫تذكار الشهيدة تريفانيا‬
‫كانت تريفانيا من مدينة سيزيكوس بآسيا الصغرى‪ .‬دفعتها غيرتُها على االيمان‬
‫تقبح ما كانت تشاهده في اعياد الوثنيين وعباداتهم من الخالعة‬‫و ُحرم ِة اآلداب ان ِ‬
‫والتهتك‪ .‬وتصلي من اجلهم ليستنيروا بنور االيمان الصحيح‪ .‬فقبضوا عليها وطرحوها‬
‫ثور هائ ٌج شقَّها بقرنه‬
‫في نار متقدة فلم يمسها اذى ثم ألقوها للوحوش فوثب عليها ٌ‬
‫فنالت اكليل الشهادة سنة ‪ 249‬او ‪ .251‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار الشهيد اكاكيوس ورفاقه‬
‫كان هذا الشهيد قائد عسكر الملك ادريانوس‪ .‬فارسله وجنودَه الى محاربة عصاة‬
‫فانكسروا امامهم والذ هو ومن معه بالفرار‪ .‬وبينما هم منهزمون‪ ،‬اذا بمالك الرب‬
‫الف جندي‪ ،‬فلما سمعوا‬‫يناديهم‪ ":‬آمنوا بيسوع المسيح تنتصروا"‪ .‬وكان تحت امرته ُ‬
‫وحركت فيهم روح النخوة والشجاعة‪ ،‬فرجعوا الى محاربة‬ ‫َّ‬ ‫ت النعمة قلوبهم‬
‫س ِ‬‫الندا َء‪َ ،‬م َّ‬
‫اعدائهم وفازوا بالنصر عليهم‪ .‬اما الملك‪ ،‬فبدالً من ان يُثني عليهم ويفرح بانتصارهم‪،‬‬
‫غضب‪ ،‬اذ عرف بانهم مسيحيون وامر بصلبهم مع قائدهم اكاكيوس‪ ،‬وك ُِللَتْ رؤوسهم‬
‫ط ِعنَتْ خواصرهم بالحراب مثل فاديهم االلهي‪ .‬فكانوا على ُ‬
‫صلبانهم‬ ‫شوك و ُ‬
‫ٍ‬ ‫باكليل من‬
‫يشكرون هللا الذي ا َّهلهم الى نعمة االستشهاد الذي تم سنة ‪ .128‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫† † †‬
‫شهر شباط‬

‫أيام هذا الشهر ثمانية وعشرون يوما ً والسنة الكبيس تسعة وعشرون‬
‫نهاره احدى عشرة ساعة وليله ثالث عشرة ساعة‪.‬‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار فيونس الشهيد‬
‫كان فيونس كاهنا ً غيورا ً في مدينة ازمير‪ ،‬يبشر بايمان المسيح بلسانه‬
‫وقلمه ومثله الصالح‪ ،‬ويشجع المؤمنين على تح ُّمل العذاب‪ ،‬حتى اشتهر أمره‬
‫فاستحضره الوالي فاعترف بايمانه بجرأة‪ .‬فأخذ الوالي يحاول اقناعه ليكفُر‬
‫بالمسيح ويضحي لالوثان‪ .‬فاندفع القديس يبين بطالن عبادة االوثان ويؤيد‬
‫صحة الدين المسيحي ويدعو الجميع الى اعتناقه‪ .‬فاغتاظ الوالي وطرحه في‬
‫السجن مكبَّالً بالقيود‪ .‬وكان عدد المؤمنين المسجونين معه خمسمئة‪ ،‬فأخذ‬
‫واستمروا على‬
‫ُّ‬ ‫يشجعهم على تح ُّمل العذاب من اجل المسيح‪ ،‬فأصغوا اليه‬
‫ايمانهم حتى نالوا اكليل الشهادة بتمام الفرح‪.‬‬
‫أما هو فاستدعاه الوالي من السجن محاوالً‪ ،‬مرة ثانية‪ ،‬اقناعه بأن‬
‫ينثني عن عزمه‪ ،‬فلم ينثن فأمر به فس َّمروا يديه ورجليه ووضعوه فوق نار‬
‫حرض المؤمنين على االقتداء به‪،‬‬ ‫متأججة‪ ،‬فكان يسبح هللا شاكراً‪ ،‬وبعد أن َّ‬
‫أسلم روحه الطاهرة بيد هللا في السنة ‪ .167‬صالته معنا‪ .‬آمين‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار البابا اوتيكيانوس‬
‫كان هذا البابا من بلد توسكانا بايطاليا مشهورا ً بالفضائل السامية‬
‫والغيرة الرسولية وال سيما فضيلة العناية بالشهداء‪ .‬وفي السنة ‪ 275‬جلس‬
‫على السدة البطرسية‪ ،‬خلفا ً للبابا فيلكس‪ .‬وفي زمانه اشت َّد االضطهاد على‬
‫المسيحيين فاستشهد منهم كثيرون وقد دفن هذا البابا بيديه المقدستين عددا ً‬
‫كبيرا ً منهم‪ .‬ولما ظهرت بدعة ماني الفارسي القائل بوجود الهين‪ ،‬اله الخير‬
‫واله الشر‪ ،‬قام هذا البابا الى مكافحتها واوقف انتشارها‪ .‬وتوفي في روما سنة‬
‫‪ 283‬بعد ان دبر الكرسي الرسولي ثمان سنين بغيرة ال تعرف الملل‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني‬
‫دخول السيد المسيح الى الهيكل‬
‫رب الشريعة له المجد إال ان يُتم مع والدته العذراء الشريعة‬‫ابى ُّ‬
‫الموسومة‪ ،‬شريعة التطهير والتكفير كما جاء في سفر االحبار (‪.)8- 6 :12‬‬
‫وعلى ذلك قال لوقا البشير‪ ":‬ولما تمت ايام تطهيرها بحسب ناموس موسى‪،‬‬
‫صعدا به الى اورشليم ليقرباه للرب على حسب ما كتب في ناموس الرب"‬
‫(لوقا ‪.)23 -22 :2‬‬
‫ففي مثل هذا اليوم يقف قدوس القديسين مع والدته العذراء البريئة من‬
‫وصمة الخطيئة موقف الخطأة ويقدم تقدمة الفقراء ليعلمنا نبذ الكبرياء القتالة‬
‫والخضوع لشرائعه االلهية‪ .‬وكان في اورشليم رجل صديق اسمه سمعان أقبل‬
‫ب‪ ،‬اطلق االن‬ ‫بالروح الى الهيكل فحمل الطفل يسوع على ذراعيه وقال‪ ":‬ر ِ‬
‫عبدك بسالم‪ ،‬وفاقا لقولك‪ .‬فقد رأت عيناي ما اعددته من خالص للشعوب كلها‬
‫نورا ً لهداية االمم ومجدا ً لشعبك"‪ .‬وقال سمعان لمريم أمه‪ ":‬انه ُج ِع َل لسقوط‬
‫كثير من الناس‪ ،‬وقيام كثير منهم في اسرائيل وآية ينكرونها‪ .‬وانت سينفذ‬
‫سيف في نفسك حتى تتكشف االفكار عن قلوب كثيرة"‪ .‬وقد تمت هذه النبوءة‬
‫في أمه مريم‪ ،‬لما طعن قلبها سيف اآلالم واالوجاع‪ ،‬اذ كانت واقفة عند الصليب‬
‫تشارك ابنها في سر الفداء‪ .‬ثم اعطت مريم كاهن الهيكل خمسة دراهم فضة‬
‫بحسب وصية الناموس في تقدمة الفقراء‪ .‬وبعد ان اتموا واجبات الناموس‪،‬‬
‫عادوا الى الناصرة مدينتهم‪ .‬ان االحتفال بهذا العيد المبارك يرتقي الى عصور‬
‫الكنيسة االولى (سنة ‪ .)541‬وتذكارا ً له وضعت الكنيسة رتبة تبريك الشمع‬
‫رمزا ً الى اشعاع النور الذي قال عنه سمعان الشيخ انه ينجلي لألمم‪ ،‬وما هو‬
‫اال صدى لقول الرب يسوع‪ :‬انا نور العالم ( يو ‪ .)12 :8‬رزقنا هللا بركة هذا‬
‫العيد ومتعنا بضياء نوره االبدي‪.‬‬

‫اليوم الثالث‬
‫تذكار سمعان الشيخ وحنه النبية‬
‫ان سمعان الشيخ الذي وصفه لوقا البشير بالصديق التقي كانت قد‬
‫اشكلت عليه آية اشعيا النبي القائل‪ ":‬ها ان العذراء تحبل وتلد ابنا ً وتدعو‬
‫اسمه ع َّمانوئيل" (اشعيا ‪ .)14 :7‬لذلك خطر له ان يغير كلمة "عذراء" بكلمة‬
‫"صبية"‪ .‬لكن‪ ،‬سرعان ما كان اندهاشه في الغد‪ ،‬اذ رأى كلمة "صبية" ممحاة‬
‫ومكانها لفظة "عذراء" كما كانت قبال‪ .‬فأيقن عندئذ أن ليس على هللا أمر‬
‫عسير‪ .‬وأوحي اليه بالروح القدس انه ال يموت قبل ان يعاين مسيح الرب‪.‬‬
‫ولذلك بات مالزما ً الهيكل‪ ،‬مثابراً على الصوم والصالة‪ ،‬الى أن رأى االعجوبة‬
‫رأي العين‪ ،‬فحمل الطفل على ذراعيه بايمان راسخ وقلب طافح بالمحبة‬
‫ب‪ ،‬اطلق اآلن عبدك بسالم!"‪.‬‬ ‫والرجاء‪ ،‬وهتف‪ ":‬ر ِ‬
‫وكانت حنه النبية بنت فنوئيل ال تفارق الهيكل‪ ،‬متعبدة باالصوام‬
‫والصلوات ليالً ونهاراً‪ .‬ولشدة ما كان فيها من الشوق الى رؤية المخلص‪َّ ،‬‬
‫من‬
‫هللا عليها بأن تراه بعين الجسد بعد أن رأته بااليمان‪ ،‬ففي تلك الساعة حضرت‬
‫تعترف للرب وتحدث عنه كل من كان ينتظر فداء اسرائيل (لوقا‪.)38-36 :2‬‬
‫هكذا استطاعت ان تكون في طليعة المبشرين بالمسيح‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار ايذيدورس الفرمي‬
‫ُولد هذا القديس سنة ‪ 370‬في مدينة االسكندرية‪ ،‬من اسرة شريفة‬
‫غنية‪ ،‬يمتُّ بالنسب الى البطريركين تاوافيلوس وابن اخته كيرللس‪ .‬وتتلمذ‬
‫ع َّد من‬
‫للقديس يوحنا فم الذهب‪ .‬واشتهر بسعة معارفه وسمو فضائله حتى ُ‬
‫اعاظم رجال الكنيسة في عصره‪ .‬وقد عرف ان يقرن ذكاءه وعلمه بفضيلتي‬
‫االيمان والتواضع العميق‪.‬‬
‫بيد انه َزهد في الدنيا فترك اهله وثروته الطائلة واعتنق الدعوة‬
‫الرهبانية في دير على جبل قريب من مدينة بيطوسا المعروفة اليوم بفرموس‪،‬‬
‫لذلك لُقب بالفرمي‪ .‬وكان في ذلك الدير الراهب المثالي بممارسة اسمى‬
‫الفضائل‪ .‬وما ارتقى درجة الكهنوت المقدسة حتى انبرى يدافع بكل غيرة‬
‫رسولية عن المعتقد الكاثوليكي‪ .‬افحم علماء اليهود بشرحه كتب االنبياء وأتى‬
‫بالبراهين على حقيقة الثالوث االقدس وسر التجسد‪ .‬ضد اريوس ونسطور‪...‬‬
‫وما كان يهاب احداً في الدفاع عن الحقيقة‪.‬‬
‫ولما علم ان البطريرك كيرللس االسكندري ناقم على القديس يوحنا فم‬
‫الذهب‪ ،‬كتب اليه‪ ،‬بوصفه مرشدا ً لهذا البطريرك‪ ،‬يستحثُّه على المصافاة‬
‫والمحبة‪ .‬فكان لكتابه وقعه الحسن عند البطريرك كيرللس فعمل ب َما اشار عليه‬
‫مرشده القديم الحكيم‪.‬‬
‫وللقديس ايذيدورس تآليف جليلة ورسائل نفيسة عديدة جميعها تدل على‬
‫سعة علمه وعلى جرأته الرسولية في سبيل مجد هللا وخالص النفوس‪ .‬وعاش‬
‫حياة طويلة مليئة بالمبرات ورقد بسالم في السنة ‪ .449‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس‬
‫تذكار الشهيدة اغاثا البتول‬
‫هي فتاة ايطالية رائعة الجمال غنية بالمال‪ .‬أعرضت عن بهارج االرض‬
‫سها بالسماء وبمحبة السيد المسيح‪ .‬علم بها كونتيانوس‬ ‫وأمجادها وع ِلقت نف ُ‬
‫القنصل الروماني‪ ،‬وكان فظ االخالق فاسقاً‪ .‬فأخذ يراودها وهي تنفر منه‪،‬‬
‫فاوقفها بحجة انها مسيحية وأودعها السجن معلالً النفس بانقيادها اليه‬
‫صاغرة‪ .‬فاستمرت صامدة بوجهه صمود اللبوءة الجبَّارة‪.‬‬
‫فاعادها اليه وسألها‪َ :‬من أنت وما هي هويتك؟ أأنت أمة أم حرة؟‪...‬‬
‫فأجابت‪ :‬أنا حرة ومن اسرة شريفة‪ ،‬لكنني انا أمة المسيح ولي الشرف االسمى‬
‫بخدمة االله الحقيقي‪ .‬فقال‪ :‬ألسنا نحن من الشرفاء نعرف اآللهة وشرفها؟‪...‬‬
‫فقالت له‪ :‬لقد اضعتم شرفكم واصبحتم عبيداً للخطيئة وآللهة صماء من خشب‬
‫وحجر‪ .‬فغضب كونتيانوس وهددها واعادها الى سجنها المظلم حيث اخذت‬
‫تطلب من يسوع نعمة الثبات في محبته‪.‬‬
‫وفي الغد اعادها كونتيانوس الى مجلسه وأخذ يالطفها ويقول‪ :‬هل‬
‫ت في خالصك؟‪ ...‬فأجابت‪ :‬إن خالصي هو المسيح‬‫ت عن عنادك وفكر ِ‬ ‫رجع ِ‬
‫ربي‪.‬‬
‫فلما رأى كونتيانوس ان ال سبيل الى اقناعها‪ ،‬اراد ان يشفي غليله‬
‫منها‪ ،‬فأمر بقطع ثديَيها‪ ،‬فتفجرت دماؤها وهي معتصمة بالصبر على أمر‬
‫االوجاع‪ .‬فأعادها الى السجن وفي منتصف الليل ظهر لها القديس بطرس بهيئة‬
‫شيخ حكيم عزاها وشفاها باسم الرب يسوع‪ .‬وسطع في السجن نور سماوي‬
‫بهر الحراس فهربوا مذعورين‪.‬‬
‫وعرف كونتيانوس بشفائها‪ ،‬فتمزق من الغيظ وأمر بان يجرجروها‬
‫على قطع من خزف وجمر بذلك اسلمت روحها بيدي هللا سنة ‪.254‬‬
‫واجرى هللا على يدها آيات كثيرة‪ .‬وكان الجميع حتى اليهود يتزاحمون‬
‫على طلب شفاعتها‪ .‬أما كونتيانوس‪ ،‬فبعد ايام‪ ،‬جنحت به مركبته وغرق في‬
‫النهر واختفى‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫تذكار القديس بروكلس اسقف أزمير‬
‫كان هذا القديس معاصرا ً للرسل فآمن على يدهم‪ .‬رغب في الفضيلة‬
‫وسار سيرة مسيحية حسنة‪ .‬عرف به القديس يوحنا الحبيب‪ ،‬فاتخذه تلميذاً‬
‫وشماساً‪ .‬ثم رقاه درجة الكهنوت وأقامه اسقفا ً على مدينة ازمير ليكون راعيا ً‬
‫لها تحت تدبيره‪ .‬فأخذ هذا القديس يتفانى غيرة على التبشير باالنجيل حتى رد‬
‫كثيرين من الوثنيين الى االيمان بالمسيح‪ .‬وبنصائحه وارشاداته ثبت‬
‫المسيحيين في ايمانهم وشجعهم على اكليل الشهادة والمجد االبدي‪ .‬ولكثرة ما‬
‫اجراه هللا على يده من اآليات والعجائب‪ ،‬لقبه الكاتب نيقورس " صانع‬
‫اآليات"‪ .‬ومن أشهر تالميذه القديس بوليكربوس الذي رقاه شماسا ً ثم كاهنا ً‬
‫وصار اسقفا ً على ازمير خلفا ً له‪ .‬وبعد ان جاهد الجهاد الحسن في اسقفيته مدة‬
‫عشر سنوات‪ ،‬رقد بالرب سنة ‪ .99‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار الشهيدة فوسطا‬
‫كانت فوسطا من بسيزيكا في آسيا الصغرى بعهد الملك مكسيميانوس‪،‬‬
‫راسخة االيمان بالمسيح‪ .‬فاستحضرها والي المدينة وكلفها أن تكفر بايمانها‪،‬‬
‫فلم تذعن له‪ .‬فاسلمها الحد كهنة االصنام واسمه افالسيوس‪ .‬فاجرى عليها‬
‫عذابات متنوعة‪ .‬فجز شعرها وعلقها بشجرة وهي ثابتة في ايمانها تشكر هللا‬
‫فأمر بأن تنشر وتشق شطرين واذ حاول الجالدون‪ ،‬جمدت سواعدهم وما‬
‫تمكنوا من الحركة‪ ،‬فدهشوا لهذه اآلية كما دهش افالسيوس كاهن االصنام‬
‫نفسه‪ ،‬فآمنوا بالمسيح جهراً‪ .‬عندئذ استشاط الوالي غيظا ً وأمر فثقبوا رأس‬
‫الشهيدة وهشموا جميع اعضائها والقوها في مقالة وافالسيوس معها فناال‬
‫اكليل الشهادة سنة ‪ .303‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس برتانيوس اسقف المبساك‬
‫ولد برتانيوس في مدينة مالطا‪ .‬كان ابوه خريستوفورس شماسا ً انجيليا ً‬
‫متساميا ً بالفضائل‪ ،‬متضلعا ً من العلوم‪ ،‬محبوبا ً من الجميع‪ .‬لكنه لم يكن على‬
‫سعة من العيش‪ .‬فكان برتانيوس يصطاد السمك ويعيش منه الفقراء‪ .‬وقد اكب‬
‫على درس العلوم وتسامى بممارسة الفضائل‪ .‬فرسمه فيليبوس اسقف مالطا‬
‫كاهناً‪ .‬وبعد رسامته اندفع بكل قواه الى التبشير وعمل االحسان‪ .‬أقيم اسقفا ً‬
‫على مدينة المبساك فرب البحر االسود‪.‬‬
‫وما تسلم ابرشيته حتى تألألت صفاته الكهنوتية واعماله الرسولية في‬
‫تلك البالد المتسكعة في ظالم الوثنية وكثرت اآليات والعجائب التي شرفه هللا‬
‫بصنعها‪ .‬ورد كثيرين الى االيمان بالمسيح‪ .‬ورقد بالرب في اوائل القرن الرابع‪.‬‬
‫وقد كتب سيرته هذه تلميذٌ له يدعى كريسيدوس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار البابا انتاريوس االول الشهيد‬
‫كان يونانيا ً ناسكا ً متساميا ً بالكمال والقداسة‪ .‬ولما رقد بالرب البابا‬
‫القديس يونسيانوس انتخب انتاريوس خلفا ً له في اواخر سنة ‪ 235‬ولم تطل‬
‫مدة حبريته اكثر من شهر وبضعة ايام النه توفي شهيداً أما سبب استشهاده‬
‫فألنه كان حريصا ً على تدوين سير الشهداء‪ .‬فجمع ما وصلت اليه يده منها‪ ،‬اذ‬
‫كانت مشتتة ومدَّونة في سجالت المضطهدين الظالمين‪ .‬فاراد مكسيموس والي‬
‫روما الحصول عليها‪ .‬فطلبها من البابا فأبى ان يسلمها وخبأها في مكان حريز‪.‬‬
‫عندئذ ألقى مكسموس القبض عليه وأرسله الى محل العذاب حيث نال اكليل‬
‫الشهادة في السنة‪ .236‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن‬
‫تذكار النبي زكريا بن يواداع‬
‫هو الحادي عشر من االنبياء الصغار‪ ،‬كان في ايام الملك يواش‪ .‬قد نبأ‬
‫على مجيء المسيح ودخوله اورشليم وديعا ً متواضعاً‪ ،‬راكبا ً جحشا ابن اتان‪.‬‬
‫وبعد ان عاد من السبي أخذ يحرض الشعب مع النبي حجاي‪ ،‬على بناء الهيكل‬
‫وترميم اسوار اورشليم‪.‬‬
‫ولما ترك رؤساء يهوذا بيت الرب اله ابائهم‪ ،‬كما جاء في سفر االحبار‬
‫االيام الثاني وعبدوا عشتروت واالصنام‪ ،‬ح َّل غضب هللا عليهم الجل‬
‫معصيتهم‪ ...‬فشمل روح هللا زكريا فوقف امام الشعب وقال لهم‪ ":‬كذا قال هللا‪:‬‬
‫ل َم تتعدون وصايا الرب؟ انكم ال تُفلحون‪ ،‬النكم تركتم الرب‪ ،‬فترككم"‪.‬‬
‫فتحالفوا عليه ورجموه بالحجارة بأمر الملك‪ ،‬في دار بيت الرب‪ .‬فقال‬
‫عند موته‪ ":‬ينظر الرب ويطالب"‪.‬‬
‫وكان ذلك سنة ‪ 656‬قبل مجيء المسيح‪ .‬فانتقم هللا من قاتليه‪ ،‬اذ زحف‬
‫جيش ارام على يهوذا واورشليم واهلكوا جميع رؤساء الشعب‪.‬‬
‫وزكريا هذا هو المقصود‪ ،‬على رأي القديس ايرونيموس وغيره من‬
‫المفسرين‪ ،‬بقول المخلص للكتبة والفريسيين‪ :‬لكي يأتي عليكم كل دم زكي‬
‫سفك على االرض‪ ،‬من دم هابيل الصديق الى دم زكريا بن براشيا الذي قتلتموه‬
‫بين الهيكل والمذبح (متى ‪ .)35 :23‬وزكريا لفظة عبرانية تعني ذكر هللا‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع‬
‫تذكار ابينا المعظم القديس مارون‬
‫اشرقت انواره على جبال قورش شمال سورية‪ ،‬فهدَت النفوس الى‬
‫الحق‪ ،‬يوم كانت البدع تعيث فسادا ً في تلك االنحاء‪.‬‬
‫أبو الطائفة المارونية ورافع لواء ايمانها مدى االجيال‪.‬‬
‫ان العالمة المؤرخ الشهير تيودوريطوس اسقف قورش في كتابه "‬
‫تاريخ الرهبان والنساك"‪ ،‬يأتي على اعمال المتنسكين العظام‪ ،‬وفي طليعتهم‬
‫"مارون االلهي" كما يسميه‪.‬‬
‫" لقد زين مارون‪ ،‬يقول المؤرخ‪ ،‬طغمة القديسين المتوحشين باهلل‬
‫ومارس ضروب التقشفات واالماتات تحت جو السماء‪ ،‬دون سقف سوى خيمة‬
‫صغيرة لم يكن يستظلها اال نادراً‪.‬‬
‫" وكان هناك هيكل وثني قديم‪ ،‬فكرسه مارون‪ ،‬كما يقول تيودوريطس‪،‬‬
‫وخصصه بعبادة االله الواحد‪ ،‬يحيي الليالي بذكر هللا واطالة الركوع والسجود‬
‫والتأمالت في الكماالت االلهية‪ ،‬ثم ينصرف الى الوعظ وارشاد الزائرين وتعزية‬
‫المصابين‪.‬‬
‫يكتف به مارون‪ ،‬يضيف المؤرخ‪ ،‬بل كان يزيد عليه ما‬‫ِ‬ ‫" كل هذا لم‬
‫ابتكرته حكمته جمعا ً لغنى الحكمة الكاملة‪ ،‬ألن المجاهد يوازن بين النعمة‬
‫واالعمال فيكون جزاء المحارب على قياس عمله‪ .‬وب َما َّ‬
‫ان هللا غني كثير‬
‫االحسان الى قديسيه منحه موهبة الشفاء فذاع صيته على اآلفاق كلها فتقاطر‬
‫اليه الناس من كل جانب‪ .‬وكان جميعهم قد علموا أن ما اشتهر عنه من‬
‫الفضائل والعجائب هو صحيح وبالحقيقة كانت الحمى قد خمدت من ندى بركته‬
‫واالبالسة قد أخذوا في الهرب والمرضى كلهم بَرئوا بدواء واحد هو صالة‬
‫القديس‪ ،‬الن االطباء جعلوا لكل داء دواء‪ ،‬غير ان صالة االولياء هي دواء‬
‫شاف من جميع االمراض"‪.‬‬
‫ولم يقتصر القديس مارون على شفاء امراض الجسد بل كان يبرئ أيضا ً‬
‫امراض النفس‪.‬‬
‫ويختتم االسقف الكبير بقوله‪ ":‬والحاصل ان القديس مارون أنمى‬
‫بالتهذيب جملة نباتات للحكمة السماوية وغرس هلل هذا البستان فازهر في كل‬
‫نواحي القورشية"‪.‬‬
‫اعتزل مارون الناسك الشهرة واختلى علة ق َّمة جبل‪ ،‬فشهرته اعماله‬
‫التقوية وانتشر عرف قداسته‪ .‬والقديس يوحنا فم الذهب ذكره في منفاه وكتب‬
‫اليه تلك الرسالة النفيسة تحت عدد ‪ ،36‬العاقبة ب َما كان بين الرجلين من محبة‬
‫روحية واحترام وأ َّخوة في المسيح قال‪:‬‬
‫ان رباطات المودة والصداقة التي تشدُّنا‬ ‫" الى مارون الكاهن الناسك‪َّ .‬‬
‫اليك‪ ،‬تمثلك نصب عينينا كأنك حاضر لدينا‪ ،‬ألن عيون المحبة تخرق من طبعها‬
‫االبعاد وال يضعفها طول الزمان‪ .‬وكنا نو ُّد ان نكاتبك بكثرة لوال بعد الشقَّة‬
‫وندرة المسافرين الى نواحيكم‪ .‬واآلن فإنا نهدي اليك اطيب التحيات ونحب ان‬
‫تكون على يقين من اننا ال نفتر عن ذكرك أينما كنَّا‪ ،‬لما لك في ضميرنا من‬
‫تضن انت ايضا ً علينا بأنباء سالمتك‪ ،‬فان اخبار صحتك‬ ‫َّ‬ ‫المنزلة الرفيعة‪ .‬فال‬
‫تولينا‪ ،‬على البعد أجل سرور وتعزية في غربتنا وعزلتنا فتطيب نفسنا ً كثيراً‪،‬‬
‫اذ نعلم أنك في عافية‪ .‬وج ًّل ما نسألك ان تصلي الى هللا من اجلنا"‪( .‬في‬
‫مجموعة مين لآلباء اليونان مجلد ‪ 72‬عمود ‪.)63‬‬
‫ما انتشرت سمعة الكاهن مارون الناسك حتى تكاثر عدد الرهبان حوله‬
‫فاقامهم اوالً في مناسك وصوامع على الطريقة االنفرادية‪ ،‬بحسب عادة تلك‬
‫وسن لهم قانونا وقام يرشدهم في طريق الكمال‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫االيام‪ ،‬ثم انشأء اديارا ً‬
‫وتعددت تلك االديار المارونية وال سيما في شمالي سورية‪ ،‬حتى أن‬
‫تيودوريطس يغتبط بوجودها في أبرشيته‪.‬‬

‫وكانت وفاة مار مارون في السنة االربع مئة والعشر‪.‬‬


‫مات القديس مارون متنسكا ً عفيفاً‪ ،‬ولكنه لم يمت حتى رأينا ابناءه‬
‫المشرفين باسمه‪ ،‬ينتشرون الوفا ً تحت كل كوكب‪ .‬غير ان المارونية‬
‫َّ‬ ‫الروحيين‬
‫تركز كيانها في لبنان وفيه بسقت دوحتها وامتدت أغصانها الى أنحاء الدنيا‪.‬‬
‫وما زال أبناؤها‪ ،‬مغتربين ومقيمين‪ ،‬يستشفون كل حين‪ ،‬اباهم القديس مارون‪،‬‬
‫صارخين اليه‪:‬‬

‫في الضيقات‬ ‫وعـلـيك وطـدنـا رجـانـا كـن‬ ‫بـاسمك دعـينا يـا أبـانـا‬
‫مسـعـانـا‬ ‫بـالخير‬ ‫واختم‬ ‫ملجانا‬

‫اليوم العاشر‬
‫تذكار الشهيدتين ابولونيا ودوروتيا‬
‫ولدت ابولونيا في مدينة االسكندرية من اسرة مسيحية شريفة‪ .‬ولما ثار‬
‫االضطهاد على المسيحيين في االسكندرية‪ ،‬ثبتت ابولونيا راسخة في ايمانها‪،‬‬
‫راغبة ان تموت الجل المسيح‪ .‬فقبض عليها لوسيانوس الوالي وبعد ان أذاقها‬
‫مر العذاب‪ ،‬أضرم نارا ً وتهددها بالحريق إن لم تجحد ايمانها وتضحِ لألوثان‪.‬‬ ‫َّ‬
‫عندئذ اضطرم قلبها بنار محبة هللا فاندفعت بشجاعة االبطال الى القاء ذاتها في‬
‫النار تشكر هللا على نيلها اكليل الشهادة سنة ‪.249‬‬
‫قال القديس اوغسطينوس معلقا ً على طريقة استشهادها انه كان بالهام‬
‫الروح واالَّ لعد انتحاراً‪ .‬وبهذا االلهام سار كثيرات من الشهيدات نظيرها حفاظا ً‬
‫على طهارتن‪.‬‬
‫أما القديسة دوروتيا فكانت من قيصارية الكبادوك‪ ،‬قدوة للجميع‬
‫بفضائلها مشهورة بذكاء عقلها وبديع جمالها‪ .‬فألقى القبض عليها‬
‫سابريسيوس والي المدينة وأمرها بأن تضحي لالوثان‪ ،‬فرفضت بتشدد‪ ،‬فحنق‬
‫ان الرب قال‪ :‬ال تخافوا‬ ‫الوالي وأحضر لها آلة العذاب وأخذ يتهددها فاجابت‪َّ :‬‬
‫ممن يقتل الجسد وليس له أن يفعل اكثر (متى ‪ .)28 :10‬فبسطوها على آلة‬
‫العذاب وجذبوها بقساوة بربرية وهي ثابتة صابرة تشكر هللا‪ .‬ثم سلَّمها الوالي‬
‫الى امرأتين جاحدتين‪ .‬تسمى الواحدة مسيحية واالخرى كاليستا‪ ،‬فوعظتهما‬
‫القديسة فتأثرتا وتابتا معترفتين بايمانهما بالمسيح ونالتا اكليل الشهادة حريقا ً‬
‫في مرجل يغلي‪ ،‬فاستحضر الوالي دوروتيا وأجرى عليها عذابات أشد من‬
‫االولى فاستمرت راسخة القدم في ايمانها‪ ،‬عندئذ أمر بقطع رأسها وبه نالت‬
‫اكليل الشهادة سنة ‪ .304‬صالة الشهيدتَين معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار الشهيد كارلمبيوس‬
‫كان كارلمبيوس كاهنا ً يخدم النفوس في مانيسيا من اسيا الصغرى‪،‬‬
‫مبشرا ً بانجيل الحق والخالص استحضره لوتيانيوس والي آسيا الصغرى‪،‬‬
‫وامره بالسجود لالصنام فقال له‪ ":‬اننا هلل وحده نسجد ال للشياطين الذين‬
‫يرتعدون من ذكر اسمه"‪ .‬فاستشاك الوالي غيظا ً وأمر بجلده َّ‬
‫فعروه من الثوب‬
‫الكهنوتي وجلدوه جلدا ً قاسيا ً من ق َّمة رأسه حتى أخمص قدميه‪ .‬وهو صابر ال‬
‫يتذ َّمر‪ ،‬بل التفت الى الجالدين وقال لهم بوجه باش‪:‬‬
‫" شكرا ً لكم‪ ،‬يا أخوتي‪ ،‬النكم جددتم نفسي وجسدي بهذا العذاب"‪ .‬فقال‬
‫َّ‬
‫فظن‬ ‫ان تعذيب هذا الكاهن عار عليكم وفخر له‪.‬‬‫الجالدون للوالي واعوانه‪َّ :‬‬
‫قائدهم انهم قصروا بجلده‪ ،‬فأنبهم وهجم على القديس يوسعه ضربا ً بيديه‪،‬‬
‫فعلقت يداه بجسم الشهيد جامدتين‪ ،‬ووثب الوالي يتفل بوجهه فمسخ رأس‬
‫دون والحاضرون وارتعدوا وآمن كثيرون منهم‪ ...‬فصلى‬ ‫الوالي فدهش الجال َ‬
‫القديس غافراً للوالي وللقائد‪ ،‬فاستقام رأس الوالي وانحلَّت يد القائد واسمه‬
‫لوثيوس فآمن حاالً واعتمد‪ .‬وبلغ ذلك الملك وهو في انطاكية فأرسل جنوداً‬
‫أتوه بالقديس موثوقا ً ومربوطا ً بلحيته بذنب حصان‪ .‬فأجرى عليه الملك عذابات‬
‫مبرحة ونال اكليل الشهادة بقطع الرأس في السنة ‪.202‬‬
‫وآمن اثنان من الجالدين هما بورفيريوس ودوكستوس وثالث نساء من‬
‫مانيسيا‪ .‬قطعت رؤوسهن مع الجالدين ونالوا اكليل الشهادة في الوقت نفسه‪.‬‬
‫صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني عشر‬
‫تذكار القديس مالتيوس بطريرك انطاكيه‬
‫ولد هذا القديس العظيم بأرمينيا من أسرة شريفة‪ .‬تربى تربية مسيحية‬
‫وتسامى بالعلوم االلهية‪ ،‬فأقيم اسقفا ً على مدينة سبسطية‪.‬‬
‫ول َّما فرغ الكرسي االنطاكي بوفاة بطريركه القديس انستاسيوس‪ ،‬انتخب‬
‫مالتيوس خلفا ً له‪ .‬وما عرف االريوسيون حتى قاموا يوغرون صدر الملك‬
‫قسطنس عليه‪.‬‬
‫نُفي ثالث مرات وهو صابر يشكر هللا‪ .‬ثم أعاد الملك غراسيانوس‬
‫الكاثوليكي جميع االساقفة الى كراسيهم‪ ،‬فعاد مالتيوس الى شعبه‪ ،‬بعد غياب‬
‫ست سنوات‪ ،‬فكان له استقبال منقطع النظير‪ .‬فقام يلقي السالم والمحبة في‬
‫القلوب ويرشد النفوس في طريق الخالص‪.‬‬
‫حضر المجمع المسكوني الثاني في القسطنطنية سنة ‪ ،381‬وكان له‬
‫المنزلة الرفيعة عند اآلباء المجتمعين ولدى االمبراطور ثاودوسيوس الذي‬
‫دعاه برسالة خاصة الى المجمع‪ ،‬حيث فاجأته المنيَّة في السنة نفسها‪.‬‬
‫رثاه تلميذه القديس يوحنا فم الذهب‪ ،‬كما رثاه ايضا ً القديس‬
‫غريغوريوس نيصص ونقل جثمانه الطاهر الى انطاكية‪ ،‬حيث دفن في‬
‫الكاتدرائية سنة ‪ .381‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار القديس اسكندر الف َّحام‬
‫ولد هذا القديس في البنطوس من آسيا الصغرى‪ .‬درس العلوم حتى صار‬
‫فيلسوفا ً كبيراً‪ .‬لكنه زهد في العالم واباطيله‪ ،‬وجاء الى مدينة كومانا في‬
‫الكابدوك‪ ،‬حيث اخذ يشتغل بعمل الفحم ويمارس اعمال التقوى والتقشفات‪.‬‬
‫وفي غضون ذلك توفي اسقف كومانا فاجتمع اكليرسها وشعبها لينتخبوا‬
‫خلفا ً له‪ ،‬فلم يتفقوا‪ .‬فجاء احدهم يقول مستهزئاً‪ :‬فلننتخبن اذاً اسكندر الف َّحام‪،‬‬
‫أن ما قاله‬ ‫العتقاده أنَّه فقير حقير‪ .‬أما غريغوريوس اسقف قيصرية‪ ،‬فاعتقد َّ‬
‫بإلهام من هللا‪ .‬وللحال استدعى الف َّحام فجاء بأثوابه الرثَّة‬
‫ٍ‬ ‫الرجل ربما كان‬
‫وعليها غبار الفحم‪ .‬فاستحلفه االسقف فأباح عن سره وعن شرف اصله وأنه‬
‫لم يتخذ تلك الحالة الزريَّة اال رغبة في فضيلتَي التواضع والعفاف‪ .‬فاعتبره‬
‫القديس جداً‪ .‬والبسه ثوب الكهنوت وخرج به الى الجماعة وأوعز اليه ان‬
‫يخطب فيهم فارتجل خطابا ً أدهش الجميع‪ ،‬حتى صرخوا‪ :‬انه المستحق‬
‫االسقفية!‬
‫حينئذ رقاه القديس غريغوريوس الدرجات المقدسة حتى االسقفية‪ .‬فدبر‬
‫كنيسته بكل حكمة وقداسة‪ .‬وبغيرته الرسولية رد الكثيرين الى االيمان‬
‫المسيحي‪.‬‬
‫ولما ثار االضطهاد على المسيحيين في عهد داكيوس قيصر‪ ،‬قبض عليه‬
‫واحرقه بالنار فنال اكليل الشهادة سنة ‪ .250‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار القديس مرتينيانوس الناسك‬
‫ولد هذا القديس في قيصرية فلسطين في اواسط القرن الرابع‪ .‬ومنذ‬
‫صغره هجر وطنه وذهب الى القفر يسير في طريق الكمال بالنسك وممارسة‬
‫الفضائل‪ ،‬فمنحه هللا موهبة اآليات وصنع العجائب‪ .‬وعاش في تلك الخلوة‬
‫خمسا ً وعشرين سنة‪ ،‬عيشة مالئكية‪.‬‬
‫فدفع عدو البشر احدى النساء الساقطات لتغريه فذهبت اليه وأخفت‬
‫زينتها في صرة وارتدت ثياب المتعبدات وجاءت تطرق بابه في ليلة اشت َّد فيها‬
‫المطر وطفقت تستغيث به ليقبلها ويؤويها وال يدعها فريسة للوحوش في ذلك‬
‫الظالم الدامس‪ .‬ففتح مرتينيانوس باب صومعته ورأى تلم المرأة بهيئتها الرثَّة‬
‫ق لها وادخلها واوقد لها ناراً واعطاها ثمرا ً لتأكل واعتزل في منسك قريب‬ ‫فر َّ‬
‫قضى الليل فيه بالصالة‪ .‬ولما الح الفجر‪ ،‬ذهب الى تلك المرأة ليصرفها‪ ،‬فرأى‬
‫لكن نعمة هللا سندته فادرك‬ ‫امامه امرأة تتألأل حسنا ً وزينة فوقعت من نفسه‪َّ ،‬‬
‫فظاعة االثم ورفع عينيه الى السماء وأضرم نارا ً ادخل رجليه فيها فانتصر‬
‫على التجربة‪ .‬ولدى هذا المشهد تأثرت المرأة جدا ً فنزعت ثيابها الثمينة‬
‫وارتدت خلقانها الرثة وجثت باكية على قدمي القديس طالبة الصفح والغفران‪،‬‬
‫واعدة بأن تمضي عمرها بالتوبة‪ ،‬فأوعز اليها بان تذهب الى دير في بيت لحم‬
‫ممارسةً افعال‬‫ِ‬ ‫تحت تدبير القديس باوال‪ .‬فذهبت ومكثت اثنتي عشرة سنة‪،‬‬
‫التوبة الشاقَّة‪ .‬ثم رقدت بالرب‪.‬‬

‫أما مرتينيانوس ف َما زال الشيطان يالحقه بالتجارب حتى ألجأه الى‬
‫الهرب‪ .‬فتا َه على وجهه في كل مكان‪ ،‬يزور الكنائس ويعيش من االستعطاء‪.‬‬
‫ووصل الى اثنا‪ ،‬حيث عرف بدنو أجله‪ ،‬فدخل الكنيسة‪ ،‬وبينما كان يصلي‬
‫مستعدا ً لمالقاة ربه‪ ،‬جاء أسقف المدينة بإلهام هللا‪ ،‬يعزيه ويشجعه‪ .‬وبعد ان‬
‫تزود االسرار المقدسة‪ ،‬رقد بالرب في أواخر القرن الرابع‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫َّ‬

‫اليوم الرابع عشر‬


‫تذكار الشهيد والنتينوس الكاهن‬
‫أصل هذا القديس من روما‪ ،‬قد اشتهر بغزارة علومه وفضائله الكهنوتية‬
‫وشديد غيرته على خالص النفوس‪ .‬فقبض عليه الملك كلوديوس الثاني‬
‫وطرحه في السجن مقيدا ً بالسالسل‪ .‬ثم أخذ يتملَّقه ويالطفه ليترك االيمان‬
‫المسيحي ويعبد االصنام وقال له‪:‬‬
‫" لم ال تكون صديقا ً لنا فنرفع منزلتك‪ ،‬بدالً من ان تكون عدوا ً فنسخط‬
‫ان هللا الذي خلق السماء‬‫عليك؟" فأجاب بكل جرأة‪ ":‬لو كنت تعلم‪ ،‬ايها الملك‪َّ ،‬‬
‫واالرض هو اله واحد‪ ،‬يجب على كل خليقة ان تحبه‪ ،‬لكنت تسعد انت ومملكتك‬
‫ايضاً"‪ .‬فسأله احد القضاة الحاضرين‪ ":‬ماذا تقول في المشتري والمريخ؟"‬
‫فأجاب‪ ":‬تلك تماثيل صنع ايدي البشر‪ .‬وانها‪ ،‬حسب اعتقادكم آلهة شهوات‬
‫ومالذ بدنية ال خير منها يرجى"‪ .‬فصاح القاضي‪ ":‬لقد جدف على اآللهة‬
‫والحكومة!" فأمر الوالي ان يتسلَّمه القاضي استيريوس ليعاقبه على تجديفه‪.‬‬
‫فأخذه هذا الى بيته‪ .‬وكانت ابنته قد فقدت بصرها منذ سنتين‪ .‬فقدمها ابوها الى‬
‫والنتينوس الكاهن‪ ،‬راجيا ً ان يشفيها‪ ،‬فصلَّى القديس عليها رافعا ً عينيه الى‬
‫السماء قائالً‪ ":‬يا سيدي يسوع المسيح‪ ،‬يا نور العالم‪ ،‬أنر أمتك هذه"‪ .‬وللحال‬
‫انفتحت عيناها وأبصرت النور! عندئذ آمن استيريوس هو وامرأته فعلمهم‬
‫الحقائق االيمانية وعمدهم جميعاً‪ .‬فعرف الملك بذلك فقبض على استيريوس‬
‫وأهل بيته وأنزل بهم أشد العذابات حتى أماتهم ففازوا باكليل الشهادة‪ .‬أما‬
‫والنتينوس فطرحه في السجن مدة طويلة وبعدها ضربوه بعصي جافية حتى‬
‫تكسرت اعضاؤه وتف َّجرت دماؤه وهو صابر يشكر هللا على نعمة االستشهاد‬
‫التي نالها بقطع الرأس سنة ‪ .268‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫تذكار الشهيدين فوستينوس الكاهن ويوتيناس الشماس‬
‫كان هذان الشهيدان اخوين من مدينة براشيا بايطاليا‪ .‬شبَّا على الفضيلة‬
‫اسقف براشيا فوستينوس كاهنا ً وأخاه يوتيناس شماسا ً‬ ‫ُ‬ ‫وتثقفا بالعلوم فرسم‬
‫انجيليا ً فتفانيا في خدمة الكنيسة والمؤمنين وردا بوعظهما كثيرين الى االيمان‬
‫بالمسيح‪ .‬ولما استأنف الملك ادريانوس االضطهاد على المسيحيين قبض‬
‫متملقا ً ومهدِدا ً اياهما‪ ،‬فلم يذعنا‬
‫ِ‬ ‫عليهما والي براشيا وكلَّفهما السجود لالصنام‪،‬‬
‫المره‪ .‬ثم مر الملك نفسه ببراشيا وأمر ان يسجدا للصنم في هيكل الشمس‪ .‬وما‬
‫دخال الهيكل وصليا الى هللا حتى خزي الصنم وسقط فحنق الملك وأمر‬
‫فطرحوهما للوحوش فآنستهما ولذلك آمن كثيرون ومنهم أحد اعوان الملك‬
‫ط ِرحا في السجن حيث اشرق نور وجاءت المالئكة تشجعهما‬ ‫وامرأة الوالي‪ .‬ف ُ‬
‫وتفعم قلبيهما فرحاً‪ .‬وكان لثباتهما ولكثرة الذين آمنوا بسببهما ما جعل الملك‬
‫يخشى حدوث ثورة‪ ،‬فأخذهما الى ميالنو ومعهما كالوتيروس احد أعوان الملك‬
‫ألنه آمن‪ .‬وهناك بسطوهم على ظهورهم وصبوا رصاصا ً مذابا ً في أفواههم‪،‬‬
‫فلم يتذمروا ولم يشعروا باذى‪ ،‬ثم كووهم بصفائح من حديد محمية فطفقوا‬
‫يسبحون هللا وبذلك تمت شهادتهم‪ .‬وجاءوا بالشهيدين االخوين الى روما حيث‬
‫أذاقوهما أشد العذابات هوالً فلم ينثنيا عن عزمهما وثباتهما‪ .‬وبعد ذلك أرسلهما‬
‫الملك الى نابولي حيث طرحوهما في البحر فخرجا منه سالمين‪ .‬فقطعوا‬
‫رأسيهما في السنة ‪ .122‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار القديس الشهيد تاوذورس التيروني‬
‫مسيحي من القواد البارزين في الجيش الروماني‪ ،‬قد أرسل مع فرقته‬
‫فعسكر في تلك المدينة‪ .‬يوم ثار‬‫َ‬ ‫الى أماسيا عاصمة الوالية في تركيا‪،‬‬
‫االضطهاد على المسيحيين‪ .‬ولم يكن تاوذورس ليبالي باالضطهاد والعذاب‪ ،‬بل‬
‫كان يجاهر بكونه مسيحياً‪ .‬فاستحضره القائد االعلى وسأله عن معتقده‪ ،‬فأجاب‬
‫أنه مسيحي وديانته تفرض عليه االخالص لربه اوالً ثم لمليكه ووطنه‪ .‬فأعجب‬
‫غض الشباب‪ ،‬لطيفا ً شهماً‪ ،‬ال غبار على‬‫َّ‬ ‫رئيسه بتلك الصراحة العسكرية ورآه‬
‫مسلكه في الجندية‪ .‬فعامله بالحسنى وتركه وشأنه‪ .‬أما هو‪ ،‬وقد اضطرم قلبه‬
‫غيرة ومحبة هلل والقريب‪ ،‬فأقدم على اضرام النار في معبد االلهة سبالَّ‪ .‬فأوقف‬
‫وأجري التحقيق معه فأقر مفاخرا ً بأنه قام بواجب الدفاع عن االداب العا َّمة‪،‬‬
‫الن ذلك المعبد كان بؤرة رذل ٍة وفساد‪ .‬فأمره القاضي يوليانوس بأن يكفر عن‬
‫اثمه باسترضاء تلك االلهة وتقديم الذبيحة لها واال فينال أشد العقاب‪ .‬فأجاب‬
‫برباطة جأش‪ ":‬حاشا لي ان اسجد لغير الهي الواحد الصمد‪ "...‬فجردوه من‬
‫سيفه ومن ثوبه العسكري وجلدوه جلدا ً عنيفاً‪ ،‬وهو اثبت من الصخر‪ .‬ثم القوه‬
‫في سجن مظلم ومنعوا عنه كل مأكل ومشرب ليموت جوعاً‪ .‬فظهر له الرب‬
‫يسوع في الليل وشجعه وعزاه وقال له‪ ":‬اني لمغنيك عن كل قوت فال تخف"‪.‬‬
‫فأخذ يسبِح هللا‪.‬‬

‫ثم أخرجوه من السجن واخذوا يتملقونه بوعود كثيرة ليذعن الرادة‬


‫الملك فازدرى بوعودهم‪ .‬فجلدوه بقضبان من حديد‪ .‬ولما أعيتهم الحيل‪ ،‬أخذوه‬
‫ضدوا حطبا ً وأضرموا ناراً وطرحوه فيها فقام وسط النار‬
‫الى غابة‪ ،‬حيث ن َّ‬
‫يسبح هللا الى ان فاضت روحه الطاهرة وفاز باكليل الشهادة سنة ‪.304‬‬
‫هذا ما اثبته عنه القديس غريغوريوس نيصص في تأبينه‪ .‬وانتشرت‬
‫عبادته ب َما اجرى هللا على يده من المعجزات شرقا ً وغرباً‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع عشر‬


‫تذكار البار اغابيطوس اسقف سينادا في فريجيا‬
‫ولد اغابيطوس في الكبادوك من والدين مسيحيين‪ .‬ونشأ على البر‬
‫والتقوى‪ .‬وكان جنديا ً في ايام الملك قسطنطين الكبير‪ ،‬فترك الجندية وآثر‬
‫الحياة النسكية‪ .‬فعكف على التقشف واالصوام وقهر الجسد بنوع غريب‪،‬‬
‫يواظب الصلوات والتأمالت في الكماالت االلهية‪.‬‬
‫ولما ثار االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬قبض عليه الوثنيون واذاقوه من‬
‫العذابات ما كاد يودي بحياته‪ ،‬لكن هللا ابقاه حيا ً لخير يرجى منه فمنحه صنع‬
‫اآليات حتى اشتهرت قداسته وبلغت اسقف سينادا في فريجيا من اعمال آسيا‬
‫الصغرى فاستدعاه واقامه معاونا ً ورقاه شماسا ً ثم كاهناً‪ .‬فأخذ يتفانى في خدمة‬
‫النفوس‪ .‬ولما توفي االسقف‪ ،‬اختاره الشعب خلفا ً له‪ .‬فظهر راعيا ً صالحاً‪،‬‬
‫مضطرما ً بنار الغيرة على رعيته‪ ،‬دائبا ً في الوعظ والتعليم وعمل الخير وال‬
‫سيما في اغاثة البائسين والعناية بالفقراء‪ ،‬فاجرى هللا بصالته آيات باهرة‪ .‬ثم‬
‫رقد بالرب سنة ‪ .336‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار البار كونرادوس‬
‫كان كونرادوس من مدينة بالزنسا في ايطاليا رجالً غنيا ً متزوجاً‪ .‬خرج‬
‫ذات يوم للصيد واشعل ناراً‪ ،‬فأثارها الهواء في الزروع فاحرقت حقوالً كثيرة‬
‫فهاله االمر واغت َّم له جداً‪ ،‬ولكنه لم يبح بأمره‪ ،‬فوقعت الشبهة على رجل فقير‪،‬‬
‫قبضت الحكومة عليه‪ .‬ولما استنطقه القاضي‪ ،‬اقر تحت الضغط والضرب‪،‬‬
‫فحكموا عليه باالعدام‪ .‬وما عرف به كونرادوس حتى هب ينقذ ذلك الفقير‬
‫المظلوم‪ .‬وقف أمام القاضي وأقر بما حدث‪ ،‬مبرئا ً المحكوم عليه‪ ،‬ومستعدا ً‬
‫للتعويض عما اتلفته النار وان كان عن غير قصد‪ ،‬فأطلق القاضي سبيل‬
‫المتهم‪ ،‬وغرم كونرادوس قيمة المتلف‪ .‬فباع كل ما يملكه وامسى فقيراً‪ .‬فاتفق‬
‫مع زوجته على هجر العالم فذهبت هي الى دير للراهبات‪ .‬ومضي هو الى‬
‫صقلية‪ ،‬حيث عاش ناسكا ً لمدة اربعين سنة‪ ،‬لذلك منحه هللا معرفة المستقبالت‬
‫وصنع اآليات‪ .‬وانتقل الى ربه سنة ‪ .1351‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن عشر‬


‫تذكار القديس الون الكبير بابا روما‬
‫كذلك يعد له ايضا في ‪ 29‬شباط‬

‫ولد هذا البابا العظيم في روما من أسرة شريفة توسكانية‪ .‬تثقف ثقافة‬
‫عالية جمع فيها بين العلوم الدينية والزمنية‪ .‬جعله البابا سكستس الثالث‬
‫مستشارا ً له‪ .‬وعلى أثر وفاة هذا البابا سنة ‪ ،440‬انتخب الون‪ ،‬باجماع‬
‫االصوات‪ ،‬خلفا ً له‪.‬‬
‫وما تسنَّم عرش الرئاسة البطرسية‪ ،‬حتى ظهر اسدا ً (ﮐﭑسمه) جبارا ً‬
‫يدافع عن حق الكنيسة بكل جرأة وعلم وفضيلة‪.‬‬
‫وكانت رسائله الرائعة تجوب الشرق والغرب وتقضي على البدع التي‬
‫ظهرت في ايامه‪ ،‬وال سيما بدعة اوطيخا‪ .‬وبناء على طلب الملك مركيانوس‬
‫امبراطور الشرق‪ ،‬أمر البابا بالتئام المجمع المسكوني في خلكيدونية ‪،451‬‬
‫حضره ستمئة وثالثون اسقفا ً نبذوا فيه تعليم ديوسقورس واوطيخا واعتمدوا‬
‫تعليم البابا الون وفالفيانوس بطريرك القسطنطنية‪ .‬وكتب البابا رسالة سلمها‬
‫الى نوابه وارسلهم ليرئسوا هذا المجمع باسمه‪ .‬فكانت تلك الرسالة الشهيرة‬
‫دستورا ً في العقائد الدينية‪ .‬فل َّما قرئت‪ ،‬هتف آباء المجمع بصوت واحد‪ :‬ان‬
‫بطرس تكلم بفم الون‪ .‬وارسل اآلباء المجتمعون كتابا ً الى البابا يقولون فيه‪":‬‬
‫انت الذي رئستنا‪ ،‬كما يرئس الرأس سائر االعضاء"‪.‬‬
‫ول َّما جاء أتيال ملك الهون‪ ،‬زاحفا ً بجيوشه على البالد االيطالية‪ ،‬تمكن‬
‫البابا الون‪ ،‬بسياسته وحكمته الرشيدة‪ ،‬من ايقاف ذلك الزحف الهائل‪ ،‬وانقذ‬
‫البالد من الخراب والدمار‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ ،459‬نهى عن االعتراف جهراً‪ ،‬واوجب االعتراف السري‪.‬‬
‫وهو اول من سعى في اقامة سفراء لالحبار االعظمين‪.‬‬
‫وبعد ان انهى هذا البابا العظيم حياة مليئة باالعمال المجيدة‪ ،‬انتقل الى‬
‫المجد االبدي في ‪ 4‬ت‪ 2‬سنة ‪.461‬‬
‫وال بد ان نذكر هنا بالفخر ان رهبان ابينا مار مارون‪ ،‬قد امتازوا هم‬
‫وشعبهم‪ ،‬بتعلقهم بتعليم المجمع المسكوني الخلكيدوني وبرسالة البابا الون‬
‫الشهيرة اآلنفة الذكر حتى خصوا بها ودعوا "خلكيدونيين"‪ .‬وقد سجلت تلك‬
‫الحقيقة التاريخية دماء الثالثمئة والخمسين شهيداً‪ .‬لمناضلتهم عن ذلك المجمع‬
‫وعن تمسكهم بتلك الرسالة البابوية‪ .‬صالة القديس الون تكون معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم التاسع عشر‬


‫تذكار القديسين ارشيبوس وفيليمون تلميذي القديس بولس‬
‫كان ارشيبوس وفيليمون من مدينة كولوسي وقد آمنا على يد بولس‬
‫الرسول وكانا شريكين معه في التبشير‪ .‬فذكرهما برسائله‪ .‬استشهدا في‬
‫االضطهاد الذي أثاره نيرون في كولوسي‪ .‬وذلك ان الوثنيين‪ ،‬بينما كانوا‬
‫يصليان‬
‫ِ‬ ‫يحتفلون بعيد االلهة ديانا‪ ،‬هجموا على الكنيسة‪ ،‬حيث كان القديسان‬
‫مع سائر المؤمنين‪ ،‬فقبضوا عليهما وجلدوهما جلداً عنيفاً‪ ،‬ثم وضعوهما في‬
‫حفرة وأخذوا يرجمونهما بالحجارة‪ ،‬حتى اسلما الروح بيد هللا سنة ‪ 60‬او ‪65‬‬
‫للميالد‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬

‫تذكار الشهداء االساقفة تيرانيوس وسيلوانوس والكاهن‬


‫زينوبيوس ورفاقهم اللبنانيين الذين استشهدوا في مدينة صور‪.‬‬
‫صه الحرفي‪ :‬في فينيقية‬
‫جاء في السنكسار الروماني في ‪ 20‬شباط ما ن َّ‬
‫لبنان‪ ،‬ذكر الشهداء الطوباويين الذين كانوا في أيام ديوكلتيانوس الملك‪ ،‬وبأمر‬
‫فيتوريوس قائد العسكر‪ ،‬قتلوا الواحد تلو اآلخر‪ ،‬باعذبة كثيرة مختلفة‪ .‬فأوالً‬
‫مزقوا اجسادهم تمزيقا ً بضرب المجلد‪ .‬ثم طرحوهم للوحوش الضارية‬ ‫َّ‬
‫المتنوعة‪ ،‬فلم تؤذهم بقوة الهية ثم عذبوهم عذابات قاسية بالنار والحديد فنالوا‬
‫بها اكليل الشهادة‪ ،‬سنة ‪ .304‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العشرون‬
‫تذكار البار يعقوب الناسك‬
‫هو من تالميذ ابينا القديس مارون المشهورين‬
‫قد أتى العالمة المؤرخ تاودوريطس اسقف قورش على سيرة هذا‬
‫القديس في كتابه "في النساك" قال‪ ":‬كان هذا البار متنسكا ً في جبل قورش‬
‫القريب من انطاكية‪ ،‬تحت جو السماء‪ ،‬ومصلياً‪ ،‬معرضا ً للرياح من كل جانب‬
‫ومثقالً جسمه بالحديد‪ ،‬طعامه الحبوب واالعشاب‪ ،‬ولهذا منحه هللا صنع‬
‫اآليات‪ .‬وحاول الشيطان مرة ان يطرده من الجبل‪ ،‬فأباده بصالته ثم تمثَّل‬
‫الشيطان بصورة هذا القديس وكان يأخذ الماء عمن يحمله اليه ويصبُّه على‬
‫االرض‪ ،‬نحو خمسة عشر يوماً‪ ،‬حتى كاد يميته عطشاً‪ ،‬ولما تحقق القديس‬
‫حيل المحال‪ ،‬طرده وارتاح من شره‪ .‬ثم رقد بالرب في القرن الخامس‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي والعشرون‬


‫تذكار القديس اوسطاطيوس بطريرك انطاكيه‬
‫ولد اوسطاطيوس في مدينة سيدا بمفيليه في اواسط القرن الثالث‪.‬‬
‫واشتهر بالعلم والقداسة ورقي الى اسقفية حلب فدبرها بكل غيرة رسولية‪.‬‬
‫ول َّما توفي يولينوس بطريرك انطاكيه‪ ،‬انتخب اوسطاطيوس خلفا ً له عام ‪.324‬‬
‫وما تسنم الكرسي البطريركي‪ ،‬حتى لمع ب َما فيه من فضيلة وعلم غزير‪.‬‬
‫وقد شغل مقاما ً في المجمع النيقاوي المسكوني االول المنعقد سنة‬
‫‪ .325‬وهو الذي افتتحه بخطاب رائع شكر فيه قسطنطين الكبير على مساعيه‬
‫الجليلة في سبيل الكنيسة‪ .‬ودافع دفاع االبطال عن االيمان الكاثوليكي متصديا ً‬
‫الريوس ومبينا ً بالبراهين والحجج الراهنة فساد بدعته‪ .‬ثم عاد وانصرف الى‬
‫االهتمام في شؤون االبرشية وأنعش روح المحبة بين الجميع‪ ،‬حاميا ً رعيته‬
‫من ذئاب البدعة االريوسية وتعاليمها الفاسدة‪.‬‬
‫لذلك ثار عليه االساقفة االريوسيون فحاكموا حوله جميع حبائل الكذب‬
‫واالفتراء وقرروا حطه عن كرسيه‪ .‬فاعترضهم االساقفة الكاثوليك فلم يعبأوا‬
‫بهم‪ .‬بل سبقوا واخبروا الملك قسطنطين ب َما كان وزادوا على سكاياتهم بان‬
‫اوسطاطيوس يميل الى هرطقة سابيلوس‪ .‬فأمر الملك بإبعاده‪ .‬وما درى الشعب‬
‫الموالي للقديس بذلك الحكم الجائر‪ ،‬حتى هاج وكادت تحدث ثورة في المدينة‪،‬‬
‫لو لم يتداركها البطريرك بتهدئة الخواطر واالستسالم لمشيئة هللا‪ .‬وسار الى‬
‫منفاه في مدينة فيلبي حيث انعكف على التأمل والصالة وتأليف الكتب وتدبيج‬
‫القيمة ضد البدعة االريوسية‪.‬‬

‫قضى هذا البطريرك القديس في منفاه صابرا ً وغافراً العدائه‪ ،‬سنة ‪.337‬‬
‫غير أن هللا تعالى ال يبطئ حتى ينتقم الصفيائه فان افسافيوس اسقف‬
‫مكدونيه وزميله اسقف قيصرية اللذين سعيا بنفيه قد ذاقا هما أيضا ً مرارة‬
‫المنفى وعوقبا باثمهما‪ .‬صالة هذا القديس تكون معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الثاني والعشرون‬


‫تذكار اقامة كرسي بطرس في انطاكيه‬
‫ل َّما تفرق الرسل في اآلفاق يبشرون باالنجيل‪ ،‬بقي القديس بطرس‪،‬‬
‫بصفته الرأس‪ ،‬يبشر في اورشليم واليهودية‪ ،‬ويتحمل التعب والعذاب والسجن‬
‫نحو ثالث سنين‪ .‬وفي سنة ‪ 35‬او ‪ 36‬مضى الى انطاكية التي كانت في تلك‬
‫االيام عاصمة الشرق‪ ،‬فأقام كرسي رئاسته فيها‪ .‬واست َّمر يبشر باالنجيل‬
‫ويرئس الكنيسة كلها حتى سنة ‪.42‬‬
‫وفي سنة ‪ ،43‬نقل كرسيه‪ ،‬بإلهام هللا‪ ،‬الى مدينة روما العظمى‪،‬‬
‫المعروفة حين ذاك بعاصمة العالم‪ .‬وأقام القديس اوديوس اسقفا ً خلفا ً له على‬
‫كنيسة انطاكية وبقي هو في روما يدبر الكنيسة جمعاء‪ ،‬خمسا ً وعشرين سنة‪،‬‬
‫الى ان استشهد مصلوباً‪ ،‬في عهد نيرون سنة ‪ 67‬للميالد‪.‬‬
‫وقد روت التواريخ ان بطرس كابد مشقات واسفارا ً كثيرة في مالحقته‬
‫سيمون الساحر‪ ،‬من اورشليم وقيصرية انطاكية ثم روما‪ .‬وفي مدة رئاسته في‬
‫انطاكية تس َّمى المؤمنون " مسيحيين" وانتشروا في العالم‪ .‬ومنذ القديم يتخذ‬
‫بطاركتنا لقب "بطريك انطاكية وسائر المشرق" الى هذا اليوم‪ .‬وكان‬
‫المسيحيون‪ ،‬منذ القديم‪ ،‬يحتفلون بعيد اقامة كرسي بطرس في انطاكية‪ ،‬كما‬
‫ذكره القديس اغناطيوس الشهيد باحدى رسائله الى اهل ماتيزيا بآسيا‬
‫الصغرى‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث والعشرون‬


‫تذكار القديس بوليكربوس اسقف أزمير‬
‫عاصر الكثيرين من تالميذ المسيح وتنصر على يدهم‪ .‬تتلمذ للقديس‬
‫يوحنا الحبيب الذي أقامه اسقفا ً على مدينة أزمير‪.‬‬
‫فقام يسوس رعيته بحكمة وغيرة رسولية‪ ،‬م َّما جعل يوحنا الحبيب يقول‬
‫عنه في كتاب الرؤيا‪ ":‬اكتب الى مالك كنيسة أزمير‪ :‬هذا ما يقوله االول‬
‫واآلخر‪ ...‬ال تخف شيئا ً مما يصيبك من التألم‪ ...‬فكن أمينا ً حتى الموت‬
‫فسأعطيك اكليل الحياة" ( رؤيا ‪.)...8 :2‬‬
‫وفي َما كان القديس اغناطيوس بطريرك انطاكية ذاهبا ً الى روما‬
‫مر بمدينة ازمير فذهب بوليكربوي الى مالقته وعانقه وقبَّل قيوده‪.‬‬
‫لالستشهاد‪َّ ،‬‬
‫وعندما وقع الخالف بين كنيسة روما وكنائس الشرق على يوم االحتفال‬
‫بعيد الفصح‪ ،‬ذهب بوليكربوس الى رومة لمقابلة البابا أناكليتوس الذي اكرم‬
‫وفادته وعقد مجمعا ً حضره بوليكربوس واتفق واياه بشأن عيد الفصح‪ ،‬على‬
‫ان تبقى كل كنيسة من كنائس الشرق والغرب على ما اعتادته قبالً‪.‬‬
‫وقد ذكر المؤرخ اوسابيوس في تاريخه الكنسي (ف ‪ ،)24‬ان البابا‬
‫أناكليتوس قلَّد بوليكربوس ان يقوم بالوظيفة الحبرية نيابة عنه‪ ،‬جهراً في‬
‫جماعة المؤمنين‪ ،‬وذلك تعظيما ً له‪.‬‬
‫ولما ثار االضطهاد على المسيحيين قبض والي آسيا على القديس‬
‫فاستحضره واخذ يحاول اقناعه بان يكفر بالمسيح ويضحي لالصنام‪ .‬فأجابه‪:‬‬
‫لقد مضى علي ست وثمانون سنة في خدمة المسيح‪ ،‬فكيف اكافيه بالجحود‬
‫وهو ملكي والهي؟"‪ .‬فأمر الوالي بأن يحرق بالنار‪ .‬فقال الشهيد‪ ":‬ان النار‬
‫التي تتهددني بها تطفأ‪ ،‬أ َّما تلك التي اعدها هللا لتعذيب االثمة فهي ابدية ال‬
‫تطفأ"‪.‬‬
‫حينئذ طرحوه في النار فرفع عينيه الى السماء وأخذ يصلي ويسبح هللا‬
‫فلم تؤذه النار‪ .‬فطعنه جندي فجرى منه دم غزير اطفأ النار‪ ،‬فآمن كثيرون‬
‫واسلم روحه في السنة ‪ ،166‬يوم سبت النور‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار البارة مرغريتا التائبة‬
‫ايطالية‪ ،‬ماتت امها فتزوج ابوها ثانية‪ ،‬ولم تكن خالتها تحسن معاملتها‪.‬‬
‫ولفقرها وجمالها الرائع وقعت بيد رجل غني تعشَّقها‪ .‬باذالً لها المال لكي‬
‫تعيش بالبذخ وتبقى منصاعة له‪ .‬ثم قُتِ َل عاشقُها ولما رأته صريعا ً تأثرت جدا ً‬
‫ومست النعمة قلبها‪ ،‬فمقتت سيرتها الرديئة واعتزمت التوبة حياتها كلها‪.‬‬
‫واسرعت الى دير مار فرنسيس فاعترفت بخطاياها وقبلت كراهبة ثالثية‪.‬‬
‫انصرفت الى ممارسة جميع الفضائل والتقشفات البالغة حد القساوة‬
‫والغرابة‪ ،‬وكانت تتناول القربان المقدس الذي جعلت فيه كل مسرتها ولذتها‪.‬‬
‫وبذلك كانت تنتصر على جميع التجارب التي يثيرها عليها ابليس‪ .‬ولم يكن‬
‫احب اليها من مساعدة الفقراء‪ ،‬تحسن اليهم لما توفره من اجرة شغلها‪ ،‬وقدج‬
‫تناهت بفضيلة التواضع والتوبة الصارمة بنوع غريب‪ .‬فانها وضعت يوما ً حبالً‬
‫في عنقها‪ ،‬كما فعلت قبالً‪ ،‬وأخذت تطوف في المدينة تصحبها امرأة تصيح‬
‫قائلة‪ :‬هذه هي مرغريتا التي اهلكت نفوسا ً كثيرة‪ .‬كل ذلك تكفيراً عن ذنوبها‪.‬‬
‫فقبل هللا توبتها ومنحها صنع آيات عديدة‪ .‬وكثيرون تابوا وتقدسوا على‬
‫يدها‪ .‬ثم رقدت بالرب سنة ‪.1297‬‬
‫وجاء السنكسار الروماني ان جسدها بقي سالما ً اكثر من اربعة اجيال‬
‫تصدر عنه معجزات باهرة‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس والعشرون‬
‫تذكار البابا القديس فيليكس الثاني‬
‫كان هذا البابا ابن خوري اسمه فيليكس من أسرة رومانية غنية شريفة‪،‬‬
‫اعطت الكرسي البطرسي حبرا ً آخر عظيما ً هو القديس غريغوريوس االول‬
‫الكبير‪ .‬وبعد ان توفي البابا سمبليسيوس انتخب فيليكس خلفا ً له في الثاني من‬
‫اذار سنة ‪ .483‬وفي زمان حبريته ابتدأ االنشقاق بين الكرسي الروماني‬
‫والبطريركيات الشرقية‪ .‬ودام نحو خمس وثالثين سنة‪ ،‬بسبب مسألة الطبيعتين‬
‫في المسيح اللتين كان قد حددهما المجمع الخكيدوني المسكوني الرابع المقدس‬
‫(‪.)451‬‬
‫عقد البابا مجمعا ً في روما حضره ستون اسقفاً‪ ،‬قرر فيه حط بطرس‬
‫االلثغ عن مقامه وقطعه من شركة الكنيسة وكان هذا قد اغتصب كرسي‬
‫البطريركية االنطاكية‪ .‬وأحصى اكاكيوس بين اصحاب البدع‪ ،‬ألنه كان مناصرا ً‬
‫وشريكا ً لاللثغ‪ .‬وتبعه بطرس الق َّ‬
‫صار بطريرك انطاكية الذي اضطهد‪ ،‬في َما بعد‪،‬‬
‫رهبان مار مارون وقتل منهم ثالثمئة وخمسين راهباً‪.‬‬
‫وقد شمل البابا فيليكس الكنيسة الشرقية بعنايته االبوية الخاصة‪ .‬وبذل‬
‫جهده في انقاذ كنيسة افريقيا من شر الفندال البرابرة‪ ،‬وخفف وطأة الغوط‬
‫الشرسين في اجتياحهم ايطاليا‪ .‬وفي الجملة عاش هذا البابا القديس حياته كلها‬
‫مجاهدا ً في سبيل الكنيسة وخير ابنائها‪ .‬ورقد بالرب سنة ‪.492‬‬
‫ودفن في كنيسة القديس بولس الرسول في ظاهر رومة‪ .‬ومن تآليفه‬
‫ست عشرة رسالة‪ .‬وهو اول من صدر رسائله الى الملوك والسالطين بكلمة‬
‫"ابن"‪ ،‬وهو الذي انشأ كنيسة القديسين قزما ودميانوس في روما‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تذكار القديس بروفوريوس اسقف غزة ( ‪)420 – 353‬‬
‫ولد بروفوريوس في تسالونيكي من ابوين غنيين بالفضيلة والمال‪ .‬ولما‬
‫شب اتخذ السيرة الرهبانية في براري االسقيط حيث قضى خمس سنوات‪،‬‬
‫متساميا ً بالفضائل‪ .‬ثم زار االماكن المقدسة حيث تنسك في مغارة موحشة‪،‬‬
‫حتى نحل جسمه جدا ً واشرف على الموت‪ ،‬فرجع الى اروشليم‪ ،‬حيث شفاه‬
‫الرب يسوع باعجوبة‪.‬‬
‫ارتسم كاهنا ً وتقلد حراسة خشبة الصليب المقدس‪ .‬وفي السنة ‪369‬‬
‫رقاه يوحنا رئيس اساقفة قيصرية الى اسقفية مدينة غزة‪ .‬وكان اكثر اهلها‬
‫وثنيين فثاروا عليه وارادوا اهالكه‪ .‬فتوارى‪.‬‬
‫وفي تلك االثناء انحبس المطر وعم القحط بالد فلسطين‪ .‬فأخذ الوثنيون‬
‫يقدمون الذبائح لاللهة ويتضرعون اليها فلم يكن من مجيب‪ .‬ولما قام القديس‬
‫يرفع الصلوات الحارة‪ ،‬هطل المطر مدرارا ً فآمن كثيرون من الوثنيين‪.‬‬
‫ثم ذهب بروفوريوس الى القسطنطنية وطلب الى الملك اركاديوس‬
‫والملكة افدوكيا فارسال جندا ً الى غزة فدكوا معابد االوثان وح َّ‬
‫طموا اصنامها‪.‬‬
‫وكانت الملكة قد جادت على القديس ب َمال وافر فبنى كنيسة كبرى في‬
‫غزة دعاها " االفدوكيا" وكانت اجمل الكنائس‪.‬‬
‫وبعد تلك االعمال المجيدة‪ ،‬انتقل الى المجد السماوي في السنة ‪.420‬‬
‫صالته تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه ايضا ً تذكار القديس اسكندر بطريرك االسكندرية‬


‫ولد القديس اسكندر في االسكندرية وتثقف بالعلوم والفضائل‪ ،‬فرقاه‬
‫تيونا اسقفه الى الدرجة الكهنوتية‪ .‬وقد قاسى في سبيل رسالته اضطهادا ً‬
‫وعذابا ً في أيام الملكَين ديوكلتيانوس ومكسيميانوس‪ .‬وفي سنة ‪ 312‬انتخب‬
‫خلفا ً للبطريرك اكيالس‪ .‬وكان أريوس الكاهن يبث بدعته الخبيثة في الشعب‪.‬‬
‫والبطريرك اسكندر يبذل له النصح دون جدوى عندئذ عقد البطريرك مجمعا ً في‬
‫االسكندرية وحرمه برسالة عامة‪ .‬واخرجه مع بعض مشايعيه من االسكندرية‪.‬‬
‫فمضى الى فلسطين وخدع بعض االساقفة ببدعته واستمالهم اليه‪ .‬فكتب‬
‫القديس اسكندر الى البابا سيلفسترس االول فاتفق البابا مع الملك قسطنطين‬
‫الكبير على عقد المجمع النيقاوي االول سنة ‪ .325‬وفيه حرموا آريوس‬
‫وبدعته واتباعه‪.‬‬
‫وكان البطريرك اسكندر القديس في ذلك المجمع من أشد المدافعين عن‬
‫العقيدة الكاثوليكية‪ ،‬بأن االبن مساو لآلب بالجوهر‪ ،‬مفندا ً بالحجج الراهنة‬
‫ضالل أريوس الذي نفي بأمر الملك‪.‬‬
‫ولما عاد الى كرسيه لم يلبث سوى بضعة اشهر‪ ،‬فنقله هللا الى االخدار‬
‫العلوية سنة ‪ .326‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار القديس تالالوس‬
‫كتب سيرة هذا القديس المؤرخ تاودوريطس اسقف قورش بكتابه "في‬
‫النساك" ( فصل ‪ )28‬حيث قال‪ ":‬ان اصله من جزيرة قبرص وقد زهد في‬
‫العالم لكي يعيش هلل وحده فأتى الى مدينة جبلة القريبة من طرابلس لبنان‬
‫وصعد الى قمة جبل ونصب له كوخا ً حقيرا ً على انقاض معبد لالصنام‪ .‬وأقام‬
‫فيه مثابرا ً على الصلوات والتأمالت وممارسة التقشفات ثم ابتنى ناووسا ً‬
‫ضيقاً‪ ،‬بحيث ال يمكنه الجلوس فيه اال مطأطئ الرأس حتى ركبتيه‪ ،‬قاعدا ً‬
‫القرفصاء‪ .‬واستمر على ذلك عشر سنوات"‪ .‬وأضاف تاودوريطس قائالً‪ ":‬اني‬
‫عندما اتيت اليه سألته ما هذا النوع من العيشة؟ فأجابني‪ :‬اني مثقَّل بخطايا‬
‫كثيرة فاخترعت هذه الطريقة ألعاقب جسدي بعذاب متوسط‪ ،‬فأنجو من هول‬
‫العذابات القاسية في اآلخرة‪ .‬فان ما اعانيه اآلن‪ ،‬انما هو يسير بالنظر الى‬
‫العذاب االبدي"‪ .‬وبمثل هذه التقشفات انهى حياته ورقد بالرب سنة ‪.466‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار الناسكتين كورا ومارانا البتولتين‬
‫تلميذتي القديس مار مارون‬
‫كتب سيرة الناسكتين تاودوريطس اسقف قورش‪ ،‬قال‪ :‬ان كورا ومارانا‬
‫كانتا من مدينة حلب من أسرة شريفة زهدتا في العالم وتتلمذتا للقديس مارون‪.‬‬
‫حبستا نفسيهما في مخدع ضيق له كوة صغيرة تتناوالن منها قوتهما‬
‫الضروري‪ ،‬عاكفتين على الصالة‪ ،‬صائمتين اربعين يوما ً اقتدء بالفادي االلهي‬
‫وبايليا النبي‪ .‬ولم تكونا تكلمان احداً‪ ،‬اال في الخمسين يوماً‪ ،‬أي من احد القيامة‬
‫الى احد العنصرة‪ .‬وكانت مارانا وحدها تكلم الزائرين‪ ،‬أما كورا فلم يسمع احد‬
‫صوتها‪ .‬وكان لباسهما خشنا ً مثقالً بالحديد‪ ،‬حتى ان كورا حدبت لضعف‬
‫جسمها‪ .‬وقد زارهما تاودوريطس وأشار عليهما بنزع الحديد عنهما‪ ،‬فعملتا‬
‫باشارته‪.‬‬
‫ثم زارتا االماكن المقدسة ماشيتين ال تذوقان طعاما ً وبعد وصولهما الى‬
‫اورشليم وزيارتهما جبل الجلجلة والقبر المقدس ومهد بيت لحم‪ ،‬بمنتهى‬
‫الخشوع وذرف الدموع‪ ،‬عادتا الى محلهما في حلب‪ ،‬تواصالن جهادهما في‬
‫طريق النسك والقداسة‪ ،‬الى أن نقلهما هللا اليه نحو سنة ‪ .445‬صالتهما معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع والعشرون‬
‫تذكار البابا الون ( راجع ‪ 18‬شباط )‬
‫شهر اذار‬
‫أيام هذا الشهر واحد وثالثون يوما ً ساعات نهاره اثنتا عشرة ساعة ومثلها‬
‫ليله‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار البارة دومنينا‬
‫قال المؤرخ تاودوريطس‪ ":‬انها ابنة والدَين مسي َّحيين عنيين تقيين‪ .‬قد تبعت‬
‫سيرة القديس مارون العظيم‪ ،‬فنصبت لها في بستان والدها كوخا ً حقيراً من‬
‫ورق الذرة‪ ،‬أقامت فيه مصلية‪ ،‬باكية‪ .‬وكانت تنفق المال على الفقراء‬
‫والمعوزين‪ .‬وعلىالرغم من نحافة جسمها‪ ،‬لم تكن تتناول من الطعام سوى‬
‫العدس النقيع‪ .‬ولم يكن من حد لتقشفاتها الشاقة‪ .‬وكانت تعنى عناية خاصة‬
‫بالنساك والعابدات‪ .‬فرغب كثير من النساء في طريقتها حتى كاد عددهن يربو‬
‫على المئتين والخمسين عابدة‪ .‬وقد ازدهرت هذه الرهبانية قرونا ً وعرفت‬
‫برهبانية مار مارون النسائية‪.‬‬
‫وبعد ان جاهدت الباره دومنينا الجهاد الحسن‪ ،‬رقدت بالرب نحو السنة ‪.455‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‬

‫وايضاً‪ :‬تذكار المالك الحارس‬


‫تعلم الكنيسة الكاثوليكية أن المالئكة ترسل لحراسة البشر‪ .‬وتعليمها هذا عقيدة‬
‫ايمانية يجب على كل مؤمن ان يتمسك بها معتقدا ً أن لكل من المؤمنيين مالكا ً‬
‫يقوم بحراسته‪ .‬واعتقاد الكنيسة هذا قائم‪ ،‬منذ صدر المسيحية‪ .‬قد أثبته آباء‬
‫الكنيسة وعلماؤها استنادا ً الى الكتاب المقدس‪ .‬وقد أثبت القديس توما‬
‫أن لكل انسان مالكا ً حارسا ً يقيه االضرار الروحية والجسدية‪.‬‬
‫الالهوتي َّ‬
‫الجل ذلك رسمت الكنيسة عيدا ً معينا ً للمالك الحارس لتحرضنا على الشكر هلل‬
‫تعالى الذي أقام مالكا ً لحراستنا‪ ،‬فعلينا ان نكرمه الهتمامه بنا ونعمل بحسب‬
‫الهاماته الخالصية‪ ،‬ونطلب شفاعته متذكرين انه يراقب جميع اعمالنا الخفية‬
‫والظاهرة‪ .‬وب َما انه قدير لدى هللا‪ ،‬فيساعدنا لنحيد عن الشر ونصنع الخير‪.‬‬
‫قدرنا هللا على تمجيد اسمه القدوس‪ ،‬بشفاعة مالكنا الحارس‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني‬
‫تذكار ابينا القديس يوحنا مارون بطريرك انطاكيه‬
‫ولد يوحنا في قرية سروم القريبة من انطاكية‪ .‬اسم ابيه اغاتون وأمه انوهاميا‬
‫وكالهما من المؤمنين االتقياء‪ .‬فربَّيا ولدهما يوحنا تربية مسيحية وثقفاه في‬
‫مدارس انطاكية‪ ،‬ثم في القسطنطنية‪ .‬ولما توفي والده‪ ،‬عاد الى انطاكية‪ .‬ثم‬
‫ي‬
‫مضى الى دير مار مارون على شاطئ العاصي ‪ ،‬ولبس ثوب الرهبانية ورق َ‬
‫الى درجة الكهنوت وسمي مارون نسبة الى الدير الذي ترهب فيه‪ .‬وشرع‬
‫يتفانى غيرة على خالص النفوس ويحميها من البدع‪ .‬ووضع كتابه في العقيدة‬
‫الكاثوليكية الصحيحة‪ ،‬مبرهنا ً أن في المسيح طبيعتين ومشيئتين وفعلين‬
‫كاملين‪.‬‬
‫ثم ان نائب البابا يوحنا الفالدلفي رسمه اسقفا ً وأرسله الى جبل لبنان سنة‬
‫‪ ،676‬حيث أقيم أسقفا ً شرعيا ً على مدينة البترون وما يليها‪ .‬وسنة ‪،685‬‬
‫اجتمع رؤساء جبل لبنان واختاروا يوحنا مارون بطريركا ً انطاكياً‪.‬‬
‫ان هذا البطريرك ذهب الى روما وان البابا‬ ‫وقد جاء في تقليد طائفتنا َّ‬
‫سرجيوس ر َّحب به ووشحه بيده درع الرئاسة السامية‪ .‬واتخذ الشعب‬
‫الماروني هذا االسم من ذلك الحين ودعوا " موارنة" نسبة الى دير مار‬
‫مارون والى يوحنا مارون الذي جعل كرسيه االول في دير سيدة يانوح بين‬
‫بلدتي قرطبا والعاقورة‪ .‬وقد يكون‪ ،‬كما جاء في التقليد‪ ،‬انه هو الذي اقام في‬
‫كفرحي فوق البترون‪ ،‬ديرا ً يعرف اآلن بدير مار يوحنا مارون واليه نقلت هامة‬
‫القديس مارون ابي الطائفة‪.‬‬
‫وعند تفشي داء الطاعون في البالد‪ ،‬كان البطريرك يتفقد بذاته المطعونين‬
‫ويشفيهم بصالته‪ .‬وحينئذ وضع نافور القداس المشهور باسمه‪.‬‬
‫وما زال هذا البطريرك القديس مجاهداً في سبيل شعبه يعنى بالمرضى والفقراء‬
‫منهم ويبني لهم الكنائس والديورة ويوصيهم بالثبات في ايمانهم الكاثوليكي‪،‬‬
‫الى ان نقله هللا الى االخدار السماوية في ‪ 2‬شباط سنة ‪ .707‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث‬
‫تذكار القديس توما الالهوتي‬
‫ولد توما سنة ‪ 1224‬في قصر روكاسيكا في اكوين بايطاليا‪ .‬ابوه الكونت‬
‫كندلفو‪ ،‬يمت بالنسب الى فريدريك الثاني امبراطور المانيا‪ ،‬ووالدته تاودورا‪،‬‬
‫كاسين‪ ،‬حيث‬
‫فرنسية تقية‪ .‬ولما بلغ الخامسة ارسله ابوه الى مدرسة دير جبل ِ‬
‫كان الرهبان البنديكتيون له خير مثال‪ .‬ومما يروى انه رغم حداثته كان يطرح‬
‫هذا السؤال‪:‬‬
‫" ما هو هللا؟"‪.‬‬
‫اكمل دروسه في كلية نابولي‪ .‬وعام ‪ ،1244‬دخل الرهبانية الدومينيكية على‬
‫الرغم من مقاومة امه الشديدة التي قبضت عليه وحجزته في قصرها مدة سنة‪،‬‬
‫فكان معتصما ً بالصبر يزداد ثباتا ً وزهدا ً في دنياه‪ .‬أرسله رؤساؤه الى مدينة‬
‫كولونيا ليت َّم دروسه على يد العالمة الدومينيكاني القديس البرتوس الكبير‪،‬‬
‫فانكب على الدرس حتى تفوق على جميع اقرانه‪ .‬وكان توما‪ ،‬بجسمه الضخم‪،‬‬
‫قليل الكالم‪ ،‬كثير التفكير فيخيل الى رفقائه أنه غليظ العقل‪ ،‬فدعوه الثور االبكم‪.‬‬
‫ان هذا الذي تدعونه ثوراً‪ ،‬سوف تسمع خواره‬ ‫فقال لهم استاذهم البرتوس" َّ‬
‫الدنيا"‪ُ .‬رقي الى الدرجة الكهنوتية سنة ‪ 1249‬وله من العمر خمس وعشرون‬
‫سنة‪ ،‬فازداد قداسة واتحاداً باهلل‪.‬‬
‫وسار بخطى واسعة في طريق العلم وتولى منبر التعليم في جامعة باريس‪،‬‬
‫غض الشباب‪ ،‬فبهر تالميذه بمعارفه وشروحه وخطته الجديدة في‬‫ِ‬ ‫وهو في‬
‫التعليم‪ .‬وآثر فلسفة ارسطو على فلسفة افالطون‪.‬‬
‫فطارت شهرته وكانت له المنزلة الرفيعة عند االحبار االعظمين‪ ،‬وكان الملك‬
‫لويس التاسع يسترشده ويأخذ بآرائه‪ .‬لكنه‪ ،‬مع كل ما كان عليه من عبقرية‬
‫علمية‪ ،‬وما له من منزلة رفيعة لدى عظماء الدنيا‪ ،‬ظ َّل ذلك الراهب الوديع‬
‫المتواضع‪ ،‬يكثر من الصالة والتأمل وتالوة الفروض الرهبانية‪ .‬وكان يقول‪":‬‬
‫انني احرزت بالصالة من العلم أكثر مما بالدرس"‪.‬‬
‫دعاه البابا غريغوريوس العاشر الى مجمع ليون فلَّبى الدعوة على رغم توعك‬
‫صحته ومشقة السفر‪ ،‬فاشتد المرض عليه في الطريق معَّرج على دير سيتو‬
‫لرهبان القديس مبارك‪ ،‬فشعر بدنو اجله وقال‪ ":‬ههنا مقام راحتي االبدية"‪.‬‬
‫فلزم الفراش‪ ،‬ورقد بالرب في اليوم السابع من شهر آذار سنة ‪ 1274‬وله من‬
‫العمر خمسون سنة‪.‬‬
‫وقد أجرى هللا على يده معجزات عديدة باهرة في حياته وبعد مماته‪ .‬أما ما‬
‫وضعه من التآليف الثمينة بمدة عشرين سنة اغنى بها الكنيسة فيعجز القلم‬
‫عن وصفها‪ .‬وقد قال فيه البابا يوحنا الثاني والعشرون ببراءة تثبيت قداسته‬
‫في ‪ 18‬تموز سنة ‪ ":1323‬ان كل فصل من كتبه ينم عن آية عجيبة"‪ .‬وكفى‬
‫بخالصته الالهوتية الشهيرة ان تبقى‪ ،‬مدى االجيال‪ ،‬دستوراً للمدارس‬
‫االكليركية شرقا ً وغرباً‪ .‬وقد اعلنه البابا الون الثالث عشر شفيعا ً لجميع‬
‫المدارس الكاثولكية‪ .‬ودعي المعلم المالئكي وشمس المدارس‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار الشهيدين بولس وأخته يولياني‬
‫كان بولس ويولياني شقيقته مسيحيين من مدينة عكا بفلسطين في زمان الملك‬
‫اورليانوس قيصر الذي أصدر أمرا ً بأن يضحي المسيحيون لالوثان‪ .‬وقد مر‬
‫بعكا‪ ،‬فرأى بولس وعلى جبهته صليب فاستحضره وقال له أمام الجميع‪ ":‬أما‬
‫علمت بأمري للمسيحيين؟" فأجاب القديس‪ ":‬نعم سمعت الناس يلهجون به‪،‬‬
‫ولكن أي عاقل من المسيحيين يترك االله الحي‪ ،‬ليكرم اصنامكم البكم؟" فغضب‬
‫الملك وقال لجنوده‪:‬‬
‫مر العذاب حتى تهشم جسده وانتثرت‬ ‫" علقوا هذا الشقي وغذبوه"‪ .‬فأذاقوه َّ‬
‫لحمانه‪ .‬فاسرعت اخته يولياني وصاحت بالملك‪ِ ":‬ل َم تعذب أخي وهو لم يقترف‬
‫ذنباً؟" فقال الملك خذوها واجلدوها‪ .‬فسخرت به وقالت‪ ":‬سترون أن الهنا‬
‫سيقوينا على احتمال عذاباتكم مهما كانت"‪ .‬فاخذوا يجلدونها‪ ،‬فقال لها‬ ‫ِ‬
‫اخوها‪ ":‬ال تجزعي يا اختاه‪ ،‬هذا العذاب يعد لنا سعادة ابدية"‪.‬‬
‫فطرحوهما في مرجل‪ ،‬فلم ينلهما أذى‪ .‬ثم وضعوهما على كرسيَّين من حديد‬
‫وأضرموا تحتهما نارا ً فحفظهما هللا سالمين‪ .‬واسلموا يولياني الى قوم فساق‬
‫ليفسدوا بكارتها فضربهم هللا بالعمى ونجت البتول من شرهم‪ .‬وبعد ان اجروا‬
‫عليهما أعذبة متنوعة ولم ينالوا منهما مأرباً‪ ،‬أمر الملك بضرب عنقهما‪ ،‬ففازا‬
‫بأكليل الشهادة سنة ‪ .273‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬
‫تذكار جراسيموس السائح‬
‫نسك مدة في ليكيا وطنه ثم مضى الى براري فلسطين فسكن قفرا ً مجاورا ً‬
‫لالردن‪ ،‬وانعكف على ممارسة الفضائل‪.‬‬
‫ولما اشتهرت قداسته‪ ،‬تتلمذ له كثيرون ساروا على طريقته‪ .‬فبنى لهم المناسك‬
‫العديدة ليعيشوا العيشة المشتركة‪ ،‬تحت قانون ونظام واحد‪ .‬وكان ال يتناول في‬
‫الصوم االربعيني طعاما ً غير القربان المقدس‪ .‬وبمثل هذه االعمال الصالحة‪،‬‬
‫كلل جهاده ورقد بالرب سنة ‪.475‬‬
‫وقد روى المؤرخ مخستس في مجموعته "البستان الروحي" هذا الحديث‬
‫المستغرب وهو ان اسدا ً يعرج جاء مستغيثا ً به ليقلع من رجله شوكة تؤلمه‪،‬‬
‫فرق له القديس جراسيموس واخرج له الشوكة من رجله وضمد جرحه‪ .‬ف َما‬
‫كان من االسد اال ان لحق به الى الدير‪ ،‬حيث كان فيه كحيوان داجن‪ ،‬ال يؤذي‬
‫أحداً‪ .‬وكان الرهبان يستخدمونه الستقاء الماء‪ .‬ولما مات القديس‪ ،‬حزن عليه‬
‫االسد حزنا ً شديداً وربض قرب ضريحه‪ ،‬ال يذوق قوتا ً الى ان مات‪ .‬صالة‬
‫القديس جراسيموس تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس‬
‫تذكار القديس ألبرتوس الكبير‬
‫هو من مشاهير الفالسفة والالهوتيين والعلماء في القرون الوسطى‪ .‬ولد سنة‬
‫وتخرج بالعلوم في باريس وفي‬
‫َّ‬ ‫‪ 1193‬في مدينة لونيجان من أسرة شريفة‬
‫بادوا احدى مدن ايطاليا‪ .‬رغب في خدمة هللا‪ ،‬فدخل رهبانية القديس عبد االحد‬
‫تاركا ً الدروس الفلسفية والرياضية والطبيعية‪ ،‬لينصرف الى درس الالهوت في‬
‫مدينة بولونيا‪ ،‬فأتقنه ونبغ فيه‪ .‬ودرس الفلسفة في واستراسبورج وفريبورغ‪،‬‬
‫وال سيما في بولونيا حيث عظمت شهرته بالعلوم وسعة المدراك حتى لقب‬
‫وتخرج عليه تالميذ عديدون أخصهم القديس توما الالهوتي‬ ‫َّ‬ ‫"بالكبير"‪.‬‬
‫والقديس بون افنتورا‪.‬‬
‫ولقد اغنى الكنيسة بمؤلفاته النفيسة ونفخ روحا ً جديدة في الدروس المدرسية‬
‫الفلسفية‪ .‬وفي الخامس عشر من تشرين الثاني سنة ‪ ،1280‬نقله هللا اليه‬
‫لينيله ثوابه في االخدار العلوية‪.‬‬
‫وقد اعلنه البابا بيوس الحادي عشر "معل َم الكنيسة الجامعة"‪ ،‬والبابا بيوس‬
‫الثاني عشر اقامه شفيع الدارسين‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫تذكار البار قونن االيسوري‬
‫ولد هذا البار في بيرانا احدى مدن ايسوريا بآسيا الصغرى‪ ،‬اسم ابيه نستر‬
‫وأمه تدعى ثادا‪ .‬اعتنق قونن االيمان المسيحي في أيام الرسل‪ .‬فزوجه والده‬
‫وانما أقنع عروسه بحفظ البتولية وعاشا على هذه الحالة‪ ،‬مثابرين على‬
‫الصلوات والزهد في الدنيا‪ .‬وقد تمكنا من اقناع والديهما بترك الوثنية واعتناق‬
‫الدين المسيحي‪ ،‬حتى اشتهر نستر والد قونن‪ ،‬بثباته على االيمان بالمسيح‪.‬‬
‫وبشر هذا القديس باالنجيل فآمن على يده كثيرون من الوثنيين‪ .‬ومنحه هللا‬
‫موهبة المعجزات وال سيما طرد الشياطين حتى اجبر الشيطان‪ ،‬مرة‪ ،‬أن يعترف‬
‫عالنية بفم احد المعترين أنه ليس الهاً‪ ،‬فصاح جمهور السامعين‪ ":‬اله قونن‬
‫هو االله الحق" ولم يزل اهل ايسوريا‪ ،‬الى يومنا هذا‪ ،‬يرددون هذه الكلمات‬
‫وهذا النداء عند احتفالهم بعيد القديس قونن‪.‬‬
‫ثم ان والي ايسوريا سمع بأن هذا القديس يعظ بايمان المسيح ويحتقر آلهة‬
‫الوثنيين‪ ،‬فاستنطقه‪ ،‬فجاهر بايمانه‪ ،‬مزدريا ً باالوثان‪ .‬فأمر الوالي‪ ،‬فجلدوه‬
‫جلدا ً عنيفاً‪ ،‬فوثب الشعب الحاضر على الجند وخلَّصوه من ايديهم وأتوا به الى‬
‫بيته‪ ،‬وضمدوا جراحه حتى شفي وعاش نحو سنتين‪ ،‬ثم رقد بالرب في القرن‬
‫االول للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار البار نرسيس اسقف اورشليم‬
‫كان هذا اسقفا ً على اورشليم‪ ،‬مشهورا ً بالغيرة الرسولية وبالقداسة والخطابة‪.‬‬
‫وقد ساس رعيته أحسن سياسة الى نحو سنة ‪ ،205‬فافترى عليه بعض‬
‫الحساد المبغضين والصقوا به أشنع التهم واسندوا الى ثالثة شهود زور وأخذ‬
‫كل منهم يؤيد شهادته بنوع من القسم‪ .‬فقال االول‪ :‬ليُحرق جسدي بالنار ان‬
‫كنت كاذباً‪ ،‬وقال الثاني‪ :‬ليبت َل جسدي باالسقام ان كنت كاذباً‪ .‬وقال الثالث‪:‬‬
‫لتطفأ عيناي ان كنت كاذباً‪.‬‬
‫ولما رأى االسقف ما حيك حوله‪ ،‬زهد في الدنيا وترك اسقفيته واعتزل في‬
‫البرية‪ ،‬مستسلما ً الرادة هللا‪ ،‬دون أن يعرف أحد مكانه‪ .‬أما الذين شهدوا زوراً‪،‬‬
‫فعاقبهم هللا بمثل ما أقسموا به‪ ،‬فاحترق االول في منزله وابتُلي الثاني بقروح‬
‫أيوبية من رأسه الى قدميه‪ .‬وفقد الثالث بصره بعد ان تاب توبة صادقة‬
‫واستمر يبكي خطيئته الى أن انطفأت عيناه‪ .‬فتحقق المؤمنون براءة اسقفهم‬
‫نرسيس القديس‪ ،‬فخرجوا في طلبه‪ .‬ولما وجدوه‪ ،‬سألوه ملحين‪ ،‬ان يرجع الى‬
‫كرسيه‪ ،‬فأبى‪ ،‬معتذرا ً لتقدمه في السن‪ ،‬ف َما زالوا حتى ارغموه‪ .‬فعاد معهم بعد‬
‫ان تخلى عن كرسيه اثنتي عشرة سنة‪ .‬وأخذ يواصل جهاده وتفانيه في سبيل‬
‫النفوس‪ .‬وقد رد بوعظه وخطبه البليغة كثيرين الى االيمان بالمسيح‪ .‬وقد‬
‫اجرى هللا على يده آيات عديدة‪ .‬ثم رقد بالرب سنة ‪ .212‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن‬
‫تذكار القديسة فرنسيسكا الرومانية‬
‫ولدت هذه القديسة في روما من اسرة شريفة‪ .‬هامت‪ ،‬منذ حداثتها‪ ،‬بحب‬
‫الفضيلة‪ .‬رغبت في الدخول الى احد االديرة لتكرس بتوليتها للرب‪َّ .‬‬
‫لكن والديها‬
‫ارغماها على الزواج من شاب روماني شريف اسمه لوران بونسياني‪ ،‬كانت‬
‫له خير رفيقة في الحياة ولم تكن مهامها البيتية لتمنعها من التفرغ للصالة‬
‫والتأمل‪ .‬وكان زوجها يوفر لها المال لتوزعه على الفقراء والمحتاجين‪،‬‬
‫ويسهل لها الطرق لممارسة افعال التقوى‪.‬‬
‫وقد رزقت منه اوالدا ً ربتهم بخوف هللا‪ .‬وكانت تعامل خدامها معاملة رفيقات‬
‫واخوات لها بالمسيح‪ .‬تمارس اقسى التقشفات‪ ،‬حتى لبس المسح‪ .‬وقد منحها‬
‫هللا نعمة خاصة بان ترى مالكها الحارس ينبهها على كل زلة ويعزيها في‬
‫المحن والمصائب وكانت تنتصر على تجارب الشياطين بالصالة وقوة الصليب‬
‫المقدس‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 1425‬انشأت‪ ،‬برضى زوجها‪ ،‬جمعية االرامل والبتوالت اثبت‬
‫قانونها البابا اوجانوس الرابع سنة ‪ .1433‬وقد انعم هللا عليها بصنع‬
‫المعجزات الكثيرة‪.‬‬
‫وبعد ان توفي زوجها‪ ،‬انضوت الى الدير الذي كانت قد انشأته‪ ،‬فأقامها‬
‫راهباتها رئيسة عليهن‪ ،‬بالرغم من ممانعتها‪ ،‬فكانت تساوي نفسها بهن وتؤثر‬
‫ان تخدمهن بكل غيرة ونشاط‪ .‬واستمرت في الرئاسة اربع سنوات كانت فيها‬
‫خير مثال للقداسة والكمال‪ .‬ثم رقدت بالرب سنة ‪ 1440‬ولها من العمر ست‬
‫وخمسون سنة‪ .‬وقد اجرى هللا حول ضريحها آيات عديدة‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1608‬احصاها البابا بيوس الخامس في مصاف القديسات وهي‬
‫شفيعة النساء المتزوجات واالرامل‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع‬
‫تذكار الشهداء االربعين‬
‫كان هؤالء االبطال من الكبدوك قواداً في فرقة رومانية‪ ،‬تحت قيادة ليسياس‬
‫الوثني‪ .‬ولما اجتمع الجيش في سيبسطية بارمينيا لتقدمة الذبائح لالوثان‪،‬‬
‫امتنع هؤالء االربعون عن االشتراك في تلك الذبائح‪ .‬فاستدعاهم الوالي‬
‫اغركوال وأخذ يحقق معهم فاعترفوا بانهم مسيحيون‪ .‬فأمرهم بان يضحوا‬
‫لآللهة‪ .‬فأبوا‪ .‬فقال لهم‪ ":‬ضحوا لآللهة فيعظم شأنكم‪ ،‬واال تجردون من مناطق‬
‫جنديتكم"‪ .‬فأجابوا‪ ":‬خير لنا ان نخسر مناطق جنديتنا وال نخسر يسوع‬
‫المسيح الهنا"‪.‬‬
‫فارسلهم الى السجن‪ ،‬حيث قضوا الليل بالصالة‪ .‬فظهر لهم الرب بغتة يشجعهم‬
‫ويقويهم على الثبات حتى النهاية لنيل اكليل الشهادة‪.‬‬
‫وفي اليوم الثاني‪ ،‬اخذ الوالي يتملقهم فلم ينل منهم مأرباً‪ .‬فأمر باعادتهم الى‬
‫سجنهم‪.‬‬
‫وجاء قائدهم ليسياس يسعى في إستمالتهم‪ ،‬فلم ينجح‪ .‬فتهددهم بنزع مناطقهم‪.‬‬
‫فأجابه احدهم كتديوس‪ ":‬انتزع مناطقنا فانك ال تقدر ان تزحزحنا عن محبة‬
‫المسيح"‪ .‬فحنق وأمر فضربوهم بالحجارة على وجوههم‪ ،‬فكانت الحجارة تعود‬
‫الى الضاربين‪.‬‬
‫فأمر الوالي بان يطرحوهم في بحيرة قد تجلد ماؤها‪ .‬فكان يشجع بعضهم بعضا ً‬
‫قائلين‪ ":‬نزلنا اربعين الى الماء‪ ،‬سنذهب اربعين الى السماء"‪ .‬غير انه‪ ،‬لشدة‬
‫البرد فرغ صبر احدهم‪ ،‬فخرج من الماء ودخل حماماً‪ ،‬فخارت قواه ومات‪.‬‬
‫فحزن الشهداء لكنهم تشددوا بالصالة والعون االلهي‪ .‬وبغتة رأى أحد الحراس‬
‫نورا ً ساطعا ً واذا بمالئكة يحملون اكاليل لرؤوس التسعة والثالثين شهيداً‪.‬‬
‫فدهش من هذا المشهد العجيب وحركت النعمة قلبه‪ ،‬فصرخ برفاقه‪ :‬انا‬
‫مسيحي! ورمى ذاته في الماء‪ .‬فنال االكليل الذي خسره ذلك الجبان المسكين‪.‬‬
‫فاصبح الشهداء‪ ،‬كما تمنَّوا‪ ،‬اربعين شهيداً‪ .‬وكان ذلك في التاسع من شهر آذار‬
‫سنة ‪.320‬‬
‫فالكنيسة الشرقية تفاخر بهؤالء الشهداء وتقدمهم خير مثال البنائها‪ ،‬وال سيما‬
‫للشبان اقتفاء آلثارهم في بطولة االيمان والمحبة والتضحية بكل شيء في‬
‫سبيل المحافظة على المبادئ القويمة واآلداب السليمة‪ .‬صالتهم تكون معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديس اوكسنسيوس‬
‫كان هذا القديس جنديا ً للملك ليكينيوس‪ .‬فدخل الملك ذات يوم بستاناً‪ ،‬فرأى‬
‫عنقود عنب شهيا ً فأمر جنديه اوكسنسيوس ان يقطفه‪ ،‬وأمر ان يقدمه لالله‬
‫باخوس الذي كان منصوبا ً في البستان‪ .‬فقال له القديس‪ ،‬حاشا ان افعل هذا‬
‫وانا مسيحي‪ .‬فغضب الملك عليه وطرده من خدمته‪ .‬فحل اكسنسيوس في الحال‬
‫منطقة جنديته وترك سالحه مسروراً‪ ،‬وزهد في العالم‪ ،‬منفردا ً في البرية عاكفا ً‬
‫على الصالة‪ ،‬حتى اشتهر فضله وعظمت قداسته‪ .‬وارتسم كاهناً‪ ،‬ثم انتخب‬
‫اسقفا ً لمدينة المصيصه بكيليكيا‪ .‬فساس رعيته متفانياً‪ ،‬الى أن رقد بالرب نحو‬
‫سنة ‪ .350‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار األنبا اغاتون‬


‫كان هذا البار ناسكا ً في برية االسقيط‪ .‬وقد تسامى بالفضائل الرهبانية حتى‬
‫أصبح من اعاظم النساك باماتة حواسه وشدة تقسفاته‪ .‬فانتخبه النساك رئيسا ً‬
‫عليهم‪ .‬فاشتهر بفضله وسمو قداسته‪ .‬ولما دنت ساعة وفاته استمر ثالثة أيام‬
‫شاخصا ً بنظره الى السماء‪ ،‬بدون حراك‪ .‬فسأله رهبانه‪ :‬أين أنت يا أبانا؟‬
‫فأجابهم‪ ":‬لقد حرصت على حفظ وصايا هللا وقوانين الرهبانية‪ ،‬جهدي‪ .‬ولم‬
‫اخالفها ابداً عن معرفة وقصد‪ .‬وب َما انني انسان‪ ،‬ال أعلم ان كنت قد أرضيت‬
‫ربي"‪ .‬فقالوا له‪ :‬أال تثق ان اعمال نسكك وجهادك قد ارضت هللا؟ فقال‪ ":‬ال‬
‫أثق حتى اعاين وجه الهي‪ ،‬الن حكم هللا غير حكم البشر"‪.‬‬
‫ثم رقد بسالم ووجهه يطفح بهجة وسروراً‪ .‬وقد رآه رهبانه في ساعة وفاته‪،‬‬
‫ويسلم على محبيه‪ .‬وكان ذلك في القرن الخامس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يعانق‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار القديس صفرونيوس بطريرك اورشليم‬
‫ولد صفرونيوس في مدينة دمشق حوالي سنة ‪ ،558‬وتربى‪ ،‬بحسب تقليد‬
‫قديم‪ ،‬في مدينة بشري – لبنان‪ .‬تثقف بالعلوم وال سيما الدينية فنال منها قسطا ً‬
‫وافرا ً حتى لقب "بالحكيم" وبدأ يعلم الفصاحة ليزرع في قلوب تالميذه بذور‬
‫الفضائل المسيحية‪ .‬زهد في الدنيا ومضى الى فلسطين حيث كانت الديورة‬
‫زاهرة بالرهبان والنساك‪ .‬وبعد زيارته االماكن المقدسة‪ ،‬دخل دير القديس‬
‫تاودوسيوس‪ ،‬بقرب اورشليم‪ .‬فقضى فيه مدة طويلة‪ ،‬متمرسا ً بالصالة العقلية‬
‫والحياة النسكية‪.‬‬
‫وفي ذلك الدير اآلهل بالرهبان الكثيرين‪ ،‬تعرف بالراهب والكاهن يوحنا‬
‫موسخس الشهير بفضيلته وعلمه فاتخذه معلما ً ومرشداً‪ .‬وبقي مالزما ً له‪ ،‬وقد‬
‫ساعده في تأليف الكتاب المعروف "ببستان الرهبان او الحديقة الروحية"‪.‬‬
‫وقاما معا ً بزيارة دير القديس سابا الشهير وسائر االديار في البالد الفلسطينية‪.‬‬
‫وكان يوحنا موسخس يدون كل ما يراه من اعمال الرهبان وفضائلهم وما‬
‫يسمعه عن الذين عاشوا بالقداسة والكمال الرهباني‪.‬‬
‫ثم سافرا الى االسكندرية‪ ،‬فرحب بهما بطريركها القديس يوحنا الرحوم‬
‫وابقاهما عنده وهناك ابرز صفرونيوس نذوره الرهبانية وعقد القلب على ان‬
‫يقف حياته لخدمة هللا‪ .‬وكانت بدعة القائلين بالطبيعة الواحدة قد انتشرت في‬
‫البالد‪ .‬وقام البطريرك يجاهد في مكافحتها ليصون شعبه من شرها‪ ،‬فدعا‬
‫صفرونيوس وكان قد اتقن علم الفلسفة والالهوت ونبغ فيهما‪ .‬فرسمه كاهنا ً‬
‫وفوض اليه والى صديقه يوحنا موسخس الوعظ واالرشاد‪ .‬فقاما بمهمتهما‬ ‫َّ‬
‫احسن قيام‪ .‬فسر بهما البطريرك القديس وشكر لهما غيرتهما واسكنهما الدار‬
‫البطريركية‪.‬‬
‫وقد افتقد هللا صفرونيوس بوجع في عينيه‪ ،‬اقعده عن العمل ولم يشف اال‬
‫باعجوبة كانت نتيجة صلواته الى هللا والى شفاعة سيدتنا مريم العذراء‪.‬‬
‫وقصدا ايطاليا فوصال الى روما حيث انجز موسخس كتاب بستان الرهبان‪.‬‬
‫واهداه الى تلميذه صفرونيوس‪ .‬ثم عادا الى فلسطين حيث انتخب بطريركا ً عام‬
‫‪ .634‬وعقد مجمعا ً حرم فيه القائلين بالطبيعة الواحدة‪ .‬وفي أيامه افتتح عمر‬
‫بن العاص اورشليم الذي أكرم البطريرك‪.‬‬
‫وكانت السنون والمحن قد اثقلت كاهل البطريرك القديس والشيخ الوقور‪ ،‬ف َما‬
‫لبث بعد تلك الشدائد‪ ،‬ان رقد بالرب سنة ‪ .638‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني عشر‬


‫تذكار البابا غريغوريوس االول الكبير‬
‫ولد في روما نحو سنة ‪ .540‬ابوه غرديانوس من اعضاء مجلس‬
‫الشيوخ كان ذا نفس ولوعة بالفضيلة وعمل الصالح‪ .‬أما امه سيلفيا فقد‬
‫كرست ايامها االخيرة لعبادة هللا في احد االديار‪.‬‬
‫ترعرع غريغوريوس في حضن البرارة والقداسة‪ ،‬وتثقف بالعلوم فاقامه‬
‫الملك يوستينوس الثاني واليا ً على مدينته روما وهو في الثالثين من عمره‪.‬‬
‫ولما توفي والده‪ ،‬عاف الدنيا وما فيها‪ ،‬وأخذ ينفق أمواله الطائلة على الفقراء‬
‫وتشييد االديار‪ ،‬فأنشأ في صقليه ستة اديرة‪ ،‬وديراً في بالطه بروما‪ .‬ثم انضم‬
‫الى رهبان القديس مبارك‪ .‬رسمه البابا بنديكتوس االول كاهنا ً فذهب الى انكلترا‬
‫ليبشر اهلها‪ .‬ثم عاد بأمر البابا الى مقام الكردينالية وارسل سفيرا ً رسوليا ً لدى‬
‫البالط البيزنطي‪ .‬فلبث سبع سنين في تلك العاصمة‪ .‬رجع الى روما‪ ،‬ونفسه‬
‫تتوق الى حياته الرهبانية‪ .‬فآب الى ديره‪ ،‬فاختاره الرهبان رئيساً‪ .‬فأخذ يشدد‬
‫بحفظ القوانين‪ .‬وفي سنة ‪ ،590‬اجمع االساقفة واالكليروس والشعب على‬
‫انتخابه خلفا ً للبابا بيالجيوس رغما ً عنه‪.‬‬
‫وقد عني هذا البابا القديس باصالح الليتورجيا وتنظيمها‪ .‬ورتَّب طقوس‬
‫الكنيسة بكتابه المسمى "الطقس الغريغوري" كما اهتم االهتمام الخاص‬
‫بالموسيقى الكنسية التي كان مولعا ً بها‪ ،‬وهي تعرف باسمه‪ .‬وقد عمم البابا‬
‫غريغوريوس تالوة المزامير في الخورس‪ ،‬بين جوقين‪ ،‬كما رأى ذلك في‬
‫القسطنطنية‪.‬‬
‫وبعد هذه االعمال الرسولية واالمجاد الباهرة‪ ،‬حق لهذا البابا‬
‫غريغوريوس االول ان يلقب بالكبير‪ ،‬ألنَّه كان كبيراً في جميع مراحل حياته‪.‬‬
‫ورقد بالرب في الثاني عشر من آذار سنة ‪ 604‬بعد أن أغنى الكنيسة بتآليفه‬
‫العديدة‪ ،‬وهو من معلميها األعالم‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار القديس تاوافانوس المعترف السفرياني‬
‫ولد تاوافانوس في مدينة القسطنطينية‪ .‬وكان ابوه اسحق واليا ً على جزائر‬
‫اليونان‪ .‬وتثقف بالعلوم‪ ،‬ونبغ فيها‪ ،‬لكن نفسه كانت راغبة في حياة الصالة‬
‫ومطالعة الكتب المقدسة‪ .‬وعزم أن يكرس نفسه هلل في الحياة الرهبانية‪ .‬لكن‬
‫ا َّمه حملته على التزوج بابنة احد أشراف المدينة‪ .‬فأقنع عروسه بحفظ الطهارة‬
‫المالئكية فأذعنت له وعاشا كأخوين‪ .‬ولما درى حموه باالمر‪ ،‬ارسله الى مدينة‬
‫سيزيك في آسيا الصغرى ظنا ً منه ان الغربة تؤثر على طباعه وسلوكه‪ .‬وبقي‬
‫فتعرف الى رئيس دير اشتهر بالفضل والقداسة‪ ،‬اسمه‬ ‫َّ‬ ‫هناك ثالث سنين‪.‬‬
‫غريغوريوس‪ .‬فأخذ يتردد اليه‪ .‬مرتشدا ً بنصائحه المفيدة‪ .‬يشاركه في الصالة‬
‫والتأمل‪.‬‬
‫ثم عاد الى القسطنطينية‪ .‬وبعد وفاة والدته‪ ،‬أتفق وعروسه على اتخاذ السيرة‬
‫الرهبانية‪ .‬فأعتقا عبيدهما‪ ،‬ووزعا االموال الكثيرة على الفقراء‪ .‬ودخلت هي‬
‫دير الراهبات وعاشت بالقداسة حتى رقدت بالرب‪.‬‬
‫وذهب تاوافانوس الى دير سفريانة وامتاز بفضائله بين الرهبان‪ .‬فانتخبوه‬
‫رئيسا ً عليهم‪ .‬وشيَّد هناك ديرا ً جديداً‪.‬‬
‫ودُعي تاوافانوس الى المجمع المسكوني السابع النيقاوي ضد محاربي‬
‫االيقونات‪ .‬فكان من البارزين في النضال عن وجوب تكريم االيقونات فسجنه‬
‫الملك الون االرمني ثم نفاه الى جزيرة ساموفراط‪ ،‬فثبت مناضالً عن حقيقة‬
‫المعتقد الكاثوليكي القويم‪ .‬ووضع في سجنه تاريخ الكنيسة وقد رقد بالرب سنة‬
‫‪ ،818‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع عشر‬


‫تذكار القديسة فروسيا ( ‪) 412 +‬‬
‫ولدت في القسطنطينية من اسرة شريفة‪ .‬أبوها انكيتون من أعوان الملك‬
‫تاودوسيوس الصغير‪ .‬كان رجالً تقياً‪ ،‬فاتفق مع امرأته وتفرغا لعبادة هللا‪ .‬ولما‬
‫مات انكيتون‪ ،‬وضعت امرأته ابنتها تحت حماية الملك تاوادوسيوس وعنايته‪.‬‬
‫فعقد الملك خطبتها‪ ،‬وهي في الخامسة من عمرها على أحد أخصائه كعادة تلك‬
‫االيام‪ .‬ثم مضت فروسيا مع والدتها الى زيارة النساك في بريَّة تيبايس‪ ،‬وأقامتا‬
‫بقرب دير للرهبات‪ ،‬تكثران من التردد اليه‪ .‬فاعجبت فروسيا بسيرة الراهبات‬
‫المالئكية‪ .‬وشغفت بها‪ .‬وطلبت برضى والدتها‪ ،‬أن تترهب فلم تقبلها الرئيسة‬
‫ِإال بعد إلحاحها الكثير‪ .‬وبعد قليل توفيت والدتها‪ ،‬فكتب الملك اليها ان تأتي الى‬
‫عقد الزواج مع خطيبها‪ ،‬فاجابته‪:‬‬
‫" أيجوز أن أترك عريسي السماوي الدائم الى االبد‪ ،‬ألكون لعريس آخر تنتهي‬
‫حياته بالموت؟" وقالت انها عازمة أن تموت الف مرة‪ ،‬وال تترك سيرتها‬
‫الرهبانية‪ ،‬وسألته أن يوزع أموالها على الفقراء‪ ،‬ويعتق عبيدها‪ .‬فاندهش‬
‫الملك من بسالتها ورسوخ ايمانها وسمو فضيلتها‪ .‬فاستصوب طلبها‪ ،‬وقرأ‬
‫جوابها على ديوانه‪ ،‬معجبا ً به‪ ،‬وتركها تفعل ما تشاء‪.‬‬
‫فأخذت تسير بقدم راسخة في طريق الكمال الرهباني‪ ،‬عاكفة على الصالة‬
‫والتقشف‪ .‬لذلك حسدها الشيطان‪ ،‬وأثار عليها التجارب‪ ،‬فانتصرت عليه‬
‫بالصوم والصالة‪ .‬وما كانت تلك التجارب اال لتزيدها ثباتا ً في جيهادها وقد‬
‫وهبها هللا صنع اآليات‪ :‬منها انها أبرأت غالما ً كان أخرس أصم‪ ،‬وطردت‬
‫الشيطان من امرأة ممسوسة ورقدت بالرب سنة ‪ .412‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫تذكار القديس بنديكتوس مؤسس الرهبانيةفي الغرب (‪)547- 480‬‬
‫ولد هذا القديس العظيم في ايطاليا سنة ‪ 480‬وهو سليل أسرة شريفة غنية‬
‫وتقية‪ .‬فأرسله والده الى روما القتباس العلوم فبرع فيها‪ .‬لكن ما كان يراه من‬
‫سوء السلوك في رفقائه ومن المفاسد والشرور في تلك العاصمة‪ ،‬دفعه الى‬
‫تركها والرجوع الى بيت أبيه‪ .‬وما لبث ان عقد النيَّة على الزهد في الدنيا‪،‬‬
‫وهو في الرابعة عشرة من العمر‪ .‬فانسل ذات يوم من بيت أبيه‪ ،‬سراً‪ .‬تاركا ً ما‬
‫فيه من ثروة ونعيم ليكون بكليته هلل في العزلة واالنفراد‪ .‬فسار في الجبل حيث‬
‫التقى براهب قديس اسمه رومانوس‪ ،‬سأله قصده‪ ،‬فابدى له عن رغبته في‬
‫التنسك فالبسه االسكيم الرهباني‪ .‬فقام بنديكتوس يناجي هللا في خلوته السعيدة‪،‬‬
‫ممارسا ً الصلوات واالصوام مدة ثالث سنوات‪ ،‬حتى تسامى بالكمال‪ .‬فاشتهرت‬
‫قداسته عند المجاورين لمنسكه‪ .‬واذ كان ابليس يجربه كان يطرح ذاته على‬
‫االشواك‪ ،‬الى ان تفارقه التجربة‪ .‬وقد خاض هذه المعركة مراراً‪ ،‬حتى انتصر‬
‫اخيرا ً انتصارا ً باهرا ً فمنحه هللا عفَّة مالئكية مدى الحياة‪ .‬فقصده الكثيرون‬
‫يرغبون في االقتداء بسيرته‪ ،‬منهم الشابان تلميذاه موريس وبالسيد‪ .‬ولما كثر‬
‫عدد تالميذه‪ ،‬أنشأ لهم اثني عشر ديراً‪ .‬وكان هو يرشدهم ويهتم بأمورهم‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 530‬أوحى هللا اليه أن يذهب الى جبل عال منفرد يدعى جبل‬
‫كاسينو‪ ،‬حيث بنى الدير الرئيسي للرهبانية البندكتية‪.‬‬
‫وقد وضع قانونا ً مشهورا ً لرهبانه‪ ،‬يشف عما في تلك النفس االبية المتحدة‬
‫باهلل‪ .‬ثم انتقل الى رحمته تعالى في ‪ 12‬اذار سنة ‪ 547‬بعد ان قضى في ديره‬
‫في جبل كاسينو نحو ثالث عشرة سنة‪ .‬وبعد موته‪ ،‬انتشرت رهبانيته واديرتها‬
‫في جميع االقطار‪ .‬وقدَّمت للكنيسة ولالنسانية وما زالت‪ ،‬خدما ً جليلة كبيرة‪.‬‬
‫وكان من رهبانه باباوات عظام‪ ،‬وقديسون‪ ،‬واساقفة كثيرون‪ ،‬وعلماء قد‬
‫افادوا الكنيسة وشرفوها بسامي فضائهم‪ ،‬وغزير علومهم‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار القديس باباس الشهيد‬
‫عرف نسبه‪ .‬ولما ثار االضطهاد على‬
‫كان من مدينة الرند في آسيا الصغرى‪ .‬ال يُ َ‬
‫المسيحيين‪ ،‬استحضره انيوس والي ليكوانيه واستنطقه‪ .‬فجاهر بأنه مسيحي‪.‬‬
‫فأمر به فجلدوه جلدا ً عنيفاً‪ .‬ثم مزقوا جسده باظفار من حديد‪.‬والبسوه خفا ً‬
‫بمسامير مسننة‪ .‬واستاقوه الى اماكن بعيدة ودماؤه تسيل على االرض‪ .‬وهو‬
‫يشكر هللا على نعمة االستشهاد في سبيل محبَّته‪ .‬ثم علقوه على شجرة حيث‬
‫فاضت روحه الطاهرة‪ .‬وكانت تلك الشجرة غير مثمرة‪ ،‬فصارت تثمر بعد أن‬
‫ق عليها القديس‪ .‬وكان استشهاده في أوائل القرن الرابع‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫ع ِل َ‬
‫ُ‬
‫آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضاً‪:‬نذكار المجمع الثاني المسكوني‬
‫عقد هذا المجمع في القسطنطينية سنة ‪ ،381‬باهتمام الملك تاودوسيوس األول‬
‫الكبير وعناية البابا داماسيوس االول‪ ،‬ضد مكدونيوس االريوسي الذي طلع‬
‫ببدعة جديدة‪ .‬أنكر فيها الوهة الروح القدس‪ .‬وحضره مئة وخمسون اسقفا ً من‬
‫الشرقيين‪ .‬أما االساقفة اتباع مكدونيوس‪ ،‬وهم ستة وثالثون فخرجوا من‬
‫المجمع‪ ،‬منذ الجلسة االولى‪ .‬فحرم آباء هذا المجمع ضالل مكدونيوس‬
‫واتباعه‪ ،‬وأثبتوا أن الروح القدس إله كاآلب واالبن‪ .‬واضافوا الى دستور‬
‫االيمان النيقاوي القائل‪ ":‬ونؤمن بالروح القدس" هذه العبارة‪ ":‬الرب المحيي‬
‫المنبثق من اآلب المسجود له والممجد مع اآلب واالبن‪ .‬الناطق باالنبياء"‪.‬‬
‫وارسلوا اعمال المجمع الى البابا داماسيوس‪ .‬فعقد البابا مجمعا ً في روما سنة‬
‫‪ ،382‬دعا اليه االساقفة الغربيين‪ ،‬وكانوا مئة وخمسين اسقفا ً فأثبتوا ما‬
‫رسمه المجمع القسطنطيني‪ ،‬ورذلوا بدعة مكدونيوس‪ .‬وأيد البابا هذا القرار‬
‫بسلطانه الرسولي‪ .‬لذلك عد هذا المجمع مسكونياً‪.‬‬

‫اليوم السابع عشر‬


‫تذكار القديس أليكسيوس ( ‪)412 +‬‬
‫ولد أليكسيوس في روما‪ .‬كان ابوه أوفيميانوس عضواً في مجلس الشيوخ‪،‬‬
‫كثيري التعبد هلل‪ ،‬والتصدق على الفقراء‪.‬‬‫َ‬ ‫وأمه اغالئيس نسيبة الملك‪ .‬وكانا‬
‫فرزقهما هللا ولداً أسمياه أليكسيوس‪ .‬فربياه على ُحب الفضيلة وتقوى هللا‪ .‬ولما‬
‫شب‪ ،‬آثر العزلة وترك العالم ليكرس ذاته لخدمة هللا‪ .‬فانسل خفيةً من دار أبيه‪،‬‬
‫يوم زفافه‪ ،‬وسافر الى الالذقية في سوريا‪ ،‬ومنها الى الرها‪ .‬وهناك اندمج بين‬
‫الفقراء يعيش مثلهم من صدقات المحسنين‪ .‬ويواظب التردد الى الكنائس‬
‫للصالة والعبادة‪ ،‬مسرورا ً بما يلحقه من اهانة واحتقار‪.‬‬
‫فارسل والداه من يبحث عنه في كل مكان‪ ،‬فلم يجداه‪ .‬ووصل رسلُهما الى الرها‬
‫والتقوا بأليكسيوس واعطوه صدقة ولم يعرفوه‪ ،‬ألن هيئته كانت قد تغيرت لما‬
‫مارس من أفعال االماتة والتنسك‪ .‬واستمر على هذه الحال في الرها نحو سبع‬
‫عشرة سنة‪ .‬حتى اشتهرت قداسته‪ ،‬ولُ ِقب برجل هللا‪ .‬وكافأه هللا بصنع العجائب‪.‬‬
‫ولما استهرت قداسته‪ ،‬خاف المج َد العالمي وغادر الرها‪ .‬وركب البحر في‬
‫الالذقية‪ ،‬فقاده هللا الى مدينته روما‪ ،‬حيث عاش نَسيا ً منسيا على بابا قصر‬
‫والدَيه‪ ،‬دون أن يعرفوه‪ ،‬مدة ‪ 17‬سنة‪ .‬ثم توفي وبيده رق مكتوب فيه سيرة‬
‫حياته‪ ،‬قرأها البابا أنوشنسيوس االول‪ ،‬بحضور الملك هنوريوس‪ .‬وأجرى هللا‬
‫على قبره عجائب كثيرة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم‪ :‬تذكار القديس لعازر الذي اقامه السيد المسيح من القبر‪.‬‬
‫كان لعازر من بيت عنيا في ضواحي اورشليم‪ .‬وكان رجالً فاضالً وغنيا ً صديقا ً‬
‫للسيد المسيح الذي كان يتردَّد الى بيته‪ ،‬وقد اقامه من القبر بعد ان مكث فيه‬
‫اربعة ايام كما قال يوحنا الحبيب ( يو ‪.)44-41 :11‬‬
‫وبعد صعود المخلص الى السماء‪ ،‬قبض اليهود على لعازر وعلى اختيه مرتا‬
‫ومريم والقوهم في البحر‪ ،‬فقادتهم العناية االلهية الى مدينة مرسيليا في فرنسا‬
‫حيث بشروا باالنجيل‪ ،‬وآمن على يدهم كثيرون‪ .‬وبحسب تقليد قديم صار لعازار‬
‫اسقفا ً على مرسيليا‪ .‬وبعد أن ساس كنيسته احسن سياسة قبض عليه‬
‫الوثنيون‪ ،‬فاستحضره حاكم المدينة امامه وأمره بأن يضحي االصنام‪ ،‬فأبى‬
‫مجاهرا ً بايمانه بالمسيح فأمر الوالي بتمزيق جسده باظفار من حديد ورشقوه‬
‫بالنبال‪ .‬فنال اكليل الشهادة في القرن االول للميالد نحو سنة ‪ .60‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن عشر‬
‫تذكار القديس كيرللس اسقف اورشليم‬
‫ولد كيرللس في اورشليم سنة ‪ 315‬وقد أتقن اآلداب اليونانية‪ ،‬وقرأ كتب‬
‫الفالسفة الوثنيين‪ .‬وعرف ما فيها من ضعف ونقص‪ ،‬اذ تعمق في العلوم‬
‫الدينية‪ ،‬ودرس الكتب المقدسة‪ ،‬وتآليف اآلباء القديسين‪ ،‬واكنته معانيها‪.‬‬
‫فرسمه القديس مكسيموس اسقف اورشليم شماسا ً سنة ‪ ،334‬ثم كاهناً‪ .‬ووكل‬
‫اليه ارشاد الموعوظين من اليهود والوثنيين في كنيسة القيامة‪ .‬فأقام على ذلك‬
‫ستة عشر عاماً‪ ،‬يعلم عقائد الديانة المسيحية ويلقي مواعظ اآلحاد على‬
‫المؤمنين‪ .‬وكان الناس يتزاحمون حول منبره لسماع كالمه‪ .‬وقد ترك لنا ثالثا ً‬
‫وعشرين خطبة يشرح في بعضها قانون االيمان وفي غيرها االسرار المقدسة‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 351‬رقد بالرب مكسيموس اسقف اورشليم‪ ،‬فأجمع االساقفة‬
‫والشعب على انتخاب كيرللس خلفا ً له‪ .‬فاتسع له مجال العمل فقام يرعى شعبه‬
‫بنشاط متشدد‪ .‬وكانت الهرطقة االريوسية انتشرت انتشارا ً هائالً النضمام ملوك‬
‫القسطنطينية اليها‪ .‬وكان القديس كيرللس اشد المكافحين لها‪ .‬لذلك كان هدفا ً‬
‫لسهام االريوسيين‪ .‬فقاموا يسعون به لدى الملوك مناصريهم حتى نفي ثالث‬
‫مرات‪ .‬وهو حامل صليبه بجميل الصبر واالستسالم لمشيئة هللا‪ ،‬ولم يرجع الى‬
‫كرسيه اال بعد موت الملك فالنس االريوسي عام ‪.370‬‬
‫وقد حضر المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطينية سنة ‪ 381‬ضد‬
‫مكدونيوس الناكر الوهية الروح القدس‪ .‬وكان كيرللس من أبرز اآلباء الذين‬
‫لمعوا في المجمع‪ .‬وقد الَّف كتبا ً كثيرة جزيلة الفائدة‪ ،‬للكنيسة وللمؤمنين‪.‬‬
‫ورقد بالرب سنة ‪ .386‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار البار يوسف الرامي‬
‫هذا كان رجالً غنيا ً من الرامة في اليهودية مستشارا ً لمجمع اليهود في‬
‫اورشليم‪ .‬وقد آمن بالمسيح‪ ،‬ولم يوافق اليهود على قتله‪ .‬وبعد صلب المسيح‬
‫وموته جاء يوسف الى بيالطس يسأله أن ينزل جسد المسيح عن الصليب‪،‬‬
‫ويدفنه‪ ،‬فأذن له‪ .‬فمضى مع نيقوديموس‪ ،‬وأم يسوع‪ .‬فأنزاوه عن الصليب‬
‫ودفنوه في قبر جديد كان ليوسف الرامي في بستانه‪ .‬ووضع اليهود فوقه‬
‫حجرا ً عظيماً‪ .‬وبعد موت المخلص كان يوسف الرامي يجتمع بالعذراء والرسل‬
‫والتالميذ‪ ،‬ويالزمهم حتى بعد صعود الرب الى السماء وحلول الروح القدس‬
‫عليهم‪ .‬ثم باع امالكه ووضع ثمنها بين ايدي الرسل وقام يبشر بالمسيح‪ .‬فحنق‬
‫اليهود عليه‪ .‬وبحسب تقليد قديم‪ ،‬أنهم وضعوه مع لعازر واختيه مرتا ومريم‪،‬‬
‫في سفينة دون شراع ومقذاف‪ ،‬فساقتهم عناية هللا الى مرسيليا‪ ،‬فأقام يوسف‬
‫مدة في فرنسا‪ .‬ومنها سار الى انكلترا‪ .‬فبشر فها بالمسيح‪ ،‬كما يفيد تقليدها‬
‫اآلن‪ .‬وهناك رقد بالرب في القرن االول للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع عشر‬


‫تذكار القديس يوسف خطيب سيدتنا مريم العذراء‬
‫انه ابن يعقوب بن ماتان‪ ،‬من نسل داود الملك وابراهيم أب اآلباء (متى ‪- 1 :1‬‬
‫‪.)16‬‬
‫فيوسف اعظم القديسين شرفا ً واجالالً‪ ،‬الن ما ناله من الشرف لدى هللا لم ينله‬
‫احد‪ .‬ف ِإن هللا اآلب قد أقامه أبا ً ومربيا ً البنه الوحيد الكلمة المتجسد‪ ،‬واتَّخذه هللا‬
‫االبن أبا ً له بالجسد‪ ،‬واصطفاه هللا الروح القدس خطيبا ً لعروسه مريم العذراء‬
‫الكلية القداسة‪ .‬من هنا يستدل أن سيرته كانت منطبقة على انتخاب الثالوث‬
‫صرح االنجيلي بذلك بقوله‪ ":‬وكان يوسف رجلها صديقاً"‬ ‫َّ‬ ‫االقدس له‪ .‬وقد‬
‫(متى ‪ .)19 :1‬غير أن الكلمة المتجسد قد آثر في حياته التواضع والفقر‪،‬‬
‫فاراد أن يكون مربيه والحارس له‪ ،‬رجالً فقيرا ً مسكيناً‪ ،‬على ان فضائله كانت‬
‫فوق كل ثروة وجاه‪ .‬فايمانه الراسخ‪ ،‬وثقته العظيمة باهلل كانا له عونا ً في‬
‫المصاعب‪ .‬واول ما اصطدم به أن العذراء التي اتخذها خطيبة له هي حبلى‪،‬‬
‫فاحتار في امره‪ ،‬ولكن شهامته منعته من ان يشهرها فه َّم بتخليتها سراً‪ .‬وفيما‬
‫هو مفكر في ذلك ظهر له مالك وكشف له عن الحقيقة‪.‬‬
‫ومنذ تلك الساعة جعل يوسف حياته وقفا ً على خدمة العذراء وابنها يسوع‪.‬‬
‫فكان المربي االمين ليسوع من مغارة بيت لحم الى تقدمته الى الهيكل‪ ،‬الى‬
‫الهرب والعودة من مصر‪ ،‬الى الحياة الخفية في الناصرة‪ ،‬الى فقد يسوع‬
‫ووجوده في الهيكل‪.‬‬
‫وكان يوسف يواصل رسالته وعنايته بيسوع ومريم بايمان حي ومحبة وحنان‬
‫وكد وصمت فاستحق يوسف ان يموت بين يدي يسوع ومريم‪ .‬وكان بذلك‬
‫شفيع الميتة الصالحة‪ .‬كما اقامته الكنيسة شفيع العيلة المسيحية وشفيع العمال‬
‫الكادحين‪.‬‬
‫وشيدت‬
‫ِ‬ ‫وقد انتشرت عبادة هذا القديس العظيم في جميع األقطار شرقا ً وغرباً‪،‬‬
‫على اسمه الكنائس وتألفت على اسمه االخويات للميتة الصالحة‪ .‬وقد أدخل في‬
‫الطائفة اعطاء البركة بايقونة القديس يوسف البطريرك بولس مسعد‪ .‬وله‬
‫صالة طقسية سريانية تتلى نهار عيده ( في الطائفة المارونية) في المساء‬
‫والستار والصبح‪ ،‬ترقى الى عام ‪ .1484‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العشرون‬
‫تذكار الشهيدة فوتينا السامرية‬
‫هي تلك المرأة السامرية التي ذكرها القديس يوحنا االنجيلي(‪.)42- 5 :4‬‬
‫"فقال لها يسوع‪ :‬أعطيني ألشرب"‪ ...‬وبعد ان يروي االنجيلي الحديث الذي‬
‫جرى بين السيد المسيح وتلك المرأة يقول‪ ":‬فتركت المرأة جرتها‪ ،‬وانطلقت‬
‫الى المدينة‪ ،‬وقالت للناس‪ :‬هل ُّموا‪ ،‬انظروا رجال قال لي كل ما صنعته‪ ،‬أليس‬
‫هو المسيح؟‪ ...‬فخرجوا من المدينة وأقبلوا نحوه‪ ...‬فآمن به في تلك المدينة‬
‫سامريون كثيرون"‪.‬‬
‫ولما سار اليه السامريون وسمعوا كالمه‪ ،‬آمنوا به وقالوا للمرأة‪ ":‬لسنا من‬
‫أجل كالمك نؤمن اآلن‪ ،‬بل ألننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو في الحقيقة‬
‫مخلص العالم" (يوحنا ‪ .)42 :4‬فتكون المرأة السامرية فوتينا هي التي بشرت‬
‫السامريين بالمسيح‪ ،‬كما يرويه لنا يوحنا االنجيلي‪ .‬ويروي التقليد أن هذه‬
‫البارة بعد أن تفرق الرسل في االفاق‪ ،‬ذهبت هي أيضا ً الى مدينة قرطجنة‬
‫فبشرت فيها باالنجيل‪.‬‬
‫وقد طرحت فوتينا في السجن‪ ،‬ايام نيرون‪ .‬واستمرت فيه أشهرا ً تصلي وتشكر‬
‫هللا الى أن فاضت روحها‪ ،‬وذهبت ترتع بالمجد السماوي‪ ،‬سنة ‪ 70‬للميالد‪.‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫فيه ايضاً‪ :‬تذكار البار سلوانس‬


‫هذا كان قسا ً من رهبان طورسينا‪ ،‬قائما ً بخدمة الرهبان المتوحدين في البرية‪.‬‬
‫وكان أبا ً مشهوراً بالفضيلة والحكمة‪ .‬فجاءه يوما ً أخ يقول له‪ :‬صل علي يا‬
‫أبي‪ .‬فاشكو أحد أخصامي الى القاضي ليقتص لي منه‪ ،‬النه اساء الي كثيراً‪.‬‬
‫فطفق القديس يناشده بالمحبة المسيحية أن يعدل عن عزمه‪ ،‬فلم يذعن له‬
‫األخ‪ .‬عندئذ رفع القديس يديه وبدأ يتلو الصالة الربية‪ .‬ولما بلغ الى القول‪":‬‬
‫اغفر لنا‪ ،‬كما غفرنا لمن خطئ الينا" قال‪ :‬ال تغفر لنا‪ ،‬كما أننا ال نغفر لمن‬
‫خطئ الينا‪ .‬فتأثر األخ من كالم القديس وندم ورجع عن قصده‪ ،‬غافراً لخصمه‬
‫وتاركا ً الدعوى التي اقامها عليه‪ .‬وك َّمل هذا القديس حياته باعمال البر‬
‫والقداسة‪ .‬ورقد بالرب في القرن الخامس للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي والعشرون‬


‫تذكار البار سيناسيوس اسقف بتوليمايس‬
‫ولد هذا البار في مدينة سيرانا في افريقيا‪ ،‬نحو سنة ‪ ،370‬ودرس العلوم‬
‫الفلسفية في االسكندرية‪ .‬وكان رجالً وثنيا ً محبوباً‪ ،‬حتى من المسيحيين‪ ،‬لحميد‬
‫سيرته‪ ،‬فطلبوا منه ان يعتنق الدين المسيحي‪ ،‬فاعتنقه عن يد تاوفيلوس‬
‫بطريرك االسكندرية‪ .‬ولعظم فصاحته أرسله مواطنوه االسكندريون بمهمة الى‬
‫الملك اركاديوس فقدم للملك كتابه المعروف "بدستور الملك" فسر به الملك‬
‫جدا ً واناله مطلوبه الذي جاء الجله‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 409‬طلبه مسيحيو بتوليمايس ليكون اسقفا ً عليهم‪ ،‬وأمره البطريرك‬
‫بالقبول‪ .‬فرسمه البطريرك تاوفيلوس كاهنا ً ثم اسقفاً‪ .‬فقام يتفانى غيرة على‬
‫نفوس رعيته‪ .‬وقد امتاز بمحبته للفقراء وباالحسان اليهم‪ .‬ومما يروى عنه أنه‬
‫احتاج يوما ً الى المال ليوزعه على المساكين ولم يكن بيده شيء فقصد صديقا ً‬
‫له كان قد أهتدى الى االيمان عن يده‪ .‬فقال له‪ :‬اقرضني ثالثماية دينار النفقها‬
‫على المحتاجين‪ ،‬وانا اكتب لك وثيقة بها للسيد المسيح ليفيكها‪ .‬فأعطاه‬
‫الصديق المال واستوفاه كما قال له القديس‪ .‬وبعد أن أتم هذا القديس جهاده‬
‫الحسن رقد بالرب سنة ‪ 430‬م‪ .‬ولهذا القديس الفيلسوف تآليف وخطب عديدة‪.‬‬
‫وفق فيها بين الفلسفة االفالطونية والدين المسيحي‪ ،‬وله مواعظ قيمة‪ ،‬ومئة‬
‫وخمسون رسالة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني والعشرون‬


‫تذكار القديس سرجيوس بولس‬
‫كان سرجيوس من اشراف روما‪ ،‬ونائبا ً للقيصر الروماني في قبرص‪ .‬وقد‬
‫ذكره القديس لوقا في اعمال الرسل (‪ ،)7 :13‬أنه آمن بالمسيح على يد بولس‬
‫الرسول‪ ،‬واتخذ اسم بولس اكراما ً له‪ ،‬كما يفيد التقليد القديم‪ .‬وقد تتلمذ للقديس‬
‫بولس ولحق به الى روما‪ .‬وأخذه الرسول معه الى اسبانيا ورسمه اسقفاً‪ .‬فأخذ‬
‫يبشر باالنجيل‪ ،‬ويرد الكثيرين الى االيمان بالمسيح‪ ،‬ويهدم معابد االصنام ويقيم‬
‫مكانها الكنائس‪ ،‬الى ان رقد بالرب في اواخر القرن االول للميالد‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار البابا الون التاسع‬


‫ولد هذا القديس في مقاطعة االلزاس سنة ‪ 1002‬مسيحية من أسرة شريفة‪.‬‬
‫ومنذ حداثته عشق الفضيلة وتهذب بالعلوم‪ ،‬فنبغ فيها‪ .‬ثم كرس ذاته لخدمة‬
‫هللا‪ ،‬واندمج في سلك االكليريكيين وانتخب اسقفا ً لمدينة تول‪ ،‬فدبر رعيته‬
‫بالغيرة على مجد هللا‪ ،‬وخالص النفوس‪ .‬وقد أنشأ المدارس والكنائس والمياتم‬
‫العديدة‪ .‬فأحبه الشعب وأجمع على احترامه واالنقياد الى ارشاداته ونصائحه‬
‫االبوية‪.‬‬
‫ولما توفي البابا داماسوس الثاني في ‪ 8‬آب سنة ‪ .1048‬نادى به الملك‬
‫هنريكوس الثالث حبرا ً أعظم‪ .‬أما القديس فجاهر بأنه ال يقبل البابوية اال برضى‬
‫االكليروس والشعب الروماني‪ .‬فسار الى روما سائحا ً بسيطا ً لتجديد انتخابه‪.‬‬
‫فدخل المدينة ماشيا ً حافياً‪ .‬فانتخبه االكليروس والشعب في ‪ 12‬شباط سنة‬
‫‪ .1049‬فأخذ يدير الكرسي الرسولي بكل قداسة وحكمة‪ ،‬مستلهما ً الروح‬
‫القدس في جميع أعماله‪.‬‬
‫وعقد عدة مجامع في روما وغيرها‪ .‬وجميعها ترمي الى تهذيب االكليروس‬
‫والطقوس البيعية‪ ،‬وضرب على االيدي التي تمتد الى السيمونية‪ ،‬وأبطل‬
‫الرسامات التي تكون على هذه الطريقة‪ ،‬وشدد كل التشديد على الرهبان‬
‫واالكليريكيين بحفظ القوانين والواجبات‪ .‬ورقد بالرب بعد حياة مليئة بالفضائل‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث والعشرون‬


‫تذكار القديس نيكون االسقف ورفاقه الشهداء‬
‫ولد نيكون في نابولي بايطاليا‪ .‬وكان أبوه وثنياً‪ ،‬وأمه مسيحية‪ .‬وكان مترقيا ً‬
‫في الجندية في ايام داكيوس قيصر‪ .‬وكان يوما ً في حرب وقد هاجمه االعداء‪،‬‬
‫فكاد ينهزم أمامهم‪ .‬فرسم اشارة الصليب على وجهه‪ ،‬وهتف من أعماق قلبه‪":‬‬
‫يا سيدي يسوع المسيح‪ ،‬اله أمي أ ِعني!" ووثب على االعداء وأعمل فيهم‬
‫السيف‪ .‬فانتصر عليهم وبدد شملهم‪ ،‬فتعجب الناظرون من شجاعته وفوزه‬
‫بالنصر‪.‬‬
‫وجاء يخبر أمه ب َما جرى‪ .‬ففرحت به وعانقته وشددته في ايمانه‪ .‬ثم ترك‬
‫العالم وسار الى القسطنطينية‪ .‬وأتى جزيرة سامس حيث اعتزل في جبل هناك‪،‬‬
‫منعكفا ً على الصوم والصالة سبعة أيام واعتمد وبقي متنسكاً‪ .‬ولما اشتهرت‬
‫قداسته انضم اليه مئة وتسعون ناسكاً‪ .‬فرقاه االسقف الى درجة الكهنوت ثم‬
‫الى االسقفية‪ ،‬وأقامه رئيسا ً ومدبرا ً أللئك النساك‪.‬‬
‫فأعلمه هللا أن الوثنيين سوف يجتاحون غانة‪ ،‬فخاف وانتقل بجماعته الى‬
‫ايطاليا حيث زار والدته التي ماتت بين يديه‪.‬‬
‫ولما أثار داكيوس االضطهاد الشديد على المسيحيين‪ ،‬وشي بالقديس نيكون‬
‫وجماعته الى كونتيسيانوس والي جزيرة صقلية‪ .‬فارسل جنوداً قبضوا عليهم‬
‫فجاهروا بايمانهم بكل شجاعة‪ .‬فجلدوهم بالعصي‪ ،‬ثم قطعوا رؤوسهم‪ ،‬وعددهم‬
‫مئة وتسعة وتسعون راهباً‪ .‬أما القديس نيكون فربطوه واحراقوه بالمشاعل‪ .‬ثم‬
‫شدوه الى خيل غير مروضة‪ ،‬وجروه على االرض حتى تحطمت عظامه‪ .‬ثم‬
‫قطعوا رأسه‪ ،‬ففاز باكليل الشهادة سنة ‪ .250‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار القديسة رفقا الراهبة اللبنانية‬

‫(‪)1914 -1832‬‬
‫النور في حماليا‪ِ ،‬إحدى قرى المتن الشمالي في لبنان‪ ،‬سنة‬ ‫َ‬ ‫أبصرت رفقا‬
‫شبُق (الريس)‪ ،‬ورفقا‬
‫‪ ،1832‬وكانت وحيدة لواليدَيها التقيين‪ :‬مراد صابر ال ُّ‬
‫الجميل‪ .‬ودعيت "بطرسية"‪ .‬توفيت والدتها وهي بعمر سبع سنوات‪.‬‬
‫َ‬
‫جميلة الطلعة‪ ،‬حلوة المعشر‪ ،‬خفيفة‬ ‫في سن المراهقة‪ ،‬بدت بطرسية فتاةً‬
‫الروح‪ ،‬رخيمة الصوت‪ ،‬تقية وديعة‪ ،‬فأمالت اليها االنظار‪ .‬ثم حزمت أمرها‬
‫قرار أن تعتنق الحالة الرهبانية‪.‬‬
‫على ِ‬
‫وذهبت الى دير سيدة النجاة في بكفيا لجمعية المريمات‪ ،‬حيث دخلت دير‬
‫االبتداء في اول كانون الثاني ‪ ،1853‬وهي في ربيع العمر‪ ،‬ثم لبست ثوب‬
‫االبتداء يوم عيد مار مارون ‪ .1855‬فبدت مبتدئة رصينة وناضجة‪ ،‬فوثق بها‬
‫معلموها‪ ،‬وأَرسلوها تسهر على فتيات موظفات في معمل حياكة في الشبانية‪،‬‬
‫وتُؤمن لهن‪ ،‬في الوقت عينه‪ ،‬التعلي َم الديني‪ .‬فقامت ب َمهمتها خير قيام‪ .‬ثم‬
‫نقلتها السلطة إلى دير غزير حيث نذرت النذور الرهبانية المؤقتة في ‪10‬‬
‫شباط ‪ .1856‬ومكثت االخت بطرسية في دير غزير سبع سنوات حيث عُهدت‬
‫اليها خدمةُ المطبخ وقد تعبت فيها كثيراً‪.‬‬
‫حوالي سنة ‪ ،1860‬قام بعض آباء الرهبانية اليسوعية بأعمال رسالة روحية‬
‫في دير القمر‪ ،‬وكانت االخت بطرسية‪ ،‬مع راهبة أخرى‪ ،‬تَصحبا ِنهم وتقزمان‬
‫بتعليم األَحداث التعليم الديني‪ .‬وفي تلك االثناء‪ ،‬حدثت َمذابح دير القمر‬
‫الشهيرة‪ .‬وفي احد االيام‪ ،‬بينما كانت االخت بطرسية مارة في البلدة‪ ،‬شاهدت‬
‫بعض الجنود البرابرة يطاردون بخناجرهم ال ُمسننة ولدا ً صغيرا ً ليذبحوه‪ .‬فلما‬
‫رآها هرع ِإليها ُملتجئاً‪ ،‬فخبأَته على الفور بردائها الرهباني‪ ،‬وخلصته من‬
‫طل ِإقامة األخت بطرسية في‬ ‫وحشيتهم البربرية‪ .‬وبسبب ذلك االضطهاد‪ ،‬لم تَ ُ‬
‫دير القمر‪ ،‬فأَرسلها رؤساؤها الى مدرسة جبيل فأقامت فيها سنة؛ فاكتشف أَهل‬
‫جبيل مواهبها وانتشرت شهرتها في المدينة‪ ،‬فعلم بها السيد انطوان عيسى‬
‫فطلبها من رؤساؤها مع راهبة معاونة لتعلما االحداث في قريته معاد‪ .‬أِجابت‬
‫الجمعية طلبَه وأرسلت اليه االخت بطرسية مع رفقية لها‪ ،‬ففتحتا مدرسة في‬
‫القرية المذكورة ضمت ستين بنتاً‪ .‬ومكثت الراهبتان تُمارسان التعليم سبع‬
‫سنوات‪ ،‬وكانت رسالتهما ناجحة جداً‪.‬‬
‫َث أَن ُحلت جمعية المريمات‪ ،‬فأَلهمها تعالى أَن تدخل في الرهبانية البنانية‬ ‫َو َحد َ‬
‫المارونية‪ ،‬في دير مار سمعان القرن‪ ،‬قرب أيطو‪ ،‬وهو دير مخصص للرهبات‬
‫اللبنانيات المحصنات‪ .‬فقُبلت االخت بطرسية على الفور في الدير ولبست ثوب‬
‫االبتداء في ‪ 12‬تموز ‪1871‬؛ ثم نذرت نذورها المؤبدة في ‪ 25‬آب ‪،1872‬‬
‫وأخذت لها اسم االخت رفقا في الرهبانية الجديدة تيمنا ً باسم والدتها المتوفاة‪.‬‬
‫وبعد أن عاشت االخت رفقا أربع عشرة سنة في دير مار سمعان القرن‪ ،‬وهي‬
‫تتمتع بصحة جيدة‪ ،‬وكانت مثاالً حيا ً ألَخواتها الراهبات في حفظ القوانين‬
‫والصالة المتواترة والعمل الصامت‪ ،‬شعرت في قرارة نفسها وب ِإلهام من الروح‬
‫القدس أَن العناية االلهية تدعوها الى المزيد من التضحية وبذل الذات‪ ،‬فدخلت‬
‫كنيسة الدير في يوم أحد الوردية الكبير‪ ،‬وهو االحد االول من تشرين االول‬
‫‪ ،1885‬وجثت أمام القربان االقدس وأَخذت تصلي وتقول‪ ":‬إلهي‪ ،‬لماذا‬
‫تركتني؟ إلهي‪ ،‬لماذا أنت بعيد عني؟ لماذ ال تزورني وتفتقدني بمرض أُظهر لك‬
‫به كامل محبتي‪ ،‬وبه أكفر ذنوبي وخطاياي وخطايا اآلخرين؟" وهللا الغني بكل‬
‫رحمة (أفسس ‪ )4/2‬استجاب سؤالها للحال‪ .‬فمنذ ليل االحد االول من تشرين‬
‫االول ‪ ،1885‬شعرت االخت رفقا بوجع أليم في رأسها أَخذ يمتد فوق عينيها‬
‫ريه َما‪ ،‬ورافقها وجع العينين أكثر من اثنتي عشرة‬ ‫كشهب نار ويستقر في ُمح َج ِ‬
‫سنة‪ ،‬وانتهى بها إلى عمى الزمها ست عشرة سنة اخرى‪ .‬ولما أرسلتها‬
‫برفقة المرحوم صالح ضومط من معاد‪ ،‬عرجت‬ ‫رئيستُها الى بيروت للمعالجة ُ‬
‫على انطوش الرهبانية في جبيل‪ ،‬فالتقت هناك طبيبا ً أميركياً‪ ،‬عرضت عليه‬
‫عينها اليمنى‪ .‬فحكم باجراء عملية جراحية لها‪ .‬وفي أثناء العملية‪ ،‬كان حاضراً‬
‫الطبيب عينَها تخفيفا ً لاللم‪ ،‬أَما‬
‫ُ‬ ‫االب اسطفان من بنتاعل‪ ،‬فطلب ان يُبنج لها‬
‫رض‪ ،‬وحدث انه خالل العملية‪ ،‬اقتل َع عينها برمتها‪ ،‬ووقعت أمامها‬ ‫هي فلم تَ َ‬
‫سلُ َمت يداك‬
‫على االرض وهي تختلج‪ .‬فقالت االخت رفقا‪ ":‬مع آالم المسيح‪َ .‬‬
‫أيها الطبيب‪ .‬آجرك هللا"‪ .‬ولما انتهت العملية‪ ،‬سألت االب اسطفان‪ :‬هل أعطيتَ‬
‫عينك؟"‪.‬‬‫ِ‬ ‫الطبيب أُجرتَه؟ فأجابها‪ ":‬أَتريدين أَن تدفعي له أُجرته لقاء قلع‬
‫ومكثت االخت رفقا في دير مار سمعان القرن ستا وعشرين سنة متواصلة‪.‬‬
‫وعندما قررت السلطة العليا في الرهبانية تأسيس دير مار يوسف جربتا –‬
‫صلت ستَّ راهبات من جمهور دير مار سمعان‪،‬‬ ‫البترون‪ ،‬سنة ‪ ،1897‬فَ َ‬
‫وأرسلَتهن الى الدير الجديد‪ ،‬وكانت االخت رفقا ِإحدهن‪ ،‬وكانت عينها اليسرى‬
‫في آخر عهدها بالنور‪ .‬وبعد سنتين من وصولها‪ ،‬انطفأ هذا النور نهائياً‪،‬‬
‫فأمست االخت رفقا عمياء‪ ،‬وبدأت‪ ،‬على عماها‪ ،‬مرحلة اخرى جديدة من‬
‫مراحل جلجلة آالمها الفادحة‪.‬‬
‫وفي ذات يوم‪ ،‬قالت االخت رفقا لرئيستها االم ارسال ضومط‪ ":‬اني اشعر بوجع‬
‫رؤوس حراب تُغرز فيهما‪ ،‬وبوجع أيضا ً في أصابع رجلي‬
‫َ‬ ‫مؤلم في جنبي‪ ،‬كأ َ َّن‬
‫أُحس كأنها تتقطع"‪ .‬وبدأ جس ُمها‪ ،‬من جراء هذا االلم‪ ،‬يضعف ويهزل رويدا ً‬
‫رويدا ً ما عدا لون وجهها‪ ،‬فقد بقي مشرقا ً وضاحاً‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬عجزت‬
‫عن الوقوف والزمت الفراش‪ .‬وانفك وركها األيمن وحاد عن مركزه‪ ،‬فأمست ال‬
‫تستطيع تحريك رجلها اليمنى‪ ،‬وال طيها‪ .‬وانفك عظم رجلها األخرى‪ .‬وشهدت‬
‫احدى الراهبات‪ ،‬قالت‪ ":‬لم تكن تتحرك في فراشها دون ان تحركها الرهبات‪.‬‬
‫وأَذكر اني ساعدت يوما ً رفيقاتي في إنهاضها لتفيير ثيابها‪ ،‬فانفك جنبها‪ .‬فقالت‬
‫بلطف ودون تذمر‪ :‬يا أُختي‪ ،‬وجعني جنبي‪ .‬فنظرنا ف ِإذا بجنبها مخلوع عند زر‬
‫الورك‪ ،‬وقد نفر من محله‪ ،‬وعظم كتفها شك في رقبتها وخرج من موضعه‪.‬‬
‫وكانت تشعر من هذا الكتفكك بألم شديد‪ .‬وكانت خرزات ظهرها منظورة‪،‬‬
‫بق عضو صحيح في جسمها غير مخلَعي‬ ‫ويمكن عدها واحدة فواحدة‪ .‬ولم يَ َ‬
‫يديها اللتين كانت تحوك بهما جوارب وملبوسات بالصنارة‪ ،‬وهي تشكر هللا‬
‫ِإلبقائه يديها سليمتين لتشتغل بهما هربا ً من البطالة"‪.‬‬
‫وسألتها يوما ً الرئيسة‪ ":‬ماذا يوجعك؟ فأجابت‪ :‬وجعي في كل جسمي‪ ،‬وهو‬
‫داخل عظامي وفي نخاعها‪ .‬وقد صارت عظامي نخرة كاسفنجة؛ وبعد موتي‬
‫ترون صدق ما اقول"‪.‬‬
‫رقدَتْ رفقا برائحة القداسة في ‪ 23‬آذار ‪ ،1914‬ودُفنت ببساطة في مقبرة‬
‫الراهبات بين أشجار السنديان؛ وعلى عكس ما حدث لجثمان القديس شربل‬
‫ف‬ ‫ذاب وهي ال تزال حية‪ .‬لذا ُو ِج َد حين ُك ِ‬
‫ش َ‬ ‫الذي ُح ِفظ سليماً‪ ،‬ف ِإن جثما َنها َ‬
‫جثمان شربل بعد وفاته‬ ‫َ‬ ‫عليه عظاما ً نخرةً كاإلشفنجة‪ .‬فقوة هللا التي حف َظتْ‬
‫لف جس ُم رفقا في حياتها‪ ،‬فيما‬ ‫سها سم َحتْ بأن َيتَ َ‬
‫سنة الطبيعة‪ ،‬هي نف ُ‬ ‫ِخالفا ً ل ُ‬
‫أبقَتهُ صالحا ً التحاد النفس به‪ .‬وكانت حياتُهُ فيه على خالف نظام الطبيعة‪.‬‬
‫ِإن صيتً القداسة الساطع‪ ،‬الذائع‪ ،‬الذي ش ُِرفَت به رفقا في حياتها‪ ،‬زاد انتشارا ً‬
‫بعد وفاتها‪ ،‬أَثبتتهُ مع األيام‪ ،‬اآلياتُ العٌلويةُ المتعددة والمتنوعة‪ .‬لذلك‪ ،‬فُتحت‬
‫دعوى تطويبها‪ ،‬وبوشرت التحقيقات بإشراف السلطة الكنسية‪ ،‬سنة ‪،1926‬‬
‫ووقع البابا بولس السادس بيده افتتاح الدعوى‪ ،‬في ‪ 1‬حزيران سنة ‪.1968‬‬
‫أمر البابا يوحنا بولس الثاني‬
‫ولما انتهت مراسيم المرحلة الثانية من الدعوى‪َ ،‬‬
‫بإصدار قرار حول بطولية فضائلها‪ ،‬في ‪ 11‬شباط سنة ‪.1982‬وفي نهاية‬
‫المرحلة الثالثة‪ ،‬أصدر قداستُه‪ ،‬قرارا ً بتعيين يوم ‪ 17‬تشرين الثاني سنة‬
‫‪ 1985‬إلعالنها طوباوية‪ ،‬وفي ‪ 10‬حزيران سنة ‪ 2001‬أعلنها قديسةً‬
‫للكنيسة الجامعة‪.‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع والعشرون‬
‫تذكار القديس ارتامون اسقف سلوقيه‬
‫كان ارتامون من مدينة سلوقيه‪ .‬وقد آمن بالمسيح بانذار القديس بولس‬
‫الرسول الذي رقاه اسقفا ً على هذه المدينة‪ ،‬عندما مر بها وهو ذاهب من‬
‫انطاكيه الى قبرص كما جاء من كتاب اعمال الرسل (‪ .)4 :13‬فكان راعيا ً‬
‫صالحا ً وأبا ً لاليتام واالرامل‪ ،‬وملجأ للمعوزين‪ ،‬وطبيبا ً للنفوس واالجساد‪ ،‬ألنه‬
‫كان ماهرا ً أيضا ً بالطب الجسدي‪ .‬وبعد ان أتم جهاده‪ ،‬رقد بشيخوخة صالحة‬
‫استحق بها الثواب االبدي‪ .‬وكان ذلك في اواخر القرن االول للميالد‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس والعشرون‬


‫تذكار بشارة سيدتنا مريم العذراء‬
‫قال لوقا االنجيلي‪ :‬ي الشهر السادس ( من الحبل بيوحنا)‪ ،‬أرسل المالك‬
‫جبرائيل من قبل هللا‪ ،‬الى مدينة في الجليل تسمى الناصرة‪ ،‬الى عذراء مخطوب ٍة‬
‫لرجل اسمه يوسف من بيت داود‪ ،‬واسم العذراء مريم‪ .‬فلما دخل المالك اليها‪،‬‬
‫قال لها‪:‬‬
‫" السالم عليك يا ممتلئة نعمة‪ ،‬الرب معك"‪ .‬فاضطربت مريم وجعلت تفكر ما‬
‫عسى أن يكون هذا السالم‪ .‬طمأنها المالك على حفظ بتوليتها‪ ،‬مؤكداً لها أن‬
‫هذا السر يتم في حشاها بقوة الروح القدس‪ .‬فوثقت بكالمه‪ ،‬وقالت متضعة‪":‬‬
‫ها أنا أمة الرب‪ ،‬فليكن لي بحسب قولك‪ ،‬وانصرف من عندها المالك" ( لوقا‬
‫‪ .)38 -26 :1‬فبذلك أوضح لنا االنجيلي‪ ،‬بأجلى بيان‪ ،‬عن حقيقة سر التجسد‬
‫االلهي التي عليها يرتكز الدين المسيحي‪ .‬انها ألسعد بشرى تزفُّها السماء الى‬
‫االرض‪ .‬وبها أت َّم هللا وعده بخالص الجنس البشري بعد السقطة اآلدمية‪ ،‬اذ قال‬
‫للحية اي ابليس‪ ":‬وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها‪ ،‬فهو‬
‫يسحق رأسك‪ ( "...‬تك ‪" ،)15 :3‬ولما بلغ ملء الزمان‪ ،‬أرسل هللا ابنه مولوداً‬
‫من امرأة‪ ،‬مولودا ً تحت الناموس" ( غالطيه ‪.)4:4‬‬
‫وقد وعد هللا ابراهيم بأن المخلص يأتي من نسله‪ .‬وقال بلسان موسى‪ ":‬ان‬
‫مخلصا ً من اخوانكم"‪ " .‬فالكلمة صار جسدا ً وحل بيننا" (يو ‪:1‬‬ ‫الرب يقيم لكم ِ‬
‫‪ .)14‬وقد اعطى المالك للعذراء عالمة وهي حبل نسيبتها اليصابات العاقر‪.‬‬
‫فقالت مريم‪ ":‬ها أنا أمة الرب‪ ،‬فليكن لي بحسب قولك" (لو ‪ .)38 :1‬وقد‬
‫حفلت النبوءات بسر التجسد منذ القديم‪ ،‬وحسبنا آية اشعيا الشهيرة‪ ":‬ها ان‬
‫العذراء تحبل وتلد ابنا ً وتدعو اسمه عمانوئيل" (اشعيا ‪ .)14 :7‬وقد تم هذا‬
‫السر في احشاء سيدتنا مريم العذراء بقوة الروح القدس‪ .‬فَأَت َح َد الكلمةُ االزلي‬
‫طبيعتَنا البشرية بأقنومه اآللهي القائم بطبيعته االلهية والبشرية‪ ،‬كاملتين‬
‫متميزتين بفعليهما اإللهي والبشري‪.‬‬
‫فقد تجلت محبة هللا الغير المتناهية لنا في سر التجسد كما يقول يوحنا الرسول‬
‫"لقد أحب هللا خاصته والى الغاية أحبهم!"‪.‬‬
‫أقر هللا سالمه ونعمته في قلوبنا وضمائرنا‪ .‬آمين!‪...‬‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تذكار المالك جبرائيل البشير‬
‫ان المالئكة ارواح سماوية موقوفة لخدمة العزة االلهية‪ .‬وهم على قول مار‬
‫توما الالهوتي‪ ،‬رسل هللا‪ ،‬يقومون ب َما يكلفون به من اعمال لدى المخلوقات‪.‬‬
‫فألمالك جبرائيل هو احد رؤساء المالئكة الثالثة الذين يذكر الكتاب المقدس‬
‫اسماءهم وهم جبرائيل‪ ،‬وميخائيل‪ ،‬ورافائيل‪ .‬وقد اختار هللا كل واحد منهم لعمل‬
‫خاص به‪.‬‬
‫فجبرائيل‪ ،‬ومعناه "جبروت هللا" قد خصه هللا بالبشارة‪ .‬كما قال هو عن نفسه‪،‬‬
‫لما ترءاى لزكريا في الهيكل‪ ":‬أنا جبرائيل الواقف أمام هللا‪ ،‬وقد أرسلت الكلمك‬
‫وأبشرك بهذا" (لو ‪ .)19 :1‬وهو الذي بشر سيدتنا مريم العذراء بتجسد‬
‫الكلمة االزلي‪ ،‬وهو الذي خلص دانيال من جب االسد ولقنه نبوءته الشهيرة‬
‫عن مجيئ السيد المسيح الى العالم‪ .‬وعلى رأي كثير من العلماء‪ :‬ان جبرائيل‬
‫رئيس المالئكة سوف يصرخ بالبوق يوم الدينونة العامة لقيامة االموات‪ ،‬النه‬
‫كما قال البشير في مجيء المسيح االول متجسد الجل خالص البشر وافتدائهم‬
‫كذلك يكون منذر بمجيء المسيح الثاني ديانا ً بعد قيامة االموات‪.‬‬
‫فعلينا ان نقدم له االكرام الالئق‪ .‬ونطلب شفاعته لدى هللا آمين!‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار اللص الذي صلب عن يمين السيد المسيح‬


‫قال متى االنجيلي‪ ":‬حينئذ صلبوا معه لصين‪ ،‬واحداً عن اليمين واآلخر عن‬
‫اليسار" (متى ‪ " .)38 :27‬وكان أحد المجرمين المصلوبين يجدف عليه قائالً‪:‬‬
‫ان كنت المسيح فخلص نفسك وايانا‪ .‬فانتهره اآلخر قائال‪ :‬أما تخشى هللا‪ ،‬وانت‬
‫في هذا العذاب؟‪ ...‬أما نحن فبعدل نلنا ما تستوجبه اعمالنا‪ .‬وأما هذا فلم يصنع‬
‫سوا ًء‪ .‬ثم قال ليسوع‪ ،‬يا رب‪ ،‬اذكرني‪ ،‬متى جئت في ملكوتك‪ .‬فقال له يسوع‪:‬‬
‫الحق اقول لك‪ ،‬انك اليوم تكون معي في الفردوس" (لوقا ‪.)43 -39 :23‬‬
‫ومن هنا نعلم كم هو عظيم مفعول التوبة الصادقة وقبولها لدى هللا‪.‬‬
‫ولنا بذلك برهان صريح على سعادة القديسين قبل يوم الدينونة‪ ،‬أي أن االنفس‬
‫البارة بعد مفارقتها االجساد‪ ،‬تنال سعادتها االبدية‪ .‬وتلك عقيدة ايمانية‪ .‬ان‬
‫لفظة الفردوس هنا‪ ،‬تعني السماء بعينها‪ .‬حيث السيد المسيح جالس في مجده‪،‬‬
‫عن يمين هللا اآلب‪ ،‬مع جميع قديسيه‪ .‬رزقنا هللا شفاعتهم‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار الشهيدة مترونه‬
‫كانت مترونه من مدينة تسالونيك‪ .‬ابنة مسيحية‪ ،‬جارية المرأة يهودية اسمها‬
‫بلوتيال‪ .‬وكانت الجارية تقوم بخدمة موالتها بكل نشاط وأمانة‪ ،‬دون ان تغفل‬
‫واجباتها المسيحية خفية عن سيدتها‪ .‬واخيرا ً انكشف سرها لموالتها فضربتها‬
‫ضربا ً مؤلما ً حتى الموت‪ .‬ثم قيدتها‪ .‬وحبستها في القبو‪ .‬وأقفلت عليها االبواب‪.‬‬
‫فكانت مترونه صابرة تشكر هللا‪ .‬ولما كان الغد وجدتها سيدتها تصلي وهي‬
‫منحلة من قيدها فضربوها بعصي جافة حتى أغمي عليها وتركوها مقيدة‬
‫مجرحة‪ .‬فشفاها هللا‪ ،‬وحلها من قيودها‪ .‬عندئذ‪ ،‬يئست منها موالتها‪ .‬وامرت‬
‫أن ينهالوا عليها بالضرب‪ .‬وفي اليوم الثالث‪ ،‬وجدت سالمة حرة من كل قيد‪،‬‬
‫عندئذ استشاطت موالتها غيظا ً وأمرت بأن ينهالوا عليها بالضرب بال شفقة‪،‬‬
‫حتى فاضت روحها الطاهرة‪ ،‬وهي تجاهر بايمانها بالمسيح‪ .‬وكان استشهادها‬
‫في القرن االول‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار القديس بمبو‬


‫كان هذا القديس ناسكا ً في برية مصر‪ .‬قد ذهب الى البرية وهو حديث السن‪،‬‬
‫وتتلمذ للقديس انطونيوس ابي الرهبان‪ .‬فسار على ضوء ارشاداته االبوية‬
‫مقتديا ً بمثله الصالح فتسامى بالكمال حتى صار من أعظم طالبه ب َما تحلى به‬
‫من الحكمة وفضيلة راسخة‪ ،‬وقد اشتهر بحبه للصمت وبقمع امياله وتجرده‬
‫عن ارادته الذاتية وعن خيور الدنيا وأباطيلها‪.‬‬
‫وانحدر مع معلمه انطونيوس الى االسكندرية لكي يحاربا بدعة آريوس الذي‬
‫انكر الوهية السيد المسيح‪.‬‬
‫ومما يروى عن القديس بمبو انه عند احتضاره قال لبعض الرهبان‪ :‬منذ‬
‫ترهبت ما اكلت خبزا ً من غير تعب يدي‪ ،‬وال ندمت على كلمة قلتها‪ .‬وها أنا‬
‫ماض الى ربي كأني ما ابتدأت في عبادته‪ .‬ورقد بالرب سنة ‪ .387‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار الشهداء فيالنوس وامرأته ليديا وابنيه‬
‫كان فيالنوس من ايليريا – البلقان‪ .‬وكان مسيحيا ً من رجال الندوة في‬
‫الحكومة‪ .‬وفي زمان االضطهاد الذي أثاره الملك ادريانوس‪ ،‬قبضوا على‬
‫فيالنوس وعائلته المسيحية وأسلموهم الى امفيلوكيوس القائد‪ .‬فجاهروا بانهم‬
‫مسيحيون‪ .‬فجلدوهم جلداً عنيفا ً وهم صابرون ثابتون على ايمانهم‪ .‬فطرحوهم‬
‫في السجن تحت حراسة رجل يدعى كرونيداس‪ .‬فازدادوا شجاعة وصبرا ً‬
‫وثباتاً‪ .‬وفي الغد أمر الوالي فالقوهم في قدر مملوء زيتا ً وزفتا ً يغلي‪ .‬فصانهم‬
‫هللا من كل أذى ولدى هذا المشهد العجيب‪ ،‬آمن امفيلوكوس القائد وكرونيداس‬
‫الحارس الكاتب‪.‬‬
‫وأتى الملك الى ايليريا‪ ،‬فعرف بحادث هؤالء الشهداء وب َما جرى عليهم من‬
‫االعذبة‪ ،‬على غير طائل‪ .‬ولما علم باهتداء القائد امفيلوكوس والحارس‬
‫كرونيداس الى االيمان المسيحي استشاط غيظا ً وأمر أن يُغلى القدر اضعافاً‪.‬‬
‫وان يطرحوهم جميعاً‪ .‬فلم ينلهم أذى‪ .‬الن قوة الهية قد حفظتهم سالمين‪ .‬عندئذ‬
‫أمر الملك بقطع رؤوسهم‪ .‬ففازوا بالشهادة سنة ‪ .130‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع والعشرون‬


‫تذكار القديس مرقس اسقف ارثيوسا‬
‫هذا القديس كان اسقفا ً على مدينة ارثيوسا في سوريا في أيام الملك قسطنطين‬
‫الكبير‪ .‬ولما أمر الملك بهدم هياكل االصنام‪ ،‬هدم االسقف مرقس هيكل الصنم‬
‫في ارثيوسا وشيد مكانه كنيسة‪ .‬فحنق عليه الوثنيون‪ .‬ولما توفي قسطنطين‬
‫الكبير واوالده استولى على العرش يوليانوس الجاحد‪ ،‬فبعث عبادة االصنام من‬
‫رمسها واثار االضطها َد الهائل على المسيحيين‪ .‬فقام وثنيوا ارثيوسا على‬
‫المسيحيين فيها‪ .‬مصوبين سهامهم الى االسقف القديس فوثبوا عليه واثخنوه‬
‫جراحا ً وطرحوه في االوحال ثم دهنوا جراحه بالخل والملح والعسل وعلقوه‬
‫بشجرة‪ ،‬معرضا ً للشمس‪ .‬فحامت حوله النحل والزنابير تلذعه‪.‬وهو صابر ال‬
‫يئن‪ .‬وال يتذمر‪ .‬بل يشكر هللا الذي أهله لالستشهاد‪ .‬وكانت شهادته في اواخر‬
‫القرن الرابع‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار الشهيد كيرللس البعلبكي (‪)362 +‬‬

‫كان كيرللس شماسا ً على كنيسة هيليوبوليس في لبنان بناء على أمر الملك‬
‫قسطنطين الكبير‪ .‬ولمزيد غيرته على االيمان المسيحي‪ ،‬حطمى بعض أصنام‬
‫الوثنيين في مدينته‪ .‬فحنق عليه الوثنيون وأضمروا له الحقد وصاروا يتحينون‬
‫فرصة االنتقام منه ومن المسيحيين‪ .‬فكان لهم ما ارادوا لما قام الملك‬
‫يوليانوس الجاحد وأخذ ينكل بالمسيحيين وال سيما في فينيقيا وفلسطين‪ .‬فوثب‬
‫الوثنيون على الشماس كيرللس وقتلوه غيلة‪ .‬ولشدة انتقامهم قطعوا جسده‬
‫اربا ً اربا ً وانتزعوا كبده‪ .‬لكن هللا أنتقم منهم على ماقاله تاودوريطوس في‬
‫تاريخه (ك ‪ 3‬ق ‪ )3‬عن استشهاد هذا القديس‪:‬‬
‫" من يمكنه أن يقص ما جرى من الجور على كيرللس البعلبكي وال تهطل‬
‫دموعه‪ ...‬ان كل الذين أقدموا على ذلك االثم الفظيع‪ ،‬تكسرت اسنانهم وأكل‬
‫الدود ألسنتهم وفقدوا ابصارهم"‪ .‬وكانت شهادته سنة ‪ 362‬م‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار القديس يوحنا كليماكوس واضع سلم الفضائل‬
‫ولد يوحنا كليماكوس في فلسطين عام ‪ .525‬تخرج في العلوم‪ ،‬ونبغ فيها‪ ،‬وال‬
‫سيما بالفصاحة‪ ،‬حتى لقب "بالمعلم" وهو أحد آباء الكنيسة‪ .‬ويلقب‬
‫"بالسلَّمي" أو كليماكوس نسبة الى كتابه الذي أسماه باليونانية "كليماك"‪ ،‬أي‬
‫السلم‪ .‬وهو يعلم االرتقاء بالفضائل حتى الكمال‪.‬‬
‫وما بلغ السادسة عشرة حتى صغرت الدنيا في عينيه‪ .‬فعاف العالم واباطيله‪،‬‬
‫وذهب الى دير جبل سينا الشهير حيث تتلمذ لراهب شيخ جليل يدعى‬
‫مرتيريوس‪ ،‬سلم اليه قيادة أمره‪ .‬ولم تمض عليه اربع سنوات في الدير حتى‬
‫ارتقى الى أسمى الفضائل‪ ،‬وال سيما الطاعة لمرشده‪.‬‬
‫ولما بلغ العشرين من عمره‪ .‬لبس الثوب الرهباني‪ ،‬وأبرز نذوره وأصبح مثال‬
‫الجميع بالسير في طريق الكمال‪ ،‬حتى قال عنه ستراتيفوس رئيس الدير‪ ":‬ان‬
‫يوحنا سوف يكون أحد االنوار العظيمة في المسكونة"‪.‬‬
‫ثم انفرد في البرية عند سفح جبل سينا‪ ،‬واقام في كوخ قريب من الكنيسة التي‬
‫بناها الملك يوستينيانوس للنساك في ذلك القفر‪ .‬ولم ينفك عن مطالعة الكتاب‬
‫المقدس واكتناه معانيه السامية‪ .‬وقد وضع ذلك الكتاب البدجيع "سلم الفضائل"‬
‫ليكون دستور عمل ليس للرهبان فحسب‪ ،‬بل لجميع النفوس الراغبة في‬
‫الفضيلة‪ .‬وهو نتيجة تأمالته وتعمقه في فلسفة االنجيل وعلم النفس‪.‬‬
‫وقسم كتابه الى ثالثين درجة‪ ،‬اولها الزهد في الدنيا‪ ،‬وآخرها الفضائل االلهية‬
‫الثالث االيمان والرجاء والمحبة‪.‬‬
‫وصار رئيسا ً على دير سيناء وكان مثاالً أعلى في القيام بجميع الواجبات‬
‫الرهبانية ومنارا ً بفضيلتي التواضع والمحبة‪ .‬وله رسالة مسهبة في واجبات‬
‫الرؤساء والمسلطين‪ ،‬فيها من الحكم والنصائح الرشيدة‪ ،‬ما يضمن الخير‬
‫والنجاح للرؤساء وللمرؤوسين‪.‬‬
‫وكانت نفسه تصبو دائما ً الى العزلة واالنفراد‪ .‬فتنازل عن الرئاسة وعاد الى‬
‫خلوته في منسكه‪ ،‬منعكفا ً على مناجاة هللا بالصالة وانواع التقشف‪ ،‬الى ان رقد‬
‫بالرب سنة ‪ 605‬وله من العمر ثمانون سنة‪ .‬وقد أجرى هللا على يده آيات‬
‫عديدة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي والثالثون‬


‫تذكار البابا لوشيوس األول‬
‫هذا كان من روما شماسا ً للبابا كرنيليوس‪ .‬وقد رافقه الى منفاه‪ .‬وبعد وفاته‪،‬‬
‫رقي هو الى الحبرية العظمى خلفا ً له في ‪ 25‬حزيران سنة ‪ .253‬وكان‬
‫واليريانوس الملك قد أثار االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬فنفاه كسالفه‪ .‬ولما نزل‬
‫بروما وبالمملكة وباء شديد الوطأة‪ ،‬دفعت الغيرة والشفقة هذا البابا‪ ،‬فعاد‬
‫بعناية الهية الى روما‪ ،‬وأخذ يتفانى في سبيل المرضى والمعوزين من‬
‫مسيحيين ووثنيين‪ .‬فعَرف به الملك واليريانوس وهاج عليه الوثنيون وكلفوه‬
‫ان يضحي لألوثان فأبى‪ .‬لذلك أسلموه لرعاع القوم‪ .‬فأوسعوه اهانات وهشموا‬
‫جسده‪ ،‬وهو صابر يشكر هللا الذي أهله لنعمة االستشهاد ثم قطعوا رأسه‪.‬‬
‫وتمت شهادته سنة ‪ .254‬فدفنه المسيحيون في مقبرة القديس سيكستوس‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫† † †‬

‫شهر نيسان‬
‫أيام هذا الشهر ‪ 30‬يوماً‪ .‬ساعات نهاره ‪ 13‬ساعة‪ ،‬وساعات ليله ‪11‬ساعة‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار مريم المصرية التائبة‬
‫هي مريم المعروفة بالمصرية‪ .‬وهي المجدلية الثانية التي من ملخص سيرتها‬
‫نعلم كم هو عظيم مفعول النعمة االلهية‪ .‬في الثانية عشرة من عمرها‪ ،‬أفلتت‬
‫من بيت أبيها وجاءت الى االسكندرية التي كانت في أوج ازدهارها‪ .‬وهناك‬
‫نصبت من جمالها الرائع شركا ً تصطاد به الرجال والفتيان االغرار‪ ،‬منغمسة‬
‫في االثم سبع عشرة سنة‪.‬‬
‫ثم جاءت يوما ً الى اروشليم لحضور االحتفال بعيد ارتفاع الصليب المقدس‪ ،‬ال‬
‫للعبادة‪ ،‬بل للتفرج‪ .‬ولما ارادت الدخول الى الكنيسة صدتها يد خفية‪ .‬فحاولت‬
‫الدخول مراراً فلم تقدر‪ .‬فعرفت ان آثامها هي التي تمنعها عن الدخول‪ .‬فلجأت‬
‫الى العذراء قائلة‪ ":‬انت ملجأ الخطأة‪ ،‬فارحميني"‪ .‬وما درت اال وهي في داخل‬
‫الكنيسة جاثية على قدمي المصلوب‪ ،‬نادمة على جميع خطاياها‪ .‬ثم مضت الى‬
‫دير القديس يوحنا المعمدان فاعترفت بخطاياها‪ ،‬وتناولت القربان االقدس‪،‬‬
‫وتوغلت في براري االردن السحيقة‪ ،‬تمارس افعال التوبة بجميع انواع النسك‬
‫والتقشف والصالة‪.‬‬
‫وانقضت االيام والسنون‪ .‬فمر الكاهن زوسيما في البرية‪ ،‬واذا أمامه امرأة‬
‫شاحبة الوجه‪ ،‬كثيفة الشعر الناصع البياض‪ .‬فأخذت تقص عليه سيرتها‪ .‬ففرح‬
‫بها زوسيما جدا ً وم َّجد هللا‪ .‬فسألته ان يأتيها بالقربان المقدس‪ .‬ثم طلبت بركته‬
‫وصالته‪ ،‬وانصرفت الى مواصلة جهادها في توبتها‪ .‬وبعد سنة جاء يفتقدها‪.‬‬
‫فوجدها ميتة ممددة على االرض ووجهها يطفح نورا ً وبهاء‪ .‬فدفنها وعاد الى‬
‫ديره وكانت وفاتها سنة ‪ .521‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني‬
‫تذكار الشهيدين ابيفانيوس واداسيوس أخيه‬
‫كان هذان االخوان مسيحيين من مدينة باكاس في آسيا الصغرى‪ .‬تعلم‬
‫أبيفانيوس اللغة الالتينية والفقه في مدينة بيروت‪ .‬وقضى فيها سنتين‪ .‬ولما أتم‬
‫دروسه‪ ،‬عاد الى وطنه‪ .‬وتوجه الى مدينة نيقوميدية حيث كان الملك‬
‫مكسيميانوس قد أصدر أمره بأن يضحي أهل المدينة لألوثان‪ .‬فحملت الغيرة‬
‫ابيفانوس فجاء الى الوالي يسأله أن يرعوي عن ضالله‪ ،‬ويكف عن اضطهاد‬
‫المسيحيين‪.‬‬
‫فغضب الوالي وأمر به فوثب عليه الوثنيون واثخنوه جراحا ً حتى انتثرت‬
‫لحمانه‪ .‬ثم ألقوه في السجن مغلالً‪ .‬فكان صابرا ً يسبح هللا‪ ،‬وفي الغد أخرجوه‪.‬‬
‫وبعد أن أذاقوه مر العذاب‪ ،‬دهنوا رجليه بالزيت واحرقوهما بالنار فلم ينالوا‬
‫منه مأرباً‪ .‬أخيرا ً أغرقوه في البحر‪ .‬فقذفت االمواج جثته الى الشاطئ‪ .‬فحملها‬
‫المسيحيون‪ .‬ودفنوها باكرام سنة ‪ .306‬وكان اخوه اداسيوس فيلسوفا ً كبيراً‪.‬‬
‫وبعد سنتين جاهر بايمان المسيح مراراً‪ .‬فعذبوه وطرحوه في السجن‪ .‬ثم‬
‫حكموا عليه باالشغال الشاقة في معادن فلسطين‪ .‬فاستمر ثابتا ً في ايمانه‪ .‬وكان‬
‫ان جاء الى االسكندرية وأخذ يوبخ الوالي على جوره‪ .‬فأمر به فعذبوه‪ ،‬ثم‬
‫أغرقوه في البحر نظير أخيه فتمت شهادته سنة ‪ .308‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث‬
‫تذكار البابا ايسيدوروس اسقف اشبيليه‬
‫ولد ايسيدوروس في اسبانيا سنة ‪ .560‬كان ابوه ساويريانوس والياً‪ .‬درس‬
‫العلوم على اخيه االكبر لياندروس اسقف اشبيليه‪ .‬وكان متكاسالً مستصعبا ً‬
‫الدرس‪ .‬ورأى يوما ً أثر الحبل في حجر على بئر فقال في نفسه‪ :‬ان كانت‬
‫المداومة قد أثرت في الحجر الصلب‪ ،‬فال بد من ان المواظبة على الدرس تؤثر‬
‫بعقلي‪ .‬فعاد الى أخيه‪ .‬وعكف على الدرس‪ .‬فأتقن اللغات الالتينية واليونانية‬
‫والعبرانية‪ .‬وتضلع من العلوم‪ ،‬حتى فاق أهل عصره‪.‬‬
‫وكان اكبر المساعدين ألخيه لياندروس اسقف اشبيليه في رد االريوسيين الى‬
‫االيمان الكاثوليكي‪ .‬وقد تحمل مشاق كثيرة في هذا السبيل‪ .‬اعتزل في دير‬
‫أنشأه ليتفرغ العمال االماتة ودرس الكتب المقدسة‪ .‬ولما توفي أخيه لياندروس‬
‫اسقف اشبيليه‪ ،‬أجمع االكليروس والشعب على انتخاب ايسيدوروس اسقفا ً‬
‫سنة ‪ .600‬فقام يسوس رعيته بغيرة وقداسة‪ .‬فاستأصل بدعة اريوس من‬
‫ابرشيته‪ .‬وأنشأ معهدا ً لالكليركيين‪ .‬وكان هو يعلم الالهوت‪ .‬وبنى أديارا ً كثيرة‪.‬‬
‫ترأس مجمع اشبيليه الثاني‪ .‬وفي سنة ‪ 623‬ترأس ايضا ً مجمع تُوليد الرابع‪.‬‬
‫وقد اشتهر هذا القديس بتآليفه‪ ،‬حتى لقبه االسبانيون‪ :‬بمعلن الكنيسة‬
‫الكاثوليكية وملفانها العظيم‪.‬‬
‫وأعلمه هللا بدنو اجله‪ .‬فدخل الكنيسة‪ ،‬ونزع عنه ثياب الحبرية‪ ،‬وطلب من‬
‫االكليريكيين أن يوشحوه بثوب التوبة‪ .‬فألبسوه مسحاً‪ .‬وأخذ يذر الرماد على‬
‫رأسه‪ .‬واستغفر من الحاضرين‪ .‬ثم تناول القربان االقدس ورقد بالرب سنة‬
‫‪ .636‬وله عدة تآليف هامة‪ ،‬تدل على سمو مداركه وغزارة معارفه‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار الشهيدين تاودورس واغاتوبيدس‬
‫كان هذان الشهيدان من مدينة تسالونيك‪ ،‬خادمين في كنيستها بكل ورع‬
‫وعبادة‪ .‬ولما أثار مكسيميانوس االضطهاد‪ ،‬وشي بهما الى والي المدينة‪.‬‬
‫فسألهما عن معتقدهما‪ ،‬فجاهرا بأنهما مسيحيان‪ .‬فأخذ يتملقهما ويتهددهما‬
‫ليقلعا عن عنادهما ويذبحا لالوثان‪ ،‬فرفضا بكل جرأة‪ .‬فأمر بطرحهما في‬
‫السجن‪.‬‬
‫وفي الغد دعاهما الوالي وأعاد الكرة عليهما بالوعد والوعيد‪ ،‬فازدريا به‬
‫وأعلنا أنهما ال يهابان عذابا ً او موتاً‪ .‬عندئذ أمر بهما فعلقوا بعنق كل منهما‬
‫حجراً‪ ،‬وزجوهما في البحر‪ .‬فناال اكليل الشهادة في اوائل القرن الرابع‪.‬‬
‫صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار البابا ايساتوس‬


‫كان هذا البابا سرياني االصل من مدينة حمص‪ .‬وقد ترقى في المناصب في‬
‫روما‪ ،‬حتى خلف البابا بيوس االول على السدة البطرسية عام ‪ .154‬ألف‬
‫مجمعا ً رذل فيه بدعة مرقيون وجميع التابعين له‪ .‬ورد كثيرين ممن خدعهم‬
‫هذا المبتدع بضالله‪.‬‬
‫وقد عقد هذا البابا مجمعا ً آخر بشأن عيد الفصح‪ .‬لكنه توفي في أثناء المجمع‬
‫الذي لم يتم اال في زمان خلفه البابا سوتيرس بحضور القديس بوليكربوس‪.‬‬
‫وبعد أن ساس الكنيسة بكل حكمة وقداسة‪ .‬نال اكليل الشهادة سنة ‪.165‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس‬
‫تذكار القديس روبرتوس‬
‫ولد روبرتوس في فرنسا سنة ‪ 1017‬من أسرة شريفة‪ .‬ولما شب ترهب في‬
‫رهبنة مار مبارك‪ ،‬وله من العمر خمس عشرة سنة‪ .‬لمع بين المبتدئين‬
‫بتمرسه على المشورات االنجيلية واعتكافه على اقتفاء الفضائل‪ .‬وبعد نهاية‬
‫سنتي التجربة‪ ،‬انتخبه الرهبان رئيسا ً عليهم‪ ،‬فكان لهم قدوة صالحة في الترقي‬
‫بمدارج الكمال‪ .‬ثم استقال من الرئاسة رغبة في الوحدة والتفرغ لمناجاة هللا‪.‬‬
‫وهناك أدار شؤون نساك فقراء‪ .‬وعندما ازدادت عليهم التقادم ومالوا الى أمور‬
‫الدنيا تركهم روبرتوس‪ ،‬واعتزل في البرية‪ .‬على انهم تابوا وعاد اليهم‪ ،‬وشدد‬
‫بحفظ القوانين وأسس ديرا ً في سيتو بفرنسا‪ ،‬ازدهر بكثرة رهبانه وقداسة‬
‫سكانه‪ .‬وتوفي روبرتوس عام ‪ .1110‬وله من العمر ‪ 93‬سنة‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫تذكار القديس افتيخيوس بطريرك القسطنطينيه‬
‫ولد افتيخيوس سنة ‪ 512‬في فريجيا من آسيا الصغرى‪ .‬وكان ابوه االسكندر‬
‫من قواد الجيش الروماني‪ .‬فسلمه الى البار اسيسكيوس فعمده ورباه تربية‬
‫صالحة‪ .‬ولما شب ذهب الى القسطنطينية‪ ،‬فدرس على كبار اساتذتها ونبغ في‬
‫علوم عصره كما نبغ في علم الكتب المقدسة‪ .‬لكنه كان تواقا ً الى خدمة هللا في‬
‫العزلة‪ُ .‬رسم شماسا ً انجيلياً‪ .‬ورقي الى درجة الكهنوت ورشح الى االسقفية‪.‬‬
‫فأبى تواضعاً‪ .‬لكن اسقف أماسيا اقامه كاتبا ً له‪ .‬ثم أوفده الى القسطنطينية‬
‫ليكون نائبا ً عنه في المجمع الخامس المنعقد فيها سنة ‪ .553‬وفي تلك االثناء‬
‫توفي مينا بطريرك القسطنطينية‪ .‬فانتخب افتيخيوس خلفا ً له‪ .‬فما تسلم عصا‬
‫الرعاية حتى راح يغذي النفوس بتعليم االيمان الكاثوليكي الصحيح‪ .‬ويوجه‬
‫عناية خاصة بالكهنة‪.‬‬
‫وبمثل هذه االعمال الرسولية بقي يسوس رعيته مدة اثنتي عشرة سنة‪ .‬وما‬
‫عتم ان وشي به المبتدعون الى الملك يوستينيانوس‪ .‬فحطمه عن كرسيه ونفاه‬
‫الى جزيرة بعيدة تدعى "االميرة" بقي فيها منعكفا ً على الصالة واعمال النسك‪،‬‬
‫التي كانت تصبو اليها نفسه‪ .‬وفي خلوته هذه وضع التآليف النفيسة في حقيقة‬
‫االيمان الكاثوليكي وضالل البدع‪ .‬وأجرى هللا على يده آيات عديدة‪ .‬ولما مات‬
‫يوستينيانوس الملك خلفه يوستينوس الثاني‪ ،‬عاد البطريرك القديس الى‬
‫كرسيه‪ .‬فأخذ يصلح في رعيته ما أفسدته البدع‪ ،‬مثابرا ً على الصلوات‬
‫والتقشفات الى ان رقد بالرب في ‪ 5‬نيسان يوم عيد الفصح سنة ‪ .582‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس فالفيانوس بطريرك القسطنطينيه‬
‫كان فالفيانوس خازنا ً لكنيسة القسطنطينية‪ .‬وبعد أن ُرقي الدرجات المقدسة‪،‬‬
‫انتخب بطريركاً‪ ،‬خلفا ً للقديس البطريرك بروكللس سنة ‪ .446‬فخاصمه وزير‬
‫الملك تاودوسيوس الصغير ونسيب المبتدع اوطيخا‪ .‬وكان فالفيانوس قد‬
‫حرمه‪ .‬فاستغاث اوطيخا بالحبر الروماني الون االول الذي عرف بمكره‬
‫وخداعه‪ .‬فكتب الى فالفيانوس رسالة مسهبة بين فيها عقيدة االيمان‬
‫الكاثوليكي بالطبيعتين االلهية والبشرية في المسيح‪ ،‬وحرم بدعة اوطيخا‪.‬‬
‫أما الملك فأمر بعقد مجمع في أفسس‪ ،‬وكتب الى ديوسقوروس بطريرك‬
‫االسكندرية ال ُمشايع الوطيخا ان يترأس هذا المجمع‪ .‬فأتى اليه اوطيخا‬
‫مصحوبا ً بمعتمدين من قبل الملك وبفرقة من الجند‪ .‬وكان فالفيانوس حاضراً‪.‬‬
‫فأبرز ديوسقوروس الحكم عليه بالحط عن كرسيه‪ ،‬دون ان تسمع له دعوى‪.‬‬
‫ثم اسلمه الى الجند‪ .‬فساروا به الى المنفى‪ .‬لكنه مات في الطريق متأثرا ً من‬
‫االهانات والجراح سنة ‪ .449‬قبل أن تصله رسالة البابا الون الذي كتب اليه‬
‫يشجعه ويعزيه‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار الشهيد بيونيوس‬
‫هذا كان كاهنا ً في مدينة باياس‪ .‬ولما رأى يوما ً في مدينة قيصرية فيلبوس‬
‫الوالي مهتما ً بتقدمة الذبائح لالوثان‪ ،‬دفعته غيرته الى الدفاع عن صحة‬
‫االيمان المسيحي‪ .‬وعن ضالل الوثنيين‪ .‬فغضب الوالي‪ .‬وأمر بطرحه في‬
‫السجن حيث كان يبغض المسيحيين‪ .‬فأخذ القديس يشجعهم على احتمال العذاب‬
‫واالستشهاد الجل المسيح الفادي‪.‬‬
‫ثم أخرجه الوالي من السجن وأمر بتعذيبه‪ .‬فجلدوه جلدا ً عنيفاً‪ ،‬وهو صابر‪ ،‬ثم‬
‫سمروه على خشبة‪ ،‬وأحرقوا رجليه بخرق مغموسة بالزيت‪ ،‬واخيرا ً طرحوه‬
‫في البحر‪ .‬وبذلك نال اكليل الشهادة سنة ‪ .160‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار الشهيد برالم‬
‫ولد برالم قرب انطاكية من ابوين مسيحيين فقيرين‪ ،‬ربياه على حب الفضائل‬
‫واالداب السليمة‪ .‬ولما ثار االضطهاد العاشر على المسيحيين‪ ،‬قبض على‬
‫برالم‪ .‬فجاهر بانه مسيحي‪ .‬فجيء به الى مدينة انطاكية حيث ذاق مر العذاب‬
‫وهو ثابت في ايمانه‪ .‬ولما كلوا من تعذيبه‪ ،‬أجبروه على تقديم البخور للصنم‪.‬‬
‫فوضعوا نارا ً متقدة على مذبح الصنم‪ .‬ووضعوا البخور في يده‪ ،‬ومدوها فوق‬
‫النار لتحترق‪ .‬على أنه لم يشعر بالحريق وااللم‪ .‬ثبتت يده غير متحركة حتى‬
‫أحرقت النار جلدها وعروقها‪ .‬فسقط مغشيا ً عليه ظافراً باكليل الشهادة سنة‬
‫‪ .213‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار المجمع المسكوني السابع‬


‫عقد هذا المجمع في مدينة نيقية سنة ‪ ،787‬ضد بدعة محاربي االيقونات‪.‬‬
‫وكان من مناصريها الملكان الون االيصوري‪ ،‬وقسطنطين الخامس‪ .‬وقد اقلقت‬
‫هذه البدعة الكنيسة الكاثوليكية الشرقية نحو قرن كامل‪ .‬واستشهد بسببها‬
‫كثيرون من الرهبان والمؤمنين‪ .‬وكان تمسك الموارنة بايمانهم وتكريمهم‬
‫لاليقونات سببا ً اوليا ً النفصالهم عن الكنيسة الشرقية‪ .‬ولغضب الملك قسطنطين‬
‫عليهم واضطهاده لهم‪.‬‬
‫أمر البابا ادريانوس االول‪ ،‬بناء على طلب ايريتي أم الملك قسطنطين السادس‬
‫بعقد المجمع وأرسل من قبله قصادا ً ترأسوه‪ .‬وكان فيه ثالثمئة من االساقفة‬
‫اكثرهم من الشرقيين‪ ،‬فابرزوا حكمهم هذا‪ ":‬اننا بعد ان بذلنا العناية والجهد‬
‫في مطالعة آيات الكتاب المقدس واقوال اآلباء القديسين‪ ،‬حكمنا ونحكم ان‬
‫االيقونات سواء أكانت مصورة بااللوان أو بمادة غيرها‪ ،‬يجب عرضها لتكريم‬
‫المؤمنين لها‪ .‬ال بالنظر الى مادتها‪ ،‬بل الى من تمثلهم من القديسين‪ .‬فان النظر‬
‫اليها يذكرنا بفضلهم ويوقظ في المؤمنين عواطف المحبة واالجالل لهم‪ .‬وهذا‬
‫التكريم هو غير التعبد الحقيقي الذي ال يجوز تقديمه اال هلل وحده‪ .‬ذلك هو تعليم‬
‫االباء القديسين والكنيسة الكاثوليكية‪ .‬ومن جسر أن يعلم الخالف‪ُ ،‬حط عن‬
‫مقامه‪ ،‬إن كان اسقفا ً أو اكليريكياً‪ ،‬حرم ان كان راهبا ً او عالمياً"‪.‬‬
‫ورفع ترازيوس بطريرك القسطنطينية أعمال هذا المجمع الى البابا ادريانوس‬
‫بواسطة قصاده‪ ،‬فأثبتها البابا‪ ،‬وأرسل منها نسخا ً الى الملوك‪ .‬صلوات آباء هذا‬
‫المجمع تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع‬
‫تذكار القديس هرماس‬
‫هذا كان في ايام الرسل ومن تالميذهم‪ .‬ويروى انه هو الذي ألف الكتاب‬
‫المعروف "بالراعي" الذي كان يقرأ جهارا ً في بعض كنائس اليونان‪ .‬وبعد ان‬
‫اشتهر بالفضائل نال الملكوت السماوي سنة ‪ 95‬للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار القديس ابيفراديطس الرسول‬


‫يدعوه بولس الرسول شريكه في االسر‪ .‬وقد رسمه الرسول اسقفا ً على‬
‫كولوسي‪ .‬فاشتهر بالفضائل والغيرة الرسولية‪ .‬ونال اكليل الشهادة مدافعا ً عن‬
‫الخراف الموكولة اليه‪ .‬ودفن في مدينة كولوسي نفسها‪ .‬ثم نقل جسده الى‬
‫روما‪ .‬ووضع في كنيسة القديسة مريم المعروفة بالكبرى‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار البابا أوربانوس االول‬


‫ولد هذا البابا في روما من أسرة شريفة‪ ،‬ارتقى السدة البطرسية سنة ‪.222‬‬
‫فتفانى غيرة على النفوس‪ .‬وبتحريضه وتعليمه رد كثيرين من الوثنيين الى‬
‫االيمان بالمسيح واكثرهم من الشرفاء‪ .‬وبعد أن ساس الكنيسة بالحكمة‬
‫والقداسة‪ ،‬نال اكليل الشهادة بقطع رأسه سنة ‪ .230‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديس اغابيوس‬
‫قد ذكره كتاب اعمال الرسل بقوله‪ ":‬وفي تلك االيام‪ ،‬نزل أنبياء من اورشليم‬
‫الى انطاكية‪ .‬فقام واحد منهم اسمه اغابيوس‪ ،‬فأنبأ بالروح أن ستكون مجاعة‬
‫شديدة في جميع المسكونة‪ .‬وقد وقع ذلك في أيام كلوديوس" (اعمال ‪:11‬‬
‫‪27‬و ‪.)28‬‬
‫ثم قال‪ ":‬وبينما نحن البثون هناك (قيصرية فلسطين)‪ ،‬نزل نبي من اليهودية‬
‫اسمه اغابيوس‪ .‬فدخل الينا وأخذ منطقة بولس وأوثق بها رجليه ويديه وقال‪:‬‬
‫هذا ما يقول الروح القدس‪ :‬ان الرجل صاحب هذه المنطقة‪ ،‬سيوثقه اليهود‬
‫هكذا في اورشليم ويسلمونه الى أيدي األمم" (اعمال ‪.)11- 10 :21‬‬
‫ومن هذا النص نعلم أن اغابيوس كان من المبشرين االثنين والسبعين‪ .‬وانه‬
‫كان يجول البلدان مع الرسل مبشراً بالمسيح‪ .‬وقد صرف حياته كلها بالتبشير‬
‫في بلدان عديدة‪ ،‬الى ان نقله هللا‪ ،‬لينيله جزاء جهاده‪ .‬وذلك في اواخر القرن‬
‫االول‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار معجزة صورة السيد المسيح في بيروت‬
‫قد ذكر هذه المعجزة اثناسيوس اسقف بيروت في المجمع السابع المسكوني‬
‫في نيقيه سنة ‪ .787‬وذلك بعريضة قدمها آلباء المجمع‪ .‬فدونت في أعماله‪،‬‬
‫وهذا ملخصها‪ :‬كان أحد المسيحيين قد استأجر داراً قريبة من مجمع اليهود‪.‬‬
‫ووضع في احدى غرفها صورة المصلوب‪ .‬ثم ترك الدار والصورة‪ .‬فاستأجر‬
‫الدار يهود‪ .‬فأخذوا يجرحون تلك الصورة‪ .‬وطعنوا جنبها بحربة‪ ،‬فخرج منه دم‬
‫وماء بكثرة‪ .‬فدهشوا ودهنوا من ذلك الدم مخلَّعا ً فشفي حاالً وأتوا بعميان‬
‫فأبصروا واشالء فبرئوا‪ .‬فآمن كثيرون من اليهود‪ .‬وحملوا الصورة وأتوا بها‬
‫الى االسقف وسألوه ان يعلمهم قواعد االيمان المسيحي‪ .‬ففعل وعمدهم‪ .‬وحول‬
‫تلك الدار الى كنيسة على اسم المخلص‪ .‬وكان ذلك سنة ‪.763‬‬
‫ولم يزل ذكر هذه الكنيسة معروفا ً في بيروت‪ ،‬حيث أقام في القرن الثالث عشر‬
‫الرهبان الفرنسيسكان ديرا ً بجانبها وسكنوه‪.‬‬
‫وأثبت آباء المجمع هذه اآلية الباهرة دعما ً لتكريم االيقونات‪ .‬نعمة المصلوب‬
‫تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار الشهيد انطيباس‬
‫كان انطيباس تلميذ للرسل وخاصة ليوحنا الحبيب‪ .‬أقيم اسقفا ً على مدينة‬
‫برغامس في آسيا الصغرى في أيام الرسل‪ .‬ودعاه كتاب الرؤيا‪ ":‬شاهدي‬
‫االمين" (‪ )13 :2‬كان في مدينة برغامس في مقاطعة بمفيليا معبد لالوثان‪.‬‬
‫اشتهر كهنته بتعاطيهم مع الشيطان‪ ،‬لذلك دعا يوحنا الحبيب المكان عرش‬
‫الشيطان‪ .‬ألن الشياطين كانوا يتكلمون بواسطة التماثيل واالصنام الموجودة‬
‫فيه‪ .‬وكان القديس انطيباس يطردهم باسم يسوع المسيح‪.‬‬
‫فهاج الوثنيون وقبضوا على القديس وأتوا الى حاكم المدينة‪ .‬فأمره ان يكفر‬
‫بالمسيح ويضحي لالوثان‪ .‬فأبى بكل جرأة‪ .‬وأخذ يبين للحاكم سخافة عبادة‬
‫االوثان ورجاستها ويثبت له صحة الدين المسيحي‪ .‬فحنق الوالي وأمر بتعذيبه‬
‫وحرقه‪ .‬فنال اكليل الشهادة سنة ‪ .93‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار االنبا بر ُحوفيوس‬


‫هذا كان في ايام الملك يوستينيانوس‪ ،‬ناسكا ً مجاهداً مشهورا ً بالتعليم الرهباني‪.‬‬
‫وقد وضع كتابا ً في المشاكل الرهبانية‪ .‬ورغب في العزلة ومناجاة هللا دون‬
‫سواه‪ .‬وقضى على هذه الحال سنين طويلة‪ .‬ثم رقد بالرب بكل قداسة في‬
‫أواسط القرن السادس‪ .‬والكنيسة الشرقية تكرمه كثيراً‪ ،‬فقد وضعت صورته في‬
‫كنيسة القسطنطينية بجانب صورتي القديسين انطونيوس وافرام‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني عشر‬
‫تذكار الشهداء مينا وارموجانوس وافقرافُس‬
‫كان مينا مسيحيا ً من اشراف مدينة أثينا من اصحاب المقدرة والخبرة في‬
‫السياسة‪ .‬لذلك أرسله الملك مكسميانوس واليا ً على مصر الصالح القالقل بين‬
‫أهلها والقاء السالم بينهم‪ .‬فكان يحمي المسيحيين من الظلم والتعدي‪ .‬ويسند‬
‫الوظائف في الدولة الى من يراه بينهم مستحقا ً وقديراً‪.‬‬
‫فاستاء منه الملك وعزله عن الوالية وعين ارموجانوس مكانه‪ ،‬وأمره بأن‬
‫يشدد على مينا لكي يكفر بالمسيح‪ ،‬ويضحي لالوثان‪ .‬فأخذ ارموجانوس بحاول‬
‫بشتى الوسائل الرجاع مينا الى احضان الوثنية‪ ،‬فلم يُفلح‪ .‬ولما سأل مينا لماذا‬
‫ترك عبادة االوثان‪ ،‬أجابه‪ :‬ألني بعد مطالعة االسفار المقدسة تحققت وجود اله‬
‫واحد واجب الوجود‪ ،‬له وحده يحق التكريم والسجود‪ .‬وما االصنام سوى الهة‬
‫صماء ال يُرجى منها خير‪ ،‬فأمر ارموجانوس بقطع لسانه وقلع عينيه‪ ،‬ثم ألقوه‬
‫في السجن وفيه رمق من الحياة‪.‬‬
‫أما ارموجانوس‪ ،‬فأهابت به لواذع الضمير وعرف أنه مسيئ الى مينا الذي لم‬
‫يكن مذنبا ً في شيء‪ ،‬بل كان شريفا ً وأمينا ً في خدمة ملكه ووطنه‪ ،‬كما هو‬
‫يكفر عن‬
‫شديد االمانة في خدمة ربه‪ .‬فندم ارموجانوس على ما فعل‪ ،‬وظن أنه ِ‬
‫ذلك بدفن مينا دفنة مكرمة‪ .‬وفي الغد أرسل جنوده الى السجن‪ ،‬ليقوموا بهذا‬
‫الواجب‪ ،‬فوجدوا مينا سالما ً يشكر هللا بتسابيحه‪ .‬فآمن أرموجانوس ايضا ً‬
‫واعتمد‪ .‬فاستشاط الملك مكسيميانوس غضباً‪ ،‬وجاء هو نفسه الى االسكندرية‬
‫ومعه افقرافُس المسيحي مقيَّداً بالسالسل‪ ،‬وكان هذا أحد كتبة ديوانه‪ .‬واذ رأى‬
‫أن ال وعد وال وعيد ينال من ذينك المسيحيين‪ ،‬أمر بتعذيبهما وهما صابران‬
‫ثابتان على ايمانهما ومعهما افقرافس الكاتب‪ .‬ثم ُ‬
‫ضربت أعناق الثالثة ونالوا‬
‫اكليل الشهادة سنة ‪ .307‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار البار زوسيما‬
‫كان هذا البار من فلسطين‪ .‬رغب منذ حداثته في العيشة النسكية‪ .‬فترهب‬
‫وأنعكف على ممارسة الفضائل‪ ،‬حتى تسامى فيها‪ .‬واستمر على هذه الحال‬
‫ثالثا ً وخمسين سنة‪ ،‬حتى بلغ شوطا ً بعيدا ً في طريق الكمال‪ .‬وكان خير مرشد‬
‫للرهبان‪ ،‬يسيرون بحسب تعاليمه ويأخذون بنصائحه االبوية‪.‬‬
‫وفيما كان يفكر يوما ً في طريقة أخرى تزيده رقيا ً في الفضيلة والقداسة‪،‬‬
‫ويسأل هللا ان يهديه اليها‪ ،‬سمع صوتا ً يدوي في داخله قائالً" يا زوسيما‪ ،‬أترك‬
‫ديرك واذهب الى دير على ضفاف االردن‪ ،‬حيث ترى من الفضائل والعظائم ما‬
‫تصبو اليه نفسك"‪ .‬ولساعته توغل في البراري حتى وصل الى الدير الذي‬
‫أوحي له أن يقيم فيه‪ ،‬فوجده آهالً بعدد وافر من الرهبان‪ ،‬يدأبون في أعمال‬
‫النسك والتقشف وعمل اليد‪ ،‬ويتناوبون الصالة في كنيستهم ليالً ونهارا ً دون‬
‫انقطاع‪ ،‬ال يقتاتون بسوى الخبز والماء‪ .‬فارتاح زوسيما الى تلك الحياة‬
‫النظامية السعيدة‪ .‬وأخذ يواصل جهاده في ذلك الجو الصافي ويزداد كماالً يوما ً‬
‫بعد يوم‪ ،‬وهو الذي لقي مريم المصرية التائبة في البرية وناولها الزاد االخير‪.‬‬
‫وعاش زوسيما في ذلك الدير‪ ،‬مثابرا ً على أعمال النسك والقداسة‪ ،‬الى أن نقله‬
‫هللا اليه في السنة ‪ .525‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع عشر‬
‫تذكار أرمنجلدوس الملك الشهيد‬
‫كان ارمنجلدوس بن ملك اسبانيا‪ ،‬وكان هذا الملك اريوسيا ً متعصباً‪ .‬فأضحى‬
‫أرمنجلدوس الشاب ملكا ً على اشبيلية وما جاورها من بالد اسبانيا‪ .‬واقترن‬
‫بأميرة فرنسية كاثوليكية تقية تدعى انداغندا‪ .‬وكان يحبها ويحترمها جدا ً لما‬
‫تحلت به من فضائل سامية‪ ،‬واخالق شريفة‪ .‬فما لبث ان نبذ االريوسية عن يد‬
‫القديس ليونردوس اسقف اسبانيا‪ .‬وبتأثير المثل الصالح الذي كان يراه في‬
‫زوجته االمينة الفاضلة‪.‬‬
‫فاستاء أبوه منه وكانت خالته اي امرأة ابيه االريوسية توغر صدر أبيه عليه‪.‬‬
‫فحاول الملك األب بكل ما لديه من وسائل الوعد والوعيد ليرد ابنه الى‬
‫االريوسية‪ ،‬فذهبت محاولته عبثاً‪ .‬فاستدعاه بحيلة الى بالطه وطرحه في‬
‫السجن‪ .‬ثم أرسل اليه اسقفا ً اريوسيا ً ليقنعه بالرجوع الى االريوسية والخضوع‬
‫ألمر أبيه‪ .‬فأبى القديس بكل ثبات‪ .‬فلعبت الخالة الشريرة دورها االخير‪ .‬فأرسل‬
‫الملك جنوده الى السجن فضربوا رأسه بالفأس وقتلوه‪ .‬فنال اكليل الشهادة‬
‫سنة ‪ .586‬وقام بعده اخوه ملكاً‪ .‬فاعتنق المذهب الكاثوليكي‪ .‬وبذلك كان‬
‫اهتداء المملكة كلها الى الكثلكة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار القديس ارستركوس‬
‫كان ارستركوس تلميذاً لبولس الرسول ومن رفاقه الذين كانوا يالزمونه‬
‫ويخدمونه‪ .‬وقد شاهد المعجزات الباهرة التي جرت على يد الرسول‪ .‬وقد ذكره‬
‫مار بولس مرارا ً في رسائله‪ .‬أقامه اسقفا ً على تسالونيكي حيث احتمل عذابات‬
‫كثيرة ورقد بالرب‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫تذكار سابا الشهيد‬
‫كان سابا من أمة الغطط االشرار‪ .‬ومنذ صباه‪ ،‬اعتنق االيمان المسيحي ورغب‬
‫في الفضيلة سالكا ً طريق الكمال االنجيلي‪ .‬كان سريع الطاعة‪ ،‬متواضعا ً فصيح‬
‫اللسان‪ ،‬شجاعاً‪ ،‬ال يهاب أعداء الدين‪ .‬وكان الغُطط يكرهون المسيحيين‬
‫ويضطهدونهم ويلزمونهم بأكل الذبائح المقدمة لالوثان‪ .‬فحملت الغيرة هذا‬
‫القديس على أن يصيح عالنية‪ :‬ان كل من يأكل من تلك الذبائح ال يُعد مسيحياً‪.‬‬
‫فانصاع لكالمه كثيرون من المسيحيين‪ .‬واستمروا ثابتين على ايمانهم صابرين‬
‫على أشد العذابات‪.‬‬
‫ولما استؤنف االضطهاد وأتى الحكام الى قرية سابا يسألون هل فيها‬
‫مسيحيون‪ ،‬وقف سابا أمامهم مجاهرا ً بكل شجاعة‪ :‬انه مسيحي‪ .‬فأمروه بأن‬
‫يأكل من ذبائح االوثان‪ .‬فأبى بكل جرأة‪ .‬حينئذ شدوا وثاقه‪ .‬وأوسعوه اهانات‬
‫وجراحاً‪ .‬وهو ثابت على ايمانه‪ ،‬فحملوه الى النهر حيث خنقوه وطرحوه في‬
‫الماء‪ .‬فنال اكليل الشهادة في ‪ 12‬نيسان سنة ‪.372‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار البابا سوتيروس‬


‫ولد هذا البابا في مدينة فوندي في ايطاليا‪ .‬وصار خلفا ً للبابا انيساتوس سنة‬
‫‪ .166‬لقد دبر هذا البابا الكنيسة والكرسي الرسولي بكل غيرة وقداسة وامتاز‬
‫بمحبته للفقراء والمصابين‪ ،‬ولم يكن يضن بمال ينفقه عليهم‪ .‬وقد توفي شهيداً‬
‫عام ‪ .174‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس عشر‬
‫تذكار البارة اناسيما‬
‫كانت هذه ابنة ملك يحكم على خمس عشرة مدينة في مصر‪ .‬وهي وحيدة‬
‫لوالديها وربيت مثابرة على درس الكتب المقدسة‪ ،‬وال سيما كتاب االنجيل‬
‫الطاهر‪ .‬مات ابوها وهي صبية‪ ،‬فهم ارباب الدولة بأن يقيموها ملكة مكانه‪.‬‬
‫فانسلَّت من بيتها خلسة‪ ،‬وزهدت في الدنيا مرتدية اثوابا ً ذرية‪ .‬ولم تأخذ معها‬
‫سوى كتاب االنجيل المقدس‪ .‬وسارت الى البرية‪ ،‬متوغلة الى ان بلغت غابا ً‬
‫كثيف االشجار‪ .‬فأقامت فيه ناسكة تناجي هللا بالصالة والتأمل وتقتات من‬
‫أعشاب البرية‪ ،‬وبعض األثمار نحو اربعين سنة‪ .‬وكانت الوحوش تؤانسها‪،‬‬
‫وتصغي اليها عند تالوة االنجيل الذي شغفت بمحبته وكرست حياتها لخدمته‪.‬‬
‫ثم الهم هللا القديسة اناسيما ان تذهب الى دير بجانب نهر النيل فيه ثالثمئة‬
‫راهبة‪ .‬فانضمت اليهن وتظاهرت بأنها بلهاء مجنونة زيادة ألجرها‪ .‬ولذلك‬
‫كانت تقاسي من الراهبات انواع االهانات والشتم مدة طويلة وهي ال تتذمر‪.‬‬
‫وفي غضون ذلك كان األنبا دانيال قد اشتهر بقداسته‪ .‬فأوحي اليه ان يزور ذلك‬
‫الدير حيث القديسة اناسيما‪ .‬فجاء وعرفها وجثا أمامها طالبا ً صالتها‪.‬‬
‫فاندهشت الراهبات من عمله‪ .‬فأخبرهن بأمرها ونسبها الملوكي‪ .‬وسرد لهن‬
‫قصتها‪ .‬فالتحفن الخجل والندم على جهلهن من هي وأسرعن الى طلب المغفرة‬
‫منها‪ ،‬فشق ذلك على القديسة‪ ،‬الحتقارها المجد العالمي وتعلقها الشديد بفضيلة‬
‫التواضع السامية‪ .‬لذلك خرجت من الدير دون أن يعلم بها أحد وال الى أين‬
‫ذهبت وكيف انتهت حياتها‪ .‬والمرجح انها رجعت الى البرية حيث كانت اوالً‪.‬‬
‫وبقيت تواصل جهادها النسكي الى أن رقدت بالرب نحو سنة ‪ 379‬وهي السنة‬
‫التي توفي فيها القديس دانيال الذي كان واقفا ً على سيرتها‪ .‬فقصها على‬
‫رهبانه حتى كتب بعضهم ترجمتها‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع عشر‬


‫تذكار البابا أغابيطوس‬
‫ولد هذا البابا في روما‪ .‬واسم أبيه غودريانوس‪ .‬درس العلوم وامتاز فيها كما‬
‫كان ممتازاً بفضائله‪ .‬فأقيم خلفا ً للبابا يوحنا الثاني في ‪ 3‬حزيران سنة ‪.535‬‬
‫ودامت حبريته نحو سنة‪ .‬وقع خاللها حادثان هامان في تاريخ الكرسي‬
‫الرسولي‪ :‬االول تدخل البابا في شؤون الملوك‪ .‬الثاني بسط سلطانه على أعلى‬
‫رئاسة كنائسية بعده‪ .‬فاألمر االول هو ذهاب البابا الى القسطنطينية‪ .‬واقناع‬
‫الملك يوستينيانوس بالعدول عن الحرب ضد تاوداتوس ملك الغُطط والقاء‬
‫الصلح بينهما ونشر السالم بين الشرق والغرب‪.‬‬
‫أما الحادث الثاني فهو رفض البابا توسط الملك يوستينيانوس والملكة تاوادورا‬
‫بشأن بطريرك القسطنطينية انتيموس االوطاخي‪ .‬فقد عقد البابا مجمعا ً وحط‬
‫البطريرك انتيموس عن كرسيه ورقى هو بيده القديس مينا الى مقام‬
‫البطريركية القسطنطينية‪ .‬وكان هذا اول بطريرك يرقيه البابا نفسه على كرسي‬
‫عاصمة المشرق‪ .‬وكتب هذا البابا الى البطريرك االورشليمي يفهمه أن االسقف‬
‫الذي يقيمه البابا يجب ان يعتبر بمنزلة الذين يقيمهم القديس بطرس الرسول‪.‬‬
‫ومما يجب معرفته ان رهبان القديس مارون قدموا آنذاك عريضة الى القديس‬
‫مينا البطريك والى ذلك المجمع‪ ،‬يعلنون شدة تمسكهم بالمعتقد الكاثوليكي ضد‬
‫اتباع اوطيخا وساويروس وحمل عريضتهم هذه قاصدهم الراهب بولس الذي‬
‫حضر المجمع‪ ،‬ووقع على أعماله‪.‬‬
‫وتوفي هذا البابا العظيم في ‪ 22‬نيسان سنة ‪ .536‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن عشر‬


‫تذكار البارة تاسيا التائبة‬
‫ولدت تاسيا في االسكندرية وكانت بديعة الجمال‪ .‬فأمست شركا ً القتناص‬
‫الكثيرين الى االثم‪ .‬فألهم هللا القديس بفنوتيوس أن يدعوها الى التوبة‪ .‬فجاءها‬
‫متنكرا ً وأخذ يبين لها فظاعة حالتها وسوء مصيرها‪ ،‬فتأثرت جدا ً ومست‬
‫النعمة قلبها‪ .‬فظهرت لها شناعة الخطيئة‪ .‬فانطرحت كالمجدلية على قدمي‬
‫القديس وسألته أن يفرض عليها كفَّارة تمحو خطاياها الكثيرة وأسرعت فأتت‬
‫بكل ما لديها من الحلي والثياب الثمينة وأحرقتها أمام جمهور غفير فحبسها‬
‫القديس في قلية أوصد بابها وأمر الراهبات بأن يقدمن لها من نافذتها شيئا ً من‬
‫الخبز والماء‪ .‬فقبلت تاسيا بملء رضاها هذه الكفارة وعلمها مرشدها أن تردد‬
‫بصالتها "يا من جبلتني ارحمني"‪ .‬وبعد ان استمرت تاسيا على تويتها هذه‬
‫ثالث سنين‪ ،‬قبل هللا توبتها عن يد القديس بفنوتيوس وانصرفت الى ربها‬
‫بسالم سنة ‪ .350‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع عشر‬
‫تذكار البار طيمون الشماس‬
‫كان طيمون احد الشمامسة السبعة الذين اختارهم جمهور المؤمنين االولين‪،‬‬
‫بناء على طلب الرسل االثني عشر للخدمة اليومية في الموائد‪ .‬لكي يتفرغ‬
‫الرسل للصالة ولخدمة الكلمة‪ ،‬فصلوا ووضعوا عليهم االيدي‪ ،‬كما جاء في‬
‫اعمال الرسل (‪.)6 -1 :6‬‬
‫ولما تفرق الرسل وذهبوا للتبشير‪ ،‬أقيم الشماس طيمون معلما ً في حلب‪ .‬فبشر‬
‫فيها أوالً‪ ،‬خادما كنيستها‪ .‬ثم استأنف عمله‪ ،‬حتى بلغ قورنثيه فخدم كنيستها‬
‫ايضاً‪ .‬وهناك قام عليه اليهود الحساد واليونان مضطهدو اسم المسيح‪،‬‬
‫فأسلموه للعذاب‪ :‬طرحوه أوالً في النار فلم تؤذه‪ .‬ثم أماتوه مصلوبا ً فنال اكليل‬
‫الشهادة نحو أواخر القرن االول للميالد ودفن في قورنثيه بكل اكرام‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم العشرون‬
‫تذكار البار نتنائيل الناسك‬
‫كان هذا البار ناسكا ً في جبل النطرون في صعيد مصر‪ .‬بنى له قلية‪ .‬وأقام فيها‬
‫ونذر أنه ال يخرج منها حياته كلها‪ .‬فأخذ الشيطان يحاربه ويخادعه بشتى‬
‫الحيل ليخرجه من قليَّته‪ ،‬فكان ينتصر عليه بالصالة وااللتجاء الى هللا‪ .‬فجاءه‬
‫مرة بزي صبي يسوق حمارا ً حامالً خبزاً‪ .‬فسقط الحمار تحت الحمل‪ .‬وقد‬
‫أدركه المساء في واد قريب من منسك القديس‪ ،‬فأخذ يستغيث صارخاً‪ :‬يا أبانا‬
‫نتنائيل‪ ،‬هلم لمساعدتي لئال تفترسني الوحوش أنا وهذا الحمار‪ .‬فأطل القديس‬
‫من نافذته وبالهام الهي أجابه‪ :‬ان كنت حقا ً في ضيق‪ ،‬ايها الغالم‪ ،‬فأنا اسأل‬
‫هللا أن يرسل اليك من يساعدك وينجيك من الوحوش‪ .‬وان كنت شيطانا ً فليخزك‬
‫هللا‪ .‬وللحال اختفى الصبي وحماره‪ .‬وأغلق القديس باب قليته وقام مصلياً‪،‬‬
‫شاكرا ً هللا على نجاته من تجارب ابليس‪ ...‬واستمر محافظا ً على نذوره‪ ،‬مثابرا ً‬
‫على مناجاة هللا وعلى ممارسة سائر الفضائل الى أن رقد بالرب في القرن‬
‫الرابع للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي والعشرون‬


‫تذكار البابا بيوس االول‬
‫ولد هذا البابا في أكويال في البندقية‪ .‬وخلف البابا هيجين برئاسة الكنيسة‪.‬‬
‫فدبرها بكل غيرة مدة أربع عشرة سنة‪ .‬وناضل ضد المبتدعين ورد الكثيرين‬
‫من الوثنية الى االيمان القويم وقد شرف الكنيسة بجهاده واعماله البارة‪ .‬رقد‬
‫بالرب سنة ‪ .154‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار الشهيدة جوليا البتول‬


‫كانت جوليا من مدينة قرطاجنة‪ .‬أُسرت‪ .‬فابتاعها رجل من سوريا اسمه‬
‫ُّ‬
‫وتحث ال َخدَم على‬ ‫اوسابيوس‪ .‬فكانت جارية عنده تخدمه بكل نشاط وأمانة‪.‬‬
‫ذلك‪ .‬وتعلمهم قواعد االيمان المسيحي‪ .‬مذكرة اياهم بوصية القديس بولس‬
‫الرسول للعبيد نحو اسيادهم وكانت مثابرة على الصلوات والتأمالت وقهر أميال‬
‫الجسد باالصوام واالماتات‪.‬‬
‫فجاءت يوما ً مع موالها الى جزيرة كورسيكا‪ ،‬حيث اشترك في حفلة تكريم اله‬
‫الشجرة‪ .‬فأبدت جوليا مقتها خرافات الوثنية مزدرية بها‪ ،‬فبلغ ذلك مسامع‬
‫الوالي فاستحضرها وكلفها أن تشترك في ذبيحة اآللهة فيعتقها ويحررها‪.‬‬
‫فأجابته بجرأة وصراحة‪ ":‬انا حرة بايمان المسيح‪ .‬ومعاذ هللا أن أشتري‬
‫الحرية بجحود معتقدي وإيماني"‪ .‬فصفعوها على فمها ووجهها حتى امتأل‬
‫فمها دما ً وهي صابرة صامتة‪ .‬ثم سحبوها بشعرها وجلدوها جلدا ً قاسياً‪ ،‬حتى‬
‫تمزقت لحمانها‪ ،‬فتحملت ذلك بصبر عجيب‪ .‬أخيرا ً صلبوها على خشبة‪.‬‬
‫فابتهجت بأن تشابه فاديها االلهي بموتها على الصليب‪ ،‬حيث طارت روحها‬
‫الطاهرة الى التمتع بالمجد السماوي مع العذارى الشهيدات‪ .‬وكان ذلك في‬
‫أواسط القرن الخامس‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني والعشرون‬


‫تذكار القديس تاودورس السيكاوي‬
‫ولد هذا البار في بلدة سيكا في آسيا الصغرى وتربى على خوف هللا وحفظ‬
‫وصاياه‪.‬‬
‫ثم زهد في العالم واباطيله‪ ،‬وآثر الحياة النسكية‪ ،‬يقهر جسده باالصوام‬
‫والتقشفات منحبسا ً في مغارة‪ ،‬وبذلك اشتهرت قداسته فرقي الى درجة‬
‫الكهنوت وهو في الثامنة عشرة من العمر فازداد فضيلة وقداسة‪.‬‬
‫ثم ذهب الى زيارة االماكن المقدسة وجال في برية فلسطين ودخل ديراً بالقرب‬
‫من االردن‪.‬‬
‫وبعد ذلك رجع الى وطنه شيخا ً وتنسك في البرية‪ ،‬مواظبا ً على االماتة والتوبة‬
‫الصارمة‪ ،‬فانتشر صيت قداسته في تلك النواحي‪ .‬ومنحه هللا موهبة صنع‬
‫المعجزات فأتاه الكثيرون يستنيرون بارشاداته‪ ،‬فأنشأ لهم ديرا ً وتولى ادارتهم‪.‬‬
‫ثم عاد مرة ثانية لزيارة الجلجلة واالرض المقدسة‪ .‬وما لبث ان لزم ديره‬
‫وخلوته هربا ً من اكرام الناس له‪.‬‬
‫ي الى درجة االسقفية فقام يتفانى غيرة على مجد هللا وخالص النفوس‪.‬‬ ‫ثم ُرقِ َ‬
‫وان الكونت موريقيوس بعد انتصاره على جيش الفرس وسماعه بشهرة هذا‬
‫القديس أتى لزيارته وطلب صالته فتنبأ القديس له بانه سيصير ملكاً‪ .‬وتمت‬
‫النبوءة بالفعل وذكر موريقيوس الملك ما قاله القديس‪ ،‬فأرسل اليه كتاب شكر‬
‫وست مئة كيل قمحاً‪ .‬وبقي كل سنة يرسل اليه مثلها لتوزع على المعوزين‪.‬‬
‫ثم استقال هذا القديس من االسقفية بعد عشر سنوات‪ .‬وعاد الى ديره يخلوا‬
‫الى هللا بالتأمل في صفاته االلهية‪ ،‬الى أن نقله اليه في ‪ 22‬نيسان سنة‪.631‬‬
‫صالته معنتا‪.‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث والعشرون‬


‫تذكار القديس جرجس الشهيد‬
‫ولد هذا القديس في مدينة اللد بفلسطين سنة ‪ 280‬من اسرة مسيحية شريفة‪.‬‬
‫توفي والده فربته أمه التقية تربية مسيحية صحيحة‪ .‬ولما بلغ السابعة عشرة‬
‫دخل في سلك الجندية وترقي الى رتبة قائد الف‪.‬‬
‫قال المؤرخ اوسابيوس في استشهاده‪ :‬لما شدد ديوكلتيانس قيصر في اضطهاد‬
‫المسيحيين وأصدر بذلم أمراً علقه على جدار البالط الملكي في نيكوميدية‪ ،‬تقدم‬
‫جورجيوس ومزق ذلك االمر‪ .‬فقبض عليه الوثنيون فشووه اوالً‪ ،‬ثم البسوه‬
‫خفا ً من حديد مسمرا ً بقدميه وسحبوه وراء خيل غير مروضة‪ ،‬فخلصه هللا من‬
‫ذلك كله‪ ،‬ثم طرحوه في أتون مضطرم فلم يؤذه‪ ،‬ولما رأى الملك ديوكلتيانوس‬
‫هذا المشهد غائصا ً في بحر من الدماء ال يئن وال يتأوه أكبر شجاعته‪ .‬وعز‬
‫عليه ان يخسر قائد حرسه وابن صديقه القديم‪ .‬فأخذ يالطفه ويتملقه لكي يثنيه‬
‫عن عزمه‪ ،‬فأحب جورجيوس أن يبدي عن شعوره بعطف الملك‪ .‬فتظاهر‬
‫باالقتناع وطلب ان يسمح له بالذهاب الى معبد االوثان‪ .‬فادخلوه معبد االله‬
‫"ابلون" باحتفال مهيب حضره الملك ومجلس االعيان والكهنة بحللهم الذهبية‬
‫وجمع غفير من الشعب‪ .‬فتقدم جورجيوس الى تمثال ابلون ورسم اشارة‬
‫الصليب‪ .‬وقال للصنم‪ :‬أتريد أن أقدم لك الذبائح كأنك اله السماء واالرض؟ "‬
‫فأجابه الصنم بصوت جهير‪ ،‬كال انا لست الها ً بل االله هو الذي انت تعبده"‪.‬‬
‫وفي الحال سقط ذلك الصنم على االرض وسقطت معه سائر االصنام‪ .‬وعندها‬
‫صرخ الكهنة والشعب‪ :‬ان جورجيوس بفعل السحر حطم آلهتنا‪ .‬فالموت لهذا‬
‫الساحر‪ .‬فصلبوه‪ .‬ورموه بالنشاب حتى اسلم الروح‪ .‬فطارت شهرة استشهاده‬
‫في اآلفاق شرقا ً وغرباً‪ .‬وأجرى هللا على يده عجائب كثيرة باهرة وأخذ‬
‫المسيحيون منذ القرن الرابع يحجون الى ضريح الشهيد " الالبس الظفر"‪،‬‬
‫فينالون بشفاعته غزير البركات والنعم‪.‬وقد رسم له المصورون صورة رمزية‬
‫جميلة تمثله طاعنا ً برمحه شيطان الوثنية الممثل بالتنين‪ ،‬ومدافعا ً عن معتقد‬
‫الكنيسة الممثلة بابنة الملك السماوي‪ .‬وقد شيدت على اسمه كنائس ومذابح‬
‫في جميع االقطار‪ .‬واتخذته بريطانيا شفيعا ً لها‪ .‬ودعي كثير من ملوكها باسمه‪.‬‬
‫ويكرمه االنكليز اكراما ً عظيماً‪ .‬وامتازت فرنسا أيضا ً بتكريمه‪ .‬واتخذته‬
‫جمهورية جنوا في ايطاليا شفيعها االول االكبر‪ .‬وجمهورية البندقية أنشأت‬
‫فرقة رهبانية عسكرية على اسمه‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار القديس سابا قائد الجيش‬
‫كان هذا البار مسيحيا ً من قبيلة الغطط وقائداً للجيش في روما‪ .‬حملته غيرته‬
‫على افتقاد المسجونين الجل ايمانهم بالمسيح‪ ،‬مشجعا ً اياهم على احتمال‬
‫العذاب والثبات في ايمانهم‪ .‬فعرف به الملك اورليانوس‪ ،‬وكان قد أثار‬
‫االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬فألقى القبض عليه‪ .‬ف َما كان من سابا القائد‬
‫الباسل‪ ،‬اال ان نزع عنه منطقة الجندية بحضرة الملك‪ ،‬وجاهر بايمانه بالمسيح‬
‫قائالً‪ :‬اني الفخر بأن اكون أمينا ً بخدمة ملكي السماوي‪ ،‬كماكنت أمينا ً بخدمة‬
‫ملكي االرضي‪ ،‬وعلي اطاعة االول قبل الثاني"‪ .‬فأمر به الملك فوضعوه على‬
‫مشواة من حديد محمي‪ ،‬فاحتمل هذا العذاب‪ ،‬صابرا ً ثابتا ً على عزمه‪ .‬ثم ألقوه‬
‫في قدر مملوءة زيتا ً يغلي‪ ،‬فصانه هللا من كل اذى‪ .‬ولدى هذا المشهد العجيب‬
‫آمن من عبدة االصنام سبعون رجالً‪ .‬فعذبوهم‪ ،‬فأستمروا ثابتين على ايمانهم‪،‬‬
‫فضربوا أعناقهم فطارت أرواحهم الى االخدار السماوية‪ .‬ثم ساقوا القديس سابا‬
‫الى السجن حيث ظهر له السيد المسيح فعزاه وقواه على احتمال العذاب‪ .‬وفي‬
‫الغد استحضره الملك أمامه ثانية‪ ،‬وحاول اقناعه بالوعد والوعيد ليثني عن‬
‫عزمه ويضحي لالوثان‪ .‬فأبى بكل جرأة وشجاعة‪ .‬فأمر الملك بقطع رأسه‪.‬‬
‫فانضم الى رفقائه الشهداء متمتعا ً معهم بالمجد السماوي سنة ‪ .271‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الخامس والعشرون‬


‫تذكار مرقس االنجيلي‬
‫كان القديس مرقس رفيق بولس الرسول في اسفاره واتعابه والتلميذ الخاص‬
‫لبطرس الرسول‪ .‬وكان مرقس من اورشليم حيث يقال ان المخلص صنع‬
‫الفصح في بيته‪ .‬وهذا القديس هو يوحنا الملقب بمرقس الذي ورد ذكره مرات‬
‫في اعمال الرسل‪ ،‬والذي رافق الرسل وشاركهم في االسفار والتبشير‪.‬‬
‫ولما كان بطرس يعظ وبيشر بكلمة الرب في رومة‪ ،‬سأل المؤمنون تلميذه‬
‫مرقس أن يدون البشارة التي يلقيها معلمه عليهم‪ .‬فكتب لهم االنجيل المعروف‬
‫باسمه حوالي السنة السادسة واالربعين للمسيح‪ ،‬كما تلقنه من فم استاذه‬
‫ووجهه الى االمم باللغة اليونانية‪.‬‬
‫وبعد أن أقام القديس بطرس تلميذه مرقس اسقفا ً على مدينة جبيل‪ ،‬كما يثبته‬
‫التقليد القديم مضى الى مصر حيث بشر باالنجيل في عدة مدن الى أن قاده‬
‫الروح القدس الى كنيسة االسكندرية التي كان أول أسقف عليها‪ .‬وعلى يده‬
‫اهتدى الى االيمان بالمسيح اناس كثيرون‪.‬‬
‫وأنشأ القديس مرقس في االسكندرية مدرسة نبغ فيها كثيرون من العلماء‬
‫واالحبار والشهداء ومنهم القديس اثناسيوس وباسيليوس وغريغوريوس‬
‫النزينزي‪.‬‬
‫ولما رأى عبدة االصنام ما كان عليه القديس مرقس من النجاح في رد الوثنيين‬
‫الى االيمان بالمسيح‪ ،‬حنقوا وائتمروا على اهالكه‪ .‬ففي َما كان يحتفل باالسرار‬
‫المقدسة يوم أحد عيد الفصح المجيد‪ ،‬وثبوا عليه وربطوه بالحبال وأخذوا‬
‫يجرونه في شوارع المدينة قائلين‪ ":‬لنجر الثور الى الحظيرة"‪ .‬فتمزق جسده‬
‫واصطبغت الصخور بدمائه‪ ،‬وهو يشكر هللا الذي أهله الى االشتراك في آالمه‪.‬‬
‫ثم أودعوه السجن‪ .‬وفي منتصف الليل جاء مالك الرب يعزيه ويشجعه‪ .‬وظهر‬
‫له السيد المسيح يقويه ويهنئه باكليل الشهادة والمجد‪ .‬وفي الغد استأنفوا‬
‫التنكيل به الى ان فاضت روحه الطاهرة وذهبت ترتع في اخدار النعيم‪ .‬وكان‬
‫ذلك في ‪ 25‬نيسان سنة ‪ 68‬للمسيح‪.‬‬
‫وكنيسة جبيل التاريخية التي يفيد التقليد انها من عهد الرسل وقد رممها‬
‫الصليبيون‪ ،‬هي على اسم القديس يوحنا مرقس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تذكار الشهيد باسيليوس اسقف آماسيا‬
‫كان هذا القديس اسقفا ً على مدينة اماسيا في اقليم البنطس في ايام الملك‬
‫ليكينيوس الذي كان يضطهد المسيحين ويسفك دماءهم انهارا ً ويزاحم الملك‬
‫قسطنطين الكبير على الملك‪ .‬فألقى القبض على باسيليوس وبدأ يوبخه ويهدده‬
‫بالموت ان لم يكفر بالمسيح ويضحي لالوثان‪ .‬فأزدرى به القديس ولم يعبأ‬
‫بتهديداته بل أخذ يبين له عن ضالله وعن جوره في اضطهاد المسيحيين‬
‫اآلمنين وسفك دمائهم‪ ،‬وان هللا سيعاقبه على معاصيه‪ .‬فاستشاط الملك غيظا ً‬
‫وأمر به فضرب عنقه‪ ،‬ففاز بالشهادة والمجد السماوي وكان ذلك نحو سنة‬
‫‪.322‬‬
‫وقد تمت نبوءة هذا القديس الشهيد في الملك ليكينيوس‪ ،‬الن قسطنطين قد‬
‫انتصر عليه ومات مقتوالً سنة ‪.323‬‬

‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار البابا أناكليتوس االول‬


‫كان هذا القديس من مدينة آثينا في بالد اليونان‪ .‬وقد اهتدى الى االيمان‬
‫المسيحي على يد القديس بطرس الرسول الذي عمده وهذبه وعلمه حقائق‬
‫االيمان‪ ،‬ثم رقاه الى درجة الكهنوت‪ .‬وكان متقدا ً غيرة على خالص النفوس‪،‬‬
‫مزينا ً بالعلم والفضيلة‪ ،‬حتى أهل ان يكون خلفا ً للبابا لينوس على السدة‬
‫البطرسية‪ .‬وهو الحبر الثالث بعد القديس بطرس‪ .‬فدبر كنيسة هللا بكل غيرة‬
‫وقداسة‪ ،‬ورد بتعاليمه كثيرين من الوثنيين الى االيمان القويم‪ ،‬وكان يشجع‬
‫المؤمنين على احتمال االضطهاد والثبات في ايمانهم‪ .‬ولشدة محبته وتعلقه‬
‫بمعلمه القديس بطرس‪ ،‬أقام على اسمه كنيسة صغيرة في الفاتيكان‪،‬وفوقها‬
‫أنشئت في َما بعد‪ ،‬كاتدرائية القديس بطرس العظمى‪ .‬وبعد ان أحسن ادارة‬
‫الكنيسة مدة احدى عشرة سنة‪ ،‬نال اكليل الشهادة سنة ‪ .90‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار القديس سمعان بن حلفى اسقف اورشليم‬
‫كان سمعان ابنا ً لحلفى‪ .‬اخوته يعقوب الصغير ويهوذا الرسول ويوسى‪ ،‬كما‬
‫جاء في انجيل متى (‪.)55 :13‬‬
‫وهو احد المبشرين االثنين والسبعين‪.‬كان في اورشليم يوم هاج اليهود على‬
‫أخيه يعقوب ايسقف اورشليم االول ورموه من فوق جناح الهيكل فمات شهيداً‪.‬‬
‫فأجمع الرسل على انتخاب أخيه سمعان خلفا ً له‪ .‬فأخذ يسوس رعيته بما تحلى‬
‫به من حكمة وغيرة رسولية‪ .‬وفي تلك االثناء ثار اليهود على الحامية‬
‫الرومانية فذبحوها‪ ،‬طمعا ً باستقاللهم واعادة مجد آبائهم‪ .‬ولم يدروا ب َما سيحل‬
‫بهم‪ .‬أما االسقف سمعان فاستدرك االمر وعرف ما سينزل باروشليم من‬
‫الخراب‪ .‬فغادرها هو ورعيته كلها وذهب بهم الى شرقي االردن حيث أقاموا‬
‫آمنين‪.‬‬
‫وما لبث أن جاءت الجيوش الرومانية‪ ،‬فطوقت مدينة اورشليم سنة السبعين‬
‫ودخلتها عنوة وعملت السيف في بنيها وقتلت منهم مئة الف والتهمت النيران‬
‫هيكلها البديع‪ .‬فتمت فيه نبوة السيد المسيح‪ ":‬انه ال يترك ههنا حجر على‬
‫حجر اال ويُنقَض" (متى ‪ )2 :24‬فشكر المسيحيون هللا على نجاتهم من سيف‬
‫الرومانيين بفضل اسقفهم القديس سمعان‪ .‬ولما هدأت الحال عاد هذا االسقف‬
‫مع رعيته الى اورشليم يواصل جهاده في خير أبنائه‪ ،‬نحو ‪ 35‬سنة‪ .‬فازداد‬
‫عدد المؤمنين في أيامه‪.‬‬
‫وكان قد طعن في السن‪ ،‬وصار ابن مئة وعشرين سنة‪ ،‬يوم أثار ترايانوس‬
‫االضطهاد على اليهود والمسيحيين‪ ،‬فوشي بالقديس سمعان الى أنيكوس والي‬
‫فلسطين‪ .‬ولما لم ينل منه مأرباً‪ ،‬أمر به دون ان يحترم شيخوخته‪ .‬فانزلوا به‬
‫انواع االهانات وأمر العذابات أياما ً عديدة وهو صابر‪ ،‬يسبح هللا‪ .‬وأخيراً أمر‬
‫الوالي بصلبه‪ .‬فأسلم روحه الطاهرة على الصليب‪ ،‬مبتهجا ً بأن يموت نظير‬
‫سيده وفاديه االلهي‪ .‬وكان ذلك في سنة ‪ .107‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الثامن والعشرون‬


‫تذكار الشهيدين ياسون وسوسيبتروس‬
‫ان هذين الشهيدين كانا تلميذين للقديس بولس‪ ،‬بل من انسبائه‪،‬كما جاء في‬
‫رسالته الى الرومانيين (‪ ":)21 :16‬يسلم عليكم تيموتاوس معاوني‬
‫ولوقيوس وياسون وسوسيبتروس‪ ،‬أنسبائي"‪ .‬وكانا من مدينة تسالونيكي‬
‫ومقيمين فيها‪ .‬وقد آمنا على يد بولس الرسول سنة ‪ 51‬لما جاء الى‬
‫تسالونيكي للمرة االولى‪ .‬نزل مع رفيقه سيال ضيفا ً كريما ً على ياسون‪ ،‬كما‬
‫جاء في اعمال الرسل (‪.)10 -1 :17‬‬
‫وبعد أن آمن ياسون بالمسيح ترك كل شيء وتبع بولس في اسفاره‪ ،‬يساعده‬
‫في التبشير في بالد أخائيا وكورنتس‪ .‬وقد أقامه بولس اسقفا ً على طرطوس‬
‫وطنه فتفانى غيرة على مجد هللا وخالص النفوس ورد كثيرون الى االيمان‬
‫بالمسيح‪ .‬ثم نال اكليل الشهادة في القرن االول‪.‬‬
‫أما سوسيبتروس‪ ،‬فكان أيضا ً رفيقا ً للقديس بولس ونسيبا ً له كما ذكرنا‪ .‬وقد‬
‫ذهب معه الى اورشليم وشاطره أتعابه وأنواع االضطهادات التي احتملها‪ .‬وقد‬
‫اقامه بولس الرسول اسقفا ً على تسالونيكي‪ .‬وقال بعضهم على قونية واستمر‬
‫مجاهدا ً في بشارة االنجيل وربح للمسيح نفوسا ً كثيرة‪ .‬ثم نال اكليل الشهادة في‬
‫القرن االول‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع والعشرون‬


‫تذكار القديسة كاترينا السيانية‬
‫ولدت هذه القديسة في سيانا‪ ،‬احدى مدن ايطاليا سنة ‪ .1347‬وكان أبوها‬
‫يشتغل في صباغة االقمشة‪ ،‬وامها من النساء الفاضالت‪ .‬وكانت كاترينا منذ‬
‫حداثتها تميل الى حياة االنفراد‪ .‬فأخذت تمارس الصلوات والتأمالت‪ .‬وقد حباها‬
‫هللا برؤى سماوية وهي في السادسة من عمرها‪ .‬وفي السابعة نذرت بتوليتها‬
‫هلل‪ .‬كانت متعبدة للسيدة العذراء واتخذت يسوع خطيبا ً لها واعتقدت أنه سلمها‬
‫خاتما ً عالمة الخطبة يحمل ثالث جواهر‪ ،‬رمزاً للمشورات االنجيلية‪ :‬الطاعة‬
‫والعفة والفقر‪.‬‬
‫وقد أظهر لها يسوع قلبه وجراحاته الخمسة حتى انطبعت فيها‪ .‬وكانت أمها‬
‫تهتم بتزويجها‪ .‬اال ان كاترينا قصت شعرها عالمة الثبات في نذرها بتوليتها‬
‫هلل‪ .‬فشق ذلك على أمها‪ ،‬فأنبتها واشغلتها بمهام البيت‪ .‬انما ابوها جعلها تتفرغ‬
‫المر دعوتها‪ .‬ولما بلغت الخامسة عشرة من عمرها‪ ،‬اتشحت بثوب الراهبات‬
‫الثالثات واستمرت متشحة به وهي في بيت والديها‪ .‬وقد ضاهت بحياتها‬
‫القشفة اكابر النساك ب َما كانت تمارسه من االصوام والتقشفات حتى الجلد‬
‫ولبس المسح وزنار من حديد شائك‪.‬‬
‫ولما اصيحت في أسمى درجة من الكمال‪ ،‬كان الرب يتراءى لها ويعلمها ما‬
‫تقصر عن معرفته اعاظم الفالسفة والالهوتيين‪ .‬فكانت ترشد الجميع وتمارس‬
‫افعال المحبة للقريب وتحسن الى الفقراء من ثروة والديها‪ ،‬وتخدم المرضى‪.‬‬
‫وقد شرفها هللا بموهبة صنع المعجزات الكثيرة‪ .‬ولشدة تأملها بآالمه‪ ،‬تراءى‬
‫لها المسيح مصلوبا ً ونفذت انوار جراحاته في قلبها‪ .‬كانت ترى بعين دامعة ما‬
‫حل بالكنيسة من االنشقاق والتنازع فذهبت الى البابا غريغوريوس في أفينيون‬
‫في فرنسا‪ ،‬بعد ان كتبت اليه رسالة ملؤها التوسل بالدموع‪ .‬فأقنعته بالرجوع‬
‫الى روما مع حاشيته‪ .‬بعد أن أقامت البابوية في فرنسا نحو سبعين سنة‬
‫(‪ .)1377 – 1309‬وكان الفضل لكاترينا ايضا ً في اخماد نار الثورة في‬
‫فلورنسا‪ .‬وبمسعاها وكتاباتها الى الملوك واالمراء في ايطاليا وفرنسا واسبانيا‬
‫وانكلترا والمانيا‪ ،‬كان االعتراف بالبابا اوربانوس السادس الشرعي ونبذ‬
‫اكليمنضوس التاسع البابا الدخيل‪ .‬واستدعاها البابا اوربانوس السادس‪ ،‬فقامت‬
‫تخطب فيمجمع الكرادلة‪ ،‬وتبين لهم بفصاحة عن سلوك العناية الربانية في‬
‫تدبير الكنيسة‪ .‬ورغما ً عن كل ما كان لها من شأن ونفوذ لدى عظماء الدنيا‬
‫ومدح وثناء على ألسنة الناس‪ ،‬كانت تتستر وراء حجاب الوداعة والتواضع‪.‬‬
‫وبعد أن أكملت شوطها النبيل في مثل هذا الجهاد البطولي والشريف‪ ،‬رقدت‬
‫بالرب في روما في ‪ 25‬نيسان سنة ‪ 1380‬مملوءة قداسة وفضالً‪ ،‬وهي لم‬
‫تتجاوز الثالثة والثالثين من العمر‪ .‬ولها كتابات قيمة اهمها كتاب "العلم‬
‫االلهي"‪ .‬وقد احصاها البابا بيوس الثاني بين القديسين عام ‪ .1461‬صالتها‬
‫معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار القديس يعقوب الرسول الملقب بالكبير‬
‫هو ابن زبدى وصالومي واخو يوحنا االنجيلي الحبيب‪ ،‬من بيت صيدا في‬
‫الجليل وطن بطرس الرسول‪.‬‬
‫قال مرقس االنجيلي (‪ ":)19 :1‬وفي َما كان ماشيا ً على شاطئ بحر الجليل‪...‬‬
‫رأى يعقوب بن زبدى ويوحنا أخاه وهما في السفينة يصلحان الشباك‪ ،‬فدعاهما‬
‫وللوقت تركا اباهما زبدى في السفينة مع االجراء وتبعاه"‪.‬‬
‫والزم يعقوب الرب يسوع وشاهد جميع أعماله ومعجزاته وكان الرب يشمله‬
‫مع اخيه يوحنا ومع بطرس بعطفه االبوي الخاص ودعاهما ابني الرعد كما‬
‫دعا سمعان بطرس الصخرة (مرقس ‪1 :9‬و‪ )2‬وأخذهم معه ليلة االمه وصالته‬
‫في بستان الزيتون‪.‬‬
‫على أن يعقوب ويوحنا قد استحقا توبيخ المعلم ايضا ً يوم سأاله أن تنزل نار‬
‫من السماء تأكل السامريين الذين لم يقبلوه‪ ،‬فالتفت وزجرهما‪.‬‬
‫وقد شاهد يعقوب الرسول الرب يسوع بعد قيامته ويوم صعوده وامتأل من‬
‫الروح القدس يوم العنصرة‪ .‬بشر في اليهودية والسامرة وسوريا‪ .‬وروى أنه‬
‫بشر ايضا ً في اسبانيا حيث ظهرت له سيدتنا مريم العذراء وهو يصلي‪.‬‬

‫وبينما كان ينذر اليهود ويؤنبهم لعدم ايمانهم بالمسيح‪ ،‬وثب عليه احدهم وشد‬
‫عنقه بحبل فساقوه الى هيرودوس اغريبا حفيد هيرودوس الكبير‪ .‬فلقيه في‬
‫الطريق رجل مخلع تضرع اليه‪ ،‬قشفاه باسم يسوع الناصري‪ .‬وعند هذه اآلية‪،‬‬
‫آمن يوشيا وهو أول من قبض على يعقوب‪ ،‬فانطرح على قدمي الرسول‪،‬‬
‫مستغفرا ً ومعلنا ً ايمانه بالمسيح‪ ،‬فهاج اليهود عليه وطلبوا قتله‪ .‬فخاف‬
‫هيرودوس الملك من فتنة‪ .‬لذلك أمر بضرب عنق يعقوب ويوشيا معاً‪ .‬فناال‬
‫اكليل الشهادة سنة ‪ 44‬للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫† † †‬
‫شهر أيار‬
‫ايام هذا الشهر ‪ 31‬يوماً‪ .‬ساعات نهاره ‪14‬ساعة وساعات ليله ‪10‬ساعات‪.‬‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار النبي ارميا‬
‫هو ثاني االنبياء االربعة الكبار‪ .‬ولد في اليهودية‪ .‬كان ابوه حلقيا كاهناً‪ .‬قدسه‬
‫هللا وهو في جوف أمه‪ ،‬كما قال القديس اغوسطينوس‪ ،‬مستندا ً الى ما جاء في‬
‫الفصل االول من نبوءته‪ ":‬فكانت كلمة الرب الي قائالً‪ :‬قبل أن أصورك في‬
‫البطن‪ ،‬عرفتك‪ ،‬وقبل ان تخرج من الرحم قدستك وجعلتك نبيا ً لالمم" (ارميا‬
‫‪4 :1‬و‪.)5‬‬
‫دعاه هللا وهو فتى ال يتجاوز خمس عشرة سنة‪ ،‬فخاف من عبء هذه الدعوة‬
‫الشاقة‪ ،‬فقال‪ ":‬آه ايها السيد الرب هاءنذا ال اعرف أن اتكلم‪ ،‬الني صبي‪ .‬فقال‬
‫له الرب‪ :‬ال تقل اني صبي فانك لكل ما ارسلك تنطلق وكل ما آمرك به تقوله‪ .‬ال‬
‫تخف من وجوههم‪ ،‬اني معك النقذك‪ ،‬يقول الرب" (ارميا ‪.)8 -6 :1‬‬
‫تنبأ بعد السبي وقبل السبي االول والثاني‪ .‬وقد تمت نبوءته في خراب‬
‫اورشليم‪ ،‬فقام يندبها ويبكي عليها بمراثيه الشهيرة برقة العاطفة وعميق‬
‫الشعور‪ .‬وكان يشاهد الحوادث المريعة التي نزلت بمملكة يهوذا وما كان‬
‫يقرعهم وينذرهم بالويالت‪":‬‬‫يرتكبه الشعب من الشرور والمعاصي‪ ،‬فقام ارميا ِ‬
‫انذهلي ايتها السماوات من هذا واقشعري وانتفضي جداً‪ ،‬يقول الرب‪ .‬فان‬
‫شعبي صنع شرين‪ :‬تركوني انا ينبوع المياه الحية واحتفروا لهم آباراً مشققة‬
‫ال تمسك الماء‪."...‬‬
‫فقام عليه االنبياء الكذبة يقبِحون كالمه ويخادعون الملوك والزعماء‬
‫ويوغرون صدورهم عليه‪ .‬اما هو فلم يكن ليهاب الملوك وال يخشى كبيرا ً أو‬
‫صغيرا ً في الدفاع عن الحق وعن االنذار بكلمة هللا‪ .‬ولم يكترث ألولئك االنبياء‬
‫يقرعهم بقوله‪ ":‬ويل للرعاة الذين يبددون ويشتتون غنم‬ ‫الكذبة‪ ،‬بل اخذ ِ‬
‫رعيتي‪ ،‬يقول الرب‪ ،‬هاءنذا افتقد عليكم شر اعمالكم يقول الرب‪."...‬‬
‫فهاج عليه الشعب وعدوه خائنا ً فراموا قتله‪ ،‬فاختبأ هو تلميذه باروك الذي كان‬
‫كلفه قراءة درج النبوءات عليهم‪ .‬وعاد ملك بابل وحاصر اورشليم في عهد‬
‫صدقيا الملك الذي عصاه‪ ،‬فضيق عليها الحصار حتى مات كثيرون من الموت‬
‫وأكل بعضهم بعضاً‪ ،‬وأخذ صدقيا اسيرا ً وسبى الشعب الى بابل‪ .‬وأحرق‬
‫الكلدانيون بيت الملك وبيوت الشعب بالنار هدموا اسوار اورشليم‪ .‬وبقي ارميا‬
‫في وطنه حيث كتب مراثيه الرائعة ووجه برسائله الى من هم في الجالء يتنبأ‬
‫لهم بأنهم سيرجعون الى اورشليم بعد سبعين سنة كما تنبأ على ملك المسيح‬
‫ابن داود‪.‬‬
‫واراد الذين تركهم االشوريون ان يجلوا الى مصر‪ ،‬فمانعهم ارميا فلم يسمعوا‬
‫له‪ ،‬بل اكرهوه على الذهاب معهم‪ ،‬وهناك استأنف نبوءته وتحذيره اياهم من‬
‫غضب هللا‪ ،‬فهجموا عليه ورجموه بالحجارة فمات شهيد انذاره بكلمة الحق‪.‬‬
‫وكان ذلك سنة ‪ 586‬قبل المسيح‪ .‬وقد تمت نبوآته جميعها وهي تحتوي على‬
‫اثنين وخمسين فصالً‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني‬
‫تذكار القديس أثناسيوس بطريرك االسكندرية‬
‫ولد اثناسيوس في االسكندرية سنة ‪ .296‬ومنذ حداثته تعشق الفضيلة‪ .‬فضمه‬
‫البطريرك اسكندر الى مدرسته االكليريكية فنبغ في العلوم وتفوق على أقرانه‪.‬‬
‫وانعكف على الصالة والتأمل ومطالعة االسفار االلهية‪.‬‬
‫وكانت شهرة القديس انطونيوس كوكب البرية قد مألت اآلفاق‪ ،‬فذهب اليه‬
‫واقام عنده وأعجب ب َما شاهده فيه وفي رهبانه النساك من قداسة وكمال‪.‬‬
‫ثم رجع الى االسكندرية ليكون في خدمة البطريرك اسكندر الذي رسمه رئيس‬
‫شمامسة وجعله كاتب اسراره‪ .‬وفي غضون ذلك وضع كتابيه المشهورين‪ :‬ضد‬
‫االمم وفي الكلمة المتجسد‪.‬‬
‫فاستصحبه البطريرك معه الى المجمع النيقاوي االول المنعقد سنة ‪ ،325‬وفي‬
‫هذا المجمع تصدى اثناسيوس الريوس وفنَّد مزاعمه الراهنة مثبتا ً الوهية‬
‫السيد المسيح الكلمة االزلي‪ .‬فأضمر له االريوسيون الحقد والضغينة‪ ،‬وأخذوا‬
‫يتحينون الفرص لاليقاع به‪.‬‬
‫رسمه البطريرك كاهنا ً وعهد اليه بالوعظ واالرشاد‪ .‬وبعد وفاة هذا البطريرك‬
‫انتخبه االساقفة بطريركا ً عليهم‪.‬‬
‫فقام يسوس رعيته بكل غيرة ومفاداة‪ ،‬حاثا ً الجميع على المحبة والسالم‪ .‬وراح‬
‫أريوس يثير الخواطر عليه‪ .‬وفي سنة ‪ ،334‬عقد االريوسيون مجمعا ً في‬
‫صور التزم اثناسيوس حضوره مستدركا ً ما حيك حوله من الدسائس‪ .‬وقد‬
‫ترأس المجمع أعداؤه فحكموا عليه بالحط عن كرسيه واوغروا صدر الملك‬
‫عليه‪ ،‬فأمر بابعاده الى أن تهدأ الحال‪.‬‬
‫فذهب القديس الى روما‪ ،‬ملتجئا ً الى البابا يوليوس الذي رحب به واكرمه‪.‬‬
‫وهناك كتب سيرة القديس انطونيوس الكبير‪ ،‬فكان ذلك داعيا ً لنشر الحياة‬
‫الرهبانية في ايطاليا وغيرها‪ .‬وعقد البابا مجمعا ً في روما‪ ،‬امتنع االريوسيون‬
‫عن حضوره فأمر البابا آباء المجمع برجوع اثناسيوس الى كرسيه فاستقبله‬
‫الشعب بأبهى مظاهر الفرح‪ .‬فراح يصلح ما اختل من الشؤون مدة ابعاده‪.‬‬
‫وعقد مجمعا ً في االسكندرية‪ ،‬حرم فيه جميع االضاليل من اريوسي ٍة وغيرها‪.‬‬
‫وأثبت البابا ليباريوس هذا المجمع وكان ذلك سببا ً الرجاع الكثيرين من الضالل‬
‫الى االيمان القويم‪.‬‬
‫ولما قام يوليانوس الجاحد أمر باخراجه من مصر كلها‪ ،‬فتوارى عن االبصار‪،‬‬
‫قاصدا ً البرية‪ ،‬حيث زار النساك اصدقاءه مستأنسا ً بهم ومشاركا ً في حياة‬
‫الخلوة واالتحاد باهلل‪ ،‬الى ان مات يوليانوس الجاحد وخلفه جوفيانوس سنة‬
‫‪ 363‬ملكا ً حليما ً ورعاً‪ ،‬فأعاد اثناسيوس الى كرسيه وغمره بعطفه فأخذ‬
‫يواصل جهاده النبيل في سبيل مجد هللا‪ ،‬الى ان رقد بالرب في ساحة الجهاد‬
‫سنة ‪ 373‬وله من العمر سبع وسبعون سنة‪ .‬وتذكار وفاته في ‪ 18‬كانون‬
‫الثاني‪ .‬اما اليوم فتذكار نقل رفاته‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث‬
‫تذكار اكتشاف صليب سيدنا يسوع المسيح في اورشليم‬
‫في سنة ‪ 326‬ذهبت القديسة هيالنة والدة الملك قسطنطين الكبير الى اورشليم‬
‫قصد الكشف عن قبر المخلص وصليبه المقدس‪.‬‬
‫وباالتفاق مع القديس مكاريوس اسقف اورشليم‪ .‬أفرغت الجهد في التنقيب الى‬
‫ان كشف المنقبون عن مغارة وجدوا فيها ثالثة صلبان‪ .‬وب َما أن الرق الذي‬
‫علقه بيالطوس على صليب المخلص كان مفصوالً عنه‪ ،‬فلم يعرف اي صليب‬
‫من الثالثة هو صليب المخلص‪ .‬فب ِإلهام الهي عرفه القديس مكاريوس‬
‫البطريرك بوضعه على امرأة شريفة مريضة قد عجز االطباء عن شفائها وقد‬
‫اشرفت على الموت فشفيت حاالً‪ .‬وكان ذلك بحضرة الملك وامام جمع غفير‪.‬‬
‫فدهش جميعهم ومجدوا هللا‪.‬‬
‫ثم وجدوا المسامير التي سمرت بها يدا المخلص ورجاله مع الرق الذي كان‬
‫على صليبه‪.‬‬
‫فشطرت الملكة الصليب جزئين أرسلت أحدهما الى ابنها الملك قسطنطين الذي‬
‫حفظه في كنيسة القسطنطينية‪.‬ووضعت اآلخر في اورشليم ليكرمه الزائرون‪.‬‬
‫هذا ما ذكره اوسابيوس قسطنطين في تاريخه (كتاب ‪ 3‬ف ‪.)25‬‬
‫وقد شيدت هيالنة وابنها قسطنطين كنيسة فخمة على قبر المسيح هي آية في‬
‫البناء‪ .‬ابتدأ بنيانها سنة ‪ 326‬وانتهى سنة ‪.335‬‬
‫بركة الصليب المقدس معنا‪ .‬آمين!‬
‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار الشهيدين تيموتاوس ومورا زوجته‬
‫كان هذان الشهيدان في صعيد مصر‪ ،‬وكان تيموتاوس قارئا ً في كنيسة بلدته ال‬
‫ينفك عن مطالعة الكتب المقدسة وقد تزوج بمورا وهي ابنة مسيحية‪ ...‬وشي‬
‫بتموتاوس الى ادريانوس والي الصعيد فاستحضره وأمره ان يأتي بكتبه‬
‫ويحرقها أمامه‪ ،‬فأبى القديس‪ .‬فأمر الوالي فأدخلوا قضبانا ً من حديد محمية في‬
‫أذنيه وعينيه‪ ،‬ثم علقوه منكسا ً وربطوا حجرا ً ضخما ً في عنقه‪ ،‬وهو صابر‬
‫ثابت على عزمه‪.‬‬
‫فأمر الوالي باحضار مورا زوجة الشهيد وحاول اقناعها بأن تكفر هي وزوجها‬
‫أمر‬
‫بالمسيح وتضحي لالصنام فتنجو من العذاب والموت‪ .‬فآثرت أن تقاسي َّ‬
‫العذاب وأن تموت الجل المسيح‪ ،‬فأمر بها فنتفوا شعر رأسها وقطعوا أصابعها‬
‫فاحتملت ذلك بصبر وثبات في ايمانها‪ .‬فعلقوها بازاء زوجها‪ .‬فاستمر االثنان‬
‫على هذه الحال‪ ،‬يشجع الواحد اآلخر على احتمال اآلالم الى ان أسلما الروح‬
‫بيد هللا وفازا باكليل الشهادة سنة ‪ .286‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار القديسة مونيكا ام القديس اغوسطينوس‬
‫ولدت هذه البارة سنة ‪ 331‬قرب مدينة قرطجنة‪ ،‬وكانت من اسرة شريفة‬
‫نشأت على مخافة هللا وحب الفضيلة‪ .‬ثم زوجها والداها بشاب وثني اسمه‬
‫ترسيسيوس فظ الطباع‪ ،‬كان يسيء معاملتها ويستاء من إحسانها الى الفقراء‬
‫وعيادتها للمرضى وهي تبادله الوداعة ودماثة االخالق والصبر الجميل‪ ،‬حتى‬
‫تمكنت بحسن سلوكها وبصالتها من ترويض أخالقه واهتدائه الى االيمان‪.‬‬
‫ورزقت منه ثالثة أوالد‪ :‬اغوسطينوس ونافيجيوس وابنة اسمها بريثوا‪ ،‬عنيت‬
‫بتهذيبهم وتربيتهم على تقوى هللا وحفظ وصاياه‪.‬‬
‫أما اغوسطينوس‪ ،‬فقد استسلم للطيش في صغره‪ ،‬ولما شب أطلق العنان ألميال‬
‫الجسد وانخدع ببدعة ماني‪ ،‬غير مبال بتوبيخ والدته ونصائحها له‪ .‬وعندما‬
‫يئست من اصالحه‪ ،‬لجأت الى هللا‪ ،‬تكل الى عنايته أمر ابنها‪ ،‬تتضرع وتصلي‬
‫وتبكي حتى تبل االرض بدموعها‪.‬‬
‫وجاء اغوسطينوس الى ميالنو فسارت أمه في طلبه‪ ،‬تهتم بأمره‪ .‬وقد تعرف‬
‫باسقفها القديس امبروسيوس واخذ يتردد الى الكنيسة لسماع مواعظه وخطبه‬
‫فجاءت مونيكا الى القديس امبروسيوس تخبره بسيرة ابنها فعزاها القديس‬
‫وطمأنها الى أن فرحت باهتدائه الى االيمان الحق واعتماده‪ .‬ومنذ ذلك الحين‬
‫تفرغت للتأمل والصالة والتقشف‪ .‬ولما اعتزم اغوسطينوس الرجوع الى بلدته‬
‫في افريقيا سارت والدته معه ولدى وصولهما الى مدينة اوستيا رقدت بين يديه‬
‫مزودة باالسرار االلهية سنة ‪ 387‬فصلت عليها الكنيسة بحضور ابنها ودفنوا‬
‫جسدها بكل اكرام‪ .‬ومنذ القدم أخذت الكنيسة تكرم اسمها وتطلب شفاعتها‪.‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الخامس‬
‫تذكار الشهيدة ايريني‬
‫كانت ايريني ابنة أمير وثني يدعى ليكينيوس‪ .‬وب َما انها كانت رائعة الجمال‪،‬‬
‫خاف عليها ابوها فجعلها في معقل حصين‪ ،‬وأقام على حراستها بعض‬
‫الجواري‪ ،‬ووضع معها تماثيل وثنية لكي تعبدها‪ .‬غير أن نعمة الروح القدس‬
‫أقوى من ان تقف بوجهها حصون‪ .‬فوجدت مع ايريني جارية مسيحية‪ ،‬أخذت‬
‫تعلمها قواعد الديانة وتبين لها أن المسيح هو الذي خلص العالم بصليبه ونشر‬
‫المحبة والسالم بانجيله المقدس فآمنت ايريني به وشغفت بمحبته ونذرت له‬
‫بتوليتها‪ .‬ويروى أن تيموتاوس الرسول تلميذ بولس الرسول هو نفسه اتصل‬
‫بها ودخل الحصن وع َّمدها‪.‬‬
‫ولما عرف ابوها بذلك جن جنونه فجاءها حانقاً‪ ،‬اما هي فتلقته بوحه باش‬
‫ونفس هادئة‪ ،‬فأخذ يتملقها ويتهددها لتكفر بديانتها الجديدة فأبت وجاهرت‬
‫بايمانها بالمسيح فتميز ابوها غيظا ً وأمر بها فربطت الى ذنب حصان جموح‬
‫ليجرها وراءه ويهشم جسمها‪ .‬اال أن ذلك الحيوان ارتد على ابيها ليكينيوس‬
‫فقتله‪ .‬فجثت تلك االبنة البارة امام جثة ابيها تذرف الدموع وتتضرع الى‬
‫عريسها االلهي‪ ،‬رب الحياة والموت أن ال يسمح بهالك من كان علة حياتها‪.‬‬
‫فاستجاب الرب طلبها وأقام آباها من الموت‪ .‬ولدى هذه المعجزة الباهرة آمن‬
‫ليكينيوس هو وامرأته وجميع من يختص به‪.‬‬
‫وبذلك انتشرت الديانة المسيحية انتشارا ً عظيما ً في تلك االنحاء واراد السيد‬
‫المسيح ان تكون ايريني بين عرائسه العذارى الشهيدات‪ .‬فلما عرف الوالي‬
‫الروماني اميليانوس بأمرها‪ ،‬قبض عليها واذاقها أمر العذابات‪ ،‬ولما رآها ثابتة‬
‫في ايمانها‪ ،‬أمر بقطع هامتها فنالت اكليل الشهادة في القرن االول للمسيح‪.‬‬
‫وقد شيد قسطنطين الملك ومن بعده يوستينيانوس الكنائس الفخمة على اسمها‬
‫في القسطنطينية‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم السادس‬
‫تذكار الشهيدين فيتالي وامرأته فالريا‬
‫كان هذا الشهيد من مدينة رافنا في ايطاليا‪ ،‬شديد التمسك بايمان المسيح‪،‬‬
‫وغيور عليه‪ .‬وكان مقترنا ً بامرأة مسيحية تقية اسمها فالريا‪ .‬وهو ابو‬
‫الشهيدين جرفاسيوس وبروتاسيوس‪ .‬رأى يوماً‪ ،‬طبيبا ً اسمه اورسينوس‪ ،‬قد‬
‫حكم عليه بالموت وساقوه الى محل العذاب وهو يرتعد خوفاً‪ ،‬فخشي عليه‬
‫فيتالي من ان يجحد ايمانه‪ ،‬لذلك دفعته الغيرة الى ان صاح به قائالً‪ ":‬ما هذا‬
‫الفشل والجزع‪ ،‬اتخسر سعادة ابدية لكي تنجو من عذاب ساعة واحدة؟"‬
‫فتشجع اورسينوس واقدم على الموت‪ ،‬غير هياب ونال اكليل الشهادة‪ .‬فحمل‬
‫القديس فيتالي جسده ودفنه بكل اكرام‪ .‬وما عرف الوالي بولينوس حتى قبض‬
‫عليه وأمره بان يترك معتقده المسيحي فاجابه القديس‪ ،‬ضاحكاً‪ ":‬األَولى أنت‬
‫أن تترك آلهة الرومانيين الكاذبة وتؤمن باالله الحي وبابنه يسوع المسيح‬
‫الذي خلق العالم وافتداه بدمه الكريم"‪ .‬فغضب الوالي وأمر بتعذيبه فبسطوه‬
‫على آلة العذاب‪ ،‬فمزقت جسده وهو صابر يشكر هللا‪ .‬ولما رأى بولينوس‬
‫الوالي أنه ثابت على ايمانه‪ ،‬أمر فساقوه الى المحل الذي استشهد فيه‬
‫اورسينوس وهناك حفروا حفرة والقوه فيها حيا ً وردموها بالحجارة والتراب‬
‫وبذلك نال اكليل الشهادة‪ .‬أما امرأته فالريا‪ ،‬فلما كانت عائدة الى مدينة ميالنو‬
‫التقت بوثنيين يذبحون لصنمهم سيلواتس‪ ،‬فكلفوها أن تأكل من ذبيحتهم‪ ،‬فأبت‬
‫وقالت‪:‬‬
‫" أنا مسيحية فال يحل لي االكل من ذبائح صنمكم"‪ .‬حينئذ ثاروا عليها‬
‫ورجموها بالحجارة فلحقت بزوجها الشهيد فيتالي الى االخدار السماوية‪ .‬وكان‬
‫ذلك في زمان نيرون سنة ‪ .62‬صالتهما معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس انطونيوس اسقف فلورنسا‬
‫ولد هذا القديس في فلورنسا بايطاليا سنة ‪ ،1389‬من والدين تقيين ربياه على‬
‫خوف هللا وحب الفضيلة‪ .‬ولما بلغ السابعة عشرة من عمره‪ ،‬دخل رهبانية‬
‫القديس عبد االحد وسار فيها سيرة مالئكية‪.‬‬
‫وقد أقيم رئيسا ً على أديار عديدة في رهبانيته فأحسن ادارتها‪ ،‬ثم انتخب نائبا ً‬
‫عاما ً ثم رئيسا ً اقليمياً‪ .‬وبوظائفه هذه كان يمارس أحقر الخدم مع المواعظ‬
‫وس َماع االعترفات‪ .‬ولما توفي اسقف فلورنسا‪ ،‬اختاره البابا اوجانوس الرابع‬
‫خلفا ً لالسقف المتوفي‪ .‬فاعتذر وابى قبول االسقفية‪ ،‬فكتب اليه البابا يقول‪":‬‬
‫اني آمرك بالطاعة المقدسة‪ ،‬فان لم تقبل‪ ،‬تأثم اثما ً مميتا ً وتتعرض للحرم"‪.‬‬
‫حينئذ رفع عينيه ويديه الى السماء وقال‪ ":‬اللهم‪ ،‬انت تعلم أني لم أقبل‬
‫االسقفية اال اطاعة المر نائبك على االرض‪ ،‬فساعدني في ما احتاج اليه"‪.‬‬
‫ثم دخل فلورنسا‪ ،‬وهو يبل االرض بدموعه‪ .‬واستمر في االسقفية محافظا ً على‬
‫قوانين رهبانيته‪ ،‬كأنه راهب ال اسقف‪ ،‬وعين ماالً قليالً من دخله لحاجته‬
‫الضرورية والصالح داره‪ ،‬أما الباقي فاختصه بالفقراء والمحتاجين‪ .‬وقد َم َّن‬
‫عليه هللا بصنع المعجزات من شفاء مرضى واقامة موتى‪ .‬وقد الف كتبا ً كثيرة‬
‫تدل على قداسته وسعة مداركه‪ ،‬ثم رقد بالرب ممتلئا ً قداسة وفضالً سنة‬
‫‪ .1459‬وله من العمر ‪ 70‬سنة‪ .‬وفي سنة ‪ 1523‬أحصاه البابا أدريانوس‬
‫السادس في مصاف الطوباويين واذاع خلفه البابا اكليمنضوس السابع براءة‬
‫تقديسه‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار البار ارسانيوس الناسك‬
‫ولد هذا البار في روما نحو سنة ‪ ،354‬من أبوين عريقين في الحسب‬
‫والنسب‪.‬فتربى تربية عالية ونبغ في العلوم حتى أضحى من كبار علماء‬
‫عصره‪ ،‬ونحو السنة ‪ ،382‬استدعاه الملك تاودوسيوس الكبير الى‬
‫القسطنطينية‪ ،‬ليكون استاذا ً ومهذبا ً لولديه اركاديوس وهنوريوس‪ .‬فعظمت‬
‫منزلته لدى الملك حتى منحه لقب "أبي المملكة والبطريق الشريف" وجعله‬
‫مستشارا ً في مجلس االعيان‪.‬‬
‫كان ارسانيوس في تلك العاصمة عزيز الجانب موفور الكرامة تبسم له الدنيا‬
‫بكل ما فيها من مسرات وامجاد وغنى‪ ،‬لكنها لم تكن لتمأل قلبه الكبير وعقله‬
‫الثاقب‪ ،‬بل كان يعد كل ذلك كال شيء ويفكر في االسمى الدائم‪ .‬فأخذ يتضرع‬
‫الى هللا ليلهمه ما يريده منه في هذه الحياة‪ ،‬فسمع صوتا ً يقول له‪ ":‬يا‬
‫ارسانيوس‪ ،‬أهرب من معاشرة الناس فتخلص"‪ .‬فترك كل شيء وسافر الى‬
‫االسكندرية ومن هناك ذهب الى برية االسقيط وله من العمر اربعون سنة‪.‬‬
‫فوصل الى المناسك وطلب من الرهبان أن يقبلوه بينهم‪ ،‬دون أن يعلمهم من‬
‫هو‪ ،‬بل قال انه رجل غريب يقصد خالص نفسه‪ .‬وبعد ان امتحنوه وجدوه‬
‫راسخا ً في الفضيلة‪ .‬ولما وقفوا على سره‪ ،‬تهيَّبوه‪.‬‬
‫فأذن له الرئيس باالنفراد وحده لممارسة اعماله الروحية بحسب الطريقة التي‬
‫يريدها‪ .‬ولم يكن يخرج من قليته اال لضرورة ماسة‪ .‬ليكون منصرفا ً الى التأمل‬
‫واالتحاد باهلل‪ ،‬بمعزل عن كل محسوس‪ ،‬يمارس االصوام وعمل اليد ويحيي‬
‫الليالي بالصالة والتأمل في كلمات هللا‪ .‬وبقوة الصالة كان ينتصر على تجارب‬
‫الشيطان‪ .‬ولما دنت ساعة وفاته‪ ،‬رآه تالميذه يبكي فقالوا له‪ِ ":‬ل َم تبكي يا ابانا‬
‫اتخاف الموت بعد حياتك هذه المالئيكية؟"_ فأجابهم‪ ":‬ان هذا الخوف يالزمني‬
‫منذ صرت ناسكاً"‪ .‬قال هذا وما لبث ان رقد بالرب مملوءا ً قداسة سنة ‪449‬‬
‫وله من العمر ‪ 95‬سنة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم التاسع‬
‫تذكار آشعيا النبي‬
‫هو أول االنبياء االربعة الكبار واعظمهم‪ .‬قضى حياته في اورشليم أيام عزيا‬
‫ويوتام وآحاذ وحزقيا ملوك اسرائيل الذين دام ملكهم حوالي ستين سنة‪.‬‬
‫وكانت نبوؤته في منتصف القرن الثامن قبل المسيح‪.‬‬
‫مدحه القديس ايرونيموس في مقدمته على تفسير نبوءته بقوله‪ ":‬ال ينبغي أن‬
‫يسمى نبيا ً بل انجيلياً"‪ ،‬ودعاه بعضهم خامس االنجيليين‪ .‬أليس هو القائل في‬
‫ميالد المخلص‪ :‬ان العذراء تحبل وتلد ابنا ً وتدعو اسمه عمانوئيل؟ (آشعيا ‪:7‬‬
‫‪.)4‬‬
‫وكما أبدع في الكالم على حياة المسيح وامجاد الكنيسة‪ ،‬أبدع أيضا ً في الكالم‬
‫على آالمه‪ ،‬نظير النبي داود‪.‬‬
‫فيقول‪ ":‬كلنا ضللنا كالغنم‪ ،‬كل واحد مال الى طريقه‪ .‬فألقى الرب عليه إثم كلنا‪.‬‬
‫قدم هو خاضع وكشاه سيق الى الذبح وكحمل صامت أمام الذين يجزونه ولم‬
‫يفتح فاه" (آشعيا‪6 :53‬و‪.)7‬‬
‫وجاء في بعض التقاليد الراهنة انه تكلل باكليل الشهادة في عهد الملك منسى‬
‫بن حزقيا‪ .‬فهو الذي نكل به الن آشعيا أَنَّبَه وتنبأ عن معاصيه ومعاصي‬
‫الشعب‪ .‬فأمر به فنشروا جسده بمنشار من خشب‪ .‬وكان مقتله سنة ‪ 690‬قبل‬
‫المسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار المجمع المسكوني الخامس وهو القسطنطيني الثاني‬
‫انعقد هذا المجمع في القسطنطينية سنة ‪ .553‬في عهد البابا فيجيليوس والملك‬
‫يوستينيانوس‪ .‬كان فيه مئة وواحد وخمسون اسقفاً‪ ،‬الجل البحث في مقاالت‬
‫ثالث تسمى الفصول الثالثة‪ ،‬قد شجبها البابا النتمائيها الى بدعة نسطور‪.‬‬
‫حرمها آباء المجمع دون ان يحرموا كاتبيها النهم كانوا قد توفوا‪.‬‬
‫وأيدوا باربعة عشر بندا ً معتقد االيمان الكاثوليكي‪ .‬ونبذوا اضاليل النساطرة‬
‫واالوطيخيين وتباع اوريجانوس القائل بالتناسخ وخالص الشيطان‪ .‬وقد أثبت‬
‫البابا اعمال هذا المجمع الخامس وتحريمه المقاالت الثالث‪ .‬ومن ثم اذعنت‬
‫ع َّد من المجامع المسكونية‪.‬‬
‫الكنيسة االنطاكية جمعاء لحكم هذا المجمع‪ ،‬حتى ُ‬
‫وقد دلت اآلثار الراهنة أن رهبان القديس مارون كانوا منذ ذلك الحين أشد‬
‫المناضلين عن تعاليم هذا المجمع ضد كل من يخالفها‪ .‬وقد حضر المجمع‬
‫راهبهم بولس ووقع على أعماله‪ .‬صالة آبائه تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديس سمعان الرسول‬
‫ذكر االنجيل القديس سمعان بين الرسل االثني عشر‪ .‬ووصفه متى ومرقس‬
‫بالقانوي النه من قانا الجليل‪ .‬ولقبه لوقا في اعمال الرسل بالغيور‪ .‬وهو غير‬
‫سمعان المدعو باخي الرب‪ .‬بشر في مصر وفي جزر ايطاليا‪ .‬وقد اجرى هللا‬
‫على يده آيات عديدة‪ ،‬ورد كثيرين الى االيمان المسيحي‪ .‬قاسى مشاق وعذابات‬
‫كثيرة‪ .‬قبض عليه الملك ترايانوس‪ ،‬وارسله الى روما وفيها اماته مصلوبا ً فنال‬
‫اكليل الشهادة في اواخر القرن االول‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه ايضاً‪ :‬تذكار الشهيد ايزيكيوس‬
‫كان ايزيكيوس جنديا ً ومن خاصة مكسيميانوس في قصره‪ .‬ولما أمر هذا الملك‬
‫بأن الجنود الذين ال يضحون لالصنام‪ ،‬تنزع عنهم جنديتهم‪ ،‬ففي الحال نزع‬
‫ايزيكيوس عنه منطقة جنديته وتسربل الثوب المسيحي‪ .‬عندئذ أمر الملك بأن‬
‫يلبسوه ثوبا ً من صوف ويجعلوه بين النساء الخادمات‪ ،‬تحقيرا ً واذالالً له‪ .‬واخذ‬
‫يعيره بخسارته ما كان له من الكرامة في قصره‪ .‬فقال له القديس‪ ":‬ان اكرامك‬
‫لي باطل زائل‪ ،‬اما اكرام السيد المسيح فهو ثابت الى االبد"‪ .‬فأمر الملك‬
‫فربطوا بيده حجراً ضخما ً وغرقوه في البحر‪ .‬وبذلك نال اكليل الشهادة في‬
‫انطاكية نحو سنة ‪ .304‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس البابا اسكندر االول‬
‫ولد هذا البابا في روما ودرس العلوم على بلينوس الشاب ونبغ فيها وقد‬
‫تسامى بالفضائل‪ .‬انتخب حبرا ً اعظم سنة ‪ 107‬وله من العمر ثالثون سنة وهو‬
‫السادس بعد القديس بطرس‪ .‬فأخذ يتفانى غيرة على نشر ايمان المسيح‬
‫وتثبيت المؤمنين وتشجيع المضطهدين‪ .‬وقد َر َّد من الوثنية الى االيمان‬
‫بالمسيح كثيرين من اشراف روما وأعيانها وحكامها‪ ،‬حتى واليها نفسه واسمه‬
‫أرمت وامرأته واخته وأوالده وكثيرين غيرهم‪ .‬فقبض عليه ترايانوس مع‬
‫أرمت الوالي وقيدهما وطرحهما في السجن‪ .‬وكان في السجن قس اسمه‬
‫اثناسيوس وآخر اسمه تاودولوس‪ .‬فأمر أن يوضع البابا على آلة ويعذب‬
‫بالمناخز وان يحرق بالمشاعل‪ .‬ثم أمر بأن يطرح هو والقس اثناسيوس في‬
‫أتون مضطرم‪ .‬فما رآهما تاودولوس في النار حتى القى بنفسه معهما‪ .‬وقام‬
‫ثالثتهم في وسط االتون كالفتية الثالثة‪ ،‬يمجدون هللا مرنمين‪ .‬ثم قطعوا رأسي‬
‫سين‪ .‬أما البابا اسكندر فمزقوا جميع أعضائه بالسهام‪ .‬وقد أجرى هللا على‬ ‫القَ َّ‬
‫يده وهو في السجن آيات باهرة‪ ،‬منها انه ابرأ ابنة كورينوس السجان من‬
‫مرض عضال‪ ،‬فآمن ابوها وكثيرون غيره‪ .‬وقد استشهد هذا البابا ورفاقه سنة‬
‫‪ .116‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار الشهيد فنطيوس‬
‫ولد فنطيوس في روما‪ .‬وكان وثنيا ً من اسرة شريفة‪ ،‬ابوه مرقس من رجال‬
‫الندوة في المدينة‪ .‬ويروى أن أمه وهي حبلى به‪ ،‬دخلت هي وابوه هيكل زوش‬
‫ليقدما ضحية‪ .‬فصرخ الشيطان بفم كاهن زوش‪ ،‬قائالً" ان هذه المرأة‪ ،‬تحمل‬
‫جنينا ً سيهدم يوما ً هذا الهيكل‪ .‬فما سمعت المرأة هذا الصوت حتى اشمأزت‬
‫واعتراها الخجل‪ .‬فخرجت من الهيكل وأخذت حجرا ً ضربت به بطنها قائلة‪":‬‬
‫خير لي أن أموت انا وهذا الجنين‪ .‬من أن يهدم هيكل زوش االله"‪ .‬ولما ولدت‬
‫دعت الطفل فنطيوس وارادت أن تخنقه‪ ،‬فمنعها زوجها وقال لها‪ ":‬دعي زوش‬
‫يقتله"‪.‬‬
‫فشب الغالم ومر يوما ً امام منزل للمسيحيين فسمع صوتا ً من الداخل يقول‪":‬‬
‫آلهة االمم فضة وذهب صنعها أيدي البشر‪ ،‬أما نحن فالهنا في السماء وكل ما‬
‫شاء صنع"‪ .‬فتأثر وارتاح الى ما سمع وتشجع ومست النعمة قلبه‪ .‬فطلب ان‬
‫يعرف هذا االله الذي هو في السماء‪ .‬فقرع باب المنزل وكان هناك البابا‬
‫يونسيانوس فاستقبله بلطف وحنان ابويين وعلمه قواعد االيمان المسيحي‬
‫فآمن واعتمد‪ .‬وأخذ يبشر بإيمان المسيح وعن يده اهتدى ابوه مرقس الى‬
‫االيمان فكسر أصنامه ومات مسيحياً‪ ،‬وخلفه في الندوة ابنه فنطيوس‪ .‬وعندئذ‬
‫تمكن من أن يرد الى االيمان القويم الملك فيلبوس وابنه‪ .‬وبذلك هدأ االضطهاد‬
‫عن المسيحيين وعن الكنيسة‪.‬‬
‫فأخذ فنطيوس يهدم هياكل االصنام ومنها هيكل زوش‪ ،‬فتمت النبوءة فيه‪ .‬أما‬
‫بعد ان مات الملك فيلبوس سنة ‪ ،249‬وخلفه واليريانوس‪ ،‬فقام هذا يجدد‬
‫االضطهاد على المسيحيين وأمر بالقبض على القديس فنطيوس وربطه وثقله‬
‫بالقيود‪ ،‬فانحلت حاالً‪ .‬فغضب الملك وأمر بطرحه للوحوش التي أغضت عنه‬
‫وهجمت على الوثنيين فافترست منهم عددا ً وافراً‪ ،‬حينئذ أمر الملك بقطع‬
‫رأسه‪ ،‬فتكلل بالشهادة نحو سنة ‪ .257‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني عشر‬


‫تذكار القديس ابيفانوس اسقف قبرص‬
‫ولد في فلسطين قرب غزة من والدين يهوديين ومات والده وهو صغير وله‬
‫أخت‪ ،‬فعني بتربيتها أحد اليهود‪ .‬فتعرف ابيفانوس على راهب من بلده اسمه‬
‫لوسيانوس فهداه الى االيمان المسيحي هو وأخته وعمدهما‪ .‬وتثقف ابيفانوس‬
‫بأنواع العلوم والمعارف وبرع فيها‪ .‬ثم مضى الى مصر وزار نساكها ودرس‬
‫عليهم الحياة الروحية والفضائل الرهبانية‪ .‬وعاد الى وطنه وله من العمر‬
‫عشرون سنة‪ .‬فأنشأ ديرا ً قرب بلدته فتتلمذ له كثيرون‪ .‬وطارت شهرة قداسته‬
‫ومعارفه في مصر وسوريا وقبرص‪ .‬وفي سنة ‪ ،367‬انتخبه أهل قبرص‬
‫رئيس اساقفة عليهم‪ ،‬فجعل كرسيه في سالمينا‪ .‬فساس رعيته بكل غيرة‬
‫وقداسة مدة ست وثالثين سنة‪ ،‬أنشأ فيها المؤسسات واالديرة‪ ،‬ولم يهمل‬
‫فرصة لمناصبة الهرطقات وتباعها‪ ،‬بهمة ال تعرف الكلل‪.‬‬
‫وقد امتاز بمحبته للفقراء حتى أنفق في سبيلهم كل ما كان يملكه‪ .‬وكان من‬
‫أشد المدافعين عن المعتقد الكاثوليكي‪ .‬وقد كتب مقالة مسهبة الى رهبان‬
‫المشرق‪ ،‬يثبتهم في ايمانهم ويؤيد عقيدة الثالوث االقدس وحقيقة الطبيعة‬
‫البشرية في السيد المسيح وقيامة االجساد‪ .‬وقد أبان لتاوفيلوس بطريرك‬
‫االسكندية عن زعمه الفاسد في أن هلل هيئة وأعضاء بشرية‪ ،‬فعدل عن زعمه‬
‫وأخذ برأي ابيفانوس‪ .‬وبعد أن جاهد الجهاد الحسن رقد بالرب عام ‪.403‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث عشر‬
‫تذكار القديس جرمانوس بطريرك القسطنطينيه‬
‫ولد جرمانوس في مدينة القسطنطينية عام ‪ .642‬وكان أبوه يوستينيانوس من‬
‫عظماء الدولة‪ .‬فاغتيل حسداً‪ .‬و ُح ِجر على ابنه جرمانوس في الدار البطريركية‬
‫ليكون بين صغار االكليركيين ولدا ً يتيما ً ال شأن له‪.‬‬
‫لكن العناية االلهية كثيراً ما تخرج من الشر خيراً‪ .‬فعكف جرمانوس على‬
‫مطالعة الكتاب المقدس وتحصيل الكثير من العلوم فبرع فيها ورسم كاهنا ً ثم‬
‫اسقفا ً على أبرشية كيزيكو فأخذ يتفانى في خالص النفوس شأن الراعي‬
‫الصالح الحكيم‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 715‬اقيم بطريركا ً على القسطنطينية خلفا ً للبطريرك يوحنا فكان‬
‫منارة وضاءة في تلك العاصمة بعلمه وقداسته‪ ،‬وراح ينفق في سبيل ابنائه‬
‫من تقدمه من البطاركة القديسين الذين لم‬ ‫األموال الطائلة‪ ،‬ناسجا ً على منوال َ‬
‫يحجموا عن بيع االواني المقدسة الطعام الفقراء وااليتام‪.‬‬
‫وقد وقف كاالسد بوجه الملك الون االيصوري الذي كان يؤيد بدعة محاربي‬
‫االيقونات باذالً جهده في أن يستميل البطريرك اليه فلم ينل منه مأرباً‪ .‬بل كان‬
‫البطريرك يبذل له النصح ليرجع عن غيه وعن اضطهاد المؤمنين المتمسكين‬
‫بتكريم االيقونات‪.‬‬
‫واذ لم يصغ الملك له‪ ،‬ذهب القديس الى الكنيسة‪ ،‬وطرح وشاحه البطريركي‬
‫على المذبح‪ ،‬مستقيالً من البطريركية‪ .‬وكان الملك قد أصدر أمرا ً بعزله عن‬
‫طوقي انسطاسيوس مكانه‪.‬‬‫كرسيه وبتنصيب كاتبه ال َهر ُ‬
‫عندئذ لجأ الى أحد الديورة‪ ،‬حيث عكف على الصالة والصوم وانواع االماتات‬
‫والتقشفات الى ان رقد بالرب سنة ‪ ،730‬وله من العمر ما ينيف عن ثمان‬
‫وثمانين سنة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع عشر‬


‫تذكار الشهيد بونيفاسيوس ورفاقه العشرين‬
‫كان بونيفاسيوس من روما‪ ،‬قيما المرأة رومانية شريفة وغنية اسمها‬
‫اغاليس‪ ،‬عاشا معا ً زمانا ً حياةً مشككة‪ ،‬لكنهما كانا يحسنان الى الفقرء ويغيثان‬
‫الغرباء‪ .‬وبهذا الصنيع الحسن نظر هللا اليهما بعين الشفقة‪ ،‬فما عتمت اغاليس‬
‫حتى فاقت من سكرتها فمست النعمة قلبها وانارت عقلها فظهرت لها فظاعة‬
‫آثامها وايقنت ان الدنيا بمالذها وغناها باطلة زائلة‪ ،‬فعزمت على التوبة‬
‫الصادقة وباعت ما عندها من ثياب فاخرة وجواهر وحلي ثمينة ووزعت ثمنها‬
‫على الفقراء والمحتاجين‪ ،‬ودفعت بونيفاسيوس الى االقتداء بها‪ .‬فتاب مثلها‬
‫وسارا في طريق البر والقداسة‪.‬‬
‫فقالت له اغاليس‪ ":‬قد طالما اغظنا هللا وشككنا القريب فال بد لنا من التكفير‬
‫عن حياتنا الماضية‪ .‬وب َما أن ديوكلتيانوس يضطهد المسيحيين في الشرق وقد‬
‫وامض الى طرطوس‪ ،‬حيث االضطهاد قائم‪ ،‬وخذ‬ ‫ِ‬ ‫استشهد كثيرون منهم‪ ،‬قُم‬
‫معك من المال والرجال ما شئت لمساعدة المضطهدين‪ ،‬وائتنا بذخائر بعض‬
‫الشهداء فتكون لنا عونا ً على أعمال التوبة والقداسة"‪.‬‬
‫فسار بونيفاسيوس مزودا ً بالمال والخدم‪ .‬ولما وصل الى طرطوس‪ ،‬مضى توا‬
‫الى محل العذاب فوجد الجنود يعذبون عشرين مسيحيا ً أعذبة مختلفة‪،‬‬
‫والشهداء صابرون يشكرون هللا‪ .‬فأخذ يق ِبل كلومهم ويتبرك بدمائهم ويطلب‬
‫منهم ان يشفعوا فيه لدى هللا‪ .‬فقبض عليه عامل الملك وسأله من هو‪ ،‬فأجاب‪،‬‬
‫بكل جرأة‪ ":‬أنا مسيحي والمسيح سيدي وربي" فغضب الوالي وقال له‪ ":‬عليك‬
‫ان تسجد لالصنام واال انزل بك امر العذاب"‪ .‬فقال القديس‪ ":‬لست اسجد‬
‫للشياطين وال أبالي بعذاب"‪.‬‬
‫فأمر الوالي ان يعلق منكسا ً وأن يكوى جسمه بحديد محمي‪ .‬فتحمل‬
‫بونيفاسيوس هذا العذاب بصبر وفرح‪ .‬ثم فتحوا فاه وصبوا فيه رصاصا ً وزفتا ً‬
‫فجثا القديس مصليا ً مستغيثا ً بالشهداء‪ .‬فرفع هؤالء اصواتهم بالصالة‪ ،‬وبها‬
‫فاضت أرواحهم بيد خالقها‪.‬‬
‫ثم القوا القديس في قدر مملوء زيتا ً مغلي‪ ،‬فانشقت القدر وانطفأت النار‪ .‬عندئذ‬
‫أمر الوالي بقطع رأسه فتكلل بالشهادة سنة ‪ 302‬في اليوم الرابع عشر من‬
‫ايار‪.‬‬
‫وقد حملوا جسده الى اغاليس في روما فكانت اثمن ذخيرة لها‪ .‬وقضت حياتها‬
‫بالبر والقداسة ورقدت بالرب سنة ‪ .313‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫عيد سيدة الزروع‬
‫قد عين أباؤنا منذ القديم‪ ،‬في هذا اليوم‪ ،‬عيدا ً خاصا ً لسيدتنا مريم العذراء‪ ،‬طلبا ً‬
‫لبركتها على سنابل الزروع وثمار االشجار‪ ،‬لتقيها الضربات وترفع عنها‬
‫اآلفات‪ .‬فعمالً ب َما رسموه‪ ،‬نلجأ نحن اليوم الى أمنا الحنون الكلية قداستها‪،‬‬
‫متوسلين ان تستعطف ابنها الحبيب سيدنا يسوع المسيح ليبارك مزروعاتنا‬
‫ويخصبها ويقيها كل أذى‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم‪ :‬تذكار القديس بخوميوس الكبير‬
‫ولد بخوميوس في مصر السفلى سنة ‪ 295‬من أبوين وثنيين غنيين‪ .‬ولما‬
‫صار ابن عشرين سنة‪ ،‬تجند في عسكر قسطنطين في حربه ضد مكسنس‪ ،‬واذ‬
‫كان الجنود في مدينة ثيبة عاصمة الصعيد‪ ،‬يقاسون أشد المضايق‪ ،‬جاء‬
‫مسيحيو المدينة يساعدونهم ويقدمون لهم ما يحتاجون اليه‪ ،‬فأعجب صنيعهم‬
‫بخوميوس‪ ،‬ولما عرف انهم مسيحيون رغب في اعتناق هذه الديانة الشريفة‪.‬‬
‫فعاد الى بالده‪ ،‬واقام في قرية فيها كنيسة للمسيحيين فتمرس بمبادئ الدين‬
‫المسيحي وتعلم اسراره واعتمد‪ .‬فانارت نعمة الروح القدس عقله بااليمان‬
‫الحي وأضرمت قلبه بنار المحبة االلهية‪ .‬ثم سار الى البرية وتتلمذ لناسك‬
‫ألبسه الثوب الرهباني‪ ،‬فأخذ يمارس مع معلمه انواع التقشف والنسك‪.‬‬
‫ثم بنى بخوميوس صومعة سكنها وتتلمذ للقديس انطونيوس الكبير الذي كان‬
‫قد انشأ ديره االول سنة ‪ .305‬وقد اشتهرت قداسة بخوميوس فقصده كثيرون‬
‫متتلمذين له وأولهم أخوه يوحنا‪ .‬وقد أصبح بخوميوس رئيسا ً على مئة راهب‪.‬‬
‫ونحو السنة ‪ ،340‬أنشأ لرهبانه‪ ،‬بالهام الهي‪ ،‬ديرا ً جامعاً‪ ،‬ووضع لهم قوانين‬
‫وفرائض شدد فيها‪ ،‬بنوع أخص على الطاعة والصمت والصوم والشغل‬
‫اليدوي‪ .‬وكانوا يرتلون المزامير سوية‪ .‬وكانوا يعتنون بالغرباء وال سيما‬
‫المرضى فيخدمونهم‪ ،‬وهو نفسه يقوم بخدمتهم‪ .‬ينتشرون في القرى ألجل‬
‫تعليم المؤمنين وارشادهم وتبشير الوثنيين باالنجيل‪ .‬وأصبح عدد رهبانه ثالثة‬
‫آالف راهب وزعهم على عشرة أديار‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،333‬جاء اثناسيوس بطريرك االسكندرية‪ ،‬ليزور بخوميوس‬
‫ورهبانه فسر جداً ب َما شاهده من االزدهار في تلك الديورة وما تحلى به‬
‫الرهبان من الفضائل والكماالت االنجيلية‪.‬‬
‫وقد أنشأ بخوميوس ايضا ً ديرا ً للراهبات وكل تدبيره الى شقيقته‪ .‬وقد ألح عليه‬
‫االسقف بأن يرسمه كاهنا ً فاعتذر‪ .‬وكان يقوم بادارة االديار التي بناها ويهتم‬
‫بشؤون رهبانها‪ .‬وكان ابليس يهاجمه‪ ،‬نظير القديس انطونيوس‪ ،‬بأنواع‬
‫التجارب فينتصر عليه بقوة هللا واشارة الصليب المقدس‪ .‬وقد منحه هللا موهبة‬
‫صنع المعجزات‪ .‬وفي سنة ‪ 348‬أصيب نحو مئة راهب بوباء الطاعون‪ ،‬ولما‬
‫كان هو نفسه يخدمهم أصيب بهذا الوباء فعرف بدنو أجله‪ ،‬فجمع رهبانه‬
‫وودعهم وحضهم على الثبات في السير بموجب القوانين التي وضعها لهم‪ .‬ثم‬
‫رفع عينيه الى فوق ورسم اشارة الصليب ورقد بسالم سنة ‪ .348‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس عشر‬
‫تذكار مار عبدا ورفاقه الشهداء‬
‫ولد هذا البار في ِكلدُو في اوائل القرن الرابع‪ .‬وكانت امه مجوسية‪ .‬وقد تحلى‬
‫عبدا بالمناقب الحميدة فأحبه الجميع‪ .‬وبعد أن ترقى بالعلم والفضيلة ارتسم‬
‫كاهنا ً وشيد في بلدته ديراً وأنشأ مدرسة اعتنى بتعزيزها‪ .‬وقيل انها كانت تضم‬
‫‪ 60‬استاذاً‪ .‬فعمد في ِكلدُو كثيرين وأرجع ضالين الى حظيرة المسيح‪ .‬فقبض‬
‫عليه المجوس وألقوه في السجن حيث بقي مدة صابراً على اإلهانة والجوع‬
‫واأللم‪ ،‬الى أن أطلق سراحه بعناية ربانية‪.‬‬
‫وفي أثناء االضطهاد الذي أثاره سابور على المسيحيين‪ ،‬انبثق من األرض‬
‫صدَه عبدا مناديا ً‬
‫صليب بشكل شجرة وكان يفيض بالمعجزات‪ .‬قبنوا هناك ديرا ً ق َ‬
‫ببشارة اإلنجيل‪ .‬وكان قد أصبح اسقفا ً على المدائن‪ .‬فتتل َم َذ له كثيرون‪ .‬لكنه‬
‫ات ُّ ِه َم بأنه َهدَم معبد النار للمجوس‪ ،‬فغضب الملك وكلفه أن يجدد بناء المعبد‬
‫المهدوم‪ .‬فأبى‪ ،‬حذرا ً من االشتراك في العبادة المجوسية‪ .‬عندئذ أمر الملك‬
‫بقتله‪ ،‬فساقوه الى خارج المدينة وقتلوه هو وسبعة كهنة وسبعة شمامسة‬
‫وسبع عذارى‪ .‬فنالوا اكليل الشهادة سنة ‪ .374‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس اجناديوس بطريرك القسطنطينيه‬


‫كان اجناديوس كاهنا ً في كنيسة القسطنطينية ثم انتخب بطريركا ً عليها لسمو‬
‫فضائله وغزارة علومه‪.‬‬
‫صار كرسي انطاكية‪ ،‬سعى البطريرك اجناديوس لدى‬ ‫ولما اختلس بطرس الق َّ‬
‫الملك الون االول‪ ،‬فأصدر أمراً بطرده‪ .‬وقد رد كثيرين من الهراطقة الى االيمان‬
‫القويم‪ ،‬ومن جملتهم مرسيان الكاهن‪.‬‬
‫وكانت له المنزلة الرفيعة والكلمة النافذة لدى الملك‪ ،‬حتى أقنعه بأن يُصدر‬
‫مرسوما ً ملكياً‪ ،‬يمنع فيه رعاياه من الشغل يوم االحد‪ .‬وحظر على الحكومة‬
‫المدنية استدعاء االكليريكيين الى المحاكمة أو الشهادة بدون اذن رؤسائهم‪.‬‬
‫وبعد جهاد مقدس في سبيل الكنيسة وتقديس النفوس‪ ،‬رقد اجناديوس بالرب‬
‫سنة ‪ .471‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع عشر‬


‫تذكار األنبا سرابيون‬
‫كان هذا البار ناسكا ً عظيماً‪ ،‬أتقن الفضيلة اتقانا ً عجيبا ً وامتاز بفضيلة الفقر‪ ،‬اذ‬
‫لم يكن له اال مئزر يستتر به ولهذا لقب بالمئزري‪ .‬ولم يكن له مسكن‪ ،‬بل كان‬
‫يطوف واعظا ً مبشراً‪ ،‬وأحيانا ً كان يبيع ذاته للكفار كعبد يخدمهم‪ ،‬قصد أن‬
‫يعظهم ويردهم الى االيمان بالمسيح‪.‬‬
‫وذهب مرة الى مدينة آثينا‪ ،‬فجال فيها ثالثة أيام ولم يُعطه أحد شيئا ً ليأكل‪،‬‬
‫فخارت قواه جوعاً‪ ،‬حينئذ وقف في مكان عال وأخذ يصفق بيديه وينادي‪ ":‬يا‬
‫أهل آثينا‪ ،‬ارحموني وعينوني"‪ .‬فتراكض الناس اليه وسألوه عن أمره‪ ،‬فقال‬
‫لهم‪ ":‬اني قبطي خرجت من وطني ووقعت في أيدي ثالثة أسياد وأنا مدين‬
‫لهم‪ ،‬فنجوت باذن هللا من االثنين‪ ،‬أما الثالث فلم يزل يالزمني ويضايقني‪ ،‬ويلح‬
‫بطلب حقه مني"‪ .‬فأشكل معنى كالمه على الفالسفة الحاضرين فأستوضحوه‪،‬‬
‫فقال‪ ":‬كان يحاربني ثالثة‪ :‬رذيلة الزنا‪ ،‬ومحبة الفضة ومحبة البطن‪ .‬فانعتقت‬
‫من االثنين االولين وانتصرت عليهما بقوة هللا‪ .‬أما الثالث أي محبة البطن فلم‬
‫أتمكن من التخلص منه‪ ،‬وها قد مرت علي أربعة أيام‪ ،‬لم أذق فيها شيئاً‪ .‬فظنه‬
‫الفالسفة محتاالً يطلب الحصول على الفضة‪ ،‬فنقده أحدهم ديناراً‪ ،‬فاشترى به‬
‫حاالً رغيفا ً سد به جوعه‪ .‬فتحقق الفالسفة صدقه واكبروا فضيلته وأعجبوا‬
‫بطريقته الغريبة‪.‬‬
‫وقد سار مرة ماشيا ً من مصر الى الحبشة مسافة عشرين يوما ً في البرية لكي‬
‫يزور القديس مرقس الناسك‪ .‬وفي طريقه أتاه مالكان بقوت تمكن به من‬
‫س َّر بقدومه مرقس الناسك‪ ،‬فأقام عنده مدة ممارسا ً معه‬‫مواصلة سيره‪ .‬وقد ُ‬
‫الصلوات وانواع التقشفات‪ ،‬الى أن رقد بالرب في أواسط القرن الرابع‪ ،‬وله‬
‫من العمر ستون سنة‪.‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن عشر‬


‫تذكار الشهيد تاودوطوس والشهيدات السبع‬
‫ولد هذا الشهيد في مدينة أنكره عاصمة غالطية‪ ،‬فتربى على يد القديسة‬
‫طاكوسة رئيسة العذارى الشهيدات السبع‪ .‬فنشأ على خوف هللا ومحبة‬
‫الفضيلة‪ .‬ومنحه هللا موهبة صنع العجائب‪.‬‬
‫ولما كانت سنة ‪ 303‬أثار الملك ديوكلتيانوس االضطهاد على المسيحيين‪،‬‬
‫هرب المسيحيون من بيوتهم‪ ،‬ولجأت البتوالت منهم الى القفار‪ ،‬حفاظا ً على‬
‫فضيلتهن‪ .‬وأرسل الوالي فقبض على أعيان المسيحيين وقيدهم بالسالسل‬
‫وطرهم في السجن‪ ،‬فكان القديس تاودوطوس يساعد المضط َهدين‪ ،‬ويشجعهم‬
‫على الثبات في ايمانهم‪ ،‬يزور المسجونين ويعزيهم ويدفن الشهداء‪ ،‬غير مبال‬
‫بغضب الوالي‪ .‬فجمع في بيته كمية وافرة من الحنطة واالقوات التي لم تكرس‬
‫لالوثان وأخذ يوزعها على المؤمنين حفظا ً لحياتهم‪ .‬وكان منزله كمستشفى‬
‫للمرضى ومعبد للصالة‪ .‬ولم ينفك عن تحريض الجميع على االحتمال والصبر‬
‫حتى النهاية‪ .‬وقد سعى في بناء كنيسة لدفن ذخائر الشهداء‪.‬‬
‫فألقى الوالي القبض على القديسة طاكوسة مع ست عذارى وكلفهن تقديم‬
‫الذبائح لالوثان‪ ،‬فأبين‪ ،‬فأنزل بهن أنواع العذابات وأمرها‪ ،‬وهن صابرات‪،‬‬
‫ثابتات في ايمانهن‪ .‬ثم أمر فغرقوهن في بحيرة هناك فنلن اكليل الشهادة‪ .‬فأتى‬
‫تاودوطوس وبعناية الهية‪ ،‬تمكن من انتشال جثثهن ودفنها باكرام‪.‬‬
‫ولما عرف الوالي بذلك‪ ،‬امر بسجنه‪ ،‬ثم أخرجه من السجن وأذاقه من العذابات‬
‫أقساها وهو صابر يمجد هللا‪ .‬ثم ضربوا عنقه فنال اكليل الشهادة سنة ‪303‬‬
‫وحرقوا جثته لئال يدفنها المسيحيون‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار األنبا بساريون العجائبي‬


‫ولد بساريون في مصر‪ .‬ومنذ حداثته عكف على مطالعة الكتب المقدسة‬
‫ومناجاة هللا بالصالة والتأمل وقهر الجسد وضبط الحواس‪.‬‬
‫وقد اعتزل العالم‪ .‬فسار الى برية االسقيط‪ ،‬متكبدا ً شدة الجوع والعطش والعري‬
‫وحرارة الشمس‪ ،‬رافعا ً عقله وقلبه الى هللا‪ ،‬يتمثله كيفما سار واينما حل‪ .‬ولم‬
‫يكن يقبل شيئا ً من أحد وال أن يكون له محل يسكنه‪ ،‬تشبها ً بالسيد المسيح‪ ،‬ال‬
‫يملك من حطام الدنيا سوى االنجيل المقدس جاعالً فيه كل هنائه وعزائه‪،‬‬
‫عامالً بتعاليمه االلهية‪ .‬وكان َيعُد ذاته خاطئا ً وآخر الناس ويرثي لمن يسقط في‬
‫خطيئة ويبذل له النصح لينهض من سقطته‪ .‬فمنحه هللا صنع اآليات‪ .‬ولتواضعه‬
‫كان يهرب من المجد الباطل‪ ،‬فيحاول الناس الحصول منه على معجزة بالحيلة‪،‬‬
‫لعلمهم انه نفور من كل شهرة‪ .‬وبمثل هذه االعمال الصالحة والفضائل السامية‬
‫رقد بالرب في أواخر القرن الرابع‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم التاسع عشر‬
‫تذكار الشهيدين فيالتاروس وكيرياكي‬
‫ان فيالتاروس كان من نيكوميديه رجالً مسيحياً‪ .‬أمره الملك ديوكلتيانوس‬
‫ليكفر بالمسيح‪ ،‬ويضحي لالوثان‪ .‬فلم يذعن له‪ ،‬فأمر بان يوضع في أتون‬
‫ويسد الباب عليه فصانه هللا من كل أذى‪ .‬عندئذ أطلق سبيله‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 304‬تنازل ديوكلتيانوس عن الملك لمكسيميانوس‪ ،‬فأمر هذا‬
‫بالقبض على القديس وحكم عليه بالجلد‪ .‬ثم نفاه الى جزيرة وفيها قاسى من‬
‫االهانة والعذاب ما أودى بحياته وأناله غار النصر في المجد االبدي‪.‬‬
‫أما الشهيدة كرياكي فقبض عليها مكسيميانوس مع خمس عذارى وكلفها الكفر‬
‫بايمانها‪ ،‬فشتمته‪ .‬فأمر بأن يضربوها على وجهها ثم جلدوها جلدا ً عنيفا ً حتى‬
‫سالت دماؤها‪ .‬وطرحوها مع العذارى الخمس في النار‪ ،‬فنلن جميعهن اكليل‬
‫الشهادة‪ .‬صالة الجميع معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار البار أمون الناسك‬


‫ولد هذا البار في مصر سنة ‪ 294‬من أسرة شريفة وغنية‪ .‬ولما بلغ الثانية‬
‫والعشرين من عمره أكرهه ذووه على الزواج بابنة جميلة تقية ذات حسب‬
‫ونسب‪ ،‬فاتفق كالهما على حفظ الطهارة‪ .‬وعاشا معا ً سبع عشرة سنة‬
‫ممارسين الصالة والنسك والعمل اليدوي‪ .‬ثم أرادا أن يفترقا لكي يتفرغا بنوع‬
‫أكمل للعبادة‪ .‬فبقيت عروسه في بيتها تضم اليها بعض العذارى وعشن معا ً‬
‫بالنسك‪ ،‬عيشة مالئكية‪.‬‬
‫أما القديس أمون فمضى الى برية نطرون في مصر‪ ،‬حيث تنسك اثنتين‬
‫وعشرين سنة‪ .‬وهناك تتلمذ له عدد غفير من الرهبان قيل انهم بلغوا ‪3000‬‬
‫راهب‪ .‬توفي سنة ‪ 348‬بسالم الرب‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العشرون‬
‫تذكار القديس برنردينوس السياني‬
‫ساكرارا بايطاليا من اسرة‬
‫ولد برنردينوس في ‪ 8‬أيلول سنة ‪ 1380‬في م َّ‬
‫شريفة وتربى تربية صالحة وتخرج بالعلوم‪.‬‬
‫ولما كان له من العمر سبع عشرة سنة انضم الى أخوية كانت تعتني بفقراء‬
‫مدينة سيانا‪ ،‬فتفانى غيرة في خدمة المرضى‪ .‬وفي سنة ‪ 1404‬انضوى الى‬
‫رهبانية القديس فرنسيس‪ .‬وترقى في الكمال الرهباني‪ .‬كان فصيح اللسان قوي‬
‫الحجة جميل المنظر فأحبه الجميع‪ ،‬والعجابهم به لقبوه ب" بوق السماء"‪ .‬وقد‬
‫دعي مراراً الى قبول االسقفية فأبى تواضعا ً وتمسكا ً بحالته الرهبانية‪ .‬فاقيم‬
‫نائبا ً عاما ً على رهبانيته وكان يسوسها بالحكمة والقداسة‪ .‬وأنشأ لها أديرة‬
‫كثيرة معظمها على اسم العذراء لشدة محبته لها‪ .‬رقد بالرب سنة ‪.1444‬‬
‫فأحصاه البابا نيقوالوس الخامس في مصاف القديسين سنة ‪ .1450‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس تالالوس‬
‫كان هذا البار من لبنان طبيبا ً مسيحيا ً تقياً‪ ،‬جعل الطب وسيلة لشفاء النفس قبل‬
‫الجسد‪ .‬وفي سنة ‪ ،284‬وشي به الى تاودورس والي االقليم‪ ،‬فعذبه وجلده‬
‫حتى تناثر جسده وتكسرت عظامه وهو صابر ال يتذمر‪ ،‬كأنه ال يشعر بألم‪ .‬فلما‬
‫شاهد اثنان من الجالدين صبره هذا آمنا‪ ،‬وهما استاديوس والكسندروس‬
‫وجاهرا بإيمانهما‪ .‬فللحال أمر الوالي بقطع رأسيهما فتكلال بالشهادة‪.‬‬
‫فتهلل تالالوس فرحا ً وعزا ًء وشكر هللا على نعمته هذه وكرر اعترافه بالمسيح‬
‫االله‪ .‬فتميز الوالي غيظا ً ووثب عليه ليتولى عذابه بيده‪ ،‬فيبست يده حاالً‬
‫ق له الشهيد وانهضه وشفاه‪ .‬فدهش‬ ‫وسقط على االرض مغشيا ً عليه‪ ،‬فر َّ‬
‫الحاضرون من هذا المشهد وآمن كثير منهم‪ .‬أما الوالي الكافر بالجميل‪ ،‬فما‬
‫كان منه اال أن أمر بقطع رأسه فانضم الى الشهداء القديسين سنة ‪.284‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‬
‫اليوم الحادي والعشرون‬
‫تذكار القديسة هيالنه‬
‫كانت الزوجة االولى للقائد قسطنس كلور‪ ،‬ولدت له قسطنطين وبعدها طلقها‬
‫زوجها وتزوج بتاودورا نسيبة الملك مكسيميانوس‪ .‬فصبرت هيالنه على هذه‬
‫المحنة‪ ،‬واهتمت بتربية ابنها قسطنطين تربية صالحة‪ .‬ولما اشهر مكسانس‬
‫الحرب على ابنها قسطنطين‪ ،‬كان ان استجاب هللا صالتها فرأى قسطنطين‬
‫صليبا ً يتألأل بهاء كتب عليه‪ ":‬بهذه العالمة تنتصر"‪ .‬فكان النصر حليفه ولما‬
‫صكت‬‫أصبح قسطنطين ملكا ً على الشرق‪ ،‬أولى أمه هيالنه لقب امبراطورة‪ .‬و ُ‬
‫صورتها على النقود‪ .‬وكان يأخذ بآرائها في االمور الهامة‪ ،‬وفتح لها خزائنه‬
‫الملكية تتصرف بها وتوزع الهبات والصدقات على الفقراء والبائسين‪ .‬وقد‬
‫ساعدت كثيرا ً على نشر الدين المسيحي في المملكة الرومانية وقد اشتهرت‬
‫بتواضعها وتقربها من عامة الشعب‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 326‬جاءت الى اورشليم وزارت األراضي المقدسة واكتشفت‬
‫خشبة الصليب المقدس‪ ،‬فقسمته شطرين أرسلت الواحد الى ابنها‪ ،‬واآلخر‬
‫أبقته في القبر‪ .‬وبنت كنيسة فخمة في مكان قبر المسيح‪ ،‬وكنيسة ثانية في‬
‫مكان صعود المخلص وكنيسة ثالثة في بيت لحم فوق مغارة المهد‪ .‬ثم عادت‬
‫الى القسطنطينية حيث رقدت بسالم الرب عام ‪ .328‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني والعشرون‬
‫تذكار الشهيد باسيليوس‬
‫كان هذا البار من آماسيا بارمينيا في أيام مكسيميانوس الملك‪ .‬وكان في‬
‫الجندية مع رفيقين هما‪ :‬اوتربيوس وكلونيكوس‪ .‬فعلم الوالي بهم أنهم‬
‫مسيحيون‪ .‬فأمر بالقبض عليهم وانزل بهم عذابات كثيرة مبرحة ليكفروا‬
‫بالمسيح ويضحوا لالصنام‪ ،‬فلم ينل منهم مأرباً‪ ،‬فأمات اوتربيوس وكلونيكوس‬
‫مسمرين على االصليب‪ .‬ففازا باكليل الشهادة‪.‬‬
‫أما باسيليوس‪ ،‬ابن أخ الشهيد والقائد العظيم تاودورس‪ ،‬فأرسله الى كومانا‬
‫في البنطس‪ ،‬فأخذ القديس يتضرع الى هللا بأن ينيله حظ رفيقيه‪ ،‬فلما وصل الى‬
‫كومانا‪ ،‬ألبسوه خفا ً من حديد محمي وسمروه برجليه واستكدوه جرياً‪ ،‬حتى‬
‫سالت دماؤه‪ ،‬وهو صابر يشكر هللا‪ .‬ثم أجروا عليه عذابات متنوعة‪ .‬ولما لم‬
‫ينثن عن عزمه قطعوا رأسه ورموا جثته في النهر‪ ،‬فأتى المسيحيون‬
‫وانتشلوها ودفنوها باكرام في مدينة كومانا‪ .‬وكان ذلك سنة ‪.308‬‬
‫وباسيليوس هذا هو غير القديس باسيليوس اسقف كومانا الذي ظهر ليوحنا فم‬
‫الذهب في طريقه الى المنفى وشجعه وهنأه بقرب أجله وفوزه بالسعادة األبدية‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث والعشرون‬
‫تذكار القديس ميخائيل أسقف سينادا في فريجيا‬
‫هذا البار كان راهبا ً قم أقيم أسقفا ً على مدينة سيناده في فريجيا من آسيا‬
‫الصغرى فكان غيورا ً على حفظ االيمان الكاثوليكي‪ ،‬وقد قاوم بكل جرأة الملك‬
‫الون االيصوري محارب االيقونات‪ .‬فحنق عليه الملك واستحضره امامه وأمره‬
‫بالعدول عن تعليمه واالنصياع المره‪ .‬فوقف القديس بوجهه ووبخه على‬
‫ضالله‪ ،‬فأمر بالقائه في السجن أوالً‪ ،‬ثم نفاه الى مدينة في تراسيه حيث كان‬
‫يحتمل اآلالم المرة بجميل الصبر مثابرا ً في منفاه على الصالة واعمال البر‬
‫والقداسة الى ان رقد بالرب سنة ‪.820‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار البار طوبيا الرحوم‬


‫كان طوبيا من الجليل من سبط نفتالي‪ ،‬رجالً باراً خائفا ً هللا‪ .‬وقد سبي مع‬
‫االسرائيليين الى نينوى حيث استمر محافظا ً على شريعة هللا وقد نال نعمة لدى‬
‫صر‪ ،‬فوهبه ماالً وأطلق سراحه‪ ،‬بينما كان يدفن الموتى الذين‬ ‫الملك شلمنا َّ‬
‫يقتلهم الملك سنحاريب حنق هذا عليه واراد قتله وضبط أمواله‪ ،‬فهرب‪.‬‬
‫واذ أصيب بالعمى احتمل مصابه متضرعا ً الى هللا لينقذه من عماه‪ .‬وقد ارسل‬
‫ابنه طوبيا الى راجيس يستوفي دَيناً‪ ،‬فرافقه المالك رافائيل دون ان يعرفه‪.‬‬
‫وبعد ان استوفى الدَّين تزوج من سارة بنت رعوئيل التي كانت الشياطين تقتل‬
‫ازواجها فخلصه رافائيل من القتل ورده الى ابيه سالما ً مع ساره زوجته‪.‬‬
‫ووضع على عيني ابيه من مرارة الحوت الذي اصطاده برفقة المالك من نهر‬
‫دجلة فابصر وشكر هللا‪ .‬ولما اراد ان يعطي رفيقه اجرته ابان له انه مالك هللا‪.‬‬
‫وتوفي طوبيا الرحوم سنة ‪ 680‬قبل المسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار القديس سمعان العمود الكبير تلميذ مار مارون‬
‫ولد هذا البار سنة ‪ 390‬في قرية سبيسان على حدود سوريا وكيليكية‪ ,‬كان‬
‫يرعى غنم ابيه‪ .‬ومنذ حداثته كان رصينا ً هادئا ً متعشقا ً الفضيلة وال سيما‬
‫الطهارة‪ .‬بعد وفاة والديه زهد في الدنيا وترك ثروته الخوته وللفقراء ودخل‬
‫ديرا ً في توالدا عاكفا ً على درس الحياة النسكية وممارستها بكل دقة ونشاط‪.‬‬
‫وبعدها أوحى اليه بأن يقيم فوق عمود ليمارس فوقه الصلوات واالماتات‪،‬‬
‫معرضا ً لحر الصيف وبرد الشتاء‪.‬‬
‫ويروى ان النساك حملوا رئيسه ان يمتحن طاعته فأمره بالنزول عن عموده‪.‬‬
‫فما كان من سمعان اال ان امتثل لالمر‪ .‬فازدادوا احتراما ً له واعجابا ً بقداسته‪.‬‬
‫عاش سمعان على عموده ثالثين سنة‪ ،‬على طريقته المستغربة التي تحار فيها‬
‫العقول‪ ،‬ولوال المستندات التاريخية التي تؤيدها وال سيما ما كتبه عنه المؤرخ‬
‫الشهير تاودوريطس المعاصر له وغيره من الكتبة التقاة لما كنا نصدق تاريخ‬
‫حياته العجيب‪ .‬ورقد هذا المجاهد العظيم في الثاني من ايلول عام ‪ ،459‬وله‬
‫من العمر ‪ 69‬سنة‪ .‬ونقل جثمانه الطاهر الى مدينة انطاكية بموكب حافل مشت‬
‫فيه الجماهير مع االساقفة واالكليروس وكوكبة من العساكر الملوكية‪ ،‬ودفن‬
‫في الكنيسة‪.‬‬
‫وقد أجرى هللا على يده في حياته وبعد مماته عجائب ال تحصى وبقي عموده‬
‫يفوح برائحة عطرة مدة طويلة وأصبح مزارا ً شهيرا ً حيث بنى الرهبان ديرا ً‬
‫وكنيسة فخمة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وحوش تفترس أهلها‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وذُكر انه هو الذي أر َ‬
‫س َل الى قرى شمالي لبنان‪ ،‬وكانت‬
‫من ع َّمدَهم‪ ،‬وأمرهم أن يرسموا سبعة صلبان حول كل قرية‪ ،‬فنجوا‪ .‬وكانوا هم‬
‫من الموارنة األوائل المقيمين األصليين في لبنان‪ ( .‬راجع تاريخ االب ضو)‪.‬‬

‫اليوم الخامس والعشرون‬


‫تذكار القديسة باسيال الشهيدة‬
‫ولدت باسيال في روما من ساللة ملوكية‪ .‬ومنذ حداثتها خطبها والدها لشاب‬
‫من اشراف روما اسمه بومبايوس‪ .‬ومات والدها وهي قاصرة‪ .‬فأقيم عليها‬
‫وصيا ً رجل مسيحي فاضل اسمه هاالتوس‪ ،‬فأخذ يبين لها سرا ً عن شرف‬
‫الديانة المسيحية فشغفت بها ونبذت الوثنية وتعلمت قواعد الدين المسيحي‬
‫وعمدها البابا كورنيلوس‪.‬‬
‫فوشت بها احدى جواريها الى خطيبها بأنها مسيحية فشكاها الى الملك‬
‫غالينوس فأمر بقطع رأسها فنالت اكليل الشهادة سنة ‪ .260‬صالتها معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهيدين ألوتاريوس وامه‬


‫وتعيد لهما الكنيس في الخامس عشر من كانون األول‬
‫ولد ألوتاريوس في روما سنة السبعين للمسيح‪ .‬وقد كان والده اوجانيوس من‬
‫قضاة المدينة وتوفي وابنه طفل‪ .‬فاعتنت به امه التقية آنثيا بتربيته وعلمته‬
‫قواعد االيمان المسيحي التي كانت اخذتها عن بولس الرسول‪ .‬ولما ترعرع‬
‫سلمته الى البابا القديس أناكليتوس‪ ،‬فثقفه بالعلوم الدينية ودرس الكتب‬
‫والقوانين المقدسة‪ .‬فنبغ فيها‪ .‬فأدخله في سلك االكليريكيين ورسمه شماسا ً‬
‫وهو ابن ‪ 15‬سنة‪ .‬ثم رسمه كاهنا ً وهو ابن ‪ 18‬سنة ثم رسمه البابا اسكندر‬
‫االول اسقفا ً وله من العمر ‪ 20‬سنة‪ ،‬وأرسله راعيا ً الى اقليم إلليريا‪ ،‬فكان‬
‫الراعي الغيور المتفاني في بشارة االنجيل وخالص النفوس‪.‬‬
‫ولما أثار الملك ادريانوس االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬قبض عليه والي مدينة‬
‫سينَّا وسجنه وكلفه السجود لألصنام‪ .‬فأبى مجاهرا ً بإيمانه بالمسيح والسجود‬
‫له دون سواه‪ .‬فأمر بتعذيبه‪ .‬فبسطوه على صفائح من حديد محمية‪ .‬ووضعوه‬
‫في قدر مملوءة زيتا ً وشحما ً وأضرموا النار تحتها‪ ،‬فبقي سالما ً يشكر هللا‪ .‬فعند‬
‫هذه المعجزة الباهرة آمن الوالي كواريوس وجميع الحاضرين‪ .‬ولما علم الملك‬
‫بما جرى أمر بقطع رؤوسهم جميعاً‪ ،‬ورأس ألوتاريوس معهم‪ .‬ثم جاءت امه‬
‫آنثيا وانطرحت على جسده الطاهر تقبله وتبكيه‪ .‬فضربوا عنقها وفاز الجميع‬
‫باكليل الشهادة سنة ‪ 130‬للمسيح‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تذكار كربوس تلميذ بولس الرسول‬
‫ذكر القديس بولس تلميذه هذا في رسالته الثانية الى تيموتاوس‪ .‬قال‪:‬‬
‫" احضر معك‪ ،‬عند قدومك‪ ،‬الرداء الذي تركته في تراوس‪ ،‬عند كربوس" (‬
‫‪2‬تيمو ‪ .)13 :4‬وكان كربوس من المبشرين االثنين والسبعين الذين اختارهم‬
‫الرب وارسلهم امامه للتبشير‪ .‬وقد صحب بولس الرسول بالتبشير وكان يحمل‬
‫رسائله الى من يوجهها اليهم‪.‬‬
‫وقد اقامه بولس الرسول اسقفا ً على مدينة بازيس من اقليم طروادا‪ .‬وروى‬
‫سنكسار الكنيسة القسطنطينية انه مات شهيداً‪ ،‬اذ هجم عليه اليهود النه كان‬
‫يوبخهم فقتلوه في اواسط القرن االول للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس فيلبس دي نيري‬
‫ولد هذا القديس العظيم في مدينة فلورنس بايطاليا سنة ‪ 1515‬من أبوين‬
‫شريفين تقيين‪ ،‬ومنذ حداثته‪ ،‬عرف بوداعته ومحبته هلل وللقريب والزهد في‬
‫الخيرات الزمنية‬
‫ومضى الى روما فانكب على درس الفلسفة والالهوت متفوقا ً على اقرانه‬
‫وعلى علماء روما بالذات‪ .‬وامتاز بوداعته وتواضعه‪ ،‬كما امتاز بطهارة‬
‫مالئكية‪.‬‬
‫وكان يتفانى في العناية بالمرضى والفقراء ملتهبا ً غيرة على خالص النفوس‬
‫وال سيما على ترويض اخالق الشبان‪ ،‬قاصدا ً اليهم انى وجدوا‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1548‬انشأ جمعية الثالوث االقدس وغايتها االولى مساعد الفقراء‬
‫والمرضى ثم االهتمام بالزائرين الوافدين الى روما‪.‬‬
‫ارتسم كاهنا ً سنة ‪ ،1551‬فكان يتلو الذبيحة االلهية بمنتهى الخشوع ويقضي‬
‫الساعات الطوال في منبر االعتراف‪ .‬وقد رد الكثيرين الى حياة التوبة‬
‫والقداسة‪.‬‬
‫وكان الكاهن القديس يعتني باالحداث فيطوف شوارع المدينة ليجمعهم‬
‫ويعلمهم‪ .‬ومن اقواله لهم‪ ":‬العبوا ما شئتم‪ ،‬لكن حذار من ان تغيظوا هللا"‪.‬‬
‫انشأ "جمعية الصالة الليلية" التي اثبت قانونها البابا غريغوريوس ‪.13‬‬
‫وقد شرف هللا القديس فيلبس بصنع عجائب كثيرة‪ .‬واشتهر بعبادته لمريم‬
‫العذراء‪ .‬ورقد بالرب عام ‪ 1595‬وله من العمر ‪ 80‬سنة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع والعشرون‬
‫تذكار الشهيدين تاودورا وديديموس‬
‫كانا من االسكندرية في ايام الملك ديوكلتيانوس‪ .‬قبض والي المدينة على‬
‫تاودورا فاعترفت بانها مسيحية‪ .‬فهددها بافساد بكارتها وبالموت‪ .‬فقالت‪:‬‬
‫معونتي باسم الرب‪ .‬فالقيت في السجن‪ .‬وكان الفساق حولها كالذئاب ينتظرون‬
‫من سيكون الفائز االول بافتراس هذه النعجة النقية‪ .‬أما هي فجثت تصلي‪.‬‬
‫وكان في االسكندرية شاب مسيحي شهم اسمه ديديموس‪ ،‬عرف بأمر الشهيدة‪،‬‬
‫فاتخذ زي جندي مدجج بسالحه‪ ،‬ودخل الى تاودورا‪ ،‬فأرتاعت منه فقال لها‪":‬‬
‫ال تخافي يا أختي‪ ،‬انا مسيحي أتيت النقذك‪ .‬خذي ثيابي واسلحتي الجندية‬
‫وأعطيني ثيابك واخرجي بسالم" فأطاعته وخرجت دون ان يدري بها أحد‪.‬‬
‫ولما عرف الوالي باالمر‪ ،‬استحضر ديديموس‪ ،‬فأعترف انه مسيحي وقد فعل‬
‫ما فعل لينقذ عذراء مسيحية من الفساد والعار‪ .‬فحكم عليه الوالي بقطع الرأس‬
‫فاسرعت تاودورا الى محل االستشهاد‪ ،‬لتفدي َمن فداها من العار‪ .‬فقطع‬
‫السياف رأسيهما معا ً فتكلَّال بغار الشهادة‪ .‬وكان ذلك سنة ‪ .304‬صالتهما معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار البابا يوحنا االول الشهيد‬
‫ولد في مدينة توسكانا في ايطاليا‪ ،‬وكان كاهنا ً يخدم البابا هرمزدا وقد خلفه‬
‫على السدة البطرسية في ‪ 13‬آب سنة ‪.523‬‬
‫ولما وقع الخالف بين الملك يوستينوس الكاثوليكي الذي كان يناصب‬
‫االريوسيين وبين تاودوريكوس ملك الغطط االريوسي‪ ،‬قام البابا بمهمة‬
‫المصالحة بينهما فذهب مع وفد من االساقفة الى القسطنطينية وكان له استقبال‬
‫حافل لدى وصوله والملك يوستينوس نفسه كان في الطليعة‪ .‬وقد توج البابا‬
‫يوستينوس باحتفال عظيم‪.‬‬
‫واذ لم ينجح البابا بواساطته من أجل االريوسيين‪ ،‬اساء الملك تاودوريكوس‬
‫معاملته لدى عودته وسجنه في مدينة رافنا فقضي في السجن شهيد الواجب‬
‫في ‪ 27‬ايار سنة ‪ .526‬ودفن جسده الطاهر في الفاتيكان‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن والعشرون‬


‫تذكار الشهيدة أليكوندا‬
‫ولدت في مدينة سالونيك‪ .‬وب َما انها كانت مسيحية أرسل بيرينوس والي‬
‫قورنثية فقبض عليها‪ ،‬في أيام الملك ادريانوس‪ ،‬وكلفها ان تضحي لالصنام‬
‫فأبت وجاهرت بايمان المسيح‪ .‬فأمر بتعذيبها‪ .‬فشدوا قدميها بمحراث تجره‬
‫ثيران حتى تهشم جسمها فسال دمها‪ .‬ثم كووها بالنار فحفظها هللا سالمة‪.‬‬
‫وقادوها الى هيكل االصنام فتساقطت محطمة بصالتها‪ .‬ثم قطعوا ثدييها والقوها‬
‫على سرير من حديد محمي‪ ،‬فانحدر المالئكة وشفوها‪ .‬واخيراً قطعوا رأسها‬
‫فتمت شهادتها سنة ‪ .244‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع والعشرون‬


‫تذكار الشهيدة تاودوسيا اللبنانية‬
‫ولدت تاودوسيا في مدينة صور اللبنانية‪ .‬تربت على خوف هللا وتقواه‪ .‬ومنذ‬
‫حداثتها كانت تالزم الصلوات والتأمالت‪ ،‬معرضةً عن مالذ العالم واباطيله‪.‬‬
‫وفي أثناء االضطهاد الذي اثاره ديوكلتيانوس ومكسيميانوس على المسيحيين‪،‬‬
‫ذهبت تاودوسيا وهي ابنة ثماني عشرة سنة‪ ،‬الى قيسارية فلسطين لتحضر‬
‫االحتفال بعيد الفصح في ‪ 2‬نيسان سنة ‪ ،307‬حيث كان اوربانوس الوالي قد‬
‫قبض على كثيرين من المعترفين بالمسيح‪ .‬فنظرت تاودوسيا بعين دامعة الى‬
‫اولئك المضط َهدين‪ .‬واندفعت بكل شجاعة‪ ،‬على نحافة جسمها‪ ،‬وتقدمت اليهم‬
‫تحييهم بالسالم وتشجعهم وتطلب منهم أن يصلوا من أجلها‪ ،‬فعرف الوالي انها‬
‫تضح لألوثان‪ .‬فأبت‬
‫ِ‬ ‫مسيحية فأحضرها غاضبا ً وأخذ يتهددها بالتعذيب ان لم‬
‫بكل جرأة وجاهرت بايمانها بالمسيح فجلدوها ومزقوا لحمانها باظفار من‬
‫حديد‪ ،‬حتى تفجرت دماؤها‪ ،‬وهي صابرة بثغر باسم‪ ،‬ولم تحجم عن توبيخ‬
‫الوالي على ظلمه وكفره‪ ،‬فأمر بأن تقيد بالسالسل وتلقى في السجن حيث قامت‬
‫تصلي‪ ،‬رافعة عينيها الى السماء فأرسل هللا مالكه فعزاها وحلها من قيودها‪.‬‬
‫عندئذ أمر اوربانوس بأن يعلق في عنقها حجر ضخم وتغرق في البحر‪ .‬فتكللت‬
‫بغار الشهادة سنة ‪ .307‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار البابا فيليكس االول‬
‫كان من روما كاهنا ً مشهورا ً بالعلم والقداسة‪ ،‬فانتخب حبرا ً اعظم في ‪ 21‬ك‪1‬‬
‫سنة ‪ .269‬وفي أيامه ظهر سابيليوس المبتدع القائل‪ :‬ان هللا اقنوم واحد‪.‬‬
‫فحرم البابا كفره‪ ،‬وأخذ يدعم االيمان الحق ضد المبتدعين‪ ،‬كما حرم بولس‬
‫السميساطي بطريرك انطاكية الذي أنكر الهوت المسيح وسر التجسد‪.‬‬
‫وأصدر رسالة الى أهل انطاكية جاء فيها‪:‬‬
‫" نؤمن بسيدنا يسوع المسيح المولود من مريم العذراء‪ ،‬انه ابن هللا وكلمته‬
‫االزلية‪ .‬ومع كونه الها ً صار انسانا ً كامالً متجسدا ً من عذراء"‪.‬‬
‫ومما أمر به هذا البابا االحتفال بالقداس االلهي على مدافن الشهداء‪ ،‬ووضع‬
‫ذخائرهم تحت المذابح‪ .‬ومن ذلك الحين‪ ،‬نشأت العادة في الكنيسة أن توضع‬
‫ذخائر القديسين والشهداء في المذابح‪.‬‬
‫واسلم روحه بيد هللا في الثالثين من كانون االول سنة ‪ .274‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديسة جان دارك‬
‫ولدت جان دارك في بلدة دومريمي في اللورين بفرنسا‪ ،‬في ‪ 6‬كانون الثاني‬
‫‪ ،1412‬من والدين فالحين تقيين‪ .‬أجمع المؤرخون على ان هذه االبنة كانت‬
‫تقية تخاف هللا‪ .‬وقال كاهن رعيتها‪ ":‬ما من مثي ٍل لتقواها في كل رعيتي"‪.‬‬
‫كانت فرنسا آنذاك تحت رحمة االنكليز والبُورغينيين حلفائهم‪ ،‬ووض ُع الملك‬
‫شارل السابع ميؤوسا ً منه‪ .‬ولكن هللا استخدم ابنة حق ٍل ضعيفة لخالص شعبه‪.‬‬
‫وكان عمر جان دارك ‪ 13‬سنة عندما ظهر لها رئيس المالئكة ميخائيل‪ ،‬وأعلن‬
‫لها أن هللا يريد خالص فرنسا عن يدها‪.‬‬
‫في عمر‪ 16‬سنة‪ ،‬اقتنع الملك شارل السابع بدعوتها وأسلم اليها قيادة جيشه‪.‬‬
‫حاالً حررت أورليان‪ .‬بعد أشهر توج الملك في ريمس‪.‬‬
‫انما في مخطط هللا‪ ،‬كان على جان دارك أن تتوج جهادها باالستشهاد‪ .‬فبيعت‬
‫لالنكليز‪ُ .‬حوكمت و ُح ِرقت حيةً في ُر َوان‪ ،‬في ‪ 30‬أيار ‪.1431‬‬
‫رفعتها الكنيسة الى مصاف القديسات الكبار‪ ،‬وأصبحت مجد فرنسا والعالم‬
‫المسيحي‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والثالثون‬
‫تذكار الشهيد هرمياس‬
‫كان جنديا ً رومانيا ً مسيحياً‪ ،‬أصله من الكبدوك‪ ،‬في أيام الملك انطونيوس‬
‫قيصر‪ .‬ولما أصدر هذا الملك أمره باضطهاد المسيحيين‪ ،‬أرسل سيستيانوس‬
‫واليا ً الى الكبدوك ليفتك بكل مسيحي ال يضحي لالوثان‪ .‬فكلف الوالي هرمياس‬
‫السجود لالوثان‪ ،‬فأجاب‪ ":‬انني جندي يسوع المسيح الذي ملكه ال يزول‪ ،‬قبل‬
‫أن اكون جنديا ً لقيصر الملك الزائل"‪ .‬فأمر بتعذيبه‪ ،‬فصانه هللا سالماً‪.‬‬
‫فاحضروا ساحرا ً سقياه سما ً زعافا ً فلم يؤذه‪ .‬فآمن الساحر‪ ،‬فأمر الوالي بقطع‬
‫رأسيهما فناال غار الظفر بالشهادة سنة ‪ .160‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار البارة بطرونلة‬
‫هي فتاة عمدها بطرس الرسول فدعيت ابنته بالروح وجزمت أن تبقى عذراء‬
‫مكرسة بتوليتها هلل‪ .‬وب َما أنها كانت بديعة الجمال هام بحبها شاب روماني‬
‫شريف اسمه فالكوس‪ ،‬فجاء مصحوبا ً بجنوده‪ ،‬يطلبها عروسة له‪ ،‬فابتدرته‬
‫قائلة‪ ":‬أتأتي بجنودك مدججين باالسلحة لتأخذ ابنة عذراء؟ اذا كنت تريدني‬
‫زوجة لك فأمهلني ثالثة أيام‪ ،‬ثم أرسل سيدات أديبات فأذهب معهن الى بيتك"‪.‬‬
‫وأخذت مدة االيام الثالثة تصلي وفي اليوم الثالث أتاها كاهن قديس اسمه‬
‫ليكوديوس‪ ،‬احتفل بالذبيحة االلهية وناولها القربان المقدس‪ .‬وعندما قبلت‬
‫االسرار االلهية‪ ،‬اضطجعت على سريرها وأسلمت روحها بيد هللا بكل هدوء‬
‫وسكينة سنة ‪ .81‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫† † †‬
‫شهر حزيران‬
‫ايام هذا الشهر ‪ 30‬يوماً‪ ،‬ساعات نهاره ‪ 15‬ساعة‪ .‬وساعات ليله ‪ 9‬ساعات‪.‬‬

‫اليوم االول‬
‫تذكار الشهيد يوستينوس‬
‫ولد هذا القديس في مدينة نابلس سنة ‪ ،103‬من أبوين يونانيين وثيين‪ .‬نشأ‬
‫ميَّاالً الى التفكير والبحث عن الحقيقة‪ ،‬فتضلع من العلوم ُمتبِعا ً مذهب افالطون‪،‬‬
‫باحثا ً عن االله الحق‪.‬‬
‫فأكب على مطالعة النبوءات واالنجيل‪ ،‬فراقت له ومألت قلبه وتأكد لديه ان‬
‫الفلسفة المسيحية هي وحدها االكيدة النافعة‪ .‬فآمن بالمسيح واعتمد بعمر‬
‫ثالثين سنة‪ .‬فأصبح رسوالً للمسيح‪ ،‬وذهب الى روما على عهد البابا‬
‫تاليسفوروس‪ .‬فرسمه كاهناً‪ .‬ففتح مدرسة للفلسفة‪ ،‬يعلم فيها المبادئ‬
‫الصحيحة والحقائق االلهية‪ ،‬مبينا ً ضالل الوثنيين‪ .‬ورفع الى الملك انطونيوس‬
‫وإلى اوالده والى مجلس الشيوخ والى الشعب الروماني‪ ،‬كتابه المعروف‬
‫"بالدفاع عن المسيحيين"‪ ،‬يدحض فيه الشكايات الكاذبة على المسيحيين‬
‫وواصفا ً نقاء سيرتهم‪ .‬فكان لكتابه االثر العميق في النفوس فخف االضطهاد‪.‬‬
‫وبعدئذ ذهب الى مدينة افسس واتخذها مقاما ً له‪ .‬وفيها جادل تريفون‬
‫الفيلسوف مجادلة علنية في مجيء المسيح والوهيته فأف َحمه‪ .‬فأثر ذلك في‬
‫الكثيرين من سامعيه فآمنوا بالمسيح‪.‬‬
‫ثم ذهب ثانية الى روما وفيها جادل الفيلسوف الوثني كريشنتوس فألحقه‬
‫الخزي‪ ،‬وضم جداله هذا في كتاب نفيس يوضح فيه ان نبوءات العهد العتيق قد‬
‫تحققت بالمسيح‪ ،‬وان تعليم المسيح هو الشريعة الجديدة التي تنير كل انسان‬
‫وتحرره‪.‬‬
‫فوشى به كريشنتوس الى والي المدينة فقبض عليه وامره بان يذعن الوامر‬
‫الملوك ويكرم اآللهة‪ .‬فرفض وظل مجاهرا ً بايمانه مع جماعة من المسيحيين‪.‬‬
‫عندئذ حكم الوالي عليه وعلى رفقته بالجلد ثم بقطع رؤوسهم‪ ،‬وبذلك فازوا‬
‫بالحياة السعيدة بين مصاف الشهداء سنة ‪ .168‬أما كتاباته عن مسيحيي‬
‫زمانه القريب من الرسل فثمينة جداً‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني‬
‫تذكار االنجيليين األربعة‪ :‬متى ومرقس ولوقا ويوحنا‬
‫كان متى ويوحنا من الرسل االثني عشر‪ .‬ومرقس من المبشرين االثنين‬
‫والسبعين‪ .‬أما لوقا فآمن على يد بولس الرسول وصحبه بالتبشير وهوكاتب‬
‫االنجيل واعمال الرسل‪ .‬كتب متى انجيله في اورشليم باللغة اآلرامية اي‬
‫السريانية بين سنة ‪ 45‬و‪ 58‬للميالد‪ ،‬بناء على طلب المؤمنين‪ ،‬ومرقس تلميذ‬
‫بطرس الرسول وكاتبه الخاص كتب انجيله في روما بين سنة ‪ 46‬و‪ 50‬باللغة‬
‫اليونانية‪ ،‬بتلقين معلمه القديس بطرس الرسول‪ ،‬بناء على طلب المؤمنين في‬
‫روما‪ .‬ولوقا كتب بشارته في اخائيَّا باللغة اليونانية بين سنة ‪ 55‬و‪ ،60‬آخذا ً‬
‫من معلمه بولس الرسول وسائر الرسل المعاينين الكلمة‪ ،‬كما يقول في فاتحة‬
‫بشارته‪ .‬ويوحنا كتب بشارته باللغة اليونانية في أفسس سنة ‪ 98‬للميالد‪ ،‬بعد‬
‫كتابة االناجيل الثالثة‪ ،‬متوخيا ً اثبات الوهية السيد المسيح‪ ،‬دون ان يروي‬
‫جميع ما رواه االنجيلييون قبله من اعمال المخلص‪.‬‬
‫أما الحيونات االربعة التي ذكرها يوحنا في "رؤياه" وحزقيال في نبوءته‪،‬‬
‫وهي االسد‪ ،‬والثور‪ ،‬واالنسان‪ ،‬والنسر‪ ،‬فانما ترمز الى هؤالء المبشرين‬
‫االربعة‪ .‬فخصوا االنسان بمتى‪ ،‬النه بدأ بشارته بنسبة المسيح االنسانية‪.‬‬
‫واالسد بمرقس‪ ،‬النه بدأ بشارته بصوت يوحنا المعمدان الصارخ كاالسد في‬
‫البرية‪ .‬ولوقا بالثور النه بدأ بشارته بكهنوت زكريا الذي يقضي بتقديم ذبائح‬
‫العجول والثيران‪ .‬أما يوحنا فبالنسر‪ ،‬النه بدأ بشارته‪ ،‬محلقا ً كالنسر في اجواء‬
‫الهوت الكلمة‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث‬
‫تذكار ألبار أوتَل‬
‫ولد هذا القديس في بلدة المجدل على نهر الخابور شرقي رأس العين‪ ،‬في‬
‫اواسط القرن الثالث‪ ،‬من والدين وثنيين‪ .‬ومنذ صغره اهتدى واعتمد وكرس‬
‫بتوليته هلل‪ .‬ولما هم والداه بتزويجه هرب الى مدينة بيزنطية‪ .‬واذ كان مسافرا ً‬
‫بحراً‪ ،‬هاج البحر واوشك المركب على الغرق فخلص القديس النوتية بصالته‬
‫فآمنوا واعتمدوا‪ .‬وبقي في القسطنطينية عشرين سنة الى ان مات والداه فعاد‬
‫الى وطنه فقصد الترهب عند القديس ملكا القلزمي‪ ،‬فتتلمذ عليه وبقي عنده الى‬
‫ان مات‪ .‬وعاش القديس اوتَل هناك انثتي عشرة سنة‪ ،‬اشتهر بالمعجزات‪ .‬ومن‬
‫آياته انه أبرأ رجالً وثنيا ً مصابا ً بآكلة‪ ،‬فكان شفاؤه سببا ً العتماد عشرة آالف‬
‫من الوثنيين‪ .‬ثم اعتزل في البرية في صومعة الى ان رقد بالرب عام ‪.327‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع‬
‫تذكار البار اريسموس‬
‫ولد هذا البار في انطاكية في أوائل القرن الثالث ونشأ على حب الفضيلة واتخذ‬
‫سيرة النسك‪.‬‬
‫ولما أثار ديوكلتيانوس االضطهاد على المسيحيين سنة ‪ 284‬الى ‪ ،305‬ترك‬
‫اريسموس كرسيه وتوغل في لبنان‪ ،‬عاكفا ً على العبادة هلل في احدى مغاوره‬
‫سبع سنين‪ ،‬حتى ألهمه هللا أن يعود الى انطاكية‪ ،‬ليثبت المؤمنين في االيمان‪.‬‬
‫ثم سافرالى فرنسا واخذ يبشر بايمان المسيح في مقاطعة ليون‪ ،‬ومقاطعة‬
‫كمبانيا‪ ،‬حيث اقيم اسقفاً‪ .‬فبلغ خبره ديوكلتيانوس‪ ،‬فأمر بجلده اوالً‪ ،‬ثم طرحه‬
‫في قدر زيت وزفت ورصاص يغلي‪ ،‬فلم يمس بأذى‪ .‬فآمن لذلك كثير من‬
‫الوثنيين‪.‬‬
‫ثم ألقاه الملك في السجن مغلالً‪ .‬وفي سنة ‪ ،304‬عهد الملك مكسيميانس‪ ،‬القوا‬
‫القبض على االسقف وحرقوا جسده بصفائح حديد محمي‪ .‬فطفق القديس يشدد‬
‫عزائم الذين هلعوا من شدة العذاب واخيراً حكم عليه بالموت فنال اكليل‬
‫الشهادة سنة ‪ .304‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار البارة ايالريا‬
‫هي ابنة الملك زينون (‪ .)491-474‬منذ حداثتها رغبت في العيشة النسكية‬
‫ومحبة هللا وحده‪ ،‬ومضت الى البرية‪ ،‬ودخلت دير القديس مكاريوس في مصر‬
‫واتخذت اسم يوحنا الطواشي‪ ،‬وأحكمت افعال النسك واتقنت الفضائل وتسامت‬
‫بالكمال الرهباني حتى اشتهرت بالقداسة‪ .‬لذلك فرت من الدير تواضعا ً وهربا ً‬
‫من المجد العالمي‪.‬‬
‫فمضت الى برية االسقيط وسكنت مغارة تجاهد في عبادة هللا بالصلوات‬
‫والتأمالت وقراءة الكتب المقدسة‪ ،‬ثمان وثالثين سنة‪ ،‬تقتات من اثمار االشجار‬
‫وتستتر بأوراقها‪ .‬ولما دنت وفاتها‪ ،‬ألهم هللا االنبا ايسيدوروس واالنبا اشعيا‪،‬‬
‫فجاءا ودفناها بكل اكرام‪ ،‬سنة ‪ .500‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس‬
‫تذكار الشهيدين قونن وابنه‬
‫ولد هذا البار في أيقونية من آسيا الصغرى‪ ،‬في أواخر القرن الثاني‪ .‬تزوج‬
‫فرزق ولداً ثم ترمل وهو شاب‪ .‬فعاش بالعفاف والسيرة القشفة‪ ،‬بعيدا ً عن‬
‫الناس‪ ،‬مثابراً على الصالة وقراءة الكتب المقدسة‪ .‬وقد اتقن تربية ابنه بخوف‬
‫هللا فرقاه الى درجة الشمامسة‪ .‬وكان القديس قد شاخ بمثل هذه االعمال‬
‫الصالحة‪ ،‬اذ القى حاكم المدينة القبض عليه وابنه الشاب وامر فألقوهما على‬
‫صحيفة من حديد محمي‪ ،‬فتحمال العذاب بصبر وفرح‪ .‬ثم علقوهما بأرجلهما‬
‫واحرقوهما‪ .‬فصليا بحرارة واسلما روحيهما‪ ،‬سنة ‪ .275‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫تذكار الشهيد دوروتاوس اسقف صور‬
‫هذا كان اسقفا ً على صور في لبنان على عهد ديوكلتيانوس وليكينوس‪ .‬ومن‬
‫اجل ايمانه تحمل اعذبة متنوعة ونفي عن كرسيه الى مدينة اوديسوبوليس في‬
‫تراقيا‪.‬‬
‫ولما قتل ليكينوس سنة‪ ،324‬وتسلم قسطنطين زمام المملكة الرومانية وحرر‬
‫الكنيسة‪ ،‬عاد القديس الى كرسيه‪ .‬وكان مضلعا ً في اللغتين اليونانية والالتينية‪،‬‬
‫ذكي الفؤاد‪ .‬قد ترك تآليف نفيسة تدل على كثرة علومه وسعة مداركه‪ .‬وحضر‬
‫المجمع النيقاوي سنة ‪ .325‬استشهد ايام يوليانوس الجاحد عام ‪ 362‬وله من‬
‫العمر ‪ 107‬سنين‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫ةفي هذا اليوم أيضاً‪:‬تذكار القديس ميخائيل رئيس المالئكة‬


‫راجع اليوم الثامن من تشرين الثاني‪.‬‬
‫اليوم السابع‬
‫تذكار البارة سوسنه‬
‫هذه كانت اسرائيلية في مدينة بابل‪ ،‬ذات بعل تقي‪ .‬وكان جمالها يفوق الوصف‪،‬‬
‫وكانت عفيفة طاهرة الن ابويها ادباها تأديبا ً حسنا ً بحسب شريعة موسى‪ .‬قد‬
‫علق بهواها شيخان من مشايخ اسرائيل القضاة‪ .‬فاحتاال حتى صادفاها وحدها‬
‫تغتسل في بستانها‪ .‬فوقعا عليها بغته وارادا مواقعتها‪ ،‬فنفرت من ذلك غاية‬
‫النفور‪ .‬فتهدداها انهما يتهمانها بالزنى ان لم تواقعهما‪ .‬فقالت العفيفة‬
‫سوسان‪ ":‬خير لي ان تتهماني من ان أخطأ امام الرب"‪ .‬وصرخت بصوت‬
‫عظيم‪ ،‬فتراكض اهل بيتها فقال الشيخان انهما رأياها في ريبة مع احد الشبان‪،‬‬
‫وشهدا عليها هكذا امام شعب اسرائيل‪ .‬فحكموا عليها بالقتل رجماً‪.‬‬
‫فصاحت بصوت عظيم وقالت‪ ":‬ايها االله االزلي البصير بالخفايا العالم بكل‬
‫شيء قبل ان يكون‪ ،‬انك تعلم انهما شهدا علي زوراً‪ ،‬وها انا اموت ولم اصنع‬
‫شيئا ً مما افتري به علي"‪ .‬فاستجاب الرب لصوتها‪ .‬واذ كانت تساق الى‬
‫الموت‪ ،‬دفع الروح القدس طفالً اسمه دانيال‪ ،‬فصرخ بصوت عظيم‪ ":‬انا برء‬
‫من دم هذه!" فالتفت اليه الشعب كله وقالوا‪ :‬ما هذا الكالم الذي قلته؟ فوقف‬
‫في وسطهم وقال‪ ":‬أهكذ أنتم أغبياء‪ ،‬يا بني اسرائيل‪ ،‬حتى تقضوا على بنت‬
‫اسرائيل‪ ،‬بغير ان تفحصوا وتحققوا‪ ،‬عودوا الى القضاء‪ ،‬فان هذين انما شهدا‬
‫عليها بالزور"‪ .‬فأسرع الشعب كله ورجع‪ .‬فقال لهم دانيال‪ :‬فَ ِرقوهما فأحكم‬
‫فيهما‪ ،‬فلما انفصل الواحد عن اآلخر‪ ،‬دعا احدهما وقال له‪ :‬ان كنت رأيتها‪،‬‬
‫فقل لي‪ ،‬تحت اي شجرة رأيتهما يتحدثان؟ فقال تحت االكاسيا‪ .‬ثم نحاه وأمر‬
‫بإقبال اآلخر‪ ،‬وقال له‪ :‬قل لي تحت أية شجرة صادفتهما يتحدثان؟ فقال‪ :‬تحت‬
‫السنديانة‪ .‬فصرخ المجمع كله بصوت عظيم‪ ،‬باركو هللا المخلص الذي يرجونه‪.‬‬
‫وقاموا على الشيخين فرجموهما ونجت سوسان العفيفة وارتفع شأن بعلها‬
‫ووالديها وذويها‪( .‬دانيال ‪.)13‬‬
‫وكان ذلك عام ‪ 550‬قبل مجيء المسيح‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار الشهيدة كيريليا‬
‫ولدت في ليبيا‪ .‬ولما كبرت قبض عليها الوثنيون‪ .‬واذ أبت ان تقدم بخورا ً‬
‫سب انها‬‫لالصنام‪ ،‬وضعوا في يديها جمراً وبخورا ً حتى اذا حركت يديها تُح َ‬
‫قدمت بخوراً‪ .‬أما هي فلبثت صابرة تتحمل حريق النار ولم تحرك يديها أصالً‪،‬‬
‫تمزق جسدها فنالت‬‫حينئذ وثب عليها الوثنيون يضربونها بقساوة بربرية حتى َّ‬
‫اكليل الشهادة سنة ‪ .310‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪:‬‬
‫تذكار وجود مسامير الميسح‬
‫ان القديسة هيالنه‪ ،‬لما وجدت صليب المسيح في اورشليم‪ ،‬وجدت معه‬
‫المسامير واللوح الذي كتب عليه‪ :‬يسوع الناصري ملك اليهود‪.‬‬
‫فالمسمار االول عملته لجاما ً لفرس ابنها قسطنطين الملك‪ ،‬يتخذه في الحروب‬
‫لالنتصار‪ ،‬والمسمار الثاني وضعته ذخيرة في القسطنطينية ثم نقل الىفرنسا ليد‬
‫الملك لويس التاسع‪ ،‬والمسمار الثالث ألقي في البحر حيث كانت تغرق المراكب‬
‫فنجت من الغرق‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء ان المسامير كانت اربعة منها واحد جعله الملك قسطنطين‬
‫في تاجه‪ ،‬أما اللوح فهو اآلن محفوظ في روما في كنيسة الصليب القريبة من‬
‫كنيسة القديس مار يوحنا التران‪ .‬بركات هذه الذخائر المقدسة تكون معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع‬
‫تذكار الشهيدين الكسندروس وانطونينا‬
‫ان هذينالشهيدين كانا من مدينة االسكندرية بتولين في عنفوان الشباب‪ .‬في‬
‫اوائل القرن الرابع‪ .‬ولما اثار مكسيميانوس االضطهاد‪ ،‬القى فستوس والي‬
‫القسطنطينية القبض على انطونينا وكلفها الكفر بالمسيح‪ ،‬فأبت وتحملت‬
‫العذاب بكل صبر وشجاعة‪ .‬ولما ارادوا افساد بكارتها‪ ،‬غار على شرفها شاب‬
‫اسمه الكسندروس يدافع عنها‪ .‬ولما رآهما الوالي ثابتين على ايمانهما أمر‬
‫بقطع ايديهما والقائهما في نار متقدة وبها تمت شهادتهما مكللين بغار النصر‬
‫وكان ذلك سنة ‪ .313‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهيدة بالجيا‬

‫نشأت هذه الشهيدة في مدينة انطاكية‪ ،‬من اسرة مسيحية شريفة غنية‪ ،‬وقد‬
‫رباها والداها على التقوى والعبادة‪ .‬فتعشقت الفضائل‪ ،‬وال سيما الطهارة‬
‫وتحلت بجمال رائع وعقل ثاقب فكانت قبلة االنظار‪ .‬لكنها اعرضت عن الدنيا اذ‬
‫لم يكن يلذها غير محبة المسيح فنذرت له بتوليتها‪ .‬ولم تكن لصلواتها‬
‫وتأمالتها انقطاع‪.‬‬
‫فعلم الوالي انها‪ ،‬على الرغم من جمالها الساحر‪ ،‬مسيحية‪ ،‬فأرسل جنوداً‬
‫يأتونه بها‪ .‬فأحاطوا بمنزلها ودخلوه وأبلغوها االمر‪ .‬ولما تأكد لها ان ال سبيل‬
‫الى الحفاظ على عفافها‪ ،‬أظهرت حزما ً وفطنة‪ ،‬وقابلتهم ببشاشة ووداعة دون‬
‫ان يبدو منها ادنى اضطراب‪ ،‬فأخذ الجند يجاملونها‪ ،‬فأستأذنتهم بأن ترتدي‬
‫ثيابها الفاخرة وتتزين بحللها‪.‬‬
‫وبعد ان صلت بحرارة وتوكلت على هللا‪ ،‬صعدت الى سطح بيتها وطرحت‬
‫بنفسها الى اسفل فتحطم جسمها وفاضت روحها الطاهرة واحصيت بين‬
‫العذارى الشهيدات سنة ‪ .304‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديس برنابا احد المبشرين االثنين والسبعين‬
‫كان برنابا يهوديا ً من قبرص‪ ،‬وكان اسمه يوسف‪ .‬درس في اورشليم االسفار‬
‫المقدسة والسنَّة الموسوية‪ ،‬على غمالئيل مع رفيقه شاول – بولس‪،‬‬
‫واستفانوس‪ .‬وهو من التالميذ الذين ارسلهم يسوع في حياته للبشارة‪ .‬وقد‬
‫أبدى غيرة عظيمة على المؤمنين في اورشليم وتبشير الوثنيين‪ .‬ورأى‬
‫المخلص بعد قيامته وفي صعوده وكان مع الرسل في العلية يوم حل عليهم‬
‫الروح القدس‪.‬‬
‫قال كتاب اعمال الرسل‪ ":‬ان يوسف الذي لقبه الرسل برنابا اي ابن العزاء‪،‬‬
‫كان له حقل‪ ،‬فباعه وأتى بثمنه عند أقدام الرسل" (اعمال ‪ .)36 :4‬وهو الذي‬
‫قدم بولس الرسول بعد اهتدائه ورجوعه من دمشق الى جماعة الرسل‬
‫مبينا ً لهم انه اهتدى وصار رسوالً‪.‬‬
‫والكنيسة ِ‬
‫ولما بلغ الرسل في اورشليم ان عددا ً وافرا ً في انطاكية قد آمن بالمسيح‪،‬‬
‫ارسلوا برنابا اليهم‪ .‬فوعظهم وثبتهم بالرب‪ ،‬النه كان رجالً صالحاً‪ ،‬ممتلئا ً من‬
‫الروح القدس‪ ،‬فانضم الى الرب جمع كثير‪ .‬ثم خرج برنابا الى طرطوس في‬
‫طلب شاول‪ .‬ولما وجده‪ ،‬اتى به الى انطاكية وترددا معا ً سنة كاملة في هذه‬
‫الكنيسة وعلما جمعا ً كثيراً‪ ،‬حتى ان التالميذ دعوا مسيحيين بانطاكية اوالً‬
‫(اعمال ‪ 25 :11‬و‪.)26‬‬
‫وقد رافق برنابا بولس في رحالته التبشرية واجرى هللا على ايديهما آيات‬
‫باهرة حتى ان الناس ظنوهما من اآللهة وسموا برنابا زوسا وبولس هرمس‪،‬‬
‫وارادوا ان يضحوا لهما فمنعَاهم‪.‬‬
‫وبعد أن أقام برنابا مدة بانطاكية فارق بولس واخذ مرقس واقلع الى قبرص‪.‬‬
‫ويروى ان برنابا ذهب الى ميالنو بايطاليا وصار اول اسقف عليها‪ .‬ثم سار الى‬
‫روما والى االسكندرية‪ .‬ثم عاد الى قبرص‪ .‬واذ كان يوما ً يعظ اليهود في‬
‫مجمعهم‪ ،‬وثبوا عليه مع الوثنيين واخرجوه خارج المدينة ورجموه كمجدف‪،‬‬
‫فأخذ مرقس جثته فدفنها في مغارة خارج سالفيا وذلك ‪ .61‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار القديس برتلماوس الرسول‬
‫كان برتلماوس جليليا ً من مصاف الرسل االثني عشر كما جاء في االنجيل وهو‬
‫المسمى نتنائيل في انجيل يوحنا (‪ .)2 :21‬وال صحة لمن ذهب انهما اثنان‪.‬‬
‫ولما تفرق الرسل للبشارة ذهب برتلماوس الى آسيا الصغرى وارمينيا والهند‬
‫وبشر فيها فآمن على يده كثيرون‪ .‬أنشأ كنيسة في الهند‪ .‬واقام رعاة وسلمهم‬
‫انجيل متى مكتوبا ً بالعبرانية‪ ،‬ومضى الى بالد فاس‪ ،‬ثم الى ارمينيا ورد كثيرين‬
‫عن عبادة االوثان‪ .‬فحنق عليه الوثنيون فجلدوه جلدا ً عنيفا ً وهو صابر يشكر‬
‫هللا‪ .‬ثم سلخوا جلده كله وهو حي‪ ،‬وقطعوا رأسه فنال اكليل الشهادة سنة ‪71‬‬
‫للميالد فدفن المؤمنون جسده باحتفال عظيم واخذوا يؤمون ضريحه تبركا ً‬
‫فينالون وافر النعم‪.‬‬
‫ولما ثار االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬وضعوا تلك الذخائر في صندوق مع كتابة‬
‫تدل عليها ورموه في البحر‪ .‬فساقته العناية االلهية الى مدينة ليباري بصقلية‬
‫في ايطاليا فانتشله المؤمنون وبنى اسقف المدينة كنيسة على اسمه وضع فيها‬
‫ذخائره‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني عشر‬
‫تذكار البار أبوفوريوس‬
‫قد كتب سيرة هذا الناسك القديس بفنوتيوس‪ ،‬تلميذ القديس انطونيوس الكبير‪،‬‬
‫فقال‪ ":‬خرجت يوما ً الى برية تيبايس‪ ،‬مفتقداً ومسترشدا ً نساكها‪ .‬فسرت اياما ً‬
‫الى ان ظهر امامي شيخ ال ستر عليه سوى شعره يغطي جسمه‪ ،‬ولخوفي منه‪،‬‬
‫صعدت الى تل هناك‪ .‬فتبعني‪ ،‬لكنه لم يتمكن من الصعود الى التل النهزاله‪.‬‬
‫فناداني‪:‬‬
‫" ال تخف فأنا انسان نظيرك‪ ،‬انزل"‪ .‬فنزلت وسألته من هو وما شأنه؟ فقال‪":‬‬
‫ان عناية هللا ارسلتك الي‪ .‬اسمي انوفوريوس ولي في هذه البرية سبعون سنة‪.‬‬
‫وقد كنت راهبا ً في تيبايس‪ .‬استأذنت الرئيس وجئت هذه البرية فقادني الرب‬
‫قليته‪ .‬ثم قادني الى مغارة هناك‪ ،‬بجانبها شجرة بلح‪،‬‬
‫الى ناسك شيخ آواني في ِ‬
‫وقال لي‪ :‬هذا هو المنزل الذي اعده هللا لك‪ ،‬فعشت هناك اتحمل الضيقات‬
‫والمشاق من حر وبرد وعري وجوع وعطش‪ .‬اقتات من ثمار النخلة وعشب‬
‫االرض"‪.‬‬
‫بوجهه على‬
‫ثم قضيا ليلتهما بمناجاة هللا وفي الغد اخذ بالصالة والتسبيح وخر َ‬
‫االرض واسلم روحه بيد هللا سنة ‪ .402‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار القديس انطونيوس البدواني‬
‫ولد هذا القديس في مدينة لسبونه‪ ،‬عاصمة مملكة البرتوغال سنة ‪ ،1195‬من‬
‫اسرة غنية‪ ،‬تقية‪ .‬ولما كبر دخل رهبانية القديس اغوسطينوس وصار قدوة‬
‫علَما ً من اعالمها‪ .‬غير ان اهله عارضوه في دعوته‬
‫للفضيلة والعلم فيها ال بل َ‬
‫فنقل الى دير آخر‪.‬‬
‫وفي ديره الجديد‪ ،‬زاد تفرغا ً لعبادة هللا واقتباس العلوم‪ .‬ثم نقل الى رهبانية‬
‫مار فرنسيس‪ .‬وحضر مجمع رهبانيته الذي عقده القديس فرنسيس‪ .‬وفي سنة‬
‫‪ 1222‬رقي الى درجة الكهنوت وخطب الخطبة المعتادة‪ ،‬اطاعة لرئيسه‪ ،‬وكان‬
‫لخطابه وقع شديد‪ ،‬فأمره القديس فرنسيس بالقاء الوعظ‪ .‬فتهافت الناس‬
‫لسماعه فارعوى بكالمه كثيرون من الخطأة والكفرة الىالتوبة‪.‬‬
‫وانتُدب الى علم الالهوت في مدن كثيرة من ايطاليا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬فطارت شهرته‬
‫بعلم الالهوت كما بالوعظ‪ ،‬وقد اجرى هللا على يده آيات باهرة‪.‬‬
‫ثم سار الى بادوا وعكف على القاء المواعظ‪ .‬واذ كانت الكنائس تضيق‬
‫بالسامعين‪ ،‬كان يعظ في الساحات والحقول‪ .‬ومع كثرة اعماله هذه الرسولية‪،‬‬
‫لم يكن ينفك عن ممارسة انواع االماتات واالصوام والصلوات‪ ،‬فسقط كالجندي‬
‫في ساحة الوغى‪ ،‬واسلم روحه بيد هللا في ‪ 13‬حزيران سنة ‪ 1231‬وهو في‬
‫السادسة والثالثين من عمره‪ .‬وانتشرت عبادته‪ ،‬فعمت الدنيا‪ .‬وهو الشفيع‬
‫للماليين‪ .‬والناس يلتجئون اليه‪ ،‬خاصة‪ ،‬في اخطار الغرق وضياع االشياء‪.‬‬
‫وقد احصاه الكرسي الرسولي‪ ،‬بعد وفاته بسنة‪ ،‬في مصاف القديسين في عهد‬
‫البابا غريغوريوس التاسع‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهيدة أكويلينا الجبيلية‬
‫عاشت اكويلينا في اواخر القرن الثالث ‪ .281‬وقد تلقنت مبادئ الديانة‬
‫المسيحية وتعمدت من يد اوتاليوس اسقف مدينتها بيبلوس‪ ،‬حتى اضطرم قلبها‬
‫بمحبة الطفل االلهي وهي ابنة اثنتي عشرة سنة‪ .‬فأخذت تسعى في نشر عبادته‬
‫بين مواطنيها فآمن منهم عدد وافر‪ .‬فسمع بها الحاكم فولوسيانس‪،‬‬
‫فاستحضرها وسألها عن ايمانها‪ ،‬فأجابت" انها مسيحية" فحنق الحاكم واخذ‬
‫يتهددها ليحملها على الكفر بالمسيح فلم تأبه له‪ .‬فأمر الجند فصفعوها على‬
‫وجهها‪ ،‬ثم جلدوها جلدا ً قاسيا ً حتى سالت دماؤها‪ .‬فسألوها وهي في بحر من‬
‫الدم‪ ،‬ان تكفر بالمسيح‪ ،‬فتحيا‪ .‬فلم تجب بغير دمائها المسفوكة من اجل‬
‫المسيح‪.‬‬
‫واذ رآها الحاكم ثانية في ايمانها‪ ،‬امر فأدخلوا في جسمها النحيف سياخا ً‬
‫حديدية محمية فوقعت على االرض مغميا ً عليها‪ .‬فظنوا ضحيتهم قد ماتت‪،‬‬
‫فحملوها ورموها خارج المدينة‪ .‬فجاء مالك الرب وضمد جراحها وشفاها‬
‫وقادها الى دار الوالية‪.‬‬
‫فما وقع نظر الحاكم عليها حتى دهش وظن انه في منام‪ ،‬فأمر بطرحها في‬
‫السجن‪ .‬وفي صباح الغد امر بقطع رأسها‪ ،‬فدخل اليها السياف فوجدها قد‬
‫ماتت‪.‬‬
‫وهكذا نالت اكليل الشهادة سنة ‪ .293‬وقد اجرى هللا على قبرها معجزانت‬
‫كثيرة‪ .‬ثم نقلت ذخائرها المقدسة الى القسطنطينية‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع عشر‬


‫تذكار أليشاع النبي‬
‫ابن شافاط من مدينة آبل‪ .‬واذ كان يحرث االرض‪ ،‬مر به ايليا ورمى اليه‬
‫بردائه‪ .‬فترك البقر وجرى وراء ايليا‪ .‬وكان يخدمه فمسحه نبياً‪ ،‬بأمر الرب بدال ً‬
‫منه‪ ،‬وحاز منه روحا ً مضاعفا ً وعمل اآليات‪ .‬ولما ارتفع ايليا الى السماء‪ ،‬عاد‬
‫اليشاع الى االردن‪ ،‬وشق مياهه برداء معلمه وجاز فيه على اليبس وبلغ‬
‫اريحا‪ ،‬وكان ماؤها رديئا ً فأصلحه بملحٍ ألقاه في ينبوعها‪ .‬واقام ابن ارملة من‬
‫الموت‪ ،‬وكثَّر الزيت المرأة فقيرة‪ ،‬حتى وفت دينها من ثمنه وعاشت بالباقي‬
‫مع بنيها‪ .‬وأشبع مئة رجل من خبز قليل وفَض َل عنهم‪ .‬وطهر نعمان السوري‬
‫من برصه حين امره ان يغتسل بنهر االردن‪ ،‬فآمن نعمان وصار من شعب هللا‪.‬‬
‫وضرب تلميذه حيجزي بالبرص حين ظهر طماعا ً وخائنا ً له‪.‬‬
‫وقد تنبأ في جوع يأتي على االرض سبع سنين وكان كذلك‪ .‬ثم توفي اليشاع‬
‫النبي بعمر مئة وسنتين ودفن في السامرة‪ ،‬قبل مجيء المسيح بثمانمئة وسبع‬
‫واربعين سنة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس عشر‬
‫تذكار القديس باسيليوس الكبير‬
‫ولد هذا القديس العظيم في قيسارية الكبادوك سنة ‪ ،329‬من اسرة غنية في‬
‫الدين والدنيا‪ .‬لقد تسمى باسم ابيه القديس باسيليوس‪ .‬وكان اخوته القديس‬
‫غريغوريوس اسقف نيصص‪ ،‬والقديس بطرس اسقف سبسطية والقديسة‬
‫مكرينا‪.‬‬
‫ففي هذه البيئة اعد هللا باسيليوس ليكون منارة في بيعة هللا المقدسة‪ .‬وبعثه‬
‫أبوه الى القسطنطينية فدرس الخطابة والفلسفة على االستاذ الشهير ليبانيوس‪،‬‬
‫ثم الى آثينا حيث انكب على الدرس وامتاز بين اقرانه‪ .‬وهناك التقى بالقديس‬
‫غريغوريوس النزينزي واالمير يوليانوس الذي صار فيما بعد ملكا ً وحجد‬
‫االيمان ولقب بالعاصي‪.‬‬
‫وكان باسيليوس مثابراً على الدرس‪ ،‬وزميله القديس غريغوريوس النزينزي‪،‬‬
‫بكل ما اوتيه من حدة الذهن‪ ،‬ونشاط الشباب‪.‬‬
‫وبعد ان تسنم منبر التدريس مدة في آثينا‪ ،‬عاد الى وطنه‪ ،‬يدرس الفصاحة‬
‫والبيان ويتعاطى المحامات‪ ،‬حتى اصبح قبلة االنظار‪ .‬غير ان شقيقته اخذت‬
‫تبين له أباطيل العالم فأصغى باسيليوس الى كالم اخته القديسة‪ .‬واخذ بفلسفة‬
‫االنجيل المقدسة‪.‬‬
‫فانطلق الى مصر لمشاهدة السياح في البراري ومعاشرتهم‪ ،‬فاستأنس بهم‬
‫واعجب بقداستهم‪ ،‬ثم زار االماكن المقدسة في فلسطين‪.‬‬
‫ثم التزم العزلة في قرية لعيلته‪ ،‬حيث كانت امه واخته مكرينا تعيشان عيشة‬
‫شبه نسكية‪ ،‬فتنسك هناك‪ ،‬ممارسا ً ما كان رآه في السياح في براري الصعيد‪،‬‬
‫فتتلمذ له كثيرون‪ ،‬فأنشأ في البُنطوس ديرين‪ ،‬احدهما للرجال واآلخر للنساء‪.‬‬
‫وسن لهم قوانين شهيرة‪ .‬ثم ُرسم كاهنا ً عام ‪.370‬‬
‫واستمر باسيليوس عائشا ً كما كان في منسكه‪ ،‬مصليا ً مبشرا ً باالنجيل‪ .‬وفوق‬
‫ذلك كان يدير شؤون االبرشية‪ ،‬لعجز اسقفها اوسابيوس‪ ،‬فاشتهر بسمو‬
‫مداركه وحسن ادارته‪.‬‬
‫وبعد وفاة االسقف اوسابيوس‪ ،‬انتُخب باسيايوس خلفا ً له على قيسارية‪ ،‬فأخذ‬
‫يتفانى غيرة على الرعية‪ .‬فأنشأ مأوى للمرضى والغرباء وفي أيام المجاعة‬
‫بذل كل ما يملك في سبيل الفقراء والمحتاجين‪ ،‬حاضا ً االغنياء على مساعدتهم‬
‫بيد سخية‪.‬‬
‫وقد ترك هذا القديس العظيم‪ ،‬مؤلفات قيمة للكنيسة‪ ،‬منها النافور المعروف‬
‫باسمه عند الكنيسة الشرقية وال سيما اليونانية‪ .‬وهو من ألمع علماء الكنيسة‬
‫شرقا ً وغرباً‪.‬‬
‫وبعد حياة‪ ،‬مألى بأعمال البر والصالح والجهاد الحسن رقد بالرب في اول‬
‫كانون الثاني سنة ‪ .379‬وله من العمر احدى وخمسون سنة‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس عشر‬
‫تذكار النبي هوشع‬
‫هو احد االنبياء الصغار االثني عشر‪.‬كان معاصرا ً الشعيا النبي‪ .‬تنبأ على إبطال‬
‫قرابين اليهود وترك اعيادهم‪ ،‬وان هللا سيدعو له شعبا ً من االمم‪.‬‬
‫اما نبوءته فهي خطبة كتبها في آخر حياته وتقسم الى قسمين‪ :‬االول يتضمن‬
‫ثالثة فصول في تبيان آثام بني اسرائيل واساءتهم الى هللا‪ .‬والقسم الثاني اي‬
‫االحد عشر فصالً‪ ،‬يتضمن توبيخا ً لبني اسرائيل على شرورهم وانذاراً بخراب‬
‫مملكتهم‪ .‬انما يعدهم بالخالص اذا ارتدوا الى الرب الههم‪ .‬وكتب نبوءته سنة‬
‫‪ 790‬قبل المسيح‪ .‬وهوشع لفظة عبرانية تعني مخلص‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس متوديوس‬
‫ولد متوديوس في صقلية سنة ‪ ،846‬من اسرة شريفة غنية‪ .‬فرباه والداه على‬
‫التقوى وخوف هللا‪ .‬ثم جاء الى القسطنطينية ليدرس العلوم العالية وبها‬
‫يتوصل الى الوظائف والشرف العالمي‪ .‬تعرف هناك الى راهب فاضل‪ ،‬جعله‬
‫يزهد في العالم ويتجند لخدمة هللا‪.‬‬
‫فوزع ماله على الكنائس والمحتاجين‪ .‬استدعاه القديس نيكفورس بطريرك‬
‫القسطنطينية‪ ،‬ورقاه الى درجة الكهنوت‪ ،‬فأخذ يتل َّهب غيرة على خالص‬
‫النفوس‪ .‬وكانت بدعة محاربي االيقونات قد عاثت فساداً‪ .‬فطفق يناصب‬
‫مبتدعيها بعزم وثبات‪.‬‬
‫وحمل متوديوس رسالة من البطريرك نيكفورس الى البابا الون الثالث يشكو‬
‫فيها من تلك البدعة‪.‬‬
‫الملك الون االرمني وجلس‬‫َ‬ ‫ولبث متوديوس في روما الى ان َقتل ميخائي ُل االلغ‬
‫مكانه‪ .‬فرسم البابا الون متوديوس اسقفا ً واعاده الى القسطنطينية‪ .‬فحاول‬
‫الملك الجديد ان يستميله الى بدعته فلم يذعن له فغضب وامر بجلده جلدا ً عنيفا ً‬
‫وطرحه في السجن حيث لبث تسع سنوات الى ان مات الملك ميخائيل‪.‬‬
‫وخلَفه على العرش ابنُه تاوفيلوس‪ ،‬وكانت زوجته كاثوليكية فحملته على‬
‫ارجاع االساقفة المنفيين فخرج متوديوس من السجن‪ .‬اال ان يوحنا البطريرك‬
‫الدخيل سعى به لدى الملك فقبض عليه وجلده‪.‬‬
‫وفي هذه االثناء مات تاوفيلوس وخلفه ابنه ميخائيل الثالث‪ ،‬وهو حديث السن‪،‬‬
‫فتسلمت أمه تاودوره زمام الملك وكانت متمسكة بايمانها الكاثوليكي‪ ،‬فأعادت‬
‫السالم الى الكنيسة وطردت كل اسقف دخيل‪ ،‬وأرجعت االساقفة الى كراسيهم‪.‬‬
‫وأبعدت عن القسطنطينية البطريرك يوحنا‪ .‬واخذت تبحث عمن فيه كل الكفاءة‬
‫للبطريركية‪ ،‬فوقع اختيارها مع البالط واالساقفة الكاثوليك على متوديوس‬
‫فأقاموه بطريركا ً على القسطنطينية‪ .‬فانبرى يواصل جهاده في سبيل شعبه بكل‬
‫ما اوتيه من غيرة رسولية وعلم وافر‪ ،‬ولبث هذا المجاهد العظيم متوديوس‬
‫بطربركا ً اربع سنين وثالثة اشهر‪ .‬ثم رقد بالرب سنة ‪ .916‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع عشر‬
‫عاموص النبي‬
‫كان عاموص راعيا ً في قري ِة تَقُوع الواقعة جنوبي اورشليم‪ .‬وقد تنبأ في ابل‬
‫وهي مدينة من مملكة اورشليم‪ ،‬في عهد ياربعام الثاني ملك اورشليم وفي ايام‬
‫عوزيا ملك يهوذا‪ .‬لقد وبَّخ في نبوءته بني اسرائيل على آثامهم وعبادتهم‬
‫بجالء الى بابل‪ .‬واشار الى رجوع بني اسرائيل من الجالء‬ ‫ٍ‬ ‫لالوثان وانذرهم‬
‫وبناء المدن ال َخ ِربة وإعادة ُملك داود ومجيء المخلص‪ .‬وقد تعقبه امصيا كاهن‬
‫العجول الذهبية‪ ،‬في بيت ايل‪ ،‬فضربه بعصا جافية شج بها رأسه‪ ،‬ف ُح ِمل‬
‫عاموص الى تَقُوع قريته وفيها توفي ودفن سنة ‪ 785‬قبل المسيح‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن عشر‬


‫تذكار الشهيد الونديوس‬
‫ولد الونديوس في بالد اليونان في القرن االول‪ .‬عاش في مدينة طرابلس لبنان‬
‫جنديا ً مزدانا ً بالفضائل المسيحية‪ .‬فوشي به الى ادريانوس الوالي‪ .‬فأرسل‬
‫رجلين من اخصائه وهما ابيانوس وتيودولوس ليأتيا به فالتقيا به ولم يعرفاه‪.‬‬
‫فأخبراه انهما مكلفان بأن يحضرا الونديوس الى الوالي ادريانوس‪ .‬فأتى بهما‬
‫الى منزله واكرم ضيافتهما وقال لهما‪ ":‬انا هو الونديوس الذي تطلبانه" واخذ‬
‫يعظهما‪ ،‬حتى آمنا بالمسيح‪ ،‬وعلمهما حقائق االيمان وعمدهما‪.‬‬
‫فشكاهما بعض الوثنيين الى الوالي فغضب وأرسل كتيبة من الجنود قبضوا‬
‫على الثالثة‪ .‬فطرحوهم في السجن‪ .‬وفي الغد أحضروهم امام الووالي‪ .‬فلكف‬
‫الونديوس ان يكفر بايمانه‪ ،‬فأبى‪ .‬فجلدوه بقساوة‪ .‬فتحمل العذاب مسروراً‬
‫يسبح هللا‪ .‬ودعا الوالي ابيانوس وتيودولوس وكلفهما بان يكفرا بالمسيح‪،‬‬
‫فرفضا متمسكَين بايمانهما‪ .‬فكسروا رأسيهما بالفأس فناال اكليل الشهادة‪.‬‬
‫ثم استدعى الونديوس والطفه وتهدده ليكفر بايمانه‪ ،‬لكن على غير طائل‪.‬‬
‫فضربوه بشدة ثم علقوه وجردوا جسده باظفار من حديد وهو صابر يشكر هللا‪.‬‬
‫وشدوا أطرافه بين اربعة أوتاد وما زالوا بضربونه‪ ،‬حتى فاضت روحه‬
‫الطاهرة فدفن في طرابلس‪ .‬وكانت شهادته نحو سنة ‪ .70‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار االنبا ابون‬
‫ان "ابُون" هو لقب لقديس اسمه يوحنا القصير من صعيد مصر‪ ،‬ترهب‬
‫وتسامى بالفضائل‪ ،‬وال سيما فضيلتي التواضع والطاعة‪ .‬صار مرشدا ً الخويته‬
‫الرهبان وخير مثال في الحياة الروحية‪ ،‬لذلك لقبوه "بأبون" اي أبانا‪ .‬وقد‬
‫وضع لهم قوانين رهبانية‪.‬‬
‫كان ديره في أحد جبال تنريا‪ ،‬قد أحسن ادارته بكل حكمة وقداسة ومع ممارسة‬
‫حياة النسك والتقشف‪ ،‬كان بشوشا ً صبورا ً في المحن والتجارب‪ .‬وبارشاداته‬
‫الروحية رد كثيرين الى التوبة‪.‬‬
‫فرقاه البطريرك تاوافيلوس الى درجة الكهنوت‪ .‬فازداد بها كماالً‪ .‬ثم اعتزل‬
‫القديس ابون في مغارة‪ ،‬يجاهد مصليا ً متقشفاً‪ .‬ورقد بالرب عام ‪ .393‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع عشر‬
‫تذكار يهوذا الملقب بتداوس او البي‬
‫ان هذا الرسول يسمى في االنجيل يهوذا (لوقا ‪ )16 :6‬او تداوس والبي وهو‬
‫من االثني عشر كما جاء في انجيل متى ( ‪ .)3 :10‬وكان تداوس اخا ً ليعقوب‬
‫الصغير اسقف اورشليم ولسمعان ويوسى وهو واخوته هؤالء يدعون اخوة‬
‫الرب (متى ‪.)55 :13‬‬
‫خص انجي ُل يوحنا يهوذا الرسول بسؤال وجهه الى السيد المسيح عن‬ ‫َّ‬ ‫وقد‬
‫كيفية ظهوره‪ ،‬بقوله‪ ":‬كيف انت مزمع ان تظهر لنا ذاتك وال تظهرها للعالم؟"‬
‫الن اليهود ومنهم الرسل‪ ،‬كانوا ينتظرون المسيح ملكا ً جبارا ً غنياً‪ ،‬تحيط به‬
‫قوات مسلحة‪ .‬فقال لهم الرب ان ملكه ليس ملكا ً زمنياً‪ ،‬بل هو ملك النعمة في‬
‫قلوب محبيه وحافظي وصاياه ولهؤالء ملكوت النعيم السماوي‪.‬‬
‫وبعد حلول الروح القدس اخذ يهوذا يبشر بالمسيح في اورشليم واليهودية‬
‫صابرا ً على احتمال انواع االهانات حتى الضرب والسجن نظير باقي الرسل‪ .‬ثم‬
‫بشَّر في بالد ما بين النهرين وادوم والبالد العربية وارمينيا ورد كثيرين الى‬
‫االيمان‪ .‬فقبض عليه الوثنيون وشدوه الى خشبة ورموه بالسهام الى ان فاضت‬
‫روحه الطاهرة‪.‬‬
‫ويروى انه التقى بالرسول سمعان القانوي في بالد فاس حيث اشتركا في‬
‫التبشير باالنجيل فمنحهما هللا السلطان على الشياطين وخزي السحرة وشفاء‬
‫المرضى واذ رآهما برداخ قائد الجيش‪ ،‬حفل بهما وكان يستعد لمهاجمة بالد‬
‫الهند‪ ،‬عمالً بمشورة السحرة‪ .‬فتنبأ الرسوالن له بأن العدو يأتيه صاغراً طالبا ً‬
‫الصلح فال لزوم للمهاجمة‪ .‬وقد تمت النبوءة بوقتها‪ .‬فآمن القائد ورذل السحرة‬
‫وعبادتهم واعتمد هو وجميع رجاله‪.‬‬
‫فقام العرافون وعبدة الشمس يثيرون الحكام والشعب عليهما فطرحوهما في‬
‫السجن‪ ،‬وكلفوهما العبادة للشمس فأبيا واعترفا بالمسيح االله الحقيقي‪،‬‬
‫فانهالوا عليهما بالضرب حتى اماتوهما فناال اكليل الشهادة في السنة ‪68‬‬
‫للمسيح‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العشرون‬
‫تذكار سليفاريوس الشهيد‬
‫كان هذا القديس من فرنسا شماسا ً انجيليا ً في عهد البابا اغابيطوس‪ .‬وجاء الى‬
‫القسطنطينية‪ ،‬عام ‪ 535‬يسعى في الصلح بين الملك يوستينيانوس‬
‫وتاوادوتوس ملك الغططيين ويهتم باصالح شؤون الكنيسة الشرقية وعقد‬
‫مجمعا ً في القسطنطينية سنة ‪ 536‬حرم فيه هرطقة الطبيعة الواحدة واتباعها‪.‬‬
‫وكان زعيم تلك الهرطقة افتيموس بطريرك القسطنطينية‪.‬‬
‫فشق ذلك جدا ً على الملكة تاوادورا التي كانت تؤيد اصحاب تلك البدعة‬
‫وزعيمهم افتيموس‪ .‬على ان االكليروس الروماني وملك الغطط انتخبوا‬
‫سيلفاريوس بابا‪.‬‬
‫وكان فيجيلوس في القسطنطينية‪ ،‬ولم يصل الى روما اال بعد انتخاب‬
‫سيلفاريوس‪ .‬فحنقت الملكة وكتبت الى القائد بليساريوس ان ينفي البابا‬
‫سيلفاريوس ويقيم مقامه فيجيليوس رئيس الشمامسة‪ .‬فنفى البابا الى مدينة‬
‫باترا سنة ‪ 537‬والزم االكليريكيين ان ينتخبوا فيجيليوس بابا‪ .‬واقام القديس‬
‫سيلفاريوس في منفاه صابرا ً وشاكرا ً هللا الذي اهله ليموت دفاعا ً عن االيمان‬
‫الحق‪.‬‬
‫سعى اسقف باترا بارجاع البابا الى روما‪ .‬فعاد البابا الى كرسيه‪ .‬ولكن‬
‫فيجيليوس عمل على نفيه من جديد الى جزيرة بالماريا حيث توفي مصليا ً الجل‬
‫اعدائه عام ‪.537‬‬
‫وقد شرف هللا ضريحه بالعجائب واهمها ان فيجيليوس بعد وفاة سيلفاريوس‬
‫ندم على ما فعل وطلب من االكليريكيين ان يكون انتخابه شرعياً‪ .‬وقام يحارب‬
‫االراتقة بكل شجاعة وعقد مجمعا ً وحرم فيه الكتب والتعاليم المضادة حتى حرم‬
‫الملكة تاوادورا نفسها‪ .‬كما ان بليساريوس القائد أقر بذنبه وتاب توبة صادقة‬
‫وشيد كنيسةً تذكاراً لتوبته‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهيد زوسيموس‬
‫كان زوسيموس جنديا ً في انطاكية‪ ،‬اعتنق االيمان الكاثوليكي واعتمد‪ .‬فعلم به‬
‫دومسيانوس والي انطاكية‪ ،‬فأمر بتعذيبه‪ .‬فجردوا اوالً لحمه بأظفار من حديد‪،‬‬
‫ثم بسطوه على سرير محمي‪ ،‬فلم يشعر بألم فشدوه الى اذناب خيل غير‬
‫مروضة حتى تهشمت اضاؤه وسال دمه وهو صابر يشكر هللا‪ .‬وبعد ذلك‬
‫طرحوه في السجن بدون قوت مدة ثالثة ايام‪ .‬فأتاه مالك الرب يعزيه ويغذيه‬
‫ويشفي جراحه‪ .‬ولهذه االعجوبة آمن كثيرون‪ .‬عندئذ امر الوالي بقطع رأسه‪،‬‬
‫فتكلل بالشهادة سنة ‪ .110‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والعشرون‬
‫تذكار القديس يولينوس اسقف نوال‬
‫ولد هذا القديس العظيم في مدينة بوردو إحدى مدن فرنسا‪ ،‬من اسرة اشتهرت‬
‫بشرفها وثروتها‪ .‬فدرس على الخطيب والشاعر الشهير اوسينوس‪ .‬وبسمت له‬
‫الدنيا وال سيما بما كان له من امالك واسعة في فرنسا واسبانيا وروما‪ .‬ثم‬
‫اقترن بامرأة اسبانية تسمى تراسيا تضاهيه شرفا ً وثروة وفضيلة‪ .‬رزق منها‬
‫ولدا ً لم يعش سوى ثمانية ايام‪ ،‬فنذر هو وامرأته ان يعيشا عفيفَين‪.‬‬
‫ثم اقامه الملك والنتيان قنصالً ثم واليا ً على روما‪ ،‬فأحسن القيام بوظيفته‬
‫وتعرف بالقديس امبروسيوس في ميالنو‪ ،‬فأحبه كثيراً‪ .‬كما امتدحه القديسان‬
‫اغوسطينوس وايرونيموس‪ .‬ترك وظيفته وآثر العيشة النسكية منفرداً في‬
‫مدينة برشلونا‪ .‬فأدهش الناس بضائله وتقشفاته وسيرته المالئكية‪ .‬فطلب‬
‫االكليروس واالعيان من اولمبيوس االسقف ان يرسم يولينوس كاهناً‪ ،‬فارتقى‬
‫الدرجة المقدسة سنة ‪ .373‬فذهب وباع امالكه في فرنسا واسبانيا ووزع‬
‫اثمانها على الفقراء والبائسين وافتداء االسرى واطالق سبيل المسجونين‬
‫وايفاء الديون عن المتضايقين ومساعدة االرامل وااليتام‪.‬‬
‫ثم سار الى ميالنو فأجله القديس امبروسيوس واحصاه بين كهنة كنيسته‪ .‬ثم‬
‫جاء الى روما فلقيه الشعب باحتفال نادر المثال‪ .‬وفي السنة ‪ 394‬أتى مدينة‬
‫نوال وتبعته امرأته تراسيا‪ .‬فأقاما هناك بيت يخصهما‪ ،‬منفصلَين الواحد عن‬
‫سين الزي الرهباني‪ ،‬يمارسان العيشة النسكية‪.‬‬
‫اآلخر‪ ،‬الب َ‬
‫وعاش هذا القديس خمس عشرة سنة بالفقر والمسكنة والنسك الشاق‪ ،‬حتى‬
‫ادهش اهل اوروبا‪ .‬وفي سنة ‪ 409‬توفي اسقف نوال‪ ،‬فانت ُ ِخب يولينوس خلفا ً‬
‫له‪ ،‬فدبر رعيته بما عرف به من غيرة وتواضع وتضحية‪.‬‬
‫ثم رقد بالرب سنة ‪ 431‬كما ان امرأته استمرت عائشة بالنسك والعبادة الى ان‬
‫ماتت بنسمة القداسة‪ .‬ولهذا القديس رسائل ومؤلفات نفيسة‪ ،‬وجسده محفوظ‬
‫في روما مع ذخائر برتلماوس الرسول في الكنيسة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني والعشرون‬
‫تذكار اوسابيوس ومعناه ( حوشب)‬
‫ولد هذا القديس في مدينة سميساط القائمة على نهر الفرات‪ .‬وشب على‬
‫ممارسة الفضائل وتحصيل العلوم‪ .‬وفي السنة ‪ 311‬اقيم اسقفا ً على سميساط‬
‫مدينته‪.‬‬
‫ولما جلس مالتيوس على الكرسي البطريركي‪ ،‬جاهر في خطابه بايمانه‬
‫الكاثوليكي‪ .‬استشاط االريوسيون غيظاً‪ .‬فشكوا امرهم الى الملك قنسطنس‪،‬‬
‫فأرسل الملك اليه احد اعوانه وطلب منه ليسلمه الصك بحسب امر الملك‪.‬‬
‫فأجابه االسقف‪:‬‬
‫اسلم لفرد حكما ً استودعني اياه مجمع قانوني"‪ .‬فحنق الملك‬ ‫" ال يسعني ان ِ‬
‫لهذا الجواب‪ .‬واعاد رسوله مصحوبا ً بكتاب شديد اللهجة الى االسقف يتهدده‬
‫بقطع يمينه ان لم يسلم الصك‪ .‬فلما قرأ االسقف القديس الكتاب‪ ،‬مد يديه‬
‫االثنتين وقال للرسول‪ ":‬هاتان يداي فاقطعهما‪ .‬فأنا ال اسلم وديعة ائتمنني آباء‬
‫السيندوس البطريركي عليها"‪ .‬وظل يسوس ابرشيته بغيرة رسولية ال تعرف‬
‫الملل‪ ،‬شأن الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف لكي يقيها شر ذئاب‬
‫االريوسية‪.‬‬
‫ولما نفى الملك والنس االريوسي بعض رعاة سوريا وفينيقية وفلسطين‪ ،‬قام‬
‫اوسابيوس يجاهد الجل االيمان‪ ،‬ضد بعة االريوسية‪ .‬فتنكر بزي جندي واخذ‬
‫يطوف البالد ويرد المؤمنين الضالين الى الحظيرة ويرشدهم ويشجعهم‪.‬‬
‫فأصدر الملك امرا ً سنة ‪ 373‬بطرد البطريرك من كرسيه ونفيه الى بالد تراقية‬
‫البعيدة‪ .‬ولما بلغه االمر الجائر خضع له‪ ،‬لكنه دعا رسول الملك سرا ً وقال له‪:‬‬
‫" حذار ان يعرف بك اهل المدينة‪ .‬واال عرضت نفسك للخطر والشعب للثورة"‪.‬‬
‫خادم امين‪ .‬ولما علم الشعب‬
‫ٍ‬ ‫ثم صلى صالة الليل مع اكليروسه وانسل خفيةً مع‬
‫بنفي راعيهم‪ ،‬هاجوا وسخطوا ولحق به كثيرون منهم فأدركوه على الفرات‬
‫واخذوا يُلحون عليه بالعودة فأقنعهم بالرجوع ومضى الى المنفى‪.‬‬
‫ولما انتقم هللا من الملك والنس وجلس على العرش غرايانوس سنة ‪375‬‬
‫وكان رجالً فاضالً وحكيماً‪ ،‬ارجع االساقفة المنفيين الى كراسيهم‪ .‬فعاد القديس‬
‫الى كرسيه فاستقبله الشعب بأبهى مظاهر البهجة‪ .‬واذ كان يوما ً يجتاز المدينة‪،‬‬
‫رشقته امرأة اريوسية بقرميدة اصابت رأسه فتوفي سنة ‪.380‬‬
‫وقال عنه المؤرخ تاودوروس‪ ":‬هكذا قضى اوسابيوس الكبير بعد حياة مألتها‬
‫القداسة والجهود الجبارة واالعمال المجيدة‪ .‬لقد نجا من سيف البرابرة في‬
‫تراقية‪ ،‬لكنه سقط ضحية شراسة الهراطقة‪ ،‬اال ان فظاعة عملهم كللت هامته‬
‫باكليل الشهادة"‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث والعشرون‬
‫تذكار الشهيدة اغريبينا‬
‫ولدت هذه الشهيدة ونشأت في روما ونذرت بتوليتها للسيد المسيح‪ .‬ولما ثار‬
‫االضطهاد الثامن في ايام الملك فاليريانوس (‪ ،)260 +‬تقدمت بكل جرأة من‬
‫المضطهدين مجاهرة بأنها مسيحية‪ .‬فقبض عليها الوثنيون وجلدوها بعصي‬ ‫ِ‬
‫جافية‪ ،‬ثم طرحوها في السجن مغللة بالقيود‪ ،‬وهي تشكر هللا‪ .‬وفي الغد‬
‫اخرجوها من السجن وشدوها الى ملزمة‪ ،‬حتى تحطمت اعضاؤها وسالت‬
‫دماؤها وفاضت روحها الطاهرة طائرة الى سماء مجد المسيح‪.‬وكان ذلك سنة‬
‫‪ .259‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار المجمع األفسسي وهو الثالث العام‬
‫انعقد هذا المجمع في مدينة افسس سنة ‪ 431‬في ايام الملكَين تاودوسيوس‬
‫الصغير والنسيانوس باالتفاق مع الحبر االعظم البابا شلتينوس االول الجل‬
‫البت والحكم بين تعليم القديس كيرلس بطريرك االسكندرية الذي ترأس المجمع‬
‫باسم الحبر االعظم وبين نسطور بطريرك القسطنطينية‪ ،‬الذي كان يقول‪ ":‬ان‬
‫في المسيح اقنومين وشخصين متميزين وان مريم العذراء هي ام االقنوم‬
‫البشري وليست ام هللا"‪ .‬وكان عدد آباء المجمع يربو على المئتين‪.‬‬
‫واخذوا بالبحث والتحري عن حقيقة االيمان وعن ضالل نسطور‪ ،‬النهار كله‪.‬‬
‫ثم اصدروا الحكم بحطه عن كرسي البطريركية وعن مقام اسقفي‪.‬‬
‫وسن هذا المجمع ثمانية قوانين تهذيبية وطقسية لفائدة الكنيسة وثبت اآلباء‬
‫ضد تلك الهرطقة الخبيثة‪ ":‬ان مريم العذراء هي حقا ً ام هللا"‪ " ،‬ثايوتوكس"‪.‬‬
‫وبعد اعالن هذه العقيدة‪ ،‬ظهرت افسس بأبهى مجالي الزينة وحمل المؤمنون‬
‫واآلباء على االكتاف من شدة فرحهم‪ .‬صالة آبائه معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار ميالد يوحنا المعمدان‬
‫ان يوحنا المعمدان‪ ،‬هو ذلك النبي العظيم الذي سبق وتنبأ عنه آشعيا بقوله‪:‬‬
‫" صوتٌ صارخٍ في البرية‪ ،‬أَ ِعدوا طريق الرب" (آشعيا ‪.)3 :40‬‬
‫جاء يوحنا يبشر بمجيء المخلص‪ .‬وهو ابن زكريا واليصابات‪ .‬وقد وصفهما‬
‫سائرين في جميع وصايا‬‫َ‬ ‫بارين امام هللا‪،‬‬
‫القديس لوقا بقوله‪ ":‬كانا كالهما َّ‬
‫الرب واحكامه بغير عيب" (لوقا ‪ .)6 :1‬ولم يكن لهما ولد‪ ،‬الن اليصابات‬
‫كانت عاقراً‪ .‬تراءى له مالك الرب وقال له‪ ":‬يا زكريا ال تخف‪ ،‬ان دعاءك قد‬
‫فسم ِه يوحنا‪ .‬وستلقى فرحا ً وابتهاجاً‪ ،‬ويفرح بمولده‬
‫ِ‬ ‫س ِمع وستلد امرأتك ابنا ً‬
‫ُ‬
‫سكرا ً‬
‫اناس كثيرون‪ .‬النه سيكون عظيما ً لدى الرب‪ ،‬ولن يشرب خمرا ً وال ُم ِ‬
‫ويمتلئ من الروح القدس وهو في بطن امه"‪.‬‬
‫واما اليصابات‪ ،‬فلما حان وقت والدها‪ ،‬وضعت ابناً‪ .‬فسمع جيرانها واقاربها ان‬
‫الرب رحمها رحمة عظيمة‪ ،‬ففرحوا معها‪ .‬وبعد ثمانية ايام جاؤوا ليختنوا‬
‫الصبي‪ .‬وارادوا ان يسموه باسم ابيه زكريا‪ ،‬ولكن اباه اخذ لوحا ً وكتب‪ :‬اسمه‬
‫يوحنا‪ ":‬اي حنان هللا ورأفته"‪ .‬وفي الحال انفتح فم زكريا وبارك هللا‪ .‬فحل‬
‫خوف على جميع جيرانهم‪ ،‬وتحدث الناس بهذه االمور قائلين‪ :‬ما عسى ان‬
‫يكون هذا الصبي؟ وكانت يد الرب معه‪ .‬وامتأل ابوه من الروح القدس واخذته‬
‫هزة الطرب فتنبأ قائالً‪ :‬مبارك اآلتي باسم هللا‪ .‬النه افتقد وصنع فداء لشعبه‪...‬‬
‫وانت ايها الصبي نبي هللا تدعى النك تتقدم الرب لت ُ ِعد طريقه (لوقا ‪-66 :1‬‬
‫‪ .)76‬وال نعلم عن حداثة هذا القديس العظيم غير ما قاله لوقا البشير بهذه‬
‫العبارة الوجيزة‪ :‬وكان الصبي ينمو ويتقدس بالروح‪ ،‬وكان في البراري الى‬
‫يوم ظهوره السرائيل( لوقا ‪ .)80 :1‬ولقد دعاه المسيح اعظم مواليد النساء‪.‬‬
‫صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس والعشرون‬
‫تذكار القديسة الشهيدة قبرونيا‬
‫كانت فبرونيا من مدينة نصيبين‪ .‬ت َيتمت وهي طفلة فعنيت بتربيتها خالتها‬
‫الشماسة برابتيا رئيسة دير الراهبات تربية مسيحية صحيحة‪ .‬فعكفت على‬
‫ممارسة الفضائل ونذرت بتوليتها للسيد المسيح‪ .‬فتسامت في الكمال حتى فاقت‬
‫جميع الراهبات وصارت لهن خير قدوة في حفظ القوانين والقيام بجميع‬
‫الواجبات‪.‬‬
‫وفي ايام االضطهاد‪ ،‬عرف الوالي سالينوس بما كانت عليه فبرونيا من شهرة‬
‫القداسة فأرسل جنوده في طلبها فدخلوا الدير عنوة‪ ،‬وما رأتهم برابتيا‬
‫الرئيسة‪ ،‬حتى هلع قلبها وعرفت بقرب المعركة‪ .‬فأسرعت الى ابنتها فبرونيا‬
‫تودعها بذرف الدموع وتشدد عزمها على الثبات في محبة المسيح حتى‬
‫الموت‪.‬‬
‫فتسلمها الجنود وذهبوا بها الى الوالي‪ .‬فجاهرت بأنها مسيحية ومستعدة الن‬
‫تحتمل العذاب الجل يسوع المسيح‪ ،‬فاديها االلهي‪.‬‬
‫فحاول سالينوس اقناعها بان تشفق على شبابها وان ترضى بان تكون زوجة‬
‫لصديقه الشاب لسماخوس الذي كان على يمينه‪ ،‬فقالت‪ ":‬ان العريس الذي‬
‫اخترتُه هو يسوع المسيح االله الذي ال يموت"‪.‬‬
‫فأمر بها الوالي فمزقوا جسدها بأمشاط من حديد‪ ،‬حتى تناثرت لحمانها وسالت‬
‫دماؤها‪ ،‬وهي ثابتة تشكر هللا‪ ،‬ثم قطعوا ثدييها ويديها ورجليها ووضعوا جمرا ً‬
‫على محل القطع‪ ،‬فصرخت الشهيدة قائلة‪ ":‬يا الهي وسيدي‪ ،‬أَال ان ُ‬
‫ظر الى‬
‫عذابي واقبل روحي بين يديك!"‪ .‬فطارت نفسها الطاهرة الى االتحاد بعروسها‬
‫السماوي في مجده االبدي سنة ‪.304‬‬
‫وعلى أثر استشهادها‪ ،‬آمن لسماخوس ورفيقه بريموس بعد ان شاهدا عذابها‬
‫وثباتها وزهدها في الدنيا‪.‬‬
‫ويروى انها كانت تتراءى للراهبات في موضعها في الخورس وتشاركهن في‬
‫الصلوات الفرضية‪ ،‬وال تلبث ان تتوارى عن االنظار‪ .‬وقد شيد اسقف المدينة‬
‫كنيسة فخمة على اسمها‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس والعشرون‬
‫تذكار الشهيدين يوحنا وبولس‬
‫اخوين بالجسد من اشراف روما‪ .‬قد اقامهما الملك‬ ‫َ‬ ‫كان يوحنا وبولس‬
‫قسطنطين الكبير للعناية بشؤون ابنته قسطنسيا‪ ،‬التي كانت قد نذرت بتوليتها‬
‫هلل واقامت في مقصورة خاصة بها‪ .‬فأحسنا القيام بمهمتهما هذه وناال كل ثناء‬
‫واعتبار‪.‬‬
‫وبعد وفاة قسطنطين وابنته قسطنسيا‪ ،‬خدما كجنديين في ايام ابنائه‪ ،‬وكانت‬
‫لهما المنزلة الكبرى واالعتبار‪ .‬ولما استوى يوليانوس الجاحد على منصة‬
‫الملك تركا الجندية واعتزال في دارهما بروما‪.‬‬
‫فأرسل يوليانوس الملك يطلبهما ليكونا عنده في بالطه‪ ،‬كما كانا في بالط الملك‬
‫قسطنطين وابنائه‪ ،‬وانه يريد تكريم َمن احسنوا الخدمة‪ ،‬ايام اسالفه‪ .‬فأجابا‬
‫بأنهما ال يريدان ان يخدما من قد جحد الدين المسيحي‪ ،‬بعد ان ولد فيه واعتمد‬
‫في الكنيسة الكاثوليكية وهو يضطهد المسيحيين وينكل بهم‪.‬‬
‫فاستشاط الملك غيظا ً وهددهما بالعذاب والموت واعطاهما مهلة عشرة ايام‬
‫ليقلعا عن عزمهما‪ .‬فلم ينل منهما التهديد ولم يفرا من روما‪ ،‬وعرفا بقرب‬
‫المعركة‪ ،‬فاستعدا لها بكل ما اوتيا من االيمان الحي والشجاعة‪ .‬فباعا امالكهما‬
‫جميعا ً ووزعا ثمنها على الفقراء والكنائس‪ ،‬وصرفا مهلة االيام العشرة‬
‫بالصالة واالستعداد لقبول الشهادة‪.‬‬
‫وعند نهاية المدة المعينة‪ ،‬اتاهما تيرانسيانوس‪ ،‬خادم الملك‪ ،‬ومعه صنم‬
‫المشتري‪ .‬واخذ يحثهما على االذعان المر الملك والسجود فقط امامه للصنم‬
‫لك‬
‫الذي بيده ارضاء لخاطر الملك‪ .‬فأجاباه بكل جرأة‪ ":‬حاشا لنا ان نبدُل رضا َم ٍ‬
‫لك ارضي‪ ،‬والموت في سبيل ربنا يسوع المسيح خير لنا من‬ ‫سماوي برضا َم ٍ‬
‫الحياة"‪.‬‬
‫واذ رآهما تيرانسيانوس‪ ،‬ثابتين على عزمهما‪ ،‬تأثر‪ ،‬معجبا ً بهما‪ .‬فأحضر‬
‫جنوداً حفروا حفرة في بستانهما وقطعوا رأسيهما ليالً وألقوا جثتيهما في تلك‬
‫الحفرة‪ .‬وسرت اشاعة انهما تغيبا في ذلك الليل‪ ،‬حذرا من حدوث ثورة بين‬
‫الشعب‪ .‬وكان استشهادهما سنة ‪ .362‬وقد آمن تيرانسيانوس بالمسيح‬
‫واعتمد‪ ،‬لما رآه من شهامة ذينك الشهيدين البطلين وإقدامهما على الموت‪،‬‬
‫غير هيابَين‪ ،‬ودل المسيحيين على قبرهما‪ ،‬فأخرجوهما من الحفرة ودفنوهما‬
‫بكل احترام‪.‬‬
‫وقد شيدت‪ ،‬منذ القدم‪ ،‬كنيسة بروما على اسميهما في محل دارهما‪ .‬صالتهما‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع والعشرون‬
‫تذكار القديس سمصون‪ ،‬مضيف الغرباء‬
‫ولد هذا البار في روما في أواخر القرن الخامس‪ ،‬من أسرة شريفة يتصل‬
‫نسبها بالملك قسطنطين الكبير‪ .‬ونشأ على حب الفضيلة والشفقة والسخاء على‬
‫الفقراء‪ .‬زهد في الدنيا وباع امالكه الواسعة في روما ووزع ثمنها على‬
‫الفقراء وسار الى القسطنطينية حيث عكف في منسك على الصوم والصالة‬
‫والتأمل وقراءة الكتاب المقدس‪.‬‬
‫فاشتهرت قداسته ولمعت فضائله‪ ،‬على رغم عيشته الفقرية واخفائه نسبه‬
‫الشريف فعرف به القديس ميناس بطريرك القسطنطينية‪ ،‬فاستدعاه اليه ورقاه‬
‫كرها ً بأمر الطاعة‪ ،‬واقامه رئيسا ً على كهنة كاتدرائيته‪.‬‬‫الى درجة الكهنوت‪ُ ،‬م َ‬
‫فازداد غيرة وشفقة على الفقراء‪ ،‬يعالجهم مجاناً‪ ،‬النه كان يحسن الطب‪ ،‬فكان‬
‫طبيبا ً للنفوس واالجساد معاً‪ ،‬جاعالً بيته ملجأ للجميع‪.‬‬
‫الملك من مرض عضال‪ ،‬كان االطباء عجزوا عن شفائه‪ .‬فأنشأ له‬ ‫َ‬ ‫وقد أبرأ‬
‫الملك مستشفى لمعالجة المرضى ومساعدة الفقراء‪ ،‬وال سيما الغرباء منهم‪،‬‬
‫يعنى بهم عناية خاصة‪ .‬لذلك لقب "بمضيف الغرباء"‪ .‬وما زال على جهاده هذا‬
‫الحسن‪ ،‬الى ان رقد بالرب سنة ‪ .548‬وقد منحه هللا موهبة صنع العجائب في‬
‫حياته وبعد مماته‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار البابا الون الثاني‬
‫ولد هذا البابا القديس في جزيرة صقلية في أوائل القرن السابع‪ ،‬من والدين‬
‫غنيين بالخيرات الروحية والزمنية‪ .‬فنشأ على البر والتقوى واتقن العلوم وبرع‬
‫خاصة باللغتين اليونانية والالتينية وتعمق في درس االسفار المقدسة‪ ،‬فطارت‬
‫شهرته بالفصاحة والخطابة والشفقة على الفقراء وااليتام‪ ،‬مما اهله الن يتسنم‬
‫السدة البطرسية في ‪ 16‬نيسان سنة ‪ 682‬خلفا ً للبابا القديس اغاتون‪.‬‬
‫واول ما اهتم به البابا الون هذا‪ ،‬اثبات اعمال المجمع المسكوني السادس‬
‫المنعقد سنة ‪ 680‬في القسطنطينية ضد بدعة المونوتيلية اي المشيئة الواحدة‬
‫والقائلين بها زعيمهم سرجيوس بطريرك القسطنطينية‪ ،‬ولم يكن الكرسي‬
‫الرسولي الروماني قد اثبت اعمال ذلك المجمع‪ .‬لذلك وجه البابا الون رسالة‬
‫الى الملك قسطنطين اللحياني‪ ،‬يثبت بها اعمال المجمع السادس ويرشق بالحرم‬
‫بدعة المشيئة الواحدة ومبتدعيها‪.‬‬
‫وقد أحسن هذا البابا القديس سياسة الكنيسة‪ ،‬شأن الرئيس الحكيم الغيور‪.‬‬
‫وبما انه كان بارعا ً ومولعا ً بفن الموسيقى‪ ،‬اصلح الترانيم وااللحان البيعية‪ .‬ثم‬
‫رقد بالرب في الثالث من تموز سنة ‪ 683‬ودفن في كنيسة مار بطرس بروما‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع والعشرون‬
‫تذكار الرسولين المعظمين بطرس وبولس‬
‫اما بطرس فهو سمعان بن يونا وهو اخو اندراوس‪ .‬ولد في بيت صيدا في‬
‫الجليل‪ .‬وكانت مهنته صيد السمك‪ .‬ولما جاء به اخوه اندراوس الى يسوع‬
‫ابتدره الرب قائالً‪ ":‬انت تدعى‪ ،‬من اآلن‪ِ ،‬كيفَا اي الصخرة"‪ .‬ثم دعاه يسوع‬
‫ثانية واخاه قائالً‪ :‬اتبعاني فأجعلكما صيادَي الناس‪ .‬وللوقت تركا الشباك وتبعاه‪.‬‬
‫وبعد هذه الدعوة الثانية الزم بطرس يسوع ولم يفارقه الى النهاية‪.‬‬
‫ولما أعلن السيد المسيح جسده مأكالً حقيقياً‪ ،‬ودمه مشربا ً حقيقياً‪ ،‬مشيراً بذلك‬
‫الى سر القربان االقدس‪ ،‬استصعب الرسل كالمه ورجعوا الى الوراء‪ ،‬فقال‬
‫لهم‪ :‬ألعلكم انتم ايضا ً تريدون ان تمضوا؟ فأجاب سمعان بطرس‪ :‬الى من نذهب‬
‫يا رب وكالم الحياة االبدية عندك؟‬
‫سأل بطرس معلمه‪ :‬كم مرة اغفر ألخي‪ ،‬يومياً‪ ،‬اذا خطئ الي‪ ،‬أ ِإلى سبع مرات؟‬
‫أجابه يسوع‪ :‬ال أقول لك سبع مرات‪ ،‬بل سبعين مرة سبع مرات‪ .‬وهذا تبيان‬
‫للضعف البشري الصادر من االنسان‪ ،‬وواجب ان نغفر له دائما ً ما زالت نيته‬
‫سليمة صافية‪.‬‬
‫وكم كان متحمسا ً للدفاع عن معلمه عندما اعلن يسوع عن كيفية ميتته‪ ،‬فقال‬
‫له سمعان بطرس‪ :‬اني مستعد ان أمضي معك الى السجن وحتى الى الموت‪.‬‬
‫فقال له يسوع‪ :‬ان الروح مستعد وأما الجسد فضعيف‪ .‬وستنكرني ليلة آالمي‬
‫ثالث مرات قبل صياح الديك مرتين‪ .‬وهكذا كان‪ .‬ولكن عاد بطرس فندم على‬
‫خطيئته بذرف الدموع مدة حياته كلها‪.‬‬
‫و َمن يتصفح النصوص الواردة في العهد الجديد‪ ،‬يتضح له جليا ً ان بطرس هو‬
‫اول من تبع المسيح واعترف به‪ .‬وكان امينا ً السراره وقد رافقه في جميع‬
‫مراحل حياته‪ .‬وقد جعله الرب زعيما ً للرسل ورئيسا ً على كنيسته‪ .‬وكان يترأس‬
‫اجتماعات الرسل قبل صعود الرب وبعده ويرشدهم بسلطته المطلقة دون‬
‫منازع‪ .‬وقد خطب في اليهود بعد حلول الروح القدس وصنع العجائب‪.‬‬
‫وبدأ غير هياب‪ ،‬بالتبشير في السامرة‪ ،‬وطاف مدن سواحل فلسطين ولبنان‪،‬‬
‫وعمد كرنيليوس القائد برؤيا عجيبة مؤثرة جداً‪ .‬وهو َمن خرج ِمن اورشليم‪،‬‬
‫قبل الرسل‪.‬‬
‫وبعد صعود الرب‪ ،‬بشر بطرس في فلسطين وفينيقية وآسية خمس سنوات‪ ،‬ثم‬
‫اقام كرسيه في انطاكية سبع سنين‪ ،‬وخلفه فيها اوديوس‪ .‬وذهب الى روما‬
‫حيث اقام كرسيه سنة ‪ 44‬للميالد‪ .‬ثم عاد الى اورشليم في السنة نفسها‪ ،‬فألقاه‬
‫هيرودس اغريبا في السجن وخلصه مالك الرب‪ .‬فاستأنف التبشير‪ ،‬وعقد‬
‫المجمع االول مع الرسل وكتب رسالته االولى‪ .‬ثم رجع الى روما حيث اسقط‬
‫سيمون الساحر من الجو واخزاه هو وخداعه‪ ،‬وكان سيمون عزيزا ً على‬
‫نيرون الملك‪ .‬غضب الملك على بطرس‪ ،‬فأخذ يترقبه وبوحي الهي عرف بدنو‬
‫أجله‪ ،‬فكتب رسالته الثانية‪.‬‬
‫وما لبث ان قبض نيرون عليه وسجنه‪ ،‬ثم امر بصلبه‪ ،‬ولعمق تواضعه‪ ،‬ابى‬
‫ان يُصلَب إِال منكَّساً‪.‬‬
‫وقد اثبت القديسون‪ :‬ديونيسيوس وايريناوس واوسابيوس وايرونيموس‪ ،‬كما‬
‫تبين ايضا ً من اآلثار التاريخية المكتشفة حديثا ً في رومة‪ .‬ان بطرس ذهب الى‬
‫روما باالتفاق مع بولس‪ .‬وبعد ان اسس كنيستها استشهد في عهد نيرون عام‬
‫‪ .67‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫أما الرسول العظيم بولس الذي ُج َّن بمحبة المسيح‪ ،‬فبعد ان كان اشد مضطهد‬
‫للكنيسة‪ ،‬قد حمل لواء االنجيل عاليا ً وطاف به العالم مقتحما ً االخطار‪ ،‬برا ً‬
‫وبحراً‪ ،‬ال يهاب الموت في سبيل َمن بذل نفسه الجله‪ .‬فكان آية عصره وسيبقى‬
‫على االجيال‪ ،‬بأعماله الجبارة ورسائله الرائعة أسطع دليل على مفعول النعمة‬
‫االلهية في ارض االرادة الجيدة‪.‬‬
‫ولد شاول في مدينة طرطوس‪ ،‬نحو السنة العاشرة للميالد‪ ،‬من ابوين يهوديين‬
‫اصلهما من الجليل‪ .‬درس الفلسفة والفقه على العالم الشهير جمالئيل في‬
‫اورشليم‪ .‬ودعي فيما بعد بولس‪.‬‬
‫كان يمقت ويضطهد كل من يخالف شريعة آبائه‪ .‬لذلك ساهم في رجم‬
‫اسطفانوس رفيقه اول الشهداء‪ .‬وكان يالحق المسيحيين ويسوقهم الى‬
‫السجون‪.‬‬
‫ماض الى دمشق في هذه المهمة‪ ،‬اذا نور من السماء قد سطع حوله‬
‫ٍ‬ ‫وفيما هو‬
‫فسقط على االرض وسمع هاتفا ً يقول له‪ ":‬شاول‪ ،‬شاول‪ِ ،‬ل َم تضطهدني؟"‪.‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫" من انت‪ ،‬يا سيدي؟"‪ .‬قال‪ ":‬انا يسوع الذي انت تضطهده‪ .‬فقم وادخل‬
‫المدينة‪ ،‬فيقال لك ما يجب عليك ان تفعل"‪ .‬فنهض شاول عن االرض ولم يكن‬
‫يبصر شيئاً‪ ،‬وعيناه مفتوحتان‪ .‬فاقتادوه بيده وادخلوه دمشق‪ .‬فلبث ثالثة ايام‪،‬‬
‫كفوف البصر‪ ،‬ال يأكل وال يشرب (اعمال ‪.)10-1 :9‬‬‫َ‬ ‫م‬
‫وارسل الرب اليه تلميذا ً اسمه حننيا فوضع عليه يديه فأبصر واعتمد‪ .‬وكان‬
‫اهتداؤه العجيب سنة ‪ 35‬للميالد‪ .‬وما لبث ان اخذ يكرز في المجامع بأن يسوع‬
‫هو ابن هللا‪ .‬فتآ َمر اليهود على قتله‪ .‬ولكنه نجا بسعي المؤمنين‪ .‬وعاد الى‬
‫اورشليم واتصل بالرسل‪ .‬وراح يبشر في الهيكل بجرأة‪ .‬فصمم اليهود على‬
‫قتله‪ .‬ولكنه سافر الى طرطوس وطنه مارا ً بسوريا وكيليكيا بصحبة برنابا‬
‫ويوحنا مرقس‪ .‬وفي قبرص آمن على يده الوالي سرجيوس بولس واعتمد هو‬
‫وأهل بيته‪.‬‬
‫واستأنف البشارة حيث أبرأ مقعدا ً من جوف أمه في لسترة‪ .‬وعندها رفع الجمع‬
‫الحاضر ايديهم هاتفين‪ :‬ان اآللهة تشبهوا بالناس ونزلوا الينا! وارادوا ان‬
‫يذبحوا لهما‪ ،‬فمنعهم بولس قائالً‪ ":‬نحن بشر مثلكم"‪ .‬غير ان اليهود تمكنوا‬
‫من اثارة الجموع عليه‪ ،‬فرجموه خارج المدينة‪ .‬وفي الغد‪ ،‬شفاه هللا وأقامه‬
‫فانطلق مع برنابا‪ ،‬يثبتان المؤمنين في المدن ويرسمان لهم كهنة لخدمتهم‪.‬‬
‫وعاد الى انطاكية حيث مكث أياما ً وانطلق منها يصحبه سيال ولوقا الى آسيا‬
‫الصغرى وكيليكيا وليكاونية وغالطية وتراوس وسائر بالد اليونان‪ .‬واستصحب‬
‫تيموتاوس الذي اقامه فيما بعد أسقفا ً على أفسس‪ .‬وفي آثينا قام خطيبا ً امام‬
‫فالسقتها في االريوباغوس‪ ،‬فرد كثيرين الى االيمان ومنهم ديونيسيوس‬
‫االريوباغي‪ .‬ثم عاد الى اورشليم حيث مكث سنتين‪ ،‬ثم جال في مدن آسيا‬
‫الصغرى وجاء الى كورنتس حيث تراءى له الرب وشجعه واجرى على يده‬
‫آيات باهرة‪ .‬وطاف في غالطية وفريجية‪ ،‬يثبت التالميذ في االيمان‪ ،‬حتى وصل‬
‫الى افسس‪ ،‬حيث اقام ثالث سنوات يبشر ويعمد باسم يسوع المسيح‪ ،‬عامالً‬
‫بيده لكسب معاشه‪.‬‬
‫وسار يبشر في جزر بحر الروم‪ ،‬حتى بلغ صور وعكا وقيصرية‪ .‬وحاول‬
‫االخوة ان يمنعوه من الصعود الى اورشليم‪ ،‬ملحين عليه بالدموع‪ ،‬فقال لهم‪:‬‬
‫ما بالكم تبكون وتكسرون قلبي‪ :‬اني مستعد‪ ،‬ال للوثاق فقط بل للموت ايضا ً في‬
‫اورشليم الجل اسم الرب يسوع (اعمال ‪.)13-7 :21‬‬
‫هناك حاول اليهود قتله فمنعهم قائد الجند‪ .‬وخاطب الشعب باللغة العبرانية‬
‫مبينا ً عن اهتدائه‪ .‬فصرخوا قائلين‪ :‬ارفعه‪ ،‬اصلبه‪ .‬ف ِإرضا ًء لهم اراد الوالي ان‬
‫يجلده‪ ،‬فاعترض بولس بأنه ذو جنسية رومانية‪ .‬وارسله قائد االلف الى الوالي‬
‫في قيصرية‪ ،‬مركز الوالية الرومانية حيث مكث اسيرا ً سنتين‪ .‬ولكان الملك‬
‫اغريبا اطلق سراحه لو لم يكن رفع دعواه الى قيصر‪.‬‬
‫فأقلع بولس مع اسرى آخرين الى روما يصحبه لوقا رفيقه االمين واسترخوس‬
‫المكدوني‪ .‬وبعد النظر الى دعواه‪ ،‬لم يجد القضاة ما يوجب الحكم عليه‪ ،‬فأخلي‬
‫سبيله‪ .‬فأقام في روما سنتين يبشر باالنجيل‪ .‬ثم عاد يبشر ايضا ً في جزيرة‬
‫كريت ويزور كنائس آسيا وتروادا وكورنتس‪ .‬ويقال انه مضى الى اسبانيا‬
‫مجتازا ً فرنسا – ثم رجع الى روما فقبض عليه نيرون وألقاه في السجن‪ ،‬وحكم‬
‫بقطع رأسه كما حكم على بطرس الرسول بالصلب‪ .‬وكان ذلك سنة ‪ 67‬للميالد‪.‬‬
‫أما رسائله الرائعة وعددها اربع عشرة رسالة‪ ،‬فهي آية في البالغة وتحفة‬
‫اآلثار الكتابية في الكنيسة‪ .‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار الرسل االثني عشر‬
‫جاء في االنجيل ان ربنا يسوع المسيح اختار من تالميذ اثني عشر رجالً دعاهم‬
‫رسالً‪ .‬هذه اسماؤهم‪ :‬سمعان المدعو بطرس واندراوس اخوه ويعقوب بن‬
‫زبدى ويوحنا اخوه وفيلبوس وبرتلماوس وتوما ومتى العشار ويعقوب بن‬
‫حلفى وتداوس وسمعان القانوي ويهوذا االسخريوطي الذي اسلمه (متى ‪:10‬‬
‫‪.)4-1‬‬
‫االول بطرس هامة الرسل بشر في اليهوية‪ ،‬ثم في انطاكية حيث جعل كرسي‬
‫رئاسته مدة سبع سنين‪ .‬ومضى الى روما وفيها اقام كرسيه‪ ،‬ثم مات مصلوبا ً‬
‫منكسأ ً سنة ‪.67‬‬
‫الثاني يوحنا‪ ،‬بشر في آسيا الصغرى وأقام بأفسس مدة طويلة‪ .‬وفي سنة ‪95‬‬
‫نفي منها بأمر الملك دومتيانوس الى روما حيث ألقي في مرجل زيت يغلي‪،‬‬
‫فصانه هللا‪ ،‬ثم نفي الى جزيرة َبط ُمس حيث كتب رؤياه العجيبة‪ ،‬وبعدها عاد‬
‫الى افسس سنة ‪ 97‬وفيها كتب انجيله‪ ،‬ثم رقد بالرب السنة المئة للميالد‪.‬‬
‫الثالث اندراوس اخو بطرس‪ ،‬بشر في بالد اليونان وشواطئ البحر المتوسط‬
‫الى بوغاز الدردنال وبالد التتر ونال اكليل الشهادة مصلوبا ً سنة ‪ 62‬في‬
‫تيراقية‪.‬‬
‫الرابع يعقوب اخو يوحنا‪ ،‬بشر في فلسطين وسوريا وسار الى اسبانيا ثم عاد‬
‫الى اورشليم‪ ،‬فقبض عليه الملك اغريبا فقتله سنة ‪( 42‬اعمال‪.)12‬‬
‫الخامس فيلبس‪ ،‬بشر في فريجيا من آسيا الصغرى ونال اكليل الشهادة في‬
‫هليوبوليس معلقا ً على الصليب‪ ،‬مرشوقا ً بالسهام سنة ‪.54‬‬
‫السادس توما‪ ،‬بشر في بالد فارس ومادَي والهند واستشهد في مدينة كالمينا‬
‫سنة ‪.75‬‬
‫السابع برتلماوس وهو نتنائيل‪ ،‬بشر بالد فارس ايضا ً والهند‪ .‬ونال اكليل‬
‫الشهادة مصلوبا ً سنة ‪.71‬‬
‫الثامن متى االنجيلي‪ ،‬بشر في الحبشة وقضى فيها شهيدا ً سنة ‪ 90‬على‬
‫االرجح‪ .‬وكتب انجيله الى اليهود المتنصرين‪.‬‬
‫التاسع يعقوب بن حلفى اسقف اورشليم‪ ،‬رجمه الكتبة والفريسيون وشَجوا‬
‫رأسه بهراوة فقضى شهيدا ً سنة ‪.63‬‬
‫العاشر سمعان القانوي‪ ،‬بشر في مصر وافريقيا وجزر بريطانيا‪ .‬نال اكليل‬
‫الشهادة على الصليب‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬انه بشر فيما بين النهرين ومات شهيداً‬
‫في بالد فارس سنة ‪.64‬‬
‫الحادي عشر يهوذا اخو يعقوب بن حلفى وهو تادي والبي‪ ،‬بشر في الرها وما‬
‫بين النهرين‪ .‬ومات في بالد فارس مرشوقا ً بالسهام نحو سنة ‪.70‬‬
‫الثاني عشر ماتيا‪ ،‬هو الذي اختاره الرسل بعد صعود الرب‪ ،‬بدالً من يهوذا‬
‫االسخريوطي‪ .‬وقد بشر في اليهودية‪ ،‬ثم مضى الى تدمر وطاف ما بين‬
‫النهرين‪ .‬واستُشهد في بالد فارس مرجوما ً سنة ‪.60‬‬
‫هؤالء هم الرسل االثنا عشر الذين طافوا المسكونة مبشرين بالمسيح وقد‬
‫ذاعت اصواتهم في كل االرض‪ .‬وأسسوا الكنيسة بأعراقهم ودمائهم‪ .‬وفيهم قال‬
‫بولس الرسول برسالته االولى الى أهل كورنتس‪ ":‬اني أطن ان هللا قد ابرزنا‬
‫نحن الرسل آخري الناس كأننا مجعولون للموت الننا قد صرنا مشهدا ً للعالم‬
‫والمالئكة والبشر‪ .‬نحن جهال من اجل المسيح‪ ،‬اما انتم فحكماء بالمسيح‪.‬‬
‫نحن ضعفاء وانتم اقوياء‪ ،‬الى هذه الساعة نحن نجوع ونعطش ونعرى ونلطم‬
‫وال قرار لنا‪ .‬ونتعب عاملين بأيدينا‪ .‬نشتم فنبارك‪ ،‬نضطهد فنتحمل وقد صرنا‬
‫كأقذار العالم" (‪1‬كور ‪.)... 9 :4‬‬
‫ولكل من هؤالء الرسل تذكار خاص به على مدار السنة‪ .‬غير ان امنا الكنيسة‬
‫الشرقية تقيم لهم تذكارا ً جامعا ً في هذا اليوم‪ ،‬تحريضا ً لنا على زيادة تكريمهم‬
‫واالقتداء بفضائلهم وااللتجاء الى شفاعتهم‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫شهر تموز‬
‫أيام هذا الشهر ‪ 31‬يوماً‪ ،‬ساعات نهاره ‪14‬ساعة وساعات ليله ‪10‬ساعات‪.‬‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار البابا غريغوريوس العاشر‬
‫ولد هذا القديس العظيم في مدينة بالزنسا بايطاليا‪ ،‬من اسرة فيسكوتني‪ ،‬ومنذ‬
‫صبائه عكف على الفضيلة واقتباس العلوم وامتاز بدرس القوانين البيعية‪.‬‬
‫سفير البابا في باريس ثم قانونيا ً في ليون فرئيس شمامسة‬
‫ٍ‬ ‫اسرار‬
‫ِ‬ ‫كاتب‬
‫َ‬ ‫تعين‬
‫في لياج‪ .‬وعرضت عليه اسقفية بالزنس‪ ،‬فلم يقبلها‪.‬‬
‫وكان القديس لويس التاسع ملك فرنسا يجله كثيراً‪ .‬واستصحبه معه الى‬
‫فلسطين لما أتاها النقاذ االراضي المقدسة‪ .‬فقضى مدة هناك‪ ،‬ساعيا ً في خالص‬
‫النفوس والقاء المحبة والسالم في صوفوف الصليبيين‪ .‬ولما توفي البابا‬
‫اكليمنضوس الرابع‪ ،‬انتخبوه بابا وهو في عكا‪.‬‬
‫ثم بلغ روما وتسنم السدة البطرسية باسم غريغوريوس العاشر‪ .‬ومن اشهر‬
‫فضائله وداعته وتواضعه وحبه للفقراء والمعوزين‪ .‬وأقوى دليل على غيرته‬
‫الرسولية‪ ،‬سعيه الجدي المتواصل في ازالة االنشقاق بين الكنيسة الرومانية‬
‫والكنيسة اليونانية القسطنطينية واهتداء شعوب الصين والتتر الى الدين‬
‫المسيحي‪ .‬فعقد في سنة ‪ 1274‬مجمعا ً مسكونيا ً في ليون اصدر فيه منشوراً‬
‫في الثالوث االقدس والمعتقد الكاثوليكي‪ .‬وبعد التداول والنظر في اصالح بعض‬
‫نائب الملك و َحلَ َ‬
‫ف و َج َحد تعليم الهراطقة وقبل ايمان‬ ‫ُ‬ ‫الشؤون المختَلة‪ ،‬وقف‬
‫الكنيسة الرومانية‪.‬‬
‫عندئذ وقف البابا وترنم بتسبحة الشكر هلل‪ ،‬وتال قانون االيمان بالالتينية وتاله‬
‫البطريرك جرمانوس باليونانية‪ .‬ثم تلوا جميعا ً عبارة االيمان هذه "المنبثق من‬
‫اآلب واآلبن"‪ .‬وقد وضع المجمع قوانين صارمة النتخاب البابا واصالح‬
‫االكليروس‪ ،‬حاضا ً على مساعدة الصليبيين بفلسطين‪.‬‬
‫وهكذا زال االنشقاق الوخيم واتحدت الكنيسة اليونانية مع الكنيسة الرومانية‪،‬‬
‫معترفة بااليمان الكاثوليكي‪ ،‬دون قيد وشرط‪ .‬وتم الفرح في الغرب والشرق‬
‫وصارت الرعية واحدة لراع واحد هو البابا الروماني‪ .‬وعاد البابا الى روما‪.‬‬
‫واستمر عامالً على تنفيذ قوانين المجمع‪ ،‬مواصالً جهاده الحسن في ادارة‬
‫الكنيسة الى ان اعتراه المرض فرقد بالرب في ‪10‬ك‪ 1‬سنة ‪ .1276‬واجرى‬
‫هللا على يده آيات باهرة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثاني‬
‫تذكار زيارة سيدتنا مريم العذراء للقديسة اليصابات‬
‫قال لوقا البشير في الفصل االول عدد ‪ :39‬ان مريم انطلقت مسرعة الى الجبل‪،‬‬
‫تزور نسيبتها اليصابات التي كانت حامالً بيوحنا المعمدان‪ .‬فدخلت مريم بيت‬
‫زكريا‪ ،‬وما كادت تسلم على اليصابات‪ ،‬حتى تحرك الجنين في بطنها وامتألت‬
‫من الروح القدس‪ ،‬فعرفت بسر التجسد االلهي‪ .‬فصاحت مباركة انت في النساء‬
‫فمن اين لي ان تأتي الي ام ربي! ويظهر ان يوحنا شعر‬‫ومبارك ثمرة بطنك‪ِ ،‬‬
‫بزيارة يسوع سيده‪ ،‬فتحرك فرحا ً به في بطن امه‪ ،‬وتط َّهر من الخطيئة‬
‫االصلية‪.‬‬
‫ت بما قيل لك من قِبَل الرب‪ ،‬اي ان‬
‫وقالت اليصابات لمريم‪ :‬طوبى لك‪ ،‬النك آمن ِ‬
‫مريم عرفت وآمنت ببشارة المالك نسيبتها اليصابات‪.‬‬
‫وترنمت مريم بتلك التسبحة العظيمة‪ ":‬تعظم نفسي للرب وتبتهج روحي باهلل‬
‫مخلصي‪ ،‬النه نظر الى حقارة امته‪ ،‬فها منذ اآلن تغبطني جميع االجيال‪ ،‬الن‬
‫القدير صنع بي عظائم" (لوقا ‪ )...46:1‬وبقيت مريم في بيت زكريا ثالثة‬
‫أشهر‪ .‬ففاضت البركات والنعم على ذلك البيت‪ .‬رزقنا هللا بركة هذه الزيارة‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث‬
‫تذكار القديس ايرونيموس‬
‫ولد ايرونيموس سنة ‪ 340‬في مدينة سيريدو من اسرة تقية غنية‪ .‬وبعد ان‬
‫اكمل دروسه االبتدائية في وطنه ارسله ابوه الى روما‪ ،‬ليكمل ثقافته على‬
‫اشهر اساتذتها‪ ،‬فبرع في الفصاحة والبيان واولع بكتابات علماء اليونان‬
‫والرومان بعد ان اتقن اللغتين اليونانية والالتينية‪ ،‬واستهوته خطب شيشرون‬
‫واشعار فيرجيل‪ .‬واستسلم الهواء الشباب‪ِ ،‬لما كان يراه في روما من المالهي‬
‫والمغريات‪ ،‬لكنه رجع الى نفسه‪ ،‬ذاكرا ً تربيته االولى المسيحية‪.‬‬
‫وانكب على درس الكتب المقدسة‪ .‬واخذ يتردد الى مدافن الشهداء‪ ،‬معجبا ً‬
‫بإقدامهم على إراقة دمائهم الجل ايمانهم‪.‬‬
‫ثم زهد في الدنيا وذهب الى برية تريفا‪ ،‬حيث انصرف للعبادة ودرس الالهوت‬
‫ثم عاد الى وطنه واقام سبع سنوات في اكيلة‪ ،‬مالزما ً العبادة والمطالعة‬
‫والكتابة‪ .‬والسباب عائلية هجر وطنه وقصد الى الشرق‪ ،‬مارا ً ببالد اليونان‬
‫وآسيا‪ ،‬ووصل الى انطاكية‪.‬‬
‫ثم انحاز الى برية" خلقيس" شرقي انطاكية‪ ،‬منعكفا ً على مطالعة الكتاب‬
‫المقدس وممارسة التأمل والصالة والتقشفات‪ .‬وبعد خمس سنوات‪ ،‬عاد الى‬
‫انطاكية‪ .‬فألح عليه البطريك بولينس بقبول درجة الكهنوت‪ ،‬فقبلها‪ ،‬مشترطا ً ان‬
‫يبقى حراً‪ ،‬متفرغا ً للدرس وللكتابة‪.‬‬
‫ثم مضى الى القسطنطينية حيث اخذ عن القديس غريغوريوس الالهوتي‬
‫النزينزي‪ ،‬اسمى التعاليم الالهوتية وحضر المجمع المسكوني الثاني‬
‫والقسطنطيني االول سنة ‪ 381‬ضد مكدونيوس عدو الروح القدس‪ .‬فلمع في‬
‫مسجالً فيه‪ .‬وكان قد اتقن ما عدا اللغتين اليونانية‬
‫ِ‬ ‫ذلك المجمع الذي كان‬
‫والالتينية‪ ،‬العبرانية والكلدانية وبرع فيهما بغية اكتناه معاني االسفار المقدسة‪.‬‬
‫فاستدعاه البابا داماسيوس واقامه كاتبا ً له وعهد اليه توحيد تراجم الكتاب‬
‫المقدس الالتينية ووضع ترجمة واحدة اساسية يعول عليها‪ .‬فباشر بعمله هذا‬
‫الخطير الذي كرس له حياته‪ .‬وفوق ذلك كان يتعاطى الوعظ ويرشد النفوس‬
‫في طريق الخالص‪ .‬وبعد وفاة البابا داماسيوس سنة ‪ ،384‬توجهت االنظار‬
‫الى انتخاب ايرونيموس خلفا ً له‪.‬‬
‫ولكنه حمل مكتبته الضخمة وسار مع اخيه وبعض الرهبان الى فلسطين‪ .‬حيث‬
‫استوطن نهائيا ً بيت لحم‪ .‬واقام في دير للرجال‪ ،‬صارفا ً اوقاته بالصلوات‬
‫والتقشفات الصارمة‪ ،‬منعكفا ً على التآليف والبحث عن االماكن المقدسة وعما‬
‫تنصه الكتب عنها‪ .‬وهناك أكمل ترجمة الكتاب المقدس الى الالتينية‪ .‬وهي‬
‫الترجمة التي اعتمدتها الكنيسة المقدسة واقرها المجمع التريدتنيني‪ ،‬وتدعى‬
‫بالفولغاتا " اي العامية"‪.‬‬
‫ولم يكن لينفك عن مقاومة المبتدعين والدفاع عن المعتقد الكاثوليكي القويم‬
‫بلسانه وقلمه‪ ،‬واضعا ً التآليف القيمة التي اغنى بها الكنيسة‪ .‬واصبح من كبار‬
‫علمائها‪ .‬وبعد ذلك الجهاد المجيد رقد بالرب في ‪ 30‬أيلول سنة ‪ 420‬عن‬
‫ثمانين عاماً‪ .‬ونقلت رفاته الثمينة الى كنيسة مريم الكبرى في روما‪ ،‬حيث لم‬
‫تزل ينبوع نعم وبركات‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار القديس اندراوس رئيس اساقفة كريت‬
‫ولد هذا القديس في دمشق في أوائل القرن السابع من أسرة تقية‪ .‬نشأ على‬
‫حب الفضيلة ومخافة هللا وتثقف بالعلوم واآلداب المسيحية‪ .‬ثم سافر الى‬
‫اورشليم والزم بطريركها تاودوروس‪ ،‬فرقاه الى الدرجات االكليريكية الصغرى‬
‫وعينه خادما ً في كنيسته وكاتبا ً خاصا ً له‪ .‬فقام بواجباته احسن قيام‪.‬‬
‫ولما عقد المجمع المسكوني السادس في القسطنطينية ارس َل البطريركُ الى‬
‫َ‬
‫امين سره اندراوس‪ِ ،‬لما كان يعهد به من‬ ‫حضور هذا المجمع‪ ،‬عام ‪،681‬‬
‫الكفاءة وعلما ً وفضيلة‪ .‬فحضر ذلك المجمع وحرم مع آبائه المئة واالربعة‬
‫والسبعين‪ ،‬بدعة المونوتيلية‪ ،‬اي المشيئة الواحدة ووقع معهم قانون االيمان‬
‫الذي اثبت ان في المسيح مشيئتين‪ ،‬كما ان فيه طبيعتين كاملتين‪ .‬وحرموا‬
‫زعماء تلك البدعة واتباعها‪.‬‬
‫ولما رجع رقاه البطريرك الى درجة الشمامسة‪ .‬ووكل اليه العناية بااليتام‬
‫واالرامل في كنيسته‪ .‬فقام بوظيفته خير قيام في سبيل االحسان والعطف على‬
‫الفقراء‪ .‬واشتهر بسمو فضائله وغزارة علومه‪ ،‬حتى انتخب اسقفا ً على جزيرة‬
‫كريت‪ .‬فذهب اليها وكان لها ذلك الراعي الصالح المتفاني غيرة في خالص‬
‫النفوس‪ .‬ثم رقد بالرب نحو سنة ‪ .720‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس‬
‫تذكار القديس مكاريوس الصليبي‬
‫ولد في مصر العليا نحو سنة ‪ 301‬من والدين فقيرين مسيحيين‪ .‬ويلقَّب‬
‫بالكبير تمييزاً له عن معاصره مكاريوس االسكندري‪ .‬كان معجبا ً بحياة القديس‬
‫انطونيوس الكبير‪ ،‬تواقا ً الى اتباع طريقته النسكية‪ .‬فتتل َم َذ له والزمه في آخر‬
‫حياته وخلفه بعد مماته في تدبير النساك‪ .‬قضى حياته باألصوام والتقشفات‬
‫الصارمة وممارسة الصلوات الدائمة والتأمالت‪ ،‬وخاصة في آالم المسيح‪ .‬ال‬
‫يأكل اال الحشائش وقليالً من الخبز والماء‪.‬‬
‫فاشتهرت قداسته وتتلمذ له كثيرون من الشبان حتى بلغ عددهم األلف‪ .‬وقد‬
‫تحمل من المصائب والتهم الكاذبة ما دل على فضيلته الراسخة وصبره العجيب‬
‫ض ِرب وهو صابر ولم يبرئ‬ ‫ين و ُ‬‫وتواضعه العميق‪ .‬وقد ات ُّ ِه َم بالزنى‪ .‬وأ ُ ِه َ‬
‫وأشهر قداسته لدى الناس‪ ،‬فكانوا يحترمونه ويكرمونه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نفسه‪ِ .‬إال أن هللا برأه‬
‫ولشدة تواضعه‪ ،‬هرب الى البرية متوغالً فيها‪ .‬وكان ال ينفك عن تالوة الصالة‬
‫واألسهار الطويلة‪ ،‬ال ينام ِإال قليالً‪ ،‬مستندا ً الى الحائط‪ ...‬وقد ارتسم مكاريوس‬
‫كاهنا ً سنة ‪ 340‬ليقوم بتقدمة الذبيحة االلهية للرهبان‪ .‬منحه هللا موهبة صنع‬
‫العجائب وال سيما طرد الشياطين‪.‬‬
‫وكان البدعة االريوسية قد تفشت في الكنيسة وأقلقتها وقسمتها‪ ،‬وضعضعت‬
‫صفوفها في تلك األيام‪ .‬فقام هو ومكاريوس االسكندري الذي عاش معه ثالث‬
‫سنوات‪ ،‬يكافحانها بكل جرأة وغيرة‪ ،‬ويشجعان رهبانهما على مقاومتها‪،‬‬
‫ويثبتان الناس في االيمان القويم‪ .‬ولذلك قام عليهما لوشيوس بطريرك‬
‫االسكندرية االريوسي وطلب من الملك فالنس زعيم األريوسية‪ ،‬فأمر بنفيهما‬
‫برين مثابرين على أعمال البر‬
‫الى جزيرة قريبة من مصر‪ .‬فكانا متفاهميَن صا َ‬
‫والقداسة‪ ،‬حتى ردا أهل تلك الجزيرة الى االيمان بالمسيح‪.‬‬
‫فناصرهما الشهب االسكندري وأجبر البطريرك المذكور على إرجاعهما الى‬
‫اديرتهما‪ .‬فعادا يواصالن جهادهما في ادارة شؤون رهبانهما وجماعة‬
‫عمرة ونصائحهما الرشيدة‪ ،‬الى أن رقدا بالرب‬ ‫المؤمنين‪ ،‬بأمثلتهما ال ُم ِ‬
‫بشيخوخة صالحة في عمر‪ 90‬سنة‪ .‬توفي مكاريوس االسكندري نحو سنة‬
‫‪ .395‬وتوفي مكاريوس الصليبي سنة ‪ .391‬ويُلقَّب أيضا ً بالصليبي ألنه كان‬
‫يصلي باسطا ً يديه بشكل صليب ومات ودُفن كذلك‪.‬‬
‫وقد ترك تآليف عديدة في قوانين الرهبان والسياح‪ ،‬كلها حكم ونصائح كثيرة‬
‫مفيدة‪ .‬وقد أخذت الرهبانيات عنها قوانين كثيرة‪ .‬وكان القديس انطونيوس‬
‫يحبهما ويجلهما كثيراً‪ .‬والكنيسة تكرمهما شرقا ً وغرباً‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫االنبا سيسويص الكبير‬
‫ولد هذا البار في مصر نحو سنة ‪ .339‬ترك العالم وتبع المسيح متخذا ً السيرة‬
‫النسكية في برية االسقيط‪ .‬ثم هرب من الناس الوافدين عليه وذهب الى جبل‬
‫القديس انطونيوس حيث اتبع سيرته بكل دقة‪ ،‬حتى كان له صورة حية‪.‬‬
‫فانعكف على الصمت والصالة والتقشف وعمل اليد‪ ،‬ال يأكل اال مرة كل يومين‪،‬‬
‫يتناول قليالً من الحشائش والبقول وال يشذ عن خطته هذه‪ ،‬اال لضرورة ماسة‪.‬‬
‫اتاه رجل بابنه‪ ،‬طالبا ً بركته وكان الولد قد مات في الطريق‪ .‬فطرحه ابوه امام‬
‫القديس و َه َّم بالرجوع‪ .‬فناداه القديس‪ :‬تعال خذ ابنك‪ ،‬وقال للولد‪ :‬قم اتبع أباك‪،‬‬
‫فنهض للحال ولحق بأبيه‪ ،‬فجاء هذا يشكر للقديس جميله‪ ،‬معجبا ً بما صنعه هللا‬
‫على يده‪ .‬فقال له القديس‪ ،‬مقتديا ً بالسيد المسيح‪ :‬ال تخبر احدا ً بذلك‪ .‬وما أتاه‬
‫احد طالبا ً صالته اال نال شفاء النفس والجسد‪.‬‬
‫وحدث ان احد الرهبان تَخاص َم مع رفيقه‪ ،‬فعزم على االخذ بالثأر‪ .‬فنصح له‬
‫القديس فلم يسمع لنصحه‪ ،‬عندئذ اخذ القديس يتلو الصالة الربية على رأسه‬
‫قائالً‪ ":‬ال تغفر لنا ذنوبنا‪ ،‬كما نحن ال نغفر لمن اخطأ الينا" فلما سمع الراهب‬
‫ذلك خجل وقام الى القديس يقبل يديه ويستغفره‪ ،‬صافحا ً الخيه‪.‬‬
‫ث له‪ .‬فأجابه‪ :‬اعطه ليسوع المسيح نفسه‬
‫وقد استشاره احد السياح في شأن إر ٍ‬
‫في شخص الفقراء والمساكين إراحةً لضميرك‪.‬‬
‫وعند دنو اجله‪ ،‬جاء النساك يحيطون به ليغنموا بركته‪ ،‬فشاهدوا وجهه يسطع‬
‫بنور سماوي وسمعوه يقول‪ :‬هوذا االنبا انطونيوس‪ ،‬هوذا لفيف الرسل‬
‫والقديسين آتون الينا‪ .‬وسمعه الحاضرون يتكلم همسا ً مع اشخاص امامه دون‬
‫ان يروا احداً‪ .‬فاندهشوا وسألوه‪َ :‬من تُخاطب يا أبانا؟ فأجابهم‪ :‬المالئكة الذين‬
‫جاؤوا ليأخذوا نفسي‪ ،‬فأسألهم ان يتركوني زمنا ً بعد الصنع توبة مقبولة‪.‬‬
‫فأكبر الرهبان تواضعه‪ ،‬وكان كالمه لهم خير عبرة وموعظة‪ .‬ثم تألأل وجهه‬
‫ت يقول‪ :‬اعطني هذا االناء‬‫بهالة من النور وهتف قائالً‪ :‬انظروا هوذا الرب آ ٍ‬
‫المختار‪ .‬قال هذا واسلم الروح‪ .‬وما زال وجهه متأللئا ً كالشمس وفاحت‬
‫الروائح الزكية من جثمانه الطاهر وكان ذلك سنة ‪ .429‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس توما الناسك‬
‫كان من أسرة شريفة‪ ،‬غنية‪ .‬وكان قائداً في الجندية‪ ،‬مشهوراً بمقدرته‬
‫وبسالته‪ .‬وقد بطش مراراً باالعداء البرابرة وحاز انتصارات مجيدة في مواقع‬
‫عديدة‪ .‬ثم هام بمحبة المسيح فزهد في العالم وخيراته ومالذه فانضوى الى دير‬
‫في جبل ماالون من بالد اليونان واخذ يمارس افعال النسك‪ ،‬حتى بلغ درجة‬
‫سامية في الكمال‪ ،‬وقد اتخذ طريقة النبي ايليا الذي أولع به‪ ،‬فظهر له هذا‬
‫النبي مرارا ً يخاطبه ويشجعه‪.‬‬
‫ومن الحوادث واآليات الباهرة التي اجراها هللا على يده‪ ،‬ان نورا ً ساطعا ً كان‬
‫يضيء منسكه ليالً ويبهر االبصار‪ .‬وكان بصالته يطرد الشياطين ويشفي‬
‫المر ضى ويقيم المقعدين‪ .‬ومرة نضب ينبوع ماء فأعاده الى مجراه‪ ،‬كما اعاد‬
‫البصر الى العميان‪ .‬ولذلك ظهر عجيبا ً في أعين الناس‪ ،‬لكنه‪ ،‬لشدة تواضعه‪،‬‬
‫كان يهرب من كل مدح وثناء الى الخلوة‪ ،‬مثابرا ً على مناجاة هللا وبالصالة‬
‫والتأمل‪ ،‬الى ان رقد بسالم‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار الشهيد بروكوبيو‬
‫ولد هذا البار في اورشليم‪ ،‬وتوطن مدينة بيسان على شاطئ االردن‪ ،‬وصار‬
‫خادم كنيستها‪ ،‬بصفة قارئ االسفار المقدسة ومترجمها للشعب من اللغة‬
‫سما يطرد‬‫اليونانية الى اللغة السريانية‪ ،‬لغة الشعب‪ .‬وقد اقامه االسقف مق ِ‬
‫بصالته الشياطين‪.‬‬
‫وكان بروكوبيوس قائما ً بخدمته هذه حق القيام‪ ،‬ممارسا ً انواع النسك‬
‫والتقشف قهرا ً لجسده وحفاظا ً على طهارته المالئكية‪ .‬ال يتناول مأكالً سوى‬
‫الخبز والماء فقط كل ثالثة او اربعة ايام مرة واحدة‪ .‬يغذي نفسه بمطالعة‬
‫الكتب المقدسة‪ ،‬نهارا ً وليالً‪ .‬وكان حميد الخصال‪ ،‬متساميا ً بالفضيلة وال سيما‬
‫الوداعة والتواضع فضالً عن تضلعه من العلوم الالهوتية والعالمية‪.‬‬
‫ولما اثار ديوكلتيانوس االضطهاد على المسيحيين وبلغت اوامره الى قيصرية‬
‫فلسطين‪ ،‬كان بروكوبيوس اول َمن نال اكليل الشهادة في هذه المدينة‪ ،‬إذ ان‬
‫الوالي فالبيانوس ارسل فقبض عليه مع غيره من المسيحيين‪ ،‬فأتوا بهم الى‬
‫قيصرية‪ ،‬عاصمة االقليم‪ .‬ولما مثل بروكوبيوس امام الوالي أمره ان يسجد‬
‫ت عا ٍل‪ ":‬انا ال اعرف اال الها ً واحدا ً فقط هو خالق‬
‫آللهة المملكة‪ .‬فأجابه بصو ٍ‬
‫السماوات واالرض وله وحده يجب السجود"‪ .‬فكان جوابه هذا كحرب ٍة َطعنت‬
‫قلب الوالي؟ فأمره بالخضوع الوامر الملوك‪ .‬فلم ينثن القديس عن عزمه‪.‬‬
‫وأجاب ببيت شعر من اوميريوس مفاده‪ :‬ال خير من مملكة يضبط زمامها‬
‫ض ِر َبت عنقُه وتكلل بالشهادة سنة ‪.303‬‬ ‫كثيرون‪ .‬عندئذ امر به الوالي‪ ،‬ف ُ‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع‬
‫تذكار الشهيد بنكراتيوس‬
‫كان بنكراتيوس من مدينة انطاكية ولما سمع ابوه باخبار السيد المسيح‬
‫وكرازته وبما يصنعه من المعجزات‪ ،‬جاء من انطاكية الى اورشليم ليراه معه‬
‫ابنه هذا بنكراتيوس‪ .‬فحظيا برؤية المخلص وسمعا كالمه وشاهدا اآليات التي‬
‫كان يصنعها‪ .‬ومن ذلك الحين‪ ،‬بعد صعود الرب الى السماء‪ ،‬تعرف بنكراتيوس‬
‫بالقديس بطرس الرسول وتتلمذ له والزمه‪ .‬فرقاه الرسول الى الدرجات‬
‫المقدسة‪ِ ،‬لما رأى فيه من الفضائل واالخالق الحسنة‪ ،‬ثم أقامه على مدينة‬
‫طفرونيا في جزيرة صقلية‪ .‬ووكل اليه العناية بهذه الكنيسة الجديدة فقام يتفانى‬
‫غيرة على خالص النفوس والبشارة باالنجيل ورد كثيرين من الوثنيين الى‬
‫االيمان بالمسيح‪ .‬فهاج عليه عبدة االصنام وقتلوه فنال اكليل الشهادة‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين!‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهيدين باتروموسيوس وقِبري‬
‫ي بهما الى يوليانوس‬ ‫ش َ‬
‫فو ِ‬
‫كان هذان الشهيدان ناسكَين في برية مصر‪ُ ،‬‬
‫الجاحد‪ ،‬فاستحضرهما واخذ يتملقهما ويتهددهما ليكفرا بالمسيح‪ .‬فأطاعه اوالً‬
‫قِبري وجحد االيمان‪ ،‬أما باتروموسيوس فثبت في ايمانه واخذ يوبخ الملك على‬
‫كفره ويصلي من اجل رفيقه ويؤنبه على حجوده باكيا ً امامه‪ .‬لذلك تأثر قبري‬
‫جدا ً وتشدد وعاودته النعمة االلهية‪ ،‬فهتف قائالً‪ ":‬اني‪ ،‬انا اعبد يسوع‬
‫المسيح‪ ،‬ال عبد يوليانوس الجاحد"‪ .‬فأمر به الملك فقطعوا لسانه وطرحوا‬
‫االثنين معا ً في اتون مضطرم‪ ،‬فكانا يصليان وسط النار سالمين من كل اذى‬
‫بقوة هللا‪ .‬ولذلك آمن جندي اسمه اسكندر مجاهراً بأنه مسيحي‪ ،‬فزجوه معهما‬
‫ضربت اعناقُهم‬
‫في االتون فلم تنله أذى‪ .‬فاستشاط الملك غيظا ً وامر بهم ف ُ‬
‫وتكللت رؤوسهم بالشهادة سنة ‪ .362‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العاشر‬
‫تذكار الشهيدة فليجيتا وبنيها السبعة‬
‫رومانية شريفة النسب مزدانة بالفضائل واالخالق الحسنة‪ ،‬قد ترملت ولها‬
‫سبعة أوالد‪ ،‬ربتهم احسن تربية وعاشت معهم منعكفة على ممارسة الفضائل‬
‫واعمال الرحمة نحو الفقراء‪ ،‬حتى اضحت نموذجا ً لالرامل وقدوة صالحة‬
‫للمؤمنين‪ .‬وللوثنيين انفسهم‪ .‬فأمرها الوالي يوليوس بان تضحي لالصنام هي‬
‫واوالدها‪ ،‬فلم يذعنوا له‪ ،‬بل ثبتوا راسخين في ايمانهم‪ .‬فقال الوالي لفليجيتا‬
‫امهم‪ :‬ان كنت ال ترحمين ذاتك‪ ،‬فارحمي اوالدك‪ .‬فقالت‪ :‬ان الرحمة التي تريد‪،‬‬
‫انما هي القساوة‪ .‬والتفتت الى بنيها‪ ،‬تشجعهم‪.‬‬
‫فأمر الوالي بضربها على وجهها بقساوة‪ .‬واذ صمدوا ثابتين في ايمانهم قضوا‬
‫عليهم بميتات متنوعة وامهم تشاهدهم وتفتخر باستشهادهم‪ .‬ثم لحقت بهم‬
‫ترتع معهم بالمجد االبدي‪ .‬وكان ذلك نحو سنة ‪ .152‬وقد مدح هؤالء الشهداء‬
‫البابا غريغوريوس الكبير في خطبته الثالثة‪ ،‬بقوله‪ :‬ان امهم اعظم من شهيدة‪،‬‬
‫النها استشهدت سبع مرات باستشهاد اوالدها امامها‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهداء الموارنة المسابكيين فرنسيس وعبد المعطي‬


‫ورفائيل الذين جادوا بحياتهم الجل ايمانهم بالمسيح في دمشق سنة ‪.1860‬‬
‫كانوا معروفين بتقواهم ووفرة غناهم وكرم اخالقهم وحسن معاملتهم وعطفهم‬
‫على الفقراء والمحتاجين‪ .‬وهذه خالصة استشهادهم‪.‬‬
‫عام ‪ ،1860‬يوم ثار المسلمون في دمشق والدروز في جنوبي لبنان على‬
‫المسيحيين‪ ،‬لجأ شهداؤنا‪ ،‬مع عدد كبير من المسيحيين‪ ،‬الى دير الرهبان‬
‫الفرنسيسكان في دمشق‪ ،‬عندما اضرم المسلمون النار في حي المسيحيين‬
‫فدخل الالجئون مع الرهبان الى الكنيسة يصلون واعترفوا وتناولوا‪.‬‬
‫وظل فرنسيس وحده في الكنيسة‪ ،‬جاثيا ً امام تمثال االم الحزينة‪ ،‬يصلي‪ ،‬رابط‬
‫الجأش‪ .‬وبعد نصف الليل دخل الدير عنوة‪ ،‬جمهور من الرعاع‪ ،‬مدججين‬
‫بالسالح‪ .‬فذعر الالجئون والذ بعضهم بالفرار واختبأ البعض‪ .‬وهرع الباقون‬
‫الى الكنيسة ليحتموا بها‪ .‬فأخذ اولئك الرعاع يصرخون‪ ":‬اين فرنسيس‬
‫مسابكي؟ اننا نطلب فرنسيس"‪ .‬فدنا فرنسيس منهم‪ ،‬غير هياب‪ ،‬قائالً لهم‪":‬‬
‫انا فرنسيس مسابكي ماذا تطلبون؟" فأجابوه‪ :‬جئنا ننقذك وذويك بشرط ان‬
‫تجحدوا الدين المسيحي وتعتنقوا االسالم واال فانكم تهلكون جميعكم‪ .‬فأجابهم‬
‫فرنسيس‪ ":‬اننا مسيحيون وعلى دين المسيح نموت‪ .‬اننا نحن معشر‬
‫المسيحيين ال نخاف الذين يقتلون الجسد‪ ،‬كما قال الرب يسوع"‪.‬‬
‫أخويه وقال لهما‪ ":‬تشجعا واثبتا في االيمان‪ ،‬الن اكليل الظفر معد‬
‫ثم التفت الى َ‬
‫في السماء لمن يثبت الى المنتهى"‪ .‬فأعلَنا‪ ،‬فوراً‪ ،‬ايمانهما بالرب يسوع بهذه‬
‫الكلمات‪ ":‬اننا مسيحيون ونريد ان نحيا ونموت مسيحيين"‪.‬‬
‫فانهال المضطهدون‪ ،‬اذ ذاك عليهم‪ ،‬بالضرب بعصيهم وخناجرهم وفؤوسهم‪،‬‬
‫فأسلموا ارواحهم الطاهرة بيد هللا‪ ،‬مؤثرين الموت على الكفر فنالوا اكليل‬
‫الشهادة‪ .‬وكان ذلك في اليوم العاشر من تموز من السنة المذكورة آنفاً‪ .‬وقد‬
‫اعلن السعيد الذكر البابا بيوس الحادي عشر تطويبهم في اليوم العاشر من ت‪1‬‬
‫سنة ‪ 1926‬بمسعى الطيب االثر المطران بشاره الشمالي رئيش اساقفة دمشق‬
‫الماروني‪ .‬صالتهم تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي عشر‬
‫تذكار الشهيدة اوفيميا‬
‫ولدت اوفيميا في خلقيدونية من ابوين تقيين‪ ،‬وترعرعت على محبة التقوى‬
‫والفضيلة‪ .‬ولما ثار االضطهاد على المسيحيين في ايام الملك ديوكلتيانوس‪،‬‬
‫قبض عليها بركسوس والي آسيا الصغرى‪ ،‬مع بعض المسيحيين وأمرهم بأن‬
‫يضحوا لآللهة‪ ،‬فرفضوا‪ .‬فعذبوهم وطرحوهم في السجن‪.‬‬
‫اما اوفيميا فأرادا الوالي ان يربحها بالمالطفة‪ ،‬فأجابته‪ :‬أنا مسيحية ال شيء‬
‫يمكنه ان يفصلني عن محبة المسيح‪ .‬فأمر الوالي بوضعها على دواليب مسننة‬
‫فتمزق جسدها‪ ،‬انما هللا انقذها وأبرأ جراحها‪ .‬اشتد غيظ الوالي‪ ،‬فأمر بجلدها‬
‫وطرحها بالنار‪ ،‬واوفيميا تتشدد محبةً بيسوع‪ .‬واخيراً القوها للوحوش فلم‬
‫تفترسها‪ ،‬وهناك فاضت روحها الطاهرة سنة ‪ 404‬فجاء ابوها وامها مع‬
‫المؤمنين واخذوا جثمانها الطاهر ودفنوه في ضريح جديد‪ ،‬وكانت رائحة زكية‬
‫تفوح منه‪ .‬وقيل ان البطريرك التقط باسفنجة دما ً من جسدها‪ .‬وكان يوزعه‬
‫ذخائر على المؤمنين تشفي امراضهم‪.‬‬
‫وقد بنوا كنيسة فخمة على اسمها حيث عقد فيها المجمع الخلكيدوني الرابع‬
‫المقدس سنة ‪ .451‬ويروى ان آباء المجمع المذكور اتفقوا فوضعوا فيقبرها‬
‫صك االمانة الكاثوليكية القائلة بالطبيعتين والمشيئتين في المسيح‪ .‬وصك‬
‫الهراطقة القائلة بالطبيعة الواحدة‪ .‬وفي اليوم التالي وجدوا الصك االول قد‬
‫قبضت عليه القديسة بيمينها فناولته للبطريرك اناطوليوس‪ ،‬والصك الثاني على‬
‫قدميها‪ .‬فمج َد المؤمنون هللا الذي اظهر الحقيقة على يد القديسة الطاهرة‪.‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني عشر‬
‫تذكار الشهيدتين روفينا وسيكوندا‬
‫كانت روفينا وسيكوندا شقيقتين رومانيتين‪ ،‬مسيحيتين من أشراف روما‪.‬‬
‫خطبهما شابان مسيحيان ال يقالن شرفا ً عنهما‪ .‬ولما قام االضطهاد على‬
‫المسيحيين‪ ،‬جحد الخطيبان ايمانهما‪ ،‬فامتنعت روفينا واختها سيكوندا عن‬
‫االقتران بهما‪ .‬فشكاهما الخطيبان الى والي المدينة‪ ،‬فألقى القبض عليهما‪.‬‬
‫وز َّجهما في السجن‪ .‬ولما لم تذعنا لتملقاته وتهديداته اغتاظ الوالي وامر‬
‫بجلدهما‪ ،‬فأخذتا تسبحان هللا‪ .‬فقال لهما الوالي‪:‬‬
‫" أأنتما مجنونتان؟" فأجابتاه‪ ":‬كال‪ ،‬بل نحن مسيحيتان بعقل كامل‬
‫والمسيحيون العقالء يفضلون الموت على الكفر بايمانهم"‪ .‬فأمر الوالي‬
‫بالقائهما في زيت يغلي فلم يمسهما أذى‪ .‬واخيراً قطعوا رأسيهما‪ ،‬ففازتا باكليل‬
‫الشهادة سنة ‪ ،257‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار سوسنه الشهيدة‬


‫هي ابنة غابينوس اخي البابا غايوس القديس‪ ،‬من اسرة مسيحية عريقة في‬
‫الشرف‪ ،‬ت ُمت بالنسب الى الملك ديوكلتيانوس‪ .‬نذرت بتوليتها هلل‪ .‬ولما توفيت‬
‫امرأة مكسميانوس‪ ،‬نسيب الملك‪ ،‬أراد هذا ان يزوجه بسوسنة‪ ،‬فأرسل نسيبه‬
‫كلوديوس يخاطب أباها بذلك‪ .‬فأجابتهما انها كرست ذاتها للسيد المسيح‪ .‬ثم‬
‫شرحت لكلوديوس صحة المعتقد المسيحي وشرف البتولية‪ .‬فأثر كالمها في‬
‫قلبه‪ ،‬وطلب منها معرفة الدين المسيحي‪ .‬فقالت له‪ ":‬اذهب الى عمي الحبر‬
‫االعظم فهو يرشدك الى ما فيه خالصك"‪.‬‬
‫فذهب كلوديوس الى البابا الذي علمه قوانين االيمان وعمده مع اهل بيته‪ .‬ولما‬
‫استبطأ الملك عودته‪ ،‬ارسل اليه االمير مكسيموس فأتى ووجده جاثيا ً يصلي‪.‬‬
‫فتأثر مكسيموس وآمن واعتمد وباع امالكه ووزع ثمنها على المساكين‪ .‬ولما‬
‫عرف الملك بأمر كلوديوس ومكسيموس امر بقتلهما حريقاً‪ ،‬فتكلال بالشهادة‪.‬‬
‫واما سوسنة فأمر بقطع رأسها بعد ان عذبها كثيراً‪ ،‬وتمت شهادتها سنة‬
‫‪ .295‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار البابا اينوشنسيوس االول‬
‫ولد في مدينة اليانو بجوار روما‪ .‬وقد تحلى بالفضائل ونبغ بالعلوم وحسن‬
‫االدارة فصار شماسا ً للبابا اناستاسوس ( ‪ .)401 -399‬وبعد موت البابا خلفه‬
‫شماسه على كرسي مار بطرس (في ‪2‬ايار سنة ‪ )402‬وكانت حبريته سلسلة‬
‫اعمال مجيدة في تاريخ الكرسي الرسولي‪.‬‬
‫كان شديد الحرص على تقاليد الكنيسة‪ .‬محبا ً للفقراء‪ .‬غيورا ً على الكنائس‪ .‬له‬
‫عزى اليه منع قبول الدرجات المقدسة‬ ‫عدة رسائل وبراءات جزيلة الفائدة‪ .‬ويُ َ‬
‫عمن يتزوج ثانية‪ ،‬وفرض الصيام يوم السبت‪ ،‬تذكاراً لدفن المخلص وحزن‬
‫سيدتنا مريم العذراء والرسل‪ .‬واثبات التقليد بامتناع الكهنة عن التقديس يوم‬
‫الجمعة العظيمة‪ .‬وحدد االسفار المقدسة القانونية التي تلتزم الكنيسة باعتبارها‬
‫والتقيد بها‪ .‬وبعد ان ساس الكنيسة بحكمه وغيرة رسولية رقد بالرب سنة‬
‫‪ .417‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار يوئيل النبي‬
‫هذا كان من مملكة يهوذا‪ ،‬ابن فنوئيل‪ ،‬من االنبياء االثني عشر الصغار‪.‬‬
‫ويظهر من نبوءاته كان قاطنا ً اورشليم‪ .‬اما نبوءاته فهي اقدم النبوءات‪ ،‬وتنبأ‬
‫عن حلول الروح القدس على التالميذ (ف‪ ،)28 :2‬اذ قال‪ ":‬وسيكون بعد هذه‬
‫اني افيض روحي على كل بشر‪ ،‬فيتنبأ بنوكم وبناتكم وعلى عبيدي وامائي‬
‫افيض روحي" وقد ذكر بطرس الرسول هذه اآلية في خطبته يوم عيد‬
‫العنصرة‪.‬‬
‫وتنبأ ايضا ً على الدينونة العامة‪ ،‬حيث قال‪ ":‬اجمع جميع االمم وانزلهم الى‬
‫وادي يوشافاط واحاكمهم هناك" (ف‪ .)2 :3‬وكان يوئيل نحو سنة ‪ 800‬قبل‬
‫المسيح‪ .‬ويوئيل لفظة عبرانية معناها الفريد او المبتدي‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرايع عشر‬


‫تذكار القديس بوناونتورا ملفان البيعة‬
‫ولد سنة ‪ 1221‬في توسكانا بايطاليا من اسرة شريفة غنية بالمال والفضيلة‪،‬‬
‫وسمي اوالً يوحنا وكانت والدته ماريا ممتازة بالتقوى لسيدتنا مريم العذراء‬
‫ربت ابنها على حب الفضيلة وعبادة مريم العذراء‪.‬‬
‫وفي ‪ .1243‬دخل رهبانية القديس فرنسيس وأرسله رؤساؤه الى جامعة‬
‫باريس وامتاز في دروسه‪ ،‬معتمداً فيها ليس فقط على ذكائه‪ ،‬بل على نعمة‬
‫الرب‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 1250‬نال لقب ملفان في الالهوت‪ .‬وبعد ثالث سنين توفي استاذه‬
‫فقام مكانه يعلم الفلسفة والالهوت‪ .‬وكما لقب القديس توما االكويني بالمالئكي‪،‬‬
‫لقد بوناونتورا بالساروفيمي‪ .‬وفي سنة ‪ 1256‬انتخبه رهبانه رئيسا ً عاما ً ولم‬
‫يكن عمره سوى خمس وثالثين سنة وذلك نظرا ً الى فضائله وعلومه الغزيرة‪.‬‬
‫فأخذ يسوس رهبانه ويرشدهم بعلمه وعمله‪ ،‬سائرا ً في مقدمتهم‪ ،‬بجميع‬
‫الواجبات الرهبانية وال سيما حفظ القوانين وخاصة التواضع‪.‬‬
‫ولما توفي اكليمنضوس الرابع سنة ‪ 1268‬اخذ الكرادلة رأي بوناونتورا فعين‬
‫لهم البابا غريغوريوس العاشر‪ .‬فعينه البابا اسقفا ً على البانو ثم كرديناالً‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ ،1274‬ارسله قاصداً رسوليا ً الى مجمع ليون حيث اجلسه البابا‬
‫عن يمينه‪ .‬وكانت الغاية من ذلك المجمع‪ :‬مساعدة الصليبيين بالجيوش النقاذ‬
‫االراضي المقدسة واتحاد الكنائس الشرقية مع الكنيسة الرومانية واصالح‬
‫الكنيسة الداخلي‪ ،‬فلمع بوناونتورا في المجمع وكان في مقدمة الكرادلة وزعيم‬
‫خطبائهم وامام الالهوتيين بينهم‪ .‬وتوفي قبل انتهاء المجمع بثالثة ايام‪ ،‬فكان‬
‫له مأتم عظيم ترأسه البابا نفسه وحضره الملوك الذين كانوا في المجمع‪.‬‬
‫ثم اثبته البابا سيكستوس الرابع قديسا ً سنة ‪ .1482‬وأحصاه بين مالفنة‬
‫البيعة البابا سيكتوس الخامس سنة ‪ .1587‬وقد كان شديد العبادة لسيدتنا‬
‫مريم العذراء‪ ،‬كما كانت طبعَتها في قلبه والدتُه التقية‪ .‬لذلك بذل جهده في نشر‬
‫عبادتها‪ ،‬وقال فيها اناشيد بديعة‪ .‬اما تآليفه الفلسفية والالهوتية فهي نادرة‬
‫المثال‪ .‬وحياته كلها كانت وقفا ً على خدمة هللا وكنيسته المقدسة‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس عشر‬
‫تذكار الشهيدين كيرياكوس ويوليطا امه‬
‫ولدت يوليطا في مدينة ايقونية من اسرة شريفة‪ .‬تزوجت برجل شريف النسب‬
‫مثلها‪ ،‬لكنه توفي في غض الشباب‪ ،‬تاركا ً لها ثروة طائلة وولدا ً وحيدا ً اسمه‬
‫كيرياكوس‪ ،‬ابن ثالث سنوات‪ .‬وكانت يوليطا على جانب عظيم من التقوى‬
‫والعبادة للسيد المسيح وكثيرة العطف على الفقراء‪.‬‬
‫ولما اثار ديوكلتيانوس االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬تركت وطنها وثروتها وأتت‬
‫بابنها الى مدينة طرطوس مع جاريتها‪ .‬فألقى الوالي الكسندروس القبض عليها‬
‫وهي حاملة طفلها على ذراعيها‪ .‬فأخذ يسألها عن وطنها ومذهبها‪ ،‬فلم تجبه‬
‫اال بهذه العبارة‪ ":‬انا مسيحية"‪ .‬فاغتصب الجند ابنها من يديها واخذوا‬
‫بتعذيبها بقساوة كلية‪ ،‬وهي صامتة كأنها ال تشعر بألم‪ ،‬وتكرر قولها‪ ":‬انا‬
‫مسيحية" ودماؤها تسيل فتبلل االرض‪.‬‬
‫فأخذ الوالي ابنها كيرياكوس‪ ،‬وشرع يتملقه وسمع الطفل امه تقول‪ ":‬انا‬
‫مسيحية" فصرخ قائالً‪ ":‬انا مسيحي"‪ .‬فما كان من ذلك الظالم‪ ،‬اال ان رمى به‬
‫من اعلى المنصة فانشق رأسه وامتزجت دماؤه بدماء امه وهي تنظر اليه‬
‫بعين دامعة‪ ،‬وثغر باسم‪ .‬فازداد الوالي غيظا ً وأمر فمزقوا جسدها بمخالب من‬
‫حديد وصبوا عليها زفتا ً مغلياً‪ ،‬وهي صابرة‪ ،‬ال تئن وال تتذمر‪ .‬فأمر بقطع‬
‫رأسها‪ .‬فتمت شهادتها سنة ‪ .305‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار ثوب السيدة‬
‫ان سيدتنا مريم العذراء قد ظهرت لسمعان ستوك رئيس اآلباء الكرمليين في‬
‫اواسط القرن الثالث عشر‪ ،‬وسلمته الثوب الكرملي وقالت له‪ ":‬ان كل من لبس‬
‫هذا الثوب‪ ،‬وتال الصلوات المفروضة يحصل على شفاعتي وانا انجيه من‬
‫عذابات المطهر"‪.‬‬
‫يُصنَع هذا الثوب من قطعة صوف بني اللون يُعلَّق في العنق تحت االثواب‪ ،‬وقد‬
‫انتشرت هذه العبادة‪ ،‬بوقت وجيز‪ ،‬في الشرق والغرب‪ .‬وشيدت كنائس عديدة‬
‫على اسم سيدة الكرمل‪ .‬والمتعبدون لها يدعون" اخوية ثوب الكرمل"‪ .‬وقد‬
‫نشطها واثبتها االحبار االعظمون ومنحوها غفارين عديدة‪ .‬رزقنا هللا بركات‬
‫هذا الثوب‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع عشر‬


‫تذكار القديسة مارينا‬
‫ولدت هذه القديسة في القلمون‪ ،‬من لبنان الشمالي‪ .‬وكان والدها تقياً‪ .‬ماتت‬
‫والدتها في سن الصبا فزهد ابوها في الدنيا‪ ،‬وجاء الى دير قنوبين في الوادي‬
‫المقدس مع ابنته التي ألبسها زي الرجال وترهبت دون ان يقف الرهبان على‬
‫سرها‪ .‬وعُرفت عندهم باسم األخ مارينوس‪.‬‬
‫وكان مارينوس رغم حداثته منعكفا ً على ممارسة الفضائل الرهبانية بكل دقة‬
‫ونشاط‪ .‬يالزم الصمت واالحتشام مطرق النظر‪ ،‬جاعالً من اسكيمه لثاما ً َيحجب‬
‫مالمح وجهه وعينيه وال يُسمع له صوت‪ .‬فأرسله الرئيس ذات يوم الى البلدة‬
‫المجاورة في مهمة للدير‪ ،‬فاضطر ان يبيت عند احد اصدقاء الرهبان المدعو‬
‫ان حبلها بعد حين‪.‬‬‫بفنوتيوس وله ابنة صبية‪ ،‬كانت قد سقطت في زنى وبَ َ‬
‫فغضب ابوها جدا ً فأخبرته بان الراهب مارينوس اغتصبها‪ ،‬ليلة بات عندهم‪.‬‬
‫فأسرع ابوها الى الدير وشكا االمر للرئيس‪ .‬فدهش ِلما يعلم عن راهبه من‬
‫الطهارة والتقى‪ .‬فاستدعى مارينوس ووبخه فلم يفه بكلمة تبرئه‪ .‬فوقع الرئيس‬
‫في حيرة‪ ،‬وعد السكوت اقرارا ً بالذنب وحكم على مارينوس بالطرد خارج‬
‫الدير‪ .‬فرضخ مارينوس مستسلما ً لمشيئة هللا واستمر على باب الدير مصليا ً‬
‫باكيا ً يعيش من فضالت مائدة الرهبان‪ .‬وكان ابوه قد توفي‪.‬‬
‫اما االبنة فولدت صبياً‪ ،‬جاء به ابوها الى الدير ودفعه الى مارينوس قائالً‪:‬‬
‫رب ابنك!"‬
‫" ِ‬
‫فأخذه مارينوس وشرع يربيه ويغذيه مما تكرم به الرهبان من حليب ماعز‬
‫الدير وفضالت مائدتهم‪ .‬وبقي على هذه الحال اربع سنوات‪ ،‬حامالً عار تلك‬
‫ق له يوما ً وادخله الدير‬
‫التهمة الشائنة ال يئن وال يتذمر‪ .‬على ان الرئيس َر َّ‬
‫فارضا ً عليه قصاصا ً شديداً‪ ،‬فقبل ذارفا ً دموع التوبة‪.‬‬
‫وظل مثابرا ً على اعمال التقشف الى ان دنت ساعة وفاته‪ .‬فأشرقت اسارير‬
‫وجهه بنور سماوي وطلب المغفرة من الجميع‪ ،‬غافرا ً لمن أساء اليه‪ .‬ثم أسلم‬
‫الروح‪ .‬فأمر الرئيس بتجهيز جثمانه ودفنه خارج الدير‪.‬‬
‫وما اعظم ما كانت دهشة الرهبان عندما رأوا ان مارينوس امرأة ال رجل! فجثا‬
‫الرئيس مع رهبانه امام الجثمان الطاهر مستغفرين هللا وروح القديسة البارة‪.‬‬
‫اما والد االبنة الساقطة فالتحف الخجل وجاء يعترف بخطأه امام الجميع‪ .‬وأما‬
‫ابنته فأقامت على قبر القديسة تذرف الدموع نادمة على ما فعلت‪.‬‬
‫واشتهرت قداسة مارينا في لبنان فأسرع الناس افواجا ً الى دير قنوبين للتبرك‬
‫من جثمانها‪ .‬وأضحى ضريحها ينبوع نعم وأشفية عديدة‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثامن عشر‬
‫تذكار الشهيدة سنفروسا وبنيها السبعة‬
‫ولدت هذه الشهيدة في روما‪ ،‬من اسرة شريفة‪ .‬وقد تزوجت من نبيل اسمه‬
‫جيتوليوس‪ ،‬كان مقربا ً من الملك ادريانوس‪ .‬ولما ثار االضطهاد على‬
‫المسيحيين‪ ،‬نقل جيتوليوس عيلته الى مدينة تيفولي بجوار روما‪ .‬وما لبث ان‬
‫استشهد هو واخوه الجل ايمانهما بالمسيح‪.‬‬
‫فاستمرت سنفروسا االرملة مع بنيها السبعة مواظبة على الصالة‪ .‬تربيهم على‬
‫حب الفضيلة والتقوى وتنعش فيهم الرغبة في االستشهاد‪.‬‬
‫ولم تنفك‪ ،‬كل يوم‪ ،‬عن ان تشجعهم ليقتفوا آثار ابيهم وعمهم الشهيدين‪،‬‬
‫مشددة عزائمهم على تحمل العذاب من اجل ايمانهم‪ ،‬حتى استعدوا لذلك بكل ما‬
‫فيهم من حماسة الشباب والغيرة الصادقة على ايمانهم الصحيح‪.‬‬
‫قبض الملك على سنفروسا واوالدها وكلفها التضحية االوثان فأبت بكل شجاعة‬
‫وثبات‪ .‬فأمر بتعذيبها‪ .‬فضربها الجالد على وجهها بقساوة واذاقها من العذابات‬
‫أمرها وهي صامدة في ايمانها‪ .‬عندئذ علقوا في عنقها حجرا ً ثقيالً وطرحوها‬
‫في النهر فغرقت ونالت اكليل الشهادة‪ .‬وفي الغد استحضر الملك اوالدها‬
‫السبعة واخذ يالطفهم ويتملقهم اوالً ثم تهددهم لكي يضحوا لالصنام‪ .‬فأجابه‬
‫كريسنتوس‪ ،‬وهو البكر‪ ":‬من اجل المسيح ال يهمنا عذاب‪ .‬فنحن ابنا‬
‫جوليتوس وسنفروسا الشهيدين ومثلهما نحب ان نموت شهداء"‪ .‬فأمر الملك‬
‫بهم فعلقوهم على اخشاب ومزقوا اجسادهم بالمجالد فسالت دماؤهم وطارت‬
‫نفوسهم البارة الى مشاهدة والدَيهما الشهيدين في المجد االبدي‪ .‬ولما خمدت‬
‫نار االضطهاد‪ ،‬اخذ المسيحيون اجسادهم ودفنوهم باكرام‪ .‬وكان استشهادهم‬
‫سنة ‪ .125‬ثم نقلت ذخائرهم الى روما ايام البابا بيوس الرابع‪ ،‬في القرن‬
‫السادس عشر‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع عشر‬
‫تذكار الشهيد مارغريتا‬
‫كانت مرغريتا من انطاكية‪ .‬ابنة ايزيديوس كاهن االوثان‪ .‬ماتت امها اثر‬
‫والدتها فسلمها ابوها الى مرضع مسيحية فربتها على مبادئ الدين المسيحي‪.‬‬
‫ولما عرف ابوها استاء جدا ً وشاء ان يردها الى الوثنية‪ ،‬فأخذ يعنفها لتكفر‬
‫بالمسيح‪ ،‬فلم ينجح‪ .‬لذلك طردها من البيت‪ ،‬فرفقت بها مرضعها واخذتها الى‬
‫بيتها‪.‬‬
‫وبينما كانت يوما ً ترعى غنم سيدتها‪ ،‬رآها الوالي اوليبريوس‪ ،‬فراقه جمالها‬
‫ورغب في ان يتزوجها‪ .‬فسألها من هي فأجابته‪ ":‬اصلي معروف بالشرف في‬
‫المدينة وانا امة لربي يسوع المسيح‪ ،‬احبه واعبده منذ صغري"‪ .‬فقال لها ما‬
‫اسمك؟ قالت‪ :‬يسميني الناس مارغريتا ولي اسم اشرف وهو "مسيحية"‪ .‬فأخذ‬
‫يالطفها لترضى بأن تكون زوجة له‪ .‬فأبت‪ .‬فحنق وتحول هيامه بها الى حقد‬
‫وبغض شديد‪ .‬ولما صدر االمر باضطهاد المسيحيين‪ ،‬نحو سنة ‪ 300‬ارسل‬
‫فألقى القبض عليها وطرحها في سجن مظلم ومنع عنها الطعام‪ ،‬فظهر لها‬
‫مالك الرب يشددها ويعزيها‪.‬‬
‫ثم استحضرها الوالي امام مجلس حافل وأمرها بأن تنثني عن غيها‪ ،‬فتكون‬
‫براحة وهناء‪ ،‬واال فالعذاب والموت‪ .‬فأجابته‪ ":‬ان راحتي وحياتي في محبتي‬
‫لربي يسوع المسيح‪ .‬واعلم ان ال عذاب وال موت وال قدرة بشرية يمكنها ان‬
‫تنزع من قلبي هذا الكنز الثمين"‪ .‬حينئذ امر الوالي بتعذيبها‪ ،‬فعلقوها بشعر‬
‫رأسها وجلدوها جلدا ً عنيفاً‪ ،‬حتى تمزق جسدها وسالت دماؤها وهي صابرة‪،‬‬
‫فآمن كثيرون من الحاضرين‪ .‬فأعادها الوالي الى السجن‪ ،‬فأخذت تصلي الى هللا‬
‫ليقويها على تحمل العذاب ويؤهلها الى سفك دمها حبا ً له‪.‬‬
‫فأخرجها الوالي من السجن وأمر فَكَووها بصفائح حديد محمية‪ ،‬فاستمرت‬
‫صابرة تشكر هللا على نعمة االستشهاد‪ .‬ولما عجز الوالي عن اقناع فتاة ضعيفة‬
‫أمر بضرب عنقها فنالت اكليل الشهادة نحو سنة ‪.300‬‬
‫ويسميها الروم مارينا الشهيدة العظيمة وهي غير مارينا شفيعة دير قنوبين‬
‫التي مر تذكارها اول أمس‪ .‬وغير مارينا السلوقية التي كانت سنة ‪.1056‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العشرون‬
‫تذكار ايليا النبي‬
‫كان هذا النبي من سبط الوي‪ ،‬من عشيرة هارون‪ .‬وكان نحو سنة ‪ 890‬قبل‬
‫مجيء المسيح‪ ،‬في أيام آسا ملك يهوذا وآخاب ملك اسرائيل‪ .‬وقد اشتهر‬
‫بجرأته وغيرته على عبادة االله الحقيقي وحفظ نواميسه‪( .‬انظر سفر الملوك‬
‫الثالث)‪.‬‬
‫وكان آخاب قد تمادى باسخاط الرب‪ ،‬هو وايزابل امرأته اكثر من جميع ملوك‬
‫الرب الذي انا واقف امامه‪ ،‬انه ال‬
‫ُّ‬ ‫ي‬
‫اسرائيل‪ .‬فأرسل الرب ايليا يقول له‪ ":‬ح ٌّ‬
‫يكون في هذه السنين ندى وال مطر اال عند قولي"‪ .‬وتمت نبوءته‪.‬‬
‫واقام تجاه االردن حيث أمر الرب الغربان فكانت تقوته‪ .‬ولما طال انحباس‬
‫المطر وجف ماء النهر ذهب بأمر الرب الى صرفت صيدون‪ ،‬حيث كان ضيفا ً‬
‫على ارملة فقيرة وقاها هي وابنها من الجوع بآية جرة الدقيق فلم تفرغ‬
‫وقارورة الزيت فلم تنقص واقامته ابنها من الموت‪.‬‬
‫ثم اختبأ من وجه آخاب الذي كان يسعى في طلبه ليميته‪ .‬وظهر امامه وأنبه‬
‫على تركه وصايا الرب‪ .‬وكانت يد الرب معه‪ .‬وحنقت ايزابل وارسلت تهدده‬
‫بالقتل‪ ،‬فهرب الى بئر سبع ثم الى البرية‪ ،‬وهو يائس جائع‪ ،‬فأتاه مالكٌ بالقوت‬
‫والماء مرتين‪ ،‬وبات في مغارة‪ .‬فناداه مالك الرب‪ ":‬ما بالك ها هنا يا ايليا؟"‬
‫فقال‪ ":‬اني غرت غيرة للرب اله الجنود‪ ،‬الن بني اسرائيل قد نبذوا عهدك‬
‫وقوضوا مذابحك وقتلوا انبياءك بالسيف وبقيت انا وحدي وقد طلبوا نفسي‬
‫ليأخذوها"‪.‬‬
‫فأمره الرب بالرجوع الى الدفاع عن الحق‪ .‬فعاد ووبخ الملك وامرأته واتخذ‬
‫اليشاع تلميذاً له‪ .‬فغار غيرة عظيمة على شريعة الرب وكان هللا يعضده بقوة‬
‫المعجزات‪.‬‬
‫وذهب مع اليشاع الى نهر االردن‪ ،‬فضرب ايليا الماء بردائه فانشقت شطرين‪،‬‬
‫فجاز كالهما على اليبس‪ ،‬واذا بمركبة نارية صعد بها ايليا واخذ اليشاع رداءه‬
‫الذي سقط منه‪.‬‬
‫وقد ورد ذكر ايليا مرارا ً في االنجيل وال سيما في تجلي الرب على طور طابور‪.‬‬
‫وجاء في التقليد – وربما كان ذلك بناء على ما جاء في نبوءة مالخيا (فصل‬
‫‪– )6-5 :4‬ان ايليا سيظهر مع اخنوخ قبل القيامة العامة فيسبقان المسيح‬
‫الدجال‪ ،‬ويعظان الناس‪ ،‬ويناديان بقرب مجيء الرب الى الدينونة العامة‪ .‬وكان‬
‫صعوده بالمركبة النارية سنة ‪ 880‬قبل المسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الحادي والعشرون‬


‫تذكار القديس سمعان سالوس ورفيقه يوحنا‬
‫ولد هذان القديسان في اوائل القرن السادس من اسرة شريفة ويُر َّجح ان‬
‫موطنهما حمص‪ .‬تثقفا ثقافة عالية‪ ،‬لكنهما كانا يزهدان في الدنيا واباطيلها‬
‫ويرغبان في االتحاد باهلل والسيرة في طريق الكمال المسيحي‪ .‬فمضيا الى‬
‫زيارة االماكن المقدسة‪ .‬وزارا االديرة وشغفا بحياة سكانها فاعتنقاها وبلغا‬
‫شوطا ً بعيدا ً في طريق الكمال الرهباني‪ .‬ثم استأذنا الرئيس وانفردا يعيشان‪،‬‬
‫بجوار البحر الميت‪ ،‬عيشة الرهبان المتوحدين‪ ،‬تسعا وعشرين سنة‪ .‬وشاء هللا‬
‫ان يفترقا‪ ،‬فيبقى يوحنا في خلوته‪ ،‬وينهي حياته فيها بالبر والقداسة‪ ،‬ويعود‬
‫سمعان بالهام الهي الى ضوضاء العالم‪ ،‬متخذاً طريقة غريبة تحار فيها العقول‬
‫وتكاد ال تصدقها لوال المستندات التاريخية‪ .‬وهي انه رجع الى اورشليم وتظاهر‬
‫امام الناس بالبله والجنون‪ ،‬فاحتقروه واهانوه‪ ،‬كما فعل اليهود بالمسيح‪ .‬ولهذا‬
‫لقب بسمعان سالوس اي االبله او المجنون‪.‬‬
‫ثم عاد الى وطنه حمص واخذ يتجول في االزقة والشوارع ويعرض نفسه‬
‫لالهانة والسخرية‪ .‬وكان الناس يظنونه فاقد العقل‪ ،‬فيشفقون عليه حينا ً‬
‫ويهزأون به أحياناً‪ .‬وكلما ازدادوا في اهانته واحتقاره ازداد هو سرورا ً‬
‫وضحكاً‪ .‬يقابل الشتم واللطم بدعة ولطف وتواضع‪ .‬وكان في حالته هذه عجيبا ً‬
‫مهابا ً معاً‪ ،‬حتى رد كثيرين من الخطأة الى التوبة من رجال ونساء‪ .‬وكان‬
‫الحاديثه الهزلية ما يلذ السامع ويلج طيات القلوب ويحبب الفضيلة ويردع عن‬
‫الرذيلة‪ .‬وكانت الشياطين تخرج من المعترين بمجرد حضوره ومشاهدته‪ .‬تلك‬
‫كانت حياته الظاهرة المدهشة‪.‬‬

‫اما حياته الخاصة فلم تكن اقل عجباً‪ .‬فلم يكن لصلواته وتقشفاته انقطاع‪ .‬وقد‬
‫شرفه هللا بصنع المعجزات وروح النبوءة‪.‬‬
‫وما ان طارت نفسه الى السماء‪ ،‬حتى قام الشماس يوحنا يعلن امام الجميع تلك‬
‫القداسة المستترة تحت برقع البله والجنون‪ ،‬فهرع الشعب الى ذلك الكوخ‬
‫الحقير للتبرك من ذلك الجثمان الطاهر الذي فاض بالمعجزات والبركات‪.‬‬
‫وكانت وفاته نحو سنة ‪ .580‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثاني والعشرون‬
‫تذكار القديس لوجيوس اي نوهرا‬
‫ولد هذا القديس في بالد فارس‪ .‬وقيل في مدين ٍة بجوار االسكندرية‪ ،‬من والدين‬
‫وثنيين غنيين‪ .‬وبما كان عليه من حدة الذهن والعلم الوافر‪ ،‬ادرك ما في‬
‫الوثنية من خرافة فنبذها وعمد الى احد اصدقائه المسيحيين العلماء فأرشده‬
‫الى االيمان الحق بالمسيح‪ ،‬فاعتمد هو ووالداه‪ .‬فانكب على درس الكتب‬
‫المقدسة وشرحها‪ ،‬وانصرف الى ممارسة الصلوات والتأمالت‪ .‬وبعد ارتقائه‬
‫درجة الكهنوت ووفاة والديه وزع كل ثروته على المساكين واخذ يبشر‬
‫باالنجيل ويرد الكثيرين من الوثنيين الى االيمان بالمسيح بما أجراه على يده‬
‫من المعجزات‪ .‬فكان بمثله الصالح وكالمه المؤثر نوراً للعقول وهديا ً الى كل‬
‫خير وصالح فطابق اسمه مسماه‪ ،‬نوهرا بالسريانية اي النور‪ ،‬ولوجيوس‬
‫بالالتينية‪ ،‬وهو معروف في لبنان بشفيع البصر وفيه عدة كنائس على اسمه‪.‬‬
‫ولما ثار االضطهاد على المسيحيين في أيام مكسيميانوس الملك اخذ القديس‬
‫نوهرا يطوف البالد حتى السواحل الفينيقية‪ ،‬عكا وصور وجبيل والبترون‬
‫وطرابلس‪ ،‬يناضل عن المؤمنين ويشجعهم على احتمال العذاب ويرد الكثيرين‬
‫من الوثنيين الى االيمان بالمسيح‪ .‬فأرسل الوالي روفيانوس في طلبه وادخله‬
‫هيكل االصنام ليسجد لها فما رسم القديس اشارة الصليب حتى سمع صوتا ً‬
‫يقول‪ ":‬لقد اخزيتني‪ ،‬يا نوهرا" فأجاب القديس‪ ":‬فلتكن مخزيا ً الى االبد"‪.‬‬
‫فغضب الوالي وامر الجند بأن يسوقوه الى السجن مكبالً بالقيود‪ ،‬وكان بعض‬
‫تالميذه قد جحدوا االيمان خوفا ً من العذاب‪ ،‬فأخذ القديس يناشدهم فتأثروا جداً‬
‫واعترفوا بكونهم مسيحيين وكانوا نحو اربعين جنديا ً فقتل الكفار بعضهم‬
‫وسجنوا اآلخرين‪ ،‬اما القديس نوهرا فادخلوه في خشبة فتخلعت رجاله‬
‫وتكسرت اضالعه وهو صابر‪ .‬ثم طرحوه في السجن‪.‬‬
‫وبعد ايام دخل عليه وزير الملك‪ ،‬فابتدره القديس هاتفاً‪ ":‬انا مسيحي"‪ .‬فدهش‬
‫الوزير من شجاعته وصبره‪ .‬فسأله من اين انت وما مهنتك ومن هم اهلك؟ فلم‬
‫يلق اال الجواب نفسه " انا مسيحي" وعندها قطعوا رأسه وفاز باكليل الشهادة‪.‬‬
‫في اواخر القرن الثالث‪ .‬وقد اختلف المؤرخون في مكان استشهاده‪ .‬ومن‬
‫التقليد انه استشهد في قرية أسمر جبيل في بالد البترون حيث كان هيكل‬
‫لالصنام دخله وحطم اصنامه كما سبق‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثالث والعشرون‬
‫تذكار الشهيد ابوليناريوس اسقف رافنا‬
‫من انطاكية‪ ،‬آمن بالمسيح على يد القديس بطرس الرسول وتتلمذ له وسار‬
‫معه الى روما‪ ،‬فرسمه الرسول اسقفا ً وارسله الى رافنَّا في ايطايا‪ .‬ولم يكن له‬
‫كرسي في اسقفيته‪ ،‬فنزل ضيفا ً على جندي هناك‪ ،‬وكان للجندي ولد اعمى‪،‬‬
‫فشفاه القديس بصالته‪ ،‬فآمن الجندي واهل بيته‪ ،‬واعتمدوا‪ .‬وشفى هذا القديس‬
‫امرأة احد اعيان المدينة من مرض عضال‪ ،‬فآمنت هي وزوجها وجميع ذويها‪.‬‬
‫فقدموا له داراً اقام فيها يعظ الناس ويشفيهم من امراض النفس والجسد‪.‬‬
‫فحنق عليه كهنة االصنام وشكوه الى والي المدينة‪ ،‬فاستحضره فجاهر بايمانه‬
‫بالمسيح‪ .‬ولما رآه الوالي مصرا ً على ايمانه‪ ،‬تركه بين ايدي الكهنة‪ ،‬فانهالوا‬
‫عليه ضربا ً بالعصي ورشقوه بالحجارة‪ ،‬حتى اغمي عليه فتركوه‪ ،‬ظنا ً منهم انه‬
‫قد مات‪ .‬فحمله المسيحيون ووضعوه عند ارملة‪ ،‬كانت تعتني به الى ان شفي‪.‬‬
‫فاستأنف عمله الرسولي وآمن على يده كثيرون‪ ،‬فازداد حنق الوثنيين عليه‪،‬‬
‫فأهانوه وعذبوه ثم طردوه من المدينة فاختبأ مثابراً على الصالة‪.‬‬
‫ثم عاد الى اسقفيته في رافنَّا‪ ،‬يعنى برعيته مبشرا ً بكلمة هللا‪ .‬واقام من الموت‬
‫ابنة احد االشراف‪ ،‬فآمن لذلك كثيرون‪ .‬فألقى القبض عليه نيرون الملك وامر‬
‫بجلده حتى تهشم جسده وسالت دماؤه‪.‬‬
‫ثم نفوه الى بالد اليونان‪ ،‬فطاف مبشرا ً بالمسيح ورد كثيرين الى االيمان الحق‬
‫بما اجراه هللا على يده من المعجزات‪.‬‬
‫وعاد الى اسقفيته رافنَّا‪ ،‬وبينما كان يقيم الذبيحة االلهية‪ ،‬وثب عليه الوثنيون‬
‫واستاقوه الى الوالي وكان لهذا ابن اعمى‪ ،‬فشفاه القديس بقدرة هللا‪ ،‬فآمن عدد‬
‫وافر من الحاضرين‪ .‬وامتنع القاضي من الحكم عليه‪ ،‬فأقصاه‪ .‬ثم افرج عنه‬
‫فرجع الىاسقفيته يواصل اعماله الرسولية‪ .‬وما عتم ان انهال عليه الوثنيون‬
‫بالضرب وتركوه بين حي وميت‪ ،‬فعالجه المسيحيون فعاش سبعة ايام صابراً‬
‫على آالمه‪ .‬ثم رقد بسالم سنة ‪ .79‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار فوقا الشهيد‬
‫سم اسقفا ً على مدينة سينوبي‪ ،‬في البُنُطوس‪،‬‬
‫نعلم انه عاش في ايام الرسل‪ُ .‬ر ِ‬
‫واشتهر في الشرق والغرب‪.‬‬
‫وفيما كان يدبر ابرشيته ويحنو على رعاياه ويبشر بالمسيح بغيرة ال تعرف‬
‫الملل‪ ،‬قبض عليه والي البالد وكلفه ان يضحي لالوثان فأبى واعترف بايمانه‬
‫بالمسيح فأنزل به الوالي اعذبة قاسية‪ ،‬منها انه انزله في اتون نار مضطرم‬
‫فكان صابراً يشكر هللا ويترنم بتسبحة االطفال الثالثة في اتون بابل‪ .‬فحدثت‬
‫زلزلة قوية طرحت الوالي وجنوده صرعى ال يعون على شيء‪ .‬فرق لهم‬
‫القديس وتضرع الى هللا من اجلهم فعادوا الى رشدهم مندهشين من هذا الحادث‬
‫العجيب ومن شفقة القديس عليهم‪ .‬عندئذ ترك الوالي الشهيد وشأنه‪ ،‬فرجع الى‬
‫ابرشيته يواصل جهاده واعماله البطولية‪.‬‬
‫ثم قبض الوالي ثانية على القديس فوقا‪ .‬ولما ابى ان يضحي لالوثان امر به‬
‫فعذبوه بقساوة بربرية‪ ،‬وطرحوه في حمام مشتعل ناراً فاستمر ثالث ساعات‬
‫معتصما ً بالصبر وبالصالة الحارة الى ان فاضت روحه الطاهرة عام ‪.115‬‬
‫فكان ضريحه ينبوع نعم ومعجزات‪ .‬للقديس يوحنا فم الذهب خطاب بديع في‬
‫مدحه يوم نقل ذخائره من النُنطوس الى القسطنطينية‪ .‬وعلى اسم القديس فوقا‬
‫كنائس عدة في لبنان منذ القرن السادس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الرابع والعشرون‬
‫تذكار الشهيدة خريستينا‬
‫ولدت خريستينا في مدينة صور اللبنانية في اواخر القرن الثالث من عيلة‬
‫وثنية‪ .‬وكان ابوها اوربانوس حاكم المدينة شديد التعصب لوثنيته‪ ،‬يضطهد‬
‫المسيحيين وينكل بهم‪ .‬فلما رأت ابنته ما يحتمله المسيحيون من العذابات‬
‫المرة وهم ثابتون في ايمانهم‪ ،‬تأثرت جدا ً ومستها النعمة االلهية‪ ،‬فنبذت عبادة‬
‫االصنام وآمنت بالمسيح وشغفت بمحبته وتعاليمه‪ ،‬فاعتمدت‪ ،‬خفية عن ابيها‪.‬‬
‫وكان ابوها يخشى عليها من مخالطة الناس‪ ،‬فجعلها في حصن ووفر لها‬
‫اسباب الراحة‪ ،‬ووضع لديها اصناما ً من فضة وذهب لكي تتعبد لها‪ .‬أما هي‬
‫فحطمت تلك التماثيل حبا ً للمسيح‪ .‬فغضب ابوها ووبخها‪ ،‬فأجابت بكل سذاجة‪:‬‬
‫ان االصنام ليست بآلهة وال فائدة منها‪ .‬فتهددها بالعذاب والموت ان لم ترجع‬
‫عن ايمانها وتكفر بالمسيح‪ ،‬فقالت‪ ،‬بكل شجاعة‪ ":‬انت قادر‪ ،‬يا ابي‪ ،‬ان‬
‫تعذبني وتعدمني الحياة‪ ،‬لكنك ال تستطيع ان تفصلني عن ايماني بيسوع‬
‫المسيح وعن محبتي له"‪.‬‬
‫حينئذ امر بها فضربوها بالسياط ومزقوا جسدها بمخالب من حديد حتى سالت‬
‫دماؤها‪ ،‬والقاها في السجن‪ .‬وفي الصباح مثلت امام ابيها وقد شفاها هللا‪ .‬فأمر‬
‫ابوها بأن يعلق في عنقها حجر وتطرح في البحر‪ .‬فخلصها مالك الرب من‬
‫الغرق‪ .‬فأرجعها ابوها الى السجن ولشدة غيظه وكمده ُو ِجد‪ ،‬عند الصباح ميتا ً‬
‫في سريره‪.‬‬
‫فخلفه وا ٍل اسمه ديون‪ ،‬كان شرا ً منه‪ .‬فاخترع لتعذيبها سريرا ً من حديد تحته‬
‫نار تضطرم‪ ،‬فأتت الشهيدة من تلقائها وتمددت على ذلك السرير الناري‪ ،‬فلم‬
‫ينلها سوء‪ ،‬بل كانت متهللة تسبح هللا‪ ،‬فقادها الى هيكل الصنم ابولون لتسجد‬
‫له‪ ،‬فأبت‪ .‬عندئذ القوها في أتون نار ثم في بئر فيها حيات وعقارب‪ ،‬فصانها‬
‫هللا من كل أذى‪ .‬لذلك آمن الجالدون‪ ،‬وهتفوا صارخين‪ ":‬ال اله اال الذي يعبده‬
‫المسيحيون"‪ .‬وماتوا شهداء‪.‬‬
‫فأمر الوالي بقطع ثديي الشهيدة‪ ،‬فصرخت‪ ":‬ان الهنا في السماء‪ .‬أما اوثان‬
‫االمم فما هي سوى فضة وذهب صنع البشر"‪ .‬اخيرا ً علقوها على خشبة‬
‫ورموها بالسهام فنالت اكليل الشهادة سنة ‪ 300‬للمسيح‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الخامس والعشرون‬
‫تذكار القدجيسة حنه والدة مريم العذراء‬
‫ولدت القديسة حنه في بيت لحم من سبط يهوذا‪ .‬تزوجت حنة بيواكيم‪ ،‬فاتحدت‬
‫بزواجها ذرية الكهنوت بذرية داود‪ .‬ولم يكف الزوجان عن التضرع الى هللا‬
‫ليرزقا ولداً‪ ،‬النهما كانا قد طعنا في السن ولم يكن لهما ولد‪ .‬ولما تقدم يواكيم‬
‫بتقدمة الى الهيكل‪ ،‬رفضها الكاهن بداعي العقرية‪ .‬فرجع يواكيم حزيناً‪ ،‬باكيا ً‬
‫وتاه في البرية صائما ً اربعين يوماً‪ .‬وكانت حنة مواظبة على الصالة‪ .‬فظهر‬
‫لهما مالك الرب وبشرهما بان هللا قد قبل صالتهما‪ .‬وانه يرزقهما بنتا ً تكون‬
‫اطهر النساء واشرفهن‪.‬‬
‫فنذرت حنة انها تكرس ثمرة احشائها لخدمة الرب‪ .‬ثم حبلت بمريم العذراء‬
‫بريئة من دنس الخطيئة االصلية‪ .‬وبعد تسعة اشهر ولدتها واسمتها مريم‪،‬‬
‫ومعنى اسم مريم سيدة البحر‪ ،‬او المرتفعة‪.‬‬
‫وقد مدح القديسة حنة كثير من القديسين‪ ،‬وال سيما القديس ابيفانيوس اسقف‬
‫سالمينا في قبرص سنة ‪ .368‬ومنذ ذلك الحين انتشر تكريمهما في الكنيسة‪.‬‬
‫وعلى اسم القديسة حنة ويواكيم كنيسة اثرية في عنايا تابعة لدير مار مارون‪،‬‬
‫وهي الوحيدة في لبنان تدعى بهذ االسم‪ .‬آمين!‬
‫اليوم السادس والعشرون‬
‫تذكار البارة بريجيتا الملكة‬
‫كانت بريجيتا من اسوج‪ ،‬شمالي اوروبا‪ .‬وكان ابوها احد ملوك البالد اسمه‬
‫بيرجو‪ .‬واسم امها سيفريد نسيبة ملوك الغُطط‪ .‬كانا مشهورين بالتقوى‬
‫والصالح‪ .‬ولدت عام ‪ ،1302‬عنيا بتربيتها على مخافة هللا وحب الفضيلة‪.‬‬
‫أمير نيريك‪ ،‬فاشتركت‬
‫ولما بلغت السادسة عشرة من عمرها‪ ،‬زوجها ابوها من ِ‬
‫واياه في رهبانية مار فرنسيس‪ .‬ورزقا ثمانية بنين‪ ،‬فاعتنت بتربيتهم احسن‬
‫تربية وغرست في قلوبهم مخافة هللا وروح االيمان الكاثوليكي الحي‪ .‬ثم اقنعت‬
‫زوجها بحفظ العفة‪ .‬فانضوى الى رهبنة القديس مبارك‪ ،‬لكنه ما لبث ان توفي‬
‫بنسمة القداسة سنة ‪ .1344‬قبل ان يبرز النذور الرهبانية‪.‬‬
‫دير مدة سنة‪ ،‬ممارسة انواع الزهد والنسك‪ .‬وعاشت‬ ‫اما بريجيتا فاعتزلت في ٍ‬
‫ارملة ثالثين سنة‪ ،‬لم تنزع المسح عن جسمها ولم ترقد اال على بساط دون‬
‫غطاء‪ .‬وتكتوي كل يوم جمعة بشمعة مضاءة اكراما ً آلالم المسيح وتضع في‬
‫فمها عشبة شديدة المرارة تذكارا ً لما ذاقه الفادي االلهي من الخل والمر‪ .‬ولم‬
‫تكن تقشفاتها لتعوقها عن مباشرة اعمال الرحمة‪ .‬فتعول كل يوم اثني عشر‬
‫فقيراً‪ ،‬تخدمهم على المائدة‪ .‬ويوم خميس االسرار تغسل ارجلهم‪.‬‬
‫وقد أنشأت مستشفيات للمرضى تقوم هي بنفقاتهم‪ .‬وبمساعدة العيلة المالكة‪،‬‬
‫أنشأت جمعية دعيت باسمها انضوى اليها كهنة قانونيون وراهبات كثيرات‪.‬‬
‫وقد استحقت ان يتجلى لها المخلص مرارا ً ويوحي اليها اوحية كثيرة قد روتها‬
‫على مرشديها ومعرفيها فألفوا منها كتابا ً ضخماً‪ .‬وقد ساعدت كثيرا ً في ارجاع‬
‫البابوات من أفينيون الى رومة‪ .‬وزارت االراضي المقدسة‪ .‬وبعد زيارتها عادت‬
‫الى رومة‪ .‬وقبل وفاتها بخمسة ايام ظهر لها المخلص وانبأها بقرب نعيمها‬
‫بالمجد االبدي‪ .‬فرقدت بسالم في ‪ 23‬تموز سنة ‪ .1373‬وأحصاها البابا‬
‫بونيفاسيوس التاسع في مصاف القديسات‪ .‬واثبتها البابا مرتينوس الخامس‬
‫سنة ‪ .1419‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع والعشرون‬
‫تذكار القديس بندياليمون (أسيا)‬
‫كان هذا البار من مدينة نيكوميدية‪ .‬ابن رجل وثني وجيه‪ .‬اما امه فكانت‬
‫مسيحية‪ ،‬ماتت وهو صغير السن‪ .‬فأتقن بندياليمون درس الطب وبرع فيه‪ .‬ثم‬
‫تعرف بكاهن قديس اسمه ارموالوس واخبره ان امه كانت مسيحية وانه هو‬
‫وثني على دين ابيه‪ .‬فأخذ الكاهن يرشده ويبين له ان خدام المسيح هم اطباء‬
‫النفوس يرشدونها الى معرفة الحق‪ ،‬وهذا ما يعجز عنه اطباء االجساد‪ .‬فكان‬
‫لهذه االمثولة تأثيرها في قلب بندياليمون فاعتم َد وهدى اباه الى االيمان‬
‫بالمسيح اذ ارجع البصر العمى امامه‪ .‬وحطم اصنامه‪ ،‬ثم توفي تاركا ً البنه‬
‫بندياليمون جميع ما يملك‪ .‬فأطلق القديس عبيده وباع امالكه وتصدق بثمنها‬
‫على الفقراء‪ .‬وكان يطبب الفقراء مجاناً‪ ،‬ويرد الخطأة الى التوبة بصالته‪ ،‬فأمه‬
‫الناس افواجاً‪ .‬فحسده االطباء ووشوا به الى مكسيميانوس فاستحضره الى‬
‫نيكوميدية‪ ،‬فوجده ثابتا ً في ايمانه‪ ،‬فأمر بأن يعلق ويحرق بالمشاعل‪ .‬فظهر له‬
‫المسيح وشجعه وأطفأ النار عنه فسأله الملك‪ :‬بأية قوة تصنع المعجزات؟ ‪-‬‬
‫اجاب القديس‪ :‬بقوة يسوع المسيح االله الحق‪ .‬وان لم تصدق فأحضر كهنة‬
‫اصنامكم وادع مريضا ً وليستغيثوا هم باصنامهم‪ .‬وانا استغيث بيسوع المسيح‪،‬‬
‫فاالله الذي يشفي المريض يكون هو االله الحقيقي‪ .‬فأتوا بمخلع‪ .‬فقدم كهنة‬
‫االصنام الذبائح واخذوا يستغيثون بالههم فلم يكن من يجيب‪ .‬ثم جاء القديس‬
‫وصلى على المخلع واخذه بيده وقال له‪ ":‬قم باسم يسوع المسيح" فقام‬
‫لساعته ومشى‪ ،‬فدهش الحاضرون‪ ،‬وآمن منهم كثيرون‪ .‬اما االطباء وكهنة‬
‫االصنام فازدادوا حنقا ً وغيظا ً وقالوا للملك‪ :‬ان لم تهلك هذا الكافر بطلت‬
‫عبادتنا واضمحلت معبوداتنا‪ .‬فأمر بان يبسط الشهيد على آلة مسننة باظفار‬
‫من حديد مزقت لحمانه وهو صابر يشكر هللا‪ .‬ثم القوه في مرجل مملوء‬
‫رصاصا ً مذابا ً فحفظه الرب وجمد الرصاص‪ .‬ثم طرحوه للوحوش فآنسته‬
‫وربضت عند قدميه كأنها حمالن‪ .‬فأمر الملك بقطع رأسه فنال اكليل الشهادة‬
‫في السنة ‪ .303‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار الشهيدة انتوسا‬
‫كانت هذه البارة في ايام الملك قسطنطين الزبلي محارب االيقونات‪ ،‬راهبة في‬
‫احد ديورة القسطنطينية‪ ،‬وكانت رئيسة على نحو تسعمئة راهبة‪ .‬وقد اشتهرت‬
‫بقداستها وغيرتها على تكريم االيقونات‪ .‬فطلبها الملك واخذ يتملقها ويتهددها‬
‫لتقلع عن عبادتها لاليقونات‪ ،‬فلم تذعن له‪ ،‬بل وبخته بكل جرأة على كفره‪.‬‬
‫فغضب الملك وامر بتعذيبها فحموا بالنار ايقونات من نحاس ووضعوها على‬
‫رأسها وتحت قدميها‪ ،‬فلم تؤذِها‪ .‬فجلدوها جلداً قاسياً‪ ،‬فلم تتزعزع عن عزمها‬
‫وايمانها‪ .‬فحكم الملك الظالم بالنفي‪ ،‬فكانت في منفاها معتصمة بجميل الصبر‪،‬‬
‫عاكفة على ممارسة الفضائل‪ ،‬فمنحها هللا موهبة صنع المعجزات فردت كثيرين‬
‫الى معرفة الحق والتمسك بتكريم الصور المقدسة الن اكرامها يعود الى من‬
‫تمثلهم‪ .‬وبمثل هذه المبرات رقدت بالرب سنة ‪ .760‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار المجمع السادس المسكوني المقدس‬
‫عقد هذا المجمع المسكوني المقدس في القسطنطينية‪ ،‬في ايام البابا اغاتون‬
‫(‪ )681 – 618‬والملك قسطنطين الليحاني التقي‪ .‬وكان الداعي الى انعقاده‪،‬‬
‫ازالة االنقسام بين الكنيسة الشرقية والغربية الذي سببته بدعة المشيئة‬
‫الواحدة‪ .‬وكان عدد آباء هذا المجمع مئتين وخمسة وثمانين اسقفا ً وارسل اليه‬
‫البابا نوابا ثالثة يمثلونه فيه‪.‬‬
‫وقد حضر هذا المجمع الملك قسطنطين بنفسه وكان من المدافعين عن المعتقد‬
‫الكاثوليكي‪ .‬مسانداً نواب البابا‪ .‬وبعد البحث والجدال‪ ،‬اتفق آباء المجمع على‬
‫المعتقد الصحيح بالمشيئتين االلهية والبشرية في السيد المسيح‪ .‬ولم يبق‬
‫متشبثا ً بالبدعة سوى مكاريوس بطريرك انطاكية وكاهنه اسطفانوس‪ .‬فحرم‬
‫المونوتيلية وجميع القائلين بها وحدد ان في الكلمة المتجسد مشيئتين‬
‫وطبيعتين‪.‬‬
‫وقد اثبت البابا الوون الثاني اعمال هذا المجمع (‪ .)683 – 682‬واقام المجمع‬
‫على كرسي انطاكية تاوافانوس بدالً من مكاريوس‪.‬‬
‫اما آباء الكنيسة االنطاكية واالورشلمية‪ ،‬فلم يتمكنوا من الذهاب الى هذا‬
‫المجمع‪ ،‬الن العرب كانوا قد استولوا على بالدهم وقطعوا كل عالقة بينهم وبين‬
‫القسطنطينية‪ .‬وقد اصدر الملك قسطنطين منشورا ً خاصا ً بقرارات المجمع الى‬
‫الكنائس الكائنة تحت حوزته ما عدا الواقعة تحت حكم العرب ولهذا بقيت احكام‬
‫هذا المجمع مجهولة عندهم وعند الموارنة الذين كانوا متمسكين بمعتقد‬
‫الكنيسة الرومانية الصحيح منذ زمان هرقل رافضين البدعة المونوتيلية‬
‫وضاللها‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع والعشرون‬


‫تذكار البارة مرتا أخت لَعازر‬
‫ولدت هذه البارة في بيت عنيا القريبة من اورشليم‪ .‬وقد ذكرها لوقا البشير‬
‫قال‪ ":‬وفيما هم سائرون دخل يسوع قرية فقبلته امرأة اسمها مرتا في بيتها‪.‬‬
‫وكانت لهذه اخت تسمى مريم قد جلست عند قدمي يسوع‪ ،‬تسمع كالمه‪ .‬وكانت‬
‫مرتا مرتبكة فيشتى شؤون الخدمة فوقفت وقالت‪ :‬يا رب‪ ،‬أما يعنيك ان اختي‬
‫تركتني اخدم وحدي‪ ،‬فقل لها تساعدني‪ .‬فأجاب الرب وقال لها‪ :‬مرتا‪ ،‬مرتا‪ ،‬انك‬
‫مهتمة ومضطربة في امور كثيرة اما المطلوب فواحد" (لوقا ‪.)41 -38 :10‬‬
‫كانت مرتا اذن تضيف يسوع في بيتها وتبالغ باكرامه واجالله‪ .‬وعند موت‬
‫اخيها وقدوم يسوع قالت‪ ":‬لو كنت هنا لم يمت اخي!" فقال لها يسوع‪":‬‬
‫سيقوم اخوك"‪ .‬فقالت له مرتا‪ :‬انا اعلم انه سيقوم في اليوم االخير‪ .‬فقال لها‬
‫يسوع‪ ":‬انا القيامة والحياة‪ ،‬من آمن بي وان مات فسيحيا‪ ...‬أتؤمنين بهذا؟‬
‫فقالت نعم با رب‪ ،‬انا مؤمنة انك انت المسيح ابن هللا اآلتي الى هذا العالم"‬
‫(يوحنا ‪ .)27-20 :11‬ومضوا الى القبر‪ ،‬فقال لها يسوع‪ :‬ارفعوا الحجر‪،‬‬
‫فقالت مرتا‪ :‬يا رب‪ ،‬قد أنتن‪ ،‬الن له اربعة ايام‪ .‬فقال لها يسوع ألم أقل لك ان‬
‫آمنت سترين مجد هللا؟ (يوحنا ‪39 :11‬و‪.)40‬‬
‫وبعد ان اقام يسوع لعازر اخاها من القبر‪ .‬لحقت مرتا به وتتلمذت له الى ان‬
‫رقدت بالرب نحو عام ‪ .84‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار حزقيال النبي‬


‫هو من االنبياء االربعة الكبار‪ :‬آشعيا وأرميا وحزقيال ودانيال‪.‬‬
‫ولد نحو سنة ‪624‬ق‪.‬م‪ .‬في اليهودية‪ .‬وفي عمر ‪26‬سنة حاصر نبوكدنصر‬
‫اورشليم وافتتحها واخذ الملك يوياكين أسيراً مع رهط من القواد والكهنة‪،‬‬
‫وكان جزقيال بينهم‪ ،‬سنة ‪598‬ق‪ .‬م‪ .‬أقام في بالد بابل‪ .‬دعاه هللا الى الخدمة‬
‫النبوية‪ ،‬فقام بأعبائها بين اليهود المسبيين طيلة ‪ 22‬سنة‪ .‬فكان كاهنا ً ونبيا ً‬
‫ومرشدا ً غيوراً‪.‬‬
‫ومات في بالد السبي‪ ،‬بعد أن تنبأ عن خراب اورشليم‪ .‬وكانت وفاته في القرن‬
‫السادس قبل المسيح‪.‬‬
‫سفر نبوءاته هو مزيج من سمو المعاني وحنان القلب وجمال االنشاء والشعر‬
‫الصافي‪.‬‬
‫ُ‬
‫رموز االنجيليين األربعة هي في حزقيال (‪-4 :1‬‬ ‫رؤيا المركبة التي أ ُ ِخ َذت عنها‬
‫‪.)11‬‬
‫ورؤيا رعاة اسرائيل الكسالى المبدولين برعاة صالحين هي من قلمه (فصل‬
‫‪.)34‬‬
‫ورؤيا العظام التي ترمز الى قيامة المسيح فقيامة الموتى هي من سفره (‪:37‬‬
‫‪.)15-1‬‬
‫ثم رؤيا العُودَين والمملكة الواحدة وال َم ِلك الواحد الرامزة عن كنيسة المسيح‬
‫(‪.)15 :37‬‬
‫صالة النبي حزقيال تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار الشهيدين عبدون وسنين‬
‫كان هذان الشهيداين شقيقَين من بالد فارس‪ ،‬شريفَي الحسب‪ ،‬امتازا بتمسكهما‬
‫بااليمان المسيحي‪ ،‬حتى كانا في االضطهاد الذي اثاره داكيوس قيصر يشددان‬
‫عزائم المؤمنين ويدفنان الشهداء‪ .‬وقد دفنا القديس بوليكربوس اسقف بابل‬
‫ورفاقه بكل احترام‪ ،‬بعد ان قتلهم داكيوس ونهى عن دفنهم‪.‬‬
‫فاستحضرهما الملك بصفتهما من االشراف وقال لهما‪ ":‬اني اتغاضى عن‬
‫عملكما المستوجب الموت‪ ،‬لكن احجدا مذهب المسيحيين‪ ،‬واعبدا آلهة المملكة‬
‫وقدما لهما البخور‪ ،‬فأعفو عنكما"‪ .‬فرفضا بكل جرأة‪ .‬فغضب الملك ولم يجسر‬
‫على قتلهما النهما من اعيان البلد فأمر بطرحهما في السجن مكب َلين بالقيود‪.‬‬
‫ولما عاد من حرب الفرس استحضرهما امام الندوة وجمع غفير من الشعب‬
‫وقال لهما‪ ":‬اني اعيدكما الى ما كنتما عليه من المنزلة الرفيعة‪ ،‬بل ازيدكما‬
‫رفعة ومقاماً‪ ،‬اذا سجدتما لآللهة"‪ .‬فأجاباه‪ ":‬اننا مستعدان الن نضحي بحياتنا‬
‫الجل يسوع المسيح فادينا االلهي"‪ .‬حينئذ اسلمهما الى فاليريان الوالي‪،‬‬
‫فقادهما هذا الى تمثال الشمس ليسجدا له‪ ،‬فلم يحفال باالمر‪ ،‬بل صرحا‬
‫قائلين‪ ":‬ليعلم الجميع اننا نرفض عبادة االوثان‪ .‬وان االله الذي نعبده ليس‬
‫مخلوقا ً نظير آلهتكم‪ ،‬بل انما هو الخالق نفسه"‪ .‬فأمر الوالي بجلدهما حتى‬
‫سالت دماؤهما وهما صابران‪ .‬ثم القوهما الى اسدَين واربعة ذئاب لتفترسهما‪،‬‬
‫فآنستهما ولم تمسهما بأذى‪ .‬حينئذ امر بقطع رأسيهما فتكلال بالشهادة سنة‬
‫‪ 250‬في ‪ 30‬تموز‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والثالثون‬
‫تذكار الشهداء رهبان مار مارون‬
‫كان هؤالء الرهبان يقطنون اديار سوريا الشمالية قرب لبنان الشمالي‪ .‬وكانوا‬
‫شديدي التمسك بالمعتقد الكاثوليكي وفقا ً لتعليم المجمع المسكوني الرابع‬
‫الخلكيدوني المنعقد سنة ‪ 451‬القائل بان في المسيح طبيعتين الهية وانسانية‬
‫ضد اوطيخا واتباعه‪.‬‬
‫فقام عليهم ساويرا بمساعدة الملك انسطاس الذي كان نصبه بطريركا ً على‬
‫انطاكية‪ .‬فقتل ثالثمئة وخمسين راهبا ً وكثيرين غيرهم من الرهبان واالساقفة‬
‫في السنة ‪ 517‬فرفع اخوانهم االحياء عريضة الى الحبر الروماني البابا‬
‫هرميسدا (‪ .)523 – 514‬يبينون له كيفية استشهاد اخوانهم هؤالء‪ .‬وما‬
‫ألحقه بهم من االضرار البطريرك ساويرا ورفيقه بطرس القصار واتباعهما‪.‬‬
‫فأجابهم البابا برسالة مؤرخة في السنة التالية اي سنة ‪ ،518‬فيها يعزيهم‬
‫ويحثهم على ان يقاوموا بشجاع ٍة االضطهاد‪ .‬وقد اثبت المؤرخون وأخصهم‬
‫تاوافانوس وتاوافيلوس الرهاوي الماروني حقيقة اضطهاد ساويرا للكاثوليك‬
‫وال سيما الرهبان وقتله عددا ً وافرا ً منهم‪ ،‬مشيرين بذلك الى هؤالء الرهبان‬
‫الشهداء الثالثمئة والخمسين‪ .‬ومنذ القديم تعيد الطائفة المارونية لهم‪ ،‬معتبرة‬
‫اياهم اجدادَها وشفعا َءها المستجابين لدى هللا‪ .‬وقد عمم البابا بنديكتوس الرابع‬
‫عشر لجميع كنائس الطائفة الغفران الذي كان قد منحه البابا اكليمنضوس‬
‫الثاني عشر سنة ‪ 1734‬لكنائس الرهبان الموارنة‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين!‬

‫† † †‬
‫شهر آب‬
‫ايام هذا الشهر ‪ 31‬يوماً‪ ،‬ساعات نهاره ‪ 13‬ساعة‪ ،‬وساعات ليله ‪11‬ساعة‪.‬‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار الشهداء المكابيين‬
‫اخبرنا سفر المكابيين الثاني الفصلين السادس والسابع – عن استشهاد العازر‬
‫الشيخ وشموني واوالدها السبعة‪.‬‬
‫ان العازر كان من نسل هارون طاعن في السن قبض عليه انطيوكس الملك‬
‫وأمره بأكل لحم الخنزير المحظر اكله بشريعة موسى‪ ،‬فاختار ان يموت مجيداً‬
‫على ان يحيا ذميماً‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اما شموني فقد قبض عليها الملك مع اوالدها واكرههم على تناول لحم الخنزير‬
‫المحرم‪ .‬فقال احد الشهداء‪ ":‬اننا نختار الموت وال نخالف شريعة آبائنا"‪.‬‬
‫فحنق الملك وأمر بحرقه‪ .‬وعذبوا الثاني فمات وهو يقول للملك‪ ":‬انك ايها‬
‫الفاجر تسلبنا الحياة‪ ،‬ولكن ملك العالمين سيقيمنا لحياة أبدية"‪.‬‬
‫وقال الثالث وهم يقطعون لسانه‪:‬‬
‫" من رب السماء اوتيت هذه االعضاء واياه ارجو الستردها"‪.‬‬
‫وعذبوا الرابع ومات قائالً‪:‬‬
‫"حبذا ما يتوقعه الذي يُقتَل بأيدي الناس‪ ،‬من رجاء اقامه هللا له‪ .‬أما انت ايها‬
‫الملك‪ ،‬فال تكون لك قيامة الحياة"‪.‬‬
‫والخامس عذبوه‪ .‬فالتفت الى الملك وقال‪ ":‬انك بما لك من السلطان على‬
‫البشر‪ ،‬مع كونك فانياً‪ ،‬تفعل ما تشاء‪ .‬لكن ال تظن ان هللا خذل ذريتنا‪ .‬اصبر‬
‫قليالً فترى بأسه الشديد كيف يعتريك انت ونسلك"‪.‬‬
‫والسادس قال للملك‪ ":‬نحن خطئنا الى الهنا فجبلنا على نفسنا هذا العذاب‪ ،‬فال‬
‫تحسب انك تُترك ُ‬
‫سدَّى بعد تعرضك لمناصبة هللا"‪.‬‬
‫وكانت امهم تحرض كال منهم بلغة آبائها قائلة‪ ":‬ان هللا الذي تبذلون نفوسكم‬
‫في سبيل شريعته‪ ،‬سيعيد اليكم برحمته الروح والحياة"‪.‬‬
‫اما انطيوس فأخذ يتملق الصغير السابع ويغريه بالوعود اذا طاوعه‪ .‬فقال‬
‫الغالم‪ ":‬اني ال اطيع امرا ً لملك وانما اطيع الشريعة"‪ .‬فأمر الملك بقتله‪ .‬والحق‬
‫بهم امهم شموني سنة ‪ 161‬قبل المسيح‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني‬
‫تذكار وجود أعضاء القديس اسطفانوس أول الشهداء‬
‫سنة ‪ ،415‬في عهد اركاديوس الملك‪ ،‬ظهر بالرؤيا ثالث مرات غمالئيل معلم‬
‫مار بولس لكاهن فاضل يدعى لوسيانوس واخبره عن الموقع الذي دفن فيه‬
‫هو والقديس اسطفانوس اول الشهداء ورفقته‪ .‬فمضى الكاهن وقص الرؤيا‬
‫على يوحنا اسقف اورشليم‪ .‬فجاء هذا مع بعض االساقفة واخرجوا تلك الذخائر‬
‫من مدفنها ونقلوها الى اورشليم باحتفال عظيم‪.‬‬
‫وسنة ‪ ،444‬شيدت الملكة اودكسيا زوجة الملك تاودوسيوس الصغير‪ ،‬كنيسة‬
‫فخمة‪ ،‬قرب المحل الذي رجم فيه القديس اسطفانوس‪ ،‬ونقلت اليها ذخائره‬
‫الكريمة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار البابا اسطفانوس االول‬


‫من روما‪ .‬انتخب لرئاسة الكنيسة سنة ‪ .254‬وفي ايامه وقع الجدال في لزوم‬
‫اعادة تعميد من ع َّمدَهم الهراطقة‪ .‬فقضى البابا بعدم لزوم تعميدهم‪ ،‬اذا لم‬
‫يُن ِقص هؤالء شيئا ً من مقتضيات السر ال من جهة المادة والصورة والنية‪.‬‬
‫وفي ايام هذا البابا تفشى الطاعون في روما‪ .‬فبذل البابا عناية خاصة‬
‫بالمصابين‪ .‬ولما اثار فالريانوس االضطهاد على المسيحيين‪ .‬كان البابا يشجع‬
‫المؤمنين ويحثهم على الثبات والصبر‪ ،‬فحنق الملك عليه وارسل جنوده فقطعوا‬
‫رأسه بينما كان يقيم الذبيحة االلهية في احدى مخابئ روما سنة ‪ .257‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث‬
‫تذكار داود النبي‬
‫سى من سبط يهوذا ومن بيت لحم‪ .‬ولما سخط هللا على شاول‬ ‫كان داود بن ي َّ‬
‫سى ملكا ً على بني‬
‫الملك اوحى الى صموئيل النبي‪ ،‬ان ي َمسح داود بن ي َّ‬
‫اسرائيل‪ .‬فمسحه سراً‪ .‬وكان داود رجل بأس‪ ،‬حسن المنظر‪ ،‬يحسن الضرب‬
‫على الكنارة‪ .‬فأحبه شاول جداً‪.‬‬
‫وقد بارز داود جوليات الجبار في حرب الفلسطنيين فقتله وانتصر بنو اسرائيل‬
‫على الفلسطنيين‪ ،‬وزادت شهرة داود فحسده شاول واراد قتله‪ .‬فاضطر داود‬
‫للهرب من وجهه‪ .‬فخرج شاول يفتش عنه ليقتله وكان الرب ينجي داود‪ .‬وبعد‬
‫ان قُتِ َل شاول في حرب الفلسطنيين في معركة جلبوع َم َل َك داود مكانه واقام في‬
‫حبرون سبع سنين‪ .‬وبعدها جعل اورشليم عاصمة ُملكه و َملَ َك فيها ‪ 33‬سنة‬
‫بكل حكمة ودراية في جميع الحقول‪.‬‬
‫واجرى معاهدة اتفاق بينه وبين حيرام ملك صور‪ ،‬فبسط سلطانه على فلسطين‬
‫وسوريا كلها‪ .‬وارتكب خطيئتَي الزنى والقتل‪ ،‬ولما جاءه من قبل هللا ناثان‬
‫النبي‪ ،‬يؤنبه ويوبخه‪ ،‬تَواض َع وتَذل َل امام الرب وصرخ قائالً‪ ":‬خطئت الى‬
‫الرب"‪ .‬وهتف بمزموره من اعماق قلبه‪ ":‬ارحمني يا هللا بحسب نعمتك‬
‫ي"‪ .‬وعاش حياته بالتوبة‪ ،‬وعاقبه هللا على‬ ‫وبحسب كثرة رحمتك ام ُح َمعاص َّ‬
‫خطيئته بشدائد وباليا عديدة‪ .‬كان فيها داود صابراً‪ ،‬مستسلما ً الرادة هللا‪ ،‬عالما ً‬
‫انه مستحق التأديب‪.‬‬
‫وكتب مزامير تدل على ايمانه باهلل ورجائه به ومحبته له‪.‬‬
‫ولما شاخ داود دعا ابنه سليمان ونادى به ملكا ً بعده‪ ،‬واوصاه بحفظ رسوم‬
‫الرب واحكامه وان يبني هيكل الرب الذي كان داود قد اعد بعض ما يلزم‬
‫لبنائه‪ .‬واضجع داود مع آبائه ودُفن في مدينة داود نحو سنة ‪ 1045‬قبل‬
‫المسيح‪ .‬وداود كلمة عبرانية معناها الحبيب‪ .‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار القديس دومينيكوس‬
‫ولد دومينيكوس اي عبد االحد سنة ‪ 1170‬في اسبانيا من اسرة شريفة تقية‪.‬‬
‫كان ابوه في ِلكس من انسباء الملوك واالمراء‪ .‬وامه حنة امتازت بالقداسة‬
‫والتقى‪ .‬فعشق دومينيكوس منذ حداثته الفضيلة‪ .‬واتم علومه الجامعية فنبغ في‬
‫البيان والخطابة والفلسفة والالهوت‪ .‬كان كثير الصالة واالماتة‪ .‬ورسمه‬
‫االسقف مرتينوس كاهنا ً فأخذ يتفانى في خدمة النفوس‪ .‬واشتهر بقداسته‬
‫وعلمه وفصاحته‪ .‬فدعاه اسقفه الى القاء الدروس الالهوتية في جامعة فالنسا‪،‬‬
‫فكان من ابرز االساتذة فيها‪.‬‬
‫وكان دومينيكوس صديقا ً حميما ً لمار فرنسيس االسيزي‪ .‬وقد أُر ِ‬
‫س َل‬
‫دومينيكوس بمهمة الى فرنسا حيث كانت بدعة األلبيجوا‪ .‬فقام يعظ ويرشد‬
‫سلين تساعده على العمل‪ .‬وصلى الى‬ ‫ف فرقة من المر َ‬
‫ويلقي المحاضرات‪ .‬وأل َ‬
‫العذراء لتساعده‪ .‬فظهرت له واوحت اليه بأن الخطة المثلى للنجاح في هداية‬
‫الهراطقة والمنشقين‪ ،‬ليست فقط باالعتماد على العلم والوعظ والجدل‪ ،‬بل‬
‫بالصالة واالماتة والمثل الصالح‪ .‬وان يلجأ الى عبادة الوردية التي سلمته اياها‬
‫وأمرته بأن ينشر عبادتها في كل مكان‪ .‬فنجح في رسالته‪ .‬ومن ذلك الحين‬ ‫َ‬
‫جعل عبادة الوردية محور حياته‪ .‬وكان يعتقد ان العبادة لمريم العذراء هي‬
‫اساس كل قداسة‪ .‬وسنة ‪ 1215‬اسس رهبانيته ووضع لها القوانين التي‬
‫اثبتها البابا اينوشسيوس الثالث‪ .‬ومن تلك الرهبانية العلماء والقديسون في‬
‫مقدمتهم القديس توما الالهوتي‪ .‬ورقد دومينيك بسالم الرب في سنة ‪1221‬‬
‫وله من العمر احدى وخمسون سنة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس‬
‫تذكار القديس خريستوفانوس‬
‫قيل ان اصل القديس كنعاني وثني المذهب‪ .‬انتظم في سلك الجندية مدة ثم‬
‫اعتمد في ايام الملك فيلبوس المعروف بالعربي‪ .‬وترك الجندية ليتجند للمسيح‬
‫وغادر بالده مبشرا ً باالنجيل واتى خاصةً الى ليكيا بآسيا الصغرى وسندته‬
‫نعمة هللا في جهاده ووفقته فربح نفوسا ً كثيرة‪.‬‬
‫ولما اثار الملك داكيوس االضطهاد على المسيحيين قبض والي كيليكيا على‬
‫خريستوفانوس وانزل به اقسى االعذبة‪ .‬فوضعوا خوذة من حديد محمي في‬
‫رأسه وبسطوه على صفيحة من حديد على قدر جسمه‪ ،‬طوالً وعرضاً‪.‬‬
‫واضرموا تحتها النار وهم يصبون زيتا ً غاليا ً على اعضائه‪ .‬فكان يتحمل هذا‬
‫العذاب االليم بجميل الصبر والشكر هلل‪ .‬وعند هذا المشهد صاح كثيرون من‬
‫الوثنيين‪ :‬ال اله اال اله خرستوفانوس‪ .‬فآمن منهم كثيرون‪ .‬ثم ربطوا الشهيد‬
‫على خشبة واخذوا يرمونه بالسهام النهار كله فصانه هللا من السهام والجراح‪،‬‬
‫بل اصاب سه ٌم عين احد الجنود فاقتلها من محجرها فشفق القديس عليه وقال‬
‫نور‬
‫له ان يأخذ من الدم ويضعه في محل العين ويُ ِنزلها فيه‪ ،‬ففعل وعاد اليه ُ‬
‫ونور االيمان معاً‪ .‬واخيرا ً امر الوالي بقطع رأسه فجثا مصليا ً من اجل‬
‫ُ‬ ‫بصره‬
‫الخطأة‪ .‬ونال اكليل الشهادة نحو سنة ‪ 250‬للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس لويس غونزاغا (‪)1591- 1568‬‬


‫ولد هذا القديس من عيلة أميرية في ايطاليا‪ .‬ولما شب اراد والده أن يعده‬
‫لمستقبل عالمي زاهر‪ .‬ولكن هللا اراد خالف ذلك‪ .‬بعمر التاسعة‪ ،‬بدا لويس على‬
‫ب كبير من التقوى والطهارة المالئكية‪ .‬وفي الحادية عشرة تناول القربانة‬
‫جان ٍ‬
‫االولى‪ .‬وفي عمر السادسة عشرة‪ ،‬عزم على الدخول في جمعية اآلباء‬
‫اليسوعيين‪ .‬فأبدى له والده خشونة نادرة‪ .‬ولكنه ثبت على عزمه ودعوته‬
‫ودخل االبتداء في الرهبنة المذكورة‪ .‬ظهر من اول دخوله مثاالً للكمال‬
‫لوباء مميت‬
‫ٍ‬ ‫والتقشف والطهارة ومحبة هللا‪ ...‬اوحى له هللا قُ َ‬
‫رب اجله‪ .‬تعرض‬
‫في مدينة بوم عام ‪ .1591‬وكان عمره ‪ 23‬سنة‪.‬‬
‫اولى عجائبه شفاؤه ألمه التي ظهر لها مم َّجدا ً ومبتسماً‪ .‬وقد اجرى هللا على‬
‫يده معجزانت كثيرة ‪ .‬ويذكره السنكسار الالتيني في ‪ 21‬حزيران‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫تذكار تجلي الرب‬
‫يخبرنا االنجيليون الثالثة متى ومرقس ولوقا عن حادثة التجلي فيقول القديس‬
‫متى في الفصل السابع عشر‪ :‬وبعد ستة ايام مضى يسوع ببطرس ويعقوب‬
‫واخيه يوحنا‪ ،‬فانفرد بهم على جب ٍل عا ٍل وتجلى بمرأى منهم‪ .‬واذا موسى وايليا‬
‫ب‪ ،‬حسن ان نكون ههنا‪ ،‬فان‬ ‫قد تراءيا لهم يكلمانه‪ .‬فقال بطرس ليسوع‪َ ":‬ر ِ‬
‫ثالث مظال‪ :‬واحدة لك وواحدة لموسى وواحدة اليليا"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫شئت‪ ،‬نصَبتُ ههنا‬
‫وبينما هو يتكلم ظلَّلهم غمام نيِر‪ ،‬واذا صوت من الغمام يقول‪ ":‬هذا هو ابني‬
‫الحبيب الذي عنه رضيت‪ ،‬فله اسمعوا"‪ .‬فلما سمع التالميذ هذا الصوت‪ ،‬اكبوا‬
‫بوجوههم‪ ،‬وقد استولى عليهم خوف شديد‪ .‬فدنا يسوع ولمسهم وقال لهم‪":‬‬
‫قوموا‪ ،‬ال تخافوا"‪ .‬فرفعوا انظارهم‪ ،‬فلم يروا اال يسوع وحده‪.‬‬
‫ظهر عما يكون مجده في ملكوته‬ ‫ان السيد المسيح بتجليه هذا اراد أن يُ ِ‬
‫السماوي لمن يكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعه‪ ،‬فانه يحصل على صفات‬
‫الطوباويين االربع اي عدم التألم والضياء وسرعة االنتقال والتجرد عن‬
‫الكثافة‪ .‬والقديس توما الالهوتي في كالمه عن التجلي يقول‪ :‬ان المخلص‪ ،‬بعد‬
‫ان اوصى تالميذه وجميع المؤمنين بان ال بد لكل منهم ان يحمل كل يوم صليبه‬
‫ويتبعه‪ .‬اراد ان يريهم لمحة من المجد المعد لحاملي ذلك الصليب‪ .‬وهذا ما قاله‬
‫بولس الرسول‪ ":‬إنا إن متنا معه فسنحيا معه وان صبرنا فسنملك معه"‬
‫(‪2‬تيمو ‪.)12- 11 :2‬‬
‫ويعتقد القديس توما ان في حادث التجلي هذا ظهورا ً جديدا ً للثالوث االقدس‪:‬‬
‫فاآلب بالصوت واالبن هو المتجلي والروح القدس السحابة المنيرة‪ .‬وصوت‬
‫اآلب الهاتف من السماء‪ :‬هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت‪ ،‬فله اسمعوا‪.‬‬
‫يعني ان ثقوا به وال ترتابوا في ما يقوله لكم‪ .‬كل ذلك لكي يثبتهم في االيمان‬
‫به‪ ،‬وإن رأوه مصلوبا ً وميتا ً لكي يشجعهم على احتمال العذاب والموت‪ ،‬رجاء‬
‫الحصول على المجد في السماء الذي اظهر لهم مثاله في تجليه‪.‬‬
‫بركات هذا التجلي تكون معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس ضوميط الشهيد‬
‫كان ضوميط وثنيا ً فارسيا ً من مدينة أمد‪ ،‬في ايام الملك والنس األريوسي‪ .‬أقيم‬
‫من جملة وزراء هذا الملك الذي كان يحثه على اضطهاد المسيحيين ال سيما‬
‫االكليريكيين منهم‪ .‬فضربه هللا بداء المفاصل‪ .‬فرجع الى نفسه وعد ذلك عقابا ً‬
‫ترك كفر الملك وخدمته واعتمد وتمس َك بااليمان الصحيح‪ .‬هجر وطنه وأتى‬ ‫له‪َ .‬‬
‫ب في أحد األديار وصار شماساً‪ .‬وعندما أراد رئيسه أن يرقيه‬ ‫نصيبين‪ .‬تر َّه َ‬
‫ضعا ً َّ‬
‫وفر الى مغارة في أحد الجبال‪ .‬وعاش فيها‬ ‫الى درجة الكهنوت‪ ،‬اعتذر توا ُ‬
‫السنين الطوال متنسكا ً باكيا ً نادما ً على خطيئته‪ .‬فاجتذب الكثيرين الى التوبة‬
‫والمعتقد الكاثوليكي‪ .‬فشرفه هللا بصنع اآليات والسيما شفاء داء المفاصل‪.‬‬
‫فأتاه الناس من كل صوب للشفاء‪ .‬فعرف به يوليانوس الملك الجاحد فأمر‬
‫برجمه وسد باب المغارة عليه فمات فيها سنة ‪ .363‬والناس يدعونه‬
‫"ضوميط الفالج" واليه يلجأ المرضى بداء المفاصل‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار البابا سيكستوس الثاني الشهيد‬
‫كان هذا البابا من آثينا‪ .‬درس الفلسفة فبرع فيها‪ ،‬لكنه ادرك ان تعليم المسيح‬
‫اسمى وانفع من كل فلسفة‪ .‬فجاء الى روما‪ ،‬واشتهر بقداسته وعلمه حتى‬
‫سجن البابا ع ُِه َد اليه بمهام‬
‫جعله البابا اسطفانوس االول رئيس شمامسة‪ .‬ولما ُ‬
‫الكنيسة‪ .‬وبعد استشهاد البابا اسطيفانوس سنة ‪ ،257‬انتُخب سيكستوس‬
‫لرئاسة الكنيسة‪.‬‬
‫ولما اضطهد فاليريان الملك المسيحيين وامر بمالحقة االكليروس خاصةً‪،‬‬
‫قبضوا على البابا سيكستوس فسجنوه مدة ثم اخرجوه الى خارج المدينة‬
‫وقطعوا رأسه سنة ‪ .258‬وبينما كانوا سائرين به الى القتل تبعه رئيس‬
‫شمامسته ديونسيوس يصيح‪ ":‬الى اين تذهب دون ابنك؟"‪ .‬فأجابه الشهيد‪":‬‬
‫لست اتركك يا ابني‪ ،‬لكن هللا أ ُ َ‬
‫ع َّد لك جهاداً اعظم‪ ،‬فانك ستتبعني بعد ثالثة‬
‫ايام"‪ .‬وهكذا كان‪ .‬فان الملك القى القبض على ديونسيوس واذاقه مر العذاب‬
‫وبعد ثالثة ايام قتله‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس مورون‬
‫ولد هذا البار في جزيرة كريت من ابوين مسيحيين‪ .‬ومنذ حداثته عشق‬
‫الفضيلة‪ ،‬ولما شب زو َجه والداه‪ .‬فعاش مع زوجته عيشة البر والقداسة‪ .‬وكان‬
‫يحب الفقراء‪ ،‬ويحسن اليهم‪ .‬واخصب هللا ارضه بحيث تمكن من ان يكفي عياالً‬
‫ت والخمر‪.‬‬ ‫مؤونةَ الحنط ِة والزي ِ‬
‫وجاء ذات يوم‪ ،‬اثنا عشر لصا ً الى بيدره ومألوا جوالقهم من الحنطة وحاولوا‪،‬‬
‫الليل كله‪ ،‬ان يحملوها ويذهبوا بها‪ ،‬فلم يتمكنوا‪ ،‬فجاءهم مورون‪ ،‬وبدالً من ان‬
‫يزجرهم وينتزع منهم ما اخذوه‪ ،‬رفع لكل منهم جوالقه على كتفه وقال‪:‬‬
‫" احذروا ان تخبروا احداً بما صنعتُ معكم‪ .‬واذا كنتم في حاجة‪ ،‬فتعالوا جهاراً‪.‬‬
‫وانا اعطيكم حاجتكم"‪.‬‬
‫ولما رأى اسقفه ما تحلى به من الفضائل وما يأتيه من اعمال الرحمة‪ ،‬رقاه‬
‫الدرجة الكهنوتية‪ .‬فأحسن القيام بواجباته وازداد غيرة على اعمال الرحمة‬
‫وخالص النفوس‪ .‬ومات اسقفه‪ .‬فأنتُخب خلفا ً له‪ .‬فكان ذلك الراعي الصالح‬
‫الساهر على الرعية‪ ،‬وقد منحه هللا موهبة صنع المعجزات‪ ،‬حتى لقب‬
‫"بالعجائبي" وبمثل هذه االعمال المجيدة رقد بالرب نحو سنة ‪ 350‬وقد ناهز‬
‫المئة سنة من العمر‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع‬
‫تذكار ماتيا الرسول‬
‫كان من التالميذ االثنين والسبعين الذين الزموا الرب في حياته العلنية‬
‫وارسلهم للتبشير قبل موته وبعد صعوده الى السماء‪ .‬وقد انتُخب رسوالً مكان‬
‫يهوذا االسخريوطي كما جاء في اعمال الرسل الفصل االول‪ ":‬وفي تلك االيام‬
‫قام بطرس في االخوة‪ ،‬وكان عددهم يناهز مائة وعشرين‪ ،‬فقال‪ ":‬ايها االخوة‪،‬‬
‫كان ال بد ان تتم اآلية التي قالها الروح القدس من قبل بلسان داود‪ ،‬على يهوذا‬
‫الذي جعل نفسه دليالً للذين قبضوا على يسوع‪ ...‬بعد موته يجب إذا ً اختيار‬
‫واحد من هؤالء الرجال الذين صحبونا طوال المدة التي قضاها الرب يسوع‬
‫بيننا‪ ،‬ليكون شاهداً معنا لقيامته‪ ...‬فقدموا اثنين يوسف المسمى برسابا وماتيا‪.‬‬
‫وصلوا وقالوا‪ :‬ايها الرب العارف قلوب الجميع‪ ،‬اظهر اي هذين اخترت‪ ،‬ليقوم‬
‫بالخدمة والرسالة التي سقط عنها يهوذا‪ .‬ثم اقترعوا‪ ،‬فأصابت القرعة ماتيا‪،‬‬
‫ف ُ‬
‫ض َّم الى الرسل االحد عشر"‪.‬‬
‫اما ماتيا فكانت فضائله السامية هي التي اهلته الى تلك الدعوة الرسولية‬
‫الشريفة‪ ،‬وبعد ان تفرق الرسل في اآلفاق للتبشير‪ ،‬تذكر بعض تراجم القديسين‬
‫ان ماتيا بشر اوالً في اليهودية‪ .‬واحتمل كباقي الرسل االهانة والضرب‬
‫والسجن‪ ،‬ثم مضى الى تدمر وطاف بين النهرين والعربية الجنوبية وذهب‬
‫يفتقد القديس توما في الهند وعاد الى اليهودية‪ .‬وقال آخرون انه بشر في‬
‫الحبشة ورد كثيرين الى االيمان بالمسيح‪ .‬وقضى هناك شهيدا ً نحو سنة ‪.63‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العاشر‬
‫تذكار لورنسيوس الشهيد‬
‫ولد في اسبانيا سنة ‪ 212‬من ابوين امتازا بالتقوى والعبادة‪ .‬ودرس العلوم‬
‫العصرية والبيعية‪ ،‬حيث تعرف الى شاب اسمه سيكستوس وقد توثقت عرى‬
‫الصداقة بينهما‪ .‬ثم جاء لورنسيوس الى روما لمتابعة دروسه وكان صديقه‬
‫سيكستوس قد اصبح حبرا ً اعظم باسم سيكستوس الثاني‪ ،‬فجعله رئيسا ً‬
‫لشمامسته واتخذه الساعد االيمن له في ادارة الشؤون الزمنية وتوزيع‬
‫االسرار‪ ،‬فقام بوظيفته هذه احسن قيام‪ ،‬يهتم بالفقراء وااليتام والمرضى‬
‫والعذارى اللواتي يكرسن نفوسهن لخدمة هللا‪.‬‬
‫ولما اثار الملك فاليريانوس االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬أمر بالقبض على البابا‬
‫سيكستوس واجباره على تقديم البخور لالوثان‪ ،‬او سوقه الى العذاب‪ ،‬فساقوه‬
‫الى السجن فلحقه لورنسيوس وهو يقول‪ ":‬الى اين تذهب يا أبي‪ ،‬دون ولدك‪،‬‬
‫فاني لم أكن الفارقك في الحياة‪ ،‬فلست ارضى ان افارقك في التضحية‬
‫والممات"‪ .‬فأجابه الحبر القديس‪ ":‬لست اتركك يا ولدي‪ ،‬فان هللا قد اعد لك‬
‫جهادا ً اعظم من جهادي‪ ،‬فسوف تلحقني بعد ثالثة ايام"‪.‬‬
‫فرجع لورنسيوس وقلبه يقطر دماً‪ ،‬تائقا ً الى مشاركة ابيه في االستشهاد‪ ،‬واخذ‬
‫يفتقد المسيحيين الذين في الكهوف والمخابئ والدياميس يؤآسيهم ويشجعهم‪،‬‬
‫مستترا ً باجنحة الظالم يصرف الليل كله بافعال الرحمة ومؤاساة المظلومين‪.‬‬
‫وفي الغد رأى البابا مساقا الى محل العذاب‪ ،‬فقال له‪ ":‬ال تتركني‪ ،‬يا ابي‪ ،‬فقد‬
‫صنعت كل ما امرتني به ووزعت كنوزك على الفقراء"‪ .‬فسمع الجند كلمة‬
‫كنوز‪ ،‬فقبضوا على لورنسيوس واخبروا الملك فاليريانوس بذلك‪ .‬فاستحضره‬
‫وسأله‪ :‬اين اخفيت الكنوز؟‪ .‬فلم يجبه‪ .‬فسجنه‪ .‬وكان في السجن رجل اعمى‬
‫ابرأه لورنسيوس بعد ان آمن واعتمد‪ .‬فذاع الخبر في المدينة‪ ،‬واتى العميان‬
‫الى سجن لورنسيوس يطلبون منه نعمة البصر‪ .‬فأبرأهم بصالته واشارة‬
‫الصليب المقدس‪.‬‬
‫وارسل الملك في طلب لورنسيوس‪ ،‬وطالبه بالكنوز‪ .‬فطلب لورنسيوس مهلة‬
‫ثالثة ايام‪ ،‬فأعطاه المهلة المطلوبة واطلقه‪ .‬فمضى وجمع كل من كانت الكنيسة‬
‫تعولهم وتتصدق عليهم من عميان وعرج ومشوهين وفقراء وبعد ثالثة ايام‬
‫جاء بهم الى الملك وقال له‪ ":‬هذه هي كنوزنا ايها الملك‪ ،‬الن الرحمة والصدقة‬
‫على هؤالء تجعل لنا كنوزاً في السماء ال تفنى"‪ .‬فاغتاظ الملك وامر بجلده‬
‫وتعذيبه والقديس يمحد هللا‪.‬‬
‫اخيرا ً امر الملك ان يعرى لورنسيوس من ثيابه ويشوى جسمه‪ .‬ولما اكلت‬
‫النار جنبه االول قال للملك‪ ":‬قد اكلت النار جنبي االول فأدرني على الجنب‬
‫الثاني"‪ .‬ثم رفع عينيه الى السماء وصلى من اجل ارتداد روما الى هللا‪ .‬واسلم‬
‫الروح فوق النار يحترق سنة ‪ .259‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار الشهيدين يوستوس وبستور‬
‫ولد هذين الشهيدان االخوان في مدينة كميلونا في اسبانيا‪ ،‬من ابوين مؤمنين‬
‫تقيين‪ ،‬وكانا حديثي السن‪ ،‬يترددان الى المدرسة‪ .‬ولما أمر الملك ديوكلتيانوس‬
‫باضطهاد المسيحيين وقتلهم أخذ الوثنيون ينادون في المدينة بان كل من ال‬
‫يعبد االصنام يُقتَل‪ ،‬فلما سمعا بهذا تركا كتبهما واسرعا الى محل االستشهاد‪،‬‬
‫مجاهيرين بعبادتهما ليسوع المسيح وحده‪ ،‬راغبَين في الموت من اجله‪.‬‬
‫ورغم مالطفة الملك لهما وتخويفاته ثبتا على ايمانهما رغم حداثة سنهما‪ ،‬فأمر‬
‫الملك بذبحهما‪ ،‬وكان ذلك سنة ‪ .404‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس اوديوس‬
‫قال القديس اغناطيوس بطريرك انطاكية‪:‬‬
‫ان القديس بطرس هامة الرسل رسم اوديوس اسقفا ً على انطاكية نحو السنة‬
‫الثالثة واالربعين‪ ،‬قبل سفره الى روما‪ .‬وقد أثبت المؤرخ اوسابيوس والقديس‬
‫ايرونيموس‪ ،‬ان اوديوس كان االسقف الثاني على مدينة انطاكية‪.‬‬
‫ع َّد القديس اوديوس "عطر الكنيسة"‪ .‬وقد‬ ‫ثم ان القديس يوحنا فم الذهب قد َ‬
‫أثبت المؤرخون استنادا ً الى شهادة اوسابيوس ان القديس اوديوس نال اكليل‬
‫الشهادة في اواخر اضطهاد نيرون بنحو السنة الثامنة والستين‪ .‬وقيل انه كان‬
‫من تالميذ ربنا االثنين والسبعين‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني عشر‬


‫تذكار الشهيدين انيكاتوس وفوتيوس‬
‫كانا اخوين شريفين من نيقوميدية امتازا بالمحافظة على ايمانهما المسيحي‪.‬‬
‫ولما اذاع الملك ديوكلتيانوس اوامره باضطهاد المسيحيين مبينا ً ما اعده من‬
‫العقاب الهائل والعذاب الشديد لكل من يعترف بايمان المسيح‪ ،‬سمع القديس‬
‫انيكاتوس بهذا‪ ،‬فتقدم بكل جرأة امام الملك وجمهور الوثنيين‪ ،‬وصاح بهم‪ ":‬أنا‬
‫مسيحي" فغضب الملك وأمر بالقبض عليه وانزال أمر العذبات به‪ ،‬ثم ُ‬
‫ط ِرح‬
‫للوحوش الضارية فلم تؤذه‪.‬‬
‫وكان القديس يشكر هللا الذي قواه على احتمال العذاب وصانه سالماً‪ .‬واخذ‬
‫يصلي ليبيد هللا صنم تلك المدينة هيركليوس‪ ،‬فاستجابه هللا واهبط ذلك الصنم‬
‫امام الناس فتكسر‪ .‬فخزي الوثنيون لدى هذه اآلية واشتد حنق الملك فأمر‬
‫بقطع رأس القديس‪ .‬وما رفع الجالد سيفه فوق عنقه‪ ،‬حتى شلت يده‪ ،‬فارتد‬
‫خائبا ً مذعوراً‪.‬‬
‫وكان اخوه فوتيوس ناظرا ً بعين دامعة الى جهاد اخيه الجاثي على ركبتيه‪،‬‬
‫فركض اليه ووقع على عنقه يقبله‪ ،‬راغبا ً في االستشهاد معه الجل االيمان‬
‫بالمسيح فأمر المغتصب بان يذيقوهما من العذابات انواعا ً تقشعر لها االبدان‪.‬‬
‫وهما صابران يشكران هللا‪ .‬ثم القوهما في السجن فأقاما فيه مدة طويلة‬
‫بالصالة يستعدان لسفك دمائهما في سبيل ايمانهما بالمسيح‪ .‬عندئذ أمر الملك‬
‫باخراجهما من السجن وطرحهما في اتون نار متقدة‪ ،‬وفيه ناال اكليل الشهادة‪،‬‬
‫وبقوة الهية بقيت جثتاهما مصانتين من الحريق فأخذهما المسيحيون ودفنوهما‬
‫باكرام‪ .‬وكان ذلك سنة ‪ .305‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث عشر‬
‫تذكار كالرا البتول‬
‫ولدت سنة ‪ 1191‬في مدينة اسيزي بايطاليا مناسرة عريقة بالحسب والنسب‪.‬‬
‫وكانت والدتها مشهورة بالتقوى والفضيلة‪ .‬فأحسنت تربيتها هي واخواتها‬
‫وغذَّتهن بأحمل الفضائل المسيحية‪ .‬وامتازت كالرا بوداعتها ورصانتها‬
‫ومحبتها لذويها وللفقراء ال ترغب في الزينة والظهور‪ ،‬بل عكفت على الصالة‬
‫واالختالء‪ ،‬ونذرت بتوليتها للمسيح‪.‬‬
‫وسمعت بشهرة القديس فرنسيس الكبير الذي انشأ ديرا ً بالقرب من اسيزي‬
‫فذهبت اليه تطلب منه االرشاد والترهب‪ .‬فألبسها الثوب الرهباني‪ ،‬وادخلها دير‬
‫راهبات مار مبارك‪ .‬وكان عمرها ثمانية عشرة سنة‪ ،‬وبعد مدة لحقت بها اختها‬
‫اغنس‪.‬‬
‫ثم سعى القديس فرنسيس ببناء دير لها‪ ،‬ليتم قصده بانشاء رهبانية نسائية‪،‬‬
‫فأتت امها واخواتها وبعض البتوالت وترهبن معها وكانت رئيسة عليهن‪ ،‬تسير‬
‫امامهن في جميع الواجبات الرهبانية‪ ،‬تشدد في حفظ القوانين التي وضعها‬
‫لهن القديس فرنسيس‪ .‬وكان هو يشرف عليهن ويرشدهن بمثله وكالمه‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ .1212‬اثبت البابا اينوشنسيوس الثالث رهبانيتها‪ ،‬فأخذت القديسة‬
‫كالرا تمارس بوجه اخص فضيلتي التواضع والفقر‪ ،‬على مثال ابيها الروحي‬
‫القديس فرنسيس‪ .‬فوزعت على الفقراء حصتها وزادت في اماتاتها وتقشفاتها‪،‬‬
‫حتى كانت تمشي دائما ً حافية وتنام على االرض من دون فراش‪ .‬وتصوم كل‬
‫ايام االسبوع اال يوم االحد‪ .‬وفي صومي الميالد واالربعين تقتصر على الماء‬
‫والخبز فقط‪ .‬وال تأكل شيئا ً ايام االثنين والجمعة‪ ،‬وكان غذاؤها التأمل والصالة‪.‬‬
‫واعطيت صنع العجائب ومنها انها كثرت رغيفا ً واشبعت منه جمهور ديرها‬
‫وكان ال يقل عن الخمسين شخصاً‪ .‬ومألت قارورة زيت بعد ان كانت فارغة‪.‬‬
‫وردت بصالتها عساكر البرابرة عن ديرها‪ ،‬ونجت راهباتها من ايديهم وابرأت‬
‫شخصا ً من الحمى التي كادت تميته‪ .‬وكانت متعبدة كثيراً للقربان االقدس تتناول‬
‫والدموع ملء عينيها‪ .‬وبعد ان جاهدت الجهاد الحسن ودبرت رهبانيتها مدة‬
‫اربعين سنة رغم مرضها الدائم‪ ،‬رقدت بالرب سنة ‪ .1253‬ومعنى كالرا‬
‫منيرة‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع عشر‬
‫تذكار القديس مركلس‬
‫كان من جزيرة قبرص واليا ً على احدى المدن‪ ،‬عادالً مستقيماً‪ ،‬ارتقى الى‬
‫الدرجة الكهنوتية‪ ،‬ثم الى االسقفية على مدينة افاميا في سوريا‪ ،‬ولما اصدر‬
‫الملك تاودوسيوس الكبير اوامره باقفال معابد االصنام وهدمها‪ ،‬نهض مركلس‬
‫لتنفيذ اوامر الملك فذهب الى هيكل الصنم المشتري في مدينة افاميا وأضرم‬
‫النار‪ .‬ثم سار بجنوده المسيحيين ليحرقوا معبداً وثنيا ً آخر كان قريبا ً من‬
‫المدينة‪ ،‬فعرف به الوثنيون فانقضوا عليه وقتلوه‪ .‬فمات شهيد االيمان واصبح‬
‫فخر الكنيسة سنة ‪ .389‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار النبي ميخا الصغير‬
‫هو غير ميخا بن يملة الذي عاش ايام الملك اشاب (‪1‬مل ‪ .)22‬هذا كان من‬
‫اليهودية‪ ،‬تنبأ ايام يوتام‪ ،‬احاز وحزقيا سنة ‪ 721‬ق‪.‬م‪ ،‬كان معاصرا ً للنبيين‬
‫هوشع واشعيا‪ ،‬كان من اقرباء النبي عاموص‪ ،‬تعابيره واقعية قاسية فيها‬
‫صور سريعة وتالعب في االلفاظ‪.‬‬
‫ال يُعرف شيء عن حياته وال كيف دعاه هللا‪ ،‬انما هو كان مقتنعا ً بدعوته وكان‬
‫ضميره ضيقاً‪.‬‬
‫ان العهد الجديد حفظ من نبوءته نصا ً على اصل المسيح كما جاء في متى ‪:2‬‬
‫‪ 6‬ويوحنا ‪ " 42 :7‬وانت يا بيت لحم‪ ،‬ارض يهوذا لست الصغيرة في واليات‬
‫يهوذا‪ :‬فمنك يخرج وال يرعى شعبي" (ميخا ‪ .)2 :5‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫تذكار انتقال سيدتنا مريم العذراء‬
‫في هذا اليوم تعيد الكنيسة المقدسة عيد انتقال سيدتنا مريم العذراء بنفسها‬
‫وجسدها الى السماء كما حددها عقيدةً ايمانية البابا بيوس الثاني عشر سنة‬
‫‪.1950‬‬
‫بعد رجوع السيد المسيح الى اآلب عاشت العذراء على االرض حوالي ‪23‬‬
‫سنة‪ .‬قبل حلول الروح القدس كانت مع الرسل " المثابرين على الصالة بقلب‬
‫واحد" (اعمال ‪.)14 :1‬‬
‫ماتت العذراء بين ايدي الرسل بعمر يقارب ال‪72‬سنة‪ .‬يقال انها دفنت قرب‬
‫بستان الزيتون حيث نازع يسوع‪.‬‬
‫واذا كان الموت قصاص الخطيئة فلماذا ماتت مريم وهي التي حفظها هللا من‬
‫كل خطيئة؟‬
‫ماتت مريم اوالً‪ -‬الن يسوع ذاته مات ليخلص االنسان من الخطيئة‪ ،‬وبما ان‬
‫مريم هي شريكة يسوع بفدائنا كان عليها ان تموت مثله‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ -‬ان موتها يجعلها اكثر تشبها ً بنا‪ .‬فهي مثل يسوع اختبرت كل ما في‬
‫طبيعتنا البشرية ما عدا الخطيئة‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ -‬كانت مريم مثاالً لنا في الحياة والموت‪ ،‬فهي شفيعة الحياة الصالحة‬
‫والميتة الصالحة‪.‬‬
‫ماتت مريم مثل ابنها لم تخضع لفساد الموت‪.‬‬
‫ويعلم المجمع الفاتيكاني الثاني‪ ":‬ان مريم بعد ان كملت حياتها الزمنية‪ ،‬انتقلت‬
‫بنفسها وجسدها الى مجد السماء‪ ،‬وعظها الرب كملكة العالمين لتكون اكثر‬
‫مشابهة البنها رب االرباب (رؤيا ‪ )16 :19‬المنتصر على الخطيئة والموت"‪.‬‬
‫ونحن نقول لها‪ :‬يا قديسة مريم صلي الجلنا اآلن وفي ساعة موتنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار القديس روكز‬
‫ولد في اواخر القرن الثالث عشر في مدينة مونبلييه في فرنسا من أبوين‬
‫شريفين تقيين‪ .‬وعند والدته ظهر على صدره صليب أحمر‪ ،‬رمزا ً لجهاده في‬
‫الحياة حتى الدم‪ .‬وكان متفانيا ً بوجه خاص في محبة القريب‪ .‬ولما توفي‬
‫والداه‪ ،‬وهو ابن عشرين سنة‪ ،‬وزع امواله على الفقراء تاركا ً لعمه ما يملكه‬
‫من اراض واسعة وقرى عديدة‪ .‬ثم تنكر بزي الفقراء والمساكين وهجر وطنه‬
‫قاصدا ً الى مدينة روما العظمى‪ .‬وما دخل ايطاليا حتى رأى مرض الطاعون‬
‫يفتك في اكثر مدنها‪ .‬فشرع يهتم في دفن الموتى ويخدم المرضى ويشفيهم‬
‫باشارة الصليب المقدس‪ .‬غير انه اصيب هو نفسه بهذا المرض والزمه وجع‬
‫مؤلم في جنبه فأوى الى غاب خارج المدينة‪ ،‬وهناك قاسى آالما ً مبرحة‪.‬‬
‫وبعد ان تحمل القديس روكز أمر األوجاع‪َ ،‬من هللا عليه بالشفاء‪ ،‬واوحى اليه‬
‫بالرجوع الى وطنه‪ ،‬وكانت الحروب االهلية تمزق تلك البالد التي قام عمه‬
‫واليا ً عليها‪ .‬ولما وصل روكز متنكراً ظنوه جاسوساً‪ .‬فقبضوا عليه وساقوه الى‬
‫عمه الوالي وكيل امالكه‪ ،‬فلم يعرفه‪ .‬فأمر بطرحه في سجن مظلم‪ ،‬فصبر روكز‬
‫على بلواه‪ ،‬ممارسا ً الصوم الصالة واعمال االماتة مدة خمس سنوات‪ ،‬ولما‬
‫شعر بدنو اجله‪ ،‬استدعى كاهنا ً زوده االسرار المقدسة‪ ،‬وعندما فاضت روحه‬
‫البارة‪ ،‬أشرق نور ساطع في السجن‪ ،‬ووجدوا امام جثمانه الطاهر لوحا ً مكتوبا ً‬
‫عليه‪ ":‬من اصيب بالطاعون‪ ،‬والتجأ الى عبدي روكز‪ ،‬ينجو بشفاعته"‪ .‬وكانت‬
‫وفاته سنة ‪.1327‬‬
‫وفي الحال اسرعت جدته يصحبها عمه وتحققت انه حفيدها من الصليب‬
‫االحمر الذي كان مطبوعا ً على صدره فضمته الى صدرها مذرفة الدموع‬
‫السخية على فقد حشاشة كبدها وذخيرتها الثمينة‪ .‬اما عمه فعرفه من الصليب‬
‫االحمر الذي كان على صدره فبكاه‪ ،‬وتكفيرا ً عن ذنبه‪ ،‬اقام له كنيسة على‬
‫اسمه تخليداً لذكره‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع عشر‬
‫تذكار الشهيد ِميرون الكاهن‬
‫كان في ايام الملك داكيوس قيصر‪ ،‬كاهنا ً في احدى كنائس اخائيا‪ .‬وبينما كان‬
‫يحتفل بعيد الميالد مع المؤمنين‪ ،‬دخل الوالي انتيبطرس الى الكنيسة وقبض‬
‫على كثير من الحاضرين‪ .‬فتقدم الكاهن من الوالي بكل جرأة واخذ يوبخه على‬
‫ظلمه ويشجع المسيحيين على الثبات في ايمانهم‪ .‬فأمر انتيبطرس بالقبض‬
‫ضحِ لآللهة‪ ،‬ان كنت ال تريد ان تموت موت المجرمين‪ ،‬فأجابه‬ ‫عليه وقال له‪َ :‬‬
‫ِميرون‪ ":‬اني لن اضحي إال إللهي وحده‪ ،‬ال آللهتك الكذبة"‪.‬‬
‫فأمر الوالي‪ ،‬فمزقوا جسده بامشاط من حديد واضرموا ناراً ورموه فيها‪،‬‬
‫فصانه هللا من الحريق والتهمت النار كل من كان حولها‪ .‬وقام ِميرون يصلي‬
‫داخل النار ويرتل انشودة النصر‪ .‬فخاف الوالي والحاضرون‪ .‬ثم اخرجوه من‬
‫النار وعلقوه وسلخوا جلده واخذوا منه سيوراً‪ .‬وهو يصلي قائالً‪ ":‬انتظرت‬
‫الرب بصبر فاستجاب صالتي"‪ .‬ثم اخذ سيرا ً من جلده ورشق به الوالي فاحتدم‬
‫هذا غيظاً‪ ،‬فأمر الوالي بالقائه في السجن فجاءه مالك الرب يعزيه ويشفي‬
‫جراحه حتى اصبح جسده سالماً‪ .‬ولما رآه الوالي صحيح الجسم ظنه ساحراً‪.‬‬
‫فأمر بطرحه للوحوش فآنسته وعند هذا المشهد العجيب‪ ،‬صرخ الحاضرون‪:‬‬
‫عظيم هو االله الذي بشرنا به ِميرون فخاف الوالي من ثورة الشعب فأرسل‬
‫الكاهن الى مدينة كيزيكو‪ .‬وهناك قطع رأسه وتكلل بالشهادة نحو سنة ‪.253‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن عشر‬
‫تذكار رسالة أبجر الملك الى السيد المسيح‬
‫قيل ان أبجر كان ملكا ً على مدينة الرها‪ .‬سمع باآليات التي كان يصنعها السيد‬
‫المسيح في اورشليم‪ .‬وبما انه كان مريضاً‪ ،‬كتب الى المسيح رسالة بها‬
‫يستدعيه اليه‪ .‬ومضمون الرسالة ما سمع من معجزاته‪ .‬لذلك اعترف أبجر‬
‫بالمسيح وآمن انه ابن هللا نزل من السماء‪ .‬وختم رسالته هذه بقوله للمسيح‪":‬‬
‫لهذا ادعوك ان تأتي وتشفي ما بي من االمراض‪ .‬وانا اقدم لك مدينتي‪ ،‬فهلم‬
‫اسكن معي‪ ،‬تأمن شر اليهود الذين يريدون قتلك"‪.‬‬
‫فأجابه السيد المسيح‪ ،‬قال‪ ":‬طوبى لك‪ ،‬يا أبجر الملك‪ ،‬النك آمنت بي قبل ان‬
‫تراني فاستحققت الحياة االبدية‪ .‬اال انه يجب علي ان اكمل االعمال التي الجلها‬
‫أرسلت‪ ،‬ثم ارجع الى الذي ارسلني‪ ،‬وعليه ال يمكنني المجيء اليك‪ .‬فأعدك‬
‫بأني‪ ،‬بعد صعودي‪ ،‬ارسل اليك احد تالميذي فيشفيك ويمنحك الحياة ولمن كان‬
‫مثلك‪ .‬اما مدينتك فلتكن مباركة لك وفائزة بالنصر"‪.‬‬
‫وكان الملك أبجر قد طلب من رسوله حنانياس المصور ان يأتيه بصورة السيد‬
‫المسيح اذا تعذر مجيئه اليه‪ .‬فأعطى المسيح حنانياس الرسول صورة وجهه‬
‫مرسومة على منديل نشف به وجهه وهي غير مصنوعة بيد بشرية‪ .‬فجاء بها‬
‫حنانياس الى ملكه‪ ،‬فشفي هذا من مجرد لمسه اياها وكانت محفوظة باكرام‬
‫اجياالً طويلة في مدينة الرها‪ ،‬يقدم لها المؤمنون االكرام ويشفون بواسطتها‬
‫من امراضهم‪ .‬وقد انقذت مرارا ً مدينة الرها من االعداء‪ .‬وذكرها بعض اآلباء‬
‫القديسين‪ ،‬كيوحنا الدمشقي وغيره‪ ،‬بمحاماتهم عن تكريم االيقونات‪ .‬ثم نقلت‬
‫هذه الصورة بأمر الملك رومانوس الى مدينة القسطنطينية وبقيت مكرمة في‬
‫كنيستها الكبرى آجيا صوفيا حتى سنة ‪ .944‬ومنها الى كنيسة " هوذا الرجل"‬
‫وبعد ذلك باجيال نُقلت الى روما وهي اآلن محفوظة بكل اكرام في دير القديس‬
‫سلفستروس‪.‬‬
‫اما ارسال هذه الصورة مع الرسالة الى أبجر الملك‪ ،‬فكان نحو السنة الحادية‬
‫والثالثين للمسيح‪ .‬وفي السنة ‪ 43‬ذهب الرسول تادي الى الرها وبش َر فيها‬
‫وعم َد الملك وأهل مدينته‪ .‬جعلنا هللا رسالً النجيله‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع عشر‬


‫تذكار القديس اندراوس ورفاقه الشهداء‬
‫كان هذا القديس قائد عساكر الرومانيين في الشرق ايام الملك مكسيميانوس‬
‫مضطهد المسيحيين‪ .‬ولما نشبت الحرب بين المملكة الرومانية والفرس‪ .‬ارسل‬
‫القائد اندراوس مع فرقته الى بالد فارس‪ .‬وعندما رأى ان جيش الفرس اكثر‬
‫عددا ً وعدة اخذ ينفخ روح الحماسة في عسكره الذي لم يكن حينئذ مؤمنا ً‪،‬‬
‫ويحملهم على الصالة معه الى يسوع المسيح رب الجنود‪ ،‬فاستجاب الرب‬
‫صالته‪ .‬وجعل النصر حليفه وبدد شمل االعداء باعجوبة باهرة‪ ،‬عندئذ آمن‬
‫الجنود الذين معه‪ ،‬ويروى انه جاء بهم الى حلب فعمدهم اسقفها نوتس‬
‫ورجعوا ظافرين‪.‬‬
‫فلما علم الوثنيون بأنهم اعتمدوا وشوا بهم الى الوالي سلوكوس فأمرهم هذا‬
‫بان يكفروا بالمسيح ويعودوا الى عبادة االوثان‪ .‬فلم يسمعوا له وثبتوا‬
‫مجاهرين بايمانهم‪ ،‬وقال اندراوس قائدهم للوالي‪ ":‬نحن جنود أمناء للملك‪.‬‬
‫وقبل ذلك نحن جنود االله القدير على كل شيء"‪ .‬عندئذ ارسل الوالي عساكره‬
‫ضدهم‪ .‬فالتقوا بهم في مضيق جبل قورش‪ ،‬وكان اندراوس وجنوده قادرين‬
‫على الدفاع والنجاة من ايدي محاربيهم‪ ،‬لكنهم آثروا ان يسفكوا دمهم الجل‬
‫المسيح‪ .‬ويظفروا باالستشهاد فطرحوا سالحهم واستسلموا كالغنم لخصومهم‪،‬‬
‫فذبحوهم جميعا ً ففازوا بالنصر واكليل الشهادة سنة ‪ 300‬وكان عددهم نحو‬
‫‪ 2593‬شهيداً‪ .‬ان كنيسة المسيح تنتصر ال باالنتقام والتقتيل بل بموت بنيها‬
‫في سبيل المسيح‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العشرون‬
‫تذكار القديس برنردوس‬
‫هو ربيب اسرة فرنسية عريقة بالحسب والنسب والتقوى المسيحية‪ .‬نجح في‬
‫دروسه وبرع فيها وكان مثال الشباب خاصة بالمحافظة على طهارته‪.‬‬
‫في التاسعة عشرة من عمره ترك العالم مع اربعة من اخوته وخاله الكونت‬
‫غولدري وعدد كبير من الشباب نحو الثالثين ودخل معهم رهبنة القديس‬
‫مبارك‪.‬‬
‫وعكف على الصمت والصالة والطاعة الكاملة‪ .‬وامتاز بروح الوداعة‬
‫والتواضع والمحبة واالتحاد باهلل‪ .‬يمارس التقشفات على انواعها‪ .‬ويرغب في‬
‫الخدم الحقيرة ويلبس الثياب العتيقة‪ .‬ويخصص اوقات الفراغ ليمأل عقله‬
‫وذاكرته من آيات الكتاب المقدس‪ ،‬حتى استظهر اكثرها‪ .‬ففاضت تآليفه‬
‫ورسائله‪.‬‬
‫وفي الرابعة والعشرين من عمره‪ ،‬ذهب الى البرية فأصبحت تلك القفار آهلة‬
‫بالرهبان والنساك‪ ،‬يقيمون الصلوات ويمارسون اشق انواع االماتة والتقشف‪.‬‬
‫وكان برنردوس في طليعتهم‪ ،‬فرسمه اسقف االبرشية كاهنا ً واقامه رئيسا ً عاما ً‬
‫عليهم‪ .‬فكان حكيما ً حليما ً متفانيا ً في خدمة رهبانه‪.‬‬
‫دامت رئاسته ‪ 39‬سنة اعطى الكنيسة اكثر من ‪ 880‬راهبا ً اكثرهم من‬
‫االشراف والمثقفين ومن قواد الجيوش والبيوتات الكبيرة‪ .‬وقد انشأ ديرا ً‬
‫للنساء ترهبت فيه امه واخته الوحيدة وعاشتا بروح القداسة‪ ،‬كما ان اخاه‬
‫الصغير واباه الشيخ دخال ديره‪ .‬وتوفي والده بنسمة القداسة بين يديه‪.‬‬
‫كان المرشد لكبار الدنيا وعظمائها‪ .‬يُقدم بقلب جريء على مكافحة الكبرياء‬
‫وانحطاط االخالق واآلداب‪ ،‬مطالبا ً بالتعويض عن االساءة وبمساعدة الفقراء‬
‫والمحتاجين ناشراً راية السالم والنظام في كل مكان برأيه الصائب وكلمته‬
‫النافذة‪ .‬وكانت خطبه ومواعظه تأخذ بمجامع القلوب ِلما فيها من الفصاحة‬
‫ب " بالعسلي الفم"‪ .‬كما لُ ِق َب "بقيثارة العذراء" التي كان‬
‫وقوة الحجة‪ ،‬حتى لُ ِق َ‬
‫كثير العبادة لها‪ .‬وقد الف الصلوات واالناشيد البديعة في مدحها‪ .‬وله رسائل‬
‫وتآليف عديدة في الالهوت والحياة الروحية جعلته بين آباء الكنيسة وعلمائها‬
‫الكبار‪ .‬وقد حضر مجامع عديدة كان له النفوذ االول فيها‪ ،‬وقد اختاره تلميذه‬
‫البابا اوجانيوس الثالث ليدعو االمراء والملوك المسيحيين الى تأليف الحملة‬
‫الصليبية الثانية النقاذ االراضي المقدسة‪ ...‬وعلى رغم مرضه ذهب إللقاء‬
‫صلح بين معسكرين في حرب اهلية ونجح في مهمته‪ .‬ثم عاد الى ديره حيث‬ ‫ال ُّ‬
‫مات سنة ‪ .1153‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والعشرون‬
‫تذكار صموئيل النبي‬
‫كانت امه حنة امرأة تقية لكنها كانت عاقرا ً كئيبة النفس‪ .‬فصلت الى الرب‬
‫ونذرت نذراً‪.‬‬
‫فاستجاب الرب صالتها ورزقها ولداً فدعته صموئيل اي الملت َمس من الرب‬
‫فقدمته للكاهن عالي في بيت الرب‪ .‬وهتفت بتسبحة الشكر تصليها الكنيسة كل‬
‫صباح‪ ":‬تَهل َل قلبي بالرب" (‪1‬ملوك‪.)1 :2‬‬
‫وكبر صموئيل ليخدم الرب وصار نبيا ً هلل وقاضيا ً وحبرا ً بعد موت عالي‬
‫ومؤسسا ً للملكية في اسرائيل‪.‬‬
‫وما لبث ان أرجع تابوت العهد‪ .‬وكان يسوس الشعب بكل حكمة ودراية وأنشأ‬
‫مدارس او جماعات نبوية في الرامة مدينة لدرس شريعة الرب وتعليمها‬
‫للشعب‪ .‬وامره الرب ان يقيم شاول من سبط بنيامين ملكا ً على اسرائيل‪ .‬ولما‬
‫خالف شاول وصية الرب‪ ،‬رذله الرب وأمر صموئيل ان يمسح داود من سبط‬
‫سى ملكا ً مكانه‪.‬‬
‫ي َّ‬
‫وتوفي صموئيل بعد ان شبع من االيام‪ ،‬ودفن في بيته في الرامة‪1( .‬ملوك‬
‫‪ .)1 :25‬وكان ذلك سنة ‪ 1040‬قبل المسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهيدة فاسا واوالدها‬
‫كانت فاسا في مدينة الرها بين النهرين‪ ،‬لها ثالثة اوالد‪ ،‬هم تاوغنس‬
‫واغابيوس وفيداله‪ .‬ربتهم على ايمان المسيح‪ .‬فأمر والي الرها بالقبض عليها‪،‬‬
‫واخذ يتملقها واوالدها ليذبحوا لالوثان ويتركوا الدين المسيحي‪ .‬فلم تذعن‬
‫القديسة المره‪ .‬ولم تتزعزع عن حبها للمسيح‪.‬‬
‫فأمر الوالي بتعذيب اوالدها اوالً‪ .‬فانولوا بهم امر العذابات امام عينيها حتى‬
‫اماتوهم‪ ،‬وكانت هي تشجعهم على احتمال العذاب من اجل المسيح الفادي‬
‫االلهي‪ .‬ثم أمر الوالي بحبسها بعد ان اذاقوها من العذابات الوانا ً وهي ثابتة في‬
‫ايمانها‪ .‬اخيراً اتوا بها الى مكدونية حيث قطعوا رأسها فنالت اكليل الشهادة في‬
‫اواخر القرن الرابع‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني والعشرون‬
‫تذكار الشهيد سيمفوريانوس‬
‫ولد هذا القديس في اوائل القرن الثاني في مدينة اوتون بفرنسا من ابوين‬
‫سلون اتوا‬
‫مسيحيين ربياه على قواعد الدين واآلداب وساعدهما على ذلك مر َ‬
‫من ازمير الى فرنسا مبشرين باالنجيل وفد نزلوا ضيوفا ً في بيتهما‪.‬‬
‫وكان قد انكب على درس الكتاب المقدس ومنه تلقن اسمى الفضائل التي‬
‫سلين الذين استشهدوا‬
‫تعشقها ونما فيها منذ حداثته‪ .‬وكان يذهب الى قبور المر َ‬
‫في بالده‪ ،‬ويصلي طالبا ً نعمة االستشهاد نظيرهم‪.‬‬
‫وكان الوالي هرقل يطارد المسيحيين‪ ،‬وكان ممن استشهدوا في ذلك االضطهاد‬
‫القديسان بطرس واسطفانوس ابناء عم سيمفوريانوس‪ .‬لذلك كان يشتاق هو‬
‫جدا ً الى االقتداء بهما‪ .‬ولم يكن قد ناهز العشرين من عمره‪.‬‬
‫فلما كانت سنة ‪ ،180‬التقى بجماعة الوثنيين يحتفلون بعيد آلهتهم‪ ،‬فطلبوا اليه‬
‫ان يضحي لها‪ ،‬فرفض بكل جرأة‪ .‬فصاحوا‪ :‬انه مسيحي‪ ،‬فأجاب‪ ":‬نعم اني‬
‫مسيحي واحتقر االصنام"‪ .‬فقبضوا عليه واحضروه امام الوالي هرقل فأمر‬
‫بضربه وحبسه فاحتمل القديس كل ذلك بصبر جميل وفرح جزيل من اجل‬
‫المسيح‪.‬‬
‫فأخرجوه من السجن واخذ الوالي يتملقه ويعده بالوظائف والمال اذا ضحى‬
‫لآللهة فلم يحفل بالوعود‪ ،‬بل اخذ يحث الوالي على االيمان بالمسيح‪ .‬فأمر هذا‬
‫بقطع رأسه‪ .‬وبينما كانوا سائرين به الى محل االستشهاد‪ ،‬ركضت امه‬
‫اوغوسطا وشقت جماهير الوثنيين ومن اعلى السور هتفت‪ :‬يا ابني‬
‫ي هو هللا الذي تموت الجله‪ ،‬تشجع يا عزيزي‪ ،‬تشجع واذكر‬ ‫سيمفوريانوس‪ ،‬ح ٌّ‬
‫الحياة االبدية‪ .‬وافع قلبك الى السماء ان لك فيها مجد ال يزول!‪ ...‬وما زالت‬
‫تلك االم الباسلة تحرض ابنها بمثل هذا الكالم‪ ،‬حتى قطعوا رأسه وفاز باكليل‬
‫الظفر سنة ‪ .180‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الثالث والعشرون‬


‫تذكار البارة انتوسا واثناسيوس االسقف الشهيد‬
‫ولدت هذه البارة في مدينة طرسوس في كيليكيا‪ ،‬من ابوين وثنيين غنيين‪.‬‬
‫وكان في تلك المدينة اسقف مشهور بالقداسة وفعل العجائب اسمه اثناسيوس‪،‬‬
‫سمعت به انتوسا الصبية‪ ،‬فرغبت في ان تراه وان تعتنق دين المسيح الذي‬
‫يعبده‪ .‬فذهبت اليه خقية عن والديها مع اثنين من خدمها هما كاريسيموس‬
‫وتاوفيطوس‪ ،‬طالبة سر العماد المقدس‪.‬‬
‫اما انتوسا فنزعت عنها اثوابها الثمينة واعطتها لالسقف لكي يبيعها ويوزع‬
‫ثمنها على الفقراء ولبست ثوبا ً حقيرا ً ورجعت الى امها‪ ،‬فغضبت هذه عليها‬
‫وارادت ان توشي بها‪ ،‬فتوارت انتوسا ولجأت الى االسقف القديس وطلبت ان‬
‫يلبسها ثوب الرهبنة‪ .‬فألبسها اياه بعد ان نذرت بتوليتها للسيد المسيح‪ .‬وذهبت‬
‫الى البرية‪ ،‬حيث عاشت بالصالة والتأمل وممارسة انواع االماتة والتقشف مدة‬
‫ثالث وعشرين سنة‪ .‬وكانت تحارب تجارب ابليس بالصالة وقهر الجسد‪ .‬وبعد‬
‫هذا الجهاد الطويل استودعت روحها الطاهرة بين يدي هللا‪.‬‬
‫اما والي المدينة فقد استحضر االسقف‪ ،‬فأجاب بكل شجاعة انه ال يعمل إال‬
‫الخير‪ ،‬وانه من الجور والظلم اضطهاده للمسيحيين وان عبادة االصنام ال خير‬
‫فيها‪ .‬فاستشاط الوالي غيظا ً وأمر به فعذبوه كثيراً ثم قطعوا رأسه فتكلل بمجد‬
‫الشهادة‪ .‬ثم استحضر الوالي خاد َمي القديسة انتوسا‪ ،‬فلم يخافا تهديده‪ ،‬بل‬
‫جاهرا بايمانهما باالله القادر على كل شيء‪ .‬وبأن االصنام آلهة كاذبة‪ ،‬فأمر‬
‫الوالي حاالً بضرب عنقهما بعد ان اذاقهما امر العذابات‪ ،‬وبذلك حظبا باكليل‬
‫الشهادة في اواسط القرن الثالث‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار القديس افتيخيوس الشهيد‬
‫ولد افتيخيوس في مدينة سبسطية فيايام الرسل وقد اعتمد على ايديهم وتتلمذ‬
‫للقديس يوحنا االنجيلي‪ .‬وبما انه كان ذا ايمان حار وغيرة متقدة‪ ،‬اخذ يطوف‬
‫البلدان مبشرا ً بايمان المسيح‪ .‬ولذلك فاسى اضطهادات كثيرة في مواضع‬
‫عديدة‪ .‬فقبض عليه الوثنيون وزجوه في السجن وبقي فيه مدة طويلة‪ ،‬صابرا ً‬
‫على الجوع واالهانات من اجل المسيح‪.‬‬
‫خر َج من السجن وعاد الى التبشير‪ ،‬ال يهاب تهديدات الوثنيين فأوجب عليه‬ ‫ثم أ ُ ِ‬
‫هؤالء ان يترك التبشير ويكفر بالمسيح ويضحي لالوثان‪ ،‬فأبى‪ ،‬مجاهرا ً‬
‫بايمانه‪ ،‬راذالً الخرفات الوثنية‪ .‬فانهالوا عليه بالضرب بقضبان جافية‪ ،‬حتى‬
‫كادوا يميتونه وهو صابر يمجد اللن‪ .‬فأضرموا نارا ً وألقوه فيها‪ .‬فصانه هللا من‬
‫الحريق ونجا من ايدي الكفرة معذبيه‪.‬‬
‫وذهب الى روما وهناك واصل جهاده وكلل اعماله الصالحة بالموت في ساحة‬
‫االستشهاد‪ .‬فجاء المسيحيون خفية ودفنوه في الطريق المسمى أبيَا في مقبرة‬
‫كاليستوس‪ .‬وكان ذلك نحو مطلع القرن الثاني للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الخامس والعشرون‬
‫تذكار القديس تيطس تلميذ بولس الرسول واسقف كريت‬
‫تدلنا اآلثار القديمة على ان تيطس ولد في جزيرة كريت من اسرة شريفة‪،‬‬
‫يونانية وثنية‪ ،‬وانه جاء الى اورشليم لينظر السيد المسيح بعد ان سمع به‬
‫وبعجائبه‪ .‬وهناك آمن واعتمد وصار من التالميذ االثنين والسبعين‪ ،‬رافق‬
‫بولس الرسول في اكثر اسفاره وشاطره اتعاب الرسالة ومشقاتها وكان له خير‬
‫معين في عمله العظيم‪ .‬وكان بولس يدعوه "االبن الصادق في االيمان"‬
‫(تيطس ‪.)4 :1‬‬
‫وبعد ان رافقه الى انطاكية وغيرها من المدن‪ ،‬جاء معه الى اورشليم سنة ‪.51‬‬
‫وحضر المجمع الذي عقده الرسل للنظر في إبطال شريعة الختان التي كان‬
‫يُجبر باتباعها اليهو ُد المتنصرون‪ .‬وقرر المجمع إبطالها عمالً برأي بولس‬
‫الرسول وتيطس‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 56‬ارسله بولس من افسس الى كورنتس ليصلح ما وقع من‬
‫الخالف بين اولئك المسيحيين الحديثي العهد في االيمان فذهب تيطس ودبر‬
‫االمور بما اوتيه من حكمة وغيرة رسولية واعاد السالم الى تلك الكنيسة الفَتية‬
‫التي كانت عزيزة على قلب بولس‪ .‬وقد عبر بولس عن سروره في رسالته‬
‫الثانية الى اهل كورنتس إذ قال‪ ":‬قد تعزينا وازددنا فرحا ً جداً بفرح تيطس الن‬
‫روحه استراحت من قِبَل جميعكم" (‪ 2‬كور‪.)13:7‬‬
‫وصحب بولس الى جزيرة كريت سنة ‪ ،63‬فأقامه اسقفا ً عليها‪.‬‬
‫وبشر تيطس ايضا ً باالنجيل في الجزر المحيطة بكريت‪ .‬واجرى هللا على يده‬
‫عجائب كثيرة‪ .‬ورد كثيرين الى االيمان‪ .‬وبعد ان تمم حياته‪ ،‬رسوالً غيوراً‬
‫وعامالً نشيطا ً في كرم الرب‪ .‬رقد بالرب بشيخوخة صالحة في مدينة كريت‬
‫اسقفيته‪ .‬وكانت وفاته في اواخر القرن االول للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم السادس والعشرون‬
‫تذكار القديس زافيرينوس البابا‬
‫ولد هذا القديس في روما‪ .‬ولما استشهد البابا القديس فيكتور االول (‪،)198+‬‬
‫قام الشعب يصلي الجل اختيار خلف له‪ .‬وبإلهام الروح القدس اختاروا‬
‫زافيرينوس بواسطة حمامة جثمت على رأسه‪ .‬وكان ذلك في اثناء االضطهاد‬
‫الذي ثار على المسيحيين‪ .‬فأخذ البابا يسوس الكنيسة في الخفية‪ ،‬صونا ً‬
‫لحياته‪ ،‬وبعد ان هدأت زوبعة االضطهاد‪ ،‬أعلن رئاسته على الكنيسة جهارا ً‬
‫وشرع يناضل عن االيمان المستقيم ضد المبتدعين الذي ظهروا في ايامه‪.‬‬
‫وبغيرته وارشاده رد بعضهم الى االيمان الحق‪.‬‬
‫وبعد ان ساس الكنيسة بكل حكمة وقداسة مدة تسع عشرة سنة‪ ،‬تكللت حبريته‬
‫بغار االستشهاد في ‪26‬آب سنة ‪ 217‬في ايام الملك انطونيوس‪ ،‬و ُد ِف َن في‬
‫المقبرة التي أنشأها على طريق أبيَا في روما‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار الشهيد ادريانوس‬


‫كان ادريانوس قائد فرقة من العساكر الرومانية وكان وثنيا ً متقدما ً عند الملك‬
‫ديوكلتيانوس ولم يكن يتجاوز الثمانية والعشرين من العمر‪ .‬فاقترن بابن ٍة‬
‫تسمى ناطاليا مسيحية تخاف هللا‪ .‬وبما انه كان يشاهد المسيحيين يحتملون‬
‫بصبر عجيب انواع العذابات ويُقدمون على الموت واالستشهاد بكل جرأة‬
‫وشجاعة‪ ،‬رجاء ان ينالوا المجد االبدي‪ ،‬تأثر جداً ومست النعمة قلبه فآمن‬
‫س ِج َن معهم‪.‬‬ ‫بالمسيح‪ .‬و ُك ِت َ‬
‫ب اس ُمه بين اسماء الشهداء المضط َهدين و ُ‬
‫فعرفت ناطاليا امرأته بذلك فطارت فرحاً‪ .‬ولما حان وقت استشهاده هرعت‬
‫اليه‪ ،‬وسارت معه الى الملك فسأله‪ :‬هل انت مقيم على جنونك؟ ‪ -‬أجابه‬
‫الشهيد‪:‬‬
‫" اني مستعد الن اسفك دمي من اجل هذا الجنون"‪ .‬فاغتاظ الملك وامر بجلده‬
‫حتى سالت دماؤه وظهرت احشاؤه‪ ،‬ثم قطعوا اطرافه وزوجته ناطاليا تشجعه‬
‫على االحتمال والثبات لينال االكليل‪ .‬أما هو فكان صابراً يشكر هللا‪ ،‬فأمر الملك‬
‫بقطع رأسه مع سائر الشهداء رفاقه‪ .‬أما ناطاليا وسائر النساء الالئي ك َُّن يزرن‬
‫معها الشهداء‪ ،‬فأمر بقطع أرجلهن وايديهن وبذلك نلن اكليل الشهادة مع‬
‫الشهداء الذين سبقوهن الى المجد السماوي‪ .‬وكان ذلك سنة ‪ .306‬صالتهم‬
‫معنا‪ .‬آمين‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار االنبا بيمين الناسك‬
‫ولد هذا القديس في مصر وهجر العالم نحو السنة ‪ 385‬ولحق به اخوته الستة‬
‫وذهبوا الى برية االسقيط حيث قاموا يكافحون اهواء الجسد وشهواته بأشد‬
‫االماتات وممارسة الفضائل مكرسين حياتهم لتمجيد هللا‪.‬‬
‫اما بيمين فقد تفرد بإتقان فضيلة التواضع والتقشف‪ .‬وكان قاسيا ً على ذاته‬
‫شفوقا ً على غيره‪ ،‬يقسم ليله ثالثة اقسام‪ ،‬الثلث االول للصالة والثاني للشغل‬
‫اليدوي والثالث للرقاد‪ .‬اما النهار فيشتغل في القسم االول منه وفي الثاني يقرأ‬
‫الكتب المقدسة‪ ،‬وفي الثالث يلتقط البقول ويصنع السالل لمعاشه وإغاثة‬
‫الفقراء‪.‬‬
‫وقد امتاز في درس الحياة الباطنية فتجنب كل ما يعكر صفاءها‪ .‬جاءته والدته‬
‫يوما ً لتراه‪ ،‬فلم يخاطبها اال من داخل قليته‪ ،‬اماتة الهوائه الطبيعية‪.‬‬
‫ومن كالمه وحكمه‪ :‬ان النفس تحتاج الى التواضع احتياج الجسد الى النفس‪.‬‬
‫وان الناس يضعون نقائصهم وراء ظهورهم لئال يروها‪ ،‬اما نقائص الغير‬
‫فيضعونها امامهم‪ .‬ينمواالنسان بالفضيلة بمقدار حذره من محبته الذاتية‬
‫وكفرانه بنفسه‪ .‬من يضع لجاما ً للسانه فاز بالطمأنينة والسالم‪ .‬يجب ان نحب‬
‫الخطأة ونشفق عليهم كي يتوبوا‪.‬‬
‫ومنحه هللا صنع المعجزات فكان يشفي الناس من امراض النفس والجسد واراد‬
‫احد الوالة ان يراه فلم يمكنه من رؤيته‪ ،‬فحبس ابن اخته قصد ان يأتي خالهُ‬
‫فيخلصه‪ .‬فأتت ام الشاب تترجى اخاها ليشفق عليها ويخلص ابنها من الحبس‪،‬‬
‫فأجابها احد االخوة بلسانه‪ ":‬ان بيمين ما خلف بنين"‪ .‬فأصبح كالمه هذا‬
‫مضرب المثل‪ .‬فألح الوالي عليه بان يكتفي برسالة منه ليطلق ابن اخته من‬
‫الحبس‪ .‬فكتب بيمين اليه يقول‪ :‬ان كان مذنبا ً فعامله بحسب العدل وإال فأطلقه‪،‬‬
‫فدهش الوالي من هذا التجرد العجيب واطلق الشاب‪.‬‬
‫وكان اآلباء والمتوحدون يتخذون هذا القديس مرشداً ومعلما ً لهم‪ ،‬يقتدون‬
‫بفضائله ويستنيرون بارشاداته ونصائحه الحكيمة‪ .‬وكانت التقشفات واالسهار‬
‫قد أنحلت جسمه فشعر بدنو اجله واستعد لمالقاة ربه بالصلوات الحارة‬
‫واالشواق القلبية الى االتحاد الدائم باهلل ورقد بالرب سنة ‪ 451‬م‪ .‬وله من‬
‫العمر ثمانون سنة قضى خمسا ً وستين منها ناسكا ً في القفر‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار القديس موسى الحبشي‬
‫كان موسى رئيسا ً على زمرة من اللصوص حتى بلغ الثالثين من عمره‪ ،‬الى ان‬
‫هداه هللا على يد احد السياح‪ ،‬فظهرت له فظاعة حياته وتاب توبة حقيقية‪،‬‬
‫متنسكاً‪ ،‬ممارسا ً الفضائل ببطولة‪ .‬رسمه تاوفيلوس بطريرك االسكندرية كاهناً‪.‬‬
‫قتله البرابرة عام ‪ ،400‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس اغوسطينوس ملفان البيعة‬


‫ولد اغوسطينوس سنة ‪ ،354‬في مدينة تاغستا‪ ،‬شمالي افريقيا‪ ،‬من والدين‬
‫مسيحيين‪ ،‬بتريسيون ومونيكا‪ .‬تلقن العلوم العالية على اساتذة وثنيين فمحوا‬
‫من ذهنه ما كان قد تعلمه من مبادئ الديانة المسيحية‪.‬‬
‫اتم دروسه العالية في قرطاجا‪ ،‬فتفوق على اقرانه وهو في التاسعة عشرة من‬
‫عمره‪ .‬وكان طموحا ً الى المجد والغنى‪ ،‬ولوعا ً بمطالعة كتب الفالسفة الوثنيين‬
‫المانيين المنكرين‬
‫ِ‬ ‫وشعرائهم‪ .‬استسلم الى شهوات الجسد‪ ،‬وانتحل طريقة‬
‫الوحي والمعتمدين على الفلسفة الطبيعية وقوة العقل البشري‪ .‬ورأى في تلك‬
‫الطريقة ما زاده توغالً في المفاسد والشرور‪.‬‬
‫وكانت والدته مونيكا تبكي وتتضرع الى هللا الجل اهتداء ابنها‪ .‬فاستجاب هللا‬
‫المانية وفسادها‬
‫ِ‬ ‫صالتها‪ ،‬وكشح عن عقل اغوسطينوس ظلمات الضالل‪ .‬فنبذ‬
‫ظهرياً‪ ،‬النها لم تكن لتشبع عقله وقلبه المتعطشين الى ينبوع الحقيقة والمحبة‬
‫الصافي‪ .‬وقد حمله على التوبة مثل المتوحدين وال سيما حياة القديس‬
‫انطونيوس الكبير فقال لصديقه أليبيوس‪ ":‬هؤالء البسطاء يرثون السماء‬
‫ونحن العلماء نلهو باباطيل االرض؟" ثم خرج يبكي خطاياه ويأسف على‬
‫سيرته الماضية‪.‬‬
‫قصد القديس امبروسيوس الذي كان يسترشده يوم كان تلميذا ً في ميالنو‪،‬‬
‫فمنحه سر العماد المقدس وهو ابن ‪ 33‬سنة‪.‬‬
‫اما امه مونيكا فطار قلبها فرحا ً على اهتداء ابنها‪ ،‬ثم رقدت بالرب بين يديه‪.‬‬
‫وانكب على اعمال التوبة ومطالعة الكتاب المقدس والتأليف‪ ،‬فرسمه فاليريوس‬
‫اسقف ايبونه كاهنا ً سنة ‪ 391‬واقامه مساعدا ً له‪.‬‬
‫ولما توفي فاليريوس‪ ،‬خلفه اغوسطينوس على كرسي االسقفية‪ .‬فأخذ يعيش‬
‫عيشة الراهب الناسك‪ .‬شيد للرهبان ديرا ً قضى فيه حياته كلها‪ .‬كما أنشأ ديراً‬
‫للرهبات‪ ،‬كانت اخته رئيسة عليهن‪.‬‬
‫وقام يكافح الدوناتيين فأفحمهم ورد منهم كثيرين الى الحقيقة‪ ،‬كافح هرطقة‬
‫البيالجيين الناكرين النعمة ومفاعيلها والخطيئة االصلية‪ .‬لُ ِق َب "بالالهوتي‬
‫وكوكب العلماء وزهرة المدارس وعمود الكنيسة و َمفزعة المبتدعين"‪.‬‬
‫وقد أنشأ اغوسطينوس الكنائس والمستشفيات والمياتم‪ .‬وكان عَطوفا ً كل‬
‫العطف على الفقراء والمرضى‪ .‬وقد اضطر مرة ان يبيع آنية الكنيسة ليقدم‬
‫ثمنها جزية عن بعض االسرى‪ ،‬واعماله الخيرية ال يحصى لها عد‪.‬‬
‫وكفى بكتاب اعترافاته الشهيرة دليالً على عمق تواضعه‪ ...‬وفي تأمله بسر‬
‫التجسد كان يقول‪ ":‬يا رب‪ ،‬من ال يعبدك كمبدع المخلوقات‪ ،‬يستحق جهنم‪،‬‬
‫ولكن من ال يعبدك بعد ان تجسدت وتألمت ومت الجله‪ ،‬فانه يستحق جهنما ً‬
‫اخرى اشد عذابا"‪.‬‬
‫وانهى هذا القديس العظيم حياته في معركة ملكوت المسيح في ‪ 28‬آب سنة‬
‫‪ ،430‬وله من العمر ‪ 76‬سنة‪.‬‬
‫وقد أغنى الكنيسة بما تركه من المؤلفات التي تربو على ‪ 120‬كتابا ً ما عدا‬
‫الرسائل النفيسة‪ .‬وأنشأ رهبانية تعد اكثر من مئتي جمعية من رهبان وراهبات‬
‫ينتمون اليه ويسيرون بموجب القوانين والفرائض التي وضعها‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين!‬
‫اليوم التاسع والعشرون‬
‫تذكار قطع رأس يوحنا المعمدان‬
‫قال مرقس االنجيلي‪ :‬ان هيرودوس كان قد ارسل الى يوحنا من أمسكه واوثقه‬
‫في السجن‪ ،‬من اجل هيروديا امرأة اخيه فيلبس النه تزوجها‪ .‬فكان يوحنا يقول‬
‫لهيرودوس‪ ":‬ال يحل لك أن تأخذ امرأة أخيك"‪ .‬وكانت هيروديا ناقمة عليه‬
‫تريد قتله فال تستطيع‪ ،‬الن هيرودوس كان يهاب يوحنا لعلمه انه رجل بار‬
‫حار فيه كثيرا ً ورا َقه اإلصغاء اليه‪.‬‬
‫قديس‪ .‬وكان يحميه‪ .‬فاذا استمع اليه‪َ ،‬‬
‫ت لها اذ اقام هيرودوس في ذكرى مولده مأدبة لالشراف والقواد‬
‫وجاء يو ٌم مؤا ٍ‬
‫واعيان الجليل‪ .‬فدخلت ابنة هيروديا ورقصت فأعجبت هيرودوس والمدعوين‪.‬‬
‫فقال الملك للفتاة‪ ":‬سليني ما اردت فأعطيك"‪ .‬واقسم لها‪ ":‬ألعطينك كل ما‬
‫تطلبين ولو نصف مملكتي"‪ .‬فخرجت وسألت امها‪ ":‬ماذا اطلب؟" فقالت‪:‬‬
‫" رأس يوحنا المعمدان"‪ .‬فبادرت الى الملك وقالت‪ ":‬اريد ان تعطيني في هذه‬
‫رأس يوحنا المعمدان"‪ .‬فاغت َّم الملك‪ ،‬ولكنه من اجل القسم‬
‫َ‬ ‫طبق‬
‫ٍ‬ ‫الساعة على‬
‫الذي اقسمه بمسمع من المدعوين‪ ،‬لم يشأ ان يرد طلبها‪ .‬فأرسل الملك من‬
‫ساعته حاجبا ً وامره بأن يأتي برأسه‪ .‬فمضى وضرب عنقه في السجن‪ ،‬واتى‬
‫الخبر تالميذه‬
‫ُ‬ ‫بالرأس على طبق فدفعه الى القتاة فحملته الى امها‪ .‬وبلغ‬
‫فجاؤوا وحملوا جثته ودفنوها‪( .‬مرقس ‪.)29 -17 :6‬‬
‫كذلك يخبرنا مرقس االنجيلي ان يوحنا كان قد انفرد في البرية يمارس‬
‫التقشفات واالصوام ويدعو الناس الى التوبة‪ ،‬ويغار جداً على حفظ الشريعة‪ ،‬ال‬
‫يأخذ بالوجوه وال يراعي احدا ً في إظهار الحق وفي ما هو هلل‪ .‬ولما عرف بأن‬
‫هيرودوس قد علق بهيروديا امرأة أخيه فيلبس واتخذها زوجة له واخوه حي‪،‬‬
‫وشك للشعب‪ ،‬هب من خلوته واتى‬ ‫ٍ‬ ‫حجر عثر ٍة‬
‫َ‬ ‫وصنع شرورا ً كثيرة وامسى‬
‫يوبخ هيرودوس على عمله هذا المغاير لشرائع هللا‪.‬‬
‫هكذا انتقمت امرأة فاجرة من ذلك الذي قال عنه المسيح الرب انه اعظم من‬
‫نبي وانه لم يقم في مواليد النساء اعظم منه‪ .‬وكانت وفاته في السنة االحدى‬
‫والثالثين للميالد‪.‬‬
‫اما هيرودوس فماتَ شر ميتة‪ .‬كذلك هيروديا القت حتفها غرقا ً في نهر مجلَّد‪.‬‬
‫وهكذا انتقم هللا لمختاره يوحنا‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار القديس فيليكوس الشهيد‬
‫كان هذا القديس كاهنا ً في روما‪ ،‬ولما اشتد االضطهاد قبضوا عليه‪ .‬وأُحضر‬
‫امام والي المدينة المدعو دراكوس فأرسله هذا الى هيكل زاميس الصغير‪.‬‬
‫فكلفه تقدي َم البخور لالصنام فأبى وحقرها واخزاها‪ .‬فأمر الوالي ان يضعوه‬
‫على آلة عذاب لكي يعترف بأية قوة اسقط تماثيل اآللهة‪ ،‬فقال‪ ":‬ال تظن‪ ،‬ايها‬
‫الوالي‪ ،‬اني فعلت ذلك بقوة الشيطان‪ ،‬بل بالثقة التي لي باهلل القادر على كل‬
‫شيء وبالقوة التي اعطانيها ربي يسوع المسيح على آلهتكم الكذبة"‪.‬‬
‫حينئذ امر الوالي ان يأخذوه خارج المدينة الى معبد لالصنام‪ ،‬فما وصل‬
‫القديس اليها وصلى باسم يسوع المسيح‪ ،‬حتى سقط المعبد فتحطم كل ما فيه‪.‬‬
‫ولما عرف الوالي بذلك‪ ،‬حكم عليه بقطع رأسه‪ .‬وبينما هم سائرون به التقوا‬
‫برجل مجهول‪ ،‬عرف انهم ذاهبون بالقديس لكي يقتلوه النه مسيحي‪ ،‬فقال لهم‬
‫الرجل‪ ":‬وانا ايضا ً مسيحي مثله واريد ان اموت معه"‪ .‬وارتمى على القديس‬
‫فعانقه وبينما هما يتبادالن قبلة السالم‪ ،‬ضربوا عنقهما بالسيف ففازا باكليل‬
‫سمي‬‫الشهادة سنة ‪.313‬وبما ان ذلك الرجل كان مجهول الهوية واالسم‪ُ ،‬‬
‫"أدوطوس" اي المضاف او الزائد‪ " ،‬النه اضيف الى الشهيد فيليكوس"‪.‬‬
‫صالتهما معنا‪ .‬آمين‬
‫اليوم الحادي والثالثون‬
‫تذكار القديس ايجيديوس‬
‫ولد ايجيديوس نحو سنة ‪ 640‬في مدينة أثينا من أبوين تقيين من اصل‬
‫ملوكي‪ ،‬هما تاودورس وبيالجيا‪ ،‬ربياه على حب الفضيلة ومخافة هللا‪ .‬واختارا‬
‫له اقدر االساتذة فدرس العلوم عليهم ونبغ فيها‪ ،‬كما امتاز بميله الى الفضيلة‬
‫بحيث لم يكن يُرى اال مصليا ً او دارساً‪.‬‬
‫ولما بلغ الرابعة والعشرين من عمره‪ ،‬فجع المةت والديه‪ ،‬فكان مصابه بهما‬
‫عظيماً‪ ،‬حتى انه زهد في الدنيا وتخصص بممارسة الصلوات واالماتات‬
‫واعمال الرحمة حتى جاد بالثياب التي عليه‪ .‬فكافأه هللا بصنع العجائب كشفاء‬
‫المرضى وطرد الشياطين‪ ،‬واشتهرت قداسته فتقاطرت الناس اليه تلتمس‬
‫شفاعته وصالته‪ .‬ولتواضعه العميق لكل مجد عالمي‪ ،‬فباع امالكه ووزع ثمنها‬
‫على المساكين وهجر وطنه قاصدا ً بالد المغرب‪.‬‬
‫وفي طريقه هدأَ بصالته زوبعةً وخلص المركب من الغرق‪ ،‬ونزل في جزيرة‬
‫حيث اقام ثالثة ايام عند ناسك آنسه وشاركه في الصالة واالماتة‪ .‬واقلع من‬
‫صدَقة‪ .‬ثم دخل‬‫هناك الى مرسيليا ومنها الى مدينة أرل حيث كان يعيش من ال َ‬
‫مغارة محاطة باشجار السنديان وعلى بابها االعشاب واالشواك وبقربها عين‬
‫ماء غزيرة‪ ،‬اقام في تلك المغارة كل حياته مثابرا ً على الصالة والتأمل‪ ،‬ال يأكل‬
‫سوى العشب ويغتذي بحليب غزالة آوت اليه‪.‬‬
‫وكان ذات يوم‪ ،‬بعض أعوان الملك يصطادون فطاردت كالبهم تلك الغزالة‬
‫فلجأت الى مغارة القديس فالحقوها ورماها احدهم بسهم من الخارج اصاب يد‬
‫القديس وسال منها الدم‪ ،‬فتألم كثيراً‪ ،‬لكنه لم يفه بكلمة‪ .‬فرفعوا الشوك عن‬
‫باب المغارة ورأوا القديس جاثيا ً يصلي والدم يسيل منه فاندهشوا ووقعوا على‬
‫قدميه مستغفرين‪ ،‬وضمدوا جراحه وطلبوا بركته وقفلوا راجعين واخبروا‬
‫ملكهم بما جرى‪ .‬فتأثر جداً‪ ،‬ثم جاء هو واالسقف اريجيوس لزيارة القديس‬
‫ايجيديوس في مغارته فاستأنس بهم وقص عليهم سيرته‪ .‬فاعجبوا به‪ .‬ووهبه‬
‫الملك االراضي المجاورة للمغارة لينشئ فيها ديراً لمن يريد االقتداء به‬
‫بطريقته‪ .‬ثم رسمه االسقف كاهنا ً فأنشأ القديس ديرا ً امتأل بالرهبان‪.‬‬
‫ثم ذهب الى روما وقابل قداسة البابا مبارك الثاني (‪ )685 – 684‬الذي باركه‬
‫وبارك ديره‪ .‬وبعد ان اعطي فعل العجائب في حياته علم بدنو اجله فجمع‬
‫رهبانه واوصاهم بالمحبة وااللفة وحفظ النظام والقانون واقتبل االسرار‬
‫المقدسة ورقد سنة ‪ .720‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫† † †‬
‫شهر أيلول‬
‫ايام هذا الشهر ‪ 30‬يوما ً ساعات نهاره ‪ 12‬ساعة وساعات ليله ‪ 12‬ساعة‪.‬‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار القديس سمعان العمودي الصغير‬
‫ولد في انطاكية سنة ‪ 521‬من ابوين مسيحيين فاضلين يوحنا ومرتا اللذين‬
‫ربياه بروح التقوى والفضيلة‪ .‬وما بلغ اشده‪ ،‬حتى ذهب الى احد االديار القريبة من‬
‫انطاكية‪ ،‬وتتلمذ للقديس يوحنا العمودي الذي كان عائشا ً على عمود ضمن اسوار الدير‪،‬‬
‫فعاش معه مدة طويلة وبلغ بارشاداته كماال ً رهبانيا ً فائقاً‪.‬‬
‫ثم اتخذ له عمودا ً عاليا ً في ذلك الجبل‪ ،‬قام فوقه متقشفا ً مصليا ً ومتأمالً‪ .‬قوته‬
‫االعشاب واكثر االيام كان يصوم طويالً‪.‬‬
‫فشرفه هللا بصنع المعجزات من طرد الشياطين وشفاء امراض النفس والجسد‪.‬‬
‫فتقاطر اليه الناس يلتمسون بركته والشفاء من امراضهم‪ .‬وجاء لزيارته اسقفا انطاكية‬
‫وسلوقية ونظرا فيه من الفضائل كما سمعا عنه فرقياه الى درجة الكهنوت‪ .‬فازداد غيرة‬
‫على النفوس ومثابرة على الصالة‪ .‬وقد تسامى بالصالة العقلية واالنخطاف الروحي‪.‬‬
‫وكثيرا ً ما ذهب بالروح الى مسافات بعيدة وحضر امام مرضى طلبوا شفاعته فشفاهم‪.‬‬
‫قال المؤرخون‪ :‬انه كتب رسالة الى الملك يوستينيانوس يحثه بها على‬
‫المحامات عن اكرام االيقونات ضد الهراطقة‪ .‬ويدحض بهذه الرسالة مزاعم النساطرة‬
‫واالوطيخيين اي العاقبة‪ .‬وقد تليت هذه الرسالة في المجمع النيقاوي المنعقد سنة‬
‫‪ .787‬وبها استشهد آباؤه على وجوب تكريم االيقونات‪ .‬وقد أثبت هذه الرسالة البابا‬
‫ادريانوس االول واساقفة الشرق‪ ،‬وبعد ان بقي مدة خمس واربعين سنة على عموده‬
‫صانعا ً العجائب‪ ،‬ومرشدا ً لتالميذه الكثيرين الذين اتخذوا طريقته‪ ،‬رقد بالرب سنة ‪.596‬‬
‫وقد لقب "بالحلبي" تمييزا ً له عن القديس سمعان العمودي الكبير الذي لقب‬
‫" باالنطاكي"‪ .‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني‬
‫تذكار القديس ماما الشهيد‬
‫ولد القديس ماما في قيصرية الكابدوك في اواسط القرن الثالث‪ .‬وكان ابواه‬
‫سجنا‪ .‬فولدته امه في السجن‬ ‫مسيحيين فقيرين بمال الدنيا غنيين باهلل‪ ،‬قُ ِب َ‬
‫ض عليهما و ُ‬
‫وما لبثت ان ماتت‪ .‬فأخذته امرأة مسيحية ربته على قواعد الديانة والتقوى واالخالق‬
‫الحميدة‪ .‬لم يتعلم القراءة والكتابة بل منذ صغر سنه ع ُِهد اليه برعاية الغنم‪ ،‬فكان وديعا ً‬
‫متواضعا ً يقوم بعمله تمجيدا ً هلل‪ ،‬وكانت وظيفته تحمله على التأمل بعظمة الكائنات‬
‫خاصة في الليل يرقب النجوم ويعلم اوقاتها ويناجي مبدعها‪ ،‬وكان راضيا ً بحاله قانعا ً‬
‫بمعيشته‪ .‬فلما قام الملك اورليانوس يضطهد المسيحيين قبض على ماما ليكفر بالمسيح‪،‬‬
‫فاعترف بايمانه‪ .‬فأماتوه شر ميتة وله من العمر خمس عشرة سنة‪ .‬فنال اكليل الشهادة‬
‫سنة ‪ ،275‬وحفظ جثمانه في مدينة قيصرية الكابدوك واصبح شفيعها المكرم‪ .‬ان‬
‫الفضيلة هي عنوان الشرف والعظمة الحقيقية والغنى الذي ال يفنى‪ ،‬فلنتمسك بالغنى‬
‫الصحيح اي الفضائل المسيحية‪ ،‬صالة الشهيد القديس ماما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث‬
‫تذكار القديس تاودورس الكبير‬
‫ولد تاودورس في أخائيا من أبوين مسيحيين وتربى على حب الفضيلة واالخالق‬
‫الحسنة‪ .‬وما شب حتى ظهر بطالً شجاعا ً في الدفاع عن االيمان بالمسيح والتجند له‪.‬‬
‫وكان قائد فرقة رومانية من عساكر ليكينوس الوثني صهر قسطنطين الكبير‪.‬‬
‫فعرف ان تنينا ً هائالً كان بالقرب من مدينة هرقلية‪ ،‬يفترس كل من صادفه‪ .‬فخرج‬
‫تاودورس متسلحا ً بصليب المسيح وقصد مغارة التنين‪ .‬وما خرج التنين من مغارته‪،‬‬
‫حتى صرخ به تاودورس قائالً‪ ":‬باسم يسوع المسيح انا اهاجمك"‪ .‬وانقض عليه بطعنة‬
‫رمح في رأسه صليب فأماته واراح المدينة من شره‪ .‬فجاء الوثنيون وشكروا القديس‬
‫واكثرهم اعتنق الدين المسيحي‪.‬‬
‫فعرف الملك ليكينيوس وطلب ان يرى تاودورس‪ .‬فاعتذر راجيا ً الملك ان يزور‬
‫هرقلية‪ .‬فجاء الملك‪ .‬فاستقبله تاودورس استقباالً رائعاً‪ .‬فأراد الملك اقامة حفلة في معبد‬
‫االوثان تكريما ً لتاودورس‪ .‬فأخذ هذا بعض التماثيل الذهبية من المعبد ووزعها على‬
‫الفقراء‪ .‬فغضب الملك وامر بتعذيبه‪.‬‬
‫وربط في السجن على شكل صليب‪ .‬وفي اليوم التالي ارسل الملك‬ ‫فعُ ِذب كثيرا ً ُ‬
‫اثنين لجلب جثة القديس فوجداه سالما ً صحيحاً‪ ،‬فآمنا وآمن معهما ثمانون جندياً‪.‬‬
‫فأرسل الملك قائدا ً آخر مع ثلثمئة جندي ليقطعوا اعناقهم‪ ،‬ولما تحقق هؤالء اآلخرون‬
‫من شفاء تاودورس آمنوا هم ايضا ً بالمسيح مع جمهور من الوثنيين وصاحوا قائلين‪:‬‬
‫حي هو اله المسيحيين‪ ،‬انه هو االله الحقيقي وال اله سواه‪ ،‬وارادوا ان يثيروا الشعب‬
‫على الملك‪ ،‬فمنعهم القديس وقال لهم‪ :‬ان السيد المسيح غفر لصالبيه ولم ينتقم من‬
‫اعدائه‪.‬‬
‫واخيرا ً ارسل الملك سيافا ً قطع رأس القديس وهو في السجن سنة ‪ 319‬ودفن‬
‫في اخائيا وطنه‪ ،‬كما اوصى قبل استشهاده‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار القديس بابيال‬
‫جلس هذا القديس بطريركا ً على كرسي انطاكية سنة ‪ ،237‬خلفا ً للبطريرك‬
‫زابيتوس وهو البطريرك الثاني عشر من بعد بطرس الرسول وكان راعيا ً غيورا ً مزينا ً‬
‫بالقداسة وبوجه اخص بالجرأة والحزم‪ ،‬ال يهاب احدا ً في ما يختص باهلل‪ ،‬وببيت هللا‪،‬‬
‫كما يظهر من القصة التي رواها المؤرخ الشهير اوسابيوس‪ .‬قال‪ :‬ان االمبراطور‬
‫فيلبوس المسيحي‪ ،‬بعد ان جلس على العرش‪ ،‬خلفا ً لفرديانوس أقدم على قتل ٍ‬
‫ابن لسلف ِه‬
‫هذا‪ ،‬وجاء الى انطاكية ومعه اركان حربه واراد ان يحضر القداس الذي يقيمه‬
‫البطريرك بابيال يوم عيد القيامة‪ .‬وكان البطريرك عالما ً بما اتاه االمبراطور من الظلم‪،‬‬
‫يكفر عن اثمه ويطهر يديه‬ ‫فخرج اليه ومنعه من الدخول الى الكنيسة‪ ،‬قبل ان ِ‬
‫المخضبتين بالدم الزكي‪ .‬فتهيبه االمبراطور واذعن المره وبقي على الباب مع سائر‬
‫التائبين‪ .‬فأكبر المؤمنون جرأة البطريرك‪ ،‬كما اتعظوا بخضوع االمبراطور وتوبته‪،‬‬
‫واستراحت الكنيسة في ايامه من االضطهاد‪ ،‬وارتد كثيرون من الوثنيين الى االيمان‬
‫بالمسيح‪.‬‬
‫غير انه في اواخر سنة ‪ ،250‬تسلم الملك داكيوس قيصر‪ ،‬فأثار االضطهاد على‬
‫المسيحيين وال سيما على رؤسائهم وكان اولهم البطريرك بابيال فأمر الملك بالقبض‬
‫عليه فقيدوه بالسالسل وطرحوه في السجن مع ثالثة فتيان من تالميذه‪ .‬وما لبث هذا‬
‫البطريرك القديس ان مات شهيدا ً في السجن سنة ‪ .250‬وكان قد اوصى ان توضع معه‬
‫السالسل التي قيدوه بها‪.‬‬
‫وانتشرت شفاعة القديس بابيال في الشرق والغرب‪ .‬واقيمت على اسمه كنائس‬
‫عديدة‪ .‬وكان الجميع معجبين بجرأته وقداسته‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس‬
‫تذكار زكريا ابي يوحنا المعمدان‬
‫ان سيرة زكريا الكاهن وامرأته اليصابات قد ذكرها لوقا البشير في الفصل االول‬
‫من انجيله‪ .‬مع جميع الظروف التي سبقت ورافقت ميالد يوحنا المعمدان الواقع في ‪24‬‬
‫حزيران‪ .‬وفي هذا اليوم نكتفي بذكر ما نطق به زكريا في ذلك الميالد العجيب‪ ،‬اذ انفتح‬
‫فمه ولسانه وتكلم‪ ،‬مباركا ً هللا‪ .‬ثم تنبأ قائالً‪ :‬وانت‪ ،‬ايها الصبي‪َّ ،‬‬
‫نبي العلي تُدعى‪ ،‬النك‬
‫تسبق امام وجه الرب‪ ،‬لتعد طرقه وتعطي شعبه علم الخالص لمغفرة خطاياهم‪ ،‬باحشاء‬
‫ورحمة الهنا الذي افتقدنا بها‪ ،‬المشرق لنا من العالء‪ ،‬افتقاد الكوكب الشارق ليضيء‬
‫المقيمين في الظلمة وظالل الموت‪ ،‬ويرشد اقدامنا في طريق السالم (لوقا‪– 76 :1‬‬
‫‪.)79‬‬
‫وعاش زكريا كل حياته في البر والصالح ومات بشيخوخة صالحة في القرن‬
‫االول للميالد‪ .‬وزكريا لفظة عبرانية معناها تذكرة الرب‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس شربل اسقف الرها واخته برابيا الشهيدين‬
‫كان شربل في الرها شيخا ً كاهنا ً لالوثان في ايام ترايانوس قيصر‪ .‬وكان اسقف‬
‫الرها القديس برسيما يبشر بااليمان المسيحي‪ .‬فما سمع شربل هذا ببشارة االنجيل‬
‫ورأى العجائب التي صنعها ذلك االسقف‪ ،‬حتى مست النعمة قلبه فآمن بالمسيح واعتمد‬
‫هو وشقيقته برابيا‪ .‬ولما علم لزياس حاكم البلد بما صنعه برسيما قبض عليه وبعد ان‬
‫اذاقه مر العذابات‪ ،‬امر به فضُرب عنقُه‪ .‬وكان َخلَفه في االسقفية شربل‪ ،‬فأحضره الملك‬
‫واستنطقه فأقر غير خائف‪ ،‬بأنه مسيحي راسخ في ايمانه الصحيح فأمر الحاكم بجلده‬
‫فظل صابرا ً يشكر هللا‪ .‬ثم طرحوه في بئر فيه حشرات سامة فلم تؤذه فمزقوا جسده‬
‫بامشاط من حديد ولما رأوه ُمصرا َ ال يتزعزع عن ايمانه‪ ،‬صلبوه وسمروا رأسه على‬
‫الصليب‪ .‬فأسلم الروح‪.‬‬
‫سرت بأن تسير وراء اخيها في طريق الصليب صابرة على اشد‬ ‫اما اخته برابيا ف ُ‬
‫العذابات َهوالً‪ .‬ولما رأوها ثابتة على ايمانها قطعوا رأسها‪ .‬ففازت مع شقيقها باكليل‬
‫الشهادة سنة ‪ .121‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫تذكار اعجوبة مار ميخائيل في مدينة كولوسي‬
‫ان ميخائيل رئيس الجنود السماوية هو الذي قاتل مع مالئكته االبرار‪ ،‬الشيطان‬
‫المتكبر ومالئكته االشرار واخرجه من السماء وقال له‪َ ":‬من مثل هللا" فكان هذا تفسير‬
‫اسمه "ميكائيل"‪َ :‬من كاهلل‪ ،‬كما جاء في سفر الرؤيا (‪ .)7 :12‬وقد اتخذته الكنيسة‬
‫المقدسة شفيعا ً ومحاميا ً لها والبنائها‪ .‬وتعيد له اليوم‪ ،‬تذكارا ً لالعجوبة التي صنعها في‬
‫مدينة كولوسي المشهورة برسالة القديس بولس‪.‬‬
‫كان في تلك المدينة كنيسة على اسم القديس ميخائيل وقربها حوض ماء يأتيه‬
‫الناس لالستشفاء من امراضهم بغسلهم فيه‪ ،‬بواسطة اشارة الصليب المقدس وشفاعة‬
‫صاحب المقام القديس ميخائيل‪.‬‬
‫فجاء رجل وثني له ابنة وحيدة خرساء منذ والدتها وهي في العاشرة من‬
‫عمرها‪ ،‬رأى جمعا ً غفيرا ً من المسيحيين يغتسلون فيشفون‪ ،‬فسألهم‪ ،‬ماذا تقولون‬
‫عندما تنضحون بالماء‪ :‬أجابوا " باسم اآلب واالبن والروح القدس‪ ،‬وشفاعة ميخائيل‬
‫رئيس المالئكة"‪ .‬ففعل مثلهم وسقى ابنته من الماء‪ ،‬فشفيت حاالً وتكلمت‪ ،‬فآمن الرجل‬
‫وعيلته وبعض معارفه‪ .‬فغضب الوثنيون وعزموا على هدم الكنيسة بتحويل مياه‬
‫الحوض اليها‪.‬‬
‫وكان حارس الكنيسة رجالً من بعلبك يدعى ارخيبوس تقي متعبد للقديس‬
‫ميخائيل ممارسا ً الصلوات والتقشفات الكثيرة‪ .‬ولما اجتمع الوثنيون واخذوا يحفرون‬
‫وراء الكنيسة وحول الحوض ليطلقوا المياه عليها‪ .‬خاف ارخيبوس شر العاقبة‪ ،‬فأخذ‬
‫يتضرع الى هللا ويستغبث بالقديس ميخائيل‪ ،‬وقام في الكنيسة يصلي‪.‬‬
‫ولما انتهى الوثنيون من الحفر‪ ،‬جاءوا ليالً ليحولوا المياه سيالً يصدم الكنيسة‬
‫فيهدمها‪ ،‬اذا بالمالك ميخائل يظهر بقوة رب الجنود وبيده عصا ضرب بها صخرة‬
‫عظيمة كانت قرب الكنيسة‪ ،‬فشقتها‪ ،‬فغارت المياه فيها ولم تصب الكنيسة بأذى‪ .‬فانخذل‬
‫الوثنيون وآمن منهم كثيرون‪ .‬وازداد المسيحيون تمسكا ً وثباتا ً بايمانهم وتكريما ً وتعبدا ً‬
‫للقديس ميخائيل وثقة بشفاعته‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬اخذوا يحتفلون بعيد خاص له‪ ،‬تذكارا ً‬
‫لهذه االعجوبة الباهرة‪ .‬وكان ذلك حوالي القرن الثاني للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس صوزن الشهيد‬
‫ولد هذا القديس في كيليكيا في اواسط القرن الثالث‪ .‬وكان فاضالً وغيورا ً جدا ً‬
‫على الدين المسيحي‪ ،‬يسعى كل السعي في رد الوثنيين الى االيمان بالمسيح‪ .‬فالتقى‬
‫يوما ً ببعض الوثنيين جالسين على نبع ماء تحت شجرة في البرية‪ .‬فجاء يحدثهم عن‬
‫مبادئ الديانة المسيحية وعن تعاليمها السامية وأقنعهم فآمنوا فعمدهم من ماء العين‪.‬‬
‫ومر ذات يوم بهيكل االصنام فدخله ورأى فيه صنما ً من ذهب فكسر يده وباعها‬
‫ووزع ثمنها على الفقراء‪ .‬فلما رأى الوثنيون صنمهم مشوهاً‪ ،‬القوا الشبهة على‬
‫المسيحيين فانزلوا بهم أمر العذاب فعلم صوزن بذلك‪ ،‬فأسرع النقاذ اخوته االبرياء‬
‫وتقديم ذاته للشهادة‪ .‬فاعترف امام الحاكم بايمانه وبانه هو الذي كسر يد الصنم‪ ،‬الن ال‬
‫فائدة من عبادته الباطلة‪ ،‬والمساكين هم احق بالمساعدة‪.‬‬
‫فاستشاط الوالي غضبا ً وأمر بتعذيبه‪ .‬فألبسوه حذاء من حديد محمي فيه مسامير‬
‫مرهفة وامروه بالمشي‪ ،‬فاحتمل هذا العذاب االليم بصبر عجيب واخذ يمشي شاكرا ً هللا‪.‬‬
‫فعلقوه بشجرة واخذوا يضربونه بقساوة بربرية حتى تكسرت عظامه وجرت دماؤه‬
‫واشرف على الموت‪ ،‬ثم طرحوه في اتون نار وفيه تمت شهادته حرقاً‪ .‬وكان ذلك في‬
‫كيليكيا في ايام مكسيميانوس المضطهد نحو سنة ‪303‬م‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن‬
‫تذكار ميالد سيدتنا مريم العذراء الكلية القداسة‬
‫لقد استجاب هللا صالة والدَيها الطاعنيَن في السن‪ ،‬يواكيم وحنة العاقر‪ ،‬ورزقهما‬
‫هذه االبنة العجيبة المختارة منذ االزل لتكون اما ً للكلمة المتجسد‪ .‬وتعلم الكنيسة ان‬
‫مريم ُح ِب َل بها منزهة عن وصمة الخطيئة االصلية فخرجت من يد هللا تحفة الكون‪ ،‬ال‬
‫عيب فيها‪ ،‬كما ناداها من وراء االجيال نشي ُد االناشيد‪ ":‬كلك جميلة‪ ،‬يا خليلتي‪ ،‬وال‬
‫عيب فيك"‪.‬‬
‫بميالد مريم العذراء شمل الفرح والبهجة السماوات واالرض‪ .‬فهي نجمة الصبح‬
‫طلعت عند بزوغ فجر النعمة‪ ،‬تبشر باشراق شمس العدل ونور العالم‪.‬‬
‫وما اكثر ما فاض به القديسون من المدائح واالوصاف في هذا العيد الذي هو‬
‫اسعد االعياد‪ .‬قال القديس اندراوس االورشليمي اسقف كريت في ميالدها‪ ":‬انه عيد‬
‫االبتداء‪ ،‬اذ به ابتدأ اتحاد الكلمة بالجسد‪ .‬ثم العيد البتولي الذي أَولَى الجميع ثقة‬
‫وسروراً"‪ .‬والقديس يوحنا الدمشقي يهتف‪ ":‬هلموا جميعكم ايها الشعوب من كل‬
‫جنس‪ ،‬وكل لسان‪ ،‬وكل عمر‪ ،‬وكل رتبة‪ ،‬نحتفل بميالد بهجة العالم بأسره"‪.‬‬
‫اسم "مريم" معناه سيدة البحر او المرتفعة‪.‬‬
‫عيد ميالد العذراء هذا قد انتشر في الكنيسة شرقا ً وغربا ً منذ القرن السابع‪ .‬وقد‬
‫عززه البابا زخيا السابع والبابا غريغوريوس الحادي عشر واوربانوس السادس في‬
‫اواخر القرن الرابع عشر‪ .‬فيجدر بنا نحن ابناءها ان نستشفعها ونحييها في هذا اليوم‬
‫بالنشيد الطقسي المشهور‪:‬‬
‫" كلك جميلة وما بك معاب‪ ،‬اختارك هللا اآلب‪ ،‬أما ً البنه يسوع الوهاب‪ .‬شفيعتنا‬
‫ال تهملينا‪ ،‬وبجناحيك ظللينا‪ ،‬في يوم القضاء يا أم فادينا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع‬
‫تذكار يواكيم وحنه والدي سيدتنا مريم العذراء‬
‫سيأتي تذكارهما في ‪ 22‬تشرين الثاني‪.‬‬
‫وفيه تذكار المجمع المسكوني الرابع الخلكيدوني (‪)451‬‬
‫لما حرم مجمع افسس عام ‪ 431‬هرطقة نسطور القائل ان في المسيح اقنومين‪،‬‬
‫كان اوطيخا من اشد المعارضين له والمحامين عن وحدة االقنوم في المسيح‪ .‬لكنه لشدة‬
‫تطرفه وقع في هرطقة آخرى اذ قال‪ :‬ان في المسيح طبيعة واحدة فقط متحدة باالقنوم‬
‫االلهي وانكر الطبيعتين‪.‬‬
‫فعقد القديس فالفيانوس بطريرك القسطنطينية مجمعا ً خاصا ً مؤلفا ً من اساقفته‪،‬‬
‫ودعا اليه االرشمندريت اوطيخا وسأله عن اعتقاده بالطبيعتين فاعترف بهذا االعتقاد‬
‫قبل االتحاد وانكره بعد االتحاد‪ .‬فأخذ البطريرك واالساقفة يالطفونه ويبرهنون له عن‬
‫حقيقة وجود الطبيعتين في المسيح‪ ،‬كما هو االعتقاد الكاثوليكي الصحيح‪ ،‬فلم بذعن‬
‫لهم‪.‬‬
‫عندئذ حددوا ان المسيح اله تام‪ .‬له ولآلب جوهر الهي واحد كما انه انسان تام‬
‫مساو المه العذراء بالجوهر االنساني‪ .‬اما اوطيخا فبقي مصرا ً على عناده‪ .‬لذلك حرموه‬
‫وحرموا كل َمن شايعَه‪ .‬فلجأ اوطيخا‪ ،‬بواسطة اصدقائه‪ ،‬الى الملك تاودوسيوس‬
‫الصغير‪ .‬فعضده هذا وأمر بعقد مجمع ترأسه ديوسقورس بطريرك االسكندرية وصديق‬
‫اوطيخا‪ .‬فكان هذا المجمع‪ ،‬طبعاً‪ ،‬في جانب اوطيخا‪ .‬وحكم مناصروه بنفي فالفيانوس‬
‫بعد ان اوسعوه اهانة وضرباً‪ ،‬فمات في منفاه‪.‬‬
‫ولما عرف البابا بذلك تأثر جداً‪ .‬وباالتفاق مع الملك مركيانوس أمر بعقد المجمع‬
‫الخلكيدوني الشهير سنة ‪ 451‬وحضره الملك بذاته‪ .‬وفيه تقرر عزل البطريرك‬
‫ديوسقوروس وشجب اوطيخا واتباعه بعد ان تليت رسالة البابا الون البديعة‪ ،‬التي بها‬
‫يوضح جليا ً حقيقة االيمان الكاثوليكي‪ ،‬اي وحدة االقنوم وتمييز الطبيعتين في السيد‬
‫المسيح‪ ،‬وفقا ً لقانوني نيقية‪ ،‬والقسطنطينية‪ ،‬وأثبت اآلباء تعليم البابا وعدوه قانونا ً‬
‫لاليمان معصوما ً من الخطأ‪ .‬وصرخ جميعهم بصوت واحد‪ ":‬هذا ما نؤمن به‪ ،‬وهذا هو‬
‫ايمان الرسل واآلباء‪ ،‬فان بطرس نفسه قد تكلم بفم الون"‪ .‬صالة آبائه تكون معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديسة بولكاريا الملكة‬
‫ولدت بولكاريا سنة ‪ ،399‬ابوها الملك اركاديوس بن تاودوسيوس الكبير وامها‬
‫الملكة افدوكيا‪ .‬توفي ابوها ولها من العمر عشر سنوات والخيها الوحيد تاودوسيوس‬
‫الصغير ثمان سنوات ولها اختان اصغر منها‪ .‬وفي سنة ‪ 412‬نودي بها مدبرة للملكة‬
‫مع اخيها التي عنيت بتربيته على روح الفضيلة ومبادئ الدين القويم‪ .‬وعلى رغم‬
‫حداثتها اظهرت كل حذاقة وحكمة في ادارة شؤون المملكة‪ ،‬النها اتكلت على هللا في‬
‫جميع امورها وامتازت بفضائلها‪ ،‬حتى قيل انها كانت مزدانة بأجمل الصفات َخلقا ً‬
‫و ُخلقاً‪ .‬ومنذ صباها نذرت بتوليتها هلل واقنعت اختيها باالقتداء بها‪ .‬فعشن معاً‪ ،‬عامالت‬
‫على ما فيه الخير والصالح‪ .‬ولم تكن تأذن لرجل بالدخول الى دارهن حرصا ً على‬
‫فضيلتهن المالئكية‪ .‬وكانت تصوم يومين في االسبوع وتغدق حسناتها على الفقراء‬
‫بحيث لم تدع فقيرا ً او محتاجا ً في المملكة‪.‬‬
‫اشتهرت بغيرتها على الدين وتعزيز رجاله والدفاع عن المعتقد الكاثوليكي‬
‫المقدس‪ .‬وابدت من الحكمة والشجاعة ما يعجز عنه كبار الرجال‪ .‬وكافحت ما ظهر في‬
‫ايامها من البدع وال سيما هرطقة نسطور المجدف على أم هللا‪ .‬فدفعت اخاها الى عقد‬
‫المجمع المسكوني الثالث في افسس ‪ ،431‬باالتفاق مع البابا سلستينس االول‪.‬‬
‫ولم تكن مهام المملكة لتمنعها عن ممارسة اسمى الفضائل والمواظبة على‬
‫الصلوات والتقشفات والقراءة الروحية والتأمل‪ ،‬فكان هذا ألخيها عبرة وموعظة‪ .‬على‬
‫فتشوه وجهُ سياسته‪ .‬ومن اخطائه‬‫َّ‬ ‫انه انقاد لبعض المخادعين‪ ،‬فأبعدها عن قصره‪،‬‬
‫مناصرته الوطيخا المبتدع وتحا ُمله على القديس فالفيانوس بطريرك القسطنطينة ونفيه‪.‬‬
‫فكتب اليها البابا القديس الون يدعوها لمالفاة تلك االخطاء فتركت عزلتها وأتت تؤنب‬
‫أخاها وتبين له مواطن الضعف والنقص فيه‪ ،‬فأصغى لها وندم على ما فعل ومات تائبا‪.‬‬
‫وخلفه في ال ُملك مركيانوس الغيور على االيمان القويم‪ ،‬وبما انه كان متجمالً‬
‫بسمو الفضائل وحسن المزايا خطب ودها‪ ،‬فارتضت القديسة ان تقترن به بسر الزواج‬
‫المقدس‪ .‬ومن مساعيهما الجليلة التأم المجمع الرابع المسكوني الخلكيدوني سنة ‪،451‬‬
‫الذي حرم اوطيخا وهرطقته ومشايعيه‪ ،‬كما مر ذكره امس‪ .‬ثم رقدت القديسة بالرب عن‬
‫‪ 55‬عاما ً وذلك سنة ‪ 454‬بعد ان اوصت بأموالها كلها للفقراء والمساكين‪ .‬صالتها‬
‫معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار القديسة تاودورا‬
‫ولدت تاودورا‪ ،‬في االسكندرية في اوائل القرن الخامس‪ ،‬من ابوين مسيحيين‬
‫غنيين‪ ،‬وكانت تقية‪ ،‬بديعة الجمال‪ .‬فاقترنت بشاب شريف‪ ،‬تقي مثلها‪ .‬وعاشت معه‬
‫بالقداسة والمحبة المسيحية الصادقة‪ ،‬غير ان عدو الخير قاد احد الشبان الى الهيام‬
‫بحبها‪ .‬فأخذ يراسلها ويراودها عن نفسها‪ ،‬فرفضت اوالً وأبت مطاوعته‪ ،‬لكنها انخدعت‬
‫اخيرا ً وسقطت معه بالخطيئة‪ .‬وما لبثت ان فاقت من غفلتها وظهرت لها فظاعة خيانتها‬
‫الزوجية ومخالفتها شريعة هللا‪ ،‬فندمت ندامة صارمة كادت تودي بها الى قطع الرجاء‬
‫لوال ايمانها الراسخ‪ ،‬ويروى ان رغبتها في التكفير عن خطيئتها دفعتها الى اقصى مدى‬
‫حتى تركت بيتها‪ ،‬خفية عن زوجها‪ ،‬وهجرت العالم‪ .‬وارتدت مالبس الرجال‪ ،‬وانتحلت‬
‫اسم تاودوروس ودخلت احد االديار هناك‪ .‬وعكفت على التأمل والصالة وممارسة اقسى‬
‫التقشفات حتى امتازت بفضائلها ومنحها هللا صنع المعجزات‪.‬‬
‫فأرسلها الرئيس‪ ،‬مرة بمهمة خارج الدير‪ ،‬فالتقت بها احدى البنات الشاردات‪،‬‬
‫فراودتها عن نفسها‪ ،‬فنفرت تاودورا منها ووبختها على عملها‪ .‬فما كان من هذه االبنة‬
‫االثيمة اال ان ألصقت بها التهمة الشنعاء وشكتها للرئيس‪ ،‬فاضطر ان يخرجها من الدير‬
‫فلم تبرئ نفسها‪ ،‬بل استسلمت الرادة هللا وحملت عار التهمة وسكنت كوخا ً قريبا ً من‬
‫الدير واعتصمت بالصبر‪ ،‬مثابرةً على الصوم والصالة‪.‬‬
‫ولما اتوها بالولد المظنون به ابنها قبلته واخذت تغذيه بما كان يجود عليها‬
‫رعاة المواشي هناك‪ ،‬من حليب‪ ،‬وتربيه على خوف هللا وحب الفضيلة‪ .‬واستمرت على‬
‫هذه الحال سبع سنوات‪ ،‬الى ان رأف الرئيس بها‪ ،‬وادخلها الدير مع الغالم‪ .‬فأقامت في‬
‫قلية منفردة‪ ،‬تواصل جهادها بممارسة الصلوات والتقشفات مدة سنتين‪ ،‬الى ان شعرت‬
‫بدنو اجلها‪ ،‬فأخذت توصي ذلك الغالم بحفظ وصايا هللا وبالسلوك الحسن بين الرهبان‬
‫وبالطاعة للرئيس والبُعد عن اية خطية‪ .‬ثم استودعته هللا ورقدت بسالم سنة ‪.480‬‬
‫فجاء الرئيس والرهبان يصلون عليها‪ ،‬وما هموا بتجهيزها ودفنها حتى دهشوا‬
‫إذ رأوها امرأة‪ .‬فجثوا امام جثمانها يستغفرونها عما اساءوا اليها‪ .‬وعلم زوجها فجاء‬
‫يتفجع عليها بعد دفنها وطلب ان يتنسك في قليتها حيث عاش ومات بالقداسة‪ .‬صالتها‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني عشر‬


‫تذكار القديس كرنيلوس قائد المئة‬
‫جاء في اعمال الرسل‪ ،‬الفصل العاشر‪ ":‬كان في قيصرية رجل اسمه كرنيلوس‬
‫قائد مئة‪ ،‬وكان يخشى هللا هو وجميع اهل بيته ويعطي الشعب صدقات كثيرة ويصلي‬
‫الى هللا كل حين‪ .‬وانه نحو الساعة التاسعة من النهار‪ ،‬رأى في رؤيا جلية مالك هللا‬
‫داخالً عليه‪ ،‬يناديه‪ :‬يا كرنيلوس‪ ،‬فتفرس فيه وقد داخله خوف‪ ،‬فقال‪ :‬ما االمر يا‬
‫سيدي؟ ‪ -‬فقال له‪ :‬ان صلواتك وصدقاتك قد صعدت امام هللا تذكاراً‪ ،‬فأرسل اآلن حاال ً‬
‫رجالً الى يافا واستحضر سمعان الملقب ببطرس‪ ،‬فهذا يقول لك ماذا ينبغي ان تعمل‪.‬‬
‫فلما انطلق المالك دعا اثنين من عبيده وجنديا ً تقيا ً واخبرهم باالمر كله وارسلهم‬
‫الى يافا يدعون بطرس‪ ...‬وفيما كان بطرس يرى رؤيا وهو يصلي على السطح نحو‬
‫الساعة السادسة‪ .‬ويفكر في الرؤيا‪ ،‬قال له الروح القدس هوذا ثالثة رجال يطلبونك فقم‬
‫وانزل وانطلق معهم من غير ان ترتاب‪ ،‬الني انا أرسلتهم‪ ،‬فنزل بطرس الى الرجال‬
‫وقال‪ ":‬انا الذي تطلبونه فما السبب الذي قدمتم الجله"؟‬
‫فقالوا‪ :‬ان كرنيلوس هو قائد مئة‪ ،‬رجل صديق ومتقي هللا ومشهود له من كل‬
‫امة اليهود‪ .‬وقد اوحى اليه مالك قديس ان يستحضرك الى بيته فيسمع منك كالماً‪،‬‬
‫فدعاهم واضافهم وفي الغد قام وانطلق معهم‪ .‬ورافقه قوم من االخوة الذين في يافا‪.‬‬
‫وفي الغد الثاني دخل قيصرية‪ .‬وكان كرنيلوس ينتظرهم‪ ،‬وقد دعا انسباءه واخص‬
‫اصدقائه‪ .‬فلما دخل بطرس استقبله كرنيلوس وخر ساجدا ً عند قدميه‪ ،‬فأنهضه بطرس‬
‫قائالً‪ :‬قم فاني انا ايضا ً انسان وقال للحاضرين ان هللا أوحى اليه ان يبشرهم بالكلمة‪.‬‬
‫وبعد ان قص عليه كرنيلوس الرؤيا التي رآها‪ .‬أخذ بطرس يبين لهم عن سر‬
‫التجسد وعن يسوع المسيح ابن هللا الذي نزل الى االرض وعمل اآليات والمعجزات‪،‬‬
‫فصلبه اليهود واماتوه على خشبة‪ .‬ثم قام من بين االموات واوصى الرسل بان يكونوا‬
‫له شهودا ً على ذلك وظهر لهم مرارا ً بعد قيامته‪ .‬وبعد ان كلمهم بهذا حل الروح القدس‬
‫على كرنيلوس وجماعته ونطقوا بلغات‪ ،‬فع َّمدَهم بطرس باسم الرب"‪.‬‬
‫هذا ما اورده اعمال الرسل عن اهتداء كرنيلوس الى االيمان المسيحي‪ .‬وكان‬
‫هو اول َمن اهتدى من اليونانيين‪ .‬اما ما جرى له بعد ذلك وما عمله واين ومتى ت ُوفي‪،‬‬
‫فلم يأت التاريخ على ذكره صراحة‪ .‬بل روى بعض العلماء وأثبت السنكسار الروماني‬
‫في ‪ 2‬شباط‪ ،‬ان كرنيلوس بعد ان عمده بطرس الرسول‪ ،‬رسمه اسقفا ً على قيصرية‬
‫فلسطين‪ ،‬حيث جعل بيته كنيسة فقام يجاهد في سبيل كنيسته هذه الى ان سفك دمه الجل‬
‫المسيح سنة ‪ 60‬للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثالث عشر‬
‫تذكار القديس خريستوفورس‬
‫ظهر هذا القديس نحو اوائل القرن الثالث في اقليم ليكيا وكان وثنيا ً اسمه‬
‫دابريوس وكان اهتداؤه الى الديانة المسيحية في انطاكية‪ ،‬لما أثار الملك داكيوس‬
‫االضطهاد على المسيحيين سنة ‪ .250‬وانزل بهم امر العذابات‪ ،‬واشدها هوالً‪ ،‬رآهم‬
‫دابريوس يحتملون العذاب بصبر عجيب‪ .‬فحركت النعمة قلبه فأخذ يطلب من هللا ان ينير‬
‫عقله ويرشده ويقويه‪ ،‬فسمع صوتا ً من السماء يقول له‪ ":‬تشجع وقم فانك تكون سببا ً‬
‫ارد كثيرين الى االيمان بي"‪.‬‬
‫ولساعته اسرع الى الجالدين وأخذ يوبخهم على تعذيبهم المسيحيين ويقول‬
‫لهم‪ ":‬انا مسيحي" وازدرى باآللهة والملك‪ .‬فاندهشوا من جرأته‪ ،‬وخافوا من منظره‬
‫المهيب وقامته الجبارة‪ .‬فأخبروا الملك بذلك‪ .‬فأمر بان يأتوه به وإن أبى فليقطعوا جسده‬
‫إربا ً إرباً‪ .‬ولما جاءوا ليأخذوه رأوه يصلي فتهيبوه واخذوا يالطفونه قائلين‪:‬‬
‫" ان الملك يدعوك وأتينا لنأخذك لكننا نرجع ونقول له‪ :‬اننا لم نجدك‪ ،‬فكن بأمان"‪.‬‬
‫اما هو فقال لهم‪ :‬انتظروا قليالً لتروا قوة هللا ومعجزة سيدي يسوع المسيح‪.‬‬
‫وفي الحال امده الرب بآية تكثير بعض خبزات كانت معهم‪ ،‬فتعجبوا وآمنوا وقالوا‪:‬‬
‫" اننا نعبد االله الذي تعبده انت‪ ،‬فال اله سواه"‪.‬‬
‫فجاء بهم الى القديس بابيال بطريرك انطاكية وقبل معهم سر العماد المقدس‬
‫وتسمى "خريستوفورس" اي حامل المسيح‪ .‬ثم قال للجنود ان يقودوه الى الملك‬
‫مربوطاً‪ .‬فلما مثل امامه‪ ،‬جاهر بأنه مسيحي واسمه "خريستوفورس" فحاول الملك‬
‫اقناعه بأن يرجع الى دين آبائه واجداده فلم يفلح فطرحه في السجن‪ .‬وارسل امرأتين‬
‫فاسقتين لتفسداه وتقنعاه ليضحي االصنام‪ .‬وما دخلتا عليه‪ ،‬حتى بهرهما نور ساطع‬
‫فوقعتا على قدميه تطلبان المغفرة والبركة‪ ،‬وعادتا الى الملك مؤمنتين بالمسيح‪ ،‬فأمر‬
‫بهما واماتهما شهيدتين‪.‬‬
‫وفي الغد استحضره الملك وقال له‪ :‬ايها المجنون‪ ،‬ماذا يفيدك جنونك‪ ،‬فاذبح‬
‫لالوثان تنج من العذاب والموت‪ ،‬فأجابه القديس‪ ":‬انت المجنون‪ ،‬وجنونك شيطاني‪.‬‬
‫كفاك ظلما ً وشراً‪ .‬انك ألعجز من ان تنال مني مأربا ً ولو مهما انزلت بي من العذاب"‪.‬‬
‫فتميز الملك من الغيظ وامر بتعذيبه‪ ،‬فمددوه على مصبَّع من نحاس محمي وطافوا به‬
‫في المدينة‪ .‬ثم اشعلوا نارا ً وزجوه فيها‪ ،‬فصانه هللا من الحريق‪ .‬ولما جاء المسيحيون‬
‫ومعهم وثنيون ليأخذوا بقايا جسده‪ ،‬ظنا ً منهم انه احترق‪ ،‬رأوه سالما ً واقفا ً وسط النار‬
‫يمجد هللا‪ .‬عندئذ صرخ الشعب‪ ،‬واحد هو االله الذي يعبده خريستوفورس ونحن نؤمن‬
‫به‪ .‬وقد آمن آالف من الوثنيين واعتمدوا‪ .‬واخذ جميعهم يرتلون هلل ويمدحونه بالمزامير‬
‫فازداد الملك غضبا ً وارسل جنوده فأعملوا بهم السيف وبه تكللوا بالشهادة‪ .‬أما‬
‫خريستوفورس فبعد ان رشقوه بالسهام‪ ،‬قطعوا هامته فطارت روحه الى االخدار‬
‫السماوية نحو سنة ‪ .258‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع عشر‬
‫عيد ارتفاع الصليب المكرم‬
‫وأسر الوف المسيحيين وفي‬
‫َ‬ ‫كان كسرى ملك الفرس قد دخل اورشليم ظافرا ً‬
‫مقدمتهم البطريرك زكريا‪ ،‬ونقلهم الى بالده‪ ،‬واخذ ذخيرة عود الصليب الكريم غنيمةً‪،‬‬
‫وبقيت في حوزته اربع عشرة سنة‪.‬‬
‫ولما انتصر هرقل الملك على الفرس‪ ،‬كانت اهم شروطه اطالق المسيحيين‬
‫االسرى وإرجاع ذخيرة عود الصليب‪ .‬وكان كسرى قد مات وملك مكانه ابنه سيراوس‬
‫فقبل هذا بالشروط واطلق االسرى سالمين مع البطريرك زكريا بعد ان قضوا في االسر‬
‫‪14‬سنة‪ ،‬وسلم ذخيرة عود الصليب الى هرقل الملك وكان ذلك سنة ‪ .628‬فأتى بها‬
‫هرقل الى القسطنطينية التي خرجت بكل ما فيها الى استقباله بالمصابيح وتراتيل النصر‬
‫واالبتهاج‪.‬‬
‫وبعد مرور سنة جاء بها االمبراطور هرقل الى اورشليم ليركز عود الصليب في‬
‫موضعه على جبل الجلجلة‪ .‬فقام لمالقاته الشعب وعلى رأسهم البطريرك زكريا‪.‬‬
‫فاستقبلوه بأبهى مظاهر الفرح والبهجة بالمشاعل والترانيم البيعية‪ ،‬وساروا حتى طريق‬
‫الجلجلة‪ .‬وهناك توقف الملك بغتة بقوة خفية وما امكنه ان يخطو خطوة واحدة‪ .‬فتقدم‬
‫البطريرك وقال للملك‪ ":‬ان السيد المسيح مشى هذه الطريق حامالً صليبه‪ ،‬مكلالً‬
‫بالشوك‪ ،‬البسا ً ثوب السخرية والهوان‪ ،‬وانت البس اثوابك االرجوانية وعلى رأسك‬
‫التاج المرصع بالجواهر‪ ،‬فعليك ان تشابه المسيح بتواضعه وفقره"‪ .‬فأصغى الملك الى‬
‫كالم البطريرك‪ ،‬وارتدى ثوبا ً حقيرا ً ومشى مكشوف الرأس‪ ،‬حافي القدمين‪ ،‬فوصل الى‬
‫الجلجلة‪ ،‬حيث ركز الصليب في الموضع الذي كان فيه قبالً‪.‬‬
‫ثم نقيم تذكار ظهور الصليب للملك قسطنطين الكبير في الحرب ضد عدوه‬
‫قرب من رومة استعان بالمسيحيين واستغاث بالههم يسوع‬ ‫مكسنسيوس‪ .‬وذلك انه لما ُ‬
‫المسيح واله والدته هيالنه لينصره على اعدائه‪ .‬وبينما هو في المعركة ظهر له الصليب‬
‫في الجو الصافي‪ ،‬محاطا ً بهذه الكتابة بأحرف بارزة من النور‪ ":‬بهذه العالمة تظفر"‬
‫فاتكل على اله الصليب‪ ،‬فانتصر على مكسنسيوس‪ ،‬وآمن بالمسيح هو وجنوده‪ .‬وجعل‬
‫راية الصليب تخفق في راياته وبنوده‪ .‬وبعث الكنيسة من ظلمة الدياميس‪ ،‬وأمر بهدم‬
‫معابد االصنام وشيد مكانها الكنائس‪ ،‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬اي منذ عام ‪ ،330‬ع َّم االحتفا ُل‬
‫والغرب‪ .‬وقد امتاز لبنان بهذا االحتفال منذ القديم‪ ،‬فانه‪ ،‬ليلة هذا‬
‫َ‬ ‫بعيد الصليب الشرقَ‬
‫العيد‪ ،‬يظهر شعلة من االنوار في جروده وسواحله‪ .‬فالشكر للرب يسوع الذي قال‪":‬‬
‫وانا اذا ارتفعت عن االرض‪ ،‬جذبت الي الجميع"‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫تذكار القديس ابراميوس الملقب بشينا‬
‫ان البار ابراميوس الملقب بشينا اي االمان‪ ،‬كان من بلد انطاكية رئيسا ً على‬
‫جماعة من اللصوص‪ ،‬اراد يوما ً ان ينهب ديرا ً للرهبات فتزيى واصحابه بزي الرهبان‬
‫ودخل الدير لينهبه فاستقبلته الراهبات وقامت احداهن تغسل رجليه بحسب العادة‬
‫الجارية عندهن في استقبال الضيوف‪ .‬وكانت احدى الراهبات مريضة مقعدة‪ ،‬فادهنت‬
‫بتلك الغسالة فشفيت‪ .‬فلما رأى ابراميوس هذه االعجوبة وما كان في جو ذلك الدير من‬
‫صالح وقداسة‪ ،‬تأثر جدا ً ومست النعمة قلبه في الحال وعزم على ان يتوب ويرجع عن‬
‫سيرته االثيمة‪ .‬ولساعته اظهر نفسه للراهبات واخبرهن عن قصده في دخوله ديرهن‪.‬‬
‫وتأكدا ً لذلك ابان لهن عن سيفه المخبأ ورمى به بين ايدهن اشارة اعطائهن االمان‪،‬‬
‫لذلك لقب بشينا اي االمان‪ .‬ثم ترهب هو ورفقته وانهوا حياتهم بافعال التوبة والتنسك‪.‬‬
‫وصار شينا رئيسا ً عليهم في الدير ورد بارشاداته عددا ً وافرا ً من الوثنيين ورقد‬
‫بسالم‪.‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه تذكار مار ساسين‬
‫كان هذا القديس اسقفا ً على مدينة كوزيكس‪ ،‬قبض والي كوزيكس عليه فاعترف‬
‫يضحي لالصنام فأبى واخذ يبيِن‬‫ِ‬ ‫بايمانه المسيحي بكل جرأة‪ .‬فغضب الحاكم وامره بأن‬
‫فساد العبادة الوثنية وخرافاتها وان الديانة المسيحية هي الديانة الحقَّة‪ .‬فاستشاط الوالي‬
‫مروضة‪ ،‬حتى تهشم جسمه‪ .‬ثم جلدوه جلدا ً‬ ‫َّ‬ ‫غيظا ً وامر بعذابه فشدوه الى خي ٍل غير‬
‫قاسياً‪ ،‬وهو صابر ثابت في ايمانه‪ .‬فألقوه في السجن مغلَّالً بقيود من حديد‪ .‬ولما قام‬
‫وحررها من االضطهاد‪ ،‬اطلق سبيل االسقف‬ ‫َّ‬ ‫الملك قسطنطين الكبير ونصر الكنيسة‬
‫القديس وارجعه الى كرسيه‪ .‬ولما ظهرت بدعة اريوس‪ ،‬انعقد المجمع النيقاوي االول‬
‫‪ 325‬اخذ ساسين يجادل االريوسيين ويفحمهم ببراهينه السديدة‪ .‬ثم رجع الى كرسيه‬
‫يذيع تعليم المجمع النيقاوي‪.‬‬
‫كان غااليوس عدوا ً لقسطنطين وللمسيحيين‪ ،‬فقبض على االسقف ساسين وانزل‬
‫به أش َّد العذابات حتى انتهت حياته بقطع رأسه نحو السنة ‪ .328‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار الشهيد كبريانوس اسقف فرطاجه‬
‫ولد كبريانوس نحو سنة ‪ 210‬في مدينة قرطاجه من اسرة وثنية غنية‪.‬وقد‬
‫تثقف ثقافة عالية حتى اضحى فيلسوفا ً كبيرا ً وخطيبا ً فصيحاً‪ ،‬له مكانته عند الوجهاء‬
‫والعظماء‪ .‬وبسمت له الدنيا‪ ،‬فعاش في بادئ االمرعيشة وثنية يطلق العنان الميال‬
‫الجسد وشهواته فتزوج ورزق بنين واصبح يعلل النفس بامجاد الدنيا واباطيلها‪ .‬لكن‬
‫هللا اراده لخدمته‪.‬‬
‫فهداه الى االيمان بالمسيح على يد الكاهن سيسيليوس‪ .‬فاعتمد هو وعيلته‪.‬‬
‫ولساعته سلَّم كبريانوس زوجته واوالده لعناية مرشده سيسيليوس الكاهن تاركا ً لهم ما‬
‫يكفيهم من االرزاق‪ ،‬وباع الباقي ووزع ثمنه على الفقراء واضحى بكليته للرب يسوع‪.‬‬
‫فانكب على مطالعة الكتاب المقدس وتآليف اآلباء القديسين يمعن فيها وبغذي عقله‬
‫الراجح وقلبه الكبير من لبابها‪ .‬ووضع كتابا ً في بطالن عبادة الوثنية‪.‬‬
‫رسمه اسقف قرطاجه كاهناً‪ .‬فأخذ يعلم ويرشد بمواعظه وتآليفه وامثلته‬
‫الصالحة‪ .‬وفي سنة ‪ 248‬مات اسقف قرطاجه‪ ،‬فاختاره الشعب خلفا ً له‪ .‬فكان ابا ً شفوقا ً‬
‫على الشعب وراعيا ً غيورا ً على رعيته محسنا ً سخيا ً على البائسين ومحاميا ً جريئا ً عن‬
‫الدين وعن خراف رعيته‪.‬‬
‫ولما تجدد االضطهاد على المسيحيين بأمر داكيوس قيصر‪ ،‬بذل كبريانوس‬
‫قصارى الجهد في سبيل ثباتهم في االيمان‪.‬‬
‫ولما مات داكيوس الملك‪ ،‬هدأ االضطهاد ورجع كبريانوس الى كرسيه وخلص‬
‫كثيرين من االسر وقام بزيارة المرضى والمصابين بداء الطاعون يوآسيهم ويعزيهم‪ .‬ثم‬
‫عاد االضطهاد بأمر والريانوس الظالم فنفى القديس من المدينة فسكن مع اكليرسه‬
‫بستانا ً مجاورا ً وابى ان يبتعد عن رعيته قائالً‪ ":‬ان اموت شهيدا ً بينكم ضمانة لحفظ‬
‫ايمانكم"‪.‬‬
‫وبقي مثابرا ً على جهاده وعلى اعمال غيرته‪ ،‬حتى شكاه الوثنيون وقادوه‬
‫الىالوالي‪ .‬فحكم عليه بقطع الرأس خارج المدينة‪ .‬وكان استشهاده عام ‪.258‬‬
‫وقد ترك للكنيسة تآليف عديدة قيمة في الالهوت واآلداب ورسائل بديعة قد‬
‫اعجب بها اآلباء والفالسفة وخاصة القديس اغوسطينوس‪ .‬لذلك تلقبه الكنيسة بمعلمها‬
‫وملفانها العظيم‪ .‬ومن كالمه المأثور‪ ":‬ال يكون هللا ابا ً لمن ال تكون له الكنيسة اماً"‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم السابع عشر‬


‫تذكار القديسة صوفيا وبناتها‬
‫ولدت صوفيا في ايطاليا وتربت وعاشت وثنية‪ .‬ثم تزوجت ورزقت ثالث بنات‬
‫املنة ورجاء ومحبة‪.‬‬
‫وبعد ان ترملت صوفيا اهتدت بنعمة هللا الى الدين المسيحي واحسنت تربية‬
‫بناتها على مخافة هللا وتقواه‪ .‬ثم جاءت بهن الى روما حيث قبلت معهن سر العماد‬
‫المقدس‪ .‬وما حلت النعمة في قلوبهن‪ ،‬حتى أضرمتهن بنار الغيرة على نشر االيمان‬
‫بالمسيح‪ ،‬فأخذن يبشرن به الوثنيين ويهدين منهم الكثيرين الى الدين الصحيح‪ ،‬وال‬
‫سيما النساء والبنات الوثنيات‪ .‬فقبض عليهن الملك ادريانوس‪ ،‬واخذ يوبخ صوفيا على‬
‫مخالفتها اوامر الملوك ويهددها بأشد العقوبات ان بقيت مصرة على عنادها‪ .‬فلم تعبأ‬
‫القديسة بتهديداته‪ .‬فأمر بقطع رأس امانة البكر وهي ال تتجاوز الثانية عشر من العمر‪،‬‬
‫تخويفا ً المها والختيها الصغيرتين‪ ،‬فتدحرج رأسها امام تلك االم المسكينة وهي تشكر‬
‫وشرف ابنتها بنعمة االستشهاد‪ .‬ولما رآهن ثابتات على عزمهن‪ ،‬أمر‬ ‫َّ‬ ‫ضل‬‫هللا الذي تف َّ‬
‫بتعذيب االبنة الثانية رجاء ولها من العمر عشر سنوات‪ ،‬وبعد ان عذبوها عذابا ً وحشيا ً‬
‫قطعوا رأسها فارتمى قرب رأس اختها‪ .‬وبعد كل هذه االعمال البربرية‪ ،‬لم يشفق ذلك‬
‫الملك الظالم على االم المفجوعة وابنتها الثالثة وهي في التاسعة من عمرها‪ ،‬فأمر‬
‫بطرحها في النار فصانها هللا من الحريق‪ ،‬فأمر بضرب عنقها‪.‬‬
‫اما امهن صوفيا اي الحكمة‪ ،‬فكان قلبها يتمزق حزنا ً واسى‪ ،‬لكنها كانت تتجلد‬
‫صابرةً على مصابها‪ ،‬تشجع بناتها على احتمال العذاب والموت وتفرح بفوزهن باكليل‬
‫الشهادة‪ ،‬وقد ابقاها الملك حية بعدهن ليزيدها حزنا ً وألماً‪ .‬ثم قطع رأسها فنالت اكليل‬
‫الشهادة عام ‪ .138‬صالتهن معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن عشر‬


‫تذكار هرب ربنا يسوع المسيح الى مصر‬
‫قال متى االنجيلي(‪ )15 – 13 :2‬ولما انصرف المجوس‪ ،‬اذا بمالك الرب‬
‫تراءى ليوسف في الحلم قائالً‪ :‬قم فخذ الصبي وامه واهرب الى مصر وكن هناك‪ ،‬حتى‬
‫اقول لك‪ .‬فان هيرودوس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه‪ .‬فقام واخذ الصبي وامه ليالً‪،‬‬
‫وانصرف الى مصر‪ ،‬وكان هناك الى وفاة هيرودوس‪ ،‬ليتم ما قال الرب بالنبي‪ ":‬من‬
‫مصر دعوت ابني"‪.‬‬
‫ومن ذلك الحين اخذت تلك االمصار االفريقية تزهو بالدين الحقيقي واصبحت‬
‫فردوسا ً روحيا ً بتبشير القديس مرقس‪ ،‬وازدهرت وتشرفت باعاظم القديسين والنساك‪،‬‬
‫كالقديس انطونيوس كوكب البرية‪ ،‬واكبر علماء الكنيسة كاوغسطينوس واثناسيوس‬
‫وكبريانوس‪...‬‬
‫ولما مات هيرودوس‪ ،‬ظهر مالك الرب ليوسف وأمره ان يرجع الى الناصرة‪،‬‬
‫الن هيرودوس قد مات‪ ،‬فرجع يوسف مع الطفل وامه وسكنوا الناصرة‪ ،‬ليتم ما قيل‬
‫باالنبياء انه يدعى ناصريا ً (متى‪.)23 :2‬‬
‫اليوم التاسع عشر‬
‫تذكار القديس جنواريوس ( ‪)305‬‬
‫َر َّج َح العلماء انه ولد في نابولي‪ .‬ونظرا ً لما كان متصفا ً به من العلوم والفضائل‪،‬‬
‫اقيم اسقفا ً على مدينة بانافنتي من اعمال ايطاليا‪ .‬ولم يقبل هذه االسقفية إال بأمر الحبر‬
‫االعظم‪ .‬فظهرراعيا ً فاضالً ورسوالً غيوراً‪ .‬ساس رعيته بكل نشاط فكان يطوف القرى‬
‫والمدن‪ ،‬مرشداً‪ ،‬عامالً علىخالص النفوس‪ ،‬عطوفا ً على الفقراء والبائيسين‪ .‬يشدد‬
‫عزائم المسيحيين المساقين الى العذاب ايام االضطهاد‪.‬‬
‫وإذ تحقق الوالي غيرته وثباته في االيمان طرحه في اتون متقد اقام فيه ثالثة‬
‫ايام مثابرا ً على الصالة‪ ،‬فصانه هللا من اذى الحريق‪ .‬لذلك غضب الوالي وأمر بأن‬
‫يمزقوا مفاصل جسده كلها‪ .‬وألقى القبض على شماسه الخاص فسطوس وعلى قارئ‬
‫كنيسته اللذين أتيا لزيارته‪ ،‬يرغبان الموت معه‪ ،‬فقيدهم الوالي جميعهم بالسالسل‬
‫طرحوا للوحوش فآنستهم وربضت على‬ ‫وجرهم امام عربته الى مدينة بوزولس حيث ُ‬‫َّ‬
‫قدمي جنواريوس‪ ،‬فنسب الوالي هذه االعجوبة الى فعل السحر‪ ،‬كما كانت عادة‬
‫المضطهدين‪.‬‬
‫ِ‬
‫ثم أمر بقطع رؤوسهم‪ .‬فضرب هللا الوالي بالعمى فعاد الى رشده واخذ يترجى‬
‫القديس ليشفيه فرق له وشفاه‪ .‬فانذهل الحاضرون وآمن منهم كثيرون اما الوالي فما‬
‫كان اال ناكر الجميل‪ .‬وخوفا ً على وظيفته‪ ،‬لم يطلق القديس‪ ،‬بل أمر بقطع رأسه‬
‫ورؤوس َمن معه وجميع الذين آمنوا وذلك سنة ‪.305‬‬

‫اما جسد القديس جنواريوس فأُخذ الى دير جبل العذراء في مدينة بانافنتي‪ .‬ثم‬
‫نقل الىكاتدرائية نابولي حيث هو اآلن محفوظ بكل اكرام‪ .‬وان دمه المحفوظ في قنينة‬
‫الى اليوم يتحرك كلما ادنوه من هامة القديس وذلك على مرأىالناس الزائرين لضريحه‪.‬‬
‫وقد فحص االطباء والعلماء هذا الدم‪ ،‬فأعلنوا ان هناك معجزة حقيقية ثابتة ال تقبل‬
‫الشك والريب‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم العشرون‬
‫تذكار الشهيد اسطاتيوس وزوجته وولديه‬
‫كان هذا القديس من اشراف روما‪ ،‬مشهورا ً بغناه ومزاياه الحميدة ومقدرته في‬
‫فن الحرب‪ .‬وقد شهد يوسيفوس المؤرخ اليهودي انه كان قائدا ً للعساكر الرومانية‪ ،‬التي‬
‫حاصرت اورشليم في عهد ترايانوس قيصر‪ ،‬وقد ادى خدمات جليلة للمملكة الرومانية‬
‫في الحروب ضد اعدائها‪ .‬وكان عطوفا ً جدا ً على المساكين والفقراء‪.‬‬
‫فخرج ذات يوم الى الصيد‪ ،‬فاذا بغزال امامه وقد ظهر بين قرنيه صليب المسيح‪.‬‬
‫فآمن بيالجيدوس بالرب يسوع‪ ،‬مع امرأت وولديه واعتمدوا ودعي بالمعمودية‬
‫اسطاتيوس‪ .‬وما لبث ان ابتاله هللا‪ ،‬كما ابتلى ايوب البار فافتقر وانزوى في احدى‬
‫القرى‪ ،‬عائشا ً بالمذلة والفقر‪ ،‬شاكرا ً هللا‪.‬‬
‫فنظر هللا صبر عبده اسطاتيوس المنقطع النظير واعاد اليه مجده الغابر فأقامه‬
‫الملك ترايانوس قائدا ً لجيشه ففاز بانتصارات عديدة‪.‬‬
‫وخلف ترايانوس الملك ادريانوس‪ .‬واراد ان يقيم عيدا ً حافالً تُقدم فيه الضحايا‬
‫لالوثان‪ .‬فابى اسطاتيوس حضور هذا االحتفال‪ ،‬وقال للملك‪ ":‬انا مسيحي"‪ .‬فأخذ الملك‬
‫يالطفه ويدعوه للتضحية لالوثان هو وعيلته‪ ،‬فرفض وبقي مع زوجته وولديه ثابتين‬
‫في ايمانهم ال يهابون التهديد وال الوعيد‪ .‬فأمر الملك بسجنهم‪ .‬وأتى اشراف المدينة‬
‫يرجونهم ان يعترفوا باآللهة فينجوا من الموت‪ .‬فلم يعبأوا بهم‪ .‬فغضب ادريانوس وأمر‬
‫بطرحهم للوحوش‪ ،‬فكانت هذه الضواري آنس لهم واكثر شفقة عليهم من الوحوش‬
‫البشرية‪ .‬عندئذ استشاط ادريانوس غيظا ً وأمر فأتوا بثور من نحاس واضرموا حوله‬
‫النار ووضعوهم في داخله‪ .‬فماتوا وهم يترنمون بتمجيد هللا‪ ،‬وكان استشهادهم سنة‬
‫‪ 118‬للميالد‪.‬‬
‫اما اجسادهم فبقيت سالمة فجاء المسيحيون وحملوهم ودفنوهم في روما حيث‬
‫بنيت على اسمائهم كنيسة ما زالت موجودة الى اآلن‪ .‬وهذه معاني اسمائهم باليونانية‬
‫اسطلتيوس اي الناجح الثابت‪ ،‬وزوجته تاويستي أي المتكلة على هللا‪ ،‬واغابيوس اي‬
‫حبيب هللا‪ .‬وتاوبستوس اي المتكل على هللا‪ .‬صالتهم معنا ‪.‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحاديوالعشرون‬
‫تذكار القديس قذراتس‬
‫نشأ قذراتس في مدينة آثينا في اواخر القرن االول‪ .‬وقد تثقف على اشهر‬
‫علمائها وكان تلميذا ً للرسل االطهار كما يقول القديس ايرونيموس‪ .‬وقد اشتهر بكتاباته‬
‫الدفاعية عن الديانة المسيحية‪.‬‬
‫فبعد ان بشر هذا القديس باالنجيل في اماكن عديدة‪ ،‬اقيم اسقفا ً على آثينا حيث‬
‫كانت وطأة االضطهاد شديدة جدا َ على المسيحيين‪ ،‬فهب كاالسد المجروح‪ ،‬يدافع عنهم‬
‫بكل ما اوتيه من روح االيمان الحي ومرهف القلم واللسان‪ .‬واخذ يعترض على احكام‬
‫الوالة الجائرة ويحامي عن شرف الدين المسيحي وسمو تعاليمه وقداسة اسراره‪،‬‬
‫وحسن سلوك المسيحيين واخالصهم للمملكة‪ ،‬وذلك بادلة وبراهين ساطعة‪.‬‬
‫فدبج عريضة مسهبة بذلك وقدمها بذاته الى الملك ادريانوس الذي جاء زائرا ً‬
‫آثينا‪ ،‬فكان لهذه العريضة وللخطبة التي القاها قذراتس امام الملك تأثير عظيم فأمر بان‬
‫يعامل المسيحيون بموجب الشرائع وان ال يحكم عليهم بالموت اال لجرم ثابت ثقيل‪.‬‬
‫واستمر هذا االسقف القديس يسوس رعيته بغيرة رسولية ال تعرف تعبا ً وال ملالً‬
‫الى ان رقد بالرب سنة ‪ 138‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضاً‪ :‬تذكار تاودورس الشهيد‬


‫ولد هذا القديس في مدينة برجا‪ ،‬في اقليم بمفيليا في اوائل القرن الثاني للمسيح‪.‬‬
‫ولما شب عُيِن جنديا ً في جيش الملك انطونينوس قيصر يمارس الفاضئل السامية‬
‫والتقوى الصحيحة والشفقة على المساكين‪.‬‬
‫شي به الى الوالي بأنه مسيحي‪ .‬أ ُ ِم َر بأن يضحي‬‫ولما كان في مدينة صور‪ُ ،‬و ِ‬
‫لالصنام‪ ،‬فرفض وترك وظيفة الجندية قائالً‪ ":‬انني حينما اقتبلت سر العماد تجندت لملك‬
‫السماوات يسوع المسيح فال اريد بعد اآلن‪ ،‬ان اخدم ملكا ً ارضياً"‪ .‬فأمر الوالي بضربه‬
‫وجلده بقساوة بربرية‪ ،‬فكان القديس صابرا ً ثابتا ً في ايمانه‪ .‬ثم وضعوه في اتون نار‬
‫متقدة‪ ،‬فصانه هللا من الحريق وخرج من االتون سالماً‪ ،‬فعند هذه اآلية الباهرة‪ ،‬آمن‬
‫اثنان من الجند هما سقراط وديونسيوس‪ ،‬واعترفا جهارا ً بايمانهما بالمسيح‪.‬‬
‫وكانت فيليا والدة القديس تاودورس حاضرة‪ ،‬فأمر الوالي بقطع رأسها ورأسي‬
‫الجنديين اللذين آمنا‪ .‬ففاز ثالثتهم بالشهادة‪ .‬اما تاودورس‪ ،‬ف ُحكم عليه بالموت مصلوبا ً‬
‫على خشبة‪ ،‬حيث بقي ثالثة ايام صابرا ً مصليا ً وشاكرا ً هللا‪ ،‬الى ان اسلم الروح وتكلل‬
‫بالشهادة في اواسط القرن الثاني للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني والعشرون‬


‫تذكار القديس موريسيوس ورفاقه‬
‫كان القديس موريسيوس قائد فرقة رومانية مؤلفة من ‪ 6660‬جندياً‪ .‬كُلف‬
‫بالمحافظة على المقاطعات الرومانية في جهات فلسطين في ايام ديوكلتيانوس‬
‫ومكسيميانوس‪ .‬وهناك اهتدى موريسيوس الى االيمان بالمسيح على يد اسقف اورشليم‬
‫واهتدت فرقته معه واعتمدوا حميعاً‪.‬‬
‫فلما عرف الوالي أمرهم بتقديم الذبيحة آللهته‪ .‬فرفضوا‪ .‬فأمر بقتل بعضهم‬
‫تخويفا ً للبقية‪ .‬فقام موريسيوس وكتب يقول للملك‪ ":‬اننا نقبل الموت بكل سرور محبة‬
‫بالمسيح الذي مات الجلنا وخلصنا‪ .‬نحن نخدمك ايها الملك‪ ،‬ولكننا نعبد هللا ونؤمن‬
‫بالسيح وانجيله المقدس‪ .‬ونقبل الموت بكل شوق"‪ .‬فاغتاظ الملك وأمر بقتلهم جميعاً‪.‬‬
‫فقدموا اعناقهم للذبح مثل معلمهم الذي سيق الى الذبح كنعجة ولم يفتح فاه‪ .‬وكان ذلك‬
‫سنة ‪ .303‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس فوقا الشهيد‬


‫سم اسقفا ً على مدينة سينوبي‪ ،‬في البُنُطوس‪،‬‬
‫نعلم انه عاش في ايام الرسل‪ُ .‬ر ِ‬
‫واشتهر في الشرق والغرب‪.‬‬
‫وفيما كان يدبر ابرشيته ويحنو على رعاياه ويبشر بالمسيح بغيرة ال تعرف‬
‫الملل‪ ،‬قبض عليه والي البالد وكلفه ان يضحي لالوثان فأبى واعترف بايمانه بالمسيح‬
‫فأنزل به الوالي اعذبة قاسية‪ ،‬منها انه انزله في اتون نار مضطرم فكان صابرا ً يشكر‬
‫هللا ويترنم بتسبحة االطفال الثالثة في اتون بابل‪ .‬فحدثت زلزلة قوية طرحت الوالي‬
‫وجنوده صرعى ال يعون على شيء‪ .‬فرق لهم القديس وتضرع الى هللا من اجلهم فعادوا‬
‫الى رشدهم مندهشين من هذا الحادث العجيب ومن شفقة القديس عليهم‪ .‬عندئذ ترك‬
‫الوالي الشهيد وشأنه‪ ،‬فرجع الى ابرشيته يواصل جهاده واعماله البطولية‪.‬‬
‫ثم قبض الوالي ثانية على القديس فوقا‪ .‬ولما ابى ان يضحي لالوثان امر به‬
‫فعذبوه بقساوة بربرية‪ ،‬وطرحوه في حمام مشتعل نارا ً فاستمر ثالث ساعات معتصما ً‬
‫بالصبر وبالصالة الحارة الى ان فاضت روحه الطاهرة عام ‪ .115‬فكان ضريحه ينبوع‬
‫نعم ومعجزات‪ .‬للقديس يوحنا فم الذهب خطاب بديع في مدحه يوم نقل ذخائره من‬
‫النُنطوس الى القسطنطينية‪ .‬وعلى اسم القديس فوقا كنائس عدة في لبنان منذ القرن‬
‫السادس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثالث والعشرون‬
‫تذكار بشارة زكريا بيوحنا‬
‫روى القديس لوقا في الفصل االول من انجيله كيف بشر المالك زكريا الكاهن‬
‫بيوحنا‪ .‬جرت البشارة في الهيكل بينما كان زكريا يحرق البخور‪ .‬قال له المالك‪ ":‬يا‬
‫فسمه يوحنا"‪ .‬فقال زكريا‬‫ِ‬ ‫سمع وستلد امرأتك ابنا ً‬
‫زكريا‪ ،‬طب نفسا‪ ،‬ان دعاءك قد ُ‬
‫للمالك‪ِ ":‬ب َم اعرف هذا وانا شيخ وامرأتي طاعنة في السن؟" فأجابه المالك‪ ":‬انا‬
‫سلتُ الخاطبك وازف اليك هذه البشرى‪ ،‬ستكون أبكَم ال‬ ‫جبرائيل القائم في حضرة هللا‪ ،‬أُر ِ‬
‫تستطيع الكالم الى ان يتم ذلك النك لم تؤمن بكالمي‪ ،‬وكالمي سيتحقق في اوانه"‪.‬‬
‫وبعد تلك االيام حملت امرأته اليصابات‪ ،‬وكانت تقول‪ ":‬هذا ما اتاني الرب من‬
‫ي فأزال عني العار من بين الناس"‪.‬‬
‫فضله يوم عطف عل َّ‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار النبي يونان‬


‫هو من االنبياء االثني عشر الصغار‪ ،‬أمره الرب بالذهاب الى مدينة نينوى قرب‬
‫الدجلة لينذرها بالتوبة‪ .‬فخاف يونان وهرب في سفينة‪ .‬فهاج البحر واوشكت السفينة‬
‫على الغرق‪ .‬فاعتبر يونان ان ذلك عقاب لمعصيته أمر الرب‪ .‬وطلب ان يُرمى في البحر‪،‬‬
‫فرموه وهدأت الزوبعة ونجت السفينة وركابها وصان هللا يونان من الغرق في بطن‬
‫الحوت ثالثة ايام وثالث ليال‪ ،‬رمزا ً لموت السيد المسيح وقيامته‪ ،‬كما أشار عز وجل‪،‬‬
‫بقوله‪ ":‬مثلما كان يونان في بطن الحوت‪ ...‬كذلك يكون ابن البشر في قلب االرض ثالثة‬
‫ايام وثالث ليال" (متى‪.)40:12‬‬
‫وسار يونان الى نينوى وبشر اهلها فآمنوا وصاموا ولبسوا المسح من كبيرهم‬
‫الى صغيرهم‪ .‬فرضي هللا عنهم وقَبِ َل توبتهم‪.‬‬
‫وطلب يونان من هللا ان ينقله اليه فاستجاب طلبته وتوفاه نحو سنة ‪ 711‬قبل‬
‫المسيح‪ .‬ويونان لفظة عبرانية معناها الحمامة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار القديسة تقال اولى الشهيدات‬
‫ولدت نحو سنة العشرين‪ ،‬في مدينة ايقونية من والدين وثنيين وغنيين‪ .‬كانت‬
‫جميلة وذكية ومثقفة كثيراً‪ُ .‬خ ِطبت لشاب وثني ال يقل عنها شرفا ً وجاهاً‪ .‬ولما مر‬
‫بولس الرسول في مدينة ايقونية نحو السنة ‪ ،45‬سمعته تقال فاعجبت بتعاليمه واستنار‬
‫عقلها بنعمة هللا‪.‬وبعد ان تفهمت التعاليم االنجيلية واعتمدت ونذرت بتوليتها هلل‪،‬‬
‫وعكفت على اصالة والتأمل‪ .‬فسألتها والدتها عن هذا التبدل في حياتها‪ ،‬فأجابتها‪ :‬انه‬
‫ثمن اصطباغها بماء العماد المقدس وايمانها بالمسيح الذي نذرت له بتوليتها‪ .‬فثارت‬
‫االم وغضب خطيبها واهلها واخذوا يقنعونها بالكفر‪ ،‬فلم تسمع لهم‪ .‬فشكتها امها الى‬
‫حاكم المدينة‪ .‬فأخذ يتملقها الحاكم فلم تعبأ بتهديداته‪ .‬فأمر باضرام النار‪ .‬فرمت تقال‬
‫ذاتها في النار مسرورة اال ان هللا حفظها‪ ،‬فنزل المطر واطفأ النار وسلمت تقال فتركت‬
‫بيت ابيها ولحقت بالقديس بولس ورافقته في أسفاره حتى انطاكية حيث بقيت تبشر‬
‫بانجيل المسيح‪ .‬فعلم بها والي انطاكية فأمر بطرحها للوحوش عريانة‪ .‬فستر هللا عريها‬
‫ولم تؤذها الوحوش ابدا‪ .‬فأعادها الوالي الى السجن‪ .‬وفي اليوم التالي ربطوها الى‬
‫زوج من الثيران المخيفة فكادت تقال تموت ألماً‪ .‬فخلصها هللا بأن أفلَتَها الثَّوران‪.‬‬
‫فحار الحاكم بامرها‪ ،‬وألقاها في هوة عميقة مملوءة حيات سامة‪ ،‬فلم تؤذها‪.‬‬
‫دهش الجميع وذهل الملك فطلبها وسألها كيف تنجو من هذه المخاطر؟‬
‫فأجابته‪ ":‬انا عبدة يسوع المسيح ابن هللا الحي‪ ،‬هو وحده الطريق والحق والحياة‬
‫وخالص من يرجونه"‪ .‬فأطلقها الوالي امام الجميع حرة سالمة‪.‬‬
‫فخرجت واعلمت القديس بولس بكل ما جرى لها فمجد هللا معها‪ .‬ثم اخذت تبشر‬
‫في مدينتها وفي القلمون ومعلوال وصيدنايا في سورية‪.‬‬
‫نعم وبركات‪.‬‬
‫ثم ماتت بعمر تسعين سنة ودفنت في سلوقية‪ ،‬واضحى قبرها نبه ٍ‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس والعشرون‬


‫تذكار القديس بفنوتيوس المعترف‬
‫ولد بفنوتيوس في مصر في النصف الثاني من القرن الثالث‪ .‬ومنذ حداثته عشق‬
‫الفضيلة وانكب على قراءة سير القديسين والمتوحدين ورغب في اقتفاء آثارهم‪ .‬ولما‬
‫بلغ اشده ترك بيت ابيه وذهب الى القديس انطونيوس الكبير فتتلمذ له‪ .‬وقد اشتهر‬
‫بطاعته وتجرده ومحبته للصمت وللصالة العقلية وقد امتاز خاصة بحكمته وفطنته‬
‫ومحبته للقريب‪.‬‬
‫ولما طلب االساقفة من القديس انطونيوس راهبا ً فاضالً ليكون اسقفا ً على احدى‬
‫مدن مصر‪ ،‬قدم لهم بفنوتينوس‪ .‬فأقاموه اسقفا ً رغم ُممانعته‪ .‬فكان في ابرشيته المعلم‬
‫والمرشد واالب العطوف والمحسن الكبير الى الفقراء‪ .‬فازداد المؤمنون في ابرشيته‬
‫وأزهرت فيها الفضائل المسيحية‪.‬‬
‫ولما قام االضطهاد ُحكم على االسقف باالشغال الشاقة مع كثير من المسيحيين‬
‫سنين طويلة‪.‬‬
‫وبعد ان تسلم قسطنطين عرش المملكة الرومانية اعاد االسقف والمسيحيين الى‬
‫اوطانهم‪.‬‬
‫ولما انعقد المجمع المسكوني االول في نيقية حضره االسقف نفنوتيوس ودافع‬
‫عن الوهية المسيح واشترك في وضع قوانين التهذيب الكنسي‪.‬‬
‫وبعد المجمع عاد الى رعيته يسوسها بحكمة الى ان رقد بالرب سنة ‪.336‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار القديسة فروسينا‬
‫كانت وحيدة السرة شريفة وتقية وغنية‪ .‬تركت بيت اهلها وانفردت في محبسة‬
‫تصلي وتصوم وتتقشف مدة ‪ 18‬سنة‪ .‬وكان والدها يتردد الى تلك المحبسة ولم يعرفها‪،‬‬
‫لنحول جسمها وتبدل هيئتها‪ .‬أما هي فعرفته‪ ،‬لكنها لم تخبره اال في مرضها االخير‪.‬‬
‫فقبلها باكياً‪ .‬واستغفرت منه ابنته وشجعته على الصبر‪ ،‬وماتت سنة ‪ .470‬وقد اتفق‬
‫ابوها مع امها على الزهد في الدنيا‪ ،‬فباع امالكه ووزع ثمنها علىالكنائس والفقراء‪.‬‬
‫ودخلت امرأته احد اديار النساء‪ .‬وهو سكن قلية ابنته في الدير حيث انهى حياته‬
‫بالقداسة على مثالها‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تذكار القديس يوحنا االنجيلي‬
‫ولد يوحنا في مدين ٍة على شاطئ بحيرة طبرية‪ ،‬يقال انها بيت صيدا مدينة‬
‫بطرس واندراوس‪ .‬وكان ابوه زبدى صيادا ً عنده سفينة وشباك وأُجراء‪ .‬وكانت امه‬
‫سالومة من النساء اللواتي تبعن يسوع وساعدنه باموالهن‪ .‬وكان اخوه يعقوب صديقا ً‬
‫حميما ً ليسوع‪ ،‬وقد عمل يوحنا واخوه يعقوب مع ابيهما زبدى في صيد السمك‪ .‬وكانا‬
‫شريكي سمعان بطرس‪ .‬وتتلمذ يوحنا ليوحنا المعمدان قبل ان يتتلمذ ليسوع‪ .‬ودعاه‬
‫يسوع مع اخيه يعقوب على شاطئ بحيرة طبرية فتركا اباهما والسفينة والشباك وتبعا‬
‫يسوع‪.‬‬
‫وجعله يسوع من الرسل االثني عشر‪ .‬ثم اخصه وبطرس ويعقوب بمشاهدة ما لم‬
‫يره سائر الرسل‪ :‬قيامة ابنة يائير رئيس المجمع‪ .‬التجلي على الجبل‪ .‬حزنه في بستان‬
‫ت وثيقةً ومهمة‪.‬‬
‫الزيتون‪ .‬وظهر من االنجيل المقدس ان بين يوحنا وبطرس صال ٍ‬
‫ليلة آالم يسوع هيأ العشاء االخير يوحنا وبطرس‪.‬‬
‫رافق بطرس الى عند رئيس الكهنة‬
‫مع بطرس اسرع الى القبر ليتحقق كالم النسوة من ان القبر فارغ‪.‬‬
‫في اعمال الرسل بعد اسم بطرس يأتي حاال ً اسم يوحنا‪.‬‬
‫يوحنا يرافق بطرس عند شفاء المخلع‪.‬‬
‫يفق مع بطرس امام الحكام‪.‬‬
‫ارسلهما الرسل الى السامرية لتفقد البشارة باالنجيل‪.‬‬
‫كان يوحنا‪ ،‬حوالي السنة الخمسين قائما ً في اورشليم‪.‬‬
‫ويقول بعضهم انه تركها الى افسس في تركيا سنة ‪.60‬‬
‫ونفاه االمبراطور الروماني دوميسيان الى جزيرة بطمس حيث كتب" رؤياه"‪.‬‬
‫ثم عاد الى افسس ايام االمبراطور نرفا سنة ‪ 99‬حيث كتب انجيله ورسائله‪.‬‬
‫ومات يوحنا في اوائل حكم االمبراطور ترايانس حوالي السنة المئة وله من‬
‫العمر أكثر من تسعين سنة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار القديس البابا لينوس االول‬
‫ولد في مدينة فولترا في توسكانا في القرن االول‪ ،‬من اسرة شريفة‪ .‬ذهب الى‬
‫روما ليتعلم‪ ،‬فسمع وعظ القديس بولس وآمن بالمسيح واعتمد وتتلمذ للقديس بولس‬
‫الذي ذكره في رسالته الى تلميذه تيموتاوس‪ .‬وقد بشر مدينة بيزانسون في فرنسا واقيم‬
‫اسقفا ً عليها‪ .‬ونظرا ً لحكمته وفطنته وثقافته اتخذه بطرس الرسول معاونا ً له في الوعظ‬
‫والتعليم‪ .‬فقام بوظيفته احسن قيام‪ ،‬حتى انه بعد وفاة هامة الرسل‪ ،‬اقيم خليفة له‪ :‬نظرا ً‬
‫لسمو قداسته‪ .‬فمنحه هللا موهبة طرد الشياطين واقامة الموتى‪ .‬وهو الذي كتب اقوال‬
‫بطرس الرسول واعماله‪ .‬وال سيما تلك التي كان قد وجهها ضد سيمون الساحر‪.‬‬
‫ويُعزى الى هذا البابا تحريم دخول الكنيسة على النساء مكشوفات الرأس‪ ،‬وكان‬
‫هذا القديس قد اخرج الشيطان من ابنة الوالي ساتورينوس‪ .‬فبدالً من ان يؤمن هذا‬
‫الوثني ويعرف جميل القديس أمر بقطع رأس البابا وبه تمت شهادته في روما سنة ‪78‬‬
‫للمسيح ودفن باكرام في الفاتيكان‪ ،‬قرب ضريح القديس بطرس‪ ،‬بعد ان ساس الكنيسة‪،‬‬
‫احدى عشرة سنة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس كالوبا (قيلوفا) الرسول‬
‫هو احد التالميذ االثنين والسبعين‪ .‬وأحد االثنين اللذين كانا ذاهبين الى قرية‬
‫عماوص‪ ،‬يتدثان عن قيامة المسيح‪ ،‬فظهر لهما الرب وتحدث معهما في الطريق‪ ،‬ولم‬
‫يعرفاه اال بعد ان كسر الخبز معهما وناولهما‪ ،‬كما جاء في بشارة القديس لوقا (‪:24‬‬
‫‪ .)31‬وقد قبل يسوع ضيفا ً في بيته‪ .‬وصنع له وليمة‪ .‬وبعد حلول الروح القدس‪ ،‬اخذ‪،‬‬
‫كباقي الرسل يبشر بالمسيح‪ .‬فقبض عليه اليهود وأماتوه قتالً في بيته الذي فيه اضاف‬
‫السيد المسيح‪ .‬وقد دفن فيه أيضاً‪ :‬وكان استشهاده في العقد الثاني من القرن االول‬
‫للمسيح‪ .‬صالته معنا‪.‬آمين!‬

‫اليوم الثامن والعشرون‬


‫تذكار القديس خاريطون‬
‫ولد خاريطون ومعنى اسمه"المنعم" في مدينة ايقونية في اواسط القرن الثالث‪.‬‬
‫وقد رباه ابواه المسيحيان تربية صالحة‪ .‬ولما أثار الملك اوريليانوس االضطهاد‪ ،‬قُبض‬
‫على خريطون مع جماعة المسيحيين‪ ،‬فجلد وكوي جسده بالنار وألقي في السجن‪ .‬وبعد‬
‫موت الملك اوريليانوس عُفي عن المسيحيين‪.‬‬
‫فذهب خاريطون الى اورشليم لزيارة االماكن المقدسة وهناك اخذ يمارس انواع‬
‫الفضائل والصلوات والتقشفات‪ .‬وتنسك في مغارة هناك‪ ،‬فأنعم هللا عليه بفعل العجائب‪،‬‬
‫واشتهرت قداسته في تلك االنحاء واتى الناس يطلبون بركته‪ .‬وكثير منهم اقتفى اثره‬
‫وترهب عنده‪ .‬فبنى عدة اديرة‪.‬ورقد بالرب في النصف الثاني من القرن الرابع‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس دلماطوس‬
‫ولد في القسطنطينية‪ .‬واصبح جنديا ً وقائدا ً بارزاً‪ .‬كان مسيحيا ً مثابرا ً َربى عائلته‬
‫تربية مسيحية‪.‬‬
‫وحدث ان زار القديس اسحق القسطنطينية وتصادق مع دلماطوس‪ .‬فتأثر كثيرا ً‬
‫بقداسة القديس اسحق‪ .‬واتفق مع زوجته ودخل الرهبانية مع ابنه فوستس وتتلمذا‬
‫للقديس اسحق‪ .‬واخذ يتقشف كثيرا ً حتى قيل انه صام الصوم الكبير دون ان يأكل شيئاً‪.‬‬
‫وبعد موت القديس اسحق اقيم رئيسا ً مكانه‪.‬‬
‫ثمان واربعين سنة منحصرا ً في ديره ال يخرج منه‪ .‬ولما دعاه الملك‬ ‫ٍ‬ ‫وبقي‬
‫توادورس لحضور حفلة‪ ،‬اعتذر القديس قائالً‪ ":‬اني اصلي مع المحتفلين وان كنت في‬
‫صومعتي"‪ .‬وكان الملك يعتبره جدا ً ويقدر فضيلته ويزوره في الدير‪.‬‬
‫وقد حارب افكار نسطور الهرطوقي‪ ،‬والول مرة خرج من صومعته وجاء‬
‫باحتفال وتراتيل مع رهبانه والشعب الى قصر الملك وافهمهم تعليم آباء المجمع فأثبتها‬
‫الملك وطرد نسطور من القسطنطينية‪ .‬وعلم آباء المجمع بغيرته فشكروه ولقبوه ب‬
‫(المحامي عن المجمع االفسسي)‪ .‬وتوفي بعمر التسعين سنة ‪ .440‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم التاسع والعشرون‬


‫تذكار القديس روحانا – وهو كرياكوس الناسك‬
‫لفظة روحانا سريانية معناها الروحاني لُ ِقب بها القديس كرياكوس "عبد الرب"‬
‫التحاده باهلل وكثرة تأمالته وشغفه باالعمال الروحية‪.‬‬
‫ولد كرياكوس سنة ‪ 448‬في مدينة كورنتس التي بشرها القديس بولس‪ .‬كان‬
‫والداه فاضلين تقيين ال غبار عليهما‪ ،‬وكان اسقف المدينة خاله فعني بتربيته وتثقيفه‬
‫على اكمل وجه‪ .‬ولما بلغ اشده رسمه شماساً‪ ،‬ولكثرة مطالعته الكتب الروحية وتأمله‬
‫حياة السيد المسيح‪ ،‬مالت نفسه الى حياة الوحدة والتأمل‪ .‬واثناء زيارته االراضي‬
‫المقدسة ذهب الى دير القديس جراسيموس حيث ترهب‪ ،‬فكان راهبا ً نشيطاً‪ ،‬مطيعا ً يهتم‬
‫بالتأمالت الروحية كثيراً‪ ،‬ال يأكل اال مرة واحدة في اليوم‪ .‬فأحبه القديس جراسيموس‬
‫جدا ً‪ ،‬حتى كان يصطحبه كل سنة لالختالء في البرية ايام الصوم االربعيني‪.‬‬
‫ولما توفي القديس جراسيموس سنة ‪ 475‬ذهب روحانا الى المناسك يتأمل‬
‫ويصوم ويصلي‪ ،‬ثم اتى الى دير سوكا وقام بخدمة المرضى واستقبال الزائيرين‬
‫والمسافرين‪ .‬ثم ارتسم كاهنا ً الجل خدمة الكنائس واخوت ِه الرهبان فكان ذلك الكاهن‬
‫المثالي يتفانى في خدمة النفوس بما اوتيه من علم وغيرة رسولية‪ .‬واستمر مواظبا ً‬
‫على ذلك مدة تسع وثالثين سنة‪ .‬كان موضع ثقة جميع النساك ومحبتهم واحترامهم‪.‬‬
‫ثم اراد التوغل في البرية فذهب مع تلميذه يوحنا واخذ يتنقل من قفر الى قفر‬
‫مبالغا ً في عيشته النسكية فمنحه هللا صنع العجائب وذاع صيت قداسته فتقاطرت الناس‬
‫اليه وكان يشفي المرضى ويطرد الشياطين باشارة الصليب‪.‬‬
‫ولما كانت هرطقة اوريجانوس قد تسربت الى بعض االديار‪ ،‬جاء يقاومهم‬
‫ويرشد رهبانه ويبين لهم اضاليل تلك الهرطقة ويعزيهم في جهادهم ويشجعهم على‬
‫التمسك بااليمان الحق‪ .‬وقضى ايامه االخيرة في كهف القديس خريطون الكبير مثابرا ً‬
‫على خطته المثلى بالقداسة الى ان رقد بالرب سنة ‪ 554‬وله من العمر مئة وسبع‬
‫سنين‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار خطبة مريم العذراء للقديس يوسف‬
‫جاء في انجيل القديس متى الفصل االول‪:‬‬
‫‪ :‬لما كانت مريم مخطوبة ليوسف‪ُ ،‬وجدت قبل ان يتساكنا حامالً من الروح‬
‫القدس‪ .‬وكان يوسف زوجها باراً‪ ،‬فلم يرد ان يشهر امرها‪ ،‬فعزم على تركها سراً"‪.‬‬
‫كانت الخطبة عند اليهود تعتبر عقدا ً حقيقيا ً له ما للزواج من حقوق وواجبات‪.‬‬
‫بحيث ال يمكن فصله اال بالطالق‪.‬‬

‫لقد ُخ ِطبت مريم ليوسف‪َ .‬من تع َّهد خطبتها؟ الذين أُوكل اليهم ُ‬
‫امرها بعد وفاة‬
‫والديها‪ .‬فاختاروا يوسف لعلمهم بانه كان "باراً" وذا منزلة شريفة في مجتمعه‬
‫الداودي لم يكن اقل برارة من الكاهن زكريا او‬
‫ُ‬ ‫وصاحب مهنة تؤمن عيشة العائلة‪ .‬هذا‬
‫النبي سمعان‪.‬‬
‫وهكذا قبلت مريم بارادتها زواجها من يوسف‪.‬‬
‫ولما بدت على مريم عالمات ال َح َمل اضطرب يوسف واراد ان يطلقها سراً‪" .‬وما‬
‫فكر في ذلك حتى تراءى له مالك الرب في الحلم وقال له‪ :‬يا يوسف ابن داود‪ ،‬ال تخف‬
‫ان تجيء بامرأتك مريم الى بيتك"‪ .‬فأذعن يوسف لكالم المالك واخذ مريم الى بيته‪.‬‬
‫سر هذا ال َحمل العجيب لم يعرفه يوسف ولم تكشفه له مريم‪ .‬ارادة هللا ان يولد‬
‫المسيح من عائلة حقيقية ومعروفة‪ .‬وبقي يوسف حارسا ً لهذا السر بقوة ايمانه‬
‫وتسليمه الرادة هللا‪ .‬وعاش مع مريم العذراء بتوال ً بمحبة وتواضع وايمان‪.‬‬
‫رزقنا هللا شفاعتهما‪ .‬آمين!‬
‫† † †‬

‫شهر تشرين االول‬


‫ايام هذا الشهر ‪ 31‬يوماً‪ ،‬ساعات نهاره ‪ 11‬ساعة‪ ،‬وساعات ليله‬
‫‪ 13‬ساعة‪.‬‬

‫اليوم االول‬
‫تذكار القديس حننيا الرسول‬

‫هو احد المبشرين االثنين والسبعين واسقف دمشق‪ .‬وهو الذي ع َّمد‪،‬‬
‫بأمر هللا‪ ،‬شاول المضطهد‪ ،‬كما جاء في اعمال الرسل‪ ":‬وكان بدمشق‬
‫تلميذٌ اسمه حننيا‪ ،‬فقال له الرب في الرؤيا‪ :‬قم فانطلق الى الزقاق الذي‬
‫يسمى القويم والتمس في بيت يهوذا رجالً من طرطوس‪ ،‬اسمه شاول‪،‬‬
‫فهوذا يُص ِلي‪ .‬فاجاب حننيا‪ ":‬يا رب‪ ،‬اني قد سمعتُ من كثيرين عن هذا‬
‫الرجل‪ ،‬كم من الشر صنع بقديسيك في اورشليم وله ههنا ايضا ً سلطان‪،‬‬
‫من قبل رؤساء الكهنة‪ ،‬أن يوثق ك َّل من يدعو باسمك"‪ .‬فقال له الرب‪":‬‬
‫انطلق‪ ،‬فان هذا لي إنا ٌء مختار ليحمل اسمي أمام االمم والملوك وبني‬
‫اسرائيل"‪.‬‬
‫فمضى حننيا ودخل البيت ووضع يديه عليه قائالً‪ ":‬يا شاول أخي‪ ،‬ان‬
‫ت فيها‪ ،‬ارسلني لكي‬
‫الرب يسوع الذي ترآءى لك في الطريق‪ ،‬وانت آ ٍ‬
‫تُبصر وتمتلىء من الروح القدس"‪ .‬وللوقت وقع من عينيه شيء كأنه‬
‫قشر‪ ،‬فعاد بصره فقام واعتمد ( اعمال ‪.)19- 10 :9‬‬
‫وقد رافق حننيا بولس‪ ،‬مدة اقامته في دمشق‪ .‬وكان دليالً له في دخوله‬
‫وخروجه مع التالميذ‪ .‬وتسامى هذا القديس بالفضائل‪ ،‬وال سيما الوداعة‬
‫والغيرة على التبشير بالمسيح في دمشق التي اقيم عليها اسقفاً‪ ،‬وفي‬
‫غيرها من المدن‪.‬‬
‫وبعد ان رد الكثيرين الى االيمان بالمسيح‪ ،‬القى عليه الحاكم ليكينيوس‬
‫وجلده جلدا ً عنيفا ً باعصاب البقر‪ .‬ثم امر برجمه فمات شهيداً‪ ،‬سنة‬
‫السبعين للمسيح‪ .‬ولم يزل التقليد القديم يدل المؤمنين على ضريحه في‬
‫دمشق‪ ،‬فيزورونه وينالون بشفاعته النعم والبركات‪ .‬صالته تكون معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضاً‪:‬‬


‫تذكار القديس ريميجيوس )‪(Rémi‬‬
‫ولد هذا القديس سنة ‪ ،437‬في قرية سيرني )‪ ( Cerny‬بفرنسا‪ ،‬من‬
‫ابوين تقييَّن‪ .‬وما ترعرع حتى تسامى بالفضيلة والعلم‪ .‬وبعد ان ارتسم‬
‫فانكب على الصالة والجهاد‬
‫َّ‬ ‫كاهنا ً انتُخب اسقفا ً على مدينة ريمس‪.‬‬
‫صر الكثيرين‪ .‬واجرى هللا على يده آيات كثيرة‪ ،‬اهمها ارتداد كلوفيس‬
‫ون َّ‬
‫ملك فرنسا وشعبه من الوثنية الى االيمان بالمسيح‪ .‬فكان كلوفيس او َل‬
‫ملك مسيحي على فرنسا‪.‬‬
‫وكان كلوفيس يجل االسقف القديس جدا ً ويأخذ بآرائه في كل امر هام‪.‬‬
‫وقد امده بالمال الكثير الجل الكنائس والفقراء‪ .‬واقامه البابا هرمسدا‬
‫رئيسا ً على اساقفة فرنسا‪.‬‬
‫له بعض تفاسير لالسفار المقدسة‪ .‬وقد ابتُلى في آخر أيامه بفقد البصر‪،‬‬
‫فاعتصم بالصبر الجميل‪ ،‬مثابرا ً على التأمل والصالة الى ان رقد بالرب‬
‫نحو سنة ‪.533‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثاني‬
‫تذكار الشهيدين قبريانوس ويوستينا البتول‬
‫ولد قبريانوس في مدينة انطاكية من اسرة وثنيَّة وجيهة شريفة‪.‬‬
‫الصغر‪ ،‬لعبادة االصنام وفن السحر‪ .‬يقتل االطفال‬ ‫ِ‬ ‫صص‪ ،‬منذ‬ ‫وتخ َّ‬
‫ليقدمهم ذبيحة للشيطان‪ .‬واستمر على هذه الحال نحو ثالثين سنة‪ .‬وبما‬
‫انه كان شفوقا ً على الفقراء‪ ،‬شفق هللا عليه‪ ،‬فانتشله من لُ َّجة الكفر‪.‬‬
‫كان الشاب اغالوس الوثني قد أغرم بجمال فتاة تدعى يوستينا‪ .‬فاراد‬
‫ان يتزوجها‪ ،‬فأبت واجابت انها مخطوبة ليسوع المسيح‪ .‬فلجأ الشاب‬
‫الى قبريانوس الساحر‪ ،‬بلوغا ً الى مراده‪ .‬فأخذ هذا يستعمل كل ما لديه‬
‫واقر الشياطين بعجزهم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫من وسائل السحر‪ ،‬لكنه با َء بالفشل‪.‬‬
‫عندئذ قال قبريانوس‪ ":‬اني لجاهل‪ ،‬فان كانت ابنة مسيحية ضعيفة‬
‫تنتصر على االبالسة بمجرد الصالة وعالمة الصليب‪ ،‬فماذا تكون إذن‪،‬‬
‫قدرة اله المسيحيين؟" ولساعته عزم على التعبد لهذا االله الذي تعبده‬
‫يوستينا‪ .‬وطلب من افتيموس اسقف انطاكية ان يؤ ِهبه لقبول سر العماد‬
‫المقدس‪ .‬فاعتمد‪ ،‬بعد ان أخذ بتعاليم االنجيل السامية‪ ،‬وتاب توبة‬
‫صادقة‪.‬‬
‫جمع كتبه السحرية واحرقها امام االسقف وجمهور من العلماء والشعب‬
‫ففرحت به يوستينا فرحا ً عظيماً‪ ،‬واخذت تص ِلي لثباته في ايمانه‪.‬‬
‫وباعت ُحالها وامالكها ووزعت ثمنها على الفقراء واقتدى بها الشاب‬
‫اغالوس‪ ،‬فآمن واعتمد وعاش حياة صالحة‪ .‬كما رجع الكثيرون من‬
‫الخطأة الى التوبة‪ ،‬ومن الوثنيين الى االيمان بالمسيح‪ ،‬كما ذكر‬
‫قبريانوس في كتاب اعترافاته‪.‬‬
‫امر الملك ديوكلتيانوس‪ ،‬عندما جاء الى نيقوميدية بتعذيبهما وضربهما‬
‫بالسياط بقساوة وحشية‪ .‬ثم القاهما في خلقين من نحاس مملوءة زفتا ً‬
‫فظن احد السحرة ان ذلك من سحر‬ ‫َّ‬ ‫اذى‪.‬‬
‫يغلي‪ .‬فصانهما هللا من كل ً‬
‫قبريانوس القديم‪ .‬فدخل تحت الخلقين‪ ،‬واحترق حاالً وبانت قدرة اله‬
‫المسيحيين‪ .‬فخاف الحاكم من ثورة الشعب‪ ،‬فارسل الشهيدين الى‬
‫نيقوميدية‪ ،‬عند ديوكلتيانوس واخبره بما جرى‪ ،‬فأمر بقطع رأسيهما‬
‫فتكلَّال بالشهادة نحو سنة ‪ .304‬ونُقلت ذخائرهما الى روما ودُفنت في‬
‫كنيسة القديس يوحنا التران‪ .‬صالتهما تكون معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الثالث‬
‫تذكار القديس ديونيسيوس االريوباغي‬
‫ولد ديونيسيوس في مدينة آثينا‪ .‬وكان من اعظم فالسفة عصره‪،‬‬
‫يتحرى الحقيقة ضالتهُ المنشودة‪ .‬ولما دخل بولس الرسول اثينا وقف‬
‫في محفل اريوس باغوس‪ ،‬حيث مجتمع القضاة والعلماء وجمهور‬
‫الشعب واندفع يبين لهم‪ ،‬بفصاحته المعهودة‪ ،‬عن االله الحقيقي خالق‬
‫السماوات واالرض‪ ،‬الذي ال يح ُّل في هياكل مصنوعة بااليدي‪ ،‬آمن‬
‫اناس ومنهم ديونيسيوس االريوباغي (اعمال ‪ .)24 – 22 :17‬اقتنع‬
‫بحقيقة الدين المسيحي‪ ،‬وثبت في ايمانه‪ .‬ونزل بولس في بيته‪ ،‬حيث‬
‫اخذ يع ِلم المؤمنين قواعد االيمان ويعمدهم‪ .‬واتخذه بولس مساعدا ً له‬
‫في التبشير‪ ،‬ثالث سنوات‪ .‬اقامه بولس اسقفا ً على اثينا‪ ،‬فكان‪ ،‬على‬
‫مثال معلمه‪ ،‬كالً للكل‪ ،‬بغيرته الرسولية وشقفته على الفقراء‬
‫والمساكين‪.‬‬
‫ويروى عنه انه حظي برؤية سيدتنا مريم العذراء‪ ،‬وأخذ بانوار طلعتها‬
‫السنيَّة‪ ،‬فقال‪ ":‬لو لم اعتقد ان هللا واحد‪ ،‬ال إله سواه‪ ،‬لكنت سجدت لها‬
‫وعبدتها‪ ،‬كإالهة الجمال والكمال"‪.‬‬
‫ولم ينفك عن التبشير بكلمة هللا‪ ،‬الى ان كلَّل جهاده بسفك دمه الجل‬
‫المسيح في سنة ‪ 95‬للميالد‪ .‬صالته تكون معنا‪ .‬آمين!‬
‫وفي هذا اليوم أيضاً‪:‬‬
‫تذكار القديسة تريزيا الطفل يسوع‬
‫ولدت ترازيا سنة ‪ ،1873‬في مدينة أالنسون بالنورمندي‪ ،‬في فرنسا‪،‬‬
‫سكين بالدين المسيحي‪ .‬ومن صغرها تعشقَّت الفضيلة‬ ‫من أبوين متم ِ‬
‫ومحبة هللا‪ .‬وفي الرابعة عشرة من عمرها‪ ،‬رغبت في اللحاق بشقيقاتها‬
‫الكرمليات الثالث في دير ليزيو‪ ،‬لكنها لم تحصل على مرغوبها‪ ،‬لصغر‬
‫سنها‪ ،‬فلجأت الى البابا الوون الثالث عشر‪ ،‬وال َّحت عليه‪ ،‬فأمر بقبولها‬
‫في الدير‪.‬‬
‫بلغت شأوا ً بعيدا ً في مضمار القداسة‪ ،‬عاكفة على الصالة والتأمل‬
‫وممارسة جميع الفضائل واخصها المحبة والتواضع‪ ،‬وقد ُجنَّت في‬
‫محبة الطفل االلهي وكانت تقول‪ :‬ان طريق القداسة‪ ،‬هي طريق المحبة‪.‬‬
‫ولكثرة ما كانت تأتيه من االماتات والتضحيات‪ ،‬والقيام بالخدمة الديرية‪،‬‬
‫على رغم ضعف مزاجها‪ ،‬مرضت مرضا ً ثقيالً‪ ،‬ومن على صليب اآلالم‬
‫طارت نفسها البارة الى االتحاد بعريسها االلهي في االخدار السماوية‪،‬‬
‫في ‪ 31‬ايلول سنة ‪ ،1897‬ولها من العمر ‪ 24‬سنة‪ .‬ومن سمائها‬
‫امطرت االرض يغيوث النعم‪ .‬واحصيت في مصاف القديسين سنة‬
‫‪ .1925‬صالتها تكون معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار القديس بطرس الشهيد‬
‫كان الشاب بطرس مسيحيا ً من مدينة لمبساك في البنطوس‪ ،‬كريم‬
‫االخالق‪ ،‬لطيفا ً تقياً‪ ،‬يحبه مواطنوه ويجلونه‪ .‬سأله الوالي عن ديانته‬
‫ويضحي‬
‫ِ‬ ‫فاجاب‪ ،‬بكل جرأ ٍة‪ ،‬انه مسيحي‪ .‬فامره بان يخضع الوامر الملك‬
‫لآللهة‪ .‬فاجاب‪ :‬ومن هي تلك اإللهة؟ ‪ -‬قال الوالي‪ :‬هي الزهرة‪ .‬فاجاب‬
‫القديس‪ ":‬انني العجب كيف تطلب مني ان اقدم الذبيحة والسجود‬
‫المرأة زانية‪ ،‬وكل سجود انما ال يليق اال لربي والهي يسوع المسيح"‪.‬‬
‫فمزقوا جسده بالمجالد‪ ،‬وكسروا عظامه‪،‬‬‫فغضب الوالي‪ ،‬وامر الجنود َّ‬
‫وهو صابر‪ ،‬يسبح الرب ويقول‪ :‬اشكرك‪ ،‬يا يسوع الهي الحي‪ ،‬النك‬
‫ا َّهلتني الن اسير وراءك في طريق الجلجلة النال نعمة االستشهاد‪ .‬وما‬
‫انتهى من صالته‪ ،‬حتى فاضت روحه الطاهرة‪ ،‬سنة ‪ .250‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضاً‪:‬‬
‫تذكار القديس فرنسيس االسيزي الكبير‬
‫شب انقاد‬
‫َّ‬ ‫ولد فرنسيس عام ‪ ،1179‬في مدينة أسيزي بإيطاليا‪ .‬ولما‬
‫الميال الجسد وشهواته‪ ،‬إالَّ انه كان شفوقا ً على الفقراء‪ ،‬فنظر هللا اليه‬
‫بعين الشفقة‪ ،‬وانار عقله واواله نعمة التوبة الصادقة‪.‬‬
‫سمع ذات يوم صوتا ً يقول له‪ ":‬يا فرنسيس اسنُد بيعتي"‪ .‬فلم يفهم‬
‫معنى هذا الصوت‪ .‬واخذ يزيد ويُفرط في االحسان الى المساكين‪ ،‬حتى‬
‫وسرحه‪ .‬فاتشح ثيابا ً رثَّة‪ ،‬ومشى حافي‬
‫َّ‬ ‫ض َّج ابوه منه فحرمه الميراث‬
‫القدمين‪ ،‬ممارسا ً اعمال التوبة الشاقة والرسالة‪ ،‬يعظ الناس بالمثل اكثر‬
‫منه بالكالم‪ ،‬فتبعه كثيرون‪ .‬فبنى لهم ديورة ووضع لهم القوانين‪،‬‬
‫متساميا ً بالفضائل وال سيما بفضيلة التواضع العميق‪ .‬فمنحه هللا صنع‬
‫العجائب‪.‬‬
‫َّ‬
‫فتعزى القديس‬ ‫أثبت له البابا انوريوس القانون ببراءة رسمية‪.‬‬
‫فرنسيس بان رهبنته قد تعززت ونمت وانتشرت‪ .‬وكان على صداقة‬
‫متينة مع القديس عبد االحد‪ ،‬يتعاونان على خالص النفوس وخير‬
‫الكنيسة‪.‬‬
‫وبعد ان ات َّم هذا القديس جهاده‪ ،‬رقد بالرب سنة ‪ ،1224‬وله من العمر‬
‫‪ 45‬سنة‪ .‬وقال فيه البابا غريغوريوس العاشر ان جراحات المسيح‬
‫انطبعت في يديه ورجليه وجنبه‪ .‬صالته تكون معنا‪ .‬آمين!‬
‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار القدجيسة تريزيا افيال الكبيرة‬
‫ولدت في افيال من اسبانيا عام ‪ .1515‬انشأت الرهبنة الكرملية‪ .‬تركت‬
‫تآليف ورسائل قيمة‪ .‬توفيت عام ‪.1582‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس‬
‫تذكار القدجيس بولس البسيط‬
‫ولد هذا القديس في صعيد مصر ول ِقب بالبسيط لنقاء سريرته وجهله‬
‫القراءة‪ .‬اقترن بفتاة‪ ،‬وهو يجهل سوء مسلكها‪ .‬ولما تحقق خيانتها‪،‬‬
‫وفر الى البرية سائحاً‪ ،‬حتى بلغ صومعة القديس‬ ‫َّ‬ ‫تركها وشأنها‬
‫انطونيوس أب الرهبان‪ ،‬فأيقن ان العناية االلهية قادته الى كوكب البرية‬
‫ليستضيء بنور تعاليمه‪ .‬فلم يقبله انطونيوس إال بعد ان تحقق دعوته‬
‫الى الطريقة النسكية التي كان يطلبها بالتوسل وذرف الدموع‪ .‬وظ َّل‬
‫منعكفا ً على الصلوات والتأمالت وانواع التقشف‪ ،‬حتى رآه القديس‬
‫انطونيوس اهالً لالنفراد بصومعة وحده‪ .‬ومنحه هللا صنع اآليات كشفاء‬
‫االمراض وطرد الشياطين‪ ،‬الى ان رقد بالرب في القرن الرابع‪ .‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار القديسة خريستينا البتول‬


‫كانت خريستينا فتاة مسيحية في البنطوس‪ ،‬جارية لرجل وثني‪ ،‬وقد‬
‫نذرت بتوليتها للسيد المسيح‪ .‬ولم تكن أقل امانة لموالها الذي كان‬
‫مرتاحا ً الى قيامها بجميع واجباتها الزمنية والدينية‪ .‬ولما ثار‬
‫االضطهاد‪ ،‬امر دوميطيوس والي البنطوس بالقاء القبض على‬
‫خريستينا واخذ يتملقها لكي تكفر بالمسيح‪ .‬اما هي فأبت اال الثبات على‬
‫ايمانها‪ .‬فامر بتعذيبها‪ ،‬فجلدوها جلدا ً عنيفا ً وحلقوا شعر رأسها وكووها‬
‫بالحديد المحمي وهي صابرة‪ .‬ثم القوها في النار فلم تحترق‪ .‬وطرحوها‬
‫سبح هللا‪ .‬وقطعوا لسانها‪ ،‬فبقيت تتكلم‪.‬‬‫في البحر‪ ،‬فخرجت منه سالمة ت َّ‬
‫واخيرا ً شدوها الى عمود ورموها بالنبال فأسلمت روحها بيد هللا‪ ،‬في‬
‫السنة ‪ .304‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس‬
‫تذكار القديس توما الرسول‬
‫توما الملقَّب بالتوأم كان من الجليل نظير سائر الرسل‪ .‬دعاه الرب فلبَّى‬
‫الدعوة تاركا ً كل شيء‪ .‬الزم معلمه االلهي مستميتا ً في حبه‪ .‬ولما كان‬
‫اليهود يطلبون رجم يسوع اظهر توما شدة تعلقه بمعلمه‪ ،‬فقال للتالميذ‬
‫اصحابه‪ ":‬لنذهب نحن أيضا ً ونمت معه" ( يوحنا ‪ .)16 :11‬وفي ليلة‬
‫السري عندما قال السيد المسيح‪":‬انتم عارفون الى اين اذهب‬ ‫ِ‬ ‫العشاء‬
‫وتعرفون الطريق" ابتدره توما بهذا السؤال‪ ":‬يا رب‪ ،‬لسنا نعرف الى‬
‫اين تذهب وكيف نعرف الطريق؟" – اجابه يسوع بهذه اآلية الخالدة‪":‬‬
‫انا الطريق والحق والحياة‪ ،‬ال يأتي أحد الى اآلب إال بي"(يوحنا ‪5 :14‬‬
‫‪.)6-‬‬
‫وبعد القيامة قال التالميذ لتوما‪ :‬اننا قد رأينا الرب‪ ،‬فقال لهم‪ ":‬ان لم‬
‫أعاين أثر المسامير في يديه واضع إصبعي في موضع المسامير واضع‬
‫يدي في جنبه‪ ،‬ال اؤمن"‪ .‬شكَّ توما وقد يكون الشك سببا ً الظهار‬
‫الحقيقة‪ .‬وبعد ثمانية ايام اتى يسوع ووقف في الوسط وقال‪ :‬السالم‬
‫يدي وهات يدك‬ ‫َّ‬ ‫ت إصبعك الى ه ُهنا وعاين‬ ‫لكم‪ " .‬ثم قال لتوما‪ :‬ها ِ‬
‫وضعها في جنبي‪ .‬وال تكن غير مؤمن‪ ،‬بل مؤمناً"‪ .‬فانطرح توما على‬
‫قدمي يسوع وقال‪ ":‬ربي والهي"‪ .‬فقال له يسوع‪ ":‬النك رأيتني‪ ،‬يا‬
‫توما‪ ،‬آمنت فطوبى للذين لم يروا وآمنوا"‪( .‬يوحنا ‪.)29 – 19 :20‬‬
‫بهذا االيمان الراسخ قام توما يبشر باالنجيل في اليهودية‪ ،‬نظير الرسل‪.‬‬
‫ثم سار الى الشرق‪ ،‬كما يقول االباء‪ ،‬والتقى بالمجوس الذين كانوا اتوا‬
‫الى بيت لحم وسجدوا للطفل االلهي‪ ،‬فعمدهم وعاونوه في التبشير في‬
‫بلدانهم‪ .‬وجاء الرسول الى الحبشة‪ ،‬حيث جعل في اولئك القوم السود‬
‫الوجوه قلوبا ً بيضاء بماء المعمودية‪ ،‬كما يقول القديس يوحنا الذهبي‬
‫الفم‪.‬‬
‫ثم تابع سيره الى الفرس حتى الهند التي دخلها‪ ،‬كما يقول سمعان‬
‫ويعمد ويقيم االساقفة والكهة‪ ،‬ويرد الكثيرين الى‬
‫ِ‬ ‫متفارستي‪ ،‬يبشر‬
‫االيمان بالمسيح‪ .‬وبينما كان يصلي يوماً‪ ،‬هاجمه كهنة االصنام ورجموه‬
‫بالحجارة وطعنوه بحربة في عنقه‪ ،‬ففاز باكليل الشهادة في السنة ‪57‬‬
‫للمسيح‪ .‬صالته تكون معنا‪...‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار الشهيدين سرجيوس (سركيس) وباخوص‬

‫ان هذين الشهيدين كانا من اشراف المملكة الرومانية واخلص الجنود‬


‫لها‪ .‬انتصرا في الحرب التي شنَّها الرومان على الفرس سنة ‪297‬‬
‫فجعلهما الملك مكسيميانوس من اعضاء ديوانه‪ .‬فيوم عيد االصنام في‬
‫مدينة افغوسطيا ببالد سوريا الشمالية‪ ،‬دعاهما الملك لالشتراك في هذا‬
‫تحظر عليهما تقديم‬‫ِ‬ ‫االحتفال فرفضا معلنين انهما مسيحيان وديانتهما‬
‫ص َّماء ال يرجى منها خير‪ .‬فغضب‬ ‫الصنام ليست سوى حجارة َ‬
‫ٍ‬ ‫الذبائح‬
‫الملك وامر بنزع شارات الشرف عنهما والباسهما ثيابا ً نسائية للهزء‬
‫وصرحا بقولهما‪":‬‬
‫َّ‬ ‫والسخرية‪ .‬فصبرا على هذه االهانة بايمان راسخ‪،‬‬
‫ان لنا ملكا ً ازلياً‪ ،‬هو المسيح ابن هللا‪ ،‬اياه نعبد وله وحده ِ‬
‫نقرب كل يوم‬
‫ذبيحة مقدسة حيَّة"‪.‬‬
‫عندئذ امر الملك بان يُساقا الى انطوخيوس القائد الذي كان‪ ،‬من عهد‬
‫قريب‪ ،‬يأتمر بامرهما‪ .‬وكان سرجيوس قد احسن الصنيع اليه‪ .‬شرع‬
‫يتهددهما تارةً ويتملقهما اخرى‪ ،‬لكن على غير طائل‪ ،‬فاستشاط غيظا ً‬
‫وبدأ بباخوص‪ ،‬فأمر به ف ُجلد جلدا ً وحشيا ً حتى اسلم الروح‪ ،‬غافرا ً لمن‬
‫أساء اليه‪.‬‬
‫اما سرجيوس فأعاده الى السجن ريثما يُنظر بامره‪ .‬فظهر له في تلك‬
‫الليلة رفيقه الشهيد باخوص‪ ،‬يعز ِيه ويشجعه‪ .‬ثم اخرجه انطيوخوس‬
‫من السجن وامر بان يساق امام مركبته‪ ،‬ماشياً‪ ،‬بعد ان توضع مسامير‬
‫مسننة في حذائه‪ .‬فسار الشهيد عشرين ميالً والدماء تسيل من رجليه‬
‫امر اآلالم‬
‫وهو صابر يقول‪ ":‬ما اطيب العذاب في سبيل من قاسى الجلنا َّ‬
‫والموت صلباً"‪ .‬فاندهش انطوخوس وامر بضرب عنقه فحنى‬
‫سرجيوس البطل رأسه للسيف متهلالً فائزا ً باكليل الشهادة‪ ،‬سنة ‪.307‬‬
‫صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار القديسة بالجيا التائبة‬
‫بالجيا فتاة وثنية من مدينة انطاكية رائعة الجمال‪ ،‬شغوفة بتمثيل‬
‫الروايات والرقص‪ .‬كانت تختال في الشوارع القتناص قلوب الشبان‬
‫والرجال‪ .‬فما وقع نظر نونس اسقف بعلبك‪ ،‬يوم كان في انطاكية‪ ،‬على‬
‫ذلك المشهد‪ ،‬حتى اخذ منه الغم كل مأخذ‪ ،‬فبكى وقال الخوته االساقفة‪:‬‬
‫نأسف ان نرى هذه المرأة تبذل جهدها في اقتياد النفوس الى الهالك‪،‬‬
‫ونحن متقاعدون عن القيام بالواجب‪.‬‬
‫يوم االحد اعتلى االسقف المنبر‪ ،‬في الكنيسة‪ ،‬مبينا ً مصير المشككين‬
‫يوم الدين الرهيب‪ ،‬اذا لم يرجعوا الى هللا بتوبة صادقة‪ .‬وكانت بالجيا‬
‫ست النعمة قلبها‪ .‬فلساعتها‬ ‫بين السامعين‪ ،‬فأثر هذا الكالم في نفسها وم َّ‬
‫اسرعت الى مقابلة االسقف نونس وسألته ان يقبلها بين التائبين‬
‫الموعوظين‪ .‬ففرح ذلك الراعي الصالح برجوع النعجة الضالة الى‬
‫الحظيرة‪ .‬وبعد ان وثق بصدق توبتها‪ ،‬ع َّمدها وثبَّتها وناولها القربان‬
‫االقدس‪.‬‬
‫هجرت العالم بعد ان وزعت اموالها على الكنائس والمساكين‪ .‬وذهبت‬
‫الى زيارة االماكن المقدسة وقامت على جبل الجلجلة منطرحة كالمجدلية‬
‫على قدمي المصلوب تبللهما بدموع الندامة‪ .‬ولبست لبس الرجال‬
‫واتخذت اسم بالجيوس‪ ،‬واعتزلت في مغارة‪ ،‬عند جبل الزيتون‪ ،‬منعكفة‬
‫على النسك والصمت والصالة‪ .‬واشتهرت قداستها‪ ،‬حتى اصبح‬
‫بالجيوس الناسك حديث الناس‪.‬‬
‫وفي تلك االثناء جاء الى اورشليم من هليوبوليس (بعلبك) يعقوب‬
‫شماس االسقف نونس‪ .‬وسمعهم يطنبون بقداسة بالجيوس وعيشته‬
‫النسكية الغريبة‪ ،‬فزاره فوجده ميتا ً في كهفه‪ ،‬مجلَّالً بنور سماوي‪ .‬واذ‬
‫جاء الحبساء والرهبان ووجدوا انه امرأة‪ ،‬دُهشوا ومجدوا هللا الذي‬
‫قواها لتعيش تلك الحياة القشفة العجيبة‪ .‬عندئذ عرف الشماس يعقوب‬
‫انها بالجيا التي تابت عن يد سيده االسقف نونس في انطاكية‪ .‬وجاء‬
‫يخبره بامرها فامر االسقف بكتابة سيرتها لتكون اسطع برهان على قوة‬
‫النعمة االلهية في النفوس وخير مثال للتائبات والتائبين مدى االجيال‪.‬‬
‫وكانت وفاتها في السنة ‪ .457‬واجرى هللا على يدها آيات كثيرة‪.‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪...‬‬
‫اليوم التاسع‬
‫تذكار القديس يعقوب الرسول ابن حلفى واخي الرب‬
‫كان يعقوب من سبط يهوذا ومن قانا الجليل‪ ،‬ابوه كالوبا او حلفى وامه‬
‫مريم ابنة عم او ابنة خالة العذراء ام يسوع‪ .‬لذلك دُعي أخا الرب‪ ،‬ألن‬
‫اليهود كانوا يسمون االقرباء األدنين "أخوة"‪ .‬وقد ذُكر هو واخوه‬
‫اوس بين الرسل االثني عشر (لوقا ‪15 :6‬و‪ )16‬وقد لقَّب‬ ‫يهوذا او تد ُ‬
‫بالصغير‪ ،‬تميزا ً له عن يعقوب الكبير الرسول ابن زبدى اخي يوحنا‪.‬‬
‫وكان هو وبطرس ويوحنا معتبرين كأعمدة الكنيسة‪ ،‬كما يقول مار‬
‫بولس (غالطية ‪ .)9 :2‬ويذكر مار بولس أيضاً‪ :‬ان الرب يسوع تراءى‬
‫ليعقوب خصوصاً‪ ،‬كما ترآءى لكيفا ولسائر الرسل (‪1‬كور‪ .)7 :15‬ولما‬
‫تفرق الرسل للبشارة‪ ،‬بقي هو وحده في اورشليم كما صرح مار بولس‬ ‫َّ‬
‫(غالطية‪.)18 :1‬‬
‫بعد العنصرة‪ ،‬اخذ يعقوب يبشر باالنجيل في اورشليم وجوارها‪ .‬وقد‬
‫أهين وضرب وسجن كسائر الرسل وكان صابرا ً مسروراً‪ .‬ثم اقيم اسقفا ً‬
‫على اورشليم‪ ،‬فكان ذلك الراعي الصالح لتلك الكنيسة االولى‪ ،‬ام‬
‫الكنائس‪ ،‬يبذل نفسه عن رعيته ويرد الكثيرين الى االيمان بالمسيح‪.‬‬
‫وكان في حياته مثالً للنسك والتقشف والبرارة‪.‬‬
‫فحسده رؤساء الكهنة‪ ،‬وفي مقدمتهم حنان‪ ،‬وعملوا على قتله‪.‬‬
‫فاصعدوه الى جناح الهيكل وسألوه عن رأيه في المسيح‪ ،‬فجاهر قائالً‪:‬‬
‫انه ابن هللا الوحيد الجالس عن يمين هللا‪ .‬وسوف يأتي ليدين االحياء‬
‫واالموات‪ .‬فطرحوه الى اسفل‪ ،‬فتكسرت اعضاؤه واشرف على الموت‪.‬‬
‫فرفع عينيه الى السماء‪ ،‬غافرا ً لهم‪ ،‬كما فعل الرب يسوع واستفانوس‬
‫اول الشهداء‪ ،‬وقال‪ ":‬يا رب‪ ،‬ال تُقم عليهم هذه الخطيئة"‪ .‬وبعد ان‬
‫رجموه بالحجارة ضربه احدهم بمطرقة على رأسه‪ ،‬ففاضت روحه‬
‫الطاهرة‪ ،‬في عيد الفصح في العاشر من نيسان سنة ‪.62‬‬
‫وله اعظم فضل بوضعه الليتورجيا االولى للقداس‪ ،‬المعروفة باسمه‪،‬‬
‫وعنها صدرت جميع الليتورجيات‪ .‬ورسائله هي االولى بين رسائل‬
‫الكاثوليكية‪ ،‬بها يبين وجوب المحبة واالحسان ولزوم االيمان المقرون‬
‫ويصرح عن سر مسحة المرضى (يعقوب ‪14 :5‬و ‪)15‬‬ ‫ِ‬ ‫باالعمال‪.‬‬
‫صالته تكون معنا‪ .‬آمين!‪...‬‬

‫اليوم العاشر‬
‫تذكار الشهيدين اولمبيوس واخته اولمبيا ورفقائهما‬
‫كان اولمبيوس واخته اولمبيا من اشراف مدينة نيكوميدية ومن‬
‫المسيحيين العاكفين على الصالة وممارسة الفضائل‪ .‬اما اولمبيوس‬
‫فكان منفردا ً في البرية يوم أثار ديوكلتيانوس الظالم االضطهاد العاشر‬
‫المريع واجرى دماء الشهداء انهارا ً في نيكوميدية‪ .‬اشتعل قلب‬
‫اولمبيوس غيرة وشوقا ً الى سفك دمه أسوة باخوته الشهداء‪ ،‬مجاهرا ً‬
‫بكل جرأ ٍة بايمانه بالمسيح‪ .‬فقبض عليه الوالي‪ ،‬ولما رآه يزداد جرأةً‬
‫في ايمانه ويسخر بعبادة االصنام‪ ،‬امر بجلده جلدا ً عنيفاً‪ ،‬فكان صابرا ً‬
‫شاكرا ً هللا على نعمة االستشهاد‪ .‬ولما عرفت به اخته اولمبيا اسرعت‬
‫اليه وهو على آخر رمق وعانقته‪ ،‬مجاهرة بانها ال تريد االنفصال عنه‪،‬‬
‫بل ان تموت معه الجل المسيح الفادي االلهي‪ .‬فاستشاط الوالي غيظا ً‬
‫وامر بهما فطرحوهما في خلقين زفت مغلي فكانا فيه كأنهما في الماء‬
‫البارد وخرجا منه سالمين يسبحان هللا القادر على كل شيء‪.‬‬
‫فاندهش الحاضرون من هذا المشهد وآمن منهم كثيرون وأحنوا‬
‫رؤوسهم للسيف‪ ،‬راغبين في االستشهاد مع اولمبيوس وشقيقته حبا ً‬
‫ضربت اعناقهم جميعا ً وفازوا باكليل الشهادة‬ ‫لالله صانع العجائب‪ .‬ف ُ‬
‫سنة ‪ .303‬صالتهم تكون معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار القديس فيلبس الشماس‬
‫ولد هذا الرسول في قيصرية فلسطين وهو احد الشمامسة السبعة الذين‬
‫اختارهم المؤمنون عمالً باشارة الرسل االثني عشر‪ ،‬ووضع هؤالء‬
‫عليهم االيدي لكي يقوموا بتوزيع الخيور على االرامل والمحتاجين‪،‬‬
‫فينصرف الرسل الى الصالة وخدمة الكلمة‪ .‬ولما ثار االضطهاد على‬
‫الكنيسة في اورشليم‪ ،‬تبدد التالميذ والمؤمنون في بالد اليهودية‬
‫والسامرة‪ ،‬ما عدا الرسل‪ .‬فنزل فيلبس مدينة سامرية وجعل يكرز‬
‫ب واحد الى ما يقوله فيلبس‪ ،‬النهم‬
‫بالمسيح وكان الناس يُصغون بقل ٍ‬
‫ح عظيم واعتمد كثيرون (اعمال الرسل‬ ‫رأوا المعجزات‪ .‬فعم المدينة فر ٌ‬
‫‪.)8‬‬
‫وانطلق فيلبس بأمر هللا‪ ،‬نحو الجنوب‪ .‬وفي طريقه التقى برجل حبشي‬
‫خصي‪ ،‬له منزلته عند ملكة الحبشة‪ ،‬فرده الى االيمان بالمسيح وعمده‪.‬‬
‫فكان ذلك الرجل خير مبشر باالنجيل في الحبشة‪.‬‬
‫وبعد أن بشَّر فيلبس في آسيا ور َّد كثيرين الى االيمان بالمسيح‪ ،‬رجع‬
‫الى قيصرية‪ ،‬حيث زاره القديس بولس‪ ،‬بعد رجوعه الى اورشليم‪،‬‬
‫ونزل في بيته ضيفا ً كريماً‪...‬‬
‫وال يذكر التاريخ زمن وفاته ومحلها‪ ،‬غير ان التقليد الكنسي يفيد انه‬
‫توفي في قيصرية‪ ،‬ممتلئا ً فضالً وقداسة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬


‫تذكار المجمع المسكوني االول النيقاوي‬
‫انعقد هذا المجمع سنة ‪ 325‬وترأسه نواب البابا القديس سلفسترس‬
‫وهم فينُس ومنصور الكاهنان الرومانيان وايوسيوس اسقف قرطبة في‬
‫اسبانيا‪ .‬وحضر جلسة االفتتاح الملك قسطنطين الكبير‪ .‬وكان انعقاد هذا‬
‫المجمع ضد اريوس وتبَّاعه القائلين بان االبن غير مسا ٍو لآلب في‬
‫الجوهر وانه انسان مخلوق ليس الهاً‪ .‬ول َّما لم يرعو اريوس عن‬
‫وقرروا الوهيَّة السيد المسيح وان له ولآلب‬
‫ضالله‪ ،‬حرمه آباء المجمع َّ‬
‫جوهرا ً واحداً‪ .‬واضافوا هذه الحقيقة االيمانية الى قانون االيمان الذي‬
‫نور من نور الهٌ حق من ال ٍه حق‬
‫وضعه الرسل‪ ،‬وهي‪ :‬إِنه الهٌ من اله ٌ‬
‫مخلوق‪ .‬له ولآلب جوهر واحد"‪ .‬وكان عدد اباء هذا‬ ‫ٍ‬ ‫غير‬
‫ُ‬ ‫مولو ٌد‬
‫المجمع ثالثمئة وثمانية عشر‪ ،‬لمع بينهم اوستاتوس بطريرك انطاكية‬
‫ومركلس اسقف أنكره وعلى االخص اثناسيوس شماس كنيسة‬ ‫ُّ‬
‫االسكندرية‪ .‬وكنيستنا المارونية تذكرهم بفرض صلواتها في القومة‬
‫الرابعة من ليل الخميس بهذا النشيد‪ ":‬نسلم بتحديد االيمان الذي قرره‬
‫االباء الثالثمئة والثمانية عشر"‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الثاني عشر‬


‫واندرونيكس‬
‫ُ‬ ‫تذكار الشهداء تراخوص (إدنا) ورفيقيه‪ ،‬بروبوس‬
‫كان هؤالء االبطال الثالثة من قيليقية‪ .‬اما تراخوص فروماني خدم في‬
‫الجندية زمانا ً باسم فيكتور (منصور) ثم ترك وظيفته إراحةً لضميره‪.‬‬
‫وزع ماله على الفقراء‬ ‫وكان بروبوس من بمفيليا من اسرة غنية َّ‬
‫والمحتاجين ُزهدا ً في الدنيا‪ .‬اما اندرونيكس فكان من وجهاء افسس‪.‬‬
‫إبان اضطهاد المسيحيين استحضرهم الحاكم نومريان واستنطقهم‪،‬‬
‫فجاهروا بايمانهم بكل جرأة وشجاعة‪ .‬وسأل الوالي تراخوص‪ :‬ما‬
‫اسمك؟ فأجاب‪ :‬انا مسيحي‪ .‬فأمر بصفعه بشدَّة‪ .‬فقال‪ :‬قد س َّماني والدي‬
‫تراخوص وبين الجند اسمي "فيكتور"‪ .‬وما هو نسبك؟ ‪ -‬انا روماني‬
‫وجندي وقد تركت الجندية باذن قائدي"‪ .‬فقال الوالي‪ :‬عليك ان تضحي‬
‫لآللهة‪ .‬فاجاب‪ ":‬اني اقدم ذبيحة قلبي لالله الحقيقي‪ ،‬رب الجميع‪ ،‬وله‬
‫وحده اسجد‪ ،‬ولست أق ِدم ضحيةً لالخشاب آلهتكم"‪ .‬عندئذ امر الوالي‬
‫وعروه من ثيابه وقيَّدوه بالحديد والقوه في السجن مع رفيقيه‬‫َّ‬ ‫فضربوه‬
‫اللذين لم يكونا في استنطاقهما اق َّل جرأة منه‪ .‬ثم انزلوا بهم اشد‬
‫العذابات هوالً كالنار والسياط وبتر االعضاء ومنها قطع الشفاه واآلذان‪.‬‬
‫لذلك يلجأ المؤمنون الى القديس تراخوص في امراض االذن‪ ،‬ويدعوه‬
‫السريان "إدنا" اي األُذُن‪ .‬وبعد تهشيمهم صبُّوا على جراحهم خالً‬
‫وملحا ً فكانوا صابرين مسرورين يمجدون هللا الذي قواهم على‬
‫طرحوا فرائس للسباع فلم تمسهم باذى‪ .‬ولما يئس‬ ‫االستشهاد‪ .‬ثم ُ‬
‫الوالي من ثباتهم وبأسهم امر بضرب اعناقهم فنالوا اكليل الشهادة سنة‬
‫‪ .304‬صالتهم معنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار الشهيدين كربوس وبابيلوس ورفقتهما‬
‫كان القديس كربوس اسقفا ً على مدينة تياتيرا في جوار افسس‪ .‬وكان‬
‫له شماس يُدعى بابيلوس‪ُ .‬وشي بهما الى فالريانوس والي اسيا‬
‫الصغرى‪ .‬فاستحضرهما وتملقهما وتهددهما فلم ينل منهما مأرباً‪ ،‬فأمر‬
‫بان يُطاف بهما في شوارع المدينة عريانين مقيدين بالسالسل مع َّرضين‬
‫للهزء والسخرية‪ ،‬فصبرا على هذا العار ثابتين في ايمانهما ومحبتهما‬
‫لالله الفادي‪.‬‬
‫ثم امر بحجز اموالهما واعطائها للذين وشوا بهما‪ .‬واودعهما السجن‪.‬‬
‫وكان لالسقف خادم امين اسمه اغاثوذورس قام يخدمهما في السجن‪،‬‬
‫فعرف به الوالي‪ ،‬وكلفه بان يضحي األوثان‪ ،‬فلم بذعن‪ ،‬فأمر بجلده‬
‫باعصاب البقر جلدا ً عنيفا ً حتى اسلم الروح وسبق سيديه الى االخدار‬
‫السماوية‪.‬‬
‫وعاد فالريانوس يتملق كربوس وبابيلوس ويحاول ان يثنيهما عن‬
‫تقشعر له االبدان‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫عزمهما فلم يُفلح‪ ،‬عندئذ انزل بهما من العذابات ما‬
‫ومزقوا جسديهما‬ ‫َّ‬ ‫وجروهما امياالً‬
‫ُّ‬ ‫فجلدوهما وربطوهما باذناب الخيل‬
‫بامشاط من حديد وصبُّوا على جراحهما ملحا ً وخالً‪ ،‬فكانا يقاسيان هذا‬
‫العذاب الهائل بصبر عجيب وايمان راسخ ادهش الحاضرين والجالدين‬
‫انفسهم‪ .‬ولما باء الوالي منهما بالفشل‪ ،‬امر بضرب عنقيهما فناال اكليل‬
‫الشهادة واستشهد معهما كثيرون منهم اغاثونيكا اخت الشهيد بابيلوس‬
‫وكان ذلك في اليوم الثالث عشر من نيسان سنة ‪ .251‬صالتهم معنا‪.‬‬
‫آمين!‬

‫اليوم الرابع عشر‬


‫تذكار القديس جرفاسيوس واخيه برتاسيوس الشهيدين‬
‫ولد هذان الشهيدان االخوان في مدينة ميالنو بايطاليا‪ ،‬في القرن االول‬
‫للمسيح‪ ،‬من ابوين تقيين‪ .‬وبعد وفاة والديهما‪ ،‬باعا كل ما يملكانه‬
‫ووزعا ثمنه على الفقراء‪ .‬وعكفا على الصالة وممارسة التقشفات‬
‫والفضائل المسيحية‪.‬‬
‫فعرف بهما والي المدينة استاسيوس‪ ،‬وكلفهما عبادة االصنام‪ ،‬فاجابا‬
‫انهما ال يعبدان االَّ االله الواحد خالق السماء واالرض وانبه يسوع‬
‫المسيح‪ .‬فامر بهما‪ ،‬فجلدوا اوالً جرفاسيوس‪ ،‬حتى سالت دماؤه‬
‫وفاضت روحه الطاهرة‪ ،‬ثم بعد ان عذبوا برتاسيوس قطعوا رأسه‪ ،‬فنال‬
‫اكليل الشهادة نحو سنة ‪ 68‬للميالد‪.‬‬
‫فاخذهما احد المسيحيين ودفنهما بتابوت من رخام وضع فيه كتابة‬
‫باسميهما وتاريخ استشهادهما‪ .‬وفي السنة ‪ ،386‬تمكن القديس‬
‫امبروسيوس اسقف ميالنو من كشف تلك الذخائر بالهام الهي‪ .‬ورأى‬
‫جسمي الشهيدين عائمين بالدم‪ ،‬كأنهما في يوم استشهادهما‪ ،‬سالمين‬
‫من الفساد‪ .‬ومن لمس تابوتهما‪ ،‬حصل رجل اعمى على البصر وشفي‬
‫كثيرون من المرض والجنون‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫تذكار القديس لوكيانس كاهن انطاكية الشهيد‬
‫ولد لوكيانس سنة ‪ ،240‬في سوريا‪ .‬وتوفي والداه وهو في الثامنة‬
‫عشرة من العمر‪ .‬فتتلمذ لرجل يدعى كربوس‪ ،‬قدير بشرح الكتب‬
‫المقدسة‪.‬‬
‫فانعكف على الصالة ومطالعة الكتاب المقدس‪ .‬ثم جاء انطاكية وأنشأ‬
‫فيها مدرسة لتفسير االسفار االلهية‪ .‬وقد اشتهرت مدرسته بالعلوم‬
‫الالهوتية‪ ،‬فأخرجت علماء اعالماً‪ ،‬تفاخر بهم الكنيسة‪ ،‬نظير يوحنا فم‬
‫الذهب وسواه‪.‬‬
‫فالقى القبض عليه الملك مكسيميانوس واخذ يتملقه ويعده بالمراتب‬
‫السامية‪ ،‬ان هو كفر بالمسيح‪ .‬فأجاب‪ ":‬أنا مسيحي وال شيء يفصلني‬
‫عن محبة المسيح"‪ .‬فأذاقوه أمر العذابات‪ ،‬ثم طرحوه في السجن‪ ،‬فكان‬
‫يعزي المؤمنين والمسجونين‪ ،‬ويثبتهم في ايمانهم‪ ،‬الى ان سفك دمه‬‫ِ‬
‫الجل الفادي االلهي سنة ‪.312‬‬
‫وقد مدحه القديس الذهبي الفم بخطاب بليغ‪ .‬وألف كتبا ً نفيسة‪ ،‬لم يبق‬
‫منها سوى رسالة وجهها من السجن الى مسيحيي انطاكية وقانون‬
‫االيمان الذي استشهد ببعض فقراته القديس يوحنا مارون في رسالته‬
‫الى ابنائه في لبنان‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬


‫تذكار القديس آشعيا الحلبي العجائبي‬
‫ولد آشعيا في مدينة حلب‪ .‬كان ابوه سوماخوس واليا ً على حلب من قبل‬
‫شب آشعيا على حب الفضائل وال سيما العفة‪.‬‬‫الملك قسطنطين الكبير‪َّ .‬‬
‫فنذر بتوليته هلل‪ ،‬على غير علم من والديه‪.‬‬
‫بعد زواجه اتفق مع خطيبته على حفظ العفة‪ .‬فذهبت الى دير الراهبات‪.‬‬
‫وانضوى هو تحت لواء القديس اوجين‪ ،‬يسير معه في طريق الكمال‬
‫االنجيلي والتبشير‪.‬‬
‫وكان ابوه سوماخوس قد جد في طلبه فوجده بالهام هللا في دير القديس‬
‫َّ‬
‫وتعزى به جداً‪.‬‬ ‫اوجين‪ ،‬ففرح‬
‫ثم عاد آشعيا الى نواحي حلب وبنى ق ِليَّةً عاكفا ً فيها على الصالة‬
‫والتقشف‪ .‬فذاع صيت قداسته وعجائبه‪ ،‬فأتاه الكثيرون يتتلمذون له‪،‬‬
‫فأقام لهم قاللي حول منسكه‪ ،‬ووضع لهم قوانين‪.‬‬
‫وبعد ان عاش في الرهبانية اثنتين وسبعين سنة‪ ،‬رقد بالرب في اواخر‬
‫القرن الرابع واليه تنتسب الرهبانية االنطونية‪ ،‬وقد شيَّدت على اسمه‬
‫ديرها االم‪ ،‬على احدى اجمل قمم لبنان – جهة المتن‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين!‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار القديس لونجينوس الشهيد قائد المئة‬
‫كان لونجينوس قائد فرقة من الجند الروماني‪ ،‬يوم ُحكم على السيد‬
‫المسيح بالصلب‪ .‬وكان واقفا ً على مجرى تلك الدعوة التي اقامها اليهود‬
‫عليه وقد رافقه في مراحل آالمه حتى جبل الجلجلة حيث قام هو‬
‫وجنوده بحراسته وهو على الصليب‪ .‬وكان لونجينوس رجالً مستقيما ً‬
‫عادالً وقد عرف انهم حكموا على المسيح ظلماً‪.‬‬
‫أن الشمس انكسفت واالرض تزلزلت والصخور تصدعت‪،‬‬ ‫لذلك لما رأى َّ‬
‫صرخ قائالً‪ :‬حقا ً ان هذا هو ابن هللا‪.‬‬
‫ونفر من الجند حارسا ً لقبر المخلص‪ .‬ولما شاهده‬ ‫ٌ‬ ‫وقد اقامه اليهود هو‬
‫قائما ً من الموت آمن به حقيقة هو واثنان من الجنود‪ .‬وأبى هو و َمن‬
‫معه قبول الرشوة من اليهود‪ ،‬انكارا ً لحقيقة القيامة‪.‬‬
‫ثم ذهب و َمن آمن معه الى بالد الكبادوك‪ ،‬يبشرون بقيامة الرب وبانه‬
‫ابن هللا‪ .‬فأجرى هللا على ايديهم آيات باهرة ردا ً للكثيرين الى االيمان‬
‫بالمسيح‪.‬‬
‫وما زال اليهود يطاردونه حتى استحصلوا امرا ً بقتله‪ .‬ولما وصل اليه‬
‫عرفهم‬
‫الجند لينفذوا االمر ولم يعرفوه‪ ،‬اكرم ضيافتهم ثالثة ايام‪ .‬ثم َّ‬
‫بنفسه انه هو لونجينوس قائد المئة‪ ،‬فتأثروا جدا ً وامتنعوا عن تنفيذ‬
‫االمر الذي بيدهم‪ .‬أما هو فأبى إال ان يقوموا بواجبهم‪ ،‬وامر خادمه ان‬
‫يأتيه بثوب ابيض‪ ،‬لبسه عربون عرسه في السماء‪ .‬واستدعى رفيقيه‬
‫في االستشهاد فقطع الجند رؤوسهم ففازوا باكليل الشهادة نحو السنة‬
‫‪ 45‬للميالد‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع عشر‬


‫تذكار الشهيدين الشقيقين قزما ودميانوس‬
‫ولد هذان االخوان قزما ودميانوس في ِبر الشام‪ ،‬في اوائل القرن‬
‫الثالث‪ ،‬وبعد وفاة والدهما‪ ،‬ربتهما والدتهما التقية على حب الفضيلة‬
‫وغرست في قلبيهما محبة هللا والقريب‪ ،‬وتثقَّفا بالعلوم وبرعا في علم‬
‫الطب‪ ،‬واتخذاه خير وسيلة لنفع القريب‪ ،‬والتبشير بايمان المسيح‪.‬‬
‫فذهبا الى مدينة اجاس من اعمال قيليقيا‪ ،‬وشرعا يعالجان المرضى‬
‫لوجه هللا‪ ،‬وال سيما الفقراء والمحتاجين ويعيشان عيشة الفقر‬
‫والتقشف‪ ،‬ال يقبالن بدالً عن تعبهما من أحد‪ ،‬غنيا ً كان أو فقيراً‪ ،‬لذلك‬
‫ل ِقبا "بما ِقتَي الفضة"‪.‬‬
‫وكانت صالتهما انجح من االدوية الطبية لشفاء االمراض على انواعها‪.‬‬
‫واجرى هللا على ايديهما آيات كثيرة‪ .‬فارتد الكثيرون من عبادة االوثان‬
‫الى االيمان بالمسيح‪ .‬فبلغ خبرهما ليسياس والي قيليقية‪ ،‬فاخذ‬
‫يالطفهما ويعدهما بمراتب عالية‪ ،‬اذا ض َّحيا االصنام‪ ،‬وإال انزل بهما اشد‬
‫العذابات هوالً‪ .‬فأجابا بكل جرأ ٍة‪ ":‬اننا عن ايماننا بالمسيح ال نحيد"‬
‫عندئذ أمر فقيدوهما بالسالسل وطرحوهما‪ ،‬على التوالي‪ ،‬في الماء‬
‫والنار والسجن‪ .‬ثم رجموهما وصلبوهما ورشقوهما بالسهام‪ ،‬وبعد ان‬
‫تغلَّبا على كل هذا العذاب‪ ،‬بصبر عجيب‪ ،‬يئس منهما الوالي فأمر بضرب‬
‫عنقهما‪ ،‬فناال اكليل الشهادة في سنة ‪.303‬‬
‫وبواسطة ذخائرهما شفي الملك يوستينيانس من مرض كاد يودي‬
‫شيِدت‬
‫بحياته‪ .‬فاقام في القسطنطينية كنيسة كبرى على اسمهما‪ ،‬كما ُ‬
‫لهما عدة كنائس في روما وغيرها‪ .‬صرتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن عشر‬


‫تذكار القديس لوقا االنجيلي‬
‫ولد هذا القديس في انطاكية من اسرة وثنية‪ ،‬وكان طبيباً‪ ،‬كما يُستدل‬
‫من رسالة القديس بولس الى اهل كولسي (‪ ،)14 :4‬اذ يقول‪ ":‬يس ِلم‬
‫عليكم لوقا الطبيب الحبيب"‪ .‬وقد آمن لوقا بالمسيح على يد التالميذ‬
‫الذين جاؤوا من اورشليم الى انطاكية‪ ،‬مبشرين باالنجيل‪ ،‬وتتلمذ لبولس‬
‫الرسول ورافقه في اسفاره وعاونه في التبشير كما ذكره في رسالته‬
‫الى فيليمون (عدد ‪ 23‬و‪ .)24‬وقد الزم لوقا بولس الرسول‪ ،‬مدة اقامته‬
‫في قيصرية سنتين‪ ،‬يقوم بخدمته بكل غيرة ونشاط ويشاطره جميع‬
‫اتعابه الرسولية وما تح َّمله من الشتائم واالهانات‪ .‬وسار معه الى روما‪،‬‬
‫ومؤأس في سالسله وشدائده‪ ،‬كما حضر‬
‫ٍ‬ ‫عز‬
‫حيث كان له خير ُم ٍ‬
‫استشهاده‪.‬‬
‫ثم كتب لوقا انجيله باللغة اليونانية‪ .‬وامتاز عن غيره بذكر ما تلقَّنه من‬
‫فم سيدتنا مريم العذراء‪ :‬ك َحبَلها بالكلمة االلهي وزيارتها نسيبتها‬
‫القديسة اليصابات والميالد في بيت لحم والهرب الى مصر والتقدمة الى‬
‫الهيكل‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬واذ كان في روما‪ ،‬نحو سنة ‪ ،63‬وضع كتاب اعمال‬
‫اإلبركسيس)‪.‬‬
‫َ‬ ‫الرسل (‬
‫وبعد استشهاد معلمه القديس بولس‪ ،‬اخذ يطوف البلدان الكثيرة‪ ،‬كما‬
‫يقول القديس ابيفانيوس‪ ،‬مبشرا ً بايمان المسيح الذي ر َّد كثيرين من‬
‫االمم‪ .‬وبعد جهاده هذا المجيد رقد بالرب سنة ‪ 90‬للميالد‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين!‬

‫اليوم التاسع عشر‬


‫تذكار القديس هارون بطريرك انطاكية‬
‫تتلمذ القديس هارون للقديس اغناطيوس النوراني الشهيد وخلفه في‬
‫البطريركية االنطاكية التي ساسها مدة عشر سنوات أحسن سياسة على‬
‫ما رواه المؤرخ اوسابيوس القيصري بتاريخه "الكرونيكون"‪ ،‬الكتاب‬
‫الثالث‪ ،‬الفصل ‪ :36‬انه بعد استشهاد القديس اغناطيوس بطريرك‬
‫انطاكية‪ ،‬خلفهُ القديس هارون الذي اشتهر بالفضيلة والزهد والغيرة‬
‫على خالص النفوس‪ .‬فقبض عليه الوثنيون واذاقوه من العذابات امرها‬
‫حتى نال اكليل الشهادة في السنة ‪ .127‬صالته تكون معنا‪ .‬آمين!‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً ‪ :‬تذكار البابا سيكستوس االول‬
‫ولد هذا البابا القديس في روما من اسرة شريفة تدعى ايلفيديا‪ ،‬وارتقى‬
‫الى السدة البطرسية سنة ‪ 116‬فكان محافظا ً على االمانة الصحيحة ضد‬
‫المبتدعين الذين حرمهم وقطعهم من شركة الكنيسة‪.‬‬
‫وبعد ان دبَّر الكنيسة بكل غيرة ونشاط‪ ،‬باذالً احشاء الرحمة لاليتام‬
‫والفقراء رقد بالرب في سنة ‪ .125‬ودفن في كنيسة الفاتيكان‪ .‬صالته‬
‫تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العشرون‬
‫تذكار القديس ارتيموس (شليطا)‬
‫كان القديس ارتيموس من انطاكية ومن الرجال العظام الذين قاموا‬
‫باالعمال المجيدة في المملكة الرومانية ايام قسطنطين الكبير الذي قلَّده‬
‫رتبةً عالية في الجندية تس َّمى "أفُغُستي" وهو لقب كان يعطى لمن تقلَّد‬
‫والية مصر‪ .‬غير ان ارتيموس لم يكن ليحتفل بامور الدنيا وامجادها‪،‬‬
‫بل كانت هذه كلها تصغر في عينيه‪ ،‬ازاء مجد هللا وسعادة االبد‪.‬‬
‫الملك‪ ،‬اعتزل ارتيموس‬‫َ‬ ‫ولما مات الملك قسطنطين وتولَّى اوالده‬
‫وظيفته وجاء فسكن انطاكية‪ ،‬ممارسأ ً الفضائل المسيحية‪ ،‬على اكمل‬
‫يحث المؤمنين على التمسك بأهداب الدين القويم ويشجعهم على‬‫ُّ‬ ‫وجه‪،‬‬
‫الدفاغ عن االيمان بالمسيح في خوضهم غمرات االضطهاد‪ ،‬ويساعد‬
‫المساكين والفقراء وينصر الضعيف على القوي الظالم‪ ،‬سالكا ً مسلك‬
‫االنس والوداعة مع الجميع‪.‬‬
‫ول َّما كان يوليانوس الجاحد‪ ،‬مضطهد المسيحيين ذاهبا ً بعسكره الى‬
‫ومر بانطاكية ألقى القبض على ارتيموس الذي اصبح‬ ‫َّ‬ ‫محاربة الفرس‪،‬‬
‫شيخا ً وقوراً‪ ،‬وأمره بان يشترك في ذبائح االوثان‪ ،‬فأبى وجسر على‬
‫الملك‪ ،‬موبخا ً اياه على تنكيله بالنصارى وعلى شراسته وضالله‪.‬‬
‫ضت‬ ‫فاستشاط الملك غيظاً‪ ،‬وبدالً من ان يوقِر تلك الشيخوخة التي ابي َّ‬
‫في خدمة المملكة‪ ،‬أسلمه الى رعاع الجند فانقضوا عليه انقضاض‬
‫ضرب‬ ‫الكواسر واخذوا يضربونه بالمجالد حتى سقط مغشيا ً عليه‪ ،‬ف ُ‬
‫سلَّط‬ ‫عنقه وتكلل رأسه بغار الشهادة سنة ‪ .363‬يدعى بالسريانية ال ُم َ‬
‫وهو اللقب الذي قلده اياه الملك قسطنطين الكبير‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي والعشرون‬


‫تذكار القديس ايالريون‬
‫ولد ايالريون في بلدة تدعى طاباتا‪ ،‬بالقرب من َّ‬
‫غزة‪ ،‬من والدين وثنيَّين‬
‫غنيين‪ .‬فأرسله ابوه الى االسكندرية القتباس العلوم‪ ،‬فنبغ في دروسه‪.‬‬
‫واخذ يجالس العلماء‪ ،‬وجلَّهم من مسيحيين‪ .‬فدرس عليهم العقائد‬
‫وترفع عن حطام الدنيا‪ .‬فآمن‬
‫ٍ‬ ‫المسيحية‪ ،‬فراقت له بما فيها من سم ٍو‬
‫بالمسيح واعتمد‪ .‬ثم زهد في خيور االرض وعكف على الصالة والتأمل‪.‬‬
‫وما سمع بالقديس انطونيوس الكبير حتى سار اليه في البرية‪ .‬فأقام‬
‫تزود‬
‫َّ‬ ‫ويتمرس على الحياة النسكية‪ .‬وبعد ان‬
‫َّ‬ ‫عنده زمانا ً يسترشده‬
‫نصائحه ولبس االسكيم من يده‪ ،‬عاد الى وطنه في فلسطين‪.‬‬
‫ثم ترك كل شيء وانحاز الى القفر بالقرب من مايوما وسكن منسكا ً‬
‫هناك‪ ،‬واخذ يمارس اقسى التقشفات كاالصوام ولبس المسح والتأمل‬
‫وعمل السالل ونقب االرض‪.‬‬
‫دخل عليه اللصوص‪ ،‬يوماً‪ ،‬وهو راكع يصلي في مغارته‪ ،‬فقالوا له‪ :‬أال‬
‫تخاف من اللصوص؟ فأجاب‪َ :‬من لم يملك شيئا ً ال يخاف احداً‪ .‬فقالوا‪:‬‬
‫أال تخشى الموت؟ فقال‪ ":‬كيف أخشا ُه وانا استعد له في كل ساعة؟"‪.‬‬
‫فأثَّر فيهم كالمه وتخشعوا من منظره‪ .‬وانصرفوا‪ ،‬عازمين على اصالح‬
‫سيرتهم بالتوبة‪.‬‬
‫فطارت شهرة قداسته‪ ،‬فأتاه الكثيرون يرغبون في السير على طريقته‪،‬‬
‫فقبلهم وأنشأ لهم الديورة وتولَّى ارشادهم بنفسه‪ ،‬فأجرى هللا على يده‬
‫أيات عديدة‪ .‬منها شفاء ثالثة بنين المرأة البيردوس رئيس الحرس‬
‫الملكي‪ ،‬كانوا اشرفوا على الموت‪.‬‬
‫ولما تضايق من ازدحام الناس عليه‪ ،‬ترك فلسطين وذهب مع تلمي ٍذ له‬
‫يدعى ايزيكُس‪ ،‬الى صقلية في ايطاليا‪ ،‬ومنها جاء الى قبرس‪ ،‬مثابرا ً‬
‫على طريقته النسكية‪ ،‬وقد بلغ الثمانين عاما ً من العمر‪ .‬فعرف بدنو‬
‫أجله وخاف من الدينونة الرهيبة‪ ،‬لكنه تشدد بااليمان والرجاء باهلل‪،‬‬
‫مر ِددا ً هذه الصالة‪ ":‬أخرجي ايتها النفس الى مالقاة ربك‪ ،‬لماذا تخافين‪،‬‬
‫ت في خدمته السنين الطوال"؟ وبهذه المناجاة رقد بالرب سنة‬ ‫وقد جاهد ِ‬
‫‪.372‬‬
‫وترك تلميذه ايزيكس كتاب االنجيل واالسكيم الجلدي الذي وهبه اياه‬
‫القديس انطونيوس‪ .‬فجاء تلميذه بجثمانه الطاهر الى فلسطين‪ ،‬حيث‬
‫استقبله الرهبان بمظاهر الحفاوة واالحترام ودفنوه في ديره القديم‪.‬‬
‫وكان ضريحه ينبوع نعم وبركات‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني والعشرون‬
‫تذكار الشهداء السبعة الفتية في افسس‬
‫هؤالء االخوة السبعة الفتية كانوا من اسرة مسيحية شريفة في مدينة‬
‫فوشي بهم الى حاكم المدينة انهم مسيحيون‪ ،‬فاخذ يتملَّقهم‬ ‫افسس‪ُ ،‬‬
‫ويتهددهم ليجحدوا ايمانهم ويض ُّحوا لالوثان‪ ،‬فأبوا وتمكنوا من الذهاب‬
‫الى مغارة قرب المدينة واختبأوا فيها‪ ،‬فعرف الحاكم بمخبئهم وارسل‬
‫جنودا ً سدُّوا عليهم باب المغارة‪ ،‬سدا ً محكما ً كي يميتوهم جوعاً‪ .‬لكن‬
‫احد المسيحيين‪ ،‬بعناية الهية‪ ،‬قد سبق فرمى في المغارة صفيحة من‬
‫نحاس مكتوبة فيها اسماء اولئك االخوة السبعة وهم‪ :‬مكسيميانوس‬
‫و َمل ُخس ومرتينيانوس وديونيسيوس ويوحنا وسرابيون وقسطنطين‪،‬‬
‫مع موجز استشهادهم وتاريخه‪ .‬فرقدوا‪ ،‬اي توفوا داخل المغارة‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ ،441‬اي بعد ما يقرب من مئة وتسعين سنة‪ ،‬بعهد الملك‬
‫تاودوسيوس الثاني الصغير‪ ،‬انكشفت المغارة امام احد الفالحين وفيها‬
‫اجساد اولئك الشهداء سالمة من الفساد وطريئة‪ .‬فارتعب الرجل لهذا‬
‫المشهد‪ ،‬واسرع فأخبر اسقف المدينة‪ ،‬فجاء هذا مع االكليروس‬
‫وجمهور من الشعب بهيئة حافلة‪ ،‬وما وقع نظرهم على تلك االجساد‬
‫السليمة وقرأوا صحيفة النحاس المشار اليها‪ ،‬حتى تحققوا االمر‪،‬‬
‫فدُهشوا وامتألت قلوبهم فرحا ً وافواههم تمجيدا ً هلل‪ .‬فحملوا تلك الذخائر‬
‫الى الكنيسة ودفنوها باحتفال عظيم‪ ،‬وكانت تفيض بالنعم والمعجزات‬
‫الباهرة‪ ،‬وكان ذلك سنة ‪ .447‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث والعشرون‬
‫تذكار القديس اغناطيوس بطريرك القسطنطينية‬
‫ولد اغناطيوس في القسطنطينة متحدرا ً من االسرة المالكة وتربَّى على‬
‫شب دخل احد الديورة وارتسم كاهناً‪ .‬واصبح‬ ‫محبة هللا والفضيلة‪ .‬ول َّما َّ‬
‫موضوع ثقة الرهبان واحترامهم‪ ،‬فأقاموه رئيسا ً عليهم‪ .‬فكان لهم خير‬
‫ب يقوم امامهم بجميع الواجبات‪ ،‬ويسوسهم بالمحبة والفطنة‪.‬‬ ‫أ ٍ‬
‫ولما اشتهرت قداسته‪ ،‬انتُخب بطريركا ً على القسطنطينية سنة ‪.846‬‬
‫يقرع الخطأة‪ ،‬وال‬‫ولفرط غيرته على مجد هللا وخالص النفوس قام ِ‬
‫سيما المشهورين منهم‪ ،‬فاصطدم باالمير برداس قيصر‪ ،‬خال الملك‬
‫ميخائيل الثالث‪ ،‬ألنه كان طلَّق امرأته وسار مسلكا ً مش ِككاً‪ ،‬فمنعه‬
‫البطريرك من التقدُّم الى مائدة الخالص‪ ،‬يوم عيد الظهور‪ ،‬وأعلن‬
‫حرمهُ‪.‬‬
‫فغضب برداس واضمر له الحقد‪ .‬وراح يوغر صدر الملك عليه‪ ،‬حتى‬
‫المقرب من القصر‪ ،‬بعد‬
‫َّ‬ ‫عزله عن كرسيه ونفاه‪ .‬واقام مكانه فوتيوس‬
‫ي الدرجات المقدسة حتى االسقفية بستة ايام‪ .‬فبات اغناطيوس‬ ‫ان ُر ِق َ‬
‫وامر اآلالم بصبر جميل‪.‬‬
‫َّ‬ ‫مبعداً‪ ،‬يقاسي االهانات‬
‫ولما عرف البابا نقوال االول بما جرى‪ ،‬استاء ك َّل االستياء‪ ،‬وامر‬
‫بارجاع اغناطيوس البطريرك الشرعي الى كرسيه‪ ،‬وبتنحي فوتيوس‬
‫عنه‪ .‬فغضب هذا جدا ً وابى الخضوع ألمر البابا وقطع صالته معه‪،‬‬
‫مستقالً بنفسه‪ .‬وجاء اغناطيوس يعمل على تهدئة الخواطر والقاء‬
‫االمن والسالم في الشعب‪.‬‬
‫وقيل ان اغناطيوس وفوتيوس التقيا‪ ،‬يوماً‪ ،‬في القصر االمبراطوري‪،‬‬
‫فركع ك ُّل منهما على ركبتيه‪ ،‬طالبا ً المغفرة من صاحبه‪.‬‬
‫واستمر اغناطيوس عاكفا ً على الصالة والتأمل‪ ،‬مستسلما ً الرادة هللا في‬
‫كل شيء‪ ،‬الى ان رقد بالرب سنة ‪ .877‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار القديس بروكلوس رئيس اساقفة القسطنطينية‬
‫ولد بروكلوس في القسطنطينية وكان تلميذا ً للقديس يوحنا فم الذهب‪.‬‬
‫وقد اشتهر بالعلم والفضيلة‪.‬‬
‫وقد س ِقف على مدينة كيزيكُس وحمل على نسطور‪ ،‬الناكر االمومة‬
‫االلهية على سيدتنا مريم العذراء‪ ،‬حملة شعواء وفنَّد هرطقته‪ ،‬مثبتا ً‬
‫صحة االعتقاد الكاثوليكي القويم‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ ،434‬انتُخب بطريركا ً على القسطنطينية‪ .‬فكان ذلك الراعي‬
‫الغيور المتفاني في خير شعبه‪ ،‬وله عدَّة تآليف ورسائل ق ِيمة‪.‬‬
‫وقد اجرى هللا على يده معجزة ايقاف الزلزال الهائل الذي حدث في‬
‫القسطنطينية وجوارها سنة ‪ ،447‬وذهب بالوف الضحايا‪ .‬فهرب الناس‬
‫ويعزيهم ويوزع‬
‫ِ‬ ‫الى البراري والحقول فقام هذا البطريرك يتفقَّدهم‬
‫عليهم المساعدات ويحرم نفسه الطعام ليشاركهم في آالمهم‪ .‬وبينما هو‬
‫يتضرع الى هللا ليرحم شعبه‪ ،‬اذا باصوات المالئكة تسبِح وتقول‪ :‬قدوس‬
‫هللا‪ ،‬قدوس القوي‪ ،‬قدوس الذي ال يموت‪ ،‬عندها هدأت الزلزلة‪ ،‬ومن‬
‫ذلك الحين دخلت تلك التسبحة في الليتورجيا‪ .‬وتوفي بروكلوس سنة‬
‫‪ .447‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬
‫تذكار القديس امبراميوس وابنة اخيه مريم‬
‫ولد امبراميوس في مدينة الرها من اسرة مسيحية غنيَّة‪ .‬وتتلمذ‬
‫شب امبراميوس‬ ‫َّ‬ ‫للقديس افرام الذي كتب سيرته وهذه خالصتها‪ :‬ل َّما‬
‫نذر بتوليته هلل‪ .‬وانس َّل من البيت وذهب الى البرية‪ ،‬فسكن مغارةً‪،‬‬
‫يمارس فيها الصالة والتأمل وجميع انواع التقشفات‪.‬‬
‫واشتهرت قداسته فتقاطر اليه الناس‪ .‬فرسمه اسقف الرها كاهنا ً‬
‫وأرسله الى بلدة قريبة‪ ،‬كان اهلها متعبدين لالوثان‪ ،‬فردَّهم بمثله‬
‫وارشاده الى االيمان بالمسيح‪ ،‬كما انه عُني بتربية مريم ابنة اخيه‬
‫اليتيمة تربية صالحة‪.‬‬
‫وما زال هذا القديس سائرا ً على طريق الفضائل الى ان رقد بالرب سنة‬
‫‪ .370‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬
‫تذكار الشهداء حارث ورفاقه‬
‫كان حارث شيخا ً جليالً وزعيم النصارى بمدينة نجران‪ ،‬يوم دخلها‬
‫اليهود وأعملوا السيف بأهلها‪ .‬وقبضوا على حارث‪ .‬فخيَّروه بين الكفر‬
‫بالمسيح‪ ،‬او الموت مهاناً‪ ،‬فأجاب قائالً‪ ":‬الموت وال الكفر بمن مات‬
‫الجلي"‪ .‬وقبل ان ينفَّذ به الحكم‪ ،‬التفت الى رفقته وأخذ يشجعهم على‬
‫الثبات في ايمانهم فهتفوا بصوت واحد‪ ":‬انه ال يفصلنا عن محبة‬
‫عذاب وال سيف‪ ،‬وال موت"‪ .‬عندئذ أمر الملك بضرب‬ ‫ٌ‬ ‫المسيح الهنا‬
‫اعناقهم مع شيخهم حارث‪ ،‬فنال جميعهم اكليل الشهادة سنة ‪.523‬‬
‫وكان عددهم ‪ 340‬شهيداً‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الخامس والعشرون‬
‫تذكار الشهيدين خريسنتوس وزوجته داريا‬
‫ولد خريسنتوس في االسكندرية من اسرة وثنية‪ .‬وتثقف بالعلوم‬
‫الفلسفية في روميه‪ ،‬اذ كان ابوه عضوا ً في المشيخة الرومانية‪ .‬ولفرط‬
‫ذكائه‪ ،‬لم تكن الوثنية لتُقنع عقله وتُشبع قلبه‪ .‬ول َّما سمع بايمان‬
‫المسيح‪ ،‬اخذ يطالع االنجيل‪ ،‬فراقته تعالي ُمه السامية‪.‬‬
‫جن جنونه‪ ،‬لما كان‬‫فآمن بالمسيح واعتمد‪ .‬وما عرف ابوه بذلك‪ ،‬حتى َّ‬
‫عليه من التعصب لوثنيته والتمسك بمقامه‪ .‬فأمره بان يعود الى دين‬
‫آبائه‪ ،‬فأبى‪ ،‬فطرحه في سجن مظلم‪ .‬وحاول ان يزوجه من فتاة رائعة‬
‫الجمال‪ ،‬تدعى داريا‪ ،‬من عابدات اإللهة فُستا‪ ،‬فأتت هذه اليه وأخذت‬
‫تالطفه‪ .‬أما هو فراح يُفهمها فساد الوثنية وص َّحة الدين المسيحي‬
‫ست النعمة قلبها‪.‬‬
‫وسمو تعاليمه وشرف البتولية‪ .‬فأثر فيها كالمه وم َّ‬
‫فآمنت بالمسيح‪ ،‬فاتفق معها على الزواج‪ ،‬شرط حفظ العفة‪ ،‬فرضيت‪.‬‬
‫وعاشا اخوين مالكين‪.‬‬
‫وانطلقا يبشران باالنجيل‪ ،‬فردَّا الكثيرين من الوثنيين الى االيمان القويم‪.‬‬
‫فألقى الوالي سالرينوس القبض عليهما وارسلهما الى القائد كلوديوس‬
‫الذي امر جنوده بتعذيبهما‪ ،‬فلم ينل منهما مأرباً‪ .‬ثم قيَّدوا خريسنتوس‬
‫بسالسل من حديد وطرحوه في السجن‪ ،‬فانحلَّت القيود وأضاء السجن‬
‫نور سماوي أدهش الحاضرين‪ .‬فآمن القائد كلوديوس وزوجته وولداه‬ ‫ٌ‬
‫وغيرهم‪ .‬فأمر الملك نوميريانوس بقتلهم جميعا ً ففازوا بالشهادة‪.‬‬
‫ثم ساروا بخريسنتوس وداريا‪ ،‬الى خارج المدينة وطرحوهما في حفر ٍة‬
‫رملية على طريق ساالريا‪ ،‬ورموا الحفرة بالحجارة‪ ،‬فدفنوهما حيَّين‬
‫وهما يسبحان هللا ويشكرانه على نعمة االستشهاد‪ .‬وكان ذلك سنة‬
‫‪ .284‬صالتهما معنا‪.‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس والعشرون‬
‫تذكار القديس الشهيد ديمتريوس‬
‫ولد ديمتريوس في مدينة تسالونكي‪ ،‬وكان من اسرة مسيحية شريفة‪.‬‬
‫فتربى تربية حسنة وتثقَّف ثقافة عالية‪ .‬وشغل وظيفة القنصلية في‬ ‫َّ‬
‫تواقة الى الفضيلة‪ .‬وكان غيورا ً‬
‫المملكة الرومانية‪ ،‬لكن نفسه كانت َّ‬
‫على الفقراء والبائسين وعلى التبشير باالنجيل‪ ،‬فرد الكثيرين من‬
‫الوثنيين الى االيمان بالمسيح‪.‬‬
‫ولما أثار الملك مكسيميانوس االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬جاء الى‬
‫تسالونكي وأنزل بهم اشد العذابات هوالً وفي الطليعة زعيمهم‬
‫ديمتريوس الذي سجنه‪ .‬فكان عاكفا ً على الصالة‪ ،‬مستعدا ً لسفك دمه في‬
‫سبيل ايمانه‪ .‬وحضر الملك مشهد المصارعة بين لوهاش الوثني واحد‬
‫طر المسيحي‪ ،‬فانتصر هذا على ذاك‬ ‫حرسه الملكي وبين الشاب نس ُ‬
‫وظن ان صالة ديمتريوس هي‬ ‫َّ‬ ‫الجبار وصرعه‪ ، ،‬فغضب الملك جدا ً‬
‫سببب انتصار نسطر المسيحي على خصمه‪ ،‬فارسل جنوده الى السجن‪،‬‬
‫فطعنوا ديمتريوس بالحراب وقتلوه وألحقوا به خادمه لبُّوس الدي جاء‬
‫ليبكيه ويجمع ذخائره‪ .‬وانتقم الملك أيضا ً من الشاب نسطور فقتله‪ .‬ففاز‬
‫الثالثة بغار الشهادة سنة ‪ .303‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع والعشرون‬
‫تذكار الشهيدتين كابيتولينا واروتيدا‬
‫كابيتولينا امرأة مسيحية شريفة من قيصرية الكابدوك‪ ،‬غنية بالمال‪،‬‬
‫بكف سخية على الكنائس والفقراء‪ .‬بلغ‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫لكن غناها بالفضيلة أكبر‪ ،‬تجود‬
‫وتضحي‬
‫ِ‬ ‫خبرها والي المدينة فاخذ يعدها ويتوعدها لتكفر بالمسيح‬‫ُ‬
‫لالوثان‪ ،‬فلم تبا ِل بوعده ووعيده‪ ،‬فأمر بطرحها في السجن‪ .‬ثم حاول‬
‫مرةً ثانية اقناعها فلم تتزعزع عن ايمانها‪ .‬عندئ ٍذ امر بضرب عنقها‬
‫توبخ‬‫سها بغار الشهادة‪ ،‬فأسرعت اروتيدا خادمتُها واخذت َّ‬ ‫فتكلل رأ ُ‬
‫القاضي على حكمه الجائر وتجاهر بايمانها بالمسيح‪ ،‬فأمر بسجنها ثم‬
‫بأذى‪ ،‬بل كانت تترنم بتسبحة الفتية في‬
‫ً‬ ‫بطرحها في اتون النار فلم ت ُ َمس‬
‫ضهم فأمر القاضي بضرب اعناقهم‬ ‫اتون بابل‪ ،‬فاندهش الجنود وآمن بع ُ‬
‫ومعهم اروتيدا ففازوا جميعهم باكليل الشهادة سنة ‪ .304‬صالتهم معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬
‫تذكار البابا زكريا‬
‫يوناني االصل‪ ،‬جاء الى روما وارتسم كاهنا ً واشتهر بعلومه الرسولية‪.‬‬
‫ول َّما توفي البابا غريغوريوس الثالث‪ ،‬اجمع االكليريكيون والشعب على‬
‫انتخاب زكريا خلفا ً له سنة ‪.741‬‬
‫ولما احتل اللُّمبرديون ايطاليا وشدُّوا الخناق على الشعب‪ ،‬تمكن هذا‬
‫البابا‪ ،‬بصالته وغيرته‪ ،‬من عقد الصلح مع ملكهم‪ ،‬فأوقف الحرب‪،‬‬
‫واطلق االسرى ور َّد المدن التي افتتحها‪.‬‬
‫ثم و َّجه البابا عنايته الى اصالح شؤون االكليروس والشعب‪ ،‬وكان‬
‫عطوفا ً على الفقراء والبائسين‪ .‬وكانت له المنزلة الكبرى عند ملوك‬
‫فرنسا يعملون بنصائحه ويأخذون بآرائه‪ .‬وله يرجع الفضل باهتداء‬
‫الجرمانيين الى الدين المسيحي‪.‬‬
‫ترجم الى اللغة اليونانية بعض تآليف للبابا غريغوريوس الكبير‪ .‬وبعد‬
‫ان ساس الكنيسة بكل غيرة وقداسة‪ ،‬رقد بالرب سنة ‪ .752‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار الشهداء تيرنسيوس ورفاقه‬
‫كان هؤالء الشهداء اربعين رجالً من افريقيا‪ ،‬قبض عليهم والي ارمينيا‬
‫فرتونيانس‪ ،‬واخذ يتملَّقهم ويتوعَّدهم ليكفروا بالمسيح‪ ،‬فلم ينثنوا عن‬
‫ايمانهم‪ ،‬بل آثروا الموت على الكفر بربهم‪ ،‬فجلدوهم جلدا ً عنيفا ً ومزقوا‬
‫اجسادهم بمخالب من حديد‪ ،‬فثبتوا صابرين يعترفون بالمسيح‪ .‬عندئ ٍذ‬
‫امر الوالي فقطعوا رؤوسهم وطارت نفوسهم الى السماء لتنعم بمجد‬
‫الشهداء الى االبد في السنة ‪ .250‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬
‫تذكار البابا القديس تاليسفوراس‬
‫ولد هذا القديس في بلدة موريُّوم في اليونان‪ .‬ثم اتى مدينة روما‪ ،‬حيث‬
‫تثقف بالعلوم وارتسم كاهناً‪ .‬واشتهر بغيرته وقداسته‪ ،‬الى ان خلف‬
‫البابا سكتوس االول المتوفي سنة ‪.125‬‬
‫فأخذ يدير دفة الكنيسة بحكمة وغيرة رسولية‪ .‬فقام يدافع عن االيمان‬
‫الصحيح ضد المبتدعين‪ ،‬وعقد مجمعا ً حرم فيه تعاليمهم الضالة‪ .‬وشدَّد‬
‫على حفظ فريضة الصوم االربعيني‪ ،‬كما كانت في عهد الرسل‪ .‬وامر‬
‫وحرم اقامة الشكوى المدنية‬
‫َّ‬ ‫باقامة القداس نصف الليل في عيد الميالد‪.‬‬
‫على االكليريكيين وتوفي شهيدا ً سنة ‪ .136‬ودفن في الفاتيكان‪ ،‬بجانب‬
‫ضريح القديس بطرس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع والعشرون‬
‫تذكار القديسة انسطاسيا الكبرى البتول الشهيدة‬
‫كانت هذه القديسة من اسرة مسيحية رومانية شريفة‪ ،‬في عهد الملك‬
‫فاليريانوس والوالي بروبُس‪ .‬ومنذ صباها نذرت بتوليتها هلل‪ .‬وبعد ان‬
‫وزعت مالها على الفقراء والشهداء‪ ،‬اعتزلت الدنيا مع بعض العذارى‬
‫العابدات‪ .‬وانعكفت على الصالة وممارسة الفضائل‪ ،‬وال سيما اعمال‬
‫الرحمة الروحية والجسدية‪ ،‬تحت تدبير امرأة تقية تدعى صوفيَّا‪.‬‬
‫فوشي بها الى الوالي برونُس‪ ،‬بانها ال تكرم اآللهة وال تحترم امر‬ ‫ُ‬
‫الملك‪ ،‬فاستحضرها وسألها عن معتقدها‪ ،‬فاجابت بانها مسيحية‪ .‬فشرع‬
‫الوالي يتملَّقها ويتهددها‪ ،‬فلم تحفل بتهديده‪ .‬فأمر بها فأذاقوها من‬
‫العذابات ما تقشعر له االبدان‪ :‬قيَّدوها بالسالسل وجلدوها‪ ،‬حتى َّ‬
‫تمزق‬
‫جسدها وحرقوا اعضائها وكسروا اسنانها واضراسها وقلعوا اظافر‬
‫يديها ورجليها‪ ،‬وكسروا ساقيها ويديها‪ ،‬فأمست غائصة بدمائها‪ ،‬وهي‬
‫صابرة تشكر هللا‪ .‬واخيرا ً قطعوا رأسها‪ ،‬فتكللت بالشهادة سنة ‪.252‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬
‫تذكار القديس بالسيوس اسقف سبسطيه ورفاقه‬
‫كان هذا القديس اسقفا ً على مدينة سبسطيه في الكابدوك‪ ،‬معروفا ً‬
‫بغيرته على خالص النفوس وبعطفه على الفقراء‪ .‬وكان له إلها ٌم بفن‬
‫الطب‪ ،‬يعالج المرضى وال سيما الفقراء مجانا ً ويداوي الخطأة بالتوبة‬
‫ان الوحوش كانت تؤآنسه‪ .‬وقد‬ ‫الى هللا‪ .‬فمنحه هللا صنع العجائب‪ ،‬حتى َّ‬
‫ر َّد الكثيرين الى االيمان بالمسيح‪.‬‬
‫امره حاكم ارمينيا بان يض َّحي لالوثان‪ .‬فأجابه‪ ":‬اني اضحي ذبيحة‬
‫قلبي ليسوع المسيح ربي ال لغيره"‪ .‬فحنق الحاكم وامر به فوضعوه في‬
‫حبس مظلم كان فيه بعض المرضى فشفاهم بصالته‪ .‬ثم اخرجوه وشدُّوه‬ ‫ٍ‬
‫الى عمو ٍد ومزقوا جسده بامشاط من حديد‪ ،‬فتقدم سبع نساء يلتقطن‬
‫َّ‬
‫وطرحوهن في اتون النار‪ ،‬فنلن اكليل‬ ‫َّ‬
‫عليهن‬ ‫دمه تبركا ً فقبضوا‬
‫الشهادة‪.‬‬
‫ثم طرحوا القديس في بحيرة‪ ،‬فانقذه هللا من الغرق‪ .‬عندئ ٍذ قطعوا رأسه‬
‫فتكلل بالشهادة في السنة ‪ .316‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار القديس مكاريوس اسقف اورشليم‬
‫ارتقى مكاريوس الى اسقفية اورشليم سنة ‪ ،318‬وساسها بكل غيرة‬
‫وقداسة ثالث عشرة سنة‪ .‬وقد حضر المجمع النيقاوي االول عام ‪،325‬‬
‫الذي حرم اريوس وبدعته‪ .‬وكان مكاريوس من اشد المقاومين له‪.‬‬
‫وأه ُّم اعماله انه سعى لدى الملك قسطنطين الكبير في تعزيز االراضي‬
‫المقدسة وتطهيرها من ارجاس الوثنية‪ .‬ساعد القديسة هيالنة‪ ،‬والدة‬
‫هذا الملك‪ ،‬في البحث عن خشبة الصليب المقدس‪ ،‬فوجدتها وارسلت‬
‫تخبر ابنها بذلك واهدته جزءا ً منها‪ .‬فارسل الملك كتابا ً الى البطريرك‬
‫مكاريوس يشكر له غيرته ومساعدته لوالدته‪ ،‬ويوعز اليه بان يُقيم‬
‫على قبر المخلص كنيسة تفوق جميع كنائس الدنيا فخامة واتقانا ً وتكون‬
‫زينتها وكل اثاثها على نفقة الملك‪.‬‬
‫وبعد ان ات َّم هذا االسقف القديس سعيه وانشأ الكنائس العديدة‪ ،‬رقد‬
‫بالرب في السنة ‪ .331‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار القديس سرابيون بطريرك انطاكية‬


‫كل ما نعرفه عن هذا القديس سرابيون انه تولَّى الكرسي االنطاكي‬
‫اثنتين وعشرين سنة‪ .‬وساسه بكل ما فيه من غير ٍة ومفاداة في سبيل‬
‫مجد هللا وخالص النفوس‪ ،‬ورقد بالرب سنة ‪ .313‬وقد ذكره السنكسار‬
‫الروماني‪ ،‬في ‪31‬ت‪ .1‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفيه أيضاً‪ :‬تذكار النبي باروك‬
‫كان النبي باروك في ايام يكنُيا ملك يهوذا تلميذا ً إلراميا النبي وكاتبا ً له‪،‬‬
‫يساعده في وعظ اليهود قبل سيبهم الى بابل وبعده وكان يقرأ عليهم‬
‫رسائل ارميا ويوبخهم على عدم العمل بها‪ .‬لذلك قاسى اضطهادات‬
‫كثيرة من اجل الرب وحفظ شرائعه‪.‬‬
‫وفي بابل كتب السفر المعروف باسمه كملحق لمراثي معلمه‪ .‬ورقد هذا‬
‫النبي بسالم عام ‪ 580‬قبل مجيء المسيح‪ .‬وباروك لفظة عبرانية‬
‫معناها المبارك‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والثالثون‬
‫إبيماخس و ُ‬
‫غرديانس‬ ‫ُ‬ ‫تذكار الشهيدين‬
‫عرف إبيماخس في مدينة االسكندرية بتمسكه بالدين المسيحي‪ .‬فقبض‬
‫عليه الوالي سابينوس‪ .‬ول َّما لم ينل منه مأرباً‪ ،‬امر فقيَّدوه بالسالسل‬
‫وطرحوه في سجن مظلم مدة طويلة‪ ،‬كان معتصما ً بالصبر‪ ،‬عاكفا ً على‬
‫الصالة ليهبه هللا نعمة االستشهاد‪.‬‬
‫ثم اخرجوه من السجن وبعد ان انزلوا به انواع العذابات‪ ،‬وهو صابر‪،‬‬
‫القوه في حوض مملوء كلسا ً حياً‪ ،‬ففاضت روحه الطاهرة وفاز‬
‫بالشهادة سنة ‪.250‬‬
‫غرديانس‪ ،‬فكان قاضيا ً وثنياً‪ ،‬ارسله يوليانوس الى روما‪ ،‬حيث‬ ‫أما ُ‬
‫تعرف بكاهن يدعى يانواريوس‪ ،‬كان يُصغي الى مواعظه في شرف‬ ‫َّ‬
‫ست النعمة قلبه وانارت عقله‪ ،‬فآمن‬‫الدين المسيحي وسمو تعاليمه‪ ،‬فم َّ‬
‫بالمسيح‪ ،‬هو وزوجته واثنان وخمسون شخصا ً من انسبائه‪ ،‬فع َّمدهم‬
‫الكاهن‪ ،‬بعد ان علَّمهم قواعد االيمان‪.‬‬
‫غرديانس عن وظيفته واقام مكانه كالمان‬ ‫غضب يوليانوس جدا ً وعزل ُ‬
‫الذي وشى به‪ .‬فاستحضره هذا وامره بأن يضحي لآللهة‪ ،‬وجاهر‬
‫بايمانه بالمسيح‪ ،‬فأمر بجلده جلدا ً عنيفا ً بأمراس مج َّهزة بأكر من‬
‫رصاص‪ .‬واخيرا ً قطعوا رأسه‪ ،‬فتكلل بالشهادة‪ .‬فأتى المسيحيون‪ ،‬ليالً‬
‫ودفنوه في الضريح الذي وضعت فيه‪ ،‬من قبل‪ ،‬رفات الشهيد ابيماخس‪.‬‬
‫وكان ذلك سنة ‪.362‬‬
‫اما امرأته مارينا‪ ،‬فحكم القاضي عليها باالشغال الشاقة‪ ،‬فلم تتزعزع‬
‫عن ايمانها وبهذه الطريقة اكملت استشهادها ولحقت بزوجها الى‬
‫االخدار السماوية‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫شهر تشرين الثاني‬
‫أيام هذا الشهر ثالثون يوماً‪ .‬ساعات نهاره ‪ 11‬ساعة وساعات ليله ‪ 13‬ساعة‪.‬‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار جميع القديسين‬
‫ان الكنيسة المقدسة تُقيم‪ ،‬كل يوم من السنة‪ ،‬تذكارا ً لقديس‪ .‬وبقي عد ٌد ال‬
‫يحصى من القديسين الغير معروفين‪ ،‬من دون تذكار خاص بهم‪ ،‬لذلك اقام لهم‬
‫فحول هيكل اآللهة‬‫َّ‬ ‫البابا بونيفاسيوس الرابع (‪ )615 – 608‬تذكارا ً شامالً‪.‬‬
‫وكرسه معبداً إلكرام‬‫َّ‬ ‫الكذبة المعروف (بالبانتيون) فيروما الى هيك ٍل مسيحي‬
‫سيدتنا مريم العذراء وجميع الشهداء ونقل اليه رفاتهم وعيَّن لهم عيدا ً خاصاً‪،‬‬
‫صص البابا‬ ‫اسماه "عيد جميع القديسين" في ‪ 12‬أيار‪ .‬وفي السنة ‪ 731‬خ َّ‬
‫غريغوريوس الثالث‪ ،‬في كنيسة مار بطرس‪ ،‬معبداً لتكريم جميع القديسين‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 837‬زار البابا غريغوريوس الرابع فرنسا وادخل هذا العيد فيها‪،‬‬
‫وعيَّن له اليوم االول من تشرين الثاني‪ .‬ومنذ ذلك الحين رسم الباباوات فرضا ً‬
‫خاصا ً به فأصبح من اعظم اعياد الكنيسة غربا ً وشرقاً‪ .‬واخذت كنيستنا‬
‫المارونية تحتفل به اقتدا ًء بكنيسة رومة‪ .‬هؤالء القديسون هم الشهداء‬
‫والمعترفون والعذارى واالبرار والصديقون الذين جاهدوا الجهاد الحسن‬
‫وانتصروا على الجسد والعالم والشيطان وفازوا باكليل المجد االبدي‪ .‬فهم‬
‫وعون لنا في الشدائد والمحن‪ .‬فبتكريمنا اياهم نقدِم المجد‬‫ٌ‬ ‫شفعاؤنا لديه تعالى‬
‫قواهم بنعمته وا َّهلهم الىالسعادة الخالدة‪ .‬فلنتخذهم مثاالً لنا‬
‫والشكر هلل الذي َّ‬
‫لنقتدي بفضائلهم صابرين على آالم هذا الدهر لنستحق مشاركتهم في المجد‬
‫االبدي‪.‬‬
‫صالة فرضنا السرياني تخصص لهم القومة الثانية في صالة الليل من كل يوم‬
‫ويرد ذكرهم في جميع االلحان والصلوات بعد ذكر العذراء المجيدة‪ .‬صالتهم‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني‬
‫تذكار الموتى المؤمنين‬

‫قد اقامت الكنيسة المجاهدة‪ ،‬يوم امس‪ ،‬تذكاراً لشقيقتها المنتصرة في السماء‪،‬‬
‫واليوم تُقيم تذكاراً آخر لشقيقتها المتألمة في الطهر‪ .‬وهو اشهى تذكار على‬
‫قلبها‪.‬‬
‫صالة فرضنا السرياني تخصص لهم القومة الثالثة من صالة الليل بعد ذكر‬
‫العذراء والشهداء‪.‬‬
‫ان تذكار الموتى هذا قد رسمه البابا بونيفاسيوس‪ ،‬كما رسم تذكار جميع‬
‫القديسين‪ .‬وذلك الن المؤمنين الراقدين بالرب‪ ،‬وعليهم بعض قصاصات عن‬
‫يوفوا عنها في هذه‬ ‫السري‪ ،‬او خطايا عريضة‪ ،‬لم ُ‬‫ِ‬ ‫بالحل‬
‫ِ‬ ‫الخطايا المغفورة‬
‫يكفروا عنها في المطهر‪ ،‬بنار مثل نار جهنم‪ ،‬لكنَّها‬
‫الحياة‪ ،‬فهم ملتزمون ان ِ‬
‫زمنية‪ .‬ولذلك تقدِم الكنيسة‪ ،‬شرقا ً وغرباً‪ ،‬الصلوات والقرابين الجل راحة‬
‫االنفس المطهرية‪.‬‬
‫فعلينا نحن‪ ،‬قياما ً بواجب الرحمة وعرفان الجميل والعدل ايضا ً ان نرفع‬
‫الصلوات ونقدِّم القداديس او نسمعها ونصنع الحسنات من اجل الموتى‪ ،‬النهم‬
‫اخوتنا بالمسيح‪ ،‬وال سيما اذا كانوا من اقربائنا والمحسنين الينا‪ .‬فانهم من‬
‫اعماق مطهرهم يصرخون نحونا‪ ":‬ارحمونا ارحمونا‪ ،‬انتم يا أخالَّءنا َّ‬
‫فان يد هللا‬
‫قد مستنا" (ايوب ‪ .)21 :19‬و" طوبى للرحماء فانهم يرحمون" (متى ‪.)7 :5‬‬
‫فلينفذ صوتُ صراخهم هذا اذاننا واعماق قلوبنا لنُسرع الى نجدتهم‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً ‪ :‬تذكار الشهداء اكندينوس ورفاقه‬


‫ان هؤالء الشهداء كانوا من بالد فارس في عهد قسطنطين الكبير والملك‬
‫سابور الثاني‪ ،‬وكان الثالثة االولون منهم ذوي غيرة وإقدام على الدين‬
‫المسيحي‪ ،‬ونشر تعاليم االنجيل المقدس بين اخوتهم المسيحيين ورد الكثيرين‬
‫من الوثنيين الى االيمان الصحيح‪ .‬فغضب سابور عليهم وانزل بهم اشد‬
‫العذابات هوالً‪ ،‬فكانوا صابرين‪ ،‬ثابتين في ايمانهم‪ .‬وقد آمن الكثيرون من الجند‬
‫حتى أ ُّم الملك نفسها‪ ،‬لرؤيتها ماحدث من المعجزات في انواع العذابات التي‬
‫مروا بها‪ .‬فأمر الملك بقطع رؤوسهم مع جميع الذين آمنوا بسببهم ونال‬ ‫ُّ‬
‫جميعهم اكليل الشهادة في سنة ‪ .341‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث‬
‫تذكار الشهداء أكسيما االسقف ويوسف القس وايتاال الشماس‬

‫ي المنظر‬ ‫كان اكسيما اسقفا ً على مدينة أوتيني من بالد أشور شيخا ً فاضالً به َّ‬
‫شريف االصل‪ ،‬أبا ً حنونا ً على رعيته‪ ،‬ال ينفك عن الصالة والتضرع الى هللا‬
‫الجل الكنيسة وابنائها‪.‬‬
‫ويوسف كان كاهنا ً لقرية بيت كاتونا وقد قارب السبعين من العمر‪ ،‬يحترمه‬
‫الجميع لتقواه ولخدمته الجليلة‪ .‬وايتاال كان شماسا ً انجيليا ً في الستين من‬
‫عمره‪ ،‬يقوم بخدمة الكنيسة وتوزيع االسرار وارشاد الموعظين‪.‬‬
‫قبض الوالة على الثالثة وساقوهم مكبلين الى مدينة اربيال حيث مثلوا أمام‬
‫الحاكم‪ ،‬فأمرهم بالسجود للشمس وإالَّ أذاقهم مر العذاب‪ ،‬فلم يعبأوا بتهديداته‪،‬‬
‫تمزقت اجسادهم وتفككت اعضاؤهم‪،‬‬ ‫فأمر بجلدهم بجميع الطرق الوحشية حتى َّ‬
‫غصص اآلالم‪ ،‬في سجن مظلم حيث قاسوا ُم َّر العذاب‬ ‫ثم طرحوهم وهم في ُ‬
‫والجوع والعطش مدة ثالث سنوات‪ ،‬الى ان ماتوا الواحد بعد اآلخر وذهبت‬
‫نفوسهم الطاهرة ترتع بالراحة والسعادة االبدية سنة ‪ .341‬صالتهم معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫في هذا اليوم أيضا ً‬
‫تذكار القديس بسيماس الناسك‬
‫كان هذا القديس من جوار قورش معاصرا ً مار مارون وأسقفها العالَّمة‬
‫ثوادوريطس الذي اورد سيرته في كتابه "في النساك" م ‪ ،15‬وقال‪ :‬ان‬
‫بسيماس ازدرى العالم وخيراته وملذاته وحبس نفسه في صومع ٍة بعيدا ً عن‬
‫ضوضاء الناس‪ .‬يتناول طعامه من نافذة ويخرج ليالً يستقي الماء من ينبوع‬
‫قريب‪ ،‬ولم يأكل سوى العدس والبقول‪ .‬يصرف ليله ونهاره في الصالة والتأمل‬
‫والعمل اليدوي‪ ،‬مدة ستين سنة‪.‬‬
‫وعرفه بدنو أجله‪ .‬وقد زاره اسقف ابرشية‬ ‫َّ‬ ‫أجرى هللا على يده آيات عديدة‬
‫قورش وعرض عليه ان يرقيه الى درجة الكهنوت‪ ،‬فاعتذر فأل َّح االسقف عليه‪،‬‬
‫وترقى الدرجة الكهنوتية المقدسة ولم يلبث فيها أكثر من‬
‫فرضخ المر الطاعة‪َّ .‬‬
‫خمسين يوماً‪ ،‬اذ رقد بالرب بعد ان اوصى بأن يدفن بجانب صومعته‪ ،‬وكانت‬
‫وفاته في اواسط القرن الخامس‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار الشهيدين فيتالي واغريكوالس‬

‫كان اغريكوالس من شرفاء مدينة بولونيا في ايطاليا‪ .‬وكان فيتالي خادما ً له‬
‫وكالهما مسيحيان‪ .‬قبض عليهما والي مدينتهما فاعترفا بايمانهما المسيحي‬
‫فتهددهما بالعذاب والموت‪ ،‬فلم يكترثا لتهديده‪ ،‬فأمر بجلد فيتالي اوالً‪ ،‬تخويفا ً‬
‫سرت عظامه‪ ،‬وهو‬ ‫لمواله‪ ،‬فضربوه بقضبان من حديد حتى سالت دماؤه وتك َّ‬
‫صابر يصلي قائالً‪:‬‬
‫" تقبَّل يا سيدي يسوع المسيح روحي‪ ،‬الني اتوق جداً الى االكليل الذي بيد‬
‫مالكك"‪ .‬ألنه ابصر مالكا ً حامالً اكليالً ُمعدا ً له‪ .‬قال هذا واسلم روحه بيد هللا‪.‬‬
‫اما اغريكوالس فلم يرهبه عذاب خادمه‪ ،‬بل تشدَّد وازداد شوقا ً الى ِ‬
‫اللحاق به‪،‬‬
‫فحنق الوثنيون عليه وس َّمروه على صليب‪ ،‬مثل سيده الفادي االلهي ففاضت‬
‫روحه وهو يقول‪ ":‬بين يديك‪ ،‬يا رب‪ ،‬استودع روحي"‪ .‬وكان ذلك في السنة‬
‫‪ .304‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا تذكار الشهيد بورفوريوس‬


‫هذا كان وثنيا ً من مدينة افسس‪ ،‬مهنته تشخيص الروايات‪ .‬واذ كان يوما ً ِ‬
‫يمثل‬
‫رواية‪ ،‬ازدرا ًء بايمان المسيحيين وبطقوسهم‪ ،‬دعاه من كان يمثِل دور اسقف‬
‫المسيحيين اورليانوس‪ ،‬في تلك الرواية‪ ،‬ليعمده‪ ،‬فأدخله في الماء قائالً‪":‬‬
‫ليتعمد بورفوريوس‪ ،‬باسم اآلب واالبن والروح القدس"‪ .‬في الحال ظهرت‬
‫مالئكة تحمل ثوبا ً ابيض ألبسوه بورفوريوس‪ ،‬وهم ينشدون اآلية‪ ":‬انتم الذين‬
‫اصطبغتم بالمسيح فالمسيح لبستم" ( غال‪ .)27 :3‬فعند هذا المشهد العجيب‬
‫ست نعمة الروح القدس قلب بروفوريوس فآمن بالمسيح‪ ،‬مجاهراً بايمانه‪.‬‬ ‫م َّ‬
‫ولما عرف الوالي بهذا‪ ،‬قبض عليه وامره بان يجحد ايمانه الجديد فلم يعبأ‪ ،‬بل‬
‫ضرب عنقه وتكلل رأسه‬ ‫استمر ثابتا ً مستعدا ً لسفك دمه الجل المسيح‪ .‬ف ُ‬
‫َّ‬
‫بالشهادة سنة ‪ .275‬صالته تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الخامس‬
‫ذكر القديس أسيا العجائبي‬

‫هذا كان من الشرفاء ايام الملك تاودوسيوس الكبير‪ .‬اراد ابوه ان يزوجه فهرب‬
‫خفية الى طورسينا وترهب هناك‪ .‬مارس اسمى الفضائل ثم جاء الى انطاكية‬
‫وبنى في جوارها ديرا ً اتسع لعدد كبير من الرهبان‪ ،‬اهتم اسيا بتدبيرهم على‬
‫اكمل وجه‪ .‬منحه هللا موهبة المعجزات‪ .‬توفي بعد اتعاب كثيرة في اواخر القرن‬
‫الرابع للمسيح‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬


‫تذكار البابا فيكتور االول الشهيد‬
‫ارتقى الى السدَّة البطرسية عام ‪ ،189‬فدبر الكنيسة بغيرة رسولية مدة نحو‬
‫عشر سنوات‪ .‬اثبت وقوع عيد الفصح يوم االحد بعد الرابع عشر من نيسان‬
‫فاستمر هكذا الى مجمع نيقية عام ‪.325‬‬
‫وانهى حياته باالستشهاد عام ‪ .198‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس‬
‫تذكار القديس بولس رئيس اساقفة القسطنطينية‬

‫وتربى تربية صالحة‪ ،‬وجاء الى القسطنطينية‬


‫ولد بولس في مدينة تسالونيكي َّ‬
‫ودخل في سلك االكليروس‪ ،‬فرقَّاه الكسندرس اسقف القسطنطينية الى درجة‬
‫الكهنوت‪ ،‬بعد ان ترقَّى في العلوم والفضيلة‪.‬‬
‫ول َّما توفي هذا االسقف سنة ‪ ،336‬انتُخب بولس خلفا ً له‪ ،‬على رغم مقاومة‬
‫االريوسيين‪ .‬فقام يدافع عن االيمان الكاثوليكي بغيرة رسولية ال تعرف الملل‪.‬‬
‫فأخذ االريوسيون خصومه يسعون بجميع الوسائل والتهم الكاذبة حتى تمكنوا‬
‫وصبر‬
‫ٍ‬ ‫بصدر واسع‬
‫ٍ‬ ‫من إبعاده عن كرسيه مرارا ً عديدة‪ .‬فكان يتح َّمل كل ذلك‬
‫جميل‪.‬‬
‫وكان مكدونيوس البطريرك الدخيل يعيث فسادا ً في الشعب‪ ،‬ويزيد على البدعة‬
‫االريوسية بدعته ضد الوهية الروح القدس‪ .‬فما سمع البطريرك بولس بذلك‪،‬‬
‫هب من منفاه‪ ،‬غير حافل بغضب الملك قسطنديوس االريوسي‪ .‬وجاء‬ ‫حتى َّ‬
‫شر الضالل‪ .‬فأمر الملك بان يمسكوه سرا ً بالحيلة‪،‬‬‫يدافع عن ابنائه ويوقيهم َّ‬
‫خوفا ً من هياج الشعب‪ ،‬فقيَّدوه بالسالسل وارجعوه الى منفاه‪.‬‬
‫فرفع استغاثته الى البابا القديس يوليوس االول‪ ،‬فاهت َّم ألمره وعقد مجمعا ً سنة‬
‫‪ ،347‬حرم فيه مكدونيوس واالساقفة االريوسيين‪ .‬فرجع البطريرك بولس الى‬
‫رعيته التي استقبلته بأبهى البهجة واالكرام‪ .‬وعاد يدافع عن المعتقد‬
‫الكاثوليكي الصحيح‪ .‬فقام االريوسيون‪ ،‬كعادتهم‪ ،‬يهاجمونه بوشاياتهم‬
‫ودسائسهم‪ ،‬حتى نُفي آلخر مر ٍة الى جبال ارمينيا الصغرى‪ ،‬حيث كان صابرا ً‬
‫على الجوع والحر والبرد‪ ،‬مستسلما ً الرادة هللا واحكامه الغامضة‪ ،‬عاكفا ً على‬
‫الصالة‪ ،‬الى ان رقد بالرب سنة ‪ .351‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس يارون ورفاقه‬

‫كان هؤالء الشهداء الثالثة والثالثون من مدينة ملطية في ارمينيا الصغرى‪ .‬لم‬
‫ونيكندرس وهيزيكس‪ .‬القى‬
‫ُ‬ ‫يذكر لنا التاريخ سوى ثالثة منهم وهم‪ :‬يارون‬
‫القبض عليهم ليسياس والي ملطية واخذ يتملَّقهم ليسجدوا لالصنام ويكفروا‬
‫بالمسيح‪ .‬فصاحوا بصوت واحد‪ ":‬ان المسيح هو االله الحقيقي خالق السماء‬
‫واالرض‪ ،‬فكيف نكفر به؟"‬
‫فأمر الوالي بهم‪ ،‬ف ُجلدوا جلداً عنيفا ً وهم صابرون‪ .‬فطرحوهم في السجن‪ ،‬حيث‬
‫قاسوا امر االوجاع واآلالم حبا ً لمن تألم ومات الجلهم‪ .‬ثم اخرجوهم وجلدوهم‬
‫ثانية‪ ،‬لعلَّهم يُذعنون الوامر الملك‪ ،‬فلم ينالوا منهم مأرباً‪ ،‬عندئ ٍذ أمر الوالي‬
‫بضرب اعناقهم مع رفقتهم الثالثين‪ .‬ففاز جميعهم باكليل الشهادة سنة ‪.303‬‬
‫صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬
‫تذكار القديس ليونردوس‬
‫كان ليونردوس من اسرة فرنسية‪ ،‬من زعماء الملك كلوفيس ومن خيرة‬
‫سك في جبال لوزان‬ ‫جنوده‪ .‬ترك الدنيا وتجند ليسوع الملك السماوي فتن َّ‬
‫الوعرة‪ ،‬عاكفا ً على الصالة والتأمل وسائر انواع التقشف‪ ،‬فمنحه هللا صنع‬
‫العجائب‪ ،‬وال سيما تخليص االسرى والمسجونين ورد الخطأة الى التوبة‪.‬‬
‫سرت عليها الوالدة‪،‬‬ ‫وقد زاره في منسكه الملك كلوفيس وكانت الملكة قد تع َّ‬
‫وعجز االطباء عن شفائها‪ ،‬فشفاها القديس بصالته‪ ،‬فغمره الملك بالهدايا‬
‫والمال‪ ،‬تصدَّق بها على الفقراء‪ ،‬وبنى قرب صومعته ديرا ً للرهبان الذين‬
‫تتلمذوا له‪.‬‬
‫ب وأعلى مثا ٍل في طريق الكمال‪ ،‬الى ان نقله هللا اليه نحو سنة‬‫فكان لهم خير أ ٍ‬
‫‪ .558‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار مار ميخائيل رئيس المالئكة‬

‫ميخائيل هو رئيس المالئكة كما شهد القديس يوحنا في رؤياه حيث قال‪:‬‬
‫التنين وكان التنين‬
‫" وحدث قتا ٌل في السماء‪ ،‬ميكائيل ومالئكته كانوا يقاتلون ِ‬
‫ومالئكته يقاتلونه" ( رؤيا ‪ .)7 :12‬وانتصر ميكائيل على ابليس وعلى‬
‫مالئكته وطردهم من السماء‪ .‬فرفعهُ هللا الى رئاسة المالئكة خدمه‪ .‬ودانيال‬
‫النبي يقول‪ ":‬وفي ذلك الزمان يقوم ميكائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك"‬
‫(دانيال ‪.)1 :12‬‬
‫وكما كان هذا المالك العظيم محاميا ً وناصرا ً للشعب في العهد القديم‪ ،‬كذلك لم‬
‫يزل محاميا ً وناصرا ً لكنيسة المسيح في العهد الجديد‪ .‬فهو الذي ظهر البراهيم‪،‬‬
‫وتراءى ليشوع‪ ،‬حين جاز االردن ونصره على اريحا‪ .‬وهو الذي سلَّم لوحي‬
‫الوصايا الى موسى ونصر داود على جليات الجبار‪ ،‬ون َّجاه من اضطهاد شاول‪.‬‬
‫نار الى السماء‪ ،‬وظهر آيات عظيمة للشعب‬ ‫وهو الذي رفع ايليا بمركبة ٍ‬
‫االسرائيلي‪ ،‬كذلك هو محامي الكنيسة ضد اعدائها ونصيرها في حياتها‬
‫معزيا ً السيد المسيح في بستان الزيتون‪ .‬وتراءى‬‫وجهادها‪ .‬وهو الذي ظهر ِ‬
‫للقائد كرنيلوس وهداه الى بطرس الرسول‪ .‬ون َّجى بطرس من هيرودس وظهر‬
‫مرارا ً للقديس يوحنا الحبيب‪ ،‬كاشفا ً له عن اسرار الرؤيا‪ ...‬وهو ال يزال يشفع‬
‫الحراس ليعضدوا‬
‫َّ‬ ‫فينا لدى عرش العلي ويُرسل بامر هللا‪ ،‬الى االرض‪ ،‬مالئكته‬
‫الكنيسة وابناءها في حربهم ضد العالم والجسد والشيطان‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين!‬
‫(راجع ‪ 6‬حزيران)‪.‬‬

‫اليوم التاسع‬
‫تذكار القديسة مطرونه‬

‫ولدت مطرونه في مدينة برجا من بلد بمفيلية‪ ،‬في اواسط القرن الخامس‪ ،‬من‬
‫اسرة مسيحية غنية‪ ،‬فربيت على العبادة والفضيلة‪ .‬واقترنت برجل شريف‪،‬‬
‫فرزقا ابنةً وحيدة‪ .‬ثم ذهبت مع زوجها الى مدينة القسطنطينية حيث كانت‬
‫تتردد‪ ،‬دائما ً الى الكنائس والمعابد‪ ،‬منعكفة على الصالة والتأمل‪ .‬واتفق أن‬
‫تعرفت بالقديسة الشهيرة اوجانيا‪ ،‬فاخذت تحذو حذوها في طريق القداسة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫دون ان تُهمل واجباتها البيتيَّة‪ .‬واست َّمرت على هذه الحال الى ان توفي زوجها‪،‬‬
‫فزهدت في الدنيا‪ ،‬لتسير وراء السيد المسيح في حمل الصليب والكفران‬
‫بالذات‪ .‬سل َّمت ابنتها الى امرأة فاضلة تدعى سوسنَّة‪ .‬وارتدت لباس الرجال‪،‬‬
‫ودخلت دير القديس كاسيانوس‪ ،‬وقضت فيه مدة قصيرة متنكرة‪ .‬ولما عرف‬
‫الرهبان بأمرها‪ ،‬أرسلوها الى دير الراهبات في حمص‪ .‬فاستمرت فيه زماناً‪،‬‬
‫ومنه قصدت الى اورشليم والى طورسينا‪ ،‬مثابرةً على اعمالها الصالحة‪ ،‬بكل‬
‫جد ونشاط‪ .‬ويُروى انها جاءت مدينة بيروت حيث أخرجت عين ماء بصالتها‪.‬‬
‫وبعد ذلك رجعت الى القسطنطينية حيث تممت حياتها في النسك والعبادة‪.‬‬
‫ورقدت بالرب سنة ‪ ،570‬ولها من العمر نحو مئة سنة‪.‬‬
‫اما ابنتها تاودوتا فسارت على خطوات والدتها‪ ،‬ممارسة الفضائل المسيحية‬
‫والمشورات االنجيلية مدة حياتها ورقدت برائحة القداسة‪ .‬صالتهما معنا‪.‬‬
‫آمين!‬
‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديس الشهيد تريفون‬

‫الصغر‪،‬‬‫ولد هذا القديس في مدينة افاميا‪ .‬شرع بممارسة الفضيلة والتبشير منذ ِ‬
‫فأجرى هللا على يده المعجزات من شفاء المرضى وطرد الشياطين‪ .‬ول َّما أثار‬
‫داكيوس قيصر االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬خاف هذا القديس ان يفشل اح ٌد‬
‫فهب بجرأة وحماسة يشدد عزائم الضعفاء ويشجعهم مقدِما ً‬ ‫َّ‬ ‫منهم تحت العذاب‪،‬‬
‫لهم احتياجاتهم‪.‬‬
‫فقبض عليه الوالي كيرينوس واخذ يتهدَّده بالحريق ان لم يكفر بالمسيح‪،‬‬
‫خير لي ان اموت معترفا ً بيسوع المسيح‬‫ٌ‬ ‫ويسجد لالوثان‪ .‬فأجابه القديس‪":‬‬
‫القاضي العادل"‪ .‬فعاد الوالي يتملقه ويالطفه قائالً‪ ":‬اشفق على شبابك وحافظ‬
‫على مستقبلك – فأجاب‪ ":‬ال رغبة لي في الحياة إال لكي أصل الى كمال الحكمة‬
‫فادي وربي"‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الحقيقية‪ ،‬باتباعي يسوع المسيح‬
‫عندئ ٍذ جاءوا بآلة التعذيب ليمدِدوه عليها فتقدم هو اليها من تلقائه‪ ،‬بكل‬
‫شجاعة‪ ،‬وظ َّل مع َّذبا ً على تلك اآللة ثالث ساعات ال يشكو وال يتذ َّمر حتى‬
‫ادهش الحاضرين‪ .‬فأمر الوالي بطرحه في السجن الى ان يُعد له عذابا ً اش َّد‬
‫فمزقوا جسده بمخالب من حديد وس َّمروا رجليه بمسامير محمية‬ ‫َّ‬ ‫واقسى‪.‬‬
‫طموا اعضاءه بالضرب وحرقوا جانبيه‪ ،‬وهو صابر ثابت في ايمانه‪.‬‬‫وح َّ‬
‫ولدى هذا المشهد آمن الجالد واسمه رسبيسيوس وجاهر بايمانه‪ ،‬فقادوا‬
‫االثنين الى هيكل المشتري فاسقطه تريفون بصالته‪ .‬لذلك آمنت ابنة عذراء‬
‫كانت هناك‪ .‬فاستشاط الوالي غيظاً‪ ،‬وامر بقطع رؤوس الثالثة فنالوا اكليل‬
‫الشهادة سنة ‪ .250‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الحادي عشر‬


‫تذكار القديس مينا المصري الشهيد‬

‫شب انخرط في سلك‬ ‫َّ‬ ‫ولد مينا في االسكندرية في اواسط القرن الثالث‪ .‬ولما‬
‫الجندية في فرقة نيرميليانوس‪ .‬وكان مشهوراً بصفاته الممتازة‪ ،‬محافظا ً على‬
‫ايمانه بالمسيح‪ ،‬وما لبث ان آثر التجند له دون سواه من ملوك االرض فنزع‬
‫ثوب الجندية وانفرد في البرية‪ ،‬مكبا ً على الصوم والسهر والصالة‪ ،‬قهرا ً‬
‫الميال الجسد‪ ،‬سنين طويلة‪ ،‬حتى صار من كبار النساك في تلك االيام‪.‬‬
‫يضحي بنفسه على مذبح‬ ‫ِ‬ ‫ولما ثارت زوبعة االضطهاد‪ ،‬ترك مينا وحدته‪ ،‬وجاء‬
‫االستشهاد‪ ،‬مثاالً مشجعا ً الخوته بالمسيح‪ .‬فوقف امام بيروس الوالي‪ ،‬مجاهرا ً‬
‫بايمانه‪ ،‬غير مبال بالعذاب والموت‪ .‬فتهيَّب الوالي شجاعته واخذ يالطفه‬
‫ويحاول مرارا ً إقناعه بان يُقلع عن عناده ويع َّد له مستقبالً زاهراً‪ ،‬وإالَّ فالعذاب‬
‫والموت‪ .‬فلم يبال القديس بوع ٍد او وعيد وصرخ قائالً‪ ":‬ان حياتي هي للمسيح‬
‫ربي وكل سعادتي ومجدي به وحده"‪.‬‬
‫فمزقوا جسده باظفار من حديد‬‫فتميَّز الوالي غيظا ً وامر بجلده جلداً قاسياً‪َّ ،‬‬
‫وأحرقوه بالنار‪ ،‬وهو صابر يشكر هللا فتقدم بعض االعيان من اصدقائه يرجونه‬
‫بأن يُشفق على شبابه وينجو من الموت‪ ،‬فقال‪َّ ":‬‬
‫إن العذاب لي راحة وبالموت‬
‫ضرب عنقه وتكلل رأسه بالشهادة سنة‬ ‫حياتي"‪ .‬عندئ ٍذ امر الوالي ف ُ‬
‫‪.303‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثاني عشر‬
‫تذكار القديس تاودورس المعترف‬

‫ولد تاودورس في القسطنطينية‪ ،‬من اسرة شريفة‪ .‬رغب في الحياة النسكية‪،‬‬


‫فأتى دير سكوذيون‪ ،‬وعكف على ممارسة اسمى الفضائل‪ .‬وارتسم كاهنا ً وأقيم‬
‫رئيسا ً على الدير وهو ابن ثالثين سنة‪.‬‬
‫ولفرط غيرته على الدفاع عن حق هللا وشرائع الكنيسة‪ ،‬قام يؤنِب الملك‬
‫قسطنطين الرابع النه طلَّق زوجته الشرعية تاودوره ليتخذ االميرة تاوذوثي‪.‬‬
‫فنفاه الملك الى تسالونيكي‪ ،‬وبعد مدة استدعته الملكة إيريني الى ديره‪.‬‬
‫ثم أُبعد بأمر الملك نيكوفورس‪ ،‬النه كان يلومه على جوره وخرقه حرمه العدل‬
‫واالنصاف‪ .‬ولم يرجع من منفاه إال بعد موت هذا الملك الظالم‪.‬‬
‫ولما قام الملك الون االيثوري االرمني يناصر محاربي االيقونات وبدأ الحرب‬
‫هب الرئيس تاودورس الى الدفاع عن االيمان الكاثوليكي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫على الكنيسة‪،‬‬
‫فاضطهده الملك الون ونفاه‪.‬‬
‫وبعد موت هذا الملك استدعاه الملك ميخائيل األلثغ الى ديره‪ ،‬فانصرف الى‬
‫اعمال النسك والتآليف المفيدة‪ .‬غير َّ‬
‫أن الملك انقلب عليه‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬ونفاه هو‬
‫ورهبانه الى شبه جزيرة القديس تريفون‪ ،‬حيث توفي بنسمة القداسة سنة‬
‫‪ .826‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً‬


‫تذكار القديس يوحنا الرحوم بطريرك االسكندرية‬
‫ولد يوحنا في مدينة اماتوس في قبرص‪ ،‬من ابوين فاضلين‪ .‬تزوج ورزق‬
‫َّ‬
‫ووزع امواله الوافرة‬ ‫بنين‪ ،‬لكن هللا افتقده بموت زوجته وبنيه‪ ،‬فزهد في الدنيا‬
‫على الفقراء‪.‬‬
‫واشتهر بفضيلة الرحمة منذ الصغر‪ .‬حتى لُ ِقب "بالرحوم"‪ .‬وذاع صيته في‬
‫االنحاء الشرقية‪ ،‬فانتخبه الشعب بطريركاً‪ ،‬وله من العمر خمسون سنة‪ .‬فقام‬
‫يسوس كنيسته بكل غيرة ونشاط باذالً احشاء الرحمة للفقراء الذين كان‬
‫ويوزع عليهم االموال الطائلة حتى سأله من حوله ان يضع‬ ‫ِ‬ ‫يدعوهم اسياده‪،‬‬
‫تدبر كل شيء‪.‬‬ ‫حدا ً لتلك الصدقات‪ ،‬فاجابهم‪ :‬ثقوا باهلل َّ‬
‫إن عنايته ِ‬
‫ومع كرمه هذا‪ ،‬كان يحافظ على مال الوقف‪ .‬فمرة طلب منه الملك هرقل امواالً‬
‫لجيشه‪ ،‬فاجابه‪ ":‬ال يجوز ان نعطي ملوك االرض ما يختص بملك السماء"‪.‬‬
‫وراح يهتم باصالح شؤون االكليروس‪ .‬وكان هو مثاالً لهم في القيام بجميع‬
‫الواجبات‪ .‬وقد امتاز بوداعته وتواضعه وصبره‪ ،‬يقابل االهانة والشتيمة‬
‫باالبتسامة والمغفرة‪.‬‬
‫وكان يقوم هو نفسه بسماع دعاوى االيتام واالرامل ويجري العدل بين الجميع‪.‬‬
‫ومن فضائله الممتازة أنه كان يمقت كل ما يمس فضيلة المحبة‪ ،‬فينهي عن‬
‫النميمة والدينونة والظنون الباطلة‪.‬‬
‫قال كاتب سيرته‪َّ ":‬‬
‫ان القلم يعجز عن تعداد فضائل هذا البطريرك العظيم وعن‬
‫اعماله الخيرية‪ ،‬وما ذكرناه انما هو نقطة من بحر"‪.‬‬
‫وعرج‬
‫َّ‬ ‫وبينما كان مسافراً الى روما‪ ،‬اعترته ح َّمى شديدة‪ ،‬فعرف بدنو أجله‪،‬‬
‫استحر بالصالة‪ ،‬مستعداً لمالقاة ربه‪ .‬واوصى‬
‫َّ‬ ‫على وطنه اماتوس‪ ،‬حيث‬
‫للفقراء بثلث الدينار الذي كان باقيا ً بيده‪ .‬ورقد بالرب سنة ‪ .616‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث عشر‬
‫تذكار القديس يوحنا فم الذهب‬

‫ولد يوحنا في مدينة انطاكية ونشأ في اسر ٍة وثنية شريفة‪ .‬كان ابوه قائداً في‬
‫الصبا‪ .‬وكانت قد‬ ‫الجيش الروماني‪ ،‬وا َّمه أنثوسا قد ترملت وهي في ريعان ِ‬
‫صرت فعنيت بتربية طفلها ووحيدها‪ ،‬تربية عالية‪ .‬فتعمق في درس فلسفة‬ ‫تن َّ‬
‫االنجيل وتعاليمه السامية‪ .‬رسمه البطريرك مالتيوس شماسا ً انجلياً‪.‬‬
‫وبعد وفاة والدته‪ ،‬هجر العالم واعتزل للصالة والتأمل والشغل اليدوي‪ ،‬وتأليف‬
‫الكتب العديدة‪ ،‬الى ان استدعاه البطريرك فالفيانوس‪ ،‬ورسمه كاهنا ً وسلَّمه‬
‫منبر الوعظ في الكنيسة‪ .‬فاندفع يعظ ببالغة عجيبة حتى ادهش السامعين فلُقَّب‬
‫"بالذهبي الفم"‪ .‬وكانت مواعظه مشبَّعة بروح الحكمة االلهية وشرح الكتب‬
‫المقدسة‪ ،‬وال سيما رسائل مار بولس‪.‬‬
‫وعلى أثر وفاة بطريرك القسطنطينية اجمع البالط الملكي والشعب على انتخابه‬
‫بطريركاً‪ .‬فاستقبلته القسطنطينية بأبهى مظاهر الحفاوة‪ .‬وكان يُعنى بالطقوس‬
‫والترانيم البيعية‪ ،‬واليه ينسب النافور المعروف باسمه وتستعمله الكنيسة‬
‫الشرقية‪.‬‬
‫خص الفقراء‪ ،‬بعنايته االبوية‪ :‬فأنشأ لهم المالجيء والمياتم من اموال‬ ‫َّ‬ ‫وقد‬
‫الوقف وم َّما يوفَّره باقتصاده وعيشته الفقرية‪ .‬ولم ينفك عن الوعظ والتأليف‪،‬‬
‫ومكافحة البدعة االريوسية‪ .‬ولم يكن يهاب أحداً في إحقاق الحق ونصرة‬
‫المظلوم‪ .‬ولما اغتصبت الملكة أفدوكيا كرما ً الرملة‪ ،‬منعها من دخول الكنيسة‬
‫فغضبت وتآمرت هي وتاوافليوس بطريرك االسكندرية‪ ،‬خصم يوحنا‪ ،‬على تنفيذ‬
‫وقراروا عزل يوحنا عن كرسيه‬‫مآربها‪ .‬فعقد هذا مع بعض االساقفة مجمعا ً َّ‬
‫وابعاده عن البالد‪.‬‬
‫ول َّما درى الشعب بذلك الحكم الجائر‪ ،‬هجم علىالقصر وكاد يفتك بمن فيه‪،‬‬
‫وحدثت زلزلةٌ فخافت الملكة وقامت تكتب الى البطريرك القديس‪ ،‬ترجوه‬
‫بالدموع‪ ،‬ان يعود الى كرسيه‪ ،‬وتعتذر عما جرى بحقه‪ .‬فعاد بين اهازيج‬
‫الشعب‪ ،‬وهدأت الزوبعة‪.‬‬
‫ول َّما نُصب تمثال الملكة في ساحة الكنيسة‪ ،‬اخذ الرعاع يقيمون حوله العابا ً‬
‫مخلة باآلداب‪ ،‬انهال عليهم بالتقريع الشديد ومنعهم عن مثل تلك االلعاب‪.‬‬
‫فاستشاطت افدوكيا غيظاً‪ ،‬واستصدرت امرا ً من الملك‪ ،‬بابعاد القديس ثانية‪.‬‬
‫وكان الجند يذيقونه من االهانات والعذابات الواناً‪ ،‬وهو صابر‪ .‬وقد خارت‬
‫قواه‪ ،‬وشعر بدنو أجله‪.‬‬
‫وفي اليوم التالي ‪ 14‬أيلول‪ ،‬عيد الصليب‪ ،‬لفظ هذه الكلمات‪ ":‬ليكن هللا مم َّجدا ً‬
‫في كل شيء"‪ .‬وأسلم الروح سنة ‪.407‬‬
‫وله تآليف قيمة كثيرة ومواغظ خالدة ورسائل عديدة‪ ،‬منها رسالته من منفاه‬
‫الى القديس مارون الناسك وهي تفيض بعواطف محبته ووالئه‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع عشر‬


‫تذكار القديس فيليبوس الرسول‬

‫ولد فيليبوس في بيت صيدا مدينة بطرس واندراوس‪ ،‬وهو من مصاف الرسل‬
‫االثني عشر عشر واول من دعاهم السيد المسيح‪ ،‬وما سمع كالم المخلص‬
‫يبشر‬
‫ورأى عجائبه‪ ،‬حتى آمن به واحبَّه ووقف حياته كلها على خدمته‪ .‬وجاء ِ‬
‫به صديقا ً له اسمه نتنائيل قائالً‪ ":‬إِ َّن الذي كتب عنه موسى في الناموس‬
‫واالنبياء‪ ،‬قد وجدناه وهو يسوع بن يوسف من الناصرة‪ .‬تعال وانظر"‪( .‬يو‪:1‬‬
‫‪.)46 – 45‬‬
‫وقد ورد ذكر غيره غير مر ٍة في االنجيل‪ ،‬دليالً ع َّما كان له من الدالة والثقة‬
‫لدى المسيح‪ .‬فهو الذي جاء اليه قو ٌم من اليونانيين وعرفوا بما له من‬
‫الوساطة لدى معلمه االلهي‪ ،‬فقالوا له‪ ":‬يا سيد‪ ،‬نريد ان نرى يسوع" فأجابهم‬
‫السري قال ليسوع‪ ":‬يا رب‪ ،‬أرنا‬ ‫ِ‬ ‫على طلبهم (يو ‪ .)21 :12‬وفي العشاء‬
‫اآلب وحسبُنا"‪ .‬فقال له يسوع‪ ":‬انا معكم ك َّل هذا الزمان ولم تعرفوني‪ ،‬يا‬
‫ي؟"‬ ‫فيليبوس‪ ،‬من رأني فقد رأى اآلب‪ .‬اما تؤمن اني انا في اآلب َّ‬
‫وان اآلب ف َّ‬
‫(يوحنا ‪.)10 -8 :14‬‬
‫يبشر‬
‫وبعد حلول الروح القدس على التالميذ‪ ،‬اخذ فيليبوس‪ ،‬مدة عشرين سنة‪ِ ،‬‬
‫بالمسيح االله في اورشليم وباسمه يصنع اآليات والجله يحتمل الشتم والضرب‬
‫والعذاب كسائر الرسا‪ .‬ثم جاء الى بالد فريجيا يعظ وير ُّد الكثيرين من الوثنيين‬
‫الى االيمان بالمسيح‪ ،‬ويرسم لهم اساقفة وكهنة‪ .‬فهجم عليه كهنة االصنام في‬
‫مدينة هيروبوليس في آسيا وضربوه ورجموه بالحجارة‪ .‬ثم علَّقوه على‬
‫الصليب‪ ،‬وعندما ارادوا ان ينزلوه عن الصليب‪ ،‬أبى وآثر ان يموت مصلوباً‪،‬‬
‫نظير معلمه الفادي‪ .‬وهكذا اسلم روحه الطاهرة بيد هللا نحو السنة ‪53‬‬
‫للميالد‪.‬وفي القرن السادس نُقل جثمانه الى روما‪ ،‬حيث وضع بكل اكرام في‬
‫آمين‬ ‫معنا‪.‬‬ ‫صالته‬ ‫عشر‪.‬‬ ‫االثني‬ ‫الرسل‬ ‫كنيسة‬

‫اليوم الخامس عشر‬


‫تذكار الشهداء غوريا وصامونا وحبيب الشماس‬

‫كان هؤالء من مدينة الرها ولم يكن استشهادهم في وقت واحد‪.‬‬


‫اما غوريا وصامونا فقد امتازا باالخالق الحسنة والفضائل الراهنة‪ .‬فكانت لهما‬
‫الكلمة النافذة‪ ،‬بين مواطينهما‪ .‬ولذلك تمكَّنا من تشجيع المؤمنين على احتمال‬
‫الرها انطونينوس واخذ‬ ‫االضطهاد والثبات في ايمانهم‪ .‬فقبض عليهما والي ُّ‬
‫يتملقَّهما تارةً ويتهددهما اخرى محاوالً إقناعهما بالكفر بالمسيح والسجود‬
‫لالصنام‪ ،‬فقاال له‪:‬‬
‫" حاشا لنا ان نعبُد آلهة هي صنعةُ البشر"‪.‬‬
‫عندئ ٍذ انزل بهما اش َّد العذابات هوالً‪ :‬من سجن مظلم وجل ٍد عنيف وربط بالحبال‬
‫وتعليق جسديهما في الفضاء‪ .‬ثم طرحهما في حفرة عميقة ليموتا جوعا ً‪ ،‬وفي‬
‫يصليان ويشكران هللا‪ .‬ول َّما رأى‬
‫ِ‬ ‫هذه العذابات كلَّها‪ ،‬كان الشهيدان صابرين‬
‫أن في اطالة عذابهما تشجيعا ً لغيرهما‪ ،‬امر بقطع رأسيهما فناال اكليل‬‫الوالي َّ‬
‫الشهادة سنة ‪ .304‬فدفنهما المسيحيون في قبر واحد في مدينة الرها‪ ،‬حيث‬
‫اجرى هللا بشفاعتهما عجائب كثيرة‪.‬‬
‫ويبشر بالمسيح بحماسة‬
‫ِ‬ ‫يعلم ويعظ‬
‫اما مواطنهما حبيب الشماس االنجيلي فكان ِ‬
‫وشجاعة‪ .‬فقبضوا عليه وشدَّدوا في عذابه بالجلد وامشاط الحديد حتى َّ‬
‫تمزق‬
‫جسده وهو صابر تلوح في محيَّاه عالمات البهجة والسرور‪ .‬فقال له الحاكم‪:‬‬
‫اراك تتلذَّذ بهذه اآلالم؟ فاجاب‪ ":‬نعم‪ ،‬ال ألذَّ عندي من العذاب والموت َّ‬
‫الن لي‬
‫فيهما حياة ابدية"‪ .‬فامر الحاكم باحراقه حياً‪ .‬فودَّع الشهيد أ َّمه واصدقاءه‬
‫واندفع من تلقائه‪ ،‬وارتمى في النار فاحترق‪ ،‬وانض َّم الى مواطنيه الشهيدين‬
‫غوريا وصامونا في االخدار السماوية سنة ‪ .322‬فاخذ ذووه بقايا جسده‬
‫ووضعوها في قبر القديسين غوريا وصامونا‪ .‬ولهذا تعيد لهم الكنيسة معا ً في‬
‫يوم واحد‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار مار متى االنجيلي الرسول‬

‫سمى الوي بن حلفى وكان عشَّارا ً اي جابيا ً العشور‪.‬‬


‫كان متى من قانا الجليل وي َّ‬
‫مر يسوع بمكان الجباية‪ ،‬على طريق كفرناحوم دعاه‪ ،‬فلساعته لبَّى‬ ‫ولما َّ‬
‫الدعوة وترك وظيفته وسار مع السيد المسيح منضما ً الى االثني عشر رسوالً‪.‬‬
‫دعا يسوع الى بيته وصنع له وليمة عظيمة‪ .‬هناك قال يسوع راداً على‬
‫اعتراض الفريسيين‪ ":‬ال يحتاج األصحاء الى طبيب‪ ،‬لكن ذوو األسقام" (متى‬
‫‪.)13 – 10 :9‬‬
‫ولزم متى العشار معلمه االلهي نظير سائر الرسل‪ ،‬واقفا ً حياته كلَّها على‬
‫خدمته‪ .‬فسمع تعاليمه االلهية واغتبط بمشاهدة عجائبه وقيامته المجيدة‬
‫وصعوده الى السماء‪ .‬وبعد حلول الروح القدس يوم العنصرة‪ ،‬اخذ يبشر باسم‬
‫يسوع في اورشليم واليهودية‪.‬‬
‫وهو اول من كتب انجيل الرب‪ ،‬في السنة الثامنة بعد صعوده الى السماء وهي‬
‫الحادي واالربعون للمسيح‪ .‬وكان ذلك قبل مغادرته اورشليم‪.‬‬
‫وكتب انجيله باللغة االرامية اي السريانية‪ ،‬ثم نُقل الى اللغة اليونانية‪ ،‬وبه‬
‫يُثبت ان يسوع هو المسيح المنتظر الذي ت َّمت به النبوءات‪ .‬ول َّما َّ‬
‫توزع الرسل‬
‫للبشارة‪ ،‬قام متى يطوف بالد هللا الواسعة‪ .‬فذهب الى مصر‪ ،‬حيث آمن على يده‬
‫كثيرون‪.‬‬
‫ومن هناك استأنف سيره الى بالدالحبشة‪ .‬فهدى الناس الى االيمان بالمسيح‪.‬‬
‫وايَّده هللا بصنع المعجزات‪ .‬فأقام من الموت ابن الملك واسمه اوفرانو‪ ،‬فآمن‬
‫الملك ومملكته بأسرها‪ ،‬عند هذه االعجوبة الباهرة‪ .‬وال سيما ابنة الملك‬
‫غبها الرسول في حفظ البتولية‪ ،‬واقتدى بها كثيرات من‬ ‫ايفيجانيا التي ر َّ‬
‫رفيقاتها‪.‬‬
‫وكان الملك الجديد هيرناس يريد االقتران بالبتول ايفيجانيا‪ ،‬النه شغف‬
‫بجمالها‪ ،‬فجاء يطلب من الرسول ان يقنعها بذلك‪ ،‬فلم يجبه على طلبه‪ ،‬فحنق‬
‫عليه الملك وارسل جنديا ً الى الكنيسة‪ ،‬حيث كان القديس يقيم الذبيحة االلهية‪،‬‬
‫فطعنه بحرب ٍة فأسلم الروح‪.‬‬
‫ودامت بشارته في بالد الحبش ثالثا ً وعشرين سنة‪ ،‬هدم فيها هياكل االصنام‬
‫واقام الكنائس ورسم االساقفة والكهنة والشمامسة‪ .‬وكانت وفاته نحو السنة‬
‫التسعين للميالد‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع عشر‬
‫تذكار القديس غريغوريوس العجائبي‬

‫ولد هذا القديس العظيم في اواخر القرن الثالث للمسيح‪ ،‬في مدينة قيصرية‬
‫الجديدة‪ ،‬من اعمال البنطوس‪ .‬فأرسله ابوه الوثني ليدرس الفقه في مدرسة‬
‫بيروت التشريعية الشهيرة‪ .‬وبعد ان انهى دروسه‪ ،‬جاء الى قيصرية فلسطين‪،‬‬
‫حيث تتلمذ للفيلسوف الشهير اوريجانوس‪ .‬وبعد ان درس عليه الفلسفة‬
‫االنجيلية وشاهد ما فيه من تقوى راهنة‪ ،‬نبذ الوثنيَّة وآمن وزهد في العالم‪،‬‬
‫ودخل في عداد الموعوظين‪.‬‬
‫واست َّمر مواصالً حياته هذه‪ ،‬منكبا ً على مطالعة الكتاب المقدس‪ ،‬الى ان انتدبه‬
‫فيديموس اسقف اماسيا ليكون اسقفا ً على مدينة قيصرية‪ ،‬وطنه‪ .‬فهرب‬
‫متوغالً في البرية‪ ،‬خوفا ً من حمل المسؤولية التي لم يعتقد انه اه ٌل لها‪،‬‬
‫يصلي‪ ،‬سمع صوتا ً يقول له‪ِ :‬إعمل بارادة‬ ‫ِ‬ ‫لتواضعه العميق‪ .‬وبينما كان‬
‫رئيسك‪ ،‬واسقفك فيديموس‪ ،‬فانها ارادة هللا‪ .‬فقام حاالً وأتى اماسيا‪ .‬فرسمه‬
‫فيديموس اسقفا ً على مدينته قيصرية‪ .‬وكان المؤمنون فيها يُعدُّون باالصابع‪.‬‬
‫ليقويه على شرح الحقائق االيمانية وال سيما سر الثالوث‬
‫ِ‬ ‫فأخذ بالصالة الى هللا‬
‫االقدس‪.‬‬
‫وقد اشتهر غريغوريوس بعجائبه الباهرة‪ ،‬حتى لُ ِقب "بالعجائبي"‪ .‬وكان ممتازا ً‬
‫بتواضعه ومحبته للقريب وعطفه على الفقراء‪.‬‬
‫وقد اقام هذا القديس عيدا ً خاصا ً سنويا ً للشهداء الذين سفكوا دمائهم الجل‬
‫ايمانهم‪.‬‬
‫دخل مدينة قيصرية وفيها سبعة عشر مسيحيا ً وخرج منها وفيها سبعة عشر‬
‫وثنياً‪ ،‬مستودعا ً روحه الطاهرة بين يدي هللا سنة ‪ .270‬وكان اوصى ان ال‬
‫يدفن جسده في قبر خاص‪ ،‬بل في قبور الغرباء‪ ،‬النه‪ ،‬في حياته لم يكن يملك‬
‫شيئاً‪ ،‬فال يريد‪ ،‬بعد وفاته‪ ،‬ان يخصص جسده بشبر من االرض‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم الثامن عشر‬


‫تذكار القديس رومانوس الشهيد‬

‫ولد هذا القديس في قيصرية فلسطين نحو السنة ‪ 275‬وكان من اسرة شريفة‪.‬‬
‫تثقف بالعلوم وارتقى الدرحات الكنسية حتى صار شماسا ً انجيلياً‪ .‬ولما قام‬
‫اسكليبازوس الحاكم يُلقي القبض على المسيحيين في انطاكية وكان بعض‬
‫هب الشماس رومانيوس‬ ‫المسيحيين قد جحدوا ايمانهم‪ ،‬خوفا ً على حياتهم‪َّ ،‬‬
‫كاالسد يشجعهم ويقول‪ :‬أليس من العار ان تتركوا االله الواحد الحقيقي‬
‫وتتعبَّدوا آلله ٍة كذبة؟ فأثر كالمه هذا في قلوبهم ورجعوا عن غيَّهم مجاهرين‬
‫بايمانهم‪ .‬ولما عرف الحاكم اسكليبازوس بما كان‪ ،‬ارسل فقبض على‬
‫رومانوس‪ ،‬فاعترف بكل جرأ ٍة انه هو الذي منع المسيحيين عن تقديم البخور‬
‫لالوثان وهو مستعد ليبذل الحياة عن االيمان بالمسيح‪ .‬فحنق الوالي وامر به‬
‫فجلدوه بمقارع في اطرافها قط ٌع من الرصاص‪ ،‬حتى سالت دماؤه وهو صابر‬
‫يشيد باسم الرب يسوع امام الجماهير المحتشدة ويقول للحاكم‪ ":‬كم تشتهي‬
‫نفسي ان تستنير انت ومليكك بنور المسيح"! فدُهش الجميع من جرأته هذه‪.‬‬
‫اما الحاكم فتميَّز غيظا ً وامر فسلخوا خاصرتي الشهيد وهشَّموا صدره حتى‬
‫ومزقوا وجهه بالجراح‪ ،‬فالتفت وهو على هذه الحال‪ ،‬وقال‬ ‫َّ‬ ‫بانت احشاؤه‬
‫للحاكم‪ ":‬اشكرك‪ ،‬على انك اوليتني اوفواها ً كثيرة اشيد بها بمديح ربي‬
‫امه وكان ولدا ً مسيحيا ً يدعى‬ ‫والهي"‪ .‬ورأى بين الجميع طفالً ممسكا ً بيد ِ‬
‫باروال‪ .‬فسأله رومانوس‪ ":‬اجبنا ايها الطفل‪ ،‬هللا كم واحد ولمن تجب العبادة؟ ‪-‬‬
‫فأجاب الطفل حاالً‪ ":‬هللا واحد فقط وله وحده تجب العبادة"‪.‬‬
‫فاستشاط الحاكم غيظا ً وامر بضرب عنق الطفل البريء‪ ،‬امام امه المتفجعة‪،‬‬
‫لكنها اعتصمت بالصبر‪ ،‬متعزية بأنه انض َّم الى الشهداء‪ ،‬اطفال بيت لحم في‬
‫السماء‪.‬‬
‫اما رومانوس فأمر الحاكم ان يُحرق حياً‪ .‬وما اضرموا النار حتى هطل المطر‬
‫سيالً جارفا ً اطفأ النار ونجا القديس من الحريق‪ .‬اما ذلك الحاكم الغاشم‪ ،‬فأمر‬
‫بقطع لسان رومانوس فاستمر يمجد هللا بصوت عا ٍل سمعه الحاضرون فآمن‬
‫منهم كثيرون‪ .‬وعندما يئس الحاكم من ذلك البطل المسيحي امر بأن يخنق في‬
‫سجنه‪ ،‬وبذلك تمت شهادته في السنة ‪ .303‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع عشر‬


‫تذكار القديس بونسيانوس البابا‬

‫روماني االصل‪ .‬قد ارتقى السدة البطرسية سنة ‪ ،208‬في ايام اسكندر‬
‫سافاروس‪ .‬ساس هذا الكرسي خمس سنوات‪ .‬ولما اصدر الملك اسكندر اوامر‬
‫مشدَّدة باضطهاد المسيحيين وخاصة الباباوات‪ ،‬قُبض على هذا القديس‪ .‬وبعد‬
‫ان عذَّبوه كثيراً‪ ،‬امر الملك بنفيه هو وكاهنه هيبوليتوس الى جزيرة بوتشينا‬
‫في سردينيا حيث قاسى ضيقا ً شديداً‪ .‬ولم يلبث ان ثار الجيش على ذلك الملك‬
‫الظالم وقتله‪ ،‬فجلس مكانه مكسيميانوس وكان اكثر ظلما ً منه الخالقه الشرسة‬
‫ورغبته في سفك الدماء‪ .‬واراد‪ ،‬لو استطاع‪ ،‬ان يالشي الدين المسيحي‪،‬‬
‫فأصدر امره باضطهاد كل مسيحي وطارد رعاة الكنيسة ومعلميها‪ .‬امر بقطع‬
‫رأس بونسيانوس في منفاه فمات شهيدا ً نحو ‪.238‬‬
‫فنُقل جسده الى رومة في ايام البابا فابيانوس ودفن في مقبرة كالستوس‪.‬‬
‫ويُعزى الى هذا البابا ادخال المزامير فيالطقوس الكنائسية ورسالتان وجههما‬
‫الى الكنائس يوصي فيهما بمحبة هللا والقريب واكرام الكهنة‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم العشرون‬
‫تذكار القديس غريغوريوس البانياسي‬

‫ولد هذا القديس في ايزوريا احدى المدن العشر في فلسطين في اواسط القرن‬
‫الثامن‪ ،‬ايام كانت بدعة محاربي االيقونات تعيث فسادا ً في الكنيسة‪ ...‬وكان‬
‫والداه سرجيوس وماكاريا مسيح َّيين تقيَّين‪ ،‬ر َّبياه على مبادئ الدين القويمة‪.‬‬
‫شب وه َّما بتزويجه‪ ،‬هرب الى البرية‪ ،‬واختبأ في مغارة منعكفا ً على الحياة‬
‫ولما َّ‬
‫فشن عليه الشيطان حربا ً عوانا ً حتى‬
‫َّ‬ ‫النسكية بممارسة الصلوات واالماتات‪.‬‬
‫ضربه وطرحه مرة على االرض‪ ،‬فكان ينتصر على تجاربه بقوة الصالة وقهر‬
‫النفس‪.‬‬
‫وبإلهام هللا خرج من مغارته وطاف البالد‪ ،‬حتى وصل الى مدينة سيراكوزا في‬
‫جزيرة سيسيليا‪ ،‬حيث سكن في برج من اسوارها‪ ،‬مواعظا ً على افعال العبادة‬
‫والنسك‪ ،‬عائشا ً مما كان يتصدق عليه الناس به‪ .‬فأنعم هللا عليه بموهبة فعل‬
‫تعرف بكاهن‬‫المعجزات‪ .‬ثم جاء الى تسالونيكي ومنها الى القسطنطينية‪ ،‬حيث َّ‬
‫يدعى سمعان‪ ،‬عاش معه‪ ،‬وكانا يتسابقان في ممارسة الفضائل وانواع‬
‫اإلماتات‪ .‬وحملتهما غيرتهما على الدفاع عن تكريم االيقونات والمحافظة على‬
‫تعليم الكنيسة الكاثوليكية‪ .‬ويروى ان غريغوريوس ذهب الى روما ومنها عاد‬
‫الى القسطنطينية‪ ،‬حيث انهى حياته بالقداسة‪ ،‬ورقد بالرب في القرن الثامن‪.‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والعشرون‬
‫تذكار تقدمة سيدتنا مريم العذراء ودخولها الى الهيكل‬

‫أن يواكيم وحنَّة‪ ،‬والدي سيدتنا مريم‬


‫نعلم من التقليد الرسولي والكنسي َّ‬
‫العذراء‪ ،‬قدَّماها لتتربَّى وتخدم في الهيكل‪ ،‬منذ صغرها‪ .‬وذلك َّ‬
‫ان حنة كانت‬
‫عاقراً‪ .‬فطلبت من هللا ان يعطيها ولداً لتنذره وتكرسه لخدمته تعالى‪ ،‬فرزقها‬
‫هذه االبنة الممتلئة نعمة‪ .‬ولما بلغت الثالثة من عمرها‪ ،‬اخذها ابواها وقدَّماها‬
‫للرب عن يد زكريا الكاهن‪ ،‬لتسكن قريبا ً من هيكل اورشليم‪ .‬وهذه التقدمة كانت‬
‫افضل التقادم واقدسها‪ ،‬منذ بُني الهيكل‪ ،‬النها تقدمة ابنة تفوق بقداستها‬
‫وجمال نفسها وجسدها سائر المالئكة والقديسين والبشر‪ ،‬بل هي افضل من‬
‫الهيكل‪ ،‬النها هيك ٌل حي ح َّل فيه الروح القدس بجميع مواهبه االلهية‪ .‬وكان ابن‬
‫هللا مزمعا ً ان يح َّل في احشائها ويتخذ من جسدها جسدا ً بشريا ً كامالً‪.‬‬
‫فاضحت مريم بكل قواها هلل‪ ،‬تتفرغ للصالة والشغل اليدوي وتتعلم القراءة‬
‫وتنكب على مطالعة الكتب المقدسة‪ .‬فادركت كل ما فيها عن تجسد ابن هللا‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫بقيت في الهيكل احدى عشرة سنة ُمختليةً باهلل غارقة في بحر كماالته‪.‬‬
‫وقد مدح القديسان امبروسيوس وايرونيموس احتشامها ورصانتها وصمتها‬
‫العميق المقدس‪ ،‬ومواظبتها الصالة والخلوة‪ ،‬ومحبتها لرفيقاتها االبكار اللواتي‬
‫هن على الفضيلة وعمل الخير‪ .‬كانت تحب التعب والشغل وتتقن‬ ‫ض َّ‬
‫كانت تح ُّ‬
‫جميع اعمالها‪ ،‬تنام قليالً وتك ُّد كثيراً‪ .‬الفاظها عذبة‪ُ ،‬منادمتها لذيذة‪ .‬وكثيراً ما‬
‫كانت تخاطب المالئكة وتناجي هللا‪ .‬أقامت في الهيكل حتى بلغت الخامسة عشرة‬
‫من عمرها‪ ،‬وعادت الى الناصرة حيث قبلت سر البشارة‪ .‬ثم أخذها يوسف‬
‫خطيبها الى بيته‪ ،‬بعد أن ظهر له المالك‪.‬‬
‫اما االحتفال بعيدها هذا فهو قديم العهد في الكنيسة الشرقية ويرتقي الى القرن‬
‫السادس في االقل‪ .‬اما في الكنيسة الغربية فابتُدئ به في السنة ‪.1372‬‬
‫صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني والعشرون‬


‫تذكار القديسين يواكيم وحنه والدي سيدتنا مريم العذراء‬

‫ان اشرف مدح نصف به يواكيم وحنة انما هو كونهما والدي سيدتنا مريم‬
‫العذراء وجدَّي سيدنا يسوع المسيح‪ .‬كان يواكيم من الناصرة من ذرية داود‬
‫بارين سائرين في شريعة‬ ‫والقديسة حنة من بيت لحم من سبط يهوذا‪ .‬وكانا َّ‬
‫الرب‪ ،‬متحدين قلبا ً واحداً مضطرما ً بمحبة هللا والقريب‪ ،‬عائشين بالصالة‬
‫والتأمل‪ ،‬ينتظران مجيء مخلص العالم‪ .‬لكنهما كانا حزينين النهما لم يرزقا‬
‫يكرسانه لخدمته تعالى‪.‬‬‫ولداً‪ .‬واخذا بالتضرع الى هللا كي يرزقهما ولدا ً ِ‬
‫فاستجاب صالتهما‪.‬‬
‫وولدت حنة مريم العذراء ممتلئةً نعمة وبريئة من وصمة الخطيئة االصلية‪.‬‬
‫ول َّما بلغت العذراء الثالثة من عمرها‪ ،‬قدماها الى الهيكل‪ .‬وصرفا حياتهما‬
‫بالصالة والتأمل‪ .‬وصار يواكيم ابن ثمانين سنة وتوفي بشيخوخة صالحة بين‬
‫يدي حنة‪ ،‬وابنته مريم‪ .‬اما حنة فعاشت حتى حظيت بمشاهدة الطفل يسوع ثم‬
‫رقدت بسالم ولها من العمر تسع وسبعون سنة‪.‬‬
‫وعيدهما هذا يرتقي في الكنيسة الشرقية حتى القرن السادس‪ .‬والبابا يوليوس‬
‫الثاني ادخل عيد القديس يواكيم في الكنيسة الغربية في السنة ‪.1510‬‬
‫ولهما في لبنان كنيسة وحيدة على اسمهما‪ ،‬قديمة العهد‪ ،‬في عنايا تابعة دير‬
‫مار مارون ومقام القديس شربل‪ .‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً تذكار الشهيدة سيسيليا‬


‫كانت سيسيليا من اسرة رومانية شريفة‪ .‬ومنذ حداثتها تربَّت تربية حسنة‬
‫وتغذَّت بمعرفة الكتب االلهية‪ .‬وكانت تجمع بين جمال النفس والجسد‪ .‬فنذرت‬
‫فزوجها والداها‪ ،‬رغما ً عنها‪ ،‬بشاب وثني يدعى فاليريانوس‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫بتوليتها هلل‪.‬‬
‫سر العماد ومات شهيداً‪.‬‬
‫فاقنعته بحفظ البتولية فآمن واقتبل َّ‬
‫اما سيسيليا فأخذ الوالي يتملَّقها بغية ان يستميلها الى عبادة االوثان فذهبت‬
‫تملقاته ادراج الرياح‪ .‬حينئذ حكم عليها باالعدام‪ ،‬لكنه خوفا ً من فتنة يُثيرها آل‬
‫الشهيدة في روما‪ ،‬امر فحملوها الى حمامات قصرها واغلقوا النوافذ عليها‬
‫باذى‪ .‬فأمر الحاكم‬
‫ً‬ ‫حتى تموت خنقاً‪ ،‬فكانت بين اللهيب جاثية تصلي ولم تُصب‬
‫الجالد فش َّج رأسها بفأس‪ ،‬فرقدت بالرب سنة ‪.230‬‬
‫واصبح ضريحها ينبوع نعم ومعجزات كثيرة‪ .‬وقد شمل اكرامها الكنيسة غربا ً‬
‫وشرقاً‪ .‬وهي شفيعة الموسقيين‪ ،‬الن حياتها صدى موسيقى مالئكية‪ .‬صالتها‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث والعشرون‬


‫تذكار القديس ساسين الشهيد‬

‫كان هذا القديس اسقفا ً على مدينة كوزيكس‪ ،‬قبض والي كوزيكس عليه‬
‫يضحي لالصنام‬
‫ِ‬ ‫فاعترف بايمانه المسيحي بكل جرأة‪ .‬فغضب الحاكم وامره بأن‬
‫يبين فساد العبادة الوثنية وخرافاتها وان الديانة المسيحية هي‬ ‫فأبى واخذ ِ‬
‫الديانة الحقَّة‪ .‬فاستشاط الوالي غيظا ً وامر بعذابه فشدوه الى خي ٍل غير‬
‫مروضة‪ ،‬حتى تهشم جسمه‪ .‬ثم جلدوه جلدا ً قاسياً‪ ،‬وهو صابر ثابت في ايمانه‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فألقوه في السجن مغلَّالً بقيود من حديد‪ .‬ولما قام الملك قسطنطين الكبير ونصر‬
‫وحررها من االضطهاد‪ ،‬اطلق سبيل االسقف القديس وارجعه الى‬ ‫َّ‬ ‫الكنيسة‬
‫كرسيه‪ .‬ولما ظهرت بدعة اريوس‪ ،‬انعقد المجمع النيقاوي االول ‪ 325‬اخذ‬
‫ساسين يجادل االريوسيين ويفحمهم ببراهينه السديدة‪ .‬ثم رجع الى كرسيه‬
‫يذيع تعليم المجمع النيقاوي‪.‬‬
‫كان غااليوس عدوا ً لقسطنطين وللمسيحيين‪ ،‬فقبض على االسقف ساسين‬
‫وانزل به أش َّد العذابات حتى انتهت حياته بقطع رأسه نحو السنة ‪ .328‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا تذكار القديس امفيلوكوس‬


‫ولد هذا القديس في الكابدوك من اسرة شريفة وكان صديقا ً حميما ً للقديسين‬
‫العظيمين باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزي وقد ضاهاهما بغزارة‬
‫علمه وغيرته على المعتقد الكاثوليكي‪ .‬وصار قاضيا ً فقام بوظيفته بكا نزاهة‬
‫مراعيا ً جانب العدل واالستقامة‪.‬‬
‫اختاره االكليروس والشعب اسقفا ً على مدينة ايقونية سنة ‪ 374‬فانكب على‬
‫ان القديس طلب يوما ً من الملك‬ ‫العمل بغيرة ونشاط‪ .‬وروى تاودوريطس َّ‬
‫تاودوسيوس ان يمنع االريوسيين من بث مفاسدهم في المدن والقرى‪ ،‬فاغضى‬
‫الملك عن االجابة‪ .‬فقام القديس يوما ً بواجب االحترام نحو الملك ولم يكترث‬
‫البنه‪ ،‬فاستاء منه الملك‪ ،‬فقال‪ :‬انك تستاء من عدم احترامي البنك‪ ،‬فكيف ال‬
‫يستاء هللا من االراتقة وعدم احترامهم البنه الكلمة االزلي؟ فانتبه الملك وامر‬
‫بمنع االريوسيين من االجتماعات وشتَّت شملهم‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 381‬حضر القديس امفيلوكوس المجمع المسكوني الثاني المنعقد‬
‫في القسطنطينية ووضع مقاالً نفيسا ً في طبيعة الروح القدس ومفاعيله‪ ،‬شاجبا ً‬
‫بدعة المكدونيين‪ .‬وألَّف كتبا ً عديدة مفيدة تؤيد المعتقد الكاثوليكي القويم‪ .‬ثم‬
‫رقد بسالم سنة ‪ .394‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع والعشرون‬


‫تذكار القديسة كاترينا البتول الشهيدة‬

‫من وجهاء مدينة االسكندرية‪ .‬قد َّزينها هللا بحدَّة الذهن وبجمال النفس‬
‫والجسد‪ .‬عكفت على مطالعة الكتب المقدسة‪ ،‬فتبيَّن لها فساد عبادة االوثان‪.‬‬
‫ويروى انه تراءى لها السيد المسيح‪ ،‬بعد اعتمادها‪ُ ،‬مبديا ً عن رضاه عنها‬
‫وألبسها خاتما ً ثميناً‪ ،‬عربون خطبته ِإياها عروسا ً له‪ .‬ففرحت فرحا ً عظيما ً‬
‫تبشر باسمه‪.‬‬
‫وشغفت بمحبته ونذرت بتوليتها له‪ ،‬وأخذت ِ‬
‫مر الملك مكسيمنس في االسكندرية‪ ،‬أقام عيدا ً حافالً‪ ،‬تُقدَّم فيه الذبائح‬
‫ول َّما َّ‬
‫لالوثان واوجب ان يشترك فيه جميع سكان المدينة‪ .‬وحضرت كاترينا امام‬
‫الملك‪ ،‬وهو جالس في صدر المحفل واخذت تبين له بالبراهين الجليَّة‪ ،‬عن‬
‫ضالل الوثنية وآلهتها الكاذبة‪ .‬واوضحت عن صحة الدين المسيحي وعن سمو‬
‫تعاليمه الشريفة‪ .‬فأهشت الملك وجميع الحاضرين بجرأتها وفصاحتها‪ ،‬وأخذ‬
‫مكسيمنس بجمالها‪ ،‬فحبسها في قصره‪ ،‬بغية ان يقنعها بعبادة االصنام‬
‫ليتزوجها‪.‬‬
‫فاستدعى خمسين فيلسوفاً‪ ،‬فدخلوا في الجدال مع القديسة فأفحمتهم بقوة‬
‫براهينها‪ .‬فقال االمبراطور الولئك الفالسفة‪ :‬عليكم ان تنقضوا كالمها‬
‫وبراهينها‪ .‬فأجابوا‪ :‬انهم اصبحوا مؤمنين بما تؤمن به كاترينا‪ ،‬النها على حق‬
‫في كل ما تقول‪ .‬فاستشاط الملك غيظاً‪ ،‬وامر بهم فأحرقوهم بالنار‪ ،‬ففازوا‬
‫باكليل الشهادة‪.‬‬
‫وأمر مكسيمنس بجلد كاترينا‪ ،‬حتى سالت دماؤها‪ .‬ثم اعادها الى السجن‪.‬‬
‫وعزاها وشفى جراحها‪ .‬فدخلت‬ ‫َّ‬ ‫تصلي وتشكر هللا‪ .‬وظهر لها مالك الرب‬
‫ِ‬ ‫فقامت‬
‫الملكة عليها في سجنها مع القائد برفيريوس‪ ،‬فأعجبت بها‪ .‬وكانت تُصغي لها‬
‫ست النعمة قلبها‪ ،‬فآمنت بالمسيح هي والقائد برفيريوس‪ .‬ولما علم الملك‬ ‫فم َّ‬
‫بذلك ُج َّن جنونه فأمر بضرب عنقهما مع مئتين من الجند الذين آمنوا‪.‬‬
‫واخرج الملك كاترينا من سجنها وعاد يالطفها ويريد ان يتزوجها فتصبح هي‬
‫صاحبة العرش بعد موت امرأته‪ .‬فازدرته القديسة ووبخته على قتله امرأته‬
‫وسفكه الدماء البريئة‪ .‬فهي ال تريد لها عريسا ً على االرض‪ ،‬فان عريسها في‬
‫السماء‪ .‬عندئذ امر بان توضع بين دواليب مركبة من سيوف مرهفة‪ ،‬فتضرعت‬
‫سر وتتطاير شظاياها وتقتل‬‫ليقويها على هذا العذاب‪ ،‬واذا بالدواليب تتك َّ‬
‫الى هللا َّ‬
‫فظن الملك ان ذلك ضرب‬ ‫َّ‬ ‫عددا ً من الوثنيين‪ ،‬فآمن كثيرون وفازوا بالشهادة‪.‬‬
‫من السحر‪ ،‬وخاف العاقبة‪ ،‬فأمر بقطع رأس القديسة‪ ،‬فأحنت رأسها للسيف‬
‫وهي تصلي وبذلك تمت شهادتها سنة ‪ .308‬صالتها معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الخامس والعشرون‬
‫تذكار القديس اكليمنضوس االول بابا روما‬

‫ولد اكليمنضوس في روما وكان من اشرافها‪ ،‬تثقف ثقافة عالية‪ ،‬فنبغ في‬
‫العلوم واآلداب‪ .‬وعندما قدم القديسان بطرس وبولس الى روما‪ ،‬آمن على‬
‫يدهما وتتلمذ لهما‪ .‬ورافق بولس الرسول في جهاده وذكره في رسالته الى اهل‬
‫فيليبي (‪ .)3 :4‬ثم أقيم خليفة لهامة الرسل على السدة البطرسية بعد البابا‬
‫مسجالً العمال‬
‫ِ‬ ‫اناكليتوس‪ .‬فقسم روما سبعة اقسام وجعل في كل قسم منها‬
‫الشهداء‪ .‬وقد ر َّد بمواعظه الكثيرين الى االيمان بالمسيح‪ .‬وله يرجع الفضل‬
‫بتعميد أهل فرنسا‪.‬‬
‫َّ‬
‫حياتهن لمجد هللا وخدمة‬ ‫وقد أنشأ هذا البابا فرقة العذارى اللواتي وقفن‬
‫القريب‪.‬‬
‫وجه البابا الى اهل كورنثية رسالته الشهيرة‪ ،‬اوضح بها المراتب الكنسية‬
‫والتمييز بين االساقفة والكهنة والشمامسة‪ ،‬وبيَّن واجب المؤمنين نحو‬
‫رؤسائهم‪ ،‬وان للبابا السلطة المطلقة على جميع الكنائس‪ .‬وكان لهذه الرسالة‬
‫اهميتها الكبرى‪ ،‬حتى انها أدرجت بين الكتب المقدسة وكانت تُقرأ في الكنائس‬
‫على الشعب‪ .‬ولهذا البابا ايضا ً رسالتان في شرف البتولية‪.‬‬
‫وعندما اثار ترايانوس قيصر االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬نفى البابا‬
‫اكليمنضوس مع عد ٍد من ابنائه الى مدينة كرسونيزا‪ ،‬اي القرم‪ ،‬حيث وجد‬
‫كثيرين من المسيحيين المنفيين‪ ،‬مس َّخرين في االشغال الشاقة في مقالع‬
‫ويعزيهم ويشاركهم في اتعابهم‪ .‬وكان‬
‫ِ‬ ‫الرخام‪ ،‬فكان لهم االب الحنون‪ ،‬يشجعهم‬
‫اولئك المنفيون في ضيق شديد من العطش‪ ،‬فصلى القديس فوق صخرة هناك‪،‬‬
‫راسما ً فوقها إِشارة الصليب‪ ،‬فانبجس منها الماء ينبوعا ً غزيراً‪ ،‬وعند هذه‬
‫اآلية آمن كثيرون من الوثنيين‪.‬‬
‫فعرف بذلك ترايانوس‪ ،‬فأوفد وزيره اوسيديوس الى كرسونيزا وامره ان ير َّد‬
‫جميع الذين اعتمدوا الى الوثنية‪ ،‬ومن ال يخضع يُقتل‪ .‬فنفَّذ الوزير امر سيده‬
‫بجميع المسيحيين وبالذين اعتمدوا من الوثنيين‪ .‬ففاز جميعهم باكليل الشهادة‪.‬‬
‫اما البابا اكليمنضوس‪ ،‬فشدُّوا عنقه بحبل وزجوه في البحر ليموت خنقاً‪،‬‬
‫فانض َّمت روحه الطاهرة الى ابنائه الشهداء في االخدار السماوية‪ .‬وكان ذلك‬
‫سنة ‪ 101‬للمسيح‪.‬‬
‫فانتشل بعض المؤمنين جثة البابا من البحر ودفنوها بما تستحق من االكرام‪.‬‬
‫واجرى هللا المعجزات الكثيرة حول ضريحه‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تذكار القديس بطرس بطريرك االسكندرية‬

‫ولد هذاالقديس في مدينة االسكندرية‪ ،‬وفي السنة ‪ 300‬انتُخب بطريركا ً على‬


‫الكرسي االسكندري‪ ،‬لما تحلَّى به من علم غزير وفضيلة راهنة‪.‬‬
‫وفي السنة ‪ 303‬اثار ديوكلتيانوس وزميله مكسيميانوس اضطهادا ً عاما ً على‬
‫كنيسة الشرق‪ ،‬فقام البطريرك بطرس يطوف انحاء البطريركية ويشجع ابناءه‬
‫على الثبات في ايمانهم‪ ،‬فكان لكالمه اشد تأثير في القلوب‪ ،‬حتى اقدم المؤمنون‬
‫بااللوف على االستشهاد بكل جرأة‪.‬‬
‫وحدث ان مالتيوس اسقف هليوبوليس قد جحد االيمان وقدَّم بخوراً لالوثان‪،‬‬
‫مع بعض المسيحيين‪ ،‬خوفا ً من العذاب‪ ،‬فحزن البطريرك جدا ً لهذا الحادث‬
‫غيه‪ .‬فعقد‬
‫االليم‪ .‬واخذ يبذل النصح االبوي لذلك االسقف الجاحد‪ ،‬فلم يرعو عن ِ‬
‫البطريرك مجمعا ً مع بعض االساقفة‪ ،‬وحرمه هو والشماس اريوس الذي كان‬
‫يجدِف على الكلمة االزلي‪.‬‬
‫وفي السنة‪ ،311‬قبض الوالة عليه بامر مكسيميانوس‪ ،‬وألقوه في السجن الى‬
‫الغد‪ ،‬فعرف المؤمنون بسجنه‪ ،‬فجاءوا يدافعون عنه وكان اريوس قد تظاهر‬
‫بالتوبة وقصده بذلك ان يكون خليفة للبطريرك بعد وفاته‪ .‬عرف البطريرك مراد‬
‫اريوس وخبثهُ وطمعهُ بالبطريركية‪ .‬ثم اختلى بكاهنيه الفاضلين وحذَّرهما من‬
‫اريوس وشره‪ .‬وبعد ذلك اتى الجند ليأخذوه الى االستشهاد‪ ،‬فأسلم نفسه‪.‬‬
‫فجاءوا به الى معبد صغير كان قد اعدَّه قبراً له‪ ،‬وبعد ان جثا يصلي الى هللا‬
‫ليمنع االضطهاد عن الكنيسة‪ ،‬قدَّم عنقه للسيف وفاز باكليل الشهادة سنة‬
‫‪ .311‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار القديسين برالم ويواصاف‬

‫كان القديس برالم ناسكا ً في الهند بعهد الملك ابنير الذي كان يبغض المسيحيين‬
‫ويضطهدهم وكان حزينا ً النه لم يكن له ولد‪ ،‬فرزقه هللا ابنا ً اسماه يواصاف‪،‬‬
‫خاف عليه من ان يعتنق مذهب النصارى فوضعه في قصر تحت المراقبة‬
‫ان اباه خائف عليه من اعتناق الدين‬ ‫شب الغالم‪ ،‬وعرف َّ‬ ‫َّ‬ ‫الشديدة‪ .‬ول َّما‬
‫المسيحي‪ ،‬رغب في ان يقف على حقيقة هذا الدين‪.‬‬
‫تاجر‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫فألهم هللا الناسك برالم الذي تمكن من الدخول على يواصاف بهيئة‬
‫وشرح له قواعد الدين المسيحي فأعجب بتعاليم االنجيل السامية واعتمد ونبذ‬
‫صره واغتاظ جداً‪ .‬فارسل اليه نسا ًء ليفسدن‬‫عبادة االوثان‪ .‬فعرف ابوه بتن ُّ‬
‫اخالق شريفة‬
‫ٍ‬ ‫قلبه‪ ،‬فلم ينلن منه مأرباً‪ .‬ول َّما رأى ابوه ما اتَّصف به ابنه من‬
‫ومبادئ سامية تلقَّنها من ذلك الفيلسوف الناسك تركه وشأنه‪.‬‬
‫يبشر باالنجيل وجاء االساقفة والرهبان‬
‫ِ‬ ‫ثم اعطاه قسما ً من مملكته‪ ،‬فأخذ‬
‫يساعدونه في التبشير فكثر عدد المسيحيين في مملكته‪ ،‬حتى انه جذب اباه‬
‫نفسه الى االيمان بالمسيح فاعتمد هو وجميع من هم تحت سلطانه‪ .‬وبعد اربع‬
‫سنوات توفي ابوه تاركا ً له ك َّل ما يملك‪.‬‬
‫أن يواصاف سلَّم المملكة الى رجل مسيحي اسمه باركياس‪ ،‬وذهب الى‬ ‫غير َّ‬
‫ِبرية برالم ابيه اروحي‪ ،‬حيث انصرف الى النسك والصالة‪ .‬ولما بلغ الستين‬
‫سنة من العمر‪ ،‬رقد بالرب سنة ‪ .740‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً تذكار القديس يعقوب المقطع‬


‫فقربه يزدجرد الملك من بالطه واواله‬ ‫كان مسيحيا ً من شرفاء بالد فارس‪َّ ،‬‬
‫اشرف المراتب‪ .‬الزم الملك جميع المسيحيين بان يقدموا الذبائح للشمس‬
‫والكواكب‪ .‬فكان حظ الكثيرين اكليل االستشهاد‪ ،‬غير ان بعضهم خافوا وكفروا‬
‫بايمانهم‪ ،‬ومنهم يعقوب هذا الذي انصاع المر الشاه‪ ،‬فكفر وقدَّم البخور آللهة‬
‫المملكة‪.‬‬
‫فبلغ الخبر امه وزوجته‪ ،‬فكتبتا اليه رسالة مليئة بالعتاب واالسف والدموع‬
‫والتوسل اليه لكي يرجع عن غيه‪ .‬فكات لتلك الرسالة تأثيرها العميق في قلب‬
‫يعقوب‪ .‬فأسرع الى سرادقه وتناول االنجيل وبدأ يتأمل في تعاليمه السامية وال‬
‫سيما بهذه اآلية‪ ":‬من آمن بي وان مات فسيحيا" (يو ‪ .)25 :11‬وخرج الى‬
‫يوبخه على جسارته‬ ‫الشوارع ينادي‪ ":‬انا مسيحي انا مسيحي"‪ .‬فاخذ الملك ِ‬
‫هذه ويتهدَّده بالموت‪ .‬فأجابه بكل جرأة انه عن ايمانه لن يحيد‪ .‬فغضب الشاه‬
‫طعوا اوالً اصابع يديه ورجليه واحدةً واحدة‪ ،‬ثم قطعوا‬‫وامر بأن يُقطع ِإرباً‪ .‬فق َّ‬
‫يديه ورجليه ثم ساقيه وذراعيه وهو صابر يشكر هللا حتى تعجب الحاضرون‬
‫من شجاعته‪ .‬واخيرا ً قطعوا رأسه فتكلل بالشهادة وكان ذلك يوم الجمعة سنة‬
‫‪ .441‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار الشهيد اسطفانوس الجديد‬

‫ولد اسطفانوس في القسطنطينية سنة ‪ .713‬فتثقف بالعلوم ونبغ فيها‪ ،‬لكنه‬


‫كان ولوعا ً بقراءة االسفار المقدسة‪ .‬ادخله ابوه احد االديار‪ ،‬حيث تربَّى على‬
‫روح العبادة والتقوى‪ .‬وبعد وفاة والده‪ ،‬وزع ما كان يملك على الفقراء‪ ،‬واخل‬
‫دير على ق َّمة جب ٍل بالقرب من‬
‫امه واخته في دير للراهبات‪ ،‬وانحاز هو الى ٍ‬
‫القسطنطينية‪ ،‬حيث اشتهرت قداسته ومنحه هللا فعل المعجزات‪.‬‬
‫ثم اقيم رئيسا ً على الدير وما عتم ان اعتزل الرئاسة وسكن مغارة ِ‬
‫ضيقة‪،‬‬
‫عاكفا ً على اعمال النسك والصالة‪ ،‬الى ان قام الملك قسطنطين محارب‬
‫أمر العذابات‬
‫االيقونات‪ .‬فذاق اسطفانوس في دفاعه عن المعتقد الكاثوليكي َّ‬
‫بايمان حي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وأُلصقت به أشنع التُّهم‪ ،‬لكن هللا اعلن براءته َّ‬
‫وقواه على االحتمال‬
‫حاول الملك ان يستميله الى رأيه الفاسد‪ .‬فأخذ اسطفانوس درهماً‪ ،‬وطبع عليه‬
‫فانقض الملك عليه بصواعق‬
‫َّ‬ ‫رسم الملك‪ ،‬ورماه في االرض وداسه برجله‪،‬‬
‫غضبه وكاد يمزقه تمزيقاً‪ ،‬فقال له القديس بكل لطف‪ :‬اذا كنت‪ ،‬ايها الملك‪،‬‬
‫تغضب هكذا الهانة صورتك المرسومة على هذا الدرهم‪ ،‬فكيف ال يغضب السيد‬
‫المسيح ووالدته وقديسوه‪ ،‬عندما تأمر بتمزيق صورهم وطرحها في االزقَّة‬
‫ليدوسها الناس بارجلهم؟ فخجل الملك ولم يجب‪ ،‬بل أمر بان يُلقى القديس‬
‫بالسجن‪ ،‬مكبَّالً بالقيود‪.‬‬
‫فدخل ورأى ثالثمئة واربعين راهبا ً مسجونين الجل ثباتهم في ايمانهم‪ ،‬ففرحوا‬
‫وحول ذلك السجن الى معبد يُقيم فيه معهم الصالة كأنهم في‬
‫َّ‬ ‫به‪ ،‬فأخذ يشجعهم‪،‬‬
‫دير‪ .‬فعرف الملك واراد ان يتخلَّص من ذلك الراهب‪ ،‬فأمر الجند بالقبض عليه‬
‫وبتشهيره في شوارع المدينة‪ .‬وبينما جثا يصلي‪ ،‬فاجأه جندي بضربة عصا‬
‫على رأسه‪ ،‬فتكلل بالشهادة سنة ‪ .766‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع والعشرون‬
‫تذكار القديسين ساتورينس وسيسينيوس الشهيدين‬

‫كان ساتورينس من مدينة روما‪ ،‬شيخا ً جليالً مزدانا ً بالفضائل المسيحية‪ .‬وكان‬
‫الملك مكسيميانوس يوجب على المسيحيين القيام باالشغال الشاقة‪ ،‬فألزم‬
‫ساتورينس ان يكون بينهم يحمل االثقال على منكبيه امام مراقبين ال رحمة في‬
‫قلوبهم وال شفقة‪.‬‬
‫متعزيا ً بأن يحمل صليب التعب واآلالم وراء‬
‫ِ‬ ‫واستمر صابرا ً راسخا ً في ايمانه‪،‬‬
‫المسيح الفادي االلهي‪ .‬فجاء شاب يدعى سيسينيوس يحمل عنه اثقاله ويقدِم‬
‫له ما يحتاجه‪ .‬فأمر مكسيميانوس بطرحهما في السجن مع كثيرين من‬
‫المسيحيين‪ .‬فأخذ ساتورينس والشماس سيسينيوس يناديان باسم يسوع‬
‫المسيح‪ ،‬فارت َّد بسببهما عد ٌد وافر من الوثنيين‪ .‬حنق الوالي كنديدوس‬
‫فاستحضرهما مكبَّلين بالسالسل وامرهما بتقديم البخور والسجود للصنم‪.‬‬
‫فأجاباه‪ :‬انه ال يجوز السجود االَّ ليسوع المسيح ابن هللا الحي‪ .‬وصرخ‬
‫ساتورينس في اصنم قائالً‪ :‬ليسحق الرب صنم الوثنيين‪ .‬فسقط الصنم متكسراً‪.‬‬
‫وعندها آمن جنديان بالمسيح‪ ،‬فتميَّز الوالي من الغيظ وامر فوضعوا الشهيدين‬
‫على آلة العذاب وكَّسروا اعضاءهما بالعصي والمجالد‪ ،‬فصبرا على هذا العذاب‬
‫االليم‪ .‬فوبخ الجنديان اللذان آمنا الوالي على قساوته الوحشية وجاهرا‬
‫بايمانهما حاالً بعد ان كسر اسنانهما‪ .‬اما ساتورينس وسيسينيوس الشماس‪،‬‬
‫فأمر بحرق خواصرهما وبقطع رأسيهما خارج المدينة وبذلك تمت شهادتهما‬
‫سنة ‪ .305‬صالتهما معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار القديس اندراوس الرسول‬

‫ولد اندراوس في بيت صيدا على ضفاف بحيرة طبريا‪ ،‬وهو اخو بطرس وقد‬
‫تتلمذ اوالً ليوحنا المعمدان‪ .‬تبع يسوع ودعا اليه اخاه سمعان اذ قال‪ ":‬قد‬
‫وجدنا ماشيح الذي تأويله المسيح" (يوحنا ‪ .)41 :1‬ولما شاهدا المعجزة التي‬
‫حول الماء الى خمر‪ ،‬آمنا بالوهية‬
‫صنعها يسوع في عرس قانا الجليل‪ ،‬اذ َّ‬
‫معلمهما والزماه ولم ينفصال عنه‪.‬‬
‫وبعد حلول الروح القدس على التالميذ‪ ،‬بشَّر اندراوس باالنجيل في اورشليم‬
‫مع باقي الرسل‪ .‬ولما تفرق الرسل‪ ،‬قام يبشر باسم الرب يسوع‪ ،‬في تركيا‬
‫واخائيا وكبادوكيا وغالطية وبيثينا وغيرها‪.‬‬
‫وكان الوالي اجيَّا‪ ،‬يضطهد المسيحيين في بتراس‪ ،‬فقبض على القديس‬
‫اندراوس وامره بالخضوع المر الملك وتقديم الذبيحة لآللهة و ِإالَّ مات مصلوباً‪،‬‬
‫فأجابه الرسول‪ ":‬اني اقدِم كل يوم لالله الواحد الضابط الكل‪ ،‬ال دخان البخور‬
‫وال لحم الثيران وال دم التيوس‪ ،‬كما تقدمون آللهتكم‪ ،‬بل ذبيحةً الهية طاهرة‬
‫هي الحمل البريء من كل عيب‪ ،‬ابن هللا يسوع المسيح الذي افتدانا بدمه‬
‫الكريم"‪ .‬فاستشاط الوالي غضبا ً وامر بأن يرفعوه على الصليب ليموت نظير‬
‫وبثغر باسم وعانق الصليب وهتف قائالً‪":‬‬ ‫ٍ‬ ‫الذي يبشر باسمه‪ .‬فتقدَّم بكل جرأة‬
‫اهالً بك‪ ،‬ايها الصليب المقدس الذي أنتظره منذ زمان مديد‪ ،‬لقد رفع عليك فيما‬
‫مضى مخلصي االلهي‪ ،‬فاقبلني انا تلميذه‪ ،‬لكي استحق بك ان اذهب اليه على‬
‫عجل"‪ .‬وبقي على الصليب يومين‪ ،‬يعظ الناس ويثبتهم في االيمان‪ .‬وفيما هو‬
‫يناجي الصليب‪ ،‬اسلم الروح‪ .‬فأنزل المسيحيون جسده الطاهر ودفنوه باكرام‪.‬‬
‫وكان ذلك سنة ‪ .62‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫شهر كانون االول‬
‫ايام هذا الشهر ‪ 31‬يوماً‪ .‬ساعات نهاره ‪ 9‬ساعات‪ ،‬وليله ‪ 15‬ساعة‪.‬‬
‫اليوم االول‬
‫تذكار النبي نحوم‬
‫هو السابع بين االنبياء الصغار االثني عشر‪ ،‬من سبط سمعان‪ .‬ولد في الجليل‬
‫في قرية تدعى "الغوش" وعاش في ايام حزقيَّا الملك (‪ .)723 -694‬وتنبأ‬
‫على خراب نينوى‪ ،‬عاصمة االشوريين‪ ،‬لكبريائها وكثرة آثامها‪ .‬وقد تمت‬
‫نبؤته فعالً‪ ،‬اذ حاصرها الكلدانيون ودكُّوا اسوارها وجعلوها اطالالً‪ ،‬وساعدهم‬
‫على ذلك زلزال االرض ونار نزلت من السماء وفيضان نهر دجلة‪ ،‬فأمست اثراً‬
‫بعد عين‪.‬‬
‫اما نبوءة نحوم فتتض َّمن ثالثة فصول‪ :‬ففي االول والثاني ينذر بخراب نينوى‬
‫عاصمة اشور‪ ،‬بالمياه والنار‪ .‬وفي الثالث يأتي على حصار االعداء لها‬
‫واستيالئهم عليها والقضاء على سكانها بالسيف والنار‪ .‬وتمتاز نبوءته‬
‫بصراحتها ودقتها‪ .‬وقد اجمع المفسرون على انها كتبت نحو السنة ‪ 665‬قبل‬
‫المعزي وفي الكلدانية – السريانية تعني‬
‫ِ‬ ‫المسيح‪ .‬ولفظة نحوم عبرانية معناها‬
‫القيامة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً تذكار القديس فرنسيس كزافيه‬


‫ولد هذا القديس في اسبانيا سنة ‪ ،1505‬من اسرة شريفة‪.‬ارسله ابوه يوحنا‬
‫الى باريس فصار استاذا ً للفلسفة‪ .‬وفي سنة ‪ ،1534‬لبَّى الدعوة االلهية‬
‫بصوت القديس اغناطيوس دي لويوال مؤسس الرهبانية اليسوعية‪ .‬فأبرز معه‬
‫ومع رفقته الستة النذور الرهبانية‪ .‬فانتخبه البابا بولس الثالث رسوالً الى‬
‫الهند‪ .‬فسافر الى تلك االمصار النائية‪ ،‬يطوفها على قدميه‪ ،‬وغالبا ً حافياً‪ .‬فكلَّل‬
‫هللا اتعابه وجهوده الرسولية بالنجاح‪ ،‬فر َّد مئات االلوف من الوثنيين الى‬
‫االيمان بالمسيح فع َّمدهم وبينهم امراء وملوك‪ .‬وقد قاسى من المشاق‬
‫واالهانات ما يعجز القلم عن وصفه‪ .‬وقد امتاز بفضيلة التواضع فكان ال يأنف‬
‫من غسل جراح المرضى وقروحهم‪ .‬فوهبه هللا صنع العجائب‪ .‬وفي السنة‬
‫‪ 1552‬سافر الى الصين ليواصل بشارته باالنجيل‪ ،‬فانتابته ُح َّمى شديدة اودت‬
‫بحياته على ابواب الصين وهو يردد هذه الصالة‪ ":‬عليك يا رب توكلت فال‬
‫أخزى الى االبد"‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني‬
‫تذكار النبي حبقوق‬
‫هو الثامن بين االنبياء الصغار االثني عشر‪ ،‬من سبط سمعان ايام منسى ملك‬
‫يهوذا‪ .‬وتمتاز نبوءه بمسحتها الشعرية‪ .‬وتتضمن ثالثة فصول‪ :‬في االول‬
‫مناحةٌ على آثار يهوذا ويعقبها انذار باالنتقام الذي سينزله هللا بهم على ايدي‬
‫الكلدانيين‪ .‬وفي الفصل الثاني نبوءة بانهيار عرش الكلدانيين‪ .‬وفي الثالث يختم‬
‫النبي كالمه بقصيدة أنيقة‪ ،‬يصف فيها مجيء السيد المسيح‪.‬‬
‫وقصيدته على مجيء المسيح تنشدها الكنيسة الشرقية في صالة السحر النها‬
‫رمز الى تجسد ابن هللا‪ .‬وكان ظهوره سنة ‪ 700‬قبل مجيء المسيح‪ .‬وحبقوق‬
‫لفظة عبرانية معناها المصارع‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار القديس نونُس‬
‫ترقى في معارج الفضيلة والكمال‬ ‫هذا كان راهبا ً في احد اديار الرها حيث َّ‬
‫االنجيلي واشتهر بغزارة علمه وفصاحته‪ .‬أقيم أسقفا ً على مدينته الرها‪ ،‬فدبَّر‬
‫اسقفيته بحكمة وغيرة رسولية مدة سنتين‪ .‬ثم ارسل الى مدينة هيليوبوليس‬
‫(بعلبك) في لبنان‪ ،‬حيث اعتنى كل العناية بشؤون هذه الكنيسة ور َّد الكثيرين‬
‫الى االيمان بالمسيح وع َّمدهم‪ .‬وهو الذي ر َّد بالجيا الخاطئة الى التوبة‪ ،‬فكانت‬
‫مثال التائبات‪ ،‬ومن مراجعة تذكارها في ‪ 8‬تشرين االول غنى عن الزيادة‪.‬‬
‫اخيرا ً اعيد نونس الى الرها فقام يواصل جهاده وتفانيه في خالص النفوس‪،‬‬
‫وشيد كنيسة على اسم القديس يوحنا المعمدان ومأوى للفقراء وغير ذلك من‬
‫المشاريع الخيرية‪ ،‬ثم رقد بالرب سنة ‪ .471‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث‬
‫تذكار صفنيا النبي‬
‫هو تاسع االنبياء الصغار االثني عشر من سبط سمعان‪ .‬تنبَّأ في ايام يوشيَّا ملك‬
‫يهوذا‪ .‬مضمون نبوءته‪ :‬اوالً اإلنذار بالغضب الذي سيحله هللا بيهوذا‬
‫واورشليم‪ ،‬البتعادهم عنه واحتقارهم وصاياه‪ .‬ثانيا ً الوعيد باالنتقام من االمم‪.‬‬
‫ثالثا ً البشرى بزمن المسيح واجتماع الشعوب بأسرها في عبادة هللا‪ ،‬وقيام‬
‫الكنيسة‪.‬‬
‫و ِإنشاؤه شبيهٌ بإنشاء إرميا‪ ،‬النهما عاشا في عصر واحد‪ .‬وكان ظهوره قبل‬
‫مجيء المسيح سنة ‪ .635‬وصفنيا لفظة عبرانية معناها المراقب‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار النبي عوبديا‬


‫هذا النبي هو رابع االنبياء الصغار االثني عشر‪ .‬تنبأ في زمن آحاب ملك‬
‫اسرائيل وكان من قواده‪ ،‬ارسله الملك مع فئة الخمسين الثالثة ليقبض على‬
‫ايليا النبي‪ .‬فشفق عليه هذا النبي ولم ينزل النار عليه من السماء‪ ،‬كما انزلها‬
‫على الذين اتوا قبله‪ .‬ولذلك ترك عوبديا خدمة الملك وتتلمذ اليليا النبي‪ .‬ولما‬
‫كانت إيزابيل تضطهد االنبياء كان عوبديا يأتيهم بالطعام‪ .‬ونبوءته فص ٌل واحد‪،‬‬
‫األدوميين‪ ،‬فينذرهم النبي بأنهم‬
‫ِ‬ ‫بعبارة واضحة شعرية‪ ،‬تتجه في االخص‪ ،‬الى‬
‫سيُدانون‪ ،‬كما دانوا اخوتهم‪ ،‬ويتهددهم بالخراب والدمار النهم ساعدوا‬
‫الكلدانيين على حصار اورشليم واالستيالء عليها‪ .‬وتنبأ ايضا ً على رجوع‬
‫اليهود االسرائليين من السبى‪.‬‬
‫وكان ظهور هذا النبي نحو السنة ‪ 884‬قبل المسيح‪ .‬وعوبديا لفظة عبرانية‬
‫معناها عبد الرب‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الرابع‬
‫تذكار برباره الشهيدة‬
‫ديوسيقورس غنيا ً وثنيا ً‬
‫ُ‬ ‫ولدت برباره في مدينة نيقوميدية‪ .‬وكان ابوها‬
‫متعصباً‪ .‬فأحسن تربيتها بالهلوم واآلداب‪ .‬وبما انها كانت رائعة الجمال وضعها‬
‫في برج حصين‪ ،‬واقام من حولها االصنام لتظل متعبدة لآللهة‪.‬‬
‫فأخذت تتأمل في هذا الكون وتبحث عن مبدعه‪ .‬ولم تر في االصنام سوى‬
‫صم ال يرجي منها خير‪ .‬فأتاح لها هللا ان اتصلت بالمعلم فالنتيانوس‬
‫حجارة ُ‬
‫فاخذ يشرح لها اسرار الديانة المسيحية وتعاليم االنجيل السامية‪ .‬فأذعنت‬
‫بربارة لهذا المرشد الحكيم وآمنت بالمسيح وقبلت سر العماد المقدس‪ ،‬ونذرت‬
‫بتوليتها للرب يسوع‪.‬‬
‫وكانت مثابرة على الصالة والتأمل وقراءة الكتب المقدسة‪ .‬وامرت خدامها‪،‬‬
‫وبينهم مسيحيون‪ ،‬بتحطيم ما حولها من االصنام‪ .‬غضب ابوها واوسعها شتما ً‬
‫تصلي الى هللا ليقويها على الثبات في‬
‫ِ‬ ‫وضربا ً وطرحها في قبو مظلم‪ ،‬فقامت‬
‫ايمانها‪.‬‬
‫وفي الغد أتى بها ابوها‪ ،‬مكبَّلة بالسالسل‪ ،‬الى الوالي مركيانوس‪ .‬فاستشاط‬
‫الوالي غيظا ً من ثباتها في االيمان بالمسيح‪ ،‬وامر بجلدها باعصاب البقر‪،‬‬
‫فتمزق جسدها وتفجرت دماؤها‪ ،‬وهي صابرة صامتة‪.‬‬
‫ثم طرحوها في السجن‪ ،‬فظهر لها السيد المسيح وشفاها من جراحها‪.‬وفي‬
‫الصباح رآها الحاكم صحيحة الجسم ُمشرقة الوجه‪ ،‬فابتدرها قائالً‪ :‬ان اآللهة‬
‫شفقت عليها وض َّمدت جراحها‪ .‬فأجابت‪ ":‬ان الذي شفاني هو يسوع المسيح‬
‫رب الحياة والموت"‪ .‬فتميَّز الحاكم غيظا ً وامر بجلدها ثانية حتى تناثرت‬
‫لحمانها‪ .‬ثم امر بقطع رأسها فتمت شهادتها عام ‪ .235‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضا ً تذكار مار يوحنا الدمشقي‬


‫ولد يوحنا في مدينة دمشق الشام‪ ،‬في اواخر القرن السابع‪ ،‬وكان ابوه‬
‫سرجيوس ابن منصور حاكما ً على المدينة‪ ،‬مشهوراً بالفضل والتُّقى‪ ،‬فاهتم‬
‫بتربية ابنه وتثقيفه ثقافة عالية‪.‬‬
‫وبعد وفاة ابيه سرجيوس‪ ،‬أسندت اليه وظيفته‪ .‬وكان الخليفة يجلُّه ويعتبره‬
‫سره‪.‬‬
‫ي ِ‬ ‫جدا ً َّ‬
‫فقربه منه وجعله نج َّ‬
‫وفي تلك االثناء‪ ،‬اشهر الملك الون االيصوري الحرب على الصور وااليقونات‬
‫ُمهدِدا ً بالعذاب والموت كل من يُقدم على تكريمها‪.‬‬
‫فقام يوحنا يناهض تلك البدعة ويدافع بقلمه ولسانه عن تكريم االيقونات وعن‬
‫موجه الى‬
‫تقليد الكنيسة وعن معتقدها الصحيح‪ ،‬بأن اكرامها لأليقونات َّ‬
‫اص َمن تمثلهم‪ ،‬طلبا ً لشفاعتهم‪ ،‬وليس للمادة التي تمثل االشخاص‪ ،‬كما‬‫اشخ ٍ‬
‫كانت عبادة الوثنيين ألوثانهم‪.‬‬
‫فزور رسالة تقلَّد بها خط يوحنا وض َّمنها‬
‫فكان ذلك سببا ً الثارة غضب الملك‪َّ ...‬‬
‫الشكوى من سوء معملة المسلمين للمسيحين‪ ،‬وانه يطلب ارسال جيش‬
‫المزورة الى‬
‫َّ‬ ‫لمحاصرة دمشق وهو يفتح له ابوابها‪ .‬وارسل الملك تلك الرسالة‬
‫الخليفة‪ .‬فاستشاط غيظاً‪ ،‬وعلى الفور‪ ،‬استحضر يوحنا وكاد يفتك به‪ ،‬دون ان‬
‫يحاكمه او يسمع له‪.‬‬
‫ولكن الخليفة تأكد براءة يوحنا ورداءة خصمه الون‪ ،‬فاعاده الى وظيفته‪ .‬اما‬
‫هو فقد عاف الدنيا‪ ،‬وترك وظيفته وباع امالكه ووزع ثمنها على الفقراء‬
‫انكب على ممارسة‬
‫َّ‬ ‫وااليتام‪ ،‬وذهب الى فلسطين ودخل دير القديس سابا‪ ،‬حيث‬
‫الحياة الرهبانية بكل دقة ونشاط‪ ،‬منعكفا ً على التآليف ومطالعة الكتب المقدسة‪.‬‬
‫وامتاز بفضلتي الطاعة والتواضع وقد زاره البطريرك يوحنا االورشليمي ووكل‬
‫اليه الوعظ واالرشاد في كنيسة القيامة‪.‬‬
‫ولم يتخلف عن الذهاب الى القسطنطينية للدفاع عن المعتقد الكاثوليكي‪ ،‬ضد‬
‫محاربي االيقونات‪ ،‬بما اوتيه من جرأة وفصاحة نادرة‪.‬‬
‫ثم عاد الى ديره في فلسطين‪ ،‬حيث قضى سنيه االخيرة في الصالة وتأليف‬
‫الكتب ونظم االناشيد الكنسية البديعة‪ ،‬ورقد بالرب نحو سنة ‪ .756‬صالته‬
‫معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس‬
‫تذكار مار سابا‬
‫ولد في مدينة موالتا في اقليم الكبادوك‪ .‬وكان ابواه يوحنا وصوفيا يجمعان الى‬
‫شب حتى‬
‫ثروة المال غنى التقوى الصحيحة‪ .‬فنشأ سابا على حب الفضيلة وما َّ‬
‫انكب على ممارسة‬
‫َّ‬ ‫عاف الدنيا وضوضاءها وانحاز الى احد االديار‪ ،‬حيث‬
‫الصالة والتأمل‪ ،‬متساميا ً بالفضائل‪.‬‬
‫ثم جاء الى اورشليم‪ ،‬وزار االماكن المقدسة‪ ،‬ودخل دير القديس افتيموس‪،‬‬
‫بخطى جبارة متفوقا ً على‬
‫ً‬ ‫فقبله بملء الرضا‪ ،‬فسار في طريق الكمال المسيحي‬
‫الجميع‪ ،‬وال سيما بتواضعه العميق‪.‬‬
‫ثم طلب االنفراد في منسك قام فيه يبالغ بانواع التقشف‪ ،‬مثابراً على التأمل‬
‫وتالوة المزامير ويُحيك السالل ليعيش من ثمنها وما زاد عنه يتصدق به على‬
‫الفقراء‪ .‬فأقبل عليه الرهبان والنساك يسترشدونه‪ ،‬فأنشأ لهم المناسك‪ .‬وبلغ‬
‫عدد تالميذه مئة وخمسين ناسكاً‪ .‬ولما تكاثر عدد النساك شيَّد لهم ديرا ً وتولى‬
‫ادارتهم‪ ،‬مشددا ً بحفظ القوانين والنظام وسار امامهم في جميع الواجبات‪.‬‬
‫ستوس بطريرك اورشليم كاهنا ً واقامه عليهم رئيساً‪.‬‬
‫فرسمه سال ُ‬
‫وفي هذه االثناء اتته أمه‪ ،‬بعد وفاة أبيه‪ ،‬تحمل اليه امواالً كثيرة‪ ،‬فقبلها وبنى‬
‫لها ديرا ً حيث قضيت ايامها وماتت بنسمة القداسة‪ .‬وانشأ بتلك االموال‬
‫مستشفى للمرضى ومضافةً َّ‬
‫للزوار قرب الدير‪.‬‬
‫وزوده رسائل‬
‫َّ‬ ‫وقد ارسله البطريرك الى الملك انسطاسيوس على رأس وفد‬
‫االستغاثة‪ .‬فل َّما قرأها الملك ونظر الى ما كان عليه الراهب القديس من مهابة‬
‫ووقار‪ ،‬رغم ظاهره الحقير‪ ،‬بالغ في اكرامه ورضي عن البكريرك ورفع الجور‬
‫واالضطهاد‪.‬‬
‫وعند انحباس المطر في فلسطين‪ ،‬نحو خمس سنوات‪ ،‬جمع سابا رهبانه‬
‫وصلوا الى هللا فجادت السماء بمطر غزير‪.‬‬
‫وقد كلفه البكريرك الذهاب مرة ثانية الى القسطنطينية‪ ،‬عند الملك يوستينياس‬
‫للدفاع عن المسيحيين‪ .‬فاوقف الملك على الحقيقة‪ ،‬فهدأ غضبه وجاد بالمال‬
‫عليه فوزعه على الفقراء‪ .‬ثم عاد الى ديره‪ ،‬وما لبث ان رقد بالرب سنة‬
‫‪ ،532‬بين رهبانه بعد ان اوصاهم بالمحبة وحفظ القوانين‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السادس‬
‫تذكار القديس نيقوالوس (زخيا) العجائبي رئيس اساقفة ميرا‬
‫ولد هذا القديس في مدينة باتا‪ ،‬في آسيا الصغرى‪ ،‬من اسرة شريفة غنية‬
‫فتخرج في اشهر مدارس بالده‪ ،‬ال يعاشر االَّ ذوي االخالق‬
‫َّ‬ ‫بتقوى هللا والمال‪.‬‬
‫الحسنة مروضا ً نفسه باالماتة المسيحية والتقوى الصحيحة‪ .‬توفي والداه وهو‬
‫يوزع امواله على الفقراء والمعوزين‪ ،‬بطريقة خفيَّة‪،‬‬
‫في مقتبل العمر فأخذ ِ‬
‫عمالً بقول الرب‪ ":‬ال تعلم شمالك بما صنعت يمينك" (متى ‪.)3 :6‬‬
‫ثم انضم القديس الى رهبان دير كان بناه خاله اسقف ميرا الذي رسمه كاهناً‪.‬‬
‫ولسمو فضائله اقيم رئيسا ً على هذا الدير ووكيالً على اسقفية ميرا واعتزم‬
‫زيارة االراضي المقدسة فسافر بحراً‪ .‬وفيما هو في السفينة هاجت االمواج‬
‫تغرقها فصلى القديس وهدأت الزوبعة حاالً‪ .‬وعند رجوعه انفرد في‬ ‫وكادت ِ‬
‫مغارة يصلي‪.‬‬
‫ولما توفي اسقف ميرا‪ ،‬انتخبه االساقفة واالكليروس والشعب اسقفا ً عليها‬
‫وبإلهام الهي‪ ،‬رغما ً عن ممانعته‪ .‬فكان ذلك الراعي الغيور على ابنائه‪.‬‬
‫وفي تلك االثناء أصدر ديوكلتيانوس ومكسيميانوس امرا ً باضطهاد‬
‫المسيحيين‪ .‬فقبض عليه الجند وطرحوه في السجن واذاقوه من االهانات‬
‫وأمرها‪ ،‬فاحتملها بصبر جميل‪ .‬ول َّما انتصر قسطنطين الكبير‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والعذابات افظعها‬
‫خرج نيقوالوس من السجن وعاد مكرما ً الى كرسيه‪ .‬وحضر المجمع النيقاوي‬
‫واقر‬
‫َّ‬ ‫االول عام ‪ .325‬وكان من اشد انصار القديس اثناسيوس على اريوس‬
‫مع سائر االباء الوهية السيد المسيح‪.‬‬
‫وكان قسطنطين الملك قد حكم باالعدام على قضاة ثالثة اتهموا زورا ً بالرشوة‬
‫فاستغاثوا بالقديس نقوالوس عن بُعد‪ ،‬فظهر بالحلم للملك وابان له براءتهم‬
‫فعفا عنهم‪.‬‬
‫واجرىاهلل على يد هذا القديس من المعجزات في حياته وبعد وفاته ما ال‬
‫يحصى‪ ،‬لذلك لُ ِقب "بالعجائبي"‪ .‬وكانت وفاته سنة ‪ .342‬ونقوالوس لفظة‬
‫يونانية معناها المنتصر والظافر‪ ،‬ويس َّمى عندنا زخيا اي الظافر‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم السابع‬
‫تذكار القديس امبروسيوس اسقف ميالنو‬
‫ولد في فرنسا حيث كان ابوه روماني والياً‪ .‬ولما مات ابوه‪ ،‬عادت به أمه الى‬
‫مركلينا وشقيقه ساتيروس‪ ،‬وانصرفت الى تربية بنيها تربية‬
‫ِ‬ ‫روما مع شقيقته‬
‫مسيحية صالحة‪.‬‬
‫فقربه والة ايطاليا انيسيوس بربُّوس المسيحي‪،‬‬‫اتقن علم االداب والفلسفة َّ‬
‫وجعله مستشارا ً له‪ ،‬ثم واليا ً على ميالنو وقال له‪ ":‬اذهب وكن اسقفاً‪ ،‬اكثر من‬
‫ان تكون والياً"‪.‬‬
‫راح امبروسيوس يدير شؤون الوالية بالعدل واالستقامة‪.‬‬
‫ولما مات اوسكنديوس اسقف ميالنو االريوسي‪ ،‬اشتد الخصام حول من يخلفه‪.‬‬
‫فراح امبروسيوس يح َّ‬
‫ضهم على االتفاق والسالم‪.‬‬
‫وبينما هو يتكلم‪ ،‬اذا بطفل يهتف باعلى صوته‪ :‬امبروسيوس اسقف! فرددت‬
‫افواه جميع الحاضرين‪ :‬امبروسيوس اسقف! اما هو فاعتذر متواريا ً عن‬
‫االبصار‪ .‬ولم يقبل االسقفية االًّ مرغما ً نزوالً عند رغبة الشعب‪ .‬وقبل ان يتسلم‬
‫رئاسة االسقفية‪ ،‬وزع امواله على الكنيسة وعلى الفقراء‪.‬‬
‫وانصرف يبذل ك َّل عنايته بشؤون رعيته‪ ،‬فير ُّد الضالين منهم الى حظيرة‬
‫الخراف‪ .‬وكفاه مجدا ً وفخرا ً انه ر َّد مار اغوسطينوس الى التوبة‪ .‬وقد حمل‬
‫حملةً شعواء على البدعة االريوسية التي كانت تعيث فساداً‪.‬‬
‫وكان يجمع بين فضيلتي التواضع والشجاعة معاً‪ ،‬فلم يكن ليهاب احداً من‬
‫عظماء الدنيا ايا ً كان‪ ،‬في الدفاع عن الحق‪.‬‬
‫جاء الملك تاودوسيوس الى ميالنو‪ ،‬بعد ان قتل ابرياء من اهل تسالونيكي‪،‬‬
‫واراد ان يدخل الكنيسة فمنعه امبروسيوس وقال‪ :‬ال يجوز لك ايها الملك ان‬
‫تدخل بيت هللا بيدين مل َّطختين بدم االبرياء‪ .‬فأجابه الملك‪ :‬ان هللا صفح عن‬
‫داود القاتل وسمح له بدخول الهيكل‪ .‬فقال االسقف‪ ":‬قد تشبهت بداود خاطئاً‪،‬‬
‫فعليك ان تتشبه به تائباً"‪ .‬فتأثر الملك وانصاع المره‪ ،‬واستمر في قصره‬
‫ثمانية اشهر محروماً‪ ،‬وعوامل الندامة ُّ‬
‫تحز في قلبه‪.‬‬
‫ولما تحقق االسقف توبته دعاه لحضور الذبيحة االلهية‪ .‬فجاء وانطرح امامه‬
‫على باب الكنيسة‪ ،‬باكيا ً ذليالً‪ ،‬فأخذه االسقف وادخله ودموع الفرح تذرف من‬
‫عينيه‪ .‬وكان ذلك أنجح موعظة للشعب الذي أكبر سلطة االسقف الجريء‪ ،‬كما‬
‫اعجب باطاعة الملك العظيم‪.‬‬
‫وكما امتاز هذا القديس بجرأته وتواضعه‪ ،‬قد امتاز ايضا ً بشفقته على الفقراء‪،‬‬
‫والمحتاجين والمتضايقين‪ .‬وكان شغوفا ً بالعبادة للعذراء مريم فألَّف بمديحها‬
‫مركلينا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫نشائد عديدة بديعة‪ .‬وانشأ ديراً للعذارى تحت ادارة شقيقته‬
‫وبمثل هذه االعمال الصالحة‪ ،‬انهى القديس امبروسيوس حياته المجيدة‪ ،‬في ‪4‬‬
‫نيسان سنة ‪ .398‬وله من العمر ‪ 64‬سنة‪.‬‬
‫وقد أغنى الكنيسة بتآليفه الالهوتية وشرحه االسفار المقدسة بالترانيم‬
‫والطقوس البيعية فأحصته الكنيسة بين مالفنتها وابائها األعالم‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن‬
‫تذكار حبل القديسة حنه بسيدتنا مريم العذراء‪.‬‬
‫تحتفل الكنيسة المقدسة اليوم‪ ،‬بعيد الحبل بسيدتنا مريم العذراء‪ ،‬في احشاء‬
‫والدتها القديسة حنه‪ ،‬بريئةً من وصمة الخطيئة االصلية‪ .‬وهذا كان اعتقاد‬
‫تعيد "لحبل حنة" بوالدة االله‪.‬‬
‫الكنيسة الشرقية منذ العصور االولى‪ ،‬يوم كانت ِ‬
‫وهذا ما تد ُّل عليه داللة صريحة وتترنَّم به صلواتنا الطقسية السريانية في‬
‫فروضنا على تنوعها‪ .‬ملمعة الى ان الثالوث االقدس اختارها لتكون اما ً للكلمة‬
‫المتجسد‪ ،‬فتناديها بهذ النشيد‪ ":‬ايتها المباركة في النساء‪ ،‬يا من بواسطتها‬
‫استئوصلت لعنةُ االرض‪ ...‬ايتها العفيفة المملوءة من محاسن القداسة التي‬
‫يعجز فمي عن وصف قدرها السامي‪ .‬المجد لآلب الذي اختار مريم من بين‬
‫القبائل جميعها‪ .‬والسجود لالبن الذي اشرق منها بقداسة‪ .‬والشكر للروح‬
‫ى وثروةً وافرة من النعم"‪.‬‬
‫القدس الذي مألها غن ً‬
‫وتدليالً على شرف العذراء وبراءتها من الخطيئة االصلية‪ ،‬تفيض تلك‬
‫الصلوات بوصفها بأجمل النعوت وابدعها‪.‬‬
‫وتلمع الى ما قاله هللا للحية بعد السقطة اآلدمية‪ ":‬اجعل عداوةً بينك وبين‬
‫المرأة فهي تسحق رأسك" (تك‪ .)15 :3‬وتجعل المقابلة بين حواء االولى‬
‫وحواء الثانية اي العذراء‪ .‬فان تلك سبَّبت الموت للجنس البشري‪ ،‬وهذه ولدت‬
‫الحياة للعالم‪ .‬وكفى بقول المالك لها في بشارته اياها‪ :‬يا ممتلئة نعمة‪.‬‬
‫واقوال االباء القديسين ومالفنة الكنيسة صادعةٌ بهذه العقيدة عبر االجيال‪.‬‬
‫وقد طالما لقَّبتها الكنيسة وما زالت تنادي بها‪ :‬تابوت العهد‪ ،‬وبيت الذهب‪،‬‬
‫وسلطانة السماوات واالرض‪ ،‬وسلطانة الحبل بال دنس‪ ،‬وام الحياة واو النور‪.‬‬
‫وقد اصبحت هذه الحقيقة عقيدة ايمانية يوم قام البابا بيوس التاسع في الثامن‬
‫من شهر كانون االول سنة ‪ ،1854‬يُعلن بسلطانه االعلى المعصوم عن‬
‫الغلط‪ ":‬أَ َّن مريم البتول قد تنزهت عن الخطيئة االصلية‪ .‬وأَ َّن هللا وقى نفسها‬
‫من تلك الخطيئة الجدية‪ ،‬منذ الدقيقة االولى‪ ،‬وذلك منَّةٌ خاصة منه‪ ،‬بفضل‬
‫استحقاقات ابنه الوحيد سيدنا يسوع المسيح مخلص البشر"‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،1858‬كان ظهور العذراء لالبنة برناديت في قرية لورد‪ ،‬اثباتا ً‬
‫وتأكيدا ً لهذه العقيدة‪ ،‬اذ قالت لبرناديت – لما سألتها َمن انت؟ ‪ " -‬انا هي‬
‫الحبل بال دنس"‪.‬‬
‫وانتشرت اخويات الحبل بال دنس في الغرب والشرق تضم االلوف تحت راية‬
‫العذراء المجيدة‪ .‬وبعد مرور مئة سنة على تلك العقيدة اقام لها السعيد الذكر‬
‫البابا بيوس الثاني عشر التذكار المئوي االول في السنة ‪ ،1954‬التي اعلنها‬
‫سنة مريمية وقد احتفل بها لبنان في تلك السنة‪ ،‬احتفاالً باهراً‪ .‬وقانا هللا‬
‫بشفاعتها من كل شر روحي وزمني‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع‬
‫تذكار القديس فرنسيس باوال‬
‫ولد هذا القديس في مدينة باوال في ايطاليا سنة ‪ 1416‬من والدين فقيرين‬
‫شب وفى نذر والديه‬
‫تقيَّين‪ .‬فنذراه لخدمة رهبان مار فرنسيس مدة سنة‪ .‬ولما َّ‬
‫في خدمة اولئك الرهبان الذين أعجبوا بفضائله فأحبوه كثيراً‪ .‬ثم انفرد في‬
‫مغارة مدة ست سنوات ممارسا ً التقشفات والصلوات ا َّ‬
‫لحارة‪ .‬كان يأكل الخبز‬
‫والحبوب فقط مرة واحدة كل يوم ولم يذق اللحم ابداً‪ .‬فاشتهر تقداسته وتتلمذ‬
‫له كثيرون فبنى كنيسة قرب باوال وطنه وشيَّد ديرا ً سكنه هو وتالميذه ولم يكن‬
‫له من العمر سوى تسع عشرة سنة‪ .‬وكان الناس يحترمونه ويحبونه لقداسة‬
‫شرفه هللا بصنع العجائب الكثيرة‪ .‬ووضع قوانين لرهبانه واثبتها‬ ‫سيرته‪ .‬وقد َّ‬
‫البابا سكتس الرابع سنة‪.1474‬‬
‫ومرض الملك لويس الحادي عشر فطلب من البابا ان يرسل اليه القديس‬
‫فرنسيس‪ ،‬فجاءه وتنبأ له َّ‬
‫أن حياته انتهت‪ ،‬فاستع َّد لمالقاة ربه ومات بين يدي‬
‫لقب رهبانه " باالخوة االصغرين"‪.‬‬ ‫القديس‪ .‬ولفرط حبه فضيلة التواضع‪ِ ،‬‬
‫رقد بالرب في تور في فرنسا سنة ‪ 1507‬ولهمن العمر احدى وتسعون سنة‪.‬‬
‫وقد احصاه البابا الون العاشر في مصاف القديسين سنة ‪ .1519‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم العاشر‬
‫تذكار القديسين مينا وهرموجانوس وأوغرانوس‬
‫كان مينا من المتقدمين عند الملك مكسيميانوس قيصر‪ ،‬معروفا ً بثقافته‬
‫تعرف ببعض‬ ‫وفصاحته‪ .‬فارسله الملك الى االسكندرية لحل بعض المشاكل‪َّ .‬‬
‫العلماء المسيحيين‪ ،‬فأعجب بتعاليمهم وفضائلهم وآمن بالمسيح واعتمد‪ .‬فبلغ‬
‫خبره مكسيميانوس‪ ،‬فغضب وارسل هرموجانوس ليُقنع مينا بالرجوع الى‬
‫عبادة االصنام‪ ،‬و ِإالَّ فيقتله‪ ،‬فلم يُفلح‪ .‬فعذبه وفقأ عينيه وقطع لسانه‪ ،‬وهو‬
‫يشرفه بمعجزة‪ ،‬فجعله يُبصر ويتكلم‬ ‫ِ‬ ‫صابر‪ ،‬ال يئن وال يتذمر‪ ،‬وشاء هللا ان‬
‫ويسبح هللا‪ .‬وعند هذا المشهد العجيب آمن هرموجانوس فع َّمده مينا واندفع‬
‫كالهما يبشران بالمسيح‪ .‬فجاء الملك نفسه الى االسكندرية ومعه امين سره‬
‫اوغرانوس‪ .‬فأنزل بهما أمر العذابات وهما ثابتان في ايمانهما فتأثر‬
‫اوغرانوس جدا ً ومست النعمة قلبه‪ ،‬فآمن‪ .‬فاستشاط الملك غيظا ً وامر بضرب‬
‫اعناق الثالثة معاً‪ ،‬ففازوا بالشهادة سنة ‪ .296‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار البابا القديس ملكياد‬


‫اصل هذا القديس من افريقيا‪ ،‬انتُخب حبرا ً اعظم في ‪2‬تموز سنة ‪ ،310‬ابان‬
‫ثورة االضطهاد على المسيحيين‪ .‬وفي سنة ‪ 312‬انتصر قسطنطين الكبير على‬
‫وحرر الكنيسة واوقف االضطهاد‪.‬‬‫َّ‬ ‫مكسانس واعتمد‬
‫حوله الى البابا‬
‫ولما رفع الدوناتستيون امر الخالف الى الملك قسطنطين‪َّ ،‬‬
‫لينظر فيه فعقد البابا مجمعا ً في قصر التران القديم وحكم فيه على دونات‬
‫وبدعته فانفضل نهائيا ً مع اتباعه عن الكنيسة الكاثوليكية‪ .‬وقد ابدى البابا في‬
‫هذا المجمع من الحكمة في فصل الخالف واقرار السالم‪ ،‬ما اطلق لسان القديس‬
‫اغوسطينوس في مدحه فوصفه بالرجل العظيم وابن السالم وابي الشعب‬
‫المسيحي الحقيقي‪ .‬وبعد ان ساس الكنيسة بكل حكمة وقداسة‪ ،‬رقد بالرب سنة‬
‫‪.314‬‬
‫وله رسالة الى كنائس اسبانيا في شرف المعمودية والتثبيت‪ .‬ويقال ان الملك‬
‫قسطنطين وهبه قصر الالتران في روما‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني عشر‬


‫تذكار القديس اسبيريدون العجائبي‬
‫كان اسبيريدون من جزيرة قبرص‪ ،‬راعي غنم‪ ،‬يخلو باهلل والتأمل في‬
‫المخلوقات بما فيها من نظام وعظمة وجمال‪ .‬امتاز بفضيلتي التواضع وااليمان‬
‫الراسخ‪ .‬اقترن بامرأة فاضلة ُرزق منها ابنة أسماها إيريني‪.‬‬
‫ولما توفي اسقف مدينة تريمثوس‪ ،‬اجمع االساقفة في قبرص على انتخاب‬
‫فترقى الدرجات المقدسة حتى االسقفية‪ ،‬وقام يرشد‬ ‫اسبيريدون خلفا ً له‪َّ .‬‬
‫النفوس في طريق الخالص وير ُّد الضالين الى الحظير‪.‬‬
‫وجاء الملك مكسيميانوس يضطهد المسيحيين فقلع عين االسقف وارسله الى‬
‫المنفى مع غيره من المسيحيين‪ ،‬فارضا ً عليهم االشغال الشاقة في مقالع‬
‫الحجارة‪ ،‬سنين عديدة‪.‬‬
‫ولما انتصر قسطنطين الكبير سنة ‪ ،312‬عاد اسبيريدون الىكرسيه يواصل‬
‫جهاده بغيرة ال تعرف الملل‪ .‬ومنحه هللا صنع العجائب فاشتهرت قداسته في كل‬
‫مكان‪.‬‬
‫ودُعي الى المجمع النيقاوي االول سنة ‪ 325‬الذي ترأسه قسطنطين الكبير‪،‬‬
‫فابتدره الملك باالكرام وقبَّل عينه المقلوعة‪.‬‬
‫وكان مولعا ً بقراءة الكتب المقدسة حريصا ً على قراءتها بنصها الحرفي‪.‬‬
‫ومرض قسطنس بن قسطنطين الكبير مرضا ً عجز االطباء عن شفائه‪ .‬ورأى‬
‫في الحلم اسقفا ً يشفع لدى هللا فشفي وقد ارتسمت صورته في مخيَّلته‪ ،‬فل َّما‬
‫جاء االسقف اسبيريدون ليهنئه‪ ،‬عرفه بهيئته كما تمثل له بالحلم‪ ،‬فاعبره جدا ً‬
‫فوزعه القديس على المحتاجين دون ان يبقي له شيئاً‪.‬‬
‫ووهبه ماالً َّ‬
‫وحضر ايضا ً المجمع الذي انعقد سنة ‪ 347‬في سرديكا للدفاع عن القديس‬
‫اثناسيوس ضد خصومه الذين ألصقوا به تُهما ً كاذبة‪ ،‬فكان االسقف اسبيريدون‬
‫من اشد انصاره وتجنَّد الظهار صحيفته ناصعة كالثلج‪.‬‬
‫ولكثرة عجائبه لقب بالعجائبي‪ .‬ورقد بالرب نحو سنة ‪ .348‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫اليوم الثالث عشر‬


‫تذكار القديسة الشهيدة لوسيَّا البتول‬
‫فربتها والدتها اوتيكا‬
‫ولدت لوسيَّا في جزيرو صقلية‪ .‬مات ابوها وهي طفلة‪َّ ،‬‬
‫على مبادئ الدين المسيحي فتزين جمالها الطبيعي بحلية الحشمة والطهارة‬
‫المسيحية ونذرت بتوليتها هلل‪ .‬وقد فطرت على محبة الفقراء‪.‬‬
‫ولما حان وقت زواجها‪ ،‬خطبتها أمها لشاب حميد الصفات كريم االخالق‪ ،‬لكنه‬
‫وثني‪ .‬اما هي فكانت تحاول تسويفه وإبعاده‪ .‬وبينما أمها ته ُّم بزفاف ابنتها‬
‫أصيبت بنزيف عجز االطباء عن شفائها‪ .‬اقنعتها لوسيَّا بزيارة ضريح القديسة‬
‫الشهيدة اغاثا حيث جثتا تصليان بكل حرارة وتستغيثان بشفاعة القديسة‪.‬‬
‫فظهرت القديسة في ال ُحلم للفتاة لوسيَّا وشفت امها حاالً‪.‬‬
‫وعادتا الى سيراكوزا وقلبهما يفيض فرحا ً وشكرا ً هلل‪ .‬واتفقتا على بيع امالكها‬
‫و ُحالها وتوزيع ثمنها على الفقراء والمعوزين‪ .‬ول َّما علم ذلك الشاب خطيب‬
‫لوسيا بما كان وشى بها الى حاكم المدينة باسكاسيوس أنها مسيحية‪ .‬فكلفها‬
‫العودة الى خطيبها وتقديم الذبيحة لآللهة فرفضت‪.‬‬
‫فأمر الحاكم بأن تساق الى محل الفحشاء لتُفسد بكارتها‪ ،‬فصلَّت القديسة الى‬
‫فظن الحاكم ان ذلك فعل سحر‪ .‬فأمر بان تُدهن‬ ‫َّ‬ ‫هللا‪ ،‬فلم تمتد اليها ي ٌد أثيمة‪.‬‬
‫بالزيت والزفت وباشعال النار حولها لتحترق‪ ،‬فقالت له‪ ":‬تفنَّن ما شئت في‬
‫عذابي‪ ،‬فاني ال اخاف عذابا ً او موتاً‪ ،‬الن الموت لي حياة به اتحد بيسوع‬
‫المسيح ربي والهي"‪ .‬عندئذ امر الحاكم بقطع رأسها‪ .‬وقبل تنفيذ الحكم‪ ،‬تنبأت‬
‫يكف هللا االضطهاد عن المسيحيين بعد موت ديوكلتيانوس‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫بأنه سوف‬
‫وشجعتهم على الثبات في ايمانهم حتى الموت‪ .‬فتمت شهادتها سنة ‪ .304‬وقد‬
‫تمت نبوءتها بالفعل يوم جلس قسطنطين الكبير على عرش المملكة سنة ‪312‬‬
‫وحرر الكنيسة من ظل المضطهدين‪ .‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع عشر‬
‫تذكار الشهداء أبولونيوس وفيليمون وأوربانوس ورفقتهم‬
‫كان ابولونيوس راهبا ً سائحا ً في برية تيبايس‪ .‬انتُخب شماسا ً لكنيسة مدينته‬
‫انطونيوبوليس‪ .‬ولما اثار ديوكلتيانوس االضطهاد على المسيحيين اندفع‬
‫ابولونيوس الى زيارة المؤمنين في السجون‪ ،‬يعزيهم ويشجعهم ويطوف‬
‫البيوت والشوارع مبشرا ً باالنجيل‪.‬‬
‫قبض عليه الوالي اوريانوس والقاه في السجن‪ .‬وكان الوثنيون يمرون‬
‫بالسجون ويهزأون بالمسيحيين ويوسعوهم اهانة وشتماً‪ .‬وكان بين اولئك‬
‫الوثنيين رجل يدعى فيليمون‪ ،‬يُضحك الناس ويسخر بالمسيحيين المعتقلين‬
‫وبأبولونيوس بنوع خاص‪.‬‬

‫فقال له ابولونيوس يوما ً بمحبة‪ ":‬اني اغفر لك‪ ،‬يا اخي‪ ،‬كل ما اسأت به ال َّ‬
‫ي"‪.‬‬
‫وحركت النعمة قلبه فاطرح امامه‬ ‫َّ‬ ‫دهش فيليمون من صبر ذلك الشماس‬
‫ٌ‬
‫مؤمن بما تؤمن به"‪.‬‬ ‫مستغفرا ً وقال‪ ":‬انك صرعتني بصبرك وجوابك هذا فأنا‬
‫وجاء يجاهر بايمانه بالمسيح امام الوالي ويوبخه على ظلمه المسيحيين‪،‬‬
‫ويهزأ بالوثنيين‪ .‬فأمر الوالي بتعذيبه فكان صابراً‪ ،‬ثابتا ً في ايمانه‪ .‬وأتوا‬
‫وامرها‪ ،‬فاحتملها شاكرا ً هللا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫بأبولونيوس وانزلوا به اشد العذابات‬
‫عندئ ٍذ امر الوالي اوريانوس بحرقهما‪ .‬ولما اوقدوا النار حولهما‪ ،‬اخذ‬
‫بأذى‪ .‬وعندها دهش‬
‫ً‬ ‫ابولونيوس يصلي فارسل هللا مطراً اخمد النار‪ ،‬فلم يم َّ‬
‫سا‬
‫جميع الحاضرين مع الوالي نفسه وهتفوا صارخين‪ ":‬عظيم هو اله‬
‫المسيحيين‪ .‬هو وحده االله الدائم"‪ ،‬وآمنوا جميعهم‪ .‬فبلغ خبرهم نائب الملك‬
‫في االسكندرية فاستشاط غيظا ً وارسل جنودا ً ليأتوا بهم اليه‪ .‬وفيما هم سائرون‬
‫في الطريق‪ ،‬اخذ ابولونيوس يشجع رفيقيه فيليمون واوريانوس ويبيِن لهما‬
‫عن النعيم االبدي الذي ينتظرهما‪ ،‬اذا ثبتا على ايمانهما‪ ،‬وكان يتلو معهما‬
‫الصلوات والمزامير بكل خشوع وحرارة‪ .‬فأثَّر ذلك بالجنود واعجبوا بصبرهم‬
‫وجهادهم فآمنوا جميعا ً وواصلوا سيرهم وصلوا الى االسكندرية ومثلوا امام‬
‫نائب الملك وعرف كيف انقلب المغنِي فيليمون والوالي اوريانوس والجند‬
‫انفسهم وصاروا جميعهم مسيحيين‪.‬‬
‫أمر فانزلوا بهم العذابات على انواعها وهم صابرون‪ ،‬ثم ز ُّجوهم في البحر‬
‫فغرقوا وفازوا باكليل الشهادة نحو سنة ‪ .306‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم ايضا ً‬


‫تذكار الطوباوي نعمة هللا كساب الحرديني الراهب اللبناني الماروني‬
‫ولد يوسف كساب في حردين (قضاء البترون – لبنان)‪ ،‬سنة ‪ .1808‬والده‬
‫جرجس كساب‪ .‬أمه مريم رعد‪ .‬التحق بمدرسة دير مار أنطونيوس – حوب‪،‬‬
‫التابعة للرهبانية اللبنانية المارونية‪ ،‬من سنة ‪ 1816‬حتى سنة ‪ .1822‬دخل‬
‫الى دير مار أنطونيوس – قزحيا‪ ،‬وكان في عداد المبتدئين في تشرين الثاني‬
‫سنة ‪ ،1828‬واتخذ اسم األخ نعمة هللا‪ ،‬وهناك أيضا ً تعلَّم صناعة تجليد الكتب‪.‬‬
‫أبرز نذوره االحتفالية في ‪ 14‬تشرين الثاني سنة ‪.1830‬‬
‫بعد أن أكمل دروسه الالهوتية في دير مار قبريانوس ويوستينا – كفيفان‪ ،‬سيم‬
‫هناك كاهنا ً في ‪ 25‬كانون األول سنة ‪ ،1833‬بوضع يد المطران سمعان‬
‫زوين‪.‬‬
‫تسلَّم مسؤولية المدبرية العامة في الرهبانية‪ ،‬ثالث مرات‪،1848 – 1845 :‬‬
‫‪ .1858 – 1856 ،1853 – 1850‬بقي مالزما ً فن تجليد الكتب‪ ،‬حتى وهو‬
‫في وظيفته المدبرية‪ .‬مارس التدريس في مدارس الرهبانية‪ ،‬خاصة في دير‬
‫كفيفان‪ .‬من تالميذه األخ شربل مخلوف (القديس شربل) الذي تتلمذ له من سنة‬
‫‪ 1853‬حتى سنة ‪.1858‬‬
‫توفي في دير مار قبريانوس ويوستينا – كفيفان في ‪ 14‬كانون األول سنة‬
‫‪ ،1858‬إثر مرض عضال أل َّم به‪ .‬نُقل جثمانه السليم‪ ،‬سنة ‪ ،1862‬إلى حجر ٍة‬
‫في شرقي الدير‪ ،‬نظرا ً إللحاح الزوار الكثيرين‪ ،‬وبأمر من غبطة البطريرك‬
‫بولس مسعد‪ .‬بعد نقل الجثمان وختمه بالشمع األحمر‪ُ ،‬رفعت دعوى التطويب‬
‫الى الكرسي الرسولي في روما في ‪ 4‬أيار سنة ‪ .1926‬أُعلن َّ‬
‫مكرما ً في ‪7‬‬
‫أيلول ‪.1989‬‬
‫الكشف عن جثمانه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫بأمر منغبطة البطريرك مار نصرهللا بطرس صفير‪ ،‬ت َّم‬
‫ونُقل الى نعش جديد‪ ،‬في ‪ 18‬أيار ‪ ،1996‬ونُقل نهائيا ً الى المثوى الجديد في‬
‫‪ 26‬آذار ‪.1998‬‬
‫حصلت بشفاعته عدة شفاءات‪ ،‬منها شفاء اعمى‪ ،‬كسيح ُمقعد‪ ،‬إقامة طفل من‬
‫الموت‪ ،‬شفاء طفل‪ ،‬شفاء من مرض عصبي‪ ،‬شفاء من داء السرطان‪.‬‬
‫احتفل بتطويبه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني‪ ،‬نهار األحد في ‪ 10‬أيار‬
‫‪.1998‬‬
‫صالة الطوباوي نعمة هللا تكون معنا‪ .‬آمين!‬
‫اليوم الخامس عشر‬
‫تذكار الشهيدين ألوتاريوس وأمه‬
‫ولد ألوتاريوس في روما سنة السبعين للمسيح‪ .‬وقد كان والده اوجانيوس من‬
‫قضاة المدينة وتوفي وابنه طفل‪ .‬فاعتنت به امه التقية آنثيا بتربيته وعلمته‬
‫قواعد االيمان المسيحي التي كانت اخذتها عن بولس الرسول‪ .‬ولما ترعرع‬
‫سلمته الى البابا القديس أناكليتوس‪ ،‬فثقفه بالعلوم الدينية ودرس الكتب‬
‫والقوانين المقدسة‪ .‬فنبغ فيها‪ .‬فأدخله في سلك االكليريكيين ورسمه شماسا ً‬
‫وهو ابن ‪ 15‬سنة‪ .‬ثم رسمه كاهنا ً وهو ابن ‪ 18‬سنة ثم رسمه البابا اسكندر‬
‫االول اسقفا ً وله من العمر ‪ 20‬سنة‪ ،‬وأرسله راعيا ً الى اقليم إلليريا‪ ،‬فكان‬
‫الراعي الغيور المتفاني في بشارة االنجيل وخالص النفوس‪.‬‬
‫ولما أثار الملك ادريانوس االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬قبض عليه والي مدينة‬
‫سينَّا وسجنه وكلفه السجود لألصنام‪ .‬فأبى مجاهرا ً بإيمانه بالمسيح والسجود‬
‫له دون سواه‪ .‬فأمر بتعذيبه‪ .‬فبسطوه على صفائح من حديد محمية‪ .‬ووضعوه‬
‫في قدر مملوءة زيتا ً وشحما ً وأضرموا النار تحتها‪ ،‬فبقي سالما ً يشكر هللا‪ .‬فعند‬
‫هذه المعجزة الباهرة آمن الوالي كواريوس وجميع الحاضرين‪ .‬ولما علم الملك‬
‫بما جرى أمر بقطع رؤوسهم جميعاً‪ ،‬ورأس ألوتاريوس معهم‪ .‬ثم جاءت امه‬
‫آنثيا وانطرحت على جسده الطاهر تقبله وتبكيه‪ .‬فضربوا عنقها وفاز الجميع‬
‫باكليل الشهادة سنة ‪ 130‬للمسيح‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس عشر‬


‫تذكار النبي حجاي‬
‫ولد النبي حجاي في بابل وهو العاشر بين االنبياء الصغار االثني عشر‪ .‬كانت‬
‫ُّ‬
‫يحث الشعب على اعادة‬ ‫نبوءته في السنة الثانية لداريوس ملك الفرس‪ .‬راح‬
‫بناء الهيكل‪.‬‬
‫فعملوا بامر الرب وسار العمل بنجاح ونشاط‪ ،‬بحسب نبوءة حجاي النبي‪.‬‬
‫ودشَّن بنو اسرائيل والكهنة والالويون وسائر بني الجالء‪ ،‬بيت هللا هذا بفرح‬
‫(عزرا ‪ .)16-14 :6‬وتنبأ حجاي سنة ‪ 520‬قبل المسيح ولم تعرف سنة‬
‫مولده ووفاته‪ .‬وح َّجاي لفظة عبرانية معناها العيد‪ .‬صالته معنا‪.‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار القديسة أولمبياد االرملة والشماسة‬


‫ولدت هذه القديسة في القسطنطينية‪ ،‬من اسرة شريفة غنية جداً وفقدت والديها‬
‫وهي طفلة‪ ،‬فوضعت تحت وصاية توادوسيا المشهورة بتقواها المسيحي‪.‬‬
‫ووهبها هللا ذكاء العقل ونقاوة القلب وبهجة الجمال‪ .‬اقترنت برجل شريف‬
‫يدعى ليريديوس ناظر امالك تاودوسيوس الكبير‪ .‬وما مضى على زواجها‬
‫سنتان حتى توفي زوجها‪ .‬طلب احد انسباء الملك ان يتزوجها فرفضت معتذرة‬
‫بانها تؤثر ان تنصرف لعبادة هللا بحسب قول الرسول‪ .‬فاستاء الملك وسلَّم‬
‫مسلمة‬
‫ِ‬ ‫امالكها الى حاكم القسطنطينية‪ ،‬آمالً ان تنثني عن عزمها‪ .‬ولما رآها‬
‫امرها هلل بكل شجاعة وصبر‪ ،‬ر َّد لها التصرف بامالكها‪ .‬فأخذت تعيش عيشة‬
‫بسيطة قشفة‪ ،‬تصرف اوقاتها بالصالة ومطالعة الكتب المقدسة‪ ،‬ولم يكن‬
‫لحسناتها وصدقاتها من حد‪ ،‬تقرنها باالرشادات والنصائح الروحية‪.‬‬
‫اقامها نيكتاريوس اسقف القسطنطينية شماسة في الكنيسة‪ ،‬وبعده القديس‬
‫مر‬
‫يوحنا فم الذهب وكالهما كانا مرشدين لها‪ .‬وما لبثت ان نفيت بعد ان قاست َّ‬
‫االضطهادات والمصائب‪ .‬واستمرت معتصمة بالصبر‪ ،‬عاكفة على الصالة‬
‫والتأمل في احكام هللا الغامضة‪ .‬وقد كتب اليها فم الذهب من منفاه يشجعها‪ .‬الى‬
‫ان رقدت بالرب سنة ‪ .408‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم السابع عشر‬
‫تذكار الفتية الثالثة القديسين حننيا وعزريا وميشائيل‬
‫صر ملك بابل‪ ،‬سبى الشعب اليهودي والملك يوياقيم‬ ‫لما أخذ اورشليم نبوكدن َّ‬
‫وساقهم الى بابل‪ ،‬كان بينهم هؤالء الفتيان الثالثة حننيا وعزريا وميشائيل‪.‬‬
‫اختارهم الملك ليكونوا معدِين للوقوف امامه‪" .‬ووظف لهم رزق كل يوم من‬
‫طعام الملك ومن خمرة شرابه" ( دانيال ‪ .)5 :1‬فأبوا ان يخالفوا شريعة آبائهم‬
‫ويتن َّجسوا بتلك المآكل‪ ،‬وطلبوا ان يأكلوا الحبوب فقط‪.‬‬
‫وحلم الملك حلما ً ازعجه‪ ،‬ولم يقدر اح ٌد من السحرة والعلماء ان يفسره له‪.‬‬
‫فامر بقتلهم عن آخرهم‪ .‬فتقدم دانيال وصلى مع الفتيان الثالثة‪ ،‬وبوحي من هللا‬
‫خر الملك سجد‬ ‫تمكَّن من تفسير ذلك الحلم وكشف ما فيه من غوامض‪ .‬عندها َّ‬
‫لدانيال واعترف باإلله الذي اعطاه تلك الحكمة‪ .‬وولَّى الفتيان الثالثة على اقليم‬
‫بابل‪ .‬ثم ان الملك صنع تمثاالً واحتفل بتدشينه‪ ،‬آمرا ً الجميع ان يسجدوا له‪.‬‬
‫فأبى اولئك الفتيان الثالثة ان يعملوا بامر الملك‪ ،‬فاستشاط غيظا ً وامر بالقائهم‬
‫سهم‬ ‫في اتون النار‪ .‬لكن هللا ارسل مالكه اليهم ولجم ألسنة النار عنهم فلم تم َّ‬
‫بأذى‪ ،‬بل ظلوا يتمشَّون وسط اللهب يترنمون بتسبحتهم المشهورة التي تتلى‬ ‫ً‬
‫بفرضنا الكنسي‪ ،‬قائلين‪ ":‬مباركٌ انت ايها الرب االله آبائنا"‪ .‬ورأى الملك‬
‫صر المالك بينهم‪ .‬فتعجب وخاف وامر باخراجهم حاالً‪ ،‬فوجدهم سالمين‪،‬‬ ‫نبوكدن َّ‬
‫سها النار‪ ،‬فلم يتمالك من الهتاف قائالً‪ ":‬تبارك اله حننيا‬ ‫حتى ثيابهم لم تم َّ‬
‫وعزريا وميشائيل الذي ارسل مالكه وانقذ عبيده" (دانيال ‪ .)95 :3‬ثم اصدرا‬
‫امرا ً الى جميع مملكته‪ ،‬باالَّ يجدف اح ٌد على اله حننيا وعزريا وميشائيل‪.‬‬
‫بالبر والقداسة الى ان‬
‫ِ‬ ‫وزاد الملك في اكرامهم وترقيتهم في اقليم بابل‪ .‬وعاشوا‬
‫رقدوا بالرب سنة ‪ 628‬قبل مجيء المسيح‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن عشر‬
‫تذكار النبي دانيال وهو الرابع بين االنبياء الكبار‬
‫صر سكان‬
‫كان النبي دانيال من سبط يهوذا ومن نسل الملوك‪ .‬ولما سبى نبوكدن َّ‬
‫اورشليم سنة ‪ 606‬قبل المسيح‪ ،‬كان دانيال بينهم مع رفقائه حننيا وعزريا‬
‫وميشائيل‪ .‬خص هللا دانيال بحكمة فائقة واوحى اليه بأمور كثيرة‪.‬‬
‫وهو الذي انقذ سوسنة العفيفة امرأة يوياقيم الملك من افتراء الشيخين اللذين‬
‫راوداها عن نفسها فحكم عليهما بالموت رجماً‪ .‬وهو الذي ف َّ‬
‫سر الحلم الذي‬
‫حلمه نبوكدنصر وعجز سحرته وعلماؤه عن تفسيره‪ .‬فاستأصلهم الملك ورفع‬
‫منزلة دانيال واعترف بان إلهه هو اآلله الحق‪.‬‬
‫ليتورع عن ان يبين للملك‪ ،‬بكل جرأة‪ ،‬ما يحل به وبملكه‪ ،‬متنبئا ً َّ‬
‫أن‬ ‫َّ‬ ‫ولم يكن‬
‫صر الذي نسي‬ ‫هللا سيطرده من الملك‪ .‬وقد ت َّم ذلك فعالً‪ .‬اذ خلفه ابنه بلش َّ‬
‫دانيال‪ .‬فطغى وتجبَّر اكثر من ابيه‪ ،‬لذلك رذله هللا‪ ،‬كما تنبأ دانيال بتفسيره تلك‬
‫صر مرسومةً على الحائط امامه ليلة كان يتل َّذذ هو‬ ‫الكتابة التي رآها بلش َّ‬
‫وجلساؤه ونساؤه في وليمة اقامها في قصره وهي ( منا تقل فراس)‪ ،‬فارتاع‬
‫منها وطلب دانيال ففسرها قائالً له‪ :‬انك وزنت فوجدت ناقصا ً لذلك يؤخذ منك‬
‫صر قُتل في تلك الليلة‬‫ملكك ويعطى لمادي وفارس‪ .‬وقد تمت النبوءة‪ ،‬الن بلش َّ‬
‫واستولى على العرش داريوس المادي‪.‬‬
‫ضله على جميع وزرائه‪ .‬فحسده‬ ‫ظم شأن دانيال عند الملك داريوس الذي ف َّ‬ ‫وع ُ‬
‫هؤالء ووشوا به الى الملك‪ ،‬بانه لم يسجد للتمثال الذهبي‪ ،‬فطرحوه في ُجب‬
‫األسد‪ ،‬فلم تؤذه‪ .‬ففرح به الملك فرحا ً غظيماً‪ ،‬وامر بان يُلقى في الجب اولئك‬
‫الذين وشوا به‪ ،‬فافترستهم االسود‪.‬‬
‫وقتل دانيال تنينا ً كانوا يعبدونه‪ ،‬فطرحوه في الجب مرةً ثانية‪ ،‬فن َّجاه هللا من‬
‫انياب االسد واخزى اعداءه‪ .‬وهكذا كان هللا نصيره في جميع اعماله‪ ،‬الى ان‬
‫توفاه بشيخوخة صالحة‪ ،‬وقد بلغ التسعين من العمر‪ .‬ودفن في بالد الكلدانيين‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وكانت وفاته نحو سنة ‪ 628‬قبل مجيء المسيح‪ .‬دانيال لفظة عبرانية معناها‬
‫" تقي دين هللا"‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم التاسع عشر‬


‫تذكار القديس اتنودورس الشهيد‬
‫كان اتنودورس راهبا ً في بالد ما بين النهرين‪ .‬قبض عليه الوالي الوزيوس‬
‫وامره بالسجود لالصنام فأبى إالَّ السجود ليسوع المسيح ابن هللا الوحيد‪ .‬فأنزل‬
‫كووه بخاصرتيه وبسطوه على مشوى من‬ ‫به الوالي عذابات كثيرة‪ ،‬منها انهم َّ‬
‫حديد‪ ،.‬واوقدوا تحته ناراً‪ .‬وفي كل ذلك حفظه هللا سالماً‪ .‬فغضب الوالي وامر‬
‫بقطع رأسه‪ .‬وما تق َّدم الجالد ليضرب عنقه‪ ،‬حتى سقط صريعا ً على االرض‪.‬‬
‫ولذلك لم يجسر اح ٌد ان يضربه بالسيف‪ ،‬الى ان اسلم روحه بين يدي هللا في‬
‫اواخر القرن الثالث‪ .‬صالتهمعنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً تذكار البابا بيوس الخامس‬
‫ولد هذا القديس العظيم سنة ‪ ،1504‬في بوسكو‪ .‬وهو بولوني االصل‪ .‬دخل‬
‫رهبانية القديس عبد االحد‪ .‬وانعكف على حفظ القوانين وممارسة الفضائل‪،‬‬
‫فبلغ اسمى درجات الكمال‪ .‬كما نبغ في علم الفلسفة والالهوت‪ .‬انتُخب رئيسا ً‬
‫على رهبانيته‪ ،‬فأحسن ادارتها وشدَّد على حفظ قوانينها‪.‬‬
‫وبعد ان صار اسقفا ً وكرديناالً‪ ،‬انتُخب حبرا ً اعظم‪ ،‬خلفا ً للبابا بيوس الرابع‬
‫سنة ‪ .1566‬فساس الكنيسة بروح الحكمة والقداسة والغيرة الرسولية‪ .‬وقد‬
‫امتاز بوداعته وتواضعه وبعطفه على الفقراء‪ .‬يعيش في قصره عيشة التقشف‬
‫والبساطة‪ ،‬كما كان في رهبانيته‪.‬‬
‫وأه ُّم حادث تاريخي في حبريته‪ ،‬هو انتصار الجنود المسيحيين على االتراك في‬
‫معركة خليج لوبَّنط‪ ،‬قرب اليونان سنة ‪ .1571‬وذلك باعجوبة نالها هذا البابا‬
‫القديس بصالته الى سيدتنا مريم العذراء‪ ،‬تخليدا ً لهذا الحادث الخطير‪ ،‬اقرارا ً‬
‫بفضل سيدتنا مريم العذراء‪ ،‬ع َّين االحد االول من تشرين االول عيدا ً لورديتها‬
‫تحتفل به الكنيسة‪ ،‬غربا ً وشرقاً‪ .‬اضاف الى طلبتها المعروفة هذه الطلبة "يا‬
‫معونة النصارى تضرعي الجلنا‪".‬‬
‫وبعد حياة مليئة باالعمال المجيدة‪ ،‬رقد بالرب سنة ‪.1572‬‬
‫واحصاه البابا كليمنضوس الحادي عشر في سلسلة القديسين سنة ‪.1712‬‬
‫صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم العشرون‬
‫تذكار الشهيد اغناطيوس بطريرك انطاكية‬
‫ان هذا القديس العظيم كان تلميذا ً للرسل وصديقا ً للقديس بوليكربوس اسقف‬
‫ازمير‪ .‬وقد جاء في التقليد الكنسي ان القديس اغناطيوس هو ذاك الطفل الذي‬
‫باركه يسوع وقال‪ ":‬ان لم ترجعوا وتصيروا مثل االطفال فلن تدخلوا ملكوت‬
‫السماوات" (متى ‪3 :18‬و‪.)4‬‬
‫وقد لُ ِقب " بثاوفوروس" باليونانية اي المتوشح باهلل النشغافه بمحبة السيد‬
‫المسيح‪ .‬أقيم اسقفا ً على انطاكية‪ ،‬فكان الخليفة الثاني للقديس بطرس على‬
‫الكرسي االنطاكي عام ‪.79‬‬
‫ولما جاء الملك ترايانوس الظالم الى انطاكية وكانت قد بلغته شهرة اغناطيوس‬
‫بث الروح المسيحي في الشعب‪ ،‬سأله‪ ":‬أأنت من يس ُّمونه‬ ‫وغيرته على ِ‬
‫ثاوفوروس الذي يعصى اوامري وال بعترف بآلهتي؟" – فأجابه القديس بكل‬
‫شجاعة وسكينة‪:‬‬
‫" نعم أنا هو حامل يسوع المسيح‪ ،‬النه هو االله الحقيقي وما آلهتكم سوى‬
‫تماثيل ص َّماء جامدة ال فائدة منها"‪.‬‬
‫فدعاه الملك الى ان يقدِم ذبيحة لآللهة‪ ،‬فقال القديس‪ ":‬انا كاهن يسوع المسيح‬
‫وله أقدِم الذبيحة كل يوم اشتهي أن أقدِم له حياتي ذبيحة"‪ .‬عندئذ اصدر الملك‬
‫حكمه عليه بان يُقاد الى روما وبان يُطرح هناك للوحوش امام الشعب‬
‫الروماني في حفالت االعياد‪ ،‬ليتسلى ذلك الشعب برؤية عظيم من عظماء‬
‫تمزقه انياب الوحوش الضارية‪.‬‬‫المسيحية ِ‬
‫اهتز قلب اغناطيوس لهذا الحكم طربا ً وشكر هللا على نعمة االستشهاد‪ .‬واسرع‬
‫االساقفة والكهنة والشعب يودعونه بالدموع‪.‬‬
‫اركبوه سفينة سارت بهم الى ازمير‪ ،‬حيث اسرع اسقفها صديقه بوليكربوس‬
‫يعانقه بدموع الحزن والفرح‪ .‬وقد اسرعت كنائس آسيا باساقفتها وشعبها الى‬
‫يحث على الصبر والثبات في‬‫ُّ‬ ‫وزودهم ثالث رسائل بها‬
‫َّ‬ ‫وداعه‪ ،‬فتعزى بهم‬
‫االيمان‪ ،‬وهي تفيض بالمحبة للسيد المسيح وبالتواضع العميق والعطف‬
‫االبوي‪ .‬ثم ركب السفينة واقلع مع الشماسين فيلمون واغاثون‪.‬‬
‫ومن ازمير كتب رسالته الشهيرة الى اهل روما‪ ،‬بها يرجوهم ان ال يردُّوا‬
‫الوحوش عنه بصلواتهم‪ ،‬بل يقول لهم‪ ":‬ال ب َّد لي ان أطحن بانياب الوحوش‬
‫ألصبح خبزا ً جيدا ً على مائدة المسيح"‪.‬‬
‫ولما جاؤوا به الى الملعب حيث كانت الجماهير‪ ،‬جثا على االرض وقدَّم ذاته‬
‫ذبيحة هلل وصلى من اجل الكنيسة‪ .‬فهجمت عليه الوحوش َّ‬
‫فمزقته وافترسته‪،‬‬
‫وهو يدعو باسم يسوع المسيح‪ .‬وكان استشهاده سنة ‪.107‬‬
‫جمع شماساه فيليمون واغاثون عظامه‪ ،‬وجاءا بها الى انطاكية حيث دفناها في‬
‫ضريح فاض بالنعم والعجائب‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والعشرون‬
‫تذكار القديس يوليانوس الشهيد‬
‫كان يوليانوس من عين زربة في كيليكيا‪ ،‬ابوه وثني وأ ُّمه مسيحية‪ .‬عكف على‬
‫قراءة الكتب المقدسة‪ ،‬متأمالً بما فيها من المعاني السامية‪ .‬ولما بلغ الثامنة‬
‫عشرة من عمره‪ ،‬القى القبض عليه الوالي مركيانوس وكلَّفه السجود لالوثان‪،‬‬
‫وكرر جلده اكثر من مرة‪ ،‬لكي‬‫فأبى واعترف بالمسيح‪ .‬فجلده بقساوة بربرية‪َّ .‬‬
‫يكفر بالمسيح‪ ،‬فلم ينل منه مأرباً‪ ،‬رغم الدماء المتفجرة من جراحاته‪ .‬فالقاه‬
‫في السجن‪ ،‬فجاءت امه تشجعه على احتمال العذاب من اجل المسيح‪ ،‬فازداد‬
‫جرأةً وثباتاً‪ ،‬فاخرجوه من السجن وجدَّدوا جلده وكووا جراحه بالنار وهو‬
‫صابر يشكر هللا‪.‬‬
‫اخيرا ً زجوه في البحر‪ ،‬فتمت شهادته ونال اكليل الظفر سنة ‪.303‬‬
‫ووجد المؤمنون جسده عائما ً على وجه الماء‪ ،‬فأتوا به الى انطاكية ودفنوه‬
‫باكرام‪ .‬فاجرى هللا على ضريحه عجائب باهرة‪ .‬صالته معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫وفي هذا اليوم أيضاً‪ :‬تذكار القديسة يوليانا الشهيدة‬


‫ولدت يوليانا في نيقوميدية من اسرة شريفة‪ .‬آمنت بالمسيح عن يد احد‬
‫المسيحيين‪ .‬خطبت لرجل شريف ورفضت ان تتزوج‪ .‬عندئذ استشاط ابوها‬
‫غيظا ً وضربها بقساوة بربرية‪ .‬وجاء بها الى الحاكم الويزيوس فامر بتعذيبها‪،‬‬
‫فجلدت جلداً عنيفاً‪ ،‬حتى سالت دماؤها مدة ست ساعات‪ .‬شفاها هللا من‬
‫جراحها‪.‬‬
‫مزقوا جسدها بمخالب‬ ‫وفي الغد امرها بالسجود لالوثان فلم تذعن له‪ .‬حينئ ٍذ َّ‬
‫من حديد والقوها في تنور فيه زيت يغلي‪ ،‬فحفظها هللا سالمةً من ً‬
‫اذى‪ .‬ولدى‬
‫هذه االعجوبة الباهرة‪ ،‬صاح عدد من الشعب الحاضر‪ :‬إن اله يوليانا هو االله‬
‫الحقيقي‪ .‬وآمن منهم نحو خمسمئة رجل ومئة وثالثين امرأة‪ .‬فقُطعت رؤوسهم‬
‫ورأس الشهيدة يوليانا‪ ،‬وهي في الثامنة عشرة من العمر‪ .‬وفاز جميعهم باكليل‬
‫الشهادة في اوائل القرن الرابع للمسيح‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم الثاني والعشرون‬


‫تذكار القديسة الشهيدة انسطاسيا‬
‫ولدت انسطاسيا في روما من اسرة شريفة وثنية‪ .‬أما أ ُّمها فالفيا فكانت‬
‫مسيحية من النساء التقيات‪ ،‬فاعتنت بتربية ابنتها تربية مسيحية صحيحة‪ .‬غير‬
‫ان هذه االم الحنون‪ ،‬توفاها هللا وانسطاسيا في ريعان الصبا‪.‬‬
‫فدَّبرت لها العناية االلهية كاهنا ً تقيا ً يدعى خريسوغونس فتتلمذت له وسارت‬
‫بحسب ارشاداته الحكيمة في طريق القداسة والكمال‪.‬‬
‫وما كان من ابيها االَّ ان ارغمها على الزواج بشاب وثني يدعى بوبليوس ال‬
‫يقل عنه قساوة وتعصباً‪ ،‬فكان زواجها هذا اسشهاداً‪ .‬ولم يكن لها من سلوى‬
‫وتعزية سوى االحسان الى الفقراء والمساكين‪.‬‬
‫قبض الوالة على االب خريسوغونس والقوه في السجن‪ .‬فاستولى الحزن‬
‫الشديد على قلب انسطاسيا لفراق مرشدها ومعزيها في احزانها‪.‬‬
‫فعلم بوبليوس زوجها انها مسيحية فغضب جدا ً وضيَّق عليها وانزل بها جميع‬
‫ضروب االهانات حتى الضرب‪ ،‬وهي صابرة تلجأ الى هللا والى العذراء مريم‬
‫بالصالة والدموع الحارة‪.‬‬
‫من هللا عليها بالفرج بموت زوجها الظالم‪ .‬فتمتعت انسطاسيا‬ ‫وما عتم ان َّ‬
‫بحريتها واخذت تواصل اعمالها الخيرية‪ .‬ولما نُقل مرشدها القديس الى مدينة‬
‫اكويليا‪ ،‬لحقت به وما زالت تقوم بخدمته الى ان نال اكليل الشهادة امامها‪،‬‬
‫فتاقت نفسها الى اللحاق به في سفك دمها الجل المسيح‪ ،‬فكان لها ما تمنَّت‪ ،‬اذ‬
‫عرفت بانها مسيحية فقبض عليها فلوروس الوالي واودعها السجن ثم اخذ‬
‫يتملقها لتكفر بالمسيح فرفضت بكل جرأة‪.‬‬
‫ولما لم ينل منها مأربا ً ارسلها الى جزيرة بالماريا مع مئتي رجل وسبعين‬
‫امرأة ولما وصلت علقوها على خشبة واضرموا تحتها ناراً فاسلمت روحها‬
‫بين يدي يسوع ربها وظفرت باكليل المجد سنة ‪.303‬‬
‫اما رفاقها فبعد ان انزلوا بهم أمر العذابات‪ ،‬ضربوا اعناقهم فلحقوا بها الى‬
‫االخدار السماوية‪ .‬صالتهم معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالث والعشرون‬
‫تذكار القديسة الشهيدة أوجانيا‬
‫ولدت اوجانيا في روما من اسرة وثنية شريفة‪ ،‬ابوها فيلبوس وامها كلوديا‪،‬‬
‫ولها اخوان افتيموس وسرجيوس‪ .‬ولما أقيم ابوها واليا ً وقنصالً على القطر‬
‫المصري‪ ،‬جاء بعيلته الى االسكندرية‪ .‬وكانت اوجانيا ذكيَّة العقل متوقِدة‬
‫الذهن‪ ،‬فانكبت على الدرس واتقنت اللغتين اليونانية والالتينية وتضلَّعت من‬
‫الفلسفة وهي في الخامسة عشرة‪ .‬وقد عيَّن لها ابوها استاذين هما بروتس‬
‫وياسنتوس‪ ،‬كانا معجبين بها‪.‬‬
‫واتفق ان قرأت االنجيل ورسائل القديس بولس فلذَّتها معانيها جدا ً وأخذت‬
‫بفلسفتها وبما فيها من التعاليم السامية فصغُرت في عينيها القياسات المنطقية‬
‫ست نعمة الروح القدس قلبها فآمنت بالمسيح‪ .‬كشفت‬ ‫والفلسفة الوثنية‪ ،‬وم َّ‬
‫سرها الستاذيها وابانت لهما عن قصدها وحبَّبت اليهما معاني االنجيل ومبادئ‬‫َّ‬
‫الدين المسيحي الشريفة التي اعتنقتها واقنعتهما بالبراهين الصريحة فآمنا‬
‫بالمسيح‪ ،‬كما اقنعت والديها واخويها‪ ،‬فآمن جميعهم واعتمدوا معها‪ .‬وما لبث‬
‫والدها فيلبوس ان مات شهيدا ً‪ ،‬فرجعت بوالدتها واخويها الى روما‪ ،‬حيث تتلمذ‬
‫لهن ديراً‪ .‬واشتهرت‬
‫َّ‬ ‫لها عذارى كثيرات أردن السير على طريقتها‪ ،‬فشيَّدت‬
‫قداستها ومنحها هللا صنع العجائب‪.‬‬
‫وما زال الملك في طلب اسرة الوالي فيلبوس‪ ،‬حتى قتل امرأته كلوديا وولديها‬
‫افتيموس وسرجيوس وقضى ايضا ً على بروتس وياسنتوس‪ ،‬استاذي اوجانيا‬
‫فاستمرت تواظب على اعمال البر والقداسة‬
‫َّ‬ ‫ففازوا باكليل الشهادة‪ .‬أما هي‬
‫والتبشير باالنجيل‪ ،‬تر ُّد الكثيرين الى االيمان بالمسيح‪ .‬فقبض عليها والي روما‬
‫ليسينيوس‪ ،‬بامر الملك غاليانس‪ .‬وبعد ان انزل بها اقسى العذابات‪ ،‬امر بضرب‬
‫عنقها وهي في السجن‪ ،‬فانضمت الى ذويها الشهداء سنة ‪ .255‬صالتها معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الرابع والعشرون‬
‫مقدمة عيد ميالد ربنا يسوع المسيح‬
‫ان الكنيسة المقدسة تدعو جميع ابنائها الى االستعداد لعيد الميالد المجيد‪ ،‬النه‬
‫فجر اعيادها ومح ُّط امالها‪ .‬فتستعد له بممارسة افعال التوبة والصيام والقطاعة‬
‫ورفع الصلوات الى رب المراحم واله كل تعزية‪ ،‬ليُشفق على البشرية المتألمة‪،‬‬
‫المضطربة البتعادها عن هللا‪ ،‬كما كانت ايام بني اسرائيل‪ ،‬اذ قام آشعيا النبي‬
‫يهتف من اعماق روحه‪ ":‬اقطري ايتها السماوات من فوق ولتُمطر الغيو ُم‬
‫الصدِيق‪ ،‬لتنفتح االرض وليُثمر الخالص ولينبت البر" (آشعيا ‪.)8 :45‬‬
‫فعلى هذا الرجاء تقيم الكنيسة تساعية استعدادية للميالد بما فيها من صلوات‬
‫خشوعية وترانيم شجيَّة‪ ،‬تُثير في النفس روح االيمان والرجاء والمحبة وسائر‬
‫الفضائل المسيحية‪.‬‬
‫ومع أمنا الكنيسة المقدسة‪ ،‬نرذل ونحرم جميع االرتقات التي حامت حول سر‬
‫أن الكلمة األزلي االقنوم الثاني من‬‫التجسد االلهي‪ ،‬ونعتقد بايمان راسخ‪َّ ،‬‬
‫الثالوث االقدس المولود من اآلب ميالدا ً ازليا ً غير منفصل‪ ،‬الذي له ولآلب‬
‫جوهر واحد‪ ،‬هو هو ذاته انحدر من علو سمائه ومجده وتجسد في احشاء‬
‫سيدتنا مريم العذراء‪ ،‬بقوة الروح القدس‪ ،‬وصار انسانا ً مثلنا ذا طبيعتين‬
‫ومشيئتين كاملتين متحدتين باقنوم واحد‪ :‬اقنوم الكلمة االلهي‪.‬‬
‫ونطهر ضمائرنا‬
‫ِ‬ ‫ونزين قلوبنا بازهار الفضائل‬
‫ِ‬ ‫فعلينا ان نهيئ نفوسنا‬
‫باالعتراف النقي‪ ،‬لكي يح َّل فينا الكلمة المتجسد‪ ،‬كما ح َّل في حشا والدته‬
‫العذراء الكلية القداسة‪ .‬فنتقدم من مائدة الخالص لنتناوله بااليمان ونشتاقه‬
‫بالرجاء ونتحد به بالمحبة في هذه الدنيا‪ ،‬فنستحق ان ننعم معه بالمجد االبدي‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الخامس والعشرون‬
‫تذكار ميالد ربنا يسوع المسيح‬
‫ان عيد ميالد الرب بالجسد لهو باكورة اعيادنا‪ .‬به غيَّر هللا وجه المسكونة من‬
‫الظلمة الى النور‪ ،‬ومن الرجاسة الى القداسة‪ .‬واعاد آدم الساقط الى مقامه‬
‫االول‪ ،‬فاصبحنا نحن أبناء هللا واخوةً لالبن الوحيد وورثة لمجده االبدي‪ .‬ولذلك‬
‫يقول بولس الرسول والفرح ملء فؤاده‪ ":‬لما بلغ ملء الزمان‪ ،‬ارسل هللا ابنه‬
‫مولودا ً من امرأة‪ ،‬مولودا ً تحت الناموس‪ ،‬ليفتدي الذين تحت الناموس‪ ،‬لننال‬
‫ٌ‬
‫وارث باهلل" ( غالطية‬ ‫ابن واذا كنت ابنا ً فانت‬
‫التبنِي‪ .‬فلست عبداً بعدُ‪ ،‬بل انت ٌ‬
‫‪.)7 -4 :4‬‬
‫وقد بشر االنبياء منذ القدم‪ ،‬بمجيء المسيح المنتظر‪ .‬فقال اشعيا‪ ":‬النه ولد لنا‬
‫ابن فصارت الرئاسة على كتفه ودُعي اسمه عجيبا ً مشيراً الها ً‬ ‫ول ٌد أعطي لنا ٌ‬
‫جبَّاراً‪ ،‬أبا االبد رئيس السالم"‪ " .‬اسمعوا يا بيت داود‪ ،‬يؤتيكم السيد نفسه آية‪:‬‬
‫ان العذراء تحبل وتلد ابنا ً وتدعو اسمه عمانوئيل" (آشعيا ‪6 :9‬و‪– 7‬و‪:7‬‬ ‫ها َّ‬
‫‪.)14- 13‬‬
‫اما لوقا البشير فيقول في الفصل الثاني من بشارته‪ ":‬وصعد يوسف ايضا ً من‬
‫الجليل مدينة الناصرة الى اليهودية الى مدينة داود التي تدعى بيت لحم‪ ،‬النه‬
‫كان من بيت داود ومن عشيرته‪ ،‬ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي‬
‫حبلى‪ .‬وبينما كانا هناك تمت ايام والدتها‪ ،‬فولدت ابنها البكر فلفته واضجعته‬
‫في مذود النه لم يكن لهما موضع في المنزل‪ .‬وكان في تلك الناحية رعاة‬
‫يبيتون في البادية‪ ،‬يسهرون على رعيتهم في هجعات الليل‪ .‬واذا بمالك الرب‬
‫قد وقف بهم ومجد هللا واشرق حولهم فخافوا خوفا ً عظيماً‪ .‬فقال لهم المالك ال‬
‫تخافوا فهاءنذا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب‪ .‬انه قد ُولد لكم اليوم‬
‫مخلص وهو المسيح الرب في مدينة داود‪ .‬وهذه عالمةٌ لكم انكم تجدون طفالً‬
‫ملفوفا ً مضجعا ً في مذود‪ .‬وظهر بغتةً مع المالك جمهور من الجند السماويين‬
‫يسبحون هللا ويقولون المجد هلل في العلى وعلى االرض السالم للناس الذين‬
‫بهم المسرة‪ .‬وجاء الرعاة مسرعين فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعا ً في‬
‫المذود" (لوقا ‪.)12 -4 :2‬‬
‫فلنقف متأملين امام تلك المغارة الحقيرة ولنسجد بالروح والحق للطفل االلهي‬
‫مترنمين بانشودة المالئكة الخالدة التي تترنم بها الكنيسة المقدسة في القداس‬
‫كل يوم‪ :‬المجد هلل في العلى وعلى االرض السالم‪ .‬ولنسأل الطفل االلهي ان‬
‫يح َّل سالمه في البشرية المتألمة ويقبل بها الى معرفة الحق االزلي والخير‬
‫االسمى والسالم الدائم‪ .‬آمين‪.‬‬

‫اليوم السادس والعشرون‬


‫تهنئة سيدتنا مريم العذراء الفائقة القداسة‬
‫في هذا اليوم نقدِم اخلص التهاني لسيدتنا مريم العذراء والدة هللا الفائق طهرها‬
‫بوالدتها سيدنا يسوع المسيح الكلمة المتجسد وبما امتازت به من فضائل‬
‫سامية ومقام رفيع جعلها فوق الخالئق السماوية واالرضية‪ ،‬النها صارت أما ً‬
‫السري الذي هو‬
‫ِ‬ ‫هلل وبالوقت نفسه أما ً لنا نحن اعضاء يسوع في جسده‬
‫الكنيسة‪.‬‬
‫اي‬
‫ما اجمل ما قاله فيها القديس اغناطيوس الشهيد بطريرك انطاكية‪ُّ ":‬‬
‫مسيحي حقيقي ال يشتهي ان يخاطب َمن هي ابنة اآلب وأ َّم االبن وعروس‬
‫بكر‪ ،‬ودُعيت أما ً وهي‬ ‫الروح القدس؟ ولدت وهي عذراء‪ ،‬وأرضعت وهي ٌ‬
‫أن ابنها هو سلطان السماوات واالرض‪ ،‬كذلك هي‪ ،‬بما انها أ ُّمهُ‪،‬‬
‫بتول‪ .‬كما َّ‬
‫سلطانة السماوات واالرض‪.‬ولهذا هي حافظة المسيحيين‪ ،‬سند االيمان‪ ،‬برج‬
‫الرجاء‪ ،‬مينا المحبة‪ ،‬مرشدة الى الكمال‪ ،‬اسطوانة السيرة المسيحية‪ ،‬طهارة‬
‫الكهنوت‪ ،‬عفَّة الرهبانيات‪ ،‬حكمة العلماء‪ ،‬افراز الرؤساء‪ ،‬امان الملوك‪ ،‬قاهرة‬
‫االعداء المنظورين والغير منظورين‪ ،‬شفيعة الخطأة‪ ،‬تعزية الفقراء واالرامل‬
‫وااليتام‪ ،‬فخر العذارى وصيانتهم‪ ،‬فرح المتضايقين والحزانى‪ ،‬الكنز الذي‬
‫يغتني منه ك ُّل محتاج"‪ .‬فلنتقدم اليها سائلين معونتها‪ .‬ولنكن متعبدين لها عبادة‬
‫صحيحة لتكون لنا شفيعة عند ساعة موتنا‪ .‬آمين!‬

‫اليوم السابع والعشرون‬


‫تذكار القديس اسطفانوس اول الشهداء‬
‫كان اسطفانوس رجالً ممتلئا ً من االيمان والروح القدس‪ ،‬اختاره جمهور االخوة‬
‫مع ستة آخرين لتوزيع الخيور واقاموه امام الرسل فصلُّوا ووضعوا عليه‬
‫االيدي (اعمال ‪5 :6‬و‪.)6‬‬
‫وكان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب‪ ،‬فنهض قوم من المجمع يباحثون‬
‫اسطفانوس فلم يستطيعوا ان يقاوموا الحكمة والروح الذي كان ينطق به‪.‬‬
‫حينئذ دسوا رجاالً يقولون‪ِ :‬إنا سمعناه ينطق بالتجديف على موسى وعلى هللا‪،‬‬
‫فهيَّجوا الشعب والشيوخ والكتبة‪ ،‬فقبضوا عليه وأتوا به الى المحفل واقاموا‬
‫زور يقولون‪ :‬ان هذا الرجل ال ينفك ينطق بكلمات تجديف على المكان‬ ‫شهود ٍ‬
‫المقدس وعلى الناموس (اعمال ‪.)13 -8 :6‬‬
‫يبين لهم َّ‬
‫أن يسوع‬ ‫فأوعز اليه رئيس الكهنة ان يُجيب عما يشكونه به‪ ،‬فاندفع ِ‬
‫الذي صلبوه هو المسيح المنتظر‪ .‬ولما رآهم يهزون الرؤوس ساخرين‪ ،‬صرخ‬
‫فيهم قائالً‪ :‬يا قُساة الرقاب انكم في كل حين تقاومون الروح القدس‪ ،‬كما كان‬
‫أي نبي من االنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا‬
‫آباؤكم كذلك انتم‪ُّ .‬‬
‫وانبأوا بمجيء الصدِيق الذي اسلمتموه اآلن وقتلتموه‪ ،‬انتم الذين تسلمتم‬
‫الناموس بترتيب المالئكة ولم تحفظوه"‪.‬‬
‫فلما سمعوا ذلك استشاطوا في قلوبهم وصرفوا عليه باسنانهم‪ .‬وهو‪ ،‬اذ كان‬
‫تفرس في السماء فرأى مجد هللا ويسوع قائما ً عن‬
‫ممتلئا ً من الروح القدس‪َّ ،‬‬
‫يمين هللا‪ ،‬فقال‪ ":‬هاءنذا ارى السماوات مفتوحة وابن البشر قائما ً عن يمين‬
‫هللا"‪ .‬فصرخوا بصوت عظيم وسدُّوا آذانهم وهجموا عليه بعزم واحد‪ .‬ثم‬
‫ب اسمه‬ ‫طرحوه خارج المدينة ورجموه ووضع الشهو ُد ثيابهم لدى قدمي شا ٍ‬
‫شاول وكان موافقا ً على قتله‪ .‬ورجموا اسطفانوس وهو يدعو ويقول‪ ":‬ايها‬
‫الرب يسوع اقبل روحي"‪ .‬ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم‪ ":‬يا رب‪،‬‬
‫ال تُقم عليهم هذه الخطيئة"‪ .‬ولما قال هذا رقد بالرب فحمل اسطفانوس رجا ٌل‬
‫اتقياء وعملوا له مناحة عظيمة" (اعمال ‪ 59- 51 :7‬و ‪.)2:8‬‬
‫فاستجاب الرب صالته وجعل من شاول المضطهد ِإنا ًء مختارا ً ورسوالً عظيما ً‬
‫قلب وجه االرض مبشرا ً بالمسيح‪ .‬وكان استشهاد اسطفانوس في السنة‬
‫الرابعة والثالثين للمسيح‪ .‬لذلك تكرمه كنيستنا المارونية بنوع خاص في‬
‫صلواتها الفرضية ويحمل الكثيرون من ابنائها اسمه الكريم‪ .‬صالته معنا‪.‬‬
‫آمين‪.‬‬
‫اليوم الثامن والعشرون‬
‫تذكار القديسة مارينا المسماة مرغريتا الشهيدة‬
‫ولدت مارينا في اطاكية وكان ابوها داسيوس من كهان االصنام متعصبا ً‬
‫لوثنيته‪ ،‬كثير النفوذ والثروة‪ .‬ماتت امها وتركتها طفلة‪ ،‬فسلَّمها ابوها الى‬
‫احدى المرضعات المسيحيات لتعنى بتربيتها‪ .‬فأخذت تغذيها االيمان بالمسيح‬
‫مع الحليب وتدربها على مبادئ الدين القويم‪ ،‬فأحبته واعتنقته واعتمدت‬
‫ونذرت بتوليتها هلل‪ .‬وشرعت تمارس الفضائل المسيحية‪.‬‬
‫فلما عرف ابوها انها اصبحت مسيحية‪ ،‬حزن جداً واخذ يبذل جميع الوسائل‬
‫ليحملها على الكفر بالمسيح فلم ير منها ِإالَّ الثبات في ايمانها ومحبتها ليسوع‬
‫المسيح‪ ،‬بل حاولت ان تقنعه بنبذ الوثنية لما فيها من خرافات فغضب جداً‬
‫واوسعها اهانةً وشتما ً وطردها من بيته‪.‬‬
‫ول َّما جاء الوالي اولمبريوس الى انطاكية في زمن االضطهاد اتفق ان وقع‬
‫نظره على مارينا فشغف بجمالها فسألها عن اسمها واسرتها‪ .‬فأجابت بكل‬
‫رصانة‪ ":‬اسمي مارينا‪ ،‬اما االسم الذي اتشرف به‪ ،‬فهو‪ :‬مسيحية"‪ .‬فحنق‬
‫الوالي واخذ يتملقها بكل حيلة فلم ينل منها مأرباً‪ .‬عندئذ أمر فجلدوها حتى‬
‫تمزق جسدها وسال دمها فكانت صابرة تشكر هللا‪ .‬وسمعت صوتا ً يقول لها‪:‬‬ ‫َّ‬
‫تشجعي ال تخافي‪.‬‬
‫ثم اعاد الوالي الكرة عليها بالتهديد والوعيد ان لم تضح لالصنام‪ .‬فأجابت عبثا ً‬
‫تحاول ان تفصلني عن محبة المسيح‪ .‬فكووا ثدييها وخاصرتيها بالنار‪،‬‬
‫وزجوها في بحيرة مجلَّدة فأخذت تصلي وهي واقفة كأنها لم تشعر بألم‪ ،‬فصرخ‬
‫الحاضرون‪ِ :‬إ َّن ِإله مارينا هو االله العظيم‪ ،‬لقد سمع صالتها وصنع العجائب‪.‬‬
‫وآمن كثيرون منهم بالمسيح‪.‬‬
‫فخاف الوالي من فتنة في الشعب فأمر بضرب اعناق الذين آمنوا فاعتمدوا‬
‫بسفك دمائهم وفازوا بالسعادة االبدية‪ .‬اما مارينا فاخذوها خارج المدينة‪ ،‬حذرا ً‬
‫من اعجوبة أخرى تبهر الناس فيؤمنون‪ ،‬وهناك جثت تصلي فضربوا عنقها‬
‫فذهبت نفسها ترتع بالمجد االبدي في السنة ‪ .280‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم التاسع والعشرون‬
‫تذكار أطفال بيت لحم الشهداء‬
‫كان هللا قد اوحى الى ملوك المجوس بميالد يسوع في بيت لحم‪ ،‬فجاؤوا من‬
‫الشرق مسرعين والنجم رائدهم حتى وصلوا الى اورشليم وسألوا هيرودس‬
‫عن الموضع الذي ُولد فيه يسوع الملك فاضطرب لهذا النبأ وعزم على قتل‬
‫الصبي‪ ،‬خوفا ً من ان ينزع منه ال ُّملك‪.‬‬
‫ولما عاد المجوس الى بالدهم دون ان يُعلموا هيرودس بمكان الطفل االلهي‪،‬‬
‫غضب جداً وارسل فقتل جميع صبيان بيت لحم وجميع تخومها من ابن سنتين‬
‫فيما دون‪ ،‬على حسب الزمن الذي تحققه من المجوس‪ ،‬فت َّم المقول بأرميا‬
‫مر‪ ،‬راحيل تبكي على بنيها وقد ابت ان‬ ‫سمع بالرامة‪ ،‬بكا ٌء ٌّ‬
‫النبي‪ ":‬صوتٌ ُ‬
‫تتعزى عن فقدهم!" (ارميا ‪ .)15 :31‬وشاء هللا ان ينقلهم من عالم الشقاء‬
‫وتعيد لهم شرقا ً وغربا ً‬
‫ِ‬ ‫الى حياة السعادة والبقاء‪ .‬وتعتبرهم الكنيسة شهداء‪،‬‬
‫سفكت دماؤهم من اجل المسيح‪.‬‬ ‫النهم قُتلوا و ُ‬
‫قال القديس اغوسطينوس‪ ":‬هنيئا ً لهؤالء االطفال االبرياء الذين أهلوا الن‬
‫يسفكوا دماؤهم من اجل المسيح من قبل ان ينطقوا باسمه القدوس‪ .‬وما اسعد‬
‫ميالدهم‪ ،‬انهم لم يدخلوا هذه الحياة الشقية الزائلة‪ ،‬بل بدأوا حياة سعيدة خالدة‬
‫ومن ايدي امهاتهم انتقلوا الى ايدي المالئكة!"‪.‬‬
‫اما هيرودس السفاح فقد مات شر الميتات كما يقول المؤرخ اليهودي‬
‫يوسيفوس‪.‬‬
‫صلوات أطفال بيت لحم تكون معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الثالثون‬
‫تذكار الشهيدة أنيسا‬
‫ولدت أنيسا في مدينة تسالونيكي من والدين غنيين جدا ً اشتهرا بكمال الفضيلة‬
‫والتقوى‪ ،‬فربَّيا ابنتهما تربية مسيحية صالحة‪ .‬وتوفي والداها تاركين لها ثروة‬
‫طائلة‪ .‬اما هي فلم تكن لتغتر بالمال وتذهب مذاهب الطيش واللهو‪ ،‬بل انعكفت‬
‫على تزيين نفسها ب ُحلى الطهارة والتقوى الصحيحة‪ُ ،‬معرضةً عن كل حلية‬
‫سواها‪.‬‬
‫ولما اثار ديوكلتيانوس االضطهاد على المسيحيين‪ ،‬كانت الفتاة انيسا ذاهبة‬
‫يوما ً الى الكنيسة‪ ،‬فدنا منها احد الجنود وامسكها‪ ،‬ملحا ً عليها بان تذهب معه‬
‫الى معبد االصنام وتقدِم البخور لآللهة‪ .‬فحاولت ان تفلت من يده فلم تتمكن‪.‬‬
‫تفضل الموت على الكفر بربها والهها يسوع المسيح‪.‬‬‫عندئذ وبَّخته وقالت انها ِ‬
‫فاست َّل سيفه وضربها فنالت مشتهاها اكليل الشهادة والظفر بالمجد االبدي سنة‬
‫‪ .303‬صالتها معنا‪ .‬آمين‪.‬‬
‫وفي هذا اليوم أيضا ً تذكار القديسة تاودورا‬
‫ولدت تاودورا في تسالونيكي وكان ابوها تاوفيلوس مسيحيا ً من اشراف‬
‫المملكة الرومانية‪ .‬لم يكن جمالها الطبيعي سوى صورة لجمال نفسها الروحي‬
‫واالدبي‪ ،‬ونذرت بتوليتها هلل ودخلت احد االديار‪ .‬واتفق يوما ً ان رآها‬
‫خريستوفورس ابن الملك الون فهام بها وعمل على اخراجها من الدير قسراً‪،‬‬
‫بغية ان يتزوجها‪ .‬وقبل ان يتم اقترانه بها‪ ،‬ذهب الى محاربة االعداء في‬
‫صقلية وقتل هناك‪.‬‬
‫فرجعت تاودورا الى ديرها‪ ،‬واخذت تمارس انواع التقشفات الشاقة‪ .‬وما زالت‬
‫تتسامى بالفضيلة والقداسة الى ان رقدت بالرب سنة ‪ .762‬صالتها معنا‪.‬آمين‪.‬‬
‫اليوم الحادي والثالثون‬
‫تذكار القديس زوتيكس الشهيد‬
‫ولد زوتيكس في روما من اسرة غنية فتثقف ونبغ بالعلوم حتى نال شهرة‬
‫بعيدة‪ .‬ترقَّى الى الدرجة الكهنوتية واخذ يتفانى غيرة في خالص النفوس وبذل‬
‫االحسان الى الفقراء والبؤساء‪.‬‬
‫ولما جاء الملك قسطنطين الكبير الى بيزنطية وأسماها باسمه قسطنطينية‪ ،‬جاء‬
‫زوتيكس الكاهن واخذ يواصل جهاده في عمل الخير فأقام المالجيء والمياتم‪.‬‬
‫لذلك "لُ ِقب بعائل اليتامى"‪ .‬وقد وقف حياته على خدمتهم روحيا ً وجسدياً‪.‬‬
‫ويروى انه طلب من الملك قسطنطين ماالً يقدِم له عوضا ً عنه َّ‬
‫درة ال تث َّمن‬
‫بمال‪ ،‬فأجاب الملك طلبه‪ ،‬فأقام بذلك المال المالجئ والمياتم للمرضى وااليتام‬
‫كما ذكرنا‪ .‬وبعد وفاة قسطنطين الكبير‪ ،‬قام ابنه قسطنس يطالب زوتيكس‬
‫بالمال الذي اخذه من ابيه فاراه المالجئ والمياتم التي اقامها والمرضى وااليتام‬
‫الدرة الثمينة التي كان وعد بها اباه‪ .‬فلم‬
‫الذين اعتنى بهم واعالهم‪ .‬وهذه هي َّ‬
‫يقدِر الملك عمله‪ ،‬بل ظنَّه يسخر به‪ ،‬ولذلك امر بقتله‪ ،‬فذهب شهيد الرحمة‬
‫واالحسان‪ ،‬سنة ‪ .340‬صالته معنا‪ .‬آمين‪† † † .‬‬

You might also like