صحة الجسم بقلة الطعام خبير الاعشاب والتغذية العلاجية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 62

‫صحة اجلسم بقلة الطعام‬

‫خبري االعشاب والتغذية‬


‫العالجية عطار صويلح‬
‫‪00962779839388‬‬
‫‪3‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫اقلل طعامك ما استطعت فانه‬


‫حسن اجلسوم وصحة االبدان‬

‫حسن الغذاء ينوب عن شرب‬


‫الدواء‬
‫‪4‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫مقدمة الصحة اجلسمية بقلة الطعام‬


‫ات اما‬ ‫قال هللا تعاىل‪َ  :‬ي أايُّ اها الَّ ِذين آامنُوا ُكلُوا ِمن طايِب ِ‬
‫ْ ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫رازقْناا ُكم وا ْش ُكروا َِِّ‬
‫ّلِل إِ ْن ُكنْ تُ ْم إِ ََّيهُ تا ْعبُ ُدو ان‪.)1(‬‬ ‫ْا ُ‬ ‫ا‬
‫قال ابن كثري رمحه هللا يف تفسري هذه اآلية‪ :‬يقول هللا تعاىل آمراً‬
‫عباده املؤمنني ابألكل من طيبات ما رزقهم تعاىل وأن يشكروه على‬
‫ذلك إن كانوا عبيده‪ ,‬واألكل من احلالل سبب لتقبل الدعاء كما أن‬
‫األكل من احلرام مينع قبول الدعاء والعبادة(‪.)2‬‬
‫ب‬‫وقال جل وعال‪  :‬اوُكلُوا اوا ْش اربُوا اواال تُ ْس ِرفُوا إِنَّهُ اال ُُِي ُّ‬
‫ي‪ .)3(‬قال ابن عباس‪ :‬كل ما شئت والبس ما شئت ما‬ ‫ِ‬
‫ال ُْم ْس ِرف ا‬
‫سرف وخميلة‪.‬‬
‫أخطأتك خصلتان ٌ‬
‫وعن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا‪" :‬إن من‬
‫السرف أن أتكل ُك َّل ما شئت"(‪.)4‬‬
‫ُن يا ْوامئِ ٍذ اع ِن الن َِّع ِيم‪.)5(‬‬
‫وقال تعاىل‪ُُ  :‬ثَّ لاتُ ْسأال َّ‬
‫ملا نزلت هذه اآلية قالوا‪ :‬اي رسول هللا! أي نعيم نُسأل عنه؟ وإمنا‬
‫مها األسود ان‪ :‬املاء والتمر‪ ,‬وسيوفنا على رقابنا‪ ,‬والعدو حاضر‪ ,‬فعن‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ,‬اآلية ‪.172‬‬


‫(‪ )2‬تفسري ابن كثري ‪.206/1‬‬
‫(‪ )3‬سورة األعراف‪ ,‬اآلية‪.31 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسري ابن كثري ‪.211/2‬‬
‫(‪ )5‬سورة التكاثر‪ ,‬اآلية‪.8 :‬‬
‫‪5‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫أي نعيم نُسأل؟ قال‪" :‬اما إن ذلك سيكون"(‪.)1‬‬


‫وعن أيب هريرة رضيي هللا عنه قال‪ :‬قال رسيول هللا صيلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي نُسأل عنه‪ :‬ظل ابرد‪,‬‬
‫ورطب‪ ,‬وماء ابرد"(‪.)2‬‬
‫وحال نيب األمة يف أكله وشي ي ي ي ي يربه تروي لنا طرفاً منه أم املؤمنني‬
‫عائش ي ي ي يية رض ي ي ي ييي هللا عنها حي قالت‪" :‬ما ش ي ي ي ييبع آل مد منذ قدم‬
‫املدينة من خبز ثالث ليال تباعاً حىت قبض"(‪.)3‬‬
‫وعلى املرء أن يتجنب الشبع املفرط لقول رسول هللا ‪" :‬ما مأل‬
‫آدمي وعاء ش يراً من بطنه‪ ,‬حسييب ابن آدم لقيمات يقمن صييلبه‪ ,‬ف ن‬
‫مل يفعل فثل لطعامه‪ ,‬وثل لشرابه‪ ,‬وثل لنفسه"(‪.)4‬‬
‫أصل جامع ألصول الطب كلها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وهذا احلدي‬
‫وقد روي أن ابن ماسي ي ي ي ي ييوية الطبيب ملا قرأ هذا احلدي قال‪ :‬لو‬
‫استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من األمراض واألسقام ولتعطلت‬
‫املارشي ي ي ي يياايت ودكاكني الصي ي ي ي يييادلة‪ ,‬وإمنا قال هذا ألن اصي ي ي ي ييل كل داء‬
‫التخم(‪.)5‬‬
‫وأتمل يف هناية كثرة األكل وما جير إليه يف اآلخرة؛ فعن س ييلمان‬

‫(‪ )1‬فتح القدير ‪.607/5‬‬


‫(‪ )2‬رواه الرتمذي وصححه األلباين‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه أمحد وابن ماجه واحلاكم‪.‬‬
‫(‪ )5‬جامع العلوم‪ ,‬ص ‪.424‬‬
‫‪6‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫رض ي ي ييي هللا عنه قال‪ :‬قال رس ي ي ييول هللا‪" : :‬أكثر الناس ش بعال ن الدنيا‬
‫أطوهلم جوعال ن اآلخرة"(‪.)1‬‬
‫وعن أُيب رضي ي ي ييي هللا عنه قال‪ :‬قال رسي ي ي ييول هللا ‪" :‬إن مطعم ابن‬
‫رب مثالل لل دني ا وإن قاح ه وملح ه ف ان ر إ م ا‬ ‫آدم ق د‬
‫يصري"(‪.)2‬‬
‫وهذا أبو هريرة رضيي هللا عنه يذكر طرفاً من حال الرسيول قال‪:‬‬
‫أيت رس ي ي ييول هللا‪ ‬بطعام س ي ي ييخن فأكل‪ ,‬فلما فر قال‪" :‬احلمد هلل‪ ,‬ما‬
‫دخل بطين طعام سخن منذ كذا وكذا"(‪.)3‬‬
‫وصح عن النيب أنه قال‪" :‬خري القرون قرين ُث الذين يلوهنم ُث‬
‫الذين يلوهنم‪ُ ,‬ث قوم يش هدون وال يس تش هدون‪ ,‬وينذرون وال‬
‫يوفون‪ ,‬وي هر فيهم السمن"‪.‬‬
‫ويف املسييند أن النيب رأر رجالً نيناً‪ ,‬فجعل يومب بيده إىل بطنه‬
‫ويقول‪" :‬لو كان هذا ن غري هذا لكان خريال لك"‪.‬‬
‫وهيذا نيب األمية ريذر أمتيه من ش ي ي ي ي ي ييهوة الفر والبطن‪ ,‬فعن أيب‬
‫هريرة عن النيب قال‪" :‬إن أخوف ما أخاف عليكم الش هوات ال‬
‫ن بطونكم وفروجكم ومضالت اهلوى"‪.‬‬
‫وعن فاطمة عن النيب قال‪" :‬ش رار أم الذين غُ ُّذوا لنعم‬
‫أيكلون ألوان الطع ام ويلبس ون ألوان الثي اب ويتش دقون ن‬
‫(‪ )1‬رواه أبو نعيم يف احللية وحسنه األلباين‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه ابن حبان والطرباين وحسنه األلباين‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫الكالم"(‪.)1‬‬
‫وعن ابن عمر قال‪ :‬جتش ي ي ي ييأ رجل عند النيب ‪ ‬فقال‪" :‬كف عنا‬
‫جشأك‪ ,‬فإن أكثرهم شبعال ن الدنيا أطوهلم جوعال يوم القيامة"(‪.)2‬‬
‫وقد ُس ي ي يئل ادمام أمحد عن قول النيب ‪" : ‬ثلث للطعام وثلث‬
‫للش راب وثل ث للن "‪ ..‬فقييال‪ :‬ثلي الطعييام هو القوت‪ ,‬وثلي‬
‫الشراب هو القور‪ ,‬وثل النفس هو الروح(‪.)3‬‬
‫قييال املروذي‪ :‬كييان أبو عبييدهللا (أمحييد بن حنبييل) إذا ذكر املوت‬
‫خنقته العربة‪ ,‬وكان يقول‪ :‬اخلوف مينعين أكل الطعام والش ي ي ي ي يراب‪ ,‬وإذا‬
‫ياس‬ ‫ِ‬
‫يام دون طعييام‪ ,‬ولبي ٌ‬ ‫علي كييل الييدنيييا‪ ,‬إمنييا هو طعي ٌ‬
‫ذُكر املوت أهييان َّ‬
‫أايم قالئل‪ ,‬ما أعدل ابلفقر شيئاً(‪.)4‬‬ ‫دون لباس‪ ,‬وإهنا ٌ‬
‫وعن عبدهللا بن عدي وكان موىل البن عمر‪ ,‬أنه قدم من العراق‬
‫فجياءه فس ي ي ي ي ي ييلم علييه فقيال‪ :‬أهيدييت ليك هيديية‪ ,‬قيال‪ :‬وميا هي؟ قيال‪:‬‬
‫جوارش‪ ,‬قال‪ :‬وما جوارش؟ قال‪ :‬يهضيم الطعام‪ ,‬قال‪ :‬ما مألت بطين‬
‫منذ أربعني سنة‪ ,‬فما أصنع به(‪.)5‬‬
‫و ُس ي يئل س ي ييهل التس ي ييرتي‪ :‬الرجل كل يف اليوم أكلة‪ ,‬قال‪ :‬أكل‬
‫الصي ي ي ي ي ي ييديقني‪ ,‬قييل ليه‪ :‬فيأكلتيان‪ ,‬قيال‪ :‬أكيل املؤمنني‪ ,‬قييل ليه‪ :‬فثالث‬

‫(‪ )1‬رواه البزار‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص ‪.428‬‬
‫(‪ )4‬السري ‪.216/11‬‬
‫(‪ )5‬صفة الصفوة ‪.574/1‬‬
‫‪8‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫أكالت‪ ,‬فقال‪ :‬قل ألهله يبنوا له معلفاً(‪.)1‬‬


‫وحاهلم يف املأكل واملشرب حال املسارع إىل اخلريات متقلب بني‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫محد وشك ٍر وإكرام ضيف‪.‬‬
‫قال أبو محزة السيكري‪ :‬ما شيبعت منذ ثالثني سينة إال أن يكون‬
‫يل ضيف(‪.)2‬‬
‫وذكر أن خياليد بن معيدان كيان يقول‪ :‬أك ٌيل ومحيد خري من أكيل‬
‫وصمت(‪.)3‬‬
‫وكان نوح عليه الس ي ي ي ي ييالم إذا أكل قال‪ :‬احلمد ‪ ,‬وإذا ش ي ي ي ي ييرب‬
‫قيال‪ :‬احلميد ‪ ,‬وإذا لبس قيال‪ :‬احلميد ‪ ,‬وإذا ركيب قيال‪ :‬احلميد ‪,‬‬
‫فسماه هللا عبداً شكوراً(‪.)4‬‬
‫أخي املسلم‪:‬‬
‫مبىن الدين على قاعدتني‪ :‬الذكر والشكر‪ ,‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ون‪ ,)5(‬وقال النيب ‪‬‬ ‫‪ ‬فااذْ ُكر ِوين أاذْ ُكرُكم وا ْش ُكروا ِِل واال تا ْك ُر ِ‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ْ ْ ا ُ‬ ‫ُ‬
‫ملعاذ‪" :‬وهللا إين ألحبك فال تن أن تقول ُدبر كل صالة‪ :‬اللهم‬
‫أعين على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" وليس املراد ابلذكر جمرد‬
‫ذكر اللسان بل الذكر القليب واللساين‪ ,‬وذكره يتضمن ذكر أنائه‬

‫(‪ )1‬الفوائد‪ ,‬ص ‪.232‬‬


‫(‪ )2‬تذكرة احلافظ ‪.230/1‬‬
‫(‪ )3‬السري ‪.532/4‬‬
‫(‪ )4‬الزهد لإلمام أمحد‪ ,‬ص‪.87‬‬
‫(‪ )5‬سورة البقرة‪ ,‬اآلية‪.152 :‬‬
‫‪9‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وصفاته وذكر أمره وهنيه وذكره بكالمه‪ ,‬وذلك يستلزم معرفته وادميان‬
‫به وبصفات كماله ونعوت جالله والثناء عليه أبنواع املدح‪.‬‬
‫وذلك ال يتم إال بتوحيده‪ ,‬فذكره احلقيقي يستلزم ذلك كله‬
‫ويستلزم ذكر نعمه وآالئه وإحسانه إىل خلقه‪.‬‬
‫وأما الشكر فهو القيام له بطاعته والتقرب إليه أبنواع ابه ظاهراً‬
‫وابطناً‪.‬‬
‫وهذان األمران مها مجاع الدين‪ ,‬فذكره مستلزم ملعرفته‪ ,‬وشكره‬
‫متضمن لطاعته‪ ,‬وهذان مها الغاية اليت خلق ألجلها اجلن وادنس‬
‫والسموات واألرض‪ ,‬ووضع ألجلها الثواب والعقاب‪ ,‬وأنزل هللا الكتب‪,‬‬
‫وأرسل الرسل‪ ,‬وهى احلق الذي به خلقت السموات واألرض وما‬
‫بينهما‪ ,‬وضدها هو الباطل والعب ‪.‬‬
‫قال بعض العلماء‪ :‬ثالث ميقت هللا عليها‪ :‬الضحك بغري‬
‫عجب‪ ,‬واألكل من غري جوع‪ ,‬والنوم ابلنهار من غري سهر‪ ,‬واحلد من‬
‫النوم‪ :‬أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة؛ فاالعتدال يف نومه مثاين‬
‫ساعات يف الليل والنهار مجيعاً‪ ,‬ف ذا انم هذا القدر ابلليل فال معىن‬
‫للنوم ابلنهار‪ ,‬وإن نقص منه مقداراً استوفاه ابلنهار؛ فحسب ابن آدم‬
‫إن عاش ستني سنة أن ينقص من عمره عشرون سنة‪ ,‬ومهما انم مثاين‬
‫ساعات وهو الثل فقد نقص من عمره الثل (‪.)1‬‬
‫وأع رع ع ن م ط اع م ق د أراه ا ف أت رك ه ا ون ب ط ين ان ط واء‬
‫خ ري وال ال دني ا إذا ذه ب احلي اء‬ ‫ف ال وأب ي ك م ا ن ال ع ي‬

‫(‪ )1‬ادحياء ‪.402/1‬‬


‫‪10‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫قال الش ييافعي رمحه هللا‪ :‬ما ش ييبعت منذ س ييت عش ييرة س يينة‪ ,‬ألن‬
‫الش ي ي ي ي ي ييبع يثقيل البيدن‪ ,‬ويقس ي ي ي ي ي ييي القليب‪ ,‬ويزييل الفطنية‪ ,‬وجيليب النوم‪,‬‬
‫ويضعف صاحبه عن العبادة‪.‬‬
‫فانظر إىل حكمته يف ذكر آفات الشي ي ي ييبع ه يف ج عِده يف العبادة‪,‬‬
‫إذ طرح الشبع ألجلها‪ ,‬ورأس التعبد تقليل الطعام(‪.)1‬‬
‫قال الشيخ عبدالرمحن السعدي رمحه هللا يف تفسري قوله تعاىل‪ :‬‬
‫ي‪ )2(‬مجع هللا فيها‬ ‫ِ‬ ‫اوُكلُوا اوا ْش اربُوا اواال تُ ْس ِرفُوا إِنَّهُ اال ُُِي ُّ‬
‫ب ال ُْم ْس ِرف ا‬
‫أمو ًار كثرية انفعة يف الدين والبدن واحلال واملآل‪ ,‬فاألمر ابألكل والشرب‬
‫يدل على الوجوب‪ ,‬وأن العبد ال رل له ترك ذلك شرعاًكما ال يتمكن‬
‫من ذلك قدراً ما دام عقله معه‪ ,‬وأن األكل والشرب من نية امتثال أمر‬
‫هللا يكون عبادة‪ ,‬وأن األصل يف مجيع املأكوالت واملشروابت ادابحة‪,‬‬
‫إال ما نص الشارع على حترميه لضرره دطالق ذلك‪ ,‬وعلى أن كل أحد‬
‫كل ما ينفعه ويناسب ويليق به ويوافق لغناه وفقره‪ ,‬ويوافق لصحته‬
‫ومرضه ولعادته وعدمها‪ ,‬ألنه حذف املأكول‪.‬‬
‫واآلية سي ي ي ي يياقها هللا درشي ي ي ي يياد العباد إىل منافعهم‪ ,‬وهى تدل على‬
‫ذلك كله‪ ,‬وعلى أن أصل صحة البدن تدبري الغذاء أبن كل ويشرب‬
‫ما ينفعه ويقيم صيحته وقوته‪ ,‬وعلى األمر ابالقتصياد يف الغذاء والتدبري‬
‫احلس ي ي ي يين‪ ,‬ألنه ملا أمر ابألكل والش ي ي ي ييرب هنى عن الس ي ي ي ييرف‪ ,‬وعلى أن‬

‫(‪ )1‬ادحياء ‪.36/1‬‬


‫(‪ )2‬سورة األعراف‪ ,‬اآلية‪.31 :‬‬
‫‪11‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫السيرف منهي عنه‪ ,‬وخصيوصياً يف األطعمة واألشيربة‪ ,‬ف ن السيرف يضر‬


‫الدين والعقل والبدن واملال‪.‬‬
‫أما ضي ييرره الديين‪ :‬فكل من ارتكب ما هنى هللا ورسي يوله عنه فقد‬
‫اجنرح دينه‪ ,‬وعليه أن يداوي هذا اجلرح ابلتوبة والرجوع‪.‬‬
‫وأما ضي ييرره العقلي‪ :‬ف ن العقل رمل صي يياحبه أن يفعل ما ينبغي‬
‫على الوجيه اليذي ينبغي‪ ,‬ويوجيب ليه أن ييدبر حيياتيه ومعياش ي ي ي ي ي ييه‪ ,‬وهليذا‬
‫كان حسي ي ي ي يين التدبري يف املعاش من أبلغ ما يدل على عقل صي ي ي ي يياحبه‪,‬‬
‫فمن تعدر الطور النافع غلى طور ادسراف الضار‪ ,‬فال ريب أن ذلك‬
‫لنقص عقله‪ ,‬ف نه يستدل على نقص العقل بسوء التدبري‪.‬‬
‫وأما رره البدين‪ :‬ف ن من أسرف بكثرة املأكوالت واملشروابت‬
‫انضَّر بدنه واعرتاه أمراض خطرية‪ ,‬وكثري من األمراض إمنا حتدث بسبب‬
‫عود بدنه‬
‫ادسراف يف الغذاء‪ ,‬ه إنه ينضر أيضاً من وجه آخر‪ ,‬ف ن من َّ‬
‫شيئاً اعتاده‪ ,‬ف ذا عوده كثرة األكل أو أكل األطعمة املتنوعة فرمبا‬
‫تعذرت يف بعض األحوال لفقر أو غريه‪ ,‬وحينئذ يفقد البدن ما كان‬
‫معتاداً فتنحرف صحته‪.‬‬
‫وأما رره املاِل‪ :‬فظاهر‪ ,‬ف ن ادسراف يستدعي كثرة النفقات‪,‬‬
‫وما‬ ‫ِ‬
‫سط اْها ُك َّل الْبا ْسط فا تا ْقعُ اد املُ ل‬
‫وهلذا قال تعاىل‪  :‬اواال تا ْب ُ‬
‫ورا‪)1 (‬؛ أي تالم على ما فعلت‪ ,‬ألنه يف غري طريقه‪ ( ,‬سوراً)‬ ‫سل‬ ‫اَمْ ُ‬
‫فار اليد‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة ادسراء‪ ,‬اآلية‪.29 :‬‬


‫‪12‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وإخباره أنه ال رب املسي ي يرفني‪ ,‬دليل على أنه رب املقتص ي ييدين‪,‬‬


‫ففي هييذه اآلييية إثبييات ص ي ي ي ي ي يفيية احملبيية ‪ ,‬وأهنييا تتعلق مبييا ربييه هللا من‬
‫األشي ي ييخاص واألعمال واألحوال كلها‪ ,‬فسي ي ييبحان من جعل كتابه كنوزاً‬
‫للعلوم النافعة املتنوعة(‪.)1‬‬
‫وادسي ي ي يراف أخي املسي ي ي ييلم هو الزايدة اليت ال وجه هلا‪ ,‬مثل زايدة‬
‫الطعام والشراب بال حاجة‪.‬‬
‫وأمي ييا التبي ييذير فهو‪ :‬ص ي ي ي ي ي ييرف األموال يف غري وجههي ييا‪ ,‬إمي ييا يف‬
‫املعاصي‪ ,‬وإما يف غري فائدة لعباً وتساهالً ابألموال‪..‬‬
‫وكال األمرين ‪-‬ادسراف والتبذير‪ -‬مذمومان بنص كتاب هللا عز‬
‫ين اكانُوا إِ ْخ اوا ان‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وجل‪ ..‬قال هللا تعاىل‪  :‬اواال تُباذ ْر تا ْبذ ليرا * إِ َّن ال ُْمباذ ِر ا‬
‫َّ ِ ِ (‪)2‬‬
‫ي‪ , ‬وقال يف ادسراف‪  :‬اوُكلُوا اوا ْش اربُوا اواال تُ ْس ِرفُوا إِنَّهُ‬ ‫الشيااط‬
‫ي‪.)3(‬‬ ‫ِ‬ ‫اال ُُِي ُّ‬
‫ب ال ُْم ْس ِرف ا‬
‫ه أتمل هناية األكل وإىل أين يص ي ي ي ي ييري؟ هذه موالة لداود الطائي‬
‫ختدمه‪ ,‬فقالت له‪ :‬لو طبخت لك دناً أتكله؟ قال‪ :‬وددت‪ ,‬فطبخت‬
‫لييه دنياً ه أتييت بييه‪ ,‬فقييال هلييا‪ :‬مييا فعييل أيتييام بين فالن؟ قييالييت‪ :‬على‬
‫حيياهلم‪ ,‬قييال‪ :‬اذهيب بييه إليهم‪ ,‬فقييالييت‪ :‬أنييت مل أتكييل أدم ياً منييذ كييذا‬
‫وكييذا‪ ,‬قييال‪ :‬إن هييذا إذا أكلوه كييان عنييد هللا مييذخوراً‪ ,‬وإذا أكلتييه كييان‬

‫(‪ )1‬اجملموعة السعدية ‪.453/8‬‬


‫(‪ )2‬سورة ادسراء‪ ,‬اآليتان‪.27 ،26 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة األعراف‪ ,‬اآلية‪.31:‬‬
‫‪13‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫يف احلش(‪.)1‬‬
‫وكانت حاهلم حال املنفق املتصي ييدق؛ من يُقدم وال يؤخر‪ ,‬وينفق‬
‫وال يقبض رغم قلة احلال وضيق ما يف اليد‪.‬‬
‫هذا أبو احلسي ي ي ي ييني النوري مك عش ي ي ي ي يرين سي ي ي ي يينة خذ من بيته‬
‫رغيفني‪ ,‬وخير ليمض ي ي ي ي ييي إىل الس ي ي ي ي ييوق فيتص ي ي ي ي ييدق ابلرغيفني‪ ,‬ويدخل‬
‫املسييجد فال يزال يركع حىت جييء وقت سييوقه‪ ,‬ف ذا جاء الوقت مضييى‬
‫إىل الس ي ييوق فيُظن أنه قد تغدر يف بيته ومن هم يف بيته عندهم أنه قد‬
‫أخذ منه غداءه؛ وهو صائم!!‬
‫وهي ييذا ادنفي يياق وس ي ي ي ي ي يييلي يية إىل التقرب إىل هللا عز وجي ييل بي ييدفعي ييه‬
‫والتصدق به على احملتاجني ومساعدة املعسرين!!‬
‫قييال عبيييد بن عمري‪ :‬رش ي ي ي ي ي يير النيياس يوم القييياميية أجوع مييا كييانوا‬
‫قط‪ ,‬وأعطش ما كانوا قط‪ ,‬فمن أطعم أطعمه هللا‪ ,‬ومن س ي ي ي ي ييقى‬
‫سقاه هللا‪ ,‬ومن كسا كساه هللا‪.‬‬
‫يقول ابن القيم رمحه هللا‪ :‬ف ن من خبل مباله أن ينفقه يف س ي ي ي ي ييبيل‬
‫هللا وإعالء كلمته س ي ي ي ي ي ييلبه هللا إايه أو قيض له إنفاقه فيما ال ينفعه دنيا‬
‫وال أخرر‪ ,‬وإن حبسييه وادخره منعه التمتع به ونقله إىل غريه فيكون له‬
‫مهنؤه‪ ,‬وعلى خملفيه وزره‪ ,‬وكيذليك من رفعيه بيدنيه وعرضي ي ي ي ي ي ييه وآثر راحتيه‬
‫على التعب ويف سي ييبيله أتعبه هللا سي ييبحانه وتعاىل أضي ييعاف ذلك يف‬
‫غري س ييبيله ومرض يياته‪ ,‬وهذا أمر يعرفه الناس ابلتجارب‪ ,‬قال أبو حازم‪:‬‬

‫(‪ )1‬اتريخ بغداد ‪.353/8‬‬


‫‪14‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ملا يلقى الذي ال يتقي هللا من معاجلة اخللق أعظم مما يلقى الذي يتقي‬
‫هللا من معاجلة التقور‪.‬‬
‫واعترب ذلك حبال إبليس ف نه امتنع من الس ي ي ي ي ي ييجود آلدم فراراً أن‬
‫خيضي ي ييع له ويذل وطلب إعزاز نفسي ي ييه‪ ,‬فصي ي ييريه هللا أذل األذلني‪ ,‬وجعله‬
‫خيادمياً ألهيل الفس ي ي ي ي ي ييوق والفجور من ذريتيه‪ ,‬فلم يرض ابلس ي ي ي ي ي ييجود ليه‬
‫ورضييي أن خيدم هو وبنوه فسيياق ذريته‪ ,‬وكذلك عباد األصيينام أنِفوا أن‬
‫يتبعوا رسي ي ي ييوالً من البشي ي ي يير وأن يعبدوا إهلاً واحداً سي ي ي ييبحانه‪ ,‬ورضي ي ي يوا أن‬
‫يعبدوا آهلة من األحجار(‪.)1‬‬
‫ومن فوائد اجلوع وعدم ادكثار من األكل ما قاله أبو س ي ي ي ييليمان‬
‫الداراين‪ :‬إن النفس إذا جاعت وعطش ي ي ي ي ي ييت ص ي ي ي ي ي ييفا القلب ورق‪ ,‬وإذا‬
‫شبعت ورويت عمي القلب(‪.)2‬‬
‫داع إىل‬
‫قال ابن القيم رمحه هللا تعاىل‪ :‬وأما فضول الطعام فهو ٍ‬
‫املعاصي‪ ,‬ويثقلها عن‬ ‫أنواع كثرية من الشر‪ ,‬ف نه ررك اجلوارح إىل ع‬
‫الطاعات؛ وحسبك هبذين شراً‪ .‬فكم من معصية جلبها الشبع وفضول‬
‫الطعام‪ ,‬وكم من طاعة حال دوهنا‪ ,‬فمن وقي شر بطنه فقد وقي شراً‬
‫عظيماً‪ ,‬والشيطان أعظم ما يتحكم من ادنسان إذا مأل بطنه من‬
‫الطعام‪.‬‬
‫ه قييال‪ :‬ولو مل يكن من االمتالء من الطع ييام إال أنييه يييدعو إىل‬

‫(‪ )1‬حكمة االبتالء البن القيم‪ ,‬ص‪.51‬‬


‫(‪ )2‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.517‬‬
‫‪15‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫الغفلة عن ذكر هللا عز وجل وإذا غفل القلب عن الذكر س يياعة واحدة‬
‫جثم عليه الشي ي يييطان‪ ,‬ووعده ومنَّاه‪ ,‬وشي ي ي َّيهاه‪ ,‬وهام به يف كل واد‪ ,‬ف ن‬
‫النفس إذا ش ي ي ييبعت حتركت‪ ,‬وجالت‪ ,‬وطافت على أبواب الش ي ي ييهوات‪,‬‬
‫وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت(‪.)1‬‬
‫ومع كثرة م ييا حب يياان هللا عز وج ييل ب ييه من النعم الكثرية واخلريات‬
‫العظيمة احذر ايها احلبيب أن تكون ممن قال عنهم بالل بن س ي ي ي ي ي ييعد‪:‬‬
‫ب مس ي ييرور مغبون‪ ,‬كل ويش ي ييرب ويض ي ييحك‪ ,‬وقد ُح َّق له يف كتاب‬ ‫ُر َّ‬
‫هللا عز وجل أنه من وقود النار(‪.)2‬‬
‫أف ل ح ال ااه دون وال ع اب دون إذ مل واله م أج اع وا ال ب ط و‬
‫(‪)3‬‬
‫أس ه روا األع ي ال ع ل ي ل ة ح ب ال فانقض ى ليلهم وهم س اهرو‬
‫قيال املروزي‪ :‬قيال يل رجيل‪ :‬كيف ذاك املتنعم؟ (أمحيد بن حنبيل)‬
‫قل ييت ل ييه‪ :‬وكيف هو متنعم؟ ق ييال ييك أليس جي ييد خبزاً ك ييل ول ييه امرأة‬
‫يسييكن إليها ويطأها؟ فذكرت ذلك أليب عبدهللا فقال‪ :‬صييدق‪ ,‬وجعل‬
‫يسرتجع فقال‪ :‬إان لنشبع(‪.)4‬‬
‫وأتمل حدي الرسيول ‪ ‬بعني فاحصية وقلب واع‪" :‬من أص بح‬
‫منكم آمنال ن س ربه‪ ,‬معا ن جس ده وعنده قوت يومه‪ ,‬فكأ ا‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد ‪.273/2‬‬


‫(‪ )2‬صفة الصفوة ‪.218/4‬‬
‫(‪ )3‬ادحياء ‪.366/1‬‬
‫(‪ )4‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص ‪.517‬‬
‫‪16‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫حيات له الدنيا حبذافريها"(‪.)1‬‬


‫وحنن يف زمن مال فيه كثري من الناس إىل ادسراف والبذخ‬
‫والتفاخر ابملآكل واملشارب واملراكب واملساكن‪ .‬هذا احلسن يروي لنا‬
‫حال من سبقنا ممن مههم الدار اآلخرة ووجهتهم العبادة‪ ..‬قال‪ :‬أدركت‬
‫‪-‬والذي نفسي بيده‪ -‬أقواماً ما أمر أحدهم بصنعة طعام قط‪ ,‬ف ن قرب‬
‫إليه شيء أكله وإال سكت‪ ,‬ال يبايل حاراً كان أو ابرداً‪ ,‬وما افرتش‬
‫أحدهم بينه وبني األرض فراشاً قط‪ ,‬وإمنا يتوسد يده فيهجع من الليل‪,‬‬
‫ه يقوم فيبيت ليلته راكعاً ساجداً‪ ,‬يرغب إىل هللا يف فك رقبته( ‪.)2‬‬
‫وقال رجل للحسن‪ :‬ما تقول يف رجل آاته هللا ماالً فهو يتصدق‬
‫منه ويصل منه‪ ,‬أرسب له أن يتعيش فيه (يعين يتنعم)؟ فقال‪ :‬ال‪ ,‬لو‬
‫ويقوم ذلك ليوم‬‫كانت له الدنيا كلها ما كان له منها إال الكفاف عِ‬
‫فقره(‪.)3‬‬
‫ف ن مقصد ذوي األلباب لقاء هللا تعاىل يف دار الثواب‪ ,‬وال طريق‬
‫إىل الوصول للقاء هللا إال ابلعلم والعمل‪ ,‬وال متكن املواظبة عليهما إال‬
‫بسالمة البدن‪ ,‬وال تصفو سالمة البدن إال ابألطعمة واألقوات والتناول‬
‫منها بقدر احلاجة على تكرر األوقات‪ ,‬فمن هذا الوجه قال بعض‬
‫ال سلف الصاحلني‪ :‬إن األكل من الدين‪ ,‬وعليه نبه رب العاملني بقوله‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي وابن ماجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬حلية األولياء ‪.270/6‬‬
‫(‪ )3‬مكاشفة القلوب‪ ,‬ص‪.156‬‬
‫‪17‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ات وا ْعملُوا ص ِ‬ ‫ِ‬


‫احللا‪.)1(‬‬ ‫وهو أصدق القائلني‪ُ  :‬كلُوا م ان الطَّيِبا ِ ا ا ا‬
‫فمن ييُ ْقدم على األكل ليسي ي ي ي ي ييتعني به على العلم والعمل ويتقور‬
‫يدر يس ي ييرتس ي ييل يف‬‫به على التقور فال ينبغي أن يرتك نفس ي ييه مهمالً س ي ي ً‬
‫األكل اسي ي ي ي ييرتسي ي ي ي ييال البهائم يف مرعى‪ ,‬ف ن ما هو ذريعة إىل يوم الدين‬
‫ووسي ي ي ي ي يييلة إليه ينبغي أن تظهر أنوار الدين عليه‪ .‬وإمنا أنوار الدين آدابه‬
‫وسي ي ي ي ييننه اليت ي زم العبد بزمامها ويلجم املتقي بلجامها‪ ,‬حىت يتزن مبيزان‬
‫الشيرع شيهوة الطعام يف إقدامه وإحجامها‪ ,‬فيصيري بسيببها مدفعة للوزر‬
‫وجملبية لألجر وإن كيان فيهيا أو يف حظ للنفس‪ ,‬قيال رس ي ي ي ي ي ييول هللا ‪:‬‬
‫"إن الرجيل ليؤجر حىت يف اللقميية يرفعهييا إىل فيييه وإىل يف امرأتيه"‪ .‬وإمنيا‬
‫ذلك إذا رفعها ابلدين وللدين مراعياً فيه آدابه ووظائفه‪.‬‬
‫أخي احلبيب‪:‬‬
‫إذا اج ت م ل اتس الم وال ق وت ل ل‬
‫وك ان ص ح ي ح ال جس م ه وه و ن أم ن‬
‫ف ق د م ل ك ال دن ي ا ي ع ال وح ازه ا‬
‫امل ن‬ ‫وح َّل ع ل ي ه الش ك ر هلل ذ‬
‫قال ادمام الش ي ييافعي‪ :‬ما ش ي ييبعت منذ س ي ييت عش ي ييرة س ي يينة؛ ألن‬
‫الش ي ي ي ي ي ييبع يثقيل البيدن‪ ,‬ويقس ي ي ي ي ي ييي القليب‪ ,‬ويزييل الفطنية‪ ,‬وجيليب النوم‪,‬‬
‫ويضعف صاحبه عن العبادة(‪.)2‬‬
‫ولإلسيالم شيرائع وآداب عظيمة يف مجيع حياة املسيلم فمن ذلك‬
‫(‪ )1‬سورة املؤمنون‪ ,‬اآلية‪.51 :‬‬
‫(‪ )2‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.518‬‬
‫‪18‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫حال ادنسيان يف مأكله ومشيربه‪ ,‬ف ن الداعي إىل ذلك شييئان‪ :‬حاجة‬
‫ماسة‪ ,‬وشهوة ابعثة‪.‬‬
‫فأما احلاجة فتدعو إىل ما سي ي ي ي ي ييد اجلوع‪ ,‬وسي ي ي ي ي ييكن الظمأ؛ وهذا‬
‫مندوب إليه عقالً وش ي ي ييرعاً ملا فيه من حفظ النفس وحراس ي ي يية اجلس ي ي ييد‪,‬‬
‫ولذلك ورد الشيرع ابلنهي عن الوصيال بني صيوم اليومني‪ ,‬ألنه يضيعف‬
‫اجلسيد‪ ,‬ومييت النفس‪ ,‬ويُعجز عن العبادة‪ ,‬وكل ذلك مينع منه الشيرع‪,‬‬
‫ويدفع عنه العقل‪ ,‬وليس ملن منع نفس ي ي ي ييه قدر احلاجة حظ من بر‪ ,‬وال‬
‫نص ي يييب من زهد‪ ,‬ألن ما حرمها من فعل الطاعات ابلعجز والض ي ييعف‬
‫أكثر ثواابً وأعظم أجراً‪ ,‬إذ ليس يف ترك املب ي يياح ثواب يق ي يياب ي ييل فع ي ييل‬
‫الطاعات وإتيان القرب‪ ,‬ومن أخس يير نفس ييه رحباً موفوراً أو حرمها أجراً‬
‫م ييذخوراً ك ييان زه ييده يف اخلري أقور من رغبت ييه‪ ,‬ومل يبق علي ييه من ه ييذا‬
‫التكليف إال الشهوة برايئه ونعته‪.‬‬
‫وأما الشهوة فتتنوع نوعني‪ :‬شهوة يف ادكثار والزايدة‪ ,‬وشهوة يف‬
‫تناول األلوان اللذيذة‪.‬‬
‫فأما النوع األول‪ :‬وهو شهوة الزايدة على قدر احلاجة‪ ,‬وادكثار‬
‫على مقدار الكفاية؛ فهو ممنوع منه يف العقل والشي ي ي ي ي ييرع‪ ,‬ألن تناول ما‬
‫زاد على الكفاية‪ ,‬هنٌَم معر‪ ,‬وشر مضر‪.‬‬
‫أما النوع الثاين‪ :‬فهو شي ي ييهوة األشي ي ييياء اللذيذة‪ ,‬ومنازعة النفوس‬
‫إىل طلييب األنواع الش ي ي ي ي ي ييهييية‪ ,‬فمييذاهييب النيياس يف متكني النفس منهييا‬
‫خمتلفة‪ ,‬فمنهم من يرر أن صي ي ييرف النفس عنها أوىل‪ ,‬وقهرها عن اتباع‬
‫‪19‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫شييهوا ا أحرر‪ ,‬ليذل له قيادها‪ ,‬ويهون عليه عنادها‪ ,‬ألن متكينها وما‬
‫ور‪ ,‬بطر يطغى‪ ,‬وأَ َش ي ي ي ي ي ير يردي‪ ,‬ألن ش ي ي ي ي ي ييهوا ييا غري متنيياهييية‪ ,‬في ذا‬
‫تعد ا إىل شي ييهوات قد اسي ييتحدثتها‪,‬‬ ‫أعطاها املراد من شي ييهوات وقتها‪َّ ,‬‬
‫فيصييري ادنسييان أسييري شييهوات ال تنقضييي‪ ,‬وعبد هور ال ينتهي‪ .‬ومن‬
‫كان هبذه احلال مل ييُْر َ له صالح‪ ,‬ومل يوجد فيه فضل‪.‬‬
‫قال شي يييخ ادسي ييالم ابن تيميه رمحه هللا تعاىل‪ :‬فالذين يقتصي ييدون‬
‫يف املأكل نعيمهم هبا أكثر من املس ي ي ي يرفني فيها‪ ,‬ف ن أولئك إذا أدمنوها‬
‫وألفوهيا ال يبقى هليا عنيدهم كبري ليذةٍ‪ ,‬مع أهنم قيد ال يص ي ي ي ي ي ييربون عنهيا‪,‬‬
‫وتكثر أمراضهم بسببها‪.‬‬
‫دم ت ه‬ ‫َي خ ادم اجلس م ك م تش ق ى‬
‫ران‬ ‫ا ف ي ه خس‬ ‫ل ت ط ل ب ال رب ح‬
‫واس تكم ل فض ا له ا‬ ‫أقب ل على الن‬
‫(‪)1‬‬
‫ان‬ ‫م إنس‬ ‫ال جلس‬ ‫ف أن ت ل ن‬
‫يتقوت هبييا‬ ‫َّ‬ ‫ورث داود الطييائي من أمييه أربعمييائيية درهم‪ ,‬فمك ي‬
‫ثيالثيني ع ي ي ييام ي ي ياً‪ ,‬فيليم ي ي ييا نيف ي ي ييدت جيع ي ي ييل يينيقيض سي ي ي ي ي ي يقيوف ال ي ي ييدوييرة‬
‫ويبيعها(‪.)2‬‬
‫واحملاسبون ألنفسهم يف هذه الدنيا يفعلون مثلما قال أبو يوسف‬
‫القسويل عن نفسه‪ :‬أان أتفقه يف مطعمي من ستني سنة(‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬أدب الدنيا والدين‪ ,‬ص ‪.335‬‬
‫(‪ )2‬السري ‪.424/7‬‬
‫(‪ )3‬كتاب الورع‪ ,‬عبدهللا ابن حنبل‪ ,‬ص‪.10‬‬
‫‪20‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وقال احلسي ي يين‪ :‬أدركت أقواماً ال يفرحون بشي ي يييء من الدنيا أتوه‪,‬‬
‫وال سفون على شيء منها فا م(‪.)1‬‬
‫أما من أسي ي ييرف على نفسي ي ييه وأكل احلرام ليمأل بطنه فنسي ي ييوق له‬
‫قوالً بليغاً لعله يتعظ به!!‬
‫قال مشيط بن عجالن‪ :‬إمنا بطنك اي ابن آدم شرب يف شرب فَلِ َم‬
‫يدخلك النار؟(‪.)2‬‬
‫وبعض الناس يقوده هذا الشرب إىل النار والعياذ اب !!‬
‫يتحرزون مما كلون‪ ,‬قال حذيفة‪ :‬تعاهدوا أرقاءكم‬ ‫وهلذا كانوا َّ‬
‫فانظروا من أين جييئون بضراهبم‪ ,‬ف نه ال يدخل اجلنة حلم نبت من‬
‫سحت(‪.)3‬‬
‫وقال شعيب بن حرب‪ :‬ال حتقرن فلساً تطيع هللا يف كسبه‪ ,‬ليس‬
‫الفلس يراد‪ ,‬إمنا الطاعة تراد‪ ,‬عسي ييى أن تشي ييرتي به بقالً فال يسي ييتقر يف‬
‫جوفك حىت يغفر لك(‪.)4‬‬
‫أخي املسلم‪:‬‬
‫لألكل آداب عظيمة علمنا إايها رس ييول هللا ‪ ,‬وال يليق مبس ييلم‬
‫أن كل ويشيرب من نعم هللا عز وجل وينسيى ما دلنا عليه الشيرع من‬
‫آداب وأحكام!!‬

‫(‪ )1‬الزهد لإلمام أمحد‪ ,‬ص ‪.230‬‬


‫(‪ )2‬مكاشفة القلوب‪ ,‬ص‪.170‬‬
‫(‪ )3‬كتاب الزهد لإلمام أمحد‪ ,‬ص‪.263‬‬
‫(‪ )4‬صفة الصفوة ‪.80/3‬‬
‫‪21‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ومن اآلداب اليت جتاهلها الناس وأص ي ي ي ييبحت مهجورة إما كرباً أو‬
‫جهالً ونسي ي ييياانً لعق األصي ي ييابع لقول النيب ‪" :‬إذا أكل أحدكم طعامال‬
‫لع اق ْها" أو "يُلِ ْعقها"(‪ ,)1‬ولقول جابر رضي ييي‬
‫فال ميس ح أص ابعه ح يا ا‬
‫هللا عنه أن رسييول هللا ‪ ‬أمر بلعق األصييابع والصييحفة وقال‪" :‬إنكم ال‬
‫تدرون ن أ طعامكم الربكة"(‪.)2‬‬
‫وكذلك إذا س ي ي ييقط منه ش ي ي يييء مما كل أزال عنه األذر وأكله‪,‬‬
‫ط (ينح)‬ ‫لقول النيب ‪" :‬إذا س قطت لقمة أحدكم فليأخذها‪ ,‬اولْيُ ِم ْ‬
‫عنها اآلذى وليأكلها‪ ,‬وال يدعها للشيطان"(‪.)3‬‬
‫قيال مس ي ي ي ي ي ييلمية بن عبيد املليك‪ :‬دخليت على عمر بن عبيد العزيز‬
‫بعييد الفجر يف بيييت كييان خيلو فيييه بعييد الفجر فال يييدخييل عليييه أحييد‪,‬‬
‫فجاءت جارية بطبق عليه متر صبحاين‪ ,‬وكان يعجبه التمر‪ ,‬فرفع بكفه‬
‫منه فقال‪ :‬اي مسييلمة! أترر لو أن رجالً أكل هذا ه شييرب عليه املاء‪ ,‬ف ن‬
‫امليياء على التمر طيييب‪ ,‬أكييان جيزيييه إىل الليييل؟ قلييت‪ :‬ال أدري فرفع أكثر‬
‫منيه‪ ,‬قيال‪ :‬فهيذا؟ قليت‪ :‬نعم اي أمري املؤمنني‪ ,‬كيان كيافييه دون هيذا حىت ميا‬
‫فعالم تدخل النار؟! قال مسلمة‪ :‬فما‬ ‫يبايل أن ال يذوق طعاماً غريه‪ ,‬قال‪َ :‬‬
‫وقعت مين موعظة ما وقعت هذه(‪.)4‬‬
‫أخي املسلم‪:‬‬

‫(‪ )1‬رواه أبو داود والرتمذي‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬حلية األولياء ‪.277/5‬‬
‫‪22‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ق ِرب ط ع ام ك واب ذل ه مل ن دخ ال‬


‫واح ل ف ع ل ى م ن أ واش ك ر مل ن أك ال‬
‫وال ت ك ن س اح ر ال ع رع َم تش لم ا‬
‫(‪)1‬‬
‫ت ال دهر َمت ال‬ ‫ل فلس‬ ‫من القلي‬
‫اجتمع مياليك بن دينيار و ميد بن واس ي ي ي ي ي ييع فتيذاكرا العيش فقيال‬
‫مالك‪ :‬ما ش ي ي ي يييء أفض ي ي ي ييل من أن يكون للرجل غلة يعيش فيها‪ ,‬فقال‬
‫مد‪ :‬طوىب ملن وجد غذاء ومل جيد عشيياء ووجد عشيياء ومل جيد غذاء‪,‬‬
‫اض(‪.)2‬‬
‫اض‪ ,‬وهللا عنه ر ٍ‬
‫وهو عن هللا ر ٍ‬
‫ا ب دال‬ ‫ه ي ال ق ن اع ة ال ت ب‬
‫دن‬ ‫م وف ي ه ا راح ة ال ب‬ ‫ف ي ه ا ال ن ع ي‬
‫ع ه ا‬ ‫ر مل ن م ل ك ال دن ي ا‬ ‫ان‬
‫ه ل را م ن ه ا ب غ ري ال ق ط ن وال ك ن‬
‫أخي املسلم‪:‬‬
‫النعم ثالثة‪ :‬نعمة حاصييلة يعلم هبا العبد‪ ,‬ونعمة منتظرة يرجوها‪,‬‬
‫عرفه‬
‫ونعمة هو فيها ال يشي ي ي ييعر هبا‪ ,‬ف ذا أراد هللا إمتام نعمته على عبده َّ‬
‫نعمته احلاضي ييرة وأعطاه من شي ييكره قيداً يقيدها به حىت ال تشي ييرد‪ ,‬ف هنا‬
‫تش ي ي ي ييرد ابملعص ي ي ي ييية وتقيد ابلش ي ي ي ييكر‪ ,‬ووفَّقه لعمل يس ي ي ي ييتجلب به النعمة‬
‫ص ي ي يره ابلطرق اليت تس ي ي ييدها وتقطع طريقها ووفقه الجتناهبا‪.‬‬ ‫املنتظرة‪ ,‬وب َّ‬
‫وعرفييه النعم اليت هو فيهييا وال‬
‫وإذا هبييا قييد وافييت إليييه على أ‪ ,‬الوجوه‪َّ ,‬‬
‫(‪ )1‬ترتيب املدارك ‪.307/1‬‬
‫(‪ )2‬تذكرة احلفاظ ‪.124/4‬‬
‫‪23‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫يشعر هبا‪.‬‬
‫وركى أن أعرابيياً دخيل على الرش ي ي ي ي ي يييد‪ ,‬فقيال‪ :‬اي أمري املؤمنني‪,‬‬ ‫ُ‬
‫ثبَّت هللا عليك النعم اليت أنت فيها‪ ,‬إبدامة ش ي ي ييكرها‪ ,‬وحقق لك النعم‬
‫اليت ترجوها حبس ي يين الظن به وداوم طاعته‪ ,‬وعرفك النعم اليت أنت فيها‬
‫وال تعرفها لتشكرها‪ .‬فأعجبه ذلك منه وقال‪ :‬ما أحسن تقسيمه(‪.)1‬‬
‫قال ش ي ي ي يييخ ادس ي ي ي ييالم ابن تيمية‪ :‬وأما نعمة الس ي ي ي يراء فتحتا إىل‬
‫الصرب على الطاعة فيها‪ ,‬ف ن فتنة السراء أعظم من فتنة الضراء‪.‬‬
‫ه قال رمحه هللا‪ :‬والفقر يصيلح عليه خلق كثري‪ ,‬والغىن ال يصيلح‬
‫علييه إال أقيل منهم‪ ,‬وهليذا كيان أكثر من ييدخيل اجلنية املس ي ي ي ي ي يياكني‪ ,‬ألن‬
‫فتنة الفقر أهون‪ ,‬وكالمها رتا إىل الص ي ي ييرب والش ي ي ييكر‪ ,‬لكن ملا كان يف‬
‫السيراء اللذة‪ ,‬ويف الضيراء األمل اشيتهر ذكر الشيكر يف السيراء والصيرب يف‬
‫الضراء(‪.)2‬‬
‫قال يوس ي ييف بن أس ي ييباط‪ :‬إذا تعبد الش ي يياب يقول إبليس‪ :‬انظروا‬
‫من أين مطعمه‪ ,‬ف ن كان مطعم سي ي ي ي ي ييوء‪ ,‬قال‪ :‬ال تشي ي ي ي ي ييتغلوا به‪ ,‬دعوه‬
‫جيتهد وينصب فقد كفاكم نصيبه(‪.)3‬‬
‫صيت على الرتف واملرتفني وسيوء‬ ‫وقد وردت آايت عديدة كثرية ن َّ‬
‫اخ ْذ ا ُم ْاففِي ِه ْم‬
‫ذلي ييك على نفوس الكثري‪ ,‬قي ييال تعي يياىل‪  :‬اح َّ إِذاا أ ا‬

‫(‪ )1‬الفوائد‪ ,‬ص ‪.224‬‬


‫(‪ )2‬جمموع الفتاور ‪.305/14‬‬
‫(‪ )3‬الزهد للبيهقي‪ ,‬ص ‪.359‬‬
‫‪24‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫اب إِذاا ُه ْم اَْيأ ُارو ان‪ .)1(‬وقال تعاىل عن أصي ييحاب الشي ييمال‪ :‬‬ ‫ِ ل اْع اذ ِ‬
‫ي‪ ,)2(‬وق ي ي ييال ج ي ي يل وعي ي ييال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ك ُم ْافف ا‬ ‫إِ َّهنُ ْم اك انُ وا قا ْب ال ذالِ ا‬
‫س ُقوا فِ ايها فا اح ََّ اعلا ْي اها‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬اوإِذاا أ اار ْد ا أا ْن ُهنْلِ ا‬
‫ك قا ْرياةل أ اام ْرا ُم ْافف ايها فا ا ا‬
‫الْاق ْو ُل فا اد َّم ْرا اها تا ْد ِم لريا‪.)3(‬‬
‫وكل ذلك ‪-‬والعياذ اب ‪ -‬من كفر النعمة وعدم شي ي ييكرها والقيام‬
‫حبقها‪ ,‬ف ن ادنس ي ي ي ي ييان إذا توالت عليه النعم وكثرت يف يده اخلريات قد‬
‫يلهى ويس ي ي ي ي ي ييتغين عن ربييه وينقطع إىل الييدنيييا وتكون هي حييياتييه وهنييايية‬
‫علمه!!‬
‫كان عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه ال يكاد يعيب طعاماً‪ ,‬فقال‬
‫غالمه يرفأ أو أسلم‪ :‬ألجعلنَّه حىت يعيبه؛ فجعل لبناً حامضاً ه قربه‬
‫إليه‪ ,‬قال‪ :‬فأخذ منه فقطب‪ ,‬ه قال‪ :‬ما أطيب هذا من رزق هللا عز‬
‫وجل( ‪.)4‬‬
‫هذا سفيان الثوري رمحه هللا وهو يتحدث عن الدنيا وزينتها وما‬
‫هو الزهد فيها؟! قال‪ :‬الزهد يف الدنيا قصر األمل‪ ,‬ليس أبكل الغليظ‬
‫وال بلبس العباء( ‪.)5‬‬
‫وج دت اجل وع ي ط رده رغ ي ف‬

‫(‪ )1‬سورة املؤمنون‪ ,‬اآلية‪.64 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة الواقعة‪ ,‬اآلية‪.45 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة ادسراء‪ ,‬اآلية‪.16 :‬‬
‫(‪ )4‬الزهد لإلمام أمحد‪ ,‬ص ‪.181‬‬
‫(‪ )5‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص ‪.355‬‬
‫‪25‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫رات‬ ‫وم ل ا ال ك ف م ن م اء ال‬


‫وق ل ال ط ع م ع ون ل ل مص ل ي‬
‫(‪)1‬‬
‫ب ات‬ ‫وك ث ر ال ط ع م ع ون ل لس‬
‫قال عبدهللا بن الفر ‪ :‬كان عتبة (الغالم) يعجن دقيقه وجيففه يف‬
‫الشمس ه كله ويقول‪ :‬كسرة وملح حىت هننأ يف الدار اآلخرة‪ ,‬الشواء‬
‫والطعام الطيب‪ ,‬وكان كل خبزاً وملحاً ويقول‪ :‬العرس يف الدار‬
‫اآلخرة‪.‬‬
‫وقال عبدهللا بن مشيط‪ :‬نعت أيب إذا وصي ييف أهل الدنيا يقول‪:‬‬
‫دائم البِطْنيية‪ ,‬قليييل الفطنيية‪ ,‬إمنييا مهتييه بطنييه وفرجييه وجلييده‪ ,‬يقول‪ :‬مىت‬
‫أص ي ي ييبح فآكل وأش ي ي ييرب وأهلو وألعب؟ مىت ُأمس ي ي ييي فأانم؟ جيفة ابلليل‬
‫بطَّال ابلنهار(‪.)2‬‬
‫وق ييد يظن بعض الن يياس أن ه ييذه األقوال دعوة إىل ترك األك ييل‬
‫احلالل وصرف النفس عنه!!‬
‫لكن يبني لنا رىي بن معاذ توضيييح ذلك كله فيقول وهو ردث‬
‫أص ي ي ي ييحابه‪ :‬لس ي ي ي ييت آمركم برتك الدنيا‪ ,‬آمركم برتك الذنوب‪ ,‬ترك الدنيا‬
‫فضييلة‪ ,‬وترك الذنوب فريضية‪ ,‬وأنتم إىل إقامة الفريضية أحو منكم إىل‬
‫احلسنات والفضائل‪.‬‬
‫قييال إبراهيم بن أدهم‪ :‬مييا أدرك من أدرك إال من كييان يعقييل مييا‬

‫(‪ )1‬حلية األولياء ‪.219/7‬‬


‫(‪ )2‬الزهد لإلمام أمحد‪ ,‬ص ‪.255‬‬
‫‪26‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫يدخل جوفه(‪.)1‬‬
‫أخي املسلم‪:‬‬
‫والدنيا أعيان موجودة‪ ,‬لإلنسان فيها حظ وهى األرض وما‬
‫عليها‪ ,‬ف ن األرض سكن اآلدمي‪ ,‬وما عليها ملبس ومطعم ومركب‪,‬‬
‫وكل ذلك علف لراحلة بدنه السائر إىل هللا عز وجل‪ ,‬ف نه ال يبقى إال‬
‫هبذه املصاحل‪ ,‬كما ال تبقى الناقة يف طريق احلج إال مبا يصلحها‪ ,‬فمن‬
‫تناول منها ما يصلحه على الوجه املأمور ُميدح‪ ,‬ومن أخذ منها فوق‬
‫احلاجة يكتنفه الشره ووقع يف الذم‪ ,‬ف نه ليس للشره يف تناول الدنيا‬
‫وجه‪ ,‬ألنه خير عن النفع إىل األذر‪ ,‬ويشغل عن طلب اآلخرة فيفوت‬
‫املقصود‪ ,‬ويصري مبثابة من أقبل يعلف الناقة‪ ,‬ويرد هلا املاء‪ ,‬ويغري عليها‬
‫ألوان الثياب‪ ,‬وينسى أن الرفقة قد سارت ف نه يبقى يف البادية فريسة‬
‫للسباع هو وانقته‪.‬‬
‫وال وجه أيض ي ي ي ياً للتقص ي ي ي ييري يف تناول احلاجة‪ ,‬ألن الناقة ال تقور‬
‫على السييري إال بتناول ما يصييلحها‪ ,‬فالطريق السييليم هى‪ :‬أن يؤخذ من‬
‫الدنيا ما رتا إليه من الزاد للس ي ي ي ييلوك وإن كان مش ي ي ي ييتهى‪ ,‬ف ن إعطاء‬
‫النفس ما تشتهيه عون هلا وقضاء حلقها(‪.)2‬‬
‫قال علي بن أيب طالب‪ :‬ليس اخلري أن يكثر مالك وولدك‪ ,‬ولكن‬
‫اخلري أن يكثر عملك ويعظم حلمك‪ ,‬وال خري يف الدنيا إال ألحد‬

‫(‪ )1‬ادحياء ‪.103/2‬‬


‫(‪ )2‬خمتصر منها القاصدين‪ ,‬ص‪.211‬‬
‫‪27‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫رجلني‪ :‬رجل أذنب ذنوابً فهو يتدارك ذلك بتوبة‪ ,‬ورجل يسارع يف‬
‫عمل يف تقور‪ ,‬كيف يقل ما يُتقبعل( ‪.)1‬‬
‫اخلريات‪ ,‬وال يقل ٌ‬
‫وعليك أخي الكرمي بوصية سفيان الثوري عندما سأله رجل فقال‪:‬‬
‫أوصين‪ ,‬قال‪ :‬اعمل للدينا بقدر بقائك فيها‪ ,‬ولآلخرة بقدر بقائك‬
‫فيها‪ .‬والسالم( ‪.)2‬‬
‫قييال مؤمييل‪ :‬دخلييت على س ي ي ي ي ي ييفيييان وهو كييل طبيياهج (اللحم‬
‫املش ي ي ي ي ي ييرح) ببيض‪ ,‬فكلمتييه يف ذلييك‪ ,‬فقييال‪ :‬مل آمركم أن أتكلوا طيبياً‪,‬‬
‫اكتسبوا طيباً وكلوا(‪.)3‬‬
‫وقيل إن سي ي ي ييفيان الثوري رمحه هللا أكل ليلة فقال‪ :‬إن احلمار إذا‬
‫زيد يف علفه زيد يف عمله‪ ,‬فقام تلك الليلة حىت أصبح‪.‬‬
‫فعلى املسلم أن ينوي أبكله أن يتقور به على طاعة هللا تعاىل‬
‫ليكون مطيعاً ابألكل وال يقصد التلذذ والتنعم ابألكل فحسب‪ ..‬بل‬
‫يكون األكل زاداً له للطاعة ونشاطاً يف العبادة‪.‬‬
‫قال إبراهيم بن شيبان‪ :‬منذ مثانني سنة ما أكلت شيئاً لشهويت‪.‬‬
‫ويعزم مع ذل ييك على تقلي ييل األك ييل‪ ,‬ف ي ن ييه إذا أك ييل ألج ييل قوة‬
‫العبادة مل تص ي ي ييدق نيته إال أبكل ما دون الش ي ي ييبع؛ ف ن الش ي ي ييبع مينع من‬
‫العبادة وال يقوي عليها‪ ,‬فمن ض ي ي ييرورة هذه النية كس ي ي يير الش ي ي ييهوة وإيثار‬

‫(‪ )1‬صفة الصفوة ‪.321/1‬‬


‫(‪ )2‬حلية األولياء ‪.56/7‬‬
‫(‪ )3‬السري ‪.237/7‬‬
‫‪28‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫القناعة على االتساع‪.‬‬


‫ُسئل سعيد بن عبدالعزيز عن الكفاف من الرزق ما هو؟ قال‪:‬‬
‫شبع يوم وجوع يوم( ‪.)1‬‬
‫أخي املسلم‪:‬‬
‫أعظم املهلكيات البن آدم ش ي ي ي ي ي ييهوة البطن‪ ,‬فبهيا أخر آدم علييه‬
‫الس ي ي ي ي ي ييالم وحواء من دار القرار إىل دار ال ييذل واالفتق ييار‪ ,‬إذ ِهنُي ييا عن‬
‫الشي ي ي ييجرة فغلبتهما شي ي ي ييهوا ما حىت أكال منها فبدت هلما سي ي ي ييوءا ما‪,‬‬
‫والبطن على التحقيق ينبوع الش ي ي ي ي ي ييهوات ومنبييت األدواء واآلفييات‪ ,‬إذ‬
‫يتبعها شيهوة الفر وشيدة الشيبق إىل املنكوحات‪ ,‬ه تتبع شيهوة الطعام‬
‫والنكاح شي ي ييدة الرغبة يف اجلاه واملال اللذين مها وسي ي يييلة إىل التوسي ي ييع يف‬
‫املنكوحات واملطعومات‪ ,‬ه يتبع اسي ي ي ييتكثار املال واجلاه أنواع الرعوانت‬
‫وض ي ي ي ي ييرر املنافس ي ي ي ي ييات واحملاس ي ي ي ي ييدات‪ ,‬ه يتولد بينهما آفة الرايء وغائلة‬
‫التفاخر والتكاثر والكربايء‪ ,‬ه يتداعى ذلك إىل احلقد واحلسد والعداوة‬
‫والبغضي ي ي ي ي ي يياء‪ ,‬ه يفض ي ي ي ي ي ييي ذلييك بصي ي ي ي ي ي يياحبييه إىل اقتحييام البغي واملنكر‬
‫والفحش يياء‪ ,‬وكل ذلك مثرة إمهال املعدة وما يتولد منها من بطر الش ييبع‬
‫واالمتالء‪ ,‬ولو ذلَّل العبد نفس ي ي ي ييه ابجلوع وضي ي ي ي ييَّق به جماري الش ي ي ي يييطان‬
‫ألذعنت لطاعة هللا عز وجل ومل تس ي ي ي ي ييلك س ي ي ي ي ييبيل البطر والطغيان‪ ,‬ومل‬
‫ينجر بييه ذلييك إىل االهنميياك يف الييدنيييا وإيثييار العيياجليية على العق ‪ ,‬ومل‬

‫(‪ )1‬السري ‪ ,37/8‬تذكرة احلفاظ ‪.219/1‬‬


‫‪29‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫يتكالب كل هذا التكالب على الدنيا(‪.)1‬‬


‫فاألكل يف مقام العدل يصي ييح البدن وينفي املرض‪ ,‬وذلك أن ال‬
‫يتناول الطعام حىت يش ي ي ي ييتهيه‪ ,‬ه يرفع يده وهو يش ي ي ي ييتهيه‪ ,‬والدوام على‬
‫قل عأ َأل أقوام مطاعمهم حتى‬ ‫التقلل من الطعام يضي ي ييعف القور‪ ,‬وقد ع‬
‫قص ي ي ي ييروا عن الفرائض‪ ,‬وظنوا ذهلهم أن ذلك فض ي ي ي يييلة‪ ,‬وليس كذلك‪,‬‬
‫ومن مدح اجلوع ف منا أشي ي ييار إىل احلالة اليت ذكرانها‪ .‬ويسي ي ييهل االحرتاز‬
‫عن ذلك يف بداايت األمور‪ ,‬ف ن آخرها يفتقر إىل عال شي ييديد‪ ,‬وقد‬
‫ال ينجع‪ ,‬ومثاله من يص ي ي ي ي ي ييرف عنان الدابة عند توجهها إىل ابب تريد‬
‫دخول ييه‪ ,‬فم ييا أهون منعه ييا بص ي ي ي ي ي ييرف عن يياهن ييا‪ ,‬ومث ييال من يع يياجل ييه بع يد‬
‫اس ي ي ي ي ي ييتحكييامييه‪ ,‬مثييال من يرتكهييا حىت تييدخييل البيياب وجتيياوزه‪ ,‬ه خييذ‬
‫(‪)2‬‬
‫بذنبها جيرها إىل وراء‪ ,‬وما أعظم التفاوت بني األمرين!!‬
‫ب ك م ن ده رك ه ذا ال ق وت‬ ‫حس‬
‫(‪)3‬‬
‫م ا أك ث ر ال ق وت مل ن مي وت‬
‫دخلييت خييادميية منزل طلحيية بن مص ي ي ي ي ي ييرف تقتبس انراً وطلحيية‬
‫يُصيلي‪ ,‬فقالت هلا امرأته‪ :‬مكانك اي فالنة حىت نشيوي أليب مد هذا‬
‫القديد على قص ي ي ي ي ي ييبتك يفطر عليها‪ ,‬فلما قض ي ي ي ي ي ييى الص ي ي ي ي ي ييالة قال‪ :‬ما‬
‫ص يينعت؟ ال أذوقها حىت ترس ييلي إىل س يييد ا تس ييتأذنيها حبس ييك إايها‬

‫(‪ )1‬ادحياء ‪.87/3‬‬


‫(‪ )2‬خمتصر منها القاصدين‪ ,‬ص ‪.177‬‬
‫(‪ )3‬الزهد للبيهقي‪ ,‬ص‪.117‬‬
‫‪30‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وشواءك على قصبتها(‪.)1‬‬


‫وهذا من ش ي ي ي ي ييدة ورعهم وبعدهم عن أخذ حقوق الغري‪ ..‬أما يف‬
‫نفقتهم وجودهم ف هنم يضربون أروع األمثال يف ذلك!!‬
‫كان الربيع بن خثيم إذا جاءه الس ي ي ي ييائل قال‪ :‬أطعموه الس ي ي ي ييكر؛‬
‫ف ن الربيع رب السكر(‪.)2‬‬
‫لقد كانت نفقتهم مما ربون من األكل‪ ..‬فيدعون ش ييهوة بطوهنم‬
‫ان‬
‫احتس ي ي ي ي يياابً لألجر واملثوبة فينفقون ويتص ي ي ي ي ييدقون‪ ,‬قال هللا تعاىل‪  :‬ل ْ‬
‫تا ناالُوا الِْربَّ اح َّ تُنْ ِ ُقوا ِ َّا ُُِتبُّو ان‪.)3(‬‬
‫خط ييب ش ي ي ي ي ي ي ييداد بن أوس فق ييال‪ :‬أيه ييا الن يياس‪ ,‬إن الييدني ييا أجي ٌيل‬
‫حاض ي ي ي يير‪ ,‬كل منها الرب والفاجر‪ ,‬وإن اآلخرة أجل مس ي ي ي ييتأخر‪ ,‬ركم‬
‫فيهيا مليك قيادر‪ ,‬أال وإن اخلري كليه حبيذافريه يف اجلنية‪ ,‬وإن الش ي ي ي ي ي يير كليه‬
‫حبذافريه يف النار(‪.)4‬‬
‫وقال عمرو بن العاص رضييي هللا عنه وكأنه يُطل على زماننا‪ :‬إذا‬
‫مل يكن للرجل جتارة إال الطعام طغى وبغى(‪.)5‬‬
‫وما ظنك مبن يفكر يف عشائه ومن ماذا يتكون وهو على طعام‬
‫الغداء‪ ,‬وتراه يسأل وررض على بطنه!! ودينه مرقع!! كل من نعم‬

‫(‪ )1‬حلية األولياء ‪.15/5‬‬


‫(‪ )2‬الزهد البن السري ‪.344/1‬‬
‫(‪ )3‬سورة آل عمران‪ ,‬اآلية‪.92 :‬‬
‫(‪ )4‬حلية األولياء ‪.466/2‬‬
‫(‪ )5‬الزهد لإلمام أمحد‪ ,‬ص‪.73‬‬
‫‪31‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫هللا ويعصي بنعمه اليت أنعم عليه من عني ونع ويد ورجل!!‪.‬‬
‫قال ابن معاوية الغاليب‪ :‬حدثين رجل قال‪ :‬قالت امرأة مشيط (ابن‬
‫عجالن) اي أاب متام! إان نعمل الشيء فيربد؛ نشتهي أن أتكل منه معنا‬
‫فال جتيء حىت يفسد ويربد‪ ,‬فقال‪ :‬وهللا إن أبغض ساعايت إىل الساعة‬
‫اليت آكل فيها‪.‬‬
‫وعن ميمون بن مهران أن امرأة ابن عمر‪ ,‬عوتبت فيه‪ ,‬فقيل هلا‪:‬‬
‫أما تلطفني هبذا الشيييخ؟ فقالت‪ :‬فما أصيينع به‪ ,‬ال نصيينع له طعاماً إال‬
‫دعا من كل‪ ,‬فأرسييلت إىل القوم من املسيياكني كانوا جيلسييون بطريقه‬
‫إذا خر من املسي ي ييجد فأعطتهم وقالت هلم ال جتلسي ي يوا بطريقه‪ ,‬ه جاء‬
‫إىل بيته فقال أرس ييلوا إىل فالن وإىل فالن‪ ,‬وكانت امرأته أرس ييلت إليهم‬
‫بطعام وقالت إن دعاكم فال أتتوه‪ ,‬فقال ابن عمر رضي ي ي ي ي ييي هللا عنهما‪:‬‬
‫يتعش تلك الليلة(‪.)1‬‬
‫أرد‪ ,‬أن ال أتعشى الليلة‪ ,‬فلم َّ‬
‫وهذا رىي بن معاذ وكأنه خياطب أهل البطون من مههم مجع‬
‫الدنيا ومتابعتها حىت أصبحوا عبيداً هلا‪ :‬مسكني ابن آدم‪ ,‬لو خاف‬
‫النار كما خياف الفقر دخل اجلنة(‪.)2‬‬
‫أخي احلبيب‪ :‬أين حنن من هؤالء !‬
‫فكف‬
‫َّ‬ ‫ضييرب الربيع الفا ‪ ,‬وطال به وجعه‪ ,‬فاشييتهى حلم دجا‬
‫نفسي ي ييه أربعني يوماً‪ ,‬ه حكى المرأته فاشي ي ييرتت دجاجة بدرهم ودانقني‬
‫فس ي ي ي ي ييو ا‪ ,‬وخبزت له خبزاً‪ ,‬وجعلت له أص ي ي ي ي ييباغاًكاحللور‪ ,‬ه جاءت‬

‫(‪ )1‬حلية األولياء ‪.298/1‬‬


‫(‪ )2‬اتريخ بغداد ‪.378/10‬‬
‫‪32‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫فكف‪,‬‬
‫علي‪َّ ,‬‬ ‫ابخلوان‪ ,‬فلما ذهب ليأكل قام س ي ي ييائل‪ ,‬فقال‪ :‬تص ي ي ييدقوا ع‬
‫وقال‪ :‬خذي هذا فادفعيه إليه‪ ,‬قالت‪ :‬فأان أصي ي ي ي ي يينع ما هو أحب إليه‪,‬‬
‫قال‪ :‬وما هو؟ قالت‪ :‬نعطيه مثن هذا‪ ,‬وأتكل أنت ش ي ي ييهوتك‪ ,‬قال قد‬
‫أحسنت‪ ,‬ائتيين بثمنه‪ ,‬فجاءت بثمن الدجاجة واخلبز واألصبا فقال‪:‬‬
‫ضعيه على هذا وادفعيه مجيعاً إىل السائل(‪.)1‬‬
‫قال أبو إس ييحاق الطربي‪ :‬كان النجاد يص ييوم الدهر ويفطر على‬
‫رغيف ويرتك لقم ي يية‪ ,‬ف ي ي ذا ك ي ييان ليل ي يية اجلمع ي يية أك ي ييل تل ي ييك اللقم اليت‬
‫استفضلها وتصدق ابلرغيف(‪.)2‬‬
‫أولئك قوم قال عنهم احلس ي ي ي يين‪ :‬وهللا لقد أدركت أقواماً ما طُوي‬
‫ألحيدهم يف بيتيه ثوب قط‪ ,‬وال أمر يف أهليه بص ي ي ي ي ي يينعية طعيام قط‪ ,‬وميا‬
‫جعل بينه وبني األرض شيئاً قط!!(‪.)3‬‬
‫وقال احلسن بن رىي‪ :‬من أراد أن تغزر دموعه ويرق قلبه فليأكل‬
‫وليشرب يف نصف بطنه‪.‬‬
‫قال أمحد ابن أيب احلواري‪ :‬فحدثت هبذا أاب سي ييليمان فقال‪ :‬إمنا‬
‫جاء احلدي ‪" :‬ثل طعام وثل ش ي ي ي ي يراب" وأرر هؤالء قد حاس ي ي ي ي ييبوا‬
‫أنفسهم فرحبوا سدساً‪.‬‬
‫وقال مد بن النضر‪ :‬اجلوع يبع على الرب كما تبع البطنة‬
‫على األشر‪.‬‬

‫(‪ )1‬أحسن احملاسن‪ ,‬ص ‪.289‬‬


‫(‪ )2‬تذكرة احلفاظ ‪.868/3‬‬
‫(‪ )3‬حلية األولياء ‪.146/2‬‬
‫‪33‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وقد ندب النيب ‪ ‬إىل ادقالل من األكل يف حدي املقدام‬


‫وقال‪" :‬حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه"‪ ,‬ويف الصحيحني عنه‬
‫‪ ‬أنه قال‪" :‬املؤمن أيكل ن معي واحد‪ ,‬والكافر أيكل ن سبعة‬
‫أمعاء"‪ .‬واملراد أن املؤمن كل آبداب الشرع فيأكل يف معي واحد‪,‬‬
‫والكافر كل مبقتضى الشهوة والشدة والنهم فيأكل يف سبعة أمعاء‪.‬‬
‫ونييدب ‪ ‬مع ادقالل من األكييل واالكتف يياء ببعض الطع ييام إىل‬
‫اديث ييار ابلب يياقي من ييه‪ ,‬فق ييال‪" :‬طع ام الواح د يك ي االثني‪ ,‬وطع ام‬
‫االثني يك ي الثالثة‪ ,‬وطعام الثالثة يك ي األربعة"‪.‬‬
‫فأحسي ي ي ي ي ين ما أكل املؤمن يف ثل بطنه وش ي ي ي ي ييرب يف ثل وترك‬
‫للنفس ثلثاً؛ ف ن كثرة الشرب جتلب النوم وتفسد الطعام‪.‬‬
‫قال سي ييفيان‪ :‬كل ما شي ييئت وال تشي ييرب‪ ,‬ف ذا مل تشي ييرب مل جيئك‬
‫النوم‪.‬‬
‫وقال بعض الس ييلف‪ :‬كان ش ييباب يتعبدون يف بين إس يرائيل‪ ,‬ف ذا‬
‫كان فطرهم قام عليهم قائم فقال‪ :‬ال أتكلوا كثرياً فتناموا كثرياً فتخسروا‬
‫كثرياً‪.‬‬
‫وقد كان النيب ‪ ‬وأصحابه جيوعون كثرياً وال يشربون كثرياً‬
‫يتقللون من أكل الشهوات‪ ,‬وإن كان ذلك لعدم وجود الطعام‪ ,‬إال أن‬
‫هللا ال خيتار لرسوله إال أكمل األحوال وأفضلها‪ ,‬وهلذا كان ابن عمر‬
‫يتشبه به يف ذلك مع قدرته على الطعام وكذلك أبوه من قبله‪.‬‬
‫ويف الصحيحني عن عائشة قالت‪" :‬ما شبل آل َممد ‪ ‬من‬
‫‪34‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫خبا شعري يومي متتابعي ح قبض"‪.‬‬


‫وخر البخاري عن أيب هريرة قال‪" :‬ما شبل رسول هللا ‪ ‬من‬
‫طعام ثالثة أَيم ح قبض"‪ .‬وعنه قال‪" :‬خر رسول هللا ‪ ‬من الدنيا‬
‫ومل يشبع من خبز شعري"‪.‬‬
‫ويف صحيح مسلم عن عمر أنه خطب فذكر ما أصاب الناس‬
‫من الدنيا فقال‪" :‬لقد رأيت رسول هللا ‪ ‬يظل اليوم يلتوي ما جيد‬
‫دقالً"‪.‬‬
‫وخر الرتمييذي وابن ميياجييه من حييديي أنس عن النيب ‪ ‬قييال‪:‬‬
‫"لقد أُوذيت ن هللا وما يؤذى أحد‪ ,‬ولقد أخ ت ن هللا وما اف‬
‫أح د‪ ,‬وق د أت ت علي ثالن من بي يوم وليل ة وم ا ِل طع ام إال م ا‬
‫وراه إبط بالل"(‪.)1‬‬
‫وهذه النعمة العظيمة اليت نتقلب فيها من الطعام والشي ي يراب هى‬
‫مطية ُحلسين العبادة وطوهلا فقد كان سيفيان الثوري حسين املطعم وكان‬
‫يقول‪ :‬إن الدابة إذا مل حتسن إليها يف العلف مل تعمل(‪.)2‬‬
‫قال القاسي ي ي ي ييم بن خميمر‪ :‬ما اجتمع علي مائديت لوانن من طعام‬
‫واحد(‪.)3‬‬
‫وقال مد بن صفوان‪ :‬كان ليحىي القطان نفقة من غلته‪ ,‬إن‬
‫دخل من غلته حنطة أكل حنطة‪ ,‬وإن دخل شعري أكل شعرياً‪ ,‬وإن‬
‫(‪ )1‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.427‬‬
‫(‪ )2‬منها القاصدين‪ ,‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )3‬حلية األولياء ‪.80/6‬‬
‫‪35‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫دخل متر أكل متراً(‪.)1‬‬


‫وكيان ‪ ‬كيل فياكهية بليده‪ ,‬ميا قيدميت ليه فياكهية فرتك أكلهيا ال‬
‫على س ي ييبيل الزهد الفاس ي ييد‪ ,‬وال على س ي ييبيل الورع الفاس ي ييد‪ ,‬بل كان ال‬
‫ِ‬
‫يرد موجوداً‪ ,‬وال يتكلف مفقوداً ويتبع قول ييه تع يياىل‪  :‬اَي أايُّ اه ا الَّ ذ ا‬
‫ين‬
‫اش ُكروا َِِّ‬
‫ّلِل إِ ْن ُك ْن تُ ْم إِ ََّيهُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آ اامنُوا ُكلُوا م ْن طايِبا ات ام ا ارازقْنا ا ُك ْم او ْ ُ‬
‫تا ْعبُ ُدو ان‪.)2(‬‬
‫فأمر ابألكل والشكر‪ ,‬فمن حرم الطيبات عليه وامتنع من أكلها‬
‫بدون س ي ي ي ييبب ش ي ي ي ييرعي‪ ,‬فهو مذموم مبتدع داخل يف قوله تعاىل‪  :‬اَي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اّلِلُ لا ُك ْم‪ ,)3(‬ومن‬ ‫اح َّل َّ‬ ‫أايُّ اه ا الَّ ذ ا‬
‫ين آ اامنُوا اال ُُتا ِرُموا طايِبا ات ام ا أ ا‬
‫ُن‬
‫أكلها بدون الش ي ييكر الواجب فيها مذموم‪ ,‬قال تعاىل‪ُُ * :‬ثَّ لاتُ ْس أال َّ‬
‫يا ْوامئِ ٍذ اع ِن الن َِّع ِيم‪ )4(‬أي شكر النعيم‪.‬‬
‫وقد روي عن النيب ‪ ‬أنه قال‪" :‬الطاعم الشاكر مبنالة الصا م‬
‫الصابر"‪ ,‬ويف الصحيح عن النيب ‪ ‬أنه قال‪" :‬إن هللا لري ى عن العبد‬
‫ن أيكل األكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها"‪.‬‬
‫وكذلك ادسراف يف األكل مذموم وهو جماوزة احلد‪.‬‬
‫ومن أكل بنية االستعانة على عبادة كان مأجوراً على ذلك‪,‬‬
‫وكذلك ما ينفقه على أهل بيته‪ ,‬كما قال النيب ‪ ‬يف احلدي الصحيح‪:‬‬

‫(‪ )1‬السري ‪.18/9‬‬


‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ ,‬اآلية‪.172 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة املائدة‪ ,‬اآلية‪.87 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة التكاثر‪ ,‬اآلية‪.8 :‬‬
‫‪36‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫"ن قة املسلم على أهله ُيتسبها صدقة" وقال لسعد‪" :‬إنك لن تن َ‬


‫ن قة تبتغي ا وجه هللا إال ازددت ا درجة ورفعة‪ ,‬ح اللقمة‬
‫تضعها ن ن امرأتك"(‪.)1‬‬
‫وكان عبدهللا بن عمر ال كل طعاماً إال وعلى خوانه يتيم(‪.)2‬‬
‫ومن دقيق نعم هللا على العبيد‪ ,‬اليت ال يكياد يفطن هليا‪ ,‬أنيه يغلق‬
‫عليه اببه‪ ,‬فريس ي ي ي ي ييل هللا إليه من يطرق عليه الباب يس ي ي ي ي ييأله ش ي ي ي ي يييئاً من‬
‫القتت‪ ,‬ليعرف نعمته عليه(‪.)3‬‬
‫ه يكرميه هللا عز وجيل بس ي ي ي ي ي يخياء الييد وطييب النفس فيعني أهيل‬
‫الكرب وأصي ي ي ييحاب احلاجات‪ ,‬ويسي ي ي يياعد األرامل واأليتام سي ي ي ييعياً وطلباً‬
‫ملرضاة هللا عز وجل‪.‬‬
‫كان احلسن يقول‪ :‬رحم هللا عبداً جعل العيش عيشاً واحداً‪,‬‬
‫فأكل كسرة‪ ,‬ولبس خلقاً‪ ,‬ولزق ابألرض‪ ,‬واجتهد يف العبادة‪ ,‬وبكى‬
‫على اخلطيئة‪ ,‬وهرب من العقوبة‪ ,‬ابتغاء الرمحة حىت تيه أجله وهو‬
‫على ذلك(‪.)4‬‬
‫ى م اهل م ا‬ ‫خ ل ق ان ال ار‬
‫ق ر‬ ‫وم ذل ة ال‬ ‫ب ط ر ال غ‬
‫ف إذا غ ن ي ت ف ال ت ك ن ب ط رال‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاور ‪.212/32‬‬


‫(‪ )2‬حلية األولياء ‪.299/1‬‬
‫(‪ )3‬عدة الصابرين‪ ,‬ص‪.174‬‬
‫(‪ )4‬الزهد للبيهقي ‪.65/2‬‬
‫‪37‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وإذا اف ت ق رت ع ل ى ال ده ر‬
‫قال عبدهللا بن ش ي ي ييربمة‪ :‬عجبت للناس رتمون من الطعام خمافة‬
‫الداء‪ ,‬وال رتمون من الذنوب خمافة النار(‪.)2‬‬
‫ومن صي ي ي ي ييور الورع العجيبة‪ :‬أن امرأة من الصي ي ي ي يياحلات أاتها نعي‬
‫زوجهييا وهى تعجن‪ ,‬فرفعييت يييديهييا من العجني وقييالييت هييذا طعييام قييد‬
‫صار لنا يف شريك(‪.)3‬‬
‫وأعظم من ذلك ورع الص ي ييديق أيب بكر رض ي ييي هللا عنه‪ ,‬قال زيد‬
‫بن أرقم رضي ييي هللا عنه‪ :‬كنا مع أيب بكر الصي ييديق رضي ييي هللا عنه فدعا‬
‫بش يراب‪ ,‬فأيت مباء وعسييل‪ ,‬فلما أدانه من فيه‪ ,‬بكي وبكى حىت أبكى‬
‫أصيحابه‪ ,‬فسيكتوا وما سيكت‪ ,‬ه عاد وبكى‪ ,‬حىت ظنوا أهنم مل يقدروا‬
‫على مس ي ي ييألته‪ ,‬قال‪ :‬ه مس ي ي ييح عينيه‪ ,‬فقالوا‪ :‬اي خليفة رس ي ي ييول هللا‪ ,‬ما‬
‫أبكاك؟ فقال‪ :‬كنت مع رسول هللا‪ ,‬فرأيته يدفع عن نفسه شيئاً‪ ,‬ومل أر‬
‫معه أحداً‪ ,‬فقلت‪ :‬اي رس ي ي ي ييول هللا‪ ,‬ما الذي تدفع عن نفس ي ي ي ييك؟ قال‪:‬‬
‫"هيذه اليدنييا مثليت يل‪ ,‬فقليت هليا‪ :‬إلييك عين‪ ,‬فرجعيت‪ ,‬فقياليت‪ :‬إنيك‬
‫أفلت مين فلن يفلت مين من بعدك"(‪.)4‬‬ ‫إن َّ‬
‫قال سييهل‪ :‬من أكل احلرام عصييت جوارحه شيياء أم أىب‪َ ,‬علم أو‬
‫مل يعلم‪ ,‬ومن كانت طعمته حالالً أطاعته جوارحه‪ ,‬ووفقت للخريات‪.‬‬

‫(‪ )1‬السري ‪.276/4‬‬


‫(‪ )2‬السري ‪.348/6‬‬
‫(‪ )3‬تعين الورثة ومن له حق‪.‬‬
‫(‪ )4‬عدة الصابرين‪ ,‬ص ‪.257‬‬
‫‪38‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وقال رجل البن عمر‪ :‬اي أاب عبدالرمحن‪ ,‬رقَّت مض ي ي ي ي ييجعك وكرب‬
‫س يينك‪ ,‬وجلس ييا ك ال يعرفون لك حقك وال ش يرفك‪ ,‬فلو أمرت أهلك‬
‫أن جيعلوا لك شي ي ي يييئاً يلطفونك إذا رجعت إليهم‪ ,‬قال‪ :‬ورك‪ ,‬وهللا ما‬
‫شييبعت منذ إحدر عشييرة سيينة‪ ,‬وال اثنيت عشييرة سيينة وال ثالث عشييرة‬
‫سي ي ي يينة‪ ,‬وال أربع عشي ي ي ييرة سي ي ي يينة مرة واحدة‪ ,‬فكيف يب وإمنا بقي مين ما‬
‫بقي(‪.)1‬‬
‫أخي احلبيب‪:‬‬
‫من سنن املرسلني إطعام الطعام وإكرام الضيف‪ ,‬وهي من‬
‫عالمات ادميان لقوله ‪" :‬من كان يؤمن اب واليوم اآلخر فليكرم‬
‫ضيفه‪.)2 ("..‬‬
‫ويقول الشاعر‪:‬‬
‫أ احك ي ي قبل إناال رحله‬
‫و صب عند واحملل جديب‬
‫ما اخلصب لأل ياف ن كثرة‬
‫(‪)3‬‬
‫القرى ولكنما وجه الكرمي خصيب‬
‫قال عبد الرازق‪ :‬ملا قدم سفيان علينا‪ ,‬طبخت له قدر سكبا‬
‫(حلم يطبخ خبل) فأكل ه أتيته بزبيب الطائف فأكل‪ ,‬ه قال‪ :‬اي‬

‫(‪ )1‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.515‬‬


‫(‪ )2‬متفق عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬مكاشفة القلوب‪ ,‬ص‪.425‬‬
‫‪39‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫عبدالرازق‪ ,‬اعلف احلمار وكده‪ ,‬ه قام يصلي حىت الصباح(‪.)1‬‬


‫ولو كييانييت الطيياعيية والعبييادة بكثرة األكييل وتوفر النعم لكنييا أكثر‬
‫منهم قياماً وص ييالة وعبادة‪ ,‬ولكنها حياة القلوب ومو ا ال كثرة األكل‬
‫وتنوع األصناف!!‪.‬‬
‫قال شي ي ييعبة‪ :‬إذا كان عندي دقيق وقصي ي ييب ما أابيل ما فاتين من‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫ه رت أع ي و م ت ع ي ون‬ ‫س‬
‫ألم ور ت ك ون أو ال ت ك ون‬
‫ف اط رد اهل َّم م ا اس ت ط ع ت ع ن‬
‫ف ح م الن ك اهل م وم ج ن ون‬ ‫ال ن‬
‫م ا ك ان‬ ‫ألم‬ ‫اك‬ ‫إن ر ل ك‬
‫(‪)2‬‬
‫ي ك ن غ د م ا ي ك ون‬ ‫ي ك‬ ‫س‬
‫عن جابر بن عبد هللا قال‪ :‬رأر عمر بن اخلطاب حلماً معلقاً يف‬
‫يدي فقال‪ :‬ما هذا اي جابر؟ قلت‪ :‬اشي ي ي ي ييتهيت حلماً فاش ي ي ي ي يرتيته‪ ,‬فقال‬
‫عمر‪ :‬أفكلما اش ي ي ييتهيت اي جابر اش ي ي يرتيت؟ أفكلما اش ي ي ييتهيت اي جابر‬
‫اشرتيت؟ أما ختاف هذه اآلية اي جابر ‪ ‬أا ْذ اه ْب تُ ْم طايِبااتِ ُك ْم ِن احيااتِ ُك ُم‬
‫الدُّنْ ياا‪.)3(‬‬
‫دخيل عمر على ابنيه عياص ي ي ي ي ي ييم وهو كيل حلمياً‪ ,‬فقيال‪ :‬ميا هيذا؟‬

‫(‪ )1‬السري ‪.277/7‬‬


‫(‪ )2‬تذكرة احلفاظ ‪.1397/4‬‬
‫(‪ )3‬سورة األحقاف‪ ,‬اآلية‪.2 :‬‬
‫‪40‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫قال‪ :‬قَيَرْمنا إليه‪ ,‬قال‪ :‬أ ََو كلما قرمت إىل شيء أكلته؟ كفى ابملرء سرفاً‬
‫أن كل كل ما يشتهي(‪.)1‬‬
‫وروي أن ابناً لس ي ي ييمرة بن جندب أكل حىت بش ي ي ييم‪ ,‬فقال له‪ :‬لو‬
‫مت ما صليت عليك!!‬
‫قال ص ييفوان بن رز‪ :‬إذا أكلت رغيفاً اش ييد به ص ييليب‪ ,‬وش يربت‬
‫كوز ماء فعلى الدنيا وأهلها العفاء(‪.)2‬‬
‫ُملك كسرى تغين عنه كسرة‬
‫وعن الب حر اجتااء لوشل‬
‫اعترب حنن قسمنا بين هم‬
‫تا لْقهُ ح قال و حل َ ن ال‬
‫وأتمل يف فعل السلف وقناعتهم ابلرزق مع كثرة طاعتهم وحسن‬ ‫َّ‬
‫عباد م‪.‬‬
‫كان مد بن واسع يبل اخلبز اليابس ابملاء و كل‪ ,‬ويقول‪ :‬من‬
‫قنع هبذا مل رتج إىل أحد‪.‬‬
‫ويف ه ي ييذا الزمن ال ي ييذي تفجرت ين ي ييابيع اخلريات وكثر يف الرزق‬
‫خيشى أن يكون ذلك استدراجاً‪.‬‬
‫قال س ي ي ي ي ييلمة بن دينار‪ :‬إذا رأيت هللا عز وجل يتابع نعمه عليك‬
‫وأنت تعصيه فاحذره(‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬اتريخ عمر البن اجلوزي‪ ,‬ص ‪.119‬‬
‫(‪ )2‬اتريخ اخللفاء‪ ,‬ص‪.120‬‬
‫(‪ )3‬صفة الصفوة ‪.157/2‬‬
‫‪41‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫رم‬ ‫تُض‬ ‫ه ب أن البع ث ستن ا رس ل ه وج ار ة ال ن ار‬


‫(‪)1‬‬
‫أل ي ن ال واج ب املس ت حَ ح ي اء ال ع ب اد م ن امل ن ع م‬
‫قال ابن بشار‪ :‬أمسينا مع إبراهيم بن أدهم ليلة‪ ,‬ليس لنا ما نفطر‬
‫عليه‪ ,‬فقال‪ :‬اي ابن بشار‪ ,‬ماذا أنعم هللا على الفقراء واملساكني من‬
‫النعيم والراحة؟ ال يسأهلم يوم القيامة عن زكاة وال حج وال صدقة وال‬
‫صلة رحم‪ ,‬ال تغتم فرزق هللا سيأتيك‪ ,‬حنن وهللا ‪-‬امللوك واألغنياء‪-‬‬
‫تعجلنا الراحة‪ ,‬ال نبايل على أي حال كنا إذا أطعنا هللا‪ ,‬ه قام إىل‬
‫صالته‪ ,‬وقمت إىل صاليت‪ ,‬ف ذا برجل قد جاء بثمانية أرغفة ومتر كثري‪,‬‬
‫فقال‪ :‬كل اي مغموم‪ ,‬فدخل سائل فأعطاه ثالثة أرغفة مع متر‪ ,‬وأعطاين‬
‫ثالثة وأكل رغيفني( ‪.)2‬‬
‫أخي احلبيب‪ :‬يف اجلوع عشر فوائد هي‪:‬‬
‫ال ا دة األو ‪ :‬صفاء القلب وإيقاد القررة وإنقاذ البصرية‪ ,‬ف ن‬
‫الشبع يورث البالدة ويعمي القلب ويكثر البخار يف الدما شبه السكر‬
‫حىت رتوي على معان الفكر فيثقل القلب بسببه عن اجلراين يف األفكار‬
‫وعن سرعة اددراك‪ ,‬بل الصيب إذا أكثر األكل بطل حفظه وفسد ذهنه‬
‫وصار بطيء الفهم واددراك‪.‬‬
‫ويقيال‪ :‬مثيل اجلوع مثيل الرعيد‪ ,‬ومثيل القنياعية مثيل الس ي ي ي ي ي يحياب‪,‬‬
‫واحلكمة كاملطر‪.‬‬

‫(‪ )1‬التخويف من النار‪ ,‬ص ‪.125‬‬


‫(‪ )2‬السري ‪.394/7‬‬
‫‪42‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ال ا دة الثانية‪ :‬رقة القلب وصي ي ي ي ي ييفا ه الذي به يتهيأ ددراك لذة‬
‫املثابرة والتأثر ابلذكر‪ ,‬فكم من ذكر جيري على اللسي ي ي ي ييان مع حضي ي ي ي ييور‬
‫القليب ولكن القليب ال يتليذذ بيه وال يتيأثر حىت كيأن بينيه وبينيه حجياابً‬
‫من قسوة القلب‪.‬‬
‫إيل العبادة إذا التصييق‬ ‫قال أبو سييليمان الداراين‪ :‬أحلى ما تكون َّ‬
‫ظهري ببطين‪.‬‬
‫ال ا دة الثالثة‪ :‬االنكسار والذل وزوال البطر والفرح واألشر الذي‬
‫هو مبدأ الطغيان والغفلة عن هللا تعاىل‪ ,‬فال تنكسر النفس وال تذل‬
‫بشيء كما تذل ابجلوع‪ ,‬فعنده تسكن لرهبا وختشع له وتقف على‬
‫عجزها وذهلا إذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقيمة طعام فاتتها‪,‬‬
‫وأظلمت عليها الدنيا لشربة ماء أتخرت عنها‪ .‬وما مل يشاهد ادنسان‬
‫ذل نفسه وعجزه ال يرر عزة مواله وال قهره‪ ,‬وإمنا سعادته يف أن يكون‬
‫دائماً مشاهداً نفسه بعني الذل والعجز ومواله بعني العز والقدرة والقهر‪.‬‬
‫ال ا دة الرابعة‪ :‬أن ال تنسى بالء هللا وعذابه‪ ,‬وال ينسى أهل‬
‫البالء‪ ,‬ف ن الشبعان ينسى اجلائع وينسى اجلوع‪ ,‬والعبد الفطن ال يشاهد‬
‫بالء من غريه إال يتذكر بالء اآلخرة‪ ,‬فيذكر من عطشه عطش اخللق‬
‫يف عرصات القيامة‪ ,‬ومن جوعه جوع أهل النار‪ ,‬حىت أهنم ليجوعون‬
‫فيطعمون الضريع والزقوم ويسقون الغساق واملهل‪ ,‬فال ينبغي أن يغيب‬
‫عن العبد عذاب اآلخرة وآالمها‪ ,‬ف نه هو الذي يهيج اخلوف‪ ,‬فمن مل‬
‫يكن يف ذلة وال علة وال قلة وال بالء نسي عذاب اآلخرة ومل يتمثَّل يف‬
‫‪43‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫نفسه ومل يغلب على قلبه‪ ,‬فينبغي أن يكون العبد يف مقاساة بالء أو‬
‫مشاهدة بالء‪ ,‬وأوىل ما يقاسيه من اجلوع ف ن فيه فوائد مجة سور تذكر‬
‫عذاب اآلخرة‪.‬‬
‫ال ا دة اخلامسة‪ :‬وهى من أكرب الفوائد‪ :‬كسر شهوات املعاصي‬
‫كلها واالسييتيالء على النفس األمارة ابلسييوء‪ ,‬ف ن منشييأ املعاصييي كلها‬
‫الشييهوات والقور‪ ,‬ومادة القور والشييهوات ال الة األطعمة‪ ,‬فتقليلها‬
‫يضيعف كل شيهوة وقوة‪ ,‬وإمنا السيعادة كلها يف أن ميلك الرجل نفسيه‪,‬‬
‫والشي ي ي ي ييقاوة يف أن متلكه نفسي ي ي ي ييه‪ ,‬وكما أنك ال متلك الدابة اجلموح إال‬
‫بضييعف اجلوع ف ذا شييبعت قويت وشييردت ومجحت‪ ,‬فكذلك النفس‪.‬‬
‫إن القوم ملا شبعت بطوهنم مجحت هبم نفوسهم إىل هذه الدنيا‪.‬‬
‫وهذه ليست فائدة واحدة بل هي خزائن الفوائد‪.‬‬
‫ولذلك قيل‪ :‬اجلوع خزانة من خزائن هللا تعاىل‪ ,‬وأقل ما يندفع‬
‫ابجلوع‪ :‬شهوة الفر وشهوة الكالم‪ ,‬ف ن اجلائع ال يتحرك عليه شهوة‬
‫فضول الكالم فيتخلص به من آفات اللسان كالغيبة والفحش والكذب‬
‫والنميمة وغريها‪ ,‬فيمنعه اجلوع من كل ذلك‪ ,‬وإذا شبع افتقر إىل فاكهة‬
‫فيتفكه ال الة أبعراض الناس‪ ,‬وال يكب الناس يف النار على مناخرهم‬
‫إال حصائد ألسنتهم‪.‬‬
‫وأما شي ي ييهوة الفر فال ختفى غائلتها‪ ,‬واجلوع يكفي شي ي ييرها‪ .‬وإذا‬
‫ش ي ي ي ي ي ييبع الرجل مل ميلك فرجه‪ ,‬وإن منعته التقور فال ميلك عينه‪ ,‬فالعني‬
‫تزين‪ ,‬ف ي ن مل ييك عين ييه بغض الطرف فال ميل ييك فكره‪ ,‬فيخطر ل ييه من‬
‫‪44‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫األفكار الرديئة وحدي النفس أبسي ي ي ي ي ييباب الشي ي ي ي ي ييهوة ما يتشي ي ي ي ي ييوش به‬
‫مناجاته‪ ,‬ورمبا عرض له ذلك يف أثناء الصالة‪.‬‬
‫ال ا دة السادسة‪ :‬دفع النوم ودوام السهر‪ ,‬ف ن من شبع شرب‬
‫كثرياً ومن كثر شربه كثر نومه‪ ,‬ويف كثرة النوع ضياع العمر وفوت‬
‫التهجد وبالدة الطبع وقساوة القلب‪ ,‬والعمر أنفس اجلواهر‪ ,‬وهو رأس‬
‫مال العبد فيه يتجر‪ ,‬والنوم موت فتكثريه ينقص العمر‪ ,‬ه فضيلة‬
‫التهجد ال ختفى ويف النوم فوا ا‪ .‬ومهما غلب النوم ف ن جد مل جيد‬
‫حالوة العبادة‪ .‬فالنوم منبع اآلفات‪ ,‬والشبع جملبة له‪ ,‬واجلوع مقطعة له‪.‬‬
‫ال ا دة السابعة‪ :‬تيسري املواظبة على العبادة ف ن األكل مينع من‬
‫كثرة العبادات ألنه رتا إىل زمان يشتغل فيه ابألكل‪ ,‬ورمبا رتا إىل‬
‫زمان يف شراء الطعام وطبخه‪ ,‬ه رتا إىل غسل اليد واخلالل‪ ,‬ه يكثر‬
‫ترداده إىل بيت املاء لكثرة شربه‪ .‬واألوقات املصروفة إىل هذا لو صرفها‬
‫إىل الذكر واملناجاة وسائر العبادات لكثر رحبه‪.‬‬
‫قال السييري‪ :‬رأيت مع علي اجلرجاين سييويقاً يسييتف منه فقلت‪:‬‬
‫ما محلك على هذا؟ قال‪ :‬إين حس ي ييبت ما بني املض ي ييغ إىل االس ي ييتفاف‬
‫سبعني تسبيحة فما مضغت اخلبز منذ أربعني سنة‪.‬‬
‫فانظر كيف أشفق على وقته ومل يضيعه يف املضغ‪.‬‬
‫وك ييل نفس من العمر جوهرة نفيس ي ي ي ي ي ي يية ال قيم يية هل ييا‪ ,‬فينبغي أن‬
‫يس ي ي ي ي ي ييتويف منيه خزانية ابقيية يف اآلخرة ال أخر هليا بص ي ي ي ي ي يرفيه إىل ذكر هللا‬
‫وطاعته‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ومن مجليية مييا يتعييذر بكثرة األكييل الييدوام على الطهييارة ومالزميية‬
‫املس ي ي ييجد‪ ,‬ف نه رتا إىل اخلرو لكثرة ش ي ي ييرب املاء وإراقته‪ .‬ومن مجلته‬
‫الص ي ي ييوم ف نه يتيس ي ي يير ملن تعود اجلوع‪ ,‬فالص ي ي ييوم ودوام االعتكاف ودوام‬
‫الطهارة وصييرف أوقات شييغله ابألكل وأسييبابه إىل العبادة أرابح كثرية‪,‬‬
‫وإمنا يس ي ييتحقرها الغافلون الذين مل يعرفوا قدر الدين لكن رض ي يوا ابحلياة‬
‫اه لرا ِم ان ا ْحلايا اةِ ال دُّنْ يا ا او ُه ْم اع ِن‬
‫ال ييدني ييا واطم ييأنوا هب ييا‪  :‬ي علامو ان ظا ِ‬
‫اْ ُ‬
‫ْاآلا ِخ ارةِ ُه ْم غاافِلُو ان‪. )1(‬‬
‫وقد أشار أبو سليمان الداراين إىل ست آفات من الشبع فقال‪:‬‬
‫من شبع دخل عليه ست آفات‪ :‬فقد حالوة املناجاة‪ ,‬وتعذر حفظ‬
‫ظن أن اخللق كلهم‬ ‫احلكمة‪ ,‬وحرمان الشفقة على اخللق ألنه إذا شبع ع‬
‫شباع‪ ,‬وثقل العبادة‪ ,‬وزايدة الشهوات‪ ,‬وأن أول سائر املؤمنني يدورون‬
‫حول املساجد‪ ,‬والشباع يدورون حول املزابل‪.‬‬
‫ال ا دة الثامنة‪ :‬يس ي ي ي ي ي ييتفييد من قلية األكيل ص ي ي ي ي ي يحية البيدن ودفع‬
‫األمراض‪ ,‬ف ن س ي ييببها كثرة األكل وحص ي ييول فض ي ييله األخالط يف املعدة‬
‫والعروق‪ .‬ه املرض مينع من العبادات ويشي ي ي ييوش القلب ومينع من الذكر‬
‫والفكر‪ ,‬وينغص العيش‪ ,‬ورو إىل الفصد واحلجامة والدواء والطبيب‪,‬‬
‫وكل ذلك رتا إىل مؤن ونفقات ال خيلو ادنس ي ي ي ي ي ييان منها بعد التعب‬
‫عن أنواع من املعاص ي ي ي ي ييي واقتحام الش ي ي ي ي ييهوات‪ ,‬ويف اجلوع ما مينع ذلك‬
‫كله‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الروم‪ ,‬اآلية‪.7 :‬‬


‫‪46‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫حكي أن الرش ي ي ي ي ي يييد مجع أربعية أطبياء‪ :‬هنيدي‪ ,‬ورومي‪ ,‬وعراقي‪,‬‬


‫وس ي ي ي ي يوادي‪ ,‬وقال‪ :‬ليص ي ي ي ي ييف كل واحد منكم الدواء الذي ال داء فيه‪,‬‬
‫فقيال اهلنيدي‪ :‬اليدواء اليذي ال داء فييه عنيدي هو ادهليلج األس ي ي ي ي ي ييود‪,‬‬
‫وقال العراقي‪ :‬هو حب الرش يياد األبيض‪ ,‬وقال الرومي‪ :‬هو عندي املاء‬
‫احلار‪ ,‬وقال السوادي وكان أعلمهم‪ :‬ادهليلج يعفص املعدة وهذا داء‪,‬‬
‫وحب الرشاد يزلق املعدة وهذا داء‪ ,‬واملاء احلار يرخي املعدة وهذا داء‪,‬‬
‫قيالوا‪ :‬فميا عنيدك؟ فقيال‪ :‬اليدواء اليذي ال داء معيه عنيدي أن ال أتكيل‬
‫الطعييام حىت تش ي ي ي ي ي ييتهيييه‪ ,‬وأن ترفع يييدك عنييه وأنييت تش ي ي ي ي ي ييتهيييه‪ ,‬فقييالوا‪:‬‬
‫صدقت‪.‬‬
‫ال ا دة التاسعة‪ :‬خفة املؤنة‪ ,‬ف ن من تعود قلة األكل كفاه من‬
‫املال قدر يسري‪ ,‬والذي تعود الشبع صار بطنه غرمياً مالزماً له أخذ‬
‫مبخنقه يف كل يوم‪ ,‬فيقول ماذا أتكل اليوم؟ فيحتا إىل أن يدخل‬
‫املداخل‪ ,‬فيكتسب من احلرام فيعصي أو من احلالل فيذل‪ ,‬ورمبا رتا‬
‫إىل أن ميد أعني الطمع إىل الناس وهو غاية الذل والقماءة‪ ,‬واملؤمن‬
‫خفيف املؤنة‪.‬‬
‫وقال بعض احلكماء‪ :‬إين ألقض ي ي ييي عامة حوائجي ابلرتك فيكون‬
‫ذلك أروح لقليب‪.‬‬
‫وقال آخر‪ :‬إذا أردت أن استقرض من غريي لشهوة أو زايدة‬
‫استقرضت من نفسي فرتكت الشهوة فهي خري غرمي يل‪.‬‬
‫وكان إبراهيم بن أدهم رمحه هللا يسأل أصحابه عن سعر املأكوالت‬
‫‪47‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫فيقولون إهنا غالية‪ ,‬فيقول‪ :‬أرخصوها ابلرتك‪.‬‬


‫وقال سهل رمحه هللا‪ :‬األكول مذموم يف ثالثة أحوال‪ :‬إن كان من‬
‫أهل العبادة فيكسل وإن كان مكتسباً فال يسلم من اآلفات‪ ,‬وإن كان‬
‫ممن يدخل عليه شيء فال ينصف هللا تعاىل من نفسه‪.‬‬
‫ال ا دة العاش رة‪ :‬أن يتمكن من اديثار والتص ييدق مبا فض ييل من‬
‫األطعمة على اليتامى واملساكني‪ ,‬فيكون يوم القيامة يف ظل صدقته‪.‬‬
‫فم ا كله كان خزانته الكنيف‪ ,‬وما يتصدق به كان خزانته فضل‬
‫هللا تعاىل‪ ,‬فليس للعبد من ماله إال ما تصدق فأبقى أو أكل فأفىن أو‬
‫لبس فأبلى‪ .‬فالتصدق بفضالت الطعام أوىل من التخمة والشبع‪.‬‬
‫وكان احلسن رمحة هللا عليه إذا تال قوله تعاىل‪  :‬إِ َّ اع ار ْ ناا‬
‫ي أا ْن اُْي ِملْنا اها اوأا ْش ا ْق ان‬ ‫ع اوا ْجلِبا ِ‬
‫ال فاأابا ْ ا‬ ‫السماو ِ‬
‫ات او ْاأل ْار ِ‬ ‫ْاأل ااماناةا اعلاى َّ ا ا‬
‫وال‪ ,)1(‬قال‪ :‬عرضها على‬ ‫وما اج ُه ل‬ ‫سا ُن إِنَّهُ اكا ان ظالُ ل‬ ‫ِم ْن اها او ارالا اها ِْ‬
‫اتنْ ا‬
‫السموات السبع الطباق والطرائق اليت زينها ابلنجوم ومحلة العرش العظيم‬
‫فقال هلا سبحانه وتعاىل‪ :‬هل حتملني األمانة مبا فيها؟ قالت‪ :‬وما فيها؟‬
‫قال‪ :‬إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت‪ ,‬فقالت‪:‬ال‪ ,‬ه عرضها‬
‫كذلك على األرض فأبت‪ ,‬ه عرضها على اجلبال الشوامخ الصالب‬
‫الصعاب فقال هلا‪ :‬هل حتملني األمانة مبا فيها؟ قالت‪ :‬وما فيها؟ فذكر‬
‫اجلزاء والعقوبة فقال ت‪ :‬ال‪ ,‬ه عرضها على ادنسان فحملها إنه كان‬
‫ظلوماً جهوالً أبمر ربه‪ .‬فقد رأيناهم وهللا اشرتوا األمانة أبمواهلم فأصابوا‬

‫(‪ )1‬سورة األحزاب‪ ,‬اآلية‪.72 :‬‬


‫‪48‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وسعوا هبا دورهم وضيقوا به قبورهم‪ ,‬وأننوا‬


‫آالفاً فماذا صنعوا فيها ؟ َّ‬
‫براذينهم وأهزلوا دينهم‪ ,‬وأتعبوا أنفسهم ابلغدو والرواح إىل ابب السلطان‬
‫يتعرضون للبالء وهم من هللا يف عافية‪ ,‬يقول أحدهم‪ :‬تبيعين ارض كذا‬
‫وكذا وأزيدك كذا وكذا‪ ,‬يتكب على مشاله و كل من ماله‪ ,‬حديثه سخرة‬
‫وماله حرام‪ ,‬حىت إذا أخذته الكظة ونزلت به البطنة قال‪ :‬اي غالم‪ ,‬ائتين‬
‫بشيء أهضم به طعامي‪ ,‬اي لكع أطعامك ضم؟ إمنا ضم دينك‪ ,‬أين‬
‫الفقري‪ ،‬أين األرملة‪ ،‬أين املسكني‪ ،‬أين اليتيم الذي أمرك هللا تعاىل هبم؟‬
‫فهذه إش ي ي ي ييارة إىل هذه الفائدة وهو ص ي ي ي ييرف فاض ي ي ي ييل الطعام إىل‬
‫الفقري ليدخر به األجر‪ ,‬فذلك خري له من أن كله حىت يتض ي ي ي ي ي يياعف‬
‫الوزر عليه‪.‬‬
‫وعن احلس ي ي ي يين قال‪ :‬وهللا لقد أدركت أقواماً الرجل منهم ميس ي ي ي ييي‬
‫وعنده من الطعام ما يكفيه ولو شي ي يياء ألكله فيقول وهللا ال أجعل هذا‬
‫كله لبطين حىت أجعل بعضه ‪.‬‬
‫فهذه عشر فوائد للجوع يتشعب من كل فائدة فوائد ال ينحصر‬
‫ع ييدده ييا وال تتن يياهى فوائ ييده ييا‪ ,‬ف يياجلوع خزان يية عظيم يية لفوائ ييد اآلخرة‪,‬‬
‫وألجييل هييذا قييال بعض الس ي ي ي ي ي ييلف‪ :‬اجلوع مفتيياح اآلخرة وابب الزهييد‪,‬‬
‫والشبع مفتاح الدنيا وابب الرغبة(‪.)1‬‬
‫اتهلل ل و ع ا ال ن ع م ره أل ال م ن األع وام م ال ك أم ره‬
‫ره‬ ‫ف ت ل َّذذ ف ي ه ا ب ك ل ن ع ي م متنعمال في ها بنعم عص‬

‫(‪ )1‬ادحياء ‪ 91/3‬ابختصار‪.‬‬


‫‪49‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ره‬ ‫م ا ك ان ذل ك كل ه ن أن ي ي مبي ت أول ليل ة ن قب‬


‫قيل لوهيب بن الورد‪ :‬أال تشرب من ماء زمزم؟ قال‪ :‬أبي دلو؟‬
‫قال شعيب بن جرب‪ :‬ما احتملوا ألحد ما احتملوا لوهيب‪ ,‬كان‬
‫يشرب بدلوه‪.‬‬
‫وقال حرملة بن رىي‪ :‬أخذ سفيان بن عيينة بيدي فأقامين يف‬
‫انحية وأخر من كمه رغيف شعري وقال يل‪ :‬اي حرملة! ما يقول الناس‪,‬‬
‫هذا طعامي منذ ستني سنة(‪.)1‬‬
‫وألص ي ي ي ييحاب النهم الذين يكنزون الذهب والفض ي ي ي يية وجيمعون ما‬
‫يكفي ألمة أبسرها‪ ..‬نسوق إليهم قول إمام أهل السنة رمحه هللا ورضي‬
‫إيل يوم أصبح وليس عندي شيء(‪.)2‬‬ ‫عنه؛ ادمام أمحد‪ :‬أسر أايمي َّ‬
‫وأتمل أخي الكرمي يف قول الرسول ‪" :‬لي البن آدم حَ ن‬
‫س وى هذه اخلص ال‪ :‬بيت يس كنه‪ ,‬وثوب يوار به عورته‪ ,‬وجلف‬
‫اخلبا واملاء"(‪.)3‬‬
‫وهذا الطعام من أوجه ادنفاق العظيمة؛ بصي ي ي يرفه يبلغ ادنسي ي ي ييان‬
‫الدرجات العال ويباعد ابلتمرة عن النار‪ ..‬قال رس ي ي ي ي ي ييول هللا ‪" :‬اتقوا‬
‫النار ولو بشَ مترة"(‪.)4‬‬
‫قييال أبو ذر لعمر‪ :‬اي عمر! إن س ي ي ي ي ي ييرك أن تلحق بصي ي ي ي ي ي يياحبييك‬

‫(‪ )1‬حلية األولياء ‪.272/7‬‬


‫(‪ )2‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص ‪.353‬‬
‫(‪ )3‬رواه الرتمذي‪.‬‬
‫(‪ )4‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪50‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫فانكس ادزار واخصف النقل وكل دون الشبع(‪.)1‬‬


‫أيت عبدالرمحن بن عوف بطعام فجعل يبكي‪ ,‬فقال‪ :‬قُتل محزة‬
‫فلم يوجد ما يكفن فيها إال ثوابً واحداً‪ ,‬وقتل مصعب بن عمري فلم‬
‫يوجد ما يكفن فيه إال ثوابً واحداً‪ ,‬لقد خشيت أن يكون عجلت لنا‬
‫طيباتنا يف حياتنا الدنيا‪ ,‬وجعل يبكي(‪.)2‬‬
‫قال أبوبكر رض ييي هللا عنه‪ :‬دخلت على أيب مس ييلم يف يوم عيد‪,‬‬
‫فرأيت عليه قميص ي ي ي ياً مرقعاً‪ ,‬وبني يديه خروف وهو كل منه‪ ,‬فقلت‪:‬‬
‫اي أاب مسي ي ييلم‪ ,‬فقال‪ :‬ال تنظر إىل اخلروف ولكن انظر إذا سي ي ييألين ريب‪,‬‬
‫من أين لك هذا؟ فأي جواب أقوله وما اعتذاري(‪.)3‬‬
‫أخي املسلم‪:‬‬
‫تتقلب يف نعم هللا ص ي ي ييباحاً ومس ي ي يياءً ‪ ..‬فعليك ابلش ي ي ييكر واحلمد‬
‫قوالً وفعالً‪ ,‬واسي ي ي ي ي ي ي ييأل هللا عز وج ييل أن ي ييدميه ييا علي ييك وأن ال تكون‬
‫استدراجاً‪..‬‬
‫إذا ك ن ت ن ن ع م ة ف ارع ه ا ف إن امل ع اص ي ت اي ل ال ن ع م‬
‫كان يقال‪ :‬من ملك بطنه ملك األعمال الصاحلة كلها‪.‬‬
‫وكان يقال‪ :‬ال تسكن احلكمة معدة مألر‪.‬‬
‫وعن عبيد العزيز بن أيب داود قيال‪ :‬كيان يقيال‪ :‬ثلي الطعيام عون‬
‫على التسرع إىل اخلريات‪.‬‬
‫(‪ )1‬الزهد لإلمام أمحد‪ ,‬ص‪.447‬‬
‫(‪ )2‬السري ‪.146/1‬‬
‫(‪ )3‬الزهر الفائح‪ ,‬ص‪.88‬‬
‫‪51‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وعن قثم العيابيد قيال‪ :‬كيان يقيال‪ :‬ميا أقيل طعم امر قط إال َّ‬
‫ورق‬
‫قلبه ونديت عيناه‪.‬‬
‫وعن عبدهللا بن مرزوق قال‪ :‬مل نر لألَ َش ي ي ير مثل دوام اجلوع فقال‬
‫له أبو عبيد الرمحن العمري الزاهد‪ :‬وما دوامه عنيدك؟ قال‪ :‬دوامه أن ال‬
‫تش ي ي ي ي ي ييبع أبيداً‪ ,‬قيال وكيف يقيدر من كيان يف اليدنييا على هيذا؟ قيال‪ :‬ميا‬
‫أيس ي ي ي ي ي يير ذليك اي أاب عبيد الرمحن على أهيل واليتيه‪ ,‬من وفقيه لطياعتيه ال‬
‫كل إال دون الشبع هو دوام اجلوع‪.‬‬
‫ويشي ي ييبه هذا قول احلسي ي يين ملا عرض الطعام على بعض أصي ي ييحابه‬
‫فقال له‪ :‬أكلت حىت ال أسيتطيع أن آكل‪ ,‬فقال احلسين‪ :‬سيبحان هللا‪,‬‬
‫وما كل املسلم حىت ال يستطيع أن كل؟‪.‬‬
‫وروي عن أيب عمران اجلوين قال‪ :‬كان يقال‪ :‬من أحب أن ينور‬
‫يقل طعمه‪.‬‬
‫قلبه فلُ َّ‬
‫إيل سفيان الثوري‪ :‬إن أردت‬ ‫وعن عثمان بن زائدة قال‪ :‬كتب َّ‬
‫أن يصح جسمك ويقل نومك فأقلل من األكل‪.‬‬
‫وعن ابن السماك قال‪ :‬خال رجل أبخيه فقال‪ :‬أي أخي! حنن‬
‫أهون على هللا من أن جييعنا‪ ,‬إمنا جييع أولياءه‪.‬‬
‫وعن عبدهللا بن أيب الفر قال‪ :‬قلت أليب سعيد التميمي‪ :‬اخلائف‬
‫يشبع؟ قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫وعن رابح القيس أنه قيُعِرب إليه طعام فأكل منه‪ ,‬فقيل له‪ :‬ازدد‬
‫فما أراك شبعت‪ ,‬فصاح صيحة فقال‪ :‬كيف أشبع أايم الدنيا وشجرة‬
‫‪52‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫الزقوم طعام األثيم بني يدي‪ ,‬فرفع الطعام من بني يديه‪ ,‬وقال‪ :‬أنت يف‬
‫شيء وحنن يف شيء‪.‬‬
‫وعن إبراهيم بن أدهم قال‪ :‬من ضبط بطنه ضبط دينه‪ ,‬ومن ملك‬
‫جوعه ملك األخالق الصاحلة‪ ,‬وإن معصية هللا بعيدة من اجلائع قريبة‬
‫من الشبعان‪ ,‬والشبع مييت القلب‪ ,‬ومنه يكون الفرح واملرح‬
‫والضحك(‪.)1‬‬
‫قال سفيان الثوري وهو يؤكد على أكل احلالل والبعد عن احلرام‪:‬‬
‫وصل يف الصف األول(‪.)2‬‬
‫انظر درمهك من اين هو؟ ِع‬
‫ويس ي ي ي ي ي ييتطيع من أعيانيه هللا أن جيمع بني األمرين من أكيل احلالل‬
‫والصالة يف الصف األول!!‬
‫قيال احليارث بن كليدة طبييب العرب‪ :‬احلميية رأس اليدواء والبطنية‬
‫رأس الداء‪.‬‬
‫وقال احلارث أيضي ي ي ي ياً‪ :‬الذي قتل الربية وأهلك الس ي ي ي ييباع يف الربية‬
‫إدخال الطعام على الطعام قبل االهنضام‪.‬‬
‫وقال غريه‪ :‬لو قيل ألهل القبور‪ :‬ما كان سي ي ييبب آجالكم؟ لقالوا‬
‫التخم‪.‬‬
‫فهذا بعض منافع قليل الغذاء وترك التملؤ من الطعام ابلنس ي ي ي ي ي ييبة‬
‫إىل صي ييالح البدن وصي ييحته‪ .‬وأما منافعه ابلنسي ييبة إىل القلب وصي ييالحه‬

‫(‪ )1‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.426‬‬


‫(‪ )2‬حلية األولياء ‪.68/7‬‬
‫‪53‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ف ن قلة الغذاء يوجب رقة القلب وقوة الفهم وانكسييار النفس وضييعف‬
‫اهلور والغضب‪ ,‬وكثرة الغذاء يوجب ضد ذلك‪.‬‬
‫قال احلس ي ي ي يين‪ :‬اي ابن آدم! كل يف ثل بطنك واش ي ي ي ييرب يف ثلثه‬
‫ودع ثل بطنك يتنفس ويتفكر‪.‬‬
‫وقييال املرزوي‪ :‬جعييل أبو عبييدهللا (يعين ادمييام أمحييد بن حنبييل)‬
‫يعظم من اجلوع والفقر‪ ,‬فقلييت لييه‪ :‬يؤجر الرجييل يف ترك الش ي ي ي ي ي ييهوات؟‬
‫فقال‪ :‬وكيف ال يؤجر وابن عمر يقول‪ :‬ما ش ي ي ييبعت منذ ثالثة أش ي ي ييهر‪,‬‬
‫قلت أليب عبدهللا‪ :‬جيد الرجل من قلبه رقة وهو شبع؟ قال‪ :‬ما أرر‪.‬‬
‫وعن ابن عمر قال‪ :‬ما شبعت منذ أسلمت‪.‬‬
‫أما مد بن واسع فهو يقول‪ :‬من قل طعامه فهم وأفهم وصفا‬
‫ور عق‪ ,‬وإن كثري الطعام ليثقل صاحبه عن كثري مما يريد‪.‬‬
‫وعن أيب عبيدة اخلواص قال‪ :‬حتفك يف شبعك‪ ,‬وحفظك يف‬
‫جوعك‪ ,‬إذا أنت شبعت ثقلت فمنت استمكن منك العدو فجثم‬
‫عليك‪ ,‬وإذا أنت جتوعت كنت للعدو مبرصد‪.‬‬
‫وعن عمرو بن قيس قال‪ :‬إايكم والبطنة ف هنا تقسي القلب‪.‬‬
‫وعن سلمة بن سعيد قال‪ :‬إن كان الرجل ليعري ابلبطنة كما يعري‬
‫ابلذنب يعمله‪.‬‬
‫وعن بعض العلماء قال‪ :‬إذا كنت بطيناً فاعدد نفسك زمناً حىت‬
‫ختمص‪.‬‬
‫وعن ابن األعرايب قال‪ :‬كانت العرب تقول‪ :‬ما ابت رجل بطيناً‬
‫فتم عزمه‪.‬‬
‫‪54‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫وعن أيب سليمان الداراين قال‪ :‬إذا أردت حاجة من حوائج الدنيا‬
‫واآلخرة فال أتكل حىت تقضيها ف ن األكل يغري العقل‪.‬‬
‫اس َع أخي املؤمن يف فكاك رقبتك والسعي حنو جناتك‪ ,‬وال يكن‬ ‫َو ْ‬
‫مهك يف هذه الدنيا منصرفاً عن العبادة إىل األكل والشرب‪ ,‬بل اجعلها‬
‫عوانً على الطاعة‪.‬‬
‫قال مالك بن دينار‪ :‬ما ينبغي للمؤمن أن يكون بطنه أكرب مهه‬
‫وأن تكون شهوته هى الغالبة(‪.)1‬‬
‫قال النابغة‪:‬‬
‫لغ د طع ام ال ح ذار غ ري ل ك ل غ د ط ع ام‬ ‫ال‬ ‫ولس ت‬
‫قال بشر بن احلارث‪ :‬ما شبعت منذ مخسني سنة‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ما ينبغي للرجل أن يشي ي ييبع اليوم يف احلالل ألنه إذا شي ي ييبع‬
‫من احلالل دعته نفسه إىل احلرام فكيف يف هذه األقدار؟(‪.)2‬‬
‫أخي املسلم‪:‬‬
‫لو قيل ألهل القبور‪ :‬ما كان سبب آجالكم؟ لقالوا‪ :‬التخم(‪.)3‬‬
‫اش اربُوا‬
‫وقال احلكيم اخلبري جل شييأنه وعظم سييلطانه‪  :‬اوُكلُوا او ْ‬
‫اواال تُ ْس ِرفُوا‪.)4(‬‬

‫(‪ )1‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.425‬‬


‫(‪ )2‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.518‬‬
‫(‪ )3‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص ‪.517‬‬
‫(‪ )4‬سورة األعراف‪ ,‬اآلية‪.31 :‬‬
‫‪55‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫قال بعض العلماء‪ :‬مجع هللا هبذه اآلايت الطب كله(‪.)1‬‬


‫ار‬ ‫جس م ك حلمي ة أحص نت ه خم اف ة م ن أ ط‬
‫(‪)2‬‬
‫وك ان أو ب ك أن ُت ت م ي من املعاص ي خش ية البار‬
‫عن بالل بن تعييب قييال‪ :‬كييان طيياوس إذا خر من اليمن (يعين‬
‫إىل مكة) مل يشرب إال من تلك املياه القدمية اجلاهلية‪.‬‬
‫وقال الثوري‪ :‬الزهد يف الدنيا قص ي يير األمل‪ ,‬وليس أكل اخلش ي يين‪,‬‬
‫ولبس العباءة‪.‬‬
‫وص ي ي ي ي ييدق الثوري رمحة هللا‪ :‬ف ن من قص ي ي ي ي يير أمله مل يتس ي ي ي ي ييابق يف‬
‫امليأكوالت واملطعوميات‪ ,‬وال يتفنن ابمللبوسي ي ي ي ي ي ييات‪ ,‬وأخيذ من اليدنييا ميا‬
‫تيسر واجتزا منها مبا يبلغه(‪.)3‬‬
‫وقال شي ي ي يييخ ادسي ي ي ييالم ابن تيمية رمحه هللا مفصي ي ي يالً ما قد يكون‬
‫مشييوشياً على بعض الناس بشييأن األكل والشييرب‪ ,‬فقال يف كالم مفيد‬
‫وتفصيل دقيق‪:‬‬
‫وأما األكل واللباس‪ :‬فخري اهلدي هدي مد ‪ ‬وكان خلقه يف‬
‫األكل أنه كل ما تيس ي ي ي يير إذا اش ي ي ي ييتهاه‪ ,‬وال يرد موجوداً‪ ,‬وال يتكلف‬
‫مفقوداً‪ ,‬فكان إن حض ي ي ي ي يير خبز وحلم أكله‪ ,‬وإن حض ي ي ي ي يير فاكهة وخبز‬
‫وحلم أكله‪ ,‬وإن حضر متر وحده أو خبز وحده أكله‪ ,‬وإن حضر حلو‬
‫وعس ي ي ييل طعمه أيض ي ي ياً فلم يكن إذا حض ي ي يير لوانن من الطعام يقول‪ :‬ال‬

‫(‪ )1‬جامع العلوم واحلكم‪ ,‬ص‪.515‬‬


‫(‪ )2‬تذكرة السامع واملتكلم‪ ,‬ص‪.121‬‬
‫(‪ )3‬العاقبة‪ ,‬ص‪.69‬‬
‫‪56‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫آكل لونني‪ ,‬وال ميتنع من طعام ملا فيه من اللذة واحلالوة‪.‬‬


‫وكان أحياانً ميض ي ي ي ييي الش ي ي ي ييهران والثالثة ال يوقد يف بيته انر‪ ,‬وال‬
‫كلون إال التمر واملي يياء‪ ,‬وأحيي يياانً يربط على بطني ييه احلجر من اجلوع‪,‬‬
‫وكان ال يعيب طعاماً‪ ,‬ف ن اشيتهاه أكله‪ ,‬وإال تركه‪ .‬وأكل على مائدته‬
‫حلم ضي ي ي ي ي ي ييب فييامتنع من أكلييه‪ ,‬وقييال "إن ه لي حبرام‪ ,‬ولكن يكن‬
‫رع قومي فأجدين أعافه"‪.‬‬
‫وقييد كييان اجتمع طييائفيية من أص ي ي ي ي ي يحييابييه على االمتنيياع من أكييل‬
‫اللحم وحنوه‪ ,‬وعلى االمتني يياع من تزو النسي ي ي ي ي ي ي يياء‪ ,‬في ييأنزل هللا تعي يياىل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين آ اامنُوا اال ُُتا ِرُموا طايِباات اما أ ا‬
‫اح َّل َّ‬
‫اّلِلُ لا ُك ْم اواال تا ْعتا ُدوا‬ ‫‪ ‬اَي أايُّ اها الَّذ ا‬
‫ين * اوُكلُوا ِ َّا ارازقا ُك ُم َّ‬
‫اّلِلُ اح اال لال طايِبل ا اواتَّ ُقوا‬ ‫ِ‬
‫ب ال ُْم ْعتا د ا‬‫اّلِلا اال ُُِي ُّ‬
‫إِ َّن َّ‬
‫اّلِل الَّ ِذ أانْ تُم بِ ِه م ْؤِمنُو ان َي أايُّ اه ا الَّ ِذين آامنُوا اال ُُتا ِرموا طايِب ِ‬
‫ات ام ا‬ ‫ُ ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫ْ ُ‬ ‫َّا‬
‫ين * اوُكلُوا ِ َّ ا‬ ‫ِ‬
‫ب ال ُْم ْعتا د ا‬ ‫اّلِلا اال ُُِي ُّ‬
‫اّلِلُ لا ُك ْم اواال تا ْعتا ُدوا إِ َّن َّ‬
‫اح لَّ َّ‬ ‫أا‬
‫اّلِلا الَّ ِذ أانْ تُ ْم بِ ِه ُم ْؤِمنُو ان‪.)1(‬‬
‫اّلِلُ اح اال لال طايِبلا اواتَّ ُقوا َّ‬
‫ارازقا ُك ُم َّ‬
‫ويف الص ي ي ي ي ي ييحيحني عنييه أنيه بلغييه أن رجياالً قيال أحيدهم‪ :‬أميا أان‬
‫فأصيوم وال أفطر‪ ,‬وقال اآلخر‪ :‬أما أان فأقوم وال أانم‪ ,‬وقال اآلخر‪ :‬أما‬
‫أان فال أتزو النسي ي ي يياء‪ ,‬وقال اآلخر‪ :‬أما أان فال آكل اللحم‪ ,‬فقال ‪:‬‬
‫"لكين أص وم وأفطر‪ ,‬وأقوم وأ م‪ ,‬وأتاوا النس اء‪ ,‬وآكل اللحم‪,‬‬
‫فمن رغب عن سن فلي مين"‪.‬‬
‫ات اما‬ ‫وق قال تعاىل‪َ  :‬ي أايُّ اها الَّ ِذين آامنُوا ُكلُوا ِمن طايِب ِ‬
‫ْ ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬

‫(‪ )1‬سورة املائدة‪ ,‬اآليتان‪.88 ,87 :‬‬


‫‪57‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫رازقْناا ُكم وا ْش ُكروا َِِّ‬


‫ّلِل إِ ْن ُك ْن تُ ْم إِ ََّيهُ تا ْعبُ ُدو ان‪)1(‬؛ فأمر أبكل الطيبات‪,‬‬ ‫ْا ُ‬ ‫ا‬
‫والشكر ‪ ,‬فمن حرم الطيبات كان معتدايً‪ ,‬ومن مل يشكر كان مفرطاً‬
‫مضيعاً حلق هللا‪.‬‬
‫ويف صحيح مسلم عن النيب ‪ ‬أنه قال‪" :‬إن هللا لري ى من‬
‫العبد أن أيكل األكلة فيحمده عليها‪ ,‬ويشرب الشربة فيحمده‬
‫عليها"‪.‬‬
‫ويف الرتمذي وغريه عن النيب ‪ ‬أنه قال‪" :‬الطاعم الشاكر مبنالة‬
‫الصا م الصابر"‪.‬‬
‫فهذه الطريق اليت كان رس ي ي ييول هللا ‪ ‬هي أعدل الطرق وأقومها‪,‬‬
‫واالحنراف عنها إىل وجهني‪:‬‬
‫قوم يس ي ي ي ي يرفون فيتناولون الش ي ي ي ي ييهوات‪ ,‬مع إعراض ي ي ي ي ييهم عن القيام‬
‫اش اربُوا اواال تُ ْس ِرفُوا إِنَّهُ اال‬‫ابلواجبات‪ .‬وقد قال هللا تعاىل‪  :‬اوُكلُوا او ْ‬
‫ف ِم ْن با ْع ِد ِه ْم اخلْف‬ ‫ي‪ , ‬وقييال تعيياىل‪  :‬فا اخلا ا‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬
‫ُُِي ُّ‬
‫ب ال ُْم ْس رف ا‬
‫ف يالْ اق ْو ان غايًّا‪.)3(‬‬‫س ْو ا‬ ‫الص اال اة واتَّب عُوا َّ ِ‬
‫الش اه اوات فا ا‬ ‫أا ااعُوا َّ ا ا‬
‫وقم ررمون الطيبات‪ ,‬ويبتدعون رهبانية مل يشرعها هللا تعال‪ ,‬وال‬
‫ِ‬
‫ين آ اامنُوا اال‬ ‫رهبانية يف ادسالم‪ ,‬وقد قال هللا تعاىل‪  :‬اَي أايُّ اها الَّذ ا‬
‫اّلِلا اال ُُِي ُّ‬
‫ب‬ ‫اّلِلُ لا ُك ْم اواال تا ْعتا ُدوا إِ َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫ُُتا ِرُموا طايِباات اما أ ا‬
‫اح َّل َّ‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ,‬اآلية‪.172 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة األعراف‪ ,‬اآلية‪.31 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة مرمي‪ ,‬اآلية‪.59 :‬‬
‫‪58‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ات‬‫الرسل ُكلُوا ِمن الطَّيِب ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫اي‬‫أ‬ ‫َي‬ ‫( ‪)1‬‬


‫ين‪‬‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ا‬ ‫ُّ‬ ‫ا‬ ‫‪‬‬ ‫تعاىل‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫‪,‬‬ ‫ال ُْم ْعتاد ا‬
‫احللا إِِين ِمباا تا ْع املُو ان اعلِيم‪.)2(‬‬
‫وا ْعملُوا ص ِ‬
‫ا ا ا‬
‫ويف الص ي ي ييحيح عن النيب ‪ ‬أنه قال‪" :‬إن هللا أمر املؤمنني مبا أمر‬
‫ات‬‫الرس ل ُكلُوا ِمن الطَّيِب ِ‬
‫ا ا‬ ‫بيه املرس ي ي ي ي ي ييلني"‪ ,‬فقييال تعيياىل‪  :‬اَي أايُّ اه ا ُّ ُ ُ‬
‫ين آ اامنُوا ُكلُوا ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫ص احللا‪ ,‬وقييال تعيياىل‪  :‬اَي أايُّ اه ا الَّ ذ ا‬
‫ِ‬
‫اوا ْع املُوا ا‬
‫ات اما ارازقْناا ُك ْم‪.)3(‬‬‫طايِب ِ‬
‫ا‬
‫ه ذكر‪" :‬الرجل يطيل الس ر أشعث أغرب ميد يديه إ السماء‬
‫َي رب َي رب ومطعمه حرام‪ ,‬ومشربه حرام‪ ,‬وملبسه حرام‪ ,‬وغُذ‬
‫حلرام‪ ,‬فأىن يُستجاب له"‪.‬‬
‫وكل حالل طيب‪ ,‬وكل طيب حالل‪ ,‬ف ن هللا أحل لنا الطيبات‪,‬‬
‫وحرم علينا اخلبائ ‪ ,‬لكن جهة طيبة كونه انفعاً لذيذاً‪.‬‬
‫وهللا حرم علينا كل ما يض ي ي ي ي ي يران‪ ,‬وأابح لنا كل ما ينفعنا خبالف‬
‫أهل الكتاب ف نه بظلم منهم حرم هللا عليهم طيبات أحلت هلم‪ ,‬فحرم‬
‫عليهم طيبات هلم‪ ,‬و مد ‪ ‬مل ررم علينا شي ي ي يييئاً من الطيبات‪ .‬والناس‬
‫تتنوع أحواهلم يف الطعام واللباس واجلوع والش ي ي ي ييبع‪ ,‬والش ي ي ي ييخص الواحد‬
‫يتنوع حياليه‪ ,‬ولكن خري األعميال ميا كيان أطوع‪ ,‬ولص ي ي ي ي ي يياحبيه أنفع‪,‬‬
‫وقد يكون ذلك أيس يير العملني‪ ,‬وقد يكون أش ييدمها‪ ,‬فليس كل ش ييديد‬
‫فاضالً وال كل يسري مفضوالً‪ ,‬بل الشرع إذا أمران أبمر شديد ف منا مر‬

‫(‪ )1‬سورة املائدة‪ ,‬اآلية‪.87 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة املؤمنون‪ ,‬اآلية‪.51 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة‪ ,‬اآلية‪.172 :‬‬
‫‪59‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫بيه مليا فييه من املنفعية‪ ,‬ال جملرد تعيذييب النفس؛ كياجلهياد اليذي قيال هللا‬
‫س ى أا ْن تاك اْر ُهوا‬ ‫ب اعلا ْي ُك ُم ال ِْقتا ُ‬
‫ال او ُه او ُك ْره لا ُك ْم او اع ا‬
‫ِ‬
‫تعاىل فيه‪ُ  :‬كت ا‬
‫سى أا ْن ُُِتبُّوا اش ْي ئلا او ُه او اش ٌّر لا ُك ْم‪.)1(‬‬ ‫اش ْي ئلا او ُه او اخ ْري لا ُك ْم او اع ا‬
‫واحلج هو اجلهاد الصي ييغري‪ ,‬وهلذا قال النيب ‪ ‬لعائشي يية رضي ييي هللا‬
‫عنها يف العمرة‪" :‬أجرك على قدر نصبك"‪.‬‬
‫صب‬ ‫ك ِ َّاهنُم اال ي ِ‬ ‫ِ‬
‫صيبُ ُه ْم ظا امأ اواال نا ا‬ ‫وقال تعاىل يف اجلهاد‪  :‬ذال ا ْ ُ‬
‫ظ الْ ُك َّ اار اواال ياناالُو ان‬‫اّلِل اواال ياطائُو ان ام ْو ِطئلا ياِغي ُ‬
‫يل َِّ‬ ‫صة ِن اسبِ ِ‬ ‫اواال اخمْ ام ا‬
‫اج ار‬
‫يل أ ْ‬ ‫ِ‬
‫اّلِلا اال يُض ُ‬ ‫صالِح إِ َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫ب اهلُ ْم بِه اع امل ا‬ ‫ِ‬
‫م ْن اع ُد ٍو نا ْي لال إَِّال ُكت ا‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ي‪.)2(‬‬ ‫ال ُْم ْحسنِ ا‬
‫وأما جمرد تعذيب النفس والبدن من غري منفعة راجحة‪ ,‬فليس‬
‫هذا مشروعاً لنا‪ ,‬بل أمران هللا مبا ينفعنا‪ ,‬وهناان عما يضران‪ ,‬وقد قال‬
‫رسول هللا ‪" :‬إ ا بعثتم ميسرين و تبعثوا معسرين"‪ ,‬وقال ملعاذ وأيب‬
‫موسى ملا بعثهما إىل اليمن‪" :‬يسرا وال تعسرا‪ ,‬وبشرا وال تن را"‪.‬‬
‫وقال‪" :‬هذا الدين يسر‪ ,‬ولن يشاد الدين أحد إال غلبه‪,‬‬
‫فاستعينوا لغدوة والروحة وشيء من الدجلة‪ ,‬والقصد القصد‬
‫تبلغوا"‪ ,‬وروي عنه أنه قال‪" :‬أحب الدين إ هللا احلني ية السمحة"‪.‬‬
‫فادنسان إذا أصابه يف اجلهاد واحلج أو غري ذلك حر أو برد أو‬
‫جوع وحنو ذلك فهو مما رمد عليه‪ ,‬قال تعاىل‪  :‬اوقاالُوا اال تا ْن ِ ُروا ِن‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ ,‬اآلية‪.216 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة التوبة‪ ,‬اآلية‪.120 :‬‬
‫‪60‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫َّم أا اش ُّد اح ًّرا ل ْاو اكانُوا يا ْ اق ُهو ان‪.)2 ()1(‬‬


‫ا ْحلا ِر قُ ْل ا ُر اج اهن ا‬
‫وقبل اخلتام نعر سييوايً على بيت النبوة الذي حاله وقد عرضيت‬
‫على رس ي ي ي ي ي ييول هللا ‪ ‬كنوز اليدنييا‪ ,‬فلم خيذهيا وقيال‪" :‬بيل أجوع يومياً‬
‫وأشيبع يوماً‪ ,‬ف ذا جعت تضيرعت إليك وذكرتك‪ ,‬وإذا شيبعت محدتك‬
‫وشكرتك"‪.‬‬
‫وسي ي ييأل ربه أن جيعل له رزق أهله قواتً‪ ,‬كما يف الصي ي ييحيحني من‬
‫حدي أيب هريرة رضي هللا عنه‪" :‬اللهم اجعل رزق آل َممد قواتل"‪.‬‬
‫وفيهما عنه قال‪" :‬والذ ن أيب هريرة بيده ما شبل نيب هللا‬
‫وأهله ثالثة أَيم تباعال من خبا ح فارق الدنيا"‪.‬‬
‫ويف صحيح البخاري عن أنس رضي هللا عنه‪" :‬ما أعلم رسول‬
‫هللا ‪ ‬رأى رغي ال مرققال وال شاة مسيطال قط ح حلَ بربه"‪.‬‬
‫ويف صحيحه أيضاً عنه‪ ,‬قال‪" :‬خر النيب ‪ ‬ومل يشبع من خبز‬
‫شعري"‪.‬‬
‫ويف صحيح مسلم عن عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه‪" :‬لقد‬
‫رأيت رسول هللا ‪ ‬ي ل اليوم ما َيد دقالل ميأل بطنه"‪.‬‬
‫ويف املسند والرتمذي‪ ,‬عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪" :‬كان‬
‫رسول هللا ‪ ‬يبيت اللياِل املتتابعات طاوَيل وأهله ال َيدون عشاء‪,‬‬
‫كان أكثر خباهم خبا الشعري"‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة التوبة‪ ,‬اآلية‪.81 :‬‬


‫(‪ )2‬جمموع الفتاور ‪ 310/22‬ابختصار‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ويف الرتمذي‪ ,‬من حدي أيب أمامة‪" :‬ما كان ي ض ل أهل بيت‬
‫رسول هللا ‪ ‬خبا الشعري"‪.‬‬
‫ويف املس ي ييند‪ ,‬عن عائش ي يية رض ي ييي هللا عنها‪" :‬والذ بعث َممدال‬
‫حلَ م ا رأى منخالل وال أك منخوالل من ذ بعث ه هللا عا وج ل إ أن‬
‫قبض‪ .‬قال عروة‪ :‬فقلت‪ :‬فكيف كنت سكلون الشعري قالت‪ :‬كنا‬
‫نقول أف ‪-‬أ نن خه‪ -‬فيطري ما طار وجنن الباقي"‪.‬‬
‫ويف ص ي ي ي ي ي ييحيح البخ يياري‪ ,‬عن أنس ق ييال‪" :‬لق ييد رهن رس ي ي ي ي ي ييول‬
‫هللا ‪ ‬درعه بشيعري ولقد نعته يقول‪" :‬ما أص بح آلل َممد ص اع وال‬
‫أمسى‪ ,‬وإهنم لتسعة أبيات"‪.‬‬
‫عن أيب هريرة رضييي هللا عنه قال‪" :‬ما عاب رسييول هللا ‪ ‬طعاماً‬
‫قط‪ ,‬إن اشتهاه أكله‪ ,‬وإن كرهه تركه"(‪.)1‬‬
‫وعن جابر رضييي هللا عنه أن النيب ‪ ‬سييأل أهله األدم فقالوا‪ :‬ما‬
‫عنيدان إال اخلل‪ ,‬فدعا به‪ ,‬فجعيل كل ويقول‪" :‬نِ ْع ام األدم اخلل‪ ,‬نعم‬
‫األدم اخلل"(‪.)2‬‬
‫جعلنا هللا وإايكم من احلامدين الشاكرين الذين يؤدون شكر‬
‫نعمته ‪ ,‬وجعل ما أمدان به من خري عوانً على طاعته‪ ,‬وجتاوز عن خطأان‬
‫وتقصريان وجهلنا وعمدان‪ ,‬غفر لنا ولوالدينا وجلميع املسلمني‪ .‬وصلى‬
‫هللا على نبينا مد وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪.‬‬


‫(‪ )2‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪62‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫ال هرس‬
‫املقدمة ‪3 .....................................................‬‬
‫مدخل ‪4 .....................................................‬‬
‫أكل الصديقني ‪8 ..............................................‬‬
‫الذكر والشكر‪8 ...............................................‬‬
‫وكلوا واشربوا ‪10 ..............................................‬‬
‫ادسراف والتبذير ‪11 ..........................................‬‬
‫فضول الطعام ‪14 .............................................‬‬
‫ما شبع ستة عشر عاما‪18 .....................................‬‬
‫ال يفرحون بشيء‪20 ..........................................‬‬
‫النعم ثالثة ‪23 ................................................‬‬
‫الدنيا أعيان موجودة ‪26 .......................................‬‬
‫أعظم املهلكات ‪28 ...........................................‬‬
‫الدنيا أجل حاضر ‪31 .........................................‬‬
‫مناذ مضيئة ‪33 ..............................................‬‬
‫مطية حلسن العبادة ‪35 ........................................‬‬
‫العيش عيش واحد‪37 .........................................‬‬
‫من سنن املرسلني ‪39 ..........................................‬‬
‫ما أابيل ما فتين‪40 ............................................‬‬
‫فوائد اجلوع ‪42 ...............................................‬‬
‫‪63‬‬ ‫خبري االعشاب والتغذية العالجية ‪00962779839388‬‬

‫رقة القلب ‪43 ................................................‬‬


‫احلمية رأس الدواء ‪54 .........................................‬‬
‫ما سبب آجالكم؟ ‪54 ........................................‬‬
‫تفصيل دقيق البن تيمية ‪57 ....................................‬‬
‫بيت النبوة ‪62 ................................................‬‬
‫الفهرس‪62 ...................................................‬‬

You might also like