Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬

‫ضمانات والتزامات املسري يف‬


‫عقد التسيري احلر‬
‫مسية رقيب‬
‫طالبة ابحثة بسلك الدكتوراه‬
‫ﺍﻟﺤﺮالقانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬ابن زهر‬
‫العلوم‬ ‫كلية‬
‫ﺿﻤﺎﻧﺎﺕ ﻭﺇﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‬ ‫تقديم‬
‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻌﻨﺒﻲ‪.‬فقد اوحت احلاجة اىل اجياد طريقة الستغالل االصل التجاري بطريقة التسيري احلر‬
‫صميم الواقع‬
‫فكرة التسيري احلر نشأت منﺭﺿﻮﺍﻥ‬ ‫ان‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺳﻤﻴﺔاحرتاف التجارة بسبب مهنهم كمثال االطباء و احملامني‪...‬او من تلق متجرا بطريق‬ ‫ﺭﻗﺒﻲ‪،‬ممارسة و‬
‫االشخاص املمنوعني من‬
‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ من‬
‫خمرجا لطائفة‬
‫القاصر او لوجود اسباب عارضة كاملرض او السفر اىل غري د لك وقد نظم املشرع املغريب احكام‬ ‫مبمارسة التجارة او ﻉ‪10‬‬ ‫االرث وال يرغب‬
‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢإذ جند املشرع املغريب قد أفرد له تنظيما خاصا‪ ،‬كما خصه بتعريف من خالل املادة ‪ 383‬من‬ ‫التسيري احلر لألصل التجاري‪،‬‬ ‫عقد بعقد‬
‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪476‬‬
‫‪2015‬‬ ‫فيها‪:‬‬ ‫اليت جاء‬
‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬ ‫م‪.‬ت‬
‫األصل التجاري أو مستغله على إكرائه كال أو بعضا ملسري يستغله حتت مسؤوليته‪"...‬‬
‫مالك ‪115 -‬‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪ :‬عقد يوافق مبقتضاه ‪134‬‬
‫" ‪ ...‬كل‬
‫احلر‪ ،‬واعترب أنه يستحق املزيد من العناية والتنظيم‪ ،‬ألن املسري احلر يشكل احلل املناسب‬‫‪764076‬‬‫‪ :MD‬الفقه بتقنية عقد التسيري‬
‫كما نوه‬
‫ﺭﻗﻢ‬

‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕاملقاولة‪ ،‬ولعل هذا ما يعكس جبالء األمهية اليت تنطوي عليها دراسة ضماانت و‬ ‫ﺑﺤﻮﺙرار حياة‬
‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪ :‬ميكن أن تعرقل استم‬
‫لتجاوزﻧﻮﻉالعقبات اليت‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫املسري ي عقد التسيري احلر‬ ‫التزامات‬
‫‪IslamicInfo, EcoLink‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫لذلك فان دراسة هدا املوضوع ستتمحور ابألساس عن الضماانت و االلتزامات املقررة للمسري احلر مع ابراز أتثري وضعيته على‬
‫ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻘﻮﺩ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﺍﻟﺤﺮ ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫العقد و ذلك على الشكل التايل‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/764076‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫الفصل االول‪ :‬التزامات املسري يف عقد التسيري احلر‬
‫الفصل الثاين‪ :‬مدى كفاية الضماانت واحلقوق أثناء عقد التسيري احلر‬
‫الفصل االول‪ :‬التزامات املسري احلر يف عقد التسيري احلر‬
‫يتمتع املسري احلر ابالستقاللية ي استغالل األصل التجاري‪ ،‬أي أنه غري ملزم مبنح أي بياانت هتم هذا التسيري ملالك األصل‬
‫التجاري تكشف عن أعماله‪ ،‬والنتائج املرتتبة عن هذه األعمال‪ ،‬ألنه غري اتبع له وال أيمتر أبوامره وال خيضع إلشرافه ومراقبته‪ ،‬مع األخذ‬
‫بعني االعتبار بعض العالقات ي إطار التسيري اليت يكون فيها جمال احلرية ضيقا بعض الشيء‪ ،‬نظرا للتبعية االقتصادية واإلشراف‬
‫اإلداري واملراقبة‪.‬‬
‫ولكن ال يعين هذا أنه غري ملزم بضرورة حسن إدارة األصل التجاري‪ ،‬وتوظيف خربته ودرايته ابلنشاط التجاري ومتطلبات‬
‫احلماية اليت تفرضها مدونة التجارة لصاحل املكري كطرف ي العقد‪ ،‬واألغيار واحملافظة على الزبناء واستمرارية تعاملهم مع األصل‪ ،‬مع‬
‫احتفاظه مبنافع استثماره هلذا األصل حلسابه اخلاص‪ ،‬ي مقابل حتمله للتكاليف اليت تلزمه بكل اإلجراءات اإلدارية والقانونية واملهنية‬
‫اليت تفرضها عليه طبيعة عمله كتاجر‪ ،‬والعقد الذي ينطوي حتت مقتضياته‪.‬‬
‫فمن اإلجراءات وااللتزامات املفروضة على املسري احلر التصريح ابلعمال لدى الصندوق الوطين للضمان االجتماعي‪ ...‬جتاه‬
‫الدولة ‪،‬واحملافظة على العني املكرتاة‪ ،‬و ي مقابل هذه االستقاللية ي القرار‪ ،‬من حق املكري التمتع مبقابل الكراء أو واجب االستغالل‬
‫ ي شكل مقابل كراء معني وحمدد يدفع إما ابتفاق األطراف أو تبعا للعرف احمللي‪ ،‬أو يتم حتديده بنسبة من قيمة األرابح أو مع زايدة أو‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬هذهﺟﻤﻴﻊالنسبة‪.‬‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫مايل على‬ ‫نقصان ©مبلغ‬
‫‪ 2020‬ﺩﺍﺭ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪-476‬القانون رقم ‪،59-59‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم ‪ ،59569.1‬بتاريخ ‪ 59‬ربيع األول ‪( 5151‬فاتح غشت ‪ ،)5556‬املنشور ابجلريدة الرمسية بتاريخ ‪ 55‬مجادى‬
‫األوىل ‪ 1( 5151‬أكتوبر ‪ ،)5556‬ع ‪ ،115.‬ص‪.75.1 :‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬

‫ضمانات والتزامات املسري يف‬


‫عقد التسيري احلر‬
‫مسية رقيب‬
‫طالبة ابحثة بسلك الدكتوراه‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬ابن زهر‬
‫تقديم‬
‫ان فكرة التسيري احلر نشأت من صميم الواقع ‪.‬فقد اوحت احلاجة اىل اجياد طريقة الستغالل االصل التجاري بطريقة التسيري احلر‬
‫خمرجا لطائفة من االشخاص املمنوعني من ممارسة واحرتاف التجارة بسبب مهنهم كمثال االطباء و احملامني‪...‬او من تلق متجرا بطريق‬
‫االرث وال يرغب مبمارسة التجارة او القاصر او لوجود اسباب عارضة كاملرض او السفر اىل غري د لك وقد نظم املشرع املغريب احكام‬
‫عقد بعقد التسيري احلر لألصل التجاري‪ ،‬إذ جند املشرع املغريب قد أفرد له تنظيما خاصا‪ ،‬كما خصه بتعريف من خالل املادة ‪ 383‬من‬
‫م‪.‬ت ‪ 476‬اليت جاء فيها‪:‬‬
‫" ‪ ...‬كل عقد يوافق مبقتضاه مالك األصل التجاري أو مستغله على إكرائه كال أو بعضا ملسري يستغله حتت مسؤوليته‪"...‬‬
‫كما نوه الفقه بتقنية عقد التسيري احلر‪ ،‬واعترب أنه يستحق املزيد من العناية والتنظيم‪ ،‬ألن املسري احلر يشكل احلل املناسب‬
‫لتجاوز العقبات اليت ميكن أن تعرقل استمرار حياة املقاولة‪ ،‬ولعل هذا ما يعكس جبالء األمهية اليت تنطوي عليها دراسة ضماانت و‬
‫التزامات املسري ي عقد التسيري احلر‬
‫لذلك فان دراسة هدا املوضوع ستتمحور ابألساس عن الضماانت و االلتزامات املقررة للمسري احلر مع ابراز أتثري وضعيته على‬
‫العقد و ذلك على الشكل التايل‬
‫الفصل االول‪ :‬التزامات املسري يف عقد التسيري احلر‬
‫الفصل الثاين‪ :‬مدى كفاية الضماانت واحلقوق أثناء عقد التسيري احلر‬
‫الفصل االول‪ :‬التزامات املسري احلر يف عقد التسيري احلر‬
‫يتمتع املسري احلر ابالستقاللية ي استغالل األصل التجاري‪ ،‬أي أنه غري ملزم مبنح أي بياانت هتم هذا التسيري ملالك األصل‬
‫التجاري تكشف عن أعماله‪ ،‬والنتائج املرتتبة عن هذه األعمال‪ ،‬ألنه غري اتبع له وال أيمتر أبوامره وال خيضع إلشرافه ومراقبته‪ ،‬مع األخذ‬
‫بعني االعتبار بعض العالقات ي إطار التسيري اليت يكون فيها جمال احلرية ضيقا بعض الشيء‪ ،‬نظرا للتبعية االقتصادية واإلشراف‬
‫اإلداري واملراقبة‪.‬‬
‫ولكن ال يعين هذا أنه غري ملزم بضرورة حسن إدارة األصل التجاري‪ ،‬وتوظيف خربته ودرايته ابلنشاط التجاري ومتطلبات‬
‫احلماية اليت تفرضها مدونة التجارة لصاحل املكري كطرف ي العقد‪ ،‬واألغيار واحملافظة على الزبناء واستمرارية تعاملهم مع األصل‪ ،‬مع‬
‫احتفاظه مبنافع استثماره هلذا األصل حلسابه اخلاص‪ ،‬ي مقابل حتمله للتكاليف اليت تلزمه بكل اإلجراءات اإلدارية والقانونية واملهنية‬
‫اليت تفرضها عليه طبيعة عمله كتاجر‪ ،‬والعقد الذي ينطوي حتت مقتضياته‪.‬‬
‫فمن اإلجراءات وااللتزامات املفروضة على املسري احلر التصريح ابلعمال لدى الصندوق الوطين للضمان االجتماعي‪ ...‬جتاه‬
‫الدولة ‪،‬واحملافظة على العني املكرتاة‪ ،‬و ي مقابل هذه االستقاللية ي القرار‪ ،‬من حق املكري التمتع مبقابل الكراء أو واجب االستغالل‬
‫ ي شكل مقابل كراء معني وحمدد يدفع إما ابتفاق األطراف أو تبعا للعرف احمللي‪ ،‬أو يتم حتديده بنسبة من قيمة األرابح أو مع زايدة أو‬
‫نقصان مبلغ مايل على هذه النسبة‪.‬‬

‫‪-476‬القانون رقم ‪،59-59‬الصادر بتنفيذه الظهري الشريف رقم ‪ ،59569.1‬بتاريخ ‪ 59‬ربيع األول ‪( 5151‬فاتح غشت ‪ ،)5556‬املنشور ابجلريدة الرمسية بتاريخ ‪ 55‬مجادى‬
‫األوىل ‪ 1( 5151‬أكتوبر ‪ ،)5556‬ع ‪ ،115.‬ص‪.75.1 :‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫األكيد هو أن املكري أيخذ هذه املبالغ الدورية الثابتة أو املتغرية اليت ال عالقة هلا بنتيجة التسيري اليت يتحملها املسري وحده‪.‬‬
‫و ي ضوء هذه املعطيات سنتطرق إىل التزامات املسري احلر أثناء تنفيذ العقد (املبحث األول) ‪،‬مث اىل التزامات املسري احلر بعد‬
‫انتهاء العقد( املبحث الثاين)‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬التزامات املسري احلر أثناء تنفيذ العقد‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يتبني لنا أن من أهم مسات عقد التسيري احلر‪ ،‬حرية املسري احلر ي االستغالل‪ ،‬لذا جيب أن يبذل ي تنفيذ‬
‫العقد ما يقتضيه شرف التعامل والثقة واألمان الواجب توافرها ي امليدان التجاري‪ ،‬واليت ترمي على احملافظة على كيان األصل التجاري‪،‬‬
‫ومراعاة هذا الواجب هو التزام على عاتق املسري احلر‪.‬‬
‫املطلب االول ‪ :‬التزامات املسري احلر ابستغالل األصل التجاري‬
‫يعترب األصل التجاري مبثابة أمانة ي يد املسري احلر‪ ،‬لذلك فهو ملزم أبن حيافظ عليه‪ ،‬سواء من حيث استعماله أو صيانته‬
‫واالعتناء أبجهزته ومعداته اعتناء الرجل العادي مبلكه ومصاحله بناء على مقتضيات الفصل ‪ 661‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع ‪.477‬‬
‫فاحلفاظ على كيان األصل التجاري‪ ،‬يعترب من أصل االلتزامات امللقاة على كاهل املسري احلر‪ ،‬مما جيعل حريته ي االستغالل‬
‫مشروطة بعدم اإلتيان ابلتصرفات اليت من شأهنا اإلضرار مبالك األصل التجاري‪ ،‬عن طريق التسبب ي االنداثر لبعض أو كل العناصر‬
‫اليت يتكون منها هذا األخري‪ ،‬مثال أن يلجأ املسري احلر إىل احليل والغش ي البضائع أو األسعار‪ ،...‬كما عليه احرتام مقتضيات القواعد‬
‫والرتتيبات اإلدارية املعمول هبا حىت ال ينتج عن خمالفته هلا غلق احملل أو سحب رخصة االستغالل‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يؤثر أتثريا كبريا‬
‫على األصل التجاري‪.‬‬
‫ولقد قرر القضاء املغريب "أبن حرية استغالل املسري احلر لألصل التجاري مشروطة بعدم القيام أبعمال من شأهنا أن تؤدي إىل‬
‫اضمحالل األصل التجاري وانداثر عناصره" ‪.478‬‬
‫وحلماية األصل التجاري من خماطر سوء االستغالل يتعني على املسري احلر حتمل عدة التزامات منها‪:‬‬
‫‪ ‬حسن استغالل األصل التجاري‪ ،‬ويتجلى ذلك ي احملافظة على مواقيت افتتاح األصل التجاري وإغالقه تبعا ملا تعود عليه‬
‫الزبناء‪ ،‬وإبداء الكفاءة الالزمة ي التسيري حفاظا على مسعة األصل التجاري‪ ،‬وابلتايل رفعا من قيمته االقتصادية‪ .479‬وقد‬
‫ذهب بعض الفقهاء إىل القول إن أمهية االستغالل ترجع من جهة إىل أن األصل التجاري ليس حقا على املسري احلر‪ ،‬بل‬
‫واجب عليه والتزام مرتتب عليه ي نفس الوقت حىت ال ينصرف عليه الزبناء‪ .480‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ذهب أحد الفقهاء إىل‬
‫القول إىل أن االستغالل هو قوام األصل التجاري ومناط جلب الزبناء له‪.481‬‬
‫‪ ‬كما يلتزم املسري احلر ابستغالل األصل التجاري بدون انقطاع ملحوظ قد يؤثر على هذه القيمة‪ ،‬وتطبيقا لذلك فقد ذهبت‬
‫احملكمة التجارية بطنجة إىل أنه‪" :‬ابلنسبة لعقد التسيري احلر فإنه من االلتزامات األساسية للمكرتي ضمان االستغالل‬

‫‪-477‬ينص الفصل ‪ 661‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي ‪:‬‬


‫" يتحمل املكرتي ابلتزامني أساسني ‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن يدفع الكراء‪.‬‬
‫ب‪ .‬أن حيافظ على الشيء املكرتي و أن يستعمله بدون إفراط أو إساءة وفقا إلعداده الطبيعي أو ملا خصص له مبقتضى العقد "‬
‫‪ -478‬حكم رقم ‪ 517‬بتاريخ ‪ 75‬يناير ‪ ،5557‬ملف ع ‪ ،5/77/5. :‬جملة احملاكم املغربية‪ ،‬ع‪ ،6. :‬س‪ ،5551 :‬ص ‪.517 :‬‬
‫‪ -479‬حممد املوساوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.524 :‬‬
‫‪ -480‬طارق زايدة و فيكتور مكربل‪" ،‬املؤسسة التجارية‪ ،‬دراسة قانونية مقارنة"‪ ،‬منشورات املكتبة احلديثة‪ ،‬ط‪ ،1 :‬طرابلس لبنان‪ ،‬س‪ ،1986 :‬ص‪.363 :‬‬
‫‪ -481‬حممد الكشبور‪" ،‬احلق ي الكراء عنصر ي األصل التجاري"‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1998 :‬ص‪ ،50 :‬هامش رقم‪.3 :‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫العادي والدائم لألصل التجاري‪ ،‬وذلك ألن تقليص أو توقف عن االستغالل من شأنه أن يؤدي إىل إنقاص قيمة األصل‬
‫التجاري من خالل فرار زبنائه عنه والذين يشكلون العنصر األساسي لألصل"‪.482‬‬
‫‪‬كما ال جيب على املسري احلر نقل األصل التجاري من مكانه األصلي إىل مكان آخر قد يعتقد أنه أفضل دون موافقة املالك‪،‬‬
‫ويرى أحد الفقهاء ‪ 483‬أن عدم النص صراحة ي العقد على عدم نقل األصل التجاري‪ ،‬ال حيول دون إمكانية نقله إىل‬
‫مكان آخر مالئم‪ ،‬شريطة أن ال ينتج عن ذلك الفعل ضررا‪ ،‬أما إذا كان العقد ينص صراحة على عدم اإلقدام على هذا‬
‫النقل‪ ،‬فال جيوز للمسري بطبيعة احلال خمالفة هذا املقتضى‪ ،‬ولو كانت عملية النقل تبدو إجيابية ي نظره‪.‬‬
‫‪ ‬كما على املسري احلر عدم اإلقدام على تغيري طبيعة النشاط التجاري أو الصناعي الذي يقوم به املالك‪ ،‬ألن من شأن هذا‬
‫التغيري أن يتسبب ي اختفاء الزابئن‪ ،484‬على اعتبار أنه إذا كان األصل التجاري يستمد قيمته من زبنائه‪ ،‬فإن من شأن‬
‫تغيري النشاط أن يؤدي إىل فقدان الزبناء القدام واحتمال تكوين زبناء جدد‪ ،‬مما جيعل املالك مهددا ابسرتجاع أصل جتاري‬
‫أقل قيمة‪ ،‬أو غري قادر على إدارته لعدم درايته ابلنشاط اجلديد‪ ،485‬بل إنه يصبح مهددا بعدم اسرتجاع األصل كليا‪ ،‬إذا ما‬
‫عمد مالك العقار إىل استصدار حكم ابإلفراغ بسبب ذلك أتسيسا على الفقرة األوىل من الفصل ‪ 657‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪،486‬‬
‫غري أنه ي عقد التسيري احلر قد يرخص للمسري احلر ي القيام ببعض التغيريات تبعا لتطور أساليب التجارة واالقتصاد‪ ،‬دون‬
‫أن يكون هلذه التغيريات أثر جذري على طبيعة األصل التجاري ‪ ،487‬مثال استعمال احلاسوب إىل غري ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬كما تقع على عاتق املسري احلر اإلصالحات الضرورية املتعلقة ابحملل التجاري الذي يستغل فيه األصل التجاري والعناية‬
‫ابآلالت واملعدات اليت يستعملها ي استغالل األصل التجاري‪.‬‬
‫وجيب على املسري احلر إخطار املؤجر بدون أتخري بكل الوقائع اليت تقتضي تدخله‪ ،‬سواء تعلقت ابإلصالحات املستعجلة‪ ،‬أم‬
‫ابكتشاف عيوب غري متوقعة‪ ،‬وإن مل يقم املسري احلر إبخطار املؤجر وجب عليه التعويض‪.488‬‬
‫‪‬كما جيب على املسري أال يتصرف ي األصل التجاري أو أحد عناصره ابلبيع أو الرهن‪ ،489‬إال إذا تعلق األمر ابملعدات‬
‫املستعملة اليت يعمد إىل بيعها بغية تغيريها‪ ،‬وإذا أخل املسري احلر هبذا االلتزام‪ ،‬أمكن عندها متابعته جبرمية خيانة األمانة‪،‬‬
‫فضال عن حق املالك ي طلب فسخ العقد‪ ،‬وأيضا التعويض عن األضرار اليت حلقته من جراء ذلك‪.490‬‬

‫‪ -482‬حكم صادر عن احملكمة التجارية بطنجة رقم ‪ 51‬بتاريخ ‪ ،1998/11/09‬ي امللف رقم ‪ ،498-291‬منشور مبجلة احلدث القانوين‪ ،‬ع‪ ،19 :‬أكتوبر ‪ ،1999‬ص‪:‬‬
‫‪.13‬‬
‫‪483‬‬
‫‪- Vincent Joseph – Pascal " les contrats de gérance de fonds de commerce ", collection des notaires et des‬‬
‫‪avocats, Paris, 1954, P : 215.‬‬
‫‪ -484‬مسيحة القليويب‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.66 :‬‬
‫‪ -485‬حممد مومن‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.525 :‬‬
‫‪ -486‬تنص الفقرة األوىل من الفصل ‪ 692‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪:‬‬
‫" للمكري فسخ الكراء ‪...‬‬
‫أوال ‪ :‬إذا استعمل املكرتي الشيء ي غري ما أعد لع بسبب طبيعته أو مبقتضى االتفاق ‪" ...‬‬
‫‪ -487‬حممد املوساوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.259 :‬‬
‫‪ -488‬ينص الفصل ‪ 675‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪:‬‬
‫" يلتزم املكرتي برد العني عند انقضاء األجل احملدد فإذا احتفظ هبا بعده التزام ابلكراء على حسب تقدير أصل اخلربة عن املدة الزائدة اليت احتفظ هبا خالهلا‪ .‬و يسأل عن كل‬
‫األضرار اليت تلحق العني أثناء هذه املدة و لو حصلت نتيجة حاد فجائي‪ ،‬و ي هذه احلالة ال يلتزم إال ابلتعويض دون الكراء"‬
‫‪ -489‬للمزيد من املعلومات‪ ،‬ميكن الرجوع إىل ‪:‬‬
‫‪ ‬حممد مراد اخلمال ‪ "،‬رهن األصل التجاري‪ ،‬دراسة على ضوء النصوص القانونية و القرارات و األحكام القضائية " رسالة لنيل دبلوم املاسرت ي القانون اخلاص‪ ،‬ختصص‬
‫القانون املدين و ألعمال‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية احلقوق بطنجة‪ .‬بدون سنة النشر‬
‫‪ ‬عبد الرمحن مزور‪" ،‬الرهن على األصل التجاري وآاثره "‪ ،‬جملة القضاء و القانون‪ ،‬ع‪ ،596 :‬س ‪.700.‬‬
‫‪490‬‬
‫‪-A. Cohen, Note sous Tribi. Com. Marseille, 22. Juillet 1949. JCP. Ed. G. 1950. 5295.‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫‪ ‬ومن بني االلتزامات كذلك خضوع املسري احلر للضريبة سواء املتعلقة ابألرابح أو القيمة املضافة‪ ،‬أو املهنية وذلك حسب نوع‬
‫‪491‬‬
‫النشاط املستغل ي األصل التجاري‪ ،‬وال خيضع للضريبة احلضرية‪ ،‬ألنه ليس مالكا هلذا األصل‬
‫‪‬يعترب مالك األصل التجاري مسؤوال على وجه التضامن مع املسري احلر عن الديون‪ ،‬ويلتزم املسري احلر وحده أبداء الضرائب‬
‫الغري املباشرة املرتتبة عن استغالله لألصل التجاري أثناء سراين عقد التسيري احلر‪.‬‬
‫‪‬أما فيما يتعلق برسم اخلدمات اجلماعية‪ 492‬فإن املسري احلر واعتباره مكرتاي ملنقول معنوي وليس للعقار يكون غري ملزم أبداء‬
‫هذه الضريبة وإذا كان ال يوجد ما مينع من إلزامه أبدائها عن طريق االتفاق خصوصا وأن مسطرة تطبيق هذه الضريبة تشبه‬
‫ ي معظمها مسطرة تطبيق الضريبة احلضرية سواء ما يتعلق ابلتصفية أو التحصيل‪.493‬‬
‫‪‬يلتزم املسري احلر بتنفيذ العقود اليت أبرمت من أجل استغالل األصل التجاري املكرتي و خاصة عقود الشغل‪ ،‬وعقود التأمني‬
‫وغريها من العقود ذات الطابع االستمراري‪ ،‬أو اليت يتوقف عليها استغالل األصل التجاري كعقود اإلشهار مثال‪ ،‬ويتعني‬
‫على املسري احلر التعهد بتحمل عبء الوفاء برسوم التأمني واهلاتف وغريها ‪.494‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يتبني أن املسري احلر جيب أن يكون حريصا ي استغالل األصل التجاري من خالل التحلي ابحليطة واحلذر‬
‫الالزم توفرمها ي كل مسري حر يقظ ي مقابل ذلك يلتزم بدفع أجرة التسيري إىل املالك املكري‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التزامات املسري احلر بدفع الوجيبة الكرائية‬
‫تعترب الوجيبة الكرائية أحد أركان عقد التسيري احلر األساسية‪ ،495‬وابلرغم من أن املادة ‪ 597‬من م‪.‬ت مل تنص صراحة على هذا‬
‫االلتزام‪ ،‬حيث اكتفت ابلقول إن املسري احلر يكون مسؤوال عن استغالل األصل التجاري‪ ،‬إال أن ذلك ال يعين عدم وجود هذا االلتزام‪،‬‬
‫إذ ال يعترب عقد كراء بغري وجود الوجيبة‪ ،‬وابعتبار عقد التسيري احلر من عقود املعاوضة‪ ،‬وهنا تكون الوجيبة الكرائية هي عوض املنفعة‬
‫املتعاقد عليها‪.496‬‬
‫ولكن ابلرجوع إىل القواعد العامة وخصوصا الفصل ‪ 661‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ 497‬الذي ينص صراحة ي فقرته األوىل أن املكرتي‬
‫يتحمل االلتزام بدفع الكراء‪ ،‬وهذا ما أكده احلكم الصادر عن احملكمة التجارية ابلرابط بتاريخ ‪ 7000/09/56‬الذي جاء فيه‪:‬‬
‫"وحيث أرفقت املدعية مقاهلا بصورة لعقد التسيري احلر ‪ ...‬وحيث ثبت للمحكمة ‪ ...‬واقعة كراء املدعي للمدعى عليها للوحدات‬
‫الفندقية موضوع النزاع‪.‬‬

‫‪ -491‬للمزيد من املعلومات‪ ،‬ميكن االطالع على‪:‬‬


‫‪le régime fiscal de la cession du fonds de commerce « Revue Tunisienne de fiscalité N° : 8, 2008." Sameh‬‬
‫‪Koubâa,‬‬
‫‪ -492‬جتدر اإلشارة إىل أن رسم اخلدمات اجلماعية حل بدل رسم النظافة‪ ،‬وذلك مبقتضى القانون رقم ‪ ،11-06‬الظهري الشريف رقم ‪ 5-01-559‬الصادر ي ‪ 10‬نوفمرب‬
‫‪ 7001‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 11-06‬املتعلق جبباايت اجلماعات احمللية ‪.‬اجلريدة الرمسية عدد ‪ 99.1‬بتاريخ ‪ 1‬ديسمرب ‪.7001‬‬
‫وهو رسم متعلق ابلبنيات التحتية‪ ،‬التطهري‪ ،‬اإلانرة‪ ،‬النقل و غريها من اخلدمات اجلماعية‪ ،‬وهو رسم سنوي يفرض على من له احلق ي االنتفاع وعلى املالك أو حائز العقار أو‬
‫واضع اليد على العقارات واملعدات واألدوات ووسائل اإلنتاج املرتبطة ابلرسم املهين‪ ،‬وهو يفرض ي اجلماعات احلضرية واملناطق احمليطة هبا‪ ،‬مت ي املناطق القروية املتوفرة على‬
‫حمطات صيفية و شتوية أو مراكز االستشفاء‪.‬‬
‫‪ -493‬أمحد حضراين ‪ "،‬النظام اجلبائي احمللي على ضوء التشريع املغريب و املقارن "‪ ،‬منشورات اجمللة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية‪ ،‬ع ‪،77 :‬‬
‫دار النشر املغريب ‪،‬الدار البيضاء‪ ،‬س ‪ ،7005 :‬ص‪ 567 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -494‬حممد املوساوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪ 769 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -495‬آمال العرفاوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.59 :‬‬
‫‪ -496‬حممد مومن‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.717 :‬‬
‫‪ -497‬ينص الفصل ‪ 661‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي ‪:‬‬
‫" يتحمل املكرتي ابلتزامني أساسني ‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن يدفع الكراء‪.‬‬
‫ب‪ .‬أن حيافظ على الشيء املكرتي و أن يستعمله بدون إفراط أو إساءة وفقا إلعداده الطبيعي أو ملا خصص له مبقتضى العقد "‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫وحيث يلتزم املكرتي أبداء واجبات الكراء مقابل انتفاعه من العني املكرتاة" ‪.498‬‬
‫وتشرتط ي الوجيبة الكرائية الشروط العامة ي حمل العقد‪ ،‬ومن مث يشرتط فيها أن تكون ممكنة الوفاء‪ ،‬وأن تكون معينة أو قابلة‬
‫للتعيني‪ ،‬وأن تكون مشروعة‪ ،‬كما ميكن أن حتدد أجرة عقد التسيري احلر عادة بعدة طرق خمتلفة من قبل األطراف أو من قبل الغري ‪،499‬‬
‫وتكون غالبا مببلغ معني يدفع بصفة دورية (كل شهر أو ثالثة أشهر أو سنة)‪ ،‬أو أن يكون هذا املقابل متغريا كأن يتم حتديده على‬
‫أساس نسبة من األرابح‪ ،‬أو مببلغ من النقود مضاف إليه نسبة من األرابح‪ ،‬دون أن يغري ذلك من طبيعة العقد‪ ،‬وقد ذهب التشريع‬
‫الفرنسي على تضمني العقد لشرط السلم املتحر ‪ ،‬الذي جيعل الوجيبة الكرائية تتغري ابلزايدة والنقصان تبعا لتغري مؤشر‪ ،‬أو رقم‬
‫استداليل حمدد يشرتط فيه أن يتعلق أبسعار املنتوجات أو اخلدمات اليت هلا ارتباط مباشر مبوضوع االتفاق‪ ،‬أو نشاط أحد األطراف‬
‫‪ ،500‬أما خبصوص املشرع املغريب فإنه مل يتعرض ي مدونة التجارة إىل إمكانية مراجعة الوجيبة الكرائية‪ ،‬وإذا رجعنا إىل ظهري االلتزامات‬
‫والعقود جنده بدوره ال يتطرق هو اآلخر هلذا املوضوع‪ ،‬وإمنا اكتف ي الفصول ‪ 611‬و ‪ 691‬و ‪ 669‬بتعداد احلاالت اليت ال جيوز‬
‫فيها للمكري ختفيض مبلغ الكراء‪.‬‬
‫ويلتزم املسري احلر بدفع الوجيبة الكرائية ي األجل الذي حيدده العقد‪ ،‬وهذا ما تؤكده لنا جمموعة من األحكام القضائية منها‬
‫حكم احملكمة التجارية بطنجة‪ ،‬الذي جاء ي حيثياته‪ ... " :‬مقابل مبلغ شهري ‪.501 " ...‬‬
‫فإن مل حيدد العقد أجال لدفع الوجيبة الكرائية‪ ،‬التزم املكرتي بدفعها ي األجل الذي حيدده العرف احمللي‪ ،‬وإن مل حيدد العرف‬
‫احمللي بدوره أجال‪ ،‬التزم بدفعها ي هناية مدة العقد ويسوغ اشرتاط دفع الوجيبة الكرائية مقدما‪ ،‬ويتحمل املكرتي مصروفات الوفاء‬
‫مبقتضى الفصل ‪ 661‬من ظ‪.‬ل ع ‪.502‬‬
‫كما جيوز لألطراف إجراء تعديل على املدة اليت سبق االتفاق عليها‪ ،‬وقد يكون هذا االتفاق صرحيا أو ضمنيا‪ ،‬كما ي حالة‬
‫قيام املكري ابستالم األجرة بكيفية مستمرة ي مواعيد خمتلفة عن املواعيد املتفق عليها ‪ ،503‬أما عن مكان دفع الوجيبة الكرائية‪ ،‬فإن‬
‫عدم حتديد العقد ملكان معني‪ ،‬يستوجب الدفع ي مكان إبرام العقد‪ ،‬ما مل يتفق الطرفان على خالف ذلك ‪.504‬‬
‫و ي هذا السياق‪ ،‬ميكن لنا طرح التساؤل التايل‪ :‬ماذا لو امتنع املسري احلر عن أداء التزامه التعاقدي ي امليعاد احملدد؟ فهل هنا‬
‫مؤيدات شرعية تطبق ي حق املسري احلر املتلكئ واملتقاعس؟‬
‫إن ما يسرتعي انتباهنا هو أن املواد املنظمة لعقد التسيري احلر‪ ،‬ال جند فيها أي إشارة ملثل هذا اإلشكال‪ ،‬وهو ما جيعلنا نرجع إىل‬
‫القواعد العامة املنظمة للكراء حىت نتمكن من اإلجابة على هذا السؤال‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ميكن القول ي حالة مطل املسري احلر حيق للمكري‪ ،‬أن يتبع إحدى الوسيلتني‪:‬‬
‫‪‬إما إجبار املسري احلر على التنفيذ العيين‪ ،‬وهو الطريق العادي لتنفيذ االلتزام‪.‬‬
‫‪‬أو طلب فسخ العقد مع طلب األداء أو بدونه عند تعذر التنفيذ العيين‪.‬‬

‫‪ -498‬حكم احملكمة التجارية ابلرابط ملف رقم ‪ ،1/5./619‬بتاريخ ‪ ،7000/09/56‬ملف ع ‪ ،691 :‬منشور مبلحق عبد العايل العضراوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪..1 :‬‬
‫‪ -499‬املقصود ابلغري طل شخص ال تربطه عالقة مباشرة ي عقد التسيري احلر كاخلبري‪ ،‬القاضي و احملكم ولكن دور القاضي ي حتديد األجرة يكون مركبا فهو تقين و قانوين ي ذات‬
‫الوقت ألن قراره ملزم لألطراف على عكس الغري الذي يعترب دوره تقنيا فقط‪.‬‬
‫‪ -500‬ميكن االطالع على الفصل ‪ 57‬من قانون ‪ 70‬مارس ‪ 5596‬الفرنسي املتعلق بعد التسيري احلر‪ ،‬الذي ينص على أنه إذا تضمن عقد التسيري احلر شرط السلم املتحر‪ ،،‬فإنه‬
‫جيوز طلب تغيري الوجيبة الكرائية كلما جتاوز مبلغها‪ ،‬أو اخنفضت ابلربع ابلنسبة للمبلغ احملدد حسب االتفاق‪ ،‬أو مبقتضى قرار قضائي‪.‬‬
‫‪ -501‬حكم احملكمة التجارية بطنجة رقم ‪ ..7‬بتاريخ ‪ 7001/5/5.‬ملف رقم ‪ ،7001/6/11.‬مأخوذ عن سهام زروال‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.551 :‬‬
‫‪ -502‬ينص الفصل ‪ 661‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪:‬‬
‫"يلتزم املكرتي بدفع الكراء ي األجل الذي حيدده العقد فإن مل حيدد العقد لدفعه أجال‪ ،‬التزم املكرتي بدفعه ي األجل الذي حيدده العرف احمللي‪ ،‬فإن مل حيدد العرف احمللي‬
‫بدوره أجال‪ ،‬التزم املكرتي بدفعه ي هناية االنتفاع ‪.‬‬
‫‪ -503‬أمحد عبد الرزاق السنهوري‪ " ،‬الوسيط ي شرح القانون املدين (اإلجيار و العارية) "‪ ،‬ج‪ ،6 :‬اجمللد األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط ‪ ،5561 :‬ص‪.167 :‬‬
‫‪ -504‬ينص الفصل ‪ 666‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪:‬‬
‫"يدفع الكراء ابلنسبة إىل العقارات ي املكان الذي توجد فيه العني املكرتاة‪ ،‬و ابلنسبة إىل املنقوالت ي مكان إبرام العقد‪ .‬وذلك كله ما مل يشرتط خالفه"‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك حيق للمكري احلصول على تعويض انطالقا من الفصول ‪ 761‬و‪ 791‬و‪ 761‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ابعتبار مماطلة‬
‫املسري احلر ي أداء الوجيبة الكرائية أو االمتناع عن أدائها دون موجب شرعي يعترب خطأ موجبا للضمان‪ ،‬كما أن للمحكمة سلطة‬
‫تقديرية واسعة ي تقدير التعويض الواجب احلكم به للطرف املدعي‪ ،‬وذلك ي حدود الطلب‪ ،‬وليس حملكمة النقض أية رقابة على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫كما جتدر اإلشارة إىل أن املكري ال يستحق التعويض ي حالة إذا ما أثبت املسري احلر أن التأخري أو عدم الوفاء‪ ،‬راجع خلطأ‬
‫املكري أو للقوة القاهرة أو للحادث الفجائي ‪.505‬‬
‫هذا كل ما يتعلق اباللتزامات والقيود املفروضة على املسري احلر أثناء تنفيذ العقد لكن ماذا عن االلتزامات والقيود املفروضة على‬
‫املسري احلر بعد انتهاء العقد؟‬
‫املبحث الثاني‪ :‬التزامات املسري احلر بعد انتهاء العقد‬
‫إن انقضاء عقد التسيري احلر أبي سبب من األسباب‪ ،‬سواء تعلق األمر أبسباب إرادية من جهة‪ ،‬كانقضاء عقد التسيري احلر‬
‫ابنتهاء املدة احملددة ‪ ،506‬أو ابلفسخ أو البطالن ي حالة إخالل املسري اباللتزامات املنصوص عليها ي الفصل ‪ 657‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‬
‫‪.507‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ميكن ألسباب غري إرادية أو تؤدي إىل انقضاء عقد التسيري احلر كحالة وفاة املسري احلر أو ي حالة هال‬
‫األصل التجاري ‪ ...‬سواء تعلق األمر هبال مادي بسبب حريق‪ ،‬أو غرق أو حرب أو حنو ذلك‪ ،‬أو تعلق األمر هبال قانوين كنزع ملكية‬
‫األصل للمنفعة العامة‪ ،‬أو إبصدار قرار إداري إبخالئه ألسباب صحية‪.‬‬
‫ومن بني احلاالت أيضا فتح مسطرة التسوية والتصفية القضائية ضد املسري احلر‪.‬‬
‫إذن كلها حاالت تؤدي إىل انقضاء عقد التسيري احلر‪ ،‬ويرتتب عنها آاثر قانونية ال تقل أمهية عن سابقتها‪.‬‬
‫هذا ما جعل املشرع يشرتط عند انتهاء هذا العقد القيام بنفس إجراءات الشهر اليت يتطلبها عند قيامه‪.‬‬
‫كما أن املشرع رتب عن انتهاء العقد حلول الديون املتعلقة ابستغالل األصل التجاري‪ ،‬واملربمة من طرف املسري احلر‪ ،‬ابإلضافة‬
‫إىل آاثر قانونية طبقا للقواعد العامة‪ ،‬حبيث جيب على املسري احلر أن يرجع األصل التجاري املكرتي‪ ،‬وتنفيذ كافة االلتزامات األخرى‬
‫اليت كانت حمل االتفاق ي العقد‪.‬‬
‫كما أن املسري احلر خيرج من العالقة التعاقدية مثقال مبجموعة من القيود‪ ،‬جتعل من الصعب عليه استئناف نشاطه التجاري‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم ‪،‬سنتناول التزام املسري احلر إبرجاع األصل التجاري إىل املكري (املطلب االول) على ان نقف على القيود‬
‫امللقاة على املسري احلر بعد انتهاء العقد( املطلب الثاين)‪.‬‬
‫املطلب االول ‪ :‬التزام املسري احلر إبرجاع األصل التجاري إىل املكري ‪.‬‬
‫يلتزم املسري احلر إبعادة مجيع عناصر األصل التجاري‪ ،‬ويقصد هبذه األخرية وضع املكرتي جلميع العناصر املادية واملعنوية‪ ،‬حتت‬
‫تصرف املكري فعال أو حكما ابختاذ مجيع اإلجراءات القانونية‪ ،‬ويشمل التسليم مجيع العناصر اليت تسلمها املسري عند إبرام العقد‪ ،‬وكذا‬

‫‪ -505‬ينص الفصل ‪ 76.‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي ‪:‬‬


‫"ال حمل ألي تعويض إذا أثبت املدين أن عدم الوفاء اباللتزام أو التأخري فيه انش ئ عن سبب ال ميكن أن يعزى إليه‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ ،‬أ و احلادث الفجائي‪ ،‬أو مطل الدائن "‪.‬‬
‫‪ -506‬ينص الفصل ‪ 6.1‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على أن‪:‬‬
‫"كراء األشياء ينقضي بقوة القانون عند انتهاء املدة اليت حددها له املتعاقدان من غري ضرورة إلعطاء تنبيه ابإلخالء‪ ،‬و ذلك ما مل يقض االتفاق بغريه ‪" ...‬‬
‫‪ -507‬ينص الفصل ‪ 657‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪:‬‬
‫"للمكري فسخ الكراء مع حفظ حقه ي التعويض إن اقتضى األمر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إذا استعمل املكرتي الشيء املكرتي ي غري ما أعد له حبسب طبيعته أو مبقتضى االتفاق‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬إذا أمهل الشيء املكرتي على حنو يسبب له ضررا كبريا‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬إذا مل يؤد الكراء الذي حل أجل أدائه"‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫العناصر اليت كوهنا مبناسبة استغالله لألصل‪ ،‬واليت تكون غري قابلة ألن تفصل عنه‪ ،‬مثال كالشعار والرمز أو العنوان التجاري‪ ،‬إىل غري‬
‫ذلك من العناصر األخرى‪ ،‬غري أنه وكما ذكران سابقا‪ ،‬من أجل أن يتمكن املسري احلر من املطالبة ابلتعويض عن التحسينات والعناصر‬
‫املضافة‪ ،‬جيب أن يتم ذلك إبذن املالك حبسب الفصل ‪ 6.1‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪.508‬‬
‫كما ذهب أحد الفقه الفرنسي‪ 509‬إىل القول أبنه يقع على كاهل املسري احلر التزام املفروض ابلعناية ابلشكل الكا ي للمحافظة‬
‫على الزبناء عند انتهاء العقد‪ ،‬وذلك مبنع املسري احلر من أن حيتفظ ابلعناصر اليت ال ميكن فصلها عن األصل التجاري دون أن تؤثر‬
‫على اكتماله وقيمته‪ ،‬وخاصة العناصر األساسية اليت ميكن أن يؤدي احتفاظ املسري احلر هبا إىل عدم متكني املالك من احلصول على‬
‫أصل جتاري صاحل لالستغالل‪ ،‬ألن حق املالك ي إرجاع األصل التجاري هو ي واقع األمر احلق ي إرجاع الزابئن‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فاملسري احلر الذي جيب عليه إرجاع األصل التجاري ملزم أيضا إبرجاع الزبناء وكل العناصر حىت تلك احملدثة من‬
‫طرفه‪ ،‬واليت هلا عالقة جبلب الزابئن وربط تعاملهم مع األصل التجاري‪ ،‬ألنه إذا ما مسحنا للمسري احلر ابالحتفاظ مبثل هذه العناصر‬
‫وقام مبمارسة نشاط مماثل‪ ،‬فإن ذلك سيمكنه من استمالة زبناء األصل التجاري الذي كان يسريه‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬يذهب هذا االجتاه إىل أن أي عنصر يضيفه املسري احلر إىل األصل التجاري‪ ،‬ويكون له أثر على عنصر الزبناء‪ ،‬فإنه يبق‬
‫للمالك احلق ي أن حيتج على احتفاظ املسري احلر به‪ ،‬لكن على أن يدفع له مقابال للعنصر الذي أضافه‪.‬‬
‫أما ما يتعلق ابلعناصر املعنوية‪ ،‬فاملسري احلر يلتزم إبعادهتا على احلالة اليت توجد عليها عند هناية العقد ابلنظر لطبيعتها املتغرية‬
‫‪،‬بسبب حساسيتها الشديدة للتطورات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬دون أن حيق له املطالبة ابلتعويض على الزايدة ي قيمتها‪ ،‬أو التحسني‬
‫والتطور الذين طاهلا‪ ،‬أو يسأل عن نقصان قيمتها لسبب ال يعزى إليه‪.510‬‬
‫أما فيما خيص إعادة العناصر املادية‪ ،‬فيلتزم املسري احلر بردها عند األجل املتفق عليه‪ ،‬فإذا احتفظ هبا بعد ذلك‪ ،‬التزم أبداء أجرة‬
‫الكراء عن املدة الزائدة اليت احتفظ هبا خالهلا‪ ،‬كما يسأل عن كل األضرار اليت تلحق هبا أثناء هذه املدة‪ ،‬ولو حصلت نتيجة حادث‬
‫فجائي‪ ،‬و ي هذه احلالة يلتزم ابلتعويض دون أجرة الكراء‪ ،‬وإذا حررت بني املسري احلر واملكري قائمة أو إحصاء تثبت فيه حالة العناصر‬
‫املادية وكذا املعنوية املكرتاة أو وصفها‪ ،‬وجب على املسري احلر أن يردها على احلالة اليت تسلمها عليها‪ ،‬وإذا مل يتم حترير هذه القائمة أو‬
‫اإلحصاء إلثبات حالة األصل التجاري وعناصر أو وصفها‪ ،‬افرتض ي املسري احلر أنه تسلمها على حالة جيدة‪ ،‬وما على املسري احلر‬
‫إال إثبات عكس ذلك‪ ،511‬وابلفعل فقد أثبتت املمارسة العملية أن صاحب األصل التجاري‪ ،‬عادة ما يضع جردا مفصال حلالة‬
‫ووضعية املعدات يوم إبرام العقد‪.512‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن رد عناصر األصل التجاري‪ ،‬تتم ي مكان العقد ما مل يتم االتفاق على خالف ذلك‪ ،‬إال أن مصروفات‬
‫الرد اليت تقع على عاتق املسري احلر‪ ،‬ما مل يشرتط خالف ذلك أو يقضي العرف خبالفه طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 6.0‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪.513‬‬
‫أما خبصوص عنصر البضائع‪ ،‬فالغالب أن يتفق املالك مع املسري احلر على أن يسلمه هذا األخري كمية مماثلة لليت تسلمها عند‬
‫بدء مزاولة االستغالل‪ ،‬لكن ماذا لو مل يوجد اتفاق من هذا القبيل ينظم اسرتداد البضائع املوجودة ابألصل التجاري عند انتهاء العقد‪،‬‬
‫فهل ميلك املسري احلر إلزام املكري إبعادة شرائها؟‪.‬‬

‫‪ -508‬ينص الفصل ‪ 6.1‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي ‪:‬‬


‫"إذا أذن املكري للمكرتي ي إجراء حتسينات‪ ،‬التزم أبن يدفع له قيمتها ي حدود ما أنفقه‪ .‬وعلى املكرتي أن يثبت اإلذن الذي يدعيه "‪.‬‬
‫‪509‬‬
‫‪- J. Dérupé : « Le fonds de commerce » Coll connaissance du droit , Paris, D 1994. P : 120.‬‬
‫‪ -510‬حممد مومن‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.117 :‬‬
‫‪ -511‬يراجع الفصول ‪ 619‬و ‪ 616‬و ‪ 61.‬من ظهري االلتزامات و العقود و ما بعده‪ ،‬ما مل تتعارض مع طبيعة عقد التسيري احلر‪.‬‬
‫‪512‬‬
‫‪- F. lemeunier, « fonds de commerce « achat, vente gérance”, Encyclopédie Dalmas pour la vie des‬‬
‫‪affaires, 12éme, éd Belfond. Paris 1995. P : 252.‬‬
‫‪ -513‬ينص الفصل ‪ 6.0‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي ‪:‬‬
‫" جيب أن حيصل رد الشيء املكرتي ي مكان العقد و مصروفات الرد تقع على عاتق املكرتي‪ ،‬ما مل يشرتط غريه أو يقضي العرف خبالفه "‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫وجوااب على هذا السؤال‪ ،‬ذهب الفقه إىل إلزام املؤجر بشراء كمية البضائع املوجودة ابألصل التجاري عند انتهاء العقد‪ ،‬طاملا ال‬
‫تفوق كميتها بدرجة ملحوظة الكمية اليت اشرتاها املسري عند بداية العقد‪ ،‬واألساس ي ذلك العرف الذي يقضي ابلتزام املسري احلر‬
‫بشراء كمية البضائع املوجودة ابألصل التجاري عند إبرام العقد‪.514‬‬
‫ويتبني من كل ما سبق‪ ،‬أن التزام املسري احلر إبرجاع األصل التجاري إىل املكري هو التزام طبيعي ال يرتبط به أي إشكال على‬
‫خالف طبيعة بعض الشروط والقيود اليت خيضع هلا بشكل موازي هلذا االلتزام واليت تؤدي ي جمملها إىل تعقيد مسألة استئنافه ملزاولة‬
‫نشاطه الذي كان يستغله عند تسيريه لألصل التجاري‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القيود امللقاة على املسري احلر بعد انتهاء العقد‪.‬‬
‫ابإلضافة إىل االلتزامات اليت تقع على عاتق املسري احلر‪ ،‬فإن هذا األخري يعرف جمموعة من القيود والشروط اليت تصب ي‬
‫جمملها ي اجتاه تعقيد عملية استئنافه مزاولة نشاطه بعد انتهاء العقد‪ ،‬ويتعلق األمر ي هذا اإلطار مبسألتني اثنتني‪:‬‬
‫‪ -5‬الشرط الذي يفرض مبقتضاه املالك على املسري احلر بعدم ممارسة نشاط مماثل ي جمال جغرا ي معني و طيلة مدة زمنية‬
‫حمددة‪ ،‬واملعروف بشرط عدم املنافسة‪.‬‬
‫‪ -7‬الشرط الذي جيعل ديون املسري احلر اليت كانت مرتبطة ابستغالل األصل التجاري حالة بقوة القانون‪.‬‬
‫وفيما يلي‪ ،‬سنوضح الصعوابت اليت تكتنف عملية استئناف املسري احلر لنشاطه التجاري‪ ،‬والذي يكو ن متمرسا فيه بعد انتهاء‬
‫العقد‪.‬‬
‫الفقرة االوىل‪ -‬شرط عدم املنافسة ‪:‬‬
‫إن شرط عدم املنافسة يعود ابألساس لالعتبار الشخصي الذي تقوم عليه العالقة بني مستغل األصل التجاري وزبنائه‪ ،‬وهنا‬
‫تطغى شخصية املسري احلر على ابقي عناصر األصل األخرى‪ ،‬ابعتبارها تنجذب ألهم عنصر ي األصل التجاري وهو الزبناء‪ ،‬وهذا‬
‫االلتزام جيب التنصيص عليه مع حتديد مداه اجلغرا ي و الزمين‪.‬‬
‫وبناء على مبدأ حرية التجارة‪ ،‬مل تنص مدونة التجارة ي تناوهلا عقد التسيري احلر التزام املسري بعدم املنافسة‪ ،‬إال أن بعض األفعال‬
‫اليت تدخل ي إطار املنافسة الغري املش روعة قد تضر مبالك األصل‪ ،‬كمثال ‪: 515‬‬
‫‪‬االستعمال أو تقليد أو تزوير العالمة التجارية‪.‬‬
‫‪‬التشهري ابلتاجر املنافس (مالك األصل)‪.‬‬
‫‪‬البياانت أو التصرحيات الكاذبة‪.‬‬
‫‪‬حتريض العمال أو املستخدمني‪.‬‬
‫كذلك ميكن إثبات املنافسة الغري املشروعة لعقد التسيري احلر حبسب احلاالت الوا ردة على سبيل املثال ال احلصر املذكورة ي‬
‫الفصل ‪ .1‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع ‪.516‬‬
‫هذا كل ما خيص شرط عدم املنافسة غري املشروعة الذي يكون دائما موجودا وبقوة القانون وال يرتبط فقط بعقد التسيري احلر‪.‬‬

‫‪514‬‬
‫‪- J .Dupoux et J. Helal , « Le fonds de commerce », Coll que sais-je ? Ed « Puf » , Paris 1981, P : 169.‬‬
‫‪ -515‬أمحد شكري السباعي‪ " ،‬األسس القانونية للمنافسة الغري املشروعة "‪ ،‬اجمللة املغربية للقانون واالقتصاد‪ ،‬ع ‪ ،1:‬س ‪ ،55.1‬ص‪..5 :‬‬
‫‪ -516‬ينص الفصل ‪ .1‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي ‪:‬‬
‫"ميكن أن يرتتب التعويض على الوقائع اليت تكون منافسة غري مشروعة وعلى سبيل املثال‪:‬‬
‫‪ .5‬استعمال اسم أو عالمة جتارية ‪....‬‬
‫‪ .7‬استعمال عالمة أو لوحة أو كتابة أو الفتة أو ‪...‬‬
‫‪ .1‬أن تضاف إىل اسم إحدى السلع ألفاظ ‪ ..‬صناعة كذا ‪...‬‬
‫‪ .1‬محل الناس على االعتقاد أن شخصا قد حل حمل مؤسسة معروفة ‪" ...‬‬
‫‪122‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫أما االلتزام بعدم املنافسة املرتبط بعقد التسيري احلر فيقصد به‪" :‬كل شرط يفرض على املسري احلر أبن يزاول أي نشاط مماثل‬
‫للنشاط السابق الذي كان يزاوله ي إطار عملية تسيريه لألصل التجاري حىت يبق زابئن هذا األخري ي مأمن من أي اعتداء" ‪.517‬‬
‫وهذه الشروط عادة ما تستغرق مكاان وزماان حمددين‪.‬‬
‫فعلى مستوى املكان‪ :‬يشرتط صاحب األصل التجاري على املسري احلر أن ال ينشئ نشاطا مماثال ي جمال جغرا ي معني‪ ،‬أيخذ‬
‫شكل مساحة حمددة حتيط ابألصل التجاري‪ ،‬وقد يستغرق كل املدينة املوجودة فيها‪ ،‬هذا األخري‪ ،‬وتبقي هذه الصورة هي األكثر‬
‫شيوعا ‪.518‬‬
‫أما على مستوى الزمان‪ :‬يشرتط صاحب األصل التجاري عادة على املسري احلر االمتناع عن منافسة طيلة فرتة زمنية‪ ،‬عادة ما‬
‫تكون طويلة قد تصل إىل سنتني مثال‪.‬‬
‫أما ي حالة عدم حتديد نطاق هذا الشرط ي الزمان واملكان‪ ،‬فإن احملكمة ميكن أن تقوم بذلك من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫ويعترب شرط عدم املنافسة التزاما شخصيا‪ ،‬يقع على عاتق املسري احلر وحده‪ ،‬وال ميتد لباقي أفراد أسرته‪ ،‬وهذا راجع لالعتبار‬
‫الشخصي والذي يفرض عليه ضرورة عدم إتيان أي سلو‪ ،‬ميكن أن يشكل منافسة غري مشروعة‪ ،‬سواء تعلق األمر إبنشاء جتارة مماثلة‪،‬‬
‫أو ابلقيام بعملية إشهار ترمي إىل استمالة زابئن املالك‪ ،‬وإال عد خمال ابلتزامه املذكور‪.‬‬
‫و ي هذا الصدد‪ ،‬نتساءل عما إذا احرتم املسري احلر هذا االلتزام‪ ،‬وعمد إىل إنشاء أصل جتاري مماثل ي منطقة غري تلك اليت منع‬
‫عليه العمل فيها‪ ،‬فهل ميكنه أن يتعامل مع زابئن املنطقة املمنوعة عليه؟‬
‫جوااب على هذا السؤال‪ ،‬ذهب احد الفقهاء إىل القول على أنه ليس هنا ما مينعه من ذلك شريطة عدم تقدمي تسهيالت أو‬
‫إغراءات يكون اهلدف منها النيل من زابئن املالك‪ ،‬وإال عد خمال اباللتزام الذي يفرضه عليه العقد‪.‬‬
‫فبالنسبة للمسري احلر الذي يعمد إىل توزيع البضاعة ي املنطقة احملظور عليه االشتغال فيها‪ ،‬فهذا األمر ال يعد إخالال منه‬
‫ابلتزامه إذا كان هذا التوزيع يهم أشخاصا مل يكونوا زبناء لألصل الذي كان يسريه سابقا‪ ،‬أما إذا حصل العكس فإن ذلك سيشكل‬
‫إخالال ابلتزامه املذكور‪.519‬‬
‫و ي هذا السياق أيضا‪ ،‬يثار تسايل آخر وهو‪ :‬هل ميكن للمسري احلر أن يشتغل ي أصل جتاري مماثل كمسري مأجور دون أن‬
‫يعد ذلك إخالال منه ابلتزامه بعدم املنافسة ؟‬
‫جوااب على هذا التساؤل‪ ،‬ذهب أحد الفقهاء إىل القول إن هذا الشرط ال مينع املسري احلر من أن يشتغل كمسري مأجور ي أصل‬
‫جتاري ميارس نشاطا جتاراي مماثال‪ ،‬إال إذا كان من شأن مزاولة هذا العمل أن جتعله ي عالقة مباشرة مع زبناء األصل الذي كان يستغله‬
‫ ي إطار التسيري احلر‪ ،‬هنا يعد خمال ابلتزامه ‪.520‬‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يتبني لنا أن املسري احلر يكون مقيدا بشرط عدم املنافسة‪ ،‬ذلك أنه بعد انتهاء العقد‪ ،‬سيضطر إىل االنتقال‬
‫إىل منطقة جغرافية‪ ،‬يتعني عليه البدء فيها من جديد من دون أن يستفيد من بعض ما قام به من جمهودات ي املنطقة اليت منع من‬
‫مزاولة نفس النشاط فيها‪ ،‬وحىت إذا أراد البقاء ي هذه األخرية واالشتغال فيها فإنه سيكون ملزما مبزاولة نشاط مغاير متاما لذلك‬
‫املمارس ي األصل التجاري الذي كان يسريه‪ ،‬بل أنه حىت إذا أراد أن يشتغل كمسري مأجور ي أصل مماثل‪ ،‬فإن ذلك مينع عليه‬
‫مبقتض ى هذه الشروط إذا كان من شأن ذلك االشتغال أن يساهم ي استمالة زبناء األصل الذي كان يسريه‪ ،‬وهو ما يعين أنه ي مجيع‬
‫األحوال يكون ملزما بتغيري النشاط الذي ميارسه وأصبح فيه متمرسا وخبريا‪.‬‬

‫‪517‬‬
‫‪-P.Gilbert – La location – Gérance en questions. Revue : droit et ville n° 33 ; 1992 , P : 198.‬‬
‫‪518‬‬
‫‪- Jean Picard: de quelques effets des clauses de non- rétablissement souscrites par un gérant libre de fonds‬‬
‫‪de commerce. JCP- Ed ; G-I-2 1420.‬‬
‫‪519‬‬
‫‪- Albert. Cohen: “ Traité théorique et pratique des fonds de commerce “, Librairie du Recuiel Siery, Paris,‬‬
‫‪1948. P : 466.‬‬
‫‪ -520‬حممد مومن‪ .‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪197 :‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫غري أن خضوع املسري احلر ملثل هذه الشروط‪ ،‬يتعارض مع ما يتعلق ابالنفصال بني ملكية األصل التجاري واستغالله اليت كانت‬
‫السبب ي بروز تقنية التسيري احلر اليت تعين أن هنا انفصال بني األصل التجاري والشخص املستغل له‪ ،‬وهذا يعين أن شخص املستغل‬
‫ال يؤثر على عالقة الزبون ابألصل التجاري‪ ،‬وابلتايل كان من األمثل أن يسمح للمسري احلر مبزاولة نشاطه بكل حرية ي منطقة مماثلة‬
‫شريطة أن ميتنع عن القيام بكل فعل قد يشكل منافسة غري مشروعة‪ ،‬أما أن نقيد نشاطه جغرافيا وزمنيا‪ ،‬فإن ذلك يعترب مساسا صارخا‬
‫مببدأ حرية التجارة‪ ،‬الذي يشكل أرضية ينبغي أن تعتمد أساسا ي صياغة الشروط املفروضة على املسري احلر‪.‬‬
‫هذا إذن كل ما يتعلق بشرط عدم املنافسة‪ ،‬ننتقل فيما يلي للحديث عن شرط آخر خيضع له املسري احلر ي هذه املرحلة من‬
‫العقد‪ ،‬وهي الديون اليت تصبح حالة بقوة القانون بعد انتهاء العقد‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ -‬ديون املسري احلر عند انتهاء عقد التسيري‪.‬‬
‫خصصت مدونة التجارة دائين املسري احلر حبماية فعالة‪ 521‬عند انتهاء عقد التسيري احلر مبقتضى املادة ‪ 591‬بقوهلا‪" :‬جيعل‬
‫انتهاء عقد التسيري احلر الديون املتعلقة ابستغالل األصل املربمة من طرف املسري احلر خالل مدة التسيري حالة فورا"‪.‬‬
‫واهلدف من نص هذه املادة هو ضمان حقوق الدائنني قبل اختفاء حمتمل ملوجودات األصل ‪ ،522‬وتفادي اختفاء املسري احلر‬
‫قبل أداء مجيع الديون املرتتبة عليه إابن استغالله لألصل التجاري ‪.523‬‬
‫واجلدير ابلذكر أن محاية دائين املسري احلر عند انتهاء عقد التسيري احلر‪ ،‬تكون بقوة القانون‪ ،‬ودون حاجة حلكم قضائي يقرره‪،‬‬
‫فبمجرد انتهاء مدة العقد جيعل الديون حالة‪ ،‬وابلتايل إما أن يفي هبا املسري احلر طوعا‪ ،‬وإال جربا عن طريق القضاء ‪.524‬‬
‫ومن مت يكون لدائين املسري احلر احلق ي استيفاء ديوهنم بقوة القانون مبجرد انتهاء العقد‪ ،‬دون أن يكون عليهم احرتام أي‬
‫إجراءات معينة كما هو احلال ابلنسبة لدائين مالك األصل التجاري‪ ،‬الذين يتقيدون بتقدمي الطلب للمحكمة داخل أجل ثالثة أشهر‬
‫من أجل التصريح حبلول أجل الديون‪ ،‬وهو ما يعين أن ديون املكري وفقا للمادة ‪ 597‬من م‪.‬ت ‪ 525‬ال حيل أجلها بقوة القانون كما‬
‫هو احلال ابلنسبة للمسري احلر الذي حتل آجال ديون دائنيه املتعلقة ابستغالل األصل التجاري بقوة القانون ‪ ،526‬مما جيعل وضعيته أكثر‬
‫صعوبة‪ ،‬ألنه يكون ملزما ابلوفاء بكل ديون استغالل األصل التجاري‪ ،‬وهو ما سيحمله دفع نفقات كبرية وفاء هلذه الديون‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يتبني أن املسري احلر يعرف وضعية صعبة بعد انتهاء العقد‪ ،‬وذلك بسبب القيود املثقل هبا‪ ،‬مما سيجعل‬
‫مسألة استئناف نشاطه بعد انتهاء العقد أمرا صعبا‪ ،‬ما دام سيدفع كل الديون املرتبطة ابستغالل األصل التجاري‪ ،‬وهو ما من شأنه أن‬
‫يضعف قدرته املادية على إنشاء أو شراء أصل جتاري جديد‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬كان من األفضل لو قام املشرع ابإلبقاء على اتريخ الوفاء هبذه الديون ي اآلجال اليت كانت حمددة هلا وقت اقرتاضها‪ ،‬أما‬
‫جعلها حالة وبقوة القانون سيأزم الوضعية االقتصادية للمسري احلر‪.‬‬

‫‪ -521‬تتمثل هذه احلماية ي املسؤولية التضامنية ملكري األصل التجاري مع املسري‪ ،‬وذلك مبقتضى املادة ‪ 599‬من م‪.‬ت اليت تنص على أنه‪:‬‬
‫" فضال عن تطبيق مقتضيات املادة ‪ 60‬يسأل مكري األصل على وجه التضامن مع املسري احلر عن الديون املقرتضة من طرفه مبناسبة استغالل األصل وذلك إىل نشر عقد التسيري‬
‫احلر وخالل مدة الستة أشهر اليت تلي اتريخ النشر"‪.‬‬
‫‪ -522‬حممد موساوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.115 :‬‬
‫‪ -523‬حممد لفروجي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.751 :‬‬
‫‪ -524‬فؤاد معالل ‪"،‬شرح القانون التجاري املغريب اجلديد "‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،7 :‬س‪ ،7005 :‬ص‪.555 :‬‬
‫‪ -525‬تنص املادة ‪ 597‬من م‪.‬ت على ما يلي‪:‬‬
‫"‪ ...‬و إذا كان من شأن عقد التسيري احلر أن يلحق ضررا بدائين املكري جاز للمحكمة اليت يوجد األصل التجاري ي دائرة نفوذها أن تصرح حبلول آجال الديون اليت كان املكري‬
‫قد التزم بشأهنا من أجل استغالل األصل املراد إكراؤه ‪"...‬‬
‫‪ -526‬للمزيد من املعلومات حول هذا املوضوع‪ ،‬ميكن مراجعة‪:‬‬
‫‪ -‬كرمية بنجبور‪" ،‬مظاهر محاية الدائنني ي عقد التسيري احلر لألصل التجاري"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت ي القانون اخلاص‪ ،‬وحدة األعمال واملقاولة‪ ،‬كلية العلوم القانونية–‬
‫السويسي‪ ،‬الرابط ‪،‬يوليوز ‪.7050‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫ومرد ذلك أن املشرع عندما نظم عقد التسيري احلر‪ ،‬قام حبماية دائين األصل التجاري من خالل وضع أحكام عديدة‪ ،‬ترمي ي‬
‫جمملها إىل إحاطة عقد التسيري احلر مبا جيب من اإلجراءات املتعلقة ابلشهر‪ ،‬أما محاية املسري احلر فرتكها ملنطق العقد وحرية اإلرادة من‬
‫جهة‪ ،‬وللمبادئ العامة الوارد النص عليها ي ظهري االلتزامات والعقود من جهة أخرى‪ ،‬مما جعل جزء هاما من املقتضيات يفرضها‬
‫املكري الذي يستغل وضعيته كطرف قوي ي العالقة التعاقدية على املسري احلر‪ ،‬ليفرض عليه ما حيقق مصاحله من شروط وقيود ترمي ي‬
‫جمملها إىل إفراغ الضماانت املعرتف هبا للمسري احلر من حمتواها من جهة‪ ،‬وتعقيد وضعيته من جهة أخر ى‪ .‬لذلك يتعني على املشرع‬
‫أن يتدخل لتحرير املسري احلر من هذه القيود‪ ،‬والعمل على تلطيف هذه الشروط حىت يتمكن املسري احلر من استئناف نشاطه التجاري‬
‫بكل حرية بعد انتهاء العقد‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مدى كفاية الضمانات واحلقوق أثناء تنفيذ عقد التسيري احلر‬
‫ابعتبار عقد التسيري احلر عقد كراء ملنقول معنوي‪ ،‬خيضع لكل من مدونة التجارة‪ ،‬وإىل املبادئ العامة الواردة ي ظهري االلتزامات‬
‫والعقود اليت متثل الشريعة العامة‪ ،‬وخاصة للقواعد العامة املتعلقة بكراء املنقوالت بصفة عامة‪ ،‬ومن خالل ذلك يتبني أن املسري احلر‬
‫يتمتع بقدر معني من الضماانت واحلقوق‪ ،‬غري أهنا ليست كافية ألن املسري احلر جيد نفسه أحياان ي حالة عدم استقرار يهدد استمرارية‬
‫العقد ابلنسبة إليه‪.‬‬
‫و ي سبيل الوقوف على مظاهر عدم الكفاية‪ ،‬سنعمل على تبيان كل من الضماانت‪ ،‬واحلقوق املعرتف هبا للمسري احلر وفق‬
‫االيت‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬ضماانت املسري احلر لألصل التجاري‬
‫تطرق املشرع املغريب اللتزامات املكري ي إطار القواعد العامة املنظمة لكراء األشياء‪ ،‬واليت يتم الرجوع إليها خبصوص الضماانت‬
‫املقررة للمسري احلر ي األصل التجاري وبشكل خاص لكراء األصل التجاري‪ ،‬ابعتباره ضمن مفهوم األشياء‪ ،‬وأنه مال منقول معنوي‪.‬‬
‫وابستقرائنا للفصل ‪ 619‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع ‪ ،527‬يتبني لنا أن هذه االلتزامات تتمحور بصفة عامة حول عنصر االنتفاع ابألصل‬
‫التجاري‪ ،‬مما يقتضي معه القيام بكل األعمال اليت من شأهنا أن حتقق هذا االنتفاع‪ ،‬وتسمح للمسري احلر أبن يستغل األصل التجاري‪،‬‬
‫وحيصل منه على املنفعة اليت يرجوها من خالل إدارته له‪ ،‬وال يتحقق هذا االنتفاع إال إذا قام املكري بتسليم األصل التجاري للمسري‪،‬‬
‫وصيانته وضمان التعرض للمسري احلر‪ ،‬وضمان ما قد يعرتي األصل من عيوب خفية‪.‬‬
‫هكذا‪ ،‬حتتم علينا دراسة الضماانت املمنوحة للمسري التطرق لضماانت تسليم أصل جتاري صاحل لالستغالل( املطلب االول) و‬
‫ضماانت االستغالل املادي و املستقر لألصل التجاري( املطلب الثاين)‪.‬‬
‫املطلب االول‪ :‬ضماانت تسليم أصل جتاري صاحل لالستغالل‬
‫يشكل األصل التجاري مورد رزق هام للطرفني املتعاقدين‪ ،‬إال أنه من العسري حتديد ماهية وقيمة هذا املورد عند إبرام العقد وعند‬
‫هنايته‪ ،‬ذلك أنه سريع التأثر زايدة ونقصاان‪.‬‬
‫فاملسري احلر الذي يطمح لتحقيق أرابح هامة من خالل استغالله لألصل التجاري‪ ،‬حياول أن يتحصل من املكري على‬
‫ضماانت‪ ،‬هذه األخرية جتد مصدرها من خالل التزامني أساسيني يقعان على عاتق مكري األصل التجاري ومها‪:‬‬
‫الفقرة االوىل‪ :‬أن يسلم للمسري احلر أصال جتاراي صاحلا لالستغالل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أن يقوم مبا جيب من الصيانة لألصل التجاري‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬سنعمل على دراسة كل التزام على حدة‪ ،‬وذلك للوقوف على الضماانت املعرتف هبا للمسري احلر‪ ،‬وفق الشكل التايل‪:‬‬

‫‪ -527‬ينص الفصل ‪ 619‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪:‬‬


‫"يتحمل املكري ابلتزامني أساسني‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االلتزام بتسليم الشيء املكرتي للمكرتي‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬االلتزام ابلضمان "‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫الفقرة االوىل‪ :‬أن يسلم للمسري احلر أصال جتاراي صاحلا لالستغالل‪.‬‬
‫التسليم ي الكراء يفيد وضع الشيء املكرتي رهن إشارة املكرتي بعد متام العقد حىت يتمكن من االنتفاع به‪ ،‬وال يتم ذلك إال‬
‫بتخلي املكري عن حيازة الشيء املتكرى بوضعه حتت تصرف املكرتي‪ ،‬وهو ما أكده املشرع املغريب من خالل الفصل ‪ 155‬من‬
‫ظ‪.‬ل‪.‬ع ‪.528‬‬
‫ويتم تسليم األصل التجاري للمسري احلر ابلعناصر اليت متكنه من االستمرار العادي واستغالله حسب طبيعته أو املتفق عليه‪.‬‬
‫وملا كان األصل التجاري يرتكب من عناصر مادية و معنوية‪ ،‬فإن كل عنصر منه حيتفظ بذاتيته املستقلة وبطبيعته اخلاصة‪ ،‬وإن‬
‫كان عقد التسيري احلر لألصل التجاري‪ ،‬يستوجب تسليم األصل التجاري كوحدة شاملة على استقالل‪ ،‬فإنه يقتضي ابإلضافة إل ذلك‬
‫اتباع القواعد واإلجراءات الالزمة لتسليم كل واحد من العناصر وفق طبيعته اخلاصة ‪ ،529‬فمثال إذا كان تسليم البضائع واملعدات يكون‬
‫تسليما ماداي‪ ،‬فإن تسليم عنصر االتصال ابلزابئن يكون أبن يطلع املكري املسري احلر على كافة البياانت واملستندات اليت متكنه من‬
‫التعرف على الزبناء وسهولة االتصال هبم‪ ،‬إذ ميكن ملالك األصل التجاري أن يسلم للمكرتي دفاتره التجارية‪ ،‬ويسلمه الفواتري اليت تتعلق‬
‫بصفقات مل يتم تسليمها لألصل أو يتم تسليمها على دفعات متتالية بعد العقد‪.530‬‬
‫و ي هذا السياق‪ ،‬طرحت مسألة الدفاتر التجارية التابعة للمكري العديد من املشاكل أمام القضاء‪ ،‬فاألحكام اخلاصة ابلبيع‬
‫التجاري نصت على وجوب تسليم هذه الدفاتر مع بقية العناصر األخرى‪ ،‬لكن األحكام املنظمة لعقد التسيري احلر مل تقدم أي حل ومل‬
‫تلزم املكري بواجب التسليم‪ ،531‬ألن الدفاتر التجارية ي األصل‪ ،‬ال تعترب من عناصر األصل التجاري‪ ،‬و ابلتايل ال يشملها التسليم أو‬
‫التفويت أو التنازل‪.‬‬
‫و ي غياب حل تشريعي ذهب بعض الفقه الفرنسي‪ 532‬إىل القول أبن‪" :‬على املسري أن يلزم املكري ي العقد أبن يضع رهن‬
‫إشارته الدفاتر التجارية واملراسالت احملفوظة لديه‪ ،‬وإذا كان جمموع هذه الواثئق موضوعة خارج األصل التجاري (عند احملاسب مثال)‬
‫فإنه جيب التأكيد ي العقد على الفرتة اليت جيب أن تكون فيها الواثئق حتت تصرف املسري احلر"‪.‬‬
‫و ي هذا السياق‪ ،‬حيق لنا التساؤل حول ما إذا انصب التسيري احلر على عنصر الزبناء والسمعة التجارية‪ ،‬فهل يكون املالك قد‬
‫وىف ابلتزامه ابلتسليم ؟‬
‫جوااب على هذا التساؤل ذهب بعض الفقه الفرنسي‪ 533‬إىل أنه إذا انصب عقد التسيري احلر على السمعة التجارية والزبناء‬
‫ابإلضافة إىل عنصر االسم التجاري‪ ،‬فإن املالك يكون قد وىف ابلتزامه‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق مبكان التسليم‪ ،‬فإنه يتم الرجوع إىل العرف التجاري‪ ،‬فمكان التسليم يكون حتما هو املكان الذي يوجد فيه احملل‬
‫التجاري‪ ،‬ما مل يتم االتفاق على خالف ذلك‪ ،534‬ويتم التسليم وفق امليعاد احملدد ي العقد‪ ،‬وإال فور ما تقتضيه طبيعة األصل التجاري‬
‫املكري‪ .535‬أما ما يتعلق مبصروفات التسليم‪ ،‬فإهنا تقع على عاتق املكري‪ ،‬ما مل جير العرف أو يقضي االتفاق خبالفه‪.536‬‬

‫‪ -528‬ينص الفصل ‪ 155‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪:‬‬


‫"يتم التسليم حني يتخلى البائع أو انئبه عن الشيء املبيع و يضعه حتت تصرف املشرتي حبيث يستطيع هذا حيازته بدون عائق "‬
‫‪529‬‬
‫‪- Michel Pédanon, Droit commercial ( commerçant et fonds de commerce ), précis D – 1994. P: 80.‬‬
‫‪ -530‬عادل العشايب ‪"،‬التسيري احلر ي االجتهاد القضائي ومدونة التجارة"‪ ،‬حبث هناية التمرين ابملعهد الوطين للدراسة القضائية‪ ،‬الفوج ‪ ،7.‬سنة ‪ ،7005-5555‬ص‪..1 :‬‬
‫‪ -531‬آمال العرفاوي‪" ،‬كراء األصل التجاري"‪ ،‬املعهد األعلى للقضاء – اجلمهورية التونسية – س ‪ 5551 -5551‬ص‪.50 :‬‬
‫‪532‬‬
‫‪- Memento Pratique – français les fbure – droit des affaires – 1993 – 1994, 3éme éd 1992. Not 811.‬‬
‫‪533‬‬
‫‪- R. Houin et M. Pedamon, droit commercial – Paris. D 1990, P: 331.‬‬
‫‪ -534‬تنص الفقرة األوىل من الفصل ‪ 907‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪:‬‬
‫" جيب أن يتم التسليم ي املكان الذي كان الشيء موجودا فيه عند البيع ما مل يتفق على غري ذلك ‪." ...‬‬
‫‪ -535‬ينص الفصل ‪ 901‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪:‬‬
‫" جيب أن حيصل التسليم فور إبرام العقد‪ ،‬إال ما تقتضيه طبيعة الشيء املبيع و العرف من زمن ‪." ...‬‬
‫‪ -536‬ينص الفصل ‪ 611‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪:‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫خنلص مما سبق إىل القول إن تسليم األصل التجاري ال يكون صحيحا إال إذا متكن املسري احلر من االنتفاع ابألصل دون عائق‪،‬‬
‫ويكون ذلك ي الزمان واملكان املتفق عليهما‪ ،‬وإذا أخل املكري هبذا االلتزام جيوز للمسري احلر اللجوء إىل القضاء‪ ،‬إما لطلب التنفيذ‬
‫العيين لاللتزام‪ ،‬أو التعويض عن التأخري ي التسليم‪ ،‬أو طلب الفسخ مع املطالبة ابلتعويض‪ ،‬كما ميكن سلو‪ ،‬الطريق الزجري‪ ،‬أبن يقيم‬
‫دعوى مباشرة يطالب فيها املكري بتنفيذ العقد‪ ،‬مع معاقبته ابرتكاب جنحة عدم تنفيذ العقد املنصوص عليها ي الفصل ‪ 883‬من‬
‫جمموعة القانون اجلنائي‪.537‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التزام املالك بصيانة األصل التجاري طيلة مدة تنفيذ العقد‪.‬‬
‫ال يقف التزام املكري عند تسليم األصل التجاري إىل املسري احلر‪ ،‬بل ميتد إىل تعهده بصيانة األصل التجاري ليبقي صاحلا لالستغالل‬
‫طول مدة سراين عقد التسيري احلر‪.‬‬
‫ومن املسلم به أن العناصر املادية لألصل التجاري القابلة للصيانة‪ ،‬هي على اخلصوص املعدات واآلالت املخصصة لالستغالل‪ ،‬اليت‬
‫ميكن تصنيف أعمال الصيانة الالزمة للمحافظة عليها إىل ثالثة أنواع‪:538‬‬
‫النوع األول‪ :‬الصيانة اليت يقتضيها التشغيل السليم هلذه العناصر‪ ،‬وتشمل معدات قياس احلرارة واملياه والزيوت والتشحيم‪ ،‬ومتابعة ذلك‬
‫للتأكد من سالمتها طوال فرتات التشغيل‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬الصيانة الوقائية اليت تقتضي تغيري بعض األجزاء اليت هتلك بعد فرتة معلومة من التشغيل‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬الصيانة الطارئة‪ ،‬واليت تتم عند حدوث عطل تقين غري متوقع‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن املشرع مل ينص على مقتضيات خاصة هبذه األنواع من الصيانة‪ ،‬غري أن أحد الفقه أقر على أن صيانة هذه العناصر‬
‫تقع على عاتق املسري احلر‪ ،539‬ويكفي أن يسلم املكري شهادة الضمان املتعلقة هبذه املعدات والتجهيزات‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بصيانة العقار‪ ،‬فيجب التمييز بني نوعني‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬العقار املثقل ابألصل التجاري‪ ،‬وهو ملك للمكري فهنا واجب اإلصالح يكون على صاحبه‪.540‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬وهو الذي يكون فيه مالك األصل جمرد مكرت للعقار‪ ،‬ومن هنا ال يكون ملزما ابلصيانة ألن حق اإلجيار ال حيصل ي‬
‫االلتزام ابلتسليم‪ ،‬وابلتايل يبقي مالك األصل التجاري هو امللتزم ابلصيانة البسيطة‪ ،‬غري أنه من الناحية العملية‪ ،‬فإن الصيانة تبقي على مسؤولية‬
‫املسري احلر‪ ،‬إذا ما اتفق األطراف على ذلك‪.541‬‬
‫مبا أن عقد التسيري احلر خيضع لألحكام العامة للكراء املنصوص عليها ي ظهري االلتزامات والعقود‪ ،‬فإن واجب الصيانة يكون على‬
‫مالك األصل التجاري‪ ،‬وقد أكد بعض الفقهاء على أن الغالب ي احلياة العملية هو حتديد التزامات الطرفني بدقة متناهية عن كل ما من شأنه‬
‫أن حيصل خالل مدة اإلجيار‪. 542‬‬
‫وجيب على املالك أيضا أداء الضرائب املتعلقة ابستغالل األصل التجاري‪ ،‬سواء قبل إبرام عقد التسيري احلر أو بعده‪.543‬‬

‫" ‪ ...‬يتحمل كل من املتعاقدين مصروفات احلجج اليت تسلم له كما يتحمل املكري مصروفات رفع الشيء املكرتي وتسلمه ‪." ...‬‬
‫‪ -537‬ينص الفصل ‪ 995‬من جمموعة القانون اجلنائي على ما يلي‪:‬‬
‫"من تسلم مقدما مبالغ مالية من أجل تنفيذ عقد مث رفض تنفيذ هذا العقد و إن رد تلك املبالغ املسبقة دون عذر مشروع يعاقب ابحلبس من شهر إىل ستة أشهر وغرامة من ‪570‬‬
‫إىل ‪ 790‬درمها"‪.‬‬
‫‪ -538‬حممد مومن‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.701 :‬‬
‫‪ -539‬حممد موساوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.75. :‬‬
‫‪ -540‬ينص الفصل ‪ 61.‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪:‬‬
‫" يلتزم املكري ‪ ...‬بصيانتها أثناء مدة اإلجيار ‪" ...‬‬
‫‪ -541‬ينص الفصل ‪ 615‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪:‬‬
‫" ي كراء العقارات ال يلزم املكرتي إبصالحات الصيانة البسيطة إال إذا كلف هبا مبقتضى العقد أو العرف ‪"...‬‬
‫‪ –542‬احلسن رحو‪ ،‬أمحد السمحاين‪ "،‬عقد التسيري احلر ي ضوء مدونة التجارة اجلديدة و االجتهاد القضائي املغريب"‪ ،‬حبث هناية التمرين‪ ،‬املعهد الوطين للدراسة القضائية‪،‬‬
‫الرابط‪ ،‬الفوج ‪ ،76‬س ‪ ،555. -5556‬ص‪.91 :‬‬
‫‪ -543‬حممد موساوي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.770 :‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫ومن بني االلتزامات أيضا جتديد عقد كراء العقار املستغل فيه األصل التجاري‪ ،‬ألن عدم التجديد يعين اختفاء األصل التجاري‪ ،‬وابلتايل‬
‫انقضاء عقد التسيري احلر ي وقت ضيق‪.544‬‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يتبني لنا كل الضماانت املعرتف هبا للمسري احلر من أجل احلصول على أصل جتاري صاحل لالستغالل‪ ،‬غري أن‬
‫املالك وأثناء إبرام العقد يقوم ابلتحلل من هذه االلتزامات‪ ،‬ابعتباره الطرف القوي ي العالقة التعاقدية‪ ،‬وابلتايل يلزم املسري احلر بتحمل صيانة‬
‫األصل التجاري‪ ،‬مما يعين عدم استفادته من الضماانت املخولة له قانوان‪.‬‬
‫ ي هذا السياق نطرح التساؤل عما إذا كان املسري احلر سيستفيد من الضمانة الثانية‪ ،‬واملتعلقة ابستغالله لألصل التجاري استغالال‬
‫هادائ‪ ،‬واليت ينبغي أن يتمتع هبا أثناء تنفيذ العقد؟‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬ضماانت االستغالل املادي و املستقر لألصل التجاري‬
‫ال يقتصر واجب مالك األصل التجاري بتمكني املسري احلر من االنتفاع ابلشيء املكرتي على قيامه بتسليمه إايه ي الوقت احملدد‪،‬‬
‫وصيانته‪ ،‬بل يتعدى ذلك إىل ضمان االستغالل اهلادئ واملستقر للمسري احلر ي األصل التجاري‪ ،‬ولن يتحقق ذلك إال إذا وىف املالك مبجموعة‬
‫من االلتزامات‪.‬‬
‫الفقرة االوىل‪ :‬االلتزام بعدم منافسة املسري احلر يف نشاطه‪.‬‬
‫إذا كانت املنافسة هي أساس التجارة وعمادها ملا هلا من دور إجيايب يتمثل ي منو وحتسني اإلنتاج االقتصادي‪ ،‬فإن هذه املنافسة ال ميكن‬
‫أن متارس دون ضابط أو تقييد‪ ،545‬بل جيب أن تقوم على أسس راسخة من الشرف واألمانة‪ ،‬كما جيب أن تنحصر ي احلدود املشروعة لضمان‬
‫املصاحل املختلفة للمشتغلني ي التجارة وجلمهور املستهلكني‪.546‬‬
‫هكذا‪ ،‬يلتزم مالك األصل التجاري ي عقد التسيري احلر جتاه املسري احلر بعدم ممارسته ألي نشاط جتاري أو صناعي أو حر ي مماثل ملا‬
‫هو مستغل ي األصل التجاري املؤجر‪ ،547‬وهذا االلتزام راجع لالعتبار الشخصي ملالك األصل التجاري ي كسب الزابئن‪ ،‬وإذا ما قام مالك‬
‫األصل التجاري بفتح حمل آخر ومارس نفس النشاط التجاري أو الصناعي أو احلر ي‪ ،‬يكون قد ساهم ي انداثر عنصر الزابئن‪ ،‬وابلتايل انعدام‬
‫األصل التجاري‪.548‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن شرط عدم املنافسة ال يعتد به‪ ،‬إذا ما قام املسري احلر مبمارسة نشاط آخر غري الذي كان ميارسه مكري األصل حلظة‬
‫إبرام عقد التسيري احلر‪.‬‬
‫أما ي حالة ثبوت خمالفة املكري لشرط عدم املنافسة‪ ،‬فإن للمسري احلر اخليار حسب احلاالت بني احللول التالية‪:‬‬
‫‪ .5‬توقيف أداء أجرة الكراء‪.‬‬
‫‪ .7‬رفع دعوى ضد املكري للمطالبة ابلتعويض عن األضرار اليت حلقت به‪.‬‬
‫‪ .1‬طلب ختفيض أجرة الكراء‪.‬‬
‫‪ .1‬طلب إغالق األصل التجاري املستغل ابملخالفة لشرط عدم املنافسة مع إمكانية طلب التعويض‪.‬‬
‫‪ .9‬طلب فسخ عقد التسيري احلر‪.549‬‬
‫لكن قد يتملص املالك من هذا االلتزام اباللتجاء إىل فتح أصل جتاري مماثل ابسم زوجته أو أحد أفراد أسرته‪ ،‬وابلتايل فأمام هذا‬
‫االحتيال جيب أن يتمتع املسري احلر حبقه ي االحتجاج أمام القضاء ضد كل منافسة قد هتدد زبناء األصل التجاري الذي يستغله‪ ،‬حىت لو كان‬
‫مصدرها غري املكري نفسه مىت ثبت أن له يد ي ذلك‪.550‬‬

‫‪544‬‬
‫‪- Jean Deruppé, Les beaux commerciaux. Paris. D, 1996, P : .2‬‬
‫‪ -545‬ملعرفة مىت نكون أمام املنافسة غري مشروعة أم ال‪ ،‬يراجع‪:‬‬
‫‪Jean Bernard Blaiose, " Droit des affaires ", Ed. Delta 1999, P : 365.‬‬
‫‪ -546‬مصطفى كمال طه ‪ "،‬أصول القانون التجاري‪ ،‬مقدمة األعمال التجارية والتجار واملؤسسة التجارية والشركات التجارية‪ ،‬امللكية الصناعية "‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬ط ‪-5555 :‬‬
‫‪ ،5557‬ص‪.709 :‬‬
‫‪547‬‬
‫‪- Olivier Barret, " Les contrats portant sur le fonds de commerce ", LGDJ, Paris, 2001, P : 267.‬‬
‫‪ -548‬عبد العزيز توفيق ‪"،‬عقد الكراء ي التشريع و القضاء "‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة الدار البيضاء‪ ،‬س‪ ،5599 :‬ط ‪ ،7‬ص‪.17 :‬‬
‫‪ -549‬حممد مومن‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.710 :‬‬
‫‪ -550‬حممد لفروجي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.515 :‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االلتزام ابستحقاق األصل التجاري وضمان عيوبه اخلفية‪.‬‬
‫ال يقتصر واجب املكري بتمكني املكرتي من االنتفاع ابلشيء املكرتي على عدم املنافسة‪ ،‬بل يتعدى ذلك إىل االلتزام بضمان تعرض‬
‫الغري واستحقاق األصل التجاري وضمان خلو األصل التجاري من العيوب اخلفية اليت تؤثر على قيمة األصل التجار ي‪.‬‬
‫‪ .1‬االلتزام ابستحقاق األصل التجاري‪.‬‬
‫أ – ضمان االستحقاق‪.‬‬
‫يتوجب على مكري األصل التجاري‪ ،‬أن يسهل على املسري احلر مأمورية استغالل األصل التجاري واستيفاء املنفعة املقصودة من العقد‪،‬‬
‫وهو ما يفرض عليه االمتناع عن كل ما من شأنه تعكري صفو هذا االستغالل‪ ،‬كما يضمن له كل تعرض من شأنه إنقاص احلقوق اليت يتمتع‬
‫هبا‪ ،‬و ي هذه احلالة جيوز للمسري احلر الرجوع على املكري بضمان االستحقاق‪ ،‬و ي الغالب يكون هذا االستحقاق لألصل كليا أو جزئيا‪.551‬‬
‫وقد ذهب أحد الفقهاء‪ ،552‬إىل القول أبنه ي حالة االستحقاق الكلي‪ ،‬يكون للمسري احلر أن يطلب فسخ العقد مع التعويض عن‬
‫الضرر‪ ،‬أما ي حالة االستحقاق اجلزئي والذي ال يؤثر على استغالل األصل‪ ،‬فيحق للمسري احلر املطالبة إبنقاص األجرة ابإلضافة إىل حقه ي‬
‫التعويض إذا كان له مقتضى‪.‬‬
‫لكن اجتاه آخرا يقول على أن االستحقاق اجلزئي إذا كان يؤثر على عنصر من عناصر األصل التجاري‪ ،‬مثال إذا انصب على عنصر‬
‫االتصال ابلزابئن أو أي عنصر آخر يؤثر على األرابح مما يؤدي إىل زوال األصل التجاري‪ ،‬هنا يكون أتثري االستحقاق اجلزئي مثل االستحقاق‬
‫الكلي‪ ،‬وابلتايل فللمسري احلر املطالبة بفسخ عقد التسيري احلر والتعويض عن الضرر‪. 553‬‬
‫ابإلضافة للتعرض املادي وهو احليلولة دون انتفاع املسري احلر ملا اكرتاه كليا أو جزئيا‪ ،‬هنا التعرض القانوين‪ ،‬كقيام املالك بعمل قانوين‬
‫يلحق ضررا ابملسري احلر كأن حيتج املكري حبق عيين أو شخص ي‪ ،‬أو يقوم مرة اثنية بكراء نفس العني اليت سبق أن أكراها للمسري احلر ‪.554‬‬
‫وقد ذهب بعض الفقه‪ 555‬إىل القول إن ضمان املكري لتعرضه الشخصي ال يقتصر على فعله هو‪ ،‬بل يشمل كذلك كل أتباعه‪ ،‬كالوكيل‪،‬‬
‫والويل‪ ،‬والوصي‪ ،‬وبصفة عامة كل من ينوب عن املكري نيابة اتفاقية‪ ،‬أو قانونية‪ ،‬أو قضائية‪ ،‬وكذلك كل من تلق عنه حقا مكنه من التعرض‬
‫سواء كان هؤالء من اخللف العام‪ ،‬أو اخللف اخلاص‪ ،‬أو ابقي األقارب‪ ،‬أو الضيوف أو اخلدم‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يتبني لنا أنه سواء كان التعرض قانونيا أو ماداي‪ ،‬فإنه يشرتط لتحققه ما يلي‪:556‬‬
‫‪‬وقوع التعرض ابلفعل‪ ،‬فال يكفي أن يكون حمتمال‪.‬‬
‫‪‬وقوع التعرض أثناء قيام عقد التسيري احلر‪ ،‬أي ي الفرتة املمتدة من بدايته إىل هنايته‪.‬‬
‫‪‬أن يكون التعرض مؤثرا‪.‬‬
‫ب – ضمان تعرض الغري‪.‬‬
‫ال يلتزم املكري بضمان االستحقاق للمسري احلر‪ ،‬بل يتعدى ذلك إىل االلتزام بضمان تعرض الغري‪ ،‬هذا األخري يقصد به األفعال الصادرة‬
‫من طرف األشخاص الغري التابعني للمكري‪.557‬‬
‫وإذا كان املبدأ هو عدم ضمان مكري األصل التجاري لتعرض الغري‪ ،‬إال أن أحد الفقه أجاز للمسري احلر إنقاص الوجيبة الكرائية مع‬
‫التشويش الذي بلغ حد اجلسامة‪ ،‬والذي من شأنه حرمانه من االنتفاع ابألصل التجاري‪.558‬‬
‫وجتدر اإلشارة إال أن املكري ال يضمن تعرض السلطة العمومية‪ ،‬سواء عند نزعها امللكية من أجل املنفعة العامة‪ ،‬أو عند قيامها أبعمال‬
‫اإلدارة العامة وفقا ملا يقتضيه القانون‪ ،‬وابستقرائنا للفصلني ‪ 695‬و‪ 697‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬سيتبني أن للمسري احلر احلق ي إنقاص الوجيبة‬

‫‪ -551‬عبد السالم الوهايب ‪ "،‬عقد التسيري احلر ي ظل مدونة التجارة "‪ ،‬منشور مبجلة الندوة‪ ،‬ع‪ ،51 :‬ص‪.15 :‬‬
‫‪ -552‬علي حسن يونس ‪ "،‬احملل التجاري "‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬ط‪ ،5511 :‬ص‪.777 :‬‬
‫‪ -553‬إلياس انصيف ‪ "،‬الكامل ي القانون التجاري "‪ ،‬ج‪ ،5 :‬مكتبة الفكر العريب‪ ،‬ط‪ ،5 :‬س‪ ،55.5 :‬ص‪.509 :‬‬
‫‪ -554‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.15 :‬‬
‫‪ -555‬حممد اجملدويب و خالد بنيس ‪ "،‬الوجيز ي العقود املسماة"‪ ،‬ج ‪ ،5 :‬عقد البيع وعقد الكراء‪ ،‬شركة اببل للطباعة والنشر‪ ،‬الرابط‪ ،‬س ‪ ،5551‬ص‪.516 :‬‬
‫‪ -556‬جاسم علي سامل انصر ‪"،‬ضمان التعرض واالستحقاق ي العقود – دراسة مقارنة – "‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة س‪ ،5555 :‬ص‪.511 :‬‬
‫‪ -557‬علي بن غامن ‪"،‬الوجيز ي القانون التجاري وقانون األعمال"‪ ،‬موفم للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،7007 :‬ص‪.750 :‬‬
‫‪ -558‬عادل العشايب‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.57 :‬‬
‫‪121‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫الكرائية‪ ،‬وجيوز له أن يطلب الفسخ‪ 559‬إذا أصبحت العني املكرتاة غري صاحلة لالستعمال‪ ،‬بل أكثر من ذلك حيق للمسري احلر طلب التعويض‬
‫من طرف املكري‪ ،‬إذا كان الضرر انتج بسبب فعل أو خطأ يعزى إليه‪ ،‬وكل ذلك ما مل يتفق األطراف على خالف ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬االلتزام بضمان العيوب اخلفية‪.‬‬
‫يقصد ابلعيب تلك النقيصة اليت يقتضي العرف سالمة الشيء منها عادة‪ .560‬و ي عقد التسيري يقصد ابلعيوب كل عيب خفي مؤثر ميس‬
‫ابلفعل بنسق وبناء األصل التجاري ابلشكل الذي جيعله غري صاحل ألن حيقق الغرض األساسي الذي من أجله اكرتاه املسري احلر‪ ،‬مما قد ميس‬
‫حبقه ي االستغالل اهلادئ لألصل التجاري‪ ،‬األمر الذي يسمح له إما بطلب فسخ العقد‪ ،‬أو إنقاص مبلغ الوجيبة الكرائية‪.‬‬
‫ومن أهم احلاالت اليت يظهر فيها العيب‪ 561‬ابألصل التجاري‪ ،‬نذكر احلالة اليت خيفي فيها املكري مثال واقعة صدور حكم إبغالق احملل‬
‫التجاري‪ ،‬أو إخفاء عيب يتعلق حبالة البضاعة أو األدوات أو بنوع الزبناء‪ ،‬أو احلق ي امتداد اإلجيار أو كون براءة االخرتاع الداخلة ضمن‬
‫عناصر الكراء قد انقضت مدهتا قبل هناية عقد التسيري احلر‪.‬‬
‫كما جتدر اإلشارة إىل أن تقرير ما إذا كان العيب اخلفي مؤثرا ي استغالل األصل التجاري‪ ،‬خيضع للسلطة التقديرية للقضاء‪ ،‬وليس عليه‬
‫ ي ذلك رقابة من حمكمة النقض‪.‬‬
‫كما أجاز املشرع املغريب للمسري احلر أن يطلب من املكري إزالة العيب وهذا هو التنفيذ العيين للعقد‪ ،‬ابإلضافة إىل إنقاص األجرة‪ ،‬أو إىل‬
‫فسخ العقد مع التعويض ي مجيع األحوال عما حلقه من ضرر‪ ،‬إذا كان وجود العيب يعزى إىل خطأ املكري أو أحد أتباعه‪.562‬‬
‫خنلص مما سبق إىل القول إن الضماانت املقررة للمسري احلر أثناء تنفيذ العقد تبقي غري كافية‪ ،‬وهذا راجع إىل طبيعة الشروط اليت يفرضها‬
‫املالك على املسري احلر‪ ،‬واليت ترمي ي جزء منها إىل اإلنقاص من فعالية وأمهية تلك الضماانت بشكل ينعكس على محاية املسري احلر فيجعلها‬
‫غري كافية‪ ،‬و ي هذا السياق حيق لنا التساؤل عن مدى استفادة املسري احلر املسري احلر من بعض احلقوق األساسية ؟ واليت سنعمل على‬
‫مالمستها ي املطلب املوايل‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬حقوق املسري احلر لألصل التجاري‬
‫ختتلف وضعية األطراف املتعاقدة من مرحلة تنفيذ العقد إىل مرحلة ما بعد انتهائه‪ ،‬وذلك بسبب االختالف الذي حصل ي احلقوق‬
‫وااللتزامات اليت يتمتعون هبا ي كل مرحلة من هذه املراحل‪.‬‬
‫من هذا املنطلق نطرح التساؤل حول وضعية املسري احلر بعد انتهاء العقد ؟ وما هي احلقوق املعرتف هبا له بعد انتهائه ؟‬
‫سنعمل على مناقشة وحتليل هذه األسئلة من خالل ما يلي‪:‬‬
‫املطلب االول ‪ :‬مدى أحقية املسري احلر يف االستفادة من تطبيق مقتضيات ظهري ‪ 21‬ماي ‪1111‬‬
‫اعرتف املشرع املغريب ببعض احلقوق للمسري احلر وذلك ي إطار ظهري ‪ 71‬ماي ‪ ،5599‬ابلرغم من أهنا وضعت أساسا حلماية مكرتي‬
‫العقار‪ ،‬ويتعلق األمر ابلفصل ‪ 15‬الذي جاء فيه‪:‬‬
‫"إذا كان العاقد مالك للملك ولالسم التجاري املستغل فيه وكانت العقدة تتعلق بنفس الوقت هبما معا فعليه أن يدفع للمكرتي‪ ،‬وقت‬
‫خروجه من امللك تعويضا يناسب ما يعود عليه من فوائد أتيت من الزايدة اليت أدخلت إما على االسم التجاري وإما على قيمة كراء امللك و‬
‫نتجت عن التحسينات اليت قام هبا املكرتي ابتفاق صريح مع املالك املذكور"‪.‬‬
‫قبل دراسة هذه املادة البد من إبداء مالحظتني بعد مقارنة الفصل ‪ 15‬بنص اللغة الفرنسية‪:563‬‬

‫‪ -559‬هذا ما أكده حكم احملكمة التجارية ابلدار البيضاء الذي جاء ي أحد حيثياته‪:‬‬
‫"وحيث إن ‪ ...‬ي حالة الفسخ بقوة القانون فإن املسري ال يستحق أي تعويض ‪." ...‬حكم احملكمة رقم ‪ 05/6151‬بتاريخ ‪ ،7005/09/76‬ملف عدد ‪119/5/700.‬‬
‫‪ -‬مأخوذ من رسالة سهام زروال‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.507 :‬‬
‫‪ -560‬أسعد ذايب ‪"،‬ضمان عيوب املبيع اخلفية – دراسة مقارنة بني القانون اللبناين والشريعة اإلسالمية والقوانني احلديثة– "‪ ،‬دار إقرأ‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪ ،7 :‬س‪ ،55.1 :‬ص‪.7. :‬‬
‫‪ -561‬عبد القادر العرعاري‪" ،‬أحكام العيوب اخلفية ي البيع"‪ ،‬منشورات مجعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪ ،‬ط‪ ،5556 :‬ص‪.71 :‬‬
‫‪ -562‬ينص الفصل ‪ 699‬من ظ‪ .‬ل‪.‬ع على ما يلي‪:‬‬
‫"عندما يكون للضمان حمل حيق للمكرتي أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الكراء ويثبت له احلق ي التعويض‪."...‬‬
‫‪563‬‬
‫‪- « Lorsqu’il est à la fois propriétaire de l’immeuble loué et du fonds de commerce qui est exploité et que la‬‬
‫‪bail porte en même temps sur les deux, le bailleur devra verser au locataire à son départ une indemnité‬‬
‫‪correspondante au profil qu’il pourra retirer de la plue value apporté soit au fonds de commerce, soit à la‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫‪ .5‬أن هذه املادة ال تطابق النص ابللغة الفرنسية‪ ،‬ألهنا استعملت عبارة االسم التجاري كرتمجة لعبارة ‪ ،Fonds de commerce‬وحنن نعلم‬
‫أن األصل التجاري مفهوم خمتلف عن االسم التجاري‪.‬‬
‫‪ .7‬أن نص اللغة الفرنسية حصر استفادة املسري احلر من هذه املادة فقط ي حالة التحسينات املادية ‪améliorations matérielles les‬‬
‫بينما النص العريب مل حيدد طبيعة التحسينات فيما إذا كانت مادية أو معنوية‪.‬‬
‫خنلص مما سبق أن الفصل ‪ 15‬تتضمن عيبا خطريا من شأنه أن ينتج آاثرا قانونية ابلغة األمهية واخلطورة‪.‬‬
‫وإذا جتاوزان ما سبق‪ ،‬و حاولنا تفسري مضمون الفصل‪ ،‬ميكن القول إن املكري إذا اسرتجع األصل التجاري عند انتهاء مدة العقد‪ ،‬وكان‬
‫املسري احلر قد أجرى حتسينات ي احملل إبذن من املالك‪ ،‬وجب على املكري أن يدفع له تعويضا يعادل قيمة الفوائد اليت عادت على األصل‬
‫التجاري‪ ،‬أو على قيمة الكراء بفضل هذه التحسينات‪ ،‬ويكون هذا التعويض خاصا يطالب به املسري احلر أمام احملكمة املختصة طبقا لقواعد‬
‫االختصاص املنصوص عليها ي قانون املسطرة املدنية‪.564‬‬
‫وقد بني األستاذ أمحد عاصم ي تعليقه على الشروط الواجب توافرها الستحقاق هذا التعويض‪ ،‬وهي كالتايل‪:‬‬
‫‪ .5‬أن يكون مكرتاي للعقار ولألصل التجاري معا من نفس املالك الواحد‪.‬‬
‫‪ .7‬أن يكون قد أحدث حتسينات مبوافقة املكري كتابة‪.‬‬
‫‪ .1‬أن تكون التحسينات مادية‪.‬‬
‫وأضاف إىل أن التعويض ال يقضى به تلقائيا‪ ،‬وإمنا بناء على دعوى مقابلة أو مستقلة‪ ،‬وإثبات الشروط املشار إليها‪.‬‬
‫ويرى أحد الفقه الفرنسي‪ 565‬أن بعض مال األصل التجاري‪ ،‬ميكن أن يضمنوا شرطا ي العقد يوضحون فيه أبنه سوف أيخذون بدون أي‬
‫تعويض كل امللحقات والتحسينات اليت سيجريها املسري احلر‪ ،‬وأن هذه احلماية قد جتعل املسري احلر ال يقوم ابالستثمار الالزم لألصل التجاري‪،‬‬
‫كما ميكن للمسري احلر ابملقابل وضع شرط معاكس حيدد فيه أبن كل ما يبتكره من عناصر جديدة خالل مدة التسيري‪ ،‬ستظل ي ملكه وال‬
‫ميكن للمكري امتالكها إال بعد تقييم مثنها من طرف اخلربة ي املوضوع‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن املسري احلر ال يستحق التعويض من املكري ي حالة نقص قيمة األصل التجاري‪ ،‬طاملا كان ذلك لظروف اقتصادية أو‬
‫لقوة قاهرة أو لقلة اإلقبال على نوع النشاط‪.566‬‬
‫وما دمنا نتكلم عن الضرر الذي يصيب األصل التجاري‪ ،‬حيق لنا التساؤل عن مدى التعويض الذي يستفيد منه املسري احلر ي حالة نزع‬
‫امللكية من أجل املنفعة العامة‪ ،‬وذلك ي إطار مقتضيات ظهري ‪ 71‬ماي ‪ ،5599‬وليس ي إطار ظهري ‪ 6‬مارس ‪.55.7‬‬
‫ ي هذا الصدد‪ ،‬قرر املشرع املغريب أبنه إذا وقع نزع ملكية العقار‪ ،‬وكان هذا األخري مكرى لشخص له أصل جتاري‪ ،‬وجب على اإلدارة‬
‫النازعة أن متنح تعويضا للمكري‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 55‬من ظهري ‪ 71‬ماي ‪ 5599‬بقوله‪" :‬إذا وقع نزع امللكية ميكنها أن تتجنب‬
‫أداءه تعويض نزع اليد املنصوص عليه ي الفصل ‪ 50‬إذا عوضت على املكرتي الذي نزع منه حقه مكاان يكون مماثال للمكان املنزوع ملكيته‬
‫ويكون على مقربة منه‪ ،‬و ي هذه احلالة‪ ،‬يتوصل املكرتي بتعويض ي األصل التجاري وتدفع له زايدة على ذلك املصاريف العادية النتقاله من‬
‫املكان واالستقرار ي مكان آخر"‪.‬‬
‫غري أن احملكمة اإلدارية ابلدار البيضاء قد ذهبت ي أحد أحكامها إىل خالف ذلك‪ ،‬حيث قضت بعدم االستفادة من مقتضيات ظهري‬
‫‪ 71‬ماي ‪ ،5599‬عند احتاد ملكية العقار وملكية األصل التجاري ي شخص واحد عند نزع امللكية من قبل السلطات العمومية بقوهلا‪:‬‬
‫"االستفادة من التعويض عن نزع امللكية ي نطاق ظهري ‪ 6‬مارس ‪ 55.7‬حيول دون املطالبة بنفس التعويض ي نطاق ظهري ‪ 71‬ماي ‪5599‬‬
‫املتعلق ابألصل التجاري"‪.567‬‬

‫‪valeur locataire de l’immeuble par des améliorations matérielles effectuées par le locataire avec l’accord‬‬
‫‪exprès du propriétaire ».‬‬
‫‪ -564‬أمحد عاصم ‪"،‬احلماية القانونية للكراء التجار ي"‪ ،‬دار النشر املغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،55.. :‬ص‪.575 :‬‬
‫‪565‬‬
‫‪- Didier Guevel, " L’entreprise, bien juridique ", Les éditions juris services , Paris 1994, Note : 810.‬‬
‫‪ -566‬مسيحة القليويب‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.506 :‬‬
‫‪ -567‬قرار احملكمة اإلدارية ابلدار البيضاء‪ ،‬حكم رقم ‪ 15‬صادر ي ‪ 1‬يونيو ‪ ،55.9‬اجمللة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬ع‪ :‬يونيو‪ ،‬س ‪ ،55.6‬ص‪ 510 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫كما أكدت حمكمة االستئناف بسطات ي أحد قراراهتا‪" :‬بعدم أحقية املسري احلر لالستفادة من التعويض"‪.568‬‬
‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يتبني لنا أن املسري احلر وابعتبار أن مركزه ضعيف‪ ،‬فإنه ال يستفيد من كامل حقوقه ابلرغم من االعرتاف له ابلتعويض‬
‫عن التحسينات‪ ،‬وخنص ابلذكر التحسينات املادية‪ ،‬أما التحسينات املعنوية‪ ،‬وخاصة تلك املتعلقة ابلرفع من عدد الزبناء والسمعة التجارية‪،‬‬
‫فتبقي الواجهة احلقيقية للمشاكل اليت يعرفها املسري احلر‪ ،‬بعد هناية العقد‪ ،‬وهذا ما سنعرض له ابلتفصيل ي الفقرة املوالية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مدى أحقية املسري احلر يف احلصول على تعويض التحسينات‬
‫إن الرفع من عدد الزبناء له عالقة وطيدة بتحسني مسعة األصل التجاري وابجملهود الشخصي للمسري احلر‪ ،‬الذي يبق العامل احملوري لكل‬
‫حتسني ميكن أن يطال األصل التجاري‪ ،‬غري أن املشكل الذي مييز وضعية املسري احلر ي انتهاء العقد‪ ،‬هو أنه ال حيظ أبي حق يذكر ي‬
‫االستفادة من التعويض عن الزايدة ي قيمة األصل التجاري بفعل التحسينات املعنوية اليت يضيفها عليه‪ ،‬واملرتتبة عن نشاطه الشخصي املتواصل‬
‫الذي يبذله ي هذا اإلطار‪ ،‬مثال الرفع من جودة املنتوج‪ ،‬حسن معاملة الزبون‪ ،‬اعتماد أسلوب جديد ي اإلنتاج‪ ،‬البحث عن موردين جدد‪ ،‬إىل‬
‫غري ذلك‪.‬‬
‫و ي هذا الصدد‪ ،‬حيق لنا التساؤل عن أسباب عدم تعويض املسري احلر عن التحسينات املعنوية؟ خصوصا أن املسري احلر خيرج من األصل‬
‫التجاري حمروما من االستفادة من مثار نشاطه الذي قام به ي األصل طيلة مدة تنفيذ العقد‪.‬‬
‫يرجح بعض الفقه‪ 569‬أن أسباب عدم تعويض املسري احلر عن التحسينات املعنوية‪ ،‬ترجع إىل املالك الذي يدرج ي العقد شرطا يقضي‬
‫صراحة مبنع املسري من املطالبة أبي تعويض عن التحسني الذي أضافه على األصل التجاري بفعل الرفع من عدد الزبناء هذا من جهة‪ .‬أما من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬يعزى عدم التعويض إىل صعوبة تقدمي و معرفة قيمة الزايدة اليت أدخلت على عدد الزابئن مبجهود املسري احلر‪ ،570‬هذا ما دفع أحد‬
‫الفقهاء‪ 571‬إىل االنتقاد الشديد لتقنية التسيري احلر‪ ،‬بسبب تعامل أحكامها اجلائر مع املسري احلر ي هذه املرحلة من العقد‪ ،‬وما يثبت ذلك أن‬
‫مالك األصل التجاري إذا أثبت أن النقص ي عنصر الزابئن‪ ،‬يرجع إىل سوء استغالل املسري احلر لألصل التجاري‪ ،‬يكون له أن يطالب‬
‫ابلتعويض عن هذا النقص‪ ،‬لكن املسري احلر برفعه عدد الزابئن مبجهوده الشخصي وتسخريه إبداعاته الشخصية ال حيق له ذلك‪ ،‬و ي هذا تناقض‬
‫صارخ ينم عن عدم االنسجام الذي مييز التعامل مع املسري احلر‪.‬‬
‫مبقتضى املادة اخلامسة من ظهري ‪ 75‬ماي ‪ 5725511‬يتبني لنا أن املمثل التجاري اعرتف له املشرع املغريب ابحلق ي التعويض عن عدد‬
‫الزبناء الذين جلبهم ومناهم أو كوهنم من حيث العدد والقيمة‪ ،‬وهذا خمالف لوضعية املسري احلر‪ ،‬هذا األخري الذي يعد مستقال ي تسيري األصل‬
‫التجاري‪ ،‬خالفا للممثل التجاري الذي يتقاضى أجرة عن العمل الذي يقوم به‪.‬‬
‫مث إن املمثل التجاري إذا جنح ي تكوين زبون جديد‪ ،‬فإن الفضل ي ذلك يعود إىل ما منحته إايه املؤسسة من منتوجات وخدمات إلرضاء‬
‫العموم‪ ،‬و ي هذا السياق ميكن التساؤل حول األسباب اليت أدت إىل تعويض املمثل التجاري دون املسري احلر ؟‬
‫وجوااب على هذا السؤال يذهب أحد الفقه‪ 573‬إىل تربير منح املمثل التجاري هذا احلق بناء على نظرية اإلثراء بال سبب‪ ،‬من خالل اعتبار‬
‫املشغل ي هذه احلالة يثري بدون جمهود أو مقابل‪ ،‬غري أن اجتاها آخرا‪ 574‬يقول على أن جمال إعمال نظرية اإلثراء بال سبب هو عقد التسيري‬

‫‪ -568‬قرار حمكمة االستئناف بسطات‪ ،‬الغرفة املدنية‪ ،‬رقم ‪ .16‬بتاريخ ‪ ،55.9/57/01‬وتتلخص وقائع هذه النازلة على إثر قرار توسيع شارع حممد اخلامس بسطات‪ ،‬ابشرت‬
‫اجلماعة احلضرية ابملدينة مسطرة نزع ملكية حمطة بيع الوقود والبنزين‪ ،‬و ي هذا اإلطار متكن املستأنف عليه من احلصول املباشر على ‪ .90009000‬درهم الذي ميثل قيمة‬
‫األصل التجاري ابلرغم من أنه ليس املالك الشرعي والذي أوكلت إليه الشركة إدارة هذه احملطة كمسري حر مبقتضى عقد التسيري احلر الذي ينص ي فقرته " ي " من الفصل‬
‫الرابع أبن املسري احلر غري حمق ي نقل أي حق انتج عن هذا العقد‪ ،‬كما أنه غري حمق ي املطالبة أبي حق من حقوق امللكية التجارية نتيجة إدارته األصل التجاري‪ ،‬وابالعتماد‬
‫على بنود العقد أقرت حمكمة االستئناف بعدم أحقية املسري احلر هلذا التعويض إبرجاعه ملا‪ ،‬األصل التجاري وهي الشركة البرتولية‪.‬‬
‫‪569‬‬
‫‪- A. Piede lievre, S. Piede lievre, " Actes de commerce. Commerçants. Fonds de commerce. Paris. Dalloz.‬‬
‫‪1999, P : 153 – .451‬‬
‫‪570‬‬
‫‪- R. Houin, Le nouveau régime de la location – gérance de fonds de commerce – RTD. Com. 1956 ; T, IX.‬‬
‫‪P : 197.‬‬
‫‪571‬‬
‫‪- J. Turot, La location – Gérance cette – mal ainée du droit fiscal. Revue de Jurisprudence Fiscal N° 1, 192,‬‬
‫‪P : 419.‬‬
‫‪ - 572‬ظهري ‪ 75‬ماي ‪ 6 (5511‬مجادى األوىل ‪ )5167‬املتعلق بتنظيم مهنة املمثلني التجاريني – اجلريدة الرمسية رقم ‪ 5956‬الصادرة بتاريخ ‪ 7.‬ماي ‪ ،5511‬ص ‪.155:‬‬
‫‪573‬‬
‫‪- G. H. Camerlyne, l’indemnité de clientèle du représentant de commerce JCP. éd, (6). 1957.I. 4. 1347.‬‬
‫‪574‬‬
‫‪- R. Houin et M. Pedamon, droit commercial. Paris. Dalloz, 1990, P : 336 – 337.‬‬
‫‪112‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫احلر‪ ،‬ذلك أن مالك األصل التجاري يستفيد من جمهود املسري احلر الذي ال أيخذ أي مقابل على ذلك خبالف املمثل التجاري الذي يتقاضى‬
‫عمولة على كل ما يربمه من صفقات‪ ،‬مث إن منح املمثل التجاري هذا احلق ي الزابئن الذين أنشأهم يعترب تناقضا كبريا ألن االعرتاف له بذلك‪،‬‬
‫يعين أنه يتمتع بقدر معني من االستقاللية‪ ،‬ي حني أنه ال يعدو أن يكون جمرد أجري بسيط ال فرق بينه وبني الذي يعمل داخل املقاولة‪ ،‬خبالف‬
‫املسري احلر الذي يعترب مستقال ي عمله‪ ،‬بل األكثر من ذلك فهو ليس ملزما أبن يضيف زابئن جدد ما دام أنه ملزم عند انتهاء العقد فقط‬
‫إبرجاع أصل جتاري بقيمة موازية للقيمة اليت كانت له عند إبرام العقد‪.‬‬
‫ترتيبا على ما سبق‪ ،‬يتبني لنا أن املسري احلر هو الذي جيب أن يعرتف له هبذا احلق حىت حنفزه وندفعه إىل االجتهاد بغية تطوير األصل‬
‫التجاري‪.‬‬
‫ولكي مننح املسري احلر هذا التعويض‪ ،‬البد من بعض الشروط األساسية واليت نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .5‬أن يكون املسري قد ساهم ي إحداث زابئن قابلني لالستمرار‪.‬‬
‫‪ .7‬إن هذا التحسني جيب أن يكون راجعا إىل النشاط واجملهود الشخصي للمسري احلر‪ ،‬أما إذا كان األمر راجعا إىل ظروف أخرى‪ ،‬فإن‬
‫املسري احلر ال يكون له أن يطالب هبذا التعويض‪.‬‬
‫‪ .1‬جيب على املسري احلر أن يثبت هذه الزايدة ي قيمة الزابئن‪ ،‬على أن يرت‪ ،‬للقاضي سلطة تقديرية واسعة ي حتديد مبلغ هذا التعويض‪.‬‬
‫وابلتايل‪ ،‬إذا حتققت هذه الشروط فاألمثل أن مينح للمسري احلر هذا التعويض الذي من شانه أن حيقق آاثرا مهمة كزايدة القيمة االقتصادية‬
‫واملالية لألصل التجاري‪ ،‬غري أنه ولألسف‪ ،‬فالواقع العملي يدفع املسري احلر ابخلروج من عقد التسيري بدون تعويض‪.‬‬
‫كما أن حقيقة وضعية املسري احلر ي هذه املرحلة من العقد ال تنتهي فقط عند مسألة خروجه خاوي الوفاض‪ ،‬وإمنا ابإلضافة إىل ذلك خيرج‬
‫مثقال مبجموعة من االلتزامات والشروط اليت تصب ي جمملها ي اجتاه تعقيد مسألة معاودته ملزاولة النشاط الذي أصبح فيه متمرسا‪500 575.‬‬
‫فما هي إذن التزامات املسري احلر؟ وما نوع القيود املفروضة عليه بعد انتهاء العقد؟‪.‬‬

‫‪ -575‬املكي احلفياين‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪. 11‬‬


‫‪111‬‬
‫جملة املنارة للدراسات القانونية واإلدارية – عدد ‪5102/01‬‬
‫خالصة‬
‫و ي أعقاب دراسة موضوع ضماانت والتزامات املسري ي عقد التسيري احلر‪ ،‬ميكن تقييم هذا العمل على ضوء ما توصلنا إليه من حتليل من‬
‫خالل املالحظات التالية‪:‬‬
‫اوال‪ :‬أن بعض الضماانت املعرتف هبا للمسري احلر ي إطار عقد التسيري احلر عادة ما يتم إضعافها بفعل الشروط اليت يفرضها عليه املالك‬
‫ابعتباره الطرف القوي ي العالقة التعاقدية‪ ،‬كالشرط الذي يتحلل مبوجبه املالك من كل التزام بصيانة األصل التجاري واحملل املستغل فيه كما‬
‫سبقت اإلشارة‪ ،‬مما يعين أن املسري احلر ال يستفيد فعال من ضمانة حصوله على أصل جتاري صاحل لالستغالل كما ينبغي‪.‬‬
‫هذا كله يرمي ي جزء منه إىل اإلنقاص من فعالية وأمهية تلك الضماانت بشكل ينعكس على محاية املسري فيجعلها غري كافية‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬نالحظ أيضا أن املسري احلر يلتزم ابستغالل األصل التجاري إىل هناية العقد‪ ،‬ألن هذا االلتزام أساسي وجوهري‪ ،‬وهو ي سبيل قيامه‬
‫بذلك ال حيق له مطالبة املكري أبية تكاليف أنفقها ي سبيل استغالله لألصل التجاري مثل أجور املستخدمني‪ ،‬وأمثان البضائع اليت يتم توريدها‬
‫للمتجر أو أقساط التأمني‪ ،‬كما ال يستطيع مطالبة املؤجر أيضا ابلتعويضات عن اخلسائر اليت حتملها نتيجة استغالله لألصل التجاري ألنه‬
‫يستغل النشاط ابمسه وحلسابه الشخصي خالفا للمسري املأجور أو املسري الوكيل‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬نالحظ أن أساس التعويض عن نزع ملكية العقار الذي يستغل فيه األصل التجاري املؤجر للمسري احلر من حق كل من مالك هذا‬
‫العقار بوصفه صاحب حق عيين أصلي على هذا األخري‪ ،‬ومكرتي ذات العقار بوصفه صاحب حق شخصي منصب على عقار‪ ،‬خالفا‬
‫للمسري احلر الذي يعترب صاحب حق شخصي منصب على منقول معنوي وليس على عقار وألجل ذلك جيد نفسه ملزما ابلتوقف عن استغالل‬
‫األصل التجاري حىت قبل انقضاء املدة املتفق عليها ي العقد‪ ،‬دون أن يكون له احلق ي احلصول على أي تعويض عن ذلك من قبل اإلدارة‬
‫النازعة للملكية كما هو احلال ابلنسبة ملكرتي العقار‪.‬‬
‫ومن كل ما سبق تبقى اخلالصة األساسية اليت ميكن الوقوف عليها هو أن املسري احلر ال حيظ بنفس املعاملة اليت يعامل هبا مكرتي العقار‬
‫ابلرغم من أن طبيعة الكراء واحدة بني العقدين‪ .‬وهو ما يؤكد كما سبقت اإلشارة إليه بعدم كفاية احلماية اليت يتمتع هبا ي مرحلة تنفيذ العقد‪،‬‬
‫ما دام حيرم من االستفادة من االمتيازات السابق ذكرها واليت تبقي حكرا فقط على مكرتي العقار‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نالحظ أيضا أن من بني املشاكل اليت يعرفها املسري احلر بعد انتهاء العقد يتجلى أساسا ي مسألة التعويضات‪ ،‬خاصة التحسينات‬
‫املعنوية واملتعلقة ابلرفع من عدد الزبناء املتعاملني مع األصل التجاري‪ ،‬هذا الرفع الذي له عالقة وطيدة بتحسني مسعة هذا األخري وابجملهود‬
‫الشخصي للمسري احلر الذي يبقي العامل احملوري لكل حتسني ميكن أن يطال األصل التجاري‪ .‬فعدم منحه هذا التعويض هو ي األصل ضرر ال‬
‫ابلنسبة للمسري احلر وحده بل حىت ابلنسبة ملالك األصل التجاري‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬نالحظ أن املسري احلر بعد انتهاء العقد يعرف وضعية صعبة‪ ،‬إذا ما قورنت مبؤسسات شبيهة كمؤسسة مكرتي احملل التجاري‬
‫الذي خيرج بعد هناية العقد بتعويض مايل يعادل على األقل قيمة األصل التجاري‪ ،‬على خالف املسري احلر الذي خيرج من العالقة التعاقدية‬
‫خاوي الوفاض ابإلضافة إىل ذلك يكون مثقال مبجموعة من القيود والشروط منها عدم املنافسة‪ ،‬عدم ممارسة النشاط ي جمال جغرا ي معني‪،‬‬
‫ابإلضافة إىل أنه خيرج مثقال ابلديون اليت تكون حالة وبقوة القانون‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم يتعني على املشرع أن يعيد النظر ي العالقة بني مالك األصل واملسري احلر من خالل وضع تنظيم متكامل لعقد التسيري‬
‫احلر يشمل كل حياة هذا األخري بدءا من إبرامه ووصوال إىل هنايته‪ ،‬ألنه ال يعقل أن يرت عقد مبثل هذه األمهية إلرادة األطراف وللمبادئ العامة‪،‬‬
‫بل جيب أن حيظى بتنظيم خاص تراعى فيه مصاحل كل األطراف وخاصة مصلحة املسري احلر‪ ،‬الذي يعرف وضعية صعبة‪ ،‬هذه األخرية ال ختدم‬
‫ال مصلحة املكري وال مصلحة املسري احلر وال حىت مصلحة األصل التجاري هذا األخري الذي لن يتطور ولن يتحسن‪ ،‬وابلتايل سيخسر املالك‬
‫إمكانية حقيقية لتحسني ومناء أصله التجاري‪.‬‬
‫لذلك وجب حتفيز املسري احلر عن طريق وضع قوانني حتمي مركزه القانوين حىت يقوم ابجملهودات الالزمة للمحافظة على األصل التجاري‬

‫‪111‬‬
‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like