Professional Documents
Culture Documents
الأحكام العامة للوديعة
الأحكام العامة للوديعة
الأحكام العامة للوديعة
2023 /2024
الئحة فك الرموز:
صفحة ص :
طبعة ط:
سنة س:
عدد ع:
3
مقدمة :
فالمال هو قوام الحياة ,واإلنسان بطبيعته يحب المال ويحب تنميته وهذا ما يفسر
ضخامة األموال التي يتم عرضها على البنوك لحفظها ،مما يعني انتشار هذه
المعاملة فكان ذلك داعيا إلى بيان األحكام الخاصة بها وتأطيرها وعلى وجه
الخصوص عقد الوديعة.
فعقد الوديعة يعتبر من العقود ذات األهمية الكبيرة في الحياة العملية يكاد يأتي في
المرحلة بعد عقود البيع واإليجار والشركة والوكالة والمقاولة من حيث كثرة
انتشاره.
وهناك صور كثيرة من الوديعة فهناك في البنوك طرق متعددة إليداع األموال
منها حسابات الودائع النقدية وكذا الستثمارية في البنوك التشاركية ويجري العرف
في مختلف البالد على إطالق لفظ الوديعة على عقد الوديعة وعلى الشيء المودع
ذاته والوديعة قد تكون اختيارية أي بمحض إرادة المودع وقد تكون اضطرارية
أي لظروف اضطرارية أحاطت بالمودع فألجأته إلى إيداع ماله لدى الغير ،لذلك
1تفريط معالي فضيلة الشيخ صالح بن عبد هللا بن حميد ,كتاب المامالت المالية أصالة ومعاصرة ,المكتبة الشاملة
,ص 9
4
هناك وديعة النقود واألشياء المثلية وهذه ل تعتبر وديعة كاملة وإنما قرض أو
وديعة ناقصة.
ومن زاوية أخرى تعتبر الودائع المصدر األساسي الذي تستقي منه البنوك مواردها
المالية عموما على اعتبار أن من الوظائف األساسية التي تناط إلى المؤسسات
البنكية هي منح الئتمان وتمويل المشاريع القتصادية وفي سبيل تحقيق هذه
األهداف ل يمكن لها أن تكتفي فقط برأس مالها الخاص لذلك تلتجئ إلى القتراض
من المودعين فقيمة رأس مال البنك تبقى ضئيلة مقارنة مع األموال التي ستحتاجها
في تدبير أنشطتها.
إشكالية الموضوع:
منهجية الموضوع:
سنحاول معالجة هذا الموضوع من خالل التصميم التالي:
المبحث األول :األحكام العامة للوديعة.
المبحث الثاني :آثار عقد الوديعة وحاالت انقضائه.
يعتبر عقد الوديعة من العقود المسماة التي أحاطها المشرع بمجموعة من األحكام سواء في
ق ل ع أو م ت أو ق ب وقبل قيامنا بالبحث في هذه األحكام لبد من الحديث عن اإلطار
العام لعقد الوديعة وذلك من خالل البحث في ماهية الوديعة في (المطلب األول) ثم قيام عقد
الوديعة في (المطلب الثاني).
6
الفقرة األولى :تعريف الوديعة.
يعتبر عقد الوديعة من العقود التي كانت محض اختالف في تعريفها ،حيث لم يتم
التفاق على تعريف موحد لها ،لذلك ارتأينا على وضع مجموعة من التعريفات
الفقهية والتشريعية لتوضيح المقصود من هذا العقد.
أوال :الوديعة لغة واصطالحا.
الوديعة في اللغة مأخوذة من ودعت الشيء إذا تركته.
جاء في معجم مقاييس اللغة "ودع" :الواو والدال والعين أصل واحد يدل على
الترك والتخلية ودعه :تركه "(.)1
فالودع هو الترك والتخلية ،والوديعة ما تضعه عند غيرك ليحفظه لك .ثم إن
الوديعة من األسماء التي تستعمل في إعطاء الشيء لحفظه ،كما تستعمل في قبوله
أيضاً.
اما في الصطالح " الوديعة واحدة الودائع.
قال الكسائي يقال :أودعته مالً ،أي دفعته إليه ليكون وديعة عنده ،وأودعته أيضا ً
إذا دفع إليك مالً ليكون وديعة عندك فقبلتها ،وهو من األضداد ،واستودعته وديعة
()2
إذا استحفظته إياها "
والوديعة اصطالحاً :المال المدفوع إلى من يحفظه بال عوض .أوهي المال الذي
يودع عند شخص ألجل الحفظ.
ويطلق التعريف على العين المودعة ذاتها وعلى العقد المنظم لإليداع.
( )1لبن فارس ص ،1047دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،ط1422 ،1هـ.
( )2تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري ،1047/3دار إحياء التراث العربي ،بيروت .
7
آخر يلتزم بحفظه ورده بعينه" .ويظهر من خالل التعريف أن العنصر األساسي لعقد
الوديعة هو حفظ الشيء المودع ورده بعينه وهذا ما يميز الوديعة عن باقي العقود األخرى
2
كعقد الكراء هذا األخير الذي يعتبر حفظ الشيء عنصرا ثانوي بعد التزام بالنتفاع.
اما مدونة التجارة فلم تعرف لنا عقد الوديعة بتصنيفها ،بل عرفت لنا عملية ايداع النقود في
المادة 509التي نصت على أن "عقد إيداع النقود هو العقد الذي يودع بموجبه شخص
نقودا ،كيفما كانت وسيلة اإليداع ،لدى مؤسسة بنكية يخول لها حق التصرف فيها لحسابها
الخاص ،مع التزامها بردها حسب الشروط المنصوص عليها في العقد.
وكذا القانون رقم 3 103.12الذي نص في المادة الثانية " تعتبر أموال متلقات من الجمهور
األموال التي يتسلمها شخص من الغير على سبيل الوديعة أو غير ذلك ويحق له أن يتصرف
فيها لحسابه الخاص على أساس اللتزام بإرجاعها ألصحابها"
وقد تكرست أهمية الوديعة البنكية كونها تعتبر نقطة البدء بالنسبة لمختلف العمليات الئتمانية
الممنوحة من البنوك التي تعتمد على الودائع النقدية المتلقاة من الجمهور في اإلقراض وتمويل
المشاريع .
وعلى غرار المشرع المغربي فقد عمل المشرع الفرنسي بوجه عام على تعريف الوديعة بأنه
"عمل يتسلم بموجبه آخر شيئا ً للغير ،ملتزما ً بحفظه وإعادته بعينه".
أما المشرع السوري فقد عرف الوديعة في المادة ( )684من القانون المدني بقوله" :الوديعة
عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئا ً من آخر على أن يتولى حفظ هذا الشيء وعلى أن يرده
عيناً".
والمالحظ أن التشريعات العربية أعطت للوديعة نفس التعريف على اعتبار ان أحكامها
مستنبطة من الشريعة اإلسالمية .
المذهب المالكي.
2سيأتي بيان ذلك عندما نميز عقد الوديعة عن النظم المشابهة له.
3القانون رقم 103.12المتعلق بمؤسسات الئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها الصادربتنفيده الظهير شريف رقم
1.14.193صادر في فاتح ربيع األول 1436الموافق ل 24ديسمبر , 2014المنشور الجريدة الرسمية عدد
6328بتاريخ فاتح ربيع اآلخر 1536الموافق ل 22يناير )2015،ص }46.
8
قالوا أن للوديعة تعريفان:
أحدهما :تعريفها بمعنى المصدر وهو اإليداع ،ويلزم من تعريف الشيء المودع.
أي أنه عبارة عن توكيل على مجرد حفظ المال .فاإليداع نوع خاص من أنواع التوكيل
ألنه توكيل على خصوص حفظ المال .فالتوكيل على البيع والشراء ،أو الطالق والنكاح ،أو
الخصومة ،ونحو ذلك ل يسمى إيداعاً.
وكذا خرج غير المال كإيداع الولد والزوجة عند الغير فإنه ل يسمى وديعة.
وكذا خرج ما ليس مقصورا ً على الحفظ كالوديعة في أمر من األمور األخرى فإن الوكيل
فيه ليس مقصورا ً على مجرد الحفظ بل التصرف أيضاً.
ثانيهما :تعريفها بمعنى الشيء المودع ،فهو عبارة عن نقل مجرد حفظ الشيء المملوك
ال ذي يصح نقله إلى المودع (بفتح الدال) ومعنى ذلك أن الشيء المملوك الذي نقله كالحيوان
وأثاث المنازل والذهب والفضة يكون حفظه منوطا ً بمالكه فإيداعه عند الغير عبارة عن نقل
مجرد هذا الحفظ إليه بدون تصرف وبذلك خرج نقل الملك نفسه بالبيع والشراء والهبة
والصدقة وغير ذلك من العقود التي ينقل بها الملك من شخص آلخر كالرهن واإلجارة
وغيرها.
وخرج بقوله الشيء الزوجة والولد فإنهما ل يملكان ،وخرج بقوله الذي يصح نقله العقار
ال ثابت كالدور واألراضي فإن حفظها عند الغير ل يسمى وديعة على أن بعضهم يقول إنه
يسمى وديعة ول يصح إخراجها من التعريف عند الغير ل يسمى وديعة على أن بعضهم
يقول أن بعضهم يقول إنه يسمى وديعة ول يصح إخراجها من التعريف ،وعلى هذا فال
نقله4. حاجة قيد يصح
وأما تعريفها بمعنى الشيء المودع فهو عبارة عن شيء مملوك ينقل مجرد حفظه إلى
المودع -بفتح الدال -فالشيء المملوك وقوله نقل مجرد حفظه خرج ما قد عرفت أنفا ً كما
عرفت الخالف في زيادة قيد يصح نقله.
المذهب الحنفي.
الحنفية -قالوا :الوديعة بمعنى اإليداع هي عبارة عن أن يسلط شخص غيره على حفظ ماله
9
صريحا ً أو دللة .فالصريح كما إذا قال له خذ هذا المال لتحفظه عندك لي .والدللة كما إذا
وجد شخص سلعة رجل غائب فأخذها فإنها تكون وديعة عنده بحيث إذا تركها مرة أخرى
يلزم بها أما إذا أخذها وصاحبها حاضر ثم تركها ففقدت فإنه ل يضمنها.
وأما الوديعة بمعنى الشيء فهي عند األمين ليحفظها .والوديعة غير األمانة اسم كل شيء
غير مضمون ،فيشمل جميه الصور ل ضمان فيها كالعارية والشيء المستأجر ونحوهما،
ول يشترط في األمانة القبول.
أما الوديعة فهي اسم لخصوص ما سترك عند األمين باإليجاب والقبول صريحا ً أو دللة
كما ستعرفه.
المذهب الشافعي
اعتبروا الوديعة بمعنى اإليداع هي العقد المقتضي الشيء المودع .والمراد بالعقد الصيغة
المقتضية لطلب الحفظ كقول زيدا ً لعمرو استحفظك هذا المال فيقول عمرو قبلت .وتطلق
شرعا ً على العين المودعة ،ولكن إطالقها على العقد معنى شرعي فقط ،أما إطالقها على
العين فهو شرعي في الحفظ فيشترط في المودع ما يشترط في الموكل ويشترط في المودع
ما يشترط في الوكيل ويعتبر في الوديعة ما يعتبر في الوكالة).
10
عقد الوديعة وعقد العاريّة :تتشابه الوديعة والعاريّة في أن كالً من الوديع والمستعير يتسلم
شيئا ً للغير يحفظه عنده ويرده إليه عند نهاية العقد ،ولكن الوديع يتسلم الشيء ليحفظه دون
أن يستعمله .فالغرض األساس من العقد هو الحفظ ،كما إذا أودع شخص بضاعة عند تاجر
لحفظها في مخزنه .أما المستعير فيتسلم الشيء لينتفع به ،فالغرض األساسي هو استعمال
الشيء ل الحفظ ،كما إذا تسلم الشيء ورخص له في استعماله ،فيكون الستعمال هوا لغرض
األساسي من العقد.
عقد الوديعة وعقد القرض :تتميز الوديعة من القرض بأن ملكية الشيء ل تنتقل بالوديعة
ول يجوز للوديع استعمال الشيء ،ويجب رده عيناً .أما القرض فإنه ينقل ملكية الشيء على
أن يرد مثله.
خصائص عقد الوديعة:
الوديعة عقد رضائي يلتزم الوديع بموجبه أن يتسلّم من المودِع شيئا ً ليتولى حفظه ثم يرده
إليه،وهي ل تنعقد إل بتراضي الطرفين ،والتسليم فيها بعد النعقاد هو التزام وليس ركنا ً
فيها .أي إن التسليم التزام في ذمة المودع بعد أن تنعقد الوديعة ،فالعقد يتم قبل تسليم الشيء.
يستنتج مما سبق أن عقد الوديعة يتمتع بعدة خصائص أهمها:
• الوديعة عقـد رضائي :إذ تتم بمجرد توافق اإليجاب والقبول من دون حاجة
إلى شـكل خاص .وألنها ليست بعقد عيني فال يشترط لنعقادها تسليم الشيء
المو َدع إلى المو َدع عنده ،ألن التسليم ليس ركنا ً في الوديعة ،وإنما هو التزام
في ذمة الوديع بعد أن تنعقد الوديعة.
• الوديعة عقد تبرع :الوديعة في األصل من عقود التبرع ،وتكون من عقود
المعاوضة إذا اشترط فيها األجر .والوديعة غير المأجورة ،كالعاريّة ،من عقود
التفضل ل من الهبات .فعقود التفضل هي التي يولي المتبرع فيها المتبرع له
فائدة من دون أن يخرج عن ملكية ماله .فالوديعة عقد تفضل ألن الوديع يتبرع
بعمله ل بماله .أما الهبات فيخرج فيها المتبرع عن ملكية ماله ،كعقد الهبة يخرج
فيها الواهب عن ملكية الموهوب.
• الوديعة عقد ملزم لجانب واحد :وتبقى على هذا األصل في الغالب ألنها ل تكون
عادة مأجورة .وإذا كانت الوديعة غير مأجورة ،فإن المودِع ل يترتب عادة في
11
ذمته بالوديعة أي التزام ،وتكون اللتزامات كلها في جانب المودع عنده ،فيلتزم
بتسلم الشيء المو َدع وبحفظه وبرده .وإذا كانت الوديعة مأجورة ،فيلتزم المودِع
باألجر وباللتزامات التي سيأتي بحثها لحقاً.
• الوديعة ذات اعتبار شخصي :العتبار أبرز في شخصية الوديع من شخص
المودِع ،ومن ثم تنتهي الوديعة بموت المودع عنده ،ول يجوز لهذا األخير أن
يحل غيره في حفظ الوديعة من دون إذن صريح من المودِع ،5إل أن يكون
مضطرا ً إلى ذلك بسبب ضرورة ملحة وعاجلة.
• الوديعة عقد يلتزم به الوديع بحفظ الشيء المودَع :فال تكون هناك وديعة ،إذا
لم يكن هناك إلزام عقدي بالحفظ .6فإذا ترك الشيء صاحبه عند آخر ،من دون
أن يلتزم هذا األخير صراحة أو ضمنا ً بحفظه ،لم يكن هناك عقد وديعة.
يجب أن يكون اللتزام بحفظ الشيء هو الغرض األساسي من العقـد ،فالوديعة غرضها
األساسي هو الحفظ بالذات ،بخالف اإليجار والعارية اللذين تع ّد الغاية األساسية منهما هي
النتفاع بالشيء.
5الفصل 792ظ ل ع
6هو ما اكد عليه الفصل 791ظ ل ع "على المودع عنده ان يسهر على حفظ الوديعة "...
12
المطلب الثاني :قيام عقد الوديعة.
يعتبر عقد الوديعة أهم العقود التي فرضت حضورها ل على مستوى المعامالت المدنية ول
على مستوى المعامالت التجارية خاصة وأنها تعتبر عقدا بنكيا نظمه المشرع المغربي في
الكتاب الرابع من مدونة التجارة حيث افرد له أحكاما خاصة به إلى جانب األحكام المقررة
في ظهير اللتزامات والعقود.
وتأسيسا على ذلك يمكن تقسيم مطلبنا إلى فقرتين األولى مخصصة ألركان الوديعة،
والثانية تتعلق ببعض أنواع الودائع البنكية لدى البنوك التشاركية.
األصل في العقود أنها رضائية ،يجب لنعقاد الوديعة توافق اإليجاب والقبول بين المودع
والمودع عنده ،ناهيك عن تسليم الشيء المودع بمجرد التراضي إذا كان موجودا من قبل
بصفة أخرى بيد المودع عنده7ويتجسد الرضا في عقد الوديعة في تقديم المودع لطلب اإليداع،
وتعتبر موافقة البنك المودع لديه على طلب اإليداع بمثابة قبول ،ول يكفي أن يكون الرضا
موجودا ،بل لبد من أن يكون صحيحا خاليا من عيوب اإلرادة.8
❖ ثانيا :األهلية.
إن المحل في عقد الوديعة هو الشيء المودع الذي ينبغي أن يكون منقول ،وأن
يستوفي الشروط العامة في المحل عموما ،كذلك يجيز المشرع إيداع األشياء
المثلية والسندات واألسهم والنقود واألوراق البنكية وغيرها من السندات التي
10
تؤدي وظيفة النقود ،على أساس أن ترد بعينها.
السبب في عقد الوديعة ،طبقا للنظرية الحديثة هو الباعث الدافع إلى التعاقد .وقد كانت
النظرية التقليدية للسبب تجعل السبب في الوديعة هو التسليم ،وكانت الوديعة عقدا عينيا
بحسب هذه النظرية.11
-نورة غزلن شنيوي ,الوسيط في العقود الخاصة ,العقود المدنية و التجارية والبنكية على ضوء المستجدات 10
التشريعية و الجتهادات القضائية في القانون المدني وقانون األعمال .الجزء األول ,الطبعة األولى2017/1438م,
ص.230
-انظر في هذا السياق: 11
-عبد الرزاق أحمد السنهوري ,الوسيط في شرح القانون المدني.الجزء السابع .المجلد األول :العقود الواردة على العمل:
14
وختاما لهذه الفقرة ،ل تفوتنا اإلشارة إلى أن األصل في الوديعة أن تكون عقدا مدنيا ،ما لم
تكن تابعة لعمل من األعمال التجارية ،فتعتبر عندئذ عقدا تجاريا كما لو أودع تاجر بضائعه
12
في مخزن عام ،إذ يكون العقد تجاريا من جانب كل من المودع والمودع عنده.
هي الوديعة التي يحق فيها للعميل المودع أن يطلبها في أي وقت ،ول يهدف من ورائها
المودع الحصول على أي عائد أو ربح ،فهي عبارة عن أموال يقدمها المتعاملون للبنك
دون قصد اإلستثمار ,ول تدفع البنوك عليها أي عوائد لعدم ثبات رصيدها الذي قد يصبح
صفرا في أي لحظة مما ل يعطي البنك الفرصة لحتسابه ضمن خطته في الستثمار.13
وهذه الودائع هي حسابات مفتوحة لدى البنوك اإلسالمية ل تدفع عنها هذه األخيرة أي
مقابل ،وتلتزم بإرجاعه األموال المودعة فيها حيث ما تم طلبها من قبل المودعين.
ويمكن القول على أنها بمثابة أمانة يلتزم البنك بردها عند طلبها ،دون أن يدفع لصاحبها أي
عائد خالل فترة بقائها في حوزته.14
ويعد هذا النوع من الودائع من أهم أنواع الحسابات التي تقدمها البنوك التشاركية ،فقد أظهر
التقرير السنوي التاسع عشر حول اإلشراف البنكي الصادر عن بنك المغرب ،أن األبناك و
النوافد التشاركية أحصت ما يعادل 7مليار درهم من الودائع تحت الطلب برسم السنة المالية
,2022لتسجل ارتفاعا بنسبة 34في المائة مقارنة بسنة .152021
-محمد جالل سليمان :الودائع الستثمارية في البنوك اإلسالمية ,الطبعة األولى ,المعهد العالمي للفكر اإلسالمي, 13
15
➢ تانيا :الوديعة الستثمارية.
برزت هذه الوديعة كأحد البدائل األساسية للودائع ألجل في البنوك التقليدية.
وقد عرفها المشرع المغربي في المادة 56من القانون 103.12المتعلق بمؤسسات
الئتمان والهيئات المعبرة في حكمها والتي جاء فيها " يقصد بالودائع الستثمارية األموال
التي تتلقاها البنوك التشاركية من لدن عمالئها من أجل توظيفها في مشاريع استثمارية
ووفقا للكيفيات الم تفق عليها بين األطراف".كما عرفها كذلك بنك أمنية المغربي التشاركي
بكونها " عبارة عن أموال تستقبلها البنوك التشاركية من عمالئها ,وذلك من أجل توظيفها
في مشاريع استثمارية حسب ما اتفق عليه بين الطرفين ,وترتبط عوائد هذه الودائع بنتائج
الستثمار".16
اذن من خالل هذه التعاريف يتضح لنا على أن الوديعة الستثمارية بمثابة عقد يربط بين
البنك و العميل ,يقوم أساسا على دفع هذا األخير مبلغ من المال للبنك ,الذي هو اآلخر يعمل
به أو يستثمره ,ويتحمل البنك و المودع نتائج الستثمار ربحا و خسارة ,طبقا للقاعدة
الفقهية " الغنم بالغرم".
وتنقسم هذه األخيرة إلى قسمين في البنوك التشاركية ،ودائع استثمارية عامة و مخصصة.
ودائع استثمارية عامة :هي التي يوكل أصحابها البنك اإلسالمي في استثمارها,حسب ما
يراه مالئما ،ويفترض أن الستثمار سيتم علال أساس المضاربة غير المشروطة ،وتحصل
نصيب معين في األرباح التي تتحقق للبنك ،من المشروعات التي يمولها وأمواله.ويتم
17
التوزيع عادة مرة في السنة ،أو حسب ما وقع به التفاق.
الودائع المخصصة :هي التي يشترط أصحابها على البنك استثمارها في مشاريع محددة
يختارونها ،ويتحملون وحدهم مخاطرها ،ولهم ربحها وعليهم خسارتها ،ألنهم هم الذين
https://24saa.ma/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83%D9%8A-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A-
%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D8%B9-
/%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%A7%D9%84
- 16انظر الموقع الرسمي لبنك أمنية المغربي التشلركي ,ar/ma.umniabank.www://httpsتم الطالع عليه
بتاريخ 18نونبر 2023على الساعة 01:53صباحا.
- 17عائشة الشرقاوي المالقي :البنوك اإلسالمية ،التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق ,الطبعة األولى المركز الثقافي
العربي ،الدارالبيضاء ،سنة 2000ص .239
16
يحددون العملية من حيث نوعيتها وشروطها ،وتكون البنك مجرد مسيرة لها وليست شريكة
فيها.
لكن عندما تدخل البنوك شريكة في العمليات ،يأخذ المودعون نصيبهم من أرباحها،
وتتوزع الخسارة بين الطرفين ،إن وقعت حسب التفاق ،ول يمكن للمودعين سحب هذه
18
الودائع إل بإخطار سابق يوجهونه للبنك.
المبحث الثاني :آثار عقد الوديعة وأسباب انقضائها وضماناتها
بعد قيام عقد الوديعة صحيحا سليما مستجمع لكافة أركانه لبد له كباقي العقود أن يخلف
آثارا ونتائج على كال أطراف العالقة التعاقدية (المطلب األول) غير انه ل ينشا ليبقى على
وجه الدوام فال ما يأتي وقت وينقضي لذلك توجد ضمانات لتحاول خلق نوع من التوازن
بين أطرافه (المطلب الثاني).
المطلب األول :آثار عقد الوديعة
إن عقد الوديعة كغيره من العقود الملزمة للجانبين ينشأ التزامات متقابلة في ذمة كل من
أطراف العالقة التعاقدية إذ كل ما هو حق لطرف يعتبر التزاما على الطرف األخر لذلك
سنعمل على تناول التزامات المودع لديه في (الفقرة األولى) على أن ننتقل للحديث عن
التزامات العميل في (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :التزامات المودع لديه
يلتزم المودع عنده في إطار عقد الوديعة بحفظ الشيء المودع وتوظيفه في الودائع
الستثمارية وكذا رده عند انتهاء الوديعة
• أول اللتزام بالحفظ
إن الهدف األساسي من إبرام عقد الوديعة هو حفظ الشيء المودع ومن ثم كان التزام البنك
بحفظه الشيء هو اللتزام الجوهري الذي يقع على كاهله وكان عقد الوديعة على راسي
19
عقود الحفظ واألمانة
حيث نجد الفصل 781من ق ا ع يقضي بأن المودع لديه يلتزم بحفظ الوديعة ،ويأتي هذا
اللتزام مقابل التزام العميل بالتسليم الوديعة تنفيذا لعقد اإليداع
وتطبيقا لذلك يجب على المؤسسة البنكية القيام بحفظ الشيء المودع إلى أن يتم إرجاعه إلى
الزبون المودع وعليها أن تبذل في المحافظة على ما هو موضع لديها العناية التي تفرضها
عليها وظيفتها وأعرافها البنكية باعتبارها تعترف وتلقي الودائع من الجمهور 22حيث ينص
الفصل 806من ق ا ع (يضمن المودع عنده هالك الشئ أو تعيبه الحاصل بفعله أو
بإهماله.
وهو يسأل أيضا عن عدم اتخاذ الحتياطات التي يشترطها العقد
وكل شرط يكون مخالف لذلك يكون عديم األثر ).وهذا ما تم تكريسه في قرار صادر
محكمة النقض قضت فيه بان األموال التي تودع لدى البنك تخضع إلحكام الوديعة .
ان العالقة التي تربط المؤسسة البنكية بالزبون المودع تنظمها أحكام الوديعة ويكون البنك
ضامنا لهالك الشئ المودع عنده عمال بمقتضيات الفصل 806من ق ا ع .
بل واألكثر من ذلك فان هذه المسؤولية تبقى ثابتة في حق المؤسسة البنكية حتى ولو كان
إخاللها بهذا اللتزام ناتجا عن القوه والحديث الفجائي وذلك ما يستفاد من المادة 510من
مدونة التجارة التي جاء في فقرتها الثانية بأنه ل يتحلل من اللتزام بالرد الذي يفقد فيها
النقود المودعة نتيجة لحالة قوه قاهرة
وما ذلك إل تطبيقا لقاعدة الغرم بالغنم ما دام أن البنك تنتفع بالودائع وتأخذ مقابال على
23
عمليه اإليداع
20عبد الرحمان قرمان ,العقود التجارية وعمليات الئتمان ,الطبعة الثانية ,مكتبة السفري السعودية ,2010 ,ص.293
21القرار عدد , 52الصادر بتاريخ 28يناير 2021في الملف التجاري ,ع .2020/1/3/595
22محمد الفروجي ,العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي ,ط الثانية ,س , 2000ص300
23ينص الفصل 807من ق ا ع على أن يضمن المودع عنده الهالك أو الضرر الناتج من أي سبب كان يمكنه التحرز
منه
أول – عندما يأخذ أجرا عن حفظ الوديعة
18
ول يسوغ للبنك أن ينيب عنه غيره في حفظ الوديعة ,من دوم اذن صريح من المودع ما لم
24
يكن مضطرا لذلك بسبب ضرورة ملحة كالحرب
ويقضي اللتزام بالحفظ أن تمتنع المؤسسة البنكية عن استعمال السندات المودعة أو
التصرف فيها بشكل من األشكال بغير إذن العميل المودع ,أو تستعملها ألغراضها الخاصة
25
28وفي هذا اإلطار ورد في قرار للمجلس األعلى بتاريخ 26فبراير 1986انه "إذا كان البنك نظرا لألعداد الهائلة من
عمليات صرف مختلف األوراق التجارية التي يقوم بها يوميا ل يمكن أن يلزم قبل صرف شيك أو كمبيالة إل بعد إجراء
الفحوص التقنية والدقيقة حول كل توقيع مما يستلزم خبرة خاصة ل تتوفر ال للمختصين في تحقيق الخطوط حول فانه
يجب عليه وبالضرورة ان يتأكد من هوية الطراف ومن صحة البيانات التي تتضمنها الورقة ومن سالمتها وذلك
بالفحص العادي والمتأني للتأكد من خلوها من كل ما يبعث على الشك والريبة خصوصا فيما يتعلق بمطابقة التوقيع الذي
تحمله لنموذج توقيع زبونه المودع لديه"..
المجلس العلى – قرار مدني رقم 94بتاريخ 26فبراير -1988ملف مدني عدد -55منشور بمجلة القضاء والقانون –
عدد – 137ص .166
29جاء في نص المادة " 110ل يتحلل المودع لديه من اللتزام بالرد إذا أدى تبعا ألمر غير موقع من طرف الودع او
وكيله عنه إل إذا كان هناك حجز "...
30الوديعة في إطار القواعد العامة ل تعتبر من عقود المعاوضة من حيث األصل وإنما يجب التفاق على األجر لتكون
كذلك ,ما لم يكن المودع لديه يحترف مهنة الستداع كمؤسسات الئتمان التي تأخذ دائما مقابال على خدماتها.
20
وفي غياب التفاق على األجر كانت الوديعة غير مأجورة وكان المودع عنده متبرعا عندئذ
تخرج الوديعة من دائرة عقود المعاوضة لتكون من عقود التبرع
• ثانيا :رد المصروفات
عمال بالفصل 814من قانون اللتزامات والعقود ،الذي جاء في في فقرته الثانية ما يلي
"...كما أنعلى المودع أن يدفع للمودع عنده المصروفات الضرورية التي أنفقها في حفظ
الوديعة"
ونخلص من هذا الفصل المتقدم الذكر أن المودع يلتزم برد ما أنفقه المودع عنده من
المصروفات في حفظ الشيء ويجب أن تفهم عبارة "حفظ الشيء" هنا على أنها تشمل حفظ
الشيء من الهالك إذا تعرض لخطر وكذلك الحفظ العادي للشيء إذا إقتضى هذا الحفظ
مصروفات ما .
31الفضالة هي صورة من صور الثراء بال سبب وهي الحالة التي يباشر الشخص باختياره او بحكم الضرورة شؤون
احد من الغير في غيابه او بدون علمه ,وبون ان يرخص له في ذلك منه او من القاضي فتقوم بذلك عالقة ممثالة للوكالة
21
أول :ناشئة عن خطأ تسبب فيه المودع عنده
ثانيا :إذا أخطر المودع عنده على وجه معتبر قانون بالضرر الذي يتهدده ولم يتخذ مع
ذلك مايلزم من الحتياطات لدرئه .
22
يكون المودِع في هذه الحالة متبرعا ً ول يصح أن يضار بتبرعه .وفي هذه الحالة يجوز
للوديع أن يرجع في الوديعة بإرادته المنفردة بمجرد حدوث هذه األسباب المشروعة ،كما
يجوز للمودِع أن يرجع بإرادته المنفردة في أي وقت ،ألن األجل في مصلحته هو.
ـ موت الوديع:
لكون الوديعة يلحظ فيها العتبار الشخصي ،وألنها تقوم على الثقة في شخص الوديع ،إذ
يكون محل ثقة المودِع ،فإن العقد ينحل بموت الوديع ،إل إذا اتفق على غير ذلك .وبانحالل
العقد تنتقل اللتزامات التي ترتبت على الوديع حتى وقت انحالل العقد إلى تركة الوديع بما
فيها اللتزام برد الوديعة ،وهذا في حال كانت الوديعة لمصلحة الوديع.
وإذا مات المودِع وكانت الوديعة في مصلحة الوديع ،فالوديعة ل تنتهي بموته ،بل يبقى
الوديع حافظا ً للوديعة إلى أن ينقضي أجلها ألنها في مصلحته .ولكن يجوز له الرجوع
بإرادته المنفردة ما دامت لمصلحته .أما إذا مات المودِع والوديعة في مصلحته جاز لورثته
الرجوع عن الوديعة في أي وقت ل لموته ،بل ألن المودِع له حق الرجوع في أي وقت لو
كان حياً ،ما دامت في مصلحته فينتقل هذا الحق إلى ورثته.
إن الهدف الرئيسي لجميع المودعين هو القدرة على الوصول إلى أموالهم بسهولة والحفاظ على
سالمتها .ومن خالله تم تطوير آليات متعددة لضمان ذلك ،بما في ذلك الرقابة البنكية أثناء تنفيذ
األنشطة المصرفية واتخاذ التدابير الالزمة في حالة مواجهة البنك لتحديات مالية أو قانونية.
يهدف كل ذلك إلى تعزيز ثقة المودعين وضمان سالمة وصولهم إلى أموالهم.
تتم ممارس الرقابة على المؤسسات البنكية عن طريق هيئات تقريرية ،من قبيل بنك المغرب
32
ووزير القتصاد المالية ،باإلضافة إلى هيئات استشارية كالمجلس الوطني لالدخار والئتمان
ولجنة مؤسسات الئتمان 33واللجنة التأديبية المؤسسات الئتمان ،34كل ذلك من أجل التحقق من
في هذا السياق ،تقضي المادة 76من القانون رقم 103.12بأنه يجب على مؤسسات الئتمان
للمحافظة على سيولتها ومالءتها وتوازن وضعيتها المالية أن تتقيد في صورة فردية أو مجمعة
أو هما معا أو مجمعة فرعيا عند القتضاء بالقواعد الحترازية المحددة بمناشير يصدرها والي
بنك المغرب بعد استطالع رأي لجنة مؤسسات الئتمان والمتمثلة في الحفاظ على نسب معينة،
ومن بين تلك المؤشرات الواجب على البنك أخذها بعين العتبار نجد "معامل السيولة" الذي
يجب على البنك أن يحافظ عليه في حدود يقدرها بنك المغرب ،بحيث يستطيع البنك توفير هذه
السيولة انطالقا من األموال المودعة لديه أو لدى بنك المغرب ،كما يمكن توفير تلك السيولة
انطالقا من األصول القابلة للبيع أو إعادة الخصم؛ فضال عن معدل المالءة" الذي يعني مدى
قدرة البنك على تمويل مختلف المشاريع ومنح الئتمان ،دون العتماد كليا على ودائع المودعين.
وقد حدد قرار لوزير المالية تحت رقم 1439/00صادر بتاريخ 6أكتوبر 2000نسبة المالءة
في % 8تماشيا مع النسبة المعتمدة في التحاد األوربي وقرارات لجنة بازل" ،باإلضافة إلى
ذلك ،تعمل األبناك بقاعدة "توزيع المخاطر" التي تعني تنويع البنك المقرضية والنوعية المشاريع
الممولة.
وبما أن مؤسسات الئتمان تتخذ شكل شركة مساهمة ذات رأسمال ثابت أو تعاونية ذات رأسمال
متغير ،عمال بالمادة 35من القانون رقم ،103.12فإن ملزمة بالضرورة باحترام القواعد
المحاسبية المفروضة على الشركات التجارية ،لكن وفق الشروط المحددة بمناشير يصدرها والي
بنك المغرب ،بعد استطالع رأي لجنة مؤسسات الئتمان والمجلس الوطني للمحاسبة .35كما
يخضع القطاع البنكي بالمغرب الصرامة وقيود كثيرة ،بدء من الترخيص للبنك للشروع في
العمل ،مرورا بفرض شكل قانوني معين يشتغل في إطاره ،وكذا بضرورة توفره على حد أدنى
من رأس المال عند اإلنشاء ،محدد في مائة مليون وضرورة أن تكون أصول البنك أكثر من
خصومه.
تلزم هذه القوانين أيضا بتأمين إعادة الودائع البنكية إلى أصحابها في حالة تصفية أي بنك .يتم
ذلك بهدف حماية حقوق المودعين وتعزيز الثقة في النظام المصرفي .وبفضل هذه اإلجراءات،
يتم إنشاء إطار قانوني يهدف إلى تحفيز الستقرار المالي والقانوني للمؤسسات المصرفية،
وبالتالي ،تعزيز الستدامة والنمو في القطاع المصرفي.
ولم يشكل المغرب استثناء ،فقد قضت المادة 128من القانون رقم 103.12بأن يحدث صندوق
جماعي لضمان الودائع ألجل حماية المودعين.
وقد فرض المشرع المغربي في المادة 129من نفس القانون تعويض المودعين ،في حالة عدم
توفير ودائعهم وجميع األموال األخرى القابلة لإلرجاع ،كما يجوز للصندوق المذكور على وجه
الحتياط والستثناء ،أن يقدم المؤسسة الئتمان التي في وضعية صعبة مساعدات قابلة لإلرجاع
وأن يساهم في رأس مالها.
وعليه ،يتضح أن الصندوق الجماعي لضمان الودائع يجمع بين وظيفتين ،وقائية تتجلى في تقديم
مساعدات مالية لكل مؤسسة ائتمان تواجه صعوبات (أول) ،ووظيفة عالجية ،تتمثل في منح
تعويضات ألصحاب الودائع الموضوعة بينك في طور التصفية (ثانيا).
إن أنجع وسيلة لمعالجة صعوبات المقاولة هي التمويل الخارجي وبالتالي ،إذا كانت المقاولة التي
تعاني من صعوبات ،تلجأ في الغالب إلى البنوك للحصول على اإلمكانات المالية الالزمة لتمويل
36نذكر على سبيل المثال ،صندوق التأمين على الودائع بالبنوك العاملة في مصر والمسجلة لدى البنك المركزي المصري.
37محمد لفروجي ،القانون البنكي المغربي وحماية حقوق الزبناء ،أطروحة سابقة ،ص.416 .
25
مخططات التقويم المعدة إلنقاذها ،فإن األمر ليس كذلك بالنسبة للمقاولت التي تتخذ من المهنة
38
البنكية نشاطا لها .
ولمواجهة وضع من هذا القبيل ،سمح المشرع المغربي في المادة 136من القانون رقم 103.12
للصندوق الجماعي لضمان الودائع ،بمنح مساعدات قابلة لإلرجاع على وجه الحتياط والستثناء
لفائدة مؤسسات الئتمان التي يخشى أن تؤدي وضعيتها مستقبال إلى عدم توفر الودائع وجميع
األموال األخرى القابلة لإلرجاع ،شريطة أن تقدم تدابير تقويمية يقبلها بنك المغرب.
وعليه ،يجوز للبنوك اللجوء إلى الصندوق الجماعي لضمان الودائع ،لطلب الحصول .على
المساعدات المالية لتجاوز الصعوبات التي تمر منها .وتتخذ هذه المساعدات شكل قرض قابل
لإلرجاع ،كما حول المشرع للصندوق امتيازا لستعادة تلك المساعدات ،في حالة تصفية البنك،
طبقا لما تقضي به المادة 139من القانون رقم .103.12
أما بشأن مبلغ المساعدات لم يتول القانون أمر تحديدها ،بل منح وزير المالية سلطة تحديد المبلغ
الممكن تقديمه للبنك الذي تعترضه صعوبات ،وكيفية تقديم هذه .المساعدات وشروطها ،حيث
أكدت المادة الرابعة من قرار لوزير المالية والستثمارات الخارجية (آنذاك) ،يتعلق بالصندوق
الجماعي لضمان الودائع ،39على كون هذا الوزير له الصالحية في توجيه تدخل هذا الصندوق
في مجال تقديم المساعدات المالية للبنوك التي تستدعي أوضاعها ذلك .غير أن ما يالحظ على
هذه المادة كونها تركت بدورها أمر تحديد حجم مساعدات من هذا القبيل وطرق منحها لقرارات
فردية لحقة يصدرها الوزير المذكور ،بمناسبة كل حالة من حالت تعرض أحد البنوك لمشاكل
مالية يستعصي حلها تجرد العتماد على اإلمكانيات المادية الذاتية للبنك المعني ،الشيء الذي
يعد مقبول من الناحيتين المالية والقتصادية ،باعتبار أن وقت تعرض أحد البنوك ألزمة مالية،
قد يختلف عن وقت تعرض بنك آخر لذلك ،وأن مصدر هذه األزمة وطبيعتها ودرجة خطورتها
وتأثيرها على التوازن المالي للبنك الذي يعاني من صعوبة ،قد يختلف كذلك من مؤسسة بنكية
أيضا ،حينما أعطى المجلس إدارة صندوق 40
إلى أخرى .وهو ما سار عليه التشريع المصري
التأمين على ودائع البنوك العامة في مصر ،مهمة تحديد قيمة المساعدات الواجب دفعها للبنوك
38محمد الفروجي ،القانون البنكي المغربي وحماية حقوق الزبناء ،أطروحة سابقة ،ص415 .
39جاء في هذه المادة :ميحدد وزير المالية والستثمارات الخارجية مبلغ المساعدات القابلة لإلرجاع التي يمكن أتم يمنحها الصندوق
المؤسسات الئتمان التي تعترضها صعوبات وكذا كيفية إرجاعها ونسبة الفائدة المترتبة عليها إناقتضى الحال .
40في المادة 5من النظام األساسي لصندوق التأمين على الودائع بالبنوك العاملة في مصر والمسجلة لدى البنك المركزي المصري.
26
41
التي تمر بأزمات مالية.
حددت المادة 131من القانون رقم 103.12مجال ضمان الصندوق لتعويض المودعين عند
تصفية البنك ،في جميع الودائع واألموال األخرى القابلة لإلرجاع التي تجمعها مؤسسة الئتمان،
باستثناء ما تلقاه من مؤسسات الئتمان األخرى والشركات التابعة لها وأعضاء أجهزة إدارتها
ورقابتها وتسييرها والمساهمين فيها الذين يملكون على األقل %5من حقوق التصويت ،باإلضافة
إلى الودائع الملقاة من الهيئات التي تقدم الخدمات المشار إليها في المواد 7و 16وكذا الهيئات
المذكورة في المادتين ( 19البندين )( 2و23البنود 1و 2و 3و 4و 6و )7من نفس القانون.
أما بخصوص مبلغ التعويض الذي يستحقه المودع فقد حددته المادة 7من منشور والي بنك
المغرب الصادر بتاريخ 30نونبر 2006في 80.000درهم كحد أقصى ،األمر الذي من شأنه
إلحاق ضرر بالمودعين خاصة الكبار منهم ،فضال عما نصت عليه المادة 9من نفس المنشور:
يعتبر بمثابة مودع واحد ويعوض على هذا األساس - :كل شخص يتوفر على حسابات متعددة
مهما كان عددها أو طبيعتها أو أجالها أو العملة المعمورة بها.
أصحاب الحسابات المشتركة بمعنى أن كال من الصنفين سيحصل على تعويض واحد ل يتجاوز
،بحيث يحتسب مقدار 42
80.000درهم ،مما يعرض أصحاب الودائع لخطر عدم اإلرجاع
التعريض على أساس صاف بعد خصم جميع القروض أو التسهيالت التي منحتها مؤسسة الئتمان
للمودع. 43
أما بخصوص إجراءات الستفادة من التعويض ،ففي حالة تصفية أي مؤسسة بنكية يجب على
المودعين توجيه طلبات التعويض إلى المصفي ،داخل أجل ستة أشهر
41يتم في فرنسا تقديم مساعدات مالية من طرف البنوك القائدة البنك الواقع في حالة صعوبة ،وذلك بدعوة من والي بنك
فرنسا باعتباره رئيس اللجنة البنكية ،بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 52من القانون البنكي الفرنسي.
42أحمد المسرار ،مرجع سابق ،ص.138 .
43ل على هذا السقف إلى ما تضت بعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري الذي حدد السقف األقصى لبلغ الضمان
في %90من مبلغ الوديعة دون يتجاوز 100ألف جنيه مصري ،في حين يصل هذا السقف إلى 100ألف دولر في
الوليات المتحدة األمريكية وإلى 7596من قيمة الوديعة في حدود 30ألف جنيه استرليني في استراليا ،مع العلم أن أكبر
تعويض في الدول النامية تمنحه نيجيريا ويصل إلى ما يعادل 12ألف دولر ،وقد جاء المشرع التركي بحماية أكبر
للمودعين حين أعطاهم إمكانية استرداد ودائعهم بأكملها من منشروق الشمال دونأن يربط ذلك بسقف معين.
27
خاتمة
بعد النتهاء من هذا العرض الذي انصب على تحليل موضوع الوديعة وذلك من خالل الوقوف
على مختلف الجوانب الشرعية والقانونية المتعلقة بهذه األخيرة ،يتبين لنا وبجالء أهمية الودائع
بصفة عامة وبالنسبة للبنوك بصفة خاصة ،إذ أنها تعتبر من المصادر األساسية التي تتلقى منها
أموالها سواء البنوك التقليدية او التشاركية التي تعتمد باألساس على الودائع الستثمارية هذه
األخيرة التي تعتبر بديال شرعيا موافقا ألحكام الشريعة اإلسالمية.
28
الئحة المراجع
➢ قوانين ومنشورات:
➢ ظهير اللتزامات و العقود.
➢ قانون رقم 103.12المتعلق بمؤسسات الئتمان والهيئات المعبرة في حكمها.
➢ المؤلفات:
➢ عائشة الشرقاوي المالقي :البنوك اإلسالمية ،التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق ،الطبعة
األولى المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،سنة .2000
➢ تفريط معالي فضيلة الشيخ صالح بن عبد هللا بن حميد ،كتاب المعامالت المالية أصالة
ومعاصرة ،المكتبة الشاملة .
➢ لبن فارس ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،الطبعة األولى1422 ،هـ.
➢ تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري ،3/1047دار إحياء التراث العربي ،بيروت .
➢ عبد الرحمان قرمان ،العقود التجارية وعمليات الئتمان ،الطبعة الثانية ،مكتبة السفري
السعودية ,2010 ,
➢ محمد جالل سليمان :الودائع الستثمارية في البنوك السالمية ،الطبعة األولى ،المعهد
العالمي للفكر اإلسالمي ،القاهرة مصر 1996م.
➢ عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني .الجزء السابع .المجلد
األول :العقود الواردة على العمل :المقاولة والوكالة والوديعة والحراسة ،طبعة سنة
.2004
29
➢ محمد الفروجي ,العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي ،الطبعة الثانية ،سنة
.2000
➢ نورة غزلن شنيوي ,الوسيط في العقود الخاصة :العقود المدنية والتجارية والبنكية على
ضوء المستجدات التشريعية والجتهادات القضائية في القانون المدني وقانون األعمال.
الجزء األول ،الطبعة األولى1438/2017م.
❖ المقاالت:
➢ أنوار بوهالل ،سكينة ألوات" :البنوك التشاركية بالمغرب من واقع الفراغ القانوني إلى
مرحلة التقنين ،مقال منشور بالمجلة اللكترونية لألبحاث القانونية 2019العدد .4
30
الفهرس:
31
32