Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫إشكاليات الجنسية‬

‫نظرًا الختالف التش ريعات بين ال دول في مج ال الجنس ية بس بب تع يين ُأس س فرض ها ومنحه ا وفق دها‬
‫واستردادها ‪ ،‬باعتبار أن األصل لكل دولة الحرية في تنظيم ش ؤون جنس يتها بم ا يالئم ظروفه ا ومص الحها‬
‫العامة ‪ ،‬على الرغم من وجود بعض القيود ال تي تف رض على تل ك الحري ات هن اك مجموع ة من المش اكل‬
‫العملية تفضي الى ظهور ظاهرتي (انعدام الجنسية ) التي يصطلح عليها بعض الفقه بالتن ازع الس لبي ‪ ،‬على‬
‫الرغم من عدم وجود نزاع بين الدول حول هذا الشخص عديم الجنسية ‪ ،‬اال ان البعض االخر من الفقه يذكر‬
‫بأن مركزه القانوني (سلبي) لتخلي جميع الدول عنه كونه ال ينتمي ألي منها لذلك يواجه مشكلة القانون الذي‬
‫يخضع له عديم الجنسية ‪ ،‬و (تعدد الجنسية) التي يصطلح عليها بالتن ازع االيج ابي ‪ ،‬ويحص ل ه ذا التن ازع‬
‫بنوعية (السلبي وااليجابي) نتيجة الختالف قوانين تلك الدول في وضع ُأسس فرض ومنح الجنس ية ‪ ،‬فض ال‬
‫عن مشكلتي إثبات الجنسية وتحديد االختصاص القضائي في المنازعات التي تنشأ عن ذلك ‪ ،‬وفي ض وء م ا‬
‫تقدم سوف نعرض في هذه الدراسة عن تلك االشكاليات وعلى النحو االتي ‪:‬‬

‫اوال ‪:‬ـ انعدام الجنسية‬

‫ال شك ان عديم الجنسية هو الشخص الذي ال ينتمي الى دولة معينة و ال يحم ل جنس ية اي دول ة ‪ ،‬فه و‬
‫أجنبي أمام جميع الدول ‪ ،‬ويواجه مشكلة في تحديد القانون الذي يحدد حقوقه والتزامات ه ‪ ،‬والق انون ال واجب‬
‫التطبيق على حالته الشخصية في الدول التي تعتمد الجنس ية ض ابطا لتحدي د ه ذا الق انون(‪ ، )1‬ول ذلك س وف‬
‫نبحث عن أسباب انعدام الجنسية والوسائل الفقهية والدولية التي تعالج تلك الظاهرة ‪.‬‬

‫‪1‬ـ اسباب انعدام الجنسية ‪ :‬انعدام الجنسية يحصل لسببين األول من ذ والدة الش خص والث اني ق د يحص ل في‬
‫وقت الحق على والدة الشخص اي بعد تمتعه بجنسية معينة منذ والدته ‪ ،‬وسوف نعرض عن ذلك من خالل‬
‫الفقرتين االتيتين ‪:‬‬

‫أ ‪ -:‬انعدام الجنسية منذ الوالدة‬

‫إن سبب انعدام الجنس ية في ه ذه الحال ة يع ود الى اختالف االس س القانوني ة المعتم دة بين ال دول في منح‬
‫الجنسية ‪ ،‬ألن بعض التشريعات تأخذ بحق (اإلقليم) باعتباره ضابطًا أساس يًا في ف رض الجنس ية ‪ ،‬وبعض ها‬
‫اآلخر يأخذ بحق (الدم) ‪ ،‬بحيث يؤدي هذا االختالف الى انع دام الجنس ية في حال ة والدة طف ل ألب وين تأخ ذ‬
‫دولتهما بحق اإلقليم على أرض دولة تأخذ بحق الدم فيصبح الطفل في هذه الحالة عديم الجنسية منذ والدته ‪،‬‬
‫وال يحصل على جنسية الدولة المولود على إقليمها ‪ ،‬وكذلك لن يحصل على جنسية أبوي ه ‪ ،‬وأيض ًا يحص ل‬
‫االنعدام في حالة تبني مولود غير شرعي في أغلب قوانين الدول االسالمية ومنها القانون العراقي (‪.)2‬‬

‫ب ‪ -:‬انعدام الجنسية بعد الوالدة‬

‫‪ )(1‬د ‪ .‬عز الدين عبد هللا ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 586‬‬


‫‪ )(2‬د ‪ .‬عباس العبودي ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 146‬‬
‫في هذه الحالة يحصل انعدام الجنسية في وقت الحق على والدة الشخص وبعد تمتعه بجنس ية الدول ة ال تي‬
‫حصلت فيها والدته ‪ ،‬ومن ثم يفقد هذه الجنسية بأحد أسباب الفقدان التي سبق بيانه ا دون أن يكتس ب جنس ية‬
‫دولة أخرى ‪ ،‬وكذلك عندما تقوم الدولة بإسقاط جنس يتها عن أحـد رعاياه ا أو يتم س حب جنس يتها من أحـد‬
‫ال ذين اكتس ب تل ك الجنس ية بطري ق التجنس ولم يتمكن من اس تردادها ‪ ،‬وايض ًا يحص ل االنع دام في حال ة‬
‫الزواج المختلط الذي يكون سببًا في فقد الزوجة جنسيتها عندما تتزوج من زوج اجن بي ولم تكتس ب جنس يته‬
‫فتصبح عديمة الجنسية ‪ ،‬وقد يحصل االنعدام نتيجة حال ة التجنس عن دما يطلب ش خص او زوجت ه أو أوالده‬
‫الصغار األذن لهم بتغيير جنسيتهم األصلية لغرض الحصول على جنسية دولة اخ رى ويص در ق رار الدول ة‬
‫بفقدان جنسيتهم األصلية قبل اكتسابهم جنسية الدولة األجنبية ‪ ،‬فيصبح في هذه الحالة عدد منهم عديم الجنسية‬
‫‪ ،‬ويحصل االنعدام أيضًا في حالة ترك الشخص لدولته ألسباب سياسية أو أمنية أو اقتصادية أو طائفية ويقيم‬
‫في دول ة أجنبي ة م دة طويل ة من ال زمن دون أن يكتس ب جنس ية تل ك الدول ة ‪ ،‬وه ذا م ا حص ل لكث ير من‬
‫األشخاص الذين هاجروا من دولتهم األصلية الى دوٍل كثيرة ولم تمنحهم هذه الدول جنسيتها ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ -:‬وسائل حل مشكلة انعدام الجنسية‬


‫لقد حاول كل من الفقه والقانون الوطني والدولي ايجاد الحلول المناسبة التي تعالج مش كلة انع دام الجنس ية‬
‫والحد منها ‪ ،‬فضًال عن ت ذليل الص عوبات ال تي تواج ه ع ديم الجنس ية في مختل ف ش ؤون حيات ه ‪ ،‬وس نبين‬
‫تفاصيل تلك الحلول مع بيان موقف التشريعات منها وعلى النحو اآلتي‪-:‬‬

‫‪ -1‬اكتساب عديم الجنسية جنسية الدولة المقيم فيها على أساس فكرة التقادم المكسب ال تي وردت في الق انون‬
‫المدني متى أقام عديم الجنسية مدة ال تقل عن خمس سنوات في دولة معينة فإن ه يكتس ب جنس ية تل ك الدول ة‬
‫وهذه الفكرة تتعارض مع سلطة الدولة في تنظيم شؤون جنسيتها وال يمكن الزامها بذلك ‪.‬‬

‫‪ -2‬اعتماد قانون القاضي بديًال عن قانون الجنسية ‪ ،‬وهناك من اعتمد قانون جنسية آخر دولة ك ان الش خص‬
‫يحمل جنسيتها ‪ ،‬واعتمدت هذا الحل اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ 1930‬في الم ادة (‪ )6‬اذا لم يس بق حمل ه لجنس ية‬
‫يعتمد قانون مكان ميالده ‪.‬‬

‫‪ -3‬تعليق العمل بزوال الجنسية عن الش خص ال ذي ي رغب في اكتس اب جنس ية دول ة أجنبي ة ودخول ه فيه ا‬
‫فعًال ‪ ،‬وكذلك بالنسبة للمرأة المتزوجة من أجنبي ‪ ،‬وأخذت بذلك اتفاقية الهاي لع ام ‪ 1930‬في الم ادتين (‪8‬‬
‫و‪ ، )9‬حيث منعت ه ذه االتفاقي ة ال دول من تجري د جنس يتها عن أح د رعاياه ا لمج رد تقديم ه طلب األذن‬
‫بالتجنس لجنسية دولة أجنبية ‪ ،‬وعلقت األمر على تجنيسه فعًال بجنسية تلك الدولة ‪ ،‬والمرأة التي ت تزوج من‬
‫أجنبي وكذلك التي يتجنس زوجها بجنسية أجنبية ‪ ،‬فإنهما ال يفق دان جنس يتهما إال اذا تم دخ ولهن في جنس ية‬
‫الزوج ‪ .‬ونصت الم ادة (‪ )13‬من االتفاقي ة أعاله على ض رورة احتف اظ األوالد الص غار للتجنس بجنس يتهم‬
‫األصلية اذا كان قانون جنسية الدولة التي تجنس بها األب بجنسيتها ال يمنحهم هذه الجنسية تبعًا ل ه ‪ .....‬وق د‬
‫أمتثل المشّر ع العراقي بقانون الجنسية النافذ للمعايير الدولية أعاله كما سبق بيان ه في الم واد (‪)14،12،10‬‬
‫من قانون الجنسية العراقي رقم (‪ )26‬لسنة ‪ 2006‬تالفيًا للوقوع في حالة الالجنسية ‪.‬‬
‫‪ -4‬منح الجنسية الى مجه ول األب وين واللقي ط ال ذي يول د على إقليم الدول ة حماي ة ل ه من الوق وع في حال ة‬
‫الالجنس ية ‪ ،‬وأخ ذت ب ذلك اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ 1930‬في الم واد (‪14‬و‪ ، )15‬حيث نظمت حال ة اللقي ط‬
‫ومجهول األب أو المولود ألبوين عديمي الجنسية ‪ ،‬فأوجبت منحهما جنس ية الدول ة ال تي ح دثت فيه ا واقع ة‬
‫الميالد ‪ ،‬وقد أخذ بهذا الحل المشّر ع العراقي أيضًا في المادة (‪ /3‬ب) ‪.‬‬

‫‪ -5‬عدم اسقاط الجنسية عن الم واطن ‪ ،‬وق د ورد ذل ك في الدس تور الع راقي بحس ب الم ادة (‪ /18‬ثالث ًا ‪ /‬أ)‬
‫وال تي م َّر بيانه ا ‪ ،‬حيث ورد فيه ا "يحظ ر اس قاط الجنس ية العراقي ة عن الع راقي ب الوالدة ألي س بب من‬
‫األسباب ‪. "....‬‬

‫‪ -6‬الحل الذي كان أكثر استقرارًا على مستوى الفقه والقضاء والتشريع هو اعتم اد فك رة الجنس ية (الفعلي ة)‬
‫المعتمدة بالنسبة للش خص متع دد الجنس يات ‪ ،‬وه ذا يع ني اعتم اد المك ان الفعلي للش خص ع ديم الجنس ية ‪،‬‬
‫وجنسية مكان تلك الدولة تعتبر الجنسية المفترضة للشخص عديم الجنس ية وقانونه ا ه و الق انون ال ذي يجب‬
‫تطبيقُه على تحديد حقوقه والتزاماته ونظامه القانوني المتعلق بحالته الشخص ية ‪ ،‬وه و الح ل ال ذي اعتمدت ه‬
‫اتفاقية جنيف لعام ‪ ، 1951‬وأيضًا اعتمدته اتفاقية نيويورك لعام ‪ 1954‬بشأن وضع ع ديمي الجنس ية حيث‬
‫أكدت المادة (‪ )12/1‬منها على أنه "تخضع االحوال الشخصية لعديم الجنسية لق انون موطن ه أو لق انون بل د‬
‫إقامته إن لم يكن له موطن " ‪ ،‬وهو ما أخذ ب ه المش ّر ع الع راقي في الق انون الم دني رقم ‪ 40‬لس نة ‪1951‬‬
‫المادة ‪ 33/1‬والتي جاء فيها " تعين المحكمة القانون الذي يجب تطبيقه في حالة األشخاص ال ذين ال تع رف‬
‫لهم جنسية أو تثبت لهم جنسيات متعددة في وقت واحد " ‪ ،‬وأيضًا أشارت ل ذات المع نى الم ادة (‪ )19/1‬من‬
‫قانون العقوبات العراقي النافذ رقم (‪ )111‬لسنة ‪ 1969‬المعدل والتي جاء فيها " الم واطن ه و أحـد رعاي ا‬
‫جمهورية العراق ويعتبر في حكم المواطن من ال جنسية له اذا كان مقيمًا في الجمهورية " ‪.‬‬

‫وفي ضوء ما تقدم يمكن القول بأن جميع ما ُذ كر من حلول تعتبر وسائل لمعالج ة ظ اهرة انع دام الجنس ية‬
‫في المجتمعات الدولية ‪ ،‬وعلى الرغم من أنه ا خففت من تل ك الظ اهرة إال أنه ا ال ت زال موج ودة في بعض‬
‫الدول ‪ ،‬كذلك نجد بأن المشّر ع العرقي قد أخذ بجميع الحلول الفقهية والدولية لمنع وق وع الش خص في حال ة‬
‫الالجنسية ‪.‬‬

‫مشكلة تعدد الجنسية ( التنازع االيجابي )‬ ‫ثانيًا ‪:‬‬


‫للكالم عن مشكلة تعدد الجنسية او التن ازع االيج ابي للجنس يات يقتض ي معرف ة أس باب التع دد ومن ثم‬
‫معرفة الحلول المعتمدة في حل تلك المشكلة وفقا لما يأتي ‪:‬‬

‫‪ُ -1‬ت عد ظاهرة تعدد الجنسيات من أهم الظواهر التي تثير الكثير من المشاكل في الحياة العملية للفرد والدولة‬
‫لما يترتب عليها من نتائج خطيرة ‪ ،‬منها ما يتمتع به من حقوق وما يقع على عاتقه من التزامات تجاه الدول ة‬
‫التي يحمل جنسيتها ‪ ،‬وتعدد الجنسية يعني ان يكتسب الشخص جنسية دول تين او أك ثر وُيع د من رعاي ا ك ل‬
‫دول ة يحم ل جنس يتها ‪ ،‬ويطل ق على من يحم ل جنس يتين بأن ه (م زدوج الجنس ية ) ‪ ،‬ومن يحم ل اك ثر من‬
‫جنسيتين ( متعدد الجنسية ) ‪ ،‬وهذا التعدد يظهر نتيجة اختالف األسس المعتم دة لك ل دول ة في ف رض ومنح‬
‫جنسيتها ‪ ،‬وهذا االختالف يؤدي الى تعدد الجنسية تارة والى انع دام الجنس ية ت ارة اخ رى ‪ ،‬وتع دد الجنس ية‬
‫يتعارض مع ما تهدف ل ه االتفاقي ات الدولي ة ومنه ا اتفاقي ة اله اي لع ام ‪ 1930‬ال تي ته دف بالقض اء على‬
‫ظاهرتي تعدد وانعدام الجنسية ‪ ،‬لذلك نجد جمي ع فقه اء الق انون ال دولي الخ اص ي ذهبون الى الح د من تل ك‬
‫الظاهرة لما لها من آثار مقلقة للمراكز القانونية لألشخاص أمام الجهات االدارية والقضائية وللنظام الق انوني‬
‫الذي يخضع له ‪ ،‬خاصة في مجال تنازع الق وانين وفي مج االت اخ رى ك الوالء والم يراث وال زواج ودف ع‬
‫الضرائب وأداء الخدمة العسكرية ‪ ،‬مما يؤدي الى ت راكم التزام ات الش خص متع دد الجنس ية الس يما عن دما‬
‫تكون الدولتين التي يحمل جنسيتها الشخص في حالة ح رب(‪ ،)3‬الن حال ة التع دد تعطي الدول ة ال تي يحم ل‬
‫جنسيتها الش رعية بح ق الس يادة علي ه باعتب اره من مواطنيه ا وه و الحكم ال ذي اعطت ه اتفاقي ة اله اي لع ام‬
‫‪ 1930‬بموجب المادة (‪ )3‬التي جاء فيها " اذا كان الشخص يحمل جنسية دول تين او اك ثر فإن ه يمكن لك ل‬
‫دولة من هذه الدول ان تعده من مواطنيها " ‪ ،‬أما اسباب تعدد الجنسية فهي ال تختلف عن االسباب التي سبق‬
‫بيانها عن حالة انعدام الجنسية ‪ ،‬وهذا يعني ان التعدد يحصل منذ والدة الشخص ‪ ،‬وايضا يحص ل التع دد في‬
‫وقت الح ق على والت ه وتج در االش ارة ب أن بعض التش ريعات لم تنظم حال ة تع دد الجنس ية للح د من ه ذه‬
‫الظاهرة ومنها قانون الجنسية الملغي رقم (‪ )43‬لسنة ‪ 1963‬بحسب لمواد ( ‪ ) 18 ، 12 ، 11‬منه ‪ ،‬حيث‬
‫أكد المشرع على فقد الشخص لجنسيته في حالة اكتسابه جنسية دولة اخرى ‪ ،‬اال ان المش رع الع راقي ع دل‬
‫عن ذلك وسمح بتعدد الجنسية من خالل تأكيده على عدم فق دان الع راقي جنس يته العراقي ة في حال ة اكتس ابه‬
‫جنسية دولة اجنبية اخرى باختياره بحسب المواد ( ‪ ) 12 ، 10‬سالفتي الذكر من قانون الجنسية النافذ رقم‬
‫(‪ )26‬لسنة ‪ ، 2006‬وأساس ذلك المادة (‪ /18‬رابعا) من دستور جمهورية العراق لع ام ‪ 2005‬ال تي ج اء‬
‫فيها " يجوز تعدد الجنسية للعراقي ‪ ،‬وعلى من يتولى منص با س ياديا او أمني ا رفيع ا التخلي عن أي ة جنس ية‬
‫أخرى مكتسبة ‪ ،‬وينظم ذلك بقانون " ‪ ،‬ولم يتحقق الشطر الثاني من هذه المادة كون الذين يحمل ون اك ثر من‬
‫جنسية ال زالوا يشغلون المناصب السيادية واالمنية ‪ ،‬ولم يصدر قانون يحدد تلك المناصب ويل زم م زدوجي‬
‫او متعددي الجنسية التخلي عن جنسيتهم االجنبية في حالة توليه اي منص ب س يادي وام ني رفي ع في الدول ة‬
‫العراقية وكذلك لم يتم تحديد تلك المناصب حتى يومنا هذا (‪.)4‬‬

‫‪ -2‬الحلول المعتمدة في تحديد القانون الذي يحكم متعدد الجنسية ( التنازع االيج ابي للجنس يات) ال ش ك ان‬
‫مشكلة تعدد الجنسية تظهر عن دما يحص ل تن ازع بين ق انون دول تين او ك ثر يمكن تطبيق ه على ح ل مش كلة‬
‫متعدد الجنسية ‪ ،‬وخاصة في مس ائل االح وال الشخص ية ‪ ،‬ل ذلك س وف نع رض عن اهم الوس ائل المعتم دة‬
‫والتي استقر عليها الفقه واالخذ بها من قبل القضاء لحل مشكلة تنازع الجنسيات و كاالتي ‪:‬‬

‫أ ـ اذا كانت جنسية القاضي من بين الجنسيات المتعددة ‪ :‬يخضع الشخص وطنيا ك ان أم أجنبي ا لق انون دول ة‬
‫القاضي (القضاء الوطني ) وه و م ا اخ ذ ب ه المش رع الع راقي في الم ادة ( ‪ ) 33‬س الفة ال ذكر من الق انون‬

‫‪ )(3‬لقد واجه المدعو تومي كواكيتا الذي يحمل الجنسية االمريكية واليابانية االدان ة بتهم ة الخيان ة العظمى من قب ل المحكم ة‬
‫العليا في الواليات المتحدة سنة ‪ 1954‬لمحاربته في صفوف الجيش الياباني ضد الجيش االم ريكي ب الرغم من كون ه ام ريكي‬
‫ولم تعتد المحكمة بالجنسية اليابانية ‪ ،‬اال ان البروتوكول الخاص بااللتزام ات العس كرية الملح ق باتفاقي ة اله اي لع ام ‪1930‬‬
‫وبحسب مادته االولى الى جانب اتفاقية مجلس أوربا لع ام ‪ 1962‬اوجب على متع دد الجنس ية اداء الخدم ة العس كرية لحس اب‬
‫الدولة التي يقيم فيها ويرتبط معها ارتباط فعلي ‪ ،‬وهذا يعني ان اداءه للخدمة العسكرية يك ون م برئ للذم ة في مواجه ة بقي ة‬
‫الدول التي يحمل جنسيتها ‪ ،‬لذلك حسمت بعض الدول خالفتها في ه ذه المس الة كم ا حص ل في قض ية كارليي ه بين فرنس ا و‬
‫بلجيكا ‪. 1860‬‬
‫‪ )(4‬تجدر االشارة بأن قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (‪...... )1077‬‬
‫المدني رقم (‪ )40‬لسنة ‪ ، 1951‬كذلك فإن المحاكم العراقية تطبق القانون العراقي بحق من يحم ل الجنس ية‬
‫العراقية وجنسية دولة أجنبية (‪ ،)5‬وهذا يعني ان قانون القاضي هو الذي يحكم النزاع بحق من يحمل الجنسية‬
‫العراقية واالجنبية ‪.‬‬

‫ب ـ اذا لم تكن جنسية القاضي من بين الجنسيات المتعددة ‪ :‬الفرض في ه ذه الحال ة عن دما ال يك ون لجنس ية‬
‫دول ة القاض ي عالق ة بتحدي د الق انون ال ذي يحكم الجنس ية ‪ ،‬ويجب على القاض ي ح ل ال نزاع ب الطرق‬
‫الدبلوماسية او بترجيح الجنسية السابقة على غيرها او االخذ بجنسية الدولة التي يكون فيه ا م وطن المتن ازع‬
‫لتحديد القانون الذي يحكم جنسيته ‪ ،‬اال ان الرأي الراجح هو االخذ بالجنسية الفعلية ‪ ،‬وهي الجنس ية الحقيقي ة‬
‫للشخص التي يمكن معرفتها عن طريق البحث عن ظروف وواق ع ك ل حال ة يس تدل عليه ا من خالل جمل ة‬
‫وقائع تعكس وجوده ا منه ا إداء الخدم ة العس كرية ‪ ،‬دف ع الض رائب والرس وم ‪ ،‬االقام ة ‪ ،‬ممارس ة حقوق ه‬
‫المدنية والسياسية ‪ ،‬توظيف ‪ ،‬زواج ‪ ،‬تحدثه اللغة الرسمية للدولة ‪ ،‬االشتراك في خدمة اله اتف وغيره ا من‬
‫االمور والوقائع التي يمكن اعتبارها الجنسية الفعلية او الواقعية للشخص (‪ .)6‬وهذا الحكم في المادة (‪)1 /33‬‬
‫من الق انون الم دني الع راقي وال تي نص ت على " تعين المحكم ة الق انون ال ذي يجب تطبيق ه في حال ة‬
‫االشخاص الذين ال تعرف لهم جنسية او الذين تثبت لهم جنسيات متع ددة في وقت واح د " ‪ ،‬واعتم دت ذل ك‬
‫اغلب التشريعات العربية واالجنبية ‪.‬‬

‫ج ـ اذا كان النزاع معروض امام محكمة دولية ‪ :‬نجد ان المحاكم الدولية تأخذ بفكرة الجنس ية الفعلي ة عن دما‬
‫تع رض عليه ا المنازع ات لألش خاص ال ذين يحمل ون اك ثر من جنس ية ‪ ،‬ل ذلك نج د ان القض اء ال دولي ق د‬
‫استجاب لهذا االتجاه من خالل عدة قضايا عرضت على المحاكم الدولية ومنها محكمة العدل الدولي ة بحس ب‬
‫المادة (‪ )3‬من نظامها االساسي ‪ ،‬وكذلك محكمة التحكيم الدولي في الهاي ‪ ،‬كذلك المح اكم الدولي ة االخ رى‬
‫في امريكا وبريطانيا (‪.)7‬‬

‫ووفقا لما تقدم نلخص القول الى نتيجة هي اعتماد مبدأ الجنسية الفعلية في ظل ظهور نزاع يتعلق‬
‫بشخص مزدوج او متعدد الجنسية مطروح أمام القضاء الدولي او الوطني لدولة ليس لها عالقة بهذا النزاع‬
‫كونها الجنسية التي تحقق أهداف القواعد القانونية التي وضعت من اجل ذلك‪ ،‬فضال عن ذلك فإن هذا المبدأ‬
‫(الجنسية الفعلية) يحقق االمن القانوني لحماية االفراد ومصالحهم‪.‬‬

‫‪ )(5‬راجع الفقرة ثانيًا من المادة العاشرة من قانون الجنسية العراقي النافذ رقم (‪ )26‬لسنة ‪ ، 2006‬كذلك المادة ثانيا من اتفاقية‬
‫الهاي لعام ‪. 1930‬‬
‫‪ )(6‬ينظر د‪ .‬عبد الرسول عبد الرضا ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪ ، 143‬كذلك د ‪ .‬عباس العبودي ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪ 155‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬
‫‪ )(7‬لمعرفة المزيد من القضايا التي عرضت على المح اكم الدولي ة ‪ ...‬انظ ر د ‪ .‬حفيظ ة الس يد الح داد ‪ ،‬م دخل الى الجنس ية‬
‫ومركز االجانب ‪ ،‬االسكندرية ‪ ، 2007 ،‬ص ‪ 68‬وما بعدها ‪ ، .‬د‪ .‬عبد الرسول عبد الرضا المص در نفس ه ‪ ،‬ص ‪ ، 145‬د‪.‬‬
‫عباس العبودي ‪ ،‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪ 155‬وما بعدها ‪.‬‬

You might also like