‎⁨¤ العشر الأواخر من رمضان ¤⁩

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 34

‫العشر األواخر‬

‫فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان‬


‫مأخو ٌذ من خمتصر «لطائف املعارف» لإلمام ابن رجب ‪‬‬

‫إعداد‬
‫حممد بن سليمان املهنا‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫اجمللس الرابع‬
‫‪ J‬يف ذكر العشر األواخ ِر من رمضان ‪L‬‬
‫ُ‬
‫رسول‬ ‫كان‬
‫ت‪َ :‬‬‫حيحين‪ :‬عن عائِ َش َة ‪‬؛ قا َل ْ‬
‫ِ‬ ‫الص‬
‫يف َّ‬
‫وأي َق َظ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫لي‬ ‫يا‬ ‫وأح‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫مئ‬ ‫د‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫؛‬ ‫العشر‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫إذا‬ ‫اهلل ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬
‫ي‪.‬‬
‫خار ّ‬‫لفظ ال ُب ِ‬
‫أه َل ُه‪ .‬هذا ُ‬

‫المئزر(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫وش َّد‬ ‫وأي َق َظ أه َل ُه َ‬
‫وج َّد َ‬ ‫مسلم‪ :‬أحيا َ‬
‫الليل ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ولفظ‬

‫بي ‪‬‬ ‫لمسلم عنها؛ قا َل ْ‬ ‫ٍ‬


‫كان النَّ ُّ‬
‫ت‪َ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫رواية‬ ‫ويف‬
‫يجتهد يف العشرِ األواخرِ ما ال َي ْج َت ِه ُد يف غيرِ ِه‪.‬‬

‫رمضان‬
‫َ‬ ‫األواخر ِمن‬
‫َ‬ ‫العشر‬
‫َ‬ ‫بي ‪َ ‬ي ُخ ُّص‬ ‫كانَ ال َّن ُّ‬
‫الشهرِ‪.‬‬‫بأعمال ال َي ْع َم ُلها يف بق َّي ِة َّ‬
‫ٍ‬

‫الليل‪.‬‬
‫فمنها‪ :‬إحيا ُء ِ‬
‫الليل ك ِّل ِه‪.‬‬ ‫ف ُي ْحت ََم ُل َّ‬
‫أن المرا َد إحيا ُء ِ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2024‬ومسلم (‪.)1174‬‬


‫‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫الليل إحيا َء غالبِ ِه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫بإحياء ِ‬ ‫أن ُيريد‬‫و ُي ْحت ََم ُل ْ‬
‫و ُي َؤ ِّي ُد ُه ما يف «صحيح مسلم»‪ :‬عن عائِ َشةَ؛ قا َل ْ‬
‫ت‪ :‬ما أع َل ُم ُه‬
‫‪ ‬قا َم ليل ًة ح َّتى َّ‬
‫الصباحِ (‪.)1‬‬

‫يب كا َن يو ِق ُظ أهلَ ُه َّ‬


‫للصال ِة يف ليالي العش ِر دو َن‬ ‫أن َّ‬
‫الن َّ‬ ‫ومنها‪َّ :‬‬
‫غري ِه ِمن الليالي‪.‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫أن‬
‫األواخ ُر ْ‬ ‫العشر‬
‫ُ‬ ‫إلي إذا َد َخ َل‬
‫أحب َّ‬ ‫وري‪ُّ :‬‬‫قال ُس ْفيانُ ال َّث ُّ‬
‫وولده إلى الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالليل ويج َت ِه َد ِ‬
‫الة‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫أه‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫وي‬
‫ُ‬ ‫فيه‬ ‫ِ َ ْ‬ ‫َي َت َه َّج َد‬
‫إن أطاقوا َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫ْ‬
‫كان َي ْط ُر ُق فاطِ َم َة‬
‫بي ‪ ‬أ َّن ُه َ‬ ‫وقد َص َّح ِ‬
‫عن ال َّن ِّ‬
‫قومان ف ُت َص ِّل ِ‬
‫يان»(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فيقول ُلهما‪« :‬أال َت‬ ‫و َعل ًّيا ليالً‬
‫أن ُيوتِر‪.‬‬ ‫يوق ُظ عائِ َش َة بالليلِ إذا قضى ُّ‬
‫تهج َد ُه وأرا َد ْ‬ ‫وكانَ ِ‬
‫صاحبه للص ِ‬
‫الة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجين‬ ‫إيقاظ ِ‬
‫أحد ال َّز‬ ‫ِ‬ ‫رغيب يف‬
‫َ ُ َّ‬ ‫وو َر َد ال َّت ُ‬
‫َ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)746‬‬


‫((( تقدَّ م تخريجه‪ ،‬وهو يف الصحيحين‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫وجه ِه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الماء يف ِ‬ ‫ونضحِ‬
‫كان ُيص ِّلي ِمن ِ‬
‫الليل‬ ‫اب َ‬‫الخ َّط ِ‬
‫بن َ‬‫عم َر َ‬
‫أن َ‬ ‫ّ‬
‫«الموطأ»‪َّ :‬‬ ‫ويف‬
‫ِ‬
‫الليل؛ ْأي َق َظ أه َل ُه‬ ‫ُ‬
‫نصف‬ ‫أن ُي َص ِّل َي‪ ،‬ح َّتى إذا َ‬
‫كان‬ ‫ما شا َء اهللُ ْ‬
‫هذه اآليةَ‪ ﴿ :‬ﮰ‬ ‫يقول لهم‪ :‬الصال َة الصالةَ‪ ،‬وي ْتلو ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫للص ِ‬
‫الة‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﴾ [طه‪.]132:‬‬

‫ب‬ ‫قول ل ُه بالليلِ ‪ :‬قد َذ َه َ‬ ‫حبيب أبي ُم َح َّم ٍد َت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ت امرأ ُة‬ ‫كا َن ِ‬
‫الحين‬
‫َ‬ ‫الص‬ ‫ُ‬
‫وقوافل َّ‬ ‫بعيد‪ ،‬وزا ُدنا ٌ‬
‫قليل‪،‬‬ ‫طريق ٌ‬ ‫وبين أيدينا ٌ‬ ‫الليل‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ونحن قد َب ِقينا!‬ ‫ُ‬ ‫قد َامنا‪،‬‬ ‫سار ْت َّ‬‫قد َ‬
‫الم ْو ِع ُد‬ ‫ُق ْم يا َحبيبِي َق ْد َدنا َ‬ ‫��د‬ ‫َ��م َت ْر ُق ُ‬ ‫ي��ا نائِ ًمـ��ا بِال َل ْي ِ‬
‫��ل ك ْ‬
‫اللي��ل وأوقاتِ ِ‬ ‫و ُخ ْ ِ‬
‫ِو ْر ًدا إذا م��ا َه� َ‬
‫�ج� َ�ع ال� ُّ�ر َّق� ُ�د‬ ‫��ه‬ ‫ِ َ ْ‬ ‫��ن‬
‫��ذ م َ‬ ‫َ‬
‫المنْ ِز َل ْأو َي ْج َه ُد‬ ‫�م َي ْب ُل ِغ َ‬
‫َل� ْ‬ ‫َم��ن نَ��ا َم َح َّت��ى َينْ َق ِض��ي َل ْي ُل ُه‬

‫يب ‪ ‬كا َن َي ُش ُّد املئز َر‬ ‫أن َّ‬


‫الن َّ‬ ‫ومنها‪َّ :‬‬
‫شد ِة‬
‫هو كناي ٌة عن َّ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫فمنهم َمن َ‬ ‫واخت ََلفوا يف تفسي ِر ِه‪ُ :‬‬‫ْ‬
‫ِ‬ ‫واجتهاد ِه يف‬
‫ِ‬ ‫ِج ِّد ِه‬
‫فالن َي ُش ُّد وس َط ُه َ‬
‫وي ْسعى‬ ‫قال‪ٌ :‬‬ ‫العبادة‪ ،‬كما ُي ُ‬
‫‪5‬‬
‫‪5‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫وش َّد المئزر»‪،‬‬ ‫«ج َّد َ‬ ‫نظر؛ فإنَّها قا َل ْ‬ ‫ِ‬


‫ت‪َ :‬‬ ‫يف كذا‪ .‬وهذا فيه ٌ‬
‫جد ِه‪.‬‬
‫المئزر على ِّ‬
‫َ‬ ‫شد‬
‫ت َّ‬ ‫ف َع َط َف ْ‬
‫الس ُ‬
‫لف‬ ‫َ‬ ‫أن المراد اعتزا ُله للنِّ ِ‬
‫فس َر ُه َّ‬
‫وبذلك َّ‬ ‫ساء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حيح َّ‬‫والص ُ‬
‫َّ‬
‫مون‪.‬‬
‫المتقد َ‬
‫ِّ‬ ‫واألئم ُة‬
‫َّ‬
‫األواخر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫العشر‬
‫َ‬ ‫بي ‪ ‬غال ًبا َي ْعت َِك ُف‬ ‫وقد كانَ ال َّن ُّ‬
‫ساء بالنَّ ِّص واإلجماعِ‪ ،‬وقد‬ ‫قربان النِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممنوع ِمن‬ ‫ُ‬
‫والمعتكف‬
‫ٌ‬
‫لف يف تفسيرِ قولِ ِه ت َعا َلى‪ ﴿ :‬ﭫ ﭬ‬ ‫قال طائف ٌة ِمن الس ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫القدر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﴾ [البقرة‪ :]187:‬إ َّنه طلب ِ‬
‫ليلة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ساء يف ليالي‬ ‫أن اهلل تعا َلى لما أباح مباشر َة ال ِّن ِ‬ ‫ذلك َّ‬ ‫والمعنى يف َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫األسود؛ َأم َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخيط‬ ‫األبيض ِمن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الخيط‬ ‫أن َي َتب َّي َن‬ ‫الصيا ِم إلى ْ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫طول‬ ‫المسلمون يف‬
‫َ‬ ‫القدر‪ ،‬لئالَّ َي ْش َت ِغ َل‬ ‫ِ‬ ‫بطلب ِ‬
‫ليلة‬ ‫ِ‬ ‫َم َع َ‬
‫ذلك‬
‫القدر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الشهرِ باالستمتا ِع المباحِ فيفو ُتهم طلب ِ‬
‫ليلة‬ ‫ليالي َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫خصوصا‬ ‫ً‬ ‫هج ِد ِمن ِ‬
‫الليل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القدر بال َّت ُّ‬
‫بطلب ِ‬
‫ليلة‬ ‫ِ‬ ‫مع َ‬
‫ذلك‬ ‫فأم َر َ‬ ‫َ‬
‫بي‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫كان‬
‫َ‬ ‫نا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫فم‬‫القدر‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫المرجو فيها ليل ُة‬ ‫يف الليالي‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ثم‬ ‫رمضان‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫العشرين ِمن‬
‫َ‬ ‫أهل ِه يف‬ ‫‪ ‬يصيب ِمن ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫لطلب ِ‬
‫القدر يف العشرِ األواخرِ‪.‬‬ ‫ليلة‬ ‫ِ‬ ‫وي َت َف َّر ُع‬ ‫َي ْع َت ِز ُل نسا َء ُه َ‬
‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫العشاءين‬
‫ِ‬ ‫ومنها‪ :‬اغتسا ُل ُه ‪ ‬ب َ‬
‫ني‬
‫ِ‬ ‫بن َس َل َم َة‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ويل‬ ‫كان ثابِت ال ُبنان ُّي ُ‬
‫وح َم ْي ٌد ال َّط ُ‬ ‫وقال َح َّم ُاد ُ‬
‫ِ‬ ‫يل َب ِ‬
‫المسجد بالنَّضوحِ‬
‫َ‬ ‫وي َط ِّي َ‬
‫بون‬ ‫أحسن ثيابِ ِهما َ‬
‫وي َتط َّيبان ُ‬ ‫َ‬ ‫سان‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القدر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الليلة التي ُت ْرجى فيها ليل ُة‬ ‫والد ِ‬
‫خنة(‪ )1‬يف‬ ‫ُّ‬
‫الداري ح َّل ٌة ْاش َتراها ِ‬ ‫ثابت ال ُبنانِ ُّي‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫بألف‬ ‫كان ل َتمي ٍم َّ ِّ‬ ‫وقال ٌ‬
‫ِ‬
‫القدر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الليلة التي ُي ْرجى فيها ليل ُة‬ ‫كان َي ْل َب ُسها يف‬
‫درهمٍ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫القدر‬ ‫ب يف الليالي التي ُت ْرجى فيها ليل ُة‬ ‫ف َت َب ّي َن بهذا أ َّن ُه ُي ْس َت َح ُّ‬
‫ِ‬
‫الحسن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واللباس‬ ‫بالغسل وال ِّط ِ‬
‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ال َّتن ُّظ ُ‬
‫ف وال َّت َز ُّي ُن وال َّتط ُّي ُ‬
‫أخذ ال ِّز ِ‬
‫ينة‬ ‫وكذلك ُي ْش َر ُع ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫واألعياد‪.‬‬ ‫ذلك يف الجم ِع‬ ‫كما ُي ْش َر ُع َ‬
‫قال تعا َلى‪ ﴿ :‬ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ياب يف سائرِ الص ِ‬
‫لوات‪ ،‬كما َ‬ ‫بال ِّث ِ‬
‫َّ‬

‫((( النَّضوح‪ :‬طيب سائل ُيرش على فرش المسجد وأرض َّياته‪ .‬والدُّ خنة‪ :‬هي‬
‫البخور الذي ُيط َّيب به البيت أو المسجد‪ .‬وقد رأيت المداخن “المباخر”‬
‫يف رمضان الماضي ‪1436‬هـ تجوب أرجاء المسجد النبوي الشريف يف‬
‫كل ليلة مرتين‪ :‬األولى قبل صالة العشاء‪ ،‬واألخرى قبل صالة قيام الليل‬
‫بعد منتصف الليل يف العشر األواخر‪ ،‬وكان الناس يفرحون بدخول تلك‬
‫المباخر‪ ،‬فإن الطيب سبب النشراح الصدر وتجدد النشاط‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪7‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫أن ُي َت َز َّي َن ل ُه‪.‬‬ ‫ابن ُع َم َر‪ :‬اهللُ ّ‬


‫أحق ْ‬ ‫ﭗ ﭘ ﴾ [األعراف‪َ .]31:‬‬
‫وقال ُ‬
‫وي ْروى عن ُه مرفو ًعا‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإلنابة‬ ‫الباطن بال َّت ِ‬
‫وبة‬ ‫ِ‬ ‫زي ِن‬ ‫الظ ِ‬
‫وال َي ْك ُم ُل ال َّت َز ُّي ُن َّ‬
‫اه ُر إالَّ ب َت ُّ‬
‫فإن زين َة‬ ‫ِ‬
‫وأوضارها؛ َّ‬ ‫الذ ِ‬
‫نوب‬ ‫ِ‬
‫أدناس ُّ‬ ‫إلى اهلل ِ وتطهيرِ ِه ِمن‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الباطن ال ُتغْني شي ًئا‪َ .‬‬
‫قال اهللُ تعالى‪﴿ :‬ﭴ‬ ‫ِ‬
‫خراب‬ ‫ال َّظاهرِ َ‬
‫مع‬
‫ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﴾ [األعراف‪]26:‬‬

‫كان ِ‬
‫كاسيا‬ ‫َت َق َّل َب ُع ْريانًا َو ْ‬
‫إن َ‬ ‫الم ْرؤُ َل ْم َي ْل َب ْس ثِيا ًبا ِم َن ال ُّتقى‬
‫إذا َ‬

‫ظاهر ُه‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الخلوات إ َّال َمن َز َّي َن‬ ‫ِ‬
‫الملوك يف‬ ‫ِ‬
‫لمناجاة‬ ‫ال َي ْص ُل ُح‬
‫ِ‬ ‫وباط َن ُه َ‬
‫ملك الملوك الذي َي ْع َل ُم ِّ‬
‫الس َّر‬ ‫خصوصا َ‬ ‫ً‬ ‫وط َّه َر ُهما‪،‬‬
‫صوركُم وإنَّما َينْ ُظ ُر إلى قلوبِكُم‬ ‫ِ‬ ‫وهو ال َينْ ُظ ُر إلى‬‫وأخفى‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫باللباس‬ ‫ظاهر ُه‬ ‫له‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ز‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ف‬ ‫؛‬ ‫ف بين ِ‬
‫يديه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫فم‬ ‫ُم‪،‬‬
‫ك‬ ‫وأعمالِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بلباس ال َّتقوى‪.‬‬‫ِ‬ ‫وباطنَ ُه‬

‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ُ‬
‫االعتكاف‬ ‫ومنها‪:‬‬
‫بي ‪‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫؛‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫حيحين‪ :‬عن عائِ‬
‫ِ‬ ‫الص‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪‬‬ ‫ففي َّ‬
‫رمضان ح َّتى َت َو َّفا ُه اهللُ(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫األواخر ِمن‬
‫َ‬ ‫العشر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫كان يع َتكِ‬
‫َ َْ‬
‫ُ‬
‫رسول‬ ‫كان‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫خاري»‪ :‬عن أبي ُه َر ْي َرةَ؛ َ‬
‫ِّ‬ ‫ويف «صحيح ال ُب‬
‫كان‬
‫فلما َ‬
‫رمضان عشر َة َّأيامٍ‪َّ ،‬‬‫َ‬ ‫ف يف ِّ‬
‫كل‬ ‫اهلل ِ ‪َ ‬ي ْع َتكِ ُ‬
‫عشرين(‪.)2‬‬ ‫َف‬ ‫العام الذي ُقبِ َض ِ‬
‫فيه‪ ،‬اع َتك َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ب‬ ‫وإ َّنما كانَ َي ْعت َِك ُف ‪ ‬يف هذه العشرِ التي ُي ْط َل ُ‬
‫ِ‬
‫لمناجاة‬ ‫القدر قط ًعا ألشغالِ ِه وتفريغًا لبالِ ِه وتخ ِّل ًيا‬ ‫ِ‬ ‫فيها ليل ُة‬
‫حصيرا‬ ‫ر‬ ‫ج‬‫ِ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫وكان‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫رب ِه وذكرِ ِه ودعائِ ِ‬
‫ه‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫ِّ‬
‫بهم‪.‬‬ ‫اس فال ُيخالِ ُط ُهم وال َي ْش َت ِغ ُل ِ‬ ‫َي َت َخ َّلى فيها ِ‬
‫عن النَّ ِ‬

‫ب ل ُه‬
‫أن المعتكف ال ُي ْس َت َح ُّ‬‫أح َم ُد إلى َّ‬
‫اإلمام ْ‬
‫ُ‬ ‫ولهذا َذ َه َب‬
‫ُ‬
‫األفضل‬ ‫قرآن‪ِ ،‬‬
‫بل‬ ‫ِ‬
‫وإقراء ٍ‬ ‫مخالط ُة ال َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬ح َّتى وال لتعلي ِم عل ٍم‬

‫((( تقدَّ م تخريجه‪.‬‬


‫((( تقدَّ م تخريجه‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪9‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫بمناجاة ر ِّب ِه وذكرِ ِه ودعائِ ِه‪.‬‬


‫ِ‬ ‫بنفس ِه وال َّتخ ِّلي‬
‫له االنفراد ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫المساجد‪،‬‬ ‫االعتكاف يف‬
‫ُ‬ ‫فالخلو ُة المشروع ُة لهذه األ َّمة َ‬
‫هي‬
‫خصوصا يف العشرِ األواخرِ من ُه‪،‬‬
‫ً‬ ‫رمضان‪،‬‬
‫َ‬ ‫خصوصا يف شهرِ‬
‫ً‬
‫بي ‪َ ‬ي ْف َع ُل ُه‪.‬‬
‫كان النَّ ُّ‬
‫كما َ‬
‫ِ‬
‫الخالئق‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫العالئق ِ‬ ‫ِ‬
‫االعتكاف وحقيق ُت ُه‪ :‬قطع‬ ‫فمعنى‬
‫ت المعرف ُة باهلل ِ والمح َّب ُة‬ ‫الخالق‪ ،‬وك َّلما َقوي ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخدمة‬ ‫لال ِّت ِ‬
‫صال‬
‫االنقطاع إلى اهلل ِ َتعالى بالكل َّي ِة‬
‫َ‬ ‫ت صاح َبها‬ ‫نس ِبه‪ْ ،‬أو َر َث ْ‬
‫ل ُه واألُ ُ‬
‫كل ٍ‬
‫حال‪.‬‬ ‫على ِّ‬
‫***‬
‫للعابدين ْاش َهدي‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫القدر!‬ ‫يا ليل َة‬
‫واس ُج ِدي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القانتين! اركَعي لر ِّبك ْ‬
‫َ‬ ‫يا أقدا َم‬
‫واج َت ِه ِدي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ائلين! ُج ِّدي يف المسألة ْ‬
‫الس َ‬ ‫يا ألسن َة َّ‬
‫ُر َّب دا ٍع ال ُي�����ر ُّد‬ ‫��دوا‬ ‫ج����ال ال�� َّل�� ْي ِ‬
‫��ل ج� ُّ‬ ‫َ‬ ‫ي��ا ِر‬
‫���ن َل���� ُه َع����� ْز ٌم َو ِج� ُّ‬
‫���د‬ ‫َم� ْ‬ ‫م���ا َي����ق����و ُم ال��� َّل��� ْي َ‬
‫���ل إالَّ‬
‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫عمر ُه يف ال شيء!‬
‫ضاع ُ‬
‫يا َمن َ‬
‫ب بالعمرِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ك يف ِ‬ ‫ْاس َت ِ‬
‫در ْك ما فا َت َ‬
‫القدر؛ فإنَّها ُت ْح َس ُ‬ ‫ليلة‬
‫طول م ِ‬
‫طال‬ ‫َ‬
‫يري فيها َب ْع َد ِ‬
‫َسم َ‬
‫ِ‬ ‫ج ُز َو ْع ِد ِه‬ ‫َو َل ْي َل ِة َو ْص ٍل َ‬
‫بات ُمنْ ِ‬

‫َت َل ْي َل ًة بِ َليالي‬
‫َزمانًا َفكان ْ‬ ‫ت بِها َق ْل ًبا ُأ َ‬
‫طي��ل َعلي ُل ُه‬ ‫َش�� َف ْي ُ‬

‫َ‬
‫قال اهللُ َت َعا َلى‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﴾ [القدْ ر‪.]3-1:‬‬
‫َ ِ‬
‫أعمار‬
‫َ‬ ‫ي‬‫رسول اهلل ‪ُ ‬أ ِر َ‬ ‫قال مالِ ٌك‪َ :‬ب َلغَني َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫أعمار ُأ َّمتِ ِه‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫قاص‬
‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫فكأ‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫ذلك‬ ‫ن‬ ‫اس قب َله أو ما شاء اهلل ِ‬
‫م‬ ‫َ ُ‬ ‫النَّ ِ ُ‬
‫طول العمرِ‪ ،‬فأ ْعطا ُه‬ ‫العمل الذي َب َل َغ غير ُهم يف ِ‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫أالَّ يب ُلغُوا ِ‬
‫م‬
‫ُ‬ ‫َْ‬
‫القدر خيرا ِمن ِ‬
‫ألف شهرٍ‪.‬‬ ‫ِ ً‬ ‫اهللُ ليل َة‬
‫بي ‪‬؛‬ ‫حيحين‪ :‬عن أبي ُه َر ْي َرةَ‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الص‬
‫ويف َّ‬
‫قال‪َ « :‬من قا َم ليل َة القد ِر إيما ًنا واحتسا ًبا؛ ُغ ِف َر ل ُه ما ت َقدَّ َم ِمن‬‫َ‬
‫ذ ْنبِ ِه»(‪.)1‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2008‬ومسلم (‪.)759‬‬


‫‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫العمل فيما َب ِق َي ِمن َّ‬


‫الشهرِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فالمبادر َة المبادر َة إلى اغتنا ِم‬
‫فات ِمن ضيا ِع العمرِ‪.‬‬ ‫أن ُي ْس َت ْد َر َك ِبه ما َ‬
‫فعسى ْ‬
‫��س��رِ‬‫��و ويف ُخ ْ‬ ‫��ه� ٍ‬ ‫َويف َل� ْ‬ ‫��ر يف َس� ْ�ه� ٍ�و‬ ‫��و َّل���ى ال�� ُع ْ‬
‫��م ُ‬ ‫َت� َ‬
‫األي��ا ِم ِم ْن ُع ْمرِي‬ ‫ـت يف َّ‬ ‫ُ‬ ‫ف��ي��ا َض��� ْي��� َع��� َة م���ا أنْ�� َف�� ْق��ـ‬
‫ي ِم ْن ُع ْذ ِر‬ ‫ـت م ْن ُع ْمرِ َ‬
‫ُ ِ‬ ‫َوم���ا ل��ي يف ال���ذي َض� َّي� ْع��ـ‬
‫الش ْكرِ‬ ‫الح ْم ِد َو ُّ‬ ‫ِجبات َ‬
‫ِ‬
‫َف���م���ا أ ْغ��� َف��� َل���ن���ا َع� ْ‬
‫����ن وا‬
‫��ه���رِ‬‫��ه���رٍ َّأي���م���ا َش� ْ‬ ‫��ش� ْ‬‫بِ� َ‬ ‫��ص���ن���ا اهللُ‬ ‫�����د َخ� َّ‬ ‫أم�����ا َق� ْ‬
‫ف ال� ِ�ذ ْك �رِ‬ ‫����ر َ‬‫أش َ‬ ‫ُن ف��يِ��ه ْ‬ ‫��ش��ه��رٍ أ ْن������ َز َل ال� َّ�ر ْح��م��ا‬ ‫بِ َ‬
‫���د ِر‬ ‫ِ‬
‫ف���ي���ه َل��� ْي��� َل��� ُة ال��� َق ْ‬ ‫َو‬ ‫��ر‬
‫��ه� ٌ‬ ‫��ه��� ُه َش� ْ‬‫��ش���بِ� ُ‬ ‫َو َه ْ‬
‫������ل ُي� ْ‬
‫ِ‬ ‫َف��� َك� ِ‬
‫�خ � ْي �رِ‬ ‫بِ��م��ا فيها م َ‬
‫���ن ال� َ‬ ‫����ن َخ��� َب���رٍ َص� َّ‬
‫��ح‬ ‫��م م ْ‬ ‫ْ‬
‫�ب يف ال� ِ�و ْت �رِ‬ ‫روي����ن����ا ع����ن ثِ���ق� ٍ‬
‫ـنَها ُت � ْط � َل� ُ‬ ‫��ات أ ْن���ـ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََْ‬
‫ه����ذ ِه ال � َع� ْ�ش �رِ‬
‫ِ‬ ‫ـ � ُب��ه��ا يف‬ ‫َف��ط��وب��ى الِ ْم������رِئ َي � ْط � ُل��ـ‬
‫ُك بِ�����األ ْن� ِ‬ ‫َف ِ‬
‫����وار َوال���بِ ِّ‬
‫���ر‬ ‫األم��ل�ا‬ ‫����ز ُل ْ‬ ‫��ف��ي��ه��ا َت����نْ ِ‬
‫�ي َح َّتى َم ْط َل ِع ال َف ْجرِ‬ ‫ـ� َ‬ ‫����ال َس���ل���اَ ٌم ِه��ـ‬ ‫������د ق� َ‬
‫َو َق� ْ‬
‫�ن أ ْن� َف� ِ‬
‫�س ال� ُ�ذ ْخ�رِ‬ ‫ِ‬ ‫أال َف�����ا َّد ِخ�����روه�����ا إ ْن����ـ‬
‫ـنَها م� ْ‬
‫��دري‬ ‫��ار َوال َي� ْ‬‫��ن ال���نَّ� ِ‬ ‫ِ‬ ‫���ن ُم�� ْع�� َت ٍ‬ ‫َف��� َك� ِ‬
‫م� َ‬ ‫��ق فيها‬ ‫��م م� ْ‬ ‫ْ‬

‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫اجمللس اخلامس‬
‫‪ J‬يف ذكر السبع األواخر من رمضان ‪L‬‬
‫أن رجاالً ِمن‬ ‫ابن ُع َم َر ‪‬؛ َّ‬ ‫عن ِ‬ ‫حيحين‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫الص‬
‫يف َّ‬
‫القدر يف المنا ِم يف‬ ‫ِ‬ ‫بي ‪ُ ‬أروا ليل َة‬ ‫ِ‬
‫أصحاب النَّ ِّ‬
‫ُ‬
‫رؤياكم‬ ‫رسول اهلل ِ ‪« :‬أرى‬ ‫ُ‬ ‫األواخرِ‪َ .‬‬
‫فقال‬ ‫ِ‬ ‫السب ِع‬
‫َّ‬
‫متحر َيها فل َيت ََح َّرها‬
‫ِّ‬ ‫فمن كانَ‬ ‫ِ‬
‫األواخ ِر‪َ ،‬‬ ‫بع‬
‫الس ِ‬‫أت يف َّ‬ ‫واط ْ‬‫قد َت َ‬
‫الس ْب ِع األواخ ِر»(‪.)1‬‬
‫يف َّ‬
‫قال‪:‬‬‫بي ‪‬؛ َ‬ ‫ويف «صحيح مسلم»‪ :‬عن ُه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬
‫«ال َت ِمسوها يف العش ِر األواخ ِر‪ ،‬فإنْ َض ُع َف ُ‬
‫أحد ُكم أو َع َج َز‪،‬‬
‫فال ُي ْغ َل َب َّن على َّ‬
‫الس ْب ِع البواقي»‪.‬‬

‫كان َي ْج َت ِهد يف‬


‫بي ‪َ ‬‬ ‫قد َذ َكرنا فيما َت َقدَّ َم أنَّ ال َّن َّ‬
‫العشر‬ ‫مر ًة‬ ‫ِ‬
‫القدر‪ ،‬وأ َّن ُه اع َتك َ‬ ‫طلب ِ‬ ‫ِ‬ ‫شهرِ‬
‫َ‬ ‫َف َّ‬ ‫ليلة‬ ‫رمضان على‬
‫َ‬
‫َ‬
‫األوسط يف‬ ‫العشر‬
‫َ‬ ‫بعد َ‬
‫ذلك‬ ‫ثم َط َل َبها فاع َتك َ‬
‫َف َ‬ ‫األو َل من ُه‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2015‬ومسلم (‪.)1165‬‬
‫‪13‬‬
‫‪13‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ذلك َتكَرر منه غير ٍ‬ ‫طلبِها‪َّ ،‬‬


‫ثم ْاس َت َق َّر ُ‬
‫أمر ُه على‬ ‫مرة‪َّ ،‬‬‫َّ َ ُ َ َّ‬ ‫وأن َ‬
‫كاف العشرِ األواخرِ يف طلبِها وأمر بطلبِها ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫اعتِ ِ‬
‫ََ‬
‫بي ‪َ ‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫َ؛‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫حيحين‪ :‬عن عائِ‬
‫ِ‬ ‫الص‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ففي َّ‬
‫« َت َح َّر ْوا ليل َة القد ِر يف العش ِر األواخ ِر ِمن رمضانَ »(‪.)1‬‬
‫ُ‬
‫واألحاديث يف المعنى كثيرةٌ‪.‬‬
‫ِ‬
‫األواخ ِر‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بالتماسها يف أوتا ِر العش ِر‬ ‫وكانَ ُ‬
‫يأم ُر‬

‫اس ‪‬؛ عن‬ ‫عن ِ‬


‫ابن ع َّب ٍ‬ ‫ففي «صحيح ال ُبخا ِر ّي»‪ِ :‬‬
‫رسول اهلل ِ ‪‬؛ َ‬
‫قال‪« :‬ال َت ِمسوا ليل َة القد ِر يف العش ِر‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫سابعة َت ْبقى‪ ،‬يف‬ ‫ٍ‬
‫تاسعة َت ْبقى‪ ،‬يف‬ ‫األواخ ِر ِمن رمضانَ ؛ يف‬
‫ٍ‬
‫خامسة َت ْبقى»(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫األواخ ِر‪.‬‬ ‫الس ْب ِع‬ ‫بعد َ‬
‫ذلك أ َم َر بطلبِها يف َّ‬ ‫ثم َ‬
‫َّ‬
‫هي منحصر ٌة يف العشرِ األواخرِ‪ ،‬واخ َت َلفوا‬
‫الجمهور‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫وقال‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2020‬ومسلم (‪.)1169‬‬


‫((( تقدَّ م تخريجه‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫‪14‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫أي ليالي العشرِ أرجى‪:‬‬


‫يف ِّ‬
‫ٍ‬
‫بعض‪ ،‬وقالوا‪:‬‬ ‫لياليه أرجى ِمن‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫وقال األكثرونَ ‪ :‬بل بعض‬
‫ِ‬
‫الجملة‪.‬‬ ‫األوتار أرجى يف‬
‫ُ‬
‫أوتار ِه أرجى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اخت ََلفوا‪ :‬يف ِّ‬
‫أي‬ ‫ثم ْ‬ ‫َّ‬
‫المشهور ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫وهو‬
‫وعشرين‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫فمنه ْم َمن َ‬
‫قال‪ :‬ليل ُة إحدى‬ ‫ُ‬
‫عي‪.‬‬ ‫الشافِ‬
‫َّ‬
‫ِّ‬
‫وعشرين‪.‬‬ ‫أن أرجاها ليل ُة ٍ‬
‫ثالث‬ ‫آخر؛ َّ‬ ‫للش ِاف ِع ِّي ٌ‬
‫َو ُح ِك َي َّ‬
‫َ‬ ‫قول ُ‬
‫ي عن‬ ‫وحكا ُه ال َّث ْو ِر ُّ‬‫وعشرين‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫طائفة ليل َة ٍ‬
‫سبع‬ ‫ٌ‬ ‫ور َّج َح ْت‬
‫َ‬
‫وعشرين؛ لما‬ ‫هي ليل ُة سب ٍع‬ ‫‪:‬‬ ‫ُ‬
‫َقول‬ ‫ن‬ ‫نحن‬ ‫‪:‬‬ ‫َ‬
‫فقال‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكوفة‬ ‫ِ‬
‫أهل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‪.‬‬‫بن َك ْع ٍ‬ ‫جا َءنا عن ُأ َب ِّي ِ‬

‫وكان َي ْح ِل ُ‬
‫ف على ذلك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قال بهذا ُأ َب ُّي ُ‬
‫بن َك ْع ٍ‬
‫ب‪،‬‬ ‫وم َّم ْن َ‬
‫ِ‬
‫بن أبي ُلبا َبةَ‪.‬‬ ‫بن ُح َب ْي ٍ‬
‫ش‪ ،‬و َع ْب َد ُة ُ‬ ‫ِ‬
‫وز ّر ُ‬
‫ت ِز ًّرا عن‬ ‫بن َع ْب ِد اهللِ ال َّن ْه ِم ِّي؛ َ‬
‫قال‪َ :‬سأ ْل ُ‬ ‫ور ِو َي عن َق ِ‬
‫نان ِ‬ ‫ُ‬
‫‪15‬‬
‫‪15‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫ناس ِمن‬‫وأ ٌ‬ ‫وح َذ ْي َف ُة ُ‬‫كان ُع َم ُر ُ‬ ‫القدر‪َ .‬‬
‫فقال‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليلة‬
‫ُّون أنَّها ليل ُة سب ٍع‬ ‫ِ ِ‬
‫وعشرين‪.‬‬
‫َ‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬ال َي ُشك َ‬
‫َ‬
‫وإسحاق‪.‬‬ ‫أح َم َد‬ ‫وهو ُ‬
‫قول ْ‬ ‫ابن َش ْي َبةَ‪َ .‬‬
‫َخ َّر َج ُه ُ‬
‫ب‬ ‫وعشرين بأنَّ ُأ َب َّي َ‬
‫بن َك ْع ٍ‬ ‫َ‬ ‫واست ََد َّل َمن َر َّج َح ليل َة ٍ‬
‫سبع‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫بالعالمة التي ْ‬
‫أخ َب َرنا‬ ‫ِ‬
‫باآلية أو‬ ‫قول‪:‬‬ ‫كانَ َي ْح ِل ُف على َ‬
‫ذلك َو َي ُ‬
‫مس َت ْط ُل ُع صبيحتَها ال‬ ‫ُ‬
‫رسول اهللِ ‪ ‬أنَّ َّ‬
‫الش َ‬ ‫بها‬
‫مسلم(‪.)1‬‬
‫ٌ‬ ‫خر َج ُه‬
‫شعاع لها‪َّ .‬‬
‫َ‬
‫اس؛ أنَّ رج ً‬
‫ال‬ ‫عب ٍ‬‫ابن َّ‬ ‫عن ِ‬
‫أحمد»‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫ويف «مسند اإلمام‬
‫القيام‪،‬‬
‫ُ‬ ‫علي‬ ‫ٌ‬
‫عليل َي ُش ُّق َّ‬ ‫كبير‬
‫شيخ ٌ‬ ‫َ‬
‫رسول اهللِ! إ ِّني ٌ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬يا‬
‫َ‬
‫«عليك‬ ‫لليلة القد ِر‪َ .‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫لعل َ‬
‫اهلل ُي َو ِّف ُقنِي فيها‬ ‫فمرنِي ٍ‬
‫بليلة َّ‬ ‫ُ‬
‫خاري(‪.)2‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫شرط ال ُب‬ ‫وإسناد ُه على‬
‫ُ‬ ‫بالس ِ‬
‫ابعة»‪.‬‬ ‫َّ‬
‫بي ‪‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫العمل يف ِ‬
‫ليلة القد ِر؛ فقد َث َبت ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأ َّما‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)762‬‬


‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)2149‬وهو حديث صحيح كما ذكر المؤلف ‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪16‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫أ َّن ُه َ‬
‫قال‪َ « :‬من قا َم ليل َة القد ِر إيما ًنا واحتسا ًبا؛ ُغ ِف َر ل ُه ما ت َقدَّ َم‬
‫والص ِ‬
‫الة‪.‬‬ ‫هج ِد فيها َّ‬ ‫ُ‬
‫إحياؤها بال َّت ُّ‬ ‫ِمن ذنبِ ِه»(‪ .)1‬وقيامها إ َّنما َ‬
‫هو‬

‫أيضا‪.‬‬ ‫بالد ِ‬
‫عاء فيها ً‬ ‫وقد َأم َر عائِ َش َة ُّ‬

‫إلي ِمن‬
‫َّ‬ ‫أحب‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الليلة‬ ‫تلك‬ ‫َ‬
‫قال ُسفيانُ ال َّثو ِر ُّي‪ُّ :‬‬
‫الدعا ُء يف َ‬
‫أفضل ِمن الص ِ‬
‫الة التي ال‬ ‫ُ‬ ‫الد ِ‬
‫عاء‬ ‫أن كثر َة ُّ‬ ‫الص ِ‬
‫الة‪ .‬ومرا ُد ُه َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وإن َق َرأ و َدعا َ‬
‫كان حسنًا‪.‬‬ ‫الدعا ُء‪ْ ،‬‬ ‫َي ْك ُث ُر فيها ُّ‬

‫رمضان‪،‬‬
‫َ‬ ‫بي ‪َ ‬ي َت َه ّج ُد يف ليالي‬ ‫وقد كانَ ال َّن ُّ‬
‫بآية فيها رحم ٌة إالَّ س َأل وال ٍ‬
‫بآية‬ ‫رأ قراءة مر َّتلةً‪ ،‬ال يمر ٍ‬ ‫وي ْق ُ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُّ‬ ‫َ‬
‫والد ِ‬
‫عاء‬ ‫ِ‬
‫والقراءة ُّ‬ ‫فيها عذاب إالَّ َتعو َذ‪ ،‬فيجمع بين الص ِ‬
‫الة‬ ‫َّ َ ْ َ ُ َ َّ‬ ‫ٌ‬
‫األعمال وأكم ُلها يف ليالي العشرِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫وال َّتف ُّكرِ‪ .‬وهذا‬
‫وغيرِها‪ .‬واهللُ ُ‬
‫أعلم(‪.)2‬‬

‫((( سيأتي تخريجه‪ ،‬وهو يف الصحيحين‪.‬‬


‫((( صدق المؤلف ‪ ،‬فالصالة تجمع ذلك كله‪ :‬التالوة والدعاء والذكر‬
‫والركوع والسجود وغيرها‪ ،‬وعلى ذلك فينبغي للمسلم أن ينشغل بها أكثر‬
‫من انشغاله بالدعاء أو ِ‬
‫الذكر المجرد‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪17‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ِ‬ ‫رياح ِ‬
‫ين‬
‫وأنفاس المح ِّب َ‬
‫َ‬ ‫المذنبين‬
‫َ‬ ‫هذه األسحا ِر َت ْحم ُل َ‬
‫أنين‬ ‫ُ‬
‫ائبين‪.‬‬
‫وقصص ال َّت َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫االنكسار‪،‬‬ ‫لو قا َم المذنبونَ يف ِ‬
‫هذه األسحا ِر‪ ،‬على أقدا ِم‬
‫ور َفعوا َق َص َص(‪ )1‬االعتذار‪ ،‬مضمونُها ﴿ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫َ‬
‫ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﴾ [يوسف‪]88:‬؛ َل َب َر َز ُله ُم ال َّت ُ‬
‫وقيع‬
‫عليها ﴿ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﴾ [يوسف‪.]92:‬‬

‫إن‬
‫ت ْ‬ ‫بي ‪َ :‬أر ْأي َ‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫لل‬ ‫ُ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ت عائِ‬ ‫قا َل ْ‬
‫ِّ‬ ‫‪‬‬
‫قال‪« :‬قولي‪ :‬ال َّل ُه َّم! إ َّن َك‬
‫أقول فيها؟ َ‬ ‫ِ‬
‫القدر؛ ما ُ‬ ‫ت ليل َة‬ ‫واف ْق ُ‬
‫فاع ُف َعنِّي»(‪.)2‬‬
‫العفو ْ‬
‫َ‬ ‫عفو ُت ِح ُّب‬
‫ٌّ‬
‫تعالى‪ ،‬وهو المتجاو ُز عن سي ِ‬
‫ئات‬ ‫أسماء اهللِ َ‬
‫ِ‬ ‫العفو ِمن‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫قصة وهي العريضة التي يرفعها المحتاج للحاكم أو للغني أو‬ ‫((( القصص جمع َّ‬
‫المسؤول ليطلب فيها ماالً أو شيئًا‪.‬‬
‫((( أخرجه الترمذي (‪ )3513‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫عنهم‪.‬‬ ‫عباد ِه‪ ،‬الماحي ِ‬


‫آلثارها ُ‬
‫ِ‬

‫ب‬ ‫عباد ِه‪ِ ،‬‬‫أن يع ُفو عن ِ‬ ‫وهو ي ِحب العفو‪ ،‬وي ِ‬


‫ويح ُّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫ُّ‬ ‫ح‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ُّ‬
‫بعض‪ ،‬فإذا َعفا بعضهم عن‬ ‫ٍ‬ ‫بعض ُهم عن‬ ‫عباد ِه ْ‬
‫أن َي ْع ُف َو ُ‬ ‫ِمن ِ‬

‫وكان‬
‫َ‬ ‫إليه ِمن عقوبتِ ِه‪.‬‬
‫بعفو ِه‪ ،‬وعفوه أحب ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُُ‬ ‫عام َل ُهم ِ‬ ‫بعض؛ َ‬ ‫ٍ‬
‫سخط َك وعف ِو َك‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫برضاك ِمن‬ ‫ُ‬
‫«أعوذ‬ ‫بي ‪َ ‬ي ُ‬
‫قول‪:‬‬ ‫النَّ ُّ‬
‫ِمن عقو َبتِ َك»(‪.)1‬‬

‫المذنبون‬
‫َ‬ ‫ولما َس ِم َع‬ ‫َ‬
‫جالل ُه؛ َخ َضعوا‪َّ ،‬‬ ‫لما َع َر َف العارفونَ‬
‫َّ‬
‫طمعوا‪.‬‬‫بعفو ِه‪ِ ،‬‬‫ِ‬

‫ِ‬
‫باليأس‬ ‫ت قلو ُب ُهم‬ ‫الح َت َر َق ْ‬
‫المذنبين يف العف ِو؛ ْ‬
‫َ‬ ‫طمع‬
‫لوال ُ‬
‫ت‬ ‫ولكن القلوب إذا َذك ََر ْت ع ْف َو اهللِ؛ ْاس َت ْر َو َح ْ‬
‫َّ‬
‫ِمن الر ِ‬
‫حمة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫عفو ِه‪.‬‬ ‫إلى ِ‬
‫برد ِ‬
‫���ن َذ ْن���بِ� َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال���ذن ِ‬
‫ي��ا َك��ب��ي� َ�ر َ‬
‫��ك أكْ�� َب ْ��ر‬ ‫اهلل م ْ‬ ‫ْ���ب َع�� ْف ُ‬
‫��و‬
‫�ب َع� ْف� ِ�و اهلل ِ َي ْصغ ُْر‬‫َج�نْ� ِ‬ ‫األو ِ‬
‫زار فـــــــــي‬ ‫ــــــــر ْ‬
‫ُ‬ ‫أ ْك َب‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)486‬‬


‫‪19‬‬
‫‪19‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ِ‬
‫االجتهاد يف‬ ‫بسؤال العف ِو يف ِ‬
‫ليلة القد ِر َ‬
‫بعد‬ ‫ِ‬ ‫وإ َّنما أ َم َر‬
‫دون يف‬‫العارفين َي ْج َت ِه َ‬
‫َ‬ ‫األعمال فيها ويف ليالي العشرِ؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ِ‬

‫صالحا وال حاالً وال‬ ‫ِ‬


‫ألنفس ِهم عمالً‬ ‫ثم ال َي َر ْو َن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫األعمال‪َّ ،‬‬
‫المقصرِ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫المذنب‬ ‫ِ‬
‫كحال‬ ‫ِ‬
‫العفو‬ ‫ِ‬
‫سؤال‬ ‫عون إلى‬ ‫مقاالً‪ ،‬ف َي ْر ِج َ‬
‫��د َهفا‬ ‫َك َو َق� ْ‬
‫��د أس��ا َء َو َق� ْ‬ ‫���د أت��ا‬‫���د َك َق� ْ‬‫ي��ا َر ِّب َع��� ْب ُ‬
‫أس َلفا‬ ‫ِ‬
‫�ن س��وء ما َق� ْ�د ْ‬ ‫م� ْ‬
‫ِ‬ ‫���ك َح���ي���اؤُ ُه‬ ‫ْ��ف��ي��ه ِم���نْ َ‬
‫ِ‬ ‫َي��ك‬
‫ِ‬
‫ب الموبِقات َو ْ‬
‫أس� َ�رف��ا‬ ‫ِ‬ ‫الذنو‬ ‫نوب َعلى ُّ‬ ‫الذ َ‬ ‫َح َم َل ُّ‬
‫ك م ْل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حفا‬ ‫ـ� ِ�و َك م ْن عقابِ َ ُ‬ ‫�ل ُعفـ‬ ‫�ار بِ� َ�ذ ْي� ِ‬
‫َو َق���د ْاس� َت��ج� َ‬
‫��ف وع���افِ� ِ‬
‫َف�لأن َ‬
‫ْ��ت ْأول���ى َم��ن َعفا‬ ‫��ه‬ ‫ي��ا َر ِّب َف���ا ْع� ُ َ‬
‫‪‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫اجمللس السادس‬
‫‪ J‬يف وداع شهر رمضان ‪L‬‬
‫بي ‪‬؛‬ ‫عن النَّ ِّ‬
‫ِ‬
‫حديث‪ :‬أبي ُه َر ْي َرةَ‪ِ ،‬‬ ‫حيحين ِمن‬
‫ِ‬ ‫الص‬
‫يف َّ‬
‫قال‪َ « :‬من صا َم رمضانَ إيما ًنا واحتسا ًبا؛ ُغ ِف َر ل ُه ما َت َقدَّ َم ِمن‬
‫َ‬
‫ذنبِ ِه‪ ،‬و َمن قا َم ليل َة القد ِر إيما ًنا واحتسا ًبا؛ ُغ ِف َر ل ُه ما َت َقدَّ َم ِمن‬
‫ذنبِ ِه»(‪.)1‬‬

‫بي‬‫عن النَّ ِّ‬ ‫أيضا؛ ِ‬ ‫ِ‬


‫حديث‪ :‬أبي ُه َر ْي َر َة ً‬ ‫أيضا ِمن‬‫وفي ِهما ً‬
‫قال‪َ « :‬من قا َم رمضانَ إيما ًنا واحتسا ًبا؛ ُغ ِف َر ل ُه‬
‫‪‬؛ َ‬
‫ما َت َقدَّ َم ِمن ذنبِ ِه»(‪.)2‬‬

‫مغفورا ُلهم‪،‬‬
‫ً‬ ‫ائمين َي ْر ِج َ‬
‫عون يو َم الفطرِ‬ ‫َ‬ ‫الص‬
‫أن َّ‬ ‫وقد ُر ِو َي َّ‬
‫ُ‬
‫أحاديث ضعيفةٌ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الجوائز‪ ،‬وفيه‬ ‫وأن يو َم الفطرِ ُي َس َّمى يو َم‬
‫َّ‬

‫كم َل َّ‬
‫الصائمونَ صيا َم رمضانَ وقيا َم ُه؛ فقد َو َّف ْوا ما‬ ‫إذا َّ‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1901‬ومسلم (‪.)486‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2008‬ومسلم (‪.)759‬‬
‫‪21‬‬
‫‪21‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عليهم ِمن‬


‫ِ‬
‫وهو المغفرةُ‪ ،‬فإذا‬ ‫العمل‪ ،‬و َبق َي ما َل ُه ْم من األجرِ‪َ ،‬‬
‫عيد الفطرِ إلى الص ِ‬ ‫َخرجوا يوم ِ‬
‫عليهم ُأ ُ‬
‫جور ُهم‪،‬‬ ‫ت ِ‬ ‫الة‪ُ ،‬ق ِّس َم ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واس َتك َْم ُلو ُه‪.‬‬ ‫منازلِ ِهم ِ‬
‫وقد اس َت ْو َفوا‬ ‫َفر َجعوا إلى ِ‬
‫األجر ْ‬
‫َ‬
‫األجر كامالً‪،‬‬
‫ُ‬ ‫عليه ِمن العملِ كام ً‬
‫ال؛ ُو ِّف َي ل ُه‬ ‫َمن َو َّفى ما ِ‬
‫مؤخ ًرا‪.‬‬
‫نقدا ال َّ‬ ‫ومن س َّلم ما ِ‬
‫عليه مو َّف ًرا؛ َت َس َّل َم ما ل ُه ً‬ ‫َ َ َ‬
‫ومن‬ ‫ٌ‬
‫مكيال‪َ ،‬فمن َو َّفى؛ ُو ِّف َي ل ُه‪َ ،‬‬ ‫قال َسلمانُ ‪َّ :‬‬
‫الصال ُة‬ ‫َ‬
‫ف؛ فقد َع ِلم ُت ْم ما َ‬
‫قيل يف المط ِّف َ‬
‫فين‪.‬‬ ‫َط َّف َ‬
‫ِ‬
‫المنوال‪َ :‬من َو َّفاها؛ َ‬
‫فهو‬ ‫ِ‬
‫األعمال على هذا‬ ‫يام وسائر‬ ‫فالص ُ‬
‫ِّ‬
‫ف فيها؛ ٌ‬ ‫ومن َط َّف َ‬ ‫ِمن ِ ِ ِ‬
‫فويل للمط ِّف َ‬
‫فين‪.‬‬ ‫ين‪َ ،‬‬‫خيار عباد اهلل المو ِّف َ‬
‫ِ‬
‫مكيال‬ ‫وي َط ِّف ُ‬
‫ف يف‬ ‫ِِ‬ ‫َ‬
‫مكيال شهواته ُ‬ ‫أما َي ْستَحيي َمن َي ْس َت ْويف‬
‫(‪)1‬‬
‫بعدا لِ َم ْد َي َن!‬
‫صيام ِه وصالتِ ِه؟! أال ً‬ ‫ِ‬

‫اس سرق ًة الذي َي ْس ِر ُق صال َت ُه»(‪.)2‬‬ ‫ُ‬


‫«أسوأ ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‪:‬‬ ‫يف‬

‫((( هذه العبارة اقتباس من قوله تعالى‪ ﴿ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﴾ [هود‪]95:‬‬


‫ومناسبتها الحديث عن التطفيف الذي اشتهر به أصحاب مدين قوم شعيب ‪.‬‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)11532‬قال الهيثمي‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪22‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫فكيف ُ‬
‫حال َمن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مكيال الدُّ نيا؛‬ ‫لمن َط َّف َف‬ ‫ُ‬
‫الويل َ‬ ‫إذا كانَ‬
‫الد ِ‬
‫ين! ﴿ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫َ‬
‫مكيال ِّ‬ ‫َط َّف َ‬
‫ف‬
‫ﭼ ﭽ ﴾ [الماعون‪.]5 - 4:‬‬
‫ارعون ما َز َرعوا‬
‫َ‬ ‫َو َي ْح ُص ُد ال َّز‬ ‫ت‬ ‫َغ ًدا ُت َو َّفى النُّ ُ‬
‫فوس ما ك ََس َب ْ‬
‫إن أساؤوا َفبِ ْئ َس ما َصنَعوا‬
‫َو ْ‬ ‫أح َسنوا ألن ُف ِس ِه ْم‬
‫أح َسنوا ْ‬ ‫إن ْ‬ ‫ْ‬

‫العمل وإكمالِ ِه‬


‫ِ‬ ‫الصالِ ُح َي ْج َت ِه َ‬
‫دون يف إتما ِم‬ ‫لف َّ‬ ‫الس ُ‬
‫كانَ َّ‬
‫خافون ِمن ر ِّد ِه‪،‬‬
‫َ‬ ‫وي‬
‫َ‬
‫بعد ذلك بقبولِ ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ون‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ْ‬
‫َّ َ ُّ‬‫ي‬ ‫ثم‬ ‫‪،‬‬ ‫وإتقانِ ِ‬
‫ه‬
‫وهؤالء الذين ﴿ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﴾ [المؤمنون‪.]60:‬‬ ‫ِ‬

‫اهتماما‬ ‫أشد‬ ‫ِ‬


‫العمل َّ‬ ‫ِ‬
‫لقبول‬ ‫ُر ِو َي عن َع ِل ٍّي؛ َ‬
‫قال‪ :‬كونوا‬
‫ً‬
‫قول‪ ﴿ :‬ﮙ ﮚ ﮛ‬ ‫ألم َت ْس َمعوا اهللَ ‪َ ‬ي ُ‬ ‫ِ‬
‫بالعمل‪ْ ،‬‬ ‫منكُم‬
‫ﮜ ﮝ ﴾ [المائدة‪.]27:‬‬

‫أن ال ُيت َق َّب َل‬ ‫ِ‬


‫العمل ْ‬ ‫الخوف على‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مالك بن دينا ٍر‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال‬
‫ِ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫أشد ِمن‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫أسباب‬ ‫الغفران‪ِ .‬‬
‫فمن‬ ‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬ ‫شهر رمضانَ َت ْك ُث ُر ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ‬
‫‪23‬‬
‫‪23‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫فيه‪ ،‬كما س َب َق‪.‬‬‫القدر ِ‬‫ِ‬ ‫فيه صيامه وقيامه وقيام ِ‬


‫ليلة‬ ‫المغفرة ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫المملوك(‪ .)1‬ومنها‬ ‫خفيف ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫الص َّوا ِم وال َّت‬ ‫تفطير ُّ‬
‫ُ‬ ‫ومنها‬
‫ِ‬
‫المغفرة‪ ،‬ودعا ُء‬ ‫طلب‬ ‫ِّ‬
‫واالستغفار ُ‬
‫ُ‬ ‫االستغفار‪،‬‬
‫ُ‬ ‫كر‪ .‬ومنها‬ ‫الذ ُ‬
‫ابن ُع َم َر‬ ‫وعند فطرِ ِه‪ ،‬ولهذا َ‬
‫كان ُ‬ ‫صيام ِه َ‬ ‫ِ‬ ‫جاب يف‬ ‫الصائ ِم ُي ْس َت ُ‬
‫َّ‬
‫المغفرة! ا ْغ ِف ْر لي‪.‬‬
‫ِ‬ ‫واسع‬
‫َ‬ ‫إذا أ ْف َط َر َي ُ‬
‫قول‪ :‬ال َّل ُه َّم! يا‬

‫كان الذي َتفو ُت ُه‬ ‫ِ‬


‫المغفرة يف رمضانَ ؛ َ‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬ ‫فلما َك ُث َر ْت‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الحرمان‪.‬‬ ‫محروما غاي َة‬ ‫المغفر ُة ِ‬
‫فيه‬
‫ً‬
‫بي ‪‬‬ ‫ابن ِح َّبان»‪ :‬عن أبي ُه َر ْي َرةَ؛ َّ‬
‫أن النَّ َّ‬ ‫يف «صحيح ِ‬
‫رسول اهللِ!‬
‫َ‬ ‫آمين»‪َ .‬‬
‫قيل‪ :‬يا‬ ‫آمين‪َ ،‬‬
‫«آمين‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫المنبر َ‬
‫فقال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َص ِع َد‬
‫قال‪« :‬إنَّ ِج ْب َ‬
‫ريل‬ ‫آمين‪َ .‬‬
‫آمين َ‬
‫آمين َ‬
‫ت َ‬ ‫المنبر ف ُق ْل َ‬
‫َ‬ ‫َّك َص ِع ْد َت‬ ‫إن َ‬
‫فد َخ َل ال َّن َ‬
‫ار‬ ‫فلم ُي ْغ َف ْر ل ُه َ‬
‫شهر رمضانَ ْ‬ ‫فقال‪َ :‬من أ ْد َر َك َ‬
‫أتاين َ‬
‫أحد ُهما‬ ‫آمين‪ .‬و َمن أ ْد َر َك ِ‬
‫أبويه أو َ‬ ‫فق ْل ُت َ‬ ‫آمين‪ُ ،‬‬
‫قل َ‬ ‫فأ ْب َع َد ُه ُ‬
‫اهلل‪ْ ،‬‬
‫فق ْل ُت‬ ‫اهلل‪ُ ،‬ق ْل َ‬
‫آمين‪ُ ،‬‬ ‫ار فأ ْب َع َد ُه ُ‬
‫فد َخ َل ال َّن َ‬
‫فمات َ‬
‫َ‬ ‫فلم َي َب َّر ُهما‬

‫((( ومثل التخفيف عن المماليك التخفيف عن الخدم والعمال والموظفين‪،‬‬


‫خاصة‪.‬‬
‫فينبغي مراعاتهم والتخفيف عليهم يف كل األوقات ويف رمضان َّ‬
‫‪24‬‬ ‫‪24‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫فد َخ َل ال َّن َ‬
‫ار‬ ‫فمات َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عليك‬ ‫آمين‪ .‬و َمن ُذ ِك ْر َت َ‬
‫عند ُه فلم ُي َص ِّل‬ ‫َ‬
‫فق ْل ُت َ‬
‫آمين»(‪.)1‬‬ ‫اهلل‪ُ ،‬ق ْل َ‬
‫آمين‪ُ ،‬‬ ‫فأ ْب َع َد ُه ُ‬
‫ات َمن َخ َدما‬ ‫و ْاخ َتص بِال َفو ِز يف الجنَّ ِ‬ ‫الش ْه ُر وا َل ْهفا ُه َوان َْص َرما‬‫َت َر َّح َل َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬
‫ِم ْثلي فيا َو ْي َح ُه يا ُع ْظ َم ما ُحرِما‬ ‫كين ُم ْنك َِس ًرا‬ ‫ِ ِ‬
‫أص َب َح الغاف ُل الم ْس ُ‬ ‫َو ْ‬
‫اله َّم َوالنَّ َدما‬
‫َت��را ُه َي ْح ُص ُد إالَّ َ‬ ‫ذار َفما‬‫َمن فا َت ُه ال َّز ْر ُع يف َو ْق ِت البِ ِ‬

‫لجميع ُ‬
‫األ َّم ِة؛ أل َّن ُه‬ ‫ِ‬ ‫يوم الفط ِر ِمن رمضانَ ً‬
‫عيدا‬ ‫وإ َّنما كانَ ُ‬
‫ح ُق ِ‬ ‫ار في ْل َت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يع َت ُق ِ‬
‫فيه‬ ‫ائمين من النَّ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫أهل الكبائرِ من َّ‬
‫الص‬ ‫فيه ُ‬ ‫ُْ‬
‫ألن‬‫األكبر؛ َّ‬‫ُ‬ ‫العيد‬
‫هو ُ‬ ‫أن يو َم النَّحرِ َ‬ ‫ِ‬
‫باألبرار‪ ،‬كما َّ‬ ‫المذنبون‬
‫َ‬
‫أكثر‬ ‫الدنيا َ‬ ‫وهو اليو ُم الذي ال ُيرى يف يو ٍم ِمن ُّ‬ ‫قب َل ُه يو َم عرفةَ‪َ ،‬‬
‫اليومين؛ فل ُه يو ُم‬ ‫ِ‬ ‫ار يف‬ ‫فمن ُأ ْعتِ َق ِمن النَّ ِ‬ ‫عت ًقا ِمن النَّ ِ‬
‫ار من ُه‪َ .‬‬
‫ٍ‬
‫وعيد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اليومين‪ ،‬فل ُه يو ُم‬ ‫ومن فا َت ُه ُ‬
‫العتق يف‬ ‫ٍ‬
‫عيد‪َ ،‬‬
‫منهما مر َّت ًبا على‬
‫كل ُ‬‫والعتق ِمن ال َّنا ِر ٌّ‬
‫ُ‬ ‫ت المغفر ُة‬ ‫لما كا َن ِ‬
‫َّ‬
‫العد ِة‬ ‫ِ‬
‫إكمال َّ‬ ‫وقيام ِه؛ َأم َر اهللُ ‪َ ‬‬
‫عند‬ ‫ِ‬ ‫رمضان‬
‫َ‬ ‫صيا ِم‬

‫وصححه الشيخ األلباين يف صحيح الترغيب‬


‫َّ‬ ‫((( أخرجه ابن حبان (‪،)409‬‬
‫والترهيب (‪.)997‬‬
‫‪25‬‬
‫‪25‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫بتكبيرِ ِه وشكرِ ِه‪َ ،‬‬


‫فقال‪ ﴿ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫كر‬‫فش ُ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﴾ [البقرة‪ُ .]185:‬‬
‫عليه ومغفرتِ ِه‬ ‫بتوفيق ِهم للصيا ِم وإعانتِ ِهم ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫عباد ِه‬
‫من أ ْنعم على ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫حق‬ ‫وي َّت ُقو ُه َّ‬ ‫ه‬ ‫ُرو‬‫ك‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫وي‬ ‫ه‬ ‫ُرو‬‫ك‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫أن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ار‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫وعتق ِهم ِبه ِ‬
‫م‬ ‫ِ‬ ‫به‬‫لهم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫طاع فال‬ ‫بأن ُي َ‬ ‫حق تقاتِ ِه ْ‬ ‫عود تقوا ُه َّ‬ ‫تقاتِ ِه‪ .‬وقد َفسر ابن مس ٍ‬
‫َّ َ ُ َ ْ‬
‫وي ْشك ََر فال ُي ْك َف َر‪.‬‬‫وي ْذك ََر فال ُينْسى ُ‬ ‫ُي ْعصى ُ‬
‫األيا ِم‬ ‫العظيمة! الغنيم َة الغنيم َة يف ِ‬
‫هذه‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫نوب‬ ‫أرباب ُّ‬
‫َ‬ ‫فيا‬
‫َّ‬
‫عوض وال لها قيمة! فكم ُي ْع َت ُق فيها ِمن‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الكريمة‪ ،‬فما منها‬
‫ار فقد‬ ‫فمن ُأ ْعتِ َق فيها ِمن النَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ار من ذي جريرة وجريمة! َ‬
‫النَّ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫الجسيمة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمنحة‬ ‫ِ‬
‫العميمة‬ ‫ِ‬
‫بالجائزة‬ ‫فا َز‬

‫أن ِص ْر َت‬ ‫بعد ْ‬


‫أن َتعو َد َ‬‫اك ْ‬‫أع َت َق ُه موال ُه ِمن ال َّنا ِر! َّإي َ‬
‫يا َمن ْ‬
‫وأنت َت َت َق َّر ُب‬
‫َ‬ ‫عن النَّ ِ‬
‫ار‬ ‫موالك ِ‬
‫َ‬ ‫األوزار‪ُ .‬أي ْب ِع ُد َك‬
‫ِ‬ ‫ُح ًّرا إلى ّ‬
‫رق‬
‫حيد عنها؟!‬‫ك فيها وال َت ُ‬ ‫نفس َ‬ ‫توقع َ‬
‫وأنت ُ‬ ‫َ‬ ‫وينْ ِق ُذ َك منها‬
‫منها‪ُ ،‬‬
‫َت��� َز َّو َد ِمن أ ْعمالِها َل َس ُ‬
‫عيد‬ ‫وإن ْام َر ًءا َينْجو ِم َن النَّ ِار َب ْع َدما‬
‫َّ‬

‫‪26‬‬ ‫‪26‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫أس منها‪،‬‬ ‫للمحسنين؛ فالمسي ُء ال َي ْي ُ‬


‫َ‬ ‫الرحم ُة‬
‫ت َّ‬ ‫إنْ كا َن ِ‬
‫غير‬ ‫لنفس ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ُن المغفر ُة مكتوب ًة للم َّتقين؛ فال ّظالِ‬ ‫وإن َتك ِ‬
‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫محجوب عنها‪.‬‬
‫العاصين بِالك ََر ِم‬ ‫َف َم ْن َيجو ُد على‬ ‫كان ع ْفو َك ال يرجوه ذو َخطأٍ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫إن َ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫﴿ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﴾ [الز َُّمر‪.]53:‬‬
‫الم ْذنِ ُب‬ ‫وي ْدعو ُ‬ ‫َف َم ِن الذي َي ْرجو َ‬ ‫جوك إالَّ ُم ْح ِس ٌن‬ ‫كان ال َي ْر َ‬ ‫إن َ‬
‫ِ‬
‫لسوء‬ ‫رحمة اهلل ِ‬
‫ِ‬ ‫فيا أ ُّيها العاصي! وك ُّلنا ذلك‪ ،‬ال َت ْقنَ ْط ِمن‬
‫فأح ِس ِن‬ ‫ِ‬
‫األيا ِم من أمثالك! ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ار يف هذه َّ‬ ‫أعمالِك‪ ،‬فكم ُي ْع َت ُق ِمن النَّ ِ‬
‫إليه؛ فإ َّن ُه ال َي ْه ِل ُك على اهلل ِ إالَّ هالك‪.‬‬ ‫بموالك و ُتب ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ال َّظ َّن‬
‫داوها بِ َر ْف ِع َي ٍد يف ال َّل ْي ِل َوال َّل ْي ُل ُم ْظ ِل ُم‬ ‫نوب َف ِ‬ ‫الذ ُ‬ ‫ك ُّ‬ ‫إذا ْأو َج َع ْت َ‬
‫كأ ْع َظ ُم‬ ‫ك ِمنْها ِم ْن ُذنوبِ َ‬ ‫ُقنو ُط َ‬ ‫َوال َت ْقن ِ َط ْن ِم ْن َر ْح َم ِة اهلل ِ إنَّما‬
‫ِ ِ‬ ‫َفرحم ُت��ه لِ ْلمح ِ‬
‫بين َتك َُّر ُم‬ ‫َو َر ْح َم ُت ُه ل ْل ُم ْذن َ‬ ‫َرام ٌة‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫��نين‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ْ‬

‫أن َيأتِ َي‬ ‫العتق ِمن ال َّنا ِر يف شه ِر رمضانَ ْ‬ ‫َ‬ ‫لمن َي ْرجو‬ ‫َي ْن َب ِغي َ‬
‫‪27‬‬
‫‪27‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫الشهرِ‪.‬‬
‫متيسر ٌة يف هذا َّ‬
‫وهي ِّ‬ ‫‪،‬‬ ‫العتق ِمن ال َّن ِ‬
‫ار‬ ‫توجب َ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بأسباب‬
‫َ‬
‫وكانَ أبو ِقال َب َة ُي ْع ُتق يف آخرِ َّ‬
‫الشهرِ جاري ًة حسنا َء َّ‬
‫مزين ًة‬
‫العتق ِمن النَّ ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫بعتقها َ‬ ‫يرجو ِ‬
‫َْ‬
‫ابن ُخ َز ْي َمة»‪:‬‬
‫المرفوع الذي يف «صحيح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حديث َس ْل َمانَ‬ ‫ويف‬
‫صائما؛ كانَ عت َقا ل ُه ِمن ال َّنا ِر‪ ،‬و َمن َخ َّف َف ِ‬
‫فيه‬ ‫ً‬ ‫« َمن َف َّط َر ِ‬
‫فيه‬
‫مملوك ِه؛ كانَ عت ًقا ل ُه ِمن ال َّنار»(‪.)1‬‬
‫ِ‬ ‫عن‬

‫خصلتين ُت ْرضونَ بِ ِهما‬


‫ِ‬ ‫فيه ِمن‬
‫«فاست َْكثِروا ِ‬
‫أيضا‪ْ :‬‬ ‫وفيه ً‬‫ِ‬
‫ِ‬
‫اللتان‬ ‫ِ‬
‫الخصلتان‬ ‫عنهما‪ .‬فأ َّما‬
‫بكم ُ‬ ‫وخصلتين ال غنى ُ‬
‫ِ‬ ‫ر ّب ُكم‬
‫واالستغفار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُت ْرضونَ ب ِهما ر ّب ُكم‪ ،‬فشهاد ُة أنْ ال إل َه إ َّال ُ‬
‫اهلل‬
‫عنهما؛ فت َْسألونَ َ‬
‫اهلل َتع َالى الج َّن َة‬ ‫بكم ُ‬‫اللتان ال غنى ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأ َّما‬
‫به ِمن ال َّنا ِر»‪.‬‬
‫و َت ُعوذونَ ِ‬
‫ِ‬
‫الحديث؛ ٌّ‬
‫كل‬ ‫األربع المذكور ُة يف هذا‬ ‫ُ‬
‫الخصال‬ ‫فهذ ِه‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والمغفرة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫للعتق‬ ‫سبب‬
‫منها ٌ‬
‫((( أخرجه ابن خزيمة (‪ )1887‬وهو حديث ضعيف‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪28‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫نوب و َت ْمحوها‬‫الذ َ‬ ‫وحيد؛ فإنَّها َت ْه ِد ُم ُّ‬


‫ِ‬ ‫* فأ َّما كلم ُة ال َّت‬
‫وهي َت ْع ِد ُل َ‬
‫عتق‬ ‫َ‬ ‫محوا وال ُت ْبقي ذن ًبا وال َي ْسبِ ُقها ٌ‬
‫عمل(‪،)1‬‬ ‫ً‬
‫أربع ٍ‬
‫مرار‬ ‫ومن أتى بها َ‬ ‫ار‪َ .‬‬ ‫الع َتق ِمن ال َّن ِ‬
‫قاب الذي يوجب ِ‬
‫ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِّ‬
‫ومن قا َلها‬
‫ار‪َ ،‬‬ ‫وحين ُي ْمسي؛ أ ْع َت َق ُه اهللُ ِمن ال َّن ِ‬ ‫َ‬ ‫حين ُي ْصبِ ُح‬ ‫َ‬
‫خالصا ِمن قلبِه؛ َح َّر َم ُه اهللُ على ال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ً‬
‫فإن‬ ‫ِ‬
‫المغفرة؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫أسباب‬ ‫فمن أعظ ِم‬ ‫* وأما كلم ُة االستغفا ِر؛ ِ‬
‫َّ‬
‫حال‬‫مستجاب يف ِ‬ ‫الصائ ِم‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫االستغفار دعا ٌء بالمغفرة‪ ،‬ودعا ُء َّ‬
‫َ‬
‫حديث أبي ُه َر ْي َرةَ‪« :‬و ُي ْغ َف ُر ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫وعند فطرِ ِه‪ .‬وقد َس َب َق‬
‫صيام ِه َ‬
‫ِ‬

‫ومن‬ ‫لمن أبى»‪ .‬قالوا‪ :‬يا أبا ُه َر ْي َرةَ! َ‬ ‫(يعنِي‪َ :‬‬


‫شهر رمضانَ ) إ َّال َ‬ ‫ْ‬
‫أن َي ْس َتغ ِْف َر اهللَ ‪.‬‬
‫قال‪َ :‬من أبى ْ‬ ‫أبى؟ َ‬

‫أكثِروا ِمن االستغفا ِر؛ فإ َّنكُم ال َت ْد َ‬


‫رون‬ ‫الح َس ُن ْ‬
‫قال َ‬ ‫َ‬
‫قمان البن ِ ِ‬
‫بني! َع ِّو ْد لسان َ‬
‫َك‬ ‫َّ‬ ‫يا‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫الرحمةُ‪َ .‬‬
‫وقال ُل ُ‬ ‫متى َتنْ ِز ُل َّ‬
‫فيهن سائالً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فإن هلل ساعات ال َي ُر ُّد َّ‬
‫االستغفار؛ َّ‬
‫َ‬
‫((( المعنى‪ :‬أنه ال يسبقها يف الفضل شيء من األعمال الصالحة‪ ،‬أي أنها أفضل‬
‫األعمال على اإلطالق‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪29‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫وحيد واالستغفا ِر يف قولِ ِه تعا َلى‪:‬‬


‫ِ‬ ‫بين ال َّت‬ ‫وقد َج َم َع ُ‬
‫اهلل َ‬
‫﴿ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﴾ [محمد‪.]19:‬‬
‫بالذ ِ‬
‫نوب‬ ‫اس ُّ‬ ‫أه َلك ُ‬
‫ْت ال َّن َ‬ ‫إبليس َ‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫اآلثار؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ويف‬
‫وأه َلكوين بال إل َه إالَّ اهللُ واالستغفار‪.‬‬
‫ْ‬
‫كلها‪ :‬ف ُت ْخ َت ُم ِبه‬‫الحة ِّ‬
‫الص ِ‬ ‫األعمال َّ‬‫ِ‬ ‫ختام‬
‫ُ‬ ‫واالستغفار‬
‫ُ‬
‫َت‬ ‫فإن كان ْ‬‫المجالس‪ْ :‬‬
‫ُ‬ ‫وي ْخ َت ُم ِبه‬ ‫والحج وقيا ُم ِ‬
‫الليل‪ُ .‬‬ ‫ُّ‬ ‫الصال ُة‬
‫َّ‬
‫كان ك َّف َار ًة لها‪.‬‬
‫لغوا؛ َ‬
‫وإن كانَت ً‬ ‫كان كال َّطابِ ِع عليها‪ْ ،‬‬ ‫ذكرا؛ َ‬‫ً‬
‫ِ‬
‫باالستغفار‪.‬‬ ‫رمضان‬
‫َ‬ ‫أن ُي ْخ َتم صيا ُم‬
‫فكذلك ينبغي ْ‬
‫العزي ِز إلى األمصا ِر(‪َ )1‬ي ُأم ُر ُهم بخت ِم‬ ‫عب ِد َ‬
‫بن ْ‬ ‫َب ُع َم ُر ُ‬‫َكت َ‬
‫ِ‬ ‫باالستغفار والص ِ‬
‫فإن صدق َة‬ ‫صدقة الفطرِ؛ َّ‬ ‫دقة؛‬ ‫ِ َّ‬ ‫رمضان‬
‫َ‬ ‫شهرِ‬
‫واالستغفار َي ْر َق ُع ما‬ ‫‪،‬‬ ‫اللغو والر ِ‬
‫فث‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫م‬‫الفطرِ طهر ٌة للصائ ِم ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫باللغو والر ِ‬ ‫ِ‬
‫فث‪.‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫َت َخ َّر َق من ِّ‬
‫الصيا ِم‬
‫إن صدق َة الفطرِ‬
‫مين‪َّ :‬‬ ‫ِّ‬
‫المتقد َ‬ ‫ِ‬
‫العلماء‬ ‫بعض‬ ‫ولهذا َ‬
‫قال ُ‬
‫هو للص ِ‬
‫الة‪.‬‬ ‫الس ِ َّ‬
‫كسجدتي َّ‬
‫ِ‬ ‫للصائ ِم‬
‫َّ‬

‫((( األمصار هي البلدان‪ ،‬جمع ِمصر وهو البلد‪.‬‬


‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫بن َع ْب ِد العزي ِز يف كتابِ ِه‪ :‬قولوا كما َ‬


‫قال أبوكُم‬ ‫َ‬
‫وقال ُع َم ُر ُ‬
‫آ َد ُم‪ ﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫نوح‪ ﴿ :‬ﭹ ﭺ‬ ‫ﭜ ﴾ [األعراف‪ ،]23:‬وقولوا كما َ‬
‫قال ٌ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ [هود‪ .]47:‬وقولوا كما‬
‫إبراهيم‪﴿ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﴾‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال‬
‫[الشعراء‪ ،]82:‬وقولوا كما َ‬
‫قال موسى‪ ﴿ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫قال ذو النُّ ِ‬
‫ون‪ ﴿ :‬ﮜ ﮝ‬ ‫ﮌ ﮍ ﴾ [القصص‪ .]16:‬وقولوا كما َ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﴾ [األنبياء‪.]87:‬‬

‫الس ِّي ُئ‬ ‫م‬ ‫والكال‬ ‫ها‪،‬‬ ‫ْ‬


‫ق‬ ‫ر‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫ما‬ ‫ِ‬
‫ار‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫م‬‫الصيام ج َّن ٌة(‪ِ )1‬‬
‫ُ َّ‬ ‫ْ ُ ِّ‬ ‫ِّ ُ ُ‬
‫واالستغفار ُي َر ِّق ُع ما َت َخ َّر َق منها‪.‬‬ ‫َ‪،‬‬
‫ة‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫الج‬ ‫ي َخر ُق ِ‬
‫هذه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫وعمل صالحٍ ل ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫استغفار ناف ٍع‬ ‫حتاج إلى‬
‫فصيامنا هذا َي ُ‬
‫ُ‬
‫شافع! كم ن َُخر ُق صيامنا بسها ِم الكال ِم ثم نر ِّقعه ِ‬
‫وقد ا َّت َس َع‬ ‫َّ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ثم‬ ‫ِ‬
‫الحسنات‬ ‫الخرق على الر ِاقعِ! كم نَرفو خرو َقه بِمخي ِ‬
‫ط‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬

‫الجنَّة هي الساتر أو الواقي‪.‬‬


‫((( ُ‬
‫‪31‬‬
‫‪31‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫َن ْقطعه بحسا ِم السي ِ‬


‫ئات القاطع!‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ُُ‬
‫لف إذا َص َّلى صال ًة است ْغ َف َر ِمن تقصيرِ ِه‬‫الس ِ‬
‫بعض َّ‬ ‫ُ‬ ‫كانَ‬
‫المذنب ِمن ذنبِ ِه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيها كما َي ْس َتغ ِْف ُر‬
‫المحسنين يف عباداتِ ِهم‪ ،‬فكيف ُ‬
‫حال‬ ‫َ‬ ‫إذا كانَ هذا َ‬
‫حال‬
‫مثلنا يف عاداتِ ِهم؟!‬
‫المسيئين ِ‬
‫َ‬
‫وقريب ِمن هذا أمر ال َّنبي ‪ ‬لعائِ َش َة يف ِ‬
‫ليلة‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫رمضان يف‬
‫َ‬ ‫المؤمن َي ْج َت ِه ُد يف شهرِ‬
‫َ‬ ‫فإن‬ ‫ِ‬
‫العفو؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫بسؤال‬ ‫ِ‬
‫القدر‬
‫القدر؛ لم يس ِ‬
‫أل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ليل‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫د‬ ‫وصا‬ ‫ه‬ ‫غ‬ ‫ُ‬ ‫فرا‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫فإذا‬ ‫‪،‬‬ ‫وقيام ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫صيام ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫المقصرِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كالمسيء‬ ‫العفو‬ ‫اهللَ إالَّ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫الد ِ‬ ‫ِ‬
‫عاء‪،‬‬ ‫سؤال الج َّن ِة واالستعاذ ُة ِمن ال َّنا ِر؛ فمن ِّ‬
‫أهم ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وأ َّما‬
‫ائم‬ ‫«حولها ُن َد ْن ِدنُ »(‪َّ .)1‬‬
‫فالص ُ‬ ‫َ‬ ‫بي ‪:‬‬ ‫وقد َ‬
‫قال ال َّن ُّ‬
‫بأهم األُ ِ‬
‫مور‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ال‬‫إ‬ ‫و‬‫ع‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫أ‬ ‫غي‬ ‫ب‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫يرجى استجاب ُة دعائِ ِ‬
‫ه‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫َ‬
‫قال اهللُ تعا َلى‪ ﴿ :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫((( أخرجه أبو داود (‪.)792‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪32‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ﮯﮰ﴾ َ‬
‫وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃﮄﮅﮆﮇ﴾ َ‬
‫وقال تعالى‪ ﴿ :‬ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤ‪ ﴾...‬إلى قولِ ِه‪ ﴿ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﴾‪.‬‬
‫الر ِ‬
‫حيل‪ ،‬ولم َي ْب َق‬ ‫رمضان قد َع َز َم على َّ‬
‫َ‬ ‫شهر‬
‫إن َ‬ ‫ِعبا َد اهللِ! َّ‬
‫كان‬
‫ومن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أح َس َن فيه فعليه ال َّتمام‪َ ،‬‬ ‫فمن منكُم ْ‬ ‫من ُه إالَّ القليل‪َ .‬‬
‫فالعمل بالختام‪ .‬فاس َت ْمتِعوا من ُه بما‬
‫ُ‬ ‫َف َّر َط ف ْل َي ْختِ ْم ُه بالحسنى‬
‫صالحا‬ ‫ودعو ُه عمالً‬ ‫اليسيرة واأليام‪ ،‬واس َت ِ‬‫ِ‬ ‫الليالي‬ ‫ن‬ ‫ب ِقي ِ‬
‫م‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫فراق ِه بأزكى‬‫عند ِ‬ ‫وو ِّدعو ُه َ‬ ‫ِ‬
‫عند الملك العالَّم‪َ ،‬‬ ‫َي ْش َه ُد لكُم ِبه َ‬
‫تح َّي ٍة وسالم‪.‬‬

‫ك َت َد َّفق‪،‬‬ ‫ين لذهابِ َ‬


‫دموع المح ِّب َ‬
‫ُ‬ ‫شهر َرمضانَ ! َت َر َّف ْق‪،‬‬
‫يا َ‬
‫الفراق َت َش َّقق‪َ ،‬عسى وقف ٌة للودا ِع ُت ْط ِف ُئ‬
‫ِ‬ ‫قلو ُب ُهم ِمن أل ِم‬
‫توبة وإقال ٍع َت ْرفو ِمن‬ ‫وق ما أحرق‪ ،‬عسى ساع ُة ٍ‬
‫َْ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫نار َّ‬
‫المقبولين‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ركب‬ ‫منقطع عن‬
‫ٌ‬ ‫كل ما َت َخ َّرق‪َ ،‬عسى‬ ‫الصيا ِم َّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫األوزار‬ ‫ب النَّ َار ُي ْع َتق‪ ،‬عسى ُأسراء‬
‫َي ْل َح ْق‪ ،‬عسى َم ِن ْاس َت ْو َج َ‬

‫‪33‬‬
‫‪33‬‬
‫العشر األواخر (فص ٌل يف بيان فضل العشر األواخر من رمضان)‬

‫ُت ْط َلق‪ ،‬عسى رحم ُة المولى لها العاصي ُي َو َّفق‪.‬‬


‫رجو ِم َن َ‬
‫الخ ْيرِ َت ْر َتقي‬ ‫إلى ك ُِّل ما َت ُ‬ ‫َعسى َوعسى ِم ْن َق ْب ِل َو ْق ِت ال َّت َف ُّر ِق‬
‫َو ُي ْع َت َق َخ َّطا ٌء َو َي ْس َع َد َم ْن َش ِقي‬ ‫ْسور َو ُي ْق َب َل تائِ ٌب‬ ‫َف ُي ْج َب َر َمك ٌ‬
‫‪‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪34‬‬

You might also like