Professional Documents
Culture Documents
دلائل وجود الله-1
دلائل وجود الله-1
دلائل وجود الله-1
جامعة تكريت
كلية العلوم االسالمية
قسم العقيدة والفكر االسالمي
وهو أحد متطلبات نيل شهادة البكالوريوس في قسم العقيدة والفكر االسالمي
بأشراف
2024م 1445هـ
بسم هللا الرحمن الرحيم
َع َّم َي َت َس ٓاَء ُلوَن (َ )1ع ِن ٱلَّن َب ِإ ٱۡل َعِظ ي ( )2ٱَّلِذي ُهۡم ِفيِه ُم ۡخ َت ِلُفوَن (َ )3ك اَّل
ِم
َس َي ۡع َلُموَن (ُ )4ثَّم َك اَّل َس َي ۡع َلُموَن (َ )5أَلۡم َنۡج َع ِل ٱَأۡلۡر َض ِم َٰه ٗد ا (َ )6و ٱۡل ِج َب اَل
َأۡو َت اٗد ا (َ )7و َخ َلۡق َٰن ُك ۡم َأۡز َٰو ٗج ا (َ )8و َج َع ۡل َن ا َن ۡو َم ُك ۡم ُس َب اٗت ا (َ )9و َج َع ۡل َن ا ٱَّلۡي َل
ِلَب اٗس ا (َ )10و َج َع ۡل َن ا ٱلَّن َه اَر َمَع اٗش ا (َ )11و َب َن ۡي َن ا َفۡو َقُك ۡم َس ۡب ٗع ا ِش َد اٗد ا ()12
ا
االهداء
أهدي هذا البحث الى من ساندتني في صالتها ودعائها الى من سهرت الليالي تنير دربي
الى من تشاركني أفراحي واحزاني الى والدتي العزيزة الى صاحبة اروع ابتسامه الى
الى من علمني أن الدنيا كفاح وسالحها العلم والمعرفة الى الذي لم يبخل عليه بأي شي الى
من سعى الجل راحتي ونجاحي الى أعظم وأعز رجل في الكون أبي العزيز....
الى كافة زمالء الدراسة بدون استثناء اهدي اليهم هذا البحث المتواضع.
الطالبة
ب
الشكر والتقدير
الحمدهلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد (صلى هللا عليه وسلم) وعلى اله
الطيبين الطاهرين قال نبينا االكرم محمد (صلى هللا عليه وسلم) (من لم يشكر المخلوق لم
يشكر الخالق)وانطالقا من قول نبينا الكريم اقدم شكري وامتناني الى سيد عميد كلية العلوم
االسالمية ( انور فارس عبد ) لما أبداه من تسهيالت ادارية ومالحظات قيمة لوصولنا الى
هذا المرحلة ،واقدم اسمى ايات الشكر والعرفان الى مشرف بحثي ( أ.م.د محمود علي
فرحان ) الذي اشرف على اعداد هذا البحث فكانت له االراء السديدة والمالحظات القيمة
والمتابعه الدقيقه التي اعطت من وقته وجهده الكثير التمام هذا البحث فله كل الود
واالحترام ،كما واقدم شكري وامتناني الى رئيس قسم العقيدة والفكر االسالمي ( عبدهللا
الطالبة
ج
فهرست المحتويات
د
ه
المقدمة
الحمد هلل رب العالمين ،الحمد هلل حمد الشاكرين ،القائل في كتابه العزيز {وإذ تأّذ ن ربكم
لئن شكرتم ألزيدّن كم ولئن كفرتم إّن عذابي لشديد} ( ،)1والحمد هلل الذي امتن على عباده
بنبيه المرسل ،وكتابه المنزل ،ليخرجهم من ظلمات الكفر والجهالة إلى نور الخير والهداية،
ومن جور األديان ،إلى عدل اإلسالم ،ومن عبودية العباد إلى عبودية رب العباد.
والصالة والسالم على أشرف المرسلين ،المبعوث رحمة للعالمين ،سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه ومن سار على دربه ،واستن بسنته إلى يوم الدين ،وسلم تسليمًا كثيرًا وبعد:
فإن هذا القرآن الكريم هو دستورنا األعظم ،وشرعة اإلنسانية السمحاء ،فما زال هذا القرآن
بحرُا زاخرُا بأنواع العلوم والمعارف( ،يحتاج من يرغب في الحصول على آللئه الغوص
في أعماقه) وال يكون ذلك إال من خالل علم التفسير ،الذي هو أشرف العلوم وأجلها
وأعظمها أجرَا وأنبلها مقصدًا ،وأرفعها ذكرًا ،فلذلك حّث هللا – تعالى – عباده المؤمنين
على تدبر كتابه وفهم معانيه ،والغوص في أعماقه للكشف عن آللئه ،قال تعال{ :أفال
يتدّبرون القرآن أم على قلوِب أقفالها} ( ، )2وكذلك حث هللا – تعالى – عباده المؤمنين على
أن ينفروا ليتعلموا كتابه ،ويتفهوا دينه ،ومن ثم يرشدون أقوامهم ويعلمونهم .قال تعالى:
{وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} ( )3وقد بين رسول هللا – صلى هللا عليه وسلم – أن
خير الناس من علم الكتاب وعلمه ،فعن عثمان بين عفان رضي هللا عنه قال :قال :رسول
()4
هللا -صلى هللا عليه وسلم( :خيركم من تعلم القرآن وعلمه)
ومما الشك فيه أن علوم القرآن والتفسير ،هي خير العلوم على وجه اإلطالق ألنها متعلقة
بخير الكالم ،كالم رب العالمين.
وهذا العلم له أهمية عظيمة في حياة األمم وشعوبها ،فيوم أن فهمت األمة كتاب هللا واتخذته
دستورًا لها ،كانت لها السيادة والريادة ،ويوم أن نبذت كتاب هللا جانبًا ،ورضيت بالمناهج
1اسورة أبراهيم (اية)٧ ،
2سورة محمد (اية.)٢٤ ،
3سورة التوبة.١٢٢ :
4أخرجه البخاري في صحيحه( :فضائل القرآن) ب( ٢١:خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ،٣ /١٢٦٠ح (.)٥٠٢٧
1
الوضعية دستورَا ومشرعَا ،كان لها الهزيمة والضياع والخسران ،ومن أجل هذا حاول
أعداء هللا النيل من أمة محمد -صلى هللا عليه وسلم -وذلك من خالل الطعن بكتاب هللا –
عز وجل – وصّد الناس عن إتباعه وفهمه ،والترويج لألفكار الوضعية لتكون بديًال عن
هذا الكتاب العظيم ،ولكن أني لهم هذا وقد تكّفل هللا بحفظ هذا الدين{،قال تعال{ :إنا نحن
()1
نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
ومما وال شك فيه أن الباحثين والقائمين على خدمة كتاب هللا تعالى ،هم أداة من قدر هللا
لحفظ هذا الكتاب ،سخرهم هللا تعالى ،لنيل هذا الشرف العظيم ،فلذلك أحببت أكون واحدَا
من هؤالء الدارسين والباحثين لكتاب هللا ،ألنهل من هذا العلم الذي ال تنتهي عجائبه ،ووقع
اختياري على سورة النبأ لتكون موضوع البحث لما فيها من لطائف لفتت انتباهي ودروس
()2
تربوية للدعاة ،وبناء للعقيدة ،وهدم للوثنيات.
أ-اشتمال السورة على إثبات القدرة على البعث الذي ذكر في سورة النبأ أن الكافرين كذبوا
به.
ب -أن في هذه السورة وما بعدها تأنيبًا للمكذبين ،فهنا قال تعالى :ألم نجعل األرض مهادًا،
وهناك قال :إنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ،وأن في كل منهما وصف الجنة والنار
وما ينعم به المتقون وما يعّذ ب به المكذبون.
ثالثا .منهج البحث :وهذا البحث بحث نوعي باستخدام منهج التحليل الوصفي ،وهو بحث
مكتبي يعتمد على البيانات المباشرة من الكتب المرجعية والمجالت ونتائج الدراسات
المتعلقة بموضوعات البحث.
1سورة الحجر :اية.٩ ،
2ينظر :حاشية العطار على جمع الجوامع ،طبع دار الكتب العلمية ،بيروت ،مصورة عن طبعة حجرية ،د .ت ،ج،٢ص.٢٣٨
2
خطة البحث:
المقدمة
المبحث الثاني.
المبحث الثالث.
المبحث االول
3
اوال .الداللة في اللغة :الداللة في اللغة مصدر من مادة دل وهي مادة تدل في اللغة على
االيضاح والبيان والعالمة التي يهتدي بها حسا او معنى قال أبن فارس دل الدال والالم
اصالن أحدهما أبانة الشيء بأمراة تتعلمها واالخر أضطراب في الشيء فأالول قولهم دللت
فالنا على الطريق والدليل االمارة في الشي وهو بين الداللة والداللة واالصل االخر قولهم
فالنا على الطريق والدليل االمارة في الشي أذ اضطرب ومن الباب دالل المرأة وهو
جرئتها في التغنج والشكل كأنها مخالفة وليس بها خالف وذلك ال يكون اال بتمايل
واظطراب ويظهر لي أن االصل الثاني يرجع الى المعنى االول الن االضطراب وتغنج
المرأة أمارة وعالمة يستدل بها على ما ورائها من باعث الحركة واالضراب فيرجع في
()1
المعنى الى االيضاح والبيان بالعالمة واالمارة.
التعريف األول :كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء أخر والشيء االول هو
الدال والثاني هو المدلول فداللة النص عبارة عما ثبت بمعنى النص .
التعريف الثاني .كون الشيء بحيث يفيد الغير علما أذ لم يكن في الغير مانع كمزاحمة الوهم
()2
والغفلة بسبب الشواغل الجسمانية.
والتعريف االول أظهر لعدم أشتراط قيام المانع في الغير فأن المانع في الغير مانع في
المتلقى ال في المعرف وأن افاد التعريف الثاني أن عدم الداللة قد يرجع الى الناظر ال الى
الدليل فثبت بمجموع التعريفين أن الداللة هي ((االمارة التي تكون في الشي الفادة العلم
()3
به)).
1معجــــم مقــــاييس اللغــــة ألبي الحســــين أحمــــد بــــن فــــارس بــــن زكريــــاء الــــرازي المتــــوفى ســــنة،
٣٩٥هــ)،٢٥٩/٢-٢٦٠،تحقيـق :عبـد السـالم محمـد هـارون ،ط :دار الفكـر١٣٩٩ ،هــ -
2كتاب التعريفات لعلي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة (٨١٦هـ) ص ١٠٤،تحقيق :جماعة من ،العلمـاء بإشـراف
الناشـر ،ط ،ونشـر :دار الكتـب العلميـة ،بـيروت ،ط١،١٤٠٣هـ -١٩٨٣م،
الكليات معجم في المصـطلحات والفـروق اللغويـة ألبي البقـاء أيـوب بـن موسـى الكفـوي 3
الوجود اصطالحا :ينطوي تحته صور عديدة من النظريات ينطوي تحته صور عديدة من
النظريات الفلسفية واما التعريف البالغي فانه يطلق على الشيء الثابت و ليس المتحرك .
فالوجود اوضح واجلى المفاهيم الموجودة في ذهن االنسان وال يمكن ان يقع فيه شك ألحد
من اهل العلم و العقل ولهذا ال يمكن تعريفه تعريفا علميا الن شرط التعريف ان يكون أجلى
واوضح من المعرف و ان وجوده ضروري له اي يعرف ضرورة انه موجود ال معدوم .
يوجد اختالف حول معاني الوجود وهذا االختالف يقوم على منتهى الكمال و الخير إذ
يصعب التغير عليه و ال يتصور له العقل ال في النهاية و ال في البداية و وايضا هذا
االختالف يقوم على اختالف في االديان والمذاهب الفلسفية )2(.يوجد مذاهب فلسفية لتفسير
يوجد مذاهب فلسفية لتفسير الوجود لكل واحدة منهم في تفسير واحدة منهم راي في تفسي
الوجود مثل أن المذهب المادي يفسر الوجود تفسيرا ماديا وال يرى شيء بالوجود اال
المذهب المادي ويوجد اتجاه اخر بالعكس منه و مغاير وهو المذهب الروحي و يفسر
الوجود من طريق الروح و ال يرى شيء بالوجود اال المذهب الروحي ُ .يعد الوجود االلهي
من أهم المباحث الفلسفية واشرفها وهو البحث المعلق باهلل سبحانه وتعالى و قد اتخذوه
1الوجود ودالالته في الفكر الفلسفي أ.م.د .زينه علي جاسم ،مجلة كلية الفقه /مجلة فصلية علمية محّك مة /العدد
30/2019م.
2االزهار مختصر طوالع االنوار :الشيخ سلمان العبد ،تحقيق أحمد الشاذلي ،دار الرواق ،االزهري ،القاهرة ،ط
١/٢٠١٥م ،ص.١٢٣
5
الفالسفة لوصف الوجود االول وهو « هللا « فاهلل تعالى هو الوجود االكمل و االفضل لكافة
()1
المفاهيم الكمالية و الماهيات و ُيعد أجل موضوع الفلسفة ومن أشرف مقاصدها.
تعريف االثر لغة :ترك األثر في الشيء .وأثر في الشيء؛ أي وضع فيه أثرًا .أثرت فيه
تأثيرًا؛ جعل فيه أثرًا وإشارة؛ فتأثر أي :وافق وانفعل.
1الوجود ودالالته في الفكر الفلسفي أ.م.د .زينه علي جاسم ،مجلة كلية الفقه /مجلة فصلية علمية محّك مة /العدد 30/2019م.
6
واإلشراف والتواصل ،ومن الجدير بالذكر أن هذا المفهوم حصر التأثير بالعمليات اإلدارية
فقط ،بينما تخصصاته غير منحصرة باإلدارة فقط .التأثير هو إضافة حالة نفسية تم إنتاجها
عن طريق إضافة أفكار جديدة لدى المتلقين ،تقوم بجعلهم عند تحركهم مدفوعين بهذه
الحالة النفسية ،وبمجموعة من األفكار والمعلومات التي لديهم ،ولهذه الحالة النفسية أدوار
كبيرة جدًا ،فهي أساسية في تغيير سلوكيات الفرد أو مجموعة من األفراد لمدة محددة في
اتجاه معين)1( ،ويتم المالحظة في هذا التعريف أنه يقوم بالتركيز على إضافة األفكار ،بينما
التأثير قد يكون عن طريق الصقل واإلرشاد إلى األفكار الموجودة سابقا عند الفرد .التأثير
يكون بسبب نتيجة التفاعالت االجتماعية بين سببين ،وهما المؤثر والمتأثر ،بحيث يقوم
بإنتاج ردة فعل معين عند المؤثر ،ويتم المالحظة في هذا التعريف أن التأثير يحتاج
لحصوله إلى تفاعل بين المؤثر والمتأثر .التأثير هو أحد المركبات في عملية التواصل؛
فالعديد من الباحثين أعطوا التأثير مكانة مركزية في عملية االتصال ،وقاموا باالدعاء أن
التأثير عبارة عن مركب ضروري ومهم في كل عملية تواصل ،ويتم المالحظة في هذا
التعريف أن التأثير هو من أهم مكونات عملية التواصل .التأثير هو قوة تكون لدى القائد أو
()2
سيطرة معينة يكتسبها ،وعلى أساسها يستطيع أن يؤثر في سلوكيات اآلخرين.
اوال تعريف االيمان لغة :اإليمان في اللغة هو التصديق ،يقول ابن منظور :اَّت فق َأهُل العلم
من اللغويين وغيرهم أن االيمان معناه التصديق وينكشف معنى التصديق بمعنى بقول
الفيروز ابادى االيمان الثقة واظهار الخضوع وقبول الشريعة فهذه الثالثة معان متردافة
()3
للتصديق.
1تعريف و معنى تأثير في معجم المعاني الجامع – معجم عربي ، ,المعاني،ج /4ص./٢
2ديمة الشاعر ،التأثير باآلخرين والعالقات العامة ،ج،١ص.٧
3لسان العرب :البن منظور ،مادة (أمن) ،ج،١٣ص.٢٣
7
االيمان اصطالحا :هو التصديق برسول فيما علم مجيئه به ضرورة فتفصيال فيما علم به
تفصيال فتفصيال فيما علم به تفصيال واجماال فيما علم به أجماال وما يحتاج الى البيان هنا
هو كلمة بالضرورة .والضرورة هي ما يعرفه الخواص والعوام من غير قبول تشكيك
كوجوب الصالة والصوم وحرمة الزنا والخمر ويثار سؤال مفاد هل الضرورة هي العلم
الضروري الذي ال يفتقر الى نظر او استدالل قسيم العلم النظري الذي يفتقر الى نظر
واستدالل؟)1( ،والجواب هنا أنه علم يشبه الضرورة فهو نظري في االصل أال أنه لما
اشتهر صار ملحقا في الضروري بجامع الجزم في كل من العام والخاص من غير قبول
للتشكيك وحاصلة ان هذا العلم بأعتبار أصله نظري وبأعتبار ما طرأ له بعد الشهر
()2
ضروري.
المبحث الثاني
1شرح المواقف :السيد الشريف الجرجاني ،مطبعة بوالق مصر ١٢٦٦ ،ه/ص.٥٩٣
2غاية الوصول شرح لب االصول :شيخ االسالم زكريا االنصاري ،مصطفى البابي الحلبي ،واوالده بمصر ،ط٢/١٣٥٤
ه١٩٣٦/م ،ص.١١٠
3سورة نبأ :اية»٧-٦ ،
8
تفسير االية:
نحن مدعون بنص االيات الكريمة الى النظر الى الجبال كيف نصبت فأن هذه االيات في
القران الكريم تتحدث عن الجبال الجبل وتد ثلثاه مغروس في االرض عبر طبقاتها المتعددة
وفي أثناء الدوران ال تزاح الطبقات المتباينة بعضها عن بعض بسبب أن وتدأ وهو الجبل
يربطها جميعا ،ومعنى أخر يشير هللا سبحانه وتعالى في قوله (َأَلْم َن ْج َع ِل اَأْلْر َض ِمَه اًد ا
َو اْلِج َب اَل َأْو َت اًد ا) ألى أن هذه الجبل الذي تراه عينك أنما ترى منه الثلث الظاهر وله ثلثان
تحت االرض فكل جبل ثلثله فوق االرض وثلثاه تحتها فجبال هما اليا التي فيها أعلى قمة
وهي قمة أفريست ٨٨٨٠م هذا هو الثلث الظاهر ولكن ضعفي هذا االرتفاع مغروز تحت
االرض كالوتد من هنا قال تعالى( َو اْل ِجَب اَل َأْر َس اَه ا َ 32م َت اًعا َلُك ْم َو َأِلْن َع اِم ُك ْم ) ()1وهنالك
()2
معنى ثالث قال تعالى (َو ُهَّللا َج َع َل َلُك م ِّمَّما َخ َلَق ِظ اَل اًل َو َج َع َل َلُك م ِّم َن اْل ِجَب اِل َأْك َن اًن ا)
فالسالسل الجبلية التي على السواحل تجعل المنطقه التي خلفها منطقة جافة وليست رطبة
ومنطقة هادئة وليست منطقة رياح عاتية فلو ذهبت الى مدينة حمص لرأيت أن االشجار
كلها مائلة نحو الشرق لوجود فتحة بين سلسلتي الجبال المنصوبة على السواحل جبال
الالذقية وجبال لبنان فالجبال في هذه االية جعلها هللا اكنانا قال سبحانه وتعالى (َج َع َل َلُك م
ِّمَّما َخ َلَق ِظ اَل اًل َو َج َع َل َلُك م ِّم َن اْلِج َب اِل َأْك َن اًن ا)فتبدل الطقس والمناخ متعلق بالجبال وبفتحاتها
()3
النها مصدأت للرياح وتصدها وتوقفها.
(َو َج َع ْلَن ا َن ْو َم ُك ْم ُس َب اًت اَو َج َع ْلَن ا الَّلْي َل ِلَب اًسا َو َج َع ْلَن ا الَّن َه اَر َمَع اًش ا)
تفسير االية:
انتقل من االستدالل بخلق الناس إلى االستدالل بأحوالهم ،وخص منها الحالة التي هي أقوى
أحوالهم المعروفة شبها بالموت الذي يعقبه البعث ،وهي حالة متكررة ال يخلون من
1النازعات (،)٣٣-٣٢
2النحل)٨١ :
3موسوعة االعجاز العلمي في القران الكريم والسنة النبوية :يوسف الحاج أحمد ،ط/٢/٢٠٠٣مكتبة دار أبن حجز ،ج
،١ص(.)٤٦١-٤٢٧
9
الشعور بما فيها من العبرة ; ألن تدبير نظام النوم وما يطرأ عليه من اليقظة أشبه حال
بحال الموت وما يعقبه من البعث .
وأوثر فعل ( جعلنا ) ألن النوم كيفية يناسبها فعل الجعل ال فعل الخلق المناسب للذوات كما
تقدم في قوله :ألم نجعل األرض مهادا وكذلك قوله :وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار
()1
معاشا .
فإضافة نوم إلى ضمير المخاطبين ليست للتقييد إلخراج نوم غير اإلنسان ،فإن نوم
الحيوان كله سبات ،ولكن اإلضافة لزيادة التنبيه لالستدالل ،أي أن دليل البعث قائم بين
في النوم الذي هو من أحوالكم ،وأيضا ألن في وصفه بسبات امتنانا ،واالمتنان خاص بهم
،قال تعالى (:هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) .
والسبات – بضم السين وتخفيف الباء : -اسم مصدر بمعنى السبت ،أي :القطع ،أي :
جعلناه لكم قطعا لعمل الجسد بحيث ال بد للبدن منه ،وإلى هذا أشار ابن األعرابي ،وابن
قتيبة ؛ إذ جعال المعنى :وجعلنا نومكم راحة ،فهو تفسير معنى .
وإنما أوثر لفظ ( سبات ) لما فيه من اإلشعار بالقطع عن العمل ليقابله قوله بعده وجعلنا
النهار معاشا كما سيأتي.
ويطلق السبات على النوم الخفيف ،وليس مرادا في هذه اآلية ؛ إذ ال يستقيم أن يكون
المعنى :وجعلنا نومكم نوما ،وال نوما خفيفا ،وفي تفسير الفخر :طعن بعض المالحدة في
هذه اآلية فقالوا :السبات هو النوم ،فالمعنى :وجعلنا نومكم نوما .وأخذ في تأويلها
وجوها ثالثة من أقوال المفسرين ال يستقيم منها إال ما قاله ابن األعرابي أن السبات القطع
كما قال تعالى :من إله غير هللا يأتيكم بليل تسكنون فيه وهو المعنى األصلي لتصاريف
مادة سبت ،وأنكر ابن األنباري ،وابن سيده أن يكون فعل سبت بمعنى استراح ،أي :ليس
معنى اللفظ ،فمن فسر السبات بالراحة أراد تفسير حاصل المعنى ،وفي هذا امتنان على
الناس بخلق نظام النوم فيهم لتحصل لهم راحة من أتعاب العمل الذي يكدحون له في
نهارهم ،فاهلل تعالى جعل النوم حاصال لإلنسان بدون اختياره ،فالنوم يلجئ اإلنسان إلى
التحرير والتنوير :محمد طاهر بن عاشور ،المكتبة االسالمية ١٩٩٨ ،ه /ج/٣١ص.١٩ 1
10
قطع العمل لتحصل راحة لمجموعه العصبي الذي ركنه في الدماغ ،فبتلك الراحة يستجد
العصب قواه التي أوهنها عمل الحواس وحركات األعضاء وأعمالها ،بحيث لو تعلقت
رغبة أحد بالسهر ال بد له من أن يغلبه النوم ،وذلك لطف باإلنسان بحيث يحصل له ما به
منفعة مداركه قسرا عليه لئال يتهاون به ،ولذلك قيل :إن أقل الناس نوما أقصرهم عمرا ،
()1
وكذلك الحيوان.
﴿َو َج َع ْلَن ا الَّلْي َل ِلَب اًس ا﴾ أي :جعل هللا هذا الليل على األرض بمنزلة اللباس ،كأن األرض
تلبسه ،ويكون جلباًبا لها ،وهذا ال يعرفه تمام المعرفة إال إذا صعد فوق ِظ ّل األرض ،وقد
رأينا ذلك من اآليات العجيبة ،إذا صعدَت في الطائرة وارتفعت وقد غابت الشمس عن
سطح األرض ،ثم تبينت لك الشمس بعد أن ترتفع تجد األرض وكأنما ُك ِس َي ت بلباس أسود،
ال ترى شيًئ ا كله سواد اللي تحتك ،فيتبين بهذا قوله تعالىَ﴿ :و َج َع ْلَن ا الَّلْي َل ِلَب اًسا﴾.
أما النهار فجعله معاًش ا يعيش الناس فيه في طلب الرزق على حسب درجاتهم وعلى حسب
أحوالهم ،وهذا من نعمة هللا سبحانه وتعالى على العباد.
ولنقتصر على هذا الجزء من هذه السورة ،ونسأل هللا تعالى أن ينفع به ،وأن يجعلنا وإياكم
من أهل القرآن الذين هم أهل هللا وخاصته ،وأن يجعلنا ممن قرأ وانتفع ،إنه جواد كريم،
وصلى هللا وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وأصحابه ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(َو َأنَز ْلَن ا ِمَن اْلُمْع ِص َر اِت َم اًء َث َّج اًج ا)
تفسير االية:
اوال .تفسير الميسر :وأنزلنا من السحب الممطرة ماء منَص ّبا بكثرة ،لنخرج به حًبا مما
يقتات به الناس وحشائش مما تأكله الَّد واب ،وبساتين ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها.
التحرير والتنوير :محمد طاهر بن عاشور ،المكتبة االسالمية ١٩٩٨ ،ه /ج/٣١ص.١٩ 1
11
ثانيا .تفسير الجاللين«:وأنزلنا من المعصرات» السحابات التي حان لها أن تمطر،
كالمعصر الجارية التي دنت من الحيض «ماًء ثجاجا» صبابا.
ثالثا .تفسير السعديَ :و َأْن َز ْلَن ا ِمَن اْلُمْع ِص َر اِت أي :السحاب َم اًء َث َّج اًج ا أي :كثيرا جدا.
رابعا .تفسير البغوي(:وأنزلنا من المعصرات ) قال مجاهد ،وقتادة ،ومقاتل ،والكلبي :
يعني الرياح التي تعصر السحاب ،وهي رواية العوفي عن ابن عباس .
قال األزهري :هي الرياح ذوات األعاصير ،فعلى هذا التأويل تكون من بمعنى الباء أي
بالمعصرات ،وذلك أن الريح تستدر المطر ،وقال أبو العالية ،والربيع ،والضحاك :
المعصرات هي السحاب وهي رواية الوالبي عن ابن عباس قال الفراء [ :المعصرات
السحائب ] [ التي ] تتحلب بالمطر وال تمطر ،كالمرأة المعصر هي التي دنا حيضها ولم
تحض .
خامسا .تفسير الوسيط :أما الدليل التاسع على قدرته -تعالى – على البعث ،فنراه فى قوله
– تعالى –( َو َأنَز ْلَن ا ِمَن المعصرات َم آًء َث َّج اجًا ِّ .لُنْخ ِر َج ِبِه َح ّب ًا َو َن َب اتًا َ .و َج َّن اٍت َأْلَفافًا)
والمعصرات – بضم الميم وكسر الصاد – السحب التي تحمل المطر ،جمع معصرة –
بكسر الصاد – اسم فاعل ،من أعصرت السحابة إذا أوشكت على إنزال الماء المتالئها
به .
قال ابن كثير :عن ابن عباس :المعصرات الرياح ،ألنها تستدر المطر من السحاب ،وفى
()1
رواية عنه أن المراد بها :السحاب ،وكذا قال عكرمة واختاره ابن جرير.
وقال الفراء :هي السحاب التي تتحلب بالماء ولم تمطر بعد ،كما يقال :امرأة معصر ،إذا
حان حيضها ولم تحض بعد ،وعن الحسن وقتادة :المعصرات :يعنى السموات ،وهذا قول
غريب ،واألظهر أن المراد بها السحاب ،كما قال -تعالى ( : -هللا الذي ُيْر ِس ُل الرياح
َفُتِثيُر َسَح ابًا َفَي ْبُس ُط ُه ِفي السمآء َك ْي َف َي َش آُء َو َي ْج َع ُلُه ِكَس فًا َفَت َر ى الودق َي ْخ ُرُج ِم ْن ِخَالِلِه) ،
والثجاج :المندفع بقوة وكثرة ،يقال :ثج الماء – كرد – إذا انصب بقوة وكثرة .
1كتاب التفسير :للميسر ،الجاللين ،السعدي ،البغوي ،الوسيط ،باب تفسير ومعنى االية ١٤عدد االيات / ٤٠ص/٥٨٢ج
.٣٠
12
ومطر ثجاج ،أي :شديد االنصباب جدا .
وقوله َ ( :أْلَفافًا ) اسم جمع ال واحد له من لفظه ،كاألوزاع للجماعات المتفرقة .
أي :وأنزلنا لكم – يا بنى آدم – بقدرتنا ورحمتنا – من السحائب التي أوشكت على
اِإلمطار ،ماء كثيرا متدفقا بقوة ،لنخرج بهذا الماء حبا تقتاتون به -كالقمح والشعير.
ونباتا تستعملونه لدوابكم كالتبن والكأل ،ولنخرج بهذا الماء – أيضا – بساتين قد التفت
أغصانها لتقاربها وشدة نمائها .
فهذه تسعة أدلة أقامها -سبحانه – على أن البعث حق ،وهى أدلة مشاهدة محسوسة ،ال
يستطيع عاقل إنكار واحد منها ،وما دام األمر كذلك فكيف ينكرون قدرته على البعث ،مع
أنه -تعالى – قد أوجد لهم كل هذه النعم التي منها ما يتعلق بخلقهم ،ومنها ما يتعلق
باألرض والسموات ،ومنها ما يتعلق بنومهم ،وبالليل والنهار ،ومنها ما يتعلق بالشمس ،
وبالسحب التي تحمل لهم الماء الذى ال حياة لهم بدونه .
وبعد إيراد هذه األدلة المقنعة لكل عاقل ،أكد -سبحانه – ما اختلفوا فيه ،وما تساءلوا
عنه.
المبحث الثالث
{عم يتساءلون ،عن النبأ العظيم ،الذي هم فيه مختلفون ،كال سيعلمون ثم كال سيعلمون}فهي
تبدأ بذكر تساؤل يطرحه الكافرون وترد عليه ،وتنتهي السورة بقوله تعالى{ :إنا أنذرناكم
عذابًا قريبًا ،يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ،ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابًا} ،فبداية
السورة تتحدث عن تساؤل الكافرين ،ونهاية السورة تتحدث عن اإلنذار)1( ،وكذلك صالته
13
بمحور السورة اشتمال السورة على إثبات القدرة على البعث الذي ذكر في سورة النبأ {أن
الكافرين كذبوا به}.
-١تسأل الكفار{:عم يتساءلون ،عن النبأ العظيم ،الذي هم فيه مختلفون ،كال سيعلمون ثم كال
سيعلمون}ابتدأت السورة الكريمة بسؤال (( عم )) أصله عما ،فحذف منه األلف إما فرقا
بين ما االستفهامية وغيرها أو قصدا للخفة لكثرة استعمالها ،وقد قرئ على األصل وما فيها
من اإلبهام لإليذان بفخامة شأن المسئول عنه وهوله ،وخروجه عن حدود األجناس المعهود
أي شيء عظيم الشأن (يتساءلون) وجعل الصلة جملة اسمية للداللة على إثبات أي هم
راسخون في االختالف فيه)1( ،وهذا الموضوع الذي شغل أذهان الكثيرين من كفار مكة
حيث أصبحوا ما بين مصدق ومكذب ،وقال مجاهد وغيره أنه البعث ،وما يدل على أنه
البعث أن كفار العرب ينكرون الميعاد فقال عنهم هللا تعالى{ :وما نحن بمبعوثين}
(المؤمنون ،)٣٧:وطائفة منهم غير جازمة بل شاكة فيه كما قال تعالى{ :إن نظن إال ظنًا
وما نحن بمستيقنين} (الجاثية ، )٣٣:ثم قال متوعدا لمنكري البعث {كال سيعلمون ثم كال
()2
سيعلمون} .وهنا تهديد شديد ووعيد أكيد.
-٢دالئل قدرة هللا تعالى{ :ألم نجعل األرض مهادا ،والجبال أوتادا ،وخلقناكم أزواجا،
وجعلنا نومكم سباتا ،وجعلنا الليل لباسا ،وجعلنا النهار معاشا}ثم شرع هللا تعالى يبين عظيم
قدرته وآيات رحمته التي غفل عنها هؤالء المنكرون ،أي كيف تنكرون أو تشكون أيها
الجاحدون في البعث والنشور ،وقد رأيتم ما يدل على قدرة هللا التامة وعلمه المحيط بكل
السماء ،انظروا إلى األرض جعلناها ممهدة وموطئًا للناس والدواب ،يقيمون عليها
وينتفعون بها وبخيراتها ،أال ينظرون إلى هذه األرض التي منها خلقوا وفيها سيعودون
()3
ومنها سيخرجون منها تارة أخرى شاءوا أم أبوا.
1أبو المسعود الحنفي ،إرشاد العقل السليم في مزايا القرآن الكريم ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،مجلد ،٥ص – ٨٠٩
.٨١٠
2محمد الشوكاني ،فتح القدير ،دار المعرفة ،بيروت ،م ،١١ص .٤٤٦
3عبد الحميد كشك ،في رحاب التفسير ،المكتب المصري الحديث ،مجلد ،٩ص .٧٨٢٩
14
قال تعالى{ :والجبال أوتادا} ،أي جعلنا الجبال لألرض كاألوتاد كي ال تميد أو تضطرب
بأهلها.
ثم قال{ :وخلقناكم أزواجا} ،أي وجعلناكم أصنافًا ذكورًا وإناثًا ،ليتمتع كل منكم باآلخر،
وليتم حفظ الحياة باإلنسان والتوليد وتكملتها بالتربية والتعليم ،قال تعالى{ :ومن آياته أن
خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودًة ورحمة إن في ذلك آليات لقوم
يتفكرون} .
ثم قال تعالى{ :و جعلنا نومكم سباتا} ،السبات الموت ،والنوم نعمة كبرى على الناس ،ولقد
شبه هللا الموت بالنوم واليقظة بالبعث والنشور ،فالنوم يريح القوى من تعبها وينشطها من
كسلها.
ثم قال تعالى{ :وجعلنا الليل لباسًا} ،أي جعل الليل يستركم بظالمه كما قال تعالى{ :والليل
إذا يغشاها} ،ثم قال تعالى{ :وجعلنا النهار معاشًا} ،أي جعل النهار مشرقا ليتمكن الناس
من تحصيل المعاش والتكّسب وغير ذلك ،قال تعالى{ :وبنينا فوقكم سبعًا شدادًا} ،يعني
السماوات في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها وتزيينها بالكواكب الثوابت و السيارات.
()1
{وجعلنا سراجًا وهاجًا} ،وهو يعني الشمس التي يتوهج ضوؤها ألهل األرض كلهم.
ثم قال تعالى{ :وأنزلنا من المعصرات ماًء ثجاجا ،لنخرج به حبًا ونباتا ،وجنات ألفافا} ،
المعصرات يعني الغيوم المتكاثفة التي تنعصر بالماء ولم تمطر بعد ،والثجاج السريع
االندفاع ،لتخرج بذلك الماء الكثير النافع الطيب ،حبا يقتات به الناس ونباتات وبساتين
وحدائق ذات بهجة وأغصان ،ملتفة على بعضها ،وثمرات متنوعة ذات طعوم وروائح
متفاوتة ،ويتضح في اآليات التقاء العلم مع اإليمان الصادق بقدرة هللا وعظمته ،فكلما ارتقت
معارف اإلنسان وازدادت معرفته بطبيعة هذا الكون ،أدرك من وراءها التقدير اإللهي
العظيم والتدبير الدقيق المحكم والتنسيق بين أفراد الوجود وحاجاتهم ،فكل الدالئل السابقة
أثبت العلم صحتها من القرآن ،اذكر مع سبيل المثال :حقيقة الجبال فهي تحفظ توازن
األرض لعدة أسباب:
1ابن كثير ،تفسير ابن كثير ،دار الفكر ،دمشق ،ج ،٣ص .١٩٨٩
15
تعادل نسب األغوار في البحار ونسب المرتفعات في الجبال ومنها قد يكون تعادل بين
التقلصات الجوفية لألرض والتقلصات السطحية ،وقد يكون ألنها تثقل األرض في نقطة
معينة فال تميد بفعل الزالزل والبراكين واالهتزازات الجوفية ،وقد يكون السبب آخر لم
يكشف عنه بعد.
عالقة اآليات بما قبلهاإن هللا عز وجل ذكر دالئل قدرته إلزاما للكافرين بالحجج الدافعة
على قدرته على البعث والنشور ،كما أنه اقتدر أن يخلق هذه الكائنات ،وأنه سبحانه وتعالى
()1
ال يعجزه شيء في األرض وال في السماء.
اوال .عالمات يوم البعث{ :إن يوم الفصل كان ميقاتا ،يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا،
وفتحت السماء فكانت أبوابا ،وسيرت الجبال فكانت سرابا}
أعقب اآليات السابقة ذكر البعث ،وقد حدد وقته وميعاده ،وهو أن يوم الفصل هو يوم
الحساب والجزاء ،وسمي بيوم الفصل ألنه يفصل فيه بين الخالئق ،وجعل له وقتا وميعادا
لألولين واآلخرين ،ويكون ذلك يوم ينفخ في الصور نفخة القيام من القبور فيحضرون
جماعات للحساب والجزاء ،ثم ذكر من أوصاف هذا اليوم تتشقق السماء من كل جانب،
فتكون كاألبواب في الجدران ،كذلك قوله تعالى{ :إذا السماء انشقت} (االنشقاق ، )١
ونسفت الجبال فأصبحت كالسراب يحسبه الناظر شيئا وهو وهم ،عالقة اآليات بما قبلها:
بعد أن بين دالئل قدرته على البعث ،وذكر بعض مشاهد هذا البعث زيادة في تأكيد قدرته
()2
عليه وتخويفا للمنكرين الجاحدين له.
ثالثا .مشاهد الطغاة في النيران :يمضي السياق خطورة وراء النفخ والحشر ،فيصور
مصير الطغاة ،ومصير التقاة ،بادئًا باألولين المكذبين المتسائلين عن النبأ العظيم.
قال تعالى{ :إن جهنم كانت مرصادا ،للطاغين مآبا ،البثين فيها أحقابا ،ال يذوقون فيها بردا
وال شرابا ،إال حميما وغّساقا ،جزاءًا وفاقًا ،إنهم كانوا ال يرجون حسابا ،وكذبوا بآياتنا
1وهبة الزحيلي ،التفسير الوسيط ،دار الفكر دمشق ،ج ،٣ص .٢٨٠٧
2سيد قطب ،في ظالل القرآن ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،م/ج ،/٦ص .٣٨٠٤
16
كذابا ،وكل شيء أحصيناه كتابا ،فذوقوا فلن نزيدكم إال عذابا} ،إن جهنم خلقت ووجدت
وكانت مرصادًا للطاغين ،تنتظرهم وينتهون إليها فهي معّد ة لهم ،ومهيأة الستقبالهم ،فكانت
جهنم مآبا لهم لإلقامة الطويلة المتجددة أحقابا بعد أحقاب ،فشرابهم الماء الساخن والغّساق
الذي يغسق من أجساد المحروقين ويسيل {جزاء وفاقا} وهذا يوافق ما سلفوا وقّد موا {إنهم
كانوا ال يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كّذ ابا} ،وجرس اللفظ فيه شّد ة توحي بشّد ة التكذيب
وشدة اإلصرار عليه ،بينما كان هللا يحصى عليهم كل شيء وهنا يجيء التأنيب الميئس من
كل رجاء في تغيير أو تخفيف {فذوقوا فلن نزيدكم إال عذابا} ،عالقة اآليات بما قبلها :بعد
أن ذكر هللا تعالى مشاهد من مشاهد يوم القيامة بين جزاء من كذب بيوم القيامة موضحًا أن
()1
تكذيبهم إنما يعود بالضرر عليهم.
{إن للمتقين مفازا ،حدائق وأعنابا ،وكواعب أترابا ،وكأسًا دهاقا ،ال يسمعون فيها لغوًا وال
كذابا ،جزاًء من ربك عطاًء حسابا} ،إن المتقين ينتهون إلى مفازة ومنجاة ،تتمثل في
الحدائق واألعناب وكواعب وهن الفتيات الناهدات اللواتي استدارت أثداؤهن ،وأترابا
متوافيات السن والجمال ،وكأسا دهاقا ما كان فيه من شراب كلما فرغت ملئت مرة أخرى،
فهم في حياة مصونة من اللغو والتكذيب الذي يصاحبه الجدل{ ،جزاًء من ربك عطاُء
حسابًا} ،وتلمح هنا ظاهرة األناقة في التعبير والموسيقى في التقسيم بين (جزاء) و
(عطاء).
عالقة اآليات بما قبلها :بعد أن ذكر هللا تعالى عاقبة من كذب بيوم البعث بين جزاء من آمن
()2
به وصدق به.
1محمد الصابوني ،صفوة التفاسير ،دار الصابوني ،القاهرة ،ج ،٣ص .٤٤٨
2سيد قطب ،في ظالل القرآن ،دار إحياء التراث ،بيروت ،م/ج ،٦ص .٣٨٠٨
17
المطلب الثاني :أثر االيمان باليوم االخر
{رب السماوات واألرض وما بينهما الرحمن ال يملكون منه خطابا ،يوم يقوم الروح
والمالئكة صفًا ال يتكلمون إال من أذن له الرحمن وقال صوابا} ،إن موقف المقربين إلى هللا
وهم جبريل والمالئكة ،األبرياء من الذنوب والمعصية موقفهم هكذا صامتين ،ال يتكلمون
إال بإذن وحساب ،يغمر الجو بالروعة والرهبة واإلجالل والوقار ،عالقة اآليات بما قبلها:
تكملة لمشاهد اليوم الذي يتم فيه ذلك كله ،يأتي المشهد الختامي في السورة حيث يقف
()1
جبريل والمالئكة ال يتكلمون إال ما هو صواب.
{ ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا ،إنا أنذرناكم عذابًا قريبا ،يوم ينظر المرء ما
قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا} ،في ظل هذا المشهد تنطلق صيحة من
صيحات اإلنذار ،إنها الهزة العنيفة ألولئك الذين يتساءلون في شٍك ،فال مجال للتساؤل
واالختالف والفرصة ما تزال سانحة قبل أن تكون جهنم مرصادًا ومآبا ،وهو عذاب يؤثر
الكافر العدم على الوجود{ ،يا ليتني كنت ترابا} ،وهو أهون عليه من مواجهة الموقف
1السيد قطب ،في ظالل القرآن ،دار إحياء التراث ،بيروت /،م/ج ،٦ص .٢٨٠٨
18
المرعب الشديد ،هو الموقف الذي يقابل تساؤل المتسائلين وشك المتشككين في ذلك النبأ
العظيم! عالقة اآليات بما قبلها ،إنذار للبشر بعد عاقبة الكافرين ،وعاقبة المتقين ،ليختار كل
()1
واحد ما يريد.
-١إن لأليمان باهلل واليوم اآلخر أثرا عظيما في توجيه سلوك اإلنسان في هذه الحياة الدنيا
ذلك ألن اإليمان به ،وبما فيه من حساب و ميزان ،وثواب وعقاب وفوز وخسران ،وجنة
ونار له أعمق األثر وأشده في سير اإلنسان وانضباطه ،والتزامه بالعمل الصالح وتقوى هللا
()2
عز وجل.
-٢المسلم مطلوب منه أن يقدم على الحق ،ليدفع الباطل ،وأن يجعل نشاطه كله في األرض
عبادة هلل ،وبالتوجه في هذا النشاط كله هلل ،والبد من جزاء العمل ،وهذا الجزاء ال يتم في
رحلة األرض ،فيؤجل الحساب الختامي بعد نهابة الرحلة كلها ...فالبد إذن من عالم آخر
للحساب ،وحين ينهار أساس اآلخرة في النفس ينهار معه كل تصور لحقيقة هذه العقيدة
()3
وتكاليفها وال تستقيم هذه النفس على طريق اإلسالم أبدًا.
-٣اإليمان باليوم اآلخر له أثر في تحريك العواطف مثل الخجل والحياء من هللا تعالى
والخشية من لقائه وحسابه والرغبة في تجنب سخطه وغضبه ،وفي الوصول إلى مرضاته
ومحبته وهذه العواطف إذا بقيت متوقدة في النفس ،كانت حافزا لإلنسان على العمل فيما
()4
يرضي هللا.
-٤اإليمان باليوم اآلخر ،يعّلم العبد كذلك أن شهوات الدنيا كلها ال تستحق منهم الطلب
()5
والجهد والتنافس فيها ،وأن الذي يستحق إنما هو ما أعد لهم في ذلك اليوم العظيم.
-٥اإليمان باليوم اآلخر يجعل المسلم يؤمن أنه مراقب من المالئكة المرافقين له{،الذين
يقومون بتدوين كل أفعاله الصغيرة والكبيرة ،ويقول تعالى{ :ونخرج له يوم القيامة كتابا
يلقاه منشورًا}.
1سيد قطب ،في ظالل القرآن ،دار إحياء التراث ،بيروت ،م ،٦ص .٣٨٠٦
2المرجع السابق ،ص .٣٨٠٧
3محمد الشرقاوي ،اإليمان حقيقته وأثره في النفس والمجتمع ،دار الجيل ،بيروت ،ص .٢٩٣
4جامعة القدس المفتوحة ،عقيدة ( ، )٢ص .١٨٥
5المرجع السابق ،ص .١٨٥
19
-٦اإليمان باليوم اآلخر يكون كذلك سببا في اإلخالص في العمل.
-٧اإليمان باليوم اآلخر يكّو ن في أعماق النفس دافعًا قويا إلى عمل الخير ومكافحة الشر،
ويكون هذا الدافع أقوى من الجزاء الدنيوي.
-٨اإليمان باليوم اآلخر يكّو ن في أعماق النفس دافعًا قويا إلى عمل الخير ومكافحة الشر،
()1
ويكون هذا الدافع أقوى من الجزاء الدنيوي.
{َر ِّب الَّسماواِت َو اَأْلْر ِض َو ما َب ْي َن ُهَم ا الَّر ْح مِن ال َي ْم ِلُك وَن ِم ْن ُه ِخطابًا (َ )37ي ْو َم َي ُقوُم الُّر وُح
َو اْلَمالِئَك ُة َص ًّفا ال َي َتَك َّلُموَن ِإَّال َم ْن َأِذَن َلُه الَّر ْح مُن َو قاَل َص وابًا ( })38والروح :هو جبريل
عليه الّسالم في رأي األكثرين ،لقول هللا عز وجلَ{ :نَز َل ِبِه الُّر وُح اَأْلِميُن (َ )193ع لى
َقْلِبَك ِلَت ُك وَن ِمَن اْلُم ْن ِذ ِر يَن }( )2واآلية دليل على أن المالئكة وجبريل عليهم الّسالم أعظم
المخلوقات قدرا ومكانة ،وعلى عظمة يوم القيامة ورهبته .وعطف المالئكة على جبريل:
عطف عام ال خاص.
وذلك اليوم يوم القيامة هو اليوم الحق ،أي الثابت الوقوع ،المتحقق الذي ال ريب فيه ،فمن
أراد النجاة ،اتخذ إلى ثواب ربه مرجعا وطريقا يهتدي إليه ،ويقّر به منه ،ويدنيه من
كرامته ،ويباعده من عقابه ،باإليمان الحق والعمل الصالح.
ثم هّد د هللا تعالى الكافرين ،وحّذ رهم وخّو فهم من ذلك اليوم يوم القيامة مرة أخرى .إننا يا
أهل مكة وأمثالكم من الكفار ،حذرناكم وخوفناكم عذابا قريب الوقوع ،وهو في يوم القيامة،
1جامعة القدس المفتوحة ،عقيدة ( ، )٢ص .١٨٥
2الشعراء194 -193 /26 :
20
فإنه لتأكد وقوعه ،صار قريبا ،وألن كل ما هو آت قريب ،وفي هذا اليوم القريب الوقوع،
ينظر كل امرئ ما قدم من خير أو شر في حياته األولى في الدنيا ،ويقول الكافر من شدة ما
يعانيه من أنواع األهوال والعذاب ،كأبي بن خلف ،وعقبة بن أبي معيط ،وأبي جهل ،وأبي
سلمة بن عبد األسد المخزومي :ليتني كنت ترابا كالحيوانات ،لم أخلق ،فهو يتمنى أن لم
يكن إنسانا موجودا أوال ،وال مبعوثا ثانيا أو مرة أخرى .وإنما تصير الحيوانات ترابا بعد
()1
االقتصاص من بعضها لبعض.
وهاتان اآليتان األخيرتان تدالن على أن الناس يكونون يوم القيامة فريقين :فريق المؤمنين
المقربين من ثواب هللا وكرامته ورضاه ،وفريق الكافرين الجاحدين البعيدين من رحمة هللا،
الواقعين في صنوف العذاب ،فأي الفريقين أهدى سبيال ،وأرشد طريقا ،وأسلم عاقبة،
وأحسن قدوة؟! لو سئل صبي عاقل دون البلوغ عن الفرق ألجاب ،ولما وسعه إال اتباع أهل
اإليمان والنجاة.
الثاني :اإليمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه (كجبريل) ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجماال.
الثالث :اإليمان بما علمنا من صفاتهم ،كصفة (جبريل) فقد أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم
أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد األفق .وقد يتحول الملك بأمر
هللا تعالى إلى هيئة رجل ،كما حصل (لجبريل) حين أرسله تعالى إلى مريم فتمثل لها بشرا
سويا ،وحين جاء إلى النبي صلى هللا عليه وسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة ال
يرى عليه أثر السفر ،وال يعرفه أحد من الصحابة ،فجلس إلى النبي صلى هللا عليه وسلم
فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ،ووضع كفيه على فخذيه ،وسأل النبي صلى هللا عليه وسلم عن
اإلسالم ،واإليمان واإلحسان ،والساعة ،وأماراتها ،فأجابه النبي صلى هللا عليه وسلم
()2
فانطلق .ثم قال النبي صلى هللا عليه وسلم :هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .رواه مسلم.
1التفسير الوسيط :باب تفسير سورة نبأ ،دار الفكر ،دمشق،ج،٣٠ص .١٩٨٩
2البخاري ،كتاب بدء الخلق،ص .3233-3232
21
وكذلك المالئكة الذين أرسلهم هللا تعالى إلى إبراهيم ،ولوط كانوا في صورة رجال.
الرابع :اإليمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر هللا تعالى ،كتسبيحه ،والتعبد له
ليال ونهارا بدون ملل وال فتور.
مثل :جبريل األمين على وحي هللا تعالى يرسله به إلى األنبياء والرسل.
ومثل :إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.
ومثل :المالئكة الموكلين باألجنة في األرحام إذا تم لإلنسان أربعة أشهر في بطن أمه ،بعث
هللا إليه ملكا وأمره بكتب رزقه ،وأجله ،وعمله ،وشقي أم سعيد.
ومثل :المالئكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص ،ملكان :أحدهما عن
()1
اليمين ،والثاني عن الشمال.
ومثل :المالئكة الموكلين بسؤال إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسأالنه عن ربه ،ودينه،
ونبيه.
األولى :العلم بعظمة هللا تعالى ،وقوته ،وسلطانه ،فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.
الثانية :شكر هللا تعالى على عنايته ببني آدم ،حيث وكل من هؤالء المالئكة من يقوم
()2
بحفظهم ،وكتابة أعمالهم ،وغير ذلك من مصالحهم.
1أخرجه البخاري ،كتاب بدء الخلق ،باب :ذكر المالئكة .ومسلم ،كتاب البر والصلة ،باب :إذا أحب هللا عبدا حببه إلى
عباده ج،١ص.٤٤٤٤
2أخرجه البخارين كتاب الجمعة ،باب :اإلستماع إلى الخطبة .ومسلم ،كتاب الجمعة ،باب :فضل التهجير يوم الجمعة ،ج
،١ص.٣٤٣٤
22
الثالثة :محبة المالئكة على ما قاموا به من عبادة هللا تعالى.
وقد أنكر قوم من الزائغين كون المالئكة أجساما ،وقالوا إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة
في المخلوقات ،وهذا تكذيب لكتاب هللا تعالى ،وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم وإجماع
المسلمين ،قال هللا تعالى {:الحمد هلل فاطر السماوات واألرض جاعل المالئكة رسال أولي
()1
أجنحة مثنى وثالث ورباع }
وقال } :ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا المالئكة يضربون وجوههم وأدبارهم } (.)2وقال:
()3
{ ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والمالئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم }
()4
وقال { :حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير }
وقال في أهل الجنة{:والمالئكة يدخلون عليهم من كل باب سالم عليكم بما صبرتم فنعم
()5
عقبى الدار }
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال :إذا
أحب هللا العبد نادى جبريل إن هللا يحب فالنا فأحبه ،فيحبه جبريل ،فينادي جبريل في أهل
السماء ،إن هللا يحب فالنا فأحبوه فيحبه أهل السماء ،ثم يوضع له القبول في األرض
وفيه أيضا عنه قال :قال النبي صلى هللا عليه وسلم :إذا كان يوم الجمعة على كل باب من
أبواب المساجد المالئكة يكتبون األول فاألول ،فإذا جلس اإلمام طووا الصحف وجاءوا
يستمعون الذكر.
وهذه النصوص صريحة في أن المالئكة أجسام ال قوى معنوية ،كما قال الزائغون وعلى
()6
مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون.
الحمد هلل رب العالمين ،والعاقبة للمتقين ،وال عدوان اال على الظالمين والصالة والسالم
على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم أما بعد فقد توصلت في هذا البحث الى النتائج
االتية:
-١سورة نبأ سورة مكية وعدد اياتها اربعون اية ،وكلماتها مائة وثالثة وسبعون،
وحروفها ،ثمانية وست وعشرون ،يبدأ الجزء الثالثون بسورة نبأ وهو يعني بجانب العقيدة
وتسمى بسورة (عّم ) وسورة (النبأ) الفتتاحها بقول هللا تعالى{ :عم يتساءلون عن النبأ
العظيم} وهو خبر القيامة والبعث الذي يهتم بشأنه ويسأل الناس عن وقته وحدوثه.
-٢إن القرآن الكريم أثبت قدرة خالل تعمق اإلنسان بالنظر إلى مخلوقات هللا.
-٣ظهر للباحث أن هذه السورة كغيرها من السور المكية تركز على أهداف القرآن المكي
في تصحيح العقيدة المتمثلة في إثبات قدرة هللا جل جاللهو اإليمان باليوم اآلخر و وما فيه
24
من بعث وحساب وأهوال ،واستخدام أسلوب الجمع بين الثواب والعقاب ،فالبشارة للمؤمنين
والعذاب للطغاة المجرمين.
-٤الموضوع األساسي للسورة هو (إثبات قدرة هللا) ،فقد أثبت هذا الموضوع بأدلة مقنعة
كافية لإلجابة عن أسئلتهم.
-٦المنكرون للبعث ليس لهم دليل على إنكارهم؛ ألنه أمر من أمور الغيب وأمور الغيب ال
يعلمها إال هللا.
-٧ظهر في السورة أن الكفار يحاولون إلصاق التهم للمؤمنين ،وذلك بهدف تشويه صورتهم
والنيل منهم ،مع أن تلك الصفات الدنيئة واقعة بهم ال بالمؤمنين.
المصادر
القران الكريم
أبو المسعود الحنفي ،إرشاد العقل السليم في مزايا القرآن الكريم ،دار الكتب العلمية، .1
بيروت ،مجلد ،٥ص .٨١٠ – ٨٠٩
االزهار مختصر طوالع االنوار :الشيخ سلمان العبد ،تحقيق أحمد الشاذلي ،دار .2
الرواق ،االزهري ،القاهرة ،ط١/٢٠١٥م ،ص.١٢٣
االساس في التفسير :سعيد حوى ،دار السالم ،مجلد /١١ص.٦٣٣٣ .3
التحرير والتنوير :محمد طاهر بن عاشور ،المكتبة االسالمية ١٩٩٨ ،ه /ج .4
/٣١ص.١٩
25
تعريف و معنى تأثير في معجم المعاني الجامع – معجم عربي ،المعاني،ج /4ص .5
./٢
الحـدود األنيقـة والتعريفـات الدقيقـة لـزين الـدين أبي يحـيى :زكريـا بـن محمـد بـن .6
أحمـد األنصـاري ،السنيكي المتوفى سـنة (٩٢٦هـ) ص ٧٩،تحقيـق :الـدكتور
مـازن المبـارك ،ط :دار الفكـر المعاصـر ،بيروت ،ط٨ ١/١٤١١ه.
ديمة الشاعر ،التأثير باآلخرين والعالقات العامة ،ج،١ص.٧ .7
شرح المواقف :السيد الشريف الجرجاني ،مطبعة بوالق مصر ١٢٦٦ ،ه/ص.٥٩٣ .8
عبد الحميد كشك ،في رحاب التفسير ،المكتب المصري الحديث ،مجلد ،٩ص .9
.٧٨٢٩
غاية الوصول شرح لب االصول :شيخ االسالم زكريا االنصاري ،مصطفى البابي .10
الحلبي ،واوالده بمصر ،ط ٢/١٣٥٤ه١٩٣٦/م ،ص.١١٠
كتاب التعريفات لعلي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة (٨١٦هـ) ص ١٠٤، .11
تحقيق :جماعة من ،العلمـاء بإشـراف الناشـر ،ط ،ونشـر :دار الكتـب
العلميـة ،بـيروت ،ط١،١٤٠٣هـ -١٩٨٣م،
كتاب التفسير :للميسر ،الجاللين ،السعدي ،البغوي ،الوسيط ،باب تفسير ومعنى .12
االية ١٤عدد االيات / ٤٠ص/٥٨٢ج.٣٠
كتاب التفسير :للميسر ،الجاللين ،السعدي ،البغوي ،الوسيط ،باب تفسير ومعنى .13
االية ١٤عدد االيات / ٤٠ص/٥٨٢ج.٣٠
الكليات معجم في المصـطلحات والفـروق اللغويـة ألبي البقـاء أيـوب بـن موسـى .14
الكفـوي المتـوفى ،سـنة (١٠٩٤هــ) ص ٤٣٩،تحقيـق :عـدنان درويــش ،ومحمــد
المصــري ،ط:مؤسســة الرســالة بيروت
لسان العرب :البن منظور ،مادة (أمن) ،ج،١٣ص.٢٣ .15
محمد الشوكاني ،فتح القدير ،دار المعرفة ،بيروت ،م ،١١ص .٤٤٦ .16
26
معجــــم مقــــاييس اللغــــة ألبي الحســــين أحمــــد بــــن فــــارس بــــن زكريــــاء .17
الــــرازي المتــــوفى ســــنة٣٩٥ ،هــ)،٢٥٩/٢-٢٦٠،تحقيـق :عبـد السـالم محمـد
هـارون ،ط :دار الفكـر١٣٩٩ ،هــ ٢٠٠١-م.
هبة الزحيلي ،التفسير الوسيط ،دار الفكر دمشق ،ج ،٣ص .٢٨٠٧ .18
الوجود ودالالته في الفكر الفلسفي أ.م.د .زينه علي جاسم ،مجلة كلية الفقه /مجلة .19
فصلية علمية محّك مة /العدد 30/2019م.
ينظر :حاشية العطار على جمع الجوامع ،طبع دار الكتب العلمية ،بيروت ،مصورة .20
عن طبعة حجرية ،د .ت ،ج،٢ص٢٣٨
27