Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫ات‬ ‫ردود ومناقش‬

‫((العبادات توقيفية))‬
‫بقلم‪ :‬عايد الشعراوي‬

‫طالعتنا مجلة الفكر اإلسالمي الصادرة عن دار الفتوى في لبنان‪ ،‬في عددها السابع‪ /‬لشهر ذي القعدة من‬
‫عام ‪1407‬هـ وفي الصفحة األخيرة ص ‪ 130‬وهي صفحة تتوج عادة بكلمتي (المال والبنون) وتحت عنوان‬
‫(عيٌد بال قيم) يقول كاتب المقال الذي وقع اسمه بـ "أبو البنين"‪:‬‬
‫(مضى عيد الفطر بأيامه الثالثة وشعرت مع األوالد بأننا عشنا فرحة العيد ولو مع قليل من الغصة‪ ..‬ولم‬
‫تكد األيام الثالثة تمضي مع الفرحة النسبية حتى فاجأنا مصرع الرئيس رشيد كرامي فإذا بقيم الفرح والنعمة‬
‫والرضا تسرق حتى من عيون األطفال ويغدو عيدهم بال قيم) انتهى كالم الكاتب (أبو البنين)‪.‬‬

‫وأقول ردًا على هذا الكالم ما يلي‪:‬‬


‫أوًال‪ :‬العبادات يف اإلسالم توقيفية وال جيوز للمسلم أن يزيد عليها أو ينقص منها شيئًا حتت أي ظرف‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مبا أن أعياد املسلمني حمصورة يف عيدين فقط مها عيد الفطر املبارك وعيد األضحى املبارك‪ ،‬فإن إحياء‬
‫املسلمني هلما هو داخل حتت العبادات اليت حدد الشرع زماهنا ومداها وليس العقل‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الشرع اإلسالمي حدد لنا كم تكون أيام العيدين حني حدد وقت عيد الفطر بيوم واحد وحدد وقت عيد‬
‫األضحى بيوٍم النحر وأيام التشريق الثالثة اليت تليه‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬األعياد هلا أحكام تتعلق هبا‪ ،‬ففيها أعمال مندوبة‪ ،‬وأعمال تعترب مكروهة‪ ،‬وأخرى تعترب حمّر مة‪ ،‬وأخرى‬
‫تعترب سنة مؤكدة ومثال ذلك‪ - :‬القيام ليلة العيدين‪ ،‬والتكبري ليلة الفطر‪ ،‬والغسل للعيدين‪ ،‬وتعجيل الغدو إىل األضحى‬
‫وتأخريه إىل الفطر‪ ،‬األكل قبل صالة العيد يوم الفطر‪ ،‬الزينة للعيدين‪ ،‬اخلروج ألداء الصالة يف املصلى‪ ،‬صالة العيدين‬
‫وخطبيت العيدين‪ ،‬التكبري قبل صالة العيدين‪ ،‬التكبريات خالل صالة العيدين‪ ،‬التكبري بعد الصلوات املكتوبة خالل أيام‬
‫التشريق‪.‬‬
‫خامسًا‪( :‬يوما العيد حيرم صيامهما يف التطوع‪ ،‬والنذر املطلق‪ ،‬والقضاء‪ ،‬والكّف ارة باإلمجاع‪ ،‬وأيام التشريق ال حيّل‬
‫صيامها تطوعًا‪ ،‬أما صيامها للفرض ففي جوازه روايتان)(‪.)1‬‬
‫ويالحظ هنا أن ابن قدامة اعترب العيد يومان يوم الفطر ويوم النحر أما أيام التشريق فهي تشرتك مع العيد يف‬
‫أحكام معينة لذلك اعتربها البعض داخلة من ضمن العيد كما ورد يف "نيل األوطار" للشوكاين(‪ )2‬يف معرض تعليقه على‬
‫احلديث املروي عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪« :‬ما من أيام أعظم عند اهلل سبحانه وال أحُّب إليه‬
‫العمُل من هذه األيام العشر فاكثروا فيهَّن من التهليل والتكبير والتحميد» رواه أمحد‪ ،‬يقول القاضي الشوكاين يف‬
‫تعليقه على احلديث‪ :‬قال ابن أيب محزة احلديث داٌل على أن العمل يف أيام التشريق أفضل من العمل يف غريها وال يعّك ر‬

‫الـوعـي – العـدد الثالث ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬ذو الحجة ‪1407‬هـ ‪ -‬آب ‪1987‬م‬
‫‪1‬‬
‫على ذلك كوُنها أيام عيد كما يف حديث عائشة وال صح من قوله أهنا أيام أكل وشرب كما يف حديث الباب ألن ذلك‬
‫ال مينع العمل فيها بل قد شرع فيها أعلى العبادات وهو ذكر اهلل تعالى ولم يمتنع فيها إال الصوم‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬ضرورة أن يتميز عيدا الفطر واألضحى عن غريمها من املناسبات ألهنما ختام عبادة هي ركن الصوم‬
‫وعبادة أخرى ركن احلج‪ ،‬وألن فيهما عبادة من صالة وذكر هلل كما قال ابن أيب محزة ( شرع فيها أعلى العبادات وهو‬
‫ذكر اهلل تعاىل‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬يرتتب على ما تقدم أن ال نعّظم املناسبات األخرى مثل ذكرى املولد النبوي‪ ،‬وذكرى اهلجرة كما نعّظم‬
‫العيدين وال أن نطلق عليها اسم عيد‪ ،‬بل تبقى ذكرى‪ ،‬ويضاف إىل ذلك أن ال نسّم ي املناسبات العائلية واالجتماعية‪،‬‬
‫والذكريات الوطنية والقومية أعيادًا‪ ،‬وال عيد األم والطفل‪ ،‬وعيد العمال‪ ،‬وال ذكرى الزواج‪ ،‬وال ذكرى والدة طفل‪ ،‬وال‬
‫أية مناسبة أخرى مهما كان شأهنا‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬جيب أن ال نقع يف خطأ حساب عدد أيام العيد بعدد أيام العطلة الرمسية املعلنة من قبل رئيس احلكومة كما‬
‫حصل مع صاحبنا "أبو البنني" غفر اهلل له ولنا وللمؤمنني أمجعني‪.‬‬
‫تاسعًا‪ :‬أن ال منّد د شعائر العيد والتهاين بالعيد مع متديد أيام اإلجازة الرمسية‪ ،‬لكي حنافظ على حدود العيد وال‬
‫نتجاوزها فتصبح مع طول املدة عادة وتتكرس بدعة مضَّلة قد تطول أيامها بقدر طول عيد امليالد أو عيد الفصح‪ ،‬كما‬
‫حيصل من حرص معظم اجلهات الرمسية على تسمية عطلة امليالد بـ (عطلة نصف السنة) وعطلة الفصح بـ (عطلة الربيع)‬
‫وليس ذلك من قبيل املصادفة بل عن عمد وسبق تصميم‪.‬‬
‫عاشرًا‪ :‬أوّج ه نصيحة صادقة للكاتب "أبو البنني" والذي أعرفه وأعرف أي منصب مهم يشغل‪ ،‬أن يّتقي اهلل‬
‫وحسب‪ .‬فأعياد املسلمني كّلها قيم‪ ،‬وتعّلم الناس القيم‪ ،‬وليست بدون قيم كما كتبت‪ .‬فال ختلط بني قيم العيد وبني‬
‫احنراف القيم عند البشر‪ .‬وكل ما جرى ال يعّطل شعائر العيد مهما كان حجم ما حصل‪ .‬وحيق يل أخريًا أن أسال من أين‬
‫جئت باليومني الذين أضفتهما على يوم العيد؟!‪.‬‬
‫ـــــ‬
‫(‪ )1‬املغين‪ :‬البن قدامة‪ ،‬اجلزء الثالث‪ ،‬صفحة ‪.97‬‬
‫(‪ )2‬نيل األوطار‪ :‬الشوكاين‪ ،‬اجلزء الثالث‪ ،‬ص ‪.312‬‬

‫الـوعـي – العـدد الثالث ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬ذو الحجة ‪1407‬هـ ‪ -‬آب ‪1987‬م‬
‫‪2‬‬

You might also like