Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫كلمة «الوعي»‬

‫قتال الفتنة‬
‫يف القتال الذي خيبو مث يستعر يف لبنان (حركة أمل) و(حزب اهلل) يزعم كل طرف أنه يدافع عن نفسه وأن الط‪,‬رف‬
‫اآلخر هو املعتدي‪.‬‬
‫وحنن يف هذه الكلمة لسنا يف صدد البحث عن الب‪,‬ادئ يف االعت‪,‬داء‪ ،‬ذل‪,‬ك أن الط‪,‬رفني بع‪,‬د أن تق‪,‬ابال بالس‪,‬الح ص‪,‬ارا‬
‫معتديني آمثني‪.‬‬
‫ال قيم‪,,‬ة من وجه‪,,‬ة ش‪,,‬رعية ملا يزعم‪,,‬ه ك‪,,‬ل ط‪,,‬رف من أن‪,,‬ه يف موق‪,,‬ف ال‪,,‬دفاع‪ ،‬ألن ال‪,,‬دفاع‪ ،‬يف حال‪,,‬ة الفتن‪,,‬ة‪ ،‬ال حيّل أن‬
‫يكون باستعمال السالح‪.‬‬
‫النص ‪,,‬وص الش ‪,,‬رعية ج ‪,,‬اءت متّي ز بوض ‪,,‬وح بني ح ‪,,‬التني‪ :‬حال ة تع رض ش خص أو أش خاص لغ يرهم باالعت داء على‬
‫أموالهم أو أعراضهم أو أنفسهم؛ وحالة قتال الفتنة حيث يزعم كل طرف أنه على حق‪.‬‬
‫يف احلالة األوىل يكون الدفاع مشروعًا ولو باستعمال السالح لقوله عليه وآله الصالة والسالم‪« :‬من ُقِتل دون ماله‬
‫فه و ش هيد‪ ،‬ومن ُقِت ل دون عرض ه فه و ش هيد‪ ،‬ومن ُقِت ل دون دم ه فه و ش هيد» وملا ورد يف احلديث اآلخ‪,,‬ر‪ :‬أرأيت ي‪,,‬ا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬إن جاء رجل يريد أخذ مايل؟ ق‪,,‬ال‪« :‬ال تعطه مالك»‪ ،‬ق‪,,‬ال‪ :‬أرأيت إن ق‪,,‬اتلين؟ ق‪,,‬ال‪« :‬فقاتْله»‪ ،‬ق‪,,‬ال‪ :‬أرأيَت إن‬
‫قتل‪,,‬ين؟ ق‪,,‬ال‪« :‬أنت في الجنة» ق‪,,‬ال‪ :‬أرأيت إن قتلت‪ُ,‬ه؟ ق‪,,‬ال‪« :‬هو في النار»‪ .‬وه‪,,‬ذه احلال‪,,‬ة هي اعت‪,,‬داء الص‪,,‬ائل أو الس‪,,‬ارق أو‬
‫قاطع الطريق‪.‬‬
‫أم‪,,‬ا احلال‪,,‬ة الثاني‪,,‬ة‪ ،‬وهي حال‪,,‬ة الفتن‪,,‬ة بني املس‪,‬لمني‪ ،‬أي احلال‪,,‬ة ال‪,,‬يت ي‪,,‬زعم ك‪,,‬ل ط‪,,‬رف أن‪,,‬ه على ح‪,,‬ق‪ ،‬س‪,,‬واء ك‪,,‬ان مقتنع‪ً,‬ا‬
‫بزعم نفسه أو غري مقتنع‪ ،‬يف هذه احلالة جاءت نصوص أخ‪,‬رى ال جتيز ال‪,‬دفاع عن النفس بالس‪,‬الح‪ .‬من ه‪,,‬ذه النص‪,,‬وص قول‪,‬ه‬
‫‪« :‬إذا تواجه المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار» ق‪,,‬الوا‪ :‬ي‪,,‬ا رس‪,,‬ول اهلل‪ ،‬ه‪,,‬ذا القات‪,,‬ل فم‪,,‬ا ب‪,,‬ال املقت‪,,‬ول؟ ق‪,,‬ال‪:‬‬
‫«إنه كان حريصًا على قتل صاحبه»‪ .‬وعن أيب ذر رضي اهلل عنه قال‪ :‬ركب النيب ‪ ‬محارًا وأردفين خلفه وق‪,,‬ال‪« :‬يا أبا ذر‬
‫أرأيت إن أص اب الن اس ج وع ش ديد ال تس تطيع أن تق وم من فراش ك إلى مس جدك كي ف تص نع؟» ق‪,,‬ال‪ :‬اهلل ورس‪,,‬وله‬
‫أعلم‪ ،‬ق‪,,‬ال‪« :‬تعفف» ق‪,,‬ال‪« :‬يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس موت شديد يكون البيت فيه بالعبد (يعني القبر) كيف‬
‫تص نع؟» ق‪,,‬ال‪ :‬قلت‪ ،‬اهلل ورس‪,,‬وله أعلم‪ ،‬ق‪,,‬ال‪« :‬اص بر» ق‪,,‬ال‪« :‬ي ا أب ا ذر أرأيت إن قت ل الن اس بعض هم بعض ًا يع ني ح تى‬
‫تغرق حجارة الزيت من الدماء كيف تصنع؟» قال‪ :‬اهلل ورس‪,,‬وله أعلم‪ ،‬ق‪,,‬ال‪« :‬اقعد في بيتك واغلق عليك بابك» ق‪,,‬ال‪:‬‬
‫فإن مل أنزل‪ ،‬قال‪« :‬فأت من أنت منهم فكن فيهم» قال فآخ‪,,‬ذ س‪,,‬الحي‪ ،‬ق‪,,‬ال‪« :‬فِِإ ذْن تشاركهم فيما هم فيه‪ ،‬ولكن إذا‬
‫خشيت أن يردعك شعاع السيف فألِق طرف ردائك على وجهك كي يبوء بإثمه وإثمك»‪ .‬وق‪,,‬ال رس‪,,‬ول اهلل ‪« :‬إنها‬
‫ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي» قال‪ :‬أف‪,,‬رأيت إن دخ‪,,‬ل علّي‬
‫بييت فبسط يده إّيل ليقتل‪,,‬ين فق‪,,‬ال رس‪,,‬ول اهلل ‪« :‬كن كابن آدم» وتال‪َ :‬لِئْن َبَس طَت ِإَلَّي َيَد َك ِلَتْق ُتَلِني َم ا َأَنا ِبَباِس ٍط َيِد ي‬
‫ِإَلْيَك َأِلْقُتَلَك ِإِّني َأَخ اُف الَّلَه َر َّب اْلَعاَلِم يَن ‪.»‬‬
‫ومعل‪,,‬وم أن ابن آدم ه‪,,‬ذا ك‪,,‬ان مظلوم‪ً,‬ا ومعت‪,,‬دى علي‪,,‬ه بش‪,,‬كل ال َلْبَس في‪,,‬ه‪ ،‬وم‪,,‬ع ذل‪,,‬ك فرس‪,,‬ول اهلل ‪ ‬يأمرن‪,,‬ا‪ ،‬يف حال‪,,‬ة‬
‫الفتنة‪ ،‬أن نتصرف مثل تصرفه‪« :‬كن كخير ابني آدم»‪.‬‬
‫إن ال‪,,‬دفاع عن النفس يف حال‪,,‬ة الفتن‪,,‬ة يك‪,,‬ون ب‪,,‬أن يل‪,,‬وذ من وج‪,,‬ه أه‪,,‬ل الفتن‪,,‬ة ب‪,,‬أن يغل‪,,‬ق علي‪,,‬ه باب‪,,‬ه‪ ،‬أو ب‪,,‬أن يرح‪,,‬ل من‬
‫املكان الذي فيه الفتنة إىل مكان آمن‪ ،‬أو بأن يساير أه‪,‬ل الفتن‪,‬ة وي‪,‬ذكرهم اآلخ‪,‬رة‪ ،‬أو ب‪,‬أن يستس‪,‬لم هلم‪ .‬أم‪,‬ا إن أخ‪,‬ذ س‪,‬الحه‬
‫وواجههم فإن ‪,,‬ه يك ‪,,‬ون ق ‪,,‬د ش ‪,,‬اركهم وص ‪,,‬ار فاس ‪,,‬قًا مثلهم‪ ،‬وانطب ‪,,‬ق علي ‪,,‬ه ح ‪,,‬ديث‪« :‬إذا التقى المس لمان بس يفهما فالقات ل‬
‫والمقتول في النار»‪.‬‬
‫وهن ‪,,‬اك أح ‪,,‬اديث كث ‪,,‬رية مبع ‪,,‬ىن ت أمر المس لمين في الفتن ة أن يقطع وا أوت ار ِقِس َّيهم وأن يض ربوا ح د س يوفهم‬
‫باألرض‪ ،‬أي أن يعطلوا أسلحتهم كي ال يطغيهم الشيطان يف ساعة هتّو ر إلشهارها يف وجه بعضهم‪.‬‬
‫إن ه‪,,‬ذه النص‪,,‬وص ص‪,,‬حيحة ومتف‪,,‬ق عليه‪,,‬ا يف كتب أه‪,,‬ل الس‪,‬نة والش‪,‬يعة‪ .‬وهي واض‪,,‬حة ك‪,‬ل الوض‪,,‬وح‪ .‬مث نس‪,‬مع بع‪,,‬د‬
‫ذل ‪,,‬ك من يق ‪,,‬ول‪ :‬إن القت ‪,,‬ال بني املس ‪,,‬لمني مش ‪,,‬روع حني يك ‪,,‬ون دفاع‪ً, ,‬ا عن النفس‪ ،‬وخيلط ‪,,‬ون بني قت ‪,,‬ال الفتن ‪,,‬ة احملّر م يف مجي ‪,,‬ع‬
‫احلاالت‪ ،‬وبني دفع الصائل املشروع‪.‬‬
‫وبع ‪,,‬د أن توض ‪,,‬ح هلم الف ‪,,‬رق بني احلالتني يص ‪,,‬رون على العن ‪,,‬اد ويزعم ‪,,‬ون أن عن ‪,,‬دهم فت ‪,,‬وى ش ‪,,‬رعية ت ‪,,‬بيح ه ‪,,‬ذا القت ‪,,‬ال‬
‫الظامل‪.‬‬
‫حنن ملن نقرأ هذه الفتوى‪ ،‬ومل يعلن أحد من العلماء أنه أصدر مثل هذه الفت‪,‬وى‪ ،‬ب‪,‬ل نس‪,‬مع أن اجلمي‪,‬ع حيرم‪,,‬ون ه‪,,‬ذا‬
‫التقاتل ويتربأون منه‪.‬‬
‫ولنفرض أن هن‪,‬اك فت‪,‬وى س‪,‬رّية‪ .‬فه‪,‬ل مث‪,‬ل ه‪,‬ذه الفت‪,‬وى ت‪,‬ربئ الذم‪,‬ة عن‪,‬د اهلل‪ .‬وه‪,‬ل الع‪,‬امي املقل‪,‬د ت‪,‬ربأ ذمت‪,‬ه ش‪,‬رعًا إذا‬
‫قّلد فتوى وهو يرى أهنا تصطدم صراحة بنصوص الشرع الصحيحة؟‬
‫هنا تكمن املشكلة‪.‬‬
‫ِم‬
‫إن اهلل أمرن‪,,‬ا أن نتب‪,,‬ع ال‪,,‬وحي ال‪,,‬ذي أنزل‪,,‬ه ومل ي‪,,‬أذن لن‪,,‬ا نتب‪,,‬ع أه‪,,‬واء الرج‪,,‬ال‪ .‬ق‪,,‬ال تع‪,,‬اىل‪ :‬اَّتِبُع وا َم ا ُأْن ِز َل ِإَلْيُك ْم ْن‬
‫َر ِّبُك ْم َو َال َتَّتِبُع وا ِم ْن ُدوِن ِه َأْو ِلَي اَء‪ .‬حنن نعلم أن الع ‪,,‬امِل ال ‪,,‬ذي نقل ‪,,‬ده ليس معص ‪,,‬ومًا ب ‪,,‬ل جيوز علي ‪,,‬ه اخلط ‪,,‬أ وجيوز علي ‪,,‬ه أن‬
‫ينح‪,‬رف عن احلق ويتب‪,‬ع اهلوى‪ .‬وليس مع‪,‬ىن ه‪,‬ذا أن نبقى يف حال‪,‬ة ش‪,‬ك ب‪,‬املرجع ال‪,‬ذي نقل‪,‬ده‪ ،‬ب‪,‬ل معن‪,‬اه أنن‪,‬ا إذا وج‪,‬دنا فت‪,‬واه‬
‫تصطدم مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة فال حيل لنا عند ئذ أن نعمل بفتواه‪ ،‬وإن عملنا نكون ق‪,‬د تركن‪,‬ا ش‪,‬رع اإلس‪,‬الم‬
‫واتبعنا أهواء األشخاص‪ .‬أرأيتم لو أن العامل أف‪,‬ىت بالس‪,‬رقة والزن‪,‬ا وش‪,‬رب اخلم‪,‬ر وأك‪,‬ل الرب‪,‬ا‪ ،‬فه‪,‬ل جيوز للع‪,‬امي أن يعم‪,‬ل مبث‪,‬ل‬
‫هذه الفتاوى حبجة أن‪,‬ه ع‪,‬امي وأن ال‪,‬ذي أف‪,‬ىت هبا ع‪,‬امل‪ ،‬وه‪,‬ل يس‪,‬وغ للع‪,‬امي أن يق‪,‬ول‪ :‬أن‪,‬ا ال أع‪,‬رف يف ال‪,‬دين مث‪,‬ل ه‪,‬ذا الع‪,‬امل‬
‫وما دام يف نظري من أهل العلم والتقوى فأنا آخذ عنه مهما كانت فتواه‪ ،‬وتك‪,‬ون ذم‪,‬يت بريئ‪,‬ة عن‪,‬د اهلل؟ إن ذل‪,‬ك غ‪,‬ري س‪,‬ائغ‪،‬‬
‫ألن هناك يف الدين أمورًا معلومة وال يعذر املسلم يف جهلها ولو كان أميًا‪.‬‬
‫وإذا ك ‪,,‬انت الس ‪,,‬رقة وش ‪,,‬رب اخلم ‪,,‬ر وأك ‪,,‬ل الرب ‪,,‬ا حرام ‪ً,‬ا قطعي ‪ً,‬ا وال يع ‪,,‬ذر مس ‪,,‬لم يف جه ‪,,‬ل ه ‪,,‬ذه األحك ‪,,‬ام‪ ،‬ف ‪,,‬إن قت ‪,,‬ل‬
‫املسلمني وإرعاهبم وتشريدهم وتدمري بيوهتم وإتالف أمواهلم هو أشد حرمة وأكثر وضوحًا‪ ،‬وال عذر فيه ألمي أو عامل‪ ،‬وال‬
‫قيمة فيه لفتوى‪.‬‬
‫والتكف ‪,,‬ري ليس مس ‪,,‬ألة مزاجي ‪,,‬ة‪ .‬وق ‪,,‬د درجت ع ‪,,‬ادة أن من أراد أن يقات ‪,,‬ل مس ‪,,‬لمًا أن يص ‪,,‬در أوًال فت ‪,,‬وى بتكف ‪,,‬ريه‪ ،‬من‬
‫أجل أن يقول‪ :‬أنا ال أقاتل مسلمني‪ ،‬أنا أقاتل كفارًا‪ ،‬وذلك من أجل أن يربر جلماعته أو للناس مشروعية عمله‪.‬‬
‫تكفري املسلم حبد ذاته جرمية كبرية‪ ،‬إذ أن سبابه فسوق فكيف بتكف‪,,‬ريه‪ .‬واملس‪,‬لم ال ُيعت‪,‬رب أن‪,‬ه كف‪,,‬ر مبج‪,‬رد وقوع‪,,‬ه يف‬
‫املعاصي‪ .‬ورغم أن قتال املسلمني يعترب جرمية من أكرب الكبائر ألن الرسول ‪ ‬عرب عنه بالكفر جمازًا إذ قال‪« :‬سباب المسلم‬
‫فسوق وقتاله كفر» وم‪,,‬ع ذل‪,,‬ك ف‪,,‬إن اآلي‪,,‬ة الكرمية مل تعت‪,,‬ربه كف‪,,‬رًا إذ ق‪,,‬ال تع‪,,‬اىل‪َ :‬و ِإْن َطاِئَف َت اِن ِم ْن اْلُم ْؤ ِم ِنيَن اْقَتَتُل وا‪ ‬فهم‬
‫رغم اقتت‪,,‬اهلم م‪,,‬ا زال الق‪,,‬رآن يعت‪,,‬ربهم مؤم‪,,‬نني‪ .‬ول‪,,‬ذلك فلج‪,,‬وء ك‪,,‬ل ط‪,,‬رف إىل تكف‪,,‬ري الط‪,,‬رف اآلخ‪,,‬ر س‪,,‬يزيد يف إمثه وليس يف‬
‫تربير قتاله‪.‬‬
‫وإذا خ ‪,,‬ادعت األط ‪,,‬راف املتقاتل ‪,,‬ة نفس ‪,,‬ها وق ‪,,‬الت‪ :‬حنن يف موق ‪,,‬ف املدافع‪ ،‬أو ق ‪,,‬الت‪ :‬أن الط ‪,,‬رف اآلخ ‪,,‬ر ك ‪,,‬افر وليس‬
‫مبسلم‪ ،‬فماذا يقولون عن السكان األبرياء الذين مل يدخلوا مع طرف ضد طرف‪ ،‬كيف يربرون ت‪,,‬رويعهم وتش‪,,‬ريدهم وقتلهم‬
‫وتدمري بيوهتم وإتالف أمواهلم؟‬
‫أال فليتقوا اهلل وليخرجوا من فتنة الشيطان‪.‬‬
‫أسرة «الوعي»‬

You might also like