Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫ة‬ ‫ف تاريخي‬ ‫مواق‬

‫أحكام الجهاد والسياسة والحرب‬

‫معركة بدر الكبرى‬


‫‪َ‬و ِإْذ َغَد ْو َت ِم ْن َأْه ِل َك ُتَبِّو ُئ اْلُم ْؤ ِم ِنيَن َم َق اِع َد ِلْلِق َت اِل َو الَّل ُه َس ِم يٌع َعِليٌم ‪ِ ‬إْذ َه َّم ْت َطائَف َت اِن ِم ْنُك ْم َأْن َتْف َش َال‬
‫َو الَّل ُه َو ِلُّيُه َم ا َو َعَلى الَّل ِه َفْلَيَتَو َّك ْل اْلُم ْؤ ِم ُن وَن ‪َ ‬و َلَق ْد َنَص َر ُك ْم الَّل ُه ِبَب ْد ٍر َو َأْنُتْم َأِذ َّل ٌة َف اَّتُق وا الَّل َه َلَعَّلُك ْم َتْش ُك ُر وَن ‪.‬‬
‫م ع حل ول الش هر املب ارك من ك ل ع ام‪ ،‬ي ذكر املس لمون فيم ا ي ذكرون أول معرك ة عس كرية حامسة ج رت بني‬
‫املسلمني بقيادة رسول اهلل حممد ‪ ‬وبني الكفار‪ ،‬وهي معركة بدر الكربى‪ .‬ويف هذه املعركة انتصر املسلمون انتصارًا مبين ًا‪،‬‬
‫فكان انتصارهم تثبيتًا وتدعيمًا ألسس الدولة اإلسالمية الناشئة‪ ،‬وبذلك كانت هذه املعركة نقطة حتول فاصلة يف التاريخ‪.‬‬
‫در األوىل‪.‬‬ ‫غرى أو ب‬ ‫در الص‬ ‫يزًا هلا عن ب‬ ‫ربى متي‬ ‫درًا الك‬ ‫د مسيت ب‬ ‫وق‬
‫ورد يف سرية ابن هشام أن سيدنا حممدًا ‪ ‬وصل إىل املدينة مهاجرًا (لثنيت َعْش رة ليل ًة مضت من شهر ربيع األول‬
‫وشهر ربيع اآلخر‪ ،‬ومجاديني‪ ،‬ورجبًا‪ ،‬وشعبان‪ ،‬وشهر رمضان‪ ،‬وشواًال‪ ،‬وذا القعدة‪ ،‬وذا احلجة‪ ،‬واحملرم‪ ،‬مث خرج غازي ًا يف‬
‫صفر على رأس اثين عشر شهرًا من مقدمه املدينة)‪ ،‬مث أورد أمساء الغزوات أو السرايا اليت حصلت مع ذكر الشهور اليت‬
‫ا‪:‬‬ ‫لت فيه‬ ‫حص‬
‫غزوة األب واء أو غزوة ودان‪ :‬وحص لت يف ش هر ص فر أي قب ل اكتم ال الع ام األول من هجرت ه ‪.‬‬
‫س رية عبي دة بن الح ارث‪ :‬وبعث ه ‪ ‬حني أقب ل من غ زوة األب واء‪ ،‬قب ل أن يص ل إىل املدين ة‪.‬‬
‫س رية حمزة إلى س يف البح ر‪ :‬وُبعث يف نفس ال وقت ال ذي ُيعث في ه عبي دة بن احلارث‪ ،‬ولكن إىل مك ان غ ري‬
‫ه‪.‬‬ ‫ذي بعث ل‬ ‫ان ال‬ ‫املك‬
‫غزوة ب واط‪ :‬خ رج على رأس ها رس ول اهلل ‪ ‬يف ش هر ربي ع األول أي بع د م رور ع ام على اهلج رة‪.‬‬
‫غزوة العشيرة‪ :‬ومتت بقي ادة رس ول اهلل ‪ ‬وك انت يف مجادى األوىل ولي ال من مجادى اآلخ رة‪.‬‬
‫سرية سعد بن أبي وقاص‪ :‬يقول ابن هشام أن بعض أهل العلم ذكر أن َبْع ث سعد هذا كان بعد سرية محزة إىل‬
‫ر‪.‬‬ ‫يف البح‬ ‫س‬
‫غزوة ص فوان‪ :‬وهي غ زوة ب در األوىل‪ ،‬وك انت بقي ادة س يدنا حمم د ‪ ‬يف مجادى اآلخ رة‪.‬‬
‫هر رجب‪.‬‬ ‫در األوىل يف ش‬ ‫دب‬ ‫انت بع‬ ‫دك‬ ‫د اهلل بن جحش‪ :‬وق‬ ‫رية عب‬ ‫س‬
‫غزوة بدر الكبرى‪ :‬خرج على رأسها سيدنا حممد ‪ ‬يف الثامن من شهر رمضان وحدثت املعركة صبيحة السابع‬
‫عشر من رمضان املبارك‪ .‬وقال ابن إسحاق‪ :‬وكان فراُغ رسول اهلل ‪ ‬من بدر عقب شهر رمضان أو يف شوال‪ .‬وملا قدم‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مل يقم هبا (املدينة) إال سبع لياٍل حىت غزا بنفسه يريد بين ُس ليم‪ .‬ومُس يت الغزوة بغزوة بني ُس ليم‪ ،‬مث كانت‬
‫بعدها غزوها السوين‪ ،‬مث غزوة ذي أمر‪ ،‬مث غزوة الفرع‪ ،‬مث غزوة بني قينقاع‪ ،‬مث سرية زيد بن حارثة إىل القردة مث‬
‫ك انت غزوة أح د وال يت دبرهتا ق ريش للث أر من املس لمني نتيج ة ه زميتهم يف ب در الك ربى‪.‬‬

‫الـوعـي – العـدد الثاني عشر ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬رمضان ‪1408‬هـ ‪ -‬أيار ‪1988‬م‬
‫‪1‬‬
‫أولى معارك الحسم‬
‫هذا التسلسل للغزوات الذي ورد يف السرية النبوية ميكننا أن نستخلص منه عدة أمور‪ .‬منها أن معركة بدر الكربى‬
‫مل تكن أول احتكاك بني املسلمني واملشركني‪ ،‬وإمنا كانت أول معركة مواجهة حُت شد فيها قوى من الفريقني أكثر عددًا‬
‫وعدة‪ ،‬وأول معركة تأخذ طابع احلسم إما لصاحل اإلسالم واملسلمني وإما لصاحل الشرك وأهل‪ ،‬لذلك ارتدت طابعًا ذا أمهي ة‬
‫ريقني‪.‬‬ ‫دى كال الف‬ ‫ل‬
‫دروس كث رية تلك اليت استخلص ها املس لمون من تلك املعرك ة الفاص لة لكنين أود الرتك يز على بعض النق اط اليت‬
‫قّلما يتطرق إليها اخلطباء والكتاب حني استعراضهم لنتائج هذه املعركة‪ ،‬وذلك من خالل تركيزهم على وقت حصوهلا يف‬
‫رمض ان‪ ،‬وعلى موق ف األنص ار املش ّر ف ومحاس هم هلا مبا ال يق ل عن محاس امله اجرين‪ ،‬ومن خالل ترك يزهم على ن زول‬
‫سيدنا حممد ‪ ‬عند رأي فيّن ألحد الصحابة يف اختيار مكان املعركة‪ ،‬وكذلك تركيزهم على عدد املسلمني القليل‪ ،‬وع ّد هتم‬
‫املتواضعة‪ ،‬مقابل جيش الشرك الذي فاقهم عددًا وعدة‪ ،‬وعن نزول املالئكة إلسناد املسلمني‪ ،‬وعن البطوالت اليت سطرها‬
‫لمني‪.‬‬ ‫درًا من املس‬ ‫هد ب‬ ‫ل من ش‬ ‫ك‬
‫كل هذه احلقائق اليت وردت يف كتب السرية ينبغي تذكرها دوم ًا وأخذ الِع َرب منها‪ ،‬لكن ال ينبغي الوقوف عند‬
‫حد التباهي بأجماد املاضي والتغين ببطوالت السلف الصاحل دون االقتداء هبم والسري على هنجهم‪ ،‬فأولئك الرواد األوائل مل‬
‫خيوضوا معاركهم رياًء ومُس عة‪ ،‬وإمنا خاضوها إلعالء كلمة اهلل ولتكون كلمة الذين كفروا السفلى‪ ،‬وحنن أحفادهم نتغىن‬
‫بأجمادهم وكلمة اهلل ليست هي العليا يف كل شؤون احلياة وإن كانت العليا عند األتقياء واملخلصني من املؤمنني العاملني‪.‬‬

‫مبادأة بالقتال‬
‫ويف الع ودة إىل معرك ة ب در الك ربى نستش ف بعض احلق ائق ال يت ُتلقي الض وء على كث ري من اجلوانب ال يت أراد أن‬
‫يعّتم عليها من ال يريد هلذا الدين أن ينتصر وأن يسود‪ .‬ويستوقفين من هذه احلقائق حقيقة أن غزوة بدر الكربى وما سبقها‬
‫من غزوات وسرايا بلغن الثمانية‪ ،‬كلها كانت مببادأة ومبادرة من قبل املسلمني لعدّو هم‪ ،‬ومل تك غزوات دفاعية أو رّدات‬
‫فعل على غزو مشرك‪ ،‬فرسول اهلل ‪ ‬أقام دولته يف املدينة املنورة ووسط قوم هم األنصار‪ ،‬وفيهم منعة تكفي حلماية دعوته‬
‫ودولت ه ودون الش عور ب اخلوف الق ريب من هجم ة غ در‪ .‬واملالح ظ أيض ًا أن الس رايا والغ زوات ال يت س بقت ب در الك ربى‬
‫كانت يف طبيعتها تشبه اجلوالت التدريبية‪ ،‬ويالحظ أيض ًا أن الكف ار يف مك ة شعورا بأهنا حتمل ط ابع التحدي لسلطتهم‬
‫وهيبتهم‪ ،‬فمن ك ان يف موق ع ال دفاع ي ا ت رى كف ار مك ة أم س يدنا حمم د ‪ ‬وص حبه الك رام؟‬
‫أن الغزوات اليت سبقت بدرًا الكربى وتتوجيها بغزوة بدر نفسها تعترب دليًال قوي ًا على أن املسلمني كانوا يف موقع‬
‫التحدي للكفر‪ ،‬ويف موقع الفعل وليس رد الفعل‪ ،‬وكل فقهاء املسلمني يس ّم ون حروب املسلمني مع الكفار جهادًا‪ ،‬وإذا‬
‫ك ان الرس ول ‪ ‬وص حبه الك رام ق د ق اموا هبذا اجله اد ابت داًء وهم يف حال ة هج وم والكف ار يف حال ة دف اع‪ ،‬فمن أين ج اء‬
‫البعض بدعوى أن اجلهاد هو حرٌب دفاعية؟! مع أن كل كتب السرية تؤكد أن غالبية الغزوات اليت خاضها سيدنا حممد ‪‬‬
‫ك انت املب ادأة فيه ا تتم من قب ل املس لمني‪ ،‬ويس تثىن من ذل ك معرك ة أح د وغ زوة اخلن دق‪ .‬ولكن الق ائلني ب أن اجله اد ه و‬
‫حرب دفاعية أرادوا من مقولتهم التخّلص من هجوم الكفار واملستشرقني على اإلسالم بأنه دين قام على السيف‪ ،‬فوقفوا‬
‫موقف الدفاع عن اإلسالم وقبلوا أن يكون اإلسالم مّتهمًا‪ ،‬فوقعوا يف اخلطأ من جراء موقفهم هذا‪ ،‬مع أن اآليات القرآنية‬
‫الـوعـي – العـدد الثاني عشر ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬رمضان ‪1408‬هـ ‪ -‬أيار ‪1988‬م‬
‫‪2‬‬
‫واألحاديث النبوية تؤكد أن الشرع يطلب من املسلمني محل اإلسالم والدعوة له باجلهاد‪ ،‬وأن رسول اهلل ‪ ‬كان يوصي‬
‫قادة اجليش بأن يدعوا القوم املتوجهني إليهم جبيشه إىل ثالثة أمور‪ :‬أن يدخلوا يف اإلسالم وإال فاجلزية‪ ،‬وإن رفضوا كال‬
‫اخليارين السابقني فال يتبقى سوى اخليار الثالث هو احلرب‪ .‬ولكن هذه احلرب ال ُيقصد منها التقتيل واإلبادة جملرد االنتقام‬
‫وحتقي ق الغلب ة‪ ،‬ولكن ُيقص د منه ا إزال ة العوائ ق املادي ة ال يت حتول دون وص ول دع وة احلق إىل األمم األخ رى‪ ،‬ومن تل ك‬
‫العوائ ق الس لطات احلاكم ة ومرتكزاهتا‪ ،‬وهي أك رب ع ائق يف طري ق دع وة الن اس للن ور واهلداي ة‪ .‬ومن هن ا ف إن إزال ة تل ك‬
‫العوائق تكون بناًء على ختطيط مسبق ونية مبّيتة وحتضري إعالمي وميداين‪ ،‬واختيار الوقت املناسب ولك ذلك يأيت كمقدمة‬
‫للمبادأة بالقتال وال ينتظر دائم ًا حىت يقوم اآلخرون باملبادأة ليكون ذلك مربرًا لنا للرد عليهم حىت يكون ذلك يف عداد‬
‫احلرب الدفاعية‪ ،‬ألهنم قد ال يهامجوننا طيلة حياهتم فهل ننتظر ونعّطل اجلهاد؟ كال فاجلهاد ماٍض إىل يوم القيامة كما عّلمنا‬
‫لني ‪.‬‬ ‫يد املرس‬ ‫س‬

‫من الدعوة إلى الدولة‬


‫املالحظ ة األخ رى ال يت تس رتعي االنتب اه هي م ا ورد يف س رية ابن هش ام عن ع دد اجملاه دين من امله اجرين ال ذين‬
‫شهدوا بدرًا‪ ،‬فق د ورد أن ع ددهم ك ان ثالث ة ومثانني رجًال‪ .‬وإذا اعتربنا أن ه ذا الع دد أقص ى حد للتعبئ ة العس كرية اليت‬
‫استطاع سيدنا حممد ‪ ‬تدبريه‪ ،‬فمعىن ذلك أن عدد املهاجرين من مكة من الرجال يزيد عن هذا العدد بقليل‪ ،‬ألنه من‬
‫احملتم ل أن يك ون هن اك بعض املتخلفني يف املدين ة فمن العج زة واملرض ى وكب ار الس ن‪ .‬وبن اء على ذل ك نس تنتج أن ع دد‬
‫الصحابة الذين خاضوا جتربة الدعوة يف مكة بصحبة الرسول الكرمي ‪ ،‬وذلك يعين أن هذا العدد هو حصيلة ثالثة عشر‬
‫عامًا من الدعوة لكتلة يقودها الرسول ‪ ‬املؤيد بالوحي‪ ،‬ويعين أيض ًا أن هذه الكتلة مل تستطع تغيري جمتمع مكة من جمتمع‬
‫جاهلي إىل جمتمع إسالمي‪ ،‬ولذلك ألن جمتمع مكة كان نظامه نظام كفر وعالقاته عالقات كفر والناس فيه حيملون عقيدة‬
‫الش رك والعالق ات بني الن اس قائم ة على أس اس الكف ر‪ ،‬ومل يس تطع البض ع والثم انون رجًال أن يغ ريوا ك ل ه ذه األش ياء‪:‬‬
‫عقيدة الناس ومشاعرهم وعالقاهتم واألنظمة اليت تطبق عليهم‪ ،‬ومل يتحول جمتمع مكة إىل جمتمع إسالمي إال بعد فتح مكة‬
‫عندما سيطر اإلسالم بأشخاصه املسلمني ونظامه املأخوذ من العقيدة اإلسالمية‪ ،‬وسيطرت أيض ًا املشاعر اإلسالمية‪ .‬هكذا‬
‫حصل تغيري جمتمع مكة‪ .‬فأي تغيري جذري انقاليب ال مكان يف إلصالح أفراد اجملتمع فردًا فردًا‪ ،‬وال مكان فيه للتدرج يف‬
‫تطبيق اإلسالم وإمنا تغيري فوري وجذري يف كل مكونات اجملتمع‪ ،‬ويف ذلك عربة ودرس لكل من يريد أن يعمل للتغري‪،‬‬
‫فعمل الرسول ‪ ‬وقوله وسكوته هو ُس ّ‪،‬ة جيب التقيد هبا‪ ،‬وهنا تسقط مقولة‪ :‬أصلح الفرد يصلح اجملتمع‪ ،‬فسيدنا حممد ‪ ‬مل‬
‫ينتظر صالح جمتمع مكة وهو ال ميلك فيه ال السلطان وال النظام وال األفراد املسلمني سوى القلة اليت تكّتلت معه‪ ،‬ولكنه‬
‫بعد نضوج تلك الكتلة وقدرهتا على بناء الدولة اإلسالمية جاءه الوحي باهلجرة واالنتقال إىل املرحلة التالية اليت أعقبت‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة الدول‬ ‫دعوة‪ ،‬وهي مرحل‬ ‫ة ال‬ ‫مرحل‬

‫أسوة حسنة‬
‫ومن الغزوات اليت سبقت بدرًا الكربى ومن غزوة بدر نفسها يتض ح أن سيدنا حممد ‪ ‬بدأ يستعد م ع ص حابته‬
‫الك رام ل دور جدي د غ ري م ا ك انوا علي ه يف مك ة‪ ،‬وه ذا ال دور ميكن يف االس تعداد العس كري‪ ،‬والت دريب‪ ،‬والتس ّلح‪ ،‬وتعّلم‬

‫الـوعـي – العـدد الثاني عشر ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬رمضان ‪1408‬هـ ‪ -‬أيار ‪1988‬م‬
‫‪3‬‬
‫صناعة السيوف‪ ،‬واالستطالع واالستخبار العسكري جتاه األعداء‪ ،‬وهذه األعمال هي من أعمال الدول والقادة العسكريني‬
‫املنتمني إىل دول‪ ،‬وذلك يعين أن الرسول ‪ ‬بدأ يقوم مبهمات إضافية عدا عن مهمة الرسالة والتبليغ عن الوحي‪ ،‬من تلك‬
‫املهمات إدارة شؤون احلكم يف الدولة الناشئة‪ ،‬ومن مث جتهيز اجليوش‪ ،‬وقيادهتا‪ ،‬وخوض املعارك مباشرة مع األعداء ليكون‬
‫بذلك األسوة والقدوة‪ ،‬ولكي يعلمنا الطريقة اليت حُي مل هبا اإلسالم‪ ،‬وكل ذلك مت بوحي من اهلل سبحانه وتعاىل‪ .‬وما ُأمر به‬
‫الرسول هو أمٌر موجه إىل املسلمني ما مل يرد دليل خيصصه‪ ،‬ويبقى ذلك األمر ساري املفعول حىت قيام الساعة‪ ،‬إذًا هكذا‬
‫حُي م ل اإلس الم وُينش ر‪ ،‬ومل يقم الرس ول ‪ ‬بتل ك الغ زوات بغي ة توس يع رقع ة ملك ه‪ ،‬وال ق ام هبا طمع ًا يف أرض أو مي اه أو‬
‫ع رض من ال دنيا‪ ،‬وق د ج اءت اآليات ال يت ن زلت يف معرك ة ب در وبع دها تؤك د ذلك‪ ،‬فاآليات ال يت ن زلت لتوض يح حكم‬
‫األسرى وحكم الغنائم‪ ،‬واآلية اليت وصفت املسلمني وما حدثتهم به أنفسهم من أهنم يودون غري ذات الشوكة‪ ،‬واآلية اليت‬
‫أخربت بنزول جنوٍد مل َيرْو ها من املالئكة‪ ،‬كل تلك اآليات تؤكد أن أعمال سيدنا حممد ‪ ‬كانت بوحي من اهلل سبحانه‬
‫وتعاىل ومل تكن اجتهادًا من الرسول ‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬و َم ا َيْنِط ُق َعْن اْلَه َو ى ‪ِ ‬إْن ُه َو ِإَّال َو ْح ٌي ُيوَح ى‪ .‬وقال أيض ًا ‪َ‬و َم ا‬
‫آَت اُك ْم الَّر ُس وُل َفُخ ُذ وُه َو َم ا َنَه اُك ْم َعْن ُه َف اْنَتُه وا‪ ‬وقال‪َ :‬و َم ا َك اَن ِلُم ْؤ ِم ٍن َو َال ُمْؤ ِم َن ٍة ِإَذا َقَض ى الَّل ُه َو َرُس وُلُه َأْم ًر ا َأْن‬
‫ِر ِه ْم ‪ ‬ص‬ ‫ِخ ِم‬
‫دق اهلل العظيم‪ .‬‬ ‫وَن َلُه ْم اْل َيَر ُة ْن َأْم‬ ‫َيُك‬

‫حديث قدسي‬
‫ق ال رس ول اهلل ‪ ‬فيم ا يروي ه عن رب ه‪« :‬ك ل عمل ابن آدم ل ه إال الصوم فإنه لي وأنا أج زي ب ه»‪.‬‬

‫حديث قدسي رواه البخاري‬

‫الـوعـي – العـدد الثاني عشر ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬رمضان ‪1408‬هـ ‪ -‬أيار ‪1988‬م‬
‫‪4‬‬

You might also like