برزخ والمختار1-1

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 400

‫البرزخ‬

‫سنعيدها سيرتها األولى‬

‫المؤلف‬

‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬

‫‪2023‬‬
‫الكتاب‪ :‬البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها األولى‬ ‫اسم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها األولى‬

‫المراجعون‬
‫المراجعون اآلثاريون‬ ‫المراجعون الشرعيون‬
‫أ‪.‬د محمد حمزة إسماعيل الحداد‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬حسن أحمد مغازي‬
‫عميد كلية األثار ومساعد رئيس جامعة‬ ‫أستاذ النحو والصرف وموسيقى الشعر‬
‫القاهرة السابق‬ ‫في كلية اآلداب‪.‬‬
‫مساعدو الباحث اآلثاريون‬ ‫د‪ /‬السيد سعيد الشرقاوي‬
‫أ‪ /‬حسانين عبدالحليم محمد‬ ‫مدرس بكلية الشريعة والقانون‬
‫الدارس بقسم الدراسات األثرية والسياحية‬ ‫جامعة األزهر (قسم الفقه العام)‪.‬‬
‫بكلية اآلداب‪.‬‬
‫أ‪ /‬حسين أحمد حامد‬
‫الدارس بكلية الدراسات اإلسالمية‬
‫أ‪ /‬هدير محمد عبدالحليم‬ ‫والعربية قسم الشريعة اإلسالمية جامعة‬
‫الدارسة بكلية اآلثار قسم الترميم القاهرة‬ ‫األزهر ‪.‬‬
‫جامعة القاهرة‪.‬‬ ‫مراجعو التاريخ‬
‫د‪ /‬أسماء محمد إبراهيم‬
‫مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الدراسات‬
‫اإلنسانية بتفهنا األشراف جامعة األزهر الشريف‪.‬‬

‫المراجع العام والتاريخي‬


‫أ‪ /‬سرور أبوالمعاطي علي‬

‫محقق األنساب‪ ,‬والدارس بقسم اللغة العربية بكلية الدراسات اإلسالمية‬


‫والعربية جامعة األزهر‪ ,‬وقسم الصحافة واإلعالم بأكاديمية أخبار اليوم‪,‬‬
‫وتخصص األدب الشعبي بالمعهد العالي للفنون الشعبية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اإلهداء‬

‫إلى والدي تاج رأسي‪ ,‬ومصدر عِ زي و َفخري‪ ,‬الظل‬


‫وج َبلِي الذي أستن ُد َعليه‪ ,‬ومالذي‬ ‫الذي آوي إليه‪َ ,‬‬
‫الذي ألجأ إليه‪ ,‬وما أنا ُكلي إال َغ ْر ُ‬
‫س َيدَ يه‪ ,‬فأنا‬
‫أطو ُع له من ِرج َليه‪ُ ,‬معلمي األول‪ ,‬وطريقي األطول‪,‬‬
‫أبي َن ِبيل ٌ ال َّن ِبيل‪ ,‬كل ِب ٍّر في حقه قليل‪ ,‬وكل َك ٍ‬
‫ريم إذا‬
‫اس مِن ُه َغير كل جميل‪,‬‬ ‫ت ال َّن ُ‬
‫ِيس ِبأبي َبخِيل‪ ,‬ما رأ ِ‬‫ق َ‬
‫الناس َمثيل‪,‬‬
‫ِ‬ ‫سند للمحتاج وكفيل‪ ,‬ما ُو ِجدَ أِل بي في‬
‫أطال هللا عمره في طاعة ظاهرة وخافية‪ ,‬وكساه‬
‫ثوبي الصحة والعافية‪ ,‬وأنجاه من أهوال يوم‬
‫حوض َن ِب ِّي مِياه ُه صافية‪,‬‬‫ِ‬ ‫الغاشية‪ ,‬وسقاه من‬
‫نان درجات عالية‪0‬‬ ‫وجعل له في ال ِج ِ‬

‫‪1‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها األولى‬

‫الشكر‬

‫عام من الثراء الفكري‪ ,‬والمعرفي المتبادل بين المنقبين عن أصول‪ ,‬ومصادر‬


‫ُ‬
‫اهتديت‬ ‫المادة الخام النقية القديمة‪ ,‬والحديثة للحقائق الواضحة الجلية التي‬
‫إليها‪ ,‬هي فحوى ومضمون كتابي هذا (البرزخ‪ ,‬سنعيدها سيرتها األولى)‬
‫الذي بين أيديكم؛ ولهؤالء العظماء بحق يرجع الفضل كله – بعد هللا – في‬
‫جالء‪ ,‬واستجالء هذه الحقائق‪ ,‬وتثبيت دعائمها إلى أن أصبحت بنيانا راسخا‬
‫متينا مقاوما ألعتى تيارات اإلفك‪ ,‬والكذب‪ ,‬والبهتان‪ ,‬والضالالت‪ ,‬واألوهام‬
‫التي عاشتها البشرية منذ الخليقة‪ ,‬وحتى يومنا هذا‪ ,‬فمهما كانت اللغة‪ ,‬ومهما‬
‫كانت الكلمات ال أجد من بينها ما أستطيع أن أصف به صادق مشاعري تجاه‬
‫هؤالء العظماء‪ ,‬والمفكرين‪ ,‬والباحثين‪ ,‬والمنقبين عن الحقيقة؛ فكل شكري‪,‬‬
‫وتقديري‪ ,‬وعرفاني للسيدات والسادة اآلتي ذكرهم‪:‬‬

‫‪ -‬خالد العقيلي‬ ‫‪ -‬وفاء عبده سرحان‬


‫‪ -‬يس جبريل‬ ‫‪ -‬سارة نبيل عبده طه‬
‫‪ -‬محمد هاشم‬ ‫‪ -‬ممتازة خاطر محمد‬
‫‪ -‬شدوى إبراهيم عالم‬ ‫‪ -‬أميرة سمير خاطر‬
‫‪ -‬مصطفى صبحي حامد‬ ‫‪ -‬سيد محمود‬
‫‪ -‬خالد نادي أبو عجيلة‬ ‫‪ -‬إبراهيم النشقاتي‬
‫‪ -‬سيد خليفة‬ ‫‪ -‬ياسر الفار‬
‫‪ -‬أحمد ممدوح بغدادي‬ ‫‪ -‬هدير رفعت دخيل‬
‫‪ -‬أشرف سيد عبدالغفار‬ ‫‪ -‬جيهان فاروق‬
‫‪ -‬محمد عبد الكريم العوجي‬ ‫‪ -‬سام محمد شرف‬
‫‪2‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬شيماء رجائي عبدالغفار‬


‫‪ -‬عبدالرحمن سامح‬ ‫‪ -‬جيهان فاروق محمود‬
‫‪ -‬ريحانة حسين أحمد‬ ‫‪ -‬أمينة عربي سيد‬
‫‪ -‬محمد عساس السلمي‬ ‫‪ -‬مصطفى أحمد السيد‬
‫‪ -‬ليالي محمد ديهوم‬ ‫‪ -‬ندى علي ماهر‬
‫‪ -‬رباب مصطفى الجابر‬ ‫‪ -‬مؤمن فراج‬
‫‪ -‬سرور أبوالمعاطي علي‬ ‫‪ -‬أحمد صابر أحمد‬
‫‪ -‬محمد الدمرداش التربيني‬

‫‪3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تقديمات من مراجعين ومختصين وقراء مهت ِّمين‬

‫‪4‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تقديم الدكتور محمد حمزة‬


‫التاريخ علم‪ ,‬وفن‪ ,‬وفلسفة؛ ولذلك يرى الفيلسوف اإليطالي (كروتشه) أن كل من يحمل‬
‫لقب مؤرخ هو فيلسوف سواء أراد أو لم يرد؛ ولكن هذا التعميم من ِق َب ِل (كروتشة) رغم‬
‫وجاه ِت ِه ال يكون صحيحً ا إال في حالة واحدة؛ عندما يمتلك المؤرخ‪ ,‬أو الباحث القدرة‬
‫العقلية التحليلية المماثلة لقدر ِة الفيلسوف في النظرة الشاملة للوقائع‪ ,‬واألحداث؛ وهو ما‬
‫نراه بحق في المؤرخ الكبير (عبدالرحمن بن خلدون صاحب) ال ُم َق َّدمة الشهيرة المتوفي‬
‫عام (‪ 808‬هـ ‪1406/‬م)‪ ,‬والذي ق َّدم رؤية شاملة لتفسير نشوء الدول في الحضارات‪,‬‬
‫وانهياراتها فهو يرى أن التاريخ ليس أخبارً ا‪ ,‬وحوادث‪ ,‬وحكايات بل هو على حد قوله‪:‬‬
‫[ نظر وتحقيق‪ ,‬وتقليل للكائنات ومبادئها دقيق‪ ,‬وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها‬
‫عميق] وقد صدق ابن خلدون بحق‪.‬‬
‫فالمؤرخ‪ ,‬أو الباحث يجب أن يكون حريصا على أال يقدم إلى صورة نقية أقرب ما تكون‬
‫إلى الحق‪ ,‬والواقع؛ لذلك يجب عليه أال يتعجل في أخذ كل ما يصادفه في المصادر من‬
‫روايات‪ ,‬ومعلومات‪ ,‬والتهامها كأنها حقائق صحيحة؛ وإنما يبدأ بما يمكن أن نطلق عليه‬
‫غربلة دقيقة للروايات‪ ,‬واألخبار التي يقع بصدده عليها‪ ،‬ومن ثم يدقق‪ ,‬ويقارن‪ ,‬ويفند ما‬
‫يتطلب التنفيذ بحيث يفرق بين الغث‪ ,‬والسمين‪ ,‬والصحيح‪ ,‬والمدسوس‪ ,‬والحق‪ ,‬والباطل؛‬
‫وبالتالي يقدم الحقيقة التاريخية‪ ,‬واضحة جليلة‪ ,‬وهذا هو المنهج العلمي السليم الذي‬
‫أطلقنا عليه مصطلح المنهج التكاملي النقدي التحليلي المقارن للمصادر المباشرة (أي‬
‫المصادر األثرية من األدلة المادية الباقية من أي عصر من العصور)‪ ,‬والمصادر غير‬
‫المباشرة ألي من المصادر التاريخية المكتوبة سواء كانت معاصرة لألحداث التاريخية‬
‫التي يتم تناولها‪ ,‬أو مصادر الحقة اعتمدت على المصادر المعاصرة السابقة وعوَّ لت‬
‫عليها) على السواء‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ومن المعروف أن للشرق األدنى بأقطاره المختلفة‪ ,‬وعلى رأسها مصر‪ ,‬والعراق ثم‬
‫الجزيرة العربية‪ ,‬والشام‪ ,‬وإيران‪ ,‬وآسيا الصغرى‪ ,‬أو األناضول (تركيا حالياً) مكانته‬
‫المرموقة في دائرة تواريخ الشعوب‪ ,‬وفي مسيرة الحضارة اإلنسانية؛ ولقد تداولت عليه‬
‫عصور‪ ,‬وعهود استمسك فيها بمرتبة القيادة في مجاالت الفكر‪ ,‬والمادة معا‪ ،‬وعصور‬
‫ت العوامل‬ ‫وعهود أخرى انفلتت منه زعامتها والتزم فيها بالتبعية لغيره؛ ولهذا شغل ِ‬
‫المؤثرة في تطورات تاريخية‪ ,‬والمميزة بينه وبين تواريخ بقية الشعوب جانبًا من آراء‬
‫الفالسفة‪ ,‬والمؤرخين منذ عهود االزدهار اإلغريقي حتى اليوم ضمن ما تحدثوا به عن‬
‫خصائص الحضارات‪ ,‬وعوامل ازدهارها‪ ,‬وأسباب انهياراها‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر فإن تاريخ مصر‪ ,‬وأقطار الشرق األدنى القديم‪ ,‬والوسيط بل حتى‬
‫الحديث قد سار في نطاق الدراسات السامية‪ ,‬والتوراتية‪ ,‬والكتابية التي ابتدعها الغرب‬
‫األوروبي منذ أواخر القرن (‪18‬م) حتى العقد األخير من القرن (‪20‬م) المنصرم‪ ،‬وهو‬
‫يسير اآلن ضمن النظرة األمريكية عقب نهاية الحرب الباردة (‪,)1990-1945‬‬
‫وظهور القطب الواحد في ظل النظام العالمي الجديد بمسمياته المتعددة (الكوكبة‪,‬‬
‫والشملنة‪ ,‬والعولمة)‪ ,‬وما يرتبط بذلك من مفردات‪ ,‬ومعايير‪ ,‬ورؤى‪ ,‬وأفكار‪ ,‬وسياسات‪,‬‬
‫وتوجهات؛ فضاًل عن حروب الجيل الرابع؛ وهي تستخدم آليات إدارة العقول وإثارة‬
‫المشاعر‪ ,‬والدعايات المغرضة‪ ,‬وتوجيه الرأي العام‪ ,‬وترويج الشائعات‪ ,‬والسخرية‬
‫السياسية‪ ,‬وتفـتيت الهوية الثقافية من خالل تزييف التاريخ وإثارة الشبهات‪ ,‬وزلزلة‬
‫الثوابت‪ ,‬وصناعة تاريخ بديل؛ فضاًل عن العمل على إحداث فجوة بين الدول‪ ,‬والمجتمع‪,‬‬
‫ومحاولة تفجير المجتمع من الداخل؛ وأنصار‪ ,‬وأتباع منظمة األفروسنترك‪ ,‬والدبلوماسية‬
‫الروحية‪ ,‬والمستشرقون الجدد‪ ,‬أو المراجعون‪ ,‬أو التنقيحيون الجدد‪ ,‬أو من يطلقون على‬
‫أنفسهم اسم أصحاب الفكر الحر‪ ,‬والتنويريين‪ ,‬والعقالنيين‪ ,‬والعلمانيين‪ ,‬والملحدين‪,‬‬
‫والالدينين في الشرق‪ ,‬والغرب على السواء‪.‬‬
‫ورغم كثرة ما كتب عن تاريخ‪ ,‬وحضارة مصر‪ ,‬والشرق األدنى القديم من بحوث‪,‬‬
‫ودراسات بمختلف اللغات األجنبية فضاًل عن العربية‪ ,‬والمعرّ بة خالل القرنين(‬
‫‪20-19‬م) والربع األول من القرن (‪21‬م) الحالي‪ ،‬إال أنه ما يزال هناك العديد والعديد‬
‫من الحلقات المفقودة‪ ,‬والثغرات‪ ,‬والفجوات بصفة‪ ,‬والموضوعات‪ ,‬والقضايا التاريخية‬

‫‪6‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الشائكة‪ ,‬والملفات التي لم تحسم بعد بصفة خاصة ويأتي على رأس هذه وتلك ما يتعلق‬
‫بتاريخ األديان‪ ,‬والمعتقدات الدينية عامة‪ ,‬وتاريخ الرسل‪ ,‬واألنبياء ‪ -‬عليهم السالم‬
‫أجمعين ‪ -‬من لدن آدم إلى محمد ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪ -‬بصفة خاصة‪.‬‬
‫ويدور علم األديان على اختالف مسمياته حول وصف األديان وص ًفا علم ًّيا موضوع ًّيا‬
‫يهتم بمسيرة األديان في التاريخ من ناحية‪ ,‬وبمقارنة ظواهرها األساسية مع االهتمام بكل‬
‫العناصر المكوِّ نة للظاهرة الدينية‪ ,‬والعوامل المكونة للتجربة الدينية عند اإلنسان‪ ،‬وقد‬
‫اعتقد علماء الغرب خطأ أنهم أوَّ ل من اهتم بدراسة الدين كظاهرة‪ ,‬وأنهم أول من طبق‬
‫المقاييس العلمية على دراسة الدين‪ ,‬وتحليله تاريخيا‪ ,‬واجتماعيا‪ ,‬ونفسيا‪ ,‬وأنثروبولوجيا‪,‬‬
‫وفلسفيا‪ ,‬وأدبيا‪ ,‬وأبعد من ذلك‪ ،‬فكان هذا الحكم مبنيا على الجهل بالتراث اإلسالمي في‬
‫دراسة الظاهرة الدينية‪ ,‬والذي وضع علما لدراسة الدين‪ ,‬واألديان يعد من أقدم العلوم‬
‫اإلسالمية‪ ,‬ويكاد يتفوق على االتجاه األوروبي في منهجه‪ ,‬وموضوعيته‪ ,‬وفي إعطاء‬
‫الظاهرة الدينية حقها في الوصف المتكامل‪ ,‬واستنباط معانيها‪ ,‬وتقديمها في صورة‬
‫متكاملة‪ ,‬ومن أشهر هؤالء العلماء‪ :‬الشهرستاني أحد كبار مؤرخي األديان المسلمين‬
‫يحدد ثالثة أنواع من العلوم عند العرب غير أن ما يعنينا منها هو النوع األول الذي‬
‫أطلق عليه اسم (علم األنساب والتواريخ واألديان) (الملل والنحل‪ ،‬القاهرة ‪،1977‬‬
‫ص‪ )580‬كذلك ورد في (رسائل إخوان الصفا) أن العلم علمان‪ :‬علم األديان‪ ,‬وعلم‬
‫األبدان (المجلد الرابع‪ ،‬بيروت ‪ ،1957‬ص‪ )16‬ومن المؤرخين المسلمين في هذا‬
‫المجال (ابن الكلبي) صاحب كتاب األصنام (تحقيق أحمد زكي‪ ،‬القاهرة ‪1924‬م)‪،‬‬
‫والبغدادي صاحب كتاب (الفرق بين الفرق) (القاهرة ‪ ،،)1910‬وابن حزم صاحب‬
‫الفصل في الملل واألهواء والنحل (القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‪ .‬والبيروني صاحب كتاب ( تحقيق ما‬
‫للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) الشهير بكتاب الهند (حيدر أباد – الركن‪،‬‬
‫الهند ‪1958‬م)‬
‫ومن الواضح أنه كان للقرآن الكريم أثره الكبير في إرساء قواعد الدراسة العلمية للدين‪,‬‬
‫وأعطاها فلسفتها النظرية‪ ،‬بل إن القرآن الكريم قد أعطانا أول تصنيف‪ ,‬وتقسيم ألديان‬
‫العالم استنا ًدا إلى الوحي واستخدم مصطلح أهل الكتاب؛ ليفرق بين ثالثة أصناف من‬
‫األديان؛ أديان لها كتب مقدسة‪ ،‬وأديان لها شبه كتاب‪ ،‬وأديان ال تملك كتبا مقدسة‪ ,‬وغير‬

‫‪7‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ذلك من األسس الواردة في القرآن الكريم‪(.‬محمد خليفة حسن‪ ،‬تاريخ األديان‪ ،‬القاهرة‬
‫‪2016‬م)‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ما ورد في الكتب المتعلقة بتاريخ وحضارة مصر‪ ,‬والشرق األدنى القديم‬
‫من دراسات حول األديان‪ ,‬والمعتقدات‪ ,‬واألساطير هناك العديد من البحوث‪ ,‬والدراسات‬
‫المستقلة المفردة باللغات األجنبية‪ ,‬والمعربة حول ذات الموضوعات‪ ،‬وحسبنا أن نشير‬
‫في هذا المقام إلى أحدث ما صدر منها خالل العقود األربعة األخيرة‪ ،‬على سبيل المثال‬
‫وليس الحصر‪ ،‬فمن بينها مؤلفات خزعل الماجدي المتعددة (أديان ومعتقدات ما قبل‬
‫التاريخ (‪1997‬م)‪ ،‬جذور الديانة المندائية (‪1997‬م)‪ ،‬بخور اآللهة (‪1998‬م)‪ ،‬إنجيل‬
‫سومر وإنجيل بابل (‪1998‬م)‪ ،‬اآللهة الكنعانية (‪2000‬م)‪ ،‬المعتقدات الكنعانية‬
‫(‪2001‬م) ميثولوجيا الخلود (‪2001‬م)المعتقدات األمورية (‪2002‬م)‪ ,‬المعتقدات‬
‫اإلغريقية (‪2004‬م)‪ ،‬المعتقدات الرومانية (‪2005‬م)‪ ،‬الميثولوجيا المندائية (‪2010‬م)‪،‬‬
‫األنباط (‪2012‬م)‪ ،‬تاريخ الخليقة (‪2014‬م)‪ ،‬حضارات ما قبل التاريخ (‪2014‬م)‬
‫كشف الحلقة المفقودة بين أديان التعدد والتوحيد (‪2014‬م)‪ ،‬علم األديان (‪2016‬م)‬
‫وغير ذلك‪.‬‬
‫ولفراس السواح مؤلفات عديدة في هذا المجال حسبنا أن نشير من بينها إلى كل من‬
‫(المعتقدات الدينية القديمة‪ ،‬أساطير األولين‪ ،‬القصص القرآني ومتوازياته النورانية‬
‫(‪2013‬م و‪2017‬م)‪ ،‬دين اإلنسان‪ ،‬بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني‪،‬‬
‫واألسطورة والمعنى دراسات في الميثولوجيا الديانات الشرقية‪ ،‬الرحمن والشيطان‪،‬‬
‫الثنوية الكونية‪ ,‬والهوت التاريخ في الديانات الشرقية‪ ،‬الوجه اآلخر للمسيح‪ ،‬مقامرة‬
‫العقل األولى‪ ،‬دراسة في األسطورة سورية وبالد الرافدين‪ ،‬الغاز اإلنجيل‪ ،‬هللا والكون‬
‫واإلنسان‪ ،‬اإلنجيل برواية القرآن‪ ،‬موسوعة تاريخ األديان‪ 5 ،‬مجلدات‪ ،‬وغير ذلك)‪.‬‬
‫أما فاضل الربيعي فله نظريته الخاصة في إعادة ترتيب األديان والعصور‪ ،‬وقد أصدر‬
‫منها كتابان األول عن سرجون الثاني وبلقيس (‪ ،)2019‬والكتاب الثاني عن النص‬
‫المبتور‪ :‬تفسير القرآن وتلفيق التاريخ الرسمي لإلسالم (‪.)2019‬‬
‫ومن الدراسات المهمة حول قصص‪ ,‬وأساطير اليهود دراسة (لويس جنزيرج) وقد‬
‫ترجمت إلى العربية تحت عنوان قصص اليهود‪ ،‬ترجمة جمال الرفاعي‪ ،‬القاهرة‬

‫‪8‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪2002‬م)‪ ،‬وعنوان أساطير اليهود‪ ،‬أحداث وشخصيات العهد القديم من بدء الخليقة إلى‬
‫يعقوب‪ ،‬ترجمة حسن السماحي‪ ،‬دمشق (د‪.‬ت)‪.‬‬
‫ولمحمد بيومي مهران بعض الدراسات ومن بينها بنو إسرائيل خمسة أجزاء‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫(‪1999‬م)‪ ،‬ودراسات تاريخية من القرآن الكريم‪ ،‬أربعة أجزاء‪ ،‬اإلسكندرية (‪،)1995‬‬
‫والديانة العربية القديمة‪ ،‬اإلسكندرية (‪1978‬م)‪ ،‬قانون حمورابي وأثره في تشريعات‬
‫التوراة‪ ،‬اإلسكندرية (‪1979‬م)‪.‬‬
‫ومن الدراسات المهمة أيضًا المعتقدات الدينية لدى الشعوب لـ(حضري بارندر)‪ ،‬ترجمة‬
‫إمام عبدالفتاح‪ ،‬الكويت (‪1993‬م)‪ ،‬والفكر الشرقي القديم (الجون كولر)‪ ،‬رحمة كامل‬
‫يوسف حسين‪ ،‬الكويت (‪1995‬م)‪ ،‬والمسيحية نشأتها وتطورها‪ ،‬ترجمة عبدالحليم‬
‫محمود‪ ،‬القاهرة (‪1989‬م)‪.‬‬
‫والتفكير الديني في العالم قبل اإلسالم لرؤوف شلبي‪ ،‬الدوحة (‪1983‬م)‪ ،‬ومحمد خليفة‬
‫حسن‪ ،‬تاريخ األديان‪ ،‬دراسة وصفية مقارنة) القاهرة (‪2016‬م)‪.‬‬
‫وهناك دراسات كثيرة كذلك حول التوراة والكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد‪،‬‬
‫والقرآن‪ ,‬وتاريخ الرسل واألنبياء‪ ،‬غير أن ما يعنينا في هذا المقام هو ما يتعلق بتاريخ‬
‫األنبياء والرسل من أول آدم ‪ -‬عليه السالم‪ -‬إلى محمد ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪ -‬ويرجع‬
‫ذلك بطبيعة الحال إلى صلة ذلك بموضوع هذا الكتاب الذي بين أيدينا‪.‬‬
‫والحق هذا الموضوع يعد من الموضوعات القديمة الجديدة في ذات الوقت‪ ,‬والشاقة‬
‫والشيقة كذلك؛ ألنها ترتبط بأنبياء هللا ورسله فالرسول في حديث رواه أبو ذر الغفاري‬
‫يذكر أن عدد األنبياء (‪ )124‬ألف نبي منهم (‪ )213‬رسول أولهم آدم ‪ -‬عليه السالم ‪-‬‬
‫وآخرهم محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وفي القرآن الكريم ورد ذكر عدد (‪ )25‬من‬
‫األنبياء والرسل فقط‪ ،‬وفي العهد القديم من الكتاب المقدس‪ ,‬أو في التوراة إشارات كثيرة‬
‫عن أنبياء كثيرين‪ ،‬فبني إسرائيل أكثر شعب أرسل هللا لهم أنبياء لدرجة أنه في عصر‬
‫واحد ‪ -‬كما ورد في سفر الملوك األول ‪ -‬ليبعث لبني إسرائيل (‪)400‬نبي‪ ،‬وهناك‬
‫حديث للرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فحواه أن علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل‪ ،‬وجاء‬
‫في الكتاب المقدس أن األنبياء هم قادة بني إسرائيل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫أما عن كون دراسة تاريخ الرسل واألنبياء دراسة شاقة إلى حد كبير فيرجع ذلك بطبيعة‬
‫الحال إلى انعدام األدلة المادية اليقينية المرتبطة بالوجود التاريخي ألنبياء هللا ورسله‪،‬‬
‫حتى وصل األمر إلى الشيخ اإلمام محمد متولي الشعراوي أن يقول في كتابه (أنبياء هللا)‬
‫أن البحث في ذلك (أي معرفة تاريخ األنبياء) [علم الينفع وجهل ال يضر] وإذا كان هذا‬
‫اتجاهه وفكره حول هذه الغيبيات الشائكة‪ ،‬فأقول أنه رحمه هللا قد أصاب كبد الحقيقة من‬
‫الجانب الديني والعقائدي فقط؛ ألن الغرض من القصص القرآني هو التدبر والتفكر‪,‬‬
‫وأخذ العبرة والعظة من جهة وتثبيت فؤاد النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬كما ورد في آيات القرآن الكريم‪ ،‬وبالتالي إذا عرفنا أخيرا من هو فرعون موسى‬
‫مثال فإن القصة لن تختلف أبدا ولن يختلف ما فيها من العبرة‪ ,‬والعظة‪ ,‬والتفكير‪ ,‬والتأمل‬
‫كما أن الدين الذي نزل على موسى والغرض من رسالته لم ولن ينقص شيئا‪.‬‬
‫هذا من الجانب الديني العقائدي البحت‪ ،‬أما بالنسبة للجانب التاريخي الذي لم َيعِه الشيخ‬
‫الشعراوي ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬فهو يعني العلماء‪ ,‬والباحثين في التاريخ والحضارة بصفة‬
‫عامة‪ ،‬وتاريخ األديان بصفة خاصة؛ فإن العثور على أدلة يقينية‪ ,‬وإثباتات مادية‪ ،‬من‬
‫خالل االكتشافات األثرية سوف تكون مفيدة للغاية في هذا النوع من الدراسات‪ ،‬بل‬
‫وسوف تغير مجرى الكثير من األحداث التاريخية عامة‪ ,‬والدينية منها خاصة‪ ،‬فإن‬
‫معرفة اإلطار الديني لحياة األنبياء والرسل سوف تهم بدرجة كبيرة في إعادة كتابة‬
‫تاريخ مصر‪ ,‬والشرق األدنى القديم من جديد (المؤرخ‪ ،‬قراءة في السجل التاريخي‬
‫واألثري لمصر والشرق األدنى‪ ،‬القاهرة‪2024 ،‬م)‬
‫أما النظرية التي تقول بعدم تاريخية الرسل واألنبياء‪ ,‬والتي بدأ ترديدها على استحياء‬
‫منذ أوائل القرن العشرين المنصرم في الغرب‪ ،‬وتأثر بها طه حسين في كتابه (الشعر‬
‫الجاهلي) صـ(‪ )30‬بقوله‪[ :‬للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل‪ ،‬وللقرآن أن يحدثنا‬
‫عنهما أيضًا ولكن ورود هذين االسمين ال يكفي إلثبات وجودهما التاريخي]‪.‬‬
‫ولكن هذه النظرية تعاظم شأنها على يد المستشرقين الجدد‪ ،‬عقب نهاية االستشراق القديم‬
‫في باريس عام ‪1973‬م‪ ،‬وقد نادوا بأنه ال تاريخ بدون آثار‪ ،‬وبالتالي فإن عدم وجود‬
‫آثار مادية يقينية للرسل واألنبياء يؤكد عدم وجودهم التاريخي‪ ,‬وقد ر َّد على هذه النظرية‬
‫العالم كينث كيتشن‪ ،‬وهو ما عبر عنه بجالء بقوله‬

‫‪10‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪)???? Absence of Evidence is not Evidence‬‬
‫ونحن نؤيده في ذلك‪ ،‬فإن غياب الدليل األثري ال ينفي وقوع الحدث وهذا هو رأي‬
‫األغلبية من العلماء والباحثين‪ ،‬وللباحث الدكتور‪ /‬سامي عامري دراسة مهمة حول‬
‫(الوجود التاريخي لألنبياء وجدل البحث األرثيولوجي‪ ،‬شبهات وردود‪ ،‬رواسخ) مطابع‬
‫الرسالة‪ ،‬الطبعة األولى‪1442 ،‬هـ‪2021 /‬م‪.‬‬
‫غير أن ما يعنينا من كل ما تقدم هو ما يتعلق بأنبياء هللا ورسله الذين ارتبطوا بمصر‪ ،‬أو‬
‫لهم صِ لة تاريخية بها‪ ،‬ومنهم إدريس‪ ,‬وإبراهيم‪ ,‬ويوسف‪ ,‬ويعقوب‪ ,‬وبنو إسرائيل‬
‫واستقرارهم في مصر نحو (‪ )430‬سنة طب ًقا لما ورد في التوراة‪ ،‬أو (‪ )200‬سنة أو(‬
‫‪ )215‬على األكثر طِ بقا لبعض الدراسات الحديثة‪ ،‬ثم خروجهم من مصر مع موسى‪,‬‬
‫وهارون ‪ -‬عليهما السالم ‪ -‬وفي عهد ما مِن األسرات المصرية أو الملوك المصريين‬
‫وقعت هذه األحداث‪ ،‬وعلى هذا االعتبار لدينا ثالث نظريات وهي‪:‬‬
‫‪ /1‬أن سيدنا إبراهيم الخليل وذريته كلها حتى فرعون الخروج كانت في عصر الدولة‬
‫الوسطى األسرتان ‪.12-11‬‬
‫‪ /2‬أنها كانت في عصر الهكسوس األسرات ‪.16 -15‬‬
‫‪ /3‬أنها كلها حدثت في عصر الدولة الحديثة األسرات ‪.20 -18‬‬
‫ومع ذلك هناك من يرى أن بعض هذه األحداث قد قصت خالل عصر الدولة القديمة‬
‫وبصفة خاصة األسرة الثالثة بالنسبة ليوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬واألسرة الرابعة بالنسبة‬
‫إلى فرعون موسى كما سنشير بعد قليل‪.‬‬
‫وحسبنا في هذه العجالة أن نشير إلى خالصة ومجمل هذه اآلراء وتلك النظريات‪ ،‬وذلك‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ /1‬نبي هللا إدريس عليه السالم‪ :‬خالصة اآلراء السابقة أن إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪-‬‬
‫هو أوزريس في قول وجيوتي أو تحوتي (هرمس العظيم لدى اإلغريق) في قول آخر‬
‫وأن زمانه كان بين آدم ونوح ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬وتحدي ًدا قبل الطوفان العظيم الذي وردت‬
‫اإلشارة إليه في التوراة والقرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ /2‬الخليل إبراهيم عليه السالم أبو األنبياء‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫هناك آراء كثيرة منها أنه جاء إلى مصر في أيام الملك أمنمحات األول رأس األسرة‬
‫‪ 1962-1992(12‬ق‪.‬م) قبل أيام أمنمحات الثاني‪ ,‬وقبل الملك سنوسرت الثاني‪ ,‬وقبل‬
‫سنوسرت الثالث أي عصر الدولة الوسطى األسرة (‪ )12‬وهناك من يرى أن ابشا زعيم‬
‫اآلسيويين الـ ‪ 37‬شخصًا ضمن مناظر مقبرة خنوع حتب بمقابر بن حسن (إقليم الوعل)‬
‫بالمنيا هو إبراهيم الخليل عليه السالم‪.‬‬
‫وهناك من يرى أن إبراهيم الخليل ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬كان مصريا لـُـحْ َمة َوسُدا ًة وأن أباه‬
‫وتارح في التوراة هو الملك تحوتمس الرابع (‪1405-1413‬‬ ‫َ‬ ‫آزر في القرآن الكريم‬
‫ق‪.‬م) وهو ما يعني أن إبراهيم هو الملك امنحتب الرابع المعروف بإخناتون (‬
‫‪ 1367-1405‬ق‪.‬م)‪.‬‬

‫‪ /3‬يوسف الصديق عليه السالم‪:‬‬


‫هناك آراء كثيرة حول يوسف الصديق ‪ -‬عليه السالم – ومنها‪ :‬أنه هو الوزير‪,‬‬
‫والمهندس‪ ,‬والطبيب ايمحوتب مهندس الهرم المدرَّ ج للملك زوسر بسقارة من األسرة‬
‫الثالثة المصرية؛ وذلك طبقا لِلوحة المجاعة بجزيرة ُس َهيل بأسوان؛ وتؤرَّ خ بعهد الملك‬
‫بطلميوس الثاني (‪246-284‬ق‪.‬م)‪ ,‬ولكن أحداثها مرتبطة بالمجاعة التي حدثت في عهد‬
‫الملك زوسر‪.‬‬
‫ومنها أن يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬جاء إلى مصر في عصر الهكسوس األسرتان(‬
‫‪ )16-15‬في عهد الملك الريان اللي هو جيان أو الوليد بن الريان وهو أبوه األول‬
‫المعروف بأبوفيس األول‪.‬‬
‫ومنها أن يوسف الصديق كان في عصر الدولة الحديثة األسرة (‪ )18‬تحدي ًدا‪ ,‬وأنه هو‬
‫النبيل يويو زوج تويا ووالد الملكة تي زوجة أمنحتب الثالث وأم أمنحتب الرابع‬
‫المعروف بإخناتون وهو ما يعني طب ًقا لهذا الرأي أن يوسف هو حما إخناتون أي والد‬
‫زوجته وأن مومياء يويا هي مومياء يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وهناك دراسة للدكتور أحمد‬
‫عثمان حول هذا الموضوع تحت عنوان ( غريب في وادي الملوك)‪.‬‬
‫بل قيل‪ :‬إن يوسف هو إخناتون نفسه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ /4‬موسي عليه السالم‪ :‬هناك آراء كثيرة حول موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وحول خروج‬
‫بني إسرائيل معه ومع أخيه هارون من مصر وفي عهد أي من الملوك؟‬
‫فهناك من يرى أن فرعون موسي هو خوفو ثاني ملوك األسرة الرابعة‪ ,‬وأن هامان هو‬
‫حم أيونو مهندس الهرم األكبر وأن األوتاد هي األهرامات الثالثة‪ ،‬وفي قول آخر األوتاد‬
‫هي المسالت المصرية الشهيرة وهذا من أكثر اآلراء غرابة وشططا‪.‬‬
‫وعن شخصية موسي نفسه فقد قيل‪ :‬أنه هو األمير خمواست بن رمسيس الثاني من‬
‫زوجته أسست نفرت التي قيل‪ :‬إنها هي آسيا زوجة فروعون‪.‬‬
‫وعن خروج بني إسرائيل من مصر مع موسي وأخيه هارون ذكرت روايات وآراء‬
‫وفرضيات كثيرة منها أن ذلك كان في عصر األسرة (‪ )12‬وتحديدا في عهد أمهتحات‬
‫الثالث (‪ 1814-1862‬ق‪.‬م) أو(‪ 1798-1842‬ق‪.‬م)‪ ،‬وقيل‪ :‬إن ذلك كان في عهد‬
‫الهكسوس‪ ,‬أو العماليق‪ ,‬أو العامو وتحدي ًدا في عهد ملكهم الخامس أو السادس‪.‬‬
‫أما األغلبية فترى أن الخروج قد حدث في عصر الدولة الحديثة‪ ,‬وتحدي ًدا األسرتين‬
‫(‪ )19-18‬ولكن تم االختالف في عهد أي من ملوك هاتين األسرتين فقيل‪ :‬في عهد‬
‫الملك أحمس األول محرر البالد من الهكسوس ومؤسس الدولة الحديثة (‪-1549‬‬
‫‪ 1524‬ق‪.‬م)‪ ,‬وقيل‪ :‬بل الملك تحوتمس الثاني (‪ 1479-1491‬ق‪.‬م) أو‬
‫(‪ 1490-1510‬ق‪.‬م)‪.‬‬
‫بل قيل‪ :‬إن حتشبسوت هي التي انتشلته من الماء في قنتير قرب فاقوس بالشرقية‪,‬‬
‫وقامت بتربيته مع أخيها؛ بل وصل األمر إلى القبول بأن حتشبسوت نفسها هي فرعون‬
‫الخروج (‪ 1468-1490‬ق‪.‬م) أو (‪ 1457-1472‬ق‪.‬م)‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن فرعون الخروج هو إخناتون (‪ 1350-1367‬ق‪.‬م) أو (‪1343-1360‬‬
‫ق‪.‬م)‪ ,‬بل قيل أنه هو توت عنخ أمون (‪ 1339-1347‬ق‪.‬م) أو (‪1333 -1343‬‬
‫ق‪.‬م)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫أما األغلبية فترى أن فرعون موسى هو رمسيس الثاني ملك مصر العظيم‬
‫(‪ 1235-1301‬ق‪.‬م) أو (‪ 1424-1290‬ق‪.‬م) أو (‪ 1235-1298‬ق‪.‬م أو‬
‫‪ 1212-1279‬ق‪.‬م)‪.‬‬
‫أو ابنه وخليفته على العرش المسمى مرنبتاح (‪ 1224-1235‬ق‪.‬م) أو‬
‫(‪ 1214-1224‬ق‪.‬م) أو (‪ 1201-1212‬ق‪.‬م) وهناك آراء أخرى وحسبنا أن نشير‬
‫هنا إلى ما نشر من الدراسات حول الوجود التاريخي للرسل واألنبياء في مصر والتي‬
‫أجملنا خالصة اآلراء الواردة فيها ومن بينها‪:‬‬
‫نديم السيار‪ ،‬مالئكة وليس آلهة (‪2003‬م)‪ ،‬قدماء المصريين أول الموحدين‬ ‫‪-‬‬
‫(‪1996‬م)‪ ،‬قدماء المصريين أول الحنفاء (‪2004‬م)‪.‬‬
‫مراد الدش‪ ،‬الكشف عن مكان عبور موسى (‪1997‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيومي قنديل (مترجم) قصة خروج بني إسرائيل من مصر في الميزان‪ ،‬مؤتمر‬ ‫‪-‬‬
‫علماء المصريات في جامعة براون برودايالند بالواليات المتحدة األمريكية حول‬
‫تاريخية سفر الخروج عام ‪1992‬م‪.‬‬
‫رونالدريد فورد مصر وكنعان وإسرائيل في العصور القديمة (‪2015‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وجدي رمضان‪ ،‬عصر مرنبتاح وآثاره‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬كلية اآلثار‬ ‫‪-‬‬
‫– جامعة القاهرة (‪1986‬م)‪.‬‬
‫الحاج محمد وصفي‪ ،‬االرتباط الزمني والقصائدي بين األنبياء والرسل (‪1997‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أحمد نور الدين‪ ،‬فرعون موسى وخروج بني إسرائيل‪ .‬د ت‬ ‫‪-‬‬
‫سعيد محمد ثابت‪ ،‬فرعون موسى‪ ،‬د ت‬ ‫‪-‬‬
‫نور الدين عبدالصمد‪ ،‬العبرانيون وبنو إسرائيل واليهود في التاريخ المصري القديم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪.)2008‬‬
‫حسن على سليم‪ ،‬بالتاريخ والقرآن بني هللا الخليل مصري‪ ،‬د ت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هدى درويش‪ ،‬نبي هللا إدريس بين المصرية القديمة واليهودية واإلسالم (‪2009‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كامل مصطفى رحومة‪ ،‬النبي إدريس‪ ،‬بابل – منف – دمنهور (‪2019‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫طارق فرج‪ ،‬فرعون موسي وهوية جديدة (‪2009‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عاطف عزت‪ ،‬فرعون موسي من قوم موسي أخر الهكسوس (‪2010‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪14‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬عصام الدين حنفي‪ ،‬موسي وفرعون بين األسطورية والتاريخية‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -‬البابا شنودة الثالث‪ ،‬موسي وفرعون‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -‬غطاس عبدالملك الخشبة‪ ،‬رحلة بن إسرائيل إلى مصر الفرعونية والخروج‪ ،‬دار‬
‫الهالل‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -‬سيد القمني‪ ،‬النبي إبراهيم والتاريخ المجهور (‪1996‬م)‬
‫‪ -‬إسرائيل‪ ،‬التوراة‪ ،‬التاريخ‪ ،‬التضليل (‪2000‬م)‬
‫‪ -‬النبي موسي وأخر أيام تل العمارنة (‪1999‬م)‬
‫‪ -‬رب الثورة‪ ،‬أوزويرس وعقيدة الخلود في مصر القديمة (‪1988‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬محمد بيومي مهران‪ ،‬بنو إسرائيل‪ 5 ،‬أجزاء‪ ،‬اإلسكندرية (‪1999‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬دراسات تاريخية من القرآن الكريم‪ 4 ،‬أجزاء‪ ،‬اإلسكندرية (‪1995‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬زاهية الرجاني‪ ،‬يوسف في القرآن الكريم والتوراة‪.‬‬
‫‪ -‬نبيل توفيق‪ ،‬الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬رؤية عقلية موثقة‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد عثمان‪ ،‬غريب في وادي الملوك‪ ،‬ترجمة يوسف أبو سيف‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد عبدالحميد يوسف‪ ،‬مصر في القرآن‪ ،‬والسنة‪ ،‬دار الشروق القاهرة (‪1999‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬سعد عبدالمطلب العدل‪،‬‬
‫‪ -‬الخليل إخناتون في القرآن الكريم (‪2008‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬إخناتون أبو األنبياء‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -‬الهيروغليفية تفسير القرآن‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -‬فؤاد حسنين علي‪،‬‬
‫‪ -‬التوراة الهيروغليفية‪ ،‬دراسة في أصول العهد القديم ومصارده‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2‬‬
‫(‪2015‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬محمداشد حماد‪،‬‬
‫‪ -‬ملوك مصر القديمة منذ عهد إبراهيم حتى عهد موسي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫القاهرة (‪2012‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬ذرية إبراهيم وحكام مصر (‪2012‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬دعوة رب العالمين في مصر القديمة (‪2013‬م)‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ -‬المسلمون واعداؤهم في مصر الفرعونية (‪2023‬م)‪.‬‬


‫‪ -‬الموحدون في مصر الفرعونية (‪2014‬م)‬
‫‪ -‬الرساالت السماوية في مصر الفرعونية (‪2014‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬سعيد أبو العينين‪ ،‬الفرعون الذي يطارده اليهوديين التوراة والقرآن‪ ،‬كتاب اليوم‪،‬‬
‫عدد مايو (‪1997‬م)‪.‬‬
‫‪ -‬محمد حمزة إسماعيل الحداد‪ ،‬المؤرخ‪ ،‬قراءة جديدة في السجل التاريخي واألثري‬
‫لمصر والشرق األدني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق (‪2024‬م)‪.‬‬
‫وهناك على العكس من ذلك دراسات أخرى جديدة بدأت تطفو على السطح منذ عام‬
‫(‪1985‬م) فحواها أن جغرافية التوراة لم تحدث في العراق‪ ,‬وفلسطين‪ ,‬ومصر وإنما‬
‫حدثت في الجزيرة العربية وبالتالي فإن مصر التوراتية ليست مصر النيل وإنما مصر‬
‫أخرى في الجزيرة العربية هي معين مصرن؛ ولذلك قيل أن مصر لم تعرف موسى وال‬
‫فرعون ومن هذه الدراسات‪:‬‬
‫كمال الصباحي‪ ،‬التوراة جاءت من جزيرة العرب‪ ،‬ترجمة عفيف الرزاز‪ ،‬بيروت‬ ‫‪-‬‬
‫(‪1985‬م) ط‪1997( 6‬م)‪.‬‬
‫فاضل الربيعي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫● بنو إسرائيل وموسي لم يخرجوا من مصر‪.‬‬
‫● القدس ليست أورشليم‪.‬‬
‫● فلسطين المحتلة‪ ،‬ج‪ ، 1‬ج‪2‬‬
‫● مصر األخرى‪ ،‬مساهمة في تصحيح التاريخ الرسمي لمملكة إسرائيل القديمة‪.‬‬
‫● إبراهيم وسارة الهجرة الوهمية إلى فلسطين‪.‬‬
‫● إسماعيل وهاجر‪.‬‬
‫● يوسف والبئر‪.‬‬
‫محمد منصور‪ ،‬التوراة الحجازية‪ ،‬تاريخ الجزيرة المكنوز‪ ،‬بيروت (‪2020‬م)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أحمد الدبش‪ - ،‬بحثان عن النبي إبراهيم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إختطاف اورشليم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كنعان وملوك بنى إسرائيل في اليمن‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪16‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬محمد مبروك أبو زيد‪،‬‬
‫‪ -‬قصر األخرى‪ ،‬ج‪ ،1‬التبادل الحضاري بين مصر وايجبت‪ ،‬اإلسكندرية (‪2022‬م)‪.‬‬
‫وسوف نقوم بالرد على أصحاب هذه النظرية باألدلة العلمية الموثقة في المجلد الثاني من‬
‫كتابنا المؤرخ‪ ،‬قراءة في السجل التاريخي واألثري لمصر والشرق األدنى الذي سيصدر‬
‫في القريب العاجل بمشيئة هللا تعالى‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر فنحن لسنا ضد القراءة المغايرة المختلفة للرأي العام والوسط‬
‫المعرفي‪ ،‬فالقراءات المختلفة عقيدة حتى ولو كانت غير صائبة؛ ألنها تحفز العقل على‬
‫التفكير النقدي‪ ,‬ومعرفة نقاط الضعف والقوة في معارفنا الشائعة فهي تجعل المعرفة مثل‬
‫النهر الجاري الذي ال يأثم؛ ولذلك فهي تفتح بابا واسعا ً للشك في مجمل الرواية التقليدية‬
‫للتاريخ ومن ثم يتقاطر الباحثون على قراءة جديدة للتاريخ في أي عصر من العصور‪.‬‬
‫وذلك تطبيقا للقاعدة العلمية التي تقول‪ :‬ما من رأي إال وهو بحاجة إلى بحث جديد‪ ,‬وأنه‬
‫ليس يكفي شيوع الرأي لقبوله‪ ،‬وأنه ما من رأي يحل عن المناقشة‪ ,‬وعن األخذ والرد‪.‬‬
‫فالتاريخ ليس أخبارا وحوادث وحكايات بل هو نظر وتحقيق وتقليل للكائنات ومبادئها‬
‫دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق على حد قول العاَّل مة ابن خلدون المتوفي‬
‫(‪808‬هـ‪1406 /‬م) في مقدمته الشهيرة وهذا المنطلق‪.‬‬
‫تأتي أهمية تلك القراءة الجديدة المغايرة التي يطرحها هذا الكتاب الذي بين أيدينا‪ ،‬والذي‬
‫نقدم له وموضوعه (البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها األولى) للباحث رامي نبيل طه عبده‬
‫هنيدي‪.‬‬
‫وهذا البحث يعد من الموضوعات الشيقة والشائكة في ذات الوقت‪ ،‬شيقة؛ ألنه يتناول‬
‫جوانب من القصص القرآني المرتبطة بقصة الخلق‪ ,‬ومدى ارتباط تاريخية األنبياء‬
‫بمصر‪ ،‬أما كونها شائكة فألن هذا الموضوع كان مثار العديد من البحوث‪ ,‬والدراسات‬
‫العربية‪ ,‬واألجنبية على السواء‪ ،‬وقد ذهبت مذاهب شتى فيما توصلت إليه على النحو‬
‫السابق اإلشارة إليه في صدر تقديمنا هذا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫والحق أن هذا البحث الذي بين أيدينا قد التزم فيه الباحث المنهج العلمي السليم في تناول‬
‫مفرداته‪ ,‬وترتيبها زمنيا بما يتفق مع أحداث تاريخ مصر القديمة‪ ،‬كما عوّ ل على العديد‬
‫من المصادر‪ ,‬والمراجع‪ ,‬والدراسات العربية‪ ,‬واألجنبية وتأتي على رأسها المصادر‬
‫المباشرة من اآلثار المصرية القديمة كالنقوش‪ ,‬والبرديات‪ ,‬والجداريات‪ ,‬وغيرها من‬
‫األدلة األثرية التي توفرت لديه‪ ،‬وقد ربط بينها وبين ما ورد في القصص القرآني‪,‬‬
‫والسنة النبوية الصحيحة مستخدما في ذلك المنهج الوصفي التاريخي‪ ,‬والمنهج التحليلي‬
‫المقارن كمنهجين رئيسين في الدراسة‪ ،‬وأن كان ذلك يمنحه من استخدام مناهج أخرى‬
‫كلما دعت الضرورة إلى ذلك المنهج االستنباطي وغيره‪.‬‬
‫وقد استطاع الباحث من خالل تطبيقه لهذا المنهج العلمي السليم وما تم من ربط علمي‪,‬‬
‫وتحليل عميق وفقا لهذه المعطيات أن يخرج بنتائج جديدة مغايرة لم يسبقه إليها أحد من‬
‫قبل سواء ما كان يخص منها نبى هللا إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أو يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪-‬‬
‫أو ذرية آل يعقوب التي يرجع إليها المصريون الحاليون‪ ,‬وأن بني إسرائيل ليس لهم أي‬
‫صلة بآل يعقوب؛ ألن يعقوب شخصٌ ‪ ,‬وإسرائيل شخصٌ آخر‪ ،‬وغير ذلك من النتائج‬
‫الجديدة المرتبطة بملوك مصر في عصر الدولة الحديثة‪.‬‬
‫وتمثل هذه النتائج ثورة في مجال الدراسات التاريخية المغايرة‪ ,‬والقراءة الجديدة لتاريخ‬
‫ِصراعيه من جديد للشك‬‫مصر القديمة‪ ،‬وهو األمر الذي من شأنه أن يفتح الباب على م َ‬
‫في الدراسات السابقة من جهة ولمزيد من البحث‪ ,‬والدراسة‪ ,‬والتحليل‪ ,‬والمناقشة من‬
‫جهة ثانية‪.‬‬
‫ويعد هذا في الوقت نفسه أحد النقاط اإليجابية المهمة ألي بحث علمي حتى وإن لم‬
‫يتوصل إلى نتائج يقينية مؤكدة؛ ولكن يكفيه أن يفتح الباب والمجال إِل عمال الذهن‪,‬‬
‫والفكر‪ ,‬والعقل مما يُعد إسهاما إيجابيا في البحث العلمي السيما وأن علم اآلثار عِ لم واَّل د‬
‫متحرك ديناميكي‪ ,‬وليس علمًا جام ًدا ثابتا إستاتيكيا؛ فكل يوم يأتي بجديد‪ ,‬وقد يحسم هذا‬
‫البحث الجديد في ضوء األدلة المادية األثرية المستجدة الموضوع واألمر كله‪.‬‬
‫وال يسعني في النهاية سوى أن أهنئ الباحث‪ /‬رامي نبيل‪ ,‬على ما بذله من جهد كبير‪,‬‬
‫ورؤية علمية جديدة موثقة وفق المنهج العلمي السليم من جهة وجرأته في اقتحام هذا‬

‫‪18‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المجال الشيق الشائك بعزيمة وإصرار‪ ,‬وصبر‪ ,‬وأناة من جهة ثانية‪ ,‬ولوال ذلك ما كان‬
‫لهذا البحث أن يخرج إلى النور على هذا النحو وبتلك الصورة‪.‬‬

‫أ‪.‬د محمد حمزة إسماعيل الحداد‬


‫المؤرخ وخبير اآلثار والتراث‬
‫عميد كلية اآلثار ومساعد رئيس جامعة القاهرة السابق‬

‫‪19‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تقديم سرور أبو المعاطي‬

‫ِيق ِب َجاللِهِ‪َ ,‬وأ َق ِّد ُس ُه َتقدِيسًا َوا ِفيًا لِ َك َمالِهِ‪ ,‬ثـُـ َّم الصالةُ والسال ُم على سيدنا‬
‫هلل َحم ًدا َيل ُ‬
‫الحم ُد ِ‬
‫محم ٍد وآلِهِ‪ ,‬أما بعد‪:‬‬
‫أقول‪ :‬هذا البحث (البرزخ‪ ,‬سنعيدها سيرتها األولى) َع َم ٌل َع َّز نظي ُرهُ‪َ ,‬وق َّل َمثِيلُهُ‪َ ,‬و َندَ َر‬
‫َندِي ُدهُ‪ ,‬فقد َب َذ َل فِي ِه أخونا األستاذ‪ /‬رامي نبيل‪ ,‬الغالي والنفيس من مال‪ ,‬وجهد‪ ,‬ووقت‪,‬‬
‫وطلب علم حثيث أنا شاهد عليه؛ فجاءت ثمرة هذا البذل على أكمل ما يكون النضج ‪-‬‬
‫بذلت بعض َجه ٍد في هذا البحث من جهة تحرير المنهجية‬ ‫ُ‬ ‫بتوفيق من هللا – وأحسب أني‬
‫العلمية في بعض مسائل الكتاب الشرعية‪ ,‬والعربية‪ ,‬والتاريخية‪ ,‬واألنسابية‪ :‬ولهذا أقول‪:‬‬
‫كل قضايا الكتاب الشرعية والعربية؛ هي قضايا غير عقائدية‪ ,‬وال أصولية بل فرعية‬
‫اجتهادية‪ ,‬ومن جهة العلوم العربية فلم يخرج استدالل في هذا الكتاب عن وج ٍه مِن وُ جُو ِه‬
‫العرب َّيةِ‪.‬‬
‫أما القضايا التاريخية؛ فهي نقوالت‪ ,‬وتحليالت مسندة ممنهجة‪.‬‬
‫أما قضايا علم األنساب؛ فلم يخالف الباحث إال فيما هو ظني أصال‪ ,‬وقد استعان فيه‬
‫الباحث على منهج للنسابة القدامى ق َّل من يُحسِ ُنهُ؛ فهو منهج توافقي قديم يجمع فيه ال َّنسَّا َب ُة‬
‫بين (الروايات الشفهية‪ ,‬والتاريخية‪ ,‬والدينية‪ ,‬والتحليل البنائي‪ ,‬واتساق النتيجة)‪ ,‬وأضاف‬
‫إليهم الباحث (المقابلة األثرية)‪.‬‬
‫أما من جهة علم الجينات؛ فلم يعتمده الباحث في بحثه كمرجع أساسي‪ ,‬لعدم نضوج هذه‬
‫األبحاث حتى اآلن‪ ,‬فما زالت تعد عند األطباء الشرعيين‪ ,‬والنسابة‪ ,‬والقضاة‪ ,‬والفقهاء من‬
‫القرائن التي لم تصل للقطع بها في قضايا األنساب العالية‪.‬‬
‫وأضيف أننا ناقشنا كل قضايا الكتاب‪ ,‬الرئيسية‪ ,‬والفرعية‪ ,‬والتفصيلية‪ ,‬وكل القرائن‪,‬‬
‫واألدلة‪ ,‬واالعتراضات‪ ,‬واإليرادات‪ ,‬مع كثير من المختصين حتى انتهت بنا هذه‬
‫المناقشات إلى أعلى درجات القبول من المجتمع العلمي‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وأشير إلى أن الباحث واسع الصدر في مناقشة االعتراضات العلمية‪ ,‬أو االفتراضات‬
‫الوجيهة‪ ,‬متقبل اآلراء المخالفة إذا كانت مِن َق ِبيل البحث‪ ,‬والمناظرة‪ ,‬والتفتيش؛ ولعل‬
‫ض ُه أنصافُ المثقفين؛ هذا الذي أوصل أمتنا إلى ما هي عليه اآلن‬ ‫يفر ُ‬‫الحجْ ِر البحثي الذي ِ‬ ‫َ‬
‫من جمود علمي‪ ,‬وبالدة بحثية! فأدعو كل باحثينا المعاصرين لعدم االلتفات إلى هذه‬
‫األصوات الم َُخبِّلة لنهضة األمة فأمة اإلسالم كانت أوسع فكرا‪ ,‬وأقبل خِالفا؛ ولم يُعرف‬
‫عن أمتنا في عصور نهضتها حجر ثقافي‪ ,‬أو دعوة جمود عقلي‪ ,‬فما من كتاب سديد‪ ,‬أو‬
‫طرح جديد‪ ,‬إال وتناوله علماء أمتنا بالشرح‪ ,‬وال َّتحشِ ية‪ ,‬والتعليقات‪ ,‬وباالعتراضات‪,‬‬
‫ُواز َنات‪ ,‬واالختيارات‪,‬‬ ‫واإليرادات‪ ,‬والردود‪ ,‬والتخريجات‪ ,‬والمقابالت‪ ,‬والم َ‬
‫والترجيحات‪....‬إلخ‬
‫أمور أمتنا فهذا‬
‫ِ‬ ‫والحجْ ِر البحثي‪ ,‬والتـَّـ َقوقـ ُ َ‬
‫ـع العِلمِيِّ أم ٌر مِن‬ ‫َ‬ ‫فمن يزعم أن الجمود الفكري‪,‬‬
‫باطلٌ‪ ,‬بل أمتنا من أكثر األمم قبوال للخالف العلمي‪ ,‬والفكري وتنظر إليه كسبب ودافع‬
‫فحسْ بُ الكاتِب ما َب َذل‪.‬‬
‫للتقدم واإلتقان‪َ ,‬‬
‫*****‬

‫سرور أبو المعاطي علي عبد الرحمن‬


‫محقق أنساب‪ ,‬ومؤرخ‪ ,‬وصحفي‪,‬‬
‫وباحث باللهجات واآلداب والعاميات العربية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تقديم الدكتور إبراهيم النشوقاتي‬

‫قام الباحث رامي نبيل بجهد بحثي رائع سيضاف إلي المجهود العلمي البشري حيث قام‬
‫بحل سؤال مهم جدا‪ ,‬وصراع دائم بين علم المصريات‪ ,‬واآلثار من جهة‪ ,‬وعلوم األديان‬
‫من جهة أخري حيث جاوب في بحثه المعنون بـ( البرزخ سنعيدها سيرتها األولى) علي‬
‫السؤال األكثر شيوعا في هذه العلوم هل لألنبياء آثار؟ وهل كان لألنبياء وجودا وحياة‬
‫علي أرض مصر؟ خاصة إبراهيم‪ ,‬ويوسف‪ ,‬وموسى الذين ذكروا بشكل صريح في‬
‫الكتب السماوية الثالثة‪ ,‬وهل وجود نبي كسليمان الذي ملك األرض العامرة كلها ليس له‬
‫أثر واحد يدل عليه مع وجود حضارات كالحضارة المصرية القديمة‪ ,‬والبابلية‪,‬‬
‫واآلشورية التي اهتمت بتدوين كل شيء؟ هذا ليس منطقيا يُعقل؛ فبمنهجية علمية دقيقة‪,‬‬
‫واستخدم المنهج الوصفي‪ ,‬واالستنباطي مع محددات صارمة للوصول إلى استنتاجات‬
‫تعطينا الحق في صيغة جديدة للتاريخ المدون‪ ,‬وتعطينا أيضا البرهان علي التأمل في كل‬
‫ما وصل إلينا من اجتهادات لعلماء سابقين لآلثار‪ ,‬أو المصريات‪ ,‬ومن وجهة نظري‬
‫األهم في هذا البحث هو‪:‬‬
‫‪ -1‬اختفاء تقريبا (‪)1000‬عام من التاريخ المعروف حاليا‪.‬‬
‫‪ -2‬ترتيب أنبياء بني يعقوب من القرآن وصوال لعيسي بن مريم مع مطابقة األحداث مع‬
‫ملوك مصر‪.‬‬
‫‪ -3‬واالستناد علي القرآن دون غيره من الكتب السماوية‪ ,‬والسنة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -4‬إثبات أن إسرايئل ليس يعقوب من القرآن الكريم‪ ,‬وعلم المصريات‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -5‬إثبات أن بني إسرائيل قاموا بتزييف التاريخ المصري القديم‪ ,‬وتحويل األرض إلي‬
‫فلسطين‪.‬‬

‫وكل هذا بإثباتات علمية أثرية وشرعية سليمة المتن قوية الحجة؛ لذلك سيضيف هذا‬
‫البحث سلسلة من األبحاث للبحث األكثر وعيا‪ ,‬وأكثر تحررا من معتقدات سابقة‬
‫للباحثين‪ ,‬والمهتمِّين بعلوم اآلثار خاصة المصريات‪ ,‬وسيكون البحث في ذلك المجال‬
‫أكثر جرأة بعد هذا البحث السبَّاق‪.‬‬
‫*****‬

‫بروفيسور‪ /‬إبراهيم النشوقاتي‬


‫عضو الهيئة الهندسية جمعية الصوتيات األمريكية‬
‫عالم مهتم بالمصريات‬

‫‪23‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪24‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تقديم الدكتور مهندس ياسر الفار‬

‫حقا لقد استمتعت بقراءة هذا الكتاب‪ ،‬فلقد قام الباحث رامي نبيل بجهد متميز‪ ,‬ومنفرد؛‬
‫ليقدم لنا قيمة مضافة جديدة للمجهود العلمي البشري‪ ،‬حيث استطاع أن يجاوب‪ ,‬ويقدم لنا‬
‫الحل ألقدم سؤال أزلي معلوم للجميع ‪ -‬لم يحله أو يجرؤ على اإلجابة عليه أحدا من قبل‬
‫‪ -‬وهو‪:‬‬
‫هل لقصص األنبياء المذكورة في الكتب السماوية أثر تاريخي ملموس؟ وهل هناك‬
‫أثر على وجود األنبياء في األرض؟‬

‫فكيف يعقل أن مُل ًكا َكمُلكِ سليمان الذي حكم األرض‪ ،‬ال يوجد له أي أثر تاريخي في‬
‫ف عنها االهتمام بتدوين كل شيء‪ ،‬فما بالك‬
‫حضارات األرض القديمة والعريقة التي ع ُِر َ‬
‫ِبمُلوكٍ و َم َمالك َعظِ يمة؟!!‬

‫هل هناك من تع َّمد إخفاء وتزييف الحقيقة وطمس هذه اآلثار؟!!‬


‫إن من أهم القيم المضافة في هذا الكتاب‪ ،‬والتى قدمها الباحث رامي نبيل‪ ،‬من وجهة‬
‫نظري‪:‬‬
‫‪ -1‬إثبات أن بني إسرائيل هم من قاموا عمدا بتزييف التاريخ منذ خلق األرض‪.‬‬
‫‪ -2‬إثبات اختفاء وطمس حوالي ألف سنة من تاريخ األرض المعروف اآلن‪.‬‬
‫‪ -5‬إثبات أن سيدنا يعقوب ليس هو إسرائيل‪.‬‬
‫‪ -8‬اإلثبات األثري لألنبياء من آل يعقوب؛ بدءا من سيدنا يوسف إلى سيدنا عيسى‬
‫ٌ‬
‫متوافق بدقة مع قصص القرآن الكريم‪.‬‬ ‫المسيح بالتسلسل القرآني نفسه‬
‫هـ ‪ -‬اإلثبات األثري بأن األنبياء الذين من نسل سيدنا يعقوب‪ ,‬هم من حكموا مصر‬
‫استنادا على تطابق علم المصريات مع تسلسل قصص األنبياء القرآني‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ -27‬االعتماد على القرآن‪ ,‬والسنة النبوية الصحيحة ‪ -‬فقط ‪ -‬من الناحية الشرعية‬
‫في هذا البحث‪.‬‬

‫مرة أخرى‪ ،‬حقا استمتعت كثيرا بقراءة هذا الكتاب‪( :‬البرزخ سنعيدها سيرتها األولى)‬
‫الذي قدم فيه الباحث رامي نبيل بمنهجية علمية صحيحة‪ ،‬إثباتات‪ ,‬ودالئل أثرية علمية‪،‬‬
‫وشرعية دقيقة ومحددة ومتوافقة تماما مع القرآن والسنة‪ ,‬وعلم المصريات؛ ثم قدم لنا‬
‫وموضوعية مقننة‪ ,‬وجريئة‪ ،‬من شأنها أن تعيد صياغة‬ ‫استنتاجات‪ ,‬ونتائج علمية‪,‬‬
‫كتابة التاريخ المعلوم لنا منذ بدء التاريخ‪.‬‬

‫دكتور مهندس‪ /‬ياسر الفار‬


‫رجل أعمال مصري‬

‫‪26‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رأي محايد‬

‫البحث هو اجتهاد فكري إنساني تتوقف نتائجه على مدى العمق الذى وصل إليه الباحث‬
‫فى اجتهاده وما بذله من عناء ومشقة وصبر للوصول إلى جذور المصادر التى استقى‬
‫منها نتائج بحثه ‪ .‬والبحث الماثل أمامنا ( البرزخ ‪ -‬سنعيدها سيرتها األولى )‪ ،‬والذى‬
‫يؤكد فيه الباحث أنه ورغم اعتقاده الشخصي بأنه على صواب فيما وصل إليه بحثه من‬
‫نتائج إال أنه يؤكد فى نفس الوقت على أنه ربما يكون قد أصاب أو أخطأ ‪ .‬واعتقادي‬
‫الشخصي أن أيا من المؤيدين المصدقين لهذا البحث أو الرافضين المكذبين له ال يملك‬
‫أحد اليقينين؛ يقين التأييد والتصديق‪ ،‬أو يقين الرفض‪ ،‬والتكذيب؛ ومن نتائج هذا البحث‬
‫أنه أسفر عن رؤى جديدة وغير مسبوقة وهذا من أسباب ارتفاع حدة التأييد والتصديق أو‬
‫شطط الرفض والتكذيب ‪ .‬وبكل حيادية أؤكد أنه من خالل اطالعي على آراء‬
‫الرافضين‪ ،‬والمكذبين للبحث وجدت أن بعض هذه اآلراء يرجع ألسباب وأغراض‬
‫مقصودة وبعيدة كل البعد عن اإلنصاف كاتهام الباحث بأنه عميل‪ ،‬أو مدفوع من قبل‬
‫منظمة عالمية خفية !!‬

‫وحقيقة األمر أن متن البحث قائم على فكرة هدم األفكار والعقائد‪ ،‬والموروثات التوراتية‬
‫التى تتبناها وتعمل بها هذه المنظمة الخفية !! وهذا واضح وضوح الشمس فى وضح‬
‫‪27‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫النهار لمن لديه أدنى قدر من التفكير !! ومن أغرب اآلراء وأكثرها سذاجة وغباء اتهام‬
‫الباحث بأنه يروج لفكرة اإللحاد وحقيقة األمر أن البحث كله قائم ومستند على إثبات‬
‫األحداث‪ ،‬والوقائع من خالل القرآن الكريم وما ورد به من أحسن اآليات والقصص !!‬
‫والبعض اآلخر من هذه اآلراء يرجع إلى سطحية قراءته للبحث وعدم فهم نتائجه‬
‫ومغزاه؛ وباستعراض وإيجاز خالصة ما أسفر عنه البحث من نتائج ورؤى جديدة‬
‫نخلص إلى مايلى ‪.‬‬

‫أن اسمي ابنى آدم ليسا قابيل وهابيل وفق اإلرث الثقافي والتاريخي اإلنساني ولكنهما‬
‫أوزير الذى هو سيدنا إدريس بدال عن هابيل واالبن الثانى هو إسرائيل الذى هو سيت‬
‫بدال عن قابيل وأن إسرائيل هو الذى قتل أخاه إدريس ‪ .‬وباإلمعان فى هذه النتيجة‬
‫البحثيه على افتراض صحتها نجد أنها ال تحط من قدر هابيل المقتول وال ترفع شأن‬
‫قابيل القاتل وال تنطوي على ما يخالف المعتقدات الدينية اإلسالمية بل تحمل فى‬
‫مضمونها إشارات إيجابية تدعم المعتقدات اإلسالمية الراسخة ‪ .‬وفى نفس الوقت‪ ،‬فإن‬
‫صحة هذه النتيجة تؤكد بما ال يدع مجاال ألى شك مدى الزيف والكذب والبهتان‬
‫والضالل الذى عاشته البشرية بسبب الزيف التوراتى‪ ،‬وبفعل فاعل مع سبق اإلصرار‬
‫والتعمد من بني إسرائيل ‪.‬‬

‫النتيجة البحثية األخرى هى أن إسرائيل الذى هو ست بدال عن قابيل ليس هو سيدنا‬


‫يعقوب بن إسحاق الذى يرجع نسبه إلى سيدنا إدريس عليه السالم الذى هو أوزير بدال‬
‫عن هابيل؛ وبافتراض صحة هذه النتيجة نجد أنها أيضا التنطوي على مايخالف‬
‫المعتقدات الدينية اإلسالمية بل تحمل فى طياتها ما يدعم هذه المعتقدات ويرفع من شأنها‬
‫‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وإحدى نتائج البحث الهامة والحيوية أن أنبياء هللا على مر العصور والذين بدلوا ظالم‬
‫الجهل بنور العلوم‪ ،‬والفنون‪ ،‬واآلداب التى أضاءت التاريخ اإلنساني وزرعت فى‬
‫وجدانه جزور كافة المعارف البشرية واإلنسانية من المحال أال يكون لهم جميعا وبال‬
‫استثناء أث ٌر واح ٌد ملموسٌ على مر العصور واألزمان ‪ .‬وقد اهتدى الباحث من خالل‬
‫التدبر والتفكر بآيات القرآن الكريم وما صح من األحاديث النبوية وبالبحث واإلمعان‬
‫والتدقيق فيما ورد بالقرآن الكريم من قصص وأحداث انطبقت تمام االنطباق على‬
‫قصص وأحداث بعض من ملوك قدماء المصريين ‪ .‬كإدريس عليه السالم الذى تطابقت‬
‫أحداثه تمام التطابق على أوزير بأحداثه التاريخية واألثرية ومن إدريس عليه السالم أتى‬
‫سام ( آمن ) أبو المصريين ومن سام أتى إبراهيم عليه السالم أبو األنبياء ومن إبراهيم‬
‫عليه السالم أتى إسماعيل أبو العرب والجد األكبر لمحمد عليه أفضل الصالة والسالم ‪.‬‬
‫وأتى إسحاق وأتى آل عمران ‪ .‬ومن إسحاق عليه السالم أتى يعقوب عليه السالم ‪ .‬ومن‬
‫يعقوب عليه السالم أتى يوسف عليه السالم الذى تطابقت أحداثه تمام التطابق على (‬
‫إيمحوتب ) بأحداثه التاريخية واألثرية ‪ .‬ومن يوسف عليه السالم أتى طالوت عليه‬
‫السالم الذى تطابقت أحداثه تمام التطابق على ( إمحتب األول ) بأحداثه التاريخية‬
‫واألثرية ‪ .‬ومن طالوت عليه السالم أتى داود عليه السالم الذى تطابقت أحداثه تمام‬
‫التطابق على ( تحتمس األول ) بأحداثه التاريخية واألثرية ‪ .‬ومن داود عليه السالم أتى‬
‫سليمان عليه السالم الذى تطابقت أحداثه تمام التطابق على ( تحتمس الثالث ) بأحداثه‬
‫التاريخية واألثرية ‪ .‬ومن عمران عليه السالم الذى تطابقت أحداثه تمام التطابق على (‬
‫إخناتون ) بأحداثه التاريخية واألثرية ‪ .‬وامرأة عمران التى تطابقت أحداثها تمام التطابق‬
‫على ( نفرتيتى ) بأحداثها التاريخية واألثرية ‪ .‬ومنهما أتت مريم العذراء التى تطابقت‬
‫أحداثها تمام التطابق على ( ميريت آتون ) بأحداثها التاريخية‪ ،‬واألثرية ‪ .‬ثم زكريا عليه‬
‫السالم الذى تطابقت أحداثه تمام التطابق على ( سمنخ كارع ) بأحداثه التاريخية‬
‫‪29‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫واألثرية ‪ .‬ثم أتى يحيى عليه السالم الذى تطابقت أحداثه تمام التطابق على ( توت عنخ‬
‫أمون ) بأحداثه التاريخية‪ ،‬واألثرية ‪ .‬ثم عيسى عليه السالم الذى تطابقت أحداثه تمام‬
‫التطابق على ( آتون ) بأحداثه التاريخية‪ ،‬واألثرية ‪.‬‬

‫وبكل الحيادية وتأصيال على ماسبق فإن كافة النتائج التى أسفر عنها هذا البحث التحمل‬
‫بين طياتها ما يخالف العقيدة اإلسالمية الراسخة ‪ .‬وحقية األمر أن هذا البحث ( قد يكون‬
‫) أول من كشف وبكل وضوح مدى الزيف والكذب والبهتان والتحريف التوراتي التى‬
‫عاشته البشرية على امتداد العصور واألزمان ‪.‬‬

‫أؤكد على أنني وعلى المستوى الشخصى ال أملك يقين التأييد والتصديق لهذا البحث كما‬
‫ال أملك وفى نفس الوقت يقين الرفض والتكذيب ‪ .‬فال يقين مطلق لإليمان بصحة أي‬
‫منتج فكري إنساني ‪.‬‬

‫ويبقى أنه ال مجال أمامنا إال أن نطلق العنان لحرية الفكر واإلبداع والبحث فمهما كانت‬
‫النتائج فإنها تحوي بين طياتها فائدة وإضافة إلى العلوم والمعارف اإلنسانية ‪.‬‬

‫مهندس‪ /‬نبيل هنيدي‬

‫المقدمة‬

‫الخطِأ‬ ‫رآن‪َ ,‬ف َتولَّى ح َ‬


‫ِفظ ُه م َِن َ‬ ‫أنز َل القُ َ‬ ‫اإلنسان‪َ ,‬و َ‬ ‫هلل َخ َل َق‬
‫حمن‪َ ,‬والحم ُد ِ‬ ‫هللا َربِّنا الرَّ ِ‬
‫سم ِ‬
‫َ‬ ‫ِب ِ‬
‫الجان‪َ ,‬وُأمرنا‬
‫ِ‬ ‫صي ََّرهُ آ َي ًة ل ِ‬
‫ِإلنس َو‬ ‫إتقان‪َ ,‬ف َ‬
‫الغ ٍة ِو ٍ‬ ‫حريفِ َوال ِّن ِ‬
‫سيان‪َ ,‬و َج َع َل ُه مُع ِجزا فِي َب َ‬ ‫وال َّت ِ‬

‫‪30‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ان‪ ,‬لِيُعلِّ َمنا ال ِع َب َر َوالرُّ شدَ‬
‫ص الح َِس ِ‬ ‫ص ِ‬‫ُلطان‪َ ,‬و َقصَّ َل َنا فِي ِه م َِن ال َق َ‬‫قل َوعِ ٍلم َوس ٍ‬ ‫ِب َتدَ ب ُِّر ِه ِب َع ٍ‬
‫وام‪َ ,‬و َما َمرَّ َع َلى األ َم ِم الس ِ‬ ‫َّ‬
‫َّابق ِة مِن‬ ‫عر َف ِة ِ‬
‫آثار األ َق ِ‬ ‫يخ َو َم ِ‬ ‫ار ِ‬‫يان‪َ ,‬ف َحثنا فِي ِه َع َلى َت َعلـ ُّ ِم ال َّت ِ‬‫ِب َب ٍ‬
‫ُ‬
‫حب ِه الك ِ‬
‫ِرام‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫أعوام‪ ,‬ث َّم الصَّالةُ والسَّال ُم َع َلى ال َّنبي الخ ِ‬
‫ِتام‪َ ,‬وآلِ ِه َو َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِين َو‬
‫سِ ن ٍ‬
‫أما بعد‪:‬‬

‫ب الع ِ‬
‫ِلم‬ ‫صلَّى هللاُ َع َلي ِه َو َسلَّم ‪َ -‬على َط َل ِ‬ ‫ُول ِ‬
‫هللا ‪َ -‬‬ ‫َبعدَ َما َحثـَّـنا القرآنُ الكري ُم و ُس َّن ُة َرس ِ‬
‫آثارها‪َ ,‬وأخ ِذ ال ِع َب ِر‬
‫ِ‬ ‫ِنطاق‬
‫ِ‬ ‫َّاب َقةِ‪َ ,‬والوُ قُوفِ َع َلى َت ِ‬
‫اري ِخ َها‪َ ,‬واست‬ ‫وال األ َم ِم الس ِ‬ ‫أح ِ‬ ‫و َتدَ ب ُِّر َ‬
‫يرتِها‬ ‫رض وسِ َ‬ ‫يخ اَأل ِ‬‫ار ِ‬ ‫الع َقدِيِّ فِي ال ّن َظ ِر فِي َت ِ‬
‫عر َف ِة ِم َنها؛ وقُم َنا ِب َوا ِج ِبنا َ‬
‫َواإلر َشا ِد َوال َم ِ‬
‫وإرسال الرُّ س ُِل‬
‫ِ‬ ‫ان وخالفته في األرض‪ ,‬وبناِئ ِه الحضارات‪,‬‬ ‫نس ِ‬ ‫اُألو َلى َووُ جُو ِد اِإل َ‬
‫وقصصهم التي وردت في كتاب هللا وسنة رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬كان هذا‬
‫دافعا لنا شرعيا وعلميا وفكريا على تتبع هذه الحضارات اإلنسانية‪ ,‬وعلى رأسها‬
‫الحضارة المصرية القديمة وبحثها والتنقيب عنها علميا‪ ,‬ومقارنة القصص القرآني بعلم‬
‫ص َّح من سنة رسول هللا‬ ‫اآلثار والتاريخ بمنهج علمي‪ ,‬نعتمد فيه على القرآن الكريم وما َ‬
‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وما وُ ِجدَ من أثر مادي آثاري وتاريخي وعلمي‪.‬‬
‫والمنهج العلمي الذي اعتمدناه في هذا البحث هو التالي‪:‬‬
‫هو المنهج الوصفي التاريخي والمنهج التحليلي المقارن؛ هذان المنهجان المزدوجان هما‬
‫منهج علمي أساسي في هذا البحث؛ وهذا ال يمنع من استخدامنا عدة مناهج أخرى؛‬
‫كاالستنباطي‪ ,‬والتكاملي‪ ,‬والنفسي‪ ,‬والتجريبي‪ ,‬والقياسي‪ ,‬وغيرها منهجا ثانويا‪.‬‬
‫وعلى هذا سترى أيها ‪ -‬القارئ الكريم ‪ -‬سردية هذا البحث وحُجِّ يَّة أدلته‪ ,‬وهي التي‬
‫قررناها‪ ,‬وطرحناها في مباحث هذا الكتاب‪ ,‬وتوصلنا بها إلى نتائج هذا البحث‪.‬‬
‫والسبب الداعي لهذا البحث هو‪ :‬كثرة األخطاء التاريخية واإلسالمية المتأثرة‬
‫باإلسرائيليات والعلوم الزائفة ولذيوعها وشهرتها حتمت على الجماعة العلمية تنقيح هذه‬
‫األخطاء والتحريفات وتصحيحها؛ كما أن َع َظ َمة الحضارة المصرية دفعتنا إلى البحث‬
‫وخطه المصري القديم في الجداريات والبرديات‪ ,‬وهو أقدم‬ ‫َّ‬ ‫صوَّ َرهُ‪,‬‬
‫والتنقيب عما َ‬
‫رسالة قدمها لنا أسالفنا‪ ,‬رسائل منذ آالف السنين‪ ,‬اقتضت عظمة هذه الحضارة‬

‫‪31‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ورساالت األجداد‪ ,‬وعلومهم‪ ,‬أن نبحث‪ ,‬ونفتش‪ ,‬وننقب؛ علميا‪ ,‬وآثاريا‪,‬‬


‫وتاريخيا‪ ,‬ودينيا للتوصُّل إلى علوم ورسائل أجدادِنا القدامى ورسائلهم‪ ,‬و أن‬
‫نعرف من هم؟ وكيف كانوا؟ وماذا فعلوا؟ وما اعتقدوا‪. . .‬إلخ‬
‫موضوع هذا البحث وأهدافه‪ :‬موضوع هذا البحث‪ :‬هو معرفة الواقع األثري للقصص‬
‫الحدِي ِثيَّة‪ ,‬أما أهداف البحث فأهمها‪ :‬كشف الغطاء عن التاريخ‬
‫واألخبار القرآنية والقرائن َ‬
‫ُلصقة بتاريخ األرض‪ ,‬بمنهجية علمية‬
‫الحقيقي لألرض‪ ,‬وتبديد التحريفات‪ ,‬واألكاذيب الم َ‬
‫آثارية‪ ,‬ودينية‪ ,‬وتاريخية‪.‬‬
‫هذا فإن كان من توفيق فمِن هللا‪ ,‬وإن كان من خطٍإ فمني ومن الشيطان‪ ,‬ونسأل هللا‬
‫التوفيق والسداد والهدى والرشاد‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪‬‬
‫سيرتها األولى‬

‫البرزخ‬

‫‪33‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫لـســـــانــي‬
‫(من الزجل)‬

‫لساني محكوم عليه بالسجن محبوس ورا السنان‬

‫والسن جنب السن عاملين عليه قضبان‬

‫نفسه يقول الحق لكن بطبعه جبان‬

‫مش عارف يقول أل وعلى كل ده بيتهان‬

‫والشفة فوق الشفة عامله عليه سجان‬

‫يحلم بيوم العزة يوم مقتل الغربان‬

‫‪34‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫تمهيد‬
‫ِلك‬
‫ت َ‬ ‫عندَ ُخرُو ِجي مِن رحم أ ِّم ال ُّدنيا (أمي)‪ ،‬وقد كانت هي كل ُدنياي م ُ‬
‫ُنذ‬ ‫ِ‬
‫َك َ‬
‫ان‬ ‫ِصر)‪َ ،‬ل ِك َّن ُه‬
‫ِنشاق َهوا ِء أ ِّم ال ُّدنيا (م َ‬ ‫أت فِي است ِ‬ ‫اللحظةِ‪َ ,‬وال َتزال ‪َ -‬بدَ ُ‬‫َ‬
‫ت فِيها َح َّتى‬ ‫عر َع ُ‬ ‫أت َأحبُو َعلى أرضِ ها‪َ ,‬و َت َر َ‬ ‫بار‪َ ،‬و َبدَ ُ‬
‫عض ال ُغ ِ‬
‫َمصحُوبًا ِب َب ِ‬
‫ِضةٍ‪َ ,‬تسي ُر ُك ُّل‬ ‫ت ُم َتناق َ‬ ‫أفكار َومُع َت َقدا ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أت َع َلى‬
‫دت َنفسِ ي قد َن َش ُ‬ ‫رت‪َ ,‬ف َو َج ُ‬‫َك ِب ُ‬
‫ار الذي أخفى‬ ‫ب ال ُغ َب ِ‬
‫مع أخواتِها ِبس َب ِ‬ ‫َواحِد ٍة فِي َط ِريقِها ُدون أن تـُـل َتقى َ‬
‫رق‪َ ،‬واح ٌد‬ ‫قاِئق‪َ ،‬لكن قد َبدَ أ االلتقا ِء دَ ا ِخ َل َعقلِي َو ِوجدانِي فِي مُف َت َر ِق ُ‬
‫ط ٍ‬ ‫الح َ‬ ‫َ‬
‫ضار ٍة َع ِرفـَـ ْتها ال َب َش ِر َّي ُة هي مِص ُر التي‬ ‫َ‬
‫أعظ ِم َح َ‬ ‫مِنها ُي َمثـِّـ ُل انتِماِئي إلى‬
‫ِين‬
‫أعظم د ٍ‬
‫ِ‬ ‫آثارها العِمال َقةِ‪َ ،‬واآلخ ُر طريق انتمائي إلى‬ ‫أجمع ِب ِ‬ ‫العا َل َم َ‬
‫ت َ‬ ‫أب َه َر ْ‬
‫الوحِي ِد الذي ال ُتوجدَ َل ُه نـُـس ٌخ‬ ‫صاحِبُ الكِتا ِ‬
‫ب َ‬ ‫َع ِر َفت ُه ال َب َش ِر َّي ُة؛ أِل َّن ُه هُو ال ِّدينُ َ‬
‫جال‬
‫عظم ِر ِ‬ ‫ث َبعدَ َوفا ِة َأ‬‫ب اإلسالم َّي ِة الذي َحدَ َ‬ ‫ِفة‪ ،‬رغم َت َع ُّد ِد ال َمذاه ِ‬ ‫مُخ َتل ٌ‬
‫ِ‬
‫هللا ‪ -‬عليه الصالةُ والسالم ‪َ -‬خا َت ِم الرُّ س ُِل‪ ،‬وقد‬ ‫األرض؛ سيدِنا مُح َّم ٍد ِبن عبد ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َوخمسماَئ ِة (‪)1500‬‬ ‫ً‬
‫محافظا َعلى آيا ِت ِه لِ َما َيقرُبُ مِن أل ٍ‬ ‫َظ َّل َذل َِك الكِتابُ‬
‫حريفِ ‪.‬‬‫عام اليوم َمحفوظا م َِن ال َّت ِ‬ ‫ٍ‬
‫دأت‬‫َوبعدَ إخالصِ ي فِي انتِماِئي إلى أهلِي َوإلى أرضِ ي ‪َ -‬ت َش َّك َلت مُع َت َقداتِي‪َ ،‬و َب ُ‬
‫حت عِ ندِي الرُّ ؤ َيةِ‪َ ,‬و َزا َل‬ ‫ض ْ‬‫العالم‪َ ,‬فا َت َ‬ ‫أنظر إلى‬ ‫َأ َت َوجَّ ُه ِبال َّن َظر َخارج أ ِّم ال ُّدنيا َو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َحقِي َق ِة أنَّ‬
‫أت فِي استِيعا ِ‬ ‫الح ِّق َوالبَاطِ ِل؛ أِل َّننِي َبدَ ُ‬
‫ين َ‬ ‫رق َب َ‬‫الغ َبارُ‪َ ,‬و َظ َهر ال َف ُ‬
‫رج ُع لِ ُك ِّل‬ ‫األرض؛ أِل َّن َها ال َمصدَ ُر َوال َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِصر هِي أص ُل ُك ِّل َشي ٍء َع َلى‬ ‫م َ‬
‫جع ُل‬ ‫ضاتِها َت َ‬ ‫العا َل ِم‪ِ ،‬ب َن َب َ‬
‫لت ِإلي َنا‪َ ،‬فمِص ُر هِي َقلبُ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ُ‬ ‫المُع َت َقدا ِ‬
‫وم التِي َو َ‬ ‫ت َوال ُعل ِ‬
‫‪35‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫اث‬ ‫األرض‪َ ،‬وهِي المِحو ُر الذي َت ُدو ُر َحو َل ُه اَألحدَ ُ‬


‫ِ‬ ‫الحيا َة مُس َتمِرَّ ًة َع َلى َظ ِ‬
‫هر‬ ‫َ‬
‫يث َبدَ َأ ُك ُّل‬
‫العا َلم‪ ،‬هُنا مِن َح ُ‬ ‫َّ‬
‫او َي ِة نفسها المُطِ ل ِة َعلى َق ِلبي َوعلى َ ِ‬ ‫ُكلُّها‪َ ،‬ومِن َّ‬
‫الز ِ‬
‫أص ِابعِي‪َ ،‬مصلُوبا َعلى َحقِي َق ِة بُعدِي َعن أجدَ ادِنا‬ ‫َ‬ ‫أطرافِ‬
‫َ‬ ‫َشي ٍء َأقِفُ َع َلى‬
‫اَألقدَ مِين‪.‬‬
‫العا َل ِم و َت َعجُّ َبهُ‪،‬‬
‫أنظار َ‬
‫ِ‬ ‫ت َم َح َّط‬
‫حوي ُعلُوما َوثـَـ َقافا ٍ‬‫ك َلنا َأجدَ ا ُد َنا َحضار ًة َت ِ‬‫َت َر َ‬
‫يين‪.‬‬
‫صر َ‬‫ضارةٌ يُنـَـ ِّقبُ َعنها ال َكثِي ُر م َِن ال ُغ َر َبا ِء‪َ ،‬وقـَـلِي ٌل م َِن ال َم ِ‬ ‫َح َ‬
‫ص‬ ‫ـص ِ‬
‫رض َوقـَ َ‬ ‫يخ اَأل ِ‬ ‫ت ال َّتاري ِخ َّي ِة ال ُم َفسِّر ِة ل ِ‬
‫ِتار ِ‬ ‫ت َوال ِّد َراسا ِ‬‫ُعظ َم ال َّن َظ ِريا ِ‬
‫إنَّ م َ‬
‫ِمات َبرَّ ا َق ٌة َكالم َِرا َيا‪ُ ,‬تق ِع ُر َها أو ُتح ِدبُها َح َسبُ‬
‫ال ُملُوكِ ‪ -‬ال َتع ُدو َكو َنها َكل ٌ‬
‫ُول‬
‫ص َّح َعن َرس ِ‬ ‫ريم‪َ ,‬وما َ‬ ‫ُوص القُ ِ‬
‫رآن ال َك ِ‬ ‫ال َهوى‪َ ،‬فإذا َكانت َت َتطا َب ُق َمع ُنص ِ‬
‫صلَّى هللاُ َع َلي ِه َو َسلَّ َم ‪ -‬ولم ُتخالفهُما َف ُن َرحِّ بُ ِبها‪ ,‬أمَّا ِإذا َخا َل َفتهُما َفال‬
‫هللا ‪َ -‬‬
‫ِ‬
‫هللا َو ُس َّن ِة‬
‫ب ِ‬ ‫ص ِّدقها‪َ ,‬وذلِك انطِ القا مِن إيما ِننِا ال َكام ِِل ِبكِتا ِ‬ ‫َنع َت ِرف ِبها‪َ ,‬وال ُن َ‬
‫ت َقدي َمةٍ‪,‬‬
‫نسبُ إلى روايا ٍ‬‫ص‪ُ ,‬ت َ‬ ‫أخبار َو َق َ‬
‫ص ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َرسُولِ ِه ال َك ِر ِيم‪ ،‬أمَّا َما ال ُم َت َنا َقل مِن‬
‫هللا ‪ -‬صلى‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫ص َّح عن‬ ‫ث َ‬ ‫قرآن َو َحدِي ِ‬
‫ٍ‬ ‫اإلسالم مِن‬
‫ِ‬ ‫ص َع َليها َم َ‬
‫صا ِد ُر‬ ‫َلم َت ُن ْ ّ‬
‫َأل‬
‫ب فِي ال ُم َت َل ِّقي‪َ ،‬و َتلُو ُكها َبعضُ ا لس ِ‬
‫ُن‬ ‫ِير ال َمطلُو ِ‬
‫ِث ال َّتأث َ‬ ‫هللا عليه وسلم ‪ -‬لِ ُتحد َ‬
‫عض منا ال َتع ُدو سِ وى َكونها َبابًا‬ ‫ُؤوس َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫المُح َت ِر َف ِة ال َك ِذبِ‪ُ ,‬ث َّم َتقذِفُ ِب َها فِي ر‬
‫غراض‬
‫ٍ‬ ‫ِطابي‪ ،‬أو أِل‬ ‫ُول ِب ِه إلى ُذ َ‬
‫رو ِة ال َّش َب ِق الخ ِ‬ ‫ِالم‪ ،‬أو الوُ ص ِ‬ ‫اغ َشهو ِة الك ِ‬ ‫فر ِ‬ ‫إِل َ‬
‫ِت إل َيها‪َ ،‬وال َأدَ َّل َع َلى‬
‫خرى ُخرا ِف َّيةٍ‪ ,‬ال َس َندَ لها‪َ ,‬وال دَ لِي َل‪َ ,‬وال َنل َتف ْ‬ ‫ُدن َي ِو َّي ِة ُأ َ‬
‫ار ِة‬
‫ض َ‬ ‫الح َ‬ ‫ِصر أ ُّم ال ُّدنيا)‪َ ،‬و(مِص ُر أص ُل َ‬ ‫َذل َِك ِممَّا ُن َر ِّد ُدهُ َجمِيعًا مِن أنَّ (م َ‬
‫ت‬ ‫ت َفضاِئي ًَّة هِي الَّتِي َعلَّ َم ِ‬ ‫يخ)‪َ ،‬و َم َع َذل َِك َيع َت ِق ُد َبعضُ ال َّن ِ‬
‫اس أنَّ َكاِئنا ٍ‬ ‫َوال َّت ِ‬
‫ار ِ‬
‫ت‬ ‫اك َمن َي َّدعِ ي أنَّ َه ِذ ِه ال َكاِئنا ِ‬ ‫يين القُدَ ما ِء َكي ِف َّي َة ِبنا ِء اَأل َ‬
‫هرا َماتِ‪َ ،‬بل ُه َن َ‬ ‫صر َ‬‫ال َم ِ‬
‫َمن َف َع ْ‬
‫لت‪َ ،‬ومِنهُم َمن ي َُر ِّد ُد أنَّ ال َيهُودَ هُم َمن َشيَّدَ ها!!‬
‫‪36‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ون َتحدِي ِد ال َمصدَ ِر‬ ‫العظِ ي َمةِ‪ُ ،‬د َ‬
‫ِصر َ‬‫ار ِة م َ‬ ‫ض َ‬ ‫ار ٍة َق ِو َّي ٍة مِث َل َح َ‬ ‫َو َل َع َّل وجُودَ َح َ‬
‫ض َ‬
‫ب الرَّ ِئيسِ ي فِي‬ ‫انت َتس َت ِم ُد مِن ُه قُوَّ َتها َو َع َظ َم َتها ‪َ -‬ك َ‬
‫ان ال َّس َب َ‬ ‫الحقِيقِي الذِي َك ْ‬ ‫َ‬
‫ِين‪َ ،‬ير َت ِك ُز َهؤال ِء َع َلى َما ُي َشاع ُزورً ا مِن‬ ‫لحادِي َو َك َ‬
‫ثر ِة المُل ِحد َ‬ ‫ِكر اِإل َ‬ ‫ُب ُز ِ‬
‫وغ الف ِ‬
‫ص ِ َأل‬
‫صصا َحقِيقية‪َ ,‬و َلم َتح ُدث َع َلى‬ ‫يست َق َ‬ ‫ص ا ِنبيا ِء ال َموجُودَ ِة ِبالقُ ِ‬
‫رآن َل َ‬ ‫أنَّ َق َ‬
‫َأ‬ ‫الواق ِِع‪ ,‬إ َّن َما ُذك َِر ْ‬ ‫َأ ِ‬
‫ير (سُومر)‬ ‫يس إاَّل ‪ ,‬أو أ َّنها َمنحُو َت ٌة مِن َساطِ ِ‬ ‫ت لِلع َ‬
‫ِظ ِة َل َ‬ ‫رض َ‬
‫ِلك التي َما َزا َل ال ُع َلما ُء َيك َتشِ فُون آثارً ا َل َها َح َّتى َيومِنا َهذا‪َ ،‬وذل َِك‬ ‫اَألوَّ لِ َّيةِ‪ ,‬ت َ‬
‫لت َعلى َس ِّيدِنا‬ ‫األلواح الَّتي َن َز ْ‬
‫ِ‬ ‫ِألنبيا ِء َوالرُّ س ُِل؛ ( َك‬
‫اآلثار ال َما ِد َّي ِة ل ِ‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ب غِ يا ِ‬
‫ِب َس َب ِ‬
‫مُوسى ‪ -‬عليه السالم ‪ ..-‬أين هي؟)‪.‬‬
‫صر َّي ِة ال َقدِي َمةِ‪َ ،‬وهِي الَّتِي َي َتطا َب ُق َكثِي ٌر مِن‬
‫ار ِة ال َم ِ‬
‫ض َ‬ ‫َي َت َزا َمنُ َذل َِك َم َع وُ جُو ِد َ‬
‫الح َ‬
‫شفُ ُه الكِتابُ ‪-‬‬
‫رآن‪َ ،‬و َهذا َما َيك ُ‬ ‫ص ِ َأل‬ ‫ال ُملُوكِها الع َ‬
‫ص ا ِنبيا ِء فِي القُ ِ‬ ‫ِظ ِام َم َع َق َ‬ ‫أفع ِ‬‫َ‬
‫َوَأِلوَّ ِل َمرَّ ٍة ‪ -‬مُس َت ِن ًدا إلى ال َّنصِّ القُرآنِي‪َ ,‬واألحدا ِ‬
‫ث الم َُو َّث َق ِة لِ ُملُوكِ م َ‬
‫ِصر‬
‫كل ُم َت َطوِّ ٍر‬
‫ت ِب َش ٍ‬ ‫ِصر َّي َة‪َ ،‬ظ َه َر ْ‬
‫ضار َة الم ِ‬ ‫الح َ‬ ‫ات أنَّ َ‬ ‫اس ُ‬‫آثاريًا‪َ ،‬ك َذل َِك ُتَّؤ ِك ُد ال ِّد َر َ‬
‫ت عِ ل ِميَّا َو َع َملِ َّيا ً ِب َم َرا ِح َل‬
‫ِلة َعلى انتِقالِها مِن َحضار ٍة ِبداِئ َّي ٍة َتدَ رَّ َج ْ‬ ‫ِج ًدا‪َ ,‬وال أد ً‬
‫دري ِجي‪.‬‬ ‫آثار َواضِ َح ٍة لِ َت َطوُّ ِرها ال َّت ِ‬‫ُم َت َتالِ َّي ٍة ُم َّتصِ َل ٍة أو ٍ‬
‫ِراس ِة‬ ‫ِصر َّي ُة ال َقدِي َم ُة َتقدِي َم ع ٍ‬
‫ُلوم ُم َت َطوِّ َر ٍة َكد َ‬ ‫ضارةُ الم ِ‬ ‫الح َ‬ ‫ت َ‬ ‫َف َكيف اس َت َط َ‬
‫اع ِ‬
‫ب َو َح َر َك ِة ال ُّنجُوم وآالفِ الق َِطع اَأل َثر َّي ِة فِي َغا َي ِة ال َّت َطوِّ ر م ُ‬
‫ُنذ َما َي ِزي ُد‬ ‫ال َك َوا ِك ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عج ُز َعن ِإقا َم ِة‬
‫ازلنا َن َ‬ ‫مس ِة آالفِ َس َن ٍة َو ُت َش َّي ُد ال ُم ُد َن ِب ِد َّق ٍة َهندَ سِ َّي ٍة باه َِرةٍ‪َ ,‬م ِ‬‫َعن َخ َ‬
‫ان َبعضُ ُملُو ِك َها‬ ‫البداِئ َّي ِة ‪ -‬إاَّل إذا َك َ‬ ‫غر ُق فِي ِ‬ ‫العال ُم َي َ‬
‫كان َ‬ ‫قت أن َ‬ ‫مِثلِها! ذلك َو َ‬
‫يل ُم َت َع َّم ٍد‬
‫جه ٍ‬ ‫هللا‪َ ،‬وإاَّل فإننا أمام َفجو ٍة َم ِ‬
‫عر ِف َّيةٍ‪ ،‬وأمام َت ِ‬ ‫حكمون ِب َوحيٍ م َِن ِ‬ ‫َ‬ ‫َي‬
‫هللا َو ُر ُسلِ ِه َومَالِئ َك ِتهِ‪َ ،‬ومِن ث َّم انتِشا ُر َظاهِرةُ اإللحادِ‪.‬‬
‫ِب َحقِي َق ِة وُ جُو ِد ِ‬

‫‪37‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ُون فِي ِه‬ ‫العا َل َم اآلن‪َ ,‬و َي َت َح َّكم َ‬ ‫حث َحقِي َق ًة دَ ام َِغ ًة‪َ ,‬ز َّي َفها َمن َيح ُكم َ‬
‫ُون َ‬ ‫ناو ُل ال َب ُ‬
‫َي َت َ‬
‫ِصر َّي ِة ال َقدِي َم ِة ِبأ َّنها َو َث ِني ٌَّة‪،‬‬
‫ار َة الم ِ‬
‫ض َ‬ ‫ِلك التي َت َّت ِه ُم َ‬
‫الح َ‬ ‫ُور‪َ ،‬كت َ‬ ‫َع َلى َمرِّ ال ُعص ِ‬
‫ضارةُ ال َّتوحِيدِ‪َ ،‬ل َها ِ‬
‫أنبيا ٌء َو ُر ُسلٌ‪َ ،‬و َشعبُها المُختا ُر‬ ‫فِي َما ُن ِثب ُ‬
‫ت ( َنحنُ هُنا) أ َّنها َح َ‬
‫العهدَ‬ ‫صانوا اَأل َما َن َة‪َ ,‬و َ‬
‫صادَ قُوا َ‬ ‫ِلم الل ُد ِّني؛ أِل َّنهُم هُم َمن َ‬
‫الوحي‪َ ,‬وأخ ِذ الع ِ‬
‫مل َ‬ ‫ل َِح ِ‬
‫يس َقب َل َ‬
‫ك‬ ‫(أنت األوَّ لُ‪َ ,‬و َل َ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫شعارهم الذي يَصِ فُ اإل َل َه َ‬
‫الواحِدَ ِبهذ ِه ال َكلِما ِ‬ ‫ِب ِ‬
‫َشيء)‪.‬‬
‫ان ال َّتوحِي ُد ِب ٍ‬
‫كاِئن‬ ‫ِصر‪َ ( :‬ل ْقد َك َ‬
‫ِتابه َعن م َ‬ ‫العالِ ُم الف ِِرنسِ ي دِي رُو ِجيه فِى ك ِ‬ ‫َوقا َل َ‬
‫َس ٍام وُ ِجدَ مِن تِلقا ِء َنفسِ هِ‪َ ،‬أ َزلِ ًّيا‪َ ،‬أ َب ِد ًّيا‪َ ،‬قا ِدرً ا َعلى ُك ِّل َشي ٍء‪َ ،‬و َخ َل َق َ‬
‫العا َل َم‪َ ,‬و ُك َّل‬
‫يين‬ ‫ِصر َ‬‫نسبُ إليهِ‪َ ،‬ولِ َهذا َي ِجبُ أن َنضع َعقاِئدَ الم ِ‬ ‫عزى‪َ ,‬و ُت َ‬ ‫الح َّي ِة ُت َ‬
‫ت َ‬ ‫ال َكاِئنا ِ‬
‫ب‬ ‫ديم)‪َ ,‬كما جا َء فِي كِتا ِ‬ ‫العا َل ِم ال َق ِ‬
‫ين َعقاِئ ِد َ‬
‫ان َب َ‬ ‫أكر ِم َم َك ٍ‬ ‫أشرفِ َو َ‬ ‫َ‬ ‫القُدَ ما ِء فِي‬
‫سيَّار (قدماء المصريين أول الموحدين)‪.‬‬ ‫كتور َنديم ال َّ‬
‫ال ُّد ِ‬
‫يح الم َُوجَّ ه ِة‬‫ساب َ‬‫صريين‪( :‬إنَّ ال َّت ِ‬ ‫ب َل ُه َعن دِيا َن ِة قُدما ِء ال َم ِ‬ ‫َك َذل َِك َقا َل (والس بدج)‪ ،‬فِي كِتا ٍ‬
‫قدون فِي‬ ‫يل‪َ ،‬قب َل َخمس ِة آالفِ َسنةِ‪ ،‬وأ َّنهم َكا ُنوا َيع َت َ‬ ‫سمع فِي وادِى ال ِّن ِ‬ ‫هلِل ِ الواحدِ‪َ ،‬كانت ُت َ‬
‫روح َخالِدةٍ‪ ,‬ال ُتف َنى)‪.‬‬ ‫الشراِئع‪َ ،‬والم َُزوَّ ِد ِب ٍ‬
‫ِ‬ ‫ائر‬
‫وس ِ‬ ‫شر‪َ ،‬‬ ‫الق ال َب ِ‬‫الواحدِ‪َ ،‬خ ِ‬ ‫ظيم َ‬‫الع ِ‬ ‫هللا َ‬
‫ِ‬
‫يث َقا َل إنَّ ال َّتوحِيدَ‬‫ِصريَّاتِ؛ َح ُ‬ ‫الباحث فِي عِ ِلم الم ِ‬ ‫ُ‬ ‫األم ُر َذا ُته أ َّكدَ هُ الدكتور وسيم السيسي‪،‬‬
‫األهرا َمات َمك ُتوبٌ َع َلى‬ ‫َ‬ ‫ُنذ األسر ِة الفِرعُو ِن َّي ِة األو َلى‪ ،‬م َُوضَّحً ا أنَّ‬ ‫ِصر َموجو ٌد م ُ‬ ‫فِي م َ‬
‫يس مِثلِي َأ َح ٌد)‪.‬‬ ‫ان مُو ِج ُد َنفسِ ي ِب َنفسِ ي‪َ ,‬ل َ‬ ‫يس لِي َث ٍ‬ ‫(وا ِح ٌد ُأح ٌد‪َ ,‬ل َ‬
‫ُم ُتونِها ِبالفِرعُو ِنيَّة‪َ :‬‬
‫ِصر َموجُو ٌد مِن َقبل األسر ِة األولى‬ ‫وأوض َح الدكتو ُر وسيم السيسي أنَّ ال َّتوحِيدَ فِي م َ‬ ‫َ‬
‫أدخ َل ال َّتوحِيدَ فِي م َ‬
‫ِصر‪.‬‬ ‫ون إخ َنا ُتون هُو أوَّ ُل َمن َ‬ ‫أيضًا‪ ،‬نافيًا َما َي َت َر َّددَ َعن َك ِ‬
‫ون‬ ‫ان‪ ،‬مُؤ ِّك ًدا أ َّنهُم َكا ُنوا َيع ُب ُد َ‬ ‫صريين القُدَ ما ِء مِن َع َبدَ ِة األو َث ِ‬ ‫َو َن َفى وسيم السيسي َكون ال َم ِ‬
‫َّص ٌة‬
‫ُناك ُغ َرفٌ م َُخص َ‬ ‫صالةٌ‪َ ,‬و َل َها وُ ضُوءٌ‪َ ,‬و َكا َنت ه َ‬ ‫ُناك َ‬ ‫الواحِدَ اَأل َحدَ ‪َ ,‬و َكا َنت ه َ‬ ‫اِإل َل َه َ‬
‫لِلوُ ضُو ِء (‪)1‬‬
‫ِصر َّي َة ال َقدِي َم َة َلم‬
‫الحضار َة الم ِ‬ ‫ث ُنؤ ِّك ُد أنَّ َ‬‫وُ فِي َهذا ال َبح ِ‬
‫ت الصَّال َة َوالصِّيا َم‬ ‫َت ُكن َف َقط َت ِ‬
‫عرفُ ال َّتوحِيدَ ‪َ ,‬بل َع ِر َف ْ‬

‫‪38‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ين؛ اَأل َّولُ‪:‬‬ ‫ضارةُ األنبيا ِء‪َ ,‬وهُو َما ُن ِثب ُت ُه ِب َ‬
‫أمر ِ‬ ‫الحجَّ‪َ ,‬وإ َّنها َح َ‬ ‫ِير َة َ‬ ‫الزكا َة‪َ ,‬و َكذل َِك َشع َ‬‫َو َّ‬
‫ِصر َّي ِة ال َقدِي َمةِ‪.‬‬
‫ضار ِة الم ِ‬ ‫ِلح َ‬ ‫ـق ل َ‬‫ريم‪َ ،‬واآلخر‪:‬األثرالمُوثـ ِّ ِ‬ ‫القُ ِ‬
‫رآن ال َك ِ‬
‫ين‪َ ,‬و َذل َِك أِل َّن َنا َلم َنك َتشِ ف َما وُ ِجدَ فِي‬ ‫ار ِة ِبال ِّد ِ‬
‫ض َ‬‫الح َ‬ ‫َونحن ال َنلُوم َمن َس َبقُو َنا ِب َعدَ ِم َربطِ ِه ِم َ‬
‫ُ‬ ‫ِ اَّل‬
‫ِين َتم َّك َن َ‬
‫العالِ ُم‬ ‫ِصر‪ ،‬ح َ‬ ‫الحم َل ِة الف ِِرنسِ َّي ِة مِن م َ‬ ‫ُوج َ‬ ‫اآلثار إ مُنذ ُخر ِ‬ ‫ار ِة َو‬
‫ض َ‬ ‫الح َ‬‫َ‬
‫ُنذ مِائتي‬ ‫ك ُرمُوز َح َجر َرشِ يد ‪َ -‬ك َما يُشاع‪ -‬م ُ‬ ‫الف ِِرنسِ ي(جون فرانسوا شامبليون) مِن َف ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عام‪ ،‬وقد سبقه مجهودات لعلماء مصريين وعرب وأهمهم؛ ابن وحشية‪ ,‬وابن الفاتك‪,‬‬ ‫ٍ‬
‫‪1‬‬
‫وجابر بن حيان‪ ,‬وذنون المصري( )‪ ,‬وغيرهم كثير ممن حاول فهم لغة أجدادنا َوال‬
‫الهجا ِء فِي اللُّ َغ ِة َ‬
‫الع َر ِب َّي ِة‬ ‫يخ أجدادِنا َمح ُدود ًة‪ ،‬اَل َت َت َع َّدى َحج َم حُروفِ ِ‬ ‫عر َفتنا ِب َت ِ‬
‫ار ِ‬ ‫َتزا ُل َم ِ‬
‫يخ ال َمجه ِ‬
‫ُول‪َ ،‬بل‬ ‫َك ُكلٍّ‪ ،‬لِذا َفال َم َسا َف ُة َبي َن َنا َو َبي َنهم ال تزال َبعيدَ ًة ج ًدا‪َ ،‬لدَ ينا َكثِي ٌر مِن ال َّت ِ‬
‫ار ِ‬
‫ِصر‬ ‫ِصر ال َقدِي َم ِة ِإلى ال ُخ َرا َف ِة فِي ح ِ‬
‫ِين أنَّ م َ‬ ‫يخ م َ‬ ‫َبي َننا َمن يُر ِج ُع أشيا ًء َكثِيرة مِن َت ِ‬
‫ار ِ‬
‫وم‪.‬‬‫ت َو ُعلُ ٍ‬ ‫أرضُ اَأل ِنبيا ِء‪َ ,‬و َمصدَ ُر َما َجا َء َبعدَ َها مِن َح َ‬
‫ضارا ٍ‬
‫ت‬ ‫ب َوال َم َرا ِج ِع َوالمك َتبا ِ‬ ‫حث َي َت َن َاو ُل َما وُ ِجدَ فِي ال ُك ُت ِ‬ ‫يرت َها اُألو َلى) َب ٌ‬ ‫(البرزخ سنعيدها سِ َ‬
‫العا َلمِي ال ُم َت َح ِّك ُم فِي ِه‬
‫ت ِب َق َل ٍم َوا ِحدٍ‪َ ,‬وهُو الفِك ُر َ‬ ‫العا َل ِم َأج َمع‪َ ،‬جمِيعُها ُك ِت َب ْ‬ ‫ُوض ِة َع َلى َ‬
‫ال َمفر َ‬
‫ت‬ ‫اآلثار َوال َبر ِديَّاتِ‪َ ,‬و َط َم َس ْ‬
‫ِ‬ ‫اِئالت سِ رِّ ي ٌَّة م َُع َّي َن ٌة‪َ ,‬وهِي التي َموَّ َلت سِ ر َق َة‬ ‫ٌ‬ ‫اع ٌ‬
‫ات َو َع‬ ‫َج َم َ‬
‫اع ُ‬
‫ات السِّرِّ َّي ِة‬ ‫ت َمق َب َر ِة ُتوت َعنخ آمون‪َ ،‬و َهذ ِه َ‬
‫الج َم َ‬ ‫أبر َز َها َسر َق ُة َأ َه ِّم مُح َت َويا ِ‬
‫عضها‪َ ,‬و َ‬
‫َب َ‬
‫َمعرُو َف ٌة ل َِلعا َل ِم َأج َمع‪.‬‬
‫بحا َن َه‬‫ِيع‪َ ,‬و َلقد َأ َم َرنا هللاُ ‪َ -‬س َ‬ ‫ِلجم ِ‬ ‫حث انطِ ال ًقا مِن إي َمانِي َبأنَّ ال َّتدَ ب َُّر َح ٌق ل َ‬ ‫بت َهذا ال َب َ‬ ‫َو َقد َك َت ُ‬
‫ات ِّل ْل ُموقِنِينَ‬
‫ض آ َي ٌ‬ ‫ِيطنا‪َ ,‬وال َّتدَ ب ُِّر فِي أنفُسِ نا « َوفِي اَأْل ْر ِ‬ ‫َو َتعا َلى ‪ -‬بال َّتدَ بُّر فِي ُك ِّل َما ُيح ُ‬
‫ِ‬
‫(‪َ )20‬وفِي َأنفُسِ ك ْم ف ت ْبصِ ُرونَ (‪(»)21‬الذاريات‪)21-20:‬‬
‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ُ‬
‫َّاب َق ِة أِل خ ِذ الع َ‬
‫ِبر ِة‬ ‫ث فِي سِ َي ِر األ َم ِم الس ِ‬ ‫هللا َو ُس َّن ِة َرسُولِهِ‪َ ,‬و َقد ُأ َم َرنا ِبال َبح ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫وال َّتدَ ب ُِّر فِي كِتا ِ‬
‫قل َوال َّتف ُّك ِر‪َ ,‬وهُو مِن َأ َه ِّم َما‬ ‫الع ِ‬ ‫إعمال َ‬
‫ِ‬ ‫ث َيقُو ُم َع َلى‬ ‫ث‪َ ،‬ولِ َهذا َفإنَّ َمن َه َج َهذا ال َبح ِ‬ ‫ِممَّا َحدَ َ‬
‫َّاب َقةِ‪َ ،‬وال َب ُ‬ ‫ُأل‬ ‫ان َع َملُهُ‪َ ،‬وال َب ُ‬ ‫َي ِجبُ َع َلى‬
‫حث َوال َّتحلِي ُل لِ َم ِ‬
‫عر َف ِة‬ ‫أخبار ا َم ِم الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫حث فِي‬ ‫اإلنس ِ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫قر َ‬ ‫ظ ُّنها اَأل َ‬
‫ث َين َت ِهي ِب َن َظر َّيةٍ‪َ ,‬ن ُ‬
‫ِ‬ ‫صريين القُدَ َما ِء َح ٌق َل َنا‪ ,‬اج َت َهدنا فِي َبح ٍ‬ ‫ِ َأ‬
‫أصل جدَ ادِنا ال َم ِ‬

‫‪ ))1‬اللغة المصرية القديمة‪ ,‬للدكتور‪ /‬عبدالحليم نورالدين‪ ,‬ط‪ ,6/‬ص‪ 47,46 /‬بتصرف‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫اري ِخي ًَّة‪,‬‬


‫ولة َت ِ‬ ‫يست دَ ً‬ ‫الخالِدَ ةِ‪( :‬مِص ُر َل َ‬ ‫إلِى الصَّوابِ‪َ ،‬و َك َما َقا َل َن ِجيبُ محفوظ فِي َم َقو َل ِت ِه َ‬
‫ُ‬
‫اري ُخ)‪.‬‬‫اءت أوَّ الً‪ ,‬ث َّم َجا َء ال َّت ِ‬ ‫مِص ُر َج ْ‬
‫الت اس ِتغفارً ا َعن سِ نِي الفُر َق ِة َبينِي َو َب َ‬
‫ين أجدَ ا ِد َنا‪َ ،‬ل َع َّل‬ ‫َوُأ َم ِّني َنفسِ ي أنْ َت ُكون َه ِذ ِه الم َُح َاو ُ‬
‫اِئجها‪،‬‬ ‫القرآن‪َ ،‬ك َتج ُر َب ٍة عِ ل ِم َّيةٍ‪ ,‬نن َتظِ ُر َن َت َ‬
‫ِ‬ ‫يخ َو‬ ‫ار ِ‬ ‫سر‪َ ,‬يم َت ُّد مِن َوإلى ال َّت ِ‬ ‫هذا ال َبحث ِب َم َثا َب ِة ِج ٍ‬
‫ِين أ َّن ُه اَل َخوفٌ أو مَخاطِ ٌر فِي َه ِذ ِه الرِّ ح َلةِ‪.‬‬ ‫ُدرك َ‬ ‫م ِ‬
‫هللا‪َ ,‬نزدَ ا ُد َفهمًا ِب َتدَ ب ُِّرهِ‪َ ،‬و ِبإي َمانِنا الرَّ اسِ خ وال َيقِينِي ِب ِه َيمكن أن َنصِ ل إلِى‬ ‫القرآنُ َكال ُم ِ‬
‫ض ُع‬‫قص ًدا‪َ ،‬و َن َ‬ ‫ِدين فِي َذل َِك َع َلى إشارا ِت ِه َوشوا ِه ِدهِ‪َ ،‬ن َّتخ ُِذها مُنطل ًقا َو َم َ‬ ‫الحقِيقِي مُس َتن َ‬ ‫يخ َ‬ ‫ار ِ‬‫ال َّت ِ‬
‫أخطَأ َف َل ُه أج ٌ‏ر)‏‪،‬‬‫أجران‪َ ,‬وإذا اج َت َهدَ ‪َ ,‬ف َ‬ ‫ِ‬ ‫اب َف َل ُه‬‫أص َ‬ ‫األثر‪( :‬المُج َت ِه ُد ‏إذا َ‬ ‫ِ‬ ‫صب أع ُينِنا َمقولة‬ ‫ُن َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫اب َمن َأع َم َل َعق َلهُ‪َ ,‬و َتدَ ب ََّر‪َ ،‬ف َمن َتدَ ب ََّر َع ِر َ‬ ‫َواَل َخ َ‬
‫هللا أ َّن ُه ال ِإ َل َه ِإال هُو‪َ ,‬وأنَّ م َُحمَّداً َرسُو ُل ِ‬ ‫ُأ‬
‫ث َما هُو‬ ‫هللا‪َ ،‬وأنَّ َما فِي َهذا ال َبح ِ‬ ‫شه ُد َ‬ ‫(( َوِإ َّننِي ِ‬
‫رآن‬‫ارت َنا ال َقدِي َم ِة َوالقُ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ين َما َجا َء فِي َح َ‬ ‫اج َبحثِيٍّ َو َربطٍ َب َ‬ ‫ِير َعقلِيٍّ َواستِن َت ٍ‬ ‫إال َن َتا ُج َتفك ٍ‬
‫ول القُرَّ ا ِء‪َ ,‬وال استِما َلت ِِهم‬ ‫ِير َع َلى ُعقُ ِ‬ ‫ص ُد ِب ِه ال َّتأث َ‬ ‫عر َفةِ‪َ ،‬واَل َأق ُ‬ ‫ِلم وال َم ِ‬ ‫ٌ‬
‫ال َك ِر ِيم َو َرغبة فِي الع ِ‬
‫الع َم ُل َخالِصا ً ل ِ‬
‫ِوجه ِه ال َك ِر ِيم‪)).‬‬ ‫هللا أنَّ َي ُكون َهذا َ‬ ‫حو َشي ٍء ِب َعي ِنهِ‪َ ,‬وأسأ ُل َ‬ ‫َن ِ‬

‫*****‬

‫‪40‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الباب األول‬

‫‪41‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ما قبل الطوفان‬


‫نبأ ابني آدم‬
‫ابن آدم المقتول‪:‬‬
‫ي َُع ُّد الطوفان(‪ )2‬محطة رئيسة تقسِّم حياة البشر إلى ما قبل الطوفان‪ ,‬وما بعده‪ ،‬ويركز‬
‫هذا الباب على عصر ما قبل الطوفان‪ ،‬وقد ذكرت كتب التاريخ أن نبي هللا إدريس(‪)3‬‬
‫أول نبي بعد سيدنا آدم‪ ,‬يذكره القرآن باسمه‪ ,‬وأنه جاء بعد آدم وقبل الطوفان العظيم‪,‬‬
‫وهو همزة الوصل في انتقال الوحي من أبي البشر األول (آدم) إلى أبي البشر الثاني‬
‫(نوح)‪ ,‬كما ُذكر سيدنا إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬في القرآن الكريم في موضعين‪ .‬األول‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫اب ِرينَ "‬
‫الص ِ‬
‫َّ‬ ‫يس َو َذا ا ْل ِك ْف ِل ُكل ٌّ ِّمنَ‬
‫قوله تعالى‪َ " :‬وِإ ْس َماعِ يل َ َوِإدْ ِر َ‬

‫‪ ))2‬هناك دراسات كثيرة حول الطوفان ونتائجه ومنها‪ :‬فاضل عبدالواحد علي‪ ،‬الطوفان في المراجع‬
‫المسمارية‪ ،‬بغداد‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬إسماعيل مظهر‪ ،‬قصة الطوفان وتطورها في ثالث مدنيات قديمة هي‬
‫اآلشورية البابلية والعبرانية والمسيحية وانتقالها‪.‬باللقاح إلى المدنية اإلسالمية‪ ،‬القاهرة ‪،1929‬‬
‫مجدي صبحي الهواري‪ ،‬صورة الطوفان في المصادر الكالسيكية ومدى ارتباطها بمصادر الشرق‬
‫األدنى‪ ،‬د‪.‬ت محمد السامي‪ ،‬قصة الطوفان في المصادر االكادية‪ ،‬والعبرية والعربية‪ ،‬القاهرة‬
‫‪2010‬م‪ ،‬عبدهللا عويض العتيبي‪ ،‬الطوفان في التاريخ القديم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬جامعة‬
‫ام القرى‪ ،‬مكة المكرمة ‪1431-1430‬ه‪ .‬كوندراتوف‪ ،‬الطوفان العظيم بين الواقع واألساطير‪،‬‬
‫ترجمة عدنان عاكف حمودي‪ ،‬دار وهران‪ ،‬منصور عبدالحكيم‪ ،‬طوفان نوح في القرآن واالساطير‬
‫القديمة‪ .‬ليوت أنيس ليوت‪ ،‬الطوفان بين الكتاب المقدس واألساطير والعلم‪ .‬ادوارد بيدج ميتشل‪،‬‬
‫قصة الطوفان‪ .‬صالح أبو السعود‪ ،‬قصة الطوفان في نصوص األسطورة‪ ،‬والتوراة والقرآن‪ ،‬مكتبة‬
‫النافذة‪ .‬حامد هادي صالح ربيع‪ ،‬قصة الطوفان بين الدين والعلم واألسطورة‪ ،‬دار روافد‪.‬‬
‫‪ ))3‬هناك العديد من الدراسات السابقة حول نبي هللا ادريس عليه السالم وعقد األسماء التي اطلقت عليه‬
‫وزمانه في العديد من الثقافات والحضارات واألديان واألمم ومنها‪ :‬هدى درويش‪ ،‬نبي هللا ادريس‬
‫بين المصرية القديمة واليهودية واإلسالم‪ ،‬القاهرة‪2009 ،‬م‪ .‬واحمد غسان سبانو‪ ،‬هرمس الحكيم‬
‫بين االلوهية والنبوة دمشق‪2002 ،‬م‪ .‬وعالء الدين عبدالمتعال‪ ،‬هرمس مثلث الحكمة بين‬
‫األسطورة والواقع‪ ،‬اإلسكندرية‪2003 ،‬م‪ .‬ومحمد راشد حماد‪ ،‬الرساالت السماوية في مصر‬
‫الفرعونية‪ ،‬تقديم زاهي حواس‪ ،‬القاهرة ‪2014‬م ص‪ .114 ،103‬وكامل مصطفى رحومه‪ ،‬النبي‬
‫ادريس‪ ،‬بابل‪ -‬منف – دمنهور‪ ،‬تقديم هدى درويش ومحمد رفعت االمام‪ ،‬القاهرة ‪2019‬م‪ .‬ومحمد‬
‫حمزة إسماعيل الحداد‪ ،‬قراءة في السجل التاريخي واالثري لمصر والشرق األدنى القديم‪ ،‬المجلد‬
‫األول‪ ،‬القاهرة ‪2023‬م‪ .‬فريدريك تيموثي‪ ,‬وبيتر غاندي‪ ،‬متون هرمس‪ ،‬حكمة الفراعنة المفقوة‪،‬‬
‫ترجمة عمر الفاروق‪ ،‬القاهرة ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنبياء (‪.)85‬‬
‫‪42‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يس ِإ َّن ُه َكانَ صِ دِّ ي ًقا َّن ِب ًّيا َو َر َف ْع َناهُ َم َكا ًنا‬ ‫والثاني قول هللا تعالى‪َ " :‬و ْاذ ُك ْر فِي ا ْل ِك َتا ِ‬
‫ب ِإدْ ِر َ‬
‫َعلِ ًّيا"(‪)5‬‬
‫ان َأوَّ َل َمنْ ُأعْ طِ َي ال ُّنبُوَّ َة مِنْ َبنِي آدَ َم‪ ،‬وإنه أول‬ ‫يقول القرطبي‪ ،‬عن نبي هللا إدريس‪[َ :‬و َك َ‬
‫من ّ‬
‫خط بالقلم‪ ,‬وأول من خاط الثياب‪ ,‬ولبس المخيط‪ ،‬وأول من نظر في علم النجوم‬
‫والحساب وسِ َي ِرها‪ ،‬و ُسمِّي إدريس لكثر ِة درس ِه لكتاب هللا تعالى‪ ،‬وأنزل هللا تعالى عليه‬
‫ثالثين صحيفة](‪.)6‬‬
‫وأما عن وفاته فقد أجمع اإلمام الطبري والقرطبي وابن كثير على تفسير قول هللا تعالى‪:‬‬
‫"ورفعناه مكا ًنا عل ّيا"‪ ،‬أنه قد ُرف َِع تحت جناح أحد المالئكة إلى السماء الرابعة ‪ -‬وفي‬
‫قول آخر السادسة ‪ -‬وفيها كان قبض روحه‪.‬‬
‫ضا عن نبي هللا إدريس‪[ :‬إن أحد الملوك قد أراده‬
‫فيما يقول جالل الدين السيوطي أي ً‬
‫بسوء‪ ,‬ولكن هللا عصمه‪ ،‬ثم دفع له أبوه العلوم‪ ،‬فطاف بالبالد وبنى عشرات المدن‪ ،‬ثم‬
‫انتهى بحكم مصر‪ ،‬وزاد في مسار نهر النيل‪ ,‬وقاس عمقه وسرعة جريانه‪ ,‬وكان أول‬
‫الناس الفلك والهندسة‪ ،‬ويربطه بالصابئة‬
‫َ‬ ‫من خطط المدن ووضع قواعد للزراعة‪ ,‬وعلّم‬
‫ويقول إن بعضهم ي ّدعي أن أحد أهرامات مصر قبره](‪.)7‬‬
‫وقال عنه ابن تغري بردي‪ ،‬في كتابه‪[ :‬إنه استدل من فهمه لحركة الكواكب على قرب‬
‫الطوفان‪ ،‬فبنى األهرام وأودعها العلوم التي خشي من ضياعها](‪ .)8‬وذكره المقريزي‬
‫في (خططه)(‪ :)9‬إن إدريس َم َلك مصر‪ ,‬وكان أول من بنى بها بيو ًتا للعبادة‪ ،‬وأنه أول‬

‫‪ ))5‬سورة مريم (‪)57,56‬‬


‫‪ ))6‬تفسير (الجامع ألحكام القرآن) للقرطبي‪ .‬ج‪ 11‬ص‪.117‬‬
‫‪ ))7‬حسن المحاضرة ‪ ...‬للسيوطي‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪ .31,30‬بتصرف‬
‫‪ ))8‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة‪ ,‬يوسف بن تغري بردي بن عبد هللا الظاهري الحنفي‪ ،‬أبو‬
‫المحاسن‪ ،‬جمال الدين (ت ‪٨٧٤‬هـ) ‪ .‬ج‪ ,1/‬ص‪.40,39 /‬‬
‫‪ ))9‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار‪ .‬المؤلف‪ :‬أحمد بن علي بن عبد القادر‪ ،‬أبو العباس الحسيني‬
‫العبيدي‪ ،‬تقي الدين المقريزي (ت ‪٨٤٥‬هـ)‪ .‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ .‬ج‪ ,1/‬ص‪.52‬‬
‫‪43‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫من علّم الناس الطب‪ ،‬وقال عنه ابن إياس الحنفي في كتابه (بدائع الزهور في وقائع‬
‫الدهور)‪[ :‬بين من دخلوا مصر من األنبياء ومن حكموها من الملوك](‪. )10‬‬
‫وبسبب هذه الصفات التي وُ ثـِّـ َقت تاريخيًا عن نبي هللا إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬يربط‬
‫بعض الباحثين‪ ،‬أو يرى أن نبي هللا إدريس هو أوزوريس ذاته الذي أسس الحضارة‬
‫المصرية القديمة‪ ،‬وعندنا معارك بين رجال الدين واألثريين في هذا األمر‪ ،‬بل عندنا‬
‫مخاطر كثيرة في محاولة االقتراب من هذه المنطقة‪ ،‬إذ َشنَّ وزير اآلثار األسبق الدكتور‬
‫زاهي حواس هجومًا عني ًفا على الدكتور علي جمعة ‪ -‬مفتي الديار المصرية األسبق ‪-‬‬
‫ليعترض األول بشدة‪ ,‬ويُصرِّ ح‬
‫َ‬ ‫الهول هو وجه نبي هللا إدريس؛‬
‫ِ‬ ‫حينما قال‪ :‬إنَّ تمثا َل أبي‬
‫بأنَّ جميع اآلثار المصرية لم يرد بها اسم (إدريس)‪ ،‬في حين أن القول بهذا ليس قواًل‬
‫خالصًا للدكتور‪ /‬علي جمعة‪ ،‬إنما استند فيه على آرا ٍء عِ لم َّي ٍة لِك ِّل مِن الشيخ محمود أبو‬
‫الفيض المنوفي في كتابه (العلم والدين)‪ ،‬وكتاب (تأمالت بين العلم والدين والحضارة)‬
‫تأليف محمد فتحي عبد العال‪.‬‬
‫اسم نبي هللا إدريس لفظة عربية (اسم عربي)‪ ،‬لذلك فإن البحث عنه بهذا االسم في اللغة‬
‫المصرية القديمة ليس من الصواب في شيء‪ ،‬كذلك فإن الوارد وف ًقا لكتب التاريخ‪ ،‬أن‬
‫معظم األنبياء ُذكروا في القرآن بأسماء غير التي عُرفوا بها في أقوامهم ‪ -‬إما من قبيل‬
‫التعريب‪ ,‬أو موافقة أوزان اللغة العربية ‪ -‬وأن جميع أجدادنا ‪ -‬ملوك مصر‪ -‬من القدماء‬
‫ُوريِّ ‪ ,‬واالسم النبتي‪ ,‬وحتى نطق االسم‬
‫المصريين كان لهم أكثر من اسم؛ منها االسم الح ِ‬
‫الواحد يختلف من مكان آلخر حسب لغة أهل المكان‪ ,‬ولهجتهم‪ ,‬وطريقة نطقهم‪ ,‬وكذلك‬
‫أسماء األنبياء في القرآن بها بعض االختالف في اللغات األخرى‪ ,‬على سبيل المثال‬
‫ِبر َّي ِة (ياكوف)‪,‬‬
‫سيدنا إبراهيم يسمى في السريانية (أوراها)‪ ,‬وسيدنا يعقوب يسمى في الع ِ‬
‫وسيدنا يوسف ينطق في العِبرية (جوزيف‪ ,‬ويوساف) وسيدنا موسى يسمى في العبرية‬
‫(موشيه)‪ ,‬وسيدنا عيسى يسمى في العبرية (يشوع)‪ ,‬وسيدنا إدريس يسمى في العبرية‬

‫‪ ))10‬بدائع الزهور في وقائع الدهور‪ ,‬محمد ابن إياس الحنفى القاهرى (‪1447‬م ‪1522 -‬م)‪ ,‬ح‪ ,1/‬ص‪/‬‬
‫‪.64,22‬‬
‫‪44‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(أخنوخ)‪ ,‬وأسماء الملوك الخفية التي نقدمها لكم ألول مرة في التاريخ من خالل هذا‬
‫البحث المستدل عليه من خالل تدبرنا آليات هللا‪ ،‬أثبتنا حدوثها بشكل أثري (أركيولوجي)‬
‫في هذا البحث ر ًدا على كل من يريد التشكيك فيها لعدم وجود آثار‪ ,‬تدعم رواية القرآن‪،‬‬
‫ولكن نقدمها بتواريخ جديدة‪ ,‬وبشكل مختلف تمامًا عن الرواية اإلنجيلية والتوراتية‬
‫المعروفة باسم (الروايات اإلسرائيلية)‪ ،‬ونقدم لكم في هذا البحث سردا جديدا‪ ,‬ينفرد به‬
‫القرآن الكريم بمنظور حديث على عكس كل الروايات السابقة مما يؤكد أن هذا الكتاب‬
‫ما زال حيا حتى اآلن؛ لِذا يجب أن يكون البحث عن تاريخ األرض وقصص األنبياء‬
‫ليس باالسم فقط‪ ,‬إنما بالوقائع التاريخية المدونة على اآلثار وأوراق البردي‪ ،‬فنبحث‬
‫الفعل بالفعل‪ ،‬والحدث بالحدث‪ ،‬كذلك فإن مقولة الدكتور علي جمعة جعلتنا ُندرك أن هذا‬
‫ليس مجرد قول‪ ،‬بل خبر مبني على أسس ممتدة بجذور في عمق األرض‪.‬‬
‫كما أن البحث وعقد المقارنات ينطلق مما قيل عن نبي هللا إدريس في القرآن وكتب‬
‫التفسير‪ ،‬وكتب المؤرخين‪ ،‬ككتاب (الجبتانا)؛ إذ قال صفات ألوزوريس‪ ,‬تنطبق انطبا ًقا‬
‫ُكلِّيّا على نبي هللا إدريس‪ ,‬ومنها‪[ :‬إنه يتلقى من حين آلخر دعوة المالئكة (النتر)‪,‬‬
‫فيصعد إلى السماء‪ ,‬ويتعلم منها فنون البناء بالحجر‪ ,‬والخط بالقلم‪ ,‬والزراعة‪ ,‬والحكمة‪,‬‬
‫وتخطيط المدن‪ ،‬وتصفه بأنه أول من جعل الجبتيين (المصريين) يسكنون البيوت بعد أن‬
‫كانوا يسكنون الكهوف خو ًفا من الوحوش والمسوخ‪ ،‬وأنه أول من شيّد المعابد الضخمة‪،‬‬
‫واهتم بتعليم الطب‪ ،‬وابتكر أدوات الزراعة والري مثل المحراث والشادوف‪ ،‬وازدهرت‬
‫وعرَّ ف الناس لبس األثواب الكتانية‪ ،‬وكان يتلقى وحي‬
‫في عهده المدن والصناعات‪َ ,‬‬
‫اإلله‪ ,‬ويرى الرؤى في نومه‪ ،‬وقد حكم مصر بالعدل‪ ,‬حتى اغتاله سِ يت؛ (شقيق أوزير‪,‬‬
‫ورمز الشر عند المصريين القدماء‪ ,‬وسنتحدث عنه بالتفصيل الح ًقا) ‪ ,‬ثم أعاد هللا أوزير‬
‫إلى الحياة؛ لينجب حور (حورس) ‪ ,‬ثم رفعته المالئكة إلى السماء](‪.)11‬‬

‫‪ ))11‬الجبتانا‪ .‬أسفار التكوين المصرية‪ .‬للمؤرخ المصري مانيتون المصري‪ .‬تحقيق علي علي األلفي‪.‬‬
‫ص‪ .181 ,180 ,178 ,177‬وغيرها بتصرف‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ويالحظ ما ذكرته المصادر من أن نبي هللا إدريس أول من خاط الثياب‪ ،‬ولو سُئلنا ما‬
‫اللون المفضل فطريا قلنا‪ :‬قال رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ كما روى ابن عباس‬
‫اب ُك ْم‪َ ،‬و َك ِّف ُنوا‬
‫اض‪َ ،‬فِإ َّن َها مِنْ َخ ْي ِر ِث َي ِ‬
‫اب ُك ُم ال َب َي َ‬
‫سوا مِنْ ِث َي ِ‬
‫_رضي هللا عنهما_ أنه قال‪" :‬ال َب ُ‬
‫فِي َها َم ْو َتا ُك ْم"(‪)12‬‬
‫وقال المناوي ‪ -‬رحمه هللا ‪[ :‬هذا خطاب لعموم الخلق ‪ ،‬لقوله ‪ ( :‬ثيابكم ) ‪ ،‬ولم يقل ‪( :‬‬
‫ثيابنا ) ؛ فهو خير الثياب‪ ،‬ألنها لم يمسها صبغ يحتاج إلى مؤونة‪ ,‬ولم يؤمن فيها نجاسة‪،‬‬
‫وألن البياض ال يكاد يخفي أثرا يلحقه فيظهر‪ ،‬وألن األلوان تعين على الكِبر والمفاخرة‪،‬‬
‫وألن البياض أعم وأيسر وجُودا](‪)13‬‬

‫وحينما ننظر إلى صورة أوزوريس في برديات الحضارة المصرية القديمة ومخطوطاتها‬
‫وجدارياتها نجده الوحيد الذي يرتدي األبيض‪ ,‬كما سنوضح بالكتاب الح ًقا في وصف‬
‫شجرة عائلة تاسوع هليوبوليس‪.‬‬
‫هذا القول يدعمه قول قاطع للدكتور وسيم السيسي الباحث في علم المصريات‪ ،‬هو يرى‬
‫َّس لقانون األخالق في مصر القديمة‪ ،‬وهو‬
‫أن أوزوريس هو من دعا للتوحيد‪ ،‬وأس َ‬
‫المذكور في القرآن بسيدنا إدريس‪.‬‬
‫هذا التشابه الذي وجدناه بين أوزوريس ونبي هللا إدريس‪ ،‬دفعنا إلى البحث عن قصة‬
‫(إيزيس وأوزوريس)(‪ )14‬وكيف يمكن أن يكون قد طرأ تحريفها؛ لكي تصبح أسطورة‬

‫‪ )) 12‬رواه أبو داود في سننه (‪ ، )4061‬والترمذي في سننه (‪ )994‬وصححه ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬وصححه‬


‫األلباني في السلسلة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ ))13‬فيض القدير ج‪ ,3:‬ص‪.485‬‬
‫‪ ))14‬ترجع أصول هذه األسطورة وجذورها إلى عصور ما قبل التاريخ وقد ارجعها البعض إلى العصر‬
‫الحجري الحديث وبدأ تجميعها خالل عصر الدولة القديمة‪ ،‬وتوجد إشارة‪ ،‬إليها في متون االهرام‪،‬‬
‫وجاءت مقتطفات منها في متون التوابيت وفي األناشيد الدينية في عصر الدولة الوسطى‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫نجدها في بعض نصوص الدولة الحديثة الدينية وفي نصوص أخرى متفرعة ومنها بردية‬
‫شستريسي‪ ،‬رقم ‪ 1‬والتي ترجع إلى عهد رمسيس الخامس‪ ،‬وفي العصر الروماني جمع‬
‫بلوتارخوس المتوفي بعد عام ‪120‬م شتات فصول هذه األسطورة وسردها في كتاب مستقل‪.‬‬
‫مجموعة علماء‪ ،‬تاريخ الحضارة المصرية‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬القاهرة ‪1962‬م‪ ،‬ص ص ‪-382 ،214‬‬
‫‪ ،387‬عبدالعزيز صالح‪ ،‬الشرق األدنى القديم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ،347 – 345‬محمد إبراهيم بكر‪ ،‬صفحات‬
‫مشرقة من تاريخ مصر القديمة‪ ،‬صص ‪ .255- 52‬رمضان عبده علي‪ ،‬حضارة مصر القديمة‪،‬‬
‫‪46‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهمية خرافية غير حقيقية‪ ,‬ال يقبلها العقل‪ ,‬وال المنطق‪ ,‬فأعدنا النظر فيها بمنظور‬
‫إسالمي‪ ,‬بما يتوافق مع العقيدة التوحيدية للحضارة المصرية القديمة التي سنوضحها‬
‫الح ًقا‪.‬‬
‫[وقد اختلف في مولد إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬فقيل‪ :‬ولد ببابل‪ ,‬ثم خرج إلى مصر‪ ,‬وكبر‪,‬‬
‫وبعث بمصر‪ ,‬وذهب ُج ُّل أهل المعرفة إلى أنه وُ لِدَ ‪ ,‬ونشأ‪ ,‬و ُبع َ‬
‫ِث بمصر‪)15(].‬‬
‫وقد توصلنا إلى أن سيدنا إدريس هو أوزوريس وهو أحد أشهر الشخصيات التاريخية‬
‫المصرية‪ ،‬وليس شخصية أسطورية كما يدعي بعض الباحثين‪ ،‬بل هو شخصية حقيقية‪،‬‬
‫وهو أحد أبناء سيدنا آدم عليه السالم‪ ،‬وأوزوريس هو النطق اليوناني السمه‪.‬‬
‫عاش (أوزير) في مصر وأخوه األكبر (سيت)في بابل‪ ،‬ويرى بعض الباحثين أن سيت‬
‫مشتقة من (ستان) ‪ ,‬وهو اسم الشيطان في لغات مختلفة مثل اللغة اإلنجليزية‪ ،‬وقد يكون‬
‫هناك عالقة بين هذه التسمية وجريمة القتل األولى على األرض‪ ،‬ويبدأ تاريخ مصر بأن‬
‫أول من عاش على أرضها هم (أوزير‪ ,‬وسيت أو ست) أبناء أتوم‪ ,‬وأول من عاش في‬
‫بابل (سيت‪ ,‬وتيمات‪ ,‬وعشتار)‪.‬‬
‫ووصف ست بأنه ذو بشرة بيضاء متشبعة بالحمرة‪ ،‬وله عينان زرقاوان‪ ،‬وشعره أحمر‬
‫ناعم الملمس‪ ،‬له زوجتان‪ ،‬إحداهما مثله متشبعة بالحمرة أنجب منها نساًل يشبهما‪،‬‬
‫وكانت له أخرى سمراء أنجب منها نساًل أسود‪.‬‬
‫بينما وصف أوزير بأنه (قمحي فاتح البشرة) ‪ ,‬وله عينان بنيتان في اللون‪ ،‬وشعره أسود‬
‫مموج‪[ ،‬وأما ما جاء فى وصف إدريس ‪ -‬عليه السالم‪ -‬فقد روى ابن كثير أنه كان أبيض‬
‫طويالً‪ ،‬ضخم البطن‪ ،‬عريض الصدر‪ ،‬قليل شعر الجسد‪ ،‬كثير شعر الرأس‪ ،‬كان كحيل‬

‫ج‪ ،2‬ص ‪ 285 ، 249‬رندل كالرك‪ ،‬الرموز األسطورة في مصر القديمة‪ ،‬ترجمة احمد مليحة‬
‫بالقاهرة ‪ ،1988‬ص‪ ،208 ،203-182‬دور ناردو‪ ،‬االساطير المصرية‪ ،‬ترجمة احمد الرساوي‪،‬‬
‫مراجعة وتعليق عالء الدين شاهين‪ ،‬القاهرة ‪2011‬م‪ ،‬ص ص ‪ ، 52 -41‬بلوتارخوس‪ ،‬رسالة‬
‫بلوتارخوس عن ايزيس واالوزوريس‪ ،‬ترجمة‪ ،‬حسن صبحي بكري‪ ،‬مراجعة محمد صقر خفاجة‪،‬‬
‫القاهرة (‪1977‬م)‪ ،‬ص‪.96 :‬‬
‫‪ ))15‬الديباج في أخبار األسود الهياج‪ ,‬لسرور أبوالمعاطي‪ .‬ص‪ .42,41‬بتصرف‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫العينين‪ ،‬قيل أيضا عنه إنه كان متأنيا فى كالمه‪ ،‬كثير الصمت والتأمل‪ ،‬وكانت فى وجهه‬
‫عبسة‪ ،‬وكان إذا غضب احتد‪ .‬علمه آدم األسماء كلها وما أوتى من علم وبقى على‬
‫شريعة أبيه](‪ )16‬وكانت زوجته إيزا تحمل مواصفاته الشكلية نفسها‪ ،‬أنجبا نساًل يشبهما‪،‬‬
‫فيما يختلف النسل األخير عن النسل السيتي اختال ًفا كليًا في الخليقة وال ُخلق‪ ،‬وقد عاشا‬
‫كل منهما مع أسرته في موطنه الذي استقر فيه‪ ،‬حتى ظهر العداء من سيت ألوزير‪,‬‬
‫وقتل أوزير طمعا في وطنه الذي أنشأه‪ ,‬وملكه الذي شيده‪ ,‬وامرأته آية ملكه التي كتبها‬
‫هللا له‪ ،‬وأعاده هللا إلى الحياة مرة أخرى‪ ,‬ثم عوضه هللا بابن أسماه (حور) ‪ ,‬وهو روح‬
‫من هللا؛ ليحكم بقوة هللا على األرض‪ ،‬المعروف بحورس؛ ليرث المُلك والحكم من بعده‪،‬‬
‫ألحقيته بالمُلك‪ ،‬وطرد سيت وزوجتيه من مصر‪ ,‬واألسطورة التي تروي قتل سيت‬
‫ألوزير ما هي إال األصل الذي حُرِّ ف عنه قصة قتل قابيل لهابيل (المعروفين لنا بهذه‬
‫األسماء‪ ,‬وسنعرف من أين جاءت هذه األسماء)؛ ألن قصة ابني آدم التوراتية ال تكون‬
‫بحال من األحوال أكثر من عشرة آالف سنة وهذا التاريخ غير متوافق مع العلوم‬
‫الحديثة‪ ,‬واألدلة األثرية بشكل قطعي‪ ,‬أما قصة ابني آدم في الحضارة المصرية قد ثبتت‬
‫آثاريا في بردية تورين أنها تقترب من أربعين ألف سنة‪ ,‬وهذا التأريخ أقرب للعلوم‬
‫الحديثة‪ ,‬واألدلة اآلثرية بشكل كبير‪.‬‬
‫هذا التشابه مثير لالستغراب‪ ،‬ففي الرواية التوراتية المعروفة لنا أن (قابيل‪ ,‬وهابيل) هما‬
‫ابنا آدم‪ ،‬قابيل هو القاتل‪ ,‬وهابيل هو المقتول‪ ،‬فما عالقة هابيل بإدريس‪ ،‬هل إدريس هنا‬
‫هو ابن مباشر لسيدنا آدم‪ ،‬أو هو النبي الذي ذكر قبل الطوفان على أنه الحفيد الرابع‬
‫لشيث‪ ،‬والمذكور باسم أخنوخ في الجدول التالي طب ًقا لما جاء بالرواية التوراتية؟‬

‫‪ ))16‬بتصرف من ‪https://www.almasryalyoum.com/news/details/1110593‬‬
‫‪48‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تصحيح شجرة األنساب التوراتية‪:‬‬
‫في رواية التوراة وجدنا أن ابن آدم القاتل األول على األرض اسمه (قايين)‪ ،‬وهذه‬
‫التسمية هي األقرب السم حفيد (شيث) في النطق (قينان) أكثر من االسم المتعارف عليه‬
‫في كتب التاريخ‪ ,‬وهو (قابيل)‪.‬‬
‫وفي التوراة نجد‬
‫بقية أسماء أبناء‬
‫شيث شبه منسوخة‬
‫من أسماء أبناء‬
‫وينتهي‬ ‫قابيل‪،‬‬
‫النسالن عند نفس‬
‫االسم (المك) نفسه‪،‬‬
‫واحد منهما ُيفترض‬
‫أنه آخر نسل قابيل‪،‬‬
‫واآلخر آخر نسل‬
‫شيث قبل الطوفان‪.‬‬
‫قدمت التوراة نسل قابيل على نسل شيث‪ ،‬مما يشير إلى انتمائهم إلى قابيل َ‬
‫وذ َك َر ْ‬
‫ت‬
‫َتفاصِ ي َل في شبكة عائلة المك القابيلي أكثر مما ذكرت تفاصيل عن المك الشيثي المشاع‬
‫الالمكين كان أعمى‪ ,‬وألقى حجرً ا على قابيل‪,‬‬
‫ِ‬ ‫زورً ا أنه أبو نوح‪ ،‬بل األغرب إن أحد‬
‫النسلين هما نسل‬
‫ِ‬ ‫الالمكين هما شخص واحد‪ ،‬بل إن‬
‫ِ‬ ‫وقتله‪ ،‬وليس بفارق من القاتل‪ ،‬ألن‬
‫واحد‪ ,‬هو القاتل األول على األرض‪ ،‬وربما يكون المك لم يقتل (قابيل) من األساس ألنه‬
‫كان ضريرً ا‪.‬‬
‫واألكثر غرابة في تسلسل النسل المنسوب للتوراة أن خنوخ الذي يعتقدون إنه إدريس‬
‫وجدناه اب ًنا مباشرً ا لقابيل‪ ،‬لكن في النهاية استقر األمر على أن أنس هللا كان يُطلق عليه‬

‫‪49‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫إخنوخ وكان من نسل شيث‪ ،‬ووجدنا روايات أخرى‪ ،‬منها ما ُذكر في كتاب (أساطير‬
‫اليهود) للكاتب لويس جنزنبرج ُد ِو َنت قصة إدريس بشكل كامل ألنوش بن شيث‪ ،‬أي أنه‬
‫حفيد مباشر آلدم‪ ,‬ومن هنا حدث اللغط‪ ،‬ولم نصل إلى رواية متماسكة نستطيع أن نعرف‬
‫منها إجابة السؤال‪ :‬إلى من ينتسب سيدنا إدريس عليه السالم؟‬
‫وفي الرواية التوراتية حينما قتل قابيل هابيل‪ ،‬وهب هللا آدم اب ًنا ً‬
‫ثالثا تعويضًا عن هابيل‬
‫أسماه (شيث)‪ ،‬في حين أن شيث حسب الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬هو ذاته‪( :‬سيت‪،‬‬
‫شيث‪ ،‬شيتائيل) جميعها أسماء لنفس الشخص‪ ,‬وهو الذي قتل أخاه أوزير وف ًقا ألسطورة‪,‬‬
‫(إيزيس وأوزوريس) التي بدأت بها التحديات والصراعات التي كانت على مُلك مصر؛‬
‫ليتضح لنا أنها قصة ابني آدم نفسها المذكورة في القرآن‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى القرآن الكريم نجد أنه قد ذكر ابني آدم فقط‪ ,‬ولم يذكر لنا هذا االبن الثالث‬
‫آلدم‪ ,‬ذلك الذي تفترض التوراة أنه األب الثاني للبشرية بعد آدم‪ ,‬وأننا جميعًا من نسله‬
‫وال يوجد أنساب غيره بعد الطوفان‪ ،‬ألن نوح جاء من نسله‪ ,‬كما يشاع زورً ا‪ ،‬وهو غير‬
‫مذكور في القرآن الكريم أو في األحاديث في كتب الصحاح الستة ((صحيح البخاري –‬
‫صحيح مسلم – سنن النسائي – سنن أبي داود – سنن الترمذي – سنن ابن ماجة)) ‪ ,‬وال‬
‫سريان ُّيونَ ‪ :‬آد ُم‬ ‫ٌ‬
‫أربعة ُ‬ ‫ذر‬
‫غيرها إال ما أخرجه ابن حبان من حديث طويل منه‪ " :‬يا أبا ٍّ‬
‫ح"(‪ )17‬واختلف في حكمه هل‬ ‫بالقلم ونو ٌ‬
‫ِ‬ ‫إدريس وهو َّأول ُ َمن َّ‬
‫خط‬ ‫ُ‬ ‫خ وهو‬ ‫وشِ ُ‬
‫يث وأخنو ُ‬
‫هو ضعيف أوموضوع أو منكر‪ ,‬والصواب أنه ضعيف جدا‪ .‬وعليه ال يُحت ُّج به وال يُع ُّد‬
‫كدليل على كون شيث موجودا أصال فضال على أن يكون نبيا!‬
‫ألننا إذا اعتمدنا قصة شيث فلن نستطيع معرفة من هو إدريس مطل ًقا؛ حيث إنه لو أن‬
‫إدريس هو أوزير الذي وهبه هللا حور؛ ليرث ملكه فإن هذا سيكون متعارضًا تمامًا مع‬
‫وجود شخص‪ ,‬اسمه شيث؛ ألن المفترض أن أوزير (إدريس) يمثل هابيل في الرواية‬
‫التوراتية‪ ،‬إذ عوض هللا آدم بشيث بعد قتل قابيل له‪ ,‬وشيث يمثل حور (حورس)‪ ,‬وإن‬
‫وافقنا على تلك الرواية التوراتية فسيصعب علينا تصديق رواية أن إدريس هو ُأوزير‬
‫المصري‪ ,‬لكن بعد كل ما توصلنا إليه في بحثنا من سيرتهم الواحدة‪ ,‬وبعد قرارنا أن‬
‫نترك لعبة األسماء‪ ,‬واعتمادنا األفعال‪ ,‬واألحداث المثبتة بأدلة علمية عقالنية منطقية‪،‬‬
‫‪ ))17‬صحيح ابن حبان‪ ,‬ألبي حاتم بن حبان‪ .‬رقم الحديث ‪.366‬‬
‫‪50‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وعلى هذا فإننا نجزم بعدم وجود هذا االبن الثالث آلدم؛ ألنه ال يوجد أي دليل مادي على‬
‫تلك الرواية‪ ,‬ولعدم وجوده في القرآن‪ ,‬وال فيما ص َّح عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫على العكس من رواية (حور‪ :‬حورس) التي عليها دالئل أركيولوجية (أثرية) ‪,‬‬
‫ذكرها؛ حيث حور (حورس) هو مصدر قوة جميع ملوك مصر عبر‬ ‫ِ‬ ‫َسنس َتفِيضُ في‬
‫التاريخ المُدَ وَّ ِن‪ ،‬دليل ذلك رفع شعاره من خالل االسم الحوري حينما يكون الحكم‬
‫للمصريين(اآلمونيين) الذين يرجع نسبهم إلى اإلدريسيين(األوزيريين)‪ ،‬ونؤمن بأنه منذ‬
‫حادثة قتل ابن آدم ألخيه والبشرية نسالن؛ نسل القاتل‪ ,‬ونسل المقتول‪ ,‬وقد وضح جليا‬
‫في القرآن الكريم التفرقة بين هذين النسلين فلم تذكر كلمة (بني) إال مضافة إلى اسم من‬
‫اسمين فقط هما آدم وإسرائيل (بنو آدم‪ ,‬وبنو إسرائيل)؛ ثم حصل تزاوج ما بين النسلين‪,‬‬
‫ونتج نسل ثالث‪( ,‬خليط بين النسلين)‪ ,‬وهذا النسل ليس من قضايا هذا الكتاب‪ ,‬وليس له‬
‫دخال في الصراع الذي يتناوله هذا البحث‪ ,‬ولهذا سنضع له كتابا خاصا به‪.‬‬
‫المثير عند البحث في كتاب (أنبياء سومريون)(‪ : )18‬كيف تحوّ ل عشرة ملوك‬
‫سومريون إلى عشرة أنبياء توراتيين؟! للباحث العراقي خزعل الماجدي المتخصص في‬
‫ً‬
‫ملموسة عن‬ ‫ً‬
‫علمية‬ ‫علوم وتاريخ األديان والحضارات واألساطير‪ ،‬ق َّدم الكتاب دالئ َل‬
‫حقبة الملوك السومريين الذين حكموا‪ ,‬وعاشوا في بالد الرافدين‪.‬‬
‫وقدم (خزعل) دالئل وبراهين على أنّ الملوك العشرة السومريون هم عشرة أنبياء‬
‫توراتيين بفعل الرؤية التوراتية‪ ،‬وهؤالء الملوك أو اآلباء هم‪[ :‬آدم‪ ،‬شيث‪ ،‬أنوش‪ ،‬قينان‪،‬‬
‫مهاللئيل‪ ،‬يارد‪ ،‬أخنوخ‪ ،‬متوشالح‪ ،‬المك‪ ،‬نوح] الذين ينتمون جميعهم إلى مرحلة ما قبل‬
‫الطوفان‪.‬‬
‫ويُثبت خزعل الماجدي علميًا‪ ،‬أن هؤالء هم‪ :‬ألوليم (ألو لم ننكي)‪ ،‬أالنجر (أللكارننكي)‪،‬‬
‫إين مين لو أنا (انمنلو أنا)‪ ،‬إين مين خال أنا (انمنكال أنا)‪ ،‬ودو موزيد الراعي (دموزي‬
‫الراعي)‪ ،‬وإين سبادزيد أنا (انسيبازي أنا)‪ ،‬إين مين دور أنا (انمندر أنا سبار _أبو حبة)‬

‫‪ ))18‬أنبياء سومريون ‪ ,‬المركز الثقافي للكتاب‪ ,‬الدار البيضاء_ المغرب‪2018 ,‬م‪.‬‬


‫‪51‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ ،‬أوبرا تاتو (أوبر دودو)‪ ،‬شروباك (توبال قابيل)‪ ،‬زيوسدرا (المعروف قديما _ بزيوس‬
‫_ وتم تحريف االسم حديثا إلى _صهيون)‪.‬‬
‫وعلى ذلك نرى منطقية فيما طرحه (خزعل الماجدي) ألن منهجه ليس مؤدلجً ا؛ أي ال‬
‫ينطلق من إيديولوجية محددة‪ ،‬إنما يعتمد على علمية الحفائر‪ ،‬هي ال َتكذِب وال تتجمل‪،‬‬
‫بل إنها أحد األسباب العلمية نحو التفكير في العصور القديمة بعي ًدا عن التصورات‬
‫الخاصة بكل جماعة تريد أن ُتش ِّكل التاريخ على هويتها‪.‬‬
‫ولكن نقول أن الذين أثبتهم خزعل الماجدي من ثبت الملوك السومري بأنهم آدم ونسله‬
‫ليس بصحيح بل هم قابيل (سيت) ونسله‪ ,‬ونؤيده في كون قابيل ونسله المذكورين ليسوا‬
‫بأنبياء‪ ،‬وعليه فإن (قينان‪ ,‬ومهالئيل‪ ,‬ويارد‪ ,‬وأخنوخ‪ ,‬ومتوشلخ‪ ,‬والمك)‪ ,‬هم أبناء قابيل‬
‫الذي اسم من أسمائه (شيث)‪ ,‬كما نوافقه في بعض ما ذهب إليه في كون التوراة الحالية‬
‫ألصقت سيرة ملوك هذا النسل باألنبياء وهم ليسوا بأنبياء‪ ,‬ولكن ليس معنى أن التوراة‬
‫الحالية كذبت وألصقت لذرية قابيل سير األنبياء بأن هذا يعني عدم وجود أنبياء أصال!‬
‫بل نحن أثبتنا آثاريا في هذا البحث أن األنبياء المسروقة سيرتهم هم من نسل أوزير‬
‫(إدريس عليه السالم)‪.‬‬
‫وهؤالء الذين ذكرهم خزعل الماجدي هم ملوك حضارة بين الرافدين وهذا أوضح‬
‫التشابه الذي يصل إلى حد التطابق بين أسماء زوجات سيت اللتين طردتا معه من مصر‪,‬‬
‫وأسماء السيدتين اللتين قامت عليهما الحضارة السومرية‪ :‬عينات (تيمات)‪ ,‬وعشتار‪,‬‬
‫و(عشتارت)‪ ،‬لذلك تكون رواية شيث ‪ -‬االبن المنسوب آلدم تعويضًا بعد قتل أوزير‬
‫(هابيل) ‪ -‬هي رواية‪ ,‬اختلقها أبناء القاتل لتبرئة ذمتهم من قتل أبيهم ألخيه أوزير؛‬
‫ليوجدوا ألنفسهم نساًل نقيًا‪ ,‬ويواروا سوأة فعلة أبيهم األول‪ ،‬ووضع نهاية إلخفاء جريمة‪,‬‬
‫ال تزال وليد ًة‪ ،‬وهي قتل أبيهم (سيت) لـ(وأوزير)‪ ،‬فوهب هللا (حور) لِـ(أوزير) مُؤسِّس‬
‫مصر وحاكمها العادل‪ ،‬كي يتحقق عدل هللا في األرض‪ ,‬ويرثها ابن من ظهره‪.‬‬
‫أما رواية (شيث) السابقة نسجها‪ ,‬واستنسخها من لديهم شيئا‪ ,‬يريدون إخفاءه‪ ،‬وهم نسل‬
‫القاتل في بالد الرافدين‪ ،‬ومصلحتهم هنا أنهم وجدوا ألنفسهم نساًل بعي ًدا عن نسل القاتل؛‬
‫‪52‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(ليحرفوا نسل النبوة ألنفسهم)‪ ،‬والحديث هنا يشمل من سكن بالد الرافدين في تلك‬
‫األزمنة‪ ,‬وال عالقة للعراقيين الحاليين بهذه الرواية؛ (أثبتت األبحاث الجينية أن العراقيين‬
‫اآلن متعددو اإلثنيات والغالب عليهم تحورات الساللتين العربيتين(‪ ))19‬حيث إنهم عرب‬
‫من نسل سيدنا إسماعيل عليه السالم‪ ،‬سكنوا بالد الرافدين في أزمنة تالية‪ ,‬يلي الحديث‬
‫عنها‪ ,‬وال يوجد شيء من األساس اسمه عرب بائدة‪ ,‬وهذا المصطلح أطلقوه إلقناع العالم‬
‫أجمع أن أجداد العرب الحاليين كانوا من الجبابرة الذين ُأبيدوا ساب ًقا بالعقاب اإللهي؛ مثل‬
‫قوم عاد وثمود‪ ،‬ليستطيعوا بهذا أن يصنعوا تاريخا بداية من نبي هللا يعقوب _عليه‬
‫السالم_ وال تعارض في أن تكون هذه األقوام عرقيا من نسل بني إسرائيل‪ ,‬وإن اكتسبوا‬
‫باختالطهم‪ ,‬ودوام مكثهم بين العرب اللسان العربي‪ ,‬ألن العربية هي من جهة اللسان ال‬
‫واألب واحدٌ‪،‬‬
‫َ‬ ‫الرب واحدٌ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫الناس إن‬
‫ُ‬ ‫عالقة لها باألعراق‪ ,‬وجاء في الحديث‪" :‬يا أ ُّيها‬
‫ب وال ُأ ٍّم‪ ،‬وإنما هي اللسانُ ‪ ،‬فمن تكلم بالعربي ِة فهو‬ ‫ُ‬
‫العربية بأحدِكم من أ ٍ‬ ‫وليس ِ‬
‫ت‬
‫عرب ٌّي"(‪.)20‬‬
‫ِ‬
‫وهذا المسمى من المسميات _أي العرب البائدة_ التي ألفها‪ ,‬وأخرجها أبناء القاتل األول‬
‫على األرض؛ لِي َُحمِّلوا العرب فعلة أبيهم األول‪ ,‬وللوصول إلى قمة اإلبداع في التأليف‬
‫أطلقوا على األغيار (كل من هو غير يهودي) مصطلحهم (غوييم) الذي يعني العبيد‬
‫الذين خلقوا من أجل تحقيق مصالح اليهود‪ ,‬والمصلحة هنا هي إخفاء حقيقة أنهم هم‬
‫(المغضوب عليهم) العبيد الحقيقيون المشتتون في األرض من بعد قتل أبيهم األول‬
‫لسيدنا إدريس ‪-‬عليه السالم ‪ -‬الذي َت َقبَّل هللا منه قربانه‪ ,‬ومن أجل ذلك رفعه هللا مكا ًنا‬
‫َعلِ ًّيا‪ ,‬ومن ذريته جاء شعب هللا المختار الحقيقيون الذين لهم آثار صامدة آالف السنين‬
‫شاهدة على من هم ذرية إدريس الحقيقيون‪ ,‬ولكن اليهود أبناء القاتل األول على األرض‬
‫بدلوا الحقائق‪ ,‬ومن بعد موسى حرفوا التوراة؛ ليظهروا هم بمظهر (شعب هللا المختار)‪.‬‬

‫‪https://www.familytreedna.com/public/Iraq?iframe=yresults ))19‬‬
‫‪ ))20‬الراوي‪ :‬أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف • األلباني‪ ،‬السلسلة الضعيفة (‪ • )٩٢٦‬ضعيف جداً‬
‫‪53‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫فيما لم يذكر القرآن في مرحلة‬


‫ما قبل الطوفان غير (ود‪,‬‬
‫ويغوث‪,‬‬ ‫ويعوق‪,‬‬ ‫وسواع‪,‬‬
‫ونسرا‪ ,‬ثم نوح‪ ،‬في قوله تعالى‪:‬‬
‫"و َقالُوا ال َت َذ ُرنَّ آلِ َه َت ُك ْم َوال‬
‫َ‬
‫َو َن ْس ًرا" (سورة نوح‪.)23:‬‬ ‫َو َي ُع َ‬
‫وق‬ ‫َي ُغ َ‬
‫وث‬ ‫َوال‬ ‫س َوا ًعا‬
‫ُ‬ ‫َوال‬ ‫َو ًدّ ا‬ ‫َت َذ ُرنَّ‬
‫(‪)2‬‬
‫والحضارة المصرية َنصَّت على أن (حور) جاء من صلبه أربعة أبناء‪( :‬إمستي‪ ,‬وحابي‪،‬‬
‫ودواموت اف‪ ,‬وقبح سنواف)‪ ,‬حكموا مصر مع أبيهم‪ ,‬وحموها من نسل القاتل (ست)‪.‬‬
‫زمن إدريس عليه السالم‬
‫وبالبحث عن زمن سيدنا إدريس‬
‫‪ -١‬البحث في القرآن الكريم لم نجد أن القرآن الكريم حدد لنا زمن سيدنا إدريس‬
‫‪ -٢‬البحث في األحاديث الصحاح‪ ,‬وجدنا حديثين في صحيح البخاري‪ ,‬نستدل منهما على‬
‫مبحثا خاصًا بهذا األمر في نهاية‬ ‫ً‬ ‫زمن سيدنا إدريس تلميحً ا‪ ,‬وليس تصريحً ا‪ ،‬وأفردنا‬
‫الكتاب‪ ،‬ووضعنا في هذا المبحث نص الحديثين‪.‬‬
‫يظن البعض أن سيدنا إدريس حفيد آدم الخامس‪ ,‬وهذا الظن يخالف ما جاء باألحاديث‬
‫المذكورة في المبحث‪.‬‬
‫الحديث األول يخبرنا عن أن الناس يوم القيامة ستخاطب سيدنا نوحا عليه السالم قائلة‬
‫ض"( ) والحديث الثاني يخبرنا " َما َب َع َث هَّللا ُ‬ ‫س ِل ِإ َلى َأهْ ِل اَأل ْر ِ‬ ‫ح ِإ َّن َك َأ ْن َت َأ َّول ُ ُّ‬
‫‪21‬‬
‫الر ُ‬ ‫" َيا ُنو ُ‬
‫مِنْ َن ِب ٍّي ِإالَّ َأ ْن َذ َر ُأ َّم َت ُه الدَّ َّجالَ‪َ ،‬أ ْن َذ َرهُ ُنو ٌ‬
‫‪22‬‬
‫ح َوال َّن ِب ُّيونَ مِنْ َب ْع ِدهِ"((‬
‫والحديثان يشيران إلى أن سيدنا نوح أول الرسل إلى أهل األرض‪ ،‬وأنه ما بعث هللا من‬
‫نبي (أي كل األنبياء) كلهم أنذروا أممهم من الدجال‪ ،‬ثم تحديد أن سيدنا نوح والنبيين‬

‫‪ ))21‬جزء من حديث طويل‪ ,‬أخرجه البخاري (‪ ،)٤٧١٢‬ومسلم (‪.)١٩٤‬‬


‫‪ ))22‬جزء من حديث‪ ,‬في صحيح البخاري (‪.)٤٤٠٢‬‬
‫‪54‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من بعده أنذروا أممهم؛ فكيف ذلك‪ ,‬ونحن نعلم أن سيدنا إدريس كان قبل طوفان سيدنا‬
‫نوح؟!‬
‫ولماذا لم ينذر أمته؟!‬
‫أما إذا كان سيدنا إدريس هو ابنُ آد َم (المقتولُ) الرجل الصالح الذي تقبل هللا منه قربانه‬
‫فسيكون متن الحديثين مفهوما‪ ,‬وقد يكون هذا سبب المكان الذي رفع إليه‪ ,‬أو المكانة التي‬
‫رفع إليها؛ ألنه في زمن سيدنا إدريس ال يوجد ناس غيره هو وعائلته وأخوه وعائلته‬
‫وآدم وحواء ‪ -‬عائلته الكبرى ‪( -‬أي إن األرض لم ُتعمَّر بعد)‪ ,‬وحدث قتله قبل ازدياد‬
‫عدد البشر وتفرقهم في أرض هللا الواسعة‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن سيدنا إدريس عليه السالم هو أول من بدأت في عهده كل مظاهر‬
‫الحضارة‪ ,‬فكيف يكون زمنه قريب العهد من حدوث الطوفان‪ ،‬وفي األساس وحسب‬
‫المصادر الموثقة هو أول من علم الناس الزراعة‪ ,‬وحدد مقياس النيل‪ ،‬وأول من خاط‬
‫الثياب البيض‪ ،‬وعلم الناس سُك َنى البيوت بعد أن كانوا يسكنون الكهوف‪.‬‬
‫فكيف كانت الحياة بداية من آدم حتى الطوفان؟ أي كيف عاش الناس‪ ،‬في ظل أن‬
‫أساسيات الحياة كلها سيدنا إدريس هو من قدمها للبشرية‪ ،‬من نحو تحديد مقياس لمياه‬
‫النيل والملبس والسُكنى‪ ،‬وتشير افتراضيات عديدة إلى أن مرحلة الحياة منذ عهد آدم‬
‫حتى الطوفان كان بها علوم متطورة‪ ،‬في مجاالت شتى‪ ،‬أي أن الحياة لم تكن بدائية‪ ,‬ال‬
‫يوجد بها أي مظاهر حضارية كما تدعي التوراة‪ , ,‬وهذا مخالف لما ورد في القرآن‬
‫الكريم من تكريم هللا آلدم وأبنائه كما قال تعالى‪َ " :‬و َل َقدْ َك َّر ْم َنا َبنِي آدَ َم َو َح َم ْل َنا ُه ْم فِي ا ْل َب ِّر‬
‫ِير ِّم َّمنْ َخ َل ْق َنا َت ْفضِ ياًل " (اإلسراء ‪:‬‬ ‫ت َو َف َّ‬
‫ض ْل َنا ُه ْم َع َل ٰى َكث ٍ‬ ‫َوا ْل َب ْح ِر َو َر َز ْق َناهُم ِّمنَ َّ‬
‫الط ِّي َبا ِ‬
‫‪)70‬‬
‫وأن الحكمة تقتضي أن ال تنقطع علوم السماء عن األرض لستة أجيال في أول وجود‬
‫لخالفة األرض‪ ,‬بل أخبر ربنا أن العلم وهبه ألهل خالفة األرض منذ أول خليفة _ آدم‬
‫عليه السالم – قال تعالى‪َ " :‬و َع َّل َم آدَ َم اَأْل ْس َم َ‬
‫اء ُك َّل َها " (البقرة‪.)31 :‬‬
‫‪ -‬فإذا كان سيدنا إدريس ابن سيدنا آدم الذي قُتِل فمن أخوه القاتل؟‬

‫‪55‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ -‬ومن قابيل وهابيل االسمان المعروفان لنا على أنهما ابنا سيدنا آدم؟‬
‫ً‬
‫مبحثا عن كيفية التعامل مع األخبار التي أوردها لنا بنو إسرائيل‪،‬‬ ‫قدمنا في نهاية الكتاب‬
‫ووجدنا اآليات واألحاديث كلها تحذرنا من بني إسرائيل وأقوالهم المحرفة كما توضح لنا‬
‫أيضًا بأن هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬أنزل القرآن باللغة العربية؛ لكي نتدبره‪ ,‬ونفهم معانيه‬
‫بلغتنا العربية‪ ,‬وليس من خالل قوم‪ ,‬لغتهم ليست العربية (كاللغة العِبرية)‪ ،‬كما َث َب َ‬
‫ت أيضًا‬
‫تحريف التوراة‪ ,‬وأنها ُكتِبت بأيديهم‪ ,‬وبما تهوى أنفُسُهم‪ ،‬ولذلك ال يستقيم أن نأخذ بها‬
‫دليال‪ ,‬أو نستشهد بها‪ ,‬ونحن نتدبر القرآن الكريم؛ (ألنها ليست التوراة الحقيقية التى‬
‫نزلت على سيدنا موسي)‪.‬‬
‫األمر اآلخر الذي يضرب رواية أن إدريس قريب العهد بالطوفان في مقتل‪ ،‬أنه كيف‬
‫يأمر هللا إدريس أن يعلم البشرية السُكنى وقياس النهر وخياطة الثياب‪ ،‬بل يمنحه شتى‬
‫العلوم؛ ليدرسها لهم‪ ،‬ثم سرعان ما يُرسل هللا الطوفان‪ ،‬وهذه الرواية نرى فيها طع ًنا؛‬
‫ألنها تطرح تساؤاًل ‪ ,‬ال يمكن السكوت عنه‪ ،‬كيف يمنح هللا العلوم للناس‪ ,‬وسرعان ما‬
‫يستردها بحدوث الطوفان‪ ,‬وهو الخبير الذي يعلم بتوقيت الطوفان؛ ألنه هو العليم الذي‬
‫فعل‪ ،‬مع العلم أن كل المراجع التاريخية ذكرت أنهم في هذه األزمان القديمة كانت تمتد‬
‫أعمارهم إلى عدة قرون‪ ,‬ونحن جميعًا نعلم أننا في قرن واحد فقط‪ ,‬وهو القرن الماضي‬
‫ما الذي حدث في تغيير مظاهر الحياة على األرض‪ ,‬ونحن نعلم أن جميع العلوم‬
‫والمعارف تراكمية‪ ,‬وهذا يعني أنه في هذه األزمان الغارقة في القِدَ ِم فُ َرصُهم في تحصيل‬
‫العلوم والمعارف أكبر بكثير؛ ألنه ال يوجد اآلن من يكمل قرنا واحدا من الزمان في‬
‫حياته إال قلة نادرة‪ ,‬والكثرة العددية الحالية ليس لها أي عالقة بالعلوم والتطور‬
‫والمعرفة‪.‬‬
‫البداية كانت من عند هللا هو الذي علم آدم‪ ،‬وال بد أن يكون ورَّ َثها ألحد أبنائه‪ ،‬وبعد أن‬
‫نفينا ساب ًقا قصة شيث نعتقد أن هذا االبن قد ورد ذكر اسمه في القرآن باسمه إدريس ‪-‬‬
‫عليه السالم ‪( -‬أي لم يكن شيث هو من َح َم َل الوحي بعد آدم)؛ ألنه شخصية وهمية من‬
‫األساس‪ ،‬وإيما ًنا بأن كل شيء مُق َّدرٌ‪ ،‬فإنه من الحكمة أن يترك هللا العلوم للناس؛‬
‫‪56‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ُق كلمة هللا على البشر‪،‬‬ ‫ليختبرهم أواًل وأخيرً ا‪ ،‬ثم في النهاية وبعد كل المحاوالت َتح ُّ‬
‫وليس أمامك مثال أكثر وضوحً ا من كلمة هللا في الطوفان‪.‬‬
‫ومما تق َّد َم رُجِّ َح أنَّ سيدنا إدريس هو ابن آدم المقتول‪ ,‬المختار الذي قتل بعد اختياره‪.‬‬
‫إذن فمن هو أخيه القاتل؟‬
‫القاتل األول على األرض‪:‬‬
‫بالرجوع إلى القرآن الكريم‪ ،‬سورة المائدة من اآلية (‪ )٢٧‬إلى اآلية (‪ )٣٣‬وبالتدبر في‬
‫هذه اآليات نجد أنها أشارت لنا باسم ابن آدم القاتل‪:‬‬
‫قال تعالى‪َ " :‬وا ْتل ُ َع َل ْي ِه ْم َن َبَأ ا ْب َن ْي آدَ َم ِبا ْل َح ِّق ِإ ْذ َق َّر َبا قُ ْر َبا ًنا َف ُتقُ ِّبل َ مِنْ َأ َح ِد ِه َما َو َل ْم ُي َت َق َّبلْ‬
‫س ْط َت ِإ َل َّي َيدَ َك لِ َت ْق ُت َلنِي‬ ‫مِنَ اآْل َخ ِر َقال َ َأَل ْق ُت َل َّن َك َقال َ ِإ َّن َما َي َت َق َّبل ُ هَّللا ُ مِنَ ا ْل ُم َّتقِينَ (‪َ )٢٧‬لِئنْ َب َ‬
‫وء‬‫اف هَّللا َ َر َّب ا ْل َعا َلمِينَ (‪ِ )٢٨‬إ ِّني ُأ ِري ُد َأنْ َت ُب َ‬ ‫ِي ِإ َل ْي َك َأِل ْق ُت َل َك ِإ ِّني َأ َخ ُ‬ ‫َما َأ َنا ِب َباسِ طٍ َيد َ‬
‫س ُه‬ ‫الظالِمِينَ (‪َ )٢٩‬ف َط َّو َع ْت َل ُه َن ْف ُ‬ ‫ار َو َذلِ َك َج َزا ُء َّ‬ ‫ب ال َّن ِ‬
‫ص َحا ِ‬ ‫بِِإ ْثمِي َوِإ ْث ِم َك َف َت ُكونَ مِنْ َأ ْ‬
‫ض لِ ُي ِر َي ُه‬ ‫ث فِي اَأْل ْر ِ‬ ‫ص َب َح مِنَ ا ْل َخاسِ ِرينَ (‪َ )٣٠‬ف َب َع َث هَّللا ُ ُغ َرا ًبا َي ْب َح ُ‬ ‫َق ْتل َ َأخِي ِه َف َق َت َل ُه َفَأ ْ‬
‫س ْو َء َة‬‫ي َ‬ ‫ب َفُأ َو ِار َ‬ ‫ت َأنْ َأ ُكونَ ِم ْثل َ ه ََذا ا ْل ُغ َرا ِ‬ ‫س ْو َء َة َأخِي ِه َقال َ َي َاو ْي َل َتا َأ َع َج ْز ُ‬‫ف ُي َو ِاري َ‬ ‫َك ْي َ‬
‫سا‬ ‫ص َب َح مِنَ ال َّنا ِدمِينَ (‪ )٣١‬مِنْ َأ ْج ِل َذلِ َك َك َت ْب َنا َع َلى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َأ َّن ُه َمنْ َق َتل َ َن ْف ً‬ ‫َأخِي َفَأ ْ‬
‫اس‬‫اس َجمِي ًعا َو َمنْ َأ ْح َياهَا َف َكَأ َّن َما َأ ْح َيا ال َّن َ‬ ‫ض َف َكَأ َّن َما َق َتل َ ال َّن َ‬ ‫سا ٍد فِي ْ‬
‫األر ِ‬ ‫س َأ ْو َف َ‬
‫ِب َغ ْي ِر َن ْف ٍ‬
‫ض َل ُم ْس ِرفُونَ‬ ‫األر ِ‬ ‫ت ُث َّم ِإنَّ َكث ً‬
‫ِيرا ِم ْن ُه ْم َب ْعدَ َذلِ َك فِي ْ‬ ‫سلُ َنا ِبا ْل َب ِّي َنا ِ‬ ‫َجمِي ًعا َو َل َقدْ َج َ‬
‫اء ْت ُه ْم ُر ُ‬
‫سادًا َأنْ ُي َق َّتلُوا َأ ْو‬
‫ض َف َ‬ ‫ار ُبونَ هَّللا َ َو َر ُ‬
‫سو َل ُه َو َي ْس َع ْونَ فِي اَأْل ْر ِ‬ ‫(‪ِ )٣٢‬إ َّن َما َج َزا ُء ا َّلذِينَ ُي َح ِ‬
‫ٰ‬
‫ي فِي‬ ‫ض ۚ َذلِ َك َل ُه ْم خ ِْز ٌ‬‫ف َأ ْو ُي ْن َف ْوا مِنَ اَأْل ْر ِ‬
‫ص َّل ُبوا َأ ْو ُت َق َّط َع َأ ْيدِي ِه ْم َوَأ ْر ُجلُ ُه ْم مِنْ ِخاَل ٍ‬ ‫ُي َ‬
‫اب َعظِ ي ٌم (‪ ")٣٣‬صدق هللا العظيم‬ ‫ال ُّد ْن َيا ۖ َو َل ُه ْم فِي اآْل خ َِر ِة َع َذ ٌ‬
‫قرار هللا ومشيئته في اآلية "واتل عليهم نبأ ابني آدم ِبا ْل َح ِّق "‪ ,‬وكذلك تشريعه في‪" :‬مِنْ‬
‫َأ ْج ِل َذلِ َك َك َت ْب َنا َع َلى َبنِي ِإ ْس َراِئيلَ"‪ ،‬تعني أن الحكم المذكور هنا إنما يأتي استنا ًدا على ما‬
‫حدث أواًل ‪ ،‬أي أن اآليتين مرتبطتان معًا‪ ,‬وال فصل بينهما‪ ،‬ونحن هنا أمام تشريع‪ ,‬انطلق‬
‫من جريمة محددة‪ُ ,‬كتبت على نسل القاتل‪ً ،‬إذا إسرائيل هو أحد ابني آدم‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫كما أن قوله تعالى‪ " :‬واتل عليهم نبأ ابني آدم ِبا ْل َح ِّق" قد يشير إلى أنه كان نبأ ابني آدم‬
‫يروى بقصة باطلة مكذوبة؛ فجاء القرآن ليتلوها علينا بنبأ حق وخبر صادق‪.‬‬

‫كذلك بالبحث عن اسم إسرائيل في القرآن‪ ،‬أغلبه سبقته لفظة (بني)‪ ،‬وذكرهم يغلب عليه‬
‫الذم قبل المدح‪ ،‬كافرون ومفسدون في األرض‪ ،‬منكرون للمواثيق‪ ،‬وقاطعون لألرحام‪،‬‬
‫وأنهم آمنوا‪ ,‬ثم كفروا‪ ،‬وأنهم قتلة لألنبياء‪ ،‬ومعتدون‪ ،‬ويحرفون ال َكلِ َم عن مَواضِ ِعهِ‪،‬‬
‫واآليات في ذلك كثيرة‪.‬‬

‫وسى َأ ْر َبعِينَ َل ْي َل ًة ُث َّم ا َّت َخ ْذ ُت ُم ا ْلع ِْجل َ مِنْ َب ْع ِد ِه َوَأ ْن ُت ْم َظالِ ُمونَ " [البقرة‪]51:‬‬ ‫"وِإ ْذ َو َ‬
‫اعدْ َنا ُم َ‬ ‫َ‬

‫سادًا َوهَّللا ُ اَل ُيح ُّ‬


‫ِب‬ ‫ب َأ ْط َفَأهَا هَّللا ُ َو َي ْس َع ْونَ فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض َف َ‬ ‫" ُك َّل َما َأ ْو َقدُوا َن ً‬
‫ارا لِ ْل َح ْر ِ‬
‫ا ْل ُم ْفسِ دِينَ " [المائدة‪]64:‬‬

‫يق ِم ْن ُه ْم َبلْ َأ ْك َث ُر ُه ْم اَل ُيْؤ ِم ُنونَ " [البقرة‪]100 :‬‬


‫"َأ َو ُك َّل َما َعا َهدُوا َع ْهدًا َن َب َذهُ َف ِر ٌ‬

‫سول ٌ ِب َما ال َت ْه َوى َأ ْنفُ ُ‬


‫س ُك ُم ْ‬
‫اس َت ْك َب ْر ُت ْم" [البقرة‪]87 :‬‬ ‫"َأ َف ُك َّل َما َج َ‬
‫اء ُك ْم َر ُ‬

‫" َف ِب َما َن ْقضِ ِه ْم مِي َثا َق ُه ْم َل َع َّنا ُه ْم َو َج َع ْل َنا قُلُو َب ُه ْم َقاسِ َي ًة" [المائدة‪]13:‬‬

‫ما ورد في سورة المائدة أن إسرائيل هو أحد ابني آدم‪ ،‬وهو الطرف القاتل الذي اعتدى‬
‫على أخيه‪ ،‬فإن هذا يأخذنا إلى حديث في صحيح البخاري‪ ،‬ونصه هو‪َ " :‬ل َّما فُت َِح ْت َخ ْي َب ُر‬
‫ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫س ٌّم‪َ ،‬ف َقال َ ال َّن ُّ‬
‫بي َ‬ ‫شاةٌ فِي َها ُ‬
‫ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم َ‬ ‫ُأهْ ِد َي ْت لل َّن ِّ‬
‫بي َ‬
‫يء؛ َفهلْ أن ُت ْم‬‫ش ٍ‬ ‫ساِئلُ ُك ْم عن َ‬ ‫اج َم ُعوا إ َل َّي َمن كانَ هَا ُه َنا مِن َي ُهودَ َف ُج ِم ُعوا له‪َ ،‬ف َقالَ‪ :‬إ ِّني َ‬ ‫ْ‬
‫ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم‪َ :‬من أ ُبو ُك ْم؟ قالوا‪ :‬فُاَل نٌ‬ ‫بي َ‬ ‫صا ِدق َِّي ع ْنه؟ َفقالوا‪َ :‬ن َعم‪َ .‬قال َ له ُم ال َّن ُّ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫سَأ ْل ُ‬‫يء إنْ َ‬
‫ش ٍ‬ ‫صا ِدق َِّي عن َ‬ ‫صدَ ْق َت‪َ .‬قالَ‪َ :‬فهلْ أن ُت ْم َ‬ ‫َف َقالَ‪َ :‬ك َذ ْب ُت ْم‪َ ،‬بلْ أ ُبو ُك ْم فُاَل نٌ ‪ .‬قالوا‪َ :‬‬
‫ع ْنه؟ َفقالوا‪َ :‬ن َع ْم يا أ َبا ال َقاسِ ِم‪ ،‬وإنْ َك َذ ْب َنا َع َر ْف َت َك ِذ َب َنا كما َع َر ْف َت ُه في ِأبي َنا‪َ .‬ف َقال َ له ْم‪:‬‬
‫ص َّلى هللاُ عليه‬ ‫بي َ‬ ‫يرا‪ُ ،‬ث َّم َت ْخلُفُو َنا فِي َها َف َقال َ ال َّن ُّ‬
‫ار؟ قالوا‪َ :‬ن ُكونُ فِي َها َيسِ ً‬ ‫َمن أهْ ل ُ ال َّن ِ‬

‫‪58‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يء إنْ‬ ‫ش ٍ‬‫صا ِدق َِّي عن َ‬ ‫سؤوا فِي َها‪ ،‬وهَّللا ِ ال َن ْخلُفُ ُك ْم فِي َها أ َبدًا ُث َّم َقالَ‪ :‬هلْ أن ُت ْم َ‬ ‫وس َّل َم‪ْ :‬‬
‫اخ َ‬
‫س ًّما؟ قالوا‪َ :‬ن َع ْم‪.‬‬
‫شا ِة ُ‬ ‫سَأ ْل ُت ُك ْم ع ْنه؟ َفقالوا‪َ :‬ن َع ْم يا أ َبا ال َقاسِ ِم‪َ .‬قالَ‪ :‬هلْ َج َع ْل ُت ْم في هذِه ال َّ‬ ‫َ‬
‫َقالَ‪ :‬ما َح َم َل ُك ْم ع َلى ذل َك؟ قالوا‪َ :‬‬
‫أردْ َنا إنْ ُك ْن َت َكا ِذ ًبا َن ْس َت ِري ُح‪ ،‬وإنْ ُك ْن َت َن ِب ًّيا َل ْم‬
‫ض َّر َك"(‪)23‬‬
‫َي ُ‬

‫الحديث أعاله يقر إنكار اليهود نسب أبيهم األول‪ ،‬ويطرح تساؤالت عِ َّدة‪ ،‬لماذا لم يذكر‬
‫الحديث االسم صراحة في هذا الحديث؟! فما الذي يمكننا الوصول إليه بهذا التجهيل؟!‬
‫وهذا الحديث الذي سأل فيه اليهودَ النبيُّ ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬عن اسم أبيهم‪ ,‬فكذبوا‬
‫في جوابهم‪ ,‬وقالوا ما كانوا أشاعوه عن أنفسهم أنهم أبناء يعقوب _عليه السالم‪ ,‬فأجاب‬
‫النبي‪ :‬بل كذبتم‪ ,‬بل إسرائيل‪ ،‬ربما يكون هذا واردا بناء على طرحِنا ومحاولة منا‬
‫للتوص ُِّل لالسمين الَّ َذ ِ‬
‫ين ُن ِّك َرا في الحديث‪ ,‬ومن فسرهما بغير ذلك بأنهم قالوا يهوذا وغيره‬
‫من األسماء التوراتية‪ ,‬فما كان عليهم في الهروب من االنتساب ألحد أبناء يعقوب على‬
‫حد زعمهم إال أن ينتسبوا ليعقوب نفسه‪ ,‬ويتضح من دوافع كذبهم في هذا الحديث أن‬
‫هذين الشخصين المذكوران بينهما تفاضل فأحدهما يفتخر به واآلخر ي َُع َّي ُر به‪ ,‬وعليه فإن‬
‫من له األفضلية هو يعقوب وهذه حقيقة‪ ,‬ومن يتن َّكرون منه هو إسرائيل وهذا منا ٍ‬
‫ف‬
‫للحقيقة بل هم أبناؤه لصلبه واتبعوه في ُخلُ ِق ِه َوفِعلِهِ؛ ألن نبوة يعقوب حتمية‪ ,‬أقرت بها‬
‫الشرائع اإلبراهيمية الثالث‪ ،‬والوارد أن االنتساب لنبي هللا يعقوب شرف وفخر‪ ,‬ال‬
‫مدعاة للتنكر‪ ،‬بخالف إسرائيل‪ ،‬وفيما هو آت تفصيل وفصل القول في إسرائيل‪.‬‬

‫نظرة لجريمة القتل األولى‪:‬‬


‫مرة أخرى؛ لنتدبر هذه اآليات الكريمة لسورة المائدة؛ لنجدها تتكلم عن أول جريمة قتل‪,‬‬
‫وليس فقط قتل‪ ,‬بل قتل أخ ألخيه؛ (يعني أول قطع لصلة الرحم على األرض)‪ ,‬وليس‬

‫‪ ))23‬صحيح البخاري‪ ,‬الصفحة أو الرقم‪3169 :‬‬


‫‪59‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫هذا فقط‪ ,‬بل القتل جاء نتيجة غيرة وحقد وحسد وعدم رضا بأوامر هللا سبحانه وتعالى؛‬
‫(يعني الجهر بالمعصية في أبشع صوره)‪ ,‬وليس هذا فقط‪ ,‬بل القتل جاء عم ًدا متعم ًدا –‬
‫طت ِإ َل َّی َیدَ َك لِ َت ۡق ُت َلنِی َم ۤا َأ َن ۠ا ِب َباسِ ط‬
‫س َ‬‫ألن أخاه الصالح المقتول حذره‪ ,‬وقال له‪َ " :‬ل ِٕى ۢن َب َ‬
‫ِی ِإ َل ۡی َك َأِل ۡق ُت َل ۖ َك ِإ ِّن ۤی َأ َخ ُ‬
‫اف ٱهَّلل َ َر َّب ۡٱل َع ٰـ َلمِینَ " [المائدة‪]28:‬‬ ‫َید َ‬
‫واألكثر من ذلك أن القتل جاء تحديًا صريحً ا هلل وإلرادته سبحانه وتعالى على أنه تقبل‬
‫قربان أخيه‪ ,‬بذلك يكون هو أول واحد من البشر يفعل فعلة إبليس في تحديه إلرادة هللا‪,‬‬
‫وبذلك أصبح هذا االبن أول قاتل‪ ,‬وأول حاقد حاسد غيور‪ ,‬وأول هادم لصلة الرحم‪,‬‬
‫عاص متح ٍّد إلرادة هللا سبحانه وتعالى‪ ,‬وبعد كل ذلك جاءت اآلية تقول‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وأول‬
‫" مِنْ َأ ْج ِل ٰ َذلِ َك َك َت ْب َنا َع َل ٰى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ " [المائدة‪ً ]32 :‬إذا االبن األول آلدم هو صاحب‬
‫الجريمة‪ ،‬والعقاب جاء تشريعه من هللا سبحانه وتعالى على بني إسرائيل‪ ,‬فالبد من‬
‫عالقة بين االثنين (الجريمة وتشريع العقاب)‪ ,‬هنا يوجد سبب لِـ(من أجل ذلك)‪ ,‬لذلك‬
‫يتضح لنا أن ابن آدم القاتل هو إسرائيل‪ ,‬ولذلك جاء تشريع هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬باسم‬
‫نسله لتحذيرهم من أن يفعلوا مثل ما فعل أبوهم ألن هللا يعلم إن الجينات الوراثية تنتقل‬
‫وتستمر ألجيال وأجيال(‪ )24‬وهو العليم الخبير‪ ,‬كما في قوله تعالى‪َ " :‬وِإ ْذ َأ َخ َذ َر ُّب َك مِن‬
‫ش ِهدْ َنا َأن‬ ‫ش َهدَ ُه ْم َع َل ٰى َأنفُسِ ِه ْم َأ َل ْس ُ‬
‫ت ِب َر ِّب ُك ْم َقالُوا َب َل ٰى َ‬ ‫ور ِه ْم ُذ ِّر َّي َت ُه ْم َوَأ ْ‬
‫َبنِي آدَ َم مِن ُظ ُه ِ‬

‫‪ ))24‬وذكرت الدراسة‪ ،‬التى قام بها مجموعة من الباحثين من جامعة بنسلفانيا‪ ،‬أن هناك مجموعة من‬
‫االرتباطات التى تسبب الجينات فى السمات والصفات الشخصية لألفراد التى تنقل عبر الحمض‬
‫النووى‪ ،‬وبذلك يمكن فهم وراثة بعض البشر للصفات الحميدة أو السيئة من اآلباء واألمهات‪.‬‬
‫وقالت أماندا راموس‪ ،‬األستاذة بكلية العلوم التربوية متعددة التخصصات التدريبية فى جامعة والية‬
‫بنسلفانيا‪ ،‬وإحدى المشاركين فى هذه الدراسة التى اعتمدت على ‪ 720‬زوجا من األشقاء ــ التوائم‬
‫وغير التوائم ــ تبين أن الصفات الحميدة أو القبيحة للشخص قد تخضع للجينات الوراثية من األبوين‪،‬‬
‫= = فكون الشخص يتحمل المسئولية االجتماعية أو لديه ضميرا يقظا قد يخضع للجينات الوراثية من‬
‫األبوين‪.‬‬
‫وكشفت أيضًا هذه الدراسة‪ ،‬عن أن التوائم الذين لديهم نفس الحمض النووى‪ ،‬كانت صفاتهم الشخصية‬
‫وتكوينهم العقلى والفكرى متشابها إلى حد كبير مع الوالدين‪ ،‬أما بالنسبة لألشقاء غير التوائم اختلفت‬
‫صفاتهم وسماتهم الشخصية إلى حد ما ولكنها تطابقت مع الوالدين‪ .‬للمزيد أنظر‪:‬‬
‫‪https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=28022019&id=12‬‬
‫‪10dd6c-da65-46bd-9f25-bf8b223c1afe‬‬
‫‪60‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َتقُولُوا َي ْو َم ا ْلقِ َيا َم ِة ِإ َّنا ُك َّنا َعنْ ٰ َه َذا َغافِلِينَ (‪َ )172‬أ ْو َتقُولُوا ِإ َّن َما َأ ْ‬
‫ش َر َك آ َباُؤ َنا مِن َق ْبل ُ‬
‫َو ُك َّنا ُذ ِّر َّي ًة ِّمن َب ْع ِد ِه ْم َأ َف ُت ْهلِ ُك َنا ِب َما َف َعل َ ا ْل ُم ْبطِ لُونَ (‪[ ")173‬األعراف‪]173,172 :‬‬
‫ولكن إذا كان إسرائيل هو القاتل األول‪ ,‬فهذا يتعارض مع الموروث؛ ألنه إذا كان‬
‫لذرية إسرائيل تواجد على األرض قبل الطوفان‪ ,‬فالبد أن تكون ذريته ُح ِم َلت مع نوح ‪-‬‬
‫عليه السالم – في الفلك وقت الطوفان‪ ,‬وهذا لم تنص عليه كتب التاريخ اإلسالمية أو‬
‫اإلسرائيلية أو غيرها‪ ,‬ولكن المفاجأة الكبرى أن هذا أورده القرآن الكريم في قوله تعالى‪:‬‬
‫وح َومِن ُذ ِّر َّي ِة ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َراِئيلَ" (مريم ‪)58 :‬‬
‫" مِن ُذ ِّر َّي ِة آدَ َم َو ِم َّمنْ َح َم ْل َنا َم َع ُن ٍ‬
‫فهذه اآلية تفرق بين ذرية إبراهيم وإسرائيل‪ ,‬وتشير إلى أن بعض مِن ذرية إسرائيل‬
‫نوح – عليه السالم – ولكي يؤكد القرآن مراده جاءت سورة اإلسراء اآلية‬ ‫ٍ‬ ‫ُحمِلوا َمع‬
‫الثالثة مخاطبة بني إسرائيل بأنهم ذرية من حُملوا مع نوح في قوله تعالى ‪َ " :‬وآ َت ْي َنا‬
‫اب َو َج َع ْل َناهُ ُهدًى ِّل َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َأاَّل َت َّت ِخ ُذوا مِن دُونِي َو ِكياًل (‪ُ )2‬ذ ِّر َّي َة َمنْ‬‫وسى ا ْل ِك َت َ‬
‫ُم َ‬
‫ش ُك ً‬
‫ورا (‪( " )3‬اإلسراء) أي‪ :‬يا ذرية من حملنا مع نوح‪,‬‬ ‫َح َم ْل َنا َم َع ُن ٍ‬
‫وح ِإ َّن ُه َكانَ َع ْبدًا َ‬
‫وهنا نؤكد أنه ال تعارض بين كون إسرائيل هو القاتل األول وبين بقاء نسله لما بعد‬
‫الطوفان وحتى اآلن‪.‬‬
‫ونالحظ التشابه الواضح الذي يصل إلى حد التطابق في عقاب القاتل األول على األرض‬
‫ت) من أرض مصر بعد قتله‬ ‫في القرآن‪ ,‬والحضارة المصرية في نفي (سيت أو سِ ّ‬
‫ألوزير واغتصاب عرشه؛ والتوراة أيضا ً تتفق معهم‪ ,‬ولكن محرفو التوراة حرفوا اسمه‪,‬‬
‫وجعلوه قايين؛ ليتنصلوا من انتسابهم ألبيهم القاتل األول من البشر على األرض‬
‫(إسرائيل أو سيت)‪.‬‬
‫سادًا َأن ُي َق َّتلُوا َأ ْو‬‫ض َف َ‬ ‫ار ُبونَ هَّللا َ َو َر ُ‬
‫سو َل ُه َو َي ْس َع ْونَ فِي اَأْل ْر ِ‬ ‫"ِإ َّن َما َج َزا ُء ا َّلذِينَ ُي َح ِ‬
‫ٰ‬
‫ي فِي‬ ‫ض َذلِ َك َل ُه ْم خ ِْز ٌ‬ ‫ف َأ ْو ُين َف ْوا مِنَ اَأْل ْر ِ‬
‫ص َّل ُبوا َأ ْو ُت َق َّط َع َأ ْيدِي ِه ْم َوَأ ْر ُجلُ ُهم ِّمنْ ِخاَل ٍ‬
‫ُي َ‬
‫اب َعظِ ي ٌم" [المائدة‪]33:‬‬ ‫ال ُّد ْن َيا َو َل ُه ْم فِي اآْل خ َِر ِة َع َذ ٌ‬

‫‪61‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫هنا تحدث القرآن عن عقاب مماثل لعقاب بني إسرائيل بنفيهم من األرض بعد فعلة أبيهم‬
‫القاتل األول على األرض‪.‬‬
‫وال نستطيع أن نغفل ما جاء في األحاديث عن ابن مسعود رضي هللا عنه‪ :‬أن النبي‬
‫األو ِل ِك ْفل ٌ مِن‬ ‫صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬ال ُت ْق َتل ُ َن ْف ٌ‬
‫س ُظ ْل ًما‪ ،‬إاَّل كانَ ع َلى ا ْب ِن آدَ َم َّ‬
‫سنَّ ال َق ْت ِل(‪")25‬‬
‫دَ مِها؛ أل َّن ُه َّأول ُ َمن َ‬
‫النار‬
‫ِ‬ ‫مرو قال‪" :‬إنَّ ابنَ آدَ َم الذي َق َتل َ أخاهُ ُيقاسِ ُم أهل َ‬ ‫بن َع ٍ‬ ‫هللا ِ‬
‫و أيضا ورد‪ :‬عن عب ِد ِ‬
‫حاحا"(‪.)26‬‬ ‫ب َجه َّن َم ق ً‬
‫ِسمة صِ ً‬ ‫ِصف َعذا ِ‬
‫ن َ‬
‫ورد في بعض التفاسير عن كعب األحبار‪ :‬كان إدريس عليه السالم خيا ًطا‪ ،‬وكان ال‬
‫ُيدخِل اإلبر َة ويخرجها إاَّل ويقول أربع كلمات‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪،‬‬
‫وهللا أكبر‪ .‬حتى قال هللا له‪ :‬يا إدريس‪ ،‬أ َما تدري لماذا رفعتك مكا ًنا عل ًّيا؟ لقوله تعالى‪:‬‬
‫إلي من عملِك كل َّ‬
‫رب‪ ،‬قال‪ :‬يرتفع َّ‬ ‫{و َر َف ْع َناهُ َم َكا ًنا َعلِ ًّيا} [مريم‪ ،]57 :‬قال‪ :‬ال أدري يا ِّ‬
‫َ‬
‫ب َوا ْل َع َمل ُ‬ ‫ص َع ُد ا ْل َكلِ ُم َّ‬
‫الط ِّي ُ‬ ‫يوم مثل ُ نِصف أعمال أهل الدنيا من كثرة ِّ‬
‫الذكر؛ {ِإ َل ْي ِه َي ْ‬
‫الصالِ ُح َي ْر َف ُع ُه} [فاطر‪ .]10 :‬وإن كان هذا من اإلسرائليات وعلى ما ذهبنا إليه من أن‬ ‫َّ‬
‫إدريس هو هابيل المقتول‪ ,‬وإسرائيل هو قابيل القاتل‪ ,‬فإن كان إدريس يرفع له مثل‬
‫نصف أعمال أهل األرض من الحسنات‪ ,‬فإن إسرائيل القاتل عليه نصف عذاب أهل‬
‫النار كما تقدم فيما سبق‪.‬‬
‫وبهذا نصل إلى يقين بأن الشخصين يتمثل في أحدهما الخير (وهو أوزير إدريس‬
‫عليه السالم)‪ ,‬واآلخر الشر (وهو ست المسمى إسرائيل)‪ ,‬وال ننسى أن كل منهما ذكر‬
‫في القرآن مرتين من باب التقابل العددي في القرآن بين المتناقضين كالصالحات‬
‫والسيئات‪ ,‬والدنيا واآلخرة‪ ,‬والمالئكة والشياطين ‪...‬الخ‪ ,‬وهذا هو الصراع القائم بين‬
‫الخير والشر منذ بدء الخلق‪.‬‬

‫‪ ))25‬صحيح البخاري(‪,)٣٣٣٥‬صحيح ابن ماجه (‪.)٢١٣٥‬‬


‫‪ )) 26‬الراوي‪ :‬عروة • شعيب األرنؤوط‪ ،‬تخريج مشكل اآلثار (‪ • )٢٠٧ /٤‬إسناده صحيح على شرط‬
‫الشيخين‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َار ًبا َت ُكونُ فِي‬ ‫وفي العهد القديم‪َ [:‬م َتى َع ِم ْل َت اَأل ْر َ‬
‫ض الَ َت ُعو ُد ُت ْعطِ ي َك قُ َّو َت َها‪َ .‬تاِئ ًها َوه ِ‬
‫«ذ ْن ِبي َأ ْع َظ ُم مِنْ َأنْ ُي ْح َت َمل َ (‪ِ )13‬إ َّن َك َقدْ َط َردْ َتنِي ا ْل َي ْو َم‬
‫ِلر ِّب‪َ :‬‬ ‫ض(‪َ )12‬ف َقال َ َق ِ‬
‫ايينُ ل َّ‬ ‫اَأل ْر ِ‬
‫ض‪َ ،‬ف َي ُكونُ ُكل ُّ َمنْ‬ ‫َار ًبا فِي اَأل ْر ِ‬ ‫ض‪َ ،‬ومِنْ َو ْج ِه َك َأ ْخ َتفِي َوَأ ُكونُ َتاِئ ًها َوه ِ‬ ‫َعنْ َو ْج ِه اَأل ْر ِ‬
‫ف ُي ْن َت َق ُم ِم ْنه ‪.‬‬ ‫س ْب َع َة َأ ْ‬
‫ض َعا ٍ‬ ‫ايينَ َف َ‬
‫ب‪ :‬لِذلِ َك ُكل ُّ َمنْ َق َتل َ َق ِ‬ ‫َو َجدَ نِي َي ْق ُتلُنِي(‪َ )14‬ف َقال َ َل ُه َّ‬
‫الر ُّ‬
‫ُن َّ‬
‫الر ِّب‪،‬‬ ‫ايينُ مِنْ َلد ِ‬ ‫ايينَ َعالَ َم ًة لِ َك ْي الَ َي ْق ُت َل ُه ُكل ُّ َمنْ َو َجدَ هُ(‪َ )15‬ف َخ َر َج َق ِ‬
‫ب لِ َق ِ‬
‫الر ُّ‬
‫َو َج َعل َ َّ‬
‫ش ْرق َِّي َعدْ ٍن(‪)27(] )16‬‬ ‫ض ُنو ٍد َ‬ ‫س َكنَ فِي َأ ْر ِ‬ ‫َو َ‬
‫وهذا ما زعمه بنو إسرائيل من أن قايين نفي من عدن لنود‪ ,‬لكن الحقيقة أنه نفيي من‬
‫بالد مصر لشرقها ببالد سومر كأرض نفي له‪.‬‬
‫وهنا تتحدث التوراة عن عقاب قايين القاتل األول على هذه األرض‪ ,‬والجميع يعلم أن‬
‫بني إسرائيل هم التائهون والمشتتون والمنفيون من األرض بسبب فعلة أبيهم األول‪ ,‬فما‬
‫عالقة سيدنا يعقوب بهذه الجريمة‪ ,‬لكي يشتت هللا نسله؟! واألكثر غرابة في هذا‬
‫الموضوع أنه في بحثنا وجدنا أن جميع المفسرين والعلماء العظماء لم نجد واح ًدا منهم‬
‫اعترض على تسمية األكاذيب والتحريفات بمصطلح (اإلسرائيليات)‪ ,‬فلو كان إسرائيل‬
‫اسما من أسماء سيدنا يعقوب عليه السالم فالبد أن علماءنا القدامى كانوا سيغيرون هذا‬
‫المصطلح‪ ,‬مثل موضوع من يطلق على من يفعل أفعال قوم لوط باللوطي‪ ,‬فهذا ال‬
‫يصح‪ ,‬ألن اسم لوط ينتسب إلى نبي‪ ,‬بل نقول يعمل عمل قوم لوط‪ ,‬أو َسدومي نسبة‬
‫لمدينة قوم لوط‪.‬‬

‫الخلط بين إسرائيل و يعقوب عليه السالم‪:‬‬


‫ألنه من المعروف أن اسم إسرائيل يطلق على سيدنا يعقوب عليه السالم! فكان البد من‬
‫البحث من أين جاءت تسمية سيدنا يعقوب عليه السالم ِبـ إسرائيل‪ ,‬فكان البد من الرجوع‬

‫‪ ))27‬التكوين‪.4/16,15,14,13,12 :‬‬
‫‪63‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫إلى المرجع الرئيسي لنا‪ ,‬وهو القرآن الكريم‪ ,‬وما ص َّح من سنة رسول هللا ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ -‬وبالبحث فيما يلي تبين‪:‬‬

‫‪ -1‬البحث في القرآن الكريم‪ ،‬لم نجد أي آية تسمي يعقوب بــ إسرائيل‪.‬‬
‫‪ -2‬البحث في األحاديث‪ ،‬لم نجد أي حديث في كتب الصحاح‪ ,‬وال كتب السنن السبعة‪,‬‬
‫يسمي يعقوب عليه السالم بــ إسرائيل‪ ،‬وما ورد خارجها سنتناوله في مبحث خاص في‬
‫نهاية هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -3‬البحث في التوراة وجدنا أن سيدنا يعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬قد ُسمِّي إسرائيل في سفر‬
‫التكوين اإلصحاح‪٣٢ :‬‬

‫وهذا جزء مما جاء فيه‪:‬‬


‫َب؟‬ ‫سَأ َلك َقاِئاًل ‪ :‬لِ َمنْ َأ ْن َت؟ َوِإ َلى َأ ْينَ َت ْذه ُ‬ ‫سو َأخِي َو َ‬ ‫صادَ َف َك عِ ي ُ‬ ‫[وَأ َم َر اَأل َّول َ َقاِئاًل ‪ِ :‬إ َذا َ‬ ‫َ‬
‫س َو‪َ ،‬وهَا‬ ‫س َل ٌة ل َِس ِّيدِي عِ ي ُ‬‫وب‪ .‬ه َُو َه ِد َّي ٌة ُم ْر َ‬ ‫هذا ا َّلذِي قُدَّ ا َم َك؟(‪َ )17‬تقُولُ‪ :‬ل َِع ْب ِد َك َي ْعقُ َ‬ ‫َولِ َمنْ َ‬
‫اء ا ْلقُ ْط َع ِ‬
‫ان‬ ‫اِئرينَ َو َر َ‬‫الس ِ‬ ‫ِيع َّ‬ ‫ضا ا ْل َثانِي َوال َّثال َِث َو َجم َ‬ ‫اء َنا (‪َ )18‬وَأ َم َر َأ ْي ً‬ ‫ضا َو َر َ‬ ‫ه َُو َأ ْي ً‬
‫وب‬‫س َو حِي َن َما َت ِجدُو َن ُه (‪َ )19‬و َتقُولُونَ ‪ :‬ه َُو َذا َع ْب ُد َك َي ْعقُ ُ‬ ‫هذا ا ْل َكالَ ِم ُت َك ِّل ُمونَ عِ ي ُ‬‫‪:‬ب ِم ْث ِل َ‬
‫َقاِئاًل ِ‬
‫اِئر ِة َأ َمامِي‪َ ،‬و َب ْعدَ ذلِ َك َأ ْن ُظ ُر َو ْج َه ُه‪،‬‬ ‫ف َو ْج َه ُه ِبا ْل َه ِد َّي ِة َّ‬
‫الس َ‬ ‫اء َنا‪َ .‬أل َّن ُه َقالَ‪َ :‬أ ْس َت ْعطِ ُ‬
‫ضا َو َر َ‬ ‫َأ ْي ً‬
‫ات ِت ْل َك ال َّل ْي َل َة فِي‬ ‫ت ا ْل َه ِد َّي ُة قُدَّ ا َم ُه‪َ ،‬وَأ َّما ه َُو َف َب َ‬ ‫از ِ‬ ‫اج َت َ‬‫سى َأنْ َي ْر َف َع َو ْج ِهي (‪َ )20‬ف ْ‬ ‫َع َ‬
‫ش َر َو َع َب َر‬ ‫ار َي َت ْي ِه َوَأ ْوالَدَ هُ اَأل َحدَ َع َ‬ ‫ام َرَأ َت ْي ِه َو َج ِ‬‫ا ْل َم َح َّل ِة (‪ُ )21‬ث َّم َقا َم فِي ِت ْل َك ال َّل ْي َل ِة َوَأ َخ َذ ْ‬
‫وب‬ ‫از َما َكانَ َل ُه (‪َ )23‬ف َبق َِي َي ْعقُ ُ‬ ‫ِي‪َ ،‬وَأ َج َ‬ ‫از ُه ُم ا ْل َواد َ‬ ‫وق (‪َ )22‬أ َخ َذ ُه ْم َوَأ َج َ‬ ‫اض َة َي ُّب َ‬
‫َم َخ َ‬
‫ض َر َب‬ ‫وع ا ْل َف ْج ِر (‪َ )24‬و َل َّما َرَأى َأ َّن ُه الَ َي ْق ِد ُر َع َل ْيهِ‪َ ،‬‬ ‫سانٌ َح َّتى ُطلُ ِ‬ ‫ار َع ُه ِإ ْن َ‬ ‫ص َ‬
‫َو ْحدَ هُ‪َ ،‬و َ‬
‫ار َع ِت ِه َم َع ُه (‪َ )25‬و َقالَ‪َ :‬أ ْطلِ ْقنِي‪َ ،‬أل َّن ُه َقدْ‬ ‫ص َ‬ ‫وب فِي ُم َ‬ ‫ُح َّق َف ْخ ِذهِ‪َ ،‬فا ْن َخ َل َع ُح ُّق َف ْخ ِذ َي ْعقُ َ‬
‫وب‬ ‫اس ُم َك؟ َف َقالَ‪َ :‬ي ْعقُ ُ‬ ‫ار ْكنِي (‪َ )26‬ف َقال َ َل ُه‪َ :‬ما ْ‬ ‫َط َل َع ا ْل َف ْج ُر‪َ .‬ف َقالَ‪ :‬الَ ُأ ْطلِقُ َك ِإنْ َل ْم ُت َب ِ‬
‫اس‬ ‫هللا َوال َّن ِ‬ ‫وب َبلْ ِإ ْس َراِئيلَ‪َ ،‬أل َّن َك َجاهَدْ َت َم َع ِ‬ ‫اس ُم َك فِي َما َب ْع ُد َي ْعقُ َ‬ ‫(‪َ )27‬ف َقالَ‪ :‬الَ ُيدْ َعى ْ‬
‫اسمِي؟‬ ‫اس ِم َك‪َ .‬ف َقالَ‪ :‬لِ َم َاذا َت ْسَأل ُ َع ِن ْ‬ ‫وب َو َقالَ‪َ :‬أ ْخ ِب ْرنِي ِب ْ‬ ‫سَأل َ َي ْعقُ ُ‬ ‫َو َقدَ ْر َت (‪َ )28‬و َ‬
‫هللا َو ْج ًها‬ ‫ت َ‬ ‫ان ( َفنِيِئيلَ) َقاِئاًل ‪َ :‬أل ِّني َن َظ ْر ُ‬ ‫اس َم ا ْل َم َك ِ‬ ‫وب ْ‬ ‫ار َك ُه ُه َنا َك (‪َ )29‬فدَ َعا َي ْعقُ ُ‬ ‫َو َب َ‬
‫ل َِو ْجهٍ‪َ ،‬و ُن ِّج َي ْت َن ْفسِ ي (‪])30‬‬

‫‪64‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وب‪َ ,‬ب ْل ِإسْ َراِئي َل‪ ..‬هنا أقرَّ ت التوراة أن يعقوب تغير اسمه‬ ‫ُك فِي َما َبعْ ُد َيعْ قُ َ‬ ‫الَ ي ُْد َعى اسْ م َ‬
‫إلى إسرائيل‪ ,‬وسيظل بهذا االسم إلى آخر حياته‪ ,‬ولن يسمى يعقوب بعد ذلك‪.‬‬
‫ولكن القرآن كان رده صريحا في هذا الموضوع‪ ,‬وأقرَّ بأن سيدنا يعقوب سمي بيعقوب‬
‫من قبل والدته‪ ,‬وفي حياته‪ ,‬وسمي بيعقوب حتى عند حضور وفاته‪ ,‬وسمي بيعقوب بعد‬
‫وفاته‪.‬‬

‫ش ْر َناهَا‬ ‫ام َرَأ ُت ُه َقاِئ َم ٌة َف َ‬


‫ض ِح َك ْت َف َب َّ‬ ‫فسمي بيعقوب قبل والدته كما جاء في قوله تعالى‪َ " :‬و ْ‬
‫وب" [سورة هود‪. ]71:‬‬ ‫اق َي ْعقُ َ‬
‫اء ِإ ْس َح َ‬ ‫بِِإ ْس َح َ‬
‫اق َومِن َو َر ِ‬

‫يل‬‫"و َك َذلِ َك َي ْج َت ِبي َك َر ُّب َك َو ُي َع ِّل ُم َك مِن َتْأ ِو ِ‬ ‫وسمي بيعقوب في حياته‪ :‬كما في قوله تعالى َ‬
‫وب َك َما َأ َت َّم َها َع َلى َأ َب َو ْي َك مِن َق ْبل ُ ِإ ْب َراهِي َم‬ ‫آل َي ْعقُ َ‬ ‫ث َو ُي ِت ُّم ن ِْع َم َت ُه َع َل ْي َك َو َع َلى ِ‬‫اَأل َحادِي ِ‬
‫اق ِإنَّ َر َّب َك َعلِي ٌم َحكِي ٌم " (يوسف‪)6:‬‬ ‫َوِإ ْس َح َ‬
‫ش ِر َك ِباهّلل ِ‬ ‫وب َما َكانَ َل َنا َأن ُّن ْ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫ت ِم َّل َة آ َبآِئـي ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َح َ‬ ‫"وا َّت َب ْع ُ‬‫وقوله تعالى‪َ :‬‬
‫ش ُك ُرونَ "‬ ‫اس الَ َي ْ‬ ‫اس َو َلـكِنَّ َأ ْك َث َر ال َّن ِ‬ ‫ض ِل هّللا ِ َع َل ْي َنا َو َع َلى ال َّن ِ‬ ‫ش ْي ٍء َذلِ َك مِن َف ْ‬ ‫مِن َ‬
‫(يوسف‪)38 :‬‬
‫ش ْي ٍء‬ ‫ث َأ َم َر ُه ْم َأ ُبوهُم َّما َكانَ ُي ْغنِي َع ْن ُهم ِّمنَ هّللا ِ مِن َ‬ ‫"و َل َّما دَ َخلُو ْا مِنْ َح ْي ُ‬ ‫وقوله تعالى‪َ :‬‬
‫اس الَ َي ْع َل ُمونَ‬ ‫ضاهَا َوِإ َّن ُه َل ُذو عِ ْل ٍم ِّل َما َع َّل ْم َناهُ َو َلـكِنَّ َأ ْك َث َر ال َّن ِ‬
‫وب َق َ‬‫س َي ْعقُ َ‬ ‫اج ًة فِي َن ْف ِ‬
‫ِإالَّ َح َ‬
‫" (يوسف‪)68:‬‬

‫ض َر َي ْعقُ َ‬
‫وب‬ ‫ش َهدَ اء ِإ ْذ َح َ‬ ‫وحين وفاته كان يدعى (يعقوب) كما في قوله تعالى ‪َ" :‬أ ْم ُكن ُت ْم ُ‬
‫ت ِإ ْذ َقال َ لِ َبنِي ِه َما َت ْع ُبدُونَ مِن َب ْعدِي َقالُو ْا َن ْع ُب ُد ِإ َل َه َك َوِإ َل َه آ َباِئ َك ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ‬
‫ا ْل َم ْو ُ‬
‫اق ِإ َل ًها َوا ِحدًا َو َن ْحنُ َل ُه ُم ْسلِ ُمونَ " [سورة البقرة‪.]133:‬‬ ‫َوِإ ْس َح َ‬

‫آل َي ْعقُ َ‬
‫وب‬ ‫وبعد موته كان يسمى يعقوب أيضا كما في قوله تعالى‪َ " :‬ي ِر ُثنِي َو َي ِر ُ‬
‫ث مِنْ ِ‬
‫اج َع ْل ُه َر ِّب َرضِ ّيا ً " (مريم‪)6:‬‬
‫َو ْ‬

‫‪65‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫اط َكا ُنو ْا هُوداً‬ ‫األس َب َ‬


‫وب َو ْ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ" :‬أ ْم َتقُولُونَ ِإنَّ ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬
‫ش َهادَ ًة عِ ندَ هُ مِنَ هّللا ِ َو َما هّللا ُ ِب َغاف ٍِل‬ ‫ارى قُلْ َأَأن ُت ْم َأ ْع َل ُم َأ ِم هّللا ُ َو َمنْ َأ ْظ َل ُم ِم َّمن َك َت َم َ‬
‫ص َ‬‫َأ ْو َن َ‬
‫َع َّما َت ْع َملُونَ " (البقرة‪)140 :‬‬
‫هّلل‬
‫اق‬ ‫نزل َ َع َلى ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬ ‫نزل َ َع َل ْي َنا َو َما ُأ ِ‬
‫وقوله تعالى‪ " :‬قُلْ آ َم َّنا ِبا ِ َو َما ُأ ِ‬
‫يسى َوال َّن ِب ُّيونَ مِن َّر ِّب ِه ْم الَ ُن َف ِّر ُق َب ْينَ َأ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم‬
‫وسى َوعِ َ‬ ‫وب َواَأل ْس َباطِ َو َما ُأوت َِي ُم َ‬ ‫َو َي ْعقُ َ‬
‫َو َن ْحنُ َل ُه ُم ْسلِ ُمونَ " (آل عمران‪)84‬‬
‫وح َوال َّن ِب ِّيينَ مِن َب ْع ِد ِه َوَأ ْو َح ْي َنا ِإ َلى‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫وقوله تعالى‪ِ" :‬إ َّنا ْو َح ْي َنا ِإ َل ْي َك َك َما ْو َح ْي َنا ِإ َلى ُن ٍ‬
‫س َوهَا ُرونَ‬ ‫وب َو ُيو ُن َ‬ ‫يسى َوَأ ُّي َ‬ ‫وب َواَأل ْس َباطِ َوعِ َ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬
‫س َل ْي َمانَ َوآ َت ْي َنا دَ ُاوودَ َز ُبوراً " (النساء‪)163:‬‬ ‫َو ُ‬

‫والمفارقة التي ال يمكن إغفالها أن القرآن الكريم نص على أن هللا ب َّشر امرأة إبراهيم‬
‫بإسحاق‪ ,‬ومن وراء إسحاق يعقوب‪ ،‬أي أسماه هللا بيعقوب قبل والدته ووالدة أبيه‪،‬‬
‫واستمر معرفة الناس له أثناء حياته وحين موته وبعد وفاته بـ(يعقوب)‪.‬‬

‫فلو كان إسرائيل هو يعقوب‪ ،‬وإخوة يوسف هم أبناء إسرائيل أو بنو يعقوب‪ ،‬فكيف لم‬
‫يرد في سورة يوسف اسم (إسرائيل) سواء مفردا أو مضافا إليه ولو لمرة واحدة‪ ،‬ولم‬
‫يذكر أي نبي منهم مثل موسى وهارون أو يوشع بن نون عليهم السالم‪ ,‬بل ولم يذكر فيها‬
‫أي حادثة حدثت لهم‪ ,‬رغم أن هللا قد أفرد لقصة يوسف وإخوته سورة قرآنية خاصة‬
‫بهم؟!‬

‫ومما يجدر بنا أن نأخذه على محمل التدبر‪ ,‬أن ربنا تبارك وتعالى أنزل في القرآن‬
‫سورتين إحداهما‪ :‬سورة يوسف؛ تقص خبر آل يعقوب‪ ,‬وعدد آياتها (‪111‬آية)‪ ,‬والثانية‪:‬‬
‫سورة اإلسراء‪ ,‬ومن أسمائها‪ :‬سورة بني إسرائيل‪ ,‬وعدد آياتها أيضا (‪111‬آية)‪ ,‬وفي‬
‫هذه السورة نقاط موجزة عن أخالق‪ ,‬وأحداث‪ ,‬وأنبياء بني إسرائيل‪.‬‬

‫أما السورة األولى‪( :‬سورة يوسف) لم يرد فيها كما بينا أي من أخبار بني إسرائيل‪ ,‬مع‬
‫أنه لو كان يعقوب إسرائيل‪ ,‬وأبناؤه أصوال لبني إسرائيل؛ لربط بينهما برابط‪ ,‬ولو في‬
‫‪66‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َمعرض بعض آية من سورة سماها القرآن بأحسن القصص‪ ,‬والحُسن القصصي يقتضي‬
‫الكمال السردي الذي لم يكن ليتجاهل الربط القصصي بين قصة األصول التي أفرد لها‬
‫سورة‪ ,‬وبين فروعها التي جعل جل القصص القرآني عنهم!‬

‫وأما السورة الثانية‪( :‬سورة بني إسرائيل) لم يرد فيها على اإلطالق ذكر يعقوب‪ ,‬وال‬
‫أبنائه‪ ,‬مع أن المفترض هؤالء أصول بني إسرائيل!! بل ولم يرد ذكر أي نبيٍّ من أنبياء‬
‫آل يعقوب إال نبيا واحدا في بعض آية من وسط السورة‪ ,‬وسنذكر علة وروده بعد عرض‬
‫ض ۡل َنا َب ۡع َ‬
‫ض‬ ‫ت َوٱَأۡل ۡر ِ ۗ‬
‫ض َو َل َق ۡد َف َّ‬ ‫ٱلس ٰ َم ٰ َو ِ‬
‫اآلية الكريمة قال تعالى‪َ " :‬و َر ُّب َك َأ ۡع َل ُم ِب َمن فِي َّ‬
‫ٱل َّن ِب ِّي ۧـنَ َع َل ٰى َب ۡع ٖ ۖ‬
‫ض َو َءا َت ۡي َنا دَ ُاوۥدَ َز ُب ٗ‬
‫ورا" (اإلسراء‪)55:‬‬

‫وعلة ذكر داود _عليه السالم_ وأن هللا أتاه الزبُور مع أنه من أنبياء آل يعقوب‪ ,‬ألن هذا‬
‫النبي الكريم افتري عليه افتراءات من بني إسرائيل لم يتعرض لمثلها نبي من أنبياء آل‬
‫يعقوب‪ ,‬أول هذه االفتراءات‪ :‬أن جعلوه ملكا ال نبيا فقد نفوا عنه النبوة‪ ,‬وثانيها‪ :‬أنكروا‬
‫معجزات نبوته‪ ,‬وثالثها‪ :‬أنكروا كتابه الزبور‪ ,‬وقالوا إنما هو شاعر عنده علم‬
‫بالموسيقى؛ ولذلك ذكره ربنا‪ ,‬وذكر أنه آتاه الكتاب – الزبور ‪ -‬ورابع اإلفتراءات‪ :‬أن‬
‫بني إسرائيل اتهموا داود ‪ -‬عليه السالم – بالزنا‪ ,‬وخوارم المروءة‪ ,‬وخامسها‪ :‬أن ألحقوا‬
‫االفتراءات بابنه سليمان‪ ,‬بل نسله أيضا السيدة مريم العذراء‪ ,‬وابنها‪ ,‬ولعل هذا سببٌ‬
‫وجي ٌه لذكر داود ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬في هذه السورة وهللا أعلم‪.‬‬

‫لم يربط القرآن بين إسرائيل ويعقوب عليه السالم‪:‬‬


‫القرآن لم يربط بين إسرائيل ويعقوب أب ًدا‪ ،‬بل ذكر بني إسرائيل في شئون بعيدة كل البعد‬
‫يعقوب‬
‫َ‬ ‫دليل على أن يعقوب هو إسرائيل‪ ،‬ولم يُس َّم‬
‫ٍ‬ ‫عن يعقوب‪ ،‬وليس في القرآن أدنى‬
‫في أي مرحلة من مراحل حياته باسم إسرائيل‪ ،‬وخطابه في سورة يوسف إنما كان‬
‫بـِ(يعقوب)‪ ،‬ولم تذكر السورة اسم إسرائيل من األساس‪ ،‬ولم يذكر القرآن يعقوب‪ ,‬ولو‬
‫لمرة واحدة في حياته‪ ،‬حتى في الحديث عن وفاته بـِ(باسرائيل)‪ ,‬أو ذكره بعد وفاته‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫كذلك كل ذكر ورد للنبي يعقوب في القرآن جاء في سياق منفصل عن بني إسرائيل‪ ،‬فال‬
‫ربط بين هذا وذاك‪ ،‬وفيما يلي اآليات التي ذكرت اسم سيدنا يعقوب‪:‬‬

‫وب َيا َبن َِّي ِإنَّ هَّللا َ ْ‬


‫اص َط َفى َل ُك ُم الدِّ ينَ " [سورة‬ ‫صى ِب َها ِإ ْب َراهِي ُم َبنِي ِه َو َي ْعقُ ُ‬
‫"و َو َّ‬
‫َ‬
‫البقرة‪]132:‬‬

‫هَّلل‬
‫وب‬‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫نزل َ ِإ َل ٰى ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬ ‫نزل َ ِإ َل ْي َنا َو َما ُأ ِ‬
‫"قُولُوا آ َم َّنا ِبا ِ َو َما ُأ ِ‬
‫يس ٰى َو َما ُأوت َِي ال َّن ِب ُّيونَ مِن َّر ِّب ِه ْم اَل ُن َف ِّر ُق َب ْينَ َأ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم‬
‫وس ٰى َوعِ َ‬ ‫َواَأْل ْس َباطِ َو َما ُأوت َِي ُم َ‬
‫َو َن ْحنُ َل ُه ُم ْسلِ ُمونَ " [سورة البقرة‪]:‬‬

‫ارى"‬
‫ص َ‬ ‫وب َواَأْل ْس َب َ‬
‫اط َكا ُنوا هُودًا َأ ْو َن َ‬ ‫"َأ ْم َتقُولُونَ ِإنَّ ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬
‫اق َو َي ْعقُ َ‬
‫[سورة البقرة‪]140:‬‬

‫هَّلل‬
‫وب‬‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫نزل َ َع َل ٰى ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬ ‫نزل َ َع َل ْي َنا َو َما ُأ ِ‬
‫" قُلْ آ َم َّنا ِبا ِ َو َما ُأ ِ‬
‫يس ٰى َوال َّن ِب ُّيونَ مِن َّر ِّب ِه ْم اَل ُن َف ِّر ُق َب ْينَ َأ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم َو َن ْحنُ َل ُه‬
‫وس ٰى َوعِ َ‬ ‫َواَأْل ْس َباطِ َو َما ُأوت َِي ُم َ‬
‫ُم ْسلِ ُمونَ " [سورة آل عمران‪]84:‬‬

‫وح َوال َّن ِب ِّيينَ مِن َب ْع ِد ِه َوَأ ْو َح ْي َنا ِإ َل ٰى ِإ ْب َراهِي َم‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫" ِإ َّنا ْو َح ْي َنا ِإ َل ْي َك َك َما ْو َح ْي َنا ِإ َل ٰى ُن ٍ‬
‫س َل ْي َمانَ‬
‫س َوهَا ُرونَ َو ُ‬ ‫يس ٰى َوَأ ُّي َ‬
‫وب َو ُيو ُن َ‬ ‫وب َواَأْل ْس َباطِ َوعِ َ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬
‫َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬
‫َوآ َت ْي َنا دَ ُاوودَ َز ُب ً‬
‫ورا " [سورة النساء‪]163:‬‬

‫س َل ْي َمانَ‬ ‫وب ُكالًّ هَدَ ْي َنا َو ُن ً‬


‫وحا هَدَ ْي َنا مِن َق ْبل ُ َومِن ُذ ِّر َّي ِت ِه دَ ُاوودَ َو ُ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬
‫"و َو َه ْب َنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫َ‬
‫وسى َوهَا ُرونَ َو َك َذلِ َك َن ْج ِزي ا ْل ُم ْحسِ نِينَ " [سورة األنعام‪]84:‬‬ ‫ف َو ُم َ‬ ‫س َ‬‫وب َو ُيو ُ‬ ‫َوَأ ُّي َ‬

‫ش ْي ٍء ٰ َذلِ َك‬
‫ش ِر َك ِباهَّلل ِ مِن َ‬
‫وب َما َكانَ َل َنا َأن ُّن ْ‬
‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫ت ِم َّل َة آ َباِئي ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َح َ‬ ‫" َوا َّت َب ْع ُ‬
‫ٰ‬
‫ش ُك ُرونَ " [سورة يوسف‪]38:‬‬ ‫اس اَل َي ْ‬ ‫ض ِل هَّللا ِ َع َل ْي َنا َو َع َلى ال َّن ِ‬
‫اس َو َلكِنَّ َأ ْك َث َر ال َّن ِ‬ ‫مِن َف ْ‬

‫‪68‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وب َو ُكاًّل َج َع ْل َنا َن ِب ًّيا"‬ ‫ُون هَّللا ِ َو َه ْب َنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫" َف َل َّما ْ‬
‫اع َت َز َل ُه ْم َو َما َي ْع ُبدُونَ مِنْ د ِ‬
‫[سورة مريم‪]49:‬‬

‫وب َنافِ َل ًة َو ُكاًّل َج َع ْل َنا َ‬


‫صالِحِينَ " [سورة األنبياء‪]72:‬‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬
‫"و َو َه ْب َنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫َ‬

‫اب َوآ َت ْي َناهُ َأ ْج َرهُ فِي ال ُّد ْن َيا‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬


‫وب َو َج َع ْل َنا فِي ُذ ِّر َّي ِت ِه ال ُّن ُب َّو َة َوا ْل ِك َت َ‬ ‫"و َو َه ْب َنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫َ‬
‫الصالِحِينَ " [سورة العنكبوت‪]27:‬‬ ‫َّ‬ ‫َوِإ َّن ُه فِي اآْل خ َِر ِة َلمِنَ‬

‫وب ُأولِي اَأْل ْيدِي َواَأْل ْب َ‬


‫صار" [سورة ص‪]45:‬‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬
‫"و ْاذ ُك ْر عِ َبادَ َنا ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َح َ‬
‫َ‬

‫إسرائيل ليس نبيا في القرآن‪:‬‬


‫القرآن ذكر يعقوب كثيرً ا في موضع النبوة‪ ،‬لكن لم يصرح‪ ,‬أو يشير إلى أن إسرائيل نبي‬
‫مطل ًقا‪ ،‬بل التعارض األكبر أن النبي ينزل لِي َ‬
‫ُعرف قومه بتحريمات هللا‪ ،‬لكن إسرائيل كان‬
‫الط َع ِام َكانَ حِـالًّ‬ ‫األمر معه مختل ًفا‪ ,‬فقد حرم أشيا ًء على نفسه كما في قوله تعالى‪ُ " :‬كل ُّ َّ‬
‫ِّل َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ِإالَّ َما َح َّر َم ِإ ْس َراِئيل ُ َع َلى َن ْفسِ ِه مِن َق ْب ِل َأن ُت َن َّزل َ ال َّت ْو َراةُ قُلْ َفْأ ُتو ْا ِبال َّت ْو َرا ِة‬
‫صا ِدقِينَ " [سورة آل عمران‪ ،]93:‬هنا إسرائيل حرم على نفسه‪ ،‬بل‬ ‫َفا ْتلُوهَا ِإن ُكن ُت ْم َ‬
‫وصار على تحريمه أبناؤه ونسلهم‪ ,‬وال نعرف أهو الذي فرضه عليهم‪ ,‬أو هم الذين‬
‫التزموا تحريماته‪ ,‬فهل هناك نبي‪ ,‬يحرم على نفسه ما لم يحرمه هللا من األساس‪ ،‬في‬
‫حين أن هللا عاتب النبي محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في ذلك فقال‪:‬‬

‫ات َأ ْز َوا ِج َك َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َّرحِي ٌم"‬


‫ض َ‬‫" َيا َأ ُّي َها ال َّن ِب ُّي لِ َم ُت َح ِّر ُم َما َأ َحل َّ هَّللا ُ َل َك َت ْب َتغِي َم ْر َ‬

‫[ سورة التحريم‪]1 :‬‬

‫ولكن هنا التحريم جاء في سياق مختلف تماما عن السياق الذي جاء في إسرائيل‪ ,‬فال‬
‫يستطيع محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وال أي نبي تحريم طعام بعينه إال إذا جاء بوحي‬
‫من عند هللا‪ ,‬أما السياق الذي جاء لسيدنا محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬جاء ليثبت ويؤكد‬

‫‪69‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫أن محمدا بن عبد هللا ‪ -‬عليه‬


‫الصالة والسالم ‪ -‬أكثر رجال‬
‫واحترامًا‬ ‫ً‬
‫اعتزازا‬ ‫األرض‬
‫للمرأة؛ ألنه‬

‫هو الوحيد على األرض الذي نزلت له آية من السماء؛ لتؤكد أنه كان يتغاضى عن حق‬
‫من حقوقه من أجل إرضاء زوجاته‪ ,‬وهذا ينافي تمامًا ما يتداول حاليا بين البشر بأن‬
‫اإلسالم جاء لينتقص من حقوق المرأة ‪ ..‬هذه الحيرة بين إلباس يعقوب بإسرائيل‬

‫(‪)3‬‬

‫واضطراب الروايات إنما جعلنا نفرد ونفند نسل نبي هللا إبراهيم‪ ،‬ونمسك به في خطين؛‬
‫األول‪ :‬نسل إسحاق الذي ينتهي عند عيسى ‪ -‬عليه السالم‪ ،‬والثاني‪ :‬هو إسماعيل عليه‬
‫السالم حتى محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬كما في الجدول رقم (‪.)3‬‬

‫وبالرجوع إلى اآليات واألحاديث التي سيأتي ذكرها في مبحث في آخر الكتاب‪ ,‬وهي‬
‫تحذرنا من بني إسرائيل وأقوالهم‪ ،‬وكتبهم المحرفة التي كتبت بأيديهم‪ ,‬فلذلك ال يستقيم أن‬
‫نتخذها دليال‪ ,‬أو نستشهد بها‪ ,‬ونحن نتدبر القرآن الكريم؛ (ألنها ليست التوراة الحقيقية‬
‫التى نزلت على سيدنا موسي عليه السالم)‪.‬‬
‫وطب ًقا لما سبق فإن سيدنا يعقوب ‪-‬عليه السالم‪ -‬ليس هو إسرائيل‪ ,‬بل إن القرآن الكريم‬
‫أشار لنا باسم القاتل األول على األرض‪ ,‬وهو إسرائيل في اآلية (‪ )٣٢‬من سورة المائدة‪:‬‬

‫‪70‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٰ‬
‫ض‬ ‫سا ٍد فِي اَأْل ْر ِ‬‫س َأ ْو َف َ‬ ‫"مِنْ َأ ْج ِل َذلِ َك َك َت ْب َنا َع َل ٰى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َأ َّن ُه َمن َق َتل َ َن ْف ً‬
‫سا ِب َغ ْي ِر َن ْف ٍ‬
‫سلُ َنا‬ ‫اس َجمِي ًعا َو َل َقدْ َج َ‬
‫اء ْت ُه ْم ُر ُ‬ ‫اس َجمِي ًعا َو َمنْ َأ ْح َياهَا َف َكَأ َّن َما َأ ْح َيا ال َّن َ‬ ‫َف َكَأ َّن َما َق َتل َ ال َّن َ‬
‫ٰ‬
‫ض َل ُم ْس ِرفُونَ (‪ِ )32‬إ َّن َما َج َزا ُء ا َّلذِينَ‬ ‫ِيرا ِّم ْن ُهم َب ْعدَ َذلِ َك فِي اَأْل ْر ِ‬ ‫ت ُث َّم ِإنَّ َكث ً‬ ‫ِبا ْل َب ِّي َنا ِ‬
‫ص َّل ُبوا َأ ْو ُت َق َّط َع َأ ْيدِي ِه ْم‬
‫سادًا َأن ُي َق َّتلُوا َأ ْو ُي َ‬
‫ض َف َ‬‫سو َل ُه َو َي ْس َع ْونَ فِي اَأْل ْر ِ‬‫ار ُبونَ هَّللا َ َو َر ُ‬
‫ُي َح ِ‬
‫ٰ‬
‫ي فِي ال ُّد ْن َيا َو َل ُه ْم فِي اآْل خ َِر ِة‬ ‫ض َذلِ َك َل ُه ْم خ ِْز ٌ‬ ‫ف َأ ْو ُين َف ْوا مِنَ اَأْل ْر ِ‬ ‫َوَأ ْر ُجلُ ُهم ِّمنْ ِخاَل ٍ‬
‫اب َعظِ ي ٌم (‪[ ")33‬المائدة‪]33_32 :‬‬ ‫َع َذ ٌ‬
‫وقد علـ َّ ْ‬
‫ـقت هذا اآلية أنه من أجْ ِل قتل ابن آدم ألخيه؛ كتبنا على بني إسرائيل‪ ,‬كما‬
‫وضحت اآلية التالية أن مِن عقاب الذين يحاربون هللا ورسوله ويسعون في األرض‬
‫الفساد أن ينفوا من األرض ذلك لهم خزي في الدنيا؛ وهذا يوضح لنا أن هللا كتب عليهم‬
‫النفي‪ ,‬والشتات في األرض‪ ,‬كما أخزاهم في الدنيا‪ ,‬فضرب عليهم الذلة‪ ,‬والمسكنة‪.‬‬
‫هنا نكون قد توصلنا ألول مرة فى بحثنا إلى أن اسمي ابني آدم (القاتل هو إسرائيل‪,‬‬
‫والمقتول هو سيدنا إدريس عليه السالم)‪ ,‬ونكون قد توصلنا إلى أن بني إسرائيل هم ذرية‬
‫القاتل إسرائيل بن آدم‪ ,‬وليسوا أبناء وأحفاد سيدنا يعقوب عليه السالم‪ ,‬وليس لهم أي‬
‫عالقة به من قريب أو من بعيد‪.‬‬
‫يعقوب ليس إسرائيل‬
‫من األدلة أيضًا على أن يعقوب ليس هو إسرائيل أن هللا تعالى يقول‪ُ" :‬أ ْو َلِئ َك ا َّلذِينَ َأ ْن َع َم‬
‫وح َومِن ُذ ِّر َّي ِة ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َراِئيل َ‬ ‫هَّللا‬
‫ُ َع َل ْي ِهم ِّمنَ ال َّن ِب ِّيينَ مِن ُذ ِّر َّي ِة آدَ َم َو ِم َّمنْ َح َم ْل َنا َم َع ُن ٍ‬
‫اج َت َب ْي َنا" [سورة مريم‪]58:‬‬
‫َو ِم َّمنْ هَدَ ْي َنا َو ْ‬

‫إذا كان إسرائيل هو يعقوب فكيف تذكر ذرية إبراهيم وإسرائيل معًا‪ ،‬إذا كان إسرائيل هو‬
‫يعقوب‪ ،‬فيعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬هو حفيد إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أي أنه من ذريته‪،‬‬
‫فكيف تكرر هنا‪ ،‬والتخصيص هنا يتعارض تعارضًا تامًا مع بالغة النص القرآني‪ ،‬وكان‬
‫البد من ذكر سيدنا إسماعيل؛ ألنه من جاء من نسله خاتم النبيين محمد ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وعندما نتدبر هذه اآلية الكريمة نجد أن هللا سبحانه وتعالى ذكر لنا ذرية إبراهيم‬
‫وإسرائيل‪ ,‬مما يشير إلى أنهما ليسا من نفس الذرية‪ ,‬فهما ذريتان مختلفتان؛ (ألنهما لو‬
‫كانا ذرية واحدة لكفى ذكر ذرية إبراهيم فقط؛ ألنهما كلهما بعد الطوفان‪ ,‬وتشمل كل‬
‫أبناء سيدنا إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وأحفاده بما فيهم بالطبع سيدنا يعقوب بن إسحاق بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬فكيف يكون اسمه إسرائيل؟!‪ ,‬وإن كان ذكر أحد فروع إبراهيم عليه السالم‬
‫_يعقوب_ إذ فيه أنبياء‪ ,‬فكيف ال يذكر الفرع الثاني _إسماعيل_ ومنه خير خلق هللا‪,‬‬
‫وخاتم األنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم؟!!‬
‫وبتدبر آيات القرآن الكريم أيضًا نجد أن كلمة (بني) لم تستخدم إال في موضعين فقط بني‬
‫آدم وبني إسرائيل‪ ,‬معاصرين وقريبين من بني أوزير (إدريس) الذي انتسبت ذريته آلدم‬
‫ألنهم اتبعوه وساروا على نهجه ف ُنسِ بوُ ا إليهه‪ ,‬ونعيد أيضا أنه لم يذكر قوم أي نبي في‬
‫القرآن مطل ًقا ببني مضاف لشخص غير سيدنا آدم عليه السالم حتى نسل سيدنا إدريس‬
‫عليه السالم (المصريين)‪ ,‬يطلق عليهم بني آدم‪ ,‬إال نسل إسرائيل الذين أطلق عليهم هذا‬
‫المصطلح لتركهم دين جدهم آدم وعبادة هللا الواحد‪ ,‬وأخذوا بدين أبيهم إسرائيل‪ ,‬وعبادة‬
‫"و َك ٰ َذلِ َك‬
‫إبليس (بافوميت)‪ ،‬وعندما ذكر قوم سيدنا يعقوب كان قوله تعالي آل يعقوب‪َ :‬‬
‫وب َك َما َأ َت َّم َها‬
‫آل َي ْعقُ َ‬ ‫يل اَأْل َحادِي ِ‬
‫ث َو ُي ِت ُّم ن ِْع َم َت ُه َع َل ْي َك َو َع َل ٰى ِ‬ ‫َي ْج َت ِبي َك َر ُّب َك َو ُي َع ِّل ُم َك مِن َتْأ ِو ِ‬
‫اق ِإنَّ َر َّب َك َعلِي ٌم َحكِي ٌم" [يوسف‪]٦ :‬‬ ‫َع َل ٰى َأ َب َو ْي َك مِن َق ْبل ُ ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َح َ‬
‫وب َو ۡٱج َع ۡل ُه َر ِّب َرضِ ّیا" [مريم‪]٦ :‬‬
‫ال َی ۡعقُ ۖ َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ " :‬ی ِر ُثنِی َو َی ِر ُ‬
‫ث م ِۡن َء ِ‬
‫وكذلك نؤكد مجددا؛ ألن هذا الموضوع مثير ج ًدا للدهشة‪ ,‬والغرابة أنه بالرجوع إلى‬
‫سورة يوسف‪ ,‬وهى تروي قصة سيدنا يوسف كاملة لم يذكر فيها اسم إسرائيل‪ ,‬وذكر‬
‫فيها والد سيدنا يوسف باسمه يعقوب أكثر من مرة‪ ,‬وكذلك ذكر إخوة يوسف أنهم يوسف‬
‫وأخوته‪( ,‬وليس بنى إسرائيل)‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قصة ابني آدم أثريا‬
‫وبربط قصة ابني آدم في القرآن الكريم بما وجدناه في اآلثار من قصة سيت وأوزير‪,‬‬
‫ومدى تطابق القصتين حيث إن القصتين‪ ,‬ترويان بداية الخلق من بعد سيدنا آدم عليه‬
‫السالم يتضح لنا أن إسرائيل في القرآن هو سيت في الحضارة المصرية‪ ,‬وأن سيدنا‬
‫إدريس هو أوزير (أوزوريس) وأن حور (حورس) هو ابن سيدنا إدريس ( أوزير أو‬
‫أوزوريس)‪ً ،‬إذا فإن قصة ابني آدم قابيل وهابيل‪ ,‬والحقيقة المؤكدة‪ ,‬هي نفسها قصة‬
‫أوزير وسيت‪ ,‬هما ابنا آدم عليه السالم‪.‬‬
‫وحور(حورس) ابن أوزير (أوزوريس – سيدنا إدريس) هو من ورث علم نبي هللا‬
‫إدريس‪ ,‬وما أنزل عليه من الوحي والعلم‪ ,‬وورَّ ثه ألبنائه األربعة من بعده‪ ,‬وانتقل منهم‬
‫إلى سيدنا نوح عليه السالم‪.‬‬
‫وقد أطلق أجدادنا قدماء المصريين على حور اسم حور الحي‪ ,‬وكان من فئة (النثر أو‬
‫النتر)( ) وهو مصطلح يطلق على منزلة عند هللا ال عالقة لها بنوع الخلق بل وصل‬
‫إليها كل المالئكة‪ ،‬وإبليس (شو) قبل عصيانه فطرد منها وأصبح (أبيب)‪ ,‬وبعض البشر‬
‫من األنبياء وبعض البشر من غير األنبياء‪ ,‬وطرد عنها بعض من وصل لها مثل (ست)‬
‫الذي انسلخ عنها وأصبح (أمحيح)‪ ،‬وكان أبناء أوزير قبل (حورس) بشرً ا عاديين ال‬
‫يستطيعون مجابهة (سيت)‪ ,‬فبعث هللا حور(حورس) حتى يتس َّنى له مواجهته قِصاصًا لما‬
‫فعله بوالده (أوزير)‪ ,‬وحتي يرث حكم األرض‪ ,‬وال يتركها لفساد سيت ونسله‪.‬‬
‫وكما وهب هللا أوزير الولد‪ ،‬أنزل اثنين وأربعين تشريعا‪ ،‬المعروفة لدى المصريين‬
‫القدماء بقوانين (ماعت)‪ ,‬أشهرها‪ [ :‬لم أقتل‪ ،‬وال أحرض أي أحد على القتل‪ ،‬لم أرتكب‬
‫الزنا‪ ,‬أو االغتصاب‪ ،‬لم أنتقم لنفسي‪ ,‬وال كنت مع الغضب على سبيل االنتقام‪ ،‬لم أتسبب‬
‫في اإلرهاب‪ ،‬لم أعت ِد على أي أحد‪ ,‬ولم أسبب األلم ألحد‪ ،‬لم أسبب البؤس‪ ،‬لم أفعل أي‬
‫استدع‬
‫ِ‬ ‫ضرر لإلنسان أو الحيوانات‪ ،‬لم أتسبب في ذرف الدموع‪ ،‬لم أرتكب خطيئة‪ ،‬لم‬

‫‪73‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫زور؛ وال أعتمد ادعاءات كاذبة‪ ،‬لم أسرق‪ ,‬وال آخذ تلك األشياء التي ال تنتمى لي‬
‫ٍ‬ ‫شاهدَ‬
‫‪........‬إلخ](‪)28‬‬
‫يتضح لنا من هذه التشريعات أنه بعد حياة اإلنسان وموته وبعثه بعد الموت أنه البد أن‬
‫يقر أمام ربه بأنه لم يقم من األساس بفعل أي خطيئة من هذه الخطايا السابق ذكرها‪ ,‬وال‬
‫بد أن نشير هنا أن فكرة البعث والحساب كما هي في اإلسالم موجودة في الديانة‬
‫ٌ‬
‫وثنية‪ ,‬برغم‬ ‫المصرية القديمة بنفس تفاصيلها‪) ,‬الجنة والنار(‪ ,‬ونحن حاليًا ننع ُتها بأنها‬
‫أنها على العكس تمامًا من التوراة الحالية بعد تحريفها من اليهود‪ ،‬فهي ال تذكر من‬
‫قريب أو بعيد أي شيء له عالقة بالبعث والحساب والجنة والنار‪ ,‬كما حرفوا حوار‬
‫موسى مع هللا عز وجل في التوراة‪ ,‬والحديث عن أن هللا ال يعترف بوحدانيته [الَ َي ُكنْ َل َك‬
‫آلِ َه ٌة ُأ ْخ َرى َأ َمامِي](‪ )29‬وأنه غيور على موسى من أن يتوجه‪ ,‬ويعبد آلهة أخرى غيره‬
‫اء‬‫اء فِي اَأل ْب َن ِ‬ ‫[الَ َت ْس ُجدْ َل ُهنَّ َوالَ َت ْع ُبدْ هُنَّ ‪َ ،‬أل ِّني َأ َنا َّ‬
‫الر َّب ِإل َه َك ِإل ٌه َغ ُيو ٌر‪َ ،‬أ ْف َتقِ ُد ُذ ُن َ‬
‫وب اآل َب ِ‬
‫ابع مِنْ ُم ْبغِضِ َّي](‪ )30‬على النقيض من القرآن تمامًا الذي يقر بأن‬ ‫الر ِ‬ ‫ث َو َّ‬ ‫يل ال َّثالِ ِ‬ ‫فِي ا ْل ِج ِ‬
‫ثان‪ ,‬وليس له شريك كما في قوله‪:‬‬ ‫هللا واحد ليس له ٍ‬
‫ي " [سورة طه‪]12:‬‬ ‫ٱلص َل ٰو َة لِذ ِۡك ِر ٓ‬ ‫" ِإ َّنن ِٓي َأ َنا ٱهَّلل ُ ٓاَل ِإ ٰ َل َه ِإٓاَّل َأ َن ۠ا َف ۡ‬
‫ٱع ُب ۡدنِي َوَأق ِِم َّ‬
‫وهذا يبين االختالف الواضح بين قدمائنا المصريين وتوحيدهم لإلله الذي ليس كمثله‬
‫شيء‪ ,‬كما أقر القرآن‪ ،‬وبين بني إسرائيل وأفعالهم‪ ,‬ونؤمن بنبوته وبمساواته مع كل‬
‫أنبياء هللا في المنزلة؛ ألن هللا أمرنا أال نفرق بينهم‪ ,‬فليس لنا الحق أن نقوم نحن بذلك‬
‫على العكس من بعض الذين ال يعترفون بانتماء موسى لهم‪ ،‬مثل سيجمون فرويد الذي‬
‫أورد في كتابه (موسى والتوحيد) أن موسى لم يكن من بني إسرائيل‪ ,‬وأنه مصري‪ ,‬بل‬
‫حدده‪ ,‬وادعى أنه الملك المصري إخناتون بالكذب والتلفيق‪ ,‬وستعرفون الح ًقا من‬
‫الشخصية الحقيقة المخفية وراء الملك المصري إخناتون‪ ,‬ومن هي عائلته المقدسة‬
‫المعروفة بآل إخناتون‪ ,‬وهروبها من مصر‪ ,‬ولماذا كان الهروب‪ ,‬حيث إن فرويد خبير‬

‫‪ ))28‬أنظر‪ :‬بإن أمسان‪ ،‬ماعت مصر الفرعونية وفكرة العدالة االجتماعية‪ ،‬ترجمة زكية جلوزاره وعليا‬
‫شريف‪ ،‬القاهرة (‪1996‬م)‪ ،‬وعبدالرحيم صدقي‪ ،‬القانون الجنائي عند الفراعنة‪ ،‬القاهرة (‪1986‬م)‪.‬‬
‫‪ ))29‬سفر التثنية (‪)7 :5‬‬
‫‪ ))30‬سفر الخروج (‪)5 :20‬‬
‫‪74‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫في علم النفس‪ ,‬فكتب بقلمه هذه األكاذيب؛ ليشتت كل من يرغب في إعادة قراءة التاريخ‬
‫بشكل سليم‪ ,‬ليجعله يفشل‪ ,‬وال يستطيع أن يصل إلى الحقيقة‪.‬‬
‫وفي النهاية جاء رفع مكانة أوزير بأنه أصبح رئيسًا الثنين وأربعين نترً ا‪ ،‬حيث إن البشر‬
‫العاديين مخيرون على الطاعة أو المعصية معًا‪ ،‬فحينما يتخلون عن جزء من بشريتهم‬
‫تاركين المعصية‪ ،‬مطيعين هللا ما أمرهم يرفعهم لمنزلة أعلى من المالئكة‪.‬‬
‫وجاء األمر اإللهي بنفي سيت ونسله بعي ًدا عن أرض مصر‪ ،‬وهي األرض التي ارتوت‬
‫بدماء نبي هللا إدريس عليه السالم‪ ،‬ومن ث ّم حُرمت على نسل أخيه إسرائيل القاتل‪،‬‬
‫وأصبحت مل ًكا لنسل إدريس إلى األبد‪.‬‬

‫الباب الثاني‬
‫‪75‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫فك طالسم الديانة المصرية القديمة‬

‫بداية يجب أن نذكر أن اسم اإلله كان خفيا ومحرما النطق به‪ ,‬ولكن كان يُرمز له بأسماء‬
‫عديدة‪ ,‬وكلها تدل على إله واحد‪ ,‬وهذا ليس له عالقة بتعدد اآللهة (مثل الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ,‬فإن هلل تسعة وتسعين اسمًا‪ ,‬كما في الحديث (‪ )31‬وهو واحد‪ ,‬ال إله غيره)‪,‬‬
‫وكانوا عندما يريدون مناداة اإلله كانوا ينادونه بأسماء مثل (أتوم‪ ,‬وأوزير‪ ,‬وحور‪,‬‬
‫ونوو‪ ,‬وآمون‪ ,‬وأتون)‪ ,‬ولكن كل هذه األسماء يشار بها إلى اإلله الواحد الذي ليس له‬
‫شريك‪ ,‬وكانوا في شريعتهم يسمون أنبياءهم بهذه األسماء تبرُّ كا بها على أنها من أسماء‬
‫هللا العظمى‪ ،‬وكانوا يوحدون كل هذه األسماء في اسم رع وحينما كانوا يريدون الحديث‬
‫عن أعمال األنبياء العظيمة كانوا يشيرون لها باسم رع‪ ,‬وهي قوة هللا التي كانت تتحكم‬
‫في أنبيائه‪ ،‬ولكن بني إسرائيل(سيت) حرفوا الحقائق‪ ,‬وأطلقوا على األنبياء أنهم آلهة‪,‬‬
‫وهم ليسوا بذلك‪ ,‬وهذا كان مدخل اتهام الحضارة المصرية القديمة بالوثنية‪ ،‬ولذلك كان‬

‫‪ ))31‬عن أبي هريرة‪ :‬أن رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ قال‪" :‬إنّ هَّلِل ِ ت ِْس َع ًة وت ِْسعِينَ ْ‬
‫اس ًما‪ ،‬مِاَئ ًة إاّل‬
‫الج َّن َة" صحيح البخاري (‪.)٧٣٩٢‬‬
‫أحصاها دَ َخل َ َ‬
‫وا ِحدًا‪َ ،‬من ْ‬
‫‪76‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫محرمًا في اإلسالم فيما بعد أن يسمى الفرد باسم من أسماء هللا إال مسبو ًقا بكلمة (عبد)‬
‫مثل عبدهللا‪ ,‬وعبدالرحمن‪ ,‬وعبدالغفار‪ ,‬وعبدالوهاب‪.‬‬
‫ومن أسماء هللا أيضًا عند قدماء المصريين (بتاح)‪ ,‬فنجد تعريفه هو المعبود الخالق الذي‬
‫كان قبل وجود جميع الموجودات وبإرادته خلق العالم من خالل التفكير به‪ ،‬تصور العالم‬
‫بتفكيره‪ ,‬وأتى به إلى الوجود من خالل كلمته‪( :‬بتاح يتصور الكون بإرادة نفسه‪ ,‬ويبث‬
‫الحياة فيهم بسحر كلمته)‪ ,‬وهذا يعني أنه هو صاحب قدرة (كن فيكون)؛ أي أنه هو‬
‫الفتاح العليم بادئ كل شيء‪ ,‬وهو المسئول عن خلق الكون باألفكار وبالكلمة‪ ,‬ومن ألقابه‬
‫سيد الحقيقة‪ ,‬وسيد العدالة‪ ,‬وسيد األبدية‪ ,‬وواجد أول بداية‪ ,‬وهو الذي يستمع إلى الدعاء‪.‬‬
‫وكذلك آخر اسم سنشير إليه من أسماء هللا هو (نون)‪ ,‬وهذا االسم الذي ت َّم تقديسه من ِق َب ِل‬
‫الحضارة المصرية القديمة‪ ,‬كما فسر الكاتب البريطاني آالن الفورد في كتابه هرم‬
‫األسرار‪:‬‬
‫(‪[ ):My Story: Pyramid of Secrets‬إن نون انبثق منه كل شيء‪ ,‬قاع‬
‫الوجود‪ ,‬بحر من الظالم‪ ,‬ليس له شكل‪ ,‬وال سطح‪ ,‬وال توجد به أي اتجاهات‪ ,‬تحوي‬
‫إرادته كل الموجودات‪ ,‬هي منبع نهر النيل وهي المحيط السماوي‪ ,‬وهي أصل كل‬
‫الموجودات‪ ،‬وهي الرحم الكوني الذي خرج منها كل األشياء‪ ،‬األرض‪ ،‬والسماء‪،‬‬
‫والشمس‪ ،‬والقمر‪ ،‬والنجوم‪ ،‬والمحيطات‪ ،‬والبحار التي سبقت خلق الكون]‪.‬‬
‫ش ُهۥ‬ ‫ت َوٱَأْل ْر َ‬
‫ض فِى سِ َّت ِة َأ َّي ۢ ٍام َو َكانَ َع ْر ُ‬ ‫ٱلس ٰ َم ٰ َو ِ‬
‫"وه َُو ٱ َّلذِى َخ َل َق َّ‬
‫وبالتدبر في قوله تعالى‪َ :‬‬
‫سنُ َع َماًل "[هود‪]7:‬‬ ‫ٓاء لِ َي ْبلُ َو ُك ْم َأ ُّي ُك ْم َأ ْح َ‬
‫َع َلى ٱ ْل َم ِ‬
‫نجد أن هللا يخبرنا أنه في البداية كان عرشه سبحانه وتعالى على الماء قبل خلق‬
‫السماوات واألرض وما بينهما‪ ,‬وروى البخاري عن عمران بن حصين ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنهما ‪ -‬أن ناسًا من أهل اليمن سألوا النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقالوا‪ :‬جئناك نسألك‬
‫عن هذا األمر؟ قال‪" :‬كان هللا ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في‬
‫الذكر كل شيء وخلق السماوات واألرض"‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ونالحظ بأنه افتتحت سورة القلم بـ"ن َوا ْل َق َل ِم َو َما َي ْس ُط ُرونَ "‪ ,‬والمرة الثانية في (اآلية‪:‬‬
‫ون"‪ ,‬وال أظن أن المقصود بالنون في اآلية األولى‬ ‫‪ )87‬من سورة األنبياء " َو َذا ال ُّن ِ‬
‫حرف النون‪ ,‬وال أعتقد بأن المقصود بالنون في اآلية الثانية الحوت؛ ألن ربنا تبارك‬
‫ب ا ْل ُحو ِ‬
‫ت‬ ‫وتعالى عندما أراد ذكر الحوت ذكره فقال‪َ " :‬ف ْ‬
‫اص ِب ْر لِ ُح ْك ِم َر ِّب َك َواَل َت ُكن َك َ‬
‫صا ِح ِ‬
‫ِإ ْذ َنادَ ٰى َوه َُو َم ْك ُظو ٌم" (القلم‪ ,)48:‬وهذا من بالغة القرآن فمعلوم أنّ الصاحب من‬
‫َ‬
‫الحوت فترة من الزمن‪ ،‬فال‬ ‫ب يونسُ ‪ -‬عليه السالم ‪-‬‬
‫صاح َ‬
‫َ‬ ‫المصاحبة‪ ،‬وقد حصل أنْ‬
‫إشكال‪ .‬أمّا ذو ففيها مالزمة كمالزمة الصفة للموصوف‪ ,‬وربما يكون النون بمعنى‬
‫القادر الذي بمعنى المقدر‪ ,‬فقد يعني ذو النون أي تابع المُق ِّدر أو عبدالقادر‪.‬‬
‫وبعد كل هذه اإلشارات التوحيدية يرى البعض أنها حضارة كافرة‪ ،‬والحقيقة أن هذه من‬
‫أكبر األكاذيب التي وُ صِ َم ْ‬
‫ت بها الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬وفيما يلي ما يثبت أنها‬
‫حضارة عرفت التوحيد‪ ,‬بل هي حضارة التوحيد‪ .‬في كتاب‪(:‬الموتى)(‪ )32‬أقدم كتاب عن‬
‫الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬ورد أن قدماء المصريين كانوا يخاطبون هللا قائلين‪[ :‬أنت‬
‫ت في كتاب الموتى‬ ‫األول وليس قبلك شيء‪ ،‬وأنت اآلخر وليس بعدك شيء]‪ُ ،‬‬
‫وذك َِر ْ‬
‫أيضًا مقولة‪[ :‬خلقت كل شيء وحدي ولم يكن بجواري أحد]‪ ،‬وهناك عشرات المسالت‪,‬‬
‫بها شخص‪ ,‬يشير بإصبعه إلى السماء‪ ،‬وليس أدل على التوحيد من ذلك‪.‬‬
‫ويسوق من ينفون عن الحضارة المصرية القديمة توحيدها‪ ،‬أن كلمة (نتر) باللغة‬
‫المصرية القديمة تعنى اإلله‪ ،‬لكننا نصل في بحثنا أن (نتر) معناها الحرفي الواضح‬
‫والصريح‪ :‬المنزلة العلي (المأل األعلى)‪ ،‬وانتشر تأويلها على أنها اإلله‪ ،‬ولكن كل‬

‫‪ ))32‬كتاب الموتى‪ :‬أطلق عليه البعض (إنجيل المصريين)‪ ,‬وكان ليبسيوس‪ ,‬هو أول من أطلق عليه اسم‬
‫(كتاب الموتى)‪ ,‬واسمه في المصرية القديمة‪( :‬برت إم هرو) أي‪ :‬الخروج إلى النهار‪ ,‬وقد قام بجمع‬
‫نصوصه‪ ,‬ونسخها وترقيمها ودراستها وترجمتها إلى لغات كثيرة العديد من العلماء ومن بينهم‪:‬‬
‫ليبسيوس‪ ,‬وبروجش‪ ,‬ونافيل‪ ,‬وبدج‪ ,‬وهورنونج‪ ,‬وكلوربكتشي‪ ,‬وشريف الصيفي‪ .‬وللمزيد أنظر‪:‬‬
‫(برت إم هرو‪ ,‬كتاب الموتى الفرعوني) عن بردية آني بالمتحف البريطاني‪ ,‬ترجمة الهيروغليفية‬
‫السير والس بدج‪ ,‬والترجمة العربية والنطقية‪ ,‬فيلب عطية‪ ,‬القاهرة ‪1988‬م‪ .‬و سينسر‪ ,‬الموتى‬
‫وعالمهم في مصر القديمة‪ ,‬ترجمة أحمد صليحة القاهرة‪ .‬ورمضان عبده علي‪ ,‬حضارة مصر‬
‫القديمة‪ ,‬ج‪ ,2/‬ص‪ .371-338‬و الخروج في النهار (كتاب الموتى) نصوص مصرية قديمة‪ ,‬ترجمة‬
‫شريف الصيفي‪ ,‬المركز القومي للترجمة‪ ,‬القاهرة‪ ,‬ج‪ , 2/‬ط‪2009/‬م‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المخلوقات كانوا خاضعين لسلطة وقوة إله واحد‪ ,‬وكانت (نتر) تطلق أيضا ً على األنبياء‪,‬‬
‫والمالئكة كما أشرنا ساب ًقا‪.‬‬
‫وكما سنقدم لكم اآلن ما يثبت اتحاد العقيدة المصرية القديمة والعقيدة اإلسالمية في‬
‫أركانها الخمسة‪ ,‬بل نقدم ما يقطع مجال الشك باليقين في رجوع أصل اللغة العربية إلى‬
‫اللغة السامية‪ ,‬ونؤكد أن األصل الذي ترجع له اللغة العربية هو اللغة المصرية القديمة‬
‫المعروفة باسم (اللغه الهيروغليفية)‪ ,‬بل هي أصل جميع اللغات على األرض حتى‬
‫الحديث منها‪ ,‬مثل اسم سيت الذي يعني في اللغة المصرية القديمة العرش‪ ,‬فأطلقه‬
‫المصريون على سيت بعد قتله ألبيهم األول أوزير‪ ,‬وجسدوه في صورة كلب لعلمهم أنه‬
‫قتله من أجل الجلوس على عرش مصر‪ ,‬فخرجت علينا اللغة الحديثة الوالدة (اللغة‬
‫اإلنجليزية) بمعنى آخر السم سيت‪ ,‬وقالت إنه يعني (اجلس)؛ لعلمهم أن أباهم األول‬
‫سيت قتل أوزير‪ ,‬لكي يجلس مكانه على العرش؛ لتصبح فيما بعد أول كلمة ينطق بها أى‬
‫إنسان حين يصادفه أي كلب لتكون هذه الكلمة بمثابة أمر للكلب بالجلوس‪.‬‬
‫وإسرائيل هو الذي نعتقد أنه المشار إليه في هذه اآلية‪:‬‬

‫اوينَ ۝‬ ‫ش ْي َطانُ َف َكانَ مِنَ ا ْل َغ ِ‬ ‫انس َل َخ ِم ْن َها َفَأ ْت َب َع ُه ال َّ‬


‫ِي آ َت ْي َناهُ آ َيا ِت َنا َف َ‬ ‫"وا ْتل ُ َع َل ْي ِه ْم َن َبَأ ا َّلذ َ‬
‫َ‬
‫ب ِإن َت ْح ِملْ‬ ‫ض َوا َّت َب َع ه ََواهُ َف َم َثلُ ُه َك َم َث ِل ا ْل َك ْل ِ‬ ‫َو َل ْو شِ ْئ َنا َل َر َف ْع َناهُ ِب َها َو َل ِك َّن ُه َأ ْخ َلدَ ِإ َلى اَأل ْر ِ‬
‫ص َل َع َّل ُه ْم‬
‫ص َ‬ ‫ص ا ْل َق َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َع َل ْي ِه َي ْل َه ْث َأ ْو َت ْت ُر ْك ُه َي ْل َهث َّذلِ َك َم َثل ُ ا ْل َق ْو ِم ا َّلذِينَ َك َّذ ُبو ْا ِبآ َيا ِت َنا َفا ْق ُ‬
‫َي َت َف َّك ُرونَ " [األعراف‪]176,175:‬‬

‫(‪)4‬‬

‫وهنا نرصد تشبيه هللا له بالكلب كما شبهته لنا‬


‫‪ .‬المصرية القديمة في هذا‬ ‫الحضارة‬

‫‪79‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫التجسيد بصورة سيت‪ ,‬ونرصد أيضا ً بأن هللا قال أنه لو كان تقبل قربانه لكان رفعه إلى‬
‫المكان الذي رفع إليه أخاه إدريس‪ ,‬ولكنه لم يشأ‪ ,‬ولم يتقبل منه قربانه‪ ,‬ولم يرفعه‪ ,‬ولكن‬
‫شتته هو ونسله وأذله‪.‬‬

‫ونحن جميعًا نعلم أن الشيطان هو الذي يوسوس للبشر‪ ,‬ويغويهم فمن الذي اطلع على‬
‫آيات هللا ومعجزاته‪ ,‬واستطاع أن يغوي إبليس بها لدرجة أن إبليس اتبع هذه الشخصية‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ .‬الذي هو إنسان عادي مثلنا‬
‫جميعًا‪ ,‬ولكن ما هذا الفعل‬
‫الخارق للطبيعة‪ ,‬الذي فعله‬
‫هذا الشخص إال أن يكون قد‬
‫فعل ما لم يستطع إبليس بأن‬
‫يفعله‪ ,‬ونعتقد أن هذا الفعل هو‬
‫أول جريمة قتل لألنبياء‪ ,‬وهي جريمة قتل سيدنا إدريس عليه السالم الذي رفع إلى مكان‬
‫عليٍّ ‪ ,‬وهو ثاني نبي من بعد آدم‪ ,‬ألنه هو من تقبل هللا قربانه‪ ,‬ومن أجل ذلك قتله شقيقه‬
‫سيت‪ ,‬وبذلك كان أول من فعل فعلة إبليس من البشر بعصيانه أوامرهللا عز وجل‪ ,‬ولكن‬
‫إبليس رفض أن يسجد آلدم‪ ,‬وأغواه فقط؛ لكي يأكل من الشجرة‪ ,‬وهو لم يقتله‪ ,‬وقد نجد‬
‫هنا عالقة‪ ,‬تربط بين الخطيئة األولى على األرض بالثانية‪ ,‬واألولى هي أكل آدم من‬
‫الشجرة‪ ,‬وكان هذا نسيانا بسبب وسوسة إبليس له‪ ,‬وليس جحودا واعتراضا‪ ,‬والثانية هي‬
‫ليست خطيئة فقط‪ ,‬بل هي جريمة‪ ,‬وبالتحديد هي أول جريمة قتل شخص لشقيقه على‬
‫األرض‪ ,‬وهذا الشقيق نبى أيضا‪ ،‬جريمة قتلهم األنبياء تبدأ من هنا؛ ولذلك زج اليهود‬
‫جماعة ا ّدعوا النصرانية‪ ,‬وعلى رأسهم بولس فحرفوا دين المسيح(‪ ,)33‬ومما حرفوه أنهم‬

‫‪ ))33‬المسيحية بين التوحيد والتثليث وموقف اإلسالم منها‪.‬لعبد المنعم فؤاد‪ ,‬شركة العبيكان للنشر‪2002 ,‬م‪,‬‬
‫ص‪.124/‬‬
‫‪80‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حذر المسيح منها واستبشعها (خطيئة قتل ابن آدام‬ ‫حرضوا المسيحيين على الخطيئة التي َّ‬
‫األول ألخيه)‪ ,‬ونهى عن اتباع خطوات فاعلها‪ ,‬وهي ما يريد بنو إسرائيل التحرر منها‪,‬‬
‫والتخلص من عارها‪ ,‬وشؤمها على مر التاريخ؛ لتصبح الخطيئة خطيئة آدم التي زعموا‬
‫أن المسيح نزل ليخلصهم منها!! وليست خطيئة أبيهم القاتل األول (وهي جريمة قتل ست‬
‫ألخيه أوزير)‪.‬‬
‫وهذا قد ذكرنا بما قاله جالل الدين السيوطي أيضًا عن نبي هللا إدريس‪ :‬بأن أحد الملوك‬
‫قد أراده بسوء‪ ,‬ولكن هللا عصمه‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى فك شفرات الديانة المصرية القديمة وجدنا أن كلمة دين هي في األصل‬
‫كلمة من اللغة المصرية القديمة‪ ،‬وأصلها أنها تتكون من مقطعين األول (دي) أو (ديو)‪,‬‬
‫ومعناها الرقم خمسة‪ ،‬وأضِ يف لها حرف النون‪ ،‬ومعنى حرف النون كلمة شعيرة أو‬
‫عقيدة؛ ليصبح معناها العقيدة الخماسية أو الديانة الخماسية‪ ،‬ويتضح تطابق بين العقيدة‬
‫الخماسية عند المصريين القدماء وأركان اإلسالم الخمسة‪)34(.‬‬
‫الشهادة‪ :‬وهي أول ركن من أركان اإلسالم‪ ،‬والتوحيد هو الشطر األول من الشهادة‪،‬‬
‫وعرفت الحضارة المصرية التوحيد في كتاب الموتى بنصوص عدة منها‪( :‬واع واعو‪/‬‬
‫ثان)‪ ،‬وهناك نص آخر‪ ,‬يقول‪( :‬يانوك نيتر ‪ -‬واع‬ ‫نن سنو) وتعني‪( :‬واحد أحد‪ ,‬ليس له ٍ‬
‫واعو ‪ -‬حبردس اف ‪ -‬نن سنو اف) وتعني‪( :‬أنا اإلله‪ ,‬واحد أحد‪ ..‬قائم بنفسي‪ ,‬وليس‬
‫مثلي أحد)‪.‬‬

‫‪ )) 34‬انظر مقال الباحث في اآلثار المصرية‪ /‬سيف العراقي‪ ,‬بتاريخ‪19/6/2016 :‬م‪.‬‬


‫‪ . https://www.elbalad.news/2295048‬وانظر أيضا‪ :‬مقال لوسيم السييسي بموقع جريدة‬
‫اليوم السابع بتاريخ‪ /25 :‬مايو‪2023 /‬م‪ .‬و في البدء كانت مصر‪ ,‬لوسيم السيسي‪ ,‬دار الشروق‪,‬‬
‫القاهرة‪ ,‬ص‪ 31 /‬ألى‪.33‬‬
‫‪81‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫(‪)6‬‬
‫الصالة‪ :‬هناك في تل العمارنة‬
‫نقوش‪ ،‬أثبتت أن المصريين كانوا‬
‫يسجدون هلل في اتجاه القبلة‪،‬‬
‫وأمامهم شخص اسمه (إمم) الذي‬
‫نسميه حاليًا اإلمام‪ ،‬وكانوا يسجدون‬
‫يفسر‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫جباههم‪،‬‬ ‫وليس‬ ‫ذقونهم‪,‬‬ ‫على‬
‫(‪. )8‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫قول هللا تعالى‪" :‬قُلْ آ ِم ُنو ْا ِب ِه َأ ْو الَ ُتْؤ ِم ُنو ْا‬
‫ِإنَّ ا َّلذِينَ ُأو ُتو ْا ا ْل ِع ْل َم مِن َق ْبلِ ِه ِإ َذا ُي ْت َلى‬
‫س َّجدًا"‬ ‫ُ‬ ‫لَِأل ْذ َق ِ‬
‫ان‬ ‫َيخ ُِّرونَ‬ ‫َع َل ْي ِه ْم‬
‫[اإلسراء‪]107:‬‬
‫(‪)9‬‬

‫الزكاة‪ :‬الزكاة تعبر عنها كلمة مصرية‬


‫قديمة‪ ,‬اسمها (ماعو)‪ ،‬ولو أضفنا حرف‬
‫النون الذي يعني شعيرة أو عقيدة ستعطينا‬
‫كلمة الماعون‪ ,‬والماعون في القرآن هو‬
‫الزكاة‪.‬‬
‫الصوم‪ :‬أصلها (صو) في الهيروغليفية‪ ،‬وتعني يمتنع عن الطعام‪ ،‬وكان الصيام على‬
‫هيئته اإلسالمية نفسها‪ ،‬وهو ما يتوافق مع قول القرآن‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِب َع َلى ا َّلذِينَ مِن َق ْبلِ ُك ْم َل َع َّل ُك ْم َت َّتقُونَ "‬
‫الص َيا ُم َك َما ُكت َ‬
‫ِّ‬ ‫" َيا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنو ْا ُكت َ‬
‫ِب َع َل ْي ُك ُم‬
‫[سورة البقرة‪)35(]183:‬‬
‫وأصل األغاني التي توارثها المصريون حاليًا احتفااًل ببدء الصيام‪ ،‬مثل (وحوي يا‬
‫وحوي) أنها كانت من مظاهر االحتفال عند المصريين القدماء‪ ،‬والكلمة (واحا) معناها‪:‬‬
‫ظهر‪ ،‬و(إيوحا) تعني‪ :‬مالك القمر‪ ،‬ومعنى الجملة‪( :‬أظهر يا هالل القمر)‪ ،‬وقد عرفوا‬
‫بما يسمى عندنا اليوم بـِ(عيد الفطر)‪ ،‬وكان يُطلق عليه عيد (شيش الم رب)‪ ،‬ومدته‬
‫يومان فقط‪.‬‬
‫(‪)10‬‬
‫الحج‪ :‬المصريون أول من‬
‫أطلق كلمة الحجاز‪ ،‬وهي في‬
‫أصلها مكونة من كلمتين‬
‫األولى (حج‪ ،‬و از)‪ ،‬وكلمة‬
‫أو‬ ‫النور‬ ‫معناها‪:‬‬ ‫(حج)‬
‫الضياء‪.‬‬
‫وكلمة (از) تعني‪ :‬المتجه إلى‪ ،‬وكلمة الحجاز معناها المركب المتجه إلى النور‪ ،)36(.‬بل‬
‫نجد فى كتاب مرجريت مرى أنشودة كتبها حور محب‪ ,‬صاحب أول قانون لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ,‬تقول‪[ :‬التحية لك أيها القمر الذى يتفحص الحجيج‪...‬إلخ‪ )37(]،‬وهذا يوضح لنا‬
‫االرتباط الشديد بين القمر وشعيرة الحج‪.‬‬

‫‪https://www.elbalad.news/2295048 ))35‬‬
‫‪)(36‬المعجم الصغير فى مفردات اللغة المصرية القديمة للدکتور أحمد بدوى والدکتور هرمن کيس‪.‬‬
‫ص‪.172‬‬
‫‪« ))37‬مصر ومجدها الغابر»‪ ،‬مرجريت مرى‪ -‬ص ‪.452‬‬
‫‪83‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وعليه فالكلمة (حج از) أي‪( :‬حجاز) جاءت من حج المصرية‪ ،‬والزاي المصرية (آز)‪,‬‬
‫بمعنى توجه‪ ,‬أو ارتحل‪ ،‬وتوضع بجوارها عالمة تفسيرية على شكل‪ :‬ساقان تمشيان؛‬
‫فيكون المعنى‪ :‬توجه إلى‪ ,‬أو سعى إلى الضياء‪)38(.‬‬
‫والكلمة الكعبة أصلها كلمة (كابا)‪ ,‬وتعني المكعب‪ .‬يقول الدكتور لويس عوض‪[ :‬إن‬
‫الكلمة كعبة جاءت من كلمة مصرية قديمة‪ ,‬وهى كابا‪ ،‬انتقلت إلى العربية كعبة‪ ،‬وإلى‬
‫اإلنجليزية ‪)39(].CUBE‬‬
‫نت مِن‬‫وكانت الكعبة موجودة قبل سيدنا إبراهيم عليه السالم‪ ,‬قال تعالى" َّر َّب َنا ِإ ِّني َأ ْس َك ُ‬
‫اج َعلْ َأ ْفِئدَ ًة ِّمنَ ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫الصاَل َة َف ْ‬
‫ُذ ِّر َّيتِي ِب َوا ٍد َغ ْي ِر ذِي َز ْر ٍع عِ ندَ َب ْي ِت َك ا ْل ُم َح َّر ِم َر َّب َنا لِ ُيقِي ُموا َّ‬
‫ش ُك ُرونَ " [سورة إبراهيم‪ ،]37 -‬فإذن إبراهيم‬ ‫ار ُز ْق ُهم ِّمنَ ال َّث َم َرا ِ‬
‫ت َل َع َّل ُه ْم َي ْ‬ ‫َت ْه ِوي ِإ َل ْي ِه ْم َو ْ‬
‫جدد البيت الذى كان مبنيًا من قبل‪.‬‬
‫ويقول السيوطى‪ :‬كان األنبياء من بعد آدم إلى زمان إبراهيم‪ ..‬يعظمون البيت (الكعبة)‬
‫به‪...‬إلخ (من هؤالء األنبياء إدريس‪ ،‬نوح‪...‬إلخ)(‪)40‬‬ ‫ويطوفون‬ ‫ويحجونه‬
‫(‪)11‬‬
‫كما عرف المصريون الوضوء‪،‬‬
‫وأطلقوا كلمة (بر ضو) في اللغة‬
‫المصرية على بيت الوضوء‪،‬‬
‫ويظهر في جدارية الملك مينا أنه‬
‫ذاهب إلى (بر ضو)‪ ,‬وخلفه خادمه‪,‬‬
‫يحمل إناء الماء‪ ،‬ما يدل على أنه‬
‫ذاهب للوضوء‪.‬‬

‫(‪)12‬‬ ‫بعدما أثبتنا أن الحضارة المصرية‬


‫‪( ))38‬المصريون القدماء أول الحنفاء) ‪.474‬‬
‫‪« ))39‬مقدمة فى فقه اللغة العربية» للدكتور لويس عوض‪ ,‬ص‪.15‬‬
‫‪. https://www.almasryalyoum.com/news/details/1852858 ))40‬‬
‫‪84‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫القديمة لم تكن وثنية أو كافرة ‪ -‬صار لدينا اطمئنان أن إدريس هو أوزير‪ ،‬ومن هنا‪,‬‬
‫وبعد أن عرفنا ساب ًقا أن أوزير وسيت هما إدريس وإسرائيل حاولنا أن نعرف من‬
‫منظورنا‪ ,‬ومن عقيدتنا باقي الشخصيات الموجودة في الحضارة المصرية القديمة‪,‬‬
‫وخاصة من له ارتباط وثيق بأوزير وسيت‪.‬‬
‫التاسوع المقدس ونظريات الخلق عند المصري القديم‪:‬‬
‫صُدمنا بالتاسوع المقدس‪ ،‬وجدنا مؤرخين لبني إسرائيل (مؤرخي الغرب) قد نظروا إليه‬
‫بوجهة نظر خاطئة‪ ,‬تتفق مع عقيدتهم؛ حيث إنهم حرفوا نظرية مدرسة مدينة أون –‬
‫هليوبوليس ‪( -‬عين شمس الحالية)‪ ,‬وعرفت بنظرية التاسوع(‪( )41‬أي تشمل تسعة آلهة)‪,‬‬
‫وتقول‪ :‬إن العالم قبل وجود اآللهة كان محيطا أزليا ال نهائيا من المياه‪ ,‬وأطلق عليه‬
‫(نون)‪ ،‬ومن هذا المحيط ظهرت روح (أتوم)‪( ,‬أتوم من رع خبر)‪ ,‬إله الشمس فى‬
‫صورته الكاملة‪ ,‬وهو الذى موجود بنفسه بشكل ذاتى‪ ,‬وكان يستقر على تل فوق تلك‬
‫المياه‪.‬‬
‫ولما استشعر الوحدة خلق رفقاء آخرين‪ ,‬ثم لفظ من فمه؛ ليخرج إله الهواء (شو)‪ ,‬وآلهة‬
‫الرطوبة (تفنوت)‪ ،‬ثم تزوجا‪ ,‬وأنجبا إله األرض (جب)‪ ,‬وآلهة السماء (نوت)‪ ،‬وهما‬
‫اللذان أنجبا أربعة آلهة وهم (أوزير)‪ ,‬و(إيزة)‪ ,‬و(ست)‪ ,‬و(نفتيس)‪ ,‬واألوالن هما اللذان‬
‫حدثت بينهما األسطورة الشهيرة‪ ,‬وهي إيزة وأوزير‪( ,‬إيزيس‪ ،‬وأزوريس)‪ ،‬ومن ثم حكم‬
‫حور (حورس) األرض بعدما انتصر على ست فى األسطورة‪ ،‬وتسرد األسطورة بأن‬
‫األرض (جب) والسماء (نوت) كانا جسمًا واح ًدا‪ ,‬ودخل بينهما الهواء (شو)‪ ,‬وفصلهما‬
‫عن بعضهما‪ ,‬وهو األمر نفسه فى القرآن الكريم من سورة (األنبياء‪)30/‬‬
‫ت َواَأْل ْر َ‬
‫ض َكا َن َتا َر ْت ًقا َف َف َت ْق َنا ُه َما"‪.‬‬ ‫"َأ َو َل ْم َي َر ا َّلذِينَ َك َف ُروا َأنَّ َّ‬
‫الس َم َاوا ِ‬

‫‪ ))41‬هناك ثالث نظريات شهيرة لخلق الكون في مصر القديمة وهي نظرية أونو (عين شمس) المعروفة‬
‫بالتاسوع المقدس ونظرية االشمونين المعروف بالثامون المقدس ونظرية منف‪.‬‬
‫للمزيد أنظر‪ :‬فرانسوا دوما‪ ،‬حضارة مصر الفرعونية‪ ،‬ترجمة ماهر جويجاني‪ ،‬القاهرة ‪1998‬م ‪،‬‬
‫ص‪ .402- 396‬و محمد بكر‪ ،‬صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم‪ ،‬ص‪ .60-50‬ورمضان عبده‬
‫علي‪ ،‬حضارة مصر القديمة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ص ‪ .197- 192‬وباسم سمير الشرقاوي وآخرون‪ ،‬محافظة‬
‫المنيا‪ ،‬المواقع األثرية‪ ،‬والمزارات الدينية‪ ،‬القاهرة‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪85‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ووجدنا نظرية أخرى معروفة باسم نظرية مدرسة )األشمونيين(‪ ,‬وهي تتفق مع كثير من‬
‫ما جاء في نظرية مدرسة (أون)‪ ,‬وتختلف عنها فى بعض نقاط؛ (حيث إنهم قد اقترفوا‬
‫تحريفها هي أيضا أثناء احتاللهم مصر بعد حكم شيشناق الذي انتشر في عهده عبادة‬
‫العجل أبيس (إبليس)‪ ,‬وملوك مصر الذين وصلوا إلى الحكم من ساللة أوزير في مرحلة‬
‫ما قبل الطوفان أو من ساللة آمن في مرحلة ما بعد الطوفان ليس لهم أي عالقة بهذه‬
‫المعتقادات اإللحادية الكافرة‪.‬‬
‫و(اإلشمونيين) مدينة تقع حاليًا باالسم نفسه‪ ,‬على بعد (ثمانية كيلو ‪8‬كم) شمال غرب‬
‫مركز ملوي محافظة المنيا بصعيد مصر‪ ،‬وقد أطلق عليها اليونانيون اسم هيرموبوليس‪،‬‬
‫وترى مدرسة األشمونين بأن العالم كان محيطا أزليا‪ ،‬وكان معه خواص من الطبيعة‪,‬‬
‫تمثلت فى أربعة أزواج من اآللهة‪ ,‬يمثل كل زوج جزءًا من الطبيعة‪ ،‬وهم (الظالم)‬
‫والذى مثله زوج اآللهة كك وكوكت‪ ,‬والفضاء‪ ,‬ومثله حح وحوحت‪ ،‬والعمق العظيم‪,‬‬
‫ويجسده نون ونونت‪ ،‬والظلمة والهواء يمثلهما آمون وآمونت‪ ،‬وتقول األسطورة [إن‬
‫اإلله آمون حرك الهواء‪ ,‬فتحركت المياه الراكدة‪ ,‬فخرج منها التل األزلي المكون من‬
‫الطمي‪ ,‬وفوق التل كانت هناك بيضة كونية‪ ,‬باضتها اإلوزة السماوية‪ ,‬تقول إحدى‬
‫لوحات النصوص إن اإلله أبيس هو من باض تلك البيضة‪ ,‬ولما انفجرت البيضة خرج‬
‫منها طائر عظيم‪ ,‬يعتقد أنه هو أبو منجل‪ ,‬وهو رمز اإلله تحوت إله الحكمة]‪،‬‬
‫و َنصٌّ آخر يقول إن من خرج من تلك البيضة هو اإلله رع‪ ،‬وبظهوره انسحبت اآللهة‬
‫الثمانية إلى العالم السفلى تاركة اإلله رع فى الكون؛ لينفذ مهمة خلق البشر ومظاهر‬
‫الكون‪ ،‬ويرى بعض العلماء أن فكرة ظهور البيضة وانفجارها تمثيل لفكرة االنفجار‬
‫العظيم المعروفة حاليًا‪.‬‬
‫ونحن ال نتفق مع وجهة النظر اإللحادية التي تختلف اختالفا كليًا مع ما أثبتناه من أن‬
‫الحضارة المصرية القديمة حضارة توحيد‪ ,‬تؤمن بأن هللا ال إله إال هو‪ ،‬هو واحد أحد‪،‬‬
‫هو األول هو اآلخر‪ ،‬وأن هؤالء الذين جاءت تسميتهم باسم التاسوع المقدس ما هم إال‬
‫مالئكة وبشر‪ ,‬ومعهم إبليس‪( ,‬حيث إن حضارة بني إسرائيل كانت تعتمد فكرة التزاوج‬
‫بين البشر والمالئكة)‪ ,‬ومن وجهة نظرنا فإن هؤالء التسعة يمثلون أربع مراحل لبداية‬

‫‪86‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الخلق منذ آدم إلى أبنائه‪ ,‬وفيها ثالثة أطوار مر بها آدم ‪ -‬عليه السالم – قد َر َم َز إلى كل‬
‫منها الفنان المصري القديم برمز يشير لطبيعة المرحلة وهذه المراحل هي‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة خلق آدم بعد نفخ الروح فيه؛ رمز لهذه المرحلة الفنان المصري‬
‫القديم بصورة ألتوم منفردا بدون أي تأثيرات‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة العصيان التي وقعا فيها (أتوم) وزوجته (تفنوت) بدعوة (أبيب)‬
‫لهما لألكل من الشجرة المحرمة عليهم‪ ,‬هذه الشجرة نسج أبيب حولها أكاذيبه وإغراءاته؛‬
‫ليؤثر بهما على أتوم وزجه تفنوت‪ ,‬وقال لهما‪ :‬إنها شجرة الخلد وملك ال يبلى‪ ,‬فأغواهما‬
‫وأزلهما عنها‪.‬‬
‫وهذه المرحلة عبر عنها المصري القديم بصورتين؛ األولى ألتوم نفسه وعلى رأسه‬
‫ريشة وهي ترمز لتأثر آدم بأبيب واتباعه الهوى‪ ,‬فأطلق على أتوم في هذه المرحلة‬
‫(شو) لغلبة سيطرة شو أو أبيب عليه‪ ,‬أما رمزية الريشة على الرأس وتعلقها (بشو أو‬
‫أبيب) لرفضه السجود آلدم من تكبره‪ ,‬ومن هنا جاء المثل الشائع بين المصريين حتى‬
‫اليوم لكل من يأنف ويرفض فعل شيء طلب منه وال يرفضه من هو نده أو أفضل منه‬
‫فيقولون (على راسه ريشة)‪ ,‬وكذلك أطلق في هذه المرحلة على زوجته (تفنوت)‬
‫ورسمها الفنان المصري وعلى رأسها قرص الشمس‪ ,‬وهو يرمز الشتراكها مع أتوم في‬
‫المعصية‪ ,‬وداللة الشمس تعني النار‪ ,‬كأنه أراد أن يقول‪ :‬لو استمرت على هذه المعصية‬
‫فسيكون مصيرها النار‪ ,‬ولكنه لم يحدث‪..‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬هي مرحلة توبة أتوم وزوجته بعدما مر بمرحلة العصيان‪ ,‬وأطلق‬
‫عليهما الفنان المصري القديم في مرحلة العصيان بشو وتفنوت؛ التباعهما ووسوسة‬
‫أبيب‪ ,‬أما في مرحلة التوبة أطلق عليهما أتوم(جب) وزوجته (نوت)‪ ,‬وهذا لتوبتهما‬
‫واتباعهما لرسول السماء (جب) فلتأثرهما به واتباعهما له في هذه المرحلة‪ ,‬رسمه الفنان‬
‫المصري القديم بصورة أتوم وعلي رأسه أوزة ومن المعروف أن األوز طائر ال يحسن‬
‫الطيران كأنه أراد أن يقول بهذا الرمز أن أتوم جاهد نفسه فكاد يكون كالمالئكة لوال أنه‬

‫‪87‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫مخلوق على االختيار ال مجبول على الطاعة‪ ,‬فجاهد نفسه حتى قرب من طاعة المالئكة‬
‫هلل غير أنه لم يحسن ِج ِبلَّ َتهم الختالف الخلِقة بينهما؛ لهذا أطلق عليه في هذه المرحلة‬
‫بـ(جب)‪ ,‬وأطلق على زوجته نوت ورسمها الفنان المصري وعلى رأسها إناء(برنية أو‬
‫سلطانية) يرمز إلى أول حرف من اسمها (نوت)‪ ,‬وهو يعني في اللغة المصرية القديمة‬
‫السماء‪ ,‬فبدلت رمزيتها الشمس التي كانت ترمز في مرحلة العصيان إلى النار والعذاب‬
‫لو استمرت عليها‪ ,‬أما اسمها في مرحلة التوبة هو السماء وهو يرمز لسموها وتعلقها‬
‫بأبواب السماء‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬وهي مرحلة الجيل األول من أبناء أتوم ونوت‪ ,‬فجاء في البطن األولى؛‬
‫(ست) ويصوره الفنان المصري بجسد رجل ورأس كلب‪,‬‬
‫وكأنه أراد أن يشير ل َم أشارت إليه اآليتين الكريمتين‪:‬‬
‫ش ْي َطانُ َف َكانَ مِنَ ا ْل َغ ِ‬
‫اوينَ‬ ‫" َوا ْتل ُ َع َل ْي ِه ْم َن َبَأ ا َّلذِي آ َت ْي َناهُ آ َيا ِت َنا َف َ‬
‫انس َل َخ ِم ْن َها َفَأ ْت َب َع ُه ال َّ‬
‫ب ِإن‬‫ض َوا َّت َب َع ه ََواهُ َف َم َثلُ ُه َك َم َث ِل ا ْل َك ْل ِ‬ ‫(‪َ )175‬و َل ْو شِ ْئ َنا َل َر َف ْع َناهُ ِب َها َو ٰ َل ِك َّن ُه َأ ْخ َلدَ ِإ َلى اَأْل ْر ِ‬
‫ٰ‬
‫ص‬
‫ص َ‬ ‫ص ا ْل َق َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َت ْح ِملْ َع َل ْي ِه َي ْل َه ْث َأ ْو َت ْت ُر ْك ُه َي ْل َهث َّذلِ َك َم َثل ُ ا ْل َق ْو ِم ا َّلذِينَ َك َّذ ُبوا ِبآ َيا ِت َنا َفا ْق ُ‬
‫َل َع َّل ُه ْم َي َت َف َّك ُرونَ (‪( ")176‬األعراف)‪.‬‬
‫ونحن نرى أن هذه اآليات أقرب للقاتل األول الذي صوره المصري القديم بصورة الكلب‬
‫من بلعام بن باعوراء‪.‬‬
‫و(إيزيس) وهي توأم (ست)‪ ,‬ويصورها الفنان المصري القديم بجسد امرأة على رأسها‬
‫عرش‪ ,‬وكأنه يرمز إلى نبوءة في أن هذه الفتاة سيكون من نسلها ملوك األرض؛ وهذا ما‬
‫دفع سيت مع أنه توأمها‪ ,‬وهي محرمة عليه لالعتراض على هذا التشريع‪ ,‬وحكم والده‬
‫أتوم‪ ,‬وسعيه لقتل أخيه أوزير‪.‬‬
‫البطن الثانية؛ جاء فيها (أوزير) الذي صوره المصري القديم بجسد رجل يرتدي زيا‬
‫أبيضا‪ ,‬وفوق رأسه تاج‪ ,‬وممسكا(حِكا)؛ وهي عصا معقوفة ترجع في أصولها إلى‬
‫عصى الراعي‪ ,‬وهو الرمز الدال على الحكم والسلطة‪ ,‬و(نخخ)؛ وهو يعني السوط‪,‬‬
‫وكأن الفنان المصري أراد أن يوصل من خالل صورة لبسه الثوب األبيض البراءة‬
‫‪88‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وطهر النفس‪ ,‬وبالتاج إلى أن من نسله هو ملوك األرض‪ ,‬وبعصا الحاكم (حِكا) إلى أنه‬
‫سيحكم هو ونسله ويكونون ملوكا‪ ,‬وبالسوط أو المذبة (نخخ)إلى أنه ونسله سيذبون عن‬
‫(‪)13‬‬ ‫ملكهم ودينهم ويدافعون عنه‪.‬‬
‫و(نفتيس) وهي توأم (أوزير) ويصورها المصري القديم‬
‫بجسد امرأة ويعني اسمها سيدة المنزل‪.‬‬
‫األول‪ :‬أتوم‪ ,‬وتعني آدم‪ ،‬وحين ترجمت في اللغة اليونانية‬
‫حُرفت لـ(أتوم)‪ ،‬حيث ُب ِّد َل حرف الـ(د) إلى (تاء)‪ ,‬وضم‪,‬‬
‫دت من إشباع الضم (واوا)‪ ,‬وهو نتيجة إشباع الضم‬ ‫َفو َل ْ‬
‫كما في (آمن) التي أصبحت (أمون)‪.‬‬
‫وأتوم أول من خلقه هللا‪ ,‬وأنزله إلى مصر‪ ،‬وأتوم في اللغة‬
‫خلق آد َم على صور ِت ِه"(‪)42‬‬
‫هللا َ‬
‫المصرية القديمة تعني التام والكامل‪ ،‬وفي الحديث‪" :‬إنَّ َ‬
‫أي‪ :‬خلقه تاما كامال فلم يمر بأطوار النمو التي مر بها نسله‪ ,‬ولم يخلقه وفق ما ادعاه‬
‫داروين من نظرية التطور(‪ ,)43‬والقرآن تحدث عن أن هللا خلق آدم في أحسن تقويم‪,‬‬
‫ض ُه ْم َع َلى‬ ‫"و َع َّل َم آدَ َم اَأْل ْس َم َ‬
‫اء ُك َّل َها ُث َّم َع َر َ‬ ‫وعلمه األسماء والعلوم كلها‪ -:‬فقال تعالى‪َ :‬‬
‫صا ِدقِينَ " [البقرة‪]31:‬‬ ‫اء ٰ َهُؤ اَل ِء ِإن ُكن ُت ْم َ‬
‫نبُئونِي ِبَأ ْس َم ِ‬
‫ا ْل َماَل ِئ َك ِة َف َقال َ َأ ِ‬
‫وكان أتوم يرتدي الزي الملكي‪ ,‬والتاج األبيض واألحمر‪ ،‬تاجي مصر العليا والسفلى‪،‬‬
‫وكان يمسك بيده اليمنى الصولجان الطويل وهو‪( :‬العصا التي هبط بها آدم من الجنة‪,‬‬
‫َو َورَّ َثها َب ُنوه‪ ,‬حتى وصلت لموسى عليه السالم)(‪ )44‬وبيده اليسرى رمز الحياة (عنخ)‪,‬‬
‫وهو رمز ديانة آدم ودينه اإلسالم‪.‬‬

‫‪ )) 42‬الراوي‪ :‬عبدهللا بن عمر وأبو هريرة • الذهبي‪ ،‬سير أعالم النبالء (‪ • )٥/٤٤٩‬الخبر لم يتفرد به ابن‬
‫عجالن وصح أيضا من حديث ابن عمر ‪ ,‬وبنحوه جاء في الصحيحين‪.‬‬
‫‪ ))43‬المعجم الموحد لمصطلحات علم األحياء( بالعربية واإلنجليزية والفرنسية)‪ ,‬الناشر‪ :‬المنظمة العربية‬
‫للتربية والثقافة والعلوم‪ ,‬تونس ‪1993‬م‪ ,‬ص‪.108‬‬
‫‪ ))44‬تفسير القرآن‪ .‬المؤلف‪ :‬أبو المظفر‪ ،‬منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى السمعاني‬
‫التميمي الحنفي ثم الشافعي (ت ‪٤٨٩‬هـ)‪ .‬المحقق‪ :‬ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الوطن‪ ،‬الرياض – السعودية‪1997 ,‬م‪ ,‬ج‪ ,3/‬ص‪.326 /‬بتصرف‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تزوج أتوم‪ ،‬نوت (حواء)‪ ،‬وأنجب منها‪ :‬سيت‪ ,‬ونيفتي‪ ,‬وإيزيس‪ ,‬وأوزير‪ ،‬وبعد أن قتل‬
‫سيت أخاه أوزير‪ ،‬وقد كان الحكم في مصر عبر العصور يُمثل بحور‪ ،‬وأنه حُك ُم ِ‬
‫هللا‬
‫على األرض‪ ,‬وكان في الرواية التوراتية أن هللا وهب شيث آلدم تعويضا بعد مقتل‬
‫هابيل‪ ،‬وهو ما فنده الباب األول هنا بأنه كذب وادعاء‪ ,‬وأن ماورد فيه من أحاديث تدور‬
‫بين الوضع والنكران والضعف الشديد‪.‬‬
‫وأتوم (آدم) هو من خلقه هللا‪ ,‬ووضعه في الجنة‪ ,‬وكان معه تفنوت‪( :‬حواء)‪ ,‬وشوو‪:‬‬
‫وهو (إبليس)‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تفنوت‪ ,‬وهي حواء؛ كما تم ذكرها مع أتوم وقد سكنا الجنة‪ ،‬قال تعالى‪َ " :‬وقُ ْل َنا َيا‬
‫ث شِ ْئ ُت َما َواَل َت ْق َر َبا ٰ َه ِذ ِه ال َّ‬
‫ش َج َر َة َف َت ُكو َنا‬ ‫اس ُكنْ َأ َ‬
‫نت َو َز ْو ُج َك ا ْل َج َّن َة َو ُكاَل ِم ْن َها َر َغدًا َح ْي ُ‬ ‫آدَ ُم ْ‬
‫مِنَ َّ‬
‫الظالِمِينَ "‪.‬‬
‫(‪)14‬‬ ‫الثالث‪ :‬شو‪ ,‬وهو يمثل التجسيد‬
‫‪ .‬البشري ألبيب (إبليس)‪ ,‬وهو الذي وسوس‬
‫ألتوم‪ ,‬وتفنوت بأن يعصيا ربهما‪ ,‬ويأكال من‬
‫الشجرة التي حرمت عليهما؛ حيث إنه عصى‬
‫ربه‪ ,‬وأخذ على عاتقه إغواء كل بني آدم‬
‫(أتوم) جميعا‪.‬‬
‫" َقال َ َر ِّب َفَأ ْنظِ ْرنِي ِإ َلى َي ْو ِم ُي ْب َع ُثونَ ۝ َقال َ‬
‫ت‬ ‫َفِإ َّن َك مِنَ ا ْل ُم ْن َظ ِرينَ ۝ ِإ َلى َي ْو ِم ا ْل َو ْق ِ‬
‫وم ۝ َقال َ َر ِّب ِب َما َأ ْغ َو ْي َتنِي ُأَل َز ِّي َننَّ َل ُه ْم‬ ‫ا ْل َم ْعلُ ِ‬
‫عِ َبادَ َك ِم ْن ُه ُم ا ْل ُم ْخ َلصِ ينَ " [الحِجر‪:‬‬ ‫ض َوُأَل ْغ ِو َي َّن ُه ْم َأ ْج َمعِينَ ۝ ِإاَّل‬ ‫فِي اَأل ْر ِ‬
‫‪]40,39,38,37,36‬‬
‫كان يتجسد بأشكال مختلفة على مر التاريخ‪ ,‬وشو‪ ,‬هو ذاته أبيب‪ ,‬وثعبان أبوفيس‪,‬‬
‫والعجل أبيس‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الرابع والخامس‪ :‬جب‪ ,‬هو الوسيط بين هللا تعالى والبشر أي أنه المالك الذي ُي َبلِّغ‬
‫البشر‪,‬‬ ‫لبني‬ ‫الوحي‬
‫(‪()15‬نقل الرسالة من السماء إلى األرض)‪ ,‬قوتهم ترمز‬
‫للنجمة السداسية المعروفة باسم نجمة داود‪ .‬وشوو هو الذي‬
‫كان يعمل جاه ًدا على عزل السماء والوحي عن األرض‬
‫والبشر‪.‬‬
‫أما جب هو الذي ظهر بعد ذلك باسم تحوت؛ أي جبريل‪ ،‬كان‬
‫في العقيدة المصرية القديمة رسواًل ‪ ,‬يبعثه اإلله للبشر‪،‬‬
‫ووجوده سبق آدم‪،‬‬

‫(‪)19‬‬ ‫(‪)18‬‬ ‫(‪)17‬‬ ‫(‪)16‬‬

‫‪91‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وهو الذي علم (النتر)؛ الكتابة والحساب‪ ،‬ولعب دور الوسيط بين الخير والشر‪ ،‬ينفذ‬
‫تعليمات اإلله في تقييده ألبيب (إبليس)‪ ،‬إذا لزم األمر‪ ,‬أو تركه يفعل في األرض ما‬
‫يشاء‪ ,‬إذا أراد هللا له ذلك‪.‬‬
‫ويصور على المعابد بالقلم معه لوح للكتابة‪ ،‬ويستمر تأثيره إلى ما بعد الموت؛ حيث‬
‫يسجل نتيجة ميزان األعمال؛ ليعرف إذا ما كان سيدخل الميت الجنة أم النار‪ ،‬ويعتقد‬
‫األغلبية أن له كتابا يسمى كتاب (تحوت)‪ ,‬من امتلكه يستطيع التحكم في العالم‪.‬‬
‫وفي قصة (إيزا‪ ,‬وأوزير) كلف هللا المالك تحوت ‪ -‬جبريل ‪ -‬بإعادة أوزير للحياة‪,‬‬
‫وليست زوجته إيزا‪ ،‬التي فعلت ذلك‪ ،‬كما هو معروف‪.‬‬
‫وكان تحوت يصور على أشكال متعددة؛ كشكل طائر (أبو منجل)‪ ،‬كما يصور على شكل‬
‫مالك ذي ستمائة جناح‪ ،‬وكذلك على شكل بشر‪.‬‬
‫هللا ‪ -‬ص َّلى هللاُ علي ِه‬ ‫رضي هللا عنه ‪ -‬فقال‪" :‬رأى رسول ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫روى عبدهللا بن مسعود ‪-‬‬
‫ناح منها قد سدَّ األفُ َق يسقُ ُط مِنْ‬ ‫وس َّل َم ‪ -‬جبريل َ في صورتِه وله س ُّتمائ ِة َج ٍ‬
‫ناح كل ُّ َج ٍ‬
‫ت ما هللاُ به علي ٌم"(‪)45‬‬‫التهاويل والد ُِّّر والياقو ِ‬
‫ِ‬ ‫َجناحِه مِنَ‬
‫مرتين‪ ،‬وكان يتم ّثل‬ ‫هللا ِجبريل َ بصورته المالئك َّي ِة التي خلقه هللا عليها ّ‬ ‫وقد رأى رسول ُ ِ‬
‫رضي هللا‬
‫َ‬ ‫الصحابي دحية الكلبي ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫بصورة بشر ّية في بعض المرات‪ ،‬فينزل بصورة‬
‫عنه‪.‬‬
‫وقد نزل الوحي اإللهي من خالل تحوت ‪ -‬جبريل ‪ -‬متقطعًا على من حمل النبوة من‬
‫ملوك مصر؛ مثل أمنحتب‪ ،‬وتحتمس األول‪ ,‬وتحتمس الثالث‪ ،‬وقد دونوه على المعابد‪،‬‬
‫ونزل الوحي من األسرة األولى حتى األسرة السادسة‪ ،‬وتوقف‪ ,‬ثم عاد للنزول مرة ثانية‬
‫في األسرة الثامنة عشر‪.‬‬
‫أما السادس والسابع والثامن والتاسع‪ :‬هؤالء هم أبناء آدم األربعة؛ أوزير‪ ,‬وزوجته‪,‬‬
‫وسيت‪ ,‬وزوجته‪.‬‬

‫‪ ٧‬ص‪ .٤13:‬إسناده حسن ‪ .‬أخرجه البخاري (‪ ،)٣٢٣٢‬ومسلم (‪)١٧٤‬‬ ‫‪ )) 45‬ابن كثير في تفسيره ج‪ :‬‏‬
‫مختصرً ا‪ ،‬وأحمد (‪ )٣٧٤٨‬واللفظ له‪ ،‬والنسائي في «السنن الكبرى» (‪ )١١٥٤٢‬باختالف يسير‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عودا على بد ٍء؛ الصراع بين االثنين (أوزير‪ ,‬وست) نشأ من بعد واقعة القربان‪ ،‬وجاء‬
‫في قصتهما المختلقة في التوراة أن قابيل كان عاماًل في األرض‪ ,‬فقدم لإلله قربا ًنا من‬
‫ثمارها‪ ،‬وهابيل كان راعيًا للغنم‪ ,‬فقدم قربا ًنا من غنمه‪ ,‬فعلى ماذا كان القربان؟‬
‫القربان كان على آية حكم مصر (إيزا)‪ ,‬وهذا ما ذكرته ميثولوجيا (أوزير‪ ,‬وست)‪ ،‬وتلك‬
‫الرواية ال تتعارض مع النص القرآني إطال ًقا‪ ،‬وال مع اآلثار المكتشفة بمصر‪ ,‬وكان‬
‫اختيار هللا إلدريس‪ ,‬ولذلك قتل إسرائيل أخاه (إدريس)‪ ،‬ومِن َث َّم فإن جريمة القتل كانت‬
‫اعتراضًا على مشيئة اإلله‪.‬‬
‫وبعد القتل حاول إخفاء الجريمة‪ ،‬فصنع تابو ًتا؛ لكي يخفي فيه جثة أخيه‪ ,‬وألقى به في‬
‫س ْو َء َة‬
‫ف ُي َو ِاري َ‬ ‫ض لِ ُي ِر َي ُه َك ْي َ‬ ‫ث فِي اَأْل ْر ِ‬ ‫نهر النيل؛ قال تعالى‪َ " :‬ف َب َع َث هَّللا ُ ُغ َرا ًبا َي ْب َح ُ‬
‫س ْو َء َة َأخِي ۖ َفَأ ْ‬
‫ص َب َح مِنَ‬ ‫ي َ‬ ‫ب َفُأ َو ِار َ‬‫ت َأنْ َأ ُكونَ ِم ْثل َ ٰ َه َذا ا ْل ُغ َرا ِ‬ ‫َأخِي ِه ۚ َقال َ َيا َو ْي َل َتا َأ َع َج ْز ُ‬
‫ال َّنا ِدمِينَ " [المائدة‪]31 :‬‬
‫والمفارقة هنا أنه لم يعد في مقدوره أن يفعل فعلة الغراب‪ ،‬وذلك ألنه كان قد ألقاه في‬
‫الماء بالفعل‪ ،‬ومن ثم لم يكن ممك ًنا أن يدفن مثل الغراب‪ ،‬ومن هنا أصبح نادمًا‪.‬‬
‫والندم هنا ليس بسبب القتل؛ ألنه بعد القتل كان من الخاسرين‪ ,‬ولكن الندم هنا ألنه لم‬
‫يستطع أن يدفن أخاه مثلما فعل الغراب‪ ,‬وهنا نجد تشابها كبيرا فيما نصت عليه‬
‫األسطورة المصرية بأن إسرائيل ألقى بإدريس في نهر النيل‪ ,‬ولم ينل مقصده من أخذه‬
‫حكم مصر لألبد‪.‬‬

‫م َُحا َق َقة‪:‬‬
‫ولِيت َّم هذا الفصل يجب أن نقف على مسألتين‪ ,‬استوقفنا الحديث عنهما في كتب التفاسير‪,‬‬
‫توافق كل منها ما ذهبنا إليه من وجوه؛ منها‪َ :‬من ابنا آدم؟ وماذا عن ذكر (سوأة)‬
‫المقتول؟‬

‫‪93‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ /1‬فأما من هما ابنا آدم؟ قد توصلنا فيما سبق إلى أن المقتول هو أوزير ‪ -‬إدريس عليه‬
‫السالم ‪ -‬وأن القاتل هو إسرائيل‪.‬‬
‫وقد ذهب جمهور المفسرين على أن ابني آدم هما ابناه من صلبه‪ ,‬وخالفهم في ذلك‬
‫الحسن البصري والضَّحَّ اك؛ حيث قاال إن ابني آدم من بني إسرائيل‪ ,‬وهذا ما نقله اإلمام‬
‫الواحدي‪[ :‬وهذا قول جميع أهل التفسير إال الحسن‪ ,‬والضحاك؛ فإنهما قاال‪ :‬إن ابني آدم‬
‫اللذين قربا قربا ًنا لم يكونا ابني آدم لصلبه‪ ،‬إنما كان رجلين من بني إسرائيل](‪ )46‬ونقل‬
‫ِ‬
‫ذلك غيره‪ ,‬كما استدل الحسن على أن ابني آدم كانا رجلين من بني إسرائيل بأن القربان‬
‫لم يكن إال لبني إسرائيل‪ ،‬واستدل أيضًا بقوله تعالى ‪:‬‬
‫"مِنْ َأ ْج ِل َذلِ َك َك َت ْب َنا َع َلى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ" [ المائدة‪]32 :‬‬
‫ونحن نتفق مع قول الجمهور في وجه كونهما ابني آدم لصلبه‪ ,‬ونتفق مع اإلمامين‬
‫الكبيرين الحسن البصري‪ ,‬والضحاك‪ ,‬في كون مسألة ابني آدم متعلقة ببني إسرائيل‪,‬‬
‫وفي ربطهما ابني آدم ببني إسرائيل في {مِنْ َأ ْج ِل َذلِ َك َك َت ْب َنا َع َلى َبنِي ِإ ْس َراِئيلَ}‬
‫المقصودين من بني إسرائيل‪ ,‬بل نقول إن القاتل هو نفسه‬
‫ِ‬ ‫ونخالفهما في جعلهما ابني آدم‬
‫إسرائيل – ست ‪ -‬جد بني إسرائيل‪.‬‬
‫الرأيين دون معارض ٍة بينهما‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وعليه يكون ما ذهبنا إليه قد جمع بين‬
‫‪ /2‬وأما عن ذكر سوأة المقتول‪ :‬ففي تفسير المقصود بسوأة أخيه قوالن عند المفسرين‬
‫‌س ْوَأ َة‬ ‫ض لِ ُي ِر َي ُه َك ْي َ‬
‫ف ُي َو ِاري َ‬ ‫ذكر ذلك الماوردي‪َ " [:‬ف َب َع َث هَّللا ُ ُغ َرابا ً َي ْب َح ُ‬
‫ث فِي ْ‬
‫األر ِ‬
‫‌َأخِي ِه" فيه تأويالن‪ :‬أحدهما‪ :‬يعني عورة أخيه‪ .‬والثاني‪ :‬جيفة أخيه ألنه تركه حتى أنتن‬
‫ُأ‬
‫ي َس ْوأ َة‬ ‫‪ ،‬فقيل لجيفته سوأة‪[ ].‬أي‪ :‬أعجزت في الحيلة أن أكون مثل هذا الغراب‪َ ،‬ف َو ِ‬
‫ار َ‬
‫َأخِي] (‪)47‬‬

‫‪ ))46‬التفسير البسيط ‪ 7/335‬للواحدى‪ ,‬وانظر أيضا‪ :‬تفسير الطبري‪ ,‬ج‪ ,10‬ص‪.208‬‬


‫‪ ))47‬النكت والعيون = تفسير الماوردي‪ ,‬المؤلف‪ :‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري‬
‫البغدادي‪ ،‬الشهير بالماوردي (ت ‪٤٥٠‬هـ)‪ ,‬المحقق‪ :‬السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم‪ .‬ج‪,2‬‬
‫ص‪ .30‬وأنظر أيضا‪ :‬تفسير مقاتل ابن سليمان‪. ,‬ج‪ ,1‬ص‪ .470‬و (تأويالت أهل السنة = تفسير‬
‫الماتريدي) ج‪ ,3‬ص‪.501‬‬
‫‪94‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وفُسِّرت السوأة ِبال َفرْ ج _العضو الذكري_ ولعل هذا التفسير يوضح لنا عالقة ما ذكرته‬
‫الميثولوجيا المصرية في قتل سِ ت ألوزير‪.‬‬
‫نشأ حور‪ ,‬وحمل الوحي والعلوم من أبيه‪ ,‬وأصبح هو المسئول عن حكم مصر لتحقيق‬
‫إرادة هللا على األرض‪ ,‬وأن يكون الحكم لنسل أبيه ونسله من بعده‪ ،‬وحدث صراع بينه‬
‫وبين عمِّه‪ ،‬وفقأ أحدهما عين اآلخر وهو ست فقأ عين حورس وليس الفقأ للعين جارحة‬
‫البصر بل رمزية للبصيرة والمعرفة والعلوم‪ ,‬فمعنى فقأ عينه أي سرق علومه الذي‬
‫وس َطى على علومه حتى استردها حور ابن أوزير‪ ,‬واسترد‬
‫سرقها ست بعد قتل أوزير َ‬
‫الحكم‪ ,‬ليحقق مشيئة هللا على األرض‪ ،‬ويعتقد البشر جميعًا بالخطأ أن حورس هو‬
‫األعور؛ لتكريس فكرة تكفير تلك الحضارة عن َعم ٍد بطريقة شيطانية ممنهجة ومستمرة‬
‫عبر العصور‪ ,‬فعمد بنو إسرائيل إلى جعل هذه الحادثة (فقأ العين) حادثة مادية وليست‬
‫رمزية لما شاع في كل الدينات من أن وصف المسيخ الدجال هو أنه أعور‪ ,‬فاستغلوا هذه‬
‫النبؤات الشائعة بين المسلمين ليلصقوا أبيهم (الدجال) للحضارة المصرية الموحدة!‬
‫و ُح ِك َم بعد ذلك على سيت بالشتات هو ونسله‪ ,‬وتم نفيه من أرض مصر‪ ،‬خرج هو‬
‫ت عليهم أرض مصر‪.‬‬ ‫وزوجتاه (عنايات‪ ,‬وعشتار)‪ ,‬وحُرِّ َم ْ‬
‫َو َح َك َم حورس وأبناؤه األربعة أرض مصر‪ ,‬وحموا شعبهم من بني إسرائيل‪ ,‬ويغلب على‬
‫الظن أنه كان جميعهم من فئة النتر‪( ,‬ويحتمل أن تكون أجسامهم أكبر من أجسام البشر‬
‫الطبيعية؛ أي أطوالهم قرابة ثالثة أمتار)‪ ,‬وعندما ماتوا قد يكون دفنهم أبناؤهم في المقابر‬
‫التي ُأعدت لهم خصيصًا‪ ,‬المعروفة بتوابيت السيرابيوم‪ ,‬وهذه هي الحقيقة التي أخفاها‬
‫بنو إسرائيل‪ ,‬وحرفوا التاريخ؛ ليجعلوا هذه المقابر أنشئت من أجل دفن العجول التي‬
‫كانوا يعبدون إلههم إبليس من خاللها؛ ألنه كان يتجسد لهم في هذه العجول المعروفة‬
‫بالعجل أبيس‪ ،‬وجميع البرديات التي ذكرت أن هذه المقابر لعجول أبيس قد ُع َّدت أثناء‬
‫فترات احتالل بني إسرائيل ألرض مصر العظيمة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ومن نسل حورس ابن أوزير‪ -‬إدريس – جاء أبناؤه األربعة (إمستي‪ ,‬وحابي‪,‬‬
‫ودوامتوف‪ ,‬وقبح سنو إف)‪ ,‬وكانوا ملوكا من النتر ‪-‬األنبياء البشريين‪ -‬ثم جاء منهم‬
‫عشرة ملوك حكموا مصر قرابة (‪)13420‬سنة‪ ,‬عرفوا باسم (شميسو حور)(‪ )48‬وتعني‬
‫أتباع حور (الحواريون)‪ ,‬ومنذ القدم تمت سرقة تاريخهم وسيرتهم من قبل الحضارة‬
‫السومارية ‪ -‬أبناء ست‪ -‬ونسبوا أعمالهم وسيرتهم لعشرة ملوك منهم‪ ,‬بل الغريب أن ذكر‬
‫خزعل الماجدي العشرة ملوك السومريين السارقين لسيرة (الشميسو حور المصريين)‪,‬‬
‫ولم يكتفِ بجعلهم ملوكا بل جعلهم عشرة أنبياء سومريين(‪ ,!)49‬ثم جاء من نسل الشميسو‬
‫حور (نوو) وهو المقصود به نوح‪ ،‬والمفارقة أنه في لغات مختلفة مثل اإلنجليزية‪ ,‬والتي‬
‫ليس بها حرف الحاء يكتب وينطق (نوو)‪ ,‬وتخيل المصريون القدماء نوو على أنه عمق‬
‫سحيق‪ ,‬يحيط بفقاعة؛ حيث الحياة موجودة بداخلها‪ ,‬وكأنَّ ذلك يمثل الفُلك الذي نجا به‬
‫نوح ومن معه!!‪.‬‬

‫*****‬

‫‪ ))48‬بردية تورين‪ ,‬رقم ‪ .1874‬العمود الثاني من ‪ 1‬إلى ‪.10‬‬


‫‪ ))49‬أنبياء سومريون‪ .‬خزعل الماجدي‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الباب الثالث‬

‫‪97‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ما بعد الطوفان‬

‫ال يوجد أساس لما يُح َكى من أنَّ البشري َة كلُّها لسام وحام ويافث أبناء نوح عليه السالم‬
‫(كما جاء فى القصة التوراتية)‪ ،‬وذلك ألننا أثبتنا ساب ًقا أن نوح من نسل أوزير‪ ،‬بينما‬
‫الرواية المُحرفة تنسب نوح لـ(شيث) الذي ال وجود له من األساس‪ ،‬وبناء على ذلك فإن‬
‫األقوال الشائعة عن أن كل البشر من أبناء نوح (سام وحام ويافث) ليست حقيقية‪,‬‬
‫وكذلك ادعاء أن بني إسرائيل يجتمعون مع العرب العدنانية والقحطانية في جد أعلى هو‬
‫سام‪ ,‬وبعضهم أخذ يؤكد هذا الزعم لتقارب لغاتهم‪ ,‬وأطلقوا عليها اللغات السامية أو أسرة‬
‫اللغات السامية(‪ )50‬الذي قد يكون أصال نتج عن تقارب جغرافي ال عرقي فال عالقة‬
‫للغات بالسالالت!‪.‬‬

‫‪ ))50‬من المعروف أن اول من اطلق مصطلح اللغات السامية في العصر الحديث هو العالم الالهوتي األلماني شلوتزر وتحديداً‬
‫عام ‪1781‬م واعتمد على جدول االنساب أوالد نوح الثالثة سام وحام ويافث الوارد في سفر التكوين احد اسفار التوراة أو‬
‫العهد القديم الخمسة وهناك رواد لعلم الساميات في القرن ‪19‬م والنصف األول من القرن ‪20‬م المنصرم ومن بينهم‬
‫يقودور نولدكده وكارل بروكلمان وبرجشتر (سروموسكاتي وإسرائيل ولفنسون وليتمان وحسن ظاظا وغيرهم)‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬حسن ظاظا‪ ،‬الساميون ولغاتهم‪ ،‬القاهرة ‪1966‬م‪ ،‬و ثيودور تولكده‪ ،‬تاريخ اللغات السامية‪ ،‬القاهرة ‪1962‬م‪.‬‬
‫وكارل بروكلمان‪ ،‬فقه اللغات السامية‪ ،‬القاهرة ‪1977‬م‪ ،‬و‬
‫‪)Bergstrasser, (Eniführung in die semitischen Sprachen)(1928‬‬
‫وموسكاتي‪ ،‬الحضارات السامية القديمة‪ ،‬القاهرة ‪1958‬م‪ ،‬محمد حمزة إسماعيل الحداد‪ ،‬قراءة جديدة في السجل‬
‫التاريخي واالثري لمصر والشرق األدنى اقديم‪ ،‬القاهرة (‪2023‬م)‪ ،‬ص ص ‪ .21-20‬وأحمد أرحيم هبو‪ ،‬معالم حضارة‬
‫السامين وتاريخهم في سورية وبالد الرافدين‪ ،‬دار العلم ‪2003‬م‪ ،‬و روبرتس سميث‪ ،‬محاضرات في ديانة السامين‪،‬‬
‫ترجمة عبدالوهاب علوي‪ ،‬مراجعة وتقديم محمد خليفة حسن‪ ،‬القاهرة ‪1997‬م‪ .‬وحامد عبدالقادر‪ ،‬األمم السامية‪ ،‬مصادر‬
‫تاريخها وحضارتها‪ ،‬مراجعة وتعليق عوني عبدالرؤوف‪ ،‬القاهرة ‪1981‬م‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫محرفو التوراة لن يتورعوا عن تحريف األنساب‪:‬‬


‫هذه الرواية‪ - ,‬أي شجرة األنساب التوراتية ‪ -‬وما جاء بها من أسماء هي من اختراع‬
‫محرفي التوراة‪ ،‬وهم الذين اخترعوا أسماء بعينها لكافة األجناس البشرية دون أي معيار‬
‫منطقي أو علمي‪ ،‬وفعلوا ذلك؛ ألنهم أرادوا ألنفسهم نساًل نقيًا بما يخدم مصالحهم الدينية‬
‫والسياسية‪ ،‬فجعلوا لسام خمسة أبناء هم‪( :‬آشور‪ ،‬عيالم‪ ،‬أرام‪ ،‬والوذ‪ ،‬ارفخشذ)‪.‬‬
‫هنا اسم ارفخشذ محوري؛ ألن هناك من ينسب العرب إليه‪ ،‬وهذا غير دقيق‪ ،‬وأرفخشذ‬
‫جاء منه قينان‪ ,‬وبعده شالخ‪ ,‬وبعده عابر‪ ,‬وبعده فالخ‪ ,‬ثم النمرود‪ ,‬وهم من لقبوا بين‬
‫أقوامهم (أوتو – ميشكى انغشير – انمركار‪ -‬اوغال باندا – دوموزيد الصياد –‬
‫جلجامش (النمرود))‪ ،‬وهناك من جعل هذا النسل(نسل سام) هم الفرس والروم ونسل‬
‫نبي هللا إبراهيم‪.‬‬
‫حام وأبناؤه هم كنعان (سوريا ولبنان وفلسطين)‪ ،‬وابنه الثاني مصرايم (مصر)‪ ،‬السودان‬
‫(األفارقة الجنوبين)‪ ،‬فوت (األمازيغ)‪.‬‬
‫ويافث هو الذي جاءت منه شعوب الخزر والصقالبة والترك ويأجوج ومأجوج‪.‬‬
‫المفارقة أن بني إسرائيل نسبوا أنفسهم لسام‪ ،‬ونسبوا لسام ما يتفق مع حساباتهم السياسية‪,‬‬
‫ويجعلهم شعبًا ساميًا‪ ،‬كما نسبوا المصريين لحام وجعلوا نسله ملعونا‪ ،‬بسبب أنه ‪ -‬كما‬
‫يزعمون ‪ -‬دخل على أبيه‪ ,‬وهو في حالة سكر‪ ,‬وكان عاريًا‪ ,‬وأخبر إخوته بهذا األمر‪،‬‬
‫وعندما علم نوح لعن نسله‪ ،‬وبعي ًدا عن عدم معقولية هذه الرواية فهذا التصنيف غير‬
‫علمي‪ ،‬قائم على الهوى‪ ،‬ولألسف فإن أغلب المؤرخين ساروا خلف تصنيفات األمم‬
‫لـ(سام وحام ويافث) الذين كانوا نتاجا لقصة قابيل و هابيل ‪.‬‬
‫وبالحسابات العلمية التي ال تخضع لأليدولوجيات‪ ،‬فال يوجد إثبات مادي على هذه‬
‫الرواية‪ ,‬عكس قصه أوزير وست المثبوتة بشكل يقيني بأنها ليست أسطورة‪ ,‬بل هي‬
‫الحقيقة الموكدة‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫السؤال‪ :‬إذا لم يكن هناك قطع بأن البشر كلهم من سام وحام ويافث فمن هم جدود‬
‫األمم الموجودة اآلن؟‬
‫ال شك في أن أول أمة نعرف أنها اهتمت بعلم األنساب‪ ,‬بل َمه ُد هذا العلم ونشأته التي‬
‫بدأ منها هم المصريون القدماء بأدلة كثيرة؛ منها مثال قائمة ملوك أبيدوس التي فيها‬
‫سيتي وابنه رمسيس الثاني في حوالي(‪1250‬ق م)‪ ,‬يعرضون فيها(‪ )76‬ملكا مصريا‬
‫حتى نعرمر‪ -‬مينا‪ -‬في حوالي (‪ 3250‬ق م)‪.‬‬
‫بمعنى أن القائمة تعرض تاريخ ملوك باألسماء‪ ,‬وبالنسب في قرابة ألفي سنة‪ ,‬وهذا ال‬
‫شك يقتضي التسليم بأنهم عرفوا علم التأريخ واألنساب‪ ,‬وقِسْ على ذلك عدة قوائم‬
‫أخرى‪ ,‬كما أن الميثولوجيا المصرية القديمة في التاسوع المقدس أشارت إلى الترابط‬
‫النسبي والتفريع ويرجعونها ألكثر من أربعين ألف سنة!!‬

‫(‪)20‬‬

‫واإلجابة‪ :‬نجدها في رواية‪ ,‬تعضدها الشواهد التاريخية‪ ,‬والعادات المجتمعية‪ ,‬التي‬


‫توارثتها األجيال فيما بينها‪ ,‬والتي تثبت أن أبناء نوح ومن حمل معه عرف ثالثة هم‬
‫(آمن‪ ,‬وزيوسودرا‪ ,‬ومانو)‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وآمن هو الذي جاء منه المصريون والعرب‪ ،‬وزيوسودرا (صهيون) هو الذي جاءت منه‬
‫قبائل سومر االثنى عشر(بني إسرائيل)‪ ،‬وزيوسودرا سعى جاهدا إلنجاب اثني عشر ابنا؛‬
‫ليوافق النبؤة اليعقوبية (وهي ملك أبناء رجل صالح عددهم اثنا عشر ولدا ستكون فيهم‬
‫وفي نسلهم ملك مصر واألرض كلها‪ ,‬وكان يعقوب يعرف في ألواح القدر بـ(كا) لقبا له‬
‫) التي وردت في صحف إدريس – عليه السالم‪ -‬وسرق بنو إسرائيل هذه الصحف وما‬
‫فيها من نبؤة فعرفت بينهم بألواح القدر‪ ،‬ومانو الذي جاء منه شعوب شرق آسيا‪.‬‬
‫أسطورة التقسيم اإلسرائيلي‪ ,‬ال يوجد شواهد عليها‪ ,‬وأن آمن حقيقة عليها شواهد‪ ،‬منها‬
‫استمرار كهنة آمن إلى ما قبل الميالد بمدة قصيرة‪ ،‬أيضًا فإن كهنة آمن هم من توارثوا‬
‫الوحي والعلوم من أبيهم األول آمن‪ ،‬وهو ابن نوو (نوح) الذي حمل الوحي اإللهي من‬
‫قبل الطوفان إلى ما بعده‪ ،‬هو (آمن) مما جعل اليهود والمسيحيين والمسلمين يختمون‬
‫صلواتهم بكلمة (آمين)‪ ،‬ومن المالحظ في الثقافة المصرية الحالية ‪ -‬تحدي ًدا في مدينة‬
‫األقصر ‪ -‬تداخل الفكر اإلسالمي مع ما توارثه المصريون الحاليون من آبائهم القدامى‪،‬‬
‫فمن المعتاد احتفال مدينة األقصر سنويًا بثالثة مراكب‪ ،‬ويرمزون إلى آمن‪ ،‬وزوجته‬
‫موت‪ ،‬وابنهما خنسو (وخنسو هو الذي عرف في التوراة بمصريم وهذا ما جعل االعتقاد‬
‫الخاطئ بأن حضارة مصر بدأت من بعد الطوفان رغم أن جل كتب التاريخ ذكرت أن‬
‫إدريس عليه السالم كان بمصر قبل الطوفان) وهذا العيد هو ما يعرف بعيد اإلبت‪،‬‬
‫يف لهم مركب رابع‪ ،‬رمزا للتصوف اإلسالمي في مولد سيدي أبي الحجاج‬ ‫ُأضِ َ‬
‫باألقصر‪ ,‬مما يشير إلى أن الحضارة المصرية حضارة توحيد‪ ,‬ما سهل امتزاجها بما‬
‫أدخل عليها من حضارات كالحضارة اإلسالمية‪.‬‬
‫و(آمِن) هو من جاء من نسله الملوك الذين أوردهم القرآن الكريم بالذكر‪ ،‬ووهب هللا‬
‫لبعضهم الحكم والنبوة مثل‪-:‬‬
‫آمن حتب (إيمحتب ‪،‬امحوتب) ‪,‬آمن حتب األول‪ ,‬وتحتمس األول‪ ,‬وتحتمس الثالث‪ ,‬آمن‬
‫حتب الرابع (إخناتون) وسمنخ كا رع‪ ,‬وتوت عنخ آمون وآتون‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ابن نوح الثاني صهيون (زيوسدرا)‪ ,‬جاء في أسطورته أنه نسب الطوفان إلى نفسه‪,‬‬
‫وأنكر أباه‪ ،‬ونسب نفسه لجده ألمه أوبرا تاتو‪ ،‬هذا إن كان أصال من ظهر نوح فهو من‬
‫رحم أمه اإلسرائلية‪ ,‬فنسب إلي أخواله لتشابه فعله بأفعالهم‪ ,‬والراجح أنه من نسل أحد‬
‫سالسة إسرائيل القاتل‪ ,‬وإن كان قد آ َمن بنوح إال أن نسله عاد لما عليه أجدادهم من نسل‬
‫إسرائيل قبل الطوفان من فساد‪.‬‬
‫وقيل كان نوح قد تزوج بزوجتين؛ إحداهما مؤمنة وهي‪ ( :‬عمورة بنت خمران بن‬
‫اخنوخ _إدريس)‪ ,‬ومنها ُج ُّل أبنائه‪ ,‬والثانية كافرة من بني إسرائيل وهي‪( :‬والغة‪ ,‬وقيل‬
‫واعلة‪ ,‬أو واهلة‪ ,‬وقيل والهة‪ ,‬وقيل نعمة)‪ ,‬وهي التي أنجبت (يام‪ ,‬أو كنعان األول) الذي‬
‫كفر بدعوة أبيه‪ ,‬فأغرقه هللا‪ ,‬أما صهيون فكان صغيرا(‪ ،)51‬وكان لها أخ‪ ,‬يدعى توبال‬
‫قابيل (شوربيك)‪ ،‬وهؤالء جاءوا من نسل (ألوليم)‪ ,‬الذي هو ذاته (شيث‪ ،‬سيت) وكلها‬
‫أسماء للشخصية نفسها‪ ,‬وهو إسرائيل‪ ,‬وقد سجلت التوراة هذا االسم (إلوهيم) كاسم من‬
‫أسماء اإلله‪.‬‬
‫تقول أسطورة الطوفان السومرية‪[ :‬اآللهة قررت إرسال طوفان لتدمير البشرية‪ ,‬يحذر‬
‫اإلله إنكي زيوسودرا‪ ،‬حاكم شوروباك‪ ،‬ويطلب منه بناء قارب كبير‪ ،‬وعندما حان وقت‬
‫الفيضان احتدمت عاصفة رهيبة لمدة سبعة أيام‪( ،‬القارب الضخم تم رميه على المياه‬
‫العظيمة)‪ ،‬ثم يظهر أوتو (الشمس)‪ ,‬ويفتح زيوسودرا نافذة‪ ،‬يسجد بنفسه‪ ،‬ويضحي ببذرة‬
‫وخروف‪ ،‬ويسجد زيوسودرا بنفسه أمام آن (السماء) وإنليل (رب التنفس)‪ ،‬الذي يعطيه‬
‫(التنفس األبدي) ويأخذه للسكن في دلمون‪)52(].‬‬

‫‪ )) 51‬جاء في معجم أعالم النساء في القرآن الكريم‪ ,‬لعماد الهاللي‪ ,‬ص‪[ ,266‬يقول العلماء والمحققون‪:‬‬
‫إن نبي هللا نوحا كانت له زوجتان‪ ،‬إحداهما مؤمنة موحدة مطيعة لنوح‪ ،‬وهي أم أوالده سام وحام‬
‫ويافث‪ ،‬حملها نوح معه في السفينة ونجت من الغرق والهالك‪ ،‬واألخرى والغة‪ ،‬وكانت كافرة‬
‫مشركة منافقة غير مؤمنة بشريعة نوح ونبوته‪ ،‬وكانت تعاديه وتتهمه بالجنون وتن ّم عليه‪ ،‬وتخبر‬
‫الكفار بمن يؤمن برسالته‪ ].‬وانظر أيضا‪ :‬قصص األنبياء البن جرير الطبري‪ ,‬وانظر أيضا‪:‬‬
‫‪.https://www.holykarbala.net/books/akhlaq/hekam1/05.html‬‬
‫‪« ))52‬أ» ‪ ٩‬ـ ‪.Arno Poebel ,in ,IV ,Pt.I.P ٠٧‬‬
‫«ب» ‪L. W. King, Legends of Babylon and Egypt in Relation to Hebrow‬‬
‫‪.٤١٩١ Tradition‬‬
‫«ح» ‪ ٧٩ .p .٤٤٩١ .S. N. Kramer, Sumerian Mythology, Philadelphia‬ـ ‪.٨٩‬‬
‫‪102‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫واالبن الثالث لسيدنا نوح هو (مانو)‪ ,‬وجاء من اختالط النسلين اإلدريسي واإلسرائيلي‪,‬‬
‫مختلط (نتيجة تزاوج النسل اإلدريسي مع بني اسرائيل)‪ ،‬وهؤالء‬ ‫ٌ‬ ‫ونتج عنه نس ٌل‬
‫استوطنوا شرق آسيا وتحدي ًدا بالد الهند والسند‪ ,‬وهذا النسل ‪ -‬المختلط ‪ -‬ليس له دو ٌر‬
‫محوري في الصراع الذي نفنده في هذا البحث‪ ,‬ولكن بكل تأكيد سنسرد له بحثا خاصا‬
‫فيما هو آ ٍ‬
‫ت من مؤلفات‪.‬‬
‫*****‬

‫الباب الرابع‬
‫وكذلك ‪ .٤٤ / ٢٤.ANET ,P‬كذا‪ F ٤٢.E.Sollberger ,The Flood ,P‬وكذا‪e.sollberger ,the‬‬
‫‪ ,f ٤٢.flood ,p‬وانظر أيضا‪ :‬دراسات تاريخية من القرآن الكريم ‪ ,‬المؤلف‪ :‬دكتور محمد بيومي‬
‫مهران‪ ,‬الناشر‪ :‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ,‬الطبعة‪ ,٢ :‬ج‪ ,4:‬ص‪31‬إلى‪.72‬‬
‫‪103‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تاريخ بني إسرائيل‬


‫زيوسودرا (صهيون) أذهبُ إلى أنه ابن من نسل بني إسرائيل ألصالبهم‪ ,‬ركب جده‬
‫سفينة نوح صغيرا قد آمن‪ ,‬وقيل إنه ابن نوح من زوجته الكافرة التي هي من نسل بني‬
‫إسرائيل‪ ,‬فأنجبت ابنين؛ أحدهما كفر وغرق‪ ,‬واآلخر نجى صبيا‪ ,‬لكن فعله ساء‪ ,‬وطبعه‬
‫جاء على أخالق أخواله! وعلى فرضية أن زيوسودرا (صهيون) من أصالب بني‬
‫إسرائيل ال أرحامهم ربما يكون رأي وجيها علميا غير شهير سنفرد لهذا مبحثا في آخر‬
‫الكتاب‪ ,‬وأنجب اثني عشر اب ًنا‪ ،‬وجاء من نسلهم اثنتا عشرة قبيلة‪ ،‬استوطنوا بالد‬
‫الرافدين أو بين النهرين‪ ،‬وهم الذين تسميهم كتب التاريخ بحضارة سومر(‪ )53‬أو تاريخ‬
‫بالد ما بين النهرين أو بالد الرافدين‪ ،‬وهي البالد التي كانت تشن بين الحين واآلخر‬
‫غارات الحتالل مصر‪.‬‬
‫قبائل بني إسرائيل وأحداثهم‪:‬‬
‫محاوالت بني إسرائيل الحتالل مصر موثقة على مدار التاريخ‪ ،‬وفي محاوالتهم التي‬
‫نجحت في احتالل مصر كانت فترة حكمهم تتجاوز القرن والقرنين من الزمان‪ ،‬وفي كل‬

‫‪ ))53‬هناك دراسات عددية حول السومريين من حيث النشأة ومراجل التطور واالزدهار واالساطير واللغة ثم االقوال واالنهيار‬
‫ومن بينها ‪ :‬طه باقر‪ ،‬مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة‪ ،‬ج‪ ،1‬و الوجيز في تأريخ حضارة وادي الرافدين‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بغداد ‪1986‬م‪ ،‬و احمد سوسه‪ ،‬حضارة وادي الرافدين بين الساميين والسومريين‪ ،‬بيروت‪1980 ،‬م‪ ،‬وتزعل الماجري‪،‬‬
‫متون سومر‪ ،‬األردن ‪1998‬م‪ ،‬و سهيل ناشا‪ ،‬الحكمة السومرية في العراق القديم‪ ،‬بيروت‪2001 ،‬م‪ ،‬وعزمي سكر‪،‬‬
‫السومريون في التاريخ‪ ،‬بيروت ‪ ،1999 ،‬وفاضل عبدالواحد علي‪ ،‬عن سومر التوراة‪ ،‬دار سينا للنشر‪ ،‬مصر‬
‫(‪1996‬م)‪ .‬و وديع بشور‪ ،‬سومر وأكد‪ ،‬دمشق ‪1981‬م‪ ،‬وصمويل كريمر‪ ،‬االساطير السومرية‪ ،‬ترجمة يوسف‬
‫عبدالقادر‪ ،‬بغداد ‪ ،1971‬كوثر جاسم‪ ،‬صفحات من كتاب اصل السومرين الحقيقي‪2012 ،‬م‪ .‬وفوزي رشيد‪ ،‬قواعد اللغة‬
‫السومرية‪ ،‬دمشق ‪2009‬م‪..‬‬
‫‪104‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مرة تمكنوا من ذلك‪ ،‬كانوا يرفعون شعار أبيهم األول‪ ،‬المعروف في الحضارة المصرية‬
‫بـِ(سيت)‪.‬‬
‫وقبل أن نعرف القبائل االثني عشر‪ ،‬يحسن أن نعرف أواًل أسماء أبناء صهيون ابن نوح‬
‫(‪)21‬‬ ‫(زيوسدرا) االثني عشر وهم‪:‬‬
‫‪ /1‬ميشكي أنغشير‬
‫‪ /2‬أوريم‬
‫‪ /3‬أوان‬
‫‪ /4‬كيش‬
‫‪ /5‬خمازي‬
‫‪ /6‬أونوج‬
‫‪ /7‬أداب‬
‫‪ /8‬ماري‬
‫‪ /9‬أكشاك‬
‫‪ /10‬أجادي‬
‫‪ /11‬جوتي‬
‫‪ /12‬إيسن‬
‫هؤالء هم أبناء صهيون‪ ،‬الذين أصبحوا آلهة سومر‪ ,‬وع ُِب ُدوا في بالد الرافدين‪.‬‬
‫وبالد سومر هي التي تأسست في جنوب بالد ما بين النهرين (العراق حاليًا)‪ ,‬وهى من‬
‫أقدم الحضارات‪ ،‬وكان السومريون يعتقدون أن كل مدينة يحميها إله مع وجود مجموعة‬
‫معابد لهذه اآللهة‪ ،‬واآللهة هي‪:‬‬
‫‪( /1‬آنو) إله السماء‪ ،‬وهو الحاكم األصلي لبالد ما بين النهرين‪ ،‬وعرف بـ(سيد‬
‫األبراج)‪ ،‬و(سيد األرواح)‪ ,‬هو الذي سكن أعلى منطقة في السماء‪ ،‬وهو وحده القادر‬
‫على معاقبة من ارتكبوا الجرائم‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪( /2‬إنليل) إله الهواء‪ ،‬وهو راعي مدينة نيبور المرتبطة بالرياح والمساحات المفتوحة‪،‬‬
‫وكان اإلله الوحيد _دون غيره_ القادر على الوصول إلى اإلله (آنو) في السماء‪ ،‬ويؤمن‬
‫السومريون أن (إنليل) هو الذي ساعد في خلق البشر‪ ،‬لكنه غضب منهم سريعًا‪ ,‬وحاول‬
‫قتلهم وغمرهم بالفيضان‪.‬‬
‫‪( /3‬إنكي) إله الحكمة والمياه العذبة‪ ،‬وهو راعي مدينة إيريديو‪ ،‬وكان يعرف برب‬
‫المعرفة والح َِرف والخلق‪ ،‬وقيل عنه إنه كان يحرس قوة إلهية‪ ,‬تعرف باسم (أنا)‪ ،‬تم‬
‫نقشها على ألواح حجرية‪ ،‬ويزعم البعض أنها تحمل أسرار الحضارة‪ ،‬وغالبًا ما يصور‬
‫بتاج مُقرن‪ ،‬ويرتدي جل ًدا‪ ,‬يشبه جلد سمك الشبوط‪.‬‬
‫‪( /4‬إنبيلولو) إله األنهار‪ ،‬كانوا يرونه المسئول عن نهري دجلة والفرات‪ ،‬وقالوا إنه‬
‫يعرف أسرار األرض وما تحتها وما فوقها‪ ،‬ولديه القدرة على جعل كل األشياء‬
‫مزدهرة‪.‬‬
‫‪( /5‬نرجال) إله الموت‪ ،‬وكانوا يعتبرونه إلهًا من عالم آخر‪ ،‬وكان يسكن مدينة (كوثا)‬
‫السومرية‪ ،‬وغالبًا ما كان يقدم على أنه نصف أسد ونصف إنسان‪ ،‬وعرفوه بالملك الهائج‬
‫أو الغاضب‪ ,‬وهو يمثل شمس الظهيرة التي تجلب الظلمة والفوضى‪ ،‬ولذلك كان طبيعيًا‬
‫أن يتم ربطه بالمجاعة واألوبئة والعالم اآلخر‪ ،‬وكان يحكم النفوس الميتة في العالم‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫‪( /6‬نانا) سين إله القمر‪ ،‬يُلقب بسيد الحكمة‪ ،‬الذي ترأس مدينة (أور)‪ ،‬وجسد المعرفة‬
‫المقدسة للعلوم وعلم الفلك والتنجيم‪ ،‬ويمثل في النظام النجمي بالرقم ثالثين (‪ )30‬الذي‬
‫يشير إلى متوسط عدد أيام الشهر القمري‪.‬‬
‫‪( /7‬نينورتا) إيرا إله الحرب‪ ،‬كان سيد مدينة (لجش) السومرية‪ ،‬وغالبًا ما يصور مع‬
‫ً‬
‫مرتبطا بالشفاء والجراحة‪ ،‬ويدعى أن إنكي‬ ‫صولجان سحري‪ ,‬يدعى شرور‪ ،‬وكان أيضًا‬
‫إله الحكمة والمياه العذبة هو الذي وجه (نينورتا)‪ ،‬في الحروب والمعارف الغامضة‪،‬‬
‫وذلك اعتما ًدا على تعاليم (األنا) المقدسة‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ /8‬شمشي (أوتو) كان مسئوال عن الحقيقة والعدل والقانون‪ ,‬وعادة ما يصور كرجل‪,‬‬
‫يرتدي خوذة‪ ,‬ويحمل قرصًا شمسيًا وسي ًفا مسنو ًنا‪ ،‬وكل يوم يخرج من جبل من الشرق‪,‬‬
‫ويسافر عبر األرض في عربة قبل أن يعود إلى كهف في الغرب‪.‬‬
‫‪( /9‬جيرا) إله النار‪ ،‬له حكمة ومهارة شاسعة‪ ,‬لم تفهمها بقية اآللهة‪ ،‬وكان أتباعه‬
‫يعرفونه بأنه رب النار‪ ،‬وهو قادر على صقل المعادن القوية‪ ،‬وتخليص الناس من‬
‫األرواح الشريرة‪ ،‬كما أتقن استخدام كل األسلحة‪ ,‬وقيل بأنه لم يُهزم في معركة‪.‬‬
‫‪( /10‬تموز) إله الغطاء النباتي‪ ،‬إله دوريات األغذية والرزق‪ ،‬كان يمثل وفرة في الربيع‬
‫وتراجع الحياة في الخريف‪ ،‬ومورست العديد من الطقوس باسمه‪.‬‬
‫‪( /11‬مردوخ) إله العواصف‪ ،‬وهو اإلله الراعي لبابل‪ ،‬الذي صعد ببطء إلى السلطة‬
‫رئيسا للبانثيون البابلي‪ ،‬واعتبروه إلهًا معق ًدا‪ ,‬يرتبط بالنبوة والقيامة‪.‬‬
‫‪( /12‬نابو) إله الكتابة‪ ،‬سيد الحكمة والكتابة‪ ,‬وكان ابن مردوخ‪ ،‬وعمل كاتبًا ووزيرً ا‪,‬‬
‫وأصبح حارسًا ألقراص القدر‪ ،‬ويرتدي غطاء مقر ًنا‪ ،‬ويركب التنين المجنح الذي ينتمي‬
‫إلى والده مردوخ‪.‬‬
‫ويالحظ أن هؤالء االثنى عشر إلهًا السومريين‪ ،‬هم أنفسهم االثنى عشر آلهة اليونان‬
‫واإلغريق‪ ,‬وهم ذاتهم أبناء صهيون االثنى عشر (هاديس‪ ،‬بوسيدن‪ ،‬هيرا‪ ،‬هيرميس‪،‬‬
‫أبولو‪ ،‬أرتيمس‪ ،‬ديونيسوس‪ ،‬إيفاستوس‪ ،‬أثينا‪ ،‬أرس‪ ،‬ديمتور‪ ،‬هيستا)‪.‬‬
‫ونلفت انتباه القارئ إلى أن العدد اثنى عشر‪ ،‬هم أبناء صهيون الذين تحولوا آللهة على‬
‫يد شعوبهم‪ ,‬وصاغوا أسماءهم في التوراة بهذه األسماء‪( :‬أرفخشذ‪ ,‬وإرم‪ ,‬وآشور‪ ,‬عيالم‪,‬‬
‫والوذ‪ ,‬وغومر‪ ,‬مأجوج‪ ,‬ومداي‪ ,‬وياوان‪ ,‬وكوش‪ ,‬وكنعان‪ ,‬وفوت)!!‬
‫األبناء االثنا عشر لصهيون هم َمن بدأت بهم الحضارة السومرية‪ ،‬وهنا البد أن ننظر‬
‫إلى عدة تعريفات للسومريين؛ إذ عرفتهم أغلب القراءات التاريخية بأنهم ذوو الرؤوس‬
‫السوداء‪ ،‬وهناك من أطلق عليهم شعب العبيدو‪ ،‬ووجدت أيضًا آثارا دالة على هذه الكلمة‬

‫‪107‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫(العبيدو)(‪ ،)54‬ولدى بني إسرائيل عقدة تاريخية أنهم هم العبيد؛ إذ كان دائما هناك ملك‬
‫منهم يستضعفهم‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ِف َطاِئ َف ًة ِّم ْن ُه ْم ُي َذ ِّب ُح َأ ْب َن َ‬
‫اء ُه ْم‬ ‫"ِإنَّ ف ِْر َع ْونَ َعاَل فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض َو َج َعل َ َأهْ َل َها شِ َي ًعا َي ْس َت ْ‬
‫ضع ُ‬
‫اء ُه ْم ِإ َّن ُه َكانَ مِنَ ا ْل ُم ْفسِ دِينَ " [سورة القصص‪.]4:‬‬ ‫َو َي ْس َت ْح ِيي ن َ‬
‫ِس َ‬
‫أسس أبناء صهيون اثنتي عشرة قبيلة في بالد سومر‪ ،‬كانت تحكمها سياسة االنقالبات‬
‫وأخذ الحكم عنوة‪ ،‬منها كيش األولى‪ ,‬وكيش الثانية والوركاء‪ ،‬وأوروك‪ ,‬واكد ‪..‬إلخ‪،‬‬
‫وهنا نسرد تاريخ ملوك قبائل سومر‪ ،‬نتعرض لكل مملكة منهم‪ ،‬ونذكر ملو ًكا منهم‪،‬‬
‫خاصة الذين تزامنت عصورهم مع عصور أنبياء ورد ذكرهم في القرآن الكريم‪ ،‬أو‬
‫األولى‪.‬‬ ‫كيش‬ ‫من‬ ‫والبداية‬ ‫المصرية‪،‬‬ ‫الحضارة‬ ‫آثار‬ ‫دونتهم‬ ‫ملوكا‬
‫(‪)22‬‬
‫ملوك كيش األولى (مكان قوم سيدنا لوط) ‪:‬‬
‫‪ /6‬بوم أنوم‬ ‫‪ /1‬كا أور (جشور)‬
‫‪ /7‬كالبوم‬ ‫‪ /2‬كوال ندابا أنا‬
‫‪ /8‬قلومو‬ ‫‪ /3‬بالكينا تم‬
‫‪ /9‬زقاقب (العقرب)‬ ‫‪ /4‬ننكشلشما‬
‫‪ /10‬أحالب‬ ‫‪ /5‬بهينا‬

‫‪ /17‬برسلنونا‬ ‫‪ /11‬مشدا (االبن)‬


‫(األخ)‬
‫‪ /18‬سموك (االبن)‬ ‫‪ /12‬أربيوم (االبن)‬
‫‪ /19‬تبزكار (االبن)‬ ‫‪ /13‬أتانا الراعي‬

‫‪ E. O. James, Mythes et Rites dsns le Proche )) 54‬ـ ‪Oeient Ancien, Paris, 0691, p.‬‬
‫‪.742‬‬
‫‪108‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ /20‬الكوأ‬ ‫‪ /14‬باليخ (االبن)‬
‫‪ /21‬ألتا سادوم‬ ‫‪ /15‬انمينونا‬
‫‪ /22‬انميبرا جيس‬ ‫‪ /16‬ميالمكيش (االبن)‬
‫‪ /23‬أغا (االبن)‬
‫أخبرنا القرآن عن خطايا بني إسرائيل وجدالهم مع األنبياء‪ ،‬وعبادتهم العجل‪ ,‬وكتم‬
‫الحق‪ ,‬وإلباسه بالباطل‪ ،‬وقتلهم األنبياء‪ ,‬وأنهم كانوا جاحدين بنعم هللا ومنكرين لها‪،‬‬
‫واستحاللهم للربا‪ ،‬وتحريفهم لكالم هللا وتبديل كلماته(‪ ،)55‬وكل هذه الخطايا قد أتتها‬
‫مملكة سومر وملوكها‪.‬‬
‫البداية كانت من عند ميشكي أنغشير واعتقد بأنه حين سرق الوحي أصبح في المكانة‬
‫التي وصل إليها سيدنا إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وميشكي أنغشير هو أحد أبناء صهيون‪,‬‬
‫وقد سرق نصوص الوحي اإللهي‪( ,‬وهو سفر إدريس الذي أطلق عليه سفر أخنوخ >بعد‬
‫تحريفه<)‪ ,‬وهو الذي احتفظ به النسل اإلدريسي ‪ -‬من مصرايم (خنسو) ابن آمن (آمون)‬
‫وحفيد النبي نوح (نوو)‪ ،‬وهذا الوحي اإللهي الذي مكنهم من إنشاء مدن عمالقة بعد‬
‫الطوفان مثل (إرم ذات العماد)؛ إذ ركب صهيون السفينة‪ ,‬وهو محمل بوصايا شورباك‬
‫بضرورة سرقة الوحي اإللهي‪( ,‬سفر إدريس>أوزير<)(‪ ،)56‬وهو ما فعله (صهيون)‪،‬‬
‫النسلين؛ ليكتبوا تاريخهم على أنهم أبناء المقتول‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫كاملة باستبدال صفات‬ ‫بل ون َّفذ الوصايا‬
‫(المختار)‪ ,‬ال القاتل‪ ،‬وهو ما ظهر في تاريخ بالد سومر فيما بعد‪ ،‬التي حاولوا فيها‬
‫تجميل تاريخهم‪.‬‬

‫‪ ))55‬أنظر‪ :‬التوراة‪ ،‬كتابات ما بين العهدين‪ ،‬مخطوطات قمران – البحر الميت‪ ،‬التوراة المتحول‪ ،‬اندر‬
‫دوبون سومر ومارك فليوتكو‪ ،‬ترجمة موسى ديب الخوري‪ ،‬دمشق ‪1998‬م‪ ,‬ص‪ .116‬و‬
‫المحذوف من التوراة كامال‪ ,‬لسهيل زكار‪ ,‬دار قتيبة للطباعة والنشر‪2006 ,‬م‪.‬‬
‫‪ ))56‬إدريس وسفر اخنوخ‪ ,‬لمنصور عبدالحكيم محمد عبدالجليل‪ ،‬الناشر دار الكتاب العربى‪ .‬القاهرة‬
‫‪2017‬م‬
‫‪109‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫( (‪( Gaur‬كا‬ ‫وحينما ننظر إلى أول ملك في مملكة (كيش األولى)(‪ )57‬فنجده هو‬
‫المذكورين في‬
‫ِ‬ ‫العقرب‬ ‫أور) (جشور)‪ ،‬وبمقابلة هذا االسم باسم الملك (كا) والملك‬
‫مينا‪,‬‬ ‫الملك‬ ‫قبل‬ ‫المصرية‬ ‫الحضارة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫‪7890.‬‬ ‫وبمقارنة الزمنين وجدنا أنهما بنفس الزمن‪.‬‬
‫وبالرجوع لما كتبه مانيتون السمنودي‪ ,‬وبأن نعرمر (مينا)‬
‫القطرين‪ ،‬نتيجة وجود محتل في الشمال من نسل سيت‬
‫ِ‬ ‫َو َح َّد‬
‫(كا والعقرب)‪ ،‬ومينا من نسل أوزير(إدريس)‪ ,‬يحاربه من‬
‫الجنوب‪ ،‬ربطنا أن الملك (كا) هو من كان يحكم الشمال؛‬
‫(حيث إن الملك العقرب الثانى مات في الحرب)‪ ,‬وبعد‬
‫انتصار مينا عليه‪ ,‬وطرده من مصر‪ ،‬أسس (كا) مملكة‬
‫(كيش األولى)؛ ( ليعيد إنشاء دولة سيت (إسرائيل) مجد ًدا‬
‫بعد الطوفان) في بالد الرافدين‪.‬‬
‫ومن األسباب التي جعلتنا نصل إلى هذا الربط‪ ،‬وجود اسم الملك (كا والعقرب) في‬
‫`حضارتنا قبل الملك نعرمر (مينا)‬
‫(‪)24‬‬

‫‪ ))57‬مملكة أو ساللة كيش األولى‪ ,‬الرأي السائد حتى اآلن أن هذه الساللة أو المملكة تعد أولى السالالت‬
‫من بعد الطوفان بحسب ثبت الملوك السومري‪ ,‬ويبلغ عدد ملوكها ‪ 23‬ملكا أو ‪ 22‬إذ أسقطنا من‬
‫حسابنا اسم الملك الثاني من ملوك هذه الساللة على اعتبار أنه ليس اسم ملك بل عبارة سومرية تعني‬
‫أن االسم (مخروم) والعلم عند (اإللهة) ندايا‪.‬‬
‫وهناك امر ثان ذو أهمية تأريخية خاصة في نسبة جامعي تلك األثبات الساللة االولى التي حكمت من‬
‫بعد الطوفان إلى مدينة تقع في بالد "آكد" وليس في بالد "سومر"‪ .‬وإلى هذا فإن أسماء ما ال يقل عن‬
‫اثني عشر ملكا ً من ملوك هذه الساللة البالغ عددهم ‪ 22‬أو ‪ 23‬ملكاً‪ ،‬أسماء سامية األصل واالشتقاق‬
‫أو انها ألقاب سامية‪ .‬اما األسماء الباقية فستة منها أسماء سامية األصل واالشتقاق أو أنها ألقاب‬
‫سامية‪ .‬اما األسماء الباقية فستة منها أسماء سومرية األربعة الباقين من أصل ال يعلم اشتقاقه اللغوي‪،‬‬
‫ولعلهم من القوم المجهولين غير الساميين وال السومريين بسكان العراق القدماء ‪ .‬ولعل اول ما‬
‫يستنتج من هذه الحقائق المستقاة من أثبات الملوك ظاهرة االختالط العنصري او القومي بين سكان‬
‫وادي الرافدين القدماء منذ أقدم عصور التأريخ‪ .‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة‪ ,‬لطه باقر‪,‬‬
‫الفصل األول‪,‬ص‪.304 ,303‬‬
‫‪110‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(مع عدم وجود مصادر‬
‫كافية لفهم ما حدث قبل‬
‫الملك مينا)(‪ ،)58‬وتكرار‬
‫نفس األسماء (كا والعقرب‬
‫(زوقاقيب)) في الحضارة‬
‫السومرية في نفس الزمن‪,‬‬
‫ومع عدم وجود أي آثار‬
‫مصرية‪ ,‬تمجدهم (مما يعني أنهم كانوا محتلين)‪ ,‬كما نرى أن (كا) و(العقرب) من بني‬
‫ست‪ ,‬وهم من أسسوا حضارة بالد الرافدين‪ ,‬ونستدل على ذلك بصالية األسد حيث إن‬
‫الرسومات الموجودة عليها فن سومري وليس فنا مصريا‪ ,‬وتاريخها يعود إلى فترة كا‬
‫والعقرب‪ ,‬كما أن جل قوائم الملوك تبدأ بنعرمر المصري‪ ,‬وتتجاهل من كان قبله من‬
‫ملوك غير مصريين‪.‬‬
‫أما الملك اآلخر من ملوك كيش األولى فهو الذي سنتحدث عن بعض مما فعل‪ ,‬هو الملك‬
‫أتانا الراعي ‪ -‬الملك رقم (‪)13‬من ملوك هذه الساللة ‪ ،-‬وهو صاحب أسطورة أتانا‬
‫(التي جاء نسخها من صحف إدريس‪ ,‬ثم حرفوها‪ ,‬وأطلقوا عليه سفر أخنوخ)‪ ,‬وهي التي‬

‫‪ ))58‬هناك دراسات كثيرة حول تاريخ مصر في عصور ماقبل التاريخ بصفة عامة‪ ,‬وعصر التوحيد‬
‫(أي‪:‬توحيد الشمال والجنوب) بصفة خاصة؛ وظهرت مصطلحات كثيرة منها‪ :‬عصر ما قبل‬
‫األسرات‪ ,‬وعصر األسرة صفريين‪ ,‬وعصر األسرة صفر‪ ,‬وهذه األخيرة هي أسرة التوحيد طبقا‬
‫ألجدث الدراسات العلمية في هذا اإلطار‪ .‬أنظر‪ :‬آثار ما قبل التاريخ في مصر‪ ,‬لناجح عمر علي‪,‬‬
‫الناشر‪ /‬دار العالم العربي‪ ,‬القاهرة ‪ .2019‬و األسرة التمهيدية للتاريخ والحضارة المصرية‪ ,‬لناجح‬
‫عمر علي‪ ,‬الناشر‪ /‬دار العالم العربي‪ ,‬القاهرة ‪2020‬م‪ .‬و حضارة مصر القديمة وآثارها‪ ,‬للدكتور‬
‫عبد العزيز صالح‪ ,‬الناشر‪ :‬وزارة الثقافة المجلس األعلى لآلثار‪ ,.‬القاهرة ‪1992‬م‪ ,‬ج‪ .3,1 /‬و‬
‫مصر في فجر التاريخ مشرق الحضارة في وادي النيل‪,‬المؤلف‪:‬جيفريسبنسر ‪ ,‬ترجمة‪ :‬عكاشة‬
‫الدالي ‪,‬مراجعة‪ :‬تحفة حنتوسة‪ ,‬الناشر‪:‬وزارة الثقافة المجلس األعلى لآلثار‪ ,‬القاهرة ‪2001‬م‪ .‬و‬
‫عصور ما قبل التاريخ في مصر من المصريين األوائل إلى الفراعنة األوائل‪ ،‬تأليف‪ :‬بياتريكس‬
‫ميدان رينيس‪ ،‬ترجمة‪ :‬ماهر جويجاتي‪ ،‬دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع‪ .‬القاهرة ‪2001‬م‪ .‬و‬
‫آثار ما قبل التاريخ‪ ,‬لممدوح محمد الدماطي‪ ,‬كلية اآلداب‪ ,‬القاهرة دون نشر‪ .‬و الخطوط العامة‬
‫لعصور ما قبل التاريخ وبداية االسرات فى مصر‪ ,‬المؤلف على رضـوان‪ ,‬الناشر‪ :‬دار الحريري‬
‫للطباعة‪.2003 ,‬‬
‫‪111‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تقول‪ :‬إن أتانا سافر إلى السماء‪ ،‬وذلك من أجل أن ينجب اب ًنا يرثه‪ ،‬ومن هنا جاء ابنه‬
‫(بالح)‪ ,‬وأيتانا وبالح هما أنفسهما (قينان‪ ,‬وشالخ) بحسب الرواية التوراتية‪)59(.‬‬
‫وتزعم الرواية السومرية األسطورية أن أتانا طلب معونة اإلله (شمشي)‪ ,‬أو (أوتو)‪ ,‬أحد‬
‫آلهة (سومر)‪ ،‬هو في األصل أحد أجداده‪ ،‬وجاء في الرواية أيضًا‪ ،‬أن أتانا شابٌ ‪ ,‬وُ ِّكلت‬
‫إليه مهام إدارة مدينة كيش‪ ,‬وكان بعدها ملكا لمدينة كيش البابلية‪ ،‬وتتلخص قصة هذا‬
‫الملك في كونه كان يشكو عقم زوجته‪ ,‬وعدم قدرتها على الحمل واإلنجاب‪ ،‬األمر الذي‬
‫كان يهدده بفقدان سلطة ساللته من بعده‪ ،‬ووصف األطباء والحكماء له دواء‪ ,‬يستخلص‬
‫من نبات‪ ,‬ال ينبت إال في مكان ما من أعالي السماء‪ ,‬وفيه العالج الشافي لزوجته من‬
‫ً‬
‫عاجزا عن الوصول إلى مكان الدواء؛ لذا طرق باب‬ ‫عقمها‪ ،‬وبما أن الملك (أتانا) كان‬
‫اإلله البابلي (شمشي)‪ ,‬وتضرع إليه في معبده طالبا منه العون والمساعدة‪ ،‬وتذكر اإلله‬
‫شمشي نسرً ا‪ ,‬كان قد عاقبه‪ ,‬وكسر جناحيه‪ ،‬بسبب جريمة‪ ,‬ارتكبها‪ ,‬فأمر أتانا أن يذهب‬
‫إلى الوادي الذي فيه ذلك النسر‪ ,‬ويعالجه‪ ,‬وبعد شفائه يعرج به إلى السماء‪ ،‬وهو ما‬
‫فعله‪.‬‬
‫الرواية األسطورية المزعومة عن (أتانا) حبكتها مصنوعة بحرفية‪ ،‬وهو ما يتخذه بعض‬
‫الباحثين دليل صدقها‪ ،‬والحقيقة أن الحبكة قوية فعاًل ‪ ،‬وأتانا يقدم فيها وص ًفا دقي ًقا لألرض‬
‫من علو شاهق‪ ،‬وهو وصف يتطابق كليًا مع الصورة الحقيقية لألرض التي تصورها‬
‫األقمار الصناعية‪ ،‬وال يمكن أن تكون هذه الصورة من وحي الخيال‪.‬‬
‫بإمكاننا تكذيب هذه الملحمة‪ ،‬إذ لم يوجد دليل عليها في أي آثار مكتشفة إال في ألواح‬
‫القدر المسروقة من صحف إدريس‪ ،‬وقصة الرفع إلى السماء والهبوط منها هي قصص‬
‫ومالحم متوارثة من قبل الطوفان وتحدي ًدا من واقعة رفع إدريس عليه السالم كما في‬
‫يس ِإ َّن ُه َكانَ صِ دِّ ي ًقا َّن ِب ًّيا ‪َ .‬و َر َف ْع َناهُ َم َكا ًنا َعلِ ًّيا"‬ ‫"و ْاذ ُك ْر فِي ا ْل ِك َتا ِ‬
‫ب ِإدْ ِر َ‬ ‫قول هللا تعالى‪َ :‬‬
‫[سورة مريم‪]57,56 :‬‬

‫‪ M.F.Unger ,op.cit.,P.273. ))59‬ـ ‪ .373‬وانظر أيضا‪ :‬صمويل نوح كريمر ‪ :‬من ألواح سومر ـ‬
‫ترجمة طه باقر ص ‪ 254‬ـ ‪ ، 256‬القاهرة ‪.1957‬‬
‫‪112‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وبعد سرد ما جاء في األلواح السومرية‪ ،‬فإننا كالعادة نعرف كيف ي َُزيِّف أبناء صهيون‬
‫الحقائق‪ ,‬وكيف يحرفون ال َكلِ َم عن مَواضِ ِعهِ‪ ،‬الحقيقة أن (ايتانا) قد جعل نفسه بطاًل لهذه‬
‫القصة دونما أن يصعد إلى السماء من األساس‪.‬‬
‫ثم ننتقل إلى الملك ألتا سدوم الذي سمى مدينته بسدوم على اسمه‪.‬‬
‫والملك األخير في ملوك كيش األولى الذي سنتناوله أيضًا هو (أغا)‪ ،‬وهو ذلك الملك‬
‫الكيشي الذي انتهت عنده الدولة‪ ،‬والغريب أن كل من تناول نهاية عهد كيش األولى‬
‫يعرف أن جلجامش قضى عليها طب ًقا ألساطير جلجامش المزعومة؛ حيث إن الثابت أن‬
‫الدولتين كان بينهما عالقات تجارية وسياسية قوية‪ ،‬فكيف يحدث االنهيار المفاجئ؟‬
‫الحقيقة أن نهاية دولة كيش كانت بسبب مفاسد بني إسرائيل على األرض‪ ,‬وذلك ألن‬
‫عهد أغا (‪ )Agga‬هو العهد الذي انتشرت فيه الفاحشة وإتيان الرجال للرجال من دون‬
‫النساء‪ ،‬وهم القوم الذين بعث هللا فيهم نبيه لوط ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ومن أس ٍ‬
‫ف تسمية من‬
‫يأتي أفعال (قوم أغا) لفظ (اللوطي)‪ ،‬في حين أن هذا هو اسم نبي أرسله هللا؛ لينهاهم عن‬
‫أفعالهم‪ ,‬ولم يستمعوا لنبي هللا‪ ,‬ولم ينتهوا عما يفعلون من منكرات‪ ,‬فوقع عليهم عذاب‬
‫ربهم األليم الذي حل بقوم لوط‪ ,‬وجاء ذكره في أكثر من سورة من سور القرآن الكريم؛‬
‫كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫سقُونَ ‪َ .‬و َل َقدْ َت َر ْك َنا‬ ‫اء ِب َما َكا ُنوا َي ْف ُ‬ ‫الس َم ِ‬
‫َّ‬ ‫«ِإ َّنا ُم ْن ِزلُونَ َع َلى َأهْ ِل َه ِذ ِه ا ْل َق ْر َي ِة ِر ْج ًزا مِنَ‬
‫ِم ْن َها آ َي ًة َب ِّي َن ًة لِ َق ْو ٍم َي ْعقِلُونَ " [سورة العنكبوت‪]35,34:‬‬
‫س َّو َم ًة‬ ‫ين ُم َ‬‫ار ًة مِن طِ ٍ‬ ‫وقوله تعالى‪َ " :‬قالُوا ِإ َّنا ُأ ْرسِ ْل َنا ِإ َلى َق ْو ٍم ُم ْج ِرمِينَ لِ ُن ْرسِ ل َ َع َل ْي ِه ْم ح َِج َ‬
‫ت مِنَ‬ ‫عِ ْندَ َر ِّب َك لِ ْل ُم ْس ِرفِينَ َفَأ ْخ َر ْج َنا َمن َكانَ فِي َها مِنَ ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ َف َما َو َجدْ َنا فِي َها َغ ْي َر َب ْي ٍ‬
‫اب اَأْللِي َم" [سورة‬ ‫َي َخافُونَ ا ْل َع َذ َ‬ ‫َو َت َر ْك َنا فِي َها آ َي ًة لِ َّلذِينَ‬ ‫ا ْل ُم ْسلِمِين‬
‫الذاريات‪.]37,36,35,34,33,32:‬‬

‫‪113‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫سافِ َل َها َوَأ ْم َط ْر َنا َع َل ْي ِه ْم‬


‫ش ِرقِينَ َف َج َع ْل َنا َعالِ َي َها َ‬ ‫الص ْي َح ُة ُم ْ‬ ‫َّ‬ ‫وقوله هللا تعالى‪َ " :‬فَأ َخ َذ ْت ُه ُم‬
‫ِيم ِإنَّ فِي َذلِ َك آَل َي ًة‬ ‫يل ُمق ٍ‬ ‫سمِينَ َوِإ َّن َها َل ِب َ‬
‫س ِب ٍ‬ ‫ت لِ ْل ُم َت َو ِّ‬‫يل ِإنَّ فِي َذلِ َك آَل َيا ٍ‬ ‫ار ًة مِنْ سِ ِّج ٍ‬‫ح َِج َ‬
‫لِ ْل ُمْؤ ِمنِينَ " [سورة الحجر‪]77,76,75,74,73:‬‬
‫وزا فِي‬ ‫سلِينَ ِإ ْذ َن َّج ْي َناهُ َوَأهْ َل ُه َأ ْج َمعِينَ ِإاَّل َع ُج ً‬ ‫وقوله تعالى‪َ " :‬وِإنَّ لُو ًطا َلمِنَ ا ْل ُم ْر َ‬
‫ص ِبحِينَ َو ِبال َّل ْي ِل َأ َفاَل َت ْعقِلُونَ " [سورة‬ ‫اب ِرينَ ُث َّم دَ َّم ْر َنا اآْل َخ ِرينَ َوِإ َّن ُك ْم َل َت ُم ُّرونَ َع َل ْي ِه ْم ُم ْ‬
‫ا ْل َغ ِ‬
‫الصافات‪]138,137,136,135,134,133 :‬‬
‫سل ُ َر ِّب َك َلنْ َيصِ لُوا ِإ َل ْي َك َفَأ ْس ِر ِبَأهْ لِ َك‬ ‫وكذلك كما في قوله عز وجل‪َ " :‬قالُوا َيا لُو ُط ِإ َّنا ُر ُ‬
‫صا َب ُه ْم ِإنَّ َم ْوعِ دَ ُه ُم‬ ‫ام َرَأ َت َك ِإ َّن ُه ُمصِ ي ُب َها َما َأ َ‬‫ِبق ِْط ٍع مِنَ ال َّل ْي ِل َواَل َي ْل َتف ِْت ِم ْن ُك ْم َأ َح ٌد ِإاَّل ْ‬
‫ار ًة‬ ‫سافِ َل َها َوَأ ْم َط ْر َنا َع َل ْي َها ح َِج َ‬
‫اء َأ ْم ُر َنا َج َع ْل َنا َعالِ َي َها َ‬
‫ب َف َل َّما َج َ‬‫ص ْب ُح ِب َق ِري ٍ‬‫س ال ُّ‬ ‫ص ْب ُح َأ َل ْي َ‬
‫ال ُّ‬
‫الظالِمِينَ ِب َبعِي ٍد" [سورة‬ ‫َّ‬ ‫س َّو َم ًة عِ ْندَ َر ِّب َك َو َما ه َِي مِنَ‬ ‫ضو ٍد ُم َ‬ ‫يل َمن ُ‬ ‫مِنْ سِ ِّج ٍ‬
‫هود‪]83,82,81:‬‬
‫وجاء دمار قرى قوم لوط؛ ليكتب نهاية عهد (كيش األولى)‪ ،‬وهذا ما استغله جلجامش‪,‬‬
‫ونسب تدمير المدينة إلى نفسه؛ لكي يقنع شعبه أنه إله قادر على تدمير المدينة في‬
‫لحظات‪ ,‬وبنفس األسلوب الذي تم ذكره في القرآن الكريم‪.‬‬
‫ومن دمار كيش األولى ننتقل بالنهج نفسه إلى ساللة الوركاء(‪ )60‬األولى (مكان سيدنا‬
‫إبراهيم والنمرود)‪ ،‬وملوكها هم‪:‬‬
‫ميسكيكاشر (ابن أوتو إله الشمس)‬ ‫‪-1‬‬
‫اينمركار‬ ‫‪-2‬‬
‫لوكال بندا الراعي‬ ‫‪-3‬‬
‫دموزي‬ ‫‪-4‬‬
‫جلجامش‬ ‫‪-5‬‬
‫أورننكال (االبن)‬ ‫‪-6‬‬

‫‪ ))60‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ـ طه باقر‪ 307 ,‬إلى ‪.310‬‬

‫‪114‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أوتول كالما (االبن)‬ ‫‪-7‬‬
‫لباشر‬ ‫‪-8‬‬
‫اننون دارا أنا‬ ‫‪-9‬‬
‫مسخي (الحداد)‬ ‫‪-10‬‬
‫ميالم أنا‬ ‫‪-11‬‬
‫لوكال كيتو‬ ‫‪-12‬‬
‫هؤالء هم ملوك الوركاء (مملكة يورك األولى وهم أجداد األمريكان الحاليين الذين سموا‬
‫علي يورك األولى مدينتهم نيو يورك بمعنى أنها يورك الجديدة) ومملكة يورك هي‬
‫اثنين؛ أحدهما مذكور في‬
‫ِ‬ ‫المدينة التي كان بها سيدنا إبراهيم‪ ،‬سنتعرض فيها لملِ َك ِ‬
‫ين‬
‫تفسير آي القرآن‪.‬‬
‫الملك األول هو ميسكيكاشر (جشور)‪ ،‬وهو الملك األول الذي تذكره كتب التاريخ في‬
‫استعراضها لمملكة أوروك‪ ،‬إحدى ممالك بالد سومر‪ ،‬وهو ابن مباشر لـشمشي (أوتو)؛‬
‫أحد آلهة بني إسرائيل‪ ،‬وتذكره الروايات التوراتية باسم (كوش)‪ ،‬وهو الذي أنجب أول‬
‫نمرود من نسل بني إسرائيل من بعد الطوفان‪.‬‬

‫النمرود‬
‫نسبه وترجمته ومن هو في اآلثار‪:‬‬
‫بنسبين‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أما الملك الثاني فهو جلجامش‪ ،‬أو النمرود‪ ،‬وتذكره كتب التاريخ‪ ,‬واألنساب‬
‫األول ُ هو‪ :‬نمرود بن كنعان بن كوش بن حام بن نوح‪ .‬وورد هذا التسلسل بدون‬
‫النسب َّ‬
‫(‪)25‬‬ ‫كوش‪ ,‬هذا ما ذهب إليه كثير من مؤرخي اإلسالم والنسابين‪)61(.‬‬

‫‪ ))61‬التيجان في أخبار ملوك حمير‪ ,‬ص‪ .337‬واألنساب للصحاري‪ ,‬ص‪ .22‬والمنتظم في تاريخ الملوك‬
‫واألمم‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪ .171‬ومرآة الزمان في تواريخ األعيان‪,‬ج‪ ,1‬ص‪ .367‬وكنز الدرر وجامع الغرر‪,‬‬
‫ج‪ ,2‬ص‪ .211‬ومرآة الجنان وعبرة اليقظان‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪ .236‬وتاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام‬
‫والمدينة الشريفة والقبر الشريف‪ ,‬ص‪ .43‬وخالصة الوفا بأخبار دار المصطفى‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.517‬‬
‫وشذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ,‬ج‪ ,2‬ص‪.211‬‬
‫‪115‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أما النسب الثاني هو‪ :‬نمرود بن كنعان بن ماش بن‬
‫إرم بن سام‪ ,‬وقيل بل‪ ,‬نمرود بن كنعان بن كوش‬
‫بن سام‪ ,‬ويقال بل‪ :‬نمرود فالخ بن عابر بن شالخ‬
‫بن أرفخشد بن سام بن نوح‪)62(.‬‬
‫والنمرود هو االسم الذي أطلقه المفسرون على‬
‫اج إبراهي َم في ر ِّبهِ‪ ،‬في حين أن‬
‫الرجل الذي َح َ‬
‫القرآن لم يذكر له اسمًا‪ ،‬والحقيقة أن المفسرين‬
‫األوائل قد أخذوا هذا االسم من التوراة‪ ،‬إذ جاء‬
‫وش َو َلدَ ن ِْم ُرودَ ا َّلذِي ا ْب َتدَ َأ َي ُكونُ َج َّب ً‬
‫ارا‬ ‫فيها‪َ [ :‬و ُك ُ‬
‫ص ْي ٍد َأ َما َم َّ‬
‫الر ِّب‪ .‬لِذلِ َك‬ ‫ض‪ ،‬ا َّلذِي َكانَ َج َّب َ‬
‫ار َ‬ ‫فِي اَأل ْر ِ‬
‫الر ِّب»]‪[.‬سفر التكوين‪]10/9,8:‬‬ ‫ص ْي ٍد َأ َما َم َّ‬
‫ُي َقال ُ‪َ « :‬كن ِْم ُرودَ َج َّبا ُر َ‬
‫وقيل عن من ُأطلق عليه (نمرود) أنه كان أول الجبارين على األرض‪ ،‬وأوَّ ل من ادعى‬
‫األلوهية لنفسه‪ ،‬ويُمكِن وصفه بأنه الديكتاتور األول‪ ،‬أو أوَّ ل من وضع معجم‬
‫الديكتاتورية بكلماته وأفعاله‪ ,‬وكل من جاء من بعده متجبرً ا لم يفعل أكثر مما فعل‬
‫النمرود‪ ،‬وفداحة أفعاله وجرائمه طويلة‪ ,‬وال تنتهي‪ ,‬وتمتد باتساع األرض‪ ,‬ولِ َم ال‪ ,‬وهو‬
‫كان حاكمًا لألرض كلها‪.‬‬
‫ويُع َّد جلجامش أو النمرود (طِ ب ًقا لِما وصلنا إليه من بحث في سيرة جلجامش وحياة‬
‫النمرود‪ ,‬وما كتبه كبار الكتاب؛ أمثال يوسيفيوس‪ ,‬و الدكتور ديفيد ليفينغســتون )‪ ،‬واح ًدا‬
‫من الذين امتأل التاريخ بقصصهم وأساطيرهم المزيفة‪ ،‬وكل أخباره وصلتنا في ملحمة‪,‬‬
‫أو أسطورة جلجامش(‪ )63‬التي جعلت لدينا يقين أن جلجامش هو المقصود به النمرود؛‬

‫‪ )) 62‬تفسير ابن كثير‪ ,‬ط‪ /‬العلمية‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪ .525‬وتاريخ الطبري‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪ .234‬وصحيح وضعيف‬
‫تاريخ الطبري‪ ,‬ج‪ ,6‬ص‪ .163‬واألنساب للصحاري‪ ,‬ص‪.40‬‬
‫‪ )) 63‬عن هذه الملحمة انظر‪ :‬ملحمة تهلكامش‪ ،‬طه باقر‪ ،‬بغداد ‪1980‬م‪ ،‬و المسكوت عنه في ملحمة‬
‫جلجامش‪ ،‬ناجح المعموري‪ ،‬دمشق ‪2014‬م‪ ،‬و األسطورة والتاريخ في التراث الشرقي القديم‪،‬‬
‫دراسة في ملحمة جلجامش‪ ،‬محمد خليفة حسن‪ ،‬القاهرة ‪1997‬م‪ .‬و قراءة في ملحمة جلجامش‪،‬‬
‫‪101‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪.‬‬ ‫أي أنه هو الديكتاتور المتجبر الذي حاج إبراهيم في ربه‪.‬‬


‫(‪)26‬‬

‫ومما جاء في أسطورة (جلجامش) أنه ساعد اإللهة إنانا‪ ,‬وطرد المخلوقات التي ُتزعج‬
‫شجرتها‪ ،‬وهذا أيضًا مما قيل عن النمرود أنه يقتل الوحوش‪ ,‬وكان معرو ًفا عنه ذلك‪،‬‬
‫وأنه بهذه الطريقة حوّ ل نفسه بصيّت قتل الوحوش إلى جبار يقتل البشر‪.‬‬
‫ُذكرت قصة من قصص جلجامش أيضًا في كتاب (عن طبيعة الحيوانات) للكاتب‬
‫اإلغريقي إليان‪ ،‬وما جاء في هذا الكتاب يمنحنا يقينا على يقين أن بني إسرائيل سرقوا‬
‫سفر أوزير (إدريس)‪ ،‬وهذه القصة التي ذكرها الكاتب اإلغريقي بها نحل وانتحال من‬
‫قصة موسى عليه السالم‪ ،‬إذ روى (إليان في كتاب عن طبيعة الحيوانات)‪ ،‬أن جد‬
‫جلجامش وضع أ َّم جلجامش تحت الحراسة لمنعها من الحمل‪ ،‬ألن وسيط الوحي أخبره‬
‫أن حفيده سيطيح به‪ ،‬وحملت أم جلجامش‪ ،‬ورمى الحراس المولود من البرج‪ ،‬إال أن‬
‫نسرً ا ينقذ الطفل في منتصف السقوط‪ ,‬ويوصله بسالم إلى حقل‪ ،‬حيث يربيه البستاني‪،‬‬
‫وهنا التشابه كبير ج ًدا مع قصة النبي موسى عليه السالم‪ ,‬مما يشير إلى أن نبوءة موسى‬
‫عليه السالم منتشرة في بني إسرائيل منذ بداية التاريخ‪ ,‬كما نشير إلى مبحث في هذا‬
‫الكتاب سنتناول فيه نبوءة موسى عند بني إسرائيل‪ ,‬ونبوءة عيسى عند المصريين‪.‬‬

‫فراس السواح‪ ،‬دمشق (‪1987‬م)‪ ،‬جلجامش ملحمة الرافدين الخالدة‪ ،‬فراس السواح‪ ,‬دمشق‬
‫(‪1996‬م)‪ .‬ودراسات في ملحمة جلجامش‪ ،‬نجاح كبة‪ ،‬بغداد ‪2003‬م‪.‬‬
‫ومما له داللته أن هذه الملحمة قد ترجمها عن االكدية طه باقر ‪1980‬م‪ ،‬وسامي سعيد األحمد ‪1984‬م‬
‫كما ترجمت إلى اإلنجليزية واأللمانية والروسية‪ ،‬وقام عبدالغفار مكاوي بترجمتها عن األلماني‪ ،‬إلى‬
‫العربية وراجعها عن االكدية عوني عبدالرؤوف (القاهرة ‪2003‬م)‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقالت األساطير عن (جلجامش) أيضًا بأنه نصف إله‪ ,‬يمتلك قوة بشرية‪ ،‬وأنه إله كامل‬
‫لدرجة أن الناس عبدته‪ ،‬واتخذ أوتو حيكال‪ ،‬ملك الوركاء‪ ،‬جلجامش بصفته إلهًا راعيًا‪،‬‬
‫ووصفت الصلوات المنقوشة في األلواح الطينية جلجامش بأنه قاضي الموتى في العالم‬
‫السفلي‪.‬‬
‫بالبحث في تاريخ هذه الفترة وجدنا أن الذي جعل من نفسه إلهًا في الحضارة السومرية‬
‫هو جلجامش‪ ،‬وهو ذاته من ذكرته التوراة باسم النمرود‪ ،‬وهو الذي ذكره القرآن أنه‬
‫الذي حاج إبراهيم في ربه‪.‬‬
‫وجلجامش هو الذي شهد عهده تحطيم النبي إبراهيم لألصنام‪ ،‬إذ كان (آزر) أبو إبراهيم‬
‫عليه السالم صانعًا لألصنام‪ ,‬وهو ما أغضب إبراهيم‪ ,‬وحاول على إثر ذلك ثني أبيه عن‬
‫فعلته إال أنه لم يفلح؛ كما في قوله تعالى‪َ " :‬و ْاذ ُك ْر فِي ا ْل ِك َتا ِ‬
‫ب ِإ ْب َراهِي َم ِإ َّن ُه َكانَ صِ دِّ ي ًقا َّن ِب ًّيا‬
‫ت ِإ ِّني َقدْ‬‫ش ْيًئ ا َيا َأ َب ِ‬ ‫ت لِ َم َت ْع ُب ُد َما ال َي ْس َم ُع َوال ُي ْبصِ ُر َوال ُي ْغنِي َعن َك َ‬ ‫ِإ ْذ َقال َ َأِل ِبي ِه َيا َأ َب ِ‬
‫ش ْي َطانَ ِإنَّ‬
‫ت ال َت ْع ُب ِد ال َّ‬ ‫س ِو ًّيا َيا َأ َب ِ‬
‫اءنِي مِنَ ا ْل ِع ْل ِم َما َل ْم َيْأ ِت َك َفا َّت ِب ْعنِي َأهْ ِد َك صِ َرا ًطا َ‬ ‫َج َ‬
‫الر ْح َمن َف َت ُكونَ‬
‫اب ِّمنَ َّ‬ ‫س َك َع َذ ٌ‬ ‫اف َأن َي َم َّ‬‫ت ِإ ِّني َأ َخ ُ‬‫ِلر ْح َم ِن َعصِ ًّيا َيا َأ َب ِ‬ ‫ش ْي َطانَ َكانَ ل َّ‬ ‫ال َّ‬
‫نت َعنْ آلِ َهتِي َيا ِإ ْب َراهِي ُم َلِئن َّل ْم َتن َت ِه َأَل ْر ُج َم َّن َك َواهْ ُج ْرنِي َملِ ًّيا‬ ‫ب َأ َ‬ ‫ان َولِ ًّيا َقال َ َأ َراغِ ٌ‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫لِل َّ‬
‫سَأ ْس َت ْغفِ ُر َل َك َر ِّبي ِإ َّن ُه َكانَ ِبي َحفِ ًّيا"‬
‫سال ٌم َع َل ْي َك َ‬‫َقال َ َ‬
‫[سورة مريم‪]50,49,48,47,46,45,44,43,42,41 :‬‬
‫ظل إبراهيم يدعو القوم في عهد جلجامش حتى ال يعبدوا األصنام‪.‬‬
‫جلجامش حاج إبراهيم في ربه‪ ،‬وأخذ يسأل إبراهيم عن ربه؛ ليتحداه‪ ,‬فقال له إبراهيم إن‬
‫مسجونين ُح ِك َم عليهما باإلعدام‪ ،‬أمات‬
‫ِ‬ ‫ربي يحيي ويميت‪ ،‬فكان رد جلجامش أن استدعى‬
‫أحدهما – قتله ‪ -‬وعفا عن اآلخر ‪ -‬لم يقتله ‪ -‬وقال إلبراهيم إنه أحيا هذا‪ ,‬وأمات ذاك‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ت بها أنت من المغرب‪ ،‬فغضب‪ ,‬وألقاه‬


‫وقال إبراهيم إن هللا يأتي بالشمس من المشرق فأ ِ‬
‫في النار‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫اج ِإ ْب َراهِي َم فِي َر ِّب ِه َأنْ آ َتاهُ هَّللا ُ ا ْل ُم ْل َك ِإ ْذ َقال َ ِإ ْب َراهِي ُم َر ِّب َي ا َّلذِي ُي ْح ِيي‬ ‫"َأ َل ْم َت َر ِإ َلى ا َّلذِي َح َّ‬
‫ت ِب َها‬ ‫ش ِر ِق َفْأ ِ‬ ‫س مِنَ ا ْل َم ْ‬ ‫ش ْم ِ‬ ‫ِيت ۖ َقال َ ِإ ْب َراهِي ُم َفِإنَّ هَّللا َ َيْأتِي ِبال َّ‬ ‫ِيت َقال َ َأ َنا ُأ ْح ِيي َوُأم ُ‬ ‫َو ُيم ُ‬
‫الظالِمِينَ " [سورة البقرة‪]258:‬‬ ‫ب َف ُب ِه َت ا َّلذِي َك َف َر ۗ َوهَّللا ُ اَل َي ْهدِي ا ْل َق ْو َم َّ‬
‫مِنَ ا ْل َم ْغ ِر ِ‬
‫يرا َّل ُه ْم‬ ‫ص َنا َم ُكم َب ْعدَ َأن ُت َولُّوا ُمدْ ِب ِرينَ َف َج َع َل ُه ْم ُج َذا ًذا ِإالَّ َك ِب ً‬ ‫وقال تعالى‪َ " :‬و َتاهَّلل ِ َأَلكِيدَ نَّ َأ ْ‬
‫سم ِْع َنا َف ًتى َي ْذ ُك ُر ُه ْم‬ ‫الظالِمِينَ َقالُوا َ‬ ‫َل َع َّل ُه ْم ِإ َل ْي ِه َي ْر ِج ُعونَ َقالُوا َمن َف َعل َ ه ََذا ِبآلِ َه ِت َنا ِإ َّن ُه َلمِنَ َّ‬
‫نت َف َع ْل َت ه ََذا‬ ‫ش َهدُونَ َقالُوا َأَأ َ‬ ‫ُي َقال ُ َل ُه ِإ ْب َراهِي ُم َقالُوا َفْأ ُتوا ِب ِه َع َلى َأ ْع ُي ِن ال َّن ِ‬
‫اس َل َع َّل ُه ْم َي ْ‬
‫اسَألُو ُه ْم ِإن َكا ُنوا َينطِ قُونَ َف َر َج ُعوا ِإ َلى‬ ‫ِبآلِ َه ِت َنا َيا ِإ ْب َراهِي ُم َقال َ َبلْ َف َع َل ُه َك ِبي ُر ُه ْم ه ََذا َف ْ‬
‫سوا َع َلى ُرُؤ وسِ ِه ْم َل َقدْ َعل ِْم َت َما هَُؤ الء َينطِ قُونَ‬ ‫َأنفُسِ ِه ْم َف َقالُوا ِإ َّن ُك ْم َأن ُت ُم َّ‬
‫الظالِ ُمونَ ُث َّم ُن ِك ُ‬
‫ف َّل ُك ْم َولِ َما َت ْع ُبدُونَ مِن د ِ‬
‫ُون‬ ‫ض ُّر ُك ْم ُأ ٍّ‬
‫ش ْيًئ ا َوال َي ُ‬‫ُون هَّللا ِ َما ال َين َف ُع ُك ْم َ‬
‫َقال َ َأ َف َت ْع ُبدُونَ مِن د ِ‬
‫ص ُروا آلِ َه َت ُك ْم ِإن ُكن ُت ْم َفاعِ لِينَ قُ ْل َنا َيا َنا ُر ُكونِي َب ْردًا‬ ‫هَّللا ِ َأ َفال َت ْعقِلُونَ َقالُوا َح ِّرقُوهُ َوان ُ‬
‫ض‬ ‫سال ًما َع َلى ِإ ْب َراهِي َم َوَأ َرادُوا ِب ِه َك ْيدًا َف َج َع ْل َنا ُه ُم اَأل ْخ َ‬
‫س ِرينَ َو َن َّج ْي َناهُ َولُو ًطا ِإ َلى اَأل ْر ِ‬ ‫َو َ‬
‫ار ْك َنا فِي َها لِ ْل َعا َلمِينَ " [ األنبياء‪]71 , 57 :‬‬ ‫ا َّلتِي َب َ‬
‫لم يقل جلجامش إلبراهيم عليه السالم أنه يُحيي‪ ,‬ويميت إال استنا ًدا على ما قيل عنه‪ ,‬وما‬
‫أشاعه بين الناس أنه قاضي الموتى في العالم السفلي‪ ،‬وكان تحدي نبي هللا إبراهيم‬
‫واضحً ا في ضرب نموذج الشمس إذ إن جلجامش هو حفيد أوتو (شمشي)‪ ،‬فكان تحدي‬
‫هللا في اآلية التي ا َّدعوا ألنفسهم فيها فضال‪.‬‬

‫وفاته ونهايته‪:‬‬
‫يبقى الشيء األبرز عن جلجامش (النمرود)‪ ,‬هو وفاته؛ إذ ليس من المعقول أن تكون‬
‫صيَّر نفسه إلهًا وفاة عادية‪ ,‬بل كانت وفاة‪ ,‬تليق بجرمه‪ ،‬إذ كانت بجند من جنود‬
‫وفاة من َ‬
‫هللا (البعوض) الذي أهلكه هو وجيشه‪ ،‬فيما عاش هو فترة من الزمان ببعوضة في‬

‫‪104‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫رأسه‪ ,‬دخلت من أنفه‪ ,‬وما كان يرتاح أو يهدأ إال حينما يُضرب بالنعال حتى مات شر‬
‫ميتة‪.‬‬

‫مملكة كيش‬
‫(‪)27‬‬ ‫ننتقل بعد نهاية جلجامش إلى مملكة كيش‬
‫الثالثة نظرً ا لقوتها في تاريخ حضارة بني‬
‫إسرائيل‪.‬‬

‫حينما نذكر (كيش) الثالثة فإن أول شيء‬


‫يتبادر إلى الذهن هي مؤسِّستها (كوباو أو‬
‫كوبابا)‪ ،‬تلك التي كانت مجددة ألفعال بني‬
‫إسرائيل‪ ،‬فرغم فداحة أفعال أغا الكيشي‪,‬‬
‫وهي التي عجلت بنهايته على األرض‬
‫ً‬
‫تلميذا في مدرسة كوبابا(‪.)64‬‬ ‫فإنه يعد‬

‫تقول كتب التاريخ عن كوبابا‪ ،‬بأنها كانت أول ملكة في التاريخ‪ ،‬بل هي الملكة الوحيدة‬
‫التي ُذكرت في ملوك سومر‪ ،‬ويعد اسمها من جنس عملها‪ ،‬إذ إن عملها في األساس أنها‬
‫كانت صاحبة حانة؛ أي خمارة‪ ،‬وكانت تدعى أيضًا بالملكة الحارسة‪ ،‬جاءت كوبابا‬
‫امتدادا طبيعيا لنسل بني إسرائيل‪ ،‬تدرجت من صاحبة خمَّارة؛ لتعلو في المناصب‬
‫تدريجيًا‪ ,‬حتى أصبحت في قائمة الملوك‪ ،‬تحكم قر ًنا من الزمان‪ ،‬بل صارت أحد آلهة‬
‫سومر أيضًا‪ ,‬وعبدتها الشعوب آلالف السنين‪ ،‬واشتهرت بهزيمتها للملك شاروميتر‪،‬‬
‫وتذكرها كتب التاريخ بأنها أول ملكة خاضت حروبًا‪ ,‬وانتصرت فيها‪ ،‬بل كانت غازية‪,‬‬
‫تستلذ بالقتل‪ ,‬فقد اعتدت على مملكة (أكشاك)‪ ,‬وضمتها لمملكتها‪.‬‬

‫‪)( 64‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ـ طه باقر‪ ,‬ج‪ ,1/‬ص ‪.313‬‬


‫‪105‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تزوجت ُكوبابا من الملك الكوتي هابلوم‪ ،‬وبعد موت كبابا أقيمت لها األضرحة‪,‬‬
‫وانتشرت معابدها في بالد الرافدين وما جاورها‪ ,‬وأطلق عليها لقب كيبات أو خيبات‪,‬‬
‫ويُنسب إليها بناء معبد إيساكاال‪ ،‬وظلت عبادتها قائمة في بالد األناضول لفترة من‬
‫الزمان‪.‬‬

‫ومن آثارها التي عثر عليها ضمن اآلثار السومرية لوحة حجرية بالنحت البارز‪,‬‬
‫تظهرها‪ ,‬وهي تحمل في يدها اليمنى رمانة‪ ,‬ويدها اليسرى مرآة‪ ،‬وعثر على هذه اللوحة‬
‫في مدينة كركميش‪.‬‬

‫ومن كوبابا إلى األحفاد الثالثة الذين دخلوا في صراعات بين كل منهم وأخويه‪ ,‬واستعبد‬
‫واحد منهم اآلخر‪ ،‬فسرجون(‪ )65‬في األساس كان يتكلم عن أمه بتطاول مريب‪ ,‬وكلماته‬
‫تنضح بكراهيتها‪ ،‬إذ قال في أسطورته عن نفسه‪[ :‬وحملت بي أمي وضيعة الشأن‪،‬‬
‫على الباب‬
‫َّ‬ ‫سرا ووضعتني في قارب من السل كالسلة وأغلقت‬
‫وأخرجتني إلى العالم ً‬
‫بالقار](‪( ،)66‬حملت بي أمي الكاهنة من الدرجة العليا‪ ,‬وولدتني سرا‪ ,‬ثم وضعتني في‬
‫سلة من القصب وبالقار ثبتتها ‪ -‬أي‪ :‬غطتها ‪ -‬ورمتني في النهر الذي لم أتمكن من‬
‫الهروب منه)‪.‬‬

‫وأنجاه أحد العمال‪ ،‬وأصبح فيما بعد ساقي الملك‪ ،‬فقربه إليه‪ ،‬وزاد نفوذه وسلطانه‪ ،‬ثم‬
‫خرج على س ِّي ِدهِ‪ ,‬وخ َل َعهُ‪ ,‬وجلس على عرش أجاد‪ ،‬وسمى نفسه (الملك صاحب السلطان‬
‫العالي)‪.‬‬

‫‪ )) 65‬عن سرجون األكدي وتاريخه أنظر‪ :‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ـ طه باقر‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪361‬‬
‫إلى ‪ .366‬و ‪ ،‬سرجون االكدي‪ ،‬اول امبراطور في العالم‪ ،‬فوزي رشيد‪ ,‬بغداد ‪1990‬م‪ ,‬ص ‪.101‬‬
‫‪The History of the Ancient World: From the Earliest Accounts to the Fall of ))66‬‬
‫‪)Rome. (71‬‬
‫‪106‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫سرجون وُ ِجدَ مرميًا في النهر الذي حمله إلى (آكي) ساقي الماء لدى (أور زبابا) ملك‬
‫كيش (ساللة كيش الرابعة)‪ ،‬فانتشله آكي بدلوه‪ ،‬ورباه‪ ,‬واتخذه ول ًدا‪ ،‬وتقول األخبار عنه‬
‫في كتب التاريخ إن اإللهة عشتار أحبته‪ ,‬فصيرته مل ًكا‪.‬‬

‫وجاء في النصوص السومرية أن حربًا اندلعت بين لوغال زاغيزي وأور زبابا‪ ،‬وانتصر‬
‫فيها لوغال زاغيزى‪ ,‬وأسر أورزبابا‪ ،‬وقرر سرجون الثأر‪ ,‬فقتل لوغال زاغيزي‪ ،‬وحشد‬
‫السكان‪ ,‬وكون جي ًشا‪ ,‬وهزمه‪ ,‬وأسر (زاغيزي)‪ ،‬وربطه من عنقه وسحله وجلبه أمام‬
‫تمثال اإللهة (إنانا) التي ترمز ألمه وسيطر على كل الدويالت السومرية‪)67(.‬‬

‫عاد وثمود‪:‬‬
‫ت الملوك السومريين‬ ‫من كيش الثالثة ننتقل إلى كيش الخامسة – على حسب ذكرها في َثب ِ‬
‫‪ -‬وهي مملكة مذكورة في القرآن‪َ ،‬ف َمن ي َُر ِّكز في أسماء ملوكها سُيدرك – يقي ًنا ‪ -‬بأنها‬
‫ف َف َعل َ‬ ‫مملكتا عاد وثمود اللتان تحدث عنهما هللا في القرآن الكريم في قوله‪َ" :‬أ َل ْم َت َر َك ْي َ‬
‫الص ْخ َر‬‫َّ‬ ‫ت ا ْل ِع َما ِد ا َّلتِي َل ْم ُي ْخ َل ْق ِم ْثلُ َها فِي ا ْل ِبال ِد َو َث ُمودَ ا َّلذِينَ َجا ُبوا‬ ‫َر ُّب َك ِب َعا ٍد ِإ َر َم َذا ِ‬
‫سادَ َف َ‬
‫ص َّب َع َل ْي ِه ْم َر ُّب َك‬ ‫ِبا ْل َوا ِد َوف ِْر َع ْونَ ذِي اَأل ْو َتا ِد ا َّلذِينَ َط َغ ْوا فِي ا ْل ِبال ِد َفَأ ْك َث ُروا فِي َها ا ْل َف َ‬
‫صا ِد " [سورة الفجر‪ 6 :‬إلى ‪]14‬‬ ‫س ْو َط َع َذا ٍ‬
‫ب ِإنَّ َر َّب َك َل ِبا ْلم ِْر َ‬ ‫َ‬

‫وأول الملوك في كيش الخامسة هو أشدوني أرام‪ ،‬وأشدوني تاريخيًا هو شداد بن عاد‬
‫صاحب هذه المملكة‪ ,‬وفي تعريب هذ االسم جاء إطالق مصطلح (العرب البائدة)؛‬
‫لينسبوا العرب الحالين إلى االمم الجبابرة السابقة‪ ,‬وينجوا هم بأنفسِ هم من أفعال أجدادهم‬
‫الشنعاء‪ ،‬وثالث ملوك كيش الخامسة هو سموديتانا‪ ،‬والجزء األول من االسم هو‬
‫(سمود)‪ ،‬وهي التي ُذكرت في القرآن باسم ثمود‪ ،‬وهي المذكورة في القرآن أيضًا كما‬
‫في قوله تعالى‪:‬‬

‫‪King, L. W. (1907). Chronicles concerning early Babylonian kings. London, )) 67‬‬


‫‪ .Luzac and co‬ص‪ . p. 87.86 .‬وانظر‪.THE EMPIRE OF SARGON . p.17 :‬‬
‫‪107‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫اع ُبدُوا هَّللا َ َما َل ُكم ِّمنْ ِإ ٰ َل ٍه َغ ْي ُرهُ ۖ َقدْ َج َ‬


‫اء ْت ُكم َب ِّي َن ٌة‬ ‫صال ًِحا ۗ َقال َ َيا َق ْو ِم ْ‬ ‫" َوِإ َل ٰى َث ُمودَ َأ َخا ُه ْم َ‬
‫وء َف َيْأ ُخ َذ ُك ْم‬
‫س ٍ‬‫سوهَا ِب ُ‬ ‫ض هَّللا ِ ۖ َواَل َت َم ُّ‬ ‫ِّمن َّر ِّب ُك ْم ۖ ٰ َه ِذ ِه َنا َق ُة هَّللا ِ َل ُك ْم آ َي ًة ۖ َف َذ ُروهَا َتْأ ُكلْ فِي َأ ْر ِ‬
‫اب َألِي ٌم " [سورة األعراف‪]73 :‬‬
‫َع َذ ٌ‬

‫اع ُبدُوا هَّللا َ َما َل ُكم ِّمنْ ِإ ٰ َل ٍه َغ ْي ُرهُ ۖ ه َُو‬


‫صال ًِحا ۚ َقال َ َيا َق ْو ِم ْ‬‫قال تعالى‪َ " :‬وِإ َل ٰى َث ُمودَ َأ َخا ُه ْم َ‬
‫يب"‬ ‫يب ُّم ِج ٌ‬ ‫اس َت ْغفِ ُروهُ ُث َّم ُتو ُبوا ِإ َل ْي ِه ۚ ِإنَّ َر ِّبي َق ِر ٌ‬
‫اس َت ْع َم َر ُك ْم فِي َها َف ْ‬ ‫شَأ ُكم ِّمنَ اَأْل ْر ِ‬
‫ض َو ْ‬ ‫َأن َ‬
‫[سورة هود‪]61 :‬‬

‫وقال تعالى " َكَأنْ َل ْم َي ْغ َن ْوا فِي َها َأاَل ِإنَّ َث ُمودَ َك َف ُروا َر َّب ُه ْم َأاَل ُب ْعدًا لِ َث ُمودَ " [سورة‬
‫هود‪]68:‬‬

‫وقال تعالى " َكَأنْ َل ْم َي ْغ َن ْوا فِي َها َأاَل ُب ْعدًا لِ َمدْ َينَ َك َما َبعِدَ ْت َث ُمو ُد" [سورة هود‪]95 :‬‬

‫ت اَّل َأنْ َك َّذ َب ب َها اَأْل َّولُ ۚ‬


‫ونَ َوآ َت ْي َنا َث ُمودَ ال َّنا َق َة‬ ‫ِ‬ ‫وقال تعالى " َو َما َم َن َع َنا َأن ُن ْرسِ ل َ ِباآْل َيا ِ ِإ‬
‫ُم ْبصِ َر ًة َف َظ َل ُموا ِب َه ۚا" [سورة اإلسراء‪]59 :‬‬

‫سول ٌ‬ ‫صالِ ٌح َأاَل َت َّتقُونَ *ِإ ِّني َل ُك ْم َر ُ‬


‫سلِينَ *ِإ ْذ َقال َ َل ُه ْم َأ ُخو ُه ْم َ‬ ‫وقال تعالى‪َ " :‬ك َّذ َب ْت َث ُمو ُد ا ْل ُم ْر َ‬
‫*و َما َأ ْسَألُ ُك ْم َع َل ْي ِه مِنْ َأ ْج ٍر ِإنْ َأ ْج ِر َ‬
‫ي ِإاَّل َع َلى َر ِّب ا ْل َعا َلمِينَ "‬ ‫ون َ‬ ‫َأمِينٌ * َفا َّتقُوا ال َّلـ َه َوَأطِ ي ُع ِ‬
‫[سورة الشعراء‪ ،‬آية‪]145-141 :‬‬

‫ان‬‫اع ُبدُوا ال َّلـ َه َفِإ َذا ُه ْم َف ِري َق ِ‬ ‫صال ًِحا َأ ِن ْ‬ ‫س ْل َنا ِإ َلى َث ُمودَ َأ َخا ُه ْم َ‬ ‫قال تعالى‪َ " :‬و َل َقدْ َأ ْر َ‬
‫الس ِّيَئ ِة َق ْبل َ ا ْل َح َ‬
‫س َن ِة َل ْواَل َت ْس َت ْغفِ ُرونَ ال َّلـ َه َل َع َّل ُك ْم‬ ‫َي ْخ َتصِ ُمونَ * َقال َ َيا َق ْو ِم لِ َم َت ْس َت ْع ِجلُونَ ِب َّ‬
‫اط َّي ْر َنا ِب َك َو ِب َمن َّم َع َك َقال َ َطاِئ ُر ُك ْم عِ ندَ ال َّلـ ِه َبلْ َأن ُت ْم َق ْو ٌم ُت ْف َت ُنونَ " [سورة‬ ‫ُت ْر َح ُمونَ * َقالُوا َّ‬
‫النمل‪ ،‬آية‪]47-45 :‬‬

‫ا*و ُكاًّل َ‬
‫ض َر ْب َنا َل ُه‬ ‫س َوقُ ُرو ًنا َب ْينَ َذلِ َك َكث ً‬
‫ِير َ‬ ‫الر ِّ‬
‫اب َّ‬ ‫"و َعادًا َو َث ُمودَ َوَأ ْ‬
‫ص َح َ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫يرا" [سورة الفرقان‪ ،‬آية‪]39-38 :‬‬ ‫اَأْل ْم َثال َ َو ُكاًّل َت َّب ْر َنا َت ْت ِب ً‬

‫‪108‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يم* َف َع َق ُروهَا َفَأ ْ‬
‫ص َب ُحوا‬ ‫اب َي ْو ٍم َعظِ ٍ‬ ‫وء َف َيْأ ُخ َذ ُك ْم َع َذ ُ‬
‫س ٍ‬ ‫سوهَا ِب ُ‬ ‫"واَل َت َم ُّ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫اب ِإنَّ فِي َذلِ َك آَل َي ًة َو َما َكانَ َأ ْك َث ُرهُم ُّمْؤ ِمنِينَ " [سورة الشعراء‪ ،‬آية‪:‬‬ ‫َنا ِدمِينَ * َفَأ َخ َذ ُه ُم ا ْل َع َذ ُ‬
‫‪]158-156‬‬

‫صاعِ َق ًة ِّم ْثل َ َ‬


‫صاعِ َق ِة َعا ٍد َو َث ُمودَ " [سورة‬ ‫ضوا َفقُلْ َأ َ‬
‫نذ ْر ُت ُك ْم َ‬ ‫قال تعالى‪َ " :‬فِإنْ َأ ْع َر ُ‬
‫فصلت‪ ،‬آية‪]13 :‬‬

‫اس َت َح ُّبوا ا ْل َع َمى َع َلى ا ْل ُهدَ ى َفَأ َخ َذ ْت ُه ْم َ‬


‫صاعِ َق ُة ا ْل َع َذا ِ‬
‫ب‬ ‫"وَأ َّما َث ُمو ُد َف َهدَ ْي َنا ُه ْم َف ْ‬
‫وقال تعالى‪َ :‬‬
‫ون ِب َما َكا ُنوا َي ْكسِ ُبونَ " [سورة فصلت‪]17 ،‬‬ ‫ا ْل ُه ِ‬

‫وقال تعالى‪َ " :‬وَأ َّن ُه َأهْ َل َك َعادًا اُأْلو َل َ‬


‫ى*و َث ُمودَ َف َما َأ ْب َقى" [سورة النجم‪ ،‬آية‪]51-50 :‬‬

‫ار َعةِ* َفَأ َّما َث ُمو ُد َفُأهْ لِ ُكوا ِب َّ‬


‫الطاغِ َي ِة" [سورة الحاقة‪،‬‬ ‫وقال تعالى‪َ " :‬ك َّذ َب ْت َث ُمو ُد َو َعا ٌد ِبا ْل َق ِ‬
‫آية‪]5-4 :‬‬

‫وقال عز وجل‪َ " :‬هلْ َأ َتا َك َحد ُ‬


‫ِيث ا ْل ُج ُنودِ*ف ِْر َع ْونَ َو َث ُمودَ * َب ِل ا َّلذِينَ َك َف ُروا فِي‬
‫ح َّم ْحفُوظٍ " [سورة البروج‪،‬‬ ‫ٍ*وال َّلـ ُه مِن َو َراِئ ِهم ُّمحِي ٌط* َبلْ ه َُو قُ ْرآنٌ َّم ِجيدٌ*فِي َل ْو ٍ‬
‫َت ْكذِيب َ‬
‫‪]22-17‬‬

‫ِ*وف ِْر َع ْونَ ذِي اَأْل ْو َتادِ*ا َّلذِينَ‬


‫الص ْخ َر ِبا ْل َواد َ‬
‫َّ‬ ‫وقال تبارك وتعالى‪َ " :‬و َث ُمودَ ا َّلذِينَ َجا ُبوا‬
‫ب" [سورة الفجر‪ ،‬آية‪:‬‬ ‫س ْو َط َع َذا ٍ‬
‫ص َّب َع َل ْي ِه ْم َر ُّب َك َ‬ ‫َط َغ ْوا فِي ا ْل ِباَل دِ* َفَأ ْك َث ُروا فِي َها ا ْل َف َ‬
‫سادَ * َف َ‬
‫‪]13-9‬‬

‫سول ُ ال َّلـ ِه َنا َق َة ال َّلـ ِه‬‫ش َقاهَا* َف َقال َ َل ُه ْم َر ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ " :‬ك َّذ َب ْت َث ُمو ُد ِب َط ْغ َواهَا*ِإ ِذ ان َب َع َث َأ ْ‬
‫اف ُع ْق َباهَا" [سورة‬ ‫َا*واَل َي َخ ُ‬
‫س َّواه َ‬ ‫س ْق َياهَا* َف َك َّذ ُبوهُ َف َع َق ُروهَا َفدَ ْمدَ َم َع َل ْي ِه ْم َر ُّب ُهم ِب َذ ِ‬
‫نب ِه ْم َف َ‬ ‫َو ُ‬
‫الشمس‪ ،‬آية‪]15-11 :‬‬

‫‪109‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وقوم عاد‪ ,‬أو أشدوني أرام‪ ،‬هم القوم الذين أرسل إليهم النبي هود ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وكان‬
‫قوم عاد أصحاب قوة‪ ،‬وبأس‪ ،‬ويمكن القول بأنها قوة خارقة‪ ،‬وكان عصرهم عصر‬
‫رخاء اقتصادي وغنىً ‪ ،‬وَأرسل هللا هودا ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬إليهم برسالة التوحيد‪ ،‬ليشكروه‬
‫على نعمه وفضله‪ ،‬ورغم ك ّل القوّ ة التي كانوا فيها لم يستطيعوا أن يتعرضوا باألذى لنبي‬
‫هللا هود بعدما رفضوا دعوته‪ ،‬وحينما دعاهم إلى التوحيد وترك آلهتهم لم يستجيبوا‪,‬‬
‫وسخروا منه‪ ,‬فقال هللا تعالى‪َ " :‬قال َ ا ْل َمُأَل ا َّلذِينَ َك َف ُروا مِنْ َق ْو ِم ِه ِإ َّنا َل َن َرا َك فِي َ‬
‫س َفا َه ٍة َوِإ َّنا‬
‫َل َن ُظ ُّن َك مِنَ ا ْل َكاذ ِِبينَ " [سورة األعراف‪]66:‬‬

‫كان طبيعيًا أن يأخذ هللاُ قو َم هو ٍد بذنبهم‪ ،‬وكان العذاب بما يتناسب مع ما كانوا فيه من‬
‫ض ِب َغ ْي ِر ا ْل َح ِّق َو َقالُوا‬ ‫اس َت ْك َب ُروا فِي اَأل ْر ِ‬ ‫قوة وبأس‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪َ " :‬فَأ َّما َعا ٌد َف ْ‬
‫ش ُّد ِم َّنا قُ َّو ًة َأ َو َل ْم َي َر ْوا َأنَّ هَّللا َ ا َّلذِي َخ َل َق ُه ْم ه َُو َأ َ‬
‫ش ُّد ِم ْن ُه ْم قُ َّو ًة َو َكا ُنوا ِبآ َيا ِت َنا َي ْج َحدُونَ‬ ‫َمنْ َأ َ‬
‫" [سورة فصلت‪،]15 :‬‬

‫ال‬‫س ْب َع َل َي ٍ‬ ‫وكانت عاقبة أمرهم بأن سلّط هللا عليهم الريح‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ " :‬‬
‫س َّخ َرهَا َع َل ْي ِه ْم َ‬
‫او َي ٍة َف َهلْ َت َرى َل ُه ْم‬ ‫ص ْر َعى َكَأ َّن ُه ْم َأ ْع َجا ُز َن ْخ ٍل َخ ِ‬ ‫َو َث َما ِن َي َة َأ َّي ٍام ُح ُ‬
‫سو ًما َف َت َرى ا ْل َق ْو َم فِي َها َ‬
‫مِنْ َباقِ َي ٍة" [سورة الحاقة‪ ]8,7 :‬القوة الخارقة دمرها هللا برياح‪ ،‬لم تجعل لهم أثرً ا‪.‬‬

‫أما قوم ثمود‪ ،‬فهم الذين كذبوا قول نبي هللا صالح‪ ،‬وكانوا في والية كيش الخامسة‪,‬‬
‫فأرسل هللا فيهم نبيه صالح ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ليهديهم إلى عبادته‪ ،‬فسخروا منه‪ ,‬ولم‬
‫أرنا معجزة من هللا‪ ،‬وتلك كانت طلبات بني‬
‫يستجيبوا له‪ ،‬وكذبوه‪ ،‬وقالوا له لو كنت نبيًا ِ‬
‫إسرائيل من األنبياء دومًا‪ ،‬وطلبوا منه أن يُخرج لهم ناقة من صخر ٍة صمّاء ملساء‪!...‬‬

‫فتمخضت الصخرة كأ ّنها َتلِد‪ ،‬وأخرجت الناقة‪ ،‬وكانت هذه‬


‫ّ‬ ‫حقق هللا طلبهم لنبيه صالح‪,‬‬
‫الناقة ابتال ًء واختبارً ا لهم‪ ،‬وكانت تشرب من واديهم يومًا‪ ,‬وتنتج لهم لب ًنا مقابل ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬وهم يشربون من ذلك الوادي في اليوم التالي‪ ،‬وورد في اآلية في قول هللا تعالى‪:‬‬
‫جاءت ُكم َب ِّي َن ٌة مِن َر ِّب ُكم هـ ِذ ِه نا َق ُة ال َّلـ ِه‬ ‫"قال َ يا َق ِ‬
‫وم اع ُبدُوا ال َّلـ َه ما َل ُكم مِن ِإلـ ٍه َغي ُرهُ َقد َ‬

‫‪110‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ذاب َألي ٌم" (سورة‬ ‫سوء َف َيأ ُخ َذ ُكم َع ٌ‬‫سوها ِب ٍ‬ ‫َل ُكم آ َي ًة َف َذروها َتأ ُكل في َأ ِ‬
‫رض ال َّلـ ِه َوال َت َم ّ‬
‫األعراف)‪.‬‬

‫ً‬
‫صيحة في اليوم الرابع‬ ‫رفضوا االنصياع لألمر اإللهي‪ ،‬وقتلوا الناقة‪ ,‬فأرسل هللا عليهم‬
‫قرها فصاروا كالهشيم اليابس‪:‬‬
‫من َع ِ‬

‫دار ُكم َثال َث َة َأ ّي ٍام ذلِ َك َوع ٌد َغي ُر َمكذو ٍ‬


‫ب" [سورة هود‪]65:‬‬ ‫" َف َع َقروها َفقال َ َت َم َّتعوا في ِ‬

‫وهنا أيضًا نذكر قوم َس ُدوم‪ ،‬الذين تذكرهم كتب العهد القديم بأنهم ُدمِّروا بأمر إلهي‪ ،‬وهم‬
‫قوم الملك (إلتاسدوم)‪ ،‬الذي كان أحد ملوك مملكة كيش األولى _الملك رقم ‪ _21‬في‬
‫ممالك بني إسرائيل‪.‬‬

‫ومن الممالك التي ذكرها القرآن‪ ,‬و ُدمِّرت هم أصحاب الرَّ سِّ ‪ ،‬كما في قول هللا تعالى‪:‬‬
‫ض َر ْب َنا َل ُه اَأْل ْم َثال َ َو ُكاًّل َت َّب ْر َنا‬
‫ِيرا َو ُكاًّل َ‬
‫س َوقُ ُرو ًنا َب ْينَ َذلِ َك َكث ً‬
‫الر ِّ‬
‫اب َّ‬ ‫"و َعادًا َو َث ُمودَ َوَأ ْ‬
‫ص َح َ‬ ‫َ‬
‫يرا" (سورة الفرقان)‪،‬‬ ‫َت ْت ِب ً‬

‫س َو َث ُمو ُد َو َعا ٌد َوف ِْر َع ْونُ‬ ‫الر ِّ‬


‫اب َّ‬ ‫ص َح ُ‬ ‫وح َوَأ ْ‬
‫وأيضًا قوله تعالى‪َ " :‬ك َّذ َب ْت َق ْب َل ُه ْم َق ْو ُم ُن ٍ‬
‫سل َ َف َح َّق وعيد َأ َف َع ِيي َنا ِبا ْل َخ ْل ِق اَأْل َّو ِل‬ ‫اب اَأْل ْي َك ِة َو َق ْو ُم ُت َّب ٍع ُكل ٌّ َك َّذ َب ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫َوِإ ْخ َوانُ لُوطٍ َوَأ ْ‬
‫ص َح ُ‬
‫س مِنْ َخ ْل ٍق َجدِي ٍد" (سورة ق)‪.‬‬ ‫َبلْ ُه ْم فِي َل ْب ٍ‬

‫وأصحاب الرس الذين خسف هللا بهم األرض عقابًا لهم على قتلهم نبيهم هم قوم لجش في‬
‫ممالك سومر‪ ,‬وهم الذين دمرهم هللا بعقاب إلهي‪ ،‬ولم يُعرف سبب بشري لدمار ممالكهم‬
‫عن بكرة أبيها‪.‬‬

‫تاريخ بني إسرائيل حافل بمعارضة األنبياء والرسل والجهر بالسوء‪ ،‬ودائمًا كانوا‬
‫يرفضون االنصياع لألمر اإللهي‪ ،‬فتأخذهم الصيحة‪ ،‬وال يزالون مستمرين حتى اآلن‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫بعد أفعال سرجون وغدره بـ(لوغال زاغيزى)‪ ،‬امتد تاريخ بابل تدريجيًا على عادته‬
‫صراعًا بين الملوك‪ ،‬إلى أن جاء الملك الذي قد يعد األشهر بينهم‪ ,‬وهو حمورابي‪.‬‬

‫****‬

‫حمورابي‬
‫حمورابي( ) كان مل ًكا محاربًا‪ ,‬استطاع أن يستولي على ممالك أخرى‪ ،‬كانت معه في‬ ‫‪68‬‬

‫غزواته‪ ،‬ولتفنيد هذه السيطرة نعود سريعًا إلى قبائل بني إسرائيل في بالد الرافدين‪،‬‬
‫والمسماة في التاريخ السومري سنجد أنهم كانوا‪:‬‬
‫(‪)28‬‬ ‫‪ -7‬أكد‬ ‫‪-1‬كيش‬
‫‪-8‬جوتي‬ ‫‪-2‬أوروك‬
‫‪-9‬خمازي‬ ‫‪-3‬عيالم‬
‫‪-10‬أوما‬ ‫‪-4‬أداب‬
‫‪-11‬بابل‬ ‫‪-5‬لجش‬
‫‪-12‬أور‬ ‫‪-6‬ماري‬
‫حركة حمورابي‪:‬‬
‫استطاع حمورابي أن يقضي على تسع ممالك‪,‬‬
‫الباقيين؛‬
‫ِ‬ ‫ويضمها إليه فيما تحالف مع االثنيين‬
‫ليكوّ ن إمبراطوريته‪ ،‬وتحالف مع ساللة واحدة‬
‫من العيالميين‪ ,‬واستطاع القضاء على باقى‬

‫‪ ))68‬حمورابي‪ :‬هو سادِس مُلوك السُاللة البابلية األولى وأول مُلوك اإلمبراطورية البابلية‪ ،‬دا َم سُلطانه‬
‫ورث الحُكم منْ والده سين‬ ‫َ‬ ‫قرابة ‪ 42‬عاما ً بين ‪َ 1750 - 1792‬قب َل الميالد‪ .‬من أصل أموري‪،‬‬
‫العرش بسبب َتدَ هور صحته‪ .‬هناك دراسات كثيرة عن الملك حموراي‬ ‫موباليط الذي تناز َل عن َ‬
‫وعصره وتشريعاته وتاريخه بصفة عامة ومنها‪ :‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة‪ ,‬طه باقر‪,‬‬
‫ج‪ ،1‬ص ص ‪ ،432 -431‬و الملك حموراي مجدو وحدة البالج‪ ،‬فوزي رشيد‪ ,‬بغداد (‪1991‬م)‬
‫(‪ 114‬صفحة)‪ .‬و شريعة حمورابي واصل التشريع في الشرق القديم‪ ،‬مجموعة مؤلفين‪ ،‬ترجمة‬
‫أسامة سراس دمشق (‪ .)1993‬وحمورابي البابلي وعصره‪ ,‬هورست كلينكل‪ ،‬ترجمة محمد وحيد‬
‫خياطه‪ ،‬دمشق (‪1990‬م)‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السالالت العيالمية مثل ساللة الرسا بقيادة ريم سين الذى كان انتصر‪ ,‬وضم مملكة‬
‫إيسن له قبل هجوم حمورابي عليه‪ ،‬وكان تحالف حمورابي ثالثيًا‪ ،‬وتكون بقيادته في‬
‫الدولة البابلية‪ ،‬بالتحالف مع أكد بزعامة (شمسى أدد األول)‪ ,‬وتحالفت معهما ساللة‬
‫واحدة عيالمية هي ساللة إيبارطيد بزعامة (شيروكيده)‪ ،‬وهذا التحالف هو تحالف أجداد‬
‫فرعون وقارون وهامان‪.‬‬
‫عندما ننظر إلى تاريخ حركة حمورابي وتحالفاته وسيطرته على ممالك أخرى سيقودنا‬
‫إلى أمر أكثر خطورة‪ ،‬وهو أن حمورابي سيطر على ساللة إيسن العالمية التي بدأت‬
‫عام (‪ 2006‬ق‪.‬م) وانتهت (‪ 1732‬ق‪.‬م)‪ ،‬إذ قضى عليهم ريم سين‪ ,‬وسيطر على‬
‫مدنهم‪ ,‬ثم قضى عليه حمورابي‪ ,‬وسيطر على مدنه‪ ،‬كما قضى حمورابي على ساللة‬
‫الرسا‪ ,‬وسيطر عليها عام(‪ 1763‬ق‪.‬م)‪ ،‬وكذلك سيطر على ساللة إشنونا عام‬
‫(‪1761‬ق‪.‬م)‪.‬‬
‫الحركة االحتاللية التي شنها حمورابي على ممالك سومر نحتاج أن ننظر إلى توقيتها‪ ،‬إذ‬
‫إن بعضها كان في عام واحد‪ ,‬وبعضها الفارق بينهما بسيط‪ ،‬ما يؤكد أن التطلعات‬
‫االستعمارية لدى حمورابي كانت ممتدة لفترة من الزمان‪ ،‬وحينما ننظر إلى هذا التاريخ‪,‬‬
‫وهو تحدي ًدا من (‪ 1750‬إلى ‪ 1730‬ق‪.‬م) يأخذنا إلى المرحلة الزمنية نفسها في‬
‫الحضارة المصرية وهنا سنصطدم بجدار إحتالل الهكسوس لمصر‪ ,‬فال يعقل أن‬
‫الهكسوس مروا بجيوشهم على البالد التي وحدها حمورابي بل أننا نقول بأنه هو أول من‬
‫جاء لمصر من الهكسوس بعد أن وحد ممالك بالد الرافدين جميعا‪ ,‬وجاء من نسلهم ملوك‬
‫الهكسوس الذين حكموا شمال مصر وآخرهم فرعون وقارون وكان الغرض من توحيد‬
‫حمورابي قهرا لكل ممالك بني إسرائيل هو احتالل مصر‪.‬‬

‫*****‬

‫‪113‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪114‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الهكسوس وبني إسرائيل‬
‫فترة حكمهم وأصولهم‪:‬‬
‫تنحصر فترة حكم الهكسوس(‪ )69‬في مصر في الفترة الزمنية بين ‪ 1750‬إلى ‪1550‬‬
‫ق‪.‬م‪ ،‬فيما يمتد تاريخ بابل(ساللة بابل األولى من ‪ 1894‬إلى ‪ 1595‬ق‪.‬م) بين ‪1900‬‬
‫إلى ‪ 1550‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫هنا يجب أن ننظر إلى منحنى آخر‪ ،‬وهو أن كل كتب التاريخ بال استثناء تقول عن‬
‫الهكسوس بأنهم شعوب‪ ,‬ال يعرف لهم أصل‪ ،‬هنا البد أن نسأل سؤاال؛ كيف لشعوب بال‬
‫هوية أن تحتل أعظم دول األرض‪ ,‬بل تقتل ملوكها واح ًدا تلو اآلخر‪ ,‬وفككوا مفاصل‬
‫الدولة المصرية بكل سهولة؟!‬
‫ومن يريد أن يخرج من هذا المأزق يقول‪ :‬إنهم شعوب ذوو أصول متعددة‪ ،‬وهناك من‬
‫قال بأنهم شعوب بدوية من أصول آسيوية متعددة إلى جانب هذا نضع أمام أعيننا أن‬
‫سومر وبعدها بالد بابل هم أول من صنعوا العجالت الحربية‪ ،‬في حين تسجل الحضارة‬
‫المصرية أن المصريين عرفوا العجالت الحربية من الهكسوس‪.‬‬

‫‪ ))69‬هناك دراسات عديدة اجنبية وعربية عن فترة حكم الهكسوس في مصر ثم مراحل التحرير سقنزع‬
‫وكامي واحمس‪ ،‬ولكن حسبنا أن نشير إلى احدثها ومنها‪ ،‬مريم مناعي وهاجر هويدي‪ ،‬مصر خالل‬
‫سيطرة الهكسوس ‪ 1575 – 1775‬ق‪.‬م‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫بجامعة الشهيد حمه لخضر‪ ،‬الوادي – الجزائر ‪2017-2016‬م‪ ،‬محمد حسن العالمي‪ ،‬اصل‬
‫العكسوس‪ ،‬مجلة دراسات في علم االثار والتراث‪ ،‬العدد ‪ ، 6‬الجمعية السعودية للدراسات االثرية‪،‬‬
‫الرياض‪2015 ،‬م‪ ،‬ص ص ‪ ،35-17‬عبدالكريم عبدهللا‪ ،‬األصول العربية – السامية في حضارة‬
‫الهكسوس وتاريخهم مجلة كلية االداب – جامعة بغداد ‪ ،‬العدد ‪1979( 25‬م) ص ‪.114 -71‬‬
‫مزدهر محسن الخفاجي‪ ،‬عادل ثابت جابر‪ ،‬مقاربة تاريخية وسياسية وحضارية‪ ،‬في نتائج‬
‫االحتاللين الهكسوس والكشي لمصر والعراق‪ ،‬حوليات اداب عين شمس‪ ،‬المجلد ‪ ، 46‬ديسمبر‬
‫‪2018‬م‪ ،‬ص ص ‪. 422 -398‬‬
‫ومن الدراسات األجنبية دراسة ايريني مولر عن الملك الهكسوس خيان واورايس عام ‪2014‬م‪،‬‬
‫ودراسة أخرى عن حكم الهكسوس لمصر ‪ save-Soderber Gh‬في مجلة االثار المصرية‪ ،‬المجلد‬
‫‪( 37‬ديسمبر ‪1951‬م) ملحص ‪ ، 71- 53‬ودراسة مهمة عن ملوك الهكسوس لـ ‪Ri chard lyon‬‬
‫‪ Daly‬وهي رسالة دكتوراه من جامعة ‪ Utah‬ديسمبر ‪1994‬م‬
‫ومما له داللته انه ال يوجد كتاب عن تاريخ الشرق األدنى القديم في مصر والعراق بصفة عامة أو‬
‫تاريخ مصر القديمة وحضارتها بصفة خاصة يخلو من دراسة فترة احتالل الهكسوس لمصر‬
‫ومراحل التحرير‪ ،‬ومن بينها مؤلفات سليم حسن وأحمد فخري وعبدالعزيز صالح ومحمد إبراهيم‬
‫بكر وعبدالحليم نور الدين ومحمد بيومي مهران وغيرهم‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ال يساورنا شك أن الهكسوس هم بنو إسرائيل‪ ،‬وأن تفرقة أصلهم بين القبائل إنما هي‬
‫كذبة وإخفاء لحقيقة أن بني إسرائيل هم الهكسوس‪ ,‬وهو أمر لم يأت صدفة‪ ,‬بل جاء‬
‫بتخطيط ماكر من أبناء وأحفاد زيوسدرا (صهيون )‪.‬‬
‫ما يؤكد ما ذهبنا إليه أن المؤرخ اليهودي فالفيوس يوسيفوس‪ ,‬فيما نقل عنه محمد حمدي‬
‫وحدَ َث ِ‬
‫ين‬ ‫إبراهيم رصد التزامن بين الرواية التوراتية لخروج اإلسرائيليين من مصر َ‬
‫َش ِبي َه ِ‬
‫ين‪ ,‬ذكرهما مانيتون السمنودي‪ ،‬أحدهما هو خروج ‪ 480‬ألف هكسوسي من‬
‫مصر‪)70(.‬‬
‫خروج بني إسرائيل‬
‫وقبل أن نتحدث عن كيفية خروج الهكسوس من مصر نذكر أواًل بعض ما فعلوه في‬
‫مصر‪.‬‬
‫فمع تاريخ بني إسرائيل ال جديد‪ ،‬فمن عبادتهم لألصنام‪ ,‬إلي عبادتهم العجل‪ ,‬ثم ارتكاب‬
‫الفواحش‪ ،‬فقد سبق أن عبدوا كبابا‪ ,‬ومارسوا الشذوذ في عهد أغا الكيشي‪ ،‬وحينما جاءوا‬
‫إلى مصر فعلوا األمور ذاتها‪ ،‬إذ عبدوا في مصر أباهم سيت(إسرائيل) ‪ -‬واسمه في‬
‫لغتهم قديما(بعل)‪ ,‬ثم اطلقوا عليه فيما بعد (تايفون) وعند احتاللهم مصر أطلقوا عليه‬
‫(سوتخ) ‪ -‬وارتكبوا الجرائم نفسها‪ ،‬وهم أيضًا من أتوا بالسحر من أرض بابل التي كانت‬
‫نبعًا للسحر الشيطاني‪ ,‬وقد تمركزوا فى شمال مصر‪ ,‬واستضعفوا المصريين الشماليين‪.‬‬
‫وعبادة الهكسوس لإلله بعل تجعلنا نذهب تلقائيًا إلى ما قاله هللا تعالى عن عبادة بعل في‬
‫القرآن الكريم‪:‬‬
‫سنَ‬ ‫سلِينَ ِإ ْذ َقال َ لِ َق ْو ِم ِه َأال َت َّتقُونَ َأ َتدْ ُعونَ َب ْعال َو َت َذ ُرونَ َأ ْح َ‬ ‫اس َلمِنْ ا ْل ُم ْر َ‬ ‫"وِإنَّ ِإ ْل َي َ‬‫َ‬
‫ا ْل َخالِقِينَ هَّللا َ َر َّب ُك ْم َو َر َّب آ َباِئ ُك ُم اَأل َّولِينَ َف َك َّذ ُبوهُ َفِإ َّن ُه ْم َل ُم ْح َ‬
‫ض ُرونَ ِإالَّ عِ َبادَ هَّللا ِ ا ْل ُم ْخ َلصِ ينَ‬
‫سال ٌم َع َلى ِإلْ َياسِ ينَ ِإ َّنا َك َذلِ َك َن ْج ِزي ا ْل ُم ْحسِ نِينَ ِإ َّن ُه مِنْ عِ َبا ِد َنا‬ ‫َو َت َر ْك َنا َع َل ْي ِه فِي اآلخ ِِرينَ َ‬
‫ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ " [الصافات‪123 :‬إلى ‪]135‬‬

‫‪ ))70‬آثار اليهود القديمة‪ ,‬محاورة ضد ابيون لمحمد حمدي إبراهيم‪.‬‬


‫‪116‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ف عن أحمس(‪ 1551-1575‬ق‪.‬م أو ‪1514-1539‬ق‪.‬م) في الحضارة المصرية‬ ‫ع ُِر َ‬
‫ِط َط الحربية‪ ,‬وأدوات الحرب‪ ,‬ومنها العجالت‬ ‫القديمة عبقريته الحربية‪ ،‬إذ طوَّ ر الخ َ‬
‫الحربية التي كانت سببًا في التفوق العسكري الهكسوسي على المصريين‪.‬‬

‫(‪)31‬‬ ‫(‪)30‬‬ ‫(‪)29‬‬

‫امتدا ًدا‬ ‫أحمس‬ ‫وكان‬


‫للحرب المصرية على الهكسوس‪ ,‬تلك التي بدأها الملك سقنن رع‪ ،‬وهو الذي استشهد في‬
‫إحدى معاركه مع الهكسوس (بني إسرائيل)‪ ،‬ليأتي بعده ابنه كامس؛ ليقود الحرب في‬
‫الجنوب ضد الهكسوس وتحدي ًدا من طيبة‪ ,‬وكان الملك الكوشي في الجنوب قد تحالف مع‬
‫حفيد حمورابي (سمسو ديتانا) ضد الدولة المصرية‪.‬‬
‫استمر كامس في حربه على الهكسوس ثالث سنوات‪ ,‬حتي مات فى ظروف غامضة‪ ,‬ثم‬
‫استكمل أحمس الحرب بعده‪ ,‬وطرد الهكسوس من الجنوب‪ ،‬وامتدت حربه عليهم من‬
‫طيبه حتى أعالي الصعيد‪.‬‬
‫الهكسوس ذاتهم هم من كان منهم فرعون الخروج الذي واجهه موسى‪ ,‬واغرقه هللا على‬
‫أرض مصر‪ ،‬وقبل أن نحدد من هو فرعون الخروج فالثابت أنه كان معه أيضًا من بني‬

‫‪117‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫إسرائيل هامان وقارون‪ ،‬إذ كان الملك الهكسوسي كوتيك ماتالت هو هامان‪ ,‬وشمشي آدد‬
‫الثاني هو قارون‪ ,‬وفرعون هو سمسو ديتانا‪ ،‬وكان لهم ألقاب أخرى‪ ,‬دونوها في مصر‪,‬‬
‫وهي خيان وخامودي وأبوفيس‪.‬‬
‫وقارون كان هو المسئول عن العبيد الذين اس َتع َبدَ هُم فرعونُ ‪ ،‬وكانت نهايته كما ذكر فى‬
‫القرآن الكريم‬
‫ُون هَّللا ِ َو َما َكانَ مِنَ‬ ‫ض َف َما َكانَ َل ُه مِن فَِئ ٍة َين ُ‬
‫ص ُرو َن ُه مِن د ِ‬ ‫س ْف َنا ِب ِه َو ِبدَ ِار ِه اَأْل ْر َ‬
‫" َف َخ َ‬
‫ا ْل ُمن َتصِ ِرينَ " [القصص‪]81 :‬‬

‫التفسير‬
‫ت الدنيا عنده‪ ،‬وكثر بها إعجابه‪ ،‬بغته‬ ‫فلما انتهت بقارون حالة البغي والفخر‪َّ ،‬‬
‫واز َّي َن ْ‬
‫ض { جزاء من جنس عمله‪ ،‬فكما رفع نفسه على عباد‬ ‫س ْف َنا ِب ِه َو ِبدَ ِار ِه اَأْل ْر َ‬
‫العذاب‪َ } :‬ف َخ َ‬
‫هّللا ‪ ،‬أنزله هّللا أسفل سافلين‪ ،‬هو وما اغتر به‪ ،‬من داره وأثاثه‪ ،‬ومتاعه‪.‬‬

‫ُون هَّللا ِ‬ ‫} َف َما َكانَ َل ُه مِنْ فَِئ ٍة {أي‪ :‬جماعة‪ ،‬وعصبة‪ ،‬وخدم‪ ،‬وجنود } َي ْن ُ‬
‫ص ُرو َن ُه مِنْ د ِ‬
‫َو َما َكانَ مِنَ ا ْل ُم ْن َتصِ ِرينَ {أي‪ :‬جاءه العذاب‪ ،‬فما ُنصِ َر وال انتصر‪.‬‬
‫وكان هامان هو المسئول عن البناء‪ ,‬وهو الذي طلب منه فرعون أن يبني صرحً ا؛ ليطلع‬
‫إلى السماء‪ ,‬كما جاء في قوله تعالى ‪:‬‬
‫ين‬ ‫َغ ْي ِرى َفَأ ْوقِدْ لِى ٰ َي ٰ َه ٰ َمنُ َع َلى ِّ‬
‫ٱلط ِ‬ ‫ت َل ُكم ِّمنْ ِإ ٰ َل ٍه‬
‫"و َقال َ ف ِْر َع ْونُ ٰ َٓيَأ ُّي َها ٱ ْل َمُأَل َما َعل ِْم ُ‬‫َ‬
‫َأَل ُظ ُّن ُهۥ مِنَ ٱ ْل ٰ َكذ ِِبينَ " (القصص ‪-‬‬ ‫وس ٰى َوِإ ِّنى‬ ‫ص ْر ًحا َّل َع ِّل ٓى َأ َّطلِ ُع ِإ َل ٰ ٓى ِإ ٰ َل ِه ُم َ‬ ‫َف ْ‬
‫ٱج َعل ِّلى َ‬
‫‪)38‬‬

‫التفسير‬

‫قوله تعالى‪" :‬وقال فرعون يا أيها المأل ما علمت لكم من إله غيري"‬

‫قال ابن عباس ‪ :‬كان بينها وبين قوله أنا ربكم األعلى أربعون سنة‪ ،‬وكذب عدو هللا‪ ,‬بل‬
‫علم أن له ربا هو خالقه وخالق قومه‪,‬‬

‫‪118‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫"ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن هللا" قال ‪" :‬فأوقد لي يا هامان على الطين" أي‬
‫اطبخ لي اآلجر ‪ -‬الطوب المحروق بالنار ‪ -‬عن ابن عباس رضي هللا عنه وقال قتادة‪:‬‬
‫هو أول من صنع اآلجر‪ ,‬وبنى به‪ ,‬ولما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصَّرح جمع‬
‫هامان العمال ‪ -‬قيل خمسين ألف بناء سوى األتباع واألجراء ‪ -‬وأمر بطبخ اآلجر‬
‫والجص‪ ،‬ونشر الخشب وضرب المسامير‪ ،‬فبنوا‪ ,‬ورفعوا البناء‪ ,‬وشيدوه؛ بحيث لم يبلغه‬
‫بنيان منذ خلق هللا السماوات واألرض‪ ،‬فكان الباني ال يقدر أن يقوم على رأسه‪ ،‬حتى‬
‫أراد هللا أن يفتنهم فيه‪.‬‬

‫حكى السدي أن فرعون صعد السطح ورمى بنشابة نحو السماء‪ ،‬فرجعت متلطخة‬
‫بدماء‪ ،‬فقال قد قتلت إله موسى‪ ,‬فروي أن جبريل عليه السالم بعثه هللا تعالى عند مقالته‪،‬‬
‫فضرب الصرح بجناحه فقطعه ثالث قطع; قطعة على عسكر فرعون‪ ,‬قتلت منهم ألف‬
‫ألف‪ ،‬وقطعة في البحر‪ ،‬وقطعة في الغرب‪ ،‬وهلك كل من عمل فيه شيئا وهللا أعلم‬
‫بصحة ذلك‪" .‬وإني ألظنه من الكاذبين" الظن هنا شك‪ ،‬فكفر على الشكِّ; ألنه قد رأى‬
‫من البراهين ما ال يخيل على ذي فطرة‪.‬‬
‫هللا موسى وهارون‪ ,‬ومن آمن معهما من بني إسرائيل حتى سيناء‬ ‫أما فرعون فطارد نبيَّ ِ‬
‫وس ٰى‬ ‫وخليج السويس‪ ،‬وغرقوا هناك باألمر اإللهي كما في قوله تعالى‪َ " :‬فَأ ْو َح ْي َنا ِإ َل ٰى ُم َ‬
‫يم (‪َ )63‬وَأ ْز َل ْف َنا َث َّم‬ ‫صا َك ا ْل َب ْح َر ۖ َفان َف َل َق َف َكانَ ُكل ُّ ف ِْر ٍق َك َّ‬
‫الط ْو ِد ا ْل َعظِ ِ‬ ‫َأ ِن ْ‬
‫اض ِرب ِّب َع َ‬
‫وس ٰى َو َمن َّم َع ُه َأ ْج َمعِينَ (‪ُ )65‬ث َّم َأ ْغ َر ْق َنا اآْل َخ ِرينَ (‪ِ )66‬إنَّ‬ ‫نج ْي َنا ُم َ‬ ‫اآْل َخ ِرينَ (‪َ )64‬وَأ َ‬
‫ٰ‬
‫الرحِي ُم (‪")68‬‬ ‫فِي َذلِ َك آَل َي ًة ۖ َو َما َكانَ َأ ْك َث ُرهُم ُّمْؤ ِمنِينَ (‪َ )67‬وِإنَّ َر َّب َك َل ُه َو ا ْل َع ِزي ُز َّ‬
‫(الشعراء)‬
‫التفسير‪:‬‬
‫صا َك ا ْل َب ْح َر ۖ َفان َف َل َق َف َكانَ ُكل ُّ ف ِْر ٍق َك َّ‬
‫الط ْو ِد ا ْل َعظِ ِ‬
‫يم‬ ‫وس ٰى َأ ِن ْ‬
‫اض ِرب ِّب َع َ‬ ‫" َفَأ ْو َح ْي َنا ِإ َل ٰى ُم َ‬
‫(‪ ")63‬أي‪ :‬الجبل ْال َعظِ ِيم فدخله موسى وقومه‪.‬‬
‫" َوَأ ْز َل ْف َنا َث َّم اآْل َخ ِرينَ (‪")64‬‬

‫‪119‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ين أي فرعون وقومه‪ ,‬قربناهم‪ ,‬وأدخلناهم في ذلك‬ ‫َ‬


‫اآلخ ِر َ‬ ‫َوَأ ْز َل ْف َنا َث َّم في ذلك المكان‬
‫الطريق‪ ,‬الذي سلك منه موسى وقومه‪.‬‬
‫وس ٰى َو َمن َّم َع ُه َأ ْج َمعِينَ (‪ ")65‬استكملوا خارجين‪ ,‬لم يتخلف منهم أحد‪.‬‬ ‫" َوَأ َ‬
‫نج ْي َنا ُم َ‬
‫" ُث َّم َأ ْغ َر ْق َنا اآْل َخ ِرينَ (‪ ")66‬لم يتخلف منهم عن الغرق أحد‪.‬‬
‫"ِإنَّ فِي ٰ َذلِ َك آَل َي ًة ۖ َو َما َكانَ َأ ْك َث ُرهُم ُّمْؤ ِمنِينَ (‪")67‬‬
‫ِإنَّ فِي َذل َِك آل َي ًة عظيمة‪ ,‬على صدق ما جاء به موسى عليه السالم‪ ,‬وبطالن ما عليه‬
‫ان َأ ْك َث ُر ُه ْم مُْؤ ِمن َ‬
‫ِين مع هذه اآليات المقتضية لإليمان لفساد قلوبكم‪.‬‬ ‫فرعون وقومه‪َ ،‬و َما َك َ‬
‫"وِإنَّ َر َّب َك َل ُه َو ا ْل َع ِزي ُز َّ‬
‫الرحِي ُم (‪ ")68‬بعزته أهلك الكافرين المكذبين‪ ،‬وبرحمته نجى‬ ‫َ‬
‫موسى‪ ,‬ومن معه أجمعين‪.‬‬
‫لكن من هو فرعون؟!‬
‫اإلجابة عن هذا في المبحث التالي ‪ -‬إن شاء هللا ‪ -‬هذا والحمدهلل رب العالمين‪.‬‬
‫********‬

‫فرعون الهكسوسي‬
‫ولمعرفة من فرعون من القرآن الكريم في قوله تعالى ‪:‬‬
‫ين (‪ِ )23‬إ َل ٰى ف ِْر َع ْونَ َوهَا َمانَ َو َقا ُرونَ َف َقالُوا‬ ‫ان ُم ِب ٍ‬ ‫س ْل َط ٍ‬ ‫س ْل َنا ُم َ‬
‫وس ٰى ِبآ َيا ِت َنا َو ُ‬ ‫"و َل َقدْ َأ ْر َ‬
‫َ‬
‫اء ا َّلذِينَ آ َم ُنوا َم َع ُه‬ ‫اء ُه ْم ِبا ْل َح ِّق مِنْ عِ ْن ِد َنا َقالُوا ا ْق ُتلُوا َأ ْب َن َ‬ ‫اب (‪َ )24‬ف َل َّما َج َ‬ ‫سا ِح ٌر َك َّذ ٌ‬ ‫َ‬
‫ضاَل ٍل (‪[ ")25‬سورة غافر]‬ ‫اء ُه ْم ۚ َو َما َك ْي ُد ا ْل َكاف ِِرينَ ِإاَّل فِي َ‬‫ِس َ‬ ‫اس َت ْح ُيوا ن َ‬ ‫َو ْ‬
‫وا فِی‬ ‫ٱس َت ۡك َب ُر ۟‬
‫ت َف ۡ‬ ‫وقوله تعالى‪َ " :‬و َق ٰـ ُرونَ َوف ِۡر َع ۡونَ َو َه ٰـ َم ٰـ ۖنَ َو َل َق ۡد َج ۤا َءهُم ُّم َ‬
‫وس ٰى ِب ۡٱل َب ِّی َن ٰـ ِ‬
‫س ٰـ ِبقِینَ " [سورة العنكبوت ‪]٣٩‬‬ ‫ض َو َما َكا ُن ۟‬
‫وا َ‬ ‫ٱَأۡل ۡر ِ‬
‫وهذه اآليات الكريمة بها حكمة كبيرة و دعوه لتدبر آيات القرآن الكريم كما أمرنا هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫فلقد ذكر لنا هللا سبحانه وتعالى ثالثة أسماء‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ونحن نعرف من آيات سابقة بأن سيدنا موسى كانت رسالته موجهة لفرعون‪.‬‬
‫ولكن في هذة اآليات أراد هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬إبالغنا أن الحكم لم يكن فرديا‪ ,‬بل كان‬
‫من تحالف ثالثي بين (قارون‪ ,‬وفرعون‪ ,‬وهامان) وبرئاسة فرعون‪ ,‬لذلك الرسالة كانت‬
‫موجهة له بصفته رئيس التحالف‪ ,‬وتأكي ًدا علي ذلك‪ ,‬ولكي ال يذهب فكر البعض بأنهم‬
‫كانوا في زمنين متتابعين فقد ورد ذكرهم مرة (فرعون‪ ,‬وهامان‪ ,‬وقارون) والمرة‬
‫األخرى (قارون‪ ,‬وفرعون‪ ,‬وهامان)؛ مما ال يترك مجاال للشك أن الثالثة كانوا‬
‫مشتركين في الحكم في وقت واحد برئاسة فرعون‪.‬‬
‫ومن معرفتنا بجبروت فرعون وسطوته‪ ,‬ذلك الذي ذكره لنا القرآن في العديد من اآليات‬
‫نتيقن مِن أن هذا التحالف الثالثي تربطه أواصر عرقية وعقائدية واحدة (وهذا هو‬
‫التحالف الثالثي الذي أنشأه حمورابي في بداية احتالل مصر)؛ ألن فرعون بجبروته‬
‫وطغيانه لن يقبل أن يتحالف مع شخص من خارج عِ ر ِقهِ‪ ,‬أو علي غير عقيدته‪ ,‬وقد بين‬
‫لنا القرآن مدى غرور فرعون وقارون‪ ,‬وتقارب أفكارهم وعقيدتهم في مثل هذه اآليات‪:‬‬
‫ِف َطاِئ َف ًة ِم ْن ُه ْم ُي َذ ِّب ُح َأ ْب َن َ‬
‫اء ُه ْم‬ ‫"ِإنَّ ف ِْر َع ْونَ َعاَل فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض َو َج َعل َ َأهْ َل َها شِ َي ًعا َي ْس َت ْ‬
‫ضع ُ‬
‫اء ُه ْم ۚ ِإ َّن ُه َكانَ مِنَ ا ْل ُم ْفسِ دِينَ (‪[ ")4‬سورة القصص]‬ ‫ِس َ‬ ‫َو َي ْس َت ْح ِيي ن َ‬
‫ين‬
‫الط ِ‬‫ت َل ُك ْم مِنْ ِإ ٰ َل ٍه َغ ْي ِري َفَأ ْوقِدْ لِي َيا هَا َمانُ َع َلى ِّ‬ ‫" َو َقال َ ف ِْر َع ْونُ َيا َأ ُّي َها ا ْل َمُأَل َما َعل ِْم ُ‬
‫اس َت ْك َب َر ه َُو‬ ‫ص ْر ًحا َل َع ِّلي َأ َّطلِ ُع ِإ َل ٰى ِإ ٰ َل ِه ُم َ‬
‫وس ٰى َوِإ ِّني َأَل ُظ ُّن ُه مِنَ ا ْل َكاذ ِِبينَ (‪َ )38‬و ْ‬ ‫اج َعلْ لِي َ‬ ‫َف ْ‬
‫ض ِب َغ ْي ِر ا ْل َح ِّق َو َظ ُّنوا َأ َّن ُه ْم ِإ َل ْي َنا اَل ُي ْر َج ُعونَ (‪[ ")39‬سورة القصص]‬ ‫َو ُج ُنو ُدهُ فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ولكن في اآليات الخاصة بغرور قارون وتجبره أراد هللا سبحانه وتعالى أن يخبرنا إلى‬
‫أي قوم ينتمي هذا التحالف الثالثي‪ ,‬فذكر لنا قوم قارون في قوله تعالى‪ِ" :‬إنَّ َقا ُرونَ َكانَ‬
‫ص َب ِة ُأولِي‬ ‫وز َما ِإنَّ َم َفات َِح ُه َل َت ُنو ُء ِبا ْل ُع ْ‬ ‫وس ٰى َف َب َغ ٰى َع َل ْي ِه ْم ۖ َوآ َت ْي َناهُ مِنَ ا ْل ُك ُن ِ‬ ‫مِنْ َق ْو ِم ُم َ‬
‫ِب ا ْل َف ِرحِينَ (‪َ )76‬وا ْب َت ِغ فِي َما آ َتا َك هَّللا ُ الدَّ َ‬
‫ار‬ ‫ا ْلقُ َّو ِة ِإ ْذ َقال َ َل ُه َق ْو ُم ُه اَل َت ْف َر ْح ۖ ِإنَّ هَّللا َ اَل ُيح ُّ‬
‫سادَ فِي‬ ‫سنَ هَّللا ُ ِإ َل ْي َك ۖ َواَل َت ْب ِغ ا ْل َف َ‬
‫س َنصِ ي َب َك مِنَ ال ُّد ْن َيا ۖ َوَأ ْحسِ نْ َك َما َأ ْح َ‬ ‫اآْل خ َِر َة ۖ َواَل َت ْن َ‬
‫ِب ا ْل ُم ْفسِ دِينَ (‪َ )77‬قال َ ِإ َّن َما ُأوتِي ُت ُه َع َل ٰى عِ ْل ٍم عِ ْندِي ۚ َأ َو َل ْم َي ْع َل ْم َأنَّ‬ ‫ض ۖ ِإنَّ هَّللا َ اَل ُيح ُّ‬ ‫اَأْل ْر ِ‬

‫‪121‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ش ُّد ِم ْن ُه قُ َّو ًة َوَأ ْك َث ُر َج ْم ًعا ۚ َواَل ُي ْسَأل ُ َعنْ‬ ‫ون َمنْ ه َُو َأ َ‬ ‫هَّللا َ َقدْ َأهْ َل َك مِنْ َق ْبلِ ِه مِنَ ا ْلقُ ُر ِ‬
‫وب ِه ُم ا ْل ُم ْج ِر ُمونَ (‪َ )78‬ف َخ َر َج َع َل ٰى َق ْو ِم ِه فِي ِزي َن ِت ِه ۖ َقال َ ا َّلذِينَ ُي ِريدُونَ ا ْل َح َيا َة ال ُّد ْن َيا َيا‬‫ُذ ُن ِ‬
‫ُأ‬
‫يم (‪[ ")79‬سورة القصص]‬ ‫َل ْي َت َل َنا ِم ْثل َ َما وت َِي َقا ُرونُ ِإ َّن ُه َل ُذو َح ٍّظ َعظِ ٍ‬
‫واآلية واضحة بأن قارون كان من قوم موسى أي إن قارون من بني إسرائيل‪.‬‬
‫فهل يعقل أن يكون فرعون مصريا كما يقول البعض؟ واألكثر من ذلك أنه يسمح لواحد‬
‫من بني إسرائيل (قارون) أن يكون بهذا الجاه والمكانة التي كان يحسده عليها قومه‪.‬‬
‫التحالف الثالثي‪:‬‬
‫يتضح لنا كما ذكرنا أنهم تحالف ثالثي؛ مما يؤكد أن (قارون‪ ,‬وفرعون‪ ,‬وهامان) من‬
‫القوم أنفسهم‪ ,‬من بني إسرائيل‪ ,‬وأنهم كانوا يستضعفون قبائل بني إسرائيل األخرى‪,‬‬
‫ويستخدمونهم في غزو البالد واحتاللها‪ ,‬حتي وصلوا إلى مصر‪ ,‬واحتلوها‪ ,‬واستضعفوا‬
‫المصريين سكان الشمال مع من استضعفوهم من بني إسرائيل‪.‬‬
‫ونؤكد على أن ملوك مصر لم يذكرهم القرآن إال في قصة سيدنا يوسف‪ ,‬ولم يذكر حاكم‬
‫مصر في سورة يوسف بأنه (فرعون)‪ ,‬إنما ذكر أنه (الملك)‪ ,‬كما في هذه اآليات‬
‫الكريمات‪:‬‬
‫ض ٍر‬‫ت ُخ ْ‬ ‫س ْن ُباَل ٍ‬
‫س ْب َع ُ‬‫اف َو َ‬ ‫س ْب ٌع عِ َج ٌ‬ ‫ان َيْأ ُكلُ ُهنَّ َ‬ ‫ت سِ َم ٍ‬ ‫" َو َقال َ ا ْل َملِ ُك ِإ ِّني َأ َر ٰى َ‬
‫س ْب َع َب َق َرا ٍ‬
‫ِلرْؤ َيا َت ْع ُب ُرونَ ﴿‪[ " ﴾٤٣‬يوسف]‬ ‫اي ِإنْ ُك ْن ُت ْم ل ُّ‬ ‫ت ۖ َيا َأ ُّي َها ا ْل َمُأَل َأ ْف ُتونِي فِي ُرْؤ َي َ‬
‫سا ٍ‬ ‫َوُأ َخ َر َي ِ‬
‫اب َ‬
‫اسَأ ْل ُه َما َبال ُ ال ِّن ْس َو ِة‬
‫ار ِج ْع ِإ َل ٰى َر ِّب َك َف ْ‬ ‫سول ُ َقال َ ْ‬ ‫الر ُ‬‫اءهُ َّ‬ ‫" َو َقال َ ا ْل َملِ ُك اْئ ُتونِي ِب ِه ۖ َف َل َّما َج َ‬
‫الاَّل تِي َق َّط ْعنَ َأ ْي ِد َي ُهنَّ ۚ ِإنَّ َر ِّبي ِب َك ْي ِدهِنَّ َعلِي ٌم ﴿‪[ "﴾٥٠‬يوسف]‬
‫ِص ُه لِ َن ْفسِ ي ۖ َف َل َّما َك َّل َم ُه َقال َ ِإ َّن َك ا ْل َي ْو َم َلدَ ْي َنا َمكِينٌ َأمِينٌ‬
‫"و َقال َ ا ْل َملِ ُك اْئ ُتونِي ِب ِه َأ ْس َت ْخل ْ‬‫َ‬
‫﴿‪[ " ﴾٥٤‬يوسف]‬
‫ِير َوَأ َنا ِب ِه َزعِ ي ٌم ﴿‪[ "﴾٧٢‬يوسف]‬ ‫اع ا ْل َملِكِ َولِ َمنْ َج َ‬
‫اء ِب ِه ح ِْمل ُ َبع ٍ‬ ‫" َقالُوا َن ْفقِ ُد ُ‬
‫ص َو َ‬

‫‪122‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٰ‬
‫ف ۖ َما‬ ‫س َ‬‫اء َأخِي ِه ۚ َك َذلِ َك كِدْ َنا لِ ُيو ُ‬
‫اس َت ْخ َر َج َها مِنْ ِو َع ِ‬ ‫اء َأخِي ِه ُث َّم ْ‬ ‫" َف َبدَ َأ ِبَأ ْوعِ َي ِت ِه ْم َق ْبل َ ِو َع ِ‬
‫شا ُء ۗ َو َف ْو َق ُكل ِّ ذِي‬ ‫ت َمنْ َن َ‬ ‫اء هَّللا ُ ۚ َن ْر َف ُع دَ َر َجا ٍ‬
‫ش َ‬ ‫َكانَ لِ َيْأ ُخ َذ َأ َخاهُ فِي د ِ‬
‫ِين ا ْل َملِكِ ِإاَّل َأنْ َي َ‬
‫عِ ْل ٍم َعلِي ٌم ﴿‪[ "﴾٧٦‬يوسف]‬
‫وجميع هذه اآليات السابقة تتكلم علي حاكم مصر‪ ,‬وتلقبه (الملك)‪ ,‬وليس (الفرعون) كما‬
‫يدعي البعض‪ ,‬ونرى أن هللا لقب حاكم مصر منذ عهد يوسف عليه السالم بالملك فما‬
‫الذي جد على المملكة المصرية في عهد موسى عليه السالم بعد يوسف بمئات السنين‬
‫ليلقب هللا حاكم مصر بفرعون‪ ,‬اللهم إال أن فرعون كانا غريبا معتديا وكان هذا اسم له‬
‫ال لقبا)‪.‬‬
‫واآليات التالية أيضًا تؤكد علي لسان فرعون وملئه أنهم من قوم بني إسرائيل الذين كانوا‬
‫يحتلون مصر في ذلك الوقت‪.‬‬
‫ف َكانَ‬‫وسى ِبآ َيا ِت َنا ِإ َلى ف ِْر َع ْونَ َو َم َلِئ ِه َف َظ َل ُموا ِب َها َفا ْن ُظ ْر َك ْي َ‬ ‫" ُث َّم َب َع ْث َنا مِنْ َب ْع ِد ِه ْم ُم َ‬
‫سول ٌ مِنْ َر ِّب ا ْل َعا َلمِينَ (‪)104‬‬ ‫وسى َيا ف ِْر َع ْونُ ِإ ِّني َر ُ‬ ‫َعاقِ َب ُة ا ْل ُم ْفسِ دِينَ (‪َ )103‬و َقال َ ُم َ‬
‫ِيق َع َلى َأنْ اَل َأقُول َ َع َلى هَّللا ِ ِإاَّل ا ْل َح َّق َقدْ ِجْئ ُت ُك ْم ِب َب ِّي َن ٍة مِنْ َر ِّب ُك ْم َفَأ ْرسِ لْ َمع َ‬
‫ِي َبنِي‬ ‫َحق ٌ‬
‫ِإ ْس َراِئيل َ (‪[ ")105‬األعراف]‬
‫عندما ذهب سيدنا موسى إلى فرعون وملئه طلب من فرعون أن يرسل معه بني‬
‫إسرائيل؛ بمعنى أن يتركه يخرج من مصر ومعه قبائل بني إسرائيل‪ ,‬هنا البد أن نطرح‬
‫تساؤالً ؟‬
‫لماذا يخرج بهم منها إال أن تكون هي ليست بالدهم‪ ,‬بل هم محتلون لهذه البلد‪ ,‬فجاء‬
‫طلب سيدنا موسى بأن يرسل معه بني إسرائيل‪.‬‬
‫فماذا كان الرد (بعد مباحثات بين فرعون وموسى)؟‬
‫قال تعالى‪َ } :‬قال َ ا ْل َمُأَل مِنْ َق ْو ِم ف ِْر َع ْونَ ِإنَّ ه ََذا َل َ‬
‫سا ِح ٌر َعلِي ٌم (‪ُ )109‬ي ِري ُد َأنْ ُي ْخ ِر َج ُك ْم مِنْ‬
‫َأ ْرضِ ُك ْم َف َم َاذا َتْأ ُم ُرونَ (‪[{)110‬األعراف]‬

‫‪123‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫هنا جاء الرد من مأل فرعون بأن موسى يريد أن يخرجكم‪ ,‬ونحن نعرف أن موسى طلب‬
‫خروج بني إسرائيل!! فجاء الرد بأنه أراد أن يخرجهم جميعا؛ ألنهم جميعًا من قوم بني‬
‫إسرائيل ومحتلون هذي األرض‪ ,‬وشهير عن أي محتل إطالقه علي األرض التي احتلها‬
‫أنها أرضه‪.‬‬
‫والكالم نفسه تكرر في قوله تعالى‪:‬‬
‫" َفْأ ِت َياهُ َفقُواَل ِإ َّنا َر ُ‬
‫سواَل َر ِّب َك َفَأ ْرسِ لْ َم َع َنا َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َواَل ُت َع ِّذ ْب ُه ْم ۖ َقدْ ِجْئ َنا َك ِبآ َي ٍة ِّمن‬
‫الساَل ُم َع َل ٰى َم ِن ا َّت َب َع ا ْل ُهدَ ٰى(‪[ ")47‬طه]‬ ‫َّر ِّب َك ۖ َو َّ‬
‫فكان الرد (بعد مباحثات بين فرعون وموسى)‬
‫" َقال َ َأ ِجْئ َت َنا لِ ُت ْخ ِر َج َنا مِنْ َأ ْرضِ َنا ِبسِ ْح ِر َك َيا ُم َ‬
‫وس ٰى" [طه‪]57:‬‬
‫وهنا كان الطلب من سيدنا موسى وسيدنا هارون موجها إلى فرعون‪:‬‬
‫"أن َأ ْرسِ لْ َم َع َنا َبنِي ِإ ْس َراِئيلَ"‬
‫وجاء الرد علي لسان فرعون نفسه‪َ( :‬أ ِجْئ َت َنا لِ ُت ْخ ِر َج َنا)؛ هنا جمع فرعون نفسه مع بني‬
‫إسرائيل ليؤكد أنه من قوم بني إسرائيل الذين احتلوا مصر في ذلك الوقت‪ ,‬ومن‬
‫المعروف أن أي محتل يُطلق على األرض التى احتلها أنها أرضه‪( ,‬حتى فى عصرنا‬
‫هذا)!!‬
‫أما عن حادثة غرق فرعون فقد أنجى هللا بدن فرعون ليكون لمن خلفه آية؛ كما قال‬
‫اس َعنْ‬ ‫" َفا ْل َي ْو َم ُن َن ِّجي َك ِب َبدَ ِن َك لِ َت ُكونَ لِ َمنْ َخ ْل َف َك آ َي ًة َوِإنَّ َكث ً‬
‫ِيرا ِّمنَ ال َّن ِ‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫آ َيا ِت َنا َل َغافِلُونَ " (يونس‪)92:‬‬

‫ليتعظ بها قارون ومن معه من بقية بني إسرائيل‪ ,‬وكان من استخلفه على بني إسرائيل‬
‫بشمال مصر هو قارون؛ ولكنه لم يتعظ بما حدث لفرعون وجنده برغم رؤيته بدن‬
‫فرعون الذي كانوا يعبدونه؛ وفرعون بشكل حاسم هو من بني إسرائيل‪ ,‬وليس معنى أن‬
‫هللا نجى بدنه من البحر ليراه بنو إسرائيل أن جسده ظل محفوظا حتى اآلن بل هذه‬

‫‪124‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كرامة ال تكون للكافرين بل كان مُث َلة للطغاة وآية للظالمين من بعده‪ ,‬وهذا عكس حفظ‬
‫هللا ألجساد كثير من المصريين القدماء‪.‬‬
‫ونختم هذا الفصل بقوله تعالي من اآلية ‪ ١٣٧‬من سورة األعراف‪.‬‬
‫شونَ "‬ ‫ص َن ُع ف ِۡر َع ۡونُ َو َق ۡو ُم ُهۥ َو َما َكا ُن ۟‬
‫وا َی ۡع ِر ُ‬ ‫"ودَ َّم ۡر َنا َما َكانَ َی ۡ‬
‫َ‬
‫ربنا سبحانه وتعالى أبلغنا هنا أنه دمر ما كان يصنع فرعون وقومه‪ ,‬وما كانوا يعرشون‪,‬‬
‫وفعاًل هؤالء الغزاة المحتلون لم َ‬
‫يبق لهم أي آثار‪ ,‬تدل على فترة احتاللهم لنا سوى‬
‫الدمار الذي خلفوه خلفهم‪.‬‬
‫ولكن حضارتنا القديمة موجودة‪ ,‬ولم تدمر‪ ,‬باقية شاهدة علي أن الشخص المسمى‬
‫(فرعون) هو شخص محتل‪ ,‬من قوم بني إسرائيل‪ ,‬وليس مصريا وإن اسم حضارتنا هي‬
‫الحضارة المصرية القديمة‪ ,‬ال الحضارة الفرعونية‪.‬‬

‫******‬

‫‪125‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الباب الخامس‬

‫نسل آمن‬
‫حل أكبر ألغاز التاريخ‬
‫عزيزي القارئ نو ُّد في بداية هذا الباب أن ننوه لك أن ما وضحناه في األبواب السابقة‬
‫هو األساس الذي بُني عليه ما كتب في هذا الباب‪ ,‬وهو ما خالف ما تعلمناه في كتب‬
‫التاريخ بسبب عدم معرفة أي شيء عن الحضارة المصرية‪ ,‬حتى استطعنا فك طالسم‬
‫لغة هذه الحضارة العظيمة منذ مائتي عام‪ ,‬ولكن كان المفسرون الذين فسروا القرآن لنا‬
‫قد انتهوا من عملهم‪ ,‬وحملوا حقائبهم‪ ,‬وغادرونا بع َّد ِة قرون قبل معرفة أي شئ عن‬
‫أعظم حضارة‪ ,‬عرفتها البشرية‪ ,‬حضارة مصر العظيمة‪ ,‬ولندرة المراجع عن فترات‬
‫معينة غارقة في القِدَ م من التاريخ‪ ,‬وعدم ذكر تواريخ األنبياء بشكل محدد في القرآن‬
‫الكريم‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تواريخ األنبياء‪:‬‬
‫سنقدم لكم تواريخ األنبياء الحقيقية دون تزييف مستعينين في ذلك بإشارات من القرآن‬
‫الكريم‪ ,‬وقد حافظنا في بحثنا على تسلسل نسل األنبياء‪ ,‬والفوارق الزمنية بينهم‪ ,‬ذلك‬
‫الذي التزم به المفسرون العظماء الذين سبقونا؛ لنكمل ما بدءوا به في البحث في سِ َي ِر‬
‫هللا العظما ِء‪ ,‬ونتحقق من إزالة كل التحريفات التي طالت سير َتهم‪ ,‬وبإيماننا الكامل‬
‫أنبيا ِء ِ‬
‫بأن ما جاء بكتاب هللا هو الصدق‪ ,‬وهو الحق‪ ,‬وأن جميع األنبياء المذكورين في القرآن‬
‫الكريم كانوا موجودين علي أرض الواقع‪( ,‬وليس كما يدعي بعض الناس بأنها قصص‬
‫وهمية‪ ,‬وليست حقيقية‪ ,‬وإنما ذكرت للعبرة والعظة فقط)‪ ,‬ونؤكد أيضًا أنه ليس من‬
‫المنطقي أن يحكم سليمان مشارق األرض ومغاربها من فلسطين‪ ,‬وال يوجد أي دليل يؤيد‬
‫تلك الرواية‪ ,‬ولم نجد له قطعة أثرية واحدة‪ ,‬نتخذها دليال أركيولوجيا‪ ,‬يثبت وجود سيدنا‬
‫سليمان بشكل مادي‪ ,‬وهو النبي الوحيد الذي ذكر في القرآن أن هللا سخر له الجن‬
‫لصناعة التماثيل والمحاريب‪ ,‬واألغرب من ذلك أن سليمان حكم منذ حوالي ثالثة آالف‬
‫عام فقط حسب الرواية التوراتية‪ ,‬ونحن نعرف مثالً ملوك مملكة سومر منذ ما يزيد عن‬
‫عشرة آالف عام‪.‬‬
‫يكمن حل هذا اللغز في أن هذا التاريخ المزعوم لحكم سيدنا سليمان‪ ,‬ويحدد مكانه في‬
‫فلسطين الحالية أنها رواية مستندة على التوراة‪ ،‬لكن القرآن كان له رؤية آخرى‪.‬‬
‫حاولنا أن نربط بالشواهد واألفعال بين التاريخ والقرآن‪ ,‬ومجدداً نؤكد على أن ما وصلنا‬
‫إليه في هذا الباب ما هو إال نتاج تفكير عقلي واستنتاج بحثي ورغبة منا في العلم‬
‫والمعرفة‪ ،‬وال أقصد به التأثير على عقول القراء‪ ,‬وال استمالتهم نحو شيء بعينه‪ ,‬ونشير‬
‫إلى أننا في أثناء بحثنا نحَّ ينا عقائدَ نا ومعتقداتنا جانبًا‪ ,‬وبدأنا في عقد المقارنات بين ال ُك ُت ِ‬
‫ب‬
‫الع َملِيَّة بمطابقته بما حدث‬
‫السماوية‪ ,‬وأخضعنا كل كتاب منها بشكل منفرد للتجربة َ‬
‫بالفعل على أرض الواقع المثبت أثريا‪ ,‬وبالتدقيق في االختالفات التي وجدناها لقصة كل‬
‫نبي في كتب الشرائع الثالث ‪ -‬استطعنا أن َّنصِ ل إلى الزمان والمكان الحقيقي لكل نبي‬

‫‪127‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫على حِدةٍ‪ ,‬والحقيقة نحن ال ُنق ِد ُم على ِ‬


‫فعل هذا إال ألننا نريد أن نعرف الحقيقة غير‬
‫الموجود ٍة في الكتب بعد أن أخفاها أعداؤها‪.‬‬
‫الحضارة المصرية القديمة لم تكن فقط تعرف التوحيد‪ ،‬بل هي حضارة األنبياء وجميع‬
‫اآلثار الموجودة بين أيدينا اآلن‪ ,‬ونراها كل يوم بأم أعيننا من برديات‪ ,‬وأهرامات‪,‬‬
‫أوثان هى آثا ُر ِ‬
‫آل يعقوب‪ ،‬آثار‬ ‫ٍ‬ ‫و َم َساَّل ت‪ ,‬ومعابد‪َ ,‬ويُو ِهمُّنا أعداؤها بأنها آثا ُر ُك َّف ٍ‬
‫ار ُعبَّا ِد‬
‫أنبيا ٍء عظما ٍء‪ ،‬بل األكثر إثارة للدهشة أنهم ليسوا من األنبياء الذين لم َيقُصّ القرآنُ لنا‬
‫صهم‪ ,‬وعظم من شأنِهم لدرجة جعلت‬ ‫أسما َءهم‪ ,‬إنما هم من َقصَّ أسما َءهم‪ ,‬وفصَّل َق َ‬
‫ص َ‬
‫سيرتهم صي ًدا ثمي ًنا لبني إسرائيل؛ لكي يستولوا عليه‪ ,‬ويسرقوه‪ ,‬وينسبوه ألنفسهم بكل‬
‫مصر وأهراماتِها هي آثار آل‬
‫َ‬ ‫ِخ َّس ٍة وحقارة‪ ,‬ولكن اآلن نستطيع معرفة حقيقة أن َم َساَّل ت‬
‫يعقوب‪ ,‬واستطعنا معرفة هذة الحقائق الخفية والغائبة عن الجميع؛ فبين أيدينا كتاب‪,‬‬
‫تنبض فيه الروح إلى يومنا الحالي‪ ,‬وسيظل هكذا حتى يوم الدين‪ ,‬وهو الكتاب الذي لم‬
‫يمسه التحريف‪ ،‬والذي يحسم الجدل الدائر بين المفكرين والباحثين عن حقيقة وجود هللا‪,‬‬
‫فكيف يُسأل من األساس هذا السؤال‪ ,‬وهذا الكتاب ماثل حيا بين أيدينا‪ ،‬وهو ما نثبته‬
‫بأمرين؛ األول القرآن الكريم‪ ،‬واآلخر األثر المُوثـِّـق للحضارة المصرية القديمة‪.‬‬
‫ِ‬
‫لقد تحدثنا سابقا عن الصراع الدائم ما بين بني إسرائيل(سيت) ونسل سيدنا‬
‫إدريس(ُأوزير) عليه السالم‪.‬‬
‫وفي مصر عندما دعا سيدنا موسى بني إسرائيل)الهكسوس أبناء سيت) لعبادة هللا رب‬
‫العالمين آمن معه بعض من قومه ‪ -‬بني إسرائيل ‪:‬‬
‫وس ٰۤى ِإاَّل ُذ ِّر َّیة ِّمن َق ۡو ِمهِۦ َع َل ٰى َخ ۡوف ِّمن ف ِۡر َع ۡونَ َو َمِإَل ۟ی ِهمۡ َأن َی ۡف ِت َن ُهمۡۚ َوِإنَّ‬
‫" َف َم ۤا َءا َمنَ لِ ُم َ‬
‫ض َوِإ َّن ُهۥ َلمِنَ ۡٱل ُم ۡس ِرفِینَ " [يونس‪]٨٣ :‬‬ ‫ف ِۡر َع ۡونَ َل َعال فِی ٱَأۡل ۡر ِ‬
‫ومن الطبيعي أن المصريين الذين كانوا مستضعفين من فرعون وقومه (ألنهم كانوا‬
‫محتلين‪ ,‬ونحن نعرف ما يفعله االحتالل بأصحاب األرض)‪ ,‬وألن المصريين مؤمنون‬
‫بالتوحيد فطبيعي أن يؤمنوا بنبي هللا موسى الذي يدعو إلى عبادة هللا الواحد األحد‪.‬‬
‫ملحوظة‪ :‬قال تعالى‪:‬‬
‫‪128‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫سا ِجدِينَ (‪َ )46‬قالُوا آ َم َّنا ِب َر ِّب ا ْل َعا َلمِينَ (‪[ ")47‬الشعراء]‬ ‫" َفُأ ْلق َِي َّ‬
‫الس َح َرةُ َ‬
‫ورد أن عدد السحرة تسعمائة‪ ,‬وقيل اثني عشر ألفا‪ ,‬وقيل سبعين ألفا‪ ,‬وقيل ثمانين ألفا‪,‬‬
‫وأجمعت الرواة على أنه ال يُع َلم جماعة أسلمت في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط‪،‬‬
‫وروى أنه لم يفتتن رجل واحد منهم كما افتتن بنو إسرائيل بعبادة العجل‪ ,‬ونقل الرازي‬
‫بع القِبطِ وطباع بني إسرائيل‪!...‬‬ ‫َ‬
‫أكرههُّم على السحر‪ ,‬هذا هو الفارق بين ط ِ‬
‫أن فرعون َ‬
‫فعندما تبين للقبط آية نبوة واحدة آمنوا بنبوة موسى فورا كونهم من أمة عرفت التوحيد‬
‫والنبوة‪ ,‬ويستطيعون التفريق بين النبي وال َّدعِ ي‪ ,‬كما أنهم غير مكابرين‪ ,‬وال أصحاب‬
‫ت كبني إسرائيل!(‪)71‬‬
‫جدل‪ ,‬وبُه ٍ‬
‫(ملحوظة‪ :‬وإن كان السحرة من بني إسرائيل فهو أمر متوقع وقد يكون الصواب وال‬
‫تعارض في كونهم من القبط أو من بني إسرائيل مع بحثنا هذا إذ هي مسألة فرعية ال‬
‫أصلية في هذا البحث)‪.‬‬
‫ثم جاء األمر لسيدنا موسى بالخروج من مصر هو ومن معه‪ ,‬ألنها ليست أرضهم‪ ,‬كما‬
‫في قوله تعالى‪:‬‬
‫ف‬ ‫وس ٰۤى َأ ۡن َأ ۡس ِر ِب ِع َبادِی َف ۡ‬
‫ٱض ِر ۡب َل ُهمۡ َط ِریقا فِی ۡٱل َب ۡح ِر َی َبسا اَّل َت َخ ٰـ ُ‬ ‫"و َل َق ۡد َأ ۡو َح ۡی َن ۤا ِإ َل ٰى ُم َ‬
‫َ‬
‫ش ٰى" [طه‪]٧٧ :‬‬ ‫دَ َركا َواَل َت ۡخ َ‬
‫(ب ِع َبادِی) فإن من خرج مع سيدنا موسى عليه السالم هم المؤمنون‪,‬‬
‫وكما جاء باآلية ِ‬
‫ولكن بعد أن نجاهم هللا من ظلم فرعون وجنوده عصوا هللا‪ ,‬ومنهم من طلب من سيدنا‬
‫موسى أصنامًا لعبادتها ومنهم من َع َبدَ العِج َل‪ ,‬ومنهم من طلب رؤية هللا وغير ذلك مما‬
‫ُذكر في القرآن الكريم‪:‬‬
‫وا َی ٰـ ُم َ‬
‫وسى‬ ‫"و َج ٰـ َو ۡز َنا ِب َبن ِۤی ِإ ۡسراَ ٰئیل َ ۡٱل َب ۡح َر َفَأ َت ۡو ۟ا َع َل ٰى َق ۡوم َی ۡع ُكفُونَ َع َل ٰۤى َأ ۡ‬
‫ص َنام َّل ُهمۡۚ َقالُ ۟‬ ‫َ‬
‫ۡٱج َعل َّل َن ۤا ِإ َل ٰـها َك َما َل ُهمۡ َءالِ َه ۚة َقال َ ِإ َّن ُكمۡ َق ۡوم َت ۡج َهلُونَ "‬
‫[األعراف ‪]١٣٨‬‬

‫‪ ))71‬كتاب فضائل مصر المحروسة‪ ,‬ص‪ .14‬وانظر‪( :‬مفاتيح الغيب = التفسير الكبير)‪,‬لفخر الدين الرازي‪ ,‬ج‪ ,22‬ص‪.73‬‬
‫‪129‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وهذه اآلية تدل على أن بني إسرائيل لم يعرفوا عبادة األصنام إال بعد خروجهم من‬
‫مصر‪ ,‬لهذا تفاجئوا بعبادة األصنام لما جاوزوا البحر‪ ,‬وكأن هذه الفكرة لقيت إعجاب‬
‫بني إسرائيل ألنها قابلت تعلقهم باألشياء المادية المحسوسة التي لم يشاهدوها طوال‬
‫وجودهم بمصر‪ ,‬فكيف يكون المصريون وثنيين؟!‬
‫سدا َّل ُهۥ ُخ َوا ۚ ٌر َأ َلمۡ َی َر ۡو ۟ا َأ َّن ُهۥ اَل ُی َك ِّل ُم ُهمۡ‬ ‫وس ٰى م ِۢن َب ۡع ِدهِۦ م ِۡن ُحلِ ِّی ِهمۡ عِ ۡجال َج َ‬ ‫" َوٱ َّت َخ َذ َق ۡو ُم ُم َ‬
‫وا َظ ٰـلِمِینَ " [األعراف ‪]١٤٨‬‬ ‫س ِبیاًل ۘ ٱ َّت َخ ُذوهُ َو َكا ُن ۟‬ ‫َواَل َی ۡهدِی ِهمۡ َ‬
‫وس ٰۤى َأ ۡك َب َر مِن َذ ٰلِ َك‬ ‫وا ُم َ‬ ‫سَألُ ۟‬ ‫ٱلس َم ۤا ۚ ِء َف َق ۡد َ‬‫َّ‬ ‫ب َأن ُت َن ِّزل َ َع َل ۡی ِهمۡ ِك َت ٰـبا ِّمنَ‬ ‫" َی ۡسـَٔلُ َك َأ ۡهل ُ ۡٱل ِك َت ٰـ ِ‬
‫وا ۡٱلع ِۡجل َ م ِۢن َب ۡع ِد َما َج ۤا َء ۡت ُه ُم‬ ‫ٱلص ٰـ ِع َق ُة ِب ُظ ۡل ِم ِهمۡۚ ُث َّم ٱ َّت َخ ُذ ۟‬
‫َّ‬ ‫َف َقالُ ۤو ۟ا َأ ِر َنا ٱهَّلل َ َج ۡه َرة َفَأ َخ َذ ۡت ُه ُم‬
‫س ۡل َط ٰـنا ُّم ِبینا" [النساء ‪]١٥٣‬‬ ‫وس ٰى ُ‬ ‫ت َف َع َف ۡو َنا َعن َذ ٰلِ ۚ َك َو َءا َت ۡی َنا ُم َ‬ ‫ۡٱل َب ِّی َن ٰـ ُ‬
‫وكذلك لم يحمدوا هللا علي ما رزقهم بغير تعب وال مجهود‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫ت َما َر َز ۡق َن ٰـ ُكمۡۚ َو َما‬ ‫ٱلس ۡل َو ٰۖى ُكلُ ۟‬
‫وا مِن َط ِّی َب ٰـ ِ‬ ‫نز ۡل َنا َع َل ۡی ُك ُم ۡٱل َمنَّ َو َّ‬
‫"و َظ َّل ۡل َنا َع َل ۡی ُك ُم ۡٱل َغ َما َم َوَأ َ‬
‫َ‬
‫س ُهمۡ َی ۡظلِ ُمونَ " [البقرة‪]٥٧ :‬‬ ‫َظ َل ُمو َنا َو َل ٰـكِن َكا ُن ۤو ۟ا َأنفُ َ‬
‫ص ِب َر َع َل ٰى َط َعام َو ٰحِد َف ۡٱد ُع َل َنا َر َّب َك ُی ۡخ ِر ۡج َل َنا‬ ‫وس ٰى َلن َّن ۡ‬ ‫"وِإ ۡذ قُ ۡل ُتمۡ َی ٰـ ُم َ‬ ‫وفي قوله تعالى‪َ :‬‬
‫صلِ َه ۖا َقال َ َأ َت ۡس َت ۡب ِدلُونَ ٱ َّلذِی ه َُو‬ ‫ض م ِۢن َب ۡقلِ َها َوقِ َّث ۤا ِٕى َها َوفُو ِم َها َو َعدَ سِ َها َو َب َ‬ ‫ت ٱَأۡل ۡر ُ‬‫ِم َّما ُت ۢن ِب ُ‬
‫ٱلذ َّل ُة َو ۡٱل َم ۡس َك َن ُة‬
‫ض ِر َب ۡت َع َل ۡی ِه ُم ِّ‬ ‫سَأ ۡل ُتمۡۗ َو ُ‬ ‫ِصرا َفِإنَّ َل ُكم َّما َ‬ ‫وا م ۡ‬ ‫َأ ۡد َن ٰى ِبٱ َّلذِی ه َُو َخ ۡی ۚ ٌر ۡٱه ِب ُط ۟‬
‫ت ٱهَّلل ِ َو َی ۡق ُتلُونَ ٱل َّن ِب ِّی ۧـنَ ِب َغ ۡی ِر ۡٱل َح ۗ ِّق‬ ‫ضب ِّمنَ ٱهَّلل ِۗ َذ ٰلِ َك ِبَأ َّن ُهمۡ َكا ُن ۟‬
‫وا َی ۡكفُ ُرونَ ِبـَٔا َی ٰـ ِ‬ ‫َو َب ۤا ُءو ِب َغ َ‬
‫وا َی ۡع َتدُونَ " [البقرة‪]٦١ :‬‬ ‫وا َّو َكا ُن ۟‬
‫ص ۟‬
‫َذ ٰلِ َك ِب َما َع َ‬
‫هبط بعض بني إسرائيل ممن آمن مع موسى مجد ًدا أرض مصر بعد وفاة سيدنا موسى‪,‬‬
‫وعاشوا هم والمصريون تحت حكم أحمس وقد ذكر هللا لنا في كتابه العظيم‪ ,‬الذي حدث‬
‫بعد وفاة سيدنا موسى بشكل مُفصل‪ ,‬وبدأ من بعد وفاة سيدنا موسى‪ ،‬بأن طلب بنو‬
‫إسرائيل من نبي لهم أن يناجي هللا؛ ليبعث لهم ملكا‪ .‬قال تعالى‪َ" :‬أ َل ْم َت َر ِإ َلى ا ْل َمِإل مِن‬
‫يل هَّللا ِ َقال َ َهلْ‬ ‫س ِب ِ‬ ‫وسى ِإ ْذ َقالُو ْا لِ َن ِب ٍّي َّل ُه ُم ا ْب َع ْث َل َنا َملِ ًكا ُّن َقا ِتلْ فِي َ‬
‫َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ مِن َب ْع ِد ُم َ‬
‫يل هَّللا ِ َو َقدْ ُأ ْخ ِر ْج َنا‬ ‫ِب َع َل ْي ُك ُم ا ْلقِ َتال ُ َأالَّ ُت َقا ِتلُو ْا َقالُو ْا َو َما َل َنا َأالَّ ُن َقا ِتل َ فِي َ‬
‫س ِب ِ‬ ‫س ْي ُت ْم ِإن ُكت َ‬
‫َع َ‬

‫‪130‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الظالِمِينَ َو َقال َ‬ ‫ِب َع َل ْي ِه ُم ا ْلقِ َتال ُ َت َو َّل ْوا ِإالَّ َقلِيالً ِّم ْن ُه ْم َوهَّللا ُ َعلِي ٌم ِب َّ‬
‫ار َنا َوَأ ْب َناِئ َنا َف َل َّما ُكت َ‬
‫مِن ِد َي ِ‬
‫وت َملِ ًكا َقالُو ْا َأ َّنى َي ُكونُ َل ُه ا ْل ُم ْل ُك َع َل ْي َنا َو َن ْحنُ َأ َح ُّق‬ ‫َل ُه ْم َن ِب ُّي ُه ْم ِإنَّ هَّللا َ َقدْ َب َع َث َل ُك ْم َطالُ َ‬
‫ال َقال َ ِإنَّ هَّللا َ ْ‬
‫اص َط َفاهُ َع َل ْي ُك ْم َو َزادَ هُ َب ْس َط ًة فِي ا ْل ِع ْل ِم‬ ‫س َع ًة ِّمنَ ا ْل َم ِ‬ ‫ِبا ْل ُم ْلكِ ِم ْن ُه َو َل ْم ُيْؤ َت َ‬
‫شاء َوهَّللا ُ َواسِ ٌع َعلِي ٌم" [سورة البقرة‪]247,246 :‬‬ ‫َوا ْل ِج ْس ِم َوهَّللا ُ ُيْؤ تِي ُم ْل َك ُه َمن َي َ‬
‫يقول اإلمام القرطبي في هذه اآلية‪ :‬إن من بعد موسى تعني من بعد وفاة النبي موسى‪،‬‬
‫ومن بعد وفاة موسى علية السالم أرسل هللا مل ًكا بآية ملك‪ ,‬هو طالوت؛ ليحكم في‬
‫األرض‪ ،‬ومن بعد طالوت جاء داود وسليمان أي ال يوجد فارق زمني بين موسى‬
‫وسليمان إال الفترة التي حكم فيها طالوت وداود‪.‬‬
‫في حين أن التوراة تقول بأن سليمان بنى الهيكل بعد خروج بني إسرائيل من مصر‬
‫بـ(‪ )480‬عاما؛ أي أنه يوجد حوالي خمسة قرون بين سيدنا موسى وسيدنا سليمان؛ ألن‬
‫خروج بني إسرائيل حدث في عهد نبي هللا موسى‪ ،‬ويقول اإلصحاح السادس لسفر‬
‫الملوك األول‪ 1: 6[ :‬وكان في سنة األربع مئة والثمانين لخروج بني إسرائيل من‬
‫أرض مصر في السنة الرابعة لملك سليمان على إسرائيل في شهر زيو وهو الشهر‬
‫الثاني أنه بنى البيت للرب‪.‬‬
‫‪ 2: 6‬والبيت الذي بناه الملك سليمان للرب طوله ستون ذرا ًعا وعرضه عشرون‬
‫ذرا ًعا وسمكه ثالثون ذراع‪.‬‬
‫‪ 3: 6‬والرواق قدام هيكل البيت طوله عشرون ذرا ًعا حسب عرض البيت وعرضه‬
‫عشر أذرع قدام البيت‪].‬‬
‫التعارض هنا واضح‪ ،‬أين الـ(‪ )480‬عامًا التي تحدثت عنها التوراة‪ ،‬في حين أنه ال دليل‬
‫أثريا واحدا على وجود مملكة داود وسليمان في فلسطين‪ ،‬وهذا ما يُتخذ ذريعة لنفي‬
‫وجود األنبياء من األساس‪ ،‬بحجة أنه ليس لدينا دلي ٌل مادي على أنهم كانوا موجودين‪،‬‬
‫ونفي وجود أثر لسليمان في فلسطين ليس فقط يكرسه باحثون عرب؛ مثل فراس‬

‫‪131‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫السواح‪ ,‬وفاضل الربيعي‪ ,‬وخزعل الماجدي‪ ,‬وإنما أيضا نفاه باحثون من اليهود أنفسهم‪،‬‬
‫ومن ذلك النفي ما جاء في هذه الكتب‪ :‬كتاب (الساللة المقدسة‪ -‬نورمان كانتور)‬
‫[األلف سنة األولى في التاريخ اليهودي كما يقدمها لنا الكتاب المقدس ليس لها أي‬
‫أساس مشهود على اإلطالق] (‪)72‬‬
‫وجاء في كتاب‪( :‬العهد‪ :‬الكتاب المقدس التاريخ ‪ -‬جون رومر)‬
‫[موسى وإسرائيل المستعبدة وقصة الخروج‪ ،‬هي أحداث غير مذكورة في مصادر‬
‫قديمة خارج الكتاب المقدس‪ ،‬رغم أن المناخ قد حافظ على أقل أثر لمخيمات بدوية‬
‫أثرا واحدًا لموسى أو‬
‫وخمسة آالف قرية متناثرة من عمال المناجم‪ ،‬ليس هناك ً‬
‫لإلسرائيليين]‬
‫وكتاب ‪( :‬آثار أراضي الكتاب المقدس‪ -‬ماجنوس مجنوسون)‬
‫[رغم الكثير والكثير من اآلثار المصرية المعاصرة‪ ،‬لم نجد بعد مرج ًعا تاريخ ًيا واحدًا‬
‫يشير لوجود اإلسرائيليين‪ ،‬ليس هناك ذكر واحد ليوسف‪ ،‬ال توجد كلمة عن موسى‪ ،‬أو‬
‫عن الهروب المدهش من مصر‪ ،‬وتدمير الجيش المصري المطارد]‬
‫وكتاب‪( :‬تراث موسى ‪ -‬جراهام فيليبس)‬
‫[لم تستخرج اآلثار أي شيء في القدس في الزمن المفترض لسليمان إال ما يشير‬
‫لمستوى متواضع نسب ًيا من المدنية‪ ،‬أما عن اإلمبراطوريات المعاصرة‪ ،‬فال تبدو أنها‬
‫كانت على علم بوجود مدينة القدس]‬
‫وقال جوناثان تب (أمين قسم سوريا وفلسطين بالمتحف البريطاني)‬
‫حجرا واحدًا من معبد سليمان‪ ،‬ليس لدينا دليل واحد على سليمان ومملكته‪،‬‬
‫ً‬ ‫[لم نجد‬
‫ليس عندنا مصادر معاصرة‪ ,‬تتحدث عن سليمان‪ ،‬وعلى حد علمي فهو غير مذكور في‬
‫أي نصوص خارجية معاصرة]‬

‫‪ )) 72‬الساللة المقدسة‪ -‬نورمان كانتور‪ ,‬في دراسة له ﺻﺎدرة ﻋﺎم ‪1994‬م ﻋﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك تحت هذا‬
‫العنوان‪ .‬ص‪.73‬‬
‫‪132‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ونحن نرى أن ما جاء بالكتب السابقة يتوافق مع المنطق والعقل؛ حيث إن الحضارة‬
‫تسجل تاريخ الملوك‪ ,‬وحيث كان سيدنا سليمان نبيا وملكا أيضًا؛ فكيف يكون بال أي أثر‬
‫مادي‪ ,‬يثبت وجوده‪ ,‬حتى لو لم يوجد آثارا ألنبياء؛ مثل إسحاق‪ ,‬وإسماعيل‪ ,‬ويعقوب‪,‬‬
‫ليس لدينا أي مشكلة في هذا؛ ألنهم ليسوا ملو ًكا‪ ,‬ولكن األنبياء الذين كانوا ملو ًكا فالبد‬
‫من وجود آثار لهم في حضارتهم‪ ,‬وإن ُدمرت بالدهم فالبد من وجود آثار لهم في البالد‬
‫المجاورة لهم أو البالد التي كانت تدخل مع بالدهم فى أي تعامالت تجارية أو سياسية‪,‬‬
‫حتى لو في صورة خطابات متبادلة بينهم‪ ،‬وذلك لو كان ملكا عاديا‪ ,‬ولكن إن كان ملكا‪,‬‬
‫حكم األرض كلها؛ مثل سليمان فالبد من وجود آثار قطعية منتشرة يمي ًنا ويسارً ا‪ ,‬تثبت‬
‫فترة حكمه بشكل حاسم‪ ,‬على العكس تمامًا من األنبياء الذين لم يصلوا إلى الملك‪ ,‬إذ من‬
‫الممكن أال يكون لهم أي آثار مادية فى الحضارة‪.‬‬
‫تسلسل األنبياء‪:‬‬
‫هذا النفي جعلنا نبحث عن تسلسل األنبياء من قـَـبل سليمان‪ ،‬خاصة أن القرآن لم يذكر‬
‫طاغيتين؛ األول فرعون‬ ‫ً‬
‫أحداثا؛ وجدنا أن مصر شهدت نهاية‬ ‫زما ًنا وال مكا ًنا وإنما ذكر‬
‫ِ‬
‫بوفاته غر ًقا‪ ،‬والثاني قارون الذي خسف هللا به األرض‪ ،‬لم َّ‬
‫يتبق من الملوك إال اثنين‪،‬‬
‫موسى عليه السالم‪ ،‬الذي حكم قبائل بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر‪ ،‬بعدما رأوا‬
‫بأعينهم معجزة البحر كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫صا َك ا ْل َب ْح َر َفان َف َل َق َف َكانَ ُكل ُّ ف ِْر ٍق َك َّ‬
‫الط ْو ِد ا ْل َعظِ ِ‬
‫يم"‬ ‫وسى َأ ِن ْ‬
‫اض ِرب ِّب َع َ‬ ‫" َفَأ ْو َح ْي َنا ِإ َلى ُم َ‬
‫(سورة الشعراء)‪،‬‬
‫وتبقى أيضًا الملك المصري أحمس‪.‬‬
‫وتخبرنا الحضارة المصرية القديمة أنه بعد خروج الهكسوس (بني إسرائيل) من مصر‪،‬‬
‫جاء أمنحتب األول مل ًكا‪ ،‬ويجب أن نقرأ هذا في ضوء ما قاله جوزيفوس مؤرخ القرن‬
‫األول الميالدي في كتابه (ضد أبيون)‬

‫‪133‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الذي قال‪[ :‬إن هناك تزامن بين خروج اإلسرائيليين من مصر]‪ ,‬وما ذكره المؤرخ‬
‫المصري مانيتون السمنودى عن [خروج ‪ 480‬ألف هكسوسي من مصر]‬
‫وهنا يجب أن نشير إلى أن مانيتون بمصداقيته المعروفة قد أكد عدد ‪ 480‬ألف‬
‫هكسوسي‪ ،‬وهو نفس عدد السنوات الذي حرفوه فى التوراة زمن ما بين سيدنا موسى‬
‫وسيدنا سليمان‪( :‬وهي مملكة مصر العظمى‪ ،‬التي قامت بعد خروج بني إسرائيل أو‬
‫الهكسوس من مصر والمثبتة تاريخ ًيا أنها استمرت ‪ 500‬عام) ‪ ،‬وهذا يعني أنه جاء‬
‫للمصريين من هللا التابوت‪ ,‬وهذا أغضب اليهود وجعلهم بعد انتهاء مملكة مصر العظمى‬
‫يحرفون التاريخ عصيا ًنا لألمر اإللهي؛ كما فعل أبوهم إسرائيل فعلة إبليس اللعينة‪,‬‬
‫ونسبوا ألنفسهم الـ(‪ )500‬عام لصالحهم بما فيها من تاريخ الملوك المصريين العظام؛‬
‫مثل أمنحتب األول المصري‪ ,‬حرفوا سيرتة ونسبوها إلى ملك من نسلهم‪ ,‬اسمه‬
‫(شاؤول)‪ ,‬كما تطابق ذلك مع النص القرآني بوجود طالوت مل ًكا بعد وفاة موسى‪ ،‬على‬
‫عكس ما زعمه عزرا في التوراة من أن سليمان بنى الهيكل بعد خروج بني إسرائيل في‬
‫عهد موسى من مصر بـ‪ 480‬عامًا‪.‬‬
‫ويجب علينا أوالً ان ُنجيب على السؤال (كيف لملك مثل تحتمس الثالث لو لم يكن نبيا‪,‬‬
‫يحكم بوحي من هللا أن يحكم مشارق ومغارب األرض‪ ,‬بعد أن أنهك الهكسوس؛ (بنو‬
‫إسرائيل) الدولة المصرية بشكل كامل ألكثر من ‪ 150‬عام‪ ,‬وقضوا على مصر تماما‪,‬‬
‫وكانوا يستضعفون المصريين في األرض‪ ,‬حتى استطاع ملك ملوك األرض؛ تحتمس‬
‫الثالث أن يحكم كل بقاع األرض‪.‬‬
‫(‪)32‬‬
‫وبمقارنة هذا كله مع‬
‫حقيقة أن الهكسوس‬
‫أنزلوا شعار ُأوزير‪,‬‬
‫وهو أبو المصريين‪,‬‬
‫وشعار حورس ابنه‪,‬‬
‫‪134‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ورفعوا شعار أبيهم سيت ومع الحقيقة التي قالها هللا عن نبأ ابني آدم‪ ,‬وبعد ذلك قال "‬
‫مِنْ َأ ْج ِل ٰ َذلِ َك َك َت ْب َنا َع َل ٰى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ " هنا نتأكد من حقيقة أن الهكسوس هم بنو‬
‫اسرائيل‪ ,‬وأنه ليس في التاريخ موقف مشابه لقصة خروج بني إسرائيل المذكورة في‬
‫القرآن إال خروج الهكسوس من مصر؛ كما موضح في هذه الصورة‪.‬‬
‫وهذا الخروج كان خروجا مهيبا‪ ,‬وجاء تدوينه بكل دقة‪ ,‬وال يوجد في تاريخ ملوك مصر‬
‫العظام في هذه األزمان قبائل دخلت مصر بأعداد كبيرة وخرجت إال في هذا الحادث‪,‬‬
‫وأنه كان خروجا لقبائل الهكسوس‪ ,‬كما ذكر مانيتون‪.‬‬
‫الهكسوس هم الذين كانوا ينتمون إلى (سيت)‪ ,‬وجاء بعد ذلك أحمس الذي ينتمي إلى‬
‫(آمن) الذي يرجع نسبه إلى (ُأوزير)‪ ،‬وفي صغرنا تعلمنا زورً ا في المدارس بأنها كانت‬
‫حربا انتصر فيها الملك المصري أحمس على الهكسوس‪ ,‬ولكنهم قالوا لنا أن أحمس‬
‫(طردهم)‪ ,‬ولم يقولوا لنا إنه هزمهم؛ لكي ال يكونوا مبالغين‪ ,‬والحقيقة أن الخروج كان‬
‫بأمر من هللا‪.‬‬
‫الربط هنا يجعلنا ُنمسك انطالقة تاريخية؛ فبعد وفاة موسى وخروج بني إسرائيل ‪ -‬حسب‬
‫القرآن ‪ -‬جاء طالوت مل ًكا‪ ،‬وفي الحضارة المصرية بعد خروج الهكسوس جاء أمنحتب‬
‫األول (‪1528-1550‬أو‪1493-1514‬ق‪.‬م) الذي حين اكتشفوا مُومياءهُ وجدوه الوحيد‬
‫الذي يرتدي حزامًا يوجد به (‪ 34‬قطعة) من الذهب‪ ,‬وقد يكون لهذا عالقة بنزول‬
‫التابوت له آية مُلك من هللا‪ ،‬ومن هذا الخط يتطابق التاريخ مع القرآن والحضارة‬
‫المصرية القديمة‪ ،‬ففي عهد أمنحتب األول قتل تحتمس األول الملك الكوشي في جنوب‬
‫مصر‪ ،‬فيما يخبرنا القرآن أن داود الذي كان قائ ًدا في جيش طالوت قتل (جالوت)‪.‬‬
‫وت َوآ َتاهُ هَّللا ُ ا ْل ُم ْل َك َوا ْلح ِْك َم َة‬
‫كما في قوله تعالى‪َ " :‬ف َه َز ُموهُم بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ َو َق َتل َ دَ ُاو ُد َجالُ َ‬
‫ض ٍل‬ ‫ض َو َلكِنَّ هَّللا َ ُذو َف ْ‬ ‫ت اَأل ْر ُ‬ ‫ض َّل َف َ‬
‫سدَ ِ‬ ‫اس َب ْع َ‬
‫ض ُه ْم ِب َب ْع ٍ‬ ‫شاء َو َل ْوالَ دَ ْف ُع هَّللا ِ ال َّن َ‬
‫َو َع َّل َم ُه ِم َّما َي َ‬
‫َع َلى ا ْل َعا َلمِينَ " (البقرة‪)251 :‬‬

‫‪135‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫هنا أمسكنا التوازي التاريخي بين القرآن والحضارة المصرية القديمة‪ ،‬ويتضح لنا أنه‬
‫بعد خروج الهكسوس (بني إسرائيل) جاء طالوت الذي هو أمنحتب األول‪ ،‬وجالوت هو‬
‫الملك الكوشي‪ ،‬وحينما نمسك التسلسل التاريخي من هذه النقطة‪ ،‬وبمطابقة األفعال التي‬
‫سنذكرها تباعًا أن داود عليه السالم هو تحتمس األول‪ ،‬وسليمان هو تحتمس الثالث الذي‬
‫حكم مشارق األرض ومغاربها بالفعل ‪.‬‬
‫ويالحظ أن هذا االسم (إيمحتب)(‪ )73‬كان لمهندس للملك المصري زوسر‪ ,‬وهو الذي‬
‫بدأت تزدهر في عهده حضارة مصر العظيمة في شتى المجاالت‪ ,‬وكأنها قد ظهرت‬
‫بشكل مفاجيء‪ ,‬ال يمكن أن يحدث هذا؛ أن يبدأ شخص واحد كل العلوم التي توجد على‬
‫األرض إال إذا كان هذا الشخص خاضعا لألمر اإللهي‪ ,‬وقد جاء من نسل إيمحتب‬
‫مهندس الملك زوسر بعده بألف عام أمنحتب االول‪ ،‬وقد سُمي أمنحتب االول بهذا االسم؛‬
‫ألنه من نسله‪ ,‬وليس هو فقط‪ ,‬بل كل من حمل هذا االسم في حضارة مصر العظيمة كان‬
‫من نسله‪.‬‬
‫مع المالحظة أن الفارق الزمني بين نبي هللا (إبراهيم) أبى األنبياء حسب تاريخ جلجامش‬
‫(النمرود) المثبت تاريخيًا‪ ،‬ونبي هللا (يوسف) إيمحتب مهندس الملك زوسر (‪200‬عام)‪،‬‬
‫وذكرت كتب التاريخ أن الفارق الزمني بين نبي هللا إبراهيم ونبي هللا يوسف (‪200‬‬
‫عام)‪.‬‬
‫يبقى التاريخ فار ًقا في نقطة األنبياء الملوك‪ ،‬أو الذين وصلوا إلى الحكم‪ ,‬وكان لهم شأن‬
‫سياسي‪ ،‬وبحكم أنهم ملوك أو حكام سنصل‪ ,‬أو نجد لهم أثرً ا؛ من مراسالت‪ ,‬أو‬
‫مخاطبات‪ ,‬أو تدوين لتاريخ الملوك في اآلثار‪ ،‬وهنا سبب الربط بين القرآن والحضارة‬
‫المصرية القديمة؛ فعلى سبيل المثال يوسف كان وزيرً ا‪ ,‬ووصل إلى دائرة الحكم‪ ,‬وكذلك‬
‫داود‪ ,‬وسليمان‪ ،‬فهل يُعقل أال نجد لهم أثرً ا‪ ،‬فيما وجدنا آثارً ا وأخبارً ا لملوك سبقوهم‬
‫بمئات السنين ؟!‬

‫‪ ))73‬إيمحتب إله الطب والهندسة‪ ,‬ج‪.‬هاري‪ ,‬ترجمة محمد العزب موسى‪ ,‬القاهرة ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫طالوت المِصري والتابوت‬
‫طالوت ليس إسرائيليا‪:‬‬
‫وقبل أن ننتقل إلى تبيان سيرة األنبياء في الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬نرد على شبهة أن‬
‫طالوت من بني إسرائيل؛ إذ يقول هللا تعالى‪:‬‬
‫"و َقال َ َل ُه ْم َن ِب ُّي ُه ْم ِإنَّ هَّللا َ َقدْ َب َع َث َل ُك ْم َطالُ َ‬
‫وت َملِ ًكا َقالُو ْا َأ َّنى َي ُكونُ َل ُه ا ْل ُم ْل ُك َع َل ْي َنا َو َن ْحنُ‬ ‫َ‬
‫اص َط َفاهُ َع َل ْي ُك ْم َو َزادَ هُ َب ْس َط ًة فِي‬‫ال َقال َ ِإنَّ هَّللا َ ْ‬ ‫َأ َح ُّق ِبا ْل ُم ْلكِ ِم ْن ُه َو َل ْم ُيْؤ َت َ‬
‫س َع ًة ِّمنَ ا ْل َم ِ‬
‫شاء َوهَّللا ُ َواسِ ٌع َعلِي ٌم" [البقرة‪]247 :‬‬ ‫ا ْل ِع ْل ِم َوا ْل ِج ْس ِم َوهَّللا ُ ُيْؤ تِي ُم ْل َك ُه َمن َي َ‬
‫وعندما نتدبر هذه اآلية الكريمة يجب أن نرصد هنا أمرين أن طالوت ليس من بني‬
‫إسرائيل؛ فاهلل يقول إنهم رفضوه‪ ،‬وقالوا إنهم أحق بالملك منه‪ً ،‬إذا هو ليس منهم‪ ،‬األمر‬
‫اآلخر أن هللا قال إنه بعث لكم‪ ،‬أي أنه جاء من خارجهم‪ ،‬أي أن طالوت ليس من بني‬
‫إسرائيل‪ ،‬ومن ث َّم فإن الحكم بمصريته أمر وارد من وجهة نظرنا‪ ,‬وهذا ليس تفسيرا منا‪,‬‬
‫بل هى مجرد مقارنة بين األحداث التى ذكرت فى القرآن الكريم‪ ,‬واألحداث التى ذكرت‬
‫فى الحضارة أثريا‪ ,‬والتابوت إنما كان دلياًل قاطعًا على أن الملك والحكم اللذين امتدا من‬
‫طالوت حتى داود وسليمان إنما كان حكمًا مصريًا‪.‬‬
‫وهنا مالحظة يجب أن نشير إليها‪ :‬نرى أن بعض بني إسرائيل هبطوا مصر مجددا‬
‫بعد حادثة الخروج ومدة التيه وذكر ذلك القرآن الكريم قال تعالى " اهْ ِب ُ‬
‫طوا مِصْ رً ا َفِإنَّ‬
‫َل ُكم مَّا َسَأ ْل ُت ْم " (البقرة‪ )61 :‬فمصر هنا منونة تعني أي مصر من األمصار لكن قرئت‬
‫بدون تنوين في مُصْ َحفِ َع ْب ِد هَّللا ِ و َق َرأ ِب ِه األعْ َمشُ ‪﴿ :‬اهْ ِب ُ‬
‫طوا مِصْ َر﴾ ِب َغي ِْر َت ْن ِو ٍ‬
‫ين‪ ,‬وهذا‬
‫يعني أنها مصر البلد المعروفة قطعا وذهب لهذا كثير من المفسرين‪ ,‬وإنما كان هذا‬
‫الهبوط مشروط بأن لهم ما سألوا من أنواع األطعمة فقط وأن ال يعيدون نهج فرعون‬
‫وقارون بمصر‪ ,‬ولكن هللا كان يعلم بنواياهم ولهذا جعل هللا الملك في المصريين فقالوا‬
‫لنبي لهم بعد موسى عليه السالم ابعث لنا ملكا فلمَّا جاء مصريا رفضوه وتبينت حقيقة‬
‫نواياهم)‬

‫‪137‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫اختار هللا طالوت مل ًكا على بني إسرائيل‪ ,‬وهو ليس منهم؛ ألنهم بعد أن عاد موسى إليهم‬
‫بعد معجزة انشقاق البحر وغرق فرعون وجنوده‪ ،‬وجدهم يعبدون العجل‪ ،‬فغضب‬
‫موسى‪ ,‬وألقى األلواح؛ كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ِي َأ َع ِج ْل ُت ْم َأ ْم َر‬
‫س َما َخ َل ْف ُت ُمونِي مِن َب ْعد َ‬ ‫ض َبانَ َأسِ ًفا َقال َ ِبْئ َ‬ ‫وسى ِإ َلى َق ْو ِم ِه َغ ْ‬ ‫"و َل َّما َر َج َع ُم َ‬ ‫َ‬
‫ض َعفُونِي‬ ‫س َأخِي ِه َي ُج ُّرهُ ِإ َل ْي ِه َقال َ ا ْبنَ ُأ َّم ِإنَّ ا ْل َق ْو َم ْ‬
‫اس َت ْ‬ ‫اح َوَأ َخ َذ ِب َرْأ ِ‬‫َر ِّب ُك ْم َوَأ ْل َقى اَأل ْل َو َ‬
‫اغف ِْر لِي‬ ‫الظالِمِينَ َقال َ َر ِّب ْ‬ ‫األعدَ اء َوالَ َت ْج َع ْلنِي َم َع ا ْل َق ْو ِم َّ‬‫ِت ِب َي ْ‬ ‫شم ْ‬ ‫َو َكادُو ْا َي ْق ُتلُو َننِي َفالَ ُت ْ‬
‫ب‬ ‫ض ٌ‬ ‫س َي َنالُ ُه ْم َغ َ‬ ‫الرا ِحمِينَ ِإنَّ ا َّلذِينَ ا َّت َخ ُذو ْا ا ْلع ِْجل َ َ‬ ‫َوَألخِي َوَأدْ ِخ ْل َنا فِي َر ْح َم ِت َك َوَأ َ‬
‫نت َأ ْر َح ُم َّ‬
‫ِّمن َّر ِّب ِه ْم َو ِذ َّل ٌة فِي ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو َك َذلِ َك َن ْج ِزي ا ْل ُم ْف َت ِرينَ " [سورة‬
‫األعراف‪]152,151,150:‬‬
‫هللا هنا بدأ عه ًدا جدي ًدا بأن أعطى‬
‫ونرى أنه بعد عصيانهم هللا وكفرهم مرات عديدة فإنَّ َ‬
‫المصريين الملك بعهد ذهبي‪ ,‬بدأ من عند طالوت مرورً ا بداود وسليمان؛ ليمتلك‬
‫المصريون آنذاك مشارق األرض ومغاربها بعدما كانوا مستضعفين في األرض أثناء‬
‫ار َق‬
‫ش ِ‬ ‫احتالل الهكسوس؛ كما في قوله تعالى‪َ " :‬وَأ ْو َر ْث َنا ا ْل َق ْو َم ا َّلذِينَ َكا ُنو ْا ُي ْس َت ْ‬
‫ض َعفُونَ َم َ‬
‫َع َلى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ِب َما‬ ‫ت َر ِّب َك ا ْل ُح ْس َنى‬ ‫ار ْك َنا فِي َها َو َت َّم ْت َكلِ َم ُ‬ ‫ار َب َها ا َّلتِي َب َ‬
‫ض َو َم َغ ِ‬ ‫اَأل ْر ِ‬
‫َو َج َاو ْز َنا ِب َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ‬ ‫شونَ‬ ‫ص َن ُع ف ِْر َع ْونُ َو َق ْو ُم ُه َو َما َكا ُنو ْا َي ْع ِر ُ‬‫ص َب ُرو ْا َودَ َّم ْر َنا َما َكانَ َي ْ‬
‫َ‬
‫اج َعل َّل َنا ِإ َل ًها َك َما َل ُه ْم‬
‫ْ‬ ‫وسى‬ ‫ا ْل َب ْح َر َفَأ َت ْوا َع َلى َق ْو ٍم َي ْع ُكفُونَ َع َلى َأ ْ‬
‫ص َن ٍام َّل ُه ْم َقالُو ْا َيا ُم َ‬
‫آلِ َه ٌة َقال َ ِإ َّن ُك ْم َق ْو ٌم َت ْج َهلُونَ " [سورة األعراف‪]148,147 :‬‬
‫اآليتين الكريمتين نرى أن الملك هنا أصبح للمصريين‪ ،‬بعد خروج بعض بني‬
‫ِ‬ ‫وبتدبرنا‬
‫إسرائيل ممن آمن مع موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وغرق بعض بني إسرائيل ممن كان مع‬
‫فرعون وجنوده‪ ,‬وورث الحكم بمصر بعض بني إسرائيل ممن بقوا بمصر برئاسة‬
‫قارون‪ ,‬كما قال تعالى بعد خروج جماعة موسى وغرق جماعة فرعون‪َ " :‬ك ٰ َذلِ َك‬
‫َوَأ ْو َر ْث َناهَا َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ " (الشعراء‪ )59 :‬وتمت كلمة ربك على بني إسرائيل تعني أن‬
‫هللا نجاهم من فرعون ورأوا آية هللا بأعينهم بانشقاق البحر لهم‪ ,‬وغرق فرعون وجنوده‬

‫‪138‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫في البحر‪ ،‬وأنجى هللا بدن فرعون ليكون لمن خلفه آية؛ كما قال تعالى‪َ " :‬فا ْل َي ْو َم ُن َن ِّجي َك‬
‫اس َعنْ آ َيا ِت َنا َل َغافِلُونَ " (يونس‪)92:‬‬ ‫ِب َبدَ ِن َك لِ َت ُكونَ لِ َمنْ َخ ْل َف َك آ َي ًة َوِإنَّ َكث ً‬
‫ِيرا ِّمنَ ال َّن ِ‬
‫ليتعظ بها قارون ومن معه من بقية بني إسرائيل‪ ,‬وكان من استخلفه على بني إسرائيل‬
‫بشمال مصر هو قارون؛ ولكنه لم يتعظ بما حدث لفرعون وجنده برغم رؤيته بدن‬
‫فرعون الذي كانوا يعبدونه؛ وفرعون بشكل حاسم هو من بني إسرائيل ‪ -‬وهو ماذكرناه‬
‫سلفا ‪ -‬استضعف الضعفاء من بني إسرائيل‪ ,‬واستعبدهم؛ ليستقوي بهم على المصريين‪,‬‬
‫وكان محتال شمال مصر‪ ,‬ولم يسلم الجنوب من طغيانه واستعالئه وغروره‪ ,‬وذلك ظهر‬
‫جليًا في بردية(‪ )74‬وجدناها مدون عليها أمر من (أبو فيس) (لقب من ألقاب فرعون) إلى‬
‫الملك المصري سقنن رع بإسكات أفراس النهر في الجنوب؛ ألنه كما يزعم كانت‬
‫أصواتها تزعجه‪ ,‬برغم أن المسافة بينهم تتعدى مئات الكيلومترات!! وهذا يوضح أن‬
‫الموضوع ليس إال إذالال للمصريين‪ ,‬وهذا ينافي جميع كتب التاريخ‪ ,‬والتوراة التي‬
‫تتحدث عن هذه الحقبة‪ ,‬وتقول بأنها كانت فترة استعباد من المصريين لبني إسرائيل‬
‫ُّخرةِ‪ ,‬والحقيقة أن‬
‫ظلما وبهتانا وقلبا للحقيقة وأنهم جعلوهم يبنون أهراماتهم بالس َ‬
‫المصريين القدماء ال يستحلون العبدية مطلقا‪ ,‬وما ينفي تلك النظرية بشكل نهائي أن‬
‫األهرامات كانت موجودة فعليا قبل ذلك بألف عام‪ ,‬لكن هللا ملك المصريين مشارق‬
‫األرض ومغاربها في عهد داود وسليمان‪ ،‬فاآلية هنا منقسمة قسمين‪ ،‬وتخاطب جماعتين؛‬
‫الجماعة األولى‪ :‬هم المصريون‬
‫ار َب َها ا َّلتِي َب َ‬
‫ار ْك َنا فِي َها"‬ ‫ار َق اَأل ْر ِ‬
‫ض َو َم َغ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫"وَأ ْو َر ْث َنا ا ْل َق ْو َم ا َّلذِينَ َكا ُنو ْا ُي ْس َت ْ‬
‫ض َعفُونَ َم َ‬ ‫َ‬
‫وهذه الجماعة المقصود بها المصريون (المُح َتلَّة أرضهم)‪ ،‬قد ورثوا حكم مصر كما جاء‬
‫في قوله تعالى‪:‬‬
‫" َك ٰ َذلِ َك َوَأ ْو َر ْث َناهَا َق ْو ًما َ‬
‫آخ ِرينَ " (الدخان‪,)28 :‬‬

‫‪ ))74‬بردية سالييه رقم ‪ 1‬المحفوظة بالمتحف البريطاني تحت رقم (‪)Brit. Mus.10185‬‬
‫‪139‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫أي بعدما ورث قارون ومن معه من بني إسرائيل مصر كما في قوله تعالى‪َ " :‬ك ٰ َذلِ َك‬
‫َوَأ ْو َر ْث َناهَا َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ " (الشعراء‪)59 :‬‬
‫فخسف هللا بقارون وبداره األرض كما قال تعالى‪:‬‬
‫ُون هَّللا ِ َو َما َكانَ مِنَ‬ ‫س ْف َنا ِب ِه َو ِبدَ ِار ِه اَأْل ْر َ‬
‫ض َف َما َكانَ َل ُه مِن فَِئ ٍة َين ُ‬
‫ص ُرو َن ُه مِن د ِ‬ ‫" َف َخ َ‬
‫ا ْل ُمن َتصِ ِرينَ " (القصص‪)81:‬‬
‫وبعد فساد بني إسرائيل الذين بقوا بمصر بعد خروج موسى‪ ,‬ومن معه ممن آمن من بني‬
‫إسرائيل‪َ ,‬‬
‫وغ َر ِق فرعون‪ ,‬ومن معه من الذين كابروا من بني إسرائيل وكذبوا موسى‪,‬‬
‫وورث حكم مصر الذين بقوا من بني إسرائيل مع قارون بشمال مصر‪ ,‬فأفسدوا بعدما‬
‫رأوا اآليات في أرض مصر‪ ,‬فخسف هللا بقارون وداره األرض‪ ,‬وبعث على من كان‬
‫معه بعدما خسف برأس المُلك عندهم‪ ,‬عبادا له وهم المصريون بقيادة أحمس‪ ,‬فقضى‬
‫المصريون عليهم وطردوهم‪ ,‬وكانوا يفتشون في كل األزقة‪ ,‬وبين الديار على أي‬
‫هكسوسي ليقتلوه إن كان ممن يحمل السالح‪ ,‬أو يطردوه من مصر إن كان ممن ال يحمل‬
‫السالح‪ .‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ض َم َّر َت ْي ِن َو َل َت ْعلُنَّ ُعلُ ًّوا َك ِب ً‬
‫يرا‬ ‫ب َل ُت ْفسِ دُنَّ فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض ْي َنا ِإ َل ٰى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ فِي ا ْل ِك َتا ِ‬ ‫" َو َق َ‬
‫سوا ِخاَل ل َ الدِّ َي ِ‬
‫ار‬ ‫شدِي ٍد َف َجا ُ‬ ‫س َ‬‫اء َو ْع ُد ُأواَل ُه َما َب َع ْث َنا َع َل ْي ُك ْم عِ َبادًا َّل َنا ُأولِي َبْأ ٍ‬
‫(‪َ )4‬فِإ َذا َج َ‬
‫َو َكانَ َو ْعدًا َّم ْف ُعواًل (‪( ")5‬اإلسراء‪)5,4:‬‬
‫ت َر ِّب َك ا ْل ُح ْس َنى َع َلى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ِب َما‬
‫والجماعة الثانية‪ :‬هم بنو إسرائيل " َو َت َّم ْت َكلِ َم ُ‬
‫ص َن ُع ف ِْر َع ْونُ َو َق ْو ُم ُه"‪،‬‬
‫ص َب ُرو ْا َودَ َّم ْر َنا َما َكانَ َي ْ‬
‫َ‬
‫وكلمة هللا الحسنى أن هللا أنجاهم من فرعون الذي استعبدهم في األرض‪ ,‬وهنا البد أن‬
‫نشير مجددا إلى أن هذا ليس تفسيرً ا منا‪ ,‬ولكنه فقط مقارنة الحقائق المثبتة أثريا‪,‬‬
‫واألحداث التي حدثت على أرض الواقع وآيات هللا المحفوظة من التحريف‪.‬‬
‫ثم حكم بعد هذا مصر كلها المصريون من عند أحمس‪ ,‬ومن جاء بعده‪ ,‬وجعل هللا‬
‫المصريين الذين استضعفوا في أرضهم ‪ -‬بعد ذلك ‪ -‬أئمة الدنيا كلها‪ ,‬وأورثهم مصر‬
‫بوعد وم ّنة منه تبارك وتعالى كما جاء في قوله‪:‬‬
‫‪140‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ض ِعفُوا فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض َو َن ْج َع َل ُه ْم َأِئ َّم ًة َو َن ْج َع َل ُه ُم ا ْل َو ِارثِينَ "‬ ‫" َو ُن ِري ُد َأن َّن ُمنَّ َع َلى ا َّلذِينَ ْ‬
‫اس ُت ْ‬
‫(القصص‪)5:‬‬
‫"اص ِب ْر َع َلى َما َيقُولُونَ َو ْاذ ُك ْر َع ْبدَ َنا دَ ُاوودَ‬ ‫ْ‬ ‫وبعد طالوت َح َك َم داو ُد كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ور ًة ُكل ٌّ‬‫ش َ‬ ‫الط ْي َر َم ْح ُ‬ ‫اق َو َّ‬
‫ش َر ِ‬‫س ِّب ْحنَ ِبا ْل َعشِ ِّي َواِإل ْ‬
‫س َّخ ْر َنا ا ْل ِج َبال َ َم َع ُه ُي َ‬ ‫َذا اَأل ْي ِد ِإ َّن ُه َأ َّو ٌ‬
‫اب ِإ َّنا َ‬
‫شدَ دْ َنا ُم ْل َك ُه َوآ َت ْي َناهُ ا ْلح ِْك َم َة َو َف ْ‬
‫صل َ ا ْلخ َِطا ِ‬
‫ب" [سورة ص‪]20,19,18,17 :‬‬ ‫َّل ُه َأ َّو ٌ‬
‫اب َو َ‬
‫وتخبرنا الحضارة المصرية القديمة أنه بعد أمنحتب األول حكم تحتمس األول‬
‫(‪ 1510-1528‬أو ‪ 1481 ,1493‬ق‪.‬م)‪ ،‬وامتد نسل الملك والنبوة بين اسمين أمنحتب‬
‫وتحتمس‪ ،‬وأمنحتب األول جاء بعد ألف عام من عهد إيمحتب(‪ )75‬وزير زوسر‪ ،‬وهذا‬
‫الوزير هو المصدر الرئيسي لجميع علوم األرض (في مرحلة ما بعد الطوفان)؛ ألنه‬
‫أصل كل العلوم؛ من الطب‪ ,‬والهندسة‪ ,‬والفلك‪ ,‬واألدب‪ ,‬والفيزياء‪ ,‬وعلماء الغرب جميعًا‬
‫يعترفون بهذه الحقيقة‪ ,‬بل كانوا يعبدونه‪ ,‬وما الذي يمكن أن يحدث على ظهر األرض‬
‫حين يعرف البشر بأنه من جاء إلينا بكل العلوم في شتى المجاالت كان نبيا‪ ,‬وجاء بها‬
‫من عند هللا وهذا‪ ,‬يعني أن أصول كل العلوم نزلت علينا بوحي من السماء‪ ,‬ونحن اآلن‬
‫نراهم يقنعون البشر بعبادة العلوم من دون هللا‪!!..‬‬
‫وهذا ما يخص العلوم‪ ,‬فأما ما يخص التاريخ فقد حرفوه منذ بداية ابني آدم إلى أن نسبوا‬
‫أنفسهم إلى الشخصية نفسها التي نتحدث عنها‪ ,‬وهو الذي وضع حجر األساس لجميع‬
‫علوم األرض؛ إيمحتب ‪.‬‬
‫مع العلم أن الروايات التوراتية واإلنجيلية‪ ,‬وما ذكرته كتب السلف ‪ -‬رواية أصحاب‬
‫الشرائع السماوية الثالث ‪ -‬تقول إن يوسف وبنيامين جاء من نسلهما داود وسليمان‪ ,‬ومن‬
‫بعدهما عمران وعيسى‪ ،‬والطبيعي هنا في الحضارة المصرية أننا بعد أن استطعنا‬
‫معرفة نسل إيمحتب (يوسف)‪ ,‬وأمنحتب األول(طالوت)‪ ,‬وتحتمس األول(داود)‪,‬‬
‫وتحتمس الثالث(سليمان) (‪ 1436 -1490‬أو ‪ 1426 ,1478‬ق‪.‬م)‪ ,‬سنصل إلى‬

‫‪ ))75‬إيمحتب إله الطب والهندسة‪ ,‬لهاري‪ ,‬ترجمة‪ :‬محمد العزب‪ ,‬القاهرة ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫عمران‪ ,‬والمسيح عيسى بن مريم‪ ,‬وإذا عرفناهم فسنصل إلى زكريا‪ ,‬ويحيى‪ ,‬والجدير‬
‫بالذكر هنا أن الحضارة المصرية القديمة هي الوحيدة الباقية من حضارات كثيرة ُدمرت‬
‫وفق النص القرآني‪ ،‬لكن بقيت الحضارة المصرية صامدة؛ ألنها لم تكن كغيرها من‬
‫ممالك الظلم والطغيان‪ ،‬ومما أخبرنا به القرآن قوله تعالى‪:‬‬
‫ار ْك َنا فِي َها‬‫ار َب َها ا َّلتِي َب َ‬
‫ض َو َم َغ ِ‬ ‫ار َق اَأْل ْر ِ‬
‫ش ِ‬ ‫ض َعفُونَ َم َ‬ ‫"وَأ ْو َر ْث َنا ا ْل َق ْو َم ا َّلذِينَ َكا ُنوا ُي ْس َت ْ‬
‫َ‬
‫ص َن ُع ف ِْر َع ْونُ‬
‫ص َب ُروا َودَ َّم ْر َنا َما َكانَ َي ْ‬ ‫ت َر ِّب َك ا ْل ُح ْس َن ٰى َع َل ٰى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ِب َما َ‬
‫َو َت َّم ْت َكلِ َم ُ‬
‫شونَ " (األعراف)‪.‬‬ ‫َو َق ْو ُم ُه َو َما َكا ُنوا َي ْع ِر ُ‬
‫قد يقول قائل‪ :‬هذا الكالم مخالف للقرآن بحجة أن هللا دمر فرعون ‪ ,‬وما كان يصنع هو‬
‫وقومه وما كانوا يعرشون؟! والحقيقة صدق القرآن‪ ،‬لكننا أثبتنا سل ًفا أن فرعون ليس‬
‫مصريًا‪ ,‬كما أن الحضارة المصرية لم ُتدمَّر مع فرعون‪ ,‬واستمرت‪ ،‬بل نزيد من شِ ِ‬
‫عر‬
‫الحقيق ِة بي ًتا أن التسمية (الفراعنة) هي تسمية خاطئة؛ يُراد منها استمرار حلقات مسلسل‬
‫األكاذيب إلى ما ال نهاية‪ ،‬والتسمية الصحيحة هي الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬أو إن‬
‫شئنا التغيير فلنقل حضارة (كيمي) أو الحضارة الكيميتية‪ ،‬باعتبار أن مصر في إحدى‬
‫مراحل التاريخ كان اسمها (كِميت) وإن كنا نفضل التسمية القرآنية التي ذكر هللا بها‬
‫بالدنا مصر‪.‬‬
‫*****‬

‫‪142‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نسل األنبياء من لدن إبراهيم‬
‫أنسابهم‪:‬‬
‫اآلن نبدأ ُسلَّم األنبياء من أول سيدنا إبراهيم عليه السالم‪ ،‬الذي أرسله هللا ليهدي الناس‬
‫وينهاهم عن عبادة األصنام‪ ،‬ذكر مؤرخو بني إسرائيل أن النبي إبراهيم عليه السالم وُ لِد‬
‫في مدينة كسديم‪ ،‬لكن في الحقيقة كتب التاريخ كلها لم تسجل أي مدينة تحمل هذا االسم‪،‬‬
‫وال وجود لها على اإلطالق‪،‬‬
‫ذهب مؤرخو أهل الكتاب إلى أن أبا إبراهيم هو تارح‪:‬‬
‫والغريب أيضًا في قصة إبراهيم عليه السالم أن التوراة واإلنجيل‪ ,‬وما كتبه مؤرخو بني‬
‫إسرائيل يذهب إلى أن إبراهيم هو ابن تارح‪ ،‬في حين أن القرآن قال إن آزر أبو إبراهيم‪،‬‬
‫وذهب بعض المفسرين أن آزر هو تارح‪:‬‬
‫واألكثر غرابة أن بعض المفسرين اتخذوا الطريق األسهل وقالوا إن آزر هو تارح‪ ،‬وال‬
‫نعرف ما سبب هذا الربط بين االسمين‪,‬‬
‫وذهب بعض المفسرين إلى أن آزر عمه‪:‬‬
‫وذهب كثير من المفسرين إلى القول بأن تارح هو أبوه‪ ,‬وآزر عمه‪ ,‬واستندوا في ذلك‬
‫على أن كلمة األب في اللغة تطلق على الوالد والعم والجد‪ ,‬والقول بأن آزر أبوه مخالف‬
‫لظاهر القرآن الكريم‪ ,‬وذلك أنّ هللا تعالى قال ‪:‬‬
‫شركِينَ َو َلو َكا ُنوا ُأولِي قُر َبى مِن َبع ِد َما‬ ‫" َما َكانَ لِل َّن ِب ِّي َوا َّلذِينَ آ َم ُنوا َأن َيس َتغفِ ُروا لِل ُم ِ‬
‫ألبي ِه ِإالَّ َعن َّموعِ دَ ٍة َو َعدَ هَا‬ ‫ِيم * َو َما َكانَ استِغ َفا ُر ِإ َ‬
‫براهِي َم ِ‬ ‫الجح ِ‬‫اب َ‬ ‫َت َب َّينَ َل ُهم َأ َّن ُهم َأ َ‬
‫صح ُ‬
‫ِإ َّياهُ َف َل َّما َت َب َّينَ َل ُه َأ َّن ُه َعد ٌُّو هّلِل ِ َت َب َّرَأ مِن ُه " (التوبة‪.)114-113:‬‬
‫سَأس َتغفِ ُر َل َك َر ِّبي "‬
‫ذلك ألنّ إبراهيم(عليه السالم) كان قد وعد (آزر) أن يستغفر له‪َ " ،‬‬
‫(مريم‪ ،)47:‬بأمل رجوعه عن عبادة األصنام‪ ,‬ولك ّنه عندما رآه مص ّممًا على عبادة‬
‫األصنام ومعان ًدا‪ ,‬ترك االستغفار له‪ ،‬وي ّتضح من هذه اآلية بجالء أنّ إبراهيم بعد أن يئس‬

‫‪143‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫من آزر‪ ,‬لم يعد يطلب له المغفرة ولم يكن يليق به أن يفعل‪ ،‬وك ّل القرآئن تد ّل على أنّ‬
‫هذه الحوادث وقعت عندما كان إبراهيم شا ًّبا‪ ,‬يعيش في (بابل) ويحارب عبدة األصنام‪.‬‬
‫ولكن هناك آيات ُأخرى في القرآن تشير إلى أنّ إبراهيم(عليه السالم) في أواخر عمره‪,‬‬
‫وبعد االنتهاء من بناء الكعبة‪ ,‬طلب المغفرة ألبيه‪ ,‬وفي هذه اآليات ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬لم‬
‫تستعمل كلمة (أب)‪ ،‬بل استعملت كلمة (والد) الصريحة في المعنى‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬
‫ُّعاء * َر ِّب‬ ‫سمِي ُع الد َ‬ ‫اق ِإنَّ َر ِّبي َل َ‬
‫سح َ‬‫َب لِي َع َلى ال ِك َب ِر ِإس َماعِ يل َ َوِإ َ‬ ‫الحم ُد هّلِل ِ ا َّلذِي َوه َ‬
‫" َ‬
‫ُعاء * َر َّب َنا اغفِر لِي َول َِوالِدَ َّ‬
‫ي َولِل ُمؤ ِمنِينَ‬ ‫الصالَ ِة َومِن ُذ ِّر َّيتِي َر َّب َنا َو َت َق َّبل د َ‬
‫اجعلنِي ُمقِي َم َّ‬ ‫َ‬
‫اب " (إبراهيم‪.)41-39:‬‬ ‫ِس ُ‬‫َيو َم َيقُو ُم الح َ‬

‫فإذا جمعنا هذه اآلية مع آية سورة التوبة التي تنهى المسلمين عن االستغفار للمشركين‬
‫وتنفي ذلك عن إبراهيم(عليه السالم) إاّل لفترة محدودة ولهدف مق ّدس‪ ,‬تبيّن لنا بجالء أنّ‬
‫المقصود من (أب) في اآلية المذكورة ليس الوالد‪ ,‬بل هو العم أو الج ّد من جانب اُأل ّم‪ ،‬أو‬
‫ما إلى ذلك‪.‬‬
‫وبعبارة ُأخرى‪ :‬إنّ (والد) تعطي معنى األبوّ ة المباشرة‪ ،‬بينما (أب) ال تفيد ذلك‪.‬‬
‫وقد وردت في القرآن كلمة (أب) لمعنى الع ّم‪ ,‬كما في اآلية (‪ )133‬من سورة البقرة‪" :‬‬
‫اق ِإ َل ًها َوا ِحدًا " (البقرة‪,)133:‬‬
‫سح َ‬ ‫َقالُوا َنع ُب ُد ِإ َلـ َه َك َوِإ َلـ َه آ َباِئ َك ِإ َ‬
‫براهِي َم َوِإس َماعِ يل َ َوِإ َ‬
‫والضمير في (قالوا) يعود إلى أبناء يعقوب‪ ,‬وكان إسماعيل ع ّم يعقوب ال أباه‪.‬‬
‫العرب‬
‫َ‬ ‫س َم‬‫قسمين‪ ،‬ف َق َّ‬
‫ِ‬ ‫فقس َم ال ّن َ‬
‫اس‬ ‫لق َ‬
‫بعث ِجبريل َ َّ‬ ‫خلق َ‬
‫الخ َ‬ ‫َ‬ ‫وفي الحديث‪ " :‬إنَّ هَّللا َ حينَ‬
‫فقس َم‬
‫َّ‬ ‫قسمين‪،‬‬
‫ِ‬ ‫العر َب‬
‫َ‬ ‫قس َم‬
‫العربِ‪ ،‬ث َّم َّ‬
‫َ‬ ‫وقس َم العج َم قِس ًما‪َ ،‬وكا َنت خيرةُ هَّللا ِ في‬
‫َّ‬ ‫قِس ًما‬
‫شا قِس ًما‪َ ،‬وكانت خيرةُ هَّللا ِ في قُ َر ْي ٍ‬
‫ش‪ ،‬ث َّم َ‬
‫أخر َجني‬ ‫مضر قِس ًما وقُ َر ْي ً‬
‫َ‬ ‫وقس َم‬
‫َّ‬ ‫ال َيمنَ قِس ًما‬
‫خير َمن َأنا من ُه"(‪)76‬‬
‫مِن ِ‬

‫‪ ))76‬الراوي‪ :‬أبو هريرة • العراقي‪ ،‬محجة القرب (‪ • )٧٥‬إسناده حسن‪.‬‬


‫‪144‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وروى مسلم وغيره عن واثلة بن األسقع يقول سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫يقول‪ " :‬إن هللا اصطفى كنانة من ولد إسماعيل‪ ،‬واصطفى قريشا من كنانة‪ ،‬واصطفى‬
‫من قريش بني هاشم‪ ،‬واصطفاني من بني هاشم " ‪.‬‬

‫ومنهم من قال أن آزر هو أبوه‪.‬‬


‫اسمه ( آزر )‪ ،‬أخذا بظاهر اآلية الكريمة ‪:‬‬
‫ص َنا ًما آلِ َه ًة ِإ ِّني َأ َرا َك َو َق ْو َم َك فِي َ‬
‫ضاَل ٍل ُم ِب ٍ‬
‫ين "‬ ‫" َوِإ ْذ َقال َ ِإ ْب َراهِي ُم َأِل ِبي ِه َ‬
‫آز َر َأ َت َّت ِخ ُذ َأ ْ‬
‫(األنعام‪.)74/‬‬
‫وبظاهر الحديث الشريف الذي يرويه اإلمام البخاري رحمه هللا في ( صحيحه‪:‬‬
‫(‪:)3350‬‬
‫َعنْ َأ ِبي ه َُر ْي َر َة رضي هللا عنه َع ِن ال َّن ِبي صلى هللا عليه وسلم َقالَ‪َ " :‬ي ْل َقى ِإ ْب َراهِي ُم َأ َباهُ‬
‫آز َر َق َت َرةٌ َو َغ َب َرةٌ‪َ ،‬ف َيقُول ُ َل ُه ِإ ْب َراهِي ُم ‪َ :‬أ َل ْم َأقُلْ َل َك الَ‬‫آز َر َي ْو َم ا ْلقِ َيا َم ِة ‪َ ،‬و َع َلى َو ْج ِه َ‬ ‫َ‬
‫َت ْعصِ نِي ؟ َف َيقُول ُ َأ ُبوهُ ‪َ :‬فا ْل َي ْو َم الَ َأ ْعصِ ي َك ‪َ .‬ف َيقُول ُ ِإ ْب َراهِي ُم ‪َ :‬يا َر ِّب ‪ِ ،‬إ َّن َك َو َعدْ َتنِي َأنْ الَ‬
‫ت‬ ‫ى َأ ْخ َزى مِنْ َأ ِبي اَأل ْب َع ِد ؟! َف َيقُول ُ هَّللا ُ َت َعا َلى ‪ِ :‬إ ِّني َح َّر ْم ُ‬ ‫ُت ْخ ِز َينِي َي ْو َم ُي ْب َع ُثونَ ‪َ ،‬فَأي خ ِْز ٍ‬
‫َ‬
‫ا ْل َج َّنة َع َلى ا ْل َكاف ِِرينَ ‪ُ ،‬ث َّم ُي َقال ُ ‪َ :‬يا ِإ ْب َراهِي ُم َما َت ْح َت ِر ْج َل ْي َك ؟ َف َي ْن ُظ ُر َفِإ َذا ه َُو ِبذ ٍ‬
‫ِيخ ُم ْل َتطِ ٍخ‬
‫ار "‬‫‪َ ،‬ف ُيْؤ َخ ُذ ِب َق َواِئ ِم ِه َف ُي ْل َقى فِي ال َّن ِ‬

‫وأشهر من قال بهذا القول إمام المغازي والسير‪ :‬محمد بن إسحاق‪ ,‬كما روى ذلك عنه‬
‫ابن جرير الطبري بسنده في ( جامع البيان ) (‪. )11/466‬‬
‫من أين جاء االسم (تارح)‪:‬‬
‫يبقى السؤال من أين جاء اسم تارح من األساس‪ ،‬اإلجابة نجدها في تاريخ بالد سومر؛ إذ‬
‫كان هذا االسم متداواًل ومستخدمًا بكثرة في الممالك السومرية‪ ،‬وإذا نظرنا إلى مملكة‬
‫أوروك األولى فسنجد من ملوكها (أننوندارا أنا تاراح)‪ ,‬و (وإين تاراح أنا) من ساللة‬
‫كيش األولى‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وحينما ننظر إلى عمود نسب نبي هللا إبراهيم‪ ,‬وتتبع اسمه نجده هو‪ :‬إبراهيم بن تارح بن‬
‫ناحور بن ساروغ بن رعو بن فالج بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح‪.‬‬
‫ونالحظ أن هذا النسب هو نسب النمرود‪ ,‬ولكنهم نسبوه إلى حام‪ ,‬وليس إلى سام‪ ،‬وهو‬
‫نمرود بن فالج بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ بن حام بن نوح‪.‬‬
‫وهذه هي الطريقة نفسها التي حرفوا بها تاريخ البشر في بداية الزمان قبل الطوفان‪،‬‬
‫وعادوا إلى تحريف أنساب البشر بعد الطوفان الطريقة نفسها‪.‬‬
‫و ُك ُتبُ السلف تذكر خمسة أسماء في نسل إبراهيم؛ فيها هو‪( :‬إبراهيم بن آزر بن ناحور‬
‫بن ساروغ بن رعو)‪ ،‬وهذا هو النسب األكثر دقة‪ ,‬واألقرب إلى الصواب‪ ،‬وهو الذي‬
‫يجعل إبراهيم عليه السالم مصريًا؛ فحينما ننظر إلى اسم جده (ناحور) فإنه مأخوذ من‬
‫اسم (حور)‪ ،‬وهو أصل اسم حورس‪ ،‬وحاكم مصر بعد مينا مباشرة اسمه (حور عحا)‪،‬‬
‫بل إن جد ناحور في نسب إبراهيم هو (رعو) وهو اسم مصري خالص مشتق من رع‪.‬‬

‫وفيما يلي سقطة تاريخية‪ ,‬وقع فيها زاهي حواس؛ حيث انساق وراء الترجمات اليونانية‬
‫القاصدة عم ًدا تشويه الحضارة المصرية‪ ,‬وإلباس تاريخ أجدادهم؛ (النماردة‪ ،‬الفراعنة‪،‬‬
‫الجبابرة) غير ال ُم َشرِّ ف إلى الحضارة المصرية؛ حيث فسر (بر‪ -‬عا) الموجودة على‬
‫خراطيش الملوك بـ(البيت العظيم)‪ ،‬ويشار إلى الملك بأنه (بر ­ عا)؛ أي ساكن القصر‬
‫العظيم؛ ويقول حواس في اللغة العبرية تحولت الباء إلى فاء‪ ،‬واأللف إلى واو‪ ،‬فأصبحت‬
‫فرعو‪ ,‬ولحب التنوين في العربية وصلت الكلمة إلى شكلها النهائي؛ (فرعون)‪ ,‬وهذا‬
‫كالم يغالط النص القرآني الذي أورد لفظة (فرعون) صريحة‪ ,‬وله معنى يدل على‬
‫(فرعنة‪ ,‬ونمردة) في صاحبه؛ أي أنه اس ٌم غير محرَّ فٍ‪ ,‬ولم يتطور عبر الزمن‪ ،‬بل من‬
‫البداية‪ ,‬واللفظة (فرعون) ُتكتب هكذا صريحة دون زيادة أو نقصان اسما َع َلما على‬
‫ً‬
‫صفة‪.‬‬ ‫شخص ال‬
‫ٍ‬

‫[«بر ­ عا» أصبحت لقب حاكم مصر منذ الدولة الحديثة وحتى نهاية العصور الفرعونية‬
‫مع دخول اإلسكندر األكبر إلى مصر في عام ‪ 332‬قبل الميالد] (انتهى كالم حواس)‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(حواس) التبس عليه األمر؛ نتفق معه في أن كلمة (بر) تعني البيت‪ ,‬ونتفق أيضًا في أن‬
‫استخدامها بدأ منذ األسرة الثامنة عشر‪ ،‬لكننا نختلف معه في تفسيره الكلمة (فرعون)‬
‫بأنها مشتقة من اسم (بر)‪ ،‬وما يثبته البحث أن األسرة الثامنة عشر هم ملوك‪ ,‬حملوا‬
‫النبوة‪ ,‬من نسل سيدنا إبراهيم‪ ,‬وباألخص نسل إسحاق؛ ألن جميع األنبياء الذين وصلوا‬
‫إلى الملك الذين ورد ذكرهم بأسمائهم في القرآن الكريم‪ ,‬ومن نسل سيدنا إسحاق وجدنا‬
‫لهم آثارا‪( ,‬تسد عين الشمس) على أرض مصر‪ ,‬وسيدنا إسحاق ابن سيدنا إبراهيم أبى‬
‫األنبياء‪ ,‬وأخو سيدنا إسماعيل أبى العرب الذين جاء منهم محمد بن عبد هللا أشرف الخلق‬
‫‪ -‬عليهم جميعا وعلى نبينا أفضل الصالة وأتم التسليم ‪ -‬وهذا يعني أن بعض من حكم‬
‫مصر من األنبياء من بعد سيدنا إبراهيم أبي األنبياء من نسل سيدنا إسحاق‪ ,‬وفي تاريخ‬
‫ملوك مصر العظماء كل من حمل النبوة من ملوكها يُنسبون إلى إسحاق‪ ,‬وهذا يفسر لنا‬
‫قول هللا تعالى‪:‬‬

‫اب َوا ْلح ِْك َم َة‬ ‫اس َع َلى َما آ َتا ُه ُم هَّللا ُ مِنْ َف ْ‬
‫ضلِ ِه َف َقدْ آ َت ْي َنا آل َ ِإ ْب َراهِي َم ا ْل ِك َت َ‬ ‫"َأ ْم َي ْح ُ‬
‫سدُونَ ال َّن َ‬
‫َوآ َت ْي َنا ُه ْم ُم ْل ًكا َعظِ ي ًما " [النساء‪,]54:‬‬

‫بمصر فأين هو؟!! وهذا يعني أن العرب‬


‫َ‬ ‫فإن لم يكن هذا الملك الذي وصفه ربنا بالعظيم‬
‫(اإلسماعيليين) هم أبناء عم للمصريين (اإلسحاقيين)‪ ,‬وليس لهم أي عالقة نسب مع‬
‫اليهود‪ ،‬مما يعني أن (بر) اختصار إلبراهيم‪ ,‬وهو مصطلح خاص بـ(آل بيت سيدنا‬
‫إبراهيم)‪ ،‬وباللغة الكردية بر‪ :‬اسم يعني إبراهيم أيضا ومعناه األخ‪ ,‬وليس له عالقة‬
‫بـ(فرعون)‪ ,‬وهذا ما سيقدمه الكتاب‪.‬‬

‫االختالف في نسب النبي إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وتبديل اسم أبيه من آزر إلى تارح‪ ،‬أخذنا‬
‫ال إراديًا إلى قراءة الواقعة في اإلطار التاريخي الزمني قياسًا على واقعة‪ ,‬اتفق عليها‬
‫الجميع أو على األقل اتفقت عليها الشرائع اإلبراهيمية‪ ,‬وهي واقعة الذي حاج إبراهيم في‬
‫ربه‪ ،‬وهي المعروفة بواقعة النمرود‪ ،‬ورغم أن الواقعة حقيقية‪ ,‬لكن االسم مختلف‪،‬‬
‫‪147‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫فالتوراة هي التي سمته (النمرود)‪ ,‬وعنها نقلت المصادر اإلسالمية‪ ،‬والواقعة حقيقية‬
‫بالفعل‪ ,‬وهي لملك من بني إسرائيل أيضًا‪ ,‬لكن اسمه جلجامش‪( ,‬كما ذكرنا سابقاً)‪ ،‬كان‬
‫من حكام سومر أو بالد بين الرافدين‪.‬‬
‫التاريخ وثق أن جلجامش هو أول من جعل نفسه إلهًا على األرض‪ ،‬وكان من بني‬
‫إسرائيل‪ ،‬ويقول هللا تعالى‪:‬‬
‫اج ِإ ْب َراهِي َم فِي َر ِّب ِه َأنْ آ َتاهُ هَّللا ُ ا ْل ُم ْل َك ِإ ْذ َقال َ ِإ ْب َراهِي ُم َر ِّب َي ا َّلذِي ُي ْح ِيي‬
‫"َأ َل ْم َت َر ِإ َلى ا َّلذِي َح َّ‬
‫ش ِر ِق َفْأ ِ‬
‫ت ِب َها مِنَ‬ ‫س مِنَ ا ْل َم ْ‬ ‫ش ْم ِ‬ ‫ِيت َقال َ ِإ ْب َراهِي ُم َفِإنَّ هَّللا َ َيْأتِي ِبال َّ‬‫ِيت َقال َ َأ َنا ُأ ْح ِيي َوُأم ُ‬ ‫َو ُيم ُ‬
‫الظالِمِينَ " [سورة البقرة‪]258:‬‬ ‫ب َف ُب ِه َت ا َّلذِي َك َف َر َوهَّللا ُ ال َي ْهدِي ا ْل َق ْو َم َّ‬
‫ا ْل َم ْغ ِر ِ‬
‫اتبع إبراهيم في مناظرته مع جلجامش الحجة والبيان والعقل‪ ،‬قال إبراهيم ‪ -‬عليه السالم‬
‫ِيت) وهذه كانت الحجة األولى‬‫‪ -‬عندما سأله جلجامش من ربّك‪َ ( :‬ر ِّبي ا َّلذِي ُي ْح ِيي َو ُيم ُ‬
‫التي أقامها إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬على جلجامش‪ ،‬وقد رد عليه جلجامش‪ :‬وأنا أحيي‬
‫وأميت‪ ,‬وقد أتى ِب َس ِجي َن ِ‬
‫ين من عنده‪ ,‬أطلق سراح أحدهما‪ ,‬وقتل اآلخر‪ ،‬فعلم إبراهي ُم أنَّ‬
‫القلب الذي اعتاد الضالل لن يقبل النور‪ ،‬فلن يدخل معه في جدال عقيم‪ ,‬ال نهاية له‪،‬‬ ‫َ‬
‫وإنما طرح إبراهيم حجته الثانية وقال‪:‬‬
‫ب َف ُب ِه َت ا َّلذِي َك َف َر َوهللاُ ال‬ ‫ش ِر ِق َفْأ ِ‬
‫ت ِب َها مِنَ ا ْل َم ْغ ِر ِ‬ ‫س مِنَ ا ْل َم ْ‬ ‫هللا َيْأتِي ِبال َّ‬
‫ش ْم ِ‬ ‫" َفِإنَّ َ‬
‫َي ْهدِي ا ْل َق ْو َم َّ‬
‫الظالِمِينَ "‬
‫وهذا تح ٍّد صريح من إبراهيم لجلجامش‪ ،‬فبهت جلجامش من قول إبراهيم عليه السالم‪،‬‬
‫ولك َّنه لم يؤمن؛ فقد اعتاد على أن يتجبّر في األرض من دون أن يردعه أحد‪ ,‬ولكن‬
‫عقيدة إبراهيم ورَّ ثها ألبنائه من بعده‪ ,‬وقد وجدناها متجسدة في رع اإلله المتحكم في‬
‫حركة الشمس ورمز العنخ الذي يعطي الحياة والقوة المستمدة من هللا الواحد‪.‬‬
‫َّين؛ هما إسحاق‪ ,‬وإسماعيل عليهما السالم‪ ،‬رُزق‬ ‫ورزق هللاُ نب َّي ُه إبراهي َم بو َلدَ ِ‬
‫ين َن ِبي ِ‬
‫ُرسلين إلى قوم لوط‪ ،‬وقد ولد‬
‫شره وزوجه بوالدته نفر من المالئكة‪ ,‬كانوا م َ‬ ‫بإسحاق‪ ,‬وب ّ‬
‫بعد أخيه إسماعيل بـ‪ 14‬عامًا تقريبًا‪ ،‬وكان عمر والده ‪ 100‬عام‪ ،‬وأمّه سارة‪ ،‬وكان‬
‫عمرها ‪ 90‬عامًا‪ ،‬وورد في قصة إبراهيم‪ ،‬في المصادر اإلسالمية‪ ،‬أنَّ ثالثة رجال مروا‬
‫‪148‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫على إبراهيم (عليه السالم)‪ ,‬فاستقبلهم‪ ,‬وأكرمهم على عادة الكرماء في استقبالهم‬
‫الضيوف‪ ،‬شوى لهم عجاًل سمي ًنا‪ ,‬وقدمه إليهم‪ ,‬ولك َّنهم لم يأكلوا‪ ،‬خاف منهم إبراهيم؛ ألن‬
‫عادة الناس أن من ال يأكل الطعام عند شخص فهو يريد الشرَّ به‪ ،‬ولكنَّ الرجال أخبروه‬
‫أنهم مالئكة‪ ,‬وهم جبريل‪ ,‬وميكال‪ ,‬وإسرافيل‪ ،‬وبشروه بقدوم ابن له من سارة‪ ,‬وكان ذلك‬
‫معجزة لنبي هللا إبراهيم؛ ألن امرأته عجوز عقيم‪ ،‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫الصالِحِينَ " [سورة الصافات‪]112 :‬‬
‫َّ‬ ‫ش ْر َناهُ بِِإ ْس َح َ‬
‫اق َن ِب ًّيا ِّمنَ‬ ‫"و َب َّ‬‫َ‬
‫ِّي بإسحق؛ ألنَّ أمَّه ضح َكت عندما ب َّشرتها المالئكة‬ ‫و َمعنى إسحق (الضَّحوكُ)‪ ،‬وقي َل‪ُ :‬سم َ‬
‫وامرَأ ُت ُه قائ َم ٌة فض ِح َك ْت‬ ‫ً‬
‫طاعنة في السنِّ ‪ ،‬قال تعالى‪َ " :‬‬ ‫بأ َّنها حامل به‪ ,‬وقد كانت‬
‫اء إسحق يعقُ َ‬
‫وب" [سورة هود‪]71 :‬‬ ‫ور ِ‬‫شر َناهَا بإسحق ومِن َ‬ ‫فب َّ‬
‫كان اإلسحاقيون من زواج نبي هللا إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬من سارة‪( ,‬كان بعضهم‬
‫ملوكا مصريين)‪ ,‬ومن هاجر كان ( العرب اإلسماعليون الذين منهم أشرف الخلق‬
‫سيدنا محمد عليه الصالة والسالم)‪ ,‬وقيل إن أبا األنبياء قد تزوج أيضا بالسيدة قثورة‪,‬‬
‫وحجورا بنت أزهير‪ ,‬وقيل قنطورا بنت يقظان‪ ،‬وقد ولدت له س ّت ًة من البنين‪ ،‬وحجون‬
‫بنت أمين‪ ,‬وقيل حجورا بنت أزهير‪ ،‬فأمّا قنطورا فقد ولدت له مديان‪ ,‬ويقشان‪ ,‬وزمران‪,‬‬
‫وسرج‪ ,‬ونشق‪ ,‬وسادس لم يُذكر اسمه‪ ،‬وأمّا حجون فقد ولدت له كيسان‪ ,‬وسورج وأميم‪,‬‬
‫ولوطان‪ ,‬ونافس‪)77(.‬‬
‫ونحن نزعم إن كان بنو إسرائيل من نسل سيدنا إبراهيم أصال فإنهم من إحدى زوجاته‬
‫األخريات غير الكريمتين؛ سارة وهاجر‪ ,‬وأن بني إسرائيل نسبا نسبوا ألخوالهم‪ ,‬ال‬
‫ألبيهم إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬الكتسابهم أفعال وطباع أخوالهم‪ ,‬فإن سوء صدورهم‬
‫‪ -‬عز وجل‬ ‫وتشابه أفعالهم وطباعهم إنما جاء لفساد طباع أهل أمهم‪ ,‬ولذا نسبهم ربنا‬

‫‪ ))77‬تعدد زوجات الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ,‬المؤلف‪ :‬ملك غالم مرتضى‪ ,‬الناشر‪ :‬مجلة الجامعة‬
‫اإلسالمية بالمدينة المنورة‪ ,‬عدد‪ ,59‬ص ‪ .152‬وانظر تاريخ الطبري‪ .‬وأنظر‪ :‬زوجات األنبياء‬
‫وأمهات المؤمنين‪ ،‬محمد علي قطب‪ ,‬القاهرة‪ :‬الدار الثقافية للنشر‪ ،‬صفحة ‪.50،42،28-48‬‬
‫بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪149‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫– إلى أخوالهم المفسدين المسيئين‪ ,‬ووارد وجائز أن ينسب االبن ألخواله‪ ,‬وأهل أمه‪,‬‬
‫خاصة إن شابههم‪ ,‬أو سكن بينهم‪ ,‬وفي الحديث عن أنس ابن مالك _رضي هللا عنه_‬
‫قال‪:‬‬
‫غير ُك ْم؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬إاَّل‬
‫أح ٌد مِن ِ‬ ‫صار‪ ،‬فقالَ‪ :‬هلْ فِي ُك ْم َ‬ ‫ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم األ ْن َ‬ ‫بي َ‬‫"دَ عا ال َّن ُّ‬
‫ت ال َق ْو ِم منه ْم"(‪)78‬‬‫ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم‪ :‬ابنُ ُأ ْخ ِ‬ ‫ت َلنا‪ ،‬فقال َ َرسول ُ هَّللا ِ َ‬
‫ابنُ ُأ ْخ ٍ‬
‫وأنجب من سارة إسحاق‪ ,‬ورزق هللا إسحاق بيعقوب‪ ,‬وقالت عنه اإلسرائيليات‪ ,‬وتبعتها‬
‫كتب أخرى‪ ،‬تروي أن إسحاق لما تزوج (رفقا بنت بتواييل) فى حياة أبيه‪ ،‬كان عمره‬
‫أربعين سنة‪ ،‬وأنها كانت عاقرً ا‪ ،‬فدعا هللا لها فحملت فولدت غالمين توأم‪ ،‬أولهما‪ :‬سموه‬
‫عيصو‪ ،‬وهو الذى تسميه العرب العيص‪ ,‬وهو والد الروم‪ ،‬واآلخر‪ :‬خرج وهو آخذ‬
‫بعقب أخيه‪ ,‬فسموه يعقوب‪ ،‬وهو إسرائيل الذى ينتسب إليه بنو إسرائيل‪ ،‬قالوا‪ :‬وكان‬
‫إسحاق يحب العيصو أكثر من يعقوب؛ ألنه البكر‪ ،‬وكانت أمهما (رفقا) تحب يعقوب‬
‫أكثر؛ ألنه األصغر‪ ،‬وحدث صراع بينهما‪.‬‬
‫صراع نسجه بنو إسرائيل‪:‬‬
‫قالوا فلما كبر إسحاق‪ ,‬وضعف بصره‪ ،‬اشتهى على ابنه العيص طعامًا‪ ،‬وأمره أن‬
‫يذهب‪ ,‬فيصطاد له صي ًدا‪ ،‬ويطبخه له؛ ليبارك عليه‪ ،‬ويدعو له‪ ،‬وكان العيص صاحب‬
‫صيد‪ ،‬فذهب يبتغى ذلك‪.‬‬
‫أمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جديين من خيار غنمه‪ ،‬ويصنع منهما طعامًا؛ كما‬
‫اشتهاه أبوه‪ ،‬ويأتي إليه به قبل أخيه؛ ليدعو له‪ ،‬فقامت فألبسته ثياب أخيه‪ ،‬وجعلت على‬
‫ذراعيه وعنقه من جلد الجديين‪ ،‬ألن العيص كان أشعر الجسد‪ ،‬ويعقوب ليس كذلك‪.‬‬

‫فلما جاء به وقربه إليه‪ ،‬قال‪ :‬من أنت؟‬

‫‪ ))78‬صحيح البخاري‪ ,‬الصفحة أو الرقم‪.3528 :‬‬


‫‪150‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال‪ :‬ولدك‪ ،‬فضمه إليه وجسه‪ ،‬وجعل يقول‪ :‬أما الصوت فصوت يعقوب‪ ،‬وأما الجس‬
‫والثياب فالعيص‪ ،‬فلما أكل‪ ,‬وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدرً ا‪ ،‬وكلمته عليهم‬
‫وعلى الشعوب بعده‪ ،‬وأن يكثر رزقه وولده‪.‬‬

‫فلما خرج من عنده‪ ،‬جاء أخوه العيص بما أمره به والده‪ ،‬فقربه إليه‪ ،‬فقال له‪ :‬ما هذا يا‬
‫بني؟‬

‫قال‪ :‬هذا الطعام الذى اشتهيته‪.‬‬

‫فقال‪ :‬أما جئتني به قبل الساعة وأكلت منه ودعوت لك؟ فقال‪ :‬ال وهللا‪ ،‬وعرف أن أخاه‬
‫قد سبقه إلى ذلك‪ ،‬فوجد في نفسه عليه وج ًدا كثيرً ا‪.‬‬

‫وذكروا أنه يتوعده بالقتل‪ ,‬إذا مات أبوهما‪ ،‬وسأل أباه‪ ,‬فدعا له بدعوة أخرى‪ ،‬وأن يجعل‬
‫لذريته غليظ األرض‪ ،‬وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم‪ ،‬فلما سمعت أمهما ما يتواعد به‬
‫العيص أخاه يعقوب‪ ،‬أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها البان الذى بأرض حران‪،‬‬
‫وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه عليه‪ ،‬وأن يتزوج من بناته‪ ،‬وقالت لزوجها‬
‫إسحاق أن يأمره بذلك‪ ،‬ويوصيه‪ ,‬ويدعو له‪ ,‬ففعل‪.‬‬

‫فخرج يعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬من عندهم‪ ،‬من آخر ذلك اليوم‪ ،‬فأدركه المساء في‬
‫موضع‪ ,‬فنام فيه‪ ،‬أخذ حجرً ا‪ ,‬فوضعه تحت رأسه‪ ,‬ونام‪ ,‬فرأى في نومه ذلك معراجً ا‬
‫منصوبًا من السماء إلى األرض‪ ،‬وإذا المالئكة يصعدون فيه‪ ,‬وينزلون‪ ،‬والرب تبارك‬
‫وتعالى يخاطبه‪ ,‬ويقول له‪ :‬إني سأبارك عليك‪ ،‬وأكثر ذريتك‪ ،‬وأجعل لك هذه األرض‬
‫ولعقبك من بعدك‪.‬‬

‫فلما هبّ من نومه فرح بما رأى‪ ،‬ونذر هلل لئن رجع إلى أهله سالمًا ليبنين في هذا‬
‫الموضع معبدا هلل عز وجل‪ ،‬وأن جميع ما يرزقه من شيء يكون هلل عشره‪ ،‬ثم عمد إلى‬

‫‪151‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ذلك الحجر‪ ,‬فجعل عليه ده ًنا‪ ,‬يعرفه به‪ ،‬وسمى ذلك الموضع (بيت إيل)؛ أي بيت هللا‪،‬‬
‫وهو موضع (بيت المقدس) اليوم‪ ،‬الذى بناه يعقوب؛ ولنا في قصة هذا الحلم رأي أثريا‬
‫علميا سنلحقه مبحث (نبي هللا ايمحتب)‪..‬‬

‫قالوا‪ :‬فلما قدم يعقوب على خاله أرض حران‪ ،‬إذا له ابنتان؛ اسم الكبرى ليا‪ ،‬واسم‬
‫الصغرى راحيل‪ ،‬وكانت أحسنهما وأجملهما‪ ،‬فطلب يعقوب الصغرى من خاله‪ ،‬فأجابه‬
‫إلى ذلك بشرط أن يرعى على غنمه سبع سنين‪.‬‬

‫فلما مضت المدة على خاله البان‪ ،‬صنع طعامًا‪ ,‬وجمع الناس عليه‪ ،‬وزف إليه لياًل ابنته‬
‫الكبرى ليا‪ ،‬وكانت ضعيفة العينين‪ ,‬قبيحة المنظر‪ ،‬فلما أصبح يعقوب إذا هي ليا‪ ،‬فقال‬
‫لخاله‪ :‬لقد غدرت بي‪ ,‬وأنت إنما خطبت إليك راحيل‪.‬‬

‫فقال‪ :‬إنه ليس من سنتنا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى‪ ،‬فإن أحببت أختها فاعمل سبع‬
‫سنين أخرى‪ ,‬وأزوجكها‪ ،‬فعمل سبع سنين‪ ,‬وأدخلها عليه مع أختها‪ ،‬وكان ذلك سائ ًغا في‬
‫ملتهم‪ ،‬ثم نسخ فى شريعة التوراة‪ ،‬وهذا وحده دليل كاف على وقوع النسخ؛ ألن فعل‬
‫يعقوب عليه السالم دليل على جواز هذا وإباحته‪ ،‬ألنه معصوم‪)79(.‬‬

‫صراع يعقوب والعيص هذا يذكرنا بالصراع الذي اشتعل بين أوزير(ادريس)‪,‬‬
‫شقيقين على األرض‪ ,‬وصراع سيت(إسرائيل) مع ربه المذكور‬‫ِ‬ ‫وسيت(إسرائيل)‪ ,‬أول‬
‫في التوراة‪ ,‬وفي أسطورة إيزيس وأوزوريس التي حرفوها بنو إسرائيل من القصة‬
‫الحقيقية لنبي هللا إدريس(ُأوزير) الذي عاده سيت(إسرائيل)‪ ,‬وهنا نستطيع معرفة لماذا‬
‫رفع هللا إدريس مكا ًنا عليًا‪ ,‬هو ونسله‪ ,‬وشتت إسرائيل‪ ,‬هو ونسله‪ ,‬وحاول إسرائيل‬
‫مرارً ا وتكرارً ا بعد قتله ألخيه إدريس أن يتقرب من هللا مجددا‪ ,‬وحرَّ َم أشيا ًء مُع َّي َن ًة على‬
‫نفسه‪ ,‬كان يحبها محاوال أن َيس َترضِ ي َر َّب ُه مجددا‪ ,‬ولكن لم ولن يتقبَّل هللا توبته‪ ,‬فأصبح‬
‫من الخاسرين والنادمين‪.‬‬

‫‪ ))79‬البداية والنهاية‪ ,‬البن كثير‪ ,‬ج‪.224,223 ,1‬‬


‫‪152‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الط َع ِام َكانَ ِحاًّل ِّل َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ِإاَّل َما َح َّر َم ِإ ْس َراِئيل ُ َع َل ٰى َن ْفسِ ِه مِن َق ْب ِل َأن‬
‫قال تعالى‪ُ ":‬كل ُّ َّ‬
‫صا ِدقِينَ " [آل عمران‪]93 :‬‬ ‫ُت َن َّزل َ ال َّت ْو َراةُ ۗ قُلْ َفْأ ُتوا ِبال َّت ْو َرا ِة َفا ْتلُوهَا ِإن ُكن ُت ْم َ‬

‫وهنا أيضا ً يتضح لنا أن هللا لم ينزل لبني إسرائيل تشريعات‪ ,‬تحرم أكل أشياء بعينها من‬
‫قبل رسالة سيدنا موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ونزول التوراة عليه‪ ،‬فكيف يكون هؤالء هم‬
‫حملة الوحي؟‬

‫ص َرا ِن ًّيا َو ٰ َلكِن َكانَ َحنِي ًفا ُّم ْسلِ ًما َو َما َكانَ مِنَ‬
‫قال تعالى‪َ " :‬ما َكانَ ِإ ْب َراهِي ُم َي ُهو ِد ًّيا َواَل َن ْ‬
‫ش ِركِينَ "[آل عمران‪67( :‬‬ ‫ا ْل ُم ْ‬

‫ويخف التعجب إذ علمنا أن كلمة (حنف) كلمة مصرية قديمة‪ ,‬وردت في كتاب‬
‫السماء(زش بت) الذي لقيه الكاهن سيرود؛ تعني‪( :‬خضع‪ ,‬أو اتبع)‪ ,‬وهي من الكلمات‬
‫التي حيرت العالم الروسي جولينشف ‪ -‬عمدة علماء اللغة المصرية القديمة ‪ -‬في معجمه‪,‬‬
‫وخاصة بعد مجهوده العظيم في تتبع معانيها وترجمتها‪ ,‬وهذا غير مقام سيدنا إبراهيم ‪-‬‬
‫عليه السالم – [حيث نقل الفاكهي في كتابه (تاريخ مكة) نقوشا بالقلم المصري على مقام‬
‫سيدنا إبراهيم‪ ,‬وسأل أحد العارفين بقلم البرابي ‪ -‬أي‪ :‬الكتابة المصرية القديمة ‪ -‬فقال‪:‬‬
‫إن معنى هذه النقوش هو‪ :‬السطر األول‪ :‬إني أنا هللا ال إله إال أنا‪ ,‬والسطر الثاني‪ :‬ملك ال‬
‫يرام‪ ,‬والسطر الثالث‪ :‬أصباوت وهو اسم هللا األعظم](‪.)80‬‬

‫وعلى صعيد آخر نرصد تحريمات في الحضارة المصرية القديمة؛ مثل أكل الخنزير‪,‬‬
‫ِتان الذكور‪ ,‬وهذا يؤكد أنهم أبناء إبراهيم وأحفاده‪.‬‬
‫كما أن المصريين كانوا يقومون ِبخ ِ‬

‫على العكس تماما‪ ,‬فبنو إسرائيل لم يقوموا بختان الذكور إال بعد خروجهم من مصر‪,‬‬
‫ونزول ألواح التوراة على سيدنا موسى عليه السالم‪ ،‬ولكن هذه المعتقدات التي قامت‬

‫‪ ))80‬أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه‪ ,‬دراسة وتحقيق‪ :‬دكتور‪ /‬عبدالملك بن عبدهللا بن دهيش‪ ,‬ج‪ ,1/‬ط‪ /‬الثانية‪ ,‬دار خضر‬
‫للطباعة والنشر‪ ,‬صـ‪.480‬‬
‫‪153‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫عليها الحضارة المصرية القديمة منذ عهد أوزير (إدريس)‪ ,‬وأصبحت سُنة بعد ذلك‬
‫تتوارثها األجيال‪ ,‬حتى دخل اإلسالم علينا‪ ,‬فاندمج معنا دون أن نشعر؛ فكيف حدث هذا‬
‫إال اذا كان المصريون هم حملة الوحي األصليون؟ وهذا ما يظهر جليًا عند تدبر هذه‬
‫اآلية القرآنية‪.‬‬

‫"قُلْ آ ِم ُنوا ِب ِه َأ ْو اَل ُتْؤ ِم ُنوا ۚ ِإنَّ ا َّلذِينَ ُأو ُتوا ا ْل ِع ْل َم مِن َق ْبلِ ِه ِإ َذا ُي ْت َل ٰى َع َل ْي ِه ْم َيخ ُِّرونَ‬
‫س َّجدًا"[اإلسراء‪]107 :‬‬ ‫ان ُ‬ ‫لَِأْل ْذ َق ِ‬

‫عيان على َمن هم‬


‫ٍ‬ ‫وبالنظر إلى هذه الصورة التي صمدت آالف السنين؛ لتكون شاهد‬
‫الذين أوتوا العلم من قبل أن ينزل القرآن على أشرف الخلق سيدنا محمد ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ -‬وال يوجد أي تصوير آخر مثل هذا على األرض التي نحيا عليها جميعا‪ ,‬إال‬
‫في مصر العظيمة فقط‪ ,‬وإلى حين أن يظهر لليهود على األرض آثا ٌر لهم‪ ,‬تثبت أنهم‬
‫أبناء يعقوب ُت َ‬
‫صوِّ ُر أشخاصا ساجدين على األرض بأذقانهم يمكنهم أن يأتوا حينها‪,‬‬
‫ويقولوا بأنهم الحنفاء الذين أوتوا العلم من قبل‪ ,‬ولكن إلى حين أن يحدث ذلك فال‬

‫تستطيع أم ٌَّة على األرض أن تدعي بأنهم هم من أوتوا العلم من قبل اإلسالم‪ ,‬أو هم أبناء‬
‫يعقوب؛ إال المصريون فقط؛ ألنهم هم من حملوا الوحي‪ ,‬وكانوا أمناء عليه‪.‬‬
‫(‪)33‬‬

‫لكن ليعقوب قصة محورية‪ ،‬وهذا ال يعني‬


‫التقليل من قصص األنبياء األخرى التي‬
‫قصها هللا علينا في القرآن كعبرة وعظة‪،‬‬
‫لكن يعقوب كما قلنا ساب ًقا هو بداية عهد‬
‫التزييف لبني اسرائيل‪ ،‬إذ أطلقوا على‬
‫يعقوب لفظ إسرائيل؛ لينسبوا أنفسهم إليه غصبًا وإكراها وتزييفا وتمنيا ألنفسهم‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ار َع ُه‬‫ص َ‬ ‫وب َو ْحدَ هُ َو َ‬ ‫الرواية التوراتية عن يعقوب تقول‪( :‬تكوين ‪َ [ )24 :32‬ف َبق َِي َي ْعقُ ُ‬
‫وع ا ْل َف ْج ِر َل َّما َرَأى َأ َّن ُه الَ َي ْق ِد ُر َع َل ْي ِه َ‬
‫ض َر َب ُح َّق َف ْخ ِذ ِه َفا ْن َخ َل َع ُح ُّق َف ْخ ِذ‬ ‫سانٌ َح َّتى ُطلُ ِ‬ ‫ِإ ْن َ‬
‫ار َع ِت ِه َم َع ُه‪َ .‬و َقال َ‪َ« :‬أ ْطلِ ْقنِي َأل َّن ُه َقدْ َط َل َع ا ْل َف ْج ُر»‪َ .‬ف َقالَ‪« :‬الَ ُأ ْطلِقُ َك ِإنْ َل ْم‬
‫ص َ‬‫وب فِي ُم َ‬ ‫َي ْعقُ َ‬
‫وب»‪َ 28 .‬ف َقالَ‪« :‬الَ ُيدْ َعى ْ‬
‫اس ُم َك فِي َما‬ ‫سَأ َل ُه‪َ « :‬ما ْ‬
‫اس ُم َك؟» َف َقالَ‪َ « :‬ي ْعقُ ُ‬ ‫ار ْكنِي»‪َ .‬ف َ‬ ‫ُت َب ِ‬
‫اس َو َقد ِْر َت»‪]،‬‬ ‫وب َبلْ ِإ ْس َراِئيل َ َأل َّن َك َجاهَدْ َت َم َع ِ‬
‫هللا َوال َّن ِ‬ ‫َب ْع ُد َي ْعقُ َ‬
‫ونالحظ في ‪ 28‬فقال‪( :‬اليدعى اسمك يعقوب في ما بعد)‬
‫هنا التوراة واضحة في تأكيدها أنه سيظل اسمه إسرائيل‪ ,‬حتى يموت‪ ,‬ولم يس َّم بيعقوب‬
‫بعد هذا الصراع‪ ,‬ولكن القرآن كان معارضا تماما ً لهذة الرواية في قوله "ِإ ْذ َح َ‬
‫ض َر‬
‫َي ْعقُ َ‬
‫وب ٱ ْل َم ْو ُ‬
‫ت"‬
‫وهنا يحسم القرآن هذا الجدل‪ ,‬ويقر أن يعقوب حتي موته كان اسمه يعقوب‪ ,‬ولم يسم‬
‫بإسرائيل مطلقا‪.‬‬
‫ال يمكن تصديق رواية قتال يعقوب مع هللا‪ ،‬أو اعتمادها (طبقا لعقيدة دين اإلسالم)‪،‬‬
‫سواء أكان هذا القتال حقيقيًا‪ ,‬كما قالت التوراة‪ ,‬أو معنويًا‪ ,‬وفسرته بالدعاء واإللحاح‬
‫على هللا؛ الصيغتان غير مقبولتين‪ ,‬ونقطع بتحريفهما‪ ،‬والحقيقة أن من اختلقوا قصة‬
‫صراع يعقوب مع الرب نقلوها حرفيًا من أسطورة إيزا وأوزير التي حرفوها‪ ,‬وهي‬
‫تحكي عن صراع بين (سيت) وبين هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وهذا الصراع متمثل في قتله أخاه‬
‫بسبب أن هللا اختار أخاه أن يكون هو حاكم مصر‪ ,‬وليس (سيت) ولكن بني إسرائيل‬
‫حرفوا هذا الصراع‪ ,‬ونسبوه إلى يعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬كذبًا وزورً ا فى التوراة‪،‬‬
‫والالفت أن أسطورة (إيزا وأوزير) قد ذكرها أيضا المؤرخون اليونانيون‪ ,‬ومنهم‬
‫(هيرودوت)‪ ,‬وهؤالء أيضا قد حرَّ فوها في كتبهم وقالوا أشياء وهمية وخرافية وغير‬
‫حقيقية‪ ,‬ونسبوها زي ًفا للحضارة المصرية القديمة‪ ،‬ونضرب هنا مثال واحدا من تحريفات‬
‫هؤالء المؤرخين مثل‪ :‬قصة بناء خوفو للهرم األكبر والعجيب الغريب هو أنهم نسجوا‬
‫قصة غير منطقية وال واقعية وال ممكنة أصال في أن الملك خوفو كان يتاجر بعرضه‬

‫‪155‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وجسد ابنته من أجل جمع المال لبناء هرمه!! وهذا من الكذب الذي يضحك الثكلى فلو‬
‫عملت كل نساء األرض في البغاء ما جمع منهم ما يبني ربع هذا الصرع وال جزء منه‪,‬‬
‫وبعد ذلك قام أحفاد هؤالء المؤرخين من بني إسرائيل بخلق روايات جديدة تتدعي أن‬
‫خوفو بنا الهرم بسخرة واستعباده لبني إسرائيل‪ ,‬فهل بنا هذا الهرم الذي هو أول العجائب‬
‫السبع بالدياثة والبغاء أو بالدكتاتورية والتجبر والبغي؟! وهذا يُن ِت ُج أن قصة الصراع بين‬
‫يعقوب مع اإلله مزيفة من أصلِها وفرعِ ها‪.‬‬
‫ولكن الحقيقة هي أن هللا كتب ليعقوب ونسله (آل يعقوب) أرض مصر ونيلها‪ ,‬ألنها‬
‫أرض النسل اإلدريسي‪ ،‬وكتب هللا له ضفتي النيل الذي يجري من الجنوب إلى الشمال‪,‬‬
‫وكتب أن يأتي من ظهره من يصل إلى حكم مصر‪ ,‬وهو يوسف عليه السالم‪ ,‬ويعضد‬
‫ملكه أخوه وشقيقه المعروف عند اليهود ببنيامين‪ ,‬ولكن األصل الحقيقي لألسماء التي‬
‫عاشوا بها (إيمحتب‪ ,‬وحسي رع)‪ ,‬وهم مصريون حتى النخاع‪ ,‬وهم أبناء يعقوب‬
‫المصري المدفون بأم العقاب؛ (القعاب‪ ،‬الجعاب) ‪ -‬بأبيدوس محافظة سوهاج ‪ -‬وكان لهم‬
‫عشرة إخوة آخرين غير أشقاء‪ ،‬وحين كان يصل أحد من أبناء االثنى عشر أخا إلى‬
‫عرش مصر كان يلقب باسم الذي يرجع نسله إليه من أبناء يعقوب االثنى عشر‪ ،‬ولكن‬
‫مصحوبًا برقم‪ ,‬يميزه عن غيره‪ ,‬ويحدد ترتيبه في من وصل من هذا النسل إلى الحكم‪،‬‬
‫مثل‪ :‬إيمحتب‪ ,‬وتحتمس‪ ,‬وبيبي‪ ,‬ومرن رع‪ ,‬ونفر كارع‪ ,‬وإنتف‪ ,‬وسنوسرت‪ ,‬وسقنن‬
‫رع‪.‬‬
‫نحتاج هنا للتأكيد أن يعقوب ليس إسرائيل‪ ،‬وال عالقة لهذا بذاك‪ ،‬وقدمنا من الدالئل ما‬
‫يثبت ذلك‪.‬‬
‫هنا ال بد من الربط مرة أخرى بين االثني عشر اب ًنا ليعقوب وبين القبائل االثني عشر‬
‫ألبناء صهيون؛ (زيوسدرا بن شوروباك) التي بدأت من بعد طوفان نوح‪ ،‬ومن هنا كان‬
‫نسخ حياة يعقوب وإلصاقها بإسرائيل؛ ووضح ذلك جليا حينما احتلت هذه القبائل مصر‪,‬‬
‫ولقبوا تاريخيا بالهكسوس ‪ -‬أي الحكام الرعاة – وسبق أن أشرنا إلى أن أجداد الهكسوس‬
‫من بني إسرائيل شاع بينهم اسم (كا) الذي أخذوه من ألواح القدر التي سرقوها من‬
‫‪156‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صحف إدريس وأن (كا الموجود في النبوءة) له اثنا عشر ولدا سيكون فيهم حكم‬
‫األرض‪ ,‬وهذا ما دفع أحد ملوكهم إلى سعيه الحثيث إلنجاب اثني عشر ابنا‪ ,‬واطالق هذا‬
‫االسم على نفسه؛ (كا أور) من مملكة كيش األولى‪ ,‬أو (كا) قبل طرد نعرمر لهم من‬
‫مصر ليقنع الناس جميعا أنه صاحب النبوءة؛ ونقول عندما دخل بنو إسرائيل الهكسوس‬
‫مصر وعرفوا اسم المولد لصاحب النبوءة وعرفوا نسله من صفاته المعلومة المعروفة‬
‫عندهم قام أحد ملوكهم بتسمية نفسه‪ :‬يعقوب حار ( ‪ 1700‬إلى ‪1660‬ق‪.‬م) من األسرة‬
‫الخامسة عشر الهكسوسية؛ ليوهموا الجميع بأن حكمهم كان بأمر إلهي‪ ,‬وأنهم هم نسل‬
‫يعقوب النبي؛ ألن النبوءة عند المصريين أن الملك سيكون في نسل هذا النبي ‪ -‬يعقوب ‪-‬‬
‫والبيت الشريف‪ ,‬فأرادوا سرقة شرف هذا النسب‪ ,‬وسرقة هذه النبوءة لهم‪.‬‬
‫ً‬
‫مرتبطا أيضًا ومتقاطعًا مع ملوك بني إسرائيل هو نبي هللا لوط(‪)81‬؛‬ ‫النبي الذي كان‬
‫الذي كان في بال ٍد مجاورة لتلك التي كان فيها نبي هللا إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وهي بالد‬
‫كيش‪ ،‬وكانت كيش األولى بالد الفاحشة‪ ,‬والشذوذ؛ كما ذكرنا سل ًفا‪ .‬التأكيد أن بالد كيش‬
‫تدمرت فعليا؛ كما جاء في الخبر القرآني كما في قوله تعالي‪:‬‬
‫سافِ َل َها َوَأ ْم َط ْر َنا َع َل ْي ِه ْم ح َِج َ‬
‫ار ًة ِّمنْ سِ ِّج ْي ٍل ِإنَّ‬ ‫الص ْي َح ُة ُم ْ‬
‫ش ِرقِ ْينَ َف َج َع ْل َنا َعالِ َي َها َ‬ ‫" َفَأ َخ َذ ْت ُه ُم َّ‬
‫س ِب ْي ٍل ُّمقِ ْي ٍم" [سورة الحجر‪]73:‬‬ ‫س ِم ْينَ َوِإ َّنها َل ِب َ‬‫ت لِ ْل ُم َت َو ِّ‬‫فِي َذلِ َك آل َيا ٍ‬

‫س َّو َم ًة‬ ‫سافِ َل َها َوَأ ْم َط ْر َنا َع َل ْي َها ح َِجار ًة ِّمنْ سِ ِّج ْي ٍل َّم ْن ُ‬
‫ضو ٍد ُّم َ‬ ‫آء َأ ْم ُر َنا َج َع ْل َنا َعالِ َي َها َ‬
‫" َف َل َّما َج َ‬
‫الظالِ ِم ْينَ ِب َب ِع ْيدٍ" [سورة هود‪]82:‬‬ ‫عِ ْند َر ِّب َك َو َما ه َِي مِنَ َّ‬

‫‪ ))81‬الدراسات السابقة تحدد أن قصة لوط _عليه السالم_ وما حدث مع قومه كان ببالد الشام وتحديدا في‬
‫غور األردن بقرى سدوم وعمورة بجنوب األردن بجنوب األردن‪ ,‬وقد اكتشفت بعثة أمريكية خرائب‬
‫سدوم في منطقة تل الحمام‪ ,‬للمزيد أنظر‪ :‬قصة لوط بين القرآن الكريم والتوراة‪ ,‬جهاد محمد عبد‬
‫الرحمن حماد‪2007.‬م‪ .‬و لوط عليه السالم‪ ,‬عبدالعزيز علي عبد المحسن الخالدي‪ ,‬الكويت ‪2022‬م‪.‬‬
‫الفاحشة عمل قوم لوط‪ ,‬محمد إبراهيم الحمد‪ ,‬الناشر‪ :‬دار ابن خزيمة‪1994 ,‬م‪1415 ,‬هـ‪ .‬و موقع‬
‫قرى قوم لوط في القرآن الكريم‪ ,‬الناشر‪ :‬مجلة تبيان للدراسات القرآنية‪ .‬سنة النشر‪2016:‬م‬
‫‪1437‬هـ‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫آء َم َط ُر ال ُم ْن َذ ِر ْينَ ِإنَّ فِي َذلِ َك آل َي ًة َو َما َكانَ‬


‫س َ‬‫اآلخ ِر ْينَ َوَأ ْم َط ْر َنا َع َل ْي ِه ْم َّم َطراً َف َ‬
‫" ُث َّم دَ َّم ْر َنا َ‬
‫الر ِح ْي ُم" [سورة الشعراء‪]173:‬‬ ‫َأ ْك َث ُرهُم ُّمْؤ ِم ِن ْينَ َوِإنَّ َر َّب َك َل ُه َو َ‬
‫الع ِز ْي ُز َّ‬

‫‪158‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نبي هللا إيمحتب‬
‫قبل عهد إيمحتب األول (طالوت)_ ‪1528-1550‬ق‪.‬م أو ‪1493-1514‬ق‪.‬م_ بألف‬
‫عام سجل القرآن حياة نبي هللا يوسف بن يعقوب عليهما السالم‪ ،‬فيما سجلته الحضارة‬
‫المصرية القديمة باسم إيمحتب‪ ،‬الذي كان وزيرً ا لزوسر‪.‬‬
‫يوسف مصري‪:‬‬
‫واإلثبات أن نبي هللا يوسف كان مصريًا في قوله تعالى‪:‬‬
‫سى َأن َين َف َع َنا َأ ْو َن َّتخ َِذهُ َو َلدًا‬ ‫ص َر الِ ْم َرَأ ِت ِه َأ ْك ِرمِي َم ْث َواهُ َع َ‬ ‫"و َقال َ ا َّلذِي ا ْ‬
‫ش َت َراهُ مِن ِّم ْ‬ ‫َ‬
‫ِب َع َلى َأ ْم ِر ِه َو َلكِنَّ‬‫ث َوهَّللا ُ َغال ٌ‬
‫يل اَأل َحادِي ِ‬ ‫ف فِي اَأل ْر ِ‬
‫ض َولِ ُن َع ِّل َم ُه مِن َتْأ ِو ِ‬ ‫س َ‬‫َو َك َذلِ َك َم َّك َّنا لِ ُيو ُ‬
‫واآلية هنا تنص على أن عملية‬ ‫اس الَ َي ْع َل ُمونَ " [سورة يوسف‪،]21 :‬‬ ‫َأ ْك َث َر ال َّن ِ‬
‫الشراء في حد ذاتها كانت من مصر أي أنه كان طفاًل في مصر‪ ,‬وإيمحتب في األساس‬
‫تعني في اللغة المصرية القديمة (اآلتي في سالم)‪ ,‬السؤال هنا من أين أتى تلقيب‬
‫المصريين له بهذا اللقب الذي يعني (اآلتي في سالم)؟ الجواب على ذلك‪ :‬نقول ربما كان‬
‫اللقب بعد حادثة شرائه التي حدثت بمصر‪ ,‬وربما يكون أتى من أي بادية من بوادي‬
‫مصر أو ما حولها؛ وألنه مر بهذه الحادثة الصعبة في حكم كونه طفال نبيها يظهر عليه‬
‫جالل النبوة‪ ,‬ونور الفطنة الذي يراهما فيه كل من ينظر إليه‪ ,‬وبمعرفتهم أصل قصته‪,‬‬
‫وليقينهم من صدقه لقبوه اآلتي في سالم؛ ألنه نجى بسالم من هذه األحداث‪ ,‬وهللا أعلم‬
‫ولنا هنا وقفة في المقارنة بين قصتي موسى ويوسف ‪ -‬عليهما السالم – إذ بينهما‬
‫متقابالت كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ /1‬موسى أول أمره أوحي إلى أمه فيه ‪ ...‬يوسف أول أمره أوحي ألبيه فيه‬
‫‪ /2‬موسى ولد في مدينة مصر وعاصمتها ‪ ....‬يوسف ولد بالبادية‬
‫‪ /3‬موسى قذفته أمه في التابوت وألقته في اليم ‪ .....‬ويوسف ألقوه أخوته في البئر‬
‫‪ /4‬موسى تتبعته وقصت أثره أخته ‪ .......‬ويوسف باعه أخوته بثمن بخس‬

‫‪159‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ /5‬موسى تبناه فرعون وزوجته كانت مصدر أمانه ‪ ....‬ويوسف تبناه عزيز مصر‬
‫وزوجته كانت مصدر بالئه‬
‫‪ /6‬موسى كان من بني إسرائيل ‪ ........‬ويوسف كان من آل يعقوب‬
‫‪ /7‬موسى رسوال لبني إسرائيل ‪ ........‬ويوسف رسوال للمصريين‬
‫‪ /8‬كلف موسى بالخروج ببني إسرائيل من مصر‪ .....‬وكلف يوسف بإدخال آل يعقوب‬
‫مصر‪.‬‬

‫وعلى هذا وإن كان يوسف (إيمحتب) ولد خارج مصر فهذا ال يعني أنه غير مصري‬
‫إذ ترقى في المناصب الملكية فال يمكن بحال من األحوال أن يسمح النظام الكهنوتي‬
‫والتقاليد الملكية المصرية في أن يتولى هذه المناصب التي توالها (إيمحتب) لشخص‬
‫ليس من أصول مصرية‪ ,‬وقد فرق ربنا بين النسلين (بني إسرائيل‪ ,‬وآل يعقوب) بأن أمر‬
‫موسى بإخراج بني إسرائيل من مصر‪ ,‬وأمر يوسف بأن يأتي بآل يعقوب لمصر؛ َف ُعلِ َم‬
‫من ذلك أن هذه األرض ملك آلل يعقوب وليست من حق بني إسرائيل‪ ,‬وهذا الطرح‬
‫الذي نقدمه ينافي تماما الطرح التوراتي في أنهم جعلوا القوم الداخلين (آل يعقوب) هم‬
‫أنفسهم القوم الذين خرجوا (بنو إسرائيل)‪ ,‬واألحق أنهما نسالن مختلفان‪.‬‬
‫(‪)34‬‬
‫أما يوسف فهو االسم‪ ،‬يوسف في القرآن هو قطعًا‬
‫إيمحتب في الحضارة المصرية؛ الفعل بالفعل‪ ,‬والسيرة‬
‫بالسيرة‪ ،‬والعبقرية بالعبقرية‪ ,‬والعين بالعين‪ ,‬والسن‬
‫بالسن‪.‬‬
‫يقول هللا تعالى عن يوسف‪:‬‬
‫"و َل َّما َب َل َغ َأ ُ‬
‫شدَّ هُ آ َت ْي َناهُ ُح ْك ًما َوعِ ْل ًما َو َك َذلِ َك َن ْج ِزي‬ ‫َ‬
‫ا ْل ُم ْحسِ نِينَ " [سورة يوسف‪]22 :‬‬

‫‪160‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وحينما يُؤتي هللا نبيًا علمًا فهو علم إلهي‪ ,‬له دون غيره‪ ،‬وحينما يكون العلم من هللا فهو‬
‫علم جامع‪ ،‬وحينما ننظر إلى العلم الذي تمتع به إيمحتب فإنه يتجاوز ما يمكن أن يصل‬
‫إليه العقل البشري‪ ,‬بل نصفه بالموسوعي‪ ،‬بل ما حازه من علم إنما يتجاوز أي عقل‬
‫بشري‪ ،‬إذ كان عبقريًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى‪.‬‬
‫وليس هذا بمستبعد في أن هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬يؤتي أنبيائه علوما شرعية‪ ,‬وعلوما دنيوية‪,‬‬
‫وعلوما معرفية‪ ,‬وعلوما غيبية‪ ,‬بل ثبت هذا في ديننا في قرآن ربنا وسنة نبينا ‪ -‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ -‬وحين يعترض معترض على علم الغيب نقول له‪:‬‬
‫الغيب ما غيبه هللا عنك‪ ,‬وإن أطلع أنبياءه على بعضه‪ ,‬وقد وجب تصديقهم في نحو‬
‫الجنة‪ ,‬والنار‪ ,‬وأشراط الساعة‪ ,‬وعذاب القبر‪ ,‬وأحداث القيامة‪ ,‬والحساب‪ ,‬وفي كل ما‬
‫يخبروننا به عن ربهم؛ فهو علم اختصهم هللا به‪ ,‬وأمرهم بتبليغ بعضه‪ ,‬وفي الحديث‪ :‬عن‬
‫عبدهللا بن عمر ‪ -‬رضي اللهم عنهما ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪:‬‬
‫يوم القيام ِة ‪،‬‬
‫هو كائنٌ فيها إلى ِ‬ ‫فع ل َِي الدُّنيا ‪ ،‬فأنا أنظ ُر إليها و إلى ما َ‬ ‫هللا قد َر َ‬
‫"إنَّ َ‬
‫كأ َّنما أنظ ُر إلى َك ِّفي هذِه ‪ِ ،‬ج ِّل َيانٌ من ِ‬
‫هللا َجاَّل هُ لنب ِّيه كما َجاَّل هُ لِلنب ِّيينَ من قبلِ ِه"(‪)82‬‬
‫أول طبيب على األرض في التاريخ المدون‪:‬‬
‫إيمحتب(‪ )83‬هو أول طبيب عرفته البشرية‪ ،‬وصاحب أول مجمع طبي‪ ،‬وأول وثيقة‬
‫طبية‪ ,‬وهي التي اعتمد عليها أبقراط؛ ليتعلم الطب‪ ,‬وليلقب بعد ذلك عند كثيرين بأنه (أبو‬
‫الطب)‪ ,‬في حين أنه لم يكن ليعرف شيًئ ا عن الطب لوال إيمحتب‪.‬‬
‫وإليمحتب وثيقة طبية‪ ,‬تصف ‪ 48‬حالة من حاالت الجراحة من إصابات الرأس والدماغ‬
‫إلى إصابات النخاع الشوكي‪ ,‬ووضع فيها تعريفات‪ ,‬وتفسيرات لألمراض المختلفة‪,‬‬
‫وكيفية عالجها‪ ،‬كما أنه عثر على كسور في المومياوات‪ ,‬تؤكد أنها قد عولجت‪ ،‬بل‬
‫األكثر من هذا وذاك براعة أنه عثر على مومياوات لرجال في مصر القديمة‪ ,‬تعرضوا‬

‫‪ ))82‬المصدر ‪ :‬ضعيف الجامع الصغير‪ ,‬الصفحة أو الرقم ‪ | 1624 :‬خالصة حكم المحدث ‪ :‬ضعيف‪.‬‬
‫التخريج ‪ :‬أخرجه نعيم بن حماد في ((الفتن)) (‪ ،)2‬والطبراني (‪ ،)14112( )13/318‬وأبو نعيم في‬
‫((حلية األولياء)) (‪ )6/101‬باختالف يسير‪.‬‬
‫‪ ))83‬إيمحتب إله الطب والهندسة‪ ,‬ج‪.‬هاري‪ ,‬ترجمة محمد العزب موسى‪ ,‬القاهرة ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫لعمليات بتر اليد أو القدم‪ ,‬وعاشوا فترة طويلة بعد البتر‪ ،‬ما يؤكد أنهم تلقوا رعاية طبية‬
‫فائقة‪ ،‬كل هذا جعل له تبجيال من نوع خاص نظرً ا لعلمه‪ ،‬واتخذه البطالمة إلهًا للشفاء‬
‫بعد ألفي سنة وعبدوه‪.‬‬
‫توصل إيمحتب لتعريف (مرض السرطان) الذي لم نكتشفه علميًا إال في القرن العشرين‪،‬‬
‫ونعجب كل العجب حينما نعلم كيف َعرَّ َف ُه للناس‪ ,‬فقال هو‪( :‬حجر صلب بارد بحجم‬
‫الفاكهة)‪ ،‬هل يمكن لشخص أن يصل لهذا المرض وتعريفه في العصر البدائي دونما أن‬
‫يكون نبيًا‪ ,‬ولديه علم من هللا‪.‬‬
‫أول مهندس على األرض في التاريخ المدون بعد الطوفان‪:‬‬
‫كان إيمحتب مهندسًا أيضًا‪ ،‬بل هو أول مهندس‪ ,‬عرفته البشرية‪ ,‬له آثار‪ ,‬تثبت‬
‫وجوده‪ ,‬وبرع في الهندسة براعة فائقة‪ ،‬وتظهر عبقريته الهندسية في أنه صاحب أول‬
‫هرم في التاريخ‪ ،‬ويتكون الهرم المدرج من ست مصاطب‪ ,‬بُنيت بعضها فوق البعض‪،‬‬
‫وهو ما يعد تطورً ا هائاًل في تصميم القبور في ذلك العهد الذي كان يكتفي بمصطبة‬
‫واحدة‪ ،‬ويبلغ ارتفاع هرم زوسر المدرج ‪ 62‬مترً ا _‪ 203‬قدم_‪ ،‬مع وجود قاعدة‬
‫بمساحة ‪109‬م × ‪125‬م‪ 358( ,‬قدمًا × ‪ 410‬قدمًا)‪ ،‬وكان مُغطى بالحجر الجيري‬
‫األبيض المصقول‪ ،‬والحقيقة أن الهرم المدرج أول بنية حجرية على األرض(‪.)84‬‬
‫بنى إيمحتب الهرم من أجل الحفاظ على ممتلكات الملك وجثمانه من اللصوص‪ ,‬وجعل‬
‫الهرم عبقريًا في اإلنشاء؛ بأن أنشأ ممرات بطول ثالثة أميال‪ ,‬تحوي ما يقرب من ‪400‬‬
‫غرفة‪ ,‬بها الثياب‪ ,‬والذهب‪ ,‬والمجوهرات‪ ،‬وجعل للهرم ثالثة عشر بابًا كلها مزيفة‪ ,‬عدا‬
‫باب واحد‪ ،‬كما أشار القرآن على علم يوسف بالهندسة بأنه كان قائما على حفظ سنابل‬
‫القمح؛ وألجل هذا أنشأ الصوامع التي تحتاج لهندسة دقيقة إذ هي صوامع لتخزين‬
‫محاصيل مصر لسبع سنوات دون أن تتلف أو تتعفن‪ ,‬كما أن إيمحتب كان المسئول‬
‫على تكفين الملك زوسر‪ ,‬وقد أتقن هذا جي ًدا‪.‬‬

‫‪ ))84‬األهرمات المصرية‪ ,‬د‪ .‬أحمد فخري‪ ,‬مكتبة األنجلو المصرية‪1963 .‬م‪ ,‬ص‪.64-35‬‬
‫‪162‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ويجدر بنا أن نشير إلى البناء الهندسي الذي شيده يوسف وهو (الهرم المدرج) وهو‬
‫منظر يرمز لسلم أو معراج صاعد للسماء‪ ,‬ويمثل فكرة الوحي وصلة األرض بالسماء‪,‬‬
‫وتلقي النبوءات والمبشرات‪ ,‬وهذا الهرم ما هو إال محكاة لرؤية أبيه يعقوب _عليهما‬
‫السالم _ التي نقلها الطبري وابن كثير عن أهل الكتاب‪‌[ :‬فخرج‌يعقوب ‪‌-‬عليه‌السالم ‪-‬‬
‫ض َع ُه‬ ‫‌ح َجرً ا ‌ َف َو َ‬‫‌ال َم َسا ُء ‌فِي ‌ َم ْوضِ ٍع ‌ َف َنا َم ‌فِي ِه ‌َأ َخ َذ َ‬ ‫‌ال َي ْوم‪َ ‌ ,‬فَأ ْد َر َك ُه ْ‬
‫ِ‬
‫‌ذل َِك ْ‬ ‫‌من ‌عندهم ‌من ‌آخ َِر َ‬
‫ض َ‌وِإ َذا‬ ‫‌ذل َِك ‌مِعْ َراجً ا ‌ َم ْنصُوبًا ‌م َِن ‌السَّماء ‌ِإ َلى ‌اَأْلرْ ِ‬ ‫‌رْأسِ ِه َ‌و َنا َم ‌ َف َرَأى ‌فِي ‌ َن ْو ِم ِه َ‬ ‫ت َ‬ ‫‌ َتحْ َ‬
‫ك‬ ‫ار ُ‬ ‫ار َك َ‌و َت َعا َلى ‌ي َُخاطِ ُب ُه َ‌و َيقُو ُل ‌ َل ُه ‌ ِّني َ ُأ‬ ‫ون َ‌والرَّ بُّ ‌ َت َب َ‬ ‫ون ‌فِي ِه َ‌و َي ْن ِزلُ َ‬ ‫ْ‬
‫‌ال َماَل ِئ َك ُة ‌ َيصْ َع ُد َ‬
‫‌س َب ِ‬ ‫ِإ‬
‫ِك‪َ .‬ف َلمَّا َهبَّ مِنْ َن ْو ِم ِه َف ِر َح‬ ‫ض َ‌ول َِعق ِِب َك ‌مِنْ ‌ َبعْ د َ‬ ‫ْك َ‌وُأ ْك ِث ُر ُ‬
‫‌ذرِّ َّي َت َك َ‌وَأجْ َع ُل ‌ َل َك ‌ َه ِذ ِه ‌اَأْلرْ َ‬ ‫‌ع َلي َ‬‫َ‬
‫ِب َما َرَأى َو َن َذ َر هَّلل َلِئنْ َر َج َع ِإ َلى َأهْ لِ ِه َسالِمًا َل َي ْب ِن َينَّ في هذا الموضع معبد هللا َع َّز َو َج َّل َوَأنَّ‬
‫ِيع َما َيرْ ُزقُ ُه مِنْ َشيْ ٍء َي ُكونُ هَّلل ُع ْش ُرهُ ُث َّم َع َمدَ ِإ َلى َذل َِك ْال َح َج ِر َف َج َع َل َع َل ْي ِه ُدهْ ًنا َي َت َعرَّ فُ ُه‬
‫َجم َ‬
‫ِس ْال َي ْو َم الَّذِي َب َناهُ‬ ‫ْت هَّللا ِ َوه َُو َم ْوضِ ُع َب ْي ِ‬
‫ت ْال َم ْقد ِ‬ ‫ْت ِإي َل َأيْ َبي َ‬‫ِب ِه َو َسمَّى َذل َِك ْال َم ْوضِ َع َبي َ‬
‫َيعْ قُوبُ َبعْ دَ َذل َِك](‪)85‬‬
‫والغريب أننا نرى توافقا بين النقوالت التاريخية‪ ,‬واآلثار‪ ,‬وبعض البروتوكوالت‬
‫الملكية في التنصيب الملكي البريطاني الحاليى‪ ,‬ورموز الماسونية‪ ,‬منها على سبيل‬
‫المثال‪:‬‬
‫‪ /1‬نقل بعض علمائنا عن بعض علماء أهل الكتاب كما تقدم‪ ,‬أن يعقوب نام على حجر‬
‫في موضع ما فرأى رؤية منها [‌مِعْ َراجً ا ‌ َم ْنصُوبًا ‌م َِن ‌السَّماء ‌ِإ َلى ‌اَأْلرْ ِ‬
‫ض َ‌وِإ َذا ْ‬
‫‌ال َماَل ِئ َك ُة‬
‫ون] بمعنى أنه رأى سلما منصوبا من األرض للسماء تصعد عليه‬ ‫ون ‌فِي ِه َ‌و َي ْن ِزلُ َ‬
‫‌ َيصْ َع ُد َ‬
‫المالئكة وينزلون‪ ,‬وهذا يماثل بعض تفسيرات علماء اآلثار للهرم المدرج بأنه (يمثل‬
‫فكرة الوحي وصلة األرض بالسماء‪ ,‬وتلقي النبوءات والمبشرات)‬
‫‪ /2‬وأن الرب بشره في هذه الرؤية بنبؤة ملك نسله لهذه األرض ‪‌َ ( :‬والرَّ بُّ ‌ َت َب َ‬
‫ار َك‬
‫ض‬ ‫ْك َ‌وُأ ْك ِث ُر ُ‬
‫‌ذرِّ َّي َت َك َ‌وَأجْ َع ُل ‌ َل َك ‌ َه ِذ ِه ‌اَأْلرْ َ‬ ‫‌ع َلي َ‬
‫ك َ‬‫ار ُ‬ ‫َ‌و َت َعا َلى ‌ي َُخاطِ ُب ُه َ‌و َيقُو ُل ‌ َل ُه ‌ ِّني َ ُأ‬
‫‌س َب ِ‬ ‫ِإ‬

‫‪ ))85‬البداية والنهاية البن كثير‪ ,‬ج‪ ,1/‬صـ ‪.194‬‬


‫‪163‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫َ‌ول َِعق ِِب َك ‌مِنْ ‌ َبعْ د َ‬


‫ِك) وهذا هو ما حدث باألدلة اآلثارية التي نقدمها في هذا البحث بأن هذه‬
‫األرض ملكها نسل يعقوب‪.‬‬
‫(ع َمدَ ِإ َلى َذل َِك ْال َح َج ِر‬
‫‪ /3‬أما الحجر الذي كان نائما عليه فصار آية لهذا الملك لعقبه َ‬
‫ْت هَّللا ِ) نوي أن يبني في‬ ‫ْت ِإي َل َأيْ َبي َ‬
‫َف َج َع َل َع َل ْي ِه ُدهْ ًنا َي َت َعرَّ فُ ُه ِب ِه َو َسمَّى َذل َِك ْال َم ْوضِ َع َبي َ‬
‫هذا الموضع معبدا هلل عز وجل ‪ .‬ولهذا بنى ابنه إيمحتب (يوسف) الهرم المدرج على‬
‫نحو المعراج الذي رآه يعقوب في منامه‪ ,‬وجعل هذا الحجر أعلى هذا الهرم المدرج‪.‬‬
‫‪ /4‬وكان هذا الموضع ليس ببيت المقدس بل نقول بأنه موضع هذا الهرم‪.‬‬
‫‪ /5‬من الالفت للنظر أيضا أن تحت هذا الهرم أحد عشر بيرا للدفن‪ ,‬أال يشير ذلك لعدد‬
‫أخوة ُم َش ِّي ِد هذا الهرم الذين هم أحد عشر أخا؟!‬
‫‪ /6‬هذا الحجر هو آية ملك آل يعقوب‪ ,‬وكان على رأس الهرم المدرج‪ ,‬وتمت سرقة هذا‬
‫الحجر وله اآلن عدة أسماء منها‪( :‬حجر القدر) أو (حجر إسكون) أو (حجر يعقوب) أو‬
‫(وسادة يعقوب) أو (حجر المصير) ال َملِك بدونه‪ ,‬مثبت تاريخيا أن األسبان أخذوه من‬
‫إلى أيرلندا ثم اسكتلندا ومنها إلى لندن‪ ,‬يرتبط بالكنيسة وعليه هالة من‬ ‫مصر‬
‫التقديس(‪ )86‬البد للملك البريطاني عند تتويجه أن يجلس على عرش تحته هذا الحجر‬
‫على هيكل هرمي صغير له مدرجات بنفس عدد مصاطب هرم زوسر المدرج‪ ,‬ومن‬
‫المعروف أن ملكة بريطانيا السابقة وربما كل ملوك بريطانيا هم قادة في المحفل‬
‫الماسوني‪.‬‬
‫كل ما أوردناه من وجوه التشابه والمقابالت بين النقوالت التاريخية والواقع األثري‪,‬‬
‫وبعض البروتوكوالت الملكية في التنصيب الملكي البريطاني الحاليى‪ ,‬ودخوله في‬
‫الرموز الماسونية‪ ,‬أال يجعلنا نتسائل كيف يكون كل هذا التوافق بين المتناقضات؟!‬
‫صاحب خزائن علوم األرض‪:‬‬
‫ومن علمه أنه كان ضمن ‪ %1‬فقط من المصريين الذين كتبوا بالهيروغليفية‪ ،‬وكان له‬
‫ف االتجاهات األربعة‪ ،‬وهو أول من بحث في علوم‬
‫معرفة قوية بالفيزياء‪ ،‬وأول من َعرَّ َ‬

‫‪https://gate.ahram.org.eg/News/4277048.aspx ))86‬‬
‫‪164‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الفلك‪ ,‬وكان له علم وثيق بحركة النجوم‪ ،‬ومن األدلة على ذلك البناء المعروف باسم‬
‫السرداب ضمن المجموعة الجنائزية للملك زوسر‪ ,‬وتم العثور في هذا السرداب على‬
‫تمثال للملك زوسر‪ ,‬ومواجها لوجه التمثال ثقبان دائريان بميول ينظر منهما تمثال الملك‬
‫إلى ناحية الشمال لمواقع محددة بدقة حيث توجد مجموعات نجوم الشمال الخالدة؛ أي أن‬
‫إيمحتب كان فلكيًا‪ ،‬ومن قبل ذلك كان فيزيائيًا وكميائيا مما جعله يكتشف الحبر؛ وأصبح‬
‫ال َك َتبة يسكبون نقطتين من الحبر قبل البدء في الكتابة تيمنا بإيمحتب وتبجيال لصاحب‬
‫أحسن قصة رواها لنا أعظم كتاب على األرض القرآن الكريم؛ ألن هذه القصة التي‬
‫سردت بداية وصول آل يعقوب وتحقيق نبوءة حكم نسل يعقوب عليه السالم للمقام الكريم‬
‫الذي ذكر في القرآن الكريم وهو ألرض مصر‪ ,‬لينالوا مكانة أبيهم األول _إدريس_‬
‫العليا‪.‬‬
‫وكان يوسف أديبًا أيضًا‪ ،‬إذ كان أول من أدخل األفعال على اللغة المصرية القديمة‬
‫التي كانت عبارة عن مجموعة من الصور‪ ،‬وكان هذا حاًل عبقريًا منه لمشكلة الصور‬
‫في اللغة‪ ,‬حيث قد وصل عددها إلى ألف صورة‪ ،‬وإلى جانب عبقريته اللغوية نجد‬
‫عبقرية أدبية في نص أغنية (الهارب)‪.‬‬
‫ماذا تعني القصور بعد غياب الحياة؟ لنحيا بإحساس نابع من القلب‪ ،‬ونتأمل دائمًا علَّنا‬
‫نحظى بالسعادة‪ ,‬وليس لدينا نصوص أدبية أقدم من هذه النصوص‪ ,‬وهذا يعني أنه أول‬
‫أديب في التاريخ‪.‬‬
‫سورة يوسف تحدثت عن أن هللا آتى يوسف حُكمًا وعلمًا‪ ،‬والعلم أشرنا إليه‪ ،‬أما الحكم‬
‫فقد كان إيمحتب وزيرً ا‪ ,‬بل كبير وزراء الملك زوسر‪ ،‬وكبير مستشاريه أيضًا‪ ,‬وطبيبه‪،‬‬
‫وتولى نسلُه ونس ُل إخوته الحكم من بعده‪.‬‬
‫وقال هللا عن يوسف‪ ،‬إنه كان مفسرً ا لألحالم في قوله تعالى‪:‬‬
‫الس ْجنَ َف َت َيانَ َقال َ َأ َح ُد ُه َما ِإ ِّني َأ َرانِي َأ ْعصِ ُر َخ ْم ًرا َو َقال َ َ‬
‫اآلخ ُر ِإ ِّني َأ َرانِي‬ ‫" َودَ َخل َ َم َع ُه ِّ‬
‫الط ْي ُر ِم ْن ُه َن ِّبْئ َنا ِب َتْأ ِويلِ ِه ِإ َّنا َن َرا َك مِنَ ا ْل ُم ْحسِ نِينَ َقال َ الَ‬
‫َأ ْح ِمل ُ َف ْو َق َرْأسِ ي ُخ ْب ًزا َتْأ ُكل ُ َّ‬

‫‪165‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫َيْأتِي ُك َما َط َعا ٌم ُت ْر َز َقا ِن ِه ِإالَّ َن َّبْأ ُت ُك َما ِب َتْأ ِويلِ ِه َق ْبل َ َأن َيْأ ِت َي ُك َما َذلِ ُك َما ِم َّما َع َّل َمنِي َر ِّبي ِإ ِّني َت َر ْك ُ‬
‫ت‬
‫ِم َّل َة َق ْو ٍم الَّ ُيْؤ ِم ُنونَ ِباهَّلل ِ َوهُم ِباآلخ َِر ِة ُه ْم َكافِ ُرونَ " [سورة يوسف‪]37,36:‬‬
‫وكذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫ت‬ ‫سن ُبال ٍ‬ ‫س ْب ِع ُ‬ ‫اف َو َ‬ ‫س ْب ٌع عِ َج ٌ‬ ‫ان َيْأ ُكلُ ُهنَّ َ‬
‫ت سِ َم ٍ‬ ‫يق َأ ْف ِت َنا فِي َ‬
‫س ْب ِع َب َق َرا ٍ‬ ‫الصدِّ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ف َأ ُّي َها‬‫س ُ‬
‫" ُيو ُ‬
‫س ْب َع سِ نِينَ دَ َأ ًبا‬ ‫ت َّل َع ِّلي َأ ْر ِج ُع ِإ َلى ال َّن ِ‬
‫اس َل َع َّل ُه ْم َي ْع َل ُمونَ َقال َ َت ْز َر ُعونَ َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ض ٍر َوُأ َخ َر َي ِ‬
‫اب َ‬ ‫ُخ ْ‬
‫س ْب ٌع شِ دَ ا ٌد َيْأ ُك ْلنَ‬
‫سن ُبلِ ِه ِإالَّ َقلِيالً ِّم َّما َتْأ ُكلُونَ ُث َّم َيْأتِي مِن َب ْع ِد َذلِ َك َ‬
‫صد ُّت ْم َف َذ ُروهُ فِي ُ‬ ‫َف َما َح َ‬
‫اس َوفِي ِه‬ ‫اث ال َّن ُ‬ ‫َما َقدَّ ْم ُت ْم َل ُهنَّ ِإالَّ َقلِيالً ِّم َّما ُت ْحصِ ُنونَ ُث َّم َيْأتِي مِن َب ْع ِد َذلِ َك َعا ٌم فِي ِه ُي َغ ُ‬
‫َي ْعصِ ُرونَ " [سورة يوسف‪ 43 :‬إلى ‪]49‬‬
‫يوسف هنا كان مفسرً ا لألحالم‪ ،‬فيما عرفت الحياة المصرية القديمة إيمحتب بأنه كان‬
‫كبير الرائين‪ ،‬أي مفسر األحالم والرؤى‪ ,‬وهذه هي الطريقة ذاتها التي وصل بها‬
‫إيمحتب إلى الحكم في مصر حيث إنه كان من خارج األسرة الحاكمة‪.‬‬
‫وقال هللا تعالى عن يوسف إنه كان أمي ًنا على خزائن مصر‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪َ " :‬قال َ‬
‫اِئن اَأل ْر ِ‬
‫ض ِإ ِّني َحفِي ٌظ َعلِي ٌم"‬ ‫اج َع ْلنِي َع َلى َخ َز ِ‬
‫ْ‬
‫فيما كان إيمحتب هو األمين على مصر في عهد الملك زوسر‪ ،‬وكان اللقب الخاص بذلك‬
‫(سيداوتي‪ -‬بيتي) ويعني‪( :‬أمينا ألختام الوجه البحري)‪ ,‬بل كان أول من ابتكر فكرة‬
‫صوامع القمح‪ ،‬وال تزال هذه الصوامع موجودة حتى اآلن في مصر‪.‬‬

‫وقال هللا تعالى عن يوسف أيضًا‪:‬‬


‫شاء هَّللا ُ آ ِمنِينَ َو َر َف َع‬‫ِص َر ِإن َ‬ ‫ف َآوى ِإ َل ْي ِه َأ َب َو ْي ِه َو َقال َ ادْ ُخلُو ْا م ْ‬ ‫س َ‬ ‫" َف َل َّما دَ َخلُو ْا َع َلى ُيو ُ‬
‫اي مِن َق ْبل ُ َقدْ َج َع َل َها‬‫ت ه ََذا َتْأ ِويل ُ ُرْؤ َي َ‬‫س َّجدًا َو َقال َ َيا َأ َب ِ‬ ‫ش َو َخ ُّرو ْا َل ُه ُ‬‫َأ َب َو ْي ِه َع َلى ا ْل َع ْر ِ‬
‫اء ِب ُكم ِّمنَ ا ْل َبدْ ِو مِن َب ْع ِد َأن َّن َز َغ‬
‫الس ْج ِن َو َج َ‬‫ِّ‬ ‫سنَ ِبي ِإ ْذ َأ ْخ َر َجنِي مِنَ‬ ‫َر ِّبي َح ًّقا َو َقدْ َأ ْح َ‬
‫شاء ِإ َّن ُه ه َُو ا ْل َعلِي ُم ا ْل َحكِي ُم" [سورة‬ ‫يف ِّل َما َي َ‬ ‫ش ْي َطانُ َب ْينِي َو َب ْينَ ِإ ْخ َوتِي ِإنَّ َر ِّبي َلطِ ٌ‬ ‫ال َّ‬
‫يوسف‪]100,99:‬‬

‫‪166‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫هنا نشير إلى أن المقصود بالبدو أي سكان البادية‪ ,‬والبادية في اللغة؛ فضاء واسع من‬
‫األرض فيه المرعى والماء وال عمارة فيه جمع بوادٍ‪ ,‬مثل بادية مصر‪ ,‬وبادية الشام‪,‬‬
‫وبادية الحجاز‪ ,‬وغيرها‪ ,‬ولم يرد في القرآن تعيينهم إذ قال بدو ولم يقل بدوا كذا‪.‬‬
‫وعن يوسف أيضًا قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ت ُخ ْ‬
‫ض ٍر‬ ‫سن ُبال ٍ‬
‫س ْب َع ُ‬
‫اف َو َ‬ ‫ان َيْأ ُكلُ ُهنَّ َ‬
‫س ْب ٌع عِ َج ٌ‬ ‫ت سِ َم ٍ‬ ‫" َو َقال َ ا ْل َملِ ُك ِإ ِّني َأ َرى َ‬
‫س ْب َع َب َق َرا ٍ‬
‫اي ِإن ُكن ُت ْم ل ُّ‬
‫ِلرْؤ َيا َت ْع ُب ُرونَ " [سورة‬ ‫ت َيا َأ ُّي َها ا ْل َمُأل َأ ْف ُتونِي فِي ُرْؤ َي َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫َوُأ َخ َر َي ِ‬
‫اب َ‬
‫يوسف‪]43:‬‬
‫وهنا الحديث عن السبع سنوات العجاف‪ ،‬وكان يوسف السبب الرئيسى في تجاوز مصر‬
‫سنوات المجاعة وهو ما نجده مُفسرً ا في لوحة المجاعة األثرية‪ ،‬وهي صخرة منحوتة‬
‫موجودة بجزيرة سهيل بأسوان‪ ،‬والتي تتحدث عن حلم للملك المصري زوسر رواه‬
‫لمساعده إيمحتب وقام بتفسيره إيمحتب وقال هذا الحلم يشير إلى السبع سنوات من‬
‫الجفاف والمجاعة والتي حدثوا بالفعل في عهد الملك زوسر‪ ،‬واللوحة في الجزء العلوي‬
‫منها تصف كيف‬
‫كان غضب الملك وقلقه بسبب حالة الجفاف التي وقعت فيها مصر لسبع سنوات‪،‬إذ لم‬
‫يفض ( النيل خالل تلك الفترة )ولم تعبر مصر بسالم من محنة المجاعة إال بفضل‬
‫الوزير ايمحتب وإنشائه للصوامع التي لوالها لكادت البشرية تتعرض لإلنقراض‬
‫(‪)35‬‬
‫ألنه حينها قد حلت المجاعة على‬
‫األرض كلها وإن لم تخرج مصر بحل‬
‫لمشكلة الجفاف لكانت الكارثة قد وقعت‬
‫بالفعل‪.‬‬
‫مالحظة هنا نضيفها أن هذه‬
‫وتقرب من القصة‬ ‫الجدرية تتميز‬

‫‪167‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫القرآنية ليوسف عليه السالم _ أكثر من غيرها من جداريات المجاعات إذ هذه الجدارية‬
‫بدأت برؤية منامية‪ ,‬وبتفسير لها من وزير للملك‪ ,‬وخبرها ينص على مجاعة حدثت في‬
‫مدة سبع سنوات‪ ,‬وكانت مجهودات هذا الوزير سببا في عبور مصر من هذه السنوات‬
‫العجاف‪ ,‬فليس في كل المجاعات التي أوردها التاريخ المدون هذه التوافقات المتطابقة‬
‫وحدَ ثيا وسرديا‪ ,‬وال ينكر هذه المتطابقات ذو بصيرة‪ ,‬وال أستطيع أن أفهم عقل‬
‫تاريخيا َ‬
‫من ينظر لجدارية هذه المجاعة بنفس نظرته لكل المجاعات المدونة تاريخيا إذ ليس في‬
‫سرد المجاعات األخرى أي تطابقات أو حتى تقاربات‪ ,‬وكأن هذا الحدث يشابه ما قدمته‬
‫سفينة نوح للبشرية‪.‬‬

‫(‪)37‬‬ ‫(‪)36‬‬

‫العجيب أيضًا أن كل تماثيل إيمحتب وصوره كانت وهو في يده ورقة‪ ,‬لكثرة علمه التي‬
‫أشار إليه القرآن والحضارة اإلسالمية‪ ،‬بل هنا نسترجع سبب تسمية إدريس بهذا االسم‪،‬‬
‫فقد قيل بأنه اسم مشتق من المُدارسة‪ ,‬وال عجب؛ فإيمحتب من النسل اإلدريسي‪ ،‬ووريث‬
‫علوم إدريس؛ ولذلك ليس غريبًا أن يكون يوسف كثير التدارس والتدريس والدراسة؛‬
‫فهو فرع من األصل اإلدريسي‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المصريون بل والعالم أجمع ال يعرفون قبر إيمحتب‪ ،‬وال يعرف أي مصدر ديني أين‬
‫قبر يوسف اآلن‪ ،‬ويبقى السم (إيمحتب) خصوصيته‪ ،‬وكان كلمة السر في النبوة في‬
‫الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬والكلمة (إيمحتب) تعني اآلتي في سالم‪ ،‬واإلسالم يحثنا على‬
‫التدبر والتفكر‪ ،‬والبداية تأتي من عند إيمحتب المذكور في القرآن باسم نبي هللا يوسف‪،‬‬
‫وبعده بألف عام جاء أول ملك مصري على بني إسرائيل بآية ملك من هللا هو أمنحتب‬
‫األول‪ ,‬وهو الذي ذكره القرآن باسم (طالوت)‪ ،‬ومن بعدهم أمنحتب الرابع‪ ،‬وهو عمران‪,‬‬
‫والد مريم؛ ليبقى لالسم خصوصيته‪،‬‬
‫وتعرض االسم على مدار التاريخ للظواهر الصوتية اللغوية؛ إذ حاولنا فهم العالقة‬
‫الصوتية بين االسماء اآلتية‪ /1 ( :‬إم حتب‪ ,‬و ‪ /2‬إمن حتب )‪ :‬نرجح فيهما نطق الكسر‬
‫ال الفتح في أول المقطع الصوتي (الهمزة)‪ ,‬وقد ذهب كثير من علماء الصوتيات‬
‫المحدثين‪ ,‬ومن علماء اللغة العربية مثل اإلمام السيوطي في كتابه (المزهر) إلى أن‬
‫اللغات البادية مولعة بالفتح‪ ,‬واللغات المتحضرة مولعة بالكسر‪ ,‬وبما أن هذا النطق لهذين‬
‫االسمين ( ‪ /1‬إم حتب‪ ,‬و ‪ /2‬إمن حتب )‪ ,‬يغلب أن يكون نطقهما (آمن حتب) بفتح‬
‫الحرف األول ال كسره‪ ,‬وعلى حسب قواعد التطور الصوتي من لغة متحضرة كـ(اللغة‬
‫المصرية القديمة) ُكسِ َر المقطع الصوتي األول (الهمزة) فأصبح النطق ( إمن حتب)‬
‫فحدث في نطق هذا االسم ظاهرة التخفيف بطريقين‪:‬‬
‫األول‪ :‬التخفيف بحذف حرف النون كما حذف التنوين في كثير من عاميات العربية‬
‫الحديثة للسبب نفسه‪ ,‬فأصبح ينطق (إم حتب)‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التخفيف بقلب النون ميما لتطابق صفات الحرفين الصوتية فتصبح (إمم حتب)‬
‫ين األولى منهما ساكنة واألخرى متحركة فصارا حرفا واحدا مشددا فأصبحت (إ ِّم‬‫ِبمي َم ِ‬
‫حتب)‪ ,‬أو بجواز في (إمْ ْم حتب) بميمين ساكنين حذفت إحداهما للتخلص من ثقل إلتقاء‬
‫المتماثلين الساكنين‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وعلى كل ما تقدم أصبح نطق (آمن حتب) هو (إمن حتب) وجاز فيه حسب ظواهر‬
‫التطور الصوتي أن ينطق (إم حتب) أيضا‪ ,‬فجميعها من أصل واحد تعددت طرق نطقه‪.‬‬
‫وليس أدل على حذف حرف النون الساكنة وسط الكالم في اللغة المصرية القديمة مما‬
‫ذكره الدكتور عبدالحليم نور الدين [‬
‫وأما بالنسبة لكلمة (‪ ،)hnkt‬فبرغم أنها تضمنت الصوت (‪ )n‬لم يظهر في الكتابة‬
‫الهيروغليفية‪ .‬فلماذا نقرأ الكلمة (‪ )hnkt‬وليس (‪)hkt‬؟ لقد تأكدنا أن الكلمة البـد وأن‬
‫تنطـق(‪ )h(n)kt‬إال أن الحرف الساكن (‪ )n‬ظهر في الكلمة في القبطية (‪ )hNKG‬في‬
‫الصعيدية‪ ،‬و‪)hGmkt( :‬في اللهجة البحيرية‪.‬‬
‫وهي إلى جانب ذلك فقد تضمنت المراحل األولى للكتابة المصرية مثالين كتـب فيهمـا‬
‫الحـرف الساكن (‪ ،)n‬فلماذا سقطت النون ؟‬
‫هناك أحد احتمالين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن (النون) قد سقطت عن طريق الخطأ‪ ،‬ثم شاع هذا الخطأ‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬أن حرف (‪ )n‬قد يشير إلى شدة الحرف الساكن التالي له وهو (القاف)‪ ،‬أي‪:‬‬
‫(ح َّقة)‪.‬‬
‫وهناك مثال واضح نستخدمه في حياتنا اليومية‪ ،‬وهو ‪ ))htr :‬حصان = حنطور‪،‬‬
‫حيث إن (النون) تكاد أال تنطق في هذه الكلمة‪)87(].‬‬
‫لدينا يقين أن محاوالت تحريف سيرة شخصية (إيمحتب) وطمس هويته بل تأليهه لم‬
‫يكن ً‬
‫عبثا‪ ،‬إنما كانت محاوالت جادة لتستمر حالة الجهالة في أال يربط أحد بين يوسف‬
‫وايمحتب‪ ،‬وحتى ال تعرف العالقة بينه وبين ملوك األسرة الثامنة عشر الذين اتخذ‬
‫بعضهم لقب ‪ -‬آمن حتب(إيمحتب) نفسه‪ ,‬وجعلوه لقبا ملكيا لهم وللتفرقة بين الملوك‬
‫المتخذين هذا اللقب ألحقوا كل لقب رقما حسب الترتيب الزمني‪ ,‬تمسكا بهذا االسم حتى‬
‫ال ينقطع الترابط االسمي‪ ,‬والتسلسل العرقي بينهم وبين (إيمحتب) مثل (امنحتب األول‪,‬‬

‫‪ ))87‬اللغة المصرية القديمة (العصر الوسيط)‪ .‬تأليف‪ :‬د‪ /‬عبدالحميد نور الدين‪ ,‬كتاب جامعي يدرس في كلية اآلثار جامعة‬
‫القاهرة‪ ,‬الطبعة‪ :‬العاشرة‪ ,‬ص‪.58/‬‬
‫‪170‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والثاني‪ ,‬والثالث‪ ,‬والرابع)؛ لعلمهم أن أعداءهم بنو إسرائيل سيسعون جاهدين بكل ما‬
‫أوتوا من فساد ومكر؛ لطمس هذه الحقائق وقطع هذه الروابط‪ ,‬وليس أدل على ذلك من‬
‫أنه وجدت نقوشا من عهد الدولة الحديثة في حقبة األسرة (‪ )18‬كتبت بالخط الهيراطيقي‬
‫وجدت فيما يعرف بـ(بيت الجنوب) ضمن المعبد الجنائزي للملك زوسر الذي أنشأه‬
‫إيمحتب‪.‬‬
‫وكل هذه المساعي الحثيثة الخبيثة من بني إسرائيل قاموا بها لكي ال يُعرف أن أصل‬
‫كل العلوم على األرض إنما هو نبي مصري‪ ،‬ومعرفة هذا إنما يثبت أن كل العلوم‬
‫أساسها ومر َّدها إلى هللا‪ ،‬وليس إلى بشر كما يحاول أن يقول البعض ويشيعون نسبة‬
‫أصل كل العلوم للبشر؛ ألنه مستحيل أن يبدأ كل العلوم في شتى المجاالت شخص واحد‬
‫بل ويصل ألى قمتها إال إذا كان عن طريق وحي من هللا وعلم لدني هكذا تستقيم األمور‪.‬‬
‫ونالحظ أنه ال يوجد أي أسرة أضافت أي نص على أي جدار من جدران المجموعة‬
‫الجنائزية للملك زوسر ‪ -‬من األسرة الثالثة ‪ -‬إال األسرة الثامنة عشر من أول الملك‬
‫أمنحتب األول‪ ,‬كما اعتبرت هذه األسرة (إيمحتب) على رأس أهل الحكمة والعلوم‪.‬‬
‫وتمضي القرون ويزداد المصريون احتراما وتبجيال لهذا العظيم (إيمحتب) دون أن‬
‫يعبدوه أو يجعلوه إالها؛ كما فعل هذا اإلغريق المتمصِّرون باسم (إيموتس) واعتبروه‬
‫ربَّا للشفاء‪ ,‬وشبهوه بالمعبود اإلغريقي (إسخليبيوس) راعي الطب والحكمة عندهما‪,‬‬
‫وعلى هذا األساس شيَّد له مريدوه مقصورة فوق المسطح العلوي لمعبد حتشبسوت‬
‫بالدير البحري‪***** .‬‬

‫‪171‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫طالوت مل ًكا‬
‫عناد بني إسرائيل‪:‬‬
‫من خصال بني إسرائيل على مر التاريخ العناد حتى مع هللا؛ إذ سجل لهم التاريخ‬
‫رفضهم الملوك الذين حكموا بأمر هللا‪ ،‬ولِ َم ال واعتراضهم األول بدأ من عند أبيهم‬
‫إسرائيل بن آدم‪ ،‬الذي اعترض على أمر هللا بأن يحكم أخوه إدريس بن آدم‪.‬‬
‫(‪)38‬‬
‫ومن بعد وفاة نبي هللا موسى رفضوا‬
‫حكم طالوت لمصر‪ ،‬وهو ما جاء في‬
‫تاريخ الحضارة المصرية وذكر باسم‬
‫أمنحتب األول‪ ،‬الذي حكم بآية ملك‬
‫وهي التابوت وتوارثها نسله من بعده‪،‬‬
‫كما في قوله تعالى‪َ" :‬أ َل ْم َت َر ِإ َلى ا ْل َمِإَل‬
‫وس ٰى ِإ ْذ‬ ‫مِن َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ مِن َب ْع ِد ُم َ‬
‫ِب َع َل ْي ُك ُم ا ْلقِ َتال ُ َأاَّل‬
‫س ْي ُت ْم ِإن ُكت َ‬ ‫يل هَّللا ِ َقال َ َهلْ َع َ‬ ‫س ِب ِ‬‫َقالُوا لِ َن ِب ٍّي َّل ُه ُم ا ْب َع ْث َل َنا َملِ ًكا ُّن َقا ِتلْ فِي َ‬
‫ار َنا َوَأ ْب َناِئ َنا َف َل َّما ُكت َ‬ ‫س ِب ِ هَّللا‬
‫ِب‬ ‫يل ِ َو َقدْ ُأ ْخ ِر ْج َنا مِن ِد َي ِ‬ ‫ُت َقا ِتلُوا َقالُوا َو َما َل َنا َأاَّل ُن َقا ِتل َ فِي َ‬
‫الظالِمِينَ َو َقال َ َل ُه ْم َن ِب ُّي ُه ْم ِإنَّ هَّللا َ َقدْ َب َع َث‬ ‫َع َل ْي ِه ُم ا ْلقِ َتال ُ َت َو َّل ْوا ِإاَّل َقلِياًل ِّم ْن ُه ْم َوهَّللا ُ َعلِي ٌم ِب َّ‬
‫س َع ًة‬ ‫وت َملِ ًكا َقالُوا َأ َّن ٰى َي ُكونُ َل ُه ا ْل ُم ْل ُك َع َل ْي َنا َو َن ْحنُ َأ َح ُّق ِبا ْل ُم ْلكِ ِم ْن ُه َو َل ْم ُيْؤ َت َ‬ ‫َل ُك ْم َطالُ َ‬
‫اص َط َفاهُ َع َل ْي ُك ْم َو َزادَ هُ َب ْس َط ًة فِي ا ْل ِع ْل ِم َوا ْل ِج ْس ِم َوهَّللا ُ ُيْؤ تِي ُم ْل َك ُه َمن‬ ‫ال َقال َ ِإنَّ هَّللا َ ْ‬ ‫ِّمنَ ا ْل َم ِ‬
‫سكِي َن ٌة ِّمن‬ ‫وت فِي ِه َ‬ ‫شا ُء َوهَّللا ُ َواسِ ٌع َعلِي ٌم َو َقال َ َل ُه ْم َن ِب ُّي ُه ْم ِإنَّ آ َي َة ُم ْل ِك ِه َأن َيْأ ِت َي ُك ُم ال َّتا ُب ُ‬ ‫َي َ‬
‫وس ٰى َوآل ُ هَا ُرونَ َت ْح ِملُ ُه ا ْل َماَل ِئ َك ُة ِإنَّ فِي ٰ َذلِ َك آَل َي ًة َّل ُك ْم ِإن ُكن ُتم‬ ‫َّر ِّب ُك ْم َو َبقِ َّي ٌة ِّم َّما َت َر َك آل ُ ُم َ‬
‫ُّمْؤ ِمنِينَ " [سورة البقرة‪]248,247,246 :‬‬
‫رفضوا أمر هللا بأن يكون ال َملِك هو طالوت‪ ،‬وتساءلوا كيف يكون المُلك له‪ ,‬وهو فقير؟‬
‫بدليل أنه جاء من الفقراء‪ ,‬وقالوا عنه بأنه كان ساقي مياه (ألنه كان متخفيا بينهم؛ لكي ال‬

‫‪172‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يعرفوا أصوله الملكية)‪ ،‬وهو من أخبر عنه القرآن‪ ,‬وقال بأنه أكثر منهم علمًا‪ ،‬بل‬
‫اختاره هللا مل ًكا عليهم بآية ملك هي تابوت السكينة‪.‬‬
‫أرسل هللا ألمنحتب األول التابوت؛ ليكون آية للملك والحكم‪ ،‬وحكم عشرين عامًا‪ ،‬وهو‬
‫ما يتوافق مع الروايتين؛ فالتوراة قالت إن طالوت الذي سمته (شاؤول) حكم عشرين‬
‫عامًا يشاركه داود‪ ,‬وأيضًا أمنحتب األول حكم عشرين عامًا‪ ,‬بالمشاركة مع تحتمس‬
‫األول‪ ,‬وتحتمس األول‪ ,‬وكان تحتمس األول يحكم بالد النوبة بعد قتله لقائد الغزاة الذين‬
‫ِصر كلها إال بعد وفاة أمنحتب األول‪ ,‬وولَّى مكانه َولِ ًّيا‬
‫كانوا يحتلون األرض‪ ,‬وما َح َك َم م َ‬
‫له من أهل هذه البالد خاضعا لحكمه‪ ,‬واستمرت هذه البالد تحت حكم مصر لمدة خمسة‬
‫قرون كاملة) وتحتمس األول يرجع نسبه إلى حسي رع الذي نفترض أنه أخو امحتب‪,‬‬
‫وهما من أبناء كانفر (سيدنا يعقوب عليه السالم) ونفترض بأن ملك مصر انتقل بعد‬
‫الملك زوسر إلى نسل يعقوب وصار الملك في ذريتهما (أي‪ :‬ذرية امحتب وذرية حسي‬
‫رع)‪ ,‬وهما شقيقان وباقي أخوتهم العشرة من األب فقط‪.‬‬
‫يبقى السؤال‪ :‬إذ لم تذكر الحضارة المصرية قصة التابوت‪ ،‬هل هذا ينفي أن طالوت‬
‫ليس أمنحتب األول؟‬
‫الحقيقة أن التابوت كان موجو ًدا فعليا‪ ،‬وإذا كان هناك إقرار في التوراة واإلنجيل بآية‬
‫الملك التابوت فلننظر من توارث التابوت؛ توارثه من بعده نبي هللا داود؛ (تحتمس‬
‫األول)‪ ،‬ومن بعدهما سليمان؛ (تحتمس الثالث)‪ ,‬وملكوا بآية الملك مشارق األرض‬
‫ً‬
‫متوارثا‪ ,‬ولكن تحتمس األول كان يحكم بالد النوبة فقط‬ ‫ومغاربها‪ ,‬وظل هذا التابوت‬
‫أثناء حكم أمنحتب األول‪ ,‬ولم يحكم مصر كلها إال بعد وفاة أمنحتب األول‪ ,‬وورث منه‬
‫الحكم‪ ,‬ووحد بالد النوبة مع بقية بالد مصر فيما بعد‪.‬‬
‫ومن بعد طالوت حكم داود‪ ،‬إذ كان هناك طاغية‪ ,‬يُدعى جالوت‪ ،‬وسار الملك طالوت‬
‫إليه؛ ليقاتله‪ ,‬وكان من بين جنوده داود عليه السالم‪ ،‬وكان هناك نفرً ا من بني إسرائيل‬
‫ضمن هذا الجيش‪ ،‬وكان في طريقهم نبع مائي أو نهر‪ ،‬ونهاهم طالوت عن الشرب منه‪،‬‬

‫‪173‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وتفرق جنود بني إسرائيل بعد الشرب من هذا النبع‪ ،‬وذلك بسبب خوفهم من بطش‬
‫جالوت‪ ،‬وقال طالوت لجيشه إن من سيقتل جالوت له الملك‪ ،‬والذي قتله هو نبي هللا‬
‫داود‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫س ِم ِّني َو َمن َّل ْم‬ ‫ش ِر َب ِم ْن ُه َف َل ْي َ‬ ‫وت ِبا ْل ُج ُنو ِد َقال َ ِإنَّ هَّللا َ ُم ْب َتلِي ُكم ِب َن َه ٍر َف َمن َ‬ ‫صل َ َطالُ ُ‬ ‫" َف َل َّما َف َ‬
‫ش ِر ُبوا ِم ْن ُه ِإاَّل َقلِياًل ِّم ْن ُه ْم َف َل َّما َج َاو َزهُ ه َُو‬ ‫ف ُغ ْر َف ًة ِب َي ِد ِه َف َ‬ ‫َي ْط َع ْم ُه َفِإ َّن ُه ِم ِّني ِإاَّل َم ِن ْ‬
‫اغ َت َر َ‬
‫وت َو ُج ُنو ِد ِه َقال َ ا َّلذِينَ َي ُظ ُّنونَ َأ َّن ُهم ُّماَل قُو‬ ‫َوا َّلذِينَ آ َم ُنوا َم َع ُه َقالُوا اَل َطا َق َة َل َنا ا ْل َي ْو َم ِب َجالُ َ‬
‫وت‬ ‫اب ِرينَ َو َل َّما َب َر ُزوا ل َِجالُ َ‬ ‫ِير ًة بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ َوهَّللا ُ َم َع َّ‬
‫الص ِ‬ ‫هَّللا ِ َكم ِّمن فَِئ ٍة َقلِي َل ٍة َغ َل َب ْت فَِئ ًة َكث َ‬
‫ص ْر َنا َع َلى ا ْل َق ْو ِم ا ْل َكاف ِِرينَ‬ ‫ص ْب ًرا َو َث ِّب ْت َأ ْقدَ ا َم َنا َوان ُ‬ ‫َو ُج ُنو ِد ِه َقالُوا َر َّب َنا َأ ْف ِر ْغ َع َل ْي َنا َ‬
‫وت َوآ َتاهُ هَّللا ُ ا ْل ُم ْل َك َوا ْلح ِْك َم َة َو َع َّل َم ُه ِم َّما َي َ‬
‫شا ُء َو َل ْواَل‬ ‫َف َه َز ُموهُم بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ َو َق َتل َ دَ ُاوو ُد َجالُ َ‬
‫ات‬‫ض ٍل َع َلى ا ْل َعا َلمِينَ ِت ْل َك آ َي ُ‬ ‫ض َو ٰ َلكِنَّ هَّللا َ ُذو َف ْ‬ ‫ت اَأْل ْر ُ‬ ‫سدَ ِ‬ ‫ض َّل َف َ‬ ‫اس َب ْع َ‬
‫ض ُهم ِب َب ْع ٍ‬ ‫دَ ْف ُع هَّللا ِ ال َّن َ‬
‫سلِينَ "‬ ‫هَّللا ِ َن ْتلُوهَا َع َل ْي َك ِبا ْل َح ِّق َوِإ َّن َك َلمِنَ ا ْل ُم ْر َ‬
‫[سورة البقرة‪]252 ,251 ,250 ,249 :‬‬
‫أو َفى طالوت بعهده لداود بعد أن قتل جالوت‪ ،‬وملّكه بالفعل‪ ،‬وهذا سِ رُّ التداخل في‬
‫التاريخ المصري القديم بين َعهدَ ي أمنحتب األول‪ ,‬وتحتمس األول‪ ،‬أو طالوت وداود؛ إذ‬
‫حكم معه في عهده‪ ،‬وتولى الملك من بعده؛ ليبدأ حكم داود في مصر‪)88( .‬‬

‫*****‬

‫‪(. Grimal (1988) p.202 (88‬‬


‫‪174‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪175‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تحتمس األول والزبور‬

‫يتبق معه‬ ‫بعد أن شرب الجنود الذين كانوا مع طالوت (أمنحتب األول) من نبع الماء لم َّ‬
‫وت ِبا ْل ُج ُنو ِد َقال َ ِإنَّ هَّللا َ ُم ْب َتلِي ُكم ِب َن َه ٍر‬‫صل َ َطالُ ُ‬ ‫إال نفر قليل‪ ،‬كما في قوله تعالى‪َ " :‬ف َل َّما َف َ‬
‫ش ِر ُبو ْا‬ ‫ف ُغ ْر َف ًة ِب َي ِد ِه َف َ‬
‫اغ َت َر َ‬ ‫ش ِر َب ِم ْن ُه َف َل ْي َ‬
‫س ِم ِّني َو َمن َّل ْم َي ْط َع ْم ُه َفِإ َّن ُه ِم ِّني ِإالَّ َم ِن ْ‬ ‫َف َمن َ‬
‫وت‬ ‫ِم ْن ُه ِإالَّ َقلِيالً ِّم ْن ُه ْم َف َل َّما َج َاو َزهُ ه َُو َوا َّلذِينَ آ َم ُنو ْا َم َع ُه َقالُو ْا الَ َطا َق َة َل َنا ا ْل َي ْو َم ِب َجالُ َ‬
‫ِير ًة بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ‬
‫َو ُج ُنو ِد ِه َقال َ ا َّلذِينَ َي ُظ ُّنونَ َأ َّن ُهم ُّمالقُوا هَّللا ِ َكم ِّمن فَِئ ٍة َقلِي َل ٍة َغ َل َب ْت فَِئ ًة َكث َ‬
‫وت َو ُج ُنو ِد ِه َقالُو ْا َر َّب َنا َأ ْف ِر ْغ َع َل ْي َنا َ‬
‫ص ْب ًرا َو َث ِّب ْت‬ ‫اب ِرينَ َو َل َّما َب َر ُزو ْا ل َِجالُ َ‬‫الص ِ‬
‫َّ‬ ‫َوهَّللا ُ َم َع‬
‫وت َوآ َتاهُ هَّللا ُ‬ ‫ص ْر َنا َع َلى ا ْل َق ْو ِم ا ْل َكاف ِِرينَ َف َه َز ُموهُم بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ َو َق َتل َ دَ ُاو ُد َجالُ َ‬ ‫َأ ْقدَ ا َم َنا َوان ُ‬
‫ت اَأل ْر ُ‬
‫ض‬ ‫سدَ ِ‬‫ض َّل َف َ‬ ‫اس َب ْع َ‬
‫ض ُه ْم ِب َب ْع ٍ‬ ‫شاء َو َل ْوالَ دَ ْف ُع هَّللا ِ ال َّن َ‬
‫ا ْل ُم ْل َك َوا ْلح ِْك َم َة َو َع َّل َم ُه ِم َّما َي َ‬
‫َو َلكِنَّ هَّللا َ ُذو َف ْ‬
‫ض ٍل َع َلى ا ْل َعا َلمِينَ " (سورة البقرة)‪.‬‬

‫وسبب الدعوة أن العدد الذي تبقى مع طالوت كان قلياًل ج ًدا‪ ،‬فكانت الدعوة‪َ " :‬ر َّب َنا َأ ْف ِر ْغ‬
‫ص ْب ًرا َو َث ِّب ْت َأ ْقدَ ا َم َنا َوان ُ‬
‫ص ْر َنا َع َلى ا ْل َق ْو ِم ا ْل َكاف ِِرينَ "‬ ‫َع َل ْي َنا َ‬

‫وتمكن داود (تحتمس األول) من قتل جالوت‪ ،‬وصار مل ًكا‪ ،‬كما وعده طالوت‪ ،‬وقصة‬
‫نهي الجنود عن الشرب من النهر هي الواقعة التي روتها الحضارة المصرية القديمة‬
‫جيش‪,‬‬
‫ٍ‬ ‫لتحتمس األول؛ إذ دونت اآلثار أنه جاء في سيرة تحتمس األول أنه كان قائ ًدا في‬
‫ُسيّر إلى الجنوب لمحاربة التمرد الذي كان يحدث هناك‪ ,‬ويتزعمه (مورشيلي األول)‬
‫المسمى في القرآن (جالوت) ‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقد قضى تحتمس األول على حضارة الكرمة(‪ )89‬التي أسسها جالوت وقومه‪ ،‬وقاتل‬
‫داود (تحتمس األول) في المعركة‪ ,‬ولم يتمكن جالوت من قتله رغم قلة العدد في جيشه‪،‬‬
‫َ‬
‫جالوت‪ ,‬وخالل هذه‬ ‫ووهب هللا لداود (تحتمس األول) قوة من عنده جعلته يقتل هو‬
‫الواقعة علق تحتمس األول جسد الملك الكوشي على مقدمة موكبه؛ لينهي هذا التمرد‬
‫على الدولة المصرية‪ ,‬وهذا ما دونته آثار مصر‪)90(.‬‬

‫وفي عامه الثالث خالل واليته التي استمرت ‪18‬أو‪ 12‬عامًا‪ ،‬قاد تحتمس األول حملة‬
‫أخرى إلى الجنوب أيضًا‪ ,‬وخاللها أمر بتجريف الجندل؛ ليصلح ما أفسده الجنود‬
‫وخيولهم من النبع بكثافة‪ ،‬وبالفعل تمكن من إصالحها‪ ،‬وسهل تدفق المياه‪.‬‬

‫وسجلت هذه الحملة على نقشين منفصلين من قبل ابنه (توري)‪ :‬تحتمس األول في العام‬
‫الثالث‪ ،‬الشهر األول من الموسم الثالث‪ ،‬يوم ‪ ،22‬وتحت حكم جاللة ملك مصر العليا‬
‫والسفلى‪،‬‬

‫عح خبري الذي يُعطى الحياة‪ ،‬أمر جاللة الملك بحفر هذه القناة بعد أن وجدها قد‬
‫توقفت عند الحجارة؛ بحيث لم تبحر السفينة فيها؛ السنة الثالثة‪ ،‬الشهر األول من الموسم‬

‫‪ ))89‬عن الدراسات السابقة عن الحضارة الكويتية بالسودان القديم (دولة كوش األولى المعروفة بكرمة‬
‫ودولة كوشر الثانية المعروفة بمروي) وعالقتها بالحضارة المصرية القديمة انظر باإلضافة إلى‬
‫موسوعة سليم حسن وكتابات عبدالعزيز صالح ورمضان عبده علي وعبد الحليم نور الدين‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫محمد إبراهيم بكر‪ ،‬تاريخ السودان القديم‪ ،‬القاهرة (‪1971‬م) وفاء عماد عبدالفتاح‪ ،‬المجايو في بالد‬
‫النوبة ودورهم في مص القديمة حتى نهاية الدولة الحديثة‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬معهد‬
‫البحوث والدراسات االفريقية جامعة القاهرة (‪1997‬م)‪ ،‬شكري حسين علي القفتيزي‪ ،‬الجنود‬
‫النوبيون بالجيش المصري‪ ،‬عصر الدولة القديمة حتى عصر االنتقال األول (الدور والمكانة)‪ ،‬وولتر‬
‫امري‪ ،‬مصر وبالد النوبة‪ ،‬ترجمة تحفة هندوسة‪ ،‬مراجعة عبدالمنعم أبو بكر‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة ‪208‬م‪،‬‬
‫احمد محمد علي الحاكم وشارلي بونية‪ ،‬كرمة مملكة النوبة‪ ،‬تراث افريقي من عهد الفراعنة‪ ،‬اشرف‬
‫صالح الدين محمد احمد‪ ،‬صدر عام (‪ ،)1990‬ط‪1997( 2‬م)‪ ،‬عبدالرحيم محمد خبير‪ ،‬من تاريخ‬
‫السودان الحضاري‪ ،‬شواهد أثرية وتاريخية‪ ،‬الدار العالمية للنشر (‪2021‬م)‪.‬‬
‫‪. Steindorff and Seele (1942) p.34 ))90‬‬
‫وكذا انظر‪Lorna Oakes, Pyramids, Temples and Tombs of Ancient Egypt, Hermes House, :‬‬
‫‪2003. p.207‬‬
‫‪177‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الثالث‪ ،‬يوم ‪ 22‬أبحر جاللته خالل هذه القناة وبقوة عودته بعد اإلطاحة بالصُعْ لُوك‬
‫الكوشي (جالوت)‪)91(.‬‬

‫األمر الذي ال يمكن تجاهله في حياة تحتمس األول هو الزبور‪ ،‬كما في قول هللا تعالى‪:‬‬
‫وح َوال َّن ِب ِّيينَ مِن َب ْع ِد ِه َوَأ ْو َح ْي َنا ِإ َلى ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫"ِإ َّنا ْو َح ْي َنا ِإ َل ْي َك َك َما ْو َح ْي َنا ِإ َلى ُن ٍ‬
‫س َل ْي َمانَ َوآ َت ْي َنا دَ ُاوودَ‬
‫س َوهَا ُرونَ َو ُ‬ ‫يسى َوَأ ُّي َ‬
‫وب َو ُيو ُن َ‬ ‫وب َواَأل ْس َباطِ َوعِ َ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫َوِإ ْس َح َ‬
‫َز ُب ً‬
‫ورا" [سورة النساء‪]163:‬‬

‫زبور داود‪:‬‬
‫ما الزبور الذي نزل على تحتمس األول؟‬
‫هذا السؤال يحتاج إلى كثير من التعمق في الحضارة المصرية القديمة وفهم كيميائية‬
‫لغتها‪ ،‬وقبل هذا فإن الزبور هو الكتاب المُنزل على داود ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أو المزامير‪،‬‬
‫والزبور في الحضارة المصرية القديمة هو (كتاب اإلمداوات)‪ ،‬وسُمي بهذا االسم نسبة‬
‫إلى داود ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬والكلمة (اإلمداوات) جاءت مشتقة من (داود)‪ ,‬ولكن (داوات)‬
‫كانت تعني في اللغة المصرية القديمة العالم اآلخر‪ ,‬وكانت تنطق بعض الكلمات بزيادة‬
‫حرف (الواو) الناتج عن إشباع حركة الضم مثل (أمون) التي اتضح لنا أنها في اللغة‬
‫المصرية القديمة تنطق (آمن)‪.‬‬

‫ويُعرف (كتاب اإلمداوات) أيضًا بأنه (كتاب الغرفة السرية)‪ ،‬ويتكون من اثني عشر‬
‫جزءا‪ ,‬وكل جزء يمثل ساعة من الليل‪ ,‬ونرى أن كل ساعة تمثل دَ رْ ء ال ُّشرُور التي‬
‫تأتيهم من كل قبيلة من قبائل بني إسرائيل االثنى عشر ‪.‬‬

‫يبقى السؤال‪ ،‬ما الزبور الذي خص هللا به نبيه داود ‪ -‬عليه السالم‪ -‬كما في قول هللا‬
‫تعالى‪:‬‬

‫راجع‪.Urkunden IV, p. 89-90 :‬‬ ‫‪))91‬‬


‫‪178‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ض ال َّن ِب ِّيينَ َع َلى َب ْع ٍ‬
‫ض َوآ َت ْي َنا‬ ‫ض ْل َنا َب ْع َ‬ ‫ت َواَأل ْر ِ‬
‫ض َو َل َقدْ َف َّ‬ ‫"و َر ُّب َك َأ ْع َل ُم ِب َمن فِي َّ‬
‫الس َم َاوا ِ‬ ‫َ‬
‫ورا" [سورة اإلسراء‪]55:‬‬ ‫دَ ُاوودَ َز ُب ً‬

‫آية التفضيل هنا أن هللا وهب (داود) الزبور‪ ،‬هو ذلك الكتاب الذي حفظ به داود‬
‫وسليمان‪ ،‬وهذا ما رصدته الحضارة المصرية في التاريخ أن عهدي تحتمس األول‬
‫وتحتمس الثالث شهد حماية مصر من كل غزوات بني إسرائيل‪ ,‬ومن الجن‪ ,‬بل‬
‫واستطاعوا أن يسخروا الجن لخدمتهم‪ ،‬بل وقهروا أعداء مصر ومن بعدهم أحفادهم‬
‫لخمسمائة عام متواصلة‪ ,‬استطاعوا فيها أن يحكموا مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬وذلك‬
‫بفضل كتاب اإلمداوات (الذي ُكتب برموز سرية‪,‬ال يعرفها إال كهنة أمون)‪.‬‬

‫وجاء في الحضارة المصرية القديمة أن المملكة المصرية العظيمة شهدت حكم تحتمس‬
‫س َل ْي َمانَ عِ ْل ًما َو َقاال‬‫الثالث بعد تحتمس األول‪ ،‬كما في قول هللا تعالى‪َ " :‬و َل َقدْ آ َت ْي َنا دَ ُاوودَ َو ُ‬
‫س َل ْي َمانُ دَ ُاوودَ َو َقال َ َيا َأ ُّي َها‬
‫ِير ِّمنْ عِ َبا ِد ِه ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ َو َو ِر َث ُ‬ ‫ا ْل َح ْم ُد هَّلِل ِ ا َّلذِي َف َّ‬
‫ض َل َنا َع َلى َكث ٍ‬
‫ضل ُ ا ْل ُم ِبينُ " [سورة‬ ‫الط ْي ِر َوُأوتِي َنا مِن ُكل ِّ َ‬
‫ش ْي ٍء ِإنَّ ه ََذا َل ُه َو ا ْل َف ْ‬ ‫اس ُع ِّل ْم َنا َمنطِ َق َّ‬
‫ال َّن ُ‬
‫النمل‪]16,15 :‬‬

‫وهذا ما ذكرته الحضارة المصرية أنه عندما كانت حتشبسوت في المعبد لتشهد احتفاال‪,‬‬
‫يخرج فيه موكب اإلله آمون‪ ،‬وقفت ال َم َح َّفة التي كانت تحمل تمثال (آمون) أمام كاهن‬
‫صغير‪ ،‬وأبت أن تتزحزح بعد ذلك‪ ،‬ووافق جميع الحاضرين على أن ما حدث ليس إال‬
‫عالمة بأن آمون قد اختاره؛ ليشاركها الحكم؛ وقد كان هذا الكاهن الذي وقفت محفة‬
‫(آمون) أمامه‪ ،‬هو (تحتمس الثالث)‪)92(.‬‬

‫‪ ))92‬كتاب‪ :‬كانت ملكة على مصر لـ(ونفرد هولمز)‪ ,‬ترجمة‪ :‬سعيد أحمد حسين‪ ,‬مراجعة‪ :‬د‪ /‬أحمد‬
‫فخري‪ ,‬الناشر‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ,‬ص‪.53,52 :‬‬
‫و حتشبسوت الملكة الفرعون‪ ,‬تأليف‪ ,Suzanne Ratié :‬ترجمة‪ :‬فاطمة عبد هللا محمود‪ ,‬مراجعة‪:‬‬
‫محمود ماهر طه (مراجعة)‪ ,‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ,‬القاهرة ‪ 2005‬م‪ ,‬ص‪.68-67 /‬‬
‫‪179‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫عام‬
‫بالفعل أورث تحتمس األول تحتمس الثالث العِلم الذي حفظ مملكة مصر خمسمائة ٍ‬
‫قوية وفتية وقادرة على حماية أطرافها وقهر أعدائها‪.‬‬

‫*****‬

‫‪180‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تحتمس الثالث و ُملك األرض‬
‫ورث سليمان علم داود عليه السالم‪ ،‬فأصبح عبقرية َف َّذة في الحكم والقيادة العسكرية‪،‬‬
‫واستجاب هللا لدعوة سليمان حينما دعا ربه مِصدا ًقا لقول هللا تعالى‪:‬‬
‫َب لِي ُم ْل ًكا اّل‬
‫اغف ِْر لِي َوه ْ‬ ‫سدًا ُث َّم َأ َن َ‬
‫اب َقال َ َر ِّب ْ‬ ‫س َل ْي َمانَ َوَأ ْل َق ْي َنا َع َلى ُك ْرسِ ِّي ِه َج َ‬
‫"و َل َقدْ َف َت َّنا ُ‬
‫َ‬
‫َّاب" [سورة ص‪]35,34:‬‬ ‫نت ا ْل َوه ُ‬ ‫َين َبغِي َأِل َح ٍد ِّمن َب ْعدِي ِإ َّن َك َأ َ‬
‫لدينا من الشواهد ما يؤكد أنه ال يوجد شخصان منفردان؛ وأحدهما يدعى تحتمس‬
‫الثالث(‪ , )93‬والثاني سليمان النبي‪ ,‬بل هما شخص واحد‪.‬‬
‫ار َب َها ا َّلتِي‬ ‫ار َق اَأْل ْر ِ‬
‫ض َو َم َغ ِ‬ ‫ش ِ‬‫ض َعفُونَ َم َ‬ ‫يقول هللا تعالى‪َ " :‬وَأ ْو َر ْث َنا ا ْل َق ْو َم ا َّلذِينَ َكا ُنوا ُي ْس َت ْ‬
‫ص َب ُروا َودَ َّم ْر َنا َما َكانَ‬‫ت َر ِّب َك ا ْل ُح ْس َن ٰى َع َل ٰى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ِب َما َ‬ ‫ار ْك َنا فِي َها َو َت َّم ْت َكلِ َم ُ‬
‫َب َ‬
‫شونَ " [األعراف‪]137 :‬‬ ‫ص َن ُع ف ِْر َع ْونُ َو َق ْو ُم ُه َو َما َكا ُنوا َي ْع ِر ُ‬ ‫َي ْ‬
‫اآلية تتحدث عن ملك مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬وذهب المفسرون إلى أنها بالد الشام‪,‬‬
‫وذهب بعض أهل اللغة إلى أنها مصر(‪.)94‬‬

‫‪ ))93‬تحتمس الثالث‪ :‬هناك دراسات كثيرة وعددية حول الملك تحتمس الثالث وعهده وتاريخه وحروبه‬
‫وانجازاته في شتى المجاالت فباالضافة إلى الدراسات العربية التقليدية التي تناولت تاريخ مصر‬
‫والشرق األدنى القديم بعامة وتاريخ مصر بخاصة ومن بينها دراسات سليم حسن واحمد فخري‬
‫وعبدالعزيز صالح وسيد توفيق ومحمد إبراهيم بكر ورمضان عبده علي أو رمضان السيد وعالء‬
‫الدين عبدالمحسن شاهين وعبدالحميد زايد واحمد قدري‪ /‬لدينا دراسات اجنبية كثيرة‪ ،‬من بينها‬
‫دراسة جاردنر عن تحتمس الثالث وآمون بمجلة االثار المصرية‪ ،‬المجلد ‪ 38‬ديسمبر ‪1952‬م‪ ،‬ص‬
‫ص ‪ ،23-6‬ودراسة دونالدربرفورد عن اشتراك تحتمس الثالث وامنحتب الثاني في مجلة االثار‬
‫المصرية المجلد ‪ ،51‬ديسمبر ‪1965‬م‪ ،‬ص ص ‪ ،122 -107‬ودراسته األخرى عن حروب تحتمس‬
‫الثالث في سوريا وفلسطين عام ‪2003‬م‪ ،‬ضمن كتاب تاريخ وحضارة الشرق‪ ،‬األدنى القديم‪ ،‬المجلد‬
‫‪ ،16‬مطبعة بريل ‪203‬م‪.‬‬
‫وهناك دراسة تحليلية لحوليات تحتمس الثالث قام بها انطوني سبيلنجر في مجلة مركز األبحاث‬
‫االمريكية في مصر‪ ،‬ص ص ‪ ،54-41‬وكذلك دراسة فانيايفز عن استخدام حتشبسوت لتحتمس‬
‫الثالث في الرعاية في مجلة مركز األبحاث االمريكية في مصر‪ ،‬المجل ‪2004 ، 41‬م‪ ،‬ص ص ‪-55‬‬
‫‪.66‬‬
‫وهناك دراسة مهمة عن المقاطعة أو اإلقليم الثالث في قائمة تحتمس الثالث في المدن السورية‬
‫والفلسطينية لـ ‪ s.xeivin‬في مجلة االثار المصرية ‪ ،‬المجلد ‪ ،36‬ديسمبر ‪1950‬م‪ ،‬ص ص‬
‫‪.62-51‬‬
‫‪ ))94‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ,‬للطبري‪ ,‬ج‪ ,13‬ص‪.77‬‬
‫‪181‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ونحن نقول بالجمع بين القولين بأن المقصود بمشارق األرض ومغاربها هي مصر وما‬
‫هو تحت إدارتها في هذا الوقت شرقا من نهر الفرات‪ ,‬وغربا حتى شطر ليبيا الشرقي‪,‬‬
‫وجنوبا حتى منابع النيل‪:‬‬
‫(‪)39‬‬

‫ملك األرض‪:‬‬
‫لم يذكر التاريخ مل ًكا‪ ,‬تملك مشارق األرض ومغاربها سوى تحتمس الثالث‪ ،‬والقوم الذين‬
‫كانوا مستضعفين هنا هم المصريون الذين امتلكوا مشارق ومغارب األرض من خالل‬
‫حكم تحتمس الثالث‪ ,‬ولكن بعض قبائل بني إسرائيل التي استعبدها فرعون الذي قد‬
‫أغرقه هللا هو وجيشه؛ مكافأة لهم لما صبروا على ظلم وطغيان فرعون وجبروته‬
‫ضدهم‪ ،‬وبديهي لن يُم َّكن في األرض إال رجل ذو قوة وبأس شديد‪ ,‬لديه من البراعة‬
‫العسكرية ما يجعله قادرً ا على تنفيذ األمر اإللهي‪ ,‬هيأه هللا‪ ,‬وهيأ له أسباب الحكم والملك‪.‬‬
‫َب لِي ُم ْل ًكا اَّل َين َبغِي َأِل َح ٍد ِّمن َب ْعدِي ۖ ِإ َّن َك َأ َ‬
‫نت‬ ‫قال تعالى ‪َ " :‬قال َ َر ِّب ْ‬
‫اغف ِْر لِي َوه ْ‬
‫ا ْل َوه ُ‬
‫َّاب " (ص‪)35 :‬‬
‫[كان تحتمس قد ُعي َِّن لتوه قائدا عاما للجيوش المصرية حين خرج فى حملة تدريبية‬
‫فى الصحراء الغربية يختبر فيها قوَّ ا َته وي َ‬
‫ُطوِّ ر كفا َء َتها َ‬
‫العسكرية‪ ،‬وفى واحة ظليلة غلبه‬
‫ال ُّنعاس تحت نخلة مثمرة سقطت إحدى ثمارها عليه وهو نائم فأفاق من غفوته ليفاجأ‬

‫‪182‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بوجه عجوز يحدق فيه عن قرب‪ .‬انتفض تحتمس قائال‪( :‬من أنت؟) قال الرجل وسط‬
‫تجاعيد وجهه الكثيفة‪:‬‬
‫أنا من يعرف سرك‪,‬أنا مرسال اآللهة‪,‬أكشف لك ما ال تعرفه‪,‬وما ال يعرفه عنك البشر‪.‬‬
‫صمت تحتمس ولم يعرف ماذا يقول‪ .‬تأمل العجوز وجه تحتمس قليال ثم قال الرجل‬
‫العجوز‪ :‬إن مِث َلك ال يتكرر إال كل بضعة قرون من الزمان‪ .‬لقد َح َبتك اآللهة فى ساحة‬
‫القتال بقدرات مخلوقاتها جميعا‪( .‬ومن المعلوم أن من سخر هللا له كل المخلوقات من‬
‫إنس وجن وطير وحشرات ورياح‪...‬الخ هو سليمان عليه السالم)‬
‫َت َسمَّر تحتمس فى مكانه بينما واصل الرجل حديثه وقد بدا وكأنه يردد ما يملى عليه‪:‬‬
‫ستقطع المسافات كالخيل الرامحة‪ ,‬وتجتاز الرمال كالجمال الهادرة‪ ,‬وتعبر المياه‬
‫كاألسماك السابحة‪ ,‬وسيكون لك فى كل ذلك سرعة الطيور الجارحة‪.‬‬
‫ثم ابتسم العجوز مظهرا أسنانه الصدئة وخيل لتحتمس أنه يهزأ به وهو يقول‪« :‬أما‬
‫خارج الحروب فمثلك مثل جنودك البسطاء ال ميزة لك عليهم»‪ .‬نهض تحتمس بسرعة‬
‫وأراد أن يمسك بالرجل لكنه اختفى وكأنه وجه خرج من سراب الصحراء ثم اختفى بين‬
‫الكثبان الرملية‪ ،‬أو أنه طيف من وحى النوم‪.‬‬
‫وقد صدقت نبوءة عجوز الصحراء الذى لم يره تحتمس ثانية وال عرف من أين جاء‬
‫وال أين ذهب‪ ،‬فحقق من الفتوحات العسكرية ما لم يحققه أحد‪ .‬فقد كان يتمتع بعقلية‬
‫عسكرية فذة مكنته من أن يقيم خالل سنوات حكمه الثالثين إمبراطورية شاسعة لم‬
‫تعرفها مصر قبله وال عرفتها بعده]( ‪.)95‬‬
‫وكان تحتمس الثالث (سليمان عليه السالم) عسكريًا بارعًا في فنون القتال‪ ,‬تمكن من‬
‫تطوير الفكر العسكري المصري‪ ،‬والمعدات أيضًا‪ ،‬فعلى مستوى الفكر كان أوّ ل من قسَّم‬
‫الجيش إلى ميمن ٍة وميسر ٍة وقلبٍ‪ ،‬وطوَّ ر المعدات وخاصة العجالت الحربية والسهام‪ ،‬إذ‬
‫بفرسين وثالثة وأربعة؛ مما يزيد من سرعتها وقوة اندفاعها‪,‬‬
‫ِ‬ ‫جعل العربات الحربية تجر‬

‫‪https://www.almasryalyoum.com/news/details/1872634 ))95‬‬
‫‪183‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الذين كانا يتقدما‬


‫ِ‬ ‫الواحيدين‬
‫ِ‬ ‫ِكان‬
‫ويالحظ أن تحتمس األول وتحتمس الثاني هما المل ِ‬
‫الجيوش في ُج ّل معاركهما ولم يهزما في أي معركة أو يصابا بأي أذى أو جروح من‬
‫بين ملوك األرض جميعا‪.‬‬
‫وكانت مشارق األرض ومغاربها التي َت َملَّ َكها تحتمس الثالث من وراء الفرات شر ًقا‬
‫بالساحلين اللبناني والفلسطيني وبني غازي غربًا وحتى الخرطوم‬
‫ِ‬ ‫واألناضول والشام كله‬
‫وساحل البحر األحمر‪ ،‬وأم ََّن منابع النيل جنوبا‪ ,‬وبنى أسطواًل بحريًا‪ ,‬أم ََّن به الساحل‬
‫الفينيقي‪ ,‬واحتل به جزر البحر المتوسط ومن ضمنها قبرص‪ ،‬وبذلك يكون هو أول‬
‫إمبراطور على األرض ألنه هو الذي أسس أول إمبراطورية في التاريخ واهتم بإدارة‬
‫شئون هذه اإلمبراطورية الواسعة بعد الفتوحات‪ ،‬وفعل شيئا خارج حدود العقل البشري‪,‬‬
‫ال يفعله إال نبي مؤيد من السماء؛ إذ جمع أبناء الوالة من كل بقاع األرض في مركز‬
‫الحكم عنده في مصر؛ لتربيتهم مع أبناء األسرة الحاكمة؛ حتى يتعلموا اللغة‪ ,‬والدين‪,‬‬
‫والثقافة‪ ,‬والعلوم‪ ،‬وليضمن بذلك والءهم‪ )96(.‬وكان قد فعل ذلك عن طيب خاطر‬
‫ورضا‪ ،‬فهل يفعل هذا إال نبي؟!‬
‫عبقرية تحتمس الثالث العسكرية تخطت حدود وصفها بالفذة‪ ،‬وأمام طريقة المعارك التي‬
‫خاضها واألفكار العسكرية التي ابتكرها ال يمكن أن تفسر أفعاله بسوى أنها أمر إلهي؛‬
‫مما جعل منه آية‪ ,‬اليستطيع أحد أن يُنكر وجودها‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬كان تحتمس‬
‫الثالث أول من يعين كاتبًا‪ ,‬يوثق تاريخ يومياته العسكرية‪ ،‬وهذا تقليد‪ ,‬لم يتخل عنه في‬
‫أيٍ من معاركه‪ ،‬وصار هذا تقلي ًدا‪ ,‬ال غنى عنه في العلوم العسكرية‪ ,‬ولكل الجيوش‬
‫النظامية من بعده‪ ،‬ويظهر توثيق النبي سليمان لمعركة (مجدو)‪ ،‬في ما كتبه الكاتب‬
‫تيجانيني في الجدارية الموجودة في معبد الكرنك‪ ،‬وهي التي دوِّ ن‪ ,‬و ُنق َ‬
‫ِش عليها يوميات‬
‫معركة مجدو موثقة بعدد األسرى من بني إسرائيل‪ ,‬والغنائم التي حصلوا عليها‪)97(.‬‬

‫‪Redford 2003, p. 218 ))96‬‬


‫‪https://www.britannica.com/biography/Thutmose-III ))97‬‬
‫‪184‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[وضرب اإلمبراطور (تحتمس الثالث) المثال الطيب في معاملة األسرى‬
‫وزعمائهم على حد سواء بعد أن ضيق الخناق عليهم في معركة (مجــدو) وحاصرها‬
‫سبعة شهور‪ ،‬وعندما استسلم أهـــل المدينة ثم الزعماء أطلق سراحهم قاباًل منهم الجزية‪،‬‬
‫وقد أخذ خيولهم تار ًكا لهم الحمير كعقاب يسير‪ ،‬وألنه كان في حاجة ماسة للخيول؛ كما‬
‫عمل على اصطحاب أبناء أمرائهم إلى مصر ليتعلموا الم ُُثل َوال ِق َيم المصرية حتى يشبوا‬
‫على الوالء لمصر وملكها ويتأثروا بمصر علمًا وثقافة‪ ،‬فإذا ما عادوا ليحكمـوا بالدهم‬
‫كانوا موالين خاضعين عن قناعة لمصر‪.‬‬

‫ووصف األثرى اإلنجليزي (آرثر ويجل) اإلمبراطور (تحتمس الثالث) وشعبه بقوله‪:‬‬
‫(أنهم أعظم شعوب العالم القديم رحمة وإنسانية)‪ .‬نعم إنه الجندي والجيش المصري خير‬
‫أجناد األرض الذي كان وما زال وسيظل عدة وعوان وبالغ لدين هللا كما أخبر رسولنا‬
‫_صلى هللا عليه وسلم_ فهذا الجيش هو الدرع الواقي لمصر واألمة اإلسالمية](‪)98‬‬
‫من مهارات وغرائب تحتمس الثالث‪:‬‬
‫أبدع تحتمس الثالث في صناعة الدروع الحربية بنفسه‪ ،‬ذلك لحماية الجنود‪ ,‬وكان هناك‬
‫دروع خاصة لمن يحاربون على العجالت الحربية‪ ,‬سواء ُر َماة كانوا أم قادة‪ ،‬وأثبت‬
‫تاريخ الحضارة المصرية أنه كان هناك نوعان من الدروع؛ األول نوع من جلود‬
‫الحيوانات‪ ,‬واآلخر دروع من البرونز‪ ،‬وكان تحتمس الثالث قادرً ا على تشكيل البرونز‬
‫المعدن‪ ,‬وهو ما يتوافق مع النص القرآني في قول هللا تعالى‪:‬‬

‫‪ ))98‬بتصرف بسيط ‪https://www.vetogate.com/3324425‬‬


‫‪185‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الط ْي َر َوَأ َل َّنا َل ُه ا ْل َحدِيدَ (‪َ )10‬أ ِن ْ‬


‫اع َملْ‬ ‫ضاًل َيا ِج َبال ُ َأ ِّو ِبي َم َع ُه َو َّ‬
‫" َو َل َقدْ آ َت ْي َنا دَ ُاوودَ ِم َّنا َف ْ‬
‫صال ًِحا ۖ ِإ ِّني ِب َما َت ْع َملُونَ َبصِ ي ٌر (‪[ )99(")11‬سورة‬ ‫اع َملُوا َ‬ ‫ت َو َقدِّ ْر فِي َّ‬
‫الس ْر ِد َو ْ‬ ‫اب َغا ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫سبإ]‬
‫فربما يكون ورث سليمان هذا العلم والهبة من أبيه؛ كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫الط ْي ِر َوُأوتِي َنا مِن ُكل ِّ َ‬
‫ش ْي ٍء ِإنَّ‬ ‫س َل ْي َمانُ دَ ُاوودَ َو َقال َ َيا َأ ُّي َها ال َّن ُ‬
‫اس ُع ِّل ْم َنا َمنطِ َق َّ‬ ‫" َو َو ِر َث ُ‬
‫ضل ُ ا ْل ُم ِبينُ (‪[ ")16‬سورة النمل]‬ ‫ٰ َه َذا َل ُه َو ا ْل َف ْ‬
‫بخالف ما وجد داخل مقبرة توت عنخ أمون مثل خناجره وقناعه الذهبي الذي يوضح‬
‫موضعين إلى عبقرية‬ ‫ِ‬ ‫قدرة هذه األسرة على صهر المعادن وتشكيلها‪ ،‬وأشار القرآن في‬
‫س َل ْي َمانَ َو ُكال آ َت ْي َنا ُح ْك ًما‬‫صناعة الدروع على يد سليمان كما في قوله تعالى‪َ " :‬ف َف َّه ْم َناهَا ُ‬
‫ص ْن َع َة َل ُب ٍ‬
‫وس َّل ُك ْم‬ ‫س ِّب ْحنَ َو َّ‬
‫الط ْي َر َو ُك َّنا َفاعِ لِينَ َو َع َّل ْم َناهُ َ‬ ‫س َّخ ْر َنا َم َع دَ ُاوودَ ا ْل ِج َبال َ ُي َ‬
‫َوعِ ْل ًما َو َ‬
‫شا ِك ُرونَ " [سورة األنبياء‪.]80,79:‬‬ ‫لِ ُت ْحصِ َن ُكم ِّمن َبْأسِ ُك ْم َف َهلْ َأن ُت ْم َ‬
‫س َل ْيمانَ ) َأيْ َفهَّمْ َناهُ ْال َقضِ َّي َة َو ْال ُح ُكو َم َة‪َ ،‬ف َك َّنى َع ْن َها ِإ ْذ َس َب َق َما‬
‫[ َق ْولُ ُه َت َعا َلى‪َ ‌( :‬ف َف َّه ْمناها ‌ ُ‬
‫ان ح ُْك َم َأ ِبي ِه في أنه أحرز أن يبقي مُل ُ‬
‫ك ُك ِّل َوا ِح ٍد ِم ْن ُه َما َع َلى‬ ‫ض َل ح ُْك ُم ُس َل ْي َم َ‬‫َي ُد ُّل َع َل ْي َها‪َ .‬و َف َ‬
‫َم َتاعِ ِه َو َت ْب َقى َن ْف ُس ُه َط ِّي َب ًة ِب َذل َِك](‪ )100‬وصنعة لبوس هي الدروع التي تحمي الجنود‪.‬‬
‫والسابغات هي الدروع القوية التي كان النبي سليمان يصنعها لجيشه بأمر إلهي؛ كما فعل‬
‫داود‪ ،‬ومن المالحظ أن عدد مرات ذكر سليمان ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬في القرآن سبعة عشرة‬
‫مرة‪ ,‬وأن تحتمس الثالث قاد سبعة عشرة حملة عسكرية بنفسه! ولم يهزم في أي منها‪،‬‬

‫‪ ))99‬قوله تعالى ‪ :‬أن اعمل سابغات‪ :‬أي دروعا سابغات ‪ ،‬أي كوامل تامات واسعات ; يقال ‪ :‬سبغ الدرع‬
‫والثوب وغيرهما إذا غطى كل ما هو عليه وفضل منه ‪ .‬وقدر في السرد قال قتادة ‪ :‬كانت الدروع‬
‫قبله صفائح فكانت ثقاال ; فلذلك أمر هو بالتقدير فيما يجمع من الخفة والحصانة ‪ .‬أي قدر ما تأخذ من‬
‫هذين المعنيين بقسطه ; أي ال تقصد الحصانة فتثقل ‪ ،‬وال الخفة فتزيل المنعة ‪ .‬وقال ابن زيد ‪ :‬التقدير‬
‫الذي أمر به هو في قدر الحلقة ‪ ،‬أي ال تعملها صغيرة فتضعف فال تقوى الدروع على الدفاع ‪ ،‬وال‬
‫تعملها كبيرة فينال البسها ‪ .‬وقال ابن عباس ‪ :‬التقدير الذي أمر به هو في المسمار ‪ ،‬أي ال تجعل‬
‫مسمار الدرع رقيقا فيقلق ‪ ،‬وال غليظا فيفصم الحلق ‪ .‬روي ( يقصم ) بالقاف ‪ ،‬والفاء أيضا رواية ‪.‬‬
‫( في السرد ) السرد نسج حلق الدروع ‪ ،‬ومنه قيل لصانع حلق الدروع ‪ :‬السراد والزراد ‪ ،‬تبدل من‬
‫السين الزاي ‪ ،‬كما قيل ‪ :‬سراط وزراط ‪ .‬والسرد ‪ :‬الخرز ‪ ،‬يقال ‪ :‬سرد يسرد إذا خرز ‪.‬‬
‫انظر تفسير القرطبي‪:‬ج‪ ,14‬ص‪.267‬‬
‫‪ ))100‬المرجع السابق‪ :‬ج‪ ,11‬ص ‪.307‬‬
‫‪186‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ُصب بأي أذى‪ ،‬ولم يمسسه جندي رغم وجوده وسط المعركة‪ ،‬وكأنه كان هناك‬ ‫بل لم ي َ‬
‫جن مكلفون بحمايته‪.‬‬
‫تحدث القرآن عنه بأنه هو الذي ملك مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬وال يوجد من تمكن من‬
‫هذا سوى تحتمس الثالث الذي فتح ‪ 300‬مدينة‪ ،‬وكان أول من أنشأ الجهاز االستخباراتي‬
‫في الجيش‪ ,‬ومعه االستطالع‪ )101(.‬وكان له في ذلك جنود من عند هللا مسخرين له من‬
‫إنس وجن وحيوانات وطيور؛ مثل الهدهد كما في قوله تعالى‪َ " :‬و َت َف َّقدَ َّ‬
‫الط ْي َر َف َقال َ َما ل َِي‬
‫س ْل َط ٍ‬
‫ان‬ ‫شدِيدًا َأ ْو َأَل ْذ َب َح َّن ُه َأ ْو َل َيْأ ِت َي ِّني ِب ُ‬
‫اِئبينَ ُأَل َع ِّذ َب َّن ُه َع َذا ًبا َ‬
‫ال َأ َرى ا ْل ُهدْ هُدَ َأ ْم َكانَ مِنَ ا ْل َغ ِ‬
‫ِين ِإ ِّني َو َج ُّ‬
‫دت‬ ‫س َبٍإ ِب َن َبٍإ َيق ٍ‬ ‫طت ِب َما َل ْم ُتح ِْط ِب ِه َو ِجْئ ُت َك مِن َ‬ ‫ين َف َم َك َث َغ ْي َر َبعِي ٍد َف َقال َ َأ َح ُ‬
‫ُّم ِب ٍ‬
‫ش َعظِ ي ٌم َو َجد ُّت َها َو َق ْو َم َها َي ْس ُجدُونَ‬ ‫ش ْي ٍء َو َل َها َع ْر ٌ‬ ‫ام َرَأ ًة َت ْملِ ُك ُه ْم َوُأو ِت َي ْت مِن ُكل ِّ َ‬ ‫ْ‬
‫يل َف ُه ْم ال َي ْه َتدُونَ َأالَّ‬ ‫صدَّ ُه ْم َع ِن َّ‬
‫الس ِب ِ‬ ‫ُون هَّللا ِ َو َز َّينَ َل ُه ُم ال َّ‬
‫ش ْي َطانُ َأ ْع َما َل ُه ْم َف َ‬ ‫س مِن د ِ‬ ‫ش ْم ِ‬‫لِل َّ‬
‫ض َو َي ْع َل ُم َما ُت ْخفُونَ َو َما ُت ْعلِ ُنونَ هَّللا ُ‬‫ت َواَأل ْر ِ‬ ‫ج ا ْل َخ ْب َء فِي َّ‬
‫الس َم َاوا ِ‬ ‫َي ْس ُجدُوا هَّلِل ِ ا َّلذِي ُي ْخ ِر ُ‬
‫نت مِنَ ا ْل َكاذ ِِبينَ " [سورة‬ ‫صدَ ْق َت َأ ْم ُك َ‬ ‫س َنن ُظ ُر َأ َ‬ ‫يم َقال َ َ‬ ‫ش ا ْل َعظِ ِ‬‫ب ا ْل َع ْر ِ‬ ‫ال ِإ َل َه ِإالَّ ه َُو َر ُّ‬
‫النمل‪ 20:‬إلى ‪]27‬‬
‫الشواهد القرآنية في اآليات التي ُذكر فيها سليمان تنطبق تمامًا على تحتمس الثالث؛ ففي‬
‫معركة مجدو الحربية التي قادها بنفسه كان أمامه ثالث طرق‪ ،‬اثنان متوقعان‪ ،‬وثالث‬
‫غير متوقع؛ ألنه ال يستوعب جنود سليمان ومستلزمات المعركة‪ ,‬ومنها المعدات‬
‫الحربية‪ ,‬والمركبات‪ ,‬والخيول‪ ,‬واألسلحة بمختلف أشكلها‪ ،‬وفجأة قرر النبي سليمان‬
‫اتخاذ الطريق الصعب والضيق؛ ألن هناك أمرا إلهيا له بأن يغير طريقه؛ فال يمكن ألي‬
‫جبلين‪ ,‬ومن ث َّم ليس هناك أي‬
‫ِ‬ ‫قائد أن يتخذ هذا القرار خاصة أن الطريق ضيق‪ ,‬وبين‬
‫محاولة للنجاة‪ ،‬لكن حينما تتحدث نملة؛ كما جاء في القرآن‪ ,‬ويفهم النبي لغتها فهذه إشارة‬
‫س َل ْي َمانَ ُج ُنو ُدهُ مِنَ ا ْل ِجنِّ‬ ‫تغيير الطريق في معركة مجدو؛ كما في قوله تعالى‪َ " :‬و ُحشِ َر لِ ُ‬
‫وز ُعونَ َح َّتى ِإ َذا َأ َت ْوا َع َلى َوادِي ال َّن ْم ِل َقا َل ْت َن ْم َل ٌة َيا َأ ُّي َها ال َّن ْمل ُ‬
‫الط ْي ِر َف ُه ْم ُي َ‬
‫نس َو َّ‬
‫َواِإل ِ‬

‫‪https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2007/01/31/73055.html ))101‬‬
‫‪187‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ضا ِح ًكا ِّمن َق ْولِ َها‬ ‫ش ُع ُرونَ َف َت َب َّ‬


‫س َم َ‬ ‫س َل ْي َمانُ َو ُج ُنو ُدهُ َو ُه ْم ال َي ْ‬ ‫ادْ ُخلُوا َم َ‬
‫سا ِك َن ُك ْم ال َي ْحطِ َم َّن ُك ْم ُ‬
‫صال ًِحا‬ ‫ي َوَأنْ َأ ْع َمل َ َ‬ ‫َو َقال َ َر ِّب َأ ْو ِز ْعنِي َأنْ َأ ْ‬
‫ش ُك َر ن ِْع َم َت َك ا َّلتِي َأ ْن َع ْم َت َع َل َّي َو َع َلى َوالِدَ َّ‬
‫ضاهُ َوَأدْ ِخ ْلنِي ِب َر ْح َم ِت َك فِي عِ َبا ِد َك َّ‬
‫الصالِحِينَ " [سورة النمل‪]19,18,17 :‬‬ ‫َت ْر َ‬
‫لم يتخذ تحتمس الثالث الطريق الثالث إال برسالة من هللا عبر النملة ألهمته أن يفعل‬
‫المستحيل‪ ،‬ويسير في الطريق الذي تعد فرص النجاة فيه معدومة‪.‬‬
‫وسخر هللا الجن لسليمان‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ش َياطِ ينَ ُكل َّ َب َّناء َو َغ َّو ٍ‬
‫اص‬ ‫اب َوال َّ‬ ‫ص َ‬ ‫ث َأ َ‬ ‫يح َت ْج ِري ِبَأ ْم ِر ِه ُر َخا ًء َح ْي ُ‬ ‫س َّخ ْر َنا َل ُه ِّ‬
‫الر َ‬ ‫" َف َ‬
‫ب"[سورة ص‪36 :‬‬ ‫ام ُننْ َأ ْو َأ ْمسِ ْك ِب َغ ْي ِر ح َ‬
‫ِسا ٍ‬ ‫آخ ِرينَ ُم َق َّرنِينَ فِي اَأل ْ‬
‫ص َفا ِد ه ََذا َع َطاُؤ َنا َف ْ‬ ‫َو َ‬
‫إلى ‪]39‬‬
‫وذكرت الحضارة المصرية أنه كان هناك أشياء تظهر في السماء‪ ،‬تفزع من يراها‪ ,‬وال‬
‫صن ًعا بشر ًيا‪ ,‬وال شيًئ ا مفهوما‪ ،‬إذ جاء في بردية‬
‫أحد يعرف تفسيرها‪ ,‬ولم يكن ذلك ُ‬
‫نارا‪ ,‬طولها ‪ 150‬قد ًما‪ ,‬فلم‬
‫(تولي) أن كات ًبا كان يجلس أمام المعبد‪ ,‬ورأى في السماء ً‬
‫يستطع النظر إليها‪ ,‬فانكب على وجهه مفزو ًعا‪ ,‬وحينما رفع رأسه وجد كائنات‪ ,‬ليسوا‬
‫بشرا‪ ,‬وليس لهم مثيل‪ ،‬وكانت هذه النار تأتي‪ ,‬وتعود‪ ,‬ونعتقد أن هؤالء هم الجن الذين‬
‫ً‬
‫أطلق عليهم علماء اليوم كائنات فضائية‪.‬‬
‫وكثير من الممالك جاءت لسليمان خاضعة مستسلمة دون قتال‪ ،‬وهو ما ذكرته الحضارة‬
‫المصرية القديمة عن استسالم يافا وغيرها وتقديمها الجزية لتحتمس الثالث(‪.)102‬‬
‫(‪)40‬‬
‫يبقى هنا أن نشير إلى وفاة الملك سليمان‬
‫في القرآن تتطابق مع وفاة تحتمس الثالث‬
‫التي وثقتها الحضارة المصرية القديمة‪،‬‬
‫فأخبرنا القرآن عن وفاة سليمان بأنه لم‬

‫‪ )) 102‬بردية هارس (‪ )500‬بالمتحف البريطاني تحت رقم (‪ , )EA 10060‬وانظر ‪ :‬قصة سقوط يافا‪,‬‬
‫ترجمة صفاء محمد‪ .‬و ‪/https://www.hindawi.org/books/81363602/57‬‬
‫‪188‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يعلم أحد بالوفاة إال بسقوط العصا‪ ,‬وكان ذلك تحديًا بالنص اإللهي للجن كما في قوله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫ض َتْأ ُكل ُ م َ‬
‫ِنسَأ َت ُه َف َل َّما َخ َّر‬ ‫ض ْي َنا َع َل ْي ِه ا ْل َم ْو َت َما دَ َّل ُه ْم َع َل ٰى َم ْو ِت ِه ِإاَّل دَ ا َّب ُة اَأْل ْر ِ‬
‫" َف َل َّما َق َ‬
‫ين" [سورة سبأ‪]14:‬‬ ‫ت ا ْل ِجنُّ َأن َّل ْو َكا ُنوا َي ْع َل ُمونَ ا ْل َغ ْي َب َما َل ِب ُثوا فِي ا ْل َع َذا ِ‬
‫ب ا ْل ُم ِه ِ‬ ‫َت َب َّي َن ِ‬
‫مات سليمان ممس ًكا بعصاه‪ ،‬وحينما ننظر إلى الوضع التشريحي لمومياء تحتمس الثالث‬
‫نجد تطابق الصورة التشريحية التي صورها القرآن‪ ,‬ووضع المومياء الخالد حتى اآلن‪،‬‬
‫وكان له تماثيل عديدة‪ ,‬صنعها له الجان مسخرين بأمر من هللا‪ ،‬ونرى يده اليسرى‬
‫ممسكة بالعصا من أعالها‪ ،‬واليد اليمنى تقوي قبضته عليها مثل هذا الوضع الذي‬
‫تصلبت عليه يداه‪.‬‬
‫أما مقبرة سليمان فقد عثر عليها عالم اآلثار (فيكتور لوريه) في خبيئة الدير البحري‪،‬‬
‫وسرقت‪ ,‬وسيظل اليهود يبحثون – تمويهًا ‪ -‬عن هيكل سليمان في فلسطين دهورً ا رغم‬
‫يقينهم أنه ليس بفلسطين؛ ألنهم بالفعل قد سطو عليه‪ ,‬وسرقوه‪ ,‬ونقلوه إلى ميادين‬
‫أوروبا وأمريكا وغيرها‪ ,‬وهذا يظهر جليا عند مشاهدة مسالت تحتمس الثالث المنتشرة‬
‫في كل بالد الغرب!!‬
‫أما علوم سليمان التي ورثها من تحتمس األول (داود عليه السالم) فقد أمره هللا أن‬
‫يحفظها في تمثال أبو الهول‪ ,‬وأمر الرياح أن تغطيه برمالها‪ ،‬لكن جاء تحتمس الرابع‪,‬‬
‫وحفر‪ ,‬وأخرج التمثال إلى النور(‪ ,)103‬وأخرج العلوم‪ ,‬حتى سرقها بنو إسرائيل‪ ,‬وظلت‬
‫بعض هذه العلوم معهم حتى اآلن‪.‬‬
‫تمثال أبو الهول هو في األصل تمثال ألوزير‪ ،‬والوجه وجهه‪ ،‬وبسبب التأثيرات التي‬
‫حدثت له من جراء الطوفان ذاب الوجه‪ ،‬وأمر الملك خفرع بنحته على شكله؛ ليأخذ‬
‫شكله الجديد‪ ،‬ولذلك جسم أبو الهول أكبر من حجم الوجه‪ ،‬تبقى النقطة الفارقة في عهد‬
‫نبي هللا سليمان أنه أخرج بني إسرائيل من مصر‪ ,‬ومن البالد المجاورة لها‪ ،‬بل أيضا من‬

‫‪.Spiegelberg, “Orient. Lit. Zeitung” (1904) 1268ff. and 343 ))103‬‬


‫‪189‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫البالد التي استوطنوها بعد الطوفان وتحدي ًدا بالد بابل‪ ،‬واستبدل بهم اإلسماعيليين أبناء‬
‫عمومته الحقيقيين في هذه المدن‪ ،‬واإلسماعيليون ينسبون إلى نبي هللا إسماعيل ‪ -‬عليه‬
‫السالم ‪ -‬ابن إبراهيم ‪ -‬عليه السالم – وهو الذي كان له أيضا إسحاق الذي جاء منه‬
‫اإلسحاقيون الذين هم في األصل المصريون‪ ,‬وهذا يعني أن العرب أبناء عمومة‬
‫المصريين‪ ,‬وليس اليهود؛ كما هو مشاع زورا‪.‬‬
‫المصريون هم من جاء منهم سليمان‪ ,‬وما فعله نبي هللا سليمان بتسكين اإلسماعيليين في‬
‫البالد التي طرد منها بني إسرائيل إنما ينفي أن يكون العراقيون من نسل بني إسرائيل؛‬
‫ألن بعض الناس قد يذهب إلى هذا األمر؛ بحكم أن بابل هي أرض العراق حاليا‪ ،‬لكن‬
‫الحقيقة أن العراقيين الموجودين اآلن هم نسل العرب ‪ -‬وهذه ما أيدته التحاليل الجينية‬
‫المعاصرة ‪ -‬من إسماعيل عليه السالم‪ ,‬وإسماعيل أبو العرب‪ ,‬وهو من اكتملت رسالة‬
‫نسله بالقرآن الكريم على يد أشرف الخلق سيدنا محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسالم ‪ -‬وإسحاق‬
‫هو أبو المصريين‪ ,‬واختتمت رسالة نسله باإلنجيل على يد المسيح عيسى بن مريم؛‬
‫(أتون بن ميريت) المصرية‪ ,‬أو كما سنوضح الح ًقا‪ ،‬أما بنو إسرائيل أبناء القاتل األول‬
‫على األرض بدأت‪ ,‬وانتهت رسالتهم بالتوراة على يد كليم هللا موسى ‪ -‬عليه السالم ‪-‬‬
‫وهذا ال يجعل موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬من نسل إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬فليس لكونه نبيا‪,‬‬
‫وبرغم علو شأنه ومكانته‪ ,‬ولكن ال يصح أن نخلط أنسابهم ببعض‪ ,‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫*****‬

‫‪190‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شيشنق وسرقة هيكل سليمان‬

‫(‪)41‬‬ ‫تبقى حادثة سرقة هيكل سليمان‪ ،‬هي‬


‫النقطة المفصلية والمحورية في التاريخ؛‬
‫ألنها النقطة التي قلبت األمور رأسًا على‬
‫عقب‪ ،‬جعلت الجاني مجنيًا عليه‪ ،‬والجالد‬
‫أصبح هو الضحية‪.‬‬
‫تقول التوراة‪ ،‬إن الذي سرق هيكل سليمان‬
‫شيشنق‬ ‫المصري‬ ‫الملك‬ ‫هو‬

‫أوشيشناك(‪929-950‬أو‪924-945‬ق‪.‬م)‪،‬وسرقه من فلسطين‪)104(،‬‬
‫والحقيقة أنها صدقت في أمر واحد وكذبت في أمرين‪ ،‬السارق هو فعاًل شيشنق‪ ،‬لكنه‬
‫ليس مصريًا‪ ،‬بل إسرائيليا‪ ،‬وواقعة السرقة حدثت في مصر‪ ,‬وليس في فلسطين‪.‬‬
‫اآلن ُنفصِّل كيف حدثت السرقة‪ ،‬وكيف كان شيشنق إسرائيليًا‪ ,‬وليس مصريًا‪ ،‬فبعد‬
‫األسرة الثامنة عشر‪ ،‬حكم مصر الملك سيتي‪ ،‬وكان جد سيتي من الجنود الذين لم‬
‫يشربوا من النهر مع تحتمس األول (داود) والملك الكوشي (جالوت)‪َ ,‬‬
‫وزوَّ َج (حور‬
‫محب) (سيتي) أميرة من األسرة الملكية المصرية تكريما لهم لما قام به هو وأجداده من‬
‫تضحيات في الجيش المصري‪ ,‬فامتد حكمه‪ ,‬وحكم ذريته حكمًا عاداًل ‪ ,‬تغلب عليه‬
‫الصفات اإلدريسية‪ ,‬وعُرف حكم هؤالء في الحضارة المصرية القديمة بحكم الرعامسة‪،‬‬

‫‪ ))104‬سفر أخبار األيام الثاني‪ ,‬الفصل ‪ /‬األصحاح الثاني عشر‪.‬‬


‫‪191‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫فيما سماهم القرآن باألسباط‪ ،‬واألسباط المقصود بها أنهم أسباط النسل النقي الذي استمر‬
‫من اإلدريسي للنسل اليعقوبي ثم نسل الحواريين وختامهم األسباط ‪ .‬وفي فترة حكم‬
‫الرعامسة(‪ ،)105‬وتحدي ًدا رمسيس الثالث‪ ،‬استطاع أن ينتصر على قبائل بني إسرائيل‬
‫التي جاءت لغزو مصر واحتاللها‪ ،‬وهزمهم شر هزيمة‪ ,‬وأسر ً‬
‫جنودا منهم‪ ,‬وعاد بهم‬
‫إلى مصر‪ ،‬فأظهروا له الوالء‪ ,‬واستقروا في مصر وبعضهم انضم للجيش‪ ،‬لكن كان‬
‫انضمام بعضهم‬
‫(‪)44‬‬ ‫(‪)43‬‬ ‫(‪)42‬‬

‫يمارسون التقية‪ ،‬يظهرون‬ ‫انضمامًا باالندساس‪ ،‬أي أنهم‬


‫الوالء لمصر‪ ،‬لكن قلوبهم معلقة بوصايا شروباك‪ ،‬وكان واح ًدا من هؤالء المندسين‬

‫‪1988‬م‪.‬‬ ‫‪ ))105‬الرعامسة الثالثة االوائل‪ ,‬سامي سعيد االحمد‪ ,‬دار الشؤون الثقافية العامه‪ ,‬بغداد‬
‫‪192‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يُدعى (بويوواو)‪ ،‬وهو الجد الخامس لشيشنق‪ ،‬وهم من قبيلة المشواش(‪ )106‬والتي يطلق‬
‫عليها (مي)‪ ،‬وهي إحدى القبائل العيالمية(‪ )107‬من بني إسرائيل‪.‬‬
‫كان (بويوواو) جد شيشنق الخامس‪ ،‬ممن ُأسروا في ليبيا‪ ،‬وهو من بني إسرائيل الذين‬
‫طردوا في عهد الملكة المصرية حتشبسوت‪ ،‬التي كان حكمها فترة انتقالية بين عهدي‬ ‫ُ‬
‫داود وسليمان‪ ،‬وخرج بعض من بني‬
‫إسرائيل آنذاك إلى بالد بابل‪ ,‬وبعضهم‬

‫‪)(106‬هناك العديد من الدراسات السابقة عن القبائل الليبية بمختلف مسمياتها وعالقتهم بمصر خالل‬
‫العصور التاريخية المتعاقبة‪ ،‬وعلى راسها الدراسات التقليدية المعروفة لكل من الرواد سليم حسن‬
‫واحمد فخري وعبدالغني صالح ومن الجيل الالحق والجيل الحالي رمضان عبده علي وعبدالحليم‬
‫نور الدين‪ ،‬ومحمد إبراهيم بكر ومحمد بيومي مهران وعالء الدين عبدالمحسن شاهين ‪ ،‬اما‬
‫الدراسات الحديثة فمن بينها‪:‬عالء الدين عبدالمحسن شاهين‪ ،‬العالقات المصرية الليبية في العصور‬
‫= = الثالث إلى نهاية االلف الثاني قبل الميالد‪ ،‬حوليات االداب والعلوم‬ ‫البرونزية من األلف‬
‫االجتماعية‪ ،‬الرسالة ‪ ،195‬الحولية ‪ ،23‬جامعة الكويت‪ 1424 -1423 ،‬حو‪2003-2002/‬م‪ ،‬ام‬
‫الخير المقون‪ ،‬دولة االمازيغ في مصر الفرعونية ‪ 715‬ق‪.‬م‪ 950 -‬ق‪.‬م‪ ،‬دار القدس العربي‬
‫‪2004‬م‪ ،‬حسين محمد سالم عامر‪ ،‬العالقات الليبية المصرية منذ عهد الهكسوس حتى نهاية الحكم‬
‫الليبي لمصر ‪ 1730‬ق‪.‬م‪730 -‬ق‪.‬م ‪ .‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪2009 ،‬م‪ ،‬حسين عبدالعال مراجع‪ ،‬العالقات‬
‫االسرات وحتى بداية حكم اللسين لمصر‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬ ‫الليبية الفرعونية من عصر ما قبل‬
‫غير منشورة‪ ،‬كلية االداب والتربية‪ ،‬قسم الدرسات التاريخية واالثرية‪ ،‬جامعة قاريونس‪2009 ،‬م‪،‬‬
‫بن السعدي سلميان‪ ،‬عالقات مصر المغرب القديم منذ فجر التاريخ حتى القرن السابع قبل الميالد‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬غير منشورة كلية العلوم االجتماعية‪ ،‬والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة منتسوري قسنطينة‪،‬‬
‫العام الجامعي ‪2008/2009‬م‪ ،‬علي كسار غير سلطان الغزالي‪ ،‬القبائل الليبية القديمة وعالقتها‬
‫مع الشعوب المجاورة لها‪ .‬د‪.‬ن‪.‬‬
‫‪ ))107‬تعد بالد عيالم امتداد لسهول بالد الرافدين الجنوبية‪ ،‬إذ التشابه الکبير بين البلدين في البناء‬
‫الحضاري والثقافي‪ ،‬وکانت عيالم منطقة عبور الحضارة العراقية إلى داخل إيران‪ ،‬ومنها إلى‬
‫البلدان األخرى مثل الهند ودول جنوب شرق أسيا‪ .‬هناك دراسات كثيرة سابقة منها‪ :‬عيالم وعالقتها‬
‫بالعراق القديم‪ ,‬عامر سليمان‪ ,‬مجلة آداب الرافدين‪ ,‬العدد‪1981( 4 :‬م)‪ .‬و الجوانب الحضارية‬
‫والسياسية والعسكرية لعالقات بالد الرافدين مع بالد عيالم في التاريخ القديم‪ ،‬نصار سليمان‬
‫السعدون‪( ,‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة القادسية‪2002 ،‬م)‪ .‬و العالقات السياسية لبالد‬
‫الرافدين مع بالد عيالم في العصر االشوري الحديث‪ ,‬جمال ندا صالح السلمانى‪,‬دار الكتب والوثائق‬
‫العراقية‪2003 ,‬م‪ .‬و ‏مالحم تاريخية من األدب األكدّ ي‪ ,‬‏ترجمة و دراسة ‪ :‬جبور‪ ،‬باسم ميخائيل‪،‬‬
‫رسالة دكتورتة غير منشورة‪2017,‬م‪ .‬وعيالم في األلف الثالث قبل الميالد‪ ,‬نصار سليمان السعدون‪,‬‬
‫مجلة مهد الحضارات‪ ,‬العدد‪2008 ,9-8 :‬م‪ .‬و بالد عيالم ‪ :‬في العصر العيالمي الوسيط‬
‫ق‪.‬م)‪ ,‬المؤلف‪:‬فاروق إسماعيل‪ ,‬مجلة مهد الحضارات‪ ,‬المجلد ‪ ،2010‬العدد‬ ‫‪‎‬‬ ‫(‪1100-1450‬‬
‫‪ 31( 12-11‬ديسمبر‪/‬كانون األول ‪ ،)2010‬ص ص‪10 ،31-22 .‬ص‪ .‬و العالقات السياسية بين‬
‫اإلمبراطورية اآلشورية وبالد عيالم في عصر الساللة السرجونية (‪ 639-721‬ق‪.‬م)‪ ,‬محمد علي‬
‫األمير حسن‪ ,‬حوليات أداب عين شمس‪ ,‬المجلد‪ ,47‬عدد إبريل‪-‬يونية (‪2019‬م)‪ .‬وهناك دراسات‬
‫على درجة كبيرة من األهمية ضمن منشورات جامعة كاليفورنيا عن دراسات الشرق األدنى القديم‪,‬‬
‫المجلد ‪ 25‬حول عيالم وتاريخها السياسي واألثري‪ ,‬إلليزابيث كارتر وإستوبلر (‪1943‬م)‪.‬‬
‫‪193‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫اآلخر ذهب إلى ليبيا غربًا وحينما استقرت قبيلة المشواش في ليبيا كانت لها عالقات‬
‫اقتصادية مع مصر في عهد أمنحتب الثالث‪ ،‬وكانوا يدفعون الجزية لتحتمس الثالث‬
‫(سليمان عليه السالم)‪ ،‬وتبقى الواقعة الفارقة في تاريخهم أنهم أظهروا العداء لمصر في‬
‫عهد مرنبتاح‪ ،‬وذلك بعد الفترة التي انضموا خاللها إلى الجيش المصري في عهد‬
‫الجداريات‬ ‫إحدى‬ ‫في‬ ‫ذكرهم‬ ‫وجاء‬ ‫الثاني‪,‬‬ ‫رمسيس‬
‫(‪)45‬‬
‫التي تعود إلى زمن الملكة حتشبسوت‪ ،‬أنهم حطوا على ساحل مريوط‪ ,‬فذهب بعضهم‬
‫إلى فلسطين‪ ،‬وبعضهم اتجه غربًا إلى ليبيا‪ ،‬وتحدي ًدا مدينة درنة(‪ ، )108‬طردهم‬
‫المصريون‪ ،‬وأجلوهم عن مصر‪ ،‬ولقبوا بالمشواش‪.‬‬
‫وهدد المشواش حدود مصر في عهد الملك سيتي األول‪ ،‬لكن الملك سيتي األول قاتلهم‪,‬‬
‫وصدهم عن مصر‪ ،‬وهناك نقوش توثق المعارك الحربية ضد المشواش أو قبائل‬
‫(التنحو)‪ ،‬وتوثق النقوش أيضًا تحالف المشواش مع قبائل بني إسرائيل التي كانت تسكن‬
‫حرب ضد رمسيس الثالث‪ ،‬وفي عهد األسرة العشرين‪ ،‬وتحدي ًدا رمسيس‬ ‫ليبيا في‬
‫السادس (‪1148-1156‬ق‪.‬م) كان هناك تحركات عسكرية ضد المشواش وثقتها‬
‫الرسائل الملكية في ذلك الوقت‪ ،‬وفي وقت من األوقات تظاهر المشواش على حدود‬
‫مصر من ناحية ليبيا ليسكنوا الدلتا‪ ،‬فمع بداية األسرة الثامنة عشرة المصرية تجمعوا‬
‫حول حدود مصر الغربية طلبًا لإلقامة في دلتا وادي النيل‪ ،‬وارتادوا أطراف منطقة الدلتا‬
‫بحثا عن محل إلقامتهم‪ ،‬أو كما تعلن النقوش‪(:‬إننا سنقيم في مصر)‬ ‫بحشود عسكرية ً‬
‫وبالفعل دخل بعضهم في أفواج إلى مصر(‪.)109‬‬
‫كان بويوواو‪ ،‬أحد الذين أسروا في الحرب ضد المشواش‪ ،‬واندس بالتقية في الجيش‬
‫المصري‪ ،‬واستمر نسله على العهد اإلسرائيلي‪ ،‬حتى أتى شيشناق في النسل الخامس له‪،‬‬

‫‪ ))108‬أنظر‪ :‬ذو القرنين النبي المصري الذي طاف بالعالم وعلم الناس الدين والحضارة‪ ,‬د‪ .‬حاتم‬
‫الهمدان‪ ,‬الناشر‪ :‬إي‪-‬كتب‪ ,‬لندن ‪2015‬م‪ ,‬حاشية صفحة ‪.705‬‬
‫‪https://arbyy.com/1010746123.html ))109‬‬
‫‪194‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لكن يبقى اسم شيشناق ذاته عالمة مميزة على النسل اإلسرائيلي‪ ،‬وقبل أن نذكر هذه‬
‫العالمة نستعرض أواًل النسل اإلسرائيلي لشيشنق‪.‬‬
‫أصل ششنق‪:‬‬
‫يبدأ أصل ششنق(‪ )110‬من عند العيالميين الذين سكنوا بالد بابل أو بالد ما بين النهرين‪،‬‬
‫والعالمة المميزة في نسل العيالميين أن عدد ملوكهم الذين حكموا‪ ,‬وكانت أسماؤهم‬
‫مشتقة من اسم شيشنق‪ ,‬أو منحوتة منه يتجاوز عددها عدد أصابع اليدين مجتمعتين‪،‬‬
‫فاالسم في حد ذاته اسم خاص بالنسل اإلسرائيلي‪ ،‬إذ تضم قائمة حكام عيالم‪[ :‬كوتيك‬
‫إيشوشيناك‪ ،‬إنداتو إنشوشيناك األول‪ ،‬إنداتو إنشوشيناك الثاني‪ ،‬إنداتو إنشوشيناك الثالث‪،‬‬
‫إنشوشيناك ‪ -‬سونكير‪ -‬نابيبير‪ ،‬شيلهاك إنشوشيناك األول‪ ،‬هوتيلوتوش إنشوشيناك‪،‬‬
‫هالوشتو إنشوشيناك‪ ،‬أورتاك إنشوشيناك‪ ،‬تيمتي هومبان إنشوشيناك الثاني‪ ،‬إنداتو‬
‫إنشوشيناك الرابع‪ ،‬هالوتاش إنشوشيناك‪ ،‬شيلهاك إنشوشيناك الثاني‪ ،‬تيمتي هومبان‬
‫إنشوشيناك الثاني‪ ،‬أتا هاميتي إنشوشيناك الثاني](‪.)111‬‬
‫هذا النسل العيالمي كان إسرائيليًا خالصًا‪ ,‬لم يترك خصلة قبيحة من خصال بني إسرائيل‬
‫إال وزادها قبحً ا على قبحها‪ ,‬واستمر تطور قبحها حتى اآلن‪ ,‬ويعاني منه العالم‪ ،‬فهذا‬
‫النسل العيالمي هو الذي جاء منه كوتيك ماتالت الذي هو (هامان) وزير فرعون‪.‬‬
‫وصل شيشنق إلى حكم مصر وصواًل سلميًا‪ ،‬إذ لم يقاتل‪ ،‬بل كان هناك إيمان راسخ بأنه‬
‫مصري‪ ,‬وليس إسرائيليًا‪ ،‬بعدما مارس التقية لسنوات‪ ،‬وجاء شيشنق محماًل بوصايا‬

‫‪ )) 110‬الثابت في الدراسات السابقة أن ششنق األول هو مؤسس األسرة ‪ 22‬في مصر ‪730-950‬ق‪.‬م وقد‬
‫حكم فيما بين ‪ 929 -950‬ق‪.‬م أو ‪ 924 -945‬ق‪.‬م وان أصول هذه األسرة ليبية ثم لم تلبث أن‬
‫قصرت وعن هذه الدراسات انظر ‪ :‬عبدالعزيز صالح‪ ،‬الشرق األدنى القديم‪ ،‬ج‪ ،1‬مصر والعراق‪،‬‬
‫ص‪ ،264-260‬و احمد فخري‪ ،‬مصر الفرعونية‪ ،‬ص ‪ ،398-397‬ورمضان عبده علي‪ ،‬رؤى‬
‫جديدة في تاريخ مصر القديمة‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،260- 246‬ورمضان السيد‪ ،‬تاريخ مصر القديمة‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص ‪ ،272 – 264‬محمد عبدالقادر‪ ،‬اثار األقصر‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪ . -34 -31‬و سيد توفيق‪ ،‬تاريخ‬
‫العمارة في مصر القديمة‪ ،‬األقصر‪ ،‬ص ص ‪ .145 -144‬وعبدالحميد زايد‪ ،‬مصر الخالدة‪ ،‬ص‬
‫‪858 – 856‬‬
‫‪Legrain, 1922; Cameron, 1936; The Cambridge History of Iran; Hinz, 1972; )) 111‬‬
‫;‪The Cambridge Ancient History; Majidzadeh, 1991; Majidzadeh, 1997‬‬
‫‪.Vallat "Elam ...", 1998‬‬
‫‪195‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫شورباك وزيوسدرا‪ ،‬وألن مهمته كانت واضحة بضرورة سرقة العلم اإللهي من النسل‬
‫اإلدريسي المصري واألسرار التي دفنها الملوك المصريون األنبياء‪ ،‬ولتتم سرقته كانت‬
‫أولى قرارته هي تعيين ابنه إيوبوت كبيرا للكهنة في طيبة ليضمن السيطرة على هذا‬
‫المركز المهم‪ ،‬ومن هنا سرق علوم سليمان وكنوزه‪ ,‬ويحتفظ بها بنو إسرائيل حتى اآلن‪.‬‬
‫تبقى المفارقة الكبرى أن مصر منذ وصول شيشنق إلى حكمها في عام ‪ 950‬ق‪.‬م‪ ،‬وهي‬
‫محتلة من بني إسرائيل باستثناء فترة‪ ,‬حاول فيها كهنة أمون عودة سلطة النسل‬
‫اإلدريسى للحكم مرة آخرى‪ ,‬و لكنها باءت بالفشل سريعًا‪ ،‬وهذا االحتالل يمكن رصده‬
‫بعدد السنوات‪:‬‬
‫الهكسوس احتلوا مصر ‪ 150‬سنة‪ ،‬واآلشوريين ‪ 16‬سنة‪ ،‬والفرس ‪ 120‬سنة‪ ،‬والفرس‬
‫مرة أخرى ‪ 11‬سنة‪ ،‬واليونانيون أخرجوا الفرس واحتلوا مصر لمدة ‪ 27‬سنة‪،‬‬
‫والبطالمة احتلوا مصر ‪ 300‬سنة‪ ،‬والرومان بقيادة أكتافيوس أخرجوا البطالمة واحتلوا‬
‫مصر ‪ 314‬سنة‪ ،‬و الدولة الرومانية الشرقية المعروفة بالدولة البيزنطية أخرجوا‬
‫الرومان واحتلوا مصر ‪ 357‬سنة‪ ،‬وبعد ذلك جاء الفتح اإلسالمي‪ ،‬وبذلك تصبح مصر‬
‫قبل الفتح اإلسالمي محتلة ‪ 1270‬سنة‪.‬‬

‫*****‬

‫آل إخناتون والمسيحية في مصر‬

‫بعد عهد سليمان ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وإصرار حفيده تحتمس الرابع على كشف أسراره‪،‬‬
‫انقطع خبر السماء‪ ،‬ولم يعد إال في عهد أمنحتب الرابع (‪ 1405-1413‬أو‬
‫‪1391-1401‬ق‪.‬م)؛ أي إخناتون (‪ 1350-1367‬أو ‪1336 -1353‬ق‪.‬م)‪ ،‬الذي‬
‫ذكره القرآن باسم (عمران)‪ ،‬والد مريم‪ ،‬وكلمة إخناتون تعني الجميل من قرص الشمس‪,‬‬
‫أو روح آتون‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وذكر‬‫وذكر القرآن عُمران في ثالثة مواضع‪ ,‬كلها إجالل لرجل صالح وتقي وموحد‪ُ ،‬‬
‫مسبو ًقا بالكلمة (آل) لعظم شأن عائلته فيما بعد‪ ،‬إذ كان المسيح سبط إخناتون‪ ،‬وابنته هي‬
‫ميريت‪ ,‬أو مريم البتول‪.‬‬
‫ومواضع ذكر (عمران) هي ثالثة؛ األولى منها قوله تعالى‪:‬‬
‫وحا َوآل َ ِإ ْب َراهِي َم َوآل َ عِ ْم َرانَ َع َلى ا ْل َعا َلمِينَ ُذ ِّر َّي ًة َب ْع ُ‬
‫ض َها مِن‬ ‫"ِإنَّ هّللا َ ْ‬
‫اص َط َفى آدَ َم َو ُن ً‬
‫سمِي ٌع َعلِي ٌم" [سورة آل عمران‪.]34,33:‬‬ ‫ض َوهّللا ُ َ‬
‫َب ْع ٍ‬
‫والثانية ورد ذكر امرأة عمران والد مريم في قوله تعالى‪:‬‬
‫نت‬ ‫ام َرَأةُ عِ ْم َرانَ َر ِّب ِإ ِّني َن َذ ْر ُ‬
‫ت َل َك َما فِي َب ْطنِي ُم َح َّر ًرا َف َت َق َّبلْ ِم ِّني ِإ َّن َك َأ َ‬ ‫ت ْ‬‫"ِإ ْذ َقا َل ِ‬
‫السمِي ُع ا ْل َعلِي ُم" [سورة آل عمران‪.]35:‬‬ ‫َّ‬
‫والثالثة ورد ذكر ابنة عمران في قوله تعالى‪:‬‬
‫صدَّ َق ْت ِب َكلِ َما ِ‬
‫ت َر ِّب َها‬ ‫"و َم ْر َي َم ا ْب َن َت عِ ْم َرانَ ا َّلتِي َأ ْح َ‬
‫ص َن ْت َف ْر َج َها َف َن َف ْخ َنا فِي ِه مِنْ ُرو ِح َنا َو َ‬ ‫َ‬
‫َو ُك ُت ِب ِه َو َكا َن ْت مِنَ ا ْل َقا ِنتِينَ " [سورة التحريم‪]12:‬‬
‫عُرف إخناتون‪ ,‬أو أمنحتب الرابع‪ ،‬بأنه الملك الفيلسوف‪ ،‬إذ كان له أفكاره التي حاربها‬
‫بنو إسرائيل‪ ,‬ورفضها قومه المصريون في البداية؛ ألنها كانت تمثل تشريعا جديدا‪،‬‬
‫لكنهم آمنوا بها‪ ،‬ويبقى الكالم عن إخناتون محفو ًفا بالحرص؛ إذ إن اآلثار التي وصلتنا‬
‫عنه قليلة ج ًدا‪ ،‬ومن المعلوم عنه أنه كان محبًا للتأمل والتدبر في خلق هللا والطبيعة‬
‫والعزلة‪ ،‬وصاحب رؤية دينية غير مسبوقة؛ إذ دعا إلى التوحيد‪ ,‬وقضى على ما أسمته‬
‫كتب التاريخ (تعدد اآللهة) الذي كان منتشرا في مصر بسبب وجود الكثير من بني‬
‫إسرائيل على أرض مصر قبل عهد إخناتون‪ ,‬وأدخلوا الفساد في عقيدة المصريين‪ ,‬فنهى‬
‫عن تعدد اآللهة‪ ,‬ودعاهم إلى عبادة اإلله أتون‪.‬‬
‫الحقيقة التي ذكرناها ساب ًقا أن الحضارة المصرية القديمة كانت حضارة توحيد‪ ،‬وصاحبة‬
‫العقيدة الخماسية؛ ‪ -‬الشهادة‪ ,‬والصالة‪ ,‬والزكاة‪ ,‬والصوم‪ ,‬والحج ‪ -‬ولم يكن هناك تعدد‬
‫آلهة في عهد إخناتون بالمعنى الصريح للفظ‪ ،‬بل كان هناك ما يُمكن أن نسميه انحرا ًفا‬

‫‪197‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫في العقيدة‪ ،‬خاصة أن اإلله في مصر القديمة كان محرمًا ذكر اسمه‪ ،‬بل كان يُطلق على‬
‫النبي اسما من أسمائه‪ ،‬مثل؛ أتوم‪ ,‬وأوزير‪ ,‬وحور‪ ,‬وأمون‪ ,‬وأتون‪ ,‬وبتاح‪ ،‬وكلها أسماء‬
‫لإلله الواحد‪.‬‬
‫ورع قوة الرب‪ ,‬وأدل شيء على هذه القدرة هو خلق الشمس وتسيرها‪ ,‬وجعلها مشعة‪,‬‬
‫وهاجة بقدر مقدور لدورة الحياة على األرض؛ ألنها أعظم المخلوقات التي يراها‬
‫المصري القديم‪ ,‬فأشار إلى هذه القدرة بالشمس رع‪ ,‬إذ كانت المعجزة الخالدة حتى اآلن‬
‫هي الشمس‪ ،‬ونتذكر أن جلجامش حينما حاج إبراهيم في ربه واجهه نبي هللا إبراهيم‬
‫بحقيقة الشمس التي ال يمكن ألحد أن يُنكرها‪ ،‬فحينما قال إبراهيم لجلجامش كما في قوله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫اج ِإ ْب َراهِي َم فِي َر ِّب ِه َأنْ آ َتاهُ هَّللا ُ ا ْل ُم ْل َك ِإ ْذ َقال َ ِإ ْب َراهِي ُم َر ِّب َي ا َّلذِي ُي ْح ِيي‬
‫"َأ َل ْم َت َر ِإ َلى ا َّلذِي َح َّ‬
‫ش ِر ِق َفْأ ِ‬
‫ت ِب َها‬ ‫س مِنَ ا ْل َم ْ‬ ‫ش ْم ِ‬ ‫ِيت ۖ َقال َ ِإ ْب َراهِي ُم َفِإنَّ هَّللا َ َيْأتِي ِبال َّ‬ ‫ِيت َقال َ َأ َنا ُأ ْح ِيي َوُأم ُ‬ ‫َو ُيم ُ‬
‫الظالِمِينَ "[البقرة‪]258 :‬‬ ‫ب َف ُب ِه َت ا َّلذِي َك َف َر ۗ َوهَّللا ُ اَل َي ْهدِي ا ْل َق ْو َم َّ‬
‫مِنَ ا ْل َم ْغ ِر ِ‬
‫وهذا دليل على أن الشمس رمز‪ ,‬يتحكم فيه إله كل الموحدين‪ ،‬وليس معنى تعدد اسم اإلله‬
‫أن هناك تعدد في اآللهة‪ ،‬فاهلل له (‪ )99‬اسمًا _بل وأحصى علماؤنا (‪ )260‬اسما هلل (عز‬
‫وجل) من القرآن والسنة؛ فهل هذا يعني أن هناك (‪ )99‬أو (‪ )260‬إلهًا ؟!!‬
‫دعوة عمران‪:‬‬
‫إخناتون قال عن معبوده‪ :‬واحد ال شريك له‪ُ ,‬م َن َّزهٌ عن الصورة المادية التي يصورها له‬
‫بعض الناس‪ ،‬كما أمر الكهنة بالتوقف عن صناعة التماثيل والدمى التي كانوا يصنعونها‪,‬‬
‫ويتاجرون بها(‪ , )112‬ويبيعونها لرجال من بني إسرائيل‪ ,‬كانوا يعبدونها عوضًا عن‬
‫عبادة هللا عز وجل‪ ,‬وضاق كهنة من بني إسرائيل من دعوته التوحيدية لدرجة أنهم‬
‫حرضوا الكهنة المصريين عليه‪ ,‬وقاموا بثورة ضده؛ ألنه كان بينهم الكثير من كهنة بني‬
‫إسرائيل‪ ,‬اندسوا بين الكهنة المصريين خلسة في فترات‪ ,‬سبقت حكم إخناتون بسبب ما‬

‫‪ ))112‬اخناتون فرعون التوحيد‪ ,‬تـ‪ /‬بكري عبدالحميد‪ .‬ط‪ /‬دار الهالل‪ .‬ص‪.86,85 /‬‬
‫‪198‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فعله تحتمس الرابع بعد وفاة تحتمس الثالث (سليمان)‪ ,‬وهو ما استمرت آثاره وتبعياته‬
‫حتى عهد أمنحتب الثالث؛ والد إخناتون(‪.)113‬‬
‫كانت دعوة عمران (إخناتون) إرهاصًا بظهور الديانة األتونية (المسيحية) على يد‬
‫المسيح عيسى بن مريم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وكان عمران رجاًل متسامحً ا ألقصى درجة يشبه‬
‫المسيحية في نقائها‪ ،‬فكان يكره القتل وسفك الدم‪ ،‬وال يطيق أو يتحمل سماع أخبار‬
‫شهد له بالصدق والعدل‪ ،‬فيما كان عصره عصر نهضة فنية‪ ,‬ورخاء‪,‬‬ ‫الحروب‪ ،‬و ُ‬
‫ونهضة عمرانية أيضًا‪.‬‬
‫ومن النهضة العمرانية التي شهدها عصره الممتد لـسبعة عشر عامًا هو المعبد الذي بناه‬
‫لعبادة اإلله أتون في مدينة أخيتاتون‪ ،‬وهو الموجود في مدينة تل العمارنة بالمنيا‪،‬‬
‫وسُميت تل العمارنة بهذا االسم نسبة إلى عُمران ‪ -‬وقيل‪ :‬إنها سميت على اسم قبيلة‬
‫عربية سكنت بهذه المنطقة‪ ,‬والذي يغلب على التحقيق أن االسم تناقل منذ عمران ‪ -‬ولم‬
‫يعثر في هذه المدينة سوى على بقايا آثار‪ ،‬وعُثر أيضًا على تمثال للملكة نفرتيتي خالل‬
‫حفريات بمنطقة تل العمارنة‪.‬‬
‫الغريب أن الكثير من آثار إخناتون قد ُدمرت عن عمد‪ ،‬خاصة العاصمة التي أنشأها في‬
‫تل العمارنة بالمنيا‪ ,‬ونقل إليها مقر الحكم من طيبة إلى المنيا‪ ,‬وهي التي أنشأها‬
‫خصيصًا؛ ليكبر ويترعرع فيها المسيح أتون بن مريت‪ ,‬أو عيسى بن مريم؛ بنت‬
‫إخناتون‪ ,‬الملقب بـ(أمنحتب الرابع)‪ ,‬وهو الذي يرجع نسبه إلى إيمحتب (يوسف)؛‬
‫مهندس الملك زوسر‪ ,‬لذلك كل اآلثار والنقوش التي تتحدث عن عهد الملك المصري‬
‫إخناتون تعرضت للطمس والكشط عم ًدا‪ ,‬وكأن هناك من يحاول أن يخفي شيًئ ا‪ ,‬ويخشى‬
‫من الحقيقة‪ ,‬وال غرابة في ذلك‪ ,‬والحقيقة أن محاولة إخفاء تاريخ إخناتون واضحة‪ ,‬وال‬
‫غموض فيها‪ ،‬وكأن هناك من يريد أال يصلنا من أخباره شيٌئ‪ ،‬وبحسبة بسيطة وبمنطق‬
‫ثوان؛ لنعرف من الذي فعل ذلك‪ ،‬واإلجابة هي‬
‫ٍ‬ ‫(ابحث عن المستفيد) لن نستغرق بضع‬

‫‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=387113 ))113‬‬
‫‪199‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫بنو إسرائيل الذين رفضوا دعوة المسيح سبط عمران‪ ،‬وكل الكتب التاريخية تذكر ما‬
‫فعلوه لعرقلة الدعوة المسيحية‪ ،‬بداية من اتهام مريم العذراء بالزنا وتشويه سيرة جده‬
‫عُمران‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫(‪)46‬‬
‫قبل تفنيد ادعاءات التشويه التي تعرض لها‬
‫إخناتون‪ ،‬يجب أن نذكر أن زوجته هي نفرتيتي‬
‫التي سماها القرآن امرأة عمران‪ ،‬كما في قوله‬
‫ام َرَأةُ عِ ْم َرانَ َر ِّب ِإ ِّني َن َذ ْر ُ‬
‫ت َل َك‬ ‫ت ْ‬ ‫تعالى‪ِ" :‬إ ْذ َقا َل ِ‬
‫السمِي ُع‬
‫نت َّ‬ ‫َما فِي َب ْطنِي ُم َح َّر ًرا َف َت َق َّبلْ ِم ِّني ِإ َّن َك َأ َ‬
‫ض ْع ُت َها ُأن َثى‬‫ض َع ْت َها َقا َل ْت َر ِّب ِإ ِّني َو َ‬
‫ا ْل َعلِي ُم َف َل َّما َو َ‬
‫الذ َك ُر َكاُألن َثى َوِإ ِّني‬‫س َّ‬ ‫َوهَّللا ُ َأ ْع َل ُم ِب َما َو َ‬
‫ض َع ْت َو َل ْي َ‬
‫س َّم ْي ُت َها َم ْر َي َم َوِإ ِّني ُأعِ ي ُذهَا ِب َك َو ُذ ِّر َّي َت َها مِنَ‬ ‫َ‬
‫يم" [سورة آل عمران‪]36,35 :‬‬ ‫ش ْي َط ِ‬
‫ان َّ‬
‫الر ِج ِ‬ ‫ال َّ‬
‫بدأ التشويه من عند اتهام بني إسرائيل ضد عمران والد مريم بأنه معتاد الرذيلة‪ ,‬وهي‬
‫التهمة ذاتها التي ألصقها بعض األثريين الغربيين بإخناتون‪.‬‬
‫ب في اتهامهم ضدد إخناتون بالشذوذ على صورة له‪ ,‬وهو يجلس‪,‬‬
‫استند أثاريو الغر ِ‬
‫وعلى قدميه يجلس شخص آخر أصغر منه‪ ،‬ويقبله من فمه‪ ،‬وهذه فرية مردود عليها من‬
‫متخصصين أيضًا‪.‬‬
‫وكان من بنود االتهام أيضًا أن إخناتون كان يحب سمنخ كارع حبًا جما‪ ،‬وأطلق عليه لقبًا‬
‫نسويًا‪ ,‬وهو (الجمال الفائق ألتون)‪ ،‬وفي مواضع أخرى سماه (محبوبي)‪.‬‬
‫وقد رد الدكتور األثري ممدوح الدماطي‪ ،‬وزير اآلثار األسبق‪ ،‬على هذا االدعاء قائال‪:‬‬
‫إن اتهام الملك المصري القديم (إخناتون) بالشذوذ الجنسي‪ ،‬هو اتهام غربي باطل‪ ,‬يأتي‬
‫‪200‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بنا ًء على عدم فهم بعض اآلثار المصرية القديمة‪ ،‬في إشارة منهم إلى صورة إخناتون‬
‫جالسًا‪ ,‬وعلى قدميه يجلس أخوه الصغير‪ ,‬أو لربما نفرتيتي‪ ،‬ولكن يُرجح أن يكون أخاه‬
‫الصغير‪ ،‬ويقبله من فمه‪.‬‬
‫تساءل (الدماطي)؛ أال نقبِّل أبناءنا من فمهم؟ مؤك ًدا أن تقبيل األطفال من فمهم تقليد‬
‫مصري طبيعي‪ ،‬ولكن األوروبيين في تحليلهم الصورة لم يقتنعوا بفكرة التقبيل من الفم‬
‫على أنها عادة مصرية؛ لذلك انتشرت األقاويل التي تتحدث عن شذوذ إخناتون‪ ،‬وأن‬
‫الشذوذ هو السبب الرئيسي‬
‫في فتور العالقة بينه وبين الملكة نفرتيتي‪ ،‬إال أن إخناتون بريء من ذلك(‪.)114‬‬
‫وقد برأ القرآن (عمران) من كل التهم التي ألحقها به بنو إسرائيل وكذلك امرأة عمران‪،‬‬
‫في قوله تعالى‪:‬‬
‫س ْو ٍء َو َما َكا َن ْت ُأ ُّمكِ َب ِغ ًّيا" [مريم‪]28:‬‬ ‫" ٰ َيُأ ْخ َت ٰ َه ُرونَ َما َكانَ َأ ُبوكِ ْ‬
‫ٱم َرَأ َ‬
‫ليس في التاريخ شقيق لمريم‪ ,‬يدعى هارون؛ كما يحاول أن يستدل بعض الناس بآية‪:‬‬
‫س ْو ٍء َو َما َكا َن ْت ُأ ُّمكِ َب ِغ ًّيا" (سورة مريم)‪.‬‬ ‫" ٰ َيُأ ْخ َت ٰ َه ُرونَ َما َكانَ َأ ُبوكِ ْ‬
‫ٱم َرَأ َ‬
‫ونداء القرآن في (يا أخت هارون)‪ ،‬إنما هو عادة عربية في اللغة‪ ،‬كما يقول الرجل‬
‫ألخيه حينما يحبه (يا أخا العرب)‪ ،‬وقديمًا كانوا ينادون بأسماء الصالحين؛ لذا نسبوها‬
‫ألخوة رجل صالح عندهم‪ ,‬اسمه هارون في وقتها‪ ,‬كما ذكر ذلك بعض المفسرين‪,‬‬
‫وزوجة إخناتون هي نفرتيتي؛ أم (ميريت)‪ ,‬أو مريم التي بشرها هللا بها بعد فترة طويلة‬
‫من عدم اإلنجاب‪ ،‬وكانت قد نذرت أنه لو رزقها هللا اب ًنا فستهبه هلل‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ت َل َك َما فِي َب ْطنِي ُم َح َّر ًرا َف َت َق َّبلْ ِم ِّني ِإ َّن َك َأ َ‬
‫نت‬ ‫ام َرَأةُ عِ ْم َرانَ َر ِّب ِإ ِّني َن َذ ْر ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫"ِإ ْذ َقا َل ِ‬
‫س‬ ‫ض ْع ُت َها ُأن َثى َوهَّللا ُ َأ ْع َل ُم ِب َما َو َ‬
‫ض َع ْت َو َل ْي َ‬ ‫ض َع ْت َها َقا َل ْت َر ِّب ِإ ِّني َو َ‬
‫السمِي ُع ا ْل َعلِي ُم َف َل َّما َو َ‬
‫َّ‬

‫‪ https://www.coptstoday.com/Egypt-News/Detail.php?Id=251424 ))114‬وانظرا‬
‫أيضا‪ :‬نساء على عرش مصر‪ ,‬تـ‪ /‬أ‪.‬د ‪ /‬ممدوح محمد الدماطي _وزير اآلثار األسبق_ ط‪ /‬الهيئة‬
‫المصرية العامة للكتاب‪ ,‬ص‪42 /‬إلى ‪.46‬‬
‫‪201‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫يم"‬ ‫ان َّ‬


‫الر ِج ِ‬ ‫الذ َك ُر َكاُألن َثى َوِإ ِّني َ‬
‫س َّم ْي ُت َها َم ْر َي َم َوِإ ِّني ُأعِ ي ُذهَا ِب َك َو ُذ ِّر َّي َت َها مِنَ ال َّ‬
‫ش ْي َط ِ‬ ‫َّ‬
‫(سورة آل عمران)‪.‬‬
‫كفالة مريم‪:‬‬
‫مات عمران وترك نيفرتيتي وابنتهما ميريت‪ ،‬وهذا سر البحث عن منّ يكفلها بعد موت‬
‫أبيها‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫نت َلدَ ْي ِه ْم ِإ ْذ ُي ْلقُون َأ ْقال َم ُه ْم َأ ُّي ُه ْم َي ْكفُل ُ َم ْر َي َم َو َما‬ ‫"ذلِ َك مِنْ َأن َباء ا ْل َغ ْي ِ‬
‫ب ُنوحِي ِه ِإ َل ْي َك َو َما ُك َ‬ ‫َ‬
‫نت َلدَ ْي ِه ْم ِإ ْذ َي ْخ َتصِ ُمونَ " [سورة آل عمران‪]44:‬‬ ‫ُك َ‬

‫(‪)47‬‬
‫وقد روى القرآن أن زكريا هو من كفل‬
‫مريم كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫س ٍن َوَأن َب َت َها َن َبا ًتا‬ ‫" َف َت َق َّب َل َها َر ُّب َها ِب َق ُب ٍ‬
‫ول َح َ‬
‫س ًنا َو َك َّف َل َها َز َك ِر َّيا ُك َّل َما دَ َخل َ َع َل ْي َها‬ ‫َح َ‬
‫اب َو َجدَ عِ ندَ هَا ِر ْز ًقا َقال َ‬ ‫َز َك ِر َّيا ٱ ْلم ِْح َر َ‬
‫ٰ َي َم ْر َي ُم َأ َّن ٰى َلكِ ٰ َه َذا َقا َل ْت ه َُو مِنْ عِ ن ِد ٱهَّلل ِ‬
‫ِسا ٍ‬
‫ب" [‬ ‫ِإنَّ ٱهَّلل َ َي ْر ُز ُق َمن َي َ‬
‫شا ُء ِب َغ ْي ِر ح َ‬
‫مريم‪]37:‬‬
‫أما الحضارة المصرية فقد روت أن الذي كفل ميريت (مريم) هو سمنخ كارع (سا كا‬
‫رع)‪ ،‬المقصود به زكريا‪ ،‬وكان زوج خالتها التي لم يذكرها القرآن‪ ،‬لكن تسميها‬
‫الحضارة المصرية القديمة بالسيدة الصغيرة‪ ،‬هو االسم غير الرسمي الذي يطلق على‬
‫مومياء‪ ,‬عثر عليها في وادي الملوك‪ ،‬في المقبرة رقم (‪ ،)35‬وقد عثر عليها عالم اآلثار‬

‫‪202‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فيكتور لوريه في عام( ‪ ،)1898‬ومن خالل اختبارات الحمض النووي األخيرة حددوا‬
‫هوية هذه المومياء بأنها والدة الملك توت عنخ أمون‪ ,‬وابنة الملك أمنحتب الثالث‪,‬‬
‫والملكة تي‪ ،‬كما منحوها التسمية المميزة (‪ "KV35YL) ("YL‬هو اختصار (السيدة‬
‫الشابة باإلنجليزية) ورقم (‪)115( .)61072‬‬
‫تولى سمنخ كارع (زكريا) _‪1347-1350‬ق‪.‬م_ الحكم بعد وفاة إخناتون‪ ،‬وكان طبيعيًا‬
‫أن يكفل هو ميريت‪ ،‬ابنة عمران‪ ،‬وحكم ثالث سنوات‪ ,‬وليس عندنا أخبار‪ ,‬أو نقوش عن‬
‫وذكر زكريا (سمنخ كارع) في القرآن في عدة مواضع وهي‪:‬‬‫فترة حكمه‪ُ ،‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫س ٍن َوَأن َب َت َها َن َبا ًتا َح َ‬
‫س ًنا َو َك َّف َل َها َز َك ِر َّيا ُك َّل َما دَ َخل َ َع َل ْي َها َز َك ِر َّيا‬ ‫ول َح َ‬ ‫" َف َت َق َّب َل َها َر ُّب َها ِب َق ُب ٍ‬
‫َـذا َقا َل ْت ه َُو مِنْ عِ ن ِد هّللا ِ إنَّ هّللا َ َي ْر ُز ُق‬ ‫اب َو َجدَ عِ ندَ هَا ِر ْزقا ً َقال َ َيا َم ْر َي ُم َأ َّنى َلكِ ه َ‬ ‫ا ْلم ِْح َر َ‬
‫َب لِي مِن َّل ُد ْن َك ُذ ِّر َّي ًة َط ِّي َب ًة ِإ َّن َك‬‫ب ُه َنالِ َك دَ َعا َز َك ِر َّيا َر َّب ُه َقال َ َر ِّب ه ْ‬ ‫شاء ِب َغ ْي ِر ح َ‬
‫ِسا ٍ‬ ‫َمن َي َ‬
‫سمِي ُع الد َ‬
‫ُّعاء" [سورة آل عمران‪]38,37 :‬‬ ‫َ‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫الصالِحِينَ "[سورة األنعام‪]85:‬‬
‫َّ‬ ‫يسى َوِإ ْل َي َ‬
‫اس ُكل ٌّ ِّمنَ‬ ‫" َو َز َك ِر َّيا َو َي ْح َيى َوعِ َ‬
‫"ذ ِْك ُر َر ْح َم ِة َر ِّب َك َع ْبدَ هُ َز َك ِر َّيا" [مريم‪]2:‬‬
‫اس ُم ُه َي ْح َيى َل ْم َن ْج َعلْ َل ُه مِنْ َق ْبل ُ َ‬
‫س ِم ًّيا " [سورة‬ ‫ش ُر َك ِبغُاَل ٍم ْ‬
‫وقال تعالى‪َ [ :‬يا َز َك ِر َّيا ِإ َّنا ُن َب ِّ‬
‫مريم‪]7:‬‬
‫وقال تعالى‪َ " :‬و َز َك ِر َّيا ِإ ْذ َنادَ ى َر َّب ُه َر ِّب اَل َت َذ ْرنِي َف ْردًا َوَأ ْن َت َخ ْي ُر ا ْل َو ِارثِينَ " [سورة‬
‫األنبياء‪]89:‬‬
‫سمنخ كارع قد رزقه هللا ابنه توت عنخ أمون‪ ،‬وتوت عنخ أمون أو نبي هللا (يحي) كما‬
‫يذكر القرآن أنه حكم صبيا‪ ,‬ولكن من المؤسف أنه مات شابًا‪.‬‬

‫‪Smith, G. Eliot. The Royal Mummies p.117. Duckworth Publishers, 2000 ))115‬‬
‫‪203‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫******‬

‫ميريت البتول‬

‫تعرضت ميريت للتضييق عليها أيضًا‪ ،‬فما كان منها إال أن هاجرت‪ ،‬وفرت من حصار‬
‫بني إسرائيل‪ ،‬بعدما ضاقت ذرعًا بتشويههم لها وتشويه أبيها عمران‪ ،‬لذلك لم تجد ب ًدا‬
‫من الهجرة إلى الخارج‪ ،‬لكن يبقى أن نذكر أن من ألقاب مريم (ميريت) و(سكوتا)‪.‬‬
‫بتتبع آثار مريم أو ميريت أو البتول أو العذراء أو سكوتا ابنة إخناتون‪ ،‬نجد أن خيرها قد‬
‫امتد إلى أوروبا؛ إذ إنها قد هاجرت من بطش بني إسرائيل إلى أوروبا‪ ,‬وهناك أسست‬
‫دولة‪ ,‬وسميت باسمها‪ ,‬وُ نسبت إليها‪ ,‬وال تزال تحمل اسمها حتى اآلن‪ ,‬وهي اسكتلندا‬
‫(أرض سكوتا)‪ ,‬تلك الدولة التي سُميت بهذا االسم نسبة إلى (سكوتا) ابنة إخناتون‪.‬‬
‫[في عام (‪1937‬م)‪ ،‬اكتشفت بقايا قوارب قديمة في منطقة (نورث فيريبي) بمنطقة‬
‫(يوركشاير) في إسكتلندا‪ ,‬والتحليل العلمي لهذه القوارب أثبت أنها تعود إلى نحو‬
‫(‪) 1350 -1400‬قبل الميالد‪ ,‬وأنها مصرية األصل‪ ،‬وفي العام (‪1955‬م) أعلنت‬
‫عالمة اآلثار اإليرلندية (شون أوريردون) أثناء التنقيب في (تل الرهائن) بوادي (تارا)‬
‫بإسكتلندا أنها اكتشفت هيكال عظميا‪ ,‬ينتمي إلى العصر البرونزي‪ ,‬ويرتدي مجموعة من‬
‫الحلي‪ ,‬يرجع تاريخها إلى العام ‪ 1350‬قبل الميالد‪ ,‬وبعد تحليل السيراميك الموجود في‬
‫هذه الحلي وجد أنها تطابق نظيرتها من الحلى المصرية القديمة بنسبة ‪.٪100‬‬
‫كما عُثر على مخطوطة قديمة‪ ,‬تحكي قصة األميرة المصرية القديمة (سكوتا)‪ ,‬ابنة‬
‫الملك (أخناتون) والملكة (نفرتيتي) التي كانت هربت خارج مصر‪.‬‬
‫أقامت األميرة المصرية (سكوتا) إمارة في إيرلندا‪ ,‬وقسمتها إلى إقليمين؛ شمالي‪,‬‬
‫وجنوبي‪ ,‬يقعان تحت حكم مركزي؛ كما كان حال النظام في مصر آنذاك‪ ،‬وأنشأت‬

‫‪204‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫األميرة المصرية واديا‪ ,‬يدعى (تل تارا)‪ ,‬يدفن فيه الملوك على غرار (وادي الملوك) في‬
‫األقصر‪.‬‬
‫وفي مصادر أخرى قال المؤرخ اإلسكتلندي (والتر باور) في بحث له إن الشعب‬
‫اإلسكتلندي ينحدر من نسل المصريين القدماء وتحدي ًدا األميرة (سكوتا)‪.‬‬
‫ما يؤكد صدق الرواية أيضًا ما ذهب إليه الباحثان؛ (جي ستون)‪ ,‬و(لي توماس) عام‬
‫‪1956‬م‪ ,‬من أن خزف القالدة التي عثروا عليها في يد األميرة (سكوتا) كان مصريًا؛ إذ‬
‫أكدت التحليالت الفنية له أنه يتطابق تمامًا مع الموجود في مصر القديمة من حيث‬
‫أسلوب الصناعة والتصميم أيضًا‪ ،‬واستشهد الباحثان بأن القالدة الخزفية التي كان‬
‫يرتديها الملك الشاب (توت عنخ أمون)‪ ,‬وهو المدفون في الفترة نفسها تقري َبا مشابهة‬
‫قالدة الهيكل العظمي المكتشف في وادي (تارا) لألميرة (سكوتا)‪.‬‬
‫أما الباحثة (لورين إيفانز) فقد أكدت أيضًا أن ترجمة وثائق‪ ,‬تعود إلى الكاهن والمؤرخ‬
‫المصري (مانيتون)‪ ,‬وهى ترجع إلى القرن الثالث قبل الميالد تفيد بأن الملك‬
‫(اشينكرس) والد األميرة (سكوتا) هو نفسه (أخناتون)‪ ،‬وأن األميرة هي نفسها الملكة‬
‫(عنخ إسن أمون) االبنة الكبرى لـ(أخناتون) و(نفرتيتي)‪ ,‬وهذا ما نرجحه بأن المعروفة‬
‫عالميا باسم (اسكوتا) هي الملكة (عنخ إسن أمون)‪ ,‬وليست مريت آتون‪.‬‬
‫أما السجالت القديمة إلسكتلندا فتشير أيضا إلى أنه خالل القرن الثاني قبل الميالد ذهب‬
‫بعض الفالسفة المصريين إلى هناك لتقديم المشورة لملوك إسكتلندا خالل تلك الفترة‬
‫والعمل كمستشارين لبعضهم‪.‬‬
‫عالمة المصريات األيرلندية (أيفانز) تطرقت أيضًا في كتاب لها بعنوان (مملكة السفن)‬
‫إلى األميرة المصرية القديمة (سكوتا)‪ ،‬قائلة إنها (ميريت آتون) ابنة الملك (أخناتون)‪....‬‬
‫مؤكدة أنها هربت إلى أيرلندا على رأس بعثة كبيرة من الغزاة قبل (‪ )3500‬عامًا‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وتقول (أيفانز) إن األميرة المصرية (سكوتا) مدفونة في وادي (كو كيري) بأيرلندا بعد‬
‫معركة خاضتها مع رجالها هناك مضيفة أن بقايا بعثتها أصبحوا بعد ذلك قادة البالد بما‬
‫حملوه من علوم وفنون قديمة وقادوا حملة الغزو‪ ،‬ضد إسكتلندا ثم إنجلترا‪.‬‬
‫مسؤولو دار نشر (سيمون وشسلر) أكدوا أن (أيفانز) مؤلفة الكتاب اعتمدت في كتابها‬
‫على القرائن األثرية ومقارنتها بالنصوص والكتابات القديمة وتقنيات البصمة الوراثية‬
‫التي استخدمت على بقايا جثث قديمة وجدت في إيرلندا‪ ,‬ومقارنتها بالمومياوات‬
‫المصرية‪)116(].‬‬

‫وقفة حول إخناتون وسا كا رع‪:‬‬


‫كان هناك الكثير من الغموض المحيط سواء بتاريخ المقبرة أو صاحبها األصلي‪ ,‬فمع‬
‫اكتشاف المقبرة ألول مرة اعتـُـقد أنها جبانة ملكية استخدمت لدفن فراعنة من أواخر‬
‫عهد األسرة الثامنة عشر بعد التخلي عن تل العمارنة كعاصمة للبالد‪ ،‬والتخلي عن‬
‫المدينة الجنائزية بها حتى تم تحديد هوية صاحب المومياء عن طريق الحمض النووي‬
‫لتأتي النتائج مؤكدة على أن صاحب المقبرة هو األب الشرعي لتوت عنخ أمون والذي‬
‫بينت النقوش األثرية فيها من قبل أنها إلخناتون‪ .‬وبعيدا عن هوية صاحب المقبرة‬
‫األصلي‪ ،‬جاءت المتعلقات المستخرجة من المقبرة لتؤكد أنها استخدمت لدفن أكثر من‬
‫شخص واحد‪ ،‬سواء دفنوا جميعا في نفس الوقت أو على مدار فترة من الزمن‪.‬‬
‫كما تشير الدالئل على اقتحام المقبرة في فترة أعقبت عصر األسرة الثامنة عشر‪،‬‬
‫وتحديدا في عهد األسرة العشرين؛ حيث حدث انتشال جميع المومياوات‪( ,‬خالف مومياء‬
‫إخناتون)‪ ,‬ونقلها إلى (المقبرة ‪ )35‬ثم تركوا المومياء المتبقية‪ ,‬ودنسوا متعلقاتها داخل‬
‫المقبرة‪.‬‬

‫‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=644754 ))116‬‬
‫‪206‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والمقبرة تعرف أيضا باسم (خبيئة العمارنة) بسبب المتعلقات الخاصة بأناس عدة‪ ،‬يعتقد‬
‫أنهم دفنوا في هذه المقبرة في وقت من األوقات ‪( .‬التابوت عثر عليه مهشما داخل‬
‫المقبرة‪ ,‬وتم ترميمه‪ ,‬ويعرض حاليا بحديقة المتحف المصري)(‪.)117‬‬
‫وعلى هذه المعطيات من كون صاحب المقبرة (‪ )55‬هو األب الشرعي لتوت عنخ‬
‫أمون؛ فهو حتما سا كا رع (سمنخ كارع)؛ زكريا ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬وإن ما وجد من‬
‫نقوش في هذه المقبرة فهي ال ترجع لسمنخ كارع وحده؛ إذ ثبت عند علماء اآلثار أنها‬
‫مقبرة‪ ,‬استخدمت لدفن عدة مومياوات‪ ,‬سواء دفنوا جميعا الوقت نفسه‪ ,‬أم على مدار فترة‬
‫من الزمن؛ كما تشير الدالئل على اقتحام المقبرة في فترة أعقبت عصر األسرة الثامنة‬
‫عشر‪ ،‬وتحديدا في عهد األسرة العشرين حيث تم انتشال جميع المومياوات (خالف‬
‫المومياء التي وجدت) ونقلها إلى المقبرة(‪.)35‬‬
‫ثبت أن إخناتون ابن امنحتب الثالث‪ ,‬ونحن نقول بأن زكريا عليه السالم هو أخو‬
‫عمران‪ ,‬وهذا بناء على علمنا بأن سمنخ كارع ابن امنحتب بناء على التحليالت الجينية‬
‫التي أثبتت أن سمنخ كارع هو ابن امنحت الثالث‪ ,‬كما أن التاريخ واألدلة األثرية تثبت‬
‫أن إخناتون هو ابن امنحتب الثالث أيضا‪ ,‬وهذا هو ما أوصلنا إلى القول بأن عمران‬
‫(إخناتون) هو أخو (سا كا رع ) زكريا عليه السالم‪ ,‬وربما يكون وقوع كفالة مريم على‬
‫زكريا اختيار من هللا لِ َت َت َربَّى مريم في بيت ُنبُوَّ ٍة َت َتأ َّدبُ ِبأدَ ِبهِ‪ ,‬وبيت َرج ٍُل من َم ِ‬
‫حارمِها‬
‫لكي ال ُت َّتهم فِي ِه َولِيُبعِدَ هللاُ ُك َّل شبه ٍة عن السيدة مريم منذ الصغر‪ ,‬وأن التابوت الذي‬
‫وجدت داخله المومياء عثر عليه مهشما‪ ,‬وال دليل ينفي كون الموجود هو سمنخ كارع‪.‬‬
‫وعليه ذهبنا أن المومياء هي لسمنخ كارع ال اخناتون‪.‬‬
‫******‬

‫‪))117‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%82%D8%A8%D8%B1%D8%A9‬‬
‫‪_55‬‬
‫‪207‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫يحيى ومفتاح الحياة (العنخ)‬

‫التسلسل التاريخي هنا يأخذنا إلى إخناتون مرة أخرى؛ إذ إنه بعد وفاته تولى الحكم سمنخ‬
‫كارع‪ ,‬ومن بعده توت عنخ أمون؛ (يحي عليه السالم)‪ ،‬الذي أخبرنا عنه القرآن الكريم‬
‫والحضارة المصرية بأنه تولى الحكم صبيًا صغيرً ا‪ ،‬والمعروف عنه أنه جاء ألبيه بعد‬
‫فترة من الحرمان‪،‬‬
‫كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ت َر ِّب َك َع ْبدَ هُ َز َك ِر َّيا ِإ ْذ َنادَ ى َر َّب ُه نِدَ اء َخفِ ًّيا َقال َ َر ِّب ِإ ِّني َوهَنَ ا ْل َع ْظ ُم ِم ِّني‬‫"إذ ِْك ُر َر ْح َم ِ‬
‫ت ا ْل َم َوال َِي مِن َو َراِئي َو َكا َن ِ‬
‫ت‬ ‫شقِ ًّيا َوِإ ِّني ِخ ْف ُ‬‫ُعاِئ َك َر ِّب َ‬ ‫ش ْي ًبا َو َل ْم َأ ُكن ِبد َ‬
‫س َ‬ ‫الرْأ ُ‬
‫ش َت َعل َ َّ‬
‫َوا ْ‬
‫اج َع ْل ُه َر ِّب َرضِ ًّيا َيا‬
‫وب َو ْ‬‫آل َي ْعقُ َ‬ ‫ث مِنْ ِ‬ ‫ام َرَأتِي َعاق ًِرا َف َه ْب لِي مِن َّلدُن َك َولِ ًّيا َي ِر ُثنِي َو َي ِر ُ‬ ‫ْ‬
‫اس ُم ُه َي ْح َيى َل ْم َن ْج َعل َّل ُه مِن َق ْبل ُ َ‬
‫س ِم ًّيا" [مريم‪ 2 :‬إلى ‪]7‬‬ ‫ش ُر َك ِب ُغ ٍ‬
‫الم ْ‬ ‫َز َك ِر َّيا ِإ َّنا ُن َب ِّ‬
‫وذكر القرآن أيضًا توليه الحكم صبيا‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫اب ِبقُ َّو ٍة َوآ َت ْي َناهُ ا ْل ُح ْك َم َ‬
‫ص ِب ًّيا َو َح َنا ًنا ِّمن َّل ُد َّنا َو َز َكا ًة َو َكانَ َتقِ ًّيا" [سورة‬ ‫" َيا َي ْح َيى ُخ ِذ ا ْل ِك َت َ‬
‫مريم‪.]13,12:‬‬
‫مقارنات‪:‬‬
‫تولى توت عنخ أمون الحكم‪ ,‬وهو ابن تسع سنين‪ ،‬والحقيقة أنه ال اختالف بين اسم‬
‫توت عنخ أمون واسم النبي يحيى؛ فالكلمة (توت) تعني خبز بمعن عيش‪ ,‬والكلمة (عنخ)‬
‫(عيش الحياة أو سبب الحياة)‪ ,‬بمعنى من عنده أسباب الحياة‬
‫تعنى الحياة ‪ ,‬وكالهما يعني َ‬
‫المتجددة‪ ,‬ويقابلها في العربية بترجمة أدبية فعل المضارع من حياة (يحيى)؛وجاء منها‬
‫يحيى االسم‪ ،‬فتوت عنخ معناها يحيى في اللغة المصرية القديمة ‪.‬‬
‫وقد ذكرت المراجع التاريخية أن النبي يحيى مات مقتواًل ‪ ،‬بل ذكرت كل الكتب بشاعة‬
‫التمثيل بجثته‪ ،‬ومنها ما ذكر أن هيرودس كان يُريد ّ‬
‫الزواج من ابنة أخ له‪ ،‬وكان هذا‬
‫محرمًا في ذاك الوقت‪ ،‬فبيّن له يحيى ‪ -‬عليه السّالم ‪ -‬حُرمة ذلك‪ ،‬فحقد هيرودس على‬

‫‪208‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يحيى ‪ -‬عليه السّالم ‪ -‬فأراد قتله؛ لمعاقبته على محاولة التص ّدي له‪ ،‬فأمر بإحضار‬
‫رأسه‪ ,‬فدخل جنود على يحيى عليه السّالم ‪ -‬وهو يتعبّد‪ ,‬فذبحوه‪ ،‬وقطعوا رأسه‪،‬‬
‫وأرسلوه إلى ّ‬
‫الطاغية هيرودوس‪ ،‬فأمر بأن يُدفن في دمشق‪ ،‬تحدي ًدا حاليا في موضع‬
‫المسجد األمويّ (‪.)118‬‬
‫والحضارة المصرية أيضًا ذكرت حيثيات القتل نفسها‪ ،‬وهو أمر واضح فيما ذكرته‬
‫الحضارة من أنه مات مقتواًل ‪ ،‬في جمجمته فتحة‪ ,‬دليل على تلقيه ضربة على الرأس‪,‬‬
‫وأيضا كسر في عظم الفخذ األيسر(‪.)119‬‬
‫رغم قصر مدة حكم توت عنخ أمون إال أن فترته شهدت ميالد أتون‪ ,‬أو المسيح ‪ -‬عليه‬
‫السالم ‪ -‬بل إنهما ولدا في العام نفسه على حسب الروايات الشائعة عنهما‪ ,‬وكان الفارق‬
‫بينهما في العمر ستة أشهر فقط‪ ،‬وكان يحيى هو الملك الذي حمى عيسى ‪ -‬عليه السالم ‪-‬‬
‫وساعد على انتشار الديانة المسيحية على وجه األرض؛ لذلك تبقى لمصر قدسيتها ألنها‬
‫كانت منبع الديانة المسيحية‪.‬‬
‫وتبقى النقطة الفارقة في اتفاق اإلسالم والحضارة المصرية تمامًا في أن المسيح لم‬
‫يُصلب‪ ,‬وإنما رفع إلى السماء‪ ،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫ص َل ُبوهُ َو ٰ َلكِن ُ‬
‫ش ِّب َه‬ ‫سول َ هَّللا ِ َو َما َق َتلُوهُ َو َما َ‬ ‫" َو َق ْولِ ِه ْم ِإ َّنا َق َت ْل َنا ا ْل َمسِ َ‬
‫يح عِ َ‬
‫يسى ا ْبنَ َم ْر َي َم َر ُ‬
‫ش ٍّك م ْن ۚ ُه ما َلهم ب ِه مِنْ عِ ْلم اَّل ا ِّتباع َّ ۚ‬ ‫َل ُه ۚ ْم َوِإنَّ ا َّلذِينَ ْ‬
‫الظنِّ َو َما َق َتلُوهُ‬ ‫َ َ‬ ‫ٍ ِإ‬ ‫اخ َت َلفُوا فِي ِه َلفِي َ ِّ َ ُ ِ‬
‫َيقِي ًنا" [سورة النساء‪]157:‬‬
‫واكتشفت في مصر في الفترة األخيرة مدينة تسمى مدينة (صعود أتون)؛ إذ أعلن زاهي‬
‫حواس ‪ -‬عالم اآلثار المصري ‪ -‬اكتشاف المدينة المفقودة تحت الرمال في األقصر‪،‬‬
‫والتي كانت تسمى (صعود آتون)‪.‬‬

‫‪https://www.almrsal.com/post/1126076 ))118‬‬
‫‪))119‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D8%AA_%D8%B9%D9%8‬‬
‫‪6%D8%AE_%D8%A2%D9%85%D9%88%D9%86‬‬
‫‪209‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وقد تكون هذه المدينة سميت بصعود أتون نسبة إلى أن أتون (المسيح عليه السالم)‬
‫سيصعد منها‪ ,‬كما جاءهم في النبوءات والتبشيرات بالسيد المسيح (أتون ابن مريت‬
‫العذراء)‪.‬‬
‫وقالت الدكتورة (بيتسي بريان)؛ أستاذة علم المصريات بجامعة جون هوبكنز‪ ،‬إن‬
‫اكتشاف هذه المدينة المفقودة هو ثاني اكتشاف أثري مهم بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ‬
‫أمون‪.‬‬
‫وأوضحت أن اكتشاف هذه المدينة لم يمنحنا فقط لمحة نادرة عن حياة قدماء المصريين‬
‫في عصر اإلمبراطورية‪ ،‬ولكنه أيضا سيساعد في إلقاء الضوء على أحد أعظم األلغاز‬
‫في التاريخ‪.‬‬

‫ولماذا قرر إخناتون ونفرتيتي االنتقال إلى العمارنة؟(‪)120‬‬


‫الحقيقة أن بحثنا هذا يجيب هذا الطرح بأن االنتقال إلى العمارنة كان حماية للسيد المسيح‬
‫الذي تكلم في المهد‪.‬‬
‫وتقع منطقة الحفائر بين معبد رمسيس الثالث في مدينة هابو ومعبد أمنحتب الثالث في‬
‫ممنون‪ ،‬وعثرت البعثة في الجزء الجنوبي على المخبز‪ ,‬ومنطقة الطهي وأماكن إعداد‬
‫الطعام كاملة مع األفران وأواني التخزين الفخارية‪ ،‬والذي كان يخدم عد ًدا كبيرً ا من‬
‫العمال والموظفين‪.‬‬
‫أما المنطقة الثانية‪ ،‬وهي مكتشفة جزئيًا‪ ,‬وهي تمثل الحي اإلداري والسكني‪ ،‬حيث تضم‬
‫وحدات أكبر‪ ,‬ذات تنظيم جيد‪ ,‬وهذه المنطقة م َُسي ََّجة بجدار متعرج‪ ،‬لها نقطة دخول‬
‫واحدة فقط‪ ,‬تؤدي إلى ممرات داخلية‪ ,‬ومناطق سكنية‪ ،‬وهذا المدخل الوحيد يجعلنا نعتقد‬
‫أنه كان نوعا من األمن؛ حيث القدرة على التحكم في الدخول والخروج إلى المناطق‬
‫المغلقة؛ لحماية السيد المسيح من بطش بني إسرائيل‪.‬‬

‫‪https://gate.ahram.org.eg/News/2687560.aspx ))120‬‬
‫‪210‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الجدران المتعرجة تعد من العناصر المعمارية النادرة في العمارة المصرية القديمة‪ ،‬وقد‬
‫استخدمت بشكل أساسي في نهاية األسرة الثامنة عشرة‪.‬‬
‫أما المنطقة الثالثة فهي ورشة العمل؛ حيث تضم بإحدى جهاتها منطقة إنتاج الطوب اللبن‬
‫المستخدم لبناء المعابد والملحقات‪ ،‬ويحتوي الطوب على أختام‪ ,‬تحمل خرطوش الملك‬
‫أمنحتب الثالث (نب ماعت رع)‪.‬‬
‫وفيها اكتشاف عدد كبير من قوالب الصب الخاصة بإنتاج التمائم والعناصر الزخرفية‬
‫الدقيقة‪ ،‬وهذا دليل آخر على النشاط الواسع في المدينة إلنتاج زخارف كل من المعابد‬
‫والمقابر‪.‬‬
‫كما عثرت البعثة أيضًا على نص منقوش على طبعة ختم يقرأ‪( :‬جم با أتون) أي مقاطعة‬
‫أتون الساطع‪ ،‬وهذا اسم معبد قد بناه الملك أخناتون بالكرنك(‪.)121‬‬

‫يبقى السؤال‪ِ :‬ب َم أن المسيح لم ُيصلب فمن أين أتى الصليب؟!‬


‫اإلجابة في الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬في مفتاح الحياة الذي كان شعار حكم توت عنخ‬
‫ً‬
‫استنساخا لمفتاح الحياة والتشابه بينهما واضح‪.‬‬ ‫أمون؛ فالصليب لم يكن إال‬
‫وقفة بين توت عنخ آمون وآتون بن مريت‪:‬‬
‫ُعلِ َم أن توت عنخ آمون هو ابن سمنخ كارع‪ ,‬وأمه المعروفة بالسيدة الصغيرة هي شقيقة‬
‫نفرتيتي والدة (مريت) بمعنى أن مريم خالتها السيدة الصغيرة أم توت عنخ آمون‪.‬‬

‫فإذ كانت أم توت عنخ آمون (يحيى عليه السالم) هي خالة مريت (مريم أم المسيح عليه‬
‫السالم) فكيف يطلق علي توت عنخ (يحى) و أتون (عيسى المسيح) أبناء خالة كما جاء‬
‫في السنة؟‬

‫‪https://mena.org.eg/ar/news/dbcall/table/textnews/id/8898873 ))121‬‬
‫‪211‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫فإذ كانت أم توت عنخ آمون (يحيى عليه السالم) هي عمة مريت (مريم أم المسيح‬
‫عليه السالم) فكيف يطلق عليهما أبناء خالة كما جاء في السنة؟‬

‫الحسنُ‬
‫ورد عن أبي سعيد الخدري أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪َ " :‬‬
‫أهل الج َّن ِة إاّل اب َنيِ الخالةِ؛ عيسى ابنَ َمري َم‪ ,‬ويحيى بنَ زكر ّيا"‬
‫ب ِ‬ ‫س ْينُ س ِّيدا شبا ِ‬
‫وال ُح َ‬
‫(‪)122‬‬
‫نجيب على ذلك بأن الخالة هي أخت األم وإن علت أي عمتها أو خالتها أو الجدة(‪,)123‬‬
‫كما في قوله تعالى في بيان المحرمات ‪:‬‬
‫" ُح ِّر َم ْت َع َل ْي ُك ْم ُأ َّم َها ُت ُك ْم َو َب َنا ُت ُك ْم َوَأ َخ َوا ُت ُك ْم َو َع َّما ُت ُك ْم َو َخاال ُت ُك ْم" (النساء‪)23/‬‬

‫والخالة في اآلية‪ :‬تشمل خالة األب‪ ,‬واألم‪ ,‬وخالة األجداد والجدات‪ ،‬وكذلك العمة أيضًا‪.‬‬
‫هذا وأرجو من أهلل أن أكون موفقا في توصيل هذا التوضيح لك أيها القارئ العزيز‪.‬‬

‫*****‬

‫‪ )) 122‬صحيح ابن حبان‪ ,‬رقم (‪ ,)٦٩٥٩‬وجاء ذكرهما في عدة أحاديث أخرى‪ ,‬أنظر‪ :‬الكبرى» (‪،)٨١٦٩‬‬
‫والطحاوي في «شرح مشكل اآلثار» (‪.)١٩٦٧‬‬
‫‪ ))123‬قال تعالى في بيان المحرمات ‪ُ ( :‬ح ِّر َمتْ َع َل ْي ُك ْم ُأ َّم َها ُت ُك ْم َو َب َنا ُت ُك ْم َوَأ َخ َوا ُت ُك ْم َو َع َّما ُت ُك ْم َو َخاال ُت ُك ْم ‪)...‬‬
‫(النساء‪ )23/‬والخالة في اآلية‪ :‬تشمل خالة األب واألم واألجداد والجدات ‪ ،‬وكذلك العمة أيضا ً ‪.‬‬
‫قال السعدي (ص‪[ : )244‬والعمة كل أختك ألبيك أو لجدك وإن عال ‪ ،‬والخالة كل أخت ألمك أو جدتك‬
‫وإن علت ] اهـ ‪ .‬وانظر تفسير القاسمي (‪ ,)5/86‬وقال في زاد المستقنع وهو يذكر المحرمات من‬
‫النساء ‪[ :‬وكل عمة وخالة وإن علتا] ‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا في شرحه ‪ [ :‬وإن علتا ] أي خالة أبيه أو عمته ‪ ،‬أو خالة أمه أو عمتها ‪،‬‬
‫أو خالة جده أو جدته ‪ ،‬أو عمة جده أو جدته ‪ ،‬إلى ما ال نهاية له] ‪ .‬انتهى من "الشرح الممتع"‬
‫(‪. )5/184‬‬
‫‪212‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الباب السادس‬

‫‪213‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تابوت السكينة‬
‫سر تاريخي‪:‬‬
‫نتناول الحديث عن أكبر سر تاريخي‪ ,‬يحفه الغموض من زوايا كثيرة‪ ،‬أهميته‪,‬‬
‫وخطورته‪ ,‬وقدرته الخارقة‪ ,‬واألهم خطر االقتراب منه من دون إذن إلهي‪ ،‬إنه (تابوت‬
‫السكينة)‪ ,‬أو تابوت العهد وسر اختفائه‪.‬‬

‫هل وجدته فعال جماعات سرية مجهولة‪ ,‬وأخفته لقيمته المادية والمعنوية‪ ،‬كما يزعم‬
‫بعض الباحثين؟ وهل هو نفسه تابوت (توت عنخ أمون) الذي عثر عليه في مقبرته؟‬
‫ولماذا هو خطر؟ وما وجه الشبه بين التابوتين إن كانا اثنين؟ وما الرابط بينهما؟‬

‫يسمى التابوت في المسيحية (تابوت الشهادة)‪ ،‬وفي اليهودية (تابوت العهد)‪ ،‬ويعود إلى‬
‫نبي هللا موسى بحسب النصوص اليهودية‪ ،‬وفي اإلسالم للتابوت قدسية كبيرة‪ ،‬ويسمى‬
‫بــــ (تابوت السكينة)‪.‬‬

‫وقد تحدث عنه وعن قصته الدكتور علي جمعة؛ مفتي الجمهورية السابق‪ ,‬وعضو هيئة‬
‫كبار العلماء‪ ,‬وتطرق إلى هل هو موجود أم ال؟ وهل هناك ارتباط بينه وبين الساعة؟‬

‫ذكر فضيلة اإلمام علي جمعة ‪ -‬مفتي الجمهورية األسبق ‪ -‬أن الكلمة (تابوت) وردت في‬
‫القرآن الكريم على وزن (فاعول)‪ ,‬ولذلك فهي من التوبة؛ مثل رحموت‪ ,‬وطاغوت‪,‬‬
‫ورهبوت‪ ,‬والهوت‪ ،‬وهذا وزن سماعي‪ ،‬وأصل الكلمة يدل على أن هذا الصندوق الذي‬
‫سمي التابوت له عالقة باآلثار‪ ،‬فهو يسمى في التوراة‪( ,‬تابوت العهد)‪ ,‬ويسمى (تابوت‬
‫اآليات)‪ ,‬و(تابوت سليمان)‪ ,‬و(تابوت السكينة) طب ًقا للتسمية القرآنية له في رواية قصته‪،‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬

‫سكِي َن ٌة ِّمن َّر ِّب ُك ْم َو َبقِ َّي ٌة ِّم َّما َت َر َك آل ُ‬ ‫" َو َقال َ َل ُه ْم َن ِب ُّي ُه ْم ِإنَّ آ َي َة ُم ْل ِك ِه َأن َيْأ ِت َي ُك ُم ال َّتا ُب ُ‬
‫وت فِي ِه َ‬
‫وس ٰى َوآل ُ هَا ُرونَ َت ْح ِملُ ُه ا ْل َماَل ِئ َك ُة ِإنَّ فِي ٰ َذلِ َك آَل َي ًة َّل ُك ْم ِإن ُكن ُتم ُّمْؤ ِمنِينَ " [سورة‬ ‫ُم َ‬
‫البقرة‪]248:‬‬

‫‪214‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وروى فضيلة الدكتور‪ /‬علي جمعة قصة قتال داود وجالوت قائاًل إن داود كان مقاتاًل‬
‫بارعًا وموف ًقا من عند هللا؛ كان ال يدخل في حرب إال ويكسبها (وهذا ما وجدناه متطابقا‬
‫تمام اإلنطباق مع الملك تحتمس األول)‪ ،‬الذي ‪ ،‬استعان به طالوت لقتل جالوت؛ حيث‬
‫قال له جالوت‪ :‬بدال من الحرب تخرج من عندك رجاًل أحاربه‪ ,‬فإذا قتلني فلك الملك‪,‬‬
‫وإذا قتلته فلي الملك‪ ،‬وكان جالوت ضخما فقتله داود‪.‬‬

‫تحدث فضيلة الدكتور‪ /‬علي جمعة‪ ,‬عن أصل هذا التابوت مشيرً ا إلى أن هناك روايات‬
‫كثيرة‪ ,‬تتحدث عن ذلك؛ قيل إنه نزل على آدم وقيل إنه تابوت أم موسى الذي وضعت‬
‫فيه سيدنا موسى‪ ،‬وقيل إن موسى قد صنعه أثناء الخروج من مصر‪ ،‬وقد احتوى على‬
‫الوصايا العشر وعصى موسى‪ ،‬فهذا التابوت الذي أقر القرآن بوجوده‪ ،‬كان مقدسًا عند‬
‫اليهود ولما جاء سليمان وضعه في الهيكل‪ ،‬وقيل إن الهيكل كان في القدس وقيل إنه كان‬
‫خارجها‪ ،‬وقال "جمعة" إن المهم هو أن التابوت كان مقدسًا عند اليهود لعالقته بالملك ثم‬
‫اختفى‪ ،‬وأن قصص اختفائه كثيرة ج ًدا أيضًا‪)124(.‬‬

‫وفي هذا البحث سنثبت أن (تابوت السكينة) هو نفسه التابوت الذي وجد في مقبرة (توت‬
‫عنخ أمون)‪ ،‬وهو نفسه النبي (يحيى بن زكريا) عليهما السالم‪.‬‬

‫بداية يشاع أن تابوت السكينة انتقل إلى أكسوم ‪ -‬إثيوبيا ‪ -‬مع ابن سليمان عليه السالم‪،‬‬
‫ويستشهد أصحاب ذلك الرأي بأنه ما زال لليهود وجود في إثيوبيا حتى يومنا هذا‪ ،‬و ُدفن‬
‫التابوت في معبد (الليبيال) الذي أصبح بعد ذلك كنيسة‪ ،‬والمثير لالهتمام أنه كان يُعين‬
‫لحراسة التابوت كاهن‪ ,‬يسمح له فقط بالدخول إلى التابوت‪ ،‬كما أن من كانت توكل له‬
‫تلك المهمة يصاب بضعف البصر‪ ،‬بل ويموت الحارس في ظروف غير طبيعية ‪ -‬ولكن‬
‫ال يوجد دليل مادي على األساطير التي أوردها اليهود عن التابوت(‪.)125‬‬

‫‪https://www.elbalad.news/4157714 ))124‬‬
‫‪))125‬‬
‫‪https://nc1.ru/ar/women/pravoslavie-v-efiopii-efiopiya-pravoslavie-efiops‬‬
‫‪/kaya-pravoslavnaya-cerkov‬‬
‫‪215‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وأمامنا مزاعم أن تابوت العهد وقع بين أيدي فرسان الهيكل‪ ،‬ومنهم انتقل إلى‬
‫الماسونيين‪ ,‬أو البنائين األحرار‪.‬‬

‫وقد ذكر (إريك فون دانكن) في كتابه أن ما قرأه عن التابوت قد أثار اهتمامه في‬
‫الروايات القديمة؛ ففرسان الهيكل كانوا حريصين على حمل التابوت معهم في كل‬
‫معركة يخوضونها‪ ،‬وأنه كان سبب نصرهم‪ ،‬وخسارتهم إذا لم يكن معهم ‪.‬‬

‫ويستكمل إريك حديثه‪ :‬إن اليهود قد بنوا للتابوت هيكاًل بعي ًدا عن أعين الناس‪ ،‬يعين له‬
‫حراس من الكهنة‪ ,‬ال يدخل على التابوت غيرهم‪ ،‬وأن كل من كان يقترب من التابوت‬
‫بدون اتخاذ احتياطات أمنية معينة‪ ,‬أو ما كان يعرف بإتمام الطقوس يتعرض ألمراض‬
‫خطيرة‪ ,‬وكان الموت المحتم من نصيبه خالل أيام قليلة‪.‬‬

‫وذكر إريك‪ :‬أنه يوجد في التابوب ما يدل على أن األزمان السابقة كانت تحوي‬
‫تكنولوجيا متطورة‪ ,‬لم نصل إليها إلى يومنا هذا‪ ،‬كذلك يُعتقد أنه يحتوى على مواد‬
‫مُشِ عَّة‪ ،‬والمثير أن أعراض المرض الغريبة التي أصابت كل من اقترب من التابوب من‬
‫دون إتمام الطقوس تشبه إلى حد كبير تلك األعراض التي تصيب من يتعرض إلشعاع‬
‫َذرِّ ي في عصرنا هذا‪)126(.‬‬

‫وعلى صعيد آخر يدهشك أيها القارئ أن هذا التابوت الذريعة التي يتذرع بها الكيان‬
‫الصهيوني الحتالل المسجد األقصى للبحث أسفله عن التابوت وهيكل سليمان زورً ا‪.‬‬

‫وفى القرآن أنزل هللا تابوته المقدس على أمنحتب األول (طالوت)‪ ,‬وهو الذي يرجع نسبه‬
‫إلى أمنحتب مهندس هرم زوسر (يوسف عليه السالم)‪ ،‬وبمساعدة التابوت استطاع‬
‫أمنحتب األول‪ ,‬ومن بعده تحتمس األول (داود عليه السالم)‪ ,‬ثم تحتمس الثالث (سليمان‬
‫عليه السالم)‪ ،‬استطاعوا إنشاء إمبراطورية‪ ,‬استمرت خمسمائة عام‪ ,‬سادت العالم‪ ،‬حتى‬
‫وصلت إلى أمنحتب الرابع‪ ،‬المعروف أنه أول الموحدين بعد الطوفان‪ ,‬إخناتون (عمران‬
‫أبو مريم العذراء)‪.‬‬

‫‪ ))126‬عربات اآللهة‪ .‬تأليف‪ :‬إريش فون دانيكن‪ ,‬ترجمة‪ :‬عدنان حسن‪ .‬ط‪ /‬دار المدى للثقافة والنشر‪,‬‬
‫الطبعة العربية األولى ‪1995‬م‪ ,‬ص‪ ,105‬وغيرها‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫استقر التابوت في النهاية مع الملك توت عنخ أمون بن سمنخ كارع (يحيى بن زكريا‬
‫عليهما السالم)‪ ,‬وهو الذي حين توفي فإن الكهنة‪ ,‬ومعهم حور محب وضعوا التابوت مع‬
‫المقتنيات في المقبرة‪ ،‬وذلك لعلمهم أنهم إذا استخدموا التابوت من دون أمر إالهي‬
‫سيالحقهم الموت‪.‬‬

‫ومن المالحظ والمثير للدهشة ذلك التشابه الشديد حد التطابق بين (تابوت السكينة)‪ ،‬وبين‬
‫التابوت الذي وجد في مقبرة (توت عنخ أمون)‪ ,‬نوردها فيما يلي‪:‬‬

‫يُقسم صندوق توت عنخ أمون تقسيمات مجهزة لحفظ ألواح وبرديات يعتقد أنها أسرار‬
‫كونية‪ ,‬وكذلك تابوت السكينة‪.‬‬

‫اعتقد المصري القديم أن الكون خلقه هللا من سبع كلمات تامات‪ ،‬هم السر المقدس الذي‬
‫من خالله يكون الكون‪ ,‬أو ال يكون‪ ,‬وأن هذا السر محفوظ داخل ذلك التابوت‪ ،‬بهم يبدأ‬
‫وبهم ينتهي‪.‬‬

‫وكذلك تابوت السكينة الذي ترى بعض الروايات التاريخية أن بدايات تابوت السكينة‬
‫كانت مع آدم عليه السالم‪ ،‬وأن للتابوت عالقة بآخر الزمان‪.‬‬

‫س َم َاوا ٍ‬
‫ت َومِنَ‬ ‫س ْب َع َ‬‫رابطا بين الكالم أعاله وقوله تعالى‪":‬هَّللا ُ ا َّلذِي َخ َل َق َ‬ ‫ً‬ ‫ونعتقد أن هناك‬
‫ش ْي ٍء َقدِي ٌر َوَأنَّ هَّللا َ َقدْ َأ َح َ‬
‫اط‬ ‫ض ِم ْث َل ُهنَّ َي َت َن َّزل ُ اَأْل ْم ُر َب ْي َن ُهنَّ لِ َت ْع َل ُموا َأنَّ هَّللا َ َع َلى ُكل ِّ َ‬‫اَأْل ْر ِ‬
‫ش ْي ٍء عِ ْل ًما" [سورة الطالق‪]12:‬‬ ‫ِب ُكل ِّ َ‬

‫وكما سردنا أعاله تعرض كل من اقترب من تابوت السكينة للموت أو المرض‪ ,‬كذلك ما‬
‫حدث مع تابوب (توت عنخ أمون)‪:‬‬

‫[سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من ُيع ِّكر صفو الملك]‬

‫عبارة منقوشة على جدران مقبرة (توت عنخ أمون)‪ ،‬تلك التي فيها عثر المكتشفون على‬
‫التابوت‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وهذه المقبرة هي التي توفي القائمون على اكتشافها في حوادث غريبة وغير مفسرة‪,‬‬
‫وعددهم حوالي أربعين عاماًل ‪.‬‬

‫بدأت سلسلة األحداث المثيرة والوفيات الغريبة في عام (‪1922‬م)‪ ،‬وهو عام تصريح‬
‫وإعالن اكتشاف المقبرة؛ حيث تعرض اللورد (كارنافون) إلى حمى غامضة‪ ,‬ومات في‬
‫منتصف الليل تمامًا في القاهرة‪ ,‬وتزامن ذلك مع انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة‬
‫بأسرها في لحظة موت اللورد!‬

‫بعد ذلك توالت المصائب بإصابة أعضاء الفريق الذي شارك في الكشف عن مقبرة توت‬
‫عنخ أمون بحمى غامضة‪ ،‬وبدأ الموت يحصدهم واح ًدا تلو اآلخر! ولم تكن الحمى‬
‫ب واضح؛ مثل (هاورد كارتر)‪,‬‬ ‫السبب الوحيد للموت‪ ،‬بل إن البعض مات دون سب ٍ‬
‫والذي انتتحر والده حز ًنا عليه! وفي جنازته‪ ،‬داس الحصان الذي يحمل النعش طفاًل‬
‫صغيرً ا‪ ,‬فمات‪.‬‬

‫وهكذا توالت وفيات كل من شارك في الكشف عن المقبرة‪ ,‬أو أي شخص أسهم في ذلك‬
‫ب أو بعيد! ولم يتوقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬بل أصاب الجنون عد ًدا آخر ممن‬
‫من قري ٍ‬
‫أسهموا بهذا االكتشاف! ومنهم أيضًا علماء مصريون‪ ,‬كانت لهم إسهامات في نقل كنوز‬
‫مصرية قديمة إلى مختبرات خاصة بباريس لدراستها‪ ,‬وفاجأهم الموت بعد أيام‬
‫قليلة!(‪)127‬‬

‫المثير أن الذي موّ ل عملية سرقة مقبرة توت عنخ أمون هم عائلة روتشيلد التي تتحكم‬
‫في العالم اليوم‪ ،‬وتسيطر على الجماعة الماسونية‪ ،‬أو (البناؤون األحرار)‪ ،‬وهذا نفسة ما‬
‫قيل عن تابوت الشهادة‪ ,‬أو تابوت العهد؛ إنه انتهى به األمر بين يدي العائلة نفسها‪ ,‬ولكن‬
‫من دون أن يربط أحد بين التابوتين‪ ,‬وهذه العائلة المسيطرة على (البناؤون األحرار)‬
‫يرجع أصلهم إلى هامان‪ ,‬الذي كان َب َّناء فرعون‪ ،‬والكلمة (ماسون) مأخوذة من الكلمة‬

‫‪ ))127‬سرقة ملك مصر‪ .‬تـ‪ /‬محسن محمد‪ .‬الطبعة الثانية‪ ,‬نشر‪ /‬مركز األهرام للترجمة والنشر‪ .‬ص‪:‬‬
‫‪174‬إلى‪.215‬‬
‫‪218‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الفرنسية (ماسو)‪ ،‬وتعني ب ّناء‪ ،‬وروتشيلد الماسونية هي أيضًا التي تبنت‪ ,‬وموَّ لت وعد‬
‫بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين‪.‬‬

‫الالفت أن المائة عام الماضية فترة صغيرة نعم في عمر البشرية‪ ،‬إال أن ما حدث بها من‬
‫تطور وحداثة في جميع العلوم كان ملف ًتا ومثيرً ا لالستغراب‪ ،‬تتالشى الدهشة متى عرفنا‬
‫أن آل روتشيلد مالك أكبر وأقوى شركات التكنولوجيا في العالم‪ ,‬وهم من مولوا حملة‬
‫(كارتر) الكتشاف مقبرة (توت عنخ أمون)‪ ,‬وهم المتحكمون في العالم‪ ،‬والعائلة األغنى‬
‫واألكثر ً‬
‫نفوذا‪.‬‬

‫كذلك فإن من يسيطر على العالم إعالميًا (روبرت مردوخ) و االسم (مردوخ) أطلق‬
‫عليه في العربية (نمرود) وهو من أكثر الداعمين للحركة الصهيونية ‪ -‬يمتلك العدد األهم‬
‫واألكبر من وسائل اإلعالم العالمية؛ مثل (نيويورك بوست)‪ ,‬و(ذا صن)‪ ،‬و(ذا تايم)‪،‬‬
‫و(فوكس نيوز)‪ ،‬و(سكاي نيوز)‪ ،‬و(شركة فوكس إلنتاج األفالم)؛ أال يفسر ذلك سبب‬
‫تحكمهم من خالل سيطرتهم على عقول البشر بتمرير أفكارهم التي يريدون تصديرها‬
‫من منابرهم اإلعالمية؟‬

‫ال ننسى تأكيد كثيرين سرقة (كارتر) لمحتوى تابوت (توت عنخ أمون) الذي كان‬
‫يحتوي على أسرار كونية من يمتلكها يمتلك العالم‪ ... ,‬مرة أخرى أليس هذا ما قيل عن‬
‫تابوت السكينة؟‬

‫محتويات التابوت مثبتة في قصة سقوط يافا المدونة ببردية (هاريس ‪ )500‬لتحتمس‬
‫الثالث أنه كان يملك عصا سحرية‪ ،‬وأنه كان يحكم ضمن األسرة الثامنة عشر التي كانت‬
‫تستخدم لقب (برعا) لملوكها‪.‬‬

‫يذكر أن قصة بردية هاريس هي التي اس ُتوحي منها قصة علي بابا واألربعين حرامي‪،‬‬
‫وحصان طروادة‪ ،‬وألف ليلة وليلة‪.‬‬

‫ومما جاء في نصها‪[ :‬كان هناك ضابط في الجيش المصري يُدعى تحوتي‪ ،‬ولم يكن له‬
‫مثيل في شجاعته‪ ،‬وكان تحوتي يتبع الملك تحتمس الثالث في كل حمالته العسكرية‪،‬‬
‫‪219‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وكان دومًا في مقدمة جنود المشاة وعلى رأسهم‪ ،‬وكان خبيرً ا بكل الخطط‬
‫واإلستراتيجيات العسكرية وأساليب الخداع التي استخدمت في الحرب‪ ،‬ولذلك منحه‬
‫الملك وسامًا لعبقريته الحربية وشجاعته في المعارك والحروب‪ ،‬وفي يوم من األيام وفد‬
‫إلى الملك تحتمس الثالث مرسال من جنوب سوريا‪ ،‬وبادره الملك وسأله من أرسلك وما‬
‫الرسالة التي تحملها فأجاب‪ :‬أرسلني حاكم البالد الشمالية "الشام" لكي أخبرك أن أمير‬
‫يافا قام بثورة وعصيان ضد جاللتك‪ ،‬وقتل جنود المشاة وجنود سالح المركبات التابعين‬
‫لجاللتك وأعلن بذلك الحرب على مصر وال يستطيع أحد أن يوقفه‪ ،‬وحينما سمع تحتمس‬
‫الثالث إلى ذلك غضب‪ ،‬وقال‪" :‬أقسم بجالل وجه رع وقدرته وبالحب الذي غمرني به‬
‫أبي أمون‪ ،‬وأقسم بحياتي ألدمرن حاكم يافا الوضيع‪ ،‬وستطوله ذراعي وسألقنه درسًا لن‬
‫ينساه‪ ،‬ثم جمع قادة الجيش والكهنة المرتلين وحملة الكتاب المقدس وأطلعهم على الرسالة‬
‫التي تلقاها‪ ،‬ولم ينطق أحدهم بكلمة‪ ،‬وبعد لحظات من الصمت تكلم الضابط (تحوتي)‬
‫وقال‪ :‬يا من تبجلك األرض كلها‪ ،‬لقد أثارت كلماتك حميتي وأشعلت حماسي‪ ،‬وهذه‬
‫خطتي أرجو الموافقة عليها‪ ،‬أرسلني إلى يافا وأرسل معي عصاك السحرية قاهرة‬
‫األعداء وأرسل معي كتيبة من المشاة ومن سالح المركبات من خيرة جنود مصر‪،‬‬
‫وسأدمر حصون أمير يافا وأحضره لك أسيرً ا‪ ،‬فقال الملك‪ :‬أحسنت القول يا تحوتي‪،‬‬
‫وأعطاه الملك عصاه‪ ،‬وأرسل معه الكتيبتين من خير أجناد األرض‪ ،‬وقبل التحرك أعد‬
‫نفسه للمعركة بمستلزمات الحرب البسيطة واألسرّ مثل الحبال والسالل وغيرها‪ ،‬وعندما‬
‫وصل بعث برسالة إلى حاكم يافا‪ ،‬وقال‪ :‬أنا تحوتي القائد‪ ،‬وحاك حيلة على ملك يافا‬
‫لإليقاع به وأوهمه أنه هرب من الملك تحتمس الثالث‪ ،‬ويريد االنضمام ألمير يافا هو‬
‫وجنوده ويعطيه العصا السحرية‪.‬‬

‫وافق حاكم يافا ليحصل على العصا‪ ،‬ولم يكن يعرف أن العصا هي الفخ الذي سيوقعه‪،‬‬
‫فقال له تحوتي‪ :‬سأحضر ومعي زوجتي وأطفالي إلى مدينتك‪.‬‬

‫وبعدئذ قال أمير يافا (لتحوتى)‪ :‬إن رغبتي هي أن أرى عصا الملك تحتمس المسماة‬
‫(الجميلة)‪ ،‬وإني أستحلفك بحياة الملك (منخبر رع) أن تكون في يدك هذا اليوم‪ ،‬ففعل‬
‫ذلك وأحضر عصا الملك (منخبر رع) وأخفاها تحت عباءته‪ ،‬ثم قال‪ :‬انظر إلىّ يا أمير‬
‫‪220‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يافا! هذه هي عصا الملك (منخبر رع) األسد الجسور ابن سخمت وقد أعطاه آمون والده‬
‫الطيب القوة ليستعملها؛ وعندئذ ضرب جبهة أمير يافا فسقط مطروحً ا أمامه فوضعه فى‬
‫جلد ووضع قطعة النحاس التي تزن أربعة أرطال على قدميه‪ ،‬وبعد ذلك أمر بإحضار‬
‫خمسمائة سلة كان قد أعدها لهذا الغرض ووضع مائتي جندي وقد كبلوا أذرعتهم‬
‫باألغالل والسالسل عليها أقفالها وأعطوهم نعالهم وعصيهم‪ ،‬وجعلوا خيرة الجند‬
‫يحملونها‪ ،‬وكان عددهم خمسمائة رجل وقالوا لهم‪ :‬عندما تدخلون المدينة يجب عليكم أن‬
‫تطلقوا سراح رفاقكم (الذين في السالل) وتقبضوا على كل رجل في المدينة وتضعوهم‬
‫في األغالل‪ .‬وعندئذ خرجوا وقالوا لسائس أمير (يافا)‪ :‬إن سيدك يقول‪ :‬اذهب و أخبر‬
‫سيدتك‪ :‬افرحى ألن اإلله سوتخ قد أسلم إلينا (تحوتى) وزوجته وأطفاله‪ ،‬انظرى! لقد‬
‫أسرتهم يدي‪ .‬وتشير إلى هذه السِّالل المائتين المملوءة بالرجال المكبلين بالسالسل و‬
‫األغالل‪ .‬وذهب أمامهم ليخبر سيدته قائاًل ‪ :‬لقد أسرنا ‪(:‬تحوتى) وعندئذ فتحت حصون‬
‫يافا أمام الجند ودخلوا المدينة فخلصوا رفاقهم وقبضوا على كل رجل كان في المدينة‬
‫صغيرً ا كان أو كبيرً ا ووضعوهم في السالسل واألغالل في الحال‪ ،‬وهكذا استولت قوة‬
‫الملك الظافرة على المدينة‪ ،‬وأرسل (تحوتى) لياًل إلى مصر لسيده (منخبر رع) قائاًل ‪:‬‬
‫انظر إن آمون والدك الطيب قد أسلم إليك أمير يافا مع كل رجاله ومدينته أيضًا؛ فأرسل‬
‫لنا رجااًل ليأخذوهم أسرى حتى تمأل معبد والدك (آمون) ملك اآللهة بالعبيد من الرجال‬
‫والنساء الذين سقطوا تحت قدميك إلى األبد‪ .‬لقد انتهت القصة بسرور بيد الكاتب الماهر‬
‫بأنامله كاتب الجيش](‪.)128‬‬

‫أما تأكيدنا على أن ألواح موسى كانت مع هذه األسرة‪ ،‬فهناك اجتهادات تقول إن توراة‬
‫موسى مزامير داود مأخوذة من أناشيد الملك المصري أمنتحت الرابع (إخناتون)‪.‬‬

‫‪ )) 128‬بتصرف من‪ :‬سليم حسن‪ ،‬مصر القديمة‪ ،‬موسوعة األدب المصري‪ ،‬ج‪(17‬القاهرة‪109 ،)2000 ،‬‬
‫‪112-‬كذا‬
‫‪A. Erman, The Ancient Egyptians: A Sourcebook Of Their Writings, (New York,‬‬
‫‪ 1966), 167-169‬وكذا‬
‫‪W.K. Simpson, The Literature Of Ancient Egypt, (Cairo, 2003), 72-74‬‬

‫‪221‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫******‬

‫الباب السابع‬

‫‪222‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪223‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫مراحل السرقة والتزييف‬


‫في مهمة إعادة قراءة التاريخ التي قمنا بها وفق معطيات جديدة‪ ،‬رصدنا حاالت للسرقة‬
‫والتزييف‪ ،‬بدأت منذ مهد الخليقة‪ ,‬واستمرت على مراحل عدة‪ ،‬وكان ختامها أسود على‬
‫الحضارة المصرية بسرقة مقبرة توت عنخ أمون عام ‪.1922‬‬
‫وقائع السرقات اإلسرائيلية‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أول واقعة سرقة كانت محاولة إسرائيل (سيت) االستيالء على مُلك مصر من أخيه‬
‫إدريس‪ ،‬إذ عقد النية والعزم على قتل أخيه‪ ،‬بعدما لم يتقبل هللا قربانه لحكم مصر‪ ,‬وتقبل‬
‫قربان إدريس‪ ،‬اختمرت الضغينة في قلب إسرائيل على قتل أخيه‪ ،‬وقتله بالفعل‪،‬‬
‫واستولى على حكم مصر عنو ًة في مطلع التاريخ‪ ،‬قبل أن يسترد حور (حوس) مُلك أبيه‬
‫باألمر اإللهي‪ ،‬ويستعيد الحكم للنسل اإلدريسي‪ ،‬ومن بعدها استمر الصراع بين النسلين‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واقعة السرقة الثانية يمكن رصدها بوضوح في كون أحد أبناء زويسدرا (صهيون)‬
‫ابن نوح‪ ,‬قد سرق صُحف إدريس (ألواح القدر)‪ -‬الذي احتفظ به اآلمونيون المتوارث‬
‫(المصريين)‪ ,‬وقد تكون هذه السرقة تمت في عهد الملك‬ ‫لهم من النسل اإلدريسي‬
‫المصري (ثيش)‪ ،‬وهذا الوحي اإللهي الذي مكنهم من إنشاء مدن عمالقة بعد الطوفان‬
‫مثل (إرم ذات العماد)؛ إذ ركب صهيون السفينة‪ ,‬وهو محمل بوصايا شورباك بضرورة‬
‫ً‬
‫كاملة باستبدال صفات‬ ‫سرقة الوحي اإللهي‪ ،‬وهو ما فعله (صهيون)‪ ،‬بل نفذ الوصايا‬
‫النسلين؛ ليكتبوا تاريخهم على أنهم أبناء المقتول‪ ,‬ال القاتل‪ ،‬وهو ما ظهر في تاريخ بالد‬
‫ِ‬
‫سومر فيما بعد‪ ،‬التي حاولوا فيها تجميل تاريخهم‪ ،‬وفي مرحلة من مراحل التاريخ‬
‫زعموا روايات‪ ,‬تفيد بانتهاء الصراع‪ ،‬وهو ما أشرنا إليه باختالقهم قصة شيث بن آدم؛‬
‫ليكون ذلك إيذا ًنا مصنوعًا بأنه ال صراع في األساس‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كان بنو إسرائيل ماهرين في تبديل الكلم عن مواضعه‪ ،‬فاستطاعوا تقديم تاريخ‪ ,‬يُخفي‬
‫جرائمهم‪ ،‬بل انتحلوا اسم أبيهم على نبي هللا يعقوب‪ ،‬فغسلوا تاريخهم‪ ,‬وغيروا جلدهم‬
‫وصيَّروا ألنفسهم نسبًا جدي ًدا‪ ,‬يباهون به األمم‪ ،‬وهو في حقيقته مسروق‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫لم تنقطع غزوات بني إسرائيل ومحاوالتهم للسيطرة على مصر منذ استرداد حور الحكم‬
‫لصالح النسل اإلدريسي؛ بدأت الغزوات واالحتالل منذ أن قتل أبوهم إسرائيل أخاه‬
‫إدريس‪ ،‬واستمرت على مدار التاريخ بتسميات متعددة‪ ,‬وتحت لواءات مختلفة؛ هم‬
‫الهكسوس‪ ,‬هم اآلشوريون‪ ,‬هم األكاديون‪ ،‬هم الكوشيون‪ ,‬هم العيالميون‪ ,‬هم الذين‬
‫أصبحوا حاليًا أوروبا المشتقة من (أور) السومرية‪ ,‬وقد أطلقوا على بيت المقدس (أور‬
‫شليم)أيضا حين حكموه‪ ,‬هم الذين يتزعمهم اإلنجليز والروس‪ ,‬والظهور قبل األخير لهم‬
‫أمريكا‪ ،‬وظهورهم األخير باسم أبيهم األول إسرائيل؛ لذلك ليس غريبًا أن ُنقِرّ بأنهم في‬
‫كل مرحل ٍة تاريخية سرقوا شيًئ ا من المصريين؛ فقبل وصول طالوت إلى الحكم بآية ملك‬
‫من هللا‪ ,‬هي التابوت‪ ،‬عاش الوزير ‪ -‬الذي صار مل ًكا فيما بعد – إيمحتب‪ ,‬وهو الذي‬
‫كان أبا العلوم ومهد الحضارة؛ إذ كان أول من عرف الطب‪ ,‬وبرع فيه‪ ,‬وأجرى‬
‫العمليات الجراحية‪ ,‬وقدم تعري ًفا لمرض السرطان‪ ،‬وابتكر جبيرة الكسور‪ ،‬ويصمم‬
‫بتر‪ ,‬ذلك بعد أن كانوا يعيشون بإعاقتهم بقية‬
‫أطراف تعويض لمن خضعوا لعمليات ٍ‬
‫العمر‪.‬‬
‫ثم جاء شخص من بني إسرائيل فيما بعد‪ ,‬ومهد لعلم الطب‪ ،‬وقدم تعريفاته وأصوله‬
‫واشتراطاته‪ ,‬هو أبقراط‪ ،‬لكنه أقر أنه استوحى كل علومه ومعارفه الطبية من العالم‬
‫المصري إيمحتب‪.‬‬
‫وفي بقية العلوم التي برع فيها إيمحتب‪ ،‬كان نفر من بني إسرائيل يأخذونها في مراحل‬
‫السرقة المتعددة‪ ،‬لكن قلما اعترف أحد منهم‪ ,‬ورد العلوم إلى أهلها‪ ،‬أو نسبها إلى‬
‫إيمحتب‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫(‪)4‬‬
‫من السرقات الكبرى‪ ،‬سرقة شيشنق لهيكل سليمان وعلومه بعد وصوله لحكم مصر‪،‬‬
‫وهي المهمة التي من أجلها جعل ابنه كبيرً ا للكهنة؛ لتكون تحت يده األسرار‪ ،‬وعلوم‬
‫الكهنة‪.‬‬
‫شيشنق فعل ذلك بسهول ٍة ويسر‪ ،‬إذ كان يحكم بصفته مصريًا‪ ،‬وليس من بني إسرائيل‪،‬‬
‫والحقيقة أنه من بني إسرائيل وجده الخامس بويوواوا‪ ،‬كانوا ممن اندسوا في الجيش‬
‫المصري كما قلنا ساب ًقا‪.‬‬
‫التوراة التي بين أيديهم ذاتها تعترف أن شيشنق سرق كنوز الهيكل‪ ،‬لكنها تكذب في‬
‫أمرين أنها تجعله مصريًا‪ ،‬واألمر اآلخر أنه سرقها من فلسطين وليس مصر‪ ,‬ولكن‬
‫شيشنق استطاع أن يسرق بعضا من كنوز سليمان (تحتمس الثالث)‪ ,‬ولم يستطع أن‬
‫يحصل على علومه‪ ,‬ألن الكهنة المصريين لألسرة (‪ )21‬نمى إلى علمهم اقتراب شيشنق‬
‫من العائلة الملكية‪ ,‬ومحاوالته الزواج من إحدى أميراتها‪ ,‬فعقدوا على إخالء وادي‬
‫الملوك من أجساد وعلوم داود وسليمان وغيرهم من الملوك‪ ,‬ونقلوهم إلى مكان سري‬
‫(المعروف حاليا بخبيئة الدير البحري)؛ لكي ال يستطيع الوصول إليهم شيشنق إذ وصل‬
‫للحكم‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫والجدير بالذكر أن تحتمس الثالث (سليمان) بنى معبدا وصرحا للخاصة ال تعرفه العامة‬
‫في مدينة (إسنا) تدار من خالله شئون الدولة العلمية والدينية‪ ,‬وبعد تحتمس الثالث‬
‫بأكثر من ألف عام أقام بنو إسرائيل منذ عصر البطالمة حتى اليونانيين على أنقاض‬
‫موقع معبد تحتمس الثالث القديم هيكال‪ ,‬وهو المعروف اآلن باسم (معبد خنوم)‬
‫وسرقوا من خالله العلوم التي كانت في معبد تحتمس القديم‪ ,‬في تواجدهم في هيكلهم‬
‫المزعوم (معبد خنوم) لمدة أربعمائة عام‪َ ,‬و ُد ِّمر معبد خنوم الذي أقاموه على معبد‬
‫تحتمس الثالث‪ ,‬ولكن تبقى جزءا وحيدا لم يدمر وهو (البرونوس) وهذا الجزء لم يكن‬

‫‪226‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫موجودا من قبل في أي معبد بناه المصريون الموحدون؛ ألن هذا المكان كان يخص‬
‫عبادات اليونانيين الوثنية ومكانا لدجالهم‪ ,‬وكانوا يطلقون على هذا المعبد (بيت إيل)‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫ومن السرقات الموثقة لبني إسرائيل ما فعلته الحملة الفرنسية في مصر‪ ،‬وهي التي‬
‫احتلتنا لثالث سنوات خالل الفترة من ‪1798‬م حتى ‪1801‬م‪ ،‬والغريب في هذه الحملة‬
‫هو عدد العلماء الذين جاءوا مع نابليون قائد الحملة في حملته‪ ،‬وكان على رأسهم‬
‫شامبليون الذي فك رموز حجر رشيد‪.‬‬
‫وألن الحملة الفرنسية كانت هي الحاكمة وقت احتاللهم مصر‪ ،‬فإنها دهست كل شبر في‬
‫مصر‪ ،‬ونقبت عن اآلثار‪ ،‬وسرقت من أسرار الحضارة المصرية القديمة القديمة‬
‫وكنوزها‪ ،‬ومن الغريب أن حطوا رحالهم في نهاية حملتهم بمدينة إسنا باألقصر‬
‫وعسكروا داخل وخارج معبد خنوم الذي كان شيده اليونانيون على أنقاض معبد تحتمس‬
‫الثالث‪ ,‬واستطاعوا أن يسرقوا كل البرديات التي كانت أسفل هذا المعبد‪ ,‬وعلى سبيل‬
‫المثال‪ ,‬ال الحصر‪ ،‬فإن الحملة الفرنسية استطاعت الوصول لألسرار‪ ،‬ومن األسرار التي‬
‫وصل إليها علماؤها‪ ,‬ومنهم (فولتا)‪ ،‬أنه أعلن عن اختراعه البطارية فور خروجه على‬
‫متن سفينة من مصر؛ لتبدأ أوروبا من هنا عصر التيار الكهربائي‪ ،‬وأيضًا هناك العالم‬
‫(نيكوال تسال) الذي اعترف أنه استوحى فكرة توليد الكهرباء وتحدي ًدا التيار المتردد من‬
‫األهرامات المصرية‪ ،‬وذلك عبر صناعته برجً ا حديديًا بخصائص‪ ,‬اقتبسها من بناء‬
‫الهرم األكبر‪.‬‬
‫(‪)49‬‬ ‫(‪)48‬‬
‫(‪)7‬‬
‫في عام(‪1922‬م) استطاع العالم هوارد‬
‫كارتر الكشف عن مقبرة ملكية؛ لتكون‬
‫أول مقبرة تصل إليها أيديهم قبل أن‬

‫‪227‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫تمسها يد المصريين‪ ،‬وبلغت محتوياتها ‪ 5398‬قطعة أثرية‪ ،‬ووصل اللصوص إلى‬


‫ألسرار‪ ،‬وأولهم كارتر مكتشف المقبرة‪ ,‬فقدم االكتشاف على أنه الصادق األمين‪ ،‬في‬
‫حين أنه سرق أشيا ًء أخرى هي أهم من القطع األثرية‪.‬‬
‫ما سرقه (كارتر) كان كفياًل بتغيير التاريخ وتصحيح مساره ومعرفة الحقائق التي كشفنا‬
‫عنها‪.‬‬
‫البداية كانت في التمويل الذي قدمه (اللورد كارتفون)‪ ،‬للعالم (كارتر) للبحث عن‬
‫المقبرة‪ ،‬واستطاعا معا أن يسرقا محتويات من المقبرة للدرجة التي استطاع معها حفيد‬
‫كارتر أن يقيم متح ًفا بهذه المسروقات‪.‬‬
‫في العام (‪1924‬م) جاء (كارتر) للتنقيب مرة أخرى‪ ،‬لكنه وجد نفسه ممنوعًا من‬
‫التنقيب في مصر‪ ،‬بأمر من وزير اآلثار آنذاك مرقس باشا حنا‪ ،‬فذهب إلى القنصلية‬
‫البريطانية‪ ,‬وطلب التدخل أو التوسط؛ حتى يعود إلى التنقيب‪ ،‬رفض القنصل؛ ألن‬
‫العالقات المصرية البريطانية في ذاك الوقت كانت متوترة للغاية‪ ،‬فغضب (كارتر)‪،‬‬
‫وتحدث مع القنصل البريطاني بلهج ٍة حادة وقال له‪:‬‬
‫[لدي برديات ستغير كل التاريخ اليهودي‪ ،‬وستغير كل التاريخ الذي جاء في التوراة‪،‬‬
‫مصر]‪)129(.‬‬ ‫من‬ ‫الخروج‬ ‫قصة‬ ‫وتحدي ًدا‬
‫(‪)50‬‬
‫بعد هذا التهديد الصريح الذي فهم مغزاه‬
‫القنصل البريطاني استطاع إعادة (كارتر)‬
‫إلى التنقيب مرة أخرى‪ ،‬وقد انكشف ذلك كله‬
‫من الرسائل التي أرسلها (اللورد كارتفون)‬
‫إلى أصدقائه‪ ,‬وهو شريك كارتر ومموله‪،‬‬
‫وتحدث في هذه الرسائل عن البرديات التي‬

‫‪ ))129‬صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر‪ ,‬تـ‪ /‬زكي فهمى‪ ,‬الناشر‪ /‬مكتبة مدبولي‪.‬‬
‫ص‪.220,219‬‬
‫‪228‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وجدوها في مقبرة توت عنخ أمون وأسرارها‪ ،‬واألخبار عن هذه الرسائل ‪ -‬وليس‬
‫محتواها ‪ُ -‬نشرت في النيويورك تايمز األمريكية‪ ،‬هؤالء يتحكمون في العالم منذ ‪100‬‬
‫عام‪)130(.‬‬

‫*******‬

‫الباب األخير‬

‫مباحث تحقيقية ألهم القضايا‬


‫الشرعية‬

‫‪https://www.alayyam.info/news/941NWC9Y-9MHJGL-AE00 ))130‬‬
‫‪229‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫مبحث خاص بأصل تسمية يعقوب بإسرائيل‬

‫السبب الداعي لهذا البحث وهذا المبحث‪:‬‬


‫وأرجو أن تتسع صدوركم لقراءة المبحث بالكامل قبل الحكم عليه‪,‬‬

‫نبدأ بآيات من الذكر الحكيم متبوعة بتفسير ميسر لها ‪ -‬وقد اخترت هذه اآليات الكريمات‬
‫ألنها هي التي دفعتني لهذا البحث ‪ -‬قال تعالى‪:‬‬

‫"َأ َفاَل َی َتدَ َّب ُرونَ ۡٱلقُ ۡر َء ۚانَ َو َل ۡو َكانَ م ِۡن عِ ن ِد َغ ۡی ِر ٱهَّلل ِ َل َو َجد ۟‬
‫ُوا فِی ِه ۡٱخ ِت َل ٰـفا َكثِیرا"‬

‫[سورة النساء‪]٨٢ :‬‬

‫ب َأ ۡق َفالُ َه ۤا" [سورة محمد‪]٢٤ :‬‬


‫"َأ َفاَل َی َتدَ َّب ُرونَ ۡٱلقُ ۡر َءانَ َأمۡ َع َل ٰى قُلُو ٍ‬

‫یق ِّم ۡن ُهمۡ َی ۡس َم ُعونَ َك َل ٰـ َم ٱهَّلل ِ ُث َّم ُی َح ِّرفُو َن ُهۥ م ِۢن َب ۡع ِد‬ ‫"َأ َف َت ۡط َم ُعونَ َأن ُی ۡؤ ِم ُن ۟‬
‫وا َل ُكمۡ َو َق ۡد َكانَ َف ِر ٌ‬
‫َما َع َقلُوهُ َوهُمۡ َی ۡع َل ُمونَ " [البقرة‪]٧٥ :‬‬

‫‪230‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٱس َم ۡع َغ ۡی َر‬
‫ص ۡی َنا َو ۡ‬ ‫ُوا ُی َح ِّرفُونَ ۡٱل َكلِ َم َعن َّم َواضِ ِعهِۦ َو َیقُولُونَ َ‬
‫سم ِۡع َنا َو َع َ‬ ‫" ِّمنَ ٱ َّلذِینَ هَاد ۟‬
‫سم ِۡع َنا َوَأ َط ۡع َنا َو ۡ‬ ‫ین َو َل ۡو َأ َّن ُهمۡ َقالُ ۟‬ ‫ۡ‬ ‫ۢ‬
‫ٱس َم ۡع‬ ‫وا َ‬ ‫ُم ۡس َم ٍع َو َر ٰعِ َنا َل َّیا ِبَألسِ َن ِت ِهمۡ َو َط ۡعنا فِی ٱلدِّ ۚ ِ‬
‫َوٱن ُظ ۡر َنا َل َكانَ َخ ۡیرا َّل ُهمۡ َوَأ ۡق َو َم َو َل ٰـكِن َّل َع َن ُه ُم ٱهَّلل ُ ِب ُك ۡف ِرهِمۡ َفاَل ُی ۡؤ ِم ُنونَ ِإاَّل َقلِیال" [النساء‬
‫‪]٤٦‬‬

‫س ۟‬
‫وا‬ ‫" َف ِب َما َن ۡقضِ ِهم ِّمی َث ٰـ َق ُهمۡ َل َع َّن ٰـ ُهمۡ َو َج َع ۡل َنا قُلُو َب ُهمۡ َق ٰـسِ َی ًة ُی َح ِّرفُونَ ۡٱل َكلِ َم َعن َّم َواضِ ِعهِۦ َو َن ُ‬
‫ٱص َف ۡۚح‬‫ف َع ۡن ُهمۡ َو ۡ‬‫ٱع ُ‬ ‫وا ِب ِهۦۚ َواَل َت َزال ُ َت َّطلِ ُع َع َل ٰى َخ ۤا ِٕى َنة ِّم ۡن ُهمۡ ِإاَّل َقلِیال ِّم ۡن ُهمۡۖ َف ۡ‬ ‫َح ّظا ِّم َّما ُذ ِّك ُر ۟‬
‫ِب ۡٱل ُم ۡحسِ نِینَ " [المائدة‪]١٣ :‬‬ ‫ِإنَّ ٱهَّلل َ ُیح ُّ‬

‫س ٰـ ِر ُعونَ فِی ۡٱل ُك ۡف ِر مِنَ ٱ َّلذِینَ َقالُ ۤو ۟ا َءا َم َّنا ِبَأ ۡف َو ٰ ِه ِهمۡ َو َلمۡ‬ ‫سول ُ اَل َی ۡح ُزن َك ٱ َّلذِینَ ُی َ‬ ‫ٱلر ُ‬‫" َی ٰـَۤأ ُّی َها َّ‬
‫اخ ِرینَ َلمۡ َی ۡأ ُتو ۖ َك‬ ‫س َّم ٰـ ُعونَ لِ َق ۡو ٍم َء َ‬ ‫ب َ‬ ‫س َّم ٰـ ُعونَ ل ِۡل َك ِذ ِ‬ ‫ُوا َ‬ ‫ُت ۡؤمِن قُلُو ُب ُهمۡۛ َومِنَ ٱ َّلذِینَ هَاد ۟‬
‫وا‬‫ٱح َذ ُر ۟‬ ‫ُی َح ِّرفُونَ ۡٱل َكلِ َم م ِۢن َب ۡع ِد َم َواضِ ِع ِهۦۖ َیقُولُونَ ِإ ۡن ُأوتِی ُتمۡ َه ٰـ َذا َف ُخ ُذوهُ َوِإن َّلمۡ ُت ۡؤ َت ۡوهُ َف ۡ‬
‫ش ۡیـ ًۚٔا ُأ ۟و َل ٰۤـ ِٕى َك ٱ َّلذِینَ َلمۡ ُی ِر ِد ٱهَّلل ُ َأن ُی َط ِّه َر قُلُو َب ُهمۡۚ‬
‫َو َمن ُی ِر ِد ٱهَّلل ُ ف ِۡت َن َت ُهۥ َف َلن َت ۡملِ َك َل ُهۥ مِنَ ٱهَّلل ِ َ‬
‫اب َعظِ یم" [المائدة‪]٤١ :‬‬ ‫َل ُهمۡ فِی ٱلد ُّۡن َیا خ ِۡزی َو َل ُهمۡ فِی ۡٱلـَٔاخ َِر ِة َع َذ ٌ‬

‫نز ۡل َن ٰـ ُه قُ ۡر َء ا ًنا َع َر ِب ّیا َّل َع َّل ُكمۡ َت ۡعقِلُونَ "‬


‫"ِإ َّن ۤا َأ َ‬

‫[يوسف‪]٢ :‬‬

‫نز ۡل َن ٰـ ُه ُح ۡك ًما َع َر ِب ّی ۚا َو َل ِٕى ِن ٱ َّت َب ۡع َت َأ ۡه َو ۤا َءهُم َب ۡعدَ َما َج ۤا َء َك مِنَ ۡٱلع ِۡل ِم َما َل َك مِنَ ٱهَّلل ِ‬
‫"و َك َذ لِ َك َأ َ‬
‫َ‬
‫مِن َول ِّی َواَل َواق" [الرعد‪]٣٧ :‬‬

‫سانُ ٱ َّلذِی ُی ۡل ِحدُونَ ِإ َل ۡی ِه َأ ۡع َجم ّ‬


‫ِی َو َه ٰـ َذا ل َِسانٌ‬ ‫"و َل َق ۡد َن ۡع َل ُم َأ َّن ُهمۡ َیقُولُونَ ِإ َّن َما ُی َع ِّل ُم ُهۥ َب َ‬
‫شر ۗ ِّل َ‬ ‫َ‬
‫َع َر ِب ّی ُّم ِبینٌ "‬

‫[النحل‪]١٠٣ :‬‬

‫‪231‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ص َّر ۡف َنا فِی ِه مِنَ ۡٱل َوعِ ی ِد َل َع َّل ُهمۡ َی َّتقُونَ َأ ۡو ُی ۡحد ُ‬
‫ِث َل ُهمۡ ذ ِۡكرا"‬ ‫نز ۡل َن ٰـ ُه قُ ۡر َءا ًنا َع َر ِب ّیا َو َ‬
‫"و َك َذ ٰلِ َك َأ َ‬
‫َ‬

‫[طه‪]١١٣ :‬‬

‫ان َع َر ِب ّی ُّم ِبین " [الشعراء ‪]١٩٥‬‬


‫"بل َِس ٍ‬
‫ِ‬
‫"قُ ۡر َءا ًنا َع َر ِب ًّیا َغ ۡی َر ذِی عِ َوج َّل َع َّل ُهمۡ َی َّتقُونَ " ُّ‬
‫[الز َمر‪] ٢٨ :‬‬

‫ص َل ۡت َءا َی ٰـ ُت ُهۥ قُ ۡر َءا ًنا َع َر ِب ّیا ِّل َق ۡوم َی ۡع َل ُمونَ " [فصلت‪]٣ :‬‬
‫ب فُ ِّ‬
‫" ِك َت ٰـ ٌ‬

‫"و َك َذ ٰلِ َك َأ ۡو َح ۡی َن ۤا ِإ َل ۡی َك قُ ۡر َءا ًنا َع َر ِب ّیا ِّل ُتنذ َِر ُأ َّم ۡٱلقُ َر ٰى َو َم ۡن َح ۡو َل َها َو ُتنذ َِر َی ۡو َم ۡٱل َج ۡم ِع اَل َر ۡی َب‬
‫َ‬
‫ِیر" [الشورى ‪]٧‬‬ ‫ٱلسع ِ‬ ‫یق فِی َّ‬ ‫یق فِی ۡٱل َج َّن ِة َو َف ِر ٌ‬ ‫فِی ۚ ِه َف ِر ٌ‬

‫"ِإ َّنا َج َع ۡل َن ٰـ ُه قُ ۡر َء ٰ ًنا َع َر ِب ّیا َّل َع َّل ُكمۡ َت ۡعقِلُونَ ۝ َوِإ َّن ُهۥ ف ِۤی ُأ ِّم ۡٱل ِك َت ٰـ ِ‬
‫ب َلدَ ۡی َنا َل َعل ٌِّی َحكِی ٌم ۝"‬

‫[الزخرف ‪]٤-٣‬‬

‫وما جاء من األحاديث النبوية الشريفة‪:‬‬


‫‪َ -‬أ ْخ َب َر َنا َز َك ِريَّا بْنُ َعدِيٍّ ‪َ ،‬ح َّد َث َنا ُع َب ْي ُد هَّللا ِ ‪ -‬ه َُو ابْنُ َع ٍ‬
‫مْرو ‪َ -‬عنْ َع ْب ِد ْال َملِكِ ب ِ‬
‫ْن ُع َمي ٍْر‪،‬‬
‫ُوسى َرضِ َي هَّللا ُ َع ْنهُ‪،‬‬ ‫َعنْ َأ ِبي بُرْ دَ َة‪َ ،‬عنْ َأ ِبي م َ‬
‫"َأنَّ َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َك َت ُبوا ِك َتا ًبا َف َت ِب ُعوهُ َو َت َر ُكوا ال َّت ْو َرا َة"‪)131( .‬‬

‫‪ - 249 ))131‬السلسلة الصحيحة (‪/6‬حديث‪ )2832‬قال رحمه هللا‪ "( :‬إن بني إسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه‬
‫و تركوا التوراة"‪ .‬أخرجه الطبراني في"المعجم األوسط" (‪:)5876 /1 / 39 /2‬حدثنا محمد ابن‬
‫عثمان بن أبي شيبة قال‪ :‬حدثنا جندل بن والق قال‪ :‬حدثنا عبيد هللا بن عمرو‪ ،‬عن عبد الملك بن‬
‫عمير‪ ،‬عن أبي بردة‪ ،‬عن أبيه مرفوعا‪.‬وقال‪":‬تفرد به جندل بن والق "‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهو مختلف فيه‪ ،‬فوثقه ابن حبان (‪ )167 /8‬وأبو زرعة بروايته عنه‪ ،‬وقال أبو‬
‫حاتم‪":‬صدوق"‪،‬وضعفه آخرون‪ ،‬فراجع" التهذيب"إن شئت‪ ،‬فهو إذن وسط حسن الحدي‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫والحديث عزاه الهيثمي (‪ )192 /1‬للطبراني في" الكبير"‪،‬وتبعه السيوطي‪-‬رمزا‪-‬كما هي عادته في‬
‫"الجامع الصغير" و"الجامع الكبير" (رقم ‪،)6405‬فال أدري إذا كان هذا العزو صحيحا‪ ،‬أوهو سبق‬
‫قلم‪ ،‬أوخطأ من الناسخ‪ ،‬فإن الجزء الذي فيه مسند أبي موسى األشعري‪ ،‬واسمه عبد هللا بن قيس والد‬
‫أبي بردة‪ ،‬لم يطبع بعد لنرجع إليه ونتحقق من وجوده فيه أو ال‪.‬‬
‫ويشهد للحديث قوله تعالى في اليهود وغيرهم‪( :‬ومنهم أميون ال يعلمون الكتاب إال أماني و إن هم إال‬
‫يظنون‪ ،‬فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند هللا ليشتروا به ثمنا قليال فويل‬
‫لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) (البقرة‪ 78 :‬و ‪.)79‬‬
‫‪232‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ك بْنُ َم ْخ َل ٍد ‪َ ،‬أ ْخ َب َر َنا اَأْل ْو َزاعِ يُّ ‪َ ،‬ح َّد َث َنا َحسَّانُ بْنُ َعطِ َّي َة‪،‬‬‫‪َ -٣٤٦١‬ح َّد َث َنا َأبُو َعاصِ ٍم الضَّحَّ ا ُ‬
‫مْرو‪َ ،‬أنَّ ال َّن ِبيَّ َ‬
‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم َقا َل ‪:‬‬ ‫ْن َع ٍ‬ ‫َعنْ َأ ِبي َك ْب َش َة‪َ ،‬عنْ َع ْب ِد هَّللا ِ ب ِ‬
‫" َب ِّل ُغوا َع ِّني َو َل ْو آ َي ًة‪َ ،‬و َحدِّ ُثوا َعنْ َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َواَل َح َر َج‪َ ،‬و َمنْ َك َذ َب َع َل َّي ُم َت َع ِّمدًا‬
‫َف ْل َي َت َب َّوْأ َم ْق َعدَ هُ مِنَ ال َّن ِ‬
‫ار " (صحيح البخاري)‬

‫عن أبي هريرة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫" َمن َك َذ َب َع َل َّي ُم َت َع ِّمدًا‪َ ،‬ف ْل َي َت َب َّوْأ َم ْق َعدَ هُ مِنَ ال ّن ِ‬
‫ار"‬
‫[أورده مسلم في مقدمة الصحيح]‬
‫ب فال تصدِّ قوهم وال ُت ِّ‬
‫كذبوهم فإ ّما أن يحدِّ ثوكم‬ ‫[عن [أبي هريرة]‪" ]:‬إذا حدَّ َثكم أهل ُ الكتا ِ‬
‫بباطل فتصدِّ قوهُ"‪)132(.‬‬
‫ٍ‬ ‫بحق ف ُت ِّ‬
‫كذبوهُ وإ ّما أن يحدِّ ثوكم‬ ‫ٍّ‬

‫اآليات واألحاديث السابقة كلها تحذرنا من بني إسرائيل وأقوالهم المحرفة‪ ,‬كما توضح‬
‫لنا أيضًا أن هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬أنزل القرآن باللغة العربية؛ لكي نتدبره‪ ,‬ونفهم معانيه‬
‫بلغتنا العربية‪ ,‬وليس من خالل قوم‪ ,‬لغتهم ليست العربية (كاللغة العبرية)‪ ،‬كما تؤكد‬
‫هوى أنفُسُهم‪ ،‬ولذلك ال يستقيم أن نأخذ‬
‫أيضًا تحريف التوراة‪ ,‬وأنها ُكتبت بأيديهم‪ ,‬وبما َت َ‬

‫وقد صح عن ابن عباس رضي هللا عنهما أنه قال‪ " :‬يا معشر المسلمين! كيف تسألون أهل الكتاب عن‬
‫شيء وكتابكم الذي أنزل هللا على نبيكم صلى هللا عليه وسلم أحدث األخبار باهلل محضا لم يشب‪ .‬و قد‬
‫حدثكم هللا أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتب هللا وغيروا‪،‬فكتبوا بأيديهم [فـ] قالوا‪( :‬هذا من عند هللا‬
‫ليشتروا به ثمنا قليال)؟! أوال ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟! فال وهللا ما رأينا رجال منهم‬
‫يسألكم عن الذي أنزل عليكم! "‪.‬‬
‫أخرجه البخاري (‪ 2685‬و ‪7363‬و ‪ 7522‬و ‪ )7523‬وعبد الرزاق في"المصنف" (‪/ 110 /11‬‬
‫‪ )20060‬ومن طريقه الحاكم (‪ )263 - 262 /2‬وعنه البيهقي في"الشعب" (‪)5204 / 308 /4‬‬
‫وعن غيره فيه‪ ،‬وفي السنن (‪ )162 /10‬وقال الحاكم‪":‬صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬ولم‬
‫يخرجاه"‪.‬ووافقه الذهبي‪ ،‬واستدراكه على البخاري وهم‪ ،‬فقد أخرجه كما ترى)‬
‫‪ ))132‬مجموع الفتاوى‪ ,‬البن تيمية ‪١٢‬‏‪( ٥٨/‬صحيح) أخرجه بنحوه البخاري (‪.)٤٤٨٥‬‬
‫‪233‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫بها دليال‪ ,‬أو نستشهد بها على أنها ثوابت قاطعة‪ ,‬ونحن نتدبر القرآن الكريم؛ (ألنها‬
‫ليست التوراة الحقيقية التى نزلت على سيدنا موسي)‪.‬‬
‫وبتدبر اآلية رقم (‪ )32‬من سورة المائدة‬

‫ساد فِی ٱَأۡل ۡر ِ‬ ‫س َأ ۡو َف َ‬ ‫ۡ‬ ‫"م ِۡن َأ ۡج ِل َذ لِ َك َك َت ۡب َنا َع َل ٰى َبن ِۤی ِإ ۡس َر ِءیل َ َأ َّن ُهۥ َمن َق َتل َ َن ۡف ۢ َ‬
‫ض‬ ‫سا ِب َغ ۡی ِر َنف ٍ‬
‫ِیعا َو َل َق ۡد َج ۤا َء ۡت ُهمۡ ُر ُ‬
‫سلُ َنا‬ ‫اس َجم ۚ‬ ‫اس َجمِیعا َو َم ۡن َأ ۡح َیاهَا َف َكَأ َّن َم ۤا َأ ۡح َیا ٱل َّن َ‬ ‫َف َكَأ َّن َما َق َتل َ ٱل َّن َ‬
‫ض َل ُم ۡس ِرفُونَ "‬ ‫ت ُث َّم ِإنَّ َكثِیرا ِّم ۡن ُهم َب ۡعدَ َذ لِ َك فِی ٱَأۡل ۡر ِ‬ ‫ِب ۡٱل َب ِّی َن ٰـ ِ‬

‫‪ -‬وقطع صلة‬ ‫تتكلم اآلية هنا عن أول جريمة قتل‪ ,‬ليس فقط (قتل) بل قتل أخ ألخيه‬
‫الرحم ‪ -‬وليس هذا فقط‪ ,‬بل القتل جاء نتيجة الغيرة والحقد وعدم الرضا بأوامر هللا ‪-‬‬
‫سبحانه وتعالى ‪( -‬الجهر بالمعصية في أبشع صوره) وليس فقط‪ ,‬بل القتل جاء عام ًدا‬
‫متعم ًدا؛ ألن أخاه المقتول حذره‪ ,‬وقال له‪:‬‬

‫" َوا ْتل ُ َع َل ْي ِه ْم َن َبَأ ا ْب َن ْي آدَ َم ِبا ْل َح ِّق ِإ ْذ َق َّر َبا قُ ْر َبا ًنا َف ُتقُ ِّبل َ مِنْ َأ َح ِد ِه َما َو َل ْم ُي َت َق َّبلْ مِنَ اآْل َخ ِر‬
‫طت ِإ َل َّي َيدَ َك لِ َت ْق ُت َلنِي َما َأ َنا‬
‫س َ‬ ‫َقال َ َأَل ْق ُت َل َّن َك ۖ َقال َ ِإ َّن َما َي َت َق َّبل ُ هَّللا ُ مِنَ ا ْل ُم َّتقِينَ (‪َ )27‬لِئن َب َ‬
‫وء بِِإ ْثمِي‬‫اف هَّللا َ َر َّب ا ْل َعا َلمِينَ (‪ِ )28‬إ ِّني ُأ ِري ُد َأن َت ُب َ‬ ‫ِي ِإ َل ْي َك َأِل ْق ُت َل َك ۖ ِإ ِّني َأ َخ ُ‬ ‫ِب َباسِ طٍ َيد َ‬
‫س ُه َق ْتل َ َأخِي ِه‬‫الظالِمِينَ (‪َ )29‬ف َط َّو َع ْت َل ُه َن ْف ُ‬ ‫ار ۚ َو ٰ َذلِ َك َج َزا ُء َّ‬ ‫ب ال َّن ِ‬ ‫ص َحا ِ‬ ‫َوِإ ْث ِم َك َف َت ُكونَ مِنْ َأ ْ‬
‫ص َب َح مِنَ ا ْل َخاسِ ِرينَ (‪( " )30‬سورة المائدة)‬ ‫َف َق َت َل ُه َفَأ ْ‬

‫واألكثر من ذلك إن القتل جاء لتحدي إرادة هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬علي تقبل هللا قربان‬
‫أخيه‪ ,‬وبذلك أصبح ذلك االبن أول قاتل‪ ,‬وأول حاقد غيور‪ ,‬وأول محطم صلة الرحم‪,‬‬
‫عاص ي َت َحدى إرادة هللا‪ ,‬سبحانه وتعالى‪ ,‬و بعد كل ذلك جاءت اآلية تقول "م ِۡن‬ ‫ٍ‬ ‫وأول‬
‫َأ ۡج ِل َذ ل َك َك َت ۡب َنا َع َل ٰى َبن ِۤی ِإ ۡس َر ِءیلَ"‬

‫إذن االبن األول آلدم هو صاحب الجريمة‪ ,‬لكن العقاب تشريعي لبني إسرائيل الذين‬
‫سيأتون بعده بعدة قرون ؟‬

‫‪234‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إذن البد من كشف العالقة بين االثنين؛ ( الجريمة‪ ,‬وتشريع العقاب)‬

‫وال أجد لها معنى غير أن ابن آدم القاتل هو إسرائيل‪ ,‬ولذلك جاء تشريع هللا ‪ -‬سبحانه‬
‫وتعالى ‪ -‬باسم نسله؛ ألن هللا يعلم بأن جينات الوراثة تنتقل‪ ,‬وتستمر ألجيال‬
‫وأجيال(‪ ,)133‬وهو العليم الخبير‪.‬‬

‫ولكن بالبحث في تفسير اآلية وجدت عدم وضوح في تفسير هذا الجزء بسبب تضافر‬
‫المفسرين من أس ٍ‬
‫ف على أن إسرائيل هو يعقوب‪ ,‬وبسبب إرثهم بأن ابني آدم اسمهما (‬
‫قابيل وهابيل)‪ ,‬ولكن هذه األسماء لم تذكر أبدا في القرآن‪ ,‬وإنما دخلت إلينا من الروايات‬
‫التوراتية أو اإلسرائيليات؛‬

‫‪https://www.alarabiya.net/articles/2012%2F04%2F18%2F208532 ))133‬‬
‫[ثبتت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون أمريكيون بجامعة بافلو‪ ،‬أن الجينات الوراثية تتحكم فى‬
‫شخصية وطباع اإلنسان فى كونه شخصا لطيفا أو شخصا أنانيا‪ ،‬مما ال ينفى أن يكون اإلنسان قد ولد‬
‫بتلك الطباع والخصال‪ .‬وقال الباحثون القائمون على الدراسة التى نشرتها مجلة العلوم النفسية‪ ،‬إن‬
‫اإلنسان ال يكتسب الطباع الحميدة مثل السلوك الحسن والقلب الطيب أو الطباع الخبيثة مثل الكذب‬
‫والكره واألنانية من األشخاص المحيطين أو البيئة التى نشأ بها‪ ،‬بل هى خصال قد اكتسبها عبر‬
‫الجينات الوراثية الخاصة باألبوين أو أحد األقارب‪ .‬وأشارت دراسات علمية سابقة إلى وجود رابط‬
‫بين هرمونات&‪;quot‬األوكسيتوسين&‪ ;quot‬و&‪;quot‬فاسوبريسين&‪ ;quot‬وبين طريقة تعامل‬
‫األشخاص مع بعضهم البعض‪ ،‬خاصة فى العالقات شديدة االرتباط ‪ ،‬وقد أظهر هرمون‬
‫&‪;quot‬أوكسيتوسين&‪ ;quot‬إشارات إيجابية حول تعزيز سلوك األمومة‪ ،‬وقد أجرى الباحثون‬
‫بجامعتى بافالو وكاليفورنيا فى أمريكا دراستهم لتطبيق النتائج السابقة على نطاق أوسع وأشمل‬
‫لمعرفة هل كان لتلك المواد الكيميائية تأثير فى تعزيز بعض السلوكيات مثل لطف اإلنسان ووداعته‬
‫وكونه محبا للتبرع باألموال لصالح األعمال الخيرية ‪.‬‬
‫وطلب الباحثون من المشاركين اإلجابة عن أسئلة تتعلق بمواقفهم تجاه واجب المجتمع المدنى ‪ ،‬مثل‬
‫واجبهم األخالقى فى اإلبالغ عن جريمة ‪ ،‬وهل يرون المجتمع مكانا جيدا أو سيئا ‪ ،‬وحول قيامهم‬
‫باألنشطة الخيرية‪ ،‬مثل التبرع بالدم أو الذهاب الجتماعات مجلس اآلباء والمعلمين‪.‬‬
‫وشملت الدراسة ‪ 711‬شخصا تم أخذ عينة من اللعاب الخاص بهم لتحليل الحمض النووى‪ ،‬والتى‬
‫أظهرت لديهم شكال من أشكال هرمونات &‪;quot‬األوكسيتوسين و&‪ ;quot‬فاسوبريسين &‬
‫‪ ;quot‬المتحكمة فى سلوك اإلنسان‪.‬‬
‫وأظهرت النتائج أن هناك بعض المشاركين لديهم الجينات المتعلقة باللطف والمحبة والطيبة والتى‬
‫تجعلهم أكثر عرضة لمساعدة اآلخرين‪].‬‬

‫‪235‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ونقول أن هذه األسماء إن كانت أو ال فال عالقة لألسماء في هذا البحث إذ أننا نقابل‬
‫بين أحداث ووقائع وصفات‪ ,‬ومن المعروف أن تعدد األسماء في األمم السابقة شائع‬
‫فكانوا يطلقون على الشخص الواحد عدة أسماء‪ ,‬أو ربما يكونا هذين االسمين أسماء‬
‫أطلقها عليهما العبرانيين ومن جاورهم من العرب وغيرهم‪.‬‬

‫واآليات واألحاديث التي ذكرتها في بداية المبحث تحذرنا من بني إسرائيل وأقوالهم‬
‫المحرفة‪ ،‬وأنها كتبت بأيديهم‪ ,‬وليست التوراة الحقيقية التى نزلت على سيدنا موسي عليه‬
‫السالم‪.‬‬

‫هل يعقوب عليه السالم هو إسرائيل أو ال؟‬


‫بالرجوع لتفسير قوله تعالى‪:‬‬

‫"م ِۡن َأ ۡج ِل َذ لِ َك َك َت ۡب َنا َع َل ٰى َبن ِۤی ِإ ۡس َر ِءیلَ"‬

‫في كتب التفاسير وجدنا في تفسير الرازي – فخر الدين الرازي‬

‫قال ‪[ ....‬وفِي ِه َمساِئلُ‪:‬‬

‫ال َم ْسأ َل ُة اُألولى‪َ :‬ق ْولُهُ‪" :‬مِن ْ‬


‫أج ِل َذلِ َك" أيْ ِب َس َب ِ‬
‫ب فِعْ َل ِتهِ‪.‬‬

‫ؤاالن‪:‬‬
‫ِ‬ ‫س‬‫َفإنْ قِيل َ َع َل ْي ِه ُ‬

‫وهابي َل َك َتبْنا َعلى َبنِي‬


‫ِ‬ ‫قابي َل‬
‫ص ِة ِ‬ ‫األولُ‪َ :‬عنْ َق ْولِ ِه ﴿مِن أجْ ِل َذل َِك﴾ أيْ مِن أجْ ِل ما َمرَّ مِن ِق َّ‬ ‫َّ‬
‫وهابي َل و َبي َْن وُ جُو ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫قابي َل‬ ‫وذاك ُم ْش ِكلٌ؛ َفإ َّن ُه ال م َ‬
‫ُناس َب َة َبي َْن واق َِع ِة ِ‬ ‫َ‬ ‫صاص‪،‬‬
‫َ‬ ‫إسْ راِئي َل ال َق‬
‫صاص َعلى َبنِي إسْ راِئي َل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ال َق‬

‫ِيع اُأل َم ِم؛ َفما فاِئدَ ةُ َت ْخصِ يصِ ِه ِب َبنِي‬ ‫صاص ح ُْك ٌم ِ‬
‫ثاب ٌ‬
‫ت في َجم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ّثانِي‪ :‬أنَّ وُ ج َ‬
‫ُوب ال َق‬
‫إسْ راِئي َل ؟‬

‫‪236‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫األو ِل مِن ْ‬
‫وج َه ْي ِن‪:‬‬ ‫واب َع ِن َّ‬ ‫والج ُ‬ ‫َ‬

‫سنُ ‪:‬‬ ‫أح ُدهُما‪ :‬قال َ َ‬


‫الح َ‬ ‫َ‬

‫َهذا ال َق ْت ُل إ َّنما و َق َع في َبنِي إسْ راِئي َل ال َبي َْن و َلدَ يْ آدَ َم مِن ص ُْل ِبهِ‪ ،‬و َق ْد َذ َكرْ نا َه ِذ ِه ال َمسْ أ َل َة‬
‫فِيما َت َق َّد َم‪ (( .‬وأعتقد بأنه قال ذلك لتكون الجريمة والعقاب في قوم واحد؛ كما واضح من‬
‫اآلية))‬

‫وال ّثانِي‪ :‬أ ّنا ُن َسلِّ ُم أنَّ َهذا ال َق ْت َل و َق َع َبي َْن و َلدَ يْ آدَ َم مِن ص ُْل ِبهِ‪ ،‬و َلكِنَّ َق ْو َل ُه ﴿مِن ْ‬
‫أج ِل َذلِ َك﴾‬
‫ص ِة مِن‬ ‫إشارةٌ إلى ما َمرَّ ذ ِْك ُرهُ في َه ِذ ِه ال ِق َّ‬
‫َ‬ ‫وهابي َل‪َ ،‬ب ْل هو‬ ‫ِ‬ ‫قابي َل‬ ‫إشار ًة إلى ِق َّ‬
‫ص ِة ِ‬ ‫َ‬ ‫ْس‬‫َلي َ‬
‫أص َب َح مِنَ الخاسِ ِرينَ ﴾‪ ،‬ومِنها‬ ‫رام‪ ،‬مِنها َق ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ف ْ‬ ‫الح ِ‬‫ب ال َق ْت ِل َ‬ ‫واع المَفاسِ ِد الحاصِ َل ِة ِب َس َب ِ‬‫أ ْن ِ‬
‫ت َل ُه‬
‫ص َل ْ‬
‫إشارةٌ إلى أ َّن ُه َح َ‬‫َ‬ ‫أص َب َح مِنَ الخاسِ ِرينَ ﴾‬ ‫أص َب َح مِنَ ال ّنا ِدمِينَ ﴾‪َ ،‬ف َق ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ف ْ‬
‫َق ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ف ْ‬
‫ص َل مِن َق ْل ِب ِه أ ْنوا ُع‬
‫إشارةٌ إلى أ َّن ُه َح َ‬
‫َ‬ ‫ين وال ُّد ْنيا‪ ،‬و َق ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ف ْ‬
‫أص َب َح مِنَ ال ّنا ِدمِينَ ﴾‬ ‫سارةُ ال ِّد ِ‬
‫َخ َ‬
‫أج ِل َذلِ َك َك َت ْبنا َعلى َبنِي‬ ‫والحسْ َر ِة والح ُْز ِن َم َع أ َّن ُه ال دَ ْف َع َل ُه ال َب َّت َة‪َ ،‬ف َق ْولُهُ‪﴿ :‬مِن ْ‬
‫َ‬ ‫ال َّندَ ِم‬
‫واع المَفاسِ ِد ال ُم َت َولِّدَ ِة م َِن‬ ‫إسراِئيل َ﴾ أيْ مِن أجْ ِل َذل َِك الَّذِي َذ َكرْ نا في ْأثنا ِء ال ِق َّ‬
‫ص ِة مِن أ ْن ِ‬ ‫ْ‬
‫صاص في َح ِّق القات ِِل‪ ،‬و َهذا َجوابٌ َح َسنٌ ‪ ،‬وهَّللا ُ أعْ َل ُم‬ ‫َ‬ ‫وان َشرَّ عْ نا ال َق‬ ‫ال َق ْت ِل َ‬
‫العمْ ِد الع ُْد ِ‬
‫‪)134(]...........‬‬

‫(ونضيف بأن ما ذهبنا إليه جمع بين التفسيرين _ األول‪ :‬أن الجريمة والعقاب كانا في‬
‫بني إسرئيل‪ ,‬والثاني‪ :‬أن الجريمة كانت في ابني أدم لصلبه‪ ,‬والتشريع في بني إسرائيل‬
‫_ حيث إننا قلنا بأن الجريمة كانت من إسرائيل الذي هو ابن آدم األول لصلبه }وال‬
‫عالقة بين يعقوب عليه السالم وإسرائيل إذ هما شخصان مختلفان{ والعقاب كان فيه‬
‫والتشريع في نسله‪ ,‬وهللا أعلم)‪.‬‬

‫‪( ))134‬مفاتيح الغيب = التفسير الكبير)‪ ,‬المؤلف‪ :‬فخر الدين الرازي خطيب الري‪ ,‬الناشر‪ :‬دار إحياء‬
‫التراث العربي – بيروت‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثالثة ‪ ١٤٢٠ -‬هـ‪ ,‬ج‪ ,11‬ص‪.243,242‬‬
‫‪237‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وفي تفسير القرطبي‪ ,‬وفي تفسير فتح البيان للقنوجي‪ ,‬وفي تفسير فتح القدير للشوكاني‪,‬‬
‫وفي تفسير اآللوسي‪ ,‬وفي تفسير نظم الدرر للبقاعي‪ ,‬وغيرهم‬

‫جاؤوا بنحو أو بمعني ما جاء (القرطبي) إذ قال في تفسيره لهذه اآلية‪:‬‬

‫ظورً ا‪َ -‬أِل َّن ُه ْم‬‫ِيه ْم َمحْ ُ‬


‫سف ِ‬ ‫الذ ْك ِر‪َ -‬و َق ْد َت َق َّد َم ْت ُه ْم ُأ َم ٌم َق ْب َل ُه ْم َك َ‬
‫ان َق ْت ُل ال َّن ْف ِ‬ ‫َ[و َخصَّ َبنِي ِإسْ َراِئي َل ِب ِّ‬
‫ان َق ْب َل َذل َِك َق ْواًل م ْ‬ ‫َأْل‬ ‫ُأ‬
‫ُط َل ًقا‪َ ،‬ف ُغلِّ َظ‬ ‫س َم ْك ُتوبًا‪َ ،‬و َك َ‬ ‫َأوَّ ُل َّم ٍة َن َز َل ْال َوعِ ي ُد َع َلي ِْه ْم فِي َق ْت ِل ا ْنفُ ِ‬
‫اَأْلمْ ُر َع َلى َبنِي ِإسْ َراِئي َل](‪)135‬‬

‫وفي تفسير ابن كثير ونحوه في تفسير الطبري‪ ,‬وتفسير السمعاني‪ ,‬وتفسير الماوردي‪,‬‬
‫وتفسير ابن الجوزي‪ ,‬وتفسير البغوي‪ ,‬وتفسير م ّكي بن أبي طالب‪ ,‬وتفسير الثعالبي‪,‬‬
‫وتفسير السمرقندي‪ ,‬وتفسير الثعلبي‪ ,‬وتفسير ابن جزي‪ ,‬وتفسير أضواء البيان لمحمد‬
‫األمين الشنقيطي‪ ,‬وتفسير التحرير والتنوير البن عاشور‪ ,‬وغيرهم‬

‫لم يفسروا (لماذا) " َك َت ْب َنا َع َلى َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ "‬

‫ولماذا خص بني إسرائيل بالتشريع؟ وليس القاتل وقومه‪ ,‬وكما نعلم أن بينهم زمنا كبيرا‬
‫– وهل منذ هذه الجريمة حتي سيدنا يعقوب لم تحدث أي جرائم قتل؟ أم كان ال يوجد‬
‫عقاب علي القاتل؟) ‪ ......‬وهللا أعلم‬

‫وكلهم جاؤوا بمثل أو بمعني ما جاء (ابن كثير والطبري)‪ ,‬أو بمعناه‪.‬‬

‫ْن آدَ َم َأ َخاهُ ُ‬


‫ظ ْلمًا َوع ُْد َوا ًنا‪َ ﴿ :‬ك َت ْب َنا َع َلى َبنِي‬ ‫) ابن كثير) [ َيقُو ُل َت َعا َلى‪﴿ :‬مِنْ َأ ْج ِل﴾ َق ْتل اب ِ‬
‫ِإ ْس َراِئيل َ﴾ َأيْ ‪َ :‬ش َرعْ َنا َل ُه ْم َوَأعْ َلمْ َنا ُه ْم‬

‫‪ ))135‬الجامع ألحكام القرآن‪ ,‬المؤلف‪ :‬أبو عبد هللا القرطبي‪ ,‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش‪,‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب المصرية – القاهرة‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ١٣٨٤ ،‬هـ ‪ ١٩٦٤ -‬م‪ ,‬ج‪ ,6‬ص‪.146‬‬
‫‪238‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اس َجمِي ًعا َو َمنْ َأ ْح َياهَا‬
‫ض َف َكَأ َّن َما َق َتل َ ال َّن َ‬ ‫سا ٍد فِي ْ‬
‫األر ِ‬ ‫س َأ ْو َف َ‬ ‫"َأ َّن ُه َمنْ َق َتل َ َن ْف ً‬
‫سا ِب َغ ْي ِر َن ْف ٍ‬
‫اس َجمِي ًعا"‬ ‫َف َكَأ َّن َما َأ ْح َيا ال َّن َ‬

‫ب‬ ‫اص‪َ ،‬أ ْو َف َسا ٍد فِي اَأْلرْ ِ‬


‫ض‪َ ،‬واسْ َت َح َّل َق ْت َل َها ِباَل َس َب ٍ‬ ‫َأيْ ‪َ :‬و َمنْ َق َت َل َن ْفسًا ِب َغي ِْر َس َب ٍ‬
‫ب مِنْ ق َ‬
‫ِص ٍ‬
‫اس َجمِيعًا ‪......‬الخ](‪)136‬‬ ‫َواَل ِج َنا َي َة‪َ ،‬ف َكَأ َّن َما َق ْت َل ال َّن َ‬

‫(الطبري) ‪[ .......‬فمعنى الكالم‪ :‬من جناية ابن آدم القاتل أخاه ظلمًا‪ ،‬حكمنا على بني‬
‫إسرائيل أنه من قتل منهم نفسًا ظلمًا بغير نفس قتلت‪ ،‬فقتل بها قصاصًا "أو فساد في‬
‫األرض" يقول‪ :‬أو قتل منهم نفسًا بغير فسا ٍد كان منها في األرض‪ ،‬فاستحقت بذلك قتلها‪.‬‬
‫و(فسادها في األرض)‪ ،‬إنما يكون بالحرب هلل ولرسوله‪ ،‬وإخافة السبيل‪.....‬الخ ](‪)137‬‬

‫ويشهد هللا سبحانه وتعالى أنني بحثت في تفسير هذه اآلية بغرض التدبر‪ ,‬كما أمرنا هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪ ,‬ولو كانت اآلية الكريمة جاءت من دون ذكر بني إسرائيل لما احتاجت‬
‫إلى تفسير أو تدبر؛ ألنها ستكون عن جريمة وعقاب واضحين‪.‬‬

‫وإذا جاءت اآلية الكريمة مع معرفة أن ابن آدم القاتل اسمه إسرائيل َل َما احتاجت أيضًا‬
‫إلى تفسير أوتدبر؛ ألنها ستكون جريمة وعقابا ُخصَّ به نسل القاتل‪( ,‬مع تطبيقه على‬
‫عموم الناس)؛ أما اآلية كما جاءت في سورة المائدة فهي تحتاج إلى تدبر لمعرفة لماذا‬
‫خص هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬قوما بتشريع معين خاص بجريمة حدثت قبلهم بآالف‬
‫السنين؟! أم أن هؤالء القوم هم نسل القاتل مرتكب الجريمة!!‬

‫‪ ))136‬تفسير القرآن العظيم‪ ,‬المؤلف‪ :‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير‪ ,‬المحقق‪ :‬سامي بن محمد‬
‫السالمة‪ ,‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪ ١٤٢٠‬هـ ‪ ١٩٩٩ -‬م‪.‬‬
‫‪ ))137‬تفسير الطبري‪ ,‬ج‪ ,10‬ص ‪.232‬‬
‫‪239‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫لماذا سمي يعقوب _عليه السالم_ باسم إسرائيل؟‬


‫بدأت بالبحث في القرآن فلم أجد أي آية تشير أو تقول إن يعقوب عليه السالم سمي‬
‫إسرائيل؛ ولكن وجدت ذلك مذكورا في أسفار التوراة وأسفار العهد القديم ‪ -‬سفر التكوين‬
‫اإلصحاح (‪)32‬‬

‫هذا ما جاء فيه توراتيا‪:‬‬

‫ش َر‪َ ،‬و َع َب َر ِب ِه ْم‬ ‫ار َي َت ْي ِه َوَأ ْوالدَ هُ اَأل َحدَ َع َ‬


‫ِب َم َع ُه َز ْو َج َت ْي ِه َو َج ِ‬
‫صح َ‬ ‫[ ُث َّم َقا َم فِي ِت ْل َك ال َّل ْي َل ِة َو َ‬
‫سانٌ َح َّتى‬ ‫ار َع ُه ِإ ْن َ‬ ‫از ُه ْم َو ُكل َّ َما َل ُه َع ْب َر ا ْل َوادِي‪َ ،‬و َبق َِي َو ْحدَ هُ‪َ ،‬‬
‫ص َ‬ ‫وق‪َ ،‬و َل َّما َأ َج َ‬ ‫اض َة َي ُّب َ‬
‫َم َخ َ‬
‫ض َر َب ُه َع َلى ُح ِّق َف ْخ ِذهِ‪َ ،‬فا ْن َخ َل َع‬ ‫وب‪َ ،‬‬ ‫َم ْط َل ِع ا ْل َف ْج ِر‪َ .‬وعِ ْندَ َما َرَأى َأ َّن ُه َل ْم َي َت َغ َّل ْب َع َلى َي ْعقُ َ‬
‫ار َع ِت ِه َم َع ُه‪َ .‬و َقال َ َلهُ‪َ« :‬أ ْطلِ ْقنِي‪َ ،‬ف َقدْ َط َل َع ا ْل َف ْج ُر»‪َ .‬فَأ َجا َب ُه‬ ‫ص َ‬‫وب فِي ُم َ‬ ‫َم ْفصِ ل ُ َف ْخ ِذ َي ْعقُ َ‬
‫وب»‪َ .‬ف َقال َ‪:‬‬ ‫اب‪« :‬ي َْعقُ ُ‬ ‫اس ُم َك؟» َفَأ َج َ‬ ‫سَأ َلهُ‪َ « :‬ما ْ‬ ‫ار َكنِي»‪َ .‬ف َ‬ ‫وب‪« :‬ال ُأ ْطلِقُ َك َح َّتى ُت َب ِ‬ ‫َي ْعقُ ُ‬
‫هللا)‪َ ،‬أل َّن َك َجاهَدْ َت‬ ‫اس ُم َك فِي َما َب ْع ُد َي ْعقُ َ‬
‫وب‪َ ،‬بلْ ِإ ْس َراِئيل َ ( َو َم ْع َناهُ‪ُ :‬ي َجا ِه ُد َم َع ِ‬ ‫«ال ُيدْ َعى ْ‬
‫اس ُم َك؟» َف َقال َ‪« :‬لِ َم َاذا َت ْسَأل ُ َع ِن‬
‫وب‪َ« :‬أ ْخ ِب ْرنِي َما ْ‬ ‫سَأ َل ُه َي ْعقُ ُ‬
‫اس َو َقدَ ْر َت»‪َ .‬ف َ‬ ‫هللا َوال َّن ِ‬
‫َم َع ِ‬
‫هللا) ِإ ْذ َقال َ‪:‬‬ ‫ان َفنِيِئيل َ َ‬
‫(و َم ْع َناهُ‪َ :‬و ْج ُه ِ‬ ‫اس َم ا ْل َم َك ِ‬
‫وب ْ‬ ‫ار َك ُه ُه َنا َك‪َ .‬ودَ َعا َي ْعقُ ُ‬
‫اسمِي؟» َو َب َ‬ ‫ْ‬
‫ِيت َح ًّيا»‪َ .‬و َما ِإنْ َع َب َر َفنِيِئيل َ َح َّتى َأ ْ‬
‫ش َر َق ْت َع َل ْي ِه‬ ‫هللا َو ْجها ً ل َِو ْج ٍه َو َبق ُ‬
‫ت َ‬ ‫شاهَدْ ُ‬ ‫«َأل ِّني َ‬
‫ج مِنْ َف ْخ ِذ ِه]‬
‫ار ٌ‬
‫ار َوه َُو َع ِ‬
‫س َ‬‫س َف َ‬ ‫ال َّ‬
‫ش ْم ُ‬

‫ووجدنا بأن مسألة تسمية يعقوب بأنه إسرائيل ُتبحث في مدارين من العلوم الشرعية‪,‬‬
‫األول علوم الحديث‪ ,‬والثاني علم التفسير‪ .‬فالمسألة حديثية تفسيرية‪.‬‬

‫ثانيا المسألة حديثيا‪:‬‬


‫استدل المفسرون بحديثين عن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أولهما حديث روي‬
‫بطريقين عن عبدالحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب فيه‪( :‬هل تعلمون أن إسرائيل‬
‫يعقوب)‬

‫‪240‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪َ 2514‬ح َّد َث َنا هَاشِ ُم بْنُ ْال َقاسِ ِم ‪َ ،‬ح َّد َث َنا َع ْب ُد ْال َحمِيدِ‪َ ،‬ح َّد َث َنا َشهْر بن َحو َشب‪َ ،‬قا َل ابْنُ‬
‫َّاس ‪:‬‬
‫َعب ٍ‬

‫ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫س َّل َم َي ْو ًما‪َ ،‬ف َقالُوا ‪َ :‬يا َأ َبا ا ْل َقاسِ ِم‪،‬‬ ‫صا َب ٌة مِنَ ا ْل َي ُهو ِد َن ِب َّي هَّللا ِ َ‬
‫ض َر ْت عِ َ‬
‫[ح َ‬
‫َ‬
‫سلُونِي َع َّما شِ ْئ ُت ْم‪َ ،‬و َلك ِ‬
‫ِن‬ ‫َحدِّ ْث َنا َعنْ ِخاَل ٍل َن ْسَألُ َك َع ْن ُهنَّ ‪ ،‬اَل َي ْع َل ُم ُهنَّ ِإاَّل َن ِب ٌّي ؟ َقال َ ‪َ " :‬‬
‫الساَل ُم َع َلى َبنِي ِه َلِئنْ َأ َنا َحدَّ ْث ُت ُك ْم َ‬
‫ش ْيًئ ا‪،‬‬ ‫وب َع َل ْي ِه َّ‬ ‫اج َعلُوا لِي ِذ َّم َة هَّللا ِ‪َ ،‬و َما َأ َخ َذ َي ْعقُ ُ‬ ‫ْ‬
‫سلُونِي َع َّما شِ ْئ ُت ْم "‪.‬‬ ‫اب ُع ِّني َع َلى اِإْل ْساَل ِم ؟ " َقالُوا ‪َ :‬ف َذلِ َك َل َك‪َ .‬قال َ ‪َ " :‬ف َ‬ ‫َف َع َر ْف ُت ُموهُ َل ُت َت ِ‬
‫الط َع ِام َح َّر َم ِإ ْس َراِئيل ُ َع َلى َن ْفسِ ِه‬
‫ي َّ‬ ‫َقالُوا ‪َ :‬أ ْخ ِب ْر َنا َعنْ َأ ْر َب ِع ِخاَل ٍل َن ْسَألُ َك َع ْن ُهنَّ ‪َ ،‬أ ْخ ِب ْر َنا َأ ُّ‬
‫ف َي ُكونُ َّ‬
‫الذ َك ُر‬ ‫الر ُج ِل ؟ َك ْي َ‬ ‫ف َما ُء ا ْل َم ْرَأ ِة َو َما ُء َّ‬ ‫مِنْ َق ْب ِل َأنْ ُت َن َّزل َ ال َّت ْو َراةُ ؟ َوَأ ْخ ِب ْر َنا َك ْي َ‬
‫ف ه ََذا ال َّن ِب ُّي اُأْل ِّم ُّي فِي ال َّن ْو ِم‪َ ،‬و َمنْ َولِ ُّي ُه مِنَ ا ْل َماَل ِئ َكةِ‪َ ،‬قال َ ‪َ " :‬ف َع َل ْي ُك ْم‬ ‫ِم ْن ُه ؟ َوَأ ْخ ِب ْر َنا َك ْي َ‬
‫اق‪،‬‬ ‫اء مِنْ َع ْه ٍد َومِي َث ٍ‬ ‫ش َ‬ ‫اب ُع ِّني "‪َ ،‬قال َ ‪َ :‬فَأ ْع َط ْوهُ َما َ‬ ‫َع ْه ُد هَّللا ِ َومِي َثاقُ ُه َلِئنْ َأ َنا َأ ْخ َب ْر ُت ُك ْم َل ُت َت ِ‬
‫س َّل َم َهلْ َت ْع َل ُمونَ َأنَّ‬ ‫ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬ ‫وسى َ‬ ‫ش ُد ُك ْم ِبا َّلذِي َأ ْن َزل َ ال َّت ْو َرا َة َع َلى ُم َ‬ ‫َقال َ ‪َ " :‬فَأ ْن ُ‬
‫ش َفاهُ‬ ‫س َق ُم ُه‪َ ،‬ف َن َذ َر هَّلِل ِ َن ْذ ًرا َلِئنْ َ‬ ‫شدِيدًا‪َ ،‬و َطال َ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫ض َم َر ً‬ ‫الساَل ُم َم ِر َ‬ ‫وب َع َل ْي ِه َّ‬ ‫ِإ ْس َراِئيل َ َي ْعقُ َ‬
‫الط َع ِام‬ ‫الط َع ِام ِإ َل ْيهِ‪َ ،‬و َكانَ َأ َح َّب َّ‬ ‫ب ِإ َل ْيهِ‪َ ،‬وَأ َح َّب َّ‬
‫ش َرا ِ‬‫س َق ِم ِه َل ُي َح ِّر َمنَّ َأ َح َّب ال َّ‬ ‫هَّللا ُ َت َعا َلى مِنْ َ‬
‫ش َهدْ‬‫ب ِإ َل ْي ِه َأ ْل َبا ُن َها " ؟ َقالُوا ‪ :‬ال َّل ُه َّم َن َع ْم‪َ .‬قال َ ‪ " :‬ال َّل ُه َّم ا ْ‬ ‫ش َرا ِ‬ ‫ِإ َل ْي ِه لُ ْح َمانُ اِإْل ِب ِل‪َ ،‬وَأ َح َّب ال َّ‬
‫وسى‪َ ،‬هلْ َت ْع َل ُمونَ َأنَّ‬ ‫ش ُد ُك ْم ِباهَّلل ِ ا َّلذِي اَل ِإ َل َه ِإاَّل ه َُو ا َّلذِي َأ ْن َزل َ ال َّت ْو َرا َة َع َلى ُم َ‬ ‫َع َل ْي ِه ْم‪َ ،‬فَأ ْن ُ‬
‫ش َب ُه‬ ‫ِيق‪َ ،‬فَأ ُّي ُه َما َعاَل َكانَ َل ُه ا ْل َو َل ُد َوال َّ‬
‫ص َف ُر َرق ٌ‬ ‫اء ا ْل َم ْرَأ ِة َأ ْ‬
‫ض َغلِي ٌظ‪َ ،‬وَأنَّ َم َ‬ ‫الر ُج ِل َأ ْب َي ُ‬
‫اء َّ‬ ‫َم َ‬
‫اء ا ْل َم ْرَأ ِة َكانَ َذ َك ًرا بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ‪َ ،‬وِإنْ َعاَل َما ُء ا ْل َم ْرَأ ِة‬ ‫الر ُج ِل َع َلى َم ِ‬‫بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ ِإنْ َعاَل َما ُء َّ‬
‫ش َهدْ َع َل ْي ِه ْم‪،‬‬ ‫الر ُج ِل َكانَ ُأ ْن َثى بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ "‪َ .‬قالُوا ‪ :‬ال َّل ُه َّم َن َع ْم‪َ .‬قال َ ‪ " :‬ال َّل ُه َّم ا ْ‬‫اء َّ‬ ‫َع َلى َم ِ‬
‫وسى‪َ ،‬هلْ َت ْع َل ُمونَ َأنَّ ه ََذا ال َّن ِب َّي اُأْل ِّم َّي َت َنا ُم َع ْي َناهُ‪،‬‬ ‫ش ُد ُك ْم ِبا َّلذِي َأ ْن َزل َ ال َّت ْو َرا َة َع َلى ُم َ‬
‫َفَأ ْن ُ‬
‫ش َهدْ "‪َ .‬قالُوا ‪َ :‬وَأ ْن َت اآْل نَ ‪َ ،‬ف َحدِّ ْث َنا‬‫َي َنا ُم َق ْل ُب ُه ؟ " َقالُوا ‪ :‬ال َّل ُه َّم َن َع ْم‪َ .‬قال َ ‪ " :‬ال َّل ُه َّم ا ْ‬ ‫َواَل‬
‫ارقُ َك‪َ .‬قال َ ‪َ " :‬فِإنَّ َولِ ِّي َي ِج ْب ِريل ُ َع َل ْي ِه‬‫َولِ ُّي َك مِنَ ا ْل َماَل ِئ َك ِة ؟ َف ِع ْندَ هَا ُن َجا ِم ُع َك‪َ ،‬أ ْو ُن َف ِ‬ ‫َمنْ‬

‫‪241‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ارقُ َك َل ْو َكانَ َولِ ُّي َك سِ َواهُ‬ ‫الساَل ُم‪َ ،‬و َل ْم َي ْب َع ِ هَّللا‬


‫ث ُ َن ِب ًّيا َق ُّط ِإاَّل ه َُو َولِ ُّي ُه "‪َ .‬قالُوا ‪َ :‬ف ِع ْندَ هَا ُن َف ِ‬ ‫َّ‬
‫صدِّ قُوهُ ؟ " َقالُوا ‪ِ :‬إ َّن ُه‬ ‫صدَّ ْق َنا َك‪َ .‬قال َ ‪َ " :‬ف َما َي ْم َن ُع ُك ْم مِنْ َأنْ ُت َ‬ ‫مِنَ ا ْل َماَل ِئ َك ِة َل َتا َب ْع َنا َك‪َ ،‬و َ‬
‫َعد ُُّو َنا‪.‬‬

‫َقال َ ‪َ " :‬ف ِع ْندَ َذلِ َك َقال َ هَّللا ُ َع َّز َو َجل َّ ‪:‬‬

‫{ قُلْ َمن َكانَ َعد ًُّوا لِ ِج ْب ِريل َ َفِإ َّن ُه َن َّز َل ُه َع َلى َق ْل ِب َك بِِإ ْذ ِن هَّللا ِ } ِإ َلى َق ْولِ ِه َع َّز َو َجل َّ ‪:‬‬

‫ب َع َلى َغ َ‬
‫ض ٍ‬
‫ب "]‪.‬‬ ‫ور ِه ْم َكَأ َّن ُه ْم اَل َي ْع َل ُمونَ }‪َ ،‬ف ِع ْندَ َذلِ َك َبا ُءوا ِب َغ َ‬
‫ض ٍ‬ ‫اب هَّللا ِ َو َر َ‬
‫اء ُظ ُه ِ‬ ‫{ ِك َت َ‬
‫(حكم الحديث‪ :‬حسن) انظر‪ :‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪.‬‬

‫ُسيْنٌ ‪َ ،‬ح َّد َث َنا َع ْب ُد ْال َحمِي ِد بْنُ َبه َْرا َم‪َ ،‬عنْ َشه ِْر ب ِ‬
‫ْن َح ْو َشبٍ‪َ ،‬قا َل ‪َ :‬قا َل َع ْب ُد‬ ‫‪َ 2471‬ح َّد َث َنا ح َ‬
‫هَّللا ِ بْنُ َعب ٍ‬
‫َّاس ‪:‬‬

‫س َّل َم‪َ ،‬ف َقالُوا ‪َ :‬يا َأ َبا ا ْل َقاسِ ِم‪،‬‬ ‫ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫سول َ هَّللا ِ َ‬‫صا َب ٌة مِنَ ا ْل َي ُهو ِد َر ُ‬ ‫ض َر ْت عِ َ‬‫" َح َ‬
‫ي َّ‬
‫الط َع ِام َح َّر َم‬ ‫سَألُوهُ ‪َ :‬أ ُّ‬ ‫َحدِّ ْث َنا َعنْ ِخاَل ٍل َن ْسَألُ َك َع ْن ُهنَّ ‪ ،‬اَل َي ْع َل ُم ُهنَّ ِإاَّل َن ِب ٌّي‪َ ،‬ف َكانَ فِي َما َ‬
‫ش ُد ُك ْم ِباهَّلل ِ ا َّلذِي َأ ْن َزل َ ال َّت ْو َرا َة‬
‫ِإ ْس َراِئيل ُ َع َلى َن ْفسِ ِه َق ْبل َ َأنْ ُت َن َّزل َ ال َّت ْو َراةُ ؟ َقال َ ‪َ " :‬فَأ ْن ُ‬
‫شدِيدًا‪َ ،‬ف َطال َ‬ ‫ضا َ‬ ‫ض َم َر ً‬ ‫الساَل ُم َم ِر َ‬‫وب َع َل ْي ِه َّ‬ ‫وسى َهلْ َت ْع َل ُمونَ َأنَّ ِإ ْس َراِئيل َ َي ْعقُ َ‬ ‫َع َلى ُم َ‬
‫الط َع ِام‬ ‫ب ِإ َل ْي ِه َوَأ َح َّب َّ‬ ‫ش َفاهُ هَّللا ُ مِنْ َ‬
‫س َق ِمهِ‪َ ،‬ل ُي َح ِّر َمنَّ َأ َح َّب ال َّ‬
‫ش َرا ِ‬ ‫س َق ُم ُه‪َ ،‬ف َن َذ َر هَّلِل ِ َن ْذ ًرا َلِئنْ َ‬
‫َ‬
‫ب ِإ َل ْي ِه َأ ْل َبا ُن َها " َف َقالُوا ‪ :‬ال َّل ُه َّم‬ ‫الط َع ِام ِإ َل ْي ِه لُ ْح َمانُ اِإْل ِب ِل َوَأ َح َّب ال َّ‬
‫ش َرا ِ‬ ‫ِإ َل ْيهِ‪َ ،‬ف َكانَ َأ َح َّب َّ‬
‫َن َع ْم"‪.‬‬

‫(حكم الحديث‪ :‬حسن) مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شهر بن حوشب‪)138(:‬‬

‫وعندما نبحث عن الراوي شهر بن حوشب‪ ,‬وننظر رأي العلماء فيه نجد أن اإلمام شهر‬
‫بن حوشب ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬من أكثر رواة الحديث الذين اختلف فيهم على اإلطالق؛‬
‫ُـع ِّدلين له والجارحين‪:‬‬
‫ونستعرض بعض أقوال الم َ‬

‫أوال بعض المـُعدِّ لِين له‪:‬‬

‫أبو الحسن بن القطان الفاسي‪ :‬لم أسمع لمُضعفه حجة‬

‫أبو زرعة الرازي‪ :‬ال بأس به‪.‬‬

‫أحمد بن حنبل‪ :‬حسن الحديث‪ ،‬ومرة‪ :‬ثقة‪ ،‬ومرة‪ :‬ال بأس به‬

‫أحمد بن صالح الجيلي‪ :‬ثقة‬

‫وقال محمد بن إسماعيل البخاري‪« :‬شهر حسن الحديث‪ ،‬وقوَّ ى أمره‪ ،‬إنما تكلم فيه ابن‬
‫عون‪ ،‬ثم إنه روى عن رجل عنه»‪،‬‬

‫وقال العجلي‪« :‬ثقة‪ ،‬وروى عباس‪ ،‬عن يحيى بن معين‪ :‬شهر ثبت‪،».‬‬

‫‪ ))138‬لهذا الفصل أنظر‪ :‬التاريخ الكبير للبخاري‪ ,‬ص ‪ .4/258‬وسير أعالم النبالء ص ‪,375 ,4/374‬‬
‫‪ ,376‬وشرح النووي على مسلم ص ‪ .1/92‬وتاريخ دمشق ص ‪ ,227 ,225 ,23/224‬وميزان‬
‫االعندال ص ‪ ,3/391‬وتهذيب التهذيب ص ‪ .325 ,4/324‬ومعرفة الثقات ص ‪ .461 /1‬وتحفة‬
‫األحوذي‪ ,‬للمباركفوري‪ .1/120 ,‬الجرح والتعديل ألبي حاتم‪ ,‬ص ‪/2 .4/382‬تـ ‪ ,1668‬وشرح‬
‫علل الترمذي‪ ,‬ص ‪ ,2/874‬وسؤاالت البرقاني ص ‪ ,1/36‬وتقريب التهذيب ص ‪.1/355‬‬
‫والكاشف للذهبي‪ ,‬ص ‪ .2/16‬وتهذيب الكمال ‪ .12/585‬والتابعي الجليل شهر بن حوشب بين‬
‫الجرح والتعديل‪ ,‬ص‪ ,43‬والكامل في الضعفاء‪ ,‬ص‪ ,4/39‬والمجروحين ص‪ ,361‬أحوال الرجال‬
‫للجواز جاني‪ ,‬ص‪ ,1/96‬الضعفاء والمتروكين البن الجوزي‪ ,‬ص ‪.2/43‬‬
‫‪243‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وقال الذهبي‪« :‬الرجل غير مدفوع عن صدق وعلم‪ ،‬واالحتجاج به مترجح»‪ .‬روى له‬
‫مسلم بن الحجاج مقرو ًنا بغيره‪ ،‬وأصحاب السنن األربعة‬

‫صالح بن محمد جزرة ‪ :‬لم يوقف منه على كذب‪ ،‬وكان رجال يتنسك إال أنه روى‬
‫أحاديث يتفرد بها‪.‬‬

‫ثانيا بعض المتوسطين فيه‪:‬‬

‫ارقطني ‪ :‬يخرّ ج حديثه‪ ،‬وذِكره في السنن ليس بالقوي‪.‬‬


‫الدَّ َ‬

‫ابن حجر العسقالني ‪ :‬صدوق كثير اإلرسال واألوهام‪.‬‬

‫ابن الصالح‪ :‬بعد إيراده أقوال من وثقه قال‪ :‬والقلب إلى هذا أميل‪.‬‬

‫ثالثا بعض المجرحين‪:‬‬

‫عبدهللا بن عون‪ :‬قال‪ :‬إن شهرا نزكوه (أي رموه واتهموه)‪.‬‬

‫أبو أحمد الحاكم‪ :‬ليس بالقوي عندهم‬

‫أبو أحمد بن عدي الجرجاني ‪ :‬ليس بالقوي في الحديث‪ ,‬وهو ممن ال يحتج بحديثه‪ ,‬وال‬
‫يتدين به‪.‬‬

‫أبو بشر الدوالبي ‪ :‬أحاديثه ال تشبه أحاديث الناس‪.‬‬

‫أبو بكر الب َيهقي ‪ :‬ضعيف‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أبو حاتم الرازي ‪ :‬ال يحتج بحديثه‪.‬‬

‫أبو حاتم بن حبان البستي ‪ :‬ممن يروي عن الثقات المعضالت وعن األثبات المقلوبات‪.‬‬

‫أبو محمد بن حزم الظاهري ‪ :‬ساقط‬

‫أحمد بن شعيب النسائي ‪ :‬ليس بالقوي‬

‫إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ‪ :‬ضعيف‬

‫زكريا بن يحيى الساجي ‪ :‬فيه ضعف وليس بالحافظ‬

‫الح َّجاج ‪ :‬لقيته فلم أعتد به‬ ‫ُ‬


‫شعبة بن َ‬

‫محمد بن عبدهللا بن ع َّمار‪ :‬قد سُئل أيحتج بحديثه؟ قال‪ :‬ال‪.‬‬

‫وأخيرا ننقل قول صاحب المسند نفسه الراوي عنه الحديث‪ ,‬قال اإلمام أحمد بن حنبل في‬
‫هرام عن شهر بن حوشب حديثه مقارب‪ ,‬ومصطلح مقارب الحديث عند‬
‫عبدالحميد بن َب َ‬
‫أهل الفن يعني‪ُ ( :‬يأخذ حديثه لالعتبار ال االحتجاج)(‪.)139‬‬

‫‪ ))139‬ما معنى قول المحدثين_رحمهم هللا_عن أحد الرواة بأنه صالح الحديث‪ ،‬أو لين الحديث‪ ،‬أو مقارب‬
‫الحديث؟ (إذ هم مرتبة واحدة) الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه‪ ،‬أما‬
‫بعد‪:‬‬
‫فإن هذه العبارات يعبر بها أهل المصطلح عن الدرجة األخيرة من مراتب التعديل‪ ،‬وأصحابها ال يُحت ُّج‬
‫بهم على انفراد كما قال العراقي في هذه المرتبة‪:‬‬
‫وصالح الحديث أو مقاربه جيده‪ ،‬حسنه‪ ،‬مقاربه ‪...‬‬
‫وقال النووي في التقريب‪ :‬الرابعة‪ :‬صالح الحديث يكتب لالعتبار‪ ،‬وأما ألفاظ الجرح‪ ،‬فمراتب‪ ،‬فإذا‬
‫قاولوا‪ :‬لين الحديث كتب حديثه‪ ،‬ونظر اعتباراً‪ ،‬وقال الدارقطني‪ :‬إذا قلت‪ :‬لين لم يكن ساقطاً‪ ،‬ولكن‬
‫مجروحا ً بشيء ال يسقط عن العدالة‪ ،‬وقولهم‪ :‬ليس بقوي يكتب حديثه‪ ،‬وهو دون لين ‪..‬اهـ‪.‬‬
‫وقد نقل الخطيب البغدادي في كتابه‪ :‬الكفاية في علم الرواية‪ :‬أن علي بن محمد بن عمر القصار‬
‫أخبرهم عن ابن أبي حاتم أنه قال‪ :‬وجدت األلفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى‪ ،‬فإذا قيل‬
‫للواحد إنه ثقة أو متقن فهو ممن يحتج بحديثه‪ .‬وإذا قيل إنه صدوق‪ ،‬أو محله الصدق‪ ،‬أو ال بأس به‬
‫فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه‪ ،‬وهي المنزلة الثانية‪ .‬وإذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثة‪ ،‬يكتب‬
‫حديثه وينظر فيه إال أنه دون الثانية‪ .‬وإذا قيل صالح الحديث‪ ،‬فإنه يكتب حديثه لالعتبار‪ .‬وإذا أجابوا‬
‫في الرجل بلين الحديث‪ ،‬فهو ممن يكتب حديثه‪ ،‬وينظر فيه اعتبارا‪ .‬وإذا قالوا ليس بقوي‪ ،‬فهو بمنزلة‬
‫األول في كتب حديثه إال أنه دونه‪ .‬وإذا قالوا ضعيف الحديث‪ ،‬فهو دون الثاني ال يطرح حديثه بل‬
‫‪245‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وبعد دراستنا لشهر بن حوشب تبين لنا أن الترجيح في شهر بن حوشب‪ :‬هو أنه ال ينبغي‬
‫االختالف في عدالته؛ وأما من حيث الضبط والحفظ فلم َي َ‬
‫رق شهر ابن حوشب إلى تمام‬
‫الضبط والحفظ‪ ,‬بل هو يخطئ أحيانا‪ ,‬ويروي الغرائب واألوهام أحيانا‪ ,‬وعند االحتجاج‬
‫وقبول حديثه ينبغي أن يبحث في كل رواية من رواياته‪ ,‬والحكم عليها من خالل‬
‫ال ُم َتابعات والشواهد والقرائن األخرى المقررة عند أهل هذا الفن (علم الحديث)‪.‬‬

‫وهذا ما فعلناه في روايته لهذا الحديث وجدنا أن الحديث له رويتان‪ :‬إحداهما‪:‬‬

‫بطريقين عن بكير أولهما‪ :‬رواية‬


‫ِ‬ ‫عن بُكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس‬
‫صحيحة‪ ,‬وثانيهما‪ :‬حسنة ليس فيهما (كلمة يعقوب)‪.‬‬

‫أما الرواية الثانية‪:‬‬

‫فهي عن عبدالحميد بن َبهرام عن شهر بن حوشب‪ ,‬عن ابن عباس بثالث طرق؛ عن‬
‫عبدالحميد بن بهرام‪ ,‬عن شهر‪ ,‬أوردنا اثنين منهما فيما مر فيهما‪:‬‬

‫( َهلْ َت ْع َل ُمونَ َأنَّ ِإ ْس َراِئيل َ َي ْعقُ َ‬


‫وب)‪,‬‬

‫أما الطريق الثالث‪ :‬هو بنحوهما غير أنه ليس فيه كلمة يعقوب أصال! بل المذكور فيه‬
‫( َهلْ َت ْع َل ُمونَ َأنَّ ِإ ْس َراِئيل َ َمرض مرضا شديدا)‪ ,‬بدون (كلمة يعقوب)‪.‬‬

‫‪َ -3117‬ح َّد َث َنا َع ْب ُد هَّللا ِ بْنُ َع ْب ِد الرَّ حْ َم ِن َقا َل‪:‬‬

‫يعتبر به‪ .‬وإذا قالوا متروك الحديث‪ ،‬أو ذاهب الحديث‪ .‬أو كذاب فهو ساقط الحديث ال يكتب حديثه‪،‬‬
‫وهي المنزلة الرابعة‪ .‬اهـ‪ .‬وهللا أعلم‪ . .‬راجع ألفية العراقي المسماة بـ‪ :‬التبصرة والتذكرة في علوم‬
‫الحديث‪ ,‬ص‪ .123‬و ‪https://www.islamweb.net/ar/fatwa/229876‬‬
‫‪246‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ان َي ُكونُ فِي َبنِي عِ جْ ٍل ‪َ -‬عنْ ُب َكي ِْر ب ِ‬
‫ْن‬ ‫الولِي ِد ‪َ -‬و َك َ‬‫ْن َ‬ ‫َأ ْخ َب َر َنا َأبُو ُن َعي ٍْم‪َ ،‬عنْ َع ْب ِد هَّللا ِ ب ِ‬
‫َّاس‪َ ،‬قا َل‪:‬‬
‫ْن َعب ٍ‬ ‫ْن ُج َبي ٍْر‪َ ،‬عنْ اب ِ‬ ‫شِ َهابٍ‪َ ،‬عنْ َسعِي ِد ب ِ‬

‫الر ْع ِد َما‬ ‫ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬


‫س َّل َم‪َ ،‬ف َقالُوا‪َ :‬يا َأ َبا ال َقاسِ ِم‪َ ،‬أ ْخ ِب ْر َنا َع ِن َّ‬ ‫"َأ ْق َب َل ْت َي ُهو ُد ِإ َلى ال َّن ِب ِّي َ‬
‫اب‬
‫الس َح َ‬ ‫وق ِب َها َّ‬‫س ُ‬ ‫ار َي ُ‬ ‫يق مِنْ َن ٍ‬ ‫ار ُ‬ ‫ب َم َع ُه َم َخ ِ‬
‫الس َحا ِ‬ ‫ه َُو؟ َقالَ‪َ " :‬م َل ٌك مِنَ ال َماَل ِئ َك ِة ُم َو َّكل ٌ ِب َّ‬
‫ب ِإ َذا َز َج َرهُ‬ ‫"ز ْج َرةٌ ِب َّ‬
‫الس َحا ِ‬ ‫ت ا َّلذِي َن ْس َم ُع؟ َقالَ‪َ :‬‬ ‫اء هَّللا ُ" َف َقالُوا‪َ :‬ف َما ه ََذا َّ‬
‫الص ْو ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ث َ‬ ‫َح ْي ُ‬
‫صدَ ْق َت‪َ .‬ف َقالُوا‪َ :‬فَأ ْخ ِب ْر َنا َع َّما َح َّر َم ِإ ْس َراِئيل ُ َع َلى‬ ‫ث ُأم َِر" َقالُوا‪َ :‬‬ ‫َح َّتى َي ْن َت ِه َي ِإ َلى َح ْي ُ‬
‫ش ْيًئ ا ُياَل ِئ ُم ُه ِإاَّل لُ ُحو َم اِإل ِب ِل َوَأ ْل َبا َن َها َفل َِذلِ َك‬
‫سا َف َل ْم َي ِجدْ َ‬
‫ش َت َكى عِ ْر َق ال َّن َ‬‫َن ْفسِ هِ؟ َقالَ‪" :‬ا ْ‬
‫صدَ ْق َت‪(} ".‬الترمذي) ‪[ 3117‬قال األلباني]‪ :‬صحيح){‬ ‫َح َّر َم َها" َقالُوا‪َ :‬‬

‫‪َ -2515‬ح َّد َث َنا َع ْب ُد هَّللا ِ‪َ ،‬ح َّد َثنِي م َُح َّم ُد بْنُ َب َّك ٍ‬
‫ار‪َ ،‬ح َّد َث َنا َع ْب ُد ْال َحمِي ِد بْنُ َبه َْرا َم ‪َ ،‬ح َّد َث َنا َش ْهرٌ‪،‬‬
‫َّاس ‪ِ ،‬ب َنحْ ِوهِ‪( .‬أي بنحو مارواه هَاشِ ُم ابْنُ ْال َقاسِ ِم عن عبدالحميد بن بهرام عن‬ ‫ْن َعب ٍ‬ ‫َع ِن اب ِ‬
‫شهر بن حوشب غير أن هذه الرواية ليس فيها كلمة يعقوب) }حكم الحديث‪ :‬حسن‪،‬‬
‫مسند اإلمام أحمد{‬

‫ت َل ُه َه ْيَئ ٌة َرَأ ْي َناهُ عِ ْندَ‬‫‪َ -2483‬ح َّد َث َنا َأبُو َأحْ َمدَ ‪َ ،‬ح َّد َث َنا َع ْب ُد هَّللا ِ بْنُ ْال َولِي ِد ْالعِجْ لِيُّ ‪َ ،‬و َكا َن ْ‬
‫َّاس‪َ ،‬قا َل‪:‬‬
‫ْن َعب ٍ‬ ‫ْن ُج َبي ٍْر‪َ ،‬ع ِن اب ِ‬ ‫ْن شِ َهابٍ‪َ ،‬عنْ َسعِي ِد ب ِ‬ ‫َح َس ٍن‪َ ،‬عنْ ُب َكي ِْر ب ِ‬

‫س َّل َم‪َ ،‬ف َقالُوا‪َ :‬يا َأ َبا ا ْل َقاسِ ِم ِإ َّنا َن ْسَألُ َك َعنْ‬ ‫ص َّلى هللاُ َع َل ْي ِه َو َ‬ ‫ول هَّللا ِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫"َأ ْق َب َل ْت َي ُهو ُد ِإ َلى َر ُ‬
‫اء‪َ ،‬فِإنْ َأ ْن َبْأ َت َنا ِب ِهنَّ ‪َ ،‬ع َر ْف َنا َأ َّن َك َن ِب ٌّي َوا َّت َب ْع َنا َك‪َ ،‬فَأ َخ َذ َع َل ْي ِه ْم َما َأ َخ َذ ِإ ْس َراِئيل ُ‬
‫ش َي َ‬‫س ِة َأ ْ‬‫َخ ْم َ‬
‫َع َلى َبنِيهِ‪ِ ،‬إ ْذ َقالُوا‪ :‬هَّللا ُ َع َلى َما َنقُول ُ َوكِيلٌ‪َ ،‬قالَ‪" :‬هَا ُتوا" َقالُوا‪َ :‬أ ْخ ِب ْر َنا َعنْ َعال َم ِة‬
‫ث ا ْل َم ْرَأةُ‪َ ،‬و َك ْي َ‬
‫ف ُت ْذ ِك ُر؟‬ ‫ال َّن ِب ِّي‪َ ،‬قالَ‪َ " :‬ت َنا ُم َع ْي َناهُ‪َ ،‬وال َي َنا ُم َق ْل ُب ُه" َقالُوا‪َ :‬أ ْخ ِب ْر َنا َك ْي َ‬
‫ف ُتَؤ ِّن ُ‬
‫اء ا ْل َم ْرَأ ِة َأ ْذ َك َر ْت‪َ ،‬وِإ َذا َعاَل َما ُء ا ْل َم ْرَأ ِة َم َ‬
‫اء‬ ‫ان‪َ ،‬فِإ َذا َعاَل َما ُء َّ‬
‫الر ُج ِل َم َ‬ ‫َقالَ‪َ " :‬ي ْل َتقِي ا ْل َم َ‬
‫اء ِ‬
‫ش َتكِي عِ ْر َق‬ ‫الر ُج ِل آ َن َث ْت" َقالُوا‪َ :‬أ ْخ ِب ْر َنا َما َح َّر َم ِإ ْس َراِئيل ُ َع َلى َن ْفسِ هِ؟ َقالَ‪َ " :‬كانَ َي ْ‬ ‫َّ‬
‫ش ْيًئ ا ُيالِئ ُم ُه ِإال َأ ْل َبانَ َك َذا َو َك َذا ‪َ -‬قال َ َأ ِبي‪َ " :‬قال َ َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم‪َ :‬ي ْعنِي اِإْل ِبل َ "‬ ‫سا‪َ ،‬ف َل ْم َي ِجدْ َ‬
‫ال َّن َ‬

‫‪247‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الر ْعدُ؟ َقالَ‪َ " :‬م َل ٌك مِنْ َمالِئ َك ِة هَّللا ِ‬


‫صدَ ْق َت‪َ ،‬قالُوا‪َ :‬أ ْخ ِب ْر َنا َما ه ََذا َّ‬ ‫َف َح َّر َم لُ ُحو َم َها"‪َ ،‬قالُوا‪َ :‬‬
‫سوقُ ُه‬ ‫اب‪َ ،‬ي ُ‬ ‫ار‪َ ،‬ي ْز ُج ُر ِب ِه َّ‬
‫الس َح َ‬ ‫اق مِنْ َن ٍ‬‫ب ِب َي ِد ِه ‪َ -‬أ ْو فِي َي ِد ِه ‪ -‬م ِْخ َر ٌ‬ ‫َع َّز َو َجل َّ ُم َو َّكل ٌ ِب َّ‬
‫الس َحا ِ‬
‫صدَ ْق َت‪ِ ،‬إ َّن َما‬
‫"ص ْو ُت ُه" َقالُوا‪َ :‬‬ ‫ت ا َّلذِي َن ْس َم ُع؟ َقالَ‪َ :‬‬ ‫ث َأ َم َر هَّللا ُ" َقالُوا‪َ :‬ف َما ه ََذا َّ‬
‫الص ْو ُ‬ ‫َح ْي ُ‬
‫س مِنْ َن ِب ٍّي ِإال َل ُه َم َل ٌك َيْأتِي ِه‬‫اي ُع َك ِإنْ َأ ْخ َب ْر َت َنا ِب َها‪َ ،‬فِإ َّن ُه َل ْي َ‬
‫َبقِ َي ْت َواحِدَ ةٌ َوه َِي ا َّلتِي ُن َب ِ‬
‫السال ُم"‪َ ،‬قالُوا‪ِ :‬ج ْب ِريل ُ َذا َك ا َّلذِي َي ْن ِزل ُ‬ ‫صاحِب َك؟ َقالَ‪ِ " :‬ج ْب ِريل ُ َع َل ْي ِه َّ‬ ‫ِبا ْل َخ َب ِر‪َ ،‬فَأ ْخ ِب ْر َنا َمنْ َ‬
‫ت َوا ْل َق ْط ِر‪،‬‬
‫الر ْح َم ِة َوال َّن َبا ِ‬ ‫ال َوا ْل َع َذا ِ‬
‫ب َعد ُُّو َنا‪َ ،‬ل ْو قُ ْل َت‪ :‬مِي َكاِئيل َ ا َّلذِي َي ْن ِزل ُ ِب َّ‬ ‫ِبا ْل َح ْر ِ‬
‫ب َوا ْلقِ َت ِ‬
‫َل َكانَ َفَأ ْن َزل َ هَّللا ُ َع َّز َو َجلَّ‪َ { :‬من َكانَ َعد ًُّوا لِ ِج ْب ِريل َ} [البقرة‪ِ ]97 :‬إ َلى آخ ِِر اآْل َية"‪)140(.‬‬
‫(مسند اإلمام أحمد‪)2483 :‬‬

‫وعلى ما تقدم فإن الرواية بطرقها الصحيحة والحسنة وطريق آخر عن عبدالحميد بن‬
‫بهرام ليس فيهم كلمة (أن إسرائيل يعقوب) واألظهر أن نأخذ باألصح واألعم‪ ,‬وعلى ما‬
‫تقدم في ضبط شهر‪ ,‬وما رُوي عنه بغير كلمة (يعقوب) نقول أن الحديث حسن‪ ,‬وله‬
‫شواهد ومتابعات وطرق صحيحة ولكن كلمة (يعقوب) لم يتابع عليها وال شواهد لها ومع‬
‫قلة ضبط شهر إال أن إحدى الطرق عنه ليس فيها (يعقوب)‪ ,‬واألسلم واألرجح نأخذ ما‬
‫توبع عليه‪ ,‬وما صح من رواية أخرى‪ ,‬وما روي من طريق أخر عنه‪ ,‬وهللا وأعلم‪.‬‬

‫وعلى هذا فال حُجَّ ة في هذا الحديث على أن إسرائيل هو يعقوب‪.‬‬

‫ثان بطريقين من طريق ابن عباس‪ ,‬وهو ضعيف‪ ,‬ومن طريق ابن‬
‫وروي حديث ٍ‬
‫مسعود‪ ,‬وهو حسن ونصه‪:‬‬
‫" إسرائيل هو يعقوب وإلياس هو إدريس "(‪)141‬‬

‫‪( ))140‬مسند اإلمام أحمد‪ ، )2483 :‬قال الشيخ شعيب األرنؤوط‪ :‬حسن دون قصة الرعد تفرد بها بكير ابن‬
‫شهاب وهو لم يرو عنه سوى اثنين وقال أبو حاتم‪ :‬شيخ‪ .‬وقال الذهبي في الميزان‪ :‬عراقي صدوق‪.‬‬
‫وقد توبع على حديثه هذا ‪ -‬فيما يأتي برقم ‪ - 2514‬سوى قصة الرعد فهي منكرة‪ .‬راجع‪ :‬المسند‬
‫الموضوعي الجامع للكتب العشرة‪ ,‬المؤلف‪ :‬صهيب عبد الجبار‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.199‬‬
‫‪ ))141‬فتح الباري البن حجر‪6/٤٣٠ ,‬‏‪.‬‬
‫‪248‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وفي هذا الحديث أن إسرائيل هو يعقوب‪ ,‬وأن إلياس هو إدريس؛ وعليه إن كان إدريس‬
‫هو إلياس فإنه يستحيل أن يكون جدا لنوح؛ ألن القرآن الكريم يقول بأن إلياس من ذرية‬
‫نوح عليه السالم؛ قال تعالى‪:‬‬
‫س َل ْي َمانَ‬ ‫وب ُكاًّل هَدَ ْي َنا َو ُن ً‬
‫وحا هَدَ ْي َنا مِنْ َق ْبل ُ َومِنْ ُذ ِّر َّي ِت ِه دَ ُاودَ َو ُ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫"و َو َه ْب َنا َل ُه ِإ ْس َح َ‬
‫َ‬
‫وسى َوهَا ُرونَ َو َك َذلِ َك َن ْج ِزي ا ْل ُم ْحسِ نِينَ (‪َ )84‬و َز َك ِر َّيا َو َي ْح َيى‬ ‫ف َو ُم َ‬ ‫س َ‬ ‫وب َو ُيو ُ‬ ‫َوَأ ُّي َ‬
‫الصالِحِينَ (‪( ")85‬سورة األنعام)‬ ‫َّ‬ ‫يسى َوِإ ْل َي َ‬
‫اس ُكل ٌّ مِنَ‬ ‫َوعِ َ‬
‫إذا فمن يقول بأن إدريس عليه السالم جدا لنوح عليه السالم فهو حتما يقول بأنهما نبيان‬
‫مختلفان ومن هؤالء ‪ :‬كعب األحبار‪ ,‬ووهب بن منبه‪ ,‬والسدى‪ ,‬ومالك بن دينار‪ ,‬وابن‬
‫إسحاق في سيرته‪ ,‬واإلمام الطحاوي‪ ,‬والقاضي عِ ياض‪ ,‬وشيخ اإلسالم العز بن‬
‫عبدالسالم‪ ,‬وابن جرير والقرطبي‪ ,‬والمفسر الخازن‪ ,‬وابن كثير‪ ,‬والقسطالني‪,‬‬
‫والعدَ وي في شرحه‪ ,‬والطاهر‬ ‫والخ َرشِ ي في شرح مختصر خليل‪َ ,‬‬ ‫َ‬ ‫والخطيب الشربيني‪,‬‬
‫بن عشور‪ ,‬وشيخ الدعاة محمد متولي الشعراوي‪ ,‬وحكى بعضهم اإلجماع في ذلك‪)142(.‬‬
‫وج ُّل المؤرخين واإلخباريين‪ ,‬وجل النسابين على أن إدريس جد لنوح _عليهما السالم‪.‬‬
‫وعلى هذا يثبت معارضة كل هؤالء األئمة لهذا الحديث؛ والمعارضة لعلة في المتن‪ ,‬أو‬
‫السند‪ ,‬وعليه فالحديث عند هؤالء األئمة ال يرقى لمرتبة (الحسن) بدليل مخالفتهم له؛ إذا‬
‫فالحديث ال حجية فيه على كون " إسرائيل هو يعقوب وإلياس هو إدريس "‬

‫وعند البحث في القرآن الكريم؛ نجد أن إسرائيل ُذك َِر مفر ًدا غير مضاف إليه مرتين فقط‬
‫في موضعين مختلفين هما ‪:‬‬

‫قال تعالى‪:‬‬

‫‪https://www.islamweb.net/ar/fatwa/134574 ))142‬‬
‫‪249‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬
‫اًّل‬
‫الط َع ِام َكانَ ِح لِ َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ِإاَّل َما َح َّر َم ِإ ْس َراِئيل ُ َع َلى َن ْفسِ ِه مِنْ َق ْب ِل َأنْ ُت َن َّزل َ‬ ‫" ُكل ُّ َّ‬
‫صا ِدقِينَ (‪")93‬‬ ‫ال َّت ْو َراةُ قُلْ َفْأ ُتوا ِبال َّت ْو َرا ِة َفا ْتلُوهَا ِإنْ ُك ْن ُت ْم َ‬

‫وسبب نزول هذه اآلية‪ :‬عن عبد هللا بن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪:‬‬

‫كان إسرائيل أخذه عرق النساء‪ ،‬فكان يبيت له زقاء؛ فجعل هلل عليه إن شفاه‪ :‬أال يأكل‬
‫ان ِحاًّل لِ َبنِي ِإسْ َراِئي َل ِإاَّل َما َحرَّ َم ِإسْ َراِئي ُل َع َلى‬ ‫العروق؛ فأنزل هللا ‪-‬تعالى‪ُ { :-‬ك ُّل َّ‬
‫الط َع ِام َك َ‬
‫َن ْفسِ ِه} قال سفيان‪ :‬له زقاء‪ :‬صياح (‪[ .)2‬صحيح]‬

‫قال الحاكم‪:‬‬

‫الشيخين‪ ،‬ولم يخرجاه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ .‬وهو كما قاال‪ ،‬وصححه‬


‫ِ‬ ‫صحيح على شرط‬
‫الحافظ في (العجاب‪ )716 /2:‬ولم يذكر في الحديث باسم يعقوب بل اسم إسرائيل‪.‬‬

‫وقوله تعالى‪:‬‬

‫وح َومِن ُذ ِّر َّي ِة‬ ‫َأ هَّللا‬ ‫ُأ‬


‫" و َلِئ َك ا َّلذِينَ ْن َع َم ُ َع َل ْي ِه ْم مِنَ ال َّن ِب ِّيينَ مِن ُذ ِّر َّي ِة آدَ َم َو ِم َّمنْ َح َم ْل َنا َم َع ُن ٍ‬
‫س َّجدًا‬ ‫الر ْح َم ِن َخ ُّروا ُ‬
‫ات َّ‬ ‫اج َت َب ْي َنا ِإ َذا ُت ْت َلى َع َل ْي ِه ْم آ َي ُ‬
‫ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َراِئيل َ َو ِم َّمنْ هَدَ ْي َنا َو ْ‬
‫َو ُب ِك ًّيا" (مريم‪)58:‬‬

‫اآليتين وال سبب نزولهما دليل على أن إسرائيل هو يعقوب‪.‬‬


‫ِ‬ ‫وليس في‬

‫وقد يتوهم واهم بأن في هذه اآلية (ذكر إسرائيل) كنبي بدليل قوله تعالى في أول‬
‫ِّين" والجواب على ذلك‪ :‬بأنه ذكر معطوفا‬‫ِين َأ ْن َع َم هَّللا ُ َع َلي ِْه ْم م َِن ال َّن ِبي َ‬ ‫اآلية " ُأو َل َ‬
‫ِئك الَّذ َ‬
‫(ومِن ُذرِّ َّي ِة ِإب َْراهِي َم َوِإسْ َراِئي َل) أي من ذرية إبراهيم ومن‬
‫على مضاف إليه في قوله‪َ :‬‬
‫ذرية إسرائيل‪ ,‬ونحن نقول أن كثير من األنبياء والرسل جاءوا من بني إسرائيل مثل‬

‫‪250‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أثر ثماني ِة‬‫ِثت على ِ‬ ‫موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السالم‪ ,‬وورد في الحديث " ُبع ُ‬
‫آالفِ مِن األنبيا ِء؛ منهُم أربع ُة آالفِ نبيٍّ مِن َبني إسرائي َل"(‪)143‬‬

‫أما ذكر سيدنا يعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬لقد تكلم هللا عن سيدنا يعقوب‪ ,‬والقرآن كان رده‬
‫صريحا في هذا الموضوع‪ ,‬وأقرَّ بأن سيدنا يعقوب سمي بيعقوب من قبل والدته‪ ,‬وفي‬
‫حياته‪ ,‬وسمي بيعقوب حتى عند حضور وفاته‪ ,‬وسمي بيعقوب بعد وفاته‪.‬‬

‫فسمي بيعقوب قبل والدته كما جاء في قوله تعالى‪:‬‬


‫وب" [سورة‬ ‫اق َي ْعقُ َ‬ ‫اء ِإ ْس َح َ‬ ‫اق َومِن َو َر ِ‬ ‫ش ْر َناهَا بِِإ ْس َح َ‬ ‫ض ِح َك ْت َف َب َّ‬ ‫ام َرَأ ُت ُه َقاِئ َم ٌة َف َ‬ ‫" َو ْ‬
‫هود‪. ]71:‬‬
‫وسمي بيعقوب في حياته على لسانه‪ :‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫وب َك َما‬ ‫آل َي ْعقُ َ‬ ‫يل اَأل َحادِي ِ‬
‫ث َو ُي ِت ُّم ن ِْع َم َت ُه َع َل ْي َك َو َع َلى ِ‬ ‫"و َك َذلِ َك َي ْج َت ِبي َك َر ُّب َك َو ُي َع ِّل ُم َك مِن َتْأ ِو ِ‬
‫َ‬
‫اق ِإنَّ َر َّب َك َعلِي ٌم َحكِي ٌم " (يوسف‪)6:‬‬ ‫َأ َت َّم َها َع َلى َأ َب َو ْي َك مِن َق ْبل ُ ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َح َ‬
‫وب َما َكانَ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫ت ِم َّل َة آ َبآِئـي ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َح َ‬ ‫وعلى لسان أبنائه وقوله تعالى‪َ " :‬وا َّت َب ْع ُ‬
‫اس الَ‬ ‫اس َو َلـكِنَّ َأ ْك َث َر ال َّن ِ‬ ‫ض ِل هّللا ِ َع َل ْي َنا َو َع َلى ال َّن ِ‬ ‫ش ْي ٍء َذلِ َك مِن َف ْ‬ ‫ش ِر َك ِباهّلل ِ مِن َ‬ ‫َل َنا َأن ُّن ْ‬
‫ش ُك ُرونَ " (يوسف‪)38 :‬‬ ‫َي ْ‬
‫ث َأ َم َر ُه ْم َأ ُبوهُم َّما َكانَ‬ ‫وسمي من قبل الحق سبحانه قوله تعالى‪َ " :‬و َل َّما دَ َخلُو ْا مِنْ َح ْي ُ‬
‫ضاهَا َوِإ َّن ُه َل ُذو عِ ْل ٍم ِّل َما َع َّل ْم َناهُ‬‫وب َق َ‬ ‫س َي ْعقُ َ‬ ‫اج ًة فِي َن ْف ِ‬ ‫ُي ْغنِي َع ْن ُهم ِّمنَ هّللا ِ مِن َ‬
‫ش ْي ٍء ِإالَّ َح َ‬
‫اس الَ َي ْع َل ُمونَ " (يوسف‪)68:‬‬ ‫َو َلـكِنَّ َأ ْك َث َر ال َّن ِ‬

‫وحين وفاته كان يدعى (يعقوب) كما في قوله تعالى ‪:‬‬


‫ت ِإ ْذ َقال َ لِ َبنِي ِه َما َت ْع ُبدُونَ مِن َب ْعدِي َقالُو ْا َن ْع ُب ُد‬ ‫ض َر َي ْعقُ َ‬
‫وب ا ْل َم ْو ُ‬ ‫ش َهدَ اء ِإ ْذ َح َ‬ ‫"َأ ْم ُكن ُت ْم ُ‬
‫اق ِإ َل ًها َوا ِحدًا َو َن ْحنُ َل ُه ُم ْسلِ ُمونَ " [سورة‬ ‫ِإ َل َه َك َوِإ َل َه آ َباِئ َك ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬
‫البقرة‪.]133:‬‬

‫‪ ))143‬الراوي‪ :‬أنس بن مالك • األلباني‪ ،‬السلسلة الضعيفة (‪ • )٦٠٩٠‬ضعيف • أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى))‬
‫(‪ )٤٥١‬واللفظ له‪ ،‬وابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (‪ ،)١/١٦٧‬والحاكم (‪.)٤١٦٧‬‬
‫‪251‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وبعد موته كان يسمى يعقوب أيضا كما في قوله تعالى‪:‬‬


‫اج َع ْل ُه َر ِّب َرضِ ّيا ً " (مريم‪)6:‬‬ ‫وب َو ْ‬ ‫آل َي ْعقُ َ‬ ‫ث مِنْ ِ‬‫" َي ِر ُثنِي َو َي ِر ُ‬
‫اط َكا ُنو ْا‬ ‫األس َب َ‬
‫وب َو ْ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ" :‬أ ْم َتقُولُونَ ِإنَّ ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬
‫ش َهادَ ًة عِ ندَ هُ مِنَ هّللا ِ َو َما هّللا ُ‬ ‫ارى قُلْ َأَأن ُت ْم َأ ْع َل ُم َأ ِم هّللا ُ َو َمنْ َأ ْظ َل ُم ِم َّمن َك َت َم َ‬
‫ص َ‬‫هُوداً َأ ْو َن َ‬
‫ِب َغاف ٍِل َع َّما َت ْع َملُونَ " (البقرة‪)140 :‬‬
‫هّلل‬
‫اق‬ ‫نزل َ َع َلى ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬ ‫نزل َ َع َل ْي َنا َو َما ُأ ِ‬‫وقوله تعالى‪ " :‬قُلْ آ َم َّنا ِبا ِ َو َما ُأ ِ‬
‫يسى َوال َّن ِب ُّيونَ مِن َّر ِّب ِه ْم الَ ُن َف ِّر ُق َب ْينَ َأ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم‬ ‫وسى َوعِ َ‬ ‫وب َواَأل ْس َباطِ َو َما ُأوت َِي ُم َ‬ ‫َو َي ْعقُ َ‬
‫َو َن ْحنُ َل ُه ُم ْسلِ ُمونَ " (آل عمران‪)84‬‬
‫وح َوال َّن ِب ِّيينَ مِن َب ْع ِد ِه َوَأ ْو َح ْي َنا ِإ َلى‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫وقوله تعالى‪ِ" :‬إ َّنا ْو َح ْي َنا ِإ َل ْي َك َك َما ْو َح ْي َنا ِإ َلى ُن ٍ‬
‫س َوهَا ُرونَ‬ ‫وب َو ُيو ُن َ‬ ‫يسى َوَأ ُّي َ‬ ‫وب َواَأل ْس َباطِ َوعِ َ‬ ‫اق َو َي ْعقُ َ‬ ‫ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َماعِ يل َ َوِإ ْس َح َ‬
‫س َل ْي َمانَ َوآ َت ْي َنا دَ ُأوودَ َز ُبوراً " (النساء‪)163:‬‬ ‫َو ُ‬

‫يدع اسمك بعد ذلك‬


‫وهذا يتنافى مع رواية التوراة؛ ألن في سفر التكوين قال الرب لم َ‬
‫يعقوب!‬

‫فإذا تتبعنا تعبير القرآن بشكل تدقيقي ال نجده يقول بأن سيدنا يعقوب سمي إسرائيل‪ ,‬وال‬
‫نجده ينسب النبوة إلسرائيل‪ ,‬بل نجده يفرق بين النسلين؛ فنسل إسرائيل تم فصله عن بني‬
‫آدم‪ ,‬إذ لم يذكر في القرآن بني يعقوب‪ ,‬وال بني عمران‪ ,‬وال بني إبراهيم‪ ,‬وال بني نوح‪,‬‬
‫الكلمة (بني) لم تذكر إطالقا إال عند سيدنا آدم و إسرائيل‪ ,‬في حين أن جاء ذكر نسل‬
‫سيدنا يعقوب بـِ آل يعقوب في اآلية الكريمة على لسان يعقوب نفسه‪:‬‬

‫يل اَأْل َحادِي ِ‬ ‫ٰ‬


‫آل َي ْعقُ َ‬
‫وب‬ ‫ث َو ُي ِت ُّم ن ِْع َم َت ُه َع َل ْي َك َو َع َل ٰى ِ‬ ‫" َو َك َذلِ َك َي ْج َت ِبي َك َر ُّب َك َو ُي َع ِّل ُم َك مِن َتْأ ِو ِ‬
‫اق ۚ ِإنَّ َر َّب َك َعلِي ٌم َحكِي ٌم"(يوسف‪)6:‬‬ ‫َك َما َأ َت َّم َها َع َل ٰى َأ َب َو ْي َك مِن َق ْبل ُ ِإ ْب َراهِي َم َوِإ ْس َح َ‬

‫كما أن لدينا هنا لفتتين في القرآن؛ أوالهما‪ :‬كيف لسورة كاملة عن سيدنا يوسف وأبويه‬
‫وإخوته لم يذكر فيها اللفظة (إسرائيل) أو (بني إسرائيل)‪ ,‬إذ كان من باب أولى أن يقال‬

‫‪252‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫في هذه السورة أن يعقوب سمي إسرائيل؛ أو حتى ذكر اسم إسرائيل من باب المغايرة‪,‬‬
‫أو نسب أخوة يوسف له؛ كأن يقال عنهم (بني إسرائيل) في هذه السورة!!‬

‫وثانيهما‪ :‬أن عدد آيات سورة يوسف التي تقص قصص آل يعقوب (‪ 111‬آية)‪ ,‬وعدد‬
‫آيات سورة بني إسرائيل ‪ -‬اإلسراء ‪ 111( -‬آية)‪ ,‬ولم يذكر يعقوب في سورة بني‬
‫إسرائيل‪ ,‬وال يوسف عليه السالم‪ ,‬كما أنه لم يذكر إسرائيل‪ ,‬وال موسى وهارون عليهما‬
‫السالم في سورة يوسف التي تقص خبر آل يعقوب!!‬

‫وفي موضع آخر بسورة أخرة على لسان سيدنا زكريا ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬قال سبحانه و‬
‫تعالى في اآلية الكريمة‪:‬‬

‫شقِ ًّيا (‪)4‬‬ ‫ُعاِئ َك َر ِّب َ‬ ‫ش ْي ًبا َو َل ْم َأ ُكن ِبد َ‬ ‫الرْأ ُ‬


‫س َ‬ ‫" َقال َ َر ِّب ِإ ِّني َوهَنَ ا ْل َع ْظ ُم ِم ِّني َوا ْ‬
‫ش َت َعل َ َّ‬
‫ام َرَأتِي َعاق ًِرا َف َه ْب لِي مِن َّلدُن َك َولِ ًّيا (‪َ )5‬ي ِر ُثنِي‬
‫ت ْ‬ ‫َوِإ ِّني ِخ ْف ُ‬
‫ت ا ْل َم َوال َِي مِن َو َراِئي َو َكا َن ِ‬
‫اج َع ْل ُه َر ِّب َرضِ ًّيا (‪[ ")6‬سورة مريم]‬ ‫وب ۖ َو ْ‬ ‫آل َي ْعقُ َ‬
‫ث مِنْ ِ‬ ‫َو َي ِر ُ‬

‫في اآلية السادسة نجد زكريا – عليه السالم ‪ -‬سمى نسل يعقوب بآل يعقوب‪ ,‬وليس بني‬
‫يعقوب‪ ,‬أو بني إسرائيل‪.‬‬

‫بعد تدبرنا لما مر من آيات كريمات‪ ,‬حاولنا فهمها قدر جهدنا‪ ,‬نختمها بوقفة على أحاديث‬
‫نبوية نتدبرها سويا‪.‬‬

‫وقفة حديثية‪:‬‬
‫هللا ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم شاةٌ فيها ُ‬
‫س ٌّم‪ ،‬فقال َ َرسول ُ‬ ‫سول ِ‬‫ِحت َخي َب ُر ُأه ِد َي ْت ل َِر ِ‬
‫" َل َّما فُت ْ‬
‫هللا ص َّلى‬
‫هللا ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم‪ :‬اج َمعوا لي َمن كان مِنَ ال َيهو ِد هنا‪ .‬فقال لهم َرسول ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫صدَ َ‬
‫قت‬ ‫هللاُ عليه وس َّل َم‪َ :‬من أبوكم؟ قالوا‪ :‬فُالنٌ ‪ .‬قال‪َ :‬ك َذب ُتم‪ ،‬بل أبوكم فُالنٌ ‪ .‬فقالوا‪َ :‬‬
‫سأل ُتكم عنه؟ قالوا‪َ :‬ن َع ْم يا أبا‬
‫يء إنْ َ‬
‫ش ٍ‬‫ِقي عن َ‬
‫رت‪ .‬ثم قال لهم‪ :‬هل أن ُتم صاد َّ‬
‫و َب ِر َ‬

‫‪253‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫هللا ص َّلى هللاُ‬ ‫القاسِ ِم‪ ،‬وإنْ َك َذبنا َك َع َر َ‬


‫فت َك ِذ َبنا كما َع َرف َته في أبينا‪ .‬فقال لهم َرسول ُ ِ‬
‫سيرا ثم َتخلُفوننا فيها‪ .‬فقال لهم َرسول ُ‬
‫النار؟ فقالوا‪َ :‬نكونُ فيها َي ً‬ ‫ِ‬ ‫عليه وس َّل َم‪َ :‬من أهل ُ‬
‫هللا ال َنخلُفُكم فيها أ َبدًا‪ .‬ثم قال لهم َرسول ُ ِ‬
‫هللا‬ ‫اخسُؤ وا‪ ،‬و ِ‬
‫َ‬ ‫هللا ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم‪:‬‬‫ِ‬
‫يء إنْ سأل ُتكم عنه؟ قالوا‪َ :‬ن َع ْم يا أبا‬ ‫ش ٍ‬ ‫ِقي عن َ‬ ‫ص َّلى هللاُ عليه وس َّل َم‪ :‬هل أن ُتم صاد َّ‬
‫س ًّما؟ فقالوا‪َ :‬ن َع ْم‪ .‬فقال‪ :‬فما َح َم َلكم على ذلك؟‬ ‫القاسِ ِم‪ .‬فقال‪ :‬هل َج َعل ُتم في هذه الشا ِة ُ‬
‫نت َنب ًّيا لم َي ُ‬
‫ض َّر َك"‪.‬‬ ‫نت كا ِذ ًبا أنْ َنس َت َ‬
‫ريح مِن َك‪ ،‬وإنْ ُك َ‬ ‫أردْ نا إنْ ُك َ‬
‫فقالوا‪َ :‬‬

‫}صحيح البخاري ‪[ • ٣١٦٩‬صحيح]{‬

‫وهذا الحديث حديث عظيم ومهم‪ ,‬اإلمام البخاري أشار لنا فيه أن اليهود كانوا يكذبون في‬
‫اسم أبيهم الجامع على النبي محمد ‪ -‬عليه الصالة و السالم ‪ -‬فهل سيتورعون عن الكذب‬
‫علينا؟!‬

‫وفي حديث طويل منه‪:‬‬

‫وسى ‪)144(" ...‬‬


‫اء َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ُم َ‬ ‫" َفَأ َّول ُ اَأل ْن ِب َي ِ‬
‫اء آدَ ُم‪َ ،‬وآ ِخ ُر ُه ْم َأ َنا‪َ ،‬وَأ َّول ُ َأ ْن ِب َي ِ‬

‫وهذا الحديث صححه بعض علماء الحديث؛ كابن ِحبَّان‪ ,‬والحافظ ابن َح َجر‪ ,‬وضعفه‬
‫بعضهم‪.‬‬

‫وعلى هذا الحديث ال يعقل أن يكون موسى وبنو إسرائيل من يعقوب عليه السالم؛ ألن‬
‫أول أنبياء آل يعقوب هو يعقوب نفسه؛ إذ كان من ضمن قومه بنوه وأبناؤهم‪ ,‬وإن كان‬
‫المقصود كون النبي نفسه من بني يعقوب فهو يوسف عليه السالم‪.‬‬

‫عباس قال‪" :‬األنبيا ُء من بني‬


‫ٍ‬ ‫ابن‬
‫الرواية التي نرجحها يعضدها حديث آخر نصه‪ :‬عن ِ‬
‫ُ‬
‫وإسحاق‬ ‫وشعيب وإبراهي ُم وإسماعيل ُ‬
‫ٌ‬ ‫ح وهو ٌد ولو ٌط وصال ٌح‬
‫إسرائيل َ إال عشر ًة نو ٌ‬

‫‪ )(144‬أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن الجوزي في الموضوعات ‪ ،‬وهما في طرفي نقيض‪ ،‬والصواب‬
‫أنه ضعيف ال صحيح ‪ ،‬وال موضوع ‪ ،‬كما بينه السيوطي في مختصر الموضوعات‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ويعقوب‬
‫َ‬ ‫عيسى‬
‫َ‬ ‫اسمان إال‬
‫ِ‬ ‫نبي إال له‬ ‫وعيسى ومحم ٌد ص َّلى هللاُ عليهم وليس من ٍّ‬ ‫َ‬
‫عليهما السال ُم"‬

‫وهو ما رواه الحاكم في المستدرك باب تفسير سورة مريم (رقم ‪ )3372‬وصححه‪)145(.‬‬

‫في هذا الحديث أيضًا شهادة بأن كل األنبياء لهم اسمان إال عيسى ويعقوب‪ ،‬فكيف يكون‬
‫ثان لنبي هللا يعقوب؟!‬
‫إسرائيل هو اسم ٍ‬

‫وإذا سلمنا بصحة أن إسرائيل هو يعقوب‪ ،‬وأن بني إسرائيل هم بنو يعقوب‪ ،‬فلماذا يريد‬
‫الحديث أعاله أن يشرح بديهية؛ كأن يخبرنا أن إسحاق ليس من بني إسرائيل؟ فهل من‬
‫المنطق ‪ -‬إذا كان إسرائيل هو يعقوب ‪ -‬أن يأتي من يدعي‪ ,‬أو يجعل االبن نسبًا لألب‬
‫إسحاق‪ ,‬أو للجد إبراهيم؛ بأن يثبت أن إسحاق أبو يعقوب ليس من بني إسرائيل؟!‬

‫الحديث جعل يعقوب من بني إسرائيل‪ ،‬وليس هو إسرائيل ذاته‪ ،‬بل إن ذكر الحديث لنوح‬
‫أنه ليس من بني إسرائيل‪ ،‬إنما يعني أن إسرائيل هذا إنما هو شخص سابق على زمن‬
‫نوح‪ ،‬وتأتي أهمية نوح تحدي ًدا في أن هذا القول يأخذنا إلى أن إسرائيل إنما هو شخص‬
‫من مرحلة ما قبل الطوفان‪ ،‬استنا ًدا إلى أن نوح هو صاحب العبور من قبل إلى بعد‬
‫الطوفان‪ ،‬وهذا ما يتفق مع النص القرآني الخاص بابني آدم" من أجل ذلك كتبنا على‬
‫بني إسرائيل"‪.‬‬

‫وعلى كل ما تقدم فال شك عندنا في كون إسرائيل غير يعقوب ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬بل كما‬
‫ذهبنا فيما مر بنا إلى أن إسرائيل هو أحد ابني آدم‪ ,‬وهو القاتل المسمى قابيل‪.‬‬

‫*****‬

‫‪ ))145‬رواه الحاكم في المستدرك وصححه‪ ،‬والبيهقي في شعب اإليمان والطبراني‪ ،‬وقال الهيثمي في‬
‫مجمع الزوائد‪ :‬ورجاله ثقات‪.‬‬
‫‪255‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪256‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مبحث‬
‫إدريس هو أوزير‬
‫َّان ال َّت ْيمِيُّ ‪َ ,‬عنْ َأ ِبي‬ ‫«‪َ »4712‬ح َّد َث َنا م َُح َّم ُد بْنُ ُم َقات ٍِل َأ ْخ َب َر َنا َع ْب ُد هَّللا ِ‪َ ,‬أ ْخ َب َر َنا َأبُو َحي َ‬
‫ص َّلى‬ ‫سول ُ هَّللا ِ َ‬ ‫ير‪َ ,‬عنْ َأ ِبي ه َُري َْر َة َرضِ َي هَّللا ُ َع ْن ُه َقا َل‪ُ" :‬أت َِي َر ُ‬ ‫ْن َج ِر ٍ‬ ‫مْرو ب ِ‬ ‫ْن َع ِ‬ ‫ُزرْ َع َة ب ِ‬
‫س ًة ُث َّم َقالَ‪َ(( :‬أ َنا‬ ‫س ِم ْن َها َن ْه َ‬ ‫الذ َرا ُع‪َ ،‬و َكا َن ْت ُت ْع ِج ُب ُه‪َ ،‬ف َن َه َ‬ ‫س َّل َم ِب َل ْح ٍم‪َ ،‬ف ُرف َِع ِإ َل ْي ِه ِّ‬ ‫هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫صعِي ٍد‬ ‫اس اَأل َّولِينَ َواآلخ ِِرينَ فِي َ‬ ‫اس َي ْو َم ا ْلقِ َيا َمةِ‪َ ،‬و َهلْ َتدْ ُرونَ ِم َّم َذلِ َك ُي ْج َم ُع ال َّن ُ‬ ‫س ِّي ُد ال َّن ِ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫اس مِنَ ا ْل َغ ِّم َوا ْل َك ْر ِ‬ ‫س‪َ ،‬ف َي ْبلُ ُغ ال َّن َ‬ ‫ش ْم ُ‬‫ص ُر‪َ ،‬و َتدْ ُنو ال َّ‬ ‫َوا ِحدٍ‪ُ ،‬ي ْس ِم ُع ُه ُم الدَّ اعِ ي‪َ ،‬و َي ْنفُ ُذ ُه ُم ا ْل َب َ‬
‫ش َف ُع َل ُك ْم‬‫اس َأالَ َت َر ْونَ َما َقدْ َب َل َغ ُك ْم َأالَ َت ْن ُظ ُرونَ َمنْ َي ْ‬ ‫َما الَ ُيطِ يقُونَ َوالَ َي ْح َت ِملُونَ َف َيقُول ُ ال َّن ُ‬
‫ض َع َل ْي ُك ْم ِبآدَ َم َف َيْأ ُتونَ آدَ َم عليه السالم َف َيقُولُونَ َل ُه‬ ‫اس لِ َب ْع ٍ‬‫ض ال َّن ِ‬ ‫ِإ َلى َر ِّب ُك ْم َف َيقُول ُ َب ْع ُ‬
‫ش َف ْع‬ ‫س َجدُوا َل َك‪ ،‬ا ْ‬ ‫ش ِر َخ َل َق َك هَّللا ُ ِب َي ِدهِ‪َ .‬و َن َف َخ فِي َك مِنْ ُرو ِحهِ‪َ ،‬وَأ َم َر ا ْل َمالَِئ َك َة َف َ‬ ‫َأ ْن َت َأ ُبو ا ْل َب َ‬
‫َل َنا ِإ َلى َر ِّب َك‪َ ،‬أالَ َت َرى ِإ َلى َما َن ْحنُ فِي ِه َأالَ َت َرى ِإ َلى َما َقدْ َب َل َغ َنا َف َيقُول ُ آدَ ُم ِإنَّ َر ِّبي َقدْ‬
‫ش َج َر ِة‬ ‫ض َب َب ْعدَ هُ ِم ْث َل ُه‪َ ،‬وِإ َّن ُه َن َهانِي َع ِن ال َّ‬ ‫ض ْب َق ْب َل ُه ِم ْث َل ُه َو َلنْ َي ْغ َ‬ ‫ض ًبا َل ْم َي ْغ َ‬ ‫َغضِ َب ا ْل َي ْو َم َغ َ‬
‫وحا‬ ‫وح‪َ ،‬ف َيْأ ُتونَ ُن ً‬ ‫ص ْي ُت ُه‪َ ،‬ن ْفسِ ي َن ْفسِ ي َن ْفسِ ي‪ْ ،‬اذ َه ُبوا ِإ َلى َغ ْي ِري‪ْ ،‬اذ َه ُبوا ِإ َلى ُن ٍ‬ ‫َف َع َ‬
‫ش َف ْع‬ ‫ورا ا ْ‬ ‫ش ُك ً‬ ‫س َّما َك هَّللا ُ َع ْبدًا َ‬ ‫ض‪َ ،‬و َقدْ َ‬ ‫س ِل ِإ َلى َأهْ ِل اَأل ْر ِ‬ ‫ح ِإ َّن َك َأ ْن َت َأ َّول ُ ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫َف َيقُولُونَ َيا ُنو ُ‬
‫ض ًبا‬ ‫َل َنا ِإ َلى َر ِّب َك‪َ ،‬أالَ َت َرى ِإ َلى َما َن ْحنُ فِي ِه َف َيقُولُ‪ِ :‬إنَّ َر ِّبي َع َّز َو َجل َّ َقدْ َغضِ َب ا ْل َي ْو َم َغ َ‬
‫ض َب َب ْعدَ هُ ِم ْث َل ُه‪َ ،‬وِإ َّن ُه َقدْ َكا َن ْت لِي دَ ْع َوةٌ دَ َع ْو ُت َها َع َلى َق ْومِي‬ ‫ض ْب َق ْب َل ُه ِم ْث َل ُه‪َ ،‬و َلنْ َي ْغ َ‬ ‫َل ْم َي ْغ َ‬
‫َن ْفسِ ي َن ْفسِ ي َن ْفسِ ي ْاذ َه ُبوا ِإ َلى َغ ْي ِري‪ْ ،‬اذ َه ُبوا ِإ َلى ِإ ْب َراهِي َم‪َ ،‬ف َيْأ ُتونَ ِإ ْب َراهِي َم‪َ ،‬ف َيقُولُونَ َيا‬
‫ش َف ْع َل َنا ِإ َلى َر ِّب َك َأالَ َت َرى ِإ َلى َما َن ْحنُ‬ ‫ضا ْ‬ ‫ِإ ْب َراهِي ُم‪َ ،‬أ ْن َت َن ِب ُّي هَّللا ِ َو َخلِيلُ ُه مِنْ َأهْ ِل اَأل ْر ِ‬
‫ض َب َب ْعدَ هُ‬ ‫ض ْب َق ْب َل ُه ِم ْث َل ُه َو َلنْ َي ْغ َ‬ ‫ض ًبا َل ْم َي ْغ َ‬ ‫فِي ِه َف َيقُول ُ َل ُه ْم ِإنَّ َر ِّبي َقدْ َغضِ َب ا ْل َي ْو َم َغ َ‬
‫ت َثالَ َث َك َذ َباتٍ‪َ -‬ف َذ َك َرهُنَّ َأ ُبو َح َّيانَ فِي ا ْل َحدِيثِ‪َ -‬ن ْفسِ ي َن ْفسِ ي‬ ‫ت َك َذ ْب ُ‬ ‫ِم ْث َل ُه‪َ ،‬وِإ ِّني َقدْ ُك ْن ُ‬
‫وسى َأ ْن َت‬ ‫وسى‪َ ،‬ف َيقُولُونَ َيا ُم َ‬ ‫وسى‪َ ،‬ف َيْأ ُتونَ ُم َ‬ ‫َن ْفسِ ي‪ْ ،‬اذ َه ُبوا ِإ َلى َغ ْي ِري ْاذ َه ُبوا ِإ َلى ُم َ‬
‫ش َف ْع َل َنا ِإ َلى َر ِّب َك َأالَ َت َرى ِإ َلى َما‬ ‫اس‪ ،‬ا ْ‬ ‫سا َل ِت ِه َو ِب َكالَ ِم ِه َع َلى ال َّن ِ‬ ‫ض َل َك هَّللا ُ ِب ِر َ‬ ‫سول ُ هَّللا ِ‪َ ،‬ف َّ‬ ‫َر ُ‬
‫ض َب َب ْعدَ هُ‬ ‫ض ْب َق ْب َل ُه ِم ْث َل ُه‪َ ،‬و َلنْ َي ْغ َ‬ ‫ض ًبا َل ْم َي ْغ َ‬ ‫َن ْحنُ فِي ِه َف َيقُولُ‪ِ :‬إنَّ َر ِّبي َقدْ َغضِ َب ا ْل َي ْو َم َغ َ‬
‫سا َل ْم ُأو َم ْر ِب َق ْتلِ َها‪َ ،‬ن ْفسِ ي َن ْفسِ ي َن ْفسِ ي‪ْ ،‬اذ َه ُبوا ِإ َلى َغ ْي ِري‪،‬‬ ‫ت َن ْف ً‬ ‫ِم ْث َل ُه‪َ ،‬وِإ ِّني َقدْ َق َت ْل ُ‬
‫سول ُ هَّللا ِ َو َكلِ َم ُت ُه َأ ْل َقاهَا ِإ َلى‬ ‫يسى َأ ْن َت َر ُ‬ ‫يسى َف َيقُولُونَ َيا عِ َ‬ ‫يسى‪َ ،‬ف َيْأ ُتونَ عِ َ‬ ‫ْاذ َه ُبوا ِإ َلى عِ َ‬

‫‪257‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ش َف ْع َل َنا َأالَ َت َرى ِإ َلى َما َن ْحنُ فِي ِه‬ ‫ص ِب ًّيا ا ْ‬


‫اس فِي ا ْل َم ْه ِد َ‬ ‫ح ِم ْن ُه‪َ ،‬و َك َّل ْم َت ال َّن َ‬ ‫َم ْر َي َم َو ُرو ٌ‬
‫ض َب َب ْعدَ هُ‬ ‫ض ْب َق ْب َل ُه ِم ْث َل ُه‪َ ،‬و َلنْ َي ْغ َ‬ ‫ض ًبا َل ْم َي ْغ َ‬ ‫يسى ِإنَّ َر ِّبي َقدْ َغضِ َب ا ْل َي ْو َم َغ َ‬ ‫َف َيقُول ُ عِ َ‬
‫ص َّلى هَّللا ُ‬ ‫ِم ْث َل ُه‪َ -‬و َل ْم َي ْذ ُك ْر َذ ْن ًبا‪َ -‬ن ْفسِ ي َن ْفسِ ي َن ْفسِ ي‪ْ ،‬اذ َه ُبوا ِإ َلى َغ ْي ِري ْاذ َه ُبوا ِإ َلى ُم َح َّم ٍد َ‬
‫سول ُ هَّللا ِ َو َخا َت ُم‬ ‫س َّل َم َف َيقُولُونَ َيا ُم َح َّم ُد َأ ْن َت َر ُ‬ ‫ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬‫س َّل َم َف َيْأ ُتونَ ُم َح َّمدًا َ‬ ‫َع َل ْي ِه َو َ‬
‫ش َف ْع َل َنا ِإ َلى َر ِّب َك َأالَ َت َرى ِإ َلى َما‬ ‫اء‪َ ،‬و َقدْ َغ َف َر هَّللا ُ َل َك َما َت َقدَّ َم مِنْ َذ ْن ِب َك َو َما َتَأ َّخ َر‪ ،‬ا ْ‬ ‫اَأل ْن ِب َي ِ‬
‫سا ِجدًا ل َِر ِّبي َع َّز َو َجل َّ ُث َّم َي ْف َت ُح هَّللا ُ َع َل َّي مِنْ‬ ‫ش‪َ ،‬فَأ َق ُع َ‬ ‫َن ْحنُ فِي ِه َفَأ ْن َطل ُِق َفآتِي َت ْح َت ا ْل َع ْر ِ‬
‫س َك‪،‬‬ ‫ار َف ْع َرْأ َ‬‫ش ْيًئ ا َل ْم َي ْف َت ْح ُه َع َلى َأ َح ٍد َق ْبلِي ُث َّم ُي َقال ُ َيا ُم َح َّم ُد ْ‬ ‫اء َع َل ْي ِه َ‬ ‫َم َحا ِم ِد ِه َو ُح ْس ِن ال َّث َن ِ‬
‫ش َّف ْع‪َ ،‬فَأ ْر َف ُع َرْأسِ ي‪َ ،‬فَأقُول ُ ُأ َّمتِي َيا َر ِّب‪ُ ،‬أ َّمتِي َيا َر ِّب َف ُي َقال ُ َيا ُم َح َّم ُد‬ ‫ش َف ْع ُت َ‬ ‫سلْ ُت ْع َط ْه‪َ ،‬وا ْ‬ ‫َ‬
‫ب ا ْل َج َّن ِة َو ُه ْم ُ‬
‫ش َر َكا ُء‬ ‫ب اَأل ْي َم ِن مِنْ َأ ْب َوا ِ‬ ‫اب َع َل ْي ِه ْم مِنَ ا ْل َبا ِ‬ ‫َأدْ ِخلْ مِنْ ُأ َّم ِت َك َمنْ الَ ح َ‬
‫ِس َ‬
‫اع ْي ِن مِنْ‬
‫ِص َر َ‬ ‫اس فِي َما سِ َوى َذلِ َك مِنَ اَأل ْب َوابِ‪ُ ،‬ث َّم َقال َ َوا َّلذِي َن ْفسِ ي ِب َي ِد ِه ِإنَّ َما َب ْينَ ا ْلم ْ‬ ‫ال َّن ِ‬
‫ص َرى"‪.‬‬ ‫يع ا ْل َج َّن ِة َك َما َب ْينَ َم َّك َة َوح ِْم َي َر‪َ ،‬أ ْو َك َما َب ْينَ َم َّك َة َو ُب ْ‬
‫ار ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫َم َ‬
‫} شرح الطحاوية ‪ • ٢٢٩‬صحيح • أخرجه البخاري (‪ ،)٤٧١٢‬ومسلم (‪{)١٩٤‬‬

‫وقد يسأل سائل‪:‬‬


‫إذ كان نوح أول الرسل فكيف يقال إدريس قبله؟‬
‫والجواب على ذلك عرضه كثير من علمائنا منهم‪:‬‬
‫[قال القاضي عياض في (إكمال ال ُم ْعلم)‪:‬‬
‫قد يُجم ُع بين هذا بأن يُقال‪ :‬اختص بعث نوح ألهل األرض‪ ،‬كما قال في الحديث‪( :‬كافة)‬
‫كنبينا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ويكون إدريس لقومه كموسى‪ ,‬وهود‪ ,‬وصالح‪ ,‬ولوط‪,‬‬
‫وغيرهم ‪ ,...‬وبمثل هذا أيضا يسقط االعتراض بآدم‪ ,‬وشيث‪ ,‬ورسالتيهما إلى من معهما‪،‬‬
‫وإن كانا رسولين؛ فإن آدم إنما أرسل لبنيه‪ ,‬ولم يكونوا كفارا‪ ،‬بل أمر بتعليمهم اإليمان‪,‬‬
‫والتوحيد‪ ,‬وطاعة هللا‪ ،‬وكذلك خلفه شيث بعده فيهم‪ ،‬بخالف رسالة نوح إلى كفار أهل‬
‫األرض‪ .‬هـ‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقال الخرشي في (شرح مختصر خليل)‪ :‬فائدة‪:‬‬
‫أول الرسل آدم‪ ،‬وأول نبي بعثه هللا في األرض إدريس‪ ،‬وأول الرسل نوح ‪ ,...‬وال‬
‫تعارض بين العبارتين‪.‬‬
‫أما آدم أرسله هللا إلى أوالده؛ ليعلمهم‪ ,‬ويهديهم إلى ما أمر هللا به‪ ,‬فكان أول رسول‪ ،‬وأما‬
‫نوح فهو أول رسول إلى الكفار‪ .‬هـ‬

‫وقال العدوي في شرحه‪ :‬قوله "أول الرسل آدم" أي على اإلطالق‪ .‬وقوله "وأول نبي‬
‫بعثه هللا في األرض" أي بعد شيث ‪ ...‬وقوله "وأول الرسل نوح" أي بعد إدريس‪ ،‬وأما‬
‫قول الشارح‪ :‬وال تعارض بين العبارتين فلم أفهمه؛ وذلك ألنه سكت عن إدريس مع أنه‬
‫نبي ورسول‪ ،‬وقد قال فيه [وأول نبي بعثه هللا في األرض إدريس] وأيضا فقد ذكر‬
‫المفسرون؛ الخازن والخطيب‪ ,‬وغيرهم ‪ ...‬أن إدريس أول من قاتل الكفار‪.‬‬
‫والظاهر أنه إنما قاتلهم لكونهم لم يؤمنوا به؛ فإذا يكون مرسال إليهم‪ ،‬فلعل األظهر ما‬
‫قلنا‪ ,‬أخذته من قول القسطالني؛ في شأن إدريس‪ ,‬وكان إدريس أول نبي‪ ,‬أعطي النبوة‬
‫بعد آدم وشيث‪ ,‬وفي شأن نوح‪ ،‬وهو أول نبي بعثه هللا بعد إدريس‪.‬‬
‫أو نقول‪:‬‬
‫وأول الرسل نوح؛ أي بتحريم البنات‪ ,‬والعمات‪ ,‬والخاالت‪ ،‬نقله عن القرطبي هـ‪)146(].‬‬
‫ان َقا َل‪َ :‬أ ْخ َب َرنِي ابْنُ َوهْ ٍ‬
‫ب َقا َل‪َ :‬ح َّد َثنِي ُع َم ُر ابْنُ م َُح َّم ٍد‬ ‫«‪َ »4402‬ح َّد َث َنا َيحْ َيى بْنُ ُس َل ْي َم َ‬
‫ْن ُع َم َر َرضِ َي هَّللا ُ َع ْن ُه َما َقا َل‪:‬‬ ‫َأنَّ َأ َباهُ َح َّد َث ُه َع ِن اب ِ‬
‫س َّل َم َب ْينَ َأ ْظ ُه ِر َنا‪َ ،‬والَ َندْ ِري َما َح َّج ُة‬ ‫ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬ ‫اع َوال َّن ِب ُّي َ‬ ‫ث ِب َح َّج ِة ا ْل َودَ ِ‬ ‫ُك َّنا َن َت َحدَّ ُ‬
‫يح الدَّ َّجال َ َفَأ ْط َن َب فِي ذ ِْك ِر ِه َو َقالَ‪َ (( :‬ما َب َع َث‬ ‫اع‪َ ،‬ف َحمِدَ هَّللا َ َوَأ ْث َنى َع َل ْي ِه ُث َّم َذ َك َر ا ْل َمسِ َ‬ ‫ا ْل َودَ ِ‬
‫ج فِي ُك ْم‪َ ،‬ف َما َخف َِي‬ ‫ح َوال َّن ِب ُّيونَ مِنْ َب ْع ِدهِ‪َ ،‬وِإ َّن ُه َي ْخ ُر ُ‬ ‫هَّللا ُ مِنْ َن ِب ٍّي ِإالَّ َأ ْن َذ َر ُأ َّم َت ُه‪َ ،‬أ ْن َذ َرهُ ُنو ٌ‬
‫س َع َلى َما َي ْخ َفى َع َل ْي ُك ْم َثالَ ًثا‪ِ ،‬إنَّ َر َّب ُك ْم‬ ‫س َي ْخ َفى َع َل ْي ُك ْم َأنَّ َر َّب ُك ْم َل ْي َ‬ ‫شْأ ِن ِه َف َل ْي َ‬‫َع َل ْي ُك ْم مِنْ َ‬
‫س ِبَأ ْع َو َر‪َ ،‬وِإ َّن ُه َأ ْع َو ُر َع ْي ِن ا ْل ُي ْم َنى‪َ ،‬كَأنَّ َع ْي َن ُه عِ َن َب ٌة َطافِ َي ٌة ‪.".......‬‬ ‫َل ْي َ‬
‫‪https://www.islamweb.net/ar/fatwa/134574 ))146‬‬
‫‪259‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫صحيح البخاري ‪[ • ٤٤٠٢‬صحيح]‬

‫ونحن نقول إن نوحا ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أنذر أمته‪ ,‬كما أنذر إدريس قبله أمته من قبله؛ إذ‬
‫العداء قائم بين إدريس وست‪ ,‬ونرجح أن يكون ست إسرائيل هو نفسه الدجال‪.‬‬
‫وكما أننا رجحنا أن يكون إدريس هو نفسه أوزير بن أتوم – آدم ‪ -‬ولكن ال نستبعد أن‬
‫يكون حفيدا آلدم‪ ,‬وابنا للمقتول‪ ,‬وتكون األسطورة الحاكية قصة أوزير جمعت بين‬
‫قصتي أوزير المرفوع وأبيه المقتول‪ ,‬وأن نسبتهما ألوزير لبعد الزمن بين القصة‬
‫وتدوينها؛ فهذا وارد‪.‬‬
‫أما على قولنا إن أوزير ‪ -‬إدريس ‪ -‬قتِل‪ ,‬ثم أحياه هللا ثم ُرفِع‪ ,‬فقبضت روحه في السماء‬
‫الرابعة‪ ,‬فال مخالفة شرعية‪ ,‬أو عقلية‪ ,‬وإن سأل سائل كيف لشخص مات أن يحييه هللا ‪-‬‬
‫تبارك وتعالى ‪ -‬ويعيش في الدنيا مرة أخرى؟‬
‫جواب ذلك‪ :‬ليس من مانع في أن يفعل ذلك ربنا‪ ,‬وهو القادر على كل شيء‪ ,‬بل إن ربنا‬
‫فعل ذلك‪ ,‬وأخبرنا به في القرآن قال تعالى‪:‬‬
‫او َي ٌة َع َل ٰى ُع ُروشِ َها َقال َ َأ َّن ٰى ُي ْح ِيي ٰ َه ِذ ِه هَّللا ُ َب ْعدَ َم ْو ِت َها ۖ‬ ‫" َأ ْو َكا َّلذِي َم َّر َع َل ٰى َق ْر َي ٍة َوه َِي َخ ِ‬
‫ض َي ْو ٍم ۖ َقال َ َبل َّل ِب ْث َت‬ ‫ت َي ْو ًما َأ ْو َب ْع َ‬ ‫َفَأ َما َت ُه هَّللا ُ مِاَئ َة َع ٍام ُث َّم َب َع َث ُه ۖ َقال َ َك ْم َل ِب ْث َت ۖ َقال َ َل ِب ْث ُ‬
‫اس ۖ‬‫ار َك َولِ َن ْج َع َل َك آ َي ًة ِّلل َّن ِ‬ ‫س َّن ْه ۖ َوان ُظ ْر ِإ َل ٰى ِح َم ِ‬ ‫ش َر ِاب َك َل ْم َي َت َ‬‫مِاَئ َة َع ٍام َفان ُظ ْر ِإ َل ٰى َط َعا ِم َك َو َ‬
‫سوهَا َل ْح ًما ۚ َف َل َّما َت َب َّينَ َل ُه َقال َ َأ ْع َل ُم َأنَّ هَّللا َ َع َل ٰى ُكل ِّ‬ ‫ف ُننشِ ُزهَا ُث َّم َن ْك ُ‬ ‫َوان ُظ ْر ِإ َلى ا ْلع َ‬
‫ِظ ِام َك ْي َ‬
‫ش ْي ٍء َقدِي ٌر" [البقرة‪]259 :‬‬ ‫َ‬

‫وقد سبق في الباب األول من هذا الكتاب تحقيق قصة ابني آدم‪ ,‬ومقابلة النص القرآني‬
‫بالنص األثري‪ ,‬والوقوف على الموافقات بينهما‪ ,‬وشرحها‪.‬‬
‫هذا‪ ,‬والحمدهلل رب العالمين‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ونختم بحديث عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وشرحه؛ حتى ال نسلم لكل القصص‬
‫التي يفتريها بنو إسرائيل‪ ,‬ويحاولون تمريرها إلينا على أنها م َُسلّمات وقضايا قطعية‬
‫صادقة!‬

‫ك بْنُ َم ْخ َلدٍ‪َ ،‬أ ْخ َب َر َنا اَأْل ْو َزاعِ يُّ ‪َ ،‬ح َّد َث َنا َحسَّانُ ابْنُ َعطِ َّي َة‪،‬‬‫‪َ -٣٤٦١‬ح َّد َث َنا َأبُو َعاصِ ٍم الضَّحَّ ا ُ‬
‫مْرو‪َ ،‬أنَّ ال َّن ِبيَّ َ‬
‫صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم َقا َل ‪:‬‬ ‫ْن َع ٍ‬ ‫َعنْ َأ ِبي َك ْب َش َة‪َ ،‬عنْ َع ْب ِد هَّللا ِ ب ِ‬
‫" َب ِّل ُغوا َع ِّني َو َل ْو آ َي ًة‪َ ،‬و َحدِّ ُثوا َعنْ َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ َواَل َح َر َج‪َ ،‬و َمنْ َك َذ َب َع َل َّي ُم َت َع ِّمدًا‬
‫ار "‬‫َف ْل َي َت َب َّوْأ َم ْق َعدَ هُ مِنَ ال َّن ِ‬
‫ومن شرح الحديث في معني ‪َ -‬و َح ِّد ُثوا َعنْ َبنِي ِإسْ َراِئي َل َواَل َح َر َج ‪ -‬وقال مالك‪ :‬المراد‬
‫جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن‪ ،‬أما ما علم كذبه فال‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المعنى‪ :‬حدثوا عنهم بمثل ما ورد في القرآن والحديث الصحيح‪ .‬وقيل‪ :‬المراد‬
‫جواز التحدث عنهم بأي صورة وقعت من انقطاع‪ ,‬أو بالغ لتعذر االتصال في التحدث‬
‫عنهم‪ ،‬بخالف األحكام اإلسالمية فإن األصل في التحدث بها االتصال‪ ،‬وال يتعذر ذلك‬
‫لقرب العهد‪.‬‬
‫وقال الشافعي‪ :‬من المعلوم أن النبي صلى هللا عليه وسلم ال يجيز التحدث بالكذب؛‬
‫فالمعنى‪ :‬حدثوا عن بني إسرائيل بما ال تعلمون كذبه‪ ،‬وأما ما تجوزونه فال حرج عليكم‬
‫في التحدث به عنهم‪ ,‬وهو نظير قول النبي‪:‬‬

‫صدِّ قُو ُه ْم‪َ ،‬واَل ُت َك ِّذ ُبو ُه ْم‪َ ،‬وقُولُوا ‪ :‬آ َم َّنا ِباهَّلل ِ َو ُك ُت ِب ِه َو ُر ُ‬
‫سلِهِ‪.‬‬ ‫" ِإ َذا َحدَّ َث ُك ْم َأهْ ل ُ ا ْل ِك َتا ِ‬
‫ب َفاَل ُت َ‬
‫صدِّ قُو ُه ْم " [مجموع الفتاوى (الصفحة أو‬ ‫َفِإنْ َكانَ َح ًّقا َل ْم ُت َك ِّذ ُبو ُه ْم‪َ ،‬وِإنْ َكانَ َباطِ اًل َل ْم ُت َ‬
‫الرقم ‪ ) 12/58 :‬خالصة حكم المحدث ‪ :‬صحيح]‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وقفة أخرى بين إدريس وإسرائيل‪:‬‬


‫خياطا‪ ،‬وكان ال‬ ‫ً‬ ‫ورد في بعض التفاسير عن كعب األحبار‪ :‬كان إدريس عليه السالم‬
‫يُدخِل اإلبر َة ويخرجها إاَّل ويقول أربع كلمات‪ :‬سبحان هللا‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪،‬‬
‫وهللا أكبر‪ .‬حتى قال هللا له‪ :‬يا إدريس‪ ،‬أ َما تدري لماذا رفعتك مكا ًنا عل ًّيا؟ لقوله تعالى‪:‬‬
‫{ َو َر َف ْع َناهُ َم َكا ًنا َعلِ ًّيا} [مريم‪ ،]57 :‬قال‪ :‬ال أدري يا ربِّ ‪ ،‬قال‪ :‬يرتفع إليَّ من عملِك ك َّل‬
‫ب َوا ْل َع َمل ُ‬ ‫ص َع ُد ا ْل َكلِ ُم َّ‬
‫الط ِّي ُ‬ ‫يوم مث ُل نِصف أعمال أهل الدنيا من كثرة ِّ‬
‫الذكر؛ {ِإ َل ْي ِه َي ْ‬
‫الصالِ ُح َي ْر َف ُع ُه} [فاطر‪ .]10 :‬وإن كان هذا من اإلسرائليات وعلى ما ذهبنا إليه من أن‬ ‫َّ‬
‫إدريس هو هابيل المقتول‪ ,‬وإسرائيل هو قابيل القاتل‪ ,‬فإن كان إدريس يرفع له مثل‬
‫نصف أعمال أهل األرض من الحسنات‪ ,‬فإن إسرائيل القاتل عليه نصف عذاب أهل‬
‫مرو قال‪" :‬إنَّ ابنَ آدَ َم الذي َق َتل َ أخاهُ ُيقاسِ ُم‬ ‫بن َع ٍ‬
‫هللا ِ‬
‫النار كما جاء في الحديث عن عب ِد ِ‬
‫‪147‬‬
‫حاحا"( )‪.‬‬ ‫ب َجه َّن َم ق ً‬
‫ِسمة صِ ً‬ ‫ِصف َعذا ِ‬
‫النار ن َ‬
‫أهل َ ِ‬
‫وهنا أمر آخر ورد في كتب التفاسير نقال عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪َ ‌" :‬ف َكَأ َّنما‌ َق َتل َ‬
‫اب َمنْ َق َت َل‬ ‫ب َه َذا ال َّت ْش ِبي ِه َأِلجْ ِل َأنَّ عِ َق َ‬‫ين فِي َترْ تِي ِ‬ ‫ظ ْال ُم َفس ِِّر َ‬ ‫ب َل ْف ُ‬ ‫‌جمِيعاً" اضْ َط َر َ‬ ‫اس َ‬ ‫‌ال َّن َ‬
‫َّاس َأ َّن ُه َقا َل‪ْ :‬ال َمعْ َنى َمنْ‬
‫ْن َعب ٍ‬ ‫ي َع ِن اب ِ‬ ‫ب َمنْ َق َت َل َوا ِح ًدا‪َ ،‬فر ُِو َ‬ ‫اس َجمِيعًا َأ ْك َث ُر مِنْ عِ َقا ِ‬ ‫ال َّن َ‬
‫ص َرهُ َف َكَأ َّن َما‬‫‌جمِيعًا َو َمنْ َأحْ َياهُ ِبَأنْ َش َّد َعضُدَ هُ َو َن َ‬ ‫اس َ‬‫َق َت َل َن ِب ًّيا َأ ْو ِإ َما َم َع ْد ٍل ‌ َف َكَأ َّن َما ‌ َق َت َل ‌ال َّن َ‬
‫اس َجمِيعًا(‪.)148‬‬ ‫َأحْ َيا ال َّن َ‬
‫وهذا ما أثبتناه في هذا البحث بأن المقتول هو أوزير نبيا ملكا عادال‪.‬‬
‫*****‬

‫أجوبة على أسئلة معترضة‬

‫السؤال األول‪ :‬هل حِف ُظ المصريين القدماء ألجساد ملوكهم كان من قبيل العلم البشري‬
‫فقط‪ ,‬وهذا العلم وكيفيته سر لم نتوصل إليه حتى اآلن؟‬

‫‪ ))147‬لراوي‪ :‬عروة • شعيب األرنؤوط‪ ،‬تخريج مشكل اآلثار (‪ • )٢٠٧ /٤‬إسناده صحيح على شرط‬
‫الشيخين‪.‬‬
‫‪ ))148‬تفسير القرطبي‪ ,‬ج‪ ,6/‬ص‪.146/‬‬
‫‪262‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الجواب على ذلك‪:‬‬
‫ُّؤال َو ُم َت َعلـِّـقا ِت ِه ُن َق ِّد ُم‬
‫ب َعلى َهذا الس ِ‬ ‫ِلجوا ِ‬ ‫ٌ‬
‫ُوصة؟ ل َ‬ ‫يفية َمخص‬ ‫حنيط س ٌر أو عِ ل ٌم أو َك ٌ‬ ‫ُ‬ ‫هل ال َّت‬
‫ازا َل‬ ‫ُّؤال الذي َم َ‬ ‫األرج ِح لِهذا الس ِ‬
‫َ‬ ‫ب اَألدَ ِّق َو‬ ‫ِف َس ِويّا َعلى َ‬
‫الجوا ِ‬ ‫ُوجزةِ؛ لِ َنق َ‬
‫اإلجاب ِة الم َ‬‫َه ِذ ِه َ‬
‫سعى ال َب َش ُر لِ َمعِر َف ِت ِه ِبال َجدَ وى!!‬‫ِّنين َي َ‬
‫ت الس ِ‬ ‫ُنذ مِئا ِ‬‫م ُ‬
‫يب َعن ك ِّل األسِئ َل ِة ال ُم َت َعلِّ َق ِة‬
‫ِصر َّيةِ‪ ,‬لِ ُي ِج َ‬
‫اآلثار الم ِ‬
‫ِ‬ ‫ور‪ /‬أحمد بدارن‪ ,‬أستاذ‬ ‫ُن ِق َل َعن ال ُّدك ُت ِ‬
‫ت الكافِي ِة َع ِن ال َّتحنِيطِ‬ ‫اآلثار َتوصَّلوا ل َِجم ِ‬
‫ِيع ال َمعلوما ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب َع َملِ َّي ِة ال َّتحنِيطِ ‪َ ,‬و َقا َل‪ِ :‬بأنَّ ُع َلما َء‬
‫َو َخ َط َوا ِت ِه َو َموا ِد ِه مِن َبر ِديّات األسرة (‪ .)21‬كما نقل عن الدكتور‪ /‬أحمد صالح‪ ,‬أستاذ‬
‫اآلثار المصرية‪ ,‬وكما جاء بكتاب (التحنيط فلسفة الخلود في مصر القديمة)‪.‬‬

‫ُ‬
‫ال َّتحنِيط َوأس َبا ُب ُه عِ ندَ الم ِ‬
‫ِصريِّ ال َقد ِ‬
‫ِيم‪:‬‬
‫أوضح د‪ /‬أحمد بدران‪ :‬أن التحنيط هدفه الحفاظ على الجسم‪ ،‬وعرف باالسم (وت)‪،‬‬
‫ير ونزع‬ ‫سل وال َّت ِ‬
‫طه ِ‬ ‫ومعناها باللغة العربية (ال ُحمُوضُ ‪ ....... ،‬وتبدأ خطوات التحنيط بال ُغ ِ‬
‫ِالل َ َ‬
‫ال ُم ِّخ مِن خ ِ‬
‫األيس َر م ِ‬
‫ِن‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫العظ َم ِة المُس َق ِو َّي ِة أعلى األنفِ ‪َ ،‬و َن ِ‬
‫زع األحشا ِء مِن َ‬
‫الجا ِن ِ‬
‫طن عن طريق فتحة جانبية الستخراج الرئتين‪ ,‬والمعدة‪ ,‬والكبد‪ ,‬والكليتين‪ ،‬وأحيانا‬ ‫ال َب ِ‬
‫يستخرج القلب ليحاسب على أعماله ويُضع مكان القلب جعران‪...‬‬

‫وتابع أحمد بدران‪ :‬عملية التحنيط تتضمن التعقيم‪ ,‬وعدم السماح لوجود الجراثيم‪,‬‬
‫والحصول على ليونة الجلد‪ ،‬وذلك عن طريق استخدام زيت األرز‪ ،‬وزيت مرحت‪،‬‬
‫وال َكندَ ر ‪ -‬اللبان الدكر ‪ -‬وشمع النحل‪ ،‬مضيفا أن آخر عملية فى التحنيط هى التكفين‬
‫القدمين‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الرأس حتى أصابع‬
‫ِ‬ ‫حيث تـُـلـَـفُّ جميع األعضا ِء مِن أوَّ ِل‬

‫‪263‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ِيل‪،‬‬ ‫ولفت أحمد بدران إلى أن أدوات التحنيط تتكوَّ ن من فُرشا ِة مص ُن َ‬


‫وع ِة مِن َس َعفِ ال َّنخ ِ‬ ‫َ‬
‫ِيل ُبر ِ‬
‫ُونزيٍّ ‪،‬‬ ‫وإبر ٍة ب ِ‬
‫ُرونز َّيةٍ‪َ ,‬وأزم ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َو َم َقصٍّ َبرُونيٍّ ‪َ ،‬ومُلقاطٍ ‪َ ،‬وم‬
‫ُخرزان بأيدي َخ َش ِب َّيةٍ‪،‬‬
‫طان‪.‬‬
‫ِشر ِ‬ ‫ِجفت‪ ،‬باتيوال من البرونز‪َ ,‬و َمع َل َق ٍة ُبر ِ‬
‫ُونز َّيةِ‪َ ،‬وم َ‬

‫رعر‪َ ،‬ودهن‬ ‫والع َ‬


‫َ‬ ‫ص ُنو َبر‪,‬‬
‫وأضاف بدران أن مكونات التحنيط تتكون من اآلتى‪ :‬ال َّ‬
‫األشجار‪َ ،‬وخلِيط مِن‬
‫ِ‬ ‫مري‪َ ,‬وهو َساِئ ٌل َط ِبيعيٌّ يُس َت َ‬
‫خرج مِن ل َِحا ِء‬ ‫طري‪َ ،‬و َراتِيجان َت ِ‬ ‫عِ ِ‬
‫ُون‪ ،‬و(ال َّتربينتينوا) يتم استيراده من‬
‫ف ِك َّتا ِنيَّة َمملؤ ٍة ِبمِلح ال َّنطر ِ‬
‫ِينج‪َ ،‬ولِ َفا ٍ‬ ‫ّ‬
‫الزيفِ َوالرَّ ت ِ‬
‫ت المُرِّ وال َكندَ ِر‪،‬‬ ‫اليونان‪ ،‬وأيضا ملح النطرون‪ ،‬وموا ٌد ذات رائح ٍة َط ِّي َب ٍة َوعِ ِ‬
‫طر َّيةٍ‪ ،‬ونبا ِ‬
‫خرج من شجرة الِمس ِت َكةِ‪ ,‬والبصل وقشرته‪ ,‬ونشارة الخشب العطري‪ ،‬وشمع‬ ‫ٍ‬ ‫وسائ ٌل مُس َت‬
‫النحل‪ ،‬أما بالنسبة للزيوت فتتكون من زيت األرز‪ ,‬والخروع‪ ,‬وزيت التربنينا‪ ,‬ودهن‬
‫الثور‪ ،‬ونبيذ البلح‪.‬‬
‫لماذا اعتبرنا التحنيط لغزا؟‬

‫قال الدكتور زاهى حواس‪ ،‬وزير اآلثار األسبق‪ ،‬إن هناك العديد من األبحاث والدراسات‬
‫التى تحدثت عن التحنيط‪ ،‬مضيفا أن ما يقال حول التحنيط ووصفه بأنه لغز وسر من‬
‫أسرار الفراعنة هذا قول جهالء ال يعرفون عن العلم شيئا‪.‬‬

‫جانب ِه قا َل أحمد بدران‪ :‬إن لغز التحنيط جاء بسبب المصريِّ القديم؛ ذلك ألن‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬
‫المصري القديم اعتبر التحنيط سرا ي َُورِّ َث ُه فقط أِل وال ِدهِ؛ لِهذا لم يُدَ وِّ نهُ‪ ،‬ولوال برديات‬
‫األسرة (‪ )21‬التى تعد نهاية الحضارة المصرية‪ ,‬والتى قامت بتدوين عمليات التحنيط‬
‫لما كنا توصلنا لفك لغز التخنيط‪ ،‬وهذه البرديات يمكن ألي م َّ‬
‫ُطلِع البحث عنها‪ ,‬فاألولى‬
‫تسمى (بردية ليدن ‪ )344‬من القرن العشرين قبل الميالد بهولندا‪ ،‬وبردية الفن السري‬
‫للمحنطين من القرن الـ ‪ 17‬قبل الميالد‪ ،‬وبردية ترجع إلى (‪ ) 500‬قبل الميالد تتحدث‬
‫عن العجل أريس بوالق‪ ،‬وبردية امهرست‪ ،‬وبردية رايدند موجودة بمتحف بريطانيا‪.‬‬
‫‪264‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ت َعديدة‬ ‫ُون دِراسا ٍ‬ ‫ونتيجة لِ َهذ ِه الحير ِة التى استمرت حتى اآلن‪ ،‬ال يزال الباحثون ُي َق ِّدم َ‬
‫ت ال َّتحنِيطِ آخرُها َحدثت فِى إيطاليا‪.‬‬ ‫َعن ُم َكوِّ نا ِ‬
‫وقال ألكسندر ناجيل _ باحث مشارك في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في مؤسسة‬
‫سميشسونيان ورئيس برنامج مهن متحف تاريخ الفنون في جامعة والية نيويورك‪:‬‬
‫[أقرب دليل على التحنيط يرجع في الواقع إلى حوالي (‪ )45000‬قبل الميالد] (‪)149‬‬

‫وعلى ما سبق تبين لنا من كالم المختصين‪ ,‬واألبحاث العلمية على المومياوات‬
‫وأداوات التحنيط اآلتي‪:‬‬
‫‪ /1‬أن معرفة المصري القديم بالتحنيط أقدم من (‪)6500‬سنة إن لم يكن أكثر من ذلك‬
‫بكثير وفقا لإلشارات التي لم تؤيدها اكتشافات حتى اآلن‪.‬‬
‫ومكوناتها‬
‫ِّ‬ ‫‪ /2‬أننا في العصر الحديث قد توصلنا لكيفية التحنيط وطرقه ومواده‬
‫ونسبها‪.‬‬
‫سري ال‬
‫ٍّ‬ ‫‪ /3‬ذهب بعض األثريين إلى أن التحنيط ليس سرا أصال‪ ,‬والقول بأنه علم‬
‫يصدر من متخصص أبدا!!‬

‫للمتخصين‪ِ :‬ب َما أن التحنيط ليس علما سريا‪ ,‬وقد توصلنا لِكيف َّي ِة‬
‫ِّ‬ ‫إذا لنا هنا سؤال‬
‫ُ‬
‫وطر ِقهِ‪َ ,‬و َموا ِدهِ‪َ ,‬و ُم َكوِّ ناتها‪َ ,‬ون َِس ِبها‪ ,‬فلماذا باءت بالفشل كل األبحاث‪,‬‬ ‫التحنيطِ ‪,‬‬
‫والتجارب العلمية التي قامت على تحنيط أجساد حيوانية‪ ,‬وبشرية مِن ِق َب ِل مُؤسَّسات‪,‬‬
‫ومراكز علمية‪ ,‬وشركات تجارية متربحة؟! وأكثر هذه التجارب نجاحا لم تتجاوز ثماني‬
‫عشرة سنة!‬

‫‪ ))149‬النقوالت السابقة بتصرف من موقع جريدة اليوم السابع ‪ /4‬ديسمبر‪2023/‬م‪ .‬وجريدة النهار‪.‬‬
‫‪265‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ِصر َّي ِة‬ ‫والبيَئ ةِ‪ ,‬أو اختالفِ ِ‬ ‫ب مُضحِك ٍة َكتغيُّر َّ‬ ‫َن ِج ُدهم َيع ُز َ‬
‫ون ال َف َشل أِل سبا ٍ‬
‫البيئ ِة الم ِ‬ ‫الطقس‪ِ ,‬‬
‫ال َقدِيم ِة َعن ِبيَئ تِنا اآلن َم َع أن هذه األبحاث جميعا‪ ,‬والتجارب َنصَّت على أنها أخذت بعين‬
‫االعتبار مسألة الطقس‪ ,‬والبيئة ومع ذلك لم تنجح!!‬
‫إذا حاولنا أن نفكر سويًا‪ ،‬لنصل لمقترح ليس عليه اعتراضات علمية‪ ,‬أو دينية‪ ,‬أو عقلية‬
‫قاطعة‪ ،‬وعلى هذا إن قلنا نرى أن ما يسمى بعلم التحنيط‪ ،‬والذي يزعم األثريون أنهم‬
‫توصَّلوا لكيفيته‪ ,‬وموا ِدهِ‪ ,‬ونسب تركيباتها ومع ذلك فشلت كل األبحاث‪ ,‬والتجارب التي‬
‫قاموا بها على حيوانات‪ ,‬وأشخاص ُم َت َو ِّفية ليس علمـا ســريـا بـل هـو َطريقة ُغ ٍ‬
‫سل‪,‬‬
‫َو َتكفين للرجال‪ ,‬والنساء‪ ،‬ال دخل لها في عملية حفظ الجسد آلالف السنين؛ وهذا ما أثبتته‬
‫األبحاث‪ ,‬والتجاربُ العِل ِميَّة‪ ،‬بل أن عِ لَّة َسبب حفظ هذه األشياء علة إعجازية إالهية‬
‫َكمُعجزة من هللا ألنبيائه‪ ,‬وكرامة للصالحين‪ ,‬وآية لخلقه في مخلوقات أقل قدرا من‬
‫اإلنسان ‪.‬‬

‫رض َع َليها بثالثِة إيرادا ِ‬


‫ت هُم‪:‬‬ ‫َوعِ ندَ َت َبني هذ ِه االفتراضِ َّية عِ لميا َيع َت ْ‬
‫‪ /1‬هذا ال يليق أن يكون حفظ لجسد األنبياء كما أنه ليس هناك أنبياء نساء‪.‬‬
‫نجيب على هذا االعتراض بإيجاز فنقول‪ :‬في عِ َّدة روايات ألحاديث صحيح ٍة َعن ال َّنبي ‪-‬‬
‫أفضل َأ َّيا ِم ُكم يوم الجمعة‬
‫ِ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم ‪َ -‬ثب َ‬
‫ُت حِفظ أجسا ِد األنبياء مِنه‪ِ " :‬إنَّ من‬
‫الصال ِة في ِه فإنَّ‬
‫الصعقة فأكثروا على من َّ‬ ‫فيه ُخل َِق آدم وفيه قُبض وفي ِه ال َّنفخة وفي ِه َّ‬
‫صاَل ُتنا عليك وقد أرمت ‪-‬‬ ‫ض َ‬ ‫يف ُت َ‬
‫عر ْ‬ ‫علي قال قالوا يا رسول هَّللا ِ َو َك َ‬ ‫َّ‬ ‫صالتكم معروضة‬
‫األرض أجساد‬ ‫ِ‬ ‫ِيت و َفن َِي جسدك‪ - ،‬فقال َ ِإنَّ هَّللا َ َع َّز وجل َّ َح َّر َم على‬
‫يقولون أي ‪َ :‬بل َ‬
‫األنبياء" أي ‪ :‬وهم في قبورهم‪)150(.‬‬

‫‪ ))150‬أوس بن أبي أوس وقيل ألوس بن أوس والد عمرو‪ .‬المحدث األلباني‪ ,‬المصدر‪ :‬صحيح أبي داود‬
‫‪( .1047‬صحيح)‬
‫‪266‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫علي من َّ‬
‫الصالة‬ ‫َّ‬ ‫وفي حديث آخر‪ [ - :‬عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري‪" :‬أكثروا‬
‫في الليلة الغراء واليوم األزهر‪ ،‬فإ ّنهما يؤدّ يان عنكم‪ ،‬وإنَّ األرض ال تأكل أجساد‬
‫ب"(‪)151‬‬ ‫راب ِإاَّل َع ِج َب َّ‬
‫الذ َن ِ‬ ‫ابن آد َم يأكلُه ال ُّت ُ‬
‫األنبياء‪ ،‬وكل ُّ ِ‬
‫ض أكل‬ ‫الحدِيثين‪ ,‬وغيرهما أن النبي أخبر بأن هللا َحرَّ َم َع َلى اَأْلرْ ِ‬ ‫هـذين َ‬‫ِ‬ ‫َي َت َبيَّن لنـا مـن‬
‫البال ِء؛ و َهذا‬
‫التآكـل‪َ ,‬والرَّ َم ِم‪َ ,‬و ِ‬
‫ِ‬ ‫الج َس ِد من‬
‫أجساد األنبياء؛ وهذا يعني أنَّ هللا توعد بحفظ َ‬
‫ُكلُّ ُه َلم َيح ُدث فِي ْال ُملُوكِ ال َمحفُ َ‬
‫وظةِ‪.‬‬
‫كما أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪َ -‬نصَّ ِب َقضِ َّي ٍة ُكليّة فقال‪" :‬وكـل ابـن آدم يأكلـه‬
‫التراب" وهؤالء من بني آدم‪ ,‬وقطعا لم يأكلهم التراب‪ ,‬وال األرض أكلت منهم‪ ,‬وإن‬
‫الز َم ِن‪َ ,‬و َلم يُخبرنا‬
‫البيئةِ‪َ ,‬و َّ‬
‫الجوِّ ‪َ ,‬و ِ‬
‫عوامل َ‬
‫ِ‬ ‫حدثت تغيرات في األجساد فهي من َق ِ‬
‫بيل‬
‫هللا بحفظ أجسادهم من الجو‪ ,‬أو البيئة لكن َخ َب َرهُ كان م َُح َّددا بحفظ ْال َج َس ِد مِن‬
‫رسو ُل ِ‬
‫التآكل فقط‪.‬‬
‫أمَّا قضيَّة أن ليس هناك نساء أنبياء فهي قضية خالفية فنحن ُن َرجِّ ح فيها أن هللا لـم يبعث‬
‫امرأة نبيا بل جعل منهن الصديقات‪ ,‬والشهداء‪ ,‬واألولياء‪ ,‬والصالحين‪ ,‬والمُعجزة فِي َح ِّق‬
‫ت الصَّالِح َ‬
‫ِين‪.‬‬ ‫الصَّالِح كرامة فهي من َق ِب ِ‬
‫يل َكرا َما ِ‬
‫أما حفظ أجساد الشهداء‪ ,‬والصالحين ال دليل عليه فيما نعلم غيـر أنـه ليس مستنكرا فقد‬
‫شهدت بعض أجساد شهداء أحد ومنها جسد سيدنا حمزة – رضي هللا عنه ‪ -‬كما نقل ذلك‬
‫عن الشيخ محمود الصواف‪ ,‬وفي تراثنا نحو ذلك‪ ,‬وعكسه أيضا‪ ,‬والخالصة فيه‪ :‬إن‬
‫حفظ أجساد األنبياء من التآكل ثابت لألبد أما أن َيمُنَّ هللا على بعض أوليائه‪ ,‬والصالحين‪,‬‬
‫والشهداء بحفظ أجسادهم فهو حفظ مؤقت‪.‬‬

‫‪ )) 151‬السخاوي (ت ‪ ,)902‬القول البديع ‪ .235‬مرسل‪ .‬أخرجه النميري في (اإلعالم بفضل الصالة على‬
‫النبي – صلى هللا عليه وسلم) (صأ‪.)65‬‬
‫‪267‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ولنفرق بين إكرام هللا لبعض الشهداء بطول لبث الجسد من غير تحلل‪ ,‬وبين بقائه كذلك‬
‫دائما؛ فاألول هو ما قد يحصل لبعض الشهداء‪ ،‬والثاني هو لألنبياء فقط (‪.)152‬‬

‫أما االعتراض الثاني فهو‪ :‬هؤالء كانوا كفارا‪ ,‬وفي قبورهم رسومات‪ ,‬وتماثيل‪ ,‬وذهب‪،‬‬
‫ُ‬
‫يليق‬ ‫والرُّ سُوم‪ ,‬والتماثيل حرام‪ ,‬ولبس الذهب للرجال‪ ,‬وا ّدخاره بهذه العبثية حرام؛ فهل‬
‫عض ُهم َأنبياء وصالحين؟‬
‫أن َن َت َوهُم َأن َيكون َب َ‬
‫الجواب على هذا نقول فيه‪ :‬أثبتنا أن معظم فترات الحضارة المصرية حضارة توحيدية‬
‫اَل َت ُ‬
‫شوبها شائبة دينية أو أخالقية تتنـــافـي مـع ديـن هللا؛ أمـا قصـة حـرمـة التماثيل‬
‫والرسوم‪ :‬فهي في شريعتنا حرام‪ ,‬وال نستطيع أن نقول بأنها كانت في شريعتهم محرمة‬
‫ُصرِّ ح بعكس ذلك منه قول هللا تعالى‪:‬‬ ‫بل أن القرآن ي َ‬
‫ش ْه ٌر َوَأ َ‬
‫س ْل َنا َل ُه َع ْينَ ا ْلق ِْط ِر َومِنَ ا ْل ِجنِّ َمن‬ ‫ش ْه ٌر َو َر َوا ُح َها َ‬‫يح ُغدُوهَا َ‬ ‫الر َ‬‫س َل ْي َمانَ ِّ‬ ‫" َولِ ُ‬
‫ِير (‪)۱۲‬‬ ‫السع ِ‬‫ب َّ‬ ‫َي ْع َمل ُ َب ْينَ َيدَ ْي ِه بِِإ ْذ ِن َر ِّب ِه َو َمن َي ِز ْغ ِم ْن ُه ْم َعنْ َأ ْم ِر َنا ُن ِذ ْق ُه مِنْ َع َذا ِ‬
‫اع َملُوا آل َ‬‫ت ْ‬ ‫ب َوقُد ٍ‬
‫ُور َّراسِ َيا ٍ‬ ‫ان َكا ْل َج َوا ِ‬ ‫يب َو َت َماثِيل َ َو َج َف ِ‬
‫ار َ‬ ‫شا ُء مِن َّم َح َ‬ ‫َي ْع َملُونَ َل ُه َما َي َ‬
‫ش ُكو ُر(‪( ")۱3‬سبأ)‬ ‫ش ْك ًرا َو َقلِيل ٌ ِّمنْ عِ َباد َ‬
‫ِي ال َّ‬ ‫دَ ُاوودَ ُ‬
‫فلو كانت الرسوم‪ ,‬والتماثيل في شريعة سليمان ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬محرمة فكيف يأمر‬
‫ِين َك َما‬
‫َّابق َ‬
‫اِئع الس ِ‬ ‫س َّخ ِرينَ ل ُه بصناعتها؟ وهكذا هو القو ُل فِي َّ‬
‫الذ َهب َف َلم َيح ُر ْم فِي َش َر َ‬ ‫ال ُم َ‬
‫اع‬ ‫الذهب في األواني َك َ‬ ‫ن َق َل َلنا َأه ُل األخبار‪َ ,‬وال َّتفاسِ ير من استخدام بعض األنبيا ِء َّ‬
‫ص َو ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّالم ‪ -‬أو في َ‬
‫الختم‪ ,‬أو في الخاتم َوغيرها‪.‬‬ ‫يُوسف ‪ -‬عليه الس ِ‬
‫أما ادخارهم مقتنيات المتوفى الشخصية معه فال نستطيع أن َنقُو ُل ِبح ُِر َمتِها ِإذ ال َنعْ ِرفُ‬
‫ب َك َم ِ‬
‫نع َت َبرُّ كِ مُحبّيهم‬ ‫حُك ُم ذل َِك فِي َشراِئعهم ُربَّما يكون مفروضا عليهم من عِ َّدة أبوا ٍ‬
‫الحدِيث‪:‬‬
‫بمقتنياتهم‪ ،‬أو لتحريم توريثهم وفي َ‬

‫‪ ))152‬ص‪ – 322‬أرشيف ملتقى أهل الحديث – هل من دليل على بقاء أجساد الشهداء ال تتغير – المكتبة‬
‫الشاملة الحديثية‪.‬‬
‫‪268‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ث ما تركناه فهو صدقة " (‪)153‬‬ ‫نور ُ‬
‫" نحن معشر األنبياء ال َ‬
‫أي‪ :‬إنَّ األنبياء ال يُورثون‪ ،‬وما تركـوه مــن مــال فـهـو صــدقة على الفقراء‬
‫ُوزعها َولِيُّ األمر من بعدهم‪ ،‬وليس لورثتِه ِإاَّل ما َي ْكف ِ‬
‫ِيهم من قوت وطعام‬ ‫والمساكين‪ ،‬وي ّ‬
‫ويُقيم حياتهم وربما استثنى من أموالهم مقتنياتهم لدفع المغاالة في التبرك المادي‬
‫بمقتنياتهم‪.‬‬
‫االعتراض الثالث ‪ :‬إذا كان هؤالء القدماء أنبياء‪ ,‬وصالحين أليس هذا يحرم علينا نبش‬
‫قبورهم‪ ,‬وعرضهم‪ ,‬ودراسة اآلثار؟‬
‫الجواب بإيجاز‪ :‬نقول‪ :‬سواء كانوا مسلمين‪ ,‬أو غير مسلمين يحرم علينــا نـبش قبورهم‪,‬‬
‫اآلثار؛ َفهو‬‫ِ‬ ‫وعرض أجسادهم فحرمة الميت في اإلسالم َكحُر َم ِت ِه َحيَّا‪ ،‬أما دراسة عِ لم‬
‫عِ ل ٌم َح َّـثـنا اإلسال ُم على ال َّن َظ ِر فِيهِ‪َ ,‬ودراسته‪ ,‬و َتدَ ب ُِّر ِه فقال تعالى‪:‬‬
‫ف َكانَ َعاقِ َب ُة ا َّلذِينَ مِن َق ْبلِ ِه ْم َكا ُنوا َأ ْك َث َر ِم ْن ُه ْم‬
‫ض َف َين ُظ ُروا َك ْي َ‬‫"َأ َفل َ َيسِ ي ُروا فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ارا فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض َف َما َأ ْغ َنى َع ْن ُهم َّما َكا ُنوا َي ْكسِ ُبونَ " [ غافر‪.]۸۲ :‬‬ ‫َوَأ َ‬
‫شدَّ قُ َّو ًة َوآ َث ً‬
‫وفي رد الدكتور‪ /‬أحمد كريمة على إجازة دار االفتاء للجهات المختصة باستخراج‬
‫المومياوات‪ ,‬وعرضها بشروط ذكروها‪ ،‬قال ما نصه وتابع من المقرر شرعًا ‪ :‬دفن‬
‫اآلدمي دون اعتداد بديانة‪ ,‬أو جنسية‪ ,‬أو لغة‪ ،‬قال هللا ‪ -‬عز وجل‪:‬‬
‫س ْو َء َة َأخِي ِه َقال َ َيا َو ْي َل َتا َأ َع َج ْز ُ‬
‫ت‬ ‫ف ُي َو ِاري َ‬ ‫ض لِ ُي ِر َي ُه َك ْي َ‬ ‫ث فِي اَأْل ْر ِ‬‫" َف َب َع َث هَّللا ُ ُغ َرا ًبا َي ْب َح ُ‬
‫ص َب َح مِنَ ال َّنا ِدمِينَ " (المائدة‪)۳۱ :‬‬ ‫س ْو َء َة َأخِي َفَأ ْ‬ ‫ب َفَأ َو ِاري َ‬ ‫َأنْ َأ ُكونَ ِم ْثل َ ه ََذا ا ْل ُغ َرا ِ‬
‫وفي السنة النبوية‪ :‬قوله ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪: -‬‬
‫"احفروا وأوسعوا وعمقوا "‬
‫للمسلمين‪ ,‬ولغيرهم فقد قال ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬لعلي – كرم هللا وجهه‪ -‬لمـا مات أبو‬
‫طالب ‪ " :‬اذهب َف َو ِار ِه "‪ ،‬ودفن قتلى بدر من المشركين ‪ :‬وا َّت َف َق العُلما ُء على أن المقبرة‬
‫مكان الدفن لإلنسان أي موضع دفن الموتى لكل البدن‪ ,‬أو بعضـه حسب الظروف‬

‫‪ )) 153‬المحدث‪ :‬ابن كثير‪ ,‬المصدر‪ :‬البداية والتهاية [الصفحة أو الرقم‪ ]4/204 :‬خالصة حكم المحدث‪:‬‬
‫ثابت‪.‬‬
‫‪269‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫طردَ َأ َّن ُه مِن المُقرَّ ر شرعًا احترام القبر توقيرا لإلنسان؛ َأل َّن ُه َمس َك ُن ُه َبع ُد‬ ‫واألحوال‪ ,‬واس َت َ‬
‫هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬ ‫ت َأنَّ َرسُو َل ِ‬‫ال َحيا ِتهِ‪َ ،‬ولمَّا َث َب َ‬ ‫َمو ِتهِ‪َ ,‬و َله ح ُِر َم ٌة َكحُر َم ِة دَ ِ‬
‫ار ِه َح ِ‬
‫اجة من بول‪َ ,‬و َغاِئط‪,‬‬ ‫ُور َوحُر َمة الجُلوس عليها ‪ ،‬والتخلي (قضاء َ‬
‫الح َ‬ ‫‪ -‬نهى أن ُتوطأ القُب َ‬
‫حو ِه َع َل ْي َها‪َ ,‬أو َبي َنها ) ‪.‬‬
‫َو َن ِ‬
‫ِيح‪َ ,‬وا َّت َفقُوا َع َلى َأنَّ من‬ ‫صح ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ُذر‪َ ,‬و َغ َر ِ‬ ‫القبر ِإال لِع ِ‬
‫ِ‬ ‫وقال‪ :‬اتفق الفقهاء على منع نبش‬
‫مـال في القبر‪ ,‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫األعذار التي تجي ُز َنبش القبر كون األرض َمعْ صُو َبةٍ‪ ,‬أو َسـقط‬
‫استدراكِ َش َع ِ‬
‫اِئر الجنائز من تغسيل‪ ,‬وتكفين‪ ,‬واستقبال قبلة‪.‬‬ ‫َ‬

‫وعلى ُك ِّل َما َتق َّد َم َنستطيع أن نقول أوصلنا لِقُرَّ ائنا رأينا الذي َرَأ ْي َناهُ فِي هذ ِه القضيَّة‬
‫االستدالل‪َ ،‬و َردَ دنا َعلى ُك ِّل االعتراضات التي قد ُتور ُد‬ ‫ِ‬ ‫جيهة في‬ ‫باألدلة التي رأيناها َو ً‬
‫بذول بأنَّ َرَأيْنا فِي‬
‫صوّ ب َناها؛ فتبيَّن من ُك ّل هذا الجه ِد ال َم ُ‬ ‫ورها‪َ ,‬و َ‬ ‫على هذا الرأي‪ ,‬و َبيَّنا َع َ‬
‫ير مُخالِفِ لِدِي ِن َنا ْال َحنِيفِ َو ْال َحمْ ُد هَّلِل ِ‪.‬‬
‫هذه المسألة َغ ِ‬
‫عرضْ فِي أجوبة األسئلة اآل ِت َي ٍة ‪ِ -‬إنْ َشا َء هللاُ ‪ -‬أدلة توحيد المصري القديم َو ِبَأ َّن ُه فِي‬ ‫َو َس َن ِ‬
‫ان‪َ ,‬أو‬
‫ت التاريخية لم َيعب ُْد ِإاَّل ِإ َلها َواحِداً ليس جسمًا‪َ ,‬وال مُقيدا ِب َز َم ٍ‬ ‫ب َو ْال َف ْت َرا ِ‬
‫ُعظم ْال ُح َق ِ‬
‫م َ‬
‫ب سُبحا ُن ُه َو َت َعا َلى‪.‬‬ ‫أح ٌد ليس من شي ٍء‪َ ,‬وال إلى شي ٍء ي َ‬
‫ُنس ٍ‬ ‫ليس َكم ِْثلِ ِه َشي ٌء َوا ِح ٌد َ‬‫ان‪َ ,‬و َ‬ ‫َم َك ِ‬
‫السؤال الثاني‪ :‬إذا كان كل هؤالء األنبياء في كل هذه الحقب في مصر القديمة‪ ,‬فكيف‬
‫تكون حضارة وثنية؟‬

‫الجواب على ذلك‪:‬‬

‫األمة المصرية بلغت الرقي في كل شيء علمي‪ ,‬وفكري‪ ,‬وفلسفي‪ ,‬وديني‪ ,‬وأخالقي‪,‬‬
‫وع َملي‪ ,‬وال يستغرب أن تكون هذه األمة عرفت التوحيد منذ شروق شمسها إذ أول‬
‫َ‬
‫أنبياء مصر هو إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أول من علم الكتابة‪ ,‬وخط المدن‪ ,‬وحاك الثياب‪,‬‬
‫َّش‬
‫َّس مركزية للحكم‪َ ,‬و َجي َ‬
‫وعلم المواقيت‪ ,‬وأسكن الناس المنازل‪ ,‬وعلمهم الزراعة‪ ,‬وأس َ‬
‫الجيوش‪ ,‬وعلّم الحساب‪ ,‬والفلك‪ ,‬واستخدام النار‪ ,‬والسالح‪ ,‬ولكن الذي كان يستغرب‬
‫‪270‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اتهام المصريين القدماء بالوثنية! وأول من افترى هذا اإلفك‪ ,‬وألصقه بالمصريين هم‬
‫اليهود في توراتهم المحرفة‪.‬‬

‫ت الدين‪ ,‬إال مِص ُر َع ِر َفها الدينُ ؛ وما حمِّلت ٌ‬


‫أمة رسالة‬ ‫ونحن نقول‪ :‬إن كل البالد َع ِر َف ْ‬
‫نبيها‪ ,‬وأوصلتها كلها‪ ,‬أو بعضها لسكان المعمورة جميعا إال األمة المصرية فلم نجد حتى‬
‫اآلن شعب من الشعوب‪ ,‬أو جماعة من الناس‪ ,‬أو قبيلة من القبائل بدائية‪ ,‬أو متحضرة إال‬
‫ووصل لها مما َعلّم إدريس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬المصريين ق َّل ذلك أو كثر‪ ,‬ومهما كانت‬
‫القبيلة بدائية في أدغال إفريقيا‪ ,‬أو في جزر الهند‪ ,‬أوفي غابات البابو بإندونيسيا‪ ,‬أو في‬
‫غابات األمازون بالبرازيل‪ ,‬أو في أحراش أستراليا‪ ,‬وغيرها إال ونجد عندها بعض علم‬
‫ت‪ ,‬أو كثرت؛ لكن‬ ‫وح َملُوهُ للبشرية كلها ِبن َِس ٍ‬
‫ب َقلّ ْ‬ ‫مما علمه إدريس لِقو ِمهِ‪َ ,‬و َن َش َرهُ قو ُمهُ‪َ ,‬‬
‫حتمي وجودها‪ ,‬فنجد بعض هذه القبائل تحيك الثياب‪ ,‬وتبني البيوت‪ ,‬وتشعل النار‪,‬‬
‫وبعضها يعرف المركزية القبائلية‪ ,‬وبعضهم يعرف الكتابة‪ ,‬وبعضهم يعرف التداوي‪,‬‬
‫والمواقيت والفلك بنسب متباينة‪ ...‬وهذا يعني أن األمة المصرية نشرت رسالة نبيها‪,‬‬
‫وعلومه في كل مكان من األرض وجد فيه ناس حتى األماكن التي ال تزورها الشمس إال‬
‫برهة من الوقت على استحياء وجدنا فيها عناصر‪ ,‬وصلتها من رسالة إدريس ‪ -‬عليه‬
‫السالم‪.‬‬

‫هذه القضية ‪ -‬أقصد قضية التوحيد في الحضارة المصرية ‪ -‬هي من أخطر القضايا التي‬
‫نطرحها هنا في هذا المبحث‪ ,‬ومن أحوج القضايا التي تحتاج لتبيين‪ ,‬وتوضيح قد يحتاج‬
‫منا لبحث خاص بها‪ ,‬أما هنا سنناقش أولى مسائل هذه القضية‪.‬‬

‫يذكر المؤرخ‪ /‬لباج رينوف‪[ :‬إن اليونان‪ ,‬والرومان كانوا عريقين في الوثنية‪ ..‬حتى لم‬
‫يُس َمع عنهم أنهم ذكروا اسم (هللا) أصال‪ ...‬أما القدماء المصريين فلم يرد في تاريخهم ما‬
‫يدل على أنهم عرفوا الوثنية ‪ ...‬وأن البردية المحفوظة اليوم في المتحف البريطاني‪..‬‬
‫تضمَّنت هذه المناجاة‪( :‬أنت اإلله األكبر‪ ..‬سيد السماء واألرض‪ ..‬خالق كل ّ شيء‪ ..‬يا‬
‫‪271‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫إلهي‪ ,‬ور ِّبي‪ ,‬وخالقي‪َ ..‬ق ِّو َب َ‬


‫صري‪ ,‬وبصيرتي؛ ألستشعر مجدك‪ ..‬واجعل أذني صاغية‬
‫ألقوالك)] (األدب والدين‪ /‬أنطون زكرى ‪/‬ص‪( )65‬من أول الموحدين ص‪)11‬‬

‫وبالنظر لهذا النص من البردية نجد المصري يصف معبوده باإلله األكبر‪ ,‬وهذا ما أمرنا‬
‫نحن المسلمين بفعله في آذاننا‪ ,‬وأعيادنا وصلواتنا وأذكارنا قال تعالى‪:‬‬

‫" ُي ِري ُد هَّللا ُ ِب ُك ُم ا ْل ُي ْس َر َواَل ُي ِري ُد ِب ُك ُم ا ْل ُع ْس َر َولِ ُت ْك ِملُوا ا ْلعِدَّ َة َولِ ُت َك ِّب ُروا هَّللا َ َع َل ٰى َما هَدَ ا ُك ْم‬
‫ش ُك ُرونَ " (البقرة‪)185:‬‬ ‫َو َل َع َّل ُك ْم َت ْ‬

‫سيد السماء واألرض‪ ,‬أي‪ :‬خالق األرض والسماوات وقاهرهما وفي محكم التنزيل "‬
‫ات َم ْط ِو َّي ٌ‬
‫ات ِب َيمِي ِن ِه‬ ‫ض ُت ُه َي ْو َم ا ْلقِ َيا َم ِة َو َّ‬
‫الس َم َاو ُ‬ ‫َو َما َقدَ ُروا هَّللا َ َح َّق َقدْ ِر ِه َواَأْل ْر ُ‬
‫ض َجمِي ًعا َق ْب َ‬
‫س ْب َحا َن ُه َو َت َعا َل ٰى َع َّما ُي ْ‬
‫ش ِر ُكونَ " (الزمر‪)67:‬‬ ‫ُ‬

‫خالق كل شيء‪ :‬وفي القرآن " هَّللا ُ َخال ُِق ُكل ِّ َ‬


‫ش ْي ٍء َوه َُو َع َل ٰى ُكل ِّ َ‬
‫ش ْي ٍء َوكِيل ٌ"‬
‫(الزمر‪)62:‬‬

‫َق ِّو َب َ‬
‫صري وبصيرتي ألستشعر مجدك‪ :‬هنا يتوسل هلل بأن يقوي بصره وبصيرته ليرى‬
‫جالل هللا في كل شيء‪.‬‬

‫واجعل أذني صاغية ألقوالك‪ :‬هنا يؤكد المصري في توسله لربه أن يجعل أذنه صاغية‬
‫لرسالته‪ ,‬وكالمه الذي الشك أنه أتى من ِق َب ِل أنبياء هلل‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المصريون القدماء أول الموحدين‪ ..‬هل عرف المصريون القدماء التوحيد ولماذا‬
‫يعدون مؤمنين؟‬

‫المصريون أول من عرفوا التوحيد‪:‬‬


‫[المصريون القدماء أجمل نسب في القرآن الكريم بعد االنتساب إلى هللا عز وجل‪,‬‬
‫واالنتساب إلى اإلسالم‪ ..‬أحسن‪ ,‬وأعلى‪ ,‬وأعظم فئة مسلمة‪ ,‬ومؤمنة وردت في القرآن‬
‫كانوا المصريون القدماء]‪ ..‬هكذا علق الداعية الشيخ خالد الجندي‪ ،‬عضو المجلس األعلى‬
‫للشئون اإلسالمية‪ ،‬على ديانة المصريين القدماء‪ ،‬متبنيًا فكرة أن المصريين القدماء كانوا‬
‫من المؤمنين‪].‬‬

‫والحقيقة أن الحضارة المصرية ورغم عدم اليقين من كونهم جميعا كانوا مؤمنين‪ ،‬لكنهم‬
‫عرفوا التوحيد‪ ،‬وبعي ًدا عن فكرة العبادة نفسها‪ ،‬فإن حضارة المصريين القدماء كانت‬
‫حضارة أخالقية في األساس‪ ،‬فالمصريون تب ُّنوا قِيمًا‪َ ,‬وُأ ُسسًا أخالقية قامت عليها‬
‫حضاراتهم‪ ,‬وفضَّلوها كثيرا‪ ,‬وق َّدموها أكثر على الكثير من األشياء األخرى‪.‬‬

‫كتاب الموتى‪:‬‬
‫لعل من الكتب المصرية القديمة التي ُت َبيِّن الجانب الديني من حياة المصريين هو كتاب‬
‫(الموتى) أو المعروف بـ(الخروج إلى النهار) والذى يطلق عليها البعض أيضا (إنجيل‬
‫المصريين)‪ ،‬هو أقدم الكتب في تاريخ البشرية‪ ،‬التي تحدثت عن فكرة الخلود التي‬
‫اعتنقها المصريون امتدت إلى العصور الالحقة لعصور المصريين القدماء‪ ،‬كما استقى‬
‫منها الفالسفة مدارسهم المختلفة‪ ،‬منذ قديم األزل‪.‬‬

‫ورغم صعوبة تحديد إذا ما كانت ديانة قدماء المصريين ديانة توحيدية‪ ,‬أو كانت وثنية‬
‫كما يصفها البعض‪ ،‬نظرا لتعدد اآللهة التي كانوا يقدسونها‪ ،‬لكن ما يوضحه الكتاب‬
‫سالف الذكر‪ ،‬هو ذكر لفظ اإلله الواحد في أكثر من موضع بين صفحات هذا الكتاب كما‬

‫‪273‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ومكون‬
‫ِّ‬ ‫يُذكر في الدعوات "اإلله الواحد الذى موجد في بدء الزمان‪ ...‬خالق األرض‬
‫اإلنسان"‪ ،‬فمن الممكن أن تكون ديانة توحيدية وأن هذه اآللهة األخرى مجرد تجليات‬
‫ألسماء ذلك اإلله الواحد كما نرى في معظم الديانات الموجودة في عصرنا الحالي‪.‬‬

‫علماء آثار عن توحيد المصريين القدماء‪:‬‬


‫بحسب كتاب (قدماء المصريين أول الموحدين) للدكتور نديم السيار‪ ،‬فإن العالم الفرنسي‬
‫سام‪ ,‬وجد من تلقاء‬
‫دى روجيه‪ ،‬قال في كتابه عن مصر‪[ :‬لقد كان التوحيد بكائن ٍ‬
‫وخ َل َق العال َم‪ ,‬وكل الكائنات الحية ُي َ‬
‫عزى‬ ‫نفسه‪ ،‬أزلي‪ ،‬أبدي‪ ،‬قاد ٌر على كل شيء‪َ ،‬‬
‫َو ُينسب إليه‪ ،‬مثل هذه القاعدة السامية الراسخة‪ ،‬يجب أن ُتوضع عقائد المصريين‬
‫القدماء فى أشرف وأكرم مكان بين عقائد العالم القديم]‪.‬‬

‫ويضيف الكتاب سالف الذكر أيضا‪ ،‬أن عالم اآلثار (دى الروج) قال في كتابه عن عقائد‬
‫المصريين القدماء‪[ :‬إن فكرة الكائن العلي الذى أوجد نفسه بنفسه‪ ،‬الواحد القادر على‬
‫التجدد األبدي والخلود كإله‪ ،‬له القدرة على خلق العالم وكل الكائنات الحية‪ ،‬هي فكرة‬
‫ُتفسِ ح لعقائد المصريين القدماء مكانا ُم َ‬
‫ش ِّرفا بين ديانات العالم القديم]‪.‬‬

‫كذلك قال والس بدج في كتا ٍ‬


‫ب له عن ديانة قدماء المصريين‪[ :‬إن التسابيح الموجهة لـ‬
‫هللا الواحد‪ ،‬كانت تسمع في وادى النيل‪ ،‬قبل خمسة آالف سنة‪ ،‬وأنهم كانوا يعتقدون‬
‫في هللا العظيم الواحد‪ ،‬خالق البشر‪ ،‬وكل المخلوقات‪ ,‬وسائر الشرائع‪ ،‬ذي روح خالد ال‬
‫تفنى]‪.‬‬

‫زاهي حواس يتحدث عن توحيد إخناتون‪:‬‬

‫‪274‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التوحيد يبدو موثقا بشكل أكبر‪ ,‬ومنسوب إلى الملك المصري القديم العظيم إخناتون‪ ،‬أحد‬
‫أشهر ملوك مصر القديمة على اإلطالق؛ ألنه يشاع عنه بأنه يعتبر أول المصريين‬
‫الموحدين‪ ،‬والذي ألغى عبادة آلهة متعددة‪ ،‬وقال بأن خالق الكون‪ ,‬والكائنات هو الخالق‬
‫الواحد األحد‪ ،‬وكانت مشكلته أنه أخذ من الشمس مظهرا من مظاهر قدرة اإلله الواحد؛‬
‫فظهر كما لو كان يتعبد للشمس‪ ،‬والحقيقة أن أخناتون كان يؤمن باإلله الواحد خالق‬
‫الكون كله‪.‬‬

‫والغريب أن من أرادوا أن يشتهروا على حساب أخناتون خرجوا علينا بتفسيرات من‬
‫قبيل أن أخناتون كان نبيا؛ أو أنه كان مختال عقليا‪ ،‬وقال بعضهم بأنه كان مهرطقا أي‬
‫كفر بديانة أجداده‪ ,‬واختلفوا حول األسباب التي دفعته إلى ذلك‪ ،‬حسبما وصفه عالم اآلثار‬
‫المصرية الدكتور زاهي حواس‪ ،‬في مقال له بعنوان ( أخناتون الفرعون المفترى عليه)‬

‫ونحن نقول أن خطأ التحليالت التي حاولها من سبقنا مبنيا على عوار في المعطيات‪ ,‬أو‬
‫المقارنة‪ ,‬أو التحليل‪ ,‬أو المنهج المتبع؛ والقاعدة المنطقية تقول‪( :‬الفساد في القياس‬
‫يؤدي إلى الفساد في النتيجة)‬

‫وسيم السيسي يصف المصريين بأول الموحدين‪:‬‬

‫األمر ذاته أكده الدكتور‪ /‬وسيم السيسي‪ ،‬عالم المصريات‪ ،‬حيث قال في إحدى لقاءاته‬
‫التليفزيونية السابقة إن التوحيد في مصر موجود منذ األسرة األولى الفرعونية‪ ،‬موضحا‬
‫ثان ُمو ِج ُد نفسي‬
‫أن األهرامات مكتوب على متونها بالفرعونية‪" :‬واحد أحد ليس له ٍ‬
‫بنفسي ليس مثلي أحد"‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وأوضح الدكتور وسيم السيسي أن التوحيد في مصر موجود من قبل األسرة األولى‬
‫أيضًا‪ ،‬نافيًا ما يتردد عن كون إخناتون هو أول من أدخل التوحيد في مصر‪.‬‬

‫ونفى السيسي كون المصريين القدماء من عبدة األوثان‪ ،‬مؤك ًدا أنهم كانوا يعبدون اإلله‬
‫الواحد األحد وكان هناك صالة ولها وضوء وكانت هناك غرف مخصصة للوضوء‪.‬‬

‫ذكر محسن عبدالعزيز في مقال له في األهرام ‪ :‬ال أحد يعرف من أين جاءت حكاية‬
‫تكفير ملوك مصر القدماء العظام أولئك الذين شيدوا حضارة يقف العالم عاجزا أمام‬
‫عبقريَّتها‪ ،‬حضارة قامت على الحق والعدل والخير‪ ..‬تلك الصفات التي ال تأتى لإلنسان‬
‫في هذا الزمن الموغل في القدم دون اإليمان بقوة كبرى تمنعه من الظلم والجبروت‪..‬‬
‫قوة هللا التي كان يؤمن بها المصري القديم يؤمن بها الفرعون‪ ،‬ويؤمن بها عامة‬
‫الشعب‪ ..‬فيكون العمل والحق والخير والعدل «ماعت» خشية عقاب هللا الواحد األحد في‬
‫اآلخرة‪.‬‬

‫فمن أين جاءت فكرة المصري القديم (الفرعون على اعتقادهم) الكافر تلك التي‬
‫نتجرعها صباحا ومساء‪ ،‬دون االلتفات إلى عبقرية المصري القديم‪ ،‬وتسامحه وعدله‬
‫وحضارته؟!‪.‬‬

‫هذا السؤال الغريب العجيب يجيب عليه دكتور نديم عبدالشافي السيار وهو طبيب‬
‫أزهري مصري أصدر كتابا بعنوان (قدماء المصريين أول الموحدين) أصدره عن‬
‫مطابع األهرام‪ ،‬وانتبه إلى هذا الكتاب الذى صدر عام (‪1995‬م) الكاتب الراحل دكتور‬
‫مصطفى محمود والكاتب الكبير صالح منتصر رحمه هللا‪ ،‬فكتب عنه مصطفى محمود‬
‫في األهرام قائال! إن هذا الكتاب يسد فجوة في الثقافة الموجودة‪ ،‬ويجيب عن الخطأ‬

‫‪276‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الشائع الذى روجته اليهودية‪ ،‬بأن الحضارة المصرية القديمة كانت حضارة وثنية تعبد‬
‫األصنام واآللهة المتعددة‪ ،‬وال تعرف التوحيد‪ ،‬وأن النبي «موسى» هو أول من دعا‬
‫للتوحيد بين المصريين‪...‬‬

‫ويضيف دكتور مصطفى محمود أن الكتاب يثبت أن فرعون الخروج لم يكن رمسيس‬
‫وال أي فرعون مصري بالمرة‪ ،‬وإنما كان سادس ملوك الهكسوس الذين احتلوا مصر‪.‬‬

‫وأن الحضارة المصرية الموحدة كانت نبع الحكمة الذى استقى منه إبراهيم أبو األنبياء‪,‬‬
‫وأبناؤه الديانة اإلدريسية الحنيفية الصافية‪ ،‬فقد درس إبراهيم عليه السالم‪ ،‬وهو في‬
‫مصر أصول الحضارة المصرية‪ ،‬وقرأ صحف النبي إدريس‪ ،‬ولم تنزل عليه الرسالة إال‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وهو في سن الخامسة والثمانين‪.‬‬

‫وكتب صالح منتصر‪ :‬أن البحث الذى قدمه الدكتور نديم السيار يعتمد على اآلثار‪,‬‬
‫والقرآن‪ ,‬واالنجيل‪ ,‬والتوراة‪ ,‬والمنطق‪ ..‬ويقنع من يقرأه بصحة النظرية التي توصل‬
‫إليها بأن «فرعون» موسى من الهكسوس‪ ..‬والمؤلف يملك أقوى الحجج والبراهين في‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ولعل أهم ما كشفه كتاب نديم السيار هو أن فرعون موسى كان أيام الهكسوس المحتلين‪.‬‬

‫والبد أن يكون هؤالء األنبياء مصريين أو متأثرين بتلك الحضارة المؤمنة التي كانت‬
‫تقوم على العدل‪ ,‬والحق‪ ,‬والخير‪ ،‬وأنهم لفرط الظلم الذى قام به الهكسوس ضد مصر‪,‬‬
‫وحضارتها‪ ،‬كانوا المصلحين الذين دافعوا عن الحضارة المصرية‪ ،‬وعن اإلنسان‬
‫المصري‪ ،‬ودعوا إلى الوحدانية التي دعت إليها مصر طوال تاريخها‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫كان هؤالء األنبياء مصلحين عظاما ضد جبروت‪ ,‬وطغيان الهكسوس؛ ولكن كلمة هؤالء‬
‫األنبياء فشلت في إزاحة هؤالء الظالمين وإبعادهم عن مصر‪ ،‬بينما نجح في ذلك البطل‬
‫أحمس ثم جاء «تحتمس»‪ ،‬وقام ببناء أكبر امبراطورية عرفها العالم القديم‪.‬‬

‫كما نالحظ أن بعض األنبياء الذين نزلوا مصر أيام الهكسوس‪ ,‬وقبلها كانوا غير‬
‫مصريين‪ ،‬وبعض غير المصريين كموسى وهرون ويوشع بن نون‪ ،‬وأغلب الظن أنهم‬
‫كانوا طالب علم في جامعة منف‪ ،‬ونبغوا في علوم الحضارة المصرية القديمة ومنها علم‬
‫التوحيد‪ ،‬وأنهم أدركوا عظمة هذه الحضارة‪ ،‬فراحوا يدعون الهكسوس األجالف الى أن‬
‫يكونوا أكثر عدال‪ ,‬ورحمة بالشعب المصري المؤمن‪ ،‬وكانت دعوة هؤالء األنبياء لملوك‬
‫الهكسوس أن يؤمنوا باهلل ويكفوا عن ظلم المصريين؛ ولكن هذه الدعوات راحت سُدىً ‪,‬‬
‫ولم يؤمن بها إال قليل‪ ،‬وظلت مصر تعاني الهكسوس حتى تحررت على يد البطل‬
‫أحمس‪.‬‬

‫ويذكر الكتاب أيضا أن لقمان الذى ذكره القرآن الكريم‬

‫ش ِر ْك ِباهَّلل ِ ِإنَّ ال ِّ‬


‫ش ْر َك َل ُظ ْل ٌم َعظِ ي ٌم (‪،»)13‬‬ ‫« َوِإ ْذ َقال َ لُ ْق َمانُ اِل ْب ِن ِه َوه َُو َي ِع ُظ ُه َيا ُب َن َّي اَل ُت ْ‬

‫هذا الحكيم الموحد كان مصريا من الصعيد‪ ،‬كما ذكر الكِندي‪ ,‬وابن كثير‪ ,‬وال َّدمِيري‪,‬‬
‫والمسعودي‪ ,‬وقال جواد علي‪ :‬إن عرب ما قبل اإلسالم كانوا يعرفون لقمان‪ ،‬وكانوا‬
‫يصفونه بالحكمة؛ ولهذا عرف بلقمان الحكيم‪ ،‬وقدر العلماء الفترة التي كان موجودا بها‬
‫لقمان بأنها أيام األسرة الـ (‪.)21‬‬

‫ويذكر العقاد أن التوحيد لم يكن مجهوال قبل عصر إبراهيم‪ ،‬حيث كان المصريون‬
‫االقدمون يؤمنون باإلله الواحد‪ ..‬وكانت كلمة «هللا» هي القوة التي تفعل ما تريد‪.‬‬

‫وأن إبراهيم عندما جاء إلى مصر‪ ..‬كان من أهم أهدافه االلتقاء بكهنة المعابد المصرية‪..‬‬
‫لسماع ما يقولون عن اإلله الواحد‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اعتزم إبراهيم الهجرة إلى مصر ليصيب من خبراتها‪ ،‬ويسمع ما يقوله أحبارها في أمر‬
‫«هللا»‪.‬‬

‫ويرجع المؤلف إلى عشرات المصادر في الفكر‪ ,‬والتاريخ‪ ,‬والكتب الدينية‪ ،‬من العقاد‪,‬‬
‫وعبدالحميد جوده السحَّ ار‪ ,‬وشوقي عبدالحكيم‪ ,‬إلى الطبري‪ ,‬وابن كثير‪ ،‬ومن سليم‬
‫حسن‪ ,‬وأحمد فخرى‪ ,‬إلى القرآن‪ ,‬والتوراة‪ ,‬واإلنجيل؛ ليؤكد حقيقة أن المصريين القدماء‬
‫كانوا موحدين يؤمنون باهلل‪ ،‬وأن فترة الظلم‪ ,‬واإللحاد التي أرسل هللا خاللها موسى‬
‫وهارون إلى مصر‪ ،‬كانت هي فترة حكم الهكسوس‪ ،‬وكانت عنوان الظلم‪ ,‬والقهر‬
‫للمصريين وحضارتهم القائمة على العدل‪ ,‬والتوحيد‪.‬‬

‫ختاما‪:‬‬
‫السؤال لماذا ال يتم االلتفات إلى هذه القراءة الجديدة لتاريخنا العريق‪ ،‬ومتى يتم إعادة‬
‫كتابة تاريخنا بما يعيد ألجدادنا العظام مكانتهم السامية في الحضارة واإليمان أيضا‪.‬‬

‫البداية يجب أن تكون من مناهج التعليم‪ ,‬وخطباء المساجد‪ ،‬فنعلم أبناءنا حضارة‬
‫أجدادهم‪ ,‬ولغتهم التي كانت لغة الحضارة‪ ..‬ويخطب الخطباء على المنابر وفى الكنائس‬
‫بأن هؤالء األجداد كانوا مؤمنين موحدين قبل األديان‪.‬‬

‫وفي ختام طرحنا هذا نقول أننا حاولنا أن نصور مسألة التوحيد في الحضارة المصرية‬
‫لويَّة بدون ال َّتطرق للتفرع والمباحثات لكن نحاول جاهدين بأن ُنلحِق هذا‬
‫بصورة عِ ِ‬
‫َّ‬
‫الطرح جزءا ثانيا عسى أن ُنوصِ َل صور ًة قريبة كاملة بدون نقص في أي جوانبها‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫السؤال الثالث‪ :‬إذا كان بعض ملوك هذه الحضارة أنبياء‪ ,‬فكيف يصنعون التماثيل‬
‫والرسومات؟!‬
‫الجواب على ذلك‪:‬‬

‫األصنام واألوثان والتماثيل والفرق بينهم‪ ,‬وتماثيل ومحاريب سيدنا سليمان‬


‫الرسم‪ ,‬وصُن ُع التماثيل في الحضارة المصرية أصبح بعضُ َسطحي الفكر ممن‬ ‫ِ‬ ‫َمسأل ُة فنّ‬
‫ليس له دراية بفلسفة هذا الفن عند المصري القديم‪ ,‬يعتقد أنها كانت آلهة تـُـع َب ُد من دون‬
‫هللا كأصنام‪ ,‬أو أوثان كما هو موجو ٌد عند الوثنيين‪ ,‬ول ٌن َفرّ ق بين الصنم‪ ,‬والوثن‪,‬‬
‫ُكم َشريعتنا‪ ,‬وحكم شريعة السابقين؛ نحاول َس ِويَّا من خالل‬
‫والتمثال‪ ,‬والرسم‪ ,‬وبين ح ِ‬
‫هذه األطروحة التوصُّل للفروق‪ ,‬وتبرئة هذه الحضارة العظيمة من الوثنية التي اتهمهم‬
‫بها اليهود!!‬

‫الصنم والوثن والتمثال‪:‬‬


‫قد فرَّ َق بعضُ المفسرين بين الصنم‪ ,‬والوثن‪ ,‬فقالوا‪ :‬بأن الوثن‪ :‬هو ما ُ‬
‫صن َِع من‬
‫الحجارة‪ ,‬والصنم‪ :‬ما صنع من موا ٍد أخرى كالخشب‪ ,‬أو الذهب‪ ,‬أو الفضة‪ ,‬أو غيرها‬
‫من الجواهر؛ وقال البعض‪ :‬بأن الصنم ما كان له صورة‪ ,‬وأما الوثن‪ :‬فهو ماال صورةٌ‬
‫له‪.‬‬
‫وقيل األصنام‪ :‬هي الجمادات التي ال روح‪ ,‬وال حياة فيها‪ ,‬وال تنفع وال تضر‪..‬‬
‫والتنطق‪ ..‬كأن تكون حجارة‪ ,‬أو غيرها‪ ..‬أو تماثيل لهيئات مختلفة‪ ...‬قال إبراهيم ‪ -‬عليه‬
‫السالم ‪ -‬في حق األصنام في قوله تعالى‪:‬‬
‫" َقال َ َبلْ َف َع َل ُه َك ِبي ُر ُه ْم ٰ َه َذا َف ْ‬
‫اسَألُو ُه ْم ِإن َكا ُنوا َينطِ قُونَ "‬
‫[سورة‪ :‬األنبياء‪ .‬آية ‪]63‬‬
‫ض ُّر ٌك ْم "‬ ‫" َقال َ َأ َفتع ُبدُنَ مِن دُون هللا َما ال َين َف ُع ُكم َ‬
‫شيًئ ا وال َي ُ‬
‫[سورة األنبياء‪ :‬آية ‪]66‬‬

‫‪280‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهنا الكالم كله عن األصنام‪.‬‬

‫فما هي األوثان؟ هي كل ما يعبد من دون هللا سوا ٌء كان إنسانا‪ ,‬أو حيونا‪ ,‬أو نباتا‪ ,‬أو‬
‫جمادا _فهي كلمة عامة_ قال تعالى‪:‬‬
‫هللا ال‬
‫دونَ من دُون ِ‬ ‫" إ َّن َما َتع ُبدُونَ من دُون هللا أو َثا ًنا َو َتخلٌقُونَ إفكا ً إنَّ الذينَ َتع ُب ُ‬
‫ش ُك ُروا َل ُه إ َليه ُت َ‬
‫رج ُعونَ " [سورة‬ ‫واع ُبدُوه وا ْ‬
‫زق ْ‬‫الر َ‬‫رزقا ً َفا ْب َت ُغوا عِ ندَ هللا ِّ‬
‫َيمل ُكونَ َل ُكم ْ‬
‫العنكبوت آية ‪]17‬‬

‫فكل صنم هو وثن وليس كل وثن هو صنم‪..‬‬

‫ما هي التماثيل؟ هي ما يصنع على مثال سابق‪ ..‬كأن يصنع اإلنسان بقرة‪ ,‬أو بطة‪ ,‬أو‬
‫هيئة بشرية‪ ,‬أو طير‪ ,‬أو غيرها من أي مادة كانت؛ فقد تكون منحوتة من حجر‪ ,‬أو تمر‪,‬‬
‫أو من أي شيء كان‪ ..‬وهذا نوع من الفن المعروف حاليا‪..‬‬
‫قال تعالى في [سورة األنبياء‪: ]52:‬‬
‫" ِإ ْذ َقال َ َأِل ِبي ِه َو َق ْو ِم ِه َما ٰ َه ِذ ِه ال َّت َماثِيل ُ ا َّلتِي َأن ُت ْم َل َها َعا ِكفُونَ "‬
‫قال إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬لقومه‪ :‬ما هذه التماثي ُل التي أنتم لها عاكفون؛ فهنا يحاول‬
‫إبراهيم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أن ُي َبيّن الفرق بين التماثيل‪ ,‬وبين اإلله الواحد األحد الذي ال‬
‫هللا تعالى! الذي ليس كمثله‬
‫مثيل له‪ ..‬في َُوبِّخهم بأنهم يعكفون على تماثيل بينما يذرون َ‬
‫شيءٌ‪ ...‬فشبَّه آلهتهم بأنها مجرد تماثيل صنعوها بأنفسهم‪ ,‬بينما هللا اإلله الذي يستحق أن‬
‫يُع َبدَ ليس له شبي ٌه أو مثيلٌ‪.‬‬
‫وعليه فك ُّل ما عُبدَ من دون هللا فهو و َثنٌ ‪ ,‬وليس كل صنم أو تمثال وثنا‪.‬‬

‫ل َم ُح ِّرمت التماثيل في شريعتنا ولم تكن حراما في الشرائع السابقة؟‬

‫‪281‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫قال تعالى في سورة [سبأ‪ 12:‬و‪: ]13‬‬


‫الجن َمن‬ ‫سلنا َل ُه َعينُ القطر َومن ِّ‬ ‫شه ٌر َوَأ َ‬
‫شه ٌر َو َر َوا ُح َها َ‬‫يح غدوها َ‬ ‫س َلي َمانَ ِّ‬
‫الر َ‬ ‫" َولِ ُ‬
‫السعير* َيع َملونَ َل ُه‬‫َيع َمل ُ َبينَ َيدَ يه بإذن َر ّب ِه َو َمن َيزغ من ُهم َعن أمرنا ُنذق ُه من َعذاب َّ‬
‫شكرا‬ ‫ت اع َملوا آل َ دَ ُاودَ ُ‬ ‫الجواب وقُد ٍ‬
‫ُور َراسيا ٍ‬ ‫جفان َك َّ‬
‫ٍ‬ ‫حاريب َو َت َماثيل َ َو‬
‫َ‬ ‫َما َيشا ُء من َم‬
‫ش ُكو ُر "‬
‫عبادي ال َّ‬
‫َ‬ ‫َو َقليل ٌ من‬
‫فكانت هذه التماثيل كما قال أهل التفاسير‪ :‬صورا من النحاس والزجاج‪..‬‬
‫عبارة عن تعبير فني مقصود ال عالقة له بالعبادة ونحوها؛ ولهذا لم يُق ِد ْم سيدنا عمرو بن‬
‫العاص‪ ,‬وال أ َم َرهُ سي ُدنا عمر بن الخطاب‪ ,‬وال أشار عليه أح ٌد من صحابة رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ممن بالمدينة‪ ,‬أو مِن الذين في مصر ‪ -‬رضي هللا عنهم جميعا‪-‬‬
‫بهدمها؛ ألنهم لم يجدوها أوثانا‪ ,‬وال أصناما بل عرفوا أنها فن تعبيري‪.‬‬
‫بل إن بني إسرائيل أنفسهم لم يعرفوا عبادة األوثان إال بعد خروجهم من مصر قال‬
‫تعالى‪:‬‬
‫" َو َج َاو ْز َنا ِب َبنِي ِإ ْس َراِئيل َ ا ْل َب ْح َر َفَأ َت ْوا َع َل ٰى َق ْو ٍم َي ْع ُكفُونَ َع َل ٰى َأ ْ‬
‫ص َن ٍام َّل ُه ْم َقالُوا َيا ُم َ‬
‫وسى‬
‫اج َعل َّل َنا ِإ ٰ َل ًها َك َما َل ُه ْم آلِ َه ٌة َقال َ ِإ َّن ُك ْم َق ْو ٌم َت ْج َهلُونَ " (األعراف‪)138:‬‬ ‫ْ‬
‫فلم يعرف الذين كانوا بمصر من بني إسرائيل عبادة األوثان إال بعد ما جاوز هللا بهم‬
‫البحر‪ ,‬وأخرجهم من مصر‪ ,‬فوجدوا قوما يعكفون على أصنام عِ دة يتخذونها آلهة فحدثت‬
‫لهم صدمة فكرية! أِل ن بني إسرائيل غارقون في ال َما ِديَّة عجبتهم الفكرة‪ ,‬وطالبوا بها‬
‫موسى عليه السالم‪ ,‬والغريب أنهم لم يستسيغوا تعدد اآللهة؛ ألنهم كانوا في بيئة موحدة‪,‬‬
‫وأن نبيهم دعاهم للتوحيد!!‬

‫قال البغوي في تفسيره‪ :‬كانوا يعملون له تماثيل‪ ,‬أي‪ :‬صورا من نحاس‪ ,‬وصفر‪,‬‬
‫وخشب‪ ,‬وزجاج‪ ,‬ورخام‪ .‬وقيل‪ :‬كانوا يتخذون صور المالئكة‪ ,‬واألنبياء‪ ,‬والصالحين في‬
‫المساجد؛ ليراها الناس فيزدادوا عبادة‪ ,‬ولعلها كانت مباحة في شريعتهم‪ ,‬كما أن عيسى‬

‫‪282‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كان يتخذ صورا من الطين فينفخ فيها فتكون طيرا بإذن هللا‪ .‬قال القرطبي‪ :‬و ُنسِ َخ ذلك‬
‫بشرع محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وقال األلوسي في تفسير هذه اآلية‪ :‬إنما حرمت التماثيل ألنه بمرور الزمان اتخذها‬
‫الجهلة مما يعبد‪ ,‬وظنوا وضعها في المعابد لذلك فشاعت عبادة األصنام‪.‬‬
‫وهذا يجعلنا نبحث في مدارس الفن‪ ,‬وفلسفتها عند المصري القديم لعلنا نتوصل لِوجهة‬
‫نظر‪ ,‬وفكر المصريين القدماء‪ ,‬وفلسفتهم في الرسومات‪ ,‬والنحت‪ ,‬والتشكيل‪ ,‬والرسائل‬
‫الفنية التي قصدوها‪...‬‬

‫الفن المصري‪ ,‬والمدارس الفنية عند قدماء المصريين‪ ,‬قبل أن نتحدث عنها البد وأن‬
‫نوضح الفنون المختلفة التي كانت سائدة في الحضارة المصرية القديمة‪ ,‬و ُن َبيِّنُ ‪َ ,‬و ُن ِ‬
‫ظهر‬
‫مميزات تلك الفنون‪ ,‬ومدى تأثر الفنان المصري القديم بالطبيعة من حوله‪.‬‬

‫فمنذ بداية األسرات‪ ,‬أو قبلها بقليل‪ ,‬والفن المصري القديم يسير بخطى ثابتة إلى األمام؛‬
‫معتمدا في األساس على الدقة‪ ,‬والعلم؛ بمقاسات فنية ثابتة ال تتغير بتغير السنين‪ ,‬أو‬
‫األشخاص؛ فكثي ٌر من الحضارات األخرى التي اختلطت مع الفن المصري إال أن الفن‬
‫المصري كان تأثيره أقوى‪ ,‬وأشمل على الفنون األجنبية‪ ,‬وأكثر من تأثره الذي كان‬
‫محدودا‪ ,‬وفي إطار معين بحيث ال يؤثر على مضمون الفن المصري‪ ,‬وعاداته‪ ,‬وتقاليده‪,‬‬
‫و َم َناسِ ِيبهِ‪ ,‬وفلسفته‪.‬‬

‫الفن المصري القديم‪:‬‬


‫وصل الفنان المصري القديم‪ ,‬بفنونه إلى مرحلة فاق بها العالم أجمع من حيث الدقة‪,‬‬
‫والوضوح‪ ,‬واستخدام المواد‪ ,‬والخامات‪ ,‬واأللوان‪ ,‬وأيضا عمل على تطوير‪ ,‬وتنوع هذه‬
‫الفنون من خالل المدارس الفنية المختلفة التي سلكها للخروج ِبمُن َتج ِه الفني الذي يعبر‬

‫‪283‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫عن فكرة ما في ذهن الفنان المصري القديم‪ ,‬وبدأ العمل على جعل الفكرة التي خطرت‬
‫في ذهنه إلى عمل فني ملموس‪.‬‬
‫موضحين أيضا الظروف التي نشأ فيها ذلك الفن‪ ,‬ومدى تأثير تلك الظروف في حالة‬
‫الفنان‪ ,‬وجودة مُن َت ِجهِ‪ ,‬وأيضا موضحين أنواع الفنون المختلفة التي مارسها المصري‬
‫القديم فهي أنواع كثيرة‪ ,‬ومختلفة حيث إن لكل فن منها مميزاته الخاصة‪ ,‬ومواد صناعته‬
‫الخاصة‪ ,‬ودور هذه األنواع في ثراء الحضارة المصرية القديمة‪ ,‬ومدى تقدمها‪,‬‬
‫وتحضرها؛ فالفنون هي عنوان األمم‪.‬‬
‫العوامل التي ساهمت في ازدهار الفن المصري القديم‪:‬‬
‫قد ساعد الفنان المصري القديم مجموعة من الظروف‪ ,‬والعوامل التي ساهمت بطبيعتها‬
‫إخراج عمله بهذه الدقة‪ ,‬والروعة الفنية التي أذهلت العالم قديما‪ ,‬وحديثا‬

‫من هذه الظروف والعوامل‪:‬‬

‫‪ /1‬عامل الجو‪ ,‬والطبيعة المصرية الخالبة التي تنتشر فيها الحقول‪ ,‬والمزارع‪,‬‬
‫والخضرة‪ ,‬والجبال‪ ,‬واألودية‪ ,‬ونهر النيل‪ ,‬وفروعه‪ ,‬والبحر‪ ,‬والشمس المشرقة طوال‬
‫العام مما جعل الفنان المصري يتجه إلى تصوير الطبيعة الجميلة من حوله سواء عن‬
‫طريق النحت‪ ,‬أو الرسم على البردي‪ ,‬أو على الجداريات‪ ,‬وحوائط المعابد‪ ,‬والمقابر‬
‫التي لم يترك فيها جزءا خاليا إال وعليه نقش‪ ,‬أو رسم‪..‬‬

‫‪/2‬الكتابة المصرية القديمة هي عبارة عن مجموعة من الرموز‪ ,‬واألشكال الهندسية‪ ,‬أو‬


‫الطبيعية‪ ,‬أو النباتية‪ ,‬والحيوانية‪ ,‬واآلدمية مما جعل الفنان المصري القديم يبدع في فن‬
‫الرسم بسبب استخدامه لتلك الدالالت الفنية في كتابته اليومية‪ ,‬أو في معامالته اليومية‬
‫المتطلبة تدوين ما يفعله في سجالت‪ ,‬كما جعلته النقوش يبدع في النحت‪ ,‬والتشكيل‪,‬‬
‫واألبعاد‪.‬‬
‫‪284‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ /3‬االستقرار واألمن المجتمعي الذي أنعم هللا به على مصر َولَّدَ الهدوء‪ ,‬والطمأنينة في‬
‫قلب الفنان المصري؛ فجعله أكثر إبداعا‪ ,‬وأدق حسا‪..‬‬

‫‪ /4‬الذائقة الفنية عند المجتمع المصري التي كانت ُت َحسِّنُ ِبالحِسِّ ‪ ,‬الذائقة معرفة هي‪ :‬جيد‬
‫ِّ‬
‫وأدق‬ ‫الفن من رديئه فكان الفنان المصري حريصا على أن َيخرُج عمله في أك َم ِل‪,‬‬
‫استهجان أو استهزاء‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫صورة حتى ال يقابل من المجتمع الفني بفطر ِت ِه ِب‬

‫الفن التشكيلي في مصر القديمة‪ :‬الفن هو نتاج استقرار المصري القديم؛ بعد ما أوقد‬
‫النار‪ ,‬واستأنس الحيوان‪ ,‬وعرف الزراعة‪ ,‬وهي انجازات حققها المصري القديم‪ ,‬قبل أن‬
‫يبدأ تاريخه المكتوب؛ ولقد ظهرت عبر العصور المصرية القديمة مجموعة من‬
‫المدارس الفنية هي‪ :‬أ‪ /‬المدرسة المثالية‪ .‬ب‪/‬المدرسة الواقعية‪ ,‬ج‪/‬والمدرسة‬
‫المزدوجة‪ :‬التي امتزجت فيها المثالية‪ ,‬والواقعية‪ ,‬د‪ /‬المدرسة اآلتونية‪.‬‬
‫والحديث عن الفنون التشكيلية في مصر القديمة‪ ,‬وخاصة في الدولة الحديثة‪ ,‬وغيرها‬
‫يعني الحديث عن فنون النحت‪ ,‬والنقش‪ ,‬والرسم‪ .‬فالنحت هو‪ :‬الفن ذو األبعاد الثالثة‬
‫(الطول‪ ,‬والعرض‪ ,‬والسُّمك)‬

‫ها قد تبين لنا مما عرضنا‪ ,‬وناقشنا أن هذه التماثيل‪ ,‬والرسوم المصرية القديمة كانت ف ًنا‬
‫للتعبير‪ ,‬ولم تتخذ للعبادة‪ ,‬ولم يكن صنع التماثيل‪ ,‬وال الرسوم محرم في شرائع السابقين‪,‬‬
‫بل كان مباحا بنص القرآن إذ ورد في سورة [سبأ‪:]13 :‬‬
‫الجواب وقُد ٍ‬
‫ُور َراسيا ٍ‬
‫ت اع َملوا آل َ‬ ‫جفان َك َّ‬
‫ٍ‬ ‫حاريب َو َت َماثيل َ َو‬
‫َ‬ ‫" َيع َملونَ َل ُه َما َيشا ُء من َم‬
‫ش ُكو ُر "‬
‫عبادي ال َّ‬
‫َ‬ ‫شكرا َو َقليل ٌ من‬‫دَ ُاودَ ُ‬

‫‪285‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ولم َيحرُم ذلك إال في شريعتنا لِ ِعلَّة أنَّ بعض الناس صنع تماثي َل ثم اتخذوها آلهة!! فعلى‬
‫عصرهم‬
‫ِ‬ ‫من يعترض على كون بعض ملوك الحضارة المصرية أنبياء أِل َّن ُه وُ ِجدَ في‬
‫للقول‬
‫ِ‬ ‫تماثيل‪ ,‬ورسوم!! نقول له لم يكن هذا محرم في شرائع السابقين‪ ,‬ولم يذهب أحد‬
‫ِبهدمِها من صحابة رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وال المسلمون منذ عهد عمر بن‬
‫َ‬
‫أحاط بال ُع ُنق‬ ‫الخطاب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬وعن الصحابة أجمعين فيكفيك من القِالد ٍة ما‬

‫السؤال الرابع‪ :‬إذا كانت هذه الحضارة ُم َو ِّحدَ ة‪ ,‬وفيها كثير من األنبياء فكيف تجيز‬
‫زواج المحارم؟‬
‫تعرضت الحضارة المصرية لما لم تتعرض له حضارة من الحضارات اإلنسانية على‬
‫وج ِه الدنيا من االتهامات‪ ,‬والتشنيعات‪ ,‬والمغالطات التي هي للعارف بهذه الحضارة أبعد‬
‫ما تكون عن أصحاب هذه الحضارة التي نعرف أحداثها‪ ,‬وأخالقها‪ ,‬وعاداتها‪ ,‬وآدابها؛‬
‫ومن هذه التهم أن كان في األسر المالكة بمصر زواج المحارم‪ ,‬وكل هذا لم يكن‪,‬‬
‫وسنناقش هذه المسألة فيما يلي سويا؛ لنقف في نهاية األمر على جواب قطعي في هذه‬
‫التهمة‪.‬‬

‫زواج المحارم عند المصريين القدماء‪ ..‬حقيقة أم أسطورة؟‬

‫يثار الجدل بين حين وآخر‪ ،‬حول زواج األخوة األشقاء‪ ,‬وشيوعها في مصر القديمة‪،‬‬
‫فإلى أي شيء‪ ,‬أو دليل يستند أولئك الذين يروجون ذلك‪ ،‬وهل هناك خلط تسبب في فهم‬
‫خاطئ؟‬

‫‪286‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫زواج األشقاء‪:‬‬
‫قال مجدي شاكر الخبير األثري المصري لـ(سبوتنيك)‪ ،‬على عكس رواية (ديودور‬
‫الصقلي) بشأن زواج األخوة األشقاء‪ ,‬وشيوعها في مصر القديمة‪ ،‬فلم يرد حتى اآلن في‬
‫النصوص المصرية القديمة ما يثبت زواج األخوة األشقاء ربما جاء هذا الخلط نتيجة‬
‫إطالق المصري القديم على زوجته لفظ (‪ )snt‬بمعنى أخت وهو لفظ أطلق أيضا على‬
‫الحبيبة في النصوص المعروفة بأغاني الحب‪ ،‬حيث يتعدى هذا اللفظ في الحالتين‬
‫السابقتين مفهومه اللفظي إلى مفهوم معنى يدل على الرابطة القوية بين الزوج وزوجته‪,‬‬
‫والحبيب وحبيبته كرابطة األخوة التي ال يمكن فصلها‪ ,‬أو التنصل منها‪.‬‬
‫فكرة مغلوطة‬
‫وتابع الخبير األثري‪ :‬ويتطلب تعـريف الزوج باألخ‪ ,‬والزوجة باألخت في التعريفات‬
‫المصرية القديمة‪ ،‬تعقيبا موجزا لتصويب فكرة مغلوطة أشاعت الظن لدى بعض الكتاب‬
‫من القدامى‪ ,‬والمحدثين لألسف بشيوع زواج األخ بأخته في المجتمع المصري القديم‪،‬‬
‫وهذا األمر مشكوك في صحته إلى حد بعيد على الرغم من أنه لم ينسب لقدامى‬
‫المصريين وحدهم وإنما نسبه بعض المؤرخين كذلك إلى عدد من الشعوب الشرقية‪,‬‬
‫والغربية كأسالف العبرانيين‪ ,‬وأهل نباتا السودانيين‪ ,‬واإلغريق‪ ,‬والمقدونيين واألنباط‪.‬‬
‫وأشار شاكر إلى أن الثابت أن تقاليد الـزواج المصرية القديمة قد تجنبت زواج‬
‫(المحارم) بفطرتها‪ ,‬أو تشريعاتها منذ فترة مبكرة من تاريخها البعيد‪ ،‬وكثيرا دل ما بقى‬
‫من أنسـاب األزواج‪ ,‬والزوجات في النصوص المصرية القديمة على انتماءاتهم إلى أسر‬
‫متنوعة‪ ,‬وفروع مختلفة بالرغم من االستمرار في تلقــيب الزوج واألم والزوجة‬
‫واألخت‪.‬‬

‫‪ 350‬زيجة مصرية‬

‫‪287‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ولفت الخبير األثري إلى أنه في أحد األبحاث تم تقصي نحو (‪ )350‬زيجة مصرية تبين‬
‫أنه ال يكاد يوجد بينها غير مثال واحـد فقط مؤكد لزواج شقيقين من بعضهما‪ ،‬والمدهش‬
‫أنهما كانا من أصل ليبي مهجن في عصر األسرة (‪ -،)22‬أي أمر ال عالقة للحضارة‬
‫المصرية به ‪ -‬وما يعتريه الشك من حاالت أخرى معدودة يحتمل أن يكون قد تم في‬
‫أسوأ حاالته بين غير األشقاء‪ ،‬وهذا ال ينفي وجود حاالت فردية شاذة أباح أصحابها‬
‫ألنفسهم زواج المحارم‪ ،‬وهو شذوذ لم تنج منه كبرى الحضارات حتى عصرنا الحاضر‬
‫ولم يكن لمجتمعاتها شأن بإباحته‪.‬‬

‫وقال شاكر‪ :‬ال ريب أن هذا الفهم الخاطئ لثقافة ذاك العصر من حيث الرمزية‪,‬‬
‫واإلسقاطات‪ ،‬جعل البعض يروج لهذه المفاهيم السطحية؛ ألن ذلك ال يعني بالضرورة‬
‫زواجا حقيقيا بين األب وابنته‪ ،‬خاصة وأن العديد منهن قد أخذن هذا اللقب في حياة‬
‫والداتهن‪ ،‬ومن غير المنطقي أن يتـزوج الملك بابنته ويرقيها إلى مرتبة الزوجة األولى‬
‫بينما ال تزال والدتها على قـيد الحياة تؤدي دورها في حكم مصر كزوجة للملك‪.‬‬

‫حمت نسو ورت‬


‫زواج المحارم عند المصريين القدماء‪ ..‬حقيقة أم أسطورة؟‬
‫وتابع الخبير األثري فقال‪ :‬من المعروف أن ملكة مصر التي حملت لقب (حمت نسو‬
‫ورت) وفي الدولة الحـــديثة كان لها العديد من األدوار سواء أكانت دينية‪ ،‬أم سياسية‪ ،‬أم‬
‫اجتماعية سيدة مصر األولى‪ ,‬وأغلب األميرات اللواتي يتخذن هذا اللقب قد اتخذته في‬
‫وقت متأخر في عهود آبائهن‪ ,‬وفي ظروف خاصة؛ لذا فهناك احتمال مؤكد أن دور‬
‫(الزوجة الملكية الكبرى) قد تم توزيع أعبائه بين األم واالبنة‪ ،‬فأغلب الظن أن الملكات‬
‫األمهات كن إذا تقدمن في السن‪ ،‬ولم يعد باستطاعتهن القيام بجميع أدوارهن العامة‪ ،‬فإن‬
‫االبنة تعد حينئذ نائبة عن أمها في القيام بدورها في الشئون العامة‪ ،‬التي ال تستطيع القيام‬

‫‪288‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بها سوى من تحـمل لقب (حمت نسو ورت)؛ لذلك كان إعطاء اللقب لالبنة ضروريًا‬
‫لإلنابة عن والدتها‪.‬‬

‫اآلباء والبنات‬
‫وأوضح شاكر‪ :‬أن هناك احتمال آخر لم تتحدث عنه بعض الروايات حول زواج األب‬
‫بابنته‪ ،‬في أن الملكات األمهات قد سمحت بإعطاء هذا اللقب لبناتهن كنوع من التجهيز‬
‫للمستقبل‪ ،‬والتوقع بأنهن سيصبحن ملكات في القريب‪ ،‬ويحتمل أيضا أن الملك كان يعد‬
‫ذلك األمر تشـبها باإلله‪ ،‬وهو مجرد لقب شرفي يمنح لألميرة‪ ،‬والواقع أنه ليس هناك من‬
‫دليل مؤكد على فكرة زواج األب من ابنته زواجا حقيقيا في مصر القديمة‪ ،‬إذ يعتبره‬
‫نوع من التكريم‪ ,‬أو القداسـة على البنات الملكيات‪.‬‬
‫الكثيرون مجرد لقب شرفي إلضفاء ٍ‬
‫الطقوس المصرية القديمة‬
‫وذكر شاكر‪ :‬أنه لم تصلنا تفصيالت كافية عن الطقوس التي كانت تمارس‪ ،‬ولكن يبدو‬
‫أن مراسم الزواج كانت تتم في المعبد بحضور أقرباء الزوجين‪ ،‬أي أن الزواج كان‬
‫يصطبغ بالصبغة الدينية‪ ،‬فكان الكهنة هم الذين يجرون طقوسه‪ ،‬وخاصة كهنة (آمون)‬
‫في عصر الدولة الحديثة‪ ،‬مما أسبغ عليه نوعا من القدسية‪ ,‬والشرعية‪ ،‬وكانت ليلة‬
‫للزفاف تحدد‪ ،‬فتنحر فيها الذبائح‪ ،‬وتولـ َم فيها الوالئم‪ ،‬وتعزف الموسيقى‪ ,‬ويفرح القوم‪,‬‬
‫ويلهون‪.‬‬

‫وأشار الخبير األثري إلى أن أقـدم عقد زواج مصري وصل إلينا يرجع إلى عام ( ‪590‬‬
‫ً‬
‫مشافهة بين كبار أفراد‬ ‫ق‪.‬م) األسرة السادسة والعشرين فربما كان العقد في البداية يتم‬
‫األسرتين‪ ،‬ثم تطور فيما بعد إلى نص مكتوب‪ ,‬وكان ولي األمر ينوب عن العروس في‬

‫‪289‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫كتابة العقد‪ ،‬وذلك حتى القرن السابع ق‪.‬م‪ ،‬ثم أباح المجتمع للعروس أن تحضر كتابة‬
‫العقد بنفسها‪.‬‬

‫الزواج والطالق‬
‫وتابع شاكر‪ ،‬كان الزواج والطالق من األمور المدنية التي كان يحكمها العرف‪ ،‬وكان‬
‫على الرجال أن يقدموا لزوجاتهم الهدايا واألثاث‪ ,‬والمنزل وبعد الزواج كان الزوج‬
‫يعطي زوجته ثلثي ممتلكاته‪ ،‬وكان من حقها االحتفاظ بنصيبها التي جلبته معها من بيت‬
‫أسرتها‪ ,‬وكان الطالق مسموحا لعدة أسباب مثل‪ :‬الكراهية‪ ،‬أو إذا وقع أحد الزوجين في‬
‫الزنا‪ ,‬أو لم يكن قادرا على اإلنجاب وفي هذه الظروف كان من حق الزوجة الحصول‬
‫على تعويض‪.‬‬

‫اتحاد شكلي‬
‫ومن جانبها قالت آيات الجارحي الباحثة في الشأن اإلفريقي عضو الرابطة األوروبية‬
‫لعلماء األنثروبولوچيا‪ ،‬قسَّم علماء األنثروبولوچيا بين شكلين من الزواج‪ ,‬وهما الزواج‬
‫الداخلي (االندوجامي) أي أنهم من داخل الجماعة القرابية التي ينتمي إليها الزوجين‪،‬‬
‫والزواج الخارجي(االكسوجامي) أي من خارج الجماعة القرابية‪.‬‬

‫وأضافت الباحثة في الشأن اإلفريقي‪ ،‬الزواج من الناحية البيولوچية اتحاد شكلي‪ ,‬ودائم‬
‫بين رجل بامرأة‪ ,‬أو أكثر في نطاق مجموعة محددة من الحقوق‪ ,‬والواجبات‪ ،‬أما عن‬
‫الزواج من الجانب القانوني‪ ،‬هو عقد شرعي بين شخصين ذكر أو أنثى بالشكل الذي‬
‫تنص علية قوانين المجتمع ويترتب من خالله مجموعة من الحقوق والواجبات بين‬
‫طرفي العقد‪.‬‬

‫لماذا كان يتزوج األشقاء في العصور المصرية القديمة ؟‬


‫‪290‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كل منا لديه فضول لمعرفة كواليس‪ ,‬وغموض الحياة المصرية القديمة التي عاشها‬
‫أسالفنا من القدماء المصريين‪ ،‬فهناك العديد من القصص الخرافية‪ ,‬والمفبركة‪ ,‬وهناك‬
‫حقائق لم يكن لدينا أدنى علم عنها خاصة في شؤون الزواج عند المصريين القدماء‪.‬‬

‫يعتبر زواج األشقاء في مصر القديمة‪ ،‬من أكثر القصص المثارة عبر العصور‪ ,‬والحقب‬
‫التاريخية‪ ،‬وكان لها عدة تفسيرات‪ ,‬وإجابات‪ ،‬لكن الكشف عن هذه المعلومة ومدى‬
‫مصداقيتها يحتاج إلى البحث‪ ,‬والتدقيق في التاريخ لتجنب القصص المغلوطة بهذا الشأن‪.‬‬
‫تضاربت كثير من القصص حول زواج األخوة بين المصريين القدماء‪ ،‬لكن الحقيقة التي‬
‫أكدها الباحث في تاريخ مصر القديمة الدكتور وسيم السيسي‪ ،‬تفيد بأن األشقاء في العائلة‬
‫المالكة كان بعضهم يتزوجون من بعضهم بشكل صوري‪ ،‬وكان األخ يحكم‪ ,‬واألخت‬
‫تملك حتى يظل حكم الدولة المصرية متداول بين األسرة المالكة‪ ،‬بهدف عدم خروج‬
‫الحكم من العائلة الحاكمة‪.‬‬
‫كان الزواج بين األشقاء مسموحا به داخل العائلة الحاكمة‪ ،‬وكان ممنوعًا بين عامة‬
‫الشعب‪ ،‬وكان يجرم القانون المصري القديم هذا األمر بين العوام‪ ,‬ويعاقب عليه في حال‬
‫وقوعه‪ ،‬بحسب حديث الدكتور وسيم السيسي‪.‬‬

‫وفي حادث شهير بالعصر المصري القديم لسيدة تدعى (أجورا) حاول شقيقها الزواج‬
‫منها إال أن األب تدخل ومنع هذا األمر بحكم القانون الذي كان يمنع زواج األشقاء بين‬
‫العوام بشكل نهائي‪ ،‬وف ًقا لرواية (وسيم السيسي)‪.‬‬

‫وفي واقعة أخرى تكشف السبب وراء زواج األشقاء في األسرة المالكة‪ ،‬كانت زوجة‬
‫توت عنخ أمون حين مات زوجها طلبت من أحد ملوك الممالك الصغيرة التي كانت‬
‫تحيط بالدولة المصرية آنذاك‪ ،‬بأن يرسل لها عريسا لتتزوجه‪ ،‬إال أنه تم قتل هذا العريس‬

‫‪291‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫ومرساله لمنع أي غريب يدخل األسرة المالكة للحفاظ على ثروات األسرة وحكمها‬
‫لمصر‪ ،‬بحسب رواية الدكتور‪ /‬وسيم السيسي‪.‬‬

‫والذي نستطيع أن نستخلصه من كالم المختصين عدة نقاط أهمها‪:‬‬


‫‪ /1‬كان الزواج بين األشقاء محرم بنص القانون‪.‬‬
‫‪ /2‬كان زواج المحارم ممنوع على العامة‪.‬‬
‫‪ /3‬كان زواج المحارم في حاالت معينة من األسر الملكية صوري فقط‪ .‬أي ليس زواجا‬
‫يستلزم ما يستلزمه الزواج من بناء‪ ,‬وجماع‪ ,‬وإنجاب‪ ,‬ونحوه‪.‬‬
‫‪ُ /4‬و ِجدَ ْت حالة واحدة من (‪ )350‬حالة زواج بين العامة حفظتها لنا سجالت الحضارة‬
‫ـص على أنه ليبي األصل أي أن هذه الحالة ال‬
‫المصرية في زواج شخص من أخته‪َ ,‬ونـ ُّ َّ‬
‫عالقة لها بعادات المصريين؛ ألنها ليست لمصريين األصل‪.‬‬
‫وعليه فنحن نقول أن ما يسمى بالزواج الملكي ليس زواجا ال فعليا‪ ,‬وال صوريا بل هو‬
‫أشبه ما يكون بالتنصيب الملكي بمعنى أنه عبارة عن مهمة ملكية‪ ,‬أو رتبة أميرية‬
‫تقتضيها حاجة القصر‪ ,‬والعادات الملكية من تولي إحدى النساء من األسرة المالكة أ ًّما‬
‫كانت أو أختا‪ ,‬أو زوجة‪ ,‬أو بنتا للملك نيابة‪ ,‬أو أصالة عن ملكة القصر‪.‬‬
‫لهذا كان هذا مسموحا في األسر المالكة؛ ألنه ليس زواجا أصال بل تنصيب ملكي‪.‬‬
‫ويكفينا في هذا العرض ما توصلنا إليه‪ ,‬وكم يا مصر من افتراءات نالت حضارتك‬
‫سنبددها كلها ونكشف عن عظمتك‪.‬‬

‫السؤال الخامس‪ :‬ما سر احتفاظ المصريين القدماء بالذهب في قبورهم‪ ,‬وعالقة هذا بأن‬
‫األنبياء ال تورث؟‬

‫وجواب ذلك‪:‬‬

‫‪292‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المصريُّ القدي ُم كما تميز في حياته‪ ,‬وفنه‪ ,‬وإبداعاته‪ ,‬وفلسفته تميز أيضا في عقيدته‪,‬‬
‫ورؤيته للموت‪ ,‬فكان ُج ُّل تفكير المصري القديم في حياته هو تفكيره في العالم اآلخرعالم‬
‫ُصوِّ با نظرهُ‪ ,‬وفِكرهُ تجاه العالم االنتقالي عالم القبر‪ ,‬أو عالم البرزخ؛‬
‫البعث‪ ,‬والخلود م َ‬
‫اهتمام المِصري القديم بالمقابر‪ ,‬وجدرانها‪ ,‬وأماكنها‪ ,‬ومحتوياتها‪ ,‬وما يكتب‬
‫ِ‬ ‫فانصبَّ ُج ُّل‬
‫َ‬
‫عليها من نصوص ‪..‬إلى أخره‬

‫ونحن في هذا العرض نناقش مسألة واحدة تفاعال مع األسئلة المعترضة هي‪ :‬إذا كان‬
‫بعض الملوك هؤالء أنبياء هلل فكيف يحتفظون في مقابرهم بالذهب بهذه العبثية؟!‬
‫وهذا سؤال منطقي بعض الشيء ولكن للجواب عليه نحتاج أن نعرف ما يعنيه معدن‬
‫الذهب عند المصري القديم‪ ,‬ومتى عرفه‪ ,‬وقيمته عنده‪ ,‬واستخداماته‪.‬‬

‫أكد مسؤول مصري بوزارة اآلثار لموقع (سكاي نيوز عربية) أن توالي االكتشافات‬
‫األثرية التي تحوي كنوزا من الذهب‪ ،‬تؤكد أن المصريين القدماء تركوا ألحفادهم بجانب‬
‫القيمة الثقافية الكبيرة‪ ،‬إرثا ماديا ضخما بمعايير هذا العصر‪ ،‬مشيرا إلى أنهم تركوا‬
‫آالف القطع الذهبية‪ ,‬ومئات القطع الفضية‪.‬‬

‫أحدث كنز ذهبي مصري قديم عثرت عليه‪ ،‬في (‪2022‬م) البعثة األثرية المصرية‬
‫اإلنجليزية التابعة لجامعة كامبردج والعاملة بمنطقة آثار (تل العمارنة) في المنيا جنوب‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫الكنز وفقا لوزارة اآلثار المصرية يضم مجموعة من الحلي الذهبية التي وجدت مدفونة‬
‫في أحد مقابر العامة‪ ,‬والفقراء في عهد األسرة الثامنة عشر بالدولة الحديثة‪.‬‬

‫ونحن نقول أن هذا _ أقصد وجود ال ُح َلى الذهبية في مقابر العامة‪ ,‬والفقراء _ يوقفنا‬
‫على أن هذا كان اتباعا من العامة‪ ,‬والفقراء لفعل الملوك فربما ظنوه دينا‪ ,‬أو سنة متبعة‪,‬‬
‫واعتقدوا العلة فيه َت َعبُّديَّة! والراجح أن علة احتفاظ الملوك األنبياء بالذهب لم يكن لعلة‬

‫‪293‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫التعبد‪ ,‬أو شريعة لهم؛ بل لحكمة ارتأوها في دفع مفسدة قد تحدث لو تركوا مقتنياتهم‬
‫الشخصية وراءهم‪ ,‬أو َو َّزعُوها على الفقراء‪ .‬ولهذه النقطة تفصيل سنأتي إليه في آخر‬
‫الفصل‪.‬‬

‫أول من نقبوا عن الذهب‬


‫قال خبير اآلثار المصرية مدير منطقة آثار وادي الملوك في األقصر علي رضا‪ ،‬بأن‬
‫الذهب أطلق عليه المصريون القدماء اسم ( ُنوب) المشتق منه اسم بالد النوبة حاليا في‬
‫أسوان‪ ،‬ويعتبر المصريون القدماء من أقدم شعوب العالم التي توصلت الستخراج‬
‫الذهب‪.‬‬

‫وأوضح أن المصريين القدماء نقـَّـبوا عن الذهب في الصحراء الشرقية‪ ,‬والنوبة‪ ,‬وجبال‬


‫البحر األحمر‪ ,‬وسيناء‪ ،‬وفي هذه المناطق اكتشفوا الذهب‪ ,‬واستخرجوه‪ ,‬وش َّكلوهُ‪,‬‬
‫وصنعوه ولبسوه َكحُلي لهم‪ ،‬كما صنعوا منه أشكاال لرموزهم وملوكهم‪.‬‬

‫وتابع المسؤول الحكومي في وزارة اآلثار‪ ،‬أن اهتمام المصريين بالذهب كمعدن نفيس‬
‫منذ بداية األسرات‪ ،‬مضيفا (ومن أجمل القطع األثرية الذهبية التي ال تقدر بثمن ترجع‬
‫إلى عصر األسرة الثالثة في الدولة المصرية الحديثة‪ ،‬وهي قطع ال ُحلِيِّ الخاصة بالملكة‬
‫حتب حرس زوجة الملك سنفرو‪ ,‬ووالدة الملك خوفو)‪.‬‬

‫وذكر رضا‪ :‬أنه بالنسبة للذهب في الدولة الحديثة فح ِّدث وال حرج عن شيوع استخدام‬
‫الذهب ليس كحلي فقط‪ ،‬ولكن استخدموه في المعابد‪ ،‬مشيرا إلى أن معظم معابد‬
‫المصريين القدماء‪ ,‬واألرضيات الخاصة بها مطلية بالذهب‪ ،‬فقدس األقداس بمعبد الملكة‬
‫حتشبسوت في األقصر ال تزال جدرانه مطلية بالذهب حتى اآلن‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أعظم كنز‬
‫عند الحديث عما تركه المصريون القدماء من ذهب ال يمكن إغفال أعظم كنز صنعته‬
‫أيدي البشرية على مر التاريخ‪ ،‬وهو كنز مقبرة الملك توت عنخ آمون بوادي الملوك‪،‬‬
‫حيث عثر هيوارد كارتر مكتشف المقبرة بداخلها على أكثر من خمسة آالف قطعة أثرية‬
‫معظمها من الذهب الخالص‪ ،‬ومن أهم تلك القطع القناع الذهبي لتوت عنخ آمون‪ ،‬والذي‬
‫ص ِّنف َكأغلى ق َ‬
‫ِطع ٍة أثر َّي ٍة في العالم كما أنه يعد معجز ًة‬ ‫يزن حوالي (‪ 11‬كيلوغراما)‪َ ,‬و ُ‬
‫َف ِّني ًَّة ِب ُك ِّل ال َمقاييس‬

‫وأشار كذلك إلى التابوت الذهبي لتوت عنخ آمون الذي يزن أكثر من (‪110‬‬
‫كيلوغرامات) من الذهب الخالص‪ ،‬وهذا على سبيل المثال ال الحصر لِ َما تركه‬
‫المصريون القدماء من آالف القطع الذهبية األثرية التي ال يمكن تقديريها بباليين‬
‫الدوالرات نظرا لقيمتها المعنوية قبل المادية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للفضة‪ ،‬فقال رضا بأنها كانت نادرة جدا عند المصريين القدماء على عكس‬
‫الذهب‪ ،‬وكانت الفضة في عهد المصريين القدماء أغلى من الذهب‪ ،‬ولم تتواجد في مصر‬
‫القديمة بكثرة‪ ،‬وكان يتم استخالصها من شوائب الذهب‪ ,‬أو إحضارها من بالد غرب‬
‫آسيا‪.‬‬

‫وشدد على أن المصريين القدماء تركوا قطعا أثرية فضية قليلة تقدر بالمئات فقط‪ ،‬ومن‬
‫أهم تلك القطع وأجملها التابوت الخارجي للملك بسوسنس األول من (األسرة ‪ ،)21‬وهو‬
‫مصنوع من الفضة بالكامل؛ لذلك ُأطل َِق عليه الملك الفضي‪ ،‬وعُثر على مقبر ِت ِه عام‬
‫(‪1940‬م)‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫واستطرد أن من أعظم القطع األثرية الفضية التي تركها المصريون القدماء أيضا تمثال‬
‫نادر لحورس‪ ،‬ويعود إلى عصر األسرة التاسعة عشر بالدولة الحديثة‪ ،‬ومصنوع بالكامل‬
‫من الفضة المطعمة بالذهب والالزورد‪ ،‬وموجود حاليا بمتحف شيجاميهو في اليابان‪.‬‬

‫اعتبر الذهب من المعادن القيِّمة الموجودة في مصر منذ آالف السنين‪ ،‬فكان يستخدمه‬
‫منذ القدم النساء‪ ,‬وأيضا الرجال لل ُحلِيِّ والزينة‪ ،‬ولم يقتصر على ذلك فقط بل كانت له‬
‫استخدامات عدة‪.‬‬

‫كان يستخدم الذهب ألغراض كثيرة؛ لذلك ص َّنفه المصريون القدماء إلى أربع أنواع‬
‫وهي (الذهب‪ ،‬الذهب الطيب‪ ،‬ذهب الجبل‪ ،‬الذهب التقي)‪ ،‬وكانت مصر وبالد النوبة من‬
‫البالد المنتجة للذهب‪ ،‬حيث تعتبر أغنى بالد الشرق بالذهب‬

‫الذهب في الحضارة المصرية القديمة‬


‫يمثل الذهب للمصريين القدماء غاية الكيمياء‪ ,‬ورمز الخلود؛ لذلك ارتبط بالمصريين‬
‫القدماء ويٌقدر وزن الذهب الذي استخرج من أرض مصر على مدى (‪ 30‬أسرة ملكية)‬
‫بنحو (‪ )3500‬طنا‪.‬‬

‫ويرى الباحثون وعلماء اآلثار أن المصريين القدماء أسرفوا في استنزاف مناجم الذهب‬
‫خصوصا المناجم الصحراوية‪ ،‬والتي قدرها بعض الباحثين بأنها (‪ 100‬منجم)‪ ،‬وكان‬
‫يوجد الذهب في ثالث أشكال أساسية‪ :‬وهي الماخية‪ ,‬وفوق الماخية‪ ,‬والبركانية التي‬
‫كانت تنتزع منها الذهب ثم يعاد ترسيبه في شكل عروق المرو‪ ،‬التي تحمل الذهب بين‬
‫هذه الصخور‪.‬‬

‫اسم الذهب في اللغة المصرية القديمة‬

‫‪296‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يسمى الذهب في الحضارة المصرية القديمة باسم «نوب»‪ ،‬والذي يرتبط بالشمس‬
‫لعالقاتها باللون األصفر‪ ،‬وجاءت كلمة نوب من بالد النوبة‪ ،‬التي كانت تعتبر أكبر‬
‫مناجم الذهب في ذلك الوقت‪.‬‬

‫أهم مناطق الذهب في مصر القديمة‬

‫كانت تعتبر الصحراء الشرقية‪ ,‬والنوبة من أكثر األماكن غنىً بالمعدن األصفر‪ ،‬حيث‬
‫كانت مليئة بالكثير من المناجم‪ ،‬ومن المناطق التي كانت غنية بالذهب في الصحراء‬
‫الشرقية ما يلي‪:‬‬

‫مناطق الذهب في الصحراء الشرقية‬

‫‪ -‬مناجم وادي الحمامات‪.‬‬

‫‪ -‬وادي السد‪ ،‬الموجود على بعد ‪ 8‬كيلومتر من وادي عطا هللا‪.‬‬

‫‪ -‬وادي الفواخير المتواجد على بعد ‪ 4‬كيلومترات من محجر بخن‪.‬‬

‫‪ -‬وادي عباد الذي يقع قرب البحر األحمر عند معبد الرديسية‪.‬‬

‫‪ -‬منجم دونجاش شمال شرق ساموت‪.‬‬

‫‪ -‬مناجم وادي الهودي ووادي العاَّل قي‪.‬‬

‫ومناطق الذهب في النوبة‬

‫حددت نقوش موجودة على معبد األقصر منذ عهد رمسيس الثاني‪ ،‬أماكن الذهب من‬
‫الجنوب إلى الشمال والتي جاءت كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬عروش األمين‪.‬‬
‫‪297‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ -‬جبل عمو الواقع بين صوليا وكرما‪.‬‬

‫‪ -‬جبل كوش‪.‬‬

‫صحراء تاستي الواقعة في منطقة واوات‪.‬‬

‫‪ -‬جبل ختتي حن نفر الموجود في النوبة السفلى‪.‬‬

‫‪ -‬الجبل المطهر في وادي الحمامات‪.‬‬

‫‪ -‬جبل قِفط الواقع شمال وادي الحمامات‪.‬‬

‫ولم يقتصر وجود الذهب في مصر القديمة على الصحراء الشرقية والنوبة فقط‪ ،‬بل كان‬
‫هناك مناجم على الطريق بين مرسى جواسيس باتجاه داخل وديان سملة‪ ,‬وجضامي‪،‬‬
‫باإلضافة لوجود آثار لحوالي (‪ )1300‬منزل لعمال المناجم في وادي الفواخير عند‬
‫منتصف الطريق بين كبتوس‪ ,‬والبحر األحمر‪.‬‬

‫وأيضا في معبد رمسيس الثالث في مدينة هابو‪ ،‬وجدت نقوش لثماني حقائب كبيرة‪،‬‬
‫تحتوي سبعة منها على الذهب‪ ،‬وكانت عبارة عن قطع قماش تحتوي حبوب الذهب‬
‫المغسولة وتعلق هذه القطعة من الجانبين وتعصر‪.‬‬

‫رمز الذهب عند المصريين القدماء‬

‫ويمثل الذهب عند المصرين القدماء برمز الفرن أو قطعة القماش‪ ،‬والذي أصبح ثور‬
‫الحارس على الوديان الشرقية للذهب رمزا لها‪.‬‬

‫طرق استخراج الذهب عند المصريين القدماء‬

‫كانت توجد طريقتان الستخراج الذهب عند المصريين القدماء وهما‪:‬‬


‫‪298‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬مناجم الذهب‪ :‬وكانت تحتوي الذهب داخل جبال حجرية ويسمى ذهب الجبل «نوب‬
‫‪-‬إن ‪-‬ست»‪.‬‬

‫‪-2‬الذهب المخلوط بالرمل‪ :‬وكان موجودا على سواحل األنهار مع الغرين ويسمى ذهب‬
‫النهر «نوب‪-‬إن‪-‬مو»‪.‬‬

‫استخدامات الذهب عند المصريين القدماء‬

‫لم يقتصر استخدام الذهب عند المصريين القدماء في الزينة والحلي فقط‪ ،‬فاستخدموه‬
‫أيضا في طالء أرضيات المعابد‪ ،‬وصناعة التيجان الخاصة بهم‪ ،‬والعمالت‪ ,‬وصناعة‬
‫التماثيل‪ ,‬والتوابيت‪ ،‬باإلضافة الستخدامه في الطب‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫بعد عرضنا هذا لقيمة الذهب‪ ,‬وأهميته‪ ,‬وما ُي َم ّثلهُ‪ ,‬وك ّي ِفيَّة استخراجه‪ ,‬واستخداماته عند‬
‫المصري القديم‪ ,‬نعود أدراجنا إلى إتمام جواب سؤال هذا المبحث هو‪ :‬إذا كان بعض‬
‫الملوك هؤالء أنبياء هلل فكيف يحتفظون في مقابرهم بالذهب بهذه العبثية؟!‬

‫أوال‪ :‬لم يكن احتفاظهم بالمقتنيات الشخصية من باب العبث بل يحتمل فيها عدة أسباب‬
‫أولها‪ :‬أن األنبياء كما أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم ال يورثون كما قال‪:‬‬

‫ٌ‬
‫صدقة"‬ ‫تركناهُ فهو‬ ‫نور ُ‬
‫ث ما َ‬ ‫األنبياء ال َ‬
‫ِ‬ ‫معشر‬
‫َ‬ ‫"نحنُ‬

‫فربما يعترض معترضٌ علينا ويقول ما تركوه صدقة وليس ادخارا نقول‪ :‬ما تركوه من‬
‫ال َّت ِر َكة فهو صدقة أما المقتنيات الشخصية من مالبس‪ ,‬وأواني‪ ,‬ورموز حكمهم‪,‬‬
‫وشعاراتهم فلم تكن ُتورَّ ث‪ ,‬وال يتصدق بها خشية ال ُغلُوِّ في التبرُّ كِ بها‪ ,‬أو المنازعة‬
‫عليها طلبا للبركة‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وفيما صح من نقل ابن كثير في دفن دانيال النبي بخالفة عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬أنهم وجدوا بيده خاتما ذهبا وكتاب جنب رأسه‪ ,‬وسرير‪ ,‬ومقتنيات ذكروها‪.‬‬

‫وقد يكون أخذ الناس هذا عنهم متوهمين فرضيتها ‪ -‬أي وضع المقتنيات في القبر ‪ -‬وقد‬
‫نقل أن الحسين ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬لبس عباءة جده ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في كربالء‪.‬‬

‫وقد يكون هذا من شريعتهم وهللا أعلم باألمر فقد نقل نحو هذا ابن كثير في البداية‬
‫والنهاية عند ذكره قصة دانيال النبي فقال‪َ :‬حدَّ َث َنا َأ ُبو ا ْل َعالِ َي ِة َقالَ‪َ :‬ل َّما ا ْف َت َت ْح َنا ُت ْس َت َر‬
‫ف‪َ ،‬فَأ َخ ْذ َنا‬ ‫ص َح ٌ‬ ‫ت‪ ،‬عِ ْندَ َرْأسِ ِه ُم ْ‬ ‫يرا‪َ ،‬ع َل ْي ِه َر ُجل ٌ َم ِّي ٌ‬ ‫ت ا ْل ُه ْر ُم َز ِ‬
‫ان َ‬
‫س ِر ً‬ ‫َو َجدْ َنا فِي َم ِ‬
‫ال َب ْي ِ‬
‫س َخ ُه ِبا ْل َع َر ِب َّيةِ‪َ ،‬فَأ َنا َأ َّول ُ َر ُج ٍل‬
‫ف َف َح َم ْل َناهُ ِإ َلى ُع َم َر ْب ِن ا ْل َخ َّطابِ‪َ ،‬فدَ َعا َل ُه َك ْع ًبا َف َن َ‬ ‫ص َح َ‬ ‫ا ْل ُم ْ‬
‫ت َأِل ِبي ا ْل َعالِ َيةِ‪َ :‬ما َكانَ فِيهِ؟ َقالَ‪:‬‬ ‫ب َق َرَأهُ‪َ ،‬ق َرْأ ُت ُه ِم ْثل َ َما َأ ْق َرُأ ا ْلقُ ْرآنَ ه ََذا‪َ .‬فقُ ْل ُ‬‫مِنَ ا ْل َع َر ِ‬
‫الر ُج ِل؟ َقالَ‪:‬‬ ‫ص َن ْع ُت ْم ِب َّ‬ ‫ت‪َ :‬ف َما َ‬ ‫سِ َي ُر ُك ْم َوُأ ُمو ُر ُك ْم َولُ ُحونُ َكاَل ِم ُك ْم َو َما ه َُو َكاِئنٌ َب ْعدُ‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫ور ُك َّل َها ;‬ ‫ش َر َق ْب ًرا ُم َت َف ِّر َق ًة‪َ ،‬ف َل َّما َكانَ ِبال َّل ْي ِل دَ َف َّناهُ َو َ‬
‫س َّو ْي َنا ا ْلقُ ُب َ‬ ‫ار َثاَل َث َة َع َ‬
‫َح َف ْر َنا ِبال َّن َه ِ‬
‫س ْت‬ ‫الس َما ُء ِإ َذا ُح ِب َ‬
‫ت َّ‬ ‫ت‪َ :‬ف َما َي ْر ُجونَ ِم ْن ُه؟ َقالَ‪َ :‬كا َن ِ‬ ‫شو َن ُه‪ .‬قُ ْل ُ‬ ‫اس َفاَل َي ْن ِب ُ‬
‫لِ ُن َع ِّم َي ُه َع َلى ال َّن ِ‬
‫الر ُجلَ؟ َقالَ‪َ :‬ر ُجل ٌ ُي َقال ُ َل ُه‬ ‫ت‪َ :‬منْ ُك ْن ُت ْم َت ُظ ُّنونَ َّ‬ ‫ير ِه َف ُي ْم َط ُرونَ ‪ .‬قُ ْل ُ‬ ‫َع ْن ُه ْم َب َر ُزوا ِب َ‬
‫س ِر ِ‬
‫س َنةٍ‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫ت‪َ :‬ما َت َغ َّي َر ِم ْن ُه‬ ‫ات؟ َقالَ‪ُ :‬م ْن ُذ َثاَل ِثمِاَئ ِة َ‬ ‫ت‪ُ :‬م ْن ُذ َك ْم َو َجدْ ُت ُموهُ َقدْ َم َ‬ ‫دَ ا ْن َيالُ‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫ض َواَل َتْأ ُكلُ َها‬ ‫اء اَل ُت ْبلِي َها اَأْل ْر ُ‬
‫ات مِنْ َق َفاهُ; ِإنَّ لُ ُحو َم اَأْل ْن ِب َي ِ‬ ‫ش ْي ٌء؟ َقالَ‪ :‬اَل ِإاَّل َ‬
‫ش َع َر ٌ‬ ‫َ‬
‫صحِي ٌح ِإ َلى َأ ِبي ا ْل َعالِ َيةِ‪.‬‬ ‫الس َبا ُع‪َ .‬وه ََذا ِإ ْس َنا ٌد َ‬
‫ِّ‬

‫وقد يكون هذا الفعل رأيا ألتباعهم‪ ,‬وأهل الحل والعقد في مجتمعاتهم‪ ,‬والمتغلِّبين عليهم‪,‬‬
‫نحو ما حدث ألصحاب الكهف بعد موتهم قال تعالى‪:‬‬
‫ٰ‬
‫از ُعونَ‬ ‫اع َة اَل َر ْي َب فِي َها ِإ ْذ َي َت َن َ‬ ‫" َو َك َذلِ َك َأ ْع َث ْر َنا َع َل ْي ِه ْم لِ َي ْع َل ُموا َأنَّ َو ْعدَ هَّللا ِ َح ٌّق َوَأنَّ َّ‬
‫الس َ‬
‫َب ْي َن ُه ْم َأ ْم َر ُه ْم َف َقالُوا ا ْب ُنوا َع َل ْي ِهم ُب ْن َيا ًنا َّر ُّب ُه ْم َأ ْع َل ُم ِب ِه ْم َقال َ ا َّلذِينَ َغ َل ُبوا َع َل ٰى َأ ْم ِر ِه ْم‬
‫َل َن َّتخ َِذنَّ َع َل ْي ِهم َّم ْس ِجدًا"‬

‫‪300‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(الكهف‪)21 :‬‬

‫وبعد كل ما تقدم نرجو أن نكون أوقفناكم على أن حفظ مقتنيات الملوك ليس منافيا للنبوة‪,‬‬
‫أو أمرا عبثيا؛ بل قد يكون شريعة لهم‪ ,‬أو سنة من سننهم‪ ,‬أو سدا منهم للذرائع‪ ,‬أو‬
‫اختيارا ألهل الحل والعقد بعدهم‪ ,‬وكلها افتراضات مقبولة دللنا عليها‪ .‬هذا جهدنا وهللا‬
‫أعلم‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫هلل الذي قد وفـَّقا * للعلم خير خلقِ ِه ولِلتـُقى‬
‫الحم ُد ِ‬
‫نحمد هللا على ما هدانا إليه‪ ,‬ووفقنا إليه في هذا البحث‪ ,‬الذي توصلنا إلى نتائجه من‬
‫خالل مناهج علمية‪ ,‬حددناها في مقدمة هذا البحث‪ ,‬فما من نتيجة أو تحليل‪ ,‬أو استنباط‬
‫‪301‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫إال كان وفق خطوات ومراحل منضبطة بضوابط المنهجية‪ ,‬حتى َتصِ ل بنا إلى نتيجة‬
‫قياسية منطقية منهجية معتبرة علميا؛ وكان الحرص منا على المنهجية في كل مراحل‬
‫هذا البحث وخطواته؛ ألن الخلل في القياس يؤدي إلى الفساد في النتيجة‪.‬‬

‫وفي الختام نقدم شكرنا للقراء الكرام‪ ,‬وللباحثين‪ ,‬والمتخصصين‪ ,‬ولكل من استفدنا من‬
‫كتبه وآرائه ومجهوداته في هذا البحث‪ ,‬أو استفاد منا؛ لكن أول الشكر وأعظمه نهديه‬
‫ألجدادنا المصريين القدماء أصحاب أقدم حضارة في التاريخ‪ ,‬وواضعي أساس الحضارة‬
‫اإلنسانية ومُشيِّديها‪ ,‬والشكر موصول ألبنائهم الذين جاءوا من بعدهم إلى يومنا هذا من‬
‫أهل مصر؛ وارثي أجدادهم حضاريا‪ ,‬وتاريخيا‪ ,‬وثقافيا‪ ,‬وفكريا‪ ,‬ثم الشكر بعد هللا لمصر‬
‫نفسها؛ هذه األرض المكرمة المباركة الموصوفة في القرآن بالنعمة والمقام الكريم‪.‬‬
‫قد أنجزنا هذا البحث بفضل هللا‪ ,‬ومنته‪ ,‬وعونه؛ فإن كان من توفيق فمن هللا وحده‪ ,‬وإن‬
‫كان من خطأ‪ ,‬أو خلل‪ ,‬أو نسيان؛ فمني ومن الشيطان‪.‬‬
‫"لِ َن ْج َع َل َها َل ُك ْم َت ْذك َِر ًة َو َت ِع َي َها ُأ ُذنٌ َواعِ َي ٌة" [الحاقة‪]12:‬‬
‫هذا والحمدهلل رب العالمين‬

‫فهارس ومالحق‬
‫ملحق الصور‬
‫معلومات عامة‪ ,‬وملحوظات‬ ‫رقم‬ ‫الصورة‬
‫النموذج‬
‫حجر رشيد ‪ -‬الوجه مادة اإلنشاء‪ :‬جرانوديوريت‬ ‫(‪)1‬‬
‫األبعاد‪:‬‬ ‫األمامي‬

‫‪302‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪( 112٫3‬االرتفاع) سم × ‪757‬‬
‫(العرض) مم × ‪( 284‬العمق األفقي)‬ ‫َ‬
‫مم × ‪( 284‬السمك) مم‬
‫خط الكتابة‪:‬‬
‫هيروغليفية مصرية — ديموطيقية —‬
‫ألفبائية ‪.‬‬
‫تاريخ اإلنشاء‬
‫‪ 196‬ق‪ .‬م‬
‫الفترة‪/‬الحضارة‬
‫بطالمة — حقبة هيلينية‬
‫تاريخ االكتشاف‬
‫‪ 15‬يوليو ‪1799‬‬
‫طابية رشيد‬ ‫موقع االكتشاف‪:‬‬
‫صورة‪ :‬أوالد حورس أوالد حورس في الديانة المصرية‬ ‫(‪)2‬‬
‫القديمة هم األربعة أوالد «لحورس‬ ‫األربعة‬
‫األكبر» (حرو ور) وهم‪ :‬إمستي وحابي‪،‬‬
‫و «دواموتف» و «قبح سنوف»‬
‫وأنجبهم من إيزيس‪.‬‬
‫جدول من إعدادنا وفقا وفيه نسب األنبياء من إسحاق بن‬ ‫(‪)3‬‬
‫إبراهيم عليهما السالم‪ ,‬وإسماعيل بن‬ ‫للبحث‬
‫إبراهيم عليهما السالم‪ .‬وفقا لبحثنا‪.‬‬
‫في األساطير الفرعونية‪ ،‬يصور ست‬ ‫صورة‪ :‬ست‬ ‫(‪)4‬‬
‫بالغاصب الذي قتل وشوه اخاه‬
‫أوزوريس‪ .‬قامت إيزيس زوجة‬
‫أوزوريس بإعادة تجميع جثته وتحنيطه‪.‬‬
‫سعى حورس بن أوزوريس نحو االنتقام‬

‫‪303‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫األساطير‬ ‫وتصف‬ ‫ست‪،‬‬ ‫من‬


‫صراعاتهم‪.‬ووفاة أوزيريس والمعركة‬
‫بين حورس وست هو حدث شعبي في‬
‫األساطير المصرية‬
‫كتاب بردية بينجم الثاني‪ ،‬األسرة الحادية‬ ‫بردية بينجم‬ ‫(‪)5‬‬
‫والعشرون‪ ،‬حوالي ‪ 969-990‬قبل‬
‫الميالد‪ .‬أصله من مخبأ الدير البحري‬
‫الملكي‪ .‬يصور هذا المشهد بينجم الثاني‬
‫في دور الكاهن األكبر وهو يقدم قربا ًنا‬
‫لإلله أوزوريس‪.EA 10793/1 .‬‬
‫يالحظ تصوير المصريين القدماء‬ ‫صورة من جدارية‬ ‫(‪)6‬‬
‫يركعون صفوفا كركوع المسلمين‬
‫وصفوفهم اآلن في الصالة‪.‬‬
‫لقد تم تصويره راك ًعا ويداه على فخذيه‬ ‫تمثال نخت حور حب‬ ‫(‪)7‬‬
‫في موقف تقديس‪ .‬النص المنقوش على‬
‫التمثال هو صالة إلى تحوت‪ ،‬إله مدينتي‬
‫هيرموبوليس ودندرة‪ .‬يعود هذا التمثال‬
‫المصنوع من الحجر الرملي إلى عهد‬
‫بسماتيك الثاني (‪ 589-595‬قبل‬
‫الميالد)‪ .‬يخبرنا النقش حول قاعدة تمثال‬
‫نخت حور حب أنه ُوضِ ع في معبد اإلله‬
‫تحوت سيد هرموبوليس ودندرة وراعي‬
‫الكتابة‪ .‬لذلك أوكل نخت حور حب إلى‬
‫حماية اإلله في حياته ثم إلى األبد‪.‬‬
‫صورة من جدارية تمثل صاحب المقبرة ساجدا وراء‬ ‫(‪)8‬‬
‫اوزيريس بجوار نخلة‪.‬‬ ‫بمقبرة "باشدو"‬

‫‪304‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وفيها صالة صباحية كان يؤديها‬ ‫)‪ (9‬جدرية من معبد إدفو‬
‫المصري القديم‪ ,‬ومنها السجود على‬
‫األذقان‪.‬‬
‫المراكبون على النيل‪ ،‬من مقبرة‬ ‫المراكبون على النيل‬ ‫(‪)10‬‬
‫سينيفر‪ ،‬المملكة الحديثة (جدارية) في‬
‫رحلة مقدسة للحج ألبيدوس‪.‬‬
‫صور لجدرية بها الملك ويظهر في جدارية الملك مينا أنه ذاهب‬ ‫(‪)11‬‬
‫إلى (مكان مخصوص للتطهر) وخلفه‬ ‫مينا‬
‫خادمه يحمل إناء الماء‪ ،‬ما يدل على أنه‬
‫ذاهب للوضوء‬
‫صورة ‪ :‬شجرة عائلة ويسمى التاسوع العظيم ويتشكل من‪:‬‬ ‫(‪)12‬‬
‫لتاسوع المقدس عند أتوم‪ ,‬وشو‪ ,‬وتفنوت‪ ,‬ونوت‪ ,‬وجب‪,‬‬
‫المصريين القدماء (أو وإيزيس‪ ,‬وأوزوريس‪ ,‬ونفتيس‪ ,‬وست‪.‬‬
‫تاسوع هليوبوليس)‬
‫ويلقب بالكامل أو التام‪ .‬عادة ما يوصف‬ ‫صورة ألتوم‬ ‫(‪)13‬‬
‫على شكل رجل يرتدي الزي الملكي‬
‫وأحيانا يرتدي التاج األبيض واألحمر‬
‫تاجي مصر العليا والسفلى‪.‬‬
‫يذبح إسفت أو اسفت الكلمة بالمصرية القديمة‬ ‫رع‬ ‫إسفت‪.‬‬ ‫(‪)14‬‬
‫العفريت األفعى أبوفيس‪ .‬معناها «الظلم» او «الفوضى» او‬
‫«العنف» و هوا مصطلح مصري قديم‬
‫كان يستخدم في الفلسفة فى مصر‬
‫القديمة‪ ,‬و التي بني على المثنويات‬
‫الدينية واالجتماعية و السياسية‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫أنحور ( وينطق‪ :‬ان ‪ -‬قد يعني اسم أنحور كذلك «حامل‬ ‫(‪)15‬‬
‫ونظرا لتشابه أغطية الرأس‬‫ً‬ ‫حر أو اين ‪ -‬حرت او السماء»‪،‬‬
‫بينهما فقد تم توحيد أنحور في وقت‬ ‫انوريس)‬
‫الحق من التاريخ المصري باإلله شو‬
‫ليصبح «أنحور‪-‬شو»‪ ،‬وقد كان ابن رع‬
‫وشقيق باستيت في حال االندماج هذه‬
‫مع شو‪.‬‬
‫ويرمز لها بالسماء والنجوم واألبقار؛‬ ‫)‪ (16‬صورة‪ :‬نوت‬
‫وترسم عادة مرصعة بالنجوم‪.‬‬
‫ست كانوا يصورنه على هيئة رجل و له‬ ‫ست أو سيت‬ ‫(‪)17‬‬
‫رأس حيوان غريب ليس معروفا‪.‬‬
‫اللقب‪ :‬ابن بتاح‪ ,‬لون العجل آبيس‬ ‫أبيس أو آبيس‪,‬‬ ‫(‪)18‬‬
‫باللون األسود فيما عدا مثلث أبيض‬
‫صغير على جبهته‪ ،‬وبين قرنيه يوجد‬
‫قرص الشمس مزين باألصلة أو الكوبرا‪،‬‬
‫كما يوجد على ظهره رسم للنسر المجنح‬
‫صورة تمثيلية متكرر فيها جب كرجل مستلقي على األرض‪,‬‬ ‫(‪)19‬‬
‫وتعلوه نوت مرصعة بالنجوم‪.‬‬ ‫في الحضارة المصرية‬
‫قائمة ثبت األنساب‪ .‬فيها الملك سيتي‬ ‫قائمة ملوك أبيدوس‬ ‫(‪)20‬‬
‫يعرض للملك رمسيس الثالث ‪ 76‬ملكا‬
‫مصريا بدءا من نعرمر‪.‬‬
‫يعدّ تمثال زيوس أوليمبيا من أعمال‬ ‫تمثال زيوس‬ ‫(‪)21‬‬
‫الفنان والنحات اليوناني الشهير ڤدياس‪،‬‬
‫الذي بدأ إنتاجه من النحت حوالي ‪470‬‬
‫قبل الميالد‪ ،‬ورغم شهره ڨـدياس لدى‬
‫مؤرخي الفـن والتاريخ‪ ،‬إاّل أنّ جمـيع‬
‫ّ‬
‫التـماثيل المعروفة بأن ڤـدياس هو الذي‬
‫‪306‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نحتها قد ضاعـت وفُقِدت‪ ،‬وقد كان هو‬
‫صاحـب المنحوتات الموجودة على معبد‬
‫البارثنون‪.‬‬
‫كان تمثال زيوس ُأوليمبيا منحو ًتا من‬
‫مكونه من‬ ‫ّ‬ ‫الكريسيليفانتين‪ ،‬وهي ماده‬
‫الذهب والعاج‪ ،‬وكان هذا التمثال من‬
‫َعجائب العالم القديم السبع‪ ،‬و ُمعجزة‬
‫عصره ‪..‬‬
‫ُنقِل هذا التـمثال إلى بيزنطة ودُمـر هناك‬
‫في عهد اإلمبراطور ثيودوسيوس‪ ،‬وقد‬
‫تعرفنا على هذا التمثال من خالل صور‬
‫له على ال ُعملة الرومان ّية‪ ،‬وأيضا ً كشـف‬
‫بـقايا ورشة ڤدياس الذي ا ّتخـذها في‬
‫وو ِجـد بداخـلها‬ ‫األجـورا األوليمـبية‪ُ ،‬‬
‫بعض القطع التمهـيد ّية والنماذج التي‬
‫صنعها ڤـدياس عنـد التحـضير لهذا‬
‫العمل العظيم الضخم‪.‬‬

‫سا‬
‫ويصـور هذا التمثال اإلله زيوس جال ً‬
‫على العرش‪ ،‬وعلى رأسه إكليل من‬
‫األزهـار والنباتات‪ ،‬ويحمل على يده‬
‫اليمنى نيكي إلهة النصر‪ ،‬وفي يده‬
‫الصـولجان َيعلوه نِسر‪ ،‬وهو‬
‫َ‬ ‫اليسـرى‬
‫صنِعت‬‫من أهم شعارات اإلله زيوس‪ ،‬و ُ‬
‫َعباءه اإلله من الذهب الخالص‪،‬‬
‫و ُزخرف العرش باألحجـار الثمينة‬

‫‪307‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫والعاج‪ ،‬وقد حمل هذا التمثال منحوتات‬


‫لروايات أسطور ّية شهيرة‪ ،‬منهـا‬
‫أسطورة مولد أفروديت الشـهيرة من‬
‫زبـد البحر عنـد جزيرة كيثيرا‪.‬‬
‫)‪ (22‬أنحور ( وينطق‪ :‬ان ‪ -‬قد يعني اسم أنحور كذلك «حامل‬
‫حر أو اين ‪ -‬حرت او السماء»‪ ،‬ونظراً لتشابه أغطية الرأس‬
‫بينهما فقد تم توحيد أنحور في وقت‬ ‫انوريس)‬
‫الحق من التاريخ المصري باإلله شو‬
‫ليصبح «أنحور‪-‬شو»‪ ،‬وقد كان ابن رع‬
‫وشقيق باستيت في حال االندماج هذه‬
‫مع شو‪.‬‬
‫)‪ (23‬تمثال رأس الملك نارمر كان الملك "نارمر" من مصر العليا‬
‫الوجه القبلي و أول وأهم ملك في عصر‬ ‫أو نعارمر (مينا)‬
‫األسرات المبكرة (األسرة األولى) في‬
‫القرن ‪ 31‬ق‪.‬م ‪......‬‬
‫ويعتبره علماء اآلثار والمؤرخون موحد‬
‫مصر ومؤسس األسرة األولى ‪.....‬‬
‫و تقليديا يعزى هذا اإلنجاز للملك "مينا"‬
‫وهذا ما تذكره قائمة مانيتو بجانب كونه‬
‫أول الملوك في عصر األسرات عامة‬
‫وأول ملك في عصر األسرة األولى‬
‫خاصة ‪......‬‬
‫وبدأ حكمه حوالى ‪ 3050 -3100‬ق‪.‬م‬
‫صورة من جانبين‪ :‬الوجه إلى اليمن‬ ‫صالية نارمر‬ ‫(‪)24‬‬
‫والخلف إلى اليسار‪.‬‬
‫األبعاد‪( 64 :‬ارتفاع) × ‪42‬سم‪.‬‬
‫تاريخ اإلنشاء‪ 31 :‬ق م‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تاريخ االكتشاف‪1898 :‬م‪.‬‬
‫تمثيل محتمل لجلجامش كس ّيد‬ ‫تمثال جلجامش‬ ‫(‪)25‬‬
‫للحيوانات‪ ،‬ممس ًكا بأسد في ذراعه‬
‫اليسرى وثعبان في يده اليمنى‪ ،‬في نحت‬
‫آشوري (‪ 706-713‬قبل الميالد)‪ ،‬في‬
‫دور شروكين‪ُ ،‬يح َتفظ به اآلن في متحف‬
‫اللوفر‬
‫ملحمة اللوح الحادي عشر من ملحمة جلجامش‬ ‫من‬ ‫لوح‬ ‫(‪)26‬‬
‫والمعروف بلوح «الطوفان» أحد ألواح‬ ‫جلجامش‬
‫الملحمة االثني عشر‪ ،‬مكتوب باللغة‬
‫األكدية‪ ،‬المتحف البريطاني‬
‫كوبابا بالسومرية كوغ باو وهي ملكة‬ ‫الملكة كوبابا (كبابا)‬ ‫(‪)27‬‬
‫لمدينة كيش ذكرت في قائمة الملوك‬
‫السومريين وتقول أنها حكمت لمدة‬
‫‪ 100‬سنة‪ ،‬وهي واحدة من النساء‬
‫القليالت التي ظهرت كملكة في تاريخ‬
‫العراق‪ ،‬بعض المصادر تقول بأنها أول‬
‫ملكة لساللة كيش الثالثة‪ ،‬بينما مصادر‬
‫أخرى قالت بأنها رابع ملكة لهذه‬
‫الساللة‪.‬‬
‫حمورابي (باألكدية‪ُ :‬تل َفظ أمورابي‬ ‫الملك حمورابي‬ ‫(‪)28‬‬
‫ساللة‬ ‫و َتعني ال ُمع َتلي)‪ ،‬سادِس ُملوك ال ُ‬
‫البابلية األولى وأول ُملوك اإلمبراطورية‬
‫سلطانه قرابة ‪ 42‬عاما ً بين‬ ‫البابلية‪ ،‬دا َم ُ‬
‫‪َ 1750 - 1792‬قبل َ الميالد‪ .‬من أصل‬
‫أموري ‪ ،‬ورث ال ُحكم منْ والده سين‬

‫‪309‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫العرش بسبب‬ ‫موباليط الذي تنازل َ عن َ‬


‫َتدَ هور صحته‪.‬‬
‫كامس الفرعون األخير تابوت كامس‪ ,‬المتحف المصري‬ ‫(‪)29‬‬
‫من أسرة طيبة السابعة بالقاهرة‬
‫عشر‪.‬‬
‫)‪ (30‬سقنن رع حاكم مصر سقنن رع ( ازدهر حوالى ‪ 1580‬ق‪.‬م )‬
‫‪ ،‬ملك مصر من األسرة السابعة عشر‪.‬‬ ‫رقم ‪.71‬‬
‫بدأ حرب تحرير مصر من المحتلين‬
‫في‬ ‫استشهد‬ ‫و‬ ‫الهكسوس‬
‫المعركة‪.‬مومياؤه محفوظة في المتحف‬
‫المصري فى القاهرة و فيها جروح‬
‫عميقة‪ .‬خلفه ابنه كاموس‪.‬‬
‫تمثال لتحتمس الثالث من المرمر‬ ‫تمثال لتحتمس الثالث‬ ‫(‪)31‬‬
‫بمتحف المتروبوليتان‬
‫لوحة تمثل أحمس األول ويظهر فيها جيش الهكسوس بين‬ ‫(‪)32‬‬
‫يقاتل الهكسوس في مزعور وغريق‬
‫معركة‪.‬‬
‫جدارية تبين كيفية في بعض الحقب التاريخية كان المصري‬ ‫(‪)33‬‬
‫سجود الصالة عند القديم يسجد على األذقان في الصالة كما‬
‫أخبر ربنا قال تعالى‪ " :‬قل آمنوا به أو ال‬ ‫المصري القديم‬
‫تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا‬
‫يتلى عليهم يخرون لألذقان سجدا "‬
‫تمثال إمحوتب بمتحف اللوفر‬ ‫رسم لتمثال إمحوتب‬ ‫(‪)34‬‬
‫لوحة المجاعة بجزيرة الفحص‪ :‬كانت لوحة المجاعة ذات أهمية‬ ‫(‪)35‬‬
‫كبيرة للمؤرخين وعلماء المصريات‪،‬‬ ‫سهيل‬
‫فاللغة والخطوط التصميمية المستخدمة‬
‫في النقش تشير إلى أن العمل يمكن أن‬
‫‪310‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يعود إلى العصر البطلمي‪ ،‬وربما لعهد‬
‫الملك بطليموس الخامس ‪180-205‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬‬
‫البقرات السبع المقدسة مشهد يصور الفصل ‪ 184‬من كتاب‬ ‫(‪)36‬‬
‫"برت ام هيرو" (كتاب الخروج في‬
‫النهار‪ /‬كتاب الموتى) البقرات السبع‬
‫المقدسة (السماوية) والثور السماوى‬
‫‪ ....‬من مقبرة الملكة نفرتاري ‪ -‬بوادي‬
‫الملكات‬
‫كان المصري القديم يقدم القرابين‬ ‫)‪ (37‬صورة تمثل القرابين‬
‫(األضحية) بإشراف الكهنة في موسم‬
‫معلوم‪.‬‬
‫ُيعتقد أن أمنحتب األول ‪ -‬الحاكم الثاني‬ ‫أمنحتب األول‬ ‫(‪)38‬‬
‫لألسرة الثامنة عشرة في مصر ‪ -‬قد‬
‫توفي حوالي ‪ 1504-1506‬قبل الميالد‬
‫خريطة لإلمبراطورية أكبر حجم ألراضي اإلمبراطورية‬ ‫(‪)39‬‬
‫المصرية فى القرن الخامس عشر قبل‬ ‫المصرية‬
‫الميالد في عهد مملكة مصر الجديدة‪.‬‬
‫مومياء تحتمس الثالث تتميز بطريقة حفظ خاصة ووضعية يدين‬ ‫(‪)40‬‬
‫خاصة‪.‬‬
‫الملك تحتمس_ الثالث أعظم حكام مصر‬
‫وأحد أقوى األباطرة عبر التاريخ حيث‬
‫أقام إمبراطورية كانت تعتبر أقصى حدود‬
‫لمصر في تاريخها حيث وصلت حدود‬
‫مصر إلى نهر الفرات وسوريا شرقا‬
‫وإلى ليبيا غربا وإلى سواحل فينيقيا‬

‫‪311‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫وقبرص شماال و إلى منابع النيل جنوبا‬


‫حتى الجندل الرابع أو الشالل الرابع ‪.‬‬
‫صورة رمزية للملك شيشنق‬ ‫صورة رمزية‬ ‫(‪)41‬‬
‫تمثال رمسيس الثاني تمثال نصفي لرمسيس الثاني في‬ ‫(‪)42‬‬
‫(األسرة التاسعة عشر) المتحف البريطاني‬
‫سيتى االول ‪ ، - Seti I -‬ملك مصر (‬ ‫الملك سيتي األول‬ ‫(‪)43‬‬
‫‪ 1304 - 1318‬قبل الميالد )‪ .‬ثانى‬
‫ملوك العائلة ‪ ، 19‬و أبو رمسيس الثاني‬
‫‪ .‬قاد حمالت عسكرية عشان يستعيد‬
‫إمبراطورية مصر في آسيا‬
‫تمثال نصفي لميرنبتاح بالمتحف‬ ‫الملك مرنبتاح‬ ‫(‪)44‬‬
‫بالقاهرة‪.‬‬
‫‬ ‫المصري‬
‫تمثال نصفي للملك رمسيس الثالث‬ ‫رمسيس الثالث‬ ‫(‪)45‬‬
‫بالمتحف المصري‬
‫تمثال لرأس نفرتيتي بالمتحف الجديد‬ ‫تمثال نفرتيتي‬ ‫(‪)46‬‬
‫ببرلين ألمانيا‪.‬‬
‫تمثال كامل لسمنخ كا رع‬ ‫سمنخ كا رع‬ ‫(‪)47‬‬
‫صورة من جدارية بمعبد يقال أنها تصور اكتشاف المصريين‬ ‫(‪)48‬‬
‫للمصابيح‬ ‫دندرة‬
‫صورة من جدارية بمعبد يزعم بعضهم أنها صورة للمصباح في‬ ‫(‪)49‬‬
‫مصر القديمة‬ ‫دندرة‬
‫شعار المملكة المتحدة خوذة ذهبية عليها التاج اإلمبراطوري‬ ‫(‪)50‬‬
‫للمملكة المتحدة وأسد عليه نفس التاج‪.‬‬ ‫البريطانية‬
‫‪ 4‬أقسام‪ :‬في ‪ 1‬و‪ :4‬أفواه لثالثة فهود‬
‫ذهبية (وهو إنجلترا)‪ ،‬في ‪ ،2‬بالذهب‪،‬‬
‫أفواه األسد‪ ،‬أزهرية (وهو إسكتلندا)‪،‬‬

‫‪312‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫في ‪ ،3‬األزرق السماوي‪ ،‬القيثارة‬
‫الذهبية‪ ،‬حبل الفضة (وهو أيرلندا)‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬


‫* القرآن الكريم‬

‫حرف‪ :‬األلف‪ ,‬والباء‪ ,‬والتاء‪ ,‬والجيم‪ ,‬والحاء‪ ,‬والخاء‪ ,‬والدال‪ ,‬والذال‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫الناشر‪ :‬الهيئة المصرية‬ ‫محمد عبدالقادر‪.‬‬
‫آثار األقصر‬ ‫‪1‬‬
‫العامة للكتاب‬
‫كلية اآلداب‪ ,‬القاهرة دون‬ ‫ممدوح محمد الدماطي‬
‫آثار ما قبل التاريخ‬ ‫‪2‬‬
‫نشر‬
‫الناشر‪ /‬دار العالم العربي‪,‬‬ ‫آثار ما قبل التاريخ ناجح عمر علي‬
‫‪3‬‬
‫القاهرة ‪2019‬‬ ‫في مصر‬
‫آثار اليهود القديمة‪ ,‬لمحمد حمدي إبراهيم‪.‬‬
‫ضد‬ ‫(محاورة‬ ‫‪4‬‬
‫ابيون)‬
‫دار النشر‪ :‬حديث اكادمي‬ ‫المؤلف‪ :‬إبراهيم بن‬
‫‪ -‬فيصل آباد‪ ،‬باكستان‪.‬‬ ‫يعقوب بن إسحاق‬
‫السعدي الجوزجاني‪ ،‬أبو‬ ‫أحوال الرجال‬
‫‪5‬‬
‫إسحاق (ت ‪٢٥٩‬هـ)‬
‫المحقق‪ :‬عبد العليم عبد‬
‫العظيم ال َبستوي‪.‬‬
‫ط‪ /‬دار الهالل‬ ‫فرعون تـأليف‪ /‬بكري عبدالحميد‬ ‫إخناتون‬
‫‪6‬‬
‫التوحيد‪,‬‬
‫البشائر‬ ‫الناشر‪ :‬دار‬ ‫المؤلف‪ :‬محمد بن‬
‫اإلسالمية ‪ -‬بيروت‬ ‫إسماعيل بن إبراهيم بن‬
‫األدب المفرد‬ ‫‪7‬‬
‫الطبعة‪ :‬الثالثة‪- 1409 ،‬‬ ‫المغيرة البخاري‪ ،‬أبو‬
‫‪1989‬‬

‫‪314‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫عبد هللا (المتوفى‪ :‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫‪256‬هـ)‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬محمد فؤاد‬
‫عبد الباقي‬
‫تأليف‪ :‬صمويل كريمر‪ ,‬مطبعة المعارف‪ ،‬بغداد‬
‫‪ 8‬األساطير السومرية ترجمة يوسف داود ‪1971‬م‬
‫عبدالقادر‬
‫دور ناردو‪ .‬الناشر‪ :‬اﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻘﻭﻤﻰ‬ ‫تأليف‪:‬‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪.،‬‬ ‫ترجمة احمد الرساوي‪ ،‬ﻟﻠﺘﺭﺠﻤﺔ‪،‬‬
‫‪ 9‬األساطير المصرية‬
‫مراجعة وتعليق عالء ‪٢٠١١‬‬
‫الدين شاهين‪،‬‬
‫المؤلف‪ :‬كاتب مراكشي الناشر‪ :‬دار الشؤون‬
‫الثقافية‪ ،‬بغداد‬ ‫في (توفي‪ :‬ق ‪6‬هـ)‪.‬‬ ‫االستبصار‬
‫‪10‬‬
‫عام النشر‪ 1986 :‬م‪.‬‬ ‫عجائب األمصار‬
‫عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫الناشر‪ /‬دار العالم العربي‪,‬‬ ‫األسرة التمهيدية ناجح عمر عل‬
‫القاهرة ‪2020‬م‬ ‫‪ 11‬للتاريخ والحضارة‬
‫المصرية‬
‫الناشر‪ :‬عين للدراسات‬ ‫األسطورة والتاريخ محمد خليفة حسن‬
‫االنسانية‬ ‫والبحوث‬ ‫في التراث الشرقي‬
‫‪12‬‬
‫واالجتماعية‪ .‬سنة النشر‬ ‫القديم‪ ،‬دراسة في‬
‫القاهرة‪1997 :‬م‬ ‫ملحمة جلجامش‬
‫اإلشارات إلى معرفة المؤلف‪ :‬علي بن أبي الناشر‪ :‬مكتبة الثقافة‬
‫‪13‬‬
‫بكر بن علي الهروي‪ ،‬الدينية‪ ،‬القاهرة‬ ‫الزيارات‬

‫‪315‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪1423 ،‬‬ ‫أبو الحسن (المتوفى‪:‬‬
‫هـ‪ .‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬ ‫‪611‬هـ)‪.‬‬
‫مكة‬ ‫مكتبة‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو بكر محمد‬
‫الثقافية‪ ،‬رأس الخيمة ‪-‬‬ ‫بن إبراهيم بن المنذر‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫النيسابوري (المتوفى‪:‬‬
‫على‬ ‫اإلشراف‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪1425 ،‬هـ‬ ‫‪319‬هـ)‬ ‫‪14‬‬
‫مذاهب العلماء‬
‫‪2004 -‬م‬ ‫المحقق‪ :‬صغير أحمد‬
‫عدد األجزاء‪8( 10 :‬‬ ‫األنصاري أبو حماد‬
‫ومجلدان للفهارس)‬
‫الناشر ‪ :‬دار الفكر‬ ‫المؤلف ‪ :‬محمد األمين‬
‫للطباعة و النشر و‬ ‫أضواء البيان في بن محمد المختار بن عبد‬
‫التوزيع بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫القرآن القادر الجكني الشنقيطي‬ ‫إيضاح‬ ‫‪15‬‬
‫عام النشر ‪ ١٤١٥ :‬هـ ‪-‬‬ ‫(المتوفى ‪١٣٩٣ :‬هـ)‬ ‫بالقرآن‬
‫‪ ١٩٩٥‬مـ‬
‫دار نهضة مصر القاهرة‬ ‫السامية‪ ،‬مراجعة وتعليق عوني‬ ‫األمم‬
‫‪1981‬م‬ ‫تاريخها عبدالرؤوف‬ ‫مصادر‬ ‫‪16‬‬
‫وحضارتها‬
‫المركز الثقافي للكتاب‪,‬‬ ‫للدكتور‪ /‬خزعل الماجدي‬
‫أنبياء سومريون‬ ‫‪17‬‬
‫للنشر والتوزيع‬
‫الناشر‪ :‬مجلس دائرة‬ ‫المؤلف‪ :‬عبد الكريم ابن‬
‫المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر‬ ‫منصور‬ ‫بن‬ ‫محمد‬
‫آباد‬ ‫السمعاني‬ ‫التميمي‬
‫األنساب‬ ‫‪18‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪ 1382 ،‬هـ‬ ‫المروزي‪ ،‬أبو سعد‬
‫‪1962 -‬م‬ ‫(المتوفى‪562 :‬هـ)‬
‫عدد األجزاء‪.1 :‬‬

‫‪316‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬عبد الرحمن‬
‫ابن يحيى المعلمي‬
‫اليماني وغيره‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو المنذر الكتاب مرقم آليا غير‬
‫سلمة بن مسلم بن موافق للمطبوع]‬
‫الصحاري عدد الصفحات‪٢٨٧ :‬‬ ‫إبراهيم‬
‫(ال ُع َماني تاريخ النشر بالشاملة‪٨ :‬‬ ‫األنساب = أنساب العوتبي‬
‫اإلباضي) نسبة إلى ذو الحجة ‪.١٤٣١‬‬ ‫‪ 19‬العرب‬
‫َع ْو َتب وهي منطقة في‬
‫صحار كانت تسمى في‬ ‫ُ‬
‫القديم‪ :‬عوتب الخيام (ت‬
‫‪٥١١‬هـ)‬
‫مكتبة األنجلو المصرية‪.‬‬ ‫د‪ .‬أحمد فخري‬
‫‪ 20‬األهرمات المصرية‬
‫‪1963‬م‬
‫ج‪.‬هاري‪ ,‬ترجمة محمد وزارة الثقافة‪ ،‬المجلس‬
‫إيمحتب إله الطب‬
‫االعلى لآلثار المصرية‪,‬‬ ‫العزب موسى‬ ‫‪21‬‬
‫والهندسة‬
‫القاهرة ‪1988‬م‬
‫المؤلف‪ :‬زين الدين بن الناشر‪ :‬دار الكتاب‬
‫إبراهيم بن محمد‪ ،‬اإلسالمي‬
‫المعروف بابن نجيم الطبعة‪ :‬الثانية ‪ -‬بدون‬
‫(المتوفى‪ :‬تاريخ‬ ‫البحر الرائق شرح المصري‬
‫‪22‬‬
‫عدد األجزاء‪.8:‬‬ ‫‪970‬هـ)‬ ‫كنز الدقائق‬
‫وفي آخره‪ :‬تكملة البحر‬
‫الرائق لمحمد بن حسين‬
‫بن علي الطوري الحنفي‬

‫‪317‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫القادري (ت بعد ‪1138‬‬
‫هـ)‬
‫وبالحاشية‪ :‬منحة الخالق‬
‫البن عابدين‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة العلوم‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو بكر أحمد‬
‫والحكم ‪ -‬المدينة المنورة‬ ‫بن عمرو بن عبد الخالق‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪( ،‬بدأت‬ ‫بن خالد بن عبيد هللا‬
‫‪ ١٩٨٨‬م‪ ،‬وانتهت‬ ‫المعروف‬ ‫العتكي‬
‫‪ ٢٠٠٩‬م)‬ ‫بالبزار(ت ‪ ٢٩٢‬هـ)‬
‫البحر الزخار (مسند‬
‫عدد األجزاء‪.١٨ :‬‬ ‫المحقق‪ :‬محفوظ الرحمن‬ ‫‪23‬‬
‫البزار)‬
‫زين هللا (جـ ‪،)٩ - ١‬‬
‫عادل بن سعد (جـ ‪- ١٠‬‬
‫‪ ،)١٧‬صبري عبد‬
‫الخالق الشافعي (جـ‬
‫‪.)١٨‬‬
‫[ترقيم الكتاب موافق‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو الليث نصر‬
‫للمطبوع]‪ ,‬تاريخ النشر‬ ‫بن محمد بن أحمد بن‬
‫‪ 24‬بحر العلوم‬
‫بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة‬ ‫إبراهيم السمرقندي (ت‬
‫‪.١٤٣١‬‬ ‫‪٣٧٣‬هـ)‪,‬‬
‫دار الكتب‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫المؤلف‪ :‬عالء الدين‪ ،‬أبو‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫بدائع الصنائع في بكر بن مسعود الكاساني‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪١٤٠6 ،‬‬ ‫الحنفي الملقب بـ (بملك‬ ‫‪ 25‬ترتيب الشرائع‬
‫هـ ‪١٩٨٦ -‬م‬ ‫العلماء) (ت ‪ ٥٨٧‬هـ)‬
‫عدد األجزاء‪.7 :‬‬

‫‪318‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫المؤلف‪ :‬أبو الفداء الناشر‪ :‬دار هجر للطباعة‬
‫والتوزيع‬ ‫إسماعيل بن عمر بن والنشر‬
‫كثير القرشي البصري ثم واإلعالن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤١٨ ،‬‬ ‫الدمشقي (ت ‪ ٧٧٤‬هـ)‬ ‫‪ 26‬البداية والنهاية‬
‫تحقيق‪ :‬عبد هللا بن عبد هـ ‪ ١٩٩٧ -‬م‬
‫سنة النشر‪ ١٤٢٤ :‬هـ ‪/‬‬ ‫المحسن التركي‪.‬‬
‫‪ ٢٠٠٣‬م‬
‫التابعي الجليل شهر د‪ /‬جاد الرب أمين دار أبوالمجد للطباعة‬
‫بالهرم‬ ‫‪ 27‬بن حوشب بين عبدالمجيد محمد‬
‫الجرح والتعديل‬
‫للنشر‬ ‫الميدان‬ ‫تأمالت بين العلم د‪ /‬محمد فتحي عبدالعال دار‬
‫‪28‬‬
‫والتوزيع‬ ‫والدين والحضارة‬
‫المؤلف‪ :‬محمد بن محمد الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫بن محمود‪ ،‬أبو منصور ‪ -‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٢٦ ،‬‬ ‫تأويالت أهل السنة الماتريدي (ت ‪٣٣٣‬هـ)‬
‫‪29‬‬
‫(تفسير الماتريدي) المحقق‪ :‬د‪ .‬مجدي هـ ‪ ٢٠٠٥ -‬م‬
‫باسلوم‬

‫الناشر‪ :‬مكتبة النهضة‬ ‫عبدالعزيز صالح‬


‫الحضارة‬ ‫تاريخ‬
‫المصرية‪ ,‬المجلد األول‪،‬‬ ‫‪30‬‬
‫المصرية‬
‫القاهرة ‪1962‬م‬
‫الناشر‪ :‬مطبعة المقتطف‬ ‫محمد إبراهيم بك‬
‫السودان‬ ‫تاريخ‬
‫والمقطم‬ ‫‪31‬‬
‫القديم‬
‫القاهرة (‪)1971‬م‬

‫‪319‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫الناشر‪ :‬النهضة العربية‪,‬‬ ‫تاريخ العمارة في سيد توفيق‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪1990‬م‪.‬‬ ‫مصر القديمة‬
‫الناشر‪ :‬الناشر المتميز‬ ‫المؤلف‪ :‬اإلمام أبو عبد‬
‫والنشر‬ ‫للطباعة‬ ‫هللا محمد بن إسماعيل‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرياض‬ ‫البخاري (ت ‪ ٢٥٦‬هـ)‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٤٠ ،‬‬ ‫رواية‪ :‬أبي الحسن محمد‬
‫هـ ‪ ٢٠١٩ -‬م‬ ‫البصري‬ ‫سهل‬ ‫بن‬
‫الفسوي‪ ،‬مقابلة برواية‬
‫ابن فارس الدالل‪ ،‬وجزء‬
‫من رواية عبد الرحمن‬ ‫‪ 33‬التاريخ الكبير‬
‫بن الفضل الفسوي‪ ،‬على‬
‫ثمانية أصول خطية‬
‫تحقيق ودراسة‪ :‬محمد‬
‫بن صالح بن محمد‬
‫الدباسي ومركز شذا‬
‫للبحوث بإشراف محمود‬
‫بن عبد الفتاح النحال‬
‫المعارف‬ ‫دار‬
‫الناشر‪:‬‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو جعفر‪،‬‬
‫بمصر‬ ‫محمد بن جرير الطبري‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية ‪ ١٣٨٧‬هـ‬ ‫(‪ ٣١٠ - ٢٢٤‬هـ)‬
‫‪ ١٩٦٧ -‬م‪.‬‬ ‫الرسل ويليه بالجزء ‪:١١‬‬ ‫تاريخ‬
‫‪ 34‬والملوك = تاريخ «صلة تاريخ الطبري»‬
‫لعريب بن سعد القرطبي‬ ‫الطبري‬
‫[ت ‪ ٣٦٩‬هـ]‬
‫ويليه‪« :‬تكملة تاريخ‬
‫الطبري» لمحمد بن عبد‬

‫‪320‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫الملك الهمذاني [ت ‪٥٢١‬‬
‫هـ]‬
‫ويليه‪« :‬المنتخب من‬
‫كتاب ذيل المذيل من‬
‫تاريخ الصحابة والتابعين‬
‫جرير‬ ‫بن‬ ‫لمحمد‬
‫الطبري» ألحد العلماء‬
‫المحقق‪ :‬محمد أبو‬
‫الفضل إبراهيم [ت‬
‫‪ ١٩٨٠‬م]‪.‬‬
‫الفكر‬ ‫دار‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو القاسم علي الناشر‪:‬‬
‫بن الحسن بن هبة هللا للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫المعروف بابن عساكر عام النشر‪ 1415 :‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 35‬تاريخ دمشق‬
‫‪ 1995‬م‬ ‫(المتوفى‪571 :‬هـ)‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬عمرو بن عدد األجزاء‪ 74( 80 :‬و‬
‫‪ 6‬مجلدات فهارس‪.‬‬ ‫غرامة العمروي‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار نهضة‬ ‫رمضان السيد‬
‫‪ 36‬تاريخ مصر القديمة‬
‫الشرق‬
‫المؤلف‪ :‬محمد بن أحمد الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫محمد ‪ -‬بيروت ‪ /‬لبنان‬ ‫الضياء‬ ‫تاريخ مكة المشرفة بن‬
‫الثانية‪،‬‬ ‫الحرام القرشي العمري المكي الطبعة‪:‬‬ ‫والمسجد‬
‫‪37‬‬
‫والمدينة الشريفة الحنفي‪ ،‬بهاء الدين أبو ‪١٤٢٤‬هـ ‪٢٠٠٤ -‬م‬
‫البقاء‪ ،‬المعروف بابن‬ ‫والقبر الشريف‬
‫الضياء (ت ‪٨٥٤‬هـ)‬

‫‪321‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫المحقق‪ :‬عالء إبراهيم‪،‬‬
‫أيمن نصر‬
‫الطبعة‪ :‬الثالثة‪١٤٤٢ ،‬‬ ‫المؤلف‪َ :‬أبو الفضل عبد‬
‫هـ ‪ ٢٠٢١ -‬م‬ ‫الرحيم بن الحسين‬
‫عدد الصفحات‪٣٩٨ :‬‬ ‫العراقي (ت ‪ ٨٠٦‬هـ)‬
‫[ترقيم الكتاب موافق‬ ‫المحقق‪ :‬د عبد المحسن‬
‫للمطبوع]‬ ‫التبصرة والتذكرة بن محمد القاسم‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪:‬‬ ‫‪ 38‬في علوم الحديث‪ ،‬محققة على نسخة بخط‬
‫ُجمادَ ى اآلخرة‬ ‫‪١٧‬‬ ‫الناظم ونسخ أخرى‬ ‫(ألفية العراقي)‬
‫‪١٤٤٣‬‬ ‫مقروءة‬
‫عليه وعليها خطه‬
‫وإجازته‬

‫الناشر‪ :‬مكتبة الكليات‬ ‫المؤلف‪ :‬إبراهيم بن علي‬


‫تبصرة الحكام في‬
‫األزهرية‬ ‫بن محمد‪ ،‬بن فرحون‪،‬‬
‫األقضية‬ ‫أصول‬
‫األولى‪،‬‬ ‫الطبعة‪:‬‬ ‫برهان الدين اليعمري‬ ‫‪39‬‬
‫ومناهج األحكام‬
‫‪١٤٠٦‬هـ ‪١٩٨٦ -‬م‬ ‫(ت ‪٧٩٩‬هـ)‬
‫عدد األجزاء‪.2:‬‬
‫الناشر ‪ :‬الدار التونسية‬ ‫المؤلف ‪ :‬محمد الطاهر‬
‫التحرير والتنوير‬
‫للنشر ‪ -‬تونس‬ ‫بن محمد بن محمد‬
‫المعنى‬ ‫«تحرير‬
‫سنة النشر‪ ١٩٨٤ :‬هـ‬ ‫الطاهر بن عاشور‬
‫السديد وتنوير العقل‬ ‫‪40‬‬
‫عدد األجزاء ‪٣٠ :‬‬ ‫التونسي (المتوفى ‪:‬‬
‫الجديد من تفسير‬
‫(والجزء رقم ‪ ٨‬في‬ ‫‪١٣٩٣‬هـ)‪.‬‬
‫الكتاب المجيد»‬
‫قسمين)‬

‫‪322‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫المؤلف‪ :‬أبو العال محمد الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫األحوذي‬ ‫تحفة‬
‫عبد الرحمن بن عبد ‪ -‬بيروت‬
‫جامع‬ ‫‪ 41‬بشرح‬
‫الرحيم المباركفورى (ت عدد األجزاء‪١٠ :‬‬
‫الترمذي‬
‫‪١٣٥٣‬هـ)‬
‫المؤلف‪ :‬ابن الملقن الناشر‪ :‬دار حراء ‪ -‬مكة‬
‫سراج الدين أبو حفص المكرمة‬
‫تحفة المحتاج إلى‬
‫عمر بن علي بن أحمد الطبعة‪ :‬األولى‪1406 ،‬‬
‫أدلة المنهاج (على‬
‫المصري عدد األجزاء‪.2 :‬‬ ‫الشافعي‬ ‫‪42‬‬
‫المنهاج‬ ‫ترتيب‬
‫(المتوفى‪804 :‬هـ)‬
‫للنووي)‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬عبد هللا بن‬
‫سعاف اللحياني‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو القاسم‪ ،‬الناشر‪ :‬شركة دار األرقم‬
‫محمد بن أحمد بن محمد بن أبي األرقم – بيروت‪,‬‬
‫لعلوم بن عبد هللا‪ ،‬بن جزي الطبعة‪ :‬األولى ‪١٤١٦ -‬‬ ‫التسهيل‬
‫‪43‬‬
‫الغرناطي‪ ,‬هـ‬ ‫الكلبي‬ ‫التنزيل‪,‬‬
‫المحقق‪ :‬الدكتور عبد هللا‬
‫الخالدي‪,‬‬
‫زوجات المؤلف‪ :‬ملك غالم الناشر‪ :‬مجلة الجامعة‬ ‫تعدد‬
‫بالمدينة‬ ‫اإلسالمية‬ ‫‪ 44‬الرسول صلى هللا مرتضى‪.‬‬
‫المنورة‪ ,‬عدد‪.59‬‬ ‫عليه وسلم‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو المظفر‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الوطن‪،‬‬
‫منصور بن محمد بن عبد الرياض – السعودية‪,‬‬
‫األولى‪،‬‬ ‫الجبار بن أحمد المروزى الطبعة‪:‬‬ ‫‪ 45‬تفسير القرآن‪.‬‬
‫التميمي ‪١٤١٨‬هـ‪١٩٩٧ -‬م‪.‬‬ ‫السمعاني‬
‫الحنفي ثم الشافعي (ت‬

‫‪323‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫‪٤٨٩‬هـ)‪ ,‬المحقق‪ :‬ياسر‬
‫بن إبراهيم وغنيم بن‬
‫عباس بن غنيم‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو الفداء‬
‫والتوزيع‬ ‫إسماعيل بن عمر بن‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية ‪ ١٤٢٠‬هـ‬ ‫كثير القرشي البصري ثم‬
‫‪ 46‬تفسير القرآن العظيم‬
‫‪ ١٩٩٩ -‬م‬ ‫الدمشقي (ت ‪ ٧٧٤‬هـ)‬
‫عدد األجزاء‪٨ :‬‬ ‫المحقق‪ :‬سامي بن محمد‬
‫السالمة‪.‬‬
‫الناشر‪ /‬مكتبة نزار‬ ‫المؤلف‪ /‬أبو محمد عبد‬
‫مصطفى الباز ‪ -‬المملكة‬ ‫الرحمن بن محمد بن‬
‫السعودية‪,‬‬ ‫العربية‬ ‫المنذر‬ ‫بن‬ ‫إدريس‬
‫الطبعة‪ /‬الثالثة‪.‬‬ ‫الحنظلي‪،‬‬ ‫‪ 47‬تفسير القرآن العظيم التميمي‪،‬‬
‫الرازي ابن أبي حاتم (ت‬
‫‪٣٢٧‬هـ)‪ ,‬المحقق‪ :‬أسعد‬
‫محمد الطيب‪,‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الرشيد ‪-‬‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو الفضل أحمد‬
‫سوريا‬ ‫بن علي بن محمد بن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪- ١٤٠٦ ،‬‬ ‫أحمد بن حجر العسقالني‬ ‫‪ 48‬تقريب التهذيب‬
‫‪١٩٨٦‬‬ ‫(ت ‪٨٥٢‬هـ)‬
‫المحقق‪ :‬محمد عوامة‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مطبعة دائرة‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو الفضل أحمد‬
‫المعارف النظامية‪ ،‬الهند‬ ‫بن علي بن محمد بن‬
‫الطبعة‪ :‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫أحمد بن حجر العسقالني‬ ‫‪ 49‬تهذيب التهذيب‬
‫‪١٣٢٦‬هـ‪ ,‬عدد األجزاء‪:‬‬ ‫(ت ‪٨٥٢‬هـ)‪.‬‬
‫‪.١٢‬‬

‫‪324‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫المؤلف‪ :‬جمال الدين أبو الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫الحجاج يوسف المزي ‪ -‬بيروت‬
‫تهذيب الكمال في (‪ ٧٤٢ - ٦٥٤‬هـ)‬
‫‪50‬‬
‫حققه وضبط نصه وعلق‬ ‫أسماء الرجال‬
‫عليه‪ :‬د بشار عواد‬
‫معروف‬
‫التوراة‪ ،‬كتابات ما اندر دوبون سومر دار الطليعة الجديدة‪,‬‬
‫العهدين‪ ،‬ومارك فليوتكو‪ ،‬ترجمة دمشق ‪1998‬م‪.‬‬ ‫بين‬
‫‪ 51‬مخطوطات قمران – موسى ديب الخوري‬
‫الميت‪،‬‬ ‫البحر‬
‫التوراة المتحول‬
‫المؤلف‪ :‬عبد الملك بن الناشر‪ :‬مركز الدراسات‬
‫هشام بن أيوب الحميري واألبحاث اليمنية‪ ،‬صنعاء‬
‫المعافري‪ ،‬أبو محمد‪ - ،‬الجمهورية العربية‬
‫جمال الدين (ت ‪٢١٣‬هـ) اليمنية‬
‫يرويه عن أسد بن الطبعة‪ :‬األولى‪١٣٤٧ ،‬‬
‫التيجان في ُملوك‬ ‫َ‬
‫موسى عن أبي إدريس هـ‬ ‫‪52‬‬
‫ح ِْم َي ْر‬
‫ابن سنان عن جده ألمه‬
‫وهب بن منبه رضي هللا‬
‫عنهم‪.‬‬
‫تحقيق‪ :‬مركز الدراسات‬
‫واألبحاث اليمنية‬
‫المؤلف‪ :‬زين الدين الناشر‪ :‬مكتبة اإلمام‬
‫بشرح‬ ‫التيسير‬
‫محمد المدعو بعبد الشافعي ‪ -‬الرياض‬ ‫‪53‬‬
‫الجامع الصغير‬
‫الرؤوف بن تاج العارفين‬

‫‪325‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫بن علي بن زين العابدين الطبعة‪ :‬الثالثة‪1408 ،‬هـ‬
‫الحدادي ثم المناوي ‪1988 -‬م‬
‫(المتوفى‪ :‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬ ‫القاهري‬
‫‪1031‬هـ)‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬عبد الرحمن بن الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫ناصر بن عبد هللا‬ ‫الكريم‬ ‫تيسير‬
‫السعدي (ت ‪١٣٧٦‬هـ)‪,‬‬ ‫الرحمن في تفسير‬ ‫‪54‬‬
‫المحقق‪ :‬عبد الرحمن بن‬ ‫كالم المنان‪.‬‬
‫معال اللويحق‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬محمد بن جرير الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫بن يزيد بن كثير بن الطبعة‪ :‬األولى‪1420 ،‬‬
‫غالب اآلملي‪ ،‬أبو جعفر هـ ‪ 2000 -‬م‬ ‫جامع البيان في‬
‫(المتوفى‪ :‬عدد األجزاء‪.24 :‬‬ ‫الطبري‬ ‫القرآن‬ ‫تأويل‬ ‫‪55‬‬
‫‪310‬هـ)‬ ‫(تفسير الطبري)‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬أحمد محمد‬
‫شاكر‪.‬‬
‫دار الكتب‬ ‫تأليف‪ :‬اإلمام جالل الدين الناشر‪:‬‬ ‫الجامع الصغير في‬
‫العلمية‪ ,‬بيروت‪ -‬لبنان‪.‬‬ ‫بن أبي بكر السيوطي‪.‬‬ ‫البشير‬ ‫أحاديث‬ ‫‪56‬‬
‫النذير‬
‫الكتب‬ ‫دار‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو عبد هللا‬
‫المصرية ‪ -‬القاهرة‬ ‫محمد بن أحمد بن أبي‬
‫ألحكام‬ ‫الجامع‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪1384 ،‬هـ‬ ‫بكر بن فرح األنصاري‬
‫( تفسير‬ ‫القرآن‬ ‫‪57‬‬
‫‪ 1964 -‬م‬ ‫الخزرجي شمس الدين‬
‫القرطبي)‬
‫عدد األجزاء‪ 20 :‬جزءا‬ ‫(المتوفى‪:‬‬ ‫القرطبي‬
‫(في ‪ 10‬مجلدات)‪.‬‬ ‫‪671‬هـ)‬

‫‪326‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫‪-‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‬
‫وإبراهيم أطفيش‪.‬‬
‫روافد للنشر‬ ‫تأليف‪ :‬المؤرخ المصري دار‬
‫والتوزيع‬ ‫مانيتون السمنودي‪،‬‬
‫‪ 58‬الجبتانا‬
‫تحقيق‪ :‬علي علي‬
‫األلفي‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو محمد عبد الناشر‪ :‬طبعة مجلس‬
‫الرحمن بن محمد بن دائرة المعارف العثمانية‬
‫المنذر ‪ -‬بحيدر آباد الدكن ‪-‬‬ ‫بن‬ ‫إدريس‬
‫الحنظلي‪ ،‬الهند‬ ‫التميمي‪،‬‬
‫‪ 59‬الجرح والتعديل‬
‫الرازي بن أبي حاتم (ت دار إحياء التراث العربي‬
‫‪ -‬بيروت‬ ‫‪٣٢٧‬هـ)‪.‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٢٧١ ،‬‬
‫هـ ‪ ١٩٥٢‬م‬
‫الناشر‪ :‬دار عالء الدين‬ ‫فراس السواح‬
‫والتوزيع‬ ‫للنشر‬ ‫ملحمة‬ ‫جلجامش‬
‫‪60‬‬
‫دمشق‬ ‫والترجمة‪,‬‬ ‫الرافدين الخالدة‬
‫(‪1996‬م)‪.‬‬
‫الجوامع تأليف‪ :‬اإلمام جالل الدين الناشر‪ :‬األزهر الشريف‪.‬‬ ‫جمع‬
‫دار‬ ‫المطبعة‪:‬‬ ‫اسم‬ ‫‪ 61‬المعروف بالجامع بن أبي بكر السيوطي‪.‬‬
‫السعادة للطباعة‪.‬‬ ‫الكبير‬
‫النوبيون شكري حسين علي‬ ‫الجنود‬
‫بالجيش المصري‪ ،‬القفتيزي‬
‫‪62‬‬
‫عصر الدولة القديمة‬
‫حتى عصر االنتقال‬

‫‪327‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫(الدور‬ ‫األول‬
‫والمكانة)‬
‫(أطروحة دكتوراه غير‬ ‫الجوانب الحضارية نصار سليمان السعدون‬
‫جامعة‬ ‫منشورة‪،‬‬ ‫والسياسية‬
‫القادسية‪2002 ،‬م)‬ ‫والعسكرية لعالقات‬
‫‪63‬‬
‫بالد الرافدين مع‬
‫بالد عيالم في‬
‫التاريخ القديم‬
‫الناشر‪ :‬دار إحياء التراث‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو زيد عبد‬
‫العربي ‪ -‬بيروت‬ ‫الرحمن بن محمد بن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى ‪١٤١٨ -‬‬ ‫مخلوف الثعالبي (ت‬
‫الجواهر الحسان في‬
‫هـ‪.‬‬ ‫‪٨٧٥‬هـ)‬
‫القرآن‬ ‫‪ 64‬تفسير‬
‫المحقق‪ :‬الشيخ محمد‬
‫للثعالبي‬
‫علي معوض والشيخ‬
‫عبد‬ ‫أحمد‬ ‫عادل‬
‫الموجود‪.‬‬
‫[الكتاب غير مطبوع]‬ ‫المؤلف‪ :‬حازم خنفر‬
‫الحاشية العثيمينية‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪:‬‬ ‫عدد الصفحات‪.٦٧٤ :‬‬ ‫‪65‬‬
‫على زاد المستنقع‬
‫‪ ٢٥‬رمضان ‪.١٤٣٦‬‬
‫‪ ,‬تأليف‪ Suzanne :‬الهيئة المصرية العامة‬
‫‪ ,Ratié‬ترجمة‪ :‬فاطمة للكتاب‪ ,‬القاهرة ‪2005‬‬
‫الملكة‬ ‫حتشبسوت‬
‫محمود‪ ,‬م‪.‬‬ ‫عبد هللا‬ ‫‪66‬‬
‫الفرعون‬
‫مراجعة‪ :‬محمود ماهر‬
‫طه‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫‪ -‬المؤلف ‪ :‬عبد الرحمن ‪ -‬الناشر ‪ :‬دار إحياء‬
‫بن أبي بكر‪ ،‬جالل الدين الكتب العربية ‪ -‬عيسى‬
‫حسن المحاضرة في السيوطي (المتوفى ‪ :‬البابي الحلبي وشركاه ‪-‬‬
‫مصر‬ ‫مصر ‪911‬هـ)‬ ‫‪ 67‬تاريخ‬
‫المحقق ‪ :‬محمد أبو الطبعة‪ :‬األولى ‪ 1387‬هـ‬ ‫والقاهرة‪.‬‬
‫عدد‬ ‫‪1967‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الفضل إبراهيم‪.‬‬
‫األجزاء‪.2:‬‬
‫الكاتب العربي‬ ‫ترجمة دار‬ ‫موسكاتي‪.‬‬
‫الحضارات السامية‬
‫الدكتور السيد يعقوب للطباعة و للنشر‪.‬‬ ‫‪68‬‬
‫القديمة‬
‫بكر‪.‬‬
‫مصر فرانسوا دوما‪ ,‬ترجمة القاهرة (‪1998‬م)‪.‬‬ ‫حضارة‬
‫‪69‬‬
‫ماهر جويجاني‬ ‫الفرعونية‬
‫الناشر‪ :‬الهيئة المصرية‬ ‫مصر رندل كالرك‬ ‫حضارة‬
‫‪70‬‬
‫العامة للكتاب‬ ‫القديمة‬
‫الدكتور عبد العزيز الناشر‪ :‬وزارة الثقافة‬
‫مصر‬ ‫حضارة‬
‫المجلس األعلى لآلثار‪,.‬‬ ‫صالح‬ ‫‪71‬‬
‫القديمة وآثارها‬
‫القاهرة ‪1992‬م‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬شركة دار‬ ‫وادي أحمد سوسة‬ ‫حضارة‬
‫الوراق للنشر المحدودة‪.‬‬ ‫بين‬ ‫الرافدين‬
‫‪72‬‬
‫الساميين‬
‫والسومريين‬
‫للنشر‬ ‫الناشر‪:‬بيسان‬ ‫الحكمة السومرية األب سهيل ناشا‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫والتوزيع واالعالم‪.‬‬ ‫في العراق القديم‬

‫‪329‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫المؤلف‪ :‬أبو نعيم أحمد الناشر‪ :‬مطبعة السعادة ‪-‬‬
‫بن عبد هللا األصبهاني بجوار محافظة مصر‬ ‫األولياء‬ ‫حلية‬
‫‪74‬‬
‫عام النشر‪ ١٣٩٤ :‬هـ ‪-‬‬ ‫(ت ‪ ٤٣٠‬هـ)‬ ‫وطبقات األصفياء‬
‫‪ ١٩٧٤‬م‪.‬‬
‫هورست كلينكل‪ ،‬ترجمة الناشر‪ :‬دار المنارة‬
‫والترجمة‬ ‫للدراسات‬ ‫محمد وحيد خياطه‬
‫البابلي‬ ‫حمورابي‬
‫والنشر‪.‬‬ ‫‪75‬‬
‫وعصره‬
‫سنة النشر ‪ .:‬دمشق‬
‫(‪1990‬م)‬
‫الناشر‪ :‬المركز القومي‬ ‫ترجمة شريف الصيفي‬ ‫الخروج في النهار‬
‫للترجمة‪.‬‬ ‫الموتى)‬ ‫(كتاب‬
‫‪76‬‬
‫مصرية‬ ‫نصوص‬
‫قديمة‬
‫الناشر‪ :‬دار الحريري‬ ‫العامة المؤلف‪ :‬على رضـوان‬ ‫الخطوط‬
‫للطباعة‪2003 ,‬م‪.‬‬ ‫لعصور ما قبل‬
‫‪77‬‬
‫وبداية‬ ‫التاريخ‬
‫األسرات فى مصر‬
‫موافق‬ ‫[ترقيم الكتاب‬ ‫المؤلف‪ :‬علي بن عبد هللا‬
‫للمطبوع]‬ ‫الحسني‬ ‫أحمد‬ ‫بن‬
‫تاريخ النشر بالشاملة‪٨ :‬‬ ‫خالصة الوفا بأخبار السمهودي (ت ‪٩١١‬هـ)‬
‫‪78‬‬
‫ذو الحجة ‪١٤٣١‬‬ ‫دراسة وتحقيق‪ :‬د‪/‬‬ ‫دار المصطفى‬
‫محمد األمين محمد‬
‫محمود أحمد الجكيني‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار النهضة‬ ‫المؤلف‪ :‬دكتور محمد‬
‫دراسات تاريخية من‬
‫العربية للطباعة والنشر‪,‬‬ ‫بيومي مهران‪.‬‬ ‫‪79‬‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬
‫الطبعة‪.٢ :‬‬
‫‪330‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫المؤلف‪ :‬محمد بيومي الناشر‪ :‬دار المعرفة‬
‫دراسات في تاريخ‬
‫الجامعية‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية‬ ‫مهران‪.‬‬ ‫‪80‬‬
‫العرب القديم‬
‫مزيدة ومنقحة‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الخليج للنشر‬ ‫دراسات في ملحمة نجاح كبة‬
‫‪81‬‬
‫والتوزيع‪ ,‬بغداد ‪2003‬م‪.‬‬ ‫جلجامش‬
‫دار القدس العربي‬ ‫دولة االمازيغ في ام الخير المقون‪.‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬ ‫الفرعونية‬ ‫مصر‬
‫‪82‬‬
‫‪ 715‬ق‪.‬م‪950 -‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬‬
‫الديباج في أخبار أبو يعرب سرور أبو المؤسسة العربية للعلوم‬
‫علي والثقافة‪.‬‬ ‫الهياج المعاطي‬ ‫األسود‬
‫‪83‬‬
‫الطبعة‪ :‬األولى ‪2019‬م‪.‬‬ ‫(أبحاث في ُمدارسة عبدالرحمن‪.‬‬
‫بالد الصعيد)‬
‫المؤلف‪ :‬عبد الرحمن بن الناشر‪ :‬دار الفكر‪،‬‬
‫المبتدأ محمد بن محمد‪ ،‬بن بيروت‬ ‫ديوان‬
‫والخبر في تاريخ خلدون أبو زيد‪ ،‬ولي الطبعة‪ :‬الثانية‪1408 ،‬هـ‬
‫الحضرمي ‪1988 -‬م‬ ‫‪ 84‬العرب والبربر ومن الدين‬
‫عدد األجزاء‪.1 :‬‬ ‫عاصرهم من ذوي اإلشبيلي(المتوفى‪:‬‬
‫‪808‬هـ)‬ ‫الشأن األكبر‪.‬‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬خليل شحادة‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬د‪ /‬حاتم الهمدان الطبعة األولى‪ ،‬لندن‪،‬‬ ‫ذو القرنين‬
‫أيلول‪-‬سبتمبر ‪2015‬م‪.‬‬ ‫المصري‬ ‫(النبي‬
‫‪Ltd‬‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫‪ 85‬الذي طاف بالعالم‬
‫‪،‬شركة‬ ‫‪kutub-E‬‬ ‫وعلم الناس الدين‬
‫بريطانية مسجلة في‬ ‫والحضارة)‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫دار النشر‪ ،‬ومالحظات‬ ‫اسم المِّؤ لف‪ ،‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬
‫برقم‪:‬‬ ‫انجلترا‬
‫‪7513024‬‬

‫حرف‪ :‬الراء‪ ,‬والزاي‪ ,‬والسين‪ ,‬والشين‪ ,‬والصاد‪ ,‬والضاد‪ ,‬والعين‪ ,‬والغين‪ ,‬والفاء‪,‬‬
‫والقاف‪ ,‬والكاف‪ ,‬والالم‬

‫‪332‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫الناشر‪ :‬دار نهضة‬ ‫رؤى جديدة في رمضان عبده علي‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫الشرق‪.‬‬ ‫تاريخ مصر القديمة‬
‫تأليف بلوتار خوس‪ ,‬الناشر‪ :‬وكالة الصحافة‬
‫القاهرة‬ ‫رسائل بلوتار خوس ترجمة عن اليونانية‪ :‬العربية‪,‬‬
‫إيزيس حسن صبحي بكري (‪1977‬م)‪.‬‬ ‫‪ 87‬عن‬
‫مراجعة‪ :‬محمد صقر‬ ‫وأوزيريس‬
‫خفاجة‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتاب‬ ‫محمد راشد حماد‪.‬‬
‫الرساالت السماوية‬
‫العربي للنشر والتوزيع‪,‬‬ ‫‪88‬‬
‫في مصر الفرعونية‬
‫(‪2014‬م)‬
‫الرموز األسطورة دور ناردو‪ ،‬ترجمة احمد الناشر‪:‬المركز القومي‬
‫‪89‬‬
‫للترجمة بالقاهرة‪.‬‬ ‫مليح‬ ‫في مصر القديمة‬
‫المؤلف‪ :‬شهاب الدين الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫روح المعاني في‬
‫محمود بن عبد هللا – بيروت‪ ,‬الطبعة‪:‬‬
‫القرآن‬ ‫تفسير‬
‫الحسيني األلوسي (ت األولى‪ ١٤١٥ ،‬هـ ‪.‬‬ ‫‪90‬‬
‫والسبع‬ ‫العظيم‬
‫المحقق‪:‬‬ ‫‪١٢٧٠‬هـ)‪,‬‬
‫المثاني‪.‬‬
‫علي عبد الباري عطية‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬منصور بن الناشر‪ :‬دار المؤيد ‪-‬‬
‫المربع‬ ‫الروض‬
‫يونس بن صالح الدين مؤسسة الرسالة‬
‫شرح زاد المستقنع‬
‫بن حسن بن إدريس عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫حاشية‬ ‫ومعه‪:‬‬
‫الحنبلي‬ ‫البهوتى‬ ‫‪91‬‬
‫العثيمين‬ ‫الشيخ‬
‫(المتوفى‪1051 :‬هـ)‪.‬‬
‫الشيخ‬ ‫وتعليقات‬
‫خرج أحاديثه‪ :‬عبد‬
‫السعدي‪.‬‬
‫القدوس محمد نذير‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫الناشر‪ :‬مؤسسة ناصر‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو عبد هللا‬
‫للثقافة ‪ -‬بيروت – طبع‬ ‫محمد ابن عبد هللا بن‬
‫الروض المعطار في‬
‫على مطابع دار السراج‬ ‫عبد المنعم الحِميرى‬ ‫‪92‬‬
‫خبر األقطار‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪1980 ،‬‬ ‫(المتوفى‪900 :‬هـ)‬
‫م‪ .‬عدد األجزاء‪.1 :‬‬ ‫‪-‬المحقق‪ :‬إحسان عباس‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الوطن للنشر‬ ‫المؤلف‪ :‬موسى بن أحمد‬
‫– الرياض‬ ‫بن موسى بن سالم بن‬
‫عيسى بن سالم الحجاوي‬
‫المقدسي‪ ،‬ثم الصالحي‪،‬‬ ‫زاد المستقنع في‬
‫‪93‬‬
‫شرف الدين‪ ،‬أبو النجا‬ ‫اختصار المقنع‪.‬‬
‫(ت ‪٩٦٨‬هـ)‪ ,‬المحقق‪:‬‬
‫عبد الرحمن بن علي بن‬
‫العسكر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محمد‬
‫الكتاب‬ ‫الناشر‪ :‬دار‬ ‫المؤلف‪ :‬جمال الدين أبو‬
‫العربي ‪ -‬بيروت‬ ‫الفرج عبد الرحمن ابن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى ‪1422 -‬‬ ‫علي بن محمد الجوزي‬ ‫زاد المسير في علم‬
‫‪94‬‬
‫هـ‪.‬‬ ‫(المتوفى‪597 :‬هـ)‪.‬‬ ‫التفسير‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬عبد الرزاق‬
‫المهدي‪.‬‬
‫القاهرة‪ :‬الدار الثقافية‬ ‫التأليف‪ :‬محمد علي‬ ‫األنبياء‬ ‫زوجات‬
‫‪95‬‬
‫للنشر‪.‬‬ ‫قطب‪,‬‬ ‫وأمهات المؤمنين‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة القرآن‬ ‫المؤلف‪ :‬أحمد بن محمد‬
‫للطبع والنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫بن أحمد بن غالب‪ ،‬أبو‬ ‫سؤاالت أبى بكر‬
‫‪96‬‬
‫بكر المعروف بالبرقاني‬ ‫البرقاني للدارقطني‪.‬‬
‫(ت ‪٤٢٥‬هـ)‪ ,‬تحقيق‬

‫‪334‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫وتعليق‪ :‬مجدي السيد‬
‫إبراهيم‪.‬‬
‫الناشر ‪ :‬دار القلم دمشق‬ ‫تأليف‪ :‬حسن ظاظا‬
‫‪ 97‬الساميون ولغاتهم‬
‫الدار السامية بيروت‪.‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ,‬الناشر‪/‬‬ ‫تأليف‪ /‬محسن محمد‪.‬‬
‫مركز األهرام للترجمة‬ ‫‪ 98‬سرقة ملك مصر‬
‫والنشر‪.‬‬
‫في دراسة له ﺻﺎدرة ﻋﺎم‬ ‫نورمان كانتور‬
‫‪1994‬م ﻋﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ‬ ‫‪ 99‬الساللة المقدسة‬
‫ﻧﻴﻮﻳﻮرك‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو عبد الرحمن دار النشر‪ :‬دار المعارف‪،‬‬
‫سلسلة األحاديث محمد ناصر الدين‪ ،‬بن الرياض ‪ -‬الممكلة العربية‬
‫الحاج نوح بن نجاتي بن السعودية‬ ‫‪ 10‬الضعيفة‬
‫والموضوعة وأثرها آدم‪ ،‬األشقودري األلباني الطبعة‪ :‬األولى‪١٤١٢ ،‬‬ ‫‪0‬‬
‫هـ ‪ ١٩٩٢ /‬م‬ ‫(ت ‪١٤٢٠‬هـ)‪.‬‬ ‫السيئ في األمة‪.‬‬
‫عدد األجزاء‪.١٤ :‬‬
‫المحقق‪ :‬محمد محيي الناشر‪ :‬المكتبة العصرية‪،‬‬ ‫‪10‬‬
‫سنن أبي داود‪.‬‬
‫صيدا ‪ -‬بيروت‬ ‫الدين عبد الحميد‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫المؤلف‪ :‬ابن ماجه أبو الناشر‪ :‬دار إحياء الكتب‬
‫عبد هللا محمد بن يزيد العربية ‪ -‬فيصل عيسى‬
‫القزويني‪ ،‬وماجه اسم البابي الحلبي‬ ‫‪10‬‬
‫سنن ابن ماجه‬
‫‪٢‬‬ ‫األجزاء‪:‬‬ ‫عدد‬ ‫أبيه يزيد (ت ‪ ٢٧٣‬هـ)‬ ‫‪2‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد (متسلسلة الترقيم)‬
‫الباقي‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫الناشر‪ :‬شركة مكتبة‬ ‫المؤلف‪ :‬محمد بن عيسى‬
‫ومطبعة مصطفى البابي‬ ‫س ْورة بن موسى بن‬ ‫بن َ‬
‫الحلبي ‪ -‬مصر‬ ‫الضحاك‪ ،‬الترمذي‪ ،‬أبو‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪١٣٩٥ ،‬‬ ‫عيسى (ت ‪٢٧٩‬هـ)‬
‫هـ ‪ ١٩٧٥ -‬م‬ ‫تحقيق وتعليق‪:‬‬
‫عدد األجزاء‪ ٥ :‬أجزاء‬ ‫أحمد محمد شاكر (جـ ‪،١‬‬ ‫‪10‬‬
‫سنن الترمذي‬
‫‪)٢‬‬ ‫‪3‬‬
‫ومحمد فؤاد عبد الباقي‬
‫(جـ ‪)٣‬‬
‫وإبراهيم عطوة عوض‬
‫المدرس في األزهر‬
‫الشريف (جـ ‪)٥ ،٤‬‬
‫الكتب‬ ‫دار‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو بكر أحمد‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫بن الحسين بن علي‬
‫الطبعة‪ :‬الثالثة‪ ١٤٢٤،‬هـ‬ ‫الكبرى البيهقي (ت ‪ ٤٥٨‬هـ)‬ ‫السنن‬ ‫‪10‬‬
‫‪٢٠٠٣ -‬م‬ ‫المحقق‪ :‬محمد عبد‬ ‫للبيهقي‬ ‫‪4‬‬
‫عدد األجزاء‪( ١١ :‬األخير‬ ‫القادر عطا‪.‬‬
‫فهارس)‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو عبد الرحمن‬
‫‪ -‬بيروت‬ ‫أحمد بن شعيب النسائي‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٢١ ،‬‬ ‫(ت ‪ ٣٠٣‬هـ)‬
‫هـ ‪ ٢٠٠١ -‬م‬ ‫حققه وخرج أحاديثه‪:‬‬ ‫‪10‬‬
‫السنن الكبرى‬
‫عدد األجزاء‪( ١٢ :‬آخر‬ ‫حسن عبد المنعم شلبي‬ ‫‪5‬‬
‫‪ ٢‬فهارس)‬ ‫(بمساعدة مكتب تحقيق‬
‫التراث في مؤسسة‬
‫الرسالة)‬

‫‪336‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫أشرف عليه‪ :‬شعيب‬
‫األرناؤوط‬
‫قدم له‪ :‬عبد هللا بن عبد‬
‫المحسن التركي‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬المؤلف‪ ,‬مكان‬ ‫المؤلف‪ :‬وديع بشور‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫النشر‪ :‬دمشق‪ ,‬سنة‬ ‫سومر وأكاد‬
‫‪6‬‬
‫النشر‪1980:‬م‬
‫الناشر‪ :‬عالم الكتب‬ ‫عزمي سكر‪.‬‬
‫في‬ ‫‪ 10‬السومريون‬
‫والنشر‬ ‫للطباعة‬
‫التاريخ‬ ‫‪7‬‬
‫والتوزيع‪1999 ,‬م‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬شمس الدين الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫محمد بن أحمد بن عثمان الطبعة‪ :‬الثالثة‪١٤٠٥ ،‬‬
‫هـ ‪ ١٩٨٥ -‬م‬ ‫الذهبي (ت ‪ ٧٤٨‬هـ)‬
‫تحقيق‪ :‬مجموعة من عدد األجزاء‪٢٣( ٢٥ :‬‬ ‫‪10‬‬
‫سير أعالم النبالء‬
‫المحققين بإشراف الشيخ والفهارس)‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫شعيب األرناؤوط‪,‬‬
‫بشار عواد‬ ‫تقديم‪:‬‬
‫معروف‬
‫المؤلف‪ :‬عبد الحي بن الناشر‪ :‬دار ابن كثير‪،‬‬
‫أحمد بن محمد ابن العماد دمشق ‪ -‬بيروت‬
‫العكري الحنبلي‪ ،‬أبو الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٠٦ ،‬‬ ‫َ‬
‫‪ 10‬شذرات الذهب في‬
‫هـ ‪ ١٩٨٦ -‬م‬ ‫الفالح (ت ‪١٠٨٩‬هـ)‬
‫أخبار من ذهب‪.‬‬ ‫‪9‬‬
‫حققه‪ :‬محمود األرناؤوط عدد األجزاء‪١١ :‬‬
‫خرج أحاديثه‪ :‬عبد القادر‬
‫األرناؤوط‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫الناشر‪ :‬مكتبة المنار ‪-‬‬ ‫المؤلف‪ :‬زين الدين عبد‬
‫الزرقاء ‪ -‬األردن‬ ‫الرحمن بن أحمد بن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٠٧ ،‬هـ‬ ‫الحسن‪،‬‬ ‫بن‬ ‫رجب‬
‫‪١٩٨٧ -‬م‪.‬‬ ‫السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬ثم‬
‫َ‬
‫شرح علل الترمذي‬ ‫‪110‬‬
‫الدمشقي‪ ،‬الحنبلي (ت‬
‫‪٧٩٥‬هـ)‬
‫المحقق‪ :‬الدكتور همام‬
‫عبد الرحيم سعيد‪.‬‬
‫دار المعارف‬ ‫الشرق األدنى القديم محمد إبراهيم بكر‬ ‫‪111‬‬
‫مكتبة األنجلو المصرية‪.‬‬ ‫األدنى عبدالعزيز صالح‪.‬‬ ‫الشرق‬
‫مصر‬ ‫القديم‪،‬‬ ‫‪112‬‬
‫والعراق‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬عبد الرحمن بن تصوير‪ :‬دار الكتاب‬
‫محمد بن أحمد بن قدامة العربي للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الجماعيلي أشرف على طباعته‪:‬‬ ‫الشرح الكبير على المقدسي‬
‫‪113‬‬
‫الحنبلي‪ ،‬أبو الفرج‪ ،‬محمد رشيد رضا صاحب‬ ‫المقنع‬
‫شمس الدين (ت‪ ٦٨٢‬المنار‪.‬‬
‫هـ)‬
‫شريعة حمورابي مجموعة مؤلفين‪ ،‬ترجمة النشر‪ :‬دار عالء الدين‪,‬‬
‫تاريخ النشر دمشق‬ ‫واصل التشريع في أسامة سراس‪.‬‬ ‫‪114‬‬
‫(‪)1993‬م‪.‬‬ ‫الشرق القديم‬
‫المؤلف‪ :‬أبو جعفر أحمد الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫بن محمد بن سالمة بن الطبعة‪ :‬األولى ‪1415 -‬‬
‫شرح مشكل اآلثار عبد الملك ابن سلمة هـ‪ 1494 ،‬م‬ ‫‪115‬‬
‫األزدي الحجري المصري عدد األجزاء‪15( 16 :‬‬
‫وجزء للفهارس)‪.‬‬
‫‪338‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫بالطحاوي‬ ‫المعروف‬
‫(المتوفى‪321 :‬هـ)‬
‫شعيب‬ ‫‪-‬تحقيق‪:‬‬
‫األرنؤوط‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو جعفر أحمد الناشر‪ :‬عالم الكتب‪.‬‬
‫بن محمد ابن سالمة بن الطبعة‪ :‬األولى‬
‫عبد الملك بن سلمة‬
‫األزدي الحجري المصري‬
‫شرح معاني اآلثار المعروف بالطحاوي (ت‬
‫‪116‬‬
‫‪٣٢١‬هـ)‪ ,‬حققه وقدم له‪:‬‬ ‫للطحاوي‬
‫(محمد زهري النجار ‪-‬‬
‫محمد سيد جاد الحق)‬
‫األزهر‬ ‫علماء‬ ‫من‬
‫الشريف‬
‫المؤلف‪ :‬محمد بن صالح دار النشر‪ :‬دار ابن‬
‫الجوزي‬ ‫العثيمين‪.‬‬
‫الشرح الممتع على‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪- ١٤٢٢ ،‬‬ ‫‪117‬‬
‫زاد المستقنع‬
‫‪ ١٤٢٨‬هـ‬
‫عدد األجزاء‪١٥ :‬‬
‫الكتب‬ ‫دار‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو بكر أحمد الناشر‪:‬‬
‫بن الحسين البيهقي العلمية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٢١ ،‬‬ ‫(‪ ٤٥٨ - ٣٨٤‬هـ)‬
‫‪ 118‬شعب اإليمان‬
‫المحقق‪ :‬أبو هاجر محمد هـ ‪ ٢٠٠٠ -‬م‬
‫السعيد بن بسيوني عدد األجزاء‪( ٩ :‬األخير‬
‫فهارس)‬ ‫زغلول‬

‫‪339‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬


‫الناشر‪ :‬دار ابن حزم ‪-‬‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو حاتم محمد‬ ‫صحيح ابن حبان‪:‬‬
‫بيروت‬ ‫بن حبان بن أحمد‬ ‫الصحيح‬ ‫المسند‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٣٣ ،‬‬ ‫التميمي ال ُبستي (ت‬ ‫التقاسيم‬ ‫على‬
‫هـ ‪ ٢٠١٢ -‬م‬ ‫‪ ٣٥٤‬هـ)‬ ‫‪ 119‬واألنواع من غير‬
‫عدد األجزاء‪( ٨ :‬األخير‬ ‫المحقق‪ :‬محمد علي‬ ‫وجود قطع في‬
‫فهارس)‬ ‫سونمز‪ ،‬خالص آي‬ ‫سندها وال ثبوت‬
‫دمير‪.‬‬ ‫جرح في ناقليها‬
‫الناشر‪ :‬دار التأصيل‪.‬‬ ‫المؤلف‪ :‬محمد بن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪.‬‬ ‫إسماعيل بن إبراهيم‪،‬‬
‫‪12‬‬
‫عدد األجزاء‪.10 :‬‬ ‫البخاري‪ ،‬أبو عبدهللا‪.‬‬ ‫صحيح البخاري‬
‫‪0‬‬
‫‪-‬المحقق‪ :‬مركز البحوث‬
‫وتقنية المعلومات‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬المكتب اإلسالمي‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو عبد الرحمن‬
‫عدد األجزاء‪.2 :‬‬ ‫محمد ناصر الدين‪ ،‬بن‬
‫الجامع‬ ‫صحيح‬ ‫‪12‬‬
‫الحاج نوح بن نجاتي بن‬
‫الصغير وزياداته‬ ‫‪1‬‬
‫آدم‪ ،‬األشقودري األلباني‬
‫(المتوفى‪1420 :‬هـ)‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار إحياء الكتب‬ ‫مسلم بن الحجاج أبو‬
‫العربية‪.‬‬ ‫القشيري‬ ‫الحسن‬
‫الكتب‬ ‫دار‬ ‫توزيع‪:‬‬ ‫النيسابوري‬ ‫‪12‬‬
‫صحيح مسلم‬
‫العلمية_ بيروت‪.‬‬ ‫(المتوفى‪261:‬هـ)‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫عدد األجزاء‪.5 :‬‬ ‫‪-‬المحقق‪ :‬محمد فؤاد‬
‫عبدالباقي‪.‬‬
‫المعارف‬ ‫مؤسسة‬ ‫محمد بكر‬ ‫صفحات مشرقة من‬ ‫‪12‬‬
‫للطباعة والنشر‪1984 ,‬‬ ‫تاريخ مصر القديم‬ ‫‪3‬‬

‫‪340‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫صفحات من كتاب كوثر جاسم‬
‫‪12‬‬
‫السومرين‬ ‫أصل‬
‫‪4‬‬
‫الحقيقي‬
‫الناشر‪ /‬مكتبة مدبولي‬ ‫صفوة العصر في تأليف‪ :‬زكي فهمي‪.‬‬
‫ورسوم‬ ‫‪ 12‬تاريخ‬
‫رجال‬ ‫مشاهير‬ ‫‪5‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫الهواري‪ ،‬الناشر‪ :‬جامعة عين‬ ‫صورة الطوفان في المؤلف‪:‬‬
‫شمس ‪ -‬مركز الدراسات‬ ‫المصادر الكالسيكية مجدي صبحي‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫البردية والنقوش‪.‬‬ ‫ارتباطها‬ ‫ومدى‬
‫‪6‬‬
‫الشرق‬ ‫بمصادر‬
‫األدنى‪.‬‬
‫حققه وخرج رواياته الناشر‪ :‬دار ابن كثير‪،‬‬
‫وعلق عليه‪ :‬محمد بن دمشق – بيروت‪ ,‬الطبعة‪:‬‬
‫وضعيف‬ ‫‪ 12‬صحيح‬
‫طاهر البرزنجي‪ ,‬إشراف األولى‪ ١٤٢٨ ،‬هـ ‪-‬‬
‫تاريخ الطبري‬ ‫‪7‬‬
‫ومراجعة‪ :‬محمد صبحي ‪ ٢٠٠٧‬م‬
‫حسن حالق‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬جمال الدين أبو الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫الفرج عبد الرحمن بن ‪ -‬بيروت‬
‫علي بن محمد الجوزي الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٠٦ ،‬‬ ‫‪ 12‬الضعفاء‬
‫عدد األجزاء‪٢ × ٣ :‬‬ ‫(ت ‪٥٩٧‬هـ)‬ ‫والمتروكون‬ ‫‪8‬‬
‫هللا‬ ‫عبد‬ ‫المحقق‪:‬‬
‫القاضي‪.‬‬
‫المكتب‬ ‫الجامع المؤلف‪ :‬أبو عبد الرحمن الناشر‪:‬‬ ‫‪ 12‬ضعيف‬
‫الطبعة‪:‬‬ ‫محمد ناصر الدين‪ ،‬بن اإلسالمي‪,‬‬ ‫الصغير وزياداته‬ ‫‪9‬‬

‫‪341‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫والمزيدة‬ ‫الحاج نوح بن نجاتي بن المجددة‬
‫آدم‪ ،‬األشقودري األلباني والمنقحة‪ ,‬تاريخ النشر‬
‫بالشاملة‪ ٨ :‬ذو الحجة‬ ‫(ت ‪١٤٢٠‬هـ)‪.‬‬
‫‪.١٤٣١‬‬
‫دار الثقافة‪.‬‬ ‫الطوفان بين الكتاب ليون أنيس ليون‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫المقدس واألساطير‬
‫‪0‬‬
‫والعلم‬
‫دار وهران‬ ‫ترجمة‬ ‫الطوفان العظيم بين كوندراتوف‪.‬‬ ‫‪13‬‬
‫عدنان عاكف حمودي‪.‬‬ ‫الواقع واألساطير‬ ‫‪1‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬غير‬ ‫عبدهللا عويض العتبي‪.‬‬
‫منشورة‪ ،‬جامعة ام‬ ‫الطوفان في التاريخ‬ ‫‪13‬‬
‫القرى‪ ،‬مكة المكرمة‬ ‫القديم‬ ‫‪2‬‬
‫‪1431-1430‬ه‬
‫مكتبة المهتدين‬ ‫في فاضل عبدالواحد علي‪.‬‬ ‫الطوفان‬ ‫‪13‬‬
‫المراجع المسمارية‬ ‫‪3‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتاب‬ ‫طوفان نوح في منصور عبدالحكيم‬
‫‪13‬‬
‫العربي‬ ‫القرآن واالساطير‬
‫‪4‬‬
‫القديمة‬
‫المؤلف‪ :‬أبو الفضل أحمد الناشر‪ :‬دار ابن الجوزي‬
‫بن علي بن محمد بن عدد األجزاء‪.٢ :‬‬
‫العجاب في بيان أحمد بن حجر العسقالني‬ ‫‪13‬‬
‫(ت ‪٨٥٢‬هـ)‬ ‫األسباب‬ ‫‪5‬‬
‫المحقق‪ :‬عبد الحكيم‬
‫محمد األنيس‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫تأليف‪ :‬إريش فون ط‪ /‬دار المدى للثقافة‬
‫‪13‬‬
‫دانيكن‪ ,‬ترجمة‪ :‬عدنان والنشر‪ ,‬الطبعة العربية‬ ‫عربات اآللهة‬
‫‪6‬‬
‫األولى ‪1995‬م‪.‬‬ ‫حسن‪.‬‬
‫عصور ما قبل تأليف‪ :‬بياتريكس ميدان دار الفكر للدراسات‬
‫التاريخ في مصر رينيس‪ ،‬ترجمة‪ :‬ماهر والنشر والتوزيع‪ .‬القاهرة‬
‫‪13‬‬
‫‪2001‬م‬ ‫المصريين جويجاتي‪.‬‬ ‫من‬
‫‪7‬‬
‫األوائل إلى الفراعنة‬
‫األوائل‪.‬‬
‫صالح دار الكتب والوثائق‬ ‫ندا‬ ‫العالقات السياسية جمال‬
‫العراقية‪2003 ,‬م‬ ‫لبالد الرافدين مع السلمانى‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫بالد عيالم في‬
‫‪8‬‬
‫العصر اآلشوري‬
‫الحديث‬
‫الليبية حسين عبدالعال مراجع‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬غير‬ ‫العالقات‬
‫منشورة‪ ،‬كلية اآلداب‬ ‫من‬ ‫الفرعونية‬
‫والتربية‪ ،‬قسم الدرسات‬ ‫‪ 13‬عصر ما قبل‬
‫واألثرية‪،‬‬ ‫التاريخية‬ ‫وحتى‬ ‫األسرات‬ ‫‪9‬‬
‫قاريونس‪،‬‬ ‫جامعة‬ ‫بداية حكم اللسين‬
‫‪2009‬م‪،‬‬ ‫لمصر‬
‫الليبية حسين محمد سالم عامر‪ .‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬المركز‬ ‫العالقات‬
‫للمحفوظات‬ ‫الوطني‬ ‫المصرية منذ عهد‬
‫والدراسات التاريخية‪,،‬‬ ‫حتى‬ ‫‪ 14‬الهكسوس‬
‫‪2009‬م‪،‬‬ ‫نهاية الحكم الليبي‬ ‫‪0‬‬
‫لمصر ‪ 1730‬ق‪.‬م‪-‬‬
‫‪730‬ق‪.‬م ‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫رسالة دكتوراه‪ ،‬غير‬ ‫ابن السعدي سلميان‪.‬‬
‫منشورة كلية العلوم‬ ‫مصر‬ ‫عالقات‬
‫والعلوم‬ ‫االجتماعية‪،‬‬ ‫المغرب القديم منذ‬
‫‪14‬‬
‫جامعة‬ ‫اإلنسانية‪،‬‬ ‫فجر التاريخ حتى‬
‫‪1‬‬
‫قسطنطينة‪،‬‬ ‫منتسوري‬ ‫القرن السابع قبل‬
‫الجامعي‬ ‫العام‬ ‫الميالد‬
‫‪2008/2009‬م‬
‫دار سينا للنشر‪ ،‬مصر‬ ‫فاضل عبدالواحد علي‪.‬‬ ‫‪14‬‬
‫عن سومر التوراة‬
‫(‪1996‬م)‬ ‫‪2‬‬
‫دار النشر‪ :‬دار القبلة‬ ‫المؤلف‪ :‬محمود بن‬
‫للثقافة اإلسالمية ‪ -‬جدة‪،‬‬ ‫حمزة بن نصر‪ ،‬أبو‬
‫مؤسسة علوم القرآن –‬ ‫التفسير القاسم برهان الدين‬ ‫غرائب‬ ‫‪14‬‬
‫بيروت‪ .‬عدد األجزاء‪.2 :‬‬ ‫الكرماني‪ ،‬ويعرف بتاج‬ ‫وعجائب التأويل‬ ‫‪3‬‬
‫القراء (المتوفى‪ :‬نحو‬
‫‪505‬هـ)‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار ابن خزيمة‪,‬‬ ‫الفاحشة عمل قوم محمد إبراهيم الحمد‪.‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪1994‬م‪1415 ,‬هـ‬ ‫لوط‬ ‫‪4‬‬
‫المؤلف‪ :‬أحمد بن علي الناشر‪ :‬دار المعرفة ‪-‬‬
‫بيروت‪١٣٧٩ ،‬‬ ‫بن‬
‫وأبوابه‬ ‫كتبه‬ ‫العسقالني (‪ - ٧٧٣‬رقم‬
‫وأحاديثه‪ :‬محمد فؤاد عبد‬ ‫فتح الباري بشرح ‪ ٨٥٢‬هـ)‬ ‫‪14‬‬
‫الباقي‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫‪5‬‬
‫قام بإخراجه وصححه‬
‫وأشرف على طبعه‪ :‬محب‬
‫الدين الخطيب‬

‫‪344‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫عليه تعليقات العالمة‪:‬‬
‫عبد العزيز بن عبد هللا بن‬
‫باز‬
‫عدد األجزاء‪13:‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو الطيب الناشر‪ :‬ال َمكتبة العصر َّية‬
‫صيدَ ا ‪-‬‬‫شر‪َ ،‬‬ ‫محمد صديق خان بن للط َباعة وال ّن ْ‬
‫حسن بن علي بن لطف َبيروت‬
‫هللا الحسيني البخاري عام النشر‪ 1412 :‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1992‬م‬ ‫‪ 14‬فت ُح البيان في القِ َّنوجي‬
‫عدد األجزاء‪.15 :‬‬ ‫(المتوفى‪1307 :‬هـ)‬ ‫مقاصد القرآن‬ ‫‪6‬‬
‫‪-‬عني بطبع ِه وقدّ م له‬
‫وراجعه‪ :‬خادم العلم َعبد‬
‫إبراهيم‬ ‫بن‬ ‫هللا‬
‫األنصاري‪.‬‬
‫َ‬
‫المؤلف‪ :‬محمد بن علي الناشر‪ :‬دار ابن كثير‪ ،‬دار‬
‫بن محمد بن عبد هللا الكلم الطيب ‪ -‬دمشق‪،‬‬ ‫‪14‬‬
‫فتح القدير‬
‫الشوكاني اليمني (ت بيروت‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى ‪-‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪ ١٤١٤‬هـ‬ ‫‪١٢٥٠‬هـ)‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬كمال الدين الناشر‪ :‬دار الفكر‬
‫محمد بن عبد الواحد الطبعة‪ :‬بدون طبعة‬
‫‪14‬‬
‫السيواسي المعروف بابن وبدون تاريخ‬ ‫فتح القدير‬
‫‪8‬‬
‫(المتوفى‪ :‬عدد األجزاء‪. 10 :‬‬ ‫الهمام‬
‫‪861‬هـ)‬
‫المؤلف‪ :‬أبو عبد هللا نعيم الناشر‪ :‬مكتبة التوحيد ‪-‬‬ ‫‪14‬‬
‫الفتن‬
‫بن حماد بن معاوية بن القاهرة‬ ‫‪9‬‬

‫‪345‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫الخزاعي الطبعة‪ :‬األولى‪١٤١٢ ،‬‬ ‫الحارث‬
‫عدد األجزاء‪٢ :‬‬ ‫المروزي (ت ‪٢٢٨‬هـ)‬
‫المحقق‪ :‬سمير أمين‬
‫الزهيري‬
‫تأليف‪ :‬وكارل بروكلمان‪ ،‬الناشر‪ :‬مطبوعات جامعة‬
‫‪15‬‬
‫فقه اللغات السامية ترجمه عن األلمانية الرياض بالسعودية‪.‬‬
‫‪0‬‬
‫رمضان عبد التواب‬
‫المؤلف‪ :‬زين الدين المكتبة التجارية الكبرى‬
‫محمد المدعو بعبد – مصر‪ .‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫الرؤوف بن تاج العارفين ‪.1356‬عدد األجزاء‪6:‬‬
‫فيض القدير شرح‬ ‫‪15‬‬
‫بن علي بن زين العابدين مع الكتاب‪ :‬تعليقات‬
‫الجامع الصغير‬ ‫‪1‬‬
‫يسيرة لماجد الحموي‪.‬‬ ‫الحدادي‬
‫القاهري‬ ‫المناوي‬
‫(المتوفى‪1031 :‬هـ)‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬مجد الدين أبو الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫والنشر‬ ‫طاهر محمد بن يعقوب للطباعة‬
‫الفيروزآبادى (المتوفى‪ :‬والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫الطبعة‪ :‬الثامنة‪1426 ،‬‬ ‫‪817‬هـ)‬
‫‪15‬‬
‫‪-‬تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق هـ ‪ 2005 -‬م‬ ‫القاموس المحيط‬
‫‪2‬‬
‫التراث في مؤسسة عدد األجزاء‪.1 :‬‬
‫الرسالة‬
‫‪-‬بإشراف‪ :‬محمد نعيم‬
‫سوسي‬ ‫العرق ُ‬
‫الناشر‪ :‬دار النهضة‬ ‫القانون الجنائي عند عبدالرحيم صدقي‪.‬‬ ‫‪15‬‬
‫العربية للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫الفراعنة‬ ‫‪3‬‬

‫‪346‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫الجامعة‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫الليبية د‪.‬ن‪.‬‬ ‫القبائل‬
‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ 15‬القديمة وعالقتها‬
‫الشعوب‬ ‫مع‬ ‫‪4‬‬
‫المجاورة لها‪.‬‬
‫مطبعة‪ :‬خاصة‬ ‫تأليف‪ :‬د‪ /‬نديم السيار‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‬
‫رقم اإليداع بدار الكتب‬
‫المصرية‪:‬‬ ‫‪ 15‬قدماء المصريين‬
‫‪7809/1996‬‬ ‫َّأول الموحدين‬ ‫‪5‬‬
‫الترقيم الدولي‬
‫‪I .S.B.N‬‬
‫‪977-11-1073-6‬‬
‫قراءة في السجل محمد حمزة إسماعيل‬
‫‪ 15‬التاريخي واألثري الحداد‬
‫والشرق‬ ‫لمصر‬ ‫‪6‬‬
‫األدنى القديم‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬العربي للطباع‬ ‫فراس السواح‬
‫‪ 15‬قراءة في ملحمة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ,‬دمشق‬
‫جلجامش‬ ‫‪7‬‬
‫(‪.)1987‬‬
‫إدوارد بيدج ميتشل‪ ،‬الناشر مؤسسة هنداوي‬
‫ترجمة‪ :‬زينب عاطف‪ ,‬سي آي سي‬ ‫‪15‬‬
‫قصة الطوفان‬
‫مراجعة‪ :‬هاني فتحي‬ ‫‪8‬‬
‫سليمان‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫دار روافد‬ ‫قصة الطوفان بين حامد هادي صالح ربيع‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫والعلم‬ ‫الدين‬
‫‪9‬‬
‫واألسطورة‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة اآلداب‪.‬‬ ‫قصة الطوفان في محمد السامي‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫(‪2010‬م)‬ ‫المصادر األكادية‪،‬‬
‫‪0‬‬
‫والعبرية والعربية‬
‫مكتبة النافذة‬ ‫قصة الطوفان في صالح أبو السعود‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫نصوص األسطورة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والتوراة والقرآن‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬جامعة كفر الشيخ‬ ‫قصة لوط بين جهاد محمد عبد الرحمن‬
‫‪16‬‬
‫‪ -‬كلية اآلداب‪2007 ,‬م‪.‬‬ ‫الكريم حماد‪.‬‬ ‫القرآن‬
‫‪2‬‬
‫والتوراة‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار العصور‬ ‫الطوفان‬ ‫قصة‬
‫للطبع والنشر‪ ،‬تاريخ‬ ‫وتطورها في ثالث‬
‫النشر‪1929 :‬م‪.‬‬ ‫مدنيات قديمة هي‬
‫اآلشورية البابلية‬
‫‪16‬‬
‫والعبرانية‬
‫‪3‬‬
‫والمسيحية‬
‫باللقاح‬ ‫وانتقالها‬
‫المدنية‬ ‫إلى‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫دار ابن حزم‬ ‫تأليف‪ :‬محمد بن جرير‬ ‫‪16‬‬
‫قصص األنبياء‬
‫الطبري‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫الناشر‪ :‬دار صفحات‬ ‫وفوزي رشيد‬
‫اللغة‬ ‫قواعد‬ ‫‪16‬‬
‫للدراسات والنشر‪ ,‬دمشق‬
‫السومرية‬ ‫‪5‬‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫‪348‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫المؤلف‪ :‬شمس الدين الناشر‪ :‬دار القبلة للثقافة‬
‫أبو عبد هللا محمد بن اإلسالمية ‪ -‬مؤسسة‬
‫للذهبي‬ ‫الكاشف‬
‫أحمد بن عثمان بن علوم القرآن‪ ،‬جدة‪,‬‬
‫‪ 16‬في معرفة من له‬
‫الذهبي (ت الطبعة‪ :‬األولى‪١٤١٣ ،‬‬ ‫َقا ْيماز‬
‫رواية في الكتب‬ ‫‪6‬‬
‫هـ ‪ ١٩٩٢ -‬م‬ ‫‪٧٤٨‬هـ)‬
‫الستة‬
‫المحقق‪ :‬محمد عوامة‬
‫أحمد محمد نمر الخطيب‪.‬‬
‫ونفرد هولمز‪ ,‬ترجمة‪ :‬الناشر‪ :‬الهيئة المصرية‬
‫‪ 16‬كانت ملكة على‬
‫سعيد أحمد حسين‪ ,‬العامة للكتاب‪.‬‬
‫مصر‬ ‫‪7‬‬
‫مراجعة‪ :‬د‪ /‬أحمد فخري‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو أحمد بن الناشر‪ :‬الكتب العلمية ‪-‬‬
‫الطبعة‪:‬‬ ‫عدي الجرجاني (ت بيروت‪-‬لبنان‪,‬‬
‫‪ ١٤١٨‬هـ‬ ‫‪ ٣٦٥‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ :‬عادل األولى‪،‬‬
‫‪ 16‬الكامل في ضعفاء‬
‫أحمد عبد الموجود‪-‬علي ‪١٩٩٧‬م‪.‬‬
‫الرجال‬ ‫‪8‬‬
‫محمد معوض‪ ,‬شارك في‬
‫تحقيقه‪ :‬عبد الفتاح أبو‬
‫سنة‪.‬‬
‫الهيروغليفية الناشر‪ :‬مكتبة مدبولي‪,‬‬ ‫الموتى ترجمة‬ ‫(كتاب‬
‫‪ 16‬الفرعوني) برت إم السير والس بدج‪2000 ,‬م‪.‬‬
‫العربية‬ ‫هرو‪,‬عن بردية آني والترجمة‬ ‫‪9‬‬
‫بالمتحف البريطاني‪ .‬والنطقية‪ ,‬فيلب عطية‪.‬‬
‫شركة دار الخرطوم‬ ‫كرمة مملكة النوبة‪،‬‬
‫‪17‬‬
‫والنشر‬ ‫للطباعة‬ ‫تراث إفريقي من‬
‫‪0‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬الخرطوم‪.‬‬ ‫عهد الفراعنة‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫المؤلف‪ :‬منصور بن الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫يونس بن صالح الدين عدد األجزاء‪. 6:‬‬
‫كشاف القناع عن‬ ‫‪17‬‬
‫ابن حسن بن إدريس‬
‫متن اإلقناع‬ ‫‪1‬‬
‫الحنبلي‬ ‫البهوتى‬
‫(المتوفى‪1051 :‬هـ)‬
‫المؤلف‪ :‬أحمد بن محمد الناشر‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫بن إبراهيم الثعلبي‪ ،‬أبو العربي‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫الطبعة‪ :‬األولى ‪،١٤٢٢‬هـ‬ ‫إسحاق (ت ‪٤٢٧‬هـ)‬
‫الكشف والبيان عن‬ ‫‪17‬‬
‫تحقيق‪ :‬اإلمام أبي محمد ‪ ٢٠٠٢-‬م‬
‫تفسير القرآن‬ ‫‪2‬‬
‫عدد األجزاء‪١٠ :‬‬ ‫بن عاشور‬
‫مراجعة وتدقيق‪ :‬األستاذ‬
‫نظير الساعدي‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو بكر بن عبد الناشر‪ :‬عيسى البابي‬
‫الحلبي‬ ‫هللا بن أيبك الدواداري‬
‫عدد األجزاء‪٩ :‬‬ ‫المحققون وعام النشر‪:‬‬
‫جـ ‪ /١‬بيرند راتكه‪،‬‬
‫‪ ١٤٠٢‬هـ ‪ ١٩٨٢ -‬م‬
‫جـ ‪ /٢‬إدوارد بدين‪،‬‬
‫كنز الدرر وجامع‬ ‫‪17‬‬
‫‪ ١٤١٤‬هـ ‪ ١٩٩٤ -‬م‬
‫الغرر‬ ‫‪3‬‬
‫جـ ‪ /٣‬محمد السعيد‬
‫جمال الدين‪ ١٤٠٢ ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ١٩٨١‬م‪.‬‬
‫جـ ‪ /٤‬جونهيلد جراف ‪-‬‬
‫اريكا جالسِ ن‪ ١٤١٥ ،‬هـ‬
‫‪ ١٩٩٤ -‬م‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫دوروتيا‬ ‫‪/٥‬‬ ‫جـ‬
‫كرافولسكي‪ ١٤١٣ ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ١٩٩٢‬م‪.‬‬
‫جـ ‪ /٦‬صالح الدين‬
‫المنجد‪ ١٣٨٠ ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ١٩٦١‬م‪.‬‬
‫جـ ‪ /٧‬د سعيد عبد الفتاح‬
‫عاشور‪ ١٣٩١ ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ ١٩٧٢‬م‬
‫جـ ‪ُ /٨‬أو ْل ِرخ هارمان‪،‬‬
‫‪ ١٣٩١‬هـ ‪ ١٩٧١ -‬م‬
‫جـ ‪ /٩‬هانس ُروبرت‬
‫رويمر‪ ١٩٦٠ ،‬م‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬محمد بن مكرم الناشر‪ :‬دار صادر ‪-‬‬
‫بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬بيروت‬
‫جمال الدين بن منظور الطبعة‪ :‬الثالثة ‪1414 -‬‬ ‫‪17‬‬
‫لسان العرب‬
‫الرويفعى هـ‬ ‫األنصاري‬ ‫‪4‬‬
‫(المتوفى‪ :‬عدد األجزاء‪.15 :‬‬ ‫اإلفريقى‬
‫‪711‬هـ) ‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة‬ ‫نيودور نولدكه؛ ترجمه‬
‫السامية‬ ‫‪ 17‬اللغات‬
‫عن األلمانية رمضان دار النهضة العربية‬
‫تخطيط عام‬ ‫‪5‬‬
‫‪1963‬م‬ ‫عبد التواب‬
‫عبدالحليم الناشر‪ :‬الخليج العربي‬ ‫المصرية الدكتور‪/‬‬ ‫‪ 17‬اللغة‬
‫للطباعة والنشر‪2006 ,‬‬ ‫نورالدين‬ ‫القديمة‬ ‫‪6‬‬

‫‪351‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫عبدالعزيز علي عبد الناشر‪ :‬قصبة الياقوت‪,‬‬ ‫‪17‬‬
‫لوط عليه السالم‬
‫الكويت ‪2022‬م‪.‬‬ ‫المحسن الخالدي‬ ‫‪7‬‬

‫حرف‪ :‬الميم‪ ,‬والنون‪ ,‬والهاء‪ ,‬والواو‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫الفكر‬ ‫دار‬ ‫مصر تأليف‪ :‬يان أسمان‪ ,‬الناشر‪:‬‬ ‫ماعت‬
‫والنشر‬ ‫‪ 178‬الفرعونية وفكرة ترجمة زكية جلوزاره للدراسات‬
‫والتوزيع‪.‬‬ ‫وعليا شريف‪,‬‬ ‫العدالة االجتماعية‬
‫الناشر‪ :‬األهلية للنشر‬ ‫وخزعل الماجدي‬
‫‪ 179‬متون سومر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫تيموثي فريك‪ ,‬وبيتر الناشر ‪ :‬المجلس األعلى‬
‫متون هرمس حكمة غاندي‪ ,‬حكمة الفراعنة للثقافة ‪ -‬القاهرة‪ .‬الطبعة‬
‫‪180‬‬
‫المفقوة‪ ،‬ترجمة عمر األولى ‪2002 :‬م‪.‬‬ ‫الفراعنة المفقودة‬
‫الفاروق‪.‬‬
‫المجايو في بالد وفاء عماد عبدالفتاح‪ ،‬معهد البحوث والدراسات‬
‫النوبة ودورهم في رسالة ماجستير غير االفريقية جامعة القاهرة‬
‫(‪1997‬م)‬ ‫‪ 181‬مصر القديمة حتى منشورة‪.‬‬
‫الدولة‬ ‫نهاية‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫روبرتس سميث‪ ،‬ترجمة الناشر‪ :‬المجلس األعلى‪,‬‬
‫علوي‪ ،‬القاهرة ‪1997‬م‪.‬‬ ‫محاضرات في ديانة عبدالوهاب‬
‫‪182‬‬
‫مراجعة وتقديم محمد‬ ‫السامين‬
‫خليفة حسن‬
‫المنيا‪ ،‬باسم سمير الشرقاوي الناشر‪ :‬وزارة الثقافة‬ ‫محافظة‬
‫المجلس األعلى لألثار‪.‬‬ ‫األثرية‪ ،‬وآخرون‪.‬‬ ‫‪ 183‬المواقع‬
‫والمزارات الديني‪.‬‬
‫مؤلف‪ :‬عبد الرحيم بن الناشر‪ :‬دار العاصمة‪,‬‬
‫محجة القرب إلى الحسين العراقي زين سنة النشر‪– 1420 :‬‬
‫‪184‬‬
‫‪ ,2000‬عدد المجلدات‪:‬‬ ‫الدين أبو الفضل‪.‬‬ ‫محبة العرب‬
‫‪ ,1‬رقم الطبعة‪1 :‬‬

‫‪353‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬


‫دار قتيبة للطباعة‬ ‫من سهيل زكار‪.‬‬ ‫المحذوف‬
‫‪185‬‬
‫والنشر‪2006 ,‬م‪.‬‬ ‫التوراة كامال‬
‫الناشر‪ :‬دار الوعي –‬ ‫المؤلف‪ :‬محمد بن حبان‬
‫حلب‪ .‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬ ‫بن أحمد بن حبان بن‬
‫‪ ١٣٩٦‬هـ‪ .‬عدد األجزاء‪:‬‬ ‫من معاذ بن َم ْعبدَ ‪ ،‬التميمي‪،‬‬ ‫المجروحين‬
‫المسند‬ ‫‪/120‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫المحدثين والضعفاء أبو حاتم‪ ،‬الدارمي‪،‬‬ ‫‪186‬‬
‫الجامع‬ ‫الموضوعي‬ ‫ال ُبستي (ت ‪ ٣٥٤‬هـ)‪.‬‬ ‫والمتروكين‬
‫للكتب العشرة‪ ,‬المؤلف‪:‬‬ ‫المحقق‪ :‬محمود إبراهيم‬
‫صهيب عبد الجبار‪.‬‬ ‫زايد‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة القدسي‪،‬‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو الحسن نور‬
‫القاهرة‬ ‫الدين علي بن أبي بكر‬
‫مجمع الزوائد ومنبع‬
‫عام النشر‪ ١٤١٤ :‬هـ‪،‬‬ ‫بن سليمان الهيثمي (ت‬ ‫‪187‬‬
‫الفوائد‬
‫‪ ١٩٩٤‬م‪.‬‬ ‫‪٨٠٧‬هـ)‪ .‬المحقق‪ :‬حسام‬
‫عدد األجزاء‪١٠ :‬‬ ‫الدين القدسي‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬مجمع الملك فهد‬ ‫المؤلف‪ :‬شيخ اإلسالم‬
‫المصحف‬ ‫لطباعة‬ ‫أحمد بن تيمية‪ ,‬جمع‬
‫الشريف ‪ -‬المدينة‬ ‫وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن‬
‫مجموع الفتاوى‬ ‫‪188‬‬
‫المنورة – السعودية‪.‬‬ ‫محمد بن قاسم رحمه‬
‫عام النشر‪ ١٤٢٥ :‬هـ ‪-‬‬ ‫هللا‪ ,‬وساعده‪ :‬ابنه محمد‬
‫‪ ٢٠٠٤‬م‬ ‫وفقه هللا‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب‬ ‫المؤلف‪ :‬محمد جمال‬
‫العلمية ‪ -‬بيروت‬ ‫الدين بن محمد سعيد بن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى ‪١٤١٨ -‬‬ ‫قاسم الحالق القاسمي‬
‫محاسن التأويل‬ ‫‪189‬‬
‫هـ‬ ‫(ت ‪ ١٣٣٢‬هـ)‪ ,‬المحقق‪:‬‬
‫محمد باسل عيون السود‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫دار‬ ‫المؤلف‪ :‬خليل بن إسحاق الناشر‪:‬‬
‫بن موسى‪ ،‬ضياء الدين الحديث‪/‬القاهرة‪ .‬الطبعة‪:‬‬
‫العالمة‬ ‫مختصر‬
‫الجندي المالكي المصري األولى‪،‬‬ ‫‪190‬‬
‫خليل‬
‫(ت ‪٧٧٦‬هـ)‪ .‬المحقق‪١٤٢٦ :‬هـ‪٢٠٠٥/‬مـ‬
‫أحمد جاد‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو محمد عفيف الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫مرآة الجنان وعبرة الدين عبد هللا بن أسعد العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‪,‬‬
‫اليقظان في معرفة بن علي بن سليمان الطبعة‪ :‬األولى‪١٤١٧ ،‬‬
‫‪191‬‬
‫ما يعتبر من حوادث اليافعي (ت ‪٧٦٨‬هـ)‪ ,‬هـ ‪ ١٩٩٧ -‬م‪.‬‬
‫وضع حواشيه‪ :‬خليل‬ ‫الزمان‬
‫المنصور‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬شمس الدين أبو الناشر‪ :‬دار الرسالة‬
‫يوسف بن العالمية‪ ،‬دمشق –‬ ‫المظفر‬
‫ق ِْزُأوغلي بن عبد هللا سوريا‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫المعروف بـ «سبط ابن ‪ ١٤٣٤‬هـ ‪ ٢٠١٣ -‬م‪,‬‬
‫الجوزي» (‪ ٦٥٤ - ٥٨١‬عدد األجزاء‪٢٣ :‬‬
‫هـ)‪ ,‬تحقيق وتعليق‪( :‬األخير فهارس)‬
‫مرآة الزمان في [بأول كل جزء تفصيل‬
‫‪192‬‬
‫أسماء محققيه] محمد‬ ‫تواريخ األعيان‬
‫بركات‪ ،‬كامل محمد‬
‫الخراط‪ ،‬عمار ريحاوي‪،‬‬
‫رضوان‬ ‫محمد‬
‫عرقسوسي‪ ،‬أنور طالب‪،‬‬
‫فادي المغربي‪ ،‬رضوان‬
‫مامو‪ ،‬محمد معتز كريم‬

‫‪355‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫الدين‪ ،‬زاهر إسحاق‪،‬‬
‫محمد أنس الخن‪ ،‬إبراهيم‬
‫الزيبق‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الجيل‪،‬‬ ‫المؤلف‪ :‬عبد المؤمن بن‬
‫بيروت‪ .‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬ ‫عبد الحق‪ ،‬بن شمائل‬ ‫مراصد االطالع على‬
‫‪ 1412‬هـ‬ ‫البغدادي‪،‬‬ ‫القطيعي‬ ‫األمكنة‬ ‫‪ 193‬أسماء‬
‫عدد األجزاء‪.3 :‬‬ ‫صفي الدين‬ ‫ّ‬ ‫الحنبلي‪،‬‬ ‫والبقاع‬
‫(المتوفى‪739 :‬هـ)‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار صادر أفست‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو القاسم عبيد‬
‫ليدن‪ ،‬بيروت‪ .‬عام‬ ‫هللا بن عبد هللا المعروف‬ ‫والممالك‬ ‫المسالك‬
‫‪194‬‬
‫النشر‪ 1889 :‬م‪.‬‬ ‫بابن خرداذبة (المتوفى‪:‬‬ ‫للبكري‬
‫عدد األجزاء‪.1 :‬‬ ‫نحو ‪280‬هـ)‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو عبد هللا‬
‫العلمية – بيروت‪.‬‬ ‫محمد بن عبد هللا الحاكم‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤١١ ،‬‬ ‫النيسابوري‪.‬‬
‫عدد‬ ‫‪١٩٩٠‬م‪.‬‬ ‫–‬ ‫مع تضمينات‪ :‬الذهبي في‬
‫األجزاء‪٤ :‬‬ ‫والميزان‬ ‫التلخيص‬ ‫على‬ ‫المستدرك‬
‫‪195‬‬
‫والعراقي في أماليه‬ ‫الصحيحين‬
‫والمناوي في فيض‬
‫القدير وغيرهم‪ .‬دراسة‬
‫وتحقيق‪ :‬مصطفى عبد‬
‫القادر عطا‪.‬‬
‫المدى‪,‬‬ ‫الناشر‪ :‬دار‬ ‫ناجح المعموري‪.‬‬ ‫المسكوت عنه في‬
‫‪196‬‬
‫دمشق ‪2014‬م‪.‬‬ ‫ملحمة جلجامش‪.‬‬
‫شركة العبيكان للنشر‪.‬‬ ‫بين عبد المنعم فؤاد‪.‬‬ ‫المسيحية‬
‫‪197‬‬
‫والتثليث‬ ‫التوحيد‬
‫‪356‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫اإلسالم‬ ‫وموقف‬
‫منها‪.‬‬
‫مؤسسة‬ ‫المؤلف‪ :‬اإلمام أحمد بن الناشر‪:‬‬
‫حنبل (‪ ٢٤١ - ١٦٤‬هـ)‪ ,‬الرسالة‪ ,‬عدد األجزاء‪:‬‬
‫مسند اإلمام أحمد المحقق‪ :‬شعيب األرنؤوط ‪( ٥٠‬آخر ‪ ٥‬فهارس)‪,‬‬
‫‪198‬‬
‫‪ -‬عادل مرشد‪ ،‬وآخرون‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‪١٤٢١ ،‬‬ ‫بن حنبل‬
‫إشراف‪ :‬د عبد هللا بن هـ ‪ ٢٠٠١ -‬م‪.‬‬
‫عبد المحسن التركي‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أحمد بن محمد الناشر‪ :‬دار عالم الفؤاد ‪-‬‬
‫بن عبد هللا‪ ،‬أبو العباس‪ ،‬مكة ‪ /‬السعودية‬
‫األولى‪،‬‬ ‫جمال الدين بن الظاهري‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫(المتوفى‪1419 :‬هـ‬ ‫‪ 199‬مشيخة ابن البخاري الحنفي‬
‫عدد األجزاء‪.3 :‬‬ ‫‪696‬هـ)‬
‫المحقق‪ :‬د‪ .‬عوض عتقي‬
‫سعد الحازمي‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار النهضة‬ ‫عبدالحميد زايد‪.‬‬
‫‪ 200‬مصر الخالدة‬
‫العربية‪1966 ،‬م‪.‬‬
‫مريم مناعي وهاجر رسالة ماجستير‪ ،‬كلية‬
‫االجتماعية‬ ‫العلوم‬ ‫هويدي‪.‬‬
‫مصر خالل سيطرة‬
‫بجامعة‬ ‫واإلنسانية‬
‫‪ 201‬الهكسوس ‪1775‬‬
‫الشهيد حمه لخضر‪،‬‬
‫– ‪ 1575‬ق‪.‬م‬
‫الوادي – الجزائر‬
‫‪2017-2016‬م‪.‬‬
‫الناشر ‪ :‬مكتبة األنجلو‬ ‫أحمد فخري‪.‬‬
‫‪ 202‬مصر الفرعونية‪.‬‬
‫المصرية‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫مصر في فجر المؤلف‪ :‬جيفريسبنسر ‪ ,‬الناشر‪ :‬وزارة الثقافة‬
‫مشرق ترجمة‪ :‬عكاشة الدالي المجلس األعلى لآلثار‪,‬‬ ‫التاريخ‬
‫‪203‬‬
‫الحضارة في وادي ‪,‬مراجعة‪ :‬تحفة حنتوسة‪ .‬القاهرة ‪2001‬م‬
‫النيل‬
‫وولتر إمري‪ ،‬ترجمة الناشر‪:‬المركز القومي‬
‫تحفة هندوسة‪ ،‬مراجعة للترجمة ‪-‬‬ ‫مصر وبالد النوبة‬ ‫‪204‬‬
‫ط‪ ،2‬القاهرة ‪208‬م‪.‬‬ ‫عبدالمنعم أبو بكر‬
‫نديم صدر عن المجلس‬ ‫د‪/‬‬ ‫تأليف‪:‬‬
‫األعلى للثقافة كتاب‬ ‫المصريون القدماء عبدالشافي السيار‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫بعنوان المنصورية عام‬ ‫أول الحنفاء‬
‫‪1980‬م‬
‫المؤلف‪ :‬أبو بكر عبد الناشر‪ :‬دار التأصيل‪,‬‬
‫همام الطبعة‪ :‬الثانية‪١٤٣٧ ،‬‬ ‫بن‬ ‫الرزاق‬
‫تحقيق هـ ‪ ٢٠١٣ -‬م‪ ,‬عدد‬ ‫الصنعاني‪,‬‬
‫ودراسة‪ :‬مركز البحوث األجزاء‪١٠ :‬‬
‫المصنف‬ ‫‪206‬‬
‫وتقنية المعلومات ‪ -‬دار‬
‫التأصيل (هذه الطبعة‬
‫الثانية ُأعيد تحقيقها على‬
‫‪ ٧‬نسخ خطية)‬
‫المؤلف ‪ :‬محيي السنة ‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار إحياء‬
‫أبو محمد الحسين بن التراث العربي –بيروت‪,‬‬
‫معالم التنزيل في مسعود بن محمد بن الطبعة ‪ :‬األولى ‪،‬‬
‫تفسير القرآن = الفراء البغوي الشافعي ‪ ١٤٢٠‬هـ‬ ‫‪207‬‬
‫(المتوفى ‪٥١٠ :‬هـ)‪,‬‬ ‫تفسير البغوي‬
‫المحقق ‪ :‬عبد الرزاق‬
‫المهدي‪.‬‬

‫‪358‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫العلم‬ ‫دار‬ ‫حضارة وأحمد أرحيم هبو‬ ‫معالم‬
‫‪2003‬م‬ ‫السامين وتاريخهم‬
‫‪208‬‬
‫في سورية وبالد‬
‫الرافدين‬
‫المؤلف‪ :‬أبو زكريا يحيى الناشر‪ :‬دار المصرية‬
‫بن زياد بن عبد هللا بن للتأليف والترجمة‪ ,‬مصر‪.‬‬
‫منظور الديلمي الفراء‬
‫(ت ‪٢٠٧‬هـ)‪ ,‬المحقق‪:‬‬ ‫‪ 209‬معاني القرآن‬
‫أحمد يوسف النجاتي و‪/‬‬
‫محمد علي النجار و‪ /‬عبد‬
‫الفتاح إسماعيل الشلبي‪.‬‬
‫دار الكتب العلمية‪.‬‬ ‫معجم أعالم النساء المؤلف‪ :‬عماد الهاللي‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫في القرآن الكريم‬
‫المؤلف‪ :‬أبو القاسم الناشر‪ :‬دار الحرمين –‬
‫أحمد القاهرة‪ ,‬عام النشر‪:‬‬ ‫بن‬ ‫سليمان‬
‫الطبراني (‪ ١٤١٥ ٣٦٠ - ٢٦٠‬هـ ‪ ١٩٩٥ -‬م‪,‬‬
‫هـ)‪ ,‬المحقق‪ :‬أبو معاذ عدد األجزاء‪١٠ :‬‬
‫‪ 211‬المعجم األوسط‬
‫طارق بن عوض هللا بن (األخير فهارس)‪.‬‬
‫محمد ‪ -‬أبو الفضل عبد‬
‫المحسن بن إبراهيم‬
‫الحسيني‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬سليمان بن دار النشر‪ :‬مكتبة ابن‬
‫أحمد بن أيوب بن مطير تيمية‬
‫‪ 212‬المعجم الكبير‬
‫اللخمي الشامي‪ ،‬أبو القاهرة‪ ,‬الطبعة‪ :‬الثانية‪.‬‬
‫القاسم الطبراني (ت عدد األجزاء‪.٢٥:‬‬

‫‪359‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫المحقق‪:‬‬ ‫‪٣٦٠‬هـ)‪,‬‬
‫حمدي بن عبد المجيد‬
‫السلفي‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬المنظمة العربية‬ ‫الموحد‬ ‫المعجم‬
‫للتربية والثقافة والعلوم‬ ‫علم‬ ‫لمصطلحات‬
‫‪ 213‬األحياء( بالعربية‬
‫واإلنجليزية‬
‫والفرنسية)‪.‬‬
‫الدار‬ ‫مؤلف‪ :‬أحمد بن عبد هللا الناشر‪ :‬مكتبة‬ ‫معرفة الثقات من‬
‫بن صالح العجلي أبو المدينة المنورة‪.‬‬ ‫رجال أهل العلم‬
‫الحسن‪.‬‬ ‫ومن‬ ‫‪ 214‬والحديث‬
‫وذكر‬ ‫الضعفاء‬
‫مذاهبهم وأخبارهم‬
‫أبو دار نهضة مصر للطبع‬ ‫تأليف‪ :‬محمود‬ ‫العظمى‬ ‫المعرفة‬
‫والنشر‪ .‬الفجالة _‬ ‫الفيض المنوفي‪.‬‬ ‫للخط‬ ‫(المكونة‬
‫‪215‬‬
‫القاهرة‬ ‫المستقيم بين العلم‬
‫والفلسفة والدين)‬
‫الناشر‪ :‬دار إحياء التراث‬‫المؤلف‪ :‬أبو عبد هللا‬
‫العربي – بيروت‪,‬‬ ‫محمد ابن عمر بن‬
‫الطبعة‪ :‬الثالثة ‪١٤٢٠ -‬‬ ‫الحسن بن الحسين‬
‫مفاتيح الغيب =‬
‫هـ‬ ‫التيمي الرازي الملقب‬ ‫‪216‬‬
‫التفسير الكبير‬
‫بفخر الدين الرازي‬
‫(ت‬ ‫الري‬ ‫خطيب‬
‫‪٦٠٦‬هـ)‪.‬‬
‫دار النشر‬ ‫مقدمة في تأريخ طه باقر‬
‫‪217‬‬
‫الوراق للطباعة والنشر‬ ‫الحضارات القديمة‬
‫‪360‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫مقدمة فى فقه اللغة تأليف‪ :‬للدكتور لويس رؤية للنشر والتوزيع‬
‫‪218‬‬
‫عوض‬ ‫العربية‬
‫مالحم تاريخية من ترجمة و دراسة ‪ :‬جبور‪ ،‬رسالة دكتوراه غير‬
‫‪219‬‬
‫منشورة‪2017,‬م‪.‬‬ ‫باسم ميخائيل‪.‬‬ ‫األدب األكدّ ي‬
‫الناشر‪:‬دار‬ ‫طه باقر‬
‫الوراق للنشر‪ ,‬بغداد‬ ‫‪ 220‬ملحمة تهلكامش‬
‫‪1980‬م‪.‬‬
‫الناشــر‪ :‬وزارة الثقافة‬ ‫فوزي رشيد‬
‫واإلعالم‪ ،‬دار ثقافة‬ ‫حموراي‬ ‫الملك‬
‫‪221‬‬
‫بغداد‬ ‫األطفال‪،‬‬ ‫مجدو وحدة البالج‬
‫(‪1991‬م)‪.‬‬
‫الدار العالمية للنشر‬ ‫من تاريخ السودان عبدالرحيم محمد خبير‬
‫(‪2021‬م)‪.‬‬ ‫‪ 222‬الحضاري‪ ،‬شواهد‬
‫أثرية وتاريخية‬
‫المؤلف‪ :‬جمال الدين أبو الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫الفرج عبد الرحمن بن العلمية‪ ،‬بيروت‪ ,‬الطبعة‪:‬‬
‫المنتظم في تاريخ علي بن محمد الجوزي األولى‪ ١٤١٢ ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪223‬‬
‫عدد‬ ‫(ت ‪٥٩٧‬هـ)‪ ,‬المحقق‪١٩٩٢ :‬م‪,‬‬ ‫األمم والملوك‬
‫محمد عبد القادر عطا‪ ،‬األجزاء‪١٩:‬‬
‫مصطفى عبد القادر عطا‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو زكريا محيي الناشر‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫شرح الدين يحيى بن شرف العربي – بيروت‪.‬‬ ‫المنهاج‬
‫الثانية‪،‬‬ ‫الطبعة‪:‬‬ ‫‪ 224‬صحيح مسلم بن النووي (ت ‪٦٧٦‬هـ)‪.‬‬
‫‪١٣٩٢‬هـ‪ .‬عدد األجزاء‪:‬‬ ‫الحجاج‬
‫‪( ١٨‬في ‪ ٩‬مجلدات)‬

‫‪361‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫اسم الكتاب‬ ‫الرقم‬


‫الناشر‪ :‬دار الكتب‬ ‫المؤلف‪ :‬أحمد بن علي‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫بن عبد القادر‪ ،‬أبو‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪1418،‬هـ‬ ‫الحسيني‬ ‫المواعظ واالعتبار العباس‬
‫‪225‬‬
‫عدد األجزاء‪.4 :‬‬ ‫بذكر الخطط واآلثار العبيدي‪ ،‬تقي الدين‬
‫(المتوفى‪:‬‬ ‫المقريزي‬
‫‪845‬هـ)‪.‬‬
‫الموتى وعالمهم في أ‪.‬ج‪ .‬سينسر‪ ,‬ترجمة الهيئة المصرية العامة‬
‫‪226‬‬
‫للكتاب‪.‬‬ ‫أحمد صليحة‪.‬‬ ‫مصر القديمة‬
‫الناشر‪ :‬مجلة تبيان‬
‫موقع قرى قوم لوط‬
‫للدراسات القرآنية‪ .‬سنة‬ ‫‪227‬‬
‫في القرآن الكريم‬
‫النشر‪2016:‬م ‪1437‬هـ‬
‫مؤسسة‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫المؤلف‪ :‬سليم حسن‬
‫مصر‬ ‫موسوعة‬
‫(القاهر‬ ‫هنداوي‪.‬‬ ‫‪228‬‬
‫القديمة‬
‫‪)2000‬‬
‫المؤلف‪ :‬جمال الدين عبد الناشر‪ :‬محمد عبد‬
‫الرحمن بن علي بن المحسن صاحب المكتبة‬
‫بالمدينة‬ ‫محمد الجوزي (ت السلفية‬
‫الموضوعات‬ ‫‪229‬‬
‫‪٥٩٧‬هـ)‪ ,‬ضبط وتقديم المنورة‪ ,‬الطبعة‪ :‬األولى‬
‫وتحقيق‪ :‬عبد الرحمن‬
‫محمد عثمان‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬شمس الدين أبو الناشر‪ :‬دار المعرفة‬
‫عبد هللا محمد بن أحمد للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‬
‫ميزان االعتدال في بن عثمان بن َقا ْيماز – لبنان‪ .‬الطبعة‪ :‬األولى‪،‬‬
‫‪230‬‬
‫الذهبي (ت ‪٧٤٨‬هـ)‪ ١٣٨٢ .‬هـ ‪ ١٩٦٣ -‬م‪.‬‬ ‫نقد الرجال‬
‫تحقيق‪ :‬علي محمد عدد األجزاء‪٤ :‬‬
‫البجاوي‪.‬‬
‫‪362‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫المؤلف‪ :‬يوسف بن الناشر‪ :‬وزارة الثقافة‬
‫النجوم الزاهرة في تغري بردي بن عبد هللا واإلرشاد القومي‪ ،‬دار‬
‫مصر الظاهري الحنفي‪ ،‬أبو الكتب‪ ،‬مصر‪.‬‬ ‫‪ 231‬ملوك‬
‫المحاسن‪ ،‬جمال الدين عدد األجزاء‪١٦ :‬‬ ‫والقاهرة‬
‫(ت ‪٨٧٤‬هـ)‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أ‪.‬د ‪ /‬ممدوح الناشر‪ :‬الهيئة المصرية‬
‫نساء على عرش‬
‫محمد الدماطي _ وزير العامة للكتاب‪,‬‬ ‫‪232‬‬
‫مصر‬
‫اآلثار األسبق‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬إبراهيم بن عمر الناشر‪ :‬دار الكتاب‬
‫نظم الدرر في‬
‫بن حسن الرباط بن علي اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪ .‬عدد‬
‫اآليات‬ ‫‪ 233‬تناسب‬
‫بن أبي بكر البقاعي (ت األجزاء‪٢٢ :‬‬
‫والسور‬
‫‪٨٨٥‬هـ)‪.‬‬
‫المؤلف‪ :‬أبو الحسن علي الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫بن محمد بن محمد بن العلمية ‪ -‬بيروت ‪ /‬لبنان‪.‬‬
‫حبيب البصري البغدادي‪ ،‬عدد األجزاء‪٦ :‬‬
‫النكت والعيون =‬
‫الشهير بالماوردي (ت‬ ‫‪234‬‬
‫تفسير الماوردي‬
‫‪٤٥٠‬هـ)‪ .‬المحقق‪ :‬السيد‬
‫بن عبد المقصود بن عبد‬
‫الرحيم‪.‬‬
‫الهداية إلى بلوغ المؤلف‪ :‬أبو محمد مكي الناشر‪ :‬مجموعة بحوث‬
‫النهاية في علم بن أبي طالب َح ّموش بن الكتاب والسنة ‪ -‬كلية‬
‫والدراسات‬ ‫القرآن محمد بن مختار القيسي الشريعة‬ ‫معاني‬
‫‪235‬‬
‫وتفسيره‪ ،‬وأحكامه‪ ،‬القيرواني ثم األندلسي اإلسالمية ‪ -‬جامعة‬
‫وجمل من فنون القرطبي المالكي (ت الشارقة‬
‫المحقق‪:‬‬ ‫‪٤٣٧‬هـ)‪,‬‬ ‫علومه‬

‫‪363‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬


‫مجموعة رسائل جامعية‬
‫بكلية الدراسات العليا‬
‫والبحث العلمي ‪ -‬جامعة‬
‫الشارقة‪ ،‬بإشراف أ‪ .‬د‪:‬‬
‫الشاهد البوشيخي‪.‬‬
‫الوجيز في تأريخ طه باقر‬
‫وادي‬ ‫‪ 236‬حضارة‬
‫الرافدين‬
‫الناشر‪ :‬دار الدعوة‪.‬‬ ‫المؤلف‪ :‬مجمع اللغة‬
‫العربية بالقاهرة‬
‫(إبراهيم مصطفى و‪/‬‬
‫‪ 237‬الوسيط (معجم)‬
‫أحمد الزيات و‪ /‬حامد‬
‫عبد القادر و‪ /‬محمد‬
‫النجار)‪.‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الكتب‬ ‫المؤلف‪ :‬أبو الحسن علي‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‪,‬‬ ‫بن أحمد بن محمد بن‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪١٤١٥ ،‬‬ ‫الواحدي‪،‬‬ ‫علي‬
‫هـ ‪ ١٩٩٤ -‬م‪.‬‬ ‫النيسابوري‪ ،‬الشافعي (ت‬
‫‪٤٦٨‬هـ)‪,‬تحقيق وتعليق‪:‬‬
‫الوسيط في تفسير الشيخ عادل أحمد عبد‬
‫‪238‬‬
‫الموجود‪ ،‬الشيخ علي‬ ‫القرآن المجيد‬
‫محمد معوض‪ ،‬الدكتور‬
‫أحمد محمد صيرة‪،‬‬
‫الدكتور أحمد عبد الغني‬
‫الجمل‪ ،‬الدكتور عبد‬
‫الرحمن عويس‪ ,‬قدمه‬

‫‪364‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناشر‪ ,‬مالحظات‬ ‫اسم المؤلف‪ ,‬والمحقق‬ ‫الرقم اسم الكتاب‬
‫وقرظه‪ :‬األستاذ الدكتور‬
‫عبد الحي الفرماوي‪.‬‬

‫عربه‬
‫المراجع األجنبية ال ُم َّ‬
‫‪( 239‬أساطير اليهود) للكاتب لويس جنزنبرج‬
‫‪ 240‬آثار أراضي الكتاب المقدس‪ -‬ماجنوس مجنوسون‬
‫‪ 241‬تراث موسى ‪ -‬جراهام فيليبس‬
‫‪ 242‬تاريخ إفريقيا الشمالية‪ ،‬جوليان شارل أندري‪( ،‬ت‪ .‬محمد مزالي والبشير‬
‫ابـن سالمة)‪ ،‬ط‪، ١‬تونس‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪١٩٩٦( ،‬م)‪.‬‬
‫‪ 243‬الساللة المقدسة‪ -‬نورمان كانتور في دراسة له ﺻﺎدرة ﻋﺎم ‪1994‬م ﻋﻦ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك تحت عذا العنوان‬
‫‪ 244‬عربات اآللهة‪ .‬تأليف‪ :‬إريش فون دانيكن‪ ,‬ترجمة‪ :‬عدنان حسن‪ .‬ط‪ /‬دار‬
‫المدى للثقافة والنشر‪ ,‬الطبعة العربية األولى ‪1995‬م‪,‬‬
‫‪( 245‬العهد‪ :‬الكتاب المقدس والتاريخ) ؛ لندن‪Michael O'Mara :‬‬
‫‪ Books‬؛ ‪ - -ISBN 1-85479‬رومر ‪ ،‬جون (‪، )1988‬‬
‫‪ 246‬الكتاب المقدس _بعهدية القديم والجديد_ الترجمة العربية المبسطة‬
‫لنصوص الكتاب المقدس استنادا إلى اللغات األصلية‪ .‬رابطة الكتاب المقدس‬
‫الدولية‬
‫‪ 247‬كانت ملكة على مصر لـ(ونفرد هولمز)‪ ,‬ترجمة‪ :‬سعيد أحمد حسين‪,‬‬
‫مراجعة‪ :‬د‪ /‬أحمد فخري‪ ,‬الناشر‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.‬‬
‫‪ 248‬كتاب الموتى الفرعوني‪ .‬الترجمة عن الهيروغليفية السير‪ /‬والس بدج‪,‬‬
‫الترجمة العربية د‪ /‬فيليب عطية‪ ,‬مكتبة مدبولي ‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫موسى والتوحيد‪ ,‬سيغموند فرويد‪ ,‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ,‬الطبعة‪:‬‬ ‫‪249‬‬


‫الرابعة‪ ,‬دار الطليعة بيروت‪.‬‬
‫المعجم الصغير فى مفردات اللغة المصرية القديمة للدکتور أحمد بدوى‬ ‫‪250‬‬
‫والدکتور هرمن کيس‪ .‬الطبعة األولى‪ ,‬الهيئة العامة لشئون المطابع األميرية‬
‫‪1958‬م‬
‫محرم كمال‪ ,‬مراجعة‪ :‬د‪/‬‬‫«مصر ومجدها الغابر»‪ ،‬مرجريت مرى‪ .‬ترجمة َ‬ ‫‪251‬‬
‫نجيب ميخائيل إبراهيم‪ ,‬الهيئة العامة للكتاب‪ ,‬القاهرة ‪1998‬م‪.‬‬
‫من ألواح سومر ـ لصمويل نوح كريمر ‪ :‬ترجمة طه باقر‪ ,‬القاهرة ‪1957‬م‬ ‫‪252‬‬
‫ندوة جيسيس‪ ،‬س ‪ ،٥‬المركز الياباني للدراسات المنطقة جيسيس‪،‬‬ ‫‪253‬‬
‫(أوسـكا‪ ،‬اليابان‪٢٠٠١ ،‬م)‪.‬‬
‫(كتابه هرم األسرار‪ )Pyramid of Secrets-‬الكاتب البريطاني آالن‬ ‫‪254‬‬
‫الفورد‬

‫‪366‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الكتب والمراجع األجنبية‬


255 - A. Ziadeh, Nicola Sanusuyah: Astudy of Revivalist

movement in Islam (Leiden: E.J. Brill, 1958).

256 Arno Poebel ,in ,IV ,Pt.I.P

257 L. W. King, Legends of Babylon and Egypt in Relation

to Hebrow Traditio

258 David Silis, Migration, The International, Encyclopedia

of The Social Sciences, New York, London.

259 S. N. Kramer, Sumerian Mythology, Philadelphia

260 E.Sollberger ,The Flood ,

261 James, Mythes et Rites dsns le Proche Oeient Ancien,

Paris, 0691,

262 The History of the Ancient World: From the Earliest

Accounts to the Fall of Rome. (71)

263 King, L. W. (1907). Chronicles concerning early

Babylonian kings. London, Luzac and

367
‫ سنعيدها سيرتها‬،‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‬
‫األولى‬

264 THE EMPIRE OF SARGON

265 Steindorff and Seele (1942)

266 Lorna Oakes, Pyramids, Temples and Tombs of

Ancient Egypt, Hermes House, 2003.

267 Spiegelberg, “Orient. Lit. Zeitung” (1904) 1268ff. and

343

268 Legrain, 1922; Cameron, 1936; The Cambridge History

of Iran; Hinz, 1972

269 The Cambridge Ancient History; Majidzadeh, 1991;

Majidzadeh, 1997.

270 Vallat "Elam ...", 1998

271 Smith, G. Eliot. The Royal Mummies. Duckworth

Publishers, 2000

272 A. Erman, The Ancient Egyptians: A Sourcebook Of

Their Writings, (New York, 1966), 167-169

273 W.K. Simpson, The Literature Of Ancient Egypt,

(Cairo, 2003),

274 Grimal (1988)

368
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
275 My Story: Pyramid of Secrets: Nebka, Giza, Egypt

2517 BC by Eldridge, Jim Copy: Paperback

9781443107587 Scholastic Canada Seller: Thrift

Books-Atlanta, AUSTELL, GA, U.S.A

276 Redford 2003

277 A. Erman, The Ancient Egyptians: A Sourcebook Of

Their Writings, (New York, 1966).

278 W.K. Simpson, The Literature Of Ancient Egypt,

(Cairo, 2003)

Bergstrasser, (Eniführung in die semitischen

Sprachen)(1928)

‫المواقع والمجالت والصحف اإللكترونية‬


https://www.elbalad.news/2295048 :‫ويكيبيديا‬ 279

369
‫ سنعيدها سيرتها‬،‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‬
‫األولى‬

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1852858 280

‫ويكيبيديا‬ 281
https://www.holykarbala.net/books/akhlaq/hekam1/05.html

https://www.britannica.com/biography/Thutmose-III 282

https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2007/01/31/730 283
55.html

/https://www.hindawi.org/books/81363602/57 284

https://arbyy.com/1010746123.html 285

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=387113 286

https://www.coptstoday.com/Egypt-News/Detail.php?Id=25 287
1424

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%82%D8%A8 288
%D8%B1%D8%A9_55

www.almrsal.com/post/1126076 289

370
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D8%A 290

A_%D8%B9%D9%86%D8%AE_%D8%A2%D9%85%D9

%88%D9%86

https://gate.ahram.org.eg/News/2687560.aspx 291

https://mena.org.eg/ar/news/dbcall/table/textnews/id/88988 292
73

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%8A%D9%8 293
A#cite_ref-4

www.elbalad.news/4157714 294

https://nc1.ru/ar/women/pravoslavie-v-efiopii-efiopiya-prav 295
/oslavie-efiopskaya-pravoslavnaya-cerkov

https://www.alayyam.info/news/941NWC9Y-9MHJGL-AE 296
00

www.alarabiya.net/articles/2012%2F04%2F18%2F208532 297

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/229876 298

371
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪www.islamweb.net/ar/fatwa/134574‬‬ ‫‪299‬‬
‫‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=644754‬‬
‫‪300‬‬

‫الصحف والجرائد الورقية‪ ,‬والمجالت والدوريات والرسائل العلمية‬


‫حوليات كلية اآلداب‪ ،‬العدد ‪(، ٨‬جامعة عين شمس‪١٩٦٣ ،‬م)‪ .‬ومجلد ‪,46‬‬ ‫‪301‬‬

‫ديسمبر ‪.2018‬‬

‫جريدة البادية اليوم‬ ‫‪302‬‬

‫‪372‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫جريدة الوقائع المصرية‬ ‫‪303‬‬

‫جريدة اليوم السابع‬ ‫‪304‬‬

‫جريدة األهرام‬ ‫‪305‬‬

‫جريدة أخبار اليوم‬ ‫‪306‬‬

‫مجلة دراسات في علم اآلثار والتراث‪ ،‬العدد ‪6‬‬ ‫‪307‬‬

‫دورية الجمعية السعودية للدراسات األثرية‪ ،‬الرياض‪2015 ،‬م‬ ‫‪308‬‬

‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بغداد ‪ ،‬العدد ‪1979( 25‬م)‬ ‫‪309‬‬

‫مجلة اآلثار المصرية‪ ،‬المجلد ‪( 37‬ديسمبر ‪1951‬م)‬ ‫‪310‬‬

‫مجلة الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة‪ ,‬عدد‪.59‬‬ ‫‪311‬‬

‫حوليات اآلداب والعلوم االجتماعية‪ ،‬الرسالة ‪ ،195‬الحولية ‪ ،23‬جامعة‬ ‫‪312‬‬

‫الكويت‪ 1424 -1423 ،‬حو‪2003-2002/‬م‬

‫مجلة مركز األبحاث األمريكية في مصر‪ ،‬المجل ‪2004 ، 41‬م‬ ‫‪313‬‬

‫مجلة مهد الحضارات‪ ,‬العدد‪2008 ,9-8 :‬م‪ .‬و المجلد ‪ ،2010‬العدد ‪12-11‬‬ ‫‪314‬‬

‫(‪ 31‬ديسمبر‪/‬كانون األول ‪.)2010‬‬

‫‪373‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫نبذة عن الكاتب‬
‫● االسم‪:‬‬
‫‪ -‬رامي نبيل طه عبده هنيدي‪ ,‬باحث شاب ولد ‪27/5/1988‬م‪ ,‬بالقاهرة‪.‬‬
‫المؤهالت والخبرات العلمية والعملية‪:‬‬
‫إعالمي؛ حاصل على بكالريوس في اإلعالم‬ ‫●‬
‫دارس بكلية اآلثار جامعة القاهرة‬ ‫●‬
‫باحث حر في التاريخ‪ ,‬وعلم المصريات‬ ‫●‬
‫● حاصل على عدة إجازات لمؤلفات علمية‪ ,‬وشرعية بأسانيدها المتصلة لمؤلفيها‬
‫منها‪:‬‬
‫* إجازات عامة في بعض كتب التفسير‬
‫‪ -‬تفسير بن كثير‬
‫‪ -‬تفسير الطبري‬
‫‪ -‬تفسير القرطبي‬
‫‪ -‬تفسير الزمخشري‬
‫‪ -‬تفسير الواحدي‬
‫‪ -‬تفسير الرازي‬
‫‪ -‬تفسير الثعلبي‬
‫‪ -‬تفسير البيضاوي‬
‫‪ -‬تفسير الجاللين‬
‫‪ -‬تفسير السعدي‬
‫* إجازة كتب السنة التسعة‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‬
‫‪ -‬صحيح مسلم‬
‫‪ -‬سنن أبي داود‬
‫‪ -‬سنن الدارمي‬
‫‪ -‬سنن الترمذي‬
‫‪ -‬سنن النسائي‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجة‬
‫‪ -‬موطأ اإلمام مالك‬
‫‪ -‬مسند اإلمام أحمد‬
‫* إجازات عامة في معتمدات المذاهب األربعة‬
‫‪ -‬مذهب اإلمام أبي حنيفة‬
‫‪ -‬مذهب اإلمام مالك‬
‫‪374‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬مذهب اإلمام الشافعي‬
‫‪ -‬مذهب اإلمام أحمد‬
‫* إجازات شرعية ولغوية متفرقة‬
‫‪ -‬إجازة في اآلذان الشرعي‬
‫‪ -‬إجازة في كتاب اإلتقان في علوم القرآن‬
‫‪ -‬إجازة في كتاب الرحيق المختوم‬
‫‪ -‬إجازة في منظومة الجزرية‬
‫‪ -‬إجازة في تحفة األطفال‬
‫‪ -‬إجازة في متن اآلجرومية‬
‫* إجازات في كتب التراجم والتاريخ واألنساب‬
‫‪ -‬فتوح مصر والمغرب‬
‫‪ -‬السيرة النبوية البن هشام‬
‫‪ -‬فتوح الشام للواقدي‬
‫‪ -‬أخبار الزمان ومن أباده الحدثان‬
‫‪ -‬سير أعالم النبالء‬
‫‪ -‬البداية والنهاية البن كثير‬
‫‪ -‬مقدمة ابن خلدون‬
‫‪ -‬نهاية األرب في معرفة أنساب العرب‬
‫‪ -‬حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة‬
‫‪ -‬األعالم للزركلي‬
‫● له مقاالت في صحف وجرايد مصرية وعربية‬
‫صاحب شركة‏إنتاج إعالمي‏وتليفزيوني وسينمائي‬ ‫●‬
‫مدير أكبر شركة مصرية في مجال إنتاج الملح البحري‬ ‫●‬
‫مدير شركة استثمارية في مجال المقاوالت والنقل‬ ‫●‬
‫مدير شركة رائدة في المجال اللوچيستي‬ ‫●‬
‫قام بإنتاج و إخراج العديد من البرامج الهادفة‬ ‫●‬
‫‪ -‬برنامج يا ثورة ما تمت‬
‫‪ -‬برنامج البرزخ‬
‫‪ -‬برنامج المحكمة ( تم إيقاف عرضه )‬
‫‪ -‬برنامج خلف أسوار الجماعة ( تم إيقاف عرضه )‬
‫كاتب و مؤلف و سناريست ألبحاث‪ ,‬وقصص‪ ,‬وروايات عديدة سيتم نشرها‬ ‫●‬
‫بإذن هللا تِباعا ً في األيام المقبلة ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬البرزح‪ ,‬سنعيدها سيرتها األولى (هذا الكتاب)‬

‫‪375‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪ -‬الحواريون المصريون (أتباع حور)‬


‫‪ -‬حور ابن إدريس (ذا النون)‬
‫‪ -‬إمبراطورية تحتمس األول و الثالث (مملكة داود و سليمان)‬
‫‪ -‬نعارمر حاكم األرض األول‬
‫‪ -‬عودة التحوت‬
‫‪ -‬األسرة الثانية عشر همزة الوصل‬
‫‪ -‬المنسأة‬
‫‪ -‬أنا األرض‬
‫‪ -‬أنا الدجال‬
‫‪ -‬سفر أوزير (تحت النشر)‬
‫‪ -‬عودة توت‬
‫‪ -‬آل إخناتون‬
‫‪ -‬إيمحتب الصديق‬
‫‪ -‬يا صبر سقنن رع (أيوب المصري)‬
‫‪ -‬عشاء المومياء‬
‫‪ -‬البنكيني‬
‫‪ -‬تحوتي‬
‫‪ -‬تابوت توت‬
‫‪ -‬شيشنق الدجال األعظم‬
‫‪ -‬سرقة اليهود لخمسة قرون مصرية‬
‫‪ -‬قبضة السامري‬
‫‪ -‬أطالنتس جنة األرض الغارقة‬
‫*****‬

‫‪376‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفهرس‬
‫الصفح‬ ‫الموضوع‬
‫ة‬
‫بطاقة الكتاب‬

‫أ‬ ‫المراجعون‬
‫‪1‬‬ ‫اإلهداء‬

‫‪2‬‬ ‫الشكر‬
‫‪4‬‬ ‫تقديمات من مراجعين ومختصين وقراء مهتمين‬
‫‪5‬‬ ‫تقديم الدكتور محمد حمزة‬
‫‪18‬‬ ‫تقديم سرور أبو المعاطي‬
‫‪20‬‬ ‫تقديم الدكتور إبراهيم النشوقاتي‬
‫‪22‬‬ ‫تقديم الدكتور مهندس ياسر الفار‬
‫‪24‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪28‬‬ ‫تمهيد‬
‫‪33‬‬ ‫الباب األول‬
‫‪34‬‬ ‫ما قبل الطوفان‬
‫‪34‬‬ ‫نبأ ابني آدم‬
‫‪34‬‬ ‫ابن آدم المقتول‪:‬‬

‫‪377‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪40‬‬ ‫تصحيح شجرة األنساب التوراتية‪:‬‬


‫‪44‬‬ ‫زمن إدريس عليه السالم‬
‫‪46‬‬ ‫القاتل األول على األرض‪:‬‬
‫‪48‬‬ ‫نظرة لجريمة القتل األولى‪:‬‬
‫‪51‬‬ ‫الخلط بين إسرائيل و يعقوب عليه السالم‪:‬‬
‫‪54‬‬ ‫لم يربط القرآن بين إسرائيل ويعقوب عليه السالم‪:‬‬
‫‪56‬‬ ‫إسرائيل ليس نبيا في القرآن‪:‬‬
‫‪58‬‬ ‫يعقوب ليس إسرائيل‬
‫‪59‬‬ ‫قصة ابني آدم أثريا‬
‫‪62‬‬ ‫الباب الثاني‬
‫‪63‬‬ ‫فك طالسم الديانة المصرية القديمة‬
‫‪71‬‬ ‫التاسوع المقدس ونظريات الخلق عند المصري القديم‪:‬‬
‫‪78‬‬ ‫م َُحا َق َقة‪:‬‬
‫‪81‬‬ ‫الباب الثالث‬
‫‪82‬‬ ‫ما بعد الطوفان‬
‫‪82‬‬ ‫محرفو التوراة لن يتورعوا عن تحريف األنساب‪:‬‬
‫‪87‬‬ ‫الباب الرابع‬
‫‪88‬‬ ‫تاريخ بني إسرائيل‬
‫‪88‬‬ ‫قبائل بني إسرائيل وأحداثهم‪:‬‬
‫‪98‬‬ ‫النمرود‬
‫‪98‬‬ ‫نسبه وترجمته ومن هو في اآلثار‪:‬‬
‫‪103‬‬ ‫وفاته ونهايته‪:‬‬
‫‪104‬‬ ‫مملكة كيش‬
‫‪106‬‬ ‫عاد وثمود‪:‬‬
‫‪110‬‬ ‫حمورابي‬
‫‪110‬‬ ‫حركة حمورابي‪:‬‬

‫‪378‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪112‬‬ ‫الهكسوس وبني إسرائيل‬
‫‪112‬‬ ‫فترة حكمهم وأصولهم‪:‬‬
‫‪113‬‬ ‫خروج بني إسرائيل‬
‫‪117‬‬ ‫فرعون الهكسوسي‬
‫‪118‬‬ ‫التحالف الثالثي‪:‬‬
‫‪121‬‬ ‫الباب الخامس‬
‫‪122‬‬ ‫نسل آمن‬
‫‪122‬‬ ‫حل أكبر ألغاز التاريخ‬
‫‪122‬‬ ‫تواريخ األنبياء‪:‬‬
‫‪128‬‬ ‫تسلسل األنبياء‪:‬‬
‫‪131‬‬ ‫طالوت المِصري والتابوت‬
‫‪131‬‬ ‫طالوت ليس إسرائيليا‪:‬‬
‫‪136‬‬ ‫نسل األنبياء من لدن إبراهيم‬
‫‪136‬‬ ‫أنسابهم‪:‬‬
‫‪138‬‬ ‫من أين جاء االسم (تارح)‪:‬‬
‫‪142‬‬ ‫صراع نسجه بنو إسرائيل‪:‬‬
‫‪149‬‬ ‫نبي هللا إيمحتب‬
‫‪149‬‬ ‫يوسف مصري‪:‬‬
‫‪155‬‬ ‫طالوت مل ًكا‬
‫‪155‬‬ ‫عناد بني إسرائيل‪:‬‬
‫‪158‬‬ ‫تحتمس األول والزبور‬
‫‪159‬‬ ‫زبور داود‪:‬‬
‫‪159‬‬ ‫ما الزبور الذي نزل على تحتمس األول؟‬
‫‪162‬‬ ‫تحتمس الثالث ومُلك األرض‬
‫‪163‬‬ ‫ملك األرض‪:‬‬
‫‪164‬‬ ‫من مهارات وغرائب تحتمس الثالث‪:‬‬
‫‪379‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪169‬‬ ‫شيشنق وسرقة هيكل سليمان‬


‫‪172‬‬ ‫أصل ششنق‪:‬‬
‫‪174‬‬ ‫آل إخناتون والمسيحية في مصر‬
‫‪175‬‬ ‫دعوة عمران‪:‬‬
‫‪178‬‬ ‫كفالة مريم‪:‬‬
‫‪181‬‬ ‫ميريت البتول‬
‫‪183‬‬ ‫وقفة حول إخناتون وسمنخ كارع‪:‬‬
‫‪185‬‬ ‫يحيى ومفتاح الحياة (العنخ)‬
‫‪185‬‬ ‫مقارنات‪:‬‬
‫‪188‬‬ ‫وقفة بين توت عنخ آمون وآتون بن مريت‪:‬‬
‫‪189‬‬ ‫الباب السادس‬
‫‪190‬‬ ‫تابوت السكينة‬
‫‪190‬‬ ‫سر تاريخي‪:‬‬
‫‪197‬‬ ‫الباب السابع‬
‫‪198‬‬ ‫مراحل السرقة والتزييف‬
‫‪198‬‬ ‫وقائع السرقات اإلسرائيلية‪:‬‬
‫‪198‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪198‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪199‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪199‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪200‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪200‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪202‬‬ ‫الباب األخير‪ /‬مباحث تحقيقية ألهم القضايا الشرعية‬

‫‪203‬‬ ‫مبحث خاص بأصل تسمية يعقوب بإسرائيل‬


‫‪203‬‬ ‫السبب الداعي لهذا البحث وهذا المبحث‪:‬‬

‫‪380‬‬
‫رامي نبيل طه عبده هنيدي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪205‬‬ ‫وما جاء من األحاديث النبوية الشريفة‪:‬‬
‫‪208‬‬ ‫هل يعقوب هو إسرائيل أو ال؟‬
‫‪211‬‬ ‫لماذا سمي يعقوب _عليه السالم_ باسم إسرائيل؟‬
‫‪211‬‬ ‫ثانيا المسألة حديثيا‪:‬‬
‫‪223‬‬ ‫وقفة حديثية‪:‬‬
‫‪225‬‬ ‫مبحث‬
‫‪225‬‬ ‫إدريس هو أوزير‬
‫‪229‬‬ ‫وقفة أخرى بين إدريس وإسرائيل‪:‬‬
‫‪231‬‬ ‫أجوبة على أسئلة معترضة‬
‫‪231‬‬ ‫السؤال األول‪:‬‬
‫‪238‬‬ ‫السؤال الثاني‪:‬‬
‫‪246‬‬ ‫السؤال الثالث‪:‬‬
‫‪251‬‬ ‫السؤال الرابع‪:‬‬
‫‪254‬‬ ‫اآلباء والبنات‬
‫‪257‬‬ ‫السؤال الخامس‪:‬‬
‫‪265‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪266‬‬ ‫فهارس ومالحق‬
‫‪266‬‬ ‫ملحق الصور‬
‫‪275‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬
‫‪316‬‬ ‫المراجع األجنبية المُعرَّ بة‬
‫‪318‬‬ ‫الكتب والمراجع األجنبية‬
‫‪320‬‬ ‫المواقع والمجالت والصحف اإللكترونية‬
‫‪322‬‬ ‫الصحف والجرائد الورقية‪ ,‬والمجالت والدوريات والرسائل‬
‫العلمية‬
‫‪323‬‬ ‫نبذة عن الكاتب‬
‫‪326‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫‪381‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البرزخ‪ ،‬سنعيدها سيرتها‬
‫األولى‬

‫‪382‬‬

You might also like