بيئة العمل والحماية القانونية في مجال الوقاية الصحية والأمن وطب العمل

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 32

‫بيئة العمل والحماية القانونية في مجال الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‬

‫بن سالم كمال أستاذ مساعد (أ)‬

‫جامعة عبد الحميد ابن باديس‪ ،‬مستغانم‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫الحماية القانونية لصحة وسالمة العمال في وسط العمل تشكل أولوية قصوى لدى السلطات‬
‫العمومية‪ ،‬فال يمكن تنفيذ أي عالقة عمل إال ضمن شروط تستجيب لمتطلبات الوقاية الصحية واألمن‬
‫وطب العمل في وسط العمل‪.‬‬

‫من المالحظ أن الجمهورية الجزائرية الفتية كرست غداة االستقالل الحق في الكرامة والحرمة‬
‫البدنية لإلنسان كأحد أهدافها األساسية‪ .1‬هذا الحق أصبح أكثر وضوحا مع صدور دستور‪ 1976‬الذي‬
‫اعترف لكل المواطنين بالحق في الحماية والتحسين الثابت لشروط الحياة والعمل‪.2‬‬

‫دستور‪ 1989‬استلهم هذا الحق وكرس حق جميع المواطنين في حماية صحتهم‪ ،‬موضحا أن‬
‫الحق في الحماية الصحية واألمن في العمل مضمون من طرف القانون‪.3‬‬

‫استمر اهتمام الدولة بحماية هذا الحق إلى غاية يومنا هذا‪ ،‬حيث امتدت الحماية المقررة في‬
‫الدساتير السابقة للحق في الصحة والسالمة البدنية لجميع المواطنين إلى الدستور الحالي‪.4‬‬

‫‪- 1‬م‪ 10.‬من دستور ‪ ،1963‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪.1963‬‬


‫‪- 2‬م‪ 67.‬من دستور ‪ .1976‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ ،1976-11-24‬ع‪ ،94.‬ص‪.1294 .‬‬
‫‪-3‬م‪ 51.‬و‪ 52‬من دستور ‪ .1989‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ ،1989-03-01‬ع‪ ،09.‬ص‪.234.‬‬
‫‪- 4‬م‪ 54.‬من دستور ‪ .1996‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ ،1996-12-08‬ع‪ ،76.‬ص‪.06.‬‬

‫‪1‬‬
‫من المفيد أن نشير إلى أن الجزائر صادقت غداة استقاللها عام ‪ 1962‬على العديد من‬
‫االتفاقيات الدولية المكرسة لحق العمال في الحماية الصحية واألمن في وسط العمل‪ ،‬والمبرمة في إطار‬
‫المنظمة الدولية للعمل‪.5‬‬

‫ال يمكن االدعاء أنه كان للجزائر تشريع عمل مستقل غداة االستقالل‪ ،‬بل شهدت فراغا قانونيا‪،‬‬
‫على إثره بادرت السلطة السياسية إلى إصدار القانون القاضي بتمديد العمل بالتشريع الفرنسي‪ ،‬إال ما‬
‫تعارض منه مع السيادة الوطنية‪.6‬‬

‫الشك أن أحكام الوقاية الصحية واألمن وطب العمل المقررة في القانون الفرنسي تم اعتمادها‬
‫في الجزائر غداة االستقالل إلى غاية ‪ ،1971‬التاريخ الذي بموجبه تم التخلص من التشريع الفرنسي‪ ،‬بعد‬
‫تبني الجزائر لفلسفة التسيير االشتراكي للمؤسسات‪.7‬‬

‫غير أن المسألة شهدت تغيي ار طفيفا في القطاع الخاص ابتداء من ‪ ،1975‬حيث تناول المشرع‬
‫الجزائري صحة وسالمة العمال في وسط العمل في ثالثة فصول‪ ،‬األول تعلق بالتدابير العامة للحماية‬
‫الصحية وسالمتها‪ ،‬والثاني تعلق بهيئات حفظ الصحة واألمن‪ ،‬والثالث تعلق بطب العمل‪.8‬‬

‫ظهرت إرادة المشرع الجزائري بوضوح في ضمان الصحة واألمن لجميع العمال في أماكن‬
‫العمل‪ ،‬من خالل توحيد األحكام القابلة للتطبيق على القطاعين العمومي والخاص بموجب صدور القانون‬
‫األساسي العام للعامل‪.9‬‬

‫‪ - 5‬على سبيل المثال‪ :‬اتفاقية رقم‪ 03:‬حول حماية األمومة لعام ‪ ،1919‬اتفاقية رقم‪ 17:‬حول التعويض عن حوادث العمل‬
‫لعام ‪ ،1925‬اتفاقية رقم‪ 18:‬حول األمراض المهنية لعام ‪ ،1925‬اتفاقية رقم‪ 24:‬حول التأمين على المرض لعام ‪،1927‬‬
‫اتفاقية رقم‪ 77:‬حول الفحص الطبي لألطفال في مجال الصناعة لعام ‪.1946‬‬
‫‪- 6‬ق‪.‬رقم‪ 57-62:‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1962‬المتعلق بتمديد العمل بالنصوص السارية قبل االستقالل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة‬
‫في ‪ ،63-01-11‬ع‪ ،2.‬ص‪8.‬‬
‫‪ - 7‬أ‪.‬رقم‪ 74-71:‬المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 1971‬المتعلق بالتسيير االشتراكي للمؤسسات‪ ،‬ج‪.‬ر مؤرخة في ‪ 13‬ديسمبر‬
‫‪ ،1971‬ع‪ ،101.‬ص‪.1736.‬‬
‫‪-8‬م‪ 241 .‬إلى ‪ 302‬من أ‪ .‬رقم‪ 31-75:‬مؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ 1975‬المتعلق بالشروط العامة لعالقات العمل في القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬ج‪.‬ر مؤرخة في ‪ 16‬ماي ‪ ،1975‬ع‪ ،39.‬ص‪.527.‬‬
‫‪ - 9‬م‪ 13.‬و‪ 14‬من ق‪ .‬رقم‪ 12-78:‬المؤرخ في ‪ 5‬أوت ‪ 1978‬المتعلق بالقانون األساسي العام للعامل‪ ،‬ج‪.‬ر مؤرخة في‬
‫‪ 8‬أوت ‪ ،1978‬ع‪ ،32.‬ص‪.724.‬‬

‫‪2‬‬
‫ألول مرة خصصت الدولة الجزائرية قانونا خاصا بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل كان‬
‫بتاريخ ‪ ،1988‬مكرسا حق العامل في الحماية الصحية واألمن وطب العمل في وسط العمل‪ .10‬وجاءت‬
‫النصوص التطبيقية له المنظمة لتدابير الحماية الصحية واألمن في أماكن العمل‪ ،11‬والمنظمة لطب‬
‫العمل‪ ،12‬وكذا المحددة آلليات سير وتنظيم وتشكيل األجهزة المكلفة بالوقاية الصحية واألمن وطب‬
‫العمل‪.13‬‬

‫من الواضح أن إصالح عام ‪ 1990‬كرس حق العمال في الوقاية الصحية واألمن وطب‬
‫العمل‪.14‬‬

‫من المالحظ أن تدخل المشرع الجزائري لتنظيم الوقاية الصحية واألمن وطب العمل في أماكن‬
‫العمل‪ ،‬ولو بخطوات غير منتظمة‪ ،‬الشك أنه يعكس اهتمام الدولة الجزائرية بالصحة العمومية كأحد‬
‫أولوياتها في سياستها الوطنية‪.15‬‬

‫حسب البعض تدخل المشرع يقع بالتوازي مع تطور التنمية االقتصادية للدولة والسيما على‬
‫مستوى المنشآت القاعدية ومشاريع السكن والمنشآت الصناعية على اختالف أنواعها‪.16‬‬

‫تهدف أحكام قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل إلى تحديد الطرق والوسائل التي تضمن‬
‫للعمال أحسن الشروط في مجال الوقاية والصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬وكذا تعيين األشخاص المسؤولة‬
‫على تنفيذها‪ ،‬وبيان اآلثار القانونية المترتبة عن مخالفتها‪.‬‬

‫‪- 10‬ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المؤرخ في ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في‪27‬‬
‫يناير ‪ ،1988‬ع‪ ،4.‬ص‪.117.‬‬
‫‪- 11‬م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المؤرخ في ‪ 19‬يناير ‪1991‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في‬
‫أماكن العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ ،1991-01-23‬ع‪ ،04.‬ص‪.74.‬‬
‫‪- 12‬م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 120-93 :‬المؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪ 1993‬المتعلق بطب العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ ،1993-11-12‬ع‪،33.‬‬
‫ص‪.09.‬‬
‫‪- 13‬م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 209-96 :‬المؤرخ في ‪ 05‬جوان ‪ 1996‬يحدد تشكيل المجلس الوطني للوقاية الصحية واألمن وطب العمل‬
‫وتنظيمه وسيره‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ ،1996‬ع‪ ،35.‬ص‪.122.‬‬
‫‪- 14‬ق‪.‬رقم‪ 11-90:‬المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 1990‬المتعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج‪.‬ر مؤرخة في ‪ 25‬أفريل ‪ ،1990‬ع‪،17.‬‬
‫ص‪.592.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪-M.N.Koriche, Transformations du droit algérien du travail : entre statut et contrat, Th., L’université‬‬
‫‪Montesquieu-Bordeaux 6, Année 2008.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪-Leila Borsali Hamdan (Droit du travail)- Manuel Pédagogique : Emploi, Relations collectives de travail-,‬‬
‫‪Alger : éd. Berti, 2014, p.402.‬‬

‫‪3‬‬
‫ضمان الوقاية الصحية واألمن وطب العمل في وسط العمل من مهام المؤسسة المستخدمة أيا‬
‫كان نوعها أو شكلها‪ ،‬فالمؤسسات المستخدمة المعنية بتنفيذ إجراءات الوقاية الصحية واألمن في أماكن‬
‫العمل‪ ،‬هي المؤسسات ذات الطابع الصناعي أو التجاري‪ ،‬والتعاونيات الفالحية‪ ،‬والمؤسسات الخدمية‪،‬‬
‫وصناديق الضمان االجتماعي‪ ،‬والمؤسسات التربوية أو البيداغوجية‪ ،‬والمؤسسات االستشفائية‪ ،‬والمهن‬
‫الحرة‪ ،‬والتجمعات الحرفية‪ ،‬والجمعيات‪ ،‬وفي جميع أماكن العمل أين يمارس نشاط مهني ما‪.17‬‬

‫التزام المستخدم بتنفيذ إجراءات الوقاية الصحية واألمن وطب العمل في أماكن العمل‪ ،‬أيا كانت‬
‫طبيعة النشاط الممارس‪ ،‬وأيا كان حجم المؤسسة المستخدمة المالي أو البشري‪ ،‬يرافقه عمل هيئات مهنية‬
‫داخلية متخصصة في مجال الوقاية الصحية واألمن‪ ،‬من أجل اقتراح ومتابعة تنفيذ إجراءات الوقاية‬
‫الصحية واألمن في أماكن العمل‪ ،‬واتخاذ كل ما تراه مناسبا لهذا الغرض‪.18‬‬

‫من خالل القراءة المتأنية ألحكام القانون الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‪ ،‬تبنت نوعين‬
‫من تدابير الحماية الصحية واألمن‪ ،‬تدابير الحماية الجماعية وتدابير الحماية الفردية‪ ،‬وإن كان المشرع‬
‫الجزائري لم يصرح بذلك‪.‬‬

‫التساؤل المطروح‪ ،‬ما مضمون الحماية القانونية المقررة لضمان صحة وسالمة العمال في‬
‫أماكن العمل ومدى فاعليتها؟ بمعنى مدى احترام أحكام قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل لحق‬
‫العامل في بيئة عمل الئقة حفاظا على صحة العامل وأمنه؟‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬قسم الموضوع إلى المبحثين التاليين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مضمون قواعد الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تنظيم وتطبيق قواعد الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‬

‫‪- 17‬م‪ 2.‬و‪ 3‬من ق‪ .‬ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المؤرخ في ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪ -18‬م‪ 23.‬و‪ 24‬ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المؤرخ في ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مضمون قواعد الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‬

‫بفعل تطور استعمال اآلالت والمواد والمستحضرات الخطيرة ووسائل التكنولوجيا الجديدة‪ ،‬ازداد‬
‫خطر حوادث العمل واألمراض المهنية‪ ،‬حيث أصبحت مسألة حماية األمن البدني للعامل يشغل الرأي‬
‫العام الوطني‪ ،‬من هنا ظهرت حاجة الدولة إلى االهتمام بظروف تشغيل العمال‪.‬‬

‫من المفيد القول أن السياسة األفضل تتمثل في تكريس الوقاية المناسبة لصحة وسالمة العمال‬
‫في وسط العمل‪ ،‬والعمل على التقليل من احتمالية تعرضهم لألخطار المهنية‪ ،‬وكذا إضفاء طابع اإلنسانية‬
‫على ظروف العمل‪.19‬‬

‫لم يتردد المشرع الجزائري في تكريس الحماية القانونية لبيئة العمل في ومجال الوقاية الصحية‬
‫واألمن وطب العمل‪ ،20‬ملقيا عبئ التكفل بها أساسا على الهيئة المستخدمة‪ ،‬محمال إياها مسؤولية انتهاك‬
‫قواعد الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬والسيما عند انتهاكها لتدابير الحماية الجماعية‪.21‬‬

‫التزام المستخدم بالحفاظ على صحة وسالمة العمال في وسط العمل‪ ،‬يتفرع إلى ثالثة (‪)03‬‬
‫أنواع من األعمال‪ ،‬أعمال الوقاية من المخاطر المهنية‪ ،‬وأعمال اإلعالم‪ ،‬وأعمال التكوين‪.‬‬

‫تنفيذ هذه االلتزامات يتطلب من الهيئة المستخدمة اتخاذ جملة من تدابير الحماية الجماعية ذات‬
‫األولوية في التطبيق‪ ،‬وتدابير الحماية الفردية التي ال تقل أهمية عن األولى‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مضمون قواعد الوقاية الصحية ‪.‬‬

‫الحديث عن قواعد الوقاية الصحية يشمل ميدان طب العمل‪ ،‬ألنه أساس الوقاية الصحية في‬
‫وسط العمل هو ممارسة طب العمل‪.‬‬

‫وعليه يلتزم المستخدم بتحديد التعليمات الضرورية من أجل فرض احترام األحكام التشريعية و التنظيمية‪،‬‬
‫وإال أصبح النظام الداخلي عديم األثر‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪-J. Pélissier, A. Supiot, A. Jeammaud, Droit du Travail, Paris : éd.D. 2000, p.977 et 978 n°968.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪--Le dictionnaire nous apprend que le mot hygiène (d’origine grec « hugieinon ») signifie la santé(…), et le‬‬
‫‪mot sécurité signifie la situation dans laquelle le travailleur n’est exposé à aucun danger, ou à aucun risque‬‬
‫‪d’accident,(…),Le petit Larousse illustré, dictionnaire encyclopédique, éd. Lar. 1993, p.525 et 926.‬‬
‫‪ - 21‬ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المؤرخ في ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في‪27‬‬
‫يناير ‪ ،1988‬ع‪ ،4.‬ص‪.117.‬‬

‫‪5‬‬
‫يبقى قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل والنصوص التطبيقية له‪ ،‬هو األساس القانوني اللتزام‬
‫الهيئة المستخدمة بضمان الشروط الصحية‪.‬‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬قسم المطلب إلى الفروع التالية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تدابير الحماية الجماعية المتعلقة بالوقاية الصحية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تدابير الحماية الجماعية المتعلقة بالوقاية من األمراض المهنية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تدابير الحماية الجماعية المتعلقة بالوقاية الصحية‬

‫نصت المادة ‪ 4‬من قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬على أنه‪" :‬يتعين على الهيئة‬
‫المستخدمة السهر على أن تكون محالت وأماكن العمل ومحيطها وملحقاتها وتوابعها‪ ،‬بما في ذالك كل‬
‫أنواع التجهيزات نظيفة بصورة مستمرة‪ ،‬وأن تتوفر فيها شروط الوقاية الصحية الضرورية لصحة العمال‪،‬‬
‫كما يجب أن يستجيب جو العمل إلى شروط الصحة والراحة والوقاية الصحية‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‬
‫التهوية وتجديدها‪ ،‬والتشمس واإلضاءة والتدفئة والحماية من الغبار واألضرار األخرى وتصريف المياه‬
‫القذرة والفضالت‪.‬‬

‫يجب تمكين العمال من ممارسة رياضة االستراحة ووضع وسائل النظافة تحت تصرفهم‪،‬‬
‫والسيما خزانة المالبس ودورات المياه والمرشات‪ ،‬وتوفير المياه الصالحة للشرب وكذا النظافة في‬
‫المطاعم"‪.‬‬

‫تناولت المادة ‪ 4‬من قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬القواعد العامة للوقاية الصحية‬
‫في وسط العمل‪ ،‬قسمها المشرع الجزائري إلى أربع محاور أساسية‪ ،‬هي‪-1( :‬قواعد النظافة والوقاية من‬
‫األمراض المهنية‪-2،‬قواعد تهوية أماكن العمل وتطهيرها‪-3 ،‬البيئة وعناصر الراحة‪-4 ،‬قواعد المنشآت‬
‫الصحية)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫البند األول‪ :‬قواعد النظافة والوقاية من األمراض المهنية ‪:‬‬

‫تلتزم الهيئة المستخدمة بالمحافظة على نظافة أماكن العمل وملحقاتها‪ ،‬فبخصوص أرضية‬
‫األماكن المخصصة للعمل وملحقاتها –بما في ذالك جدرانها وسقوفها‪ -‬يتطلب لتنظفيها احترام تدابير‬
‫خاصة بالتطهير‪ ،‬كالغسل والمسح كلما سمح غطاء األرضية بذالك‪ ،‬وإعادة الدهن والتغليف دوريا‪.‬‬

‫أما أرضية العمل التي تودع أو تستعمل أو تعالج فيها مواد قابلة للتلف أو أشياء تنطوي على‬
‫أخطار التعفن والتآكل أو االلتهاب‪ ،‬فهذا النوع من أرضية أماكن العمل يتطلب لتنظيفه احترام تدابير‬
‫خاصة للتطهير والحماية من األمراض المعدية‪ ،‬بصرف النظر عن التدابير الوقائية التي تتطلبها طبيعة‬
‫األشغال كوجوب إيداع بقايا هذه المواد في أوعية مغلقة بإحكام‪ ،‬وفي كل يوم تؤخذ لتخزن في أماكن‬
‫مخصصة لذلك‪ ،‬قصد معالجتها أو إتالفها حسب الشروط التي تنص عليها القوانين المعمول بها‪ ،‬أو التي‬
‫تحددها الهيئة المستخدمة في النظام الداخلي‪.‬‬

‫تطبيقا اللتزام الهيئة المستخدمة بتهوية األماكن المخصصة للعمل‪ ،‬هل يمكن للمستخدم منع‬
‫التدخين في محالت العمل المخصصة لالستعمال الجماعي‪ ،‬والسيما األماكن المغلقة والمغطاة خصوصا‬
‫إذا ترتب عن التدخين فيها خطر يهدد صحة وأمن العمال؟‬

‫في غياب أي نص قانوني يمنع التدخين أو يضع تدابير خاصة للتدخين‪ ،‬إال إذا كان مبر ار‬
‫بأسباب الوقاية الصحية واألمن في أماكن العمل‪ ،‬سواء بمحالت العمل الجماعي قصد حماية صحة‬
‫العمال الغير مدخنين‪ ،‬أو بمحالت بها مواد أو مستحضرات سريعة االلتهاب أو االنفجار‪.‬‬

‫ضمانا للتهوية الطبيعة الدائمة للمحالت المخصصة للعمل والبعيدة عن أي مصدر ملوث لجو‬
‫أماكن العمل‪ ،‬يتطلب من المؤسسات المستخدمة مراعاة التدبير المتعلق بمنع التدخين في أماكن العمل‪،‬‬
‫والسيما في المحالت المخصصة للعمل الجماعي قصد الحفاظ على صحة العمال‪.‬‬

‫مفهوم الوقاية الصحية واألمن يشمل ميدان طب العمل‪ ،‬لذا يمكن أن يتضمن النظام الداخلي‬
‫تدبير تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية التي تفرض على المستخدم التزامات فيما يتعلق بطب‬
‫العمل‪ ،‬والسيما فيما يتعلق بالفحوصات الطبية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ألزم المشرع الجزائري المستخدم بإخضاع كل من العامل أو المتمهن إلى فحوص طبية مسبقة‬
‫للتشغيل أو التحويل ودورية وفحوصات خاصة وفحوصات تلقائية وكذا المتعلقة باستئناف العمل‪.‬‬

‫‪-1‬الفحوصات الطبية المسبقة (للتشغيل أو التحويل)‪:‬‬

‫يشتمل الفحص الطبي للتشغيل على فحص سريري كامل وفحوص سريرية شبه مالئمة‪ ،‬يخضع‬
‫إليها العامل وجوبا عند تشغيله بالمؤسسة المستخدمة قصد البحث عن سالمته من أي داء خطير على‬
‫باقي العمال ‪ ،‬كما يسمح بالتأكد من أن العامل مستعد صحيا للمنصب المرشح لشغله مع إمكانية إقتراح‬
‫تعديالت على منصب العمل المرشح لشغله‪.‬‬

‫كما يجب إخضاع العامل المحول من منصب عمله لفحص طبي جديد‪ ،‬بهدف التأكد من أن‬
‫العامل أهال للمنصب العمل الجديد المرشح لشغله‪ ،‬وهذا ما يعرف بنظام الشهادة الطبية للتأهيل‪.22‬‬

‫تجدر اإلشارة إال أن التحويل من منصب العمل يتخذ من الناحية العملية عدة أشكال‪ ،‬منها‬
‫بواسطة الترقية أو التنزيل في الرتبة أو النقل من مكان العمل سواء كان تأديبيا أو غير تأديبي‪.‬‬

‫إذ يتولى المستخدم تحديد أصناف العمال الذين يخضعون وجوبا لفحوصات طبية مسبقة قصد‬
‫حصولهم على شهادات طبية للتأهيل وهم العمال الجدد والمتمهنون والعمال المحولون من مناصب عملهم‬
‫سواء عن طريق الترقية أو التنزيل في الرتبة أو النقل التأديبي أو الغير تأديبي‪.23‬‬

‫‪-2‬الفحوصات الطبية (المراقبة الطبية الدائمة )‬

‫للتأكد من أهلية العمال لمناصب العمل التي يشغلونها‪ ،‬على الهيئة المستخدمة أن تعرض‬
‫عمالها على فحص طبي دوري مرة واحدة (‪ )1‬في السنة على األقل‪.‬‬

‫غير أن الممتهنين يخضعون وجوبا إلى إجراءات رقابة طبية خاصة‪ ،‬التي تفوق تلك التي‬
‫تخضع لها العمال العاديون‪ ،‬يحدد المستخدم تاريخها ومكانها وعددها ونوعها بدقة في النظام الداخلي‬
‫للهيئة المستخدمة‪ ،‬كأن يخضعون إلى فحوصات طبية دورية سريرية كاملة مرة واحدة كل ثالثة (‪ )3‬أشهر‬
‫على األقل‪ ،‬وتكملتها بفحوصات طبية شبه سريرية مالئمة‪.‬‬

‫‪- 22‬م‪ 13.‬و‪ 14‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 120-93:‬المؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪1993‬المتعلق بتنظيم طب العمل‪.‬‬
‫‪- 23‬م‪ 17.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬هناك فئات محددة من العمال يخضعون وجوبا إلى فحوصات طيبة دورية‬
‫وخاصة ال تقل عن مرتين (‪ )2‬في السنة الواحدة‪ ،‬كالعمال المعرضون بشكل خاص لألخطار المهنية‪،‬‬
‫والعمال الذين تقل أعمارهم عن ‪ 18‬سنة‪ ،‬والعمال الذين تزيد أعمارهم عن خمس وخمسين (‪ )55‬سنة‪،‬‬
‫والمعوقون جسديا وذووا األمراض المزمنة‪ ،)...(،‬هؤالء يتعين على الهيئة المستخدمة إخضاعهم لفحص‬
‫طبي كل ستة (‪ )6‬أشهر على األقل‪ ،‬وتكملته بالفحوص السريرية المالئمة‪.24‬‬

‫‪-3‬الفحوصات الطبية الستئناف العمل‪:‬‬

‫يخضع العمال وجوبا إلى فحوص طبية من أجل استئناف العمل بعد غياب سببه مرض مهني‬
‫أو حادث عمل أو بعد عطلة أمومة أو غياب ال يقل عن واحد وعشرين (‪ )21‬يوما‪ ،‬بسب مرض أو‬
‫حادث غير مهني‪ ،‬أو في حالة تغيبات متكررة بسبب مرض غير مهني‪.‬‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬تلتزم الهيئة المستخدمة –في هذه حالة – بإعالم طبيب العمل بهذه الغيابات قبل‬
‫استئناف العمل‪.25‬‬

‫البند الثاني‪ :‬قواعد تهوية أماكن العمل وتطهيرها‬

‫يتعين على الهيئة المستخدمة تهوية األماكن المخصصة للعمل‪ ،‬إما عن طريق التهوية‬
‫الميكانيكية أو التهوية الطبيعية الدائمة أو التهوية المختلطة‪ ،‬كما يجب ضمان الحجم األدنى من الهواء‬
‫لكل شاغل طبقا للمقاييس المحددة تنظيميا‪.26‬‬

‫البند الثالث‪ :‬البيئة وعناصر الراحة‬

‫يجب على الهيئة المستخدمة السهر على إضاءة مواقع العمل‪ ،‬ومناطق المرور‪ ،‬والشحن‬
‫والتفريغ والمنشآت األخرى‪ ،‬كما يجب أن تكون مستويات اإلضاءة مدة حضور العمال في أماكن العمل‪،‬‬
‫وأن تكون كثافة اإلضاءة االصطناعية مكيفة حسب طبيعة األشغال‪.27‬‬

‫‪- 24‬م‪ 15.‬و‪ 16‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 120-93:‬المتعلق بتنظيم طب العمل‪.‬‬


‫‪- 25‬م‪ 17.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 120-93:‬المتعلق بتنظيم طب العمل‪.‬‬
‫‪ - 26‬م‪ .‬من ‪ 6‬إلى ‪ 12‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫تتخذ الهيئة المستخدمة بعد استشارة الجهات المختصة‪ ،‬كل التدابير الالزمة لضمان حماية‬
‫العمال من البرد وتقلبات األحوال الجوية‪ ،‬كما تعمل على استخراج الدخان وغاز االحتراق اآلتي من‬
‫وسائل التدفئة المستعملة خارج األماكن‪.‬‬

‫يجب على الهيئة المستخدمة الحفاظ على كثافة الضجيج التي يتحملها العمال في مستوى يتالئم‬
‫مع صحتهم‪ ،‬مستعملة التقنيات الحديثة من أجل عزل مصادر الضوضاء أو التخفيف من الضجيج أو‬
‫كتم األصوات‪.28‬‬

‫يتعين على الهيئة المستخدمة أن تزود عمالها الذين تتعرض أماكن عملهم لدرجات ح اررة‬
‫منخفضة جدا أو مرتفعة جدا‪ ،‬بتجهيزات حماية خاصة‪.29‬‬

‫البند الرابع‪ :‬قواعد المنشآت الصحية‬

‫يتعين على الهيئة المستخدمة أن توفر لعمالها المرافق الصحية الضرورية‪ ،‬وأن تزودها باألجهزة‬
‫المناسبة لضمان تهويتها الطبيعية‪ ،‬وأن تبنى أرضيتها وجدرانها بمواد عازلة للسوائل وتطلى بلون فاتح‪،‬‬
‫وتصرف السوائل المتدفقة عنها طبقا للتنظيم الصحي المعمول به‪.30‬‬

‫تلتزم الهيئة المستخدمة بوضع تحت تصرف العمال جميع الوسائل الضرورية لضمان نظافتهم‬
‫الفردية كالمغاسل ذات ماء ساخن‪ ،‬والمضخات بجوار أماكن العمل أو داخلها تحت تصرف العمال‬
‫المعرضين النعدام النظافة‪ ،‬وغرف تغيير المالبس مجهزة بمقاعد وخزانات فردية تغلق بالمفتاح‪ ،‬وأماكن‬
‫الراحة المجهزة(‪ ،)...‬في المقابل يلتزم العمال بالمحافظة على نظافتهم الفردية بصفة دائمة‪ ،‬من خالل‬
‫استعمالهم لكل المرافق الصحية التي يوفرها لهم المستخدم‪.31‬‬

‫‪- 27‬م‪ 13.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬
‫‪- 28‬م‪ 15.‬و‪ 16‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬
‫‪- 29‬م‪ 17.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬

‫‪- 30‬م‪ 18.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬
‫‪- 31‬م‪ 19.‬و‪ 20‬و‪ 21‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫في حالة استخدام العمال من الجنسين‪ ،‬فعلى المستخدم تخصيص مرافق صحية منفردة‬
‫ومنفصلة للعامالت‪ ،‬األمر الذي يبرر إلزام العمال من الجنسين باحترام استعمال المرافق الصحية‬
‫المخصصة لهم‪.‬‬

‫‪-1‬التعليمات المتعلقة بمحال اإلطعام‪:‬‬

‫يتعين على الهيئة المستخدمة أن تخصص محال مالئما للعمال من أجل اإلطعام‪ ،‬إذا كان‬
‫خمسة وعشرون (‪ )25‬عامال منهم على األقل يتناول وجبة في أماكن العمل‪ ،‬كما يمنع ترك العمال‬
‫يتناولون وجبتهم في المشاغل‪ ،‬إال إذا كانت طبيعة النشاط ال تشمل استعمال مواد أو مستحضرات‬
‫خطيرة‪.32‬‬

‫يتعين على الهيئة المستخدمة التي تتوفر على خمس وعشرين(‪ )25‬عامال على األقل‪ ،‬أن تضع‬
‫تحت تصرف عمالها محال لإلطعام‪ ،‬متوفر على أحسن شروط الوقائية الصحية واألمن بعد استشارة‬
‫اللجنة المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن وطبيب العمل‪ ،‬األمر الذي يسمح للمستخدم‬
‫بمنع مستخدميه أن يتناولوا الطعام في أماكن العمل‪.‬‬

‫يمكن للمستخدم –بعد ترخيص مسبق من مفتش العمل – تهيئة محل لإلطعام في إحدى‬
‫المحالت المخصصة للعمل‪ ،‬متى كانت طبيعة النشاط الممارس داخلها ال يشمل على استعمال مواد أو‬
‫مستحضرات خطيرة‪ ،‬وفقا للمواقيت التي يحددها المستخدم لهذا الغرض‪.‬‬

‫‪ -2‬تحويل الماء الشروب‪L’eau potable et fraiche :‬‬

‫يلتزم المستخدم بتوفير الماء الشروب للعمال في محال اإلطعام وقرب أماكن العمل شريطة أن‬
‫يكون مطابقا لقاعد النظافة و الصحة الغذائية‪ ،‬ملتزما بوضع تحت تصرف مستخدميه جهاز التوزيع أو‬
‫الحنفية المخصصة لهذا التمويل‪ ،‬وال بد أن تركب بصفة تضمن جميع أسباب الوقاية الصحية والنظافة‪.‬‬

‫في المقابل‪ ،‬على العامل الحفاظ على سالمة التجهيزات‪ ،‬وفي نفس الوقت عدم إسراف الماء الشروب‬
‫واستهالكه استهالكا عقالنيا‪.‬‬

‫‪- 32‬م‪ 22.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قواعد األمن في وسط العمل‬

‫جاء المشرع الجزائري باألساس القانوني اللتزام الهيئة المستخدمة بضمان األمن في وسط‬
‫العمل‪ ،33‬حيث يترتب عن مخالفة هذا االلتزام متابعة الهيئة المستخدمة جزائيا‪.34‬‬

‫اإلشكال المطروح‪ ،‬ما مضمون التدابير الضرورية الواجب مراعاتها من طرف الهيئة المستخدمة‬
‫لفرض احترام النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بأمن العمال في وسط العمل؟ ومدى فاعليتها في‬
‫الحفاظ على أمن بيئة العمل؟‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬قسم المطلب إلى الفرعين التاليين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬قواعد الوقاية من المخاطر الناجمة عن استعمال وسائل العمل‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد الوقاية من أخطار الحرائق وطرق مكافحتها‬

‫الفرع األول‪ :‬قواعد الوقاية من المخاطر الناجمة عن استعمال وسائل العمل‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المخاطر المهنية المتعددة الناجمة عن استعمال وسائل العمل من آالت‬
‫وأجهزة وعربات ومنشآت كهربائية ومواد ومستحضرات خطيرة‪ ،‬تتطلب من الهيئة المستخدمة اتخاذ‬
‫مجموعة من التدابير الوقائية واألمنية تتماشى وطبيعة النشاط الممارس والمخاطر الناجمة عنه‪.‬‬

‫ليس بوسعنا اإللمام بجميع التدابير الوقائية واألمنية المتعلقة باستعمال مختلف وسائل العمل‬
‫المستوحاة من طبيعة المخاطر الناجمة عنها وطبيعة النشاط الممارس‪.‬‬

‫غير أنه يمكن تقسيم التدابير األمنية إلى ثالثة أقسام أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪-1‬قواعد الوقاية من المخاطر الناجمة عن استعمال وسائل العمل‪.‬‬

‫‪-2‬قواعد الوقاية من المخاطر الناجمة عن استعمال المواد والمستحضرات الخطيرة‪.‬‬

‫‪-3‬قواعد ارتداء تجهيزات الحماية الفردية‪.‬‬

‫‪- 33‬م‪ 5.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪- 34‬م‪ 38.‬من من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫البند األول‪ :‬قواعد الوقاية من المخاطر الناجمة عن استعمال وسائل العمل‬
‫من الناحية العملية‪ ،‬مضمون األنظمة الداخلية للمؤسسات المستخدمة فيما يتعلق بالوقاية‬
‫الصحية واألمن جد متنوع ومفصل‪ ،‬حتى في غياب اإلحالة من النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول‬
‫بها‪.‬‬
‫في الحقيقة ال بد أن يتضمن النظام الداخلي بالتوازي مع طبيعة المخاطر الموجودة في أماكن‬
‫العمل‪ ،‬تعليمات تتعلق بتنقل األشخاص داخل أماكن العمل‪ ،‬أو نقل البضائع‪ ،‬وتشغيل شبكة الطاقة‬
‫الكهربائية‪ ،‬ومختلف اآلالت واستعمال المواد والمستحضرات الخطيرة‪ ،‬وارتداء تجهيزات الحماية الفردية‪،‬‬
‫(‪.35)...‬‬
‫‪-1‬تدابير استعمال األجهزة واآلالت والدواليب‪:‬‬
‫يتعين على الهيئة المستخدمة أن تضع أجهزة تشغيل شبكة الطاقة الكهربائية الخاصة باآلالت‬
‫في متناول مشغليها‪ ،‬كما يجب أن تركب أية آلة بكيفية تمكن مشغلها من فصلها عن مصدر الطاقة الذي‬
‫يسمح باالشتغال‪ ،‬كما ينبغي تزويد مستخدمي التأطير بوسائل تقنية تمكنهم من إيقاف المحركات بطريقة‬
‫مالئمة وعند الحاجة‪.36‬‬
‫تلتزم الهيئة المستخدمة بإعطاء التعليمات الضرورية والمناسبة حول كيفيات استعمال اآلالت‬
‫المستعملة في عمليات الصنع وفي جميع أشغال الصناعة أو الصيانة لوقاية العمال من اإلصابة بأجهزة‬
‫أو بأية آلة متحركة‪ ،‬كما يلتزم العمال أو الممتهنون المطلوب منهم االقتراب من اآلالت المتحركة ارتداء‬
‫ألبسة مضبوطة وغير فضفاضة‪ ،‬كما يمنع عليهم الوصول إلى أجهزة اآلالت الخطيرة والدواليب المتحركة‬
‫والمناطق الخطيرة في حالة االستعمال العادي لها‪ ،‬كما يمنع مراقبة أو إصالح آالت إنتاج من أشخاص‬
‫غير مؤهلين أو غير مرخص لهم‪.‬‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬يتعين على الهيئة المستخدمة إقامة حواجز واقية مثل الحواجز والشبابيك وحاميات‬
‫األجساد ومبعدات األيدي أو أي جهاز أخر فعال يالءم هذا الغرض‪.‬‬
‫مبدئيا يمنع على العمال استعمال وسائل عمل أجهزة حمايتها الفردية ال تستجيب لشروط‬
‫ومقتضيات األمن أو استعمال آالت نزعت منها أجهزة الحماية‪.37‬‬

‫‪35‬‬
‫‪-Yves Chalaron, op.cit, p.7 n°46.‬‬
‫‪- 36‬م‪ 39.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬
‫‪- 37‬م‪ 40.‬و‪ 41‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬قواعد الوقاية من مخاطر الشحن والتفريغ والمرور‪:‬‬
‫إذا كان نشاط المؤسسة المستخدمة يشمل عادة حركة شاحنات أو مركبات نقل أو أجهزة وآليات‬
‫للشحن والتفريغ‪ ،‬فيجب على الهيئة المستخدمة أن تتخذ التدابير األمنية الالزمة للوقاية من مخاطر‬
‫عمليات الشحن والتفريغ والمرور المبينة في التنظيم المعمول به‪.‬‬
‫كما يجب على العمال ارتداء األجهزة المالئمة لشحن السوائل وتفريغها وتحويلها من وعاء‬
‫إلى وعاء آخر‪ ،‬حتى يمكن القيام بأي تحرك يشمل عمليات الصب أو استخراج المنتجات‬
‫التي من شأنها أن تتسبب في حروق من أصل حراري أو كيميائي‪.38‬‬

‫‪ -3‬قواعد الوقاية من المستوى العلوي‪:‬‬

‫يتعين على الهيئة المستخدمة أن تتخذ التدابير األمنية الالزمة لوقاية العمال من مخاطر‬
‫المستوى العلوي المرتبطة بطبيعة النشاط الممارس والمبينة في التنظيم المعمول به‪ ،‬كتهيئتها لوسائل‬
‫الوصول إلى األماكن المرتفعة أو إلى الصهاريج واألحواض والخزانات والمطامير‪ ،‬وتزويد الساللم بحواجز‬
‫جانبية ومقابض يدوية‪ ،‬كما يمنع على العمال أن ينقلوا أشياء عبر الساللم وزنها أكثر من خمسين (‪)50‬‬
‫كلغ أو أشياء حجمها ضخم أو عائق‪.39)...(،‬‬
‫البند الثاني‪ :‬قواعد الوقاية من المخاطر الناجمة عن استعمال المواد والمستحضرات الخطيرة‬
‫بفعل تطور الصناعات الحديثة أصبح استعمال المواد والمستحضرات الخطيرة أكثر انتشا ار في‬
‫اقتصاديات الدول الحديثة كالصناعات البتروكيميائية أو الصناعات الصيدالنية أو الصناعات الغذائية‪،‬‬
‫التي يكون فيها العمال معرضين بشدة ألخطار مهنية خاصة كالتسمم أو التعفن أو الحرائق أو االنفجار‬
‫أو الغازات المحترقة أو اإلشعاعات الضارة أو استنشاق الغبار السام‪.40‬‬

‫‪- 38‬م‪ .‬من ‪ 26‬إلى ‪ 31‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن‬
‫العمل‪.‬‬
‫‪- 39‬م‪ 35.‬و‪ 36‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬
‫‪ - 40‬م‪ 2.‬ف‪ 1.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 08-05:‬المؤرخ في ‪ 08‬يناير ‪ 2005‬المتعلق بالقواعد الخاصة المطبقة على العناصر أو‬
‫المواد أو المستحضرات الخطرة في وسط العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في‪ 09‬يناير ‪ ،2005‬ع‪ ،04.‬ص‪" :17.‬العناصر أو المواد‬
‫أو المستحضرات الخطرة هي مواد كيميائية يمكن أن تشكل أو تفرز عند صنعها أو رفعها أو نقلها أو استخدامها غازات أو‬
‫أبخرة أو ضباب أو دخان أو غبار أو آلياف ذات خاصيات‪ ،‬السيما الذعة أو ضارة أو سامة أو قابلة لاللتهاب أو االنفجار‬
‫من شأنها إلحاق الضرر بصحة األشخاص أو البيئة في وسط العمل"‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫من المالحظ أن المشرع الجزائري صنف األشغال التي تتطلب تحضير المفاعالت الكيميائية‬
‫واستخدامها ومعالجتها وعرضها‪ ،‬ضمن األشغال التي يكون فيها العمال معرضين بشدة ألخطار مهنية‪.41‬‬
‫تبعا لألشغال التي تتطلب استعمال المواد والمستحضرات الخطيرة‪ ،‬وموازاة مع المخاطر الناجمة‬
‫عن استعمالها‪ ،‬يقتضي من الهيئة المستخدمة اتخاذ التدابير الوقائية الالزمة للتخفيف من آثار استعمالها‬
‫أو الحد منها‪ ،‬كالمراقبة الطبية الدورية للعمال أو المتمهنين‪ ،‬وتعويض منصب العمل بالنسبة للعامالت‬
‫الحوامل أو المرضعات‪ ،‬وإعالم العمال وتكوينهم حول األخطار‪ ،‬وضع أنظمة الحماية الجماعية ووسائل‬
‫الحماية الفردية‪ ،‬وضع جهاز للعالج االستعجالي للعمال المصابين‪.42)...(،‬‬
‫البند الثالث‪ :‬قواعد ارتداء تجهيزات الحماية الفردية‬
‫من المالحظ أن المشرع الجزائري ألزم الهيئة المستخدمة بتوفير لعمالها األلبسة الخاصة‬
‫والتجهيزات والمعدات الفردية ذات الفعالية المعترف بها في مجال الحماية‪ ،‬وذلك حسب طبيعة النشاط‬
‫واألخطار الناجمة عنه‪.43‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن إلزام العمال بارتداء أجهزة الحماية الفردية معينة‪ ،‬إنما يتحدد بالموازاة مع‬
‫طبيعة النشاط الممارس واألخطار المهنية الناجمة عنه‪.44‬‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬يتعين على الهيئة المستخدمة إلزام العمال المعنيين بارتداء تجهيزات الحماية‬
‫الفردية‪ ،‬شريطة أن تكون تلك التجهيزات مناسبة لطبيعة النشاط الممارس والمخاطر المهنية الناجمة عنه‪،‬‬
‫حيث يمنع على العمال استعمال التجهيزات التي ال تضمن حمايتهم من األخطار التي يمكن أن يتعرضوا‬
‫لها‪ ،‬بمناسبة استعمال مواد أو مستحضرات أو عتاد يتطلب استخدام مثل تلك التجهيزات‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫خلل لحقها‪.45‬‬

‫‪- 41‬ق‪.‬و‪.‬م‪ .‬مؤرخ في ‪ 09‬جوان ‪ 1997‬يحدد قائمة األشغال التي يكون العمال فيها معرضين بشدة ألخطار مهنية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬‬
‫مؤرخة في ‪ ،1997-11-12‬ع‪ ،75.‬ص‪.41.‬‬
‫‪- 42‬م‪ 12.‬من من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 08-05:‬المؤرخ في ‪ 08‬يناير ‪ 2005‬المتعلق بالقواعد الخاصة المطبقة على العناصر أو‬
‫المواد أو المستحضرات الخطرة في وسط العمل‪.‬‬
‫‪- 43‬م‪ 6.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪- 44‬أمثلة عن بعض تجهيزات الحماية الفردية المعمول بها لدى المؤسسات المستخدمة‪ :‬حزام أمان مضاد للسقوط‪ ،‬خوذة مع‬
‫كمة األمن‪ ،‬قبعة‪ ،‬سدادات مضادة للصوت‪ ،‬واقية األذن‪ ،‬نظارات الحماية‪ ،‬واقية الوجه‪ ،‬كمامة أو قناع مع مصفاة‪ ،‬قفاز‬
‫األمان‪ ،‬قناع إصبع‪ ،‬حذاء األمان‪ ،‬عازل مضاد لالنزالق‪.)...( ،‬‬
‫‪- 45‬م‪ 8.‬ف‪ 2.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫التساؤل المطروح‪ ،‬ما هي الحقوق المخولة للعمال في حالة الخطر الجسيم والوشيك في أماكن‬
‫العمل في قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل الجزائري؟‬
‫من المالحظ أن قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل الجزائري لم يعترف بحق العامل في‬
‫االنسحاب من منصب عمله في حالة خطر جسيم ووشيك يهدد صحته وحياته‪ ،‬مكتفيا بإلزام الهيئة‬
‫المستخدمة بضمان اإلجالء السريع للعمال في حالة خطر وشيك أو حادث‪.46‬‬
‫أمام الفراغ التشريعي في قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل الجزائري‪ ،‬بات من‬
‫الضروري االستئناس بما توصل إليه التشريع الفرنسي في هذا المجال‪ ،‬حيث اعترف صراحة بحق العمال‬
‫في االنسحاب من وضعية عمل تشكل خط ار على حياتهم وصحتهم‪ ،‬ولكنه وضع شروطا ثالثة لتطبيقه‪،‬‬
‫تتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬طبيعة الخطر الوشيك‪:‬‬
‫يستحيل على العامل تجنب الخطر الذي يدفعه إلى توقيف نشاطه ومغادرة فو ار أماكن العامل‬
‫حتى يكون في مأمن‪ ،‬وهنا إشارة إلى الخطر الوشيك المهدد لحياة وصحة العامل‪ ،‬الذي قد ينجر عنه‬
‫حادث عمل أو مرض مهني‪.‬‬
‫يرى البعض أن اإلمكانية الممنوحة للعامل أن ينسحب فو ار من منصب عمله عند الخطر‬
‫الوشيك‪ ،‬أنه بمثابة احتجاج استثنائي يتقرر قانونا عند مواجهة أي تهديد من خطر جاد وجد قريب‪ ،‬حيث‬
‫لم يكن بوسع العامل المعني استعمال طريق آخر لإلفالت من الخطر‪.47‬‬
‫‪ -2‬السبب المعقول‪:‬‬
‫من المالحظ أن القانون الفرنسي لم يتطلب أن يكون طابع وجسامة الخطر حقيقيا أو فعليا‪ ،‬بل‬
‫أسند للعامل حرية التقدير في حدود المعقول عند تهديد الخطر الوشيك والجسيم‪ ،‬وهو ما كرسه مجلس‬
‫الدولة الفرنسي بتاريخ ‪ 09‬أكتوبر ‪ ،1987‬معتب ار أي بند من النظام الداخلي للهيئة المستخدمة يربط‬
‫االنسحاب بوجود الخطر الفعلي‪ ،‬أنه مخالف للقانون‪.‬‬
‫‪-3‬ال ينبغي أن يشكل االنسحاب العامل من منصب عمله خط ار جديدا على صحة وحياة‬
‫العمال اآلخرين‪.‬‬

‫‪- 46‬م‪ 5.‬ف‪ 6.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪-Lamy Social, Droit du Travail et la Sécurité Sociale, éd.1995, p.638 n° 1467.‬‬

‫‪16‬‬
‫الشرط يوحي بوضوح إلى عدم تعسف العامل المعني في استعمال حق االنسحاب من أماكن‬
‫العمل وهو بصدد تقدير طبيعة وجسامة الخطر الداهم‪.‬‬

‫من المالحظ أن القانون الفرنسي لم يحدد زمان وال شكل اإلخطار الذي يلتزم العامل بتقديمه إلى‬
‫الهيئة المستخدمة قبل االنسحاب‪ ،‬غير أن مجلس الدولة الفرنسي اعتبر إلزام العامل بتقديم تصريح كتابي‬
‫مسبق عند استعماله لحق االنسحاب‪ ،‬إجراء تعسفي‪ ،‬غير مالئم مع حق المقرر قانونا‪.‬‬

‫بينما تحفظ بعض الفقه على موقف مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬بدعوى أن اإلخطار الكتابي قبل‬
‫االنسحاب يسمح للعامل بتكوين األدلة إلثبات الظروف التي دفعته إلى اإلخطار‪.48‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد الوقاية من الحرائق واالنفجارات وطرق مكافحتها‬


‫يقع على عاتق الهيئة المستخدمة تصميم وتهيئة وصيانة المؤسسات والمحالت المخصصة‬
‫للعمل وملحقاتها وتوابعها بصفة تضمن أمن العمال‪ ،‬كأماكن الراحة وغرف تغيير المالبس والمطاعم‬
‫ودورات المياه‪ ،‬بل يجب أن تستجيب خصوصا لمقتضيات ضمان الشروط الضرورية الكفيلة باتقاء كل‬
‫أسباب الحرائق واإلنفجارات‪ ،‬وكذا مكافحة الحرائق بصفة سريعة وناجعة‪.‬‬
‫‪-1‬التدابير الخاصة بالوقاية من أخطار الحريق واالنفجار‪:‬‬
‫يتعين على الهيئة المستخدمة اتخاذ التدابير الضرورية للوقاية من أخطار الحريق واالنفجار‬
‫الذي قد تتعرض له بيئة العمل‪ ،‬كأن يمنع على العمال إدخال أي موقد أو لهب أو أي جهاز إلى األماكن‬
‫التي تودع أو تعالج فيها مواد سريعة االلتهاب أو االنفجار‪ ،‬يمكن أن تؤدي إلى التوهج‪ ،‬كما يمنع على‬
‫العمال التدخين في هذه األماكن أو اإلتيان بالنار إليها تحت أي شكل من األشكال‪ ،‬بل يجب أن يكون‬
‫هذا المنع أيضا موضوع إعالم واسع ومالئم ولو عن طريق إشارات منع التدخين‪.‬‬
‫على الهيئة المستخدمة اتخاذ االحتياطات األمنية الوقائية عند استعمال أو معالجة مختلف‬
‫أصناف المواد السريعة االلتهاب المبينة في التنظيم المعمول به‪.49‬‬
‫‪ -2‬التدابير الخاصة بمكافحة انتشار الحرائق واإلنفجارات‪:‬‬
‫البد أن تتوزع منافذ محالت العمل ومخارجها توزيعا يضمن اإلجالء السريع للعمال في حالة‬
‫نشوب حريق‪ ،‬كما ينبغي تهيئة محالت العمل بصفة تضمن توافر الشروط الكفيلة بمكافحة الحرائق بصفة‬

‫‪48‬‬
‫‪-jean Savatier, Droit du Travail, éd. 1987, p.645.‬‬
‫‪- 49‬م‪ 47.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫سريعة وناجعة في أماكن العمل‪ ،‬كتزويد أماكن العمل الواقعة في الطوابق العلوية والطوابق الباطنية بأدراج‬
‫سلمية‪ ،‬وال يغني بأي حال من األحوال وجود مصاعد ميكانيكية بمحالت العمل عن وجود أدراج سلمية‪.50‬‬
‫يتعين على الهيئة المستخدمة أن توفر بأماكن العمل على أغطية واقية من الحريق سهلة التناول‬
‫وموضوعة تحت تصرف العمال في المحال والمشاغل والمخابر التي تستعمل فيها سوائل مصنفة في‬
‫المجموعة األولى من المواد السريعة االلتهاب‪ ،‬وكذا توفير وسائل نجدة إطفائية تتالئم وأخطار الحريق في‬
‫المؤسسات التي تتداول أو تستعمل أو تودع كميات هامة من المواد السريعة االلتهاب‪ ،‬كما يجب أن‬
‫تستعمل هذه الوسائل من طرف فرق مدربة على استعمالها‪.51‬‬
‫‪-3‬الفحوص الدورية وتدابير الصيانة‪:‬‬
‫يجب أن تكون التجهيزات واآلالت واآلليات واألجهزة وكل وسائل العمل‪ ،‬موضوع رقابة دورية‬
‫وصيانة من شأنها الحفاظ على حسن سيرها‪ ،‬وفعالية وسائل األمن في وسط العمل‪.‬‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬يتعين على الهيئة المستخدمة وضع جدول زمني خاص بالزيارات والفحوص‬
‫وعمليات الصيانة الدورية لها‪ ،‬كوسائل الحماية الفردية والجماعية‪ ،‬ومنشآت مكافحة الحرائق‪ ،‬ومركبات‬
‫النقل والسيما المخصصة منها لنقل المستخدمين‪ ،‬وأجهزة الرفع وتجهيزات الشحن والتفريغ وآلياتها‪،‬‬
‫والمنشآت الكهربائية والمصادر اإلشعاعية واألجهزة التي تنبعث منها إشعاعات أيونية‪.‬‬
‫للقيام بهذا الغرض‪ ،‬يتعين على الهيئة المستخدمة االستعانة بمستخدمين مؤهلين‪ ،‬أو اللجوء إلى‬
‫خبرات الهيئات الرقابة التقنية‪ ،‬حسب الشروط التي يحددها التنظيم المعمول به‪.52‬‬

‫‪- 50‬م‪ .‬من ‪ 54‬إلى ‪ 56‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن‬
‫العمل‪.‬‬
‫‪- 51‬م‪ 57.‬و‪ 58‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن العمل‪.‬‬
‫‪- 52‬م‪ .‬من ‪ 63‬إلى ‪ 65‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 05-91 :‬المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على الصحة واألمن في أماكن‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تنظيم ورقابة تطبيق قواعد الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‬

‫وعد قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل بتنظيم األجهزة المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية‬
‫الصحية واألمن في وسط العمل منذ صدوره عام ‪ ،1988‬غير أنه لم تصدر المراسيم التنفيذية المتعلقة‬
‫بتنظيم الوقاية إال في مطلع عام ‪.532005‬‬

‫بغرض ضمان شروط وقاية العمال من األخطار المهنية في وسط العمل‪ ،‬والتأكد من تطبيق‬
‫األحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها في مجال الوقاية الصحية واألمن‪ ،‬قرر المشرع الجزائري‬
‫تنصيب أجهزة الوقاية على مستوى المؤسسات المستخدمة حتى تطلع بمسؤولياتها المهنية المبينة في‬
‫التنظيم المعمول به‪.‬‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬نتناول في هذا المبحث كيفيات تنظيم أجهزة الوقاية الداخلية والخارجية‪ ،‬وآليات‬
‫عملها‪ ،‬وطبيعة دورها‪ ،‬ومدى فاعليتها في تكريس شروط الوقاية من األخطار المهنية في وسط العمل‪.‬‬

‫توضيحا لما سبق‪ ،‬قسم المبحث إلى المطلبين التاليين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األجهزة الداخلية المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية الصحية واألمن‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األجهزة الخارجية المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية الصحية واألمن‬

‫المطلب األول‪ :‬األجهزة الداخلية المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية الصحية‬
‫واألمن‬

‫من المفيد أن نشير إلى أن هناك معايير قانونية تملي على الهيئة المستخدمة طبيعة اختيارها‬
‫ألحد األجهزة الداخلية المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‪ ،‬منها طبيعة‬
‫نشاط الهيئة المستخدمة‪ ،‬أهميتها االقتصادية‪ ،‬طاقتها االستيعابية لليد العاملة‪ ،‬وطبيعة عالقات عملها‪،‬‬
‫وهو ما سنوضحه في الفروع التالية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مصلحة الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‬

‫بغرض الحفاظ على صحة وأمن العمال من المخاطر المهنية المحتملة‪ ،‬يلتزم المستخدم بإنشاء‬
‫مصلحة الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل متى بلغ النصاب القانوني المطلوب قانونا‪.‬‬

‫‪ - 53‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ 09‬يناير ‪ ،2005‬ع‪ ،04.‬ص‪ 17.‬وما يليها‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫من المفيد أن نشير إلى أن أهمية المؤسسة المستخدمة أو طبيعة نشاطاتها تحددان مدى‬
‫الحاجة إلى تأسيس مصلحة الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‪ ،‬تحت مسؤولية ورقابة مستخدمين‬
‫تلقوا تكوينا مناسبا في مجال الوقاية الصحية واألمن‪.54‬‬

‫المؤسسة المستخدمة التي تمارس نشاطا ذات طابع صناعي‪ ،‬كمؤسسات البناء‪ ،‬ومؤسسات‬
‫األشغال العمومية‪ ،‬ومؤسسات الري‪ ،‬ومؤسسات البيتروكيماويات‪ ،‬ومؤسسات األدوية الصيدالنية(‪،)...‬‬
‫وعندما يفوق عدد عمالها خمسين (‪ )50‬عامال‪ ،‬حيث توضع تحت رقابة ومسؤولية مستخدمين تلقوا تكوينا‬
‫مناسبا في مجال الوقاية الصحية واألمن‪ ،‬على أن تتبع المستخدم أو من يمثله‪.55‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لجان المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن‪:‬‬

‫تؤسس وجوبا لجان متساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن على مستوى كل مؤسسة‬
‫مستخدمة تشغل أكثر من تسعة (‪ )09‬عمال ذوي عالقة عمل غير محددة‪ ،‬على أن يتلقى أعضاء لجان‬
‫الوقاية الصحية واألمن تكوينا تطبيقيا مناسبا‪.56‬‬

‫سميت لجنة متساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن في صلب النص التطبيقي "لجنة‬
‫المؤسسة"‪ ،‬بينما في حالة تعدد الوحدات التابعة للمؤسسة المستخدمة سميت في صلب النص التطبيقي‬
‫"لجنة الوحدة"‪.57‬‬

‫‪-1‬تشكيلة لجان المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن‪:‬‬

‫يعين ممثلو العمال من طرف المنظمة النقابية األكثر تمثيال‪ ،‬وتعين الهيئة المستخدمة ممثليها‬
‫في اللجنة‪ ،58‬على أن يترأس اللجنة المستخدم أو من يمثله‪ ،‬ويعين هذا األخير عامال مؤهال أو ذو خبرة‬
‫في مجال الوقاية الصحية واألمن ليقوم بأعمال أمانة اللجنة‪.‬‬

‫‪- 54‬م‪ 26.‬ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المؤرخ في ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪ - 55‬م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 11-05:‬المؤرخ في ‪ 08‬يناير ‪ 2005‬يحدد شروط إنشاء مصلحة الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‬
‫وتنظيمها وسيرها وكذا صالحياتها‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ 09‬يناير ‪ ،2005‬ع‪ ،04.‬ص‪،26.‬‬
‫م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 12-05:‬المؤرخ في ‪ 08‬يناير ‪2005‬المتعلق بالتدابير الخاصة بالوقاية الصحية واألمن المطبقة في قطاعات‬
‫البناء واألشغال العمومية والري‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ 09‬يناير ‪،2005‬ع‪ ،04.‬ص‪.29.‬‬
‫‪ - 56‬م‪ 23.‬ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المؤرخ في ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪ - 57‬م‪ 2 .‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬المؤرخ في ‪ 08‬يناير ‪ 2005‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية‬
‫واألمن‪ ،‬ج‪.‬ر مؤرخة في ‪ 09‬يناير ‪ ،2005‬ع‪ ،04.‬ص‪.20.‬‬
‫‪58‬‬
‫‪- Selon certains auteurs, considère que La «structure syndicale la plus représentative » constitue un concept‬‬
‫‪nouveau car la loi sur l’exercice syndicale parle d’organisation syndicale représentative.il s’agit d’après eux‬‬
‫‪qu’une maladresse de rédaction du législateur, Leila Borsali Hamdan, op.cit., p.406 n° 798.‬‬

‫‪20‬‬
‫تحدد عهدة أعضاء لجنة الوقاية الصحية واألمن بثالث (‪ )03‬سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة‪،‬‬
‫ويستخلف أعضاؤها بنفس أشكال تعيينها‪.59‬‬

‫‪-2‬دور لجان المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن‪:‬‬

‫تجتمع لجان المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن مرة واحدة في الشهر على مستوى‬
‫الوحدة‪ ،‬ومرة واحدة كل ثالثة (‪ )03‬أشهر على مستوى المؤسسة‪ ،‬بأحد المحالت المهنية المتواجدة في‬
‫أماكن العمل‪ ،‬بناء على استدعاء من رئيسها‪ ،‬عقب حادث عمل جسيم‪ ،‬أو عطل تقني قاهر‪ ،‬أو بناء‬
‫على طلب من أعضائها الممثلين للعمال‪ ،‬أو بناء على طلب طبيب العمل المختص‪.‬‬

‫تتوج اجتماعات لجنة المؤسسة أو لجنة الوحدة بتدوين محاضر وتقارير تقيد وترفق بسجل‬
‫الوقاية الصحية واألمن وطب العمل وكذا سجل حوادث العمل واألمراض المهنية الموضوعة تحت تصرف‬
‫مفتش العمل المختص إقليميا‪.60‬‬

‫‪ -3‬صالحيات اللجنة المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن‪:‬‬

‫تمارس اللجنة المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن سواء على مستوى المؤسسة‬
‫المستخدمة أو على مستوى الوحدة التابعة لها‪ ،‬صالحيات الرقابة ومتابعة التنفيذ والمشاركة في أعمال‬
‫الوقاية والتنسيق‪.‬‬

‫تسهر اللجنة المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن على مستوى الوحدة على ضمان‬
‫التطبيق الصارم لألحكام التشريعية والتنظيمية في مجال الوقاية الصحية واألمن‪ ،‬والسيما السهر على‬
‫احترام التعليمات التنظيمية في مجال الرقابة الدورية والتأكد من صالحية اآلالت والمنشآت واألجهزة‬
‫األخرى‪ .‬لهذا الغرض‪ ،‬تتولى القيام بالتفتيش أماكن العمل‪ ،‬لتأمين وجود شروط حسنة للوقاية الصحية‬
‫والنظافة‪ ،‬والعناية الجيدة‪ ،‬واالستعمال الجيد ألدوات الحماية‪.61‬‬

‫من المالحظ أن القانون لم يحدد عدد التفتيشات السنوية التي يتعين على لجنة الوحدة القيام‬
‫بها‪.62‬‬

‫‪- 59‬م‪ 9.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬
‫‪ - 60‬م‪ 17.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬

‫‪- 61‬م‪ 3.‬و‪ 4‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 2005 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪- Leila Borsali Hamdan, op.cit., p.409 n° 813..‬‬

‫‪21‬‬
‫ألغراض وقائية‪ ،‬لجنة الوحدة تجري تحقيقات حول أسباب حادث العمل أو المرض المهني‬
‫الخطير‪ ،‬نتائج التحقيقات تدون وترسل من طرف الهيئة المستخدمة إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا‬
‫في أجل ال يتجاوز ثمانية وأربعين (‪ )48‬ساعة‪ ،‬كما تعد لجنة الوحدة تقري ار سنويا عن نشاطاتها مزودا‬
‫باإلحصائيات عن حوادث العمل واألمراض المهنية‪ ،‬على أن ترسل نسخة منه إلى مسؤول الهيئة‬
‫المستخدمة‪ ،‬وإلى لجنة المؤسسة المستخدمة‪ ،‬وكذا إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا‪.63‬‬

‫من مهام لجنة الوحدة المشاركة في أعمال الوقاية من المخاطر المهنية من خالل إعالم العمال‬
‫المعنيين بمختلف المخاطر المهنية المعرضين لها‪ ،‬ومختلف أدوات الحماية الموضوعة تحت تصرفهم‪،‬‬
‫كما تشارك لجنة الوحدة في أعمال التكوين وتحسين مستوى المستخدمين المعنيين بالوقاية من المخاطر‬
‫المهنية‪.‬‬

‫تساهم لجنة الوحدة بهذه الصفة في إعداد برنامج التكوين وتحسين مستوى الفرق المكلفة بتسيير‬
‫مصالح الحريق واإلسعاف‪ ،‬كما لها أن تقترح التحسينات التي تراها ضرورية من أجل ترقية الوقاية من‬
‫المخاطر المهنية‪ ،‬والسيما حول مناهج وطرق تنفيذ العمل األكثر آمان‪ ،‬ومدى مالئمة وسائل العمل‬
‫المستعملة مع تدابير الوقاية المتخذة‪.64‬‬

‫بينما لجنة المؤسسة تتولى وظيفة التنسيق والتوجيه لنشاطات لجان الوحدات‪ ،‬وتنظم الملتقيات‬
‫واللقاءات والتربصات الميدانية لفائدة أعضائها‪ ،‬وتعمل على جمع ما أمكن من التوثيق والمعلومات‬
‫الضرورية لتنمية وتدعيم الوقاية الصحية واألمن وطب العمل على مستوى الوحدات‪.65‬‬

‫تتولى لجنة المؤسسة إعداد تقرير سنوي عن نشاطاتها على مستوى المؤسسة المستخدمة‪ ،‬مرفقا‬
‫بإحصائيات حول حوادث العمل واألمراض المهنية‪ ،‬ويرسل نسخة منه إلى مسؤول الهيئة المستخدمة‪،‬‬
‫ونسخة أخرى إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا‪.66‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المندوب الدائم المكلف بالوقاية الصحية واألمن‬

‫يتعين على المؤسسة المستخدمة التي تشغل أكثر من تسعة (‪ )09‬عمال ذوي عالقة عمل‬
‫محددة‪ ،‬أن تعين مندوبا دائما يكلف بالوقاية الصحية واألمن‪ ،‬بمساعدة عاملين األكثر تأهيال في هذا‬
‫الميدان‪ ،‬على أن يتلقى تكوينا تطبيقيا مناسبا‪.‬‬

‫‪- 63‬م‪ 6.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬
‫‪- 64‬م‪ 3.‬و‪ 7‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬
‫‪- 65‬م‪ 8.‬ف‪ 5.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬
‫‪- 66‬م‪ 8.‬ف‪ 7.‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫في اعتقادنا معيار التفرقة المعتمد بين اللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية‬
‫واألمن‪ ،‬على أساس طبيعة عالقة العمل المبرمة بين الهيئة المستخدمة وعمالها‪ ،‬فالطابع المحدد لعالقة‬
‫العمل أو الغير محدد‪ ،‬لم يعد أساسا ذي أهمية خاصة في اقتصاد السوق‪ ،‬الذي عرفت فيه عالقات العمل‬
‫محددة المدة انتشا ار واسعا مقارنة مع غيرها‪.‬‬

‫ويبقى حجم نشاط المؤسسة المستخدمة وطبيعته وعدد مستخدميها هو المعيار الفاصل في‬
‫نظرنا‪ ،‬تتولد عنه حاجة الهيئة المستخدمة إلى اعتماد لجنة متساوية األعضاء أو مندوبي الوقاية الصحية‬
‫واألمن‪.‬‬

‫على خالف اللجان المتساوية األعضاء للوقاية الصحية واألمن‪ ،‬عالقة العمل التي تربط‬
‫المؤسسة المستخدمة بعمالها محددة المدة‪ ،‬والمهمة الدائمة للمندوب المكلف بالوقاية الصحية واألمن‪،‬‬
‫ويساعدانه عامالن األكثر تأهيال في مجال الوقاية الصحية واألمن‪.67‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬أجهزة المشاركة‬

‫إضافة إلى األجهزة المذكورة سابقا تتواجد على مستوى المؤسسة المستخدمة أو الوحدات التابعة‬
‫لها أحد أجهزة المشاركة‪ ،‬تتمثل في مندوبي المستخدمين على مستوى كل مكان عمل متميز يحتوي على‬
‫عشرين (‪ )20‬عامال على األقل‪ ،‬أو لجنة المشاركة تضم مندوبي المستخدمين على مستوى مقر الهيئة‬
‫المستخدمة منتخبين طبقا للمادة ‪ 93‬من قانون عالقات العمل‪.‬‬

‫من بين صالحيات أجهزة المشاركة المخولة لها قانونا مراقبة تنفيذ األحكام المطبقة في ميدان‬
‫الوقاية الصحية واألمن واألحكام المتعلقة بالضمان االجتماعي‪ ،‬وكذا القيام بكل عمل لدى المستخدم في‬
‫حالة عدم احترام األحكام التشريعية والتنظيمية الخاصة بحفظ الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬وإبداء‬
‫الرأي قبل تنفيذ المستخدم للنظام الداخلي للهيئة المستخدمة‪ ،‬هذا األخير يتضمن تدابير تطبيق قواعد‬
‫الوقاية الصحية واألمن في وسط العمل‪.68‬‬

‫حبذا لو أسند المشرع الجزائري هذا الرأي األخير ألجهزة الوقاية الصحية واألمن في أماكن‬
‫العمل نظ ار الختصاصها وخبرتها في مجال الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬بدال من أجهزة المشاركة‬
‫التي تبدي برأيها حول المسائل األخرى كالتنظيم التقني للعمل وقواعد االنضباط والمجال التأديبي‪.‬‬

‫‪- 67‬م‪ .‬من ‪ 22‬إلى ‪ 25‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 09-05:‬يتعلق باللجان المتساوية األعضاء ومندوبي الوقاية الصحية واألمن‪.‬‬
‫‪- 68‬م‪ 94.‬ف‪ 2.‬و‪ 3‬و‪ 4‬من ق‪ .‬رقم‪ 11-90:‬المتعلق بعالقات العمل‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األجهزة الخارجية المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية الصحية‬
‫واألمن‬

‫من المالحظ أن عمل األجهزة الخارجية المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية الصحية واألمن هو‬
‫امتداد وتنسيق لعمل األجهزة الداخلية المكلفة برقابة تنفيذ قواعد الوقاية الصحية واألمن‪ ،‬وهو ما سنوضحه‬
‫في الفروع التالية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المجلس الوطني للوقاية الصحية واألمن وطب العمل‬

‫استحدث قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل مجلسا وطنيا للوقاية الصحية واألمن‬
‫وطب العمل‪ ،‬ثالثي التشكيلية‪ ،‬تضم ممثلي الدولة ممثلة في الوزير المكلف بالعمل أو من يمثله‪ ،‬وممثلي‬
‫العمال بناء على اقتراح التنظيمات النقابية للعمال األكثر تمثيال على المستوى الوطني‪ ،‬وممثلي‬
‫المستخدمين بناء على اقتراح تنظيمات المستخدمين األكثر تمثيال على المستوى الوطني حسب نسبة‬
‫تمثيلهم‪.69‬‬

‫يشارك هذا المجلس في تحديد السياسة الوطنية للوقاية من األخطار المهنية‪ ،‬من خالل‬
‫المشاركة في تقديم التوصيات واآلراء حول إعداد برامج سنوية ومتعددة السنوات في مجال الوقاية من‬
‫األخطار المهنية وتنسيق البرامج المطبقة‪ ،‬والمساهمة في تحديد الطرق والوسائل الضرورية لتحسين‬
‫ظروف العمل‪ ،‬وكذا دراسة الحوصالت الدورية للبرامج المنجزة مع إبداء اآلراء حول النتائج المحصل‬
‫عليها‪ ،‬تدون في محاضر ترسل إلى الوزير المكلف بالعمل‪.70‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصندوق الوطني للتأمينات االجتماعية‬

‫تكلف هيئة الضمان االجتماعي بالتنسيق مع الهيئات األخرى المختصة في مجال الوقاية‪،‬‬
‫بالعمل على النهوض بسياسة للوقاية من حوادث العمل واألمراض المهنية في وسط العمل‪ ،‬لهذا الغرض‬
‫تتولى هيئة الضمان االجتماعي تسيير صندوق مخصص لضمان تمويل أعمال الوقاية من حوادث العمل‬
‫واألمراض المهنية‪.71‬‬

‫‪- 69‬م‪ 1.‬و‪ 2‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 209-96:‬المؤرخ في ‪ 05‬جوان ‪ 1996‬يحدد تشكيل المجلس الوطني للوقاية الصحية واألمن‬
‫وطب العمل وتنظيمه وسيره‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في ‪ ،1996‬ع‪.35.‬‬
‫‪ - 70‬م‪ 27.‬ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المؤرخ في ‪ 26‬يناير ‪ 1988‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪- 71‬م‪ 73.‬و‪ 74‬من ق‪ .‬رقم‪ 13-83:‬المؤرخ في ‪ 02‬يوليو ‪ 1983‬المتعلق بحوادث العمل واألمراض المهنية‪ ،‬معدل ومتمم‬
‫باألمر رقم‪ 19-96 :‬المؤرخ في ‪ 06‬يوليو ‪.1996‬‬

‫‪24‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬لجان مابين المؤسسات للوقاية الصحية واألمن‬

‫تطبيقا لنص المادة ‪ 24‬من قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬تؤسس وجوبا لجان ما‬
‫بين المؤسسات للوقاية الصحية واألمن‪ ،‬في حالة ممارسة عدة مؤسسات تابعة لنفس الفرع المهني أو لعدة‬
‫فروع مهنية أنشطتها في نفس أماكن العمل لمدة محددة‪ ،‬وتشغل عماال ذوي عالقة عمل محددة‪.72‬‬

‫يتحدد إطار عمل هذه اللجان على مستوى مؤسسات األشغال العمومية أو أشغال الري أو‬
‫أشغال البناء‪ ،‬أو بعض المؤسسات الخدمية كمؤسسات النقل العمومي‪ ،‬أو مؤسسات تسيير الموانئ أو‬
‫تسيير المطارات(‪.)...‬‬

‫كما تتحدد أهمية تلك المؤسسات بالنظر إلى مخطط األعباء‪ ،‬ومدى توافرها على المستخدمين‬
‫المؤهلين في مجال الوقاية الصحية واألمن‪ ،‬وكذا اإلعتمادات المالية والمادية المسخرة لهذا الغرض‪ ،‬ومدة‬
‫تواجد هذه المؤسسات بأماكن العمل المعنية‪.73‬‬

‫تشكيلة هذه اللجنة متساوية األعضاء‪ ،‬ممثلة مناصفة بين ممثل واحد عن العمال وممثل واحد‬
‫عن الهيئة المستخدمة‪ ،‬معينين عن كل هيئة مستخدمة معنية‪ ،‬ويترأسها ممثل معين من بين المؤسسات‬
‫المستخدمة األكثر أهمية‪.‬‬

‫تتولى هذه اللجنة مهام التنسيق في التدابير المتخذة في مجال الوقاية الصحية واألمن وتسيير‬
‫المنشآت المشتركة‪ ،‬تدون مداوالتها في محضر من طرف الرئيس‪ ،‬ويرسل هذا األخير إلى أعضاء اللجنة‬
‫وإلى هيئة التنفيذ والمتابعة المتكونة مناصفة من ممثلين من العمال وممثلين من المستخدمين األعضاء‬
‫في اللجنة ما بين المؤسسات للوقاية الصحية واألمن‪ ،‬وتمارس مهامها تحت رقابة ومسؤولية رئيس اللجنة‪.‬‬

‫يتمتع أعضاء هيئة التنفيذ والمتابعة بتأهيل خاص في مجال الوقاية الصحية واألمن‪ ،‬تعتمد‬
‫نظامها الداخلي المحدد لكيفيات سيرها وتنظيمها وكذا الحصة المالية لكل مؤسسة معنية عضو في‬
‫اللجنة‪ ،‬ويعرض مباشرة على الجهاز المكلف بالوقاية من المخاطر المهنية من أجل إبداء الرأي فيه قبل‬
‫تطبيقه‪ ،‬كما يعرض على مفتشية العمل المختصة إقليميا للمصادقة عليه‪ ،‬ثم يرسل مباشرة إلى أعضاء‬
‫اللجنة‪.74‬‬

‫‪- 72‬م‪ 2.‬م‪.‬ت‪ .‬رقم ‪ 10-05:‬المؤرخ في ‪ 08‬يناير ‪ 2005‬يحدد صالحيات لجنة ما بين المؤسسات للوقاية الصحية واألمن‬
‫وتشكيلها وتنظيمها وسيرها‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬مؤرخة في‪ 09‬يناير ‪ ،2005‬ع‪ ،04.‬ص‪.23.‬‬

‫‪ - 73‬م‪ 7.‬م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 10-05:‬المتعلق بتسيير وتنظيم وتشكيل لجان ما بين المؤسسات للوقاية الصحية واألمن‪.‬‬
‫‪- 74‬م‪ 3 .‬و‪ 10‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 10-05:‬المتعلق بتسيير وتنظيم وتشكيل لجان ما بين المؤسسات للوقاية الصحية واألمن‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬مصلحة طب العمل‬

‫يعد طب العمل التزاما يقع على عاتق المؤسسة المستخدمة‪ ،‬ويمارس في أماكن العمل نفسها‪،‬‬
‫كما تتحمل المؤسسة المستخدمة العبئ المالي المترتب عنه‪.‬‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬تنشأ المؤسسة المستخدمة وجوبا مصلحة طب العمل وفقا للضوابط المحددة في‬
‫المادتين ‪ 2‬و‪ 3‬من المرسوم التنفيذي رقم‪ 120-93:‬المتعلق بطب العمل‪ ،‬وإما المساهمة في إنشاء‬
‫مصلحة طب العمل ما بين الهيئات على أساس إقليمي‪ ،‬وإما إبرام اتفاق مع القطاع الصحي‪ ،‬وذلك حسب‬
‫اتفاق نموذجي‪.75‬‬

‫يستفيد العامل وجوبا من الفحوص الطبية الخاصة بالتشغيل‪ ،‬وكذا الفحوص الدورية‪ ،‬والفحوص‬
‫الخاصة‪ ،‬والفحوص المتعلقة باستئناف العمل‪ ،‬كما يكون المتمهنون موضوع عناية طبية خاصة‪ ،‬كما‬
‫يمكن االستفادة من فحوص طبية تلقائية بناء على طلب العامل نفسه‪.‬‬

‫تشتمل الفحوص الطبية للتشغيل أو عند تغيير منصب العمل على فحص سريري كامل‬
‫وفحوص شبه سريرية مالئمة‪ ،‬تهدف أساسا إلى البحث عن سالمة العامل من أي داء خطير على باقي‬
‫العمال‪ ،‬والتأكد من جاهزية العامل صحيا لمنصب العمل المرشح إليه‪ ،‬وعند االقتضاء اقتراح التعديالت‬
‫التي يمكن إدخالها على منصب العمل المرشح لشغله‪.76‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الرقابة اإلدارية على تطبيق قواعد الوقاية الصحية واألمن وطب‬
‫العمل‬

‫تعهد رقابة تطبيق التشريع الساري المفعول في مجال الوقاية الصحية واألمن وطب العمل إلى‬
‫مفتشية العمل‪ ،‬طبقا للصالحيات المخولة لها قانونا‪.77‬‬

‫فضال عن الرقابة التقنية واإلدارية المنوطة بالمصالح الصحية‪ ،‬تمارس رقابة تطبيق النصوص‬
‫التشريعية في مجال طب العمل من قبل مفتشية العمل والمصالح الصحية المختصة التي تعين لهذا‬
‫الغرض‪ ،‬أطباء مكلفون بمهنة الرقابة والتفتيش‪.78‬‬

‫‪- 75‬م‪ 2 .‬و‪ 3‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 120-93:‬المؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪1993‬المتعلق بتنظيم طب العمل‪.‬‬
‫‪- 76‬م‪ 13.‬و‪ 14‬من م‪.‬ت‪ .‬رقم‪ 120-93:‬المتعلق بتنظيم طب العمل‪.‬‬
‫‪- 77‬م‪ 31.‬ف‪ 1.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪- 78‬م‪ 33.‬ف‪ 1.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الفرع األول‪ :‬رقابة مفتشية العمل المختصة إقليميا‬

‫تختص مفتشية العمل بمراقبة تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بعالقات العمل‬
‫الفردية والجماعية وظروف العمل والوقاية الصحية وأمن العمال‪.79‬‬

‫‪-1‬زيارة أماكن العمل‪:‬‬

‫يتمتع مفتش العمل بسلطة القيام بالزيارات إلى أماكن العمل‪ ،‬التابعة لمهامهم ومجال‬
‫اختصاصهم‪ ،‬قصد مراقبة تطبيق األحكام القانونية والتنظيمية السارية المفعول‪.‬‬

‫‪ -2‬إجراء التحقيقات‪:‬‬

‫ويمكن لمفتش العمل بهذه الصفة‪ ،‬أن يقوم بأي فحص أو مراقبة أو تحقيق يرونه ضروريا‬
‫للتحقيق من احترام األحكام القانونية والتنظيمية فعال‪ ،‬والسيما االستماع إلى أي شخص‪ ،‬وأخذ عينة من‬
‫أي مادة مستعملة‪ ،‬وطلب اإلطالع على أي دفتر أو سجل أو وثيقة منصوص عليها قانونا‪ ،‬وأخي ار‬
‫التماس عند الحاجة رأي أي شخص مختص في مجال تشريع العمل‪.80‬‬

‫‪ -3‬تحرير محضر إعذار‪:‬‬

‫إذا عاين مفتش العمل خالل زيارته العادية ألماكن العمل تقصي ار أو خرقا لألحكام التشريعية‬
‫والتنظيمية المتعلقة بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬يوجه إلى المستخدم إعذا ار بامتثال التعليمات‪،‬‬
‫ويحدد هذا األخير أجال للمستخدم ليضع حدا لهذا التقصير أو الخرق‪.81‬‬

‫‪ -4‬تحرير محضر مخالفة‪:‬‬

‫إذا عاين مفتش العل‪ ،‬خالل زيارته العادية‪ ،‬خط ار جسيما على صحة العمال وأمنهم يوشك أن‬
‫يقع‪ ،‬يخطر الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي المختصين إقليميا‪ ،‬اللذان يتخذان‪ ،‬كل فيما يخصه‪،‬‬
‫جميع التدابير الضرورية بعد إعالم المستخدم‪.‬‬

‫‪- 79‬م‪ 2.‬ف‪ 1.‬من ق‪.‬رقم‪ 03-90:‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 1990‬المتعلق بمفتشية العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬مؤرخة في ‪ 07‬فبراير‬
‫‪ ،1990‬ع‪ ،06.‬ص‪.237.‬‬
‫‪- 80‬م‪ 5.‬و‪ 6‬من ق‪.‬رقم‪ 03-90:‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 1990‬المتعلق بمفتشية العمل‪.‬‬
‫‪- 81‬م‪ 9.‬من ق‪.‬رقم‪ 03-90:‬المتعلق بمفتشية العمل‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫بينما في حالة تعرض العمال ألخطار جسيمة‪ ،‬سببتها مواقع العمل أو أساليبه العديمة النظافة‬
‫أو الخطيرة‪ ،‬يحرر مفتش العمل فو ار محضر المخالفة‪ ،‬ويعذر المستخدم باتخاذ تدابير الوقاية المالئمة‬
‫لألخطار المطلوب اتقاؤها‪.‬‬

‫إذا لم يمتثل المستخدم لإلعذار خالل أجل ال يمكن أن يتجاوز ثمانية (‪ )08‬أيام‪ ،‬يحرر مفتش‬
‫العمل محضر مخالفة‪ ،‬ويخطر الجهة القضائية المختصة التي تفصل في أول جلسة بحكم مشمول بالنفاذ‬
‫المعجل‪ ،‬بغض النظر عن طرق الطعن‪.82‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة التقنية واإلدارية للمصالح الصحية لنشاط طب العمل‬

‫إضافة إلى سهر مفتش العمل على احترام الهيئات المستخدمة لواجباتها في ميدان طب العمل‪،‬‬
‫يتولى أطباء مكلفون بمهام الرقابة والتفتيش المتعلقة بتنظيم هياكل طب العمل وتوجيه نشاطها وتنسيقه‬
‫وتقييمه‪.‬‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬يتمتع الطبيب المكلف بوظيفة الرقابة والتفتيش بحرية زيارة المؤسسات والوحدات‬
‫التابعة لها‪ ،‬ويمكنه بهذه الصفة‪ ،‬القيام بتحقيقات أو أخذ عينات للتحليل يرونها ضرورية في ميدان طب‬
‫العمل‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مسؤولية الهيئة المستخدمة في مجال الوقاية الصحية واألمن‬

‫من المالحظ أن كل خرق ألحكام قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل يشكل جريمة‬
‫يعاقب عليها أحكام هذا القانون‪.83‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن أحكام قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل اعتبرت مخالفي أحكام‬
‫هذا القانون هما‪ :‬المسير)‪ (gestionnaire‬والعمال‪.(travailleurs)84‬‬

‫على سبيل المثال‪ ،‬في حالة تهاون أو عدم مراعاة الهيئة المستخدمة لقواعد الوقاية الصحية‬
‫واألمن وطب العمل المتعلقة بوجوب تقديم المعلومات الضرورية لتقدير األخطار المهنية التي قد يشكلها‬
‫صنع أو استيراد المواد أو المستحضرات الخطيرة على صحة العمال‪ ،‬وذلك قبل إدخالها إلى السوق‪،‬‬
‫تعاقب الهيئة المستخدمة أو من يمثلها بغرامة من ‪ 1000‬إلى ‪ 2000‬دج‪ ،‬وفي حالة العود‪ ،‬يعاقب‬

‫‪- 82‬م‪ 10.‬و‪ 11‬و‪ 12‬من ق‪.‬رقم‪ 03-90:‬المتعلق بمفتشية العمل‪.‬‬


‫‪- 83‬م‪ 35.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪- 84‬عبارة "المسير" لم تعد مبررة بعد إلغاء القانون رقم‪ 12-78:‬المتضمن القانون األساسي العام للعامل‪ ،‬وتعوض بالعبارة‬
‫المستعملة في التشريعات الحالية "الهيئة المستخدمة أو من يمثلها"‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫المخالف بالحبس من شهرين إلى ستة (‪ )06‬أشهر‪ ،‬وبغرامة من ‪ 4000‬إلى ‪ 6000‬دج ‪ ،‬أو بإحدى‬
‫هاتين العقوبتين‪.‬‬

‫يمكن الحكم بالغرامة بقدر عدد المرات التي يتعرض فيها العمال للخطر‪ ،‬بسبب انعدام إجراءات‬
‫الوقاية الصحية واألمن المقررة‪.85‬‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬على العامل االمتثال التام للقواعد والتعليمات المتعلقة بالوقاية الصحية واألمن في‬
‫وسط العمل‪ ،‬وفي حالة تهاون أو عدم مراعاة هذه القواعد أو التعليمات يتعرض المخالف للعقوبات‬
‫المنصوص عليها في النظام الداخلي للهيئة المستخدمة‪.86‬‬

‫غير أنه إذا تقاعست الهيئة المستخدمة في اتخاذ اإلجراءات الضرورية لفرض احترام قواعد‬
‫الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬ولم تتخذ أيضا العقوبات التأديبية على مرتكبي هذه المخالفات‪ ،‬فإن‬
‫هذه األخيرة‪ ،‬وإن نسبت إلى العمال‪ ،‬فإنها تعتبر من فعل الهيئة المستخدمة‪.87‬‬

‫‪- 85‬م‪ 37.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪- 86‬م‪ 43.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬
‫‪- 87‬م‪ 36.‬من ق‪ .‬رقم‪ 07-88 :‬المتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫في اعتقادنا‪ ،‬حان وقت تعديل ومراجعة قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل لعام ‪،1988‬‬
‫الذي جاء متأث ار آنذاك بمفاهيم القانون األساسي العام للعامل لعام ‪ ،1978‬والمتشبع بمبادئ االقتصاد‬
‫االشتراكي السائدة إلى غاية ‪ ،1989‬السيما بعد تحول الجزائر إلى ورشات أشغال البناء ومنشآت قاعدية‬
‫والري‪ ،‬وتطور الصناعات البيتروكيماوية والصناعات الغذائية‪.‬‬

‫من الواضح أن تدخل المشرع يقع بالتوازي مع تطور التنمية االقتصادية للدولة والسيما على‬
‫مستوى المنشآت القاعدية والمنشآت الصناعية وتطور استعمال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬آخذا بعين‬
‫االعتبار مختلف المخاطر المهنية المستجدة الناجمة عنها في وسط العمل‪.‬‬

‫من المفيد تقوية الجانب الردعي ألحكام قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬لزجر‬
‫المخالفين وردع باقي الهيئات المستخدمة‪ ،‬لضمان االحترام الكامل ألحكامه‪ ،‬على غرار باقي التشريعات‬
‫الحديثة‪.88‬‬

‫أعتقد اهتمام المشرع الجزائري بتحضير مشروع تقنين عالقات العمل فرصة لمراجعة أحكام‬
‫قانون الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫تفعيل دور أجهزة الرقابة على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية في مجال الوقاية الصحية‬
‫واألمن في وسط العمل‪.‬‬

‫توضيح مضمون حقوق العمال األساسية في مجال الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬وبيان‬
‫كيفيات ممارستها في بيئة العمل‪ ،‬على غرار حق العمال في االنسحاب من أماكن العمل تشكل خط ار‬
‫جسيما ووشيكا يهدد صحتهم وحياتهم المقرر في تشريع العمل الفرنسي‪.‬‬

‫‪ - 88‬م‪ .‬من‪ 281‬إلى ‪ 301‬من ق‪ .‬رقم‪ 65-99:‬المتعلق بمدونة الشغل المغربية‪ ،‬المنشور في موسوعة القانون المغربي‪،‬‬
‫ع‪ ،28.‬ط‪ ،1.‬سنة ‪ ،2010‬م‪ 204.‬إلى ‪ 230‬من ق‪ .‬رقم‪ 12:‬لسنة ‪ 2003‬المتضمن قانون العمل المصري الجديد‪،‬‬
‫المعدل والمتمم بالقانون رقم‪ 90:‬لسنة ‪ ،2005‬ج‪.‬ر مؤرخة في ‪7‬أفريل ‪ ،2003‬ع‪.14.‬‬

‫‪30‬‬
31
32

You might also like