الإصلاح الضريبي الوطني

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 33

‫الكلية المتعددة التخصصات – الرشيدية‬

‫ماستر تدبير اإلدارات العمومية والجماعات الترابية‬


‫التوقيت الميسر‬
‫الفصل الثالث‬
‫وحدة القانون الضريبي المعمق‬
‫عـــرض تحــــت عــنوان‪:‬‬

‫اإلصالح الضريبي الوطني‬

‫تحت إشراف الدكتور‪ :‬المحجوب الدربالي‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬


‫محمد ايت مرزوق‬ ‫▪‬

‫السعيد شكير‬ ‫▪‬

‫هشام الطيب‬ ‫▪‬

‫رشيد قاسي‬ ‫▪‬

‫السنة الجامعية ‪2024/2023‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫عرف االقتصادي الفرنسي "(جاك لوكشو‪" (Jacques LE CACHEUX‬‬
‫اإلصالح الضريبي على أنه مراجعة شاملة أو جزئية لمنظومة االقتطاعات من أجل أهداف‬
‫محددة بالتدقيق مسبقا‪ ،‬وشاملة لمجموع التأثيرات االقتصادية للنظام الضريبي ‪.1‬‬
‫ويعرف فقه آخر اإلصالح الضريبي‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬على أنه "عملية تشمل تبسيط للنظام‬
‫الضريبي القائم‪ ،‬من خالل تقليل عدد أسعار الضريبة‪ ،‬وجعلها أكثر واقعية وتوسيع األوعية‬
‫الضريبية مع استبعاد للفقراء والتخفيف عن كاهلهم بشكل يقلل من المصروفات الضريبية ويفعل‬
‫من النظام الضريبي‪ ،‬ويجعله أكثر اتساقا وتناغما مع األداء الداخلي المطلوب والتطورات‬
‫الخارجية المتسارعة ‪".‬وغالبا ما يكون اإلصالح الضريبي عملية حساسة وصعبة‪ ،‬وألن المكاسب‬
‫الناجمة عن اإلصالح الشامل ال تظهر عادة إال في المدى المتوسط أو الطويل‪ ،‬لذا فهناك‬
‫مستفيدين ومتضررين من عملية اإلصالح هذه‪ ،‬مما يتطلب وجود إرادة حقيقية لإلصالح وعلى‬
‫غرار الكثير من البلدان السائرة في طريق النمو‪ ،‬شغلت ضرورة اإلصالح الضريبي السياسة‬
‫المالية للسلطات العمومية في المغرب منذ الثمانينات من القرن الماضي بغية إرساء نظام‬
‫ضريبي عصري يسهر على تلبية ثالث مهام أساسية ومتناقضة في نفس الوقت‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫• تمويل النفقات العمومية تماشيا مع المردود المالي ؛‬
‫• إعادة توزيع المدخول تطابقا مع هدف العدالة الجبائية؛‬
‫استقرار األنشطة االقتصادية أو تصحيح االختالالت تماشيا مع أهداف الفعالية‬ ‫•‬
‫االقتصادية‪.2‬‬

‫وقد عرفت بالدنا سلسلة من اإلصالحات الجبائية منذ فجر االستقالل‪ ،‬توجت بصدور قانون‬
‫اإلطار اإلصالح الجبائي بموجب ظهير ‪ 23‬أبريل ‪ ،1984‬والذي حاول تطوير وهيكلة المنطومة‬

‫‪ 1‬سؤال اإلصالح الضريبي ص ‪3‬‬


‫‪2‬سؤال اإلصالح الضريبي ص ‪4‬‬
‫الجبائية وأدى إلى بزوغ الثالثية الضريبية ببالدنا ( الضريبة على الدخل‪ ،‬الضريبة على الشركات‬
‫والضريبة على القيمة المضافة) عن طريق القانون اإلطار رقم ‪ 83.3‬المتعلق باإلصالح‬
‫الجبائي‪.‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬عرف النظام الضريبي المغربي محطات إصالحية متباينة ومختلفة‪ ،‬انطالقا من‬
‫إصالح الضريبة على األرباح العقارية‪ ،‬ثم المناظرة الوطنية حول الجبايات لسنة ‪،1999‬‬
‫وإصالح المنظومة الجبائية المحلية بالقانون رقم ‪ 47,063‬الذي جاء كإصالح للقانون القديم رقم‬
‫‪ ، 30,89‬وتجميع النصوص والمساطر المتعلقة بالمادة الضريبة في كتاب واحد هو المدونة‬
‫العامة للضرائب لسنة ‪ ،2007‬مرو ار بالمناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات سنة ‪.2013‬‬

‫وقد شكلت المناظرة الثالثة للجبايات المنعقدة يومي ‪ 3‬و‪ 4‬بالصخيرات مناسبة إلدراج إصالح‬
‫النظام الضريبي الوطني‪ ،‬توجت بصدور القانون رقم ‪ 07,20‬بتغيير وتتميم القانون رقم ‪47,06‬‬
‫المتعلق بجبايات الجماعات الترابية سنة ‪ 2020‬واعتماد القانون اإلطار رقم ‪ 69,19‬المتعلق‬
‫‪4‬‬
‫باإلصالح الضريبي في يوليوز ‪.2021‬‬

‫شأنه تجاوز كل االختالالت المالية الداخلية والخارجية‪ .‬وبغية مواكبة األوضاع المالية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪) 3‬تجدر اإلشارة إلى أن القانون ‪ 47.06‬تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 07.20‬الصادر بتنفيذه بالظهير الشريف رقم ‪1.20.91‬‬
‫صادر في ‪ 16‬من جمادى األولى ‪1442 )31‬ديسمبر ‪ (2020‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 20.07‬بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 06.47‬المتعلق‬
‫بجبايات الجماعات المحلية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 16 – 6948‬جمادى األولى ‪ 31) 1442‬ديسمبر ‪(.2020‬‬

‫الحسين الكتيف‪ ،‬إصالح النظام الضريبي المغربي على ضوء المناظرات الوطنية ص ‪1‬‬ ‫‪4‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫في كون النظام الضريبي يلعب دورا حاسما في رسم التوجهات االقتصادية للدولة‪ ،‬من منطق‬
‫االستراتيجية التي تمثلها السياسات الضريبية في تحديد األهداف الكبرى للدولة‪ ،‬خصوصا مع‬
‫تجاوز التصور التقليدي لالقتطاع الجبائي باعتباره وسيلة للحصول على موارد مالية لتمويل‬
‫النفقات العمومية‪.‬‬

‫إشكالية الموضوع‪:‬‬
‫تتمحور اإلشكالية الرئيسية للموضوع حول مسار اإلصالحات التي يعرفها النظام الضريبي‬
‫الوطني وإلى أي حد ساهمت اإلصالحات الضريبية في إرساء نظام ضريبي عادل وفعال‬
‫متوازن من أجل العدالة الجبائية ؟‬

‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية عدة تساؤالت ‪:‬‬

‫ما هي أهم اإلصالحات التي عرفها النظام الضريبي الوطني؟‬

‫ماهي أوجه قصوره ؟‬

‫وماهي آفاق عدالة النظام الضريبي في ظل اإلصالحات ؟‬

‫فانطالقا من األهمية السالفة للموضوع سنتناول الموضوع من خالل مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬النظام الجبائي الوطني وبدايات اإلصالح‬

‫المبحث الثاني‪ :‬النظام الضريبي وآفاق تحقيق العدالة الجبائية‬


‫المبحث األول‪ :‬النظام الجبائي الوطني وبدايات اإلصالح‬
‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي لإلصالح الضريبي بالمغرب‬
‫بدأ المغرب بإصالح نظامه الضريبي منذ فجر االستقالل ببعض اإلصالحات (فقرة أولى) ثم‬
‫أكد التزامه بهذا اإلصالح مع صدور القانون اإلطار ‪ 583.3‬كأول قانون إطار لإلصالح‬
‫الضريبي (فقرة ثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬فترة الحماية وبداية االستقالل إلى غاية ‪1984‬‬


‫أوال ‪:‬الجباية خالل فترة الحماية‬
‫عرفت هذه الفترة وضعية جد صعبة‪ ،‬ومشاكل مالية مزمنة لفترة المخزن‪ ،‬ولقد تميز هذا النظام‬
‫األخير بجملة مظاهر‪ ،‬منها الفوضى المالية التي عرفتها مالية الدولة على المستوى الداخلي‬
‫والخارجي‪ .‬وذلك بفعل وتأثير مجموعة من العوامل منها االتفاقات التي أبرمت مع القوى األجنبية‬
‫آنذاك) بريطانيا‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬ألمانيا وفرنسا( التي تضمنت عدة ‪16‬امتيازات لهذه القوى أبرزها بند‬
‫''األمة األكثر تفضيال ‪'' .‬وفي إطار السرد للمحطات التاريخية الهامة الموازية لفترة الحماية‪ ،‬ال‬
‫بد من اإلشارة إلى اتفاقية الجزيرة الخضراء) الخزيرات(بين المغرب والدول المستعمرة بتاريخ ‪2‬‬
‫أبريل ‪ 1906‬والتي تم تتويجها بمعاهدة الحماية سنة ‪ 1917.‬فقد عملت هذه المعاهدة على‬
‫إصالح بعض الضرائب التي كانت قائمة كنظام الترتيب الذي سيلزم بأدائه جميع القاطنين سواء‬
‫كانوا مغاربة أو أجانب‪ ،‬كما سيتم التنصيص على إحداث ضرائب جديدة كالضريبة الحضرية‬
‫وحقوق التسجيل والتبر‪ .‬أما فيما يتعلق بالحقوق الجمركية عند االستيراد فقد نصت المعاهدة‬
‫على إضافة رسم خاص مقداره ‪ 7%‚5‬إلى الرسم االعتيادي ‪17‬المطبق والبالغ ‪ 10%.‬وفيما‬
‫يخص عهد الحماية‪ ،‬فقد عرف المغرب إصالح وتنظيم بعض الضرائب‪ ،‬بحيث تأثر النظام‬
‫الجبائي المغربي بنظيره الفرنسي‪.6‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الجباية بعد اإلستقالل وبوادر اإلصالح الضريبي‬

‫‪ 5‬ظهير شريف رقم ‪ 4.73.37‬صادر في ‪ 14‬رجب ‪ 13) 4111‬أبريل ‪(4171‬يتضمن األمر بتنفيذ القانون رقم ‪ 3.83‬المتعلق بوضع إطار للصالح‬
‫الضريبي‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 3834‬بتاريخ ‪ 31‬رجب ‪ 1) 4111‬ماي ‪ ،(4171‬ص‪551 ..‬‬
‫‪ 6‬سؤال اإلصالح الضريبي ص ‪15‬‬
‫بعد استقالله عن االستعمار الفرنسي ورث المغرب نظاما ضريبيا يخدم المصالح سلطات‬
‫الحماية الفرنسية ‪،‬ويتماشى مع طبيعة النظام السائد آنذاك‪ ،‬فقد عرف المغرب في فترات مختلفة‬
‫من تاريخه‪ ،‬سياسات ضريبية وخططا لإلصالح الجبائي ‪،‬حيث نجد مثل هذه الخطة في‬
‫المحاوالت التي قام بها كل من السلطان موالي الحسن األول وابنه موالي عبد العزيز في أواخر‬
‫القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إلصالح الجباية والمالية العامة المتردية آنذاك ‪،‬والتي‬
‫لم تعد تساير بيت المال والبالد ‪،‬لمواجهة القوى األجنبية المتربصة بالمغرب ‪،‬كما نجد مثل هذه‬
‫الخطة في أحكام اتفاقية الجزيرة الخضراء لسنة ‪ ، 1906‬والبنيات الجبائية الجديدة التي أدخلتها‬
‫سلطات الحماية الفرنسية إلى المغرب سنة ‪ 1912‬والتي كانت تنسجم مع مصالح الدول‬
‫‪7‬‬
‫االستعمارية ومصالح فرنسا‬

‫غداة االستقالل‪ ،‬ورث المغرب نظاما جبائيا تحكمه أبعاد مالية محضة‪ ،‬حيث احتفظ‬
‫المغرب في المرحلة األولية من استقالله بهذا النظام‪ ،‬مكتفيا فقط بتحوير بعض مقتضياته‬
‫الشكلية وإدخال بعض التعديالت بواسطة القوانين المالية السنوية‬

‫مباشرة بعد خروج سلطات الحماية سيقوم المغرب بمجموعة من االصالحات‪ ،‬ذلك أن‬
‫الضرائب التي كانت مفروضة في عهد الحماية يطغى عليها حماية المصالح الفرنسية في تلك‬
‫الفترة وبالتالي أصبح المغرب ملزم بالقيام بمجموعة من التغيرات عرفت مراحل متعددة‪ ،‬وقد كان‬
‫أول إصالح سيقوم به المغرب كان سنة ‪ 24‬مايو ‪1957‬بحيث تم من خالله إعادة تنظيم‬
‫الضريبة الجمركية‪ ،‬وفرضت أيضا ضريبة بلدية بمقتضى ظهير ‪ 27‬يوليوز ‪ 1956‬لصالح‬
‫ميزانية البلديات‪ ،‬وضريبة السيارات بمقتضى ظهير ‪ 13‬يوليوز‪. 1957‬‬

‫في سنة ‪ 1961‬سيقوم المغرب بإصدار ‪ 8‬ظهائر بحيث تم إدخال تعديالت على‬
‫بعض الضرائب كالمرتبات واألجور والضريبة الحضارية ‪...‬كما حدثت ضرائب جديدة كالضريبة‬
‫الفالحية محل الضريبة الترتيب‪ ،‬وبمقتضى قانون المالية لسنة ‪ 1972‬تأسست الضريبة التكميلية‬
‫على الدخل االجمالي لألشخاص الطبيعيين كما تأسست الضريبة على القيم المنقولة بمقتضى‬
‫قانون المالية ‪ ،1979‬وقد عرفت الضريبة مجموعة من التغييرات في قوانين المالية ‪ ،‬ولكنها‬

‫عبد السالم أديب‪ ،‬السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية‪ ،‬دراسة تحليلية للنظام الجبائي المغربي ‪ ،2000-1956‬الطبعة األولى ‪ ،1998‬ص‬ ‫‪7‬‬
‫تغييرات ليست بالجوهرية وال بالمهمة وال حتى بالمؤثرة على ميزانية الدولة لكن أهم إصالح هو‬
‫ذلك الذي سيأتي سنة ‪ 1984‬ليضع مجموعة من التغييرات المهمة في المجال الجبائي المغربي‬
‫‪8‬‬ ‫‪.‬‬

‫وفي غياب استراتيجية واضحة ومنسجمة وتجميعية في مجال إصالح النظام الجبائي‬
‫للمغرب المستقل‪ ،‬بقي التمسك باالعتبارات المالية والتي تشكل فيها الضرائب غير المباشرة‬
‫حصة األسد في التمويل الوطني للمالية العامة‪ .‬كما أبقى على الطابع النوعي للنظام الضريبي‬
‫الذي يتوزع بتوزع الواقعة المنشئة للضريبة سواء كانت فالحية‪ ،‬أو مهنية‪ ،‬أو عقارية‪ ،‬أو أجرية‬
‫أو مرتبطة بالقيم المنقولة‪ .‬لذلك حافظ النظام الجبائي النوعي على خصائص التفرد في السعر‬
‫والنسب حسب صنف كل ضريبة‪ ،‬والتي تعتبر من أهم قواعد العدالة الضريبية ‪.9‬‬

‫ولدت فكرة اإلصالح مع مؤشرات اإلحساس بظهور األزمة المالية التي شهدها المغرب‬
‫خالل النصف الثاني من عقد السبعينات التي مان من الصعب إخفاء تجلياتها وأسبابها لتأثر‬
‫المواطنين بمختلف شرائحهم وتشكيالتهم بانعكاساتها ‪ ،‬زمع تطور وتفاقم األزمة أصبح طرح‬
‫مسألة اإلصالح الضريبي أكثر إلحاحا من قبل ‪.‬طلبت السلطات المغربية سنة ‪ 1978‬من‬
‫صندوق النقد الدولي مساعدة فنية في الميدان الجبائي بهدف دراسة النظام النوعي القائم آنذاك‬
‫‪10‬‬ ‫إلبراز نواقصه وصياغة حلول لتجاوزها ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إصدارالقانون اإلطار‪ 83.3‬وأول إصالح ضريبي شامل‬

‫لقد كانت بداية هدا االصالح ستة ‪ 1982‬من خالل خطاب وزير المالية بمناسبة‬
‫عرضه لمشروع قانون اإلطار أمام اللجنة المكلفة بالمالية‪ ،‬وقد جاء قانون اإلطار لتجاوز‬
‫مجموعة من االختالالت أبرزها محاولة تحقيق مبدأ االنصاف والعدالة ثم محاولة تجاوز البطء‬

‫‪ 8‬مقاالت مؤلف الضريبي ص ‪52‬‬


‫‪ 9‬سؤال اإلصالح الضريبي ص ‪19‬‬
‫‪ 10‬جميلة دليمي ‪،‬اإلصالح الجبائي المحلي بالمغرب بين الثابت والمتغير ‪،‬المجلة المغربية للدارة المحلية ‪،‬ع‪ 99‬مزدوج ‪ ،160-159‬يوليوز‬
‫أكتوبر ‪ 2021‬والتنمية‬
‫والتعقيد اللذان يتسم بهما جهازنا الجبائي وأيضا محاولة حصر التملص والغش الجبائي الذي‬
‫لم تستطيع اإلدارة الضريبية حصره قبل هذا اإلصالح‪.‬‬

‫لهذه األسباب وغيرها كان لزاما على الحكومة المغربية اتخاد المبادرة والقيام بإصالح‬
‫يتسم بالشمولية والعمق ويهدف الى المساهمة الفعالة في التنمية على مختلف األصعدة‬
‫االقتصادية واالجتماعية والمالية‪ ،‬وأبرز المجاالت التي شملها االصالح‪:‬‬

‫ـ تعويض الضريبة العامة على الدخل ‪11‬محل النظام المختلط‪.‬‬

‫محل الضرائب المفروضة على االشخاص‬ ‫‪12‬‬


‫ـ تعويض الضريبة على الشركات‬
‫االعتباريين‪.‬‬

‫محل الضريبة على المنتجات والضريبة‬ ‫‪13‬‬


‫ـ تعويض الضريبة على القيمة المضافة‬
‫على الخدمات‪.‬‬

‫ـ عدم المساس باإلعفاءات الجبائية التي تمنحها أنظمة االستثمار‪.‬‬

‫ـ رصد بعض العائدات الجبائية لميزانية الجماعات المحلية‪.‬‬

‫ـ عدم تشديد العبء الضريبي على المكلفين الحاصلين على الدخل من مصدر واحد‪.‬‬

‫ـ مقاومة الغش الضريبي بإقرار عقوبات‪.‬‬

‫إن أهم ما ميز هذا االصالح هو جمع وحصر الضرائب في ثالث ضرائب فقط اثنان‬
‫منها تتجلى في الضرائب المباشرة وهي الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات‪ ،‬وأخرى‬
‫غير مباشرة تتجلى في الضريبة على القيمة المضافة وبالتالي جمع شتات الضرائب التي‬
‫‪14‬‬
‫عرفها المغرب على مر سنوات‪.‬‬

‫‪ 11‬قانون الضريبة على الدخل‬


‫‪ 12‬قانون الضريبة على الشركات‬
‫‪ 13‬قانون الضريبة على القيمة المضافة‬
‫‪ 14‬سؤال اإلصالح الضريبي ص‪17‬‬
‫وكما سبقت االشارة الى دلك فان هدا االصالح قد شمل نقط مهمة كالضريبة على الدخل‬
‫حيث تعتبر ضريبة عامة تفرض على مجموع دخول االشخاص الطبيعيين كيفما كان مصدرها‬
‫وقد حلت هده الضريبة محل الضرائب النوعية القديمة كالضريبة الفالحية والضريبة الحضرية‬
‫والضريبة المهنية ‪...‬الخ ويضم وعاء الضريبة العامة على الدخل خمسة مصادر اقتصادية‬
‫رئيسية هي المداخيل الفالحية ‪ ،‬العقارية المهنية ‪ ،‬المنقولة واالجرية وتختلف عناصر هده‬
‫المصادر باختالف المداخيل المعنية باالستقطاع الضريبي وقد ادى األخذ بالضريبة على‬
‫الدخل بتحقيق جملة من المزايا بالنسبة للنظام الضريبي المطبق على االشخاص الذاتيين ‪،‬‬
‫تمثلت باألساس في ميزتين العقل والتبسيط للنظام المطبق ‪ ،‬ودلك بالتخلي عن نظام الضرائب‬
‫النوعية ‪ ،‬وتبس يط مساطره التقنية وادخال نوع من البساطة والفعالية في الجانب التقني لمكونته‬
‫بالتنصيص على ايجاد ضريبة عامة واحدة لدخول االقتصادية للملزم الوحيد‪.‬‬
‫الضريبة على القيمة المضافة‪:‬‬
‫وهي اهم مكون للضرائب غير المباشرة في المغرب وقد كانت اول ضريبة شرع في تنفيذها‬
‫غداة اعتماد القانون االطار لإلصالح الضريبي المؤرخ في ‪ 23‬ابريل ‪ 1984‬بواسطة قانون‬
‫رقم ‪ 85‬ـ‪ 30‬الصادر في فاتح يناير ‪. 1986‬والضريبة على القيمة المضافة ضريبة حديثة‬
‫الظهور في االنظمة المقارنة ‪ ،‬ظهرت ألول مرة في بفرنسا سنة ‪ 1994‬ثم تم توسع االخذ بها‬
‫ليشمل مختلف الدول سواء المتقدمة منها او النامية واهم ما يميزها التبسيط والمردودية لكن‬
‫تطبيقها يطرح مجموعة من االشكاالت سواء على مستوى تحديد المفهوم او على مستوى‬
‫النظام القانوني او من خالل طريقة احتساب مبلغ الضريبة‪.15‬‬
‫ولن يحدث اي تغيير مهم في مجال الضريبة اال مع سنة ‪ 2007‬حيث سيتم تجميع الضرائب‬
‫الثالثة في مدونة واحدة تسمى بالمدونة العامة للضرائب‪ ،‬وتضم هده المدونة ثالثة كتب‪:‬‬
‫يضم الكتاب االول قواعد التحصيل ويضم ثالثة اجزاء قواعد الوعاء الخاصة بالضريبة على‬
‫الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة ووجبات التسجيل اضافة الى‬

‫عبد الفتاح بلخال الضرائب في المغرب الجزء االول مطبعة دار ابي رقراق للطباعة والنشر ص‪32‬‬ ‫‪15‬‬
‫مقتضيات مشتركة‪ ،‬ويضم الجزء الثاني المتعلق بقواعد التحصيل اما الجزء الثالث فيضم‬
‫الجزاءات المتعلقة بالتحصيل‪...‬‬
‫الكتاب الثاني ‪ :‬المساطر الجبائية ويضم قسم خاص بمراقبة الضريبة من حيث حق مراقبة‬
‫االدارة ووجوب االحتفاظ بالوثائق المحاسبية مسطرة تصحيح اسس الضريبة‪.....‬‬

‫الكتاب الثالث ‪:‬يضم واجبات ورسوم اخرى ‪ ،‬يشتمل على قسمين ‪ ،‬يتعلق القسم االول‬
‫‪16‬‬ ‫بواجبات التمبرل بينما يتناول القسم الثاني الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النظام الضريبي في ظل القانون اإلطار ‪83.3‬‬


‫بالرغم من أهمية القانون اإلطار‪ 83.3‬لإلصالح الجبائي إال أنه كان بحاجة إلى تعديالت‬
‫لمواكبة التطور التي يعرفها المغرب (فقرة أولى ) كما أن تبني المغرب لدستور جديد و انفتاحه‬
‫على أوراش كبرى في سياق الجهوية المتقدمة عجل بضرورة القيام بإصالح جذري آخر‬
‫للنظام الضريبي (فقرة ثانية)‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬اإلصالح في ظل القانون اإلطار ‪83.3‬‬


‫بعد إصدار القانون اإلطار ‪ 83.3‬عرف النظام الضريبي المغربي محطات إصالحية متباينة‬
‫ومختلفة‪ ،‬انطالقا من إصالح الضريبة على األرباح العقارية‪ ،‬ثم المناظرة الوطنية األولى حول‬
‫الجبايات لسنة ‪ 17 1999،‬وإصالح المنظومة الجبائية المحلية بالقانون رقم ‪ 47.0618‬الذي‬
‫جاء كإصالح للقانون القديم رقم ‪ 30.89،‬وتجميع النصوص والمساطر المتعلقة بالمادة‬
‫الضريبية في كتاب واحد هو المدونة العامة للضرائب ‪ 19‬لسنة ‪20 2007،‬‬

‫اتسمت المناظرة األولى للجبايات بأنها مناظرة وطنية تتعلق بالضريبة‪ ،‬سميت بالجلسات‬
‫الوطنية الجبائية‪ ،‬ترأسها الوزير األول السيد عبد الرحمان اليوسفي‪ ،‬الذي ألقى كلمة االفتتاح‪.‬‬
‫وقد شارك في هذه الجلسات وزير االقتصاد والمالية السيد فتح هللا ولعلو‪ ،‬المدير العام للضرائب‬

‫‪ 16‬عبد الفتاح بلخال مرجع سابق ص‪58‬‬


‫‪ 17‬تم تنظيم المناظرة األولى حول اإلصالح الجبائي م طرف وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬بتاريخ ‪ 15‬و‪ 18‬نونبر سنة ‪1999‬‬
‫‪) 18‬تجدر اإلشارة إلى أن القانون ‪ 47.06‬تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 07.20‬الصادر بتنفيذه بالظهير الشريف رقم ‪ 1.20.91‬شادر في ‪16‬‬
‫من جمادى األولى ‪1442 )31‬ديسمبر ‪ (2020‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 20.07‬بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 06.47‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 16 – 6948‬جمادى األولى ‪ 31) 1442‬ديسمبر ‪(.2020‬‬
‫‪ 19‬المحدثة بموجب المادة ‪ 5‬من قانون المالية رقم ‪ 43.06‬للسنة المالية ‪ 2007‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.232‬بتاريخ ‪10‬‬
‫ذي الحجة ‪ 31( 1427‬ديسمبر‪)2006‬‬
‫‪ 20‬يونس مليح النظام الضريبي والنموذج التنموي الجديد‪ .‬أية عالقة؟ مقال منشور بجريدة هيسبريس‬
‫السيد نور الدين بنسودة‪ ،‬إلى جانب عدد من المهتمين بالشأن الضريبي من ممثلي المقاوالت‬
‫والمهنيين وخبراء في ميدان المحاسبة والضريبة وأساتذة جامعيين على الصعيد المحلي والدولي‪.‬‬
‫وقد وضعت هذه الجلسات خارطة الطريق إلصالح حقيقي من خالل عدد من التوصيات تصب‬
‫حول‪:‬‬

‫المردودية من خالل توسيع الوعاء الضريبي عن طريق إدخال ضمن الحقل‬ ‫•‬

‫الضريبي األسس التي لم يتم إخضاعها للضريبة بحكم القانون أو بحكم الواقع‬
‫والتقليص من اإلعفاءات الجبائية؛‬
‫التبسيط للقوانين واإلجراءات الجبائية ضمانا الستيعاب الضريبة من قبل الملزم‬ ‫•‬

‫ولتدبير أفضل من قبل اإلدارة الضريبية؛‬


‫المالئمة للمنظومة الضريبية على المستوى الداخلي (مع باقي الضرائب والرسوم)‬ ‫•‬

‫‪21‬‬ ‫والخارجي) المالئمة مع التشريع الدولي‪.‬‬

‫إن أهم مقتضى تضمنه قانون المالية لسنة ‪ 2007‬هو إصدار المدونة العامة للضرائب‬
‫وفقا للمادة ‪ ،5‬الذي تم بموجبها تجميع كل القوانين والنصوص التي تضمنها كتاب الوعاء‬
‫والتحصيل وكتاب المساطر الجبائية في نص واحد‪ ،‬وذلك تفاديا للتشتت وكثرة اإلحاالت والجرائد‬
‫الرسمية التي طبعت القانون الضريبي السابق‪ ،‬وهذا اإلجراء جاء ليصب في مبدأ التبسيط‬
‫والمالئمة التي طال انتظاره من طرف المتدخلين في الحقل الضريبي منذ أكثر من عقد‪ ،‬وقد تم‬
‫حسم مسألة إصدار المدونة من طرف البرلمان سنة ‪ .2006‬وقد أدمجت الضرائب والرسوم التي‬
‫كانت تجبى لفائدة الجماعات المحلية كالضريبة الحضرية وضريبة النظافة والضريبة المهنية في‬
‫جدع الجبايات المحلية في إطار مشروع اإلصالح بمقتضى القانون ‪.47.06‬‬

‫وباإلضافة إلى تدوين النصوص القانونية في المدونة العامة للضرائب‪ ،‬تضمن قانون المالية ‪-‬‬
‫كما أشار إلى ذلك بعض المهتمين بالحقل الضريبي‪-‬إصالحات ضريبية تمثلت في تعديالت‬

‫‪ 21‬يونس مليح‪ ،‬النظام الضريبي المغربي المسار‪ ،‬الحصيلة واآلفاق‪،‬‬


‫مست الصياغة اللغوية والشكلية لبعض مقتضيات المدونة‪ ،‬وتعديالت مست الوعاء الضريبي‬
‫‪22‬‬ ‫من خالل تخفيف الضغط الضريبي وتوسيع الوعاء‬

‫ويندرج إصدار المدونة العامة للضرائب سنة ‪ 2007‬في سياق اإلصالحات التي تقوم‬
‫بها السلطات العمومية‪ ،‬انطالقا من التوجيهات السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس‬
‫نصره اهلل وأيده والهادفة إلى تحسين المحيط القانوني والجبائي واالقتصادي لالستثمار وذلك‬
‫بتحديث األنظمة القانونية والمالية ‪.‬وعلى صعيد آخر وتبعا اللتزامات المغرب تجاه األوساط‬
‫الدولية واتفاقيات التبادل الحر الموقعة مع كل من االتحاد األوربي والواليات المتحدة األمريكية‬
‫ومصر واألردن وتركيا‪ ،‬فإن االنفتاح التدريجي لالقتصاد الوطني يستلزم وضع آليات للعمل‬
‫والتواصل في الميدان الجبائي رهن إشارة المستثمرين‪ ،‬تتسم بالوضوح والشمولية والسهولة ‪.‬وقد‬
‫مكنت المناظرة الوطنية األولى حول الجبايات المنعقدة يومي ‪ 26‬و ‪ 27‬نوفمبر‪ 1999‬والتي‬
‫انبثقت عنها توصيات اعتبرت بمثابة خالصة لتشخيص واقع المنظومة الجبائية الوطنية‪ ،‬من‬
‫رسم مسار عملية تدوين المقتضيات الجبائية والتي مرت بالمراحل التالية ‪:‬‬

‫• التحيين التدريجي للنصوص الجبائية بواسطة مقتضيات تهدف إلى المالئمة والتبسيط‬
‫ومسايرة تطور المحيط العام لالقتصاد ؛‬

‫•إصالح واجبات التسجيل سنة ‪ 2004‬؛‬

‫•إصدار كتاب المساطر الجبائية سنة ‪ 2005‬؛‬

‫•إصدار كتاب الوعاء والتحصيل سنة ‪ 2006‬؛‬

‫؛‪23‬‬ ‫•إصدار المدونة العامة للضرائب سنة ‪2007‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقييم النظام الضريبي و آفاق اإلصالح‬


‫قبل الخوض في آفاق اإلصالح الضريبي‪ ،‬ال بد من التطرق إلى شكل التنظيم باإلدارة‬
‫الضريبية‪ ،‬الذي كان سابقا يتبع التصنيف الضريبي والذي ترتب عنه تعدد في مصالح الوعاء‪،‬‬

‫يونس مليح‪ ،‬النظام الضريبي المغربي المسار‪ ،‬الحصيلة واآلفاق مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية مرجع سابق ص ‪15‬‬ ‫‪22‬‬

‫المدونة العامة للضرائب إصدار فاتح يناير ‪2018‬‬ ‫‪23‬‬


‫في مصالح المراقبة وفي مصالح النزاعات‪ ،‬ولم يكن يخدم ال مصلحة اإلدارة وال مصلحة الملزم‬
‫وال مصلحة القانون الجبائي‪ ،‬ثم استقر حاليا بشكل نسبي على دمج وظيفي )‪(polyvalence‬‬
‫تبعا في ذلك للعمليات الجبائية‪ :‬الوعاء‪ ،‬التصفية‪ ،‬التحقيق‪ ،‬المراقبة والنزاعات والتحصيل الذي‬
‫كان يشمل رسوم التسجيل والدمغة‪ ،‬إال أنه ومنذ سنة ‪ ،2004‬أصبحت المديرية العامة للضرائب‬
‫تتكلف بهذه الوظيفة بشكل تدريجي‪ ،‬والتي أسندت إلى قباض اإلدارة الجبائية بدل الخزينة العامة‬
‫للمملكة‪ ،‬حيث شملت العملية الضريبة على القيمة المضافة في السنة األولى‪ ،‬وفي السنة الموالية‬
‫الضريبة على الشركات ثم الضريبة على الدخل على األرباح العقارية في السنة الثالثة‪ .‬وعليه‬
‫فقد تم حاليا تنظيم مرافق اإلدارة الضريبية تماشيا مع خصائص الملزمين وحجمهم (منشآت‬
‫كبرى‪ ،‬مقاوالت متوسطة وصغرى وخواص ومهنيين)‪ .‬وتضطلع هذه المرافق بتدبير الملفات‬
‫‪24‬‬ ‫الضريبية للفئات المذكورة سعيا وراء تمكينها من خدمات تتسم بالقرب والجودة والنجاعة‪.‬‬

‫يعرف النظام الضريبي الحالي اختالالت كبيرة تتمثل في ارتفاع نسبة الضرائب غير‬
‫المباشرة التي تتميز بمردوديتها وطابعها الالمنصف والالعادل‪ ،‬إذ تساهم في المداخيل الضريبية‬
‫حسب القانون المالية لسنة ‪ 2020‬بحوالي ‪ %43,81‬مقابل ‪ %44,54‬من الموارد تساهم بها‬
‫الضرائب المباشرة باإلضافة إلى تمركز الضغط حول ثالث ضرائب أساسية‪ ،‬وهي الضريبة على‬
‫القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل حيث تمثل ما بين ‪ 76‬و ‪%‬‬
‫‪ 77‬من المداخيل الضريبية ‪.‬وحتى النظام التصاعدي لسعار الضريبة على الدخل‪ ،‬يعرف بعض‬
‫النقائص‪ ،‬فالحد الدنى المعفى من هذه الضريبة جد ضئيل‪ ،‬ويالحظ أيضا فيما يخص تصاعد‬
‫األسعار‪ ،‬بحيث الدخول الصغرى والمتوسطة تعرف تصاعدا سريعا لسعارها‪ ،‬وفي المقابل نجد‬
‫الدخول الكبرى تعرف استق ار ار واضحا في حدة التصاعد‪ ،‬مما يوثر سلبا على النظام الضريبي‪،‬‬
‫ويجعل من الدخول الضعيفة والمتوسطة هي الدخول الكثر مساهمة في المداخيل الضريبية‪،‬‬
‫ر التساع شريحتها ولالرتفاع النسبي ألسعار المطبقة عليها‪.25‬‬
‫نظ ا‬

‫‪ 24‬يونس مليح‪ ،‬النظام الضريبي المغربي المسار‪ ،‬الحصيلة واآلفاق مرجع سابق ص ‪120‬‬
‫‪ 25‬يونس عفوري‪ ،‬تقييم النظام الضريبي المغربي في ضوء العدالة الضريبية‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪/‬عدد‬
‫خاص ‪،‬ص‪417‬‬
‫إن تقييم النظام الجبائي المغربي يكشف بشكل ملحوظ تناسل العديد م النواقص الناتجة‬
‫ع عدم استق ارره وثباته وتعرضه لتغييرات م حني آلخر‪ ،‬وأوجه الضعف والقصور فيما يتعل‬
‫بالفعالية والعدالة اليت تحول دون ‪2‬تحقيق أهدافه التحفيزية وتنزيل نموذج التنمية االقتصادية‬
‫ومواكبة متطلبات االستدامة البيئية ؛ وخر دليل‪ ،‬هو يجم التعديالت اليت طرأت على المدونة‬
‫العامة للضرائب منذ دخولها حيز التنفيذ سنة ‪2007‬؛ إذ بلغ مجموع التعديالت أكثر م ‪161‬‬
‫تعديال‪ ،‬علما أن مواد المدونة تا تتعدى ‪ 117‬مادة‪ ،‬وهي وضعية م شأنها التأثر بصفة بالغة‬
‫على استقرار أوضاع المستثمرين ورجال األعمال‪ ،‬الذي يفقدون الرؤية في وضعية النصوص‬
‫الجاري هبا العمل‪ ،‬مما حيول دون ترجيعهم على االستثمار وإنجاز مشاريع مستقبلية‪ ،‬وأيمانا‬
‫ترييل األشرطة االقتصادية إلى فضاءات أجنبية ‪3‬أخرى تتميز باستقرار النصوص الجبائية‬
‫‪26‬‬
‫لالستثمار ‪.‬‬ ‫وبأكثر جاذبية‬

‫ليس من المعقول وال من العدل أن تبقى مردودية نظامنا الضريبي مبنية ومركزة على‬
‫فئة محدودة من الملزمين‪ ،‬بحيث ‪ 74%‬من حصيلة الضريبة على الدخل تأتي من فئة‬
‫المأجورين‪ ،‬كما إن أقل من ‪ 2%‬من الشركات تساهم بأكثر من ‪ 80%‬من محصول الضريبة‬
‫على الشركات‪ ،‬باإلضافة إلى أن ‪ 69%‬من الشركات تصرح بالعجز دون احتساب الشركات‬
‫الحديثة النشأة‪ ،‬إذن يمكن استنتاج أن النظام الضريبي المغربي ال يحقق وال يستجيب لقواعد‬
‫العدالة الضريبية‪ ،‬باإلضافة إلى هذا الواقع البد من اإلشارة كذلك إلى التآكل المتزايد للقاعدة‬
‫الضريبية الناتج من جهة عن تزايد وتعدد اإلعفاءات الضريبية غير المنتجة اقتصاديا أو‬
‫اجتماعيا والتي تتجاوز اليوم ‪ 3%‬من الناتج الداخلي الخام‪ ،‬والى التآكل الناجم عن استفحال‬
‫ظاهرة التملص الضريبي والقطاع غير المهيكل وما ينجم عن ذلك من تأثير سلبي على التنمية‬
‫االقتصادية والعدالة االجتماعية والتماسك االجتماعي‪ ،‬لذلك فإن توسيع الوعاء الضريبي ومراجعة‬
‫اإلعفاءات غير المبررة وإدماج القطاع غي ار لمنظم تأتي على رأس أولويات اإلصالح الضريبي‪.‬‬

‫‪ 26‬خليل اللواح‪ ،‬تأثير الجباية على مناخ األعمال‪ ،‬مجلة‪-‬القانون‪-‬الدستوري‪-‬والعلوم‪-‬اإلدارية‪-‬العدد‪-‬الحادي‪-‬عشر‪-‬أيار‪-–-‬مايو‪2021-‬‬


‫ص ‪124‬‬
‫غير أن الممارسة الجبائية أثبتت أن العديد من الصعوبات والتحديات ظلت مرتبطة بالنظام‬
‫معيقات تربك روح اإلصالح والتغيير‪ ،‬وتجعله في سعي باستمرار لتجاوز‬
‫ُ‬ ‫الجبائي‪ ،‬وهي‬
‫المثبطات واإلكراهات لبناء نظام جبائي مصاحب لدينامية اإلصالح المزمع تضمينها في بناء‬
‫‪27‬‬ ‫النموذج التنموي الجديد لمغرب االستثمار‪.‬‬

‫إن النظام الضريبي المغربي الحالي هو تتويج لتصور تاريخي استمد جذوره من التقاليد‬
‫والدين معا‪ .‬كما أنه نتيجة لسيرورة إصالحات تهدف إلى عصرنة جهاز الدولة ‪.‬وقد مر هذا‬
‫التصور بعدة مراحل‪ ،‬كان الهدف الرئيسي منها هو مواجهة اإلكراهات المرتبطة بالميزانية‬
‫والضغوط المختلفة‪ ،‬دونً أن تكون بالضرورة جزءا من رؤية شاملة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬افتقر هذا‬
‫التصور إلى مسار العمل واألهداف من حيث الفعالية واإلنصاف اللذين تم إبعادهما من سلم‬
‫‪28‬‬ ‫األولويات‬

‫وصفت اللجنة في تقريرها بأن النظام الجبائي الحالي‪ ،‬هو نظام غير منصف‪،‬‬
‫والمداخيل المعبأة ضعيفة مقارنة بإمكانات االقتصاد الوطني‪ ،‬مشيرة الى أنه هناك عدة‬
‫اختالالت تفسر مكامن الضعف الحالية في هذا النظام ‪ ،‬و المحددة باختصار حسب ما ورد‬
‫في الملحق الثاني للتقرير العام للنموذج التنموي‪:‬‬

‫• عدم حياد القواعد الضريبية بالنسبة لطبيعة الدخل‪،‬‬


‫• وجود إعفاءات واستثناءات ال إثبات ألثرها‪،‬‬
‫• عدم االنصاف الضريبي‪،‬‬
‫• ضعف في المقروئية وفي التناسق والرؤية على المدى البعيد ‪،‬‬
‫• عدم استقرار مضامين المدونة العام للضرائب بتحيينها السنوي‪،‬‬
‫• تعقيد نظام الجبايات المحلية وعدم التنسيق بين المتدخلين فيه‪،‬‬
‫‪29‬‬
‫• الغش‪ ،‬والتهرب الضريبيين‪.‬‬

‫خليل اللواح‪ ،‬تأثير الجباية على مناخ األعمال‪ ،‬مرجع سابق ص ‪130‬‬ ‫‪27‬‬

‫اكسفام ص مؤشر العدالة الــضــريــبــيــة تحليل النظام الضريبي المغربي اكتوبر ‪ 2020‬ص ‪6‬‬ ‫‪28‬‬

‫تقريرلجنة النموج التنموي الجديد ‪2019‬‬ ‫‪29‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬النظام الضريبي وآفاق تحقيق العدالة الجبائية‬
‫المطلب األول‪ :‬العدالة الجبائية في ظل السياسة الضريبية‬
‫رغم بعض اإلصالحات التي صاحبت النظام الضريبي في ظل القانون اإلطار ‪83.3‬‬
‫إال أن هذا النظام الزال بعيدا عن تحقيق عدالة جبائية خاصة مع تبني دستور ‪ 2011‬حيث‬
‫سنتناول في هذا المطلب مفهوم العدالة الجبائية (فقرة أولى) ثم ضرورة اإلصالح في أفق‬
‫تحقيق العدالة الجبائية (فقرة ثانية )‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم العدالة الضريبية‬


‫يعتبر تحديد مفهوم العدالة الضريبية أم ار غير يسير باعتبار العدالة كقيمة مرتبطة‬
‫‪30‬‬ ‫بالجانب األخالقي كما تتعدد وجهات النظر حولها ‪.‬‬

‫وتعد عدالة النظام الضريبي إحدى القضايا الشائكة التي يدور حولها خالف كبير بين‬
‫الكتاب والمفكرين‪ .‬إذ تعتبر من أهم المبادئ التي يجب مراعاتها عند اختيار أو تصميم النظام‬
‫‪31‬‬ ‫الضريبي‬

‫إن موضوع عدالة النظام الضريبي من المواضيع التي يجب معالجتها وفق مقاربة‬
‫تأخذ بعين االعتبار طبيعة الدولة وعدد سكانها والثروات التي تتواجد فيها‪ ،‬إذ يصعب المقارنة‬
‫ضريبيا بين دولة بترولية وأخرى ال تملك أي ثروات طبيعية‪ ،‬باإلضافة إلى أن لكل دولة‬
‫‪32،‬‬ ‫أولوياتها وأهدافها‬

‫يقول المفكر والسياس ي الفرنس ي جان باتيست كولبير‪ ،‬أن الضريبة تنبني على ثالث‬
‫مبادئ أساسية وهي‪: -‬المبدأ األول هو توسيع القاعدة الضريبية‪ :‬حتى تحقق الهدف الذي‬
‫تصبو إليه في إيراداتك بأقل معدالت ضريبية ممكنة ‪. -‬المبدأ الثاني هو فرض ضرائب على‬
‫العناصر ذات الطلب غير المرن‪ :‬من أجل الحد من اآلثار المشوهة للنظام الضريبي على‬

‫‪ 30‬المهدي السهيمي‪ ،‬إشكالية صناعة القرار الضريبي وسؤال العدالة الضريبية بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون‬
‫العام ‪ 2021‬جامعة الحسن األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات ‪ 2021 2020‬ص‪9‬‬
‫‪ 31‬يوسف عفوري مرجع سابق ص‪129‬‬
‫‪ 32‬يونس عفوري مرجع سابق ‪421‬‬
‫أنماط أوسع من النشاط االقتصادي ‪. -‬المبدأ الثالث ‪ :‬أن تفرض الضرائب على الجهات التي‬
‫تكون تكاليف منفعتها الخاصة من دفع الضرائب أقل‪ ،‬أي األغنياء‪.‬‬

‫فغاية أي نظام ضريبي هي الوصول إلى العدالة الضريبية‪ ،‬التي تم التأسيس لها من‬
‫خالل الفصل ‪ 39‬من الدستور الذي ألزم فيها المشرع الدستوري جميع المغاربة على قدم المساواة‬
‫تحمل التكاليف العمومية كل على قدر استطاعته والتي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفقا‬
‫لإلجراءات التي يقرها الدستور‪ ،‬أي أن الضرائب والرسوم تكون في فرضها وإلزاميتها عامة‬
‫وموحدة تفرض على جميع الشخاص والموال في الدولة فال يعفى أحد منها دون مبرر‪ ،‬حتى‬
‫يشارك الجميع في دعم التكاليف والنفقات العامة‪ ،‬وهو إلزام يسعى إلى تحقيق العدالة الضريبية‬
‫والتي تتحقق عن طريق التوزيع العادل للعبء الضريبي بين كافة الشرائح االجتماعية‬
‫‪.33‬‬

‫يتسم النظام الجبائي المغربي بغياب العدالة الجبائية وكثرة التعديالت وعدم استقرار التشريع‬
‫الضريبي وتعقد النصوص الضريبية وضعف فعالية بعض الضرائب واالقتطاعات‪ ،‬وكذا عدم‬
‫توسيع الوعاء الجبائي ليشمل قطاعات اقتصادية أخرى كأعالي البحار واألنشطة االقتصادية‬
‫غير المهيك لة‪ ،‬مع عدم مواكبة المداخيل الضريبية لحجم اإلنفاق ولالستراتيجيات التنموية الوطنية‬
‫وللحاجيات واالنتظارات المشروعة للساكنة‪ ،‬إضافة إلى الطابع المعقد لنظام الجبايات المحلية‬
‫وعدم انسجام مكوناته وقلة نجاعته وكذا ضعف حكامته‪.34‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلصالح الجبائي وسبل تحقيق العدالة الضريبية‬


‫أوال‪ :‬مظاهر غياب العدالة الضريبية‬
‫‪ :1‬الضريبة على الدخل وسؤال العدالة الضريبية‬

‫يظهر تحليل توزيع العبء الضريبي الذي تمثله ضريبة الدخل على األشخاص الطبيعيين‬
‫حالة من الظلم الضريبي بين الموظفين واألجراء ودافعي الضرائب اآلخرين الذين يعملون‬

‫‪ 33‬يونس عفوري‪ ،‬مرجع سابق ص ‪420‬‬


‫‪ 34‬نوفل الناصري‪ ،‬النظام الجبائي وحتمية اإلصالح‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني ‪ WWW.ASSAHIFA.COM‬بتاريخ ‪ 6‬ماي‬
‫‪ 2019‬تم تصفحه بتاريخ ‪2024/01/05‬‬
‫كمهنيين مستقلين ‪.‬ويزداد هذا الظلم تفاقما عندما تؤخذ بعين االعتبار االقتطاعات اإلجبارية‬
‫‪35‬‬ ‫للضمان االجتماعي التي تلقي بثقلها على األجراء‬
‫‪ :2‬سؤال العدالة الضريبية في الضريبة على الشركات‬

‫إن السمة الرئيسية للضريبة على الشركات في المغرب هي تركيزها على عدد قليل جدا من‬
‫الشركات ‪.‬فوفقا لتحقيق أجرته مؤسسة" أنفوريسك ‪ " 2‬في عام ‪ 2017،‬فإن أفضل ‪ 10‬شركات‬
‫مغربية تساهم بنسبة ‪ % 25‬من إيرادات الضريبة على الشركات‪.‬‬

‫ويرتفع هذا الرقم إلى ‪ % 37‬عندما يتم الحديث عن أفضل ‪ 100‬شركة في المغرب‪ .‬والعبء‬
‫الضريبي‪ ،‬ال سيما في مجال الضريبة على الشركات‪ ،‬يؤثر على المقاوالت بشكل يفتقد للمساواة‪،‬‬
‫وفي الحقيقة‪ ،‬فإنه ال يطال إال عددا قليال من الشركات‪ ،‬بالنظر لكون نسبة كبيرة من الشركات‬
‫الخاضعة للضريبة على الشركات تعلن عن نتائج سلبية محايدة‪ ،‬األمر الذي يعفيها من أداء‬
‫هذه الضريبة‪ .‬ففي سنة ‪ 2010،‬من بين ‪ 155000‬مقاولة خاضعة للضريبة على الشركات‪،‬‬
‫عمليا ‪ 3/2‬من الشركات تعلن نتائج سلبية أو محايدة‪ .‬وفي سنة ‪2011‬حيث ارتفع عدد المقاوالت‬
‫الخاضعة للضريبة على الشركات إلى ‪ 165740،‬تؤدي ‪ % 2‬من المقاوالت الكبرى) حوالي‬
‫‪ 3300‬مقاولة (ما قدره ‪ % 80‬من الضريبة على الشركات‪ ،‬علما أنه باإلضافة إلى كون‬
‫‪78%‬من المقاوالت الصغيرة جدا) أقل من ‪ 3‬ماليين في رقم أعمالها (‪ ،‬تصرح ‪ % 85‬منها‬
‫‪36.‬‬ ‫بالعجز أو ال تؤدي إال المساهمة الدنيا‬
‫ثالثا‪ :‬الضريبة على القيمة املضافة وسؤال العدالة الضريبية‬

‫إن المتتبع لسلسة لتعديالت التي همت الضريبة على القيمة المضافة منذ دخولها إلى حيز‬
‫التطبيق بداية من فاتح أبريل ‪ 1986،‬يكشف عن خطة المشرع في تغليب هاجس لممردودية‬
‫على حساب العدالة الضريبية‪ .‬وعلى الرغم من كون الضريبة على القيمةالضافة تعرف بأنها‬
‫أكثر الضرائب حيفا‪ ،‬إال أنها ال تزال األداة الضريبية الرئيسية في العديد من البلدان عبر العالم‬

‫المهدي السهيمي‪ ،‬إشكالية صناعة القرار الضريبي وسؤال العدالة الضريبية بالمغرب مرجع سابق ص ‪69‬‬ ‫‪35‬‬

‫المهدي السهيمي م س ص ‪71‬‬ ‫‪36‬‬


‫بما في ذلك المغرب‪ .‬حيث تمثل إيرادات الضريبة على القيمة المضافة ما يقارب نصف‬
‫اإليرادات الضريبية‬

‫إن الضريبة على القيمة المضافة تقوم على أسعار قيمية تطبق على الجميع بدون تمييز‬
‫ودون ‪ 280‬مراعاة القدرة التكليفية للخاضع للضريبة كما تعتبر أسعار الضريبة على القيمة‬
‫المضافة جد مرتفعة أغلب الباحثين يعتبرون الضريبة على القيمة المضافة ضريبة غير عادلة‪،‬‬
‫وذلك أل عبئها يتحمله في النهاية المستهلك النهائي‪ ،‬ولكونها ال تأخذ بعين االعتبار الظروف‬
‫االجتماعية واالقتصادية للمكلف ‪.‬وتشكل حيفا تجاه الفئات الضعيفة اقتصاديا‪ ،‬وهذا إن دل على‬
‫شيء إنما يدل على أولوية الهدف المالي لصانعي القرار الضريبي على حساب العدالة الضريبية‬
‫‪37‬‬ ‫للبلد كل سنة‬

‫إن من األسباب الرئيسية وراء عدم عدالة نظامنا الضريبي المغربي هو عدم الوضوح والشبابية‬
‫التي تشوب التشريع الضريبي‪ .‬فمن بين أهم األسباب التهرب الضريبي‪ ،‬هو اعتقاد المستثمرين‬
‫أن لجوء الحكومةة إلى زيادة الضرائب عليهم‪ ،‬سيقلل من هامش الربح المتوقع لديهم‪ ،‬وهو ما‬
‫يزيد من احتمال لجوء ه هؤالء إلى إيجاد فجوات فنية وقانونية تساعدهم على التهرب من‬
‫الضريبة‪ .‬وهنالك العديد من األسباب التي تؤدي إلى التهرب الضريبي‪ ،‬منها ما هو قانوني‬
‫وسياسي‪ ،‬ومنها اإلقتصادي ومنها االجتماعي‪ ،‬يمكن إجمالها فيما يلي ‪:‬‬

‫•أسباب فنية وقانونية‪ :‬حيث هنالك العديد من التعديالت التي جرى إدخالها على قانون الضريبة‬
‫معقدة وغير واضحة المعالم لغير المتخصصين‪ ،‬إضافة إلى عدم استقرار التشريعات الضريبية؛‬

‫•اتساع نشاط القطاع غير المهيكل وعدم وجود أي تشريعات لتحصيل الضرائب من هذا‬
‫القطاع‪ ،‬األمر الذي عمل على ارتفاع نسبة التهرب الضريبي‪ ،‬كون المؤسسات المسؤولة عن‬
‫اإلدارة الضريبية غير قادرة على تحديد عدد ونوعية العاملين المكلفين بدفع الشريبة؛‬

‫•أسباب اقتصادية واجتماعية‪ ،‬منها‪ :‬عدم كفاءة اإلنفاق العام‪ ،‬وإحساس الشخص بعدم‬
‫الحصول على المنفعة المرجوة من وراء دفع الضرائب‪ ،‬باإلضافة إلى ارتفاع المستوى العام‬

‫منظمة أوكسفام‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪13‬‬ ‫‪37‬‬


‫لألسعار‪ ،‬وارتفاع تكلفة المعيشة‪ ،‬عدا عن عدم اإلحساس بالعدالة‪ ،‬وعدم الوعي العام ب‬
‫أهمية الشريبة‪ .‬كلها عوامل أدت إلى هذا التهرب وارتفاع نسبته خالل السنوات الماضية‪.38‬‬

‫ثانيا‪ :‬سبل تحقيق العدالة الضريبية‬


‫إن الهدف التقليدي المرجو من أي إصالح جبائي هو تطوير النظام الجبائي وتوسيع‬
‫وعائه ومعالجة اإلشكاالت الهيكلية المرتبطة بالمقاوالت الوطنية‪ ،‬إال أن التحوالت والتطورات‬
‫التي شهدتها اقتصادات العالم جراء تداعيات كوفيد ‪ 19‬والحرب الروسية األوكرانية وما ترتب‬
‫عنهم من ارتفاع أسعار المواد األولية‪ ،‬وتوسيع الفجوة االجتماعية بين الفقراء واألغنياء‪،‬‬
‫وارتفاع الضغط الجبائي في جل البلدان‪ ،‬والحرب العالمية التجارية المحتدمة‪ ،‬جعلت هذا‬
‫الهدف األساسي لإلصالح الضريبي يرقى إلى المساهمة المباشرة في تحقيق العدالة التوزيعية‬
‫للضريبة ومحاربة التهرب الضريبي‪ ،‬وتأمين المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين والمقاولين‬
‫واالقتصاديين‪39.‬‬ ‫والفاعلين الماليين‬

‫يتعين أيضا على كل إصالح للنظام الضريبي المغربي أن يعني على القل بالهندسة‬
‫العامة‪ ،‬التي ينبغي أن تبقى قائمة على الضرائب الكبرى‪ ،‬أي الضريبة على القيمة المضافة‪،‬‬
‫والضريبة على الدخل‪ ،‬والضريبة على الشركات‪ ،‬وكذا بالنصوص التي تحدد تفاصيلها كما‬
‫تحدد الممارسة الضريبية على أرض الواقع‬
‫‪40 .‬‬

‫إن العدالة الضريبية انطالقا من المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات ‪ ،‬هي الرفع من‬
‫مردودية النظام الضريبي الحالي‪ ،‬وذلك من خالل توسيع الوعاء وتحسين األداء اإلدارة الضريبية‪،‬‬
‫وبناء عالقات الثقة بين الملزم واإلدارة الضريبية‪ ،‬والتقليص المعقلن والمتدرج لالستثناءات‬
‫واإلعفاءات الضريبية‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬فإن الربط سيصبح أفقيا بين عنصري العدالة والمردودية؛‬
‫هذه األخيرة التي ستقتضي إعطاء األولوية لتوسيع الوعاء الضريبي‪ ،‬وما سيتبع ذلك من العمل‬

‫‪ 38‬يونس مليح ‪ ،‬تأمالت تفي مفهوم العدالة الضريبية المجلة المغربية للدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 165-166،‬يوليوز‪-‬‬
‫أكتوبر ‪ 2022‬ص‬
‫‪ 39‬الحسين الكتيف إصالح النظام الضريبي المغربي على ضوء المناظرات الوطنية ص ‪1‬‬
‫‪ 40‬يوسف عفوري م س ص ‪430‬‬
‫على تحسين أداء اإلدارة الضريبية‪ ،‬وبناء عالقات الثقة بين هذه األخيرة والملزم‪ ،‬والتقليص‬
‫المعقلن والمتدرج لإلعفاءات الضريبية ) ‪.‬أما العدالة الضريبية انطالقا من المناظرة الوطنية‬
‫الثالثة حول الجبايات ‪ ،‬والتي تم اإلشارة من خاللها لعدم توازن النظام الضريبي‪ ،‬األمر الذي‬
‫أكدته من خالل كون أن ‪ 50‬في المائة من الموارد المالية المت أتية من الضرائب الثالث‬
‫مجتمعة) الضريبة على الدخل؛ والضريبة على الشركات؛ والضريبة على القيمة المضافة (ت‬
‫أتي فقط من ‪ 140‬مقاولة‪ .‬وبالنسبة للضريبة على الدخل ‪ 73‬في المائة من المداخيل تأتي من‬
‫الضريبة على الدخول واألجور المعتبرة في حكمها‪ ،‬في مقابل فقط ‪ 5‬في المائة مت أتية من‬
‫‪41.‬‬ ‫الدخول المهنية‬

‫لقد أصبح توسيع القاعدة الضريبية مسألة عدالة وإنصاف بقدر ما هو مسألة مداخيل‬
‫للدولة وضغط ضريبي على دافعي الضرائب‪ ،‬فرفض دفع الضرائب‪ ،‬أو على األقل الشعور‬
‫بأنها مرتفعة جدا‪ ،‬اليعود إلى مقدار الضريبة بحد ذاتها بمقدار ما يعود إلى الشعور بأن‬
‫الناس ال تؤدي ضرائبها بالطريقة ذاتها‪ ،‬وأن قسمة األعباء الضريبية ليست عادلة‪.42‬‬

‫فمن أجل إصالح النظام الضريبي المغربي ليصبح نظاما عادال ومتكامال يمكن من‬
‫خالله مجابهة األزمات‪ ،‬يجب الشروع اآلن وبشكل سريع‪ ،‬في تحليل ودراسة نظامنا الضريبي‬
‫المغربي وفق طريقة نقدية من أجل استخراج نواقص ونقط الضعف الكامنة في هذا النظام‪،‬‬
‫والعمل على إيجاد حلول بديلة من أجل إصالح نظامنا الضريبي في شقه المتعلق بالعدالة‬
‫الضريبية‪ ،‬ألن أي إصالح يرتبط بالعدالة فهو يمس بشكل أساسي مسألة غاية في األهمية‬
‫وهي العدالة االجتماعية‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب إشراك الجميع في هذا المشروع سواء أحزاب سياسية‬
‫‪43‬‬
‫التي تغيب عنها الرؤى الشمولية لإلصالح الضرريبي في جل برامجها‬

‫‪ 41‬يونس مليح ‪ ،‬تأمالت تفي مفهوم العدالة الضريبية المجلة المغربية للدارة المحلية والتنمية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪32.33‬‬
‫‪ 42‬يوسف عفوري م س ص ‪431‬‬
‫‪ 43‬يونس مليح ‪ ،‬تأمالت تفي مفهوم العدالة الضريبية المجلة المغربية للدارة المحلية والتنمية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪41‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القانون اإلطار ‪ 69.19‬وخارطة اإلصالح‬
‫بعد مرور ثالثة عقود على اإلصالح الضريبي لسنة ‪ 1984‬كان البد من مراجعة أسس‬

‫النظام الجبائي من أجل معالجة االختالالت المالحظة ومالءمته مع التطورات التي عرفتها‬

‫المملكة المغربية في كل المجاالت وانسجاما مع التزاماتها ‪ ,‬واستجابة لتوصيات المناظرة الوطنية‬

‫الثالثة حول الجبايات التي نظمت سنة ‪ , 2019‬ومن أجل وضع الخطوط العريضة لإلصالح‬

‫الجبائي‪ ،‬تم إعداد القانون‪-‬اإلطار بعد عدة مشاورات مع جميع الفاعلين المعنيين تعبي ار عن‬

‫إرادتهم والتزامهم الجماعي‪ ،‬بشكل يتطابق مع األوراش الكبرى للنموذج التنموي الجديد التي تمكن‬

‫من التحول ‪.‬ويحدد هذا القانون‪-‬اإلطار األهداف األساسية إلصالح جبائي مندمج (فقرة أولى)‬

‫وكذا آليات تنزيل هذا اإلصالح (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قراءة في مضامين القانون اإلطار‬


‫أوال‪ :‬أهداف القانون اإلطار‬
‫يهدف هذا القانون كما تمت اإلشارة إليه في ديباجته إلى تحقيق األهداف األساسية لهذا‬

‫اإلصالح من أجل نظام جبائي مندمج وينص على أنه‪:‬‬

‫تسهر الدولة في المجال الجبائي على تحقيق األهداف األساسية التالية‪:‬‬

‫تعزيز مساهمة جبايات الدولة والجماعات الترابية في تمويل سياسات التنمية االقتصادية‬

‫واإلجتماعية؛ تخفيض العبء الجبائي على الخاضعين للضريبة بالموازاة مع توسيع الوعاء‬

‫الضريبي؛‬

‫تكريس مبدأ حيادية الضريبة في مجال الضريبة على القيمة المضافة؛‬


‫التقائية األحكام الجبائية مع القواعد العامة للقانون والقواعد المحاسباتية الجاري بها العمل؛‬

‫التقائية األنظمة التفضيلية مع القواعد والمعايير الدولية ومع الممارسات الفضلى المعمول بها‬

‫في المجال الضريبي؛‬

‫تحفيز المقاوالت من أجل دعم تنافسيتها على الصعيد الوطني والدولي؛‬

‫تعبئة االدخار وتوجيهه نحو القطاعات المنتجة؛‬

‫التطبيق التدريجي لمبدأ فرض الضريبة على الدخل اإلجمالي لألشخاص الذاتيين؛‬

‫ترشيد التحفيزات الجبائية بالنظر أثرها االجتماعي واالقتصادي واألولويات الوطنية الواردة في‬

‫المادة ‪ 2‬من هذا القانون‪-‬اإلطار؛‬

‫تبسيط وترشيد رسوم الجماعات الترابية؛‬

‫التقائية القواعد المنظمة لجبايات الجماعات الترابية ومالءمتها مع القواعد المنظمة لجبايات‬

‫الدولة وتجميع الرسوم المتعلقة باألنشطة االقتصادية وتلك المتعلقة بالممتلكات العقارية؛‬

‫تبسيط ومالءمة النظام الجبائي المطبق على أنشطة القرب ذات الدخل المحدود؛‬

‫إدماج القطاع غير المهيكل في االقتصاد المنظم؛‬

‫تعزيز آليات محاربة الغش والتهرب الضريبيين‪.44‬‬

‫‪ 44‬القانون ‪-‬اإلطار رقم ‪ 69.19‬المتعلق باإلصالح الجبائي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.21.86‬صادر في ‪ 15‬من ذي‬
‫الحجة ‪ 26 1442‬يوليو ‪ 2021‬ج ر عدد ‪7007‬‬
‫يهدف اإلصالح الجبائي‪ ،‬موضوع القانون اإلطار رقم ‪ 4569.19‬الصادر بتاريخ ‪26‬‬

‫يوليوز ‪2021 ،‬إلى وضع نظام جبائي فعال ومنصف ومتوازن ومنتج‪ ،‬من شأنه أن يتيح‬

‫لزمية لتمويل السياسات العمومية التي تتمحور حول التنمية‬


‫تعبئة اإلمكانات الضريبية اإل ا‬

‫االقتصادية واإلدماج والتماسك االجتماعيين‪.46.‬‬

‫‪ ،‬كما أن ذات القانون من شأنه وضع حد لالختالالت والمشاكل التي تعاني منها المنظومة‬

‫الجبائية الحالية‪ ،‬وذلك من خالل تحديد مبادئه وأهدافه وآليات تطبيقه وفق أولويات محددة‪ ،‬وكذا‬

‫بتتميم وتعديل ما هو غائب في النظام الحالي‪ ،‬والذي يهم مجموعة من اإلشكاالت والثغرات‬

‫المتعلقة أساسا بجانب االنصاف والعدالة باعتبار هاذين المبدأين هما الركيزة األساسية ألي‬

‫إصالح كيفما كان‪ ،‬وهذا ما ارتكز عليه القانون الجديد‪ ،‬والهادف إلرساء و ضمان مساواة الجميع‬

‫أمام الضريبة لتحقيق العدالة الجبائية المنشودة‪ ،‬كما عمل أيضا على تخفيض العبء الجبائي‬

‫على الخاضعين للضريبة بالموا ازة مع عقلنة االمتيازات و اإلعفاءات الضريبية الغير مبررة‬

‫الممنوحة لفائدة بعض األنشطة و القطاعات‪ ،‬وفق ما هو ساري بالنظام الحالي‪ ،‬كما عمل أيضا‬

‫هذا القانون االصالحي على إعادة النظر في الجدول التصاعدي ألسعار الضريبة على الدخل‬

‫المطبقة على األشخاص الذاتيين‪ ،‬عكس ما هو جاري به العمل وفق نظام جزافي غير عادل‪،‬‬

‫المادة ‪ 4‬من القانون اإلطار ‪ 69.19‬للصالح الجبائي‬ ‫‪45‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم ‪ 2023-2022‬ص ‪29‬‬ ‫‪46‬‬


‫إضافة لتوسيع وعاء هذه الضريبة ومالءمة تحسين نظام المساهمة المهنية الموحدة من أجل‬

‫إدماج القطاع الغير المهيكل‪47.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنزيل مضامين القانون اإلطار ‪69.19‬‬


‫أوال‪ :‬آليات التنزيل‬
‫حدد هذا القانون اإلطار الخطوط العريضة لهذا اإلصالح وآليات وكيفيات تنزيله‪ .‬كما حدد‬
‫أجل خمس سنوات ابتداء من غشت ‪ 2021،‬تاريخ نشره‪ ،‬ألجل التنزيل التدريجي للتدابير ذات‬
‫‪48‬‬
‫األولوية التي نص عليها‬

‫يتعين على الدولة من أجل تنزيل سياستها الجبائية أن تأخذ بعين االعتبار األولويات التالية‪:‬‬

‫تشجيع االستثمار المنتج للقيمة المضافة والمحدث لفرص الشغل ذات جودة ؛‬

‫إعادة التوزيع الفعال وتقليص الفوارق قصد تعزيز العدالة والتماسك اإلجتماعيين؛‬

‫التنمية الترابية وتعزيز العدالة المجالية؛‬

‫تعزيز نجاعة وفعالية اإلدارة الجبائية وتوطيد الثقة المتبادلة مع المرتفقين؛‬

‫االنفتاح على الممارسات الدولية الفضلى في المجال الجبائي‬

‫بنيات الدعم المسماة» الحاضنات أو المسرعات «والتي تقدم للمقاولين خدمات في مجال‬

‫إحداث المقاوالت؛‬

‫‪ 47‬سهام العلوي‪ ،‬اإلصالح الجبائي‪ :‬السياق‪-‬المضامين‪-‬الخالصات‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني ‪ www.almindar .ma‬يوم‬
‫‪ 14‬أكتوبر ‪, 2021‬تاريخ التصفح ‪2024/01/06‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم ‪ 2023-2022‬ص ‪29‬‬ ‫‪48‬‬


‫المقاوالت التي تهدف إلى تجميع المقاولين الذاتيين داخل بنية توفر لهم الخدمات‪،‬‬

‫تسمى« مجمع المقاولين الذاتيين »؛‬

‫إعادة النظر في الجدول التصاعدي ألسعار الضريبة على الدخل المطبقة على األشخاص‬

‫الذاتيين وتوسيع وعاء هذه الضريبة؛‬

‫مالءمة وتحسين نظام المساهمة المهنية الموحدة من أجل تسريع إدماج القطاع غير‬

‫المهيكل‬

‫العمل على المالءمة مع قواعد الحكامة الجيدة المعمول بها دوليا فيً االتفاقيات‬

‫والمعاهدات المبرمة في هذا اإلطار؛ مجال الجبايات وفق ‪-‬ضمان حقوق الملزمين‬

‫‪49‬‬ ‫وحقوق اإلدارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تجليات اإلصالح الضريبي في قانون المالية ‪ 55.23‬لسنة ‪2024‬‬


‫ال شك أن قانون المالية له ارتباط وثيق بالقانون الجبائي هذا األخير يعد‪ ،‬عمليا‪ ،‬مجاال‬

‫إلصالحات متواصلة‪ ،‬بحيث يتم إدخال تجديدات عليه مع كل قانون مالي جديد ‪50‬‬

‫وقد تضمن مشروع قانون المالية رقم ‪51 55.23‬لسنة ‪ 2024‬إجراءات جديدة تخص أساسا‬

‫الضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬وذلك وفق مقاربة تدريجية‪ .‬ويتوخى إصالح هذه الضريبة‪،‬‬

‫‪ 49‬المادة ‪ 2‬من نفس القانون اإلطار ‪69.19‬‬


‫‪ 50‬طارق لباخ ‪،‬قانون مالية ‪ 2016‬وأسس إرساء العدالة الجبائية ‪:‬قراءة نقدية ‪،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية عدد‬
‫خاص ‪2016/‬‬
‫‪ 51‬قانون رقم ‪ 55.23‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.23.91‬صادرفي ‪30‬من جمادى األولى ‪ 14) 1445‬ديسمبر ‪2023‬‬
‫ج ر عدد ‪7259‬‬
‫بحسب المذكرة التقديمية للمشروع المذكور‪ ،‬أهداف اجتماعية وتحقيق العدالة الضريبية وحيادية‬

‫الضريبة على القيمة المضافة ‪.52‬‬

‫تضمن قانون المالية للسنة المالية ‪( 2024‬رقم ‪ ،)55.23‬عددا من المقتضيات الضريبية‬ ‫ّ‬
‫ظر دخولها حيز التنفيذ مع فاتح يناير ‪2024‬‬
‫وكذا التدابير الجمركية الجديدة التي من المنت َ‬
‫منها ‪:‬‬

‫إعفاء المنتجات الصيدلية واألدوات المدرسية ومواد استهالكية‬

‫ونص قانون المالية للعام الجديد على اإلعفاء الضريبي “دون الحق في الخصم” لمنتجات‬
‫“اللوازم واألدوات المدرسية والمواد الخام الداخلة في تركيبتها”‪ ،‬مع “الزبدة المشتقة من الحليب‬
‫ذي األصل الحيواني‪ ،‬باستثناء المنتجات األخرى المشتقة من الحليب”‪ ،‬ثم منتجات “السردين‬
‫(مصبرات) ومسحوق الحليب‪ ،‬والصابون المنزلي (في شكل قطع أو كتل)”‪ .‬كما‬ ‫ال َّ‬
‫معلب‬
‫ّ‬
‫نصت المقتضيات ذاتها على أن “تُعفى من الضريبة (دون الحق في الخصم) أنواع الحليب‬
‫بالرضع”‪ ،‬وفق القانوني المالي كما جرى تعديله والمصادقة عليه‪.‬‬
‫الخاص ُّ‬

‫في وقت كانت الحكومة قد اقترحت‪ ،‬خالل مناقشة مشروع مالية ‪“ ،2024‬زيادات تدريجية”‬
‫موحد لسعر الضرائب المحصلة عن طريق القيمة‬ ‫في أفق “تحقيق استقرار ضريبي وتنسيق ّ‬
‫المضافة” بحلول العام ‪ ،2026‬استقر قانون المالية بعد التعديالت ّ‬
‫المقدمة عليه “اإلعفاء مع‬
‫عدادات‬
‫الحق في الخصم من ضريبة القيمة المضافة على الماء وخدمات التطهير وإيجار ّ‬
‫االستهالك المنزلي للماء‪”.‬‬

‫كما اندرج ضمن شق “اإلعفاءات الدائمة من الضريبة” في قانون مالية ‪“ 2024‬إعفاء‬


‫المعدات والمواد واألدوات التي حصلت عليها مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة المحدثة‬
‫ّ‬
‫بالقانون “رقم ‪ 23.23‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.23.57‬بتاريخ ‪ 12‬يوليوز‬
‫‪ ،2023‬بالنسبة لمجموع أنشطتها أو عملياتها وكذا الدخول المحتملة المرتبطة بها‪”.‬‬

‫‪ 52‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم ‪ 2023-2022‬ص ‪30‬‬


‫واستكمل قانون مالية ‪ 2024‬أحكام الفقرة ‪ 17‬من المادة ‪-I 92‬من المدونة العامة للضرائب‬
‫بـ”اإلعفاء مع الحق في خصم السلع والمواد واألدوات التي حصلت عليها مؤسسة محمد‬
‫السادس للعلوم والصحة المنشأة بموجب القانون رقم ‪″.23-23‬‬

‫ونص القانون المالي ذاته على “إعفاء ضريبة القيمة المضافة‪ ،‬دون خصم‪ ،‬في حدود اإلتاوات‬
‫ورسوم الترخيص المدرجة في القاعدة الضريبية لضريبة القيمة المضافة عند االستيراد”‪ ،‬إذ‬
‫يمنح هذا اإلعفاء في حدود مبلغ ضريبة القيمة المضافة المدفوعة عند االستيراد فيما يتعلق‬
‫باإلتاوات ورسوم الترخيص المذكورة أعاله‪”.‬‬

‫كما أشار قانون المالية إلى “حجز الضريبة في المنبع عن العمليات المنجزة من قبل ّ‬
‫“موردي‬
‫السلع التجهيزية واألشغال الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة‪”.‬‬
‫أبرز اإلعفاءات الضريبية شملت أيضا “الضريبة على القيمة المضافة حين االستيراد”‪ ،‬إذ‬
‫نص القانون على إعفاء “البضائع المشار إليها في المادة ‪ (I – “91‬ألف” – ‪ °1‬و‪ °2‬و‪°3‬‬
‫و‪ °8‬و‪ °9‬و‪°) 10‬باستثناء الذرة والشعير‪”.‬‬

‫مستجدات “الضريبة على الشركات”‬

‫تضمن قانون المالية للعام ‪“ 2024‬تأطي ار قانونيا لتطبيق معدل الضريبة على الشركات ”‪“IS‬‬
‫ّ‬
‫البالغ ‪35‬في المائة‪.‬‬

‫واستكمل القانون المالي أحكام الفقرة “ب” من المادة ‪-I 19‬من مدونة الضرائب بـ”عدم تطبيق‬
‫األحكام التي تستبعد الشركات التي تحقق نتيجة ضريبية صافية تقل عن ‪ 100‬مليون درهم‬
‫لمدة ‪ 3‬سنوات محاسبية متتالية”‪ ،‬مع “تطبيق معدل ‪ 20‬في المائة عندما يكون صافي الربح‬
‫مساويا لهذا المبلغ المحقق أو أكبر منه نتيجة للعائدات غير الجارية (التي تتألف من عائدات‬
‫من التصرف في األصول الثابتة)‪”.53‬‬

‫مالءمة تدريجية لضرائب القيمة المضافة بحلول ‪2026‬‬

‫‪17:00‬‬ ‫‪ . 53‬يوسف يعكوبي مقال منشور بالجريدة االلكترونية هيسبريس تم تصفحه بتاريخ الجمعة ‪ 29‬دجنبر ‪- 2023‬‬
‫ضمن مسار يرتقب انتهاؤه مع قانون مالية ‪ 2026‬في إطار البرمجة الميزانياتية للثالث‬
‫سنوات المقبلة‪ ،‬من المرتقب أن تدشن الحكومة عبر قانون مالية ‪“ 2024‬زيادات تدريجية في‬
‫موحد لسعر‬
‫بعض أصناف ضريبة القيمة المضافة” في أفق “تحقيق استقرار ضريبي وتنسيق ّ‬
‫الضرائب المحصلة عن طريق القيمة المضافة” بحلول العام ‪ ،2026‬حسب ما كانت أوردته‬
‫الوثائق المرفقة بقانون المالية ونوقش في غرفتي البرلمان‪.‬‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬أشار قانون المالية إلى ضرورة “المالءمة التدريجية ّ‬
‫لمعدالت ضريبة القيمة‬
‫ونص على “التقارب التدريجي نحو‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫المعدلين أو س ْع َرْين بحلول عام ‪ّ ”2026‬‬ ‫المضافة ذات‬
‫معدلين أو ِسعرْين بخصوص تطبيق الـ”‪”TVA‬؛ أي ‪ 10‬بالمائة و‪ 20‬بالمائة‪.‬‬‫َّ‬

‫وتسعى الحكومة إلى تنسيق ومواءمة معدالت ضريبة القيمة المضافة “المطبقة على المياه‬
‫وكذلك خدمات الصرف الصحي واستئجار عدادات المياه لالستخدام المهني”‪ ،‬والتي تبلغ حاليا‬
‫‪ 7‬في المائة من خالل رفعها إلى ‪ 10‬في المائة اعتبا ار من ‪ 1‬يناير ‪.2024‬‬

‫المطبق‬
‫ّ‬ ‫كما أشار النص القانوني ذاته للتنسيق التدريجي لمعدل الضريبة على القيمة المضافة‬
‫على الطاقة الكهربائية‪ ،‬والتي تبلغ حاليا ‪ 14‬في المائة من خالل رفعها إلى ‪ 20‬في المائة‬
‫بحلول عام ‪ 2026‬مع “المواءمة التدريجية لمعدل ضريبة القيمة المضافة المطبقة على‬
‫استئجار عدادات الكهرباء والتي تصل حاليا بنسبة ‪ 7‬في األحمر إلى ‪ 20‬األحمر في عام‬
‫‪54‬‬
‫‪”.2026‬‬

‫جدير بالدكر أيضا أنهو ابتداء من فاتح يناير ‪ 2024،‬تغير وتتمم أحكام االمواد ‪ 6‬و ‪ 10‬و‬
‫‪ 19‬و ‪ 29‬و ‪ 30‬و ‪ 34‬و ‪ 35‬و ‪II 38-‬و ‪ 39‬و ‪ 60‬و ‪ 65‬و ‪ 70‬و ‪ 88‬و ‪ 89‬و ‪ 91‬و‬
‫‪ 92‬و ‪ 93‬و ‪ 99‬و ‪ 101‬و ‪ 102‬و ‪ 103‬و ‪II 104-‬و ‪ 106‬و ‪ 112‬و ‪ 117‬و ‪ 121‬و‬
‫‪ 123‬و ‪ 124‬و ‪ 125‬و ‪ 125‬المكررة مرتين و ‪ - III 129‬و ‪ 133‬و ‪ - II 135‬و ‪139‬‬
‫‪- IV‬و ‪ 154‬المكررة مرتين و ‪ 171‬و ‪ 174‬و ‪ 175‬و ‪ 177‬و ‪ 182‬و ‪ 204‬و ‪ 216‬و‬
‫‪ - VIII 220‬و ‪ 221‬المكررة و ‪ - V 232‬و ‪ - (VII XXX - 247‬ألف و ‪VIII XXX‬‬
‫و( ‪ XXXXI‬من المدونة العامة للضرائب املحدثة بموجب امالدة ‪ 5‬من قانون اماللية رقم‬

‫يوسف يعكوبي مرج نفسه‬ ‫‪54‬‬


‫‪ 43.06‬للسنة المالية ‪ 2007،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.232‬بتاريخ ‪10‬‬
‫ذي الحجة ‪ 31) 1427‬ديسمبر ‪ (2006‬كما تم تغييرها وتتميمها‪:55‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬تضمن مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2024‬مقتضيات أخرى من بين أهدافها‬
‫حفظ حقوق الملزمين وتعزيز الثقة بينهم وبين اإلدارة الضريبية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تم إرساء‬
‫نظام يؤسس لمبدأ الحق للملزم في تدارك الخطأ وإمكانية التسوية وبصفة تلقائية لتصريحاته‬
‫التي كانت موضوع اختالالت صدتها اإلدارة الضريبية‪ .‬كما تمت وبصفة استثنائية برسم سنة‬
‫‪ 2024،‬إعادة وضع اإلجراء المتعلق بالتسوية الطوعية للوضعية الجبائية للخاضعين للضريبة‬
‫كما أقره قانون المالية لسنة ‪ 2020.‬وهمت هذه اإلجراءات كذلك تحسين وتبسيط مساطر‬
‫الفحص لمجموع الوضعية الضريبية لألشخاص الذاتيين‪ ،‬وتبسيط المسطرة المتعلقة بالتعسف‬
‫في استعمال حق يخوله القانون وذلك باإلبقاء فقط على تقديم الطعون ذات الصلة أمام اللجنة‬
‫بالضريبة‪.56‬‬ ‫الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة‬

‫خاتمة‬
‫يتبين لنا أن النظام الضريبي الوطني ال يزال بعيدا عن العدالة واإلنصاف رغم اإلصالحات‬

‫التي انخرط فيها في ظل غياب سياسة جبائية تتسم بالوضوح واالنسجام والنجاعة‪ ،‬وفق رؤية‬

‫بعيدة المدى‪ ،‬وباعتماد مقاربة عقالنية وتشاركية وتوافقية ‪ ،‬مع إرادة سياسية قوية في التنزيل‬

‫والدعم ومنطق تدريجي في التفعيل‪ ،‬مع مراعاة اإلكراهات والتشريعات الوطنية والدولية مع‬

‫تحقيق التوازنات بين المصالح القطاعية والفئوية‪.‬‬

‫المادة ‪ 6‬من قانون المالية السنوي لسنة ‪ 2024‬رقم ‪55.23‬‬ ‫‪55‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم ‪ 2023-2022‬ص‪31‬‬ ‫‪56‬‬


‫الئحة المراجع‬
‫❖ الكتب‬
‫• عبد السالم أديب‪ ،‬السياسة الضريبية واستراتيجية التنمية‪ ،‬دراسة تحليلية للنظام‬
‫الجبائي المغربي ‪ ،2000-1956‬الطبعة األولى ‪1998‬‬
‫• عبد الفتاح بلخال الضرائب في المغرب الجزء االول مطبعة دار ابي رقراق للطباعة‬
‫والنشر‬
‫❖ أطاريح ورسائل‬
‫• المهدي السهيمي‪ ،‬إشكالية صناعة القرار الضريبي وسؤال العدالة الضريبية بالمغرب‪،‬‬
‫رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ‪ 2021‬جامعة الحسن األول‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية والسياسية بسطات ‪2021 2020‬‬
‫•‬

‫❖ مقاالت‬
‫• المجلة المغربية للدارة المحلية والتنمية‪ ،‬ع‪ 99‬مزدوج ‪ ،160-159‬يوليوز أكتوبر‬
‫‪2021‬‬
‫• يونس مليح النظام الضريبي والنموذج التنموي الجديد‪ .‬أية عالقة‬

‫• مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية عدد خاص ‪2016/‬‬


‫•‬

‫❖ النصوص التشريعية والتنظيمية‬


‫• ظهير شريف رقم ‪ 4.73.37‬صادر في ‪ 14‬رجب ‪ 13) 4111‬أبريل ‪(4171‬يتضمن األمر‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 3.83‬المتعلق بوضع إطار للصالح الضريبي‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 3834‬بتاريخ ‪ 31‬رجب ‪ 1) 4111‬ماي ‪4171‬‬
‫• قانون رقم ‪ 55.23‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.23.91‬صادر في ‪30‬من‬
‫جمادى األولى ‪ 14) 1445‬ديسمبر ‪ 2023‬ج ر عدد ‪7259‬‬

‫❖ المواقع اإللكترونية‬

‫• ‪www.assahifa.com‬‬
‫• ‪www.hespress.ma‬‬
‫• ‪www.almindar.ma‬‬
‫الفهرس‬
‫‪Table des matières‬‬

‫مقدمة‪2 ..................................................................................................... :‬‬

‫المبحث األول‪ :‬النظام الجبائي الوطني وبدايات اإلصالح ‪5 ..........................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التطور التاريخي للصالح الضريبي بالمغرب ‪5 ..................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬فترة الحماية وبداية االستقالل إلى غاية ‪5 ........................... 1984‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إصدارالقانون اإلطار‪ 83.3‬وأول إصالح ضريبي شامل ‪7 .............................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النظام الضريبي في ظل القانون اإلطار ‪10 ...............................83.3‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬اإلصالح في ظل القانون اإلطار ‪10 ..................................... 83.3‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقييم النظام الضريبي و آفاق اإلصالح ‪12 ............................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬النظام الضريبي وآفاق تحقيق العدالة الجبائية ‪16 ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العدالة الجبائية في ظل السياسة الضريبية ‪16 ...................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم العدالة الضريبية ‪16 .......................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلصالح الجبائي وسبل تحقيق العدالة الضريبية ‪17 ........................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القانون اإلطار ‪ 69.19‬وخارطة اإلصالح ‪22 ....................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قراءة في مضامين القانون اإلطار ‪22 ...........................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنزيل مضامين القانون اإلطار ‪25 ......................................69.19‬‬

‫إعفاء المنتجات الصيدلية واألدوات المدرسية ومواد استهالكية ‪27 ............................‬‬

‫خاتمة ‪30 .....................................................................................................‬‬

‫الئحة المراجع ‪31 ........................................................................................‬‬

You might also like