مجلس الامن

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 244

‫سلسلة الدراسات القانونية (‪)5‬‬

‫آثار السلطة التقديرية‬

‫لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬

‫د‪ .‬طارق السر محمد خير‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪2024‬م‬
‫سلسلة الدراسات القانونية (‪)5‬‬

‫آثار السلطة التقديرية‬

‫لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬

‫د‪ .‬طارق السر محمد خير‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪2024‬م‬
‫اسم الكتاب‬
‫آثار السلطة التقديرية‬

‫لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬

‫اسم الكاتب‬
‫د‪ .‬طارق السر محمد خير‬

‫اإليداع القانوني‬
‫‪2024/.......‬م‬

‫تاريخ النرش‪:‬‬
‫الطبعة األوىل ‪2024 -‬م‬
‫جميع حقوق الطبع محفوظة للنارش واملؤلف‬

‫ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه كنسخة إلكرتونية أو نقله‬
‫بأي شكل من األشكال دون إذن خطي مسبق من املؤلف والنارش‬
‫ﱫﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕ‬
‫ﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛ‬
‫ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﱪ‬
‫(سورة األعراف‪ :‬اآلية ‪)54‬‬
‫المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪9‬‬ ‫اإلهداء‬
‫‪11‬‬ ‫املقدمة‬
‫الفصل األول‬
‫ماهية مجلس األمن‬
‫‪15‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬مفهوم مجلس األمن الدويل‬
‫‪15‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف مجلس األمن وتشكليه‬
‫‪21‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬الشخصية القانونية ملجلس األمن الدويل‬
‫‪24‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬طريقة عمل مجلس األمن الدويل‬
‫‪27‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬نظام عمل مجلس األمن الدويل واللجان التابعة له‬
‫‪27‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬نظام عقد اجتماعات مجلس األمن الدويل‬
‫‪30‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬نظام التصويت يف مجلس األمن‬
‫‪34‬‬ ‫املطلب الثالث ‪ :‬اللجان التابعة ملجلس األمن الدويل‬
‫‪39‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬عالقة مجلس األمن بمنطقة األمم املتحدة‬
‫‪39‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬قيام منظمة األمم املتحدة وأهدافها ومبادئها وعضويتها‬
‫‪45‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬أجهزة األمم املتحدة‬
‫‪61‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬تبعية مجلس األمن الدويل ملنظمة األمم املتحدة‬
‫الفصل الثاني‬
‫سلطات واختصاصات مجلس األمن الدويل يف اتخاذ القرارات الدولية‬
‫‪65‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬سلطات واختصاصات مجلس األمن الدويل يف اتخاذ القرارات الدولية‬
‫‪65‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬الوسائل الدبلوماسية والسياسية‬
‫‪69‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬الوسائل القضائية‬
‫‪74‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬اللجوء إىل الوكاالت والتنظيمات اإلقليمية‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪5‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪77‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬سلطات واختصاصات مجلس األمن وفقا ً للفصل السابع‬

‫‪77‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مقتضيات تطبيق التدابري األزمة يف حالة تهديد السلم أو اإلخالل‬
‫به أو وقوع العدوان‬
‫‪80‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬سلطات مجلس األمن باتخاذ التدابري‬
‫‪85‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬االختصاصات والسلطات األخرى ملجلس األمن الدويل‬
‫‪85‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬االختصاصات ذات العالقة بالعضوية يف األمم املتحدة‬

‫‪88‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬االختصاصات املتعلقة بنشاط بعض األجهزة الرئيسية األخرى‬
‫لألمم املتحدة‬
‫‪91‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬االختصاصات ذات العالقة بالتسليح‬
‫‪93‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬القيمة القانونية مجلس األمن الدوىل‬
‫‪93‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬اتخاذ القرارات يف مجلس األمن‬
‫‪95‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬ضوابط اتخاذ القرارات يف مجلس األمن‬
‫‪105‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬القيمة القانونية لقرارات مجلس األمن الدويل‬
‫الفصل الثالث‬
‫مفهوم السيادة الوطنية‬
‫‪119‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬ماهية السيادة الوطنية‬
‫‪119‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬مفهوم السيادة الوطنية ونشأتها‬
‫‪129‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬خصائص السيادة‬
‫‪131‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬مصدر السيادة‬
‫‪145‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬مظاهر السيادة الوطنية‬
‫‪145‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬مظاهر السيادة الداخلية‬
‫‪153‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬املظاهر الخارجية للسيادة‬
‫‪159‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬وضع السيادة يف إطار القانون الدويل العام‬
‫‪159‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬التوفيق بني السيادة والتنظيم الدويل يف ظل تطور القانون الدويل‬
‫‪164‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬موقف بعض املنظمات الدولية من السيادة‬
‫الفصل الرابع‬
‫ٓ‬
‫السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل والية الرقابة عليها‬
‫‪175‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬مفهوم السلطة التقديرية‬
‫‪175‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬السلطة التقديرية ملجلس األمن يف التدخل ألسباب إنسانية‬
‫‪178‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬السلطة التقديرية ملجلس األمن يف محاربة اإلرهاب‬

‫‪185‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬السلطة التقديرية ملجلس األمن ب ٕانشاء محاكم مؤقتة محاسبة‬
‫مجرمي الحرب‬

‫‪188‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬السلطة التقديرية ملجلس األمن بإحالة النزاع للمحكمة الجنائية‬
‫الدولية‬

‫‪190‬‬
‫املطلب الخامس‪ :‬السلطة التقديرية ملجلس األمن إلرسال قوات للسودان لدعم‬
‫االنتقال الديمقراطي‬
‫‪195‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬رقابة الجمعية العامة عىل قرارات مجلس األمن الدويل‬
‫‪195‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬العالقة بني الجمعية العامة ومجلس األمن الدويل‬
‫‪203‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬رقابة محكمة العدل الدولية عيل قرارات مجلس األمن الدويل‬
‫‪215‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬رقابة محكمة العدل الدولية عىل مجلس األمن الدويل‬
‫‪215‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬طبيعة العالقة بني محكمة العدل الدولية ومجلس األمن الدويل‬
‫‪219‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬أنواع رقابة محكمة العدل الدولية عيل قرارات مجلس األمن‬
‫‪237‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪239‬‬ ‫املصادر واملراجع‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪7‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫اإلهـــداء‬
‫أهدي هذا الكتاب‪:‬‬

‫ً‬
‫كبيــرا‪ ،‬وأفهمنــي‬ ‫ً‬
‫صغيــرا‪ ،‬وثقفنــي‬ ‫إلــى والــدي الــذى ربانــي‬
‫معانــي الرحمــة والحنــان‪ ،‬وعلمنــي أن الحــق خيــر مــا فــي هــذا‬
‫العالــم‪ ،‬وأقــدس مــا فــي الوجــود‪ ،‬والــذي لــواله لمــا اســتطعت‬
‫ً‬
‫علمــا‪.‬‬ ‫ً‬
‫حرفــا أو أعلــم‬ ‫ً‬
‫قلمــا أو أكتــب‬ ‫أن أحمــل‬

‫إلــى روح والدتــي التــي ربتنــي علــى أن الوجــود الكريــم مغامــرة‬


‫طاهــرة‪ ،‬وجزاؤهــا طمأنينــة النفــس الراضيــة فــي عالــم أســمى‬
‫فأســمى وفــي أثنــاء ذلــك كلــه‪ ،‬علمتنــي بإيمانهــا ســبيل إيمانــي‪.‬‬

‫إلى األسرة الصغيرة‪:‬‬

‫الزوجــة العزيــزة مزاهــر‪ ،‬التــي ظلــت إلــى جانبــي فــي كل خطــوة‬


‫داعمــة ومســاهمة ومشــجعة‪ ،‬لهــا كل اإلحتــرام والتقديــر‪ ،‬واألبنــاء‬
‫األعــزاء لجيــن وعمــر ولــدن‪.‬‬

‫ً‬
‫جميعا أهدي هذا الجهد المتواضع ‪،،،‬‬ ‫إليكم‬

‫المؤلف‬
‫الـمقــدمــة‬
‫الحمــد للــه رب العاملــن والصــاة والســام عــى املبعــوث رحمــة للعاملــن ســيدنا‬
‫محمــد بــن عبداللــه خاتــم األنبيــاء واملرســلني وعــى آلــه وصحبــه األكارم الطيبــن‬
‫وبعد‪:‬‬
‫لكــي تحقــق هيئــة األمــم مهمــة الحفــاظ عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فقــد عهــد‬
‫لجهــاز هــام مــن أجهزتهــا للقيــام بهــذه املهمــة وهــو مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬حيــث‬
‫أفــرد لــه ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬نصوصـا ً مــن أجــل تســهيل مهامــه يف الحفــاظ عــى‬
‫الســلم واألمــن الدوليــن‪.‬‬
‫ولــدى مجلــس األمــن مســؤولية رئيســية‪ ،‬بموجــب ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬مــن أجــل‬
‫الحفــاظ عــى الســام واألمــن الدوليــن‪ ،‬ومــن مســؤولية مجلــس األمــن تحديــد زمــان‬
‫ومــكان نــر عمليــة حفــظ الســام‪ ،‬ويســتجيب مجلــس األمــن لألزمــات يف جميــع‬
‫أنحــاء العالــم لــكل حالــة عــى حــدة‪ ،‬ولديــه مجموعــة مــن الخيــارات تحــت ترصفــه‪.‬‬
‫ويتطلــب األمــر مراعــاة العديــد مــن العوامــل املختلفــة عنــد النظــر يف تشــكيل عمليــة‬
‫جديــدة لحفــظ الســام‪ ،‬ويمكــن ارســال بعثــة بعثــة مــن االمــم املتحــدة اذا اقتــى‬
‫االمــر ذلــك ولكــن البــد مــن ضمــان ســامة موظفــي األمــم املتحــدة وأمنهــم بشــكل‬
‫معقــول‪ ،‬بمــا يف ذلــك عــى وجــه الخصــوص الحصــول عــى ضمانــات معقولــة مــن‬
‫األطــراف أو الفصائــل الرئيســية فيمــا يتعلــق بســامة وأمــن أفــراد األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫ويشــكل مجلــس األمــن عمليــة حفــظ ســام عــن طريــق اعتمــاد قــرار مجلــس األمن‪،‬‬
‫ويحــدد القــرار واليــة البعثــة وحجمهــا‪ ،‬ويراقــب مجلــس األمــن نشــاط عمليــات األمم‬
‫املتحــدة لحفــظ الســام بشــكل مســتمر‪ ،‬عــن طريــق تقاريــر دوريــة مــن األمــن‬
‫العــام وعقــد جلســات مخصصــة ملجلــس األمــن ملناقشــة نشــاط عمليــة معينــة‪.‬‬
‫يصــوت مجلــس األمــن عــى مــد أو تعديــل أو إنهــاء واليــات البعثــة عــى‬ ‫ويمكــن أن َ‬
‫النحــو الــذي يــراه مناس ـبًا‪ ،‬ويتفــق جميــع أعضــاء األمــم املتحــدة‪ ،‬بموجــب املــادة‬
‫‪ 25‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬عــى املوافقــة عــى قــرارات مجلــس األمــن وتنفيذهــا‪.‬‬
‫وبينمــا تقــدم أجهــزة األمــم املتحــدة األخــرى توصيــات للــدول األعضــاء‪ ،‬فــإن املجلس‬
‫وحــده لديــه ســلطة اتخــاذ القــرارات التــي تلتــزم الــدول األعضــاء بتنفيذهــا‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪11‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفصل األول‬

‫ماهية مجلس األمن الدولي‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم مجلس األمن الدولى‬

‫المبحث الثاني‬
‫نظام عمل مجلس األمن الدولي واللجان التابعة له‬

‫المبحث الثالث‬
‫عالقتة بمنظمة األمم المتحدة‬
‫الفصل األول‬
‫ماهية مجلس األمن الدولي‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم مجلس األمن الدولى‬
‫تقديم‪:‬‬
‫يتنــاول هــذا املبحــث التعريــف بمجلــس األمــن‪ ،‬مــن خــال توضيــح تشــكيله‬
‫والعضويــة فيــه وكيفيــة االنضمــام إليــه‪ ،‬وتنــاول شــخصية مجلــس األمــن القانونيــة‬
‫وطريقــة عملــه‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف مجلس األمن وتشكليه‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف مجلس األمن‪:‬‬
‫هــو األداة التنفيذيــة للمنظمــة ويمثــل القلــب النابــض النشــط لألمــم املتحــدة حيــث‬
‫أنــه يقــوم نيابــة عــن الــدول األعضــاء بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن(‪.)1‬‬
‫ومجلــس األمــن هــو الجهــاز التنفيــذي لألمــم املتحــدة املنــوط بصيانــة الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن‪ ،‬وقمــع العــدوان وإنــزال العقوبــات باألعضــاء املخالفــن(‪ )2‬وفقــا ً لنــص‬
‫املــادة (‪ )1/24‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫والن مجلــس األمــن هــو الجهــاز املكلــف باحتــواء ومعالجــة األزمــات الدوليــة يف وضع‬
‫يســمح لــه باالنعقــاد يف أي وقــت ملواجهــة جميــع االحتمــاالت أو املواقــف الطارئــة‬
‫ولذلــك الــزم امليثــاق الــدول األعضــاء يف املجلــس ان يكــون لهــا تمثيــل دائــم يف تمثيــل‬
‫يف مقــر الهيئــة ومــن ثــم فعــادة مــا يكــون رئيــس البعثــة الدائمــة للدولــة العضــو‬
‫يف مجلــس األمــن لــدى األمــم املتحــدة هــو ممثــل هــذه الدولــة يف اجتماعــات مجلــس‬
‫األمن(‪.)3‬‬

‫((( التنظيــم الــدويل واإلقليمــي املبــادئ واألهــداف‪ ،‬الطاهــر محمــد أحمــد الشــيخ الفــادين‪ ،‬مطبعــة جــي تــاون‪ ،‬الخرطــوم‪ ،‬الســودان‪2012 ،‬م‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫ص‪.10‬‬
‫((( التنظيــم الــدويل (النظريــة واملنظــات العامليــة واإلقليميــة واملتخصصــة) ‪ ،‬د‪ .‬محمــد املجــذوب‪ ،‬منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫ط‪2007 ،2‬م‪ ،‬ص‪.525‬‬
‫((( األمم املتحدة خالل نصف قرن‪ ،‬د‪ .‬حسن نافعة‪ ،‬عامل املعرفة‪ ،‬الكويت‪1995 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪15‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تكوين مجلس األمن‪:‬‬
‫يتألــف مجلــس األمــن مــن خمســة عــر عضــوا ً مــن األمــم املتحــدة وتكــون جمهورية‬
‫الصــن وفرنســا وروســيا‪ ،‬واململكــة املتحــدة لربيطانيــا العظمــى ‪ ،‬والواليــات املتحــدة‬
‫األمريكيــة أعضــاء دائمــن فيــه‪ ،‬وتنتخــب الجمعيــة العامــة عــرة أعضــاء آخريــن‬
‫مــن األمــم املتحــدة ليكونــوا أعضــاء غــر دائمــن يف املجلــس‪ ،‬ويراعــى يف ذلــك قبــل‬
‫كل يشء مســاهمة أعضــاء األمــم املتحــدة يف حفــظ الســلم واألمــن الــدويل ويف مقاصــد‬
‫الهيئــة األخــرى‪ ،‬كمــا يراعــى أيضـا ً التوزيــع الجغــرايف العــادل(‪.)1‬‬
‫كان عــدد أعضــاء مجلــس األمــن الــدويل عنــد إنشــاء منظمــة األمــم املتحــدة (‪)12‬‬
‫عضــوا ً وبعــد أن عدلــت املــادة (‪ )23‬مــن امليثــاق بموجــب القــرار ذي الرقــم ‪1991‬م‬
‫يف ‪ 17‬ديســمرب ‪1963‬م اصبــح عــدد أعضائــه (‪ )15‬عضــواً‪ ،‬ويتكــون مجلــس األمــن‬
‫الــدويل مــن مجموعتــن مــن االعضــاء وكمــا يــي ‪:‬‬
‫الطائفة األولى‪ :‬األعضاء الدائمون‪:‬‬
‫وعددهــم خمســة وهــم (الصــن‪ ،‬الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬فرنســا‪ ،‬وبريطانيــا‪،‬‬
‫واالتحــاد الســوفيتي ســابقا ً (روســيا حالي ـاً)‪.‬‬
‫وتجــدر االشــارة ايل أن الــدول الخمــس ســالفة الذكــر اعــاه كانــت تمثل قمــة التحالف‬
‫الــدويل التــي حققــت النــر عــى دول املحــور يف الحــرب العامليــة الثانيــة‪ .‬وكانــت يف‬
‫الوقــت نفســه هــي التــي أدت الــدور االول يف تأســيس منظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬بغــرض‬
‫املحافظــة عــى الســلم األمــن الدوليــن وتحقيــق األمــن الجماعــي‪.‬‬
‫ومــن هنــا حرصــت هــذه الــدول وعــى وجــه التحديــد كل مــن بريطانيــا‪ ،‬والواليــات‬
‫املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬واالتحــاد الســوفيتي عنــد وضــع امليثــاق‪ ،‬عــى أن يكــون لهــا‬
‫مــكان مميــز عــن الــدول األخــرى يف املنظمــة الدوليــة‪ ،‬عــن طريــق اكتســاب عضويــة‬
‫دائمــة يف املجلــس‪ ،‬وان تكــون لهــذه العضويــة الدائمــة حــق خــاص يف التمييــز‬
‫بالتصويــت عــن الــدول االخــرى يف مجلــس األمــن الــدويل(‪.)2‬‬
‫وقــد كان عهــد عصبــة األمــم‪ ،‬ينــص عــى األعضــاء الدائمــن يف مجلــس األمــن وهــم‬
‫(فرنســا‪ ،‬إيطاليــا‪ ،‬اليابــان‪ ،‬بريطانيــا والواليــات املتحــدة)‪ .‬إال أنــه كان يعطــي بموافقة‬

‫((( ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )23‬‬


‫((( منظمة األمم املتحدة‪ ،‬محمد صالح املسفر‪ ،‬كلية االدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة قطر‪ ،‬قطر‪1997 ،‬م‪ ،‬ص‪.232‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪16‬‬
‫أغلبيــة أعضــاء الجمعيــة إمكانيــة تعــن أعضــاء دائمــن آخريــن (م‪ .)4‬ولــم يتضمــن‬
‫ميثــاق األمــم املتحــدة مثــل هــذا النــص‪ ،‬ولذلــك فــإن أي تغــر لقائمــة األعضــاء‬
‫الدائمــن يتطلــب تعديــل امليثــاق نفســه(‪.)1‬‬
‫الطائفة الثانية‪ :‬األعضاء غير الدائمين‪:‬‬
‫وعددهــم عــرة تنتخبهــم الجمعيــة العامــة ملــدة ســنتني‪ ،‬مــع مراعــاة أن العضــو‬
‫الــذي انتهــت مدتــه ال يجــوز إعــادة انتخابــه عــى الفــور‪ ،‬ويرجــع عــدم تجديــد‬
‫العضويــة تلقائيــا ً يف مجلــس األمــن إىل ســببني‪:‬‬
‫األول‪ :‬إتاحة الفرصة أمام الدول األعضاء األُخرى‪ ،‬أن تصبح عضوا ً يف الجهاز‪.‬‬
‫الســبب الثانــي‪ :‬أال تصبــح عضويــة دولــة بعينهــا قريبــة أو مســاوية لعضويــة الــدول‬
‫الخمــس الكــرى‪ ،‬إذا مــا تــم تجديــد عضويتهــا كلمــا انتهــت مــدة الســنتني‪ ،‬ويراعــي‬
‫يف اختيــار هــؤالء األعضــاء أمريــن‪ :‬مــدي مســاهمة الــدول املعنيــة يف حفــظ الســلم‬
‫واألمــن الدوليــن‪ ،‬ويف تحقيــق مقاصــد الهيئــة األخــرى وتحقيــق نــوع مــن التوزيــع‬
‫الجغــرايف العــادل (‪.)2‬‬
‫وضــع هــذا النــص الــذي حددتــه املــادة ‪ 1/23‬ارضــاءا ً للــدول متوســطة األهميــة‬
‫التــي طالبــت يف مؤتمــر ســان فرانسســكو بــأن يكــون لهــا وضــع خــاص يف مجلــس‬
‫األمــن إىل جــوار الــدول الكــرى‪ ،‬عــى أســاس مــا تملكــه مــن إمكانيــات عســكرية‬
‫واقتصاديــة (‪.)3‬‬
‫وقــد عقــد يف بدايــة حيــاة املنظمــة عــام ‪1946‬م اتفــاق ودي بــن أعضاءهــا ينظــم‬
‫كيفيــة توزيــع املقاعــد الســتة آنــذاك عــى املناطــق الجغرافيــة املختلفــة‪ ،‬فأتفــق عــى‬
‫أن تختــص مجموعــة الــدول األمريكيــة بمقعديــن مــن مقاعــد املجلــس‪ ،‬وأن تختــص‬
‫دول رشق أوربــا بمقعــد واحــد‪ ،‬وأن تختــص دول غــرب أوروبــا بمقعــد واحــد كذلــك‬
‫وأن يخصــص مقعــد واحــد لــدول الكومنولــث الربيطانــي ومقعــد لــدول الــرق‬
‫األوسط(‪.)4‬‬

‫منظمة األمم املتحدة‪ ،‬أحمد أبوالوفا‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.349‬‬ ‫(((‬


‫قانون املنظامت الدولية‪ ،‬محمد سامى عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.100‬‬ ‫(((‬
‫املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬عبد الفتاح بيومي حجازي‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.101‬‬ ‫(((‬
‫املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬سعيد عبد اللطيف حسن‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.90‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪17‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وبنــاء عــى نــص املــادة ‪ 143‬مــن النظــام الداخــي للجمعيــة العامــة يتــم انتخــاب‬
‫األعضــاء غــر الدائمــن عــى بنــاء عــى اآلتــي‪:‬‬
‫‪1 .‬مــدى مســاهمة أعضــاء األمــم املتحــدة يف حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن ويف‬
‫تحقيــق أهــداف الهيئــة‪.‬‬
‫‪2 .‬التوزيع الجغرايف العادل بما يكفل تمثيل مختلف مناطق العالم‪.‬‬
‫يتم انتخاب أعضاء املجلس غري الدائمني وفقا للنمط التايل‪:‬‬
‫‪ .‬أخمسة (‪ )5‬أعضاء من دول آسيا وأفريقيا‪.‬‬
‫‪ .‬ب عضو واحد من دول أوروبا الرشقية‪.‬‬
‫‪ .‬جعضوان من أمريكا الالتينية‪.‬‬
‫‪ .‬دعضوان من دول أوروبا الغربية ودول أخرى‪.‬‬
‫بالنظــر إىل األعضــاء املكونــن ملجلــس األمــن نجــد أنــه متكامــل ومتــوازن باعتبــار‬
‫أن جميــع الــدول املكونــة لــه تشــمل منطقــة جغرافيــة معينــة ومتســاوية‪ ،‬إال أننــا‬
‫لــو نظرنــا إىل القــرارات املتخــذة مــن طــرف مجلــس األمــن لقلنــا أنــه ال يطابــق‬
‫رأي كل أعضائــه إذ ال يمثــل ســوى رأي الــدول الكــرى فقــط وعــى رأســها الواليــات‬
‫املتحــدة األمريكيــة‪ .‬فالتشــكيلة وعمليــة االنتخــاب أصبــح أمــر كالســيكي وأحــادي‬
‫داخــل مجلــس األمــن يف اتخــاذ القــرارات واللوائــح الدوليــة(‪.)1‬‬
‫فقــد أراد االتحــاد الســوفيتي أن يــرر مكانــة الــدول غــر الدائمــة باعتبــار أنهــا تمثــل‬
‫العــدد األكــر يف مجلــس األمــن (‪ )70%‬وبهــذا فــإن هــذا األخــر ال يســتطيع أن يتخــذ‬
‫قــرارا دون موافقــة مجموعــة هــذه الــدول‪ ،‬إال أنــه ولــو اجتمعــت كل الــدول أي ‪14‬‬
‫مــن ‪ 15‬يف مجلــس األمــن واســتعمل حــق الفيتــو مــن طــرف إحــدى الــدول الدائمــة‬
‫العضويــة فــإن هــذا القــرار ال يصــدر أصـاً‪.‬‬
‫فقــد كان االتحــاد الســوفيتي يبحــث عــن كل األســباب ليبقــى مجلــس األمــن عــى‬
‫حالــه ومحاولــة إعطائــه الصفــة الرشعيــة يف تكوينــه واتخــاذ قراراتــه‪.‬‬

‫((( قانــون املجتمــع الــدويل املعــارص‪ ،‬د‪ .‬بــن عامــر تونــي‪ ،‬ديــوان املطبوعــات الجامعيــة‪ ،‬االســكندرية‪ ،‬مــر‪1993 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.189‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪18‬‬
‫ولــذا فــإن رفــع عــدد دول مجلــس األمــن إىل ‪ 15‬كان يعمــل لصالــح التطــور الــدويل‬
‫حيــث كان عــدد أعضــاء األمــم املتحــدة يقــدر بـــ ‪ 113‬عضــوا‪ ،‬فالفــرق املوجــود بــن‬
‫أعضــاء الجمعيــة العامــة‪ ،‬ومجلــس األمــن إىل جانــب معطيــات سياســية أخــرى‬
‫تفــرض مــن ‪ 11‬إىل توســيع مجلــس األمــن‪.‬‬
‫فقــد طالبــت الجزائــر بــأن التزايــد يف أعضــاء الجمعيــة العامــة يعكــس التمثيــل‬
‫العــادل بالنســبة للقــارة اإلفريقيــة يف مجلــس األمــن وبــرورة زيــادة عــدد املقاعــد‬
‫املمنوحــة للــدول اإلفريقيــة(‪.)1‬‬
‫إن الــدور الســلبي الــذي تلعبــه الــدول العــر غــر الدائمــة العضويــة يف مجلــس‬
‫األمــن‪ ،‬عــى أســاس أن الــدول الكــرى هــي التــي تتالقــى العــبء األكــر يف مســألة‬
‫تحقيــق الســلم واألمــن‪ ،‬عــر عنــه األســتاذ إســماعيل فهمــي(‪ )2‬قائـاً‪ :‬أن الــدول حديثة‬
‫االســتقالل ليســت عــى درجــة مــن النضــج الســيايس تجعلهــا تســتوعب جديــة‬
‫وخطــورة القــرارات التــي تتخــذ يف مثــل هــذا التنظيــم الــدويل وينبعــث عــدم النضــج‬
‫مــن حقيقــة أن هــذه الــدول مــن آســيا وإفريقيــا عنــد حصولها عــى اســتقاللها تدخل‬
‫املجتمــع الــدويل وتجــد نفســها مواجهــة بأوضــاع تفــرض عليهــا اتخــاذ قــرارات‬
‫كبــرة ويــؤدي عــدم النضــج إىل القــرارات غــر الواقعيــة التــي اتخذهــا مجلــس األمــن‬
‫يف الســنني األخــرة والتــي كانــت ســببا يف إضعــاف األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫وكأن الــدول غــر دائمــة العضويــة كانــت لهــا الكلمــة يف تقريــر األمــور داخــل مجلس‬
‫األمــن إىل جانــب املشــاركة يف اتخاذ القــرارات‪.‬‬
‫إن هــذا التربيــر لألســتاذ إســماعيل فهمــي ال يخــدم بتاتــا التطــور يف نظــر الــدول‬
‫التــي تبحــث عــن توســيع مجلــس األمــن إذ إن هــذه القاعــدة ال تخــدم ســوى الــدول‬
‫الكــرى وتزيــد الــدول الصغــرى ضعفــا(‪.)3‬‬

‫((( اجتامع الجمعية العامة رقم ‪ ،A/48/264‬ليوم ‪1993/7/26‬م‪ ،‬نيويورك‪ ،‬الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫((( إســاعيل فهمــي‪ ،‬ســيايس ودبلومــايس مــري‪ ،‬ولــد ســنة ‪1922‬م كان ســفري مــر إىل النمســا مــن ‪1968‬م إىل ‪1971‬م‪،‬‬
‫ووزيـرا للســياحة ‪1973‬م‪ ،‬ووزيـ ًرا للخارجيــة مــن ‪1977 – 1973‬م‪ ،‬ونائبــا لرئيــس الــوزراء ‪1977 – 1975‬م‪ .‬وقــد منــح درجــة‬
‫األســتاذية‪ .‬اســتقال مــن الحكومــة يف العــام ‪1977‬م اعرتاضــا عــى زيــارة الرئيــس محمــد أنــور الســادات إىل إرسائيــل‪ ،‬وقــد‬
‫كان شــديد االنتقــاد لسياســة الســادات وقراراتــه‪ ،‬تــويف يف العــام ‪1997‬م‪https://ar.wikipedia.org .‬‬
‫((( مســتقبل األمــم املتحــدة‪ ،‬املجلــة املرصيــة للقانــون الــدويل‪ ،‬إســاعيل فهمــي‪ ،‬الجمعيــة املرصيــة للقانــون الــدويل‪،‬‬
‫مطبعــة االســكندرية‪ ،‬مــر‪ ،‬املجلــد الثــاين والعــرون‪1966 ،‬م‪ ،‬ص‪.213‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪19‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ويالحــظ أن تحديــد املقصــود بــدول رشق أوربــا قــد أثــار خالفـا ً كبــر بــن أعضــاء‬
‫املنظمــة‪ ،‬خــال احتــدام الحــرب البــاردة‪ .‬فبينمــا ذهــب االتحــاد الســوفيتي إىل أن‬
‫املقصــود هــو الــدول الشــيوعية الواقعــة يف رشق أوربــا‪ ،‬ذهبــت املجموعــة الغربيــة‬
‫إىل أن املقصــود هــو املعنــي الجغــرايف لالصطــاح وإيل أنــه يحــق لــكل مــن تركيــا‬
‫واليونــان وفقــا ً لهــذا التحديــد أن تشــغال مقعــد رشق أوربــا يف املجلــس(‪.)1‬‬
‫لقــد وجهــت انتقــادات عديــدة عــى تكويــن مجلــس األمــن الــدويل بعــدد اعضائــه‪،‬‬
‫اجــاب البعــض عــى هــذه االنتقــادات‪ ،‬إذ اشــار اىل ان القصــد مــن تحديــد حجــم‬
‫املجلــس بهــذا العــدد القليــل مــن األعضــاء‪ ،‬هــو ايجــاد هيئــة تســتطيع اداء املهــام‬
‫امللقــاة عــى عاتقهــا‪ ،‬بغيــة ضمــان تمثيــل مختلــف املصالــح الدوليــة‪ .‬أمــا وجــود‬
‫األعضــاء الدائمــن فيعــزى إىل ان تلــك الــدول هــي التــي تحملت املســؤولية الرئيســة يف‬
‫مواجهــة دول املحــور يف الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬وعليــه فهــي تتحمــل الدرجة نفســها‬
‫مــن املســؤولية يف اســتمرار اســتتباب الســلم واألمــن الدوليــن بعــد الحــرب العامليــة‬
‫الثانيــة(‪.)2‬‬
‫ويجــدر بنــا ان نالحــظ ان التفريــق يف عضويــة مجلــس األمــن مــن عضويــة دائمــة‬
‫وعضويــة غــر دائمــة‪ ،‬والتميــز يف كيفيــة التصويــت يتعــارض مــع مبــدأ املســاواة يف‬
‫الســيادة بــن جميــع الــدول األعضــاء كمــا جــاء يف (املــادة ‪.)3()1/2‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬طلب االنضمام لمجلس األمن‪:‬‬
‫إن مســألة توســيع مجلــس األمــن تطــرح مســألة درجــة الــدول الدائمــة العضويــة‬
‫املكونــة ملجلــس األمــن‪.‬‬
‫ففــي حالــة تالقــي اإلرادات الدوليــة يف مســألة زيــادة أو انضمــام عــدد مــن الــدول‬
‫األخــرى كعضــو دائــم يف مجلــس األمــن ومــدى صالحيــة األعضــاء الجــدد يف املجلــس‪.‬‬
‫فإنــه يتعــن عــى الــدول أن تفــرض مقاييــس جديــدة أكثــر عقالنيــة أخــذه بعــن‬
‫االعتبــار الحقائــق الدوليــة الحاليــة وقبــول واســع لــكل الــدول املســتوفاة للــروط‬
‫املعلنــة وعــى هــذا األســاس فــإن مقيــاس املســاواة يجــب أن تنطبــق عــى جميــع‬

‫((( القانــون الجنــايئ الــدويل يف عــامل متغــر‪ ،‬عــي يوســف الشــكري‪ ،‬اي ـراك للطباعــة والنــر‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪2006 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.101‬‬
‫((( مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد مهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫((( منظمة األمم املتحدة‪ ،‬محمد صالح املسفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.235 - 234‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪20‬‬
‫الــدول املتقدمــة أو الســائرة يف طريــق النمــو يف الحصــول عــى مقعــد كعضــو دائــم يف‬
‫مجلــس األمــن‪ ،‬أمــا بالنســبة للمقيــاس االقتصــادي أو املــايل فمــن األفضــل أن يكــون‬
‫نســبي‪.‬‬
‫قدمــت اليابــان وأملانيــا طلبــا للحصــول عــى مقعــد دائــم يف مجلــس األمــن وذلــك‬
‫عــى أســاس املســاهمات املاليــة واملاديــة املتزايــدة لــكل منهمــا ومســاندتها لألمــم‬
‫املتحــدة يف مســارها األمنــي‪.‬‬
‫فقــد أيــدت الواليــات املتحــدة األمريكيــة قبــول انضمامهمــا باعتبارهمــا دولتــان‬
‫اقتصاديتــان تنافســها يف األســواق العامليــة‪ ،‬وألن هــذه األخــرة ليســت لهــا املــال الكايف‬
‫للقيــام بحــل كل املنازعــات الجهويــة لوحدهــا‪.‬‬
‫كمــا ســعت دول أخــرى مثــل الربازيــل ‪ -‬مــر ‪ -‬الهنــد ‪ -‬نيجريــا إىل الحصــول عــى‬
‫الدائمــة بســبب األهليــة الديمغرافيــة أو التأثــر الســيايس يف أقاليمهــا أو يف العضويــة‬
‫مجموعــات معينــة مــن البلــدان(‪.)1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الشخصية القانونية لمجلس األمن الدولي‪:‬‬
‫الشــخصية القانونيــة تعــر عــن العالمــة التــي تقــوم بــن وحــدة معينــة وبنظــام‬
‫قانــون محــدد‪ ،‬وتمثــل هــذه العالقــة يف إســناد هــذا النظــام مجموعــة مــن الحقــوق‬
‫أو االلتزامــات لهــذه الوحــدة(‪.)2‬‬
‫أن وصــف الشــخصية القانونيــة الدوليــة وفــق قواعــد القانــون الــدوىل التقليــدى‬
‫التنطبــق اال للــدول ‪ ،‬فالــدول هــي أشــخاص النظــام القانونــي التــي يكــون لهــا‬
‫اكتســاب الحقــوق وتحمــل االلتزامــات‪ ،‬والقيــام بالترصفــات القانونيــة واللجــوء إىل‬
‫القضــاء الــدويل‪ ،‬وبعبــارة أخــرى فــإن الــدول هــي أشــخاص القانــون الــدويل التــي‬
‫تتمتــع باألهليــة القانونيــة يف إطــاره(‪.)3‬‬
‫وعــى التطــورات املتعاقبــة التــي عرفهــا القانــون الــدويل العــام يف ســعيه الدائــب‬
‫ملواكبــة متغــرات الواقــع الــدويل ومالحقــة نمــوه وتشــعب مجاالتــه قــد حملــت الفقــه‬
‫والقضــاء الدوليــن يف نهايــة األمــر عــى التســليم بتوافــر وصــف الشــخصية القانونيــة‬

‫((( مجلــة الوقائــع لألمــم املتحــدة‪ ،‬ديســمرب ‪1993‬م‪ ،‬نيويــورك‪ ،‬الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬الســنة الرابعــة عــر‪ ،‬العــدد‬
‫الثالــث‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫((( املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪91‬‬
‫((( مقدمة لدراسة القانون الدويل العام‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪90‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪21‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الدوليــة لــو صــارت ال يتوافــر لهــا وصــف الدولــة‪ ،‬وتعنــي بذلــك املنظمــات الدوليــة‬
‫إىل فتــح البــاب عــى مرصعيــه للتســليم بــذات الوصــف لوحــدات أخــرى بنــاء عــى‬
‫ذاتهــا األســس وأخــذا ً بــذات املعايــر أو قياس ـا ً عليهــا(‪.)1‬‬
‫بعــد تأســيس منظمــة األمــم املتحــدة اتســع موضــوع األهليــة القانونيــة لكــي يشــمل‬
‫أيضـا ً هيئــات منظمــة األمــم املتحــدة كمــا جــاء يف نــص املــادة (‪ )2()104‬مــن امليثــاق‪،‬‬
‫وقــررت املــادة بــأن‪« :‬تتمتــع الهيئــة يف بــاد كل عضــو مــن أعضائهــا باألهليــة‬
‫القانونيــة التــي يتطلبهــا قيامهــا بأعبــاء وظائفهــا وتحقيــق مقاصدهــا»‪ ،‬وأيض ـا ً يف‬
‫املــادة (‪ )3()105‬مــن امليثــاق قــررت‪:‬‬
‫‪1 .‬تتمتــع الهيئــة يف أرض كل عضــو مــن أعضائهــا باملزايــا واإلعفــاءات التــي يتطلبها‬
‫تحقيــق مقاصدها‪.‬‬
‫‪2 .‬وكذلــك يتمتــع املندوبــون عــن أعضــاء «األمــم املتحــدة» وموظفــو هــذه الهيئــة‬
‫ملزايــا واالعفــاءات التــي يتطلبهــا اســتقاللهم يف القيــام بمهــام وظائفهــم املتصلــة‬
‫بالبيئــة‪.‬‬
‫‪3 .‬للجمعيــة العامــة أن تقــدم التوصيــات بقصــد تحديــد التفاصيــل الخاصــة‬
‫بتطبيــق الفقرتــن (‪1‬و‪ )2‬مــن هــذه املــادة‪ ،‬ولهــا أن تقــرح عــى أعضــاء الهيئــة‬
‫عقــد اتفاقــات لهــذا الغــرض‪.‬‬
‫وقــد أثــارت صياغــة هــذه النصــوص الخــاف والجــدل مــن جديــد‪ ،‬وتســاءل جانبــان‬
‫املنفعــة عمــا إذا كان تمتــع املنظمــة الدوليــة بالشــخصية القانونيــة يــري يف دائــرة‬
‫القوانــن الوطنيــة وحدهــا ام يمتــد إىل نطــاق القانــون الــدويل؟‬
‫حســمت محكمــة العــدل الدوليــة هــذا الخــاف الفقهــي يف الــرأي االستشــاري الــذي‬
‫أصدرتــه يف عــام ‪1949‬م والــذي اعرتفــت فيــه الشــخصية القانونيــة لألمــم املتحــدة‬
‫مؤكــدا ً أن الــدول ليــس وحدهــا أشــخاص القانــون الــدويل العــام‪ ،‬ألن الهيئــات‬
‫الدوليــة التــي نشــأت نتيجــة لتطــورات الظــروف الدوليــة‪ ،‬يمكــن اعتبارهــا أشــخاصا ً‬
‫قانونيــن مــن طبيعــة متميــزة عــن طبيعــة الــدول‪ ،‬تتمتــع بأهليــه قانونيــة خاصــة‬
‫تتناســب يف اتســاع مجــاال ً أو ضيقــة مــع االهــداف التــي أنشــئت املنظمــة مــن أجــل‬

‫((( مقدمة لدراسة القانون الدويل العام‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫((( املادة (‪ )104‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( املادة (‪ )105‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪22‬‬
‫تحقيقهــا(‪ ،)1‬وهكــذا تضمــن القانــون الــدويل الوصفــي كثــر مــن النصــوص التــي‬
‫تتضمــن االعــراف للمنظمــات الدوليــة بالشــخصية القانونيــة الدوليــة‪ ،‬ومــن أبــرز‬
‫هــذه النصــوص مــا جــاء يف اتفاقيــة امتيــازات وحصانــات األمــم املتحــدة التــي‬
‫أقرتهــا الجمعيــة العامــة يف ‪ 13‬فربايــر ‪1946‬م‪ ،‬فقــد نصــت يف املــادة األوىل أن ملنظمــة‬
‫األمــم املتحــدة شــخصية قانونيــة ولهــا األهليــة للتعاقــد‪ ،‬ولــراء وبيــع األمــوال‬
‫املنقولــة وغــر املنقولــة والتقــايض(‪ )2‬وكل ذلــك لكــي تتمكــن منظمــة األمــم املتحــدة‬
‫مــن تحقيــق أهدافهــا املرســومة لهــا يف امليثــاق باالســتقاللية يف ترصفاتهــا بشــكل‬
‫متفــرد دون تأثــر مــن الــدول األعضــاء‪ ،‬ومجلــس األمــن الــدويل كأهــم جهــات لألمــم‬
‫املتحــدة باعتبــار اإلدارة التنفيذيــة للمنظمــة مــن األهــداف الرئيســية التــي نشــأت‬
‫منظمــة األمــم املتحــدة مــن أجلهــا هــي حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن(‪.)3‬‬
‫يتمتــع بالشــخصية القانونيــة والشــخصية القانونيــة ملجلــس األمــن الــدوىل (‪ :)4‬عبــارة‬
‫عــن اإلدارة الذاتيــة وهــذا العنــر بميــز املنظمــة الدوليــة عــن املؤتمــر الــدويل فمــن‬
‫املتعــن أن تمــارس املنظمــة إرادة مســتقلة ومتميــزة عــن إرادات الــدول األعضــاء وال‬
‫تكــون تلــك اإلرادة صحيحــة بطبيعــة الحــال إال حيثمــا يجــري تكوينهــا والتعبــر‬
‫عنهــا وفقـا ً للقواعــد الــواردة يف امليثــاق املنشــئ للمنظمــة(‪ )5‬ويف إطــار النظــام الــذي‬
‫تصفــه تلــك القواعــد والدافــع أن هــذه االرادة الذاتيــة التــي يتعــن توافرهــا إلمــكان‬
‫القــول بقيــام املنظمــة الدوليــة‪ ،‬تعــد أمــرا ً مرتبطــا ً بالشــخصية القانونيــة التــي‬
‫تتمتــع بهــا املنظمــة الدوليــة والشــك أن تلــك اإلرادة الذاتيــة املســتقلة هــي مقــدرة‬
‫أساســية للقــول بثبــوت وصــف الشــخصية القانونيــة للمنظمــة الدوليــة(‪.)6‬‬
‫((( مقدمة لدراسة القانون الدويل العام‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫((( التنظيــم الــدويل‪ ،‬النظــرة العامــة للنظــم املســتخدمة‪ ،‬إبراهيــم أحمــد شــلبي‪ ،‬الــدار الجامعيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1987 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.48‬‬
‫((( تنــص املــادة (‪ )12‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة عــى أن « ‪ 1-‬رغبــة يف أن يكــون العمــل الــذي تقــوم بــه األمــم املتحــدة‬
‫رسيعــاً مثــاالً‪ ،‬يعهــد أعضــاء كل املنظمــة إىل مجلــس االمــن بالتبعــات الرئيســية يف أمــر حفــظ الســلم واألمــن الــدويل‬
‫ويوافقــون عــى أن هــذا املجلــس يعمــل نائب ـاً عنهــم يف قيامــه بواجباتــه التــي تفرضهــا عليــه هــذه التبعــات ‪ 2-‬يعمــل‬
‫مجلــس األمــن يف أداء هــذه الواجبــات وفقـاً ملقاصــد األمــم املتحــدة ومبادئهــا والســلطات الخاصــة املمنوحــة ملجلــس األمــن‬
‫لتمكينــه مــن القيــام بهــذه الواجبــات بنيــة يف الفصــول الســادس والســابع والثامــن والثــاين عــر ‪ 3-‬يرفــع مجلــس األمــن‬
‫تقاريــر ســنوية وأخــرى خاصــة‪ ،‬إذا اقتضــت الحــال إىل الجمعيــة العامــة لتنظــر فيهــا‪.‬‬
‫((( صــاح الديــن عامــر أحــد أبــرز رجــال القانــون‪ ،‬مــري الجنســية‪ ،‬مــن محافظــة الغربيــة ولــد عــام ‪1942‬م‪ ،‬حصــل‬
‫عــى ليســانس حقــوق يف جامعــة القاهــرة عــام ‪1964‬م‪ ،‬والدكتــوراه عــام ‪1974‬م‪ ،‬توظيــف بالجامعــة وتــوىل رئاســة لقســم‬
‫القانــون الــدويل بالكليــة عــام ‪1993‬م‪ ،‬وتــوىل إدارة معهــد قانــون األعــال الدوليــة‪ ،‬عــن أمــن عــام للجمعيــة املرصيــة‬
‫للقانــون الــدويل‪ ،‬وعضــو يف الجمعيــة الفرنســية للقانــون الــدويل‪ ،‬واملعهــد للــدويل للقانــون اإلنســاين التابــع إليطاليــا‪ ،‬وتقلــد‬
‫العديــد مــن الوظائــف‪https://trend.nl7za.com .‬‬
‫((( مقدمة لدراسة القانون الدويل العام‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫((( مقدمة لدراسة القانون الدويل العام‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪199‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪23‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫فالشــخصية الدوليــة ملجلــس األمــن هنــا ليســت مقرتنــة بأهليــة التمتــع بالحقــوق‬
‫وأهليــة االلتــزام بالواجبــات‪ ،‬أو أن الــدول اتفقــت مــع إصبــاغ وصــف الشــخصية‬
‫القانونيــة الدوليــة عــى الهيئــات الدوليــة الجماعيــة لتمكينهــا مــن مبــارشة نشــاطاتها‬
‫وتحقيــق األهــداف الــواردة يف مواثيقهــا األساســية(‪.)1‬‬
‫والــذي نــود ان نناقشــه يف هــذا املضمــار هــو مــدى اســتقالل مجلــس األمــن عــن‬
‫الــدول الخمــس دائمــة العضويــة واعتبــار أن املجلــس كيانـا ً دوليـا ً لــه ذاتية مســتقلة‬
‫دون أي ضغــط مــن الــدول دائمــة العضويــة لتحقيــق مصالحهــا‪ ،‬إال نجــد منذ إنشــاء‬
‫األمــم املتحــدة أن الــدول الكــرى دائمــة العضويــة جعلــت لنفســها ميــزة يف مجلــس‬
‫األمــن مــن خــال العضويــة الدائمــة يف املجلــس وكذلــك حــق النقــض عــى املســائل‬
‫املوضوعيــة التــي تعــرض عــى املجلــس‪ ،‬وكذلــك مــع االمتيــازات عــدم تعديــل امليثــاق‬
‫إال برضــا جميــع الــدول دائمــة العضويــة(‪.)2‬‬
‫وهــذا يجعــل مــن املســتحيل عمليــا ً تعديــل امليثــاق بــدون موافقــة األمــم املتحــدة‬
‫دائمــة العضويــة‪ ،‬فــإذا نظرنــا إىل ممارســات مجلــس األمــن الواقعيــة‪ ،‬فإننــا نجــد‬
‫أن مجلــس األمــن يف تبعيــة الــدول الخمــس دائمــة العضويــة أي عــدم اســتغالل‬
‫شــخصية عــن هــذه الــدول(‪.)3‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬طريقة عمل مجلس األمن الدولي‪:‬‬
‫لقـد تغير العالم وخصوصـا ً منذ اعتمـاد مجلس األمـن للقـرار ‪ 1325‬يف أكتوبر ‪2000‬م‬
‫فطبيعـة النـزاع اختلفت يف بعـض املناطـق اختالفا نوعيـا ومحتوى ما نعني بـه بكلمتي‬
‫السلام واألمـن تتطـور كمـا تحـول مـا تعنيـه بكلمـة عدالـة ويسـبب هـذا التطـور يف‬
‫معضلات كبرى تواجـه االركان األربعـة ملجلـس األمـن وقراراتـه الالحقـة اركان املنع‪،‬‬
‫والحمايـة‪ ،‬واملشـاركة‪ ،‬وبنـاء السلام والتعـايف إذا ً فقراراتـه مبنيـة بشـكل كبير على‬
‫اسـاليب العمـل وكيفيـة اتخاذهـا على النحـو الذي يضـع بني نصـب عينـي املجلس ما‬
‫يكفـل املراهنـات الحـارضة وتغرياتها املتسـارعة(‪.)4‬‬
‫((( القانــون الــدويل العــام‪ ،‬حامــد ســلطان‪ ،‬عائشــة راتــب‪ ،‬صــاح الديــن عامــر‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1987‬م‪ ،‬ص‪90‬‬
‫((( نــص املــادة (‪ )108‬مدنيتــان األمــم املتحــدة عــي التعديــات التــي تدخــل عــى هــذا امليثــاق تــري عــى جميــع أعضــاء‬
‫األمــم املتحــدة وإذا أصــدرت مبوافقــة ثلثــي أعضــاء اللجنــة العامــة وصــدق عليهــا اعضــاء األمــم املتحــدة ومــن بينهــم‬
‫جميــع أعضــاء مجلــس األمــن الدامئــون وفقـاً لألوضــاع الدســتورية يف كل دولــة‪.‬‬
‫((( قـرارات منظمــة االمــم املتحــدة يف امليـزان‪ ،‬نايــف حامــد العليــان‪ ،‬دار الفكــر للنــر والتوزيــع‪ ،‬عــان‪ ،‬االردن‪2005 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪134‬‬
‫((( منــع النـزاع وتحويــل العدالــة وضــان الســام‪ ،‬دراســة عامليــة‪ ،‬حــول تنفيــذ قـرار مجلــس األمــن الــدويل التابــع لألمــم‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪24‬‬
‫وال يمكــن ان يقــوم اتخــاذ مجلــس األمــن لهــذه القــرارات‪ ،‬اال أن تتوافــر لديــه‬
‫أســاليب وإجــراءات العمــل املناســبة التــي تكفــل الدعــم مــن أعضــاء األمــم املتحــدة‬
‫عــى النطــاق أوســع(‪ ،)1‬ولذلــك فانــه يقــوم بمحاولــة رســم مجموعــة مــن األســاليب‬
‫والتنظيمــات املحكمــة ســواء داخلــه او خارجــه ولذلــك يلجــأ إىل توضيــح أســاليب‬
‫العمــل لــكل مــن أعضــاء املجلــس وأعضــاء األمــم املتحــدة بصفــة أعــم‪ .‬وكان القصــد‬
‫مــن وضــع أســاليب العمــل تلــك هــو تعزيــز كفــاءة عمــل مجلــس األمــن وجعــل‬
‫أنشــطته أكثــر شــفافية‪ ،‬وتحســن التفاعــل والحــوار مــع الــدول غــر األعضــاء يف‬
‫املجلــس كذلــك اعتــر إدخــال التحســينات عــى أســاليب العمــل مــن القضايــا املهمــة‬
‫بالنســبة اإلصــاح مجلــس األمــن(‪.)2‬‬
‫وقــد لجــأ مجلــس األمــن مؤخــرا العتمــاد مــا عــرف بالعقوبــات الذكيــة‪ ،‬وتقــوم‬
‫عــى توجيــه الضغــط عــى النظــام الحاكــم يف الدولــة أو الــدول املعنيــة مــع تفعيــل‬
‫األوضــاع اإلنســانية‪ ،‬ومــن صــور العقوبــات الذكيــة تجميــد األرصــدة واألصــول املالية‬
‫وحجــز املعامــات املاليــة الخاصــة باألشــخاص املعنيــن(‪ .)3‬أنهــا بمثابة األســاليب التي‬
‫تضــاف اىل كيفيــات العمــل‪.‬‬
‫إن األسـاليب واالجـراءات التـي يتخذها مجلس األمـن خيال عمله تعترب بمثابة االسرتشـاد‬
‫بالنسـبة األعضـاء مجلـس االمـن يف حـال تدهـور مجلـس األمن يف اتخـاذ اللازم يف أي‬
‫منطقـة وبذلـك يطلـب معلومـات وتقارير خطية من مسـؤولني سـواء مـن مجلس األمن‬
‫أو مـن الجمعية العامة توضح أسـاليب عملهم ايضـا يف تطبيق القـرارات فهذه االجراءات‬
‫تعطـي احالـة بالحـاالت التـي يقـرر مـن خاللهـا مجلس األمـن كيفيـة عملـه باالطالع‬
‫عليهـا ومـا ملـا يكفلـه ميثاق األمـم املتحـدة واتخـاذ القـرارات واالجـراءات التـي تكون‬
‫فعالـة ورسيعـة لحفظ السـلم واالمـن الدوليني ولكـن اجراءات واسـاليب عملـه يجب أن‬
‫تلقـى الدعـم من هيئـة االمم املتحـدة باعتبـاره الجهـاز التنفيذي لهـا سـواءا يف الحاالت‬
‫القبليـة أو التـي ينشـب فيها النـزاع أو بعد النـزاع فإجـراءات العمل تتوزع على فروعه‬
‫وهيئاتـه واللجـان التابعـة لـه والبعثـات وغريها يف حين يلتزم مجلـس األمـن بالتعديل‬
‫مـن اسـاليب واجـراءات عمله سـواء يف النظـام الداخلي لـه او الخارجـي وخصوصا إذا‬
‫اسـتدعى ذلك‪.‬‬
‫املتحدة رقم ‪ ،1325‬هيئة األمم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫((( دليل أساليب العمل‪ ،‬موقع األمم املتحدة مجلس األمن ‪www.un.org‬‬
‫((( دليل أساليب العمل‪ ،‬موقع األمم املتحدة مجلس األمن ‪www.un.org‬‬
‫((( نظــرة يف نجاحــات األمــم املتحــدة واخفاقاتهــا حيــال حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬عبدالرحيــم معتــوق محمــد‪،‬‬
‫مجلــة العلــوم القانونيــة والرشعيــة‪ ،‬العــدد الثامــن‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪25‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫فمجلــس األمــن منــذ نشــوئه قــام يف العديــد مــن املــرات بتحســن أســاليب عملــه‬
‫وتغيــر اجراءاتــه املواكبــة التغــرات الدوليــة وحتــى الداخليــة أي داخــل املجلــس‬
‫ونــر اســاليب جديــدة(‪.)1‬‬
‫ففــي ســياق العمــل الــذي يميــز مجلــس األمــن انــه يقــوم بإجــراءات يتخذهــا عــى‬
‫مــدار الســنة باإلضافــة اىل كيفيــات العمــل التــي تســتوجبها الحالــة الدوليــة والداخلية‬
‫للمجلــس ومــن ذلــك يقــوم بإجــراءات عمليــة تتطلبهــا الظــروف واذا رجعنــا إىل‬
‫القواعــد التــي يــري وفقهــا املجلــس يف عملــه ســوف تجــد‪:‬‬
‫‪ 1 .‬برنامــج العمــل والتوقعــات الشــهرية التــي يقــوم بهــا املجلــس ويشــجع االعضاء‬
‫عــى الحضــور والنظــر يف املســائل الطارئــة والتوقعــات الشــهرية يف املســائل‬
‫التــي تبحــث بقــرارات ســابقة اتخذهــا املجلــس كتوقعــات يف ضــوء التطــورات‬
‫وادراجهــا ضمــن أولوياتــه‪.‬‬
‫‪2 .‬الجلســات وتــدرج ضمنهــا جــدول االعمــال للوقــت الجلســات املجلــس اليوميــة‬
‫ويشــر فيهــا اعضــاء املجلــس اىل صيــغ وصفيــة لبنــود جــدول االعمــال عنــد‬
‫اعتمادهــا ألول مــرة تفاديــا لوجــود عــدد مــن بنــود جــدول االعمــال املســتقلة‬
‫بشــان املوضــوع نفســه فــان وجــدت يســتبقى عــى الســابقة‪.‬‬
‫كمــا تحتــوي املســائل املعروضــة عــى مجلــس األمــن التــي تنــص عليهــا املــادة ‪11‬‬
‫مــن النظــام الداخــي املوقــت للمجلــس بإرســال رســالة مــن األمــن العــام إىل املمثلــن‬
‫قيــد النظــر فيهــا وادراج البنــود واســتعراضها يف كل ســنة إىل النظــر وخصوصـا ً تلــك‬
‫املدرجــة يف القائمــة ويحــدد البيــان املوجــز الســنوي بشــان املســائل الــذي يقــدره‬
‫األمــن العــام ويبقــى املجلــس البنــود حســب الــرورة(‪.)2‬‬

‫((( نظرة يف نجاحات األمم املتحدة واخفاقاتها حيال حفظ السلم واألمن الدوليني‪ ،‬عبدالرحيم معتوق محمد‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫((( مذكرة مجلس االمن الصادرة يف ‪ 30‬يونيو ‪2017‬م‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪26‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫نظام عمل مجلس األمن الدولي واللجان التابعة له‬

‫تقديم‪:‬‬
‫يســتعرض هــذا املبحــث نظــام عمــل مجلــس األمــن الــدويل واللجــان التابعــة لــه‪ ،‬من‬
‫خــال تنــاول نظــام عقــد اجتماعــات مجلــس األمــن الــدويل ونظــام التصويــت فيــه‬
‫وتنــاول اللجــان التابعــة ملجلــس األمــن الــدويل ودورهــا يف مســاعدته‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نظام عقد اجتماعات مجلس األمن الدولي‪:‬‬
‫تتمثــل الخاصيــة األساســية ملجلــس األمــن يف أنــه نظــم عــى نحــو يســتطيع معــه‬
‫العمــل باســتمرار نســبة للمهــام امللقــاة عــى عاتقــه‪ ،‬ومــا قــد يعــرض مــن مســائل‬
‫عاجلــة تهــدد األمــن والســام الدوليــن ممــا يتعــن عليــه أن يجتمــع فــورا ً لبعثهــا‬
‫ولهــذا الغــرض يمثــل كل عضــو مــن أعضائــه تمثي ـاً دائم ـا ً يف مقــر الهيئــة(‪.)1‬‬
‫وتعتــر األحــوال اآلتيــة مــن أهــم الحــاالت التــي يمكــن أن يجتمــع فيهــا املجلــس‬
‫(املــواد مــن ‪ 1‬إىل ‪ 5‬مــن الالئحــة الداخليــة املؤقتــة)‪:‬‬
‫‪ .‬أإمكانيــة انعقــاد املجلــس بنــاءا ً عــى طلــب مــن رئيســه‪ .‬كلمــا رأي رضورة ذلــك‪،‬‬
‫دون أن تزيــد الفــرة الفاصلــة بــن االجتماعــات عــن أربــع عــر يومـاً‪.‬‬
‫‪ .‬بيجــب عــى رئيــس املجلــس دعوتــه إىل االنعقــاد بنــاءا ً عــى طلــب أحــد أعضــاء‬
‫املجلــس‪.‬‬
‫‪ .‬جعــى الرئيــس كذلــك دعوتــه إىل االنعقــاد يف كل حالــة يتــم فيهــا تنبيــه املجلــس إىل‬
‫أي نــزاع أو موقــف مــن شــأنه تعريــض الســلم واألمــن الــدويل للخطــر(‪.)2‬‬
‫أو إذا أصــدرت الجمعيــة العامــة توصيــات يف هــذا الخصــوص أو أحالت املســألة إىل‬
‫مجلــس األمــن باعتبارهــا مســألة يكــون مــن الــروري فيهــا القيــام بعمل مــا(‪.)3‬‬

‫((( القانــون الجنــايئ الــدويل‪ ،‬الجـزاءات الدوليــة‪ ،‬مختــار عــي ســعيد منصــور الطاهــر‪ ،‬دار الكتــاب الجديــد املتحــد‪ ،‬بــروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪2000 ،1‬م‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫((( املادتان (‪ )35/3/11‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( املادة (‪ )2/11‬نفس املرجع‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪27‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪ .‬ديجتمــع مجلــس األمــن بصفــة دوريــة مرتــن كل ســنة طبقــا ً للمواعيــد التــي‬
‫يحددهــا هــو‪ ،‬ويجــب التنبيــه إىل أن مجلــس األمــن يعقــد اجتماعاتــه يف مقــر‬
‫الهيئــة إال إذا رأي أن تســهيل أعمالــه يقتــي االجتمــاع يف غــر هــذا املقــر(‪.)1‬‬
‫وقد نصت املادة (‪ )2‬من امليثاق عىل ما يأتي‪:‬‬
‫‪1 .‬ينظــم مجلــس األمــن عــى وجــه يســتطيع معــه العمــل باســتمرار ولهــذا الغرض‬
‫يمثــل كل عضــو مــن اعضائــه تمثيـاً دائمـا ً يف مقــر الهيئــة‪.‬‬
‫‪2 .‬يعقــد مجلــس األمــن اجتماعاتــه دوري ـا ً يمثــل فيهــا كل عضــو مــن اعضائــه إذا‬
‫شــاء ذلــك كأحــد رجــال حكومتــه أو منــدوب آخــر يســميه لهــذا الغــرض خاصــة‪.‬‬
‫‪3 .‬ملجلــس األمــن أن يعقــد اجتماعــات يف غــر مقــر الهيئــة إذا رأى أن ذلــك أدى إىل‬
‫التشــكيك يف أعمالــه‪.‬‬
‫كمــا رأينــا مــن خــال املــادة الســابقة فــإن مجلــس األمــن كمجلــس الجمعيــة العامــة‬
‫التــي تقتــر عــى عقــد دورة عاديــة كل عــام فــإن امليثــاق جعــل مجلــس األمــن يف‬
‫وضــع يســمح لــه بالعمــل باســتمرار وتعقــد اجتماعــات املجلــس بدعــوة مــن رئيســه‬
‫يف أي وقــت يــراه عــى أن ال تزيــد الفــرة الواقعيــة بــن كل اجتماعيــة عند اســبوعني(‪.)2‬‬
‫باإلضافــة إىل ذلــك يجتمــع املراجــع يف أي وقــت يطلــب مــن الرئيــس إذا تقــدم إليــه‬
‫أحــد األعضــاء يف األمــم املتحــدة بإحالــة نــزاع أو موقــف يــؤدي إىل احتــكاك دويل يف‬
‫حالــة اســتمراره(‪.)3‬‬
‫نــرى عــى العكــس مــن الجمعيــة العامــة التــي تعقــد دورتهــا العاديــة الســنوية يف‬
‫ســبتمرب مــن كل عــام‪ ،‬فــإن مجلــس األمــم باعتبــاره الفــرع الرئيــي ملنظمــة األمــم‬
‫املتحــدة واملســئول عــن حفــظ الســلم واالمــن الدولتــن‪.‬‬
‫قد نظمته أحكام امليثاق عىل وجه يستطيع من العمل باستمرار(‪ ،)4‬ولم يتحدث امليثاق‬
‫رصاحة عن رئاسة املجلس إال أن ذلك يفهم من املادة (‪ )30‬التي نصت عىل‪« :‬ان يضع‬
‫مجلس األمن الئحة إجراءاته ويدخل فيها طريقة اختيار رئيسيه»(‪.)5‬‬
‫املادة (‪ )3/28‬نفس املرجع‪.‬‬ ‫(((‬
‫املنظامت الدولية‪ ،‬عبد الكريم علوان خضري‪ ،‬مكتبة الثقافة‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1997 ،1‬م‪ ،‬ص‪104‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )35‬من ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬الفقرة األوىل‪.‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )28‬من ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬الفقرة األوىل‪.‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )30‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪28‬‬
‫وقــد وضــع املجلــس هــذا النظــام وقــرر أن تكــون رئاســة املجلــس تكــون دوريــة‬
‫تجــري بطريقــة التنــاوب الســنوي وحســب الرتتيــب االبجــدي ألســماء الــدول باللغــة‬
‫االنجليزيــة وجــاء ذلــك يف أعــداد (‪ )20 ،19 ،18‬مــن الالئحــة املؤقتــة إليــرادات مجلــس‬
‫األمــن التــي وافــق عليهــا املجلــس يف ‪ 24‬يونيــو ‪1946‬م(‪.)1‬‬
‫ويفهــم مــن النصــوص امليثــاق فــإن عــدد املشــاركني يف جلســات مجلــس األمــن ال‬
‫يقتــر فقــط عــى (‪ )15‬عضــوا ً مــن دائمــن وغــر دائمــن‪ ،‬بــل هنــاك إمكانيــة‬
‫ازديــاد عــدد املشــاركني يف دورات انعقــاد مجلــس األمــن أو اكثــر مــن (‪ )15‬عضــوا ً‬
‫وذلــك يف األحــوال التاليــة‪:‬‬
‫‪ -‬الحالــة األوىل‪ :‬وفق ـا ً لنــص املــادة (‪ )31‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة التــي تنــص‬
‫عــى أن كل عضــو مــن اعضــاء األمــم املتحــدة مــن غــر أعضــاء املجلــس أن يشــرك‬
‫بــدون تصويــت يف مناقشــة أي مســألة تعــرض عــى مجلــس األمــن إذا رأى املحــي أن‬
‫مصالــح هــذا العضــو تتأثــر بهــا بوجــه خــاص(‪.)2‬‬
‫وجديــر بالذكــر تبعــات لهــذا النص للمجلــس الســلطة التقديريــة املطلقة يف تشــخيص‬
‫مــدى تأثــر مصالــح العقــود مدعومــة ومــن ثــم ليــس هنــاك التزام ـا ً عليــه بدعــوى‬
‫الدولــة الضــوء لالشــراك يف املناقشــة بــل املســألة مرتوكــة لــكل حالــة عــى حــدا(‪.)3‬‬
‫‪ -‬الحالــة الثانيــة‪ :‬نصــت املــادة (‪ )32‬مــن امليثــاق فــإن «كل عضــو مــن أعضــاء‬
‫«األمــم املتحــدة» ليــس بعضــو يف مجلــس األمــن‪ ،‬وأيــة دولــة ليســت عضــوا ً يف «األمــم‬
‫املتحــدة» إذا كان أيهمــا طرف ـا ً يف نــزاع معــروض عــى مجلــس األمــن لبحثــه يدعــى‬
‫إىل االشــراك يف املناقشــات املتعلقــة بهــذا النــزاع دون أن يكــون لــه حــق يف التصويــت‪،‬‬
‫ويضــع مجلــس األمــن الــروط التــي يراهــا عادلــة الشــراك الدولــة التــي ليســت‬
‫مــن أعضــاء «األمــم املتحــدة”(‪.)4‬‬
‫وإعمــاال ً لهــذه املــادة فلقــد دعيــت العديــد مــن الــدول للمناقشــات التــي دارت يف‬
‫مجلــس األمــن وهــم أحــد أطرافهــا‪ ،‬فمث ـا ُ تمــت دعــوة ألبانيــا عــام ‪1947‬م عندمــا‬
‫ناقــش نــزاع مضيــق كورفــو وأيضــا ً دعــوة األردن عــام ‪1950‬م عندمــا ناقــش‬
‫املشــكلة الفلســطينية(‪.)5‬‬
‫القانون الدويل العام‪ ،‬حامد سلطان‪ ،‬عائشة راتب‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.155-153‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )31‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬ ‫(((‬
‫األمم املتحدة واملنظمة‪ ،‬غري الحكومية‪ ،‬مصطفى أحمد فؤاد‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مرص‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.103‬‬ ‫(((‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.105‬‬ ‫(((‬
‫األمم املتحدة واملنظامت الحكومية‪ ،‬مصطفى أحمد فؤاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.105‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪29‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫يفهــم مــن نــص هــذه املــادة انهــا تختلــف عــن املــادة ســابقتها بحيــث ليــس ملجلــس‬
‫األمــن ســلطة تقديريــة يف دعــوة الــدول املتنازعــة أو عــدم دعوتهــم بــل هــو حــق‬
‫الدولــة الطــرف يف النــزاع‪ ،‬ومــن ثــم للمجلــس أن يشــارك يف املناقشــات دون أن يكــون‬
‫لــه حــق يف التصويــت‪ ،‬أمــا بالنســبة للــدول التــي ليســت عضــوا ً يف األمــم املتحــدة‬
‫فعــى املجلــس أن يضــع الــروط والضوابــط العادلــة الشــراك هــذه الــدول وقــد‬
‫طبقــة هــذه القاعــدة ‪1956‬م حيــث اشــركت مــر يف مناقشــات املجلــس بخصــوص‬
‫قنــاة الســويس(‪.)1‬‬
‫‪ -‬الحالــة الثالثــة‪ :‬إذا قــرر مجلــس األمــن اســتخدام القــوة‪ ،‬فإنــه قبــل أن يطلــب‬
‫مــن عضــو غــر ممثــل فيــه تقديــم القــوات املســلحة وفــاء بالتزامــات املنصــوص‬
‫عليهــا يف املــادة (‪ ،)13‬ينبغــي لــه أن يدعــو هــذا العضــو إىل أن يشــرك إذا شــاء يف‬
‫القــرارات التــي يصدرهــا فيمــا يختــص باســتخدام وحــدات مــن قواتهــا هــذا العقــود‬
‫املســلحة(‪.)2‬‬
‫بمعنــى إذا قــرر مجلــس األمــن مســاهمة قــوات مســلحة ألحــد أعضــاء األمــم املتحــدة‬
‫يف العمليــات املنــوط بمجلــس األمــن القيــام بهــا‪ ،‬يف تلــك الحالــة يجــب عــى املجلــس‬
‫املشــاركة بهــذا العقــد إذا رغــب يف ذلــك‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظام التصويت في مجلس األمن‪:‬‬
‫نجــد أن الســكرتري العــام لألمــم املتحــدة يقــوم بإعــداد جــدول أعمــال مؤقــت لــكل‬
‫جلســة مــن جلســات مجلــس األمــن‪ ،‬ويحتــوي جــدول األعمــال عــاد ًة عــى املســألة‬
‫التــي ســيقوم املجلــس ببحثهــا‪ ،‬وكذلــك املســائل األخــرى التــي يكــون قــد قــرر يف‬
‫جلســات ســابقة تأجيــل النظــر فيهــا‪ .‬ويتــم إبــاغ جــدول األعمــال املؤقــت إىل ممثــي‬
‫الــدول األعضــاء يف املجلــس ثالثــة أيــام قبــل انعقــاد الجلســة عــى أنــه يف حالــة‬
‫االســتعجال يتــم إبالغــه يف نفــس وقــت إعــان الدعــوة إىل االنعقــاد‪ .‬ويقــوم املجلــس‬
‫بإقــرار جــدول األعمــال قبــل النظــر يف أي مســألة أخــري‪ ،‬وتكــون رئاســة املجلــس‬
‫بالــدور بــن أعضائــه حســب الرتتيــب الهجائــي اإلنجليــزي ألســمائهم‪ ،‬يبقــي الرئيس‬
‫يف وظائفــه ملــدة شــهر‪ ،‬ويقــوم الرئيــس بــإدارة الجلســات‪ ،‬وممارســة كل وظائــف‬
‫الرئيــس التــي ســبق ذكرهــا(‪.)3‬‬

‫((( املرجع السابق‪ ،‬ص‪.106‬‬


‫((( املادة (‪ )12‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( النظام القضايئ للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬منذر براء كامل‪ ،‬دار الحامد‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.35‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪30‬‬
‫ال شــك أن مســألة التصويــت يف مجلــس األمــن كانــت مــن أصعــب املســائل التــي‬
‫واجهتهــا األمــم املتحــدة عنــد صياغــة امليثــاق منــذ مؤتمــر دمبارتــون اوکســن‬
‫‪1944‬م‪ ،‬والخــاف عــى إجــراءات التصويــت قائــم عنــد اتخــاذ قــرار يف شــأن اعمــال‬
‫املقــر ضــد املعتــدي‪ ،‬وبقيــت هــذه املســألة معلقــة حتــى انعقــاد مؤتمــر بالطــا لســتة‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪ )1945‬بــن كل مــن روزفلــت(‪ )1‬رئيــس الواليــات املتحــدة االمريكيــة وترششــل‬
‫رئيــس وزراء بريطانيــا واملاريشــال ســتالني(‪ ،)3‬ويف هــذا املؤتمــر عــرض الرئيــس‬
‫روزفلــت مقرتحــا اقــره املارشــال شــالني واملســر ترششــل والتــي جــاءت صياغتــه يف‬
‫املــادة (‪ )27‬مــن امليثــاق(‪.)4‬‬
‫وتجــدر االشــارة اىل ان التصويــت يف مجلــس االمــن‪ ،‬مســألة يف غايــة االهميــة‪ ،‬لذلــك‬
‫فإنهــا شــكلت مــن اهــم املشــكالت التــي واجهــت االمــم املتحــدة‪ ،‬وان الخــاف‬
‫ال يقتــر عــى الــدول الكــرى‪ ،‬بــل الخــاف يقــع بــن الــدول الكــرى والــدول‬
‫الصغــرى(‪.)5‬‬
‫وتجــدر االشــارة اىل ان املــادة (‪ )27‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة نصــت عــى اقــرار‬
‫التصويــت يف مجلــس األمــن وبالشــكل اآلتــي‪:‬‬
‫‪ .‬ألــكل دولــة عضــو يف مجلــس األمــن صــوت واحــد بغــض النظــر عمــا إذا كانــت‬
‫دائمــة العضويــة‪ ،‬أو غــر دائمــة العضويــة‪ ،‬ويجــوز دعــوة غــر األعضــاء‬
‫للمناقشــة دون حــق التصويــت(‪.)6‬‬
‫‪ .‬بتصــدر قــرارات مجلــس األمــن يف املســائل اإلجرائيــة بعــد موافقــة تســعة أصــوات‬
‫من أعضــاء املجلــس(‪.)7‬‬
‫((( روزفلــت‪ :‬هــو فرانكلــن روزفلــت‪ ،‬ولــد يف نيويــورك‪ ،‬عــام ‪1882‬م‪ ،‬ودرس التاريــخ بجامعــة هارفــارد‪ ،‬ثــم الحقــوق يف‬
‫جامعــة كولومبيــا‪ ،‬وعمــل محاميـاً لفــرة‪ ،‬وأصبــح رئيــس للواليــات املتحــدة عــام ‪1933‬م‪ ،‬وفــاز بأربعــة واليــات أخــرى‪ ،‬تــوىف‬
‫عــام ‪1945‬م‪ ،‬انظــر‪ :‬موقــع الجزائــر نيــوز ‪.www.jazairnews.com‬‬
‫((( ترششــل‪ :‬هــو ونســتون ليونــارد ســبنرس ترششــل‪ ،‬ولــد عــام ‪1874‬م‪ ،‬وهــو رئيــس وزراء اململكــة املتحــدة مــن العــام‬
‫‪1940‬م وحتــى العــام ‪1945‬م‪ ،‬ويف ‪1951‬م تــوىل املنصــب نفســه إىل عــام ‪1955‬م‪ ،‬وكان ومؤرخ ـاً‪ ،‬وكاتب ـاً‪ ،‬وفنان ـاً‪ ،‬ثــم تــوىف‬
‫‪1965‬م يف لنــدن‪ .‬انظــر‪ :‬موقــع ويكبيديــا ‪.www.wikipedia.com‬‬
‫((( ســتالني‪ :‬جوزيــف ســتالني‪ ،‬ولــد ‪1878‬م‪ ،‬وهــو ورئيــس الــوزراء الســوفيتي مــن ‪1941‬م إىل ‪1953‬م‪ ،‬عــرف بقســوته‬
‫وقوتــه وأنــه قــام بنقــل االتحــاد الســوفيتي مــن مجتمــع زراعــي إىل مجتمــع صناعــي والصعــود إىل مرتبــة القــوى العظمــى‪،‬‬
‫وتــوىف ‪1953‬م‪ .‬انظــر‪ :‬انظــر‪ :‬موقــع ويكبيديــا ‪.www.wikipedia.com‬‬
‫((( منظمة األمم املتحدة‪ ،‬محمد صالح املسفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.263‬‬
‫((( مجلــس االمــن ودوره يف حاميــة الســام الــدويل‪ ،‬احمــد ســيف الديــن‪ ،‬منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪،‬‬
‫‪2012‬م‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫((( املنظامت اإلقليمية الدولية‪ ،‬عاكف يوسف صوفان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.226‬‬
‫((( القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬سهيل حسني الفتالوي‪ ،‬دار الثقافة للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األوىل‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.201‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪31‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ومــن املســائل اإلجرائيــة عقــد اجتماعــات املجلــس يف غــر مقــر املنظمــة‪ ،‬وانشــاء‬
‫فــروع ثانويــة للمجلــس‪ ،‬وقيــام املجلــس بوضــع الئحــة إجــراءات‪ ،‬واشــراك‬
‫عضــو األمــم املتحــدة مــن غــر أعضــاء املجلــس يف مناقشــة مســألة معروضــة‬
‫عــى املجلــس‪ ،‬ودعــوة دولــة تكــون طــرف يف نــزاع معــروض عــى املجلــس إىل‬
‫االشــراك يف املناقشــة الخاصــة بهــذا النــزاع‪ ،‬وتصــدر قــرارات املجلــس يف املســائل‬
‫االجرائيــة بأغلبيــة تســعة اصــوات مــن أصــل خمس عــر دولــة عضــو يف املجلس‪،‬‬
‫وال يشــرط موافقــة الــدول الدائمــة العضويــة عليهــا(‪.)1‬‬
‫‪ .‬جتصــدر قــرارات مجلــس األمــن يف املســائل املوضوعــة بأغلبيــة تســعة أصــوات‪،‬‬
‫عــى أن يكــون مــن بينهــا أصــوات األعضــاء الدائمــن وطبقــا لنــص املــادة (‪)47‬‬
‫مــن امليثــاق‪ ،‬فــأن قــرارات املجلــس يف املســائل املوضوعيــة يجــب ان توافــق عليهــا‬
‫الــدول الخمســة األعضــاء الدائمــة العضويــة‪ ،‬وهــذا يعنــي أن غيــاب أحــد األعضاء‬
‫الدائمــن‪ ،‬او امتناعــه عــن التصويــت يمنــع صــدور أي قــرار مــن مجلــس األمــن‬
‫حتــى وان حصــل القــرار عــى (‪ )14‬صوتـا ً(‪.)2‬‬
‫وبالتــايل اذا لــم تتــم موافقــة الــدول الخمــس عــى القــرار مهمــا كان ســبب عــدم‬
‫املوافقــة‪ ،‬فــا يمكــن ان يصــدر هــذا القــرار‪ ،‬حتــى وان كان الســبب يعــود اىل‬
‫احــدى الــدول الخمــس‪ ،‬او بعضهــا وهــذه هــي الصــورة التقليديــة الســتخدام‬
‫حــق النقــض(‪.)3‬‬
‫يتضــح ممــا ورد اعــاه ان املســائل املوضوعيــة تتطلــب موافقــة تســعة مــن اعضاء‬
‫مجلــس االمــن عــى ان يكــون االعضــاء الدائمني مــن ضمنهــم‪ ،‬واال ال يمكــن صدور‬
‫قــرار يف هذه املســائل‪.‬‬
‫وانســجاما ً مــع ذلــك ان غيــاب عضــو مــن الــدول الكــرى واالمتنــاع عــن‬
‫التصويــت عــى قــرار ال يســقطه‪ ،‬وكذلــك ال يجــوز ملــن كان طرفــا يف نــزاع مــن‬
‫الــدول الكــرى ان يســتخدم حــق الفيتــو(‪.)4‬‬

‫((( دور املنظــات الدوليــة يف تنفيــذ قـرارات التحكيــم الــدويل‪ ،‬كــال عبدالعزيــز ناجــي‪ ،‬مركــز دراســات الوحــدة العربيــة‪،‬‬
‫بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫((( قانون املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫((( املنظامت الدولية واالقليمية‪ ،‬محمد السيد الدقاق‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1978 ،‬م‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫((( املنظامت اإلقليمية الدولية‪ ،‬عاكف يوسف صوفان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪32‬‬
‫وهــذا يتطلــب أن يتــم التصويــت بمرحلــة واحــدة‪ ،‬اذ يعلــن رئيــس املجلــس‬
‫التصويــت ومجــرد امتنــاع احــد األعضــاء الدائمــن‪ ،‬فــان عــى رئيــس املجلــس ان‬
‫يعلــن عــدم صــدور القــرار وال يجــوز األخــذ بمبــدأ العضــو الغائــب واملمتنــع عــن‬
‫التصويــت‪ ،‬غــر أن العمــل قــد جــرى منــذ املســألة الكوريــة عــام ‪1951‬م عندمــا‬
‫انســحب االتحــاد الســوفيتي بســبب قبــول الصــن الوطنيــة عضــو دائــم يف مجلس‬
‫األمــن بــدال مــن الصــن الشــعبية عــى األخــذ بمبــدأ االمتنــاع عــن التصويــت‪،‬‬
‫فعنــد التصويــت يطلــب رئيــس املجلــس مــن الــدول األعضــاء برفــع أيــدي‬
‫الــدول املوافقــة عــى القــرار‪ ،‬وبعــد ذلــك يطلــب مــن ممثــي الدولــة املوافقــة عــى‬
‫القــرار برفــع أيديهــم‪ ،‬فــان كان ممثــل الدولــة دائمــة العضويــة قــد رفــع يــده‬
‫عنــد رفــض القــرار‪ ،‬فانــه يكــون قــد اســتخدم حــق النقــص‪ ،‬االمــر الــذي يمنــع‬
‫صــدور القــرار بغــض النظــر عــن عــدد الــدول املوافقــة عليــه‪ ،‬ويطلــق عليــه‬
‫حــق الفيتــو‪ .‬امــا إذا لــم يرفــع يــده فانــه يعــد ممتنعـا ً عــن التصويــت ويعامــل‬
‫معاملــة الغائــب‪ ,‬ويف هــذه الحالــة إذا حصــل القــرار عــى تســع أصــوات فأنــه‬
‫يصــدر‪ ،‬والواقــع إن هــذا العمــل يتناقــض واحــكام املــادة (‪ )27‬مــن امليثــاق التــي‬
‫تســتلزم موافقــة كافــة الــدول الدائمــة العضويــة عــى قــرارات مجلــس األمــن‬
‫لتكتســب الرشعيــة القانونيــة طبقــا للميثــاق(‪.)1‬‬
‫‪ .‬ديمتنــع مــن كان طرفــا يف النــزاع عــن االشــراك يف التصويــت مــع مســألة حــل‬
‫النزــاع ســلمياً‪ ،‬اذا كان النــزاع ينضــوي تحــت بنــود الفصــل الســابع‪ ،‬وكان هــذا‬
‫اقــراح الواليــات املتحــدة األمريكيــة عــى ان توافــق بريطانيــا عــى هــذا االقــراح‪.‬‬
‫وقــد عــارض االتحــاد الســوفيتي هــذا املقــرح ودافــع عــن فكرتــه بــأن القــرارات‬
‫املتصلــة باملشــكالت األكثــر أهميــة لحفــظ الســلم والعالقــات الدوليــة‪ ،‬يجــب‬
‫أن تتخــذ بموافقــة كل مــن (االتحــاد الســوفيتي‪ -‬الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪-‬‬
‫بريطانيــا)‪ ،‬وكذلــك الصــن وفرنســا اللتــان تتمتعــان بحقــوق العضويــة الدائمــة‪،‬‬
‫وكان الهــدف األمريكــي مــن ذلــك هــو مشــاركة مــن كان طرفــا يف النــزاع يف‬
‫التصويــت‪.‬‬
‫وهــذا ســيدفع الــدول التــي تتمتــع باألغلبيــة يف مجلــس األمــن وراء اهــداف‬
‫اســتخدام القــوة بــدال مــن البحــث عــن حلــول مقبولــة مــن كافــة األطــراف‪ ،‬ممــا‬
‫يشــكل هــذا العمــل تهديــدا ً مبــارشا ً للــدول وينــذر العالــم بكارثــة جديــدة(‪.)2‬‬
‫((( القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬سهيل حسني الفتالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫((( منظمة األمم املتحدة‪ ،‬محمد صالح املسفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.263‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪33‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪ .‬هان الواليــات املتحــدة األمريكيــة تملــك حــق الفيتــو املســترت عــى أغلبيــة قــرارات‬
‫املجلــس‪ ،‬إذ تســتطيع الواليــات املتحــدة األمريكيــة أن تمنــع صــدور اي قــرار مــن‬
‫مجلــس األمــن دون ان تســتخدم حــق الفيتــو‪ ،‬وذلــك بســبب هيمنتهــا عــى أعضاء‬
‫مجلــس األمــن‪ ،‬فبإمكانهــا ان تجمــع ســبعة أصــوات ملنــع صــدور اي قــرار مــن‬
‫مجلــس األمــن دون ان تســتخدم حــق الفيتــو‪ ،‬وكانــت هــذه احــد االســباب التــي‬
‫كانــت تعيــق دور األمــم املتحــدة‪ ،‬ولهــذا فقــد ســمح للــدول الدائمــة العضويــة‬
‫األخــرى ان تتمتــع بحــق الفيتــو(‪.)1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اللجان التابعة لمجلس األمن الدولي‪:‬‬
‫ملجلس األمن أن ينشئ من الفروع الثانوية ما يرى له رضورة ألداء وظائفه(‪.)2‬‬
‫وملجلس األمن لجان دائمة ولجان مؤقتة‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اللجان الدائمة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬لجنة أركان الحرب‪:‬‬
‫نصت املادة (‪ )47‬عىل‪:‬‬
‫‪1 .‬تشــكل لجنــة مــن أركان الحــرب تكــون مهمتهــا أن تســدي املشــورة واملعونــة‬
‫إىل مجلــس األمــن وتعاونــه يف جميــع املســائل املتصلــة بمــا يلزمــه مــن حاجــات‬
‫حربيــة لحفــظ الســلم واألمــن الــدويل والســتخدام القــوات املوضوعــة تحــت‬
‫ترصفــه وقيادتهــا ولتنظيــم التســليح ونــزع الســاح بالقــدر املســتطاع‪.‬‬
‫‪2 .‬تشــكل لجنــة أركان الحــرب مــن رؤســاء أركان حــرب األعضــاء الدائمــن يف‬
‫مجلــس األمــن أو مــن يقــوم مقامهــم‪ ،‬وعــى اللجنــة أن تدعــو أي عضــو يف األمــم‬
‫املتحــدة مــن األعضــاء غــر املمثلــن فيهــا بصفــة دائمــة لالشــراك يف عملهــا إذا‬
‫اقتــى حســن قيــام اللجنــة بمســؤولياتها أن يســاهم هــذا العضــو يف عملهــا‪.‬‬
‫‪3 .‬لجنــة أركان الحــرب مســؤولة تحــت إرشاف مجلــس األمــن عــن التوجيــه‬
‫االســراتيجي أليــة قــوات مســلحة موضوعــة تحــت تــرف املجلــس‪.‬‬

‫((( القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬سهيل حسني الفتالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫((( ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )29‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪34‬‬
‫‪4 .‬للجنــة أركان الحــرب أن تنشــئ لجان ـا ً فرعيــة إقليميــة إذا خولهــا ذلــك مجلــس‬
‫األمــن وبعــد التشــاور مــع الــوكاالت اإلقليميــة صاحبــة الشــأن(‪.)1‬‬
‫وقــد صــدر قــرار بتعــن األعضــاء الدائمــن ملمثــي الــدول الدائمــة العضويــة يف لجنــة‬
‫اركان الحــرب يف ‪ 25‬ينايــر ‪1946‬م‪ ،‬وقــد أدت الحــرب البــاردة إىل عــدم قــدرة اللجنــة‬
‫بممارســة اعمالهــا بســبب الخــاف الشــديد بــن الواليــات املتحــدة االمريكيــة واالتحاد‬
‫الســوفيتي‪ .‬ويف عــام ‪ 1948‬قدمــت اللجنــة تقريــرا ملجلــس األمــن اعرتفــت فيــه عــدم‬
‫قدرتهــا عــى مزاولــة أعمالهــا‪ ،‬وقــد توقــف عمــل اللجنــة مــن الناحيــة الفعليــة‪ ،‬رغــم‬
‫انهــا بقيــت قائمــة مــن الناحيــة القانونيــة(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬لجنة نزع السالح‪:‬‬
‫أنشــأت الجمعيــة العامــة هــذه اللجنــة عــام ‪1953‬م‪ ،‬ووضعتهــا تحــت ارشاف مجلــس‬
‫األمــن الــدويل‪ ،‬بســبب العالقــة الوثيقــة بــن اختصاصهــا وبــن وظيفــة املجلــس يف‬
‫املحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬وقــد حلــت هــذه اللجنــة محــل لجنتــن‬
‫ســابقتني كانــت تحــت ارشاف مجلــس األمــن همــا‪ ،‬لجنــة الطاقــة الذريــة التــي‬
‫أُنشــئت بقــرار الجمعيــة العامــة يف ‪ 24‬ينايــر ‪1946‬م والتــي تــم حلهــا بموجــب‬
‫قــرار مجلــس األمــن بنــاء عــى توصيــة مــن الجمعيــة العامــة الصــادر يف ‪ 30‬ينايــر‬
‫‪1952‬م‪ ،‬ولجنــة االســلحة العاديــة التــي أُنشــئت بقــرار مجلــس األمــن الصــادر يف ‪13‬‬
‫ينايــر ‪1952‬م‪ ،‬إذ تتكــون لجنــة نــزع الســاح مــن ممثــي الــدول األعضــاء يف املجلــس‬
‫باإلضافــة إىل كنــدا(‪.)3‬‬
‫ويحــق لــكل أعضــاء مجلــس األمــن ان يكــون عضــوا ً يف هــذه اللجنــة‪ ،‬وان هــذه‬
‫اللجنــة تختــص بدارســة االقرتاحــات املتعلقــة بتنظيــم وتخفيــض التســلح وخاصــة‬
‫اســلحة التدمــر الشــامل‪ ،‬وكذلــك الرقابــة الدوليــة الفعالــة عــى اســتخدام االســلحة‬
‫الذريــة‪ ،‬ومنــع اســتخدام االســلحة الذريــة يف غــر االغــراض الســلمية(‪.)4‬‬
‫تختــص هــذه اللجنــة بدراســة االقرتاحــات التــي تســتهدف نــزع وتخفيــض التســليح‬
‫لغــرض عرضهــا عــى املجلــس‪.‬‬

‫ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )47‬‬ ‫(((‬


‫القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬سهيل حسني الفتالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.200‬‬ ‫(((‬
‫مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد مهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.275‬‬ ‫(((‬
‫منظمة األمم املتحدة‪ ،‬محمد صالح املسفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.238‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪35‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬لجنة قبول األعضاء الجدد‪:‬‬
‫شــكلت هــذه اللجنــة عــام ‪1946‬م ومهمتهــا دراســة طلبــات الــدول الراغبــة يف‬
‫االنضمــام إىل األمــم املتحــدة‪ ،‬ومــن ثــم رفــع توصيــة إىل املجلــس بمــا قــد تتوصــل‬
‫اليــه‪ ،‬إال ان للمجلــس الحــق يف ان يقــوم بهــذه املهمــة دون االســتعانة بهــذه اللجنــة‬
‫وبذلــك يعــ ّد دورهــا دورا ً شــكليا ً(‪.)1‬‬
‫تختــص بفحــص طلبــات العضويــة يف األمــم املتحــدة وتقديــم تقريــر عنهــا للمجلــس‬
‫تمهيــدا ً إلصــدار توصيــة إىل الجمعيــة العامــة‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬لجنة اإلجراءات الجماعية‪:‬‬
‫تختــص فيمــا تدعــو الحاجــة إىل اتخــاذه مــن إجــراءات جماعيــة وتقديــم التوصيــة‬
‫بشــأنها إىل املجلــس‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬لجان الجزاءات ‪:‬‬
‫لقد تم تشكيل لجان جزائية تابعة للمجلس وهي عىل الوجه التايل‪:‬‬
‫ ‪-‬اللجنة املشكلة بشأن الحالة بني العراق والكويت(‪.)2‬‬
‫ ‪-‬اللجنة املشكلة بشأن الوضع يف يوغسالفيا(‪.)3‬‬
‫ ‪-‬اللجنة املشكلة بشأن الجمهورية العربية الليبية(‪.)4‬‬
‫ ‪-‬اللجان املشكلة بشأن الوضع يف الصومال(‪.)5‬‬

‫((( منظمة األمم املتحدة‪ ،‬محمد صالح املسفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.237‬‬
‫((( قـرار مجلــس االمــن الــدويل رقــم ( ‪ )661‬الصــادر يف ‪1990/8/6‬م عــن الحالــة بــن العـراق والكويــت‪ ،‬ويدعــو هــذا القرار‬
‫اىل حــث الــدول اىل وقــف التعامــات التجاريــة مــع العـراق‪ ،‬واعفيــت مــن هــذا القـرار املــواد الطبيــة والغذائيــة العتبــارات‬
‫انســانية‪ ،‬وقــد صــوت عليــه (‪ )13‬دولــة وامتنعــت عنــه دولتــن هــا‪ ،‬اليمــن وكوبــا‬
‫((( قـرار مجلــس االمــن الــدويل (‪ )724‬املعتمــد باألجــاع يف ‪1991 /12/15‬م‪ ،‬وبعــد ان عــاد املجلــس تأكيــد القراريــن ‪713‬‬
‫و‪ 721‬لســنة ‪1991‬م‪ ،‬واحــاط علـاً بتقريــر االمــن العــام خافيــر برييــز دي كوبيــان‪ ،‬بشــأن الحالــة بجمهوريــة يوغســافية‬
‫االتحاديــة االشـراكية‪.‬‬
‫((( ق ـرار مجلــس االمــن الــدويل رقــم (‪ )748‬املعتمــد باألجــاع يف ‪1992/3/ 31‬م‪ ،‬إذ قــرر مجلــس االمــن الــدويل انــه «‬
‫يجــب عــى ليبيــا ومبوجــب الفصــل الســابع مــن ميثــاق االمــم املتحــدة‪ ،‬ان متتثــل االن للطلبــات الــواردة مــن التحقيقــات‬
‫املتعلقــة بتدمــر طائــرة بــان ام الرحلــة (‪ )103‬فــوق دولــة لوكــريب‪.‬‬
‫((( انشــئت اللجنــة بدايــة عمـ ًـا بالق ـرار (‪ )751‬يف ‪1992/4/24‬م لــأرشاف عــى الحــر العــام والكامــل عــى االســلحة‬
‫املفروضــة مبوجــب ق ـرار مجلــس االمــن الــدويل (‪ )733‬لســنة ‪1992‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪36‬‬
‫وان لجنــة الجــزاءات الجماعيــة‪ ،‬هــي اللجنــة التــي تختــص بتدابــر األمــن الجماعــي‬
‫(‪)1‬‬
‫التــي يحــق للمجلــس اتخاذهــا‬
‫ً‬
‫سادسا‪ :‬لجنة الخبراء‪:‬‬
‫ان لجنــة الخــراء أنشــأها املجلــس يف اول جلســاته‪ ،‬وذلــك بقــرار أصــدره يف ‪17‬‬
‫ينايــر‪1946‬م‪ ،‬وهــذه اللجنــة تتكــون مــن مندوبــن يمثلــون جميــع الــدول األعضــاء‬
‫باملجلــس‪ ،‬وهــي تضــم مجموعــة الخــراء القانونــن املتخصصــن‪ ،‬وكانــت أوىل‬
‫مهامهــا وضــع (النظــام الداخــي) للمجلــس‪ ،‬والقيــام بتفســر مــواد ذلــك النظــام يف‬
‫حالــة حصــول اختــاف بــن األعضــاء‪ ،‬ودراســة كل مــا يحيلــه إليهــا املجلــس مــن‬
‫موضوعــات(‪.)2‬‬
‫ومهمــة لجنــة الخــراء تقديــم املشــورة إىل املجلــس يف كل مــا يتعلــق بتفســر امليثــاق‬
‫وقواعــد اإلجــراءات(‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اللجان المؤقتة‪:‬‬
‫يلجــأ املجلــس إىل إنشــاء هــذه اللجــان كلمــا دعــت الحاجــة لذلــك‪ ،‬ألداء مهــام خاصة‪،‬‬
‫ومــن هــذه اللجــان لجنــة األمــم املتحــدة ملراقبــة الهدنــة يف فلســطني ولجنــة األمــم‬
‫املتحــدة لصــون ســام قــرص والكنغو والــرق األوســط(‪.)4‬‬
‫واللجــان املؤقتــة ينشــئها مجلــس األمــن ملهمــات معينــة ذات صلــة مؤقتــة‪ ،‬وقــد أنشــا‬
‫مجلــس األمــن العديــد مــن اللجــان(‪ ،)5‬ومــن اشــهر تلــك اللجــان اآلتــي‪:‬‬
‫‪ -1‬اللجنــة املشــكلة بموجــب القــرار(‪ )661‬لســنة ‪1990‬م‪ ،‬الصــادر بتاريــخ‬
‫‪1990/8/6‬م‪:‬‬
‫وتتألــف هــذه اللجنــة مــن جميــع أعضــاء مجلــس األمــن‪ ،‬وتتــوىل تطبيــق الحصــار‬
‫عــى العــراق‪ ،‬وان العمــل يف هــذه اللجنــة يقــوم عــى أســاس ان قــرارات اللجنــة تكون‬
‫باإلجمــاع أي يكــون لــكل دولــة حــق الفيتــو‪.‬‬

‫((( مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد مهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.275‬‬
‫((( مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد مهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.274‬‬
‫((( املنظــات الدوليــة واإلقليميــة املتخصصــة‪ ،‬د‪ .‬عــي يوســف الشــكري‪ ،‬اي ـراك للنــر والتوزيــع‪ ،‬الخرطــوم‪ ،‬الســودان‪،‬‬
‫‪2004‬م‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫((( املنظامت الدولية واإلقليمية املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫((( املنظامت اإلقليمية الدولية‪ ،‬عاكف يوسف صوفان‪ ،‬دار االحمدي للنرش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪. 226‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪37‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وتجــدر االشــارة اىل أن القــرار (‪ )661‬لســنة ‪1990‬م الــذي اســتثنى االدويــة واملــواد‬
‫الغذائيــة مــن التدابــر املحضــورة‪ ،‬اال ان اغلــب الــدول امتنعــت مــن ارســال تلــك‬
‫املــواد اىل العــراق‪ ،‬وذلــك يشــكل مخالفــة للربوتوكــول االول التفاقيــة جنيــف لســنة‬
‫‪1997‬م‪ ،‬إذ انهــا تنــص عــى «تحريــم سياســة رفــض ارســال الــدواء والغــذاء اىل‬
‫املدنيــن يف وقــت الحــرب»(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬لجان التعايش الخاصة بنزع اسلحة العراق ذات التدمري الشامل‪:‬‬
‫شــكلها مجلــس األمــن الــدويل بموجــب القــرار (‪ )687‬يف ‪ 3‬نيســان ‪1991‬م‪ ،‬وقــد‬
‫قامــت هــذه اللجــان بتدمــر اســلحة الدمــار الشــامل يف العــراق‪ ،‬وتوقفــت عــن عملهــا‬
‫يف ‪ 17‬كالــون الثانــي عــام ‪ ،1998‬عندمــا قامــت الواليــات املتحــدة بســحبها مــن اجــل‬
‫توجيــه رضبــة عســكرية عــى العــراق(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬لجنة اليونان التي انشئت بموجب القرار ‪ 19‬ديسمرب (‪1946‬م)‪:‬‬
‫شــكلت هــذه اللجنــة لدراســة املشــاكل الناجمــة مــن الحــرب األهليــة اليونانيــة‪،‬‬
‫وبالــذات دور املانيــا وبلغاريــا ويوغســافيا يف تلــك الحــرب‪ ،‬وقــد انتهــت اعمــال هــذه‬
‫اللجنــة بقــرار املجلــس يف ‪ 12‬ديســمرب (‪1947‬م)(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬لجنة الوساطة بني الهند وباكستان‪:‬‬
‫تشــكلت هــذه اللجنــة بقــرار (‪ )20‬ينايــر ‪1948‬م‪ ،‬وان الغايــة مــن تشــكيل هــذه‬
‫اللجنــة هــو املحافظــة عــى الســلم والوســاطة بــن أطــراف النــزاع‪ ،‬واتخــاذ إجــراءات‬
‫املناســبة ألجــراء االســتفتاء يف اإلقليــم املتنــازع عليــه‪ ،‬وهــو اقليــم كشــمري‪ ،‬وانتهــت‬
‫اعمــال هــذه اللجنــة بالقــرار (‪ )17‬مايــو ‪1950‬م‪ ،‬وتعــن منــدوب األمــم املتحــدة‬
‫لتــويل هــذه املهمــة‪.‬‬
‫‪ -5‬لجنة مراقبة الهدنة يف فلسطني‪:‬‬
‫أُنشــئت هــذه الجنــة ملراقبــة الهدنــة يف فلســطني بقــرار (‪ )23‬ابريــل ‪1948‬م ملســاعدة‬
‫املجلــس يف تنفيــذ قــرارات الهدنــة بــن العــرب وارسائيــل(‪.)4‬‬
‫((( الســلطة التقديريــة ملجلــس االمــن واســتخدامها يف حالــة العـراق‪ ،‬ســيف الديــن املشــهداين‪ ،‬دار النــر الثقافيــة العامــة‪،‬‬
‫بغداد‪ ،‬الع ـراق‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪.134-133‬‬
‫((( القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬سهيل حسني الفتالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫((( مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد مهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.276‬‬
‫((( مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد مهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.276‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪38‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫عالقة مجلس األمن الدولي بمنظمة األمم المتحدة‬

‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث عالقــة مجلــس األمــن الــدويل بمنظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬مــن‬
‫خــال تنــاول قيــام منظمــة األمــم املتحــدة وأهدافهــا ومبادئهــا وعضويتهــا وتنــاول‬
‫أجهــزة األمــم املتحــدة املختلفــة واختصاصاتهــا ومهامهــا‪ ،‬وتنــاول تبعيــة مجلــس‬
‫األمــن الــدويل ملنظمــة األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬قيام منظمة األمم المتحدة وأهدافها ومبادئها‬
‫وعضويتها‪:‬‬
‫قامــت هــذه املنظمــة بعــد أن عجــزت عصبــة األمــم عــن وقــف الحــرب العامليــة‬
‫الثانيــة وعــن الحفــاظ عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪.‬‬
‫ودخــل مؤتمــر األمــم املتحــدة يف ســان فرانسيســكو ‪1945‬م كحــدث ذو أهميــة‬
‫سياســية كبــرة‪ ،‬ومــا أن أعلــن يف املؤتمــر عــن قيــام منظمــة األمــم املتحــدة أصبــح يف‬
‫أيامنــا أكــر منتــدى تمثيــي للــدول حيــث تناقــش كل القضايــا واملســائل التــي تهــم‬
‫املجتمــع الــدويل وميثــاق منظمــة األمــم املتحــدة يقــاوم التجربــة والوقــت‪.‬‬
‫ولــم يصبــح إنشــاء منظمــة األمــم املتحــدة ممكن ـا ً إال نتيجــة انتصــار الحلفــاء عــى‬
‫أملانيــا النازيــة وحلفائهــا وتوحيــد جهــود الــدول يف النضــال مــن أجــل قيــام ســام‬
‫دائــم وإبعــاد البرشيــة عــن التهديــد بقيــام حــرب عامليــة جديــدة(‪.)1‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مبادئ منظمة األمم المتحدة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مبدأ املساواة السيادية بني الدول األعضاء‪:‬‬
‫وشــغل واضعــو امليثــاق كمــا شــغلت األمــم املتحــدة بإعطــاء مفهــوم محــدد ملبــدأ‬
‫املســاواة يف الســيادة يوفــق بــن اعتباريــن أساســيني‪ ،‬أولهمــا حــرص الــدول عــى‬
‫ســيادتها عــى نحــو يشــوبه قــدر مــن الحساســية مــن أن تجــد نفســها خاضعــة‬
‫لســلطة تعلــو عــى ســلطتها‪ ،‬وثانيهمــا مقتضيــات فاعليــة املنتظــم الــدويل‪ ،‬ورضورة‬
‫تهيئــة الظــروف والوســائل الالزمــة لبلــوغ أهدافــه(‪.)2‬‬

‫((( املنظامت الدولية العاملية واإلقليمية‪ ،‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.268‬‬
‫((( املنظامت الدولية واإلقليمية املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪39‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ثانياً‪ :‬تنفيذ االلتزامات بحسن نية‪:‬‬
‫يعــد مــن أهــم املبــادئ التــي يقــوم عليهــا النظــام القانونــي بوجــه عــام الداخــي‬
‫منــه‪ ،‬والــدويل‪ ،‬بــل إن هــذا املبــدأ مــن املبــادئ التــي يؤســس عليهــا القانــون الــدويل‪،‬‬
‫وهــو حجــر الزاويــة يف قانــون املعاهــدات‪ ،‬وبغــره تعــم الفــوىض يف محيــط العالقــات‬
‫الدوليــة األمــر الــذي ينعكــس بــدوره ســلبا ً عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬والــذي لواله‬
‫مــا وجــد التنظيــم الــدويل أصـاً يف صورتــه األوىل الحاليــة(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حل املنازعات الدولية بالطرق السلمية‪:‬‬
‫امليثــاق أوجــب عــى الــدول األعضــاء بمقتــى املــادة ‪ 3/2‬بــأن تعمــل عــى حــل‬
‫جميــع منازعاتهــا الدوليــة بــدون اســتثناء‪ ،‬بالوســائل الســلمية بصــورة ال تــؤدي إىل‬
‫تهديــد الســلم واألمــن الدوليــن أو إنــكار العدالــة(‪.)2‬‬
‫وقــد أوضحــت املــادة ‪ 33‬مــن امليثــاق هــذه الطــرق الســلمية وهــي التفــاوض‪،‬‬
‫والتحقيــق‪ ،‬والوســاطة‪ ،‬والتوفيــق‪ ،‬والتحكيــم‪ ،‬والتســوية القضائيــة أو اللجــوء إىل‬
‫الــوكاالت والتنظيمــات اإلقليميــة أو غريهــا مــن الوســائل الســلمية التــي يقــع عليهــا‬
‫اختيــار الــدول املتنازعــة(‪.)3‬‬
‫رابعاً‪ :‬حظر استخدام القوة أو التهديد بها يف العالقات الدولية‪:‬‬
‫هــذا املبــدأ مــا هــو إال نتيجــة منطقيــة مرتتبــة عــى االلتــزام بتســوية املنازعــات‬
‫بالطــرق الســلمية‪ ،‬ويعــد هــذا املبــدأ مــن أهــم التجديــدات التــي تضمنهــا امليثــاق(‪.)4‬‬
‫خامساً‪ :‬معاونة األمم املتحدة فيما تتخذه من أعمال‪:‬‬
‫كأن تقــوم الــدول األعضــاء بوضــع تحــت تــرف مجلــس األمــن بنــاء عــى طلبــه‬
‫مــا يلــزم مــن القــوات املســلحة واملســاعدات والتســهيالت الرضوريــة لحفــظ الســام‬
‫واألمــن الدوليــن‪ ،‬ومــن ذلــك حــق املــرور‪ ،‬وأن تمتنــع الــدول األعضــاء عــن مســاعدة‬
‫الــدول التــي تتخــذ األمــم املتحــدة ضدهــا عم ـاً مــن أعمــال املنــع أو القمــع(‪.)5‬‬

‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.67‬‬


‫((( األصــول العامــة للمنظــات الدوليــة‪ ،‬عبــد العزيــز محمــد رسحــان‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1968 ،‬م‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ص‪.77‬‬
‫((( األمم املتحدة خالل نصف قرن‪ ،‬د‪ .‬حسن نافعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫((( املنظامت الدولية واإلقليمية املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫((( املنظامت اإلقليمية الدولية‪ ،‬د‪ .‬عاكف صوفان‪ ،‬دار األحمدي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.218‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪40‬‬
‫سادساً‪ :‬االمتناع عن التدخل يف الشؤون الداخلية للدول‪:‬‬
‫إن هنــاك قيــدا ً عــى اختصاصــات وســلطات األمــم املتحــدة مقتضــاه عــدم التدخــل‬
‫يف املســائل الداخليــة للــدول األعضــاء‪ ،‬وأســاس وجــود هــذا القيــد هــو أن أي تنظيــم‬
‫أو هيــكل فيــدرايل أو شــبه فيــدرايل يتطلــب بالــرورة‪ ،‬تقســيم االختصاصــات بــن‬
‫الــدول األعضــاء والســلطة العليــا(‪.)1‬‬
‫سابعاً‪ :‬مبدأ حق تقرير املصري‪:‬‬
‫أن حــق تقريــر املصــر ال يعنــي حــق انفصــال مــا توصــف باألقليــات حتــى ولــو‬
‫كانــت أمالهــا وتطلعاتهــا تتعــارض مــع باقــي الجماعــات التــي تعيــش معهــا عــى‬
‫ذات األقاليــم وأن حــق تقريــر املصــر ال يعطــى لألقليــات ســوى الحــق يف أن تســتخدم‬
‫لغتهــا الخاصــة وأن تكــون لهــا مؤسســاتها الثقافيــة والتعليميــة الخاصــة ولــذا‬
‫فليــس بحجــة تقريــر املصــر أن تنــزع لنفســها دولــة مســتقلة عــن دولــة األصــل(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مقاصد األمم المتحدة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬حفظ السلم واألمن الدوليني‪:‬‬
‫وهــو الهــدف األســمى الــذي قامــت األمــم املتحــدة مــن أجــل تحقيقــه‪ ،‬وهــو يعنــي‬
‫احــرام حقــوق اإلنســان واحــرام العدالــة وااللتزامــات الناشــئة عــن املعاهــدات(‪.)3‬‬
‫وتتخــذ املنظمــة التدابــر الالزمــة ملنــع األســباب التــي تهــدد الســلم وتقمــع أعمــال‬
‫العــدوان وفق ـا ً ملبــادئ العــدل والقانــون الــدويل(‪.)4‬‬
‫ثانياً‪ :‬إنماء العالقات الودية بني األمم‪:‬‬
‫إن واضعــي امليثــاق قــد رأوا إن حمايــة الســلم واألمــن الدوليــن ال يتحققــان يف جــو‬
‫تســود فيــه العالقــات الدوليــة واملشــاحنات والتنافــس العدائــي ولذلــك جــاءوا بهــذا‬
‫النــص(‪.)5‬‬
‫((( املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫((( التنظيــم الــدويل واإلقليمــي املبــادئ واألهــداف‪ ،‬د‪ .‬الطاهــر محمــد أحمــد الشــيخ الفــادين‪ ،‬مطبعــة جــي تــاون‪،‬‬
‫الخرطــوم‪ ،‬الســودان‪2012 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪.14‬‬
‫((( املرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫((( املنظــات الدوليــة اإلســامية‪ ،‬عبدالرحمــن بــن إبراهيــم الضحيــان‪ ،‬أبهــا‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية‪1411 ،‬هـــ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ص‪.139‬‬
‫((( األمم املتحدة واملنتظامت اإلقليمية‪ ،‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪41‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ثالثاً‪ :‬تحقيق التعاون الدويل يف امليادين األخرى‪:‬‬
‫نصــت املــادة (‪( :)3/1‬تحقيــق التعــاون الــدويل يف حــل املســائل ذات الصبغــة‬
‫االقتصاديــة واالجتماعيــة والثقافيــة واإلنســانية ويف تعزيــز احــرام حقــوق اإلنســان‬
‫والحريــات األساســية للنــاس جميع ـا ً والتشــجيع عــى ذلــك بشــكل مطلــق وبــا أي‬
‫نــوع مــن التمييــز بســبب الجنــس أو اللغــة أو الديــن ودون أي تفرقــة بــن الرجــال‬
‫والنســاء)(‪ .)1‬وقــد أكــد هــذا النــص طبيعــة األمــم املتحــدة كمنظمــة عامــة وليســت‬
‫منظمــة سياســية أو أمنيــة متخصصــة(‪.)2‬‬
‫رابعاً‪ :‬أن تكون األمم املتحدة مركزا ً لتنسيق أعمال الدول‪:‬‬
‫ليــس املقصــود بهــذا أن تكــون الهيئــة مركــزا ً لــكل أنشــطة الــدول‪ ،‬وإنمــا تكــون أداة‬
‫للتنســيق بــن أعمــال الــدول واملنظمــات الدوليــة املختلفــة وتوجيههــا نحــو املصالــح‬
‫املشــركة‪ ،‬ذلــك أن األمــم املتحــدة ال تســعى إىل الســيطرة عــى نشــاط الــدول األعضــاء‬
‫أو املنظمــات الدوليــة‪ ،‬وإنمــا تريــد توفــر أفضــل الظــروف للتفاهــم بــن الــدول(‪.)3‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العضوية في األمم المتحدة‪:‬‬
‫العضوية في األمم المتحدة نوعان‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬عضوية أصلية‪:‬‬
‫وهــي محــددة وفق ـا ً لنــص املــادة ‪ 3‬مــن امليثــاق‪ ،‬للــدول التــي اشــركت يف مؤتمــر‬
‫ســان فرانسيســكو‪ ،‬ووقعــت امليثــاق وصادقــت عليــه‪ ،‬والــدول التــي وقعــت ترصيــح‬
‫األمــم املتحــدة الصــادر يف أول ينايــر ‪1942‬م‪ ،‬والتــي وقعــت امليثــاق وصادقــت عليــه‪.‬‬
‫وقــد بلــغ عــدد هــذه الــدول خمســن دولــة(‪ ،)4‬وقــد نــص امليثــاق عــى‪( :‬األعضــاء‬
‫األصليــون لألمــم املتحــدة هــم الــدول التــي اشــركت يف مؤتمــر األمــم املتحــدة لوضــع‬
‫نظــام الهيئــة الدوليــة املنعقــد يف ســان فرانسيســكو‪ ،‬والتــي توقــع هــذا امليثــاق‬
‫وتصــدق عليــه‪ ،‬وكذلــك الــدول التــي وقعــت مــن قبــل ترصيــح األمــم املتحــدة‪،‬‬
‫وتوقــع هــذا امليثــاق وتصــدق عليــه)(‪.)5‬‬

‫الفقرة الثالثة من املادة األوىل من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬ ‫(((‬


‫األمم املتحدة خالل نصف قرن‪ ،‬د‪ .‬حسن نافعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.79‬‬ ‫(((‬
‫املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.207‬‬ ‫(((‬
‫املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.228‬‬ ‫(((‬
‫ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )3‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪42‬‬
‫ثانياً‪ :‬العضوية باالنضمام‪:‬‬
‫تنــص املــادة (‪ )4‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة عــى‪ /1( :‬العضويــة يف األمــم املتحــدة‬
‫مباحــة لجميــع الــدول األخــرى املحبــة للســام‪ ،‬والتــي تأخــذ نفســها بااللتزامــات‬
‫التــي يتضمنهــا هــذا امليثــاق‪ ،‬والتــي تــرى الهيئــة أنهــا قــادرة عــى تنفيــذ هــذه‬
‫االلتزامــات راغبــة فيــه‪ /2 .‬قبــول أيــة دولــة مــن هــذه الــدول يف العضويــة يتــم‬
‫بقــرار مــن الجمعيــة العامــة بنــاء عــى توصيــة مــن مجلــس األمــن)(‪.)1‬‬
‫نميز يف األمم املتحدة بني أعضاء مؤسسني وأعضاء منضمني‪.‬‬
‫فاألعضــاء املؤسســن هــم ال‪ 50‬دولــة التــي شــاركت يف مؤتمــر ســان فرانسيســكو‬
‫ووقعــت وصادقــت عــى امليثــاق وقــد أعطيــت الحــق يف توقيــع امليثــاق بشــكل‬
‫متســاوي مــع الــدول املؤسســة (األعضــاء األصليــون) لألمــم املتحــدة هــم الــدول التي‬
‫اشــركت يف مؤتمــر األمــم املتحــدة لوضــع نظــام الهيئــة الدوليــة املنعقــدة يف ســان‬
‫فرانسيســكو‪ ،‬والتــي توقــع هــذا امليثــاق وتصــدق عليــه طبقــا ً للمــادة ‪.110‬‬
‫وكذلــك الــدول التــي وقعــت مــن قبــل ترصيــح األمــم املتحــدة الصــادر يف أول ينايــر‬
‫‪1942‬م وتوقــع هــذا امليثــاق وتصــدق عليــه‪.‬‬
‫أمــا العضويــة يف منظمــة األمــم املتحــدة فهــي وفقــا ً للمــادة الرابعــة مــن امليثــاق‬
‫(فهــي مباحــة لجميــع الــدول األخــرى املحبــة للســام‪ ،‬والتــي تأخــذ نفســها‬
‫بااللتزامــات التــي يتضمنهــا هــذا امليثــاق‪ ،‬والتــي تــرى الهيئــة أنهــا قــادرة عــى‬
‫تنفيــذ هــذه االلتزامــات وراغبــة فيــه)(‪.)2‬‬
‫بمعنــى آخــر أن كل دولــة تســتطيع االنضمــام إىل منظمــة األمــم املتحــدة ولكــن‬
‫بــروط هــي التاليــة‪:‬‬
‫‪1 .‬الذي ينادي برضورة أن تحافظ األمم املتحدة عىل السلم واألمن الدويل‪.‬‬
‫‪2 .‬أن تلتزم بما ينص عليه امليثاق من قواعد وأحكام‪.‬‬
‫‪3 .‬أن تكون قادرة عىل الوفاء بهذه االلتزامات وترغب يف الوفاء بها‪.‬‬

‫((( نفس املصدر‪ ،‬املادة (‪. )4‬‬


‫((( املادة ‪ 4‬ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪43‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وللقبــول يف عضويــة األمــم املتحــدة‪ ،‬مــن الــروري وجــود توصيــة مــن مجلــس‬
‫األمــن‪ ،‬تتخــذ ليــس بأقــل مــن تســعة أصــوات بمــا فيهــا أصــوات الــدول الخمــس‬
‫الدائمــة العضويــة‪ ،‬ومــن ثــم قــرار مــن الجمعيــة العامــة بأكثريــة‪ ،‬الثلثــن مــن‬
‫الــدول املشــاركة يف التصويــت (قبــول أيــة دولــة مــن هــذه الــدول يف عضويــة األمــم‬
‫املتحــدة يتــم بقــرار مــن الجمعيــة العامــة بنــاء عــى توصيــة مجلــس األمــن)(‪.)2()1‬‬
‫أمــا العضــو الــذي يخــرق بشــكل منتظم مبــادئ ميثــاق األمــم املتحــدة فيمكــن فصله‬
‫مــن املنظمــة بقــرار مــن الجمعيــة العامــة بنــاء عــى توصيــة مــن مجلس األمــن(‪.)3‬‬
‫ولكن املنظمة لم تلجأ إىل هذا التدابري حتى يومنا هذا ذلك أن فصل أي عضو من املنظمة‬
‫يخضع لتوازنات القوى عىل الصعيد الدويل وللمصالح الخاصة للدول‪.‬‬
‫وهــذا مــا حصــل مــع إرسائيــل‪ ،‬التــي حاولــت بعــض األطــراف العربيــة طرح مســألة‬
‫فصلهــا مــن املنظمــة‪ ،‬فجوبهــت بالرفض‪.‬‬
‫وعــى الرغــم مــن أن امليثــاق ال يتحــدث عــن إمكانيــة خــروج الدولــة مــن املنظمــة‪،‬‬
‫فــإن هــذا الحــق يعــود للدولــة العضــو نفســها كدولــة ذات ســيادة‪.‬‬
‫وهكــذا فقــد خرجــت اندونيســيا مــن املنظمــة عــام ‪1965‬م‪ ،‬ثــم عــادت إليهــا يف عــام‬
‫(‪)4‬‬
‫‪1966‬م‪.‬‬
‫وينظــر امليثــاق يف إمكانيــة إيقــاف حقــوق ومزايــا العضويــة يف حــال اتخــذ مجلــس‬
‫األمــن ضــد الدولــة العضــو إجــراءات ذات طبيعــة وقائيــة أو قرسيــة‪.‬‬
‫وهذا الوقف تتخذه الجمعية العامة بناء عىل توصية من مجلس األمن‪.‬‬
‫أما عادة العمل بهذه الحقوق واملزايا فتعود إىل مجلس األمن (يجوز للجمعية العامة أن‬
‫توقف أي عضو اتخذ مجلس األمن قبله عمالً من أعمال املنع أو القمع عن مبارشة حقوق‬
‫العضوية ومزاياها ويكون ذلك بناء عىل توصية مجلس األمن‪ ،‬وملجلس األمن أن يرد لهذا‬
‫العضو مبارشة تلك الحقوق واملزايا)‪.)5‬‬

‫((( الفقرة الثانية‪ ،‬املادة الرابعة ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬


‫((( محــارضات يف املنظــات الدوليــة واإلقليميــة‪ ،‬د‪ .‬محمــد ســعيد مجــذوب‪ ،‬دار الكتــب العلميــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1976 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.92‬‬
‫((( املادة ‪ 6‬ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( محارضات يف املنظامت الدولية واإلقليمية‪ ،‬د‪ .‬محمد سعيد مجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫((( املادة (‪ )5‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪44‬‬
‫أمــا الــدول غــر األعضــاء يف األمــم املتحــدة فهــي ســويرسا‪ ،‬الفاتيــكان ودولــة‬
‫أوقيانيــا‪ ،‬توبالــو‪ ،‬فيمــا يحــض ســويرسا فقــد جــرى فيهــا اســتفتاءان حــول الدخــول‬
‫يف عضويــة األمــم املتحــدة (املــرة الثانيــة جــرت عــام ‪1986‬م) ولكــن املواطنــن‬
‫الســويرسيني رفضــوا الدخــول إىل األمــم املتحــدة بحجــة دخولهــم ســوف يؤثــر عــى‬
‫مبــدأ الحيــاد الــذي تســر عليــه ســويرسا منــذ عــام ‪1915‬م‪.‬‬
‫كقاعـدة تقيـم الدولـة العضـو ممثليـه دائمـة يف األمم املتحـدة‪ ،‬أمـا الدول غير األعضاء‬
‫فيمكنهـا إقامـة عالقـات مع منظمـة األمم املتحـدة وممثليـه ملراقبين دائمني‪.‬‬
‫والوقت الحارض للفاتيكان وسويرسا ممثليات من هذا النوع‪ ،‬وكذلك هنالك ممثليه لفلسطني‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أجهزة األمم المتحدة‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجمعية العامة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف الجمعية العامة‪:‬‬
‫هــي األداة الوحيــدة التــي تمثــل فيهــا كل الــدول األعضــاء عــى قــدم املســاواة‪ ،‬وهــذه‬
‫خاصيــة تتمتــع بهــا الجمعيــة العامــة‪ ،‬والتــي تجعــل لهــا الــرأي األعــى والنهائــي‬
‫يف كثــر مــن الشــئون واملكانــة الخاصــة التــي تتمتــع بهــا يف نظــام األمــم املتحــدة‪،‬‬
‫وتعتــر أداة مالئمــة للتعبــر عــن الوعــي العاملــي أو الــرأي العــام يف املســائل الدولية(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬تكوين الجمعية العامة‪:‬‬
‫‪1 .‬تتألف الجمعية العامة من جميع أعضاء األمم املتحدة‪.‬‬
‫‪2 .‬ال يجــوز أن يكــون للعضــو الواحــد أكثــر مــن خمســة مندوبــن يف الجمعيــة‬
‫العامــة‪ ،‬يف وظائــف الجمعيــة وســلطاتها(‪.)2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬انعقاد الجمعية العامة‪:‬‬
‫تجتمــع الجمعيــة العامــة يف أدوار انعقــاد عاديــة ويف أدوار انعقــاد ســنوية خاصــة‬
‫بحســب مــا تدعــو إليــه الحاجــة‪ ،‬ويقــوم بالدعــوة إىل أدوار االنعقــاد الخاصــة األمــن‬
‫العــام بنــاء عــى طلــب مجلــس األمــن أو أغلبيــة أعضــاء األمــم املتحــدة(‪.)3‬‬
‫((( املنظــات الدوليــة الحديثــة وفكــرة الحكومــة العامليــة‪ ،‬د‪ .‬محمــد حســن األبيــاري‪ ،‬الهيئــة املرصيــة العامــة للكتــاب‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬مــر‪1978 ،‬م‪ ،‬ص‪.315-314‬‬
‫((( ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )9‬‬
‫((( نفس املصدر‪ ،‬املادة (‪. )20‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪45‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫رابعاً‪ :‬مهام وواجبات الجمعية العمومية‪:‬‬
‫منحــت املــادة العــارشة مــن امليثــاق الجمعيــة العموميــة لألمــم املتحــدة مهــام‬
‫وواجبــات واســعة جــدا حيــث خولــت لهــا النظــر يف أيــة مســألة تدخــل يف اختصــاص‬
‫األمــم املتحــدة بصــورة عامــة‪ .‬فوفقــا لهــذه املــادة يمكــن للجمعيــة مناقشــة أيــة‬
‫مســألة أو أمــر يدخــل يف نطــاق هــذا امليثــاق أو لــه عالقــة بفــرع مــن الفــروع‬
‫املنصــوص عليهــا فيــه أو بوظائفــه‪ .‬كمــا يمكنهــا‪ ،‬باســتثناء مــا تــم النــص عليــه‬
‫يف املــادة الثانيــة عــرة‪ ،‬أن تــويص أعضــاء الهيئــة أو مجلــس األمــن أو كليهمــا بمــا‬
‫تــراه يف تلــك املســائل‪.‬‬
‫ويمكننا تقسيم اختصاصات الجمعية العمومية إىل‪:‬‬
‫أ‪ -‬حفظ األمن والسلم الدوليني‪:‬‬
‫وفقــا للفقــرة الثانيــة مــن املــادة الحاديــة عــرة مــن امليثــاق تناقــش الجمعيــة‬
‫العامــة أيــة مســألة ذات صلــة بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن يتــم رفعهــا لهــا مــن‬
‫قبــل أي عضــو مــن أعضــاء األمــم املتحــدة أو مجلــس األمــن أو أيــة دولــة ليســت‬
‫مــن أعضائهــا‪ .‬كمــا لهــا‪ ،‬باســتثناء مــا تنــص عليــه املــادة الثانيــة عــرة‪ ،‬أن تقــدم‬
‫التوصيــات بشــأن هــذه املســائل للدولــة أو الــدول صاحبــة الشــأن أو ملجلــس األمــن‬
‫أو لكليهمــا معــا‪ .‬وينبغــي أن تحيــل الجمعيــة العامــة أيــة مســألة تتصــل بمــا تمــت‬
‫اإلشــارة إليــه‪ ،‬تتطلــب القيــام بعمــل مــا‪ ،‬إىل مجلــس األمــن قبــل بحثهــا أو بعــده(‪.)1‬‬
‫وبالرغــم مــن شــمول اختصــاص الجمعيــة العامــة فقــد عملــت املــادة املشــار إليهــا‬
‫عــى تقييــد ممارســة الجمعيــة العامــة الختصاصاتهــا باآلتــي‪:‬‬
‫‪1 .‬وفقــا للمــادة الثانيــة عــرة مــن امليثــاق تمتنــع الجمعيــة العامــة مــن تقديــم‬
‫أيــة توصيــات بشــأن أيــة مســألة مطروحــة أمــام مجلــس األمــن‪ ،‬مــا لــم يطلــب‬
‫مجلــس األمــن مــن الجمعيــة ذلــك‪.‬‬
‫‪2 .‬إذا رأت الجمعيــة العامــة‪ ،‬فيمــا يتصــل بقضيــة أو مشــكلة مــا معروضــة عليهــا‪،‬‬
‫أن مــن الــروري إحالتهــا ملجلــس األمــن‪ .‬ويقصــد بـ»إجــراء» أو «عمــل» مــا‬
‫اتخــاذ التدابــر املنصــوص عليهــا يف الفصــل الســابع والخاصــة بأعمــال املنــع‬

‫((( محارضات يف املنظامت الدولية واإلقليمية‪ ،‬د‪ .‬محمد سعيد مجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪46‬‬
‫والقمــع‪ ،‬والتــي ال يكفــي التخاذهــا مجــرد إصــدار توصيــة‪ ،‬وإال لتســنى للجمعيــة‬
‫العامــة إصــدار مثــل هــذه التوصيــة دون الحاجــة إىل إحالــة األمــر ملجلــس األمــن‪.‬‬
‫ب‪ -‬اختصاصات الجمعية العامة ذات الطابع اإلداري‪:‬‬
‫أســند امليثــاق إىل الجمعيــة العامــة العديــد مــن االختصاصــات واملهــام ذات العالقــة‬
‫ببنيــان األمــم املتحــدة يف مظهريــه الشــخيص واملوضوعــي وتلــك املتعلقــة بإعــداد‬
‫ميزانيــة املنظمــة يف حــن أن بعضهــا اآلخــر يتعلــق بمتابعــة نشــاط أجهــزة املنظمــة‬
‫املختلفــة‪ ،‬الرئيســية منهــا والفرعيــة‪.‬‬
‫‪ -1‬االختصاص ذو العالقة ببنيان األمم املتحدة‪:‬‬
‫يتوقــف قبــول الــدول األعضــاء يف األمــم املتحــدة عــى قــرار مــن الجمعيــة العامــة بعد‬
‫توصيــة مــن مجلــس األمــن‪ .‬وفيمــا يتصــل بــدور األمــم املتحــدة يف مجــال البنيــان‬
‫العضــوي لألمــم املتحــدة فــإن الجمعيــة العامــة تقــوم بانتخــاب الــدول العــر‬
‫األعضــاء غــر الدائمــة يف مجلــس األمــن (املــادة الحاديــة والعرشيــن‪ -‬الفقــرة األوىل)‪،‬‬
‫كمــا تقــوم ســنويا ً بانتخــاب ثمانيــة عــر عضــوا يف املجلــس االقتصــادي واالجتماعــي‬
‫يتــم اســتبدالهم بعــد ثــاث ســنوات‪ ،‬حســب املــادة (‪ .)2/61‬كمــا أنهــا تقــوم باختيار‬
‫أعضــاء مجلــس الوصايــة غــر املنصــوص عليهــم يف الفقرتــن أ وب مــن املــادة (‪)86‬‬
‫مــن امليثــاق‪ .‬عــاو ًة عــى هــذا فهــي تشــارك مجلــس األمــن يف عمليــة اختيــار قضــاة‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة ( املــادة ‪ )1/4‬مــن النظــام األســايس للمحكمــة(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬اختصاص الجمعية العامة بإعداد ميزانية املنظمة‪:‬‬
‫وفقا للمادة (‪ )17‬من امليثاق يناط بالجمعية العامة النظر يف ميزانية املنظمة والتصديق‬
‫عليها‪ ،‬كما أنها تقوم بتحديد نصيب كل عضو يف نفقات األمم املتحدة‪ .‬باإلضافة إىل هذا تنظر‬
‫الجمعية العامة يف أية ترتيبات ماليه أو ذات عالقة بامليزانية مع الوكاالت املتخصصة كما‬
‫(‪)2‬‬
‫تصدق عىل ميزانيات هذه األخرية‬
‫‪ -3‬االختصاص ذو العالقة بمتابعة نشاط أجهزة املنظمة األخرى‪:‬‬
‫وفقــا لنــص املــادة (‪ )10‬مــن امليثــاق «تتلقــى الجمعيــة العامــة تقاريــر ســنوية‬
‫وأخــرى خاصــة مــن مجلــس األمــن وتنظــر فيهــا‪ ،‬وتتضمــن هــذه التقاريــر بيانــا‬

‫((( املــادة الحاديــة والعــرون‪ -‬الفقــرة األوىل واملــادة (‪ )2/61‬والفقرتــن أ وب مــن املــادة (‪ )86‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‬
‫واملــادة ‪1/4‬مــن النظــام األســايس للمحكمــة‬
‫((( املادة (‪ )17‬من ميثاق األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪47‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫عــن التدابــر التــي يكــون مجلــس األمــن قــد قررهــا أو اتخذهــا لحفــظ األمن والســلم‬
‫الــدويل‪ .‬وتنــص الفقــرة الثانيــة مــن ذات املــادة عــى تعميــم اختصــاص الجمعيــة‬
‫العامــة يف هــذا الصــدد يف مواجهــة كافــة األجهــزة األخــرى‪ ،‬حيــث قــررت أن تتلقــى‬
‫الجمعيــة العامــة مــن الفــروع األخــرى لألمــم املتحــدة وتنظــر فيهــا‪..‬‬
‫خامساً‪ :‬اللجان التابعة للجمعية العامة‪:‬‬
‫فقــد نصــت املــادة (‪ )22‬عــى‪( :‬للجمعيــة العامــة أن تنشــئ مــن الفــروع الثانويــة مــا‬
‫تراه رضوري ـا ً للقيــام بوظائفهــا)(‪.)1‬‬
‫وللجمعية العامة نوعان من اللجان‪ :‬مؤقتة‪ ،‬ودائمة‪:‬‬
‫أ‪ -‬اللجان املؤقتة‪:‬‬
‫تنشــأ ألداء مهمــة خاصــة مؤقتــة‪ ،‬ويجــرى حــل هــذه اللجــان بعــد انجــاز املهــام‬
‫التــي أنشــئت مــن أجلهــا‪.‬‬
‫ب‪ -‬اللجان الدائمة‪:‬‬
‫وتنقسم إىل لجان موضوعية ولجان إجرائية‪:‬‬
‫‪ -1‬اللجان املوضوعية‪:‬‬
‫وهــي ســبع لجــان أشــارت إليهــا املــادة (‪ )111‬مــن الالئحــة الداخليــة‪ ،‬وتختــص‬
‫هــذه اللجــان بتســهيل إنجــاز وتحقيــق أهــداف األمــم املتحــدة‪ ،‬ومــن هــذه اللجــان‬
‫اللجنــة السياســية وتختــص باملســائل ذات الطبيعــة السياســية واملســائل املتعلقــة‬
‫بحفــظ األمــن ونــزع الســاح‪ ،‬واللجنــة السياســية الخاصــة وأنشــئت هــذه اللجنــة‬
‫لتقاســم اللجنــة األوىل اختصاصاتهــا نظــرا ً لكثــرة املهــام امللقــاة عــى عاتقهــا‪،‬‬
‫واللجنــة االقتصاديــة واملاليــة وتختــص بكافــة املســائل املاليــة واالقتصاديــة الداخلــة‬
‫يف اختصــاص الجمعيــة العامــة‪ ،‬واللجنــة االجتماعيــة والثقافيــة واإلنســانية وتختــص‬
‫بكافــة املســائل ذات الطبيعــة االجتماعيــة والثقافيــة واإلنســانية عمومــاً‪ ،‬ولجنــة‬
‫الوصايــا وتختــص بمراقبــة إدارة األقاليــم الخاضعــة لنظــام الوصايــا الــدويل واألقاليم‬
‫غــر املتمتعــة بالحكــم الذاتــي‪ ،‬ولجنــة الشــؤون اإلداريــة وامليزانيــة وتختص بدراســة‬
‫كافــة املســائل املتعلقــة بميزانيــة األمــم املتحــدة وشــؤون موظفيهــا‪ ،‬واللجنــة القانونية‬

‫((( املصدر نفسه‪ ،‬املادة (‪. )22‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪48‬‬
‫وتختــص باملســائل املتعلقــة بالقانــون الــدويل‪ ،‬وتســجيل املعاهــدات واملســائل املتعلقة‬
‫بمحكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬وامتيــازات األمــم املتحــدة‪ ،‬كمــا تختــص بدراســة املســائل‬
‫األخــرى املحالــة إليهــا مــن اللجــان األخــرى إلبــداء الــرأي فيهــا(‪.)1‬‬
‫وتمثل كافة الدول األعضاء يف هذه اللجان بعضو واحد‪.‬‬
‫‪ -2‬اللجان اإلجرائية‪:‬‬
‫وهــي اللجنــة العامــة أو التوجيهيــة وتختــص بالتوجيــه واإلرشــاد نحــو تحقيــق‬
‫أهــداف األمــم املتحــدة‪ ،‬ولجنــة أوراق االعتمــاد وتختــص بفحــص أوراق اعتمــاد‬
‫ممثــي الــدول يف الجمعيــة العامــة‪ ،‬وتعــد تقاريــر بعملهــا وترســله للجمعيــة العامــة‪،‬‬
‫واللجنــة االستشــارية للشــؤون اإلداريــة واملاليــة وتختــص بدراســة ميزانيــة املنظمــة‬
‫ومســاعدة اللجنــة الرئيســية املختصــة بالشــؤون اإلداريــة وشــؤون امليزانيــة‪ ،‬وتختص‬
‫بدراســة ميزانيــات الــوكاالت املتخصصــة وبصفــة عامــة تنظــر يف كل مــا تحيلــه‬
‫عليهــا الجمعيــة العامــة مــن مســائل تتعلــق بامليزانيــة وشــئونها املاليــة‪.‬‬
‫‪ -3‬لجنة االشرتاكات‪:‬‬
‫تختــص هــذه اللجنــة بتقديــم املشــورة إىل الجمعيــة العامــة يف كل مــا يتعلــق بتوزيــع‬
‫نفقــات املنظمــة بــن الــدول األعضــاء وعــى أســاس املقــدرة املاليــة لــكل منهــا(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المجلس االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف املجلس االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬
‫هــو املنتــدى الــذي تناقــش فيــه املشــاكل االقتصاديــة مثــل التجــارة‪ ،‬والنقــل‪،‬‬
‫والتنميــة االقتصاديــة‪ ،‬واملســائل االجتماعيــة‪ .‬كمــا يســاعد البلــدان للتوصــل إىل‬
‫اتفاقــات لتحســن التعليــم والــروط الصحيــة وتعزيــز احــرام حقــوق اإلنســان‬
‫العامليــة وحريــات الشــعوب ومراعاتهــا يف كل مــكان(‪.)3‬‬

‫((( املنظامت الدولية واإلقليمية املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.114-113‬‬
‫((( املنظامت الدولية واإلقليمية املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫((( كل مــا أردت تعرفــه دوم ـاً عــن األمــم املتحــدة‪ ،‬مكتــب األمــم املتحــدة‪ ،‬إدارة شــؤون اإلعــام‪ ،‬نيويــورك‪ ،‬الواليــات‬
‫املتحــدة األمريكيــة‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪49‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ثانياً‪ :‬تكوين املجلس االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬
‫يتألــف املجلــس االقتصــادي واالجتماعــي مــن أربعــة وخمســن عضــوا ً مــن األمــم‬
‫املتحــدة تنتخبهــم الجمعيــة العامــة‪ .‬ويكــون لــكل عضــو مــن أعضــاء املجلــس‬
‫االقتصــادي واالجتماعــي منــدوب واحــد(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬انعقاد املجلس االقتصادي واالجتماعي‪:‬‬
‫يجتمــع املجلــس االقتصــادي واالجتماعــي كلمــا دعــت الحاجــة إىل ذلــك بنــاء عــى‬
‫طلــب أغلبيــة أعضائــه(‪.)2‬‬
‫رابعاً‪ :‬اللجان التابعة له‪:‬‬
‫ينشــئ املجلــس االقتصــادي واالجتماعــي لجانــا ً للشــؤون االقتصاديــة واالجتماعيــة‬
‫ولتعزيــز حقــوق اإلنســان كمــا ينشــئ غــر ذلــك مــن اللجــان التــي قــد يحتــاج إليهــا‬
‫لتأديــة وظائفــه(‪.)3‬‬
‫وقد أنشأ فعالً اللجان اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬اللجان االقتصادية واالجتماعية‪:‬‬
‫تنشــأ هــذه اللجــان بــن عــدد مــن الــدول املوجــودة يف منطقــة معينــة‪ ،‬وتختــص هذه‬
‫اللجــان ببحــث املشــاكل االقتصاديــة واالجتماعيــة يف هــذه املناطــق والتعــاون مــن أجل‬
‫إيجــاد حلــول لهــا(‪.)4‬‬
‫ب‪ -‬اللجان الفنية املتخصصة‪:‬‬
‫تختــص هــذه اللجــان بدراســة املوضوعــات الداخلــة يف نشــاط املجلــس‪ ،‬وتقديــم‬
‫الدراســات والنتائــج والتوصيــات بشــأنها(‪.)5‬‬

‫ميثاق منظمة األمم املتحدة املادة (‪. )61‬‬ ‫(((‬


‫نفس املصدر‪ ،‬املادة (‪. )72‬‬ ‫(((‬
‫ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )68‬‬ ‫(((‬
‫املنظامت الدولية واإلقليمية املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142‬‬ ‫(((‬
‫كل ما أردت أن تعرفه عن األمم املتحدة‪ ،‬مكتب األمم املتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪50‬‬
‫ج‪ -‬اللجان الدائمة‪:‬‬
‫يعتمــد عليهــا املجلــس يف مبــارشة اختصاصاتــه املتعلقــة بالدعــوة للمؤتمــرات‬
‫وتقديــم املعونــة للــدول املتخلفــة‪ ،‬وتنســيق العالقــات بــن األمــم املتحــدة واملنظمــات‬
‫املتخصصــة والهيئــات غــر الحكوميــة ذات النشــاط الــدويل(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬مجلس الوصاية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف مجلس الوصاية‪:‬‬
‫هــو مجلــس يقــوم عــى تعزيــز تقــدم ســكان األقاليــم املشــمولة بالوصايــة وتطورهم‬
‫التدريجــي نحــو حصولهــم عــى الحكــم الذاتــي أو االســتقالل‪ ،‬وعندمــا أنشــئت األمــم‬
‫املتحــدة عــام ‪1945‬م‪ ،‬كان هنــاك إحــدى عــر إقليــم – معظمهــا يف أفريقيــا واملحيــط‬
‫الهــادي – خاضعـا ً لــإرشاف الــدويل(‪ .)2‬ومنــذ أن حصــل آخر إقليــم مشــمول بالوصاية‬
‫عــى الحكــم الذاتــي عــام ‪1994‬م وهــو بــاالو التــي كانــت تديرهــا الواليــات املتحــدة‬
‫األمريكيــة‪ ،‬علــق املجلــس عملياتــه رســميا ً بعــد حــوايل نصــف قــرن مــن إنشــائه‬
‫وســيجتمع فقــط عندمــا تدعــو الحاجة إىل ذلــك(‪.)3‬‬
‫ثانياً‪ :‬تكوين مجلس الوصاية‪:‬‬
‫يتألــف مجلــس الوصايــة مــن األعضــاء الذيــن يتولــون إدارة األقاليــم املشــمولة‬
‫بالوصايــة‪ ،‬واألعضــاء الدائمــن يف مجلــس األمــن الذيــن ال يتولــون إدارة أقاليــم‬
‫مشــمولة بالوصايــة‪ ،‬ويعــن كل عضــو مــن أعضــاء مجلــس الوصايــة مــن يــراه أهـاً‬
‫بوجــه خــاص لتمثيلــه يف هــذا املجلــس(‪.)4‬‬
‫ثالثاً‪ :‬انعقاد مجلس الوصاية‪:‬‬
‫يجتمــع مجلــس الوصايــة كلمــا دعــت الحاجــة لذلــك‪ ،‬بنــاء عــى طلــب يقــدم مــن‬
‫أغلبيــة أعضائــه(‪.)5‬‬

‫املنظامت الدولية واإلقليمية املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142‬‬ ‫(((‬
‫كل ما أردت أن تعرفه عن األمم املتحدة‪ ،‬مكتب األمم املتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬ ‫(((‬
‫نفس املرجع‪ ،‬ص‪.34‬‬ ‫(((‬
‫ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )86‬‬ ‫(((‬
‫نفس املصدر‪ ،‬املادة (‪. )90‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪51‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫رابعاً‪ :‬مهام مجلس الوصاية‪:‬‬
‫نصــت املــادة (‪ )87‬عــى أن تقــوم كل مــن الجمعيــة العامــة ومجلــس الوصايــة‪ ،‬تحــت‬
‫إرشاف الجمعيــة العامــة‪ ،‬بممارســة االختصاصــات اآلتية‪:‬‬
‫‪ .‬أالنظر يف التقارير التي ترفعها السلطة القائمة باإلدارة‪.‬‬
‫‪ .‬بأن يقبال العرائض ويفحصاها بالتشاور مع السلطات القائمة باإلدارة‪.‬‬
‫‪ .‬جأن يقومــا بتنظيــم زيــارات دوريــة لألقاليــم املشــمولة بالوصايــة يف أوقــات يتــم‬
‫االتفــاق عليهــا مــع الســلطات القائمــة بــاإلدارة‪.‬‬
‫ونظــرا ً ألن هــذه االختصاصــات ليســت واردة عــى ســبيل الحرص بــل واردة عىل ســبيل‬
‫املثــال‪ ،‬يجــوز للجمعيــة العامــة وملجلــس الوصايــة أن يتخــذا أيــة تدابــر يريانهــا‬
‫مالئمــة لحســن إدارة األقاليــم املشــمولة بالوصايــة ويف إطــار اتفاقياتهــا‪.‬‬
‫الوصاية عىل املناطق ذات األهمية االسرتاتيجية‪:‬‬
‫تنص الفقرة األوىل من املادة (‪ )73‬من امليثاق عىل أن «يبارش مجلس األمن جميع األهداف‬
‫األساسية املبينة يف املادة (‪ )76‬بالنسبة لشعب كل موقع اسرتاتيجي»‪.‬‬
‫ويتضــح مــن هــذا النــص أن امليثــاق قــد أســند إىل مجلــس األمــن‪ ،‬باعتبــاره املســؤول‬
‫األســايس عــن حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬املهمــة ذات الصلــة بــاإلرشاف عــى‬
‫األقاليــم ذات األهميــة االســراتيجية‪ .‬وبــذا فهــو يحــل محــل الجمعيــة العامــة يف‬
‫عالقاتهــا بمجلــس الوصايــة كلمــا تعلــق األمــر بأقاليــم ذات أهميــة اســراتيجية‪.‬‬
‫ومــن ثــم‪ ،‬ووفقــا ً ملــا نصــت عليــه الفقــرة الثالثــة مــن املــادة املذكــورة‪ ،‬يقــوم‬
‫بتنظيــم عالقتــه بمجلــس الوصايــة فيمــا يتصــل بــاإلرشاف عــى األقاليــم ذات األهميــة‬
‫االســراتيجية(‪.)1‬‬
‫خامساً‪ :‬اللجان التابعة له‪:‬‬
‫يجــوز ملجلــس الوصايــة إنشــاء لجــان ملعاونتــه يف اإلرشاف ومتابعــة تطــور األقاليــم‬
‫املشــمولة بالوصايــة‪ ،‬وفعــاً أنشــأ املجلــس لجــان‪ ،‬مثــل لجنــة تنميــة االقتصــاد‬
‫الزراعــي يف األقاليــم املشــمولة بالوصايــة واللجنــة الدائمــة لالتحــادات اإلداريــة(‪.)2‬‬

‫((( الفقرة األوىل والفقرة الثالثة من املادة (‪ )73‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬
‫((( التنظيم الدويل‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم أحمد شلبي‪ ،‬مكتبة األدب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ص‪.399‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪52‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬األمانة العامة‪:‬‬
‫تتمثــل يف األمــن العــام ومــا تحتاجــه املنظمــة مــن املوظفــن الدوليــن‪ ،‬واألمانــة‬
‫العامــة التــي يرأســها األمــن العــام‪ ،‬وتختلــف مهامهــا باختــاف املشــاكل التــي‬
‫تعالجهــا األمــم املتحــدة‪ .‬وتــراوح هــذه املشــاكل مــن إدارة عمليــات حفــظ الســام‬
‫والوســاطة يف املنازعــات الدوليــة(‪.)1‬‬
‫واألمــن العــام هــو كبــر موظفــي األمــم املتحــدة ويســاعده طاقــم مــن املوظفــن‬
‫املدنيــن الدوليــن‪ ،‬وخالفـا ً للدبلوماســيني الذيــن يمثلــون بلدا ً معينـاً‪ ،‬يعمــل املوظفون‬
‫املدنيــون لخدمــة جميــع الــدول األعضــاء وال يتلقــون األوامــر مــن حكوماتهــم بــل من‬
‫األمــن العــام‪ .‬وتعــن الجمعيــة العامــة األمــن العــام ملــدة خمــس ســنوات بنــاء عــى‬
‫توصيــة مــن مجلس األمــن(‪.)2‬‬
‫أوال‪ :‬األمني العام‪:‬‬
‫وفقــا لنــص املــادة ‪ 98‬مــن امليثــاق يعتــر األمــن العــام املوظــف اإلداري األكــر‬
‫باملنظمــة‪ .‬وال يمثــل الشــخص الــذي يتــوىل منصــب األمــن العــام أيــة دولــة‪ ،‬كمــا‬
‫ال يخضــع يف ترصفاتــه التــي يأتيهــا لتعليمــات أيــة دولــة عضــو‪ ،‬حتــى تلــك التــي‬
‫يتمتــع بجنســيتها‪ .‬لــذا فــإن األمــن العــام يعمــل لحســاب املنظمــة الدوليــة وحدهــا‬
‫وال يديــن بالــوالء الوظيفــي إال لهــا‪ .‬وقــد نصــت عــى هــذا الفقــرة األوىل مــن املــادة‬
‫(‪ )100‬مــن امليثــاق حيــث ورد فيهــا (ليــس لألمــن العــام وال للموظفــن أن يطلبــوا أو‬
‫أن يتلقــوا يف تأديــة واجبهــم معلومــات مــن أيــة حكومــة وأن يمتنعــوا عــن أي عمــل‬
‫قــد يــيء إىل مركزهــم بوصفهــم موظفــن دوليــن مســؤولني أمــام الهيئة وحدهــا(‪.)3‬‬
‫حســبما يتضــح مــن املــادة (‪ )27‬يتــم تعيــن األمــن العــام بموجــب قــرار مــن‬
‫الجمعيــة العامــة بنــاءا عــى توصيــة مــن مجلــس األمــن‪ .‬ونظــرا لكونهــا تعــد مــن‬
‫املســائل املوضوعيــة‪ ،‬فــإن توصيــة مجلــس األمــن يف هــذا الشــأن يجــب أن يتوافــر‬
‫لهــا‪ ،‬لكــي تصــدر‪ ،‬أغلبيــة تســعة أصــوات عــى األقــل‪ ،‬عــى أن يكــون مــن بينهــم‬
‫الــدول الدائمــة العضويــة‪ .‬وممــا تجــدر اإلشــارة إليــه أن نصــوص امليثــاق ال تتضمــن‬
‫املــدة التــي يبقــى فيهــا األمــن العــام يف منصبــه‪ ،‬مــا يدلــل عــى أن القــرار الصــادر‬
‫بتعيــن األمــن العــام هــو املنــاط بــه تعيــن هــذه املــدة‪ .‬ويف حالــة عــدم تحديــد هــذه‬
‫((( كل ما أردت أن تعرفه عن األمم املتحدة‪ ،‬مكتب األمم املتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫((( كل ما أردت أن تعرفه عن األمم املتحدة‪ ،‬مكتب األمم املتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫((( املادة (‪ )98‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪53‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫املــدة بواســطة القــرار الصــادر بالتعيــن فيجــب‪ ،‬منطقــا‪ ،‬أن يظــل األمــن العــام يف‬
‫منصبــه حتــى يتــم إنهــاء مهمتــه بواســطة ذات الطريقــة التــي تــم تعيينــه بهــا‪ ،‬أي‬
‫بموجــب قــرار صــادر مــن الجمعيــة العامــة بنــاءا عــى توصيــة صــادرة مــن مجلــس‬
‫األمن(‪.)1‬‬
‫ثانيا‪ :‬موظفو األمانة العامة‪:‬‬
‫األمــن العــام باعتبــاره املوظــف اإلداري األعــى باملنظمــة الدوليــة ورأس الجهــاز‪،‬‬
‫يقــوم األمــن العــام بتعيــن كافــة موظفــي األمانــة العامــة وذلــك وفقــا للوائــح التــي‬
‫تضعهــا الجمعيــة العامــة‪ .‬ويف هــذا الصــدد فقــد قامــت كل مــن الجمعيــة العامــة‬
‫واألمــن العــام‪ ،‬بتفويــض مــن الجمعيــة العامــة‪ ،‬بإصــدار العديد مــن اللوائــح املنظمة‬
‫يف هــذا الشــأن‪.‬‬
‫وبحســب الفقــرة الثالثــة مــن املــادة (‪ )101‬مــن امليثــاق ينبغــي عــى األمــن العــام أن‬
‫يهتــدي‪ ،‬عنــد تعيينــه ملوظفــي األمانــة‪ ،‬بموجهــن باعتبارهمــا هامــن ويعــول عليهمــا‬
‫يف العمــل االحــرايف املنتــج‪ .‬ويتمثــل املوجهــان يف رضورة الحصــول عــى أعــى مســتوى‬
‫يف الكفايــة الوظيفيــة والنزاهــة باإلضافــة إىل مراعــاة التوزيــع الجغــرايف يف اختيــاره‬
‫للموظفــن املعنيــن(‪.)2‬‬
‫أمــا فيمــا يتصــل بموظفــي األمانــة العامــة لألمــم املتحــدة فــإن املــادة (‪ )105‬تنــص‬
‫عــى أنــه (كذلــك يتمتــع املندوبــون مــن أعضــاء األمــم املتحــدة وموظفــو هــذه الهيئــة‬
‫باملزايــا واإلعفــاءات التــي يتطلبهــا اســتقاللهم يف القيــام بمهــام وظائفهــم املتصلــة‬
‫بالهيئــة)(‪.)3‬‬
‫وحســبما تقــرره الفقــرة الثالثــة مــن املــادة فــإن للجمعيــة أن تقــدم التوصيــات‬
‫بقصــد تحديــد التفاصيــل الخاصــة بهــذه الحصانــات واالمتيــازات‪ ،‬ولهــا أن تقــرح‪،‬‬
‫يف هــذا الصــدد‪ ،‬إبــرام االتفاقــات الالزمــة لتحقيــق هــذا الغــرض‪ .‬وقــد قامــت‬
‫األمــم املتحــدة بإبــرام اتفاقيــة خاصــة بالحصانــات واالمتيــازات التــي يتمتــع بهــا‬
‫موظفوهــا‪ ،‬وانضمــت إليهــا الغالبيــة العظمــى مــن أعضائهــا(‪.)4‬‬

‫املادة (‪ )27‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬ ‫(((‬


‫الفقرة الثالثة من املادة (‪ )101‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )105‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )105‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪54‬‬
‫وإذا كانــت ثمــة دولــة مــا عضــو يف األمــم املتحــدة لــم تدخــل طرفــا يف اتفاقيــة‬
‫مــن االتفاقــات املبينــة لتفاصيــل الحصانــات واالمتيــازات املمنوحــة ملوظفــي األمانــة‬
‫العامــة‪ ،‬أو إذا لــم تقــم باالنضمــام إىل مثــل هــذه االتفاقيــات انضمامـا ً الحقـاً‪ ،‬فإنهــا‬
‫تظــل‪ ،‬مــع ذلــك‪ ،‬مخاطبــة بحكــم املــادة (‪ )105‬مــن امليثــاق‪ .‬وخالصــة األمــر هــو‬
‫أنــه يصبــح عــى األجهــزة املعنيــة يف هــذه الدولــة أن تتحمــل مهمــة تفســر مــا يعــد‬
‫مــن الحصانــات واالمتيــازات التــي يتطلبهــا تحقيــق مقاصدهــا وتلــك التــي يتطلبهــا‬
‫اســتقاللهم يف القيــام بمهــام وظائفهــم املتصلــة بالهيئــة وذلــك حســب نــص الفقرتني‬
‫األوىل والثانيــة مــن املــادة ‪.)1(105‬‬
‫وفيمــا يتصــل بمضمــون هــذه الحصانــات فإنهــا تتفــاوت حســب مــا إذا كانــت‬
‫متعلقــة باألمــن العــام نفســه واألمنــاء املســاعدين أو بمــن هــم أقــل منهــم مرتبــة‬
‫مــن موظفــي األمانــة العامــة‪ .‬وإذا تعلــق األمــر باألمــن العــام ذاتــه أو باألمنــاء‬
‫املســاعدين فإنهــم يتمتعــون بكافــة الحصانــات واالمتيــازات الدبلوماســية فضـاً عــن‬
‫الحصانــات املقــررة يف اتفاقيــة حصانــات األمــم املتحــدة‪ .‬ومــن أهــم هــذه الحصانــات‬
‫الحصانــة الشــخصية‪ ،‬الحصانــة القضائيــة‪ ،‬اإلعفــاء مــن الرضائــب‪ ،‬حصانــة االتصــال‬
‫وغريهــا مــن الحصانــات املقــررة يف اتفاقيــة فيينــا ســنة ‪1960‬م الخاصــة بالعالقــات‬
‫الدبلوماســية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬وظائف األمني العام‪:‬‬
‫أ‪ -‬الوظائف املوكلة‪:‬‬
‫وفقــا لنــص املــادة (‪ )98‬مــن امليثــاق «يتــوىل األمــن العــام أعمالــه بصفتــه هــذه يف‬
‫كل اجتماعــات الجمعيــة العامــة ومجلــس األمــن واملجلــس االقتصــادي واالجتماعــي‬
‫ومجلــس الوصايــة‪ ،‬ويقــوم بالوظائــف األخــرى التــي تكلهــا إليــه هــذه الفــروع»(‪.)2‬‬
‫وينبغــي عــى األمــن العــام‪ ،‬يف ممارســته للوظائــف املوكلــة إليــه مــن األجهــزة‬
‫املذكــورة‪ ،‬احــرام حــدود الوظائــف املوكلــة وتعليمــات الجهــاز املــوكل بصددهــا‪ ،‬مــع‬
‫االلتــزام‪ ،‬فــوق ذلــك‪ ،‬باحــرام نصــوص امليثــاق بصفــة عامــة‪ ،‬عنــد ممارســته لهــذه‬
‫االختصاصــات وذلــك برغــم االســتقالل الكبــر الــذي يتمتــع بــه يف ممارســة هــذه‬
‫الوظائــف‪.‬‬

‫((( الفقرتان األوىل والثانية من املادة (‪ )105‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬
‫((( املادة (‪ )98‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪55‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ب‪ -‬الوظائف التنفيذية‪:‬‬
‫نظــرا ً لكــون األمــن العــام‪ ،‬وفقــا ً للمــادة (‪ )97‬مــن امليثــاق هــو املوظــف اإلداري‬
‫األكــر يف املنظمــة الدوليــة‪ ،‬فإنــه يقــوم بممارســة كافــة األنشــطة الالزمــة لوضــع‬
‫القــرارات والتوصيــات الصــادرة مــن أجهــزة األمــم املتحــدة وباألخــص مجلــس األمــن‬
‫والجمعيــة العامــة‪ ،‬موضــع التنفيــذ‪ ،‬مــع مــا يتطلبــه ذلــك مــن قيامــه بإصــدار‬
‫قــرارات تنفيذيــة(‪.)1‬‬
‫ويف العــادة تتضمــن القــرارات أو التوصيــات التــي تصــدر عــن هذيــن الجهازيــن‬
‫توجيهـا ً إىل األمــن العــام بالقيــام باملتابعــة الالزمــة ذات الصلــة بتنفيــذ الــدول لهــذه‬
‫القــرارات والتوصيــات وإخطــار الجهــاز املعنــي بمــا تــم تنفيــذه يف هــذا الشــأن‪.‬‬
‫ج‪ -‬اختصاص األمانة العامة بتسجيل املعاهدات‪:‬‬
‫يتمثــل تســجيل املعاهــدات لــدى األمــم املتحــدة يف التــزام أعضــاء األمــم املتحــدة‬
‫بتســجيل املعاهــدات التــي يدخلــون أطرافــا ً فيهــا فــور دخولهــا حيــز التنفيــذ‪،‬‬
‫حيــث يتــم التنفيــذ لــدى األمانــة العامــة لألمــم املتحــدة والتــي تقــوم هــي‪ ،‬بدورهــا‪،‬‬
‫بنرشهــا‪.‬‬
‫وتأسيسـا ً عــى هــذا تنــص املــادة (‪ )102‬فقــرة (‪ )1‬عــى أن (كل معاهــدة وكل اتفــاق‬
‫دويل يعقــده أي عضــو مــن أعضــاء األمــم املتحــدة بعــد العمــل بهــذا امليثــاق يجــب أن‬
‫يســجل يف أمانــة الهيئــة وأن تقــوم بنــره بــأرسع مــا يمكــن) (‪.)2‬‬
‫وكان الهــدف وراء تســجيل املعاهــدات الدوليــة لــدى األمــم املتحــدة القضــاء عــى‬
‫املعاهــدات الرسيــة التــي كانــت تــرم بــن دولتــن أو أكثــر والتــي تتضمــن أحكامـا ً‬
‫مخالفــة للقانــون أو تعمــل عــى تهديــد األمــن والســلم الدوليــن‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬محكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف محكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة هــي األداة القضائيــة الرئيســية لألمــم املتحــدة‪ ،‬وتقــوم‬
‫بعملهــا وفــق نظامهــا األســايس امللحــق بهــذا امليثــاق‪ ،‬ويعتــر جــزء ال يتجــزأ مــن‬

‫((( املادة (‪ )97‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬


‫((( املادة (‪ )102‬فقرة (‪ )1‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪56‬‬
‫امليثــاق(‪ .)1‬وأنشــئت عــام ‪1946‬م وهــي الجهــاز الرئيــي يف األمــم املتحــدة املختــص‬
‫بإصــدار األحــكام القانونيــة وتقديــم الفتــاوى واالستشــارات القانونيــة لألجهــزة‬
‫األخــرى يف األمــم املتحــدة(‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬تكوين محكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫تتكــون مــن خمســة عــر قاضي ـا ً تنتخبهــم الجمعيــة العامــة ومجلــس األمــن‪ ،‬وال‬
‫يجــوز تعيــن قاضيــن مــن البلــد نفســه‪ ،‬ويلــزم موافقــة تســعة قضــاة التخــاذ أي‬
‫حكــم(‪.)3‬‬
‫ثالثاً‪ :‬رشوط قايض محكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫حددهــا النظــام األســايس للمحكمــة‪( :‬تتكــون هيئــة املحكمــة مــن قضــاة مســتقلني‬
‫ينتخبــون مــن األشــخاص ذو الصفــات الخلقيــة العاليــة الحائزيــن يف بالدهــم‬
‫للمؤهــات املطلوبــة للتعيــن يف أرفــع املناصــب القضائيــة‪ ،‬أو مــن املرشعــن املشــهود‬
‫لهــم بالكفايــة يف القانــون الــدويل وكل هــذا بغــض النظــر عــن جنســيتهم)(‪.)4‬‬
‫رابعاً‪ :‬من لهم حق املقاضاة‪:‬‬
‫للدول وحدها الحق يف أن تكون أطرافا ً يف الدعاوى التي ترفع للمحكمة(‪.)5‬‬
‫خامسا ً‪ :‬واجبات ومهام املحكمة ومساهمتها يف حل النزاعات الدولية‪:‬‬
‫محكمــة الع��دل الدوليـ�ة باعتبارهــا أحــد األجهــزة الرئيســية يف املنظمــة الدوليــة‪ ،‬فقــد‬
‫أنــاط امليثــاق بمحكمــة العــدل الدوليــة ممارســة االختصاصــات ذات الطابــع القضائي‬
‫لألمــم املتحــدة‪ .‬وقــد اعتــر امليثــاق النظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة مــن‬
‫ملحقــات امليثــاق وجــزءا ً ال يتجــزأ منــه‪ .‬ووفقـا ً لنــص املــادة (‪ )92‬مــن امليثــاق فــإن‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة هــي األداة القضائيــة الرئيســية لألمــم املتحــدة‪ ،‬وتــؤدي‬
‫عملهــا حســب النظــام األســايس امللحــق بهــذا امليثــاق‪ ،‬وهــو جــزء ال يتجــزأ منــه(‪.)6‬‬

‫ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )92‬‬ ‫(((‬


‫كل ما أردت أن تعرفه عن األمم املتحدة‪ ،‬مكتب األمم املتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35‬‬ ‫(((‬
‫نفس املرجع‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫(((‬
‫النظام األسايس ملحكمة العدل الدولية‪ ،‬املادة (‪. )2‬‬ ‫(((‬
‫نفس املصدر‪ ،‬املادة (‪. )1/34‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )92‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪57‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وتقــوم محكمــة العــدل الدوليــة بممارســة اختصاصهــا ذي الطابــع القضائــي‬
‫بصورتــن تتمثــل أوالهمــا يف النظــر يف الدعــاوى التــي ترفــع لهــا كمــا تتمثــل األخــرى‬
‫يف إبــداء الــرأي فيمــا يعــرض عليهــا مــن أمــور‪.‬‬
‫‪ -1‬النظر يف الدعاوى‪:‬‬
‫يتــم تحديــد اختصــاص املحكمــة بإحــدى طريقتــن وذلــك إمــا بنــاءا ً عــى معيــار‬
‫شــخيص يؤســس عــى مــن يصلــح ألن يكــون طرفــا ً يف الدعــوى وإمــا بنــاءا ً عــى‬
‫معيــار موضوعــي يؤســس عــى األمــور التــي تصلــح ألن تكــون موضوعــا لدعــوى‬
‫ترفــع أمــام محكمــة العــدل الدوليــة‪.‬‬
‫‪ -2‬أطراف الدعوى‪:‬‬
‫وفقــا ً لنــص الفقــرة األوىل مــن املــادة (‪ )34‬مــن النظــام األســايس ملحكمــة العــدل‬
‫الدوليــة فــإن «للــدول وحدهــا الحــق يف أن تكــون أطراف ـا ً يف الدعــاوى التــي ترفــع‬
‫للمحكمــة”(‪.)1‬‬
‫وهــذا يعنــي أن النظــام األســايس لــم يقــر حــق اللجــوء إىل محكمــة العــدل الدوليــة‬
‫للمنظمــات الدوليــة‪ ،‬حتــى ولــو كانــت متمتعــة بالشــخصية القانونيــة الدوليــة‪ ،‬كمــا‬
‫حجبــه عــن األفــراد وذلــك رغــم القواعــد التــي قــد يضعهــا القانــون الــدويل ملخاطبــة‬
‫األفــراد بصــورة مبــارشة بصفتهــم هــذه‪ ،‬وكذلــك رغــم مســاهمته يف اإلجــراءات‬
‫القضائيــة أمــام محاكــم دوليــة أخــرى غــر محكمــة العــدل الدوليــة‪.‬‬
‫والدولــة املعنيــة إمــا أن تكــون عضــوا ً يف األمــم املتحــدة وإمــا أال تكــون كذلــك‪ ،‬غــر‬
‫أنهــا أصبحــت طرف ـا ً يف النظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬وإمــا أال تكــون‬
‫عضــوا ً يف املنتظــم وال طرف ـا ً يف النظــام األســايس للمحكمــة‪.‬‬
‫وبحسـب املـادة (‪ ،)93‬الفقـرة األوىل مـن امليثـاق‪ ،‬فإنه‪ ،‬يف الحالـة األوىل‪ ،‬تصبـح الدولة‪،‬‬
‫بصـورة تلقائيـة‪ ،‬طرفـا ً يف النظـام األسـايس ملحكمة العـدل الدوليـة‪ .‬وتسـتطيع الدولة‪،‬‬
‫بهـذا الوصـف‪ ،‬اللجـوء للمحكمـة دون حاجة إىل ترصيح مسـبق يف هذا الشـأن‪ .‬وعىل هذا‬
‫تنـص املـادة (‪ )35‬فقـرة أوىل من النظام األسـايس للمحكمـة فتقرر أن «للـدول التي هي‬
‫أطـراف يف هـذا النظام األسـايس أن يتقاضـوا إىل املحكمة»(‪.)2‬‬

‫((( الفقرة االوىل من املادة (‪ )34‬من النظام األسايس ملحكمة العدل الدولية‬
‫((( الفقرة األوىل من املادة (‪ )93‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪58‬‬
‫أمــا بالنســبة للحالــة الثانيــة فقــد أجــاز امليثــاق لدولــة مــا أن تصبــح طرفــا ً يف‬
‫النظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة حتــى ولــو لــم تكــن عضــوا ً يف األمــم‬
‫املتحــدة‪ ،‬ويكــون دخولهــا كطــرف يف النظــام األســايس بنــاءا ً عــى الــروط التــي‬
‫يتــم تحديدهــا بواســطة الجمعيــة العامــة بالنظــر إىل كل حالــة عــى حــده وبنــاءا ً‬
‫عــى توصيــة مــن مجلــس األمــن املــادة (‪ )93‬فقــرة (‪ .)2‬وقــد كانــت ســويرسا أول‬
‫بلــد غــر عضــو يف املنظمــة الدوليــة تطلــب أن تصيــح طرفــا ً يف النظــام األســايس‬
‫للمحكمــة‪.‬‬
‫وفيمــا يتعلــق بالحالــة الثالثــة ذات الصلــة بدولــة ليســت عضــوا ً يف األمــم املتحــدة‬
‫ولــم تقبــل طرفـا ً يف النظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬فــإن ملجلــس األمــن‪،‬‬
‫اســتنادا ً إىل الفقــرة الثانيــة مــن املــادة (‪ )36‬من النظــام األســايس للمحكمــة «أن تحدد‬
‫الــروط التــي يجــوز بموجبهــا لســائر الــدول األخــرى أن تتقــاىض إىل املحكمــة‪ ،‬وال‬
‫يجــوز بحــال وضــع تلــك الــروط بكيفيــة تخــل باملســاواة بــن املتقاضــن(‪”)1‬‬
‫‪ -3‬الحكم يف الدعوى‪:‬‬
‫يتــم إصــدار الحكــم يف الدعــوى بنــاءا ً عــى مــا تذهــب إليــه آراء أغلــب أعضــاء‬
‫املحكمــة‪ ،‬ويف حالــة تســاوي األصــوات يرجــح الجانــب الــذي فيــه الرئيــس‪.‬‬
‫وممــا يجــب مراعاتــه أنــه مــن حــق كل قــاض لــه رأي معــارض يف الحكــم الصــادر‬
‫القيــام بإصــدار رأيــه هــذا‪ ،‬وأيضـا ً فــإن مــن حــق القــايض الــذي يتفــق مــع الحكــم‬
‫الصــادر ولكــن يختلــف يف األســباب التــي أسســت عليــه أن يوضــح وجهــة نظــره‬
‫الشــخصية يف رأي فــردي‪ ،‬وتنــر كافــة اآلراء املعارضــة واملنفــردة‪.‬‬
‫وممــا يجــدر ذكــره أن الحكــم الصــادر يف الدعــوى حكــم نهائــي وغــر قابــل للطعــن‬
‫فيــه عــر االســتئناف‪ .‬ويف حالــة اختــاف األطــراف املعنيــة يف تفســر مدلــول الحكــم‬
‫تقــوم املحكمــة بتفســره وذلــك بنــاءا ً عــى طلــب أحــد األطــراف‪ .‬أمــا إذا تم اكتشــاف‬
‫واقعــة حاســمة يف الدعــوى لــم تكــن تحــت نظــر املحكمــة عنــد صــدور الحكــم‪ ،‬جــاز‬
‫للطــرف الــذي كان يجهــل وجــود هــذه الواقعــة أن يلتمــس إعــادة نظــر الدعــوى‪،‬‬
‫رشيطــة أال يكــون جهلــه بهــا نتيجــة إهمــال مــن جانبــه(‪.)2‬‬

‫((( الفقرة الثانية من املادة (‪ )36‬من النظام األسايس ملحكمة العدل الدولية‬
‫((( النظام األسايس ملحكمة العدل الدولية‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪59‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫عــاو ًة عــى ذلــك فــإن الحكــم الصــادر يف الدعــوى تكــون لــه حجتــه يف مواجهــة‬
‫أطــراف الدعــوى فحســب وبخصــوص النــزاع املعــن فقــط‪.‬‬
‫ويعتــر حكــم محكمــة العــدل الدوليــة ملزمـا ً ملــن صــدر يف مواجهتهــم وذلــك وفقـا ً‬
‫لنــص املــادة (‪ ،)94‬الفقــرة األوىل والتــي تنــص عــى أن «يتعهــد كل عضــو مــن أعضاء‬
‫األمــم املتحــدة بــأن ينــزل عــى حكــم محكمــة العــدل الدوليــة يف أي قضيــة يكــون‬
‫طرف ـا ً فيهــا»‪ .‬فــإذا لــم يقــم أحــد أطــراف الدعــوى بتنفيــذ الحكــم الصــادر فيهــا‪،‬‬
‫جــاز للطــرف اآلخــر اللجــوء ملجلــس األمــن التخــاذ مــا يــراه مناســبا ً إلجبــار الطــرف‬
‫املمتنــع عــن تنفيــذ الحكــم الصــادر(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬االختصاص بتقديم الفتاوى‪:‬‬
‫تنــدرج الفتــاوى «اآلراء االستشــارية» يف النشــاط ذي الطابــع القضائــي الــذي تمارســه‬
‫األمــم املتحــدة يف محكمــة العــدل الدوليــة‪ .‬وتعــد ذات طابــع قضائــي نظــرا ً إلفصاحها‬
‫عــن رأي القانــون بصــدد نــزاع معــن أو بشــأن وجهــات نظــر متعارضــة ومــا‬
‫يســتتبع ذلــك مــن حســم النــزاع أو الرتجيــح بــن وجهــات النظــر‪.‬‬
‫وقــد نــص كل مــن امليثــاق والنظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة عــى هــذه‬
‫الوظيفــة االفتائيــة للمحكمــة‪ .‬فحســب املــادة (‪ )96‬مــن امليثــاق فــإن «ألي مــن‬
‫الجمعيــة العامــة أو مجلــس األمــن الطلــب إىل محكمــة العــدل الدوليــة إفتــاءه يف أيــة‬
‫مســألة قانونيــة»(‪.)2‬‬
‫ـة أخــرى تنــص املــادة (‪ )65‬مــن النظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة‬ ‫مــن جهـ ٍ‬
‫عــى أن «للمحكمــة أن تفتــي يف أيــة مســألة قانونيــة بنــاءا ً عــى طلــب أيــة هيئــة‬
‫رخــص لهــا ميثــاق األمــم املتحــدة باســتفتائها‪ ،‬أو حصــل الرتخيــص لهــا بذلــك‬
‫طبقــا ً ألحــكام امليثــاق املذكــور»‪.‬‬

‫الجديــر باإلشــارة أنــه ووفق ـا ً للمــادة (‪ )96‬مــن امليثــاق‪ ،‬الفقــرة األوىل‪ ،‬يمكــن ٍ‬
‫«ألي‬
‫مــن الجمعيــة العامــة أو مجلــس األمــن أن يطلــب إىل محكمــة العــدل إفتــاءه يف أيــة‬
‫مســألة قانونيــة»‪ .‬كمــا تنــص الفقــرة الثالثــة مــن نفــس املــادة عــى أنــه «ولســائر‬
‫فــروع الهيئــة والــوكاالت املتخصصــة املرتبطــة بهــا ممــن يجــوز أن تــأذن لهــا‬

‫((( الفقرة األوىل من املادة (‪ )94‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬


‫((( املادة (‪ )96‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪60‬‬
‫الجمعيــة العامــة بذلــك يف أي وقــت‪ ،‬أن تطلــب أيضــا ً مــن املحكمــة إفتاءهــا فيمــا‬
‫يفــوض لهــا مــن املســائل القانونيــة الداخلــة يف نطــاق أعمالهــا»‪.‬‬
‫ويتضــح مــن النــص املشــار إليــه أن امليثــاق قــد جعــل رخصــة طلــب الــرأي‬
‫االستشــاري قــارصة عــى أجهــزة األمــم املتحــدة والــوكاالت املتخصصــة املرتبطــة‬
‫بهــذه األخــرة‪ ،‬دون الــدول ســواء كانــت أعضــاء يف األمــم املتحــدة أم لــم تكــن كذلــك‪.‬‬
‫وهــذا عكــس األمــر يف حالــة رفــع الدعــاوى التــي تقتــر رخصتهــا عــى الــدول(‪.)1‬‬
‫المطلــب الثالــث‪ :‬تبعيــة مجلــس األمــن الدولــي لمنظمــة األمــم‬
‫المتحــدة‪:‬‬
‫أُنشــا مجلــس األمــن بعــد الحــرب العامليــة الثانيــة ملعالجــة إخفاقــات عصبــة األمــم يف‬
‫الحفــاظ عــى الســام العاملــي‪ .‬عُ قــدت أوىل جلســاته يف ‪ 17‬ينايــر ‪1946‬م ويف العقــود‬
‫الالحقــة اخفــق إىل حـ ٍد كبــر بســبب الحــرب البــاردة بــن الواليــات املتحــدة واالتحــاد‬
‫الســوفيتي وحلفائهمــا‪ .‬ومــع ذلــك فقــد أجــاز مجلــس األمــن التدخــات العســكرية يف‬
‫الحــرب الكوريــة وأزمــة الكونغــو وبعثــات حفــظ الســام يف أزمــة الســويس وقــرص‬
‫وغينيــا الغربيــة الجديــدة‪ .‬مــع انهيــار االتحــاد الســوفيتي زادت جهــود حفــظ الســام‬
‫التابعــة لألمــم املتحــدة بشــكل كبــر وعــى نطــاق واســع‪ ،‬حيــث أجــاز مجلــس‬
‫األمــن البعثــات العســكرية وبعثــات حفــظ الســام الرئيســية يف الكويــت وناميبيــا‬
‫وكمبوديــا والبوســنة والهرســك وروانــدا والصومــال والســودان وجمهوريــة الكونغــو‬
‫الديمقراطيــة‪.‬‬
‫وقــد أنشــأ ميثــاق األمــم املتحــدة ســتة أجهــزة رئيســية لألمــم املتحــدة‪ ،‬بمــا يف‬
‫ذلــك مجلــس األمــن‪ .‬ويضــع‏امليثــاق املســؤولية الرئيســية عــن حفــظ الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن عــى عاتــق مجلــس األمــن‪،‬‏وللمجلــس أن يجتمــع كلمــا ظهــر تهديــد للســلم‪.‬‏‬
‫يعتــر أحــد أهــم أجهــزة منظمــة األمــم املتحــدة وبالتــايل هــو تابــع لهــا‪ ،‬ويمثــل‬
‫مجلــس األمــن األداة التنفيذيــة للمنظمــة ويمثــل القلــب النابــض النشــط لألمــم املتحدة‬
‫حيــث أنــه يقــوم نيابــة عــن الــدول األعضــاء بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن(‪.)2‬‬
‫وقــد نصــت املــادة ‪ 23‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة عــى تبعيــة املجلــس لألمــم املتحــدة‬
‫وتكوينــه مــن أعضائهــا‪ ،‬حيــث نصــت عــى‪ :‬يتألــف مجلــس األمــن مــن خمســة عــر‬
‫((( املادة (‪ )96‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬
‫((( التنظيم الدويل واإلقليمي املبادئ واألهداف‪ ،‬د‪ .‬الطاهر محمد أحمد الشيخ الفادين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪61‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫عضــوا ً مــن األمــم املتحــدة وتكــون جمهوريــة الصــن وفرنســا واتحــاد الجمهوريــات‬
‫االشــراكية الســوفياتية‪ ،‬واململكــة املتحــدة لربيطانيــا العظمــى وايرلنــدا الشــمالية‪،‬‬
‫والواليــات املتحــدة األمريكيــة أعضــاء دائمــن فيــه‪ ،‬وتنتخــب الجمعيــة العامــة عــرة‬
‫أعضــاء آخريــن مــن األمــم املتحــدة ليكونــوا أعضــاء غــر دائمــن يف املجلــس‪ ،‬ويراعــى‬
‫يف ذلــك قبــل كل يشء مســاهمة أعضــاء األمــم املتحــدة يف حفــظ الســلم واألمــن الــدويل‬
‫ويف مقاصــد الهيئــة األخــرى‪ ،‬كمــا يراعــى أيضـا ً التوزيــع الجغــرايف العــادل(‪.)1‬‬
‫يعتــر مجلــس األمــن األداة التنفيذيــة ملنظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬وقــد أوكلــت لهــا مهــام‬
‫رئيســية يف املنظمــة أهمهــا حفــظ األمــن والســلم الدوليــن‪ ،‬كمــا أوكلــت لــه مهــام‬
‫أخــرى مثــل قبــول العضويــة يف املنظمــة‪ ،‬وااليقــاف والفصــل مــن العضويــة واختيــار‬
‫قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة واختيــار األمــن العــام لألمــم املتحــدة واإلرشاف عــى‬
‫األقاليــم االســراتيجية الخاضعــة لنظــام الوصايــة وغريهــا‪.‬‬

‫((( ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )23‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫سلطات واختصاصات مجلس األمن الدولي‬


‫في اتخاذ القرارات الدولية‬

‫المبحث األول‬
‫سلطات واختصاصات مجلس األمن‬
‫ً‬
‫وفقا للفصل السادس من الميثاق‬

‫المبحث الثاني‬
‫ً‬
‫وفقا للفصل السابع‬ ‫سلطات واختصاصات مجلس األمن‬

‫المبحث الثالث‬
‫االختصاصات والسلطات األخرى لمجلس األمن الدولي‬

‫المبحث الرابع‬
‫كيفية اتخاذ القرارات في مجلس األمن وضوابطه‬
‫وقيمته القانونية‬
‫الفصل الثاني‬
‫سلطات واختصاصات مجلس األمن الدولي‬
‫في اتخاذ القرارات الدولية‬

‫المبحث األول‬
‫سلطات واختصاصات مجلس األمن‬
‫ً‬
‫وفقا للفصل السادس من الميثاق‬
‫تقديم‪:‬‬
‫يســتعرض ســلطات واختصاصــات مجلــس األمــن وفقـا ً للفصــل الســادس مــن امليثاق‬
‫وذلــك مــن خــال تنــاول الوســائل الدبلوماســية والسياســية والوســائل القضائيــة‬
‫واللجــوء إىل الــوكاالت والتنظيمــات اإلقليميــة‪ ،‬وهــذه الوســائل تناولتهــا املــادة (‪)33‬‬
‫مــن امليثــاق‪ ،‬حيــث نصــت عــى‪ :‬يجــب عــى أطــراف أي نــزاع مــن شــأن اســتمراره‬
‫أن يعــرض حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن للخطــر أن يلتمســوا حلــه بــادئ ذي بــدء‬
‫بطــرق املفاوضــة والتحقــق والوســاطة والتوفيــق والتحكيــم والتســوية القضائيــة أو‬
‫أن يلجــأوا إىل الــوكاالت والتنظيمــات اإلقليميــة أو غريهــا مــن الوســائل الســلمية التــي‬
‫يقــع عليهــا اختيارهــا(‪.)1‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الوسائل الدبلوماسية والسياسية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المفاوضات‪:‬‬
‫املفاوضــات هــي الوســيلة األويل التــي تلجــأ إليهــا الــدول عــادة لحــل النزاعــات‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ويمكــن تعريفهــا بأنهــا “ تلــك املباحثات بــن األطــراف بقصد الوصــول إىل اتفــاق”‬
‫وبذلــك فهــي تبــادل وجهــات النظــر بــن الدولتــن أو الــدول األطــراف يف النــزاع‬
‫بالطــرق الدبلوماســية بقصــد الوصــول إىل حســم النــزاع القائــم (‪.)3‬‬

‫((( املادة (‪ )1/ 33‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬


‫((( حــدود ســلطات مجلــس األمــن يف ضــوء قواعــد النظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬حســام أحمــد محمــد هنــداوى‪ ،‬دار النهضــة‬
‫العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫((( دور مجلــس األمــن يف تســوية املنازعــات الدوليــة‪ ،‬نــارص الجهــاين‪ ،‬مجلــس الثقافــة العــام‪ ،‬ليبيــا‪ ،‬طرابلــس‪2008 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.31‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪65‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ومــن املتفــق عليــه أن التفــاوض قــد يقــوم بــه رؤســاء الــدول املتنازعــة أو رؤســاء‬
‫الحكومــات أو وزراء الخارجيــة أو أي أشــخاص آخريــن يــوكل إليهــم القيــام بهــذه‬
‫املهمــة‪ ،‬ويتوقــف تحديــد أشــخاص التفــاوض عــى االتفــاق الــذي تــم التوصــل إليــه‬
‫بــن األطــراف وعــى طبيعــة املوضــوع محــل البحــث أو التفــاوض واملفاوضــات‪.‬‬
‫واملفاوضــات قــد تكــون مبــارشة وجه ـا ً لوجــه أو غــر مبــارشة عــن طريــق تبــادل‬
‫الرســائل واملذكــرات الدبلوماســية‪ ،‬ويتوقــف نجاحهــا بصفــة عامــة عــى مــدي توافــر‬
‫حســن النيــة لــدي األطــراف املعنيــة ومــدي جديتهــا يف التوصــل إىل حــل ســلمي‪،‬‬
‫فضــا عــن توقفهــا عــى طبيعــة النــزاع الــدويل والعالقــة بــن األطــراف املتنازعــة‪،‬‬
‫وإذا لــم تفــي املفاوضــات املبــارشة إىل التوصــل إىل حــل للنــزاع وجــب عــى األطــراف‬
‫إفســاح الطريــق لبعــض الــدول األخــرى بالتدخــل كوســيط فيمــا بــن األطــراف‬
‫املتنازعــة وهــو مــا نــراه يف الوســيلة الثانيــة” الوســاطة”(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الوساطة‪:‬‬
‫هــي مســعى ودي تقــوم بــه دولــة ثالثــة إليجــاد حــل للنــزاع القائــم بــن دولتــن‪،‬‬
‫والدولــة الثالثــة هنــا تشــرك مبــارشة يف املفاوضــات وإعــداد التســوية‪ ،‬وبذلــك فــإن‬
‫الوســاطة تعتمــد عــى تدخــل دولــة ليــس طــرف يف النــزاع مــن أجــل تقريــب وجهات‬
‫األطــراف املتنازعــة كمــا أن دور الوســيط ال يقتــر عــى مجــرد الجمــع بــن األطــراف‬
‫املتنازعــة وتقريــب وجهــات نظرهــم بــل يقــوم بعــرض الحــل الــذي يــراه مناســب‬
‫ملثــل هــذه النزاعــات‪ ،‬ورغــم دور الوســاطة إال أنهــا وســيلة غــر ملزمــة فلألطــراف‬
‫قبولهــا أو رفضهــا دونمــا أدنــي مســؤولية عليهــا‪ ،‬وإن كان رفــض الوســاطة كثــرا‬
‫مــا يعتــر عمــا غــر ودي(‪.)2‬‬
‫وتظهــر الحاجــة إىل الوســاطة عندمــا تتــأزم األوضــاع بــن األطــراف وتلــوح يف األفــق‬
‫إمــارات الحــرب‪ ،‬أو عندمــا يكــون القتــال محتدم ـا ً وتكــون مهمــة الوســيط يف هــذه‬
‫الحالــة بــذل الجهــود لوقــف إطــاق النــار تمهيــدا إلجــراء مفاوضــات تــؤدي إىل حــل‬
‫نهائــي للنــزاع ويمكــن للوســيط أن يكــون حكومــة أو هيئــة «اللجنــة الدوليــة للصليب‬
‫األحمــر مثــا أو شــخصا عاديـا ً‪.‬‬

‫((( األمــم املتحــدة بــن اإلبقــاء واإللغــاء يف ضــوء التطــورات الراهنــة‪ ،‬رجــب عبــد املنعــم متــوىل‪( ،‬ب‪ .‬ن) ‪( ،‬ب‪ .‬ت) ‪،‬‬
‫‪2005‬م‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.144‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪66‬‬
‫ومــن وســاطة األشــخاص مــا قــام بــه األســرايل ديكســون ثــم األمريكــي جراهــام يف‬
‫النــزاع بــن الهنــد وباكســتان حــول منطقــة كشــمري‪ ،‬ووســاطة الكونــت برنــادوت(‪،)1‬‬
‫الــذي عينــه مجلــس األمــن كوســيط بــن العــرب واليهــود يف فلســطني يف ‪ /20‬مايــو‪/‬‬
‫‪1948‬م(‪.)2‬‬
‫ويف عــام ‪1967‬م عــى إثــر حــرب جــوان قــام األمــن العــام لألمــم املتحــدة بتعيــن‬
‫ممثــل لــه لكــي يقــوم بالوســاطة وكان الســفري غونــار بارينــغ(‪ )3‬ممث ـاً لــه‪ ،‬وقــام‬
‫باالتصــاالت بــن الــدول األطــراف إليجــاد حــل ســلمي للــراع العربــي الصهيونــي‪.‬‬
‫واســتعانت األمانــة العامــة يف الســنوات األخــرة بعــدد ال بــأس بــه مــن السياســيني‬
‫أو الدبلوماســيني الذيــن أتقنــوا فــن الوســاطة ملســاعدة املنظمــة العامليــة عــى حــل‬
‫خالفــات كانــت عــى وشــك االنفجــار‪ ،‬ويأتــي يف طليعــة هــؤالء الوزيــر والســفري‬
‫الجزائــري الســابق الســيد األخــر اإلبراهيمــي(‪.)5()4‬‬
‫كمــا أن هنــاك نــوع مــن الوســاطة لــم تــر إليــه (املــادة ‪ )33‬وهــي املســاعي‬
‫الحميــدة‪ ،‬ولكــن الفقــرة األخــرة مــن تلــك املــادة تشــمل ضمنــا املســاعي الحميــدة‪،‬‬
‫ألنهــا تســمح للــدول باختيــار أيــة وســيلة أخــري لتســوية نزاعاتهــا ســلمياً‪ .‬وقــد‬
‫نصــت املــادة الثالثــة مــن معاهــدة الهــاي لعــام ‪1907‬م عــى هــذه الوســيلة مــن‬
‫الوســائل الســلمية لحــل املنازعــات الدوليــة (‪.)6‬‬

‫((( الكونــت فولــك برنــادوت‪ ،‬هــو دبلومــايس ســويدي ‪ ،‬ولــد يف ســنة ‪1895‬م‪ ،‬باســتكهومل تــرأس الصليــب األحمــر الســويدي‬
‫ســنة ‪1945‬م عندمــا كان نائــب رئيــس الصليــب األحمــر الســويدي عمــل عــى نقــاش هدنــة بــن أملانيــا والحلفــاء‪ .‬شــارك‬
‫أيضً ــا يف عمليــات تبــادل األرسى خــال الحــرب العامليــة الثانيــة وأســهم يف عمليــة إنقــاذ ‪ 15000‬معتقــل مــن معســكر‬
‫اعتقــال مــن رأس أركونــا‪ ،‬بعــد ق ـرار تقســيم فلســطني اندلعــت مواجهــات بــن اليهــود والعــرب يف فلســطني فاختارتــه‬
‫منظمــة األمــم املتحــدة ليكــون وســيطاً بينهــم يف ‪ 20‬مايو‪/‬أيــار عــام ‪ ،1948‬ليصبــح أول وســيط دويل يف تاريــخ املنظمــة‪ .‬كان‬
‫الهــدف مــن مهمتــه وقــف املواجهــات بــن الطرفــن املتنازعــن وتطبيــق قـرار التقســيم‪ .‬اســتطاع أن يحقــق الهدنــة األوىل يف‬
‫فلســطني يف ‪ 11‬يونيو‪/‬حزي ـران ‪1948‬م‪ ،‬وقتــل ســنة ‪1948‬م بالقــدس‪. https://ar.wikipedia.org‬‬
‫((( دور مجلس األمن يف تسوية املنازعات الدولية‪ ،‬نارص الجهاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫((( غونــار يــان‪ ،‬نرويجــي ولــد لســنة ‪1971‬م‪ ،‬هــو اقتصــادي‪ ،‬وســيايس‪ ،‬ومــريف‪ ،‬ومحامــي‪ ،‬وعــامل إحصــاء‪ ،‬وكاتب غــر روايئ‬
‫نرويجــي‪ ،‬ولــد يف تروندهايــم‪ ،‬كان عضـ ًوا يف الحــزب الليـرايل‪ ،‬وكان عضـ ًوا يف األكادمييــة الرنويجيــة للعلــوم واآلداب‪ ،‬تــويف يف‬
‫أوســلو‪ ،‬عن عمــر يناهــز ‪ 88‬عامـاً‪https://ar.wikipedia.org .‬‬
‫((( األخــر اإلبراهيمــي‪ ،‬ســيايس ودبلومــايس جزائــري‪ ،‬ولــد ســنة ‪1934‬م‪ ،‬كان اإلبراهيمــي وزي ـرا ً للخارجيــة بــن عامــي‬
‫‪ ،1993-1991‬كــا كان مبعوثــا لألمــم املتحــدة يف أفغانســتان والعـراق ومؤخـرا ً‪ ،‬عــن اإلبراهيمــي مبعوثــا مشــركا للجامعــة‬
‫العربيــة واألمــم املتحــدة إىل ســوريا عــام ‪ ،2012‬بهــدف إيجــاد حــل لســفك الدمــاء والحــرب األهليــة الدائــرة منــذ أكــر مــن‬
‫‪ 18‬شــهرا ً‪ ،‬خلفـاً لألمــن العــام الســابق لألمــم املتحــدة كــويف عنــان الــذي اســتقال‪ ،‬ويف أغســطس ‪ 2012‬عــن كمبعــوث لــام‬
‫املتحــدة إىل ســوريا بعــد اســتقالة كــويف عنــان‪https://ar.wikipedia.org .‬‬
‫((( التنظيم الدويل‪ ،‬محمد املجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.800‬‬
‫((( األمم املتحدة بني اإلبقاء واإللغاء يف ضوء التطورات الراهنة‪ ،‬رجب عبد املنعم متوىل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.144‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪67‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وتختلــف الوســاطة عــن املســاعي الحميــدة مــن حيــث درجــة التدخــل حيــث‬
‫أن الوســاطة تشــتمل عــى توجيــه مبــارش لســر املفاوضــات بــن األطــراف عــى‬
‫أســاس مقرتحــات الوســيط وذلــك باملشــاركة يف املفاوضــات واقــراح حــل للنــزاع‪،‬‬
‫بينمــا املســاعي الحميــدة تكــون بمحاولــة دولــة ثالثــة لجمــع األطــراف عــى مائــدة‬
‫املفاوضــات أو الســعي الســتئناف املفاوضــات بينهــم دون االشــراك فيهــا أو تقديــم‬
‫حــل للنــزاع‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التحقيق‪:‬‬
‫يقصــد بالتحقيــق البحــث والتحــري لكشــف الغمــوض الــذي يحيــط بنــزاع مــا‬
‫بواســطة لجنــة مكونــة مــن أكثــر مــن شــخص تكــون مهمتهــا تقــي الحقائــق‬
‫املتعلقــة بنــزاع قائــم بــن دولتــن أو أكثــر واقــراح الحــل األمثــل للنــزاع ملســاعدة‬
‫األطــراف عــى حلــه‪ ،‬وعــادة مــا يتــم تشــكيل هــذه اللجــان مــن أشــخاص ينتمــون‬
‫إىل الــدول املتنازعــة فضــا عــن أشــخاص ينتمــون لــدول محايــدة(‪.)1‬‬
‫فمهمــة لجــان التحقيــق هــي اســتقصاء الحقائــق عــن طريــق االســتماع إىل أطــراف‬
‫النــزاع‪ ،‬وفحــص أقــوال الشــهود‪ ،‬ومناقشــة الخــراء‪ ،‬واســتعراض الوثائق واملســتندات‬
‫وزيــارة املواقــع‪ ،‬وكل ذلــك بقصــد جمــع املعلومــات التــي تســاعد عــى تحديــد‬
‫االنتهــاكات التــي حدثــت وأدت إىل انــدالع النــزاع(‪.)2‬‬
‫ونتيجــة التحقيــق ليســت إلزاميــة ألطــراف النــزاع فللــدول املتنازعــة األخــذ بــه‬
‫أو رفضــه دونمــا أدنــي مســؤولية‪ ،‬واعتمــدت األمــم املتحــدة عــى طريقــة لجــان‬
‫التحقيــق بتكليفهــا لجنــة خاصــة ســنة ‪1947‬م للتحقيــق يف فلســطني‪ ،‬وقــد قدمــت‬
‫هــذه اللجنــة تقريرهــا يف ‪1947/10/21‬م وعــى أســاس هــذا التقريــر جــاء تبنــي‬
‫قــرار التقســيم يف ‪291947/11/‬م(‪.)3‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التوفيق‪:‬‬
‫يعتــر التوفيــق أيض ـا ً مــن ضمــن الوســائل الدبلوماســية والسياســية التــي يــويص‬
‫مجلــس األمــن األطــراف إىل إتباعهــا ويمكــن تعريــف التوفيــق الــدويل بأنــه‪« :‬تدخــل‬
‫كيــان دويل ليســت لــه اســتقاللية سياســية مــن أجــل حــل النــزاع حـاً ســلميا ً لكنــه‬

‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫((( التنظيم الدويل‪ ،‬محمد املجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.801‬‬
‫((( دور مجلس األمن يف تسوية املنازعات الدولية‪ ،‬نارص الجهاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.35‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪68‬‬
‫يحظــى بثقــة أطــراف النــزاع‪ ،‬وتتخلــص مهامــه يف التحقيــق حــول معطيــات الخالف‬
‫ثــم اقــراح حــل غــر ملــزم لألطــراف»(‪.)1‬‬
‫وقــد اتبعــت هــذه الوســيلة كثــرا يف ظــل عصبــة األمــم حيــث أبرمــت مــن خاللهــا‬
‫العديــد مــن املعاهــدات بهــدف تنظيــم التوفيــق باعتبــاره أحــد الوســائل الناجحــة‬
‫لحــل املنازعــات الدوليــة‪ ،‬ومنــذ الحــرب العامليــة الثانيــة اكتســب التوفيــق أهميــة‬
‫كبــرة يف حــل العديــد مــن املنازعــات(‪.)2‬‬
‫وتــري الباحثــة أن وســيلة التوفيــق أفضــل مــن وســيلة التحقيــق‪ ،‬ألن يف التوفيــق‬
‫تقــوم اللجنــة بدراســة جوانــب النــزاع ثــم تقــرح الحــل املناســب لألطــراف خالف ـا ً‬
‫لــم يوجــد يف التحقيــق إذ نجــد اللجنــة يف التحقيــق ال تقــرح الحــل عــى األطــراف بــل‬
‫تكتفــي بمجــرد التحقيــق‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬التحكيم الدولي‪:‬‬
‫عرفــت التحكيــم الــدويل اتفاقيــة الهــاي‪« :‬يهــدف التحكيــم الــدويل إىل تســوية‬
‫املنازعــات التــي تنشــأ بــن الــدول عــن طريــق قضــاة مــن اختيارهــا وعــى أســاس‬
‫احــرام القانــون» (‪.)3‬‬
‫وعــرف التحكيــم الــدويل أيضـا ً بأنــه «حــل املنازعــات الدوليــة عــى أســاس القانــون‬
‫بواســطة محكمــن تقــوم الدولــة املتنازعــة باختيارهــم» ويتمتــع القــرار الصــادر‬
‫عــن هيئــة التحكيــم بقــوة قانونيــة ملزمــة تمامـا ً كمــا هــو الحــال بالنســبة لألحــكام‬
‫الصــادرة عــن املحاكــم الدوليــة‪ .‬إال أن حكــم التحكيــم ال ينفــذ بالقــوة رغــم تمتعــه‬
‫بقــوة اإللــزام‪ ،‬حيــث يتوقــف عــى إدارة الدولــة الصــادر ملصلحتهــا‪ ،‬فالــدول املتنازعــة‬
‫يتعــن عليهــا تطبيــق واحــرام حكــم التحكيــم واتخــاذ جميــع التدابــر لضمــان‬
‫التنفيــذ(‪.)4‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الوسائل القضائية‪:‬‬
‫باإلضافــة إىل الوســائل الســابقة توجــد الوســائل القانونيــة التــي تتمثــل يف التحكيــم‬
‫والقضــاء الــدويل‪.‬‬
‫((( فعاليــة املعاهــدات الدوليــة‪ ،‬البطــان واإلنهــاء وإجـراءات حــل املنازعــات الدوليــة املتعلقــة بذلــك‪ ،‬محمــد بــو ســلطان‪،‬‬
‫دار الغــرب للنــر والتوزيــع‪ ،‬وهـران‪ ،‬الجزائــر‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.292‬‬
‫((( األمم املتحدة بني اإلبقاء واإللغاء يف ضوء التطورات الراهنة‪ ،‬رجب عبد املنعم متوىل‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.174‬‬
‫((( املادة (‪ )37‬من اتفاقية الهاي لسنة ‪1907‬م‪.‬‬
‫((( األمم املتحدة بني اإلبقاء واإللغاء يف ضوء التطورات الراهنة‪ ،‬رجب عبد املنعم متوىل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.148‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪69‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفرع األول‪ :‬محكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫يعتــر القضــاء الــدويل أحــد الوســائل القانونيــة التــي يلجــأ لهــا أطــراف النــزاع إذا‬
‫أرادوا االحتــكام إىل القانــون‪ ،‬والقضــاء الــدويل موجــود منــذ وجــود التنظيــم الــدويل‪،‬‬
‫وتعــد املحكمــة الدائمــة للعــدل الــدويل أول محكمــة دوليــة ذات اختصــاص عــام‬
‫بنظــر املنازعــات التــي تثــور بــن الــدول املختلفــة‪ ،‬ورغــم النــص عليهــا يف املــادة‬
‫‪ 14‬مــن عهــد العصبــة إال أنهــا كانــت تعــد جهــاز مســتقال عــن العصبــة حتــى أن‬
‫نظامهــا األســايس كان بمثابــة الوثيقــة املنفصلــة عــن عهــد العصبــة (‪.)1‬‬
‫وقــد أصــدرت املحكمــة الدائمــة للعــدل الــدويل خــال فــرة مــا بــن الحربــن أكثــر‬
‫مــن ثالثــن حكمــا وكذلــك مثلــه مــن اآلراء االستشــارية (‪.)2‬‬
‫بعـد زوال عصبـة األمـم واملحكمة الدائمـة للعدل الـدويل بالتبعيـة برز اتجاهـا ً يف الفقه‬
‫يدعـو إىل اسـتبدال هـذه املحكمـة بمحكمـة أخـري تشـكل جـزءا ً ال يتجزأ مـن املنظمة‬
‫الدوليـة املرتقبـة (منظمـة األمـم املتحـدة)‪ ،‬بغـرض تسـهيل انضمـام الواليـات املتحدة‬
‫األمريكيـة واالتحـاد السـوفياتي إليهـا‪ ،‬وهاتـان الدولتـان اللتان لـم تنضما يومـا ً ما إىل‬
‫املحكمـة الدائمـة للعدل الـدويل‪ ،‬وبذلك تم اسـتبدالها بمحكمـة العدل الدوليـة‪ .‬ومحكمة‬
‫العـدل الدوليـة هي األداة القضائيـة التي تتكفل بحـل جميع النزاعات الدولية‪ ،‬كما سـبق‬
‫وأن تحدثنـا عنهـا مـن قبـل‪ ،‬فمحكمـة العـدل الدوليـة تتكون من خمسـة عشر قاضيا‬
‫يمتـازون بالكفـاءة واملؤهلات العاليـة‪ .‬وهم ال يشـغلون أي وظيفـة سياسـية أو إدارية‬
‫وال يتبعـون دولهـم‪ ،‬وإنمـا هم قضـاة مسـتقلون ويتم انتخابهـم عن طريق ترشـيحهم‬
‫مـن قبـل األمني العام ملدة تسـع سـنوات قابلـة للتجديد‪ ،‬ويتـم التصويت عليهـم من قبل‬
‫الجمعيـة العامـة ومجلـس األمن وعنـد ظهور النتيجـة ال يمكـن االحتجاج بحـق الفيتو‪،‬‬
‫ويف حـال تسـاوي األصـوات يكـون املنصب مـن حق القـايض األكرب سـنا(‪.)3‬‬
‫ويقــوم مجلــس األمــن بمهمــة تنفيــذ جميــع األحــكام الصــادرة عــن املحكمــة حيــث‬
‫جــاء يف امليثــاق «فللطــرف اآلخــر أن يلجــأ إىل مجلــس األمــن ولهــذا املجلــس إذا رأي‬
‫رضورة لذلــك أن يقــدم توصياتــه أو يصــدر قــرار بالتدابــر التــي يجــب اتخاذهــا‬
‫لتنفيــذ هــذا الحكــم(‪.)4‬‬

‫نفس املرجع‪ ،‬ص‪.149‬‬ ‫(((‬


‫القانون الدويل اإلنساين آفاق وتحديات‪ ،‬إبراهيم دراجى وآخرون‪( ،‬ب‪ .‬د) ‪ ،‬الطبعة األويل‪2005 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.76‬‬ ‫(((‬
‫النظم السياسية وأسس التنظيم السيايس‪ ،‬محمود رشيف بسيوىن‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.93‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )2/94‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪70‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إحالة النزاع للمحكمة الجنائية الدولية‪:‬‬
‫ملجلــس األمــن التابــع ملنظمــة األمــم املتحــدة ســلطة اإلحالــة للمحكمــة الجنائيــة‬
‫الدوليــة‪ ،‬ويقــوم مجلــس األمــن بإحالــة حالــة إىل املدعــي العــام للمحكمــة‪ ،‬يســرعي‬
‫انتباهــه إىل ارتــكاب إحــدى الجرائــم الــواردة يف املــادة (‪ )5‬مــن نظــام رومــا‪ ،‬وعــى‬
‫هــذا األســاس فــأن اإلحالــة هــي عبــارة عــن تحويــل الــيء إىل الجهــة املخولــة‬
‫قانون ـاً‪ ،‬النهــوض بممارســة اختصاصهــا حيــال األمــر املحــال‪ ،‬باعتبارهــا صاحبــة‬
‫االختصــاص األصيــل‪ ،‬وعليــة فــأن إحالــة الوضــع إىل املحكمــة بعــد ذلــك اعرتافــا مــن‬
‫مجلــس األمــن بأنــه هــو املختــص أص ـاً بهــذه املكنــة(‪.)1‬‬
‫لــم يحــدد النظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة املــراد باصطــاح (اإلحالــة)‪.‬‬
‫وكل مــا قــرره النظــام يف هــذا الشــأن هــو بيــان العنــارص التــي تحــدد عــي ضوءهــا‬
‫الحالــة إذ ينــص البنــد الثانــي مــن املــادة الرابعــة عــرة عــى أن (تحــدد الحالــة)‪،‬‬
‫قــدر املســتطاع الظــروف ذات الصلــة وتكــون مشــفوعة بهــا هــو يف متنــاول الدولــة‬
‫املحيلــة مــن مســتندات مؤيــدة)(‪.)2‬‬
‫وورد معنــي الحالــة يف ميثــاق األمــم املتحــدة بمعنــي املوقــف وذلــك عــن ترجمــة‬
‫لفــظ (‪ )Situation‬ويف النظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة ترجمــت بلفــظ (الحالــة)‬
‫ويــري بعــض الفقهــاء أن مصطلحــي (الحالــة) و(املوقــف) مرتافديــن‪ ،‬فعــى ســبيل‬
‫املثــال‪ ،‬يؤكــد بعــض الفقهــاء أن ســلطة مجلــس األمــن طبق ـا ً للمــادة (‪/13‬ب) مــن‬
‫نظــام رومــا األســايس تتعلــق بإحالــة حــاالت أو مواقــف(‪.)3‬‬
‫إن لفــظ (الحالــة) يف النظــام األســايس للمحكمــة مدلــوال ً مختلفــا ً عــن مصطلــح‬
‫املوقــف يف ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬فيمــا يتعلــق بتحديــد مدلــول (املوقــف)‪ ،‬يؤكــد فقــه‬
‫القانــون الــدويل العــام أن النــزاع خــاف يقــوم بــن دولتــن عــى مســائل محــددة‬
‫تعنــي هاتــن الدولتــن وحدهمــا ومبــارشة‪ .‬أمــا املوقــف فهــو احتــكاك دويل تتشــابك‬
‫فيــه مصالــح عــدة دول يف مســائل عامــة تهــم املجتمــع كلــه(‪.)4‬‬
‫((( العالقــة بــن األمــم املتحــدة واملحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬املختــار عمــر ســعيد شــنان‪ ،‬بــدون دار طبــع‪2005 ،‬م –‬
‫‪2006‬م‪ ،‬ص‪.149‬‬
‫((( دور مجلــس األمــن يف النظــام الجنــايئ الــدويل‪ ،‬احمــد عبــد الظاهــر‪ ،‬دار النهضــة العربيــة القاهــرة‪ ،‬ط ‪2012 ،1‬م‪،‬‬
‫ص‪.152‬‬
‫((( اختصــاص املحكمــة الجنائيــة الدوليــة مبالحقــة مجرمــي الحــرب‪ ،‬صــاح الديــن عامــر‪ ،‬منشــورات الصليــب األحمــر‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬مــر‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫((( تطــور دور مجلــس األمــن يف حفــظ األمــن والســلم الدوليــن‪ ،‬أحمــد عبــد اللــه ابــو العــاء‪ ،‬دار الكتــب القانونيــة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪2005‬م‪ ،‬ص‪.157‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪71‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وال يمكن أن يكون املقصود بلفظ (الحالة) الوارد يف النظام األسايس للمحكمة‪ ،‬فمن غري‬
‫املتصور أن يقوم املجلس بإحالة (املوقف) بأكمله إىل املحكمة الجنائية الدولية(‪.)1‬‬
‫ومصطلــح (الحالــة) ال يتغــر املــراد بــه أو املعنــي إذا تغــر مصــدر اإلحالــة بمعنــي‬
‫آخــر يظــل مصطلــح الحالــة واحــدا ً ســواء كانــت اإلحالــة مــن مجلــس األمــن أو‬
‫مــن الــدول األطــراف يف النظــام األســايس للمحكمــة‪ .‬ومــن خــال مــا تقــدم يمكــن‬
‫تعريــف اإلحالــة بأنهــا‪ :‬مجموعــة الوقائــع التــي ارتكبــت يف ظــروف معينــة‪ ،‬مــن‬
‫شــأنها االشــتباه يف أن جريمــة أو أكثــر مــن الجرائــم الداخلــة يف اختصــاص املحكمــة‬
‫قــد ارتكبــت(‪.)2‬‬
‫ويشرتط يف اإلحالة من مجلس األمن إىل محكمة الجنائية الدولية الرشوط اآلتية‪:‬‬
‫تشري املادة (‪ )13‬من النظام األسايس إىل رشوط ثالث يتعني توافرها وهي عىل النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون اإلحالة من مجلس األمن‪:‬‬
‫أنــاط النظــام األســايس ملجلــس األمــن ســلطة هامــة يف إحالــة أي حالــة للمدعــي‬
‫العــام‪ ،‬وإذا مــا كان هنالــك شــك يف ارتــكاب إحــدى الجرائــم التــي تختــص بهــا‬
‫املحكمــة‪ ،‬ويعتــر هــذا الحــق الــذي يتمتــع بــه مجلــس األمــن حقــا ً اســتئثاريا ً‬
‫وانفرادي ـا ً ملجلــس األمــن فقــط‪ .‬وتجــدر اإلشــارة أن النظــام األســايس قــد خــي مــن‬
‫أي وســيلة اســتصدار قــرار اإلحالــة للمدعــي العــام‪ ،‬مــا يعنــي الرجــوع إىل القواعــد‬
‫العامــة الــواردة يف ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬حيــث يقــوم رئيــس املجلــس بإبــاغ األمــن‬
‫العــام لألمــم املتحــدة بقــرار اإلحالــة إلخطــار املدعــي العــام ليقــوم األخــر بمبــارشة‬
‫إجــراءات التحقيــق(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬أن تتكون اإلحالة بناء عىل الفصل السابع من ميثاق األمم املتحدة‪:‬‬
‫أكد النظام األسايس للمحكمة الجنائية الدولية عىل رضورة أن يكون قرار اإلحالة مستندا ً‬
‫للفصل السابع من ميثاق األمم املتحدة‪ ،‬ولإلشارة فأن مواد الفصل السابع هي املواد من‬
‫‪ 39‬إىل ‪ 51‬وهي تندرج يف إطار ما يتخذ من أعمال يف حاالت تهديد السلم واإلخالل ووقوع‬
‫العدوان(‪.)4‬‬
‫((( النظم السياسية وأسس التنظيم السيايس‪ ،‬محمد رشيف بسيوين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫((( الحــدود الفاصلــة بــن ســلطات مجلــس األمــن ومحكمــة العــدل الدوليــة يف حــل النزاعــات‪ ،‬التجــاين بشــر فطحيــزة‪،‬‬
‫جامعــة بــن عكنــون‪ ،‬الجزائــر‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫((( جرائــم الحــرب أمــام القضــاء الجنــايئ الــدويل‪ ,‬محمــد محمــود حنفــى‪ ,‬دار النهضــة العربيــة‪ ,‬القاهــرة‪ ,‬مــر‪ ،‬ط‪,1‬‬
‫‪2006‬م‪ ,‬ص‪.95‬‬
‫((( مجلــس األمــن واملحكمــة الجنائيــة الدوليــة يف عــامل متغــر‪ ،‬د‪ .‬بــو عــزة عبــد الهــادى‪ ,‬دار الفكــر الجامعــي‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪72‬‬
‫وبموجــب الفصــل الســابع فــأن ملجلــس األمــن أن يحيــل الحالــة إىل املدعــي العــام‬
‫باعتبــاره مســئوال ً مــن عــن حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬عندمــا يــري أن جريمــة‬
‫أو أكثــر مــن الجرائــم التــي تختــص بهــا املحكمــة قــد ارتكبــت‪ ،‬ولإلشــارة فقــد درج‬
‫العمــل لــدي مجلــس األمــن عــى أنشــاء لجنــه تحقيــق دوليــة تتــويل فحــص البالغــات‬
‫واملعلومــات التــي يتحصــل عليهــا مجلــس األمــن‪ ،‬والتــي تفيــد وقــوع انتهــاكات‬
‫للقانــون الــدويل لحقــوق اإلنســان والقانــون الــدويل اإلنســاني‪ ،‬ممــا يــؤرش لوقــوع‬
‫جرائــم خطــرة يف املجتمــع الــدويل(‪.)1‬‬
‫ومــن أمثلــة لجــان التحقيــق مــا قــام بــه املجلــس يف أنشــاء مثــل هــذه اللجــان يف‬
‫أزمــة دارفــور بالســودان وكذلــك يف يوغســافيا الســابقة ورونــدا‪ ،‬وأخــرا ً يف لبنــان‬
‫وذلــك لتحقيــق يف جريمــة اغتيــال رئيــس الــوزراء اللبنانــي رفيــق الحريــري(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬أن يبدو ملجلس األمن ارتكاب جريمة أو أكثر‪:‬‬
‫حتــى يتمكــن مجلــس األمــن مــن القيــام بســلطته يف إحالــة (حالــة) عــى املدعــي‬
‫العــام‪ ،‬فالبــد أن يبــدو ملجلــس األمــن وقــوع جريمــة أو أكثــر مــن الجرائــم املنصوص‬
‫عليهــا يف املــادة (‪ )5‬مــن النظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬ويالحــظ‬
‫أن لفــظ (يبــدو) املشــار إليــه يف النــص‪ ،‬بمعنــي القرائــن والشــبهات التــي تــدل‬
‫عــى وقــوع الجريمــة‪ ،‬ووفــق هــذا التفســر فــإن عــى مجلــس األمــن التحقــق مــن‬
‫الحيثيــة التــي قــد تشــكل جريمــة أو أكثــر تدخــل يف اختصــاص املحكمــة‪ ،‬وذلــك‬
‫بموجــب املــادة (‪ )39‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة والتــي تقتــي اللجــوء إىل الفصــل‬
‫الســابع مــن امليثــاق‪ ،‬حيــث يعهــد مجلــس األمــن بتكيــف الحالــة فيهــا إذا كانــت‬
‫تشــكل تهديــدا ً للســلم واألمــن الدوليــن أو عم ـاً مــن أعمــال العــدوان‪.‬‬
‫والشرط األخير هـو أن يبدو ملجلس األمـن ارتكاب جريمـة أو أكثر تدخـل يف اختصاص‬
‫املحكمـة‪ ،‬وذلـك بموجـب املـادة (‪ )39‬من ميثـاق األمم املتحـدة والتي تقتضي اللجوء إىل‬
‫الفصـل السـابع مـن امليثـاق‪ ،‬حيـث يعهد مجلـس األمن بتكيـف الحالـة فيهـا إذا كانت‬
‫تشـكل تهديد للسـلم واألمن الدوليين أو عمالً مـن أعمال العـدوان(‪.)3‬‬
‫وممــا ســبق يتضــح أن اإلحالــة مــن مجلــس األمــن إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪،‬‬
‫لهــا ثالثــة رشوط وهــي أن تكــون اإلحالــة مــن مجلــس األمــن‪ ،‬أي مجلــس األمــن‬
‫مرص‪ ،‬الطبعة األويل‪2013 ،‬م‪ ,‬ص‪.78‬‬
‫((( جرائم الحرب أمام القضاء الجنايئ الدويل‪ ,‬محمد محمود حنفى‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص(‪)71-69‬‬
‫((( مجلس األمن واملحكمة الجنائية الدولية يف عامل متغري‪ ،‬د‪ .‬بو عزة عبد الهادى‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.79‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.80-79‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪73‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫هــو الجهــاز الوحيــد مــن أجهــزة األمــم املتحــدة الــذي يتمتــع وينفــرد بحــق اإلحالــة‪،‬‬
‫كمــا اشــرط أ أن تكــون وفقـا ً ألحــكام الفصــل الســابع مــن ميثاق األمــم املتحــدة‪ ،‬ألن‬
‫مجلــس األمــن هــو املســؤول عــن حفــظ األمــن والســلم الدوليــن‪ ،‬وإن تدخــل مجلــس‬
‫األمــن بموجــب الفصــل الســابع لحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن يعنــي أن النــزاع أكثر‬
‫خطــورة ولــه صــور ثــاث أمــا اإلخــال بالســلم أو التهديــد لــه أو وقــوع العــدوان(‪.)1‬‬
‫والــرط األخــر هــو أن يبــدو ملجلــس األمــن ارتــكاب جريمــة أو أكثــر‪ ،‬وهــذا الــرط‬
‫يوضــح أن ســلطة مجلــس األمــن يف اإلحالــة إىل املحكمــة الجنائيــة تكــون عندمــا‬
‫يتأكــد مجلــس األمــن مــن وقــوع جريمــة‪ ،‬أو أكثــر تكــون مــن اختصــاص املحكمــة‬
‫الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬وهــذه الجرائــم هــي‪ :‬اإلبــادة الجماعيــة‪ ،‬جريمــة العــدوان‪ ،‬الجرائم‬
‫ضــد اإلنســانية‪ ،‬جرائــم الحــرب(‪.)2‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اللجوء إلى الوكاالت والتنظيمات اإلقليمية‪:‬‬
‫يعتــر اللجــوء إىل الــوكاالت والتنظيمــات اإلقليميــة أيض ـا ً وســيلة مــن وســائل حــل‬
‫النزاعــات ســلميا َ وقــد أشــار امليثــاق إىل ذلــك أو أن يلجــأوا إىل الــوكاالت والتنظيمــات‬
‫اإلقليميــة أو غريهــا مــن الوســائل الســلمية التــي يقــع عليهــا اختيارهــا (‪.)3‬‬
‫وبالرجوع إىل ما أشار إليه امليثاق يف نص املادة (‪ )2/52‬نجد أن مجلس األمن يشجع من‬
‫االستكثار يف تسوية النزاعات الدولية عن طريق املنظمات حيث جاء فيه « يبذل أعضاء األمم‬
‫املتحدة الداخلون يف مثل هذه التنظيمات وهم الذين تتألف منهم تلك الوكاالت كل جهدهم‬
‫لتدبري الحل السلمي للمنازعات املحلية عن طريق هذه التنظيمات اإلقليمية‪ ،‬أو بواسطة هذه‬
‫الوكاالت وذلك قبل عرضها عىل مجلس األمن(‪.)4‬‬
‫فعىل الدول األعضاء يف املنظمات اإلقليمية التماس الحل السلمي للمنازعات من خالل‬
‫هذه املنظمات وال يجوز لهم اللجوء إىل منظمة األمم مبارشة‪ ،‬فليس من املستحسن مبادرة‬
‫هذه الدول بعرض منازعاتها عىل مجلس األمن بل ان املجلس يحبذ لجوء الدول املتنازعة‬
‫للتنظيمات والوكاالت اإلقليمية قبل اللجوء إليه التماسا ً لحل منازعاتها الدولية(‪.)5‬‬

‫((( جرائم الحرب أمام القضاء الجنايئ الدويل‪ ,‬محمد محمود حنفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫((( العالقــة بــن مجلــس األمــن واملحكمــة الجنائيــة الدوليــة الدامئــة‪ ،‬املختــار عمــر ســعيد شــنان‪ ،‬جامعــة نــارص االمميــة‪،‬‬
‫طرابلــس‪ ،‬ليبيــا‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫((( املادة ‪ 33‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( املادة (‪ ، )2/52‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( األمــم املتحــدة والنظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬أحمــد أبــو الوفــاء‪ ،‬مجلــة السياســة الدوليــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬العــدد ‪،122‬‬
‫أكتوبــر ‪1955‬م‪ ،‬ص‪.511‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪74‬‬
‫ويــرى الباحــث أن املجلــس أتــاح ألطــراف النــزاع فرصــة اللجــوء إىل املنظمــات‬
‫والــوكاالت اإلقليميــة ومــن هنــا نستشــف أن اللجــوء إىل هــذه املنظمــات أو الــوكاالت‬
‫حســب رغبــة األطــراف أي أن األمــر ليــس إلزامــي كمــا كان يف الوســائل التــي يلجــأ‬
‫إليهــا أطــراف النــزاع لحــل نزاعاتهــم بالطــرق الســلمية‪ .‬ولكــن هــل إذا فشــلت هــذه‬
‫املنظمــات يكــون األمــر قــد انتهــى ال بــل يبقــي النــزاع يف أجنــدة مجلــس األمــن حيث‬
‫يتعــن عليــه أخــذه بعــن االعتبــار يف حــال فشــل املنظمــة الجهويــة يف الوصــول إىل‬
‫تســوية ســلمية للنــزاع(‪.)1‬‬
‫وهنــاك مــن املنظمــات اإلقليميــة‪ ،‬التــي تنــص رصاحــة يف مواثيقهــا عــى التــزام الدول‬
‫األعضــاء بعــرض منازعاتهــا أمــام املنظمــة اإلقليميــة أوال ً قبــل عرضهــا عــى األمــم‬
‫املتحــدة واملثــال عــى ذلــك الــدول األمريكيــة حيــث تنــص املــادة الثالثــة والعــرون‬
‫مــن ميثاقهــا واملــادة الثانيــة مــن اتفاقيــة ريــو لعــام ‪1947‬م واملــادة الثانيــة مــن‬
‫اتفاقيــة بوجوتــا لعــام ‪ 1948‬عــى التــزام الــدول األعضــاء بعــرض نزاعاتهــا أمــام‬
‫املنظمــة اإلقليميــة قبــل عرضهــا أمــام املنظمــة العامليــة(‪.)2‬‬
‫وخالصــة القــول أن ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬منــح مجلــس األمــن ســلطات تــم النــص‬
‫عليهــا رصاحــة يف املــواد (‪ )38 -33‬مــن الفصــل الســادس بإصــدار التوصيــات‬
‫والقــرارات(‪.)3‬‬

‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫((( األمم املتحدة والنظام العاملي الجديد‪ ،‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.359‬‬
‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪75‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫المبحث الثاني‬
‫سلطات واختصاصات مجلس األمن‬
‫ً‬
‫وفقا للفصل السابع‬
‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث ســلطات واختصاصــات مجلــس األمــن وفقـا ً للفصل الســابع‪،‬‬
‫وذلــك مــن خــال تنــاول مقتضيــات تطبيــق التدابــر األزمــة يف حالــة تهديــد الســلم‬
‫أو اإلخــال بــه أو وقــوع العــدوان‪ ،‬وســلطات مجلــس األمــن باتخــاذ التدابــر‪ ،‬وتكمــن‬
‫أهميــة أحــكام الفصــل الســابع يف كونهــا تعطــي املجلــس حقـا ً خالفـا ً ألحــكام الفصل‬
‫الســادس يف توقيــع العقوبــات واتخــاذ تدابــر القمــع(‪.)1‬‬
‫المطلــب األول‪ :‬مقتضيــات تطبيــق التدابيــر األزمــة فــي حالــة‬
‫تهديــد الســلم أو اإلخــال بــه أو وقــوع العــدوان‪:‬‬
‫أشــار ميثــاق األمــم املتحــدة إىل مقتضيــات تطبيــق ســلطات املجلــس بموجــب‬
‫الفصــل الســابع يف الحــاالت اآلتيــة‪ « :‬يقــرر مجلــس األمــن مــا إذا كان قــد وقــع‬
‫تهديــد للســلم أو اإلخــال بــه‪ ،‬أو كان مــا وقــع عمـاً مــن أعمــال العــدوان‪ ،‬ويقــرر يف‬
‫ذلــك توصياتــه أو يقــرر مــا يجــب اتخــاذه مــن التدابــر طبقـا ً ألحــكام املادتــن (‪41‬‬
‫‪ )42-‬لحفــظ الســلم واألمــن الــدويل وإعادتــه إىل نصابــه(‪ ،)2‬ومــن خــال هــذا النــص‬
‫يتضــح مقتضيــات هــذه الســلطات‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تهديد السلم‪:‬‬
‫لــم يحــدد امليثــاق مفهــوم تهديــد الســلم الــوارد يف املــادة ‪ 39‬وذلــك بهــدف تــرك‬
‫الحريــة ملجلــس األمــن يف توســيع مجــال نشــاطه‪ ،‬فهــو وحــده الــذي يقــرر الــروط‬
‫التــي تــرر اســتخدامه للســلطات املنصــوص عليهــا يف الفصــل الســابع‪ ،‬فهــذا التعبــر‬
‫يمكــن أن يمتــد ليشــمل وقائــع وحــاالت مختلفــة باعتبارهــا تشــكل تهديــدا للســلم(‪.)3‬‬
‫وبالتــايل يمكــن القــول بــأن تهديــد الســلم الــوارد يف امليثــاق يف املــادة ‪ 39‬مــن‬
‫امليثــاق يتحقــق عندمــا تهــدد دولــة بالدخــول يف الحــرب مــع دولــة أخــري أو القيــام‬

‫((( قانون املنظامت الدولية‪ ،‬محمد سامى عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫((( نص (املادة ‪ )39‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( قانون املنظامت الدولية‪ ،‬محمد سامى عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪77‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫بالتدخــل يف شــئونها الداخليــة أو التهديــد باســتخدام العنــف ضدهــا يمكــن أن يعــد‬
‫تهديــدا للســلم‪ ،‬ولــو لــم يتبــع ذلــك اســتخدام العنــف بالفعــل ألن مــن شــأن مــا‬
‫ســبق قــد يدخــل الــروع يف نفــس الدولــة املهــددة بوجــود خطــر حــال مــن شــأن‬
‫حدوثــه اإلخــال فعليــا بحالــة الســلم‪ ،‬كمــا أن وجــود رصاع عــى درجــة كبــرة مــن‬
‫العنــف والجســامة داخــل إقليــم إحــدى الــدول يتحقــق بــه وجــود تهديــد للســلم‪،‬‬
‫وبخاصــة إذا كان هــذا الصــدام يــؤدي إىل تعريــض تجــارة الــدول األخــرى ومصالحها‬
‫للخطــر(‪.)1‬‬
‫ويعــد أيض ـا ً االنتهــاك الخطــر لحقــوق اإلنســان تهديــد للســلم واألمــن الدوليــن‪.‬‬
‫وقــد أشــار بيــان مجلــس األمــن يف القمــة املنعقــدة يف الواحــد والثالثــن مــن جنيــف‬
‫‪1991‬م إيل» إن الســلم واألمــن الدوليــن ال ينبثقــان فقــط مــن غيــاب الحــروب‬
‫والنزاعــات املســلحة بــن الــدول‪ ،‬فثمــة تهديــدات أخــري ذات طبيعــة غــر عســكرية‬
‫للســلم تجــد مصدرهــا يف عــدم االســتقرار يف املجــاالت االقتصاديــة واالجتماعيــة‬
‫واإلنســانية والبيئيــة(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلخالل بالسلم‪:‬‬
‫اإلخــال بالســلم يف مفهــوم املــادة ‪ 39‬مــن امليثــاق يكــون عنــد وقــوع عمــل مــن‬
‫أعمــال العنــف ضــد دولــة معنيــة‪ ،‬أو وقــوع صــدام مســلح داخــل إقليــم دولــة مــن‬
‫شــأن اســتمراره أن يــؤدي إىل خلــق حالــة أشــد مــن حالــة تهديــد الســلم‪ ،‬وبذلــك‬
‫يعــد اإلخــال بالســلم مرحلــة تتوســط تهديــد الســلم ووقــوع عمــل مــن أعمــال‬
‫العــدوان‪ ،‬فاإلخــال هــذا أخطــر مــن مجــرد تهديــد الســلم ولكنــه أقــل خطــورة مــن‬
‫وقــوع العــدوان(‪.)3‬‬
‫وقــد حــدد مجلــس األمــن الــدويل املقصــود باإلخــال بالســلم بالقــرار رقــم ‪54‬‬
‫الصــادر يف عــام ‪1984‬م بشــأن القضيــة الفلســطينية‪ ،‬حيــث اعتــر عــدم اإلذعــان‬
‫لقــرار وقــف إطــاق النــار يف فلســطني يمثــل مظهــر مــن مظاهــر اإلخــال بالســلم‬
‫وفقــا للمــادة ‪ 39‬مــن امليثــاق(‪.)4‬‬

‫((( األمــم املتحــدة منظمــة تبقــى ونظــام‪ ,‬فــؤاد البطانيــة‪ ،‬املوســوعة العربيــة للدراســات والنــر‪ ،‬عــان‪ ،‬األردن‪2003 ،‬م‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬ص‪.153‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫((( األمم املتحدة بني اإلبقاء واإللغاء يف ضوء التطورات الراهنة‪ ،‬رجب عبد املنعم متوىل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.169‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪78‬‬
‫كذلــك ذهــب مجلــس األمــن إىل أن مــا قامــت بــه كوريــا الشــمالية بغــزو كوريــا‬
‫الجنوبيــة يف ‪1950‬م بأنــه إخــال بالســلم‪ ،‬كذلــك جــاء يف قــراره الســابق ‪ 190‬تأكيــد‬
‫عــى أن الهجــوم املســلح عــى جمهوريــة كوريــا مــن جانــب كوريــا الشــمالية يشــكل‬
‫إخــال بالســلم(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العدوان‪:‬‬
‫أشــار امليثــاق يف الفقــرة األويل مــن مادتــه األويل وجــوب اتخــاذ التدابــر املشــركة‬
‫الفعالــة لقمــع العــدوان‪ ،‬وملــا كان العــدوان هــو أبلــغ صــور االســتخدام غــر املرشوع‬
‫للقــوة خطــرا ً وخطــورة مــن حيــث أنــه يحمــل يف ثنايــاه إمــكان التهديــد بنــزاع‬
‫عاملــي مــع كل مــا يرتتــب عليــه مــن كــوارث‪ ،‬فقــد ظــل املجتمــع الــدويل يبحــث عــن‬
‫صــوغ مبــادئ أساســية يسرتشــد بهــا يف مثــل هــذا البحــث مــن عهــد عصبــة األمــم‪،‬‬
‫وقــد بذلــت محــاوالت عديــدة إىل تعريــف محــدد ألعمــال العــدوان إال أنهــا كانــت‬
‫غــر مثمــرة‪ ،‬حيــث جــاء ميثــاق األمــم املتحــدة خاليــا ً مــن أي تعريــف للعــدوان‬
‫وذلــك نظــرا ً لطبيعــة مواقــف الــدول األعضــاء يف املنظمــة‪ ،‬حيــث أن كل دولــة تعــرف‬
‫العــدوان بمــا يتــاءم وسياســتها(‪ ،‬ورغــم ذلــك ظلــت مســألة تعريــف العــدوان‬
‫مدرجــة يف جــدول أعمــال الجمعيــة العامــة منــذ ســنة ‪1950‬م‪ ،‬وتوجــت جهودهــا‬
‫بإصدارهــا للقــرار ‪ 3314‬يف ‪1974 /12 /14‬م بشــأن تعريــف العــدوان الــذي جــاء‬
‫عــى النحــو التــايل‪( :‬العــدوان هــو اســتخدام القــوة مــن قبــل دولــة مــا ضــد ســيادة‬
‫دولــة أخــري أو ســامتها اإلقليميــة أو اســتقاللها الســيايس أو بأيــة صــورة أخــري‬
‫تتنــايف مــع ميثــاق األمــم املتحــدة)(‪.)2‬‬
‫وتــري الباحثــة أن تعريــف الجمعيــة العامــة للعــدوان ذو أهميــة كبــرة وذلــك ألنــه‬
‫أشــار إىل توضيــح وتفســر بعــض أحــكام امليثــاق املتعلقــة باألهــداف األساســية لألمم‬
‫املتحــدة وهــي املحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬وكذلــك بــن ســلطات مجلــس‬
‫األمــن يف تحديــد العــدوان ومــا يتخــذه مــن إجــراءات رضوريــة لقمعــه‪ ،‬ورغــم ان‬
‫صــدور تعريــف العــدوان مــن قبــل الجمعيــة العامــة جــاء متأخــرا ً إال انــه اكتســب‬
‫أهميــة مــن الناحيــة السياســية والقانونيــة ألنــه تنــاول مســألة مهمــة تعتــر مــن أهم‬
‫أهــداف األمــم املتحــدة وهــي املحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن ومــا يتبعهمــا‬
‫مــن إجــراءات‪.‬‬
‫((( القيمــة القانونيــة لقـرارات مجلــس األمــن يف مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬ملــي عبــد الباقــي‪ ،‬محمــود العـزاوي‪ ،‬منشــورات‬
‫الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.284‬‬
‫((( القيمة القانونية لقرارات مجلس األمن يف مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ملي عبد الباقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.285‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪79‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سلطات مجلس األمن باتخاذ التدابير‪:‬‬
‫إذا قــرر مجلــس األمــن أن هنالــك تهديــد للســلم أو إخــال بــه أو عــدوان‪ ،‬كان لــه أن‬
‫يصــدر مــا يــراه مــن قــرارات ملزمــة تتمثــل تلــك القــرارات يف تدابــر مؤقتــة أوال ً ثــم‬
‫تدابــر غــر عســكرية ثاني ـا ً ثــم تدابــر عســكرية ثالث ـا ً وتكــون القــرارات املتعلقــة‬
‫بشــأن هــذه التدابــر ملزمــة ال تملــك الــدول حــق الطعــن فيهــا(‪.)1‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التدابير المؤقتة‪:‬‬
‫تنــص املــادة ‪ 40‬مــن امليثــاق عــى أن‪( :‬منع ـا ً لتفاقــم املوقــف ملجلــس األمــن قبــل‬
‫أن يقــدم توصياتــه أو يتخــذ التدابــر املنصــوص عليهــا يف املــادة (‪ )39‬أن يدعــو‬
‫املتنازعــن بمــا يــراه رضوريــا أو مستحســنا مــن تدابــر مؤقتــة‪ ،‬وال تخــل هــذه‬
‫التدابــر املؤقتــة بحقــوق املتنازعــن ومطالبهــم أو بمراكزهــم‪ ،‬وعــى مجلــس األمــن ان‬
‫يحســب لعــدم أخــذ املتنازعــن لهــذه التدابــر املؤقتــة)(‪.)2‬‬
‫هــذه املــادة تعتــر الســند واألســاس القانونــي لســلطة مجلــس األمــن يف اتخــاذ هــذه‬
‫التدابــر‪ ،‬كمــا أنهــا تعــد مصــدر وأســاس ملرشوعيــة هــذه األخــرة(‪.)3‬‬
‫وعليــه فــإن التدابــر املؤقتــة هــي اإلجــراءات التــي يلجــأ إليهــا مجلــس األمــن بغيــه‬
‫وقــف تدهــور نــزاع مــن شــأنه أن يخــل بالســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬عمــاً بنــص‬
‫للمــادة ‪ 40‬مــن امليثــاق‪ ،‬حيــث يقــدر املجلــس مــدي مالءمتهــا للنــزاع املطــروح‬
‫أمامــه‪ ،‬ومعيــاره يف ذلــك منــع تدهــور املوقــف بــن األطــراف املتنازعــة مــن جهــة‬
‫وعــدم مساســها بحقوقهــم ومراكزهــم القانونيــة مــن جهــة أخــرى‪ ،‬كمــا يمكــن أن‬
‫تصــدر هــذه اإلجــراءات عــى شــكل توصيــات أو قــرارات ملزمــة(‪.)4‬‬
‫كمــا أن اإلجــراءات التــي يتخذهــا مجلــس األمــن بشــأن التدابــر املؤقتــة متنوعــة‬
‫فمنهــا عــى ســبيل املثــال التدابــر الداعيــة إىل وقــف إطــاق النــار وســحب القــوات‬
‫املتحاربــة إىل خطــوط معينــة وعقــد الهدنــة‪ ....‬الــخ(‪.)5‬‬
‫كمــا أن امليثــاق لــم يــر رصاحــة إىل أن هــذه التدابــر املؤقتــة ذات قــوة إلزاميــة‪،‬‬

‫قانون املنظامت الدولية‪ ،‬محمد سامى عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.119‬‬ ‫(((‬
‫املادة ‪ 40‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬ ‫(((‬
‫القيمة القانونية لقرارات مجلس األمن يف مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ملي عبد الباقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.286‬‬ ‫(((‬
‫حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬ ‫(((‬
‫القيمة القانونية لقرارات مجلس األمن يف مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ملي عبد الباقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.204‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪80‬‬
‫باإلضافــة إىل أن تجربــة مجلــس األمــن املتعلقــة بالتدابــر املؤقتــة ليــس فيهــا مــا‬
‫يــدل بصــورة واضحــة وحاســمة عــى أن هــذه األخــرة لهــا القــوة اإللزاميــة عــى‬
‫األطــراف املدعــوة لتتقيــد بهــا لذلــك تضاربــت اآلراء حــول هــذا املوضــوع حيــث‬
‫بــرز رأي يقــول أن مجلــس األمــن يف حالــة تطبيقيــه للمــادة (‪ )40‬مــن امليثــاق فهــو‬
‫ال يقــدم إال توصيــات‪ ،‬وبالتــايل ليســت لهــا قــوة إلزاميــة عــى األطــراف املتنازعــة‬
‫والــرأي اآلخــر يقــول ان هــذه التدابــر لهــا قــوة إلزاميــة وهــو األكثــر قبــوال ً لتوافقــه‬
‫مــع مقاصــد األمــم املتحــدة بقبــول قــرارات مجلــس األمــن وتنفيذهــا وفق ـا ً ألحــكام‬
‫امليثــاق‪ ،‬وعــاوة عــى ذلــك فــإن التدابــر املؤقتــة تعتــر قرينــة ضــد مــن يخالفهــا‬
‫وتفتــح املجــال التخــاذ التدابــر العســكرية(‪.)1‬‬
‫ونجــد املمارســات العلميــة ملجلــس األمــن قــد أبانــت ملــا لهــذه املــادة مــن أهميــة‬
‫بالغــة يف مجــال املحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فــا يســتطيع أحــد إنــكار‬
‫مــا للتدابــر املؤقتــة التــي يأمــر بهــا مجلــس األمــن مــن أهميــة يف تهيئــة الظــروف‬
‫املواتيــة إلقــرار تســوية دائمــة للمنازعــات الدوليــة(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التدابير غير العسكرية‪:‬‬
‫حــدد ميثــاق األمــم املتحــدة ســلطات مجلــس األمــن العقابيــة بشــكل واضــح ومفصل‬
‫لكــي يتمكــن مــن إعمــال هــذه الســلطات دون أي لبــس أو تعقيــد حيــث نــص عــى‬
‫اآلتــي‪( :‬ملجلــس األمــن أن يقــرر مــا يجــب اتخــاذه مــن التدابــر التــي ال تتطلــب‬
‫اســتخدام القــوة املســلحة بتنفيــذ قراراتــه ولــه أن يطلــب مــن أعضــاء األمــم املتحــدة‬
‫تطبيــق هــذه التدابــر‪ ،‬ويجــوز أن يكــون مــن بينهــا وقــف الصــات االقتصاديــة‬
‫واملواصــات الحديديــة والبحريــة والجويــة الربيديــة والربقيــة والالســلكية وغريهــا‬
‫مــن وســائل قطــع املواصــات جزئي ـا ً أو كلي ـا ً وقطــع العالقــات الدبلوماســية)(‪.)3‬‬
‫ومــن النــص الســابق يتضــح أن ملجلــس األمــن كامــل الحريــة يف مجــال التدابــر غــر‬
‫العســكرية‪ ،‬فلــه أن يقــرر منهــا مــا يــراه كافيـا ً ومالئمـاً‪ ،‬ونظــرا ً ألن املــادة (‪ )41‬لــم‬
‫تتضمــن أن النــص عــى هــذه التدابــر عــى ســبيل الحــر مكتفيــة بــرد أمثلــة‬
‫عنهــا‪ ،‬يبقــي ملجلــس األمــن مطلــق الحريــة يف تقريــر عقوبــات إضافيــة لــم يــرد‬

‫((( األمــم املتحــدة لحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬محمــد وليــد عبــد الرحيــم‪ ،‬املكتبــة العرصيــة للطباعــة والنــر‪،‬‬
‫بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫((( املادة ‪ 41‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪81‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫النــص عليهــا رشيطــة أال تنطــوي عــى اســتخدام القــوة املســلحة أي أنهــا ليســت‬
‫مــن قبيــل التدابــر العســكرية‪ ،‬وهــذه التدابــر تعــد قــرارا ً ملزمــا ً ألن اســتخدام‬
‫عبــارة (ملجلــس األمــن أن يقــرر) ولــم يقــل (يــويص) معناهــا أن التدابــر التــي تتخــذ‬
‫وفــق املــادة (‪ )41‬إنمــا تصــدر بموجــب قــرار ملــزم‪ ،‬كمــا أن القــرار الــذي يصــدر‬
‫مــن مجلــس األمــن يف هــذا الشــأن هــو قــرار ملــزم لكافــة الــدول األعضــاء يف األمــم‬
‫املتحــدة‪ ،‬وال يجــوز لدولــة مــا االمتنــاع عــن تنفيــذه بدعــوي ارتباطهــا مــع الدولــة‬
‫املســتهدفة لهــذه التدابــر بمعاهــدة تمنعهــا مــن املشــاركة يف وضــع هــذه التدابــر‬
‫موضــع التنفيــذ اســتنادا ً للمــادة (‪ )103‬مــن امليثــاق(‪.)1‬‬
‫ويالحــظ الباحــث هنــا قــوة ومــدي إلزاميــة التدابــر وفقـا ً للمــادة (‪ )41‬مــن امليثــاق‪،‬‬
‫حيــث بينــت أن الدولــة ملزمــة بتنفيذهــا وال تســتطيع التنصــل منهــا بحجــة أنهــا‬
‫أبرمــت اتفاقيــة مــع الدولــة املســتهدفة‪.‬‬
‫وقــد تتعــرض بعــض الــدول األعضــاء ألرضار غالب ـا ً مــا تكــون اقتصاديــة نتيجــة‬
‫لتطبيــق هــذه التدابــر فقــد وجــه امليثــاق الــدول بــأن تتذاكــر مــع مجلــس األمــن‬
‫حيــث نــص‪( :‬إذا أتخــذ مجلــس األمــن ضــد أي دولــة تدابــر منــع أو قمــع – لــكل‬
‫دولــة أخــري – ســواء كانــت مــن أعضــاء األمــم املتحــدة أم لــم تكــن – تواجه مشــاكل‬
‫اقتصاديــة خاصــة عــن تنفيــذ هــذه التدابــر الحــق يف أن تتذاكــر مــع مجلــس األمــن‬
‫بصــدد حــل هــذه املشــاكل)(‪.)2‬‬
‫ومــن أمثلــة التدابــر غــر العســكرية مــا فرضــه مجلــس األمــن مــن عقوبــات‬
‫اقتصاديــة عــى ليبيــا بموجــب القــرار (‪ )748‬الصــادر يف ‪ / 21‬مــارس ‪1992 /‬م‬
‫حيــث ألــزم أعضــاء األمــم املتحــدة بقطــع كافــة االتصــاالت الجويــة مــع ليبيــا حظــر‬
‫إمدادهــا باألســلحة كمــا تضمــن بعــض الجــزاءات الدبلوماســية وهــي تخفيــض‬
‫عــدد مســتوي البعثــات الدبلوماســية والقنصليــة وتضييــق حــركات مــا تبقــى يف هــذه‬
‫البعثــات‪ ،‬عــى أن يتــم تنفيــذ هــذا اإلجــراء يف شــأن البعثــات الليبيــة لــدي املنظمــات‬
‫الدوليــة باالتفــاق بــن الدولــة املضيفــة واملنظمــة املعنيــة‪.‬‬
‫ومــن ذلــك أيضــا ً القــرارات (‪ )757 ،758‬و(‪ )820‬التــي فــرض فيهــا املجلــس‬
‫حصــارا ً اقتصاديـا ً عــى جمهوريــة يوغســافيا االتحاديــة (الــرب والجبــل األســود)‬
‫بســبب موقفهــا مــن النــزاع يف حــرب البوســنة والهرســك ‪1993‬م‪.‬‬
‫((( القيمة القانونية لقرارات مجلس األمن يف مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ملي عبد الباقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.204‬‬
‫((( املادة ‪ 50‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪82‬‬
‫ومجلــس األمــن غــر ملــزم باســتنفاد كافــة التدابــر الــواردة يف املــادة (‪ )41‬قبــل‬
‫اللجــوء لإلجــراءات العســكرية املنصــوص عليهــا يف املــادة (‪ )42‬مــن امليثــاق‪ ،‬فمــن‬
‫الجائــز االكتفــاء بالبعــض دون اآلخــر‪ ،‬مثــال عــى ذلــك قــرار مجلــس األمــن رقــم‬
‫(‪ )678‬الصــادر يف ‪ / 29‬نوفمــر‪1990 /‬م رخــص للــدول املتحالفــة مــع الكويــت‬
‫باللجــوء إىل أعمــال القمــع ضــد العــراق قبــل تنفيــذ كافــة اإلجــراءات املنصــوص‬
‫عليهــا يف املــادة (‪ )41‬مــن امليثــاق خاصــة قطــع العالقــات الدبلوماســية مــع الحكومة‬
‫العراقيــة(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التدابير العسكرية‪:‬‬
‫وهــي التدابــر التــي يجــوز ملجلــس األمــن أن يتخذهــا إذا رأي أن التدابــر غــر‬
‫العســكرية ليســت مجديــة‪ ،‬وجــاء امليثــاق موضــح اإلجــراءات التــي يتبعهــا املجلــس‬
‫بشــأن التدابــر العســكرية حيــث نــص عــى اآلتــي‪( :‬إذا رأي مجلــس األمــن أن التدابري‬
‫املنصــوص عليهــا يف املــادة (‪ )41‬ال تفــي بالغــرض أو ثبــت أنهــا لــم تــف بــه‪ ،‬جــاز له‬
‫أن يتخــذ بطريــق القــوات الجويــة والبحريــة مــن األعمــال مــا يلــزم لحفــظ الســلم‬
‫واألمــن الــدويل ويجــوز أن تتنــاول هــذه األعمــال مــا يلــزم لحفــظ الســلم واألمــن‬
‫الــدويل ويجــوز أن نتنــاول هــذه األعمــال املظاهــرات والحظــر والعمليــات األخــرى‬
‫عــن طريــق القــوات البحريــة أو الجويــة أو الربيديــة التابعــة لألمــم املتحــدة)(‪.)2‬‬
‫مــن خــال النــص الســابق يتضــح أن امليثــاق قــد منــح مجلــس األمــن ســلطة القيــام‬
‫بالعمــل مبــارشة وإعطائــه الحــق يف اســتخدام القــوة العســكرية املســلحة لكــي‬
‫يحافــظ عــى الســلم واألمــن الــدويل ويعيدهمــا إىل نصابهمــا(‪.)3‬‬
‫ويف مؤتمــر ســان فرانسيســكو وطرحــت ثالثــة حلــول للدراســة تتعلــق بوجــود تنظيم‬
‫عســكري يتبــع لألمــم املتحــدة يعمــل مبــارشة عــى حفــظ الســلم واألمــن الدويل‪.‬‬
‫الحل األول‪ :‬إنشاء جيش دويل دائم يحل محل الجيوش الوطنية‪.‬‬
‫الحل الثاني‪ :‬إنشاء وحدات وطنية توضع تحت ترصف األمم املتحدة‪.‬‬
‫الحــل الثالــث‪ :‬تعــاون القــوات الوطنيــة للــدول تحــت قيــادة عليــا دون إلغــاء‬
‫القيــادات الوطنيــة‪.‬‬
‫((( األمم املتحدة والنظام العاملي الجديد‪ ،‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.364-361‬‬
‫((( املادة ‪ 42‬من ميثاق االمم املتحدة‪.‬‬
‫((( األمم املتحدة والنظام العاملي الجديد‪ ،‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.365‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪83‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ولقــد رفــض الحــل األول يف‪ 1919‬م حيــث فشــلت الفكــرة التــي دافــع عنهــا الوفــد‬
‫الفرنــي يف مؤتمــر الصلــح بعــد الحــرب العامليــة األويل‪ ،‬ألن واضعــي عهــد عصبــة‬
‫األمــم رأوا أن إنشــاء جيــش دائــم ال يتفــق مــع فكــرة الســيادة الوطنيــة للــدول‬
‫األعضــاء‪ ،‬وهــذا االعــراض كأنــه ســببا ً يف عــزوف واضعــي امليثــاق عــن هــذا الحــل‬
‫أيضـا ً‪ .‬أمــا الحــل الثالــث فهــو الحــل الــذي أخــذ بــه لدرجــة معينــة عهــد العصبــة‪،‬‬
‫يف حــن أن الحــل الثانــي يتفــق مــع نصــوص ميثــاق األمــم املتحــدة(‪.)1‬‬
‫ونظمــت أحــكام الحــل الثانــي الــذي يتفــق مــع ميثــاق األمــم املتحــدة يف املــواد‬
‫‪ 47 -43‬مــن امليثــاق‪ ،‬حيــث بنيــت هــذه املــواد التزامــات الــدول األعضــاء مــن أجــل‬
‫الســماح للمجلــس باللجــوء إىل القــوة والتدابــر العســكرية التــي يقــوم بهــا مجلــس‬
‫األمــن ال تتوقــف عليهــا أو موافقتهــا‪ ،‬ولكــن يجــوز للمجلــس أن يبــارش مــن تلقــاء‬
‫نفســه اتخــاذ هــذه التدابــر‪ ،‬األمــر الــذي يؤكــد أن املحافظــة عــى الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن قــد غــدا مــع إبــرام امليثــاق أمــر يتعلــق بصالــح الجماعــة الدوليــة وليــس‬
‫محصــور بــن أطــراف النــزاع‪ ،‬وقــد مــارس مجلــس األمــن ســلطة اســتخدام الســلطة‬
‫العســكرية وفــق القــرار (‪ )678‬يف ‪ 29‬نوفمــر ‪1990‬م يف النــزاع العراقــي الكويتــي(‪.)2‬‬

‫((( األصول العامة للمنظامت الدولية‪ ،‬عبد العزيز محمد رسحان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.304‬‬
‫((( األمم املتحدة والنظام العاملي الجديد‪ ،‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.366‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪84‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫االختصاصات والسلطات األخرى‬
‫لمجلس األمن الدولي‬
‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث االختصاصــات والســلطات األخــرى ملجلــس األمــن الــدويل‪،‬‬
‫وتشــمل االختصاصــات ذات العالقــة بالعضويــة يف األمــم املتحــدة‪ ،‬واالختصاصــات‬
‫املتعلقــة بنشــاط بعــض األجهــزة الرئيســية األخــرى لألمــم املتحــدة‪ ،‬واالختصاصــات‬
‫ذات العالقــة بالتســليح‪.‬‬
‫المطلــب األول‪ :‬االختصاصــات ذات العالقــة بالعضويــة فــي األمم‬
‫المتحدة‪:‬‬
‫ملجلــس األمــن اختصاصــات وســلطات متعلقــة بالعضويــة يف منظمــة األمــم املتحــدة‬
‫ويمكــن تناولهــا عــى النحــو التــايل‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬قبول العضوية في المنظمة‪:‬‬
‫مجلــس األمــن هــو الجهــة املخــول لهــا تقديــم توصيــة بشــأن انضمــام أي دولــة‬
‫كعضــو جديــد يف منظمــة األمــم املتحــدة وهــذا ود يف نــص املــادة (‪:)4‬‬
‫(‪ /1‬العضويــة يف األمــم املتحــدة مباحــة لجميــع الــدول األخــرى املحبــة للســام‪،‬‬
‫والتــي تأخــذ نفســها بااللتزامــات التــي يتضمنهــا هــذا امليثــاق‪ ،‬والتــي تــرى الهيئــة‬
‫أنهــا قــادرة عــى تنفيــذ هــذه االلتزامــات راغبــة فيــه‪.‬‬
‫‪ /2‬قبــول أيــة دولــة مــن هــذه الــدول يف العضويــة يتــم بقــرار مــن الجمعيــة العامــة‬
‫بنــاء عــى توصيــة مــن مجلــس األمــن)(‪.)1‬‬
‫حيــث يقــوم مجلــس األمــن بتقديــم توصيــة النضمــام عضــو جديــد للمنظمــة بعــد‬
‫توفــر الــروط املنصــوص عليهــا يف املــادة وهــي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الرشوط املوضوعية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة حسب أحكام القانون الدويل العام‪:‬‬

‫((( نفس املصدر‪ ،‬املادة (‪. )4‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪85‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫فعضويــة األمــم املتحــدة قــارصة عــى الــدول‪ ،‬دون غريهــا مــن الهيئــات أو املنظمات أو‬
‫األمــم أو األفــراد‪ ،‬ويقصــد بالدولــة – يف مفهــوم القانــون الــدويل – الوحــدة السياســية‬
‫التــي تنشــأ عــن اجتمــاع عنــارص ثالثــة‪ :‬شــعب وإقليــم وســيادة‪ ،‬واملقصــود بعنــر‬
‫الســيادة هنــا ليــس مظهرهــا الداخــي فحســب‪ ،‬بمعنــى وجــود ســلطة عليــا تمــارس‬
‫اختصاصاتهــا يف مواجهــة الشــعب‪ ،‬وإنمــا تعنــي أيضـا ً اســتقالل الدولــة يف عالقاتهــا‬
‫الدوليــة – عــن غريهــا مــن الــدول األخــرى(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬أن تكون محبة للسالم‪:‬‬
‫ال يوجــد معيــار دقيــق لتحديــد املقصــود بهــذا الــرط‪ ،‬ولــذا فــإن األمــم املتحــدة‬
‫تتمتــع بســلطة تقديريــة كاملــة – يف كل حالــة عــى حــدا‪ -‬لتقريــر مــا إذا كانــت‬
‫الدولــة طالبــة العضويــة محبــة للســام أم ال(‪.)2‬‬
‫ج‪ -‬تتعهد بتنفيذ االلتزامات الواردة بامليثاق‪:‬‬
‫ويعتــر هــذا الــرط البدهــي تطبيق ـا ً لفكــرة التنظيــم الجماعــي التــي تقــوم عــى‬
‫أســاس قبــول تحمــل االلتزامــات مقابــل االنتفــاع باملزايــا‪.‬‬
‫د‪ -‬أن تكون قادرة عىل تنفيذ أحكام امليثاق‪:‬‬
‫فالبــد أن يتوافــر يف الدولــة املنضمــة مــن القــدرة املاديــة‪ ،‬واألهليــة القانونيــة الدوليــة‪،‬‬
‫مــا يمكنهــا مــن املشــاركة يف تحقيــق األمــن الجماعــي‪ ،‬وأهــداف الهيئــة بصفــة‬
‫عامــة(‪.)3‬‬
‫هـ‪ -‬أن تكون راغبة يف تنفيذ هذه االلتزامات‪:‬‬
‫يصعــب وضــع معيــار محــدد لهــذا الــرط ذي الصبغــة السياســية‪ ،‬ألنــه يســتند إىل‬
‫عوامــل تقديــر قوامهــا الثقــة أو الشــك‪ ،‬وهــو أمــر يخضــع لتقديــر األمــم املتحــدة‬
‫نفســها‪ ،‬ممــا يســمح للفرعــن السياســيني‪ -‬الجمعيــة العامــة ومجلــس األمــن‪-‬‬
‫بســلطة تقديريــة واســعة يف هــذا الشــأن(‪.)4‬‬

‫القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬عيل صادق أبوهيف‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪ ،11‬ص‪.13‬‬ ‫(((‬
‫األمم املتحدة واملنتظامت اإلقليمية‪ ،‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87‬‬ ‫(((‬
‫املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.232‬‬ ‫(((‬
‫نفس املرجع‪ ،‬ص‪.233‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪86‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط اإلجرائية‪:‬‬
‫ييتــم االنضمــام عــن طريــق قــرار مــن الجمعيــة العامــة بنــاء عــى توصيــة مــن‬
‫مجلــس األمــن(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إيقاف العضوية‪:‬‬
‫ملجلــس األمــن تقديــم توصيــة بشــأن إيقــاف عضويــة أي دولــة وفق ـا ً لنــص املــادة‬
‫(‪ )5‬والتــي تنــص عــى‪( :‬يجــوز للجمعيــة العامــة أن توقــف أي عضــو اتخــذ مجلــس‬
‫األمــن قبلــه عمــاً مــن أعمــال املنــع أو القمــع‪ ،‬عــن مبــارشة حقــوق العضويــة‬
‫ومزاياهــا ويكــون ذلــك بنــاء عــى توصيــة مــن مجلــس األمــن‪ ،‬وملجلــس األمــن أن‬
‫يــرد لهــذا العضــو مبــارشة الحقــوق واملزايــا)(‪.)2‬‬
‫وتجــدر اإلشــارة إىل أن األصــل اســتمرار العضويــة يف املنظمــة مــا لــم يعرتيهــا عارض‬
‫مــن العــوارض الــذي يــؤدي إىل إيقافهــا‪ .‬واإليقــاف مــن العضويــة قــد يكــون كلي ـا ً‬
‫وقــد يكــون جزئيـاً‪.‬‬
‫اإليقــاف يعــد مــن قبيــل الجــزاء املفــروض عــى العضــو نتيجــة اإلخــال بااللتزامــات‬
‫املفروضــة عليــه‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬اإليقاف الجزئي‪:‬‬
‫هــو الحرمــان مــن التصويــت يف الجمعيــة العامــة نتيجــة لعــدم دفــع الحصــة املاليــة‪،‬‬
‫وتنــص املــادة (‪ )19‬عــى‪( :‬ال يكــون لعضــو األمــم املتحــدة الــذي يتأخــر عــن تســديد‬
‫اشــراكاته املاليــة يف الهيئــة حــق التصويــت يف الجمعيــة العامــة إذا كان املتأخــر عليــه‬
‫مســاويا ً لقيمــة االشــراكات املســتحقة عليــه يف الســنتني الكاملتــن الســابقتني أو زائدا ً‬
‫عنهــا‪ ،‬وللجمعيــة العامــة مــع ذلــك أن تســمح لهــذا العضــو بالتصويــت إذا اقتنعــت‬
‫بــأن عــدم الدفــع ناشــئ عــن أســباب ال قبــل للعضــو بهــا)(‪.)3‬‬
‫ثانياً‪ :‬اإليقاف الكيل‪:‬‬
‫هــو الحرمــان عــن ممارســة حقــوق ومزايــا العضويــة‪ ،‬فـ(يجــوز للجمعيــة العامة أن‬
‫توقــف أي عضــو اتخــذ مجلــس األمــن قبلــه عمـاً مــن أعمــال املنــع أو القمــع‪ ،‬عــن‬
‫((( املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.233‬‬
‫((( ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )5‬‬
‫((( املصدر نفسه‪ ،‬املادة (‪. )19‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪87‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫مبــارشة حقــوق العضويــة ومزاياهــا ويكــون ذلــك بنــاء عــى توصيــة مــن مجلــس‬
‫األمــن‪ ،‬وملجلــس األمــن أن يــرد لهــذا العضــو مبــارشة الحقــوق واملزايــا)(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الفصل من العضوية‪:‬‬
‫يجــوز ملجلــس األمــن تقديــم توصيــة بفصــل أي دولــة عضــو يف األمــم املتحــدة بنــاء‬
‫عــى نــص املــادة (‪ )6‬مــن امليثــاق حيــث نصــت عــى‪( :‬إذا أمعــن عضــو مــن أعضــاء‬
‫األمــم املتحــدة يف انتهــاك مبــادئ امليثــاق جــاز للجمعيــة العامــة أن تفصلــه مــن‬
‫الهيئــة بنــاء عــى توصيــة مــن مجلــس األمــن)(‪.)2‬‬
‫ولكــن عنــد تطبيــق هــذه املــادة عــى بعــض الــدول التــي ترتبــط بمصالــح‬
‫اســراتيجية مــع احــدى الــدول دائمــة العضويــة‪ ،‬فــان االمــر يقتــي موافقــة ذلــك‬
‫العضــو ابتــداءً‪ ،‬واال فانــه يحــول دون اتخــاذ قــرار يف مجلــس األمــن حيــال الــدول‬
‫املنتهكــة ألحــكام امليثــاق(‪.)3‬‬
‫المطلــب الثانــي‪ :‬االختصاصــات المتعلقــة بنشــاط بعــض األجهــزة‬
‫الرئيســية األخــرى لألمــم المتحــدة‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اختيار قضاة محكمة العدل الدولية‪:‬‬
‫اختيــار قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة يتــم عــر مجلــس األمــن الــدويل والجمعيــة‬
‫ـن النظــام األســايس للمحكمــة اإلجــراءات التــي يتــم إتباعهــا بغــرض‬ ‫العامــة حيــث بـ ّ‬
‫انتخــاب قضاتهــا حيــث تــم النــص عــى ذلــك يف املــواد مــن الرابعــة حتــى الثانيــة‬
‫عــرة‪ .‬واملراحــل املختلفــة التــي تمــر بهــا هــذه اإلجــراءات تتمثــل يف اآلتــي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يتــوىل األمــن العــام لألمــم املتحــدة مهمــة إعــداد قائمــة بأســماء األشــخاص‬
‫الذيــن تتوافــر فيهــم رشوط القيــام بهــذه املهمــة ولديهــم الرغبــة يف القيــام بهــا‪ .‬ويتم‬
‫تحريــر هــذه القائمــة بنــاءا ً عــى ترشــيح مــن الشــعب األهليــة يف محكمــة التحكيــم‬
‫الدائمــة‪ .‬وإذا لــم تكــن الدولــة عضــوا ً يف محكمــة التحكيــم الدائمــة فإنهــا تقــوم‬
‫بتكويــن شــعب أهليــة خاصــة لتقــوم بمهمــة ترشــيح مــن يصلــح لتــويل مهمــة‬
‫منصــب القضــاء يف املحكمــة‪ .‬وال يجــوز ألي شــعبة تســمية أكثــر مــن أربعة أشــخاص‬
‫كمــا يجــب أال يكــون مــن بينهــم أكثــر مــن اثنــن مــن جنســيتها‪ .‬هــذا باإلضافــة إىل‬
‫((( ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )5‬‬
‫((( ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )6‬‬
‫((( منظمة األمم املتحدة‪ ،‬محمد صالح املسفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.244‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪88‬‬
‫عــدم جــواز تجــاوز عــدد مرشــحي شــعبة مــا ضعــف عــدد املناصــب املــراد ملؤهــا‪.‬‬
‫ويعكــس أســلوب ترشــيح قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة عــى النحــو املوضــح أعــاه‬
‫مــدى تأثــر هــذا األســلوب باالعتبــارات السياســية‪.‬‬
‫ثاني ـاً‪ :‬يتــم عــرض القائمــة‪ ،‬بعــد إعدادهــا عــى النحــو املشــار إليــه آنف ـاً‪ ،‬عــى ٍ‬
‫كل‬
‫مــن مجلــس األمــن والجمعيــة العامــة كل منهمــا عــى حــده‪ ،‬ويُنتخــب األشــخاص‬
‫الذيــن يحصلــون عــى األغلبيــة املطلقــة ألصــوات الجمعيــة العامــة وألصــوات مجلــس‬
‫األمــن ويراعــى عــدم جــواز اســتخدام حــق االعــراض (الفيتــو) عــى القــرار الصــادر‬
‫بانتخــاب قضــاة املحكمــة‪ ،‬ويف حــال تســاوي مرشــحني يف األصــوات فيفضــل أكربهــم‬
‫ســنا ً(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختيار األمين العام لألمم المتحدة‪:‬‬
‫اختيــار األمــن العــام لألمــم املتحــدة يتــم بموجــب قــرار مــن الجمعيــة العامــة بنــاء‬
‫عــى توصيــة مــن مجلــس األمــن‪ ،‬وفقــا لنــص املــادة ‪ 98‬مــن امليثــاق يعتــر األمــن‬
‫العــام املوظــف اإلداري األكــر باملنظمــة‪ .‬وال يمثــل الشــخص الــذي يتــوىل منصــب‬
‫األمــن العــام أيــة دولــة‪ ،‬كمــا ال يخضــع يف ترصفاتــه التــي يأتيهــا لتعليمــات أيــة‬
‫دولــة عضــو‪ ،‬حتــى تلــك التــي يتمتــع بجنســيتها‪ .‬لــذا فــإن األمــن العــام يعمــل‬
‫لحســاب املنظمــة الدوليــة وحدهــا وال يديــن بالــوالء الوظيفــي إال لهــا‪ .‬وقــد نصــت‬
‫عــى هــذا الفقــرة األوىل مــن املــادة (‪ )100‬مــن امليثــاق حيــث ورد فيهــا (ليــس لألمــن‬
‫العــام وال للموظفــن أن يطلبــوا أو أن يتلقــوا يف تأديــة واجبهــم معلومــات مــن أيــة‬
‫حكومــة وأن يمتنعــوا عــن أي عمــل قــد يــيء إىل مركزهــم بوصفهــم موظفــن دوليني‬
‫مســؤولني أمــام الهيئــة وحدهــا)(‪.)2‬‬
‫حسبما يتضح من املادة (‪ )27‬يتم تعيني األمني العام بموجب قرار من الجمعية العامة بناءا‬
‫عىل توصية من مجلس األمن‪ .‬ونظرا لكونها تعد من املسائل املوضوعية‪ ،‬فإن توصية مجلس‬
‫األمن يف هذا الشأن يجب أن يتوافر لها‪ ،‬لكي تصدر‪ ،‬أغلبية تسعة أصوات عىل األقل‪ ،‬عىل‬
‫أن يكون من بينهم الدول الدائمة العضوية‪ .‬ومما تجدر اإلشارة إليه أن نصوص امليثاق ال‬
‫تتضمن املدة التي يبقى فيها األمني العام يف منصبه‪ ،‬ما يدلل عىل أن القرار الصادر بتعيني‬
‫األمني العام هو املناط به تعيني هذه املدة‪.‬‬

‫((( املواد الرابعة حتى الثانية عرشة من النظام األسايس ملحكمة العدل الدولية‬
‫((( املادة (‪ )98‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪89‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ويف حالــة عــدم تحديــد هــذه املــدة بواســطة القــرار الصــادر بالتعيــن فيجــب‪ ،‬منطقا‪،‬‬
‫أن يظــل األمــن العــام يف منصبــه حتــى يتــم إنهــاء مهمتــه بواســطة ذات الطريقــة‬
‫التــي تــم تعيينــه بهــا‪ ،‬أي بموجــب قــرار صــادر مــن الجمعيــة العامــة بنــاءا عــى‬
‫توصيــة صــادرة مــن مجلــس األمــن(‪.)1‬‬
‫الفــرع الثالــث‪ :‬اإلشــراف علــى األقاليــم االســتراتيجية الخاضعــة‬
‫لنظــام الوصايــة‪:‬‬
‫مــن األهــداف الرئيســية التــي تعمــل األمــم املتحــدة عــى تحقيقهــا إنمــاء العالقــات‬
‫الوديــة بــن األمــم «عــى أســاس احــرام املبــدأ الــذي يقــي بالتســوية يف الحقــوق‬
‫بــن الشــعوب وبــأن يكــون لــكل منهــا حــق تقريــر مصريهــا»‪.‬‬
‫وقــد قامــت األمــم املتحــدة‪ ،‬مــن أجــل تحقيــق هــذه الغايــة‪ ،‬بإنشــاء نظــام ســمي‬
‫«نظــام الوصايــة الــدويل»‪ ،‬الغــرض منــه مســاعدة األقاليــم غــر املتمتعــة بالحكــم‬
‫الذاتــي عــى التقــدم والنهــوض عــى النحــو الــذي يم ّكنهــا مــن تقريــر مصريهــا‬
‫بنفســها وتبلــغ الحــد الــذي تتمكــن معــه مــن االســتقالل بشــؤونها‪.‬‬
‫وفقا ً لنص الفقرة األوىل من املادة (‪ )76‬يتكون املجلس من الدول اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ .‬األعضاء الذين يتولون إدارة أقاليم مشمولة بالوصاية‪.‬‬
‫ب‪ .‬الدول ذات العضوية الدائمة التي ال تتوىل إدارة أقاليم مشمولة بالوصاية‪.‬‬
‫ج‪ .‬عــدد كاف مــن الــدول األعضــاء يف األمــم املتحــدة ممــن هــم ليســو ضمــن الطائفتني‬
‫الســابقتني‪ ،‬وبحيــث يتســاوى عددهــم مــع هــؤالء اآلخريــن‪ .‬وتقــوم الجمعيــة بانتخاب‬
‫الــدول األعضــاء الذيــن يدخلــون يف الطائفــة الثالثة‪.‬‬
‫بحســب املــادة (‪ )77‬مــن امليثــاق فــإن األقاليــم الخاضعــة لنظــام الوصايــة الــدويل‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ .‬أاألقاليم التي كانت تحت االنتداب وقت الوصاية‪.‬‬
‫‪ .‬باألقاليــم التــي تــم اقتطاعهــا مــن الــدول األعــداء التــي خرجــت مهزومــة مــن‬
‫الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬وهــي أملانيــا وإيطاليــا واليابــان‪.‬‬

‫((( املادة (‪ )27‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪90‬‬
‫‪ .‬جاألقاليــم التــي تقــوم دولــة مســؤولة عنهــا‪ ،‬اختيــاراً‪ ،‬بوضعهــا تحــت نظــام‬
‫الوصايــة‪ .‬وقــد أنشــأ ميثــاق األمــم املتحــدة جهــازا ً جعلــه أحــد األجهزة الرئيســية‬
‫وهــو «مجلــس الوصايــة»‪ ،‬وأســند إليــه مهمــة تنفيــذ نظــام الوصايــة‪ ،‬وذلــك‬
‫تحــت إرشاف الجمعيــة العامــة(‪.)1‬‬
‫تنــص الفقــرة األوىل مــن املــادة (‪ )73‬مــن امليثــاق عــى أن «يبــارش مجلــس األمــن‬
‫جميــع األهــداف األساســية املبينــة يف املــادة (‪ )76‬بالنســبة لشــعب كل موقــع‬
‫اســراتيجي‪.‬‬
‫ويتضــح مــن هــذا النــص أن امليثــاق قــد أســند إىل مجلــس األمــن‪ ،‬باعتبــاره املســؤول‬
‫األســايس عــن حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬املهمــة ذات الصلــة بــاإلرشاف عــى‬
‫األقاليــم ذات األهميــة االســراتيجية‪ .‬وبــذا فهــو يحــل محــل الجمعيــة العامــة يف‬
‫عالقاتهــا بمجلــس الوصايــة كلمــا تعلــق األمــر بأقاليــم ذات أهميــة اســراتيجية‪.‬‬
‫ومــن ثــم ووفقــا ً ملــا نصــت عليــه الفقــرة الثالثــة مــن املــادة املذكــورة‪ ،‬يقــوم‬
‫بتنظيــم عالقتــه بمجلــس الوصايــة فيمــا يتصــل بــاإلرشاف عــى األقاليــم ذات األهميــة‬
‫االســراتيجية(‪.)2‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬االختصاصات ذات العالقة بالتسليح‪:‬‬
‫حســب نــص املــادة (‪ )36‬مــن امليثــاق فــإن مجلــس األمــن يكــون مســؤوال‪ ،‬بمســاعدة‬
‫لجنــة أركان الحــرب املشــار إليهــا يف املــادة (‪ )47‬مــن امليثــاق‪ ،‬عــن القيــام بوضــع‬
‫خطــط يتــم عرضهــا عــى أعضــاء األمــم املتحــدة‪ ،‬خاصــة بوضــع منهــاج لتنظيــم‬
‫التســليح‪.‬‬
‫ولجنة أركان الحرب تناولتها املادة (‪ )47‬من امليثاق حيث نصت عىل‪:‬‬
‫‪ -1‬تشــكل لجنــة مــن أركان الحــرب تكــون مهمتهــا أن تســدي املشــورة واملعونــة إىل‬
‫مجلــس األمــن وتعاونــه يف جميــع املســائل املتصلــة بمــا يلزمــه مــن حاجــات حربيــة‬
‫لحفــظ الســلم واألمــن الــدويل والســتخدام القــوات املوضوعــة تحــت ترصفــه وقيادتهــا‬
‫ولتنظيــم التســليح ونــزع الســاح بالقــدر املســتطاع‪.‬‬
‫‪ -2‬تشــكل لجنــة أركان الحــرب مــن رؤســاء أركان حــرب األعضــاء الدائمــن يف مجلس‬

‫((( املادة (‪ )77‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬


‫((( الفقرة األوىل والفقرة الثالثة من املادة (‪ )73‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪91‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫األمــن أو مــن يقــوم مقامهــم‪ ،‬وعــى اللجنــة أن تدعــو أي عضــو يف األمــم املتحــدة مــن‬
‫األعضــاء غــر املمثلــن فيهــا بصفــة دائمــة لالشــراك يف عملهــا إذا اقتــى حســن‬
‫قيــام اللجنــة بمســؤولياتها أن يســاهم هــذا العضــو يف عملهــا‪.‬‬
‫‪ -3‬لجنـة أركان الحـرب مسـؤولة تحـت إرشاف مجلس األمـن عن التوجيه االستراتيجي‬
‫أليـة قوات مسـلحة موضوعـة تحت تصرف املجلس‪.‬‬
‫‪ -4‬للجنــة أركان الحــرب أن تنشــئ لجان ـا ً فرعيــة إقليميــة إذا خولهــا ذلــك مجلــس‬
‫األمــن وبعــد التشــاور مــع الــوكاالت اإلقليميــة صاحبــة الشــأن)(‪.)1‬‬
‫وقــد صــدر قــرار بتعــن األعضــاء الدائمــن ملمثــي الــدول الدائمــة العضويــة يف لجنــة‬
‫اركان الحــرب يف ‪1946/1/25‬م‪ ،‬وقــد أدت الحــرب البــاردة إىل عــدم قــدرة اللجنــة‬
‫بممارســة اعمالهــا بســبب الخــاف الشــديد بــن الواليــات املتحــدة االمريكيــة واالتحاد‬
‫الســوفيتي‪ .‬ويف عــام ‪1948‬م قدمــت اللجنــة تقريــرا ملجلــس األمــن اعرتفــت فيــه عــدم‬
‫قدرتهــا عــى مزاولــة أعمالهــا‪ ،‬وقــد توقــف عمــل اللجنــة مــن الناحيــة الفعليــة‪ ،‬رغــم‬
‫انهــا بقيــت قائمــة مــن الناحيــة القانونيــة(‪.)2‬‬
‫ويعكـس الواقع الدويل ذو العالقة بالتسـليح أن بـؤر الرصاع املختلفة املوجـودة يف العديد‬
‫مـن دول العالـم واألطمـاع التي تميز سـلوك بعـض الدول تجـاه بعضها اآلخـر وتجارة‬
‫السلاح واسـعة النطـاق والحـروب األهليـة التي تنشـب من وقـت آلخر يف بعـض الدول‬
‫فضلا عن مـا يسـمى باإلرهاب مثـل القاعـدة وداعـش وبوكو حـرام وغريها قـد قادت‪،‬‬
‫مجتمعـة‪ ،‬إىل بـروز ظاهـرة التسـليح عىل نحو يعمـل عىل تهديـد األمن والسـلم الدوليني‬
‫ويفتـح البـاب على مرصاعيـه للتداعيـات األمنيـة املختلفـة التـي مـن شـأنها زعزعـة‬
‫االسـتقرار السـيايس عىل املسـتوى الدويل(‪.)3‬‬
‫وممـا يزيد هذا الوضع تعقيـدا ويضاعف من آثاره السـالبة التقاطعات السياسـية املختلفة‬
‫بين الـدول الكبرى والصراع الـذي تحكمـه املصلحـة مما يقـزم مـن دور مجلـس األمن‬
‫ويعمـل على تهميشـه يف ظل هيمنـة دولية على املنظمة مـن قبل الـدول دائمـة العضوية‬
‫وبالـذات الواليـات املتحدة األمريكيـة التي ظهرت كقـوة أحادية فرضت نفسـها عىل الواقع‬
‫الـدويل مسـتغلة إمكانياتها الضخمـة وريادتها الدوليـة يف العديد مـن املجاالت(‪.)4‬‬
‫ميثاق منظمة األمم املتحدة‪ ،‬املادة (‪. )47‬‬ ‫(((‬
‫القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬سهيل حسني الفتالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.200‬‬ ‫(((‬
‫نظرية الرصاع الدويل‪ ،‬خليل أبو كرش‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطني‪2014 ،‬م‬ ‫(((‬
‫نفس املصدر‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪92‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫القيمة القانونية مجلس األمن الدولى‬
‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث كيفيــة اتخــاذ القــرارات يف مجلــس األمــن وضوابطــه وقيمتــه‬
‫القانونيــة‪ ،‬مــن خــال تنــاول كيفيــة اتخــاذ القــرارات يف مجلــس األمــن‪ ،‬وضوابــط‬
‫القــرارات فيــه‪ ،‬وتنــاول القيمــة القانونيــة لقــرارات مجلــس االمــن الــدويل‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اتخاذ القرارات في مجلس األمن‪:‬‬
‫نظــم ميثــاق األمــم املتحــدة كيفيــة اتخــاذ القــرارات مــن مجلــس األمــن فــكان بيانهــا‬
‫عــى النحــو التــايل‪:‬‬
‫األمــر األول‪ :‬يتعلــق بأعضــاء املجلــس وحدهــم الذيــن يملكــون حــق التصويــت يف‬
‫املجلــس وجــاء النــص كاآلتــي‪( :‬يكــون لــكل عضــو مــن أعضــاء مجلــس األمــن‬
‫صــوت واحــد)(‪.)1‬‬
‫إال أن القيمــة القانونيــة للتصويــت تختلــف بحســب إذا كان األمــر يتعلــق بمســألة‬
‫إجرائيــة بالنســبة للمســائل اإلجرائيــة يف مجلــس األمــن بموافقــة تســعة مــن أعضائــه‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة للمســائل الغــر إجرائيــة فجــاء يف امليثــاق (تصــدر قــرارات مجلــس‬
‫األمــن يف املســائل الغــر اإلجرائيــة كافــة بموافقــة تســعة مــن أعضائــه‪ ،‬يكــون مــن‬
‫بينهــا أصــوات األعضــاء الدائمــن متفقــة‪ ،‬بــرط أنــه يف القــرارات املتخــذة تطبيق ـا ً‬
‫ألحــكام الفصــل الســادس والفقــرة ‪ 3‬مــن املــادة ‪ 52‬يمتنــع مــن كان طرفـا ً يف النــزاع‬
‫عــن التصويــت)(‪.)2‬‬
‫والفصـل السـادس مـن ميثـاق األمـم املتحدة‪ ،‬هـو الخـاص بحـل النزاعات حالً سـلميا ً‬
‫واملـادة (‪ 52‬البنـد ‪ )3‬الـواردة يف الفصـل بالتنظيمـات اإلقليميـة نصت عىل مـا ييل‪( :‬عىل‬
‫مجلـس األمـن أن يشـجع على االسـتكثار مـن الحـل السـلمي لهـذه املنازعـات املحلية‬
‫بطريـق هـذه املنظمـات اإلقليمية‪ ،‬أو بواسـطة تلـك الـوكاالت اإلقليمية بطلب مـن الدول‬
‫التـي يعنيهـا األمـر باإلحالة عليهـا من جانـب مجلس األمـن)(‪.)3‬‬

‫((( املادة (‪ )1/27‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬


‫((( املادة (‪ )2/27‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( املادة (‪ )3/52‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪93‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫والجديــر بالذكــر أن امليثــاق لــم يتضمــن معيــارا ً للتمييــز بــن املســائل اإلجرائيــة‬
‫واملســائل الغــر إجرائيــة (املوضوعيــة) وأن املختــص بتكييــف املســألة املعروضــة عــى‬
‫املجلــس إذا مــا ثــار خــاف حولهــا هــو املجلــس نفســه‪ ،‬ويعتــر التكييــف يف هــذه‬
‫الحالــة مســألة موضوعيــة غــر إجرائيــة ألن األصــل يف املســائل عنــد التصويــت عليهــا‬
‫مــن مجلــس األمــن هــو كونهــا موضوعيــة غــر إجرائيــة(‪.)1‬‬
‫وال تعتــر املســألة إجرائيــة إال إذا نــص يف امليثــاق عــى كونهــا كذلــك كمــا هــو الشــأن‬
‫بالنســبة للحالــة يف املــادة )‪ (1/109‬مــن امليثــاق الخاصــة بجــواز (عقــد مؤتمــر عــام‬
‫مــن أعضــاء األمــم املتحــدة إلعــادة النظــر يف امليثــاق) وقــد أكتفــي للدعــوة بهــذا‬
‫املؤتمــر بموافقــة ثلثــي الجمعيــة العامــة والتســعة مــن أعضــاء املجلــس)(‪ )2‬أو أي‬
‫حــر لــكل مــن هاتــن الطائفتــن مــن املســائل‪ ،‬وأن كان املتفــق عليــه‪.‬‬
‫أن األصــل يف املســائل املعروضــة عــى املجلــس‪ ،‬إذا مــا ثــار خــاف حولها‪ ،‬هــو املجلس‬
‫نفســه ويعتــر التكيــف يف هــذه الحالــة مســألة موضوعيــة غــر إجرائيــة ألن األصــل‬
‫يف املســائل عنــد التصويــت عليهــا مــن مجلــس األمــن هــو كونهــا موضوعيــة غــر‬
‫إجرائيــة‪.‬‬
‫وال تعتــر املســألة إجرائيــة إال إذا نــص يف امليثــاق عــى كونهــا كذلــك كمــا هــو الشــأن‬
‫بالنســبة للحالــة يف املــادة (‪ )1/109‬مــن امليثــاق الخاصــة بجــواز (عقــد مؤتمــر عــام‬
‫مــن أعضــاء األمــم املتحــدة إلعــادة النظــر يف هــذا امليثــاق)‪ ،‬وقــد أكتفــي للدعــوة بهــذا‬
‫املؤتمــر بموافقــة ثلثــي أعضــاء الجمعيــة العامــة وتســعة مــن أعضــاء املجلــس(‪.)3‬‬
‫ويــرى الباحــث رضورة أن يضــع امليثــاق أي ميثــاق األمــم املتحــدة معيــارا ً يمكــن من‬
‫خاللــه التفرقــة بــن املســائل اإلجرائيــة والغــر إجرائيــة لتجنــب الخــاف‪ ،‬وأال يــرك‬
‫تكييــف املســألة ملجلــس األمــن وحــده‪.‬‬
‫األمر الثاني‪:‬‬
‫أمر ثاني يتعلق بالدول غري األعضاء يف املجلس والتي ليس لها حق التصويت‪ ،‬لكن نظرا ً ألن‬
‫املجلس قد يتعرض لبحث أمور تهمها لذلك يدعوها إىل االشرتاك يف املناقشات(‪.)4‬‬

‫املنظامت الدولية‪ ،‬عبد الكريم علوان خضري‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.112‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )1/109‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬ ‫(((‬
‫األمم املتحدة‪ ،‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106‬‬ ‫(((‬
‫املنظامت الدولية‪ ،‬عبد الكريم علوان خضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.113‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪94‬‬
‫وجــاء النــص يف امليثــاق عــى هــذا األمــر كمــا يــي‪ :‬لــكل عضــو مــن أعضــاء األمــم‬
‫املتحــدة مــن غــر أعضــاء مجلــس األمــن أن يشــرك بــدون تصويــت يف مناقشــة أي‬
‫مســألة تعــرض عــى مجلــس األمــن إذا رأي املجلــس أن مصالــح هــذا العضــو تتأثــر‬
‫بهــا بوجــه خــاص(‪ ،)1‬أو إذا كانــت طرفــا يف نــزاع معــروض فعــاً عــى املجلــس‬
‫جــاءت اإلشــارة إىل ذلــك يف امليثــاق عــى النحــو التــايل « كل عضــو مــن أعضــاء األمــم‬
‫املتحــدة ليــس بعضــو يف مجلــس األمــن‪ ،‬وأي دولــة ليســت عضــوا ً يف « األمــم املتحــدة»‬
‫إذا كانــت أيهمــا طرفــا ً يف نــزاع معــروض عــى مجلــس األمــن لبحثــة يُدعــي إىل‬
‫االشــراك يف املناقشــات املتعلقــة بهــذا النــزاع دون أن يكــون لــه حــق يف التصويــت‪،‬‬
‫ويضــع مجلــس األمــن الــروط التــي يراهــا عادلــة الشــراك الدولــة التــي ليســت‬
‫مــن أعضــاء» األمــم املتحــدة(‪.)2‬‬
‫ومــا جــاء يف نــص املــادة (‪ )31‬يخــص فقــط أعضــاء األمــم املتحــدة غــر األعضــاء يف‬
‫مجلــس األمــن‪ ،‬بينمــا نــص املــادة (‪ )32‬يخــص دول غــر عضــو يف املجلــس‪ ،‬ســواء‬
‫كانــت عضــوا ً يف األمــم املتحــدة أم ال(‪.)3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ضوابط اتخاذ القرارات في مجلس األمن‪:‬‬
‫يخلف اتخاذ القرارات يف مجلس األمن بعض األمور سوف نتناولها كما ييل‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ضرورة التنفيذ باألهداف لمجلس األمن الدولي‪:‬‬
‫تعتــر األهــداف تلــك الغايــات التــي يتعــن عــى املجلــس تحقيقهــا والســعي إليهــا‬
‫مــن خــال بتطبيقــه للمبــادئ‪ ،‬املتمثلــة يف تعليمــات يجــب احرتامهــا أثنــاء قيامــه‬
‫بمهامــه يف ســبيل تحقيــق هــذه الغايــة فاملبــادئ إذن هــي قواعــد وســلوك يجــب‬
‫احرتامهــا لتوفــر املنــاخ الــازم لتحقيــق األهــداف‪ ،‬فــإذا أخذنــا يف االعتبــار أن املــادة‬
‫‪ 1/24‬مــن امليثــاق يف عهــدت إىل مجلــس األمــن بالتبعــات الرئيســية يف أمــر حفــظ‬
‫الســلم واألمــن الدوليــن ألصبــح مــن الواجــب عــى املجلــس توفــر هــذا الهــدف‪،‬‬
‫وعــى ذلــك فلــو انفصلــت العالقــة بــن القــرار وتلــك األهــداف يمكــن نفســها بعــدم‬
‫املرشوعيــة(‪.)4‬‬

‫((( املادة (‪ )31‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬


‫((( املادة (‪ )32‬من ميثاق منظمة األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( مبادئ القانون الدويل العام‪ ،‬محمد حافظ غانم‪ ،‬مطبعة النهضة الجديدة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1967 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،4‬ص‪.223‬‬
‫((( الوســيط يف القانــون الــدويل العــام‪ ،‬عبــد الكريــم علــوان خضــر‪ ،‬مكتبــة دار الثقافــة للنــر والتوزيــع‪ ،‬عــان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪1997‬م‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪95‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫أهميــة القــرارات التــي تصــدر عــن مجلــس األمــن توافــر عــدة رشوط وأهمهــا حفــظ‬
‫الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فــإن عــى املجلــس توفــر تحقيــق هــذا الهــدف فمــا يصــدره‬
‫مــن قــرارات حتــى يكلــف نعتهــا باملرشوعيــة‪ ،‬أمــا إذا اســتهدف املجلــس مــن وراء‬
‫قراراتــه تحقيــق أهــداف أخــرى غــر املحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فإنــه‬
‫يمكــن وصــف القــرار بعــدم الرشعيــة(‪.)1‬‬
‫ويســتدل أصحــاب هــذا الــرأي بالــرأي االستشــاري الــذي أصدرتــه محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة عــام ‪1962‬م بشــأن نفقــات األمــم املتحــدة‪ ،‬فقــررت أنــه إذا تــم إجــراء‬
‫االتفــاق لتحقيــق هــدف ال ينــدرج يف إطــار أهــداف األمــم املتحــدة‪ ،‬فلــن يكــون‬
‫باإلمــكان اعتبــار مثــل هــذا االتفــاق اتفاقــا ً للمنظمــة الدوليــة(‪.)2‬‬
‫حيــث يســتخلص تدفقاتهــا أن أجهــزة املنظمــة وبصفــة خاصــة مجلــس األمــن‬
‫ليــس حــرا ً يف اصــدار مــا يشــاء مــن قــرارات وبالتــايل القــرارات تعــد مرشوعــة إذا‬
‫كان الغــرض منهــا تحقيــق الهــدف الــذي انشــئت مــن أجلــه املنظمــة‪ ،‬أمــا يف حــال‬
‫خــروج هــذه القــرارات عــن ذلــك فإنهــا توصــف بعــدم املرشوعيــة(‪.)3‬‬
‫واســتتبعت يف موضــع آخــر أنــه إذا اتخــذت املنظمة إجــراءات يمكــن القول بمناســبتها‬
‫لتحقيــق األهــداف املعلنــة لألمــم املتحــدة فإنــه يفــرض عندئــذ أن هــذه اإلجــراءات ال‬
‫تتجــاوز ســلطات املنظمة‪.‬‬
‫وعليــه فــإن مجلــس األمــن غــر مطلــق اليــد يف إصــدار مــا يشــاء مــن قــرارات‪ ،‬وإنما‬
‫تنفيــذ ســلطته باألهــداف التــي يلقــى بهــا عــى عاتقــه مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪،‬‬
‫وهــي حفــظ الســلم واألرايض الدوليــن‪.‬‬
‫وعــى ســبيل املثــال فــإن املــادة ‪ 1/1‬مــن امليثــاق قــد أولــت اهتمامــا بالغـا ً يف مجــال‬
‫حفــظ الســلم واالمــن الدوليــن الن تحقيــق جميــع األرصــدة األخــرى متوقــف عــى‬
‫تحقيــق هــذا الهــدف إذ ال يمكــن أن يتــم تعــاون دويل أو احــرام حقــوق االنســان‬
‫أو يرتفــع مســتوى املعيشــة إال يف ظــل الســام واالمــن العامليــن وبالتــايل إذا أصــدر‬

‫((( تطور دور مجلس االمن يف حفظ السالم واألمن الدوليني‪ ،‬أحمد عبد الله أبو العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫((( الــرأي االستشــاري كهيئــة العــدل الدوليــة الصــادر بتاريــخ ‪ 20‬يوليــو ‪1942‬م بنــاء متويــل قوائــم األمــم املتحــدة املرســلة‬
‫إىل الكنغــو والــرق األوســط حيــث رفــض كال مــن االتحــاد الســوفيتي وفرنســا الق ـرارات الصــادرة عــى الجمعيــة العامــة‬
‫بهــذا الخصــوص فقامــت األخــرة‪ ،‬تطبيقـاً لنــص املــادة (‪ )24‬مــن ميثــاق منظمــة األمــم املتحــدة لعــرض األمــر عــى محكمــة‬
‫العــدل الدوليــة لإلفتــاء وذلــك مبوجــب قرارهــا رقــم (‪ )1731‬الصــادر يف ‪ 20‬ديســمرب ‪1941‬م‪.‬‬
‫((( الجـزاءات الدوليــة يف الفصــل الســابع مــن امليثــاق‪ ،‬االعــرج عــي ناجــي صالــح‪ ،‬رســالة دكتــوراه‪ ،‬كليــة الحقــوق‪ ،‬جامعــة‬
‫القاهرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ص‪.212‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪96‬‬
‫مجلــس األمــن قــرارا ً ال يهــدف إىل ضغــط هــذا األخــر كان يريــد بــه هدفـا ً آخــر فــإن‬
‫هــذا القــرار يكــون غــر مــروع(‪.)1‬‬
‫والجديــر بالذكــر أن مجلــس االمــن عنــد اصــدار قراراتــه يف الحفــاظ عــى الســلم‬
‫واالمــن الدوليــن يجــب أن يكــون محــدود الســند والغايــة أي أنهــا تــدل عــى الهــدف‬
‫دون لبــس‪ ،‬وأن يراعــي يف مضمونهــا ووســائلها وآثارهــا أن تكــون متناســبة مــع‬
‫ســبب إصدارهــا بحيــث ال تأتــي نتائجهــا بمــا يزيــد عــن الحاجــة املوجــودة واملتمثلــة‬
‫يف اآلثــار التــي كانــت الســبب وراء التصــدي للمجلــس إىل املســألة التــي مــن شــأنها‬
‫أن تهــدد الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬لكــن يجــب أن يكــون هــذا التصــدي رشوطــا ً‬
‫تناســب الخــراء الدوليــن‪ ،‬لكــن يجــب أن يكــون هــذا التصــدي رشوطــا ً تتناســب‬
‫الجــزاء مــع الــرر أو الســبب املوجــب لــه حتــى يكــون القــرار مرشوعـاً‪ ،‬كمــا يجــب‬
‫أن تكــون قــرارات مجلــس األمــن حاســمة يف متطلباتهــا ومؤسســاتها بحيــث ال تبقــى‬
‫املســألة متعلقــة إىل أجــل غــر مســمى‪ ،‬الن هــذا االطالــة أي كان ســببها‪ ،‬تكــون مدعــاة‬
‫لالجتهــادات عــى حســاب مرشوعيــة هــذه القــرارات من ناحيــة ومــن الناحيــة األخرى‬
‫فإنهــا تكــون ســببا ً لعــدم اســتقرار األوضــاع‪ ،‬باإلضافــة إىل ذلــك أن ال تكــون قــرارات‬
‫مجلــس األمــن مــررا ً للتدخــل يف الشــئون الداخليــة للــدول بمــا يجــاوز القــدر الــازم‬
‫لحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن ويتعــن اإلشــارة إىل أن املبــدأ العــام عــدم التدخــل يف‬
‫الشــئون الداخليــة للــدول وهــي مبــدأ مــن مبــادئ القانــون الــدويل‪ ،‬ونــص عليــه أيضا ً‬
‫ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬لكــن اســتثناء دون االرساف فيــه يجــوز التدخــل إذا كان الغرض‬
‫منــه حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضرورة التقيد باختصاصات مجلس االمن الدولي‪:‬‬
‫عــى املجلــس أن يلتــزم عنــد إصــدار قراراتــه ليــس فقــط باألهــداف التــي يضطلــع‬
‫بهــا وفقـا ً مليثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬وإنمــا عليــه أيضـا ً االلتــزام بحــدود االختصاصــات‬
‫التــي يتمتــع بهــا رصاحــة او ضمنــاً‪ ،‬إعمــاال ً لنصــوص امليثــاق‪ ،‬فــإذا ملــا جــاءت‬
‫قــرارات مخالفــة لهــذه االختصاصــات لــزم القضــاء بعــدم مرشوعيتهــا(‪ ،)3‬ونقصــد‬
‫بالســلطات املنوطــة بمجلــس األمــن هــي تلــك الســلطات الرصيحــة والضمنيــة والتــي‬
‫نصــت عليهــا الفقــرة الثانيــة يف املــادة (‪ )24‬مــن امليثــاق(‪.)4‬‬
‫الوسيط يف القانون الدويل‪ ،‬عبد الكريم علوان خضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83‬‬ ‫(((‬
‫الجزاءات الدولية‪ ،‬االعوج عيل ناجي صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪312-305‬‬ ‫(((‬
‫حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪312-305‬‬ ‫(((‬
‫املــادة ‪ 2/24‬نصــت بــان يعمــل املجلــس يف أداء هــذه الواجبــات وفقـاً ملقاصــد األمــم املتحــدة ومبادئهــا‪ ،‬والســلطات‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪97‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫والســلطات املمنوحــة للمجلــس وفــق الفصــول الســادس والســابع والثامــن واالثنــي‬
‫عــر مــن امليثــاق(‪ )1‬وكانــت الجمعيــة العامــة لألمــم املتحــدة إىل محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة‪ ،‬يطلــب استشــاري عــام ‪1950‬م تســاءلت فيــه عــن إمكانيــة أن تنفــرد‬
‫الجمعيــة العامــة بقــرار الفصــل يف مســألة انضمــام الــدول إىل األمــم املتحــدة‪ ،‬ولقــد‬
‫رفــض مجلــس األمــن التوقيــت بقبــول طلــب االنضمــام بمنزلــة توجيــه ســلبية تدخل‬
‫يف نطــاق معنــى نــص الفقــرة الثانيــة مــن املــادة الرابعــة مــن امليثــاق‪.‬‬
‫وقــد أجابــت محكمــة العــدل بالنفــي عــن هــذا التســاؤل مقــررة أنــه ليــس مــن‬
‫إمكانيــة الجمعيــة العامــة ممارســة اختصــاص لــم يعــرف بــه ميثــاق األمــم املتحدة‪.‬‬
‫وعليــه يمكــن القــول‪ :‬أن صــدور قــرار مــن الجمعيــة العامــة بقبــول عضــو جديــد إىل‬
‫منظمــة األمــم املتحــدة دون صــدور توجيــه مــن مجلــس االمــن يعــد قــرارا ً باط ـاً‪،‬‬
‫ليتجــاوزه صــدور الســلطات التــي يمنحهــا امليثــاق للجمعيــة العامــة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫ويمكــن القــول بمفهــوم املخالفــة‪ :‬أن مجلــس األمــن ال يســتطيع أن يحــول التوجيــه‬
‫إىل قــرار يصــدر عنــه بقبــول عضــو جديــد يف األمــم املتحــدة بإرادتــه املنفــردة‬
‫وبمعــزل عــن الجمعيــة العامــة‪ ،‬كمــا ال يجــوز لــه أن يقــرر قبــول عضويــة دولــة‬
‫مــا ورسيــان آثــار العضويــة يف مواجهتهــا بشــكل مؤقــت ريثمــا يصــدر قــرار عــن‬
‫الجمعيــة العامــة بهــذا الخصــوص‪ ،‬وتبقــى جميــع االجــراءات التــي اتخذهــا املجلــس‬
‫بهــذا الشــأن باطلــة حتــى مــن امليثــاق ولــو قــررت الجمعيــة العامــة قبــول العنــر‬
‫الجديــد‪ ،‬وذلــك ألن املــادة (‪ )4‬تتطلــب أمريــن أساســيني حتــى يمكــن لدولــة مــا أن‬
‫تقبــل عضــوا ً يف األمــم املتحــدة‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬صدور توجيه من مجلس األمن‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬صدور قرار من الجمعية العامة‪.‬‬
‫ويــرى الباحــث‪ :‬أن هــذا الــرأي االستشــاري ملحكمــة العــدل الدوليــة ينطبــق عــى‬
‫جميــع االختصاصــات املشــركة للجمعيــة العامــة واملجلــس مع ـا ً وقتهــا مــا نصــت‬
‫عليــه املــادة (‪ )97‬مــن امليثــاق والخاصــة بتعيــن األمــن العــام ملنظمــة األمــم املتحــدة‬
‫إذ تعينــه الجمعيــة العامــة بنــاء عــى توصيــة مــن مجلــس االمــن‪ ،‬ومــا نصــت عليــه‬

‫املخولــة ملجلــس االمــن لتمكينــه مــن القيــام بهــذه الواجبــات مبينــة يف الفصــول (‪ )12 ،8 ،7 ،6‬مــن ميثــاق منظمــة األمــم‬
‫املتحــدة‪.‬‬
‫((( العالقة بني األمم املتحدة واملحكمة الجنائية الدولية ليبيا‪ ،‬املختار عمر السعيد شنان‪2006 ،‬م‪ ،‬ص‪122‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪98‬‬
‫املــادة (‪ )8‬مــن النظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة عــى أن يقــوم كل مــن‬
‫الجمعيــة العامــة ومجلــس األمــن مســتقالً عــن االخــر بانتخــاب اعضــاء املحكمــة‪.‬‬
‫كمــا اوصــت محكمــة العــدل الدوليــة يف رأيهــا االستشــاري عــام ‪1962‬م يف قضيــة‬
‫نفقــات قــوات األمــم املتحــدة املرســلة إىل الــرق األوســط والكونغــو‪.‬‬
‫أنــه وإىل جانــب االختصاصــات املنصــوص عليهــا يف امليثــاق فــإن مجلــس األمــن يتمتع‬
‫باختصاصــات تنميــة أخــرى‪ ،‬تخولــه القيــام بمهامــه عــى أحســن وجــه‪ ،‬وأكــدت أن‬
‫قيــام مجلــس األمــن بإنشــاء قــوات لحفــظ الســام إنمــا هــو عمــل مــروع يدخــل‬
‫يف إطــار اختصاصاتــه بالنهــوض بالتبعــات الرئيســية يف أمــر حفــظ الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن‪ ،‬وأوضحــت املحكمــة أنــه وتطبيقـا ً لقاعــدة الفعاليــة وإعمــال النصــوص عند‬
‫التفســر‪ ،‬ال يتصــور أن يكــون امليثــاق قــد تــرك املجلــس عاجــزا ً عــن مواجهتــه أي‬
‫موقــف طــارئ‪ ،‬يســتلزم اتخــاذ إجــراء قــري بواســطة القــوات املســلحة يف حــال‬
‫تعــذر التوصــل إىل اتفاقــات بهــذا الشــأن مــع الــدول األعضــاء حســبما تقــي بــه‬
‫املــادة (‪ )43‬مــن امليثــاق(‪.)1‬‬
‫لقــد عــرف الفقــه الســلطات املهنيــة « بأنهــا عبــارة عــن ســلطات معينــة(‪ )2‬اضافيــة‬
‫لتلــك الحــدود يف امليثــاق‪ ،‬وهــذه الســلطات االضافيــة الزمــة وأساســية لتمكينــه مــن‬
‫الوفــاء بالتزاماتــه‪ ،‬وأداء وظائفــه وتحقيــق أهــداف وجــوده(‪.)3‬‬
‫والســلطات الضمنيــة ملجلــس األمــن عليهــا أن تكــون مقيــدة ببعــض الضوابــط‬
‫باعتبارهــا مــن قبيــل القواعــد العامــة لنظريــة الســلطات القميــة والتــي يتعــن عــى‬
‫مجلــس االمــن األخــذ بهــا حتــى يكــون قــرار مــروع‪.‬‬
‫‪ /1‬يجــب عــى مجلــس االمــن االســتناد عــى نصــوص رصيحــة تــرر لجوئــه إىل‬
‫أعمــال ســلطته الضمنيــة بمعنــى أال تكــون هــذه األخــرة يف حــد ذاتهــا ضمنيــة بــل‬
‫يجــب أن تكــون وارد برصيــح نصــوص يف امليثــاق وهــو مــا يســتفاد مــن قضــاء‬
‫املحكمــة يف رأيهــا االستشــاري الخــاص تعويــض لهــم عــن األرضار التــي تصيــب‬
‫موظفــي األمــم املتحــدة الصــادر يف ‪ 11‬أبريــل ‪1949‬م عنــد اســتنادها لحــل املــادة‬
‫(‪ )100‬مــن امليثــاق واملتعلقــة بضمــان اســتغالل موظفــي األمــم املتحــدة كمــرر أو‬

‫((( املادة (‪ )43‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬


‫((( الجزاءات الدولية يف الفصل السابع من امليثاق‪ ،‬االعرج عىل ناجي صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪291‬‬
‫((( الجزاءات الدولية‪ ،‬األعرج عيل ناجي صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.291‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪99‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫هــدف للقــول الســلطات ضمنيــة لألمــم املتحــدة للمطالبــة بالتعويــض مــن الدولــة‬
‫املســئولة عــن الــرر الــذي لحــق بموظفيهــا(‪.)1‬‬
‫‪ /2‬أن يكــون الهــدف مــن الســلطة القميــة تحقيــق الســلم واالمــن الدوليــن أمــا‬
‫إذا كان مــن أكملــت تحقيــق هــذا األخــر عــن طريــق حــل النــزاع بســلطات أخــرى‬
‫منصــوص عليهــا رصاحــة يف امليثــاق فإنــه مــن بــاب أوىل ان يتغــر مجلــس ألمــن‬
‫بالســلطات الرصيحــة ودرء تلــك الســلطات القيميــة‪.‬‬
‫إضافــة إىل ذلــك أنــه يشــرط يف ممارســة مجلــس األمــن للســلطات القميــة التحــري‬
‫مــن عــدم وجــود نــص رصيــح يف ميثــاق األمــم املتحــدة يمنــع ممارســته تلــك‬
‫الســلطات او يتعــارض معهــا ففــي هــذه الحالــة تكــون الغلبــة للنــص الرصيــح‪،‬‬
‫وبالتــايل إذا كان نــص رصيــح يقــي بمنــع مجلــس األمــن مــن اســتغالل ســلطته‬
‫القميــة‪ ،‬فإنــه أي قــرار يصــدر عــن مجلــس األمــن يحمــل يف مضمونــه ح ـاً ألصــل‬
‫النــزاع فهــو قــرار غــر مــروع(‪.)2‬‬
‫وخالصــة القــول أن اتصــاف قــرارات مجلــس األمــن باملرشوعيــة مــن الناحيــة‬
‫املوضوعيــة يحتــم عليــه توافــر رشطــن همــا‪:‬‬
‫أن يكــون الغــرض مــن هــذه القــرارات هــو تحقيــق األهــداف التــي انشــا مجلــس‬
‫األمــن مــن أجلهــا‪ ،‬باإلضافــة إىل تقيــده بحــدود ســلطانها واختصاصاتــه الرصيحــة‬
‫منهــا والضمنيــة‪.‬‬
‫الفــرع الثالــث‪ :‬ضــرورة التفرقــة بيــن المســائل اإلجرائيــة والمســائل‬
‫الموضوعية‪:‬‬
‫رغــم أن تحديــد طبيعــة مســألة مــا‪ ،‬ومــا إذا كانــت مســألة إجرائيــة أو موضوعيــة‬
‫هــي مســألة خالفيــة نظــرا ً ملــا تثــره مــن صعوبــة‪ ،‬خاصــة أن امليثــاق لــم يضــع‬
‫معيــار للتميــز بــن الطائفتــن(‪ .)3‬إذ يعتــر هــذا مــن أهــم العوائــق التــي تعــرض‬
‫تفســر األحــكام املتعلقــة بنظــام التصويــت(‪.)4‬‬

‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫((( النظــام الــدويل والســام العاملــي‪ ،‬انييــل كلــود‪ ،‬ترجمــة د‪ .‬عبــد اللــه العريــان‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬مــر‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫‪2011‬م‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫((( قرارات األمم املتحدة يف امليزان‪ ،‬نايف حامد العليامت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪100‬‬
‫فضــا عــى انــه لــم يــؤكل هــذه املهمــة لســلطة معينــة تتــويل تصنيــف األمــر‪ ،‬ممــا‬
‫حمــل مجلــس األمــن عــى القيــام بهــذه املهمــة‪ ،‬وإذا صنــف مجلــس األمــن املســألة‪،‬‬
‫فإنهــا تعتــر موضوعيــة وال تعتــر إجرائيــة اال إذا نــص امليثــاق عليهــا‪ ،‬وبالرغــم مــن‬
‫عــدم وجــود املعيــار يف امليثــاق للتمييــز بــن املســائل اإلجرائيــة واملســائل املوضوعيــة‪،‬‬
‫غــر أن الترصيــح املشــرك الــذي أصدرتــه الــدول الخمــس الدائمــة العضويــة يف‬
‫مجلــس األمــن‪ ،‬أثنــاء انعقــاد مؤتمــر ســان فرانسيســكو حــدد رصاحــة أن املســائل‬
‫الــواردة يف املــواد (‪ )30 -28‬مــن امليثــاق تعــد مســائل إجرائيــة وهــي تمثــل عقــد‬
‫اجتماعــات دوريــه ملجلــس األمــن(‪.)1‬‬
‫ومجلــس األمــن يف كيفيــة اتخــاذ قراراتــه فأنــه يصــدر قراراتــه بموافقــة تســعة مــن‬
‫أعضائــه مــن بــن الخمســة عــر عضــواً‪ ،‬ونــري ذلــك مــن خــال نــص (املــادة‬
‫‪ )2/27‬مــن امليثــاق حيــث أن نــص الفقــرة الثانيــة مــن هــذه املــادة ال تفــرق بــن‬
‫األعضــاء الدائمــن وغــر الدائمــن‪ ،‬وتقصــد املــادة باملســائل اإلجرائيــة تلــك األمــور‬
‫التــي تتعلــق باإلجــراءات بصفــة عامــة‪ ،‬فلــم يحــدد امليثــاق املعنــي الحقيقــي‬
‫للمســائل اإلجرائيــة‪ ،‬ومعنــي ذلــك أنــه يســتحيل ثبــوت قــرار مــن مجلــس األمــن يف‬
‫مســألة موضوعيــة بــدون توفــر إجمــاع الــدول الخمــس العظمــي دائمــة العضويــة‬
‫حــول مــروع القــرار املقــرح(‪.)2‬‬
‫أما املسائل املوضوعية فإن كل ما يتعلق بها تناولته الفقرة الثالثة من (املادة‪ (27‬من امليثاق‪،‬‬
‫حيث أن التصويت عليها بموافقة تسعة من أعضائه عىل األقل مع رشط أن تأتي أعضاء‬
‫األصوات الدائمني متفقة‪ ،‬حيث أن يف هذه الفقرة تناقض ملبدأ املساواة يف عملية التصويت‬
‫بني الدول األعضاء يف نصوص ميثاق األمم املتحدة خاصة الفقرة األويل والثانية من نص‬
‫(املادة‪ )27‬ويعمل هذا التمييز يف التصويت عىل تعطل عمل مجلس األمن‪ ،‬فإذا كانت إحدى‬
‫الدول األعضاء دائمة العضوية ال ترغب يف صدور قرار عن مجلس األمن حتى إذا كان‬
‫األعضاء اآلخرين يرغبون يف صدوره فإن هذه الدولة تستطيع معارضة هذا القرار‪ .‬وهذا‬
‫كان محل خالف عند مقرتحات دومبارتون اوكس وتمسكت الدول الكربى بحق االعرتاض‬
‫استنادا ً إىل أنه بالنظر إىل املسؤوليات األساسية امللقاة عىل عاتقهم‪ ،‬فإنهم ال يمكن أن يتوقع‬
‫منهم يف الظروف الدولية الحارضة أن يتحملوا االلتزام بالترصف يف مسائل خطرية كمسائل‬
‫السلم واألمن الدوليني تنفيذا لقرار لم يوافقوا عليه(‪.)3‬‬

‫((( املنظامت الدولية‪ ،‬محمد سعيد الدقاق‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنرش‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.373‬‬
‫((( قرارات األمم املتحدة يف امليزان‪ ،‬نايف حامد العليامت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪29‬‬
‫((( قرارات األمم املتحدة يف امليزان‪ ،‬نايف حامد العليامت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪101‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التمييز بين الموقف والنزاع‪:‬‬
‫أفــرد نــص (املــادة ‪ )34‬مــن امليثــاق «ملجلــس األمــن أن يفحــص أي نــزاع أو أي موقف‬
‫قــد يــؤدي إىل احتــكاك دويل‪ ،‬أو قــد يثــر نزاعـا ً لكــي يقــرر مــا إذا كان اســتمرار هــذا‬
‫النــزاع أو املوقــف مــن شــأنه أن يعــرض للخطــر الســلم واألمــن الدوليــن»‪ ،‬لذلــك‬
‫كان البــد مــن التمييــز بــن النــزاع أو املواقــف بشــأن االمتنــاع عــن التصويــت ولكــن‬
‫امليثــاق لــم يتضمــن نصوصـا ً يمكــن االســتعانة بهــا للتمييــز بينهمــا(‪.)1‬‬
‫وجــاء نــص (املــادة ‪ )3/27‬يحمــل هــذا املعنــي‪ :‬يجــب عــى مــن كان طرفـا ً يف النزاع‬
‫االمتنــاع عــن التصويــت يف القــرارات املتخــذة تطبيقــا ً ألحــكام الفصــل الســادس‬
‫والفقــرة الثالثــة مــن (املــادة ‪ )52‬مــن امليثــاق‪ ،‬وتناولــت نصــوص الفصــل الســادس‬
‫أمريــن همــا املوقــف والنــزاع فمــا هــو املقصــود باملوقــف واملقصــود بالنــزاع وهــل‬
‫هنالــك فــارق بينهمــا‪ .‬ويفهــم مــن رصيــح النصــن ســالفي الذكــر أن الدولــة تلتــزم‬
‫باالمتنــاع عــن التصويــت عندمــا تكــون طرف ـا ً يف النــزاع ويعــد هــذا تطبيق ـا ً للقــول‬
‫املأثــور عــدم جــواز أن تكــون خصمـا ً وحكمـا ً يف نفــس الوقــت‪ ،‬أمــا إذا كانــت الدولــة‬
‫طرفـا ً يف موقــف معــن يــؤدي إىل احتــكاك فإنهــا ال تلتــزم باالمتنــاع عــن التصويــت‪،‬‬
‫وهنــا تبــدو أهميــة مســألة التمييــز بــن النــزاع واملوقــف(‪.)2‬‬
‫وقــد أثــرت مســألة التفرقــة عــدة مــرات أمــام مجلــس األمــن‪ ،‬ومــن ذلــك عــرض‬
‫شــكوى ســوريا ولبنــان بخصــوص إجــاء القــوات األجنبيــة عــن أراضيهــا وشــكوى‬
‫مــر ضــد اململكــة املتحــدة‪ ،‬ولكــن املجلــس لــم يضــع ضابطـا ً للتمييــز‪ ،‬وقــد ذكــر‬
‫منــدوب هولنــدا أنــه يكفــي أن تقــرر الدولــة الشــاكية أن شــكوها نــزاع كــي يتعــن‬
‫عــى املجلــس أن يعتربهــا كذلــك(‪.)3‬‬
‫وقــد قدمــت الجمعيــة الصغــرة إىل الجمعيــة العامــة يف ‪ 15‬يوليــو ‪ 1948‬م وصفــا ً‬
‫للنــزاع إذا كان متوفــرا ً عــى الحــاالت اآلتيــة‪:‬‬
‫ ‪-‬حالة االتفاق بني األطراف املعنية عىل وجود النزاع‪.‬‬
‫ ‪-‬حالــة ادعــاء دولــة بــأن دولــة أو دول أخــري خرقــت التزاماتهــا الدوليــة أو أتــت‬
‫عمـاً يهــدد الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬مــع إنــكار الدولــة أو الــدول ذلــك االدعــاء‪.‬‬

‫((( التنظيم الدويل‪ ،‬جامل عبد النارص مانع‪ ،‬دار العلوم للتوزيع والنرش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫((( اإلطــار العــام للقانــون الــدويل الجنــايئ يف ضــوء أحــكام النظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬محمــد صــايف‬
‫يوســف‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.122‬‬
‫((( قرارات األمم املتحدة يف امليزان‪ ،‬نايف حامد العليامت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪102‬‬
‫ ‪-‬حالــة ادعــاء دولــة بــأن دولــة أخــري قــد أخلــت بحقــوق دولــة ثالثــة‪ ،‬وإقــرار‬
‫هــذه األخــرة بهــذا االدعــاء(‪.)1‬‬
‫الفــرع الرابــع‪ :‬عــدم إمكانيــة التصويــت علــى قــرار فــي مســألة‬
‫موضوعيــة ضــد عضــو دائــم‪:‬‬
‫ولعــل املثــال الحــي عــى ذلــك‪ ،‬مــا حــدث حينمــا قامــت الواليــات املتحــدة األمريكيــة‬
‫وبريطانيــا وبعــض الــدول األخــرى باالعتــداء عــى العــراق واحتاللــه يف مــارس ‪2003‬‬
‫م إذا لــم يصــدر مجلــس األمــن أي قــرار بإدانــة العــدوان‪ ،‬بــل لــم يصــوت املجلــس‬
‫عــى أي قــرار إذ انــه لــم يقــدم فع ـاً أي قــرار للتصويــت عليــه‪ ،‬ألنــه لــو كان قــد‬
‫قــدم الســتخدمت الواليــات املتحــدة وبريطانيــا حــق الفيتــو (‪.)2‬‬
‫ويــرى الباحــث أن مجلــس األمــن أعطــي الــدول حــق االمتنــاع وهــذه الحالــة تعتــر‬
‫أشــد خطــورة عــى األمــن « وفقــا ً للفصــل الســابع « بينمــا يف حالــة حــل النــزاع‬
‫بالطــرق الســلمية لــم يعطــي مجلــس األمــن للــدول دائمــة العضويــة هــذا الحــق اي‬
‫جــاء قــراره باالمتنــاع عــن التصويــت وهــذا األمــر يحتــاج إىل إعــادة نظــر واملفــرض‬
‫يكــون قــرار املنــع عــن التصويــت يف حالــة االعتــداء أو العــدوان أو اإلخــال باألمــن‬
‫والســلم الــدويل وفق ـا ً للفصــل الســابع‪.‬‬
‫وال جــرم أن ذلــك يظهــر أن نظــام األمــن الجماعــي الــذي نص عليــه امليثاق هــو نظام‬
‫غريــب‪ :‬إذ يف األحــوال التــي تتعلــق بحــل النزاعــات ســلميا ً (وفقـا ً للفصــل الســادس)‬
‫نــص امليثــاق ‪ -‬كمــا رأينــا عــى أن يمتنــع العضــو الــذي يكــون طرفــا ً يف النــزاع‬
‫عــن التصويــت‪ ،‬بينمــا يف الحالــة األشــد (حالــة وقــوع العــدوان أو تهديــد الســلم أو‬
‫اإلخــال بــه وفقـا ً للفصــل الســابع) لــم يمنــع امليثــاق الدولــة الطــرف يف النــزاع مــن‬
‫التصويــت‪ ،‬بــل بالعكــس أعطاهــا حــق التصويــت يف هــذه الحالــة وكأن لســان حــال‬
‫امليثــاق يقــول للــدول الكــرى دائمــة العضويــة أرتكــب أي عــدوان واطمئنــي فلــن‬
‫يصــدر ضــدك قــرار باإلدانــة أو باتخــاذ إجــراءات األمــن الجماعــي املقــررة وفقــا ً‬
‫للفصــل الســابع(‪.)3‬‬

‫((( القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬نزار العنبيك‪ ،‬دار وائل للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪2010 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.69‬‬
‫((( مدخــل إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬أمــل ســازجي‪ ،‬الورشــة العربيــة للتدريــب حــول املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪،‬‬
‫عــان‪ ،‬االردن‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫((( العالقــة بــن مجلــس األمــن والنظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬محمــد ناظــم داؤد النعيمــي‪ ،‬مطبعــة‬
‫جامعــة العــراق‪ ،‬بغــداد‪ ،‬العــراق‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪103‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفرع الخامس‪ :‬ظهور حق االعتراض (الفيتو)‪:‬‬
‫يعنــي الفيتــو تقديــم االعــراض عــى أي قــرار يتــم تقديمــه ملجلــس األمــن دون إبــداء‬
‫األســباب ويمنــح هــذا الحــق لألعضــاء الخمســة دائمــي العضويــة يف املجلــس‪ ،‬وهــذه‬
‫الــدول هــي‪( :‬اململكــة املتحــدة وروســيا والصــن وفرنســا والواليــات املتحــدة‪ ،‬وكان‬
‫لفــظ (فيتــو) يف قانــون األمــم املتحــدة يــرد بمصطلــح (حــق االعــراض) والــذي يعــد‬
‫يف واقــع األمــر حقـا ً إلجهــاض القــرار وليــس مجــرد تقديــم اعــراض عليــه‪ .‬إذ يكفــي‬
‫اعــراض أي مــن الــدول الخمــس املتمتعــة بالعضويــة الدائمــة يف مجلــس األمــن ليتــم‬
‫عــدم تمريــر القــرار ورفضــه نهائي ـاً‪ .‬حتــى وإن كان مقبــوال ً للــدول األخــرى والتــي‬
‫يبلــغ عددهــا أربع عــرة دولــة(‪.)1‬‬
‫وقــد أثــار حــق االعــراض أو « الفيتــو « الكثــر مــن الجــدل بخصــوص إلغائــه أو‬
‫اإلبقــاء عليــه‪ ،‬فينــادي البعــض بإبقائــه اســتنادا ً إىل الحجــة التقليديــة بأنــه ميــزة‬
‫للــدول الكــرى تســاعدها عــى تحمــل مســئوليتها كمــا يجــب يف ميــدان حفــظ الســلم‬
‫واألمــن الــدويل وإلخاللــه بمبــدأ املســاواة التــي تقــوم عليــه املنظمــة(‪.)2‬‬
‫ويــري بعــض املختصــن أنــه كان عــى األمــم املتحــدة البحــث عــن نظــام آخــر غــر‬
‫الفيتــو‪ ،‬ألســباب عديــدة‪:‬‬
‫ ‪-‬سـبب عملي يرجـع إىل مـا يمكن اسـتخالصه مـن تجربـة هـذه املنظمة حتـى اآلن‪،‬‬
‫وقـد أرض اسـتخدام حـق الفيتو كثيرا ً باملنظمة إذ يكفـي أن نذكر املجلـس عجز عن‬
‫إعـادة السـلم األمـن الـدويل إىل نصابهمـا يف كثير مـن الحاالت رغـم قيـام عديد من‬
‫الحـروب ورغـم وجـود اعتـداءات مسـتمرة واحتالل للأرايض بل ضـم لها‪.‬‬
‫ ‪-‬ســبب بديهــي وهــو انــه منطقيـا ً لــن تســتخدم الــدول الكــرى حــق الفيتــو ضــد‬
‫نفســها أو ضــد دولــة تابعــة لهــا إذا لــو قامــت إحداهمــا باعتــداء يهــدد الســلم‬
‫واألمــن الــدويل وأراد املجلــس توقيــع العقــاب عليهــا‪ ،‬فإنــه ســيعجز عــن ذلــك‬
‫ألنهــا ســتقوم باســتخدام الفيتــو‪.‬‬
‫ ‪-‬ســبب قانونــي يتمثــل يف أن مبــدأ حســن النيــة يف الوفــاء بااللتزامــات الدوليــة‪،‬‬
‫هــو املبــدأ الــذي يجــب أن يحكــم ترصفــات كافــة أشــخاص القانــون الــدويل‪،‬‬

‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬عىل صادق ابو هيف‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪ ،‬ط ‪1960 ،1‬م‪ ،‬ص‪.572‬‬
‫((( حــول نظريــة االعـراض يف مجلــس األمــن‪ ،‬محمــد العــامل الراجحــى‪ ،‬دار الثقافــة الجديــدة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪1990 ،1‬م‪،‬‬
‫ص‪.83‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪104‬‬
‫وهــو مبــدأ ليــس بحاجــة ألي يشء آخــر يكملــه (حــق الفيتــو أو غــره)‪ ،‬ومــا‬
‫فشــل األمــم املتحــدة يف حــل العديــد مــن املنازعــات الدوليــة التــي تعــرض عــى‬
‫مجلــس األمــن إال نتيجــة لغيــاب هــذا املبــدأ عــن ذهــن الــدول الكــرى‪ ،‬التــي‬
‫تراعــي كثــرا ً االعتبــارات السياســية وعالقتهــا مــع أطــراف النــزاع بينمــا تنحــي‬
‫االعتبــارات القانونيــة ومــا يجــب أن يطبــق إىل املقــام األخــر (‪.)1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬القيمة القانونية لقرارات مجلس االمن الدولي‪:‬‬
‫القيمــة القانونيــة لقــرارات مجلــس االمــن الــدويل تعنــي رضورة اتســاق هــذه‬
‫القــرارات وبعــض القواعــد القانونيــة والتــي عــى ضوئهــا توصــف هــذه القــرارات‬
‫بالرشعيــة وتتمثــل هــذه القواعــد بالدرجــة األوىل مــن النصــوص التــي يتضمنهــا‬
‫ميثــاق األمــم املتحــدة فقــرارا مجلــس األمــن الــدويل البــد وان تأتــي متوافقــة وتلــك‬
‫النصــوص ولكــن ليــس معنــى ذلــك أن نصــوص امليثــاق تمثــل األســاس القانونــي‬
‫الوحيــد لقــرارات مجلــس األمــن فثمــة قواعــد قانونيــة أخــرى تســاهم بدورهــا يف‬
‫تشــكيل األســاس القانونــي لرشعيــة قــرارات مجلــس األمــن(‪.)2‬‬
‫كمــا يــرى دكتــور أحمــد أبــو العــا فــإن القيمــة القانونيــة ملجلــس األمــن الــدويل يف‬
‫إصــدار قرارتــه فيمــا يتعلــق بحفــظ الســلم واالمــن الدوليــن يرجــع إىل تلــك القواعــد‬
‫التــي يتضمنهــا ميثــاق األمــم املتحــدة لســلطات مجلــس االمــن مــن ناحيــة ومــن‬
‫ناحيــة أخــرى الســوابق التــي أرســاها املجلــس فشــكلت عرف ـا ً دولي ـا ً(‪.)3‬‬
‫املواثيــق املنشــئة للمنظمــات الدوليــة ومنهــا امليثــاق أصبحــت تعــد فكــرة مســلم‬
‫بهــا يف القانــون الــدويل وهــي ذاتهــا طبيعــة دســتورية وهــذه الطبيعــة الدســتورية‬
‫للميثــاق تضفــي عــى أحكامــه نوعـا ً مــن العلــو والســمو يف مواجهــة األعمــال القانونية‬
‫الصــادرة عــن أجهــزة األمــم املتحــدة وقــول املجلــس‪.‬‬
‫يــرى دكتــور إبراهيــم أحمــد شــبيل(‪ )4‬أن الخطــة الروســية وإن كان تنطلــق مــن‬
‫مبــدأ ســيادة الــدول وبالتــايل فإنهــا ال تلتــزم إال برضاهــا‪ ،‬إال أنــه يقــر مــع ذلــك‬
‫((( األمم املتحدة‪ ،‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.352‬‬
‫((( مدى التزام مجلس األمن بقواعد الرشعية الدولية‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪342‬‬
‫((( تطور دور مجلس األمن يف حفظ السالم واألمن الدوليني‪ ،‬أحمد عبد الله أبو العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫((( أحمــد إبراهيــم شــلبي‪ ،‬هــو كاتــب وباحــث أكادميــي مــري يف مجــال الرتبيــة‪ ،‬يعمــل أســتاذًا للمناهــج وطــرق تدريــس‬
‫الدراســات االجتامعيــة بكليــة الرتبيــة جامعــة عــن شــمس‪ ،‬كــا أن لــه العديــد مــن املؤلفــات التــي تختــص بطــرق تدريــس‬
‫املناهــج وأثرهــا عــى البيئــة‪ ،‬لــه عــدة مؤلفاتــه منهــا‪ :‬البيئــة واملناهــج املدرســية‪ ،‬والشــباب بــن التطــرف واالنحــراف‬
‫وغريهــا‪https://ar.wikipedia.org .‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪105‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫بإمكانيــة اعتبــار قــرارات املنظمــات الدوليــة مصــدرا ً مــن مصــادر القانــون الــدويل‬
‫ويســتند هــذا الفقــه يف ذلــك إىل قيمــة هــذه القــرارات ال تأتــي مــن كونهــا صــادرة‬
‫عــن منظمــات دوليــة وإنمــا تأتــي مــن صدورهــا إعمــاال ً لنصــوص امليثــاق املنشــئ‬
‫للمنظمــة والــذي وافقــت عليــه الــدول(‪.)1‬‬
‫وتمثــل القــرارات امللزمــة الصــادرة عــن املنظمــات الدوليــة اســتثناء‪ ،‬إذ أنــه مــن‬
‫النــادر أن تمنــح الــدول ســلطة للمنظمــات الدوليــة إصــدار القــرارات املفــردة‪.‬‬
‫ويرجع ذلك وفقا ً رأي أحمد أبو الوفاء(‪ )2‬إىل أسباب عديدة منها‪:‬‬
‫أن الــدول ال تفقــد ســيادتها بدخولهــا املنظمــة الدوليــة‪ ،‬وإن فكــرة الســيادة يف ذاتهــا‬
‫تتنــاىف وإمــكان تغيــر الدولــة عــى نطــاق واســع او بواســطة أعمــال صــادرة عــن‬
‫اآلخريــن‪ ،‬يضــاف إىل ذلــك أن قيــام املنظمــات بتنفيــذ الدولــة عــى صعيــد العالقــات‬
‫الخارجيــة هــو أمــر ال تتنــازل عنــه الدولــة بســهولة العتباراتهــا السياســية الخارجيــة‬
‫وهــي امللهمــة البــارزة مــن عالمــات اســتغاللها وســيادتها‪.‬‬
‫وأخــرا ً فــإن إمكانيــة اصــدار املنظمــات الدوليــة لقــرارات ملزمــة يســتلزم توافــر‬
‫عنــارص الزمــة ملتابعــة تنفيــذ االلتزامــات الناجمــة عــن هــذه األعمــال وضمــان حســن‬
‫تطبيقهــا وهــو أمــر يتوافــر للمنظمــات الدوليــة(‪.)3‬‬
‫كمــا يــرى د‪ .‬أمــن أبــو الوفــا أنــه لكــي يمكــن أن يكــون هنــاك عمــل قانونــي ملــزم‬
‫ملنظمــة دوليــة معنيــة البــد مــن توافــر أربعــة عنــارص هــي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن يكــون العامــل القانونــي ذا طبيعــة ملزمــة وتوافــر هــذه الطبيعــة يرتتــب‬
‫عليــه يف غالــب األحــوال نقــل لبعــض اختصاصــات الــدول إىل املنظمــات الدوليــة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن تعطي سلطة اصدار هذا العمل القانوني امللزم إىل املنظمة ذاتها أو أي جهاز أو‬
‫أكثر من ميزاتها وغالبا ً ما تتميز األعمال امللزمة بالتمييز بني مصدر العمل ومن يوجه غليه‬
‫العامل ويلزمون به بحيث يعرض مصدر العمل إرادته بطريقة انفرادية عىل هؤالء عىل أنه‬
‫ليس هناك ما يمنع منظمة ما أو أحدا ً غريها عن اصدار عمل قانوني ملزم لها‪.‬‬
‫((( مبادئ القانون الدويل العام‪ ،‬إبراهيم أحمد شبيل‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1984 ،‬م‪ ،‬ص‪.354‬‬
‫((( أحمــد أبــو الوفــا محمــد حســن‪ ،‬ولــد ســنة ‪1952‬م‪ ،‬فقيــه قانــوين مــر‪ ،‬نــال ليســانس الحقــوق مــن كليــة الحقــوق‬
‫جامعــة القاهــرة ‪1974‬م‪ ،‬وهــو أســتاذ متفــرغ بقســم القانــون الــدويل العــام بكليــة الحقــوق ‪ -‬جامعــة القاهــرة‪ ،‬ومديــر‬
‫معهــد قانــون األعــال الــدوىل‪https://law.cu.edu.eg .‬‬
‫((( األمــم املتحــدة والنظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬أحمــد أبــو الوفــاء‪ ،‬مجلــة السياســة الدوليــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬العــدد ‪،122‬‬
‫أكتوبــر ‪1955‬م‪ ،‬ص‪219‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪106‬‬
‫ثالثـاً‪ :‬أن يوجــه نــص رصيــح يضفــي عــى العمــل القانونــي طبيعتــه امللزمــة وهــذا‬
‫النــص غالب ـا ً مــا يتوافــر مــن امليثــاق املنشــئ للمنظمــة وأحيان ـا ً يف أي قاعــدة مــن‬
‫القواعــد التــي تحكــم نشــاطها‪ ،‬وتفســر ذلــك أن األصــل مــن غالبيــة املنظمــات‬
‫الدوليــة الحاليــة هــو عــدم اصــدار أعمــال قانونيــة ملزمــة وبالتــايل لكــي يوجــد‬
‫اســتثناء عــى هــذه القاعــدة البــد مــن وجــود ســند قانونــي يقــرره‪ ،‬والقــول بعكــس‬
‫(‪)1‬‬
‫ذلــك مــن شــأنه تقويــض أســاس املنظمــات الدوليــة الحاليــة وعرقلــة نشــاطها‬
‫ومــن شــأن ذلــك أيضـا ً الخــروج عــن مبــدأ مهــم مــن مبــادئ القانــون الــدويل‪ ،‬وهــو‬
‫أن الدولــة ال تلتــزم إال بإرادتهــا‪.‬‬
‫رابعـاً‪ :‬ال يهـم أن يكـون اصـدار العمل امللزم مشترطا ً فيـه رضورة اإلجمـاع أو األغلبية‬
‫إذ يف كال األمريـن يكـون ذلـك بصـدد عمـل قانونـي منسـوب إىل املنظمة ككائـن قانوني‬
‫مسـتقل وأن العمـل مـا إن يتـم اصـداره ال يمكـن وصفـه محـل شـك أو الخـروج عنه‬
‫بطريـق انفـرادي سـالم توجد نسـبة تقيض بعكـس ذلـك‪ ،‬إن اصـدار القـرارات امللزمة‬
‫يمكـن أن يعطـي للمنظمـات العامليـة مثال ذلـك السـلطة املمنوحة ملجلـس األمن بحفظ‬
‫السـلم واألمـن الدوليني اسـتنادا ً إىل املـادة(‪ )25‬مـن امليثاق(‪.)2‬‬
‫ونظــرا ً للمــواد التــي ذكــرت يف الفصــل الســابع مــن ميثــاق األمــم املتحــدة فيمــا يتعلق‬
‫بســلطات مجلــس األمــن الــدويل يف اصــدار القــرارات يف حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‬
‫والنــص الــذي ذكــر يف املــادة(‪ )25‬مــن امليثــاق(‪.)3‬‬
‫فــإن القــرارات الصــادرة مــن مجلــس األمــن الــدويل تضفــي عليهــم مــن الناحيــة‬
‫القانونيــة طبيعتــه امللزمــة وبصــدد الــزام قــرارات املجلــس البــد أن يقابل املســئوليات‬
‫التــي عهــد بهــا إليــه بموجــب ميثــاق األمــم املتحــدة مــن ســلطات تمكنــه مــن اتخــاذ‬
‫قــرارات يف مجــال حفــظ الســلم الــدويل‪.‬‬
‫ويــرى د‪ .‬مفيــد محمــود شــهاب(‪ :)4‬أنــه ملــا كان ميثــاق األمــم املتحــدة قــد ألقــى‬
‫عــى عاتــق مجلــس األمــن مســئولية رئيســية يف حفــظ الســلم الــدويل ومنحــه يف‬

‫((( األمم املتحدة‪ ،‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬


‫((( األمم املتحدة‪ ،‬د‪ .‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪221‬‬
‫((( املادة (‪ )25‬من ميثاق األمم املتحدة‬
‫((( مفيــد محمــود شــهاب‪ ،‬فقيــه قانــوين مــر‪ ،‬مــن مواليــد االســكندريه ســنة ‪1936‬م‪ ،‬ورئيــس جامعــة القاهــرة الســابق‬
‫ووزيــر التعليــم العــاىل الســابق وشــغل منصــب وزيــر املجالــس النيابيــة والشــئون القانونيــة لجمهوريــة مــر العربيــة‪.‬‬
‫مــن رجــال القانــون املرصيــن وشــارك ىف الدفــاع عــن قضيــة مــر الســرداد طابــا‪ ،‬حصــل عــى ليســانس الحقــوق ‪https://‬‬
‫‪ar.wikipedia.org‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪107‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ســبيل ذلــك ســلطات تطبيــق إجــراءات العــر واملنــع فقــد كان طبيعيـا ً أن يقــرر مــا‬
‫يكفــل الــزام هــذه القــرارات ألعضــاء األمــم املتحــدة‪ ،‬ولذلــك فقــد نصــت املــادة (‪)25‬‬
‫مــن امليثــاق عــى أن يتعهــد أعضــاء األمــم املتحــدة بقبــول قــرارات مجلــس االمــن‬
‫وتنفيذهــا وفــق هــذا امليثــاق‪ ،‬وهكــذا تنفــرد قــرارات مجلــس األمــن وتنفيذهــا وفــق‬
‫هــذا امليثــاق‪ ،‬وهكــذا تنفــرد قــرارات مجلــس األمــن دون ســائر فــروع الهيئــة بهــذه‬
‫القــوة امللزمــة عــى أن ميثــاق األمــم املتحــدة يشــرط لتوافــر هــذه القــوة امللزمــة‬
‫لقــرارات مجلــس األمــن مــا يأتــي‪ :‬أن تكــون قــرارات مجلــس االمــن يف مجــال حفــظ‬
‫الســلم‪ ،‬ذلــك أن املــادة (‪ )25‬جــاءت مكملــة املــادة (‪ )24‬التــي تنــص عــى مســئوليات‬
‫املجلــس يف هــذا املجــال ومــن ثــم فــإن املجلــس ال يمتلــك اتخــاذ قــرارات ملزمــة يف‬
‫مجــاالت ال تتمثــل بحفــظ الســلم‪ ،‬مثــال ذلــك مــا يصــدر مــن املجلــس مــن قــرارات‬
‫بشــأن قبــول انضمــام دول جديــدة إىل األمــم املتحــدة(‪.)1‬‬
‫إن عبــارة الســلم الــدويل عبــارة مرنــة ال يمكــن إيجــاد الحــد الفاصــل واملميــز يف‬
‫ثناياهــا وبــن مــا يعتــر مــن شــئون الســلم ومــا ال يفيــد نظــرا ً ملــا يوجــد بــن‬
‫هــذه الشــئون ومــا ســواها مــن تشــابك يف االحتمــاالت والتفاعــات إال أنــه مــن ذلــك‬
‫(‪)2‬‬
‫ثمــة مــن القــرارات مــا يمكــن اعتبــاره غــر داخــل يف نطــاق نــص املــادة (‪)24‬‬
‫واملــادة (‪ )25‬مثــال ذلــك القــرارات التــي يتخذهــا مجلــس األمــن إعمــاال ً لالختصــاص‬
‫املرســوم لــه يف قبــول الــدول بعضويــة األمــم املتحــدة وفق ـا ً للمــادة ‪.)3(2/4‬‬
‫‪ /2‬أن تكون قرارات املجلس متفقة مع أهداف ومبادئ الهيئة(‪.)4‬‬
‫‪ /3‬أن تكــون قــرارات مجلــس األمــن قــد اتخــذت وفقـا ً ألحــكام ميثــاق األمــم املتحــدة‬
‫ويختلــف هــذا الــرط الــذي تضمنــه نــص املــادة (‪ )25‬عــن الــروط الســابقة ذلــك‬
‫أن قــرارا ً معين ـا ً مــن املجلــس قــد يكــون متفق ـا ً وأهــداف ومبــادئ األمــم املتحــدة‪،‬‬
‫ومــع ذلــك يخالــف أحــكام امليثــاق‪ ،‬يتجــه عــدم مراعــاة القواعــد اإلجرائيــة أو قواعــد‬
‫االختصــاص‪.‬‬

‫((( األمم املتحدة بني االنهيار والتدعيم‪ ،‬د‪ .‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪73‬‬
‫((( املادة (‪ )24‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( مبــادئ األمــم املتحــدة وخصائصهــا‪ ،‬د‪ .‬حســن الحلبــي‪ ،‬قســم البحــوث والدراســات القانونيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ســنة‬
‫‪1970‬م‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫((( تنــص الفقــرة (‪ )2‬املــادة (‪ )22‬مــن األمــم يعمــل مجلــس األمــن يف أداء هــذه العوامــل وفق ـاً ملقاصــد األمــم املتحــدة‬
‫ومجاالتهــا والســلطات الخامســة املخولــة ملجلــس األمــن لتمكينــه مــن القيــام بهــذه الواجبــات مبينــة يف الفصــول الســادس‬
‫والســابع والثامــن والثــاين عــر‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪108‬‬
‫‪ /4‬أن يكـون األمـر متفقا ً «بقـرارات» باملعنى الضيـق الكلمة وليـس «بتوصيات» خاصة‬
‫نسـبة للمنازعـات الدولية‪ ،‬فهـذه األخرية ال تتمتع بقـوة االلزامية موجبـة التنفيذ(‪.)1‬‬
‫ويؤيــد ذلــك الحكــم أحــد مقــررات مجلــس األمــن املتخــذ يف ‪ 24‬ديســمرب ‪1948‬م‬
‫بشــأن القضيــة االندونيســية‪ ،‬فبالرغــم مــن محاولــة بعــض املندوبــن عنــد هــذه‬
‫التوصيــة قــرارا ً ملزم ـاً‪ ،‬بحجــة أن املوقــف الــذي تناولــه مــن املواقــف أو املنازعــات‬
‫التــي تطبــق عليهــا أحــكام الفصــل الســابع الــوارد باملــواد (‪.)39،40‬‬
‫رأى املجلــس أن مــا اتخــذه بشــأن املوقــف هــو أدنــى إىل نــص املــادة ‪ 2/33‬لذلــك‬
‫فهــو مــن املقــررات بتوصيــة وليــس مــن املقــررات‪ ،‬ذات اإللــزام القانونــي ذلــك ألنــه‬
‫يقــرر مــا دعــا إىل إيقــاف القتــال دعــا إىل تســوية النــزاع بالتحكيــم أو بــأي وســيلة‬
‫مــن الوســائل الســلمية الــوارد بيانهــا يف الفقــرة (‪ )1‬مــن املــادة (‪ )33‬مــن امليثــاق‪.‬‬
‫ويصـدق هـذا الحكـم أيضا ً على مقـررات مجلس األمـن التي يتخذهـا بناء عىل السـلطة‬
‫املخولـة بهـا نص املـادة (‪ )36‬ألن املويص بمقتىض هـذا النص يمارس نوعا ً من الوسـاطة‬
‫واملسـاعي الدوليـة للتوفيـق بين أطـراف النزاع بإشـعاره هـؤالء االطـراف برغبته يف أن‬
‫يتبعـوا نوعـا ً معينـا ً من اإلجـراءات لتسـوية ما بينهـم من نـزاع بقوله (ملجلـس األمن يف‬
‫أي مرحلـة مـن مراحـل نـزاع من النوع املشـار إليـه يف املـادة (‪ )33‬أو موقف من شـبيه‬
‫بـه أن يـويص بما يـراه مالئما ً مـن اإلجراءات السـنوية)‪.‬‬
‫ومــن هنــا وجــب أن يكــون املقــررات التــي يتخذهــا مجلــس األمــن بنــاء عــى نــص‬
‫املــادة (‪ )34‬مــن قــوة اإللــزام والقانــون مــا ليــس للمقــررات التــي يتخذهــا بنــاء‬
‫عــى الســلطة املقــررة لــه يف ســائر نصــوص الفصــل الســادس ويؤيــد ذلــك تطبيــق‬
‫يف مجلــس األمــن لنــص املــادة (‪ )34‬فقــد اتخــذ املجلــس قــرارا ً يف ‪ 9‬أبريــل ‪1947‬م‬
‫بالتحقيــق يف حــوادث الحــدود بــن اليونــان وجارتهــا‪.‬‬
‫وقــد جــرى بحــث القــوة االلزاميــة لهــذا القــرار يف املجلــس‪ ،‬وقــد خلــص الــرأي فيــه‬
‫إىل أن هــذا القــرار يعــد ملزم ـا ً لجميــع األطــراف املعنيــن لحكــم نــص املــادة (‪)25‬‬
‫وبالنظــر إىل طبيعــة الســلطة املتخــذة بموجبهــا هــذا القــرار خصوصـا ً وأن الترصيــح‬
‫التفســري املشــرك مــن قبــل الــدول الراعيــة يف مؤتمــر ســان فرانسســكو عندمــا‬
‫تحــدث عــن ســلطة يف شــأن التحقيــق الــدويل قــال أن املجلــس يأمــر بالتحقيــق(‪.)2‬‬

‫((( املنظامت الدولية‪ ،‬مفيد محمود شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.299-298‬‬


‫((( مبادئ األمم املتحدة وخصائصها‪ ،‬حسن الحلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.158‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪109‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫لقـد ثـار الخلاف بين فقهـاء القانـون الـدويل حـول قـرارات مجلـس األمن مـن حيث‬
‫القـوة اإللزاميـة إىل أنـه يمكـن أن نتطـرق إىل مختلـف املذاهـب الفقهية حول مـا تتمتع‬
‫بـه قـرارات مجلـس األمـن مـن قـوة الزامية ولقـد اختلـف الـرأي اختالفـا ً ظاهـرا ً بني‬
‫فقهـاء القانـون الـدويل حول امليـزة القانونية لقـرارات مجلـس األمـن وتوصياته خاصة‬
‫تلـك التـي تصدر وقـت الفصل السـابع(‪ )1‬من امليثـاق حيث يسـتوجب أن تكـون قرارات‬
‫مجلـس األمـن الدويل تدخـل يف مجال حفـظ السـلم واألمن الدوليين ومتفقة مـع مبادئ‬
‫وأهـداف األمم املتحـدة ومطابقـة التصـدي للميثاق‪.‬‬
‫االتجــاه األول‪ :‬عــدم التفرقــة بــن القــرارات والتوصيــات مــن حيــث القــوة اإللزاميــة‬
‫يف بعــض التوصيــات يــر العديــد مــن فقهــاء القانــون الــدويل أنهــا يف الغالــب عبــارة‬
‫عــن قــرار يكــون مضمونــة تغيــر مجلــس االمــن وإبــداء رغبتــه أو تقديــم اقرتاحــه‬
‫بشــأن النــزاع يف مســألة معينــة تكــون متعلقــة بحفــظ األمــن والســلم الدوليــن‪ ،‬وقــد‬
‫تكــون التوصيــات يف هــذا الخصــوص موجبــة إىل أمــر أطــراف النــزاع أو إىل أطرافــه‬
‫أو إىل الــدول األعضــاء يف هيئــة األمــم املتحــدة لصيغــة عامــة أو بعــض فروعهــا أو إىل‬
‫منظمــة إقليميــة وذهــب البعــض مــن فقهــاء القانــون الــدويل إىل اعتبــار التوصيــات‬
‫مجــرد دعــوات إىل اتخــاذ قــرار أو موقــف معــن بقصــد الحفــاظ عــى األمــن والســلم‬
‫الدوليــن‪ ،‬ويتضــح مــن خــال هــذا أن التوصيــات يف طبيعتهــا القانونيــة عبــارة عــن‬
‫عمــل قانونــي صــادر مــن جانــب واحــد‪ ،‬ويعــر عــن إرادة مجلــس األمــن هــذا العمــل‬
‫القانونــي ينتــج آثــاره نظــرا ً لتعلقــه بمجــال حفــظ األمــن والســلم الدوليــن‪ ،‬هــذا‬
‫العمــل ال ينتــج آثــاره إال إذا وافــق إرادة مجلــس األمــن وهــذه اإلرادة تكــون موافقــة‬
‫لظــروف معينــة تســبق أو تلحــق صــدوره وهــذه الظــروف هــي تدخــل إرادة أو‬
‫ارادات مقابلــة تصــدر مــن أشــخاص دولــة أخــرى ســواء كانــت هــذه االرادة املقابلــة‬
‫ايجابيــة أو ســلبية تؤيــد أو تعــارض مــا جــاءت بــه إرادة مجلــس األمــن(‪.)2‬‬
‫فهنــاك جانــب مــن الفقــه يقــول أن قــرارات مجلــس األمــن هــي كل تعبــر مــن‬
‫جانــب املجلــس وفــق مــا صــوره امليثــاق واالجــراءات التــي حددهــا لذلــك ومعــرا ً‬
‫مــن خاللهــا عــن إرادتــه الذاتيــة لرتتيــب آثــار قانونيــة معينــة ســواء عــى ســبيل‬
‫اإللــزام أو التوجيــه(‪.)3‬‬
‫((( الفصل السابع من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬
‫((( األمــم املتحــدة الرشعيــة الجائــرة‪ ،‬باتريســيو لوالســكو وامنــي شــاومي‪ ،‬ترجمــة فــؤاد شــاهني‪ ،‬دار الجامهرييــة للنــر‬
‫والتوزيــع‪ ،‬ليبيــا‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.43‬‬
‫((( القيمــة القانونيــة لقـرارات املنظــات الدوليــة‪ ،‬كمصــدر لقواعــد القانــون الــدويل‪ ،‬محمــد ســامي عبــد الحميــد‪ ،‬املجلــة‬
‫املرصيــة للقانــون الــدويل‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪110‬‬
‫وفــق هــذا الجانــب مــن الفقــه إىل االعــراف بالقــوة اإللزاميــة كل مــا يصــدر عــن‬
‫مجلــس األمــن مــن قــرارات وأعمــال قانونيــة أي أن كل مــا يصــدر عــن مجلــس األمــن‬
‫أيـا ً كان املظهــر الــذي يعــر مــن خاللهــا مجلــس األمــن عــن إرادتــه‪ ،‬ويســتدل هــذا‬
‫الجانــب مــن الفقــه عــى نــص املــادة (‪ )25‬مــن امليثــاق تشــمل كافــة مــا يصــدر‬
‫مــن مجلــس األمــن مــن قــرارات وتوصيــات فإنهــا جميع ـا ً تتمتــع بقــوة ملزمــة وأن‬
‫ليــس هنــاك مــن فــارق بــن التوصيــة والقــرار والفــرق شــكيل فقــط والعــرة بــإرادة‬
‫املجلــس وليــس بالشــكل الــذي صــدرت فيــه(‪ ،)1‬وإن التفرقــة التــي يقيمهــا امليثــاق‬
‫وإنهــا جميع ـا ً تتمتــع بقــوة قانونيــة ملزمــة‪.‬‬
‫ومــن أصحــاب هــذا الــرأي األســتاذ االيطــايل كــوادري الــذي ذكــر يف مؤلفــه (القانــون‬
‫الــدويل) أن الحكــم الــوارد يف نــص املــادة الخامســة والعرشيــن مــن امليثــاق تنطبــق‬
‫عــى جميــع قــرارات مجلــس األمن ســواء يف صــورة توجيــه او صــورة القــرار وأضاف‬
‫أن الفــارق بــن التوجيــه والقــرار مــا هــو إال فــارق شــكيل بســيط وتبقــى العــرة وراء‬
‫ارادة املجلــس وليــس الشــكل الــذي صــدر بــه‪ ،‬ويؤيــد هــذا االتجــاه األســتاذ هانــز‬
‫كلســن والــذي يــرى أن التفرقــة التــي يقيمهــا امليثــاق قــرارات املجلــس وتوصياتــه‬
‫يف أحــوال معينــة ســواء تفرقــة شــكلية وكأن التوصيــات التــي تصــدر عــن املجلــس‬
‫تتمتــع بالقــوة القانونيــة امللزمــة(‪.)2‬‬
‫االتجــاه الثانــي‪ :‬اختــاف التوصيــات والقــرارات مــن حيــث القــوة امللزمــة ذهــب‬
‫أصحــاب هــذا االتجــاه مــن الفئــة األوىل إىل القــول أن القــرارات الصــادرة عــن مجلــس‬
‫األمــن الــدويل هــي التــي وحدهــا تتمتــع بالقــوة االلزاميــة‪.‬‬
‫أمــا التوصيــات فهــي ال تتمتــع بالقــوة امللزمــة ومــن ثمــة فــإن هــذا االتجــاه مــن‬
‫الفقــه ال يعــرف بوجــود توصيــات ملزمــة يصدرهــا مجلــس االمــن الــدويل أثنــاء‬
‫مبــارشة اختصاصــات يف مجــال حفــظ الســلم واالمــن الدوليــن‪ ،‬ويــرى العديــد مــن‬
‫الفقهــاء املســاندين لهــذا الــرأي ان القــرارات الصــادرة عــن مجلــس االمــن الــدويل‬
‫أثنــاء ممارســته مهامــه يف مجــال حفــظ االمــن والســلم الدوليــن هــي التــي وحدهــا‬
‫تكتســب القــوة اإللزاميــة دون بقيــة القــرارات الصــادرة عــن بقيــة األجهــزة الرئيســية‬
‫لكــن بــرط أن يتعلــق األمــر بالقــرارات باملعنــى الضيــق‪ ،‬وليــس لتلــك املتعلقــة‬
‫بالتوجيهــات خاصــة التــي تتعلــق بالتســوية الســلمية للمنازعــات الدوليــة فهــذه‬

‫((( حدود سلطة مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫((( املرجع السابق‪ ،‬ص‪108‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪111‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫األخــرة ال تتمتــع بقــوة الزاميــة موجبــة التنفيــذ ألن التوصيــات التــي يصدرهــا‬
‫مجلــس االمــن لحــل املنازعــات الدوليــة بالطــرق الســلمية ليســت لهــا قــوة الزاميــة‬
‫بــل هــي مجــرد توصيــات ال تلتــزم الــدول باتباعهــا(‪.)1‬‬
‫فاألســتاذ مقيــد شــهاب يعتقــد إن القــوة اإللزاميــة تتصــف بهــا القــرارات التــي‬
‫يصدرهــا مجلــس األمــن دون غريهــا فليســت للتوصيــات الصــادرة عــن مجلــس األمــن‬
‫أي قــوة إلزاميــة تســتوجب التنفيــذ(‪.)2‬‬
‫ويســتند أصحــاب هــذا االتجــاه الثانــي إن امليثــاق قــد عهــد للمجلــس ســلطات يف‬
‫الفصــل الســادس ال يمكــن أن تكــون إال ملزمــة بتطبيقهــا وقــد يصــدر قــرارات‬
‫بصيغــة التوجيــه ومــع ذلــك ال يمكــن اعتبارهــا إال مــن القــرارات امللزمــة كذلــك‬
‫التــي تصــدر بالتطبيــق لنــص املــادة (‪ )34‬مــن امليثــاق وتختــص بالتحقيــق الــدويل‪،‬‬
‫ولدحــض مــا جاءتــه أصحــاب الــرأي األول ال يمكــن إدراج كافــة القــرارات الصــادرة‬
‫عــن املجلــس تحــت املــادة (‪ )25‬مــن امليثــاق ومــن ثمــة تتمتــع بالقــوة االلزاميــة‬
‫ملــن يخاطــب بهــا وذلــك اســتنادا ً إىل أن مخالفــة هــذه القــرارات حتــى ولــو كانــت‬
‫بصيغــة التوجيــه تنطــوي عــى مخالفــة االلتــزام الــدويل ذلــك أن االلتزامــات القانونية‬
‫قــد وردت يف نصــوص امليثــاق عــى ســبيل التحديــد والحــر‪ ،‬ويــدل أصحــاب هــذا‬
‫الــرأي صحــة مــا ذهبــوا إليــه بقولهــم بــأن‪« :‬مخالفــة التوجيــه ال تعتــر بذاتهــا‬
‫مخالفــة لنصــوص امليثــاق مــا دام أن هنــاك احتمــاال ً أن تكــون التوجيــه بمثابــة قــرار‬
‫ملزمــة ولذلــك فليــس ثمــة تــازم بالــرورة بــن مخالفــة القــرارات بالتوجيــه وبــن‬
‫مخالفــة التزامــات امليثــاق وأن اعتبــار جميــع قــرارات مجلــس األمــن ملزمــة يفقــد‬
‫ســلطات هــذا املجلــس مــا ينبغــي أن يكــون لهــا مــن املرونــة يف التــرف يف مواجهــة‬
‫املواقــف والنزاعــات الدوليــة والقيــام بمهمــة صيانــة الســلم الــدويل فقــد يقتــي أداء‬
‫هــذه املهمــة بنجــاح أن تتضمــن قــرارات املجلــس مجــرد التوجيــه والفصــح والدعــوة‬
‫أكثــر مــن أنهــا أمــر وإلــزام(‪.)3‬‬
‫وبنــاء عــى مــا تقــوم ينتمــي أنصــار هــذا املذهــب إىل التمييــز بــن القــرارات امللزمــة‬
‫والقــرارات غــر امللزمــة عــى الوجــه االتــي‪:‬‬
‫القــرارات امللزمــة هــي التــي يصدرهــا املجلس اســتنادا ً لنــص املــادة (‪ )34‬مــن امليثاق‬

‫((( حدود سلطة مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111-110‬‬
‫((( املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد شهاب‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1978 ،‬م‪ ،‬ص‪.299-298‬‬
‫((( حدود سلطة مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪112‬‬
‫ونصــوص الفصــل الســابع‪ ،‬أمــا القــرارات غــر امللزمــة فتشــمل تلــك التــي تصــدر‬
‫إعمــاال ً للمــواد (‪ )3/7 ،2/37 ،36 ،2/33‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة(‪.)1‬‬
‫وإن كان هــذا التصنيــف يتفــق يف الغالــب مــع مــا جــرى عليــه العمــل يف مجلــس‬
‫األمــن الــدويل إىل أنــه ال يمكــن التســليم بــه ألن أي محاولــة لتأســيس رأي قانونــي عــى‬
‫ســبيل الحــر ال يمكــن أن تأتــي شــاملة جامعــة‪.‬‬
‫مرشوعــات مــا يكشــف العمــل عمــا يشــوبها مــن أوجــه النقــص والقصــور فهــذا‬
‫الــرأي يقطــع بمــا ال يــدع مجــاال ً للشــك يتمتــع كافــة القــرارات التــي يصدرهــا‬
‫مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬إعمــاال ً ألحــكام الفصــل الســابع مــن امليثــاق بقــوة قانونيــة‬
‫ملزمــة ومــع ذلــك فــإن املــادة (‪ )39‬مــن امليثــاق تقــرر إمكانيــة قيــام مجلــس األمــن‬
‫الــدويل بإصــدار توصيــات األمــر الــذي يــدل عــى أن كل مــا يصــدر عــن املجلــس مــن‬
‫قــرارات بتطبيــق الفصــل الســابع ال يعــدو بالــرورة قــرارات ملزمــة(‪.)2‬‬
‫ونظــرا ً ألن مجلــس األمــن كثــرا ً مــا يلتــزم الصمــت حيــال توضيــح املــواد التــي‬
‫يؤســس قراراتــه عليهــا يف مبــارشة اختصاصاتــه‪ ،‬ولذلــك فــإن األمــر ســيكون أكثــر‬
‫صعوبــة إذا أخذنــا بوجهــة النظــر هــذه ولكــن مــن خــال اآلراء الفقهيــة الســابقة‬
‫االشــارة لهــا واألســباب التــي أدت إىل هــذا االختــاف‪ ،‬يبــدو جلي ـا ً أن الســبب يرجــع‬
‫إىل العبــارات التــي قــد يســتخدمها مجلــس األمــن الــدويل يف اصــدار توجيهاتــه(‪.)3‬‬
‫عــى الرغــم أن مــن الناحيــة االجرائيــة ال يوجــد فــرق يف الخطــوات واملراحــل التــي‬
‫يمــر بهــا مجلــس األمــن إلخــراج كال مــن التوصيــات والقــرارات إىل الواقــع العمــي‬
‫فاملراحــل التــي تمــر بهــا التوصيــات واملتطلبــات بصدورهــا هــي نفــس مــا ينطبــق‬
‫عــى القــرارات إذ يــرى الفقــه القائــل بالتمييــز بــن القــرارات والتوصيــات أن العبــارة‬
‫التــي تســتخدم مــن التوصيــات (يدعــو‪ ...‬يطلــب‪ ) ...‬ال يســتخلص منهــا معنــى‬
‫االلتــزام وإن تعلقــت بجــزاءات دوليــة وبمــا أن التوجيهــات عــن هــذا االتجــاه مــن‬
‫الفقــه ال يتوافــر لهــا االلــزام القانونــي فإنــه مــن املتعــن لديهــم التعــرف عــى إرادة‬
‫مجلــس االمــن الــدويل وهــل مــا صــدر عنــه يعتــر قــرارا ً ملزم ـا ً أو مجــرد توجيــه‬
‫وذلــك مــن خــال صياغــة مــا يصــدر مــن املجلــس ذلــك أن صيغــة القــرار الــذي‬

‫((( تنــص املــادة (‪ )38‬مــن ميثــاق عــى‪ :‬ملجلــس األمــن بإرســال طلــب اليــه جميــع املتنازعــن ذلــك أن يقــوم اليهــم‬
‫توصيــات بقصــد حــل النــزاع حــاً ســلمياً‪ ،‬وذلــك بــدون االخــال ألحــكام املــواد (‪)37-33‬‬
‫((( حدود سلطة مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫((( املرجع السابق‪ ،‬ص‪.113‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪113‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫يتخــذه املجلــس هــي الفصــل واملعيــار للتعــرف عــى طبيعــة مــا اتخــذه املجلــس‪،‬‬
‫وهــل هــو قــرار ملــزم أو مجــرد توجيــه لهــا هــذا الوصــف‪ ،‬لكــن التفــوق هــذا‬
‫الفكــر املفكــر يذهــب إىل القــول بقابليــة تحــول التوجيــه إىل قــرار ألن التوجيــه يف‬
‫رأيهــم عبــارة عــن ديــون ال يضمنهــا مســئولية ومــن ثــم ال تســأل الــدول إال مــا‬
‫رفضــت االســتجابة لهــا ابتــداء ‪،‬ولكــن متــى مــا قبلتهــا تعــذر عليهــا العــدول عــن‬
‫هــذا القبــول واعتــرت اســتجابتها لهــا تنفيــذا ً اللتــزام فائدتهــا باملعنــى الصحيــح‬
‫وليســت مجــرد وفــاء بواجــب أدبــي بحــث‪ ،‬ويرتتــب عــى ذلــك املســئولية الدوليــة يف‬
‫حالــة إخــال الــدول بتوجيهــات قبلتهــا(‪.)1‬‬
‫وأن التمييــز بــن قــرارات مجلــس األمــن وتوجيهاتــه الصــادرة وفقـا ً للفصــل الســابع‬
‫مــن امليثــاق ال يرتتــب عليــه القــول أن التوصيــات أقــل قيمــة مــن القــرارات وإنمــا‬
‫االختــاف حــول القيمــة السياســية دون القانونيــة فكالهمــا ينشــئ التزامــات يف هــذا‬
‫الخصــوص ملــا لهــا مــن خصائــص األمــر وألن عــدم التنفيــذ هــذه الدعــوة ويطلــب‬
‫قــد يشــكل تهديــدا ً للســم أو اإلخالل بــه وبالتــايل تتوفــر لدينــا رشوط املــواد (‪)41،42‬‬
‫مــن امليثــاق‪ ،‬ويف هــذه الحالــة تكــون بصــدد إجــراء جديــد مبنــي عــى قــرار مجلــس‬
‫األمــن ويســتمر قوتــه االلزاميــة منــه وهــو ارتفــاع يف شــدة وتــرة االجــراءات أي هــو‬
‫امتــداد لألســاس القانونــي كاإلجــراءات الســابقة حيــث أننــا قــد نتصــور عــدم تقيــد‬
‫الدولــة بقــرار مجلــس األمــن االمــر الــذي يــؤدي إىل تدخلــه بقــوة أكثــر وإجــراءات‬
‫أشــد وهــو مــا ينطبــق عــى التوجيــه(‪.)2‬‬
‫يف هــذه الحالــة يظــل اإلجــراء الســابق ســواء كان توجيــه أو قــرار هــو مصــدر قانوني‬
‫إليــراد الالحــق ألن الدولــة لــو لــم تحــل بعــدم التغيــر باإلجــراء الســابق ملــا تدخــل‬
‫مجلــس األمــن باإلجــراء الالحــق األشــد‪.‬‬
‫والحقيقــة أن األصــل هــو االســتناد لألحــكام الفصــل الســابع‪ ،‬وبعبــارة أخــرى أن‬
‫القــرار أو التوجيــه قــد يكونــان مصــدر االلتــزام القانونــي‪ ،‬ولكنــه ليــس أساسـا ً لــه‪،‬‬
‫إذ أن األســاس هــو النــص القانونــي املســتمد منــه القــرار أو التوجيــه(‪.)3‬‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة لــه والتــي حســمت القيمــة القانونيــة لتوصيــات مجلــس‬

‫((( القيمــة القانونيــة لقـرارات املنظــات الدوليــة‪ ،‬كمصــدر لقواعــد القانــون الــدويل‪ ،‬محمــد ســامي عبــد الحميــد‪ ،‬مرجــع‬
‫ســابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫((( القيمة القانونية لقرارات مجلس االمن‪ ،‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫((( القيمة القانونية لقرارات مجلس االمن‪ ،‬محمد سامي عبد الحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪114‬‬
‫االمــن يف رأيهــا االستشــاري الصــادر يف ‪1971/6/21‬م أثنــاء دراســتها ملشــكلة زامبيا‬
‫حيــث اوضحــت نطــاق تطبيــق املــادة (‪ )25‬مــن امليثــاق ومــدى قــوة االلــزام القانوني‬
‫ملــا يصــدر عــن مجلــس األمــن مــن توصيــات تنفيــذا ً ملــا ورد يف نــص الفصــل الســابع‬
‫مــن امليثــاق‪.‬‬
‫بــل وحتــى الفصــل الســادس فقــد قــررت املحكمــة أن االلتــزام الــوارد يف نــص املــادة‬
‫(‪ )25‬مــن امليثــاق بتنفيــذ مــا يصــدر ملــن مجلــس األمــن الــدويل ليــس مقتــرا ً‬
‫فقــط عــى ترصفــات املجلــس فيمــا يتعلــق باتخــاذ التدابــر الجزائيــة املنصــوص‬
‫عليهــا يف املــادة (‪ )41‬أمــر اســتخدام القــوة املنصــوص يف املــادة (‪ )42‬بــل يشــمل‬
‫كافــة الترصفــات الصــادرة مــن مجلــس األمــن والتــي تصــدر تطبيقـا ً ألحــكام امليثاق‬
‫ونصوصــه مســتندا ً يف ذلــك إىل املــواد التــي تتنــاول اختصاصــات وســلطات مجلــس‬
‫األمن(‪.)1‬‬
‫رأى الباحــث متفــق مــع االتجــاه الثانــي‪ ،‬بحيــث يــرى أن هنــاك اختــاف مــا بــن مــا‬
‫يصــدر مــن أعمــال مجلــس األمــن الــدويل يشــكل توصيــات أو يصــدر بصيغــة أشــد‬
‫وقــرارات أمــا مــن ناحيــة معنــى العضويــة مــا بــن اصطالحيــة أو ناحيــة قانونيــة‬
‫املرتتبــة عــى كل واحــد عــى حــد ســواء‪.‬‬

‫((( للتفصيل أكرث أنظر مضمون الرأي االستشاري الصادر من محكمة العدل الدولية عن قضية الصادر يف ‪1971‬م‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪115‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفصل الثالث‬

‫مفهوم السيادة الوطنية‬

‫المبحث األول‬
‫ماهية السيادة الوطنية‬

‫المبحث الثاني‬
‫مظاهر السيادة الوطنية‬

‫المبحث الثالث‬
‫وضع السيادة في إطار القانون الدولي العام‬
‫الفصل الثالث‬
‫مفهوم السيادة الوطنية‬

‫المبحث األول‬
‫ماهية السيادة الوطنية‬
‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث مفهــوم الســيادة الوطنيــة ونشــأتها وتطورهــا وخصائصهــا‪،‬‬
‫وتنــاول النظريــات املختلفــة التــي فــرت مصــدر الســيادة لوطنيــة عــى مســتوى‬
‫الفقــه اإلســامي والقانــون‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم السيادة الوطنية ونشأتها‪:‬‬
‫الفرع األول‪:‬تعريف السيادة الوطنية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف السيادة يف اللغة‪:‬‬
‫أصلهـا يسـود سـودا ً والسـؤدد هو الشرف واملجد‪ .‬سـاد الرجل يسـود سـودا ً ويسـود‬
‫مجـد وجل ورشف‪ .‬سـاد قومه صار سـيدا ً لهم متسـلطا ً عليهـم‪ ،‬ومنه قولـه ‪( :r‬إن ابني‬
‫هـذا سـيد ولعل اللـه تبارك وتعـاىل أن يصلـح به فئتني مـن املسـلمني)(‪.)2()1‬‬
‫والســيادة بمعنــى الســودد‪ :‬الــرف‪ ،‬وقــد ســادهم وســودداً‪ ،‬وســوداً‪ ،‬واســتادهم‬
‫كســادهم‪ ،‬وســودهم هــو‪ .‬واملســود الــذي ســاد غــره‪ .‬واملســود‪ :‬الســيد(‪.)3‬‬
‫ومنه قوله‪ :‬ساد قومه يسودهم سيادة وسددا وسيدودة‪ ،‬فهو سيدهم(‪.)4‬‬
‫ومنــه ســاد قومــه يســودهم ســوددا‪ ،‬وســاودته فســدته‪ :‬غلبتــه يف الســودد‪ ،‬وســوده‬
‫قومــه‪ ،‬وهــو ســيد مســود(‪.)5‬‬

‫((( صحيــح البخــاري‪ ،‬محمــد بــن إســاعيل بــن أبوعبداللــه البخــاري الجعفــي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬محمــد زهــر بــن نــارص النــارص‪،‬‬
‫دار طــوق النجــاة‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬الطبعــة األوىل‪1422 ،‬هـــ‪ ،‬حديــث رقــم ‪.186/3 ،2704‬‬
‫((( معجم محيط املحيط‪ ،‬بطرس البستاين‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1987 ،‬م‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫((( لســان العــرب‪ ،‬أيب الفضــل جــال الديــن محمــد بــن مكــرم ابــن منظــور األفريقــي املــري‪ ،‬دار صــادر‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪،‬‬
‫‪1410‬ھ – ‪1990‬م‪288/3 ،‬‬
‫((( الصحــاح تــاج اللغــة وصحــاح العربيــة‪ ،‬أبونــر إســاعيل بــن حــاد الجوهــري الفــاراريب‪ ،‬تحقيــق‪ :‬أحمــد عبدالغفــور‬
‫عطــار‪ ،‬دار العلــم للماليــن‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة الرابعــة‪1407 ،‬هـــ‪-1987‬م‪.490/2 ،‬‬
‫((( أســاس البالغــة‪ ،‬أبوالقاســم محمــود بــن عمــرو بــن أحمــد الزمخــري جــار اللــه‪ ،‬تحقيــق‪ :‬محمــد باســل عيــون الســود‪،‬‬
‫دار الكتــب العلميــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعــة األول‪1419 ،‬هـــ‪-1998‬م‪.480/1 ،‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪119‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ثانياً‪ :‬تعريف السيادة يف الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫املحكوميــة يف الدولــة اإلســامية للــه عــز وجــل‪ ،‬فالترشيــع لــه وحــده ســبحانه‪ ،‬وهــذه‬
‫املحكوميــة متمثلــة يف رشيعــة كتــاب اللــه وســنة رســوله ‪ r‬والدولــة تلتــزم باألحــكام‬
‫الرشعيــة وتنفذهــا‪ ،‬ولألمــة بعــد ذلــك حــق توليــة اإلمــام ومحاســبته وعزلــه ومراقبــة‬
‫الســلطة الحاكمــة يف التزامهــا حــدود اللــه وليــس لهــا وال للســلطة الحاكمــة الحــق‬
‫ُون ِمــن‬‫يف العــدول عــن رشيعــة اللــه‪ ،‬ومــا يــدل عــى ذلــك قولــه تعــاىل‪﴿ :‬مَ ــا تَعْ بُـد َ‬
‫ان إ ِ ِن ا ْلحُ ْكـ ُم‬
‫ط ٍ‬‫ُوها أَنتُـ ْم وَآبَا ُؤ ُكــم مَّ ــا أَنـ َز َل ال َّلـ ُه ِبهَ ــا ِمــن ُسـ ْل َ‬ ‫ـه إ ِ َّل أ َ ْســمَ ا ًء َســمَّ يْتُم َ‬ ‫دُونِـ ِ‬
‫ـون﴾‬‫ـاس َل يَعْ َل ُمـ َ‬ ‫ـه أَمَ ـ َر أ َ َّل تَعْ بُ ـدُوا إ ِ َّل إِيَّــا ُه ٰذَ ِل ـ َك الدِّي ـ ُن ا ْل َقيِّ ـ ُم َو َٰل ِكـ َّ‬
‫ـن أ َ ْكث َـ َر النَّـ ِ‬ ‫إ ِ َّل ِل َّلـ ِ‬
‫(‪ .)40‬فتــدل هــذه اآليــة عــى أن الســيادة للــه وحــده(‪.)1‬‬
‫ـق)(‪ ،)2‬وقولــه ‪:r‬‬‫ـة ا ْل َخا ِلـ ِ‬
‫ـوق ِف مَ عْ ِصيَـ ِ‬ ‫طاعَ ـ َ‬
‫ـة لِمَ ْخلُـ ٍ‬ ‫(ل َ‬
‫ومــن الســنة قــول الرســول ‪َ :r‬‬
‫(إن اللــه هــو الحَ َك ـمُ‪ ،‬وإليــه الحك ـمُ)(‪ ،)3‬وقولــه ‪( :r‬الســيد اللــه تبــارك وتعــاىل)(‪،)4‬‬
‫فليــس ألحــد ســلطة األمــر والنهــي إال أن يكــون لــه ســلطان مــن اللــه(‪.)5‬‬
‫بينمــا يــرى البعــض أن الســيادة لألمــة اإلســامية وحدهــا وقــد اســتدل أصحــاب هــذا‬
‫ـة أَبَـدًا)(‪ )6‬ويف حديــث آخــر (ال يجمــع‬ ‫ـن تَجْ تَ ِمـ َع أُمَّ ِتــي عَ ـ َ‬
‫ـى َّ‬
‫الض َل َلـ ِ‬ ‫الــرأي بحديــث ( َلـ ْ‬
‫اللــه أمتــي عــى ضاللــة)(‪.)7‬‬
‫ويعنــي هــذا أنــه متــى مــا اجتمعــت األمــة عــى رأي كان هــو الحــق ووجــب األخــذ‬
‫بــه ألنــه صــدر عمــن لــه حــق الســيادة(‪.)8‬‬
‫ويــرى البعــض أن االدعــاء بــأن اإلســام يعــرف نظريــة الســيادة هــو ادعــاء ال يقــوم‬

‫((( نظرية اإلسالم السياسية‪ ،‬أبواألعىل املودودي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬ص‪.28-27‬‬
‫((( املصنــف يف األحاديــث واآلثــار‪ ،‬أبــو بكــر بــن أيب شــيبة‪ ،‬مكتبــة الرشــد‪ ،‬الريــاض‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1409‬هـــ‪/4096/1 ،‬ح‪.545‬‬
‫((( ســنن أيب داود‪ ،‬أبــوداود ســليامن بــن األشــعث بــن إســحاق بــن بشــر بــن شــداد بــن عمــرو األزدي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬محمــد‬
‫محــي الديــن عبدالحميــد‪ ،‬املكتبــة العرصيــة‪ ،‬صيــدا‪ ،‬بــروت‪ ،‬حديــث رقــم ‪.289/4 ،4955‬‬
‫((( سنن أيب داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب يف كراهية التامدح‪ ،‬حديث رقم ‪.254/4 ،4806‬‬
‫((( العالقات الدولية يف اإلسالم‪ ،‬د‪ .‬وهبة الزحييل‪ ،‬دار املأمون للرتاث‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪1984 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.156‬‬
‫((( املعجــم الكبــر‪ ،‬الطـراين‪ ،‬املحقــق‪ :‬حمــدي عبــد املجيــد الســلفي‪ ،‬مكتبــة ابــن تيميــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪،447/12 ،2‬‬
‫ح‪.546‬‬
‫((( ســنن الرتمــذي‪ ،‬محمــد بــن عيــى بــن ســورة بــن مــوىس الرتمــذي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬بشــار عــواد معــروف‪ ،‬دار الغــرب‬
‫اإلســامي‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1998 ،‬م‪ ،‬كتــاب الفــن‪ ،‬بــاب يف لــزوم الجامعــة‪ ،‬حديــث رقــم ‪.36/4 ،2167‬‬
‫((( نظــام الحكــم يف اإلســام‪ ،‬د‪ .‬محمــد يوســف مــوىس‪ ،‬معهــد الدراســات العربيــة العامليــة‪ ،‬جامعــة الــدول العربيــة‪ ،‬دار‬
‫املعرفــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1964 ،‬م‪ ،‬ص‪.74‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪120‬‬
‫عــى أســاس ســليم‪ ،‬وذلــك ألن نظريــة الســيادة نظريــة حديثــة نســبياً‪ ،‬وهــي مــن‬
‫أصــل فرنــي‪ ،‬فقــد اســتنبطها رجــال الفكــر الفرنــي يف العصــور الوســطى مــن‬
‫أجــل إقــرار اســتقاللهم عــن البابــا واإلمرباطــور‪ ،‬ومــن أجــل إقــرار ســلطتهم داخــل‬
‫اململكــة إزاء الحــكام اإلقطاعيــن(‪ ،)1‬فنظريــة الســيادة نظريــة حديثــة ولــم تكــن‬
‫الســيادة قــد ظهــرت بعــد عــى عهــد العلمــاء القدامــى‪ ،‬فأصحــاب هــذا الــرأي قــد‬
‫دفعهــم حماســهم إىل اإلســام‪ ،‬أن يثبتــوا كل مــا يرونــه قــد راج يف أســواق العالــم‬
‫املنحــر بأنــه موجــود يف اإلســام‪ ،‬فــإذا راجــت الديمقراطيــة كان اإلســام ديمقراطيا ً‬
‫وإذا راجــت االشــراكية كان اإلســام اشــراكياً‪ ،‬وإذا راجــت نظريــة ســيادة األمــة‬
‫كانــت هــذه النظريــة مــن نظريــات اإلســام(‪.)2‬‬
‫وإن جميـع الـدول التـي تتمتع بالسـيادة ال تخضع لسـلطة أخـرى فوقهـا‪ ،‬وينتج عنها‬
‫أنهـا متسـاوية يف السـيادة بحيث تتمتـع بحقوق وتلتـزم بواجبات متسـاوية‪ ،‬وال تتحمل‬
‫هـذه الواجبـات إال بإرادتهـا املبارشة‪ ،‬حيـث أن الدخـول يف املنظمات واملعاهـدات الدولية‬
‫تجُ ـر عىل الدول سـيالً من الواجبـات‪ ،‬وتقيـد سـيادتها بإرادتها(‪.)3‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تعريف السيادة يف القانون‪:‬‬
‫تُع َّرف بأنها‪( :‬السلطة العليا عىل املواطنني والرعايا والتي ال تخضع للقوانني(‪.)4‬‬
‫تُعـ َّرف أيضـا ً بأنهـا‪( :‬تَمَ تُـع الدولـة بكافـة الترصفـات على إقليمهـا داخليـا ً وخارجياً‪،‬‬
‫وتحديـد نظـام الحكـم وشـكل الحكومـة‪ ،‬وتنظيـم سـلطاتها الداخليـة الثالثـة‪ ،‬وسـن‬
‫القوانين وإصـدار القـرارات‪ ،‬والدخـول بحرية تامـة يف املواثيـق واملعاهـدات الدولية(‪.)5‬‬
‫وتُع ـ َّرف بأنهــا‪( :‬هــي ســلطة الدولــة يف إصــدار القــرارات امللزمــة وانفرادهــا ســن‬
‫القوانــن واللوائــح يف املجتمــع وإصــدار األمــر والنهــي يف الداخــل وتمثيــل الدولــة يف‬
‫الخــارج وعــدم خضوعهــا لغريهــا مــن الــدول يف ذلــك)(‪.)6‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية برتكيــز عــى التدخــل باســم حقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫خالــد حســن محمــد خــر‪ ،‬جامعــة أم درمــان اإلســامية‪ ،‬كليــة الرشيعــة والقانــون‪ ،‬رســالة ماجســتري‪ ،‬أم درمــان‪ ،‬الســودان‪،‬‬
‫‪1427‬هـ‪-2006‬م‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫((( مبادئ نظام الحكم يف اإلسالم‪ ،‬عبدالحميد متويل‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1966 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬ص‪.577‬‬
‫((( الوجيز يف القانون الدستوري‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم أبوخزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه اإلســامي والفقــه القانــوين‪ ،‬خالــد الصــادق عثــان‪ ،‬رســالة ماجســتري‪ ،‬جامعــة أم درمــان اإلســامية‪،‬‬
‫كليــة الرشيعــة والقانــون‪ ،‬أم درمــان‪ ،‬الســودان‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫((( الوجيــز يف القانــون الدســتوري‪ ،‬دارســة تحليليــة يف النظريــة العامــة لفلســفة القانــون الدســتوري‪ ،‬د‪ .‬إبراهيــم أبوخـزام‪،‬‬
‫دار الجامهرييــة للنــر والتوزيــع‪ ،‬بنغــازي‪ ،‬ليبيــا‪1996 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪.82‬‬
‫((( نظرية أعامل السيادة‪ ،‬د‪ .‬عبدالفتاح ساير داير‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1955 ،‬م‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪121‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وهذا التعريف تتبع معاني السيادة الثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬الســيادة ذات املعنــى الســلبي وهــي التــي يطلــق عليهــا اليــوم مظاهر الســيادة‪:‬‬
‫الخارجيــة‪ ،‬املتمثلــة يف عــدم خضــوع الدولــة لغريهــا مــن الــدول‪ ،‬والداخليــة‪ ،‬املتمثلــة‬
‫يف انفــراد الدولــة بإصــدار القــرارات امللزمــة باعتبارهــا أعــى الســلطات يف املجتمــع(‪.)1‬‬
‫الثانــي‪ :‬وهــو املعنــى اإليجابــي للســيادة‪ ،‬ويتعلــق بســلطات الدولــة التــي‪( :‬تعتــر‬
‫نتيجــة الســيادة‪ ،‬وبنــاء عــى ذلــك يكــون للســيادة معنــى إيجابــي يظهــر يف ســلطة‬
‫األمــر والنهــي يف الداخــل وتمثيــل الدولــة يف الخــارج)‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬فهو السيادة بمعنى العضو الذي يملك أعىل سلطة يف الدولة(‪.)2‬‬
‫لقــد ُكلفــت لجنــة خاصــة متفرعــة مــن مؤتمــر ســان فرانسيســكو أثنــاء إعــداد ميثاق‬
‫األمــم املتحــدة عــام ‪1944‬م‪ ،‬لتحديــد املقصــود باصطــاح (املســاواة يف الســيادة)‬
‫وانتهــت اللجنــة إىل أنــه يعنــي (أن كل دولــة تتمتــع بالحقــوق املرتتبــة عــى ســيادتها‪،‬‬
‫وأن شــخصية الدولــة مضمونــة وكذلــك ســامة إقليمهــا واســتقاللها الســيايس‪ ،‬وأن‬
‫احــرام هــذه الحقــوق رهــن بتنفيــذ االلتزامــات الدوليــة بحســن نيــة)(‪.)3‬‬
‫كذلــك كلفــت الجمعيــة العامــة لجنــة خاصــة تابعــة لهــا ببحــث فكــرة الســيادة‪،‬‬
‫وانتهــت اللجنــة إىل أنهــا تعنــي‪ :‬أن لــكل الــدول الحــق يف التمتــع بالحقــوق التــي‬
‫تخولهــا لهــا ســيادتها‪ ،‬فلهــا حــق اختيــار وتطويــر نظامهــا الســيايس واالجتماعــي‬
‫واالقتصــادي والثقــايف‪ ،‬وتلتــزم كل دولــة باحــرام الشــخصية القانونيــة للــدول‬
‫األخــرى‪ ،‬وأن تــويف بحســن نيــة بالتزاماتهــا الدوليــة‪ ،‬وأال تعتــدي عــى الوحــدة‬
‫اإلقليميــة أو االســتقالل الســيايس ألي دولــة أن تتمتــع بحقــوق والتزامــات متســاوية‪،‬‬
‫وهــي أعضــاء متســاوية يف الجماعــة الدوليــة‪ ،‬بغــض النظــر عــن الفــروق االقتصاديــة‬
‫واالجتماعيــة والسياســية‪ ،‬أو أي فــروق مــن طبيعــة أخــرى‪ ،‬وكل الــدول متســاوية‬
‫قانونــا ً(‪.)4‬‬
‫الدولــة هــي التــي تملــك الســيادة‪ ،‬فهــي صاحبــة الســيادة ومســتقرها‪ ،‬إال أن الدولــة‬
‫شــخص معنــوي يحتــاج إىل أشــخاص طبيعيــن ملمارســة هــذه الســلطة‪ ،‬وللســيادة‬
‫((( نظرية أعامل السيادة‪ ،‬د‪ .‬عبدالفتاح ساير داير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫((( نظرية أعامل السيادة‪ ،‬د‪ .‬عبدالفتاح ساير داير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫((( مبادئ القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬حسن الحلبي‪ ،‬دار منشورات عويدات‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1980 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫((( املنظــات الدوليــة‪ ،‬دراســة فقهيــة وتأصيليــة للنظريــة العامــة للتنظيــم الــدويل‪ ،‬جعفــر عبدالســام‪ ،‬دار النهضــة‬
‫العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪ ،6‬ص‪.358‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪122‬‬
‫الدولــة أثــر إيجابــي وآخــر ســلبي‪ ،‬يتمثــل األثــر اإليجابــي يف تمتــع الدولــة بالســلطة‬
‫التــي تعلــو عــى الجميــع يف الداخــل والتــي بمقتضاهــا تقــوم بوضــع دســتورها‪،‬‬
‫وســن قوانينهــا‪ ،‬وتحديــد نظــام حكمهــا‪ ،‬وتنظيــم إدارتهــا وغــر ذلــك مــن الشــؤون‬
‫الداخليــة‪ ،‬ويف املجــال الــدويل قيــام الدولــة بإبــرام املعاهــدات الدوليــة وتوقيــع‬
‫االتفاقيــات واالنضمــام إىل املواثيــق واإلعالنــات الدوليــة والوفــاء بااللتزامــات والتعهدات‬
‫مــع الــدول األخــرى‪ ،‬أمــا األثــر الســلبي فيتمثــل يف عــدم خضوعهــا لســلطة أخــرى يف‬
‫الداخــل‪ ،‬ومــا يتبعــه مــن ســوء اســتغاللها للســيادة وممارســة أعمالهــا يف كل طغيــان‬
‫وجــروت وتكــر(‪.)1‬‬
‫وقــد ظهــر هــذا املبــدأ بصــورة ملموســة يف عــدد مــن القواعــد األساســية التــي‬
‫تضمنهــا امليثــاق ويف مقدمتهــا قاعــدة املســاواة يف التصويــت‪ .‬فلــكل دولــة صــوت‬
‫واحــد يف كافــة فــروع الهيئــة وأجهزتهــا الســيادية‪ .‬لكــن تعــن عــى امليثــاق يف‬
‫الوقــت نفســه أن يوائــم بــن مــا تفرضــه اعتبــارات الســيادة مــن رضورة املســاواة‬
‫بــن الــدول كبريهــا وصغريهــا‪ ،‬وبــن مــا تفرضــه االعتبــارات الواقعيــة مــن رضورة‬
‫التمييــز بــن الــدول وفقـا ً لقدراتهــا املتباينــة حفاظـا ً عــى فاعليــة املنظمــة وخصوصا ً‬
‫يف املســائل التــي يتعــن أن تقــوم فيهــا األمــم املتحــدة باتخــاذ إجــراءات أو ترتيبــات‬
‫عمليــة أو قــرارات حاســمة وواجبــة التنفيــذ مثــل املســائل املتعلقــة بالحفــاظ عــى‬
‫الســلم واألمــن الدوليــن‪ .‬ولذلــك لــم يــردد امليثــاق يف منــح الــدول الكــرى مزايــا‬
‫خاصــة حــن أعطــى كالً منهــا الحــق يف معقــد دائــم يف مجلــس األمــن‪ .‬وحــق الفيتــو‬
‫أو االعــراض الــذي يمكنهــا عمــاً مــن الحيلولــة دون صــدور أي قــرارات تتعلــق‬
‫بمســائل موضوعيــة إذا كانــت ال ترغــب يف صدورهــا(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نشأة السيادة وتطورها‪:‬‬
‫يرتبــط وجــود فكــرة الســيادة بوجــود الســلطة العليــا يف الجماعــة‪ ،‬فالســيادة مصــدر‬
‫الســلطة(‪ )3‬وإذا حاولنــا تتبــع وجــود فكــرة الســيادة مــن ناحيــة تاريخيــة‪ ،‬نجــد‬
‫أن الحضــارة املرصيــة عــى الرغــم مــن قدمهــا وتقدمهــا يف كثــر مــن املجــاالت‪ ،‬إال‬
‫أنــه لــم توجــد نظريــة قانونيــة أو فلســفية تحــاول تفســر قيــام الدولــة أو ماهيــة‬

‫((( النظــم السياســية‪ ،‬أســس التنظيــم الســيايس‪ ،‬عبــد الغنــي بســيوين عبــد اللــه‪ ،‬الــدار الجامعيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1985 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.44-42‬‬
‫((( األمم املتحدة خالل نصف قرن‪ ،‬د‪ .‬حسن نافعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81-80‬‬
‫((( مبــدأ االختصــاص الداخــي أو املجــال املحجــوز للدولــة يف ظــل التنظيــم الــدويل املعــارص‪ ،‬عــى رضــا عبــد الرحمــن‪ ،‬دار‬
‫النهضــة العربيــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1997 ،‬م‪ ،‬ص‪.108‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪123‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الســيادة‪ ،‬حتــى أن مســألة الســلطة لــم تكــن معروفــة او مألوفــة يف ذلــك الزمــان إذ‬
‫لــم تكــن هنالــك حاجــة لذلــك‪ ،‬ذلــك ألن بمثابــة اإللــه الواجبــة عبــادة وتقديســه عــن‬
‫طريــق الطاعــة والخضــوع والــوالء(‪.)1‬‬
‫أمــا يف عهــد اليونــان القديــم‪ ،‬فتوجــد بعــض النظــم القانونيــة الدوليــة النــادرة‬
‫كقانــون التعاقــد وقانــون حــل الخالفــات عــن طريــق التحكيــم‪ ،‬وأحــكام الحــرب‬
‫والحيــاد إال أن الســيادة بمفهومهــا الحــايل لــم تكــن معلومــة لــدى اليونانيــن(‪ ،)2‬عــى‬
‫الرغــم مــن وجــود بعــض اإلشــارات إليهــا يف كتابــات أرســطو فيمــا يتعلــق بعالقــات‬
‫املــدن اليونانيــة(‪.)3‬‬
‫ويف عهــد اإلمرباطوريــة اليونانيــة‪ ،‬ونســبة التســاعها‪ ،‬لــم تكــن هنــاك حاجــة لنشــأة‬
‫قانــون دويل‪ ،‬وذلــك لبعــد املســافات مــن الــدول‪ ،‬وذلــك لبعــد املســافات مــن الــدول‬
‫املوجــودة كفــارس‪ ،‬عــى أنــه يالحــظ أن علمــاء القانــون الرومانــي قــد عرفــوا الدولــة‬
‫املســتقلة بأنهــا الشــعوب الخارجيــة الحــرة التــي ال تخضــع إلدارة أي شــعب آخــر‪،‬‬
‫ونجــد أن هــذه القاعــدة قــد اكتســبت أهميــة بالغــة فيمــا بعــد(‪.)4‬‬
‫لــم تكــن الحكومــات يف العصــور الوســطي ذات ســيادة باملفهــوم الحديــث للســيادة‪،‬‬
‫ولــم يفكــر أحــد يف جــواز أن تكــون كذلــك(‪ ،)5‬ونظــرا ً لتمــرد كثــر مــن اإلمــارات مــن‬
‫ســيطرة الدولــة الرومانيــة‪ ،‬ظهــرت حركــة فكريــة أدركــت مفهــوم الســيادة وحاولــت‬
‫تحديــد معناهــا‪ ،‬إال أنهــا لــم تســتعمل قــط اصطــاح الســيادة(‪ .)6‬وقــد كانــت هــذه‬
‫اإلمــارات يف أوربــا تملــك كل منهــا منطقــة معينــة‪ ،‬إال أنهــا لــم تكــن تعنــي الســيادة‪،‬‬
‫فــأي أمــر أو دوق أو كاهــن أو زعيــم طائفــة دينيــة‪ ،‬كان يمــارس اإلدارة يف منطقتــه‪،‬‬
‫وربمــا يتمتــع بقــدر مــن االســتقالل لكنــه كان يتبــع للملــك‪ ،‬وامللــوك والحــكام‬
‫اآلخــرون كانــوا يتبعــون ســلطات ومرجعيــات أعــى‪ ،‬ولــم يكونــوا مســتقلني اســتقالال ً‬
‫كامـاً‪ ،‬وإنمــا كانــوا يتبعــون لإلمرباطــور املقــدس‪ .‬فمــع حلــول القــرن الثانــي عــر‬
‫أصبــح البابــا‪ ،‬حاكمـا ً معرتفـا ً بــه لــه كل الســلطات وقــادر عــى عــزل هــذا الحاكــم‬

‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬حامد سلطان‪ ،‬عائشة راتب‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.661‬‬
‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.622‬‬
‫((( مبدأ االختصاص الداخيل‪ ،‬عىل رضا عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.208‬‬
‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬حامد سلطان‪ ،‬عائشة راتب‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.663‬‬
‫((( ميثــاق العوملــة‪ ،‬ســلوك اإلنســان يف عــامل عامــر بالــدول‪ ،‬روبــرت جاكســون ‪ :‬تعريــب فاضــل جكــر‪ ،‬مكتبــة العبيــكان‪،‬‬
‫الريــاض‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.288‬‬
‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬حامد سلطان‪ ،‬عائشة راتب‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.668‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪124‬‬
‫أو ذاك‪ ،‬بســبب العجــز أو املكــر(‪ .)1‬ويمكــن ان تقــول إن فكــرة الســيادة قــد نمــت‬
‫يف العصــور الوســطي يف محاولــة للفصــل بــن الســلطتني الزمنيــة والبابويــة‪ ،‬وضــد‬
‫إدعــاءات أمــراء اإلقطــاع يف أوربــا لتدعيــم ملكهــم وســلطانهم‪ ،‬كمــا أن فكــرة الســيادة‬
‫املطلقــة لــم تكــن معروفــة‪ ،‬فالســيادة التــي كانــت معروفــة هــي ســيادة القانــون‬
‫الــذي كان يخضــع للقانــون اإللهــي‪.‬‬
‫كانــت الســلطة الدســتورية والروحيــة خاضعــة للســلطات العليــا وهــي الــرب‪،‬‬
‫وكانــت الســلطة العليــا والروحيــة تابعــة وخادمــة للســيد املســيح‪ ،‬ولــم يكــن هنــاك‬
‫أي فاصــل‪ ،‬جميــع املوظفــن موظفــون عنــد الــرب‪ ،‬فــإذا كانــت ثمــة دولــة ســيادية‬
‫يف القــرون الوســطي فهــي الجمهوريــة املســيحية‪ ،‬فقــد كانــت العالقــة بــن اإلدارة‬
‫واملمالــك تتــم عــن طريــق املفاوضــات واملبعوثــن‪ ،‬وكان البابــا يضفي الصفــة الرشعية‬
‫عــى املعاهــدات ويتطلــع بــدور الحاكــم أو القــايض لحــل النزاعــات بــن امللــوك‪ ،‬وقــد‬
‫نشــأت عالقــات شــبيهة بالعالقــات الدبلوماســية الحديثــة مــع اإلمرباطوريــات خــارج‬
‫الحــدود املســيحية كالعالقــات مــع جمهوريــة البندقيــة واإلمرباطوريــة البيزنطيــة‪.‬‬
‫كان اإليطاليــون يف عهــد النهضــة أول مــن طالــب بوجــوب فضــل حقــوق الــدول‬
‫وواجباتهــا ومصالحهــا املرشوعــة بعيــدا ً عــن الكنيســة وقامــوا بإنشــاء الدولــة كعمــل‬
‫(‪)2‬‬
‫فنــي مــن نوعيــة جديــدة‪ ،‬ثــم كانــت ثــورة اإلصــاح الدينــي وفلســفة ميكافيــي‬
‫السياســية اللتــان كان األثــر يف انتشــار فكــرة الدولــة املســتقلة وانتــرت الفكــرة‬
‫ومارســتها يف أوربــا حتــى أصبحــت البابويــة دولــة(‪.)3‬‬
‫كانــت أويل معالــم الحركــة الفكريــة التــي عنيــت بمفهــوم الســيادة‪ ،‬يف القــرن‬
‫الثانــي عــر والتــي نشــأت مــن اســتقالل امللــوك عــن اإلمرباطــور وأن لهــم عــى‬
‫شــعوبهم ســلطات تماثــل ســلطات اإلمرباطــور‪ ،‬وامللــك لــه الســلطات الكامــل داخــل‬
‫مملكتــه يف الترشيــع والتنفيــذ والقضــاء‪ ،‬وقــد تطــور هــذا املفهــوم يف القــرن الثالــث‬
‫عــر‪ ،‬فلألمــر داخــل أحــق الترشيــع وحــق فــرض الرضائــب وفــرض العقــاب عــى‬

‫((( ميثاق العوملة‪ ،‬روبرت جاكسون ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.292-291‬‬


‫ي‪ ،‬ولــد ســنة ‪1469‬م‪ ،‬ولــد يف فلورنســا‪ ،‬كان مفكـ ًرا وفيلســوفًا سياسـ ًيا إيطال ًّيــا إبــان‬
‫((( نيكولــو دي برنــاردو دي ماكيافيـ ّ‬
‫عــر النهضــة‪ ،‬أصبــح مكيافيــي الشــخصية الرئيســية واملؤســس للتنظــر الســيايس الواقعــي‪ ،‬والــذي أصبحــت فيــا بعــد‬
‫عصــب دراســات العلــم الســيايس‪ ،‬أشــهر كتبــه عــى اإلطــاق‪ ،‬كتــاب األمــر‪ ،‬والــذي كان عم ـاً هــدف مكيافيــي منــه أن‬
‫ر الكتــاب بعــد موتــه‪ ،‬وأيــد فيــه فكــرة أن ماهــو مفيــد فهــو رضوري‪ ،‬والتــي كان عبــارة عــن‬ ‫يكتــب نصائــح لـــلحاكم‪ ،‬نُـ َ‬
‫صــورة مبكــرة للنفعيــة والواقعيــة السياســية‪ ،‬ولقــد فُصلــت نظريــات مكيافيــي يف القــرن العرشيــن‪https://ar.wikipedia. .‬‬
‫‪org‬‬
‫((( ميثاق العوملة‪ ،‬روبرت جاكسون ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.294‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪125‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫املجرمــن وحــق إعــان الحــرب‪ ،‬وللدولــة يف النطــاق الخارجــي حــق االســتقالل وحــق‬
‫املســاواة مــع غريهــا مــن الــدول‪ ،‬وقــد كان لهــذا التطــور أثــره البالــغ يف تطويــر‬
‫األوضــاع الدوليــة‪ ،‬وأطاحــت باملركــز الرئــايس الــذي كان يدعيــه اإلمرباطــور والبابــا‬
‫وفتحــت الطريــق الســتقالل الشــعوب‪ ،‬وبــدأت تظهــر الــدول املســتقلة التــي تتســاوي‬
‫فيمــا بينهــا أمــام القانــون‪.‬‬
‫كان أول ظهــور لفكــرة الســيادة عنــد الفقيــة لــوزاو‪ ،‬الــذي عــارص امللــك هنــرى‬
‫الرابــع(‪ )1‬يف بدايــة القــرن الخامــس عــر وقــد كان يــري ان الســيادة هــي الســلطة‬
‫العليــا وإنمــا هــي الخاصيــة التــي يتمتــع بهــا امللــك وال يســمو عليهــا يشء وال تخضع‬
‫ألحــد وتســمو عــى الجميــع ويرتتــب عــى ذلــك أنهــا(‪:)2‬‬
‫‪ -1‬ال ترد عليها قيود أو حدود‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يتصور وجود سلطة أعيل منها‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يستثني من الخضوع لها أي شخص أو يشء يف الدولة‪.‬‬
‫ويرجــع الفضــل لعلمــاء فرنســا يف تقنــن فكــرة الســيادة وفصلهــا عــن امللــك‪ ،‬كمــا‬
‫فصلــوا بــن امللــك والســيادة‪ ،‬حيــث أصبحــت عنــرا ً أساســيا ً مــن عنــارص تكويــن‬
‫الدولــة‪ ،‬وأن عالقــات الســيادة الحقيقيــة هــي التمتــع بســلطات الترشيــع وإعــان‬
‫الحــرب وإنشــاء الوظائــف(‪.)3‬‬
‫واســتقر الفقــه عــى أن الدولــة شــخص معنــوي صاحــب ســيادة تتمتــع بســلطة‬
‫ســيادية عليــا آمــرة نابعــة مــن ذات الدولــة ومســتقلة‪ ،‬يخضــع لهــا كل مــن يف الداخل‬
‫وال تخضــع لســلطة يف الخــارج(‪ .)4‬وعرفــوا الســيادة بأنهــا ســلطة عليــا عــى املواطنــن‬
‫والرعايــا وال يحدهــا القانــون وأنهــا تتميــز بالخصائــص التاليــة‪:‬‬

‫((( هــري الرابــع‪ ،‬إمرباطــور رومــاين مقــدس‪ ،‬تــوىل كــريس االمرباطوريــة مــن ســنة ‪1105‬م إىل ســنة ‪1056‬م‪ ،‬يتبــع لكنيســة‬
‫القديــس بطــرس القدميــة‪ ،‬رومــا‪ ،‬حتــى تــم إجبــاره عــى التنــازل يف عــام ‪1105‬م‪ ،‬وكــا أنــه اإلمرباطــور الثالــث مــن ســالة‬
‫ســاليان‪ ،‬وواح ـدًا مــن أقــوى الشــخصيات وأهمهــا يف القــرن الحــادي عــر‪ .‬وقــد مت ّيــزت فــرة حكمــه بوجــود ن ـزاع يف‬
‫التنصيــب مــع الباباويــة‪ ،‬إىل جانــب والعديــد مــن الحــروب األهليــة مــع املطالبــن بالحصــول عــى عرشــه يف إيطاليــا وأملانيــا‪.‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org‬‬
‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬حامد سلطان‪ ،‬عائشة راتب‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.671-668‬‬
‫((( الدولة والسيادة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬فتحي عبد الكريم‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1984 ،‬م‪ ،‬ص‪.61-60‬‬
‫((( نظريــة الدولــة واملبــادئ العامــة لألنظمــة السياســية ونظــم الحكــم‪ ،‬طعيمــة الجــرف‪ ،‬مكتبــة القاهــرة الحديثــة‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬مــر‪1973 ،‬م‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪126‬‬
‫‪ -1‬أنها دائمة بمعني أنها تدوم مدى الحياة ملن يملكها‪.‬‬
‫‪ -2‬وأنها ال يمكن تفويضها او الترصف فيها‪ ،‬كما ال تخضع للتقادم‪.‬‬
‫‪ -3‬أنها سلطة مطلقة ال تخضع للقانون(‪.)1‬‬
‫وقــد كان القــرن الســادس عــر محــاً لتطويــر فكــرة الســيادة‪ ،‬وذلــك برتكيــز‬
‫الســلطة يف أيــدي الحكومــات وتجميعهــا يف أيــدي امللــوك‪ ،‬حيــث أصبــح ينظــر إىل‬
‫الســيادة عــى أنهــا الســلطة العليــا املســتقلة عــن أي ســلطة أجنبيــة‪ .‬وقــد كان هنــاك‬
‫تيــاران مــن الفكــر‪ ،‬أولهمــا قــر اهتمامــه عــى فكــرة الســيادة للدولــة دون اعتبــار‬
‫للمجتمــع الــدويل وأنهــا مطلقــة مــن كل قيــد‪ ،‬والثانــي الــذي أدرك وجــود املجتمــع‬
‫الــدويل فاعتــره قيــدا ً عــى ســيادة الدولــة‪ ،‬وبذلــك يكــون هنــاك قانــون يحكــم‬
‫عالقــات الــدول وهــو أعــى منهــا‪ ،‬هــو القانــون الطبيعــي(‪.)2‬‬
‫كان لثــورة اإلصــاح الدينــي الفضــل يف إرســاء الحداثــة السياســية وســيادة الدولــة‬
‫منــذ ذلــك الزمــان(‪.)3‬‬
‫يف الفــرة مــا بــن ‪1648-1618‬م وقعــت حــرب الثالثــن عامــا ً املدمــرة يف أوربــا‪،‬‬
‫التــي كانــت بــن تحالفــن كانــا يف البدايــة معتمديــن عــى التمايــز الدينــي‪ ،‬ولكــن‬
‫مــا لبــث أن أفضــح عــن املصالــح السياســية بــن األمــراء وملــدن الحــرة يف املانيــا‬
‫الربوتســتانتية مــن جهــة‪ ،‬وبــن رابطــة نظرائهــم الكاثوليــك مــن الجهــة األخــرى‪ ،‬مــا‬
‫لبــث أن شــملت الحــرب كل أوربــا غــر أن أيـا ً مــن الطرفــن لــم يســتطع أن يحســم‬
‫األمــر عســكرياً‪ ،‬فتــم يف أواخــر عــام ‪ 1648‬يف وســتفاليا توقيــع معاهــدة ســام ذات‬
‫بعديــن ســيايس ودينــي‪ ،‬تــم االعــراف يف هــذه املعاهــدة بالســيادة اإلقليميــة لتشــكيله‬
‫مؤلفــة مــن ثالثمائــة دولــة ودويلــة‪ .‬أصبحــت كل منهــا مســتقلة داخــل إقليمهــا‬
‫ومؤهلــة إلبــرام معاهــدات فيمــا بينهــا أو مــع قــوي خارجيــة‪ .‬وعــى الرغــم مــن أن‬
‫وســتفاليا هــي نقطــة االنعطــاف الحاســمة يف بــروف الســيادة‪ ،‬إال أن املعاهــدة لــم‬
‫تتضمــن أي ذكــر لكلمــة (الســيادة)‪ .‬وســتفاليا تمثــل النهايــة لقيــادة البابــا الروحيــة‬
‫ولزعامــة إمرباطوريــة رومــا املقــدس‪ .‬وكان قــد تــم خلــق مجتمــع دويل ذي ســيادة‬
‫عــى األنقــاض السياســية إلمرباطوريــة مســيحية قروســطية تعرضــت للخــراب‪.‬‬

‫((( نفس املرجع ص‪.131‬‬


‫((( مبدأ االختصاص الداخيل‪ ،‬عىل رضا عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫((( ميثاق العوملة‪ ،‬روبرت جاكسون‪ ،‬مرجع سابق ص‪.298-295‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪127‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ويمكننــا القــول إن معاهــدة وســتفاليا هــي النقطــة التــي ابتــداء منهــا القانــون‬
‫الــدويل‪ ،‬حيــث كان أول مؤتمــر دويل لحــل النزاعــات واإلشــكاالت بــن الــدول األوربيــة‪،‬‬
‫وقــد خلقــت املعاهــدة الجماعــة الدوليــة وســاوت بــن الــدول جميعـاً‪ ،‬ونزعــت فكــرة‬
‫الســيادة الدينيــة والبابويــة(‪.)1‬‬
‫باتــت فكــرة ســيادة الدولــة هــي التــي تحــدد شــكل العالقــات بــن املجتمعــات‬
‫السياســية املوجــودة داخــل أوربــا مبنيــة عــى ثالثــة مبــادئ أساســية‪ :‬املبــدأ األول‬
‫يتمثــل يف شــعار (امللــك إمرباطــور يف مملكتــه)‪ ،‬الــذي يعنــي أن الدولــة الســيادية‬
‫ليســت خاضعــة أليــة ســلطة ســيادية أعــى وكمــا كان ســابقاً‪ .‬واملبــدأ الثانــي يمثلــه‬
‫شــعار (النــاس عــى ديــن ملوكهــم)‪ ،‬والــذي يعنــي عــدم تدخــل الغربــاء يف أي دولــة‬
‫عــى أســاس دينــي‪ ،‬الــذي لــم يعــد مســوغا ً للتدخــل املســلح أو الحــرب لحمايــة الدين‪.‬‬
‫واملبــدأ الثالــث هــو مبــدأ (تــوازن القــوى) وهــو املبــدأ الــذي كان ال يســمح ألي دولــة‬
‫باكتســاح دولــة أخــري‪ ،‬فــإذا تعــدت دولــة عــى دولــة أخــري بغــرض إخضاعهــا‪،‬‬
‫فــإن باقــي الــدول تتصــدي لهــا وترغمهــا عــى العــدول عــن ذلــك(‪ .)2‬وقبل أن تســتقر‬
‫فكــرة الســيادة يف وســتفاليا ويجــف املــداد الــذي كتبــت بــه تــم انتهــاك الســيادة‬
‫وفقــا للمصالــح وســعيا ً للهيمنــة والســيطرة وتحقيــق املصالــح‪ ،‬ويتمثــل ذلــك حــن‬
‫ســعى لويــس الرابــع عــر يف القــرن الســابع عــر‪ ،‬حيــث ســعى إلقامــة نظــام ملكي‬
‫عاملــي‪ ،‬وحــاول نابليــون يف أواخــر القــرن الثامــن عــر بنــاء إمرباطوريــة عامليــة(‪.)3‬‬
‫وكان لثــورة االســتقالل األمريكيــة عــام ‪1766‬م واندالع الثورة الفرنســية ومــا صاحبها‬
‫مــن نهضــة فكريــة‪ ،‬أدي إىل ظهــور نظريــة ســيادة األمــة(‪ ،)4‬ونظريــة ســيادة الــدول‬
‫يف املانيــا‪ ،‬األمــر الــذي أدي إىل ظهــور الدولــة الحديثــة فنشــأت مجموعــة مــن الــدول‬

‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬سامي جنينة‪ ،‬مطبعة لجنة التأليف والنرش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1938 ،2‬م‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫((( املرجع السابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫((( ميثاق العوملة‪ ،‬روبرت جاكسون‪ ،‬مرجع سابق ص‪.309 305-‬‬
‫((( يــرى جــان جــاك روســو أن العقــد االجتامعــي يعطــي املجتمــع الســيايس ســلطة مطلقــة عــى كل أعضائــه‪ ،‬هــي‬
‫الســيادة‪ .‬يعــرف الســيادة بأنهــا مامرســة اإلدارة العامــة التــي ال ميكــن التــرف فيهــا‪ ،‬وأن صاحــب الســيادة هــو كائــن‬
‫جامعــي ال ميكــن أن ميثلــه أحــد أو ينــوب عنــه‪ .‬ويــرى أن الســلطة العليــا ال ميكــن تقييدهــا ألن ذلــك يعنــي تحطيمهــا‪.‬‬
‫وأن الســلطة صاحبــة الســيادة ليســت يف حاجــة إىل ضامنــات بالنســبة لرعاياهــا‪ .‬ويــرى روســو أن وجــود الجامعــة ال ميكــن‬
‫تصــوره إال يف وجــود عقــد اجتامعــي صــادر مــن إجــاع اإلرادات الحــرة‪ .‬وأن الخضــوع لــرأي األغلبيــة هــو أحــد الــروط‬
‫الرضوريــة للعقــد االجتامعــي‪ .‬وكان روســو يؤمــن بالدميقراطيــة املبــارشة لــي ميــارس الشــعب ســيادته بشــكل مبــارش‪.‬‬
‫جدليــة الدولــة والعوملــة‪ ،‬ليــي حــاوة‪ ،‬مقــال منشــور عــى موقــع‪ :‬مركــز الوفــاق للبحــوث والتدريــب عــى االنرتنــت‪،‬‬
‫جدليــة الدولــة والعوملــة‪ ،‬ليــي حــاوة‪ ،‬مقــال منشــور عــى موقــع‪ :‬مركــز الوفــاق للبحــوث والتدريــب عــى االنرتنــت‪،‬‬
‫‪.https://wefaqdev.net‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪128‬‬
‫تعمــد يف عالقتهــا مــع بعضهــا عــى الســيادة اإلقليميــة لــكل منهــا واســتقاللها(‪.)1‬‬
‫ويف فرنســا تحديــدا ً تطــورت فكــرة الســيادة‪ ،‬وأخــذت طريقهــا إىل القانــون العــام‬
‫الفرنــي بعــد الثــورة الفرنســية‪ .‬ففــي ‪ 26‬أغســطس ‪1779‬م صــدر إعــان حقــوق‬
‫اإلنســان الــذي نــص يف مادتــه الثالثــة عــى أن الســيادة لألمــة‪ ،‬وأضافــت املــادة (‪)6‬‬
‫منــه عــى أن القانــون هــو التعبــر عــن إرادة األمــة‪ ،‬وقــد نصــت املــادة (‪ )25‬مــن‬
‫إعــان حقــوق اإلنســان الصــادر مــع دســتور ‪1793‬م عــى أن (الســيادة للشــعب‪،‬‬
‫وهــي غــر قابلــة لالنقســام وال يمكن بدســتور الســنة الثالثــة عــى أن (الســيادة ترتكز‬
‫أساس ـا ً يف مجمــوع املواطنــن)‪ .‬وهكــذا جعلــت الثــورة الفرنســية مــن ســيادة األمــة‬
‫قاعــدة قانونيــة عامــة انتقلــت منهــا إىل البــاد املجــاورة حتــى أصبحــت القاعــدة‬
‫العامــة للدســاتري(‪.)2‬‬
‫ويف نهايــة القــرن الثامــن عــر وبدايــة القــرن التاســع عــر تطــورت فكرة الســيادة‪،‬‬
‫فأصبحــت الســيادة يف الداخــل لألمــة ويف الخارج يعنــي اســتقاللها ومســاواتها بالدول‬
‫األخــرى‪ ،‬وأصبحــت الســيادة هــي التعبــر القانونــي لالســتقالل واملســاواة‪ .‬وصــارت‬
‫الســيادة يف الداخــل هــي املحتــوى لــكل الســلطات املتعلقــة بإقليــم الدولــة وأشــخاصه‬
‫ومرافقــه ومــوارده‪ ،‬وأصبــح القانــون الداخــي هــو األصــل يف تنظيــم كل الشــئون‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص السيادة‪:‬‬
‫البــد أن نقــف عــى املعايــر والخصائــص التــي ينبغــي توافرهــا يف الجهــة التــي‬
‫تمــارس الســيادة‪ ،‬فالدّولــة باعتبارهــا شــخصية معنويــة ليســت باســتطاعتها‬
‫االضطــاع بمهــام إصــدار األوامــر والنواهــي أي ممارســة الســيادة بذاتيتهــا‪ ،‬وإنمــا‬
‫تقــوم ســلطة عليــا بممارســة الســيادة باســم الدّولــة‪ ،‬وأيــا ً كانــت األســماء التــي‬
‫تتخذهــا لنفســها هــذه الســلطة ســواء كانــت حكومــة أو مجالــس الحكومــة أو‬
‫مفوضياتهــا‪ ...‬الــخ‪ ،‬فــإن هــذه الســلطة العليــا تتصــف بالصفــات أدنــاه‪:‬‬
‫‪ .‬أإنهــا ســلطة مانعــة‪ :‬فــا يمكــن لســلطة أخــرى أن تزاحمهــا يف ممارســة الســيادة‬
‫فــوق أرايض اإلقليم‪.‬‬
‫‪ .‬بإنهـا سـلطة جامعـة‪ ،‬أي أنهـا تشـمل يف اختصاصاتها كل حـدود اإلقليم وهـذا الذي‬
‫يفرقهـا عن سـلطات حـكام املقاطعات واملحافظـات املعرتف بهـا واملحـدودة النطاق‪.‬‬

‫((( مبدأ االختصاص الداخيل‪ ،‬عىل رضا عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق ص‪.212‬‬
‫((( مبادئ القانون الدستوري‪ ،‬د‪ .‬خريى عبد الله‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط ‪1949 ،4‬م‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪129‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪ .‬جهــذه الســلطة داخليــا ً تعتــر فوقيــة فــا ترأســها أو تســمو عليهــا أي ســلطة‬
‫وطنيــة أو أجنبيــة أخــرى‪.‬‬
‫‪ .‬دتكتســب هــذه الســلطة التأييــد بالقــوة املاديــة لتمكينهــا مــن ممارســة وســائل‬
‫اإلكــراه متــى تطلــب األمــر ذلــك‪.‬‬
‫‪ .‬هتمتــاز هــذه الســلطة باملؤسســية أي أنهــا منفصلــة غــر مرتبطــة بشــخصية مــن‬
‫يمارســها مــن النخبــة الحاكمــة‪ ،‬ويف هــذا يــرى الفقــه الــدويل‪“ :‬إن الدّولــة تولــد‬
‫متــى انتقــل مقعــد الســلطة السياســية مــن الفــرد إىل مؤسســة دائمــة معنويــة‪،‬‬
‫ويــرى بعــض الفقهــاء إن انتقــال الســلطة مــن شــخص الحاكــم إىل الشــعب‬
‫“الحكومــة” لــم يحــدث يف أوروبــا؛ إال يف أعقــاب الثــورة الفرنســية يف أواخــر القرن‬
‫الثامــن عرش(‪.)1‬‬
‫‪1 .‬ال يمكــن أن يفــرض عــى الدولــة أي التزامــات مــن قبــل إرادة أخــرى‪ :‬فالســيادة‬
‫تقتــي أن ال تفــرض عــى الــدول أي التزامــات‪ ،‬إال التــي تفرضهــا الــدول عــى‬
‫نفســها‪ ،‬مثــل الدخــول يف املنظمــات الدوليــة واملعاهــدات واالتفاقــات الدوليــة‪.‬‬
‫‪2 .‬أن الســيادة ال تقبــل التجزئــة وهــي تعنــي إنــه عــى اإلقليــم الواحــد ويف وقــت‬
‫واحــد ال يمكــن أن توجــد ســوى ســيادة واحــدة أي ســلطة عليــا واحــدة‪.‬‬
‫‪3 .‬أن الســيادة غــر قابلــة للتــرف فيهــا‪ ،‬بمعنــى أنــه ال يحــق لصاحــب الســيادة‬
‫التنــازل عنهــا لغــره‪.‬‬
‫‪4 .‬أن الســيادة غــر قابلــة للتملــك بمــي املــدة‪ .‬ولذلــك ففــرض الســلطان بالقــوة‬
‫والغصــب ال يجعــل للحاكــم رشعيــة أو ســيادة‪ ،‬وال يســقط مرشوعيــة الســيادة‬
‫مهمــا طالــت املــدة(‪.)2‬‬
‫ويرى جانب من الفقه أن السيادة لها خمس خصائص‪:‬‬
‫‪1 .‬مطلقــة‪ :‬وهــذه الخاصيــة هــي الســيادة بمفهومهــا املطلــق بمعنــى أن ليــس‬
‫هنــاك ســلطة أو هيئــة أعــى منهــا يف الدّولــة‪ ،‬فهــي بذلــك أعــى صفــات الدّولــة‪،‬‬
‫ويكــون للدّولــة الســلطة عــى جميــع املواطنــن‪.‬‬

‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬الفيك أحمداي عمر عبد الله‪ ،‬مطبعة الرشطة‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪ ،‬ط‪2013 ،2‬م‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫((( الدولة والسيادة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬فتحي عبد الكريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.107 – 101‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪130‬‬
‫‪2 .‬الســيادة ال تقبــل التــرف فيهــا بمعنــى‪ :‬أن الدّولــة ال تســتطيع أن تتنــازل عنهــا‬
‫والدولــة التــي تتنــازل عــن ســيادتها تفقــد ركن ـا ً مــن أركان قيامهــا وتنقــي‬
‫شــخصيتها الدوليــة‪ .‬وذلــك ليــس مفــاده أن الدّولــة ليــس لهــا أن تتقيــد يف‬
‫نطــاق العالقــات الدوليــة بمــا تعقــده مــن معاهــدات ممــا يحــد مــن ســيادتها‬
‫يف التــرف‪ ،‬وذلــك ألن املعاهــدات بمــا تنطــوي عليــه مــن قيــود اتفاقيــة ال تعــد‬
‫تنــازال ً عــن الســيادة(‪.)1‬‬
‫‪3 .‬دائمــة‪ :‬بمعنــى أنهــا تــدوم بــدوام قيــام الدّولــة وإذا حصــل تغيــر يف الحكومــة ال‬
‫يعنــي فقــدان أو زوال الســيادة‪.‬‬
‫‪4 .‬ال تتجــزأ‪ :‬بمعنــى أنــه ال يوجــد يف الدّولــة الواحــدة ســوى ســيادة واحــدة ال‬
‫يمكــن تجزئتهــا‪ ،‬فالدّولــة كالســفينة – ال يمكــن أن يقــوم فيهــا أكثــر مــن ســلطة‬
‫واحــدة تمــارس الســيادة فيهــا – فالــ ُد َو ْل حتــى املركبــة منهــا ال يستســاغ أن‬
‫تكــون الســيادة فيهــا موزعــة بــن إدارة محليــة وإدارة مركزيــة ومــا شــابه ذلــك‪،‬‬
‫فالســلطة املركزيــة هــي التــي تتمثــل فيهــا جميــع خصائــص الســيادة دون‬
‫غريهــا مــن الســلطات التابعــة(‪.)2‬‬
‫‪5 .‬عــدم تفويضهــا‪ :‬كمــا يرتتــب عــى القــول بوحدانيــة الســيادة عــدم نقلهــا وعــدم‬
‫إمكانيــة تفويضهــا‪ ،‬عــى أنــه يف حالــة الحمايــة يجــوز وفــق نــص االتفــاق‬
‫الخــاص بــكل حالــة تفويــض‪ ،‬يف ممارســة جــزء مــن الســيادة للدولــة الحاميــة‪،‬‬
‫غــر أنــه ال يرتتــب عــى هــذا أن تفقــد الدولــة املحميــة شــخصيتها الدوليــة‪،‬‬
‫بمعنــى أن العالقــات بــن الدولــة الحاميــة والدولــة املحميــة تعتــر مــن عالقــات‬
‫القانــون الــدويل العــام(‪.)3‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مصدر السيادة‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مصدر السيادة في الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫لتحديــد مصــدر الســيادة يف الفكــر الســيايس اإلســامي املعــارص والتنظــر – وفــق‬
‫القيــم الرشعيــة – ملصــدر الســيادة بحســب املعنــى االصطالحــي لهــا كســلطة عليــا‬
‫((( املعاهــدات غــر املتكافئــة يف القانــون الــدويل‪ ،‬د‪ .‬عصــام صــادق رمضــان‪ ،‬دار النهضــة الحديثــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1962‬م‪ ،‬ص‪.469‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.470‬‬
‫((( حــق املســاواة يف القانــون الــدويل واملنظــات الدوليــة‪ ،‬محمــد مصطفــى املغــريب‪ ،‬دار املطبوعــات الجامعيــة‪،‬‬
‫االســكندرية‪ ،‬مــر‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.74-73‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪131‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫تســر إرادة األمــة والدولــة‪ .‬يــرى االتجــاه األول أن الســيادة للشــعب ولذلــك فاألمــة‬
‫مصــدر الســيادة ومصــدر الســلطات يف الدولــة‪ .‬ويــرى االتجــاه الثانــي أن الســيادة‬
‫«مزدوجــة» فهــي مــن ناحيــة ســيادة للكتــاب والســنة ومــن ناحيــة أخــرى ســيادة‬
‫محــدودة للشــعب أو جمهــرة املســلمني‪ .‬أمــا االتجــاه الثالــث فــرى أن الســيادة‬
‫مصدرهــا اللــه عــز وجــل وحــده(‪ )1‬وأن الســيادة للــرع اإلســامي ال غــر‪ ،‬ويمكــن‬
‫تنــاول النظريــات التــي تناولــت مصــدر الســيادة يف الرشيعــة اإلســامية عــى النحــو‬
‫التــايل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬سيادة األمة‪:‬‬
‫يــرى أصحــاب االتجــاه األول أن األمــة صاحبــة الســيادة عــى أســاس أن «الســلطة‬
‫العامــة ليــس لهــا ســوى مصــدر واحــد وصاحــب واحــد هــو األمــة»(‪ .)2‬ولقــد أكــد‬
‫اتجــاه ســيادة األمــة واعتبارهــا مصــدرا ً للســلطات عــدد مــن الكتّــاب‪ ،‬حيــث يعــر‬
‫الشــيخ محمــد الغــزايل(‪ )3‬عــن هــذا املفهــوم للســيادة بقولــه‪ :‬ومــن ثــم فاألمــة وحدها‬
‫هــي مصــدر الســلطة والنــزول عــى إرادتهــا فريضــة‪ ،‬والخــروج عــى رأيهــا تمــرد‪...‬‬
‫ونصــوص الديــن وتجــارب الحيــاة تتضافــر كلهــا عــى توكيــد ذلــك(‪.)4‬‬
‫وقــد أكــد الشــيخ املطيعــي(‪ )5‬أن «املســلمني هــم أول أمــة قالــت بــأن األمــة هــي مصدر‬
‫الســلطات كلهــا قبــل أن يقــول ذلــك غريهــا مــن األمــم‪ ،‬وأن الحكومــة اإلســامية التــي‬
‫يرأســها الخليفــة واإلمــام العــام حكومــة ديمقراطيــة حــرة‪ ،‬أن األمــة‪ ،‬مــن الوجهــة‬
‫السياســية العمليــة‪ ،‬هــي «مصــدر الســلطات»‪ ،‬وأن كل مــا يصــدر عــن اإلمــام‪ ،‬وهــو‬
‫رئيــس الدولــة‪ ،‬مــن ســلطات أو واليــات‪ ،‬فمرجعــه األول إرادتهــا»(‪.)6‬‬

‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.78‬‬


‫((( الوسيط يف القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬عبدالكريم علوان‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫((( الغـزايل‪ :‬هــو أبــو حامــد محمــد بــن محمــد الغـزايل الطــويس‪ ،‬ولــد بطــوس مــن قــرى العـراق‪ ،‬عــام ‪497‬هـــ‪ ،‬صــويف مــن‬
‫أكــر علــاء الصوفيــة‪ ،‬لــه مؤلفــات كثــرة‪ ،‬إحيــاء علــوم الديــن‪ ،‬املســتصفى يف أصــول الفقــه‪ ،‬واإلحــكام يف علــوم األحــكام‬
‫يف أصــول الفقــه‪ ،‬واإلســام واالســتبداد‪ ،‬وغريهــا مــن املؤلفــات‪ ،‬تــوىف ســنة ‪505‬هـــ‪ ،‬انظــر‪ :‬طبقــات ابــن ســعد‪ ،‬ابــن ســعد‪،‬‬
‫مكتبــة الصديــق‪ ،‬الطائــف‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية‪1416 ،‬هـــ‪.47/3 ،‬‬
‫((( اإلســام واالســتبداد الســيايس‪ ،‬محمــد الغــزايل‪ ،‬دار الكتــب اإلســامية‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬الطبعــة الثالثــة‪1404 ،‬هـــ–‬
‫‪1984‬م‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫((( محمــد نجيــب املطيعــي‪ ،‬ولــد يف ســنة ‪1915‬م‪ ،‬بقريــة مــن قــرى صعيــد مــر‪ ،‬مبحافظــة أســيوط‪ ،‬مــن علــاء املســلمني‬
‫املتأخريــن‪ ،‬كان مجاهــدا ً‪ ،‬شــارك يف حــرب إرسائيــل مــع الجيــش املــري‪ ،‬يف إدارة التوجيــه املعنــوي‪ ،‬مــن مؤلفاتــه الســر‬
‫املخلــص‪ ،‬كتــاب املنعــة يف تفصيــل الســنة والبدعــة‪ ،‬كتــاب تاريــخ النقــود اإلســامية وغريهــا‪ ،‬انظــر‪ :‬األعــام‪ ،‬خــر الديــن‬
‫الــزركيل‪ ،‬دار العلــم للماليــن‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬ط‪2002 ،15‬م‪.55/4 ،‬‬
‫((( النظريات السياسية اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬محمد ضياء الدين الريس‪ ،‬دار الرتاث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1979 ،‬م‪ ،‬ص‪.220‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪132‬‬
‫نقد هذا االتجاه‪:‬‬
‫لقــد اســتند القائلــون بمبــدأ ســيادة األمــة يف اإلســام عــى حــق األمــة يف توليــة‬
‫الخليفــة عــن طريــق البيعــة‪ ،‬وحقهــا يف مراقبتــه ومحاســبته وعزلــه‪ ،‬واالســتدالل مــن‬
‫ذلــك عــى مبــدأ «ســيادة األمــة» خطــأ‪ .‬ويف هــذا خلــط بــن مفهــوم الســيادة كإرادة‬
‫عليــا ال تعلوهــا إرادة ومفهــوم ممارســة الحكــم والســلطان مــع أنهمــا مختلفــان رشعا ً‬
‫وعقـاً‪ .‬والحقيقــة أن حــق األمــة أو الشــعب يف بيعــة الخليفــة ومحاســبته وعزلــه يــدل‬
‫عــى أن مراقبــة الســلطان يف ممارســة الحكــم لألمــة‪ .‬ولكــن مــن املغالطــة اعتبــار‬
‫هــذه املمارســة للســلطة ومظاهــر الســلطان دلي ـاً عــى اعتبــار إرادة األمــة ملزمــة‬
‫قاهــرة ال يعلوهــا وال يحــد منهــا إي إرادة أخــرى ملــا ثبــت يف أحــكام الرشيعــة مــن‬
‫رضورة االنقيــاد واالحتــكام إىل الــرع وأن ليــس ألحــد مــن األمــة كائنــا ً مــن كان‬
‫خيــار يف األمــر بعــد قضــاء اللــه(‪.)1‬‬
‫فالســيادة العليــا يف الدولــة اإلســامية يجــب أن تكــون للــرع وحــده‪ ،‬حيــث أن‬
‫مفهــوم الســيادة الشــعبية أو ســيادة األمــة يطلــق حريتهــا يف تبنــي مــا تشــاء مــن‬
‫قوانــن مــن منطلــق كونهــا الســيادة العليــا اآلمــرة يف املجتمــع‪ ،‬وهــذا يخالــف األمــر‬
‫الجــازم بوجــوب االنقيــاد ألحــكام الــرع ممــا ينفــي عــن األمــة بداهــة أنهــا صاحبــة‬
‫الســيادة طاملــا أنهــا ال تســتطيع بمقتــى إرادتهــا العليــا أن تضــع قانونـا ً ملزمــا أو‬
‫تقــرر أمــرا ً يخــرج عــن نطــاق مــا رســمه الشــارع(‪.)2‬‬
‫ويــرى الباحــث أن نظريــة ســيادة األمــة‪ ،‬مخالفــة للــرع فالســيادة العليــا يف الدولــة‬
‫اإلســامية يجــب أن تكــون للــرع وحــده‪ ،‬فالــرع يحــدد النظــام ويجــب أن يصــر‬
‫هــو القانــون بحيــث ال يجــوز الخــروج عــن نطــاق مــا رســمه الشــارع الحكيــم‪،‬‬
‫ويعطــى الحاكــم ســلطة تنظيــم وســن القوانــن واللوائــح بشــأن املســائل التــي لــم‬
‫يــرد فيهــا نــص مــن الشــارع الحكيــم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ازدواج السيادة‪:‬‬
‫أمــا أصحــاب االتجــاه الثانــي فــرون أن الســيادة مزدوجــة‪ ،‬فاألمــة والرشيعــة يمثــان‬
‫مصــدر الســيادة يف الدولــة اإلســامية‪ ،‬ويفــرق هــؤالء بــن مجــال النــص القطعــي‪،‬‬
‫ومجــال النــص الظنــي أو عــدم ورود نــص‪ ،‬فــإذا وجــد نــص قطعــي واضــح أصبحت‬
‫((( النظريات السياسية اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬محمد ضياء الدين الريس‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫((( النظريــة اإلســامية يف الدولــة مــع املقارنــة بنظريــة الدولــة يف الفقــه الدســتوري الحديــث‪ ،‬د‪ .‬حــازم عبداملتعــال‬
‫الصعيــدي‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1397 ،‬هـــ‪1977 ،‬م‪ ،‬ص‪.411 – 410‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪133‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الســيادة للــه وانتفــى دور األغلبيــة أو اإلجمــاع‪ .‬أمــا إذا كان النــص ظنــي الداللــة فــإن‬
‫دور الجماعــة يــرز ليهيمــن عــى األمــر وتصبــح الســيادة الشــعبية مكملــة لــدور‬
‫الرشيعــة فيمــا ال نــص فيــه أو فيمــا فيــه نــص ظنــي أو غامــض(‪.)1‬‬
‫إن فقهــاء اإلســام قــد عرفــوا نظريــة (ســيادة األمــة) كمــا عــر عنهــا رجــال الثــورة‬
‫الفرنســية فيمــا بعــد‪ ،‬وإن كان بــن النظريتــن فــارق جوهــري‪ .‬فالنظريــة الغربيــة‬
‫تنتهــي إىل اعتبــار ســلطة األمــة مطلقــة‪ ،‬ولكــن يف اإلســام ليســت ســلطة األمــة‬
‫مطلقــة هكــذا وإنمــا هــي مقيــدة بالرشيعــة(‪.)2‬‬
‫واإلســام أقــر مبــدأ ســيادة األمــة ولكنــه قيــده بأحــكام اإلســام «بحيــث ال يتعــارض‬
‫مــع مــا يمكــن أن يطلــق عليــه النظــام العــام لإلســام»(‪ .)3‬حيــث أن الســيادة يف‬
‫الدولــة اإلســامية تكمــن يف الشــعب‪ ،‬فاألمــة اإلســامية هــي مصــدر الســلطات‪ ،‬وليــس‬
‫للحــكام يف الدولــة اإلســامية مــن األمــر إال مــا تريــده األمــة وترضــاه‪ .‬أمــا عــن حدود‬
‫ســيادة الدولــة‪ ،‬أو ســيادة مجمــوع األفــراد املكونــن للدولــة اإلســامية‪ ،‬فهــي الحــدود‬
‫التــي فرضتهــا الرشيعــة اإلســامية‪ ،‬ولألمــة اإلســامية أن تضــع نظمهــا وقوانينهــا يف‬
‫حــدود هــذه الســيادة(‪.)4‬‬
‫نقد هذا االتجاه‪:‬‬
‫إن القــول بالســيادة املقيــدة لألمــة ‪ -‬مــن منطلــق عــدم إمكانيــة تجزئــة الســيادة بــن‬
‫اللــه عــز وجــل واألمــة‪ -‬باطــل‪ ،‬حيــث أكــد اإلســام عــى أن كافــة األحــكام مرجعهــا‬
‫إىل الــرع ســواء مــا جــاء فيــه نــص جــي أو لــم يــرد فيــه نــص‪.‬‬
‫أمــا مــا ورد فيــه نــص جــي فإرجاعــه إىل الــرع أمــر مقطــوع بــه‪ ،‬أمــا مــا لــم‬
‫يــرد فيــه نــص فقــد أمــر الــرع باالجتهــاد يف مصــادر الرشيعــة الســتنباط حكمــه‬
‫الرشعــي‪ .‬واالجتهــاد ال يعطــي صاحبــه حــق الســيادة لعــدم جــواز مخالفــة الــرع‪،‬‬
‫فالــرع مهيمــن عــى االجتهــاد(‪.)5‬‬

‫((( النظريات السياسية اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬محمد ضياء الدين الريس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.223‬‬
‫((( النظريــة اإلســامية يف الدولــة مــع املقارنــة بنظريــة الدولــة يف الفقــه الدســتوري الحديــث‪ ،‬د‪ .‬حــازم عبداملتعــال‬
‫الصعيــدي‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬ص‪.284‬‬
‫((( الدولــة اإلســامية وســلطتها الترشيعيــة‪ ،‬د‪ .‬حســن صبحــي أحمــد عبداللطيف‪ ،‬مؤسســة الشــباب الجامعي‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬
‫مرص‪1974 ،‬م‪ ،‬ص‪.241 240-‬‬
‫((( أســس العلــوم السياســية يف ضــوء الرشيعــة اإلســامية‪ ،‬د‪ .‬توفيــق عبدالغنــي الرصــايص‪ ،‬الهيئــة املرصيــة العامــة للكتــاب‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مــر‪1986 ،‬م‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫((( أسس العلوم السياسية يف ضوء الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬توفيق عبدالغني الرصايص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪134‬‬
‫فالواجــب إرجــاع الحكــم يف األمــور املختلــف فيهــا إىل الكتــاب والســنة مصداقــا لقــول‬
‫ـر‬ ‫ـن آمَ نُــوا أ َ ِطيعُ ــوا ال َّلــ َه وَأ َ ِطيعُ ــوا ال َّر ُســو َل وَأ ُ ِ‬
‫ول ْالَمْ ـ ِ‬ ‫اللــه تعــاىل‪ ﴿ :‬يَــا أَيُّهَ ــا ا َّلذِيـ َ‬
‫ـول إِن ُكنتُــ ْم تُ ْؤ ِمنُـ َ‬
‫ـون ِبال َّلـ ِ‬
‫ـه‬ ‫ـه وَال َّر ُسـ ِ‬ ‫ِمن ُكــ ْم َفــ ِإن تَنَا َزعْ تُــ ْم ِف َ ْ‬
‫ش ٍء َفــ ُردُّو ُه إ ِ َل ال َّلـ ِ‬
‫ـا ﴾ (‪ :)59‬أي‪ :‬إىل كتــاب اللــه وســنة رســوله‪،‬‬ ‫ـرٌ وَأَحْ َسـ ُن تَأ ْ ِويـ ً‬ ‫ـر ٰذَ ِلـ َك َخـ ْ‬
‫وَا ْليَـ ْو ِم ْالخِ ـ ِ‬
‫وهــذا أمــر مــن اللــه‪ ،‬عــز وجــل‪ ،‬بــأن كل يشء تنــازع النــاس فيــه مــن أصــول الديــن‬
‫وفروعــه أن يــرد التنــازع يف ذلــك إىل الكتــاب والســنة(‪.)1‬‬
‫ش ٍء َفحُ ْكمُـ ُه إ ِ َل ال َّل ِه ٰذَ ِل ُكـ ُم ال َّل ُه َربِّي عَ َلي ِ‬
‫ْـه تَ َو َّك ْل ُت‬ ‫اختَ َل ْفتُـ ْم فِ ِيه ِمـن َ ْ‬
‫وقولـه تعـاىل‪﴿ :‬وَمَ ا ْ‬
‫ْـه أُنِيـبُ ﴾ (‪ )2( )10‬فمـا حكـم به كتاب الله وسـنة رسـوله وشـهدا لـه بالصحة فهو‬ ‫َوإ ِ َلي ِ‬
‫الحـق ‪ ،‬ومـاذا بعـد الحق إال الضلال ‪ ،‬ولهذا قـال تعـاىل‪( :‬إن كنتم تؤمنون باللـه واليوم‬
‫اآلخـر) أي‪ :‬ردوا الخصومـات والجهـاالت إىل كتاب الله وسـنة رسـوله ‪ ،‬فتحاكمـوا إليهما‬
‫فيما شـجر بينكـم (إن كنتم تؤمنـون بالله واليـوم اآلخر)(‪.)3‬‬
‫أضــف إىل ذلــك‪ ،‬أن القــول بتجزئــة الســيادة وقيــام ســيادة شــعبية مســتقلة محــدودة‬
‫يــدل عــى نقصــان الرشيعــة وأن ســيادة الشــعب تكمــل ذلــك النقــص‪ .‬ومــن الواضــح‬
‫أن ذلــك يخالــف الــرع قطعـا ً ملناقضتــه لرصيــح القــرآن والــذي نــص عــى اكتمــال‬
‫الديــن‪ ،‬كذلــك فــإن القــول بــأن األمــة‪ :‬لهــا ســيادة‪ ،‬وأن هــذه الســيادة مرتبطــة‬
‫بنظــام محكــم وقواعــد محــددة يتعــارض مــع مفهــوم الســيادة أص ـاً ويــؤدي إىل‬
‫التناقــض ألن مفهــوم الســيادة يعنــي أنهــا ســلطة ال تحــد إرادتهــا إرادة أخــرى وال‬
‫تشــاركها ســلطانها النهائــي أي ســلطة غــر ســلطتها الذاتيــة وهــو غــر مســلم بــه‬
‫يف الفقــه إســامي(‪.)4‬‬
‫يتفــق الباحــث مــع النقــد املوجــه لنظريــة الســيادة مزدوجــة‪ ،‬حيــث أن مصــادر‬
‫الرشيعــة اإلســامية ‪ -‬ســواء كان ظنــي أو قطعــي – ملزمــة لألمــة‪ ،‬حيــث تــرى هــذه‬
‫النظريــة أنــه إذا كان النــص ظنــي الداللــة فــإن دور الجماعــة يــرز ليهيمــن عــى‬
‫األمــر وتصبــح الســيادة الشــعبية مكملــة لــدور الرشيعــة‪ ،‬وهــذا خطــأ‪ ،‬أمــا مــا لــم‬
‫يــرد فيــه نــص فيجــوز االجتهــاد فيــه‪.‬‬

‫((( تفســر القــرآن العظيــم‪ ،‬أبوالفــداء إســاعيل بــن عمــر بــن كثــر القــريش البــري‪ ،‬تحقيــق‪ :‬محمــد حســن شــمس‬
‫الديــن‪ ،‬دار الكتــب العلميــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪1419 ،‬هـــ‪304/2 ،‬‬
‫((( سورة الشورى‪ ،‬اآلية ‪.10‬‬
‫((( تفسري القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثري‪ ،‬مرجع سابق‪304/2 ،‬‬
‫((( خصائــص الترشيــع اإلســامي يف السياســة والحكــم‪ ،‬د‪ .‬فتحــي الدرينــي‪ ،‬مؤسســة الرســالة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1402 ،‬هـــ–‬
‫‪1982‬م‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪135‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ثالثاً‪ :‬سيادة الرشع‪:‬‬
‫يؤكــد مبــدأ ســيادة الــرع مســتندا ً عــى أصــل مقطــوع بــه مجمــع عليــه يف الرشيعة‬
‫وهــو وجــوب اتبــاع مــا جــاء بــه الوحــي مــن كتــاب وســنة وأن الكتــاب والســنة‬
‫حاكمــان يف كل أمــر مختلــف فيــه‪ .‬وبذلــك يتقــرر بطــان القــول «بســيادة األمــة»‬
‫املطلقــة أو املقيــدة أو القــول بنظريــة «الســيادة الشــعبية»‪.‬‬
‫لقــد أكــدت تعاليــم اإلســام أن الســيادة للــرع وليســت للشــعب الــذي يمتلــك فقــط‬
‫الســلطان املتمثــل يف توليــة اإلمــام‪ ،‬ومراقبتــه‪ ،‬ومحاســبته‪ ،‬وعزلــه‪« ،‬فالدولة ال تســتمد‬
‫ســلطة الترشيــع مــن األمــة‪ ،‬ألنهــا ال تملكهــا أصــا‪ ،‬ومــن ال يملــك شــيئاً‪ ،‬فليــس‬
‫بوســعه أن يملكــه غــره بداهــة»(‪ ،)1‬ولذلــك فالفقــه الســيايس اإلســامي لــم يتنــاول‬
‫مشــكلة الســيادة أو الرشعيــة السياســية كمــا تناولهــا فقهــاء السياســة الغربيــون‪ ،‬ألن‬
‫الســيادة يف النظريــة السياســية اإلســامية للــرع‪.‬‬
‫وقــد أقــرت املمارســة السياســية هــذا املبــدأ لفــرة طويلــة ولــم يبــدأ النظــر يف أصــل‬
‫الســيادة ومنشــئها إال بعــد أن تزعزعــت معالــم الخالفــة اإلســامية(‪.)2‬‬
‫ويهــدف مبــدأ ســيادة الــرع إىل إقــرار التــزام الحاكــم واملحكــوم بــرع اللــه‬
‫ســبحانه وتعــاىل‪ ،‬وإىل انبثــاق الترشيعــات مــن الرشيعــة اإلســامية‪ ،‬وعــدم إحــداث‬
‫ترشيعــات أو ممارســات تخالــف الــرع‪ .‬وذلــك أســاس قاعــدة «الحاكميــة للــه»‬
‫فالقانــون املطبــق يف الدولــة اإلســامية هــو الــرع اإلســامي وذلــك مصداقـا ً لقولــه‬
‫ني (‪.)3 )62‬‬ ‫اسـ ِب َ‬ ‫ـق أَال َ َلـ ُه ا ْلحُ ْكـ ُم و َُهـ َو أ َ ْ َ‬
‫س ُع ا ْلحَ ِ‬ ‫تعــاىل ( ث ُـ َّم ُردُّوا ْ إ ِ َل ال َّلـ ِ‬
‫ـه مَ ْوال َ ُهـ ُم ا ْلحَ ـ ِّ‬
‫قولــه‪( :‬أال لــه الحكــم) أي اعلمــوا وقولــوا ‪ :‬لــه الحكم وحــده يــوم القيامــة‪ ،‬أي القضاء‬
‫والفصــل‪( ،‬وهــو أرسع الحاســبني) أي ال يحتــاج إىل فكــرة ورويــة وال عقــد يــد(‪.)4‬‬
‫آخـ َر ال إ ِ َل َه إِال َّ ُهـ َو ُك ُّل َ ْ‬
‫ش ٍء َها ِل ٌك إِال َّ وَجْ هَ ـ ُه َل ُه ا ْلحُ ْك ُم‬ ‫وقولـه تعـاىل‪ ( :‬وَال تَـ ْد ُع مَ َع ال َّل ِه إ ِ َلهً ا َ‬
‫ون)‬ ‫ْـه) ال إىل غيره (تُ ْرجَ عُ َ‬ ‫ـون (‪َ ( .)88‬لـ ُه ا ْلحُ ْكـمُ) يف الدنيـا واآلخـرة ( َوإ ِ َلي ِ‬ ‫ْـه تُ ْرجَ عُ َ‬
‫َوإ ِ َلي ِ‬
‫فـإذا كان مـا سـوى ال ّله باطلا هالـكا‪ ،‬وال ّله هو الباقـي‪ ،‬الـذي ال إله إال هو‪ ،‬ولـه الحكم‬
‫تعي على من له‬ ‫يف الدنيـا واآلخـرة‪ ،‬وإليـه مرجع الخالئـق كلهـم‪ ،‬ليجازيهـم بأعمالهم‪َّ ،‬‬

‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫((( سورة األنعام اآلية ‪.62‬‬
‫((( الجامــع ألحــكام القــرآن‪ ،‬أبوعبداللــه محمــد بــن أحمــد بــن أيب بكــر بــن فــرج األنصــاري الخزرجــي القرطبــي‪ ،‬تحقيــق‪:‬‬
‫أحمــد الــردوين وإبراهيــم اطفيــش‪ ،‬دار الكتــب املرصيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬الطبعــة الثانيــة‪1384 ،‬هـــ‪-1964‬م‪7/7 ، ،‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪136‬‬
‫عقـل‪ ،‬أن يعبـد ال ّلـه وحـده ال رشيك لـه‪ ،‬ويعمل ملـا يقربه ويدنيـه‪ ،‬ويحذر من سـخطه‬
‫وعقابـه‪ ،‬وأن يقـدم على ربه غري تائـب‪ ،‬وال مقلـع عن خطئـه وذنوبه(‪.)1‬‬
‫ض ِف ِسـ�تَّ ِة أَيَّـ�ا ٍم‬ ‫َات وَاأل َ ْر َ‬
‫الســمَ او ِ‬ ‫ـق َّ‬ ‫وقولــه عــز وجــل ( إ ِ َّن َربَّ ُكــ ُم ال َّلــ ُه ا َّلــذِي َخ َلـ َ‬
‫طلُبُــ ُه حَ ثِيثًــا و َّ‬
‫َالشــمْ َس وَا ْل َقمَ ـ� َر‬ ‫ـي ال َّليْــ َل النَّهَ ــا َر يَ ْ‬ ‫ـى ا ْلعَ ــ ْر ِش ي ُْغـ ِ‬ ‫اســتَوَى عَ ـ َ‬ ‫ثُــ َّم ْ‬
‫ن (‪ )54‬قــال‬ ‫ات ِبأَمْ ـ ِ‬
‫ـرهِ أَال َ َلـ ُه ا ْل َخ ْلـ ُ‬
‫ـق وَاألَمْ ـ ُر تَبَــا َر َك ال َّلـ ُه َربُّ ا ْلعَ ا َل ِمـ َ‬ ‫وَالنُّجُ ــو َم م َُسـ َّ‬
‫ـخ َر ٍ‬
‫البغــوي(‪ :)2‬أي‪ :‬لــه الخلــق ألنــه خلقهــم ولــه األمــر‪ ،‬يأمــر يف خلقــه بمــا يشــاء(‪.)3‬‬
‫حيــث جمــع عــز وجــل بــن وجــوب توحيــد ألوهيتــه وربوبيتــه‪ ،‬ووجــوب الخضــوع‬
‫لحكمــه وأمــره‪.‬‬
‫وتتأكـد سـيادة الشرع بأمـر الله سـبحانه وتعاىل الجـازم بتطبيـق رشيعته قـال تعاىل‪:‬‬
‫ْـه َفاحْ ُكم‬ ‫ـاب َومُهَ ي ِْمنًا عَ َلي ِ‬
‫َين يَ َدي ِْه ِم َن ا ْل ِكتَ ِ‬‫ُصد ًِّقا ِّلمَ ا ب ْ َ‬
‫ـق م َ‬ ‫﴿ وَأَن َز ْلنَـا إ ِ َليْـ َك ا ْل ِكتَـابَ ِبا ْلحَ ِّ‬
‫ـن ا ْلحَ ِّق لِـ ُك ٍّل جَ عَ ْلنَا ِمن ُكـ ْم ِشْعَ ًة‬ ‫بَيْنَهُ ـم ِبمَ ـا أَنـ َز َل ال َّل ُه و ََل تَتَّ ِبـ ْع أ َ ْهوَاء َُهـ ْم عَ مَّ ا جَ ا َء َك ِم َ‬
‫اسـتَ ِب ُقوا ا ْل َخ ْي ِ‬
‫َات‬ ‫و َِمنْهَ اجً ـا َو َل ْو َشـا َء ال َّلـ ُه َلجَ عَ َل ُك ْم أُمَّ ًة وَاحِ َد ًة َو َٰلكِـن ِّليَبْلُ َو ُك ْم ِف مَ ا آتَا ُك ْم َف ْ‬
‫ـون (‪ )4(﴾ )84‬وقوله تعاىل‪﴿ :‬‬ ‫يـه تَ ْختَل ُِف َ‬ ‫ـه مَ ْر ِجعُ ُكـ ْم جَ ِميعً ـا َفيُنَبِّئُ ُكـم ِبمَ ا ُكنتُـ ْم فِ ِ‬ ‫إ ِ َل ال َّل ِ‬
‫وَأ َ ِن احْ ُكـم بَيْنَهُ ـم ِبمَ ـا أَنـ َز َل ال َّل ُه و ََل تَتَّ ِبـ ْع أ َ ْهوَاء َُهـ ْم وَاحْ ذَ ْر ُهـ ْم أَن ي َْف ِتنُو َك عَ ـن بَعْ ِض مَ ا‬
‫ـض ذُنُو ِب ِهـ ْم َوإ ِ َّن َك ِثريًا‬ ‫أَنـ َز َل ال َّلـ ُه إ ِ َليْـ َك َف ِإن تَ َو َّلـوْا َفاعْ َل ْم أَنَّمَ ـا ي ُِري ُد ال َّلـ ُه أَن ي ُِصيبَهُ م ِببَعْ ِ‬
‫ون (‪﴾)94‬‏( املائـدة ‪ )5() 49‬حيث تـدل هاتان اآليتـان الكريمتان عىل‬ ‫ـق َ‬ ‫اس ُ‬ ‫ـاس َل َف ِ‬ ‫ـن الن َّ ِ‬ ‫مِّ َ‬
‫سـيادة اإلسلام عىل ما عـداه وعىل وجـوب التحاكم إىل الرشيعـة اإلسلامية‪ ،‬وإقامة دولة‬
‫اإليمـان‪ ،‬والتحاكـم إىل رشعـه يف السياسـة واالقتصاد‪ ،‬والحيـاة العامة‪ ،‬والحيـاة مع األمم‬
‫وغير ذلك‪ ،‬مـدار تحقيـق العبودية لله‪ ،‬فوجـب عىل األمة العمـل لتحقيق هـذا الفرض(‪.)6‬‬
‫ـل ِبمَ ــا أَن ـ َز َل ال َّل ـ ُه فِ يـ ِ‬
‫ـه وَمَ ــن َّل ـ ْم يَحْ ُكــم ِبمَ ــا‬ ‫نجيـ ِ‬ ‫وقولــه تعــاىل‪َ ﴿ :‬و ْليَحْ ُك ـ ْم أ َ ْه ـ ُل ْ ِ‬
‫ال ِ‬
‫((( تيســر الكريــم الرحمــن يف تفســر كالم املنــان‪ ،‬عبدالرحمــن بــن نــارص بــن عبداللــه الســعدي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬عبدالرحمــن‬
‫بــن معــا اللويحــق‪ ،‬مؤسســة الرســالة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪1420 ،‬هـــ‪-2000‬م‪625/1 ،‬‬
‫((( البغــوي‪ :‬الحســن بــن مســعود بــن محمــد أبــو محمــد البغــوي الفقيــه الشــافعي يعــرف بابــن الف ـراء ‪ ،‬ولــد ســنة‬
‫‪436‬هـــ‪ ،‬كان إمامـاً يف التفســر والحديــث والفقــه‪ ،‬مــن آثــاره معــامل التنزيــل يف التفســر ورشح الســنة‪ ،‬نســبته إىل بغــا مــن‬
‫قــرى خراســان‪ ،‬مــن كتبــه‪( :‬معــامل التنزيــل) يف التفســر‪( ،‬التهذيــب) يف الفقــه الشــافعي‪ ،‬و(املصابيــح) ‪ ،‬و(الجمــع بــن‬
‫الصحيحــن) تــويف ســنة ‪510‬هـــ‪ .‬تــويف ســنة ‪516‬ﻫ‪ ،‬أنظــر ‪ :‬طبقــات املفرسيــن‪ ،‬شــمس الديــن محمــد بــن عــي بــن أحمــد‬
‫الــداودي‪ ،‬تحقيــق عــي محمــد عمــر‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعــة االســتغالل الكــرى‪ ،‬القاهــرة‪1392 ،‬هـــ‪-1972‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪159‬‬
‫((( معــامل التنزيــل يف تفســر القــرآن‪ ،‬محيــي الســنة‪ ،‬أبومحمــد الحســن بــن مســعود بــن محمــد بــن الف ـراء البغــوي‬
‫الشــافعي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬عبدالــرزاق املهــدي‪ ،‬دار إحيــاء ال ـراث العــريب‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪1420 ،‬هـــ‪.198/2 ،‬‬
‫((( سورة املائدة‪ ،‬آية ‪.48‬‬
‫((( سورة املائدة‪ ،‬آية ‪.49‬‬
‫((( الطاغوت‪ ،‬الشيخ أحمد القطان‪ ،‬مكتبة السندس‪ ،‬الكويت‪1407 ،‬هـ‪1976 -‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.60‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪137‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ـق َ‬
‫ون (‪ )2()1( ﴾)74‬قــال الطــري(‪ :)3‬أي‪ :‬أن يحكمــوا بمــا‬ ‫أَنـ َز َل ال َّلـ ُه َفأُو َٰل ِئـ َك ُهـ ُم ا ْل َف ِ‬
‫اسـ ُ‬
‫أنـــزل اللــه فيه مــن أحكامــه(‪.)4‬‬
‫ويؤكــد الفقهــاء بــأن صفــة الفســق تضــاف إىل الظلــم والكفــر عنــد الحكــم بغــر مــا‬
‫أنــزل تعــاىل فهــي بمعنــى واحــد‪ ،‬فالفســق والظلــم ال يعنــي أن الحاكــم املوصــوف‬
‫بهمــا لــم يخــرج عــى رشع اللــه بلهــي صفــة إضافــة ألن الحكــم بغــر مــا نــزل اللــه‬
‫كفــر وفســق وظلــم يف الوقــت ذاتــه‪ :‬الكفــر برفــض ألوهيــة اللــه ممثـاً هــذا يف رفض‬
‫رشيعتــه‪ .‬والظلــم بحمــل النــاس عــى غــر رشيعــة اللــه وإشــاعة الفســاد يف حياتهــم‪.‬‬
‫والفســق بالخــروج عــن منهــج اللــه واتبــاع غــر طريقــه‪ ...‬فهــي صفــة يتضمنهــا‬
‫الفعــل األول‪ ،‬وتنطبــق جميعهــا عــى الفاعــل‪ .‬ويبــوء بهــا جميعـا ً دون تفريــق(‪.)5‬‬
‫فــإن الحاكــم إذا كان دينـا ً لكنــه حكــم بغــر علــم كان مــن أهــل النــار‪ .‬وإن كان عاملـا ً‬
‫لكنــه حكــم بخــاف الحــق الــذي يعلمــه كان مــن أهــل النــار‪ ،‬وإذا حكــم بــا عــدل‬
‫وال علــم كان أوىل أن يكــون مــن أهــل النــار‪ ،‬وهــذا إذا حكــم يف قضيــة معينة لشــخص‪.‬‬
‫وأمــا إذا حكــم حكمً ــا عام ـا ً يف ديــن املســلمني فجعــل الحــق باط ـاً والباطــل حق ـاً‪،‬‬
‫والســنة بدعــة والبدعــة ســنة‪ ،‬واملعــروف منكــرا ً واملنكــر معروف ـاً‪ ،‬ونهــى عمــا أمــر‬
‫اللــه بــه ورســوله‪ ،‬وأمــر بمــا نهــى اللــه عنــه ورســوله‪ .‬فهــذا لــون آخــر‪ .‬يحكــم فيــه‬
‫رب العاملــن‪ ،‬وإلــه املرســلني‪ ،‬مالــك يــوم الديــن(‪.)6‬‬
‫يــرى الباحــث أن نظريــة ســيادة الــرع هــي النظريــة األمثــل وهــي متفقــة مــع‬
‫الــرع الحكيــم‪ ،‬حيــث أن الحاكــم مأمــور بتطبيــق رشع اللــه عــز وجــل‪ ،‬أمــا مــا لــم‬
‫يــرد بشــأنه نــص مــن كتــاب اللــه ومــن ســنة نبيــه ‪ r‬فريجــع الحاكــم فيــه إىل أهــل‬
‫العلــم‪ ،‬ومــن ثــم إصــدار القوانــن واللوائــح عــى ضــوء ذلــك‪.‬‬

‫((( سورة املائدة‪ ،‬آية ‪.47‬‬


‫((( سورة املائدة‪ ،‬آية ‪.47‬‬
‫((( محمــد بــن جريــر بــن كثــر الطــري‪ ،‬اإلمــام‪ ،‬العلــم‪ .‬ولــد يف آمــل طربســتان‪ ،‬واســتوطن بغــداد وتــويف بهــا‪ .‬وعــرض‬
‫عليــه القضــاء فامتنــع‪ ،‬واملظــامل فــأىب‪ ،‬وهــو مــن ثقــات املؤرخــن‪ ،‬قــال ابــن األثــر‪ :‬أبــو جعفــر أوثــق مــن نقــل التاريــخ‪ ،‬ويف‬
‫تفســره مــا يــدل عــى علــم غزيــر وتحقيــق‪ .‬وكان مجتهــدا يف أحــكام الديــن ال يقلــد أحــدا‪ ،‬بــل قلــده بعــض النــاس وعملــوا‬
‫بأقوالــه وآرائــه‪ .‬وكان أســمر‪ ،‬أعــن‪ ،‬نحيــف الجســم‪ ،‬فصيحــا‪ .‬ســر أعــام النبــاء‪ ،‬شــمس الديــن أبــو عبــد اللــه محمــد بــن‬
‫أحمــد بــن عثــان بــن ق َْايــاز الذهبــي (املتــوىف‪748 :‬هـــ) ‪ ،‬دار الحديــث‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1427 ،‬هـــ‪-2006‬م‪.267/14 ،‬‬
‫((( جامــع البيــان يف تأويــل آي القــرآن‪ ،‬محمــد بــن جريــر بــن يزيــد بــن كثــر بــن غالــب اآلمــي‪ ،‬أبوجعفــر الطــري‪،‬‬
‫تحقيــق‪ :‬أحمــد محمــد شــاكر‪ ،‬مؤسســة الرســالة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪1420 ،‬هـــ‪-2000‬م‪.374/10 ،‬‬
‫((( الطاغوت‪ ،‬الشيخ أحمد القطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫((( مجمــوع فتــاوى شــيخ اإلســام أحمــد بــن تيميــة‪ ،‬أحمــد بــن عبدالحليــم بــن تيميــة‪ ،‬جمــع وترتيــب عبدالرحمــن بــن‬
‫قاســم وابنــه محمــد‪ ،‬مطابــع دار العربيــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1398 ،‬هـــ‪ ،‬جــزء ‪ ،35‬ص‪.388‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪138‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مصدر السيادة في القانون‪:‬‬
‫ظهــرت كثــر مــن النظريــات يف تحديــد مصــدر الســيادة‪ ،‬مثــل‪ :‬نظريــة الحــق‬
‫اإللهــي املبــارش‪ ،‬ونظريــة الحــق اإللهــي غــر املبــارش‪ ،‬نظريــة ســيادة األمــة‪ ،‬ونظريــة‬
‫الســيادة الشــعبية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬نظرية الحق اآللهي املبارش‪:‬‬
‫حيــث تــرى أن الحــكام تــم اختيارهــم مــن اللــه تعــاىل مبــارشة وأن العنايــة اآللهيــة‬
‫هــي التــي أوصــت بالشــخص أو األرسة التــي لهــا الحــق يف قيــادة األمــة وممارســة‬
‫الســلطة(‪.)1‬‬
‫فــرى أن ســلطة الحاكــم مطلقــة‪ ،‬وذلــك ألن األفــراد تنازلــوا عــن حقوقهــم للحاكــم‬
‫مقابــل حمايتــه لهــم‪ .‬فالحاكــم عنــد هــذه النظريــة غــر مقيــد بــأي قانــون ألنــه هــو‬
‫الــذي يضعــه ويعدلــه ويلغيــه حســب هــواه‪ ،‬وهــو الــذي يحــدد معنــى العدالــة(‪.)2‬‬
‫ولهــذا الســبب فــإن هــذه الســلطة تكــون مطلقــة وبالتــايل غــر محــدودة ال يف مداهــا‬
‫وال يف مدتهــا‪ ،‬وبــدون مســئولية أمــام أي إنســان عــى األرض(‪.)3‬‬
‫وقــد انتقــدت نظريــة الحــق اآللهــي املبــارش بأنهــا غالــت يف التزلــف إىل الحــكام ممــا‬
‫زاد يف غرورهــم واســتبدادهم(‪.)4‬‬
‫يــرى الباحــث أن نظريــة الحــق اإللهــي املبــارش تخالــف العقــل واملنطــق والــرع‪،‬‬
‫مــن ناحيــة‪ ،‬وتوافقــه مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬فمــن ناحيــة إن اللــه تعــاىل هــو املتــرف‬
‫يف الكــون‪ ،‬وكل مــا يحــدث يف الكــون مقــدر ومكتــوب مــن قبــل اللــه عــز وجــل‪ ،‬وكل‬
‫حاكــم وصــل إىل كــريس الحكــم وصــل بتقديــر اللــه تعــاىل‪ ،‬لكــن مــن ناحيــة أخــرى‬
‫وصــول الحاكــم للحُ كــم بقــدرة اللــه عــز وجــل ال تعنــي أن كل يشء بيــد الحاكــم‪،‬‬
‫فالحاكــم مأمــور بتطبيــق رشع اللــه عــز وجــل ال الحُ كــم بهــواه‪ ،‬كمــا يجــب عليــه‬
‫ـت َلهُ ــ ْم‬
‫ـه لِنـ َ‬ ‫ـن ال َّلـ ِ‬ ‫مشــاورة أهــل الحــل والعقــد‪ ،‬قــال تعــاىل‪َ ﴿ :‬ف ِبمَ ــا َرحْ مَ ـ ٍ‬
‫ـة مِّ ـ َ‬
‫َاس ـتَ ْغفِ ْر َلهُ ـ ْم‬
‫ـف عَ نْهُ ـ ْم و ْ‬‫ـن حَ ْو ِل ـ َك َفاعْ ـ ُ‬ ‫ـب َل َ‬
‫نف ُّضــوا ِمـ ْ‬ ‫ظ ا ْل َق ْلـ ِ‬
‫ظــا َغلِي ـ َ‬
‫ـت َف ًّ‬
‫َو َل ـ ْو ُكنـ َ‬

‫((( القانــون الدســتوري والنظــم السياســية‪ ،‬د‪ .‬إســاعيل الغـزال‪ ،‬املؤسســة الجامعيــة للدراســات والنــر والتوزيــع‪ ،‬بــروت‪،‬‬
‫لبنــان‪1406 ،‬هـ – ‪1987‬م‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫((( القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬د‪ .‬إسامعيل الغزال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.89‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪139‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ن﴾‪،)1(١٥٩‬‬ ‫ـه إ ِ َّن ال َّلـ َه يُحِ ــبُّ ا ْل ُمتَ َو ِّك ِلـ َ‬ ‫ـت َفتَـ َو َّك ْل عَ ـ َ‬
‫ـى ال َّلـ ِ‬ ‫ـاو ْر ُه ْم ِف ْالَمْ ـ ِ‬
‫ـر َفـ ِإذَا عَ َزمْ ـ َ‬ ‫و ََشـ ِ‬
‫ـا َة وَأَمْ ُر ُه ـ ْم ُشــو َرىٰ بَيْنَهُ ـ ْم‬ ‫الصـ َ‬ ‫اس ـتَجَ ابُوا ِل َرب ِِّه ـ ْم وَأ َ َقا ُمــوا َّ‬ ‫ـن ْ‬ ‫وقــال تعــاىل‪ ﴿ :‬وَا َّلذِيـ َ‬
‫ـون (‪ ،)2( ﴾)83‬ومــن الســنة قولــه صــى اللــه عليــه وســلم‪( :‬إذا‬ ‫اهـ ْم يُنفِ ُقـ َ‬ ‫و َِممَّ ــا َر َز ْقن َ ُ‬
‫استشــار أحدكــم أخــاه فليــر عليــه)(‪ ،)3‬وقولــه‪( :‬املستشــار مؤتمــن)(‪ ،)4‬وقولــه‪( :‬لــو‬
‫كنــت مســتخلفا ً أحــد عــن غــر مشــورة الســتخلفت ابــن أم عبــد)(‪.)5‬‬
‫كمــا أن تــرك األمــر والنهــي للحاكــم وحــده‪ ،‬قــد يكــون ســببا ً يف االســتبداد والقهــر‬
‫والظلــم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬نظرية الحق اآللهي غري املبارش‪:‬‬
‫تــرى أن الســيادة تأتــي مــن اللــه بطريــق غــر مبــارش بمنحهــا لجمهــور األمــة‬
‫والتــي يســتمد الحاكمــون منهــا ســيادتهم(‪ ،)6‬وبالتــايل فليــس للشــعب‪ ،‬بحســب هــذه‬
‫النظريــة‪ ،‬أن يفاضــل بــن أشــكال وأنظمــة الحكــم املختلفــة وأن الحكومــة الفاضلــة‬
‫هــي التــي تعمــل مــن أجــل الصالــح العــام(‪ .)7‬ونظريــة الحــق اآللهــي غــر املبــارش‬
‫تــؤدي إىل إســباغ الرشعيــة عــى كافــة األنظمــة والحكومــات(‪.)8‬‬
‫ويـرى فقهـاء العقـد االجتماعـي‪ ،‬أن السـيادة للإرادة العامة‪ ،‬وهـي الفكرة التـي مثلت‬
‫إرهاصـا ً لربط السـيادة باألمـة عىل يد أربـاب الثورة الفرنسـية ودعاة الحرية اإلنسـانية‪،‬‬
‫وقـد جعلوا العقـد االجتماعي أسـاس سـيادة األمـة‪ ،‬والعقـد االجتماعي يعطـي املجتمع‬
‫السـيايس سـلطة مطلقة على كل أعضائـه‪ ،‬حيـث تتـوىل اإلرادة العامة السـلطة املطلقة‪،‬‬
‫أي السـيادة‪ .‬والسـيادة التي ليسـت سـوى ممارسـة اإلرادة العامة ال يمكن أبدا ً الترصف‬
‫فيهـا‪ ،‬وصاحـب السـيادة الـذي هو كائـن جماعـي ال يمكن ألحـد أن يمثلـه أو ينوب عنه‬
‫سـوى نفسـه‪ ،‬كمـا أن السـلطة العليـا ال يمكـن تقييدها‪ ،‬ذلـك أن تقييـد السـلطة العليا‬

‫((( سورة آل عمران اآلية ‪.159‬‬


‫((( سورة الشورى اآلية ‪.38‬‬
‫((( ســنن ابــن ماجــة‪ ،‬أبوعبداللــه محمــد بــن يزيــد القزوينــي‪ ،‬ابــن ماجــة‪ ،‬تحقيــق‪ :‬محمــد فــؤاد عبدالباقــي‪ ،‬دار إحيــاء‬
‫الكتــب العربيــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬حديــث رقــم‪.1233/2 ،3747‬‬
‫((( سنن أيب داود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬حديث رقم ‪333/4 ،5128‬‬
‫((( سنن ابن ماجة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬حديث رقم ‪.49/1 ،137‬‬
‫((( مبــادئ نظــام الحكــم يف اإلســام مــع املقارنــة باملبــادئ الدســتورية الحديثــة‪ ،‬د‪ .‬عبدالحميــد متــويل‪ ،‬منشــأة املعــارف‪،‬‬
‫اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪1978 ،‬م‪ ،‬ص‪.167‬‬
‫((( القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬إسامعيل الغزال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫((( الدولة والسيادة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬فتحي عبد الكريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.87 – 86‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪140‬‬
‫معنـاه تحطيمها(‪ ،)1‬ثـم اعتنقت الثورة الفرنسـية هـذا املبدأ من منطلق رفض االسـتبداد‬
‫الفـردي وتحكـم األباطـرة وامللـوك يف األمـة‪ ،‬ومنذ ذلـك الوقـت واملفكـرون يربطون بني‬
‫السـيادة ومجمـوع األفـراد وأصبحت السـيادة تعـود إىل األمـة وتحطمت بالتـايل نظرية‬
‫السـيادة امللكية(‪.)2‬‬
‫يــرى الباحــث أن نظريــة الحــق اآللهــي غــر املبــارش قــد تالفــت عيــوب نظريــة الحق‬
‫اإللهــي املبــارش‪ ،‬بتقليــل تســلط الحاكــم عــى شــعبه والعمــل عــى رفــض االســتبداد‬
‫الفــردي وتحكــم األباطــرة وامللــوك يف األمــة‪ ،‬بحيــث أصبحــت الســيادة ملــك لألمــة‬
‫واندثــرت نظريــة الســيادة امللكيــة‪ ،‬ولذلــك تعــد هــذه النظريــة أفضــل مــن النظريــة‬
‫الســابقة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬نظرية سيادة األمة‪:‬‬
‫نظريــة ســيادة األمــة تجعــل الســلطة والســيادة مصدرهمــا الجماعــة‪ ،‬أي األمــة‬
‫كوحــدة‪ ،‬ونصبــت هــذه النظريــة ممثلــن ووكالء عــن األمــة‪ ،‬بحيــث ال يمكــن التعبــر‬
‫عــن الســيادة الوطنيــة إال عــن طريــق هــؤالء املمثلــن والــوكالء الذيــن يحلــون محــل‬
‫األمــة‪ ،‬ويكونــوا ممثلــن لهــا‪ ،‬ويعــرون عــن رأيهــا وتوجهاتهــا(‪.)3‬‬
‫يرتتب عىل مبدأ سيادة األمة عدد من النتائج منها‪:‬‬
‫‪1 .‬أن السيادة ال تتجزأ‪.‬‬
‫‪2 .‬أنــه ال يمكــن التعبــر عــن الســيادة الوطنيــة إال عــن طريــق ممثلــن ال يعتــروا‬
‫وكالء ألنهــم ممثلــون عــن األمــة(‪ .)4‬ولذلــك فهــم يعــرون عــن مصالــح األمــة‬
‫وليــس عــن مصالــح الناخبــن‪.‬‬
‫‪3 .‬أن القوانني تصبح معربة عن مبدأ سيادة األمة وإرادتها(‪.)5‬‬
‫وقــد انتقــدت هــذه النظريــة‪ ،‬عــى أســاس أنهــا «تشــكل خطــرا ً عــى حقــوق األفــراد‬
‫وحرياتهــم العامــة كمــا أنهــا تــؤدي إىل االســتبداد»‪ ،‬ألنهــا تجعــل لألمــة ســلطة‬

‫((( املرجع السابق‪ ،‬ص‪.94‬‬


‫((( القانــون الدســتوري واملؤسســات السياســية‪ ،‬اندريــه هوريــو‪ ،‬نقلــه إىل العربيــة عــي مقلــد وآخــرون‪ ،‬األهليــة للنــر‬
‫والتوزيــع‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1974 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.314‬‬
‫((( القانون الدستوري واملؤسسات السياسية‪ ،‬اندريه هوريو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.315‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.317 – 316‬‬
‫((( الدولة والسيادة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬فتحي عبد الكريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪141‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫مطلقــة‪ .‬باإلضافــة إىل ذلــك‪ ،‬فــإن نظريــة ســيادة األمــة قــد تقــف حجــر عثــرة يف‬
‫وجــه الرقــي االجتماعــي والتقــدم الحضــاري‪ ،‬فكثــرا ً مــا أســبغ عــى األفــكار الباليــة‬
‫املنحطــة صبغــة قدســية نظــرا ً لتوارثهــا عــر أجيــال األمــة‪ .‬ويف أحــوال عديــدة‬
‫اســتغلت هــذه النظريــة لرتكيــز الثــروة والســلطة بيــد طبقــة أو أرسة كمــا حصــل يف‬
‫تاريــخ أوروبــا فيعــر النهضــة(‪.)1‬‬
‫يــرى الباحــث أن نظريــة ســيادة األمــة تــؤدي إىل إســباغ الرشعيــة عــى كافــة األنظمــة‬
‫والحكومــات‪ ،‬حيــث أنهــا تتبنــى فكــرة عــدم تجــزؤ الســيادة‪ ،‬ومشــاركة وكالء‬
‫وممثلــون عــن األمــة يف التعبــر عــن الســيادة‪ ،‬ممــا يجعــل القوانــن معــرة عــن مبــدأ‬
‫ســيادة األمــة وإرادتهــا‪ ،‬إال أنهــا قــد تشــكل خطــرا ً عــى حقــوق األفــراد وحرياتهــم‬
‫العامــة كمــا أنهــا تــؤدي إىل االســتبداد‪ ،‬ألنهــا تجعــل لألمــة ســلطة مطلقــة‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬نظرية السيادة الشعبية‪:‬‬
‫تتفــق نظريــة الســيادة الشــعبية مــع نظريــة ســيادة األمــة يف كون الســلطة والســيادة‬
‫مصدرهمــا الجماعــة ولكنهــا تختلــف عنهــا يف كونهــا ال تعتــر الجماعــة منفصلــة عــن‬
‫األفــراد املكونــن لألمــة ولكــن عــى أســاس أن هــذه الجماعــة تتكــون مــن مجمــوع‬
‫األفــراد‪ .‬وبهــذا يمتلــك كل فــرد جــزءا ً مــن الســيادة(‪.)2‬‬
‫ومــن نتائــج تبنــي مفهــوم الســيادة الشــعبية أن االقــراع يصبــح حقــا ً لألفــراد‬
‫المتالكهــم جــزءا ً مــن الســيادة‪ .‬كمــا أن مبــدأ الســيادة الشــعبية يقتــي قيــام نظــام‬
‫جمهــوري ألنــه ينظــر إىل إرادات األفــراد الحــارضة التــي تحــدد نظــام الحكــم‪ .‬هــذا‬
‫بعكــس نظريــة ســيادة األمــة التــي تتفــق واألنظمــة املختلفــة عــى أســاس أن ســيادة‬
‫األمــة تتكــون مــن األجيــال الســابقة والحاليــة والالحقــة‪ ،‬كمــا تــؤدي نظريــة الســيادة‬
‫الشــعبية إىل الديموقراطيــة املبــارشة‪ ،‬فــاإلرادة العامــة التــي هــي التعبــر عن الســيادة‬
‫الشــعبية يجــب أن يعــر عنهــا الشــعب بذاتــه بصــورة مبــارشة‪ .‬والقانــون‪ ،‬وهــو‬
‫تجســيد لــإرادة العامــة يجــب أن يصــدر هــو أيض ـا ً عــن الشــعب بالــذات‪ .‬وال شــك‬
‫أنــه يســتحيل يف الــدول الكــرى أن يناقــش مجمــوع املوطنــن القانــون‪ .‬إال أن الشــعب‬
‫يســتطيع كل حــن التصديــق عليــه‪ .‬وهــذا هــو نظــام االســتفتاء‪.)3(...‬‬
‫((( موســوعة الفقــه الســيايس ونظــام الحكــم يف اإلســام‪ .‬الكتــاب األول‪ ،‬نظريــة الدولــة يف الفقــه الســيايس اإلســامي‪،‬‬
‫دراســة مقارنــة بالنظــم الدســتورية املعــارصة‪ ،‬د‪ .‬فــؤاد محمــد النــادي‪ ،‬دار الكتــاب الجامعــي‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1400 ،‬هـــ–‬
‫‪1980‬م‪ ،‬ص‪.389‬‬
‫((( الوسيط يف القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬عبدالكريم علوان‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫((( الوسيط يف القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬عبدالكريم علوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪142‬‬
‫ولكــن نظريــة الســيادة الشــعبية نظريــة غــر واقعيــة حيــث أن ممارســة الســلطة‬
‫والترشيــع ترتكــز يف يــد فئــة مــن الشــعب وليــس يف مجمــوع املواطنــن‪ ،‬وكثــرا ً مــا‬
‫ينجــح أصحــاب الثــروات والســلطات يف تزييــف اإلرادة الشــعبية عــن طريــق الضغوط‬
‫االقتصاديــة واســتغالل عواطــف الجماهــر‪ .‬كمــا أنــه قــد يرتتــب عــى هــذه النظريــة‪،‬‬
‫أيضـاً‪ ،‬االســتبداد الســيايس وضيــاع حقــوق األفــراد‪ ،‬كمــا أن جعــل الســيادة للشــعب‬
‫وخضــوع الدولــة إلرادتــه قــد يــؤدي إىل «أحــداث خطــرة كالثــورات والثــورات‬
‫املضــادة ممــا يلحــق الــرر بالشــعب وبمؤسســات الدولــة»(‪.)1‬‬
‫االنتقاد املوجه لنظرية سيادة الشعب‪:‬‬
‫‪1 .‬مبــدأ ســيادة الشــعب ال يحــول دون وقــوع االســتبداد مــن جانــب النــواب‬
‫املنتخبــن بواســطة الشــعب‪ ،‬كمــا أن حــق العــزل املقــرر للناخبــن حيــال نوابهــم‬
‫ليــس باألمــر الهــن الــذي يمكــن االلتجــاء إليــه أو اســتخدامه بســهولة‪ ،‬كمــا وأن‬
‫تكــرار اســتخدامه يحــدث اضطراب ـا ً وفــوىض يف نظــام الدولــة‪.‬‬
‫‪2 .‬ارتبــاط النــواب بناخبيهــم يف دوائرهــم االنتخابيــة يجعلهــم مقيــدون يف ممارســة‬
‫وظيفتهــم الترشيعيــة‪ ،‬إذ أنهــم ســيغلبون املصالــح املحليــة الضيقــة لدوائرهــم‬
‫االنتخابيــة عــى املصالــح العامــة للدولــة‪.‬‬
‫‪3 .‬تــؤدي النظريــة إىل تقســيم الســيادة وتجزئتهــا عــى أفــراد الشــعب‪ ،‬وتصعــب‬
‫ممارســة الســيادة بهــذه الصــورة ويصعــب تحديــد مــن الذي ســيمارس الســيادة‬
‫الفعليــة للدولــة(‪.)2‬‬
‫يتفــق الباحــث مــع الــرأي أعــاه حيــث أن تركــز الســيادة يف يــد فئــة معينــة مــن‬
‫الشــعب وليــس يف مجمــوع املواطنــن قــد يــؤدي إىل تزييــف اإلرادة الشــعبية كمــا أنــه‬
‫قــد يرتتــب عليــه ظهــور االســتبداد الســيايس وضيــاع حقــوق األفــراد‪.‬‬

‫((( القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬د‪ .‬إسامعيل الغزال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫((( التدخــل الــدويل اإلنســاين وانتهــاك الســيادة الوطنيــة‪ ،‬محمــد أحمــد محجــوب عثــان‪ ،‬رســالة دكتــوراه‪ ،‬جامعــة أم‬
‫درمــان اإلســامية‪ ،‬قســم الفقــه املقــارن‪ ،‬أم درمــان‪ ،‬الســودان‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪143‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫المبحث الثاني‬
‫مظاهر السيادة الوطنية‬
‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث مظاهــر الســيادة الوطنيــة‪ ،‬حيــث تنــاول مظاهــر الســيادة‬
‫الداخليــة متمثلــة يف حــق الدولــة يف حمايتهــا أمنهــا وســن ســن القوانــن واللوائــح‬
‫وتحديــد شــكل الحكــم يف الدولــة‪ ،‬والفصــل يف الخصومــات وتنظيــم شــؤون املواطنــة‬
‫والجنســية والهجــرة والتمتــع بالثــروات واملــوارد الطبيعيــة للدولــة‪ ،‬وتنــاول أيض ـا ً‬
‫مظاهــر الســيادة الخارجيــة متمثلــة يف حريــة إنشــاء العالقــات الدوليــة وتحديــد‬
‫شــكل السياســة الخارجيــة وحريــة االنضمــام لالتفاقيــات الدوليــة وتمثيــل الدولــة يف‬
‫الخــارج عــر القنصليــات والســفارات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مظاهر السيادة الداخلية‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬حماية أمن الدولة والمواطن عبر األجهزة األمنية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬القوات املسلحة السودانية‪:‬‬
‫نصــت املــادة (‪ )2/144‬مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م عــى مهمــة‬
‫القــوات املســلحة يف حمايــة االرض‪ ،‬حيــث نصــت عــى‪ :‬تكــون مهمــة القــوات املســلحة‬
‫القوميــة الســودانية حمايــة ســيادة البــاد‪ ،‬وتأمــن ســامة أراضيهــا‪ ،‬واملشــاركة يف‬
‫تعمريهــا‪ ،‬واملســاعدة يف مواجهــة الكــوارث القوميــة وذلــك وفقـا ً لهــذا الدســتور‪ .‬يبــن‬
‫القانــون الظــروف التــي يجــوز فيهــا للســلطة املدنيــة االســتعانة بالقــوات املســلحة يف‬
‫املهــام غــر العســكرية(‪.)1‬‬
‫نصــت املــادة (‪ )6‬مــن قانــون القــوات املســلحة الســودانية لســنة ‪2007‬م عــى‪:‬‬
‫القــوات املســلحة الســودانية قــوات عســكرية قوميــة التكويــن والهــدف والؤهــا للــه‬
‫والوطــن وتكــون لهــا املهــام واالختصاصــات اآلتيــة‪:‬‬
‫‪ .‬أحماية سيادة البالد والدفاع عن النظام الدستوري والزود عنه‪.‬‬
‫‪ .‬بتأمني سالمة البالد والدفاع عنها يف مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫((( املادة (‪ )2/144‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪145‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪ .‬جتأمــن احــرام ســيادة حكــم القانــون والحكــم املدنــي الديمقراطــي وحقــوق‬
‫االنســان‪.‬‬
‫‪ .‬دالتصدي لحاالت الطوارئ املحددة قانوناً‪.‬‬
‫‪ .‬هالعمل عيل تطوير امكانياتها العسكرية والبرشية واملادية والعلمية‪.‬‬
‫‪ .‬واملشــاركة يف توطيــد وحمايــة الســام واألمــن الدوليــن تنفيــذا ً لاللتزامــات‬
‫االخالقيــة واملواثيــق واملعاهــدات الدوليــة واالقليميــة(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬قوات األمن الوطني‪:‬‬
‫نصــت املــادة (‪ )7‬مــن قانــون قــوات األمــن الوطنــي لســنة ‪1999‬م عــى يختــص‬
‫جهــاز األمــن الوطنــي باآلتــي‪:‬‬
‫‪ .‬أكشــف املهــددات الخارجيــة التــي تــر باألمــن القومــي وتهــدد وحــدة البــاد‬
‫واســتقاللها ومقدراتهــا والتوصيــة بتدابــر الوقايــة الالزمــة‪.‬‬
‫‪ .‬بالكشــف عــن األخطــار الناجمــة عــن النشــاط األجنبــي يف مجــاالت التجســس‬
‫واإلرهــاب والتآمــر والتخريــب‪.‬‬
‫‪ .‬جالتوصيــة بتدابــر مكافحــة األنشــطة التخريبيــة للمنظمــات أو الجماعــات أو‬
‫األفــراد أو الــدول األجنبيــة أو الجماعــات الســودانية داخــل الســودان وخارجــه‪.‬‬
‫‪ .‬دجمــع املعلومــات املتعلقــة باألمــن القومــي وتحليلهــا وتقويمهــا والتوصيــة بتدابري‬
‫الوقايــة الالزمة‪.‬‬
‫‪ .‬هالبحــث والتحــري الالزمــن للكشــف عــن أوضــاع أو وقائــع أو مناشــط خــارج‬
‫البــاد يكــون مــن شــأنها املســاس باألمــن القومــي ولــو امتــدت لداخــل الســودان‪.‬‬
‫‪ .‬والبحــث والتحــري واملتابعــة الالزمــة للكشــف عــن عنــارص أو قــوى خارجيــة‬
‫تؤثــر عــى أمــن الســودان القومــي‪.‬‬
‫‪ .‬زالعمل الخارجي‬
‫‪ .‬حالتعــاون مــع األجهــزة املشــابهة والصديقــة ملكافحــة اإلرهــاب واألعمــال التــي‬
‫تهــدد الســلم واألمــن املشــرك أو أي مــن مجــاالت األمــن الخارجــي(‪.)2‬‬
‫((( املادة (‪ )6‬من قانون القوات املسلحة السودانية لسنة ‪2007‬م‬
‫((( املادة (‪ )7‬من قانون قوات األمن الوطني لسنة ‪1999‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪146‬‬
‫ثالثاً‪ :‬قوات الرشطة السودانية‪:‬‬
‫تناولــت املــادة (‪ )13‬مــن قانــون رشطــة الســودان لســنة ‪2008‬م واجبــات الرشطــة‬
‫الســودانية‪ ،‬حيــث نصــت عــى‪ :‬تكــون واجبــات قــوات الرشطــة عــى الوجــه اآلتــي‪:‬‬
‫‪ .‬أاملحافظة عىل أمن الوطن واملواطنني‪.‬‬
‫‪ .‬بسالمة األنفس واألموال واألعراض‪.‬‬
‫‪ .‬جمنع الجريمة واكتشاف ما يقع منها‪.‬‬
‫‪ .‬دترسيخ سيادة حكم القانون‪.‬‬
‫‪ .‬هاملحافظــة عــى املــال الهامــل أو املفقــود أو املضبــوط أو املســتوىل عليــه والتــرف‬
‫فيــه وفقـا ً للقانــون‪.‬‬
‫‪ .‬وتوعيــة الجمهــور باملعلومــات والوســائل التــي تســاعد عــى مكافحــة الجريمــة‬
‫وتنفيــذ واجبــات الرشطــة بمــا يحقــق إرشاك الجمهــور يف معاونــة قــوات الرشطــة‬
‫ودعمهــا‪.‬‬
‫‪ .‬زالحفاظ عىل اآلداب واألخالق الفاضلة والنظام العام‪.‬‬
‫‪ .‬حمبــارشة واتخــاذ اإلجــراءات والتدابــر لوقايــة وحمايــة املمتلــكات واملرافــق العامــة‬
‫واملنشــآت الخاصة‪.‬‬
‫‪ .‬طتنفيــذ األحــكام القضائيــة وأي أحــكام أو قــرارات قانونيــة صــادرة مــن ســلطة‬
‫ذات اختصــاص‪.‬‬
‫‪ .‬يأي واجبات تسند اليها بموجب القوانني(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حق الدولة في سن القوانين واللوائح‪:‬‬
‫الدولــة هــي صاحبــة الحــق يف إصــدار القوانــن والترشيعــات وهــي القواعــد العامــة‬
‫التــي يضعهــا املــرع لتنظيــم املجتمــع ويفــرض عــى األفــراد احرتامهــا وتحمــل‬
‫مــا تتضمــن مــن أعبــاء‪ ،‬والقاعــدة هــي عــدم مســئولية الدولــة عمــا تصــدره مــن‬
‫قوانــن(‪ .)2‬وقــد يــرك املــرع لجهــة إداريــة ســلطة إصــدار لوائــح تنظيميــة لتطبيــق‬
‫((( املادة (‪ )13‬من قانون رشطة السودان لسنة ‪2008‬م‬
‫((( القانون الدستوري‪ ،‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنرش‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.430‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪147‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫القانــون‪ .‬وهــذه اللوائــح هــي بمثابــة القانــون‪ ،‬ولهــذا يطعــن فيهــا أمــام املحكمــة‬
‫الدســتورية باعتبارهــا ترشيعــات صــادرة بهــذه الصفــة‪ .‬لــذا ال يجــوز الطعــن فيهــا‬
‫أمــام املحكمــة اإلداريــة ألنهــا ليــس بقــرارات إداريــة‪.‬‬
‫فللدولــة الحــق يف وضــع النظــم الدســتورية التــي توافقهــا وأن تتخــذ الشــكل الــذي‬
‫تريــده لحكومتهــا والحــق يف تغــر نظمهــا وشــكلها الحكومــي‪ ،‬بطــرق ســليمة أو‬
‫بالثــورة‪ ،‬وليــس للــدول األخــرى أن تتدخــل طاملــا أن مصالحهــا لــم تمــس‪ ،‬وأن تنظــم‬
‫ســلطاتها وتحــدد اختصاصــات كل منهــا‪ ،‬وأن تنظــم ســلطاتها القضائيــة ودرجاتهــا‬
‫وســلطة محاكمهــا مراعيــة مــا تنــص عليــه قواعــد القانــون الــدويل العــام كمــا للدولة‬
‫الحــق يف الترشيــع والحــق يف أن تعامــل رعاياهــا كمــا تشــاء ومــع تمتــع الدولــة بهــذه‬
‫الحقــوق نتيجــة لتمتعهــا بالســيادة إال أن هنــاك قيــودا ً تــرد عليهــا‪ ،‬أو القيــود التــي‬
‫تنشــأ مــن ســيطرة الــدول الكــرى أو البنــود الناشــئة مــن املعاهــدات(‪.)1‬‬
‫وقــد حــددت الدولــة الســودانية مصــدر ترشيعاتهــا يف نــص املــادة (‪ )5‬مــن دســتور‬
‫الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م حيــث نصــت عــى‪:‬‬
‫(‪ )1‬تكــون الرشيعــة اإلســامية واإلجمــاع مصــدرا ً للترشيعــات التــي تُســن عــى‬
‫املســتوى القومــي وتُطبــق عــى واليــات شــمال الســودان‪.‬‬
‫(‪ )2‬يكــون التوافــق الشــعبي وقيــم وأعــراف الشــعب الســوداني وتقاليــده ومعتقداتــه‬
‫الدينيــة التــي تأخــذ يف االعتبــار التنــوع يف الســودان‪ ،‬مصــدرا ً للترشيعــات التــي تُســن‬
‫عــى املســتوى القومــي‪ ،‬وتُطبــق عــى جنــوب الســودان أو والياتــه‪.‬‬
‫ويف الســودان يوجــد املجلــس الترشيعــي القومــي وهــو املختــص بســن القوانــن‬
‫والترشيعــات القوميــة‪ ،‬بجانــب املجالــس الترشيعيــة الواليــة التــي لهــا ســن القوانــن‬
‫والترشيعــات الواليــة(‪.)2‬‬
‫تناولــت املــادة (‪ )3/91‬مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م عــى مهــام‬
‫الهيئــة الترشيعيــة القوميــة حيــث نصــت عــى‪ :‬يكــون املجلــس الوطنــي مختصــا ً‬
‫باآلتــي‪:‬‬

‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬محمود سامي جنينة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫((( املادة (‪ )5‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪148‬‬
‫(أ) تويل الترشيع يف كل االختصاصات القومية‪،‬‬
‫(ب) اعتماد الخطط والربامج والسياسات املتعلقة بالدولة واملجتمع‪،‬‬
‫(ج) إجازة املوازنة السنوية القومية‪،‬‬
‫(د) املصادقة عىل املعاهدات واالتفاقيات الدولية‪،‬‬
‫(هـ) مراقبة أداء السلطة التنفيذية القومية‪،‬‬
‫(و) إصدار القرارات بشأن املسائل العامة‪،‬‬
‫(ز) اســتدعاء الــوزراء القوميــن لتقديــم تقاريــر عــن األداء التنفيــذي للحكومــة‬
‫بصــورة عامــة أو لــوزارات بعينهــا أو لنشــاط معــن(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تحديد شكل الحكم في الدولة‪:‬‬
‫للدولــة الحــق يف تحديــد شــكل الحكــم فيهــا‪ ،‬واختــارت دولــة الســودان نظــام‬
‫الالمركزيــة حيــث نصــت املــادة (‪ )24‬مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م‬
‫عــى‪ :‬الســودان دولــة المركزيــة‪ ،‬وتكــون مســتويات الحكــم فيهــا عــى الوجــه التــايل‪:‬‬
‫(أ) مســتوى الحكــم القومــي‪ ،‬الــذي يمــارس الســلطة ليحمــي ســيادة الســودان‬
‫الوطنيــة وســامة أراضيــه ويعــزز رفاهيــة شــعبه‪،‬‬
‫(ب) مســتوى الحكــم الوالئــي‪ ،‬الــذي يمــارس الســلطة عــى مســتوى الواليــات يف كل‬
‫أنحــاء الســودان ويقــدم الخدمــات العامــة مــن خــال املســتوى األقــرب للمواطنــن‪،‬‬
‫(ج) مستوى الحكم املحيل‪ ،‬ويكون يف أنحاء السودان كافة(‪.)2‬‬
‫الفــرع الرابــع‪ :‬ســلطة الفصــل فــي الخصومــات وتحديــد األفعــال‬
‫التــي تشــكل جريمــة‪:‬‬
‫مــن أهــم مظاهــر ســيادة الدولــة عــى إقليمهــا هــي ســلطة الفصــل يف الخصومــات‪،‬‬
‫فالدولــة هــي التــي تســن الترشيعــات وتعطــي للســلطة القضائيــة فيهــا ســلطة‬
‫الفصــل يف الخصومــات‪ ،‬وقــد نصــت املــادة (‪ )8‬مــن قانــون الهيئــة القضائيــة‬
‫الســودانية لســنة ‪1986‬م عــى‪ :‬تكــون واليــة القضــاء يف جمهوريــة الســودان لســلطة‬
‫((( املادة (‪ )3/91‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬
‫((( املادة (‪ )24‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪149‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫مســتقلة تســمى الهيئــة القضائيــة(‪ ،)1‬ونصــت املــادة (‪ )13‬عــى اختصــاص الســلطة‬
‫القضائيــة‪ ،‬حيــث نصــت عــى‪ :‬تتــوىل املحاكــم الفصــل يف كافــة املنازعــات والجرائــم‬
‫وتختــص كل منهــا بالفصــل يف املســائل التــي ترفــع إليهــا طبق ـا ً للقانــون(‪.)2‬‬
‫ونصت املادة ‪ 123‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م عىل‪:‬‬
‫(‪ )1‬تُسند والية القضاء القومي يف جمهورية السودان للسلطة القضائية القومية‪.‬‬
‫(‪ )2‬تكــون الســلطة القضائيــة مســتقلة عــن الهيئــة الترشيعيــة والســلطة التنفيذيــة‬
‫ولهــا االســتقالل املــايل واإلداري الــازم‪.‬‬
‫(‪ )3‬يعقــد للســلطة القضائيــة القوميــة االختصــاص القضائــي عنــد الفصــل يف‬
‫الخصومــات وإصــدار األحــكام وفقــا ً للقانــون‪.‬‬
‫(‪ )4‬يكــون رئيــس القضــاء لجمهوريــة الســودان رئيسـا ً للســلطة القضائيــة القوميــة‬
‫ورئيســا ً للمحكمــة العليــا القوميــة‪ ،‬ويكــون مســئوال ً عــن إدارة الســلطة القضائيــة‬
‫القوميــة أمــام رئيــس الجمهوريــة‪.‬‬
‫(‪ )5‬عىل أجهزة الدولة ومؤسساتها تنفيذ أحكام وأوامر املحاكم(‪.)3‬‬
‫إن وصــف الفعــل بأنــه يشــكل جريمــة يختلــف مــن دولــة إىل أخــرى‪ ،‬فمث ـاً غالــب‬
‫الــدول اإلســامية تعتــر رشب الخمــر ولعــب القمــار والتعامــل بالربــا جريمــة يعاقــب‬
‫عليهــا القانــون‪ ،‬بخــاف الــدول الغربيــة التــي تبيــح ذلــك‪ ،‬فنظــرة املجتمــع لألفعــال‬
‫تختلــف باختــاف الثقافــات والديانــات والعــادات والتقاليــد‪.‬‬
‫وقــد نصــت املــادة (‪ )3‬مــن القانــون الجنائــي الســوداني لســنة ‪1991‬م عــى تعريــف‬
‫الجريمــة بأنهــا‪ :‬تشــمل كل فعــل معاقــب عليــه بموجــب أحــكام هــذا القانــون أو أي‬
‫قانــون آخر(‪.)4‬‬
‫نســتخلص مــن ذلــك أن للدولــة وفق ـا ً لســيادتها الوطنيــة الحــق يف تحديــد األفعــال‬
‫التــي تــرى أنهــا تشــكل جريمــة‪ ،‬وتحــدد لهــا عقوبــة وتنفذهــا حمايــة ملجتمعهــا‬
‫وهويتــه‪.‬‬

‫املادة (‪ )8‬من قانون الهيئة القضائية السودانية لسنة ‪1986‬م‬ ‫(((‬


‫املادة (‪ )13‬من قانون الهيئة القضائية السودانية لسنة ‪1986‬م‬ ‫(((‬
‫املادة ‪ 123‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬ ‫(((‬
‫املادة (‪ )3‬من القانون الجنايئ السوداين لسنة ‪1991‬م‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪150‬‬
‫الفــرع الخامــس‪ :‬ســلطة تنظيــم شــؤون المواطنــة والجنســية‬
‫والهجــرة‪:‬‬
‫وللدولــة الحــق يف تنظيــم الجنســية وشــؤون الهجــرة وأن تســتبقى يف جنســيتها مــن‬
‫يهاجــر منهــا وأن تكلفهــم بدفــع الرضائــب‪ ،‬وأن تطلبهــم للخدمــة العســكرية‪ ،‬وأن‬
‫تخضعهــم لقوانينهــا‪ ،‬وأن تعاقبهــم حــن عودتهــم مــن الجرائــم التــي ارتكبوهــا يف‬
‫الخــارج‪.‬‬
‫وقــد تنــاول قانــون الجنســية الســودانية ‪1994‬م ســلطات الدولــة يف منــح الجنســية‬
‫وســحبها وإســقاطاها وآثــار الســحب واإلســقاط وغريهــا مــن مظاهــر ســيادة الدولــة‬
‫يف مجــال تنظيــم شــؤون الجنســية(‪.)1‬‬
‫ونــص قانــون جــوازات الســفر والهجــرة لســنة ‪1994‬م عــى ســلطة منــح تأشــرة‬
‫الدخــول والخــروج مــن الدولــة ورشوط منــح جــوازات الســفر للشــئون الخارجيــة‬
‫ورشوط الجــوازات العاديــة وإجــراءات الحصــول عــى التأشــرة عــى جــوازات الســفر‬
‫وكيفيــة رفــض جــوازات الســفر وســحبها وإلغائهــا وإجــراءات دخــول الســودان‬
‫والخــروج منــه واإلقامــة فيــه واألماكــن املخصصــة للدخــول والخــروج(‪.)2‬‬
‫تناولــت املــادة (‪ )7‬مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م عــى املواطنــة‬
‫والجنســية حيــث نصــت عــى‪:‬‬
‫(‪ )1‬تكون املواطنة أساس الحقوق املتساوية والواجبات لكل السودانيني‪.‬‬
‫(‪ )2‬لــكل مولــود مــن أم أو أب ســوداني حــق ال ينتقــص يف التمتــع بالجنســية واملواطنة‬
‫السودانية‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظــم القانــون املواطنــة والتجنــس‪ ،‬وال يجــوز نــزع الجنســية عمــن اكتســبها‬
‫بالتجنــس إال بقانــون‪.‬‬
‫(‪ )4‬يجوز ألي سوداني أن يكتسب جنسية بلد آخر حسبما ينظمه القانون(‪.)3‬‬

‫((( قانون الجنسية السودانية ‪1994‬م‪.‬‬


‫((( قانون جوازات السفر والهجرة لسنة ‪1994‬م‪.‬‬
‫((( املادة (‪ )7‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪151‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفرع السادس‪ :‬تحديد اللغة الرسمية للدولة‪:‬‬
‫مــن مظاهــر ســيادة الدولــة تحديــد اللغــة الرســمية للتعامــل يف إقليمهــا‪ ،‬وقــد نصــت‬
‫املــادة (‪ )8‬مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م عــى‪:‬‬
‫(‪ )1‬جميــع الُلغــات األصليــة الســودانية ُ‬
‫لغــات قوميــة يجــب احرتامهــا وتطويرهــا‬
‫وترقيتهــا‪.‬‬
‫(‪ )2‬العربية هي اللغة القومية األوسع انتشارا ً يف السودان‪.‬‬
‫لغــة رئيســية عــى الصعيــد القومــي‪ ،‬واإلنجليزيــة‪،‬‬ ‫(‪ )3‬تكــون العربيــة‪ ،‬باعتبارهــا ُ‬
‫اللغتــن الرســميتني ألعمــال الحكومــة القوميــة ولغتــي التدريــس يف التعليــم العــايل(‪.)1‬‬
‫واللغــة لــم تعــد تقــف عنــد حــدود التواصــل االجتماعــي بــل أصبحــت تمثــل جــزءا ً‬
‫ال يتجــزأ مــن الســيادة الوطنيــة ويكفــي اإلشــارة إيل تجربــة االتحــاد األوروبــي‬
‫التــي تخطــت كل مقاييــس االندمــاج يف املجــاالت السياســية واالقتصاديــة واألمنيــة‬
‫والقضائيــة ومــع ذلــك فــإن هــذه الوحــدة قــد توقفــت عنــد حــدود اللغــة حيــث‬
‫يعمــل يف مؤسســات االتحــاد األوروبــي الــذي يشــمل (‪ )27‬دولــة وبــه (‪ )26‬لغــة وفيه‬
‫نحــو أربعــة ألــف مرتجــم فــوري وتحريــري بغيــة حمايــة الرشعيــة الديمقراطيــة‬
‫لالتحــاد(‪.)2‬‬
‫والسـيادة الوطنيـة مجالهـا نطـاق حـدود الدولـة وتنتهـي بنهايـة حدودهـا‪ ،‬ولكنها يف‬
‫املقابـل ال تعنـي انفصـال الدولـة وعزلتها عـن محيطهـا والثوابـت القومية أولهـا اللغة‪،‬‬
‫فاللغـة هـي الوعـاء الحـاوي للثقافـة ووسـيلة مـن وسـائل التفكري الـذي يحـدد رؤية‬
‫العالـم‪ ،‬لذلـك فهـي أهـم ركيـزة لتحصين الهويـة والـذات والشـخصية‪ ،‬ومـن الواجب‬
‫الدفـاع عنهـا لحفـظ املكانـة واالسـتمرار بني األمـم‪ ،‬فإن قـوة األمة مـن قـوة لغتها كما‬
‫أشـار ابـن خلـدون(‪ )3‬اللغـة هي األسـاس املتني الذي تقـوم عليه حيـاة األمة(‪ ،)4‬وسـيادة‬
‫األمـم تبـدأ بسـيادة لغاتهـا ومؤسسـاتها التـي ترقى بهـذه اللغة‪.‬‬
‫((( املادة (‪ )8‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬
‫((( وليد العناىن‪ ،‬مجلة البصائر‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬املجلد السادس‪ ،‬عام ‪2004‬م‬
‫((( عبــد الرحمــن بــن محمــد بــن محمــد بــن الحســن بــن محمــد بــن جابــر بــن محمــد بــن إبراهيــم بــن محمــد بــن‬
‫عبــد الرحيــم ويل الديــن اإلشــبييل األصــل التونــي ثــم القاهــري املالــي املعــروف بابــن خلــدون‪ ،‬ولــد يف أول رمضــان ســنة‬
‫(‪732‬ﮪ) بتونــس وحفــظ القــرآن ثــم قــدم إىل مــر ســنة (‪784‬هـــ) ‪ ،‬تــويف ســنة (‪808‬هـــ) ودفــن مبقابــر الصوفيــة خــارج‬
‫بــاب النــر‪ .‬محمــد بــن عــي الشــوكاين املتــويف ســنة (‪1250‬هـــ) ‪ ،‬البــدر الطالــع مبحاســن مــن بعــد القــرن التاســع‪ ،‬وضــع‬
‫حواشــيه خليــل املنصــور‪ ،‬دار الكتــب العلميــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪1989 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،1‬ص‪.235‬‬
‫((( املقدمة‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن خلدون‪ ،‬دار العقيدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1429 ،1‬هـ ‪2008‬م‪ ،‬ص‪.398‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪152‬‬
‫الفرع السابع‪ :‬حق التمتع بالثروات والموارد الطبيعية للدولة‪:‬‬
‫مــن مظاهــر ســيادة الدولــة عــى إقليمهــا هــو حقهــا يف التمتــع بثرواتهــا ومواردهــا‬
‫الطبيعيــة والحفــاظ عليهــا وســن القوانــن التــي تكفــل الحفــاظ عــى ثروتهــا‬
‫القوميــة ومواردهــا الطبيعيــة(‪.)1‬‬
‫وقد نصت املادة (‪ )11‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م عىل‪:‬‬
‫(‪ )1‬ألهــل الســودان الحــق يف بيئــة طبيعيــة نظيفــة ومتنوعــة‪ ،‬وتحافــظ الدولــة‬
‫واملواطنــون عــى التنــوع الحيــوي يف البــاد وترعــاه وتطــوره‪.‬‬
‫(‪ )2‬ال تنتهــج الدولــة سياســات أو تتخــذ أو تســمح بــأي عمــل مــن شــأنه أن يؤثــر‬
‫تأثــرا ً ســالبا ً عــى وجــود أي نــوع حيوانــي أو صنف نباتــي أو عــى بيئتهمــا الطبيعية‬
‫أو ا ُملختــارة‪.‬‬
‫(‪ )3‬تطــور الدولــة‪ ،‬بموجــب الترشيــع‪ ،‬االســتغالل األمثــل للمــوارد الطبيعيــة وأنجــع‬
‫األســاليب إلدارتهــا(‪.)2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المظاهر الخارجية للسيادة‪:‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬حريــة الدولــة فــي إنشــاء العالقــات الدوليــة وتحديــد‬
‫شــكل سياســتها الخارجيــة‪:‬‬
‫الدولــة لهــا ســلطة إنشــاء العالقــات الدوليــة مــع الــدول بنــاء عــى املصالح املشــركة‬
‫بينهمــا‪ ،‬فللدولــة حــق تنظيــم عالقاتهــا مــع الــدول األخــرى يف ضــوء أنظمتهــا‬
‫الداخليــة وحريتهــا يف إدارة شــؤونها الخارجــة وتحديــد عالقاتهــا بغريهــا مــن الــدول‬
‫وحريتهــا التعاقــد معهــا‪ ،‬وحقهــا يف إعــان الحــرب والتــزام الحيــاد‪ ،‬والســيادة‬
‫الخارجيــة مرادفــة الســتقالل الســيايس ومقتضاهــا عــدم خضــوع الدولــة صاحبــة‬
‫الســيادة أليــة دول أجنبيــة واملســاواة بــن جميــع الــدول أصحــاب الســيادة‪ ،‬فتنظيــم‬
‫العالقــات الخارجيــة يكــون عــي أســاس مــن االســتقالل وهــي تعطــي الدولــة الحــق‬
‫يف تمثيــل األمــة والدخــول باســمها يف عالقــات مــع األمــم األخــرى(‪.)3‬‬

‫((( مبدأ االختصاص الداخيل‪ ،‬عىل رضا عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق ص‪.205‬‬
‫((( املادة (‪ )11‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬
‫((( احــكام القانــون الــدويل العــام يف الرشيعــة االســامية‪ ،‬د‪ .‬حامــد ســلطان‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬عــام‬
‫‪1974‬م‪ ،‬ص‪240‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪153‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ظــف‬‫وقــد نصــت املــادة (‪ )17‬مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م عــى‪ :‬تُو َّ‬
‫سياســة الســودان الخارجيــة لخدمــة املصالــح الوطنيــة وتُــدار باســتقالل وشــفافية‬
‫لخدمــة األهــداف التاليــة‪:‬‬
‫(أ) ترقيــة التعــاون الــدويل‪ ،‬خاصــة يف إطــار أرسة األمــم املتحــدة واملنظمــات الدوليــة‬
‫واإلقليميــة األُخــرى‪ ،‬وذلــك مــن أجــل تعزيــز الســام العاملــي واحــرام القانــون‬
‫الــدويل وااللتزامــات التعاهديــة وتطويــر نظــام اقتصــادي عاملــي عــادل‪،‬‬
‫(ب) تحقيــق التكامــل االقتصــادي األفريقــي والعربــي‪ ،‬كل يف إطــار الخطــط واملنابــر‬
‫اإلقليميــة القائمــة وتعزيــز الوحــدة األفريقيــة والعربيــة والتعــاون األفريقــي العربــي‬
‫كمــا هــو مرســوم يف تلــك الخطــط‪،‬‬
‫(ج) ترقية احرتام حقوق اإلنسان وحرياته األساسية يف املنابر اإلقليمية والدولية‪،‬‬
‫(د) تشــجيع حــوار الحضــارات وبنــاء نظــام عاملــي قائــم عــى العــدل ووحــدة املصري‬
‫اإلنساني‪،‬‬
‫(هـ) ترقية التعاون االقتصادي بني دول الجنوب‪،‬‬
‫(و) عــدم التدخــل يف شــئون الــدول األُخــرى‪ ،‬وتعزيــز حســن الجــوار والتعــاون‬
‫املشــرك مــع جميــع دول الجــوار‪ ،‬والحفــاظ عــى عالقــات متوازنــة ووديــة مــع‬
‫الــدول األُخــرى‪،‬‬
‫(ز) مكافحة اإلرهاب والجريمة املنظمة‪ ،‬الدولية منها وعرب الوطنية(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حرية االنضمام لالتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫تعــرف االتفاقيــة الدوليــة بأنهــا‪( :‬اتفــاق مكتــوب بــن اشــخاص القانــون الــدويل‬
‫إلحــداث نتائــج قانونيــة معينــة وفــق ألحــكام القانــون الــدويل العــام)(‪.)2‬‬
‫وتعــرف أيضـا ً أنهــا (كل اتفــاق يعقــد بــن اعضــاء االرسة الدوليــة ويهــدف ايل احداث‬
‫نتائــج قانونية)(‪.)3‬‬

‫((( املادة (‪ )17‬من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬


‫((( مبادئ القانون الدويل العام‪ ،‬إبراهيم أحمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.188‬‬
‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬محمد املجذوب‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ص‪.322‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪154‬‬
‫وتعــرف أيضـا ً بأنهــا‪( :‬اتفاقــات تعقدهــا الــدول فيمــا بينهــا بغــرض تنظيــم عالقــة‬
‫قانونيــة دوليــة وتحديــد القواعــد التــي تخضــع لهــا هــذه العالقــة)(‪.)1‬‬
‫إن االنضمــام إىل االتفاقيــات الدوليــة هــو عمــل إرادي اختيــاري مــن جانــب واحــد‬
‫(‪)2‬‬
‫يصــدر عــن دولــة لــم تكــن طرف ـا ً يف املعاهــدة وترغــب يف أن تكــون طرف ـا ً فيهــا‬
‫وتنتفــي وصــف الدولــة الغــر كمــا أنــه البــد يف املعاهــدات املفتوحــة أن يكــون هنالــك‬
‫نــص ينظــم إجــراءات االنضمــام‪.‬‬
‫وقــد تجيــز املعاهــدات املفتوحــة االنضمــام إليهــا مــن جانــب واحــد يصــدر عــن‬
‫الدولــة التــي ترغــب يف االنضمــام بنــص مكتــوب أو يتفــق األطــراف فيهــا أثنــاء‬
‫التفــاوض أو يف تاريــخ الحــق لالنضمــام بخــاف املعاهــدات املغلقــة التــي ال تجيــز‬
‫االنضمــام إليهــا بنــص فيهــا ولــم يحــدث أن اتفــق األطــراف فيهــا رصاحـ ً‬
‫ـة أو ضمنـاً‪.‬‬
‫وعندنـا تشـعر الدولة بضرورة االنضمـام التفاقية دولية وفقـا ً ملصالحهـا الوطنية‪ ،‬تعرب‬
‫ذلـك عبر السـلطة التنفيذية متمثلة يف التنسـيق بين مجلـس الـوزراء ووزارة الخارجية‬
‫ورئاسـة الجمهوريـة‪ ،‬يف دراسـة االتفاقيـة بالتشـاور مع األجهـزة املتخصصـة ثم يكون‬
‫بعـد ذلـك التوقيـع على االتفاقية ثـم عرضها عىل الهيئـة الترشيعيـة للتصديـق النهائي‪،‬‬
‫فالسـلطة التنفيذيـة يف الدولـة لهـا سـلطة إبـرام املعاهـدة وسـلطة التوقيع عليهـا‪ ،‬أما‬
‫التصديـق فيكون للسـلطة الترشيعيـة يف الدولة(‪.)3‬‬
‫وقــد تناولــت املــادة (‪/1/58‬ي‪ ،‬ك) مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م‬
‫عــى ســلطة رئيــس الجمهوريــة يف االنضمــام لالتفاقيــات الدوليــة‪ ،‬حيــث نصــت عــى‪:‬‬
‫(‪ )1‬رئيــس الجمهوريــة هــو رأس الدولــة والحكومــة ويمثــل إرادة الشــعب وســلطان‬
‫الدولــة‪ ،‬ولــه يف ذلــك ممارســة االختصاصــات التــي يمنحهــا هــذا الدســتور واتفاقيــة‬
‫الســام الشــامل‪ ،‬ومــع عــدم اإلخــال بعمــوم مــا تقــدم يتــوىل املهــام التاليــة‪:‬‬
‫‪( ...‬ي) يمثــل الدولــة يف عالقاتهــا الخارجيــة ويعــن ســفراء الدولــة ويعتمــد الســفراء‬
‫األجانب‪،‬‬
‫(ك) يوجــه السياســة الخارجيــة للدولــة ويــرف عليهــا ويصــادق عــى املعاهــدات‬
‫واالتفاقيــات الدوليــة بموافقــة الهيئــة الترشيعيــة القوميــة(‪.)4‬‬

‫القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬عىل صادق ابوهيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.525‬‬ ‫(((‬
‫األصول العامة للمنظامت الدولية‪ ،‬عبد العزيز محمد رسحان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129‬‬ ‫(((‬
‫قانون املنظامت الدولية‪ ،‬د‪ .‬محمد سامي عبدالحميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪88‬‬ ‫(((‬
‫املادة (‪/1/58‬ي‪ ،‬ك) من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪155‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وقــد تناولــت املــادة (‪/3/91‬د) مــن دســتور الســودان االنتقــايل لســنة ‪2005‬م‬
‫حيــث نصــت عــى مهمــة الهيئــة الترشيعيــة القوميــة يف التصديــق عــى املعاهــدات‬
‫واالتفاقيــات الدوليــة حيــث نصــت عــى‪ :‬يكــون املجلــس الوطنــي مختصـا ً باآلتــي‪...:‬‬
‫(د) املصادقــة عــى املعاهــدات واالتفاقيــات الدوليــة(‪.)1‬‬
‫فالســلطة الترشيعيــة تقــوم بســن مرشوعــات القوانــن فضــاً عــن أنهــا تقــوم‬
‫باملصادقــة النهائيــة عــى املعاهــدات الدوليــة(‪.)2‬‬
‫الفــرع الثالــث‪ :‬تمثيــل الدولــة فــي الخــارج عبــر القنصليــات‬
‫والســفارات‪:‬‬
‫للدولــة الحــق يف إنشــاء البعثــات الدبلوماســية والقنصليــة التــي تمثلــه يف الخــارج‬
‫حيــث نصــت املــادة (‪ )7‬مــن قانــون الســلك الدبلومــايس والقنصــي لســنة ‪1997‬م‬
‫عــى‪:‬‬
‫‪ -1‬تنشــأ البعثــات الدبلوماســية والقنصليــة وتلغــى بقــرار مــن رئيــس الجمهوريــة‬
‫وذلــك بنــا ًء عــى توصيــة الوزيــر‪.‬‬
‫‪ -2‬تشمل البعثات الدبلوماسية والقنصلية ما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬السفارات‪.‬‬
‫ب‪ -‬البعثات الدائمة لدى املنظمات الدولية واإلقليمية‪.‬‬
‫ج‪ -‬البعثات املؤقتة‪.‬‬
‫د‪ -‬القنصليات‪.‬‬
‫‪ -3‬تكــون منطقــة تمثيــل البعثــة الدبلوماســية إقليــم الدولــة أو الــدول أو املنظمــة أو‬
‫املنظمــات املعتمــدة لديهــا تلــك البعثــة عــى أن يتــم تحديــد منطقــة تمثيــل البعثــة‬
‫القنصليــة بقــرار مــن الوزيــر‪.‬‬
‫‪ -4‬يجــوز للوزيــر أن يصــدر قــرارا ً بتكليــف أي ســفارة يراهــا بمهــام البعثــة الدائمــة‬
‫لــدى أي مــن املنظمــات الدوليــة أو اإلقليميــة(‪.)3‬‬
‫((( املادة (‪/3/91‬د) من دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬
‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬جامل محى الدين‪ ،‬دار الجامعة للنرش‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫((( املادة (‪ )7‬من قانون السلك الدبلومايس والقنصيل لسنة ‪1997‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪156‬‬
‫وقــد حــددت املــادة (‪ )9‬مــن قانــون الســلك الدبلومــايس والقنصــي لســنة ‪1997‬م‬
‫اختصاصــات البعثــة الدبلوماســية حيــث نصــت عــى‪:‬‬
‫‪ -1‬تكون للبعثة الدبلوماسية االختصاصات والسلطات اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تمثيل جمهورية السودان لدى الدولة املضيفة‪.‬‬
‫ب‪ -‬حمايــة مصالــح جمهوريــة الســودان ورعايــاه يف الدولــة املضيفــة وفقـا ً للحــدود‬
‫التــي يســمح بهــا القانــون الــدويل‪,‬‬
‫ج‪ -‬رصــد األحــوال والتطــورات يف الدولــة املضيفــة وفقـا ً للقوانــن واألعــراف وتقديــم‬
‫التقاريــر عنهــا‬
‫د‪ -‬تطوير العالقات السياسية بني جمهورية السودان والدولة املضيفة‬
‫هـــ‪ -‬تنميــة العالقــات االقتصاديــة والثقافيــة والعلميــة وغريهــا بــن جمهوريــة‬
‫الســودان والدولــة املضيفــة‬
‫‪ -2‬يف حالــة عــدم وجــود بعثــة قنصليــة يف منطقــة تمثيــل البعثــة الدبلوماســية أو يف‬
‫حالــة عــدم تغطيــة البعثــة القنصليــة كل منطقــة التمثيــل تتــوىل البعثــة الدبلوماســية‬
‫االختصاصــات القنصليــة ضمــن الحــدود الالزمــة ويتــم إنشــاء قســم قنصــي يف‬
‫البعثــة الدبلوماســية تــوكل إليــه الســلطات الالزمــة لتنفيــذ تلــك االختصاصــات‪.‬‬
‫‪ -3‬تتــوىل البعثــة الدبلوماســية إختصاصــات التمثيــل التجــاري واإلعالمــي والثقــايف‬
‫وغريهــا مــا لــم تــوكل تلــك االختصاصــات مللحــق فنــي أو مركــز متخصــص(‪.)1‬‬

‫((( املادة (‪ )9‬من قانون السلك الدبلومايس والقنصيل لسنة ‪1997‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪157‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫المبحث الثالث‬
‫وضع السيادة في إطار القانون الدولي العام‬

‫تقديم‪:‬‬
‫تنــاول هــذا املبحــث وضــع الســيادة يف إطــار القانــون الــدويل العــام‪ ،‬مــن خــال‬
‫تنــاول التوفيــق بــن الســيادة والتنظيــم الــدويل يف ظــل تطــور القانــون الــدويل‪،‬‬
‫وموقــف بعــض املنظمــات الدوليــة املختلفــة مــن الســيادة‪.‬‬
‫المطلــب األول‪ :‬التوفيــق بيــن الســيادة والتنظيــم الدولــي فــي‬
‫ظــل تطــور القانــون الدولــي‪:‬‬
‫أدى ظهــور الجماعــات اإلنســانية وتطورهــا ونموهــا إىل جمــوع متعددة‪ ،‬وإىل اســتقرار‬
‫كل جمــع منهــا عــى إقليــم معــن محــدد النطــاق‪ ،‬وأخضــع نفســه لســلطته الذاتيــة‬
‫املوحــدة‪ ،‬وظهــر أمــام الجمــوع األخــرى املماثلــة بمظهــر الهيئــة الكاملــة الســيادة‬
‫واالســتقالل‪ ،‬والتــي تتســاوى مــع غريهــا مــن هيئــات الجمــوع اإلنســانية األخــرى‪،‬‬
‫بحيــث ال تنتظــم هــذه الجمــوع ســلطة مشــركة تســمو عليهــا أو تخضــع لســلطاتها‬
‫الجميــع‪ ،‬ويطلــق عــى هــذه الجمــوع اصطــاح مجمــع عليــه يف القانــون الــدويل‬
‫وهــو‪ :‬الدّولــة(‪.)1‬‬
‫إن البحــث فيمــا تتمتــع بــه هــذه الـ ُد َو ْل تجــاه بعضهــا البعض من ســيادة واســتقالل‪،‬‬
‫ومــا يربــط بينهــا مــن روابــط التنظيــم الــدويل‪ ،‬أو اإلقليمــي أو التخصــي‪ ،‬ليــس‬
‫بحث ـا ً قانوني ـا ً يتــم يف الفــراغ‪ ،‬وذلــك أن النظــم القانونيــة التنظيميــة ليســت نظم ـا ً‬
‫مجــردة أو منعزلــة(‪.)2‬‬
‫ويف الواقــع إن ال ـ ُد َو ْل تتقيــد يف ترصفاتهــا بمــا لل ـ ُد َو ْل األخــرى مــن حقــوق يتعــن‬
‫عليهــا التعــاون معهــا‪ ،‬حيــث أن ممارســتها لســلطاتها يجــب أن يكــون يف نطــاق‬
‫قواعــد القانــون الــدويل ويف حــدود تعهداتهــا والتزاماتهــا الدوليــة‪ ،‬وال يمكــن أن يقــال‬
‫أن تقييــد ترصفهــا عــى هــذا الوجــه فيــه انتقــاص مــن ســيادتها‪ ،‬ألن هــذا التقييــد‬
‫عــام يشــمل كافــة الـ ُد َو ْل ويف صالحهــا جميعـاً‪ ،‬وألن الســيادة ال تتنــاىف مــع الخضــوع‬

‫((( القانــون الــدويل والرشيعــة اإلســامية‪ ،‬عبــد العزيــز بــن محمــد الصغــر‪ ،‬املركــز القومــي لإلصــدارات القانونيــة‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مــر‪ ،‬ط‪2016 ،1‬م‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪159‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫للقانــون‪ ،‬وإنمــا الــذي يتنــاىف معهــا هــو الخضــوع إلرادة دّولــة أخــرى‪ .‬إن الرتابــط‬
‫والتكافــل يف املجتمــع الــدويل‪ ،‬صــار حقيقــة حيــة ملموســة ال تنكــر‪ ،‬وإن الحاجــات‬
‫الجديــدة والحقائــق الجديــدة‪ ،‬تدعــو دائمــا ً إليجــاد أشــكال ومؤسســات جديــدة‬
‫تســايرها وتســتجيب لهــا‪ ،‬حتــى ال تتخلــف عــن مصاحبــة التطــور والنمــو‪ .‬لــكل هذه‬
‫االعتبــارات‪ ،‬فــإن تطــور الحيــاة يف املحيــط الــدويل تتجــه نحــو التخفيــف مــن حــدة‬
‫الســيادة شــيئا ً فشــيئا ً ليســهل التعــاون بــن الــدول(‪.)1‬‬
‫إن مســألة التوفيــق بــن الســيادة القانونيــة الدوليــة التــي أقرهــا ميثــاق األمــم‬
‫املتحــدة‪ ،‬والحــد األدنــى مــن حاجــات النظــام والتعــاون الدوليــن يف عرصنــا هــذا‬
‫تكمــن يف جــذور الجــدل املتواصــل عــن دوافــع القانــون الــدويل‪ ،‬إنهــا أكثــر مــن‬
‫مســألة ونظريــة‪ ،‬إنهــا مســألة بالغــة األهميــة لشــعوب منتصــف القــرن العرشيــن‪.‬‬
‫فالفــرق – بالنســبة لهــذه الشــعوب قانــون دويل مزيــف ونظــام «حقيقــي» أو بعبــارة‬
‫أخــرى‪ ،‬ذلــك النظــام الــذي يفــرض القيــود الكابحــة عــى الـ ُد َو ْل وهــو كالفــرق بــن‬
‫املــوت والحيــاة‪ ،‬وإلدراك أهميــة العمليــة ملســألة واقــع القانــون الــدويل‪ ،‬وخصوص ـا ً‬
‫معنــى فــرض العقوبــات االقتصاديــة وغريهــا يف مجتمــع دويل معــارص‪ ،‬فإنــه مــن‬
‫الــروري التطــرق للقواعــد واملبــادئ الرئيســية للقانــون الــدويل‪ ،‬كمــا تطــورت أثنــاء‬
‫حيــاة الســيادة القانونيــة والسياســية لل ـ ُد َو ْل الوطنيــة(‪.)2‬‬
‫إن التمســك بالســيادة يف مفهومهــا املتطــور‪ ،‬ال يحــول دون تطــور القانــون الــدويل‬
‫وال يــؤدي إىل فشــل فاعليــة وانحســار ســلطته‪ ،‬كمــا يدعــي البعــض‪ .‬حيــث أن الــدور‬
‫املتزايــد األهميــة الــذي يؤديــه القانــون الــدويل‪ ،‬يف مجــال العالقــات بــن الــ ُد َو ْل‬
‫ال ينتــج مــن اتجــاه التطــور نحــو إلغــاء ســيادة الدّولــة‪ ،‬وإنمــا مــن نمــو ودعــم‬
‫وتطويــر املبــادئ األساســية يف القانــون الــدويل‪ ،‬وإثرائــه بقواعــد جديــدة تواكــب‬
‫التحــول الــذي يشــهده املجتمــع الــدويل‪ ،‬وطاملــا إن وجــود الـ ُد َو ْل ذات الســيادة يعــد‬
‫ظاهــرة تقتضيهــا طبيعــة العالقــات الدوليــة يف عرصنــا الحــايل‪ ،‬فــإن االتفــاق بــن‬
‫الــ ُد َو ْل هــو وحــده الــذي يســتطيع أن يشــكل أســاس القــوة القانونيــة لقواعــد‬
‫القانــون الــدويل(‪.)3‬‬

‫((( رسيــان املعاهــدات عــى الــ ُد َو ْل الغــر األطــراف‪ ،‬عــادل عــزت الســنجلقي‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪1974‬م‪ ،‬ص‪.357‬‬
‫((( تطور القانون الدويل‪ ،‬ولغفانغ فريدمان‪ ،‬منشورات دار األوقاف الجديد‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫((( املعاهدات غري املتكافئة يف القانون الدويل‪ ،‬د‪ .‬عصام صادق رمضان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.477‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪160‬‬
‫ويف ظــل عــر التنظيــم الــدويل أو «املنظمــات الدوليــة» اتجهــت العالقــات الدوليــة‬
‫نحــو مزيــد مــن التعــاون والرتابــط بــن الـ ُد َو ْل يف جميــع املجــاالت السياســية وغــر‬
‫السياســية‪ ،‬ولتحقيــق ذلــك البــد مــن الحــد مــن الســيادة املطلقــة لــكل دّولــة لصالــح‬
‫الجماعــة الدوليــة كلهــا‪.‬‬
‫ويف ضــوء التطــورات التــي أحدثهــا التنظيــم الــدويل يف مجــال العالقــات الدوليــة‪،‬‬
‫اختلــف الفقــه حــول مــدى أهميــة التمســك بمبــدأ الســيادة يف إطــار العالقــات‬
‫الدوليــة‪ ،‬لقــد رأى البعــض رضورة التمســك بمبــدأ ســيادة ال ـ ُد َو ْل ألنــه يشــكل أحــد‬
‫أركان الدّولــة‪ ،‬يف حــن يــرى البعــض اآلخــر‪ .‬رضورة التخــي عــن هــذا املبــدأ‪ ،‬ألنــه‬
‫عائــق أمــام تطــور القواعــد الدوليــة والتنظيــم الــدويل‪.‬‬
‫ووصــل األمــر بالبعــض إىل حــد القــول بــرورة العمــل عــى إلغــاء اصطــاح‬
‫الســيادة كلي ـا ً عــن إطــار العالقــات الدوليــة‪ ،‬والعمــل عــى إرســاء قواعــد حكومــة‬
‫عامليــة‪ ،‬والتــي ال يكــون معهــا مجــال للقــول بســيادة الــدول(‪.)1‬‬
‫فالسـيادة حاليـا ً هـي مجموعة مـن السـلطات‪ ،‬التي تتمتـع بهـا الدّولة يف الحـدود التي‬
‫تقررهـا القواعـد الدوليـة‪ ،‬ويتفاوت نطـاق السـيادة بالتايل؛ فهنـاك ُد َو ْل كاملة السـيادة‬
‫ودّولـة ناقصـة السـيادة‪ ،‬وأصبـح لفظ السـيادة يعبر عن معانـي فنية أكثر مـن تعبريه‬
‫عـن معانـي قانونية يسـهل تعريفهـا بدقة‪ .‬وارتبـط بمفهوم جديـد يعطي للـ ُد َو ْل حرية‬
‫التصرف‪ ،‬وفقـا ً للقواعد التنظيميـة الدولية املختلفة التـي التزمت بمراعاتهـا يف عالقاتها‬
‫املتبادلـة‪ ،‬وتحـول اإلطالق يف مبـارشة هـذه القواعد إىل التحديـد‪ ،‬بعـد أن أصبح اإلطالق‬
‫ال يتـواءم وال يتفـق مع فكـرة التنظيـم ذاتها(‪.)2‬‬
‫وكمــا أكــدت املحكمــة الدائمــة للعــدل وخليفتهــا فيمــا بعــد محكمــة العــدل الدوليــة‪،‬‬
‫تلــك النظــرة الجديــدة التــي ســاقها تطــور العالقــات الدوليــة عــى مفهــوم الســيادة‪،‬‬
‫فقــد توصلــت األخــرة مــن خــال الــرأي االستشــاري‪ ،‬الصــادر يف قضيــة االتحــاد‬
‫الجمركــي‪ ،‬األملانــي – النمســاوي‪ ،‬إىل تعريــف واضــح ملفهــوم الســيادة يف القانــون‬
‫الــدويل الحديــث‪ ،‬وهــو «اســتمرار وجــود النمســا ضمــن حدودهــا الحاليــة كدّولــة‬
‫منفصلــة» مــع حقهــا منفــردة يف تقريــر مصريهــا يف جميــع املســائل االقتصاديــة‪....‬‬
‫الــخ‪ ،‬أو حقهــا يف إدارة عالقاتهــا بالــ ُد َو ْل األخــرى دون تأثــر مــن الخــارج؛ وإن‬

‫((( تدخــل األمــم املتحــدة مــن الرصاعــات املســلحة غــر ذات الطابــع الــدويل‪ ،‬مســعد عبدالرحمــن زيــدان‪ ،‬دار الكتــب‬
‫القانونيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.507-506‬‬
‫((( القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬حامد سلطان‪ ،‬د‪ .‬عائشة راتب‪ ،‬د‪ .‬صالح الدين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.694‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪161‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫اســتقالل الــ ُد َو ْل ينتهــك يف أي حالــة إخــال باملســائل السياســية أو االقتصاديــة أو‬
‫أي حقــل آخــر وهــي الســمات املهمــة ملفهــوم االســتقالل «الســيادة» حيــث تبقــى‬
‫تمارســه ال ـ ُد َو ْل بشــكل ال يمكــن تجزئتــه‪.‬‬
‫ولــذا فــإن الســيادة حــق لصيــق بالدّولــة‪ ،‬ومــن املنطــق أن أي حــق لــه قواعــده‬
‫القانونيــة‪ ،‬التــي تنظمــه ســواء يف ذلــك عــى املســتوى الداخــي لل ـ ُد َو ْل أو املســتوى‬
‫الــدويل‪ ،‬ولــذا فإننــا نــرى أنــه ال تعــارض بــن الســيادة كمبــدأ قانونــي‪ ،‬وحــق للدّولة‬
‫وبــن القواعــد القانونيــة الدوليــة‪ .‬إننــا عندمــا نقــول بــأن الســيادة حــق‪ ،‬نقصــد‬
‫تلــك الســيادة املقننــة التــي يحكمهــا القانــون الــدويل(‪.)1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬موقف بعض المنظمات الدولية من السيادة‪:‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬موقــف منظمــة األمــم المتحــدة مــن الســيادة‬
‫وآثارهــا علــى المســاواة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬موقف منظمة األمم املتحدة من السيادة‪:‬‬
‫مــع بدايــة القــرن العرشيــن رفــض الفقــه والقضــاء الــدويل األخــذ بفكــرة الســيادة‬
‫املطلقــة‪ ،‬وأخــذ بمبــدأ الســيادة النســبية؛ والتــي تعنــي األخــذ بســيادة الدّولــة يف‬
‫حــدود الضوابــط القانونيــة املرشوعــة‪ ،‬وذلــك ألن رضورات التعايــش الســلمي الــدويل‬
‫تتفــق بــأن تحــرم كل دّولــة مطالــب وحقــوق ال ـ ُد َو ْل األخــرى‪ ،‬كذلــك جعــل ميثــاق‬
‫األمــم املتحــدة اختصاصـا ًَ مطلقـا ً للدّولــة يف األمــور املتعلقــة بشــئونها الداخليــة عــى‬
‫النحــو الــذي يتفــق مــع مصالحهــا دون تدخــل‪ ،‬كمــا حــرص عــى تحقيــق االســتقرار‬
‫– الســيايس واالقتصــادي وحــق الشــعوب يف تقريــر مصريهــا(‪.)2‬‬
‫كمــا خصــص ميثــاق األمــم املتحــدة كالً مــن الفصــل الحــادي عــر والثانــي عــر‬
‫والثالــث عــر للشــعوب التابعــة‪ ،‬كمــا عالــج الفصــان التاليــان األقاليــم التــي تعيش‬
‫تحــت الوصايــا‪ ،‬وأصــدرت األمــم املتحــدة ‪1960‬م القــرار املعــروف باســم «اإلعــان‬
‫الخــاص بمنــح االســتقالل لألقطــار والشــعوب املســتعمرة‪ ،‬والــذي جــاء فيــه‪ ،‬القضــاء‬
‫الكامــل عــى االســتعمار وأشــكاله‪ ،‬وقــد اســتقر املجتمــع عــى األخــذ بمبــدأ الســيادة‬
‫املقيــدة واملســاواة يف الســيادة بــن جميــع أعضــاء األمــم املتحــدة(‪.)3‬‬

‫((( تدخل األمم املتحدة يف النزاعات‪ ،‬د‪ .‬مسعد عبد الرحمن زيدان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.514‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.46‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.47-46‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪162‬‬
‫إن القيــود عــى ســيادة الدّولــة يف املجــال الســيايس قليلــة ونــادرة‪ ،‬ولعــل أبرزهــا قيــد‬
‫منــع الحــرب‪ ،‬وبمــا أن الحــرب مفهــوم ذو طابــع ســيايس‪ ،‬نجــد يف ميثــاق األمــم‬
‫املتحــدة مــا يحــد مــن إطــاق ســيادة الدّولــة – يف مجــال ســيايس‪ ،‬حيــث يلــزم امليثاق‬
‫ال ـ ُد َو ْل أعضــاء األمــم املتحــدة باالمتنــاع عــن الحــرب ونبذهــا «الديباجــة» وال شــك‬
‫إن هــذا االلتــزام قيــدا ً عــى ســيادة الــدول‪ ،‬وذلــك أنــه مــن الحقــوق التــي تتفــرع‬
‫عــن الســيادة‪ ،‬حــق كل دّولــة يف إعــان الحــرب أو اتخــاذ موقــف الحيــاد يف حــرب‬
‫قائمــة بــن غريهــا مــن الــدول‪ ،‬وإىل جانــب االلتزامــات الرصيحــة يف نبــذ الحــرب‪،‬‬
‫نــص امليثــاق يف املــادة األوىل عــى أن مقاصــد األمــم املتحــدة «حفــظ الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن‪ ...‬الــخ» وتنــص املــادة (‪ )3/2‬مــن امليثــاق عــى التــزام األعضــاء بفــض‬
‫املنازعــات بالطــرق الســلمية‪ ،‬وذكــرت الفقــرة الرابعــة مــن ذات املــادة االلتــزام بمنــع‬
‫التهديــد واســتعمال القــوة‪ ...‬الــخ» وهــي بذلــك تنفــي حــق الدّولــة يف االســتناد إىل‬
‫ســيادتها يف هــذا النطــاق ولعــل امتناعهــا عــن الحــرب هــو أهــم القيــود التــي أوردها‬
‫امليثــاق عــى ســيادة الدّولــة(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬موقف ميثاق األمم املتحدة من املساواة يف السيادة‪:‬‬
‫ال نغــايل إذا قلنــا أن مبــدأ املســاواة بــن الـ ُد َو ْل يعــد أهــم الدعائــم التــي أرىس ميثــاق‬
‫األمــم املتحــدة أسســه عليهــا‪ ،‬ســواء يف املؤتمــرات الدوليــة التــي ســبقت إعــداد امليثاق‪،‬‬
‫أم ممــا تضمنــه امليثــاق فيمــا بعــد يف مــواد نصــت رصاحــة أو أشــارت ضمنـا ً إىل هــذا‬
‫املبــدأ‪ .‬فلقــد تقــرر مبــدأ املســاواة بــن ال ـ ُد َو ْل يف ترصيــح موســكو أكتوبــر ‪1943‬م‪،‬‬
‫حينمــا أشــار يف فقرتــه الرابعــة‪ ،‬إىل اتجــاه نيــة األطــراف املؤتمــرة إىل إنشــاء هيئــة‬
‫دوليــة لصيانــة الســام تقــوم عــى مبــدأ املســاواة يف الســيادة بــن جميــع الــ ُد َو ْل‬
‫املحبــة للســام‪ ،‬وبهــذا الترصيــح‪ ،‬وضــع أصالن أساســيان همــا‪ :‬املســاواة يف الســيادة‬
‫بــن الـ ُد َو ْل األعضــاء والعضويــة املفتوحــة لجميــع الــدول(‪.)2‬‬
‫لقــد حــرص واضعــوا امليثــاق خــال مرحلــة إعــداده عــى إعطــاء مفهــوم مبــدأ‬
‫املســاواة يف الســيادة أهميــة‪ ،‬مــع مراعــاة اعتباريــن أساســيني‪ ،‬أولهمــا‪ :‬حــرص الـ ُد َو ْل‬
‫عــى ســيادتها‪ ،‬وعــى نحــو كبــر مــن الحساســية مــن أن تجــد نفســها خاضعــة‬
‫لســلطة تعلــو ســلطتها ومــا ينجــم عــن ذلــك مــن تأثــر يف أمنهــا‪ .‬وثانيهمــا‪ :‬متطلبات‬

‫((( أحــكام القانــون الــدويل املتعلقــة مبكافحــة الجرائــم ذات الطبيعــة الدوليــة‪ ،‬محمــد منصــور الصــاوي‪ ،‬دار املطبوعــات‬
‫الجامعيــة‪ ،‬اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪ ،‬ص‪.164-163‬‬
‫((( املعاهــدات غــر املتكافئــة املعقــودة وقــت الســلم‪ ،‬دراســة قانونيــة سياســية‪ ،‬خليــل إســاعيل الحديثــي‪ ،‬بغــداد‪،‬‬
‫العــراق‪ ،‬ط‪1401 ،1‬هـــ‪1981/‬م‪ ،‬ص‪.56‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪163‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫تهيئــة الظــروف والســبل الالزمــة لبلــوغ أهــداف التنظيــم الــدويل املتعلــق باألمــن‬
‫والســلم الدوليــن‪ ،‬األمــر الــذي يتطلــب تنــازل ال ـ ُد َو ْل عــن قــدر مــن ســيادتها(‪.)1‬‬
‫عــى أن مبــدأ املســاواة يف الســيادة بــن جميــع الـ ُد َو ْل األعضــاء ومــا عنــي بــه امليثــاق‬
‫أساســا ً هــو املســاواة القانونيــة‪ ،‬وليــس املســاواة السياســية‪ ،‬حيــث أن التعــاون يف‬
‫توزيــع إمكانيــات القــوة الدوليــة ومقدرتهــا يختلــف بــن الــدول‪ ،‬عــى أن املســاواة‬
‫يف الســيادة بالشــكل الــذي نــص عليــه امليثــاق تتكــون مــن عــدة عنــارص بلورتهــا‬
‫مناقشــات ســان فرانسيســكو(‪.)2‬‬
‫حيث أقر املؤتمر تفسريه لهذا املبدأ من خالل العنارص اآلتية‪:‬‬
‫‪1 .‬أن ال ُد َو ْل متساوية قانوناً‪.‬‬
‫‪ 2 .‬أن كل دّولة تتمتع بالحقوق اللصيقة بالسيادة الكاملة‪.‬‬
‫‪3 .‬إن شخصية الدّولة مصونة‪ ،‬وكذلك سالمة إقليمها واستقاللها السيايس‪.‬‬
‫‪4 .‬أن عــى الـ ُد َو ْل يف ظــل النظــام الــدويل أن تــؤدي بإخــاص واجباتهــا والتزاماتهــا‬
‫الدوليــة‪.‬‬
‫كذلــك أشــار امليثــاق إىل مبــدأ املســاواة بــن الــ ُد َو ْل يف املــادة (‪ )2/1‬فيمــا اعتــر‬
‫إنمــاء العالقــات الوديــة بــن األمــم ينبغــي أن يقــوم عــى أســاس احــرام املبــدأ الــذي‬
‫يقــي بالتســوية يف الحقــوق بــن الشــعوب(‪.)3‬‬
‫ولكـن تبين لنـا عنـد التدقيـق يف نصـوص امليثـاق األممـي‪ ،‬إن الـ ُد َو ْل الخمـس الكربى‬
‫هـي وحدهـا التـي تتمتـع باملسـاواة التامـة الناجزة‪ ،‬وذلـك بسـبب االمتيـازات الخاصة‬
‫التـي تملكهـا‪ ،‬وإقـرار امليثاق بمبدأ املسـاواة يف السـيادة بني الـ ُد َو ْل هو اعتراف رصيح‬
‫بسـيادة كل دّولـة وبعـدم اعتبـار األمـم املتحدة دّولـة فوق الـدول(‪.)4‬‬
‫ولهـذا سـارع بعـض الباحثين إىل وصـف األمـم املتحـدة بأنها نظـام توافقـي‪ ،‬تحتفظ‬
‫الـ ُد َو ْل فيـه بكامـل سـيادتها‪ ،‬مـع أن فكـرة السـيادة املطلقـة ال تتفـق وفكرة السـعي‬
‫إليجـاد تنظيـم عـام للمجتمع الـدويل‪ .‬صحيـح أن امليثـاق يعرتف بسـيادة الـ ُد َو ْل ولكن‬
‫((( أعــال الدّولــة يف ظــل االحتــال‪ ،‬دراســة يف القانــون الــدويل‪ ،‬خلــف رمضــان محمــد الجبــوري‪ ،‬دار الجامعــة الجديــدة‪،‬‬
‫االســكندرية‪ ،‬مــر‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.117-116‬‬
‫((( القانون الدستوري واملؤسسات السياسية‪ ،‬اندريه هوريو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫((( املعاهدات غري املتكافئة املعقودة وقت السلم‪ ،‬خليل إسامعيل الحديثي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫((( التنظيم الدويل‪ ،‬د‪ .‬محمد املجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.196‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪164‬‬
‫ليسـت مطلقة وقائمـة بصورة كاملة‪ ،‬ذلـك ألن امليثاق نفسـه يفرض عىل الـ ُد َو ْل األعضاء‬
‫التزامـات متعـددة‪ ،‬تتعارض والتمتـع الكامل بالسـيادة التامـة‪ ،‬فالقـرارات التي تصدر‬
‫عـن مجلس األمـن مثالً‪ ،‬بأغلبية تسـعة أصـوات عىل األقـل‪ ،‬ودون اعرتاض إحـدى ال ُد َو ْل‬
‫الخمـس الكبرى تلـزم الجميـع‪ .‬وهذا مـا حـدا بالبعـض إىل القول بـأن الـ ُد َو ْل الخمس‬
‫الكبرى هـي الوحيـدة التي احتفظت بكامل سـيادتها يف األمـم املتحدة‪ ،‬يف حين أن البقية‬
‫مـن األعضاء قـد مُسـت أو انتقصت سـيادتها(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬حق االعرتاض الفيتو )‪:(Veto‬‬
‫عــى إن ميثــاق األمــم املتحــدة قــد اســتجاب لالعتبــارات الواقعية املســتمدة مــن حقيقة‬
‫تكويــن املجتمــع الــدويل‪ ،‬ومســار العالقــات فيمــا بــن الــدول‪ ،‬لــذا نجــد أنــه قــد‬
‫اعــرف باملكانــة املتميــزة لعــدد معــن مــن الــدول‪ ،‬وهــي “الـ ُد َو ْل الكــرى” فمنحهــا‬
‫عضويــة دائمــة يف مجلــس األمــن‪ ،‬ثــم ميزهــا بحقــوق معينــة ال تتمتــع بهــا غريهــا‬
‫مــن الـ ُد َو ْل األعضــاء‪ ،‬بــأن جعــل ألصواتهــا يف مجلــس األمــن وزنـا ً معينـاً‪ ،‬يتمثــل يف‬
‫رضورة أن تصــوت لصالــح القــرارات املتعلقــة باملســائل املوضوعيــة املعروضــة عــى‬
‫املجلــس كــرط لصــدور هــذه القــرارات‪ ،‬بمعنــى أن اعرتاضهــا يســقط هــذه األخــرة‬
‫وهــو مــا يعــرف باســم حــق االعــراض التوفيقــي ‪.)2(Veto‬‬
‫بنــا ًء عــى مــا ســبق‪ ،‬فــا يمكــن أن يصــدر قــرار مــن مجلــس األمــن يف مســألة‬
‫موضوعيــة ال تــرىض عنــه إحــدى الــ ُد َو ْل الخمــس دائمــة العضويــة‪ ،‬بمعنــى أخــر‬
‫لكــي يصــدر ذلــك القــرار يجــب أن يحظــى بموافقــة هــذه الـ ُد َو ْل باإلجمــاع‪ ،‬إن حــق‬
‫االعــراض الــذي نصــت عليــه املــادة (‪ )27‬مــن امليثــاق ليــس إال وســيلة لضمــان‬
‫املوافقــة اإلجماعيــة للقــوى الكــرى عــى التدابــر التــي يتخذهــا مجلــس األمــن عــى‬
‫غريهــا مــن ترصفــات املجلــس يف املســائل اإلجرائيــة(‪.)3‬‬
‫ومعنــى ذلــك أن امليثــاق قــد اســتبدل بقاعــدة اإلجمــاع العــام التــي كانــت ســائدة‬
‫يف عهــد العصبــة بقاعــدة اإلجمــاع املقيــد أو القائــم عــى ال ـ ُد َو ْل الكــرى يف مجلــس‬
‫األمــن‪ ،‬وال يقلــل مــن ذلــك كــون هــذا اإلجمــاع مطلــوب يف املســائل املوضوعيــة‪ ،‬إذ أن‬
‫تلــك املســائل هــي صلــب عمــل املجلــس ونشــاطه(‪.)4‬‬

‫نفس املرجع‪ ،‬ص‪.197‬‬ ‫(((‬


‫األمم املتحدة واملنظامت املتخصصة‪ ،‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬ ‫(((‬
‫قانون التنظيم الدويل‪ ،‬د‪ .‬مصطفى سيد عبد الرحمن‪ ،‬دار النهضة املرصية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1990 ،1‬م‪ ،‬ص‪.376‬‬ ‫(((‬
‫أحكام القانون الدويل العام يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬حامد سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.149‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪165‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وال شــك أن «حــق االعــراض» يعتــر قيــدا ً هامـا ً يــرد عــى مبــدأ املســاواة يف الســيادة‪،‬‬
‫وقــد كان لــه أثــر بالــغ يف شــل حركــة مجلــس األمــن‪ ،‬ويف وقــف الدعــوة إىل تعديــل‬
‫أحــكام ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬كــي تســتجيب هــذه األحــكام لألوضــاع واملالبســات‬
‫الجديــدة‪ ،‬ممــا يهــدد مســتقبل األمــم املتحــدة(‪.)1‬‬
‫ـد َو ْل العربيــة فــي حمايــة الســيادة‬
‫الفــرع الثانــي‪ :‬دور جامعــة الـ ُ‬
‫الوطنيــة‪:‬‬
‫إن جامعــة ال ـ ُد َو ْل العربيــة ليســت تنظيم ـا ً إقليمي ـا ً ينــدرج يف عضويتــه دّولــة مــن‬
‫ُد َو ْل النظــام املهيمــن يف النظــام الســيايس الــدويل‪ ،‬كمــا يف منظمــة الـ ُد َو ْل األمريكية؛ أو‬
‫مــا يعــرف بالكوميكــون ســابقاً‪ ،‬كمــا أنهــا ليســت منظمــة فــوق الــدول‪ ،‬ألن ميثاقهــا‬
‫أكــد عــى الســيادة القطريــة لــكل دّولــة‪ ،‬ولــم يأخــذ بأغلبيــة قاعــدة التصويــت‪،‬‬
‫وقــرر أن رئاســة املجلــس حــق لــكل دّولــة تمارســها بالتنــاوب توخيــا ً لتأكيــد‬
‫املســاواة القانونيــة والسياســية بــن األعضــاء بــكل معانيهــا‪ ،‬كمــا أنــه إذا كان األصــل‬
‫يف التصويــت عــى قــرار مجلــس الجامعــة هــو اإلجمــاع‪ ،‬فــإن الحــاالت التــي يكتفــي‬
‫بمبــدأ املســاواة يف الســيادة‪ ،‬بحيــث يجعــل القــرار الصــادر باألغلبيــة غــر ملــزم إال‬
‫لل ـ ُد َو ْل التــي وافقــت عليــه فقــط‪ ،‬وذلــك احرتام ـا ً لســيادة ال ـ ُد َو ْل التــي لــم توافــق‬
‫عليــه(‪.)2‬‬
‫وعــى الرغــم مــن أن جامعــة الـ ُد َو ْل العربيــة تمثــل نموذجـا ً مثاليـا ً للمنظمــة اإلقليمية‬
‫الدوليــة‪ ،‬ذلــك مــن حيــث الوحــدة الجغرافيــة والتاريــخ املشــرك واللغــة والثقافــة‬
‫املشــركة ووحــدة العقيــدة‪ ،‬ووجــود مســتوى رتيــب مــن التفاعــل بــن أطرافــه‬
‫والشــعور باالنتمــاء إىل أمــة واحــدة ممثلــة يف الوحــدة العربيــة‪ ،‬وعــى الرغــم مــن أن‬
‫امليثــاق حــوى نصوص ـا ً ال تقــل قــوة عــن تلــك التــي يف ميثــاق األمــم املتحــدة مــن‬
‫حيــث حمايــة الســيادة‪ ،‬إال أنهــا يف الواقــع العمــي ال تختلــف كثــرا ً عــن األمــم املتحــدة‬
‫إن لــم تكــن أضعــف(‪.)3‬‬
‫لقــد عرضــت لجنــة تعديــل امليثــاق أكثــر مــن أربعــة آالف قــرار‪ ،‬صــدرت عــن‬
‫مجالــس الجامعــة منــذ عــام ‪1945‬م إىل عــام ‪1981‬م‪ ،‬وإن أكثــر مــن ‪ 80%‬منهــا‬
‫((( املنظــات الدوليــة‪ ،‬دراســة قانونيــة سياســية للمنظــات الدوليــة والقواعــد األساســية يف التنظيــم الــدويل‪ ،‬الشــافعي‬
‫محمــد بشــر‪ ،‬منشــأة املعــارف‪ ،‬اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪1970 ،1‬م‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫((( حق املساواة يف القانون الدويل واملنظامت الدولية‪ ،‬محمد مصطفى املغريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.320‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.155‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪166‬‬
‫اتخــذت باإلجمــاع‪ ،‬وأن تحفظــات بعــض الــدول كانــت يف معظمهــا عــى قــرارات‬
‫ماليــة وإداريــة‪ ،‬ومــع ذلــك فــإن القــرارات التــي اتخــذت باإلجمــاع لــم ينفــذ معظمها‬
‫ملــاذا؟ اإلجابــة – هــو غيــاب اإلرادة السياســية وغيــاب االختيــار الحــر‪ ،‬فالقــرارات‬
‫عندمــا تتخــذ يف غيــاب اإلرادة السياســية وغيــاب االختيــار الحــر؛ فإنهــا تتخذ بوســيلة‬
‫مــن ثــاث – إمــا باملجاملــة‪ ،‬أو باملســايرة‪ ،‬وإمــا باإلكــراه‪ .‬فليســت املســألة مســألة‬
‫تزمــت ســيادي وال مســألة رشوط إجمــاع وإنمــا العــرة بمــا يف النفــوس وليــس بمــا‬
‫يف النصــوص(‪.)1‬‬
‫كذلــك عــدم الجديــة يف تنــاول مبــدأ الســيادة والحفــاظ عليهــا‪ ،‬كمــا نجــد أن جامعــة‬
‫الـ ُد َو ْل العربيــة غــر مســتعدة لتطويــع مبــدأ الســيادة لصالــح املجموعــة مــن حيــث‬
‫أن الــدول تتنــازل طواعيــة عــن قــدر مــن ســيادتها يف إطــار عالقاتهــا الدوليــة ويف‬
‫الوقــت نفســه تحــرص عــى عــدم املســاس بســيادتها يف العالقــات العربيــة – العربية‪،‬‬
‫وكمــا إنهــا تقبــل بالنظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة واملحكمــة الجنائيــة‬
‫الدوليــة‪ ،‬إال أنهــا ترفــض التخــي عــن جــزء مــن ســيادتها لصالــح إنشــاء محكمــة‬
‫العــدل العربيــة‪ ،‬وبعــض الـ ُد َو ْل العربيــة نفــذت قــرارات صــادرة مــن مجلــس األمــن‬
‫والجمعيــة العامــة ضــد بعــض الـ ُد َو ْل العربيــة‪ ،‬ويف الوقــت ذاتــه لــم تلتزم بالقــرارات‬
‫الصــادرة عــن املنظمــة الدوليــة نفســها ضــد الكيــان الصهيونــي(‪.)2‬‬
‫ولقــد تعرضــت الجامعــة ملحنــة نتيجــة زيــارة الرئيــس املــري إلرسائيــل يف أواخــر‬
‫‪1977‬م‪ ،‬ثــم التوقيــع عــى اتفاقيتــي كامــب ديفيــد اللتــن أعقبهمــا التوقيــع عــى‬
‫معاهــدة الســام بــن مــر وإرسائيل‪ ،‬وكانــت النتيجــة النهائيــة أن انقطعــت العالقات‬
‫الدبلوماســية بــن مــر مــن جهــة‪ ،‬ومعظــم الـ ُد َو ْل العربيــة األخــرى ولكنهــا عــادت‬
‫بعــد ذلك(‪.)3‬‬
‫وقــد فشــلت جامعــة الـ ُد َو ْل العربيــة يف حمايــة الســيادة لعضويتهــا ممــا فتــح املجــال‬
‫واســعاً‪ ،‬للتدخــل مــن مجلــس األمــن أو منظمــة الوحــدة اإلفريقيــة أو محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة‪ ،‬كمــا حــدث يف أزمــة لبنــان ‪1958‬م‪ ،‬والنــزاع املغربــي الجزائــري ‪1963‬م‪،‬‬
‫والخــاف العراقــي الكويتــي ‪1990‬م‪ ،‬والخــاف الحــدودي بــن قطــر والبحريــن‪،‬‬

‫((( جامعــة الــدول العربيــة الواقــع والطمــوح‪ ،‬عــي محافظــة‪ ،‬عبــد الحســن زلزلــة وآخــرون‪ ،‬مركــز دراســات الوحــدة‬
‫العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪ ،1‬أبريــل‪1983 ،‬م‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.156-155‬‬
‫((( العالقات السياسية الدولية‪ ،‬د‪ .‬راشد الرباوي‪ ،‬مكتبة النهضة املرصية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1987 ،2‬م‪ ،‬ص‪.150‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪167‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫واألخطــر مــن هــذا مــا جــرى عــام ‪1990‬م‪ ،‬عندمــا احتــل العــراق الكويــت فتخلــت‬
‫الجامعــة عــن دورهــا يف حمايــة ســيادة دولــة لصالــح تدويــل املشــكلة وإصبــاغ‬
‫الرشعيــة للتدخــل األمريكــي بمــا يحقــق مصالحــه‪ ،‬واألخطــر مــن ذلــك مشــاركة‬
‫بعــض الــدول العربيــة بجيوشــها مــع التحالــف األمريكــي لغــزو العــراق(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬موقف االتحاد األفريقي من السيادة الوطنية‪:‬‬
‫على الرغم من اسـتنزاف القـارة األفريقية والنهب االسـتعماري‪ ،‬فإن الدراسـات تؤكد أن‬
‫القـارة األفريقيـة تمتلـك مخزونا ً طبيعيـا ً ضخما ً مـن املواد األوليـة‪ ،‬وبما لقـارة أفريقيا‬
‫مـن الثـراء الهائـل‪ ،‬لذا فـإن املطلوب مـن االتحـاد األفريقي اليـوم‪ ،‬هو إبراز الشـخصية‬
‫األفريقيـة أوالً‪ ،‬ثـم وضـع خطـة عمـل لتحريـر أفريقيا مـن الديـون والتصدي ملشـكلة‬
‫التصحـر‪ ،‬وتحجيـم النزاعـات الداخليـة واإلقليميـة يف القـارة‪ .‬وعىل املسـتوى السـيايس‬
‫واإلقليمـي قـد تظهـر الخالفـات داخل االتحـاد األفريقـي باعتبـاره وعا ًء عريضـا ً يحمل‬
‫بداخلـه اتجاهـات متباينـة‪ ،‬كمـا هـو الحـال يف معظـم التجمعـات اإلقليمية قـد تنفجر‬
‫الرصاعـات بسـبب االختلاف يف وجهـات النظـر‪ ،‬وأيضـا ًَ االختالفـات على األولويـات يف‬
‫تنفيـذ خطـط االتحاد وبرامجـه املختلفة‪ ،‬وعلى املسـتوى الخارجي والدويل فـإن الوضع‬
‫القائـم يف أفريقيـا اآلن هـو نتـاج عملية اسـتغالل متواصلـة‪ ،‬ألن الدول االسـتعمارية لن‬
‫تقبـل بسـهولة إعادة خلـط األوراق لصالح دول القـارة أو أي تغيري للوضع القائم بشـكل‬
‫يهـدد مصالحها(‪.)2‬‬
‫وكان للــراع الســوداني يف دارفــور‪ ،‬منــذ بداياتــه أبعــاده اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬حيــث‬
‫تضمــن انخــراط دول مجــاورة «تشــاد‪ ،‬ليبيــا» فضـاً عــن منظمــات قاريــة كاالتحــاد‬
‫األفريقــي ودوليــة األمــم املتحــدة‪ ،‬وأطــراف خارجيــة كالواليــات املتحــدة‪ ،‬ويف مرحلــة‬
‫الحقــة‪ ،‬دخلــت دولــة قطــر لتقــوم بــدور كبــر يف مســاعي الســام‪ ،‬وقــد ســجلت‬
‫أزمــة دارفــور ســوابق هامــة يف املســاعي األفريقيــة لفــض النزاعــات‪ ،‬وكانــت أزمــة‬
‫دارفــور أول اختبــار لقــدرة االتحــاد األفريقــي عــى رســم معالــم الســلم واألمــن يف‬
‫القــارة األفريقيــة‪.‬‬
‫ويف الواقــع فــإن ازمــة دارفــور كانــت عــى رأس أجنــدة االجتمــاع األول ملجلــس الســلم‬
‫واألمــن يف االتحــاد األفريقــي بعــد تشــكيله‪ .‬فخــال الفــرة مــن ‪2004‬م إىل ‪2006‬م‪،‬‬

‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.156‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪168‬‬
‫كان االتحــاد األفريقــي مســؤوال ً عــن كل مــن عمليــة حفــظ الســام «البعثــة األفريقيــة‬
‫يف الســودان» ومحادثــات الســام‪ ،‬وملــا لــم يتحقــق الســام بحلــول نهايــة ‪2006‬م‪،‬‬
‫اعتــرت البعثــة األفريقيــة يف الســودان غــر قابلــة لالســتمرار‪ ،‬فقــرر مجلــس األمــن‬
‫فــرض قــوة أمميــة لحفــظ الســام ورفضــت الحكومــة الســودانية‪ ،‬وكان الحل الوســط‬
‫يتمثــل يف عمليــة هجــن يوناميــد بــن األمــم املتحــدة واالتحــاد األفريقــي )‪(UNMAID‬‬
‫إلقليــم دارفــور وجهــود وســاطة مشــركة بــن األمــم املتحــدة واالتحــاد األفريقــي(‪.)1‬‬
‫ويف تلــك األثنــاء أُضيــف أبعــاد جديــدة إىل الــراع‪ ،‬بســبب الهجمــات املتبادلــة بــن‬
‫املتمرديــن التشــاديني املدعومــن مــن الســودان عــى الحكومــة املركزيــة يف أنجمينــا‪،‬‬
‫واملتمرديــن الســودانيني املدعومــن مــن تشــاد وليبيــا عــى الحكومــة املركزيــة يف‬
‫الخرطــوم‪ ،‬فأصــدر االتحــاد األفريقــي قــرارا ً بتشــكيل لجنــة حكمــاء رفيعــة املســتوى‬
‫لدارفــور يف مــارس آذار ‪2009‬م برئاســة رئيــس جنــوب أفريقيــا الســابق يدعمهــا‬
‫الوســيط املشــرك لألمــم املتحــدة واالتحــاد األفريقــي‪ ،‬باإلضافــة إىل حكومــة دولــة‬
‫قطــر وكان العمــل بصــورة وثيقــة وكشــفت الجهــود عــن أســاليب متباينــة لصنــع‬
‫الســام(‪.)2‬‬
‫وشــهد االتحــاد األفريقــي عــدة قمــم باإلضافــة إىل معالجــة النزاعــات الجاريــة يف‬
‫دارفــور‪ ،‬عالــج كذلــك النزاعــات يف ســاحل العــاج والكنغــو‪ ،‬وأســس الربملــان األفريقي‪،‬‬
‫وأنشــأ مجلــس الســام واألمــن األفريقــي عــى غــرار مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬وأرســل‬
‫إىل بورنــدي بعثــة للحفــاظ عــى الســام‪ ،‬ونــر مراقبــن يف جــزر القمــر‪ ،‬ورغــم أن‬
‫االتحــاد األفريقــي يواجــه تحديــات عــى الصعيــد الخارجــي والداخــي(‪.)3‬‬
‫وحــرص قانــون االتحــاد األفريقــي عــى اإلشــارة إىل مبــادئ جديــدة تمامــا ً عــى‬
‫القــارة األفريقيــة‪ ،‬وهــي احــرام الحــدود القائمــة عنــد نيــل االســتقالل‪ ،‬وهــذا املبــدأ‬
‫كان يمثــل السياســة العامــة ألفريقيــا منــذ عــام ‪1964‬م‪ ،‬دون أن يتضمنــه ميثــاق‬
‫منظمــة الوحــدة األفريقيــة‪ ،‬كمــا اعتمــد القانــون عــددا ً مــن قــرارات القمــم األفريقيــة‬
‫باعتبارهــا مبــادئ جديــدة(‪.)4‬‬
‫((( الــدور اإلقليمــي يف األزمــة ابتــكارات خالقــة ورصاعــات معطلــة‪ ،‬دارفــور حصــاد األزمــة بعــد عقــد مــن الزمــان‪،‬‬
‫الطيــب زيــن العابديــن محمــد وآخــرون‪ ،‬مركــز الجزيــرة للدراســات‪ ،‬قطــر‪ ،‬الــدار العربيــة للعلــوم نــارشون‪ ،‬بــروت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1434‬هـــ‪2013/‬م‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.310‬‬
‫((( التنظيم الدويل‪ ،‬د‪ .‬محمد املجذوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.473‬‬
‫((( االتحــاد األفريقــي دراســة يف املنظــات اإلقليميــة األفريقيــة‪ ،‬د‪ .‬عبــد اللــه األشــعل‪ ،‬مؤسســة الطوبجــي‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫(د‪ .‬ط) ‪2004-2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.156‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪169‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفرع الرابع‪ :‬موقف محكمة العدل الدولية من السيادة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اختصاص محكمة العدل الدولية وتكوينها‪:‬‬
‫لــم يعــرف املجتمــع الــدويل ولفــرة طويلــة أجهــزة متخصصــة‪ ،‬للفصــل يف املنازعــات‬
‫عــى الصعيــد الــدويل‪ ،‬ونظــرا ً لتطــور املنازعــات الدوليــة وتوســع نطاقهــا‪ ،‬ظهــرت‬
‫الحاجــة إىل أجهــزة قضائيــة أو ذات طابــع قضائــي مســتقل‪ ،‬مهمتهــا النظــر يف‬
‫املنازعــات‪ ،‬قبــل أن يتســع نطاقهــا وتتخــذ طابعـا ً عســكرياً‪ ،‬ويمكــن القــول إن إنشــاء‬
‫املحاكــم الدوليــة باملعنــى الدقيــق اقــرن بظهــور املنظمــات الدوليــة التــي أخــذت عىل‬
‫عاتقهــا املحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فاقــرن تأســيس املحكمــة الدائمــة‬
‫للعــدل الــدويل بتأســيس عصبــة األمــم‪ ،‬كمــا ظهــرت محكمــة العــدل الدوليــة مــع‬
‫تأســيس األمــم املتحــدة‪ ،‬باعتبارهــا األداة القضائيــة لهــذا التنظيــم الــدويل ووضــع‬
‫نظامهــا األســايس وألحــق بميثــاق األمــم املتحــدة واعتــر جــزءا ً ال يتجــزأ منــه(‪.)1‬‬
‫وتمارس املحكمة نوعني من االختصاصات هما‪:‬‬
‫االختصــاص اإلفتائــي أو االستشــاري واالختصــاص القضائــي املــادة (‪ )92‬مــن‬
‫امليثــاق‪ ،‬وفق ـا ً للنظــام األســايس ملحكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬فــإن ال ـ ُد َو ْل وحدهــا هــي‬
‫التــي تملــك الحــق يف رفــع الدعــوى أمــام محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬وال يحــق لألفــراد‬
‫وال املنظمــات الدوليــة‪ ،‬كمــا أن اختصــاص املحكمــة بنظــر املنازعــات الدوليــة‪ ،‬هــو‬
‫اختصــاص ذو طبيعــة اختياريــة يقــوم عــى رضــا املتنازعــن باللجــوء إليهــا(‪.)2‬‬
‫ويعتــر جميــع أعضــاء األمــم املتحــدة بحكــم عضويتهــم أطرافـا ً يف النظــام األســايس‬
‫للمحكمــة‪ ،‬ويجــوز لدّولــة غــر عضــو أن تنضــم إىل نظــام املحكمــة األســايس بــروط‬
‫تحددهــا الجمعيــة العامــة لــكل حالــة‪ ،‬بنــاء عــى توصيــة مجلــس األمــن املــادة (‪،)93‬‬
‫ويتعهــد كل عضــو مــن أعضــاء األمــم املتحــدة أن ينــزل عــى حكــم املحكمــة يف أي‬
‫قضيــة يكــون طرف ـا ً فيهــا‪ ،‬فــإذا امتنــع أحــد املتقاضــن عــن القيــام بمــا يفرضــه‬
‫حكــم أصدرتــه‪ ،‬فللطــرف اآلخــر أن يلجــأ إىل مجلــس األمــن‪ ،‬ولهــذا املجلــس إذا رأى‬
‫رضورة يف ذلــك أن يقــدم توصياتــه‪ ،‬أو يصــدر قــرار بالتدابــر التــي يجــب اتخاذهــا‬
‫لتنفيــذ هــذا الحكــم املــادة (‪.)3()94‬‬
‫((( املنظامت الدولية واإلقليمية واملتخصصة‪ ،‬د‪ .‬عيل يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.172‬‬
‫((( العالقات السياسية الدولية‪ ،‬د‪ .‬راشد الرباوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.75‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪170‬‬
‫وتتكــون محكمــة العــدل مــن خمســة عــر قاضيــا ً وبالنســبة لإلجــراء املتبــع‬
‫يف اختيــار هــؤالء القضــاة‪ ،‬فــإن الــذي يقــوم برتشــيحهم واقــراح أســمائهم ليــس‬
‫الحكومــات‪ ،‬وإنمــا الجماعــات الوطنيــة يف الـ ُد َو ْل مثــل املحافــل القانونيــة والقضائيــة‬
‫والجامعــات واملراكــز والهيئــات األكاديميــة‪ .‬ويقــوم الســكرتري العــام لألمــم املتحــدة‬
‫بتقديــم قائمــة املرشــحني إىل الجمعيــة العامــة ومجلــس األمــن لالقــراع عليهــا‪ ،‬ومــن‬
‫يحصــل عــى أغلبيــة األصــوات املطلوبــة يتــم انتخابــه لعضويــة املحكمــة‪ ،‬وتكــون‬
‫مــدة العضويــة يف املحكمــة تســع ســنوات‪ ،‬ويتــم انتخــاب ثلــث األعضــاء مــرة كل‬
‫ثــاث ســنوات(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬محكمة العدل الدولية والسيادة الوطنية‪:‬‬
‫تعتــر محكمــة العــدل الدوليــة ونظامهــا األســايس وقضاؤهــا نموذجـا ً للحفــاظ عــى‬
‫ســيادة الــدول‪ ،‬خاصــة وأن نظامهــا األســايس ألحــق بميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬ونشــأ‬
‫يف الفــرة التــي نشــأ فيهــا ميثــاق األمــم املتحــدة مشــبعا ً بالــروح الســيادية التــي‬
‫كانــت تســود تلــك الفــرة‪ ،‬وذهبــت محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬يف شــأن الســيادة إىل أنــه‬
‫مــن املســتقر عليــه يف القانــون الــدويل‪ ،‬أنــه ال يمكــن إلــزام دّولــة عــى أن تخضــع‬
‫منازعاتهــا مــع الـ ُد َو ْل األخــرى‪ ،‬ســواء للوســاطة أو التحكيــم أو عــن أي طريــق للحــل‬
‫الســلمي دون رضاهــا(‪.)2‬‬
‫وتعتــر قضيــة األعمــال العســكرية التــي قامــت بهــا الواليــات املتحــدة يف نيكاراجــوا‬
‫نموذجــا ً مثاليــا ً يوضــح ســيادة الدّولــة مــن ناحيــة قانونيــة‪ ،‬وذلــك حســب رأي‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬وتتلخــص القضيــة يف الدعــوى املقدمــة مــن نيكاراجــوا‪،‬‬
‫بــأن الواليــات املتحــدة قامــت بتدريــب وتجهيــز وتمويــل قــوات الكونــرا املعارضــة‬
‫للحكومــة يف نيكاراجــوا وأن طائــرات الواليــات املتحــدة قامــت بالتحليــق وشــن‬
‫هجمــات عــى أرايض نيكاراجــوا‪ ،‬كمــا قامــت بــزرع األلغــام يف امليــاه اإلقليميــة‬
‫لجمهوريــة نيكاراجــوا وقــد مــرت هــذه القضيــة بمرحلــة التدابــر املؤقتــة تتلخــص‬
‫يف رفــض الطلــب املقــدم مــن الواليــات املتحــدة لتربيــر أعمالهــا‪ ،‬وأن تكــف وفــورا ً‬
‫عــن إتيــان أي عمــل يقيــد حريــة الوصــول إىل موانــئ نيكاراجــوا‪ ،‬وأن تكــف عــن‬
‫زراعــة األلغــام‪ ،‬وأن تحــرم حــق الســيادة واالســتقالل الســيايس‪ ،‬وأن تلتــزم بميثــاق‬
‫األمــم املتحــدة والقانــون الــدويل‪ .‬ثــم مرحلــة الحكــم وتمثــل يف اآلتــي‪ :‬رفــض تربيــر‬
‫((( اندريه هوريو‪ ،‬اندريه هوريو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.703-702‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.172‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪171‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الواليــات املتحــدة يف الدفــاع عــن النفــس‪ ،‬وأن الواليــات املتحــدة قــد خرقــت التزامهــا‬
‫بالقانــون الــدويل العــريف‪ ،‬بعــدم اســتخدام القــوة وعــدم انتهــاك الســيادة اإلقليميــة‪،‬‬
‫لــذا قــررت املحكمــة أن الواليــات املتحــدة‪ ،‬ملزمــة بدفــع تعويضــات إىل نيكاراجــوا عن‬
‫كل األرضار جــراء خــرق االتفاقــات املوقعــة بينهمــا(‪.)1‬‬
‫ولقــد انتهــت محكمــة العــدل الدوليــة يف حكــم لهــا بخصــوص قضيــة كورفــو إىل أن‬
‫احــرام الســيادة اإلقليميــة فيمــا بــن ال ـ ُد َو ْل املســتقلة‪ ،‬يعــد أساس ـا ً جوهري ـا ً مــن‬
‫األســس التــي تقــوم عليهــا العالقــات الدوليــة‪ ،‬كمــا ذهبــت ذات املحكمــة إىل أنــه ليس‬
‫أليــة دّولــة يف حــال االنضمــام إىل اتفاقيــة دوليــة‪ ،‬أن تضــع بمقتــى ســيادتها أي‬
‫تحفــظ عليهــا‪ ،‬ألن ذلــك غــر مقبــول وألن تطبيــق فكــرة الســيادة بشــكل مطلــق‪ ،‬قــد‬
‫يــؤدي إىل التجاهــل الــكيل ملوضــوع وغــرض االتفاقيــة(‪.)2‬‬
‫وممــا ســبق مــن خــال األحــكام القويــة الصــادرة مــن محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬قــد‬
‫تقــررت مجموعــة مــن املبــادئ العرفيــة الدوليــة‪ ،‬وهــي عــدم التدخــل يف الشــئون‬
‫الداخليــة لل ـ ُد َو ْل واحــرام ســيادتها‪ ،‬وعــدم اســتخدام القــوة أو التهديــد بهــا ضــد‬
‫الوحــدة اإلقليميــة واالســتقالل الســيايس لدّولــة أخــرى‪ ،‬وأن تلجــأ الــ ُد َو ْل إىل حــل‬
‫املنازعــات بالطــرق الســلمية‪ ،‬ذلــك فيــه تأكيــد وتقريــر لســيادة ال ـ ُد َو ْل مــن وجهــة‬
‫النظــر القانونيــة‪ ،‬ولكــن مــا يحــد مــن فعاليــة محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬هــو أن‬
‫التقــايض أمامهــا رضائــي فــإن لــم توافــق األطــراف ال تســتطيع املحكمــة أن تنظــر‬
‫الدعــوى‪ ،‬كمــا أنهــا دخلــت معــرك السياســة كمــا يف قضيــة لوكربــي(‪.)3‬‬
‫وأظهــرت قضيــة لوكربــي قمــة الدرامــا السياســية املعــارصة يف إهــدار هيبــة األمــم‬
‫املتحــدة وأحدثــت رشخــا ً عميقــا ً يف ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬ليــس فقــط مــن أجــل‬
‫إغفــال القانــون ومؤسســاته‪ ،‬وإنمــا لفــرض قانــون جديــد عــى الســاحة الدوليــة‪،‬‬
‫وتأرجحــت املســألة بــن قواعــد القانــون والرشعيــة الدوليــة وتحمــل وطــأة التدخــات‬
‫والعقوبــات‪ ،‬وبــن االعــراف برشعيــة القــوة والســر يف فلــك النظــام العاملــي الجديــد‬
‫ومخاطــره عــى الســيادة الوطنيــة(‪.)4‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.174-173‬‬
‫((( تدخل األمم املتحدة يف النزاعات‪ ،‬د‪ .‬مسعد عبد الرحمن زيدان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.527‬‬
‫((( الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد خــر اللــه‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.174‬‬
‫((( التدخــل الــدويل بــن املرشوعيــة وعــدم املرشوعيــة وانعكاســاته عــى الســاحة الدوليــة‪ ،‬د‪ .‬ســامح عبدالقــوي الســيد‪ ،‬دار‬
‫الجامعــة الجديــدة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مــر‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.343‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪172‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫وآلية الرقابة عليها‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم السلطة التقديرية‬

‫المبحث الثاني‬
‫رقابة الجمعية العامة على قرارات مجلس األمن الدولي‬

‫المبحث الثالث‬
‫رقابة محكمة العدل الدولية على مجلس األمن الدولي‬
‫الفصل الرابع‬
‫السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬
‫وآلية الرقابة عليها‬

‫المبحث األول‬
‫السلطة التقديرية لمجلس األمن في إصدار القرارات‬

‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث الســلطة التقديريــة ملجلــس األمــن يف إصــدار القــرارات‪ ،‬مــن‬
‫خــال تنــاول الســلطة التقديريــة ملجلس األمــن يف التدخــل ألســباب إنســانية‪ ،‬وملحاربة‬
‫اإلرهــاب‪ ،‬وإلنشــاء محاكــم مؤقتــة محاســبة مجرمــي الحــرب‪ ،‬وبإحالــة النــزاع‬
‫للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬وبإرســال قــوات للســودان لدعــم االنتقــال الديمقراطــي‪.‬‬
‫المطلــب األول‪ :‬الســلطة التقديريــة لمجلــس األمــن فــي التدخــل‬
‫ألســباب إنســانية‪:‬‬
‫اســند ميثــاق األمــم املتحــدة مهمــة حفــظ األمــن والســلم الدوليــن إىل مجلــس األمــن‪،‬‬
‫وأوضــح يف أن يكــون العمــل الــذي تقــوم بــه األمــم املتحــدة رسيعـا ً وفعــاال ً أن يعهــد‬
‫أعضــاء الهيئــة إىل مجلــس األمــن بالبعثــات الرئيســية يف أمــر حفــظ الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن‪ ،‬وأن يوافقــوا عــى أن هــذا املجلــس يعمــل نائب ـا ً عنهــم يف قيــام واجباتــه‬
‫التــي تفرضهــا عليــه هــذه التبعــات‪ ،‬وان يقبلــوا قــرارات مجلــس األمــن وتنفيذهــا‬
‫وفــق هــذا امليثــاق هــذا االختصــاص الــذي منــح امليثــاق ملجلــس األمــن لكي يســتطيع‬
‫التصــدي لــكل التهديــدات التــي تواجــه األمــن والســلم الدوليــن(‪.)1‬‬
‫تبلــورت حقيقــة سياســية وقانونيــة تتمثــل يف االرتبــاط بــن انتهــاكات حقــوق‬
‫اإلنســان عــى املســتوي الفــردي والجماعــات وبــن تهديــد الســلم واألمــن الــدويل‪،‬‬
‫وســاهم هــذا التبلــور يف عــدة عوامــل مــن بينهــا اإلعــان العاملــي لحقــوق اإلنســان‬
‫واالتفاقيــات الدوليــة الخاصــة بالحقــوق السياســية واملدنيــة‪ ،‬وبالحقــوق الثقافيــة‬
‫واالقتصاديــة واالجتماعيــة‪ ،‬وكــذا إعــان عديــد مــن املواثيــق واالتفاقيــات اإلقليميــة‬
‫((( التحــرك الــدويل إزاء مذهــب التدخــل اإلنســاين‪ ،‬ياســن العيوطــي‪ ،‬مكتبــة الكونجــرس‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬العــدد ‪،129‬‬
‫‪1997‬م‪ ،‬ص‪.59‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪175‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫بشــأن حقــوق اإلنســان يف كل مــن أوربــا وأفريقيــا وأمريــكا الالتينيــة وتفاقــم أزمــات‬
‫حقــوق اإلنســان يف أجــزاء واســعة مــن العالــم يف فــرة مــا بعــد الحــرب البــاردة(‪.)1‬‬
‫تطــور هــذا املفهــوم إىل تفســر وترجمــة انتهــاكات حقــوق اإلنســان بأنهــا تهديــد‬
‫للســام واألمــن الــدويل ممــا ينتــج عنــه مــن مراقبــة حقــوق اإلنســان عــى كافــة‬
‫املســتويات املحــي والــدويل وإجــازة اســتخدام القــوة مــن قبــل املجتمــع الــدويل‬
‫متمثـاً يف هيئــة األمــم املتحــدة لحمايــة املواطنــن الذيــن تنتهــك حقوقهــم مــن قبــل‬
‫حكوماتهــم(‪ ،)2‬بهــذا حــدث تغيــر يف الــرأي العــام العاملــي بخصــوص املوازنــة بــن‬
‫احــرام ســيادة الدولــة وبــن املطالبــات اإلنســانية مــن رفــع املعانــاة عــن املواطنــن‬
‫وحمايتهــم مــن إخطــار املجاعــة واملــوت نتيجــة لسياســات حكوماتهــم‪ ،‬أو نشــوب‬
‫منازعــات وحــروب اهليــة(‪.)3‬‬
‫نظــرا ً ملــا تقــدم يبــدو أن قضيــة انتهــاك حقــوق اإلنســان ليســت مجــرد قضيــة‬
‫إنســانية‪ ،‬بــل هــي قضيــة تمــس األمــن والســلم الدوليــن ممــا يخــول ملجلــس األمــن‬
‫التصــدي لهــا‪ ،‬وإن هــذا التفســر والتغيــر للــرأي العــام العاملــي هــو إخــراج قضيــة‬
‫حقــوق اإلنســان يف األمــور التــي تقــع باألســاس يف إطــار الترشيــع الداخــي حســب‬
‫مــا كان ينظــر ســابقاً‪ ،‬ممــا أدى إىل إضفــاء الرشعيــة عــى تدخــات مجلــس األمــن يف‬
‫حالــة انتهــاك حقــوق اإلنســان‪ ،‬واتخــاذ إجــراءات مراقبــة لهــا‪.‬‬
‫كان بدايــة هــذه القــرارات بعــد انســجام مجلــس األمــن بقيــادة أمريــكا الزمــة حقوق‬
‫اإلنســان يف العــراق بعــد حــرب الخليــج التــي كان ســبب اندالعهــا ثــورة األكــراد يف‬
‫شــمال العــراق والشــيعة يف الجنــوب مســتغلني يف ذلــك ضعــف النظــام العراقــي‪،‬‬
‫حيــث فكــر األكــراد يف االســتقالل عــن باقــي العــراق وقــام نظــام العــراق بإجهــاض‬
‫كل املحــاوالت مــن خــال القمــع الجماعــي والتنكيــل إلعــادة الســيطرة عــى املنطقتني‪،‬‬
‫ســببت هــذه األعمــال القمعيــة معانــاة حقيقــة ملنطقتــي الشــمال والجنــوب إضافــة‬
‫ملعانــاة الشــعب العراقــي عمومـا ً يف حصــاره الجائــر املفــروض عليــه مــن قبــل األمــم‬
‫املتحــدة(‪.)4‬‬

‫((( التحرك الدويل إزاء مذهب التدخل اإلنساين‪ ،‬ياسني العيوطي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫((( نفس املرجع‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫((( إرهــاب الدولــة يف إطــار قواعــد القانــون الــدويل العــام‪ ،‬ســامي جــاد عبدالرحمــن واصــل‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬ط‪2004-2003 ،1‬م‪ ،‬ص‪.296 – 295‬‬
‫((( مبادئ العالقات الدولية‪ ،‬سعد حقي توفيق‪ ،‬دار وائل للنرش والتوزيع‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪2004 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪.303‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪176‬‬
‫ومن نماذج قرارات مجلس األمن بخصوص املساعدات اإلنسانية اآلتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 2720‬لســنة ‪2023‬م باعتمــاد إدخــال توســعي دخول‬
‫املســاعدات لغزة‪:‬‬
‫اعتمــد مجلــس األمــن الــدويل بأغلبيــة كبــرة قــرارا مخففــا بشــأن توســيع املســاعدات‬
‫اإلنســانية إىل قطــاع غــزة ومراقبتهــا‪ ،‬لكــن دون اعتمــاد مــروع القــرار الخــاص‬
‫بتعليــق فــوري «للعمليــات العدائيــة» بــن إرسائيــل وحركــة املقاومــة اإلســامية‬
‫(حمــاس)‪.‬‬
‫وصوتــت ‪ 13‬مــن الــدول الـــ‪ 15‬األعضــاء يف مجلــس األمــن لصالــح القــرار رقــم‬
‫(‪ ،)2720‬يف حــن امتنعــت الواليــات املتحــدة وروســيا عــن التصويــت‪.‬‬
‫ويدعــو القــرار «كل األطــراف إىل إتاحــة وتســهيل اإليصــال الفــوري واآلمــن ومــن دون‬
‫عوائــق ملســاعدة إنســانية واســعة النطــاق» إىل غــزة‪ ،‬وإىل اتخــاذ إجــراءات «عاجلــة»‬
‫بهــذا الصــدد و»تهيئــة الظــروف لوقــف مســتدام لألعمــال القتاليــة»‪.‬‬
‫واســتخدمت الواليــات املتحــدة حــق النقــض (الفيتــو) ضــد محاولــة روســية إلضافــة‬
‫دعــوة «لوقــف عاجــل ومســتدام لألعمــال القتاليــة» ملــروع القــرار‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬قرار مجلس األمن بالسماح لدخول املنظمات اإلنسانية يف العراق‪:‬‬
‫أصــدر مجلــس األمــن لتصــدي هــذه املشــكلة اإلنســانية قــرارا ً بالرقــم (‪ )688‬لســنة‬
‫‪1991‬م طالــب فيــه النظــام العراقــي وقــف عمليــات القمــع التــي يتعــرض لهــا‬
‫الســكان املدنيــون يف عــدة مناطــق‪ ،‬وطالــب أيضـا ً رضورة الســماح لوصــول املنظمات‬
‫اإلنســانية الدوليــة عــى الفــور إىل جميــع مــن يحتاجــون إىل للســلم واألمــن الدوليني يف‬
‫املنطقــة مــن خــال تدفــق الالجئــن تجــاه الحــدود الدوليــة وعبورهــا(‪.)1‬‬
‫أوضــح املجلــس بقــراره عــى أن ال يــؤدي تطبيــق التدخــل اإلنســاني عــى تهديــد‬
‫وحــدة واســتقالل الدولــة رضورة التــزام واعــراف الــدول األعضــاء بســيادة وحــدة‬
‫العــراق وحدتــه اإلقليميــة واســتقالله الســيايس مثــل كافــة دول املنطقــة‪ ،‬ومنعــا ً‬
‫النفصــال املتمرديــن عــى النظــام مــن جهــة وعــدم تدعيــم التوســعة مــن دول الجــوار‬
‫عــى حســاب العــرق مــن جهــة أخــرى(‪ ،)2‬بهــذا وافــق روح القــرار مــا ورد يف امليثــاق‬

‫((( قرار رقم ‪ 688‬الذي اتخذه مجلس األمن يف جلسته رقم ‪ 2981‬املعقودة يف نيسان ‪ 1‬ابريل ‪1991‬م‪.‬‬
‫((( التحرك الدويل إزاء مذهب التدخل اإلنساين‪ ،‬ياسني العيوطي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪177‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫لالمتنــاع عــى أي تهديــد أو اســتخدام للقــوة يهــدد وحــدة واســتقالل السياســة ألي‬
‫دولة(‪.)1‬‬
‫ثالث ـاً‪ :‬قــرار مجلــس األمــن بإرســال قــوات عســكرية لضمــان وصــول املســاعدات‬
‫اإلنســانية ملســتحقيها يف الصومــال‪:‬‬
‫أصــدر مجلــس األمــن األمــم قــرار رقــم ‪ 794‬بشــأن بإرســال قــوات عســكرية إىل‬
‫الصومــال مــن أجــل خلــق أجــواء آمنــة لوصــول املســاعدات اإلنســانية ملســتحقيها‬
‫وقــد وصفــه األمــن العــام األمــم املتحــدة آنــذاك لــدي صــدوره بأنه قــرار تاريخــي(‪،)2‬‬
‫الن املســاعدات اإلنســانية لــم تكــن تصــل إىل الســكان املترضريــن املحتاجــن لهــا‪،‬‬
‫بــل كان يســيطر عليهــا أعــداء الحــرب بهــذا البلــد‪ .‬هــذا وتحــت ضغــط الــرأي العــام‬
‫الــدويل واســتجابة لنــداءات األمــن العــام حمــل مجلــس األمــن إصــدار هــذا القــرار‬
‫وفقــا ً للفصــل الســابع بإحــداث قــوة مكونــة مــن ‪ 37,000‬جنــدي تحــت قيــادة‬
‫للواليــات املتحــدة جنــدي تحــت قيــادة الواليــات املتحــدة األمريكيــة مهمتهــا األساســية‬
‫وفــق تدهــور الوضــع اإلنســاني ولــو بالقــوة أمــا الحــل الســيايس فــكان معلقــا ً‬
‫خــارج هــذا القــرار(‪.)3‬‬
‫المطلــب الثانــي‪ :‬الســلطة التقديريــة لمجلــس األمــن فــي محاربــة‬
‫اإلرهــاب‪:‬‬
‫باعتبــار مجلــس األمــن ذي اختصــاص محــدود‪ ،‬تقتــر وظائفــه أساسـا ً عــى حفــظ‬
‫الســام واألمــن الدوليــن إىل جانــب بعــض الوظائــف األخــرى اإلداريــة والتنفيذيــة(‪،)4‬‬
‫كان مــن واجبــه أن يتخــذ كل مــا يف وســعه ملكافحــة اإلرهــاب الــدويل‪ ،‬وال ســيما أنــه‬
‫يســتطيع إصــدار قــرارات ملزمــة‪ ،‬ولكــن لألســف؛ أن املعطيــات السياســية والثنائيــة‬
‫القطبيــة – ومــن ثــم حــق الفيتــو – قــد حــدت جميعهــا مــن فعاليــات املجلــس يف‬
‫مواجهــة اإلرهــاب الــدويل‪ ،‬وذلــك قبــل انهيــار االتحــاد الســوفيتي‪.‬‬
‫ومــع أن الفــرة الالحقــة – حــن تزعمــت أمريــكا العالــم – قــد شــهدت ازديــاد‬
‫القــرارات الصــادرة عــن مجلــس األمــن‪ ،‬والتــي تعنــي بمكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬وخاصــة‬

‫((( املادة ‪ 4/2‬من ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬


‫((( الدولة والسيادة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬فتحي عبد الكريم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫((( التدخــل الــدويل مــن أجــل اإلنســانية وإشــكاالته‪ ،‬شــاهني عــى شــاهني‪ ،‬مجلــة الحقــوق‪ ،‬الكويــت‪ ،‬العــدد ‪2004 ،4‬م‪،‬‬
‫ص‪.303‬‬
‫((( الوسيط يف قانون املنظامت الدولية‪ ،‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪178‬‬
‫بعــد أحــداث ‪ 11‬ســبتمرب ‪ ،2001‬غــر أن تلــك القــرارات – باســتثناء بعضهــا – قــد‬
‫صــدرت لتديــن فع ـاً إرهابي ـا ً مرتكب ـا ً أو معاقبــة دولــة أو جهــة معينــة‪ ،‬وكل ذلــك‬
‫يتأثــر باألهــواء السياســية‪ ،‬واألوضــاع الدوليــة‪ ،‬واملصالــح االســراتيجية للــدول األقوى‬
‫عــى الســاحة العامليــة‪ ،‬بينمــا نحــن يف أمــس الحاجــة إىل جهــو ٍد فاعلــة تعمــل عــى‬
‫تحديــد دقيــق لظاهــرة اإلرهــاب وأســبابها وكيفيــة القضــاء عليهــا‪.‬‬
‫وسـنتطرق إىل أهـم القرارات الصـادرة عن مجلس األمن منذ نشـوء األمـم املتحدة إىل اآلن‬
‫واملتعلقـة باإلرهاب ومكافحته‪ ،‬وذلـك قبل أحداث ‪ 11‬سـبتمرب ‪ 2001‬وبعدها‪.‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬قــرارات مجلــس األمــن قبــل أحــداث ‪ 11‬ســبتمبر‬
‫‪2001‬م‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬قــراره رقــم ‪ 57‬الصــادر يف ‪ 18‬ديســمرب ‪1948‬م بشــأن اغتيــال أول وســيط‬
‫لألمــم املتحــدة ومعاونــه يف فلســطني‪:‬‬
‫إن قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 57‬الصــادر يف ‪ 18‬ديســمرب ‪ ،1948‬يشــكل باكــورة‬
‫أعمالــه ضــد اإلرهــاب‪ ،‬إذ أدان اغتيــال أول وســيط لألمــم املتحــدة ومعاونه يف فلســطني‪،‬‬
‫ووصــف عمليــة االغتيــال بأنهــا عمــل جبــان ارتكبتــه جماعــة مــن اإلرهابيــن‪ ،‬ومنــذ‬
‫ذلــك التاريــخ لــم يواجــه مجلــس األمــن موضــوع اإلرهــاب بصــورة مبــارشة‪ ،‬بالرغــم‬
‫مــن ارتــكاب العديــد مــن الحــوادث اإلرهابيــة إال أن عــدم تهديدهــا للمصالــح الحيوية‬
‫للدولــة القويــة كان عامــاً وراء تجاهلهــا‪ .‬فنظــر إىل حــوادث اإلرهــاب عــى انهــا‬
‫محليــة وليســت عامليــة(‪ .)1‬إىل أن جــاء القــرار رقــم ‪ 186‬بتاريــخ ‪ 09‬ســبتمرب ‪1970‬م‬
‫ردا ً عــى ازديــاد حــوادث خطــف الطائــرات أو أيــة تدخــات يف رحــات الطــران‬
‫املدنــي الدوليــة يف املســتقبل‪.‬‬
‫ثاني ـاً‪ :‬مجلــس األمــن القــرار رقــم ‪ 579‬بتاريــخ ‪ 18‬ســبتمرب ‪1985‬م بشــأن أعمــال‬
‫حجــز الرهائــن واالختطــاف‪:‬‬
‫إثــر تزايــد العمليــات اإلرهابيــة‪ ،‬أصــدر مجلــس األمــن القــرار رقــم ‪ 579‬بتاريــخ ‪18‬‬
‫ســبتمرب ‪1985‬م‪ ،‬أدان فيــه إدانــة قاطعــة جميــع أعمــال حجــز الرهائــن واالختطــاف‪،‬‬
‫وطالــب الــدول أن تالحــق مرتكبــي تلــك األعمــال ومعاقبتهــم‪ ،‬والتــي تعــد مــن‬
‫أشــكال اإلرهــاب الــدويل وفق ـا ً لقواعــد القانــون الــدويل‪ ،‬وكانــت أول مــرة يســتعمل‬
‫مجلــس األمــن تعبــر اإلرهــاب‪.‬‬
‫((( قانون املنظامت الدولية‪ ،‬محمد سامي عبدالحميد‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.120‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪179‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ثالث ـاً‪ :‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 638‬بتاريــخ ‪ 31‬يوليــو يف العــام ‪1989‬م بشــأن‬
‫األعمــال غــر املرشوعــة ضــد أمــن الطــران املدنــي‪:‬‬
‫والقــرار رقــم ‪ 638‬أدان فيــه باإلجمــاع احتجــاز الرهائــن والخطــف بوجــه عــام‪ ،‬وإىل‬
‫منــع ومحاكمــة ومعاقبــة مرتكبــي جميــع أعمــال أخــذ الرهائــن والخطــف بوصفهــا‬
‫مظاهــر لإلرهــاب‪ .‬إال أن مقدمــة القــرار املذكــور أشــارت إىل أن هــذه األعمــال تعتــر‬
‫انتهــاكا ً جســيما ً للقانــون الــدويل اإلنســاني مبينــة أن مجلــس األمــن قــد نظــر يف هــذه‬
‫األعمــال بوصفهــا محكومــة بنطــاق قانونــي قائــم عنــد ارتكابهــا يف نــزاع مســلح(‪.)1‬‬
‫رابعــاً‪ :‬قــرارات مجلــس األمــن رقــم (‪ )1192 ،883 ،738 ،731‬بخصــوص قضيــة‬
‫لوكربــي‪:‬‬
‫قــرار مجلــس األمــن ضــد ليبيــا يف قضيــة لوكربــي‪ ،‬حيــث تــم ســقوط طائــرة‬
‫أمريكيــة فــوق أرايض اســكتلندا بمنطقــة لوكربــي ســنة ‪1988‬م بفعــل تفجريهــا ممــا‬
‫أدى إىل مقتــل مــن كان عليهــا إىل جانــب بعــض ســكان القريــة‪ ،‬وقــد وجهــت الواليــات‬
‫املتحــدة األمريكيــة وبريطانيــا االتهــام إىل مواطنــن ليبــن‪ ،‬وبتاريــخ ‪ 26‬نوفمــر‬
‫‪1991‬م أصــدرت بريطانيــا وفرنســا والواليــات املتحــدة األمريكيــة إعالنـا ً طالبــوا فيــه‬
‫ليبيــا بتســليم املشــتبه فيهمــا ملحاكمتهمــا يف اســكتلندا أو الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪،‬‬
‫وقامــت ليبيــا عــى إثــر ذلــك بتشــكيل لجنــة تحقيــق قضائيــة برئاســة مستشــار‬
‫املحكمــة الليبيــة للنظــر يف ورقتــي االتهــام‪ ،‬أيــن تــم التحفــظ عــى املشــتبه فيهمــا‬
‫وطالبــت ليبيــا بتقديــم الدليــل حتــى تتمكــن مــن القيــام بالتحــري الــازم‪ ،‬وقــد‬
‫رفــض هــذا الطلــب(‪ )2‬ممــا أدى بمجلــس األمــن عمــل اآلتــي‪:‬‬
‫‪ .‬أإصــدار القــرار رقــم ‪ 731‬الصــادر يف جانفــي ‪1992‬م‪ ،‬والــذي أبــدى فيــه املجلس‬
‫انزعاجــه الشــديد الســتمرار أعمــال اإلرهــاب الــدويل بجميــع أشــكاله‪ ،‬والتــي‬
‫تعــرض للخطــر أرواحــا ً برشيــة أو تؤذيهــا‪ ،‬وتؤثــر تأثــرا ً ســلبيا ً يف العالقــات‬
‫الدوليــة‪ ،‬وتعــرض أمــن الــدول للخطــر‪ ،‬كمــا أدان مجلــس األمــن الحادثتــن‬
‫الســابقتني (قضيــة لوكربــي والطائــرة الفرنســية)‪ ،‬وطالــب ليبيــا باالســتجابة‬
‫الفوريــة للمطالبــة الدوليــة كــي تســهم يف القضــاء عــى اإلرهــاب‪.‬‬

‫((( انظــر‪ :‬ق ـرار مجلــس األمــن رقــم (‪ S/RES/638 )1989‬الصــادر بتاريــخ ‪ 31‬جويليــة ‪ 1989‬واملتعلــق بحــوادث أخــذ‬
‫الرهائــن واالختطــاف‪.‬‬
‫((( قضيــة لوكــريب بــن الحقيقــة والتضليــل‪ ،‬ثــروت عبدالهــادي خالــد‪ ،‬إســاعيل أحمــد عــي هــال‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬مــر‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪180‬‬
‫‪ .‬بأصــدر مجلــس األمــن القــرار رقــم ‪ 738‬الصــادر يف ‪ 31‬مــارس ‪1992‬م‪ ،‬لعــدم‬
‫اســتجابة ليبيــا بفعاليــة للطلبــات الــواردة يف هــذا القــرار‪ ،‬كان ســابقة مــن نوعها‬
‫يف إطــار العمــل الــدويل‪ ،‬حيــث ألول مــرة يصــدر مجلــس األمن قــرارا ً وفــق الفصل‬
‫الســابع مــن امليثــاق يتعلــق باإلرهــاب الــدويل‪ ،‬وقــد ذهــب إىل أن تقاعــس الحكومة‬
‫الليبيــة يف الربهنــة بأعمــال ملموســة عــى تخليهــا عــن اإلرهــاب‪ ،‬وال ســيما يف عدم‬
‫االســتجابة عــى نحــو كامــل وفعــال للطلبــات الــواردة يف القــرار الســابق‪ ،‬يشــكل‬
‫تهديــدا ً للســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬كمــا قــى بفــرض عقوبــات دبلوماســية عــى‬
‫ليبيــا(‪.)1‬‬
‫‪ .‬جالقــرار رقــم ‪ 883‬بتاريــخ ‪ 11‬نوفمــر ‪1993‬م‪ ،‬الــذي فــرض عــى ليبيــا عقوبــات‬
‫اقتصاديــة‪ ،‬إذ جمــدت األمــوال الليبيــة يف الخــارج‪ ،‬وشــددت العقوبــات الســابقة‪،‬‬
‫حيــث جــاء يف ديباجــة هــذا القــرار «يشــر مجلــس األمــن إىل قلقــه الزائــد إزاء‬
‫عــدم امتثــال الحكومــة الليبيــة لقراريــه الســابقني مُعلن ـا ً تعميمــه عــى القضــاء‬
‫عــى اإلرهــاب الــدويل وتقديــم املســؤولني عنــه إىل العدالــة‪ ،‬وأن قمــع اإلرهــاب أمــر‬
‫جوهــري للمحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪...‬‬
‫كمــا أشــار مجلــس األمــن بأنــه يعمــل وفــق الفصــل الســابع مــن امليثــاق‪ ،‬ويطالــب‬
‫ليبيــا باالمتثــال لقراريــه الســابقني‪ .‬وضمانـا ً لذلــك قــرر اتخــاذ اإلجــراءات التاليــة‪:‬‬
‫‪1 .‬تجميــد األمــوال أو املــوارد املاليــة األخــرى التــي لليبيــا ســيطرة مبــارشة أو غــر‬
‫مبــارشة عليهــا‪ ،‬واســتثنى القــرار مــن ذلــك األمــوال الناتجــة عــن بيــع أو توريــد‬
‫النفــط واملنتجــات النفطيــة والغــاز أو الســلع واملنتجــات الزراعيــة التــي يكــون‬
‫منشــؤها ليبيــا بــرط أن توضــع هــذه األمــوال يف حســابات مرصفيــة مســتقلة‪.‬‬
‫‪2 .‬حظــر تزويــد ليبيــا بــأي نــوع مــن معــدات أو إمــدادات أو منــح ترتيبــات أو‬
‫ترخيــص بصناعتهــا‪.‬‬
‫‪3 .‬إغالق مكاتب الخطوط الليبية إغالقا ً فوريا ً وكامالً يف جميع الدول‪.‬‬
‫‪4 .‬حظــر أيــة تعامــل تجــاري مــع الخطــوط الليبيــة يف هــذه الــدول أو مــن قبــل‬
‫رعاياهــا أو التعامــل بــأي شــكل مــع وثائــق الرشكــة الليبيــة‪.‬‬

‫((( اإلرهــاب الــدويل واختطــاف الطائ ـرات يف ضــوء القانــون الــدويل املعــارص‪ ،‬دراســة نظريــة تطبيقيــة عــى األحــداث‬
‫الدوليــة الجاريــة (لوكــريب – االعتــداء عــى الواليــات املتحــدة األمريكيــة) ‪ ،‬رجــب عبداملنعــم متــويل‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬مــر‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪.183‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪181‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪5 .‬حظــر دخــول قطــع غيــار الطائــرات إىل ليبيــا ســواء كانــت مدنيــة أم عســكرية‪،‬‬
‫وعــدم مســاعدة الطياريــن أو املهندســن للقيــام بتدريبــات‪ .‬كمــا منــع تجديــد‬
‫تأمــن الطائــرات الليبيــة(‪.)1‬‬
‫‪6 .‬حظــر االســتجابة ملنــح الحقــوق الناتجــة عــن العقــود أو املعامــات التجاريــة‬
‫لليبيــا أو رعاياهــا(‪.)2‬‬
‫وقــد ركــز القــرار عــى فــرض التدابــر التــي جــاء بهــا القــرار ‪ 738‬عــن طريــق‬
‫الضغــط عــى ليبيــا مــن أجــل الرضــوخ للمخططــات الغربيــة بقيــادة الواليــات‬
‫املتحــدة األمريكيــة‪ .‬وبعــد جهــود دبلوماســية اســتمرت قرابــة عــر ســنوات أصــدر‬
‫مجلــس األمــن القــرار التــايل بعــد موافقــة ليبيــا عــى الــروط الغربيــة‪:‬‬
‫د‪ -‬القــرار رقــم ‪ 1192‬بتاريــخ ‪ 27‬أوت ‪1998‬م والــذي وضــع حــدا ً لتلــك القضيــة‪،‬‬
‫وذلــك بموافقــة ليبيــا عــى محاكمــة املتهمــن يف الهــاي بهولنــدا أمــام محكمــة‬
‫اســكتلندية ووفقـا ً للقانــون االســكتلندي‪ ،‬ودفعــت تعويضــات ألرس الضحايــا‪ ،‬ونالحظ‬
‫هنــا الســلوك االنتقامــي الــذي انتهجتــه الواليــات املتحــدة إزاء النظــام الليبــي‪ ،‬إذ‬
‫ســبق للــدول األطــراف يف قضيــة لوكربــي أن صادقــت عــى اتفاقيــة مونرتيــال لعــام‬
‫‪1971‬م الخاصــة بمكافحــة األعمــال غــر املرشوعــة واملوجهــة ضــد أمــن الطــران‬
‫املدنــي وســامته‪ ،‬وملــا كانــت األفعــال املنســوبة إىل املوطنــن الليبيــن تدخــل ضمــن‬
‫مــا نصــت عليــه االتفاقيــة كان مــن حــق ليبيــا أن تحاكمهــم عــى أراضيهــا بموجــب‬
‫نصــوص تلــك االتفاقيــة(‪.)3‬‬

‫((( اإلرهاب الدويل واختطاف الطائرات يف ضوء القانون الدويل‪ ،‬رجب عبداملنعم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫((( اإلرهــاب الــدويل واختطــاف الطائ ـرات يف ضــوء القانــون الــدويل املعــارص‪ ،‬رجــب عبداملنعــم متــويل‪ ،‬مرجــع ســابق‪،‬‬
‫ص‪.185‬‬
‫((( تنــص املــادة ‪ 3/5‬مــن تلــك االتفاقيــة عــى أنــه‪« :‬ال توحــل هــذه االتفاقيــة دون أي اختصــاص جنــايئ تتــم مبارشتــه طبقـاً‬
‫للقانــون الوطنــي» فيــا تنــص املــادة ‪ 6‬مــن قانــون العقوبــات عــى أنــه‪« :‬كل ليبــي ارتكــب – وهــو خــارج ليبيــا – فعـاً‬
‫يعــد جنايــة أو جنحــة يف هــذا القانــون يعاقــب مبقتــى أحكامــه‪ ،‬إذا كان معاقبـاً عليــه مبقتــى قانــون البلــد الــذي ارتكبــه‬
‫فيــه»‪ .‬وتنــص املــادة ‪ 439‬مــن قانــون اإلجـراءات الجنائيــة لليبــي عــى أنــه‪« :‬ينظــم القانــون الليبــي قواعــد تســليم املجرمــن‬
‫واســردادهم مــا مل تنظمــه االتفاقيــات والعــرف الــدويل»‪ .‬وتنــص املــادة ‪ 439‬مكــرر عــى أنــه‪« :‬يجــوز تســليم املتهمــن أو‬
‫املحكــوم عليهــم متــى توفــرت الــروط التاليــة‪:‬‬
‫‪ 1-‬أن يكون الفعل املبني عليه طلب التسليم جرمية بحسب القانون الليبي وقانون الدولة املطالبة بالتسليم‪.‬‬
‫‪ 2-‬أن ال يتعلق الطلب بليبيني»‪.‬‬
‫‪ -‬انظــر‪ :‬مكافحــة اإلرهــاب يف املامرســات الدوليــة املعــارصة‪ ،‬إدريــس الكرينــي‪ ،‬منشــورة يف ثــاث حلقــات‪ ،‬القــدس العــريب‪،‬‬
‫لنــدن‪ ،‬األعــداد‪2002 ،4135/4134/4133 :‬م‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪182‬‬
‫خامســاً‪ :‬قــرارات مجلــس األمــن املتعلقــة باإلرهــاب الصــادرة ضــد الســودان‬
‫بخصــوص محاولــة اغتيــال الرئيــس حســني مبــارك(‪:)1‬‬
‫أ‪ -‬القــرار ‪ 1044‬املتخــذ يف ‪ 31‬جانفــي ‪1997‬م الــذي اتخــذه مجلــس األمــن يف‬
‫الجلســة رقــم ‪ ،2627‬حيــث أدان املجلــس محاولــة اغتيــال الرئيــس املــري حســني‬
‫مبــارك‪ ،‬والتــي تعــرض لهــا يف ‪ 26‬جويليــة ‪1995‬م أديــس أبابــا بإثيوبيــا‪ ،‬وطلــب‬
‫مــن الحكومــة الســودانية االمتثــال لطلبــات منظمــة الوحــدة اإلفريقيــة مــن تســليم‬
‫املشــتبه بهــم – املختبئــن يف الســودان – إىل إثيوبيــا والكــف عــن مــا عدتــه األنشــطة‬
‫اإلرهابيــة ودعمهــا(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬القــرار ‪ 1054‬صــدر يف ‪ 26‬أفريــل ‪1996‬م الــذي اتخــذه مجلــس األمــن يف الجلســة‬
‫رقــم ‪ 3660‬أيــن أعلــن فيــه بأنــه مصمــم عــى القضــاء عــى اإلرهــاب الــدويل‪ ،‬وأنــه‬
‫يتــرف يف إطــار الفصــل الســابع مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫وطالــب حكومــة الســودان بــرورة اتخــاذ اإلجــراءات الكفيلــة بتســليم املتهمــن يف‬
‫محاولــة اغتيــال الرئيــس املــري حســني مبــارك إلثيوبيــا‪ ،‬بغــرض محاكمتهــم‪.‬‬

‫((( محمــد حســني الســيد مبــارك‪ ،‬الرئيــس املــري الرابــع لجمهوريــة مــر العربيــة‪ ،‬ولــد ســنة ‪1928‬م‪ ،‬خل ًفــا ملحمــد‬
‫أنــور الســادات‪ ،‬وحتــى ‪11‬فربايــر ‪ 2011‬بتنحيــه تحــت ضغــوط شــعبية وتســليمه الســلطة للمجلــس األعــى للقــوات‬
‫املســلحة ‪.‬حصــل عــى تعليــم عســكري يف مــر متخرجــا مــن الكليــة الجويــة عــام ‪ ،1950‬ترقــى يف املناصــب العســكرية‬
‫حتــى وصــل إىل منصــب رئيــس أركان حــرب القــوات الجويــة‪ ،‬ثــم قائــدا ً للقــوات الجويــة يف أبريــل ‪1972‬م‪ ،‬وقــاد القــوات‬
‫الجويــة املرصيــة يف الجيــش املــري أثنــاء حــرب أكتوبــر ‪ 1973.‬ويف عــام ‪ 1975‬اختــاره محمــد أنــور الســادات‪. https://‬‬
‫‪ar.wikipedia.org‬‬
‫((( لقــد عــر هــذا القـرار عــى القلــق الشــديد إزاء اســتمرار أعــال اإلرهــاب الــدويل بكافــة أشــكاله‪ ،‬مــا يتعــن التصــدي‬
‫لهــا مــن قبــل املجتمــع الــدويل‪ ،‬وذلــك عــر تعزيــز التعــاون الــدويل بوضــع تدابــر دوليــة فعالــة ملكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬وقــد‬
‫طالبــت مــن الدولــة الســودانية االمتثــال لطلبــات منظمــة الوحــدة اإلفريقيــة دون أي تأخــر مــن أجــل‪:‬‬
‫‪ -‬القيــام بإجـراء تســليم املجرمــن الفاريــن واملختبئــن يف الســودان إىل الدولــة اإلثيوبيــة‪ ،‬واملتهمــن يف محاولــة اغتيــال رئيــس‬
‫جمهوريــة مــر‪ ،‬وهــذا ملحاكمتهم‪.‬‬
‫‪ -‬الكــف عــن مســاعدة ودعــم وتســهيل األعــال وتوفــر مــاذ آمــن للجامعــات اإلرهابيــة‪ ،‬مــع التقيــد مبيثاقــي األمــم‬
‫املتحــدة ومنظمــة الوحــدة اإلفريقيــة يف عالقاتهــا بجريانهــا‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة استجابة الدولة السودانية بصورة تامة وفعالة لطلبات منظمة الوحدة اإلفريقية‪.‬‬
‫كــا طالــب القـرار مــن األمــن العــام لألمــم املتحــدة بالتشــاور مــع منظمــة الوحــدة اإلفريقيــة يف التعــاون الحقيقــي مــن‬
‫قبــل الســودان يف مــدى تنفيــذ هــذا القـرار‪ ،‬مــع تقديــم تقريــر ملجلــس األمــن خــال ‪ 60‬يــوم حــول مــدى تجســيده‪ ،‬وبقــاء‬
‫املســألة قيــد النظــر‪.‬‬
‫انظر‪http://www.un.org/arabic/dociments/gares.html :‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪183‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وقــى بعقوبــة دبلوماســية وقنصليــة عــى الســودان ومــدى امتثالهــا لقــرارات‬
‫مجلــس األمــن‪.‬‬
‫ﺟ‪ -‬القــرار ‪ 1070‬يف ‪ 16‬أغســطس ‪1998‬م الــذي اتخــذه مجلــس األمــن يف جلســته‬
‫رقــم ‪ ،3690‬أيــن فــرض فيــه حظــرا ً جوي ـا ً عــى الســودان‪.‬‬
‫وتجــدر اإلشــارة هنــا إىل أن هــذه اإلجــراءات قــد علقــت بقــرار جديــد بعد ‪ 11‬ســبتمرب‬
‫‪2001‬م‪ ،‬وهــذا بعــد سلســلة مــن املفاوضــات والوســاطات والتنــازالت‪ ،‬والســيما بعــد‬
‫رضب أمريــكا ملستشــفى الشــفاء بالخرطوم‪.‬‬
‫الفــرع الثانــي‪ :‬قــرارات مجلــس األمــن بعــد أحــداث ‪ 11‬ســبتمبر‬
‫‪2001‬م‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 1368‬بتاريــخ ‪ 12‬ديســمرب ‪2001‬م بخصــوص‬
‫الهجمــات عــى برجــي التجــارة العاملــي‪:‬‬
‫قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 1368‬بتاريــخ ‪ 12‬ديســمرب ‪2001‬م الــذي اتخــذه مجلــس‬
‫األمــن يف جلســته ‪ ،4370‬وأدان فيــه تلــك الهجمــات اإلرهابيــة كونهــا تهــدد الســلم‬
‫واألمــن الدوليــن‪ ،‬شــأنها يف ذلــك شــأن أي عمــل إرهابــي دويل(‪.)1‬‬
‫ثانيــاً‪ :‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 1373‬بتاريــخ ‪ 28‬ســبتمرب ‪2001‬م بخصــوص‬
‫هجمــات برجــي التجــارة العاملــي‪:‬‬
‫أصــدر مجلــس األمــن وباإلجمــاع أيض ـا ً قــراره الشــهري رقــم ‪ 1373‬يف جلســته رقــم‬
‫‪ ،4385‬والــذي اســتند فيــه إىل الفصــل الســابع مــن امليثــاق ونــص عــى جملــة مــن‬
‫التدابــر امللزمــة للــدول أهمهــا‪:‬‬
‫‪ -1‬التزام جميع الدول بتحريم تقديم املساعدة لألنشطة اإلرهابية‪.‬‬
‫‪ -2‬رفض توفري الدعم املايل لإلرهابيني والجماعات اإلرهابية‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم توفري مالذ آمن لإلرهابيني والجماعات والتنظيمات اإلرهابية‪.‬‬
‫‪ -4‬رضورة تبــادل املعلومــات بشــأن الجماعــات التــي تخطــط لشــن هجمــات‬
‫إرهابيــة(‪.)2‬‬
‫((( قرار مجلس األمن رقم ‪ 1368‬بتاريخ ‪ 12‬ديسمرب ‪2001‬م بخصوص الهجامت عىل برجي التجارة العاملي‬
‫((( قرار مجلس األمن رقم ‪ 1373‬بتاريخ ‪ 28‬سبتمرب ‪2001‬م بخصوص هجامت برجي التجارة العاملي‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪184‬‬
‫ثالثــاً‪ :‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 1624‬بتاريــخ ‪ 14‬ســبتمرب ‪2005‬م يتعلــق‬
‫بالتحريــض عــى ارتــكاب األعمــال اإلرهابيــة‪:‬‬
‫حيــث اتخــذ مجلــس األمــن الــذي اجتمــع عــى مســتوى رؤســاء الــدول والحكومــات‬
‫للمــرة الثالثــة فقــط يف تاريخــه القــرار رقــم ‪ 1624‬بتاريــخ ‪ 14‬ســبتمرب ‪2005‬م يف‬
‫جلســته رقــم ‪ ،5261‬الــذي يتعلــق بالتحريــض عــى ارتــكاب أعمــال اإلرهــاب‪ ،‬وشــدد‬
‫القــرار عــى االلتزامــات املرتتبــة عــى البلــدان بخصــوص حقــوق اإلنســان الدوليــة‪،‬‬
‫أيــن دعــا جميــع الــدول إىل رضورة تقديــم تقاريــر عــن اإلجــراءات التــي اتخذتهــا‬
‫هــذه األخــرة لتنفيــذ القــرار الســالف الذكــر إىل لجنــة مكافحــة اإلرهــاب التــي يتعــن‬
‫عليهــا إدراج هــذه الجهــود مــن أجــل تنفيــذ القــرار ومســاعدة الــدول لبنــاء قدراتهــا‬
‫يف مكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬وذلــك باســتعمال أنجــع األســاليب القانونيــة مــع تقديــم تقريــر‬
‫نهائــي عــن مــدى تنفيــذه خــال ‪ 10‬أشــهر(‪.)1‬‬
‫المطلــب الثالــث‪ :‬الســلطة التقديريــة لمجلــس األمــن بإنشــاء‬
‫محاكــم مؤقتــة محاســبة مجرمــي الحــرب‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المحكمة الجنائية المؤقتة ليوغسالفيا‪:‬‬
‫نشــأة املحكمــة بموجــب قــرار مجلــس األمــن رقــم (‪ )808‬ملحاكمــة املتهمــن بارتكاب‬
‫انتهــاكات يف القانــون الــدويل اإلنســاني‪ ،‬وقــد تــم إقــرار النظــام األســايس للمحكمــة‬
‫بموجــب قــرار مجلــس األمــن الــدويل بالرقــم (‪ )827‬بتاريــخ ‪1993/5/25‬م مســتندا ً‬
‫إىل الفصــل الســابع املــادة (‪ )29‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬ملحاكمــة مرتكبــي الجرائم‬
‫الدولية ( ‪. )2‬‬
‫إن فكرة بإنشاء املحكمة الجنائية املؤقتة ليوغسالفيا السابقة يرجع لسببني‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬خــوف املجتمــع الــدويل مــن تكــرار مــأيس الحــرب العامليــة األوىل والثانيــة مــن‬
‫حصــد األرواح والدمــار يف املمتلــكات والخــراب الــذي لحــق باملجتمــع الــدويل‪.‬‬
‫ثانيــاً‪ :‬خوفــا ً مــن امتــداد النــزاع مــن جمهوريــات يوغســافيا ليشــمل منطقــة‬
‫البلقــان بأثرهــا بحكــم حساســية املنطقــة وأثرهــا التاريخــي والحضــاري وتكوينهــا‬
‫البــري‪ ،‬باإلضافــة إىل الحســابات السياســية واالســراتيجية الــذي جعلــت املجتمــع‬
‫((( قرار مجلس األمن رقم ‪ 1624‬بتاريخ ‪ 14‬سبتمرب ‪2005‬م يتعلق بالتحريض عىل ارتكاب األعامل اإلرهابية‬
‫((( حصــاد القــرن العرشيــن‪ ،‬السياســة والدبلوماســية‪ ،‬فــؤاد شــاكر‪ ،‬الــدار املرصيــة اللبنانيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪،‬‬
‫ص ‪339‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪185‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الــدويل ينتفــض ملعاقبــة مرتكبــي هــذه الجرائــم دون إفالتهــم مــن العقــاب ويف نفــس‬
‫(‪)1‬‬
‫الوقــت تكــون درس ـا ً ملــن ســولت لــه نفســه بالتفكــر يف اقرتافهــا يف املســتقبل‪.‬‬
‫وتمثــل محكمــة يوغســافيا أول ســابقة قضائيــة يتابــع فيهــا رئيــس دولــة وهــو‬
‫يف قمــة مســئوليته ويصــدر األمــر باعتقالــه وذلــك ألن محاكــم نورمــرج كانــت‬
‫مخصصــة ملحاكمــة مجرمــي النازيــة ومحــدودة االختصــاص يف الزمــان واملــكان‪.‬‬
‫وكذلــك تمثــل نموذج ـا ً للقضــاء الــدويل الــذي تعلــو أحكامــه عــى أحــكام القضــاء‬
‫الوطنــي‪ ،‬وال تقــي للتقــادم وتعلــو قوانينهــا عــى القوانــن الوطنيــة وهــي بذلــك‬
‫تمثــل ســابقة ونــواة للقضــاء الــدويل الــذي يتعــدي اختصاصــه الحــدود الوطنيــة‬
‫(‪)2‬‬
‫واإلقليميــة وســتكون لــه آلياتــه وأحكامــه التــي تفــرض عــى كل مواطنــي العالــم‪.‬‬
‫فقــد أعطيــت هــذه املحكمــة حــق النظــر يف جرائــم الحــرب التــي ترتكــب خــارج مقر‬
‫املحكمــة فتخطــت بذلــك الحــدود السياســية للــدول وخرقــت بذلــك مبــدأ االختصــاص‬
‫املكانــي وانتهــاكا ً ملبــدأ الســيادة الــذي يفــرض مــن قبــل إنشــاء املحكمــة أن يتــم‬
‫النظــر يف القضايــا التــي ترتكــب يف دولــة بواســطة قضاءهــا الوطنــي وأن تحاكــم‬
‫مواطنيهــا بواســطة محاكمهــا الوطنيــة وأن ال تطالهــم قوانــن وعقوبــات املحاكــم‬
‫األمنيــة التــي تقــع خــارج نطــاق الدولــة‪.‬‬
‫كمــا أن رؤســاء الــدول يتمتعــون بحصانــة تحــول دون النظــر يف الجرائــم التــي‬
‫يرتكبونهــا ضــد مواطنيهــم أثنــاء ممارســة مهامهــم عــى رأس الدولــة إال بواســطة‬
‫محكمــة وطنيــة مختصــة بإجــراءات بالغــة التقيــد ممــا يــؤدى يف أغلــب األحيــان إىل‬
‫(‪)3‬‬
‫توقــف املحاكمــة‪.‬‬
‫حقيقــة األمــر أن محكمــة يوغســافيا تعــر عــن مرحلة مــن مراحــل التطــور الحقيقي‬
‫للقضــاء الجنائــي الــدويل ويتمثــل ذلــك يف تجســيد مبــدأ املســئولية الجنائيــة الفرديــة‬
‫فهــي تشــكل رســالة قويــة لــكل مــن تســول لــه نفســه بارتــكاب الجرائــم الدوليــة‬
‫وخاصــة بعــد إلغــاء القبــض عــى الرئيــس اليوغســايف يف (ســلوفودان ملوزفيتــش)‪.‬‬

‫((( حصاد القرن العرشين‪ ،‬السياسة والدبلوماسية‪ ،‬فؤاد شاكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.340‬‬
‫((( محكمــة العــدل الدوليــة بالهــاي‪ ،‬منــوذج لعوملــة القضــاء والتخــول عــى املحاكــم وســيادة الدولــة‪ ،‬عبدالهــادي‬
‫أبوطالــب‪ ،‬جريــدة األنبــاء الســودانية‪ ،‬العــدد ‪2005/5/22 ،2701‬م‪.‬‬
‫((( املحكمــة الجنائيــة الدوليــة ومــدى اختصاصاتهــا ومــدى محاكمــة األفـراد الســودانيني‪ ،‬د‪ .‬خالــد حســن محمــد‪ ،‬رشكــة‬
‫مطابــع الســودان للعملــة‪ ،‬الخرطــوم‪ ،‬الســودان‪2007 ،‬م‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪186‬‬
‫األمــر الــذي أتيــت إمكانيــة نجــاح املحاكــم الجنائيــة للوصــول إىل مســألة ومحاكمــة‬
‫كبــار مســئويل ورؤســاء الــدول والحكومــات وتنتهــي املحكمــة الدوليــة ليوغســافيا‬
‫الســابقة مــن جميــع أنشــطة املحاكمــات االبتدائيــة بحلــول ‪2008‬م والفصــل يف جميع‬
‫(‪)1‬‬
‫دعــاوى االســتئناف بحلــول ‪2010‬م‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المحكمة الجنائية المؤقتة لرواندا‪:‬‬
‫أنشــئت املحكمــة الجنائيــة املؤقتــة لروانــدا بموجــب قــرار مجلــس األمــن رقــم (‪)955‬‬
‫املــؤرخ يف ‪1994/11/8‬م املتضمــن املوافقــة عــى إنشــاء محكمــة دوليــة جنائيــة‬
‫خاصــة لروانــدا وتختــص محكمــة روانــدا بمحاكمــة املتهمــن بارتــكاب جرائــم‬
‫اإلبــادة الجماعيــة‪ ،‬والجرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬وانتهــاكات املــادة الثالثــة املشــركة مــع‬
‫اتفاقيــات جنيــف لعــام ‪1949‬م والربوتوكــول اإلضــايف الثانــي لعــام ‪1977‬م(‪.)2‬‬
‫وانشــئت املحكمــة بســبب النــزاع املســلح الــذى نشــب بــن القــوات الحكوميــة (قبيلــة‬
‫الهوتــو) وبــن قبيلــة التوتــى‪ ،‬بســبب عــدم الســماح لألخــرة باملشــاركة يف الحكــم‪،‬‬
‫كان الوضــع الــيء الــذي عاشــته روانــدا والحــرب األهليــة التــي دارت وأكلــت األخرض‬
‫واليابــس وأدت بحيــاة مئــات اآلالف مــن الشــعب الروانــدي‪ .‬كان ذلــك الســبب الرئيس‬
‫وراء قــرار مجلــس األمــن الــدويل رقــم ( ‪ )935‬لعــام ‪ 1994‬الخــاص بإنشــاء لجنــة‬
‫الخــراء‪ ،‬للتحقيــق يف االنتهــاكات الخطــرة والجســيمة للقانــون الــدويل اإلنســاني بمــا‬
‫يف ذلــك جرائــم اإلبــادة الجماعيــة التــي ا ُرتكبــت أثنــاء الحــرب األهليــة يف روانــدا‪،‬‬
‫وتحديــد املســؤولية الجنائيــة لــكل طــرف(‪.)3‬‬
‫فاالنتهــاكات الجســمية لقواعــد القانــون الــدويل اإلنســاني يف روانــدا خاصــة منهــا‬
‫اإلبــادة والتطهــر العرقــي املثبتــة يف تقريــر لجنــة الخــراء‪ ،‬باإلضافــة إىل الطلــب‬
‫املقــدم مــن الحكومــة الروانديــة بــرورة إنشــاء محكمــة ملحاكمــة املتهمــن بارتكاب‬
‫جرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬جعلــت مجلــس األمــن يصــدر القــرار باملوافقــة عــى إنشــاء‬
‫محكمــة دوليــة جنائيــة خاصــة لروانــدا‪ ،‬اســتنادا ً للفصــل الســابع مــن ميثــاق األمــم‬
‫املتحــدة‪ ،‬تختــص بمحاكمــة االشــخاص املتهمــن بارتــكاب أفعــال اإلبــادة وجرائــم‬

‫((( مدخــل القانــون الــدويل لحقــوق اإلنســان‪ ،‬د‪ .‬عمــر ســعدالله‪ ،‬ديــوان املطبوعــات الجامعيــة‪ ،‬الجزائــر‪ ،‬ط‪2003 ،3‬م‪،‬‬
‫ص‪.252-251‬‬
‫((( القضــاء الجنــايئ الــدويل مبــادئ وقواعــد املوضوعيــة واإلجرائيــة‪ ،‬عصــام عبدالفتــاح‪ ،‬دار الجامعــة الجديدة‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬
‫مرص‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.54-52‬‬
‫((( املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬النظريــة العامــة للجرميــة الدوليــة أحــكام القانــون الــدويل الجنــايئ‪ ،‬منتــر ســعيد حمــودة‬
‫‪ ،‬دار الجامعــة الجديــدة‪ ،‬اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪2006 ،‬م‪ ,‬ص‪68‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪187‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الحــرب عــى اإلقليــم الروانــدي خــال الفــرة مــن ‪1994/1/1‬م إىل ‪1994/12/31‬م‬
‫املــادة (‪.)1()7‬‬
‫وعــى الرغــم مــن أن الحكومــة الروانديــة قــد نــادت يف الســابق‪ ،‬بتدخــل املجتمــع‬
‫الــدويل ملواجهــة الــراع القائــم عــى أراضيهــا‪ ،‬إال أنهــا صوتــت ضــد قــرار إنشــاء‬
‫املحكمــة الدوليــة الجنائيــة‪ ،‬وذلــك ألنهــا رفضــت بعــض املســائل منهــا‪:‬‬
‫‪1 .‬تحديــد اختصــاص املحكمــة بفــرة زمنيــة‪ ،‬وبهــذا ال تتــم متابعــة الكثــر مــن‬
‫املســئولني ممــن ارتكبــوا أفظــع الجرائــم خــارج هــذه الفــرة‪.‬‬
‫‪2 .‬تعيني قضاة يف املحكمة ينتمون إىل دول ساندت مرتكبي الجرائم من الهوتو‪.‬‬
‫‪3 .‬عــدم نــص النظــام األســايس للمحكمــة الدوليــة الجنائيــة عــى عقوبــة اإلعــدام‬
‫مــع أنهــا موجــودة يف القانــون الروانــدي(‪.)2‬‬
‫المطلــب الرابــع‪ :‬الســلطة التقديريــة لمجلــس األمــن بإحالــة النــزاع‬
‫للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪:‬‬
‫أصــدر مجلــس األمــن الــدويل قــرار رقــم (‪ )1593‬بإحالــة الوضــع يف دارفــور إىل‬
‫املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬وذلــك بعــد الجهــود املختلفــة التــي بذلــت‪ ،‬ســواء عــى‬
‫املســتوى العربــي واألفريقــي‪ ،‬أو عــى املســتوى الــدويل‪ ،‬لوضــع حــل لتلــك النزاعــات‬
‫الدائــرة يف إقليــم دار فــور‪ ،‬والتــي نتــج عنهــا عــرات اآلالف مــن القتىل ومئــات اآلالف‬
‫مــن القتــى ومئــات اآلالف مــن الالجئــن واملرشديــن‪ .‬وإزاء عدم احــرام أطــراف النزاع‬
‫يف دارفــور التفاقيــات وقــف إطــاق النــار‪ ،‬ووضــع حــد النتهــاكات حقــوق اإلنســان‬
‫والقانــون الــدويل اإلنســاني املرتكبــة يف اإلقليــم‪ ،‬فقــد أصــدر مجلــس األمــن الــدويل‬
‫مجموعــة مــن القــرارات يف هــذا الشــأن‪ .‬كان آخرهــا القــرار رقــم (‪ ،)1593‬والــذي‬
‫أحــال فيــه الوضــع يف دار فــور إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬وقــد كان لتقريــر لجنة‬
‫التحقيــق الدوليــة أثــره البالــغ يف صــدور هــذا القــرار‪ ،‬وتعتــر هــذه اإلحالــة بموجــب‬
‫هــذا القــرار‪ ،‬هــي األوىل مــن نوعهــا التــي تواجههــا املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬والتي‬
‫تثــر العديــد مــن اإلشــكاليات التــي ســنأتي عــى ذكرهــا فيمــا يــي(‪:)3‬‬
‫((( الجرائــم الدوليــة‪ ،‬د‪ .‬محمــد عبــد املنعــم عبدالغنــى‪ ،‬رســالة لنيــل درجــة الدكتــوراه‪ ،‬جامعــة اإلســكندرية‪ ،‬االســكندرية‪،‬‬
‫مــر‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪472‬‬
‫((( املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬د‪ .‬منترص سعيد حمودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪70‬‬
‫((( القانــون الــدويل اإلنســاين يف ضــوء املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬عمــر محمــود املخزومــي‪ ،‬دار الثقافــة‪ ،‬عــان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ص‪.386‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪188‬‬
‫ومجلــس األمــن الــدويل يســتند يف إحالــة قضيــة مــا إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬إىل‬
‫ســلطاته املشــار إليهــا يف الفصــل الســابع مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬هــذا الفصــل‬
‫املعنــون‪« :‬فيمــا يتخــذ مــن أعمــال يف حــاالت تهديــد الســلم واإلخــال بــه ووقــوع‬
‫العــدوان» – (املــواد مــن ‪ ،)51 -39‬ويتــم تفعيــل هــذا الفصــل مــن خــال املــادة‬
‫(‪ )39‬مــن امليثــاق التــي تمنــح مجلــس األمــن الــدويل ســلطة تحديــد‪ :‬وجــود أي‬
‫تهديــد للســام‪ ،‬أو أي خــرق لــه‪ ،‬أو وقــوع عمــل عدوانــي‪ ،‬ويقــدم توصياتــه‪ ،‬أو يعــن‬
‫اإلجــراءات التــي تتخــذ بمقتــى املادتــن (‪ )42 ،41‬للمحافظــة عــى الســام واألمــن‬
‫الدوليــن‪ ،‬فاملــادة (‪ )41‬مــن امليثــاق تعنــى بالتدابــر التــي ال تشــتمل عــى اســتخدام‬
‫القــوة‪ ،‬يف حــن أن املــادة (‪ )42‬تعنــى بالتدابــر التــي تشــتمل عــى اســتخدام القــوة‪،‬‬
‫بحيــث أن مجلــس األمــن الــدويل إذا اتخــذ قــرارا ً وفقـا ً لهاتــن املادتــن‪ ،‬فــإن الــدول‬
‫األعضــاء يف منظمــة األمــم املتحــدة ملزمــة بتنفيــذ مثــل هــذه القــرارات‪.‬‬
‫وإذا كان مجلــس األمــن الــدويل يف اســتخدامه لســلطته باإلحالــة املمنوحــة لــه بموجــب‬
‫النظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬ال يثــر مســألة اختصــاص املحكمــة يف‬
‫نظــر القضايــا املحالــة إليهــا إذا كان أحــد أطرافهــا دولــة طــرف يف النظــام األســايس‬
‫للمحكمــة‪ ،‬فــإن مــا يثــر التســاؤل هــو تلــك الحالــة التــي يكــون فيهــا أحــد أطــراف‬
‫القضيــة – أي املدعــى عليهــا – دولــة ليســت طرفــا ً يف النظــام األســايس لهــذه‬
‫املحكمــة‪ ،‬وإن كانــت هــذه الدولــة عضــوا ً يف منظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬وهــو مــا ينطبــق‬
‫عــى حالــة الســودان فيمــا يتعلــق بقــرار مجلــس األمــن رقــم (‪ )1593‬الــذي أحــال‬
‫فيــه الوضــع يف دارفــور إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬علم ـا ً بــأن دولــة الســودان‬
‫ليســت طرفـا ً يف النظــام األســايس للمحكمــة‪ ،‬ولكنهــا عضــو يف منظمــة األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫ففــي هــذه الحالــة‪ ،‬فــإن اختصــاص املحكمــة تحــدده املــادة (‪ )13‬مــن نظامهــا‬
‫األســايس املتعلقــة بممارســة االختصــاص‪ ،‬إذ تقــي هــذه املــادة بــأن‪ »:‬للمحكمــة أن‬
‫تمــارس اختصاصهــا فيمــا يتعلــق بجريمــة مشــار إليهــا يف املــادة (‪ )5‬وفقـا ً ألحــكام‬
‫هــذا النظــام األســايس يف األحــوال التاليــة‪( ...:‬ب) إذا أحــال مجلــس األمــن‪ ،‬مترصف ـا ً‬
‫بموجــب الفصــل الســابع مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬حالــة إىل املدعــي العــام يبــدو‬
‫فيهــا أن جريمــة أو أكثــر مــن هــذه الجرائــم قــد ارتكبــت‪.)1(»...‬‬
‫فاملــادة (‪/13‬ب) تختــص بإحالــة مجلــس األمــن الــدويل لقضيــة أحــد أطرافهــا‬
‫أو جميعهــم دول أطــراف يف النظــام األســايس لهــذه املحكمــة أو قبلــت اختصــاص‬

‫((( القانون الدويل اإلنساين يف ضوء املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬عمر محمود املخزومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.387‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪189‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫املحكمــة‪ ،‬إضافــة إىل ذلــك‪ ،‬فــإن مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬وفقـا ً لنــص املــادة املذكــورة‬
‫يختــص بإحالــة أي قضيــة بشــأن مرتكبــي جرائــم دوليــة إىل املحكمــة – عــى أن‬
‫تكــون مــن الجرائــم التــي تدخــل يف اختصــاص املحكمــة وفقــا ً لنــص املــادة (‪)5‬‬
‫مــن نظامهــا األســايس‪ -‬بــرف النظــر عمــا إذا كانــت الدولــة التــي ينتمــي إليهــا‬
‫مرتكبــو تلــك الجرائــم طرفــا ً يف نظــام املحكمــة األســايس أم غــر ذلــك‪ ،‬حتــى ال‬
‫يفلــت مجرمــو الحــروب مــن العقــاب عــن طريــق امتنــاع دولهــم مــن التصديــق عــى‬
‫النظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪.‬‬
‫وهــو مــا ينطبــق تمامـا ً عــى قــرار مجلــس األمــن رقــم (‪ )1593‬الــذي صــدر بحــق‬
‫متهمــن بارتــكاب جرائــم دوليــة تابعــن لدولــة غــر طــرف يف النظــام األســايس‬
‫للمحكمــة‪ ،‬وهــي الســودان‪.‬‬
‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬وبعــد صــدور قــرار املديــر العــام للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‬
‫بتاريــخ ‪ 6‬يونيــو ‪2005‬م بفتــح تحقيــق رســمي يف األوضــاع يف دار فــور‪ ،‬واســتمرار‬
‫رفــض الســودان التعــاون مــع املحكمــة واالمتثــال لقــرار مجلــس األمــن‪ ،‬فــإن مجلس‬
‫األمــن يمتلــك مــن الصالحيــات والســلطات مــا يخولــه إلجبــار الســودان لالمتثــال‬
‫لقراراتــه‪ ،‬وهــي الســلطات املســتمدة مــن الفصــل الســابع مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪،‬‬
‫خاصــة املادتــن (‪ 41‬و‪.)42‬‬
‫المطلــب الخامــس‪ :‬الســلطة التقديريــة لمجلــس األمــن إلرســال‬
‫قــوات للســودان لدعــم االنتقــال الديمقراطــي‪:‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬قــرار إرســال قــرار تمديــد واليــة بعثــة يونيتامــس إلــى‬
‫السودان‪:‬‬
‫يف ‪ 3‬مــن يونيــو ‪ ،2020‬تبنــى مجلــس األمــن التابــع لألمــم املتحــدة القــرار ‪2524‬‬
‫لســنة ‪2020‬م‪ ،‬والــذي أنشــأ بعثــة األمــم املتحــدة لدعــم املرحلــة االنتقالية يف الســودان‬
‫ـص بتقديــم الدعــم للســودان خــال انتقالــه‬ ‫ـة سياســية تختـ ُ‬ ‫(يونيتامــس)؛ وهــي بعثـ ٌ‬
‫الســيايس لحكــم ديمقراطــي‪ ،‬وملــدة ‪ 12‬شــهرا ً بشــكل مبدئــي‪.‬‬
‫وتقــوم يونيتامــس‪ ،‬عــر مقرهــا يف الخرطــوم‪ ،‬بتقديــم الدعــم للســودان‪ ،‬مــن خــال‬
‫العديــد مــن املبــادرات السياســية والتنمويــة وتلــك الهادفــة لبنــاء الســام‪ ،‬وبمــا‬
‫يتضمــن تقديــم العــون للســودانيني يف تحقيــق أهــداف وثيقــة اإلعــان الدســتوري‬
‫لشــهر أغســطس ‪2019‬م‪ ،‬وتنفيــذ الخطــة الوطنيــة لحمايــة املدنيــن‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪190‬‬
‫وتتضمــن الغايــات االســراتيجية لبعثــة يونيتامــس‪ ،‬وبمــا يتمــاىش مــع أهــداف‬
‫التنميــة املســتدامة(‪:)1‬‬
‫أ‪ -‬املســاعدة يف االنتقــال الســيايس والتقــدم باتجــاه حكــم ديمقراطــي وتعزيــز وحماية‬
‫حقوق االنســان واســتدامة الســام‪.‬‬
‫ب‪ -‬دع ُم مسارات السالم وتنفيذ اتفاقيات السالم املستقبلية‪.‬‬
‫ج‪ -‬تقديــم العــون لبنــاء الســام وحمايــة املدنيــن وســيادة القانــون‪ ،‬وعــى وجــه‬
‫الخصــوص يف دارفــور ويف املنطقتــن (جنــوب كردفــان والنيــل األزرق)‪.‬‬
‫د‪ -‬دعــ ُم إتاحــة املســاعدات االقتصاديــة والتنمويــة‪ ،‬وتنســيق املســاعدات اإلنســانية‬
‫مــن خــال ضمــان نهــج تكامــي لــوكاالت األمــم املتحــدة والتمويــل والربامــج املتاحني‬
‫مــن خاللهــا؛ ومــن خــال التعــاون مــع املؤسســات املاليــة الدوليــة‪ ،‬وبمــا يســتجيبُ‬
‫لجميــع أهــداف التنميــة املســتدامة‪.‬‬
‫هـــ‪ -‬مــن خــال مســاعيها الحميــدة‪ ،‬وتقديــم العــون التقنــي والعمـ ُل الحثيــث مــع‬
‫القطــري‪ ،‬والــذي تتكامــل معــه‪ ،‬وتقــوم يونيتامــس بالرتكيــز‬ ‫فريــق األمــم املتحــدة ُ‬
‫عــى الغايــات االســراتيجية التاليــة‪:‬‬
‫‪ -1‬دعم االستقرار السيايس‪.‬‬
‫‪ -2‬الدعم يف صياغة الدستور واالنتخابات والتعداد السكاني‪.‬‬
‫‪ -3‬دعم اإلصالحات املؤسسية وتعزيز وحماية حقوق االنسان‪.‬‬
‫‪ -4‬دعم التوصل اىل عملية سالم شاملة‪.‬‬
‫‪ -5‬دعم تنفيذ اتفاقية السالم‪.‬‬
‫‪ -6‬الدعــم يف تعزيــز البيئــة الحمائيــة وعــى وجــه الخصــوص يف مناطــق النــزاع وتلــك‬
‫التــي شــهدت نزاعــات ســابقاً‪.‬‬
‫‪ -7‬الدعم يف تحقيق التعايش السلمي واملصالحة بني املجتمعات‪.‬‬
‫‪ -8‬الدعــم يف مضمــار توفــر العــون الــدويل ويف اإلصالحــات االقتصاديــة واالجتماعيــة‬
‫الوطنيــة‪.‬‬

‫((( قرار مجلس األمن التابع لألمم املتحدة القرار ‪ 2524‬لسنة ‪2020‬م بخصوص بعثة يونيتامس إىل السودان‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪191‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪ -9‬دع ُم انشاء هيكلية وطنية للتخطيط التنموي وفاعلية املساعدات‪.‬‬
‫‪ -10‬الدع ُم يف انجاز عملية سالم شاملة(‪.)1‬‬
‫وتجهــد يونيتامــس إلدمــاج االعتبــارات املتعلقــة بالنــوع االجتماعــي (الجندر) كقاسـ ٍم‬
‫مشــرك يف كل مناحــي تفويضهــا‪ .‬ويتضمــن ذلــك‪ ،‬عــى ســبيل املثــال‪ ،‬تقديــم العــون‬
‫لحكومــة الســودان يف ضمــان املشــاركة الكاملــة‪ ،‬وذات املغــزى‪ ،‬وعــى قــدم التســاوي‬
‫للنســاء يف كل العمليــات السياســية وعمليــات الســام‪ ،‬ويف جميــع مناحــي الحيــاة‬
‫االقتصاديــة واالجتماعيــة‪ ،‬باإلضافــة اىل تنفيــذ قــرار مجلــس األمــن حــول املــرأة‬
‫واألمــن والســلم‪.‬‬
‫الفــرع الثانــي‪ :‬قــرار تمديــد واليــة بعثــة يونيتامــس لمــدة ســتة‬
‫أشــهر‪:‬‬
‫ويف ‪ 3‬يونيــو ‪2021‬م تبنــى مجلــس األمــن القــرار ‪ 2579‬لســنة ‪2021‬م والــذي يقــي‬
‫بتمديــد تفويــض يونيتامــس ملدة ‪ 12‬شــهرا ً اضافيـا ً ولغايــة ‪ 3‬يونيــو ‪2022‬م‪.‬‬
‫ويف ‪ 3‬مــن يونيــو ‪2022‬م جــدد مجلــس األمــن الــدويل مــر ًة أخــرى تفويــض بعثــة‬
‫األمــم املتحــدة املتكاملــة لدعــم املرحلــة االنتقاليــة يف الســودان (اليونيتامــس) لعــا ٍم‬
‫آخــرا ً ولغايــة ‪ 3‬يونيــو ‪٢٠٢٣‬م وفقــا ً للقــرار الــذي يحمــل رقــم ‪ 2636‬لســنة‬
‫‪2022‬م(‪.)2‬‬
‫يف ‪ 2‬يونيـو ‪2023‬م أصـدر مجلـس األمـن قرار رقـم ‪ 2685‬باإلجماع قضى بتمديد والية‬
‫بعثـة األمـم املتحـدة يف السـودان لتقديم املسـاعدة خلال الفترة االنتقالية يف السـودان‬
‫(يونيتامـس) اعتمـد مجلـس األمـن الـدويل باإلجمـاع القـرار رقـم ‪ 2685‬والـذي مـدد‬
‫بموجبـه واليـة بعثة األمـم املتحـدة املتكاملة لتقديم املسـاعدة خلال الفترة االنتقالية يف‬
‫السـودان (يونيتامـس) ملـدة سـتة أشـهر‪ -‬أي حتى ‪ 3‬ديسـمرب ‪2023‬م‪.‬‬
‫يف القــرار‪ ،‬الــذي قدمــت مرشوعــه اململكــة املتحــدة لربيطانيــا العظمــى وأيرلنــدا‬
‫الشــمالية‪ ،‬أعــاد املجلــس تأكيــد جميــع قراراتــه وبياناتــه الســابقة املتعلقــة بالحالــة‬
‫يف الســودان‪ ،‬وكذلــك التزامــه القــوي بســيادة الســودان ووحدتــه واســتقالله وســامة‬
‫أراضيــه‪.‬‬

‫((( قرار مجلس األمن التابع لألمم املتحدة القرار ‪ 2524‬لسنة ‪2020‬م بخصوص بعثة يونيتامس إىل السودان‪.‬‬
‫((( قـرار مجلــس األمــن التابــع لألمــم املتحــدة القـرار ‪ 2579‬لســنة ‪2021‬م بخصــوص قـرار متديــد واليــة بعثــة يونيتامــس‬
‫ملــدة ســتة أشــهر‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪192‬‬
‫وأشــار القــرار إىل تقريــر األمــن العــام لألمــم املتحــدة عــن الحالــة يف الســودان‬
‫وأنشــطة بعثــة األمــم هنــاك‪ .‬وطلــب القــرار مــن األمــن العــام أن يواصــل موافــاة‬
‫مجلــس األمــن كل ‪ 90‬يومــا بتقريــر عــن تنفيــذ واليــة البعثــة املتكاملــة عــى أن يقــدم‬
‫التقريــر املقبــل بحلــول ‪ 30‬أغســطس‪.‬‬
‫وأكــد األعضــاء مــن جديــد دعمهــم لبعثــة األمــم املتحــدة‪ ،‬وحثــوا عــى اســتمرار‬
‫انخراطهــا‪ ،‬بمــا يتفــق تمامــا مــع مبــادئ امللكيــة الوطنيــة‪ ،‬وشــدد أعضــاء مجلــس‬
‫األمــن عــى الحاجــة إىل تعزيــز التنســيق الــدويل والتعــاون املســتمر‪ ،‬وجــددوا دعمهــم‬
‫القــوي للقيــادة األفريقيــة‪ ،‬مشــرين إىل خارطــة طريــق االتحــاد األفريقــي لحــل‬
‫الــراع يف الســودان‪ ،‬وقــد رحــب األعضــاء بالبيــان الصــادر عــن الــدورة الوزاريــة‬
‫الخاصــة بشــأن الســودان التــي عقــدت يف ‪ 20‬أبريــل ‪2023‬م‪ ،‬ورحبــوا كذلــك ببيــان‬
‫قمــة مجلــس الســلم واألمــن التابــع لالتحــاد األفريقــي الصــادر يف ‪ 27‬مايــو ‪2023‬م‪،‬‬
‫والــذي أعــاد التأكيــد عــى العنــارص املحــددة يف خارطــة طريــق االتحــاد األفريقــي‪،‬‬
‫ومــن بينهــا‪:‬‬
‫‪1 .‬إنشــاء آليــة منســقة لضمــان تناغــم وتأثــر جميــع الجهــود التــي تبذلهــا الجهات‬
‫الفاعلــة اإلقليميــة والعاملية؛‬
‫‪2 .‬وقــف فــوري ودائــم وجامــع وشــامل لألعمــال العدائيــة واســتجابة إنســانية‬
‫فعالــة؛‬
‫‪3 .‬حماية املدنيني والبنية التحتية املدنية؛‬
‫‪4 .‬الدور االسرتاتيجي لدول الجوار واملنطقة؛‬
‫‪5 .‬واســتئناف عمليــة انتقــال ســيايس ذات مصداقيــة وشــاملة تأخــذ يف االعتبــار‬
‫الــدور اإليجابــي لجميــع أصحــاب املصلحــة الســودانيني املعنيــن وكذلــك املوقعني‬
‫عــى اتفــاق جوبــا للســام(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬قرار مجلس األمن بخصوص إنهاء بعثة يونيتامس‪:‬‬
‫يف ‪ 1‬ديســمرب ‪2023‬م مجلــس األمــن صــوت عــى إنهــاء بعثــة األمــم املتحــدة يف‬
‫الســودان بقــرار رقــم ‪ 2023/2715‬وناقــش مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬يــوم الجمعــة‪،‬‬

‫((( قـرار مجلــس األمــن التابــع لألمــم املتحــدة القـرار ‪ 2579‬لســنة ‪2021‬م بخصــوص قـرار متديــد واليــة بعثــة يونيتامــس‬
‫ملــدة ســتة أشــهر‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪193‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫خطابــا تقدمــت بــه الحكومــة الســودانية يف الســادس عــر مــن نوفمــر تطلــب فيــه‬
‫إنهــاء مهمــة بعثــة األمــم املتحــدة لدعــم االنتقــال يف الســودان “يونيتامــس”؛ والتــي‬
‫بــدأت عملهــا هنــاك يف مطلــع العــام ‪2021‬م؛ لكنهــا وجــدت معارضــة كبــرة مــن‬
‫قــادة الجيــش(‪.)1‬‬

‫((( قرار مجلس األمن التابع لألمم املتحدة القرار ‪ 2715‬لسنة ‪2023‬م بخصوص أنهاء والية بعثة يونيتامس‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪194‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫رقابة الجمعية العامة على قرارات‬
‫مجلس األمن الدولي‬
‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث رقابــة الجمعيــة العامــة عــى قــرارات مجلــس األمــن الــدويل‪،‬‬
‫مــن خــال تنــاول العالقــة بــن الجمعيــة العامــة ومجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬ورقابــة‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة عــى قــرارات مجلــس األمــن الــدويل‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العالقة بين الجمعية العامة ومجلس األمن‬
‫الدولي‬
‫الفرع األول‪ :‬طبيعة العالقة بين الجمعية العامة ومجلس األمن‬
‫الدولي‪:‬‬
‫ال يمكــن معرفــة طبيعــة الرقابــة التــي تمارســها الجمعيــة العامــة مــا لــم تحــدد‬
‫طبيعــة العالقــة بينهــا وبــن مجلــس األمــن‪ ،‬ومــن حيــث املبــدأ فــإن العالقــة بــن‬
‫األجهــزة الرئيســية للمنظمــة الدوليــة هــي عالقــة تكامــل وتــوازن يف أساســها أن كل‬
‫(‪)1‬‬
‫منهمــا مســتقل مــن حيــث الوظيفــة‪.‬‬
‫ورغــم أن هنــاك ترابــط بينهمــا فهــذا ال يعنــي مســاواة بينهمــا مــن حيــث املكانــة‬
‫والصــدارة‪ ،‬ويتجســد ذلــك مــن خــال الفــرق الجوهــري بــن كل مــن مجلــس األمــن‬
‫والجمعيــة العامــة مــن حيــث الطبيعــة القانونيــة‪ ،‬إذ يتــوىل مجلــس األمــن إصــدار‬
‫القــرارات ذات طابــع ملــزم بينمــا تصــدر الجمعيــة توصيــات غــر ملزمــة‪ ،‬ورغــم كل‬
‫مــا تقــدم‪ ،‬فهــذا ال ينفــي وجــود تكامــل يف األدوار التــي يضطلــع بهــا كل منهمــا مــن‬
‫(‪)2‬‬
‫حيــث العمــل عــى معالجــة املســائل املتعلقــة بالســلم واألمــن الــدويل‪.‬‬
‫حيــث يشــرك كل مــن مجلــس األمــن والجمعيــة العامــة يف عــدة مهــام‪ ،‬وكالهمــا‬
‫يعمــل عــى مناقشــة املســائل السياســية إذ يجــوز ألي دولــة عضــو طــرح قضيتهــا‬
‫عــى الجهــاز‪ ،‬العــام بــرط منحهــا توصيــة مــن مجلــس األمــن‪ ،‬وبالرجــوع إىل‬
‫((( دور مجلس األمن يف تسوية املنازعات الدولية‪ ،‬نارص الجهاين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.۲۸۷‬‬
‫((( العقوبــات االقتصاديــة ملجلــس األمــن‪ ،‬خولــة محــي الديــن يوســف‪ ،‬منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬لبنــان‪ ،‬بــروت‪،‬‬
‫الطبعــة األوىل‪ ،‬ص‪.222‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪195‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫أحــكام امليثــاق فــإن العالقــة بينهمــا هــي عالقــة تــدرج بعيــدا عــن التنافــس وهــذا‬
‫(‪)1‬‬
‫مــا أكدتــه املــواد ‪ 10‬و‪ 11‬مــن امليثــاق‪.‬‬
‫لكــن الظــروف الحاليــة تمــي عــى الــدول إبــراز الجانــب التنســيقي الكفيــل بتذليــل‬
‫املصاعــب بــن أهــم جهازيــن املجلــس والجمعيــة العامــة وهــو طريــق لتفعيــل العمل‬
‫بينهمــا‪ ،‬ومــن أجــل وجــود عالقــة متينــة وأكثــر واقعيــة يمكــن اللجــوء إىل تطبيــق‬
‫املــادة الرابعــة والعرشيــن مــن امليثــاق بشــكل أكــر وأوســع‪ ،‬وهــذا يكــون مــن خــال‬
‫تقديــم مجلــس األمــن تقاريــر إىل الجمعيــة العامــة ذات شــمولية بالنســبة للمجــاالت‬
‫التــي يخــوض فيهــا املجلــس كمــا يجــب أن ال تنحــر يف إطــار مــا هــو مبــارش‬
‫ومنصــوص عليــه يف امليثــاق والتــي تعــرف بالتقاريــر الخاصــة يمكــن توســيعها‬
‫لــكل املجهــودات املبذولــة مــن طــرف املجلــس حتــى تســودها العلنيــة يف العمــل‬
‫وديمقراطيــة يف النشــاط يف أعمــال تتعلــق بإقامــة أو قبــول عمليــة مــن عمليــات‬
‫حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن أو مــا يتعلــق بإجــراءات كفــرض عقوبــات أو رفعهــا‬
‫(‪)2‬‬
‫أو إلنهائهــا‪.‬‬
‫الفــرع الثانــي‪ :‬طبيعــة الرقابــة الجمعيــة العامــة علــى قــرارات‬
‫مجلــس األمــن الدولــي‪:‬‬
‫إن رقابــة الجمعيــة العامــة لألمــم املتحــدة عــى مجلــس األمــن هــي رقابــة امتنــاع‪،‬‬
‫ال إلغــاء‪ ،‬وذلــك الن رقابــة اإللغــاء تقتــي النــص عليهــا رصاحــة وهــذا لــم يكــن‬
‫واردا‪ ،‬ومــن ناحيــة أخــرى فــان رقابــة اإللغــاء تقتــي اســتمرار نفــاذ اإلجــراء‬
‫املــراد الرقابــة عليــه كصــدوره يف قانــون أو أمــر وبمــا أن الرقابــة تكــون بعــد نفــاذ‬
‫اإلجــراءات وانتهــاء مجلــس األمــن مــن فحــص املوضــوع لذلــك ال يمكــن تصــور أن‬
‫تكــون هــذه رقابــة إلغــاء وإنمــا قــد تكــون رقابــة امتنــاع إذ أنــه ليــس لهــا ســوى‬
‫(‪)3‬‬
‫تقييمهــا أو الرقابــة هــي انتقادهــا متــى كانــت مخالفــة ألحــكام امليثــاق‪.‬‬
‫ويــرى البعــض أنــه ال يمكــن تصــور الجمعيــة العامــة لألمــم املتحــدة أن تمتنــع مــن‬
‫التنفيــذ بســبب كــون املنفــذ هــو مجلــس األمــن وكذلــك الــدول‪ ،‬فــإذا كان مــن غــر‬

‫((( الجــزاءات الدوليــة االقتصاديــة مبنظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬أبــو عجيلــة عامــر ســيف النــر‪ ،‬دار الفكــر الجامعــي‪،‬‬
‫االســكندرية‪ ،‬مــر‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫((( دميقراطيــة منظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬نعيمــة عميمــر‪ ،‬رســالة دكتــوراه دولــة يف القانــون العــام‪ ،‬جامعــة الجزائــر‪ ،‬كليــة‬
‫الحقــوق‪ ،‬الجزائــر‪ ،‬ســنة ‪2009‬م‪ ،‬ص‪.5۳‬‬
‫((( ســلطات مجلــس األمــن يف تطبيــق الفصــل الســابع بــن أحــكام امليثــاق واملامرســات الدوليــة املعــارصة‪ ،‬خالــد حســاين‪،‬‬
‫منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬الطبعــة األوىل‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪۳۴۰‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪196‬‬
‫املتوقــع أن يمتنــع مجلــس األمــن مــن تنفيــذ مــا اتخــذه مــن قــرارات وكذلــك فــان‬
‫الــدول ال تســتطيع ذلــك ألنهــا تلتــزم بتنفيــذ قــرارات مجلــس األمــن بموجــب املــادة‬
‫‪ 25‬مــن امليثــاق والتــي تنــص عــى (يتعهــد أعضــاء األمــم املتحــدة بقبــول قــرارات‬
‫مجلــس االمــن وتنفيذهــا وفــق هــذا امليثــاق) فــإذا لــم يتــم تحديــد طبيعــة هــذه‬
‫الرقابــة وهــل هــي رقابــة إلغــاء أم رقابــة امتنــاع فــان فاعليــة هــذه الرقابــة ومــدى‬
‫(‪)1‬‬
‫ضعفهــا يظهــر جليــا‪.‬‬
‫الفــرع الثالــث‪ :‬مــدى فاعليــة رقابــة الجمعيــة العامــة علــى قرارات‬
‫مجلــس األمن‪:‬‬
‫لقــد نظــم ميثــاق األمــم املتحــدة اختصاصــات الجمعيــة العامــة باعتبارهــا جهــازا‬
‫رئيســيا مــن أجهــزة األمــم املتحــدة بموجــب املــواد مــن ‪ 10‬إىل غايــة ‪ 19‬منــه‪ ،‬ومــن‬
‫خــال نظــرة شــاملة عــى هــذه املــواد نجــد أن الجمعيــة العامــة هــي صاحبــة‬
‫االختصــاص بالنظــر يف أي مســألة مــن املســائل التــي يشــملها ميثــاق األمــم املتحــدة‪،‬‬
‫وعليــه أن تعمــل بموجــب هــذا االختصــاص عــى متابعــة ومراقبــة قــرارات مجلــس‬
‫األمــن يف إطــار تطبيقــه للتدابــر املكفولــة بموجــب الفصــل الســابع مــن امليثــاق‪.‬‬
‫تقــوم الرقابــة الجمعيــة العامــة عــى مرشوعيــة تدابــر مجلــس األمــن عــى أســس‬
‫منطقيــة وقانونيــة قصــد تفعيلهــا يف املمارســات العمليــة لفــض النزاعــات الدوليــة‪،‬‬
‫وبالعــودة إىل أحــكام امليثــاق وبموجــب املــادة ‪ 7/1‬منــه فــإن الجمعيــة العامــة تتمتع‬
‫بمرتبــة أســمى مــن أجهــزة األمــم املتحــدة األخــرى بمــا فيهــا مجلــس األمــن‪ ،‬فهــي‬
‫تضــم جميــع الــدول األعضــاء بمــا فيهــم أعضــاء مجلــس األمــن‪ )2(.‬لكــن ممــا يزيــد‬
‫املســالة تعقيــدا هــو أن ســلطة الجمعيــة العامــة لألمــم املتحــدة ليســت إال مــن خــال‬
‫إصــدار توصيــات وان التوصيــة غــر ملزمــة وبالتــايل يبــدو واضحــا مــدى ضعفهــا يف‬
‫امليثــاق بهــذه الرقابــة عــى مجلــس األمــن فــإذا علمنــا أن ســلطة مجلــس األمــن هــذا‬
‫اتخــاذ قــرارات اســتنادا إىل الفصــل الســابع مــن امليثــاق وان ســلطة الجمعيــة لألمــم‬
‫املتحــدة هــي إصــدار التوصيــات يف هــذا املجــال فــان قــرارات مجلــس األمــن ملزمــة‬
‫بموجــب املــادة ‪ 25‬مــن امليثــاق يف حــن أن ســلطة الجمعيــة العامــة هــي إصــدار‬
‫توصيــات وتوصياتهــا غــر ملزمــة‪.‬‬

‫((( مــدى الســلطة التقديريــة ملجلــس األمــن الــدويل وفقـاً للفصــل الســابع‪ ،‬فخــري رشــيد املهنــا‪ ،‬مجلــة العلــوم القانونيــة‪،‬‬
‫جامعــة بغــداد‪ ،‬كليــة القانــون‪ ،‬بغــداد‪ ،‬العـراق‪ ،‬العــدد لثــاين‪ ،‬ص‪.143-140‬‬
‫((( دور مجلس األمن يف تسوية املنازعات الدولية‪ ،‬نارص الجهاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۲۸۷‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪197‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫واســتنادا إىل مــا تقــدم فــان رقابــة الجمعيــة العامــة عــى ســلطة مجلــس األمــن وان‬
‫كانــت موجــودة مــن الناحيــة النظريــة فإنهــا جــاءت بشــكل يجعلهــا ضعيفــة جــدا‬
‫يف تأثريهــا‪ ،‬أن لــم تكــن معدومــة وبالتــايل إىل فــرض رقابــة غــر فعالــة ممــا تــرك‬
‫املجــال أمــام مجلــس األمــن ملمارســة ســلطاته التقديريــة الواســعة بــدون رقابــة‪.‬‬
‫ويــرى البعــض أن ســبب ذلــك يعــود إىل أن الســلطات التــي يمارســها مجلــس األمــن‬
‫وفقــا للفصــل الســابع مــن امليثــاق هــي ســلطات سياســية وليســت قانونيــة‪ ،‬أمــا‬
‫إذا كانــت قانونيــة فــان عــى املجلــس وهــو يقــدم توصياتــه أيضــا أن املنازعــات‬
‫القانونيــة يجــب عــى أطرافهــا بصفــة عامــة أن يعرضــوا عــى محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة وفقــا ألحــكام املــادة السادســة والثالثــن الفقــرة ثالثــا مــن النظــام األســاس‬
‫(‪)1‬‬
‫ملحكمــة العــدل الدوليــة‪.‬‬
‫وعــى أي حــال فــإن املمارســات الثابتــة للجمعيــة العامــة قــد ضيقــت إىل حــد مــا من‬
‫إطــار تطبيــق نــص املــادة ‪ 12‬مــن امليثــاق التــي تمنــع الجمعيــة العامــة مــن اتخــاذ‬
‫أي توصيــة يف نــزاع أو موقــف معــروض عــى مجلــس األمــن مــا لــم يطلــب منهــا‬
‫األخــر ذلــك‪ ،‬حيــث نالحــظ أن الجمعيــة العامة قــد مارســت ســلطتها بشــأن التوصية‬
‫باتخــاذ اإلجــراءات الالزمــة لحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن بموجــب اختصاصهــا‬
‫العــام الــوارد يف املــادة ‪ 14‬مــن امليثــاق‪ ،‬حتــى ولــو كان موضــوع التوصيــة ال يــزال‬
‫معروضــا عــى مجلــس األمــن الــدويل ولــم يتخــذ هــذا األخــر القــرار املناســب بشــأنه‬
‫وتعــد القــرارات املتعلقــة بالنــزاع يف البوســنة والهرســك مــن قبيــل تلــك املمارســات‬
‫للجمعيــة العامــة‪ ،‬والتــي أكــدت فيهــا عــى حــق شــعب البوســنة والهرســك يف الدفــاع‬
‫(‪)2‬‬
‫عــن النفــس‪ ،‬كمــا دعــت إىل رفــع حظــر توريــد األســلحة املفــروض عليهــا‪.‬‬
‫كمــا أن طبيعــة مجلــس األمــن مــن حيــث العضويــة أو تمتــع الــدول الخمــس الكــرى‬
‫بالعضويــة الدائمــة وحــق اســتخدام حــق النقــض مــن قبــل تلــك الــدول فقــط‪،‬‬
‫لحــر كل مــا يتعلــق بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن بمجلــس األمــن وذلــك لتامــن‬
‫ســيطرتها عــى تلــك املواضيــع إال انــه المكــن ملجلــس األمــن أن يمــارس ســلطاته‬
‫التقديريــة لحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن بموجــب الفصــل الســابع إال مــن خــال‬
‫اتفــاق الــدول دائمــة العضويــة وان اســتخدام الفيتــو مــن قبــل أي منهــا ينهــي كل‬
‫مــروع قــرار يمكــن أن يصــدر عــن مجلــس األمــن لــذا يــرى أن ذلــك يتوقــف‬
‫((( القانــون الــدويل العــام يف الســلم والحــرب‪ ،‬الشــافعي محمــد بشــر‪ ،‬منشــاة املعــارف‪ ،‬اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪۱۹۷۱ ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.۳۸۸-۳۸۷‬‬
‫((( دور مجلس األمن يف تسوية املنازعات الدولية‪ ،‬نارص الجهاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۲۹۲-۲۹۱‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪198‬‬
‫عــى مــدى اتفــاق الــدول دائمــة العضويــة فــإذا اتفقــت عــى اتخــاذ قــرار معــن‬
‫وفقــا للفصــل الســابع مــارس مجلــس األمــن اختصاصاتــه يف حفــظ الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن وإال فلــن يتمكــن مــن ممارســة هــذا االختصــاص‪ ,‬مــن البديهــي أن خــاف‬
‫الــدول دائمــة العضويــة قــد يكــون أساســه املواقــف السياســية ال القانونيــة ومــن‬
‫هنــا يبــدو انعــدام اثــر الرقابــة القانونيــة عــى ســلطات مجلــس األمــن التقديريــة‪.‬‬
‫أن هــذا الواقــع رتــب ومــازال يرتتــب آثــارا قانونيــة مهمــة تقــع ضحيتهــا الــدول‬
‫األعضــاء والضعيفــة‪ ،‬ففــي حالــة االختــاف بــن الــدول دائمــة العضويــة فــان‬
‫مجلــس األمــن يكــون عاجــزا عــن حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن وخصوصــا يف حالــة‬
‫اســتخدام حــق النقــض الفيتــو أو التهديــد باســتخدامه‪.‬‬
‫ويجــب تــايف هــذا النقــص والعيــب بإيجــاد رقابــة عــى ســلطة مجلــس األمــن‬
‫وان تكــون هــذه الرقابــة فعالــة كــي تضمــن تقييــد املجلــس بالقيــود الــواردة‬
‫عــى ســلطاته وإال فــان انعــدام هــذه الرقابــة ســتطلق يــد مجلــس األمــن يف أخطــر‬
‫مواضيــع القانــون الــدويل العــام إال وهــو األمــن والســلم الدوليــن وحمايتهمــا بمــا‬
‫(‪)1‬‬
‫يتضمنــه مــن إجــراءات تمــس ســيادة الــدول األعضــاء وأمنهــا وســامتها‪.‬‬
‫وبنــاء عــى مــا تقــدم فــإن الجمعيــة العامــة يمكــن لهــا متابعــة ومراقبــة قــرارات‬
‫مجلــس األمــن أثنــاء ممارســته الختصاصاتــه وســلطاته املتعلقــة بحفــظ الســلم‬
‫واألمــن الدوليــن‪ ،‬فللجمعيــة العامــة ســلطة تقييــم أداء مجلــس األمــن‪ ،‬وإن كانــت ال‬
‫تملــك ســلطة إلغــاء قراراتــه إذا كانــت مخالفــة للميثــاق‪ ،‬إال أنهــا بإمكانهــا انتقادهــا‬
‫(‪)2‬‬
‫والتعليــق عليهــا كمــا حــدث يف أزمــة العضويــة ســنة ‪1947‬م‪.‬‬
‫بالرغــم مــن الــدور الهــام للجمعيــة العامــة باعتبارهــا جهــاز ســيايس يف املنظمــة‪ ،‬إال‬
‫أن رقابتهــا عــى قــرارات املجلــس ال زالــت لــم تفعــل بعــد‪ ،‬ألنــه ليــس يف امليثــاق مــا‬
‫يشــر رصاحــة إىل أن توصيــات الجمعيــة العامــة ملزمــة وعــى مجلــس األمــن األخــذ‬
‫بهــا بعــن االعتبــار فيمــا يتعلــق بالتدابــر الردعيــة‪ ،‬لكــن الحديــث عــن إضفــاء‬
‫اإللزاميــة عــى توصيــات الجمعيــة يف ســبيل الرقابــة هــو اآلخــر يســتدعي وجــود‬
‫(‪)3‬‬
‫ســند قانونــي يثبــت اضطــاع الجمعيــة بهــذه الوظيفــة‪.‬‬

‫((( مــدى الســلطة التقديريــة ملجلــس األمــن الــدويل وفق ـاً للفصــل الســابع‪ ،‬فخــري رشــيد املهنــا‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬ص‪۱4۳‬‬
‫– ‪۱4۴‬‬
‫((( استخدام القوة يف فرض الرشعية الدولية‪ ،‬ماهر عبد املنعم‪ ،‬املكتبة املرصية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪۲۰۰۴ ،‬م‪ ،‬ص‪.۲۹۲‬‬
‫((( الجزاءات الدولية االقتصادية مبنظمة األمم املتحدة‪ ،‬أبو عجيلة عامر سيف النرص‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۱۲۰‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪199‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وبالرغــم مــن عــدم وجــود إشــارة رصيحــة وواضحــة عــى ذلــك‪ ،‬إال أن الجمعيــة‬
‫العامــة تضطلــع بحــل املنازعــات بــن الــدول األعضــاء يف املنظمــة وهــي الجهــاز‬
‫الوحيــد ذو الرتكيبــة الديمقراطيــة‪ ،‬وهــو مــا يؤكــد أن تخويــل الجمعيــة العامــة‬
‫ســلطة الرقابــة واإلرشاف بشــكل مبــارش ســيجعل مــن قــرارات مجلــس األمــن أكثــر‬
‫(‪)1‬‬
‫شــفافية ومصداقيــة‪.‬‬
‫ونخلــص يف األخــر إىل أن الرقابــة السياســية للجمعيــة العامــة عــى ســلطة مجلــس‬
‫األمــن وإن كانــت موجــودة مــن الناحيــة النظريــة أمــا مــن الناحيــة العمليــة فإنهــا‬
‫جــاءت بشــكل يجعلهــا ضعيفــة جــدا يف تأثريهــا‪ ،‬إن لــم تكــن معدومــة‪ ،‬فهــي‬
‫تقــف عنــد حــد التأييــد التأكيــد عــى قــرارات املجلــس التــي تخلــو مــن شــبه عــدم‬
‫املرشوعيــة‪ ،‬يف حــن مــا إذا كانــت قــرارات املجلــس تحــوم حولهــا الشــكوك يف مــدى‬
‫مرشوعيتهــا‪ ،‬فــا نجــد قــرارات أو توصيــات للجمعيــة العامــة تفيــد بعــدم مرشوعيــة‬
‫(‪)2‬‬
‫تلــك القــرارات واالعــراض عليهــا‪.‬‬
‫الفــرع الرابــع‪ :‬التــوازن الســلطات بيــن مجلــس األمــن الدولــي‬
‫والجمعيــة العامــة‪:‬‬
‫لقــد حــرص ميثــاق األمــم املتحــدة عــى توزيــع االختصاصــات بــن فــروع املنظمــة‪،‬‬
‫عــى أن تعطــي لــكل جهــاز مــن أجهــزة األمــم املتحــدة اختصاصــات محــددة‬
‫ومتميــزة عــن اختصاصــات باقــي األجهــزة‪ ،‬حرصــا منــه عــى أن يــؤدي كل جهــاز‬
‫الــدور املنــوط بــه عــى أكمــل وجــه وخاصــة بــن مجلــس األمــن والجمعيــة العامــة‪،‬‬
‫فقــد أعطــى املجلــس األمــن مســؤولية اتخــاذ اإلجــراءات الكفيلــة لحفــظ الســلم‬
‫واألمــن الدوليــن‪ ،‬بينمــا اقتــر دور الجمعيــة يف هــذا املجــال عــى مجــرد املناقشــة‬
‫(‪)3‬‬
‫والتــداول والتوصيــة‪.‬‬
‫وهنــاك مــا قــد يكــن أخــذه بعــن االعتبــار أن تطبيــق املجلــس التدابــر املنصــوص‬
‫عليهــا يف الفصــل الســابع يمثــل اســتثناء مــن قاعــدة عــدم التدخــل يف الشــؤون‬
‫الداخليــة يف حــن ممارســة الجمعيــة العامــة آليــة تدابــر ال يعــد اســتثناء مــن هــذه‬
‫(‪)4‬‬
‫القاعــدة بــل يعــد تدخ ـاً يف الشــؤون الداخليــة للــدول‪.‬‬
‫((( قضيــة لوكــريب الجوانــب القانونيــة ألزمــة العالقــات الليبيــة الغربيــة حــادث تحطــم الطائــرة األمريكيــة والفرنســية‪،‬‬
‫دراســة يف ضــوء القانــون الــدويل والعالقــات بــن أجهــزة األمــم املتحــدة‪ ،‬جمعــة ســعيد رسيــر‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬الطبعــة األوىل‪۱۹۹۹ ،‬م‪ ،‬ص‪۱۳۸-۱۳۷‬‬
‫((( دور مجلس األمن يف تسوية املنازعات الدولية‪ ،‬نارص الجهاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪292‬‬
‫((( تطور دور مجلس األمن يف حفظ السالم واألمن الدوليني‪ ،‬أحمد عبد الله أبو العالء‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.۹۴‬‬
‫((( األمن القومي واألمن الجامعي‪ ،‬ممدوح مصطفی کامل‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1985 ،‬م‪ ،‬ص‪.5۱۸-5۱۷‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪200‬‬
‫وملــا كانــت الجمعيــة العامــة هــي الفــرع الرئيــي التــي تســتطيع ســد مــا قــد يحدثه‬
‫مجلــس األمــن مــن فــراغ‪ ،‬فقــد اتجهــت األنظــار إىل تعزيــز ســلطات هــذه الجمعيــة‪،‬‬
‫وتخويــل الوظائــف السياســة إليهــا‪ ،‬والتــي تصــدر قراراتهــا بأغلبيــة التــي تتحكــم‬
‫فيهــا الكتلــة الغربيــة‪ ،‬وقــد أســفرت تلــك الجهــود عــن تطــور ســلطات الجمعيــة‬
‫العامـ�ة يف حفظــ الس��لم واألم�نـ الدوليــن‪ .‬فاســتمرت املحــاوالت ولــم يتوقــف البحــث‬
‫يف نصــوص امليثــاق إليجــاد صيغــة أكثــر فاعليــة لتفعيــل دورهــا‪ ،‬حيــث كلــل هــذا‬
‫(‪)1‬‬
‫البحــث بصــدور قــرار الجمعيــة العامــة املســمى بقــرار االتحــاد مــن أجــل الســام‪.‬‬
‫ويف محاولــة للتخلــص مــن اآلثــار الناتجــة عــن عجــز مجلــس األمــن يف ممارســة‬
‫ســلطة القــرار للمســائل املتعلقــة بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن إعمــاال لنظــام األمن‬
‫الجماعــي بســبب حــق االعــراض‪ ،‬حيــث وافقــت الجمعيــة العامــة يف نوفمــر ‪1950‬م‬
‫عــى املــروع (قــرار االتحــاد مــن أجــل الســام) الــذي تقدمــت بــه الواليــات املتحــدة‬
‫األمريكيــة والــذي طالبــت فيــه إدراج مســألة العمــل املشــرك مــن أجــل الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن بجــدول أعمــال الــدورة الخامســة للجمعيــة العامــة‪ .‬وقــد تحصــل هــذا‬
‫القــرار عــى موافقــة خمســن صوتــا‪ ،‬واعــراض خمســة أصــوات‪ ،‬وامتنــاع ثالثــة دول‬
‫(‪)2‬‬
‫عــن التصويــت‪.‬‬
‫ويتكــون القــرار مــن مقدمــة وخمســة أجــزاء‪ .‬حيــث أشــارت املقدمــة إىل أن عــدم‬
‫االلتــزام بميثــاق األمــم املتحــدة هــو الســبب املبــارش للتوتــر الــدويل وفشــل مجلــس‬
‫األمــن يف اتفــاق عــى رأي يف املســائل الهامــة‪ ،‬ال يحــرم الجمعيــة العامــة أو يعفيهــا‬
‫(‪)3‬‬
‫مــن ممارســة حصتهــا يف ممارســة الســلم واألمــن الدوليــن‪.‬‬
‫ويقــي الجــزء األول مــن القــرار (أ)‪ :‬أنــه عندمــا يخفــق مجلــس األمــن بســبب عــدم‬
‫اتفــاق الــدول الدائمــة العضويــة فيــه يف القيــام بمســؤولياته األساســية الخاصــة‬
‫بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فــإن الجمعيــة العامــة تبحــث عــن الفــور مثــل هــذه‬
‫الحالــة بهــدف إبــداء توصياتهــا إىل أعضــاء األمــم املتحــدة يف شــأن الوســائل املشــركة‬
‫التــي تتخــذ فيهــا ومــن بينهــا اســتعمال القــوة العســكرية عنــد االقتضــاء للمحافظــة‬
‫عــى الســام أو إعادتــه إىل نصابــه‪ .‬ويجــوز للجمعيــة العامــة االنعقــاد خــال أربعــة‬

‫((( تفعيــل دور الجمعيــة العامــة يف حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬عجــايب إليــاس‪ ،‬جامعــة الجزائــر‪ ،‬مذكــرة ماجســتري يف‬
‫القانــون الــدويل‪۲۰۰۸ ،‬م‪ ،‬ص‪.۷۳‬‬
‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.۷۴‬‬
‫((( نظــام الج ـزاء الــدويل‪ ،‬العقوبــات الدوليــة ضــد الــدول واألف ـراد‪ ،‬عــي جميــل حــرب‪ ،‬منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪،‬‬
‫بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬ط ‪۲۰۱۰ ،1‬م‪ ،‬ص‪.۳۴۴‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪201‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وعرشيــن ســاعة بنــاء عــى طلــب مجلــس األمــن بأغلبيــة ســبعة مــن أعضائــه‪ ،‬أو‬
‫بنــاء عــى طلــب األغلبيــة العاديــة ألعضــاء األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫أمــا الجــزء الثانــي مــن القــرار (ب)‪ :‬فيجيــز إنشــاء لجنــة ملراقبــة الســلم ملالحظــة‬
‫الحالــة يف أي منطقــة يقــوم فيهــا توتــر دويل يهــدد لــو اســتمر اســتتباب الســلم‬
‫واألمــن الدوليــن‪ ،‬وترفــع تقريــرا بهــذا الشــأن‪ ،‬ويجــوز لهــا أيضــا إنشــاء مــا تــراه‬
‫مــن اللجــان الفرعيــة‪ ،‬ويجــوز لتلــك اللجنــة أن تتنقــل إىل إقليــم أيــة دولــة بنــاء عــى‬
‫(‪)1‬‬
‫دعوتهــا أو بموافقــة هــذه الدولــة‪.‬‬
‫ويدعــو الجــزء الثالــث مــن القــرار (ج)‪ :‬أن كل عضــو مــن أعضــاء األمــم املتحــدة‬
‫يجــب أن يخصــص ضمــن قواتــه الوطنيــة عنــارص مدربــة أو منظمــة مجهــزة‪ ،‬وأن‬
‫تحــدد الــدول نــوع املســاعدة التــي يمكــن أن تبذلهــا لتنفيــذ مــا يحتمــل مــن صدوره‬
‫مــن مجلــس األمــن أو الجمعيــة العامــة مــن توصيــات يف شــأن إعــادة الســلم واألمــن‬
‫(‪)2‬‬
‫إىل نصابــه‪ ،‬وذلــك وفقــا لإلجــراءات الدســتورية يف كل دولــة‪.‬‬
‫و أنشــأ الجــزء الرابــع مــن القــرار (د) ‪ :‬لجنــة لإلجــراءات الجماعيــة تتخــذ التدابــر‬
‫الالزمــة للمحافظــة عــى الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬ومنهــا اتخــاذ اإلجــراءات العســكرية‬
‫بــدال مــن لجنــة أركان الحــرب‪ .‬عــى أن ترفــع اللجنــة تقريرهــا يف هــذا الشــأن إىل‬
‫(‪)3‬‬
‫مجلــس األمــن أو الجمعيــة العامــة‪.‬‬
‫ويؤكــد الجــزء الخامــس مــن القــرار (هـــ)‪ :‬عــى أهميــة الــدور الوقائــي يف عمليــة‬
‫حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬وأن قيــام الســلم الدائــم ال يتوقــف فقــط عــى اتخــاذ‬
‫اإلجــراء املشــركة التــي تكفــل إعــادة الســلم إىل نصابــه‪ ،‬إذا وقــع مــا يخــل بــه‪ ،‬بــل‬
‫يتطلــب إىل جــوار ذلــك مراعــاة مقاصــد األمــم املتحــدة‪ ،‬وتنفيــذ القــرارات الصــادرة‬
‫عــن مجلــس األمــن‪ ،‬وتوصيــات الجمعيــة العامــة وســائر فروعهــا‪ ،‬واحــرام حقــوق‬
‫(‪)4‬‬
‫اإلنســان والحريــات األساســية‪.‬‬
‫وقـد أشـاد وزيـر خارجية الواليـات املتحدة سـنة ‪ 1954‬بقـرار االتحاد بقولـه‪« :‬إن قرار‬
‫(‪)5‬‬
‫اإلتحـاد من أجل السـلم قـد أعطى الجمعية العامة سـلطة بلا فيتو يف مسـائل األمن»‪.‬‬

‫قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة املعروف باسم االتحاد من أجل السالم سنة ‪1950‬م‪ ،‬قسم( ب) ‪.‬‬ ‫(((‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة املعروف باسم االتحاد من أجل السالم سنة ‪1950‬م‪ ،‬قسم (ج) ‪.‬‬ ‫(((‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة املعروف باسم االتحاد من أجل السالم سنة ‪1950‬م‪ ،‬قسم (د) ‪.‬‬ ‫(((‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة املعروف باسم االتحاد من أجل السالم سنة ‪1950‬م‪ ،‬قسم (هـ) ‪.‬‬ ‫(((‬
‫دور مجلــس األمــن يف تســوية املنازعــات وحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬مفتــاح عمــر دربــاش‪ ،‬دار الكتــب الوطنيــة‪،‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪202‬‬
‫ونخلــص يف األخــر إىل أن هــذا القــرار يمكــن تحليلــه عــى انــه منــاورة إلعــادة إرســاء‬
‫التــوازن املؤســي الــذي ينقــص منظمــة األمــم املتحــدة‪ .‬وقــد تمــت املوافقــة عليــه‬
‫مــن أجــل تخفيــف جمــود مجلــس األمــن يف مواجهــة حــق الفيتــو الخــاص باتحــاد‬
‫الجمهوريــات الســوفيتية واالشــراكية إلنشــاء « جنــود الســام « تحــت قيــادة وســلطة‬
‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ .‬إن هــذا الواقــع رتــب ومــازال يرتــب آثــار قانونيــة‬
‫مهمــة تقــع ضحيتهــا الــدول األعضــاء والــدول الضعيفــة‪ ،‬ففــي االختــاف بــن‬
‫الــدول الكــرى الحائــزة عــى العضويــة الدائمــة‪ ،‬فــإن مجلــس األمــن يكــون عاجــزا‬
‫عــن حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن خصوصــا يف حالــة اســتخدام حــق الفيتــو‪.‬‬
‫المطلــب الثانــي‪ :‬رقابــة محكمــة العــدل الدوليــة علــى قــرارات‬
‫مجلــس األمــن الدولــي‪:‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬أســاس القانونــي للرقابــة المحكمــة العــدل الدوليــة‬
‫علــى قــرارات مجلــس األمــن الدولــي‪:‬‬
‫تمــارس الرقابــة القضائيــة عــى دســتورية القوانــن يف األنظمــة الوطنيــة بواســطة‬
‫الســلطة القضائيــة‪ ،‬حيــث يســمح النظــام الدســتوري يف الدولــة ملحكمــة واحــدة أو‬
‫ملختلــف املحاكــم ســلطة الحيلولــة دون تطبيــق القانــون املخالــف للدســتور‪ ،‬وتعــد‬
‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬هــي الدولــة الرائــدة يف تقريــر ســلطة القضــاء يف‬
‫الرقابــة عــى دســتورية القوانــن‪ ،‬وذلــك منــذ ان قــررت املحكمــة العليــا يف الواليــات‬
‫املتحــدة هــذه الســلطة يف حكمهــا الشــهري برئاســة القــايض مارشــال(‪ )1‬يف قضيــة‬
‫(ماربـ�وري ضـ�د ماديسـ�ون) يف عـ�ام ‪۱۸۰۳‬م‪ ،‬وذلــك عــى الرغــم مــن عــدم وجــود‬
‫نــص يف الدســتور األمريكــي ينــص رصاحــة عــى تقريــر هــذه الســلطة للقضــاء‪،‬‬
‫حيــث قــررت فيــه ألول مــرة عــدم دســتورية قانــون صــادر مــن الكونجــرس لتنظيــم‬
‫العمــل القضائــي‪ ،‬حيــث منحــت نفســها هــذه الســلطة الخطــرة التــي تعــد بحــق‬
‫مــن أبــرز ســمات النظــام الدســتوري األمريكــي‪ ،‬وقــد عــدت الرقابــة القضائيــة هــي‬
‫(‪)2‬‬
‫األســلوب الغالــب يف النظــم الدســتورية املعــارصة‪.‬‬
‫بنغازي‪ ،‬ليبيا‪ ،‬الطبعة األوىل‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.۷۹‬‬
‫((( جــون مارشــال‪ ،‬هــو رابــع رؤســاء قضــاة محكمــة الواليــات املتحــدة العليــا‪ ،‬ولعــب دورا ً هامــاً يف تطويــر النظــام‬
‫القانــوين األمــريك‪ .‬أبرزهــا‪ ،‬أنــه عــزز مبــدأ أن املحاكــم الفيدراليــة ملزمــة مبامرســة املراجعــة القضائيــة مــن خــال قلــب‬
‫القوانــن املزعومــة إذا انتهكــت الدســتور‪ .‬وهكــذا عــزز مارشــال موقــف الســلطة القضائيــة األمريكيــة كفــرع حكومــي‬
‫مســتقل ومؤثــر‪ .‬كــا اتخــذت محكمتــه عــدة قـرارات مهمــة تتعلــق بالفدراليــة‪ ،‬مــا أثــر عــى تــوازن القــوى بــن الحكومــة‬
‫الفيدراليــة والواليــات خــال الســنوات األوىل مــن الجمهوريــة‪https://ar.wikipedia.org.‬‬
‫((( مبــادئ القانــون الدســتوري ونظــام الحكــم يف الســودان يف ظــل دســتور ‪۱۹۸5‬م‪ ،‬احمــد شــوقي محمــود‪ ،‬مطبعــة جامعــة‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪203‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫عندئــذ انقســم الــراح يف النظــر إىل هــذا القضــاء‪ ،‬ويف تقديــر األســاس القانونــي لهذه‬
‫الســلطة التــي قررهــا القــايض مارشــال للمحكمــة العليــا والقضــاء االتحــادي بوجــه‬
‫عــام‪ ،‬فذهــب جانــب مــن الــراح إىل أن القــايض مارشــال لــم يســتند إىل أية أســاس أو‬
‫حجــة قانونيــة مقنعــة‪ ،‬وأن حكمــه ليــس إال نــوع مــن الغصــب ســورت بــه املحكمــة‬
‫العليــا حــدود اختصاصهــا وانتحلــت بــه لنفســها ســلطة لــم يقررهــا لهــا الدســتور‪،‬‬
‫كمــا ذهــب فريــق آخــر إىل النقيــض مــن الــرأي الســابق‪ ،‬فزعمــوا أن الرقابــة التــي‬
‫بارشتهــا املحكمــة العليــا تســتند مبــارشة إىل نصــوص الدســتور‪ ،‬وبينمــا ذهــب رأي‬
‫ثالــث توفيقــي توســط(‪ )1‬االتجاهــن بقولهــم أن الرقابــة القضائيــة وأن لــم يــرد بهــا‬
‫نــص دســتوري رصيــح فهــي مــع ذلــك نظــام متفــق مــع الرغبــة الضمنيــة ملعظــم‬
‫واضعــي الدســتور كمــا تكشــف عــن ذلــك متابعــة األعمــال التحضرييــة واملناقشــات‬
‫التــي دارت يف املؤتمــر الدســتوري بفيالدلفيــا ســنة ‪۱۷۸۷‬م‪.‬‬
‫ويشــر الــراح أالن مــن اجــل اســتعادة التــوازن املفقــود يف نظــام األمــم املتحــدة‪ ،‬البد‬
‫مــن قيــام محكمــة العــدل الدوليــة بالرقابــة عــى مــدى مرشوعيــة وصحــة قــرارات‬
‫مجلــس األمــن ومــدى تطابقهــا مــع امليثــاق‪ ،‬دون رخصــة دســتورية‪ ،‬كاملوقــف الــذي‬
‫واجــه املحكمــة العليــا للواليــات املتحــدة األمريكيــة يف عــام ‪1803‬م يف قضيــة ماربوري‬
‫ضــد ماديســون‪ ،‬لهــذا يــرى هــؤالء الــراح ان األســاس القانونــي لســلطة املحكمــة يف‬
‫الرقابــة القضائيــة يمكــن أن تجــده املحكمــة إذا مــا بذلــت وقضاهــا جهــودا ً بذلــك‬
‫وكانــوا جريئــن يف مناقشــة األدلــة التــي تدعــم وجهــة النظــر التــي تؤيــد إمكانيــة‬
‫أيجــاد نــوع مــن الرقابــة القضائيــة يمكــن أن تمارســها املحكمــة عــى قــرارات‬
‫املجل��س يف اعتب��ار ه��ذا الق�رـار أو ذاك غ�ير رشع��ي ويع��د باط�لاً وذلــك االســتناد‬
‫إىل أدلــة مســتمدة مــن أحــكام امليثــاق والنظــام األســاس ملحكمــة أو مــن األعمــال‬
‫التحضرييــة واملناقشــات التــي دارت يف مؤتمــر ســان فرانسيســكو عــام ‪1945‬م‪.‬‬
‫مــع أن مســالة قيــام محكمــة العــدل الدوليــة بالرقابــة عــى مــدى مرشوعيــة وصحــة‬
‫قــرارات مجلــس األمــن ومــدى تطابقهــا مــع امليثــاق هــي مســألة مختلــف عليهــا مــن‬
‫قبــل العديــد مــن الــدول ورشاح القانــون الــدويل‪ ،‬عــى الرغــم مــن أن محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة قــد تناولــت هــذه املســألة بصــورة غــر مبــارشة ســواء أكان مــن خــال‬
‫آرائهــا االستشــارية ومنهــا مثــا عندمــا اتخــذت مواقــف بشــأن األهليــة القانونيــة‬
‫لشــخصية املنظمــة الدوليــة مــن خــال نظريــة الســلطات الضمنيــة كمــا أن هنــاك‬
‫النيلني‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪۱۹۹۰ ،‬م‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫((( الرقابــة عــى دســتورية القوانــن يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة واإلقليــم املــري‪ ،‬احمــد كــال أبــو املجــد‪ ،‬دار النهضــة‬
‫املرصيــة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مــر‪۱۹۹۰ ،‬م‪ ،‬ص‪.۱۹-۱۸‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪204‬‬
‫نوعــا مــن الدعــم يف اآلراء الفرديــة لقضــاة يمكــن مالحظتــه يف صالــح مســألة وجــود‬
‫نــوع مــن الرقابــة القضائيــة أقرتهــا املحكمــة يف قضيــة بعــض نفقــات األمــم املتحــدة‬
‫لعــام ‪ ١٩٦٢‬عندمــا أكــد القــايض ‪ )1(Bustamante‬يف رأيــه املنفصــل‪ ،‬يف الفتــوى الــذي‬
‫رفــض فيــه أي احتمــال للغيــاب الكامــل ملســألة الرقابــة القضائيــة حيــث ذكــر «انــه‬
‫ال يمكــن التمســك بــأن قــرارات أي جهــاز مــن أجهــزة األمــم املتحــدة هــي ليســت‬
‫عرضــة للرقابــة القضائيــة‪ ،‬إال أن األمــر ســيقود إىل إعــان عــدم جــدوى امليثــاق أو‬
‫تهميشــه مــن كل مضمــون‪ ،‬وهــذا غالبــا مــا يضعــف أجهــزة املنظمــة»(‪.)2‬‬
‫مــن ناحيــة أخــرى ذهبــت املحكمــة إىل البحــث عــن مرشوعيــة الهــدف أكثــر مــن‬
‫عــدم مرشوعيــة التــرف نفســه وهــي هنــا تتخــذ موقفــا جريئــا حيثمــا أكــدت عــى‬
‫مرشوعيــة النفقــات‪ ،‬طاملــا لــم تتعــارض مــع أهــداف املنظمــة‪.‬‬
‫فيمــا يتعلــق بالرقابــة املحتملــة ملحكمــة العــدل الدوليــة عمــى مرشوعيــة القــرارات‬
‫الصــادرة عــن مجلــس األمــن‪ ،‬وهنــاك مــن الفقهــاء مــن يــرى أن األســاس القانونــي‬
‫لســلطة محكمــة العــدل الدوليــة يف بحــث مرشوعيــة قــرارات مجلــس بمــا يف ذلــك‬
‫قــرارات األجهــزة الرئيســية يمكــن يف املوافقــة الرصيحــة للجهــاز مصــدر القــرار‬
‫وكذلــك لســلطة املحكمــة عنــد مبــارشة اختصاصاتــه‪ ،‬كونهــا الجهــاز القانونــي‪ ،‬هــذا‬
‫مــن جهــة ومــن ناحيــة أخــرى فيمــا يتعلــق باملســألة املتصلــة بموضــوع تأكيــد هــذه‬
‫الرقابــة وتفعيلهــا وفــد تكــون هنــاك مشــكلة تتمثــل يف مــا إذا كان هنــاك احــرام مــن‬
‫مجلــس األمــن للقانــون الــدويل العــام بقــدر احرتامــه مليثــاق األمــم املتحــدة وكذلــك‬
‫وجــوب أن تأتــي قراراتــه متفقــة املنحــى عــى مرشوعيــة أعمــال املجلــس متجســدا ً من‬
‫خــال مصادرهــا‪ ،‬وبذلــك يكــون الخضــوع مــن طــرف املجلــس األمــن ال يتوقــف عند‬
‫(‪)3‬‬
‫امليثــاق بــل كذلــك يتجــاوزه إىل قواعــد القانــون الــدويل ومبــادئ العدالــة‪.‬‬
‫تعتــر الرقابــة القضائيــة عــى قــرارات مجلــس األمــن ضمانــا لعــدم انحرافــه عنــد‬
‫ممارســته لصالحياتــه حتــى ال تفقــد تلــك القــرارات الصــادرة عنــه صفــة الرشعيــة‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ومــن ثمــة تصبــح باطلــة وغــر منتجــة آلثــار القانونيــة‪.‬‬

‫((( خوســيه بوســتامانتي ريفــرو‪ ،‬ولــد ســنة ‪1894‬م‪ ،‬هــو قــاض‪ ،‬ودبلومــايس‪ ،‬وبروفيســور‪ ،‬ومحام مــن بريو ولــد يف أريكويبا‪،‬‬
‫تــوىل عــدة مناصــب األمــم املتحدة‪ ،‬منهــا قايض محكمــة العدل الدوليــة تــوىف ســنة ‪1989‬م‪https://ar.wikipedia.org .‬‬
‫((( آراء قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة عــن قضيــة نفقــات األمــم املتحــدة‪ ،۱۹4۲ ،‬رأي قــايض بوســتامانتي‪ ،‬ص‪.3.2‬‬
‫‪https://www.icj-cij.org/en/case/49.‬‬
‫((( الوظيفــة االفتتاحيــة ملحكمــة العــدل الدوليــة ودورهــا يف تفســر وتطويــر ســلطات واختصاصــات األجهــزة الرئيســية‬
‫لألمــم املتحــدة‪ ،‬أحمــد الرشــيدي‪ ،‬الهيئــة العامــة للكتــاب‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ســنة ‪١٩٩٣‬م‪ ،‬ص‪.۱۲4‬‬
‫((( القيمــة القانونيــة لق ـرارات مجلــس األمــن يف مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬ملــي عبــد الباقــي‪ ،‬محمــود الع ـزاوي‪ ،‬مرجــع‬
‫ســابق‪ ،‬ص‪.۲۰۴‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪205‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫فوجــود الرقابــة القضائيــة عــى مرشوعيــة تدابــر مجلــس األمــن‪ ،‬يســمح بإيجــاد حل‬
‫ملشــكلة عــدم تنفيــذ قــرارات هــذا املجلــس بحجــة أنهــا غــر مرشوعــة‪ ،‬ويضمــن مــن‬
‫جهــة أخــرى عــدم تناقضهــا مــع األســس التــي تقــوم عليهــا األمــم املتحــدة‪ ،‬بــل‬
‫ويجعــل منهــا أكثــر مصداقيــة وشــفافية تنــال بمقتضاهــا ثقــة أشــخاص املجتمــع‬
‫(‪)1‬‬
‫الــدويل‪.‬‬
‫كمــا يلــح الفقهــاء عــى تعديــل املــادة ‪ 34‬مــن النظــام األســايس ملحكمــة العــدل‬
‫الدوليــة‪ ،‬لييــر ذلــك عــى الــدول التقــايض ضــد املنظمــة‪ ،‬عــى أن تكــون هــذه‬
‫الرقابــة مزدوجــة يف شــقيها الســيايس والقانونــي ومــن حيــث الشــكل واملضمــون‬
‫خصوصــا إذا تعلــق األمــر أحــكام الفصــل الســابع‪ )2(،‬هــذا وقــد شــجع فقهــاء القانون‬
‫الــدويل محكمــة العــدل الدوليــة عــى تبنــي هــذا االختصــاص مــع رضورة ترسيــع‬
‫إجــراءات التقــايض‪ ،‬إىل جانــب تحســن صالحيــات املحكمــة يمنحهــا اختصــاص‬
‫النقــض يف القــرارات غــر املرشوعــة‪ ،‬عــى أن تكــون أحكامهــا ملزمــة وعــى مجلــس‬
‫(‪)3‬‬
‫األمــن تنفيذهــا‪.‬‬
‫إذا كان مــن الواضــح عــدم وجــود أســاس مبــارش لســلطة املحكمــة يف الرقابــة‬
‫القضائيــة يف أحــكام الفصــل (‪ )14‬مــن امليثــاق‪ ،‬مــع ذلــك هنــاك رأي يجــادل اســتنادا‬
‫إىل حجــج مســتمدة مــن أحــكام امليثــاق تدفــع باتجــاه القــول بوجــود نــوع مــن‬
‫الرقابــة القضائيــة مثبتــة يف امليثــاق للمحكمــة وهــي‪:‬‬
‫الحجــة األوىل‪ :‬مســتمدة مــن نــص املــادة (‪ )4()92‬حيــث دار جــدل مفــاده ان مصطلــح‬
‫«الجهــاز القضائــي الرئيــي» الــذي ورد ذكــره يف هــذه املــادة يمكــن ان يتضمــن‬
‫مــن حيــث معنــاه او مضمونــه الحــق يف ممارســة نــوع مــن الرقابــة القضائيــة مــن‬
‫جانــب املحكمــة وذلــك حيــث ان معظــم الــدول املعــارصة قبلــت بــرورة ان تكــون‬
‫هنــاك هيئــة قضائيــة تمتلــك ســلطة اختصــاص الرقابــة عــى رشعيــة وصحــة أعمــال‬

‫((( القيمــة القانونيــة لق ـرارات مجلــس األمــن يف مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬ملــي عبــد الباقــي‪ ،‬محمــود الع ـزاوي‪ ،‬مرجــع‬
‫ســابق‪ ،‬ص‪۲۰۸ ۲۰4-‬‬
‫((( القيمــة القانونيــة لق ـرارات مجلــس األمــن يف مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬ملــي عبــد الباقــي‪ ،‬محمــود الع ـزاوي‪ ،‬مرجــع‬
‫ســابق‪ ،‬ص‪.۲۱۸-۲۲۰‬‬
‫((( التعســف يف اســتعامل الحــق يف مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬ســفيان لطيــف عــي‪ ،‬منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬بــروت‪،‬‬
‫لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪.113-112‬‬
‫((( تنــص املــادة ‪ ٩٢‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪ « :‬محكمــة العــدل الدوليــة هــي ‹ بعملهــا وفــق نظامهــا األســايس‬
‫امللحــق بهــذا امليثــاق وهــو مبنــي عــى النظــام األســايس للمحكمــة الدامئــة للعــدل الــدويل األداة القضائيــة الرئيســية لألمــم‬
‫املتحــدة»‪ ،‬وتقــوم وجــزء ال يتجــزأ مــن امليثــاق‪».‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪206‬‬
‫األجهــزة األخــرى يف الحكومــة ان هــذه املوافقــة ســتكون واضحــة بشــكل أكــر يف‬
‫الــدول التــي تملــك هيــأة أو أجهــزة قضائيــة وطنيــة او محليــة ذات ســلطات رقابيــة‪،‬‬
‫كمــا يف النظــام الالمركــزي يف املحاكــم ذات الســلطة القضائيــة العامــة‪ ،‬كما هــو الحال‬
‫يف الواليــات املتحــدة أو أن تكــون هيــأة مركزيــة غــر متخصصــة كاملجلس الدســتوري‬
‫يف فرنســا‪ ،‬مــن املمكــن أن الواليــات املتحــدة ودولــة أوربيــة مثــل فرنســا قــد تفــر‬
‫امليثــاق عــى نحــو مختلــف‪ .‬أن الدســتور األمريكــي بصفــة خاصــة ال ينــص رصاحــة‬
‫عــى تقريــر ســلطة الرقابــة القضائيــة‪ ،‬إال أن املحكمــة العليــا يف الواليــات املتحــدة‬
‫تفاخــرت بمنــح نفســها هــذه الســلطة يف قضيــة ماربــوري ضــد ماديســون‪ .‬بالعكــس‬
‫فــان فرنســا مخــول لهــا رصاحــة ممارســة ســلطة الرقابــة الدســتورية‪.‬‬
‫ويف ظــل عــدم وجــود دليــل قــوي يســتند لوجــود نــوع مــن االتفــاق الــدويل بخصوص‬
‫هــذه الحجــة‪ ،‬بالتــايل ســيكون مــن غــر الــوارد بــان املــادة (‪ )92‬يمكــن ان تســتخدم‬
‫كأســاس قانونــي ملوضــوع الرقابــة القضائيــة بعــد ان تأكــد عــدم وجــود أســاس‬
‫لســلطة الرقابــة رصيحــة او ضمنيــة يف الفصــل (‪ )14‬يصبــح مــن الــروري البحــث‬
‫عنهــا يف نصــوص أخــرى مــن امليثــاق‪.‬‬
‫الحجــة الثانيــة‪ :‬هــذه الحجــة مســتمدة مــن أحــكام امليثــاق‪ ،‬ويالحــظ ان املواثيــق‬
‫املنشــئة للمنظمــات الدوليــة ذات طبيعــة مزدوجــة تتجســد يف كونهــا تمثــل يف جانــب‬
‫منهــا اتفاقــات أو معاهــدات دوليــة‪ ،‬كمــا أنهــا يف نفــس الوقــت تمثــل دســتورا ً‬
‫وتنشــئ أجهــزة يمكــن بواســطتها تحقيــق األهــداف التــي قامــت مــن اجلهــا هــذه‬
‫(‪)1‬‬
‫املنظمــات‪.‬‬
‫وانطالقــا ً مــن هــذه الحقيقــة ان ميثــاق األمــم املتحــدة أحــد هــذه املواثيــق ذات‬
‫الطبيعــة املزدوجــة‪ ،‬ممــا تــرك آثــره الواضــح عــى اتجاهــات التفســر القضائــي‬
‫بشــأن أعمــال مبــادئ التفســر وقواعــده التــي قــد تأثــرت إىل حــد مــا بهــذه الحقيقة‪،‬‬
‫حيــث ان األمــر إذا كان يقتــي مــن القضــاء الــدويل ان يعتمــد بعــض مبادئ التفســر‬
‫وقواعــده عــى الصــورة التــي كانــت قائمــة يف نطــاق املعاهــدات‪ ،‬وذلــك متــأت مــن‬
‫النظــر إىل أحــد وجهــي هــذه الطبيعــة املزدوجــة للميثــاق‪ ،‬باعتبــاره معاهــدة دوليــة‬
‫يخضــع التفاقيــة قينــا لقانــون املعاهــدات لعــام ‪1969‬م‪ ،‬ولكــن يف الوجهــة األخــرى‬
‫فهــو دســتور يتطلــب مــن القضــاء الــدويل اســتخدام بعــض مبــادئ التفســر وقواعده‬

‫((( تفســر مقــررات املنظــات الدوليــة‪ ،‬عزيــز القــايض‪ ،‬املطبعــة العامليــة‪ ،‬بغــداد‪ ،‬عـراق‪۱۹۷۱ ،‬م‪ ،‬ص‪ ،۲۸۹‬ميثــاق األمــم‬
‫املتحــدة‪ ،‬حامــد ســلطان‪ ،‬املجلــة املرصيــة للقانــون الــدويل‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬املجلــد الســادس‪۱۹5۰ ،‬م‪ ،‬ص‪.۹۳-4۳‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪207‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫املعروفــة بشــكل مغايــر يتناســب والطبيعــة الدســتورية ألحــكام امليثــاق‪ ،‬التــي‬
‫قــد تقــي تولــد قواعــد جديــدة للتفســر خــارج إطــار القواعــد املقــررة لتفســر‬
‫املعاهــدات الدوليــة‪ .‬وقــد أشــار القــايض الفاريــز(‪ )1‬لهــذه الحقيقــة يف رأيــه االنفــرادي‬
‫الــذي ألحقــه يف قضيــة رشوط قبــول الدولــة لعضويــة األمــم املتحــدة بقولــه « ان‬
‫امليثــاق باعتبــاره دســتورا ً ال يمكــن ان يفــر باالســتناد إىل معيــار قانونــي ضيــق‬
‫وإنمــا يتعــن ان يفــر باالســتناد إىل معيــار آخــر أوســع‪ ،‬يعطــي اهتمامـا ً لالعتبارات‬
‫(‪)2‬‬
‫السياســية متــى تعــن ذلــك‪».‬‬
‫الفصــل الخامــس الــذي يتنــاول تركيــب وظائــف وســلطات مجلــس األمــن‪ ،‬فاألســاس‬
‫القانونــي لخضــوع مجلــس األمــن للرقابــة القضائيــة يف ممارســته لســلطاته هــو‬
‫امليثــاق وبمقتــى هــذا امليثــاق الــذي منــح املجلــس هــذه الســلطة فإنهــا غالبــا ً‬
‫ليســت مطلقــة وإنمــا تخضــع حتمــا بوصفــه الجهــة املمنوحــة لهــذه الســلطة لنــوع‬
‫مــن الرقابــة تختلــف مــن حيــث مداهــا ونوعهــا والجهــة التــي تمارســها وفقــا‬
‫ألحــكام امليثــاق(‪ )3‬الــذي يعــد هــو دســتور منظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬فمجلــس األمــن‬
‫هــو أحــد أجهــزة األمــم املتحــدة الرئيســية‪ ،‬ويقــوم بــأداء واجباتــه وفقــا ً ألحــكام‬
‫امليثــاق وبالشــكل الــذي يرســمه لــه (‪ )4‬طاملــا أنــه يمــارس ســلطة مقيــدة فانــه‬
‫ينبغــي ان يخضــع للرقابــة القضائيــة خاصــة فيمــا يتعلــق بســلطته بموجــب‬
‫الفصــل الســابع مــن امليثــاق‪ ،‬وذلــك ألنهــا تتعلــق بأخطــر أهــداف األمــم املتحــدة‬
‫وهــو حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬وبوصفهــا إجــراءات تمــس مبــارشة ســيادة‬
‫دول األعضــاء»(‪ )5‬لهــذا تســتند هــذه الحجــة إىل أحــكام املــادة (‪ )24‬واملــادة (‪ )25‬مــن‬
‫امليثــاق‪ ،‬فاملــادة (‪ )24/1‬عندمــا عهــدت بهــذه املهمــة ملجلــس األمــن بينــت العلــة يف‬
‫هــذا التخويــل‪ ،‬لكــي يكــون العمــل الــذي تقــوم بــه األمــم املتحــدة رسيعــا وفعــاال‬
‫فقــط» كمــا بينــت الفقــرة الثانيــة مــن هــذه املــادة «ان ســلطة املجلــس مقيــدة‬
‫يجــب ممارســتها وفقــا ملقاصــد األمــم املتحــدة ومبادئهــا‪ ،‬ان هــذه الغايــات واملبــادئ‬
‫تناولهــا الفصــل األول مــن امليثــاق بتوســع وتشــكل إحــدى التحديــات الخاصــة‪ ،‬عندما‬
‫((( أليخانــدرو ألفاريــز‪ ،‬هــو دبلومــايس وقــايض ومحامــي تشــييل‪ ،‬ولــد يف ‪ 9‬فربايــر ‪1868‬م يف ســانتياغو يف تشــييل‪ ،‬وتــويف‬
‫يف ‪19‬يوليــو‪1960‬م يف باريــس يف فرنســا‪. https://ar.wikipedia.org‬‬
‫((( آراء قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة عــن قضيــة رشوط قبــول الدولــة لعضويــة األمــم املتحــدة‪ ،١٩٤٨ ،‬رأي قــايض‬
‫الفاريز‪ ،‬ص‪https://www.icj-cij.org/en/case/3 .72-67‬‬
‫((( مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد املهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۱5۷‬‬
‫((( التعســف يف اســتعامل الســلطة واالنح ـراف بهــا يف ق ـرارات مجلــس األمــن (القانــون الــدويل و أزمــة الخليــج) ‪ ،‬ن ـزار‬
‫جاســم العنبــي‪ ،‬دار الحكمــة للطباعــة والنــر‪ ،‬جامعــة بغــداد‪ ،‬بغــداد‪ ،‬الع ـراق‪۱۹۹۲ ،‬م‪ ،‬ص‪.۷۰‬‬
‫((( مدى السلطة التقديرية ملجلس األمن الدويل وفقاً للفصل السابع‪ ،‬فخري رشيد املهنا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۱5۷‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪208‬‬
‫يبــارش املجلــس اختصاصــه األســايس يف حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن فــان ســلطته‬
‫هــذه مقيــدة بهــذه املبــادئ واألهــداف الــواردة يف الفقــرة األوىل مــن املــادة األوىل مــن‬
‫امليثــاق «والتــي تقيــم عالقــة وثيقــة بــن التدابــر الجماعيــة التــي تتخذهــا األمــم‬
‫املتحــدة وبــن وجــوب توافــق هــذه التدابــر مــع مبــادئ العــدل والقانــون الــدويل‪،‬‬
‫«التــي تدعــو للتــذرع بالوســائل الســلمية لحــل املنازعــات الدوليــة»‪ .‬عليــه إال أن هــذه‬
‫التدابــر عــى غــر مــا تقــي بــه هــذه املبــادئ واملقاصــد واألحــكام تعنــي اعتبارهــا‬
‫تدابــر غــر رشعيــة‪ ،‬وعــى الرغــم مــن ان هــذه املــواد لــم تــر رصاحــة إىل مجلــس‬
‫األمــن إال انــه الجهــاز املعنــي بــرورة مراعــاة العالقــة بــن هــذه التدابــر وتلــك‬
‫املبـ�ادئ بوصفـ�ه املسـ�ؤول األسـ�اس عـ�ن املحافظـ�ة عـ�ن األمـ�ن والسـ�لم الدوليـين»‪.‬‬
‫إذ يــرى بعــض املحللــن ان امليثــاق قــد زود املجلــس بســلطات تقديريــة واســعة‬
‫لتمكينــه مــن اتخــاذ قــرارات ملزمــة ونافــذة يف املنازعــات الدوليــة اســتنادا إىل أحــكام‬
‫الفصــل الســابع مــن امليثــاق(‪ )1‬وقــد نصــت املــادة (‪ )25‬مــن امليثــاق عــى االســاس‬
‫لهــذه الســلطة وذلــك بتعهــد الــدول أعضــاء األمــم املتحــدة بقبــول قــرارات مجلــس‬
‫األمــن وتنفيذهــا وفــق هــذا امليثــاق»‪.‬‬
‫وقــد أوضــح بعــض الــراح بــان هــذه املــادة تؤكــد « التــازم بــن مســؤولية مجلــس‬
‫األمــن وســلطته حيــث ال يســتقيم وجــود إحداهمــا دون اقرتانــه بوجود األخــرى»(‪.)2‬‬
‫بهــذا يــرى أنصــار هــذه الحجــة أن نصــوص املــواد (‪ )24‬و(‪ )25‬مــن امليثــاق تشــكل‬
‫األســاس القانونــي للرقابــة كمــا أوضحــت بعــض تحليالتهــم التــي قــد افرتضــت بــان‬
‫هــذا النــص ســوف يســمح للمحكمــة بــان ال تأخــذ بنظــر االعتبــار أو تقبــل قــرارات‬
‫املجلــس التــي ال تنســجم يف مضمونهــا او فحواهــا مــع أهــداف ومبــادئ ميثــاق األمــم‬
‫املتحــدة‪ ،‬وهــذا قــد يجعــل ان املحكمــة تمتلــك القــدرة عــى ممارســة نــوع مــن‬
‫الرقابــة عــى قــرارات املجلــس لتحديــد فيمــا إذا كانــت هــذه القــرارات ال تتعــارض‬
‫أحــكام امليثــاق أم ال‪.‬‬
‫لقــد أشــارت محكمــة العــدل الدوليــة عــام ‪ 1948‬بشــأن قبــول عضــو جديــد باألمــم‬
‫املتحــدة إىل الطبيعــة الدســتورية مليثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬وعــى ذلــك فــان امليثــاق يعــد‬
‫بمثابــة الدســتور ممــا يرتتــب االعــراف لــه بنــوع مــن العلــو أو الســمو تجــاه األعمال‬

‫((( حدود سلطة مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۹4‬‬
‫((( التعســف يف اســتعامل الســلطة واالنحـراف بهــا يف قـرارات مجلــس األمــن‪ ،‬نـزار جاســم العنبــي‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬ص‪-4۹‬‬
‫‪.۷۰‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪209‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫القانونيــة التــي تصدرهــا أجهــزة األمــم املتحــدة ومــن بينهــا بطبيعــة الحــال مجلــس‬
‫األمــن وان العالقــة بــن امليثــاق واألعمــال القانونيــة مــن (قــرارات – توصيــات) يتــم‬
‫تحديدهــا بــذات الطريقــة التــي تنظــم بهــا العالقــة بــن دســاتري الــدول املختلفــة‬
‫والقواعــد القانونيــة اآلخــر الســارية بهــا(‪.)1‬‬
‫ان قضيـة البوسـنة كشـفت عـن محاولـة الوظيفـة التعبرييـة للمحكمة خاصـة يف اآلراء‬
‫الفرديـة لبعـض القضاة تبين املحاولة من التعبري عن مشـاعر املجتمع الـدويل بمعارضة‬
‫التطهير العرقـي بشـأن اإلبـادة الجماعيـة التي حصلـت يف يوغسلافيا السـابقة ودول‬
‫رصبيـا األخـرى متحملني درجـة عالية مـن املسـؤولية الدوليـة عن هـذه اإلبادة‪.‬‬
‫وان اآلراء الفرديــة للقضــاة يف قضيــة لوكربــي والبوســنة تفــرض ان تكــون املحكمــة‬
‫مســتعدة لالرتبــاط بهــذا النمــط املعــر عــن الرقابــة القضائيــة حتــى لــو كانــت‬
‫ســابقة أو خارجــة عــن تصــور او احتمــال بعــض أعضــاء األمــم املتحــدة‪.‬‬
‫فــان هــذا النمــط مــن الرقابــة يبــدو منســجما مــع أســلوب الرقابــة القضائيــة‬
‫الســائد يف املحاكــم األمريكيــة‪ ،‬وفقــا لهــذا الــرأي فــان الرقابــة القضائيــة قــد أسســت‬
‫عــى مســلك وممارســات املحاكــم وحدهــا‪ ،‬خالفــا للمرشعــن واألجهــزة التنفيذيــة‬
‫عــن إصــدار القــرارات‪ ،‬عليــه يــرى األســتاذ ‪ White‬ان القــرار القضائــي صنــع كأداة‬
‫نقــل للحــوار الجماعــي الــذي لــم يتوقــف حــول قيــم املجتمــع السياســية‪ .‬مــن هــذه‬
‫النظــرة ان ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬كمــا هــو حــال الدســتور األمريكــي‪ .‬وفقــا لــرأي‬
‫وايــت ان محكمــة العــدل الدوليــة يمكــن رؤيتهــا القيــم الوحيــد القــادر عــى رشح‬
‫امليثــاق بطريقــة خالصــة ونزيهــة كمــا يتطلــب امليثــاق نفســه ذلــك‪ ،‬طاملــا اســتطاعت‬
‫املحكمــة بمفردهــا االقتنــاع بتقديــم اللغــة والثقافــة التــي يقــوم عليهــا امليثــاق‪.‬‬
‫ويمكــن للمحكمــة اســتخالص ســلطات الرقابــة مــن عبــارات نصــوص امليثــاق‬
‫وذلــك بتحليــل ألفاظــه وحملهــا يف ضــوء روحهــا وأهدافهــا‪ ،‬عــى نحــو يثبــت هــذا‬
‫االختصــاص للمحكمــة افرتاضــا عــى الرغــم مــن امليثــاق لــم يمنحهــا رصاحــة‬
‫االختصــاص الــذي يمكنهــا‬
‫مــن الوفــاء بالواجبــات املفروضــة عليهــا بمقتــى امليثــاق نفســه عــى نحــو يحقــق‬
‫غاياتــه وأهدافــه التــي مــن اجلهــا أنشــئت منظمــة األمــم املتحــدة(‪.)2‬‬
‫الحجـة الثالثة‪ :‬وهي مسـتمدة من نظـام املحكمة العـدل الدولية التي يعد جـزءا ال يتجزأ‬
‫((( حدود سلطة مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫((( حدود سلطة مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪96‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪210‬‬
‫مـن ميثاق األمـم املتحـدة‪ ،‬يف حين كان النظام األسـايس ملحكمة العـدل الدوليـة الدائمة‬
‫مؤسسـا على بروتوكول خـاص‪ ،‬ولذا فـان الـدول األعضاء يف األمـم املتحدة تعـد أعضاء‬
‫يف النظـام األسـايس للمحكمـة‪ ،‬كمـا يحق للـدول غري األعضـاء يف األمم املتحـدة االنضمام‬
‫للنظـام األسـايس ملحكمة العـدل الدولية بالشروط التي حددتهـا الجمعية العامـة‪ ،‬وبناء‬
‫على توصيـة مجلـس األمن الـدويل‪ .‬يرى أنصـار الرقابـة القضائيـة ان النظام األسـايس‬
‫للمحكمـة يعـد املصـدر الثانـي الذي يمكـن ان يدعـم القول بوجـود أسـاس للرقابة من‬
‫خلال أحكامـه‪ ،‬ان هنـاك ارتباطـا ً رسـميا ً بين امليثـاق والنظام األسـايس‪ ،‬نصـت عليه‬
‫املـادة (‪ )٩٢‬مـن امليثـاق باعتبار الثاني جـزءا ً مكمالً‪ .‬ويالحـظ ان الفقـرة (‪ )٢‬من املادة‬
‫(‪ )36‬مـن النظـام األسـايس‪ ،‬تقـر للمحكمـة بواليتهـا الجربية يف نظـر جميـع املنازعات‬
‫القانونيـة‪ ،‬خاصـة إذا كانـت تتعلـق بتفسير معاهدة مـن املعاهـدات او اية مسـألة من‬
‫مسـائل القانـون الـدويل‪ ،‬او تحقيـق واقعـة مـن الوقائـع التـي تثبـت أنها كانـت خرقا‬
‫اللتـزام دويل او تحديـد نـوع التعويـض املرتتـب على خـرق التـزام دويل‪ ،‬لقـد عهـدت‬
‫العديـد مـن االتفاقيـات واملعاهـدات الدولية بوضع نصـوص رصيحـة يف أحكامها تجعل‬
‫محكمـة العـدل الدوليـة الجهة الوحيـدة املختصـة بتفسير أو تطبيق أحكامهـا يف حالة‬
‫أي نـزاع يحـدث بين أطرافهـا(‪ .)1‬وهـذا االتجاه الـذي أخذت بـه محكمة العـدل الدولية‬
‫فعلا يف تأسـيس اختصاصهـا بنظر قضيـة لوكربـي عىل أسـاس املادتين (‪ )36/1‬من‬
‫النظـام األسـايس واملـادة (‪ )1/14‬مـن اتفاقيـة مونرتيال األمـن الطريان املدنـي‪ ،‬يف هذه‬
‫القضيـة قـد حـرص معظـم قضـاة محكمـة العـدل الدوليـة على إيضـاح مواقفهم من‬
‫جوانـب القضيـة حتـى املؤيديـن لقـرار املحكمـة‪ ،‬إذ ان االتجاه العـام للقضـاة يرى ان‬
‫تدخـل مجلـس األمـن يف القضية لقـراره رقـم ‪ ٧٤٨/٩٢‬بموجـب الفصل السـابع‪ ،‬وهي‬
‫معروضـة على املحكمة‪ ،‬قـد أدى إىل إحراج املحكمة بمـا جعلها تقرر ان ظـروف القضية‬
‫ال تتطلـب ممارسـة سـلطاتها وفقـا ً للمـادة (‪ )41‬مـن النظـام األسـايس بفـرض تدابري‬
‫موقتـة‪ )2(.‬ويف أي حـال مـن األحوال فـإن منح هذا الـدور ملحكمة العدل الدولية ال يشـكل‬
‫منافسـة ملجلـس األمن‪ ،‬بـل يعـزز دورا ً محوريا من شـأنه أن يسـاهم يف تحقيـق مبادئ‬
‫(‪)3‬‬
‫ومقاصـد املنظمـة الراميـة إىل حفظ السـلم واألمن الـدويل‪.‬‬

‫((( مــن االتفاقيــات الدوليــة التــي أخــذت بهــذا االتجــاه االتفاقيــة الخاصــة بإلغــاء الــرق واالتجــار يف الرقيــق واســتغالل‬
‫الدعــارة عــام ‪١٩٥٠‬م يف املــادة (‪ )٢٢‬واتفاقيــة مكافحــة التمييــز العنــري لعــام ‪ ۱۹45‬م(‪ )۲۲‬واتفاقيــة األمــم املتحــدة‬
‫ملكافحــة االتجــار غــر املــروع يف املخــدرات واملؤثـرات العقليــة لعــام ‪ ١٩٨٨‬وأخـرا كافــة اتفاقيــات تأمــن ســامة الطـران‬
‫املــدين بــدءا مــن اتفاقيــة طوكيــو ‪ ۱۹4۳‬م ‪ ۲۴/۱‬واتفاقيــة مونرتيــال ‪ ۱۴۲/۱‬وأخ ـرا اتفاقيــة الهــاي ‪ ،١٩٧١‬م‪.۱۲/۱‬‬
‫((( الجوانب القانونية لالزمة الليبية‪ ،‬عبد الله االشعل‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1990 ،‬م‪ ،‬ص‪.4۱‬‬
‫((( مجلــس األمــن وتحديــات الســلم واألمــن العامليــن دراســة يف ضــوء مقرتحــات إصــاح منظمــة األمــم املتحــدة»‪ ،‬خلفــان‬
‫كريــم‪ ،‬مجلــة الفكــر‪ ،‬العــدد العــارش‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪211‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الفــرع الثانــي‪ :‬موقــف محكمــة العــدل الدوليــة مــن الرقابــة علــى‬
‫قــرارات مجلــس األمــن الدولــي‪:‬‬
‫بالرجــوع اىل فتــوى محكمــة العــدل الدوليــة بنــاء عــى طلــب مجلــس األمــن الــدويل‬
‫الصــادرة بتاريــخ ‪١٩٧١/6/21‬م يف قضيــة اســتمرار وجــود جنــوب إفريقيــا يف‬
‫ناميبيــا بالرغــم مــن صــدور قــرار للمجلــس ‪ ٢٦٧/١٩٧٠‬املعــرض عــى رشعيتــه‬
‫مــن قبــل جنــوب إفريقيــا‪ ،‬ســنجد أن الــرأي االستشــاري توصــل اىل نتيجــة مفادهــا‪،‬‬
‫أن املحكمــة ال تملــك ســلطة املراجعــة أو الطعــن فيمــا يتعلــق بقــرارات هيئتــي األمــم‬
‫املتحــدة املعنيتــن‪ ،‬وكذلــك فــان رشعيــة هــذه القــرارات ليســت هــي موضــوع طلــب‬
‫إصــدار الفتــوى‪ ،‬وقــد أسســت رأيهــا بعــدم قدرتهــا عــى إصــدار أي رأي بخصــوص‬
‫اســتمرار تواجــد جنــوب إفريقيــا بناميبيــا‪ ،‬إال بعــد فحــص هــذه القــرارات مــن حيــث‬
‫املرشوعيــة‪ ،‬وبالتــايل فــا يمكــن اعتبــار محكمــة العــدل الدوليــة هيئــة اســتئناف‬
‫للقــرارات التــي تصدرهــا أجهــزة منظمــة األمــم املتحــدة‪ )1(.‬واعتمــاد عــى هــذه‬
‫الخالصــة‪ ،‬زهــدت املحكمــة عــن ممارســة اختصــاص غــر معــرف بــه لهــا حســبما‬
‫يقتضيــه نظامهــا األســايس باعتبــار أن املحكمــة يف النهايــة ومــن الناحيــة‪ ،‬القضائية ال‬
‫تعــد جهــة اســتئناف أو مراجعــة للقــرارات التــي يتخذهــا مجلــس األمــن اتــكاء عــى‬
‫(‪)2‬‬
‫اختصاصاتــه‪.‬‬
‫ففــي قضيــة نفقــات األمــم املتحــدة عــام ‪١٩٦٢‬م أصــدرت محكمــة العــدل الدوليــة‬
‫رأيهــا االستشــاري الــذي أقــرت فيــه بمرشوعيــة قــرار الجمعيــة العامــة‪ ،‬بينمــا‬
‫تنــازع كل مــن االتحــاد الســوفياتي وفرنســا حــول رشعيــة هــذا القــرار واعتبــاره‬
‫مــن اختصاصــات مجلــس األمــن ألنهــا قائمــة عــى التدابــر العســكرية‪ )3( .‬فالجــدل‬
‫املطــروح هنــا ال يتعلــق فقــط بمــدى مرشوعيــة هــذا القــرار‪ ،‬ولكــن هــذا يوحــي أيضا‬
‫بــأن محكمــة العــدل الدوليــة قــد منحــت لنفســها الحــق يف تقييــم قــرارات الجمعيــة‬
‫العامــة‪ ،‬وبالنتيجــة فــإن ليــس هنــاك مــا يمنــع املحكمــة مــن تقييــم مرشوعيــة‬
‫قــرارات مجلــس األمــن املتعقلــة بالفصــل الســابع‪ )4( .‬ومــن خــال الرأيــن الســابقني‬
‫يتضــح اضطــراب محكمــة العــدل الدوليــة حــول موضــوع البــت يف رشعيــة قــرارات‬
‫((( ســلطات مجلــس األمــن يف تطبيــق الفصــل الســابع بــن أحــكام امليثــاق واملامرســات الدوليــة املعــارصة‪ ،‬خالــد حســاين‪،‬‬
‫مرجــع الســابق‪ ،‬ص‪۳۲۴‬‬
‫((( تطور دور مجلس األمن يف حفظ السالم واألمن الدوليني‪ ،‬أحمد عبدالله أبو العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۱۱۹‬‬
‫((( القيمــة القانونيــة لق ـرارات مجلــس األمــن يف مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬ملــي عبــد الباقــي‪ ،‬محمــود الع ـزاوي‪ ،‬املرجــع‬
‫الســابق‪ ،‬ص‪۲۰۸‬‬
‫((( نفس مرجع‪ ،‬ص‪۱۰۸‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪212‬‬
‫األجهــزة‪ ،‬ففــي موقفهــا حــول نفقــات األمــم املتحــدة أكــدت رشعيــة اختصاصهــا‪،‬‬
‫ويف قضيــة ناميبيــا تراجعــت ودفعــت بعــدم امتالكهــا أي ســلطة تســمح لهــا بتقييــم‬
‫رشعيــة القــرار‪ ،‬ومــن ثمــة ال تســتطيع تحديــد الطبيعــة القانونيــة لتواجــد جنــوب‬
‫إفريقيــا يف ناميبيــا‪ ،‬وأكــدت أن القــرارات الصــادرة عــى مجلــس األمــن إذا مــا كانــت‬
‫أهــداف ومبــادئ امليثــاق فهــي بذلــك ملزمــة للجميــع‪ ،‬وبمفهــوم املخالفــة فــإن قــرار‬
‫(‪)1‬‬
‫مجلــس األمــن إذا كان غــر متوفــر عــى هــذه العنــارص فهــو غــر ملــزم للــدول‪.‬‬

‫((( ســلطات مجلــس األمــن يف تطبيــق الفصــل الســابع بــن أحــكام امليثــاق واملامرســات الدوليــة املعــارصة‪ ،‬خالــد حســاين‪،‬‬
‫مرجــع ســابق‪ ،‬ص‪۳۲4-۳۲۴‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪213‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫المبحث الثالث‬
‫رقابة محكمة العدل الدولية على مجلس األمن الدولي‬

‫تقديم‪:‬‬
‫اســتعرض هــذا املبحــث رقابــة محكمــة العــدل الدوليــة عــى مجلــس األمــن الــدويل‪،‬‬
‫مــن خــال تنــاول طبيعــة العالقــة بــن محكمــة العــدل الدوليــة ومجلــس األمــن‬
‫الــدويل‪ ،‬وتنــاول أنــواع رقابــة محكمــة العــدل الدوليــة عــى قــرارات مجلــس األمــن‪.‬‬
‫المطلــب األول‪ :‬طبيعــة العالقــة بيــن محكمــة العــدل الدوليــة‬
‫ومجلــس األمــن الدولــي‪:‬‬
‫إن العالقــة القائمــة بــن كل مــن محكمــة العــدل الدوليــة ومجلــس األمــن هــي عالقــة‬
‫(‪)1‬‬
‫ذات مرجعيــة نصيــة تحكمهــا وتنظمهــا املــواد التــي أدرجــت يف امليثــاق‪.‬‬
‫أشـار ميثاق األمـم املتحدة إىل محكمـة العدل الدوليـة يف الفقرة األوىل من املادة السـابعة‪،‬‬
‫بوصفهـا أحـد األجهـزة األساسـية للمنظمـة‪ ،‬ثم خصـص لها الفصـل الرابع عشر منه‪.‬‬
‫وتنـص املـادة (‪ )92‬مـن امليثاق على أن «محكمـة العـدل الدوليـة هـي األداة القضائية‬
‫الرئيسـية لألمـم املتحـدة‪ ،‬وتقـوم بعملها وفق نظامهـا األسـايس امللحق بهـذا امليثاق‪»...‬‬
‫ويبـدو واضحـا من هـذا النـص أن املحكمة جهاز مـن األجهزة الرئيسـية لألمـم املتحدة‪،‬‬
‫ذو اختصـاص قضائي وليسـت منظمة قائمـة بذاتها‪ ،‬كمـا كانت املحكمـة الدائمة للعدل‬
‫الـدويل التـي لم تكـن جهازا ً مـن أجهزة عصبـة األمم‪ ،‬بـل منظمـة دولية مسـتقلة‪ .‬لكن‬
‫تعـد محكمة العـدل الدولية يف تكوينهـا ويف وظائفهـا بمثابة االمتـداد الطبيعي للمحكمة‬
‫الدائمـة للعـدل الـدويل‪ .‬لهـذه املحكمـة مهمتـان أساسـيتان‪ :‬مهمـة قضائيـة‪ ،‬وأخـرى‬
‫استشـارية‪ ،‬يمكـن مـن خلال هاتين املهمتين أن تلعـب املحكمـة دورا اكثـر فاعلية يف‬
‫تحقيـق الحل السـلمي للمنازعـات الدوليـة‪ ،‬وخاصـة القانونيـة منها‪ ،‬بوصفهـا الجهاز‬
‫الوحيـد يف منظومـة األمـم املتحـدة‪ ،‬الـذي يملك إصـدار قـرارات ملزمة للـدول دون تأثر‬
‫بالرصاعـات السياسـية أو التكتالت داخل املنظمة الدولية لكونها وسـيلة تسـوية سـليمة‬
‫(‪)2‬‬
‫عـن طريق القانـون وليس القـوة‪.‬‬

‫((( املنظــات الدوليــة‪ ،‬عــي يوســف الشــكري‪ ،‬مؤسســة دار صــادق للطباعــة والنــر‪ ،‬بغــداد‪ ،‬الع ـراق‪ ،‬الطبعــة األوىل‪،‬‬
‫‪ ،۲۰۱۲‬ص‪.۱۹‬‬
‫((( املنظامت الدولية‪ ،‬مفيد شهاب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۳4۰‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪215‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وقــد اظهــر امليثــاق هــذه العالقــة بــن املحكمــة الدوليــة وبــن هــدف تحقيــق الســلم‬
‫واألمــن الــدويل‪ ،‬بمــا أن محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬محكمــة قانــون‪ ،‬تفصــل فيمــا‬
‫يعــرض عليهــا مــن منازعــات وفــق أحــكام القانــون الــدويل بموجــب املــادة (‪)38‬‬
‫مــن نظامهــا األســايس‪ ،‬يف هــذا تعزيــز ملكانــة القانــون الــدويل ودوره يف تســوية‬
‫املنازعــات الدوليــة‪.‬‬
‫أفــاد أحــد تقاريــر املحكمــة الصــادر يف عــام ‪1996‬م إىل تعاظــم دورهــا يف وقتنــا‬
‫الحــارض عندمــا ذكــرت املحكمــة فيــه «بــأن مــن دواعــي رسورهــا أن الــدول باتــت يف‬
‫(‪)1‬‬
‫الســنوات األخــرة ترفــع إليهــا بصــورة متزايــدة املنازعــات الدوليــة لتســويتها‬
‫فالعالقــة بــن محكمــة العــدل الدوليــة ومجلــس األمــن الــدويل بوصفهمــا جهازيــن‬
‫رئيســيني مــن أجهــزة األمــم املتحــدة‪ ،‬موصوفــة يف امليثــاق‪ ،‬إذ نــاط بكليهمــا‬
‫اختصاصــات رصيحــة ومحــددة‪ ،‬جعــل مهمــة حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن يف‬
‫مقدمــة غايــات وأهــداف املنظمــة‪ ،‬إذ اســند إىل مجلــس األمــن ليقــوم بــأداء هــذه‬
‫املهمــة وفق ـا ً ملقاصــد األمــم املتحــدة‪ ،‬ومبادئهــا‪ ،‬بموجــب أحــكام املــادة (‪ )24‬مــن‬
‫ميثــاق األمــم املتحــدة بحيــث أكــد فيهــا أن مجلــس األمــن هــو الجهــاز املســؤول عــى‬
‫حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن وأن أعضــاء هيئــة األمــم املتحــدة يعهــدون بالتبعيــة‬
‫(‪)2‬‬
‫لــه يف ظــل هــذا االختصــاص‪.‬‬
‫ويالحــظ أن ممارســة هــذه املهمــة‪ ،‬وان تحمــل املجلــس بشــأنها املســؤولية األوىل‪ ،‬إال‬
‫انــه ال يتحملهــا وحــدة بشــكل مطلــق‪ ،‬بــل تســعى معــه األجهــزة الرئيســية األخــرى‬
‫ً(‪)3‬‬
‫لألمــم املتحــدة لتحقيــق هــذا الهــدف أيض ـا‬
‫وتتجــى تبعيــة محكمــة العــدل الدوليــة ملجلــس األمــن بوضــوح يف حالــة توجــه‬
‫األطــراف لفــض نزاعهــم أمــام املجلــس‪ ،‬ويقــي هــذا األخــر بعــرض النــزاع عــى‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬ولــذا فقــد أثــرت مســألة القيمــة القانونيــة لقــرارات مجلس‬
‫األمــن يف هــذه الحالــة‪ ،‬طاملــا أن األصــل يف اختصــاص محكمــة العــدل الدوليــة هــو‬
‫الواليــة االختياريــة وأن الواليــة الجربيــة ال تكــون إال بموافقــة الــدول(‪ ،)4‬وهــذا مــا تأكد‬

‫((( تقاريــر محكمــة العــدل الدوليــة‪ 1 ،‬آب‪ /‬أغســطس ‪/31-2000‬متوز‪/‬يوليــو ‪ A/4/56 .2001‬الصفحــات‪ 4۷-4۸‬و ‪،72-70‬‬
‫الجمعيــة العامــة‪ ،‬الوثائــق الرســمية‪ ،‬الــدورة ‪ 54‬نيويــورك ‪.2001‬‬
‫((( أنظر نص املادة ‪ 24/1‬من ميثاق األمم املتحدة‬
‫((( تقاريــر محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬قضيــة لوكــريب ‪ .1992‬ص‪ 75-74‬الــرأي املخالــف للقــايض ‪Weemantry https://‬‬
‫‪www.icj-cij.org/en/case/88‬‬
‫((( تطور دور مجلس األمن يف حفظ السالم واألمن الدوليني‪ ،‬أحمد عبد الله أبو العال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪120-119‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪216‬‬
‫مــن خــال الفقرتــن ‪ 2‬و‪ 3‬مــن املــادة ‪ 36‬مــن النظــام األســايس ملحكمــة العــدل‬
‫الدوليــة‪.‬‬
‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬نــاط امليثــاق ممارســة االختصاصــات القضائيــة لألمــم املتحــدة‬
‫بمحكمــة العــدل الدوليــة بوصفهــا‪ ،‬الجهــاز القضائــي الرئيــي لهــذه املنظمــة‬
‫الدوليــة وفق ـا ً ألحــكام املــادة (‪ )92‬مــن امليثــاق‪ ،‬وذلــك بتســوية املنازعــات الدوليــة‪،‬‬
‫ســليماً‪ ،‬مــن خــال الفصــل فيهــا‪ ،‬بموجــب أحــكام القانــون الــدويل‪ ،‬ومبــادئ العدالــة‬
‫واإلنصــاف إذا تــراىض األطــراف عــى ذلــك‪ ،‬وفق ـا ً ألحــكام املــادة (‪ )38‬مــن نظــام‬
‫املحكمــة األســايس‪ ،‬هــذا باإلضافــة إلبــداء الــرأي االستشــاري يف املســائل القانونيــة‬
‫التــي تعــرض عليهــا مــن قبــل أجهــزة األمــم املتحــدة‪ ،‬واملنظمــات الدوليــة املــأذون‬
‫لهــا بذلــك‪.‬‬
‫ويتفحــص نــص املــادة ‪ 36‬بمعيــة نجــد أن امليثــاق لــم ينــص عــى خضــوع وتبعيــة‬
‫املجلــس للمحكمــة أو العكــس‪ ،‬فــكل جهــاز لــه ســلطاته الخاصــة بــه‪ ،‬فمجلــس األمن‬
‫ال يتدخــل يف اختصاصــات املحكمــة‪ ،‬كمــا ال يملــك النظــر يف املنازعــات القانونيــة‪،‬‬
‫والعكــس صحيــح حيــث ال يجــوز للمحكمــة التطــرق للمســائل السياســية التــي‬
‫(‪)1‬‬
‫اختصــاص مجلــس األمــن‪.‬‬
‫وتجــدر اإلشــارة إىل أنــه يمكــن أن يعــرض النــزاع عــى كال الجهازيــن يف الوقــت ذاتــه‪،‬‬
‫وهــذا مــا يؤكــد أن كل منهمــا يفصــل فيــه حســب اختصاصــه املكفــول لــه بموجــب‬
‫امليثــاق‪ ،‬إذ أن ســعي مجلــس األمــن إىل فــض النــزاع يعتمــد عــى مجموعــة مــن‬
‫املعايــر السياســية‪ ،‬بينمــا تعمــل املحكمــة عــى البحــث يف الجوانــب القانونيــة فقــط‪،‬‬
‫مــع أنــه ملجلــس األمــن أحيانــا أن يقــوم بإحالــة النــزاع إىل محكمــة العــدل الدوليــة‪،‬‬
‫وتصبــح هــي صاحبــة الواليــة يف النظــر يف هــذا النــزاع‪ ،‬كمــا للمحكمــة يف أحيــان‬
‫(‪)2‬‬
‫أخــرى أن تكتفــي بالتدابــر التــي اتخذهــا مجلــس األمــن وال تتدخــل للنظــر فيــه‪.‬‬
‫لقــد أوضحــت األعمــال التحضرييــة للميثــاق مالمــح هــذه العالقــة مــن خــال تبنــي‬
‫واضعيــه نظريــة الفصــل بــن الســلطات‪ ،‬يف صورتهــا املرنــة التــي تدعــو للتعــاون‬
‫والتكامــل بــن الجهازيــن الرئيســيني مــن اجــل تحقيــق الغايــة األســمى لألمــم‬
‫املتحــدة‪ ،‬متمثلــة يف اســتقرار مفهــوم حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن وأكــدت هــذه‬
‫((( مفهــوم األمــن الــدويل وفق ـاً للنظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬ابوبكــر عبــد القــادر‪ ،‬جامعــة بــن يوســف بــن خــدة‪ ،‬رســالة‬
‫دكتــوراه‪ ،‬تخصــص قانــون‪ ،‬الجزائــر‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪.۱۳5‬‬
‫((( العالقــة بــن محكمــة العــدل الدوليــة ومجلــس األمــن يف التســوية الســلمية للمنازعــات وحفــظ الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن‪ ،‬مفتــاح عمــر دربــاش‪ ،‬رســالة دكتــوراه‪ ،‬جامعــة الخرطــوم‪ ،‬الخرطــوم‪ ،‬الســودان‪ ،‬ص‪.۲۳‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪217‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الحقيقــة ديباجــة امليثــاق‪ ،‬التــي نصــت عــى رضورة (تحقيــق العدالــة واحــرام‬
‫االلتزامــات الناشــئة عــن املعاهــدات وغريهــا مــن مصــادر القانــون الــدويل) كمــا‬
‫قــررت املــادة األوىل مــن امليثــاق أن مــن مقاصــد األمــم املتحــدة ومبادئهــا (التــذرع‬
‫بالوســائل الســلمية‪ ،‬وفقــا ملبــادئ العــدل والقانــون الــدويل‪ ،‬لحــل املنازعــات الدوليــة‬
‫التــي قــد تــؤدي إىل اإلخــال بالســلم أو لتســويتها)‪.‬‬
‫يتنــاول الفصــل الســادس مــن امليثــاق برمتــه مــن املــادة (‪ )33‬إىل املــادة (‪،)38‬‬
‫الحلــول الســلمية للنزاعــات الدوليــة‪ ،‬والــذي يقتــي الرجــوع إىل محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة لفــض املنازعــات التــي نشــأت بــن الــدول‪ ،‬حيــث أوجبــت الفقــرة الثالثــة‬
‫مــن املــادة (‪ )36‬مــن امليثــاق‪ ،‬عــى مجلــس األمــن الــدويل أن يراعــي أن املنازعــات‬
‫(‪)1‬‬
‫القانونيــة يجــب عــى أطــراف النــزاع‪ ،‬أن يعرضوهــا عــى محكمــة العــدل الدوليــة‪.‬‬
‫ويف األخــر بقــي أن نشــر أن العالقــة بــن محكمــة العــدل الدوليــة ومجلــس األمــن‬
‫ليســت عالقــة خضــوع وال تسلســل‪ ،‬وليــس معنــى هــذا أنــه ال يوجــد تعــاون بــن‬
‫أجهــزة األمــم املتحــدة‪ .‬بــل أنــه وفقــا لــروح ونصــوص امليثــاق البــد أن تتعــاون‬
‫األجهــزة الرئيســية لهــذه املنظمــة فيمــا بينهــا‪ ،‬وأن يســعى كل منهــا إىل تحقيــق‬
‫الغايــات واملقاصــد التــي عجلــت بإنشــاء املنظمــة‪ ،‬وأن تتفــادى بقــدر اإلمــكان‬
‫التناقــض والتضــارب بــن القــرارات التــي تصــدر عــن كل جهــاز‪ ،‬وتعــاون املحكمــة‬
‫(‪)2‬‬
‫مــع املجلــس ينبغــي أن ال يخــل باســتغالل املحكمــة أو يؤثــر يف طبيعتهــا القضائيــة‬
‫ومــن املعلــوم إن امليثــاق قــد اخــذ يف العالقــة بــن األجهــزة الرئيســية لألمــم املتحــدة‬
‫بنظريــة الفصــل بــن الســلطات التعــاون والتكامــل فيمــا بينهــا مــن اجــل تحقيــق‬
‫الهــدف األســمى للمنظمــة الدوليــة وهــو حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪.‬‬
‫وقـد وصفـت املحكمـة هـذه العالقـة بقولهـا « كـون مسـألة مـا معروضة على املجلس‬
‫ال ينبغـي أن يمنـع املحكمـة مـن تناولهـا وان اإلجراءيـن كليهمـا يمكـن ان يسيرا جنبا‬
‫إىل جنـب‪ ،‬فللمجلـس مهـام ذات طابـع سـيايس منوطة به‪ ،‬يف حين أن املحكمـة تمارس‬
‫وظائـف قانونية محضـة‪ ،‬ولذلك فيمكن للهيئتني كلتيهما أن تمارسـا وظائفهما املسـتقلة‬
‫(‪)3‬‬
‫واملتكاملـة يف آن واحـد معا بالنسـبة للوقائع نفسـها»‪.‬‬
‫((( التنظيم الدويل‪ ،‬حامد سلطان وآخرين‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪۱۹۸5 ،‬م‪ ،‬ص‪.۱۹۳‬‬
‫((( العالقــة بــن محكمــة العــدل الدوليــة ومجلــس األمــن يف التســوية الســلمية للمنازعــات وحفــظ الســلم واألمــن‬
‫الدوليــن‪ ،‬مفتــاح عمــر دربــاش‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬ص‪.۲5۸‬‬
‫((( قضيــة األنشــطة العســكرية وشــبه العســكرية يف نيكاراغــوا وضدهــا عــام ‪۱۹۸۴‬م موجــز األحــكام والفتـــاوى ملحكمــة‬
‫العــدل الدوليــة واألوامــر الصــادرة عــن املحكمــة مــن ‪۱٩٤٨‬م‪۱۹۹۱ -‬م‪ ،‬ص‪.۱۹۱‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪218‬‬
‫لكــن هــذه العالقــة كادت ان تتعــرض لتصــادم كمــا أوضحــت اآلراء الفرديــة واملنفصلة‬
‫لقضــاة محكمــة العــدل الدوليــة يف قضيتــي لوكربــي والبوســنة والهرســك التــي‬
‫وصفهــا الــراح «بمثابــة التحذيــرات الواضحــة ملجلــس األمــن مــن مغبــة تعــرض‬
‫قراراتــه يف املســتقبل لإلبطــال إذا مــا تجــاوزت أحــكام امليثــاق والقانــون الــدويل»‪،‬‬
‫لهــذا تــرى العديــد مــن الــدول الناميــة أن الرقابــة عــى قــرارات املجلــس باتــت‬
‫رضورة ملحــة ومطلوبــة الن النظــام القانونــي لألمــم املتحــدة برمتــه ســيتعرض إىل‬
‫عزل��ة اك�بر إذا بقيـ�ت مس��ألة الرقاب��ة غـير محسـ�ومة وواضحــة‪ ،‬فضــا عــن أنهــا‬
‫ســتكون اكثــر اطمئنانــا بجانــب الرقابــة حيــث لــم تعــد تعتمــد يف هــذه الحالــة فقــط‬
‫عــى حســن النيــة املفــرض مــن جانــب األمــم املتحــدة يف ظــل نظــام دويل متطــور‬
‫ورسيــع األحــداث‪.‬‬
‫المطلــب الثانــي‪ :‬أنــواع رقابــة محكمــة العــدل الدوليــة علــى‬
‫قــرارات مجلــس األمــن‪:‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬الرقابــة القضائيــة الســابقة علــى قــرارات مجلــس‬
‫األمــن‪:‬‬
‫يقصــد بالرقابــة الســابقة أو القبليــة أو الوقائيــة عــى قــرارات مجلــس األمــن تلــك‬
‫الســلطات املخولــة ملحكمــة العــدل الدوليــة التــي بمقتضاهــا تســتطيع أن تبــدي رأيها‬
‫االستشــاري حــول مســألة قانونيــة تعــرض عليهــا قبــل صــدور العمــل القانونــي‬
‫املتصــل بهــا أكثــر انتظامــا‪ ،‬وأن يكــون اللجــوء إليهــا بهــدف تحقيــق الرقابــة الوقائية‬
‫الرشعيــة مــع رضورة تحســن أشــكال العمليــة للجــوء إىل رأي محكمــة العــدل الدوليــة‬
‫(‪)1‬‬
‫بالقــدر الــذي يســمح باتخــاذ القــرار برسعــة حــول املســائل التــي تعــرض عليهــا‪.‬‬
‫ويتمثــل هــذا النــوع مــن الرقابــة عــى ســلطات مجلــس األمــن عــن طريــق إلــزام‬
‫مجلــس األمــن باللجــوء إىل املحكمــة لطلــب اآلراء االستشــارية حــول مــا ســيتخذه مــن‬
‫قــرارات وتدابــر يف مواجهــة نزاعــات معينــة غــر منصــوص عليهــا يف امليثــاق‪ ،‬ويف‬
‫(‪)2‬‬
‫هــذه الحالــة تضفــي املحكمــة الرشعيــة عــى التدابــر التــي ســيتخذها املجلــس‪.‬‬
‫لكــن الرقابــة الوقائيــة ال تمثــل للرشعيــة بحــد ذاتهــا بقــدر مــا هــي تقديــم معــن‬
‫للمســائل القانونيــة التــي يمكــن أن تواجــه هيئــات األمــم املتحــدة خــال نشــاطاتها‬
‫((( مجلــس األمــن ورضورات اإلصــاح العــام‪ ،‬ليتــم فتيحــة‪ ،‬مجلــة السياســة الدوليــة‪ ،‬جامعــة الحــاج لخــر‪ ،‬باتنــة‪،‬‬
‫الجزائــر‪ ،‬العــدد ‪ ،68‬أبريــل‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪5۹‬‬
‫((( دميقراطية منظمة األمم املتحدة‪ ،‬نعيمة عميمر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪219‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫وبمعــزل عــن هــذا اإلجــراء غــر اإللزامــي‪ ،‬فــإن القــرار املعتمــد مــن قبــل مجلــس‬
‫األمــن‪ ،‬بالرغــم مــن أن يكــون غــر منتظــم أو الغي ـا ً لــه بذاتــه‪ ،‬كمــا أرشنــا ســابقا‪،‬‬
‫مظهــر الرشعيــة‪ ،‬مــع ذلــك فقــد أظهــرت املمارســة بــأن االعرتاضــات قــد قامــت‬
‫الحق ـا ً ضــد بعــض قــرارات املجلــس‪.‬‬
‫وانطالقــا مــن اعتبــار محكمــة العــدل الدوليــة جهــازا قضائيــا مســتقال يف ممارســة‬
‫وظائفــه وإن كان مــن الصحيــح أيضــا أنهــا تدخــل يف تكويــن منظمــة األمــم املتحــدة‬
‫كجهــاز مــن أجهزتهــا الرئيســية فهــي بهــذا الوصــف مطالبــة باإلســهام يف بلــوغ‬
‫منظمــة األمــم املتحــدة ألهدافهــا ويف مقدمتهــا حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فعــى‬
‫ضــوء هــذا فــإن جانــب مــن الفقــه يؤكــد عــى زيــادة فاعليــة هــذه الرقابــة الســابقة‬
‫يف ظــل مــا يســمى بالنظــام العاملــي الجديــد وتكــون زيــادة هــذه الفاعليــة‪ ،‬يجعــل‬
‫الرقابــة ســابقة الذكــر أكثــر انتظامــا وأن يكــون اللجــوء إليهــا بهــدف تحقيــق‬
‫الرقابــة الوقائيــة الرشعيــة‪ ،‬مــع رضورة تحســن األشــكال العمليــة للجــوء إىل رأي‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة بالقــدر الــذي يســمح باتخــاذ القــرار برسعــة حــول املســائل‬
‫التــي تعــرض عليهــا(‪ ،)1‬قبــل صــدور العمــل القانونــي املتصــل بهــا‪ ،‬وهــي تســتند‬
‫عــى مــا ورد يف الفقــرة األوىل مــن املــادة ‪ 96‬مــن ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬وقــد طلبــت‬
‫الجمعيــة العامــة مــن هيئــات األمــم املتحــدة أن تخضــع املســائل القانونية‪ ،‬التي تنشــأ‬
‫يف إطــار نشــاطاتها ملحكمــة العــدل الدوليــة وال ســيما يف املســائل املتصلــة بتفســر‬
‫امليثــاق وذلــك بهــدف تأمــن احــرام القانــون الــدويل بشــكل أفضــل‪ ،‬وتمتــاز الرقابــة‬
‫(‪)2‬‬
‫الســابقة بكونهــا تمنــع انــزالق العمــل القانونــي إىل مصــاف العمــل غــر رشعــي‪.‬‬
‫وأن كانــت الرقابــة الوقائيــة لقــرارات مجلــس األمــن عــن طريــق محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة تمنــع االنحــراف عــن الرشعيــة غــر أنهــا تنتقــص مــن فاعليــة بعــض‬
‫القــرارات فالرقابــة الســابقة عــى أعمــال مجلــس األمــن ينجــم عنهــا منــع العمــل‬
‫العاجــل ألن القــرار لــن يكــون نافــذا إال بعــد اســتيفاء الرقابــة القانونيــة للكشــف‬
‫عــن مــدى رشعيــة أعمــال مجلــس األمــن‪.‬‬
‫األمــر الــذي قــد يــؤدي إىل عرقلــة عمــل هيئــة تنفيذيــة خاصــة يف الحــاالت التــي‬
‫تقتــي رسعــة التنفيــذ‪ ،‬لــذا قيــل بــرورة اســتثناء الحــاالت العاجلــة مــن الرقابــة‬

‫((( الرشعيــة الدوليــة يف ظــل النظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬محمــود صالــح العــاديل‪ ،‬دار الفكــر الجامعــي‪ ،‬االســكندرية‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫ص‪.۲۸‬‬
‫((( املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.۲۹‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪220‬‬
‫الســابقة بحيــث تعطــي القــوة التنفيذيــة لقــرارات مجلــس األمــن يف هــذه الحــاالت‬
‫(‪)1‬‬
‫ولوصفــة مؤقتــة عــى األقــل‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة القضائية الالحقة على قرارات مجلس األمن‪:‬‬
‫يقصــد بالرقابــة القضائيــة الالحقــة عــى قــرارات مجلــس األمــن‪ ،‬تلــك الســلطات‬
‫التــي بمقتضاهــا تســتطيع محكمــة العــدل الدوليــة أن تســتهدف منــع تنفيــذ قــرارات‬
‫مجلــس األمــن أو ترصفاتــه التــي تتنــاىف مــع الرشعيــة الدوليــة يف املجتمــع الــدويل‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫لــذا تكــون الحقــة عــى صــدور القــرار أو التــرف‪ ،‬ومعــارصة لتنفيــذه‪.‬‬
‫إن فكــرة الرقابــة الالحقــة تــؤدي إىل احــرام الرشعيــة الدوليــة بشــكل أفضل وتســمح‬
‫بمراجعــة قــرارات مجلــس األمــن وترصفاتــه ممــا يســهم يف عــزل أو أبعــاد األعمــال‬
‫القانونيــة املنــوط بمجلــس األمــن إىل حدهــا عــن التأثــر باملعايــر السياســية ألن‬
‫معيــار رشعيــة هــذه األعمــال يتمثــل يف مــدى اتســاقها مــع نصــوص امليثــاق وأهدافــه‬
‫كمــا أنهــا توفــر قــدرا مــن االحــرام الواجــب لحقــوق الــدول والشــعوب يف املســاواة‬
‫غــر أنهــا ال تفــي بإصــاح تجــاوزات مجلــس األمــن التــي تنعكــس فيهــا بوضــوح‬
‫(‪)3‬‬
‫هيمنــة الــدول دائمــة العضويــة يف مجلــس األمــن‪.‬‬
‫إن مضمــون الرقابــة الالحقــة منــع اتخــاذ القــرارات أو الترصفــات التــي تتنــاىف مــع‬
‫الرشعيــة القانونيــة يف املجتمــع الــدويل لــذا تكــون هــذه الرقابــة الحقــة عــى صــدور‬
‫(‪)4‬‬
‫القــرار أو التــرف ومعــارصة لتنفيــذه‪.‬‬
‫إن فكــرة الرقابــة الالحقــة لقــرارات مجلــس األمــن وجــدت جــدال فقهيــا حيــث يمكــن‬
‫رصــد ثالثــة اتجاهــات يف هــذا الصــدد‪:‬‬
‫‪ -1‬االتجــاه األول‪ :‬يعتــر أن القــرارات الخارجــة عــن االختصــاص معدومــة القيمــة‬
‫ويجــوز التحلــل منهــا نظــرا ألن التجــاوز بوصفــه عيبــا يشــوب التــرف أو القــرار‬
‫يف حــد ذاتــه ومــن ثــم ال حاجــة إلقــراره مــن خــال أجهــزة أخــرى ويكــون القــرار‬
‫أو التــرف كذلــك متــى كان يســتند إىل اعتبــارات سياســية ال صلــة لهــا بالنــزاع أو يف‬
‫حالــة مــا إذا تجــاوز مجلــس األمــن صالحياتــه القانونيــة‪.‬‬

‫الرشعية الدولية يف ظل النظام العاملي الجديد‪ ،‬محمود صالح العاديل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۲۷ ،‬‬ ‫(((‬
‫املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.۲۸‬‬ ‫(((‬
‫مجلس األمن ورضورات اإلصالح العام‪ ،‬ليتم فتيحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5۹‬‬ ‫(((‬
‫الرشعية الدولية يف ظل النظام العاملي الجديد‪ ،‬محمود صالح العاديل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۲۸‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪221‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪ -2‬االتجــاه الثانــي‪ :‬رفــض االعــراف برقابــة القــرارات الخارجــة عــن نطــاق‬
‫االختصــاص وينحــاز هــذا االتجــاه إىل جانــب فاعليــة القــرارات عــى حســاب رشعيتها‬
‫إذ يتــذرع بحجــة عمليــة مفادهــا أن االعــراف برشعيــة معارضــة القــرارات الخارجــة‬
‫عــن نطــاق االختصــاص ســينجم عنــه فتــح البــاب أمــام الــدول لالدعــاء بالدفــع‬
‫للتحلــل مــن التزاماتهــا‪.‬‬
‫‪ -3‬االتجــاه الثالــث‪ :‬يــوازن أنصــار هــذا االتجــاه بــن رضورة احــرام الرشعيــة ومــا‬
‫تفرضــه االعتبــارات الواقعــة إذ يــرون أنــه مــن الوجهــة القانونيــة البحتــة يجــب أن‬
‫(‪)1‬‬
‫تكــون ترصفــات وقــرارات مجلــس األمــن متســقة الــروط اإلجرائيــة واملوضوعيــة‪.‬‬
‫ويــرى البعــض اآلخــر بــرورة تجســيد فكــرة الرقابــة الالحقــة عــى قــرارات‬
‫مجلــس األمــن يف ظــل النظــام العاملــي الــدويل الجديــد ونجمــل أهــم الحجــج التــي‬
‫يتــذرع بهــا أصحــاب هــذا االتجــاه يف‪:‬‬
‫‪1 .‬إن النظــام العاملــي الجديــد يمكــن أن يكــون منحــازا سياســيا لــذا يلــزم أن‬
‫يصاحــب نظــام حقوقــي جديــد يهــدف إىل ســامة تأمــن الجميــع‪.‬‬
‫‪2 .‬أن إقامــة الرقابــة القضائيــة الدوليــة عــى قــرارات مجلــس األمــن يمكــن أن تفيض‬
‫إىل حــل املشــكلة الراهنــة املتصلــة بحــق الــدول يف االعــراض عــى القــرارات التــي‬
‫تعتربهــا بحســب مصالحهــا غــر رشعيــة‪ ،‬فــإذا كان امليثــاق يفــرض قــرارات‬
‫مجلــس األمــن عــى الــدول األعضــاء حســب املــادة (‪ )٢٥‬ويجعلهــا تتقــدم عــى‬
‫أي اتفــاق دويل آخــر حســب املــادة (‪ ،)103‬فــإن احــرام الــدول األعضــاء لهــذه‬
‫القــرارات مــروط بهاتــن املادتــن ذاتهــا‪ ،‬بمطابقــة هــذه القــرارات ألحــكام‬
‫القانــون الــدويل ومبــادئ الرشعيــة الدوليــة‪.‬‬
‫‪3 .‬إن الرقابــة القضائيــة عــى قــرارات بعــض أجهــزة املنظمــات الدوليــة ال يرفضهــا‬
‫القانــون الــدويل بــل عــى العكــس مــن ذلــك فهــي بمثابــة صمــام أمــان واحــرام‬
‫(‪)2‬‬
‫حقــوق الــدول والشــعوب يف املســاواة‪.‬‬
‫ويف نفــس الســياق يقــدم جانــب آخــر مــن الفقــه الــدويل اقرتاحــات محــددة بشــأن‬
‫وجــوب ممارســة محكمــة العــدل الدوليــة نوعــا مــن الرقابــة عــى مرشوعيــة مجلــس‬

‫((( املرجع السابق‪ ،‬ص‪.۳۱-۳۰‬‬


‫((( آليــات مكافحــة اإلرهــاب الــدويل بــن فاعليــة القانــون الــدويل وواقــع املامرســات الدوليــة االنفراديــة‪ ،‬لونيــي عــي‪،‬‬
‫رســالة دكتــوراه يف القانــون الــدويل‪ ،‬جامعــة تــزي وزو‪ ،‬كليــة الحقــوق والعلــوم السياســية‪ ،‬الجزائــر‪۲۰۱۲ ،‬م‪ ،‬ص‪.340‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪222‬‬
‫األمــن‪ ،‬حيــث ينطلــق أنصــار هــذا االتجــاه إىل وجــوب العمــل عــى تشــجيع قيــام‬
‫محكمــة العــدل الدوليــة بممارســة هــذه الرقابــة مــن خــال دورهــا االستشــاري يف‬
‫ظــل النظــام القائــم كمــا يقدمــون اقرتاحــات محــددة يف إطــار أي تعديــل مليثــاق‬
‫األمــم املتحــدة لهــدف زيــادة هــذا الــدور الرقابــي وضمــان فعاليتــه‪ ،‬ومــن بينهــا‬
‫إنشــاء دوائــر خاصــة باالستشــارة يف املحكمــة‪ ،‬وتبســيط إجــراءات اإلفتــاء وتقصــر‬
‫الوقــت الــذي يســتغرق إبــداء الــرأي االستشــاري بحيــث وال يتجــاوز الوقــت الــذي‬
‫(‪)1‬‬
‫يســتغرق الــرأي أكثــر مــن خمســة عــرة يومــا‪.‬‬
‫لقــد حصــل أن طلــب إىل محكمــة العــدل الدولية رأي استشــاري حــول اآلثــار القانونية‬
‫لقــرارات مجلــس األمــن وعــى الرغــم مــن أنهــا لــم تكــن مخولــة بمهمــة الرقابــة‬
‫لجهــة تطابــق قــرارات مجلــس األمــن مــع امليثــاق فــإن محكمــة تناولــت الصالحيــة‬
‫القانونيــة لهــذه القــرارات‪.‬‬
‫لقــد اعتمــدت محكمــة العــدل الدوليــة موقفــا حاســما عــى هــذا الصعيــد يف قضيتــن‬
‫مهمتني ‪:‬‬
‫يف القضيــة املتعلقــة ببعــض نفقــات األمــم املتحــدة وأيضــا يف القضيــة املتعلقــة‬
‫بالنتائــج القانونيــة املرتتبــة مــن جــراء احتــال وتواجــد جنــوب إفريقيــا يف ناميبيــا‪،‬‬
‫لقــد عالجــت محكمــة العــدل الدوليــة صالحيــة قــرارات مجلــس األمــن متناولــة‬
‫(‪)2‬‬
‫مســألة مطابقــة هــذه القــرارات ألهــداف ومبــادئ امليثــاق‪.‬‬
‫يف القضيــة املتعلقــة ببعــض النفقــات األمــم املتحــدة اعتمــد مجلــس األمــن قــرارات‬
‫تتعلــق بتوزيــع التكاليــف املقــررة يف إطــار قــوات منظمــة األمــم املتحــدة يف الكونغــو‬
‫ويف الــرق األوســط‪.‬‬
‫هــذه القــرارات كانــت موضــع االعــراض مــن طــرف بعــض الــدول فقــررت الجمعية‬
‫العامــة أن تطــرح ســؤاال عــى املحكمــة كانــت فرنســا تريــد أن تــوكل إىل املحكمــة‬
‫مســألة مطابقــة القــرارات للميثــاق ولكــن تعديلهــا رفــض وتقــرر ســؤال املحكمــة‬
‫فقــط حــول الطبيعــة القانونيــة للنفقــات املســموح بهــا مــن قبــل هــذه القــرارات‬
‫وعــى الرغــم مــن رفــض االقــراح الفرنــي فــإن املحكمــة لــم تشــعر بــأن مهمتهــا‬
‫محــدودة واعتــرت « أن رفــض التعديــل الفرنــي ال يشــكل أمــرا للمحكمــة بــأن‬
‫((( مســتقبل العقوبــات الدوليــة باألمــم املتحــدة‪ ،‬عبــد الغفــار عبــاس ســليم‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬الطبعــة‬
‫األوىل‪2008 ،‬م‪ ،‬ص‪۳۸۱-۳۸۰‬‬
‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬ص‪.۱5۴‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪223‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫تتجنــب معالجــة مســألة مــا إذا كانــت بعــض النفقــات قــد تقــررت وفقــا لنصــوص‬
‫امليثــاق إذ وجــدت أنــه مــن املناســب تناولهــا فللمحكمــة الحريــة الكاملــة ملعالجــة كل‬
‫العنــارص املالئمــة التــي تملكهــا لتكــون رأيــا حــول املســألة املطروحــة عليهــا بهــدف‬
‫إعطــاء رأي استشــاري‪.‬‬
‫وبالنســبة للــرأي حــول ناميبيــا أكــدت املحكمــة أيض ـا ً إن طلــب الــرأي االستشــاري‬
‫ليــس حــول صالحيــة للقــرار ‪( 2145‬الــدورة الواحــد والعرشيــن) لعــام ‪1966‬م‬
‫الصــادر عــن الجمعيــة العامــة أو حــول القــرارات املتفرعــة عنــه ملجلــس األمــن‬
‫وال حــول مطابقتهــا للميثــاق إال أنــه يف إطــار ممارســة وظيفتهــا القضائيــة وألن‬
‫اعرتاضــات معينــة قــد أبديــت فــإن محكمــة ســتبحث يف هــذه االعرتاضــات وهــي‬
‫حتــى أنهــا تناولــت الظــروف الواقعيــة التــي فرضــت اعتمــاد قــرار مجلــس األمــن‬
‫(‪)1‬‬
‫وتحققــت مــن أن لهــذا القــرار مــا يــرره‪.‬‬
‫تســتنتج مــن أن املحكمــة أجــرت رقابــة حــول مطابقــة القــرار للوقائــع املســببة‪،‬‬
‫أنهــا قــد اعتــرت نفســها مؤهلــة بــأن تعكــف عــى مســألة صالحيــة قــرارات مجلــس‬
‫األمــن بمجــرد مــا أن توجــب عليهــا يف إطــار ممارســة وظيفتهــا القضائيــة تحليــل‬
‫مجمــل االعرتاضــات املقدمــة لهــا مــن أجــل أن تجيــب عــن مســألة قانونيــة فــإذا‬
‫كان امليثــاق ال يلحــظ شــكال بــان محكمــة تســتطيع معالجــة رشعيــة إحــدى قــرارات‬
‫مجلــس األمــن‪.‬‬
‫فــإن ذلــك ال يعنــي بــأن ليــس للمحكمــة الكفــاءة للحكــم عــى صالحيــة مثــل هــذا‬
‫القــرار يف إطــار مســألة تخــص النــزاع أو عــروض استشــارية عــى املحكمــة فإنهــا‬
‫تســتطيع أن تقــرر ويف كال الرأيــن الســابقني تعتــر املحكمــة بشــكل واضــح أنهــا‬
‫تســتطيع إذا اقتــى األمــر إن تراقــب مــا إذا كان عمــل مجلــس األمــن يتطابــق مــع‬
‫القانــون الــدويل‪.‬‬
‫إن تطبيــق املحكمــة لســلطة الرقابــة يف الحالــة التــي تعــرض عليهــا يجعلنــا نؤكــد‬
‫إذن بأنــه يوجــد نظــام للرقابــة غــر املبــارشة لصالحيــة قــرارات مجلــس األمــن ممــا‬
‫(‪)2‬‬
‫يناقــض إذن مختلــف اآلراء التــي تعــارض هــذه الرقابــة‪.‬‬
‫مــع أن هنــاك إمكانيــة يف القانــون الــدويل تســمح بإجــراء الرقابة عــى رشعية قــرارات‬

‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬ص‪.5۱‬‬
‫((( حدود سلطات مجلس األمن‪ ،‬حسام أحمد محمد هنداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5۲‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪224‬‬
‫مجلــس األمــن‪ ،‬حتــى وإن كانــت هــذه الرقابــة غــر مبــارشة‪ ،‬ومن شــأن هــذا أن يؤدي‬
‫إىل إمكانيــة أن تلعــب محكمــة العــدل الدوليــة دورا بــارزا يف الرقابــة القضائيــة عــى‬
‫مرشوعيــة قــرارات مجلــس األمــن‪ ،‬ممــا يجعــل ذلــك ضمانــا لتطبيــق روح ومبــادئ‬
‫امليثــاق والتصــدي لالنحرافــات املحتملــة ملجلــس األمــن خاصــة وأن التنظيــم الذاتــي‬
‫ملجلــس األمــن مــن خــال التــوازن بــن الــدول الدائمــة العضويــة لــم يعــد موجــودا‪.‬‬
‫الفــرع الثالــث‪ :‬التطبيقــات العمليــة للرقابــة محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة علــى مجلــس األمــن الدولــي‪:‬‬
‫اوال‪ :‬قضية لوكربي لعام ‪1992‬م‪:‬‬
‫تعــد قضيــة لوكربــي اختيــارا فعليــا لالفــراض الــذي كان الفقهــاء ورشاح القانــون‬
‫الــدويل‪ ،‬يــرون انــه افــراض بعيــد لــم يحســب حســابه يف مســألة التصــدي والرقابــة‬
‫عــى رشعيــة قــرارات مجلــس االمــن او مــدى حــدود اختصاصــات كل مــن املحكمــة‬
‫ومجلــس األمــن الــدويل بشــأن النزاعــات التــي تعــرض امامهمــا مــن حيــث التعــارض‬
‫والتداخــل يف االختصــاص لهذيــن الجهازيــن‪ ،‬ويعــزو الــراح ظهــور الــدور الجديــد‬
‫ملجلــس االمــن يف ظــل االتجــاه الســائد بعــد حــرب الخليــج الداعــي ملنحــه ســلطات‬
‫جزائيــة واســعة لكــي يصبــح مــن الفواعــل الدوليــة املؤثــرة(‪.)1‬‬
‫وذلــك بعــد ان طويــت صفحــة الحــرب البــاردة بانهيــار االتحاد الســوفييتي الــذي كان‬
‫يحقــق التــوازن داخــل املجلــس ويعصمــه مــن اتخــاذ قــرارات تثــر الجــدل والنقــاش‬
‫مــن حيــث مرشوعيتهــا ومــدى اتفاقهــا مــع احــكام امليثــاق‪ ،‬بفضــل اســتخدام حــق‬
‫االعــراض مــن قبــل االتجاهــن املتنافســن عــى الســاحة الدوليــة‪ ،‬اذ كانــت القــرارات‬
‫تخضــع لالتفــاق عليهــا بــن االتجاهــن املتضاديــن(‪ )2‬مــن حيــث األعــداد والصياغــة‬
‫التــي تــريض االطــراف املعنيــة‪ ،‬لكــن بعــد اختفــاء اســتخدام حــق االعــراض بنهايــة‬
‫الحــرب البــاردة وســيطرت الواليــات املتحــدة عــى آليــات اتخــاذ القــرار مــن األمــم‬
‫املتحــدة خاصــة مجلــس االمــن‪ ،‬فيمــا يبــدو واضحــا مــن قراراتــه رقــم ‪731/1992‬‬
‫و‪ 748/1992‬الصــادرة ضــد ليبيــا مــن هــذه القضيــة‪ ،‬والتــي اســتندت فعــا عــى‬
‫أحــكام الفصــل الســابع مــن امليثــاق الن حادثــة لوكربــي تشــكل تهديــدا ً للســلم واالمن‬
‫الدوليــن التــي وقعــت عــام ‪ 1988‬اىل بعــد مــي ثــاث ســنوات او اكثــر بــن الوقائع‬

‫((( الجوانب القانونية لالزمة الليبية‪ ،‬عبد الله االشعل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.4۰‬‬
‫((( تطور مامرسات االمن الجامعي‪ ،‬جميل محمد حسني‪ ،‬املكتبة العاملية‪ ،‬املنصورة‪ ،‬مرص‪ ،‬ص‪.۱۲۲‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪225‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫املدعــاة وبــن قــرارات مجلــس االمــن(‪ ،)1‬فضــا عــن ان هــذه القــرارات تضمنــت حكما‬
‫باإلدانــة مســبقا يف قضيــة ال يمكــن انــكار طابعهــا القانونــي‪ ،‬ملــا تثــره مــن مســائل‬
‫قانونيــة تتعلــق بتســليم الدولــة لرعايــاه الجنــاة‪ ،‬وتحديــد االختصــاص القضائــي‬
‫ودفــع التعويضــات باإلضافــة اىل ان القضيــة برمتهــا مــا زالــت قيــد النظــر امــام‬
‫الجهــاز القضائــي األعــى لألمــم املتحــدة وهــي محكمــة العــدل الدوليــة واملختصــة‬
‫اصــا وفقــا ألحــكام امليثــاق واتفاقيــة مونرتيــال ألمــن الطــران املدنــي‪ ،‬اذ كانــت‬
‫املحكمــة تتهيــأ إلصــدار قرارهــا بعــد قفــل بــاب املرافعــات‪ ،‬بشــأن التدابــر املؤقتــة‬
‫التــي طلبتهــا ليبيــا حمايــة لحقوقهــا وقــت صــدور قــرار املجلــس رقــم ‪٧48/92‬‬
‫بموجــب الفصــل الســابع مــن امليثــاق‪ ،‬يف حــن كان حريــا ً بمجلــس األمــن احــرام‬
‫امليثــاق الــذي يقــي بــرورة إحالــة النــزاع إىل محكمــة العــدل الدوليــة ملــا فيــه‬
‫مــن مســائل قانونيــة وفقــا ألحــكام املــادة ‪ 36/3‬مــن امليثــاق‪.‬‬
‫قرار املحكمة برفض التدابري املؤقتة يف لوكربي‪:‬‬
‫يف جلســة علنيــة عقدتهــا املحكمــة يف ‪ 14‬نيســان ‪1992‬م أصــدرت املحكمــة قرارهــا‬
‫بأغلبيــة (‪ )11‬صوتــا ضــد (‪ )5‬أصــوات برفــض الطلبــن املتعلقــن بشــأن التدابــر‬
‫املؤقتــة التــي طلبتهــا ليبيــا‪ ،‬وذلــك بســبب جوهــري يتصــل بقــرار مجلــس االمــن‬
‫رقــم ‪ ،٧٤٨/٩٢‬وبينــت املحكمــة ان ظــروف ومالبســات القضيــة ليســت عــى النحــو‬
‫الــذي يســتدعي املحكمــة ان تمــارس ســلطاتها لتقريــر التدابــر املؤقتــة لحمايــة‬
‫الحقــوق التــي تدعيهــا ليبيــا‪ ،‬كمــا ان مثــل هــذا اإلجــراء يتناقــض فيمــا يبــدو‬
‫(‪)2‬‬
‫للواليــات املتحــدة مــن حقــوق بموجــب قــرار مجلــس االمــن املذكــور آنفــا‪.‬‬
‫لقــد صاغــت املحكمــة موقفهــا مــن قــرار مجلــس االمــن رقــم ‪ 748/92‬يف أثنــاء‬
‫نظــر القضيــة‪ ،‬وبعــد إغــاق املرافعــات الشــفوية بثالثــة أيــام بحــذر شــديد حيــث‬
‫أوضحــت بأنهــا ال تســتطيع يف هــذه املرحلــة ان تحــدد األثــر القانونــي لقــرار املجلس‪،‬‬
‫(بمــا يعنــي إنهــا ســتفعل ذلــك فيمــا بعــد)‪.‬‬
‫وذكــرت بــأن ليبيــا والواليــات املتحــدة ملتزمتــان بقبــول قــرارات مجلــس االمــن‬
‫وفقــا للمــادة (‪ )25‬مــن امليثــاق‪ ،‬ان هــذا االلتــزام يــري القــرار رقــم ‪ 748/92‬وانــه‬
‫وفقــا للمــادة (‪ )103‬مــن امليثــاق إذ تســمو االلتزامــات املقــررة فيهمــا وفقــا للميثــاق‬
‫((( التنظيــم الــدويل النظريــة العامــة‪ ،‬األمــم املتحــدة‪ ،‬إبراهيــم العنــاين‪ ،‬دار الفكــر العــريب‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬الطبعــة األوىل‪،‬‬
‫‪1975‬م‪ ،‬ص‪.۱۹۲‬‬
‫((( قضيــة لوكــريب أمــام محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬عبــد العزيــز مخيمــر عبــد الهــادي‪ ،‬مجلــة الحقــوق‪ ،‬جامعــة الكويــت‪،‬‬
‫الكويــت‪ ،‬العــدد األول‪ ،‬مــارس ‪1994‬م‪ ،‬ص‪.۳5‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪226‬‬
‫عــى أي التــزام دويل آخــر بمــا يف ذلــك اتفاقيــة مونرتيــال ألمــن الطــران املدنــي لعــام‬
‫(‪.)1971‬‬
‫لقــد أثــار قــرار املحكمــة برفــض التدابــر املؤقتــة التــي طلبتهــا ليبيــا بحجــة احتماله‬
‫أن ينتقــص مــن الحقــوق التــي تبــدو للوهلــة األوىل إن الواليــات املتحــدة تتمتــع بهــا‬
‫بموجــب قــرار مجلــس االمــن رقــم ‪ .748/92‬ردود أفعــال واســعة النطــاق‪ ،‬اختلــف‬
‫فيهــا الفقهــاء ورشاح القانــون الــدويل مــا بــن مؤيــد لــه ومعــارض أو ناقــد ملوقــف‬
‫غالبيــة قضــاة املحكمــة فيمــا انتهــوا إليــه مــن رأي(‪.)1‬‬
‫فضــا عــن انتقــادات مــن قضــاة املحكمة نفســها مــن خــال آرائهــم املخالفــة للقرار‪،‬‬
‫بــل قــد حــرص معظــم القضــاة عــى إيضــاح مواقفهــم مــن جوانــب القضيــة حتــى‬
‫املؤيــدون لقــرار املحكمــة‪ ،‬إذ أن االتجــاه العــام للقضــاة يــرى ان تدخــل مجلــس‬
‫االمــن يف القضيــة بقــراره بموجــب الفصــل الســابع‪ ،‬وهــي معروضــة عــى املحكمــة‬
‫أدى إىل إحــراج املحكمــة ممــا جعلهــا تقــرر ان ظــروف القضيــة ال تتطلــب ممارســة‬
‫(‪)2‬‬
‫ســلطتها وفقــا للمــادة (‪ )41‬مــن النظــام األســايس بفــرض إجــراءات تحفظيــة‪.‬‬
‫اآلراء القضائية حول قرار مجلس االمن رقم ‪:748/1992‬‬
‫ذهــب معظــم القضــاة يف تأييــد املحكمــة مــن تربيــر رفضهــا طلــب ليبيــا بشــأن‬
‫التدابــر املؤقتــة لحمايــة حقوقهــا‪ .‬اســتنادا عــى قــرار مجلــس االمــن رقــم ‪،748/92‬‬
‫وذلــك ألن ليبيــا والواليــات املتحــدة ملتزمتــان بالقــرار وفقــا ألحــكام املادتــن ‪٢٥‬‬
‫و‪ 103‬مــن امليثــاق‪ ،‬تتطلــب األوىل قبــول وتنفيــذ قــرارات مجلــس‪ ،‬والثانية التــي تجعل‬
‫األولويــة يف التنفيــذ لاللتزامــات الدوليــة املرتتبــة عــى امليثــاق يف حالــة تعارضهــا مــع‬
‫غريهــا مــن االلتزامــات الدوليــة بمــا يف ذلــك اتفاقيــة مونرتيــال ‪1971‬م الواجبــة‬
‫التطبيــق عــى هــذا النــزاع‪.‬‬
‫إال ان هنــاك بعــض القضــاة قــد انتقــد بشــدة قــرار املحكمــة يف هــذه الناحيــة حيــث‬
‫ذهــب القــايض بجــاوي(‪ )3‬يف انتقــاده يف تفســر املحكمــة بقولــه «ينبغــي التفرقــة‬

‫((( محكمــة العــدل الدوليــة بــن اهميــة التحديــث ومخاطــر التأســيس‪ ،‬احمــد الرشــيدي‪ ،‬مجلــة السياســة الدوليــة‪،‬‬
‫القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬العــدد ‪ ،17‬عــام ‪1986‬م‪ ،‬ص‪.۱۴۸‬‬
‫((( الجوانب القانونية لالزمة الليبية‪ ،‬عبد الله االشعل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.4۱‬‬
‫((( محمــد بجــاوي ولــد ســنة ‪1929‬م بتلمســان الجزائــر‪ ،‬خبــر يف القانــون الــدويل‪ ،‬متحصــل عــى دكتــوراه دولــة يف القانـ�ون‬
‫وشــهادة يف االقتصــاد‪ ،‬متخــرج مــن معهــد الدراســات السياســية بفرنســا‪ ،‬خبــر ومستشــار بهيئــة األمــم املتحــدة واملنظــات‬
‫التابعــة لهــا‪ ،‬تقلــد عــدة مناصــب منهــا‪ :‬مستشــار قانــوين للحكومــة املؤقتــة‪ ،‬وزيــر للعــدل قبــل ‪ ،1965‬ســفري بالواليــات‬
‫املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬ممثــل الجزائــر يف األمــم املتحــدة‪ ،‬قــايض مبحكمــة العــدل الدوليــة ورئيســها يف ‪1993‬م‪ ،‬رئيــس املجلــس‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪227‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫بــن ممارســة املحكمــة لســلطاتها بصــورة فعالــة للتأشــر بالتدابــر املؤقتــة والتــي‬
‫تعــد مــررة وفقــا لوقائــع القضيــة‪ ،‬وبــن اآلثــار املرتتبــة عــى إبطــال هــذه التدابــر‬
‫بموجــب قــرار مجلــس االمــن رقــم ‪ )1()748/92‬ويشــارك القــايض بجــاوي يف الــرأي‬
‫بعــض القضــاة وهــم كل مــن ويرمانــري واجيبــوال «انــه ينبغــي عــى املحكمــة‬
‫التمســك بحقهــا األصيــل يف التأشــر بالتدابــر املؤقتــة بدعــوى األطــراف بعــدم تفاقــم‬
‫النــزاع وامتــداده»(‪ )2‬ويضيــف القــايض بجــاوي يف رأيــه املخالــف لقــرار املحكمــة «أن‬
‫التدابــر املؤقتــة تســتلزم توافــر عــدة رشوط لكــن املحكمــة لــم تجهــد نفســها بالبحث‬
‫عمــا إذا كانــت تلــك الــروط موجــودة يف الطلــب الليبــي أم ال‪ ،‬بــل ان املحكمــة قــد‬
‫اكتفــت بأمرهــا الصــادر باالســتناد عــى واقعــة خارجيــة وهــي القــرار رقــم ‪748‬‬
‫لكــي تــرر عــدم التأشــر بهــذه اإلجــراءات‪ ،‬ويــرى انــه كان ينبغــي عــى املحكمــة‬
‫ان تتجاهــل هــذا القــرار‪ ،‬وال تعــول عليــه‪ ،‬خاصــة وانــه قــد صــدر بعــد إغــاق بــاب‬
‫(‪)3‬‬
‫املرافعــات‪».‬‬
‫أمــا القــايض اودا ‪ )4(ODA‬رئيــس املحكمــة باإلنابــة واملؤيــد لقــرار املحكمــة قــد ذكــر‬
‫يف رأيــه الفــردي امللحــق بأمــر املحكمــة «ان قــرار املحكمــة مــا كان ينبغــي ان يســتند‬
‫كامــا اىل قــرار مجلــس االمــن رقــم ‪ 748‬باعتبــاره االرضيــة الوحيــدة يف هــذا الشــأن‬
‫ذلــك ملــا قــد ينجــم مــن تناقــض بــن املحكمــة واملجلــس» (‪.)5‬‬
‫أمــا القــايض شــهاب الديــن فقــد اعلــن يف رايــه االنفــرادي «ان القــرار ‪ 748‬لــم يــرك‬
‫للمحكمــة أي خيــار تصــل اليــه بشــأن الطلــب الليبــي اذا اتخــذت أي قــرار ســوف‬
‫يصطــدم مبــارشة مــع قــرار مجلــس االمــن»(‪ )6‬ويضيــف القــايض شــهاب الديــن «ان‬
‫األرضيــة القانونيــة لألمــر ليســت ناتجــة مــن التصــادم بــن اختصــاص مجلــس االمن‬
‫واختصــاص املحكمــة‪ ،‬لكــن مــن التصــادم بــن التزامــات ليبيــا بمقتىض قــرار مجلس‬

‫الدستوري الجزائري ‪2002‬م‪ ،‬توىل منصب قايض محكمة العدل ‪https://ar.wikipedia.org‬‬


‫((( موجز األحكام والفتاوى ملحكمة العدل الدولية واألوامر الصادرة عن املحكمة‪ ،‬ص‪۴۷-۴4‬‬
‫‪https://www.icj-cij.org/public/files/case-related/88/088-19920414-ORD-01-06- EN.pdf‬‬
‫((( رأي القايض ويرمانرتي حول قرار مجلس االمن رقم ‪ ،٧٤٨/١٩٩٢‬ص‪۷۱-۷۰‬‬
‫((( نفس مرجع‪ ،‬انظر ص‪۴۹-۴۸‬‬
‫((( شــيغه رو أودا‪ ،‬يابــاين الجنســية‪ ،‬ولــد ســنة ‪1924‬م‪ ،‬هــو عــامل قانــوين‪ ،‬ومحــامٍ ‪ ،‬وأســتاذ جامعــي‪ ،‬وقـ ٍ‬
‫ـاض‪ ،‬وعضــو‬
‫يف معهــد القانــون الــدويل‪ ،‬واألكادمييــة اليابانيــة للعلــوم‪ ،‬تــوىل منصــب قــايض محكمــة العــدل الدوليــة‪https:// ،‬‬
‫‪ar.wikipedia.org‬‬
‫((( نفس مرجع‪ ،‬انظر ص‪.۲۰-۱۷‬‬
‫((( رأي القايض شهاب الدين حول قرار مجلس االمن رقم ‪ ،٧٤٨/١٩٩٢‬ص‪.۲۹-۲۸‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪228‬‬
‫االمــن والتزاماتهــا املخولــة لهــا بمقتــى اتفاقيــة مونرتيــال‪ ،‬التــي اوضــح امليثــاق بان‬
‫(‪)1‬‬
‫قــرارات مجلــس األمــن تســمو عليهــا‪».‬‬
‫امــا القــايض نــي «‪ »Ni‬املؤيــد لقــرار املحكمــة عــر يف رأيــه عــن القــرار ‪ 748‬بقولــه‬
‫«أن نظــر املجلــس للقضيــة ال يمنــع املحكمــة مــن نظرتهــا ايضــا‪ ،‬وان املجلــس هــو‬
‫الجهــاز الســيايس االكثــر اهتمامــا بإزالــة االرهــاب الــدويل وحفــظ الســلم واالمــن‬
‫الدوليــن‪ ،‬فــإن املحكمــة بوضعهــا الجهــاز القضائــي الرئيــي لألمــم املتحــدة هــي‬
‫االكثــر اهتمامــا باإلجــراءات القانونيــة مثــل مســائل التســليم واالجــراءات املتصلــة‬
‫بتعقــب املجرمــن وتقديــر التعويــض‪ ،‬بالتــايل يوافقــه يف رأيــه مــع القــايض بجــاوي‬
‫يف اعرتاضهمــا عــى نهــج املجلــس الســيايس يف تســوية املنازعــات القانونيــة التــي‬
‫(‪)2‬‬
‫تبارشهــا املحكمــة اصــا‪.‬‬
‫واخــرا ذهــب القــايض بجــاوي يف تأييــده للمالحظــات التــي قدمتهــا ليبيــا للمحكمــة‬
‫بشــأن القــرار ‪ 748‬بقولــه «ان مشــكلة القــرار ‪ 748‬الصــادر عــن املجلــس ال تنحــر‬
‫فقــط يف كونــه قــد تضمــن توقيــع جــزاءات سياســية عــى ليبيــا‪ ،‬وانمــا يف كونــه‬
‫قــد تعــرض ملســألة قانونيــة وهــي تســليم املتهمــن التــي تخــرج بحكــم امليثــاق‬
‫عــن اختصــاص املجلــس‪ ،‬وهــذا فضــا عــن ان القــرار ســيخلق نوعــا مــن التداخــل‬
‫والتناقــض بــن جوهــر النــزاع القانونــي الخاضــع اصــا التفاقيــة مونرتيــال وبــن‬
‫قــرار املجلــس القــايض بــرورة تســليم املتهمــن اىل كل مــن الواليــات املتحــدة‬
‫وبريطانيــا‪ ،‬بمــا ان قــرار املجلــس القــايض بــرورة التســليم وهــذا ســيفيض يف نهاية‬
‫املطــاف اىل إفــراغ دعــوى ليبيــا امــام املحكمــة مــن كل مضمــون بحيــث اصبحــت‬
‫مســألة تســليم املتهمــن كال لحلــن متناقضــن احدهمــا قانونــي واآلخــر ســيايس االمر‬
‫الــذي ســيخلق تصادمــا ً بــن املحكمــة واملجلــس خاصــة إذا اخذنــا يف الحســبان ان‬
‫املحكمــة ليســت جهــة اســتئناف لقــرارات املجلــس بحيــث تملــك تعديــل أو إلغــاء‬
‫تلــك القــرارات كمــا إن املجلــس ال يملــك أن يحــل مكانــة املحكمــة يف ممارســة‬
‫اختصاصاتهــا القضائيــة والقانونيــة التــي عهــد بهــا امليثــاق إليهــا»(‪.)3‬‬
‫مــن ابــرز اآلراء القضائيــة يف هــذه القضيــة التــي أثــارت مســألة الرقابــة القضائيــة‬
‫بالنســبة لقــرارات مجلــس االمــن بموجــب الفصــل الســابع بشــكل واضــح يف الــرأي‬
‫املنفصــل للقــايض شــهاب الديــن حيــث ذكــر «ان املســالة املثــارة اآلن واملتمثلــة‬
‫((( رأي القايض شهاب الدين حول قرار مجلس االمن رقم ‪ ،٧٤٨/١٩٩٢‬ص‪.۲۹-۳۰‬‬
‫((( رأي القايض نيا‪ ،‬حول قرار مجلس األمن رقم ‪ ،1992/748‬ص‪.۲۲‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬قايض بجاوي‪ ،‬ص‪.۴۴-۴۳‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪229‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫يف اعــراض عــى رشعيــة القــرار ‪ 748/92‬فيمــا إذا كان قــرار مجلــس االمــن قــد‬
‫يتجــاوز الحقــوق القانونيــة للــدول إذا كان الحــال كذلــك‪ ،‬هــل هنــاك أي قيــود عــى‬
‫ســلطات مجلــس االمــن التقديريــة؟ ومــا هــي تلــك القيــود‪ ،‬ومــا هــي الهيــأة فيمــا‬
‫(‪)1‬‬
‫عــدا مجلــس االمــن التــي تملــك االختصــاص يف اإلفصــاح عــن ماهية تلــك الحــدود؟‬
‫ذهـب القـايض ويرمانرتي بقوله‪ :‬ان السـلطات التي يمارسـها مجلس االمن بشـأن حفظ‬
‫السـلم واألمـن الدوليني ليسـت مطلقـة‪ ،‬بل مقيـدة باحرتام ميثـاق األمم املتحـدة وقواعد‬
‫القانـون الـدويل‪ ،‬هـذا فضال عن إن مسـؤولية حفظ السـلم واألمـن الدوليين‪ ،‬وان تحمل‬
‫املجلـس بشـأنها املسـؤولية األوىل إال انه ال يتحملها وحده بشـكل مطلق بل تسـعى أيضا ً‬
‫(‪)2‬‬
‫األجهـزة األخرى لألمـم املتحدة لتحقيـق هذا الهدف األسـمى‪.‬‬
‫ويالحــظ مــا اذا كان قــد اتيــح مــن قبــل للمحكمــة ان تحــدد موقفهــا يف مســألة‬
‫الرقابــة القضائيــة يف قضيــة ناميبيــا‪ ،‬عندمــا ذكــرت بقولهــا «ال يجــوز لهــا ان تقــوم‬
‫بســلطة الرقابــة القضائيــة أو االســتئناف عــى القــرارات الصــادرة بواســطة أجهــزة‬
‫األمــم املتحــدة املعنيــة» إال إن هــذا التوجــه الســابق مــن املحكمــة ال يشــكل أي عقبــة يف‬
‫ســبيل وجــود نــوع مــن الرقابــة عــى مرشوعيــة قــرارات املجلــس والجمعيــة العامــة‬
‫بشــأن مــدى انســجامهما مــع أحــكام امليثــاق وقواعــد القانــون الــدويل‪ ،‬كمــا ذكــر‬
‫القــايض ويرمانــري «ليــس هنــاك مــا يمنــع املحكمــة أن تضــع القــرار الصــادر مــن‬
‫مجلــس االمــن للرقابــة وفقــا الختصاصهــا الوظيفــي الــذي يتطلــب منها أن تبــت يف أي‬
‫مســائل محــددة تعــرض امامهــا وفق ـا ً للقانــون الــدويل(‪.)3‬‬
‫ويبــدو أن التدابــر املؤقتــة يف هــذه القضيــة تظهــر مــدى محاولــة املحكمــة يف تحقيــق‬
‫نــوع مــن التــوازن بــن وظائفهــا القضائيــة مــع ســلطات املجلــس السياســية‪ ،‬كمــا‬
‫أشــار إىل ذلــك القــايض بجــاوي بــرورة وجــود درجــة مــن التــوازن إذا كانــت‬
‫املحكمــة ليســت مكلفــة بــدور الرقابــة بصيغــة االســتئناف يف قــرارات املجلــس‪ .‬كمــا‬
‫إن هــذا األخــر ليــس مــن مهامــه أن يحــل محــل املحكمــة يف ممارســة وظائفهــا‬
‫القضائيــة‪ ،‬كمــا بــن القــايض (‪ )Laches‬بقولــه إن وظيفــة املحكمــة تطبيــق القانــون‬
‫الــدويل كقانــون عاملــي ليعمــل بــه يف إطــار األمــم املتحــدة أم خارجهــا‪ ،‬وينبغــي‬
‫احرتامــه كجــزء مــن ذلــك القانــون مثــل القــرار امللــزم ملجلــس األمــن(‪.)4‬‬
‫آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬قايض شهاب الدين‪ ،‬ص‪.۳۲‬‬ ‫(((‬
‫آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬قايض ويرمانرتي‪ ،‬ص‪45-4۴‬‬ ‫(((‬
‫آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬قايض ويرمانرتي‪ ،‬ص‪.45-44‬‬ ‫(((‬
‫آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬قايض ‪ ،Laches‬ص‪.24‬‬ ‫(((‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪230‬‬
‫وهكــذا إذا كان بعــض القضــاة يف آرائهــم الفرديــة أو املنفصلــة لــم يرفضــوا إمكانيــة‬
‫قيــام املحكمــة بفحــص رشعيــة القــرار ‪ ،748‬لكــن ذلــك لــم يحــدث لتعــرض املحكمة‬
‫لضغــوط كمــا حــدث يف القضايــا الســابقة‪ ،‬وذلــك بافــراض مرشوعيــة قــرارات األمــم‬
‫املتحــدة(‪ .)1‬فيمــا عــدا القــايض القشــري الــذي اعلــن رصاحــة بــأن القــرار ‪ 748‬كان‬
‫قــد تجــاوز نطــاق اختصــاص املجلــس يف هــذه املرحلــة مــن اإلجــراءات(‪ )2‬عــى الرغــم‬
‫مــن أن املحكمــة غالب ـا ً مــا تؤكــد افــراض رشعيــة قــرارات االمــم املتحــدة بوصفهــا‬
‫قــد صــدرت صحيحــة وفق ـا ً ألحــكام امليثــاق‪ ،‬إذ ال يتوقــع مــن املحكمــة يف املســتقبل‬
‫القريــب أن تنعقــد لتقريــر قانونيــة أو رشعيــة أو لتعلــن بوضــوح عــدم مرشوعيــة‬
‫قــرارات األمــم املتحــدة‪ ،‬خاصــة إذا كان القــرار صــادر مــن مجلــس األمــن يف إطــار‬
‫مســؤولياته املتعلقــة بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪.‬‬
‫لــذا يالحــظ أن املحكمــة تحــاول دائمـا ً تجنــب التشــكيك مبــارشة يف قــرارات املجلــس‪،‬‬
‫وهــذا مــا نــراه مــن تعليقــات قضــاة املحكمــة يف آرائهــم الفرديــة واملنفصلــة‬
‫واملشــركة يف انتقاداتهــم لقــرارات املجلــس ويلمحــون إىل لفــت األنظــار ملســألة الرقابة‬
‫القضائيــة عــى هــذه القــرارات‪ ،‬بــل يهــددون بإصــدار قــرار يحكــم بإبطالهــا‪ ،‬ســواء‬
‫لعــدم مرشوعيتهــا أو لتجاوزهــا نطــاق االختصــاص املحــدد يف امليثــاق‪ ،‬لكــن الحقيقــة‬
‫غــر ذلــك إذ إن معظمهــم يظهــرون عجزهــم وعــدم قدرتهــم عــى اإلفصــاح عــن‬
‫ســلطة الرقابــة القضائيــة علنــا مــن األمثلــة رأى القــايض ويرمانــري الــذي يظهــر‬
‫بوضــوح وجــود بعــض القيــود عــى ســلطات مجلــس االمــن‪ ،‬يعــر عــن رغبتــه‬
‫بالتــزام املجلــس بهــذه القيــود‪ ،‬لكنــه لــم يطالــب رصاحــة بهــذا الــدور مــن املحكمــة‬
‫مبينــا إنهــا لــم تمنــح ســلطة الرقابــة عــى املجلــس‪ ،‬كمــا منحــت املحاكــم العليــا‬
‫مثــل هــذه االختصاصــات يف األنظمــة الوطنيــة‪.‬‬
‫يف خالصــة هــذه القضيــة ال بــد مــن الرجــوع إىل اإلشــارة املهمــة يف اإلعــان املشــرك‬
‫للقضــاة «‪ »Evensen Tarassov, Guillaume & Aguilar‬حيــث اظهــروا دعمــا لقــرار‬
‫املحكمــة باالعتمــاد عــى القــرار ‪ 748‬دون اعتبــار فيمــا إذا كان متجــاوزا لنطــاق‬
‫(‪)3‬‬
‫ســلطات املجلــس‪.‬‬
‫مــن خــال هــذه اآلراء القضائيــة الســابقة التــي تفيــد يف تأكيــد االســتنتاج إذا كان‬
‫مجلــس االمــن يبــارش ســلطاته بموجــب الفصــل الســابع مــن امليثــاق خاصــة تلــك‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬قايض شهاب الدين‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬القشريي‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.۱۳۷-۱۳4‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪231‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫املتعلقــة بحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬فــان املحكمــة ال تملك أدنــى ســلطة للرقابة‪،‬‬
‫ذلــك الفــراض رشعيــة قــرارات املجلــس يف هــذه الحالــة‪ ،‬بينمــا يمكــن القــول ان‬
‫الحديــث عــن الرقابــة القضائيــة قــد تكــون اكثــر احتمــاال يف أعمــال املجلــس املتخــذة‬
‫بموجــب الفصــل الســادس مــن امليثــاق‪ ،‬وهكــذا فــإن قضيــة لوكربــي ال يمكــن ان‬
‫توصــف بأنهــا مســاوية لقضيــة ماربــور ضــد ماريســون‪.‬‬
‫لكــن ممــا ال شــك أن قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة كالقضــاة املحليــن يأملــون‬
‫حتمــا أن يلتفــت املجلــس إىل إشــارتهم والتحذيــرات التــي جــاءت يف آرائهــم الفرديــة‬
‫يف هــذه القضيــة التــي كادت ان تكــون بمثابــة شــكوى للمجلــس لكــي يمــارس عــى‬
‫ذاتــه بعــض القيــود القانونيــة التــي تمنعــه مــن انتهــاك القانــون أو تهديــد النظــام‬
‫القانونــي لألمــم املتحــدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قضية البوسنة ضد يوغسالفيا‪:‬‬
‫يف ‪ 20‬آذار‪/‬مــارس ‪ 1993‬تقدمــت جمهوريــة البوســنة والهرســك اىل محكمــة العــدل‬
‫الدوليــة بدعــوى ضــد جمهوريــة يوغســافيا االتحاديــة (رصبيــا والجبــل االســود)‬
‫النتهــاك االخــرة اتفاقيــة منــع جريمــة ابــادة الجنــس البــري واملعاقبــة عليهــا لعــام‬
‫‪ 1948‬فقــد طلبــت جمهوريــة البوســنة والهرســك يف اليــوم نفســه مــن املحكمــة االمــر‬
‫التخــاذ بعــض التدابــر املؤقتــة إليقــاف مــا زعمــت أنهــا أعمــال اإلبــادة الجماعيــة‬
‫املرتكبــة بتوجيــه وايعــاز ومســاندة مــن حكومــة يوغســافيا ضدهــا‪ ،‬كمــا طلبــت‬
‫ان توقــف يوغســافيا فــورا عــن تقديــم الدعــم والعــون ألي جهــة تقــوم بأنشــطة‬
‫عســكرية او شــبه عســكرية ضــد البوســنة والهرســك‪ ،‬واخــرا طلبــت مــن املحكمــة ان‬
‫تعلــن عــن حــق البوســنة والهرســك يف الدفــاع عــن نفســها بموجــب املــادة (‪ )51‬مــن‬
‫امليثــاق وفقهــا الحصــول عــى العــون مــن الــدول األخــرى ســواء بتزويدهــا باألســلحة‬
‫(‪)1‬‬
‫واملعــدات الحربيــة والقــوات املســلحة‪ ،‬او الدفــاع عنهــا بنــاء عــى طلبهــا‪.‬‬
‫يف ‪ 8‬نيســان‪/‬أبريل ‪ 1993‬اصــدرت املحكمــة أمرهــا تدعــو فيــه حكومــة يوغســافيا‬
‫أن تتخــذ فــورا االجــراءات الرضوريــة إليقــاف ارتــكاب ايــة افعــال إبــادة الجنــس‬
‫البـشري يف ‪ 27‬تموز‪/‬يوليــو ‪ 1993‬بســبب عــدم التمكــن مــن احــراز آيــة تقــدم يف‬
‫ايقــاف أعمــال العنــف‪ ،‬قامــت البوســنة والهرســك بتقديــم طلــب آخــر للمحكمــة‬
‫لألمــر باتخــاذ تدابــر مؤقتــة اضافيــة‪ ،‬تذكــر فيــه انتهــاك املدعــى عليــه التدابــر‬

‫((( موجــز األحــكام والفتــاوى ملحكمــة العــدل الدوليــة واألوامــر الصــادرة عــن املحكمــة‪ ،‬قضيــة بوســنة ضــد يوغســافيا‬
‫(‪https://www.icj-cij.org/en/case/91 )۱۹۹۳‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪232‬‬
‫املؤقتــة االوىل الصــادرة مــن املحكمــة وعليــه يف ‪ 13‬أيلول‪/‬ســبتمرب ‪1993‬م أصــدرت‬
‫املحكمــة امرهــا برفــض اتخــاذ ايــة تدابــر مؤقتــة اضافيــة اخــرى‪ ،‬وانمــا اكــدت‬
‫عــى رضورة تنفيــذ التدابــر املؤقتــة التــي ســبقت ان امــرت بهــا يف االمــر الصــادر يف‬
‫‪ 8‬نيســان‪/‬أبريل ‪1992‬م(‪ )1‬وذلــك الن املحكمــة تــرى ان معظــم الحقــوق التــي تريــد‬
‫البوســنة والهرســك حمايتهــا يف الطلــب الثانــي تنــدرج يف موضوعــات تقــع خــارج‬
‫نطــاق احــكام اتفاقيــة إبــادة الجنــس البــري‪.‬‬
‫القرار ‪ 713‬يفرض حظر السالح عىل يوغسالفيا ‪:‬‬
‫يف ‪ 25‬أيلول‪/‬ســبتمرب ‪1991‬م اصــدر مجلــس االمــن القــرار ‪ 713‬بفــرض حظــر‬
‫شــامل عــى توريــد االســلحة واملعــدات العســكرية اىل يوغســافيا الســابقة بموجــب‬
‫احــكام الفصــل الســابع مــن امليثــاق‪ ،‬وذلــك اىل حــن ان يصــدر املجلــس قــرارا آخــر‬
‫بعكــس ذلــك‪.‬‬
‫ويالحــظ ان حصــول بعــض دول يوغســافيا الســابقة عــى االســتقالل لــم يــؤد اىل‬
‫أي تعديــل عــى تطبيــق قــرار خطــر األســلحة عــى دولــة البوســنة والهرســك التــي‬
‫كانــت جــزءا مــن يوغســافيا الســابقة التــي حاججــت يف مرشوعيــة رسيــان الخطــر‬
‫عليهــا وبحجــة أنهــا ليســت املقصــودة بــه‪ ،‬ان قــرار املجلــس يهــدف اىل تحقيــق‬
‫الســام واالســتقرار يف يوغســافيا (الســابقة) مــن خــال وضــع حــد للنــزاع بخطــر‬
‫تدفــق األســلحة لكــن تغيــر األوضــاع أدى اىل اختــال التــوازن بــن تركيبــة األطــراف‬
‫ومــن ثــم تفاقــم الوضــع قــاد إىل قيــام حمــات التطهــر العرقــي وإبــادة لألجنــاس‬
‫ممــا أثــار الجــدل والنقــاش حــول مرشوعيــة القــرار املذكــور(‪.)2‬‬
‫هكذا يرى بعض الرشاح ان هذا الخطر يجب ان ال يطبق عىل دولة البوسنة الهرسك وكذلك‬
‫ان حقهم الطبيعي يف الدفاع عن النفس يجب ان ال يتأثر بهذا القرار‪ ،‬وهو حق مكفول‬
‫بموجب املادة (‪ )51‬من امليثاق والقانون الدويل العريف‪ ،‬وأوضحوا «ان حكومة البوسنة‬
‫والهرسك يجب ان تمتلك الوسيلة ملنع أعمال اإلبادة الجماعية ضد شعبها‪ ،‬كما تنص املادة‬
‫(‪)3‬‬
‫األوىل من اتفاقية اإلبادة الجنس البرشي»‪.‬‬
‫ويالحــظ ان إحــدى املســائل األساســية التــي أخذتهــا محكمــة العــدل الدوليــة بعــن‬
‫االعتبــار كانــت تتمثــل يف قــرار مجلــس االمــن رقــم ‪ ۷۱۳/۱۹۹۱‬بفــرض الحظــر‬
‫((( تقرير محكمة العدل الدولية‪ ،‬للفرتة من ‪/۱‬آب اغسطس‪ ۹۷/‬إىل ‪/۳۱‬متوز‪/‬يوليو ‪۱۹۹۸‬م‪ ،‬ص‪۲۷‬‬
‫((( النظام العاملي الجديد‪ ،‬محمد بجاوي‪ ،‬لندن‪ ،‬اململكة املتحدة‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫((( تقرير محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنه‪ ،۱۹۹۳ ،‬ص‪.۳۳۲‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪233‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫الشــامل عــى توريــد الســاح اىل يوغســافيا‪ ،‬خاصــة ان البوســنة والهرســك طعنــت‬
‫بعــدم مرشوعيــة رسيــان قــرار الحظــر عليهــا ممــا أثــار مســألة الرقابــة القضائيــة‬
‫عــى قــرارات املجلــس‪ ،‬ويف الــرأي املنفصــل للقــايض الخــاص لوترباخــت(‪ )1‬ذكــر‬
‫«ان طلــب الوصــول إىل وســائل ملنــع لجنــة أعمــال اإلبــادة كان يف األســاس طلبــا إىل‬
‫املحكمــة للتصــدي ملرشوعيــة قــرار مجلــس االمــن‪ ،‬وكان هــذا عــى وجــه الخصــوص‬
‫صحيحــا يف ضــوء حقيقــة ان املجلــس يف عــدد مــن املناســبات الالحقــة قــد أكــد عــى‬
‫(‪)2‬‬
‫شــمول الخطــر لجمهوريــة البوســنة والهرســك»‬
‫مــع اإلقــرار بــان الحظــر لــم يطبــق بصــورة متســاوية عــى الجميــع وذلــك الن‬
‫الــرب كانــوا بإمكانهــم الوصــول إىل أســلحة الجيــش الوطنــي اليوغســايف الســابق‪،‬‬
‫ومــع ذلــك فقــد أكــد القــايض لوترباخــت أن املحكمــة ال تســتطيع ان تقــوم هــي‬
‫(‪)3‬‬
‫بتقريــر وجــود تهديــد لســلم أو خــرق أو عمــل عدوانــي بــدال مــن املجلــس‪.‬‬
‫وقــد أثــار القــايض لوترباخــت كذلــك مســألة مــدى قــدرة املحكمــة عــى رقابــة‬
‫قــرار مجلــس االمــن الــذي يتعــارض مــع مبــدأ القواعــد اآلمــرة وقــد ميــز القــايض‬
‫لوترباخــت هــذه القضيــة عمــا كان عليــه الحــال يف قضيــة لوكربــي التــي اســتندت‬
‫إىل املــادة (‪ )103‬مــن امليثــاق فيمــا يتعلــق بســمو االلتزامــات املقــررة بموجــب‬
‫امليثــاق عــى أي التزامــات دوليــة آخــری‪ ،‬امــا املســألة املميــزة يف قضيــة البوســنة‬
‫ضــد يوغســافيا مقارنــة بقضيــة لوكربــي هــي مســألة مختلفــة ذلــك الن القــرار‬
‫‪ 713‬قــد دعــم ارتــكاب اإلبــادة الجماعيــة وهــو مــا يشــكل بحــد ذاتــه خرقــا لقاعــدة‬
‫آمــرة مــن قواعــد القانــون الــدويل العــريف‪ ،‬لــذا قــد اقــرح القــايض لوترباخــت ان‬
‫هــذا القــرار يكــون مــن الناحيــة القانونيــة باط ـاً وعديــم األثــر القانونــي(‪ )4‬ومــن‬
‫ناحيــة اخــرى قــد ايــد ان تقــوم املحكمــة باتخــاذ تدابــر مؤقتــة فبينمــا ذهــب بعيــدا‬
‫اىل اإلشــارة اىل الســلطة املنظــورة التــي قــد تمتلكهــا املحكمــة بشــأن الرقابــة‪ ،‬لكنــه‬
‫عجــز عــن تربيــر هــذه الســلطة التــي بنــى عليهــا اقرتاحــه الــذي كان يف عباراتــه قــد‬
‫تبــدو يف الســماح لقيــام رقابــة فعليــة‪.‬‬

‫((( هــرش لوترباخــت ولــد ســنة ‪1897‬م لعائلــة يهوديــة تخــرج مــن جامعــة ليمــرغ ســنة ‪1911‬م‪ ،‬انتقــل إىل فيينــا ثــم‬
‫لنــدن حيــث أصبــح محاميـاً دوليـاً ثــم حصــل عــى درجــة الدكتــوراه مــن كليــة لنــدن‪ ،‬وعــن قاضيـاً ملحكمــة العــدل الدوليــة‬
‫وعضــو يف لجنــة القانــون الــدويل التابعــة لألمــم املتحــدة مــن ‪1952‬م إىل ‪1954‬م‪https:ar.wiki5.ru.wiki .‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنة‪ ،١٩٩٣ ،‬رأي قايض لوترباخت‪ ،‬ص‪.۴۳۸‬‬
‫‪https://www.icj-cij.org/public/files/case-related.‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنة‪ ،١٩٩٣ ،‬رأي قايض لوترباخت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.439‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنة‪ ،١٩٩٣ ،‬رأي قايض لوترباخت‪ ،‬ص‪.۴۴۲‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪234‬‬
‫ان قضايــا البوســنة تكشــف عــن محاولــة الوظيفــة التعبــر للمحكمــة عــى الرغــم‬
‫مــن رفــض املحكمــة واغلبيــة القضــاة يف التعامــل مــع الطلــب الثانــي الــذي قدمتــه‬
‫البوســنة والهرســك‪.‬‬
‫الن املحكمــة وجــدت ان الحقــوق وامتداداتهــا الواســعة التــي تســعى االخــرة لحمايتها‬
‫تقــع خــارج نطــاق احــكام االتفاقيــة مثــل تقســيم البــاد او ضمهــا فهــي مســائل‬
‫تتعلــق باختفــاء دولــة كشــخص مــن اشــخاص القانــون الــدويل او تغيــر تكوينهــا‬
‫او اقليمهــا‪ .‬يف حــن تعالــج االتفاقيــة مســألة التطهــر العرقــي‪ ،‬هكــذا ان األمريــن‬
‫باإلجــراءات املؤقتــة واآلراء الفرديــة لبعــض القضــاة يثــر الكثــر مــن الخــاف‬
‫ويعكــس محــاوالت التعبــر عــن مشــاعر املجتمــع الــدويل بمعارضــة التطهــر العرقي‬
‫وعنــد هــذه النتيجــة فــان كال مــن األمريــن قــد تضمــن تلــك اإلبــادة الجماعيــة التــي‬
‫حصلــت يف يوغســافيا الســابقة واألخــرى يف رصبيــا والجبــل األســود متحملــن درجــة‬
‫(‪)1‬‬
‫خطــرة مــن املســؤولية عــن تلــك اإلبــادة الجماعيــة‪.‬‬
‫امــا بشــأن رأي املحكمــة حــول األعمــال الرصبيــة قــد أشــار إليــه القــايض شــهاب‬
‫الديــن يف رأيــه املســتقل الــذي أوضــح فيــه مــن بــن أشــياء أخــرى حســم الجــدل‬
‫والشــك املثــار حــول اإلنــكار الرصبــي يف الضلــوع يف األعمــال العســكرية وشــبه‬
‫العســكرية يف البوســنة‪ ،‬ومفرتضــا بــان الحكومــة الرصبيــة كانــت تعلــم بارتــكاب‬
‫أعمــال اإلبــادة الجماعيــة داخــل البوســنة وبالتــايل فــان الحكومــة الرصبيــة حتمــا‬
‫ليســت يف وضــع يمكنهــا مــن طلــب مهلــة مؤقتــة مــن املحكمــة يف الوقــت الذي فشــلت‬
‫(‪)2‬‬
‫فيــه يف تنفيــذ اإلجــراءات املؤقتــة الســابقة التــي صــدرت مــن املحكمــة نفســها‪.‬‬
‫يف الختــام ان القــرار القضائــي يف طلبــات البوســنة واآلراء الفرديــة لبعــض القضــاة‬
‫قــد عــروا أيضـا ً عــن هــدف هــام للمجتمــع الــدويل وهــو توثيــق الســجل التاريخــي‬
‫لألعمــال الوحشــية‪ .‬كمــا الحــظ القــايض لوترباخــت يف رأيــه املســتقل عــى األمــر‬
‫الثانــي‪ ،‬بــأن البوســنة كانــت تطالــب يف طلبهــا الثانــي بإجــراءات مؤقتــة باإلقــرار‬
‫(‪)3‬‬
‫القضائــي بالحقائــق التــي صدمــت الضمــر اإلنســاني‪.‬‬
‫بهــذا نالحــظ انــه لــم يصــدر عــن أغلبيــة قضــاة املحكمــة أي ترصيــح مبــارش بشــأن‬

‫((( تقرير محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنه‪ ۱۳ ،‬سبتمرب ‪ ،۱۹۹۳‬ص‪۳۴4‬‬


‫‪-https://www.icj-cij.org/public/files/case-related/91/091-19930913-ORD-01-00 EN.pdf‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنة‪ ،١٩٩٣ ،‬رأي قايض شهاب الدين‪ ،‬ص‪.۳4۲-۳4۸‬‬
‫((( آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنة‪ ،١٩٩٣ ،‬رأي قايض لوترباخت‪ ،‬ص‪۴۴۲‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪235‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫االختصــاص القضائــي للرقابــة عــى قــرار مجلــس االمــن الــذي يتعــارض مــع مبــدأ‬
‫القاعــدة اآلمــرة‪ ،‬مــن اتفاقيــة إبــادة الجنــس البــري كمــا انهــم فشــلوا يف القــول‬
‫بالرقابــة بشــأن ادعــاء البوســنة بــأن الحظــر املســلح يف قــرار املجلــس يتعــارض‬
‫مــع حقهــا الطبيعــي يف الدفــاع عــن نفســها بالتــايل يتجــاوز نطــاق االختصــاص‬
‫عليــه فــإن تعليقــات القــايض لوترباخــت واآلراء الفرديــة للقضــاة يف قضيــة لوكربــي‬
‫والبوســنة قــد تكــون مجــرد إشــارات نحــو اتجــاه واحــد يفــرض مــن املحكمــة ان‬
‫تكــون مســتعدة لالرتبــاط بنمــط معــن مــن الرقابــة القضائيــة قــد تتمكــن مــن‬
‫خاللــه املحكمــة ان تزيــد مــن ســلطاتها يف املســتقبل‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪236‬‬
‫الخــاتمــة‬
‫الحمــد للــه رب العاملــن والصــاة والســام عــى أرشف الخلــق أجمعــن ســيدنا محمــد‬
‫وعــى آلــه وصحبــه وســلم‪.‬‬
‫لقــد تمــت دراســة وتحليــل قــرارات مجلــس األمــن الــدويل ومشــكلة الرقابــة عــى‬
‫قراراتــه وذلــك مــن خــال اســتعراضنا لصالحياتــه الواســعة التــي يتمتــع بهــا‬
‫مجلــس األمــن الــدويل يف إصــدار قراراتــه يف حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن ‪.‬‬
‫مـن خالل هـذا البحث تـم التطرق إىل إشـكاليات ووسـائل الرقابـة عىل قـرارات مجلس‬
‫األمـن الـدويل ‪ ،‬ابتـداء مـن الهيـكل التنظيمـي ملنظمة عصبـة األمـم التي شـاركت ألول‬
‫مـرة يف إنشـاء أفـكار مبتكرة والعديـد من تجـارب إدارة التنظيـم الدويل ‪ ،‬التـي ورثتهم‬
‫األمـم املتحـدة يف تأسيسـها وايضـا ً أسـاس القانونـي للرقابة على قرارات مجلـس األمن‬
‫الـدويل واإلشـكاليات التـي تواجهـه يف هيكلـه التنظيمـي من نظـام العضويـة يف مجلس‬
‫األمـن الـدويل ‪ ،‬نظام املناقشـات داخل املجلـس ونظام التصويت باسـتخدام حـق الفيتو‬
‫‪ ،‬ومـن خلال ما سـبق يتضـح أن مجلـس األمـن يتمتـع بصالحيات واسـعة وسـلطات‬
‫تقديريـة ‪ ،‬لكـن هـذا ال يمنـع وقوعـه يف اإلنحراف حتـى ولو كان سـيد نفسـه يف إصدار‬
‫القـرارات ‪ ،‬ممـا يعني أنـه ال يمكن نفـي الرقابة عىل مـدي مرشوعية تلك القـرارات ‪ ،‬كما‬
‫أن املمارسـات الدوليـة أثبتـت ألكثـر من مـرة إنتهاك هـذا األخري ملبـدأ املرشوعية سـعيا‬
‫وراء املصالـح السياسـية والنفـوذ ‪ ،‬وطاملا أنه ليـس هناك نص رصيح يمنع ممارسـة أي‬
‫رقابـة وبأي شـكل مـن األشـكال عىل التدابير التـي يفرضها مجلـس األمن ‪ ،‬فلا يمكن‬
‫حسـم األمـر بمجرد وجـود بعض اإلشـكاليات التي مـن املمكـن تجاوزها بتوافـر اإلرادة‬
‫السياسـية الصادقة ‪.‬‬
‫ومعلــو ُم أن امليثــاق قــد أخــذ ببعــض حــاالت الرقابــة عــى األعمــال الصــادرة مــن‬
‫مجلــس األمــن الــدويل ‪ ،‬مثــل إرســال تقاريــر ســنوية للجمعيــة العامــة أو مــن خــال‬
‫القضايــا واآلراء االستشــارية التــي صــدرت عــن محكمــة العــدل الدوليــة ‪ ،‬لكــن اتضح‬
‫مــن خــال العنــارص التــي تمــت دراســتها وفقــا ً للرتتيــب الســابق بــأن الرقابــة‬
‫عــى مرشوعيــة تدابــر مجلــس األمــن مازالــت غــر مفعلــة لحــد اآلن وذلــك يرجــع‬
‫لإلشــكاالت التــي يثريهــا هــذا املوضــوع عــى الصعيــد العمــي خصوصـا ً أنهــا تجعــل‬
‫مــن ســلطات املجلــس محــدودة ‪،‬‬
‫لــذا نجــد صعوبــة التوصــل إىل رقابــة قضائيــة مــن جانــب محكمــة العــدل الدوليــة‬
‫عــى هيئــة سياســية وامنيــة تتعامــل وفــق ســلطة تقديريــة واســعة ‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪237‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫المصادر والمراجع‬

‫القرآن الكريم‬

‫كتب التفسير وعلوم القرآن‪:‬‬


‫‪1 .‬تفســر القــرآن العظيــم‪ ،‬أبوالفــداء إســماعيل بــن عمــر بــن كثــر القــريش البــري‪ ،‬تحقيــق‪:‬‬
‫محمد حسني شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪1419 ،‬هـ‬
‫‪2 .‬الجامــع ألحــكام القــرآن‪ ،‬أبوعبداللــه محمــد بــن أحمــد بــن أبــي بكــر بــن فــرج األنصــاري‬
‫الخزرجــي القرطبــي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬أحمــد الربدونــي وإبراهيــم اطفيــش‪ ،‬دار الكتــب املرصيــة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1384 ،‬هـ‪1964-‬م‬
‫‪3 .‬تيســر الكريــم الرحمــن يف تفســر كالم املنــان‪ ،‬عبدالرحمــن بــن نــارص بــن عبداللــه الســعدي‪،‬‬
‫تحقيــق‪ :‬عبدالرحمــن بــن معــا اللويحــق‪ ،‬مؤسســة الرســالة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪،‬‬
‫‪1420‬هـ‪2000-‬م‬
‫‪4 .‬معالــم التنزيــل يف تفســر القــرآن‪ ،‬محيــي الســنة‪ ،‬أبومحمــد الحســن بــن مســعود بــن محمــد‬
‫بــن الفــراء البغــوي الشــافعي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬عبدالــرزاق املهــدي‪ ،‬دار إحيــاء الــراث العربــي‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪1420 ،‬هـ‬
‫‪5 .‬جامــع البيــان يف تأويــل آي القــرآن‪ ،‬محمــد بــن جريــر بــن يزيــد بــن كثــر بــن غالــب اآلمــي‪،‬‬
‫أبوجعفــر الطــري‪ ،‬تحقيــق‪ :‬أحمــد محمــد شــاكر‪ ،‬مؤسســة الرســالة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة‬
‫األوىل‪1420 ،‬هـ‪2000-‬م‬

‫كتب السنة النبوية وشروحها‪:‬‬


‫‪1 .‬مســند اإلمــام أحمــد‪ ،‬أحمــد بــن حنبــل‪ ،‬املحقــق‪ :‬شــعيب األرنــاؤوط‪ ،‬مؤسســة الرســالة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‬
‫‪2 .‬ســنن ابــن ماجــة‪ ،‬أبوعبداللــه محمــد بــن يزيــد القزوينــي‪ ،‬ابــن ماجــة‪ ،‬تحقيــق‪ :‬محمــد فــؤاد‬
‫عبدالباقي‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫‪3 .‬ســنن أبــي داود‪ ،‬أبــوداود ســليمان بــن األشــعث بــن إســحاق بــن بشــر بــن شــداد بــن عمــرو‬
‫األزدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محي الدين عبدالحميد‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بريوت‬
‫‪4 .‬املصنــف يف األحاديــث واآلثــار‪ ،‬أبــو بكــر بــن أبــي شــيبة‪ ،‬مكتبــة الرشــد‪ ،‬الريــاض‪ ،‬اململكــة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬ط‪1409 ،1‬هـ‬
‫‪5 .‬املعجــم الكبــر‪ ،‬الطربانــي‪ ،‬املحقــق‪ :‬حمــدي عبــد املجيــد الســلفي‪ ،‬مكتبــة ابــن تيميــة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬ط‪2‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪239‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪6 .‬ســنن الرتمــذي‪ ،‬محمــد بــن عيــى بــن ســورة بــن مــوىس الضحــاك الرتمــذي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬بشــار‬
‫عواد معروف‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1998 ،‬م‬
‫‪7 .‬صحيــح البخــاري‪ ،‬محمــد بــن إســماعيل بــن أبوعبداللــه البخــاري الجعفــي‪ ،‬تحقيــق‪ :‬محمــد‬
‫زهــر بــن نــارص النــارص‪ ،‬دار طــوق النجــاة‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬الطبعــة األوىل‪،‬‬
‫‪1422‬هـ‬

‫كتب الفقه اإلسالمي‪:‬‬


‫‪1 .‬الطاغوت‪ ،‬الشيخ أحمد القطان‪ ،‬مكتبة السندس‪ ،‬الكويت‪1407 ،‬هـ‪1976 -‬م‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪2 .‬املقدمــة‪ ،‬عبــد الرحمــن بــن محمــد بــن خلــدون‪ ،‬دار العقيــدة‪ ،‬اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1429‬هـ ‪2008‬م‬
‫‪3 .‬مجمــوع فتــاوى شــيخ اإلســام أحمــد بــن تيميــة‪ ،‬أحمــد بــن عبدالحليــم بــن تيميــة‪ ،‬جمــع‬
‫وترتيب عبدالرحمن‬
‫كتب املعاجم اللغوية‪:‬‬
‫‪1 .‬معجم محيط املحيط‪ ،‬بطرس البستاني‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1987 ،‬م‬
‫‪2 .‬لســان العــرب‪ ،‬أبــي الفضــل جمــال الديــن محمــد بــن مكــرم ابــن منظــور األفريقــي املــري‪،‬‬
‫دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1410 ،‬ھ – ‪1990‬م‬
‫‪3 .‬الصحــاح تــاج اللغــة وصحــاح العربيــة‪ ،‬أبونــر إســماعيل بــن حمــاد الجوهــري الفاراربــي‪،‬‬
‫تحقيــق‪ :‬أحمــد عبدالغفــور عطــار‪ ،‬دار العلــم للماليــن‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة الرابعــة‪،‬‬
‫‪1407‬هـ‪1987-‬م‬
‫‪4 .‬أســاس البالغــة‪ ،‬أبوالقاســم محمــود بــن عمــرو بــن أحمــد الزمخــري جــار اللــه‪ ،‬تحقيــق‪:‬‬
‫محمــد باســل عيــون الســود‪ ،‬دار الكتــب العلميــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل‪1419 ،‬هـــ‪-‬‬
‫‪1998‬م‬

‫كتب التراجم‪:‬‬
‫‪1 .‬طبقــات املفرسيــن‪ ،‬شــمس الديــن محمــد بــن عــي بــن أحمــد الــداودي‪ ،‬تحقيــق عــي محمــد‬
‫عمر‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة االستغالل الكربى‪ ،‬القاهرة‪1392 ،‬هـ‪1972-‬م‬
‫‪2 .‬ســر أعــام النبــاء‪ ،‬شــمس الديــن أبــو عبــد اللــه محمــد بــن أحمــد بــن عثمــان بــن َقايْمــاز‬
‫الذهبي (املتوىف‪748 :‬هـ)‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1427 ،‬هـ‪2006-‬م‬
‫‪3 .‬األعالم‪ ،‬خري الدين الزركيل‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2002 ،15‬م‬
‫‪4 .‬البــدر الطالــع بمحاســن مــن بعــد القــرن التاســع‪ ،‬وضــع حواشــيه خليــل املنصــور‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1989 ،‬م‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪5 .‬طبقــات ابــن ســعد‪ ،‬ابــن ســعد‪ ،‬مكتبــة الصديــق‪ ،‬الطائــف‪ ،‬اململكــة العربيــة الســعودية‪،‬‬
‫‪1416‬هـ‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪240‬‬
‫كتب القانون‪:‬‬
‫‪1 .‬األصــول العامــة للمنظمــات الدوليــة‪ ،‬عبــد العزيــز محمــد رسحــان‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪1968 ،‬م‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪ 2 .‬تطور ممارسات االمن الجماعي‪ ،‬جميل محمد حسني‪ ،‬املكتبة العاملية‪ ،‬املنصورة‪ ،‬مرص‬
‫‪3 .‬منظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬محمــد صالــح املســفر‪ ،‬كليــة االدارة واالقتصــاد‪ ،‬جامعــة قطــر‪ ،‬قطــر‪،‬‬
‫‪1997‬م‬
‫‪4 .‬األمــم املتحــدة بــن االنهيــار والتدعيــم‪ ،‬د‪ .‬مفيــد محمــود شــهاب‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪1985 ،‬م‬
‫‪5 .‬القانون الدويل العام‪ ،‬جمال محى الدين‪ ،‬دار الجامعة للنرش‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪2009 ،‬م‬
‫‪6 .‬حــدود ســلطات مجلــس األمــن يف ضــوء قواعــد النظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬حســام أحمــد محمــد‬
‫هنداوى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1994 ،‬م‬
‫‪7 .‬أعمــال الدّولــة يف ظــل االحتــال‪ ،‬دراســة يف القانــون الــدويل‪ ،‬خلــف رمضــان محمــد الجبــوري‪،‬‬
‫دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مرص‪2010 ،‬م‬
‫‪8 .‬املعاهــدات غــر املتكافئــة املعقــودة وقــت الســلم‪ ،‬دراســة قانونيــة سياســية‪ ،‬خليــل إســماعيل‬
‫الحديثي‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،‬ط‪1401 ،1‬هـ‪1981/‬م‬
‫‪9 .‬التدخــل الــدويل بــن املرشوعيــة وعــدم املرشوعيــة وانعكاســاته عــى الســاحة الدولية‪ ،‬د‪ .‬ســامح‬
‫عبدالقوي السيد‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2010 ،‬م‬
‫ ‪10.‬إرهــاب الدولــة يف إطــار قواعــد القانــون الــدويل العــام‪ ،‬ســامي جــاد عبدالرحمــن واصــل‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪2004-2003 ،1‬م‬
‫ ‪11.‬مبــادئ العالقــات الدوليــة‪ ،‬ســعد حقــي توفيــق‪ ،‬دار وائــل للنــر والتوزيــع‪ ،‬عمــان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪2004‬م‪ ،‬ط‪2‬‬
‫ ‪12.‬القانــون الــدويل اإلنســاني‪ ،‬ســهيل حســن الفتــاوي‪ ،‬دار الثقافــة للنــر والتوزيــع‪ ،‬عمــان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة األوىل‪2007 ،‬م‬
‫ ‪13.‬التدخــل الــدويل مــن أجــل اإلنســانية وإشــكاالته‪ ،‬شــاهني عــى شــاهني‪ ،‬مجلــة الحقــوق‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬العدد ‪2004 ،4‬م‬
‫ ‪14.‬رسيــان املعاهــدات عــى الـ ُد َو ْل الغــر األطــراف‪ ،‬عــادل عــزت الســنجلقي‪ ،‬دار النهضــة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪1974 ،‬م‬
‫ ‪15.‬القانــون الــدويل والرشيعــة اإلســامية‪ ،‬عبــد العزيــز بــن محمــد الصغــر‪ ،‬املركــز القومــي‬
‫لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪2016 ،1‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪241‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ ‪16.‬املعاهــدات غــر املتكافئــة يف القانــون الــدويل‪ ،‬د‪ .‬عصــام صــادق رمضــان‪ ،‬دار النهضــة الحديثة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1962 ،1‬م‬
‫ ‪17.‬العالقــات السياســية الدوليــة‪ ،‬د‪ .‬راشــد الــراوي‪ ،‬مكتبــة النهضــة املرصيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫ط‪1987 ،2‬م‬
‫ ‪18.‬القانــون الــدويل العــام‪ ،‬الفكــي أحمــداي عمــر عبــد اللــه‪ ،‬مطبعــة الرشطــة‪ ،‬الخرطــوم‪،‬‬
‫السودان‪ ،‬ط‪2013 ،2‬م‬
‫ ‪19.‬القضــاء الجنائــي الــدويل مبــادئ وقواعــد املوضوعيــة واإلجرائيــة‪ ،‬عصــام عبدالفتــاح‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪2008 ،‬م‬
‫ ‪20.‬دور املنظمــات الدوليــة يف تنفيــذ قــرارات التحكيــم الــدويل‪ ،‬كمــال عبدالعزيــز ناجــي‪ ،‬مركــز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪2007 ،‬م‬
‫ ‪21.‬القانــون الدســتوري‪ ،‬د‪ .‬ماجــد راغــب الحلــو‪ ،‬دار الجامعــة الجديــدة للنــر‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬
‫مرص‪2003 ،‬م‬
‫ ‪22.‬املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬النظريــة العامــة للجريمــة الدوليــة أحــكام القانــون الــدويل‬
‫الجنائي‪ ،‬منترص سعيد حمودة ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪2006 ،‬م‬
‫ ‪23.‬حــق املســاواة يف القانــون الــدويل واملنظمــات الدوليــة‪ ،‬محمــد مصطفــى املغربــي‪ ،‬دار املطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مرص‪2007 ،‬م‬
‫ ‪24.‬أحــكام القانــون الــدويل املتعلقــة بمكافحــة الجرائــم ذات الطبيعــة الدوليــة‪ ،‬محمــد منصــور‬
‫الصاوي‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‬
‫ ‪25.‬املنظمــات الدوليــة‪ ،‬دراســة قانونيــة سياســية للمنظمــات الدوليــة والقواعــد األساســية يف‬
‫التنظيم الدويل‪ ،‬الشافعي محمد بشري‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1970 ،1‬م‬
‫ ‪26.‬املنظمــات الدوليــة‪ ،‬دراســة فقهيــة وتأصيليــة للنظريــة العامــة للتنظيــم الــدويل‪ ،‬جعفــر‬
‫عبدالسالم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪6‬‬
‫ ‪27.‬املنظمات الدولية‪ ،‬د‪ .‬مفيد شهاب‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1978 ،‬م‬
‫ ‪28.‬منظمــة األمــم املتحــدة واملنظمــات املتخصصــة واإلقليميــة مــع دراســة خاصــة ملنظمــة التجــارة‬
‫العاملية‪ ،‬أحمد أبو الوفاء‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1419 ،‬هـ‪1997/‬م‬
‫ ‪29.‬النظــم السياســية‪ ،‬أســس التنظيــم الســيايس‪ ،‬عبــد الغنــي بســيوني عبــد اللــه‪ ،‬الــدار الجامعية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪1985 ،‬م‬
‫ ‪30.‬تطور القانون الدويل‪ ،‬ولغفانغ فريدمان‪ ،‬منشورات دار األوقاف الجديد‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫ ‪31.‬اإلرهــاب الــدويل واختطــاف الطائــرات يف ضــوء القانــون الــدويل املعــارص‪ ،‬دراســة نظريــة‬
‫تطبيقيــة عــى األحــداث الدوليــة الجاريــة (لوكربــي – االعتــداء عــى الواليــات املتحــدة‬
‫األمريكية)‪ ،‬رجب عبداملنعم متويل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2001 ،‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪242‬‬
‫ ‪32.‬األمم املتحدة خالل نصف قرن‪ ،‬د‪ .‬حسن نافعة‪ ،‬عالم املعرفة‪ ،‬الكويت‪1995 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط‬
‫ ‪33.‬تدخــل األمــم املتحــدة مــن الرصاعــات املســلحة غــر ذات الطابــع الــدويل‪ ،‬مســعد عبدالرحمــن‬
‫زيدان‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2008 ،‬م‬
‫ ‪34.‬القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬محمد املجذوب‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‬
‫ ‪35.‬االتحــاد األفريقــي دراســة يف املنظمــات اإلقليميــة األفريقيــة‪ ،‬د‪ .‬عبــد اللــه األشــعل‪ ،‬مؤسســة‬
‫الطوبجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪( ،‬د‪ .‬ط)‪2004-2003 ،‬م‬
‫ ‪36.‬احــكام القانــون الــدويل العــام يف الرشيعــة االســامية‪ ،‬د‪ .‬حامــد ســلطان‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬عام ‪1974‬م‬
‫ ‪37.‬اختصــاص املحكمــة الجنائيــة الدوليــة بمالحقــة مجرمــي الحــرب‪ ،‬صــاح الديــن عامــر‪،‬‬
‫منشورات الصليب األحمر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2003 ،‬م‬
‫ ‪38.‬اســتخدام القــوة يف فــرض الرشعيــة الدوليــة‪ ،‬ماهــر عبــد املنعــم‪ ،‬املكتبة املرصيــة‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬
‫مرص‪۲۰۰۴ ،‬م‬
‫ ‪39.‬أســس العلــوم السياســية يف ضــوء الرشيعــة اإلســامية‪ ،‬د‪ .‬توفيــق عبدالغنــي الرصــايص‪ ،‬الهيئــة‬
‫املرصية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1986 ،‬م‬
‫ ‪40.‬اإلســام واالســتبداد الســيايس‪ ،‬محمــد الغــزايل‪ ،‬دار الكتــب اإلســامية‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬الطبعــة‬
‫الثالثة‪1404 ،‬هـ– ‪1984‬م‬
‫ ‪41.‬اإلطــار العــام للقانــون الــدويل الجنائــي يف ضــوء أحــكام النظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة‬
‫الدولية‪ ،‬محمد صايف يوسف‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1‬‬
‫ ‪42.‬األمــم املتحــدة الرشعيــة الجائــرة‪ ،‬باتريســيو لوالســكو وانمــي شــاومي‪ ،‬ترجمــة فــؤاد شــاهني‪،‬‬
‫دار الجماهريية للنرش والتوزيع‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م‪.‬‬
‫ ‪43.‬األمــم املتحــدة بــن اإلبقــاء واإللغــاء يف ضــوء التطــورات الراهنــة‪ ،‬رجــب عبــد املنعــم متــوىل‪،‬‬
‫(ب‪ .‬ن)‪( ،‬ب‪ .‬ت)‪2005 ،‬م‬
‫ ‪44.‬األمــم املتحــدة لحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬محمــد وليــد عبــد الرحيــم‪ ،‬املكتبــة العرصيــة‬
‫للطباعة والنرش‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫ ‪45.‬األمــم املتحــدة منظمــة تبقــى ونظــام‪ ,‬فــؤاد البطانيــة‪ ،‬املوســوعة العربيــة للدراســات والنــر‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪2003 ،‬م‪ ،‬ط‪1‬‬
‫ ‪46.‬األمــم املتحــدة واملنظمــة‪ ،‬غــر الحكوميــة‪ ،‬مصطفــى أحمــد فــؤاد‪ ،‬دار الكتــب القانونيــة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪2004‬م‬
‫ ‪47.‬األمــن القومــي واألمــن الجماعــي‪ ،‬ممــدوح مصطفــی کامــل‪ ،‬جامعــة القاهــرة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪1985‬م‪ ،‬ص‪.5۱۸-5۱۷‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪243‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ ‪48.‬التحــرك الــدويل إزاء مذهــب التدخــل اإلنســاني‪ ،‬ياســن العيوطــي‪ ،‬مكتبــة الكونجــرس‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مرص‪1997 ،‬م‬
‫ ‪49.‬تطــور دور مجلــس األمــن يف حفــظ األمــن والســلم الدوليــن‪ ،‬أحمــد عبــد اللــه ابــو العــاء‪ ،‬دار‬
‫الكتب القانونية‪ ،‬مرص‪2005 ،‬م‬
‫ ‪50.‬التعســف يف اســتعمال الحــق يف مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬ســفيان لطيــف عــي‪ ،‬منشــورات الحلبــي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪2013 ،‬م‬
‫ ‪51.‬التعســف يف اســتعمال الســلطة واالنحــراف بهــا يف قــرارات مجلــس األمــن (القانــون الــدويل و‬
‫أزمــة الخليــج)‪ ،‬نــزار جاســم العنبكــي‪ ،‬دار الحكمــة للطباعــة والنــر‪ ،‬جامعــة بغــداد‪ ،‬بغــداد‪،‬‬
‫العراق‪۱۹۹۲ ،‬م‬
‫ ‪52.‬تفسري مقررات املنظمات الدولية‪ ،‬عزيز القايض‪ ،‬املطبعة العاملية‪ ،‬بغداد‪ ،‬عراق‪۱۹۷۱ ،‬م‬
‫ ‪53.‬التنظيــم الــدويل (النظريــة واملنظمــات العامليــة واإلقليميــة واملتخصصــة)‪ ،‬د‪ .‬محمــد املجــذوب‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪2007 ،2‬م‬
‫ ‪54.‬التنظيــم الــدويل النظريــة العامــة‪ ،‬األمــم املتحــدة‪ ،‬إبراهيــم العنانــي‪ ،‬دار الفكــر العربــي‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة األوىل‪1975 ،‬م‬
‫ ‪55.‬التنظيــم الــدويل واإلقليمــي املبــادئ واألهــداف‪ ،‬الطاهــر محمــد أحمــد الشــيخ الفادنــي‪ ،‬مطبعــة‬
‫جي تاون‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪2012 ،‬م‪ ،‬ط‪2‬‬
‫ ‪56.‬التنظيــم الــدويل واإلقليمــي املبــادئ واألهــداف‪ ،‬د‪ .‬الطاهــر محمــد أحمــد الشــيخ الفادنــي‪،‬‬
‫مطبعة جي تاون‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪2012 ،‬م‪ ،‬ط‪2‬‬
‫ ‪57.‬التنظيــم الــدويل‪ ،‬النظــرة العامــة للنظــم املســتخدمة‪ ،‬إبراهيــم أحمــد شــلبي‪ ،‬الــدار الجامعيــة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪1987 ،‬م‬
‫ ‪58.‬التنظيــم الــدويل‪ ،‬جمــال عبــد النــارص مانــع‪ ،‬دار العلــوم للتوزيــع والنــر‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪2007‬م‬
‫ ‪59.‬التنظيم الدويل‪ ،‬حامد سلطان وآخرين‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪۱۹۸5 ،‬م‬
‫ ‪60.‬التنظيم الدويل‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم أحمد شلبي‪ ،‬مكتبة األدب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‬
‫ ‪61.‬جامعــة الــدول العربيــة الواقــع والطمــوح‪ ،‬عــي محافظــة‪ ،‬عبــد الحســن زلزلــة وآخــرون‪،‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪ ،1‬أبريل‪1983 ،‬م‬
‫ ‪62.‬جرائــم الحــرب أمــام القضــاء الجنائــي الــدويل‪ ,‬محمــد محمــود حنفــى‪ ,‬دار النهضــة العربيــة‪,‬‬
‫القاهرة‪ ,‬مرص‪ ،‬ط‪2006 ,1‬م‬
‫ ‪63.‬الجــزاءات الدوليــة االقتصاديــة بمنظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬أبــو عجيلــة عامــر ســيف النــر‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مرص‪2009 ،‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪244‬‬
‫ ‪64.‬الجوانب القانونية لالزمة الليبية‪ ،‬عبد الله االشعل‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1990 ،‬م‬
‫ ‪65.‬الحــدود الفاصلــة بــن ســلطات مجلــس األمــن ومحكمــة العــدل الدوليــة يف حــل النزاعــات‪،‬‬
‫التجاني بشري فطحيزة‪ ،‬جامعة بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪2007 ،‬م‬
‫ ‪66.‬حصــاد القــرن العرشيــن‪ ،‬السياســة والدبلوماســية‪ ،‬فــؤاد شــاكر‪ ،‬الــدار املرصيــة اللبنانيــة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‬
‫ ‪67.‬حــول نظريــة االعــراض يف مجلــس األمــن‪ ،‬محمــد العالــم الراجحــى‪ ،‬دار الثقافــة الجديــدة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1990 ،1‬م‬
‫ ‪68.‬خصائــص الترشيــع اإلســامي يف السياســة والحكــم‪ ،‬د‪ .‬فتحــي الدرينــي‪ ،‬مؤسســة الرســالة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪1402 ،‬هـ–‪1982‬م‬
‫ ‪69.‬الــدور اإلقليمــي يف األزمــة ابتــكارات خالقــة ورصاعــات معطلــة‪ ،‬دارفــور حصــاد األزمــة بعــد‬
‫عقــد مــن الزمــان‪ ،‬الطيــب زيــن العابديــن محمــد وآخــرون‪ ،‬مركــز الجزيــرة للدراســات‪ ،‬قطــر‪،‬‬
‫الدار العربية للعلوم نارشون‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1434 ،1‬هـ‪2013/‬م‬
‫ ‪70.‬دور مجلــس األمــن يف النظــام الجنائــي الــدويل‪ ،‬احمــد عبــد الظاهــر‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‬
‫القاهرة‪ ،‬ط ‪2012 ،1‬م‬
‫ ‪71.‬دور مجلــس األمــن يف تســوية املنازعــات الدوليــة‪ ،‬نــارص الجهانــي‪ ،‬مجلــس الثقافــة العــام‪،‬‬
‫ليبيا‪ ،‬طرابلس‪2008 ،‬م‬
‫ ‪72.‬دور مجلــس األمــن يف تســوية املنازعــات وحفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬مفتــاح عمــر درباش‪،‬‬
‫دار الكتب الوطنية‪ ،‬بنغازي‪ ،‬ليبيا‪ ،‬الطبعة األوىل‪2007 ،‬م‬
‫ ‪73.‬الدولــة اإلســامية وســلطتها الترشيعيــة‪ ،‬د‪ .‬حســن صبحــي أحمــد عبداللطيــف‪ ،‬مؤسســة‬
‫الشباب الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪1974 ،‬م‬
‫ ‪74.‬الدولــة والســيادة يف الفقــه اإلســامي‪ ،‬فتحــي عبــد الكريــم‪ ،‬مكتبــة وهبــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪1984‬م‬
‫ ‪75.‬الرقابــة عــى دســتورية القوانــن يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة واإلقليــم املــري‪ ،‬احمــد كمــال‬
‫أبو املجد‪ ،‬دار النهضة املرصية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪۱۹۹۰ ،‬م‬
‫ ‪76.‬ســلطات مجلــس األمــن يف تطبيــق الفصــل الســابع بــن أحــكام امليثــاق واملمارســات الدوليــة‬
‫املعــارصة‪ ،‬خالــد حســاني‪ ،‬منشــورات الحلبــي الحقوقيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬الطبعــة األوىل‪،‬‬
‫‪2015‬م‬
‫ ‪77.‬الســلطة التقديريــة ملجلــس االمــن واســتخدامها يف حالــة العــراق‪ ،‬ســيف الديــن املشــهداني‪ ،‬دار‬
‫النرش الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪1999 ،‬م‬
‫ ‪78.‬الرشعيــة الدوليــة يف ظــل النظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬محمــود صالــح العــاديل‪ ،‬دار الفكــر‬
‫الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مرص‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪245‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ ‪79.‬العقوبــات االقتصاديــة ملجلــس األمــن‪ ،‬خولــة محــي الديــن يوســف‪ ،‬منشــورات الحلبــي‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫ ‪80.‬العالقــات الدوليــة يف اإلســام‪ ،‬د‪ .‬وهبــة الزحيــي‪ ،‬دار املأمــون للرتاث‪ ،‬دمشــق‪ ،‬ســوريا‪1984 ،‬م‪،‬‬
‫ط‪1‬‬
‫ ‪81.‬العالقــة بــن األمــم املتحــدة واملحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬املختــار عمــر ســعيد شــنان‪ ،‬بــدون‬
‫دار طبع‪2005 ،‬م – ‪2006‬م‬
‫ ‪82.‬العالقــة بــن مجلــس األمــن واملحكمــة الجنائيــة الدوليــة الدائمــة‪ ،‬املختــار عمــر ســعيد شــنان‪،‬‬
‫جامعة نارص االممية‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‬
‫ ‪83.‬العالقــة بــن مجلــس األمــن والنظــام األســايس للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬محمــد ناظــم داؤد‬
‫النعيمي‪ ،‬مطبعة جامعة العراق‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪2009 ،‬م‬
‫ ‪ 84.‬فعاليــة املعاهــدات الدوليــة‪ ،‬البطــان واإلنهــاء وإجــراءات حــل املنازعــات الدوليــة املتعلقــة‬
‫بذلك‪ ،‬محمد بو سلطان‪ ،‬دار الغرب للنرش والتوزيع‪ ،‬وهران‪ ،‬الجزائر‪2005 ،‬م‬
‫ ‪85.‬قانــون التنظيــم الــدويل‪ ،‬د‪ .‬مصطفــى ســيد عبــد الرحمــن‪ ،‬دار النهضــة املرصيــة‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬ط‪1990 ،1‬م‬
‫ ‪86.‬القانــون الجنائــي الــدويل يف عالــم متغــر‪ ،‬عــي يوســف الشــكري‪ ،‬ايــراك للطباعــة والنــر‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪2006 ،‬م‬
‫ ‪87.‬القانــون الجنائــي الــدويل‪ ،‬الجــزاءات الدوليــة‪ ،‬مختــار عــي ســعيد منصــور الطاهــر‪ ،‬دار‬
‫الكتاب الجديد املتحد‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪2000 ،1‬م‬
‫ ‪88.‬القانــون الدســتوري واملؤسســات السياســية‪ ،‬اندريــه هوريــو‪ ،‬نقلــه إىل العربيــة عــي مقلــد‬
‫وآخرون‪ ،‬األهلية للنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1974 ،‬م‬
‫ ‪89.‬القانــون الدســتوري والنظــم السياســية‪ ،‬د‪ .‬إســماعيل الغــزال‪ ،‬املؤسســة الجامعيــة للدراســات‬
‫والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1406 ،‬هـ – ‪1987‬م‬
‫ ‪90.‬القانــون الــدويل اإلنســاني آفــاق وتحديــات‪ ،‬إبراهيــم دراجــى وآخــرون‪( ،‬ب‪ .‬د)‪ ،‬الطبعــة األويل‪،‬‬
‫‪2005‬م‬
‫ ‪91.‬القانــون الــدويل اإلنســاني يف ضــوء املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬عمــر محمــود املخزومــي‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪2008 ،‬م‬
‫ ‪ 92.‬القانــون الــدويل اإلنســاني‪ ،‬نــزار العنبكــي‪ ،‬دار وائــل للنــر والتوزيــع‪ ،‬عمــان‪ ،‬األردن‪2010 ،‬م‪،‬‬
‫ط‪1‬‬
‫ ‪93.‬القانــون الــدويل العــام يف الســلم والحــرب‪ ،‬الشــافعي محمــد بشــر‪ ،‬منشــاة املعــارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪1971 ،‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪246‬‬
‫ ‪94.‬القانــون الــدويل العــام‪ ،‬حامــد ســلطان‪ ،‬عائشــة راتــب‪ ،‬صــاح الديــن عامــر‪ ،‬دار النهضــة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1987 ،2‬م‬
‫ ‪95.‬القانــون الــدويل العــام‪ ،‬د‪ .‬ســامي جنينــة‪ ،‬مطبعــة لجنــة التأليــف والنــر‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫ط‪1938 ،2‬م‬
‫ ‪96.‬القانون الدويل العام‪ ،‬د‪ .‬عيل صادق أبوهيف‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪11‬‬
‫ ‪97.‬القانــون الــدويل العــام‪ ،‬عــى صــادق ابــو هيــف‪ ،‬منشــأة املعــارف‪ ،‬اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪1960‬م‬
‫ ‪98.‬قانــون املجتمــع الــدويل املعــارص‪ ،‬د‪ .‬بــن عامــر تونــي‪ ،‬ديــوان املطبوعــات الجامعيــة‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،‬مرص‪1993 ،‬م‬
‫ ‪99.‬قانــون املنظمــات الدوليــة‪ ،‬محمــد ســامي عبدالحميــد‪ ،‬منشــأة املعــارف‪ ،‬اإلســكندرية‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪2000‬م‬
‫ ‪100.‬قــرارات منظمــة االمــم املتحــدة يف امليــزان‪ ،‬نايــف حامــد العليمــان‪ ،‬دار الفكــر للنــر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪2005 ،‬م‬
‫ ‪101.‬قضيــة لوكربــي الجوانــب القانونيــة ألزمــة العالقــات الليبيــة الغربيــة حــادث تحطــم الطائرة‬
‫األمريكيــة والفرنســية‪ ،‬دراســة يف ضــوء القانــون الــدويل والعالقــات بــن أجهــزة األمــم‬
‫املتحدة‪ ،‬جمعة سعيد رسير‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة األوىل‪1999 ،‬م‬
‫ ‪102.‬قضيــة لوكربــي بــن الحقيقــة والتضليــل‪ ،‬ثــروت عبدالهــادي خالــد‪ ،‬إســماعيل أحمــد عــي‬
‫هالل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪2000 ،‬م‬
‫ ‪103.‬القيمــة القانونيــة لقــرارات مجلــس األمــن يف مجــال حقــوق اإلنســان‪ ،‬ملــي عبــد الباقــي‪،‬‬
‫محمود العزاوي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بريوت‪2009 ،‬م‬
‫ ‪104.‬كل مــا أردت تعرفــه دومـا ً عــن األمــم املتحــدة‪ ،‬مكتــب األمــم املتحــدة‪ ،‬إدارة شــؤون اإلعــام‪،‬‬
‫نيويورك‪ ،‬الواليات املتحدة األمريكية‪2008 ،‬م‬
‫‪ 105.‬مبــادئ األمــم املتحــدة وخصائصهــا‪ ،‬د‪ .‬حســن الحلبــي‪ ،‬قســم البحــوث والدراســات القانونية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬سنة ‪1970‬م‬
‫ ‪106.‬مبــادئ القانــون الدســتوري ونظــام الحكــم يف الســودان يف ظــل دســتور ‪۱۹۸5‬م‪ ،‬احمــد‬
‫شوقي محمود‪ ،‬مطبعة جامعة النيلني‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪1990 ،‬م‬
‫ ‪107.‬مبــادئ القانــون الدســتوري‪ ،‬د‪ .‬خــرى عبــد اللــه‪ ،‬مكتبــة وهبــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪ ،‬ط ‪،4‬‬
‫‪1949‬م‬
‫ ‪108.‬مبــادئ القانــون الــدويل العــام‪ ،‬إبراهيــم أحمــد شــبيل‪ ،‬الــدار الجامعيــة‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪1984‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪247‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ ‪109.‬مبــادئ القانــون الــدويل العــام‪ ،‬د‪ .‬حســن الحلبــي‪ ،‬دار منشــورات عويــدات‪ ،‬بــروت‪ ،‬لبنــان‪،‬‬
‫‪1980‬م‪ ،‬د‪.‬ط‬
‫ ‪110.‬مبــادئ القانــون الــدويل العــام‪ ،‬محمــد حافــظ غانــم‪ ،‬مطبعــة النهضــة الجديــدة‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مرص‪1967 ،‬م‪ ،‬ط‪4‬‬
‫ ‪111.‬مبــادئ نظــام الحكــم يف اإلســام مــع املقارنــة باملبــادئ الدســتورية الحديثــة‪ ،‬د‪ .‬عبدالحميــد‬
‫متويل‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪1978 ،‬م‬
‫ ‪112.‬مبــادئ نظــام الحكــم يف اإلســام‪ ،‬عبدالحميــد متــويل‪ ،‬دار املعــارف‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪1966 ،‬م‪،‬‬
‫د‪.‬ط‬
‫ ‪113.‬مبــدأ االختصــاص الداخــي أو املجــال املحجــوز للدولــة يف ظــل التنظيــم الــدويل املعــارص‪،‬‬
‫عىل رضا عبد الرحمن‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1997 ،‬م‬
‫ ‪114.‬مجلــس األمــن واملحكمــة الجنائيــة الدوليــة يف عالــم متغــر‪ ،‬د‪ .‬بــو عــزة عبــد الهــادى‪ ,‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة األويل‪2013 ،‬م‬
‫ ‪115.‬مجلــس االمــن ودوره يف حمايــة الســام الــدويل‪ ،‬احمــد ســيف الديــن‪ ،‬منشــورات الحلبــي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2012 ،‬م‬
‫ ‪116.‬محــارضات يف املنظمــات الدوليــة واإلقليميــة‪ ،‬د‪ .‬محمــد ســعيد مجــذوب‪ ،‬دار الكتــب العلميــة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪1976 ،‬م‬
‫ ‪117.‬املحكمــة الجنائيــة الدوليــة ومــدى اختصاصاتهــا ومــدى محاكمــة األفــراد الســودانيني‪ ،‬د‪.‬‬
‫خالد حسني محمد‪ ،‬رشكة مطابع السودان للعملة‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬السودان‪2007 ،‬م‬
‫ ‪118.‬املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬ســعيد عبــد اللطيــف حســن‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬بــروت‪،‬‬
‫لبنان‪2004 ،‬م‬
‫ ‪119.‬املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬عبــد الفتــاح بيومــي حجــازي‪ ،‬دار الفكــر الجامعي‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬
‫مرص‪2005 ،‬م‬
‫ ‪120.‬مدخــل القانــون الــدويل لحقــوق اإلنســان‪ ،‬د‪ .‬عمــر ســعدالله‪ ،‬ديــوان املطبوعــات الجامعيــة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬ط‪2003 ،3‬م‬
‫ ‪121.‬مدخــل إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬أمــل ســازجي‪ ،‬الورشــة العربيــة للتدريــب حــول‬
‫املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪2003 ،‬م‬
‫ ‪122.‬مســتقبل العقوبــات الدوليــة باألمــم املتحــدة‪ ،‬عبــد الغفــار عبــاس ســليم‪ ،‬دار النهضــة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة األوىل‪2008 ،‬م‬
‫ ‪123.‬مقدمــة لدراســة القانــون الــدويل العــام‪ ،‬صــاح الديــن عامــر‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مرص‪2007 ،‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪248‬‬
‫ ‪124.‬مكافحــة اإلرهــاب يف املمارســات الدوليــة املعــارصة‪ ،‬إدريــس الكرينــي‪ ،‬منشــورة يف ثــاث‬
‫حلقات‪ ،‬القدس العربي‪ ،‬لندن‪ ،‬األعداد‪2002 ،4135/4134/4133 :‬م‪.‬‬
‫ ‪125.‬املنظمات اإلقليمية الدولية‪ ،‬د‪ .‬عاكف صوفان‪ ،‬دار األحمدي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‬
‫ ‪126.‬املنظمــات اإلقليميــة الدوليــة‪ ،‬عاكــف يوســف صوفــان‪ ،‬دار االحمــدي للنــر‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫‪2008‬م‬
‫ ‪127.‬املنظمــات الدوليــة اإلســامية‪ ،‬عبدالرحمــن بــن إبراهيــم الضحيــان‪ ،‬أبهــا‪ ،‬اململكــة العربيــة‬
‫السعودية‪1411 ،‬هـ‪ ،‬ط‪1‬‬
‫ ‪128.‬املنظمــات الدوليــة الحديثــة وفكــرة الحكومــة العامليــة‪ ،‬د‪ .‬محمــد حســن األبيــاري‪ ،‬الهيئــة‬
‫املرصية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1978 ،‬م‬
‫ ‪129.‬املنظمــات الدوليــة واإلقليميــة املتخصصــة‪ ،‬د‪ .‬عــي يوســف الشــكري‪ ،‬ايــراك للنــر والتوزيع‪،‬‬
‫الخرطوم‪ ،‬السودان‪2004 ،‬م‬
‫ ‪130.‬املنظمــات الدوليــة واالقليميــة‪ ،‬محمــد الســيد الدقــاق‪ ،‬مؤسســة الثقافــة الجامعيــة‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مرص‪1978 ،‬م‬
‫ ‪131.‬املنظمات الدولية‪ ،‬عبد الكريم علوان خضري‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪2004 ،‬م‪،‬‬
‫ ‪132.‬املنظمات الدولية‪ ،‬عبد الكريم علوان خضري‪ ،‬مكتبة الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1997 ،1‬م‬
‫ ‪133.‬املنظمــات الدوليــة‪ ،‬عــي يوســف الشــكري‪ ،‬مؤسســة دار صــادق للطباعــة والنــر‪ ،‬بغــداد‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬الطبعة األوىل‪۲۰۱۲ ،‬م‬
‫ ‪134.‬املنظمــات الدوليــة‪ ،‬محمــد ســعيد الدقــاق‪ ،‬الــدار الجامعيــة للطباعــة والنــر‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬
‫مرص‪1994 ،‬م‬
‫ ‪135.‬منــع النــزاع وتحويــل العدالــة وضمــان الســام‪ ،‬دراســة عامليــة‪ ،‬حــول تنفيــذ قــرار مجلــس‬
‫األمن الدويل التابع لألمم املتحدة رقم ‪ ،1325‬هيئة األمم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪2015 ،‬م‬
‫ ‪136.‬موســوعة الفقــه الســيايس ونظــام الحكــم يف اإلســام‪ .‬الكتــاب األول‪ ،‬نظريــة الدولــة يف الفقــه‬
‫الســيايس اإلســامي‪ ،‬دراســة مقارنــة بالنظــم الدســتورية املعــارصة‪ ،‬د‪ .‬فــؤاد محمــد النــادي‪،‬‬
‫دار الكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1400 ،‬هـ– ‪1980‬م‬
‫ ‪137.‬ميثــاق العوملــة‪ ،‬ســلوك اإلنســان يف عالــم عامــر بالــدول‪ ،‬روبــرت جاكســون‪ :‬تعريــب فاضــل‬
‫جكرت‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪2003 ،‬م‬
‫ ‪138.‬نظــام الجــزاء الــدويل‪ ،‬العقوبــات الدوليــة ضــد الــدول واألفــراد‪ ،‬عــي جميــل حــرب‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪۲۰۱۰ ،1‬م‬
‫ ‪139.‬نظــام الحكــم يف اإلســام‪ ،‬د‪ .‬محمــد يوســف مــوىس‪ ،‬معهــد الدراســات العربيــة العامليــة‪،‬‬
‫جامعة الدول العربية‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪1964 ،‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪249‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ ‪140.‬النظــام الــدويل والســام العاملــي‪ ،‬انييــل كلــود‪ ،‬ترجمــة د‪ .‬عبــد اللــه العريــان‪ ،‬دار النهضــة‬
‫العربية‪ ،‬مرص‪ ،‬القاهرة‪2011 ،‬م‬
‫ ‪141.‬النظام العاملي الجديد‪ ،‬محمد بجاوي‪ ،‬لندن‪ ،‬اململكة املتحدة‪1994 ،‬م‬
‫ ‪142.‬النظــام القضائــي للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪ ،‬منــذر بــراء كمــال‪ ،‬دار الحامــد‪ ،‬عمــان‪،‬‬
‫األردن‪2008 ،‬م‬
‫ ‪143.‬النظريــات السياســية اإلســامية‪ ،‬د‪ .‬محمــد ضيــاء الديــن الريــس‪ ،‬دار الــراث‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مرص‪1979 ،‬م‬
‫ ‪144.‬نظريــة أعمــال الســيادة‪ ،‬د‪ .‬عبدالفتــاح ســاير دايــر‪ ،‬مطبعــة جامعــة القاهــرة‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مرص‪1955 ،‬م‬
‫ ‪145.‬نظرية اإلسالم السياسية‪ ،‬أبواألعىل املودودي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫ ‪146.‬النظريــة اإلســامية يف الدولــة مــع املقارنــة بنظريــة الدولــة يف الفقــه الدســتوري الحديــث‪ ،‬د‪.‬‬
‫حازم عبداملتعال الصعيدي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1397 ،‬هـ‪1977 ،‬م‬
‫ ‪147.‬نظريــة الدولــة واملبــادئ العامــة لألنظمــة السياســية ونظــم الحكــم‪ ،‬طعيمــة الجــرف‪ ،‬مكتبــة‬
‫القاهرة الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1973 ،‬م‬
‫ ‪148.‬نظريــة الــراع الــدويل‪ ،‬خليــل أبــو كــرش‪ ،‬معهــد البحــوث والدراســات العربيــة‪ ،‬غــزة‪،‬‬
‫فلسطني‪2014 ،‬م‬
‫ ‪149.‬الوجيــز يف القانــون الدســتوري‪ ،‬دارســة تحليليــة يف النظريــة العامــة لفلســفة القانــون‬
‫الدســتوري‪ ،‬د‪ .‬إبراهيــم أبوخــزام‪ ،‬دار الجماهرييــة للنــر والتوزيــع‪ ،‬بنغــازي‪ ،‬ليبيــا‪1996 ،‬م‪،‬‬
‫ط‪2‬‬
‫ ‪150.‬الوســيط يف القانــون الــدويل العــام‪ ،‬عبــد الكريــم علــوان خضــر‪ ،‬مكتبــة دار الثقافــة للنــر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪1997 ،‬م‬
‫ ‪151.‬الوســيط يف قانــون املنظمــات الدوليــة‪ ،‬أحمــد أبــو الوفــا‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪،‬‬
‫مرص‪1998 ،‬م‬
‫ ‪152.‬الوظيفة االفتتاحية ملحكمة العدل الدولية ودورها يف تفسري وتطوير سلطات واختصاصات األجهزة‬
‫الرئيسية لألمم املتحدة‪ ،‬أحمد الرشيدي‪ ،‬الهيئة العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬سنة ‪1993‬م‬
‫ ‪153.‬الرأي االستشاري الصادر من محكمة العدل الدولية عن قضية الصادر يف ‪1971‬م‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪250‬‬
‫الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪1 .‬الجرائــم الدوليــة‪ ،‬د‪ .‬محمــد عبــد املنعــم عبدالغنــى‪ ،‬رســالة لنيــل درجــة الدكتــوراه‪ ،‬جامعــة‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مرص‪2007 ،‬م‬
‫‪2 .‬التدخــل الــدويل اإلنســاني وانتهــاك الســيادة الوطنيــة‪ ،‬محمــد أحمــد محجــوب عثمــان‪ ،‬رســالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة أم درمان اإلسالمية‪ ،‬قسم الفقه املقارن‪ ،‬أم درمان‪ ،‬السودان‪2004 ،‬م‬
‫‪3 .‬الجــزاءات الدوليــة يف الفصــل الســابع مــن امليثــاق‪ ،‬االعــرج عــي ناجــي صالــح‪ ،‬رســالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬مرص‪.‬‬
‫‪4 .‬ديمقراطيــة منظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬نعيمــة عميمــر‪ ،‬رســالة دكتــوراه دولــة يف القانــون العــام‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪2009‬م‬
‫‪5 .‬الســيادة يف الفقــه اإلســامي والفقــه القانونــي‪ ،‬خالــد الصــادق عثمــان‪ ،‬رســالة ماجســتري‪،‬‬
‫جامعة أم درمان اإلسالمية‪ ،‬كلية الرشيعة والقانون‪ ،‬أم درمان‪ ،‬السودان‪2005 ،‬م‬
‫‪6 .‬الســيادة يف الفقــه الــدويل بــن األبعــاد القانونيــة واألبعــاد السياســية برتكيــز عــى التدخــل‬
‫باســم حقــوق اإلنســان‪ ،‬خالــد حســن محمــد خــر‪ ،‬جامعــة أم درمــان اإلســامية‪ ،‬كليــة‬
‫الرشيعة والقانون‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬أم درمان‪ ،‬السودان‪1427 ،‬هـ‪2006-‬م‬
‫‪7 .‬العالقــة بــن محكمــة العــدل الدوليــة ومجلــس األمــن يف التســوية الســلمية للمنازعــات وحفــظ‬
‫الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬مفتــاح عمــر دربــاش‪ ،‬رســالة دكتــوراه‪ ،‬جامعــة الخرطــوم‪ ،‬الخرطوم‪،‬‬
‫السودان‬
‫‪8 .‬تفعيــل دور الجمعيــة العامــة يف حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬عجابــي إليــاس‪ ،‬جامعــة‬
‫الجزائر‪ ،‬مذكرة ماجستري يف القانون الدويل‪۲۰۰۸ ،‬م‬
‫‪9 .‬مفهــوم األمــن الــدويل وفقــا ً للنظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬ابوبكــر عبــد القــادر‪ ،‬جامعــة بــن‬
‫يوسف بن خدة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬تخصص قانون‪ ،‬الجزائر‪2008 ،‬م‬
‫ ‪10.‬آليــات مكافحــة اإلرهــاب الــدويل بــن فاعليــة القانــون الــدويل و واقــع املمارســات الدوليــة‬
‫االنفراديــة‪ ،‬لونيــي عــي‪ ،‬رســالة دكتــوراه يف القانــون الــدويل‪ ،‬جامعــة تــزي وزو‪ ،‬كليــة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬الجزائر‪2012 ،‬م‬

‫المجالت والدوريات‪:‬‬
‫‪1 .‬األمــم املتحــدة والنظــام العاملــي الجديــد‪ ،‬أحمــد أبــو الوفــاء‪ ،‬مجلــة السياســة الدوليــة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬العدد ‪ ،122‬أكتوبر ‪1955‬م‬
‫‪2 .‬قضيــة لوكربــي أمــام محكمــة العــدل الدوليــة‪ ،‬عبــد العزيــز مخيمــر عبــد الهــادي‪ ،‬مجلــة‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد األول‪ ،‬مارس ‪1994‬م‬
‫‪3 .‬القيمــة القانونيــة لقــرارات املنظمــات الدوليــة‪ ،‬كمصــدر لقواعــد القانــون الــدويل‪ ،‬محمــد‬
‫سامي عبد الحميد‪ ،‬املجلة املرصية للقانون الدويل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪1998 ،‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪251‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫‪4 .‬مجلــة الوقائــع لألمــم املتحــدة‪ ،‬ديســمرب ‪1993‬م‪ ،‬نيويــورك‪ ،‬الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪،‬‬
‫السنة الرابعة عرش‪ ،‬العدد الثالث‬
‫‪5 .‬مجلــس األمــن وتحديــات الســلم واألمــن العامليــن دراســة يف ضــوء مقرتحــات إصــاح منظمــة‬
‫األمم املتحدة»‪ ،‬خلفان كريم‪ ،‬مجلة الفكر‪ ،‬العدد العارش‬
‫‪6 .‬مجلــس األمــن ورضورات اإلصــاح العــام‪ ،‬ليتــم فتيحــة‪ ،‬مجلــة السياســة الدوليــة‪ ،‬جامعــة‬
‫الحاج لخرض‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،68‬أبريل‪2007 ،‬م‬
‫‪7 .‬محكمــة العــدل الدوليــة بالهــاي‪ ،‬نمــوذج لعوملــة القضــاء والتخــول عــى املحاكــم وســيادة‬
‫الدولة‪ ،‬عبدالهادي أبوطالب‪ ،‬جريدة األنباء السودانية‪ ،‬العدد ‪2005/5/22 ،2701‬م‪.‬‬
‫‪8 .‬محكمــة العــدل الدوليــة بــن اهميــة التحديــث ومخاطــر التأســيس‪ ،‬احمــد الرشــيدي‪ ،‬مجلــة‬
‫السياسة الدولية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مرص‪ ،‬العدد ‪ ،17‬عام ‪1986‬م‬
‫‪9 .‬مــدى الســلطة التقديريــة ملجلــس األمــن الــدويل وفقـا ً للفصــل الســابع‪ ،‬فخــري رشــيد املهنــا‪،‬‬
‫مجلة العلوم القانونية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،‬العدد لثاني‬
‫ ‪10.‬مســتقبل األمــم املتحــدة‪ ،‬املجلــة املرصيــة للقانــون الــدويل‪ ،‬إســماعيل فهمــي‪ ،‬الجمعيــة املرصيــة‬
‫للقانون الدويل‪ ،‬مطبعة االسكندرية‪ ،‬مرص‪ ،‬املجلد الثاني والعرشون‪1966 ،‬م‬
‫ ‪11.‬ميثــاق األمــم املتحــدة‪ ،‬حامــد ســلطان‪ ،‬املجلــة املرصيــة للقانــون الــدويل‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬مــر‪،‬‬
‫املجلد السادس‪۱۹5۰ ،‬م‬
‫ ‪12.‬نظــرة يف نجاحــات األمــم املتحــدة واخفاقاتهــا حيــال حفــظ الســلم واألمــن الدوليــن‪ ،‬عبدالرحيم‬
‫معتوق محمد‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والرشعية‪ ،‬العدد الثامن‬
‫ ‪13.‬مجلة البصائر‪ ،‬وليد العنانى‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬املجلد السادس‪ ،‬عام ‪2004‬م‬

‫القوانين والمواثيق الدولية‪:‬‬


‫‪1 .‬دستور السودان االنتقايل لسنة ‪2005‬م‬
‫‪2 .‬القانون الجنائي السوداني لسنة ‪1991‬م‬
‫‪3 .‬قانون القوات املسلحة السودانية لسنة ‪2007‬م‬
‫‪4 .‬قانون الهيئة القضائية السودانية لسنة ‪1986‬م‬
‫‪5 .‬قانون جوازات السفر والهجرة لسنة ‪1994‬م‪.‬‬
‫‪6 .‬قانون رشطة السودان لسنة ‪2008‬م‬
‫‪7 .‬قانون قوات األمن الوطني لسنة ‪1999‬م‬
‫‪8 .‬اتفاقيــة األمــم املتحــدة ملكافحــة االتجــار غــر املــروع يف املخــدرات واملؤثــرات العقليــة لعــام‬
‫‪1988‬م‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪252‬‬
‫‪9 .‬ميثاق منظمة األمم املتحدة‬
‫ ‪10.‬النظام األسايس ملحكمة العدل الدولية‬
‫‪ 11.‬االتفاقية الخاصة بإلغاء الرق واالتجار يف الرقيق واستغالل الدعارة عام ‪1950‬م‬
‫ ‪12.‬اتفاقية الهاي لسنة ‪1907‬م‪.‬‬
‫ ‪13.‬اتفاقية مكافحة التمييز العنرصي لعام ‪ 1945‬م‬
‫ ‪14.‬ميثاق األمم املتحدة‬
‫ ‪15.‬قانون السلك الدبلومايس والقنصيل لسنة ‪1997‬م‬

‫التقارير والقرارات‪:‬‬
‫‪1 .‬رأي القايض ويرمانرتي حول قرار مجلس االمن رقم ‪،748/1992‬‬
‫‪2 .‬رأي القايض شهاب الدين حول قرار مجلس االمن رقم ‪،748/1992‬‬
‫‪3 .‬رأي القايض ‪https://www.icj-cij.org Weemantry‬‬
‫‪4 .‬رأي القايض نيا‪ ،‬حول قرار مجلس األمن رقم ‪1992/748‬‬
‫‪5 .‬تقارير محكمة العدل الدولية‪ ،‬قضية لوكربي ‪.۱۹۹۲‬‬
‫‪6 .‬تقرير محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنه‪ ۱۳ ،‬سبتمرب ‪۱۹۹۳‬م‬
‫‪7 .‬تقرير محكمة العدل الدولية‪ ،‬للفرتة من ‪/1‬آب اغسطس‪ 97/‬إىل ‪/31‬تموز‪/‬يوليو ‪1998‬م‬
‫‪8 .‬قضيــة األنشــطة العســكرية وشــبه العســكرية يف نيكاراغــوا وضدهــا عــام ‪۱۹۸۴‬م موجــز‬
‫األحــكام والفتـــاوى ملحكمــة العــدل الدوليــة واألوامــر الصــادرة عــن املحكمــة مــن ‪1948‬م‪-‬‬
‫‪1991‬م‬
‫‪9 .‬مذكرة مجلس االمن الصادرة يف ‪ 30‬يونيو ‪2017‬م‪.‬‬
‫ ‪10.‬آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنة‪ ،1993 ،‬رأي قايض شهاب الدين‬
‫ ‪11.‬اجتمــاع الجمعيــة العامــة رقــم ‪ ،A/48/264‬ليــوم ‪1993/7/26‬م‪ ،‬نيويــورك‪ ،‬الواليــات‬
‫املتحدة األمريكية‬
‫ ‪12.‬آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية بوسنة‪ ،1993 ،‬رأي قايض لوترباخت‬
‫ ‪13.‬آراء قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة عــن قضيــة رشوط قبــول الدولــة لعضويــة األمــم املتحــدة‪،‬‬
‫‪ ،1948‬رأي قايض الفاريز‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪253‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫ ‪14.‬آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكربي‪ ،‬رأي القشريي‬
‫ ‪15.‬آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكربي‪ ،‬قايض ‪Laches‬‬
‫ ‪16.‬آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكربي‪ ،‬قايض بجاوي‬
‫ ‪17.‬آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكربي‪ ،‬قايض شهاب الدين‬
‫ ‪18.‬آراء قضاة محكمة العدل الدولية عن قضية لوكربي‪ ،‬قايض ويرمانرتي‬
‫ ‪19.‬آراء قضــاة محكمــة العــدل الدوليــة عــن قضيــة نفقــات األمــم املتحــدة‪ ،1942 ،‬رأي قــايض‬
‫بوستامانتي‬
‫ ‪20.‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 1368‬بتاريــخ ‪ 12‬ديســمرب ‪2001‬م بخصــوص الهجمــات عــى‬
‫برجي التجارة العاملي‬
‫ ‪21.‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 1373‬بتاريــخ ‪ 28‬ســبتمرب ‪2001‬م بخصــوص هجمــات برجــي‬
‫التجارة العاملي‬
‫ ‪22.‬قــرار مجلــس األمــن رقــم ‪ 1624‬بتاريــخ ‪ 14‬ســبتمرب ‪2005‬م يتعلــق بالتحريــض عــى ارتــكاب‬
‫األعمال اإلرهابية‬
‫ ‪23.‬قــرار مجلــس األمــن التابــع لألمــم املتحــدة القــرار ‪ 2524‬لســنة ‪2020‬م بخصــوص بعثــة‬
‫يونيتامس إىل السودان‪.‬‬
‫ ‪24.‬قــرار مجلــس األمــن التابــع لألمــم املتحــدة القــرار ‪ 2715‬لســنة ‪2023‬م بخصــوص أنهــاء‬
‫والية بعثة يونيتامس‬
‫ ‪25.‬قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة املعروف باسم االتحاد من أجل السالم سنة ‪1950‬م‬
‫ ‪26.‬قــرار رقــم ‪ 688‬الــذي اتخــذه مجلــس األمــن يف جلســته رقــم ‪ 2981‬املعقــودة يف نيســان ‪1‬‬
‫ابريل ‪1991‬م‪.‬‬
‫ ‪27.‬قرار مجلس االمن الدويل (‪ )724‬املعتمد باألجماع يف ‪1991 /12/15‬م‪.‬‬
‫ ‪28.‬قــرار مجلــس االمــن الــدويل رقــم ( ‪ )661‬الصــادر يف ‪1990/8/6‬م عــن الحالــة بــن العــراق‬
‫والكويت‬
‫ ‪29.‬قرار مجلس االمن الدويل رقم (‪ )748‬املعتمد باألجماع يف ‪1992/3/ 31‬م‬
‫ ‪30.‬تقاريــر محكمــة العــدل الدوليــة‪ 1 ،‬آب‪ /‬أغســطس ‪/31-2000‬تموز‪/‬يوليــو ‪A/4/56 .2001‬‬
‫الجمعية العامة‪ ،‬الوثائق الرسمية‪ ،‬الدورة ‪ 54‬نيويورك ‪.2001‬‬
‫ ‪31.‬قــرار مجلــس األمــن رقــم (‪ S/RES/638 )1989‬الصــادر بتاريــخ ‪ 31‬جويليــة ‪ 1989‬واملتعلق‬
‫بحوادث أخذ الرهائن واالختطاف‪.‬‬
‫ ‪32.‬قرار محكمة العدل الدولية رقم (‪ )1731‬الصادر يف ‪ 20‬ديسمرب ‪1941‬م‪.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬ ‫‪254‬‬
‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪1 .‬موجــز األحــكام والفتــاوى ملحكمــة العــدل الدوليــة واألوامــر الصــادرة عــن املحكمــة‪ ،‬قضيــة‬
‫بوسنة ضد يوغسالفيا (‪https://www.icj-cij.org/en/case/91 )1993‬‬
‫‪2 .‬موقع ويكبيديا ‪.www.wikipedia.com‬‬
‫‪.https://www.icj-cij.org/en/case3 .‬‬
‫‪https://www.un.org/en/sc4 .‬‬
‫‪.www.jazairnews.com5 .‬‬
‫‪6 .‬دليل أساليب العمل‪ ،‬موقع األمم املتحدة مجلس األمن ‪www.un.org‬‬
‫‪http://www.un.org/arabic/dociments/gares.html7 .‬‬
‫‪8 .‬جدليــة الدولــة والعوملــة‪ ،‬ليــي حــاوة‪ ،‬مقــال منشــور عــى موقــع‪ :‬مركــز الوفــاق للبحــوث‬
‫والتدريب عىل االنرتنت‪https://wefaqdev.net ،‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org9 .‬‬
‫ ‪https://law.cu.edu.eg10.‬‬

‫آثار السلطة التقديرية لمجلس األمن الدولي‬


‫‪255‬‬ ‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬
‫سلسلة الدراسات القانونية (‪)5‬‬

‫آثار السلطة التقديرية‬

‫لمجلس األمن الدولي‬


‫على السيادة الوطنية والرقابة عليها‬

‫د‪ .‬طارق السر محمد خير‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪2024‬م‬

You might also like