Professional Documents
Culture Documents
علم المقولات
علم المقولات
مزج لرساةل بدر العالة يف كشف املقوالت للش يخ معر ابن القرداغي رمحه هللا وهو رشح ي
لعالمة الس تاذ فرهاد آكش ته حفظه هللامس تفاد من دروس مسجةل للرساةل ابللغة الكردية ل ا
مضافة الهيا حوايش العالمة ابن الباساوي رمحه هللا تعاىل يف لك ابب
ويتبع ذكل
رشح مقوالت املوىل القزجلي رمحه هللا
للعالمة الش يخ عبد القادر ابن املؤمن رمحهام هللا ،ومهنواته
إعداد
آعديه
أحمد هيوا
آمحد هيوا
بسم هللا الرحمن الرحيم
الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين ،أما
أتممت تفريغ الدروس الصوتية في شرح رسالة بدر العالة لألستاذ فرهاد آكشته حفظه هللا من البليات
ُ بعد؛ فلما
ونشرتها بعد ترجمتها وترتيبها بين الطالب؛ أشار إلي بعض األحباب بخدمة بعض األعمال المتعلقة بها كشرح
رسالة القزلجي البن المؤمن وحواشي الشيخ ابن الباساوي على بدر العالة فأجبته إلى ذلك متوكال على هللا الملهم
للصواب ،وقبل الدخول في المقصود فهذه نبذة من تراجم كل منهم حسب ترتيب الوفاة.
أوال :الشيخ علي القزلجي (رحمه هللا)
الشيخ العالمة المال علي ابن المال محمد بن إبراهيم القزلجي ،ولد في ناحية قزلجة التابعة لقضاء بنجوين
في محافظة السليمانية في حدود سنة 1240هـ _1824م ،نشأ في بيت علم وأدب فدرس عند والده الشيخ محمد
برهة ،ثم رحل في طلب العلم إلى بغداد فدرس في المدرسة السليمانية عند مفتي العراق الشيخ محمد فيضي
الزهاوي رحمه هللا وتخرج عنده ثم رجع إلى كردستان وأقام في ترجان يدرس العلوم فاجتمع حوله الطالب ،له
رسائل بديعة وحواشي دقيقة منها رسالته في علم المقوالت ،توفي شهر محرم الحرام سنة 1296هـ _ 1878م رحمه
هللا ،انظر ترجمته في كتاب :علماءنا في خدمة العلم والدين للشيخ عبدالكريم المدرس رحمه هللا ،ص.398
ثانيا :الشيخ عبد القادر ابن المؤمن (رحمه هللا)
العالم الفاضل المتخلق بالكرامة والمتحلي بالعلم والفضل المال عبدالقادر ابن المال مؤمن ،ولد في حدود
سنة 1290هـ _ 1873م ،درس في قضاء حلبجة وأطرافها ثم ذهب إلى مدرسة بيارة وبقي عند األستاذ الكبير
المال عبدالقادر حتى تخرج بمستوى عال وممتاز ،عين مدرسا في قرية " بريس" فاجتمع حوله الطالب األذكياء،
ثم انتقل للتدريس في منطقة قرزاباد في حدود سنة 1320هـ_1902م وبقي هناك إلى أن توفي سنة
1326هـ_1908م رحمه هللا وطاب ثراه ،انظر ترجمته في كتاب :علماءنا في خدمة العلم والدين ،ص.311
ثالثا :الشيخ عمر ابن القرداغي (رحمه هللا)
العالم العالمة المفضال خاتمة المحققين وأستاذ األساتذة في علوم الدين الشيخ عمر بن محمد أمين
القرداغي ،ولد سنة 1303هـ_1885م ببلدة السليمانية ،تربى في بيته بيت العلم والفضل فدرس عند والده الشيخ
محمد أمين وعمه الشيخ محمد نجيب وأخذ اإلجازة العلمية منه ،انتقل بعد بقاءه مدة في بيت الوالد وجامعه إلى
السليمانية واستقر هناك وعين إماما ومدرسا في خانقاه موالنا خالد قدس سره ،له مؤلفات عدة منها شرح رسالة
الشيخ القزلجي في المقوالت ،توفي شهر صفر من سنة 1355هـ _ 1936م ،انظر ترجمته في كتاب :علماءنا
في خدمة العلم والدين ص.415
1
رابعا :الشيخ أحمد ابن الباساوي (رحمه هللا)
العالم الكبير والشاعر األريب أحمد ابن المال عمر ابن الشيخ أحمد الباساوي الجريحي ،ولد سنة
1324هـ_1906م في قرية "واشه مه زين" التابعة لقضاء "سه ردشت" ،تعلم مبادئ العلوم في مدرسة والده في
القرية المذكورة ثم انتقل بين المدارس وانتهى به المطاف عند العالمة الشيخ عمر ابن القرداغي رحمه هللا وتخرج
عنده وبعد تأهله رجع إلى قريته األم فاشتغل بتدريس العلوم هناك حتى انتهى به المطاف إلى قرية "باساوى" التابعة
لمدينة " سه رده شت" وتعين هناك إماما وخطيبا ومدرسا لمدرسته ،له مؤلفات عدة وديوان شعر مطبوع ،وافاه
األجل شهر رمضان المبارك سنة 1363هـ _1944م رحمه هللا وأجزل مثوبته ،انظر ترجمته في :كتاب "تسع
رسائل في علم المنطق" ،لألستاذ الدكتور لقمان عثمان البحركي ،ص.239
محتويات الكتاب:
ذكرت وهي مرتبة كاآلتي:
ُ يتضمن الكتاب من األعمال ما
أوال :الشرح المزجي على شرح بدر العالة للعالمة األستاذ فرهاد آكشته حفظه هللا مذيال بحواشي الشيخ أحمد ابن
الباساوي في كل باب.
ثانيا :شرح الشيخ ابن المؤمن على مقوالت القزلجي رحمهما هللا ومنهواته.
2
الشرح املزجي على شرح بدر العالة للعالمة األستاذ فرهاد آكشته حفظه اهلل
طوق
المن ُ قال َّ
ص َور َ
صلي َعلى َهُيولى ُ
ون َ
جواهر ال ُعُقول ُم َكيََّفة بال ُعُلومُ ،
حمُد َك يا َجاع َل َ
ّللَاُ تعالىَ :ن َ
مه َ َّ
الشارُح رح ُ َ
ين بتزكية النُفوس َعن
الم َنفعل َ
ضاعه كالن ُجوم ،وأَص َحابه ُ
ضاَفة إلى كميَّة أَو َ
ين باإل َ
الصائر َ
فهومَ ،وعَلى آله َّالم ُ
وَ
عد
وب ُ
المذ ُموم َ
الفعل َ
جمع َجوهر ،والمرُاد به :معناه اللغوي وهو الشيء الثمين ال اهر:
العقول) الجو ُ
جاعل جواه َر ُ حمدك يا
(ن ُ
المقدمة
3
نه َما ال َهادي ل َّما َك َانت رَساَل ُة اج إَلى اَ َّللطيف اَلمتين ُعمر بن اَ َّ
َداغي َعَفا َع ُ لشيخ ُم َح َّمُد أَمين الَق َره َُ َ لمحتَ ُ
ول اَ ُ
َف َيُق ُ
َف َوائ َد ُمن َيفة ،أ ََرد ُت أَ ْن أَ ْكتُ َب َعَلي َها َف َرائ َد مع ص َغر َحجم َها ُمشتَمَلة َعَلى ّللَاُ َ
لموَلى الق ْزلجي َرح َم ُه َ َّ
لمُقوَالت ل َ
اَ
الع َالَة في َكشف ال َمُقوَالت
وس َّميتُ ُه ب َب ْدر ُ
المخل َ ،
طناب ُ
الممل واإل َوزَوائ َد َلط َيفة ُ ،مجتَنبا َعن اإليجاز ُ َشر َيفة َ
ين ين ب ُحرَمة َسيد اَْل ُم ْرَسل َ
ّللَاُ به ُك َّل َعارف ،آم َ
فع َ َّ
َن َ
عمر بن الشيخ محمد أمين القره داغي عفا عنهما الهادي :
(فيقول المحتاج إلى اللطيف المتين ُ إذا ُعل َم ذلك
سبب تأليف الرسالة والتسمية
ُ
(أردت
ُ كانت رسال ُة المقوالت للمولى القزلجي رحمه هللا مع صغر حجمها مشتملة على فوائد منيفة ) وعالية
لما ْ
كالدر في نفاستها وشرافتها ( وزوائ َد ) ونكات ( لطيفة) دقيقة ،
مسائل هي ُ
َ ائد شريفة) أي
أكتب عليها فر َ
أن َ
الممل
حال كوني ( مجتنبا عن اإليجاز الممل واالطناب المخل) ،واألكثر :عن اإليجاز المخل واإلطناب ُ
(وسميتُه) أي الشرح (ببدر العالة) جمع عالية صفة لمحذوف ،والمعنى :بدر النجوم العالية ( في كشف
المقوالت) يريد :أن هناك شروحا أخرى في شرح رسالة القزلجي رحمه هللا هي كالنجوم وشرحي فيها كالقمر
نوره أنو َار تلك النجوم ،وال يخفى أن هذا بالنسبة إلى مدى البصر ال إلى ما في نفس األمر
يغلب ُ
ليلة البدر ُ
(نفع هللا به كل عارف) أي طالب معرفة (آمين بحرمة سيد المرسلين ، ) والمقوالت جمع مقولة وهي مأخوذة
من القول بمعنى الحمل ،والمقوالت عشرة بناء على االصطالح وهي تقال على األجناس العالية في الموجودات
،فكل موجود إذا لوحظ بالنظر إلى جنسه كان فوقه جنس قريب وفوق ذلك جنس بعيد وفوقه جنس أبعد إلى
أن نصل إلى جنس األجناس وهو الجنس الذي ليس فوقه جنس آخر وذلك كاإلنسان فإن جنسه القريب هو
الحيوان وجنس الحيوان هو الجسم النامي وجنس الجسم النامي هو الجسم وجنس الجسم هو الجوهر وليس فوق
الجوهر جنس فيكون الجوهر جنسا عاليا ويسمى جنس األجناس وتقال عليه مقولة حينئذ فالجوهر إذن مقولة
من المقوالت العشر ،وقس على الجوهر سائر المقوالت كالكيف مثال فإنا إذا أخذنا السواد مثال كان فوقه جنس
قريب هو اللون وجنس اللون هو الكيفيات المبصرة و جنس تلك الكيفيات هو الكيف المحسوس الذي يكون
جنسه الكيف ،وليس فوق الكيف جنس فالكيف جنس عالي وهو مقولة من المقوالت العشر وهكذا قياس سائر
المقوالت ،فإن قيل :األجناس السافلة أيضا تحمل على ما تحتها كالحيوان جنس سافل لإلنسان ويحمل عليه
فيقال " :اإلنسان حيوان " فل َم ال يقال لها مقولة ؟ ،فالجواب :أنه ال يلزم من وجود دليل التسمية وجود
التسمية فصحيح أن الحيوان يحمل على ما تحته وأن وجه التسمية بالمقولة فيه موجود لكن ال يلزم من ذلك
إطالق اسم المقولة عليه.
4
َن المفهوم ) والمعُلوم و ُهو اَلصورةُ اَْلحاصَل ُة م ْن اَ َّ
لشيء ع َند اَْل ُمدرك َم َع َقطع اَ َّلن َ
صافه ب َها
ظر َعن ات َ َ َ ( اعَلم أ َّ َ ُ َ َ َ َ َ َ
ثم إن التاء في لفظ مقولة إما للنقل من كونها للجنس بمعنى المحمول إلى كونها اسم علم للجنس العالي -
تعريف المفهوم ،وبيان الخالف في اإلدراك
والمشهور في العربية أن الكلمة إذا كانت صفة ثم نقلت إلى العلمية أضيفت إليها تاء إشارة إلى أنها في األصل
صفة كالكافية فإنها في األصل صفة للكتاب المشهور ثم نقل إلى العلمية له -أو هي للمبالغة مثل َّ
عالمة
المفهوم لفظان
ُ فالمعلوم و
ُ العلم وعالقته بالمعلوم فعند أصحاب الحقيقة تكون تلك الصورة علما ومعلوما ومفهوما
التفاوت بينهما وبين العلم ليس في الذات والماهية بل هو تفاوت اعتباري ،فإنا إذا راعينا ذات الصورة
ُ مترادفان و
وجود في الخارج ،أما عند أصحاب الشبح فالعلم والمعلوم بينهما تفاوت ماهوي حقيقي ؛ ألن َ
العلم هو الصورة
5
الشبحي ُة الحاصلة في الذهن من الشيء الخارجي والمعلوم والمفهوم هو ما في نفس األمر والخارج حقيقة أو
فرضا ،فقوله :اعلم أن المفهوم والمعلوم وهو الصورة ...إلخ ُمماشاة للمصنف مع مذهب أصحاب الحقيقة
المصنف تبع أصحاب الحقيقة في تعريف المفهوم
في جعل المفهوم والمعلوم مترادفين وعدم التفريق بينهما وبين العلم إال باالعتبار ،فالصورة باعتبار اتصاف
مر ،وقوله " :عند المدرك" يشير إلى ما
المدرك بها علم ومع قطع النظر عن هذا االعتبار مفهوم معلوم كما َّ
المدرك للصور الحاصلة من األشياء الخارجية هو العقل لكن ذلك اإلدراك
َ يعتقده الحكماء في اإلدراك وهو أن
الخمس
ُ الخمس الباطنة والحواس
ُ إما أن يكون من العقل بالذات ،وإما أن يكون بواسطة آالت هي الحواس
الظاهرة ،فإنهم يقولون :ما يتصوره اإلنسان فهو إما موجود وإما معدوم فإن كان معدوما فهو قسمان :معدوم
ممكن كالعنقاء ،ومعدوم ُمحال كالالشيء وشريك الباري ،وإن كان موجودا فهو أيضا قسمان :كلي كمفهوم
اإلنسان ،وجزئي كأفراد اإلنسان زيد وعمرو وغيرهما ،والموجود الجزئي أيضا قسمان :جزئي مادي وهو جسم
تصوُر كليا أو
الم َّ
جرد وهو ما ليس بجسم وال بجزء من جسم كالنفس ،فإن كان ُأو جزُء من جسم ،وجزئي ُم َّ
المتص َّوُر
َ جزئيا مجردا أو معدوما ممكنا أو ممتنعا؛ فالمدرك له العقل من غير واسطة الحواس ،وإن كان
الخمس الظاهرة التي تحولها بدورها إلى الحواس الخمس الباطنة وتحصل
ُ جزئيات مادية؛ فالمدرك له الحواس
لها ارتباط بالعقل ،وتبقى معاني غير محسوسة منتزعة من الجزئيات المادية كالجوع والشبع الجزئيين المنتزعين
المراد بالظرفية في قوله "عند المدرك " وجواب عن إشكال
من الجزئيات المادية كزيد وعمرو فيكون المدرك لها هو الحواس الباطنة وحدها ،وبهذا َ
ثبت أن الجزئيات
المادية واألمور المنتزعة منها ال تدرك بالعقل بالذات بل تدرك بالحواس الظاهرة أو الباطنة ،إذا ُعلم هذا
فالمراد بالعندية في قوله " :عند المدرك" أعم من المجاورة التي هي المعنى الحقيقي للفظة عند والظرفية التي
6
يث هي لل َع َدم ،أَو الوجود أَو تَصُل َح َل ُه َما ب َع َدم إ َبائه َعن ام ُه ( ثَ َالثَة ) ؛ ألََّن ُه إ َّما أَن َال تَصلُ َح َذاتُ ُه من ح
أَق َس ُ
َ ُ َ
وجود َوال َمع ُدوم َعَلى َوجه اَل َب َدل لم ُ الفرديَّة ل َ
َ
وتدخل إلى الذهن ولو فرضا وما في الخارج وإن لم يكن صورة لكن يمكن أن تنتزع منه صورة وتدخل إلى
أقسام المفهوم الثالثة
بشرط الوجود ،فأجاب الشارح بإضافة قيد "من حيث هي" ،فيكون المعنى :الو ُ
اجب هو المفهوم الذي ال يقبل
العدم باعتبار ذاته ومالحظتها مع قطع النظر عن العلل والعوارض المتصلة بها ،وبهذا يخرج الممكن الموجود؛
ألن انتفاء قبوله العدم يكون باعتبار العلل والعوارض المتصلة به أما من حيث هو في ذاته فإنه يقبل العدم
(أو) أن ال تصلح ذاته من حيث هي لــ(الوجود) وهو الممتنع وهنا أيضا يرد اعتراض وهو أن الممكنات المعدومة
الوجود لعدم جواز اجتماع الوجود مع العدم في المعدوم حال
َ لوحظت في حال عدمها فإنها ال تقبل
ْ كالعنقاء إذا
7
الخاص الممك ُن َ يكه تَعاَلى ( و ) والثَّ ُ
الث ( ُ الم ْمتَن ُع ) َك َشر َ َّ
األو ُل ( الواج ُب ) َو ُهو الباري تَعاَلى ( و ) الثاني ( ُ
ف َّ
األو َل والثَّ َ
الث أو ُوجوده َف َي ُعم يعم َّ
الضرورةُ عن َعدمه َف ُ الخاص إلطالقه على َما ُسل َبت َّ وقي َدهُ ب َ
) كال َحيوان َّ ،
الث أو أَحدهما َغير ُمعيَّن َف َي ُعم الثَّالث َة
الثَّاني والثَّ َ
تصلح ذاته من حيث هي للعدم هو (الواجب) أي لذاته بغض النظر عن العوارض الخارجية
ُ (فاألول) وهو ما ال
يصدق على أفراد كثيرين في الذهن وأما في الخارج فالموجود منه فرد واحد فقط وهو هللا
ُ ،والواجب مفهوم كلي
المنحص ُر في الفرد ولذلك قال الشارح ( :وهو الباري تعالى) على وجه الحصر
الكلي ُ سمى
تعالى فهذا الكلي ُي َّ
ُ
ال المثال (و الثَّاني) وهو ما ال تصلح ذاته من حيث هي للعدم هو (الممتنع) أي لذاته كشريكه تعالى ولم يقل
تصلح ذاته من حيث هي
ُ "وهو" إشارة إلى أنه ليس ُمنحص ار في ذلك بل له أمثلة أخرى (و الثَّالث) وهو ما
للوجود والعدم هو( الممكن الخاص كالحيوان و) إنما (قي َده بالخاص إلطالقه) أي اإلمكان على أمور أربعة
إطالقات اإلمكان
8
يما َّ
َو َعَلى الث َالثَة َيل َزُم َجع ُل القسم َقس َ
الخاص وهو ما ُسلبت الضرورةُ فيه عن كل منهما أي :الوجود والعدم ،وهو اإلمكان العام المقيد
َّ الممكن
َ ويعم
ُ
بالجانبين (وعلى الثالثَة) أي :على أخذ اإلمكان العام ُمقيدا بجانب الوجود وأخذه ُمقيدا بجانب العدم وأخذه
فيجب
ُ مطلقا (يلزم) في كل منها (جعل القسم) للممكن العام (َقسيما) ،وبيانه :إذا كان لمفهوم ما أقسام معينة؛
بعضها مع بعض ،وهنا " :الممكن " في قولنا" :المفهوم
يتداخل ُ
َ أن يكون هناك تباين بين تلك األقسام لكيال
ذكر مع قيد " الخاص " فقد يكون المراد به اإلمكان العام وحينئذ إذا
إما واجب أو ممتنع أو ممكن" إذا لم ُي َ
اجب؛ ألنه فرد من أفراد
أخذنا اإلمكان عاما ُمقيدا بجانب الوجود فهو وإن كان ضد الممتنع إال أنه يشمل الو َ
اإلمكان العام فإذا شمله والحال إنه قسم منه يصبح واجب الوجود الذي هو قسم من اإلمكان العام قسيما له
في المتن ،وكذلك إذا أخذنا اإلمكان العام مقيدا بجانب العدم فهو وإن كان ضدا للواجب إال أنه يشمل الممتنع
ممتنع الوجود الذي هو قسم من
ُ ألنه فرد من اإلمكان العام بهذا المعنى فإذا شمله والحال إنه قسم منه يصير
اإلمكان العام قسيما له في المتن ،وكذلك إذا أخذنا اإلمكان العام مطلقا فإنه يشمل الواجب والممتنع والممكن
علهما قسيمان له في المتن ،وألجل
الخاص ،فيصير الواجب والممتنع قسمان من الممكن العام فال يجوز َج ُ
اإلمكان بالخاص.
َ قي َد
أال يلزم كل من هذه الثالثة َّ
9
ود أو ال َع َد َم أَو ال وَال ألََّن َها َلفظيَّة
الوج َ
أخذه وال ُي َنافيه تَعر َيفاتُ َها ب َما َيقتَضي َذاتُ ُه ُ
نها َبديهي لب َداهة َم َ
ثُ َّم ُكل م َ
َ ُ
يحتاج إلى تعريف ( لبداهة َمأخذه)؛ ألنها ُمشتقات مأخوذة منُ (كل منها بديهي) ال
اب بقولهُ :أج َ
المتن ؟َ ،ف َ
تلك المشتقات بديهية بتبعيتها للمصادر؛ َّ
ألنها ذوات ُمتصفة بها ،واستُشك َل صادر هي أمور بديهية َفتكو ُن َ َم َ
العدم وأن الممتنع ما يقتضي ذاتُه
َ الوجود وأن
َ اجب ما يقتضي ذاتُه
فت في ُكتب الحكمة بأن الو َ َّ
بأنها َقد ُعر ْ
َ
العدم ،فأجاب عن هذا االستشكال بقوله ( :وال ينافيه تَعريفاتُها
َ الوجود وال
َ الخاص ما ال يقتضي ذاتُه
َّ مكن
الم َ
ُ
الممتنع (أو) ما (ال) يقتضي ذاتُه
ُ اجب ( أو) ما يقتضي ذاتُه (العدم) وهو
الوجود) وهو الو ُ
َ بما يقتضي ذاتُه
يف (لفظية) ؛ ألنالعدم وهو الممكن الخاص ،وعدم المنافاة يكون (لـ) علة هي (أنها) تعار ُ
َ الوجود (وال)
كانت مجهولة ،ولفظي :لمعرفة الموضوع له للمعرف
المعرف بعد أن ْ
التعريف نوعان ،حقيقي :لمعرفة ماهية َّ
بعد حصول المعرفة بالماهية ،وإنما كان كل منها بديهيا؛ ألننا ُندرك معنى "ما يقتضي ذاته الوجود" مثال لكننا
يف اللفظي ُة معلومات تصديقية
نجهل أنها موضوعة للفظ واجب الوجود ،وألجل وجود الحمل فيها؛ كانت التعار ُ
ُ
الت النظرية
عند األكثرين ألنها أحكام وليست تصورات كالتعاريف الحقيقة ،والتعريف الحقيقي تعرف به المجهو ُ
فقط ،أما اللفظي فتعرف به المجهوالت النظرية والبديهية أيضا لكن بعد معرفتها بالتعاريف الحقيقية.
10
وم ) قس َمان ،ألََّن ُه ( إ َّما َم ُ
وجود أَو َم ْعُدوم ) وهما َبديهيَّان أل َّ َّ
َن ُخ َرى ) ُمتح َدة َم َع األُوَلى َمآال ( َ
المف ُه ُ ( َوبع َب َارة أ ْ
صر بال ُو ُجود ب َناء َعَلى أََّن ُه َلو َو َج َد َل َك َ
ان َل ُه ُو ُجود َوَننُق ُل الح ُ ض َ اء ال ُمشتَق َو َج َال َئ ُه باعت َبار َمأ َخذه ،وال َينتَق ُ َخَف َ
يض ُه
صد ُق َعَليه َنق ُ
ف ب َما َي ُ صَ َّ
الك َال َم إَليه َف َيتَ َسل َس ُل َ ،وَلو َعُد َم ات َ
َ
المفهوم (بعبارة أُخرى)
َ الممتنع والممكن الخاص؛ أرَاد أن يقس َم
المفهوم إلى الواجب و ُ
َ ف(و) َبعد أن قس َم المصن ُ
تقسيم المفهوم بعبارة أخرى
الدليل
الحصر بالوجود) وقوله (بناء) علة لقوله " :ينتقض" فهو متوجه إلى المنفي لبيان أدلة المعتزلة أوال ف ُ
جد لكان له
تقسيم المفهوم إلى الموجود والمعدوم فقط ينتقض بالوجود بناء (على أنه لو َو َ
َ األول لهم هو :أن
ُ
الكالم إليه) أي :إلى الوجود الثَّاني فهو لو وجد لكان بوجود ثالث وهكذا إلى ما ال نهاية
َ (وننقل
ُ وجود) ثاني
يصد ُق عليه
صف بما ُ الوجودات ،والتسلسل باطل فيبطل كون الوجود موجودا ،وقوله ( :ولو َع ُد َم ات َ
ُ (فيتسلسل)
البد من تقديم مقدمة وهي أن المناطق َة قرروا
وقبل توضيحه ُ
نقيضه) دليل ثان للمعتزلة على انتقاض الحصرَ ،
نقيض
ُ االتصاف بالنقيض وال بما يصدق عليه النقيض" ،فمثال
ُ فعه" وأنه " ال يجوز
أن "نقيض كل شيء ر ُ
نقيض االنسان الذي هو الالإنسان ،فالفرس فرد
ُ الفرس مثال فهو مما يصدق عليه
ُ اإلنسان هو الالإنسان ،أما
اتصاف اإلنسان بالالإنسان؛ ال يجوز اتصافه أيضا بأفراد الالإنسان التي ُ من أفراد الالإنسان فكما ال يجوز
منها الفرس فال يقال " :اإلنسان فرس" كما ال يقال " :اإلنسان ال إنسان " ،وإذا عدنا إلى الدليل الثَّاني للمعتزلة
11
اء اَْل ُو ُجود ،أَو الثَّاني َوَنُقول َّ
ألَنا َنختَ ُار إ ًّما اَلش َّق اَألََّو َل ب َجعل ُو ُجود اَْل ُو ُجود َعي َن ُه ب َمعنى َال َماهَّي َة َل ُه َوَر َ
اتصاف الوجود بأفراد
ُ فنقول :كما أنه ال يجوز اتصاف الوجود بالالوجود الذي هو نقيضه فكذلك ال يجوز
النقيض كما ذكرنا .
ُ العدم مما يصدق عليه
َ العدم فال يقال " :الوجود معدوم" َّ
ألن ُ الالوجود التي منها
تتمة :قول الماتن " اتصف بما يصدق عليه نقيضه " في مثال الوجود مماشاة مع مذهب االعتزال ألن إثباتهم
الواسطة يقتضي ذلك ،فإنا إذا أثبتنا الواسطة بين الموجود والمعدوم وقلنا إن الوجود معدوم كان "معدوم" مما
يصدق عليه النقيض الذي هو الالوجود وليس مساويا له ،ألن لمفهوم الالوجود عند المعتزلة فردين اثنين
حمل ما يصدق عليه
حمل المعدوم على الوجود هو ُ المعدوم والحال وكل منهما يصدق عليه الالوجود فيكو ُن ُ
فالمعدوم مساو لالوجود لعدم وجود الحال الواسطة بين الوجود
ُ عند الجمهور
حمل النقيض ،أما َ
النقيض ال ُ
ُ
حمل المعدوم على الوجود هو حمل النقيض ال حمل ما يصدق عليه النقيض ،وبعد والعدم عندهم ؛ فيكون ُ
أن ذكر دليلي المعتزلة على انتقاض حصر المفهوم في الموجود والمعدوم ؛ شرع اآلن في جوابهم ،فقال :
حصر المفهوم في الموجود والمعدوم
ُ ينتقض
ُ (ألنا نختار) وهو علة للنفي في قوله" :ال ينتقض" أي :ال
"الوجود موجود" وال
ُ نقول : األول) ويكو ُن (بجعل وجود الوجود َ
عينه) وهو أن َ َ الشق
َّ نختار( :إما
ُ بالوجود؛ ألنا
اآلثار عين الوجود األول يعني :أن َ َّ استحالة فيه؛ َّ
َ الوجود الثاني في السلسلة ليس مستقال بنفسه بل هو ُ ألن
آخر، َّ
تصدر في الوجود الثاني بواسطة ذاته ال بواسطة شيء َ
ُ تصدر في الموجود بواسطة الوجود األول
التي ُ
المكان مضيء بواسطة الضوء الصادر من الشمس"
ُ نقول للمكان المضيء بضوء الشمس "هذا
فنحن ُ
وهو جائز ُ
تسلسل في األضواء فيمكن أن نقول " :الضوء ضوء" َ آخر َفال
مضيء بذاته ال بواسطة شيء َ
ُ الضوء فهو
ُ أما
و "الضوء مضيء" بحسب اللغة ،وعلى هذا يمكن أن نقول هنا أن " الوجود موجود" (بمعنی) أن الوجود الثَّاني
الوجودات وهذا رد على الدليل األول للمعتزلة ( ،أو) نختار الش َّق
ُ (ال ماهية له وراء الوجود) األول فال تتسلس ُل
نقيضه ؛ فنقول في الجواب: قيل :هذا اتصاف للوجود بما يصدق عليه ُ "الوجود معدوم" ،فإن َ
ُ ونقول) :
ُ (الثَّاني
ويسمى حمل المواطاة، أحدها :حمل بالذات وبال واسطة كما نقول "زيد إنسان" ُ هناك ثالث ُة أنواع من الحمل ُ ،
سمى
وي َّ ًّ
المحمول ُمشتقا كما في حمل القيام على زيد في قولنا " :زيد قائم" ُ
ُ والثَّاني :حمل يشترط فيه أن يكون
حمل االشتقاق ،والثَّال ُث :حمل بواسطة إضافة كلمة ذو ويسمى "حمل ذي هو" كما في حمل المال على زيد
ال نقول "زيد مال" بل "زيد ذو مال"...
12
ان ُذو الح َيو ُ
ود َع َدم َال باالشتَقاق أَو ذي ُه َو َك َما ُيَقا ُل َ ال ال ُو ُج ُ
طاة بأَن ُيَق َ اف به إَّن َما َيمتَن ُع إ َذا َك َ
ان بال ُم َوا َ ص ُ االت َ
عدوم إ َّما ممتَنع) أَي ضروري اَْلع َدم لذاته ( َك َّ
الال َشيء أ َْو نه َما قس َمان أل َّ
ْ َ َُ ُ لم ُ َ َن (اَ َ لس َو ُاد( ،و) ُكل م ُ َال َحي َوان ُه َو اَ َّ
َع َّم من َوجه من عدوم ُممكن َف ُه َو َق ُيد اَلقسم َف َال َي َلزُم َجع ُل اَْلقسم أ َ الم َرُاد َم ُ
الع َدم َو ُ ض ُروري ا ُلو ُجود َو َ ُممكن ) َغي ُر َ
العنَقاء)
المقسم ( َك َ
َ
مل النقيض على النقيض في َحمل
صاف الموجود (به) أي :بالعدم أيَ :ح ُ
(االتصاف) أي :ات ُ
ُ إذا علم ذلك فـ
"الوجود عدم") أو "الوجود ال وجود" ،فـ(ال)
ُ المعدوم على الوجود ( إنما َيمتن ُع إذا كان بالمواطاة بأن ُيقا َل:
َ
الحمل إذا كان (باالشتقاق أو ب ــ) واسطة (ذي هو) ألنه إذا كان بواسطة االشتقاق أو بواسطة ذي؛ فيصح ُ يمتنع
ُ
الالوجود ،وهو ليس
ُ الوجود ُمتصف بوصف هوُ "الوجود ذو َعدم" أي:
ُ الوجود معدوم" أو
ُ بأن ُيقال "
وذلك ْ
ان ذو ال حيوان هو
بمحال لوجود مثاله في حمل السواد على الحيوان (كما يقال) " :الحيوان أسود" ،و (الحيو ُ
حمل العدم -الذي هو فرد
السو َاد الذي هو فرد من أفراد الالحيوان على الحيوان " فليكن ُ
السواد)؛ ألنا َحملنا َّ
المعدوم إما)
َ من أفراد الالوجود -على الوجود مثَله (،و كل منهما ) أي :من الموجود والمعدوم (قسمان؛ ألن
أقسام المعدوم
13
ورَة است َلزامه التََّقد َم ب ُو ُجوده َعليه َبل ب َم َ
عنى ض ُر َ
ود إ َّما َواجب ) لذاته َال ب َمعنى عل َية َذاته ل ُو ُجوده لُبط َالنه َ
وج ُ
الم ُ
( َو َ
ض ُرور ُي اَْل ُو ُجود َوال َع َدم لذاته .
وجود ( ُممكن ) َال َ
ظ ار إَلى َذاته ( َوإ َّما ) َم ُ
امت َناع انف َكاك اَ ُلو ُجود َعن ُه َن َ
الموجود) فهو أيضا قسمان ألنه (إما واجب) الوجود (لذاته ال بمعنى) إرادة الـ(علية) المستفادة من
ُ (و) أما (
أقسام الموجود
للذات (بوجوده عليه) أي :على نفسه ؛ الالم لعدم جواز علية (ذاته لوجوده لبطالنه ضرورَة استلزامه التقدم) َّ
َ
ألنه تقد ُم الشيء على نفسه وهو دور باطل( ،بل بمعنى امتناع انفكاك الوجود نظ ار إلى ذاته ،وإما موجود
الممكن الخاص؛ ألنه سل ُب الضرورة عن طرفيه ،والحاصل:
ُ ُممكن ال ضرور ُي الوجود والعدم لذاته) فهو
المفهوم على هذا أربع ُة أقسام؛ ألنه إما معدوم ممتنع أو معدوم ممكن أو موجود واجب أو موجود ممكن وهو
ُ
التقسيم األول للمفهوم ألنه كان تقسيما إلى ثالثة أقسام ،ولكنه ُمتحد َمعه مآال؛ َّ
ألن ُكال من الموجود َ ُيخالف
الممكن؛ ألنه يكو ُن قسما من كل من المعدوم والموجود أي :المعدوم الممكن
ُ والمعدوم يلتقيان في قسم واحد وهو
والموجود الممكن ،وألجل ذلك أُدغ َم هذان القسمان وجعال تحت الممكن في التقسيم األول وقيل :المف ُ
هوم إما
واجب أو ممتنع أو ممكن.
14
حواشي ابن الباساوي رحمه هللا المتعلقة بالمفهوم وأقسامه
15
وال يتوهم من قوله ثم كل منها بديهي أنه ال تفاوت بينها في البديهة إذ الوجوب أظهرها ألنه أقرب إلى الوجود
الذي هو أظهر المفهومات وأجالها وذلك ألنه يؤكد الوجود ،واالمتناع مناف للوجود ،واإلمكان ما لم يصل
إلى حد الوجوب لم يقرب إلى الوجود وما هو أقرب إلى أجلى التصورات كان أظهر من غيره
16
ذاته أصال فال يلزم التسلسل ،قوله ( :ونقوبجعلل االتصاف به إلخ ) يعني لو أردتم باالتصاف الحمل بالمواطاة
سلمنا بطالن التالي ونمنع المالزمة إذ ال يلزم من كونه معدوما أن يحمل ما يصدق عليه نقيضه عليه مواطاة
بل يحمل عليه باالشتقاق مثال وإن أردتم الحمل بطريق االشتقاق وذي هو سلمنا المالزمة ولكن نمنع بطالن
التالي إذ يجوز أن يقال الوجود معدوم وذو عدم وذو ال وجود كما يقال إلخ ،قوله ( الوجود عدم ال باالشتقاق)
ألن كل صفة قائمة بشيء يصدق عليه أنه فرد من أفراد نقيضه فإن السواد القائم بالجسم ليس بجسم مع
اتصافه به فيصدق أن الجسم ذو ال جسم فال بعد أن يصدق أيضا الوجود ذو ال وجود مثال ،قوله( :والمراد
معدوم ممكن) دفع لما يرد من أن الممكن أعم من المعدوم والموجود من وجه فيلزم جعل القسم أعم من وجه
من المقسم فأشار الشارح مد ظله إلى أن الممكن في المتن قيد المقسم ال القسم والمعنى أو معدوم ممكن فال
يلزم المحذور ويمكن أن يقال إنه مبني على مذهب من يجوز كون القسم أعم من وجه من المقسم ال يقال
إطالق الممكن على الموجود مجاز ألنا نقول إنه لفظ مشترك بين الموجود والمعدوم فافهم ،قوله ( :لبطالنه )
إشارة إلى المقدمة الرافعة المستلزمة لرفع المقدم وقوله ضرورة استلزامه إشارة إلى المقدمة الشرطية تقرير القياس
لو كان الواجب لذاته بمعنى علية ذاته لوجوده لزم التقدم بوجوده عليه والتالي باطل فكذا المقدم فافهم.
17
الحص ُر المح ُمولي َ ،وإ َّال ل َب َ
ط َل َ الو ُجود َ
ود ) ب ُ المو ُج َ
الممك َن َ
َّ َّ
( ثُ َّم ) َبع َد اَلتقسيم بالنحوين ال َم َّارين اعَلم أَ َّن ( ُ
يم اَْل َم ْو ُجود . َّ َّ
ضاَفة َه َذا َ ،واألَن َس ُب بالتْقسيم الثاني تَْقد ُ باألَع َدام ُمطَلَقة أَو ُم َ
الوجود بالمحمولي الممكن الموجود بالوجود المحمولي) وقي ََّد (ثم بعد التقسيم) للمفهوم (بالنحوين المارين اعلم أن
بيان المراد بالممكن الموجود
َ َ
؛ ( وإال) بأ ْن لم يكن المرُاد منه ذلك بأن كان المراد منه األعم منه ومن الوجود الرابطي (لبطل الحصر) في
العدم ( ،أو) بطل الحصر باألعدام
ُ التقسيم (باألعدام ُمطلقة) كقولنا" :العنقاء معدوم" أي :أن العنقاء يوجد له
الحصر باألعدام مطلقة
ُ يبطل
ُ (مضافة) كقولنا " :زيد أعمى" أي :يوجد له العمى بمعنى عدم البصر ،وإنما
المقسم الذي هو
أو مضافة؛ ألن الوجود يدخل في مفهومهما كما وضح من خالل المثال فيكونان داخَلين في َ
العدم وكل تقسيم
العرض؛ ألنهما موجودان ال يدخُلهما ُ
الجوهر و ُ
ُ الممكن الموجود خار َجين عن قسميه اللذين هما
منع الصغرى التي
تقسيم الممكن الموجود إلى الجوهر والعرض ،وحاصل الجواب ُ :
ُ طل
شأنه فهو باطل فيب ُ
هذا ُ
"المقسم" الذي هو الممكن الموجود هي ":أنها داخلة في المقسم خارجة عن األقسام " مستندا بتحرير مفهوم َ
الممكن
َ بحيث ال يكون الوجود فيه رابطيا بأن تدخله األعدام وال يمكن ذلك إال بجعل وجوده َمحموليا ولذلك قي َد
التقسيم باألعدام؛ ألنا ال نريد بالوجود ما هو رابطة بين الموضوع
ُ ط ُل
الموجود بالوجود المحمولي فحينئذ ال يب ُ
َ
المفهوم إلى الموجود والمعدوم أوال
َ الماتن رحمه هللا
ُ قس َم والمحمول بل نريد به ما يكون محموال (هذا و) َ
بعد أن َّ
جعل الموجود فيه َمقسما َّ
(األنسب بالتقسيم الثاني) الذي َ
ُ الموجود منهما إلى الواجب والممكن ثانيا فكان
َ قسم
ثم َّ
يقول في قسمة الممكن " :الموجود الممكن "
(تقديم) لفظ (الموجود) في كل من قسميه الواجب والممكن بأن َ
بتقديم لفظ الموجود ال " :الممكن الموجود" بتأخيره .
18
نه .
غنى َعن َم َحل ُيَقو ُم ُهَ ( ،وإ َّما َع َرض ) إن َلم َي ْستَغن َع ُسمين ألََّن ُه ( إ َّما َجو َهر ) إن استَ َ
َعَلى ق َ
فيشمل وهر إن استغنى عن محل ُيقو ُمه ) وإن احتاج إلى مكان الموجود (على قسمين َّ
ألنه إما َج َ مكن
الم ُ
ُ ُ ثُ َّم ُ
تقسيم الممكن الموجود إلى الجوهر والعرض
الجوهر محتاجا إلى محل لكن هذا المحل ال ُيقو ُمه أي :ليس المحل ُ الجسم والهيولى والعقل والنفس ،وقد يكون
َ
القسم الثَّاني الذي هو المستغني عن
ُ ولما كان
شرطا لوجوده بل هو شرط لتحققه في الخارج وهو الصورة َّ ،
الجوهر بقوله " :يقومه " أي :هو مستغن عن المحل لكن االستغناء فيه
َ الماتن
ُ قي َد
غير ظاهر َّ
المحل المقوُم َ
غير مستغن عنه في تحققه في الخارج ( ،وإما غير مطلق ألنه وإن كان مستغنيا عن المحل في وجوده َّ
لكنه ُ
عرض إن لم َيستغن عنه) وعدم االستغناء عن المحل يكون بمعنى القيام بالغير ،واختلف الحكماء والمتكلمون
ُ ُ
الناعت بحيث يصير األول نعتا والثَّاني منعوتا
ُ االختصاص
ُ في تفسير القيام بالغير هنا فعند الحكماء هو :
جردات ،وعند المتكلمين هو :
الم َّ
وغير المتحيز كصفات ُ
حيز كسواد الجسم َ
يف العرض عندهم المت َفيشمل تعر ُ
وجوده في نفسه هو
ُ يتحيز العرض بتحيز الجوهر الذي هو موضوعه بأن يكون
َ التبعي ُة في التحيز بمعنى :أن
صفات المجردات إذ ال يقولون بوجودها وتخرج صفات هللا
ُ وجوده في موضوعه ،فتخرج على هذا التعريف
َ
تعالى؛ ألن قيامها باهلل تعالى من دون تحيز الستحالته عليه تعالى ،وقول الماتن " :إما َج َ
وهر وإما َعرض"
:أي ال يخرج الموجود الممكن عنهما ،فالجوهر جنس عالي ألقسامه وهو مقولة من المقوالت أما العرض فلم
يعدوه جنسا عاليا بل هو عرض عام ألقسامه التسعة وتلك األقسام أجناس عالية كل منها مقولة فتصبح
المقوالت عشرة.
19
لممك ُنتخدام وال ُجمَل ُة ا ْعتراضيَّة اَ ُ
تغناء َوكونه ذاتيًّا ل َما تَحتَه و ( ُهو ) فيه ا ْس ْ وهر ) َقَّد َم ُه لشرفه ب ْ
االس ْ ( ثُ َّم اَْل َج ُ
الح َّال ُة في الهيوَلى أل َّن
الجوهرَّي ُة َ
لت الصورةُ ْ ود َخ ْ
ض َالع َر ُ
خرُج َ
وضوع ) أي محل ُيَقو ُم ُه َ ،ف َ الموجود َال في َم ُ ( ْ
وضوع َم َع َّ
وجودة في َم ُ العقليَّة لل َجواهر لكون َها َم ُ
ض َجمعا بالصور َ محل َها َغي ُر ُمقوم َل َها بل هي ُمَقو َمة َله َ ،وُنق َ
األشياء
َّات ْ الحاصل في الذ ْهن ماهي ُ
َ أن أََّن َها َجواه ُر ب َناء على َم َ
ذهب القائل ب َّ
قد َمه) على العرض ( لشرفه باالستغناء) عن محل يقو ُمه ( وكونه ذاتيا لما تحته ) كما سيأتي( ثُ َّم الجوهر َّ
تعريف الجوهر وبيان نقضه بالصور العقلية للجواهر بناء على مذهب أصحاب الحقيقة
20
الم َخالَف ُة َل َها في اَْل َماهيَّة اَْل ُم َناس َبةُ
َشياء ُ
اح األ َ ال إَّن ُه أ َ
َشب ُ تالف في اَ ُلوجود واألحوال التَّابعة َله َوأ َّ
َما عن َد َمن َق َ االخ ُ و ْ
النفس َعَلى َما في َشرح اله َد َاية. َعراض َخارجيَّة َقائمة ب َّ ض ألََّن َها أ َ
وصة ب َها َف َال َنق َ
َ خص َ
اس َبة َم ُ
َّاها ُم َن َ
إي َ
الحاصل في الذهن لو كان ماهي َة
َ آخر وهوَّ :
أن ض على أصحاب الحقيقة اعتراضا ُ اإلمام الراز َّي قد َ
اعتر َ َ ثُم َّ
إن
اعتراض آخر على أصحاب الحقيقة لإلمام الرازي
يستلزم
ُ جميع الكيفيات وهو مع ظهور فساده ُ حارة ،وكذا
دركة َّ الشيء للزَم من تصور الح اررة مثال كو ُن ُ
الم َ
عين ماهية ما في الحاصل في الذهن ُ
َ وحاصل الجواب َّ :
أن ُ اجتماع الضدين ع َند تصور كيفيَّتين متضادتين،
َ
(االختالف) ثابت (في الوجود واألحوال التابعة له) فالحار مثال ما قامت به هوي ُة الح اررة التي
َ الخارج (و) َّ
أن
هي جزئية متلبسة بالعوارض فاعلة لآلثار الخارجية ال صورتُها وماهيتُها الكلية التي هي مجردة عن ترتب
لف ما في الذهن عما في الخارج بنفسه وباألحوال التابعة له ،وبالجملةَّ :
إن الصورَة الذهني َة لكونها فاخت َ
اآلثار َ ،
وجب
صاف ليس حصوُلها في الذهن كحصول العرض في المحل فال ُي ُُمغايرة للهوية الخارجية التي بها االت ُ
لزوم االتصاف إنما هو في حصول العرض
ألن َبالمدرك؛ َّ
درك ُ
الم َ
اتصاف ُ
َ حصوُلها فيه مع مساواتها للخارجية
يف الجوهر وحصول الصورة في الذهن ليس كذلك بل هو عبارة عن حصولها وظهورها عنده ،ثم َّ
إن تعر َ ُ لمحله،
َ
الحاصل في الذهن (أشباح)
َ ينتقض بالصور العقلية عند أصحاب الحقيقة ( ،أما عند َمن قال إنه) أيَّ :
إن ُ إنما
بيان عدم انتقاض التعريف عند أصحاب الشبح
21
ضالع َر ُ
وجد فيه ،ثُ َّم إ ْن ُفس َر َوضوع وإن َلم تُ َالخارج َك َانت َال في َم ُ الم َرَاد َماهيَّة إ َذا َو َج َدت في َ
َن ُ يب بأ َّ
َوأُج َ
لخارج
َعراض أَيضا َوَال ُم َناَفاةَ الخت َالف الج َهة ،أَو ب َماهيَّة إ َذا َو َج َدت في اَ َ
ضوع َفه َي أ َ ب َماهيَّة َك َان ْت في َم ْو ُ
ود إذ َال ُيمك ُن أَن ُي َرَاد به
وج َ
الم ُ َّ
الممك َن َ
المقسم ُالحكيم بأَن ُه ُم َخالف ل َجعل َ ض َعَليه َع ُبد َ َك َانت فيه َف َال َ ،واعتَ َر َ
وجود
الم ُ َّ وج َد في ال َخارج أل َّ
َن ُك َّل ُممكن َك َذل َك ؛ َف َال َفائ َد َة في اَلتقييد ب َ َما من َشأنه أَن ُي َ
كانت
وجدت في الخارج ْ
ْ من قبلهم َّ
(بأن المرَاد) بـ" الموجود ال في موضوع " في تعريف الجوهر هو( :ماهية إذا
ور العقلية للجواهر من التعريف فإنها
ال في موضوع وإن لم توجد فيه) أي :في الخارج اآلن؛ فال تخرُج الص ُ
العرض بماهية كانت
ُ وإن قامت بالذهن اآلن ،لكنها تكو ُن ال في موضوع إذا وجدت في الخارج( ،ثم ْ
إن ُفس َر
فالصور العقلية للجواهر حينئذ ( أعراض أيضا ،وال منافاة) بين كونها جوه ار وكونها
ُ في موضوع فهي) أي:
الممتنع كو ُن الشيء الواحد من وجه واحد جوه ار وعرضا ،وأما عند اختالف
َ عرضا ( الختالف الجهة) ،فإن
أ ا
وكونها الجهة فال ،وكو ُن الصورة العقلية للجوهر عرضا إنما هو من حيث ُ
قيامها بالموضوع الذي هو النفسُ ،
تقسيم الموجود الممكن إلى وجدت في الخارج كانت ال في موضوع فيكون
ْ جوه ار من حيث إنها ماهية إذا
ُ
وجدت
ْ العرض (بــ) كونه ( ماهية إذا
ُ إن ُفس َر
الجوهر والعرض في تلك الصور العقلية تقسيما اعتباريا( ،أو) ْ
الصور العقلية في تعريف العرض؛ ألنها إن وجدت في
ُ تدخل
ُ في الخارج كانت فيه) أي :في موضوع (فال)
جواب آخر
تقسيم الموجود الممكن إلى الجوهر والعرض تقسيما الخارج ال تكو ُن في موضوع أي :محل ُمقوم ،وحينئذ يكو ُن
ُ
حقيقيا لوجود التباين من حيث الذات بينهما ال باالعتبار فقط( ،و) لما عرفوا الجوهر بأنه :ماهية إذا وجدت
يف
يشمل التعر ُ
َ الوجود بالقوة ال بالفعل حتى
ُ في الخارج كانت في موضوع وكان المعنى من قيد "إذا وجدت" هو
22
لممك ُن إ َّما أَن َي ُكو َن ب َحي ُث إ َذا َو َج َد في
ود اَ ُ
لمو ُج ُ
سمة َه َك َذا :اَ َ
ورة اَلق َ
ص ُير َصاره في اَلق ْس َمين ل َطال َن ا ْنح َ
ستلزُم ُب َ
َوَي َ
ضوعخرُج َما ال َي ُكو ُن بالفعل في َمو ُ وضوع َف َي ُ الخارج في َم ُ وجودا في َ وضوع أَو َي ُكو ُن َم ُكان َال في َم ُ الخارج َ َ
ود بالفعل ُمعتََبر فيه َوتَفس ُيرُهم ب َماهيَّة إ َذا َو َج َد ْت في
الو ُج َ
َن ُ الحق أ َّ
لمعُدوم َ ،و َ َوَي ُكو ُن فيه إ َذا َو َج َد َك َّ
الس َواد اَ َ
الواجب تَ َعاَلى
خراج َالو ُجود إل َ
الخارج لإلشارة إلى زيادة ُ َ
َ
الوجود في تعريف الجوهر عاما في الوجود
ُ أيضا بالفعل (و) االعتراض الثَّاني لعبد الحكيم هو أنه :إذا ُجع َل
بطالن انحصاره) أي :الموجود (في القسمين) أي :الجوهر والعرض (لصيرورة
َ يستلزم
ُ بالفعل والوجود بالقوة (
جد في
بحيث إذا َوجد في الخارج كان ال في موضوع) سواء َو َ
ُ القسمة هكذا :الموجود الممكن إما أن يكون
الخارج أو لم يوجد وهو الجوهر ( أو يكون موجودا في الخارج في موضوع) وهو العرض( ،فـ) هذا الحصر
باطل؛ ألنه (يخرج) من القسمين (ما ال يكو ُن بالفعل في موضوع ويكو ُن فيه إذا َوجد كالسواد المعدوم) َّ
فإن
دخ َل في أحد قسمي الجوهر والعرض وهو ليس أن َي ُ
وجب ْ
المقسمَ ،ف َ
السو َاد المعدوم ممكن موجود فيدخل في َ
الجوهر يكو ُن بحيث إذا وجد في الخارج كان ال في موضوع والسواد المعدوم يكون في الخارج في
َ جوه ار؛ أل َّن
العرض ما يكون موجودا في الخارج في موضوع اآلن وبالفعل والسو ُاد
َ موضوع ،وليس عرضا أيضا؛ ألن
فتجب إضاف ُة قسم ثالث للموجود الممكن
ُ المعدوم ال يكون في الخارج في موضوع اآلن ويكو ُن فيه إذا وجد ،
ُ
الوجود بالفعل معتبر فيه) أي :في تعريف الجوهر والعرض كماَ حتى يدخل فيه السواد المعدوم( ،والحق أن
العرض :هو موجود بالفعل
فالجوهر :موجود بالفعل ال في موضوع ،و ُ
ُ الموجود وحينئذ
ُ الممكن
ُ اعتُب َر في َمقسمه
في موضوع ،فحينئذ ال تكو ُن الصورة العقلية للجوهر جوه ار كما ال يخفى؛ ألنها و ْ
إن كانت جوه ار بمعنى :أنها
جدت في الخارج كانت ال في موضوع؛ لكنها ليست جوه ار باعتبار وجودها بالفعل ألنها بهذا
بحيث إذا َو ْ
ُ تكو ُن
وجدت في الخارج " في
ْ غير مستغنية عنها فتكون عرضا ،فإن َ
قيل :فما فائدةُ قيد " إذا االعتبار قائمة بالنفس ُ
أجاب عبدالحكيم بأ َّن هذا َ
القيد له فائدة َ تفسيره بتعميم الوجود في القوة والفعل باطال ؟ ،
ُ إن كان
تعريف الجوهر ْ
(تفسيرُهم بماهية إذا وجدت في الخارج لإلشارة
ُ أخرى ُ
غير تعميم الوجود في القوة والفعل (و) تلك الفائدة هي أن
عين ذاته وماهيته .
وجوده تعالى ُ
َ إلى زيادة الوجود إلخراج الواجب تعالى)؛ إلن
23
ظر أَما أ ََّوال َفل َج َواز َكون لعقلي َوأَُق ُ
ول فيه َن َ لخارجي َال اَ َ
لجو َهريَّة َكوَن ُه ب َهذه اَلصَفة في اَ ُلو ُجود اَ َ
المعتََب َر في اَ َ
َن ُوأ َّ
َن اَلصَف َة َقد تَأتي الممتَن َعات َعَلى أ َّ َّ
طال ال َحصر ب ُ ست َلزَمة إلب َ
لم َمكان ال َعام اَ ُ
الممكن باإل َ اَلتقييد ل َدفع تََوهم إ َرَادة ُ
ُم َؤك َدة.
قيد الموجود في تعريف الجوهر يكون في تفسيره (نظر) من أربعة أوجه (أما أوال فــ) في اعتقاد عبد الحكيم َّ
بأن َ
الموجود في الوجود بالفعل والوجود بالقوة ،الجواب :أن هذا غير الزم (لجواز كون التقييد لدفع
َ زائدا إذا عممنا
الممكن له أربعة إطالقات كما ذكرنا آنفا :اإلمكان الخاص واإلمكان
ُ توهم إرادة الممكن باإلمكان العام )؛ ألن
الممكن؛ فال
ُ العام المطلق واإلمكان العام المقيد بجانب الوجود واإلمكان العام المقيد بجانب العدم ،فإذا أُطل َق
يعرف أي المعاني منها ُمراد في التقسيم إلى الجوهر والعرض ،فتقييده بالموجود ألجل دفع أن يراد به اإلمكان
ُ
العام المقيد بجانب العدم وكذلك اإلمكان العام المطلق؛ ألن إرادة اإلمكان بهذين المعنيين باطلة؛ ألنها
(المستلزم ُة إلبطال الحصر) للممكن في الجوهر والعرض (بالممتنعات)؛ ألنها مرادة من لفظ الممكن بهذين
يوجد ليكون عاما في الوجود المعنيين فحتى ال يبطل الحصر به أُ َ
ضيف قيد الموجود وُفس َر بما من شأنه أن َ
غير موجود وليس من شأنه أن يوجد ،فإن قيل :إذا أريد بالممكن
الممتنع؛ ألنه ُ
ُ بالقوة والوجود بالفعل فيخرج
اإلمكان العام المقيد بجانب الوجود يبطل الحصر أيضا بالواجب؛ ألنه ليس جوه ار وال عرضا وهو داخل في
اإلمكان العام المقيد بجانب الوجود ،فأجاب الشارح بأنه( :على) التسليم به ؛ ال يضرنا لــ(أن الصف َة قد تأتي
َ ۡ َ ٞ َ َٰ َ ٞ
مؤكدة) فقيد الموجود ليس لتخصيص اإلمكان بجانب الوجود بل هو للتوكيد مثل قوله تعالى :ﵟنفخة وحِدة
24
ان
الخارج َك َ يث إ َذا َو َج َد في َ منوع ل َج َواز َكون َها َه َك َذا :إ َّما أَن َي ُكو َن ب َح ُ الحصر فيه َما َم ُطالن َ َما ثَانيا َفأل َّ
َن ُب َ َوأ َّ
يل
الواجب تَ َعاَلى بَقولهم إ َذا َو َج َد حينئذ تَحص ُ اج َ َن إخ َر َ َما ثَالثا َفأل َّ
ان فيه َ ،وأ َّ وضوع أَو إ َذا َو َج َد فيه َك َ َال في َم ُ
َما َرابعا َفألََّن ُه َال تَ َز ُ
اح َم َبي َن اَلن َكات َك َما تََق َّرَر في الممكن َو ُه َو ُممتَنع َ ،وأ َّ الحاصل بتَحصيل َسابق ل ُخ ُروجه ب ُ َ
َمل.َم َحله َفتَأ َّ
جعلنا المرَاد بالوجود في الممكن الموجود
َ أما ثانيا) من وجوه َّ
النظر في كالم عبد الحكيم وهو في قوله :لو (و َّ
تكملة اعتراض المصنف
25
ورةَ
ض ُر َ
اج إَلى َفاعل ُم ْدرك َل َها َ اج إَلى َم َحل ُمَقوم َبل تَحتَ ُ فع اَلنَّقض بأََّن َها باعت َبار اَ ُلو ُجود اَلذهني َال تَحتَ ُ
َوُيمك ُن َد ُ
جواب المصنف عن نقض تعريف الجوهر بالصور العقلية للجواهر وترجيح كالم الدواني على كالم الصدر الشيرازي في العلم بالجوهر
26
ود َها
ول ُو ُج ُ َّ ين بأ َّ َّ
الم ْج ُع ُ
لماهيَّة َوإال َلم تَ ُكن َم ْج ُعوَلة َبل َ
ود َع ْي ُن اَ َ
َن اَ ُلو ُج َ ين الَقائل َ
ذهب اَإل َش َراقي َ
إال أَن ُي َبنى َعَلى َم َ
وهر َوَال َي َلزُم أَن َي ُكو َن َشيء
الج َ َكما ع ْند َّ
الخارجي في َ الو ُجود َ اج َة إَلى اعت َبار ُ المشائيين َف َعَلى َما َذ َكرَنا َال َح َ
َ َ
وه ار َو َعرضا باعت َب َارين َف ُليحَفظ .
َج َ
مذهب صدر الدين الشيرازي باطل (إال أن ُيبنى على مذهب االشراقيين القائلين بأن الوجود عين الماهية)
توجيه المصنف لكالم الصدر الشيرازي بحمله على كالم االشراقيين
فحينئذ تنقلب الماهية في الذهن كيفا ألنه بانتفاء الوجود الخارجي تنتفي الماهية الخارجية وتحصل ماهية جديدة
(وإال) أي لم يكن الوجود عين الماهية (لم تكن) الماهية (مجعولة بل) كان (المجعول وجودها) فقط (كما عند
المشائيين) وال بد من توضيح للمقام وهو أن الحكماء اختلفوا في خلق هللا تعالى لألشياء بأي معنى هو ،فذهب
االشراقيون إلى أن هللا تعالى خلق ماهيات تلك األشياء ويترتب على ذلك أن الوجود عين الماهية عندهم ال
بمعنى أن هناك وجودا وماهية يتحدان بل بمعنى أن الوجود أمر اعتباري منتزع من الماهية ،وذهب المشاؤون
إلى أن هللا لم يجعل الماهيات أي :أنه لم يخلقها ومعنى خلق هللا لألشياء عندهم هو أن هللا تعالى جعل تلك
الماهيات متصفة بالوجود ويترتب على ذلك أن الوجود زائد على الماهية وأنه غير اعتباري وأن الماهيات عند
المشائين أمور أزلية ،فإذا عدنا إلى مسألتنا نقول :إذا دخل الشيء الذهن فعند انقالب وجوده من الخارجي
إلى الوجود الذهني تنقلب ماهيته أيضا عند االش ارقيين لما ذكرنا من عينية الوجود للماهية فيصح انقالب
الجوهر إلى العرض عندهم ،أما عند المشائين فألن الوجود زائد على الماهية ال تنقلب الماهية كيفا عند
انقالب وجودها من الخارجي إلى الذهني بل تبقى تلك الماهيات على حالتها الخارجية ويكون المنقلب وجودها
فقط ( ،فعلى ما ذكرنا) من أن الصور العقلية للجواهر ال تحتاج محال مقوما ال في وجوده الخارجي وال في
وجوده الذهني بل تحتاج إلى فاعل مدرك (ال حاجة إلى اعتبار الوجود الخارجي في الجوهر) كما كان يقول
عبد الحكيم ( ،و) كذلك (ال يلزم أن يكون شيء) وهو الصور العقلية للجواهر (جوه ار وعرضا باعتبارين) وقد
مر بيانه (فليحفظ).
27
حواشي ابن الباساوي رحمه هللا المتعلقة بتعريف الجوهر
قوله ( :وإال لبطل الحصر إلخ ) إي وإن لم يكن المراد بالوجود في قوله الممكن الموجود الموجود بالوجود المحمولي
بأن كان المراد منه األعم منه ومن الوجود الرابطي انتقض التقسيم باألعدام المطلقة كقولنا العنقاء معدوم يعني أن
العنقاء يوجد له العدم واألعدام المضافة نحو زيد أعمى يعني أنه يوجد له العمى بمعنى عدم البصر بأن يقال إن
األعدام داخل في المقسم خارج عن األقسام وكل تقسيم شأنه هذا باطل فتقسيم الممكن الموجود إلى الجوهر والعرض
باطل وحاصل الجواب منع الصغرى مستندا بتحرير المقسم بحيث ال يدخل فيه األعدام قوله( :واألنسب بالتقسيم
الثاني تقديم الموجود) ألنه قسم أوال المفهوم إلى الموجود والمعدوم ثم قسم الموجود إلى الواجب والممكن فكان
المناسب أن يقول الموجود الممكن دون الممكن الموجود ،قوله( :إن استغنى إلخ) إشارة إلى أن المراد بالقيام بالذات
الذي فسروا به الجوهر ذلك أعني االستغناء عن المحل فيشمل المتحيز كالجسم وغير المتحيز وهو الجواهر المجردة
التي أثبتوها كالعقول والنفوس بخالفه على رأي المتكلمين من أن المراد به أن يتحيز بنفسه غير تابع تحيزه لتحيز
شيء آخر فإنه ال يشمل غير المتحيز إذ لم يثبتوا الجواهر المجردة ،قوله ( :إن لم يستغن عنه) إشارة إلى أن
المراد بالقيام بالغير الذي جعلوها تعريفا للعرض ذلك أعني عدم االستغناء عن المحل بمعنى اختصاصه به بحيث
يصير األول نعتا والثَّاني منعوتا فيشمل المتحيز كسواد الجسم وغير المتحيز كصفات الباري وصفات المجردات
ال ما ذهب إليه المتكلمون من أن المراد به أن يتحيز بتحيز الجوهر الذي هو موضوعه بمعنى أن وجوده في نفسه
هو وجوده في موضوعه فيخرج الصفات القديمة ألنهم ال يطلقون العرض عليها وصفات المجردات إذ ال يقولون
بوجودها والحاصل إن القيام بالذات أو بالغير بالمعنى الذي عند الحكماء أعم منه بالمعنى الذي عند المتكلمين ،
قوله( :ألن محلها غير مقوم لها ) يريد أن المحل أعم من الموضوع إذ يجوز كون الحال في المحل جوه ار ال يقومه
بخالف الموضوع فإن الحال فيه ال يكون إال عرضا فعلم من هذا أن الحال أعم أيضا من العرض إذ الحال قد
المعرف
َّ يكون جوه ار كالصورة قوله( :ونقض جمعا) بأن يقال الصور العقلية للجواهر خارج عن التعريف داخل في
وكل تعريف هذا شأنه فاسد فهذا التعريف فاسد وقوله لكونها دليل الصغرى ،قوله( :لكونها موجودة) فيصدق عليها
أنها عرض قائم بالنفس حاصل فيها حصوال اتصافيا ،قوله( :على مذهب القائل بأن الحاصل ) يعني مع أن أهل
الحقيقة جعلوها نفس ماهية المعلوم الجوهري ومطابقة للموجود العيني فيلزم كونها جوه ار وعرضا ومن هذا نشأ
اعتراض آخر عليهم بأن جعلوا الصورة العقلية كلية مع أن القائم بالنفس جزئي ضرورة فيلزم كونها كلية وجزئية ،
وأجيب عن ذلك أيضا بأن الممتنع كون الشيء الواحد من وجه واحد كليا وجزئيا وأما عند اختالف الوجوه فال وكون
الصورة جزئية من حيث قيامها بالنفس الجزئية وكونها كلية من حيث مطابقتها لالفراد بمعنى أن الحاصل في العقل
من كل منها عند التجريد من العوارض يكون تلك الصورة بعينها فال تناقض ،قوله( :على مذهب القائل بأن
الحاصل) فإنهم قالوا ال خفاء في أنا إذا تعقلنا شيئا يحصل للعقل أثر يناسب ذلك الشيء ويميزه عن غيره وذهبوا
إلى أن مناسبة ذلك األثر لذلك الشيء هو أنه بحيث لو وجد في الخارج لكان نفس ذلك ،وأما أهل الشبح فذهبوا
28
إلى أن تلك المناسبة هي أنه بحيث لو وجد فيه كان كيفية وشبحا منطبقا على ذلك الشيء ال عين الشيء كالصورة
المنقوشة من الفرس على الجدار مثال فإنها ليست نفس الفرس بل شبحه المساوي المنطبق عليه ،قوله ( :واالختالف
في الوجود إلخ) إشارة إلى الجواب عن اعتراض اإلمام بأن الحاصل في الذهن لو كان ماهيات األشياء لزم من
تصور الح اررة كون المدركة حارة وكذا في جميع الكيفيات وهو مع ظهور فساده يستلزم اجتماع الضدين عند
الحار ما قام به هوية الح اررة التي هي جزئية متلبسة بالعوارض فاعلة لآلثار
َّ تصورهما وحاصل الجواب :أن
الخارجية ال صورتها وماهيتها الكلية التي هي مجردة عن ترتب اآلثار وبالجملة إن الصورة الذهنية لكونها مغايرة
للهوية الخارجية التي بها االتصاف ليس حصولها في الذهن كحصول العرض في المحل فال يوجب حصولها فيه
مع مساواتها للخارجية اتصاف الم َدرك بالمدرك ألن لزوم االتصاف إنما هو في حصول العرض لمحله وحصول
الصورة في الذهن ليس كذلك بل هو عبارة عن حصولها وظهورها عنده ،قوله ( :الختالف الجهة) فإن الممتنع
كون الشيء الواحد من وجه واحد جوه ار وعرضا وأما عند اختالف الجهة فال وكون الصورة عرضا إنما هي من
جهة قيامها بالموضوع الذي هو النفس وكونها جوه ار من حيث إنها ماهية إذا وجدت في الخارج كانت ال في
موضوع وفيه نظر ألنه إن أراد باختالف الجهة الجهة االعتبارية يلزم أن يكون الجوهر والعرض من األمور
االعتبارية مع أنهما من األمور الحقيقة وإن أراد بها الجهة الحقيقية كأن يراد أن تلك الصورة في وجودها الذهني
عرض وفي وجودها الخارجي جوهر ورد أنهما حينئذ متغيران بالحقيقية ال باالعتبار فيمتنع القول باتحادهما فال
يتم قولهم إن العلم نفس المعلوم فتفطن ،قوله( :ما من شأنه أن يوجد في الخارج) إشارة إلى قياس استثنائي تقريره
لو أريد بالممكن الموجود ما شأنه أن يوجد للغا فائدة التقييد بالموجود لكن التالي باطل فالمقدم مثله وقوله ألن كل
ممكن علة مالزمة الشرطية فتأمل ،قوله ( والحق أن الوجود بالفعل معتبر فيه ) فيكون الجوهر هو الموجود
المستغني عن الموضوع والعرض هو الموجود المفتقر إليه فحينئذ ال يكون الصورة العلمية القائمة بالنفس جوه ار
كما ال يخفى ألنها وإن كانت جوه ار بمعنى أنها بحيث وجدت في الخارج كانت ال في موضوع لكنها ليست جوه ار
بمعنى الموجود المستغني عن الموضوع ،قوله( :فلجواز كون التقييد إلخ) منع للمالزمة بمنع دليلها بمعنى ال نسلم
أن كل ممكن كذلك يعني بمعنى ما من شأنه أن يوجد في الخارج مستندا بأن الممكن باإلمكان العام ليس كذلك
ألنه لصدقه على الممتنع ال يصح إرادة ذلك منه ،قوله( :فألن بطالن الحصر) اي فألن استلزامه بطالن االنحصار
في القسمين فافهم ،قوله( :لجواز كونها هكذا إلخ) وهذا جواب بتسليم الدخول في المقسم ومنع الخروج عن األقسام
مستندا بتحرير األقسام بحيث يندرج فيها فإن السواد المعدوم حينئذ يدخل في الثَّاني ألنه يصدق عليه أنه لو وجد
في الخارج يكون في موضوع فافهم ،قوله( :تحصيل الحاصل بتحصيل سابق) وإنما قيده بقوله سابق ألن تحصيل
الحاصل بتحصيل مقارن مع ذلك التحصيل غير مستحيل غاية األمر أن التأثير متقدم على األثر ذاتا وال امتناع
فيه بخالف تحصيل الحاصل بحصول سابق على ذلك التحصيل فإنه مستحيل لتوارد العلتين المستقلتين على
معلول واحد ،قوله( :ال تزاحم بين النكات) يعني لو سلم صحة االحتراز عن الواجب بقولهم إذا وجد فنقول ال مانع
29
من أن يكون صدور ذلك التفسير منهم لذلك ولدخول الصورة العقلية للجواهر أيضا ،قوله( :ويمكن دفع النقض)
أي بمنع صغرى دليل النقض أي ال نسلم أن الصور العقلية للجواهر موجودة في موضوع كيف ولو كان كذلك لزم
من تعقلها تعقل شيء مقوم لها والتالي منتف فكذا المقدم ،قوله( :ألن الوجود زائد) أي ذهنا بمعنى أن للعقل أن
يالحظ الوجود دون الماهية ويالحظ الماهية دون الوجود فالمقصود من زيادته على الماهية هو تغايرهما بحسب
المفهوم دون الهوية إذ ال قائل بزيادته عليها خارجا ،قوله( :الماهية الممكنة) التقيد بالممكنة إلخراج وجود الواجب
فإنه عين ماهيته لكن هذا مذهب الحكماء دون مذهب جمهور المتكلمين فإنهم على زيادته عليها في الممكن
والواجب إال أن ما يحكمون بزيادته عليها إنما هو الوجود بمعنى الكون والثبوت دون ما هو بمعنى مبدأ اآلثار
والحكماء ال ينكرون زيادة الوجود بالمعنى األول كما يظهر من تحقيق مذهبهم فافهم ،قوله( :عين الماهية) أي في
الواجب والممكن لكن بمعنى عدم انفراد كل منهما بتحقيق على حدة في الخارج إذ ليس في الخارج إال الماهية ال
بمعنى أنهما متحققان بتحقق واحد في الخارج إذ ال تحقق للوجود في الخارج ال بتحقق على حدة وال بتحقق الشيء
ويحتمل أن يكون مرادهم من الوجود الذي قالوا بكونها عينها الوجود بمعنى مبدأ اآلثار وهو الهوية دون الكون
والثبوت وال شك أنه بذلك المعنى نفس الشيء ولذا قالوا إذا ارتفع الوجود ارتفعت الماهية إذ لو كان مرادهم من
الوجود المعنى الثَّاني لم يلزم من ارتفاعه ارتفاعها النه مرتفع دائما إذ ال تحقق له في الخارج فليتأمل ،قوله( :لم
تكن مجعولة) إشارة إلى قياس استثنائي والتقدير لو لم يكن الوجود عين الماهية لم تكن الماهيات مجعولة والتالي
باطل وكذا المقدم أما المالزمة فألن المجعولية هو أثر الفاعل وتأثير الفاعل إنما هو في اتصاف الماهية بالوجود
فالمجعول إنما يكون وجودها دون أنفسها وأما بطالن التالي فألن المقدر خالفه إذ لو لم يكن شيء من الماهيات
مجعولة ارتفعت المجعولية بالكلية ألن كل ما فرض كونه مجعوال من الوجود أو موصوفية الماهية به فهو ماهية
بنفسه والمقدر أن ال شيء من الماهيات بمجعولة فيلزم استغناء الممكن عن المؤثر وهل هذا إال سفسطة ويرد بأن
المجعول هو الوجود الخاص ال ماهية الوجود فال يلزم ارتفاع المجعولية عن الماهية بالكلية ،قوله( :فعلى ماذكرنا)
من أن التحقيق ما قاله الدواني من أن العلم بكل شيء عين ذلك الشيء ال حاجة أي ال حاجة إلى أن يقيد كون
الممكن الموجود جوه ار بكونه إذا وجد في الخارج كان ال في موضوع بل نقول الجوهر ما كان ال في موضوع مطلقا
سواء كان خارجا أو ذهنا ،قوله( :وال يلزم) كما يلزم ذلك على اعتبار الوجود الخارجي في الجوهر إذ صورته
الذهنيه حينئذ تدخل في تعريف العرض ويحكم به عليه فافهم.
30
عنى أََّن ُه ( َغ ُير ُمتَ َعلق الم َّادة َو َ
الم َحل َذاتا وفعال ،ب َم َ جرد ) أَي ُمتَ َجرد َعن َ وهر ُم َّوه ُر ( إ َّما َعقل وهو َج َ
الج َثُ َّم َ
صرف ) فال ُي َنافي التَّ َعل َق به بالتَّأثير َّ َّ
الب َدن تَ َعل َق التدبير َوالت َ
ب َ
(ثم) لما انتهى من تعريف الجوهر والعرض شرع في بيان أقسام كل منهما وابتدأ ببيان أقسام الجوهر ،وهي
تعريف العقل
جرد أي متجرد) لئال يوهم أن العقل كان ذا مادة ثم جرد عنها فهو
وهر ُم َّ
خمسة ،ألن (الجوهر إما عقل وهو َج َ
من باب التفعيل ويراد به التفعل (عن المادة والمحل ذاتا وفعال) أما التجرد الذاتي فاعلم أوال أنه إذا حل شيء
في شيء آخر فالشيء األول يسمى حاال والثَّاني يسمى محال وهذا الحال إما يكون ماديا وإما يكون غير مادي
فإن كان ماديا سمي متمكنا ومتحي از وسمي محله مكانا وحي از إن احتاج المتمكن إلى نوع المكان ال إلى مكان
بعينه ،وإن احتاج المتمكن إلى مكان بعينه كالبياض الحال في الكاغد فحينئذ يسمى الحال عرضا والمحل
معروضا وموضوعا أيضا ،وإن كان الحال غير مادي ُسمي صورة وسمي محله مادة وهيولى ،وبما أن العقل
شيء غير مادي فيكون معنى تجرده عن المحل :أن العقل متجرد عن المادة والهيولى وهذا هو التجرد الذاتي،
وأما التجرد الفعلي ف ــ( بمعنى أنه غير متعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف فال ينافي التعلق به بالتأثير ) فهذا
الجوهر المسمى بالعقل يتعلق بالبدن ولكن تعلقه ليس من جهة التدبير والتصرف والتغيير والتحريك بل من
جهة التأثير بالخلق واإليجاد ؛ فالعقل يخلق األبدان عندهم ولما كان العقل جوه ار مجردا عن المادة والمحل
ذاتا أوهم أنه ال يتعلق بها فعال أيضا فاستدرك عليه بما ترى ،فائدة :الواجب تعالى عند الحكماء واحد حقيقي
من جميع الجهات باعتبار الذات وباعتبار الصفة حتى أنهم ينكرون الصفات ألن القول بها يلزم منه التعدد
عندهم ،فالواجب الواحد يخلق شيئا واحدا وهو العقل وهذا العقل يكون له ثالث جهات فمن جهة يكون موجودا
في نفسه ومن جهة وجوده في نفسه يكون ممكنا ومن جهة كونه مخلوقا يكون واجبا بالغير وبجهاته الثالث
يخلق أشياء ثالثة فمن جهة وجوده يخلق العقل الثَّاني ومن جهة وجوبه بالغير يخلق النفس ومن جهة إمكانه
يخلق الفلك ،ثم نأتي إلى العقل الثَّاني فهو له ثالث جهات كالعقل األول :الوجود بالنفس والوجوب بالغير
واإلمكان الذاتي فهو أيضا يخلق عقال ثالثا ونفسا ثانية وفلكا ثانيا وهكذا حتى نصل إلى العقل العاشر وهو
ألجل أنه قطع هذه المراحل الكثيرة حصلت له جهات كثيرة فألجل ذلك يمكن له أن يخلق أمور كثيرة فهو يكون
سببا في خلق المخلوقات األرضية وهذا العقل العاشر يقال له المبدأ الفياض والعقل الفعال.
31
ض اَلتَّ ْعر ُ
يف َم ْنعا بالنُفوس اَْلَفَلكيَّة ل َع َدم ول في اَْل َع َش َرة َف َال ُي ْنتُُق ْ
صره ْم اَْل ُعُق َ
از بَقر َينة َح ْ َواْل ُم َرَاد باْل َب َدن اَْلج ْسم َم َج ا
ط َالق اَْل َب َدن َعَلى اَ ْألَْف َالكَ ،وَق ْد َي ْدَف ُع ب َح ْمل اَْل َك َالم َعَلى اَ ْالَ ْحتََباك ب َح ْذف اَْلج ْسم ُه َنا بَقر َينته في تَ ْعريف اَ َّلنْفس إْ
َو َح ْذف اَْل َب َدن فيه بَق ْرنيَّة َما ُه َنا
(والمراد بالبدن) هنا (الجسم مجازا) من ذكر األخص وإرادة األعم فاألجسم أعم من البدن ألنه يشمل اإلنسان
بيان إشكال في تعريف العقل وحله
والفلك ،أما البدن فإنه يشمل اإلنسان فقط (بقرينة) للمجاز وهي (حصرهم العقول في العشرة) فلو أريد بالبدن
معناه الحقيقي لصدق التعريف على النفوس الفلكية ولما بقيت العقول عشرة بل أصبحت تسع عشرة ،عشرة
عقول وتسع نفوس فلكية ( ،فال ينتقض التعريف) أي تعريف العقل (منعا بالنفوس الفلكية) أي بكونها كالعقول
جواهر مجردة غير متعلقة بالبدن تعلق التدبير والتصرف فيكون تعريف العقل غير مانع عن دخول النفوس
الفلكية (لعدم إطالق البدن على األفالك) ألن البدن لإلنسان والنفوس الفلكية ال تتعلق باإلنسان بل تتعلق بالفلك
الذي هو جسم( ،وقد يدفع) عدم مانعية تعريف العقل (بحمل الكالم على االحتباك) وهو حذف في السابق
جرد
وهر ُم َّ
بقرينة الالحق وحذف في الالحق بقرينة السابق (بحذف الجسم هنا) في تعريف العقل فيقال إنه َ :ج َ
غير متعلق بالبدن والجسم تعلق التدبير والتصرف فيحذف " والجسم" (بقرينته) أي بقرينة ذكره ( في تعريف
جرد متعلق بالجسم والبدن تعلق
وهر ُم َّ
النفس وحذف البدن فيه) أي في تعريف النفس فيقال إن النفس َ :ج َ
التدبير والتصرف فيحذف " والبدن " بقرينة ذكره في تعريف العقل ،فيكون تعريف العقل مانعا ألن الجسم وإن
لم يكن مذكو ار فيه فهو مراد (بقرينة ما هنا ) .
32
ف تَْفسيريًّا َل ْم َي ْن َدف ْع ل َع َدم تَ َعلق َها ب َم ْج ُموع اَْلج ْسم َواْل َب َدن َوإ َّال
طُ ف اَْل َو َاو َفإ ْن َل ْم َي ْج َعل اَْل َع ْ َوفيه أََّن ُه إ ْن َك َ
ان اَْل َعاط ُ
ض طوف َعَل ْيه اَ ْنتََق َ طوف فيه َما َل ْم َي ْن َدف ْع أ َْيضا أ َْو في اَْل َم ْع ُ ان في اَْل َم ْع ُ َلزَم اَلتَّ َجوُز في َم َحلينَ ،عَلى أََّن ُه َل ْو َك َ
طوف في الثَّاني َل ْم َي ُك َ
ونا َعَلى َوت َيرة يف اَ َّلنْفس َج ْمعا ب َها أ َْو فيه في اَ ْأل ََّول َوفي اَْل َم ْع ُ تَ ْعر ُ
(وفيه) أي في هذا االحتباك نظر وهو (أنه) أي :الشأن أن المعطوف المحذوف ال بد فيه من عاطف إما الواو
الجواب باالحتباك ضعيف
33
صائص اَْل َواو إَّن َما َيتم َل ْو ان أ َْو َف َم َع أََّن ُه َيتَّج ُه أ َّ َّ َّ
ف اَْل َعام َعَلى اَْل َخاص َو َع ْك َس ُه م ْن َخ َ طَ َن َع ْ َوإال َلزَم اَلث َالثَ ُة َوإ ْن َك َ
ض ْم ُل ،ثُ َّم إ ْن أُري َد باْل ُم َج َّرد َع ْن اَْل َم َّادة َع َد ُم َك ْون َها ُج ْزءا م ْن ُه ُي ْنتُُق ُ
طوف َبأ ْو َو ُه َو َم ْمُنوع تَأ ُ ف اَْل َم ْع ُ ُسم َع َح ْذ ُ
اضه َباْلهيولى الستحاَلة ا ْقتران اَ َّ
لشيء ب َنْفسه تَ ْخ ُرُج ورة أ َْو َع َد ُم اَْل ُمَق َارَنة لْل َم َّادة َف َم َع ا ْنتَف َ اَلتَّ ْعر ُ
َ ْ َ يف َباْلهيولى َوالص َ
وس َفَيْل ُغو اَلتَّْقي ُيد بَق ْوله َغ ْي ُر ُمتَ َعلق .اَلنُف ُ
(وإال) بأن نعكس األمر فنجعل المجاز في تعريف العقل في المعطوف وفي تعريف النفس في المعطوف عليه
تحقيق المراد بالمجرد في تعريف العقل وبيان إشكال فيه
فحينئذ (لزم الثالثة) وهو أن يكون تعريف العقل غير مانع وتعريف النفس غير جامع وال يكون العطف على
وتيرة واحدة ( ،وإن) لم يكن العطف بالواو بأن (كان) بـ(أو ،فمع ) أن النسبة بين الجسم والبدن في تعريف
كل من العقل والنفس هي العموم والخصوص المطلق و(أنه يتجه أن عطف العام على الخاص وعكسه من
خصائص الواو) وال يجوز ذلك في العطف بــ"أو" ،ومع هذا يرد اعتراض آخر وهو أن جوابكم بجعل العاطف
المحذوف أو (إنما يتم لو سمع) من العرب (حذف المعطوف بأو وهو ممنوع) إذ لم يسمع منهم ذلك ،وقوله :
(تأمل) لإلشارة إلى جواز إيجاد وجه لالحتباك بأن نقول :إن العاطف هو الواو ال التي بمعنى الجمع بل التي
بمعنى أو ،وحينئذ تنحل اإلشكاالت بحذافيرها إذ يكون تعريف العقل مانعا وتعريف النفس جامعا وال يلزم
التجوز في موضعين ،لكن يبقى إشكال آخر وهو أن الواو التي بمعنى أو هل هو في حكم الواو التي لمطلق
الجمع في جواز حذف المعطوف ،أم هو في حكم أو في عدم جواز ذلك ،هذا األمر غير معلوم ( ،ثم إن
أريد بالمجرد عن المادة) في تعريف العقل (عدم كونها) أي المادة (جزءا منه) أي من العقل فحينئذ (ينتقض
التعريف) أي تعريف العقل منعا (بالهيولى) ألن المادة ليست جزءا من الهيولى أيضا بل هي عينها (والصورة)
الجوهرية أيضا ألنها مجردة عن المادة فيصدق عليها أن المادة ال تكون جزءا منها فيكون تعريف العقل غير
جرد
وهر ُم َّ
مانع ( ،أو) إن أريد بالتجرد عن المادة (عدم المقارنة للمادة فمع انتقاضه بالهيولى) ألن الهيولى َج َ
عن المادة (الستحالة اقتران الشي بنفسه) بمعنى أن الهيولى ليست مقارنة للمادة ألن الهيولى هي نفس المادة
فكيف تقترن بنفسها فيكون تعريف العقل غير مانع لدخول الهيولى فيه ؛ (تخرج النفوس) أيضا من تعريف
العقل بقيد " مجرد" ؛ ألنها أيضا مقارنة للمادة (فيلغو التقييد بقوله غير متعلق) بالبدن ويكون إخراج النفوس
به تحصيل الحاصل بتحصيل قد سبق .
34
وس
اء اَْلج ْسم َوالنُف ُ
َج َز ُ َن َال َي ُكو َن اَْل ُم َج َّرُد َم َّادة َوَال َمْل ُز َ
ومة َل َها َف َي ْخ ُرُج أ ْ اء اَْل ُمَقارَنة اَْل َواج َبة بأ ْ إ َّال أ ْ
َن ُي َرَاد باْل ُم َج َّرد ا ْنتَف ُ
اَْلَفَلكَّي ُة َال اَ ْإل ْن َسانيَّ ُة َفهي تَ ْخ ُرُج بَق ْوله َغ ْي ُر ُمتَ َعلق .
َ
وال يكون تعريف العقل مانعا بجعل المراد بالتجرد الذاتي عدم المقارنة للمادة (إال أن يراد بالمجرد انتفاء المقارنة
الجواب عن اإلشكال في البيان بالمجرد في تعريف العقل
الواجبة) وتوضيحه أن المقارنة على قسمين :مقارنة واجبة ومقارنة جائزة ،فالمقارنة الواجبة :أن يقارن الشيء
المادة ويكون انفصال المادة عنه محاال كأن يكون الشيء في نفسه مادة كالهيولى أو ملزومة للمادة كالصورة
ملزومة للمادة التي هي الهيولى وكالنفوس الفلكية الملزومة للمادة التي هي مادة الفلك ،والمقارنة الجائزة :أن
يقارن الشيء المادة ويكون انفصال المادة عنه جائ از كمقارنة النفس اإلنسانية للمادة اإلنسانية فإن انفصالها
عنها جائز ،فإن أريد بالتجرد عن المادة في تعريف العقل المقارنة الواجبة يكون المعنى أن العقل ال يقارن
المادة(ب ــ) معنى (أن ال يكون المجرد مادة وال ملزومة لها فـ) حينئذ (يخرج أجزاء الجسم) من تعريف العقل ألنها
إما هيولى وهي مقارنة للمادة ألنها في ذاتها مادة أو صورة جوهرية وهي أيضا مقارنة للمادة ألنها ملزومة
للمادة بمعنى أن المادة التي هي الهيولى تلزم عنها (و) يخرج كذلك (النفوس الفلكية) القترانها بالمادة الفلكية
ملزومة لها ،و(ال) تخرج النفوس (اإلنسانية) ألنها مقارنة لمادة اإلنسان مقارنة جائزة (فهي) ال تخرج بقوله
جرد بل (تخرج بقوله :غير متعلق) بالبدن .
ُم َّ
35
حواشي ابن الباساوي رحمه هللا المتعلقة ببيان العقل
قوله( :بالتأثير) أي وإفاضة الكمال ،قوله( :بقرينة حصرهم العقول) يعني حصرهم العقول في العشرة دليل
على أن المراد بالبدن الجسم وإال يلزم عليهم حصرهم في تسعة عشر والتالي باطل وكذا المقدم فاحفظه ،قوله(
في العشرة) فإنهم قالوا العقل األول الذي هو أول المخلوقات مصدره فلك ونفس وعقل وهكذا إلى آخر األفالك
الثابتة بالدليل فيكون العقول الصادرة مع األول المصدر عشرة وقالوا إن المدبر لعالم العناصر بحسب
االستعدادات الحاصلة للمواد العنصرية بتجدد األوضاع الفلكية هو عقل الفلك اآلخر قوله ( :في المعطوف
فيهما) أي في لفظ الجسم في تعريف العقل ولفظ البدن في تعريف النفس الذين هما معطوفان في تعريفيهما،
وقوله( :لم يندفع) نقض تعريف العقل بالنفوس الفلكية ،قوله ( :أيضا) أي كما لم يندفع إذا لم يجعل العطف
تفسيريا إذ لو تجوز في الجسم المعطوف في تعريف العقل ويقال إنه مستعمل في معنى البدن ينتقض أيضا
منعا بالنفوس الفلكية ألنها أيضا غير متعلقة بالبدن لعدم إطالق البدن على األفالك ،قوله في الحاشية:
(والجواب أن المراد من العينية) إلخ يتجه عليه أن عدم تمايز هوية الوجود عن هوية الموجود بحسب الخارج
ال يقتضي أن يكون هوية الوجود في الخارج عين هوية الموجود حتى يكون ما صدق عليه أحدهما عين ما
صدق عليه اآلخر لجواز صدق عدم االمتياز بأن ال يكون للوجود هوية خارجية لكونه من المعقوالت الثَّانية
كيف ولو اتحد الوجود بالسواد مثال ذاتا بحسب الخارج لكان محموال عليه مواطاة وأيضا لم يكن ألحد شك في
أن الوجود موجود كما ال شك في السواد موجود وإلى هذا أشار الشارح قدس سره بالتزييف اآلتي ، ،قوله( :في
المعطوف عليه) أي في لفظ البدن في تعريف العقل ولفظ الجسم في تعريف النفس ،قوله ( :انتقض تعريف
النفس جمعا بها) أي بالنفوس الفلكية إذ لو كان المراد بالجسم المعطوف عليه في تعريف النفس البدن تخرج
النفوس الفلكية عن تعريفها لعدم تعلقها باألبدان ،قوله في الحاشية( :والجواب أن المراد من العينية إلخ) يتجه
عليه أن عدم تمايز هوية الوجود عن هوية الموجود بحسب الخارج ال يقتضي أن يكون هوية الوجود في الخارج
عين هوية الموجود حتى يكون ما صدق عليه أحدهما عين ما صدق عليه اآلخر لجواز صدق عدم االمتياز
بأن ال يكون للوجود هوية خارجية لكونه من المعقوالت الثَّانية كيف ولو اتحد الوجود بالسواد مثال ذاتا بحسب
الخارج لكان محموال عليه مواطاة وأيضا لم يكن ألحد شك في أن الوجود موجود كما ال شك في السواد موجود
وإلى هذا أشار الشارح قدس سره بالتزييف اآلتي ،قوله( :وإال) أي وإن ال يكون التجوز في المعطوف عليه
في األول وفي المعطوف في الثَّاني بأن كان التجوز بالعكس بأن كان في المعطوف في األول وهو الجسم
وفي المعطوف عليه في الثَّاني وهو الجسم أيضا لزم الثالثة أي عدم دفع مانعية تعريف العقل بالنفوس الفلكية
وانتقاض تعريف النفس جمعا بها وعدم كونهما على وتيرة واحدة ،قوله( :ينتقض التعريف بالهيولى والصورة)
أما الهيولى فألن الشيء ال يكون جزءا من نفسه إذ الهيولى والمادة مترادفان على مذهب الحكيم ،وأما الصورة
36
فألنها حالة في المادة وهي محلها وليست أحدهما جزءا من االخر ،قوله ( :فيلغو التقييد) ألن التقييد بغير
متعلق إنما كان إلخراج النفوس فإذا كانت خارجة بالمجرد يكون قوله غير متعلق لغوا فافهم ،قوله( :فيخرج
أجزاء الجسم) ألنها مواد الجسم ،قوله( :والنفوس الفلكية) ألنها وإن لم تكن مادة إال أنها ملزومة للمادة بمعنى
أن المادة ال ينفك عنها ألنهم قائلون بقدم األفالك بخالف النفوس االنسانية فإنها ليست ملزومة لها لمفارقتها
عن األبدان فنحتاج إلخراجها إلى قيد غير متعلق
37
طَل ُق َعَلى َم ْب َدأ آثَار اَلنَّ َبات َواْل َح َي َوان َ ( ،وه َي َج َ
وهر ُم َج َّرد ) َما َنْفس ) َوُقس َم ْت إَلى َفَلكيَّة َوإ ْن َسانيَّة َ ،وَق ْد تُ ْ
( َوأ َّ
صرف ) َّ َّ َّ
في َذاته َال في ف ْعله ألَن َها ( ُمتَ َعلق باْلج ْسم تَ َعل َق اَلت ْدبير َوالت َ
جرد متعلق
وهر ُم َّ
مر ( وإما نفس وقسمت إلى فلكية وإنسانية ) أما النفس الفلكية فهي َج َ
الجوهر إما عقل وقد َّ
تعريف النفس
بالفلك بحيث يتحرك الفلك بها تحركا إراديا ويدرك بواسطتها الكليات ،والمتكلمون ينكرون التحرك اإلرادي
لألفالك ويقولون إن حركتها قسرية فال تحتاج إلى نفس تحركها بل المحرك له هللا تعالى ،وأما النفس اإلنسانية
فهي متعلقة باإلنسان يتمكن اإلنسان بها من التحرك باإلرادة ويدرك بها الكليات (و) كما تطلق النفس على
الجوهر المجرد المتعلق بالجسم الفلكي واإلنساني تعلق التدبير والتصرف ف ـ(قد تطلق) النفس (على مبدأ آثار
النبات والحيوان) ،وآثار النبات :هي التغذية والتنمية فتطلق النفس على ما يتغذى ويتنمى بواسطته البدن
وتسمى بالنفس النباتية وتكون جسما ال جوه ار مجردا ،أما آثار الحيوان فهي الحس والحركة اإلرادية فتطلق
النفس على ما يحس ويتحرك البدن به وتسمى نفسا حيوانيا وتكون جسما أيضا ال جوه ار مجردا ،فالنفس بمعناه
العام الشامل للمجرد وغير المجرد تكون أربعة :النفس الفلكية والنفس اإلنسانية والنفس النباتية والنفس الحيوانية
وهر مجرد) عن المادة (في ذاته) بمعنى أن المادة ليست جزءا منها ال بمعنى انتفاء
( ،وهي) أي النفس ( َج َ
المقارنة الواجبة كما قلنا في تعريف العقل حتى ال تخرج النفوس الفلكية من تعريف النفس ألن لها مقارنة واجبة
بالفلك وال بمعنى انتفاء المقارنة الجائزة ألن النفوس اإلنسانية لها مقارنة جائزة مع مادة اإلنسان ،فوجب أن
جرد في ذاته فقط نفسر التجرد الذاتي بمعنى عدم كون المادة جزءا منها كما ذكرنا والحاصل أن النفس َج َ
وهر ُم َّ
جرد باعتبار ذاته بأن ال تكون المادة جزءا منها بالمعنى المار ( ،ال في فعله) بمعنى أن النفس بمعنى أنه ُم َّ
جرد باعتبار فعله ألنه متعلق بالبدن تعلقا فعليا من حيث التدبير والتصرف كما ذكرنا ،فبقولنا :
وهر غير ُم ََّج َ
" ال تكون المادة جزءا منها" يخرج الجسم ألن المادة جزء من الجسم فيبقى العقل والهيولى والصورة ،فتخرج
الثالثة بقوله (:ألنها متعلق بالجسم تعلق التدبير والتصرف ).
38
ُخ َرى َعاقَلة ب َها َوأ ْ ظام أ َْمر اَْل َم َعاش َواْل َم َعاد صرف ال ْنت َ َّ
َوَل َها ُق َّوة َعامَلة تُ َس َّمى َعْقال َع َملًّيا َوه َي ُق َّوةُ اَال ْست ْن َباط َوالت َ
ات ُق َّوة ا ْست ْع َداد
َذ ُ َن اَل َّنْف َس إ َّما
ظرًّيا َ ،وَل َها أ َْرَب ُع َم َرات ُب أل َّ
صديقَّي َة تُ َس َّمى َعْقال َن َ َّ ك بها اَ ْألُم ُ َّ
صورَّي ُة َوالت ْور اَلت َ ُ تُْد َر ُ َ
ضعيف َفاْل َعْق ُل اَْلهيوَالني أ َْو ُمتََوسط َفاْل َعْق ُل باْل َمَل َكة أ َْو ُقوي َفاْل َعْق ُل باْلف ْعل. اكات َو ُه َو إ َّما َ
ل ْإل ْد َر َ
(ولها) أي :للنفس قوتان وهما باعتبار النفس اإلنسانية (قوة عاملة تسمى عقال عمليا وهي قوة االستنباط
بيان قوى النفس العملية والنظرية
والتصرف النتظام أمر المعاش والمعاد بها) فمثال النجارة صنعة مادتها الخشب فيتصرف اإلنسان بسبب تلك
القوة في هذا الخشب ويستخرج منه األشكال المتعددة فاالستنباط هنا ليس استنباطا نظريا بل هو استنباط عملي
يشمل الصناعات وتدبير النفس المسمى باألخالق وكذلك تدبير المنزل والمدن فقد تبين أن أمر المعاش والمعاد
ينتظم بها وتسمى أيضا بالحكمة العملية وتفصيلها في كتب الحكمة ( ،و) القوة الـ(أخرى) من قوى النفس (هي)
قوة (عاقلة تدرك بها األمور التصورية والتصديقية تسمى عقال نظريا ) وتسمى بالحكمة النظرية وهي العلم
بحقائق األشياء بقدر الطاقة البشرية وهي إن لم تتعلق بالمادة ذهنا وخارجا فتسمى بالحكمة اإللهية وإن تعلقت
بالمادة في الخارج فقط فتسمى بالحكمة الرياضية وتشمل الحساب والهندسة وغيرها وإن احتاج إلى المادة في
الذهن والخارج فتسمى بالحكمة الطبيعية ( ،ولها) أي للعقل النظري (أربع مراتب) بحسب إدراكات النفس (ألن
النفس إما ذات قوة استعداد لإلدراكات وهو ) ثالث مراتب ،ألنه ( إما) استعداد (ضعيف) وهو حال النفس
قبل انتقاش العلوم والمعارف الضرورية والنظرية عليها وهي مستعدة لكسبها (فــ) تسمى النفس باعتبار هذا
االستعداد (العقل الهيوالئي) والمناسبة ظاهرة ألن النفس في هذه المرتبة لها قوة كسب العلوم الضرورية كما أن
الهيولى يكون وجود الجسم معها بالقوة وهذه المرتبة األولى (أو) استعداد (متوسط) وهو حال النفس عند العلوم
الضرورية ويكون للنفس معها استعداد الكتساب العلوم النظرية بتوسط تلك العلوم الضرورية (فـ) تسمى النفس
باعتبار هذا االستعداد (العقل بالملكة) ألن العلوم الضرورية رسخت في النفس في هذه المرتبة حتى أصبحت
ملكة للنفس الناطقة وهي المرتبة الثَّانية (أو) استعداد (قوي) وهو حال النفس عند إدراك جميع المعلومات
الضرورية والنظرية من غير احتياج إلى الفكر والنظر بل تحتاج إلى االلتفات فقط كنفوس األنبياء عليهم
الصالة والسالم (فـ) تسمى النفس باعتبار هذا االستعداد (العقل بالفعل) وهي المرتبة الثالثة .
39
َسامي اَ ْأل َْرَبع َعَلى اَ َّلنْفس في َهذه اَْل َم َراتب َوَق ْد تُ ْ
طَل ُق ط َال ُق َهذه اَ ْأل َ ات ُق َّوة َك َمال َفاْل َعْق ُل اَْل ُم ْستََف ُادَ ،و ْاألَ ْكثَُر إ ْ
أ َْو َذ ُ
ظري باْل َح ْدس ُي َس َّمى ص َل َل ُه ُكل َن َ
َن َي ْح ُ َعَلى أ َْنُفس َها َو َعَلى ُقوى ه َي َم َبادُئ َهاَ ،واْل َعْق ُل باْل َمَل َكة إ َذا َك َ
ان في اَْل َغ َاية بأ ْ
ُق َّوة ُق ْدسيَّة.
(أو) أن النفس (ذات قوة كمال) اإلدراك بأن تكون النفس بحيث تستحضر جميع المعلومات الضرورية والنظرية
إطالقات أخرى لقوى النفس
من غير حاجة إلى نظر وال حتى إلى التفات (فــ)النفس باعتبار هذه القوة تسمى (العقل المستفاد) بمعنى أنه
عقل مستفاد من المبدأ الفياض أي العقل العاشر ،وهي القوة الثَّانية للنفس ( ،و) ذهب (األكثر) من الحكماء
إلى (إطالق هذه األسامي األربع على النفس في هذه المراتب) ففي مرحلة االستعداد الضعيف تسمى النفس
بالعقل الهيوالئي وفي مرحلة االستعداد المتوسط تسمى النفس بالعقل بالملكة وكذلك الحال في المرتبتين اآلخرتين
فحينئذ يكون العقل والنفس شيئا واحدا ويكون التغاير بينهما باالعتبار فقط (وقد تطلق) هذه األسامي (على
أنفسها) أي على أنفس هذه المراتب (وعلى قوى هي مباديها) أي مبادي هذه المراتب ،فالعقل الهيوالئي يطلق
مثال على االستعداد الضعيف وعلى قوى هي مبدأ للوصول إلى هذا االستعداد الضعيف والعقل بالملكة يطلق
على االستعداد المتوسط وعلى قوة هي مبدأ للوصول إلى االستعداد المتوسط وكذلك االستعداد بالفعل والعقل
المستفاد وحينئذ يفترق العقل عن النفس في المفهوم ألن العقل يطلق على المراتب وعلى قوى هي مبادئها
والنفس ال تطلق إال على تلك المراتب( ،والعقل بالملكة) ال يكون متساويا في جميع النفوس اإلنسانية بل تتفاوت
فيما بينهم بتعدد النفوس ،فهو (إذا كان في الغاية بأن يحصل له كل نظري بالحدس) أي بال واسطة النظر
والفكر ( يسمى) العقل بالملكة في هذه المرتبة (قوة قدسية) وهي قوة نفوس األنبياء واألولياء عليهم السالم .
40
حواشي ابن الباساوي رحمه هللا المتعلقة بالنفس
قوله (إلى فلكية) فإنهم أثبتوا لألفالك نفوسا مجردة لتعقل الكليات وقوى جسمانية لتخيل الجزئيات كاإلنسان
واعترض عليهم بأنهم أثبتوا لألفالك مبدء الحس والحركة فهي حية عندهم وإذا ثبت لها النفس الناطقة المتعلقة
بالكليات أيضا كان إنسانا حقيقة وأجيب :بأن االنسان هو الحيوان الناطق فكل حيوان حي لكن العكس غير
الزم إذ الحيوان أن يكون فيه مع ما سبق من قوة الحس والحركة وقوة التغذية والتنمية أيضا وبأن المراد بتعقل
الكليات في اإلنسان ما هو شأن العقل الهيوالئي والعقل بالملكة ال العقل بالفعل وبالحس فيه ما هو بطريق
االنفعال وارتسام المثال ال الحضور ،وأمر الفلكيات ليس كذلك عندهم ،قوله( :ولها قوة عاقلة) اي باعتبار
تأثيرها في البدن لتكميل جوهره قوه عاقلة وإن كان تكميلها لذلك بتأثيرها فيه عائدا إلى تكميلها بالنفس فإن
البدن آلة وتكميل اآللة عائد إلى تكميل ذي اآللة فافهم ،قوله ( :قوة االستنباط) وعنى باالستنباط هنا االستخراج
العملي ال العلمي وإال لكان عين العقل النظري فيكون قوله والتصرف عطف تفسير ،قوله( :ولها قوة االستنباط)
اي الذي بها يتمكن اإلنسان من استنباط الصناعات والتصرف في موضوعاتها التي بمنزلة المواد كالخشب
للنجار وتمييز المصالح التي يجب اإلتيان بها عن المفاسد التي يجب االجتناب عنها النتظام الى آخره ،قوله:
( وأخرى عاقلة) أي وللنفس قوة أخرى باعتبار تأثيرها من المبدأ لالستكمال بالعلوم واإلدراكات فإن لفظ القوة
كما يطلق على مبدأ التغيير والفعل كذلك يطلق على مبدأ التغير واالنفعال ،قوله ( :فالعقل الهيوالئي) فشأنها
االستعداد المحض لإلدراكات من غير حصول شيء منها بالفعل سميت بها تشبيها بالهيولى الخالية في نفسها
عن الصورة القابلة هي لها ،قوله ( :فالعقل بالملكة) فلها استعداد تحصيل النظريات بحصول الضروريات
سميت بالملكة ألنها حصل لها بسبب تلك الضروريات ملكة االنتقال إلى النظريات كذا قالوا ورد بأنه ليس في
هذه المرتبة إال استعداد االنتقال والمراد بالملكة ما يقابل الحال أي الكيفية الراسخية ألن استعداد االنتقال إلى
النظريات راسخ في هذه المرتبة أو ما يقابل العدم كأنه قد حصل للنفس فيها وجود االنتقال إليها بناء على قربه
كما يسمى العقل بالفعل عقال بالفعل مع كونه بالقوة ألن قوته قريبة من الفعل جدا ،قوله( :فالعقل بالفعل) فلها
التمكن في استحضار النظريات متى شاء من غير افتقار إلى تجشم كسب جديد لكونها مكتسبة مخزونة تحضر
بمجرد االلتفات وذلك إنما يحصل إذا الحظت النظريات مرة بعد أخرى حتى تحصل لها ملكة تقوى بها على
ذلك االستحضار كذا قالوا لكن قال بعض المحققين ال اعتبار بملكة االستحضار في العقل بالفعل بل القدرة
على االستحضار كافية فيه فإذا حضرت المعقوالت وذهلت عنها فهي قادرة على استحضارها فهذه المرتبة لو
لم يكن عقال بالفعل لم تنحصر مراتب القوة النظرية في األربعة فال بد من االقتصار على االقتدار على
االستحضار ،قوله( :فالعقل المستفاد) اي من العقل الفعال الذي يخرج نفوسنا من القوة إلى ما له من الكماالت
وهو حضور النظريات عند المشاهدة بحيث ال تغيب أصال ،قوله ( :في هذه المراتب) اي في حال اتصافها
41
بتلك المراتب اي بكينونتها فيها فافهم ،قوله ( :بأن يحصل له إلخ) أقول هذا مناف لما قاله قاضي مير من
أنه ليس في العقل بالملكة إال االستعداد لالنتقال لكن لكون استعداد االنتقال إلى النظريات فيها راسخا سميت
بالملكة فالملكة في مقابلة الحال أو ألنه حصل فيها للنفس وجود االنتقال إلى النظريات بناء على قربه فهي
في مقابلة العدم فليتأمل
42
الط ْبع ل َش َرفه باالتَفاق َعَل ْيه َدوَن ُه َما َ ( ،و ُه َو ) م ْن ( وإ َّما جسم ) َقَّدمه عَلى اَ ْألَخيرين مع تََقدم اَْلج ْزء عَلى اَْل ُكل ب َّ
ُ َ َْ َ َ َُ َ ْ َ
وهر مرَّكب ) بحسب اَْل َخارج ( م ْن اَْلهيولى والصورة ) اَْلجسميَّة وإ َّال َف ْاألَْفرُاد اَ َّ
لش ْخصَّي ُة َل َها َ َ ْ َ َ ْ َ ََ َح ْي ُث ُه َو ج ْسم ( َج َ ُ َ
اج َك َما في اَْل َم ْع ُجون. ورة اَلنَّ ْوعيَّة َواْل َع ْرضيَّة َك َما في اَ َّ
لسرير َواْلم َز ُ أَ ْج َزاء َغ ْي ُرُه َما َكالص َ
تعريف الجسم
(وإما جسم) وهو الجوهر الحاصل من حلول الصورة في الهيولى وهنا يرد اعتراض وهو أن المركب يعرف بعد
معرفة ما يتركب منه فكان األولى أن يعرف الماتن الهيولى والصورة قبل الجسم ألنهما جزءان للجسم والجزء
مقدم بالطبع على الكل بمعنى أن تقدمه هو تقدم المحتاج إليه على المحتاج والجواب أنه إنما (قدمه على
األخيرين مع تقدم الجزء على الكل بالطبع لشرفه باالتفاق عليه) فقد اتفق المتكلمون والحكماء على وجود الجسم
في الخارج (دونهما) أي دون الهيولى والصورة إذ المتكلمون ال يقولون بهما فاقتضى األمر تقديم الجسم عليهما
( وهو ) أي الجسم )من حيث هو جسم جوهر مركب بحسب الخارج من الهيولى) وهي المادة (والصورة
الجسمية ) وهي قبول األبعاد لتلك المادة ،ويتركب بحسب الذهن من الجنس والفصل (وإال) أي إن لم نالحظ
الجسم من حيثية إنه جسم فقط بأن الحظناه من حيث إنه نوع من أنواع الجسم فحينئذ ال يكون مركبا من
الهيولى والصورة الجسمية فقط بل البد من صورة أخرى نوعية وقد يتشخص الجسم فالبد من صورة عرضية
(فاألفراد الشخصية) مثال كأفراد اإلنسان (لها أجزاء غيرهما) أي غير الهيولى والصورة (كالصورة النوعية
والعرضية) فزيد مثال مع تركيبه من هيولى وصورة جسمية يتركب من صورة نوعية بها يستقل عن باقي أنواع
الحيوان وأخرى عرضية بها يتشخص ويستقل عن باقي أفراد اإلنسان و(كما في السرير) فإنه مع تركبه من
جوهر وصورة جسمية بها يقبل األبعاد وصورة نوعية هي الخشبية يتركب كذلك من صورة عرضية بها تتحصل
السريرية (والمزاج) وهو اعتدال العناصر األربعة في الجسم فلتحصيل المزاج نحتاج مع هيولى وصورتين جسمية
ونوعية إلى صورة أخرى عرضية (كما) أي كالمعجونية (في المعجون) المركب من تلك العناصر.
43
ظاه َرة (اس َب ُة َ وناني ب َم ْع َنى اَْل َم َّادة أ َْو َع َربي ُم َخَّفف اَْل َهيول ْى بتَ ْشديد اَْل َياء َو ُه َو اَْلُق ْ
ط ُن َواْل ُم َن َ ( َوإ َّما َهيول ْى ) َلْفظ ُي َ
آخ َر )
ورة َوه َي اَْل َج ْو َه ُر اَْل َحال في َج ْو َهر َ صَ ورةُ اَْل ُمَقو َم ُة َل َها ( َوإ َّما ُ
آخ َر ) ه َي اَلص َ َوه َي اَْل َج ْو َه ُر اَْل َم َحل ل َج ْو َهر َ
َّ
ين
َحُد اَْل ُمتَ َعلَق ْين َن ْعتا ل ْآل َخر َك َما َب ََي اَلتَّ َعلق اَْل َخاص اَلذي َيص ُير به أ َ صاص اَ َّلناعت أ ْ ول باال ْخت َ َوُفس َر اَْل ُحُل ُ
اَْل َب َياض َواْلج ْسم .
(وإما هيولى ) وهي إما (لفظ يوناني بمعنى المادة) واألصل ألن الهيولى أصل ترد عليه الصور ( أو عربي
تعريف الهيولى وتفسير الحلول
مخفف الهيَّوَلى بتشديد الياء وهو القطن والمناسبة) حينئذ (ظاهرة) بين المعنى اللغوي واالصطالحي فكما أن
القطن هو المادة األصلية لألقمشة فكذلك الهيولى هي المادة األصلية للصور( ،و) الهيولى اصطالحا (هي
الوجود ( وإما
َ الجوهر المحل لجوهر آخر هي الصورة المقومة لها) أي لوجود الهيولى بسببها تحص ُل الهيولى
صورة وهي الجوهر الحال في جوهر آخر ) هي الهيولى (وفسر الحلول باالختصاص الناعت أي التعلق
الخاص الذي يصير به أحد المتعلقين نعتا لآلخر كما ) في التعلق الحاصل ( بين البياض والجسم ) الذي
صار البياض بسببه نعتا للجسم فيسمى البياض حاال والجسم محال ،فالحال يشمل الصورة -الجسمية والنوعية
-والعرض ،والمحل يشمل الهيولى والموضوع ،والفرق بين الصورة والعرض أن الصورة هي المقومة للهيولى
أما العرض فإنه ليس مقوما للموضوع بل الموضوع هو المقوم له ،والفرق بين الهيولى والموضوع أن الهيولى
ليس مقوما للصورة بل الصورة هي المقومة لها والموضوع هو المقوم للعرض كما ذكرنا .
فائدة :الجوهر هيولى أولى فإذا كانت معها صورة جنسية هي الجسمية يتكون منهما الجسم فهذا الجسم نعده
هيولى ثانية تكون معها صورة نوعية كالنماء فيتكون منهما الجسم النامي والجسم النامي نعده هيولى ثالثة تكون
معها صورة نوعية هي كالتحرك باإلرادة فيتكون منهما جسم نامي متحرك باإلرادة وهو الحيوان والحيوان هيولى
رابعة تكون معها صورة نوعية كالنطق ويتكون منهما حيوان ناطق ،فهذه الصور كلها صور جوهرية واإلنسان
ال يزال كليا لم يتحول إلى جزئيات ،فإذا كانت معه صورة اللون والهيئة والمكان والزمان وغيرها صارت عبارة
عن جزئيات كزيد وعمرو وهذه الصور تسمى بالصور العرضية هذا عند الفالسفة أما المتكلمون فهم يعدون
الصورة الجنسية هي عين الصورة الجسمية أما الصور األخرى فهي كلها صور عرضية عندهم.
44
صُد ُق َعَلى ُحُلول اَْل َب َياض في اَْلج ْسم َو ُحلُول َّ َّ
طاة َف َال َي َ
صاص ص َّحةُ َح ْمله ُم َوا َ
َوَيتج ُه َعَل ْيه أَن ُه إ ْن أُر َيد ب َه َذا اَال ْخت َ
طراف ومثل اَ ْألُب َّوة في محالها والصورة في اَْلهيولى واْلجسم اَلتَّعليمي في اَْلجسم اَ َّ
لطبيعي ،أ َْو َح ْمله َوَل ْو ْ ْ َ ْ َ ْ َ ََ َ َ ُ اَ ْألَ ْ َ َ
صاحبه َواْل َم ْع ُروض بالن ْس َبة إَلى
ورة َواْل َمال بالن ْس َبة إَلى َ
لهيولى بالن ْس َبة إَلى اَلص َ
صد ُق َعَلى اَ َ
طة ُذو َف َي ُ
ب َواس َ
ضه .َعار َ
(ويتجه) إشكال (عليه) أي على تفسير الحلول باالختصاص الناعت وهو ( أنه إن أريد بهذا االختصاص
إشكال على تفسير الحلول في تعريف الهيولى
صحة حمله) أي حمل النعت على المنعوت (مواطاة) وبال واسطة (فــ) حينئذ ال يكون التعريف جامعا ألنه (ال
يصدق على حلول البياض في الجسم) مثال فال يقال "الجسم بياض" بحمل المواطاة بل " الجسم ذو بياض"
بحمل ذي هو أو "الجسم أبيض" بحمل االشتقاق( ،و) ال يصدق التعريف على (حلول األطراف) التي هي
الطول والعرض والعمق في محالها بالحمل فإن الطول امتداد يحل في السطح الجوهري والعرض امتداد يحل
في الجسم التعليمي والعمق امتداد يحل في الجسم الطبيعي ،وال يمكن حمل كل منها على محالها فال يقال إن
" السطح الجوهري طول " بل ذو طول أو طويل وكذلك في حمل العرض والعمق على الجسم التعليمي
والطبيعي (و) كذلك ال يصدق على (مثل األبوة) واألخوة (في محالها) فال يقال "زيد أبوة" بل "زيد ذو أبوة" أو
"زيد أب" (و) كذلك ال يصدق على حمل (الصورة في الهيولى) فال يقال "الهيولى صورة" بل "الهيولى ذو صورة"
أو "الهيولى مصورة" (و) كذلك ال يصدق على حمل (الجسم التعليمي) وهو االمتداد الحاصل من تركب
الطول والعرض والعمق (في الجسم الطبيعي) فال يقال "الجسم الطبيعي جسم تعليمي" بل ذو جسم تعليمي
وعلى كل ال يكون التعريف جامعا (أو) كان المراد من الحلول صحة (حمله) أي النعت على المنعوت مطلقا
(ولو) بحمل المواطاة أو (بواسطة ذو) أو باالشتقاق (فــ) حينئذ يكون التعريف جامعا إال أنه ال يكون مانعا ألنه
(يصدق على الهيولى بالنسبة إلى الصورة) ألنه وإن لم يصدق حمل الهيولى على الصورة بالمواطاة يصدق
حملها على الصورة بذي هو فيقال "الصورة ذات هيولى" مع أن الهيولى لم تحل في الصورة بل الصورة هي
الحالة فيها (و) يصدق التعريف على حمل (المال بالنسبة إلى صاحبه) فيقال مثال "زيد ذو مال" أو "زيد متمول"
مع أن المال لم يحل في زيد (و) على حمل (المعروض بالنسبة إلى عارضه) فيقال مثال "البياض ذو جسم"
مع أن الجسم لم يحل في البياض بل العكس هو الصحيح ،وعلى كل ال يكون تعريف الصورة مانعا.
45
صوص بُدون َّ َّ َواْل َج َو ُ َّ
صاص َع َد ُم تَ َحقق اَلن ْعت اَْل َم ْخ ُ اب أَنا َن ْختَ ُار اَلش َّق الثاني َوَنُقول اَْل ُم ْعتََب ُر في َذل َك اَال ْخت َ
يب لل َّن ْعت َلكن َع َد ُم تُ َحققه في اَْل َهيولى لس َب ُب اَْلَقر ُ َن اَْلم َرَاد ب َّ
الناعت اَ َّ اب بأ َّ ُ صوصَ ،وَق ْد ُي َج ُ اَْل َم ْن ُعوت اَْل َم ْخ ُ
ْ
َواْل َم ْع ُروض ُم ْحتَاج إَلى اَْل َب َيان.
(والجواب) أي جواب الحكماء على عدم مانعية التعريف (أنا نختار الشق الثَّاني) وهو أن الحمل عام بالنسبة
الجواب عن عدم مانعية تعريف الهيولى
إلى حمل المواطاة وحمل ذي هو وحمل االشتقاق (و) ال يكون التعريف غير مانع ألنا (نقول المعتبر في ذلك
االختصاص) حلول يكون بمعنى (عدم تحقق النعت المخصوص بدون المنعوت المخصوص) وحينئذ يخرج
حمل الهيولى على الصورة ألن الهيولى تتحقق بدون الصورة المخصوصة ويخرج كذلك المعروض ألنه يتحقق
من دون عارضه المخصوص فالماء مثال هيولى مخصوصة ال تشترط فيه صورة المائية المخصوصة بل
يصح أن يصبح بخا ار بتغيير صورته المائية إلى الصورة البخارية فالمشترط فيها صورة نوعية فقط وهو الجسمية
وكذلك المال ال يشترط فيه صاحب مخصوص بل يصح أن يتغير صاحبه ،فبقيد المخصوص تخرج هذه
األمور من تعريف الحلول ويكون تعريف الصورة مانعا كما كان جامعا ( ،وقد يجاب) عن تفسير الحلول
باالختصاص الناعت (بأن المراد بالناعت) في قولهم " االختصاص الناعت" هو (السبب القريب للنعت) ففي
العارض والمعروض السبب القريب التصاف الجسم بالبياض هو البياض وفي األبوة السبب القريب التصاف
زيد باألبوة هو األبوة وفي الهيولى والصورة السبب القريب التصاف الهيولى بالصورة هو الصورة وكذلك السبب
القريب التصاف الجسم الطبيعي بالجسم التعليمي هو الجسم التعليمي وحينئذ يصح الحمل فيها (لكن عدم
تحققه في الهيولى والمعروض) بالنسبة إلى الصورة والعارض (محتاج إلى البيان) فإنه كما تعد الصورة مثال
السبب القريب التصاف الهيولى بها فكذلك الهيولى هي السبب القريب التصاف الصورة بها وكذلك المعروض
بالنسبة لعارضه وألن هذا الجواب ال يدفع عدم مانعية التعريف قال " :قد يجاب " إشارة إلى ضعفه.
46
حواشي ابن الباساوي المتعلقة بالجسم والهيولى والصورة
قوله ( من حيث هو جسم ) قيد الحيثية هنا لإلطالق على أي نظائره مما أدخل فيه على نفس الشيء من
الماهية من حيث هي هي وألن التعليل ال يصح ألن الجسمية ال يقتضي التركيب من جزئين يحل أحدهما في
اآلخر كيف واألجسام عند المتكلمين وبعض الحكماء ليست مركبة من جزئين والتقييد ال يجدر أزيد من اإلطالق
مع كونه خالف الظاهر ،قوله( :وإال فاألفراد الشخصية) يعني وإن لم يكن المراد بالجسم المعرف الجسم من
حيث هو هو بل كان المراد به الجسم المتحقق في ضمن األفراد الشخصية فحصر أجزائه في الهيولى والصورة
باطل إذ األفراد الشخصية لها أجزاء إلخ ،فعبارته صريحة في أن اعتبار الحيثية ناظرة إلى أفراد الجسم لكن
قيل :إن الصورة النوعية مثال لألفراد إنما هو بواسطة األنواع فكان األولى كون اإلطالق نظ ار إلى األنواع
انتهى وفيه تأمل ،قوله ( :لها أجزاء غيرهما إلخ) والحق أن إثبات الصور الجوهرية سيما النوعية عسير جدا
وأن الذي نعلمه قطعا هو أن الماء والنار مثال مختلفان بالحقيقة مع االشتراك في الجسمية وأما أن في كل
منها جوه ار ال يختلف بالحقيقة هو الهيولى وآخر كذلك هو الصورة الجسمية وآخر مختلفة الحقيقة هو الصورة
النوعية التي غير النفس الناطقة في االنسان فلم يثبت بعد كذا نقله بعض المحققين ،قوله ( :كالصورة النوعية)
فإن هم قالوا كما أن الصورة الجسمية جزء للجسم والزمة للهيولى كذلك الصورة النوعية جزء آخر للجسم وهي
جوهر بحسبها يتنوع الجسم أنواعا ،واستدلوا على جزئيتها من الجسم بأن األجسام مختلفة باآلثار الالزمة كعدم
قبول االنفكاك في الفلكيات وقبولها بسهولة في الماء وبعسر في الحجر فال بد أن يكون ذلك ألمر ثابت لبعض
دون بعض ويجب أن يكون الزما ليمكن استناد ما هو الزم إليه وال سبيل ألن يكون خارجا عن الجسم ألنه
حينئذ يحتاج إلى أمر مختص يستند هو إليه فيلزم التسلسل فال بد أن يكون جزء منه ،قوله ( :والمزاج) وهي
الكيفية المتشابهة المتوسطة بين الكيفيات المتضادة بناء على كونها جزءا عرضيا من المعاجين وفيه تأمل ،
قوله ( :وهي الجوهر المحل) وهو قابل لالتصال واالنفصال باق في الحالتين ألن القابل يبقى مع المقبول
ونفسه ليس بواحد وال كثير وال متصل بل وحدته واتصاله بحلول الصورة االتصالية فيه وكثرته وانفصاله بطريان
االنفصال عليه فهو قبل ورود االنفصال واحد متصل بالصورة الواحدة الحالة فيه وبعده متكثر بالصور المتعددة
الحالة فيه ،قوله( :حلول األطراف) اي النقطة والخط والسطح فإن النقطة طرف الخط والخط طرف السطح
والسطح وطرف الجسم التعليمي وكل منها حال فيما أضيف إليه فافهم ،قوله ( :في الجسم الطبيعي) الذي
يقول بها الفالسفة فإنهم قالوا بأن الجسم الطبيعي هو الجوهر القابل لألبعاد الثالثة المختلفة بتبدل المقادير
47
وهي الطول والعرض والعمق والجسم التعليمي عرض يقبل القسمة الوهمية في الطول والعرض والعمق وبالجملة
الجسم الطبيعي جوهر متحيز بذاته والجسم التعليمي كمية قائمة به وتسمى األول طبيعيا ألنه يبحث عنه في
الحكمة الطبيعية والثَّاني تعليميا ألنه يبحث عنه في العلوم التعليمية التي هي الرياضية فافهم ،قوله ( :النعت
المخصوص) فحينئذ يخرج الهيولى بالنسبة إلى الصورة إذ الهيولى المخصوصة يتحقق بدون الصورة
المخصوصة والمال بالنسبة إلى صاحبه إذ المال المخصوص يتحقق بدون الصاحب المخصوص والمعروض
بالنسبة إلى عارضه فإن المعروض المخصوص يتحقق بدون العارض المخصوص فافهم ،قوله في الحاشية
(إشارة إلى دفع النقض إلخ ) لعل هذه الحاشية موضوعة على قوله قدس سره بحسب الخارج إذ به يشار إلى
دفع النقض المذكور وحاصل الدفع بقيد بحسب الخارج هو أن المراد بتركيبه من الهيولى والصورة التركيب
بحسب الخارج ال مطلقا وال التركيب بحسب الذهن حتى يرد أنه مركب من الجنس والفصل ألنهما أجزاء ذهنية
ال خارجية فوضعها على قيد الحيثية كما هو المصنوع في الطبع وقع سهوا من النساخ إذ ال دخل لدفع النقض
المذكور بقوله من حيث هو جسم فليتأمل.
48
صر :اَْل َج ْو َه ُر
ام اَْل َج ْو َهر َخ ْم َسة ) َو ُه َو َم ْذ َه ُب اَْل َم َشائيين َو ُه ْم َقاُلوا في َو ْجه اَْل َح ْ ( فـ ـ) ُع َلم م َّما َذكرَنا أ َّ
َن ( أَْق َس َ
ورة أ َْو َم َح ًّال َف َم َّادة أ َْو َم ْرَكبا م ْن ُه َما َفجسم َوإ َّال فإن تَ َعَّل َق بالجسم تعل َق التدبير والتصرف صَ ان في َم َحل َف ُ إ َّن َك َ
من جوهرين يحل مركب ْ استبعاد في وجود جوهر غير جسماني َّ َ رض عليه بأن ُه ال ولما اعتُ َ فنفس وإال فعقل َّ
وقي َد الجسم في قولهم أو َّ
مركب منهما فجسم بقوله وجه الحصر تارة َّ
غي َر َ
وليس هنا ما ينفيه َّ
ْ َ أحده ُما في اآلخر َ
ُ
( :باالستقراء) أُخرى .
(فـ ُعل َم مما ذكرنا أن أقسام الجوهر خمسة وهو مذهب المشائيين وهم قالوا في وجه الحصر :الجوهر إن كان)
حاال (في محل) ويكون بحيث ال يتحقق بخصوصه من دون محله المخصوص (فــ) هو (صورة أو) كان
أقسام الجوهر خمسة باالستقراء
الجوهر (محال) لجوهر آخر بحيث ال يتحقق الجوهر اآلخر بدونه (فــ) هو (مادة) وهيولى ( أو) كان الجوهر
(مركبا منهما) أي من جوهر حال وآخر محل (فـ) هو (جسم وإال) أي وإن لم يكن الجوهر حاال وال محال وال
مركبا منهما فحينئذ ننظر إلى هذا الجوهر (فان تعلق بالجسم تعلق التدبير والتصرف فـ) هو (نفس وإال) أي
وإن لم يكن متعلقا بالجسم تعلق التدبير والتصرف بل كان تعلقه باإليجاد والتأثير (فـ) هو (عقل) ( ،ولما
اعترض عليه) أي على دليل المشائين (بأنه ال استبعاد) في القسم الثَّالث منها -وهو الجوهر المركب من
جوهرين حال ومحل (في وجود جوهر غير جسماني مركب من جوهرين يحل أحدهما في اآلخر وليس هنا ما
ينفيه) وحينئذ ال يكون الحصر في الخمسة عقليا ،فأجاب الشارح بأنه قد ( ُغي َر ُ
وجه الحصر تارة) من قبل
إما مقوم لمحله فهو الصورة ،
الحكماء فقالوا :الممكن الموجود إما حال في محل أو غير حال فيه ،والحال َّ
أو غير مقوم لمحله بل المحل هو المقوم له فهو العرض ،وغير الحال إ َّما متحيز في المكان فهو الجسم ،أو
إما أن
جزء من المتحيز فهو المادة و الهيولى ،أو ليس بمتحيز وال جزء من المتحيز فهو أيضا قسان ألنه َّ
يكون مدب ار للبدن فهو النفس أو جزء النفس وإما ال يكون مدب ار للبدن فهو العقل أو جزء العقل ،وهذا الحصر
مفيد ألن الجسم فيه ُفسر بالمتحيز في المكان وهو يشمل الجوهر غير الجسماني المركب من جوهرين (،وُقي َد
الجسم في قولهم أو مركب منهما فجسم بقوله :باالستقراء) تارة (أخرى) أن الحكماء أبقوا على وجه الحصر ولم
ُ
يغيروه ولكنهم أضافوا قيد " االستقراء" في القسم الثَّالث فقالوا :إن المركب من الحال والمحل جسم باالستقراء
فكأنهم فتشوا ولم يجدوا جوه ار مركبا إال وهو جسم ،وقيد االستقراء يفيد أن هذا القسم ال ينافي وجود جوهر
مركب من جوهرين حال ومحل وهو غير جسماني في نفس األمر والواقع وإن لم نكن نعلمه.
49
َّ َّ
صار اَلشق اَ ْألَخير في اَْل َعْقل ال م ْن أَن ُه ْم َال َيُقولُو َن باال ْستْق َراء ُه َنا َففيه أَن ُه َال ُبَّد م ْن اَْلَق ْول به في ا ْنح َ َو َما ُيَق ُ
َنآخ َر َفْل َيُقل به فيه أ َْيضا َ ،وَال َي ْب ُعُد اَْلَق ْو ُل بأ َّ ل َج َواز َكون اَْل َج ْو َهر اَْل َغ ْير اَْل ُم َدبر ُج ْزَء اَْل َعْقل أ َْو اَ َّلنْفس أ َْو َج ْو َه ار َ
َّ
اال ُت َ ،بقي أََّن ُه ْم َقاُلوا ب ُو ُجود
َ اهة أ َْو اَْلُب ْرَهان َف َال َيْق َد ُح فيه َهذه اَال ْحت َم َ اَْل َمْقس َم اَْل َج ْو َه ُر اَلذي تَ َحَّق َق ُو ُج ُ
ودهُ باْل َب َد َ
ال بُد ُخوله تَ ْح َت اَْل َعْقل َم َع َن ُيَق َ صرف في اَ ْأل َْب َدان َم َع ُخ ُروجه َع ْن اَْل َخ ْم َسة إ َّال أ ْ َّ
اَْلجن َوأَن َها أ َْرَواح ُم َج َّرَدة َل َها تَ َ
ص َرهُ في اَْل َع َش َرة َيأ َْباهُ . َن َح ْ أ َّ
(وما يقال) اعتراضا على الجواب الثَّاني وهو تقييد الجسم باالستقراء (من أنهم) أي الحكماء (ال يقولون
وجوب القول باالستقراء في تقسيم الجوهر وانتقاض التقسيم بالجن
باالستقراء هنا) أي في أقسام الجوهر (ففيه) نظر لــ( أنه ال بد من القول به في انحصار الشق األخير في
العقل) وهو قوله "وإال فعقل" (لجواز كون الجوهر الغير المدبر جزء العقل) وال يكون هو العقل (أو) يكون
الجوهر الغير المدبر جزء (النفس) وال يكون نفسا (أو) يكون الجوهر الغير المدبر (جوه ار آخر) لكننا ال نعلمه
(فليقل به) أي باالستقراء (فيه) أي في الشق األخير (أيضا) كما يقال في الشق الثَّالث ( ،وال يبعد القول) في
الجواب عن اعتراضهم على وجه الحصر (بأن المقسم) المحصور في أقسامه الخمسة هو (الجوهر الذي تحقق
إما (بالبداهة) -فيشمل الجوهر حينئذ الجسم والنفس فكل إنسان يعلم وجود نفسه ووجود األجسام حوله
وجوده) َّ
بالبداهة (أو ) بالدليل و (البرهان) فيشمل الهيولى والصورة والعقل ألن إثبات كل منها يفتقر إلى دليل وبرهان
( ،فــ) إذا كان الحصر بهذا الوجه (ال يقدح فيه هذه االحتماالت ) وهي احتمال انتقاضه بجوهر مركب غير
جسماني ،أو بجوهر غير مدبر إذ ال دليل على إثباتهما ( ،بقي) اعتراض آخر وهو (أنهم) أي الحكماء
المشائين (قالوا بوجود الجن وأنها أرواح مجردة) عن المادة (لها تصرف في األبدان) اإلنسانية بالوسوسة والمس
وسائر الشرور (مع خروجه) أي الجن الموصوف بهذه الصفات (عن) األقسام (الخمسة) للجوهر فال يشملها
تعاريفها (إال أن يقال بدخوله تحت العقل) فيجوز أن يكون الجن جوه ار مجردا متعلقا بالبدن تعلق التدبير
والتصرف بالوسوسة وإنزال الشرور لكن يمنع دخوله في تعريف العقل (مع) جوازه لــ( أن حصره) أي العقل
(في العشرة يأباه) أي يأبى إدخاله في تعريف العقل وذلك ألن الجن له أف ارد كثيرة غير منحصرة كما العقول.
50
جرد َم ْو ُجود في ام اَْل َج ْو َهر أ َْرَب َعة اَْل َعْق ُل َوالنَّْف ُس َواْل َم َكا ُن َو ُه َو ع ْن َد ُه ْم ُب ْعد ُم َّ َما اَ ْالَ َش َراقيو ْن َف َذ َهُبوا إَلى أ َّ
َن أَْق َس َ َوأ َّ
ور َوَيج ُب َك ْوُن ُه َج ْو َه ار لق َيامه ب َذاته َوتََو ُارد اَْل ُم ْمك َنات َعَل ْيه َوَل ْو باْلُق َّوة ُمتََوسط َب ْي َن َعاَلمي ط اون ُه ُب ْعدا َمْف ُ
اَْل َخارج ُي َسم َ
َن اَْلج ْس َم َل ْي َس َم ْرَكبا م ْن اَْل َهيولى َج َسام َ ،واْلج ْس ُم َو ُه َو َج ْو َهر َو َح َداني ُمتَ َحيز ب َذاته َوأ َّ اَْل َج َواهر اَْل ُم َج َّرَدة َو ْاأل ْ
َع َراض َي ْمتَ ُاز ب َها أ َْن َواعُ اَْلج ْسم َوالثَّاني ُة َّ
ورة اَ َّلن ْوعيَّة اَلتي ه َي أ ْ
ورة َب ْل اَ ْألُوَلى َنْف َس اَْلج ْسم م ْن َح ْي ُث َقُبوُل ُه للص َ َوالص َ
اض . َع َر ُ تْل َك اَ ْأل ْ
(وأما االشراقيون فذهبوا إلى أن أقسام الجوهر أربعة العقل والنفس والمكان وهو عندهم بعد ُم َّ
جرد موجود في
مذهب االشراقيين في تقسيم الجوهر
الخارج) بوجود محقق عندهم (يسمونه بعدا مفطورا) أي مخلوقا بواسطة العقل الفعال أو المفطور بمعنى
المشقوق بمعنى أنه بعد مشقوق ومجعول فيه العالم ( ،ويجب كونه) أي المكان (جوه ار لـ) دليل هو (قيامه
بذاته) فال يحتاج إلى محل مقوم (وتوارد الممكنات عليه) وألجل أن المكان يقوم بذاته وال يحصل فيه أي تغيير
عند توارد الممكنات عليه حكمنا بأنه جوهر ،وإنما ذكر قيد ( ولو بالقوة ) حتى يشمل توارد الممكنات التي لم
عد وجودها ،ثم إن هذا البعد -المسمى بالمكان( -متوسط) فال هو
عد وتتوارد على المكان َب َ
يتحقق وجودها َب ُ
كالمجردات في عدم قبول اإلشارة إليها وال هو كاألجسام في قبولها لإلشارة بل هو ( بين عالمي الجواهر
المجردة واالجسام) وهذ ا ينافي تعريفه سابقا بالبعد المجرد عن المادة إال أن يقال :إن التجرد في التعريف
بمعنى أننا نالحظ ذلك البعد مجردا وإن كان في نفسه متوسطا بين العالمين كما ذكرنا( ،و) القسم الرابع من
أقسام الجوهر عند االشراقيين هو (الجسم وهو) عندهم (جوهر وحداني) بمعنى أنه غير مركب من الهيولى
والصورة وال من أجزاء ال تتج أز بل هو جوهر واحد (متحيز بذاته) في المكان (و) قد حكموا بـ(أن الجسم ليس
مركبا من الهيولي والصورة ) كما يقول المشاؤون (بل األولى) وهي الهيولى (نفس الجسم من حيث قبوله
للصورة النوعية) كالصورة اإلنسانية والفرسية وغيرها (التي هي أعراض يمتاز بها أنواع الجسم والثَّانية) وهي
الصورة (تلك األعراض) التي يمتاز بها أنواع الجسم.
51
َّ
َما اَْل ُمتَ َكل ُمو َن َفَقاُلوا اَْل َج ْو َه ُر إن ا ْنَق َس َم َفج ْسم َوإال َف َج ْو َهر َف ْرد َ ،و َم ْب َنى َنْفي اَْل َهيولى َوالص َ
ورة َعَلى َنْفي اَْل ُكلي َوأ َّ
لطبيعي في اَْل َخارج . اَ َّ
(وأما المتكلمون فـ) إنهم قسموا الجوهر إلى قسمين (قالوا الجوهر إن انقسم فجسم) سواء كانت القسمة في الطول
فقط أو في الطول والعرض أو في الطول والعرض والعمق( ،وإال) بأن لم يقبل القسمة (فـ) هو (جوهر فرد)
مذهب المتكلمين في تعريف الجوهر ومبنى نفي الهيولى والصورة عندهم
وعلى هذا تتحقق الجسمية بجوهرين فردين إذ بهما تتحقق الطولية ،وهم أنكروا وجود العقل لعدم قولهم
بالمجردات ،وأنكروا الهيولى والصورة وقالوا بتركيب الجسم من أجزاء ال تتج أز هي الجواهر الفردة وسبب نفيهم
للهيولى والصورة ما يأتي ُب َعيد هذا ،أما النفس فإن المتكلمين ينكرون النفوس الفلكية ،وحركات األفالك عندهم
قسرية ال إرادية ويعدون النفوس اإلنسانية أجساما لطيفة وخالف بعضهم كالغزالي رحمه هللا فعدوها جواهر
مجردة كالمشائيين (ومبنى نفي الهيولى والصورة) عند المتكلمين (على نفي الكلي الطبيعي في الخارج) وال بد
قبل بيان ذلك من تقديم مقدمة وهي أن الكلي ثالثة أقسام فإن أريد به :ما يجوز العقل صدقه على كثيرين
فهو الكلي المنطقي ،وإن أريد بالكلي ما يعرض عليه مفهوم الكلي المنطقي فهو الكلي الطبيعي كاإلنسان
والفرس وغيرها فهي أمور يعرض عليها الكلي المنطقي فيقال " :اإلنسان كلي " و "الفرس كلي" وهو القسم
الثَّاني ،وإن أريد بالكلي المجموع المركب من المعروض وعارضه فهو الكلي العقلي كمجموع اإلنسان مع قيد
الكلي وهو القسم الثَّالث من أقسام الكلي ،ثم ال خالف في عدم وجود الكلي المنطقي والعقلي في الخارج
إما تكون
ولكنهم اختلفوا في وجود الكلي الطبيعي وقبل أن نذكر الخالف البد من معرفة أن الكلي الطبيعي َّ
أفراده متحققة في الخارج كاإلنسان كلي طبيعي له أفراد محققة في الخارج كزيد وعمرو أو ال أفراد محققة له
في الخارج كالعنقاء فإنه كلي طبيعي ال أفراد له في الخارج ،والذي له أفراد محققة في الخارج أيضا قسمان
إما ذاتي بأن يكون جزءا من ماهية أفراده كاإلنسان بالنسبة إلى زيد وعمرو ،وإما عرضي ال يكون جزءا
ألنه َّ
من ماهية أفراده كالضاحك بالنسبة إلى زيد وعمرو ،والخالف بينهم في وجود الكلي الطبيعي في الخارج إنما
هو فيما له أفراد محققة في الخارج وهو ذاتي لتلك األفراد ،ألن غير ما له أفراد محققة في الخارج كالعنقاء ال
وجود له في الخارج اتفاقا ،وكذلك ما ال يكون جزءا من ماهية أفراده كالضاحك ال وجود له في الخارج اتفاقا
واالحتماالت ثالث فإما أن الكلي الطبيعي موجود في الخارج بوجود مستقل عن وجود أفراده الخارجية وال قائل
به ،أو أن الكلي الطبيعي منتف في الخارج والموجود في الخارج أفراده فقط وهو مذهب اإلشراقيين والمتكلمين
52
لشي ُء إ َّن أُخ َذ ب َش ْرط َال َن اَلتَّ َغ ُاير َب ْي َنهما وَب ْي َن اَْلج ْنس واْلَفصل ا ْعت َباري إ ْذ ما به يتقوم ا َّ َب ْل اَ َّلن ْف َيان ُمتَّح َدان أل َّ
َ ُْ ُ َ ْ َ َ ْ َ َُ َ
ان ُج ْزءا ذ ْهنيًّا َم ْح ُموال َو ُه َو اَ ْألَخ َيران
ان ُج ْزءا َخارجيًّا َغ ْي َر َم ْح ُمول َو ُه َو اَ ْألُوَل َيان ،أ َْو َال ب َش ْرط َش ْيء َك َ
َش ْيء َك َ
أو أن الكلي الطبيعي موجود في الخارج ولكن بوجود أفراده ال باالستقالل وهذا مذهب المشائين وهم يقولون:
توجيه نفي الكلي الطبيعي
بما أن الكلي الطبيعي جزء من ماهية أفراده الموجودة في الخارج فيكون هذا الكلي موجودا في الخارج تبعا لتلك
األفراد ،فإن قلنا بمذهب المشائين وقلنا إن الكلي الطبيعي موجود في الخارج بوجود أفراده فوجب أن نقول
بوجود الهيولى والصورة في الخارج ألن الكلي الطبيعي كاإلنسان يتركب من الجنس والفصل بحسب الذهن
وهما عين الهيولى والصورة بحسب الخارج وإذا قلنا بعدم وجود الهيولى والصورة في الخارج وجب أن ننفي
وجود الكلي الطبيعي فيه ولذلك قال " :ومبنى نفي الهيولى والصورة على نفي الكلي الطبيعي في الخارج " ،
( بل النفيان متحدان) فال ثنائية أصال بين المبنى والمبنى عليه (ألن التغاير بينهما) أي بين الهيولى والصورة
( وبين الجنس والفصل اعتباري) ،ألن ما يسمى جنسا في الذهن هو ما يسمى بالهيولى في الخارج وكذلك ما
يسمى فصال في الذهن هو الصورة في الخارج ( ،إذ ما به يتقوم الشيء) وهو الكلي الطبيعي -الذي يكون
جزءا مقوما لماهية الشيء كالحيوان والناطق اللذان هما جزءان مقومان لماهية اإلنسان (إن أخذ بشرط الشيء)
كأخذ الحيوان وحده بشرط عدم أخذ الناطق معه وكأخذ الناطق وحده بشرط عدم أخذ الحيوان معه ؛ (كان جزءا
خارجيا) لماهية مقومه (غير محمول) على ماهية مقومه لعدم صحة حمل الجزء الخارجي على ما يقومه فال
يقال " اإلنسان حيوان" أو ناطق بجعل الحيوان وكذلك الناطق جزءا خارجيا لإلنسان كما ال يحمل اليد الذي
هو جزء خارجي لزيد عليه فال يقال " زيد يد " ( ،وهو األوليان) أي :أن الحيوان الذي هو كلي طبيعي بشرط
ال شيء هو الهيولى الخارجية وأن الناطق الذي هو كلي طبيعي بشرط ال شيء هو الصورة الخارجية ( ،أو)
أخذ الكلي الطبيعي (ال بشرط شيء) كأخذ الحيوان مطلقا بعدم مالحظة وجود الناطق وال عدم وجوده معه ،
وكأخذ الناطق مطلقا بعدم مالحظة وجود الحيوان وال عدم وجوده معه ،فحينئذ (كان) هذا الكلي الطبيعي
(جزءا ذهنيا) لماهية الشيء كاإلنسان (محموال) هذا الكلي الطبيعي على مقومه فيصح حمل الحيوان والناطق
على اإلنسان فنقول " :اإلنسان حيوان" وكذلك" :اإلنسان ناطق" ( ،وهو األخيران) أي :أن الكلي الطبيعي الذي
أخذناه ال بشرط شيء وذكرنا مثاله يكون جنسا وفصال .
53
َّ
صط َالح َف َذ َه َب ط َال ُق اَْل ُج ْزء َعَلى إ ْح َداه َما ُم َج َّرَد ا ْ
إْ ان ل َشيء َواحد َماهيَّتَان أ َْو َي ُكو ُن
ْ َوَل ْو تَ َغ َايرَن بالذات َل َك َ
ال اَْل ُمتَأَخ ُرو َن :إ َّن َّ
َّات
طة َخارجا ُي ْنتَ َزعُ َع ْن َها اَْل ُكلي ُ اص ُهويَّات َبسي َ اَ ْأل َْش َخ َ اَْل ُمتَ َكل ُمو َن َو َاال َش َراقيو َن إَلى َن ْفيه َحتى َق َ
ب َح َسب اَلتََّنبه لْل ُم َش َارَكات َواْل ُم َب َ
اينات.
(ولو تغايرَن) الجنس والهيولى من جهة والفصل والصورة من جهة أخرى (بالذات) وليس بمجرد االعتبار كأن
تكملة التوجيه وبيان اتحاد مذهبي المتكلمين واالشراقيين في كون الكلي الطبيعي أم ار انتزاعيا
يكون الحيوان الذهني الذي هو جنس مغاي ار بالذات للحيوان الخارجي الذي هو هيولى وكذلك الناطق الذهني
الذي هو فصل يكون مغاي ار بالذات للناطق الخارجي الذي هو صورة (لكان لشيء واحد) إذا أخذنا جزَئي
الماهية باعتبار وجودهما الذهني والخارجي معا (ماهيتان) ماهية ذهنية وأخرى خارجية فيكون لإلنسان ماهيتان
وهو محال (أو يكون إطالق الجزء على إحداهما) أي على الماهية الذهنية (مجرد اصطالح) إن كان المعتبر
ماهيته الخارجية فقط ،ولئال يلزم هذه اإلشكاالت جعلنا كال من الوجود الذهني والخارجي متغايران باالعتبار
متحدان بالذات ( ،فذهب المتكلمون واإلشراقيون إلى نفيه) أي نفي الكلي الطبيعي في الخارج وهو مبني على
نفيهم الهيولى والصورة كما ذكرنا ( ،حتى قال المتأخرون) من اإلشراقيين ( إن األشخاص) الخارجية كزيد
الذهن (عنها) أي عن تلك الهويات الخارجية البسيطة
ُ وعمرو (هويات بسيطة خارجا) ال أجزاء لها أصال (ينتزع)
(الكليات بحسب التنبه للمشاركات والمباينات) ،وال يستشكل حمل الكليات الطبيعية -إن قلنا بنفيها -على
تلك الهويات البسيطة ؛ ألنه حمل بالوجود الرابطي فيقال مثال " زيد حيوان" ال بمعنى أن الحيوانية موجودة في
الخارج بل بمعنى أن زيد يوجد لها الحيوانية كما يقال زيد أعمى ،واالستشكال إنما يرد إن جعلنا الحمل بالوجود
المحمولي وقلنا مثال " الحيوان موجود " والحاصل أن الذهن ينتزع مفهوم الكليات من مالحظة ما يشترك فيه
في الجنس فإنه يالحظ اشتراك زيد وعمرو وخالد في اإلنسانية فينتزع هذا االشتراك منها ويحملها عليها ومن
مالحظة ما يتباين فيه في الفصل فإنه يالحظ تباين زيد عن الفرس والغزال فينتزع من هذا التباين مفهوم
الناطقية ويحملها على زيد فيكون "زيد حيوان" في الخارج و "زيد ناطق" في الخارج وال يكون " الحيوان موجودا"
وال "الناطق موجودا في الخارج" ،فوجود الكليات في الخارج رابطي ال محمولي كما ذكرنا
54
استََدلوا َعَل ْيه بأََّن ُه َل ْو َك َ
ان َم ْو ُجودا َفإ َّما َع َرضيًّا َو ْ إ َّال أََّن ُه ُي َس َّمى اَْل ُم ْنتَ َزعُ م ْن َها ب َال ُم َال َح َ
ظة أ َْمر َخارج َذاتيًّا َوب َها
َن ُك َّل َم ْو ُجود في اَْل َخارج َف َال َيصح اَْل َح ْم ُل َوبأ َّ وم َع ْرض َواحد ب َم َحَّل ْين أ َْو ب ُو ُجود ُم َغاير َل ُه ب ُو ُجود اَْلَف ْرد َف َيُق ُ
ود أ َْمر ا ْعت َباري َف َال َق َد َح في ق َيامه ب َم َحَّل ْين َ ،و َعَلى الثَّاني أََّن ُه م َن
َن اَْل ُو ُج َاهة َوَيتَّج ُه َعَلى اَ ْأل ََّول أ َّ
ُم ْت َشخص َب َد َ
لش ْي ُخ في اَ ْإل َش َارات َشار إَل ْيه اَ َّ
َح َكام اَْل َكاذ َبة لْل َو ْهم َك َما أ َ َ
اَ ْأل ْ
( إال أنه) لما أعترض على كون الكلي الطبيعي أم ار انتزاعيا بأنهم جعلوا الكليات على قسمين كلي ذاتي وكلي
عرض واألوفق بجعل الكلي أم ار انتزاعيا جعلها أم ار واحدا عرضيا ؛ أجاب الشارح بأن الذاتية والعرضية ال
أدلة على نفي وجود الكلي الطبيعي في الخارج والرد عليها
تعني الجزئية للماهية بالذات وبالعرض كما يقول المشاؤون بل المقصود أن الكلي إن انتزع من الهوية الخارجية
من غير مالحظة تلك الهوية الخارجية فـ(يسمى) األمر (المنتزع منها بال مالحظة أمر خارج ذاتيا ،و) يسمى
المنتزع (بها) أي بمالحظته األمر الخارجي (عرضيا) وعليه تصح قسمة الكلي إلى الذاتي والعرضي
َ ذلك
(واستدلوا) أي المتكلمون واإلشراقيون (عليه) أي على نفي الكلي الطبيعي في الخارج (بـ) أدلة ،الدليل األول:
(أنه) أي الكلي الطبيعي ( لو كان موجودا فإما بوجود الفرد ) كأن يكون الحيوان مثال موجودا بوجود أفراده من
زيد وعمرو وغيره بمعنى أنهما موجودان بوجود واحد (فـ) حينئذ (يقوم) هذا الوجود الذي هو (عرض واحد
بمحلين) وهما الكلي وكل من أفراده وذلك مستحيل ألن المحل مقوم للعرض فإن قام العرض بأحد المحلين
بطل عروضه باآلخر ألنه تحصيل الحاصل ( ،أو بوجود مغاير له ) أي لوجود أفراده (فــ) حينئذ (ال يصح
الحمل) أي حمل الكلي على تلك األفراد فال يصدق مثال حمل الحيوان على زيد ألن شرط الحمل أن يتحد
إما الدليل الثَّاني من أدلة نفي الكلي الطبيعي
الموضوع والمحمول بحسب الذات وقد فرضناهما متغايرين ( ،و) َّ
في الخارج :فهو (بأن كل موجود في الخارج متشخص بداهة) فلو كان الكلي الطبيعي موجودا في الخارج
لكان متشخصا بأن ال يجوز العقل وجود أفراد كثيرين له ولكن الكلي له أفراد في الخارج فثبت كونه غير
متشخص فال يوجد في الخارج (و) قد رد المشاؤون كال من الدليلين ،فـ(يتجه على األول َّ
أن الوجود أمر
اعتباري) وليس عرضا (فال قدح في قيامه بمحلين ،و ) يتجه (على الثَّاني) أن المشائين ينكرون الحكم بتشخص
كل شيء خارجي ويقولون عن هذا الحكم بــ(أنه من األحكام الكاذبة للوهم) فالوهم يقيس الكليات على
المحسوسات الخارجية ويحكم عليها بأنها متشخصة في الخارج كالمحسوسات وليس له ذلك ألن الحكم على
األشياء من وظائف العقل ال الوهم (كما أشار إليه الشيخ) الرئيس (في) كتاب (اإلشارات) وحينئذ جاز عقال
وجود الكليات الطبيعية في الخارج من غير تشخص .
55
ين بأََّن ُه ُج ْزُء اَْل َم ْو ُجود في اَْل َخارج َوَيتَّج ُه َب ْع َد تَ ْسليمه أََّن ُه َي ُج ُ
وز َك ْوُن ُه َجزءا َوَذ َه َب اَْل َم َشائيو َن إَلى ُو ُجوده ُم ْستَدل َ
ودهُ .
َعْقليًّا َف َال َيْل َزُم م ْن ُو ُجود اَْل ُكل ُو ُج ُ
(وذهب المشائيون إلى وجوده) أي الكلي الطبيعي في الخارج كما ذكرنا (مستدلين بأنه) أي الكلي الطبيعي
المشائيون يقولون بالكلي الطبيعي
(جزء الموجود في الخارج) أي الهوية الخارجية فاإلنسان مثال كلي طبيعي وهو جزء ألفراده الموجودة في الخارج
فيكون هذا الكلي موجودا في الخارج بوجود تلك األفراد ( ،ويتجه) عليهم (بعد تسليمه) أي التسليم بكون الكلي
جزءا بـ(أنه يجوز) وال مانع من (كونه جزءا عقليا) من ماهية أفراده الخارجية (فــ)حينئذ (ال يلزم من وجود الكل)
من األفراد الخارجية (وجوده) أي وجود جزءها الكلي في الخارج فالمراد بالكل :األفراد الخارجية ألنها كل
بالنسبة إلى أجزاءه التي هي كليات طبيعية .
56
حواشي ابن الباساوي رحمه هللا المتعلقة بخالف العقالء في أقسام الجوهر.
قوله( :وإال فإن تعلق بالجسم) أي وإن لم يكن في محل وال محال وال مركبا منهما ،قوله ( :فليقل به فيه ) أي
فإذا اضطروا بالقول به في انحصار الشق األخير في العقل يجب أن يقولوا به أي باالستقراء فيه أي في ذلك
الوجه الحصر فافهم ،قوله ( :فال يقدح فيه هذه االحتماالت) أي احتمال جوهر غير جسماني مركب من
جوهرين يحل أحدهما في اآلخر واحتمال الجوهر الغير المدبر جزء العقل أو النفس أو جوه ار آخر ألن الخروج
عن األقسام إنما يضر لو تحقق الدخول في المقسم والالزم منتف هنا ،قوله ( :وأنها أرواح إلخ) إشارة إلى
صغرى الشكل الثالث وقوله مع خروجه إشارة إلى كبراه والتقدير الجن داخل في المقسم وهو خارج عن األقسام
وقوله إال أن يقال إشارة إلى الجواب بمنع الكبرى مستندا بأنه داخل في العقل وقوله مع أن حصره منع للسند
المساوي فافهم ،قوله ( :بدخوله تحت العقل) فإن المصنف رحمه هللا قال في حواشي شرح تهذيب الكالم إن
الجن داخل في العقل بعموم المجاز وأما الشياطين فهي القوى المتخيلة االنسانية ثم قال :وهذا مذهب جمهور
الحكماء ،قوله( :واألجسام) التي تقبل اإلشارة الحسية وكونه متوسطا بين هذين الشيئين بأن تقبل اإلشارة بالتبع
،قوله( :جوهر وحداني) أي بسيط في نفسه ليس فيه تعدد األجزاء أصال ال من الهيولى والصورة وال من
األجسام الصغار الصلبة وال من الجواهر الفردة وإنما يقبل االنقسام بذاته بخالف مذهب المشائين فإن قبول
الجسم لالنقسام عندهم من جهة تركبه من الهيولى والصورة واعترض عليه بأنه لو كان واحدا في نفسه لكانت
الوحدة على تقدير ورود القسمة عليه منقسمة أيضا ألن الوحدة عارضة له حالة فيه وانقسام المحل يوجب
انقسام الحال ألن الحال في أحد الجزئين غير الحال في الجزء اآلخر فلم تكن الوحدة وحدة هذا خلف ،ويجاب
عنه بأن هذا إنما يتم لو كانت الوحدة صفة حقيقية سارية في محلها وليس كذلك بل هي صفة اعتبارية متعلقة
بمجموع المنقسم من حيث هو مجموع فإذا ورد عليه القسمة زالت الوحدة ،قوله( :الجوهر إن انقسم) إلى
الجواهر الفردة وأقله إلى جزئين ،قيل إلى أربعة أجزاء ليتحقق األبعاد الثالثة وقيل إلى ثمانية أجزاء ليتحقق
التقاطع على زوايا قوائم كما هو المذكور في المبسوطات ،قوله ( :إن أخذ بشرط ال شيء) أي ال شيء من
انضمام فصل إليه داخل فيه يقومه ،قوله ( ال بشرط شيء) أي من انضمام فصل إليه وعدمه بأن أخذ مطلقا
،قوله( :لكان لشي واحد ماهيتان) أحدهما المركب من الهيولى والصورة وثانيهما المركب من الجنس والفصل
،قوله( :وبها عرضيا) أي بمالحظة أمر خارج عنها ،قوله ( :فإما بوجود الفرد إلخ ) إشارة إلى قياس
استثنائي تقديره لو كان الكلي الطبيعي موجودا بوجود الفرد يلزم قيام عرض واحد بمحلين لكن قيام عرض واحد
بمحلين باطل ينتج أن كون الكلي الطبيعي موجودا بوجود الفرد باطل أما المالزمة فألن الوجود زائد على
الماهية عارض لها وأما بطالن التالي فألن حصول عرض واحد بمحلين كحصول الجسم الواحد في مكانين
في زمان واحد فلو جاز ذلك لجاز هذا وهو ضروري البطالن ،ويرد بوجود الفرق بين الحصولين أال يرى أنه
57
يجوز حلول أعراض متعددة في محل واحد معا وال يجوز اجتماع جسمين في مكان واحد وألن تشخص العرض
إنما هو بالمحل بمعنى أن محله مستقل بتشخصه فلو قام بمحلين لزم اجتماع العلتين على معلول هو تشخص
ذلك العرض ،قوله ( :بوجود مغاير إلخ) إشارة إلى قياس استثنائي آخر تقديره لو كان الكلي الطبيعي موجودا
بوجود مغاير للفرد يلزم أن ال يصح حمل الكلي الطبيعي على فرده ضرورة تغاير وجوديهما على ذلك التقدير
لكن التالي باطل ألن الكلي الطبيعي يحمل على فرده فكذا المقدم وهو وجوده بوجود مغاير للفرد ،قوله ( :إن
الوجود أمر اعتباري) إشارة إلى منع مالزمة المقدمة الشرطية من القياس االستثنائي والتقدير أنا ال نسلم المالزمة
وإنما يلزم هذا لو كان الوجود أم ار حقيقيا وليس كذلك ألنه أمر اعتباري فال يلزم من كون الكلي الطببعي موجودا
بوجود فرده قيام عرض واحد بمحلين لكن كون الوجود الوجود أم ار اعتباريا إنما هو عند القائلين بأنه زائد على
الماهية وأما عند من يقول بأنه عين الماهية فليس أم ار اعتباريا بل أمر حقيقي أصيلي فافهم ،قوله ( :كما
أشار إليه الشيخ) حيث قال :قد يغلب على أوهام الناس أن الموجود هو المحسوس وأن ما ال يناله الحس
ففرض وجوده محال قوله ( :بأنه جزء الموجود) أي وجزء الموجود في الخارج موجود فيه ينتج أن الكلي
فذكر الصغرى وطوى الكبرى ،قوله ( :ويتجه بعد تسليمه) يعني أنه إن أريد أنه
الطبيعي موجود في الخارج َ
جزء له في الخارج فممنوع بل هو أول المسألة وإن أريد أنه جزء له في الذهن فال نسلم أن الجزء الذهني
للموجود الخارجي يجب أن يكون موجودا في الخارج وأجاب عنه المحقق عبد الحكيم بأن الجزء ما يتقوم به
الشيء وال تعلق له بالخارج والذهن بل يتقوم به الماهية مع قطع النظر عن الوجود والعدم وتحقيقه أنا نعلم
بالضرورة أن إطالق الحيوان على أشخاصه ليس كإطالق لفظ العين على معانيه وال كإطالق األبيض على
الجسم حيث يحتاج إلى مالحظة أمر خارج عنه بل نجزم بأنه متقوم به وال نعني بالجزء إال ما يتقوم به الشيء
وال يمكن تحصيل ماهيته بدونه كالمثلث فإنه ال يتقوم وال يتحصل بدون الخط والسطح مع قطع النظر عن
وجوده وعدمه وال شك أن ما يتقوم به الموجود يجب أن يكون موجودا والحاصل أنه ال شك أن بعض األشخاص
يشارك بعضا آخر دون بعض في أمر مع النظر عن الوجود وما يتبعه من العوارض فذلك األمر المشترك
يتقوم به تلك األشخاص في حد ذاتها وال بد من وجوده أينما وجدت وإال لم تكن متقومة به.
58
ضوع باْل َم ْع َنى
ود في َم ْو ُ
ض ) َو ُه َو اَْل ُم ْمك ُن اَْل َم ْو ُج ُ ( ثُ َّم ) َب ْع َد َب َيان اَْل َج ْو َهر َوأَْق َسامه َوتَ َعاريف َها ا ْعَل ْم أ َّ
َن ( اَْل َع ْر ُ
لسابق َوا ْكتََفى َع ْن تَ ْعريفه بتَ ْعريف اَْل َج ْو َهر اَ َّ
(ثم بعد بيان الجوهر وأقسامه وتعاريفها ) شرع في بيان العرض فقال (اعلم أن العرض وهو الممكن الموجود)
تعريف العرض
سواء كان موجودا بالوجود المحمولي كقولنا في البياض الذي هو عرض " البياض موجود" أو بالوجود الرابطي
كقولنا في حمل البياض على الثلج برابطة الوجود " الثلج أبيض" أي :الثلج يوجد له البياض ( ،في موضوع)
والمراد موضوع (بالمعنى السابق ) ذكره وهو المحل الذي يكون شرطا لوجود ذلك العرض ،وقوله ( :واكتفى
من تعريفه بتعريف الجوهر) يعني أن الماتن لم يعرف العرض الكتفاءه بتعريف الجوهر ألنهما ضدان والشيء
يعرف بضده فعندما قال إن الجوهر :موجود ال في موضوع ،عرفنا أن العرض :موجود في موضوع ،ثم إن
الضمير " هو " في قوله " :وهو الممكن الموجود " فيه استخدام ألننا نريد بذكر العرض تقسيمه فنأخذ ماهية
العرض بشرط ال شيء وعند ذكر الضمير نريد تعريفه فنأخذ ماهيته ال بشرط شيء .
فائدة :الجوهر له وجود محمولي فقط كقولنا في زيد "زيد موجود" وليس له وجود رابطي فال يمكن حمل زيد
على شخص برابطة الوجود كأن نقول "خالد زيد " أي يوجد له زيد ،أما العرض فله وجود محمولي كقولنا
"البياض موجود" وله وجود اربطي أيضا كقولنا "الثلج أبيض" أي :يوجد له البياض ،أما األمور االعتبارية
فليس لها وجود محمولي فال يمكن أن نقول في العمى الذي هو أمر عدمي اعتباري " :العمى موجود" ،لكن
له وجود رابطي فيمكن أن نقول " :زيد أعمى" أي :يوجد له العمى.
59
ول باْل َم ْع َنى اَْل َمار َال اَلتََّبعَّي ُة في اَلتَّ َحيز ل َع َدم ُش ُموله أل ْ
َع َراض اَْل ُم َج َّرَدات َوم ْن ثَ َّم َة َج َّوُزوا َواْل ُم َرَاد ب ُو ُجوده فيه اَْل ُحُل ُ
َّ
طة باْل َخط َوُرَّد بأَن ُه َما م ْن اَ ْأل ُ
ُمور اَال ْعت َباريَّة ام اَْل َع ْرض باْل َع ْرض َكق َيام اَلس ْرَعة باْل َح َرَكة َوالنْق َ
ق َي َ
(و) لما بين أن العرض هو الموجود في موضوع بمعنى أنه حال فيه ،أراد أن يبين معنى ذلك الحلول ،فقال
المرادد بالوجود في الموضوع في تعريف العرض
( المراد بوجوده) أي العرض (فيه) أي في موضوع ( الحلول بالمعنى المار) وهو االختصاص الناعت (ال
مر أن الحلول يأتي بمعنيين ،األول :التبعية في التحيز بأن يحصل التحيز للمحل
التبعية في التحيز ) وقد َّ
الموضوع أوال وبالذات ثم يحصل للحال العرض بالتبع وبهذا المعنى يفسر المتكلمون حلول العرض في محله
،والمعنى الثَّاني للحلول هو :االختصاص الناعت بمعنى أن بين العرض والموضوع عالقة يكون بها العرض
صفة للموضوع وبهذا المعنى يفسر الحكماء حلول العرض في موضوعه ،والشارح رحمه هللا رَّج َح هذا المعنى
لحلول العرض في موضوعه ولم يرجح المعنى األول وهو التبعية في التحيز ( لعدم شموله ألعراض المجردات)
ألن تلك األعراض مجردة عن المادة بتبعيتها لتلك المجردات كالعلم واإلرادة للعقل عند الحكماء فهي ال تكون
في حيز فال يشملها التعريف األول ( ،ومن ثمة) أي ويترتب على خالفهم في معنى الحلول خالف في قيام
العرض بالعرض فالقائلون ثمة بأن الحلول معناه االختصاص الناعت وهم الحكماء (جوزوا) هنا (قيام العرض
بالعرض كقيام السرعة بالحركة والنقطة بالخط) والقائلون بأن الحلول معناه التبعية في التحيز وهم المتكلمون
منعوه (و) قد ( ُرَّد) أي رد المتكلمون على الحكماء (بأنهما) أي أن السرعة القائمة بالحركة والنقطة القائمة
بالخط (من األمور االعتبارية) تتغير باعتبار المعتبرين فسرعة السيارة تكون بطيئة باعتبار الطيارة ولو كانت
أم ار خارجيا لم تتغير بالنسبة إلى اعتباراته ،وكذلك النقطة والخط في المثال الثَّاني أمران اعتباريان ال وجود
لهما في الخارج فال يضر قيام بعضها ببعض .
60
استُد َّل َعَل ْيه تَ َارة بأََّن ُه َل ْو َكا َن ج ْنسا
رض َع ْرض َعام َل َها َ ،و ْ ام ُه ( ت ْس َعة ) ا ْستْق َراء ُكل م ْن َها ج ْنس َعال َواْل َع ُ أَْق َس ُ
لشيء إَّن َما َي ُكو ُن لشيء ل َّ َن م ْع َنى اَْلعرض ما يعرض للموضوع وعروض ا َّ
ْ َ َ ْ ُ ْ َْ ُ َ ُُ ُ َ ْ ََ ُخ َرى بأ َّ َصوُرَها بُدونه َوأ ْ َل َها َال ْمتََن َع تَ َ
َن ُيَقا َل َل ْم ُي ْج َعل ج ْنسا ل َع َدم اَْل ُعثُور َعَلى َك ْونه َذاتيًّا َب ْع َد تَ َحقق َحقيَقته َف َال َي ُكو ُن َذاتيًّا َوق َ
يل :اَ ْألَْق َر ُب أ ْ
ثم العرض (أقسامه تسعة) عند المشائين (استقراء) ال بالعقل و (كل منها) أي من تلك األعراض التسعة (جنس
األعراض تسعة استقراءا والعرض عرض عام ألقسامه
عال و ) مطلق (العرض عرض عام لها) ،وإنما لم يكن العرض جنسا عاليا لألعراض التسعة ألدلة ذكرها
بقوله ( :واستدل عليه) واالستدالل عليه يكون بتارتين فــ(تارة بأنه) أي مطلق العرض (لو كان جنسا لها ) أي
لألعراض التسعة بأن كان جزءا من ماهيتها ( المتنع) حينئذ (تصورها) أي تصور كل من األعراض التسعة
(بدونه) أي بدون تصور مطلق العرض لعدم إمكان تصور الماهية بدون تصور أجزاءها وليس كذلك فإننا
نتصور ماهية تلك األعراض من دون تصور مطلق العرض فنحن نتصور الكيف مثال من غير مالحظة قيد
العرض ( ،وأخرى بأن معنى العرض ما يعرض للموضوع) بأن يكون لذلك المعروض ماهية ثم يعرض له هذا
العارض (وعروض الشيء للشيء إنما يكون) أي ال يكون إال (بعد تحقق حقيقته) أي حقيقة المعروض وهي
ال تتحقق إال بالجنس والفصل والعارض ليس جنسا وال فصال فالعرض ليس جزءا من ماهية معروضه (فال
يكون) جنسا (ذاتيا) لألعراض التسعة ( ،وقيل األقرب أن يقال لم يجعل) العرض (جنسا) لألعراض التسعة
(لعدم العثور على كونه ذاتيا) لها .
61
اصة َو ْح َد َهاَ ،و َعَلى الثَّاني أََّن ُه إَّن َما َي ْسَتْلزُم
ول َيتَّج ُه َعَلى اَ ْأل ََّول َم ْن ُع اَْل ُم َالزَمة ُم ْستَندا ب َج َواز اَلتَّ ْعريف باْل َخ َّ
أَُق ُ
وج ُه َع ْن أَْق َسامهَ ،و َعَلى الثَّالث أََّن ُه َال َيْل َزُم م ْن َع َدم اَالط َالع َعَلى َذاتيَّته اَالط َالعُ
ُخ ُرو َج اَْل َع ْرض َع ْن َم َحله َال ُخ ُر َ
َعَلى اَْل َع َرضيَّة تَأَ َّم ْل.
لما ذكر الشارح أدلة ثالث في توجيه كون العرض عرضا عاما وليس جنسا عاليا ألقسامه ،ذكر هنا أن تلك
اعتراضات على كون مطلق العرض عرضا عاما ألقسامه
األدلة مردودة كلها ،فقال( :أقول يتجه على األول) وهو أن مطلق العرض لو كان جنسا ألقسامه المتنع تصورها
بدونه (منع المالزمة) أي نمنع لزوم المحال من تصور ماهية األعراض التسعة من دون تصور مطلق العرض
أي أن هذه المالزمة غير الزمة (مستندا بجواز التعريف بالخاصة وحدها) فليكن العرض جزءا من أقسامه وال
يلزم المحال في تصور ماهية األعراض التسعة من دون تصور مطلق العرض لجواز كون التعريف بالخاصة
وحدها ،إال أن يقال إن المراد من التصور تصوره بالكنه وحينئذ يلزم عدم جواز تصور كنه تلك األقسام من
غير العرض ( ،و) يتجه (على الثَّاني) -وهو أن مطلق العرض ليس جزءا من ماهية المعروض فال يكون
جزء من ماهية األعراض التسعة – (أنه) أي هذا الدليل (إنما يستلزم خروج العرض عن) الجزئية لماهية
(محله) المعروض (ال خروجه) عن ماهية (أقسامه) ( ،و) يتجه (على الثَّالث) -وهو أن العرض لم يجعل
جنسا لعدم العثور على كونه ذاتيا – (أنه ال يلزم من عدم االطالع على ذاتيته) أي ذاتية العرض ألقسامه
(االطالع) على (العرضية)أي على كون العرض عرضا عاما لتلك األعراض ،وقوله ( :تأمل) إشارة إلى أنا
لم نحكم بأن العرض ذاتي لماهية أقسامه ولم نقل إنه ليس عرضيا لها بل سكتنا عن ذلك فيمكن أن تكون
األدلة الثالثة فاسدة وال يلزم منها فساد المدلول المدعى الذي هو كون العرض عرضا عاما ألقسامه ،فالدعوى
الزم أعم للدليل فيمكن أن تثبت الدعوى بدليل آخر غير هذا الدليل .
62
حواشي ابن الباساوي رحمه هللا المتعلقة ببيان ماهية العرض
قوله ( :ال التبعية في التحيز) كما ذهب إليه المتكلمون حيث فسروا وجود العرض في المحل وقيامه بغيره
بالتبعية في التحيز بمعنى أن تحيزه تابع لتحيز الجوهر الذي هو موضوعه فيخرج الصفات القديمة عن العرض
فهي عندهم ليست جوه ار وال عرضا ألنها ليست متحيزة بنفسها وال تحيز لها تابعا لشيء آخر فتكون واسطة
ويخرج أيضا أعراض المجردات لعدم قولهم بوجود مجرد حادث ،وأما الفالسفة فلما قالوا بكون صفات هللا
أعراضا وبالمجردات وعوارضها عرفوا العرض بما يتناولها من االختصاص الناعت فافهم ،قوله ( :ومن ثمة)
أي ومن أجل أن مرادهم بوجود العرض في الموضوع االختصاص الناعت جوزوا إلخ ،إذ يجوز حينئذ أن
يكون عرض نعتا لعرض ال للجوهر الذي إليه االنتهاء كالسرعة للحركة فإن المنعوت حقيقة بالسرعة هي
الحركة ال الجسم ،قولهَّ :
(ورد) حاصل الرد أن السرعة والنقطة ليستا عرضين قائمين بهما بل هما من األمور
االعتبارية فإن السرعة من االعتبارات الالحقة للحركة باإلضافة إلى حركة أخرى والنقطة نهاية الخط وهي عدم
وانقطاع أو نقول ال نسلم أن النقطة والخط عرضان بل النقطة عبارة عن الجوهر الفرد والخط جوهر مركب
من النقاط أي الجواهر الفردة وأجيب عن األول بأنها ذوات أوضاع يشير إليها إشارة حسية بأنها هنا أو هناك
وال إشارة إلى العدم ورد بأن اإلشارة إنما هي إلى نفس الجواهر الفردة المترتبة ترتيبا مخصوصا وال نهايات وهي
اعدام وانقطاعات فتأمل قوله ( :منع المالزمة) يعني إن أراد التصور بالكنه فالمالزمة مسلمة لكن نمنع بطالن
التالي إذ على تقدير كون العرض جنسا لها ال يمكن تصورها بدون العرض وإن أ ارد مطلق التصور فبطالن
التالي مسلم لكن نمنع المالزمة إذ ال يلزم من كون العرض جنسا لها أن يمتنع تصورها بوجه من الوجوه بل
يجوز أن يتصور كل منها بالخاصة وحدها مثال فإذا عرفت ذلك يعلم أن الشارح مد ظله لو قال ويتجه على
األول منع بطالن التالي إن أريد التصور بالكنه ومنع المالزمة إن أريد مطلقا لكان أولى وأظهر فافهم.
63
ألََّن ُه ( إ َّما ُكم ) َوُرس َم َناقصا ب َع َرض َيْقَب ُل اَْلق ْس َم َة اَْل َو ْهمَّي َة لذاته .
إما كم) وهو األول من التسعة ( :و)
ولما انتهى من تعريف العرض شرع في بيان أقسامه وهي تسعة (ألنه َّ
تعريف الكم
ف بـ(رسم ناقص بـ) أنه (عرض يقبل القسمة الوهمية) ،والقسمة قسمتان :قسمة فعلية وهي كون الشيء
ُعر َ
غير الشيء اآلخر بالفعل وفي الخارج ،وقسمة وهمية وهي فرض كون الشيء غير الشيء اآلخر ،فأما
القسمة الفعلية فتجري على الكم المنفصل الذي سيأتي أنه العدد فقط لوجود العدد بوجود معدوده في الخارج
فينقسم بانقسام معدوده فيه ،وال تجري على الكم المتصل الذي سيأتي أنه الزمان والمقدار ألن الشيء القابل
للقسمة يبقى مع المقبول في القسمة الفعلية وليس كذلك الزمان والمقدار ألنا إذا قسمنا الساعة مثال فال تبقى
حينئذ تلك الساعة بل تنتفي ويحصل قسمان لكل منهما حقيقة مختلفة عن حقيقة المقسم وكذلك المقدار ،
فالزمان والمقدار ال يقبالن القسمة الفعلية بل يقبالن القسمة الوهمية فقط ألننا نفرض فيهما كون شيء غير
شيء ،والحاصل :أن العدد وحده يقبل القسمة الفعلية وبقبوله لها يقبل القسمة الوهمية أيضا وألجل ذلك عرف
الكم بأنه ما يقبل القسمة الوهمية فيشمل التعريف الكم بنوعيه ،وقوله (لذاته) جواب عن سؤال مقدر وهو أن
الكيف وسائر المقوالت تقبل القسمة الوهمية أيضا فيكون التعريف غير مانع فأجاب بذكر قيد "لذاته" أي :إن
تلك األمور إن قبلت القسمة فإنما هو بسبب الكم أما الكم فيقبل القسمة لذاته ،بقي أنه عرف الكم بالرسم
الناقص ألن قوله " :عرض" عرض عام للكم ،وقوله " :يقبل القسمة " خاصة له والتعريف بالعرض العام
والخاصة يسمى رسما ناقصا ،وإنما لم يعرفه بالحد ألن الكم ال جنس له وما ال جنس له ال فصل له أيضا
والتعريف بالحد يكون بالجنس والفصل ،ولم يكن بالرسم التام ألنه يقتضي جنسا قريبا وقد قلنا إن الكم ال جنس
له فبقي الرسم الناقص فعرفه به ،هذا في الكم ،وقس عليه سائر المقوالت العرضية .
64
ال إ َّن اَْل ُم َرَاد
َن ُيَق َاق في اَْل َكم إ َّال أ ْ
َن اَْل ُم َس َاو َاة ه َي اَالتَف ُ
وَق ْد يَف َّسر بما يْقبل اَْلمساو َاة و َّ
الال ُم َس َاو َاة َوفيه أََّن ُه َد ْوري أل َّ َ ُ ُ َ ََُ َُ َ َ
َج َزائه اج إَلى اَلتَّ ْعريف إل ْد َراكه باْلحس ( َو ُه َو ق ْس َمان ) ألََّن ُه إ ْن َل ْم َي ُك ْن أل ْ اها اَلل َغوي أ َْو أَنَّ َها َال تَ ْحتَ ُ
باْل ُم َس َاواة َم ْع َن َ
طة بالن ْس َبة إَلى ُج ْزئي اَْل َخط َحده َما َكالنْق َ
صاص بأ َ َحد ُم ْشتَ َرك َو ُه َو َما َي ُكو ُن ن ْس َبتُ ُه إَلى اَْل ُج ْأزَْين ب َّ
السويَّة ب َال ا ْخت َ
ط أل َّ
َن َحقيَق َة َحده َما َوب َد َاية ل ْآل َخر ،ف ـ( ُم ْنَفصل َو ُه َو اَْل َع َدُد ) َفَق ْ
إل ْم َكان ا ْعت َبارَها ن َه َاية أ َْو ب َد َاية َل ُه َما أ َْو ن َه َاية أل َ
اَْلم ْنَفصل ما يجتَمع م ْن اَْلوح َدات ب َّ
الذات َوَال َم ْعنى لْل َع َدد س َواهُ . ََ َ َْ ُ ُ
( وقد يفسر) ويعرف الكم (بــ) أنه (ما يقبل المساواة والالمساوة) وهما جاريتان في الكم المنفصل والمتصل أيضا
الكم قسمان
أما المنفصل فكالخمسة مع الخمسة فهما متساويتان وكالخمسة مع الثالثة فهما غير متساويتين ،أما المتصل
فكزمان يوم مع يوم مثله متساويان ،وكزمان يوم مع يومين فهما غير متساويين ،فيمكن تعريف الكم بهما
(و) لكن يرد (فيه) اعتراض وهو (أنه) أي هذا التعريف (دوري ألن المساواة هي االتفاق في الكم) فتتوقف
معرفة الكم على المساواة المتوقفة عليه (إال أن يقال) في الجواب (أن المراد بالمساواة) في تعريف الكم (معناها
اللغوي) وهو مطلق المساواة واالتفاق ال المساواة في الكم فقط ( ،أو) يجاب بـ(أنها) أي المساواة (ال تحتاج إلى
تعريف) فالكم متوقف على معرفة المساواة والالمساواة ولكن المساواة والالمساواة (إلدراكه بالحس) ال تتوقف
على معرفة الكم بل تتوقف على اإلدراك بالحس ( ،وهو) أي الكم (قسمان ألنه إن لم يكن ألجزاءه حد مشترك
و ) الحد المشترك (هو ما) يحصل عند القسمة و (يكون نسبته إلى الجزأين بالسوية بال اختصاص بأحدهما)
دون اآلخر (كالنقطة إلى جزئي الخط) عند تقسيمه فإننا إذا قسمنا الخط إلى قسمين نصل إلى النقطة التي
يشترك فيها القسمان فالنقطة حد مشترك ال يزيد القسمان بإضافتها ألي منهما ( إلمكان اعتبارها) أي النقطة
(نهاية) لهذا القسم (أو نهاية ألحدهما وبداية لــ)القسم (اآلخر) فيكون الحد المشترك الذي هو النقطة في مثالنا
أم ار عرضيا في كل من ذينك القسمين ،والحاصل أن الكم إن لم يكن ألجزاءه حد مشترك بهذا المعنى (فــ) هو
كم (منفصل وهو العدد فقط ) أي هو منحصر في العدد ( ألن حقيقة المنفصل) وتعريفه هو (ما يجتمع من
الوحدات) البسيطة فليس بين أقسامه حد مشترك (بالذات وال معنى للعدد سواه ) فالخمسة مثال كم منفصل ألنها
تتكون من خمس وحدات بسيطة ال يكون كل منها جزء من ماهية غيرها فال تكون الوحدة األولى أو الثَّانية
منها جزء من الثَّالثة مثال وال الثَّالثة أو الرابعة جزء من الوحدة الخامسة وألجل بساطة أجزاءها ال تكون بينها
حدود مشتركة حتى يبتدأ الجزء الثَّاني مثال بانتهاء الجزء األول منها ،ولذلك ال يمكن أن نقول في الخمسة
إنها مركبة من اثنين وثالثة أو واحد وأربعة مثال بل نقول إنها تتركب من خمس وحدات بسيطة .
65
َن ُك َّل َم ْرتََبة م ْن َها َن ْوع َحقيقي ُم ْمتَاز َع ْن َسائرَها ب َم َّادت َها َوالنَّ ْوعُ اَْل َحقيقي َّ
ألََّن ُه ُم َؤلف م ْن َها َال م ْن َم َراتب اَ ْأل ْ
َع َداد أل َّ
َال َي ُكو ُن ُج ْزءا آل َخ َر .
ثم أن الشارح لما ذكر أن الكم المنفصل ال يوجد بين أجزاءه حد مشترك أراد أن يستدل عليه فقال ( :ألنه
العدد مؤلف من الوحدات ال من مراتب األعداد
مؤلف) أي إن العدد مؤلف (منها) أي من الوحدات (ال من مراتب األعداد ألن كل مرتبة منها ) أي من تلك
الوحدات (نوع حقيقي) لها ماهية مختلفة ( ممتاز عن سائرها بمادتها) فكل عدد نوع حقيقي له أفراد كثيرة (
والنوع الحقيقي ال يكون جزءا آلخر) فاالثنان مثال نوع حقيقي له أفراد كثيرة كهذا االثنين وذلك االثنين ،وكذلك
الثالثة واألربعة وغيرها من الوحدات كل منها نوع الحقيقي كلي ولذلك ال يمكن أن يكون أي منها جزءا من
ماهية اآلخر فاالثنان ال يكون جزء من ماهية الثالثة والثالثة ال تكون جزء من ماهية األربعة وكذلك بقية
الوحدات كما ال يكون اإلنسان جزءا من ماهية الفرس ،فناسب أن نحكم عليها بعدم وجود حد مشترك بينها ،
ولو كان العدد مؤلفا من مراتب األعداد لكان كل منها جزء لآلخر وحينئذ ال يكون كل منها نوعا حقيقيا ويجوز
أن يكون بين أجزاءها حد مشترك ،فألجل ذلك ترجح كون العدد مؤلفا من الوحدات ال من مراتب األعداد .
فائدة :اختلف الحكماء في العدد -بعد اتفاقهم على أنه كم منفصل -هل هو ما يجتمع من الوحدات كاالثنين
مؤلف من وحدتين والثالثة من ثالث وحدات و هكذا ،أو هو مؤلف من مراتب األعداد فاالثنين مؤلف من
مرتبتين للواحد والثالثة مؤلفة من ثالث مراتب للواحد وكذا سائر العدد ،واختلف القائلون بأن العدد مؤلف من
مراتب األعداد أيضا ف َم ْنهم من يقول بأن العدد مؤلف من المرتبة التي قبلها بإضافة الوحدة فالثالثة مؤلفة من
اثنتين بإضافة وحدة واحدة وكذا األربعة وغيرها ،ومنهم من قال :إن العدد هو نصف مجموع حاشيتيه فالخمسة
مثال عدد حاشيته السفلى أربعة وحاشيته العليا ستة ومجموعهما عشرة ونصف هذا المجموع هو العدد المسمى
بالخمسة وقس عليها بقية األعداد ويترتب على الخالف حكمهم على الواحد فإنه ليس بعدد عند القائلين بأن
العدد ما يجتمع من الوحدات ألنه وحدة واحدة ال مؤلف من وحدات ،وكذلك ال يكون الواحد عددا عند القائلين
بأن العدد نصف مجموع حاشيتيه ألن حاشيته العليا اثنان وال توجد أسفله حاشية إال إذا عمما المراد بالحاشيتين
في الصحيحة والمكسرة فحينئذ يكون الواحد عددا بجعل حاشيته العليا واحدة ونصف الواحدة وحاشيته السفلى
نصفا فقط فمجموعهما اثنان ويكون الواحد نصف هذا المجموع فيصح إطالق العدد عليه .
66
َّ َّ
اء َع ْن اَلذاتي َوَكو ُن اَلش ْيء َذا َحَقائ َق في اَْل َع َش َرة َمثَال َلك َّن ا ْنح َ
ص َار يح ب َال ُم َرجح أ َْو اَال ْست ْغ َن ُ َعَلى أََّن ُه ُيْل َزُم اَلتَّ ْرج ُ
اَْل َع َدد فيه إَّن َما َيتم َل ْو َل ْم ُي َع َّد اَْل َواحُد َع َددا.
ثم إن قلنا بأن العدد مؤلف من مراتب األعداد فـ(على أنه ) يلزم أن يكون كل عدد جزء من ماهية اآلخر فكذلك
ما يرد لو قلنا أن العدد مؤلف من مراتب األعداد
إما (الترجيح بال مرجح) فالخمسة مثال إن قلنا إنها مؤلفة من مراتب األعداد فإما أن تتألف من اثنتين
(يلزم) َّ
وثالث فنقول :ل َم ال تكون مؤلفة من اثنتين واثنتين وواحدة ؟ ،فترجيح إحدى التآليف على األخرى في اختيار
ماهية الخمسة يكون من غير مرجح ،وقس على الخمسة غيرها من األعداد ( ،أو) يلزم (االستغناء عن الذاتي)
فيقال :إن تقرر أن األربعة مثال تتألف من اثنين وواحدة وواحدة تكون هذه المجموعة من األعداد ذاتيا لها ،
فإن قلنا إن األربعة تتألف أيضا من ثالثة وواحدة يلزم حينئذ االستغناء عن المجموعة األولى التي كانت ذاتية
له ( ،و) كذلك يلزم أمر ثالث هو (كون الشيء ذا حقائق ) وهو عطف على األمر الثَّاني عطف السبب على
سبب عن اجتماع الحقائق المختلفة للعدد الواحد ،وقوله " :في العشرة "
المسبب ألن االستغناء عن الذاتي ُم َّ
هذا مثال يستخدم لكل من األمور الثالثة ونحن مثلنا بأعداد أخر وال ضير في تنوع األمثلة ألنه ال مناقشة في
المثال ( ،لكن انحصار العدد فيه) أي فيما يجتمع من الوحدات (إنما يتم لو لم يعد الواحد عددا) وقد ذكرنا أن
الواحد ال يتألف من الوحدات ألنه وحدة واحدة فال يصدق عليه التعريف ،إال أن نقول إن الواحد عدد بناء
على تعريف العدد :بأنه نصف مجموع حاشيتيه سواء كانت حاشيتاه صحيحتين كاالثنين واألربعة وكل عدد
زوجي أو مكسرتين كالواحد والثالثة وكل عدد فردي فحينئذ يكون الواحد عددا ونوعا حقيقيا ولكن ال يمكن جعل
العدد حينئذ منحص ار فيما يجتمع من الوحدات بل يكون عاما فيما يجتمع من الوحدات وما يكون عبارة عن
نصف مجموع حاشيتيه.
67
َّ
َصال َوإ َذا ُفص َل َحد اَْلق ْس َم ْين َل ْم َيزْد به أ ْ (و) إال ف ـ( ُمتَّصل ) َواْل َحد اَْل ُم ْشتَ َر َك َيج ُب َك ْوُن ُه ب َح ْي ُث إ َذا ُ
ض َّم إَلى أ َ
يم إَلى ق ْس َم ْين تَْقسيما إَلى ثَ َالثَة َوثَ َالثَة ص م ْن ُه َش ْيئا َفَيْل َزم م َخاَلَفتُ ُه بالنَّوع لذي اَْل َحد ،وإ َّال َل َك َ َّ
ان اَلتْقس ُ َ ْ ُ ُ َع ْن ُه َل ْم َي ْنُق ْ
إَلى َخ ْم َسة َو َه َك َذا .
فالكم إن لم يكن ألجزاءه حد مشترك فهو كم منفصل (و إال) بأن كان لتلك األجزاء حد مشترك (فـ)هو كم
بيان الكم المتصل
(متصل و) قد ذكرنا أن (الحد المشترك) هو ما تكون نسبته إلى الجزئين على السوية بال اختصاص ألحدهما
على اآلخر ،و (يجب) للحد المشترك شيء ذكره الشارح هنا وهو (كونه بحيث إذا ضم إلى أحد القسمين لم
يزد به أصال وإذا فصل عنه لم ينقص منه شيئا) وإنما ال يزيد وال ينقص كل من القسمين به ألن هذا الحد
ليس جزء من كل من القسمين بل هو أمر عرضي فالخط المنقسم إلى خطين يكون بينهما حد مشترك هو
النقطة تكون نهاية ألحدهما بداية لآلخر وال يزيد أي من الخطين بها وال ينقص بدونها ألن النقطة ليست جزءا
حقيقيا من ماهيتهما بل هو أمر عرضي (فيلزم مخالفته) أي الحد المشترك (بالنوع لذي الحد) وهو كل من
القسمين (وإال ) إي إن لم نجعل الحد المشترك مخالفا بالنوع لذي الحد بأن يكونا من نوع واحد (لكان التقسيم
إلى قسمين تقسيما إلى ثالثة) فالنقطة مثال حد مشترك بين خطين فإن لم نجعلها مخالفا بالنوع للخطين بل
جعلناها من نوع كل منهما وجب حينئذ عند جعل الخط قسمين التقسيم إلى ثالثة أقسام خطين مع قسم آخر
هو النقطة ألنها أيضا يجب أن تجري عليها القسمة ألنها من نفس نوع الخط (و) يكون التقسيم إلى (ثالثة)
أقسام تقسيما (إلى خمسة) ألن الخط لما ينقسم إلى ثالثة أقسام يتحصل معها حدان مشتركان فوجب أن يلحقهما
التقسيم أيضا فيكون التقسيم إلى الثالثة تقسيما إلى خمسة (وهكذا) يكون التقسيم إلى خمسة تقسيما إلى تسعة
ألن لها أربع حدود مشتركة ويكون التقسيم إلى تسعة تقسيما إلى سبعة عشر قسما لوجود ثمان حدود مشتركة
مع األقسام التسعة وهلم ج ار .
68
امحة ألََّنها أَ ْعراض َّ َففي َما اشتُه َر من أَ َّن النق َ
السطح َوهو ُجزُء الجسم التعليمي ُم َس َ ُجزُء َّ وهو
الخط ُ ط َة ُجزُء َ
الخط
ام ُه ثَ َالثة األََّو ُل ( َ هو) الم َقد ُارَ ،وأَ َ
قس ُ الو ُجود ( َو َ
األَجزاء في ُ يضا قسمان (قار) ُمجتَم ُع المتَّص ُل أَ َ
الكم َُلها ،و َ
مق َّ ) مقدار انَق َس َم في جهة َفَقط ( و) الثَّاني ( َّ
الع ُ خن ) أي ُ طح ) َما انَق َسم في ج َهتين فقط ( و) الثالث ( الث ُ الس ُ
لين بأََّن ُه
ط ع َند الَقائ َ
مان) َفق ْ والجسم التَّعليمي وهو المنَقسم في الجهات الثَّالث (أَو َغ ُير قار ) بخالفه (و ُهو َّ
الز ُ َ ُ ُ ُ
ظم ألََّن ُه محيط بالكل و َّ
يل َ :ح َرَكتُها ؛ ذلك ،وق َ ان َك َ
الزَم ُ ُ الفَل ُك األَع َ ُ
يل ُ :هو َ قدار َحركة ُم َحَّدب ُ
الم َحدد ،وق َ م ُ
َألَّنها َغ ُير َق َّارة ك َّ
الزَمان.
(ففي ما اشتهر) في الكتب (من أن النقطة جزء الخط و) الخط ( هو جزء السطح و) السطح (هو جزء الجسم
الكم المتصل قسمان :قار ،وغير قار
التعليمي مسامحة) ومجاز ألنه يعارض ما تقرر من أنها حدود مشتركة ال تكون جزءا مما يحل فيها (ألنها
أعراض لها ) أي لما يحل فيها فال ينتقض تعريف الحد المشترك بها وإنما ينتقض لو كانت أجزاء حقيقية لما
يحل فيها ( ،والكم المتصل أيضا) كمطلق الكم (قسمان) وهما كم متصل (قار) وهو ما يكون (مجتمع األجزاء
في الوجود) -بأن تكون تلك األجزاء موجودة معا -وال يتوقف وجود جزء منها على انتفاء جزء آخر (وهو
المقدار) وهو اسم آلة بمعنى ما يقدر به ( ،وأقسامه ثالثة ،األول :الخط) وهو (مقدار انقسم في جهة واحدة
فقط) وهي جهة الطول ( ،و الثَّاني :السطح) وهو (ما انقسم في جهتين) الطول والعرض ( ،و الثَّالث :الثخن
أي العمق والجسم التعليمي) أي ويسمى بهما أيضا (وهو) أي الثخن المقدار (المنقسم في الجهات الثالث)
الطول والعرض واالرتفاع (أو) أن الكم المتصل يكون (غير قار) وهو (بخالفه) أي هو بخالف القار فال
تجتمع أجزاءه في الوجود بل يتوقف وجود كل جزء منها على انتفاء الجزء اآلخر (وهو الزمان فقط عند القائلين
بأنه) أي الزمان ( :مقدار حركة محدب المحدد) ،ومحدب المحدد هو الفلك األعظم وسمي محددا ألنه يحدد
جهات العالم فاليمين يمين بالنسبة إليه وكذلك سائر الجهات ألنه محيط بكل العالم وألجل تحدبه يقع العالم في
قعره ( ،وقيل هو) أي الزمان نفس (الفلك األعظم ) المحدب (ألنه) أي الفلك األعظم (محيط بالكل والزمان
كذلك ) محيط بالكل فثبت أنهما شيء واحد وحينئذ يكون الزمان جسما وجوه ار فال يكون عرضا وكما متصال
( ،وقيل) الزمان (حركتها) أي حركة ذلك المحدب المحدب وحينئذ يكون الزمان من مقولة األين (ألنها) أي
الحركة (غير قارة) الذات (كالزمان) .
69
البطء بخ َالفهَ ،وعليه َماف بالس َرعة و ُ وص ُ الحرك َة تُ َ
أن َ وعلى الثَّاني َّ
ختلفتَانَ ، َوَيتَّج ُه َعَلى األََّول أَ َّن اإل َحا َ
طتَين ُم َ
َّ َّ
كان في َزَمانالع َد َم لذاته ألََّن ُه َلو َوَق َع َل َ
وهر ُم َج َّرد َال َي َقب ُل َ
وقيل َج َ
وج َبتين من الشكل الثانيَ ، دال َل ب ُم َ
أن االست َ َّ
ال َع َدمه.
وده َح َ
يلزُم ُو ُج ُ
َف َ
األول من القولين اللذين أشار الشارح إلى ضعفهما بإضافة لفظ " قيل"
األول) أي :على القول َّ
(ويتجه على َّ
اعتراضات على تعريفين للزمان وبيان تعريف آخر له
األول على هذا هو القول الثَّاني من األقوال الثالثة التي ذكرها في تفسير الزمان وهو أنه
قبلهما ،فالمقصود ب َّ
الفلك األعظم فيتجه على هذا التفسير (أن اإلحاطتين مختلفتان )أي َّ
أن إحاطة الفلك األعظم بأجزاءه تختلف
عن إحاطة الزمان بأجزاءه فليسا سواء ألن إحاطة الفلك األعظم بأجزاءه إحاطة ظرفية شمولية وإحاطة الزمان
بأجزاءه إحاطة مقارنة ألن الزمان مقارن لتلك األجزاء ال أنه في ضمنها ( ،و) يتجه (على الثَّاني) أي :على
القول الثَّاني من القولين اللذين أشار الشارح إلى ضعفهما وهو الثَّالث من األقوال الثالثة الماضية في تفسير
الزمان وهو أنه حركة الفلك المحدب فيتجه عليه (أن الحركة توصف بالسرعة والبطء بخالفه) أي بخالف
أن االستدالل بموجبتين من الشكل الثَّاني)
الزمان فهو ال يوصف بالبطأ والسرعة فاختلفا ،وقوله ( :وعليهما َّ
األول فألن االستدالل فيه هكذا " :الفلك األعظم يريد َّ
أن االستدالل في كل من القولين السابقين غير منتج أما َّ
محيط بالكل والزمان محيط بالكل " وهو غير منتج ألنه قياس من الشكل الثَّاني وحده األوسط غير مشترك
للفرق بين اإلحاطتين كما ذكرنا ثم حتى لو اشترك الحد األوسط فال يكون القياس منتجا ألنه قياس من الشكل
الثَّاني وشرطه اختالف المقدمتين باإليجاب والسلب و المقدمتان هنا موجبتان ،وأما الثَّاني فألن االستدالل
عليه بكون " الزمان غير قار والحركة غير قارة " قياس من الشكل الثَّاني ،فيشكل عليه أيضا بأن الصغرى
والكبرى موجبتان ولم تختلفا باإليجاب والسلب وهو شرط في الشكل الثَّاني (وقيل) إن الزمان (جوهر مجرد)
أن الزمان لو كان جوه ار لكان ممكنا ألن الجوهر قسم من الممكن فيكون
ال يحتاج إلى محل مقوم ولما تُُوه َم َّ
أن الجوهر هنا غير الجوهر الذي هو قسم من الممكن فهوممكنا ؛ استدرك بأنه (ال يقبل العدم لذاته ) بمعنى َّ
هنا بمعنى القائم بالذات غير المحتاج إلى محل وهذا الوصف يصدق على هللا تعالى ،ولذلك فالمقصود
بالجوهر المجرد الذي هو الزمان هنا هو هللا تعالى ألنهم يعتقدون بأن واجب الوجود هو الذي ال يقبل العدم
العدم -على هذا القول – (ألنه) أي عدم الزمان (لو وقع لكان في زمان فيلزم
َ الزمان
ُ لذاته ،وإنما ال يقبل
وجوده) أي الزمان (حال عدمه) وهو محال
70
الظرف َّ ويمنع بأََّنه إن أَراد ب َّ
ض بأنَّ ُه َلو ُوج َد َل َ
كان في َزَمان وم َف َغ ُير ُمفيد ُوُي َع َار ُ
وه َ منوع أَو َ
الم ُ ود َف َم ُ
وج َ
الم ُ
ان َ الزَم َ َ َُْ ُ ُ ْ َ
المتَّصل َّ َّ
الكم َفضال َعن ُ يس من َ المذاهب الثالث َل َ وعلى َ لس ُل َ
ظرفَّيتُ ُه ل َنفسه وإال َيتَ َس َاألول َي َلزُم َ
ين َّ ان َع َ إن َك َ
َف ْ
المقاد ُير َجواه ُر ُمجتَم َعة أَو أُمور َعدمَّية
الك َّم وقاُلواَ : المتَكل ُمون أَ َ
نكروا َ هذا ،و ُ
(و) لما استدل على كون الزمان قديما بأنه لو كان حادثا وعدم لوقع عدمه في زمان وتسلسل ؛ ذكر الشارح
ورود المنع والمعارضة على دليل كون الزمان قديما ومذهب المتكلمين في الكم
بأن هذا الدليل َيرُد عليه منع ومعارضة فــ(يمنع) والمنع في الحقيقة وارد على أحد جزئي الدليل وهو قوله " :لو
كان في زمان" (بأنه) متعلق بيمنع ( إن أراد بالظرف) في قوله " :في زمان" (الزمان الموجود) بمعنى َّ
أن عدم
الزمان واقع في زمان موجود (فــ) هذا (ممنوع) ؛ ألنه يعود إلى أصل المتنازع فيه وهو وجود الزمان ونحن ال
نقبل أصال أن يكون الزمان موجودا سواء كان ظرفا أو مظروفا ( ،أو) أراد بهذا الظرف الزمان (الموهوم فــ)
هذا الدليل حينئذ (غير مفيد) في إثبات وجود الزمان فليكن الزمان معدوما وظرف العدم يكون زمانا موهوما
معدوما مثله ( ،و يعارض) والمعارضة -وهو إقامة الدليل على خالف مدعى الخصم – (بأنه) أي َّ
أن الزمان
الثَّاني الذي كان ظرفا للزمان َّ
األول (لو وجد لكان في زمان) أي محتاجا إلى ظرف زمان ثالث (فإن كان) أي
الزمان الثَّالث (عين) الزمان ( َّ
األول) حصل الدور وهو أن (يلزم ظرفيته) أي ظرفية الشيء (لنفسه) (وإال) أي
األول بإن كان في زمان رابع احتاج إلى زمان خامس وهو إلى سادس وهكذا فـ(يتسلسل)
إن لم يكن عين الزمان َّ
والتسلسل باطل فيبطل كون الزمان الثَّاني موجودا ،والحاصل إن الزمان قد ثبت فيه أربعة مذاهب عند الحكماء
األول :إنه مقدار حركة محدب المحدد ،والثَّاني :إنه الفلك ،والثَّالث :إنه حركة الفلك ،والرابع :إنه
َّ ،
األول األول يكون الزمان من الكم المتصل ( ،وعلى المذاهب الثالث) األ َ
ُخر غير َّ جرد ،فعلى المذهب َّ
جوهر ُم َّ
فـ(ليس) يعد الزمان (من الكم فضال عن المتصل ؛ ألنه على القول بأنه حركة يكون الزمان من مقولة ألين ،
جرد يخرج عن كونه وعلى القول بأنه الفلك يكون الزمان جسما ومن مقولة الجوهر ،وعلى القول بأنه َج َ
وهر ُم َّ
ممكنا أصال ويصبح واجب الوجوب (هذا ،و) أما (المتكلمون) فهم (أنكروا الكم وقالوا) :إن (المقادير وهي :
الخط والسطح والثغن هي إما (جواهر) فردة (مجتمعة) وليست بأعراض إن أريد بها نفس تلك المقادير فإنها
إن اجتمعت في الطول حصل الخط فإن أضيف إليه جواهر أخرى مجتمعة في العرض حصل السطح وإن
اجتمعت إليه جواهر في االرتفاع حصل الثغن والجسم التعليمي (أو) هي (أمور عدمية) اعتبارية ليست بجواهر
وال أعراض إن لم ترد بالمقادير الجواهر المجتمعة بل أريد بها امتداداتها المتعلقة بها التي هي الطول المتعلق
بالخط والعرض المتعلق بالسطح واالرتفاع المتعلق بالثغن فإنها أمور اعتبارية ذهنية تتعلق بتلك الجواهر.
71
غايرين باالعتبار
المعُدود ُمتَ َ
الع َدد و َ
عل َبعُد َج ُ
طول ،وال َي ُ
ان َوهمي وفي ذكر َدالئلهم ُ العدد أمر اعتباري والزَم ُ و ُ
ط اة
عدود ُموا َ
الم ُ
وي َؤيُدهُ ص َّح ُة َحمله َعلى َ
َفقط ُ ،
(والعدد أمر اعتباري) عند المتكلمين والموجود هو معدوداتها فقط (و) كذلك (الزمان) عند المتكلمين أمر
تكملة بيان مذهب المتكلمين وذكر كالم للمصنف لحل خالف على العدد
(وهمي) يحصل من مقارنة المتجدد المجهول للمتجدد المعلوم كمقارنة مجيء زيد لطلوع الشمس ( ،وفي ذكر
دالئلهم طول) ( ،و ال يبعد جعل العدد والمعدود) متحدان بالذات بمعنى أن المعدود لو كان من مقولة الجوهر
فالعدد يكون جوه ار وإن كان المعدود من مقولة عرضية يكون العدد أيضا عرضا من مقولته وإن كان المعدود
أم ار اعتباريا كان العدد اعتباريا أيضا ،فيكونان (متغايرين باالعتبار فقط) وهذا الكالم تفرد به الشارح القرداغي
وهو توسط منه بين مذهبي الحكماء المثبتين لوجود العدد والمتكلمين النافين لوجوده ( ،ويؤيده) أي :يؤيد قولنا
إن العدد والمعدود متحدان بالذات متغايران باالعتبار (صحة حمله) أي العدد (على المعدود مواطأة) وفي حمل
المواطأة يكون المحمول متحدا بالذات مع الموضوع فيصح حمل الثالثة على الرجال بالمواطاة بأن نقول " :
الرجال ثالثة" ومنه ُيعلم أنهما متحدان بالذات متغايران باالعتبار فالرجال باعتبار الحساب عدد وباعتبار الذات
معدود.
72
حواشي ابن الباساوي المتعلقة ببيان مقولة الكم
قوله ( :إلدراكه بالحس) أي مع المحل فال حجر في أن يقصد في التعريف بها تعريف المعقول المحسوس ،
قوله ( :غير قار بخالفه) أي ما ال يجتمع أجزائه في الوجود وهو الزمان واعترض بأنه إن وجد شيء من أجزاء
الزمان يلزم اتصاف الموجود بالمعدوم وإن لم يوجد يلزم اتصاف المعدوم بالمعدوم وكالهما محاالن بالضرورة
وإن اتصال أجزائه بعضها ببعض في الخيال كان من قبيل القار الجتماع أجزائه هناك وأجيب بأن اتصاله
بالنسبة إلى الوهم والخيال وغير قاريته بالقياس إلى الخارج قوله ( :وهو الزمان) وإنما كان الزمان كما ألنه
يتفاوت ويقبل المساواة والالمساواة فإن زمان دورة في الفلك مساو لزمان دورة أخرى منه وأقل من زمان دورتين
وأكثر من زمان نصف دورة وذلك من خواص الكم وإنما لم يكن كما منفصال ألنه لو كان كذلك يلزم القول
بتألفه من اآلنات وذلك مستلزم لوجود الجزء الذي ال يتجزئ والحكماء غير قائلين به ،قوله( :بأنه مقدار حركة
إلخ) يعني كم متصل يقدر به حركة محدب :أي بشيء قليل منه شيء كثير من حركته بناء على تقدير الكثير
بالقليل كتقدير دورة منها بساعة أربعا وعشرين مرة أو شيء مساو منها بناء على تقدير المساوي بالمساوي
كتقدير دورة بزمان دورة أخرى فإضافة المقدار إلى الحركة من إضافة المقدار إلى المقدر أو العارض إلى
المعروض ،قوله ( :محدب المحدد) وهو الفلك األعظم سمي محددا لتحديده الجهات الحقيقية التي ال تتبدل
كالعلو والسفل فإنه يتحدد بمحيطه الحد القريب منه وهو جهة العلو وبمركزه الحد البعيد منه وهو جهة السفل،
قوله( :ألنه محيط بالكل) أي بكل األجسام المتحركة المحتاجة إلى مقارنة الزمان ،قوله( :أن اإلحاطتين) أي
إحاطة الفلك األعظم بكل األجسام وإحاطة الزمان فيها مختلفان أي مختلفي المعنى ومن شرط حد األوسط أن
يكون متحد المعنى في الصغرى والكبرى فال تكرر في الحد األوسط في هذا القياس ،قوله ( :فيلزم وجوده إلخ)
هذا على تقدير أن يكون ذلك الزمان عين الزمان األول وأما على تقدير أن يكون الزمان الثَّاني غير الزمان
األول يلزم التسلسل ألنها ننقل الكالم إلى ذلك الزمان ويرد عليه أيضا أن الجوهر قسم للممكن القسيم للواجب
اللهم إال أن يقال إنه لم يرد بالجوهر ما هو قسم للممكن فافهم ،قوله( :ويمنع بأنه إلخ) وبأن امتناع العدم بعد
الوجود ال ينافي اإلمكان لجواز أن ال يقتضي الوجود نظ ار إلى ذاته غايته دوام الزمان بتجدد األمثال على
االستمرار وال استحالة فيه أو نقول إن العدم يقع في طرف الماضي وهو اآلن فال نسلم المالزمة تأمل ،قوله:
( جواهر مجتمعة إلخ ) ألن الجسم عندهم مركب من الجواهر الفردة وأنها منفصلة لكن لصغر المفاصل التي
تماست األجزاء عليها ال يحس بانفصالها فال اتصال وال عرض هو متصل في نفسه قوله( :أو أمور عدمية)
فإنهم قالوا إن السطح نهاية وانقطاع للجسم والخط للسطح والجسم التعليمي مركب من السطوح التي هي أمور
عدمية فالكل أمور عدمية وما استدل به الحكماء من أنها لو لم تكن وجودية لما أشير إليها إشارة حسية إذ ال
إشارة إلى العدم مردود بأن اإلشارة إلى نفس الجواهر الفردة المترتبة ترتيبا مخصوصا ولها نهايات هي أعدام
73
وانقطاعات بمعنى أن الجواهر ليست بعدها جواهر أخر ،قوله ( :العدد أمر اعتباري) أي ال موجود حتى يكون
قسما من العرض ألنه مركب من الوحدات والوحدة من األمور االعتبارية إذ لو وجد فرد منها لكانت واحدة وإال
كانت كثيرة فينقسم الوحدة ولكن ال يخفى أن الحكماء ال يجعلون العدد من الموجودات الخارجية بل يجعلونه
من األمور الذهنية فالخالف بين الفريقين فيه فرع االختالف في الوجود الذهني فافهم ،قوله ( :الزمان وهمي)
أي وهم محض ال تحقق له ولو باالعتبار فال تدخل في العرض الذي هو قسم من الموجود ألنه لو وجد كان
بعض أجزائه مقدما على بعض فيلزم تقدمه بالزمان فيتسلسل ألنا ننقل الكالم إلى ذلك الزمان وتقدم أجزائه وهلم
ج ار وألنه منحصر في الماضي والمستقبل والحال وال وجود لألولين ولو وجد الحال يلزم وجود الجوهر الفرد
الممتنع عند الحكماء وأجيب عنهما بوجوه مذكورة في المبسوطات ،قوله( :لشموله المجردات) أي باعتبار الكم
المنفصل وذلك كالعدد للعقول والنفوس والمقدار للمكان عند من يجعله بعدا موجودا واعترض بأن العلم على
تقدير كونه عبارة عن الصورة يتصف به المجردات وهو من مقولة الكيف فيعم الكيف الماديات والمجردات
كالكم ورد بأن العلم ليس من مقولة الكيف مطلقا بل العلم الحصولي من الكيف دون الحضوري وعلم المجردات
ليس بحصولي بل حضوري فال يعم الكيف المجردات ولكن قال المصنف في بعض تعليقاته فيه إن علم الكيف
كيف حينئذ ،أي حين إذ كان العلم حضوريا انتهى فليتأمل.
74
الم َج َّردات
الكيف ل ُش ُموله ُ
أعم ُو ُجودا من َ المُقوالت النسبَّية َو َ
صح ُو ُجودا من َ الكم الذي ُهو أَ َ
الف ارغ من َ
بعد َ
َو َ
ال
سبة َ ،وَقد ُيَق ُ
سمة َوال ن َ
إما َكيف) َو ُرس َم َناقصا َب َع َرض َال َي َقب ُل لذاته ق َ
ع فيه وَقال (:و َّ
الكيف َشر َ
بخالف َ
صور َّ
صورَها َعلى تَ َ
الم َرك َبة لتََوقف تَ َ
الكيفيَّة ُ
ض َجمعا ب َصور َغيره ف ْينتَق ُ صوره َعلى تَ َ ف تَ َ سبة تََوق ُ
الم َرُاد بالن َ
ُ
الرسم لتَ َوقف َها َعَليه.
الحد أَو َّ
المكتَ َس َبة ب َ
الكيفيَّة ُ
َجزائ َها َوب َ
أ َ
(وبعد الفراغ من الكم الذي هو أصح وجودا من المقوالت النسبية) ألنه أكثر دواما منها (وأعم وجودا من الكيف
لشموله) أي الكم لألجسام و(المجردات بخالف الكيف) فإنه يقتصر على األجسام فاقتضى ذلك تقديم الكم على
تعريف الكيف وورود النقض عليه
سائر المقوالت واتباعه بالكيف ألنه يشترك مع الكم في كونه أصح وجودا من المقوالت النسبية ،والمقوالت
النسبية هي المقوالت التي تكون النسبة فيها عينها وهي األين ومتى والفعل واالنفعال والجدة أو تكون النسبة
جزءا منها وذلك في مقولة اإلضافة فــ( شرع فيه) أي في الكيف وقال (وأما كيف ورسم ناقصا بــ) أنه (عرض
ال يقبل لذاته قسمة وال نسبة) واحترز بقوله " :ال يقبل قسمة" عن الكم ألنه يقبل القسمة ،وبقوله " :وال نسبة"
عن المقوالت النسبية فيكون تعريفه جامعا مانعا ،وإنما قيد ذلك بقوله" :لذاته" ألن الكيف يقبل القسمة والنسبة
لكن ال باعتبار ذاته بل باعتبار معروضه أما الكم فهو يقبل القسمة لذاته ،ثم إن الكيف ال يحد بل يرسم
مر سبب ذلك في تعريف الكم فراجعه( ،وقد يقال)_ بعد تعريف الكيف بأنه ال يقبل النسبة
بالرسم الناقص وقد َّ
_ بأن (المراد بالنسبة توقف تصوره على تصور غيره فــ) إن أريد ذلك فحينئذ (ينتقض) التعريف (جمعا بالكيفية
المركبة) كالمزاج فإنه كيف مركب من العناصر األربعة في الجسم وهي الح اررة والبرودة والرطوبة واليبوسة
بحيث تصل إلى حد االعتدال ،وإنما ينتقض التعريف بذلك (لتوقف تصورها) أي تلك الكيفية المركبة (على
تصور أجزاءها) ألن الكل متوقف تصوره على تصور أجزاءه وبهذا يدخل الكيف في المقوالت النسبية (و)
كذلك ينتقض التعريف (بالكيفية المكتسبة بالحد أو الرسم) كالكيف االستعدادي والكيف المحسوس (لتوقفها)
المعرف متوقف على
َّ أي تلك الكيفيات (عليه) أي على تصور تعريفاتها التي هي حد أو رسم فإن تصور
تصور المعرف فتدخل تلك الكيفيات في المقوالت النسبية أيضا.
75
المكتَ َس َب ُة ُيمك ُن َّ الخارُج لتََب ُادره َوبالتََّوقف َع َد ُم إ َ اب أ َّ
الكيفَّيةُ ُ
صور بُدونه َو َمكان الت َ َمر َ الغير األ ُ
الم َرَاد ب َ
َن ُ الج َو ُ
َو َ
كيف َال
أخوذ في تَعريفه َف َ وضوع َم ُ
الم ُ
صور َ صوُره َعلى تَ َف تَ َ المتَ َوق َ
ض ُ ض بأَ َّن َ
الع َر َ اهة َ ،واعتُر َالب َد َ
صوُل َها ب َُح ُ
َّ
وهو) األول تَوقف الثاني ( ُ
ص َدُق ُه ،وال َي َلزُم من تَوقف َّ
يف َما َ
الك ُ
العرض و َ فهوم َف َم ُ و ُدف َع بأَ َّن ُ
المتَوق َ سبة
َي َقب ُل ن َ
الع َسل ) و َّإال
عاليات ( َك َحالوة َ
كان ْت (راسخة) فانف َّ وسة ) َفإن َ حس َ
َّ
َعلى أَرَبعة َ
أقسام ألن ُه ( إ َّما َه َيئة َم ُ قراء
باالست َ
الماء أَو َّ َّ الخجل) ،واإلحساس َّ َّ
السامعة الباصرة َكما َم َّر أَو الالمسة َكُب َ
رودة َ إما بالذائَقة أَو َ َ ُ مرة َ َ
كح َ
عاالت ( ُ فانف َ
َّ
الح َيوانَّية
صة بذوات األَ ُنفس َ كالرائ َحة ( ،أَو) َه َيئة ( َن َ
فسانية ) ُمختَ َّ كالصوت أَو الش َ
امة َّ َّ
(و) في (الجواب) نقول ( :أن المراد بالغير) في قولنا " :يتوقف تصوره على تصور الغير" ،هو الغير بمعنى
الجواب على النقض ودفع اعتراض
(األمر الخارج لتبادره) وجزء الشيء ليس بخارج عنه في الكيف المركب ( ،و) أما الكيفيات المكتسبة بالحد أو
الرسم فنقول فيه الجواب عنها أن المراد (بالتوقف) أي توقف تصورها على تصور تعريفاتها (عدم إمكان
التصور بدونه ) أي بدون تصور تلك التعريفات (و) الحال أن (الكيفية المكتسبة) ليست كذلك ألنه (يمكن
حصولها) من غير حد أو رسم بأن يكون (بالبداهة) أو باإللهام أو بتعليم الغير (واعترض) على تعريف الكيف
(بأن العرض المتوقف تصوره على تصور الموضوع) والحال أن التوقف أمر نسبي وهو (مأخوذ في تعريفه)
وهو بهذا يدخل في المقوالت النسبية ( فكيف ال يقبل) الكيف ( نسبة و ) هذا االعتراض قد ( دفع بأن المتوقف)
على تصور الموضوع هو (مفهوم العرض و) الحال أن (الكيف) فرد من (ما صدقه) أي ما صدق عليه هذا
المفهوم ،ونحن لما نقول إن الكيف عرض ال نعني أن مفهوم الكيف هو نفس مفهوم العرض بل نعني أنه فرد
األول) أي :مفهوم العرض على تصور الموضوع (توقف الثَّاني) أي ما صدق
من أفراده (وال يلزم من توقف َّ
عليه العرض -وهو أفراده -على ذلك الموضوع ( ،وهو) أي الكيف (باالستقراء على أربعة أقسام ألنه إما
أقسام الكيف
هيئة محسوسة) تدرك بإحدى الحواس الخمس الظاهرة (فإن كانت راسخة فانفعاليات كحالوة العسل) فإن الحالوة
هيئة راسخة في العسل ( ،وإال بأن كانت) هيئة (غير راسخة فانفعاالت كحمرة الخجل) فإن الحمرة هيئة زائلة
وغير راسخة ،واستشكل بأن االنفعال مقولة من المقوالت التسع فهو قسيم للكيف فكيف يكون قسما منه ،
والجواب :أن المراد باالنفعالي هنا الهيئة المنسوبة إلى االنفعال ،فهي منسوبة إلى االنفعال وليست عينه
ولذلك نقول :انفعالي فهو من نسبة السبب إلى المسبب (واإلحساس) يكون بخمسة أمور ألنها (إما بالذائقة)
كحالوة العسل (أو الباصرة كما مر ) من حمرة الخجل (أو الالمسة كبرودة الماء أو السامعة كالصوت أو
الشامة كالرائحة أو) أنه (هيئة نفسانية مختصة بذوات األنفس الحيوانية) وهو القسم الثَّاني من مطلق الكيف.
َّ
76
الجماد أو
إضافي بالنسبة إلى َ صاص َ
ألن االخت َ إما َّ
للواجب تعالى َّ
الحياة والعلم م َّما ُهو ثَابت َ
ض بنحو َ َوال َينتَق ُ
تابة و ) إال
كأول الك َ
إن َلم تَكن َراسخة فـ(حاَلة َّالمُقوالت َوهي ْ
إحدى َ
حت َألَ َّن الثَّاب َت َل ُه تَعالى َقديم ال َي َندرُج تَ َ
الف َب َين ُهما َقد َيكو ُن نه أَو َي ُ
عس ُر فاالخت ُ يث َيمتن ُع َزواُلها َع ُ
وضوعها ب َح ُ
تابة) إذا استُحك َم ْت في َم ُ
َفـ( َملكة كالك َ
حمريللجزئي إلى ُكليه َك َما في أَ َ
للمباَل َغة أو ُ العارض (أَو َهيئة استعداد َّية ) من جنس االستعداد فالن َ
سب ُة ُ ب َ
فإن قيل :العلم والحياة وأمثالهما تخرج عن التعريف ألنها تثبت هلل تعالى أيضا وال تختص بذوات األنفس
جواب عن نقض وتكملة األقسام
الحيوانية (و) الجواب أنه (ال ينتقض) التعريف بــ(نحو الحياة والعلم مما هو ثابت للواجب إما ألن االختصاص
إضافي بالنسبة إلى الجماد) فتكون الكيفيات النفسانية مختصة بذوات األنفس الحيوانية باإلضافة إلى الجمادات
وهذا ال ينافي وجودها في الواجب تعالى (أو ألن الثابت له) أي للواجب (تعالى قديم ال يندرج تحت إحدى
المقوالت) وما هنا حادث فاختلفا (وهي) أي الهيئة النفسانية على قسمين ألنها (إن لم تكن) هيئة (راسخة فــ)
تسمى (حالة) بتخفيف الالم ال بالتشديد وهي ابتداء الشيء وعدم استحكامه (كأول الكتابة و إال) بإن كانت
هيئة راسخة (فــ) تسمى (ملكة) وهي حالة االستحكام (كالكتابة إذا استحكمت في موضوعها بحيث امتنع زوالها
عنه أو عسر ،فاالختالف بينهما) أي بين الحالة والملكة (قد يكون بالعارض) بناء على التمثيل في القسمين
بالكتابة فباعتبار االبتداء تسمى حالة وباعتبار االستحكام تسمى ملكة ،وقد ال يكون االختالف عارضا بل
يكون بالذات مثل أول العلم مثاال للحالة واستحكام الكتابة مثاال للملكة (أو) أن الكيف كيف استعدادي وهو
(هيئة استعدادية) بمعنى أنه ( من جنس االستعداد) ومنسوب إليه وهذه النسبة إما أن تكون من نسبة الشيء
إلى نفسه (فــ) تكون (النسبة للمبالغة) ويكون المقصود باالستعدادي :كثير االستعداد ( ،أو) تكون من نسبة
(للجزئي إلى كليه كما في) قولك للشيء األحمر إنه (أحمري) ،أي :منسوب إلى جنس هو األحمر فيكون
المقصود :كيف منسوب إلى جنس االستعداد.
77
عدم التَّأثر
الكيفيَّ ُة االستعدادي ُة ل َ
البة وهي ) أيَ : الظاهر :ل َع َدم التَّأَثر ( َّ
كالص َ ُ عداد َشديد ( ل َع َدم التَّأثير )
َفهي است َ
عف )
الض ُ عداد َشديد لالنف َعال و( التَّأَثر ) كاللَّين ( َو ُه َو ) ُي َس َّمى ( َّ عف ( أَو) است َ ض ُ
َّ
القوةُ ) َوالال َ
تُ َس َّمى ( َّ
عنى
حم َل َعَلى َم َ َّ جع َّ َّ
َن َال ُي َزُاد التسم َي ُة أَو تُ َ
البة َواللين َوحينئذ َين َبغي أ ْ الص َ
الضم َيرين إَلى َّ بعُد َر ُ َوالالُق َوةُ وَال َي ُ
لكيفيَّات
عداديَّة ال اَ َ
الكيفيَّات االست َ ام من أََّن ُه َما من َ الح َّق ما َذ َه َب إليه اإل َم ُ
َن َطالق ،وفي التَّمثيل إ َش َارة إلى أ َّ اإل َ
ال به َغي ُرهُ . وسة كما َق َ لم َ الم ُ
َ
(فـ) الهيئة االستعدادية (هي) إما (استعداد شديد) _ وإنما قيده بالشديد ألن االستعداد الخفيف ومطلق االستعداد
أقسام الهيئة االستعدادية
ليسا من مقولة الكيف بل هما من مقولة اإلضافة بين المستعد والمستعد له _ ( لعدم التأثير الظاهر :لعدم
التأثر ) أي الظاهر أن يقال ذلك وال يقال " عدم التأثير " كما ذكر الماتن ألن الكالم في قبول األثر من عدمه
ال في فعل التأثير من عدمه فهي ( كالصالبة وهي أي :الكيفية االستعدادية لعدم التأثر تسمى) حينئذ (القوة و
الالضعف أو) هو ( استعداد شديد لالنفعال و التأثر كاللين وهو يسمى) حينئذ (الضعف والالقوة وال يبعد رجع
الضميرين) أي :الضمير "هي" التي ترجع في الشرح لـلكيفية االستعدادية ،والضمير "هو" الذي يرجع لقوله
"استعداد شديد" (إلى الصالبة واللين) اللذين هما فردان من أفراد الكيف (وحينئذ ينبغي أال يزاد التسمية ) وهي
قوله " :تسمى ،يسمى" لكيال يكون الكيف مقتص ار على الصالبة واللين بل يكون شامال لهما وللممراضية
والمصحاحية أيضا فيكون المعنى :أن الصالبة فرد من أفراد القوة ال أنها المسماة بالقوة و أن اللين فرد من
أفراد الضعف ال أنه المسمى بالضعف( ،أو) تزاد لفظة تسمى ويسمى و(تحمل على معنى اإلطالق) ال التسمية
بمعناه الخاص بمعنى أن القوة تطلق على الصالبة والضعف يطلق على اللين فال يمنع حينئذ من إطالق كل
منهما على غيرهما كالمصحاحية والممراضية (وفي التمثيل) للكيفيات االستعدادية بالصالبة واللين ( إشارة إلى
أن الحق ما ذهب إليه اإلمام الرازي من أنهما) أي الصالبة واللين (من الكيفيات االستعدادية ،ال الكيفيات
الملموسة ) التي هي قسم من الكيفيات المحسوسة (كما قال به غيره) والمثال للكيفيات االستعدادية عند غير
اإلمام هو المصحاحية -وهي الهيئة التي بها صار الجسم ال يقبل المرض -والممراضية وهي الهيئة التي
بها صار الجسم يقبل المرض.
78
َّ َّ
المَق َارن ل ُحُدوث َها َواست َ
عداد لَقُبوله َما كل اَلتْقعير ُ
الحاصَلةُ في َسطحه َو َش ُ الح َرَك ُة َ
ُمورَ : أل َّ
َن في الجسم اَللين ثَالثَ َة أ ُ
واأل ََّوَالن َليسا بلين إلدراكهما بالبصر بخ َالف اَ َّللين َفتَعي َّ
َّن الثال ُث َ ،وفي الصلب أَرَب َعة َ :ع َد ُم االَنغ َماز َو َ
هو َ َ َ َ ََ َ َ
اللمس َوهي اَلمحسوس ُة ب َّ المَق َاو َم ُة َّ
َ َ ُ َ صة باْل َكميَّات َ ،و ُكل ال َباقي َعَلى َحاله َو ُه َو من اَْل َكيفيَّات اَْل ُمختَ َّ
َع َدمي َ ،والش ُ
َل ُه اَ َّلراب ُع َو ُه َو اَالست ْع َد ُاد الم ُنفوخ فيه َ ،فتَ َعيَّ َن ق َّ
اله َواء اَلذي في الز َ المَق َاو َمة بُدون َها في َ
ص َال َبة ل ُو ُجود ُ
يست َ
َل َ
َّ
يل ب ُه َما أُوَلى من اَلتَّمثيل بالم َ
صحاحيَّة َوالمم َراضيَّة الشد ُيد َنحو االنف َعال ولهذه النكتَة َك َ َّ
ان التمث ُ َ َ َ
ولما أثبت المصنف أن الصالبة واللين من الكيفيات االستعدادية تبعا لالمام الرازي شرع اآلن في سبب اختيار
إثبات أن الصالبة واللين من الكيفيات االستعدادية تبعا لإلمام الرازي
79
كالفردَّية للثَّالثَة ،واألوَلى أَن
للسطح أو ُم َنفصَلة َ للخط َوالتَّقعير َّ
ميات ُمتصلة كاالستَقامة َ الك َّ
صة ب َأَو َه َيئة ُمختَ َّ
َّ بالبصر َففيه أَنَّ ُه ْ قال من أََّنها َراج َعة إلى َ
إن أُر َيد أَنها ُم َ
بص َرة بال وسة َحس َ
الم ُ
الكيفَّيات َ وما ُي ُفَ ،صن ُ الم َ
ذك َرها ُ َي ُ
منوع ط ُة في الثبوت َكما في َّ
اللون أَم َال كما في َّ
الضوء َف َم ُ ُ الواس َ
العروض َسواء َو َج َدت َ
َواسطة في ُ
(أو) أن الكيف (هيئة مختصة بالكميات) وهذا القسم الرابع من أقسام الكيف وهي تنقسم بتبعية الكم إلى قسمين
الكيف قد يكون هيئة مختصة بالكميات وهي غير عائدة للكيفيات المحسوسة
ألنه إما هيئة (متصلة كاالستقامة للخط والتقعير للسطح) فإن الخط والسطح لكونهما من الكم المتصل كان
الكيف المختص بهما متصلين (أو) هي هيئة (منفصلة كالفردية للثالثة) والزوجية لألربعة مثال ،ولم يرد هذا
القسم في المتن لما سيأتي من أنه راجع إلى الكيفيات المحسوسة وسيذكر الشارح ما فيه (و) لذلك كان (األولى
األول :الواسطة في
أن يذكرها المصنف و) قبل توضيح العبارة البد من بيان مفهوم الواسطة وأنها نوعان َّ ،
العروض :وهي تعني عروض الوصف الواحد لشيء ما أوال وبالذات وعروضه لشيء ثان بالتبع وبواسطة
عروضه للشيء األ َّول كحركة السيارة أوال وبالذات وحركة راكبها ثانيا وبواسطة حركة تلك السيارة ،والثَّاني :
الواسطة في الثبوت وهي ثبوت الوصف للشيء الثَّاني بواسطة الشيء َّ
األول سواء كان ذلك الوصف ثابتا
األول أم ال ،وذلك كثبوت الوجود لإلنسان فإنه وصف ثابت له بواسطة ثبوته هلل تعالى وكثبوت الحدوث
للشيء َّ
لإلنسان فإنه وصف ثابت اإلنسان فقط وال يثبت هلل تعالى ،إذا علم ذلك فـ(ما يقال من إنها) أي الهيئات
المختصة بالكميات كاالستقامة والتقعير وغيرها (راجعة إلى الكيفيات المحسوسة بالبصر ففيه ) اعتراض وهو
(أنه إن أريد) بكونها محسوسة بالبصر (أنها) أي تلك الكيفيات (مبصرة) بالذات و (بال واسطة في العروض
سواء وجدت الواسطة في الثبوت كما في اللون) فإن الرؤية البصرية المتعلقة باللون ال توجد فيها واسطة في
العروض الن الرؤية تتعلق باللون بالذات وال تتعلق بشيء آخر يكون واسطة في عروض الرؤية له ولكن توجد
فيها الواسطة في الثبوت إلن الرؤية البصرية تثبت للضوء أوال وبالذات وتثبت للون ثانيا وبواسطة ثبوتها للضوء
(أم ال) أي بأن لم توجد الواسطة في الثبوت أيضا أي :كما لم توجد الواسطة في العروض (كما في الضوء)
فإن الرؤية تتعلق بالضوء من غير واسطة تكون سببا في عروضها به ومن غير حاجة كذلك إلى واسطة في
الثبوت ألن الرؤية تثبت للضوء بالذات ومن غير واسطة في ثبوتها له( ،فممنوع) أي إذا أريد بكون الكيفيات
المختصة بالكم محسوسة أنها محسوسة بالمعنى المار فهذا ممنوع.
80
اج الع َرض ،أَو ُمبص َرة ب َها ؛ َففيه أََّن ُه َي َ َّ َكيف والرؤي ُة المتَعلَق ُة ب َّ
اللون
ستلزُم اند َر َ أ ََّوال َوبالذات ُمتَ َعلَقة ب َها ثَانيا َوب َ َ َ َ َُ
وسة َ ،و َما
حس َ
الكم َوَكون َها َم ُ صة َب ُ جنسا َعاليا َ ،عَلى أََّن ُه َال تََنافي َب َ
ين َكون َها ُمختَ َّ الكيف َف َال َي ُكو َن
حت َ اَألَين تَ َ
َّ َّ َّ
ام ال إ َّن األ َ
َقس َ نسين في َمرتََبة ل َحقيَقة َواح َدة إال أَن ُيَق َ
وم ج َالحكيم من أَن ُه َيرُد َعَلى الَقول ب َع َدم الت َنافي ُل ُز ُ
َقاَل ُه َع ُبد َ
التغاي َر االعتبار َّي كاف على َّ
أن دعواهُ الثاني َة ُ يس جنسا َعاليا ُمندفع َّ
بأن يف َل َ الك َ
طة َو َ َجناسا ُمتََوس َ
يس ْت أ َ
اَألَرَب َع َة َل َ
غير الزمة
ُ
(كيف) ال يمنع (و) أن تلك الكيفيات تحتاج إلى الواسطة في العروض كما تحتاج إلى الواسطة في الثبوت إذ
تكملة بيان عدم رجوع الكيف المختص بالكميات إلى الكيف المحسوس ودفع كالم لعبدالحكيم
(الرؤية المتعلقة باللون أوال وبالذات متعلقة بها) أي باالستقامة (ثانيا وبالعرض) وكذا التقعير والفردية فال تكون
تلك الكيفيات مثل اللون وال مثل الضوء لعدم وجود الواسطة في العروض فيهما بخالفه في تلك الكيفيات (أو)
قيل أن الكيفيات المختصة بالكم (مبصرة بها) أي بالواسطة في العروض (فـ) هذا الكالم صحيح لكن (فيه)
مبصر بسبب الواسطة في العروض يكون كيفا ألن الحركة والسكون
ا إشكال وهو (أنه) ليس كل ما يكون
واالجتماع واالفتراق كلها مبصرات بسبب الواسطة في العروض ألنها ترى بواسطة عروض اللون وهي من
مقولة األين ولو كانت من مقولة الكيف لكان ذلك (يستلزم اندراج األين تحت الكيف فال يكون) األين (جنسا
عاليا ،على أنه ) حتى لو سلمنا أن الكيفيات المختصة بالكم محسوسة بالبصر فــ(ال تنافي بين كونها مختصة
بالكم وكونها محسوسة) بالبصر أيضا (وما قاله عبدالحكيم ) اعتراضا (من أنه يرد على القول بعدم التنافي)
بين كون الكيفية مختصة بالكم وكونها محسوسة (لزوم جنسين في مرتبة) واحدة (لحقيقة واحدة) أما إن كان
الجنسان في مرتبتين ف جاز أن يكونا جنسين لماهية واحدة كاإلنسان جنسه الحيوان والجسم النامي لكن الجسم
النامي جنس لإلنسان في مرتبة أعلى من مرتبة الحيوان ،وقوله ( :إال أن يقال) هو جواب عبد الحكيم عن
اعتراض نفسه في لزوم جنسين في مرتبة واحد وهو أن يقال (إن األقسام األربعة) للكيف (ليست أجناسا
متوسطة) بل هي أصناف (و) أنواع اعتبارية ومطلق (الكيف ليس جنسا عاليا) لها بل هو نوع حقيقي فحينئذ
ال يجتمع جنسان بل نوعان اعتباريان وال يضر اجتماعهما في مرتبة واحدة وقوله( :مندفع) خبر ما قاله
عبدالحكيم (بأن التغاير االعتباري) بين الكيف المخصوص بالكم والكيف المحسوس (كاف) في دفع اعتراض
لزوم جنسين في مرتبة واحدة وال حاجة لجعل األقسام األربعة أجناسا متوسطة وال لجعل مطلق الكيف نوعا لها
( ،على أن دعواه) أي دعوى عبد الحكيم (الثَّانية) وهو كون األقسام األربعة أصنافا ومطلق الكيف نوعا حقيقيا
لها (غير الزمة)
81
فتدب ْر
تحته جنس ْأو ال خالفا للمناطقة َّ
كان ُجنس فوَق ُه سواء َ
كالمهم ما ال َ
ْ أن ُيرَاد بالعالي في
لجواز ْ
(لجواز أن يراد بـ) الجنس (العالي في كالمهم) ما يكون عاليا علوا نسبيا وهو (ما ال جنس) يوجد (فوقه سواء
كان تحته جنس( كما هي حال األجناس العالية غير النسبية (أو ال) يكون تحته جنس كالحال في مطلق الكيف
ألنه جنس عالي ألقسامه األربعة لكن تلك األقسام ليست أجناسا بل هي أنواع تحته ،بقي أن هذا التعريف
للجنس العالي واقع (خالفا لـ) ما تقرر عند (المناطقة) ألنه عندهم ما ليس فوقه جنس ولكن يجب أن يكون
تحته جنس (فتدبر).
82
حواشي ابن الباساوي المتعلقة بمقولة الكيف
قوله ( :ال يقبل لذاته قسمة ) لم يقل وال ال قسمة ألن الحاجة إليه إنما هي إلخراج النقطة والوحدة عند من
جعلها من األعراض والمحققون وتبعهم الشارح يجعلونها منها فلم تدخال في المعرف فال يحتاج إلى قيد
إلخراجهما إذ اإلخراج فرع الدخول ،قوله ( :فإن كانت راسخة) أي في موضوعها ومستحكمة فيه بحيث ال
يزول عنه أصال أو يعسر زوالها ،قوله ( :مختصة بذوات) يعني إن المقصود من نسبتها إلى ذوات األنفس
اختصاصها بها اختصاصا إضافيا أو حقيقيا ال كونها عارضة لها الشتراك سائر العوارض في ذلك ،قوله( :
تحت إحدى المقوالت) ال تحت الكيف وال في سائر األعراض وال الجواهر أيضا فإن الحياة مثال في الواجب
وسائر المجردات ليست عبارة عن مبدأ الحس والحركة كما في الحيوان فيكون االختصاص حقيقيا ،قوله( :
وإال فملكة) بأن كانت راسخة ومستحكمة في موضوعها بحيث ال يزول عنها أصال أو يعسر زوالها ،قوله( :
فاالختالف بينهما قد يكون بالعارض) إنما قال قد ألن االختالف بينهما قد يكون بالذات أيضا كما إذا كان
الحال داخال تحت نوع من الكيفيات والملكة داخال تحت نوع آخر ،قوله ( :بالعارض) فإن الحال تصير ملكة
بالتدريج كما علم من أن الكتابة مثال تكون في ابتداء حصولها حاال وإذا ثبت زمانا واستحكمت صارت هي
بعينها ملكة فإن قلت :ال يخفى أن في الحال ضعفا وفي الملكة شدة واالختالف بهما موجب لالختالف النوعي
فكيف يقال بأن الكيفية الواحدة بالشخص تارة تصير ملكة وتارة تصير حاال ،قلت :أجاب عن هذا العالمة
الثَّاني بما حاصله أن االختالف في الشدة والضعف المقتضي لالختالف في النوع إنما هو في حصول الكلي
في جزئياته وصدقه عليها أعني ما هو قسم من التشكيك ال في ثبوت الجزئيات لموضوعاتها وما نحن فيه من
قبيل الثَّاني ال األول ،قوله ( وهي القوة) اعترض بأن القوة يقال على مبدأ التأثير كالح اررة فإنها مبدأ اإلحراق
فبهذا المعنى تكون من الكيفيات المحسوسة وعلى صفة بها يمكن الحيوان من مزاولة أفعال شاقة وبهذا تكون
من الكيفيات النفسانية أجيب بأنه ال تنافي بين أقسام الكيفية بأن يمتنع صدق البعض منها على شيء مع ما
صدق عليه اآلخر فإن الح اررة من حيث كونها مدركة بالحس يصدق عليها أنها من الكيفيات المحسوسة ومن
حيث كونها قوة شديدة فاعلة يصدق عليها أنها من الكيفيات االستعدادية ،قوله ( :بال واسطة في العروض)
الذي هو قسم الواسطة في الثبوت بالمعنى إذ هي أمر بسببه يحصل الشيء هو ذو الواسطة صفة حقيقة أي
أوال كالنار الواسطة لحصول الح اررة للقدر والماء أو مجا از أي ثانيا بمعنى أن الصفة حاصلة للواسطة أوال
وتنسب إلى ذي الواسطة ثانيا وبتبعية الواسطة كالسفينة الواسطة في عروض الحركة لمن في السفينة ويسمى
83
األول واسطة في الثبوت بالمعنى األخص والثَّاني واسطة في العروض ،قوله ( :كما في اللون) فإنها مبصرة
بال واسطة في العروض لكن يوجد الواسطة في الثبوت وهو الضوء فإن رؤية اللون مشروطة برؤية الضوء
فهي واسطة في ثبوت الرؤية للون فمراده قدس سره من الواسطة في الثبوت الواسطة في الثبوت بالمعنى
األخص إذ هو بالمعنى األعم يعم الواسطة في العروض فافهم ،قوله ( :بأن التغاير االعتباري كاف) أي في
عدم لزوم جنسين في مرتبة لحقيقة واحدة فإن االستقامة واالنحناء مثال من حيث كونها مدركة بالحس من
الكيفيات المحسوسة ومن حيث عروضها بالذات للكم من الكيفيات المختصة بالكميات
84
وقال ( وإما أين )
َ األين ولذا َّ
قد َم ُه: ع في األعراض النسبية والمتكلمو َن أنكروها إال َ
من الكيف شر َ
وبعد الفراغ ْ
َ
بينهما
تخل ُل ثالث ُ
مكن
فإن أ َآخر ْ
حصول جوهر باعتبار َ
ُ إن اعتُب َر
الحصول في الحيز وقالوا ْ
ُ بأنه
وفس ُروهُ ُ
َّ
فحركة.
َ فسكون ْأو في َ
آخر ذلك الحيز ُ
سبوقا بحصوله في َ
كان َم ُفإن َ
عتب ْر ْ
إن لم ُي َ
فافتراق وإال فاجتماع ،و ْ
(وبعد الفراغ من الكيف شرع في األعراض النسبية ) وهي سبعة أولها األين ( والمتكلمون أنكروها) فهي عندهم
تعريف األين وبيان أقسامه
أمور اعتبارية لها وجود رابطي فقط كاألخوة في مقولة اإلضافة له وجود رابطي فنقول "زيد أخ لعمرو" وليس
له وجود محمولي فال نقول "زيد أخوة" وقس على اإلضافة غيرها من المقوالت النسبية (إال األين) فإن المتكلمين
اعتبروا وجوده المحمولي وعدوه عرضا (ولذا قدمه وقال وإما أين وفسروه) أي فسر المتكلمون األين (بأنه :
الحصول في الحيز) والحصول نسبة بين المتحيز وحيزه ( ،وقالوا) أي المتكلمون :األين أربعة أقسام وهي
وهر (آخر فإن أمكن تخلل ثالث االفتراق واالجتماع والسكون والحركة ألنه (إن اعتبر حصول َج َ
وهر باعتبار) َج َ
بينهما فـ) الحاصل هو (افتراق وإال ) أي وإن لم يمكن تخلل ثالث (فـ) الحاصل هو (اجتماع ،وإن لم يعتبر)
حصول الجوهر باعتبار آخر بل اعتبر الجوهر في نفسه (فإن كان مسبوقا بحصوله في ذلك الحيز) الذي هو
فيه (فسكون أو) إن كان مسبوقا بالحصول (في) حيز (آخر فحركة) واختلفوا في السكون هل هو
مجموع الحصولين ،أو الحصول الثَّاني فقط وكذلك الحركة هل هي الحصول الثَّاني أو مجموع الحصولين
على مذهبين ،وإنما قال "إن اعتبر حصول جوهر" ولم يذكر حصول العرض ألن هذه األقسام األربعة تحصل
للجوهر بالذات وللعرض بتبعية الجوهر و واسطته فاكتفى بذكر ما بالذات عما بالعرض.
85
من مقولة اإلضافة كاألخوة قال إن ُه ْ
المقيد بما َم َّر افتراقا اصطالحية ،فما ُي ُ خفى َّ
أن تسمي َة الحصول َّ وال َي َ
تلك اإلضاف ُة ف يكو ُن منها ْ
نعم َ له كي َ
كان اسما ُ
أنه إذا َوعكسه ففيه ُ
ُ عن عمرو مثال
والمتضايفان افتراق زيد ْ
َّ
هوالحكماء ( َ
ُ االجتماع (و) قالت
َ وقس عليه معناهُ اللغوي و ُ
الزم االصطالحي فهذا م ْن اشتباه الملزوم بالالزم ْ
اإلمام بأن ال يز َيد عليه وغيره ككون زيد في اإلقليم َّ ،
وردهُ تحصل للشيء بحصوله في المكان ) الحقيقي ُْ هيئة
ُ
فتلك النسب ُة َّإنما هي لزم كو ُن األين َّ
كما أو كيفا وإال َ تكن نسبة َ دليل على غير الحصول ألَّنها ْ
إن ْلم ْ بأنه ال َ
ُ
َ
إلى المكان بالحصول فيه.
( وال يخفى أن تسمية الحصول المقيد بما مر ) بأنه في حيز (افتراقا اصطالحية ،فما يقال) من (أنه من
ما اشتبه فيه العالمة البنجويني وتعريف الحكماء لألين
مقولة اإلضافة ) والقائل هو العالمة البنجويني في حواشيه على تقريب المرام فإنه ذكر ما مفاده أنه يمكن جعل
االجتماع واالفتراق من مقولة اإلضافة ( كاألخوة والمتضايفان) ألن الحصول المتضمن في تعريفها نسبة والنسبة
إضافة ألنها تحتاج إلى متضايفين يتوقف تصور أحدهما على اآلخر ،وذلك كالنسبة بين زيد وعمرو مثال ،
أي (افتراق زيد عن عمرو وعكسه) وهو افتراق عمرو عن زيد وكذلك اجتماع كل منهما مع اآلخر( ،ففيه) أي
في كالم البنجويني نظر من حيث (أنه) أي االفتراق (إذا كان اسما له) أي للحصول المقيد بأنه في حيز ،
فـ(كيف يكون منها) أي من مقولة اإلضافة ألن الحصول يتضمن نسبة واحدة بين المتحيز وحيزه أما اإلضافة
فإنها تتطلب تكرر النسبة في التعقل بين المضاف والمضاف إليه ( ،نعم) لو سلمنا بأن فيه إضافة فـ(تلك
اإلضافة معناه اللغوي) ،واالجتماع هنا اصطالحي (و) ذلك المعنى اللغوي (الزم) للمعنى (االصطالحي فهذا
) من الشيخ البنجويني (من اشتباه الالزم بالملزوم وقس عليه) أي على االفتراق (االجتماع ،و) بعد أن ذكرنا
أن االين عند المتكلمين هو الحصول في الحيز (قالت الحكماء) األين (هو هيئة تحصل للشيء) المتمكن
(بحصوله في المكان) ،ثم إن المكان ينقسم إلى (الحقيقي) وهو (بأن ال يزيد) المكان فيه (عليه) أي على
الشيء المتمكن كالكوب للماء (و) إلى (غيره) أي غير الحقيقي وهو ما زاد عن المتمكن (ككون زيد في اإلقليم)
فزيد لم يتمكن في اإلقليم حقيقة بل في جزء منه (ورده اإلمام) أي رد اإلمام الرازي تعريف الحكماء لألين وحكم
(بأنه ال دليل على غير الحصول ،ألنها) أي الهيئة التي عرف الحكماء األين بها إما أن تكون نسبة أو غير
نسبة فـ(إن لم تكن نسبة لزم كون األين كما أو كيفا ) وهذه الهيئة أين عندهم فال تكون كما وال كيفا( ،وإال) أي
بإن كانت تلك الهيئة نسبة (فتلك النسبة إنما هي إلى المكان بالحصول فيه).
86
تحصل للشيء بحصوله في الزمان ) حقيقيا كاليوم للصوم ْأو ال كالشهر
ُ الحصول ْأو ( هيئة
ُ وهو )
( وإ َّما متى َ
الزمان
َ أن الزمان عليه فحقيقي وإال فغيرهُ ،والفر ُق َ
بين الحقيقيين َّ ُ إن ْلم يفضل
فهو كاألين قسمان ألن ُه ْ
للخسوف َ
وجود اآلن المتناع وقوع اآلن الستلزامهيقل أو َين بخالف المكان ولم ْ بين كثير َ يقبل َّ
الشرك َة َ
َ احد َ ُ
الحقيقي الو َ
َّ
ينقسم
ُ الزمان
بعد انقطاعه وانقسامه ،و ُ طرف الشيء ال يتحق ُق إال َ
َ وهو َمعدوم َّ
ألن الشيء في غير الموجود َ
متكلمين لعدم قولهم بوجود الزمان
َ وجود لمتى عند ال
َ يظهر أنَّ ُه ال
ُ ينقطع عندهم ،وم ْن هنا
ُ بالوهم فقط وال
(وأما متى و) اختلف المتكلمون والحكماء في تعريفه فـ(هو الحصول) أي حصول الشيء في الزمان وهذا
تعريف المتى وبيان أقسامه
تعريف المتكلمين ( ،أو) هو (هيئة تحصل للشيء بحصوله في الزمان) وهذا تعريف الحكماء ،فإضافة قيد "
الحصول " لإلشارة إلى هذا الخالف ،والزمان إما يكون (حقيقيا) إن لم يفضل الزمان عنه (كاليوم للصوم أو
ال) يكون حقيقيا بأن يفضل الزمان عنه (كالشهر للخسوف ،فهو كاألين قسمان ألنه إن لم يفضل الزمان عليه
فـ) هو زمان (حقيقي ،وإال) بأن فضل الزمان عليه (فغيره) أي غير حقيقي( ،والفرق بين) متى واألين (
الحقيقيين) هو (أن الزمان الحقيقي الواحد) في متى (يقبل الشركة بين كثيرين بخالف المكان) الحقيقي في
األين فإنه ال يقبل إال شخصا واحدا (ولم يقل) الماتن (أو اآلن) في تعريف متى بأن يقول :هيئة تحصل
للشيء بسبب حصوله في الزمان أو اآلن ( ،الستلزامه وجود اآلن) والحال أن الحكماء ال يقولون به ،ودليلهم
على عدم وجود اآلن هو أن الزمان موجود ووجوده يستلزم وجود طرفه (المتناع وقوع الشيء) الموجود (في)
الطرف (غير الموجود وهو) أي ذلك طرف (معدوم ،ل ـ) دليل هو (أن طرف الشيء ال يتحقق) في الوجود (إال
بعد انقطاعه) أي انقطاع ذلك الزمان ( وانقسامه) وقد قلنا إن الزمان قديم ال ينقطع فثبت أن ذلك الطرف ال
يتحقق في الوجود ألن وجوده متوقف على ذلك االنقطاع المحال فوجب عدم ذكر قيد اآلن في التعريف ،وقوله
" :انقطاعه وانقسامه " عطف السبب على المسبب (والزمان) عند الفالسفة (ينقسم بالوهم فقط) وال يضره تلك
القسمة الوهمية ألنها عبارة عن فرض شيء غير شيء ( وال ينقطع) الزمان (عندهم) وقد ذكرنا في الكم المتصل
دليل ذلك وهو أن الزمان مقدار حركة الفلك األطلس وبما أن الحركة قديمة فالزمان قديم فال ينقطع وال ينقسم
إال بالوهم ( ،ومن هنا) أي :من قوله :المتناع وقوع الشيء في غير الموجود وهو معدوم ( يظهر أنه ال
مر بيانه .
وجود لمتى عند المتكلمين لعدم قولهم بوجود الزمان ) وقد َّ
87
حواشي ابن الباساوي المتعلقة بمقوالت األين والمتى
قوله ( :فإن أمكن تخلل ثالث) أشار بأمكن إلى أنه ال يلزم تخلل ثالث بالفعل كما في صورة الخالء فدخل
افتراق الجوهرين بتوسطه ألن الخالء ممكن عند المتكلمين ،قوله ( :فافتراق) أي فذلك الحصول يسمى باالفتراق
فيكون تسمية حصول واحد به بمجرد العرف أو المعنى فالحصوالن افتراق أو فذلك شق افتراق على ما قاله
المصنف في بعض تعليقاته فافهم ،قوله ( :وإن لم يعتبر) أي حصول جوهر في حيز باعتبار جوهر آخر،
قوله ( :فسكون) فيكون السكون الحصول الثَّاني في الحيز األول والحركة الحصول األول في الحيز الثَّاني وال
يخفى أن أولية الحيز في السكون أعم من أن يكون تحقيقا أو تقدي ار كالساكن الذي ال يتحرك أصال وال يحصل
في حيز ثان وأولية الحصول في الحركة كذلك لجواز أن ال يوجد للمتحرك الحصول الثَّاني بأن ينعدم في آن
انقطاع الحركة فافهم ،قوله ( :بالحصول فيه) فيكون األين نفس تلك الحصول دون الهيئة التي تحصل ،قوله:
( في الزمان حقيقيا) وهو كون شيء في زمان ال يفضل عنه كاليوم و كحدوث المطر في ساعة معينة ،قوله
( :الستلزامه وجود اآلن) أي الستلزام وقوع الشيء في اآلن الذي هو طرف الزمان وجودا.
88
أي المعقولة بالقياس إلى األُخرى معقولة بالقياس إلى األولى (
وهي النسب ُة المتكررةُ في التعقل) ْ ( وإما إضافة
َ
الدية
رك ُب منه ومن معروضه كالوالد مع الو َّ سمى هذه النسب ُة مضافا حقيقيا أيضا والم َّالولدية ) وتُ َّ
كالوالدية و َّ
ُ ُ
اهية
الم َّ وحدهُ ُمضافا مشهورَّيا ،والنسبتان المتكرَرتان ْقد تتماثالن فتتَّ َ
حدان في االسم كتمام َ المعروض َ
ُ وكذا
)وأما إضافة وهي النسبة المتكررة في التعقل أي ) أن فيها نسبتين النسبة األولى منهما هي (المعقولة بالقياس
تعريف اإلضافة وبيان أقسامها
إلى األخرى) وهي الثَّانية وهذه الثَّانية (معقولة بالقياس إلى األولى) كاألبوة معقولة بالقياس إلى البنوة والبنوة
معقولة بالقياس إلى األبوة بمعنى أن تصور أحديهما ال يكون من دون تصور األخرى ،وهذا دور لكنه دور
معي فال يضر والدور يضر إذا كان تقدميا بأن يتقدم أحد الدائرين على اآلخر فيلزم منه تقدم الشيء على
نفسه ،وليس كذلك الدور المعي ففي الوقت الذي تتصور فيه األبوة تتصور فيه البنوة معها فال تقدم والنسبة
األولى مقصودة بالذات والنسبة الثَّانية مقصودة بالتبع ( ،كالوالدية والولدية) فالوالدية مثل "زيد والد لعمرو"
والولدية مثل "عمرو ولد لزيد" فإن كال من النسبتين يتعقل باإلضافة إلى األخرى كما ذكرنا في األبوة والبنوة .
(وتسمى هذه النسبة مضافا حقيقيا أيضا) أي كما تسمى إضافة؛ ألن الوالدية في المثال أعاله هي المضافة
حقيقة إلى الولدية ال الوالد الذي هو زيد وكذلك ولدية عمرو فإنها هي المضافة حقيقة إلى الوالدية ال الولد
الذي هو عمرو (و) يسمى المجموع (المركب منه) أي من المضاف الحقيقي الذي هو الوالدية العارضة في
زيد (ومن معروضه) الذي هو الولدية في عمرو (كالوالدية مع الوالد ،وكذا) يطلق على (المعروض وحده) الذي
زيد أو عمرو ال بقيد الوالدية أو الولدية ،وقوله (مضافا مشهوريا) هو الخبر ،وإنما سمي مشهوريا ألن المشهور
بين الناس أن زيدا بقيد الوالدية أو زيد وحده هو المضاف ،أما المضاف حقيقة فهو نسبة والدية زيد إلى ولدية
عمرو كما ذكرنا( ،والنسبتان المتكررتان) في اإلضافة (قد تتماثالن) والتماثل اشتراك المنتسبين في تمام الماهية
الذاتية ويكون اختالفهما في العوارض فقط (فتتحدان في االسم) أيضا (كـ) ما تتحدان في (تمام الماهية)
89
ض اإلضافةُ
عر ُ
البنوة والعموم والخصوص وتُ َ
كاألبوة و َّ
َّ كاألخوة والتساوي والتباين وقد تتجانسان فتختلفان فيهما
َّ
كاألبوة واألقلي ُة للجوهر والكم
َّ له ْأو ال
كاألولية ُ
َّ أقبح من العمى والموجود واجبا
الجهل ُ
ُ نحو
للمعدوم َ
وذلك (كاألخوة) في "زيد أخ لعمرو " و " عمرو أخ لزيد" ،فاألخوة اسم لكليهما فهما مشتركان في هذا االسم
بيان أمثلة على مقولة اإلضافة وبيان عروضها للمعدوم والموجود
كاشت اركهما في تمام الماهية اإلنسانية ( ،و) كـ(التساوي) وهو صدق كل من الكليين على تمام أفراد اآلخر
كنسبة اإلنسان إلى الناطق ونسبة الناطق إلى اإلنسان بينهما نسبة التساوي فتساوي كل منهما متوقف على
تساوي اآلخر فهما متضايفان وبينهما اتحاد في الماهية واالسم ( ،و) كـ(التباين) وهو عدم صدق كل من
الكليين على كل من أفراد اآلخر مثل تباين اإلنسان للحصان وتباين الحصان لإلنسان ،فتصور تباين كل
منهما متوقف على تصور تباين اآلخر ،فهما متضايفان وبينهما اتحاد في الماهية واإلسم( ،وقد تتجانسان) أي
تتح د النسبتان في الجنس (فتختلفتان فيهما) أي في تمام الماهية النوعية وتختلفان كذلك في االسم (كاألبوة
والبنوة) متضايفان لكن ال تماثل بينهما في النوع بل التماثل بينهما في الجنس فقط وهو التوالدية ( ،و) من
مضان تجانس النسبتين (العموم والخصوص) فهما مشتركان في جنس واحد وهو كونهما من النسب األربع
ومختلفان في النوع ألن العموم ينطبق على جميع مصاديقه والخصوص على بعضها وهما مختلفان في االسم
أيضا (وتعرض اإلضافة للمعدوم ) فال تختص بالواجب وال بالموجود الممكن ،أما عروضها للمعدوم فـ(نحو)
قولنا (الجهل أقبح من العمى) فاألقبحية هنا نسبة عرضت لكل من الجهل والعمى وهما معدومان إذ الجهل
عدم العلم والعمى عدم البصر فاألقبحية إضافة ولكنها ليست موجودة بل معدومة لتعلقها بالمعدوم الذي هو
الجهل والعمى كما ذكرنا ( ،و) أما عروضها لـ(الموجود واجبا) فـ(كاألولية له) أي للواجب فإنها إضافة تعرض
للواجب إذ هي نسبة بين الواجب والممكن تتكرر في التعقل ألن تصور أولية الواجب بالنسبة إلى الممكن تتوقف
على تصور آخرية الممكن بالنسبة إلى الواجب ( ،أو) تعرض اإلضافة للموجود (ال) واجبا بأن تعرض للموجود
ممكنا وهو الجوهر والعرض (كاألبوة) مثاال لما يعرض للجوهر فإنها إضافة عرضت لجوهر هو زيد باإلضافة
وهر آخر يكون ابنا له( ،و) كـ(األقلية) مثاال لعروضها للعرض فإنها إضافة عرضت للكم فيقال "ثالثة
إلى َج َ
أقل من أربعة" ،فاألبوة عرضت (للجوهر و) األقلية عرضت للثالثة التي هي (الكم) وهذا العروض حصل
باإلضافة إلى العدد أربعة .
90
ط به ) إحاطة تامة كاإلهاب
تحصل للشيء بسبب ما يحي ُ
ُ له ( ج َدة ) أيضا ( وهي حالة
يقال ُ
( وإما ملك و) ُ
َ
ط به ُمسامحة.
يقل ْأو ببعضه وتفسيرهُ بنسبة الشيء إلى ما يحي ُ
ْأو ناقصة كما في العمامة ولذا ْلم ْ
(وإما ملك ويقال له جدة أيضا وهي حالة تحصل للشيء بسبب ما يحيط به) فهي نسبة بين المحاط والمحيط
تعريف الملك والجدة
لوالها لم تحصل تلك الحالة التي يقال لها ملك وجدة ،وهذه اإلحاطة إما تكون (إحاطة تامة كاإلهاب) للهر
(أو) تكون (ناقصة كما في العمامة) لإلنسان فإنها تحيط بجزء منه بل بجزء من رأسه ،ثم إن مصنف تهذيب
الكالم زاد في تعريف الملك :أو ببعضه ،فقال " :بسبب ما يحيط به أو ببعضه " والشيخ القزلجي رحمه هللا
اس تغنى عن ذكر البعض مكتفيا بذكر اإلحاطة ألنها جنس لها فردان تامة وهي اإلحاطة الكلية وناقصة وهي
اإلحاطة الجزئية فاكتفى بذكر الجنس عن ذكر أفراده ( ولذا لم يقل أو ببعضه ) ،وفي التهذيب أيضا تفسير
الجدة بأنها نسبة الشيء إلى ما يحيط به ( ،و) الشارح قرر بأن (تفسيره) بذلك أي (بنسبة الشيء إلى ما يحيط
به مسامحة) ألن الكتاب على مزاج الحكماء وهم ال يطلقون الجدة على النسبة ،بل على الهيئة التي تحصل
بسبب تلك النسبة فهو من ذكر السبب وإرادة المسبب.
91
أمر ( طبيعيا ) ذاتيا ( كاإلهاب ) للهرة َمثال ( ْأو ال ) طبيعيا وعرضيا (
َا ط أعم من أن يكو َن
ث َّم إن المحي َ
ينتقل بانتقاله ) أي الشيء المحاط وصيغ ُة المضارع
ُ ط( الحال إ َّن المحي َ
و ُ وهو ) أي
كالثياب ) لإلنسان ( َ
ط به إال َّ
أن لشيء بسبب ما يحي ُ تحصل ل
ُ كانت حالة
ْ إن
المتعلق بالمكان فإن ُه و ْ
ُ األين
ُ لالستمرار فيخرُج به
َ
انتقل بانتقاله في
َ إن
كان سطحا فألن ُه و ْ
كان ُبعدا فظاهر وأما إذا َ
ينتقل بانتقال المتمكن ،أما إذا َ
ُ المكان ال
َ
ينتقل دائ َما.
ثم خل َي إال أن ُه ال يصح أن ُه ُ الزق المنفوخ إذا ُسك َن َ
تحت الماء َ
(ثم إن) األمر (المحيط) بالشيء (أعم من أن يكون أم ار طبيعيا ذاتيا) بأن يكون جزءا من طبيعة الشي في
أقسام اإلضافة وبيان محترزات تعريفها
الخارج ومن ذاته (كاإلهاب للهرة مثال أو) يكون أم ار ( ال طبيعيا وعرضيا) بأن ال يكون جزءا من طبيعية
الشيء (كالثياب لإلنسان) ،فليس المراد بالذاتي هنا ما يكون جزء للماهية كما أن العرض ليس معناه االختصاص
الناعت ،بل المراد المعنى اللغوي لهما (وهو أي والحال أن المحيط ينتقل بانتقاله أي) بانتقال (الشيء المحاط)
وهذه العبارة تكملة لتعريف الجدة ولو لم يذكر هذه التكملة لكان التعريف غير مانع من دخول األين إذ المحيط
في الجدة ينتقل بسبب انتقال المحاط وكذلك المحيط في األين وألجل أن يخرج األين زاد المصنف قيد االنتقال
(وصيغة المضارع لـ) الداللة على (االستمرار فيخرج به األين المتعلق بالمكان) فالمحيط في الجدة "ينتقل" دائما
بانتقال المحاط ،أما األين (فإنه وإن كانت حالة تحصل للشيء بسبب ما يحيط به إال أن المكان فيه ال ينتقل
بانتقال المتمكن) أو هو منتقل لكن في بعض األحيان ال دائما والدليل على أن المكان في األين ال ينتقل بانتقال
المتمكن دائما أن نقول :المكان إما بعد وإما سطح ( ،أما إذا كان بعدا فظاهر) أنه ال ينتقل بانتقال المتمكن
ألن البعد ال ينتقل بانتقال األشياء فيه بل يبقى وينتقل الشيء إلى بعد آخر سواء كان بعدا موهوما كما يقول
المتكلمون أو بعدا مفطو ار موجودا كما يقول اإلشراقيون ( ،وأما إذا كان) ذلك المكان (سطحا) ؛ (فألنه) قال
المشاؤون إن المحيط الذي هو السطح الباطن للزق (وإن انتقل بانتقاله) أي بانتقال المحاط (في الزق المنفوخ)
فيه ألن المحيط الذي هو السطح الباطن للزق هو المكان فـ(إذا ُسك َن) الزق (تحت الماء) بالقوة (ثم خلي) فإنه
يصعد إلى سطح الماء بمجرد تركه فينتقل الهواء المحاط بالزق من الداخل بانتقال الزق إلى سطح الماء وينتقل
السطح الباطن للزق أيضا بانتقال الهواء الذي نفخ فيه فثبت أن المحيط الذي هو السطح في األين ينتقل بانتقال
المحاط فيدخل األين في تعريف الجدة( ،إال أنه ال يصح أنه) أي السطح (ينتقل دائما) في جميع األمثلة بانتقال
المحاط في األين بخالف ذلك في الجدة فإن المحيط فيها ينتقل بانتقال المحاط دائما فافترقا وبطل انتقاض
تعريف الجدة باألين .
92
وتلك الحال ُة ( كالهيئة
االنتقال بالذات َ ، أن ُيرَاد
عند أصحاب السطح إال ْ يتمشى َ إن هذا ال َّقال َّ
ُ فاندفع ما ُي ُ
َ
يفعل الدال على التجدد إلطالق
أن َ الحاصلة لإلنسان بسبب كونه ُمتعم َما أو ُمتقمصا ،وإما فعل ) األَولى وإما ْ
التأثير ) أي
ُ وهو
االنفعال ( َ
َ وقس عليه
من التأثير كالسخونة الحاصلة في المتسخن ْ
الفعل على األثر الحاصل ْ
حال التأثير
ض للمؤثر َ قارة تَعر ُ
غير َّ
األنسب بالتعريفات المارة :هيئة ُ
ُ مادام سالكا و
َ تأثير الشيء في الشيء
ُ :
التأثير التسخيني
ُ غير قارة وهي
له فيها حالة ُ مادام ُيسخ ُن َّ
فإن ُ َ المسخن
أي :كحال ُ( كالتسخين ) ْ
َ
ولما أجاب الشارح عن انتقاض تعريف الجدة باألين بأن انتقال المحاط في الجدة دائمي بخالفه في األين ؛
تعريف الفعل ومثاله
(فاندفع ما يقال) في جوابه (إن هذا ال يتمشى مع أصحاب السطح) الذين يفسرون المكان بالسطح وأنه ينتقل
بانتقال الهواء المحيط به من الداخل (إال أن يراد االنتقال بالذات) بمعنى أن انتقال المحاط في الجدة يكون
بالذات وفي األين يكون بالتبع لما يحيط به ؛ وإنما اندفع هذا الجواب ألنه ال يفيد ؛ إذ االنتقال في كل من
الجدة واألين يكون بالتبع لما يحيط به فال يكون ذاتيا في أحدهما وفي اآلخر بالتبع ،وألجل ذلك كان تقييد
االنتقال باالستم اررية كافيا في إخراج األين من تعريف الجدة ولم يكن هناك حاجة إلى تقييد االنتقال بأنه بالذات
هذا ( ،و) مثال (تلك الحالة) التي تسمى بالجدة هو (كالهيئة الحاصلة لإلنسان بسبب كونه متعمما أو متقمصا
،وإما فعل ،األولى وإما أن يفعل) ألن إيراد المقولة بلفظ المضارع (الدال على التجدد) يكون نصا في الداللة
على مقولة الفعل (إلطالق الفعل) على معنيين باالشتراك اللفظي فإنه يطلق على المعنى المصدري الذي هو
التأثير ،و(على األثر الحاصل من) ذلك (التأثير) ،ويكون هذا الفعل مقولة باعتبار المعنى المصدري أما
باعتبار المعنى الحاصل بالمصدر فهو يكون كيفا وذلك (كالسخونة) التي هي من مقولة الكيف وهي الكيفية
(الحاصلة في المتسخن) الذي هو من مقولة الفعل وكالسوادية التي هي من مقولة الكيف وهي الكيفية الحاصلة
في التسويد الذي يكون من مقولة الفعل ،وألجل أال نقع في هذا االشتراك دللنا على هذه المقولة بلفظة " أن
يفعل" (وقس عليه) أي على الفعل مقولة (االنفعال) (و) الفعل في االصطالح (هو التأثير أي تأثير الشيء
في الشيء) اآلخر بأن يترك فيه أث ار وتبقى هذه التسمية (مادام) التأثير باقيا (سالكا) وهذا تعريف المتكلمين
فإنهم يجعلون الفعل هو التأثير وهو أمر اعتباري عندهم (و) لكن (األنسب بالتعريفات المارة) تعريفه بأنه :
(هيئة غير قارة تعرض للمؤثر حال التأثير) حتى يكون على مذهب الحكماء ألن الكتاب وضع لبيان مذهبهم
(كالتسخين أي كحال المسخن ما دام يسخن فإن له) أي للمسخن (فيها) أي في تلك الحال (حالة غير قارة
وهي التأثير التسخيني) .
93
حال التأثر ( كالتسخن
ض للمتأثر َ
قارة تَعر ُ
غير َّ
وهو التأث ُر ) عن الغير مادا َم سالكا واألَولى هيئة ُ
( وإما انفعال َ
يقال َّ
إن هذا ُينافي هي التأث ُر التسخني ،وقد ُ غير قارة
له حينئذ حالة َ
فإن ُ َّ
يتسخ ُن َّ دام
َ أي كحال المتسخن ما َ
) ْ
قبل استقرار التأثير
كونهما فعال وانفعاال َ
اب أن َ سخين تحريك فيه والجو ُ القول َّ
بأن التسخن حركة في الكيف والت َ َ
بعد االستقرار ال يكو ُن من هذا القبيل بل يكو ُن كيفا أو وضعا
الحاصل َ
َ بعده ،ولذا قاُلوا َّ
إن وكونهما كيفا َ
والتأثر َ
ذلك من األعراض
غير َ أو إضافة أو َ
(وإما انفعال وهو التأثر عن الغير ما دام) ذلك الغير (سالكا) وباقيا فيه ( ،واألولى) هنا أيضا أن يقول ( :هيئة
تعريف االنفعال ومثاله
غير قارة تعرض للمتأثر حال التأثر) عن الغير ،فاالنفعال هو الهيئة الحاصلة من التأثر ال نفس التأثر ألنه
أمر اعتباري وذلك (كالتسخن أي كحال المتسخن ما دام يتسخن فإن له حينئذ حالة غير قارة) تتحصل عن
الغير وتبقى ببقاءه و (هي التأثر التسخني ،وقد يقال إن هذا ) أي التسخن والتسخين من مقولة الفعل واالنفعال
(ينافي القول بأن التسخن حركة) المائع (في الكيف) الذي هو السخونة وبما أن الحركة تتبع المتحرك في
مقولته فيكون التسخن من مقولة الكيف بتبعية السخونة( ،و) كذلك (التسخين تحريك) المائع (فيه) أي في
الكيف الذي هو السخونة فيكون التحريك أيضا من مقولة الكيف( ،والجواب أن) الفعل واالنفعال لهما حالتان
حالة الجريان وحالة االستقرار بعد الجريان و (كونهما) أي التسخن والتسخين (فعال وانفعاال) في الحالة األولى
وهي حالة الجريان وما (قبل استقرار التأثير والتأثر ) ( ،وكونهما) أي التسخن والتسخين (كيفا بعده) أي بعد
االستقرار وتوقف الجريان فال خالف بين القولين (ولذا قالوا) أي الحكماء (إن الحاصل بعد االستقرار ال يكون
من هذا القبيل بل يكون كيفا أو وضعا أو إضافة أو غير ذلك من األعراض) ،فالتبيض مثال من مقولة الفعل
مادام مؤث ار فإذا حصل أثره الذي هو البياضية يكون ذلك األثر من مقولة الكيف ،واإلقامة من مقولة الفعل
مادام مؤث ار فإذا حصل أثره وهو القيام يكون ذلك األثر من مقولة الوضع ،والتسوية من مقولة الفعل مادام
مؤث ار فإذا حصل أثره وهو المساواة يكون ذلك األثر من مقولة اإلضافة .
94
الجسم الطبيعي
ُ الجسم وإال فإن أُر َيد به
ُ يس المرُاد به
عرض للشيء ) جسما أو ال ول َ وهو هيئة تَ ُ
( وإما وضع َ
وضع ماعدا الجسم التعليمي من المقادير ،وما ُ الجسم مطلقا ولو تعليميا خرَج
ُ الثابت للمقادير أو
ُ الوضع
ُ خرَج
من مقولة الكيف ففيه أن ُه ال مالحظ َة
هو ْ
يف منعا بالشكل الذي َ
انتقض التعر ُ
َ الجسم
ُ من أنَّ ُه لو لم ُي َرْد به
يقال ْ
ُ
في الشكل لألجزاء وال لنسبتها إلى األمور الخارجة فيخرُج بقوله ( بسبب نسبته ) كما في البسائط أو نسبة
نحو األرض ،وتفسي ُر
وآخر َنحو السماء َ
عنه ) كوقوع بعض َ
أجزائه كما في المركبات ( إلى األمور الخارجة ُ
وليس بمعنى الواو الواصلة
له ( أو ) لمنع الخلو َ
وضع ما ال جزَء ُ
َ قوله :بنسبته بالشق الثاني ُيخرُج
(وإما وضع وهو هيئة تعرض للشيء) سواء كان ذلك الشيء (جسما أو ال) يكون جسما ،فالمراد بالشيء هنا
تعريف الوضع وبيان محترزاته ودفع نقض عنه
أعم من خصوص الجسم (وليس المراد به) أي بالشيء (الجسم) خاصة (وإال) بإن أريد به الجسم فقط (فإن
أريد به الجسم الطبيعي خرج الوضع الثابت للمقادير) التي هي الخط والسطح والجسم التعليمي فال يكون
التعريف جامعا ( ،أو) أريد بالجسم (الجسم مطلقا ولو تعليميا) وطبيعيا فحينئذ (خرج) من التعريف (وضع ما
عدا الجسم التعليمي من المقادير) التي ال تكون جسما وهو الخط والسطح فال يشملهما تعريف الوضع فعمم
المراد بالشيء حتى يشمل تلك المقادير غير الجسمية (وما يقال من أنه لو لم ُيرد به) أي بالشيء في تعريف
(الجسم انتقض التعريف منعا بالشكل الذي هو ) هيئة تعرض للكم بسبب إحاطة حد أو حدود به فهو
ُ الوضع
مر فيكون تعريف الوضع غيريعرض للمقادير غير الجسمية كالخط والسطح وهو (من مقولة الكيف) كما َّ
مانع من دخول الشكل ( ،ففيه) نظر لـ(أنه ال مالحظة في الشكل لألجزاء) وهي نسبة بعض أجزاءه إلى بعض
(وال لنسبتها إلى األمور الخارجة) عنه ،أما الوضع فإنه تالحظ فيه نسبتان نسبة إلى األمور الخارجة عنه
ونسبة بعض أجزاءه إلى بعض (فيخرج) الشكل من تعريف الوضع (بقوله بسبب نسبته كما في ) وضع ما ال
أجزاء له وهو (البسائط أو) بسبب (نسبة أجزائه كما في المركبات إلى األمور الخارجة عنه كوقوع بعض نحو
السماء وآخر نحو األرض ،و) حينئذ فارتكاب المجاز بحذف مضاف في ( تفسير قوله "بنسبته" بالشق الثَّاني
) ليكون التقدير "بنسبة أجزاءه" (يخرج وضع ما ال جزء له ) وهو البسائط ،فحتى ال تخرج البسائط من تعريف
الوضع لم نرتكب هذا المجاز ،والعطف بـ(أو) يكون (لمنع الخلو) فالنسبة ال تخلو إما أن تكون إلى األمور
الخارجة وإما أن تكون إلى أجزاء بعضها بمعنى أن إحدى النسبتين كافية في تحصيل مقولة الوضع (وليس
شترط النسبتان معا في التعريف
العطف بمعنى الواو الواصلة) حتى تُ َ
95
يف جمعا بوضع مركز العالم الحاصل بنسبته إلى األمور الخارجة فقط وبوضع الفلك األطلس
النتقض التعر ُ
َ وإال
الوضع هيئة معلولة للنسبتين َّ
ألن ُه َمخصوص َ الحاصل بنسبته إلى األمور الداخلة فقط ،وال ينافي هذا جعَلهم
بسبب نسبة
َ إطالق الوضع على حالتهما باالشتراك اللفظي فيكو ُن المعنى و(َ القول َّ
بأن ُ يبعد
بما إذا وجدتا وال ُ
فإنهما وضعان متغايران الختالف) بعض ( أجزائه إلى بعض ) بالقرب والبعد والمحاذاة ( كالقيام والقعود ) َّ
القيام نسبته إلى الخارج أيضا لئال يكو َن
ُ اعتبر في ماهية الوضع
نسبة األجزاء فيهما إلى الداخل والخارج وإنما َ
ُ
لتلك النسبة باقية
كانت الهيئ ُة المعلول ُة َ
بين أجزائه ْ
تتغير النسب ُة فيما َ
بحيث ال ُ
ُ لب
القائم إذا ُق َ
َ ألن
بعينه انتكاسا َ
ب َشخصها
(وإال) بأن أريد العطف بمعنى الواو الواصلة (النتقض التعريف جمعا بوضع) النقطة التي هي (مركز العالم
تكملة بيان التعريف و شرط عدم ورود النقض عليه
بـ) سبب (نسبته) أي العالم (إلى األمور الخارجة فقط) ألن النسبة في النقطة إلى األمور الخارجية فقط وال
توجد فيها نسبة إلى بعضها لعدم تركبها( ،و) النتقض التعريف أيضا (بوضع الفلك األطلس الحاصل بنسبته
إلى األمور الداخلة فقط) ألن خارجها أمور عدمية ال وجود لها حتى ينتسب إليها ( ،وال ينافي هذا ) أي جعل
العطف لمنع الخلو (جعلهم) أي جعل الحكماء (الوضع هيئة معلولة للنسبتين) معا ال إلحداهما فقط (ألنه
مخصوص بما إذا وجدتا) اي إذا وجدت النسبتان معا فتكون معلولة إلحداهما إن لم توجدا معا فال منافاة بين
التعريفين( ،وال يبعد القول بأن إطالق) الحكماء (الوضع على حالتهما) أي على الحالة الحاصلة من النسبتين
بمنع الخلو والحالة الحاصلة بسبب المعلولية للنسبتين معا (باالشتراك اللفظي) وال يضر في المشترك اللفظي
إرادة اإلطالقين معا كالعين يراد به الباصرة وعين الماء وغيرهما معا (فيكون المعنى و بسبب نسبة بعض
أجزائه إلى بعض) بجعل العاطف بمعنى الواو الواصلة ثم إن نسبة األجزاء إلى بعضها تكون (بالقرب والبعد
والمحاذاة كالقيام والقعود فإنهما وضعان مختلفان متغايران الختالف نسبة األجزاء فيهما إلى الداخل والخارج)
فالرأس مثال بعيد من القدم في وضع القيام وقريب منه في وضع القعود وبمحاذاته عند السجود عند نسبة
األجزاء إلى بعضها وكذلك وضع هذه األمور إلى األمور الخارجية كنسبة الرأس إلى الحائط في وضع القيام
ونسبته إلى الحائط في وضع القعود بالقرب والبعد والمحاذاة (وإنما اعتبر في ماهية الوضع) النسبتان :نسبة
الشيء إلى بعضه و (نسبته إلى الخارج أيضا لــ) علة وهي ( أن ال يكون القيام بعينه انتكاسا ألن القائم إذا
قلب بحيث ال تتغير النسبة فيما بين أجزائه ) بأن نعتبر نسبته إلى األمور الداخلة فقط (كانت الهيئة المعلولة
لتلك ال نسبة باقية بشخصها) لعدم تغيير النسبة بين الرأس والقدم بالقيام واالنتكاس وهما إنما كانا وضعين
مختلفين بسبب نسبة كل منهما إلى األمور الخارجة فقط.
96
بأن األجزاء التحتاني َة في القيام فو َق األجزاء الفوقانية فيه في االنتكاس مندفع َّ
بأنها راجعة إلى النسبة القول َّ
و ُ
َ
رض على دليل البعد من المحيط والفوقي َة بالعكس واعتُ َ
ألن التحتي َة عبارة عن القرب إلى المركز و ُ إلى الخارج َ
اقهما بالفصل
فجاز افتر ُ
جنسهما َ هو ُ اكهما في معنى الوضع الذي َ
منه اشتر ُ
الالزم ُ
َ اعتبار النسبة إلى الخارج َّ
بأن
صة من
تص َّوُر ُمقارن ُة ح َّ
وجعال فال تُ َ
الفصل متحدان وجودا َ
َ الجنس و
َ جيب َّ
بأن الحاصل من النسبة الخارجية وأُ َ
تخالف بالنوع
ُ ثم األوضاعُ قد ت
اعتبار النسبتين في الوضع َّ ،
ُ فيلزم
آخر ُ الجنس لفصل ثم ُمفارقتُها إلى فصل َ
حين انقالب سطوحه
يتخالف به كأوضاع المتمكن َ
ُ كوضع القيام واالنتكاس وقد ال
(والقول) اعتراضا (بـ) أن القيام ال يكون بعينه انتكاسا ؛ لـ(أن األجزاء التحتانية في القيام) تكون (فوق األجزاء
دفع اعتراضات عن التعريف
الفوقانية فيه في االنتكاس) فال حاجة إلى اعتبار النسبة الخارجية ،هذا االعتراض (مدفوع بأنها) أي التحتية
والفوقية (راجعة إلى النسبة إلى الخارج) ال إلى النسبة فيما بين أجزاءها فقط (ألن التحتية عبارة عن القرب من
المركز والبعد من المحيط والفوقية بالعكس) فهي إنما عبارة عن البعد من المركز والقرب من المحيط ،والحال
أن المركز والمحيط خارجان عن الشيء في وضعي القيام واالنتكاس ،فالبد من اعتبار النسبة الخارجية أيضا
(واعترض على دليل اعتبار النسبة إلى الخارج بأن الالزم منه اشتراكهما) أي اشتراك القيام واالنتكاس (في
معنى الوضع الذي هو جنسهما) والذي هو "الهيئة الحاصلة من نسبة الشيء إلى بعض أجزاءه" (فجاز افتراقهما)
أي افتراق كل من القيام واالنتكاس (بالفصل الحاصل من) اعتبار (النسبة الخارجية) في التعريف (وأجيب بأن
الجنس والفصل متحدان وجودا وجعال) بمعنى أن الخالق يخلقهما معا فانتفاء الفصل عن ماهية يوجب انتفاء
الجنس عنها أيضا (فـ) حينئذ (ال تتصور مقارنة حصة من الجنس لفصل ثم مفارقتها إلى فصل آخر) ،
والحاصل أن الجنس في القيام واالنتكاس متحد مع فصله فإذا ارتفع الجنس من أحدهما ارتفع الفصل معه (فـ)
حينئذ (يلزم اعتبار النسبتين في الوضع) النسبة إلى بعضها والنسبة إلى الخارج وحينئذ فالفرق بين القيام
واالنتكاس ليس باعتبار األمور الخارجية فقط بل هو باعتبار بالنسبتين معا( ،ثم األوضاع) الحاصلة بين
المنتسبين (قد تتخالف) ،والتخالف يكون على أنحاء فقد يكون (بالنوع كوضع القيام واالنتكاس) فإنهما مختلفان
في النوع (،وقد ال تتخالف به) أي بالنوع بل في الشخص (كـ) اختالف (أوضاع المتمكن حين انقالب سطوحه)
كما في الطير الواقف في السماء فإن وضعيته متحدة في النوع ال تتغير إلى وضع آخر والتخالف في شخصها
فقط بتوارد الهواء عليه
97
وتكون بالطبع كالقيام وبخالفه كاالنتكاس ويكون فيه تضاد كما فيهما وشدة وضعف إذ الشيء ْقد يكو ُن َّ
أشد ُ
من األعراض النسبية واستدلوا عليه َّ
بأن متى المتكلمين قالوا ال وجود لما عدا األين ْ
َ انتصابا أو انحناء واعلم َّ
أن
وجدت
ْ فيتسلسل واإلضاف ُة لو
ُ جر
وهلم َّا
الكالم إليه َّ
َ وننقل
ُ لو ُوجد في الخارج لكان كائنا في زمان فله متى
االنفعال
ُ الفعل و
لك و ُ الوضع والم ُ
ُ سل وآخر فيتسل ُ
بين الحال والمحل ولها حلول ُ
الحلول إضافة َ
ُ لحلت في محل و
ْ
الكالم إليها فيتسل َس ُل
َ فننقل
ُ ذات وضع وملك وفعل وانفعال
لكانت َ
ْ جدت فيه
لو ُو ْ
(و) األوضاع قد (تكون بالطبع كالقيام) فإنه وضع طبيعي لإلنسان (و) قد تكون (بخالفه) أي بخالف الطبع
تكملة الوضع ومذهب المتكلمين في األعراض النسبية
(كاالنتكاس) فإنه مخالف لطبيعة االنسان (و) قد (يكون فيه) أي في الوضع (تضاد كما فيهما) أي في القيام
واالنتكاس فإنهما وضعان متضادان (و) قد يكون فيه (شدة وضعف) كاالنتصاب أو االنحناء (إذ الشيء قد
يكون أشد انتصابا أو انحناءا) من غيره ،فإن االنتصاب في األشياء يختلف شدة وضعفا وكذلك االنتكاس
(و) بعد الفراغ من بيان المقوالت العرضية التسعة وأقسامها على مذهب الحكماء( ،اعلم أن المتكلمين قالوا) في
بيان مذهبهم حول تلك المقوالت :إن األعراض إما غير نسبية وإما نسبية ،فأما األعراض غير النسبية فالموجود
منها الكيف المحسوس والكيف النفساني فقط منها وهم أنكروا الكيف االستعدادي والكيف المختص بالكميات
مر ،وأما األعراض النسبية فإنهم قالوا
وأنكروا كذلك الكم بقسميه المتصل والمنفصل وعدوها أمو ار اعتبارية وقد َّ
( ال وجود لما عدا األين من األعراض النسبية ) بمعنى أنهم أنكروا وجودها المحمولي (واستدلوا عليه) أي
على نفي سائر المقوالت العرضية بأدلة ،أما دليل نفي "متى" (بأن متى لو وجد في الخارج لكان) وجوده (كائنا
في زمان فله متى وننقل الكالم إليه وهلم ج ار فيتسلسل) ( ،و) أما دليل نفي (اإلضافة) فألنها (لو وجدت لحلت
في محل والحلول إضافة بين الحال والمحل ولها حلول آخر) فننقل الكالم إليه (فيتسلسل ،و) أما دليل نفي
(الوضع والملك والفعل واالنفعال) فهي أنها (لو وجدت فيه) أي في الخارج (لكانت ذات وضع وملك وفعل
وانفعال فننقل الكالم إليها فيتسلسل) وهو باطل فيبطل وجود تلك المقوالت العرضية
98
وهو ال يقتضي
سلب الكل َ من أفرادها وهذا ُ الالزم من الدليل امتناعُ وجود كل فرد ْ
َ بأن
أجيب في اإلضافة َ و َ
اب
يمكن الجو ُ
اب جار في الكل وأن ُه ُأن هذا الجو َ يظهر لي َّ
ُ له والذي
يب ُ
مدعاكم فال تقر َ
ْ هو
الكلي الذي َ
َّ السلب
َ
ذلك لو لم ينتهيا إلى فاعل
يلزم َ
مع قولكم بوجوده وفي الفعل واالنفعال بأن ُه إنما ُ
الدليل جار في األين َ
َ فيه َّ
بأن
أنت
لوجوب انتهاء ما بالعرض إلى ما بالذات ،و َ وهو ممنوع
ومنفعل ال يحتاجان إلى فعل وانفعال تدريجيين َ
فسادها
يستلزم َ أخص وال
َّ أن يكو َن فساد الدليل لكونه ملزوما للدعوى َ
وجاز ْ بأن َ خبير َّ
ُ
(وأجيب) المتكلمون م ن قبل الحكماء (في) مقولة (اإلضافة بأن الالزم من الدليل امتناع وجود كل فرد من
جواب الحكماء عن نفي المتكلمين لما عدا األين من المقوالت النسبية
أفرادها) أي أن دليكم معاشر المتكلمين ينتج عنه أن "كل فرد من أفراد اإلضافة ليس موجودا" (وهذا سلب الكل
وهو ال يقتضي السلب الكلي) وهو " ليس كل فرد من أفراد اإلضافة موجودا " (الذي هو مدعاكم ) فليكن بعض
األول وليجر السلب على سائر األفراد وال استحالة في تسلسلها ألنها أمور اعتبارية ،
أفرادها موجودا وهو الفرد َّ
(فال تقريب له) أي لدليلكم معاشر المتكلمين أي أنه غير مستلزم للمطلوب ( ،و) لما أجاب الحكماء دليل
المتكلمين في نفي مقولة اإلضافة قال الشارح (الذي يظهر لي أن هذا الجواب جار في الكل) أي يصلح جوابا
في إثبات سائر المقوالت العرضية النسبية التي حكم المتكلمون بنفيها (وأنه يمكن الجواب فيه بأن الدليل جار
في األين) بالنقض -والنقض هو عدم إعمال الدليل في جميع ما يجري فيه – فاألين موجود عند المتكلمين
وهو الحصول في الحيز وهذا الحصول موجود في مكان فيقتضي حصوال آخر في حيز آخر وننقل الكالم
إليه فيتسلسل فإن تقرر أن دليل لزوم التسلسل جار في اإلضافة فهو جار في األين أيضا (مع قولكم) معاشر
المتكلمين (بوجوده) فما أجبتم به في األين فهو يصلح جوابا في اإلضافة أيضا (و) كذلك يمكن الجواب (في
الفعل واالنفعال بأنه إنما يلزم ذلك) التسلسل (لو لم ينتهيا) أي الفعل واالنفعال (إلى فاعل ومنفعل ال يحتاجان
إلى فعل وانفعال تدريجيين) حتى يلزم التسلسل (وهو ممنوع لوجوب انتهاء ما بالعرض إلى ما بالذات) فالتسخين
فعل تدريجي للنار وهو بالعرض ولكنه ينتهي إلى ما بالذات وهو فعل الباري تعالى وهو ليس تدريجيا بل هو
فعل آني فينقطع التسلسل والحاصل أن أدلة المتكلمين مردودة (و) لكن (أنت خبير بأن فساد الدليل لكونه
ملزوما) خاصا (للدعوى) األعم منه (وجاز أن يكون) الدليل (أخص) من دعواه األعم منه (وال يستلزم) فساد
الدليل حينئذ (فسادها) أي فساد الدعوى.
99
حواشي ابن الباساوي رحمه هللا المتعلقة بباقي المقوالت .
قوله ( :معقولة بالقياس إلى األولى) يعني ال يتم تعقل إحدى النسبتين إال بتعقل النسبة األخرى حتى إن تعقلهما
يكون معا بحيث ال يتقدم أحدهما على اآلخر فخرج ما يكون تعقله مستلزما و مستعقبا لتعقل اآلخر كالملزومات
بالنسبة إلى لوازمها البينة ،قوله ( :كالوالد مع الوالدية) أي كذات الوالد المعتبر مع وصف الوالدية ،قوله( :
وكذا المعروض وحده) هذا ما قاله صاحب المواقف واعترض عليه بأن إطالق المضاف على الذات وحدها
غير مشهور وإن صح على قانون اللغة ،قوله ( :ولذا لم يقل) أي لكون قوله بسبب ما يحيط به يشمل اإلحاطة
التامة والناقصة لم يقل أو ببعضه كما زادوه إلدخال اإلحاطة الناقصة ولم يكتفوا باألول فالشيخ مد ظله ذكر
وجه عدول المصنف عن طريق القوم ،قوله ( :مسامحة) إذ الملك ليس نسبة بل حالة نسبية إذ هو من
األعراض النسبية وال اتحاد للمنسوب والمنسوب إليه ،قوله ( :المضارع لالستمرار) فيفيد استمرار انتقال
المحيط بانتقال المحاط ودوامه بمعنى أنه كلما انتقل المحاط انتقل المحيط بذلك االنتقال فاتضح خروج المكان
بمعنى السطح فافهم ،قوله ( :ينتقل دائما) والحال أن المراد أن انتقال المحاط يكون موجبا النتقال المحيط
بمعنى أنه كلما انتقل المحاط انتقل المحيط بذلك االنتقال ،قوله( :الحاصل بعد االستقرار) كالسخونة الحاصلة
للماء والقيام الحاصل لإلنسان والقرب الحاصل بالقرب الذي هو من مقولة أن يفعل ومصدر قرب زيد مثال ،
قوله ( :وإال فإن أريد ) بأن كان المراد بالشيء الجسم فإما أن يراد بالجسم الجسم الطبيعي أو المطلق الشامل
له وللجسم التعليمي وكل من اإلرادتين غير جائز ألنه إن أريد إلخ ،قوله ( :خرج وضع ما عدا الجسم) أي
الهيئة العارضة للخط والسطح ،قوله ( :الجسم التعليمي) إذ الجسم التعليمي من المقادير ، .قوله( :معلولة
للنسبتين) أي للنسبة إلى األمور الخارجة والنسبة إلى األمور الداخلة قوله ( :إطالق الوضع على حالتهما) أي
حالة النسبتين يعني الهيئة العارضة للشيء بواسطة النسبتين أعني النسبة إلى األمور الداخلة والنسبة إلى
األمور الخارجة فاإلضافة من إضافة المسبب إلى السبب فافهم ،قوله ( :باقية بشخصها) فيكون وضع القيام
وضع االنتكاس بعينه ،قوله ( :في االنتكاس) فاعتبر فيه النسبة إلى األجزاء الداخلة دون الخارجة ،قوله( :
بالعكس) أي عبارة عن البعد من المركز والقرب من المحيط ،قوله ( :اعتبار النسبتين) أي النسبة إلى األمور
الداخلة والنسبة إلى األمور الخارجة ،قوله ( :واإلضافة لو وجدت) أي اإلضافة في الخارج ألن االمتناع
المذكور إنما يلزم على تقدير أن يكون كل ما هو من أفراد اإلضافة موجودا فالالزم من ذلك أن ال يوجد الكل
إلخ .
100
هي ( العشرةُ اعلم َّ
أن ( المقوالت ) الالئي كل منها جنس عال بعد تفصيل الجوهر والعرض بأقسامهما ْ ثم ) َ
( َّ
َ
أن
مكن ْ
األمور التي ي ُ
َ أن
جعل العشرة صفتَها على معنى َيبعد ُ
العبد ،وال ُ
الد َك ُ
من قبيل و ُ
فالكالم ْ
ُ ) المذكورُة
األمور التي عن مالحظة المعنى اللغوي ال على معنى َّ
أن مع قطع النظر ْ َّ
َ طلق عليها هذا المرك ُب التوصيفي َ ُي َ
عرضا عاما
الجوهر َ
ُ ويزيُفه َّأنه ُي َ
تباد ُر منه أنه إذا كان سمى به إذ لم ُيعلم التسمي ُة (هي) مجموعُ هذه األمورُ ،
تُ َّ
تأم ْل.
عشر َّ
الت األربع ُة َ
المطَل َق عليها المقو ُ
أن ُطلق على أُمور أُ َخ َر َغيرها مع َّ
ُي ُ
(ثم بعد تفصيل الجوهر والعرض بأقسامهما اعلم أن المقوالت الالئي كل منها جنس عال هي العشرة المذكورة)
المقوالت العشرة وتوجيه هذه العبارة
101
الجوهر) (و) الثَّاني (الكم) (و) الثَّالث ( الكيف) (و) الرابع ( األين) (و) الخامس ( المتى) (و)
ُ األول (
َّ
السادس (اإلضافة ) ( و ) السابع ( الملك ) (و) الثامن ( الفعل ) ( و ) التاسع ( االنفعال ) (و) العاشر (
عاما) لألقسام الخمسة (كالعرض) أي كما
عرضا َّ
َ الجوهر
ُ الوضع ) ،وإنما تكون منحصرة فيها ( إذا لم يكن
لكان كل منها مقولة على حدة
عاما لها َ
عرضا َّ
َ الجوهر
ُ العرض عرض عام ألقسامها التسعة إذ لو كان َ َّ
أن
كان جنسا لها لكان كل منها َّ
مركبا من عشر وقد ُيستدل على عرضيته َّ
بأنه لو َ الت إلى أربع َة َ
فتصعد المقو ُ
ُ
ألن النفس منها تَعقل الماهيَّ َة البسيط َة َّ
الحال َة فيها فال تكو ُن مركبة النقسام الحال الجنس والفصل والتالي باطل َّ
ُ َ
بانقسام المحل
العشرة " ،وقوله ( :تأمل) إشارة إلى عدم المنافاة ألن العشرة في المبتدأ متضمنة في األربعة عشر فيصح
عودا على بدء وبيان اشتراط كون الجوهر جنسا عاليا ليتم الحصر
إطالق العشرة بغض النظر عن كونها في الحقيقة عشرة أو أكثر إذ ال يعتبر مفهوم المخالفة فيها استنادا إلى
األول الجوهر والثَّاني الكم
أن مفهوم المخالفة غير معتبر في كالم المصنفين كما ذهب إليه اإلمام السبكي َّ ( ،
والثَّالث الكيف والرابع األين والخامس المتى والسادس اإلضافة والسابع الملك والثامن الفعل والتاسع االنفعال
والعاشر الوضع ،وإنما تكون منحصرة فيها ) أي في العشرة ( إذا لم يكن الجوهر عرضا عاما لألقسام الخمسة
) ،وحينئذ فال حاجة إلى قول الشارح " :ويزيفه أنه يتبادر منه "...إذ الماتن منع هذا التبادر بقوله "إذا لم يكن
الجوهر عرضا عاما" وقوله( :كالعرض) قيد للمنفي (أي :كما أن العرض عرض عام ألقسامها التسعة) ،وإنما
شرط عدم كون الجوهر عرضا عاما ألقسامه ( إذ لو كان الجوهر عرضا عاما لها لكان كل منها) أي من
أقسامه الخمسة (مقولة على حدة فـ) بإضافتها إلى المقوالت التسعة ؛ (تصعد المقوالت أربعة عشر) مقولة كما
ذكرنا ( ،وقد يستدل على عرضيته) أي على كون الجوهر عرضا عاما ألقسامه (بأنه لو كان جنسا لها ) أي
ألقسامه (لكان كل منها) أي كل ماهية من تلك األقسام ( مركبا من الجنس والفصل) يميزها (والتالي) وهو
كون ماهيات تلك األقسام مركبة (باطل ألن النفس) قسم (منها) أي من تلك األقسام وهي (تعقل الماهية
البسيطة الحالة فيها) كتصورها للنقطة مثال ،فلما كان الحال ماهية بسيطة كان محلها بسيطا أيضا (فال تكون)
النفس (مركبة) من الجنس والفصل (النقسام الحال بانقسام المحل) فالنفس على هذا جنس عالي بسيط ومقولة
من المقوالت ويلزم منه إبطال كون الجوهر جنسا ألقسامه فتصبح تلك األقسام مقوالت عليحدة وتكون المقوالت
أربعة عشر
102
مستلزما للتركيب الخارجي من الهيولى
َ التركيب الذهني من الجنس والفصل ُ من ُع بأنَّه إنما يتم لو كان
وقد ُي َ
انقس َم حالها ويتَّج ُه على َّ
المرك َب َة َفال تكو ُن بسي َ ض َّ
طة وإال َلما َ الماهي َة
َّ عقل
بأنها تَ ُ عار ُ
وي َوالصورة وهو ممنوع ُ
بين األربعة
التغاير َ
َ األول َّ
أن اؤه في التصور وعلى َّ
جتمع أجز ُ
أن ال ي َ
فيجوز ْ
ُ تصور الم َّ
ركب تَدريجي أن َّ َ ُ الثَّاني َّ
الخارجي
َّ التركيب
َ يستلزم
ُ فكيف ال
َ اعتباري
(وقد يمنع) دليل كون الجوهر عرضا عاما (بأنه إنما يتم لو كان التركيب الذهني من الجنس والفصل مستلزما
ورود المنع والمعارضة على دليل كون الجوهر عرضا عاما وجواب المصنف عنهما
للتركيب الخارجي من الهيولى والصورة وهو ممنوع) ،فليكن مفهوم النفس مركبا ذهنا ولتكن ذاته بسيطة خارجا
والتركيب الذهني كاف في إبطال كونها مقولة وبإبطال ذلك يبطل كون الجوهر عرضا عاما ويبطل كون
المقوالت أربعة عشر (و) كما يمنع دليل كون الجوهر عرضا عاما ألقسامه (يعارض) أيضا والمعارضة :إيراد
الدليل بخالف مدعى الخصم والمعارضة هنا (بــ) أن نقول( :إنها) أي النفس ليست بسيطة بل هي مركبة
والجوهر جنس لماهيتها ألن النفس (تعقل الماهية المركبة) كماهية اإلنسان المركبة من الحيوان والناطق فتنقسم
النفس بانقسام تلك الماهية المركبة ( ،فال تكون) النفس (بسيطة وإال) أي بأن كانت بسيطة (لما انقسم حالها)
أي الماهية الحالة فيها ،فلما كان الحال مركبا يقبل القسمة عرفنا أن المحل الذي هو النفس مركب أيضا
وبتركبها يبطل كونها بسيطة ومقولة من المقوالت فيبطل كون المقوالت أربعة عشر (و) لما أورد الشارح منعا
ومعارضة على القائلين بكون الجوهر عرضا عاما ذكر اآلن ما يتجه على كل منهما ،فأما ما ( يتجه على
الثَّاني) وهو المعارضة فهو أن النفس تتصور المركب وال يلزم منه التركيب فيها لـ(أن) النفس (تصور المركب)
بشكل (تدريجي) ال آني (فيجوز أن ال تجتمع أجزاؤه في التصور) فعند تصورها لماهية اإلنسان المركبة مثال
تحولها إلى أجزاء بسيطة وتتصور تلك البسائط تدريجيا إلى أن تصل إلى تصور جميع أجزاءه (و) أما ما يتجه
(على األول) وهو المنع فهو أن هذا المنع أي :منع استلزام التركيب الذهني للتركيب الخارجي ضعيف ألنا
أثبتنا فيما سبق بـ(أن التغاير بين األربعة) أي الجنس والفصل الذهنيين والهيولى والصورة الخارجيين (اعتباري)
فالجنس الذهني هو نفس الهيولى الخارجية كما أن الفصل الذهني هو نفس الصورة الخارجية (فكيف ال يستلزم)
(التركيب الخارجي) ،والحاصل إن التركيب الذهني يستلزم التركيب الخارجي فالماهية المركبة
َ التركيب الذهني
ذهنا تكون مركبة في الخارج أيضا.
103
من
عد الهيولى والصورَة ْ المانع وإال لما َّ
ُ يقول به
لكن ال ُ الكلي الطبيعي في الخارج التَّ َجه ْ
يل بنفي ُ
نعم لو ق َ
كونه جواريا فال يكو ُن
يجوز ُ وهو ممنوع َلم ال ُ
الحلول َس َريانيا َ
ُ كان
يرد أن ُه إنما يصح لو َ
أنه ُ
بقي ُ أقسام الجوهر،
َ
بل ) يكو ُن ( جنسا ) عاليا فيكون حينئذ مقولة واحدة جنسا ألقسامه الخمسة كأقسام الجوهر عرضا عاما ( ْ
ُ
العرض التسعة .
فإن قلنا بعدم وجوده في الخارج ألمكن أال يكون التركيب الذهني مستلزما للتركيب الخارجي (لكن ال يقول به)
(المانع) بل يقول بوجوده فيه (وإال لما عد الهيولى والصورة من أقسام
ُ أي بنفي الكلي الطبيعي في الخارج
الجوهر) فإنهما كليان خارجيان يتركب منهما الماهية في الخارج وهذا التركيب الخارجي مستلزم للتركيب الذهني
فبطل توجيه المنع (بقي) بعد المنع والمعارضة (أنه يرد) إيراد آخر على جعل النفس مقولة والجوهر عرضا
عاما لها ولسائر أقسامه هو أنا نسلم كون النفس تتصور الماهيات البسيطة الحالة فيها وتكون محال لها ولكن
انقسام المحل ال يستلزم انقسام الحال ألن الحلول قسمان :فقسم يسمى بالحلول السرياني كحلول الماء في
عروق األشجار وقسم آخر يسمى بالحلول الجواري كحلول الناس في بيوتهم ،وال يلزم في الحلول الجواري
انقسام الحال بانقسام محله كما ال يلزم من انقسام البيت انقسام ساكنيه ،بل يلزم هذا االنقسام في الحلول
السرياني فقط فحينئذ نقول (إنه إنما يصح)كالمكم بجعل النفس مقولة (لو كان الحلول سريانيا وهو ممنوع ،ل َم
ال يجوز كونه) أي الحلول (جواريا) وال محذور من بساطة الحال وتركب محله في الحلول الجواري ،وحينئذ
جاز تركب النفس من الجنس والفصل وبطل كونها مقولة (فال يكون الجوهر عرضا عاما بل يكون جنسا عاليا)
يشترك في تركيب أقسامه الخمسة (فيكون حينئذ مقولة واحدة جنسا ألقسامه الخمسة كأقسام العرض التسعة)
فتكون المقوالت عشرة .
104
العرض جنسا كالجوهر
ُ الموجود جنسا للجوهر والعرض فتكو َن مقولة واحدة وال
ُ ثم إنه ينبغي أن يز َيد :ولم يكن
الجوهر عرضا عاما فتكو ُن المقو ُ
الت ستة وال النسب ُة جنسا للمقوالت النسبية ُ العرض جنسا و
ُ فيكونان مقولتين وال
يكن ما تحتها أنواعا حقيقية فيكون كل جنسا مفردا ال عاليا. فتكون المقو ُ
الت أربعة ولم ْ
(ثم) ذكر الشارح بعض القيود التي ينبغي زيادتها في المتن والتي يتوقف عليها كون المقوالت عشرة ،وهو (أنه
ينبغي أن يزيد) أي المصنف في المتن (ولم يكن الموجود جنسا للجوهر والعرض فتكون مقولة واحدة) وإال لكان
قيود البد منها للتسليم بحصر المقوالت في العشرة
الجوهر والعرض عرضين عامين ولكان الموجود جنسا عاليا ألقسامه وتكون المقوالت مقولة واحدة هي الموجود
وينبغي أن يزيد قيدا ثانيا وهو (وال العرض جنسا كالجوهر فيكونان مقولتين) فإن كان العرض جنسا عاليا
كالجوهر ولم يكن عرضا عاما ألقسامه التسعة لكانت المقوالت اثنتين وهما الجوهر والعرض ،وينبغي أن يزيد
قيدا ثالثا وهو (وال العرض جنسا والجوهر عرضا عاما فتكون المقوالت ستة) ألنه لو كان العرض جنسا ألقسامه
التسعة والجوهر عرضا عاما ألقسامه الخمسة لكانت المقوالت ستة وهي العرض مع األقسام الخمسة للجوهر
التي كل منها صار مقولة بجعل الجوهر عرضا عاما لها ،وينبغي أن يزيد قيدا رابعا وهو ( وال النسبة جنسا
للمقوالت النسبية فتكون المقوالت أربعة) فالمقوالت النسبية سبعة وكل منها جنسا عالي ومقولة على حدة لكن
لو جعلنا النسبة جنسا لها صارت المقوالت أربعة وهي :الجوهر والكم والكيف والنسبة التي تشتمل على سائر
المقوالت النسبية ،والقيد الخامس هو (ولم يكن ما تحتها أنواعا حقيقية فيكون كل جنسا مفردا ال عاليا) قد
ذكرنا أن المقوالت أجناس عالية فتكون أقسام كل منها أجناس مختلفة الحقيقة كالجوهر جنس عال وأقسامه
أجناس تحته ،وكذلك الكم والكيف وغيرهما من المقوالت كل منها أجناس عالية أقسامها أجناس تحتها وما
تحت تلك األجناس أنواع وفي هذا القيد يقرر الشارح أن هذا الكالم صحيح لو لم يكن ما تحت األجناس العالية
أنواعا متفقة الحقيقة ،أما إذا كان ما تحتها أنواعا حقيقية فحينئذ ال تكون المقوالت أجناسا عالية بل يكون كل
منها جنسا مفردا وعلى هذا يكون الجوهر جنسا مفردا وأقسامه الخمسة كل منها يكون نوعا حقيقيا ال جنسا ،
وكذلك الكم والكيف وغيرهما يكون كل منها أجناس مفردة وما تحتها أنواع حقيقة متفقة الحقيقة ال أجناس وحينئذ
ال يمكن إطالق المقوالت العشرة عليها ألنها ليست أجناسا عالية ألن شرط إطالق المقولة كونها أجناسا عالية
ال مفردة كما هنا.
105
الت ثنتي عشرَة بجعل النقطة والوحدة منها لتوقف الدعوى على كل من المذكورات َ
وهو ممنوع ولم تكن المقو ُ
ويتعقل كل منهما مع َّ
الشك في وجوده وقد ُيستدل عليها َّ
َ الموجود مقول بالتشكيك على الجواهر واألعراض ُ ُ
َ بأن ْ
وحقيقته فيكو ُن داخال فيما ُ
تحته. ُ ذات الشي
المعني من الجوهر ُ
َ
وبأن
يس بجنس لهما َ فل َ
والقيد السادس الذي تجب إضافتها هو (ولم تكن المقوالت ثنتي عشرة بجعل النقطة والوحدة منها) قد سبق ذكر
أن النقطة هي نهاية الخط والوحدة نهاية المركب واختلفوا في كونهما من األمور االعتبارية أم هما أمران
وجوديان ،فإن جعلناهما من األمور االعتبارية كانت المقوالت عشرة ولكن إن جعلناهما أمرين وجوديين بالوجود
المحمولي كانت المقوالت اثنتي عشرة بإضافتهما إلى سائر العشرة ،وقوله (لتوقف الدعوى على كل من
المذكورات ) علة لقوله" :ينبغي أن يزيد" والمعنى :أن دعوى كون المقوالت عشرة تتوقف على زيادة كل قيد من
تلك القيود وقد سبق علة ذلك ( ،وهو) أي قولنا بأنه ينبغي زيادة كل قيد من القيود الستة السابقة العتبار كون
بيان عدم الحاجة إلى القيود إلثبات حصر المقوالت في العشرة واالستدالل على ذلك
المقوالت عشرة (ممنوع) في كل من تلك القيود ( ،وقد يستدل عليها) أي على زيادة هذه القيود بـ(أن الموجود)
مقول بالتشكيك على الجواهر واألعراض) بمعنى أن الوجود في الجوهر أولى منه في العرض ألن قيام الجوهر
بنفس ه وقيام العرض بتبعيته للجوهر فلو كان الموجود جنسا للجوهر والعرض لكان جزءا من ماهيتهما والذاتي
ال تفاوت فيه بين أفراده وقد قلنا بوجود التفاوت بينهما (و) من ثمة (يتعقل كل منهما) أي من ماهية الجوهر
والعرض (مع الشك في وجوده) أي وجود كل منهما (فليس) الوجود (بجنس لهما) ،ولو كان الوجود جنسا لهما
لوجب كونه متعقال بتعقل كل منهما وال قائل بذلك فبطل كون الموجود ذاتيا وجنسا للجوهر والعرض وبطل
كون المقوالت مقولة واحدة هي الموجود فقط بل المقوالت عشرة والموجود عرض عام لها ،فهذا منع للقيد َّ
األول
(و) أما المنع في القيد الثَّاني وهو أن العرض لو كان جنسا عاليا كالجوهر لكانت المقوالت اثنتين وهما الجوهر
والعرض ،فاستدل عليه (بأن المعني من الجوهر ذات الشيء وحقيقته فيكون) جنسا (داخال فيما تحته ) أي ما
تحت حقيقة أقسامه فيكون مقولة ولو كان العرض ذات الشيء وحقيقته ألمكن عده جنسا ومقولة عليحدة.
106
وعروض الشيء للشيء إنما يكون بع َد تحقق حقيقته َّ
ومر منا ما فيه َّ
وبأن ُ يعرض للموضوع
ُ ومعنى العرض ما
تدخل النسب ُة في ذواتها سوى اإلضافة َّ
وبأن ُ النسب َة لألعراض النسبية كالعرض لها فإنهم ال يقصدو َن بها ما
ألنهم
ْ أن يكو َن ُ
بعضها أو كلها أجناسا مفردة وفيه ضعف فجاز ْ
مر َجنس فوَقه كما َّ
المراد بالعالي هنا ما ال َ
كثي ار ما يقابلو َن العالي بالمفرد .
(و) لكنه ليس كذلك ألن (معنى العرض) هو (ما يعرض للموضوع وعروض الشيء للشيء إنما يكون بعد
تكملة بيان عدم الحاجة إلى القيود إلثبات حصر المقوالت في العشرة واالستدالل على ذلك
تحقق حقيقته) أي بعد تحقق ماهية ذلك الشيء المعروض وهذا الدليل يصلح ردا على القيد الثَّالث أيضا وقوله
ومر منا ما فيه) إشارة إلى أن الكالم هنا ليس في كون العرض ال يتحقق إال بعد تحقق المعروض الذي هو
( َّ
موضوع له بل في جعل العرض جنسا ألقسامه التي كل منها أعراض فال تقريب للدليل (و) أما القيد الرابع
وهو أن المقوالت تكون عشرة لو لم تكن النسبة جنسا للمقوالت النسبية وتصير المقوالت أربعة فنمنعه (بأن)
مطلق (النسبة لألعراض النسبية كـ) مطلق (العرض لها)أي لألعراض فكما أن مطلق العرض عرض عام
لجميع األعراض فكذلك النسبة عرض عام لجميع األعراض النسبية (فإنهم) أي الحكماء (ال يقصدون بها) أي
باألعراض النسبية (ما تدخل النسبة في ذواتها) وماهيتها ،بل يقصدون أن النسبة عارضة لها وأن تلك األعراض
هيئات تحصل بسبب عروض تلك النسبة عليها ال أن النسبة جزء من ماهيتها (سوى) مقولة (اإلضافة) فإن
النسبة جزء من ماهيتها (و) أما القيد الخامس وهو أن كون المقوالت عشرة متوقف على عدم اعتبار األجناس
العالية أجناسا مفردة ،فنمنعه (بأن) ليس المراد بالجنس العالي هنا ما اصطلحت عليه المناطقة وهو ما ال
جنس فوقه ويكون ما تحته جنس متوسط أو سافل بل (المراد بالعالي هنا) ما هو في اصطلح عليه الحكماء
وهو (ما ال جنس فوقه كما مر) سواء كان ما تحته جنسا أو نوعا (فجاز) عليه (أن يكون بعضها) أي بعض
المقوالت (أو كلها أجناسا مفردة) يكون ما تحتها أنواعا حقيقية ال أجناس ( ،وفيه ضعف ألنهم) أي الحكماء
كثي ار ما يقابلون العالي بالمفرد) فال يصح عدهما حقيقة واحدة .
107
تحت الجنس في هذه ط به عقوُلنا من الماهيات المندرجة َ حصر األجناس العالية لما ال يحي ُ
ُ المقصود
َ َوب َّ
أن
قول الجنس وكو ُن ما تحتَهول ُكل منهما على َما تحتَه َ
يثبت َق ُ
وجود النقطة والوحدة َما لم ْ
ُ يقدح
العشرة فال ُ
يثبت
ولم ْ قول الجنس وكون َما تحتَه أَ َ
جناسا ْ يثبت شيء منهما لجواز قول كل منهما على ما تحتَه َ أجناسا ولم ْ
َ
شيء منهما لجواز َقول كل منهما قوال عرضيا وكون ما تحتهما أشخاصا متفق َة الحقيقة أو أنواعا حقيقية ،وقد
األول أََّنهم قالوا بوجود جاب عنهما تارة بأنهما عدميان وأخرى بأنهما مندرجان تحت الكيف ،ويتَّ ُ
جه على َّ ُي ُ
بطالن حصر الكيف في األقسام األربعة لعدم
َ يستلزم
ُ وجود النقطة عندهم وعلى الثَّاني أنه
ُ المشهور
ُ الوحدة و
تحت شيء منها .اندراجهما َ
تكملة بيان عدم الحاجة إلى القيود إلثبات حصر المقوالت في العشرة واالستدالل على ذلك
(و) أما القيد السادس وهو اعتبار النقطة والوحدة مقولتين فنمنعه (بأن) المقصود ليس الحصر الحقيقي لجميع
الماهيات تحت هذه األجناس العالية بل (المقصود) هو (حصر األجناس العالية لما يحيط به عقولنا من
الماهيات المندرجة تحت الجنس في هذه العشرة فال يقدح وجود النقطة والوحدة ما لم يثبت قول كل منهما على
ما تحته قول الجنس وكون ما تحته أجناسا ولم يثبت شيء منهما ،لجواز قول كل منهما قوال عرضيا) بأن
يكون كل من النقطة والوحدة عرضا عاما ألفراده ال أجناسا عالية (و) جواز (كون ما تحتهما أشخاص متفقة
الحقيقة أو أنواعا حقيقية ،وقد يجاب عنهما) أي عن النقطة والوحدة (تارة بأنهما عدميان) فال يشملهما بحثنا
ألننا نبحث في المقوالت وهي أمور وجودية ( ،و) يجاب تارة (أخرى بأنهما مندرجان تحت) مقولة (الكيف و)
األول أنهم) أي الحكماء (قالوا بوجود الوحدة) باالتفاق (والمشهور
الجوابان ضعيفان فـ(يتجه على) الجواب ( َّ
وجود النقطة عندهم) ( ،و) يتجه (على) الجواب (الثَّاني أنه يستلزم بطالن حصر الكيف في األقسام األربعة)
فإنهم حصروا الكيف في أربعة أقسام كما سبق ( لعدم اندراجهما) أي النقطة والوحدة (تحت شيء منها) إال
بأن نجعل الكيف ستة أقسام وحينئذ يبطل حصرها في األربعة .
108
غير ُمبينة أَ َ
شار بقوله العرضية التي هي أَجناس َعالية في التسعة خفية َ كانت َدعوى ْانحصار َ
المقوالت َ وَلما ْ
الم َّارة َّإنما تَتم َلو ثَ َ
بت أَ َّن َهذه أَجناس َعالية وهو َممنوع لجواز أَن َيكو َن ( َفافهم ) إلى أََّنها َب َ
عد إثبات َّ
الدعاوى َ
أن يكو َن واحد منها أو ُ
أكثر فيجوز
ُ كونه ذاتيا
وهو َعارض َلها ولو ُسل َم ُمور ُمختلف َة الحقيقة ُ حت كل أ ا َما تَ َ
كان أنواعا حقيقية
إن َوسافال ْ
َ أجناسا
َ كان ما تحتَ ُه إن َالداخل جنسا ُمتوسطا ْ
ُ آخر َفيكو ُن
تحت جنس َ داخال َ
خرى هي جنس َعال ُمغاير َلهاَ ،أال تَرى وهو َممنوع لجواز َمُقوَلة أُ َ
اها ُ
للعرض جنس َعال سو َ يس َ وثََب َت أَ َّن َل َ
رك َة َمُقولة برأسها عض ُهم َعَّد َ
الح َ أن َب َ َّ
(ولما كانت دعوى انحصار المقوالت العرضية التي هي أجناس عالية في التسعة خفية غير مبينة) إال بعد
التسليم للدعاوى المارة بشرط كون المقوالت أجناسا عالية وهو ممنوع
إثبات الدعاوى المارة (أشار) الماتن (بقوله فافهم إلى أنها) أي المقوالت العرضية (بعد إثبات الدعاوى المارة
إنما تتم ) كونها تسعة ( لو ثبت أن هذه) األعراض (أجناس عالية) ألقسامها ( وهو ممنوع لجواز أن يكون ما
تحت كل) من تلك األعراض (أمو ار مختلفة الحقيقة) هي أجناس عالية (و) يكون (هو ) أي كل من األعراض
التسعة (عارض) عام (لها) أي لتلك األجناس ،والحاصل أن كون األعراض تسعة يحتاج بعد إثبات الدعاوى
المارة إلى إثبات كون تلك األعراض أجناسا عالية ألقسامها وهو ممنوع لجواز كونها أعراضا عامة ويكون ما
تحتها أجناسا مختلفة الحقيقة ال تدخل تلك األعراض العامة في ذاتياتها (و) حتى (لو سلم كونه) أي كون كل
من تلك األعراض (ذاتيا) بأن تكون أجناسا تدخل في ذاتيات أقسامها ،إال أننا ال نسلم كونها أجناسا عالية
(فيجوز أن يكون واحد منها أو أكثر داخال تحت جنس آخر فيكون) هذا الجنس اآلخر هو الجنس العالي
ويكون (الداخل) من األعراض (جنسا متوسطا إن كان ما تحته أجناسا) أخرى سافلة (و) يكون كل منها جنسا
(سافال إن كان) ما تحتها (أنواعا حقيقية) ،فال يثبت أيضا كون المقوالت عشرة قوله (وثبت) عطف على " لو
ثبت " أي :إثبات الدعاوى المارة إنما تتم لو ثبت أن هذه أجناس عالية وثبت كذلك (أن ليس للعرض جنس
عال سواها) أي سوى التسعة (وهو ممنوع لجواز) أن توجد (مقولة أخرى هي جنس عال) ويكون العرض عرضا
عاما لها وتكون هذه المقولة جنسا (مغاي ار لها) أي للمقوالت التسعة العرضية (أال ترى أن بعضهم) أي بعض
الحكماء (عد الحركة مقولة برأسها) فالحركة إن لم نجعلها قسما من األين بل تبعنا ذلك البعض في عدها مقولة
برأسها فبإضافتها إلى المقوالت العرضية تصبح المقوالت إحدى عشر ،والحاصل إن حصر المقوالت في العشرة
غير مسلم.
109
دامت
ْ وصحبه َما
وعلى آله َ
الرسول الكريمَ ، السالم َعلى َّ
الحمد هلل العليم والصالةُ و ُ آخر َما أَ َر َ
دنا إيرُادهُ و ُ َهذا ُ
رسلين َسن َة أَلف
الم َعلنا هللاُ من ُعتقائه ب ُحرمة َسيد ُ
مضان َج َ
لت من َر َ امه لعشر َخ ْ َجَّن ُة النَّعيم ،قد و َ
افق اختتَ ُ
وثَالثمائة وتسعة َوعشرين .
أردت تقييده عليه مما استفدته من دروس موالنا األستاذ فرهاد آكشته حفظه هللا ،
وبانتهاء الشرح ينتهي ما ُ
الختام
وكان ذلك في يوم األربعاء لسبع ليالي خلت من شهر جمادى اآلخرة سنة خمس وأربعين وأربعمئة وألف ،
وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد هلل رب العالمين.
110
حواشي ابن الباساوي المتعلقة ببيان عدد المقوالت
قوله( :والتالي باطل) كون كل من أقسام الجواهر الخمسة مركبة من الجنس والفصل باطل ألن النفس التي
هي من جملة أقسامه يتعقل ويتصور البسائط ولو كانت مركبة يلزم أن ال يكون البسيط بسيطا والالزم باطل
وكذا الملزوم ،قوله( :وهو ممنوع) كيف والبساطة الخارجية ال ينافي التركيب الذهني فافهم ،قوله ( :أن تصور
المركب) حاصل الجواب منع استلزام تعقل النفس الماهية المركبة كونها بسيطة فقوله فيجوز سند للمنع تأمل،
قوله ( :التغاير بين األربعة) أي الجنس والفصل والهيولى والصورة ،قوله ( التجه) أي القول بأن التركيب
الذهني من األولين ال يستلزم التركيب الخارجي من اآلخرين ،قوله ( :ولم يكن الموجود جنسا) تفريع على
المنفي دون النفي وحاصله إن حصر المقوالت في العشرة المذكور إنما يكون إذا لم يكن الموجود جنسا للجوهر
والعرض فإنه إذا كان كذلك يكون مقولة واحدة هو الموجود ال متعددة ،قوله ( :فيكونان مقولتين) هما الجوهر
والعرض ،قوله( :وبأن المقصود) استدالل على عدم عد النقطة والوحدة من المقوالت ،قوله ( :قول كل منهما)
أي مقولية ومحمولية كل من النقطة والوحدة على ما تحته مثل مقول الجنس أي مقوليته ومحموليته على ما
تحته قوله ( :شيء منهما) أي من قول كل منهما على ما تحته قول الجنس وكون ما تحته أجناس ،قوله( :
بوجود الوحدة) ويرد بأن الوحدة لو وجد فرد منها لكان إما واحدا أو كثي ار فعلى األول يلزم التسلسل في الوحدات
إذ ننقل الكالم إلى وحدة ذلك الفرد أيضا وهلم وعلى الثَّاني يلزم انقسام الوحدة وهو باطل.
111
شرح الشيخ ابن املؤمن على مقوالت القزجلي رمحهما اهلل ،ومنهواته
مقدمة
الرحيم ،رب تَمم باْل َخ ْير
الر ْحمن َّ
ّللَا َّ
ب ْسم َّ
يجاد الموجود َوآله َوصحبه َعين َمصَلحة اَ ُلوجود ،وبعُد الصالةُ على حكمة إ َ المعبود و َّ
الحمُد َّهلل الواجب ْ
ْ
القاصر ا ْب ُن َع ْبد اَلمؤمن َعبُد القادرَ :هذه َفوائُد ُرتَّبتُ َها برسالة في َمصَلحة الحكمة للكامل ُ لمذن ُب ول اَ ُ
؛ َفيُق ُ
ّللَاُ في عيشة َراضية َوجنَّة َع َ
الية لمنجي اَْل َمولى َعلي القزلجي َجعَل ُه َ َّ ّللَا اَ ُ
المقتدى ألص َحاب اَلنهية الخالص في َ َّ
1 ( )
قوله ( :ألصحاب النهية الخالص) هكذا في األصل ولم يظهر لي وجهه ،قوله ( :ضروري الوجود أو العدم أو َال وَال ) )(1
التعريف المستفاد من دليل الحصر لكل من الواجب والممتنع والممكن لفظي ال حقيقي ،فالبد أنها ضروريات ال تعرف إذ
البديهيات إنما يمتنع تعريفها الحقيقي ال اللفظي ،منه ،قوله ( :كالباري) الكاف استقصائية ،منه .قوله ( :سلب الضرورة الذاتية
) أي :الناشئة عن ذات الشيء وماهيته بحيث يستحيل انفكاك أحد الطرفين عنه الستلزامه االنقالب المستحيل ،فضرورة الوجوب
الذاتية امتناع انفكاكه عن الذات وضرورة العدم كذلك ،ولو فرضنا جواز انفكاك الوجود في الواجب والعدم في الممتنع النقلب كل
منهما إما إلى اآلخر أو إلى الممكن وهو ممتنع وال يكونان فيهما بالغير لذلك االنقالب ،منه.
112
ب َّ
الذات ( َّ
إما َواجب)
الموجود َّ
َ الوجود ( َكالعنَقاء و ضروري َ
العدم و ُ وشريك الباري تَعاَلى (أو ُم ْمكن) َال َكالالشيء) َ
ض ُروري ال َ
طرَفين. ضروري الوجود َّ
إما ُممكن) ال َ بالذات (و َّ َُ
الممكن جوهر وعرض
سيم إلى َّ المفهوم باْلعبار ْتين ،اعَلم َّ
لعيني إذ التْق ُ جود) بالوجود اَ ْ
أن (اَلممك َن المو َ (ثُ َّم) َب ْع َد َب َيان تَقسيم َ
وهر َو ُهو)
وهر أو َع َرض ،ثُ َّم اَْل َج ُاألعيان الموجودة من الجواهر واألعراض َو ُهو على قسمين ألَن ُه (إ َّما َج َ
وم بالموجود
المعُد ُ
الممتَن ُع بال ُممكن و َ
اجب و ُ
خرَج الو ُ
وضوع) أي َمحل ُمقوم ل َما َح َّل فيه َف َ
جود َال في َم ُ
المو ُ
لممك ُن ( ْ
اَ ُ
جود فيالمو ُ
علي َها " ْ
ص َد َق ْ الهُيوَلى َفإن َها وإ ْن َ
الجوهريَّ ُة الحال ُة في َ
ودخَلت الصورةُ ْ وضوع َ ض ب َال في َم ُ العر ُوَ
فصالتَ ،ن َعم أَوَرُدوا عليه اإل َ
شكال بأَنه الم َّ
كما ُبي َن في ُمحل" َلكن َذلك المحل َغ ْي ُر ُمقوم َل َها بل هي ُمَقو َمة َله َ
وهر ُنس َب
وهر َج َ وضوع َم َع َّ
أن اَْل َج َ وجودة في َم ُ وهر لكون َها َم ُ
اهر الحاصل ُة في الذهن َج ا َي َلزُم أَ ْن َال َي ُكو َن الجو ُ
()
1
وضوع
جدت في الخارج َك َانت َال في َم ُ
لمرَاد َماهية إ َذا َو َ ُجيب :ب َّ
أن اَ ُ إلى اإلدراك اَلعقلي أو إلى اَ ُلوجود الخارجي ،أ َ
وجد
وضوع َس َواء َ
وجد َلم َي ُكن في َم ُوضوع بل َلو َحص َل في الخارج اَلذي َل ْيس في َم ُ لم َّ َّ
أيَ :ال َنعني به الش ْيء اَ ُ
ْ
وضوع
وجودة باْلف ْعل في َم ُ
كون َها َم ُ
َعراض ْأيضا؛ ل ْ
اهر أ َ في الخارج أو َال ،فالتَّ ْعر ُ
يف َشامل َل َها ،ثُ َّم إ َّن َهذه الجو َ
وضوعَ ،ال َما َي ُكو ُن اة َب ْي َن َكون َّ
جود في َم ُض ُهو المو ُ جوهر وعرضا ب َناء على أ َّن َ
العر َ ا الشيء الواحد
ْ َ وَال ُمناَف َ
ونصعده_ َّ وتبع ُه َمن جاء َب َ
الد َّواني في حواشيه القديمة في َب ْحث اَ ُلوجود اَلذهني _ َ لمحق ُق َّ
جد ك َذا قال اَ ُإ َذا َو َ
جبل من َياُقوت وبحر من زئبق الخيالي َك َ
َّ عضهم :إ َّن المرَّك َب
ب َعدم اشتراط اَ ُلوجود باْلفعل في اَْل َجوهر َحتَّى قال َب ُ
ص َّوُر
كال على تَسليم ُوروده َال ُيتَ َ أن ه َذا اإلش َ خفى َّنما َشك في ُو ُجوده ه َذاُ ،قل ُت :وَال َي ََال َش َّك في ُجوهريَّته َوإ َ
َصحاب الحقيقة؛ ألَّن ُهم َال يقولو َن بات َحاد الصورة َوذي الصورة َفتَ َّ َّ ب َّ
أمل النظر إلى أَرَباب الش َبح والمثال ُدو َن أ َ
وينا َكش َح َها َمخاَف َة
ط َ الج َالل في ه َذا المَقام أقواال َف َ
لمدقق َ
اب اَ ُ
ض َع َج َو َ َفإ َّن ُمحق َق الر َجال في َد ْفع ه َذا ْ
اإلشكال َو َ
اإلمالل.
وضوع ) أقول :ليس الذهن محال مقوما لهذه الجواهر الحاصلة فيها من حيث اتحادها مع ما في
وجودة في َم ُ
قوله ( :لكون َها َم ُ
)(1
الخارج ومطابقته ا إياه ،وإنما هو الموضوع لها مع قطع النظر عن اتحادها واتصاف الذهن بها ،فإن للموجود الذهني عندهم
حيثيتين :حيثية القيام واالتصاف وحيثية عدمه ،فهو من الحيثية األولى عرض ومن الحيثية الثانية عين المنشأ الخارجي ،فاندفع
اإلشكال بدون االحتياج إلى أخذ الوجود بالقوة في تعريف الجوهر دون العرض والتكليفات الباردة وهللا الموفق ،منه.
113
أقسام الجوهر
المتَق َّوَم في َذاته
الم َح َّل ُ جرد) عن َّ
المادة أَعني َ وهر ُم َّ
وهر (إ َّما َعْقل َو ُهو َج َ فاعلم َّ
أن اَْل َج َ َوإ َذا َعلم َت َذلك ْ
وفعله ،ومعنى َكونه ( َغير متَ َّ
علق باْل َبدن تَعل َق التَّْدبير والتَّصرف ) في البدن َلكن َله تُعلق به ب ْاإليجاد والتَّأْثير َ ُ
1 ( )
وع َمالَ ،وُيطَل ُق على َنفس تْلك المراتب اتبها في استكمال َها علما َ
النْفس باعتبار مر َ فيهَ ،ويطَل ُق العق ُل أيضا على َّ
األشعريُ :هو الع ُلم ب َبعض سب االصطالحات َفَقال ْ طالقات أُ َخ ُر َح َ اها في تْلك المراتب ،وَله إ ْ َوعَلى ُق َو َ
استحالة َّ َّ
سمى بال َعْقل باْلملكةَ ،وَقال القاضي أَُبو َب ْكر الباقالنيُ :هو الع ُلم بوجوب الواجبات و ْ لم َّ
الضروريَّات اَ ُ
بعُد أن َي ُكون الثَّاني تْف ا
سير هما ُمتقاربان َحتَّى قال َّ
السيُد ُقد َس س َّره َ :ال َي ُ المستحيالت ب َحسب َمجاري العادات َو َ ُ
بح
ف به ُحس ُن المستحسنات َوُق ُ عر ُ
سن والقب َح ذاتيَّان للعقل َف َّس ُروه ب َما ُي َالح َ ل ْأل َّول ،واْلقائلون أَعني ْ
المعتزلة بأ َّن ُ
زم َها الع ُلم
السيد ُق ْدس سرهُ :هو َغر َيزة َيل ُكما َيظه ُر من َك َالم َّ الرازي َ اإلمام َّ
ماعة م ْنهم َالمستقبحاتَ ،وَقال َج َ
جرد) َعن لمحق ُق الطوسي في التَّ ْجريد َ ( ،وإ َّما َنفس َوهي َج َ
وهر ُم َّ تارهُ اَ ُ
اخ َ
اآلالت و ْ
المة َ ب َّ
الضروريَّات عن َد َس َ
ق التَّ ْدبير والتَّصرف ) أي والتحريك ،منه ،قوله ( :ويطَل ُق العق ُل أيضا على َّ
النْفس ) أي الناطقة اإلنسانية ،منه ،قوله: قوله ( :تَعل َ
َ
)(1
وع َمال) بيان ذلك أن للنفس باعتبار استفاضتها عن المبادئ العالية ما يكمل جوهرها من التعقالت قوة ( في استكمال َها علما َ
سمى عقال عمليا وله
تُسمى عقال نظريا وله مراتب أربع ،وأن لها باعتبار تأثيرها في البدن لتكميل جوهرها تأثي ار اختياريا قوة تُ َّ
اتب العقل النظري فهي إما كمال أو استعداد للكمال قريب أو متوسط أو بعيد فاألولى :المرتبة التي هي أما مر ُ
مراتب أربع أيضاَّ ،
النفس وقوةُ النفس في هذه المرتبة
سمى ُ سمى عقال هيوالئيا ،وتُ َّ
وي َّ
االستعداد البعيد وهو محض قابلية النفس لإلدراكات كما للطفل ُ
الحال في سائر المراتب فإنه تُطلق األسماء الثالثة اآلتية على المراتب أنفسها وعلى النفس الناطقة في
ُ أيضا بهذا االسم وكذا
تلك المراتب وعلى قواها فيها ،والثانية :المرتبة التي هي االستعداد المتوسط الذي هو استعداد النفس لتحصيل النظريات بعد
حصول الضروريات ويسمى عقال بالملكة ،الثالثة :المرتبة التي هي االستعداد القريب وهو االقتدار على استحضار النظريات
متى شاء من غير افتقار إلى كسب جديد كالقادر على الكتابة حين ال يكتب وله أن يكتب متى شاء ويسمى عقال بالفعل،
والرابعة :المرتبة التي هي الكمال وهو أن تحصل النظريات مشاهدة ويسمى عقال مستفادا أي :من خارج وهو العقل الفعال الذي
النفوس من القوة إلى الفعل ،وعند أصحاب الرياضة منهم بعد هذه المرتبة التي هي الكمال مرتبتان :عين اليقين :وهي أن
َ يخرج
تصير النفس بحيث تشاهد المعقوالت في العقل األول ،وحق اليقين :أن تصير النفس بحيث تتصل بالمفارق اتصاال عقليا ويالقي
ذاتها ذاته تالقيا روحيا ،وأما مراتب العملي فأوالها :تهذيب الظاهر باستعمال الشرائع النبوية والنواميس اإللهية وثانيتها :تهذيب
الباطن من الملكات الردية ونفض آثار شواغله عن عالم الغيب وثالثتها :ما يحصل بعد االتصال بعالم الغيب وهو تحلي النفس
بالصور القدسية ورابعتها :ما يتحلى له عقب اكتساب ملكة االتصال واالنفصال عن نفسه بالكلية وهو مالحظة جالل هللا تعالى
وجماله وقصر النظر على كماله حتى يرى كل قدرة مضمحلة في جنب قدرته الكاملة وكل علم مستغرق في علمه الشامل بل كل
وجود وكمال إنما هو فائض من جنابه ذي الجالل ،هذا بعض ما نطق به كتب المحققين وخالصها ،منه.
114
وهر م َّ
ركب من المادة كالعقل َلكن في َذاته فقط (متَعلق بالجسم تَ َّ
عل َق التَّْدبير والتَّصرف) فيه ( َو َّ َّ
إما جسم َو ُهو َج َ ُ ُ َ
1 ( )
وهر
ورة َوهي اَْل َج ُ صَ آخر) ُمقوم َله َوهي الصورةُ ( َوإ َّما ُ
جوهر َ وهر المحل ل ْالهيولى والصورة َوإ َّما َهيولى َوهي اَْل َج ُ
ولَ " :وإ َّما
يم الهيولى والصورة ثُ َّم َيُق َ آخر) َمتُقوم ُهو بالجوهر اَلحال َو ُهو الهيولى فالالَزُم تَقد ُوهر َ اَلحال في َج َ
َّ َّ َّ
هما"؛ لتوقف َب َيان الجسم على َبيانهما وتقدمهما عليه بالط ْبع ،ثُ َّم إ َّن ه َذا التْق َ
سيم ُهو جسم َو ُهو ُمركب م ْن َ
حل ُهو الجس ُم َف َّإنه َال ا ْس ْتبعاد في ُو ُجود َج َ
وهر الم َّ
حال و َ
وهر اَل َّ اإلمامَ :الُبَّد من َب َيان َّ
أن اَْل َج َ دهم قال َ هور عن ُ
المش ُ
فأوردوا تقسيما آخر َال َيرُد عليه َغير جسماني ي ُكون مرَّكبا من جوهرين ي ُكو ُن أَحدهما َّ
حاال في اآلخر ُمَقو َما َله
ُ َ َُ ْ َْ َ َْ َ ْ ُْ
مسة) :العق ُلام اَْل َجوهر ُخ َ وهر أ َّن (أ َ
َقس َ يسع ذك ُرهُ في ه َذا المَقام ( ،فـ) قد ُعل َم من تَقسيم اَل َج َ
اإلمام َال ُ
َبح ُث َ
أما
القائلين باْلهيولى والصورةَ ،و َّ المشائين أرسطو وتابعيه من ذه ُب ْسم والهيولى والصورة ،ه َذا َم َ َّ
َ َ والنْف ُس َوالج ُ
أن اَْل َجوهر ثَالثَة :الجس ُم واْل َعق ُل والنَّف ُس؛ ألَّنهم يقولو َن:
افين َل ُه َما فذهبوا إلى َّ
الن َاقيين َّ
وتابعوه من اإلشر َ
ُ أ ْفالطو ُن
محلوهر حال ُهو الصورةُ َو َ وهر إ ْن كان ُمتحي از فجرماني َو ُهو الجس ُم َال َغي ُر إذ َال ثبو َت عندهم لوجود َج َ
اَْل َج ُ
ُهو الهيولى َوإن َما الهيولى عندهم اسم للجسم من َحي ُث َقبوُله لألعراض والصورةُ ا ْسم لتْل َك األعراضَ ،وإن َلم
َي ُكن متحي از فروحاني َو ُهو العق ُل و َّ
النف ُس. ُ
قولهُ ( :متَعلق بالجسم ) ذكر الجسم هنا والبدن في السابق وال يخلو عن شيء إذ البدن ال يطلق على الفلك كما قاله القرداغي )(1
فيكون تعريف العقل صادقا على النفوس الفلكية كتعريف النفس فال يكون مانعا ،فإن قلت :فليكن المراد بالنفس َ
النفس اإلنسانية
ولتكن الفلكية داخلة في العقل ،قلت :فال يكون تعريف النفس مانعا أيضا اللهم إال أن يقال في كالمه احتباك حيث ترك "بالجسم"
في تعريف العقل بق رينة ذكره في تعريف النفس وترك "بالبدن" في تعريف النفس بقرينة ذكره في تعريف العقل ،فيصدق تعريف
أما أ ْفالطو ُن ..إلخ
النفس على النفوس الفلكية واإلنسانية فيكون جامعا وال يصدق تعريف العقل عليها فيكون مانعا ،منه ،قولهَ( :و َّ
) وأما المتكلمون فهم شاركوا معهم نفيهما إال أنهم ال يقولون بكون الجوهر ثالثة فهم يقولون :الجوهر وهو الحادث المتحيز بذاته
إن كان منقسما فجسم وإال فجوهر فرد ،واشتراكهم مع اإلشراقيين في هذا النفي مبني على اشتراكهم معهم في نفي الكلي الطبيعي
في الخارج ،فاالشراقيون كالمتكلمين على أنه غير موجود في الخارج حتى قال المتأخرون :إن األشخاص هويات بسيطة في
الخارج ينتزع العقل فيها بسبب تنبيهه للمشاركات والمباينات أمو ار كلية إال أن ما ينتزع من ذواتها يسمى اصطالحا جزءا وذاتيا
وما ينتزع فيها بمالحظة أمر خارج عنها يسمى عرضيا ،منه.
115
العرض وأقسامه
وضوع َوجود في َم ُ
العرض) َو ُهو اَلممك ُن المو ُ
ام ( َ
َقس َ (ثُ َّم) َب ْعد َب َيان تَعريف اَل َجوهر وأ ْقسامه اعَلم َّ
أن أ َ
رك تعر َيف ُه اكتفاء بتعريف اَل َجوهر فالمرُاد بوجوده فيه ُحُلوُله فيه بمعنى االختصاص النَّاعت
محل ُمقوم َله ،تَ َ َ
آخر المَقال.
نها ج ْنس عال َيأتي بيانه َ
(تُ ْسعة) ُكل َواحد م َ
مقولة الكم
لك َّم بأَنه َع َرض َي َقب ُل القسم َة الوهميَّة لذاته ( َو ُهو) أيضا (ق ْس َمان)؛ ألَنَّه إن َلم
ألَن ُه (إ َّما َكم) ورسموا اَ َ
العدد) َال َغير أل َّن حقيَق َة المنفصل ما يجتَمع من الوحدات ب َّ
الذات وَال َي ُكن ألجزائه حد ُمشتَ َرك فـ( ُم َنفصل َو ُهو ُ
َ َ ُ َ ُ
المشتَرك َما تَ ُكو ُن نسبتُ ُه إلى َّ َّ
أَ
الجزين نس َبة َواحدة َم ْعنى للعدد سوى َذلكَ ( ،و) إال َفـ (متصل) والمرُاد بالحد ُ
تبارَها نهاية لآلخر َوك َذل َك بداية، الجزْأين ُي ْمك ُن اع ُ
لخط إن اعتُب َر ْت نهاية ألَحد ُ كالنقطة بالقياس إلى ُجزئي اَ َ
السطح لخط بالنسبة إلى ُج ْزئي َّ السويَّة َوك َذلك اَ َهما ُدون اآلخر بل نسبتُ َها إليه َما ب َّ فلي َس َل َها اختصاص بأحد َ
دود المشترك َة َيج ُب كون ُها
لح َ النظر إلى ُجزئي َّ
الزَمان ،ثُ َّم إ َّن اَ ُ السط ُح إلى ُج ْزئي الجسم التَّ ْعليمي و ْاآل ُن ب َّ
و َّ
م َخالَفة ب َّ
القسمين َلم َيزد به أصال
ْ ض َّم إلى أحديث إ َذا ُ
ونه ب َح ُ لحَّد ُ
المش َتر َك َيج ُب َك ُ الن ْوع ل َما هي ُحُدود َله َأل َّن اَ َ ُ
سيم إلى ترك ُجزءا من المقدار المقسوم َف ُ ن َّ
يكو ُ التق ُ لحد المش ُ َوإ َذا ُفصل َعنه َلم َينُقص شيئا ولوَال َذلك َل َكان اَ َ
لخط بل هي يست ُج ْزءا من اَ َ َّ
مسة وهك َذا فالنقط ُة َل َسيم إلى ثَالثَة تقسيما إلى َخ َ قسمين تقسيما إلى ثَالثَة والتق ُ
لكم
َجزاء اَ َ
َبي َن أ َ السط ُح بالقياس إلى الجسم التَّعليمي وَال ُي َ
وجُد السطح و َّ
لخط بالقياس إلى َّ
َعرض فيه َوك َذا اَ َ
ُجزءا من الستَّة ادس
الس ُ
بعة كان َّ العشرَة إ َذا َق َّسمتَ َها إلى ستَّة َوأَر َ
المذكور َفإن َ
المعنى َ
المنفصل َحد ُمشتَ َرك ب َ
ُ
كما َك َانت النْقط ُة ُمش َترَكة َب ْي َن قسمي
العشرة َ
سمي َيها َوخارجا من األربعة فلم َي ُكن ثَ َّم َة أَمر ُمشتَ َرك َبي َن ق َ
داخال ف َ
دار ( َو ُهو) ثَالثَة
وز اجتماعُ أجزائه في اَ ُلوجود َفذل َك ُهو المق ُ صل ق ْس َمان ْأيضاَ( :قار) َي ُج ُ َّ
لخط ،والكم اْلمت ُ اَ َ
قبلها في جهتين (و)الثَّالث( :الث ْخ ُن) طح) إن َ لخط) إن َقب َل القسم َة في جهة َواحدة (و)الثَّانيَّ ( :
الس ُ َحدها( :اَ َأ ُ
ان) فقط سمى الجسم التَّ ْعليمي( ،أو َغ ُير قار) بخالف َذلك (و ُهو َّ َّ
الزَم ُ َ َ وي َّ
الجهات الث َالث ُ
مق إ ْن َقبَل َها في َ لع ُ
أي اَ ُ
أما
ركة الفلك األطلس َو َّ ان م َقد ُار َح َ أن َّ
الزَم َ القائلين ب َّ
َ ذهب
لكم القسم للعرض َمبني على َم َ ،ثم َكو ُن َّ
الزَمان قس ُم اَ َ
ظم؛ َي ُكو ُن َداخال في َمُقوَلة
الفلك األع ُ
ذهب َمن َقالُ :هو ُ جرد عن َّ
المادة أو َم َ وهر ُم َّ
قالُ :هو َج َ
ذهب َمن َ على َم َ
رك ُة الفلك األعظم؛ َي ُكون َعرضا َلكن أما عن َد َمن َقال ُهو َح َ اَْل َجوهر َف َال َي ُكو ُن من العرض َفضال َعن اَ َ
لكمَ ،و َّ
لكم بل من َأألين.
َال من اَ َ
116
مقولة الكيف
وهر واْلكم َوسائ ُر األعراض النسبيَّة خرَج اَْل َج ُ
َي َقب ُل لذاته قسمة وَال نس َبة َف َ( َوإ َّما َك ْيف) أي َع َرض َال
َّ
الخجل) أو مرة َ
العسل) َوإ َّما بالباص َرة ( َك ُح َالوة َحسوسة) بالذائقة ( َك َح َ
َم ُ ( َو ُهو) َعلى أَرَبعة أ َ
َقسام (إ َّما َه َيئة
سمى ( َحاَلة) إ َذا
كالروائح (أو) َه َيئة (نفسانيَّة) َوهي تُ َّ النار أو بالسامعة كاألصوات أو بالشامة َّ باْلالمسة َك َحرَارة َّ
ول
كمت فيه ب َحيث َال تَُز ُ
تح ْاس ْ لكة كالكتابة) إ َذا َرَس َخ ْت و ْ
سمى ( َم َ
َلم تَ ُكن َراسخة في َموضعها ( َك َّأول الكتابة و) تُ َّ
الالضعف (أو للتَّأَثر َّ
كاللين) قوة و َّ
سمى باْل َّ تعداديَّة ل َعدم التَّأَثر َّ
كالصالبة) َوهي تُ َّ عس ُر َزَواُل َها (أو َه َيئة ا ْس ْ
َع ْنه أو َي ُ
الضعف و َّ
اإلمام
تار َ الكيفيَّات االستعداديَّة إَّنما ُهو ُمخ ُ
الصالبة واللين من ْ أن عَّد َّ خفى َّ الالقوة وَال َي َ سمى ب َّ
َو ُهو ُي َّ
تصة
لضعف ،أو َه َيئة ُم ْخ َّ اضية ل َّ
صحاحيَّة َللُقوة والممر َّ َّ َّ
ثيل بالم َ
وسة فاألَوَلى الت ْم ُالمل ُم َ
الكيفيَّات َ
َوإال َف ُهما من ْ
ف ُقد َس سره لمصن َ
كالزوجية لأل ْربعةَ ،و َلع َّل اَ ُ
َّ لسطح ،أو المنفصَلة
كاالستقامة لْلخط والكرَّية ل َّ
ْ باْلكميَّات المتَّصلة
األولَ ،يُدل على َذلك َك َال ُم المبصرات من القسم َّ رك ه َذا القس َم من األقسام األربعة لكونه راجعا إلى ُ إَّنما تَ َ
1 ( )
الفاضل القو َشجي في َشرح التَّجريد َفتَ َّ
أمل.
مقولة األين
السبعة َفَقال :ع في أقسامه الباقية من األعراض النسبيَّة َّ لع َرض َش َر َ
لكم واْل َك ْيف ل َ
لما َفرغَ من قسمي اَ َ َو َّ
َينا َحقيقيا( ،و) ويسمى ه َذا أ َ
َّ يث َي ُكون َممُلوءا به
ول الجسم في الحيز ب َح ُ ص ُ ( َوإ َّما أَين) َفس ُروا َأألي َن َّأوال بأَُنه ُح ُ
فاأل ََّو ُل َسبَّب للثَّاني
لمكان ْ
نس َبته إلى ا َ
المكان) الحقيقي أي ب ْلشيء بحصوله في َ قالوا ثانياُ ( :هو َه َيئة تَحصل ل َّ
ُ ُ
عضهم إ َّن أ َالي َن ُهو الثَّاني َال اَألََّو ُل َو ُهو َباطل أل َّن تل َك الهيئة إ َّما أن
قال َب ُ
ام في المباحث المشرقيَّةَ : اإلم ُ
قال َ
َّ
كما أمر ن ْسبيًّا أو َال ،ال َجائز أن َي ُكو َن َغي َر نسبيَّة لظهور أََّن ُه إ َّما َكم أو َكيف َوإال َيل َزُم أن َي ُ
كو َن األَي ُن ًّ تَ ُكو َن ا
دليل
فال َ لوب َالمكان بالحصول فيه َف ُهو المط ُ منوع َ ،وإن َك َانت نسبيَّة فتل َك النسب ُة إَّنما هي إلى َ كيفا َو ُهو َم ُأو ْ
َّ
ومه عده من الستة الباقية معقوالت ن ْسبيَّة َوهي َما َي ُكو ُن َم ُ
فه ُ وما َيأتي َب َ
لحصول ه َذا ،واألي ُن َ
اء اَ ُ
على ثُُبوت أَمر َوَر َ
جود َها إ َّال ا َألي َن ،وقد ُيَقال لحصول ال َّشيء في م ْثل الغير ألنَّ َها ن َسب ،واْلمتكلمو َن أن ُ
كروا ُو َ َمعُقوال باْلقياس إلى ْ
ْ
مجاز.
ا َّ
الدار
قوله( :فتأمل) إشارة إلى تحقيق معنى رجوعه إلى المبصرات ،فإن كان معنى رجوعه إليها أنه مبصر بالذات كالضوء واللون )(1
فهو في حيز المنع ،وإن كان معناه أنه مبصر بواسطتهما فينبغي ترك األين بأقسامه األربعة أعني :الحركة والسكون واالجتماع
واالفتراق لكونه راجعا إليها بالمعنى األخير أيضا وذلك غير مستحسن ،منه.
117
مقولة المتى
اآلن
طرفه َو ُهو ُ لشيء بحصوله في َّ
الزَمان) الحقيقي أو َ (وإ َّما متَى و ُهو) اَلحصول أو ( َه َيئة تَحصل ل َّ
ْ ُ ُ ُ ُ َ َ َ
الصوم في اليوم
حصول َّ َّ َّ
المتَى كاألين إلى َحقيقي َك ُ
سم َ فعة مثل التاء والطاء ،وينَق ُ
كالحروف اَآلنية الحاصلة ُد َ
ان في المتى
الزَم َ اب به للس َؤال ب َمتى ،إ َّال َّ
أن َّ َجزاء اليوم َفإنَّ ُه َي ُج ُ
وز أن ُي َج َ وقع في َبعض أ َ ومجازي َك ُ
حصول َما َ
المكان في ا َألين الحقيقي. وز أن َيشتَر َك فيه كثيرو َن بخالف َ
الحقيقي َي ُج ُ
مقولة اإلضافة
ُخرى َمعُقولة باْلقياس إلى اَألُولى أي ن ْس َبة تُعَق ُل باْلقياس إلى ن ْس َبة أ َ
( َوإ َّما أضافة َوهي الن ْسب ُة المتكررةُ) ْ
ضافا َحقيقيا نهما باْلقياس إلى اَألُخرىَ ،وهذه النسب ُة تُ َّ
سمى ُم َ َّ
هما نسبتَان ُيعَقل ُكل م َ دية) فإن َ
الوَل َّ
الدية و َ
(كالو َّ
ض عر ُ َّ
ضافا م ْشهورَياَ ،وتُ َ سمى ُم َ
المعروض َل ُه كالوالد مع َوصف الوالديَّة ُي َّ المرك ُب من الحقيقي َومن َ والمج ُموعُ َ
وجود.
اإلضاف ُة ل ُكل َم ُ
مقولة الملك
ط
ط به) َس َواء كان َذل َك اَلمحي ُ يسمى (ج َدة) أيضا (وهي حاَلة تَحصل ل َّ
لش ْيء ب َسبب َما ُيحي ُ ( َوإ َّما ملك و) َّ
ُ ُ َ َ
طبيعيا كاإلهاب) بالنسبة إلى اَله َّرة (أو َال) َي ُكون َخلقيًّا (كالثياب) بالنسبة إلى اإلنسان ( َو ُهو) أَي مر َخلقيًّا ( َأَ ا
تاز اَلمل ُك عن
القيد َي ْم ُ
لمحاطَ ،فبه َذا ْ َّ ط ب َذ َ َّ حال َّ
لك الشيء ( َينتَق ُل بانتقاله) أي بانتقال َذلك الشيء اَ ُ أن َما ُيحي ُ واَْل ُ
المكان َال َينتَق ُل ب ْانتقال المتمكن،
أن َ المكان اَلمحيط به إ َّال َّ
لشيء ب َسبب َ ضة ل َّا َألين َف َّإن ُه وإ ْن كان َحاَلة عار َ
هيئة الحاصلة لإلنسان ب َسبب َكونه ُمتعمما ومتقمصا).
وتْل َك الحال ُة (كاْل ْ
مقولة الفعل
َّ َّ
الم َسخن َما دام ُيسخ ُن
ْثير) أي تَأث ُير الشيء َما دام سالكا (كالتسخين) أي كحال ُ ( َوإ َّما ف ْعل َو ُهو التَّأ ُ
ْثير التَّسخيني.
خين َغي َر َق َّارة َوهي التَّأ ُدام ُيسخ ُن َحاَلة أَعني ب َها التَّس َ
َفإ َّن َله َما َ
مقولة االنفعال
أي َك َحال المتسخن ما دام يتَ َّ
سخ ُن َفإ َّن َله َحاَلة َغي َر َّ
َ َ كالتسخن) ْ ( َوإ َّما انفعال َو ُهو التأَث ُر) َعن الغير ( َ
ونة الحاصلة لْل َماء واْلقيام الحاصل أما الحاص ُل َب ْع َد ا ْستْقرار التَّأْثير والتَّأثر كالس ُخ ََق َّارة هي التَّأَثر التَّ َسخنيَ ،و َّ
كاأل ََّول أو وضعا كالثَّاني أو َغ ْي َر َذلك أثر أو ا ْنفعاال بل َي ُكو ُن كيفا ْ سمى ا فلي َس من ه َذا اَلقبيل وأن ُي َّ ل ْإل ْنسان ْ
من األعراض.
118
مقولة الوضع
الشيء (إلى َجزاء َذلك َّ أي لْلجسم (ب َسبب نسبته) أي ن ْس َبة أ َ إما وضع و ُهو َه َيئة تَعر ُ َّ
ْ ض للش ْيء) ْ َ ( َو َّ َ
لشيء (ب َسبب ن ْس َبةض ل َّ الس َماء َوَبعض َها َنحو األرض (أو) َه َيئة تَعر ُ
اَألُمور الخارجة) َع ْنه َكوُقوع بعض َها َن ْحو َّ
ْ
سبة
اختالف َن َ تغايران و ْ هما َوضعان ُم َ َّ
َب ْعض أجزائه إلى َب ْعض) بالقرب واْلبعد واْلمحاذاة (كاْلقيام واْلقعود) فإن َ
حسب كون
قيام مثال َه َيئة ل ْإلنسان ب َحسب ا ْنتصابه َو ُهو ن ْس َبة في َما َب ْين األجزاء َوب َ
يهما إلى الخارج ،فال ُ
األجزاء ف َ
أسه من َف ْو ُق َو رجله من تَ ْح ُت َوهي ن ْس َبة إلى اَألُمور الخارجةَ ،وله َذا يصير االنعكاس ْ
وضعا آخر. 1 ( )
َر َ
المقوالت العشرة
أن (المقوالت) َّ
اللواتي سبق من التَّْفصيل ب َحسب التَّْقسيمات والتَّ ْعريفات َّ
المارة_ اعَلم َّ (ثُ َّم) _ َب ْعد َب َيان َما َ
جموعُ َهذه اَألُمور أَحدها( :اَْل َجوهر و) الثَّاني:
يها (هي) َم ُ
نحصرة ف َ
َ أي ُم
العشرُة) ْ
نها ج ْنس عال ل َما تَحتَه ( َ
ُكل م َ
السابع( :الجدة و) السادس( :اإلضافة و) َّ الرابع( :ا َألين و) اْلخامس( :المتَّى و) َّ
ف و) َّ َّ
الكي ُ
لكم و) الثالثْ ( : (اَ َ
خبر "المقوالت" َوقوله" :هي" بدل الثَّامن( :الفعل و) التَّاسع( :االنفعال و) اْلعاشر( :الوضع) ،فقولهَ " :
العشرةُ" ُ
الرْي لفساد ُيعَلم
المتبادر من العبارة في َبادئ َّأ
ُ كما ُهو
خبر َل َها َ
صفة لْلمقوالت َوهي ا م ْنه ،وَال َي ُجوز َكو ُن العشرة َ
عرضا عاما) ل ْأل ْقسام الخمسة الباقيةوهر ْالعشرة إَّنما َيكو ُن (إن َلم َي ُكن اَْل َج ُ
نحصرة في َ
َ ون َها ُم
أمل َ ،وَك ُ
باآلتي تَ َّ
نحص ُر
عرضا؛ َال تَ َ
وهر َض َعرض عام أل ْقسامه الت ْسعة الماضيةَ ،فإن كان اَْل َج ُ العر َ كما َّ
أن َ (كاْل َع ْرض) أيَ :
العرض الت ْسعة يكون ُكل من األ ْقسام الخمسة َله مُقوَلة على حدة كما َّ ًّ
َقسام َ أن ُكال من أ َ َ َ َ الت في العشرة َف ُ
المقو ُ
وهر جنسا عاليا َف َّإنه حينئذ َي ُكو ُن َمُقوَلة َواحدة ج ْنسا ل َما
شرَة بل َي ُكو ُن اَْل َج ُ
الت إلى أَرَب َع َع َ
َكذل َك فتص َعُد المقو ُ
العرض الت ْسعة َمُقوَلة على ح َدة جنس ل َما تَحتَه َوذلك أل َّن المعنى من اَْل َجوهر ُ
ذات تَحتَه كما َّ ًّ
َقسام َ أن ُكال من أ َ َ
وض َّ َّ
الشيء على
ْ عر ُ
ض لْلموضوعَ ،و ُ يكو ُن ذاتيًّا ل َما تَحتَه بخالف َ
الع َرض َفإ َّن َمع َناه َما َيعر ُ الش ْيء وحقيَقتُه َف ُ
قولهَ ( :وهي ن ْسَبة) التأنيث باعتبار الخبر ،منه ،قولهَ ( :وله َذا يصير االنعكاس) أي :لكون القيام هيئة معلولة للنسبتين ال للنسبة )( 1
األولى فقط فلو اكتفى بالنسبة األولى فقط لزم أن يكون القيام عين االنعكاس ألن القيام إذا قلب بحيث ال تتغير النسبة فيما بين
أجزاءه كانت الهيئة المعلولة لهذه النسبة وحها باقية بشخصها فيكون وضع االنعكاس وضع القيام بعينه وهو باطل بالضرورة،
ولذا قال قدس سره في شرح المواقف :فالحق إذن اعتبار النسبتين في ماهية الوضع ،بل نقل المحقق السيالكوتي االتفاق على أن
الوضع هيئة بسيطة معلولة للنسبتين ،فعلى هذا ينبغي أن يكون أو الفاصلة في عبارة المصنف بمعنى واو الواصلة ،منه ،قوله:
(ـتأمل) يمكن أن يكون المراد :األمور المسماة بهذا االسم أعني :المقوالت العشرة بدون مالحظة تقييد المقوالت بالعشرة فحينئذ
يكون قوله "هي الجوهر" خب ار على ما هو المتبادر ،منه.
119
كما َقَّي َدهُ المحققو َن إل ْخ َراج َّ
الشيء إَّنما َي ُكو ُن َبع َد تَحقق حقيَقته َ
فال َي ُكون ذاتيًّا ،ثم إننا َقَّيدنا الجن َس بكونه عاليا َ
الكيف وَال َي َقد ُح َذلك في الحصر؛ َأل َّن هما في َمُقوَلة ْ عدم ُدخول َالنْقطة والوحدة على تَقدير َكونهما ُوجوديَّتين َو َ
العشرةُ َوه َذا َال
لجنس هي َهذه َ المندرجة تَ ْحت ا ْ ط به ُعقولُ َنا من الماهيَّات ْناس العالي َة ل َما ُيحي ُ
األج َ
أن ْ المعنىَّ :
بت َكو ُن ُكل من كال إَّنما َيرُد َلو ثَ َ ود َش ْيء َال َي ُكون ج ْنسا عاليا وَال ُم ْندرجا تَ َ
حت الجنس العالي ،و ْاإل ْش ُ ُي َنافي ُو ُج َ
الرازي من أََّنه َال بَّد من إقامة البرهان على أََّنهما من َّ
الطبائع ام َّ
ُ ُ اإلم ُ
فان َدفع َما َقاَله َ
الوحدة والنْقطة جنسا عالياْ ،
َّ
الن ْوعيَّة ُدون الجنسيَّة.
بيان دعوى ممنوعة
الدعوى ذه ُب أرسطو وتابعيه (فافهم) َفإ َّن َهذه َّ العشرة إَّنما هي َم َ
المُقوالت في َ عوى َحصر َ ثُ َّم إ َّن َد َ
شرَة قدمات ضمنيَّة َما تَ َّ
صدى إلى إ َثبات َبعضها أحد من األعالم إحداهاَ :م ْن ُع عدم كون َها أَرَب َع َع َ منوعة ب َمنع ُم ََم ُ
َّ
جوهر ج ْنسا والثالثة: العرض كاْل ْ عرضا كاْل َع َرض ،والثانيةَ :م ْن ُع عدم َكونهما مقولتين ب َكون َ
َمُقوَلة ب َكون اَْل َجوهر َ
كون َها أَرَبعة ب َكون الن ْسبة ج ْنسا
عرضا واْل َع َرض جنسا ،والرابعةَ :من ُع عدم َ َم ْن ُع عدم كون َها ستَّة ب َكون اَْل َجوهر َ
الداخلة تَ ْح َت ُكل م َّما ُعَّد ج ْنسا ب َكون
نها مقوَالت َكثيرات ب َعدد األ ْقسام َّ
كو َ
لْلمقوالت الن ْسبيَّة ،والخامسةَ :م ْن ُع عدم ْ
َّ
شرة ب َكون اَْل َجوهر
كون َها اثنتَي َع َ السادسةَ :م ْن ُع عدم ْعرضاَّ ، َجناس عالية َ عموا أََّن َها أ َ
اَْل َجوهر و ْاألمور اللواتي َز ُ
فرَدة.
أجناسا ُم َ
وحدة ْ
وتْل َك اَألُمور والنْقطة واْل ْ
الختام
األحوال بتطاول َّ
الد ْهر باْلمالل اضطراب في ْ ماجة و ْ أقل الر َجال مع انكساف في اَْلبال َو َس َ
ه َذا َما َس َّوَده َّ
لهمام:
ض اَ ُالكرام واْلَق ْول َما َقاَله َب ْع ُ
فأصلحوه باْل َخ ْير َمعاشر َ
الكالم ْ
ظ َه َر ن ْس َيان في ه َذا َ
فلو َ
ووهنا في َبياني واْلمعاني
تور ْ . . . كت في َنظمي ُف ا
َدر َ
َلئن أ َ
فال تَنسب بنْقصي إ َّن َرقصي . . .على مق َدار تَنشيط َّ
الزَمان َ ُ
(
صة الوجود وآله الموصوفين باْل َكرم واْلجود َوسلَّم صالة على ُخ َال َ
األعيان وله الحمُد ،وال َّ
ّللَا أَعَلم بحقائق ْ
َوَ َّ
تسليما.ْ
120