Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 73

‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫جامػعة محمػد خيضػر بسكرة‬


‫كلية الحقوؽ و العلوـ السياسية‬
‫قسػم العػلوـ السياسية‬
‫محاضرات مقدمة لطلبة السنة الثالثة علوـ سياسية‬
‫تخصص نظم الحكم و اإلدارة اإلقليمية‬
‫‪LMD‬‬
‫مقياس‪:‬‬

‫اإلقليمية و العولمة‬

‫السداسي الثاني‬

‫إعداد األستاذة‪:‬‬
‫زنودة منى‬

‫السػنة الجامعية‪2012/2011 :‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪1‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫شهد العالم منذ خمسينات القرف العشرين بروز أطراؼ ذات تأثير كبير على الساحة الدولية‪،‬فإلى جانب‬
‫الدولة القومية التي ظلت محور التفاعالت الدولية منذ تحديد معالمها خالؿ مؤتمر وستفاليا ‪ ( 1848‬القائم على‬
‫ثالث أبعاد أساسية‪ :‬السيادة‪ ،‬االستقاللية و المساواة )‪ ،‬برزت للساحة الدولية نمطين متكاملين و متناقضين‪ -‬في‬
‫نفس الوقت‪ -‬من العالقات التفاعلية للدوؿ القومية و التي أسفرت على والدة شكلين جديدين من البنى الدولية‪:‬‬
‫التكامالت اإلقليمية‪ ،‬و المنظمات الدولية ذات الطابع العالمي‪:‬‬
‫‪-‬حيث يهدؼ الشكل األوؿ إلى بناء تكتالت إقليمية (اقتصادية باألساس) بين مجموعة من الدوؿ ذات‬
‫الخصائص المشتركة و المتجانسة اقتصاديا و سياسيا و حتى اجتماعيا و ثقافيا‪(.‬اإلقليمية)‬
‫‪ -‬في حين يتجلى النمط الثاني من خالؿ مجمل الجهود الدولية إلقامة عالقات اقتصادية حرة على المستوى‬
‫العالمي بهدؼ إزالة القيود و الحواجز التي لطالما فرضتها الدولة الوطنية‪ ( .‬العولمة)‬
‫و يتجلى الطابع التكاملي بين الظاىرتين ( اإلقليمية و العولمة) في قيامهما معا على مبدأ إزالة الحدود و القيود‬
‫الوطنية إلى نحو أوسع من حدود الدولة القومية على النحو التالي‪:‬‬
‫مستوى إقليمي‬ ‫اإلقليمية‬
‫مستوى عالمي‬ ‫العولمة‬

‫لكن بالمقابل‪ ،‬في حين تهدؼ اإلقليمية إلى حماية اقتصاديات الدوؿ المتكاملة من اآلثار السلبية التي يمكن أف‬
‫تحدثها العولمة و محاولة بناء فضاءات تعاونية إقليمية للنهوض باقتصاديات ىذه الدوؿ و ذلك باتخاذ إجراءات‬
‫حمائية حوؿ االقتصاديا ت اإلقليمية‪ .‬تهدؼ العولمة إلزالة كل ما ىو محلي (سواء كاف وطني أو إقليمي ) نحو‬
‫نظاـ متعدد األطراؼ و األبعاد‪ .‬و بالتالي فاف أي محاولة لحماية االقتصاديا ت الوطنية أو اإلقليمية سيحد من‬
‫قدرة و أداء المؤسسات الدولية الداعمة للعولمة‪.‬‬
‫ستتمحور ىذه المحاضرات حوؿ اإلشكالية التالية‪:‬‬
‫كيف أثرت العولمة على دور و أداء التكامالت اإلقليمية على المستويين النظري و العملي؟ و كيف يمكن‬
‫تصور مستقبل التكامالت اإلقليمية في ظل نظاـ دولي يتجو نحو إزالة الحدود الوطنية و اإلقليمية إلى إطارىا‬
‫العالمي؟‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪2‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫حماور احملارضات‪:‬‬
‫‪ ‬مفهوـ العولمة(التعريف‪،‬مجاالت‪ ،‬األدوات‪ ،‬السلبيات و االيجابيات‪)...‬‬
‫‪ ‬تعريف اإلقليمية و أسباب ظهورىا‪.‬‬
‫‪ ‬األصوؿ الفكرية و النظرية لإلقليمية من الكالسيكية إلى اإلقليمية الجديدة‪.‬‬
‫‪ ‬التكامل االقتصادي كأىم أوجو اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ ‬ظهور و انتشار التكامالت اإلقليمية في العالم‪.‬‬
‫‪ ‬التفسيرات النظرية للتكامل الدولي (اإلقليمي)‪.‬‬
‫‪ ‬مراحل(أنواع) التكامالت اإلقليمية‪:‬‬
‫‪-‬اتفاقية اؿتفضيالت اؿتجارية‪.‬‬
‫‪ -‬منطقة اؿتجارة اؿحرة ‪.‬‬
‫‪ -‬االتحاد اؿجمركي ‪.‬‬
‫‪ -‬اؿسوؽ اؿمشتركة ‪.‬‬
‫‪ -‬الوحدة االقتصادية (االتحاد االقتصادي)‪.‬‬
‫‪ -‬االتحاد النقدي‪.‬‬
‫‪ -‬اؿتكامل االقتصادي اؿكامل ‪.‬‬
‫‪ ‬تأثير العولمة على التكامالت اإلقليمية(إجراءات منظمة التجارة العالمية)‪.‬‬
‫‪ ‬نماذج عن أىم التكتالت اإلقليمية في العالم (السداسي الثاني)‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪3‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة ا ألوىل‪ :‬مفهوم امعوملة‪:‬‬


‫‪-1‬تعريف العولمة‪:‬‬
‫المقصود بالعولمة لغة إضفاء طابع العالمية على الشيء و جعل نطاقو عالميا‪ ،‬بمعنى نقلو من المجاؿ المحدود و‬
‫المراقب(حدود الدولة القومية) إلى المجاؿ الالمحدود و الالمراقب (العالم أو الكوف)‪ .‬و العولمة ككلمة مشتقة‬
‫من كلمة "عالم" و ىي ترجمة لكلمة" ‪ "globalisation‬االنجليزية المشتقة من كلمة " ‪ "globe‬التي تعني‬
‫"الكرة األرضية"‪.‬‬
‫و من الناحية االصطالحية و االستخداـ اإلجرائي للمصطلح‪ ،‬فقد اختلفت آراء و تصورات الباحثين حوؿ مفهوـ‬
‫العولمة حسب الخلفية الفكرية التي ينطلق منها كل باحث‪ .‬فهناؾ من عرفها بأنها‪":‬العملية التي يتم بمقتضاىا إلغاء‬
‫الحواجز بين الشعوب‪ ،‬حيث تنقلهم من حالة الفرقة و التجزؤ إلى حالة االقتراب و التوحد‪ ،‬و من حالة الصراع‬
‫‪1‬‬
‫إلى حالة التوافق‪ ...‬حيث تتشكل قيم عالمية موحدة و يتشكل وعي عالمي يقوـ على مواثيق إنسانية عامة‪".‬‬
‫كما تعرؼ العولمة أيضا بأنها‪ ":‬مرحلة جديدة من مراحل تطور الحداثة‪ ،‬تتكاثف فيها العالقات االجتماعية على‬
‫الصعيد العالمي بروابط اقتصادية‪ ،‬ثقافية‪،‬و سياسية‪ .‬ىذه الروابط ال تعني إلغاء المحلي و إحاللو و استبدالو‬
‫بالعالمي و ال تعني استبداؿ الداخل بالخارج‪ ،‬و إنما تعني إضافة بعد جديد لما ىو محلي بحيث يصبح العالم‬
‫‪2‬‬
‫الخارجي بنفس حضور العالم الداخلي في تأثيره على األفراد و المجتمعات‪".‬‬
‫و نظرا للترابط الحاصل بين العولمة كمفهوـ و حيثيات الحياة االقتصادية العالمية‪ ،‬فاف ىناؾ من حاوؿ تحديد‬
‫معالم العولمة بكونها‪ ":‬التوسع المتزايد المطرد في تدويل اإلنتاج من قبل الشركات المتعددة الجنسيات بالتوازي‬
‫مع الثورة المستمرة في االتصاالت و المعلومات التي حدت بالبعض إلى تصور إف العالم قد تحوؿ بالفعل إلى قرية‬
‫‪3‬‬
‫كونية صغيرة‪".‬‬

‫‪ 1‬غربي محمد‪"،‬تحديات العولمة وآثارىا عمى العالـ العربي"‪.‬مجمة اقتصاديات شماؿ إفريقيا ‪،‬العدد‪،06:‬ص‪.20:‬‬
‫‪2‬نفس المرجع‪،‬ص ص‪.21-20:‬‬
‫‪3‬أسامة مجذوب‪ ،‬العولمة و اإلقميمية‪:‬مستقبؿ العالـ العربي في التجارة الدولية‪.‬ط‪ ،2:‬القاىرة‪ :‬الدار المصرية المبنانية‪2001.‬ص‪.56:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪4‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫و يمكن القوؿ أف القاسم المشترؾ بين التعريفات السابقة ىو الطابع الكوني و العالمي للعالقات التي تربط الدوؿ‬
‫بعضها ببعض‪ ،‬حيث ال تعترؼ بالحدود و القيود الوطنية التي كانت تفرضها الدولة القومية في السابق‪ ،‬خصوصا‬
‫بعد التطورات الكبيرة التي شهدىا ميداف تكنولوجي ا االتصاالت و المعلوماتية من جهة و الدور الذي تلعبو‬
‫المنظمات الدولية العالمية و الشركات المتعددة الجنسيات من جهة ثانية‪.‬‬
‫وضمن ىذا اإلطار يرى برىاف غليوف في مؤلفو"ثقافة العولمة" أف المقصود بالعولمة ىو الدخوؿ في مرحلة من‬
‫االندماج العالمي األعمق على عدة مستويات‪:4‬‬
‫‪/1‬المستوى األوؿ‪ :‬و المتمثل في المنظومة المالية حيث أصبحنا نعيش في إطار سوؽ واحدة لرأس الماؿ‪ ،‬و‬
‫بورصة عالمية واحدة رغم تعدد مراكز نشاطها‪.‬‬
‫‪/2‬المستوى الثاني‪ :‬المنظومة اإلعالمية و االتصالية حيث يتاح لجميع سكاف العالم االرتباط من خالؿ الصحن‬
‫الهوائي بالقنوات التلفزيونية ذاتها الموجودة في كل العالم‪ ،‬و التي تتوجو في بثها لجمهور عالمي أو معولم أكثر‬
‫فأكثر ال لجمهور محلي‪.‬‬
‫‪/3‬المستوى الثالث‪ :‬المنظومة المعلوماتية من خالؿ شبكة االنترنت التي تمكن األفراد من تفقد المعلومات بغض‬
‫النظر عن الحدود السياسية و الخصوصيات الثقافية‪.‬‬

‫و على العموـ يمكن تحديد ثالث مداخل أساسية لمحاوالت تعريف العولمة خصوصا في ظل غموض و تعدد‬
‫أبعاد ظاىرة العولمة حيث يمكن حصرىا في ما يلي‪:5‬‬
‫‪ /1‬المدخل األوؿ‪ :‬يرى في العولمة مجموعة مسارات متشابكة اقتصاديا‪ ،‬ماليا‪ ،‬تكنولوجيا‪ ،‬ثقافيا‪ ،‬سياسيا‪،‬‬
‫اجتماعيا‪ ،‬و قيميا‪.‬تشمل العالم ككل واحد و تحركو فواعل فوؽ وطنية( األمم المتحدة‪،‬البورصات‪ ،‬الشركات‬
‫المتعددة الجنسيات‪.)...‬‬

‫‪ 4‬برىاف غميوف‪ ،‬سمير أميف‪،‬حوارات القرف الجديد‪:‬ثقافة العولمة وعولمة الثقافة‪،‬ط‪.2:‬لبناف‪ :‬دار الفكر المعاصر‪.2002،‬ص‬
‫ص‪.17-16:‬‬
‫‪ 5‬امحند برقوؽ‪ "،‬مفاىيـ في السياسة المقارنة الجديدة" محاضرة‪ (،‬محاضرات النظـ السياسية المقارنة‪ ،‬القيت عمي طمبة السنة الثانية‬
‫عموـ سياسية‪.)2009/2008.‬ص‪04:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪5‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫ت الفردية‪ ،‬بطريقة تعكس‬ ‫‪ /2‬المدخل الثاني‪ :‬يحدد مفهوـ العولمة في محاوالت تنميط قيم موحدة للسلوكيا‬
‫توجهات عالمية متجانسة‪.‬‬
‫‪ /3‬المدخل الثالث‪ :‬و الذي يرى في العولمة كحراؾ إنساني يتماشى و طبيعة الوضع الدولي الذي تهيمن عليو‬
‫الواليات المتحدة األمريكية ماديا و الغرب حضاريا‪ ،‬حيث يهدؼ في األخير إلى محاولة أمركة العالم و نشر‬
‫النموذج المعيشي األمريكي‪.‬‬
‫الناحي التاريخية للمصطلح‪ ،‬فرغم اتفاؽ الكثيرين على أف العولمة‬
‫ة‬ ‫ىذا من ناحية الحدود المعرفية للمفهوـ‪ ،‬أما من‬
‫ىي ظاىرة اكتسحت العالم بعد نهاية الحرب الباردة بتراجع األيديولوجية االشتراكية لحساب االنتصار الكبير‬
‫لإليديولوجية اللبرالية الرأسمالية الغربية‪ ،‬أين أصبح العالم يشهد سيطرة فكر و قيم واحدة تجسد نموذج الحياة‬
‫األمريكي‪ ،‬و يرى الدكتور خالد حربي في ىذا اإلطار أف ‪ ":‬انفراد الواليات المتحدة األمريكية بمحاولة استحواذ‬
‫‪ globalisation‬عاـ‬ ‫القوة العالمية‪...‬جعلها تحاوؿ فرض ىيمنتها على العالم فدشنت مصطلح العولمة‬
‫‪6‬‬
‫‪ 1991‬حينما ظهر في قاموس أكسفورد"‬
‫لكن بالمقابل ىناؾ من يرجع ظهور فكرة عولمة العالم‪ -‬دمج العالم في منظومة واحدة‪ -‬إلى مرحلة اإلمبراطوريات‬
‫القديمة أين حاولت اإلمبراطورية الرومانية مثال توحي د كل الدويالت تحت لواء الحضارة الرومانية‪ .‬أما من حيث‬
‫ارتباط العولمة بالحياة االقتصادية‪ ،‬فيتفق كثيروف أف أولى مراحلها قد بدأت في الخمسينات و الستينات من القرف‬
‫الماضي أين تضافرت الجهود من اجل تقليص القيود السياسية المفروضة على التجارة الدولية‪ ،‬خصوصا بعد‬
‫بروت وودز المنشئة للمؤسسات االقتصادية العالمية‪.‬‬
‫الحرب العالمية الثانية و عقد اتفاقية ف‬
‫‪ -2‬أبعاد و مجاالت العولمة‪:‬‬
‫للعولمة عدة أبعاد و مجاالت‪ :‬اقتصادية‪،‬سياسية‪،‬اجتماعية‪،‬و ثقافية سنركز على أىم بعدين االقتصادي و السياسي‪:‬‬
‫أ‪ /‬العولمة االقتصادية ‪ :‬تعد العولمة في شقها االقتصادي أىم أبعاد العولمة‪ ،‬حيث تعرؼ على أنها تعني‪":‬اندماج‬
‫أسواؽ العالم في حقوؿ التجارة و االستثمارات‪ ،‬و انتقاؿ رؤوس األمواؿ و القوى العاملة و التقانة ضمن إطار من‬
‫رأسمالية حرية األسواؽ"‪،‬ىذا و يعرفها صندوؽ النقد الدولي على أنها‪":‬التعاوف االقتصادي المتنامي لمجموع دوؿ‬
‫العالم و الذي يحتمو ازدياد حجم التعامل بالسلع و الخدمات و تنوعها عبر الحدود‪،‬إضافة إلى رؤوس األمواؿ و‬
‫االنتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كلو‪".‬‬

‫‪6‬خالد حربي‪،‬العولمة بيف الفكريف اإلسالمي و الغربي‪:‬دراسة مقارنة‪،‬االسكندرية‪:‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر‪ .2008،‬ص‪.07:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪6‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫بالتالي فاف العولمة في شقها االقتصادي تهدؼ إلى تحويل العالم إلى منطقة اقتصادية موحدة‪ ،‬تختفي فيها‬
‫‪7‬‬
‫الحواجز و القيود و اندماج االقتصاديات العالمية ضمن نطاؽ النظاـ االقتصادي الموحد‪ .‬و من أىم مالمحها‪:‬‬
‫‪ - 1‬تحرير التجارة الدولية تحت لواء المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬
‫‪ - 2‬التحالفات اإلستراتيجية للشركات العالمية وزيادة تدفق االستثمارات األجنبية المباشرة‪.‬‬
‫‪ - 3‬التزايد المستمر النتشار التكتالت االقتصادية اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ - 4‬التطور المذىل والسريع في تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪.‬‬
‫ب‪ /‬العولمة السياسية‪ :‬تشكل العولمة السياسية أكثر أبعاد العولمة خطورة‪ ،‬حيث تميل العولمة في بعدىا السياسي‬
‫إلى االتجاه الذي يوازي بين مفهومي العولمة و األمركة‪ .‬فالعولمة السياسية مرتبطة إلى حد كبير بالفلسفة اللبرالية‪،‬‬
‫كما تعكس التصورات التي طرحتها مرحلة ما بعد الحرب الباردة و التي تهدؼ إلى خلق نموذج حكم صالح لكل‬
‫الدوؿ و الشعوب و الثقافات‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫و من أىم محددات العولمة السياسية‪:‬‬
‫‪ ‬ضرورة بناء تصور موحد و إلزامي لحقوؽ اإلنساف ال تعترؼ ال بالثقافة و ال بالدين و ال تعترؼ بالحدود‪،‬‬
‫و ال بالسيادة و ال باالختصاص الداخلي للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬جعل الديمقراطية نظاـ الحكم الوحيد القادر على التكيف مع منطلقات العولمة‪.‬‬
‫‪ ‬جعل الديمقراطية حقفعيستخدـ لتغيير األنظمة السياسية باسمو‪ ،‬و ترفض األنظمة االنقالبية باسم‪ ،‬و‬
‫يتدخل في الشؤوف الداخلية باسمو كما كاف في حاؿ تدخل األمم المتحدة ‪ ،‬عن طريق تدخل الواليات‬
‫المتحدة األمريكية في ىاييتي سنة ‪ 1994‬إلرجاع نظاـ حكم منتخب بعد أف كاف ضحية انقالب‬
‫عسكري‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل منطق دولة الحق و القانوف ‪.‬‬
‫‪ ‬أما المحدد األخير فيهدؼ إلى خلق آليات الرشادة و العقالنية السياسية عن طريق فرض فلسفة الحكم‬
‫الراشد ‪.‬‬

‫‪ 7‬عبد الوىاب رميدي‪ "،‬التكتالت االقتصادية اإلقميمية في عصر العولمة و تفعيؿ التكامؿ االقتصادي في الدوؿ الناميػة‪ -:‬دراسة‬
‫تجارب مختمفة –"مذكرة دكتوراه‪ (.‬جامػعة الج ػزائر كميػة العموـ االقتصاديػة وعموـ التسييػر‪ )2007-2006،‬ص‪.90:‬‬
‫‪8‬أمحند برقوؽ‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص ص‪8-7:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪7‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪-3‬مؤسسات العولمة‪:‬‬
‫المقصود بمؤسسات العولمة مجمل الهياكل المؤسساتية الدولية التي أنشئت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية‬
‫والتي عملت على تأكيد أىمية إقامة نظاـ عالمي يجمع جميع الدوؿ دوف تمييز‪ ،‬وقد لعبت منظمة األمم المتحدة‬
‫والمنظمات التابعة لها دورا رئيسا في تأكيد ىذه األىمية والدعوة لضرورة إيجاد شكل من أشكاؿ"الفوقية" فوؽ‬
‫الدوؿ والحكومات‪ ،‬وعلى الحكومات أف تتنازؿ عن جزء من سيادتها إف لم تكن كاملة لصالح آليات‬
‫اكبر‪،‬ليشكل ذلك في األخير حكومة العولمة‪.‬‬
‫ففي الجانب السياسي تلعب منظمة األمم المتحدة الدور األكبر في محاولة نشر ثقافة العالم الموحد علميا‪،‬‬
‫وىناؾ من يسميها بالحكومة العالمية و قد أسست المنظمة على أنقاض عصبة األمم التي جاءت تجسيدا لنظرية‬
‫األمن الجماعي وقد ظهرت أوؿ محاولة رئيسة إلنشاء نظاـ أمن جماعي في نهاية الحرب العالمية األولى‪ ،‬مع‬
‫توقيع ميثاؽ عصبة األمم ‪.‬ومثلت المادة ‪ 10‬من الميثاؽ التي تضمن السالـ‪ ،‬مع المادة‪ 16‬التي تؤمن التهديد‬
‫جوىر األمن الجماعي ‪.‬وقد طُلب في المادة ‪ 10‬من كل دولة عضو ضماف وحدة أراضي الدوؿ‬
‫َر‬ ‫بالرد المضاد‪،‬‬
‫األعضاء األخرى وسالمتها السياسية ‪.‬ولتأمين ىذا الوعد‪ ،‬كانت كل دولة عضو) وفقاً للمادة ( ‪ 16‬بحالة حرب‬
‫تلقائية مع أي ٍد‬
‫معتد ‪.‬و األمم المتحدة ‪ ‬اليوـ تحاوؿ أف تلعب ىذا الدور من خالؿ تحقيق ثالث أىداؼ‬
‫‪9‬‬
‫أساسية‪:‬‬
‫‪ ‬الحفاظ على السالـ العالمي‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير عالقات ودية بين الدوؿ والتعاوف الدولي في حل المشكالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫واإلنسانية‪.‬‬
‫‪ ‬وتعزيز احتراـ حقوؽ اإلنساف والحريات األساسية‪.‬‬
‫تضم األمم المتحدة مجموعة منوعة من الهيئات المسماة بالوكاالت المتخصصة التي تنظم نشاطات محددة‬
‫وتضع المعايير العالمية ‪.‬تضم ىذه الهيئات صندوؽ النقد الدولي‪ ،‬البنك الدولي‪ ،‬منظمة الصحة العالمية‪ ،‬منظمة‬

‫‪ ‬تضـ األمـ المتحدة ست ىيئت أساسية(الجمعية العمومية‪ ،‬مجمس األمف‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬المجمس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬محكمة‬
‫العدؿ الدولية مجمس األمناء)‬
‫‪ 9‬مارتف غريفيثس‪ ،‬تيري اوكالىاف‪ ،‬المفاىيـ األساسية في العالقات الدولية‪(.‬تر‪ :‬مركز الخميج لألبحاث)‪.‬اإلمارات العربية المتحد ة‪:‬‬
‫مركز الخميج لألبحاث‪. 2008،‬ص‪.74:‬‬
‫٘‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪8‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫األغذية والزراعة ) اؿفاو(‪ ،‬منظمة التربية والعلوـ والثقافة) يونسكو(‪ ،‬صندوؽ الطوارئ الدولي لمساعدة الطفولة‬
‫)يونيسف(‪ ،‬اللجنة العليا لالجئين‪ ،‬وبرنامج البيئة التابع لألمم المتحدة‪.‬‬

‫أما من الناحية االقتصادية فتشرؼ على إيجاد البنية الهيكلية التحتية واألساسية لالقتصاد الدولي المعولم ثالث‬
‫مؤسسات دولية المبينة في الشكل التالي‪:‬‬
‫منظمة التجارة العالمية‬

‫العولم ػػة‬

‫البنػك الدولي‬ ‫صندوؽ النقد الدولي‬

‫شكل رقم(‪:)01‬مؤسسات العولمة االقتصادية‪.‬‬

‫وقد أنشأت ىذه المؤسسات لتشكل اإلطار المؤسسي المتكامل للنظاـ االقتصادي العالمي ويتم من خاللها تأكيد‬
‫‪10‬‬
‫عالمية االقتصاد‪ ،‬حيث أنشأت سنة ‪ 1945‬ضمن اتفاؽ بروتن وودز‪:‬‬
‫‪ ‬منظمة التجارة العالمية ‪ ( world trade organization):‬تنشط ىذه المنظمة في مجاؿ إيجاد‬
‫و تأسيس مجموعة القواعد االرتكازية الداعمة لحرية التجارة و تنمية الروابط التي توحد األسواؽ العالمية‪.‬‬
‫أنشأت المنظمة سنة ‪ 1948‬كاتفاؽ متعدد األطراؼ سمي باالتفاقية العامة للتعريفات و التجارة‬
‫)‪ (Gaat‬و بعد عقد عدة جوالت للمفاوضات التجارية‪ -‬كاف آخرىا جوالت االوروغواي ‪ -1995‬تم‬
‫اإلعالف عن تأسيس المنظمة الفعلي‪.‬‬
‫‪ ‬البنك الدولي ‪ :‬انشأ ىذا البنك من اجل تمويل أعماؿ إعادة البناء و التعمير لما دمرتو الحرب العالمية‬
‫الثانية‪ ،‬و تنمية اقتصاديات الدوؿ المتخلفة من خالؿ تقديم القروض و المعونات الفنية للدوؿ األعضاء‪.‬‬
‫يضم البنك مجموعة من المؤسسات و ىي‪ :‬البنك الدولي لإلنشاء و التعمير‪ ،‬الرابطة الدولية للتنمية‪،‬‬
‫مؤسسة التمويل الدولية‪.‬‬

‫نفس المرجع‪،‬ص ص‪102-100:‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪9‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬صندوؽ النقد الدولي ‪ :‬و وظيفتو دعم استقرار أسعار الصرؼ و المحافظة على التدابير المنظمة للصرؼ‬
‫بين الدوؿ األعضاء و إزالة القيود المفروضة على الصرؼ األجنبي و التي تعوؽ نمو التجارة الدولية‪.‬‬

‫‪ -.4‬مزايا و عيوب العولمة‪:‬‬


‫للعولمة كمرحلة جديدة للتطور التاريخي و اإلنساني مجموعة من المزايا و العيوب و التي تعكس باألساس تأثيرات‬
‫العولمة على االقتصاديات الوطنية‪:‬‬
‫←المزايا‪ :‬من بين مزايا العولمة نذكر‪:‬‬
‫‪ - ‬تكريس و تفعيل دور التعاوف الدولي من اجل حل المشاكل المختلفة للدوؿ خصوصا الدوؿ النامية و‬
‫الضعيفة اقتصاديا منها (الفقر‪ ،‬المديونية‪.)...‬‬
‫‪ ‬اقتصاديا مكن االنفتاح االقتصادي الدوؿ النامية من الوصوؿ إلى األسواؽ العالمية للحصوؿ على ما‬
‫تحتاجو من أمواؿ و مساعدات فنية‪ ،‬خصوصا في ظل قصور التمويل الداخلي‪.‬‬
‫‪ ‬أما بالنسبة للدوؿ المتقدمة فتمكنها العولمة من خلق فرص استثمارية واسعة و ذلك بفتح المجاؿ في‬
‫األسواؽ المختلفة في العالم‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫← العيوب‪ :‬أما عن أىم عيوبها‪:‬‬
‫‪ ‬تؤدي العولمة إلى محاولة تقويض سلطة الدولة وسيادتها‪ ،‬والتي قد تحد من قدرتها حتى على القياـ‬
‫بوظائفها األساسية‪ ،‬كما تعمل على تكريس تدخل القوى الدولية في الشؤوف الداخلية للدوؿ سياسيا‬
‫واقتصاديا وحتى امنيا‪.‬‬
‫‪ ‬كما تعمل العولمة على تكريس حكم الشركات المتعددة الجنسيات في إدارة اقتصاد العالم وتراكم‬
‫أرباحها على حساب دوؿ و شعوب أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬إف التبادؿ التجاري العالمي الحالي ال يعبر تعبير حقيقياً عن صفة العولمة ‪ ،‬حيث تتركز التجارة الدولية‬
‫بين اإلتحاد األوروبي وأمريكا والياباف ودوؿ جنوب شرؽ آسيا وتستأثر ىذه المجموعة بحوالي ‪%87‬من‬

‫‪11‬عمي العديو‪ "،‬عولمة التكتالت االقتصادية" متحصؿ عميو مف موقع‪:‬‬


‫‪Ali-hu.tripod.com/ali2.doc‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪10‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫الواردات العالمية وحوالي ‪ % 94‬من الصادرات المصنعة‪ ،‬في حين أف سكانها ال يتجاوز اؿ ‪ % 20‬من‬
‫سكاف العالم‪.‬‬
‫‪ ‬و في نفس السياؽ ال تؤدي التجارة إلى توزيع متكافئ وعادؿ ألرباحها بين الدوؿ المتاجرة ‪ ،‬ففي عاـ‬
‫‪ 1994‬كاف ‪ % 70‬من مجمل التجارة العالمية من نصيب القوى الكبرى ‪ ،‬وبالتالي ستكوف المنافع‬
‫الحاصلة ‪ ،‬من نفس الطبيعة ‪.‬‬
‫‪ ‬أما ثقافيا فتدعو العولمة إلى ثقافة عالمية تحتوي منظومة من المعايير الخاصة لفرضها على العالم اجمع‬
‫بغض النظر عن التمايزات المختلفة بين الدوؿ خصوصا في ظل التطورات الحاصلة في الميداف‬
‫االتصاالتي والمعلوماتي‪ ،‬مما يؤدي إلى المساس بالهويات الثقافية والوطنية للدوؿ‪.‬‬
‫‪ ‬ىذا ويتفق كثيروف أف العولمة تتجو نحو تفريغ اإلعالـ من الهوية الوطنية ودخوؿ المزيد من العناصر‬
‫الثقافية الغربية‪ ،‬وعلى الرغم من وجود حوالي ‪ 6000‬لغة في العالم‪ ،‬فإف ‪ % 90‬من بيانات االنترنت‬
‫تبث بلغة واحدة ‪ -‬اللغة االنكليزية ‪ -‬وىذا يحمل في طياتو تهميش ثقافات ولغات أخرى ويلغي التنوع‬
‫الثقافي واللغوي على مستوى العالم‪ ،‬خاصة وأف معظم المعلومات الوافدة ىي من العالم المتقدـ‪ ،‬وىذا‬
‫يعكس تناقضاً آخر يتمثل في كوف وسائل اإلعالـ على الرغم من عولمتها إال أف اإلعالـ نفسو‬
‫والمعلومات غير معولمة وغير متاحة في معظم دوؿ العالم بسبب األمية اللغوية‪.‬‬
‫و السؤاؿ األىم الذي يطرح نفسو ىنا ىو انو إذا سلمنا بحتمية العولمة كمرحلة تاريخية فكيف يجب أف‬
‫تتعامل الدوؿ الضعيفة خاصة مع السلبيات انفة الذكر؟ و لنتساءؿ بطريقة موضوعية ىل يكمن الخلل في‬
‫العولمة كمفهوـ و كتيار يحاوؿ نشر قيم عالمية األبعاد أدت في تجلياتها إلى خدمة أطراؼ معينة على حساب‬
‫أطراؼ أخرى أـ أف الخلل األساسي يجد جذوره في ضعف الدوؿ الضعيفة و عدـ قدرتها على المنافسة؟‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪11‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امثاهية‪:‬تعريف ا إلقلميية و أأس باب ظهورها‪:‬‬


‫‪ -1‬تعريف اإلقليمية‪Régionalism :‬‬
‫تعرؼ اإلقليمية بأنها " عملية تكثيف التعاوف السياسي و االقتصادي بين دوؿ أو أطراؼ تنتمي إلى منطقة‬
‫‪ .12‬و تنطلق اإلقليمية من‬ ‫جغرافية واحدة‪ ،‬و غالبا ما يكوف ىذا التعاوف في مجاؿ التبادؿ التجاري و تدفقو"‬
‫التعاوف و تكثيف العالقات خصوصا االقتصادية منها بين مجموعة من الدوؿ من اجل الوصوؿ لتحقيق التكامل‬
‫حتى االندماج بينها‪ ،‬حيث يتم ذلك بإزالة الحواجز و القيود المختلفة المفروضة بينها سابقا‪ .‬كما تتميز اإلقليمية‬
‫بكونها تتم بين الدوؿ المتجانسة في الخصائص الجغرافية( إقليم جغرافي واحد أو متقارب على األقل)‪،‬‬
‫االقتصادية (بين الدوؿ ذات المستويات االقتصادية المتقاربة)‪ ،‬السياسية( قد تتم بين دوؿ ذات توجهات سياسية‬
‫متشابهة)‪...‬‬
‫مصطلح اإلقليمية مشتق من كلمة اإلقليم‪ ،‬و ىو مفهوـ مكاني يحدده البعد الجغرافي من جهة و كثافة التبادؿ‬
‫التجاري و المشاركة في المؤسسات و التجانس الثقافي‪ .‬حيث يحدد اإلقليم عمليا بحجم المبادالت التجارية‬
‫‪13‬‬
‫بحجم المبادالت والتدفقات التجارية وصفات مكوناتو وقيمو وخبراتو المشتركة‪.‬‬
‫و اإلقليمية في ىذا اإلطار تشير إلى ذلك التعاوف الحاصل على مستوى إقليمي بين الدوؿ المتجانسة‪ ،‬ىذا‬
‫التعاوف الذي يحدد معدؿ نمو التفاعالت االقتصادية و االجتماعية لهوية المنطقة عن طريق حركة تبادؿ البضائع و‬
‫األشخاص ضمن منطقة محدودة‪.‬‬
‫كما تعرؼ اإلقليمية على أنها "حالة وسطية بين المحلية التي تدفع باألفراد والجماعات لتضييق نطاؽ اىتماماتها‬
‫سواء السياسية أو االقتصادية‪ ،‬أو االجتماعية وبين العولمة التي تستهدؼ إزالة الحدود الجغرافية والحواجز‬
‫ؾكل "‪ .14‬و ضمن ىذه الحالة الوسطية‬ ‫الجمركية وتسهيل نقل الرأسمالية سياسيا واقتصاديا وثقافيا عبر العالم‬
‫تهدؼ التنظيمات اإلقليمية إلى تعزيز التكامل و االندما ج بين اقتصادياتها في جميع المجاالت‪ ،‬بحيث تقلل من‬

‫‪ 12‬مارتف غريفيثس‪ ،‬تيري اوكالىاف‪ ،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪.67:‬‬


‫‪ 13‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 14‬عبد الوىاب رميدي‪،‬مرجع سابؽ‪،‬ص‪.29:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪12‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫تبعيتها للعالم الخارجي و لكن دوف االنعزاؿ عنو‪ .‬كما تهدؼ إلى زيادة سعة و حجم األسواؽ الذي سيؤدي بدوره‬
‫إلى تحسين اإلنتاجية و زيادة رفاىية الدوؿ األعضاء‪ ،‬وحرية تنقل األفراد‪.‬‬

‫و من بين األىداؼ التي تقوـ من اجلها السياسات االقتصادية اإلقليمية ما يلي‪:15‬‬


‫‪-1‬تحسين التوازف في التوزيع اإلقليمي للسكاف والصناعة‪.‬‬
‫‪ -2‬تحسين استخداـ الموارد وتخصيصها تخصيصا أمثل ‪.‬‬
‫‪ -3‬تحسين توزيع الدخل بين األقاليم‪.‬‬
‫‪ -4‬تحسين ميزاف المدفوعات لألقاليم‪ ،‬وتخفيض الضغوط التضخمية وذلك بتخفيض حجم الفرو قا ت اإلقليمية‬
‫في الطلب على العمل ‪.‬‬
‫‪ -5‬تحقيق االستقرار االجتماعي والسياسي خاصة في الدوؿ التي تعاني من االختالالت العرقية باإلضافة إلى إزالة‬
‫الفوارؽ االقتصادية بين األقاليم‪.‬‬
‫‪ -6‬الخوؼ من البقاء بعيدا عن بقية دوؿ العالم التي انحرفت في االتجاه نحو اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ -.2‬أسباب ظهور اإلقليمية ‪ :‬ىناؾ العديد من األسباب التي دفعت الدوؿ إلى بناء تحالفات و تكتالت إقليمية‬
‫خصوصا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت ظهور العديد من التكتالت االقتصادية على المستوى‬
‫اإلقليمي‪ .‬و من ىذه األسباب‪:‬‬
‫‪ ‬إف قياـ أي تكتل إقليمي يجد لبنتو األولى في تماثل الخصائص بين الدوؿ خاصة الخصائص المتعلقة‬
‫بالمستويات االقتصادية منها‪ ،‬مما يدفعها إلى الرغبة في تطوير عالقات تعاونية لالستفادة من ىذا التماثل‬
‫على أكمل وجو‪.‬‬
‫‪ ‬يربط الكثير من المحللين و خصوصا االقتصاديين منهم ميل و سعي الدوؿ لبناء تكتالت إقليمية بالوضع‬
‫الدولي لفترة ما بعد الحرب الباردة الذي يعد من أسمى مراحل العولمة‪ ،‬حيث انو من بين نتائج عولمة‬
‫االقتصاد الدولي دفع الدوؿ نحو تعميق صيغ التعاوف اإلقليمية و التكتل من اجل مواجهة أي تحدي‬
‫خارجي أو تدخل في شؤونها الداخلية بسبب آلية من آليات العولمة خاصة عن طريق المنظمات الدولية‪.‬‬

‫‪ 15‬نفس المرجع‪،‬ص‪.29:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪13‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬و في نفس السياؽ‪ ،‬تهدؼ الدوؿ من خالؿ التكامل إلى التمتع بوفرة اإلنتاج الكبير‪ ،‬وىذا عند قياـ‬
‫ارتفاع نسبة التجارة البينية بين الدوؿ‬ ‫التكامل الذي يؤدي اتساع األسواؽ‪ .‬كما يؤدي التكامل إلى‬
‫المتكاملة وىذا ما يجعلها تخفض من التبعية االقتصادية‪ ،‬أو تكوف لها درجة عالية من االستقاللية‬
‫االقتصادية بالنسبة للدوؿ الخارجة عن المنطقة التكاملية و ىذا ما يؤدي إلى االرتباط أكثر بين الدوؿ‬
‫المتكتلة من خالؿ تشابك اقتصادياتها وأسواقها‪.‬‬
‫‪ ‬أما سياسيا‪ ،‬فقد اقتنعت العديد من الدوؿ أف تشابك العالقات االقتصادية من خالؿ التكامل سيساعد‬
‫على ارتباط الدوؿ األعضاء وزيادة الثقة بينهما في المنطقة التكاملية‪ ،‬بذلك تتجنب ىذه الدوؿ خطر‬
‫الصراع السياسي فيما بينها‪ ،‬وخير مثاؿ على ذلك حل الصراعات الحدودية خاصة و التي كانت قائمة بين‬
‫فرنسا وألمانيا بعد إقامة المجموعة األوربية للفحم والصلب عاـ ‪.1951‬‬
‫‪ ‬نظرا لتيقن الدوؿ و الحكومات بعدـ قدرتها على العمل انفراديا سواءا سياسيا أو اقتصاديا‪ ،‬نظرا لتعدد و‬
‫تعقد المشاؾؿ التي تواجهها من جهة‪ ،‬و قصور اإلجراءات الوطنية على معالجتها معالجة صحيحة‪.‬‬
‫أصبحت االتفاقيات و والتكامال ت اإلقليمية الحل األمثل لهذه الدوؿ من اجل التعامل بجدية و كفاءة‬
‫لحل المشاكل المختلفة و ذلك بتبني سياسات تعاونية لحل المشاكل المتجانسة و المشتركة‪.‬‬
‫‪ ‬فشل نظاـ األمن الجماعي‪ -‬الذي ظهر بعد الحرب العالمية األولى الذي أفضى إلى تأسيس عصبة األمم‬
‫و األمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية‪ -‬في الحفاظ على المن و السلم الدوليين كما كاف منتظرا‬
‫خاصة قياـ الحرب العالمية الثانية و وشوؾ قيامها خالؿ الحرب الباردة‪ .‬كل ىذه الظروؼ دفعت الدوؿ‬
‫إلى محاولة حماية نفسها عن طريق تشكيل التحالفات اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ ‬و في نفس السياؽ‪ ،‬فاف استمرار تضارب المصالح و الصراع بين القوى الكبرى خالؿ الحربين أدى‬
‫بالدوؿ للتيقن باف تحقيق التوافق و االنسجا ـ في المصالح على المستوى العالمي و بين جميع الدوؿ‬
‫خصوصا الكبرى ىو أمر صعب إف لم يكن مستحيال‪ ،‬بالتالي فاف األسهل و األضمن ىو توحيد المصالح‬
‫في إطارىا اإلقليمي بطريقة أكثر فعالية‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪14‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امثامثة‪:‬‬
‫ا ألصول امفكرية و امنظرية م إلقلميية من امالكس يكية اإىل ا إلقلميية اجلديدة‬

‫شهد مفهوـ اإلقليمية تطورا ملحوظا من الناحيتين النظرية و العملية‪ ،‬فبعد ظهور التوجهات المبكرة‬
‫لإلقليمية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية و التي قامت على فكرة التكتل و التعاوف بين دوؿ المنطقة الواحدة من‬
‫اجل النهوض باقتصادياتها‪.‬شهد مفهوـ اإلقليمية تطورا كبيرا خالؿ ثمانينات القرف العشرين من خالؿ ظهور ما‬
‫يسمى باإلقليمية الجديدة ‪ ، new regionalism‬التي جاءت نتاج ظروؼ العولمة االقتصادية خصوصا مع‬
‫مطلع التسعينات‪.‬فتسعى اإلقليمية الجديدة إلى تحرير قوى السوؽ من خالؿ االعتماد على تفعيل دور القطاع‬
‫الخاص و تحقيق االندماج في االقتصاد العالمي من خالؿ زيادة االعتماد على التصدير الموجو نحو الخارج‪.‬كما‬
‫تسعى إلى تعزيز درجة التكامل عن طريق إزالة الحواجز أماـ تدفق االستثمارات و الخدمات وفقا لتشريعات و‬
‫قواعد موحدة‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫وقد ظهرت اإلقليمية الجديدة في شكلين أساسيين‪:‬‬
‫‪ .1‬تكتالت تجارية قائمة على فرضية تسهيل العالقات التجارية بين الدوؿ األعضاء‪ ،‬تنطلق في شكل مناطق‬
‫للتجارة الحرة و قد تتطور لتصل لدرجة االتحاد االقتصادي مثل االتحاد األوربي‪.‬‬
‫‪ .2‬تكتالت صناعية قائمة على فكرة التخصص و تقسيم العمل في صناعة واحدة أو مجموعة من الصناعات‬
‫بين الدوؿ األعضاء‪ .‬و كمثاؿ على ذلك مثلث النمو اإلقليمي الفرعي الذي ربط بين التكنولوجيا و القوة‬
‫المالية في سنغافورة و العمالة و الموارد في اندونيسيا‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلقليمي الجديدة ما يلي‪:‬‬
‫ة‬ ‫و من بين أىم أوجو التمييز بين اإلقليمية في شكلها الكالسيكي و‬
‫‪ ‬من الناحية الجغرافية حسب الصيغة التقليدية للتكامل فإنو يضم دوال متجاورة جغرافيا‪ .‬لكن‬
‫حسب الصيغة الجديدة للتكامل فإنو ليس من الضروري أف يكوف بين دوؿ متجاورة‪ ،‬ولكن قد‬

‫‪16‬عالوي محمد لحسف‪ "،‬اإلقميمية الجديدة ‪:‬المنيج المعاصر لمتكامؿ االقتصادي اإلقميمي"‪ .‬مجمة الباحث‪ .‬عدد‪.07 :‬‬
‫‪ .2010/2009‬ص‪.105:‬‬
‫‪ 17‬عبد الوىاب رميدي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.20-18 :‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪15‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫يكوف بين إقليم أو أكثر متجاورين‪ .‬بذلك تهدؼ اإلقليمية الجديدة إلى تخفيض معوقات تدفق‬
‫التجارة بين الدوؿ بغض النظر عن كونها متجاورة أو حتى قريبة أو بعيدة عن بعضها البعض‪.‬‬
‫التقليدي قدرا كبيرا‬
‫ة‬ ‫اإلقليمي‬
‫ة‬ ‫‪ ‬من ناحية الخصائص اإلقليمية المشتركة يتطلب قياـ التكامل حسب‬
‫من التجانس والتقارب االقتصادي ألف ذلك يؤدي إلى مزيد من خطى التقارب بين الدوؿ‪ ،‬أما‬
‫حسب المنهج الجديد فإنو ال يتطلب ذلك بل على العكس تماما فإنو قد يقوـ بين أعضاء تتباين‬
‫مستوياتهم االقتصادية ويعتمد على وجود أعضاء متقدـيف يتولوف قيادة التكتل‪.‬‬
‫اإلقليمية الكالسيكية أف ىناؾ ثقال‬ ‫‪ ‬من حيث الخصائص االجتماعية والثقافية‪ :‬ترى الصيغة‬
‫للعوامل االجتماعية والثقافية في التقارب‪ ،‬حيث تسهل تقبل إحالؿ التفاىم والتقارب محل التنابذ‬
‫والتصارع‪ ،‬حتى بلوغ الهدؼ النهائي من التكامل وىو الوحدة‪ .‬وعلى عكس ذلك نجد الصيغة‬
‫الجديدة تسمح للتكامل أف يقوـ بين أعضاء لهم ثقافات متباعدة وتسمح بالخصوصيات وتعتمد‬
‫على تبادؿ التفاىم بين أعضائها‪.‬‬

‫‪ ‬من ناحية سياسية فإف الدوافع السياسية للصيغة التقليدية للتكامل ىي تحقيق األمن والسالـ‬
‫وإيقاؼ الحروب‪ ،‬ألف ىذا الشكل ظهر بشكل واضح بعد الحرب العالمية الثانية‪ .‬أما الصيغة‬
‫الجديدة للتكامل وبسبب اختالؼ الظروؼ الدولية التي ظهرت فيها عن ظروؼ المنهج‬
‫التقليدي‪ ،‬نجد دوافعها السياسية تركز على دعم االستقرار السياسي لدوؿ التكامل‪.‬‬
‫عود في أساس نشأتها إلى جهود السلطات‬
‫‪ ‬وفي نفس السياؽ‪ ،‬فاف الصيغة التقليدية لإلقليمية ت‬
‫الرسمية في الدوؿ األطراؼ‪ ،‬لكن في الصيغة الجديدة لها فإف تلك الدعوى ‪ -‬دعوى اإلنشاء‪-‬‬
‫قد تعود إلى قطاع األعماؿ والشركات عابرة القوميات (القطاع الخاص)‪.‬‬
‫‪ ‬ىناؾ من يطلق على مفهوـ اإلقليمية الجديدة مصطلح اإلقليمية المفتوحة‪ ،‬بمعنى أف ىذه‬
‫التكتالت قد تسمح بتخفيض القيود على واردات الدوؿ غير األعضاء بالتكتل‪ .‬إال أف درجة‬
‫التحرير ليست بالضرورة مرتفعة مثل مستواىا بين الدوؿ األعضاء‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪16‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫يمكن إجماؿ أىم الفرو قات في الجدوؿ التالي‪:‬‬

‫اإلقليمية الجديدة‬ ‫اإلقليمية الكالسيكية‬

‫‪-‬قامت على اإلحالؿ محل الواردات و االنسحاب ‪-‬تقوـ على التوجو نحو التصدير و االندماج في‬
‫االقتصاد العالمي‪.‬‬ ‫من االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫‪-‬تخصيص الموارد باالعتماد على قوى السوؽ‪.‬‬ ‫‪-‬تخصيص الموارد و االعتماد على التخطيط و‬
‫‪-‬يدفعها القطاع الخاص‪.‬‬ ‫القرارات السياسية‪.‬‬
‫‪-‬التكامل يشمل كافة السلع و الخدمات و‬ ‫‪-‬دفعتها الجهود الحكومية‪.‬‬
‫االستثمار‪.‬‬ ‫‪-‬التكامل أساسا في السلع الصناعية‪.‬‬
‫‪-‬تقوـ على التكامل العميق‪.‬‬ ‫‪-‬تعاملت أساسا مع الحواجز الجمركية‬
‫‪-‬تطبيق قواعد متساوية على كل الدوؿ مع السماح‬ ‫‪-‬وفرت معاملة تفضيلية للدوؿ األقل نموا‪.‬‬
‫بفترات زمنية للتأقلم‪.‬‬

‫جدوؿ رقم (‪ :)01‬االختالفات األساسية بين اإلقليمية الكالسيكية والجديدة‪.‬‬


‫المصدر‪ :‬عالوي محمد لحسن‪ "،‬اإلقليمية الجديدة ‪:‬المنهج المعاصر للتكامل االقتصادي اإلقليمي"‪.‬ص‪.20:‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪17‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امرابعة‪:‬امتاكمل الاقتصادي أكمه أأوجه ا إلقلميية‬


‫‪ - 1‬تعريف التكامل‪integration:‬‬
‫يعرؼ التكامل لغة " تكوين كل من خالؿ ضم أو جمع األجزاء بعضها مع بعض‪ ،‬أو العمل الكتماؿ‬
‫الشيء غير التاـ أو غير الكامل من خالؿ جمع األجزاء"‪ .‬و من الناحية االصطالحية‪ ،‬يعرؼ بيال باالسا التكامل‬
‫بأنو ‪ ":‬عملية تشمل اإلجراءات الرامية إلنهاء التمييز بين الوحدات االقتصادية التابعة لبلداف مختلفة‪ ،‬و ىو ثانيا‬
‫وضع محدد أو حالة يمكن إف يتمثل في انتفاء مختلف صور التمييز و التفرقة بين االقتصاديات القومية"‪ .‬بذلك‬
‫يكوف التكامل عبارة عن عملية يتم من خاللها إلغاء أي تدخل حكومي في عمليات تحرير التجارة بين الدوؿ‬
‫المتكاملة‪.‬‬
‫كما يعرؼ التكامل االقتصادي أيضا بكونو ‪":‬عملية إلغاء كافة الحواجز الجمركية و غير الجمركية بين‬
‫مجموعة من الدوؿ المتكاملة‪ ،‬مع تنسيق السياسات االقتصادي ة و النقدية و المالية مما يؤدي إلى خلق تكتل‬
‫اقتصادي جديد يحل محل االقتصاديات الوطنية في المنطقة التكاملية"‪ .‬و انطالقا من ىذا التعريف فاف بناء‬
‫التكتل االقتصادي يعد آخر مراحل التكامل‪ ،‬حيث انو بعد عملية تكثيف عالقات التعاوف االقتصادي و التجاري‬
‫بين الدوؿ المتجانسة ينشأ في األخير ما يسمى بالتكتل االقتصادي الجديد‪.‬‬
‫و يعبر التكتل االقتصاد ي عن درجة معينة من درجات التكامل الذي يقوـ بين الدوؿ المتجانسة اقتصاديا‪،‬‬
‫جغرافيا‪ ،‬تاريخيا‪ ،‬و اجتماعيا و التي تجمعها مجوعة من المصالح االقتصادية المشتركة‪ ،‬بهدؼ تعظيم تلك‬
‫المصالح و زيادة التجارة الدولية البينية لتحقيق اكبر عائد ممكن‪ ،‬ثم الوصوؿ إلى أقصى درجة من الرفاىية‬
‫‪18‬‬
‫االقتصادية لشعوب تلك الدوؿ‪.‬‬
‫كما تعرؼ التكتالت االقتصادية بأنها‪ ":‬تجمع عديد من الدوؿ التي تجمعها روابط خاصة بالجوار الجغرافي أو‬
‫التماثل في الظروؼ االقتصادية أو االنتماء الحضاري المشترؾ‪ ،‬ىذا التجمع يكوف في إطار معين قد يكوف اتحادا‬
‫جمركيا او منطقة تجارة حرة‪ ...‬فالتكتل اإلقليمي كمفهوـ يعكس الجانب التطبيقي لعملية التكامل االقتصادي‪ ،‬فهو‬
‫‪19‬‬
‫يعبر عن درجة من درجات التكامل االقتصادي فيما بين الدوؿ األعضاء‪".‬‬

‫‪ 18‬عبد المطمب عبد الحميد‪" ،‬السوؽ العربية المشتركة‪ ،‬الواقع والمستقبؿ في األلفية الثالثة"‪ ،‬القاىرة‪ :‬مجموعة النيؿ العربية‪،2002 ،‬‬
‫ص‪30‬‬
‫‪ 19‬عبد الوىاب رميدي‪،‬مرجع سابؽ‪،‬ص‪30:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪18‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫لعل التعريفات السابقة تميل في تحديدىا لمفهوـ التكامل للتوجهات الغربية القائمة على تحير التجارة واقتصاد‬
‫السوؽ‪ ،‬و من اجل اإلحاطة أكثر بمفهوـ التكامل البد من اإلشارة لوجهة النظر الفكر االشتراكي لمفهوـ التكامل‪،‬‬
‫حيث يعرؼ بكونو‪ ":‬عملية موضوعية تخضع لتخطيط منظم و صارـ تهدؼ إلى تقريب مستويات التطور‬
‫االقتصادي بصفة متساوية للدوؿ االشتراكية عن طريق إنشاء مؤسسات اقتصادية قوية على المستوى الوطني و‬
‫إقامة عالقات اقتصادية متينة بين الدوؿ المعنية توخيا لتوسيع أىدافها‪ 20 ".‬من ىنا يركز االشتراكيوف على شرط‬
‫التوزيع المتكافئ للمنفعة المرجوة من التكامل و الذي يهدؼ باألساس إلى تقريب مستويات التطور االقتصادي‬
‫بين الدوؿ المتكاملة‪ .‬و التكامل االقتصادي حسب االشتراكيين يعتمد المرحلية في تنسيق اقتصاديات الدوؿ و‬
‫ذلك بهدؼ حل المشاكل االقتصادية العالقة و التي من شانها إعاقة التنمية في ىذه الدوؿ‪ ،‬و ذلك عن طريق‬
‫تعميق تقسيم العمل بين الدوؿ المعنية حسب إمكانيات كل دولة‪.‬و انطالقا من ىنا فاف التكامل االقتصادي ال‬
‫يعبر عن توحيد اقتصاديات الدوؿ المتكاملة ( توحيد األسواؽ)‪ ،‬و إنما يعتمد على إعادة ىيكلة اآلليات‬
‫االقتصادية على مستوى كل دولة و تعميق العالقات التبادلية بين الدوؿ المعنية‪.‬و يمكن حصر أىم أركاف التكامل‬
‫‪21‬‬
‫وفق وجهة النظر االشتراكية –التي تميزه عن التكامل في الفكر اللبرالي‪ -‬في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التنمية المتكافئة‪.‬‬
‫‪ -‬التأكيد على احتراـ سيادة الدولة قيد التكامل و عدـ التوجو إلقامة دولة موحدة مقاـ الدوؿ األعضاء‪.‬‬
‫‪ -‬تقسيم العمل و التخصص كبديل لتوحيد السوؽ القائم في الفكر الليبرالي‪.‬‬
‫و كمرحلة متقدمة نحو توسع عالقات التعاوف و االعتماد المتبادؿ بين الدوؿ المتكاملة‪ ،‬يبرز مفهوـ‬
‫التكامل السياسي‪ ،‬و الذي يعد المرحلة األسمى و النهائية لعملية التكامل‪ .‬و المالحظ انو لم تكتب ألي تكتل‬
‫اقتصادي اليوـ أف وصل إلى ىذا الحد من التكامل حتى االتحاد األوربي الذي يعد من التجارب الرائدة في ىذا‬
‫الميداف و ذلك نظرا للعديد من األسباب التي تحاوؿ نظرية التكامل أف تعالجها‪ .‬فيعرؼ كارؿ دويتش التكامل‬
‫السياسي بأنو ‪ ":‬الحالة التي تمتلك فيها جماع ة معينة تعيش في منطقة معينة شعورا كافيا بالجماعة و تماثال في‬

‫‪20‬خميفة مراد‪"،‬التكامؿ االقتصادي العربي عمى ضوء الطروحات النظرية و المرجعيات القانونية‪ :‬تجارب و تحديات"‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير‪ (،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪،‬كمية الحقوؽ‪،‬قسـ العموـ القانونية‪.)2006/2005،‬ص‪.44:‬‬
‫‪21‬نفس المرجع‪،‬ص"‪.45‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪19‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫مؤسساتها االجتماعية و سلوكها االجتماعي إلى درجة تتمكن فيها ىذه الجماعة من التطور بشكل سلمي‪ 22 ".‬و‬
‫يركز دويتش ىنا على قدرة األفراد داخل المجتمع الواحد على التالحم لدرجة حل خالفاتهم بطريقة سلمية دوف‬
‫اللجوء للعنف‪.‬‬
‫و بشكل أكثر تحديد يعرؼ ارنست ىاس التكامل بكونو‪ ":‬العملية التي تتضمن تحوؿ الوالءات و النشاطات‬
‫السياسية لقوى سياسية في دوؿ متعددة و مختلفة نحو مركز جديد تكوف لمؤسساتو صالحيات تتجاوز صالحيات‬
‫الدوؿ القومية القائمة"‪ 23 .‬انطالقا من ىذا التعريف يضيف ىاس بعد جديد لدراسة التكامل سواءا الدولي أو‬
‫اإلقليمي‪ ،‬و المتعلق بمسالة نقل الوالءات من إطارىا المحلي (الدولة القومية) إلى إطارىا الواسع (التكتل بين‬
‫الدوؿ المتكاملة)‪ .‬و استنادا لتعريف ىاس للتكامل عرؼ ليوف ليندبورغ في دراستو عن السوؽ األوربية المشتركة‬
‫‪24‬‬
‫التكامل ب‪:‬‬
‫‪ -‬العملية التي تتجاوز من خاللها الدوؿ القومية الرغبة و القدرة في إدارة شؤونها المحلية و الدولية‬
‫الهامة(سياستها الداخلية و الخارجية) باستقالؿ عن بعضها البعض‪ ،‬و تسعى بدال من ذلك للوصوؿ لقرارات‬
‫مشتركة أو تفويض عملية اتخاذ القرار لهيئة مركزية جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬العملية التي تجد من خاللها القوى السياسية(الفاعلوف السياسيوف) ضرورة لنقل طموحاتهم و نشاطاتهم‬
‫السياسية لمركز جديد‪.‬‬
‫انطالقا من ىذا التعريف نجد أف التكامل في شقو السياسي يؤدي لتشكيل تكتل دولي جديد‪ ،‬كما يؤدي‬
‫بالمقابل إلى زواؿ الصفة الرسمية للدوؿ المتكاملة ألنها ستتنازؿ –انطالقا من دخولها في عملية التكامل – عن‬
‫كامل سيادتها للمؤسسات السياسية المركزية الجديدة‪.‬‬
‫و من اجل اإلحاطة بجميع النواحي المفاىيمية لمصطلح التكامل تجدر اإلشارة إلى الفرؽ بينو و بين بعض‬
‫المفاىيم المشابهة من اجل إزالة اللبس بين ىذه المفاىيم‪:‬‬

‫‪ 22‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالتسغراؼ‪.‬النظريات المتضاربة في العالقات الدولية ‪(،‬تر ‪:.‬وليد عبد الحي)‪ .‬بيروت ‪:‬كاظمة لمنشر‬
‫والترجمة والتوزيع‪. 1985،‬ص‪.271:‬‬
‫‪ 23‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪24‬نفس المرجع‪،‬ص‪.272:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪20‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬التكامل و التعاوف‪ :‬يعرؼ التعاوف على انو العمليات التي تتم بين دولتين أو أكثر في مجاؿ اقتصادي‬
‫‪ 25‬بذلك يكوف‬ ‫معين‪ ،‬بهدؼ تحقيق منفعة مشتركة و لمدة زمنية محددة على أساس المعاملة بالمثل‪.‬‬
‫التعاوف قاعدة أو أساس التكامل و الخطوة األولى المؤدية إليو‪ ،‬حيث انو في ظل التعاوف تحتفظ‬
‫الوحدات االقتصادية المتعاونة بخصائصها المتميزة من دوف أف ينشأ عنو مؤسسات جديدة ‪ .‬أما في ظل‬
‫التكامل فتنشا عنو مؤسسات جديدة مع وجود نية توسع العالقات التعاونية إلى ابعد من النشاط المحدد‬
‫في بادئ األمر‪ .‬يمكن حصر أىم االختالفات في‪:‬‬
‫‪ -‬التعاوف ذو طابع مؤقت إلى أف تتحقق األىداؼ المرجوة منو‪.‬‬
‫‪ -‬يكوف التعاوف في مجاؿ محدد دوف أف يتوسع إلى مجالت أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬التكامل و االندماج‪ :‬بالنسبة لمصطلح االندماج‪ ،‬ىناؾ من يوازي بين المصطلحين من الناحية‬
‫المفاىيمية‪،‬لكن ىناؾ اتجاه آخر بالمقابل يرى أف مفهوـ اونندماج ىو مفهوـ أوسع و أعمق من مفهوـ‬
‫التكامل‪ .‬حيث أف االندماج يعبر عن المرحلة التي يتم فيها التنازؿ كليا عن السيادة الوطنية للدوؿ‬
‫المتكاملة لصالح مؤسسات التكامل‪ ،‬ليصبح بذلك االندماج السياسي آخر مراحل العملية التكاملية‪.‬‬
‫‪ ‬التكامل و التحالف‪ :‬يعرؼ التحاؿؼ بكونو‪ :‬عبارة عن اتفاؽ بين دولتين أو أكثر لمواجهة خطر أو أخطار‬
‫مشتركة لتحقيق أغراض معينة‪ ،‬فالتحالف يمكن أف يكوف سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا موجو ضد وحدة‬
‫أو وحدات دولية معينة أو ضد كل عمل يشكل خطرا على دوؿ التحالف‪ .‬وانطالقا من ىذا التعريف‬
‫يمكن استخالص أىم الفرو قا ت بين المصطلحين في أف التحاؿ ؼ مرتبط في تأسيسو و استمراريتو‬
‫بالخطر الذي يتهدد امن الدوؿ المتحالفة حيث يزوؿ بزواؿ ىذا الخطر‪ ،‬بينما يتميز التكامل باالستمرارية‬
‫و الديمومة من اجل تحقيق األىداؼ المسطرة‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنواع التكامالت اإلقليمية ‪ :‬تتعدد أنواع و أشكاؿ التكامل سواءا اإلقليم ي أو الدولي حسب‬
‫المجاؿ الذي تنطلق منو العملية التكاملي و التي تؤدي في األخير إلى تحديد شكلو النهائي‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫و يمكن حصرىا في‪:‬‬

‫‪ 25‬عبد الوىاب رميدي‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪06:‬‬


‫‪26‬إسماعيؿ صبري مقمد‪ ،‬نظريات السياسة الدولية‪ :‬دراسة تحميمية مقارنة‪.‬الكويت‪ :‬ذات السالسؿ لمنشر‪.1982.‬ص ص ‪-381:‬‬
‫‪.382‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪21‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫حيث يتمثل أساسا في تشكيل‬ ‫‪ ‬التكامل االقتصادي‪:‬ويعتبر من أسهل أنواع التكامل و أكثرىا مالءمة‬
‫ت أىمها‪ :‬توحيد التشريعات‬ ‫األسواؽ االقتصادية المشتركة التي تتم عن طريق مجموعة من اإلجراءا‬
‫الضريبية و الجمركية‪ ،‬إزالة كل العوائق التي تحوؿ دوف التدفق الحر للسلع و الخدمات ورؤوس األمواؿ‬
‫بين مختلف مناطق السوؽ‪.‬‬
‫‪ ‬التكامل االجتماعي‪ :‬يعني عملية نقل الو الءات القومية لشعوب المنطقة التكاملية من مستوى الدولة إلى‬
‫مستوى يتعدى حدودىا‪ ،‬أو ما يسمى بالوعي الفوؽ قومي‪.‬‬
‫‪ ‬التكامل األمني‪ :‬يتجلى في مختلف الترتيبات األمنية المشتركة‪ ،‬بحيث تتفق الدوؿ المشاركة في ىذه‬
‫الترتيبات على اتخاذ القرارات المتعلقة بأمنها المشترؾ بطريقة مشتركة من حيث التخطيط‪ ،‬التنفيذ و‬
‫القيادة‪ .‬و يتفق الكثيروف في ىذا اإلطار أف ىذا النوع من التكامل ال يحدث عادة إال في ظروؼ األزمات‬
‫و تفاقم التهديدات و األخطار المشتركة‪.‬‬
‫‪ ‬التكامل السياسي‪ :‬يقصد بالتكامل السياسي إدماج المؤسسات السياسية القومية و نقل السيادة على‬
‫السياسة الخارجية و األمنية إلى أجهزة دولية مشتركة‪ .‬و التكامل السياسي ال يتطلب دائما إلغاء‬
‫الحكومات الوطنية‪ -‬مثلما ىو الحاؿ في نموذج الوحدة الفدرالية‪ ،-‬و لكنو قد يقتصر على نقل سلطاتها‬
‫في بعض االختصاصات إلى ىذه المؤسسات وفق نمط التكامل الكنفدرالي الذي ال يتطلب تخلي الدولة‬
‫عن سيادتها الكاملة خصوصا في سياستها الداخلية‪.‬‬
‫و مما الشك فيو أف التكامل السياسي يعد من أصعب أنواع التكامل تحقيقا و ذلك أف ىذا النمط من‬
‫التكامل يؤدي إلى تقييد سياسة الدولة و سلطتها في عملية اتخاذ القرارات المناسبة لمواطنيها‪ .‬كما‬
‫يصطدـ ىذا النوع من التكامل بالنزعات و االعتبارات القومية مما دفع بالبعض الشتراط التكامل‬
‫االقتصادي كخطوة أولى سابقة لو‪.‬‬

‫‪ /3‬شروط التكامل اإلقليمي‪ :‬من اجل تحقيق التكامل الناجح بين الدوؿ و ضماف فعاليتو البد من توافر مجموعة‬
‫‪27‬‬
‫من الشروط األساسية من اجل تجنب فشل المحاوالت التكاملية ومن أىم ىذه الشروط نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ 27‬عبد الوىاب رميدي‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص ص‪.09-08:‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪22‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬التقارب الجغرافي‪ :‬يعتبر التقارب الجغرافي من أىم الشروط األساسية لنجاح التكامل خاصة االقتصادي‬
‫منها‪،‬ىذا نظرا لسهولة انتقاؿ السلع والخدمات والعمالة داخل المنطقة التكاملية‪ ،‬كما يخفض من‬
‫تكاليف النقل التي قد تكوف متباعدة أو متناثرة جغرافيا‪ ،‬لذا فإف التقارب الجغرافي يعد من دعامات‬
‫التكامل بين الدوؿ لسهولة االتصاؿ بينها واتساع نطاؽ تبادلها التجاري وتسيير انتقاؿ عناصر اإلنتاج‪،‬‬
‫وبالرغم من توفر وتقدـ وسائل النقل والمواصالت بين الدوؿ المتكاملة في الوقت الراىن‪ ،‬إال أف التقارب‬
‫الجغرافي يبقى لو أىمية كبيرة في التكامل وليس شرطا ضروريا لو‪.‬‬
‫‪ ‬اإلرادة السياسية‪ :‬إف غياب اإلرادة السياسية بين مجموعة الدوؿ التي أرادت التكامل فيما بينها تعتبر من‬
‫أىم أسباب فشل التكامل االقتصادي‪ ،‬لذا يجب على الحكومات التي تتفاوض لالرتباط بالتزامات‬
‫ستؤدي في نهاية األمر إلى خلق مؤسسات لالندماج اإلقليمي أف تدرؾ منذ البداية أف ىذه االلتزامات‬
‫تنطوي على وضع حدود متفق عليها لحرية العمل الوطني‪ ،‬وىذه الحدود ال يقبلها بلد ما‪ ،‬إال إذا أيقن انو‬
‫من الضروري أو على األقل من المفيد اقتصاديا االنضماـ إلى تكتل اقتصادي إقليمي من أجل اإلسراع‬
‫في عملية التنمية االقتصادية‪ .‬كما يجب أف يقنع الرأي العاـ في كل بلد بأف كل واحد من األعضاء في‬
‫التكتل االقتصادي سيحافظ على التزاماتو بأمانة‪ ،‬ويقوـ ببذؿ الجهد المطلوب إلنجاح التكتل كما يقبل‬
‫كل التضحيات المؤقتة التي يتطلبها العمل المشترؾ‪.‬‬
‫‪ ‬تجانس االقتصاديات القابلة للتكامل‪ :‬يجب أف يكوف التكامل بين اقتصاديات ذات ىياكل متجانسة‬
‫ومتماثلة وقابلة للتكامل‪ ،‬وتكاملها يعني خلق فضاء حقيقي متضامن من حيث ال وجود لالختالفات‬
‫االقتصادية بين الدوؿ األعضاء‪ ،‬وإال سيسيطر اقتصاد بلد ما على اقتصاديات الدوؿ األخرى‪ .‬وفي ىذه‬
‫)‬ ‫الحالة تتشكل وحدة اقتصادية مسيطرة‪ ،‬كما كاف الحاؿ مع مجلس التعاوف االقتصادي المتبادؿ‬
‫الكوميكوف( حيث سيطر االتحاد السوفياتي في المجاؿ االقتصادي والسياسي على الدوؿ األعضاء‪.‬‬
‫‪ ‬تنسيق السياسات االقتصادية القومية ‪:‬حرية انتقاؿ السلع بين مختلف الدوؿ التي تنظم في تكامل‬
‫اقتصادي ال تكفي لضماف تنسيق السياسات االقتصادية‪ ،‬فال بد من توفر جميع الشروط التي تسمح‬
‫للمنتج بالعمل والمنافسة في ظروؼ طبيعية وىذا التنسيق ينبغي أف يتناوؿ شؤوف التعريفة الجمركية‪،‬‬
‫والسياسة التجارية تجاه الدوؿ الواقعة خارج المنطقة‪ ،‬وشؤوف األوضاع االجتماعية وسياسة االستثمار‪ ،‬وال‬
‫بد من مفاوضات طويلة يتطلبها تنسيق التشريعات والسياسات االقتصادية‪ ،‬ووضع أجهزة متخصصة‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪23‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫ومؤسسات تتمتع بالصالحيات المطلوبة لمتابعة ىذا العمل على ضوء التغييرات التي تطرأ على السياسات‬
‫االقتصادية ومقتضيات الظروؼ االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬تجانس القيم االجتماعية والثقافية‪ :‬االقتصاديات التي تكوف متناسبة ومتجانسة في القيم والنظم االجتماعية‬
‫والسياسية والثقافية ىي قادرة على تحقيق تكامل اقتصادي بسهولة‪ ،‬على عكس االقتصاديات المتعارضة‬
‫في القيم والنظم‪ ،‬فكلما كانت المجتمعات متقاربة ومتماثلة كلما كانت نسبة النجاح في التكامل مرتفعة‪.‬‬
‫ىناؾ من يضيف‪ ،‬و في نفس السياؽ‪ ،‬أف التجانس بين الوحدات الدولية المتكاملة من حيث وحدة اللغة‪،‬‬
‫التاريخ‪ ،‬الترا ث ‪ ،‬و الدين يساعد ىذه الوحدات على ترسيخ نظرة فوؽ وطنية حيث يشمل وحدة في‬
‫‪28‬‬
‫القومية‪.‬‬
‫‪ ‬تشابو القيم‪ :‬و يعني تشابو و تقارب المعتقدات و النظم القيمية لصناع القرار في الدوؿ المتكاملة في‬
‫العديد من الميادين‪،‬خصوصا تلك المتعلقة بالديمقراطية‪،‬التداوؿ على السلطة‪ ،‬حقوؽ اإلنساف‪ ،‬القضايا و‬
‫التوجهات االقتصادية‪...‬‬
‫‪ ‬تحقيق المصلحة المشتركة‪ :‬حيث يهدؼ التكامل إلى تحقيق المصالح المشتركة بين الدوؿ المتكاملة و‬
‫التي تتمحور أساسا حوؿ تحسين و تطوير مستوياتها االقتصادية‪ .‬و يشترط ىنا ضرورة تنظيم العالقات‬
‫بصورة تكفل توزيع المكاسب بشكل عادؿ و متوازف حيث يضمن عدـ استحواذ احد األطراؼ على‬
‫‪29‬‬
‫المكاسب دوف أطراؼ أخرى‪.‬‬

‫‪ 28‬خميفة مراد‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪.50:‬‬


‫‪29‬نفس المرجع‪،‬ص ص‪.51-50:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪24‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة اخلامسة‪:‬ظهور و اهتشار امتاكملت ا إلقلميية يف امعامل‬

‫شهد المجتمع الدولي تأسيس العديد من التكتالت االقتصادية اإلقليمية بنمطيها الكالسيكي و الجديد‪،‬‬
‫حيث شهدت فترة الخمسينات و الستينات من القرف الماضي ظهور تنظيمات إقليمية توافق في خصائصها مفهوـ‬
‫اإلقليمية الكالسيكية‪ ،‬في حين شهدت نهاية الثمانينات و مطلع التسعينات تأسيس تكتالت إقليمية وفق خصائص‬
‫اإلقليمية الجديدة المواكبة للتطورات التي طرأت على الحياة االقتصادية الدولية في ظل عولمة االقتصاد‪.‬‬
‫ففي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تأسست العديد من التنظيمات اإلقليمية انخرطت فيها عديد‬
‫الدوؿ بغض النظر عن مستواىا االقتصادي سواءا كانت دوال نامية أو متقدمة‪ ،‬أو مذىبها االقتصادي رأسمالية أو‬
‫اشتراكية‪ .‬و ذلك من اجل مواجهة تحديات ىذه الفترة‪ ،‬فظهرت التكتالت االقتصادية في صورة مشروعات فردية‬
‫قدمتها الواليات المتحدة األمريكية للدوؿ األوربية و دوؿ الشرؽ األوسط‪ ،‬مثل مشروع "مارشاؿ" ‪ ‬الذي ىدؼ‬
‫إلى تقديم المساعدات االقتصادية المصحوبة بشروط سياسية و عسكرية‪.‬‬
‫وقد كانت الدوؿ األوربية أوؿ من ساىم في نشأة ىذه التكتالت وذلك بحكم ما تعرضت إليو من أزمات‬
‫اقتصادية نتيجة للحرب العالمية الثانية‪ ،‬فذاقت ويالت الهزيمة وأصبحت ىذه دوؿ منهارة اقتصاديا وعاجزة عن‬
‫اقتصادياتو ا ومواجهة السيطرة المفروضة من‬ ‫النمو فأدركت بأنو البد من تكتلها ومن جميع النواحي إلعادة بناء‬
‫طرؼ الواليات المتحدة األمريكية واالتحاد السوفيتي‪ ،‬ومواكبة مختلف التطورات الكبيرة في العلم والتكنولوجيا‪.‬‬
‫من ىنا تكتلت دوؿ أوروبا الغربية في شكل سوؽ مشتركة سنة ‪ ، 1957‬وكانت ىذه األخيرة صورة مثلى للعديد من‬
‫‪30‬‬
‫االقتصاديين والسياسيين الذين اعتبروىا نموذجا يحتذي بو بين مجموعات دولية أخرى‪.‬‬
‫ثم انتقلت ظاىرة التكتالت إلى مجموعة أخرى من الدوؿ‪ ،‬فنشأت منطقة التجارة الحرة ألمريكا الالتينية‪،‬‬
‫"الكوميكوف"‪ ‬أما في‬ ‫والسوؽ المشتركة لدوؿ أمريكا الوسطى‪ ،‬وعمدت دوؿ أوربا الشرقية على إنشاء منظمة‬

‫‪ ‬استغؿ إلدارة قطاع الفحـ و الصمب مف خالؿ توقيع معاىدة إنشاء الجماعة األوربية لمفحـ و الصمب و التي ضمت كؿ‬
‫مف‪ :‬بمجيكا‪،‬فرنسا‪،‬ألمانيا‪،‬ايطاليا‪،‬ىولندا و لكسمبورغ في افريؿ ‪ ، 1951‬كؿ ذلؾ بيدؼ التوصؿ إلى سوؽ أوربية مشتركة في ىاتيف‬
‫القطاعيف اإلستراتيجييف‪.‬‬
‫‪ 30‬عبد الوىاب رميدي‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪.32:‬‬
‫‪‬الكوميكون‪ :‬منطقة التعاوف االقتصادي ألقطار أوربا الشرقية‪ ،‬تأسست كرد عمى التكتالت األوربية في ‪ 25‬ديسمبر ‪.1949‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪25‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫المنطقة العربية تم إنشاء السوؽ العربية المشتركة‪ ،‬كما نشأت أيضا اتفاقات إقليمية في المنطقة اإلفريقية والمنطقة‬
‫اآلسيوية ‪.‬‬
‫و نظرا للتقدـ الكبير الذي شهده التكامل األوربي بدأت الواليات المتحدة األمريكية في التفكير في إقامة تجمع‬
‫إقليمي خاص بها و يعزز قدرتها التنافسية المتآكلة فبدأت بتشكيل منطقة التجارة الحرة بينها و بين كندا سنة‬
‫‪ 1989‬و الذي توسع فيما بعد ليصبح منطقة التجارة الحرة ألمريكا الشمالية "النافتا" ‪.31‬‬
‫و على العموـ أصبحت التكتالت االقتصادية تشكل خريطة العالم‪ ،‬و يمكن تحديدىا فيما يلي‪:‬‬
‫(النافتا) وذلك‬ ‫‪ ‬في القارة األمريكية‪ :‬تم التوقيع على إنشاء منطقة التجارة الحرة ألمريكا الشمالية‬
‫من الترتيبات‬ ‫سنة ‪ ، 1992‬وتمهد لقياـ تكتل األمريكيتين الشمالية والجنوبية‪ ،‬كما تم إنشاء الكثير‬
‫اإلقليمية بين العديد من دوؿ أمريكا الالتينية‪.‬‬
‫‪ ‬في أوربا ‪ :‬كانت التطورات أسرع فقاـ االتحاد األوربي‪ ،‬الذي يعتبر من أجدر التكتالت االقتصادية‬
‫القائمة حاليا‪ ،‬وزاد عدد الدوؿ في عضويتو حيث يضم ‪ 25‬دولة‪ ،‬إضافة إلى تكاملو النقدي واستخداـ‬
‫العملة الموحدة (األورو) مع مطلع سنة ‪ ، 1999‬ودخولو في اتفاقيات تجارة حرة وفي اتحاد جمركي‬
‫مع تركيا‪ ،‬واتفاقيات شراكة مع دوؿ جنوب البحر المتوسط‪.‬‬
‫‪ ‬في شرؽ آسيا ‪ :‬حيث وقعت دوؿ جنوب شرؽ آسيا اتفاؽ للتجارة الحرة عرؼ باسم (اإلفتا)‪ ،‬كما‬
‫أنشئ في منطقة آسيا منتدى التعاوف االقتصادي لدوؿ شرؽ آسيا والمحيط الهادي (األبيك‬
‫‪.)APEC‬‬
‫والتي بدأت بمشروع السوؽ العربية المشتركة سنة ‪ ، 1964‬ثم محاولة إقامة‬ ‫‪ ‬في المنطقة العربية‬
‫تجمعات إقليمية كمجلس التعاوف الخليجي واتحاد المغرب العربي‪.‬‬
‫‪ ‬أما في إفريقيا قامت ترتيبات وتكتالت إقليمية لعل أبرزىا إقامة السوؽ المشتركة لشرؽ وجنوب إفريقيا‬
‫العالمي‪.‬‬
‫ة‬ ‫(الكوـيسا) ‪ ،‬التي تسعى إلى تنسيق الجهود لمواجهة ما يحدث في البيئة االقتصادية‬

‫‪ 31‬أسامة مجذوب‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪.50:‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪26‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫االقتصادي اإلقليمية في العالم‪:‬‬


‫ة‬ ‫‪ ‬و الشكل التالي يوضح أىم التكتالت‬

‫أبشص االحفاقٍاث االقهًٍٍت فً انعانى‬


‫‪Main Regional Agreements‬‬

‫‪EU‬‬
‫‪NAFTA‬‬ ‫‪EFTA‬‬
‫‪ASEAN‬‬
‫‪GCC‬‬ ‫‪APEC‬‬
‫‪AFTA‬‬

‫‪Mercosur‬‬

‫‪2‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪27‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امسادسة‪ :‬امتفسريات امنظرية نلتاكمل ادلويل (ا إلقلميي)‪.‬‬

‫حاوؿ العديد من المنظرين و الدارسين للعالقات السياسية و االقتصادية الدولية تقديم اطر نظرية و‬
‫منهاجيو لدراسة التكامل الدولي في شقيو العالمي و اإلقليمي‪ .‬و من أبرزىا‪:‬‬
‫‪ ‬النظرية الدستورية ‪ :‬تنطلق النظرية الدستورية في دراسة التكامل الدولي من التركيز على الجانب‬
‫السياسي للتكامل‪ ،‬حيث يرى منظروىا أف الخطوة األولى لبناء التكامل تتم بتكوين الوحدة‬
‫السياسية ىذه الوحدة التي تشترط في تأسيسها توفر اإلرادة السياسية لدى النخب و القيادات‬
‫السياسية للدوؿ األعضاء للتنازؿ عن سلطاتها في وحدتها القومية لصالح مؤسسات االتحاد‪ .‬و‬
‫قد ظهر اتجاىين أساسيين ضمن ىذه النظرية‪:‬‬
‫‪ .1‬الكنفدرالية‪ :‬و تعني اتفاقا بين مجموعة من الدوؿ بهدؼ تكوين مؤسسات و أجهزة‬
‫مشتركة تعمل على اإلشراؼ على مجاالت محددة يتم االتفاؽ عليها في بداية االتحاد‪.‬‬
‫و تتنازؿ الدوؿ المتحدة لهذه األجهزة عن جزئ من سيادتها بالقدر الذي يسمح لها‬
‫بالقياـ بمهامها‪ .‬و من أىم ما يتميز بو ىذا النوع من االتحاد‪:‬‬
‫‪ -‬ينشأ االتحاد الكنفدرالي بموجب اتفاؽ تعاىدي بين مجموعة من الدوؿ يتم بوضع معاىدة منشأة‪.‬‬
‫‪ -‬ليس بالضرورة أف يشمل كل نواحي االتحاد السياسي‪ ،‬فقد ينشأ إلدارة مجاؿ محدد مثل المجاؿ‬
‫األمني‪.‬‬
‫‪ -‬تبقي الدوؿ ضمن ىذا االتحاد على جزئ من سيادتها خصوصا ذلك المتعلق بإدارة سياستها‬
‫الخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن للدولة المنخرطة ضمن ىذا االتحاد االنسحاب منو إذا ما أيقنت أف ىذا االتحاد ال يخدـ‬
‫مصالحها‪.‬‬
‫‪ .2‬الفدرالية‪ :‬تعرؼ الفدرالية على أنها المنهج أو الطريقة التي يتم بمقتضاىا عملية تقسيم‬
‫سلطات الحكومة و التي في إطارىا يتم تحديد مجاؿ التعاوف بين الحكومة المركزية و‬
‫الحكومات الجهوية‪ .‬فيشمل االتحاد الفدرالي تشكيل حكومة مركزية تضم الدوؿ‬
‫المنخرطة في االتحاد و التي تصبح –بمجرد انخراطها حكومات فرعية‪ -‬و يتم توزيع‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪28‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫الصالحيات بينها و بين حكومة الفدرالية عن طريق دستور مكتوب يحمي و يضمن‬
‫حقوؽ و حريات كل الواليات أو المقاطعات‪ .‬و أىم ما يتميز بو االتحاد الفدرالي‪:‬‬
‫‪ -‬أوؿ خطوة لقياـ االتحاد تتم بوضع الدستور الفدرالي الذي يضمن التوزيع العادؿ للصالحيات و‬
‫المنافع بين الحكومة المركزية و الحكومات الفرعية‪.‬‬
‫‪ -‬تتنازؿ الدولة بانخراطها في االتحاد الفدرالي عن كامل سيادتها (الداخلية و الخارجية) لدولة‬
‫االتحاد‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي قياـ االتحاد الفدرالي إلى قياـ كائن دولي جديد يتعامل باسم الدوؿ المنخرطة فيو‪.‬‬
‫‪ -‬تتمتع الدوؿ المتحدة باالستقاللية في تسيير شؤونها الداخلية ووضع النظاـ الداخلي المناسب لها‬
‫بشرط أف ال يتعارض مع القانوف العاـ لالتحاد‪.‬‬
‫‪ -‬يتمتع كل المواطنين داخل كل الواليات بحق ممارسة السلطة و المشاركة السياسية في إدارة‬
‫الحكومة المركزية وؼؽ مبدأ التعددية ( من خالؿ الجهازين التنفيذي و التشريعي )‪.‬‬
‫و من أشهر األمثلة على االتحاد الفدرالي و الذي أثبتت نجاحها االتحاد الفدرالي األمريكي و االتحاد السويسري‪.‬‬
‫و إذا ما أردنا حصر أىم االختالفات بين النموذجين لالتحاد السياسي وفق المنظور الدستوري في الجدوؿ التالي‪:‬‬

‫االتحاد الفدرالي‬ ‫االتحاد الكنفدرالي‬


‫‪ -‬يقوـ االتحاد الفدرالي عن طريق وضع دستور ملزـ‬ ‫‪ -‬تنشأ عن طريق معاىدة منشأة تهتم بتكوين أجهزة‬
‫لجميع األطراؼ‪ ،‬و يحدد شكل الحكومة و كيفية توزيع‬ ‫مشتركة إلدارة قطاع معين‪.‬‬
‫الصالحيات‪.‬‬
‫‪ -‬تفقد الدولة في االتحاد الفدرالي شخصيتها السياسية‬ ‫‪-‬تحافظ الدولة ضمن االتحاد الكنفدرالي علي كيانها‬
‫السياسي على المستوى الدولي‪ .‬و بالتالي ال تؤدي إلى الدولية لصالح دولة االتحاد‪ .‬و بالتالي تؤدي إلى والدة‬
‫شخص قانوني جديد‪.‬‬ ‫والدة شخص قانوني جديد‪.‬‬
‫‪ -‬يقتضي االتحاد الفدرالي تأسيس برلماف يضمن‬ ‫‪ -‬تنشأ في االتحاد الكنفدرالي أجهزة مشتركة يكوف‬
‫المشاركة السياسية لألفراد‪.‬‬ ‫التمثيل فيهل للحكومات و ليس لألشخاص‪.‬‬

‫‪ ‬تسمى بالوالية أو المقاطعة ألنو بمجرد انضماميا تفقد صفة الدولة‪.‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪29‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ -‬يحتوي النظاـ الفدرالي على محكمة فدرالية قراراتها‬ ‫‪ -‬باحتفاظ الدولة بشخصيتها القانونية و السياسية‬
‫ملزمة و مهمتها فض النزاعات بين دوؿ االتحاد‪.‬‬ ‫ضمن ىذا االتحاد فاف أي نزاعات بينها و بين باقي‬
‫األطراؼ تخضع إلرادتها الخاصة و قد تؤدي إلى‬
‫انسحابها من االتحاد‪.‬‬
‫‪ -‬يكتسب مواطنو الدوؿ المتحدة مواطنة دولة‬ ‫‪ -‬يحتفظ مواطنو الدوؿ المتحدة بمواطنتهم األصلية‪.‬‬
‫االتحاد‪.‬‬

‫و ضمن نفس السياؽ التنظيري للمدرسة الدستورية القائم على دراسة التكامل السياسي بين الدوؿ‪ ،‬يمكن اإلشارة‬
‫ىنا إلى إسهامات الباحث "أميتاي اتزيوني" –رغم انتمائو أساسا للمدرسة الوظيفية‪ -‬حيث حاوؿ من خالؿ مقاربتو‬
‫للتكامل التركيز على الوحدة السياسية التي تهدؼ إليها العملية التكاملية و التي تتم حسبو وفقا ألربع مراحل‬
‫أساسية‪:32‬‬
‫‪ .1‬حالة الدولة ما قبل االتحاد‪ :‬يشترط بناء عالقات اعتماد متبادؿ بين الدوؿ األطراؼ في بعض القطاعات‪.‬و‬
‫يركز اتزيوني ىنا على دور النخب السياسية في تفعيل التكامل سواءا الداخلية أـ الخارجية( الدعم الدولي‬
‫مثل الدعم األمريكي أثناء بدايات االتحاد األوربي)‪.‬‬
‫‪ .2‬عملية التوحيد (من خالؿ القوى الفاعلة)‪ :‬بعد قياـ الوحدة السياسية يأتي دور النخب خاصة الداخلية‬
‫منها في تفعيل عملية التوحيد عن طريق استخداـ الوسائل القسرية(وسائل اإلكراه‪ :‬الشرطة‪ ،‬الجيش‪ )...‬و‬
‫الوسائل النفعية(الوسائل و المنافع االقتصادية و المالية‪ ،)...‬كما دعى اتزيوني ضمن ىذه المرحلة إلى‬
‫االىتماـ بتشكيل ىوية اجتماعية موحدة من خالؿ نشر قيم و شعارات التوحيد‪.‬‬
‫‪ .3‬عملية التوحيد من خالؿ القطاعات‪ :‬حيث تتعمق عملية التوحيد السياسي مع تزايد تدفق السلع و األفراد‬
‫بين الدوؿ المتكاملة‪ ،‬خصوصا في ظل ما يسمى بمبدأ االنتشار ‪ spilover‬و الذي سيضمن انتشار و‬
‫توسع التكامل من قطاع إلى قطاعات أخرى‪.‬‬
‫‪ .4‬نضوج عملية التوحيد (مرحلة االنتهاء)‪ :‬و تعتمد ىذه المرحلة على مدى نجاح المراحل السابقة و‬
‫تحقيقها لألىداؼ المتوخاة منها‪.‬‬

‫‪ 32‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالتسغراؼ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬ص ص‪.280-279:‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪30‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫لقد بنى اتزيوني نموذجو للتكامل على مجموعة من الفرضيات األساسية نذكر منها‪:33‬‬
‫‪ -‬إف عدد الدوؿ المشاركة في االتحاد يؤثر على نجاح أو فشل عملية التوحيد‪ ،‬حيث أثبتت‬
‫التجارب المختلفة أف التكامالت التي تشارؾ فيها نخب قليلة القت نجاحا أكثر من تلك‬
‫التي تشهد مشاركة العديد من النخب‪ ،‬وذلك أف تعدد النخب يعني تعدد وجهات النظر و‬
‫بالتالي تعدد المشكالت‪ .‬و يقترح اتزيوني ىنا شرط المساواة بين أطراؼ الوحدة كحل‬
‫للتعامل مع مشكلة التعدد‪.‬‬
‫‪ -‬جهود التوحيد بين الدوؿ النامية اقل احتماال للنجاح منها بالنسبة للدوؿ المتقدمة‪ ،‬و ذلك‬
‫راجع لما تتميز من انتشار لالمية و نقص في المهارات السياسية و التنظيمية الضرورية لمعالجة‬
‫مشاكل التوحيد و التكامل اإلقليمي‪.‬‬
‫و أىم ما يمكن قولو في األخير‪ ،‬ىو أف طموحات منظري المدرسة الدستورية و الهادفين للتأسيس للوحدة‬
‫السياسية كخطوة أولى نحو االندماج الدولي اثبت الواقع أنها أفكار مثالية أكثر منها واقعية و قد اثبت فشلها عدـ‬
‫قدرة العديد من التجارب الوحدوية خصوصا بين الدوؿ ذات السيادة من الوصوؿ إلى مرحلة االندماج السياسي و‬
‫االستمرارية في التوحد‪.‬‬

‫‪ ‬النظرية الوظيفية األصلية‪:‬‬


‫تجد النظرية الوظيفية جذورىا في أفكار "دافيد ميتراني"‪ -‬باحث سياسي بريطاني‪ -‬مؤسس الوظيفية األصلية‪ ،‬و‬
‫التي حاوؿ من خاللها إيجاد نظرية تؤسس لما سماه السلم و األمن الدوليين خصوصا بعد اآلثار السلبية التي‬
‫خلفتها الحربين العالميتين األولى و الثانية‪ .‬حيث يرى ميتراني باف‪":‬تزايد التعقيد في النظم الحكومية أدى إلى‬
‫تزايد كبير في الوظائف الفنية و غير السياسية التي تواجو الحكومات‪ ،‬و مثل ىذه الوظائف لم تؤدي فقط إلى‬
‫زيادة الطلب على االختصاصيين المدربين على المستوى الوطني و لكنها لعبت دورا في المشكالت الفنية على‬
‫المستوى الدولي‪ .‬و إذا أصبح من الممكن ايالء مثل ىذه المشكالت للمتخصصين و فصل نشاطهم إلى حد ما‬
‫‪34‬‬
‫عن القطاع السياسي فانو من الممكن و الحالة ىذه انجاز التكامل الدولي‪".‬‬

‫‪ 33‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.281:‬‬


‫‪ 34‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالتسغراؼ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬ص‪.270:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪31‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫يعتمد ميتراني في تحليلو للتكامل الدولي على "مبدأ االنتشار" و الذي يعني أف تطور التعاوف الدولي في مجاؿ‬
‫معين سيؤدي إلى خلق تعاوف في مجاالت أخرى األمر الذي يؤدي بدوره إلى تحقيق التعاوف الدولي و من ثم‬
‫السلم العالمي‪ .‬ذلك أف التعاوف خصوصا في مجالو االقتصادي سيؤدي إلى نقل االىتماـ من القضايا السياسية‬
‫الحادة إلى المشكالت الفنية و االقتصادية‪.‬‬
‫و ابرز ما يمكن مالحظتو على ىذا االتجاه ىو‪:‬‬
‫‪ -‬التركيز على الجانب االقتصادي و الفني على حساب الجانب السياسي المثير للصراعات‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوة إلنشاء منظمات دولية ترعى الشؤوف الدولية المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة تسيير ىذه المؤسسات من طرؼ فنيين متخصصين و منفصلين عن النشاطات السياسية‪.‬‬
‫لكن و نظرا لتركيز ميتراني على التكامل في إطاره الدولي العالمي إضافة لعدـ توفر نموذج واقعي يستند إليو في‬
‫تفسيره للتكامل‪ ،‬حاوؿ منظروف آخروف االستفادة من األخطاء و االنتقادات التي وجهت للوظيفية األصلية و‬
‫أسسوا لما يسمى بالوظيفية الجديدة حيث ابتعدوا عن مفهوـ التكامل الدولي ليبحثوا حوؿ مقومات التكامل‬
‫اإلقليمي‪.‬‬

‫‪ ‬الوظيفية الجديدة) ‪:(neo-functionalism‬‬


‫انطلق منظروا الوظيفية الجديدة من االنتقادات التي وجهت للوظيفية األصلية و التي تمحورت أساسا‬
‫استحالة الجمع بين مصالح جميع الدوؿ من جهة‪ ،‬و استحالة الفصل بين القضايا السياسية و القضايا االقتصادية‬
‫و التقنية من جهة ثانية‪.‬‬
‫و من جهة عملية‪ ،‬فقد اثبت الواقع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية و الذي أنشأت بموجبو العديد من‬
‫المنظمات الدولية عدـ قدرة ىذه المنظمات على تقليص الفوارؽ و حل المشاكل العالقة بين الدوؿ و من ثم لم‬
‫تستطع تحويل الوالء الوطني نحو الوالء العالمي مثلما طمح الوظيفيوف‪.‬‬
‫انطالقا من ىذه االنتقادات حاوؿ الوظيفيوف الجدد تقليص البعد العالمي للتكامل و محاولة التركيز على مقومات‬
‫التكامل في مستواه اإلقليمي‪ .‬و من أىم االفتراضات التي انطلق منها الوظيفيوف الجدد‪:‬‬
‫‪ ‬التركيز على التكامل اإلقليمي بين الدوؿ المنسجمة و المتقاربة في الظروؼ السياسية‪ ،‬االقتصادية و‬
‫االجتماعية‪ ،‬و ذلك نظرا لصعوبة تحقيق مثل ىذا االنسجاـ على المستوى العالمي‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪32‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬تركز الوظيفية الجديدة على مفهوـ "التكامل القطاعي" و الذي يتطلب وضع قطاع معين أو مجموعة من‬
‫القطاعات تحت المراقبة و التسيير المشترؾ لهذه الدوؿ في إطار التكامل‪ .‬مع التشديد على ضرورة‬
‫االنطالؽ بما يسمى"بالقطاع الحيوي" الذي يحتل مكانة إستراتيجية بالنسبة للدوؿ المتكاملة‪.‬‬
‫ياسي و غير‬
‫‪ ‬االنطالؽ من القطاع الحيوي –حسب الوظيفيين الجدد‪ -‬سيضمن تأييد و حركية النخب اا ة‬
‫السياسية من جماعات المصالح التي سترى في ىذا النوع من التكامل تحقيقا لمصالحها‪ .‬و تأييد‬
‫‪35‬‬
‫النخب سيؤدي بدوره إلى الدفع بمسار التكامل إلى األماـ‪.‬‬
‫‪ ‬و في نفس السياؽ فاف نجاح التجربة التكاملية يكوف مضمونا أكثر بين الدوؿ الديمقراطية و المتطورة‬
‫صناعيا حيث أف أىم أسباب فشل التجارب التكاملية في دوؿ العالم الثالث ىو غياب العامل‬
‫الديمقراطي و العالقات المفتوحة في المجتمع‪.‬و ذلك راجع إلى أف الدوؿ الديمقراطية تفتح قنوات‬
‫الحوار و االتصاؿ بين السلطة السياسية من جهة و جماعات المصالح و األحزاب السياسية من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬ىذه األخيرة تلعب دورا كبيرا في تفعيل التكامل من خالؿ الدفاع على مصالحوا التي تحققها‬
‫‪36‬‬
‫العملية التكاملية في قطاعات مشتركة و حيوية بين الدوؿ المتكاملة‪.‬‬
‫فالوظيفيوف الجدد ىنا حاولوا االستفادة من أخطاء الوظيفيين األصليين الذين حاولوا الفصل بين السياسة و‬
‫االقتصاد و التقليل من دور الجوانب السياسية من خالؿ فرضية أف المنفعة التي تحققها المنظمات الدولية‬
‫ستتكفل بنقل و تحويل الوالء من الدولة القومية إلى المنظمات الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬إلى جانب الدور الحيوي للنخب في تفعيل عملية التكامل‪ ،‬تحدث الوظيفيوف على ما سموه ب"مبدأ‬
‫االنتشار" الذي يعني انتشار و توسع العملية التكاملية من قطاع إلى آخر و ذلك نظرا للنجاحات و‬
‫المنفعة التي يحققها التكامل في القطاع الحيوي‪.‬‬
‫يعد "ارنست ىاس" من بين أىم مؤسسي النظرية و يسمى بأب الوظيفية الجديدة‪ ،‬لذلك يجدر التطرؽ إلى أىم‬
‫إسهاماتو في موضوع التكامل قصد التعمق أكثر في حيثيات النظرية‪.‬‬
‫و قد ركز ىاس دراستو على التجربة األوربية من خالؿ "ىيئة الفحم و الصلب" حيث ركز على ضرورة حساب‬
‫احتماالت الربح و الخسارة من طرؼ الدوؿ المتكاملة و المتعلق أساسا في قدر المصالح التي تحققها للنخب‬

‫‪ 35‬عامر مصباح‪،‬نظريات تحميؿ التكامؿ الدولي‪.‬بف عكنوف‪ :‬ديواف المطبوعات الجامعية‪.2008،‬ص‪.106:‬‬


‫‪ 36‬خميفة مراد‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪.10:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪33‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫المعنية في القطاع العاـ و الخاص‪ ،‬وذلك نظرا لدورىا الهاـ في تطوير التكامل فيما بعد‪ .‬بذلك يكوف ىاس قد‬
‫احل مفهوـ الرفاه (المكاسب التي يحققها التكامل) محل وسائل اإلكراه التي دعى اتزيوني الستخدامها لتفعيل‬
‫‪37‬‬
‫التكامل‪.‬‬
‫و في موضوع االنتشار ‪ ،‬يرى ىاس أف إدراؾ النخب المختلفة ألىمية التكامل من خالؿ مكاسبها من تكامل‬
‫القطاعات يدفعهم للمطالبة و السعي لتوسيع التكامل لقطاعات و مجاالت أخرى‪ ":‬إف الذين يحققوف منافع من‬
‫‪38‬‬
‫المنظمات فوؽ القومية في قطاع محدد يميلوف بشكل ملحوظ إلى تأييد التكامل في قطاعات أخرى‪".‬‬
‫يرى ىاس أف التكامل السياسي ىو آخر مراحل العملية التكاملية بكونو‪ ":‬العملية التي تتضمن تحوؿ الوالءات و‬
‫النشاطات السياسية لقوى سياسية في دوؿ متعددة و مختلفة نحو مركز جديد تكوف لمؤسساتو صالحيات تتجاوز‬
‫صالحيات الدوؿ القومية القائمة" لكن الوصوؿ لهذه المرحلة يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط التي قسمها إلى‬
‫‪39‬‬
‫ثالث مجموعات أساسية‪:‬‬
‫‪ ‬المجموعة األولى‪ :‬تتعلق بالشروط األولية للتكامل و يحددىا ىاس في‪:‬‬
‫‪ -‬التوافق في حجم الوحدات السياسية( لكي ال تهيمن دولة على دولة أخرى)‪.‬‬
‫‪ -‬التعددية السياسية و االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬االتساؽ النخبوي( من حيث القيم و المصالح)‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة وتيرة التبادؿ بين الوحدات‪.‬‬

‫‪ ‬المجموعة الثانية‪ :‬تتعلق أساسا بمرحلة التكامل‪:‬‬


‫‪ -‬حجم السلطة المفوضة لمؤسسات االتحاد‪.‬‬
‫‪ -‬مستوى مشاركة االتحاد في أعماؿ الحكومات و أىدافها‬

‫‪ 37‬جيمس دورتي‪ ،‬روبرت بالتسغراؼ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬ص‪.286:‬‬


‫‪ 38‬نفس المرجع‪،‬ص‪.287:‬‬
‫‪39‬نفس المرجع‪،‬ص‪.288:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪34‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬المجموعة الثالثة‪ : :‬يسميها ىاس بالمتغيرات الحركية بمعنى تلك التي تتعلق بتواصل‬
‫المسار التكاملي‪:‬‬
‫‪ -‬نسبة المبادالت التجارية بين الوحدات بعد الوحدة االقتصادية‪(.‬زيادة في الوتيرة)‬
‫‪ -‬مستوى قدرة األطراؼ على التكيف لمواجهة األزمات‪.‬‬
‫* من بين أىم االنتقادات التي وجهت لوجهة نظر ىاس حوؿ التكامل ىو االنتقاد الذي وجهو ستانلي‬
‫ىوفماف‪ ، ‬و الذي يرى أف التكامل السياسي سيعيق التكامل االقتصادي أكثر من خدمتو ذلك أف تجاوز المشاكل‬
‫و الحساسيات السياسية يعد أمرا صعبا إف لم نقل مستحيال‪ .‬و بالمقابل يقترح ىوفماف أف يتم التكامل فيما سماه‬
‫بقضايا السياسة الدنيا( المسائل االقتصادية و االجتماعية) و الذي سيتيح للدولة تحقيق الرفاه االقتصادي‪ ،‬و ترؾ‬
‫المسائل العليا(القضايا األمنية‪،‬السياسة الخارجية‪ )...‬من اختصاص الدولة وحدىا‪.‬‬

‫‪ ‬احد مؤسسي الوظيفية الجديدة‪.‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪35‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امسابعة‪ :‬مراحل( أأهواع) امتاكملت ا إلقلميية‪:‬‬


‫اختلف الدارسوف و المتخصصوف في شؤوف التكامالت الدولية حوؿ تحديد أنواع‪-‬التي تعد في نفس الوقت‬
‫الخطوات التي تنشأ و تتطور وفقها التكامالت الدولية االقتصادية منها‪ -‬وعموما يمكن إجماؿ أىم أنواع‬
‫التكامالت االقتصادية في‪:40‬‬
‫منطقة التجارة التفضيلية ‪ ( ‬اتفاقية اؿتفضيالت اؿتجارية)‪ :‬تهدؼ الدوؿ من خالؿ إنشاء‬ ‫‪.1‬‬
‫منطقة التجارة التفضيلية إلى تنشيط التبادؿ التجاري بين ىذه الدوؿ حيث تعني تلك اال تفاقيات اؿتجارية التي‬
‫تتم بين مجموعة من الدوؿ و تهدؼ إلى تخفيض العوائق التجارية سواء كانت جمركية أو غير جمركية على‬
‫الواردات التي تتم بينهما دوف إلغائها كلية‪ ،‬مع الحفاظ أو الزيادة من العوائق على السلع المستوردة من الدوؿ‬
‫غير األعضاء في منطقة التفضيل‪ .‬ومن أمثلة ىذا النوع من االتفاقيات التجارية التفضيلية العوائق التي تفرضها‬
‫الدوؿ األوربية على وارداتها من الدوؿ النامية‪ ،‬واىم ما تتميز بو ىذه االتفاقيات‪:‬‬
‫قتصر ىذه الدرجة التكاملية على مجرد تخفيض العقبات الجمركية وغير الجمركية دوف إلغائها كلية‪.‬‬
‫‪ ‬ت‬
‫اؿدوؿ‬ ‫‪ ‬تنصب ىذه المعاملة التفضيلية الجمركية على الشق السلعي للتجارة اإل تيمية بين مجموعة‬
‫األعضاء في منطقة التفضيل ولكنها ال تمتد إلى الشق النقدي للتجارة اإلقليمية بين ىذه الدوؿ‪.‬‬
‫‪ ‬يالحظ أف الدوؿ األعضاء في منطقة التفضيل الجمركية تحتفظ بحق صياغة وتحديد نمط سياساتها‬
‫القطرية في المجاالت الجمركية وغير الجمركية دوف الدخوؿ في ترتيبات مشتركة مع باقي الدوؿ‬
‫األعضاء في ىذا الخصوص‪.‬‬
‫‪ .2‬منطقة التجارة الحرة ‪ :‬تعتبر ثاني درجة من درجات التكامل االقتصادي ‪ ،‬و تهدؼ إلى إزالة القيود‬
‫الجمركية وغير الجمركية على حركة السلع والخدمات بين الدوؿ قيد التكامل مع احتفاظ كل بلد عضو‬
‫بتعريفة جمركية تجاه بقية دوؿ العالم (الدوؿ غير األعضاء) ‪،‬بمعنى أف كل دولة مشتركة لها الحق في فرض‬
‫الرسوـ الجمركية على ما تستورده من الدوؿ األخرى غير األعضاء في المنطقة التكاملية‪ ،‬وتعتبر منطقة‬
‫التجارة الحرة المدخل التجاري للتكامل االقتصادي تهدؼ إلى زيادة حجم التبادؿ التجاري ورفع معدالت‬

‫‪ 40‬عبد الوىاب رميدي‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص ص‪.16-10:‬‬


‫‪‬‬
‫‪Preferential Trade Agreement‬‬
‫‪‬‬
‫‪Free Trade Area‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪36‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫النمو االقتصادي وتنوع التجارة ‪ ،‬وعادة ما يتم تحديد فترة زمنية لتنفيذ منطقة التجارة الحرة يتم خاللها‬
‫إزالة العوائق التجارية بين الدوؿ األعضاء في المنطقة التكاملية (إزالة القيود الجمركية بصفة تدريجية) ‪ .‬و‬
‫أىم ما يتميز بو ىذا النوع من التكامل‪:‬‬
‫‪ ‬ال تمنع منطقة التجارة الحرة قياـ أي دولة عضو فيها بعقد اتفاقيات جديدة مع دوؿ أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬قد تقتصر منطقة التجارة الحرة (في عملية تحريرىا للتجارة) على بعض المنتجات دوف‬
‫البعض اآلخر‪ ،‬لذا يمكن اعتبارىا أبسط الصيغ في أي مشروع تكاملي فهي تمهد لالنطالؽ‬
‫إلى مراحل أكثر تقدما في درجات التكامل االقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬كما أنها ال تثير بين دولتين أو أكثر على مستوى اإلقليم أي تعقيدات فنية أو قانونية في‬
‫التطبيق‪ .‬ولهذا شهدت كثير من دوؿ العالم خالؿ العقدين األخيرين تحركات وجهود واسعة‬
‫نحو إقامة مناطق للتجارة الحرة انسجاما مع توجهات تحرير التجارة العالمية‪ .‬ومن أبرز صور‬
‫مناطق التجارة الحرة في العصر الحديث‪ ،‬منطقة التجارة الحرة ألمريكا الشمالية ) النافتا ( ‪،‬‬
‫التي تقتصر على نوع معين من السلع‬ ‫وىناؾ بعض مناطق التجارة الحرة األحادية‬
‫و من أمثلتها‬ ‫والخدمات وعادة ما يطلق عليها اسم اتفاقية تنمية وتيسير التبادؿ التجاري‬
‫‪ 1981‬والتي تضمنت التحرير الفوري والمباشر‬ ‫االتفاقية الموقعة بين الدوؿ العربية عاـ‬
‫لتبادؿ المنتجات الزراعية‪.‬‬

‫‪ .3‬االتحاد الجمركي‪ :‬يعتبر مرحلة أكثر تقدما و عمقا من المرحلة السابقة‪ ،‬يتم فيها إلغاء مختلف‬
‫الحواجز الجمركية المفروضة على التجارة البينية للدوؿ األعضاء في المنطقة التكاملية‪ ،‬حيث‬
‫ال تقتصر على مجموعة من السلع مثل المراحل السابقة ‪ ،‬و األىم من ذلك يتم توحيد الرسوـ‬
‫أو التعريفة الجمركية لكل الدوؿ األعضاء تجاه العالم الخارجي فتصبح األقاليم الجمركية للدوؿ‬
‫األعضاء المشتركة إقليما جمركيا واحدا‪ ،‬كما أف الدوؿ األعضاء في االتحاد الجمركي ليس لها‬
‫الحرية في عقد اتفاقيات تجارية مع الدوؿ الخارجية عن االتحاد أو حتى تجديد االتفاقيات‬
‫المعقودة مع ىذه الدوؿ(على عكس منطقة التجارة الحرة) ‪ ،‬والهدؼ من ذلك ىو الحرص على‬
‫‪‬‬
‫‪Customs Union‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪37‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫فعالية التعريفة الجمركية الموحدة وزيادة المركز التنافسي للدوؿ السابقة‪ ،‬وفي غالب األحواؿ‬
‫تكوف االتحادات الجمركية أكثر كفاءة من درجات التكامل االقتصادي وتسمح بالتكامل بين‬
‫األسواؽ بدرجة أكبر ولكنها أيضا تحتاج إلى تنظيم أكثر ووضع قيود أوثق على سياسات الدوؿ‬
‫األعضاء ‪ .‬و أىم ما يتميز بو ىذا النوع من التكامل‪:‬‬
‫‪ ‬وحدة القانوف الجمركي بين الدوؿ األعضاء ووحدة التعريفة الجمركية‪.‬‬
‫‪ ‬وحدة تداوؿ السلع بين الدوؿ األعضاء‪.‬‬
‫‪ ‬وحدة التعريفة الجمركية بالنسبة لبقية دوؿ العالم غير األعضاء في االتحاد‪.‬‬
‫‪ ‬توزيع حصيلة الرسوـ الجمركية المفروضة على واردات الدوؿ األعضاء من العالم الخارجي حسب معادلة‬
‫صندوؽ مستقل و متخصص في ىذا الشأف‪.‬‬ ‫يتفق عليها‪ ،‬وتتولى توزيع األنصبة بين الدوؿ األعضاء‬
‫ويتضح من ىذا أف االتحاد الجمركي يتميز على منطقة التجارة الحرة في توحيد مستوى الرسوـ الجمركية‬
‫في كل الدوؿ األعضاء في مواجهة العالم الخارجي وىو بذلك ال يواجو المشكلة التي تواجهها منطقة‬
‫التجارة الحرة عادة والخاصة بإعادة التصدير وما ينجم عنها من احتماالت انحراؼ التجارة عن طرقها‬
‫الطبيعية داخل نطاؽ المنطقة‪.‬‬

‫ويعد االتحاد الجمركي أكثر درجات التكامل االقتصادي تعقيدا‪ ،‬الحتوائو على ترتيبات تنطوي على الكثير من‬
‫التنسيق في صنع القرارات‪ ،‬وإدارة معقدة بغية إنشاء االتحاد واإلشراؼ عليو‪ ،‬وكثيرا ما يعتبر االتحاد الجمركي‬
‫مؤشرا‪ ،‬على أف الدوؿ األعضاء تنوي إتباع سياسة تكامل بدال من مجرد تعاوف‪ .‬ومن األمثلة البارزة لالتحادات‬
‫‪ 1922‬مع انضماـ ىولندا إلى ىذا‬ ‫الجمركية نذكر االتحاد الجمركي الذي قاـ بين لكسمبورغ وبلجيكا لسنة‬
‫نيلوكس" الذي يعتبر أوؿ تجربة رائدة‬
‫االتحاد سنة ‪ 1947‬ودخل حيز التنفيذ سنة ‪ ، 1948‬ويسمى باتحاد "الب‬
‫في مشروع التكامل االقتصادي‪.‬‬

‫‪ .4‬السوؽ المشتركة‪ :‬يتم في ىذه المرحلة من مراحل التكامل االقتصادي إلغاء الرسوـ الجمركية‬
‫وتوحيد التعريفة الجمركية إزاء العالم‪ ،‬لخارجي (اتحاد جمركي) كما يتم إلغاء القيود على حركة‬

‫‪‬‬
‫‪Common Market‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪38‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫انتقاؿ عناصر اإلنتاج (رؤوس األمواؿ‪ ،‬السلع‪،‬الخدمات‪ ،‬العمالة أو األفراد‪ )...‬فيما بين الدوؿ‬
‫األعضاء‪ .‬فيتم دمج أسواؽ السلع والخدمات ودمج أسواؽ عناصر اإلنتاج وبالتالي تصبح‬
‫المنطقة التكاملية عبارة عن سوؽ واحدة‪ ،‬مما يؤدي إلى مضاعفة فرص االستثمار وزيادة كفاءة‬
‫استخداـ عناصر اإلنتاج‪ ،‬من شأنو أف يجذب كال من رأس الماؿ والعمل الماىر تحو األقاليم‬
‫المتقدمة في االتحاد‪ ،‬كذلك فإف حرية انتقاؿ المنتجات تقيد الصناعات القوية على حساب‬
‫من زيادة‬ ‫الصناعات الناشئة خاصة إذا كانت ىذه األخيرة في األقاليم الفقيرة وما يترتب عنها‬
‫مدى التفاوت في مستويات المعيشية بين ىذه األقاليم‪ ،‬وتعتبر األسواؽ المشتركة خطوة ىامة‬
‫للوصوؿ إلى وحدة اقتصادية وسياسية كاملة‪ .‬ومن األمثلة البارزة للسوؽ المشتركة نجد السوؽ‬
‫األوربية المشتركة التي أنشئت بمقتضى معاىدة رومػا التي تم التوقيع عليها سنة ‪ ،1957‬وفي‬
‫المنطقة العربية تم االتفاؽ على إنشاء سوؽ عربية مشتركة وىذا سنة ‪.1964‬‬

‫‪ .5‬الوحدة االقتصادية (االتحاد االقتصادي)‪ :‬في ىذه الدرجة التكاملية ال يقتصر األمر على إلغاء‬
‫انتقاؿ عناصر اإلنتاج‪ ،‬و توحيد التعريفة‬ ‫القيود المفروضة على تبادؿ السلع والخدمات و‬
‫إنما يشمل االتحاد االقتصادي توحيد‬ ‫الجمركية للدوؿ األعضاء تجاه العالم الخارجي‪.‬‬
‫السياسات االقتصادية و المالية للدوؿ األعضاء وذلك بغرض إقامة ىيكل متكامل ‪ ،‬و إلزالة‬
‫التباين في تلك السياسات بين الدوؿ المتكاملة‪.‬‬
‫‪ .6‬االتحاد النقدي‪ :‬يختلف الكثير من الباحثين حوؿ االتحاد النقدي كأحد مراحل التكامل‬
‫االقتصادي‪ ،‬حيث يعتبره البعض إجراءا من إجراءات توحيد السياسات االقتصادية و المالية‬
‫التي تتم على مستوى المرحلة السابقة‪-‬االتحاد االقتصادي‪ -‬و يتم ضمن ىذه المرحلة تنسيق‬
‫السياسات النقدية والمصرفية فيما بين الدوؿ األعضاء حيث يتم‪:‬‬
‫‪ ‬تأسيس عملة موحدة بين الدوؿ األعضاء في اإلتحاد‪.‬‬
‫‪ ‬تبني سياسة نقدية موحدة داخل االتحاد‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪Economic union‬‬
‫‪‬‬
‫‪Monetary Union‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪39‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬تأسيس بنك مركزي يشرؼ على تنفيذ السياسة النقدية‪.‬‬

‫ؼقياـ التجارة وتحويل رؤوس األمواؿ بين الدوؿ المتكاملة ضمن ىذه المرحلة يتوقف على إمكانية تحويل العمالت‬
‫للدوؿ المشتركة‪ ،‬فتقوـ ىذه الدوؿ بتوحيد سياساتها النقدية ‪ ،‬أي باإلضافة إلى انتقاؿ عناصر اإلنتاج بدوف قيود‬
‫بين الدوؿ األعضاء وتحرير تجارتها السلعية فإف االختالؼ في العمالت الوطنية لهذه الدوؿ قد يؤدي إلى عدـ‬
‫تحقيق أىداؼ الدرجات السالفة الذكر‪ .‬و من األمثلة البارزة لهذه الدرجة من التكامل ىو االتحاد النقدي األوربي‬
‫والذي قاـ بين( ‪ )11‬دولة أوربية‪.‬‬

‫‪ .7‬االتحاد االقتصادي الكامل‪ :‬كما يسمى باالندماج االقتصادي ‪ ،‬و ر‬


‫يعتب التكامل االقتصادي‬
‫التاـ آخر درجات التكامل االقتصادي وبمقتضاه تصبح اقتصاديات الدوؿ األعضاء كاقتصاد‬
‫واحد‪ ،‬وفيو يتم توحيد السياسات االقتصادية بحيث يتبع األعضاء نفس السياسات االقتصادية‬
‫و المالية و االجتماعية ‪ ،‬ويقوـ االتحاد بإنشاء سلطة فوؽ قومية تراقب تنفيذ تلك السياسات‬
‫الموحدة‪ ،‬فإنو يمكن في ظل ىذا االتحاد تحقيق كافة المزايا المترتبة على قياـ التكامل‬
‫االقتصادي من تحقيق الكفاءة في استغالؿ الموارد االقتصادية وما يترتب عليها من زيادة‬
‫الدخوؿ الحقيقية وتحقيق العدؿ في توزيع الدخل بين المواطنين مما يؤدي إلى زيادة الرفاىية‬
‫االقتصادية وغالبا ما يجمع ىذا النوع من االتحاد بين الوحدة االقتصادية والوحدة السياسية‬
‫للبلداف المشتركة فيو حيث يعتبره منظرو التكامل اللبنة األساسية الممهدة إلنشاء التكامل‬
‫السياسي‪ .‬كما يمكن القوؿ أنو في االتحاد االقتصادي التاـ يتم توحيد كافة السياسات‬
‫اإلنتاجية والنقدية والضريبية والتجارية واالجتماعية وغيرىا ‪ ،‬وإيجاد سلطة إقليمية وجهاز إداري‬
‫لتنفيذ ىذه السياسات تعمل كل دولة عضو على تقليص سلطاتها الذاتية في ىذه المجاالت‬
‫لصالح السلطة اإلقليمية المخولة بذلك‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪Total Economic Integration‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪40‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫ولتوضيح أنواع و من ثم مراحل التكامل االقتصادي و توضيح المرحلية ضمن ىذا اإلطار يمكن تلخيصها في‬
‫الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم(‪ : )03‬مراحل و أنواع التكامػل االقتصػادي‬

‫منطقة التجارة التفضيلية ) تعريفة منخفضة (‬

‫منطقة التجارة الحرة ) ـ‪.‬ت‪.‬ح ( حرية انتقاؿ السلع‬

‫ـ‪.‬ت‪.‬ح ‪ +‬تعريفة جمركية موحدة = اتحاد جمركي ) إ‪.‬ج (‬

‫ـ‪.‬ت‪.‬ح ‪ +‬إ‪.‬ج ‪ +‬حرية انتقاؿ عناصر اإلنتاج = سوؽ مشتركة ) س‪.‬ـ (‬

‫ـ‪.‬ت‪.‬ح ‪ +‬إ‪.‬ج ‪ +‬س‪.‬ـ ‪ +‬سياسة اقتصادية مشتركة – اتحاد اقتصادي ) إ‪.‬إ (‬

‫ـ‪.‬ت‪.‬ح ‪ +‬إ‪.‬ج ‪ +‬س‪.‬ـ ‪ +‬إ‪.‬إ ‪ +‬سياسة نقدية موحدة = سوؽ موحد‬


‫المصدر‪ :‬عبد الوىاب رميدي‪ "،‬التكتالت االقتصادية اإلقليمية في عصر العولمة و تفعيل‬
‫التكامل االقتصادي في الدوؿ الناميػة‪ -:‬دراسة تجارب مختلفة"‪.‬ص‪.16:‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪41‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امثامنة‪:‬‬
‫تأأثري امعوملة عىل امتاكملت ا إلقلميية (اإجراءات منظمة امتجارة امعاملية)‪.‬‬
‫ذكرنا سابقا أف ظهور التوجو الدولي نحو اإلقليمية خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية قد تزامن و انطالؽ‬
‫الجهود الدولية لتأسيس نظاـ دولي موحد قصد ا ادي مخاطر و سلبيات االختالفات بين السياسات بين الدوؿ‪،‬‬
‫ىذه الجهود التي أفضت إلى تأسيس عديد من المؤسسات مثل البنك الدولي و منظمة التجارة العالمية‪.‬‬
‫و يشير الكثير من المحللين للعالقات االقتصادية الدولية أف التوجو نحو اإلقليمية بالنسبة للعديد من الدوؿ –‬
‫خصوصا النامية منها‪ -‬سببو األساسي ىو محاولة ىذه الدوؿ تبني سياسات حمائية من آثار العولمة عن طريق‬
‫حماية اقتصادياتها( في جميع المجاالت الصناعية‪ ،‬الزراعية و الخدماتية) من خطر المنافسة الدولية‪ .‬بالمقابل‬
‫تعمل على االستفادة من مزايا تحرير التجارة و التعاوف الدولي لحل المشاكل المشتركة ضمن إطار إقليمي بين‬
‫الدوؿ المتجانسة‪.‬‬
‫و قد فرض االتجاه نحو اإلقليمية تحديات كبيرة أماـ أداء المؤسسات الدولية لعل من أبرزىا منظمة التجارة‬
‫العالمية التي تسعى إلى التأسيس لنظاـ اقتصادي تجاري عالمي موحد‪ ،‬مما يشير إلى وجود تعارض إف لم نقل‬
‫صداـ بين نظامين أساسيين‪ :‬النظاـ اإلقليمي و النظاـ المتعدد األطراؼ‪ .‬و في محاولة لتفسير مستقبل العالقة بين‬
‫النظامين ظهر رأياف أساسياف‪:41‬‬
‫‪ ‬رأي يرى باف التكتالت اإلقليمية ستؤدي في النهاية إلى تفتيت النظاـ التجاري الدولي متعدد‬
‫األطراؼ من خالؿ تبادؿ المزايا ضمن إطار التكتل من جهة‪ ،‬و فرض سياسات حمائية تجاه‬
‫األطراؼ خارج إطاره من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ ‬أما الرأي الثاني فيرى أف مثل ىذه التكتالت ستساعد على تعزيز النظاـ التجاري الدولي المساىمة‬
‫في تحريره من خالؿ تطبيق مبدأ الدوؿ األولى بالرعاية‪ ‬بين ىذه التكتالت و تعميم االمتيازات‬
‫الممنوحة بين أعضاء التكتل على سائر أعضاء منظمة التجارة‪.‬‬

‫‪41‬أسامة مجذوب‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪.188:‬‬


‫‪ ‬مبدأ مف مبادئ منظمة التجارة الدولية يشترط عمى الدوؿ األعضاء بالمنظمة أف ال تميز في معامالتيا التجارية بيف دولة وأخرى‪.‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪42‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫و في إطار محاولة المنظمة التعامل مع التحديات التي فرضتها التكامالت اإلقليمية حددت ضمن اتفاقياتها‬
‫التأسيسية مجموعة من اإلجراءات أىمها‪:‬‬
‫‪ ‬حددت اتفاقية الجات ‪ GAAT‬لسنة ‪ 1947‬أحكاما تلزـ األطراؼ المتعاقدة في إطارىا باإلخطار(‬
‫اإلبالغ) عن كافة االتفاقيات التجارية التي تنظم إليها و قد حددت بموجب المادة ‪ 24‬منها الشروط التي‬
‫بموجبها يمكن لألطراؼ المتعاقدة االنضماـ إلى التكامالت اإلقليمية حيث تحظر أحكاـ المادة أف‬
‫تصبح الرسوـ و اللوائح التجارية أكثر تقييدا لغير األعضاء عما كانت عليو قبل الدخوؿ في الترتيب‬
‫اإلقليمي‪.‬‬
‫اتفاقي الجات نصت الوثيقة الختامية لجولة االوروغواي على أال‬
‫ة‬ ‫‪ ‬و استكماال لما تضمنتو المادة ‪ 24‬من‬
‫اإلقليمي ألكثر من عشر سنوات‪ ،‬و على الدولة العضو أف تقدـ‬
‫ة‬ ‫تستمر الترتيبات االنتقالية للتكامالت‬
‫شرحا كامال للمجلس في حالة تجاوز المدة المحددة قبل التطبيق الكامل للترتيبات التفضيلية اإلقليمية‪،‬‬
‫إضافة إلى البدا في تعميمها على كامل أعضاء المنظمة من غير أعضاء التكتل عمال بمبدأ الدولة األولى‬
‫‪42‬‬
‫بالرعاية‪.‬‬
‫‪ ‬حددت المنظمة ضمن قرارىا الصادر في جولة "طوكيو" للمفاوضات التجارية المتعددة األطراؼ بشأف‬
‫التجارة و التنمية للدوؿ النامية تسهيالت أماـ ىذه الدوؿ إلبراـ اتفاقيات تجارية فيما بينها شرط أال‬
‫تتعارض مع مبادئ المنظمة و أال تفرض قيودا على تجارتها مع باقي الدوؿ األعضاء في المنظمة و الغير‬
‫‪43‬‬
‫أعضاء في التكتل الجديد‪.‬‬
‫‪ ‬اصدر مجلس إدارة المنظمة في ‪ 06‬فيفري ‪ 1996‬قرار بإنشاء لجنة اتفاقية التجارة اإلقليمية ضمن‬
‫ىيكل المنظمة‪ ،‬ومن بين المهاـ األساسية التي أنيطت بهذه اللجنة تطوير نظاـ لإلجراءات للمساعدة في‬
‫دراسة االتفاقيات الخاصة بالترتيبات اإلقليمية‪ ،‬وحصر وقياس اآلثار المترتبة لكل ىذه الترتيبات على‬
‫عملية تحرير التجارة العالمية‪ ،‬ودراسة العالقة بين ىذا المسار ومسار تحرير التجارة متعددة األطراؼ ‪.44‬‬

‫‪ 42‬نفس المرجع‪،‬ص‪.181:‬‬
‫‪ 43‬نفس المرجع‪،‬ص‪.180:‬‬
‫‪ 44‬عبد الوىاب رميدي‪،‬مرجع سابؽ‪.‬ص‪.121:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪43‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫السداسي الثاين‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪44‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫سيتم الًتكيز ضمن ىذا السداسي على دراسة أىم التجارب التكامل اإلقليمية يف العامل‪ ،‬مع الًتكيز على بعض التجارب‬
‫الناجحة ك أخرل فاشلة قصد رصد أىم أسباب النجاح ك الفشل ضمن ىذه التجارب مع االستفادة يف ىذا اإلطار شلا‬
‫قدمتو نظريات التكامل كأطر للتحليل‪ .‬بذلك سيتم دراسة كل من‪:‬‬
‫‪ -Ι‬على مستول التجارب الغربية ك الناجحة‪:‬‬
‫‪ .1‬ذبربة االرباد األكريب‪.‬‬
‫‪ .2‬منطقة التجارة احلرة ألمريكا الشمالية(النافتا)‪.‬‬
‫دراسة أىم عوامل النجاح‪.‬‬
‫‪-ΙΙ‬على مستول التجارب العربية ك اإلفريقية‪:‬‬
‫‪ .3‬ارباد ادلغرب العريب‪.‬‬
‫‪ .4‬رللس التعاكف اخلليجي‪.‬‬
‫‪ .5‬السوؽ العربية ادلشًتكة‪.‬‬
‫‪ .6‬منظمة الوحدة اإلفريقية‪.‬‬
‫دراسة ألىم عوامل الفشل‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪45‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة ا ألوىل‪ :‬جتربة الاحتاد ا ألوريب‬


‫‪ .1‬امتعريف ابلحتاد ا ألوريب‪:‬‬
‫االرباد األكريب من بُت أىم التكتالت االقتصادية اليت تأسست يف فًتة ما بعد احلرب العادلية الثانية‪ ،‬يضم يف عضويتو‬
‫رلمل الدكؿ األكربية ك عددىا حاليا ‪ 27‬دكلة‪ ،‬تأسس بناء على اتفاقية معركفة باسم معاىدة ماستريخت ‪، 1992‬‬
‫كلكن العديد من أفكاره موجودة منذ مخسينات القرف ادلاضي‪.‬يعد ىذا االرباد من اصلح ذبارب التكامل اإلقليمي‪ ،‬ىذا‬
‫إف مل نقل اكرب كتلة ك قوة اقتصادية إقليمية يف عامل اليوـ حيث يعد الشريك األكرب يف حركة التجارة الدكلية تصديران‬
‫كاستَتادان‪ ،‬كىو من أكرب ادلستثمرمف سواء يف رلاؿ االستثمار ادلباشر أك غَت ادلباشر‪ ،‬كىو ثالث قوة تكنولوجية يف العامل‬
‫بعد الواليات ادلتحدة كالياباف‪ .‬كما أف اليورك يُعد ثاين أىم عملة دكلية بعد الدكالر‪.‬‬
‫كانت انطالقة التجربة التكاملية األكربية خبطوات جد متواضعة من خالؿ التوقيع على اتفاقية الفحم كالصلب يف باريس‬
‫‪ 1951‬ك اليت ضمت يف عضويتها ست دكؿ ىي فرنسا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬ايطاليا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬ىولندا و لوكسمبورغ‪ ،‬يف إطار ما‬
‫مسي باجلماعة االقتصادية للفحم كالصلب ‪ ،‬لتؤسس نفس الدكؿ سنة ‪ 1957‬السوؽ األكربية ادلشًتكة‪ ،‬انضم إىل ىذا‬
‫البناء اجلديد يف سنة ‪ 1972‬ثالث دكؿ أكركبية جديدة ىي بريطانيا وأيرلندا والدا نمار ؾ‪ ،‬تلتها اليوناف يف سنة‬
‫‪ ،1981‬مث أسبانيا والبرتغاؿ يف يناير سنة ‪ ،1986‬كأخَتا جاء دكر السويد والنمسا وفنلندا لينضموا يف سنة ‪1993‬‬
‫بعدما ربولت تسمية التجربة األكربية من مجاعة إىل ارباد‪ ، ،‬كقد مثلت سنة ‪ 2004‬منعطفا جديدا يف تاريخ االرباد‬
‫أستونيا والتفيا وليتوانيا وبولندا‬ ‫األكركيب حُت ارتفع عدد الدكؿ األعضاء إىل مخس كعشرين دكلة بانضماـ كل من‬
‫‪ . 46‬كيف سنة ‪ 2007‬انضمت كل من رومانيا‬ ‫وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وسلوفينيا والمجر ومالطة وقبرص‬
‫وبلغاريا ليصبح عدد أعضاء االرباد األكركيب ‪ 27‬دكلة‪.‬‬

‫‪ ‬ح‪ٛ‬ث ذى لثٕل ػعٕ‪ٚ‬رٓا تؼذ يفأظاخ غٕ‪ٚ‬هح يزَْٕح تشزٔغ أطاط‪ٛ‬ح يرًثهح ف‪:ٙ‬‬
‫‪ٔ -‬خٕد يؤطظاخ يذَ‪ٛ‬ح يظرمزج لادرج ػهٗ ظًاٌ انذ‪ًٚ‬مزاغ‪ٛ‬ح ٔط‪ٛ‬ادج حكى انمإٌَ ٔاحرزاو حمٕق اإلَظاٌ ٔحمٕق األله‪ٛ‬اخ‪.‬‬
‫‪ -‬انمذرج ػهٗ ذحًم انرشاياخ انؼعٕ‪ٚ‬ح تًا ‪ٚ‬رعًٍ أْذاف االذحاد انُمذ‪ٚ‬ح ٔااللرصاد‪ٚ‬ح ٔانظ‪ٛ‬اط‪ٛ‬ح‪.‬‬
‫‪ٔ -‬خٕد الرصاد طٕق فؼال ٔلادر ػهٗ ذحًم ػةء انًُافظح يغ لٕٖ انظٕق ظًٍ إغار االذحاد‪.‬‬
‫موقع‪:‬‬ ‫‪ 46‬عمرك الشوبكي‪" ،‬أوروبا من السوؽ إلى االتحاد‪ :‬صناعة وحدة" متحصل عليو من‬

‫‪http://www.ahram.org.eg/acpss/ahram/2001/1/1/SB2K25.HTM‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪46‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ .2‬وشأأة و تطور الاحتاد ا ألوريب‪:‬‬


‫أ_مراحل التطور‪ :‬مثلت هناية احلرب العادلية الثانية‪ ،‬كما أحلقتو من خسائر خصوصا على االقتصاديات األكربية‪،‬السبب‬
‫األساسي لتيقن ىذه الدكؿ بضركرة التعاكف ك التحالف من اجل إعادة النهوض من جديد ك إعادة رلد أكربا اليت تعد‬
‫أقدـ قارة (القارة العجوز) يف الساحة الدكلية ك إعادة الوزف السياسي للدكؿ األكربية خصوصا فيما يتعلق بدكؿ كفرنسا‪،‬‬
‫أدلانيا‪ ،‬ايطاليا‪ ...‬كنتيجة لذلك مت تأسيس منظمة التعاوف االقتصادي األوروبي يف ‪ 1947‬لتتوىل إدارة اإلعانات‬
‫األمريكية يف إطار مشركع مارشاؿ إلعادة بناء أوربا ‪.‬ك قد حققت ىذه ادلنظمة أىدافها اليت أنشأت من اجلها حيث‬
‫مرت االقتصاديات األكربية دبرحلة انتعاش ككانت مستويات الناتج احمللي يف ازدياد عن مستواىا ادلنخفض بعد احلرب‬
‫ادلستول من النمو قرر‬ ‫مباشرة‪ ،‬ككذلك كاف حجم التجارة بُت الدكؿ األكربية يف تزايد مستمر‪ ،‬كللحفاظ على ىذا‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪47‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫العديد من القادة األكربيُت بضركرة التكامل االقتصادم من اجل حل ادلشاكل ادلشًتكة األمر الذم أدل إىل تأسيس‬
‫‪47‬‬
‫اجلماعة األكركبية للفحم كالصلب‬
‫‪ ‬الجماعة األوروبية للفحم والصلب ‪ :‬مثلت ىذه اجلماعة أكىل اخلطوات اليت ازبذهتا الدكؿ األكربية ضلو‬
‫ربقيق التكامل ك الوحدة األكربية _اليت مثلت اذلدؼ النهائي_ حيث كقعت كل من بلجيكا‪ ،‬فرنسا‪،‬‬
‫أدلانيا‪،‬إيطاليا‪ ،‬ىولندا‪ ،‬كلوكسمبورغ يف افريل‪ 1951‬على معاىدة إلنشاء اجلماعة األكركبية للفحم كالصلب‪،‬‬
‫هبدؼ التوصل إىل سوؽ أكركبية مشًتكة يف ىاتُت السلعتُت اإلسًتاتيجيتُت‪ ،‬كقد كاف اذلدؼ ىو ربرير حركة‬
‫رؤكس األمواؿ كالعمالة اليت تعمل يف رلاؿ الفحم كالصلب كتسهيل االستثمار يف ىذا اجملاؿ‪ ،‬حيث ارتأت‬
‫ىذه الدكؿ أف التعاكف يف ىذا اجملاؿ من شأنو أف يذيب اخلالفات كخيفف من حدة الصراعات الرامية إىل‬
‫السيطرة على منابع كقواعد صناعة الفحم كاحلديد ‪.48‬‬
‫ك قد انبثق على إنشاء اجلماعة األكركبية للفحم كالصلب‪ ،‬معاىدتُت جديدتُت يف ركما يف مارس ‪ 1957‬األكىل تتمثل‬
‫يف إنشاء الجماعة األوروبية للطاقة الذرية‪ ،‬كالثانية تتمثل يف إنشاء الجماعة االقتصادية األوروبية ‪ ،‬كىي ارباد مجركي‬
‫بُت الدكؿ ادلوقعة يقضي بفرض رسوـ مجركية موحدة‪ ،‬كإتباع سياسة زراعية موحدة‪ ،‬كقد كقعت معاىدة ركما لدعم التطور‬
‫ادلنسجم للنشاط االقتصادم داخل اجلماعة‪ ،‬كالتوسع ادلستمر‪ ،‬كربقيق ادلزيد من االستقرار كالتحسن يف مستويات‬
‫‪49‬‬
‫ادلعيشة‪ ،‬كتوطيد العالقات بُت الدكؿ األعضاء‪.‬‬
‫‪ ‬السوؽ األوروبية المشترؾة‪ :‬يف إطار النجاحات اليت حققتها اجلماعة االقتصادية األكربية للفحم ك الصلب قررت‬
‫الدكؿ األكربية ضركرة توسيع إطار التكامل ك التعاك ف فيما بينها ك إنشاء السوؽ األكركبية ادلشًتكة في مارس‬
‫‪1957‬كقد اتفق على اكتماؿ مقوماهتا يف فًتة تًتاكح بُت ‪ 12‬ك ‪ 15‬عاما كتلخصت أىدافها يف‪:50‬‬
‫‪ ‬إزالة الرسوـ اجلمركية بُت الدكؿ األعضاء‪،‬ككذلك القيود الكمية على الواردات كالصادرات من السلع‪ ،‬ككل‬
‫العوائق اليت ربوؿ دكف انتقاؿ األشخاص ك السلع كرأس ادلاؿ‪.‬‬
‫‪ ‬إقامة تعريفة مجركية مشًتكة اذباه الدكؿ غَت األعضاء ‪.‬‬

‫‪ 47‬ػثذ انْٕاب ري‪ٛ‬ذ٘‪ "،‬انركرالخ االلرصاد‪ٚ‬ح اإلله‪ًٛٛ‬ح ف‪ ٙ‬ػصز انؼٕنًح ٔ ذفؼ‪ٛ‬م انركايم االلرصاد٘ ف‪ ٙ‬انذٔل انُاي‪ٛ‬ـح‪ -:‬دراطح ذدارب يخرهفح –"يزكشة‬
‫دكخىساِ‪ (.‬خايـؼح اندــشائز كه‪ٛ‬ـح انؼهٕو االلرصاد‪ٚ‬ـح ٔػهٕو انرظ‪ٛٛ‬ـز‪ ، )2007-2006 ،‬ص‪. 40:‬‬

‫‪َ 48‬فض انًزخغ‪ ،‬ص‪.41:‬‬


‫‪49‬آط‪ٛ‬ا انٕاف‪ "،ٙ‬انخكخالث االقخصادٌت االقهًٍٍت و حشٌت انخجاسة فً اطاس انًُظًت انعانًٍت نهخجاسة" يذكزج ياخظر‪ٛ‬ز‪ (،‬خايؼح تاذُح‪،‬لظى انؼهٕو االلرصاد‪ٚ‬ح‪،‬‬
‫ذخصض الرصاد دٔن‪ )2007-2006 ،ٙ‬ص‪.56:‬‬
‫‪َ 50‬فض انًزخغ‪َ ،‬فض انصفحح‪.‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪48‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬تعميق كربقيق ادلنافسة احلرة يف السوؽ ادلشًتكة‪ ،‬كتنسيق السياسات االقتصادية دبا يف ذلك السياسة ادلالية‬
‫كالنقدية‪ ،‬كمعاجلة االختالؿ يف موازين ادلدفوعات‪.‬‬
‫‪ ‬تدعيم االستثمار يف دكؿ السوؽ خاصة يف ادلناطق ادلتخلفة نسبيا ‪.‬‬
‫‪ ‬إنشاء صندكؽ اجتماعي أكركيب‪ ،‬من أجل ربسُت إمكانيات اليد العاملة‪ ،‬كربسُت ادلستول ادلعيشي‪.‬‬
‫‪ ‬إقامة بنك استثمار أكركيب لدعم النمو االقتصادم‪.‬‬

‫تطورت عضوية السوؽ األكربية من حدكد ‪ 6‬دكؿ ك ذلك بقبوؿ أعضاء جدد داخل السوؽ على النحو التايل‪:51‬‬

‫‪ ‬طلبت كل من بريطانيا كالدامنرؾ كأيرلندا سنة ‪ 1961‬مث النركيج سنة ‪ 1962‬ك قد مت االنضماـ دبوجب‬
‫اتفاقية برككسل يف ‪ 22‬جانفي ‪ ، 1973‬حيث كقعت كل من بريطانيا كأيرلندا كالنركيج كالدامنرؾ معاىدة‬
‫االنضماـ إىل اجلماعة‪ ،‬كلكن النركيج مل سبضي قدما يف االنضماـ إىل اجلماعة‪ ،‬شلا انعكس إجيابا على موقع‬
‫السوؽ دكليا حيث أصبحت تستحوذ على ‪ % 40‬من التجارة العادلية‪ ،‬كما زاد عدد السكا ف يف السوؽ‬
‫من ‪ 186‬مليوف نسمة سنة ‪ 1957‬إىل ‪ 253‬مليوف نسمة سنة‪.1972‬‬

‫‪ ‬ك قد شهدت السوؽ األكربية ادلرحلة الثانية للتوسع يف عقد الثمانينات عندما انضمت اليوناف يف‬
‫سنة ‪ 1981‬كيف سنة ‪ 1986‬توسعت عضوية اجلماعة بانضماـ كل من إسبانيا كالربتغاؿ لتصبح ‪12‬‬
‫دكلة‪.‬‬

‫‪ ‬مرحلة االتحاد األوروبي ‪ :‬مع مطلع التسعينات ك يف إطار جهود الدكؿ األكربية لتوسيع العملية التكاملية‬
‫فيما بينها كقع كزراء خارجية اجلماعة االقتصادية األكربية يف ماستريخت يف مارس ‪1992‬على معاىدة‬
‫ك يأيت يف مقدمتها ربويل تسمية‬ ‫جديدة للوحدة‪ ،‬حيث أدخلت تعديالت جوىرية على معاىدة ركما‬
‫اجلماعة األكربية إىل االرباد األكريب ‪ ،‬كما استهدفت معاىدة ماستريخت ما يلي‪:52‬‬
‫‪ ‬التحرير الكامل حلركة السلع كاخلدمات كإلغاء كافة احلواجز بُت الدكؿ األعضاء‪.‬‬

‫‪ 51‬ػثذ انْٕاب ري‪ٛ‬ذ٘‪،‬يزخغ طاتك‪،‬ص‪. 44:‬‬


‫‪ 52‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.45:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪49‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ 01‬جانفي ‪1999‬‬ ‫‪ ‬إقامة الوحدة النقدية الكاملة على عدة مراحل تنتهي بإقامة بنك أكريب قبل موعد‬
‫يتحكم يف إصدار العملة ادلوحدة‪.‬‬
‫‪ ‬سياسة خارجية مشًتكة كالتحرؾ صوب إقامة نظاـ دفاعي مشًتؾ يف إطار ارباد أكربا الغربية ‪.‬‬
‫‪ ‬كما نصت معاىدة ماسًتخيت على إؽرار ادلواطنة األكربية حبيث أف أم مواطن حيمل جنسية أحد بلداف‬
‫اإلرباد يعترب مواطنا داخل مجيع بلداف االرباد األكريب شلا دينحو رلموعة من احلقوؽ (حق التنقل احلر كاإلقامة‬
‫بالبلداف األعضاء كحق الًتشح ك التصويت يف البلد الذم يقيم فيو إضافة إىل سبتعو (ادلواطن األكريب) حبق‬
‫احلماية الدبلوماسية كالقنصلية‪).‬‬
‫ك عموما ديكننا القوؿ أف أىم التحوالت اليت شهدىا التكامل األكريب كفق اتفاقية ماسًتخيت – ك ذلك من‬
‫اجل التعامل مع متطلبات فًتة ما بعد احلرب الباردة – قد مست ثالث مستويات أساسية‪:‬‬
‫‪ ‬مستوى السياسات االقتصادية و النقدية‪ :‬حيث شددت االتفاقية على ضركرة توسيع ك تعميق‬
‫التكامل األكريب من خالؿ التشديد على ضركرة التحرير الكامل حلركة السلع كاخلدمات كإلغاء كافة‬
‫احلواجز بُت الدكؿ األعضاء‪ ،‬ك األىم من ذلك فقد مثلت االتفاقية االنطالقة احلقيقية إلسًتاتيجية‬
‫‪‬‬
‫توحيد العملة األكربية ك اليت سبت فعال يف جانفي ‪.1999‬‬

‫‪ ‬مستوى السياسة الخارجية و األمنية‪ :‬حيث دشنت االتفاقية مرحلة توحيد أكربا يف الساحة الدكلية ك‬
‫‪53‬‬
‫ذلك حيث حدد اجلزء اخلامس من معاىدة ماسًتخيت أغراض السياسة اخلارجية كاألمنية ادلشًتكة يف‬
‫‪:‬‬
‫‪ ‬محاية القيم ادلشًتكة كادلصاحل األساسية لالرباد ‪.‬‬
‫‪ ‬صيانة استقالؿ االرباد‪ ،‬كقد أضافت معاىدة أمسًتداـ ‪ 1997‬ضركرة الدفاع عن استقالؿ‬
‫االرباد األكركيب‪ ،‬كعن حدكده اخلارجية بوجو أم اعتداء ‪.‬‬
‫‪ ‬احملافظة على األمن كالسلم الدكليُت ك ذلك من خالؿ التنسيق مع حلف الناتو ‪.‬‬

‫الحديث عف توحيد العممة بدا منذ سنة ‪ 1979‬حيث تـ استحداث وحدة النقد األوربية "اإليكو ‪ ،‬ثـ في اجتماع القمة الذي عقد في مدريد في ديسمبر‬ ‫‪‬‬

‫‪ ، 1995‬تمت الموافقة عمى االقتراح األلماني بتعديؿ اسـ العممة األوربية مف اإليكو )‪ (ECU‬إلى اليورو )‪ (EURO‬وأف يحؿ اليورو محؿ اإليكو مع بداية‬
‫‪ ، 1999‬وأف تنتقؿ جميع الحقوؽ وااللتزامات المقومة باإليكو إلى اليورو عمى أساس ‪ 1‬إيكو = ‪ 1‬يورو‪.‬‬
‫‪ 53‬حسيف طالؿ مقمد‪" ،‬محددات السياسة الخارجية واألمنية األوروبية المشتركة"مجمة جامعة دمشؽ لمعموـ االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجمد ‪ 25 -‬العدد‬
‫األوؿ‪ . 2009.،‬ص‪623 :‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪50‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ ‬تعزيز التعاكف الدكيل مع أفضلية للجوار األكركيب‪.‬‬


‫‪ ‬دعم الدديقراطية كاستقالؿ القضاء كاحًتاـ حقوؽ اإلنساف‪.‬‬
‫اتفاقية لشبونة (‪ :) the Lisbon Treaty‬تعد معاىدة لشبونة تعديال آخر لقوانُت االرباد حيث عمدت إىل‬
‫تغيَت عملية صناعة القرار يف االرباد حيث طرحت من اجل مناقشتها ك ادلصادقة عليها من قبل الربدلانات األكربية سنة‬
‫‪ 2007‬لتدخل حيز التنفيذ مع مطلع سنة ‪ 2009‬ك من أىم التغيَتات ادلستحدثة‪:54‬‬

‫‪ -‬اختيار رئيس اجمللس األكركيب يف كظيفة رئيس جمللس االرباد دلدة عامُت كنصف‪.‬‬

‫‪ -‬تأسيس رللس الشؤكف اخلارجية اجلديد‪ ،‬كفصلو عن رللس الشؤكف العامة‬

‫‪ -‬التمثيل اخلارجي لإلرباد األكركيب‪ :‬يقوـ ادلمثل األعلى لسياسة االرباد األكركيب اخلارجية كاألمنية بإدارة رللس كزراء‬
‫اخلارجية كيتوىل منصب نائب رئيس ادلفوضية األكركبية‪.‬‬

‫‪ -‬ازباذ نظاـ األغلبية ضمن عملية ازباذ القرار كمواصلة خفض اجملاالت اليت يشًتط فيها اإلمجاع من اجل تسهيل عملية‬
‫ازباذ القرارات بصورة ملموسة‪.‬‬

‫‪ -‬التوسع يف التعاكف الذم يشمل الدكؿ يف رلاالت الشرطة كالقضاء‪.‬‬

‫‪ -‬ربسُت الشرعية الدديقراطية لالرباد األكركيب كمحاية احلقوؽ األساسية للمواطنُت بشكل كبَت‪.‬‬

‫‪ -‬توسيع اختصاصات الربدلاف األكركيب‪ ،‬حيث يصبح إىل جانب اجمللس مشرعان على قدـ ادلساكاة‪ ،‬كما سيقوـ مستقبالن‬
‫باختيار رئيس ادلفوضية األكركبية‪.‬‬

‫‪ -‬تعزيز حقوؽ ادلشاركة يف التأثَت كالرقابة للربدلانات الوطنية‪.‬‬

‫‪ -‬تصبح رغبات ادلواطنُت األكركبيُت قابلة للتحقق‪ ،‬حيث يستطيع ادلواطنوف من سلتلف الدكؿ األعضاء مطالبة ادلفوضية‬
‫األكركبية باقًتاح قانوف ما‪ ،‬كذلك جبمع مليوف توقيع على األقل‪.‬‬

‫‪ 54‬انًفٕظ‪ٛ‬ح األٔرٔت‪ٛ‬ح "انًفٕظ‪ٛ‬ح األٔرٔت‪ٛ‬ح ذزحة تذخٕل يؼاْذج نشثَٕح ح‪ٛ‬ش انرُف‪ٛ‬ذ" يرحصم ػه‪ ّٛ‬يٍ يٕلغ‪:‬‬
‫‪http://eeas.europa.eu/delegations/westbank/documents/news/091201_lisbon_treaty_ar.pdf‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪51‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪.3‬مؤسسات صنع القرار في االتحاد األوربي‪ :55‬تتضمن عملية ازباذ القرار يف االرباد األكركيب ثالث مؤسسات‪:‬‬
‫المفوضية األوروبية‪ :‬اليت تدعم مصاحل االرباد ككل‪،‬حيث أف ادلفوضية ىي اليت تقًتح القوانُت اجلديدة ‪.‬‬
‫البرلماف األوروبي كالذم ديثل مواطٍت االرباد األكركيب حيث يتم انتخاب أعضاؤه بصورة مباشرة من خالذلم ك مهمتو‬
‫اشرافية رقابية على سَت االرباد‪.‬‬
‫مجلس االتحاد األوروبي ‪ ,‬كديثل الدكؿ األعضاء من خالؿ اجتماعات سلتلف الوزراء يف ىذه الدكؿ كل حسب زبصصو‪،‬‬
‫ك ديثل ىذا اجمللس أعلى سلطة يف االرباد حيث تتحدد مهمتو يف إقرار قوانُت االرباد بعد كضعها من طرؼ ادلفوضية‪.‬‬
‫يقدـ ىذا "ادلثلث ادلؤسسي" السياسات كالقوانُت اليت يتم تطبيقها يف كافة أضلاء االرباد األكركيب‪ .‬كمن حيث ادلبدأ ديثل ‪،‬‬
‫بيد أنو الربدلاف كاجمللس اللذين يصادقاف عليها‪ .‬مث تقوـ ادلفوضية كالدكؿ األعضاء بتنفيذىا‪ ،‬كتضمن ادلفوضية أف القوانُت‬
‫يتم ادلوافقة عليها بالصورة ادلالئمة‪.‬‬
‫ربظى مؤسسات أخرل بدكر حيوم يف التأثَت‪ :‬تدعم محكمة العدؿ األوربية سبثل السلطة القضائية يف االرباد حيث‬
‫تسهر على تطبيق القانوف ك حل سلتلف اخلالفات بُت سلتلف األطراؼ يف االرباد (دكؿ‪ ،‬مؤسسات‪ ،‬شركات‪ ،‬أفراد) ك‬
‫قراراهتا ملزمة جلميع األطراؼ‪ ،،‬كتراجع محكمة المراقبين سبويل أنشطة االرباد‪.‬‬

‫‪ 55‬يحًذ يصطفٗ كًال‪ ،‬فؤاد َٓزا‪ ،‬صُع انقشاس فً االححاد األوسبً و انعالقاث انعشبٍت األوسبٍت‪ ،‬ت‪ٛ‬زٔخ‪ :‬يزكش دراطاخ انٕحذج انؼزت‪ٛ‬ح‪،2001،‬ص‬
‫ص‪.48-41:‬‬
‫‪َ ‬ظزا نالًْ‪ٛ‬ح انكث‪ٛ‬زج انر‪ ٙ‬ذحرهٓا انًفٕظ‪ٛ‬ح فاٌ أػعاءْا ‪ٚ‬خرارٌٔ تؼُا‪ٚ‬ح يٍ غزف انذٔل األػعاء ح‪ٛ‬ث أٌ ٔالءْى انكايم ‪ٚ‬دة اٌ ‪ٚ‬كٌٕ نالذحاد ككم‪ٔ ،‬‬
‫ْٕ يا ‪ٚ‬الحظ يٍ خالل انمظى انذ٘ ‪ٚ‬ؤد‪ ّٚ‬كم يفٕض يا َصّ‪":‬أٌ أحىنى انقٍاو بىاجباحً باسخقالنٍت حايت وفقا نهًصانح انعايت نهجًاعت‪،‬و فً قٍايً بىاجباحً‬
‫نٍ أقىو بطهب أو انحصىل عهى حعهًٍاث يٍ أي حكىيت أو جهت"‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪52‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امثاهية ‪ :‬منطقة امتجارة احلرة ألمرياك امشاممية(امنافتا)‪.‬‬


‫‪North American Free Trade Agreement:‬‬
‫‪ .1‬التعريف بالتكتل ‪ :‬تكتل إقليمي بُت دكؿ أمريكا الشمالية ك ادلتمثلة يف الواليات ادلتحدة األمريكية‪،‬كندا ك‬
‫ادلكسيك‪ .‬ك يتمحور أىدافو أساسا يف تشكيل منطقة ذبارة حرة بُت الدكؿ ادلتكاملة‪ ،‬أبرـ اتفاؽ إنشاء ىذا‬
‫التكتل يف البداية كل من ‪:‬الواليات ادلتحدة األمريكية ككندا سنة ‪ ، 1989‬مث اتسع نطاقو بعد انضماـ‬
‫ادلكسيك يف أكت ‪ ،1992‬كدخل حيز التنفيذ يف جانفي ‪ . 1994‬يتميز ىذا التكتل عن غَته من التكتالت‬
‫خباصيتُت أساسيتُت مها ‪:‬‬
‫‪ ‬اقتصاره على ذبربة منطقة التجارة احلرة ك اليت تعٌت باألمور التجارية بُت الدكؿ األطراؼ دكف اف تتعداىا لباقي‬
‫اجملاالت االقتصادية األخرل ك ادلالية ‪ ،‬عكس التجربة األكريبة ‪.‬‬
‫‪ ‬قياـ التكتل بُت دكؿ متباينة اقتصاديا حيث تعد كل من ادلكسيك ك كندا من ضمن الدكؿ األقل منوا مقارنة‬
‫بالواليات ادلتحدة األمريكية شلا جيعلها الدكلة القائدة ذلذا التكتل‪.‬‬
‫‪ .2‬إجراءات التحرير االقتصادي بين دوؿ النافتا‪ :‬دبا أف اتفاقية النافتا اضلسرت أساسا يف منطقة التجارة احلرة فاف‬
‫الدكؿ ادلوقعة ازبذت رلموعة من التدابَت لتنشيط التجارة اإلقليمية بينهما كفق اإلجراءات التالية‪:56‬‬
‫‪ -‬زبفيض الرسوـ اجلمركية على مدل ‪ 15‬عاما تدرجييا حىت إلغائها سباما بُت الدكؿ الثالث‪.‬‬
‫‪ -‬ربسُت سياسات االستثمار يف السلع كاخلدمات‪.‬‬
‫‪ -‬ربرير حركة الشاحنات عرب احلدكد لتقليل تكاليف النقل‪.‬‬
‫‪ -‬ربرير انتقاؿ رؤكس األمواؿ كإزالة كافة القيود ادلفركضة على االستثمارات يف القطاعات ادلختلفة‪ ،‬باستثناء‬
‫قطاع البًتكؿ يف ادلكسيك كالصناعة الثقافية يف كندا‪ ،‬كاخلطوط اجلوية كاالتصاالت السلكية كالالسلكية يف‬
‫الواليات ادلتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على كجوب احًتاـ اتفاقيات ادللكية‪.‬‬
‫‪ -‬ديكن ألية دكلة االنسحاب من االتفاؽ شريطة أف تعلن رغبتها يف االنسحاب من االتفاقية قبل التاريخ ادلعلن‬
‫لذلك بستة أشهر‪.‬‬
‫‪ -‬العودة إىل قيد من القيود اجلمركية يف حالة تعرض الصناعة احمللية لدكؿ معينة لبعض الصعوبات نتيجة فتح‬

‫‪ 56‬ػثذ انْٕاب انزي‪ٛ‬ذ٘‪،‬يزخغ طاتك‪،‬ص‪. 61:‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪53‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫السوؽ‪.‬‬
‫‪ -‬اللجوء إىل التحكيم ادلستقل حلل اخلالفات اليت تنجم عن التطبيق يف فًتة من ‪ 30‬إىل ‪ 45‬يوـ‪.‬‬
‫‪ -‬استفادة اذلجرة أك حرية احلركة لألفراد باستثناء بعض النوعيات من العماؿ‪.‬‬
‫ك ادلالحظ من خالؿ اجملاالت اليت شهدهتا عملية التحرير أهنا مل تقتصر فقط على حركة السلع ك اخلدمات بل‬
‫تعدهتا لتشمل رلاؿ حركة رؤكس األمواؿ ك االستثمارات ك حركة العمالة‪ ،‬األمر الذم يوحي باف ىذه التجربة قد‬
‫انتقلت دلرحلة السوؽ ادلشًتكة‪ .‬لكن إمعاف النظر يف الشركط ك القيود ادلفركضة على حركة بعض االستثمارات‬
‫مثل قطاع الزراعة‪ ،‬يف حُت يشجع االستثمار يف قطاع البًت ككيماكيات‪.‬كما تفرض قيود كبَتة على حركة العمالة‬
‫خصوصا من اجلنوب ضلو الشماؿ ‪ ،‬فيمنح أصحاب رؤكس األمواؿ ك ادلستثمرين رخص للدخوؿ ادلؤقت دلتابعة‬
‫أعماذلم‪ ،‬كما تفرض قيود على حركة العماؿ القادمُت من ادلكسيك حيث تقدـ تسهيالت لبعض ادلهنيُت على‬
‫أال يتجاكز عددىم نسبة زلددة سنويا‪57.‬‬

‫‪ .3‬أىداؼ تأسيس النافتا‪ :‬هتدؼ منطقة التجارة احلرة ألمريكا الشمالية إىل ربقيق رلموعة من األىداؼ نذكر‬
‫منها‪:58‬‬
‫‪ -‬تنشيط التجارة اإلقليمية بُت الدكؿ األعضاء كإحالؿ ادلنتجات اإلقليمية زلل ادلنتجات ادلستوردة مثل قياـ الواليات‬
‫ادلتحدة باستَتاد عصَت الربتقاؿ ادلركز من ادلكسيك بدال من أمريكا الالتينية‪ ،‬كخاصة الربازيل‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة معدؿ منو الناتج احمللي كالدخوؿ للدكؿ األعضاء حيث تشَت الدراسات أنو من ادلنتظر زيادة حقيقية يف دخل‬
‫يف كندا ‪ % 0,87‬يف الواليات ادلتحدة ك‪ % 0,3‬من ناذبها احمللي اإلمجايل‪ ،‬كضلو ‪% 05‬ادلكسيك بنحو‬
‫‪ -‬إلغاء احلواجز اجلمركية كربرير التجارة كزيادة االستثمارات بصورة تؤدم إىل زيادة حجم التجارة الدكلية للدكؿ األعضاء‬
‫مع العامل اخلارجي‪ ،‬كيف نفس الوقت زيادة حجم التجارة البينية فيما بُت الدكؿ األعضاء‪.‬‬
‫‪ -‬قياـ كل من الواليات ادلتحدة ككندا بزيادة االستثمارات يف ادلكسيك كىذا ما يؤدم إىل زيادة العمالة يف ىذه األخَتة‪،‬‬
‫كيف نفس الوقت فتح السوؽ ادلكسيكية اليت كانت مغلقة أماـ السلع األمريكية‪.‬‬
‫‪ -‬زلاكلة تعزيز موقف الواليات ادلتحدة األمريكية يف سعيها لقيادة االقتصاد العادلي كتنشيط التجارة العادلية كزلاربة انتشار‬

‫‪ 57‬يحًذ يحًٕد اإلياو‪ ،‬ذدارب انركايم انؼانً‪ٛ‬ح ٔ يغشاْا نهركايم انؼزت‪.ٙ‬ت‪ٛ‬زٔخ‪ :‬يزكش دراطاخ انٕحذج انؼزت‪ٛ‬ح‪ .2004،‬ص ‪. 354:‬‬
‫‪ 58‬ػثذ انْٕاب انزي‪ٛ‬ذ٘‪،‬يزخغ طاتك‪.‬ص‪. 63:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪54‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫الفساد االقتصادم كمواجهة سياسات احلماية التجارية يف أكربا كآسيا كبالتحديد يف الياباف‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة قوة التفاكض لدكؿ التكتل كزيادة قدرة التعامل مع التكتالت االقتصادية العمالقة خاصة االرباد األكريب‪ ،‬مع‬
‫ربقيق ميزة تنافسية يف مواجهة الصادرات من دكؿ تلك التكتالت كزيادة القدرة التنافسية على الدخوؿ إىل منطقة جنوب‬
‫شرؽ آسيا بصفة خاصة اليت تشهد أعلى معدالت منو يف العامل‪.‬‬
‫‪ -‬عالج مشكالت البطالة يف الدكؿ األطراؼ بزيادة الطاقات اإلنتاجية اجلديدة كبالتايل تعظيم فرص العمل أماـ‬
‫الراغبُت‪ .‬أما بالنسبة ألىداؼ كل دكلة على حدل فيمكن حصرىا يف‪:‬‬
‫بالنسبة للواليات المتحدة األمريكية‪ :‬تسعى الواليات ادلتحدة من خالؿ اتفاقية النافتا إقامة تكتل اقتصادم مواز‬
‫للتكتل األكريب على ادلستول الدكيل‪ ،‬أما على ادلستول الداخلي فتهدؼ إىل فتح القطاع النفطي ادلكسيكي أماـ الشركات‬
‫األمريكية خصوصا يف ظل ندرة النفط األمريكي ىذا إضافة إىل االستفادة من مزايا ربرير األسواؽ من خالؿ فتح االسواؽ‬
‫اماـ ادلنتجات االمريكية كالسيارات مثال‪ ،‬ك فتح اجملاؿ اماـ االستثمارات االمريكية باخلارج ‪ .‬االستفادة من اليد العاملة‬
‫ادلكسيكية النشيطة ك الرخيصة‪.‬‬
‫بالنسبة لكندا‪ :‬االستفادة من األسواؽ اجلديدة أماـ ادلنتجات الكندية ك االستثمارات من جهة‪ ،‬ك اليد العاملة‬
‫ادلكسيكية من جهة ثانية‪.‬‬
‫بالنسبة للمكسيك‪ :‬تساعد ذبربة النافتا ادلكسيك على ذباكز الكثَت من ادلشاكل االقتصادية اليت تعاين منها ك النهوض‬
‫لوجي ادلتطورة خاصة للمكسيك‪ ،‬حل مشكلة اذلجرة‬
‫باقتصادىا ك ذلك من خالؿ‪ :‬تدفق االستثمارات األمريكية ك التكنو ا‬
‫غَت الشرعية للعمالة ضلو ك ـ ا نتيجة للنمو االقتصادم احملقق‪...‬‬
‫‪ .4‬التنظيم المؤسسي للنافتا‪ :‬يتميز التنظيم ادلؤسسي للنافتا بالبساطة حيث أف اذلدؼ األساسم ذلذه ادلؤسسات‬
‫ىو اإلشراؼ ك التنسيق بُت الدكؿ األعضاء‪ ،‬ك تتمثل ىذه ادلؤسسات يف ادلفوضية التجارية اليت تعد اجلهاز‬
‫الرئيسي ك تضم مندكبُت بدرجة كزراء يعقدكف اجتماعات سنوية لبحث القضايا ادلطركحة يف اجملاؿ التجارم ك‬
‫تتخذ قراراهتا باإلمجاع‪.‬‬
‫ك تسهر األمانة العامة على األعماؿ اإلدارية للتجمع‪ ،‬ىذا ك تتوافر النافتا على نظاـ لفض ادلنازعات عن طريق جلاف‬
‫زلايدة‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪55‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ .5‬االنجازات المحققة‪:‬‬

‫‪200 200‬‬ ‫‪95-‬‬ ‫‪93-‬‬ ‫‪91-‬‬ ‫‪89-‬‬ ‫‪87-‬‬


‫‪99‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪96‬‬ ‫التجارة‬
‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪86‬‬
‫‪54, 51,‬‬ ‫‪49,‬‬ ‫‪47,‬‬ ‫الصادرا‬
‫‪55,5 55,7‬‬ ‫‪47,1 44,7 41,8 40,7 42,5‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ت‬

‫‪40, 40,‬‬ ‫‪39,‬‬ ‫‪39,‬‬ ‫الواردا‬


‫‪39,5 39,8‬‬ ‫‪37,5 35,9 34,4 32,6 30,9‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ت‬

‫الجدوؿ رقم (‪:)01‬النسبة ادلئوية ؿتطور التجارة البينية لتجمع النافتا‪2001-1986‬‬


‫المصدر‪ :‬زلمد زلمود االماـ ‪ ،‬مرجع ا‬
‫سبق‪ ،‬ص‪.351:‬‬
‫ك نالحظ من خالؿ اجلدكؿ ارتفاع درجة االعتماد ادلتبادؿ بُت دكؿ اجملموعة حيث منو نسب الواردات دبعدالت‬
‫متزايدة خاصة يف فًتة التسعينات استقرت يف األربعينات حىت مطلع ‪ 1997‬لتتجاكز اخلمسينات بعد ذلك ‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة للصادرات فازدادت أيضا دبعدالت أسرع من الواردات‪ ،‬فارتفعت من ‪ %41,8‬للفًتة " ‪" 91-90‬‬
‫لتصل إىل ‪ %55,5‬سنة ‪ 2001‬كيعود ىذا إىل ثقل كزف ذبارة الواليات ادلتحدة اليت فاؽ منو صادراهتا منو‬
‫كارداهتا حبجم ‪ ، %40‬أما بالنسبة لكندا كادلكسيك كاف النمو أقل بالرغم من أف ادلكسيك شهدت منو حج ـ‬
‫صادراهتا إال أف كارداهتا منت بسرعة أكرب كخالؿ أربع سنوات األكىل تضاعفت التجارة بُت الواليات ادلتحدة‬
‫كادلكسيك إىل ‪ 170‬بليوف دكالر‪ ،‬كارتفع نصيبها إىل‪ %80‬من ذبارة ادلكسيك بينما أصبحت ادلكسيك أكرب‬
‫سوؽ للصادرات األمريكية‪.59‬‬

‫‪ 59‬يحًذ يحًٕد االياو ‪ ،‬يزخغ ا‬


‫صتك‪ ،‬ص‪351:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪56‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امرابعة‪ :‬جتربة احتاد املغرب امعريب‪:‬‬


‫‪ .1‬التعريف بالتكتل‪ :‬تعد ذبربة التكامل بُت الدكؿ ادلغاربية كاليت تشتمل كل من ليبيا‪ ،‬تونس‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ادلغرب ك‬
‫موريتانيا‪ ،‬من بُت أىم ذبارب التكامل العربية اليت تتمتع دبزايا التجانس على مجيع األصعدة بُت الدكؿ ادلتكاملة األمر‬
‫الذم مل يتوافر للعديد من التجارب األخرل‪ ،‬لكنها بادلقابل شهدت تعثرات كبَتة يف مسار التوحيد بُت الدكؿ‬
‫األعضاء‪ ،‬فبعد تأسيس ارباد ادلغرب العريب يف فيفرم ‪ ، 1989‬تسببت احلساسيات السياسية ك غياب اإلرادة‬
‫السياسية يف ذبميد االرباد سنة ‪ .1994‬حيث مل يكن ذلذه التجربة األداء الكبَت ما عدا بعض األنشطة الثقافية‪.‬‬
‫‪ .2‬تأسيس اتحاد المغرب العربي‪:‬‬
‫سبتد جهود الدكؿ ادلغاربية للتكامل فيما بينها إىل احلقبة االستعمارية يف إطار جهود حركات التحرر يف كل من تونس‬
‫كاجلزائر كادلغرب اليت دأبت على التأكيد على البعد ادلغاريب دلا بعد االستقالؿ‪ .‬ك اليت ذبسدت بعد االستقالؿ‬
‫بانعقا د مؤسبر طنجة يف ‪ 26‬افريل ‪ 1958‬بادلغرب حيث ضم شلثلُت عن حزب االستقالؿ ادلغريب كجبهة التحرير‬
‫الوطٍت اجلزائرية كحزب الدستور التونسي‪ .‬ك يف سنة ‪ 1964‬مت إنشاء اجمللس االستشارم ادلغاريب الدائم بُت اجلزائر‬
‫كادلغرب كتونس‪ ،‬كالذم يعترب أكؿ مشركع ملموس للتعاكف اإلقليمي مغاربيان ك قد سبثلت أىم أىدافو‪ :‬تنسيق‬
‫السياسات االقتصادية كاجلمركية‪ ،‬كضماف حرية تنقل البضائع الصناعية‪ ،‬كتنسيق السياسات يف مواجهة الشركاء‬
‫التجاريُت السيما السوؽ األكركبية ادلشًتكة‪ .‬ك التحقت ليبيا هبذا اجمللس مث تلتها موريتانيا‪ ،‬ليصبح أكؿ بنية إقليمية‬
‫مجعت دكؿ ادلغرب العريب اخلمس‪ 60.‬ك رغم األىداؼ ك الشعارات ادلرفوعة إال أف اجمللس قد شهد فًتة ركود إىل‬
‫غاية ‪ 1983‬حيث مت إبراـ معاىدة اإلخاء ك الوفاؽ بُت اجلزائر ك تونس مع إمكانية انضماـ دكؿ أخرل‪ ،‬ك الذم مت‬
‫بانضماـ موريتانيا ك ليبيا ك ادلغرب فيما بعد‪.‬‬
‫االنطالؽ احلقيقة لالرباد ادلغاريب فقد سبت سنة ‪ 1988‬بعد القمة اليت عقدت باجلزائر بزرالدة ك اليت أسفرت عن‬
‫ة‬ ‫أما‬
‫اتفاؽ بُت ادللك ك رؤساء الدكؿ اخلمس ادلغرب‪،‬اجلزائر ‪،‬ليبيا ‪ ،‬تونس‪،‬ك موريتانيا على تأسيس االرباد ك التوقيع على‬

‫‪ 60‬ػثذ انُٕر تٍ ػُرز‪ "،‬االححاد انًغاسبً‪ ..‬بٍٍ االفخشاض وانىاقع" يرحصم ػه‪ ّٛ‬يٍ يٕلغ‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/EE898964-E095-424A-BAF1-3B0B0B80808F.htm‬‬

‫‪‬‬
‫ٔ ذدذر اإلشارج ُْا اَّ ٔرغى ذأك‪ٛ‬ذ كم يٍ اندشائز ٔ ذَٕض أٌ ْذِ انًؼاْذج رك‪ٛ‬شج نثُاء انًغزب انؼزت‪ ٙ‬انكث‪ٛ‬ز فئٌ انًغزب ٔن‪ٛ‬ث‪ٛ‬ا اػرثزاْا حهفا ظذًْا‬
‫ٔيحأنح خشائز‪ٚ‬ح نؼشنًٓا إله‪ًٛٛ‬ا‪ٔ .‬كزد فؼم لزرخ غزاتهض ٔانزتاغ ذشك‪ٛ‬م حهف ت‪ًُٓٛ‬ا نًٕاخٓح انًؼاْذج اندشائز‪ٚ‬ح انرَٕظ‪ٛ‬ح‪ ،‬فٕلّغ انطزفاٌ ‪ٕٚ‬و ‪ 13‬أخ‬
‫‪ 1984‬اذفالا ف‪ٔ ٙ‬خذج (ػهٗ انحذٔد يغ اندشائز) أطظرا تًٕخثّ "اذحاد انذٔل انؼزت‪ ٙ‬األفز‪ٚ‬م‪"..ٙ‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪57‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫ادلعاىدة ادلنشأة يف مراكش سنة ‪ 1989‬ك اليت تضمنت األىداؼ احلقيقة لالرباد‪ ،‬إضافة للجاف ك األجهزة‪ .‬أىداؼ‬
‫االتحاد المغاربي‪:‬‬
‫كقد حددت أىداؼ االرباد ادلغاريب حسب ادلادة الثانية معاىدة التأسيس‪:‬‬
‫‪ ‬سبتُت أكاصر األخوة اليت تربط الدكؿ األعضاء كشعوهبا بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪ ‬ربقيق تقدـ ك رفاىية رلتمعاهتا كالدفاع عن حقوقها‪.‬‬
‫‪ ‬ادلسامهة يف صيانة السالـ القائم على العدؿ كاإلنصاؼ‪.‬‬
‫‪ ‬هنج سياسة مشًتكة يف سلتلف ادليادين‪.‬‬
‫‪ ‬العمل تدرجييا على ربقيق حرية تنقل األشخاص كانتقاؿ اخلدمات كالسلع كرؤكس األمواؿ بينها‪.‬‬
‫يصعب ربديد مالمح االرباد ادلغاريب من خالؿ األىداؼ احملددة‪ ،‬فمن جهة مت ربديد أف ىدؼ الدكؿ ادلتكاملة ربقيق‬
‫سياسة مشًتكة يف سلتلف ادليادين السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪  ...‬األمر الذم يوحي بتكامل عميق يف سلتلف‬
‫اجملاالت ك الذم قد يؤدم يف األخَت إىل ربقيق االندماج فيما بينها‪ .‬ك من جهة ثانية مت ربديد ىدؼ إزالة العوائق تدرجييا‬
‫على حركة السلع ك اخلدمات ك رؤكس األمواؿ ك حىت األشخاص بُت الدكؿ ادلغاربية شلا يعٍت التأسيس لسوؽ مشًتكة‬
‫مغاربيا‪.‬‬

‫‪ .3‬التنظيم المؤسساتي للتكامل المغاربي‪ :‬تعمل على تسيَت شؤكف االرباد رلموعة من ادلؤسسات ك تتمثل‬
‫يف‪:‬‬
‫أ‪.‬رللس رئاسة يتألف من رؤساء الدكؿ األعضاء‪ ،‬كىو أعلى جهاز فيو‪.‬ك رئاسة اجمللس تكوف بالتناكب بُت رؤساء الدكؿ‬
‫األعضاء ك دلدة سنة كاحدة‪ .‬كتصدر قراراتو بإمجاع أعضائو‪.‬‬

‫‪ ‬تيدؼ السياسة المشتركة المشار إلييا –حسب المعاىدة‪-‬إلى تحقيؽ األغراض التالية‪:‬‬
‫‪ -‬في الميداف الدولي‪ :‬تحقيؽ الوفاؽ بيف الدوؿ األعضاء واقامة تعاوف دبموماسي وثيؽ بينيا يقوـ عمى أساس الحوار‪.‬‬
‫‪ -‬في الميداف االقتصادي‪ :‬تحقيؽ التنمية الصناعية والزراعية والتجارية واالجتماع لمدوؿ األعضاء واتخاذ ما يمزـ اتخاذه مف وسائؿ ليذه الغاية‪ ،‬خصوصا‬
‫بإنشاء مشروعات مشتركة واعداد برامج عامة ونوعية في ىذا الصدد‪.‬‬
‫‪ -‬في الميداف الثقافي‪ :‬إقامة تعاوف يرمي إلى تنمية التعميـ عمى كافة مستوياتو والى الحفاظ عمى القيـ الروحية والخمقية المستمدة مف تعاليـ اإلسالـ السمحة‬
‫وصيانة اليوية القومية العربية واتخاذ ما يمزـ اتخاذه مف وسائؿ لبموغ ىذه األىداؼ‪ ،‬خصوصا بتبادؿ األساتذة والطمبة وانشاء مؤسسات جامعية وثقافية‬
‫ومؤسسات متخصصة في البحث تكوف مشتركة بيف الدوؿ األعضاء ‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪58‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫ب‪ .‬رللس لوزراء اخلارجية حيضر دكرات رللس الرئاسة كينظر فيما تعرضو عليو جلنة ادلتابعة كاللجاف الوزارية ادلتخصصة من‬
‫أعماؿ‪.‬‬
‫ج‪.‬جلاف كزارية متخصصة ينشئها رللس الرئاسة كحيدد مهامها‪.‬‬
‫د‪.‬أمانة عامة ينشئها رللس الرئاسة كحيدد مقرىا كمهامها‪ ،‬كما يعُت أمينا عاما ذلا‪.‬‬
‫ق‪ .‬رللس شورل يتألف من عشرين عضوا عن كل دكلة يقع اختيارىم من قبل اذليئات النيابية للدكؿ األعضاء أك كفقا‬
‫للنظم الداخلية لكل دكلة كضيفتو ابداء الرأم فيما حييلو عليو رللس الرئاسة من مشاريع قرارات كما لو أف يرفع جمللس‬
‫الرئاسة ما يراه من توصيات لتعزيز عمل االرباد كربقيق أىدافو‪.‬‬
‫ك‪ .‬ىيئة قضائية تتألف من قاضيُت اثنُت عن كل دكلة تعينهما الدكلة ادلعنية دلدة ست سنوات‪ ،‬كذبدد بالنصف كل ثالث‬
‫سنوات‪ ،‬كتنتخب اذليئة القضائية رئيسا ذلا من بُت أعضائها دلدة سنة كاحدة‪ .‬ك مهمتها النظر يف النزاعات ادلتعلقة بتفسَت‬
‫كتطبيق ادلعاىدة كاالتفاقيات ادلربمة يف إطار االرباد‪.‬‬
‫‪ .4‬معوقات التكامل المغاربي‪ :‬الواضح من خالؿ تتبع ادلسَتة القصَتة الرباد ادلغرب العريب أف ىذه التجربة مل‬
‫تتجاكز حدكدىا القانونية ك ادلؤسساتية‪ ،‬فمنذ التوقيع على ادلعاىدة ك إقامة ادلؤسسات اخلاصة باالرباد‪،‬‬
‫بقيت معظم اصلازات ك أعماؿ حرب على كرؽ ك مل يكتب دلعظمها أف تدخل حيز التنفيذ‪ ،‬األمر الذم‬
‫يستدعي البحث حوؿ أىم العوائق اليت أدت إىل كقف مسَتة التكامل ادلغاريب رغم توافر اللبنة األساسية‬
‫لتفعيلو ك صلاحو‪ .‬ك عموما ديكن ربديد أىم عوائق التكامل ادلغريب يف ‪:‬‬
‫أ‪ .‬المعوقات السياسية‪ :‬ديكن ربديدىا يف رلموعة من النقاط‪:‬‬
‫غياب اإلرادة السياسية‪ ،‬حيث أف قياـ أم ذبربة تكاملية يتطلب تنازؿ الدكؿ ادلتكاملة عن بعض صالحياهتا لصاحل‬
‫مؤسسات التكامل يف اجملاؿ احملدد‪ ،‬ك ذلك قصد إعطاءىا رلاال من احلرية يف القياـ دبهامها‪ ،‬إال أف ذبربة التكامل بُت‬
‫الدكؿ ادلغاربية ك العربية على العموـ ال تزاؿ تثبت التمسك التاـ للقيادات ك النخب الرمسية جبميع صالحياهتا خاصة يف‬
‫ضل جو ادلنافسة ك االحتقاف السياسي بُت النخب خصوصا يف مسالة الدكلة القائدة للتكامل‪.‬‬
‫‪ .‬دخلت‬ ‫أزمة العالقة بُت اجلزائر ك ادلغرب ‪ ،‬حيث اثر توتر العالقات بُت البلدين على مسَتة االرباد‪ ،‬فبد االستقالؿ‬
‫ادلغرب كاجلزائر يفما مسي ب "حرب الرماؿ" (أكتوبر ‪ )1963‬بسبب مطالبة ادلغرب دبنطقة تندكؼ اجلزائرية‪ ،‬ىذا إضافة‬
‫لقضية الصحراء الغربية ك بالتحديد الدعم اجلزائرم للصحراكيُت ك الذم مل تتقبلو الدكلة ادلغربية‪.61‬‬

‫‪ 61‬ػثذ انُٕر تٍ ػُرز‪،‬يزخغ طاتك‪.‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪59‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫قضية لوكريب‪ ،‬اليت على إثرىا مت فرض احلضر اجلوم ك العسكرم ك الدبلوماسي على ليبيا بقرار من رللس األمن ك الذم‬
‫مل تعارضو الدكؿ ادلغاربية شلا تسبب يف توتر العالقات اللييب ة مع باقي الدكؿ ادلغربية كفقداف اىتماـ ليبيا دبسألة الوحدة‬
‫ادلغاربية‪.‬‬
‫األزمة األمنية اجلزائرية ‪ ،‬اليت سادت يف اجلزائر طواؿ التسعينات‪ ،‬حيث مثلت زلور اىتماـ احلكومة اجلزائرية يف تلك الفًتة‬
‫حيث دخلت يف مرحلة االنغالؽ على النفس ك االىتماـ أكثر بالشؤكف الداخلية‪.‬‬
‫ب‪ .‬المعوقات االقتصادية‪ :‬فاقتصاديات الدكؿ ادلغاربية تتميز بافتقارىا للتنوع من حيث اإلنتاج‪ ،‬فاقتصاداهتا تعتمد‬
‫أساسان على ادلواد األكلية بنسبة تفوؽ ‪ %90‬من الصادرات‪ :‬احملركقات بالنسبة للجزائر كليبيا كادلعادف (الفوسفات‬
‫أساسان) كالنسيج (فيما خيص ادلنتجات الصناعية) بالنسبة للمغرب‪ .‬كما تتميز بأهنا اقتصادمات تبادلية دبعٌت أهنا‬
‫قائمة على التجارة مع العامل اخلارجي بنسبة كبَتة جدان (التجارة سبثل ‪ %87‬من الناتج الداخلي دلوريتانيا) ك‬
‫ؼتر اقتصاديات الدكؿ ادلغاربية‬
‫ليست منتجة كىذا ما جيعلها ربت رمحة الضغوط اخلارجية‪ .‬ك من جهة أخرل ت ق‬
‫إىل التنوع يف اإلنتاج شلا جيعها تعتمد على اؿكاردات لتلبية حاجاهتا الداخلية من املكاد مصنعة االمر الذم يفرض‬
‫صعوبة يف تطوير ادلبادالت بُت ىذه االقتصاديات ادلوجهة أساسان ضلو العامل ادلصنع‪ ،‬لكن القيادات السياسية مل‬
‫تتخذ أم إجراء يف سبيل دعم كتطوير التجارة البينية خاصة كأف إمكانيات التكامل موجودة يف بعض اجملاالت‬
‫مثل القطاع الزراعي الذم قد يساىم يف تقليص التبعية الغذائية لبعض الدكؿ‪ ،‬كلإلشارة فإف كل الدكؿ العربية‬
‫تستورد أكثر شلا تصدر من ادلواد الغذائية ما عدا تونس كادلغرب كموريتانيا‪62.‬‬
‫ك يف رلاؿ التجارة البينية ادلغاربية فادلالحظ أهنا ضعيفة جدان حيث ال تتجاكز ‪ %10‬من مبادالت العامل العريب مع العامل‬
‫اخلارجي‪ ،‬بينما تبلغ التجارة ما بُت دكؿ االرباد األكركيب ما يزيد على ‪ %60‬من مبادالت أكركبا مع اخلارج ‪.‬كبلغت نسبة‬
‫التجارة البينية ادلغاربية سنة ‪ 2002‬حوايل ‪ %3‬من التجارة اخلارجية ادلغاربية كاليت تقدر حبوايل ‪ 70‬مليار دكالر‪.63‬‬
‫ج‪ .‬المعوقات القانونية‪ :‬يتعلق ىذا العائق أساسا يف مسالة ازباذ قاعدة اإلمجاع بُت الدكؿ األعضاء اخلمس يف ازباذ‬
‫قرارات االرباد‪ ،‬األمر الذم يعكس سبسك الدكؿ ادلغاربية دبسالة السيادة ادلطلقة‪ ،‬ك عدـ قابليتها للتنازؿ عن‬
‫البعض منها لصاحل لالرباد‪ ،‬ك يف ظل تعدد ادلصاحل ك تباين كجهات النظر ك األىم من ذلك توتر العالقات بُت‬
‫ىذه الدكؿ يصبح ربقيق اإلمجاع بُت كل الدكؿ أمرا جد صعب‪ ،‬ك ىو ما تعكسو القرارات ادلتخذة على مستول‬
‫االرباد حيث انو من بُت أصل ‪ 37‬اتفاقية موضوعة من طرؼ االرباد صادقت اجلزائر على ‪ 29‬اتفاقية‪ ،‬تونس‬

‫‪َ 62‬فض انًزخغ‪.‬‬


‫‪َ 63‬فض انًزخغ‪.‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪60‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫على ‪ ،27‬ليبيا على ‪ ،25‬موريتانيا ‪ 19‬أما ادلغرب فلم توقع إال على ‪ 5‬اتفاقيات ك بالتايل مل يدخل حيز التنفيذ‬
‫إال مخس اتفاقيات احًتاما لقاعدة اإلمجاع‪.‬‬
‫د‪ .‬المعوقات المنهجية‪ :‬تشوب التجربة التكاملية ادلغاربية العديد من األخطاء ادلنهجية ادلتعلقة بالعملية التكاملية ك‬
‫اليت كاف ذلا تأثَت مباشر على فشل التكامل فيما بينها‪ ،‬ك ديكن ربديدىا يف ثالث نقاط أساسية‪:‬‬
‫عدـ تحديد شكل واضح للتكامل فحسب ادلعاىدة ادلنشأة لالرباد ك اليت مل تعطي تفصيالت كبَتة عن‬
‫العملية التكاملية‪ ،‬رلاالت التكامل‪ ،‬ادلد ة الزمنية للتكامل‪ ...‬ك من جهة ثانية مل تتضح من خالؿ ادلعاىدة الشكل النهائي‬
‫للتكامل إف كاف تكامل سياسي‪ ،‬أك اقتصادم‪ ،‬منطقة ذبارة حرة أـ أهنا سوؽ مشًتكة‪....‬‬
‫الدخوؿ مباشرة في التكامل في مختلف القطاعات و دوف تحديد مدة الزمنية للتكيف ‪ ،‬حيث أف الدكؿ ادلتكاملة مل‬
‫توضح منذ البداية القطاعات األساسية للتكامل ك األىم من ذلك ادلدة الزمنية الكفيلة بتحقيق األىداؼ قصد منح الدكؿ‬
‫ادلتكاملة فًتة زمنية للتأقلم ك ذباكز أم عراقيل‪.‬‬
‫إىماؿ دور الشعوب و النخب غير الرسمية في التكامل ‪ ،‬فكل قرارات التكامل ادلغاريب كانت حكرا على النخب‬
‫الرمسية‪ ،‬دكف فتح اجملاؿ أماـ النخب غَت الرمسية من مؤسسات باجملتمع ادلدين ك القطاع اخلاص على عكس التجربة‬
‫األكربية‪.‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪61‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امرابعة‪ :‬جملس امتعاون اخلليجي‬

‫‪ .1‬التعريف بالتكتل‪ :‬رللس التعاكف اخلليجي تكتل سياسي اقتصادم إقليمي‪ ،‬مضم يف عضويتو ست دكؿ ىي‪:‬‬
‫اإلمارات العربية ادلتحدة‪ ،‬البحرين‪ ،‬ادلملكة العربية السعودية‪ ،‬سلطنة عُماف‪ ،‬قطر‪ ،‬ك الكويت‪ .‬مت إنشاؤه يف مام‬
‫‪ 1981‬يف مدينة أبو ظيب بدكلة اإلمارات العربية ادلتحدة‪ .‬ك ديثل اجمللس صيغة تعاكف تنسيقية تضم الدكؿ الست‬
‫اليت تطل على اخلليج العريب‪ ،‬بودؼ إىل ربقيق التنسيق كالتكامل كالًتابط بُت دكذلم يف مجيع ادليادين كصوالن إىل‬
‫ربقيق الوحدة بينها كفق ما نصت عليو ادلادة الرابعة من النظاـ األساسي للمجلس ‪ .‬ك تعد ىذه التجربة التكاملة‬
‫من بُت التجارب الناجحة على ادلستول العريب خصوصا بادلقارنة مع باقي التجارب العربية‪.‬‬
‫‪ .2‬الخصائص الجيوسياسية و االقتصادية لمنطقة الخليج العربي‪:‬‬
‫من الناحية الجغرافية‪ :‬تقع دكؿ اجمللس يف منطقة جغرافية كاحدة خالية من العراقيل الطبيعية‪ .‬فهي سبتد على مساحة من‬
‫األرض تبلغ ‪2,563,212,2‬كم ‪ 2‬كتشمل عددان من السكاف يبلغ ‪ 15,984.000‬مليوف نسمة‪ .‬كتغطى السعودية‬
‫ما نسبتو ‪ ٪78.4‬من ادلساحة كعدد ‪ 10‬مليوف تقريبان من السكاف‪ ،‬كما تتميز ادلنطقة بندرة ادلوارد ادلائية كاألراضي‬
‫الصحراكية القاحلة أك شبو القارية حيث يقل سقوط األمطار على شبو اجلزيرة بشكل عاـ حيث يسجل يف ادلتوسط ‪ 6‬مػم‬
‫يف السنة‪ 64.‬ك يتوسط اإلقليم (اخلليج العريب) القارات الثالث يف آسيا كأكركبا كإفريقيا ليصبح بالتايل معربا ىاما للتجارة‬
‫الدكلية برا أك حبرا ‪.‬‬
‫أما من الناحية االقتصادية ‪ :‬فاف أىم مؤشر اقتصادم دييز منطقة اخلليج العريب ىو الثركة النفطية ك اليت اكتشفت يف‬
‫ادلنطقة منذ ثالثينات القرف ادلاضي‪ ،‬ك تعد دكؿ اخلليج صاحبة اكرب احتياطي للنفط يف العامل‪ ،‬ففي سنة ‪ 1993‬كصل‬
‫االحتياطي النفطي ادلؤكد يف كؿ اخلليج إضافة إليراف ك العراؽ إىل ‪ ٪70‬من النفط العادلي كما ىو موضح يف اجلدكؿ‬
‫التايل‪:‬‬

‫‪ 64‬انظ‪ٛ‬ذ ػثذ انًُؼى انًزاكث‪ ،ٙ‬دول يجهس انخعاوٌ انخهٍجً انفجىة بٍٍ إيكاَاحها االقخصادٌت وقذساحها انسٍاسٍت وأثش رنك عهى األيٍ انقىيً‬
‫انعشبً‪(،‬د‪.‬و‪ :)ٌ.‬يكرثح يذتٕن‪(.ٙ‬د‪.‬خ‪ .)ٌ.‬ص‪06 :‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪62‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫عمر االحتياطي‬ ‫النسبة ادلئوية()‬ ‫برميل (مليار)‬ ‫طن ( مليار)‬ ‫الدكلة‬


‫بالسنوات‬
‫‪100‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪98.1‬‬ ‫‪12.9‬‬ ‫اإلمارات العربية‬
‫ادلتحدة‬
‫‪100‬‬ ‫‪9.3‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪12 .9‬‬ ‫الكويت‬
‫‪17.1‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫عماف‬
‫‪21.6‬‬ ‫‪0.4‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫قطر‬
‫‪82‬‬ ‫‪25.6‬‬ ‫‪257.8‬‬ ‫‪35.1‬‬ ‫السعودية‬
‫جدوؿ رقم (‪ : )02‬االحتياطي النفطي لدكؿ اخلليج ‪. 1992‬‬
‫" المستقبل العربي ‪ ،‬عدد‪،181 :‬مارس‬ ‫المصدر‪ :‬عبد اخلالق عبد اهلل‪" ،‬النفط ك النظاـ اإلقليمي اخلليجي‬
‫‪.1994‬ص‪.26:‬‬

‫من خال ؿ اجلدكؿ تتضح اإلمكانات االقتصادية اذلائلة لدكؿ اخلليج العربية يف رلاؿ الطاقة من نفط ك حىت الغاز سواء‬
‫من حيث االحتياطي أك الصادرات‪ .‬فلقد كشفت منظمة "األكبك" أف االحتياطات ادلؤكدة من البًتكؿ كالغاز بالدكؿ‬
‫العربية بلغت عاـ ‪ 1992‬ضلو ‪ 682‬مليار برميل من البًتكؿ ك ‪ 29‬ألف مليار مًت مكعب من الغاز كسبثل ىذه األرقاـ‬
‫‪ ٪62‬ك‪ ٪ 29‬من احتياطي البًتكؿ كالغاز ادلؤكديُت يف العامل على التوايل‪.‬‬
‫‪ 568‬مليار برميل أم ضلو ‪ ٪56‬من االحتياطي‬ ‫كتقدـ دكؿ اخلليج العريب النصيب األكرب من ىذا االحتياطي بواقع‬
‫العادلي‪ .‬كتأيت السعودية يف ادلقدمة بػ ‪ 261‬مليار برميل أم ضلو ‪ ٪ 26‬من االحتياطي العادلي‪ ،‬مث اإلمارات بػ ‪98‬مليار‬
‫برميل أم ضلو ‪ ٪10‬كالكويت بػ ‪ 96‬مليار برميل أم ضلو ‪ ٪9‬من االحتياطي العادلي‪ .65‬ك ادلالحظ ىنا اف دكؿ اخلليج‬
‫العربية تتميز مجيعها باحتالؿ النفط أمهية قصول يف اقتصادىا‪ ،‬حيث إنو يصل إىل ‪ ٪95‬من إيراداهتا‪ ،‬كما تصل صادرات‬

‫‪ 65‬انظ‪ٛ‬ذ ػثذ انًُؼى انًزاكث‪ ،ٙ‬يزخغ طاتك‪ ،‬ص‪10:‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪63‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫النفط إىل أكثر من ‪ ٪99‬من صادراهتا يف كثَت من األحياف‪ .‬كقد رتبت ىذه ادلكانة الكبَتة للنفط يف ىذه الدكؿ العديد‬
‫من اخلصائص اليت ميزت اقتصادىا كسياستها اخلارجية‪.‬‬

‫‪ .3‬خطوات إنشاء مجلس التعاوف الخليجي‪ :‬ىناؾ العديد من العوامل اليت دفعت الدكؿ اخلليجية للتفكَت يف‬
‫ضركرة التكامل فيما بينها‪ ،‬فإضافة لتوافر عوامل التكامل اإلقليمي بُت الدكؿ اخلليجية الست حيث تربطها‬
‫يبعضها عالقات تارخيية متشاهبة‪ ،‬مع سباثلها يف أنظمة احلكم القائمة على الوراثة‪ ،‬كاتفاقها يف الظركؼ اجلغرافية‬
‫كادلناخية كيف تركيبتها االجتماعية القبلية كيف اعتمادىا اقتصاديا على الربع النفطي‪ ،‬ىذا فضالن عن اشًتاكها يف‬
‫اخللفية الدينية كاللغوية‪ ،‬ديكن التطرؽ لعاملُت أساسيُت‪:‬‬
‫‪ ‬اخلركج من احلقبة االستعمارية بعد إعالف احلكومة الربيطانية االنسحاب من دكؿ اخلليج سنة ‪.1968‬‬
‫‪ ‬األكضاع األمنية بادلنطقة ك خصوصا اثر نشوب احلرب العراقية‪-‬اإليرانية كهتديدىا ألمن ادلنطقة ك الكويت‬
‫بالتحدم‪.‬‬
‫د‬
‫األمر الذم دفع أمَت الكويت جابر األمحد الصباح إىل دعوة باقي الدكؿ اخلليجية لضركرة ربقيق الوحدة سنة ‪ ،1980‬ك‬
‫قد عقد أكؿ اجتماع بُت كزراء خارجية ىذه الدكؿ يف فيفرم ‪.66 1981‬ك قد بدأت اخلطوات التنفيذية لفكرة إنشاء‬
‫مؤسبر القمة اخلليجية‪ ،‬الذم عقد على ىامش القمة اإلسالمية اليت عقدت يف‬ ‫رللس التعاكف لدكؿ اخلليج العريب يف‬
‫الطائف؛ حيث مت االتفاؽ مبدئيان على قياـ اجمللس على أساس مشاركة الدكؿ الست ‪.‬‬
‫كبعد سلسة من االجتماعات التحضَتية‪ ،‬عقد كزراء خارجية الدكؿ اخلليجية الست مؤسبران يف الرياض بتاريخ ‪ 4‬فيفرم‬
‫‪ ، 1981‬ككقعوا يف ختاـ أعماؿ ذلك ادلؤسبر على كثيقة إعالف قياـ رللس التعاكف لدكؿ اخلليج العربية ‪ .‬ك قدمت اإلعالف‬
‫رمسيان عن إنشاء رللس التعاكف لدكؿ اخلليج العربية يف ‪ 25‬مام ‪ 1981‬كمنظمة سياسية اقتصادية إقليمية ‪ ،‬تضم ست‬
‫دكؿ ىي‪ :‬دكلة اإلمارات العربية ادلتحدة‪ ،‬كدكلة البحرين ‪ ،‬كادلملكة العربية السعودية ‪ ،‬كسلطنة عُماف ‪ ،‬كدكلة قطر ‪ ،‬كدكلة‬
‫الكويت‪67.‬‬

‫‪ ‬ح‪ٛ‬ث ٔلؼد انكٕ‪ٚ‬د ذحد االحرالل انؼزال‪ ٔ ٙ‬اإل‪ٚ‬زاَ‪ ٙ‬فف‪ ٙ‬حزب انخه‪ٛ‬ح انثاَ‪ٛ‬ح ‪ ٔ ،‬ػهٗ اثز س‪ٚ‬ادج اإلَراج يٍ لثم اإلياراخ ٔانكٕ‪ٚ‬د إلغزاق انظٕق انُفط‪ٛ‬ح‬
‫ٔتانران‪ ٙ‬ذخف‪ٛ‬ط اإلَراج ‪ ٔ ،‬انكٕ‪ٚ‬د كاَد ذمٕو "تشفػ" انُفػ انؼزال‪ ٙ‬يٍ حمم انزي‪ٛ‬هح انًشرزن ‪ ،‬ندأ انؼزاق إنٗ انمٕج انؼظكز‪ٚ‬ح نحظى انصزاع ‪ٔ ،‬ظى‬
‫انكٕ‪ٚ‬د ‪ ،‬يًا ٔظغ انًُطمح ف‪ ٙ‬اخطز يٕلف ذار‪ٚ‬خ‪ ٙ‬ذًثم ف‪ ٙ‬غهة انذٔل انخه‪ٛ‬د‪ٛ‬ح انحًا‪ٚ‬ح يٍ انٕال‪ٚ‬اخ انًرحذج ٔحهفائٓا‪.‬‬
‫‪َ 66‬صزج ػثذ هللا انثظرك‪ ،ٙ‬ايٍ انخهٍج يٍ غضو انكىٌج انى غضو انعشاق‪ ،‬ت‪ٛ‬زٔخ‪ :‬انًؤطظح انؼزت‪ٛ‬ح نهذراطاخ ٔ انُشز‪.2003،‬ص‪82:‬‬
‫‪ٚ 67‬اطز لط‪ٛ‬شاخ‪ "،‬يجهس انخعاوٌ انخهٍجً ‪ ...‬ثًشة انجهىد وانخفاعالث انسٍاسٍت انكىٌخٍت"‪ ،‬يرحصم ػه‪ ّٛ‬يٍ يٕلغ‪:‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=259532‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪64‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ .4‬مجاالت التكامل في إطار المجلس و االنجازات المحققة ‪ :‬حددت الدكؿ ادلتكاملة أىداؼ رللس التعاكف‬
‫األساسية حسب النظاـ األساسي ادلنشئ لو يف‪:68‬‬
‫‪ -1‬ربقيق التنسيق كالتكامل كالًتابط بُت الدكؿ األعضاء يف مجيع ادليادين كصوال إىل كحدهتا‪.‬‬
‫‪ -2‬تعميق كتوثيق الركابط كالصالت كأكجو التعاكف القائمة بُت شعوهبا يف سلتلف اجملاالت‪.‬‬
‫‪ -3‬كضع أنظمة متماثلة يف سلتلف ادليادين دبا يف ذلك الشئوف اآلتية‪:‬‬
‫الشؤكف االقتصادية كادلالية‪.‬‬
‫الشؤكف التجارية كاجلمارؾ كادلواصالت‪.‬‬
‫الشؤكف التعليمية كالثقافية‪.‬‬
‫الشؤكف االجتماعية كالصحية‪.‬‬
‫الشؤكف اإلعالمية كالسياحية‪.‬‬
‫الشؤكف التشريعية كاإلدارية‪.‬‬
‫‪ -4‬دفع عجلة التقدـ العلمي كالتقٍت يف رلاالت الصناعة كالتعدين كالزراعة كالثركات ادلائية كاحليوانية كإنشاء مراكز حبوث‬
‫علمية كإقامة مشاريع مشًتكة كتشجيع تعاكف القطاع اخلاص دبا يعود باخلَت على شعوهبا‪.‬‬
‫من خالؿ األىداؼ ادلوضوعة من طرؼ الدكؿ ادلتكاملة يتضح أف رلاالت التنسيق احملددة بينها متعددة بُت اجملاالت‬
‫االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬ك حىت السياسية يف هناية ادلطاؼ‪ ،‬حيث أف ىدؼ ربقيق الوحدة السياسية بُت الدكؿ اخلليجية‬
‫مطركح منذ البداية قانونيا على األقل‪.‬‬
‫ك بالًتكيز على المجاؿ االقتصادي فبعد التوقيع على االتفاقية االقتصادية لدكؿ اجمللس يف نوفمرب ‪ ، 1981‬كاليت‬
‫أرست قواعد العالقات االقتصادية بُت الدكؿ األعضاء ‪ ،‬مت االتفاؽ على إنشاء منطقة التجارة احلرة بُت الدكؿ األعضاء‬
‫يف مارس ‪ ،1983‬حيث مت االتفاؽ على إلغاء الرسوـ اجلمركية بُت دكؿ اجمللس على البضائع ذات ادلنشأ الوطٍت ‪ .‬ك قد‬
‫تطور األمر إىل حد إنشاء ارباد مجركي بينها يف ديسمرب ‪ 2001‬حيث مت استبداؿ االتفاقية ادلذكورة ‪ ،‬باتفاقية اقتصادية‬
‫جديدة ‪ ،‬أكثر قدرة على التفاعل مع ادلستجدات االقتصادية عادليان كإقليميا ‪ ،‬حيث مل تقتصر تلك االتفاقية على احلث‬
‫على التعاكف كالتنسيق بُت الدكؿ األعضاء ‪ ،‬بل تعدت ذلك إىل تبٌت برامج زلددة كآليات قابلة للتنفيذ‪.‬كقد ذبسدت أكىل‬

‫‪ 68‬يدهض انرؼأٌ انخه‪ٛ‬د‪ "،ٙ‬احفاقٍت انُظاو األساسً نًجهس انخعاوٌ نذول انخهٍج انعشبٍت"‪ ،‬يرحصم ػه‪ ّٛ‬يٍ يٕلغ‪:‬‬
‫‪http://www.fgccc.org/index.php/page/1‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪65‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫الثمار العملية لتلك االتفاقية يف اإلعالف عن قياـ االرباد اجلمركي ك الذم دخل حيز التنفيذ سن ة ‪ 69.2003‬ك قد‬
‫ذىب التكامل اخلليجي إىل ابعد من ذلك حيث نصت ادلادة الثالثة من االتفاقية االقتصادية اجلديدة على أف يعامل‬
‫مواطنو دكؿ اجمللس يف أم دكلة من الدكؿ األعضاء معاملة مواطنيها دكف تفريق أك سبييز يف كافة اجملاالت االقتصادية‪ .‬ك يف‬
‫ديسمرب ‪ 2002‬أكد اجمللس األعلى على استكماؿ تنفيذ السوؽ اخلليجية ادلشًتكة بنهاية ‪2007‬ـ ‪ ،‬ككضع خطوات‬
‫زلددة لذلك ك قد دخلت اتفاقية السوؽ ادلشًتكة حيز التنفيذ يف جانفي ‪ .2008‬ك قد نصت ادلادة الثالثة من االتفاقية‬
‫االقتصادية على مبدأ ادلساكاة بُت مواطٍت الدكؿ األعضاء باجمللس دكف سبييز يف أم دكلة حيث دينح ذلم حق العمل يف‬
‫بعض ادلهن‪ ،‬امتالؾ العقار‪ ،‬االستثمار‪70...‬‬
‫ك قد حققت الدكؿ اخلليجية على اثر العملية التكاملية فيما بينها‪ ،‬نتائج جد مقبولة على مستول النمو االقتصادم‬
‫خاصة ‪ ،‬فقد حققت مستويات التنمية اصلازات يف مستويات عديدة من أبرزىا توسيع البنيات األساسية اذليكلية‬
‫كربسينها‪ ،‬من طرؽ كموانئ ككهرباء كاتصاالت كمواصلة إىل سدكد كشبكات رم كمياه شرب‪ ،‬إىل مشاريع عمالقة يف‬
‫ادلناطق الصناعية يف جدة كالدماـ بالسعودية كرلمع األدلنيوـ بالبحرين كبقية الدكؿ اخلليجية‪ ،‬إىل اخلدمات الصحية‬
‫كالتعليمية كذلك دكف احلديث عن األسواؽ احلديثة كاجملهزة بأحدث التكنولوجيا كاحملتوية على كل ما ينتجو الشرؽ كالغرب‬
‫من بضائع‪71.‬‬
‫لكن االصلازات احملققة ال تنفي حقيقة أف ادلعدالت ادلتقدمة من التنمية البشرية اليت ربققت يف دكؿ رللس التعاكف‬
‫اخلليجي‪ ،‬تفسرىا ضخامة اإليرادات اليت تأيت يف معظمها من بيع النفط اخلاـ إىل الدكؿ الصناعية الكربل‪.‬‬
‫معوقات العمل ادلشًتؾ لدكؿ رللس التعاكف اخلليجي‪ :‬يف خضم احلديث عن معوقات التكامل يف إطار التكامل اخلليجي‪،‬‬
‫ك الذم رغم كل ادلكاسب ك االصلازات احملققة مل يتمكن من ربقيق النجاحات ادللموسة يف التجارب الناجحة على غرار‬
‫التجربة األكربية‪ ،‬ك ديكننا يف ىذا اإلطار احلديث عن‪:‬‬
‫االعتماد شبو التاـ على الريع النفطي‪ :‬حيث يربز أمهية االعتماد اخلليجي على النفط كمصدر رئيسي لإلنفاؽ رغم كل‬
‫ما تبذلو دكؿ اجمللس للحد من تلك السلبية‪ ،‬فال زاؿ ضلو ‪ ٪ 90‬من اإليرادات احمللية للميزانية العامة مصدرىا ريع صادرات‬
‫النفط‪ ،‬كما أف ‪ ٪ 95‬من إيراد ميزاف ادلدفوعات العاـ ىو حصيلة الصادرات النفطية اليت يتم منها دفع أجور كركاتب قوة‬
‫العمل ادلواطنة كالوافدة‪ ،‬كسبويل االستهالؾ العاـ كاخلاص‪ ،‬كدعم مجيع النشاطات من إنتاجية كخدمية ككذا االستَتاد الذم‬

‫‪ْ 69‬شـاو ْ‪ٛ‬ثـح‪"،‬يجهس انخعاوٌ انخهٍجً‪:‬قشاءة حقًٍٍٍّ نعًهٍت انخكايم االقخصادي"‪ ،‬يرحصم ػه‪ ّٛ‬يٍ يٕلغ‪:‬‬
‫‪http://www.mafhoum.com/press6/169E18.htm‬‬

‫‪ 70‬االياراخ انؼزت‪ٛ‬ح انًرحذج‪ٔ ،‬سارج انًان‪ٛ‬ح‪ "،‬انخكايم انًانً و االقخصادي انخهٍجً" د‪ٚ‬ظًثز ‪ . 2010‬يحصم ػه‪ ّٛ‬يٍ يٕلغ‪:‬‬
‫‪ 71‬انظ‪ٛ‬ذ ػثذ انًُؼى انًزاكث‪ ،ٙ‬يزخغ طاتك‪،‬ص‪38:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪66‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫ديثل تسعة أعشار احتياجات ىذه البلداف‪ 72.‬ك بالتايل تصبح االقتصاديات اخلليجية يف تبعية دائمة ذلذا ادلنتج ك معرضة‬
‫خلطر أم أزمة قد ربدث يف ىذا اجملاؿ‪.‬‬
‫استغالؿ الشركات األجنبية‪ :‬من خالؿ شركات النفط العادلية اليت تعمل يف منطقة اخلليج بكثافة منذ اخلمسينيات ػ كمن‬
‫بعدىا الشركات العابرة للقومية ادلنفذة للمشركعات ادلدنية الكربل ك اليت تعتمد يف أنشطتها كمؤسساهتا على العمالة‬
‫األجنبية الوافدة أساسان ػ أكربية‪ ،‬أمريكية‪ ،‬آسيوية‪ ،‬مع بعض ادلواطنُت كىامش من العمالة العربية حيث يصبح قطاع النفط‬
‫رمزان لسيطرة ادلصاحل األجنبية على االقتصاديات العربية يف اخلليج‪ 73 .‬ىذا فضال عن أف معظم عائداتو ستؤكؿ ألطراؼ‬
‫أجنبية‪.‬‬
‫التبعية االقتصادية‪ :‬ك اليت ديكن قياسها من خالؿ قلة الصادرات غَت النفطية ك ارتفاع الواردات من سلتلف السلع ك‬
‫اخلدمات‪ ،‬شلا جيعل اجملتمع اخلليجي‪-‬مثل أم رلتمع عريب‪ -‬رلتمعا مستهلكا أكثر منو رلتمعا منتجا‪.‬‬
‫كيف نفس السياؽ تعاين التكامل اخلليجي مثل أم تكامل عريب من ضعف التجارة البينية بُت الدكؿ اخلليجية‪ ،‬حيث مل‬
‫تتجاكز التجارة البينية نسبة ‪ %5.8‬من حجم التجارة اخلارجية سنة ‪ 1995‬ك نسبة ‪ %8.8‬لسنة ‪74.1998‬‬

‫‪َ 72‬فض انًزخغ‪،‬ص‪. 39:‬‬


‫‪َ 73‬فض انًزخغ‪،‬ص‪38 :‬‬
‫‪ 74‬فاغًح طؼذ انشايظ‪.ٙ‬يظرمثم يدهض انرؼأٌ نذٔل انخه‪ٛ‬ح انؼزت‪ٛ‬ح ‪،‬اإلياراخ‪ :‬يزكش اإلياراخ نهذراطاخ‪. 1999.‬ص‪. 76:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪67‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫احملارضة امسادسة‪ :‬منظمة اموحدة الإفريقية‬

‫‪ )1‬التعريف بالتكتل‪ :‬منظمة إقليمية تضم كافة الدكؿ اإلفريقية ادلستقلة‪ ،‬اخلامس كالعشرين من شهر مام عاـ‬

‫‪ ، 1963‬تضم ‪ 53‬دكلة افريقية ىي‪ :‬اجلزائر‪ ،‬أصلوال‪ ،‬بنُت‪ ،‬بتسوانا‪ ،‬بوركينا فاسو‪ ،‬بوركندم‪ ،‬الكامَتكف‪ ،‬الرأس‬

‫األخضر‪ ،‬أفريقيا الوسطى‪ ،‬تشاد‪ ،‬جيبويت‪ ،‬جزر القمر‪ ،‬الكونغو الدديقراطية‪ ،‬مجهورية الكونغو‪ ،‬كوت ديفوار‪،‬‬

‫مصر‪ ،‬إثيوبيا‪ ،‬اجلابوف‪ ،‬جامبيا‪ ،‬غانا‪ ،‬غينيا‪ ،‬غينيا بيساك‪ ،‬كينيا‪ ،‬ليستو‪ ،‬ليبَتيا‪ ،‬ليبيا‪ ،‬مدغشقر‪ ،‬مالكم‪ ،‬مايل‪،‬‬

‫موريتانيا‪ ،‬موريشيوس‪ ،‬موزمبيق‪ ،‬ناميبيا‪ ،‬النيجر‪ ،‬نيجَتيا‪ ،‬ركاندا‪ ،‬ساكتومي ‪،‬برنسيب‪ ،‬السنغاؿ‪ ،‬سيشل‬

‫‪،‬سَتاليوف‪ ،‬الصوماؿ‪ ،‬جنوب أفريقيا‪ ،‬السوداف‪ ،‬سوازيالند‪ ،‬تنزانيا‪ ،‬توجو‪ ،‬تونس‪ ،‬أكغندا‪ ،‬كزامبيا‪ ،‬كزديبابوم‪،‬‬

‫كاجلمهورية العربية الصحراكية‪ ،‬كغينيا االستوائية‪ ،‬كإريًتيا‪ .‬كاجلدير بالذكر أف ادلغرب منسحبة منذ عاـ ‪1984‬‬

‫احتجاجا على قبوؿ انضماـ اجلمهورية الصحراكية‪.‬‬

‫أىداؼ منظمة الوحدة اإلفريقية حددت ادلادة الثانية من ادليثاؽ أىداؼ ادلنظمة فيما يلى‪:75‬‬

‫أ ‪ -‬تقوية كحدة الدكؿ األفريقية كتضامنها‪.‬‬

‫ب ‪ -‬ربقيق التنسيق كالتعاكف لتحقيق حياة أفضل لشعوب أفريقيا‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الدفاع عن سيادة كسالمة األراضي كاستقالؿ الدكؿ األعضاء‪.‬‬

‫د ‪ -‬تشجيع التعاكف الدكيل‪ ،‬مع األخذ ىف االعتبار ميثاؽ األمم ادلتحدة كاإلعالف العادلي حلقوؽ اإلنساف‪.‬‬

‫كقد حددت ادلادة الثانية أيضا كسائل ربقيق التعاكف بُت الدكؿ األعضاء بالنص على أف ينسق أعضاء ادلنظمة‬

‫سياستهم العامة كيعملوف على التوفيق بينها خاصة يف ادليادين التالية‪:‬‬

‫‪ -‬التعاكف السياسي كالدبلوماسي‪.‬‬

‫‪ -‬التعاكف االقتصادم دبا يف ذلك النقل كادلواصالت‪.‬‬

‫‪ 75‬احًذ يحًذ تَٕح‪ ،‬ي‪ٛ‬ثاق جايعت انذول انعشبٍت ويُظًت انىحذة اإلفشٌقٍت‪.‬اإلطكُذر‪ٚ‬ح‪:‬انًكرة اندايؼ‪ ٙ‬انحذ‪ٚ‬ث‪ .2009 ،‬ص‪31:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪68‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ -‬التعاكف الًتبوم كالثقايف‪.‬‬

‫‪ -‬التعاكف الصحي كالرعاية الصحية كالتغذية‪.‬‬

‫‪ -‬التعاكف يف الدفاع كاألمن‪.‬‬

‫ك ادلالحظ من خالؿ األىداؼ ادلسطرة أف التعاكف اإلفريقي يف إطار ادلنظمة يشمل التنسيق يف مجيع ادليادين‬

‫السياسية ك االقتصادية ك االجتماعية على حد سواء‪ ،‬كما أف ىذا التعاكف ال يستند إىل خطة تفصيلية ربدد‬

‫كيفية تطبيقو كال اآلجاؿ احملددة لذلك‪.‬‬

‫‪ )2‬مبادئ منظمة الوحدة اإلفريقية‪ :‬أما ادلبادئ األساسية للمنظمة فقد مت ربديدىا أساسا ضمن ادلادة ة‬
‫الثالثمن‬
‫ادليثاؽ ك ىي‪:76‬‬
‫أ‪ .‬ادلساكاة يف السيادة بُت مجيع الدكؿ األعضاء‬
‫ب‪ .‬عدـ التدخل يف الشئوف الداخلية للدكؿ األعضاء‪.‬‬
‫ت‪ .‬احًتاـ سيادة الدكؿ األعضاء كسالمة أراضيها كحقها غَت القابل للتصرؼ يف كجودىا ادلستقل‬
‫ث‪ .‬حل ادلنازعات بالطرؽ السلمية عن طريق الوساطة ك التحكيم‪.‬‬
‫ج‪ .‬اإلدانة ادلطلقة ألعماؿ االغتياؿ السياسي ك األنشطة التخريبية من طرؼ دكؿ رلاكرة أك دكؿ أخرل‪.‬‬
‫ح‪ .‬التزاـ الدكؿ األفريقية بتكريس اجلهود من أجل ربقيق االستقالؿ الكامل لكل األراضي األفريقية‬
‫خ‪ .‬تأكيد سياسة عدـ االضلياز ذباه مجيع الكتل الدكلية‪.‬‬
‫ك من خالؿ ادلبادئ ادلتفق عليها يف إطار ادلنظمة اإلفريقية‪ ،‬الواضح أف الدكؿ اإلفريقية هتدؼ إىل بناء تكتل إقليمي قائم‬
‫على أساس التقارب اجلغرايف ك كحدة ادلشاكل اليت تعاين منها ادلنطقة ك النابعة بدكرىا من التاريخ االستعمارم الطويل‬
‫لدكؿ ادلنطقة ك الذم خلف العديد من ادلشاكل مثل مشاكل احلدكد‪ ،‬النزاعات االثنية ك القبلية؟‪ ،‬التخلف‬
‫االقتصادم‪ ....‬ك قد أكدت من خالؿ ادلبادئ ادلؤسسة للمنظمة على ضركرة احلرص على استقالؿ الدكؿ األعضاء ك‬
‫التأكيد على سيادهتا من خالؿ مبدأ عدـ التدخل‪.‬‬

‫‪َ 76‬فض انًزخغ‪،‬ص‪32:‬‬


‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪69‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ )3‬الهيكل التنظيمي لمنظمة الوحدة اإلفريقية‪ :‬كفقا دليثاؽ ادلنظمة مت االتفاؽ على تشكيل ادلؤسسات التالية‪77:‬‬
‫‪ )1‬مؤتمر رؤساء الدوؿ والحكومات‪:‬ديثل اذليئة العليا للمنظمة‪ ،‬كيتكوف من مجيع رؤساء الدكؿ كاحلكومات األعضاء‬
‫أك من ديثلهم كجيتمع مرة على األقل كل عاـ كجيوز انعقاده يف دكرات انعقاد غَت عادية بناء على طلب أم عضو‬
‫من األعضاء كدبوافقة أغلبية األعضاء‪.‬‬
‫‪ )2‬مجلس وزراء الخارجية‪:‬يتكوف من كزراء خارجية الدكؿ األعضاء أك من ديثلهم‪ .‬خيتص بكل ما يتعلق باإلعداد‬
‫دلؤسبرات القمة األفريقية‪ ،‬ك االىتماـ بكل ما حييلو رؤساء الدكؿ كاحلكومات إليو من مهاـ كىو الذم يشرؼ على‬
‫تنفيذ قرارات رللس الرؤساء كعلى تنسيق التعاكف األفريقي‪.‬‬
‫‪ )3‬األمانة العامة‪:‬ىيئة إدارية تقوـ بإدارة أنشطة ادلنظمة‪.‬‬
‫‪ )4‬اللجاف المتخصصة‪:‬‬
‫إعماال لنص ادلادة ‪ 20‬من ادليثاؽ قرر رللس رؤساء الدكؿ إنشاء العديد من اللجاف الفنية‪ .‬كىذه اللجاف تتكوف‬
‫من الوزراء ادلختصُت أك غَتىم من الوزراء أك ادلفوضُت الذين تقوـ حكومات الدكؿ بتعيينهم ذلذا الغرض‪ .‬كمن ابرز‬
‫ىذه اللجاف‪:‬‬
‫(‪ )1‬اللجنة االقتصادية كاالجتماعية‪ ،‬كهتدؼ إىل ربقيق التعاكف بُت الدكؿ األفريقية كتنسيق ىذا التعاكف من أجل‬
‫رفع مستول ادلعيشة يف الدكؿ األفريقية كتطورىا االقتصادم كاالجتماعي‪.‬‬
‫(‪ )2‬جلنة الدفاع ‪ :‬كتعمل على تنفيذ ما قد يعهد إليها بو من قبل مؤسبر رؤساء الدكؿ كاحلكومات ىف حالة العدكاف‬
‫أك التهديد بالعدكاف‪ ،‬كما تدرس ما حييلو إليها ادلؤسبر كإصدار ما تراه من توصيات لتأمُت الدكؿ األعضاء‪.‬‬
‫(‪ )3‬جلنة الشؤكف العلمية ك التعليمية ك الثقافية ك الصحية‪.‬‬

‫‪)4‬تقييم دور المنظمة‪ :‬رغم انتهاء عهد ادلنظمة اإلفريقية منذ اإلعالف عن تأسيس االرباد اإلفريقي سنة‬
‫‪ 1999‬بطلب من الرئيس اللييب السابق معمر القذايف خالؿ القمة ‪ 36‬للمنظمة ك اليت كانت آخر‬
‫قممها‪ .‬إال أف اجلهود اإلفريقية يف إطار ادلنظمة كانت متعددة من بينها‪78:‬‬
‫‪ -‬رفع شعار االستقالؿ ك التنمية ك الوحدة كشعار للجهود التنموية لدكؿ القارة خاصة يف إطار ربقيق االستقالؿ عن‬
‫القول اخلارجية اليت أعاقت التنمية‪ ،‬فدعمت ادلنظمة عملية ربرير ناميبيا من االستعمار الربتغايل ‪ ،1989‬ك كما‬
‫كقفت ضد نظاـ االبارتايد يف جنوب إفريقيا‪ ،‬كما تبنت العديد من ادلواثيق منها‪ :‬ادليثاؽ الثقايف اإلفريقي‪ ،‬ادليثاؽ‬
‫اإلفريقي حلقوؽ اإلنساف‪....،‬‬
‫نظرا لدكر النزاعات األمنية يف ادلنطقة اإلفريقية يف إعاقة جهود التنمية حاكلت ادلنظمة االىتماـ دبجاؿ‬ ‫‪-‬‬
‫فض النزاع بُت الدكؿ ادلتجاكرة من خالؿ إقرار نظاـ خاص بذلك‪.‬‬

‫‪َ 77‬فض انًزخغ‪،‬ص ص‪37-34:‬‬


‫‪ 78‬يحًذ يحًٕد اإلياو ‪ ،‬يزخغ طاتك‪ ،‬ص‪76:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪70‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ -‬ك نظرا للتخلف االقتصادم الكبَت الذم تعاين منو دكؿ ادلنطقة رغم سبتعها دبوارد طبيعية ضخمة( نفط‪ ،‬احلديد ك‬
‫ادلعادف‪ ،‬الفوسفات‪ )...‬إال أف نصيب الدكؿ اإلفريقية من التجارة اخلارجية ال يتجاكز نسبة ‪ .٪0.6‬ىذا إىل‬
‫جانب معانات القارة من انتشار األمراض ك مشكل ادلديونية‪ ...‬األمر الذم فرض ربديات كبَتة عجزت ادلنظمة‬
‫عن حلها خصوصا يف ظل تراجع سبويل ادلنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬ك من اجل تطوير عمل ادلنظمة خصوصا يف ظل العجز عانت منو حاكلت الدكؿ اإلفريقية االىتماـ باجلانب‬
‫االقتصادم يف التكامل من خالؿ طرح مشركع اجلماعة االقتصادية اإلفريقية سنة‪ 1991‬ك اليت هتدؼ لتحقيق‬
‫سوؽ مشًتكة على مدل ‪ 34‬عاما تنتهي بتشكيل ارباد اقتصادم تاـ يف حدكد سنة ‪ .792028‬إال أف ادلالحظ‬
‫على ىذه التجربة التكاملية االىتماـ بالشق التباديل للتكامل االقتصادم ك ىو الذم مثل أىم أكجو القصور‬
‫خصوصا يف ظل ضعف القدرات اإلنتاجية ك ادلشاكل ك النزاعات احلدكدية لدكؿ ادلنطقة‪.‬‬
‫‪ -‬ك من اجل تطوير ادلنظمة مت طرح تشكيل االرباد اإلفريقي كبديل للمنظمة من أجل ذباكز العقبات ك اليت تتعلق‬
‫بتوحيد اجلهود يف اجملاؿ األمٍت ( كضع سياسة دفاعية مشًتكة‪ ،‬التدخل حلفظ األمن الداخلي‪، )،‬اجملاؿ السياسي‬
‫(من خالؿ التأكيد على رفض التغيَتات غَت الدستورية لألنظمة السياسية) ك اجملاؿ اإلنساين(منح االرباد حق‬
‫التدخل يف احلركب ك اجلرائم ضد اإلنسانية)‪80.‬‬
‫‪ -‬ىذا ك قد مت يف إطار اجلهود التنموية لالرباد اإلفريقي طرح مبادرة التنمية القارية النيباد اليت تعد مشركعا تنمويا‬
‫متكامل األبعاد االقتصادية ك السياسية ك ذلك هبدؼ ربقيق األىداؼ التالية‪:81‬‬
‫‪ ‬ربقيق معدؿ منو متوسط يف الناتج احمللي اإلمجايل بنسبة ‪ %7‬سنويا خالؿ ‪ 15‬سنة ادلقبلة‪.‬‬
‫‪ ‬خفض نسبة األشخاص الذين يعيشوف ربت خط الفقر إىل النصف يف فًتة ما بُت ‪ 1990‬ك‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ ‬تسجيل مجيع األطفاؿ يف سن الدراسة االبتدائية حبلوؿ ‪.2015‬‬
‫‪ ‬ربقيق التقدـ يف ادلساكاة بُت اجلنسُت خصوصا يف التعليم‪.‬‬
‫‪ ‬زبفيض معدالت كفيات األطفاؿ‪.‬‬
‫‪ ‬تنفيذ اسًتاتيجيات التنمية ادلستدامة‪.‬‬
‫ك الواضح كمن خالؿ األىداؼ ادلسطرة حجم ادلسؤكلية ادللقاة على عاتق االرباد اإلفريقي كجهاز تكاملي خصوصا يف‬
‫ظل احلديث عن األكضاع االقتصادية ك اإلنسانية ادلتدىورة من جهة ك ألالستقرار السياسي للنظم السياسية من جهة‬
‫ثانية‪ .‬األمر الذم سيحد حتما من ربقيق أىداؼ العملية التكاملية إف كجدت‪.‬‬

‫‪َ 79‬فض انًزخغ‪ ،‬ص‪77:‬‬


‫‪َ 80‬فض انًزخغ‪،‬ص‪86:‬‬
‫‪َ 81‬فض انًزخغ‪،‬ص‪88:‬‬
‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬
‫‪LMD‬‬
‫‪71‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫‪ )4‬معوقات عمل التجارب التكاملية اإلفريقية‪ :‬اجلدير بالذكر عند احلديث عن ذبارب التكامل اإلفريقية أف القارة‬
‫اإلفريقية تعاين من العديد من ادلشاكل ك اليت كاف ذلا تأثَت مباشر على أداء سلتلف التجارب التكاملية ك منها‪:‬‬
‫‪ ‬تعدد ادلشكالت االقتصادية اليت تواجو دكؿ القارة اإلفريقية كاستمرار تدىور اقتصادياهتا داخليا ك خارجيا ‪،‬‬
‫جعل فرص التعاكف االقتصادم بُت دكؿ القارة زلدكدان‪ .‬خصوصا يف ظل غياب اسًتاتيجيات اقتصادية تكاملية‬
‫تعتمد على تطوير اإلنتاج الصناعي ‪.‬‬
‫‪ ‬تتميز االقتصاديات اإلفريقية عموما بضعف قطاع الصناعة ك التماثل يف ىياكل التصدير ك اليت تعتمد‬
‫أساسا على تصدير ادلواد األكلية اخلاـ ك استَتاد ادلواد ادلصنعة األمر الذم يؤدم اىل فشل السياسات التكاملية اليت‬
‫تعتمد على التجارة ك فتح األسواؽ‪.‬‬
‫‪ ‬غياب الدديقراطية ك االستقرار السياسي الذم حيكم دكؿ ادلنطقة الناجم عن سيادة ادلنطق القبلي ك اللجوء يف‬
‫الكثَت من األحياف إىل االنقالبات العسكرية كوسيلة لتويل السلطة ىذا من جهة‪ ،‬إضافة إىل هتميش دكر الشعوب‬
‫يف العملية التكاملية ك اليت تقتصر يف الكثَت من األحياف على دكر النخب الرمسية شلا جيعلها عرضة خلطر النزاعات‬
‫ك اخلالفات السياسية اليت ربكم العالقات بُت الدكؿ‪.‬‬
‫‪ ‬ك يف نفس السياؽ أدل غياب اإلرادة السياسية النابعة من زبوؼ القيادات الرمسية من فقداف السيادة لصاحل‬
‫السلطات اإلقليمية إىل عرقلة أداء التكامالت اإلفريقية‪ ،‬خصوصا يف ظل تأكيد ادلواثيق التأسيسية على مبادئ‬
‫السيادة الوطنية ك عدـ التدخل يف الشؤكف الداخلية على غرار ميثاؽ منظمة الوحدة اإلفريقية ك االرباد اإلفريقي‪.‬‬
‫‪ ‬سيادة ادلنطق القبلي ك تعدد النزاعات اإلثنية ك احلركات االنفصالية داخل الكثَت من دكؿ ادلنطقة األمر‬
‫الذم يهدد االستقرار السياسي ك حىت الكياف السياسي للكثَت من الدكؿ اإلفريقية مثل السوداف‪ ،‬الصوماؿ‪ ،‬ركاندا‬
‫ك البوركندم‪ ...‬األمر الذم يفرض ربديات كبَتة على الدكؿ ك ادلؤسسات التكاملية من اجل التعامل مع الوضع‪.‬‬
‫ك اخلارطة التالية توضع أىم مراكز الصراع اإلثٍت يف إفريقيا‪:‬‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪72‬‬
‫نظم الحكم واإلدارة اإلقليمية‬ ‫محاضرات اإلقليمية و العولمة‬

‫سنة ثالثة علوـ سياسية‬


‫‪LMD‬‬
‫‪73‬‬

You might also like